للمخيط فعلى هذا لا يكون حانثاً وإن قال لا ألبس هذا القباء فوضعه على كتفه ولم يدخل يديه في كميه كان حانثاً في يمينه لأن في المنكر يعتبر اللبس المعتاد في القباء أما في المعين لا يعتبر اللبس المعتاد لأن الأوصاف في المعين لغو فعلى هذا حلف أن لا يلبس هذا الثوب فاتزر به أو ارتدى كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس قميصاً فاتزر بقميص أو ارتدى أو تعمم لا يكون حانثاً * ولو قال هذا القميص فاتزر به أو ارتدى أو تعمم كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً فوضع على عاتقه <73> للحمل لا يكون حانثاً لأنه ليس بلابس بل هو حامل * ولو حلف أن لا يلبس هذه العمامة فطرحها على عاتقه حنث ولو قال عمامة لا يحنث * رجل حلف أن لا يلبس خزاً فلبس ثوباً خالصاً من خز أو كان سداه من القطن أو الابريسم ولحمته من الخز كان حانثاً وكذا لو حلف أن لا يلبس كتاناً فلبس ثوباً خالصاً من كتان أو من قطن وكتان كان حانثاً سواء كان الكتان سداه أو لحمته * ولو حلف أن لا يلبس حريراً أو ابريسماً فلبس ثوباً سداه حرير أو ابريسم لا يكون حانثاً وإن كان لحمته حريراً كان حانثاً لأن السدى إذا كان من الإبريسم أو الحرير واللحمة من الخز أو القطن يصير السدى مستهلكاً باللحمة لا يرى فلا يعتبر بخلاف القطن والكتان فإن السدى في القطن والكتان لا يصير مستهلكاً باللحمة لأن كلّ واحد منهما رقيق فيصير مستوراً باللحمة لأن كلّ واحد منهما رقيق فيصير مستوراً باللحمة لا يرى ولو حلف أن لا يلبس ثوب كتان فلبس ثوباً من قطن وكتان لا يحنث كانت اللحمة من الكتان أو القطن * ولو حلف لا يلبس ثوب ابريسم فلبس ثوباً من إبريسم وقطن إن كانت اللحمة من الإبريسم حنث وإلا فلا * ولو حلف أن لا يلبس ثوب خز من غزلها فلبس ثوباً سداه إبريسم ولحمته خز من غزلها كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس طيلسان صوف فلبس طيلساناً لحمته صوف وسداه إبريسم أو قطن لا يحنث ولا يشبه الطيلسان غيره * حلف لا يلبس قطناً ولم يذكر ثوباً فلبس ثوباً من قطن وكتان حنث * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً فلبس مسحاً أو طنفسة أو وسادة لا يحنث ويحنث في يمين الشراء * ولو حلف أن لا يلبس حلياً فلبس سيفاً محلى أو منطقة مفضضة لا يكون حانثاً وهو على حلي النساء * رجل قال لامرأته والله لا ألبس من غزلك ثوباً فلبس من غزلها سراويل حنث ولو كان عليه ثياب فلبس السراويل فوق لاثياب لا يحنث في يمينه * ولو حلف لا يلبس قميصين فلبسهما متفرقين لا يحنث حتى يلبسهما معاً وكذا لو حلف أن لا ينام على فراشين لا يحنث حتى ينام عليهما معاً ولو عينهما بالإشارة فلبسهما مجتمعاً أو متفرقاً كان حانثاً * ولو حلف لا يلبس هذا الثوب واتخذ منه قلنسوة فوضعها على رأسه لا يكون حانثاً * رجل <74> حلف أن لا يلبس السواد فهو على الثياب * ولو قال لا ألبس شيئاً من السواد فإنه يحنث في القلنسوة وغيرها * رجل قال لغيره والله لا أكلمك ما دام عليك هذا الثوب أو ما كان عليك هذا الثوب فنزع الثوب ثمّ لبسه فكلمه لا يحنث * ولو قال والله لا أكلمك وعليك هذا الثوب أو قال والله لا أدخل هذه الجار وأنت ساكنها فخرج منها ثمّ عاد إليها أو نزع الثوب ثمّ لبسه وكلمه كان حانثاً * رجل قال لامرأتين له إن لبستما هذين الدرعين فعبدي حر فلبست كلّ واحدة منهما دراعاً لا يحنث حتى تلبس كلّ واحدة منهما الدرعين وكذا لو قال إن كلمتما هذين الرجلين أو دخلتما هذين الدارين * ولو قال إن أكلتما هذين الرغيفين فأكلت واحدة منهما رغيفاً أو أكلت إحداهما الرغيفين إلا شيئاً وأكلت الأخرى الباقي كان حانثاً * رجل أوجب على نفسه أن يلبس الصوف حتى يموت يريد به العبادة والخير فله أن يلبس غيره ليس هذا من القربة بل يكره الشهرة في اللباس إلا أن ينوي بذلك اليمين فيكون يميناً * رجل حلف ليقطعن اليوم من هذا الثوب قميصين فقطع منه قميصاً واحداً وخاطه ثمّ فتقه وخاطه مرة أخرى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه * ولو كان حلف ليخيطن منه قميصين والمسألة بحالها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بر في يمينه ولو قال لأقطعن منه قميصين فقطع قميصاً وخاطه ثمّ فتقه ثمّ قطعه قميصاً آخر على غير ذلك لاقطع بر في يمينه * رجل حلف ليقطعن من هذا الثوب قميصاً وسراويل فقطع منه قميصاً ثمّ قطعه سراويل بر في يمينه لأن شرط البر أن يقطع الثوب قميصاً وسراويل وقد وجد لأن اسم الثوب لايزول بجعله قميصاً * ولو حلف ليقطعن من هذا القميص قباء وسراويل على الترتيب كان حانثاً لأن اسم القميص يزول بجعله قباء * رجل حلف أن لا يلبس هذا الثوب فقطعه سراويلين ولبسهما على التعاقب لا يحنث لأن اسم الثوب مطلقاً لا يتناول السراويل فلا يحنث كما لو اتخذه جوارب أو قلنسوة ولبس فإن لا يكون حانثاً ولو اتخذ منه قميصاً ولبس حنث وكذا لو اتخذ منه قميصاً وفضل منه مقدار لبنة كان حانثاً لأن هذا القدر يسير فلا يعتبر <75> كما لو حلف أن لا يأكل هذه(2/37)
الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين كان حانثاً
{ فصل في تعين المحلوف عليه }
رجل حلف أن لا يلبس هذه الجبة ففتقت ثمّ خيطت وجعل فيها حشو آخر فلبسها كان حانثاً لأنها عين الأولى * ولو حلف أن لا يلبس هذا القميص فنقضه ثمّ استأنف خياطته ولبسه ذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث في يمينه وهكذا ذكر في النوادر وكذا القباء والجبة لأن اسم القميص والقباء والجبة لا يزول بنقض الخياطة يقال قميص مفتوق * وكذا لو حلف أن لا يركب هذه السفينة فنقضت وصارت خشباً ثمّ أعيدت سفينة فركبها ذكر في النوادر أنه يكون حانثاً وذكر في الجامع أنه لا يحنث لأنه لا يعود قميصاً ولا قباء ولا سفينة إلا بصنعة حادثة * ولو حلف أن لا يلبس هذه الجبة وهي محشوة فنزع حشوها وجعل لها حشواً آخر ولبس كان حانثاً وكذا لو كانت الجبة مبطنة فنزع بطانتها وجعل لها بطانة أخرى ولبس كان حانثاً لأن اسم الجبة لا يزول عنها بنزع الحشو والبطانة بخلاف ما إذا نقضت خياطتها * رجل حلف أن لا ينام على هذا الفراش فأخرج منه الحشو ونام عليه قالوا لا يكون حانثاً لأن الفراش الذي ينام عليه لا يكون بدون الحشو ولو أخرج ما فيه من الصوف أو القطن ونام على ذلك الصوف أو المحلوج لا يحنث في يمينه لأن مجرد الحشو لا يسمى فراشاً وإنما يقال له بالفارسية جبغت * رجل حلف على فسطاطه مضروب أن لا يدخل في هذا الفسطاط فقلع من ذلك الموضع وضرب في موضع آخر ودخله كان حانثاً * رجل حلف أن لا يأخذ شعر فلان فحلق فلان رأسه ثمّ نبت فأخذ شعره كان حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يكسر سنه فسقطت سنه ثمّ نبتت فكسر الثّاني حنث في يمينه لأن المقصد منع نفسه عن إلحاق الضرر لصاحب السن والشعر فلا يتقيد بالسن القائم والشعر القائم وقت اليمين * رجل حلف أن لا يطعن فلاناً بنصل هذا السكين أو بزج هذا الرمح ثمّ نزع ذلك النصل أو ذلك الزج وجعل له نصلاً آخر وزجاً آخر فطعنه بالثاني لا يحنث في يمينه لأنه لم يطعنه بذلك النصل والزج * رجل حلف أن لا يكتب بهذا القلم فكسره ثمّ براه فكتب به لا يحنث في يمينه لأنه لا يبقى <76> قلماً بعد الكسر وغما صار قلماً بصنعة حادثة فكان الثّاني غير الأوّل * رجل حلف أن لا يلبس هذا الهعل فقطع شراكه وشركه بشراك آخر ولبس حنث في يمينه لأنه يبقى نعلاً بدون الشراك * حلف أن لا يطحن على هذا الماء وعلى هذا الماء طاحونة فحوّل الماء من ذلك النهر إلى نهر آخر وعلى النهر الثّاني طاحونة أخرى فطحن بها إن كان الماء الذي حلف عليه أقل من الماء الذي في النهر الثّاني لا يحنث في يمينه لأن العبرة للفالب * حل أن لا يأكل من هذا الدقيق فاتخذ منه خبيصاً أو قطائف فأكل منه يكون حانثاً لأن عين الدقيق لا يؤكل فكانت اليمين على ما يتخذ منه وقد مر قبل هذا * رجل حلف أن لا يجلس إلى هذه الاستوانة وهي من آخرة أو من جص أو حجارة فنقضت ثمّ بنيت ثانياً بحجارتها فجلس إليها لا يحنث وكذا الحائط * رجل حلف أن لا يأكل من هذه الكفري فصار بسراً أو من هذا البسر فصار رطباً أو من هذا الرطب فصار تمراً أو من هذا اللبن فجعل جبناً فأكله لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعدما شاخ كان حانثاً * ولو حلف أن لا يأكل تمراً فأكل قسباً أو بسراً مطبوخاً أو رطباً لا يكون حانثاً إلى أن ينوي ما يكون من ذلك * ولو حلف أن لا يأكل رطباً فأكل بسرً مذنباً أو حلف أن لا يأكل بسراً فأكل رطباً فيه بسر كان حانثاً في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * امرأة حلفت أن لا تلبس هذه الملحفة فخيط جانباها فصار درعاً ثمّ لبست لا تكون حانثة ولو فتقت فعادت ملحفة ولبست حنثت * حلف أن لا يقرأ في هذا المصحف ففرق الأوراق وخلع التأليف ثمّ ألفه وخرز دفتيه فقرأ حنث في يمينه * حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت وجعلت بستاناً أو حماماً أو مسجداً أو كانت صغيرة فجعلت بيتاً واحداً وجعل بابه إلى الطريق الأعظم ودخل لا يكون حانثاً لزوال اسم الدار والله أعلم بالصواب
{ فصل في الدخول }(2/38)
حلف أن لا يدخل هذه الدار فدخلها راكباً أو ماشياً أو محمولاً بأمره حنث في يمينه وكذا لو نزل من سطحها أو صعد شجرة أغصانها في الدار فقام على غصن لو سقط يسقط في الدار حنث وكذا لو قام على حائط منها وقال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت الحائط <77> مشتركاً بينه وبين جاره لا يكون حانثاً هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية فارتقى شجرة أغصانها في الدار وقام على حائط منها أو صعد السطح لا يحنث في يمينه وهو المختار لأن هذا لا يعد دخولاً في العجم ولو قام على كنيف شارعة أو ظله شارعة إن كان مفتح الكنيف أو الظلة في الجار كان حانثاً وإن قام على أسكفة بابها تحت الكاق إن كانت الغسكفة بحيث لو أغلق الباب كانت الأسكفة خارجة لا يكون حانثاً وإن كانت داخلة كان حانثاً * ولو أدخل إحدى رجليه لا يكون حانثاً قيل هذا إذا كان الجاخل والخارج متساويين فإن كان داخل الدار مهبطة فأدخل إحدى رجليه كان حانثاً لأن أكثره يكون داخلاً وقال الشَّيخ الغمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يخرج من هذه الدار ولو حلف أن لا يدخل فأدخل رأسه ولم يدخل قدميه لا يكون حانثاً * وكذا لو أدخل يده في الدار وأخذ من متاع الدار * ولو أدخل رأسه وإحدى قدميه كان حانثاً وإن احتمله إنسان وأدخله فيها فإن كان الحالف لا يقدر على الامتناع لا يحنث في قولهم وإن كان يقدر ولم يمتنع وهو راض بقلبه اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث مروي ذلك عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو حلف أن لا يدخل هذه الدار فجاء إلى بابها وهو يشتد في المشي فتعثر رجله أو زلق رجله ووقع في الدار اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث وإن رفعته الريح وأوقعته في الدار اختلفوا فيه ولاصحيح أنه لا يحنث إذا كان لا يقدر على الامتناع ولو كان على دابة فأدخلته في الدار إن كان يقدر على منعها وإمساكها حنث وإلا فلا وإن أدخله إنسان مكرهاً فخرج منها ثمّ دخل بعد ذلك مختاراً اختلفوا فيه ولاصحيح أنه يحنث * ولو حلف أن لا يدخل من باب هذه الدار ولم ينو شيئاً فنقب للدار باب ودخل حنث وإن نوى الباب الذي كان صدّق ديانة لا قضاء * ولو حلف أن لا يدخل من هذا الباب لا يحنث في الوجوه كلها إذا لم يدخل من ذلك الباب * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان فحفر سرداباً تحت دار فلان أو حفر سرباً أو طريقاً لا يحنث * وكذا لو حفر تحت الدار <78> قناة فإن كان للقناة موضع مكشوف في الدار إن كان كبيراً يستقى منه أهل تلك الدار حنث إذا بلغ الحالف الموضع المكشوف لأن أهل الدار إذا كان ينتفع به كانت الفناة من الدار وإن كان الإنكشاف يسيراً لا ينتفع به أهل تلك الدار فإنما كان لضوء الثناة لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان ورجل آخر في داره حلف أن لا يخرج منها فقاما على سطح هذه الدار لا يحنث أحد منهما أما الذي حلف أن لايخرج فظاهر وأما الذي حلف أن لا يدخل فلأن العجم لا يعدونه دخولاً هذا كما لو حلف أحدهما أن لا يدخل وحلف الآخر أن لايخرج فوضع الذي حلف أن لا يدخل إحدى قدميه في الدار والآخر غحدى قدميه خارج الدار لا يحنث أحد منهما في يمينه * رجل حلف أن لايضع قدمه في دار فلان فوضع إحدى قدميه فيها لا يحنث في يمينه لأن هذا الكلام صار مجازاً عن الدخول فصار كما لو حلف أن لا يدخل فوضع إحدى قدميه * رجل حلف أن لا يدخل في هذه السكة فدخل داراً من تلك السكة لا من السكة بل من السطج أو غيره اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث إذا لم يخرج إلى السكة * ولو حلف أن لا يدخل سكة فلان فدخل مسجداً في تلك لاسكة ولم يدخل السكة لا يحنث لأن هذا لا يعد دخولاً في السكة * رجل حلف أن لا يدخل هذا البيت فأدخل فيه وهو نائم لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان ولم ينو شيئاً فدخل داراً يسكنها فلان بإجارة أو إعارة ذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث في يمينه فإن دخل داراً مملوكة لفلان وفلان لا يسكنها حنث أيضاَ وكذا لو حلف لا يخل بيتاً لفلان فدخل بيتاً وفلان فيه ساكن بإجارة أو إعارة كان حانثاً * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً بين فلان وغيره لكن فلان يسكنها حنث وإن لم يكن فلان يسكنها لا يحنث * ولو حلف أن لا يزرع أرض فلان فزرع أرضاً بين فلان وغيره كان حانثاً * رجل حلف أن لا يدخل دار أخته فباعت أخته الدار منه فدخل الحالف لا يحنث * رجل حلف أن لايدخل دار زيد ثمّ حلف أن لا يدخل دار عمرو فباع زيد داره من عمرو وسلمها إليه فدخل الحالف حنث في اليمين الثانية في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند المستحدث بعد اليمين يدخل في <79> اليمين ولا يحنث في اليمين الاولى لزلوال الإضافة إلى زيد * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فآجر فلان داره فدخلها الحالف هل يكون حانثاً فيه روايتان قالوا ما ذكر أنه لا يحنث ذلك في(2/39)
قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن عندهما كما تبطل الإضافة بالبيع تبطل بالإجارة والتسليم وملك اليد للغير أصل المسألة إذا حلف أن لايركب دابة فلان فركب دابة عبده على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يحنث في يمينه إلا أن ينوي دابة العبد لأن ملك اليد والتصرف للعبد وملك الرقبة للمولى وملك اليد للعبد يحصل بالإضافة إلى المولى فلا يحنث في يمينه من غير نية سواء كان على العبد دين أو لم يكن غلا أن عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان على العبد دين يحيط برقبته لا يحنث وغن نوى وعلى قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث إذا نوى وهذا بناء على ذلك * رجل حلف أن لايدخل هذا البيت فانهدم سقفه وبقي حيطانه ودخل حنث * وإن انهدم سقفه وحيكانه فدخل العرصة لم يحنث * وكذا لو بنى بيتاً بعد ذلك فدخله لا يحنث * ولو حلف أن لا يدخل بيتاً فدخل بيتاً انهدم سقفه وبقي حيطانه لا يحنث * ولو حلف لا يدخل مسجداً فدخل مسجداً انهدم سقفه وحيطانه حنث وكذا لو بنى مسجداً آخر بعد الإنهدام فدخل حنث لأن الثّاني عين الأوّل بخلاف البيت * رجل جالس في بيت من منزل فحلف أن لا يدخل هذا البيت فاليمين على ذلك البيت الذي كان جالساً فيه لأن ما وراء ذلك يسمى منزلاً وداراً هذا إذا كان اليمين بالعربية وإن كانت بالفارسية فاليمين على الدخول في ذلك المنزل وتلك الدار فإن قال عنيت دخول ذلك البيت الذي كنت جالساً فيه صدق ديانة لا قضاء لأن في الفارسية خانه اسم للكل والبيت اسم خاص كقوله تابخنه وكاشانه وزمستاني هذا إذا لم يشر إلى بيت بعينه فإن أشار إلى بيت بعينه فالعبرة للإشارة * امرأة حلفت أن لا يدخل زوجها دارها فباعت دارها فدخل الزوج إن كانت نوت أن يدخل داراً تسكنها المرأة لا يبطل اليمين بالبيع وإن لم تكن لها نية فاليمين على دار مملوكة لها فإذا باعت لا يبقى اليمين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى <80> وقال بعضهم ينظر إلى سبب اليمين إن كانت اليمين لغيظه من صاحب الدار يبطل اليمين بالبيع وإن لم يكن لغيظ صاحب الدار وإنما كانت لضرر الجيران ونحو ذلك لا يبطل اليمين في مثل ذلك بالبيع * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان وفلان يسكن في دار امرأته قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يكن لفلان دار مملوكة تنسب إليه سوى هذه الدار يحنث * رجل حلف أن لا يدخل دار فلانة ودخل دارها وزوجها ساكن فيها ولم ينو تلك الدار لا يحنث لأن السكنى تضاف إلى الزوج لا إلى المرأة * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان وباع فلان نصف الدار وهو فيها فدخل الحالف كان حانثاً وإن تحول فلان عن الدار لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويحنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو حلف أن لا يدخل دار فلان فباع فلان داره وتحول عنها لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى * رجل حلف أن لا يدخل دار امرأته فباعت هي دارها من رجل فاستأجرها الحالف من المشتري إن كانت اليمين لمعنى من المرأة لا يحنث وإن كانت للكراهة لأجل الدار حنث وذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الواقعتا * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان وفلان يسكن داراً لا يملكها فدخل الحالف حنث * ولو دخل داراً مملوكة لفلان وسكنها غيره حنث أيضاً * رجل حلف لا يدخل دار فلان الغجيزي شكفت بو دفنزات بهم بلية من قتل أو هدم أو حرق أو موت فدخل الحالف لا يحنث لأن قوله حيزى شكفت بود يراد به هذه الأشياء * رجل حلف أن لا يدخل محلة كذا فدخل داراً لها بابان أحدهما مفتوح في تلك المحلة والآخر مفتوح في محلة أخرى حنث في يمينه لأن الدار ينسب إلى كلّ واحد من المحلتين * وفي النوادر عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل حانوتاً شرعاً من دار فلان إلى الطريق الأعظم وليس للحانوت باب من الدار حنث في يمينه لأن الدار اسم لما أدير عليه الحائط وهذا الحانوت من جملة ما أحاطت به حدود الدار ودائرته إلا أن هذا يشكل بما مر من مسألة القناة إذا حفر الحالف <81> قناة تحت الدار قال إن لم يكن للقناة موضع مشكسوف في الدار قال لا يحنث الحالف * رجل حلف أن لا يدخل الحمام از بهر سرشتن فدخل الحمام لا لأجل ذلك بل ليسلم على الحمامي ثمّ غسل رأسه في الحمام لا يحنث لأن دخوله ما كان للغسل وعن بعض المشايخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف الرجل أن لا يدخل الحمام فدخل بيت المسلح لا يحنث لأنه لا يراد بدخول الحمام ذلك * رجل حلف وقال لامرأته طالق إن دخلت دار فلان فمات صاحب الدار فدخل إن لم يكن على الميت دين مستغرق لا يحنث لأنها انتقلت إلى الورثة وإن كان عليه دين مستغرق قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في يمينه لأنها بقيت على حكم ملك الميت وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه وعليه(2/40)
الفتوى لأن التركة لا يمكلها الورثة لقيام الدّين فلا تبقى على ملك الميت حقيقة لأن الميت ليس من أهل الملك وإنما بقيت على حد ملك الميت فلم تكن مملوكة للميت من كلّ وجه * رجل حلف أن لا يدخل داراً اشتراها فلان فاشترى فلان داراً وباعها من الحالف فدخل الحالف لا يحنث ولو اشترى فلان داراً فوهبها من الحالف فدخل الحالف حنث لأن حكم شراء الأوّل يرتفع بالشراء الثّاني ولا يرتفع بالهبة * رجل حلف أن لا يدخل بلخ فهو على المصر دون القرى وكذا لو استأجر دابة إلى بلخ كانت الإجارة إلى المصر وهذا استحسان في الإجارة ولو حلف لا يدخل مدينة بلخ فاليمين على المدينة وربضها لأن الربض بعد من المدينة وإن أراد الحالف مدينة خاصة فهو ما نوى * ولو حلف لا يجخل قرية كذا فدخل أراضي القرية لا يحنث ويكون اليمين على عمرانها وكذا لو حلف أن لا يشرب الخمر في قرية كذا فشرب في كرومها وضياعها لا يحنث إلا أن يكون الكروم والضياع في العمران وكذا لو حلف لا يدخل بلدة كذا يكون اليمين على العمران لأن البلدة اسم لما هو داخل الربض * ولو حلف لا أدخل كورة كذا أو رستاق كذا فدخل الاراضي حنث * ولو حلف أن لا يدخل بعداد فمن أي الجانبين دخل حنث ولو حلف لا يدخل مدينة السّلام لا يحنث مالم يدخل من ناحية الكوفة لأن اسم بغداد <82> يتناول الجانبين ومدينة السّلام لا * ولو حلف لا يدخل الري ذكر الشمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في شرح الإجارات ن الري في ظاهر الرواية يتناول المدينة والنواحي * وروى هشام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه اسم مدينة خاصة حتى لو استأجر دابة إلى الري ولم يبن المدينة ولا رستاقاً بعينه في ظاهر الرواية يفسد إجارته في ظاهر الرواية يفسد إجارته وفي رواية هشام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يفسد إجارته قال رضي الله تعالى عنه أما سمرقند وأوزجند اسم للمدينة خاصة وسغد وفرعانة وفارس اسم للأمصار والقرى وبخارا اسم للبلدة بنواحيها أول حدود بخاراً كرمينية وآخرها فزوين * رجل حلف أن لا يدخل بغداد فمر بها في سفينة روى هشام عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه يحنث في يمينه وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ما لم يخرج إلى الجد واليمين ينصرف إلى الجد وهذا بخلاف الصلاة فإن البغدادي إذا جاء من الموصل في السفينة فدخل بغداد وأدركته الصلاة وهو في السفينة يلزمه صلاة الغقامة * رجل حلف أن لا يدخل الفرات فركب سفينة في الفرات أو كان على الفرات جسر فمر على الجسر لا يحنث ما لم يدخل الماء لأنه لا يسمى داخلاً في الفرات ما لم يدخل الماء * رجل حلف أن لا يدخل هذا المسجد فزيد فيه طائفة من دار بجنب المسجد فدخل الزيادة لا يحنث ولو حلف أن لا يدخل مسجد بنى فلان والمسألة بحالها يحنث * وكذا لو حلف أن لا يدخل هذه الدار فزيد فيها فدخل الزيادة لا يحنث ولو قال دار فلان فدخل الزيادة حنث * رجل حلف أن لا يدخل على فلان ولم يسم بيتاً ولم ينو شيئاً فدخل عليه في بيت رجل آخر حنث * ولو حلف أن لا يدخل بيتاً وفلان فيه فدخل المسجد وفلان في المسجد لا يحنث وكذا لو دخل الكعبة * ولو حلف أن لا يدخل على فلان بيتاً فدخل بيتاً وفلان فيه ولم ينو الدخول عليه لا يحنث * ولو حلف أن لا يدخل على فلان فدخل منزله وهو ينوي بالدخول الدخول على رجل آخر يكون مع المحلوف عليه أو دخل يريد أخذ الأمتعة التي تكون في المنزل لا يحنث لأنه لم يدخل عليه * رجلان حلف كلّ واحد منهما أن لا يدخل على صاحبه فدخلا في المنزل معاً لا يحنثان لأنه لم يدخل أحدهما <83> على صاحبه * رجل قال لأمنعن فلاناً من دخول داري فمنعه مرة بر في يمينه فإن رآه مرة ثانية ولم يمنعه لا شيء عليه * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً فلان ساكن فيها مع امرأته والدار للمرأة حنث * وكذا لو قال لا أدخل دار فلانة وهيو في دار زوجها تسكن معه كان حانثاً * رجل حلف أن لا يجخل على فلان فدخل عليه في حمام أو مسجد أو ظلة أو دهليز دار لا يحنث وكذا الفسطاط وبيت الشعر إلا أن يكون المحلوف عليه من أهل البادية وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الفساط يحنث والظاهر هو الأوّل قيل في زماننا يحنث إذا دخل عليه في المسجد لأن الناس يتزاورون في المساجد * ولو جخل على قوم والمحلوف عليه فيهم ولم يعلم الحالف به فعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث والظاهر يعتبر العلم فإن علم ونواهم بالدخول دونه دين فيما بينه وبين الله تعالى * ولو قال لا أدخل عليه هذه القرية لا يحنث بدخول القرية * رجل حلف بطلاف امرأته أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثمّ قال أوهمت وحلف بطلاق امرأته أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثمّ قال أوهمت وحلف بطلاق امرأته الأخرى أنه قد دخلها اليوم يلزمه طلاق الأولى ولا يلزم طلاق الثانية لأنه يقول اليمين الأولى كذب والثانية صدق فلا يحنث في الثانية * رجل حلف بعتق عبده أنه دخل هذه الدار اليوم ثمّ قال(2/41)
لم أدخل وحلف بعتق عبد آخر أنه لم يدخلها اليوم ثمّ رجع وقال قد دخلتها اليوم وحلف بعتق عبد آخر عتق العبيد الثلاثة جميعاً لأن الأوّل عتق بالكلام الثّاني والأوسط عتق بالكلام الثّالث وعتق الثّالث بالكلام الاول لأن الحالف زعم أنه كاذب في الكل فيلزمه عتق الكل * رجل له دار فيها بستان فحلف أن لا يدخل هذه الدار فدخل بستانها وباب البستان إلى بيوت هذه الدار وليس للبستان باب آخر وعلى الدار والبستان حائط واحد محيط بهما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث الحالف بدخول البستان سواء كان البستان أصغر من الدار أو أكبر منها وإن كان البستان وسط الدار وحول البستان بيوت الدار حنث الحالف بدخول البستان وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية كما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث إلا أن يكون البستان في وسط الدار وفي رواية <84> يحنث وإن لم يكن البستان في وسط الدار ثمّ قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو باع الدار ولم يسم البستان يدخل البستان في البيع في هذه الرواية وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو كان للبستان بابان أحدهما في الدار والآخر خارج الدار فإن البستان يكون من الدار أيضاً * رجل حلف أن لا يدخل هذه الدار فاشترى صاحبها بجنب الدار بيناً وفتح باب البيت إلى هذه الدار وجعل طريقه فيها فسدّ الباب الذي كان للبيت قبل ذلك فدخل الحالف هذا البيت من غير أن يدخل هذه الدار قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً لأن البيت صار من الدار * رجل قال لغيره إن دخل مُحَمَّد بن عبد الله هذه الدار فامرأة مُحَمَّد بن عبد الله الذي يدخل في الدار طالق فقال مُحَمَّد بن عبد الله اشهدوا عليّ بذلك فدخل الدار قالوا يلزمه الطلاق * رجل قال والله لا أدخل هذه الدار وهذه الحجرة ثمّ خرج من الدار ثمّ دخل الدار ولم يدخل الحجرة فإن لا يحنث حتى يدخل الحجرة ويكون اليمين عليهما جميعاً * رجل حلف أن لا يدخل دار ابنته وابنته تسكن في بيت زوجها أو حلف لا يدخل دار أمه وأمه تسكن في جار زوجها فدخل الحالف حنث وهو نظير ما ذكرنا * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً يسكنها فلان بإجارة أو إعارة حنث عندنا ولو دخل داراً آجرها فلان وهي مملوكة لآخر حنث أيضاً قيل هذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يحنث وقد مرت المسألة قبل هذا * رجل قال لغيره دخلت دار فلان أمس فقال لا فقال بالله ما دخلتها قال لا ذكر في الكتاب أنه يكون حانثاً وهذا جواب لكلام السائل وكذا لو قال لرجل دخلت دار فلان أمس فقال المخاطب لا فقال السائل فعبدك حر إن كنت دخلتها فقال لا قال يعتق عبده وإن لم يكن له نية وإن كان نوى بقوله لا أي ليس عبدي حراً لا يعتق عبده * رجل حلف أن لا يسكن حانوتاً لفلان فسكن حانوتاً آجره فلان إن كان فلان ممن يسكن الحانوت لا يحنث الحالف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويحنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن كان فلان <85> ممن لا يسكن حانوتاً حنث عند الكل * رجل قال إن دخلت الكوفة ولم أتزوج فعبدي حر فإن دخل قبل التزوج حنث ولو قال فلم أتزوج فهذا على أن يكون التزوج بعد الدخول حين يدخل ولو قال لم أتزوج فهو على أن يتزوج بعد الدخول على الأبد * رجل قال والله لا أقعد في هذه الدار ولم ينو شيئاً قال إن كان ساكناً فيها فهو على السكنى وإن لم يكن ساكناً فيها فهو على القعود * رجل قال لغيره ادخل هذه الدار اليوم فقال عن دخلت هذا اليوم فعبدي حر فهو على تلك الدار في ذلك اليوم * رجل حلف أن لا يجخل دار فلان فباع فلان داره فدخل الحالف لا يحنث في قولهم وكذا العبد والدابة وكل شيء يكون مشافاً بحكم الملك * ولو قال لا أدخل دار فلان هذه فباع فلان داره فدخل الحالف لا يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإحدى الروايتين عن أي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية يحنث في قوله دار فلان هذه * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث كما قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية وروى هشام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه رجع إلى قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن لم يكن لغلان دار يوم اليمين فملك داراً بعد اليمين فدخل الحالف يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والله أعلم
{ فصل في الخروج }(2/42)
رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار إلا لأمر لا بد منه فأنت طالق وللمرأة حق على رجل أرادت أن تدعى ذلك وتخرج لأجله قالوا إن كانت تقدر على أن توكل بذلك فخرجت حنث الحالف وإن لم تقدر على أن توكل فخرجت لا يحنث * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا تخرج امرأته إلا بعلمه فخرجت وهو يراها فمنعها لم يحنث ولو أذن لها بالخروج فخرجت بغير علمه لا يحنث وإن لم يأذن لها فخرجت وهو يراها لا يحنث أيضاً * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت طالق فأذن لها بالعربية وهي لا تعرف العربية فخرجت حنث كما لو أذن لها وهي نائمة أو غائبة لم تسمع فخرجت حنث ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت كذا فاستأذنت للخروج إلى بعض أهلها فأذن <86> له ولم تخرج في ذلك لكنها كانت تكنس البيت فخرجت إلى باب الدار تكنس الباب حنث لأنها خرجت بغير إذنه وإن أذن لها بالخروج إلى بعض أهلها ولم تخرج ثمّ خرجت في وقت آخر إلى بعض أهلها قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخاف أن يكون حانثاً * رجل اتهم امرأته بجار له فقال إن خرجت من المنزل بغير إذني فأنت كذا ثمّ قال لها أذنت لك فيما يبدو لك إلا بأمر باطل فخرجت ودخلت منزل الجار الذي اتهمه إن لمت تكن نوت عند الخروج دخول ذلك المنزل ولا أمراً باطلاً سواه لا يحنث وإن وجد منها بعد الخروج أمر باطل وإن كانت نوت عند الخروج دخول ذلك المنزل فإن كان دخول ذلك المنزل عند الزوج من الأمر الباطل حنث لأنها خرجت لأمر باطل عند الزوج * رجل حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه فقال لها أذنت لك بالخروج كلما أردت فخرجت مرة بعد أخرى لا يحنث فإن نهاها عن الخروج بعد ذلك الإذن العام صح نهيه في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبه أخذ الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حتى لو خرجت بعد ذلك حنث * ولو أذن لها بالخروج ثمّ قال لها كلما نهيتك فقد أذنت لك فنهاها لا يصح نهيه * ولو قال لها لا تخرجي إلا بإذني تحتاج على الإذن في كلّ خروج فإن قال عنيت الإذن مرة واحدة قال أبو يوسف رحمه اله تعالى إنه لا يدين في القضاء وعليه الفتوى * ولو قال لها إلا أن آذن لك أو حتى آذن لك تحتاج إلى الإذن مرة واحدة * ولو قال إن خرجت من الدار إلا بإذني ثمّ سمع سائلاً يسأل شيئاً فقال لامرأته ادفعي هذه الكسرة على السائل فإن كان السائل بحيث لا تقدر المرأة على أن تدفع الكسرة إليه إلا بالخروج فخرجت لا يحنث وإن كانت تقدر فخرجت يحنث وإن كان السائل حين قال لها ادفعي إليه الكسرة بحيث تقدر المرأة على دفع الكسرة بغير خروج ثمّ ذهب السائل إلى الطريق فخرجت المرأة إليه حنث ولو حلف أن لا تخرج امرأته في غير حق فخرجت في جنازة الوالدين أو عيادتهما أو ذي رحم محرم منها أو عرس لا يحنث * ولو حلف أن لا تخرج وهي في بيت من الدار فخرجت إلى الدار لا يحنث <87> * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت طالق فقالت المرأة له تريد أن أخرج حتى أصير مطلقة فقال الزوج نعم فخرجت طلقت لأن كلام الزوج هذا يكون للتهديد لا للإذن وإن قامت على أسكفة الباب وبعض قدميها خارج من الباب بحيث لو أغلق الباب يكون ذلك البعض خارجاً فإن كان اعتمادها على البعض الخارج حنث وإلا فلا * ولو قال إن خرجت من البيت فأنت طالق وهو قاعد فأخرج قدميه وبدنه في البيت لا يحنث لأن الخروج من البيت لا يكون إلا بالقيام على القدمين خارج البيت فإن قام على قدميه حنث لأنه خرج من البيت هذا إذا حلف وهو قاعد فإن كان مستلقياً على ظهره أو على بطنه أو جنبه فأخرج الأكثر من جسده حنث لأن المستلقي والمضطجع يعد خارجاً من الدار بخروج أكثر الأعضاء * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار إلا بإذني فأنت طالق ثلاثاً فطلقها بائناً فخرجت بغير إذنه لا يحنث لأن يمينه تقيدت بحال قيام ولاية المنع عن الخروج وولاية المنع تزول بالطلاق البائن وهو كالسلطان إذا حلف رجلاً أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه أو الكفيل بالنفس إذا حلف الأصيل أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه فعزل السلطان وقضى الأصيل دين الطالب ثمّ خرج الحالف بعد ذلك لا يحنث ولو أن الحالف تزوج المرأة بعدما أبانها فخرجت بغير إذنه لا تطلق لأن اليمين بطلت بالإبانة فلا تعود بعد ذلك وذكر في السير أهل الحرب إذا حلفوا الأسير أن لا يخرج إلا بإذن ملكهم فعزل الملك ثمّ عاد ملكاً فخرج الأسير بغير إذنه لا يحنث * وكذا لو قال الرجل لعبده إن خرجت بغير إذني فأنت حر فباعه ثمّ اشتراه فخرج بغير إذنه لا يعتق * رجل خرج مع الوالي فحلف أن لا يرجع إلا بإذن الوالي فسقط عن الحالف شيء فرجع لأجله لا يحنث لأن هذا الرجوع مستثنى عن اليمين عادة * امرأة قالت لزوجها ائذن لي بالخروج إلى منزل أخي فقال الزوج إن أذنت فعبدي حر ثمّ قال لها أذنت لك بالخروج لا يحنث الرجل * ولو استأذنه عبده في نكاح أمة لرجل فقال له المولى إن أذنت لك بتزوجها(2/43)
فأنت حر فقال أذنت لك في تزوج النساء أو قال أذنت لك في التزوج حنث المولى أما في قوله أذنت <88> لك في تزوج النساء فلأنه أذن له بنكاح حميع النساء فيدخل فيه نكاح تلك الأمة وأما قوله أذنت لك في التزوج فلأنه أذن له بالنكاح مطلقاً والنكاح لا يكون إلا بالمرأة فكان إطلاق النكاح إطلاقاً للنساء بخلاف المسألة الأولى * رجل قال لامرأته عن خرجت بغير إذني فأنت طالق فخرجت بغير إذنه مرة حنث ثمّ لا يحنث بعد ذلك * ولو حلف أن لا تخرج امرأته من هذه الدار فارتقت في الدار شجرة أغصانها خارج الدار فصارت بحال لو سقطت تسقط على الطريق لا يحنث كما لو دخلت كنيفاً مشرعاً من الدار وبابها في الدار لا يحنث * وكذا لو صعدت السطح لا يحنث سواء كانت اليمين بالعربية أو بالفارسية * رجل قال والله لا أخرج من بلد كذا فهو على أن يخرج ببدنه ولو قال لا أخرج من هذه الدار فهو على النقلة منها بأهله إن كان ساكناً فيها غلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه * رجل حلف وهو في منزله أن لا يخرج إلى بغداد اليوم فخرج من باب منزله اليوم وهو يريد بغداد ثمّ بدا له فرجع لا يحنث إلا أن يجاوز أبيات المصر على نية الخروج إلى بغداد * رجل حلف أن لا يخرج من داره فخرج من باب داره ثمّ رجع حنث وإن كان منزله في دار فخرج من منزله ثمّ رجع حنث وإن كان منزله في دار فخرج من منزله ثمّ رجع قبل أن يخرج من باب الدار لا يحنث * حلف أن لا يخرج إلى مكة ماشياً فخرج من أبيات المصر ماشياً يريد مكة ثمّ ركب حنث * ولو خرج راكباً ثمّ نزل فمشى لا يحنث * حلف أن لا يركب سفينة على بغداد فركب السفينة حتى صار إلى فرسخ ثمّ خرج منها لا يحنث * ولو حلف أن لا يركب إلى مكة فمشى بعض الطريق ثمّ ركب لا يحنث ولو حلف أن لا يأتي بغداد ماشياً فركب حتى دنا منها فدخلها ماشياً حنث لأنه أتاها ماشياً * ولو حلف لا يمشي إلى بغداد فمشى بعض الطريق وركب البعض لا يحنث ولو حلف أن لا يخرج من الري إلى الكوفة فخرج إلى مكة فمر بالكوفة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان نوى حين خرج من الري أن لا يمر بالكوفة ثمّ بدا له بعدما خرج فمر بالكوفة لا يحنث * حلف أن لا يخرج من باب داره هذه وهو ينوي باب الخشب فدفع الباب ثمّ خرج لا يحنث * وإن لم ينو باب الخشب <89> فخرج من موضع الباب حنث * ثلاثة حلّفوا رجلاً أن لا يخرج من بخارا إلا بإذنهم فجن أحدهم وخرج الحالف بإذن الآخرين حنث وإن مات أحدهم فخرج لا يحنث لأن اليمين تقيدت بإذنهم وقد فات إذنهم بموت أحدهم فلا يبقى اليمين وفي الوجه الأوّل لم يقع اليأس عن إذنهم * رجل قال لامرأته إن خرجت إلى بيت أبيك فأنت كذا فخرجت ناسية ثمّ تذكرت فرجعت فهذه ثلاث مسائل الخروج والإتيان والذهاب قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الإتيان لا يحنث إذا لم تصل إلى دار أبيها وفي الخروج يحنث واختلفوا في الذهاب والصحيح أن الذهاب كالإتيان قال رضي الله تعالى عنه وينبغي أن ينوي في ذلك إن نوى بالذهاب الوصول فهو على ما نوى وإن نوى به الخروج فهو على ما نوى وإن نوى به الخروج فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً يحمل على الإتيان لأن الناس يريدون به الإتيان والوصول * ولو قال لها إن خرجت إلى منزل أبيك فأنت كذا أو قال عن ذهبت فهو على الخروج عن قصد ولو قال إن أتيت فهو على لاوصول قصدت الخروج إلى منزله أو لم تقصد وعن الشَّيخ الإمام أبي بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو قال لها بالفارسية اكرتوخانه بدرروى فخرجت ثمّ نجمت في الطريق فعادت يحنث الزوج * رجل قال لامرأته عن خرجت من باب هذه الدار فأنت طالق فصعدت السطح ونزلت في دار الجار ذكر في الكتاب أنه لا يحنث وقيل بأنه يحنث لأن الناس يريدون به الخروج عن الدار لا التقييد بالباب ولأن باب السطح من أبواب الدار وإن عين الباب وقال إن خرجت من هذا الباب يتقيد بذلك الباب * امرأة كانت تخرج من دارها إلى سطح دار جارها فغضب الزوج وقال لها إن خرجت من هذه الدار إلى سطح الجار أو على الباب فأنت طالق فخرجت على سطح الجار الآخر لا يحنث في يمينه لأن يمينه تقيدت بذلك الجار دلالة فإن لم يكن هناك مقدمة حنث لعموم اللفظ * امرأة حلف أن لا تخرج إلى أهلها فخرجت إلى ذي رحم محرم منها قالوا إن كان لها الأبوان لا يحنث إذا خرجت إلى غيرهما وإن لم يكن لها أبوان فأهلها المحارم من ذوي أرحامها وإن كان لها أب وأم لكل واحد منهما منزل على حدة وزوج أمها <90> غير أبيها فالأهل منزل الأب * رجل حلف وهو في منزل من داره أن لا يخرج إلى الجنازة فخرج من المنزل إلى الدار للجنازة ثمّ رجع لا يحنث وإن خرج من الدار ثمّ رجع حنث * رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت كذا فخرجت إلى البستان فإن كان البستان في وسط الأرض على الوجه الذي ذكرنا في فصل الدخول لا يحنث وإن لم يكن كذلك فإن كان البستان من الدار بحيث لو(2/44)
ذكرت الدار يفهم البستان بذكر الدار ولو خرجت المرأة إلى البستان لا يكره الزوج لا يحنث وذكر في النوادر أنه قال إذا قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق فدخلت كرماً في الدار بأن كان يفهم الكرم بذكر الدار لا يحنث وإن كان لا يفهم ولا يعد يحنث وإنما يعد من الدار ويفهم بذكر الدار إذا لم يكن كبيراً ولم يكن مفتتحه إلى غير الدار * رجل قال لامرأته أنت طالق ما لم أخرج إلى الكوفة فمضى في وجهه إلى المكاري فمكث ساعة يماكس المكاري فتكارى وذهب لا تطلق امرأته لأن اليمين كانت على الفور وبهذا القدر لا ينقطع الفور وإن اشتغل بالوضوء لصلاة مكتوبة أو بصلاة مكتوبة لا ينقطع الفور ويكون ذلك مستثنى عن اليمين عادة وإن اشتغل بصلاة التطوع أو بالوضوء للتطوع أو بالأكل أو بالشرب أو مكث ساعة في غير طلب الكراء انقطع الفور وتطلق امرأته * رجل خرج من بخارا إلى سمرقند وطلب من امرأته أن تخرج معه إلى سمرقند فأبت فقال لها بالفارسية اكرسبس من بيرون نيائي يا فلانة فامرأته طالق فلم تخرج معه حتى رجع الزوج من سمرقند إلى بخاراً ثمّ خرج الزوج إلى سمرقند مرة أخرى قالوا إن لم تكن فلانة خرجت إلى سمرقند لا يحنث الحالف وبطلت يمينه ولا يحنث أبداً لأنه جعل شرط حنثه أن لا تخرج مع فلانة كأنه قال لها إذا خرجت فلانة ولم تخرجي معها فأنت طالق فإذا لم تخرج فلانة فلم يوجد شرط الحنث فلا يحنث وبطل اليمين لفوات شرط الحنث وهو عدم خروجها مع فلانة في ذلك الخروج لا في خروج آخر فإن كانت فلانة خرجت إلى سمرقند قبل رجوع الزوج من سمرقند ولم تخرج معها امرأته حنث ويقع الطلاق لوجود شرط الحنث هذا <91> إذا نوى الزوج أن يتعلق طلاقها بعدم خروجها إذا خرجت فلانة فإن نوى أن يكون الطلاق معلقاً بعدم خروجها وخروج فلانة فإذا لم تخرج امرأته ولم تخرج فلانة حتى رجع الزوج من سمرقند حنث في يمينه * رجل قال لامرأته إن خرجت من ههنا اليوم فإن رجعت إلى سنة فأنت طالق ثلاثاً فخرجت اليوم على الصلاة أو على غيرها من حاجة ثمّ رجعت فإن كان سبب اليمين خروج الانتقال أو السفر لا تطلق * رجل قال لامرأته عند خروج المرأة من المنزل إن رجعت إلى منزلي فأنت طالق فجلست ولم تخرج زماناً ثمّ خرجت ورجعت إلى منزله والرجل يقول نويت الفور قال بعضهم لا يصدق وقال بعضهم يصدق وهو الصحيح * رجل قال لامرأته إن صعدت هذا الصطح فأنت كذا فارتقت بعض السلم لا يحنث وهو الصحيح ولو قال لها إن ارتقيت هذا السلم أو قال إن وضعت رجلك على هذا السلم فأنت كذا فوضعت إحدى رجليها ثمّ رجعت كان حانثاً في الوضع وفي الارتقاء كذلك قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن لا يحنث في الارتقاء بوضع إحدى القدمين لأن ذلك لا يعد ارتقاء ولو قال إن وضعت قدمي في دار فلان فوضع إحدى قدميه لا يحنث لأن هذا الكلام صار مجازاً عن الدخول ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار ووضعت رجلك في السكة فأنت طالق فوضعت إحدى قدميها في السكة حنث في يمينه لأنه لما قصد المبالغة صار حانثاً بوضع القدم * رجل قال لامرأته إن خرجت إلا برضاي أو بهواي أو بإرادتي فهو كقوله إلا بإذني تحتاج إلى الإذن في كلّ مرة ولو قال لها إلا أن أرضى أو أريد فهو كقوله إلا أن آذن إذا أذن مرة واحدة تبطل اليمين ولو قال إلا بأمري لا بد من الأمر في كلّ مرة ولو قال إلا أن آمر فهو على الأمر مرة واحدة ولو قال إن خرجت بغير رضاي أو إلا برضاي فأذن لها بالخروج فلم تسمع أو سمعت فلم تفهم بأن كان الإذن بلسان لا تعرفه المرأة لا يحنث في قولهم إذا خرجت لأن الرضا يتحقق بدون علم المرأة ولو قال لها إلا بإذني فأذن لها وهي نائمة أو لم تسمع لم يكن ذلك إذناً قال بعضهم هذا قو أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أما على قول أبي يوسف وزفر رحمهما الله <92> تعالى يكون إذناً وقال بعضهم الإذن يصح بدون العلم والسماع في قولهم وإنما الخلاف بينهم في الأمر على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يثبت الامر بدون العلم والسماع والصحيح أن على قولهما الإذن لا يكون إلا بالسماع وأجمعوا على أن إذن العبد في التجارة لا يكون إذناً بدون السماع وكذلك التوكيل * رجل قال لعبده إن خرجت إلا بإذني فأنت حر ثمّ قال لغيره ائذن له بالخروج فأذن له المأمور بالخروج فخرج العبد حنث المولى وكذا لو قال المأمور للعبد إن مولاك قد أذن لك ولو قال المولى أذنت له بالخروج فأخبره إنسان بذلك فخرج لا يحنث المولى قيل هذا إذا كان المخبر مأمور بالتبليغ فإن لم يكن لا يعتبر ذلك ولو قال لعبده إن خرجت بغير إذني فأنت حر ثمّ قال له إن فعلت كذا فقد أذنت لك لم يكن ذلك إذناً لأن الإذن لا يصح تعليقه بالخطر ولو قال المولى لهذا العبد أطع فلاناً في جميع ما أمرك به ثمّ أذن له فلان بالخروج فخرج حنث المولى * وكذا لو قال المولى لعبده بعد اليمين ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فأذن له فلان بالخروج فخرج حنث المولى * حلف أن لا تخرج(2/45)
امرأته من بيته يعني من هذا البيت فخرجت إلى الدار حنث قالوا هذا في عرفهم لأن الدار لا يسمى بيتاً في عرفهم أما في عرفنا يسمى الكل بيتاً فلا يحنث وعليه الفتوى وكذا لو حلف أن لا يدخل فلان بيته فدخل فلان داره لا يحنث في عرهم وفي عرفنا يحنث وعليه الفتوى * حلف أن لا تخرج امرأته إلا في كذا فخرجت في ذلك مرة ثمّ خرجت في غير ذلك يحنث إلا أن يعين يمينه بالمرة الأولى فيدين فيما بينه وبين الله تعالى * حلف أن لا تخرج امرأته مع فلان فخرجت مع غيره ثمّ لحقها فلان لا يحنث لأنها لم تخرج مع فلان * حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه وقال عنيت الإذن مرة واحدة ذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يدين في القضاء * حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه ثمّ قال لها أذنت لك شهراً أو في كلّ مرة صح ذلك وكذا لو قالت ائذن لي اليوم في الخروج فقال أذنت فخرجت مرة في ذلك اليوم لا يحنث وكذا لو قال لها اخرجي كلما شئت كان ذلك إذناً في كلّ مرة ولو قال إن خرجت إلا بإذني أو قال إلا أن آذن لك ثمّ قال لها اخرجي أما والله إن فعلت كذا ليجزينك الله <93> تعالى ونحو ذلك قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون إذناً وكذا لو غضبت المرأة وتهيأت للخروج فقال الزوج دعوها تخرج لم يكون إذناً إلا أن ينوي الإذن وكذا لو قال الزوج في غضب اخرجي ينوي التهديد يعني اخرجي حتى تطلقي لم يكن ذلك إذناً * رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق فخرجت قبل أن يقول الزوج أنت طالق لم يحنث حتى تخرج مرة أخرى بعد ذلك إلا أن يكون ابتداء اليمين لمنازعة كانت بينهما على الخروج فإذا كان كذلك لا يحنث وإن خرجت بعد ذلك لأن اليمين كانت على الخروج الأوّل وقد خرجت قبل أن يتم يمينه * رجل قال لامرأته والله لا أكلمك حتى أخرج من بغداد قال الخروج من الأمصار يكون ببدنه فإذا خرج بنفسه بر وإن لم يخرج بعياله * رجل قال لأخرجن مع فلان العام إلى مكة إذا خرج معه وجاوز البيوت ووجب عليه قصر الصلاة فقد بر وإن بدا له أن يرجع رجع * ولو قال والله لا أخرج من بغداد فخرج مع جنازة والمقابر خارج من بغداد فهو حانث * رجل قال لجاريته إن خرجت إلا بإذني فأنت حرة وهي تشتري لمولاها حوائجه من السوق فقال لها المولى اشتري بهذه الدراهم لحماً فهو إذن لها بالخروج ولا يحنث * رجل قال لامرأته إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق فاستأذنته بالخروج إلى أبيها فأذن لها فخرجت إلى بيت أختها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تطلق من قبل أنه أذن لها بالخروج فلا أبالي أذهبت إلى الذي أمرها به أو لم تذهب ولو قال لها إن خرجت إلى أحد إلا بإذني فأنت طالق فاستأذنته للخروج إلى أبيها فأذن لها فخرجت إلى أختها طلقت * رجل قال لغيره إن كلمت فلاناً فعبدك حر فقال المخاطب إلا بإذنك قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا جواب إذا كلمه بغير إذنه حنث * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يخرج من بغداد إلا بإذنها ثمّ خرج فقالت لم آذن لك وقال الزوج قد أذنت لي كان القول قوله * ولو قال لامرأته إن كنت تعرفين فلاناً أ, تعلمين منزل فلان فأنت طالق فقالت أنا أعلم وأعرف لا تصدق في شيء من ذلك لأن هذا أمر ظاهر يقف عليه غيرها بخلاف الحب والبغض والله أعلم بالصواب <94>
{ فصل في المساكنة والسكنى والسكون }(2/46)
رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيها إن كان الحالف في عيال غيره كالابن الكبير يسكن في دار الأب والمرأة تسكن في دار زوجها ونحوهما لا يحنث في يمينه وإن لم يكن الحالف في عيال غيره لا يبر إلا أن يدخل في النقلة من ساعته لأن الدوام على السكنى سكنى ثم إن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يشترط للبر نقل الأهل وكل المتاع حتى لو بقي فيها وتد أو مكنسة كان حانثاً وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا نقل الأهل وأكثر المتاع بر في يمينه والفتوى على قوله وعلى قول محمد رحمه الله تعالى إذا نقل الأهل وما يقوم به الكدخدائية صار باراً واتفقوا على أن نقل الأهل والخدام شرط للبر فإن نقل الكل إلى السكة أو إلى المسجد ولم يسلم الدار إلى غيره اختلفوا فيه والصحيح أنه يكون حانثاً ما لم يتخذ مسكناً آخر وإن سلم الدار إلى غيره بأن آجر داره المملوكة أو كان ساكناً في الدار بالإجارة أو بالإعارة فردها على مالكها ولم يتخذ منزلاً آخر لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فأراد نقل الأهل والمتاع فأبت المرأة أن تخرج كان عليه أن يجتهد في إخراجها فإذا صارت غالبة وعجز عن إخراجها فخرج الحالف وسكن داراً أخرى لا يحنث في يمينه نج ولو وجد الحاف الباب مغلقاً ولم يقدى على فتحه لا يحنث الحالف وكذا إذا قيد ومنع عن الخروج وكذا لو قدر على الخروج بطرح بعض الحائط لا يحنث وليس عليه ذلك إنما يعتبر القدرة على الخروج من الوجه المعهود عند الناس * ولو إن لم يخرج من هذه الدار اليوم فامرأته طالق فقيد ومنع من الخروج أياماً قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يحنث الحالف وهو الصحيح وهذا بخلاف ما لو حلف أن لا يسكن هذه الدار فقيد ومنع من الخروج فإنه لا يحنث والفرق ما ذكرنا قبل هذا إن في قوله إن لم أخرج شرط الحنث عدم الخروج وقد تحقق أما في مسألة السكنى شرط الحنث السكنى وأنه فعل والفاعل إذا كان مكرهاً في الفعل لا يضاف الفعل إليه فلا يحنث يمينه * رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه <95> واشتغل بطلب دار أخرى لينقل إليها الأهل والمتاع فلم يجد داراً أخرى أياماً ويمكنه أن يضع المتاع خارج الدار لا يكون حانثاً وكذا لو خرج واشتغل بطلب دابة لينقل عليها الأمتعة ولم يجد أو كانت اليمين في جوف الليل فلم يمكنه أن يخرج حتى أصبح أو كانت الأمتعة كثيرة فخرج وهو ينقل الأمتعة بنفسه ويمكنه أن يستكري دواب فلم يستكر لا يحنث في جميع ذلك وهذا إذا نقل الأمتعة بنفسه كما ينقل الناس فإن نقل لا كما ينقل الناس يكون حانثاً قالوا هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن حلف بالفارسية وقال من بدين خانه اندر بناشم فخرج بنفسه على قصد أن لا يعود لا يحنث في يمينه وإن خرج على قصد أن يعود يكون حانثاً * إذا قال لامرأته إن سكنت هذه الدار فأنت طالق وكانت اليمين في الليل فهي معذورة إلى أن تصبح لأنها تخاف الخروج في الليل فاعتبرت عاجزة * رجل حلف أن لا يسكن هذا المصر فخرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيه لا يحنث وإن كنت اليمين على سكنى القرية اختلفوا فيه قال بعضهم هي بمنزلة الدار وقال بعضهم هي بمنزلة المصر وهو الصحيح ذكره الكرخي في مختصره والسكة والمحلة بمنزلة لدار * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً في هذه القرية فهو على أن يساكنه في دار منها * رجل حلف وقال درين ديه نباشم فخرج بأهله ومتاعه ثمّ عاد وسكن كان حانثاً وكذلك كلّ فعل يمتد لا يبطل اليمين فيه بالبر * حلف اكرامال درين ديه باشم فامرأته كذا فسكن إلا يوماً من بقية السنة أو حلف أن لا يسكن هذه الدار شهراً فسكن ساعة اختلفوا فيه قال بعضهم لا يحنث ما لم يسكن كلّ الشهر وقال بعضهم يحنث ذكره في الجامع الكبير وذكر في المنتقى أنه إذا حلف أن لا يسكن الرقة شهراً فسكن ساعة كان حانثاً ولو قال لا أقيم بالرقة شهراً لا يحنث ما لم يقم جميع الشهر * ولو قال إن لم أخرج من هذه الدار أو قال إن لم أذهب ونوى عين الذهاب وعين الخروج ولم يرد السكنى فسكن فيها لا يحنث إذا لم يرد الفور وإن نوى بذلك السكنى يعين لا أسكن فسكن بعد اليمين حنث وكذا لو نوى بالخروج الخروج على الفور أو دل الدليل على الفور ولم يخرج على الفور حنث في يمينه وكذا <96> لو قال بالفارسية اكازين خانه نروم فسكن بعد اليمين حنث إذا نوى الفور ولو قال إن سكنت هذه الدار مك آينده ورونده فعليّ حجة وهو على الإتيان للضيافة ولازيارة فإذا انتقل بأهله ومتاعه من ساعته ثمّ جاء زائراً أو ضيفاً لا يحنث لأنه استثناه عن اليمين * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً فنزل الحالف وهو مسافر فنزل فلان منزله فسكنا يوماً أو يومين لا يحنث ولا يكون مساكن فلان حتى يقيم معه في منزله خمسة عشر يوماً وهو كما لو حلف أن لا يسكن الكوفة فمر بها مسافراً ونوى الإقامة بها أربعة عشر يوماً لا يحنث * وإن نوى خمسة عشر يوماً كان حانثاً ولو سكنا جميعاً في حانوت في السوق(2/47)
يبيعان لا يحنث ويكون اليمين على المنازل التي إليها المأوى وفيه الأهل والعيال لأن السكنى عادة تكون في المأوى * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً فدخل فلان دار الحالف غصباً فأقام الحالف معه حنث علم الحالف بذلك أو لم يعلم وإن خرج الحالف بأهله وأخذ في النقلة حين نزل الغاصب لم يحنث ولو سافر الحالف فسكن فلان مع أهل الحالف قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث وعليه الفتوى وذكر في المنتقى لو خرج المحلوف عليه مسيرة ثلاثة أيام أو أكثر وسكن الحالف مع أهل المحلوف عليه لا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كان أقل من ذلك حنث * رجل قال اكرمن امشب درين شهر باشم فامرأته كذا فأصابته الحمى وعجز عن الخروج فلم يخرج حتى أصبح قالوا يحنث في يمينه لأنه يمكنه أن يستأجر من ينقله من البلد * رجل حلف أن لا يكون من أكرة فلان وهو من أكرته أو حلف أن لا يكون مزارعاً لفلان وأرض فلان في يده وفلان غائب لا يمكنه أن ينقض ما بينهما من المزارعة حنث لأن شرط الحنث كونه من أكرة فلان وقد وجد وإن كان رب الأرض غائباً فخرج إلى رب الأرض من ساعته وناقضه لا يحنث لأن هذا القدر مستثنى عن اليمين وهو كما لو حلف أن لا يسكن هذه الدار فقام إلى طلب المفتاح فما دام مشتغلاً بذلك لا يحنث وإن طال فذلك وكذلك ههنا وإن اشتغل بعمل آخر غير طلب صاحب الأرض حنث لأنه غير معذور ولو منعه إنسان عن <97> الخروج إلى رب الأرض لا يحنث لأن شرط الحنث أن يكون مزاره لفلان وذلك لا يوجد مع المنع حتى لو قال إن لم أترك مزارعة فلان فمنعه إنسان عن الخروج إلى رب الأرض كان حانثاً عند بعض المشايخ رحمهم الله تعالى * رجل هو ساكن مع غيره في دار فحلف أن لا يسكن معه في الدار فوهب المتاع من غيره أو أودعه أو أعاره وخرج بنفسه وليس من رأيه العود لا يحنث في يمينه ولو خرج من ساعته وقال نويت الخروج بنفسي لا يحنث في يمينه وإن مكث في الدار بعد اليمين ساعة ثمّ قال أردت الخروج بنفسي لا يصدق قضاء لأنه لما مكث بعد اليمين صار حانثاً فلا يصدق في إبطال الحنث * رجل حلف أن لايبيت الليلة في هذا المنزل فخرج بنفسه وبات خارج المنزل وأهله ومتاعه في المنزل لا يحنث في يمينه وهذه اليمين تكون على نفسه لا على المتاع * حلف أن لا يبيت على سطح هذا البيت وعلى هذا البيت الذي حلف عليه غرفة وأرض الغرفة سطح البيت يحنث إن بات عليه ولو حلف أن لا يبيت على سطح فبات على هذا لا يحنث في يمينه * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً والحالف في دار مع عياه وأهله ولو دار أخرى بجنب هذه الدار فيها غلمانه ودوابه ومطبخه وبعض حراسه فسكنها المحلوف عليه وعلى الدارين باب ولكل واحد منهما باب إلى طريق لا يحنث الحالف * حلف أن لا يساكن فلاناً فجاء المحلوف عليه ونزل في داره غصباً فأقام الحالف معه حنث وإن خرج بأهله وأخذ في النقلة حين نزل الغاصب لم يحنث وإن سكن معه حنث علم أو لم يعلم * رجل كان ساكناً مع رجل فحلف أن لا يساكنه شهر كذا فساكنه ساعة في ذلك الشهر حنث لأن المساكنة مما لا يمتد * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً ولم ينو شيئاً فساكنه في دار كلّ واحد منهما في مقصورة على حدة لا يحنث وإنما تتحقق المساكنة إذا سكنا بيتاً واحداً أو في دار كلّ واحد منهما في بيت منها بمتاعه وأهله وثقله إن كان له أهل فأما إذا كان في الدار مقاصير وكل مقصورة مسكن على حدة فلا يحنث وأهل البادية إذا جمعتهم خيمة فالخيمة كدار واحدة وإن تفرقت الخيام لا يحنث وإن تقاربت وإن نوى <98> بالمساكنة ن يسكن هذا في مقصورة وهذا في مقصورة حنث لأنه نوى بالمساكنة المساكنة الناقصة وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا كانت الدار كبيرة نحو دار الوليد بلاكوفة ودار نوح ببخارا لأن هذه الدار بمنزلة المحلة فأما إذا لم تكن بهذه الصفة يحنث من غير نية سواء كانت مشتملة على البيوت أو على المقاصير * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً فساكنه في مقصورة واحدة أو بيت واحد من غير أهل ومتاع لا يحنث عندنا * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً في دار وسمى داراً بعينها فاقتسماها وضربا بينهما حائطاً وفتح كلّ واحد منهما لنفسه باباً ثمّ سكن الحالف في طائفة والآخر في طائفة حنث الحاف لأن قبل البناء لو سكن كلّ واجد منهما في طائفة كان حانثاً فكذلك بعد البناء * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً في دار ولم يسم داراً بعينها ولم ينو فساكنه في دار قد قسمت وضرب بينهما حائط لا يحنث لأن اليمين إذا عقدت على دار بعينها يحنث بعد زوال البناء فبعد التغيير بالقسمة أولى وأما في غير المعين لا يحنث بدخول دار لا بناء فيها فكذلك بعد القسمة * رجل قال إن لم أسافر سفراً طويلاً ففلانة طالق فإن نوى ثلاثة أيام أو أكثر فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على سفر شهر * رجل قال والله لا أكون في منزل فلان غداً(2/48)
فهو على ساعة من الغد ولو قال والله لا أبيت في منزل فلان غداً فهو باطل إلا أن ينوي الليلة الجائية وكذا لو قال بعدما مضى أكثر الليلة لا أبيت الليلة في هذه الدار فهو باطل * رجل خرج في سفره ومعه آخر وهو يريد موضعاً قد سماه فحلف أن لا يصحب هذا في غير هذا السفر فلما سار بعض الطريق بدا له فعاد إلى مكان آخر سوى السفر الذي أراده قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه لأنه على السفر الأوّل * رجل حلف أن لا يمشي اليوم إلا ميلاً فخرج من منزله ومشى ميلاً ثمّ انصرف إلى منزله قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه لأنه مشى ميلين * رجل قال والله لا أصاحب فلاناً فإن كان الحالف يسير في قطار والمحلوف عليه في قطار آخر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون مصاحباً وإن كان في قطار واحد فهو مصاحب وإن كان أحدهما في أوله <99> والآخر في آخره * وكذا إذا كانا في سفينة هذا في باب وهذا في باب ولكل واحد منهما طعام على حدة لأن دخولهما وخروجهما واحد ولو قال والله لا أرافق فلاناً قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان طعامهما واحداً في مكان وهو يسيرون في جماعة كانت مرافقة وإن كانا في سفينة وطعامهما ليس بمجتمع لا يأكلان على خوان واحد لم تكن مرافقة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يرافقه فخرجا في سفر فإن كانا في محمل أو كان كريهما واحداً أو قطارهما واحداً فهو مرافق وإن كان كريهما مختلفاً لم يكن مرافقاً وإن كان مسيرهما واحداً والله أعلم.
{ فصل في الركوب }
رجل حلف أن لا يركب دابة ولم ينو شيئاً فركب حماراً وفرساً أو برذوناً أو بغلاً كان حانثاً فإن ركب غيرها نحو البعير وغيره لم يحنث استحساناً إلا أن ينوي فإن نوى الخيل وحده لا يدين في القضاء إذا كانت اليمين بطلاق أو عتاق وإن حلف أن لا يركب ولم يقل دابة ونوى الخيل وحده لا يدين أصلاً * ولو حلف لا يركب فرساً فركب برذوناً لا يحنث * وكذا لو حلف أن لا يركب برذوناً فركب فرساً لأن الفرس اسم للعربي والبرذون للعجمي وهذا إذا كانت اليمين بالعربية وإن حلف بالفارسية اسب نرشينذ حنث على كلّ حال * ولو حلف أن لايركب دابة فحمل على الدابة مكرهاً لا يحنث في يمينه * ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركباً فركب سفينة أو محملاً أو دابة كان حانثاً لأن المركب اسم لما يركب عليها في البحر عادة ولو ركب آدمياً ينبغي أن لا يكون حانثاً لأنه لا يركب عادة * ولو حلف لا يركب بهذا السرج فزاد فيه أو نقصه وركب حنث لأنه عقد اليمين على المعين غلا يبطل اليمين بتبديل الصفة وذكر في المنتقى إذا حلف ليركبن هذه الدابة اليوم فأوثق وجلس ولم يقدر على ركوبها حتى مضى اليوم حنث قال وليس هذه كقوله والله لا أسكن هذه الدار والله أعلم بالصواب.
{ فصل في الكلام والقراءة }(2/49)
* رجل قال لامرأته إن كلمت فلاناً وفلاناً فأنت طالق فكلمت أحدهما لم تطلق كما لو قال إن دخلت هذه الدار وهذه فأنت طالق لم تطلق ما لم تدخل الدارين فإن <100> نوى أنها تطلق بكلام أحدهما صحت نيته لأنه نوى ما يمكن تصحيحه بإضمار حرف الشرط وتقديم الجزاء على الشرطين وإن كان ذلك في موضع يريدون به تعلق الجزاء بكلام كل واحد على الإنفراد تطلق بكلام أحدهما قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى في عرفنا يحنث بكلام أحدهما ولو قال والله لا أكلم فلاناً وفلاناً أو قال لا أكلم هذا وهذا وكلم أحدهما لا يحنث وإن نوى أن يحنث بكلام أحدهما فهو على ما نوى ولو قال والله لا أكلم هذين الرجلين أو قال بالفارسية با اين دوتن سخن نكويم لا يحنث بكلام أحدهما وإن نوى أن يحنث بكلام أحدثما قالوا لا تصح نيته قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن تصح نيته لأن المثنى يذكر ويراد به الواحد فإذا نوى ذلك وفيه تغليظ على نفسه فيصح ولو قال كلام فلان وفلان عليّ حرام فكلم أحدهما روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يحنث وهذه الرواية توافق من يقول إذا قال والله لا أكلم فلاناً وفلاناً فكلم أحدهما يحنث لأن قوله كلام فلان وفلان عليّ حرام بمنزلة قوله والله لا أكلم الفقراء والمساكين أو قال لا أكلم الرجال فكلم أحدهم حنث ن الجمع المعرف ينصرف إلى الجنس ولو قال رجالاً أو نساء لا يحنث ما لم يكلم ثلاثاً لأن الجمع المنكر ينصرف إلى الثلاث * ولو قال كلام هؤلاء القوم أو كلام أهل بغداد عليّ حرام فكلم أحدثم حنث * ولو قال والله لا أكلم أخوة فلان ولفلان أخ واحد فكلمه فإن كان الحالف يعلم بذلك حنث لأنه ذكر الجمع وأراد به الواحد وإن لم يعلم لا يحنث لأنه ذكر الجمع وأراد به الواحد وإن لم يعلم لا يحنث لأنه لم يرد الواحد وهو كما لو حلف أن لا يأكل من هذه الخوان ثلاثة أرغفة وليس فيه إلا رغيف واحد وهو لا يعلم به * ولو قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ويوماً فهو كقوله يومين ينتهي اليمين بمضي اليومين * ولو قال يوما ويومين فهو كقوله والله لا أكلمه ثلاثة أيام وفارسيته سخن نكويم بافلان يكروز وزوروز * ولو قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ولا يومين تنقضي اليمن بمضي اليومين وفارسيته سخن نكويم <101> يا فلان ني يك روزوني دوروز * ولو قال والله لا أكلمك اليوم ولا غداً وبعد غد فهو كقوله والله لا أكلمك ثلاثة أيام يدخل فيه الليالي * ولو قال والله لا أكلمك اليوم ولا غداً ولا بعد غد كان له أن يكلمه بالليالي لأنه لما أفرد كلّ يوم بنفي على حدة صار كلّ يومين منفياً بنفي على حدة ولا يدخل فيه الليل * ولو قال والله لا أكلمك في كلّ يوم من أيام هذه الجمعة فكلمه في تلك لاجمعة ليلاً ونهاراً مرة واحدة حنث ولو قال والله لا أكلمك في كلّ يوم من أيام هذه الجمعة لا يحنث حتى يكلم في كلّ يوم * ولو ترك كلامه يوماً واحداً لا يحنث وإن كلمه في كلّ يوم لا يحنث إلا مرة واحدة وله أن يكلمه في الليالي وهو كما لو قال أنت عليّ كظهر أمي كلّ يوم لا يقربها ليلاً ونهاراً حتى يكفر وإذا كفر بطل الظهار * ولو قال أنت عليّ كظهر أمي في كلّ يوم كان له أن يقربها في الليالي فيكون مظاهراً في كلّ يوم بظهار جديد * رجل حلف أن لا يكلم فلااناً فكلم الحائط وقال يا حائط اصنع كذا ولا تصنع كذا أو قال قد كان كذا كذا فإنه لا يحنث وإن كان قصده سماع فلان كذا ذكره الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الواقعات * روي عن عن الرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بعد ما حلف أن لا يكلم عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يفعل كذلك * رجل حلف أن لا يكلم صديق فلان أو زوجة فلان أو ابن فلان أو نحوهم ممن يضاف لا بحكم الملك فتزوج فلان امرأة بعد اليمين أو ولد له ولد بعد اليمن فكلمه الحالف لا يحنث وإن كلم امرأته أبانها فلان بعد يمينه أو كلم رجلاً عاداه فلان بعد يمينه لا يحنث الحالف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وإن كان الحالف قال في يمينه زوجة فلان هذه أو صديق فلان هذا فكلم بعد زوال الزوجية والصداقة حنث في قولهم جميعاً * حلف أن لا يكلم عبيد فلان أو لا يركب دواب فلان أو لا يلبس ثياب فلان فهو على الثلاثة لما ذكر في ظاهر الرواية إذا كلم ثلاثاً من عبيده العشرة حنث وكذا الدواب والثياب وإن كلم اثنين منهم لا يحنث فلا بد من الجمع * ولو حلف أن لا يكلم أخوة فلان أو بني فلان لا يحنث ما لم يكلم الكل وكذا ببني فلان * حلف أن لا يكلم فلاناً فقرع فلان الباب فقال الحالف كيست أو قال كيست آن <102> أو كيست اين قال بعضهم يحنث في الوجوه كلها وقال بعضهم لا يحنث إلا أن يقول كنى هو المختار لأنه خاطبه بخلاف ما تقدم * ولو دعاه الحالف وهو نائم وأيقظه حنث وإن لم يستيقظ بدعائه فيه روايتان ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يحنث وقال غيره يحنث وإن لم يستيقظ وقيل هذا قول أبي حنيفة(2/50)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند النائم كالمتنبه * ولو مر الحالف على قوم فيهم المحلوف عليه فسلم الحالف عليهم حنث وإن لم يسمع المحلوف عليه إلا أن يقصد السّلام على غير المحلوف عليه * ولو قرأن الحالف كتاباً على المحلوف عليه والمحلوف عليه يكتب إن قصد الحالف إملاء المحلوف عليه قالوا يخاف عليه الحنث * ولو أم الحالف قوماً فيهم المحلوف عليه فسلم في آخر الصلاة لا يحنث لا بالتسليمة الأولى ولا بالثانية هو المختار لأن هذا لا يعد كلاماً في العرف هذا إذا كان الحالف إماماً فإن كان مؤتماً قالوا لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن عندهما بسلام الإمام لا يخرج المؤتم عن الصلاة ولو كان المحلوف عليه إماماً والحالف مقتدياً ففتح على الإمام لا يحنث في يمينه * ولو علمه القرآن في غير الصلاة حنث في عرفهم * ولو شتم المحلوف عليه إنساناً فأراد الحالف أن يمنعه فلما قال الحالف مك تذكر يمينه فسكت لا يحنث الحالف لأن هذا القدر غير مفهوم فلا يكون كلاماً وهذا بخلاف المصلي إذا قال ذلك في صلاته تفسد صلاته * شتم المحلوف عليه أبا الحالف فقال الحالف لا بل أنت حنث * رجل قال لامرأته إن شكوت مني إلى أخيك فأنت طالق فجاء أخوها وعندها صبي لا يعقل فقالت امرأته يا صبي إن زوجي فعل كذا حتى سمع أخوها لا تطلق لأنها مخاطبة للصبي دون الأخ وهذا ومسألة الحائط سواء * ولو قال إن شكوت بين يدي أخيك والمسألة بحالها قالوا هذا أشد من الأوّل يعين أخاف عليه الحنث والظاهر أنه لا يحنث لأن المراد من الشكاءة بين يديه في العرف الشكاية إليه * رجل قال لامرأته وقد كلمته في إنسان إن أعدت ذكر فلان فأنت طالق فقالت لا أعيد عليك ذكر فلان أو قالت لما نهيتني عن ذكر فلان لا أذكر فلاناً لا تطلق لأن هذا القدر <103> مستثنى عن اليمين * ولو قالت لم نهيتني عن ذكر فلان طلقت لأنها ممنوعة عن هذا القدر عادة * رجل حلف أن لا يكذب فسأله رجل عن شيء فحرك رأسه بالكذب لا يحنث ما لم يتكلم به وقد ذكرنا قبل هذا أن جواب السائل قد يكون بتحريك الرأس والإشارة ووجه الفرق بين هذا وبين ما تقدم أن فيما تقدم وضع المسألة في السؤال عن المسألة والسؤال عن المسألة طلب العلم والإعلام كما يكون باللسان يكون بالإشارة أما الإشارة فلا تكون كلاماً * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً فناداه من مكان بعيد إن كان بحيث لو أصغى بإذنه لا يسمع لا يحنث وإن كان بحيث لو أصغى إليه أذنه يسمع إلا أنه لم يسمع لأنه كان أصم أو كان مشتغلاً بعمل حنث * وإن كتب إليه أو أرسل إليه رسولاً لا يحنث ولو قال لا أقول لفلان كذا وكذا فكتب إليه بذلك وأرسل به إليه رسولاً حنث * ولو قال لا أكلم فلاناً بهذا لا يحنث بالكتابة والرسالة * رجل قال لا أكلم فلاناً قريباً أو سريعاً أو عاجلاً فذلك على أقل من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال لا أكلمه إلى بعيد فهو على أكثر من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال لا أكلمه إلى بعيد فهو على أكثر من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو قال لا أكلمه ملياً أو طويلاً إن نوى شيئاً فهو على شهر ويوم * ولو حلف أن لا أكلم فلاناً أيامه هذه قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على ثلاثة أيام ولو قال لا أكلمه أيامه فهو على العمر ولو قال لا أكلمه الأيام فهو على عشرة أيام في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى هو على سبعة أيام ولو قال أياماً فهو على ثلاثة أيام عند الكل في ظاهر الرواية * ولو قال لا أكلمك يوماً بعد الأيام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كلمه في سبعة أيام لا يحنث وبعد السبعة يحنث * ولو قال شهراً بعد شهر فهو على شهرين * ولو قال شهراً بعد هذا الشهر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يكلمه في هذا الشهر واليمين على الشهر الذي يكون بعد هذا الشهر * ولو قال لا أكلمه جمعة ولا نية له فهو على أيام الجمعة * ولو قال جمعتين فهو على أيام الجمعتين وإن قال ثلاث جمع فعليه أن يستكمل أحداً وعشرين يوماً من يوم حلف وإن نوى الجمع خاصة لا يدين في القضاء * ولو <104> حلف لا أكلمه بضعة عشر يوماً فهو على ثلاثة عشر إلى تسعة عشر * ولو حلف لا يكلم فلاناً إلى كذا إن نوى شيئاً من الأوقات من الواحد إلى العشرة من الساعات أو من الأيام أو من الشهور أو من السنين فهو على ما نوى لأن كذا اسم عدد مجهول من الواحد إلى العشرة وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم واحد لأنه الأقل ساعات إلا أن ما دون اليوم لا يمكن ضبطها فانصرف إلى اليوم * ولو قال لا أكلمه إلى كذا كذا إن نوى شيئاً من الساعات أو من الشهور فهو على أحد عشر مما نوى وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم وليلة * ولو قال لا أكلمه إلى كذا وكذا إن نوى شيئاً مما ذكرنا ينصرف إلى أحد وعشرين من ذلك وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم وليلة * رجل(2/51)
قال لامرأته كلما تكلمت كلاماً حسناً فأنت طالق ثمّ قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر طلقت واحدة وإن لم يقل كلاماً حسناً طلقت ثلاثاً * ولو قال سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله الله أكبر طلقت ثلاثً في الوجهين * رجل قال والله لا أكلمك في اليوم الذي يقدم فيه فلان وكلمه أول اليوم ثمّ قدم فلان في آخره حنث وإن لم يكلمه حتى قدم فلان ثمّ كلمه في ذلك اليوم اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث * رجل قال لغيره إن تركت كلامك شهراً فعبدي حر فاليمين على ترك كلامه شهراً من حين حلف أن كلمه فش شهر لا يحنث * رجل قال لامرأته إن كلمتك الليلة قبل أن تكلميني فأنت طالق ثمّ قالت المرأة إن كلمتك قبل أن تكلمني فعبد حر ثمّ قال لها الزوج أعطي السائل شيئاً لا يعتق العبد ولا تطلق المرأة * رجل قال لغيره إن ابتدأتك بكلام أبداً فعبدي حر أو قال إن كلمتك قبل أن تكلمني فسلما معاً لا يحنث لأن البداءة والسبق يخالف القران * ولو قال إن كلمتك إلا أن تكلمني أو إلى أن تكلمني أو حتى تكلمني فسلما معاً حنث الحالف في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * زيد وعمرو ادعيا نسب ولد جارية بينهما وقضى القاضي لهما بالنسب فقال رجل إن كلمت ابن زيد فامرأته طالق وقال رجل آخر إن كلمت ابن عمرو فعبده حر فكلما هذا الابن حنثا جميعاً * رجل حلف أن لا يتكلم فقرأ القرآن في الصلاة أو كبر أو هلل أو سبح إن كان اليمين <105> بالعربية لا يحنث وإن قرأ خارج الصلاة أو كبر أو هلل أو سبح أو دعا حنث وإن كان اليمين بالفارسية لا يحنث في الصلاة ولا في غير الصلاة * رجل قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ثمّ قال والله لا أكلم فلاناً شهراً ثمّ قال والله لا أكلم فلاناً سنة فكلمه بعد ساعة حنث في الإيمان الثلاث وإن كلمه غداً حنث في اليمين وإن كلمه بعد شهر حنث في يمين واحدة وإن كلمه بعد سنة لا يحنث ولا شيء عليه * رجل قال والله لا أكلم فلاناً أستغفر الله إن شاء الله قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون مستثنى ولا يحنث ديانة * رجل قال والله لا أكلمك ما دمت في هذه الدار فهو على ما دام ساكناً فيها إلى أن ينتقل والخلاف في الانتقال الذي يبطل اليمين ما قلنا ولو قال والله لا أكلمك ما دمت ببغداد فخرج بنفسه لا يبقى اليمين ولو قال لا أكلمك تابرف بروزمين نتابد فوقع الثلج في بلدة أخرى فاليمين باقية إلى أن يقع الثلج في البلدة التي حلف فيها وإن كان اليمين ببغداد وهذا إذا عنى الحالف عين الثلج لا وقت وقوع الثلج * حلف أن لا يكلم فلاناً عامنا هذا فاليمين من حين حلف إلى غرة محرم لا على سنة كاملة من حين حلف * رجل حلف أن لا يكلم صهرته فدخل على امرأته وشاجر معها فقالت له الصرة مالك هكذا فقال الزوج خوش مي ارم ونوش مي ارم ثمّ قال لم أر به جواب الصهرة وإنما عنيت امرأتي قالوا هو مصدق لأنه ليس في كلامه ما يجعله جواباً قال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وينبغي أن لا يصدق قضاء لأن هذا الكلام يذكر على وجه الجواب عرفاً * حلف أن لا يكلم امرأته فدخل داره وليس فيها غيرها فقال من وضع هذا حنث لأنه حين استفهم وليس معها غيرها فقد كلمها ولو كان معها غيرها لا يحنث ولو قال ليت شعري من وضع هذا لا يحنث لأنه استفهم نفسه * جماعة كانوا يتحدثون في مجلس فقال رجل منهم من تكلم بعد هذا فامرأته طالق ثمّ تكلم الحالف طلقت امرأته لأن كلمة من للتعميم والحالف لم يخرج نفسه عن اليمين فيحنث كما لو قال إن دخل هذه الدار واحد فامرأته طالق ثمّ دخل الحالف حنث لأن أحداً نكرة والحالف لم يصر معرفة فبقي داخلاً فيها بخلاف ما لو قال إن دخل داري أحد <106> فامرأتي طالق فدخل الحالف لا يحنث لأنه صار معرفة بإضافة الدار إلى نفسه فلا يدخل تحت النكرة * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً فمر بقوم فيهم المحلوف عليه فقال السّلام عليكم إلا واحداً وقال عنيت به المحلوف عليه دين في القضاء * رجل قال في بعض الشهر والله لا أكلم فلاناً شهراً فهو على عدد الأيام إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها فدخل فيه الليل والنهار * وكذا لو قال في بعض النهار لا يكلمه ثلاثين يوماً وإن كانت اليمين في الليل يترك كلامه من تلك الساعة إلى أن تغرب الشمس من يوم الثلاثين ولو قال في بعض النهار لا يكلمه يوماً فإنه يترك الكلام إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها من الغد * وكذا إذا حلف في خلال الليل لا يكلمه ليلة فهو على هذا ولو قال في بعض اليوم والله لا أكلمه اليوم فهو على ما بقي من اليوم * ولو حلف ليلاً أن لا يكلم في هذا اليوم فإنه يحنث بالكلام في تلك الليلة إلى أن تغيب الشمس من الغد وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنا باطل * رجل قال والله لا أكلمك شهراً إلا يوماً أو شهراً غير يوم ولا نية له في اليوم فله أن يختار أي يوم شاء من شهر ولو قال شهراً إلا نقصان يوم فهو على تسعة(2/52)
وعشرين يوماً وهو مخالف للأول * رجل قال لرجل والله لا أبلغك شيئاً فكتب إليه حنث ولو قال لا أذكرك شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا عندي على المواجهة * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً إلى الموسم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكلمه إذا أصبح يوم النحر وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكلمه إذا زالت الشمس من يوم عرفة والله أعلم بالصواب
{ مسائل في القراءة والصلاة }
رجل حلف أن لا يقرأ القرآن اليوم فقرأ في الصلاة أو في غيرها حنث * وكذا لو حلف أن لا يركع أولاً يسجد ففعل في الصلاة أو في غيرها حنث وإن قرأ الحالف بسم الله الرحمن الرحيم إن نوى ما في سورة النمل حنث وإن لم ينو ما في سورة النمل أو نوى غيرها لا يحنث لأن الناس يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم للتبرك لا للقراءة وقرائتها لا على وجه قراءة القرآن جائزة وكذلك قراءة الفاتحة على وجه الثناء والدعاء ومشايخ عراق من أصحابنا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اختاروا في صلاة الجنازة قراءة <107> الفاتحة بعد التكبيرة الأولى على وجه الثناء والدعاء ولو أراد هذا الحالف أن يصلي يصلي خلف الإمام بجماعة حتى لا يحنث وإن سبق بركعة فقضاها حنث وإن أراد الوتر في غير رمضان ينبغي أن يقتدي بمن يوتر كيلا يحنث * ولو حلف أن لا يقرأ سورة من القرآن فنظر في المصحف حتى أتى إلى آخره لا يحنث في قولهم * ولو حلف أن لا يقرأ كتاب فلان فنظر في كتابه وفهم ما فيه حنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لحصول المقصود من القراءة وهو العلم بما في الكتاب ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لعدم القراءة وعليه الفتوى * ولو حلف أن لا يقرأ كتاب فلان فقرأ سطراً من كتاب فلان حنث ولو قرأ نصف السطر لا يحنث لأن ما هو المقصود لا يحصل بقراءة نصف السطر * ولو قال إن قرأت كلّ سورة من القرآن فعلى أن أتصدق بدرهم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا على جميع القرآن والله أعلم.
{ فصل في مسائل الصلاة }(2/53)
رجل قال لعبده إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة ثمّ تكلم لا يعتق ولو صلى ركعتين ثمّ تكلم عتق بالأولى * رجل قال لامرأته إن لم تصل الساعة ركعتين فأنت طالق فقامت وشرعت في الصلاة ثمّ حاضت حنث في يمينه * وكذا لو قال لها إن لم تصومي غداً فأنت طالق فشرعت في الصوم غداً وحاضت حنث لوجود شرط الحنث وهو عدم الصوم والصلاة وهذا كما لو قالت لله علي أن أصوم يوم حيضي لا يصح * رجل حلف أن لا يؤم غداً فشرع في الصلاة ونوى أن لا يؤم أحداً فجاء قوم واقتدوا به حنث قضاء لأنه أمهم وقصده أن لا يؤم أحداً أمر بينه وبين الله تعالى فإن نوى ذلك لا يحنث ديانة وإن أشهد الحالف قبل الشروع في الصلاة أنه يصلي صلاة نفسه ولا يؤم أحداً لا يحنث قضاء ولا ديانة وكذا لو صلى هذا الحالف بالناس الجمعة ونوى أن لا يؤم أحداً فاقتدى به الناس جازت الجمعة استحساناً ولا يحنث ديانة ولو أم الناس في صلاة الجنازة أو في سجدة التلاوة لا يحنث لأن يمينه تنصرف إلى الصلاة المطلقة وهو المكتوبة أو النافلة وصلاة الجنازة ليست بصلاة مطلقة وذكر الناطفي <108> رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يؤم أحداً فصلى ونوى أن لا يؤم أحداً فصلى خلفه رجلان جازت صلاتهما ولا يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد * ولو حلف أن لا يؤم فلاناً لرجل بعينه فصلى ونوى أن يؤم الناس فصلى ذلك الرجل مع الناس خلفه حنث الحالف وإن لم يعلم به لأنه لما نوى أن يؤم الناس فصلى دخل فيه هذا الواحد * رجل قال والله لا أصلي خلف فلان فاقتدى بفلان وقام عن يمينه حنث وإن كانت نيته أن يكون خلفه حقيقة لا يحنث في القضاء * رجل قال لغيره والله لا أصلي معك فصليا خلف إمام حنث الحالف وإن كانت نيته أن يصلي معه ليس معهما غيرهما لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يصلي الظهر مع فلان أو قال خلف فلان فكبر معه ثمّ أحدث فذهب وتوضأن ثمّ عاد بعد ما خرج الإمام من الصلاة فأتم صلاته لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي الظهر مع فلان أو قال خلف فلان فكبر مع فلان ونام في الركعة الأولى حتى فرغ الإمام من تلك الركعة ثمّ انتبه وصلى تما صلاته معه حنث * ولو حلف أن لا يصلي الجمعة مع فلان ثمّ أحدث الإمام فقدم الحالف فصلى بهم الجمعة لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي الظهر بصلاة فلان فدخل معه في الظهر فأحدث الإمام في أول الصلاة أو بعد ما صلى ثلاث ركعات فقدم الحالف فصلى الحالف ما بقي فسلم فقد صلى الظهر بصلاة فلان وهو حانث * وكذا لو أدرك معه منها ركعة وصلى ما بقي فقد صلى بصلاته فيكون حانثاً * رجل حلف أن لا يصلي صلاة فصلى ركعة ثمّ قطعها لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي فصلى ركعة ثمّ قطع حنث * رجل حلف أن لا يصلي الجمعة مع الإمام فسبق بركعة فصلى الركعة الثانية مع الإمام ثمّ قام بعد فراغ الإمام وصلى ما سبق بها لا يحنث وإن أدرك الركعة الأولى حنث وكذا لو افتتح الجمعة مع الإمام ثمّ نام أو أحدث فذهب وتوضأن ثمّ عاد بعد فراغ الإمام وأتم صلاته حنث * ولو قال عبده حر إن أدرك الظهر مع الإمام فأدرك الإمام في التشهد ودخل في صلاته حنث * رجل قال لغيره إن لم أصل الظهر معك اليوم فامرأته طالق فسبق بركعة وصلى معه ثلاث ركعات حنث ويلزمه الطلاق ولو قال إن صليت الظهر اليوم إلا معك والمسألة <109> بحالها لا يحنث وإنم يحنث إذا صلى الكل واحدة والله أعلم
{ فصل في المعرفة والرؤية }(2/54)
رجل حلف أن لا يعرف هذا الرجل وهو يعرفه بوجهه دون اسمه لا يحنث لأن معرفة الرجل لا تكون بدون معرفة الاسم * روي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال لرجل هل تعرف فلاناً قال نعم هل تدري اسمه قال لا قال فإنك لا تعرفه فإن نوى معرفة الوجه فهو على ما نوى * وإن لم يكن لفلان اسم بأن ولد الولد فرأى الجار الولد قبل أن يسمي فحلف الجار أنه لا يعرف الولد فهو حانث لأنه يعرف بوجهه ويعرف بنسبه وليس له اسم فلا يشترط معرفة الاسم * حلف أن لا ينظر وجه فلانة فنظر إليها في النقاب أو رأى عينها من النقاب قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ما لم يكن الأكثر من الوجه مكشوفاً * حلف أن لا ينظر إلى فلان فرآه خلف ستر أو زجاج يستبين وجهه من خلفه حنث * ولو نظر في مرآة أو ماء فرأى وجهه لا يحنث وقد مر هذا في النكاح في حرمة المصاهرة * رجل قال لعبده إن لقيتك فلم أضربك فامرأته كذا فرأى العبد من قدر ميل أو على ظهر بيت لا يصل إليه لا يحنث لأن يمينه مقيدة بموضع الضرب كأنه قال إن لقيتك في موضع يمكنني ضربك فلم أضربك * وهذا كما لو قال إن رأيت فلاناً فلم أعلمك به فعبد حر فرآه مع هذا الرجل لا يحنث لأن يمينه مقيدة بموضع الإعلام فإذا رآه معه لم يكن ذلك موضع الإعلام قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان بينه وبين فلان قدر ميل أو أكثر فلم يلقه * رجل قال إن رأيت فلاناً فامرأته كذا فرآه ميتاً مكفناً قد غطى وجهه حنث والرؤية بعد الموت والرؤية في الحياة سواء ولو حلف أن لا ينظر إلى فلان فنظر إلى رأسه أو يده أو رجله قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن نظر على يده أو رجله فلم يره وإنما الرؤية على الرأس والوجه أو البدن وإن نظر إلى أعلى رأسه فلم يره وإن رآه وهو لا يعرفه فقد رآه * ولو قال إن رأيت إلى يده أو رجله فلم يره وإنما الرؤية على الرأس والوجه أو البدن وإن نظر إلى أعلى رأسه فلم يره وإن رآه وهو لا يعرفه فقد رآه * ولو قال إن رأيت فلاناً فامرأته كذا فرآه مسجى بثوب يستبين منه الرأس والجسد حتى يصفه الثوب حنث وإن نظر إلى ظهره أو أكثر بدنه حنث * وكذا لو نظر إلى مقدّمه فرأى الصدر والبطن فقد نظر * وكذا لو رأى أكثر صدره وبطنه فقد رآه لأن ذلك أكثر البدن * وإن كان رأى شيئاً قليلاً منه <110> يكون أقل من النصف فلم يره * ولو كانت اليمين على رؤية امرأة فرآها متقنعة أن متنقبة حنث إلا أن يعني رؤية وجهها فيدين فيما بينه وبين الله تعالى * رجل قال إن لم أكن رأيت فلاناً على حرام فامرأته كذا فرآه قد خلا بأجنبية قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً لأن ذلك ليس بحرام بل هو مكروه وكذا لو حلف أن لا ينظر إلى حرام فنظر إلى وجه أجنبية لا يحنث * رجل قال لا أنظر إلى وجهي اليوم أو إلى رأسي فنظر في المرأة أو في الماء قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً فإن كانت نيته غير ذلك يدين فيما بينه وبين الله تعالى * ولو قال لا أنظر على رأسي اليوم فنظر في الشمس فإن كانت نيته ذلك دين فيما بينه وبين الله تعالى والله أعلم بالصواب.
{ فصل في اليمين على الشتم والقذف }(2/55)
امرأة كانت تشتم زوجها فقال الزوج إن شتمتني فأنت طالق ثمّ قالت المرأة لولدها الصغير منه أي بلابه بجه قالوا إن قالت ذلك لشيء كرهته من الولد لا تطلق وإن قالت لشيء كرهته من الزوج حنث لأنها شتمت زوجها * رجل قال لامرأته إن شتمت أمي أو ذكرتها بسوء فأنت طالق ثمّ قال لها كانت أمك سلام عليك قالت لا بل أمك قالوا إن كانت اليمين في موضع يسمون السائل سلام عليك حنث لأنه صار كأنها قالت أمك متكدية وإن كان ذلك في موضع لا يعرفون هذا اللفظ شتماً ولا ذكراً بسوء لا يحنث وفي ديارنا لا يعدّون ذلك شتماً * رجل جرت المشاجرة بينه وبين امرأته بسبب أخته فقال لها إن سببت أختي بي يدي فأنت طالق فدخل الزوج عليهما فوجد امرأته تشاجر مع أخته وسبتها فسمع الزوج أنها سبت أخته والمرأة ترى زوجها طلقت لأنها سبت أخته بين يديه * رجل حلف أن لا يقذف فلاناً فقال له يا ابن الزانية حنث في يمينه هو المختار في الفتوى لأن في زماننا وديارنا يعد هذا قذفاً له * ولو حلف أن لا يقذف أو لا يشتم أحداً فشتم ميتاً أو قذف ميتاً حنث * رجل قال لعبد إن شتمتك فأنت حر ثمّ قال لعبده لا بارك الله فيك لا يعتق لأن هذا دعاء عليه وليس بشبم * رجل قال لامرأته إن شتمتني فأنت طاق وإن لعنتني فأنت طالق فلعنته يقع واحدة لأن الزوج ميز بين اللعن وبين الشتم <111> فكان أحدهما غير الآخر في زعمه ولو قال لامرأته إن شتمتني فأنت طالق فلغنته قالوا طلقت * رجل قال لامرأته إن لم أصفك عند أخيك غداً بكل قبيح في الدنيا فأنت كذا قالوا إذا ذكر ثلاثة من أنواع القبيح والفواحش عند أخيها بر لأنه لا يراد بهذا جميع الأفعال القبيحة لأن ذلك لا يتصور وغنما يقع على أقل الجمع وذلك ثلاثة فغن ذكر ثلاثة منها بر وكان عليه التوبة والاستغفار إن كان كاذباً قيماً قال وإن لم يذكر شيئاً حنث * رجل شاجر مع أخيه وأخته فقال لهما بالفارسية اكرمن شمارا بكون خراندرنكم تكلموا فيه والصحيح أنه يراد بهذا القهر والغلبة فلا يحنث حتى يموتا أو يموت الحالف وقد مر هذا في الطلاق والله أعلم.
{ فصل في الضرب والقتل ونحو ذلك }(2/56)
*رجل حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه المأمور حنث * وكذا لو حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه المأمور بر الحالف * فإن نوى الحالف أن لا يلي ذلك بنفسه دين في القضاء ولا يحنث وإن حلف على حر لا يضربه فأمر غيره فضربه المأمور لا يحنث إلا أن يكون الحالف قاضياً أو سلطاناً لأن القاضي يميك ضرب الأحرار حداً وتعزيراً فصح أمره وصار فعل المأمور كفعله والأب في حق الولد ينبغي أي يكون بمنزلة القاضي لأنه يميك ضرب الولد تأديباً * رجل حلف أن لا يضرب امرأته فقرصها أو عضها أو خنقها أو مد شعرها حنث في يمينه قالوا هذا إن لم يكن في الملاعبة فإن كان في الملاعبة لا لا يحنث وهو الصحيح * وكذا لو أصاب رأسه رأسها في الملاعبة فأدماها لا يحنث * قيل هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية لا يحنث في جميع ذلك والصحيح أنه يكون حانثاً إذا كان على وجه الغضب فإن نتف شعرها تكلموا فيه والصحيح أنه يكون حانثاً إذا كان في الغضب وإن تعمد غيرها فأصابها لا يحنث * وكذا لو نفض الثوب فأصاب وجهها فأوجعها لا يحنث * وإن رماها بحجر أو نشابة أو نحوها ذكر في النوادر أنه لا يحنث لأن ذلك رمي وليس بضرب وإن دفعها ولم يوجعها لا يحنث * رجل قال لامرأته إن لم أضربك حتى أتركك لا حية ولا ميتتة قال أبو يوسف رحمه الله <112> تعالى هذا إذا كان يضربها ضرباً موجعاً شديداً فإذا فعل ذلك بر في يمينه * رجل حلف ليضربن عبده بالسياط حتى يموت أو حتى يقتله فهو على المبالغة في الضرب * ولو قال حتى يبول أو يغشى عليه أو حتى يبكي أو حتى يستغيث فهو على الأمرين * ولو قال إن لم أضربك بالسيف حتى تموت فهو على أن يضربه بالسيف ويموت ولو حلف ليضربن فلاناً بالسيف ولم ينو شيئاً فضربه بعرضه بر في يمينه وإن نوى الضرب بحده لا يبر ما لم يضربه بحده وإن لم يكن له نية فضربه بالسيف في غمده لا يبر كما لو حلف ليضربن فلاناً بالسوط فلف السوط في ثوب وضربه فإنه لا يكون ضرباً بالسوط * ولو حلف ليضربن فلاناً بالسيف فضربه بالسيف في غمده فقطع السيف غمده وخرج حده وجرح المضروب بر في يمينه * ولو قال إن ضربت فلاناً فعيدي حر فضربه بعد الموت لا يحنث * رجل قال لعبده إن لم أضربك مائة سوط فأنت حر فمات العبد قبل الضرب مات حراً * رجل ضرب رجلاً بمقبض فأس على رأسه ثمّ حلف أنه لم يضربه بالفأس لا يحنث * ولو حلف أن لا يضرب فلاناً بنصل هذا السهم أو السكين أو نرج هذا الرمح فنزع ذلك النصل وبدل غيره وضربه لا يحنث * رجل قال لامرأته إن لم أضرب ولدك اليوم على الأرض حتى ينشق بنصفين فأنت طالق فضربه على الأرض ولم ينشق فمضى اليوم طلقت امرأته وجعل هذا بمنزلة ما لو قال إن لم أضربك حتى بتول فإنه يكون على الأمرين * رجل قال لغيره إن مت فلمس أضربك فكل مملوك لي حر فمات ولم يضربه لم يعتقوا * ولو قال إن لم أضربك فمات قبل الضرب حنث الحالف في آخر جزء من أجزاء حياته * ولو قال لعبده إن لم أضربك حتى أموت أو فيما بيني وبين أن أموت فأنت حر فلم يضربه حتى مات لا يعتق العبد * رجل أراد أن يضرب ولده فحلف أن لا يمنعه أحد عن ضربه فمنعه إنسان بعد ما ضربه خشبة أو خشبتين وهو يريد أن يضربه أكثر من ذلك قالوا حنث في يمينه لأن مراده أن لا يمنعه أحد حتى يضربه إلى أن يطيب قلبه فإذا منع عن ذلك حنث في يمينه * رجل قال لامرأته إن وضعت يدي على جاريتي فهي حرة فضربها قبل أن <113> كانت اليمين لأجل غير المرأة لا يحنث لأن مراده من وضع اليد على الجارية في هذه الحالة وضع اليد على وجه تتضرر به المرأة ويغيظها وهي لا تتضرر بضرب الجارية * رجل قال لغيره إن ضربتني ولم أضربك فهذا على أن يضرب الحالف قبل المحلوف عليه فإن نوى بعده فهو على الفور * رجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثاً أو والله لأضربن هذا الخادم في اليوم فضرب الخادم في اليوم بر في يمينه وبطل الطلاق * رجل قال إن كنت ضربت فلاناً هذين السوطين إلا في دار فلان فعبدي حر فضربه أحد السوطين في دار فلان والآخر في غير دار فلان لا يحنث ولو قال إن لم أكن ضربته هذين السوطين في دار فلان فعبدي حر والمسألة بحالها حنث * رجل حلف ليضربن غلامه في كل حق وباطل ولم ينو شيئاً فهو على أن يضربه مراراً كثيرة * ولو حلف ليقتلن فلاناً ألف مرة فهو أشد القتل * رجل قال لامرأته إن لم أضربك اليوم فأنت طالق وأراد أن يضربها فقالت المرأة إن مسّ عضوك عضوي فعبدي حر قال الحيلة في ذلك أن تبيع المرأة عبدها ممن يثق به ثم يضربها الزوج ضرباً خفيفاً في اليوم فيبر الزوج ويبخل يمين المرأة إلى جزاء ثم تشتري عبدها فلا يعتق العبد ولو ضربها الزوج بخشبة من غير أن يضع يده عليها ولم تبع المرأة العبد لا يعتق العبد لأنه لم يمس عضوه عضوها وإنما تحتاج المرأة على هذه الحيلة إذا قالت المرأة إن ضربتني فعبدي حر * رجل قال لامرأته كلما ضربتك فأنت طالق فضربها بكفه فوقعت الأصابع متفرقة طلقت واحدة لأن الضرب حصل بالكف(2/57)
فلم يتكرر الضرب حصل بالكف فلم يتكرر الضرب وإن ضربها بيديه جميعاً طلقت ثنتين وقد مرت المسألة في كتاب الطلاق * رجل حلف بالله أن يضرب بنته عشرين سوطاً ليس له أن يكفر يمينه ولا يضرب إلا أن يعجز عن الضرب بموته أو بموتها ولكنه يضربها بشمراخ وإن حلف أن يضرب عبده عدداً من السياط فضربه بسوط <114> له شعبتان جاز إذا وقعت متفرقة وإن كان فوق الثياب وخفف إذا أولم * رجل حلف ليضربن فلاناً اليوم وفلان ميت إن علم بموته لا يحنث وإن لم يعلم فكذلك ولو كان حياً وقت الحلف ثم مات لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويحنث في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى * رجل حلف أن لا يقتل فلاناً بالكوفة فضربه بالسواد ومات بالكوفة حنث ويعتبر فيه مكان الموت وزمانه لا مكان الجرح وزمانه * رجل ضرب إنساناً ضرباً وجيعاً فقال المضروب اكرمن سزاي وى نكنم فامرأته كذا فمضى زمان ولم يجازه قالوا هذا لا يقع على المجازاة الشرعية من القصاص أو الأرش أو التعزير أو نحوه وغنما يقع على الإساءة بأي وجه يكون فإن نوى الفور فهو على الفور وإن لم ينو ذلك يكون مطاقاً * رجل أساء إليه رجل فقال اكر بيش م اباوي نرود فامرأته كذا قالوا هذا اللفظ يقع على المخالطة والموافقة بعد اليمين * رجل حلف أن لا يعذب فلاناً فحبسه لا يحنث غلا أن ينوي ذلك ولو قال إن لم أحبس فلاناً جائعاً فامرأته كذا فحبسه فأشبعه غيره في السجن لا يحنث * رجل قال لامرأته إن تركتني أدخل دارك فلم أشتر لك حلياً فأنت طالق فتركته حتى دخل دارها ذكر الناطفي رحمه الله تعالى إن اشترى لها الحلي على الفور لا يحنث وإلا يحنث قال مولانا رضي الله عنه هذا قول محمد رحمه الله تعالى أما على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يعتبر الفور وإنما جعل هذه المسألة على الاختلاف قياساً على المسألتين ذكرهما في النوادر إحداهما إذا قال لغيره عن ركبت دابتك فلم أعطك دابتي حر روى ابن سماعة رحمه الله تعالى عن محمد رحمه الله تعالى أنه عن ركب دابته ينبغي أن يعطي دابة نفسه ساعتئذ وإلا يعتق عبده لأن حرف الفاء للتعقيب بلا فصل والثانية رجل قال لأمته إذا استبان حملك فلم أعتقك فامرأتي طالق روى هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الاستبانة تكون بالولادة ثم اليمين في العتق إلى الموت فلا يكون على الفور قال مولانا رضي الله عنه إنما ذكرنا هذا الخلاف ليعرف الجواب عن جنس هذه المسائل وإن لم تكن هذه المسألة من جنس ما تقدم <115> والله أعلم بالصواب
{ كتاب البيوع }
البيوع أنواع بيع الدين وهو السلم والاستصناع وبيع العين وبيع المنفعة وبيع الثمن بالثمن وهو الصرف.
{ باب السلم }
هذا الباب يشتمل على فصلين أحدهما في بيان ما ينعقد به السلم وفيه بعض شرائط السلم والثاني ما يجوز فيه السلم وما لا يجوز أما الأول السلم ينعقد بلفظ البيع والشراء عند استجماع شرائط السلم ولهذا لو باع عبداً بثوب موصوف في الذمة على أجل جاز ويكن ذلك بيعاً في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس بخلاف ما لو أسلم الدراهم في ثوب فغنه يشترط قبض الدراهم في المجلس وإنما يظهر أحكام السلم في الثوب حتى يشترط فيه الاجل ولا يجوز بيع الثوب قبل قبضه والأجل شرط لجواز السلم عندنا وأدناه شهر هو المختار ولا يبطل الأجل بموت رب السلم ويبطل الأجل بموت رب السلم ويبطل بموت السلم إليه حتى يؤخذ السلم من تركته حالاً ومن شرائط السلم أن يكون موجوداً من وقت العقد إلى وقت محل الأجل بلا انقطاع في البين والانقطاع أن لا يوجد في السوق الذي يباع فيه في ذلك المصر ولا يعتبر الوجود في البيوت ولو استصنع فيما فيه تعامل كالخف ونحوه وضرب لذلك أجلاً يصير سلماً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى يشترط فيه شرائط السلم من بيان مكان الإيفاء ونحوه وغن استصنع فيما لا تعامل فيه كالثياب وضرب لذلك أجلاً قال بعضهم هو على الخلاف أيضاً وقال بعضهم ينقلب سلماً جائزاً عند الكل إذا استجمع شرائط السلم وهذا دليل على أن انعقاد السلم لا يختص بلفظ السلم وإن أسلم في غير المنقطع ثم انقطع بعد حلول الأجل يخير رب السلم إن شاء فسخ السلم وأخذ رأس المار وإن شاء انتظر حتى يجيء أوانه وإن أسلم في حنطة وقال في بيان وصفها بالفارسية كندم نيك أو قال كندم نيكو أو قال كندم سره جاز هو الصحيح لأن هذه الألفاظ قريب بعضها من بعض ومعنى الكل الجيد
فصل فيما يجوز فيه السلم وما لا يجوز(2/58)
يجوز السلم في المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة ولا يجوز فيما لا مثل له كالحيوانات والعدديات المتفاوتة إلا الثياب خاصة والمكيل ما يدخل تحت الكيل <116> وأدناه نصف صاع أو الصاع أربعة أمناء حتى لو باع حفنة من الحنظة بحفنتين منها جاز عندنا ولو باع عشرة أمناء من الحنطة بعشرة أمناء منها لا يجوز * وكذا لو باع الوزن بجنسه مكياله لا يجوز غلا في رواية شاذة عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ولو باع الحنطة بالدراهم موازنة جاز ولو باع مداً من الحنطة بمدين منها لا يجوز لوجود الجنس والقدر في أحد العوضين ولو اسلم في الحنطة وزناً روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز وروى الطحاوي عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه يجوز وعليه الفتوى لتعامل الناس * ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا أسلم في الحنطة وقال في نفخة كذا منا لا يجوز ولو قال كذا منا من الحنطة جاز ولو أسلم في الفلوس عدداً جاز في ظاهر الرواية ويجوز السلم في الخبز وزناً هو المختار ولا يجوز سلم الحنطة في الخبز والدقيق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويجوز السلم في الكاغد عدداً وكذلك قرضة لأنه عددي متقارب ويجوز السلم في الإلية والشحم عند الكل ولو أسلم قطناً هروياً في ثوب هروي جاز لأن الثوب لا يجانس القطن * لو أسلم شعراً في مسح من الشعر إن كان المسح بحيث لو نقض لا يعود شعراً جاز وإن كان يعود لا يجوز ولو أسلم فلوساً في صفر أو سيفاً في حديد أو قصباً في بواري لا يجوز بخلاف القطن مع الثوب ويجوز السلم في الباذنجان عدداً لأنه عددي متقارب وكذا الكمثرى المشمش ذكره الزندويسي رحمه الله تعالى ويجوز في البيض وفي الجوز عدداً وكيلاً * رجل دفع الدراهم على خباز ليأخذ منه الخبز ينبغي له أن يقول كلم أخذ الخبز هذا علي ما قاطعتك عليه ولو دفع الدراهم على خباز وقال اشتريت بهذه الدراهم مائة من الخبز وجعل يأخذ منه كل يوم خمسة أمناء فالبيع فاسد وما أكل فهو مكروه لأنه أكل بعقد فاسد ولو أعطاه دراهم وجعل يأخذ منه كل يوم خمسة أمناء بدرهم ولم يقل في الابتداء اشتريت منك جاز وهو حلال وإن كانت نيته وقت الدفع الشراء لأن بمجرد النية لا ينعقد البيع وإنما ينعقد عند الأخذ وعن الأخذ المبيع معلوم وثمنه معلوم وإذا أسلم في الماء وزناً وبين <117> المشارع جاز وإذا جاز في الماء جاز في الجمد أيضاً * ويجوز السلم في اللبن والآجر إذا ذكر عدداً معلوماً وملبناً معلوماً * وكذا السلم في الثياب بعد بيان الطول والعرض بالذرعان المعلومة كرباساً كان أو حريراً ولا يشترط ذكر الوزن في الكرباس واختلفوا في الحرير والصحيح أنه يشترط ولو أسلم في ثوب الخز وبين الطول والعرض والرقعة ولم يذكر الوزن جاز وإن ذكر الوزن ولم يذكر الطول والعرض والرقعة لا يجوز وروي أنه إذا بين الطول والعرض والرقعة ولم يذكر الوزن لا يجوز أيضاً لأنه يباع وزناً * ولو باع ثوب خز بثوب خزي يداً بيد لا يجوز لأنه لا يباع إلا وزناً وإذا أسلم في اللبن كيلاً أو وزناً جاز لأنه ليس بمكيل ولا موزون نصاً فيجوز كيفما كان * إذا أسلم الدراهم في حنطة والدراهم لم تكن عنده فدخل بيته وأخرج الدراهم فإن توارى عن عين المسلم إليه عند دخول البيت بطل السلم وغلا فلا لأن المفسد افتراقهما قبل القبض والافتراق إنما يقع إذا توارى كل واحد منهما عن عين صاحبه * المتعاقدان عقد السلم أو المتصارفان إذا سارا ميلاً أو أكثر قبل القبض جاز ما لم يفترقا * ولو ناماً أو نام أحدهما إن كانا جالسين لم يكن ذلك فرقة لتعذر الاحتراز عنه وإن كانا مضطجعين فهو فرقة * رجل له على رجل عشرة دراهم فأسلم إلى المديون الدراهم التي له عليه وعشرة دنانير في كر حنطة فسد السلم في كل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو أسلم العشرة التي له عليه وعشرة أخرى من غير جنسها ولو كانت من جنسها جاز في حصة النقد في قولهم * رب السلم إذا وهب المسلم فيه من المسلم إليه كانت إقالة للسلم ويلزمه رد رأس المال وكذا لو أبرأ المسلم إليه عن نصف السلم وقبل المسلم غليه تكلموا فيه قال أبو نصر رحمه الله تعالى بطل السلم في النصف وبقي في النصف كما لو اشترى شيئاً فوهب نصفه من البائع قبل القبض وقبل البائع كان ذلك إقالة في النصف بنصف الثمن * رجل أسلم في شيء وقبض المسلم فيه فوجد به عيباً كان عند المسلم غليه وحدث به عيب عند رب السلم بآفة سماوية أو بفعل أجنبي قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى خير المسلم إليه إن شاء قبله معيباً بالعيب الحادث ويعود السلم وإن <118> شاء لم يقبل ولا شيء عليه لا من رأس المال ولا من نقصان العيب * ويجوز السلم في الدقيق كيلاً ووزناً وكذلك قرضه ذكره الشيخ الإمام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى * أما بيع الدقيق بالدقيق كيلاً ذكر في النوادر أنه يجوز إذا تساويا وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إنما يجوز إذا(2/59)
كانا مكبوسين * ويجوز إسلام الخبز في الحنطة والدقيق في قولهم وأما إقراض الخبز وزناً يجوز في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وعليه الفتوى أما إقراض اللحم عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز كما يجوز السلم عندهما وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان وذكر في المنتقى أنه يجوز قرض اللحم ولم يذكر فيه خلافاً وإذا أتلف لحم إنسان يضمن قيمته هو الصحيح وإذا اشترى شيئاً بلحم في الذمة ذكر في الإجارات أنه إذا استأجر شيئاً بلحم في الذمة جاز وما يصلح أجرة في الإجارات يصلح ثمناً في البياعات * ولا يجوز السلم في الرؤوس والأكارع كما لا يجوز في اللحم وكذلك في الأواني المتخذة من الزجاج لأنها عددية متفاوتة * ويجوز في الطابق إذا بين نوعاً معلوماً وفي الأواني المتخذة من الخزف إن بين نوعاً يصير معلوماً عند الناس يجوز ولا يجوز في البطيخ والرمان والسفرجل لأنه عددي متفاوت * ولا يجوز في جلود الحيوان ويجوز في المسوح والبسط والأكسية والجوالق والأقبية وما كان من جنس الثياب ولا يجوز في الدراهم والدنانير ولا يجوز إسلام الحنطة في الدراهم المؤجلة عندنا * وإذا لم يصح سلماً قال عيسى رحمه الله تعالى يبطل العقد أصلاً وقال أبو بكر الأعمش ينقلب بيعاً للحنطة بالدراهم المؤجلة حتى لا يشترط قبض الحنطة في المجلس ويبطل العقد بهلاك الحنطة واستحقاقها قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح ما قال عيسى لأن العقد المضاف إلى محل لا يصح في محل آخر والمبيع في السلم هو المسلم فيه وفي بيع العين المبيع هو العين فلا يصح قال رحمه الله تعالى فعلى هذا إذا أضاف الزوج الخلف إلى نفسه لا يصح وما ذكر في النوادر فذاك قول أبي بكر رحمه الله تعالى يبطل السلم باستحقاق المقبوض بعقد السلم ويرجع على <119> ولا يجوز الاستبدال بالمسلم فيه ولا عن رأس المال ولو أعطاه السلم جيداً مكان الرديء يجبر رب السلم على القبول عندنا وإن أعطاه رديئاً مكان الجيد لا يجبر * ولو كان السلم ثوباً جيداً فجاء بثوب رديء وقال خذ هذا وأورد عليك درهماً فهذه ثمان مسائل أربعة في المذروعات وأربعة في المكيلات والموزونات أما المذروعات إذا كان السلم ثوباً فجاءه المسلم إليه بأزيد وصفاً أو ذرعاً وقال خذه هذا وزدني درهما جاز ويكون زيادة الدرهم بمقابلة الجودة والذرع الزائد * ولو جاء بثوب رديء أو بما هو أنقص ذرعاً فقال خذ هذا وأورد عليك درهما ففعل لا يجوز لأنه أقال في الصفة والإقالة لا تصح فيما له حصة من راس المال ورأس المال لا يقابل الصفة والذرع في المذروعات صفة * ولو أعطاه الرديء وقال خذ هذا ولم يقل وأورد عليك درهماً فقبل جاز ويكون ذلك إبراء عن الصفة ولو أبرأه عن المسلم فيه جاز ولا يكون إقالة فكذا إذا أبرأه عن الصفة وإن كان المسلم فيه من المكيلات أو الموزونات بأن أسلم عشرة دراهم في عشرة أقفزة من الحنطة فأتى بحنطة جيدة وقال خذ هذا وزنى درهماً لا يجوز لأنه جعل الدرهم بمقابلة الجودة والجودة في الأموال الربوية عند المقابلة بجنسها لا قيمة لها * ولو جاء بأحد عشر قفيزاً وقال خذ هذا وزدني درهماً أو جاء بتسعة أقفزة وقال خذ هذا وأرد عليك درهماً فقبل جاز ويكون ذلك إقالة السلم في قفيز واحد وإقالة السلم كما تجوز في الكل تجوز في البعض * ولو جاء بعشرة أقفزة رديئة وقال خذ هذه وأرد عليك درهماً لا يجوز لأنه إقالة في الصفة * وعن أبي يوسف <120> رحمه الله تعالى أنه يجوز في الفصول كلها * ولو أسلم إلى رجل ديناً له عليه وافترقا قبل النقد لا يجوز وإن نقد قبل الافتراق وإن صالح عن السلم على رأس المال يكون إقالة السلم وإن جاء المسلم إليه إلى رب السلم وخلى بينه وبين السلم به يصير قابضاً بالتخلية كما في دين آخر * ولو قال رب السلم كل مالي عليك في غرائرك أو قال كله واعزله في بيتك ففعل لا يصير رب السلم قابضاً ولو دفع إليه غرائره وقال كل مالي عليك في غرائري ففعل ورب السلم غائب لا يصير قابضاً ولو اشترى طعاماً بعينه على أنه كر ودفع الغرائر إلى البائع وقال كله فيها يصير قابضاً * ولو دفع رب السلم غرائره إلى المسلم إليه وفيها طعامه وقال كل مالي عليك في الغرائر ففعل ورب السلم غائب اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه يصير قابضاَ * ولو أمر رب السلم المسلم غليه ليطحن له الحنطة ففعل كان الدقيق للمسلم إليه * ولو أمر رب السلم غلام المسلم إليه أو ابنه يقبض السلم ففعل كان جائزاً * رجل استقرض من رجل كراً من طعام وقبضه ثم إن المقرض باع من المستقرض ما عليه والقرض قائم في يده جاز في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز * ولو باع المستقرض الكر المقبوض جاز بالإجماع * ولو كان القرض شيئاً لا يتعين كالدراهم والدنانير فباع المقرض من المستقرض ما في ذمته جاز * ولو استقرض من إنسان كراً ثم قضاه المقرض كراً بغير كيل جاز للمقرض أن يتصرف فيه قبل الكيل * ولو اشترى كراً وقبضه لا(2/60)
يجوز له أن يتصرف فيه حتى يكيله * رجل استقرض من رجل عبداً أو حيواناً آخر ليقضي به دينه فقبضه وقضى به دينه كان عليه قيمته لأن قرض الحيوان فاسد والقرض الفاسد مضمون بالقيمة كالمبيع بيعاً فاسداً ولا يجوز السلم في الطيور ولا في لحومها وإن كان شيئاً لا يتفاوت كالعصفور * رجل أسلم في طعام قرية بعينها أو مصر بعينه كان فاسداً وإن أسلم في طعام ولا ية نحو خراسان وما وراء النهر كان جائزاً * وغذا أسلم في شيء وأخذ بالسلم كفيلاً ثم صالح الكفيل رب السلم على رأس المال يتوقف ذلك على إجازة المسلم إليه <121> كانت الكفالة بأمره أو بغير أمره إن أجاز الصلح جاز الصلح على رأس المال وإن لم يجز بطل ويبقى السلم على حاله في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * وكذا لو صالح أجنبي رب السلم على ذلك هذا إذا كان رأس المال من النقود فإن كان عيناً كالعبد والثوب ونحوهما يتوقف الصلح على إجازة المسلم إليه في قولهم وإن أقال الكفيل وقبل رب السلم اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هي والصلح سواء وقال بعضهم تتوقف في قولهم * رجلان أسلما إلى رجل في طعام فصالحه أحدهما على رأس المال أي على حصته من رأس المال يتوقف الصلح على إجارة الشريك في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إن أجاز جاز عليهما ويكون المقبوض من رأس المال وما بقي من السلم بينهما وإن رد الشريك بطل الصلح ويبقى السلم * رجل وكل رجلاً بأن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلم الوكيل ودفع الدراهم من مال نفسه جاز ويرجع بالدراهم على الموكل كالوارث إذا قضى دين الميت من مال نفسه كان له أن يرجع في التركة ولهذا الوكيل أن يقبض السلم وإذا قبض كان له أن يحبسه عن الأمر حتى يستوفي الدراهم فإن هلك المقبوض في يده إن هلك قبل أن يحبسه من الموكل يهلك أمانة وغن هلك بعد الحبس قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يهلك هلاك الرهن وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يسقط الدّين قلت قيمة الرهن أو كثرت كما يسقط الثمن بهلاك المبيع قبل القبض وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن هذا قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل وكل وكيلاً بأن يأخذ له عشرة دراهم في كر حنطة ففعل كان العقد للوكيل دون الآمر * الوكيل بالسلم إذا قبض المسلم فيه أدون من المشروط جاز ويكون ضامناً للموكل مثل المشروط كما إذا أبرأه عن السلم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * وكذا لو وهب الوكيل من المسلم إلي السلم قبل القبض أو أقال السلم أو احتال بالسلم أو احتال بالسلم على رجل وأبرأ المسلم إليه جاز ويكون ضامن للموكل مثل السلم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تصح هذه التصرفات من الوكيل وعلى هذا الخلاف <122> الوكيل بالبيع إذا فعل ذلك في الثمن وأجمعوا على أن رب السلم إذا قبض السلم أو الموكل بالبيع إذا قبض الثمن أو أبرأ المشتري عن الثمن أو اشترى بذلك الثمن شيئاً من المشتري أو صالح من الثمن على شيء جاز وأجمعوا على أن الثمن لو كان عيناً فوهبه الوكيل من المشتري قبل القبض لا تصح هبته وعلى أن الثمن لو كان عيناً من النفوذ فقبضه ثمّ وهبه من المشتري لا يصح وما ذكرنا في الثمن فذلك في السلم أيضاً ولو كان للمشتري دين مثل الثمن على الموكل يصير الثمن قصاصاً بدين الموكل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويضمن الوكيل للموكل مثل ذلك وإن كان دين المشتري على الوكيل والموكل جميعاً يصير الثمن قصاصاً بدين الموكل حتى لا يضمن الوكيل شيئاً ولو أحال الوكيل الثمن على رجل عندهما تصح الحوالة كان المحتال عليه مليئاً من المشتري أو دونه * والأب والوصي إذا أجلا أو أبرآ ما هو واجب للصبي بعقدهما يكون على الخلاف وإن لم يكن واجباً بعقدهما لا يصح بالإجماع وكذا إذا قبلا الحوالة على شخص دون المحيل في الملاءة إن وجب بعقدهما فهو على هذا الخلاف وإن لم يكن واجباً بعقدهما لا يصح في قولهم والوكيل بالشراء إذا أقال البيع لا تصح إقالته في قولهم * رجل وكل رجلين أن يسلما له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلم أحدهما لا يجوز وإن أسلما جميعاً ثمّ تارك أحدهما لا يجوز في قولهم وإذا وكل رجلاً بأن يسلم له عشرة دراهم من الدّين الذي له عليه في كر حنطة فأسلم لا يكون السلم للآمر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الوكيل بالسلم إذا أسلم وتحمل الغبن الفاحش لا يجوز لأنه وكيل بالشراء فلا يتحمل منه إلا ما يتغابن فيه الناس * الوكيل بالسلم إذا أسلم إلى نفسه أو مفاوضه أو عبده لا يجوز وإن أسلم على شريك شركة عنان جاز إذا لم يكن ذلك من تجارتها وإن أسلم إلى ولده أو زوجته أو أحد أبويه لا يجوز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى * رجل وكله رجلان كلّ واحد منهما أن يسلم له عشرة دراهم في طعام لكل واحد منهما على حدة فأسلم لهما في عقد جاز وإن(2/61)
خلط الدراهم ثمّ أسلم كان السلم له ويكون ضامناً لهما بالخلطة * رجل <123> دفع إلى رجل دراهم فأمره أن يسلم له في حنطة فأسلم الوكيل إن تصادق الوكيل والموكل أنه نوى السلم للموكل كان السلم للموكل وإن تصادقا أنه نوى السلم لنفسه كان السلم للوكيل ويضمن الدراهم للموكل ولو تكاذب الوكيل والموكل في نيته يحكم النقد وإن تصادقا أنه لم تحضره النية قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحكم النقد وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون القول للوكيل وإن وكل رجلاً بشراء شيء ثمّ تصادقا أنه لم تحضره النية اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هو على الخلاف وقال بعضهم يكون القول للوكيل عند الكل والوكيل بشراء شيء بعينه إذا اشترى ثمّ قال اشتريت ذلك لنفسي وصدقه الموكل كان مشترياً للموكل * رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ليشتري له بها ثوباً قد سماه فأنفق الوكيل على نفسه دراهم الموكل واشترى ثوباً للآمر بدراهم نفسه كان الثوب للمشتري لا للآمر لأن الوكالة تقيدت بتلك الدراهم فتبطل الوكالة بهلاكها * ولو اشترى ثوباً للآمر ونقد الثمن من مال نفسه وأمسك دراهم الآمر كان الثوب للأمر ويطيب دراهم الموكل استحساناً كالوارث أو الوصي إذا قضى دين الميت من مال نفسه * ولو دفع رجل إلى رجل دراهم وأمره بأن ينفها على عيال الآمر فأنفق المأمور دراهم نفسه وأمسك دراهم الموكل فكذلك الجواب ولو أنفق الوكيل دراهم الآمر في حاجته صار ضامناً فإن أنفق من دراهم نفسه على عيال الآمر بعد ذلك ذكر في النوادر أن على قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخرج عن الضمان وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يخرج * الوكيل بالشراء إذا أخذ السلعة على سوم الشراء فأراه الموكل فلم يرض وردها على الوكيل فهلكت عند الوكيل قبل أن يردها على البائع ضمن الوكيل قيمة السلعة للبائع ولا يرجع بها على الموكل إذا لم يكن الموكل أمره بالأخذ على سوم الشراء والأمر بالشراء لا يكون أمراً بالأخذ على سوم الشراء فإن كان الآمر أمره بالأخذ على سوم الشراء فهلكت عند الوكيل كان للوكيل أن يرجع بها على الموكل * رجل أمر تلميذه أن يبيع الأمتعة ويدفع الثمن إلى فلان فباع وأمسك الثمن حتى هلك لا يضمن بتأخير الأداء * رجل دفع إلى رجل عشرين درهماً <124> ليشتري له بها أضحية فاشترى بخمسة وعشرين لا يلزم الآمر وإن اشترى بتسعة عشر ما يساوي عشرين لزم الآمر وإن كانت لا تساوي لا تلزم * رجل قال لآخر اشتر لي هذا الثوب بعشرة دراهم فاشترى له بأحد عشر وأخبر الآمر بذلك فقال له الآمر خذ درهماً آخر ودفع إليه الدراهم وأخذ الثوب فافترقا كان الثوب للآمر ويتعقد البيع بينهما بالتعاطي * رجل في يده ثوب فقال وكلني فلان ببيعه وأن لا أنقص من عشرة دراهم فطلب منه إنسان بتسعة واشتراه فإن وقع في قلب المشتري أن الوكيل إنما قال ذلك ليروجه بعشرة وسع المشتري أن يشتريه بتسعة لأن الوكيل فعل ما هو معتاد عند الناس فإذا وقع في قلبه ذلك وسعه أن يشتري وإن لم يقع لا يسعه * رجل وكل رجلاً بأن يشتري له عبد فلان بألف درهم فقطعت يد العبد ثم اشتراه لا يجوز * ولو وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبداً قد قطعت يده جاز على الآمر لأن في الوجه الأول لما أشار إلى عبد سليم تقيدت الوكالة بصفة السلامة وفي الوجه الثاني الوكالة مطلقة فجاز شراؤه على الآمر إذا اشتراه بمثل قيمته * رجل باع عبده ثم أمر إنساناً بأن يشتري له عبداً فاشترى الوكيل ذلك العبد لا يجوز على الآمر * رجل أمر غيره ببيع أرض فيها أشجار أو بناء فباع المأمور الأرض ببنائها وأشجارها ثم اختلفا فقال الموكل كنت نهيته عند التوكيل عن بيع الأشجار والبناء وأنكر الوكيل كان القو قوله لأنه أنكر التوكيل ببيع الأشجار ويأخذ المشتري الأرض بحصتها من الثمن إن شاء ولا يفسد البيع ومسائل الوكالة تأتي في كتابها إن شاء الله تعالى * المسلم إليه إذا وجد رأس المال ستوقة أو رصاصاً إن كان ذلك قبل الافتراق واستبدل مكانها جاز وإن كان بعد الافتراق فسد السلم وإن استحق رأس المال فأجاز المستحق قبل الافتراق أو بعده جاز وإن لم يجز أخذ دراهمه إن كان قبل الافتراق واستبدل جاز وإن كان بعد الافتراق لم يجز وإن وجدها زيوفاً وتجوّز بها جاز قبل الافتراق وبعده وإن ردها واستبدل مكانها إن كان قبل الافتراق جاز وإن استبدل بعد الافتراق فكذلك في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قل المردود أو كثر وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يبطل السلم بقدر المردود قل أو كثر <125> وقال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان المردود قليلاً لا يبطل وغن كان كثيراً يبطل بقدر المردود وما دون النصف قليل وما فوقه كثير وعنه في النصف روايتان وإن جاء المسلم إليه بزيوف وأنكر رب السلم أن يكون الزيوف من دراهمه فالقول قول المسلم إليه مع يمينه إلا أن يكون قبض وأقرأنه قبض راس ماله أو أقرأنه قبض حقه أو أقرأنه استوفى رأس(2/62)
المال فحينئذ لا يقبل قول المسلم إليه * ولو أقر بقبض الدراهم ثمّ ادعى أنه وجدها زيوفاً قبل قوله وإن ادعى أنها ستوقة لا يقبل وإن قبض ولم يقر بشيء ثمّ ادعى أنها ستوقة قبل قوله * ولو وجد بعض المقبوض ستوقة فقال رب السلم هي دراهمي لكنها هي ثلث رأس المال ولي عليك ثلث السلم وقال المسلم إليه هي نصف رأس المال وعليّ نصف السلم كان القول قول المسلم إليه وإن وجد بعض رأس المال زيوفاً بعد الافتراق فردها ثمّ اختلفا في قدر المردود على هذا الوجه كان القول قول رب السلم كما لو اشترى حنطة بعينها بدراهم وقبضها ثمّ وجد بالحنطة عيباً وأراد استرداد الثمن واختلفا في قدر المردود كان القول قول بائع الحنطة * رجل أسلم في حنطة جيدة فجاء المسلم إليه بحنطة وقال هي جيدة وقال رب السلم هي رديئة فإن القاضي يريها رجلين يعرفان ذلك فإن قالا هي جيدة يعمل بقولهما عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل دفع غليه رجل درهمين وآخر درهماً وديعة فاختلطت الدراهم ثمّ وجد منها درهماً زائفاً وكل واحد منهما ينكر أن يكون الزائف درهمه قال أبو أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقسم الدرهم الزائف بينهما أثلاثاً والباقي بينهما أثلاثاً * رجل عليه عشرة دراهم فأوفاه اثني عشر غلطاً قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى تكون الزيادة أمانة عند القابض إن هلكت لا يجب عليه شيء وما بقي يكون بينهما خمسة أسداسها للقابض وسدسها للدافع * رب السلم والمسلم غليه إذا اختلفا في قدر رأس المال أو جنسه أو وصفه أو اختلفا في جنس لمسلم فيه أو قدره أو صفته أو ذرعان ثوب السلم فإنهما يتحالفان وإن اختلفا في مكان الإيفاء قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المسلم إليه ولا يتحالفان وقال <126> صاحباه رحمهما الله تعالى يتحالفان وقيل الخلاف على العكس والأول أصح * ولو اختلفا في أصل الأجل فادّعى أحدهما شرط الأجل والآخر ينكر قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أيهما ادّعى الأجل فالقول قوله والعقد صحيح وقال صاحباه رحمهما الله تعالى عن كان المسلم إليه يدعى الأجل ورب السلم ينكر كان القول قول رب السلم والعقد فاسد وإن اتفقا على شرط الأجار واختلف في قدره كان القول قول رب السلم مع يمينه والينة بينة المسلم إليه وإن اتفقا على قدر الأجل واختلفا في مضيه كان القول قول المسلم إليه والبينة بينته أيضاً * إذا شرط الإيفاء في السلم في مصر كذا جاز ويكون للمسلم إليه أن يوفي أيّ محلة شاء * وإن اختلفا فقال رب السلم شرطت عليك الإيفاء في محلة كذا وقال المسلم إليه بلى لكن أدفع إليك في محلة كذا يجبر رب السلم على القبول * وكذلك لو شرط الإيفاء في منزل رب السلم جاز السلم وإذا أسلم المسلم إليه في محلة أخرى يجبر رب السلم على القبول * ولو اشترى وقر حطب كان على البائع أن يأتي به إلى منزل المشتري عرفاً حتى لو هلك في الطريق يهلك على البائع كما لو استأجر دابة إلى مصر كذا فدخل المصر كان له أن يبلغ عليها إلى منزله استحساناً ولو اشترى وقر حطب على أن يوفيه في منزله جاز استحساناً وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى * ولو اشترى وقر حطب على أن يحمل البائع إلى منزل المشتري يفسد البيع * رجل اشترى شيئاً على أن يوفيه الثمن في بلد كذا إن كان الثمن مؤجلاً جاز وإذا حل الأجل إن كان الثمن شيئاً له حمل ومؤنة كان عليه الإيفاء في المكان المشروط وفيما لا حمل له ولا مؤنة لصاحب الدّين أن يطالبه في أي مكان شاء وإن لم يكن الثمن مؤجلاً أو كان الأجل مجهولاً يصح البيع كان له حمل ومؤنة أو لم يكن * وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم يكن له حمل ومؤنة جاز استحساناً وله أن يطالب حيث شاء.
كتاب البيع(2/63)
*البيع لا ينعقد إلا بلفظين ينبئان عن التمليك والتملك على صيغة الماضي أو الحال نحو أن يقول البائع بعت منك هذا بكذا أو يقول أبيعك هذا بكذا ويقول المشتري اشتريت أو قبلت أو رضيت أو أجزت <127> * ولا ينعقد بلفظة الأمر بأن قال المشتري بعني هذا الثوب بكذا فيقول بعت أو يقول البائع اشتر مني هذا العبد بكذا فيقول اشتريت وكما لا ينعقد بلفظة الأمر لا ينعقد لا ينعقد بلفظة الاستقبال نحو أن يقول البائع سأبيعك هذا العبد بكذا فيقول المشتري اشتريت وقد يكون البيع بالأخذ والعطاء من غير لفظ البيع ويسمى هذا البيع التعاطي واختلف المشايخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه قال بعضهم هذا البيع يختص بالأشياء الخسيسة كالبقل واللحم والخبز والحطب وقال بعضهم ينعقد في الكل وإليه أشار في الجامع الصغير في الوكالة وقال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا البيع لا يكون إلا بقبض البدلين جميعاً * وقال بعضهم قبض أحدهما يكفي وينعقد البيع بالهبة بشرط العوض عند قبضهما ويبنى عليها أحكام البيع من ثبوت حق الشفعة ونحوها * ولو قال بعتك هذا العبد بألف درهم فقبضه المشتري ولو يقل شيئاً كان بيعاً * ولو قال بعت منك هذا العبد بألف درهم ثمّ قال بعت منك هذا العبد بمائة دينار فقال المشتري قبلت كان البيع بالثمن الثّاني * ولو قال بعت منك هذا العيد بألف درهم فقبل المشتري ثمّ قال بعت منك هذا العبد بمائة دينار في ذلك المجلس أو غيره وقال المشتري اشتريت ينعقد البيع الثّاني وينفسخ البيع الأوّل * ولو قال البائع بعت منك هذا العبد بألف درهم فقال المشتري اشتريته منك بألفي درهم ذكر في النوادر أنه ينفد البيع بألف والألف الأخرى زيادة في الثمن عن قبلها البائع صح وكذلك لو ابتدأ المشتري فقال اشتريت منك هذا العبد بألفي درهم فقال البائع بعته بألف درهم كان ذلك حطاً لأحد الألفين * ولو قال بعتك منك هذا العبد بألفي درهم فقال المشتري اشتريته بغير شيء لا يصح * ولو تبايعا وهما يمشيان قال بعضهم لا ينعقد البيع لتفرق المجلس بالخطوات قبل القبول كما لو قال بعت فقام المشتري ثمّ قبل * وقال بعضهم ينعقد إذا أجاب المخاطب موصولاً بالخطاب فإنه ذكر في الطلاق إذا قال لها اختاري وهم يمشيان فقالت اخترت موصولاً بالخطاب يقع الطلاق * ولو قال أقيلك هذا العبد بألف درهم فقال الآخر قبلت اختلفوا فيه وقال أبو بكر <128> الإسكاف ينعقد البيع بينهما بلفظة الإقالة وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا ينعقد وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهذا قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإنه قال في المتبايعين إذا تقابلا البيع بأكثر من الثمن الأوّل أو بأقل أو بجنس آخر في ظاهر الرواية عنه يكون ذلك فسخاً بالثمن الأوّل في حقهما * وروى الحسن عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع بعد القبض فسخ قبله وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع غلا إذا تعذر جعلها بيعاً بأن كان المبيع منقولاً وتقابلا قبل القبض فيجع فسخاً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن تقابلا بأكثر من الثمن الأوّل أو بجنس آخر يكون بيعاً وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة فسخ في حق الكل حتى لا يتعلق بها الشفعة * رجل قال لآخر اذهب بهذه السلعة وانظر غليها اليوم فإن رضيتها فهي لك بألف درهم فذهب بها جاز * وكذا لو قال إن رضيتها اليوم فهي لك بألف درهم جاز وهو بمنزلة قوله بعتك هذا العبد بألف درهم على أنك بالخيار اليوم * ولو باع عبدين فقال بعتك هذين العبدين بألف درهم فقبل المشتري أحدهم أو قال للرجلين بعتكما هذا العبد فقبل أحدهم لا يجوز إلا أن يرضى به البائع في المجلس وحصته من الثمن معلومة فيجوز ويكون ذلك عقداً جديداً في الباقي * ولو قال بعتك هذين العبدين هذا بمائة وهذا بمائة فقبل المشتري البيع في أحدهما ذكر في بعض المواضع أنه يجوز * وذكر في الجامع أنه لا يجوز إلا أن يقول بعتك هذين العبدين بعتك هذا بمائة وبعتك هذا بمائة فقبل المشتري في أحدهما جاز أما إذا لم يعد لفظة البيع وإن سمى لكل واحد ثمناً كانت الصفقة واحدة فلا يصح قبول أحدهما * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فقال قد أخذته بألف درهم وعشرة دنانير فهو جائز وله الألف والزيادة * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فقال الرجل هو حر لم يكن ذلك جواباً ولا يكون حراً في قول مُحَمَّد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو قال فهو حر كان جواباً وعتق العبد ويصير قابضاً للعبد * ولو قال له رجل بعني غلامك هذا بألف درهم فقال قد بعتك بألف درهم فقال المشتري هو <129> حر قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية هو حر ويصير قابضاً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يعتق فلا يصير قابضاً * رجل عليه دين ألف درهم لرجل فقال المديون لصاحب الدّين أعطيك بدينك دنانير فساومه(2/64)
بالدنانير ولم يبع وفارقه ثمّ جاء بالدنانير ودفعها إليه يريد الذي كان ساومه عليه ثمّ فارقه ولم يستأنف بيعاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو جائز الساعة وكذا الرجل إذا أراد أن يشتري شيئاً فساومه ولم يكن معه وعاء يأخذه فيه وفارقه ثمّ جاء بالوعاء وأعطاه الدرهم قال هو جائز * رجل ساوم رجلاً بثوب فقال البائع أبيعه بخمسة عشر وقال المشتري لا آخذه إلا بعشرة دراهم فذهب به ولم يقل البائع شيئاً فهو بخمسة عشر إن كان المبيع في يد المشتري حين ساومه وإن كان في يد البائع فأخذه منه المشتري ولم يمنعه البائع فهو بعشرة ولو كان عند المشتري فقال المشتري لا آخذه إلا بعشرة وقال البائع لا أبيعه إلا بخمسة عشر فرده عليه المشتري ثمّ تناوله من يد البائع فدفعه البائع إليه ولم يقل شيئاً وذهب المشتري فهو بعشرة ولو أخذ ثوباً من رجل فقال البائع هو بعشرين وقال المشتري لا أزيدك على عشرة فأخذه وضاع عنده قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو بعشرين ولو أخذ ثوباً على المساومة فدفعه البائع وهو يساوم والبائع يقول هو بعشرة فهو على الثمن الذي قال البائع حتى يرد عليه المشتري وإن ساومه فقال المشتري حتى أنظر إليه فدفعه وضاع منه فليس على المشتري شيء لأنه إنما أخذه للنظر وإن أخذه على غير النظر ثمّ قال حتى أنظر إليه لا يخرجه من الضمان وهو على ما أخذه عليه أول مرة وإن قال المشتري للبائع هاته حتى أنظر إليه فدفعه غليه البائع وقال لا أنقص من خمسة عشر وقال المشتري قد أخذته بعشرة فسكت البائع وذهب به المشتري على ذلك فهو بخمسة عشر * رجل قال لصاحب عبد أبعتني عبد هذا بألف درهم أو قال أتبيع عبد هذا بألف درهم على وجه الاستفهام فقال نعم فقال المشتري قد أخذته قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو بيع لازم وإن اشترى ثوباً شراء فاسداً ثمّ لقيه غداً فقال أليس قد بعتني ثوبك هذا بألف درهم فقال بلى قد أخذته <130> فهو باطل وهذا على ما كان قبله من البيع الفاسد فإن كانا تركا البيع الفاسد فهو جائز اليوم * رجل باع من رجل عبداً بألف درهم وقال إن لم تجئني بالثمن اليوم فلا بيع بيني وبينك وقبل المشتري ولم يأته بالثمن اليوم فلقيه غداً فقال المشتري قد بعتني عبدك هذا بألف درهم فقال نعم فقال قد أخذته فهو شراء الساعة لأن ذلك الشراء قد انتقض ولا يشبه هذا البيع الفاسد * رجل كان يبايع رجلاً ويشتري منه الثياب فقال المشتري كلّ ثوب آخذ منك فلك فيه ربح درهم وكان يأخذ منه الثياب والبائع يجيزه بالشراء حتى اجتمع عند المشتري ثمن عشرة أثواب أو أكثر فحاسبه وأعطاه لكل ثوب الثمن وربح درهم قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن أربحه والثياب عنده على حالها فالربح جائز وإن لم تكن الثياب عنده على حالها فالبيع باطل ولا يجوز بالربح * رجل قال لرجل يبيع الحنطة بكم تبيع فقال كلّ قفيز بدرهم فقال كلني خمسة أقفزة فكال له وذهب بها فهو بيع وعليه خمسة دراهم * رجل قال لغيره هذا الثوب لك بعشرة دراهم فقال هات حتى أنظر إليه وحتى أريه غيري فأخذه على هذا فضاع قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا شيء عليه وإن قال هاته فإن رضيته أخذته فضاع فعليه الثمن ولو قال إن رضيته اشتريته فهو باطل وبه قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أيضاَ * رجل ساوم رجلاً بثوب فقال البائع هو لك بعشرين وقال المشتري لا بل عشرة فذهب به المشتري على ذلك ولم يرض البائع بعشرة فليس هذا ببيع إلا أن المشتري إن استهلك الثوب يلزمه عشرون درهماً وله أن يرده ما لم يستهلكه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى القياس أن يكون عليه قيمته ولكن تركنا القياس بالعرف ويلزمه عشرون * رجل قال لغيره عبدي لك هذا بألف درهم إن أعجبك فقال قد أعجبني قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه البيع وكذا لو قال إن وافقك فقال قد وافقني أو قال إن هويت فقال هويت فهذا كله بيع وجواب * رجل قال لغيره أعطيتك هذا بكذا فلم يقل المشتري شيئاً حتى كلم البائع إنساناً في حاجة له بطل البيع ولو قال البائع بعد الإيجاب رجعت فقال المشتري <131> معاً قبلت كان الرجوع أولى * ولو أوصى ببيع داره من رجل فقال داري بيع منه بألف درهم ومات فقبل الموصى له بعد موته جاز كذا ذكر أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر * رجل استهلك طعام رجل ثمّ اشتراه منه بثمن ونقده الثمن فوجده البائع زيوفاً بعد الافتراق روى الحسن عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه إلى النصف يرد الزيوف ويستبدل وإن زاد على النصف فرده ينتقض البيع في المردود وقد مر في السلم أنه إذا وجد رأس المال زيوفاً بعد الافتراق واستبدل مكانه إن كان المردود قليلاً لا ينتقض السلم في المردود وإن كان كثيراً ينتقض وعلى هذه الرواية جعل النصف قليلاً * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم فقال أنا آخذه لم يجز ولو قال أنا أخذته جاز * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم(2/65)
فقال لا أقبل بل أعطيته بخمسمائة ثمّ قال قد أخذته بألف درهم قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن دفعه إليه فهو رضا وإلا فلا * رجل قال لغيره اشتريت منك هذا بكذا فبصدق به على هؤلاء ففعل البائع ذلك قبل أن يتفرقا جاز وكذا لو قال اشتريت منك هذا الثوب فاقطعه لي قميصاً ففعل البائع قبل أن يتفرقا * رجل اشترى ثوباً فقال البائع أقلتك فيه فاقطعه قميصاً ففعل كانت إقالة * إذا أخذ ثوباً على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري * الوكيل بالشراء إذا أخذ الثوب على سوم الشراء فأراه الموكل فلم يرض به الموكل ورده عليه فهلك عند الوكيل قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ضمن الوكيل قيمته ولا يرجع بها على الموكل إلا أن يأمره الموكل بالأخذ على سوم الشراء فحينئذ إذا ضمن الوكيل رجع على الموكل * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم ثمّ قال لآخر بعتك نصفه بخمسمائة فقبل الثّاني قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى صح قبول الثّاني ولا يصح قبول الاول بعد رجوع البائع عن النصف وكذا لو قطعت يد الجارية بعد الإيجاب وأخذ البائع أرشها أو ولدت الجارية أو تخمر العصير ثمّ صار خلاً لا يصح قبول المشتري * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فسكت ثمّ قال قد بعتك أَمتي هذه <132> بألف درهم فقال المشتري قبلت أو قال أجزت فهو على البيع الثّاني ولو قال بعتك هذا بألف درهم وبعتك هذه بألف درهم فقال قبلت كان قبولاً لهما جميعاً إذا وصل بين الكلامين بحرف العطف وهو الواو فقبول المشتري يكون قبولاً لهما جميعاً * رجل طلب من رجل ثوباً ليشتري فأعطاه البائع ثلاثة أثواب فقال هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين فاحمل الثياب إلى منزلك فأي ثوب ترضى بعته منك فحمل الثياب فاحترقت الثياب عند المشتري قال الشَّيخ الأجل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن هلك الكل جملة أو على التعاقب ولا يدري الذي هلك أولاً والذي بعده ضمن المشتري ثمن كلّ ثوب وإن عرف الأوّل لزمه ثمن ذلك الثوب والثوبان أمانة عنده وإن هلك الثوبان وبقي الثّالث فإنه يرد الثّالث لأنه أمانة وأما الثوبان فيلزمه نصف ثمن كلّ واحد منهما إلا إذا كان لا يعلم أيهما هلك أولاً وإن هلك واحد وبقي ثوبان يلزمه ثمن الهالك ويرد الثوبين وإن احترق الثوبان وبعض الثّالث ثلثه أو ربعه ولا يعلم أيهما احترق أولاً يرد ما بقي من الثّالث ولا يضمن نقصان الحرق بقدره ويلزمه نصف ثمن كلّ واحد من الثوبين * رجل ساوم رجلاً بقدح فقال لصاحب القدح أرني قدحك هذا فدفعه إليه فنظر إليه الرجل فوقع منه على أقداح لصاحب الزجاج فانكسر القدح والأقداح قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن القدح لأنه أمانة ويضمن سائر الأقداح لأنه أتلفها بغير إذنه * رجل قال لقصاب زن لي من هذا اللحم بكذا درهماً ففعل ذكر في النوادر عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أن ذلك لا يكون بيعاً وكان للآمر أن يمتنع عن أخذ اللحم ولو قال زن لي من موضع كذا من هذا اللحم بكذا درهماً فوزنه من ذلك الموضع لا يكون له أن لا يأخذ وكذا لو دفع إلى قصاب درهماً وقال أعطني بهذا الدرهم وزنه وضعه في هذا الزنبيل حتى أجيء بعد ساعة ففعل القصاب ذلك فأكلت الهرة قال يهلك على القصاب لأن الوكالة لم تصح لأنه لم يبين موضع اللحم فإن بين موضع الحم فقال من الذراع أو من الجنب فحينئذ يكون الهلاك على المشتري وهو كما لو اشترى حنطة بعينها ودفع غرائره إلى البائع وقال كلها فيه ففعل يصير المشتري <133> قابضاً ولو كانت الحنطة بغير عينها بأن كان سلماً أو ثمناً السلعة فدفع رب السلم غرائره إلى المسلم إليه وأمره بأن يكيل السلم فيه ففعل لا يصير قابضاً إلا إذا كان بحضرة رب السلم قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا الجواب في شراء الكرباس إذا اشترى ذراعاً من هذا الت لا يجوز وإن قال من هذا الجانب جاز * ولو اشترى ذراعاً من ثوب ولم يبين الجانب فقطع البائع كان للمشتري أن يرد ولو عين الذراع من هذا الجانب فقطع البائع ولم يرض به المشتري كان لازماً على المشتري وكما ينعقد البيع بالخطاب من الحاضر ينعقد بالكتاب إلى الغائب إذا كتب الرجل إلى رجل غائب وكتب فيه بعت عبدي فلاناً منك بكذا فبلغه الكتاب وقرأ وقال قبلت تم البيع بينهما * والبيع أنواع باطل وفاسد وموقوف ولازم ومكروه *
{ فصل في البيع الباطل }(2/66)
*بيع الخمر والميتة والدم وذبيحة المجوسي والمحرم والمرتد ومتروك التسمية عمداً وبيع الصبي الذي لا يعقل والمجنون وهوامّ الأرض وما يسكن في الماء كالضفدع والسرطان إلا السمك باطل وكذا لو باع مالاً متقوّماً بهذه الأشياء كان باطلاً إلا الخمر والخنزير * وبيع رجيع الآدمي باطل إلا إذا غلب عليه التراب وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه جائز * وبيع السرقين والبعر جائز * ولو جعل الخمر والخنزير ثمناً بمال متقوم كان فاسداً ولو باع الخمر والخنزير كان باطلاً باعها من مسلم أو لمسلم * والبيع الباطل لا يفيد الملك وإن اتصل به القبض حتى لو كان المبيع عبداً فأعتقه لا ينفذ إعتاقه والفاسد عندنا يفيد الملك إذا اتصل به القبض * وبيع شعر الآدمي باطل وكذا بيع شعر الخنزير وبيع الكلب المعلم عندنا جائز وكذلك بيع السنور وسباع الوحش والطير جائز عندنا معلماً كان أو لم يكن * وبيع الفيل جائز وفي القردة روايتان عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبيع جلود الميتات باطل إذا لم تكن مذبوحة أو مدبوغة ويجوز بيع عظامها وعصبها وصوفها وظلفها وشعرها وقرنها وبيع النحل باطل ولا يضمن متلفها إلا إذا كان في كوارتها عسل فباع الكوارات بما فيها من النحل وبيع <134> دود القز باطل عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذلك بيع بذره * ولو باع شيئاً فقال بعتك بغير ثمن أو قال بعتك على أن لا ثمن له كان البيع باطلاً ولو باع وسكت عن ذكر الثمن كان فاسداً * وبيع العلق جائز عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو باع أم الولد وسلمها لا يمكلها المشتري وكذلك معتق البعض وكذلك المدبر عندنا * ولو باع متقوّماً بمكاتب أو مدبر أو أم ولد وقبض المال ملكه ملكاً فاسداً * ويجوز بيع أم الولد من نفسها وكذلك بيع المدبر من نفسه ويضمن المكاتب والمدبر بالغصب والبيع الفاسد وأم الولد لا تضمن بالغصب والبيع الفاسد عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والمشتري بالميتة والدم لا يملك وإن قبض فإن هلك عند المشتري في رواية لا يضمن وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يضمن هو الصحيح * ولو باع شيئاً معيناً وسماه باسم آخر بأن قال بعتك هذا الثوب على أنه هروي فإذا هو مروي لا يجوز البيع لأن الهروي مع المروي جنسان مختلفان لاختلاف الصنعة ثمّ اختلفوا أنه باطل أو فاسد قال بعضهم هو باطل لا يملك بالقبض وذكر الكرخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه فاسد * ولو باع فصاً على أنه ياقوت فإذا هو زجاج أو أشار إلى مملوك فقال بعتك هذا الغلام فإذا هو جارية كان البيع باطلاً لأنهم جنسان مختلفان فيكون هذا بيع المعدوم وكذا لو اشترى من رجل شيئاً بدين له عليه وهما يعلمان أنه لا دين عليه كان باطلاً كما لو اشترى شيئاً على أن لا ثمن له وبيع الكلأ الذي نبت في أرضه بغير إنباته باطل لأنه ليس بمملوك * وكذا بيع الماء في الحوض أو في البئر * وبيع آلات اللهو كالبربط والمزمار والدف جائز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يجوز * وكذلك بيع آلات اللعب كالنرد والشطرنج وإن أتلفها إنسان فإن كان الإتلاف بأمر القاضي لا يضمن وإن لم يكن يضمن وكذلك في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى * رجل أسلم خمراً بعينها أو خنزيراً بعينه في حنطة وقبض الحنطة بعد حلول الأجل ملكها ملكاً فاسداً لأنه اشترى الحنطة بالخمر والخنزير فيملك المبيع وعليه مثلها إن هلكت <135> في يده كما هو الحكم في البيع الفاسد * رجل اشترى بذر البطيخ فظهر أنه كان بذر القثاء يرد المشترى مثله ويرجع بالثمن لأن الجنس مختلف فيبطل البيع وإن اختلف النوع لا يرجع بالثمن * رجل قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم فقال فعلت تم البيع بينهما ولو قال نعم اختلفوا فيه قال بعضهم يتم البيع بينهما أيضاً وقال بعضهم لا يتم وجعلوا هذا بمنزلة ما لو قال لامرأته اختاري نفسك فقالت فعلت كان اختياراً ولو قالت نعم لا يكون اختياراً * رجل قال لغيره بعت منك هذا العبد بهذه الشاة الذكية فاشترى وقبض العبد فأعتقه فإذا هي ميتة بطل إعتاقه * رجل قال لبائع الحطب بكم تبيع هذا الوقر من الحطب فقال بدرهم فقال سق الحمار اختلفوا فيه قال بعضهم لا يكون بيعاً ما لم يسلم الحطب وينقد الثمن وقال بعضهم يكون بيعاً لأنهما تراضيا على التمليك والتملك.
{ باب البيع الفاسد }
المفسد للبيع أنواع وهذا الباب يشتمل على فصول:
{ الفصل الأوّل في فساد البيع بجهالة أحد البدلين وفيه الجمع بين الموجود والمعدوم والجمع بين المال وغير المال }(2/67)
*رجل قال لغيره بعت منك جميع مالي في هذه الدار من الرقيق والدواب والثياب والمشتري لا يعلم بما فيها كان فاسداً لأن المبيع مجهول ولو جاز هذا لجاز إذا باع ما في هذه المدينة أو ما في هذه القرية ولو جاز ذلك لجاز إذا باع ما في الدنيا * ولو قال قال بعت منك جميع مالي في هذا البيت بكذا جاز وإن لم يعلم به المشتري لأن الجهالة في البيت يسيرة وفيما تقدم من الدار وغيرها كثيرة وإذا جاز في البيت يجوز في الصندوق والجوالق * رجل قال بعت منك نصيبي من هذه الدار بكذا جاز إذا علم المشتري بنصيبه من الدار وإن لم يعلم به البائع لكن يشترط تصديق البائع فيما يقول وإن لم يعلم المشتري نصيبه لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى علم البائع بذلك أو لم يعلم * رجل اشترى موزوناً في وعاء على أن يزن الظرف ويحط حصة وزن الظرف من الثمن جاز * ولو باع داراً ولم يبين حدودها جاز إذا كان المشتري يعرف حدودها ولا يشترط معرفة جيرانها * رجل باع رقبة الطريق على أن يكون للبائع <136> فيها حق المرور جاز وكذا لو باع صاحب الدار السفل على أن يكون للبائع حق قرار العلو عليه كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في القسمة * ولو باع نخلة في أرض صحراء له بطريقها من الأرض ولم يبين مواضع الطريق قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز له أن يذهب إلى النخلة من أي ناحية شاء * رجل باع المجمدة اختلف المشايخ فيه الأصح أنه يجوز سلم أوّلاً ثمّ باع أو باع ثمّ سلّم وهو اختيار الفقيه أبي جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والأحوط أنه يسلم أولاً ثمّ يبيع فإن باع وسلم في يومه أو قبل ثلاثة أيام جاز وإن سلم بعد الأيام الثلاثة لا يجوز لأنها تذوب في كلّ ساعة غلا أن النقصان اليسير غير معتبر والكثير معتبر وقبل الأيام الثلاثة يقل النقصان وبعد الأيام الثلاثة يكثر ويكون له قسط من الثمن ولا قسط للقليل من الثمن وقيل ذلك يختلف في الصيف والشتاء والغلاء والرخص فينظر إلى ما عليه الناس إن عدّه الناس كثيراً كان كثيراً ذكر المجمدة وأراد به الجم لا موضع الجمد لأن موضع الجمد بمنزلة بيت فيه متاع البائع فيجوز بيعه على كلّ حال * ولو باع الجمد أو القصب أو الحطب أو قاراً أو أحمالاً أو حزماً لا يجوز ولو حمل الجمد أو الحطب على الدابة ثمّ باع الوقر جاز * باع من آخر كرا من الحنطة إن لم تكن الحنطة في ملكه بطل البيع وإن كان في ملكه أقل مما سمى بطل البيع في المعدوم وفسد في الموجود وإن كان في ملكه الحنطة في موضعين أو من نوعين مختلفين لا يجوز البيع وإن كان من نوع واحد في موضع واحد إلا أنه لم يضف البيع إلى تلك الحنطة لكن قال بعت منك كرا من الحنطة جاز البيع وإذا علم المشتري بمكانها كان له الخيار إن شاء أخذها من ذلك المكان بذلك الثمن وإن شاء ترك * ولو قال بعتك عبداً أو جارية ذكر في المنتقى في موضع رجل قال لغيره عندي جارية بيضاء فبعتها منك بكذا فقال المشتري قبلت لم يكن ذلك بيعاً إلا أن يبين الموضع أو غيره فيقول أبيعك جارية في هذا البيت أو يقول جارية اشتريتها من فلان فحينئذ يتم البيع وذكر في موضع إذا قال بعتك جارية جاز إذا لم يكن عندما لا جارية وإن كان عنده جاريتان فسد البيع وذكر شمس <137> الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أضاف الجارية إلى نفسه فقال بعتك جاريتي جاز البيع وإن لم يضف إلى نفسه لا يجوز * رجل قال لغيره بعتك مائة ذراع من داري أو أرضي ولم يبين ذرعانها وموضعها لا يجوز في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز ويصير المشتري شريكاً للبائع مائة ذراع من الدار * رجل أشار إلى بيض وقال بعتك من هذا البيض عشرة بكذا روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز في القياس مثل الرمان وأشباهه وجاز في الاستحسان وهو مثل الطعام ونحوه * رجل اشترى من السقاء كذا كذا قربة من ماء الفرات قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنه عن كانت القربة بعينها جاز لمكان التعامل وكذا الراوية والجرة وهذا استحسان وفي القياس لا يجوز إذا كان لا يعرف قدرها وهو قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال بعتك هذا الطعام كلّ كر بمائة درهم كان الطعام كثيراً وكال البائع كله وعلم المشتري بذلك فله الخياران شاء أخذ كله ولو قال بعتك هذا الجراب أو هذه الرزمة كلّ ثوب بخمسين درهماً فالبيع فاسد فإن عدها البائع وعلم المشتري بعددها في المجلس فقال رضيب بذلك جاز البيع ولم يكن للبائع أن يمنعه ولو اشترى مائة جوزة من جوز كثير فلما عدها البائع له قال لا أرضى ليس له ذلك ولو اشترى من قصاب لحماً بدرهم فقطع القصاب اللحم ووزنه وهو ساكت ثمّ قال لا أرضى فله ذلك حتى يقول بعد الوزن قد رضيت بخلاف الجوز لأن الجوز شيء واحد قلما يتفاوت * رجل باع ثوباً برقمه ثمّ إن البائع باعه من آخر قبل أن يبين الثمن جاز بيعه من(2/68)
الثّاني ولو أن البائع أخبر الأوّل بالثمن فلم يجزه حتى باعه البائع من آخر لم يجز بيعه من الثّاني لأن البائع لم بين الثمن توقف البيع على إجازة المشتري الأوّل ألا ترى أن المشتري لو استهلكه بعد العلم بالثمن كان عليه الثمن ولو استهلكه قبل العلم بالثمن كان عليه قيمته * رجل قال لمديونه الذي عليه عشرة دراهم بعتني هذا الثوب الآخر بما بقي من العشرة فقال نعم قد بعتك فهو جائز وإن قال بعتني هذا ببعض <138> العشرة وبعتني هذا الآخر ببعض العشرة فقال نعم قد بعتك كان فاسداً لأنه بقي من العشرة شيء مجهول بخلاف الأوّل فإن ثمة لم يبق من العشرة شيء * رجل عنده حنطة أو مكيل آخر أو موزون ظن أنها أربعة آلاف منّ فباعها من أربعة نفر لكل واحد منهم ألف منّ بثمن معلوم ثمّ وجده ناقصاً قال بعضهم له الخيار إن شاؤوا أخذوا من الموجود بحصته من الثمن وإن شاؤوا تركوا والصحيح ما قال بعضهم أن الجواب فيه على التفصيل إن باع منهم جملة فكذلك وإن باع منهم على التعاقب فالنقصان على الآخر دون الأولين وهو بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء ترك * رجل باع حنطة مجموعة في بيت أو محفورة في أرض والمشتري لا يعلم مبلغها ولا منتهى المحفورة قالوا كان له الخيار إذا علم إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن كان لا يعلم منتهى المحفورة إلا أنه يعلم مبلغ الحنطة جاز البيع ولا خيار له إلا أن يخرج تحته دكان أو مثل ذلك * رجل اشترى عشرة أقفزة فاستحق بعضها قبل القبض خير المشتري لتفرق الصفقة وإن استحق بعد القبض لا يخير * وكذا إذا اشترى مكيلاً أو موزوناً على أنه كر فوجده ناقصاً جاز البيع في الباقي وهل يخير المشتري إن لم يكن قبض المبيع أو كان قبض البعض يخير إن شاء أخذ وإن شاء ترك وإن كان قبض الكل لا خيار له وهو بمنزلة الاستحقاق * رجل اشترى أمة بعبد وتقايضا فهلك أحد البدلين ثمّ زاد أحدهما في البيع شيئاً معلوماً صحت الزيادة لأنهما لو تقايلا العقد بعد هلاك أحد البدلين صحت الإقالة فكذا الزيادة * ولو اشترى عبدين وزاد المشتري في ثمن أحدهما ولم يسم العيد الذي زاد فيه صحت الزيادة وللمشتري أن يجعل الزيادة مع أيهما شاء * وكذا لو زاد البائع ثوباً أو ما أشبه ذلك صحت الزيادة وله أن يجعل الزيادة مع أيهما شاء * رجل جاء إلى خباز أو قصاب فقال أعطني بدرهم خبزاً أو قال أعطني بدرهم لحماً وسعر اللحم والخبز مشهور في البلد ومتفق عليه فأعطاه الخباز أقل من ذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى شراؤه إلى ما هو اصطلاح الناس وسعر البلد ويرجع المشتري بحصة النقصان من الدرهم وإن كان المشتري غريباً فالشراء على ما سلم عليه ولا يرجع بشيء وهذا في اللحم فأما في <139> الخبز فالشراء على ما هو سعر البلد لأن سعر الخبز في البلد قلما يختلف * رجل أتى قصاباً كلّ يوم بدرهم وكان القصاب يقطع اللحم ويزنه بسنجة والمشتري ينظر إليه ويظن أنه منّ كما هو سعر البلد فوزنه يوماً فإذا هو ثلاثون أستاراً قالوا بيعها يكون على منّ واحد بحكم سعر البلد فإذا انتقص عن ذلك له أن يرجع بحصة النقصان من الثمن لا من اللحم لأن بيع اللحم لا ينعقد قبل إعطاء اللحم * رجل قال لآخر بعت منك من هذه الحنطة قدر ما يملأ هذا القفيز أو هذا الطست جاز * رجل له زرع قد استحصد فباع حنطتها جاز لأنه باع موجوداً يقدر على تسليمه ولو باع تبناً لا يجوز لأن التبن لا يكون إلا بعد الدوس والنذرية فكان هذا بيع المعدوم ولو باع ساق الحنطة دون الحنطة جاز ولو اشترى حنطة في سنبلها وشرط النذرية والدوس على البائع جاز لأنه باع الحنطة فكانت النذرية عليه * رجل اشترى بالعدليّ شيئاً فكسد قبل القبض فسد البيع في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا إذا اشترى بالفلوس فكسدت يعين لا تروج رواج الأثمان وإن غلا أو رخص لا يفسد البيع ولا خيار لأحدهما وإن استقرض عدلياً أو فلوساً فكسد عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه مثلها كاسدة ولا يضمن فيمتها وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمتها من الذهب والفضة يوم قيضها وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمتها من الذهب والفضة في آخر يوم كانت رائجة فكسدت * رجل قال لغيره لك في يدي أرض خربة لا تساوي شيئاً فبعها مبنى بستة دراهم فقال بعت والبائع لا يعرفها جاز وإن كانت قيمتها أكثر من ذلك * رجل اشترى حنطة فطحنها البائع قبل التسليم ينفسخ البيع ولو باعها البائع من غيره فطحنها الثّاني لا ينفسخ البيع ويخير المشتري الأوّل إن شاء فسخ البيع الأوّل وإن شاء ضمن المشتري مثلها * رجل اشترى شيئاً بقيمته أو بحكمه أو بما يريد أو بما يرضى لا يجوز وكذا لو باع بألف درهم إلا ديناراً أو بمائة دينار إلا درهماً أو باع بثوب أو كر حنطة أو باع برأس ماله أو بما اشتراه فلان أو بمثل ما اشترى فلان أو بمثل ما يبيع الناس لا يجوز البيع إلا أن يكون شيئاً لا يتفاوت ثمنه كالخبز(2/69)
واللحم فإن علم المشتري بالثمن في المجلس <140> عاد جازئزاً ويخير المشتري إن شاء أخذ وإن شاء ترك * ولو اشترى غنماً أو عدل زطى واستثنى شاة أو ثوباً بغير عينه لا يجوز ولو استثنى واحداً بعينه جاز ولو اشترى عشرة أجربة من مائة جريب من هذه الأرض أو عشرة أذرع من مائة ذراع من هذه الدار لا يجوز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو نظر على إبل أو بقر أو غنم أو رقيق أو ثياب وقال أخذت كلاً من ذها بدرهم ولم يسم جماعتها فسد البيع في الكل عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذا لو اشترى داراً أو أرضاَ أو ثوباً كلّ ذراع بكذا ولم يبين جملة الذرعان فسد البيع في الكل في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه يجوز في الكل وإن كان هذا في مكيل أو موزون أو عددي متقارب عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز في الواحد وإن علم الجملة في المجلس جاز في الجملة ويخير المشتري وعلى قول صاحبيه يجوز البيع في الكل * ولو اشترى غنماً أو بقراً أو ثياباً كلّ اثنين منها بكذا لا يجوز في قولهم ويجوز ذلك في المكيل والموزون والعددي المتقارب ولو اشترى عدل زطى على أن فيه خمسين ثوباً بألف درهم فوجدها إحدى وخمسين أو تسعاً وأربعين فسد البيع * ولو قال كلّ ثوب بكذا لا يجوز في الزيادة ويجوز في النقصان وقيل على قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز في النقصان أيضاً * ولو اشترى صبرة على أنها كذا فقيزاً فوجدها أكثر رد الزيادة سمى لك قفيز ثمناً أو لم يسم ولو وجدها أنقص أخذ الموجود بثمن الموجود ويسقط عنه ثمن النقصان ولو اشترى ثوباً على أنه كذا ذراعاً ولم يسم لك ذراع ثمناً فوجده أطول أخذ الثوب ولا خيار له وإن وجده أنقص أخذه بكل الثمن إن شاء وإن شاء ترك وإن باع على أنه عشرة أذرع كلّ ذراع بدرهم فإن كانت الزيادة نصف ذراع أو النقصان نصف ذراع عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا وجد عشرة ونصفاً أخذ بأحد عشر درهماً وإن وجد تسعة ونصفاً عليه عشرة دراهم وله الخيار وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تسعة ونصف يلزمه تسعة دراهم ونصف درهم وفي عشرة ونصف عشرة دراهم ونصف درهم وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تسعة ونصف يلزمه تسعة دراهم وفي عشرة ونصف عشرة دراهم * ولو اشترى ذراعاً من ثوب من طرف معين لا يجوز <141> وقيل إن كان ثوباً لا ينتقص بالتقطيع جاز * ولو أشار إلى حنطة وشعير فقال أبيعك هاتين الصبرتين كلّ قفيز بدرهم قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد منها وقال صاحباه يجوز في الصبرتين * رجل اشترى عبدين بألف درهم ولم يسم لكل واحد منهما ثمناً فإذا كان أحدهما حراً فسد البيع عندهم جميعاً وإن سمى لك واحد ثمناً فكذلك في قول أبي حنيفة وقال صاحباه رحمهما الله تعالى يجوز في القن وإن كان أحدهما مدبراً أو مكاتباً أو أم ولد وأجمل الثمن جاز في القن عندنا ويخير المشتري * وفي الشاتين إذا ظهرت إحداهم ميتة أو ذبيحة مجوسي أو محرم أو متروك التسمية عمداً وفي دنى الخل إذا كان أحدهما خمراً عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا وما لو جمع بين حر وعبد سواء * رجل قال أبيعك هذا الثوب من هذا الطرف على هذا الطرف وهو ثلاثة عشر ذراعاً فإذا هو خمسة عشر فقال البائع غلطت لا يلتفت غليه ويكون الثوب للمشتري بالثمن المسمى قضاء وفي الديانة لا تسلم له الزيادة * رجل باع جوزاً أو بطيخاً أو قثاء فوجده فاسداً لا ينتفع به إن كان قليلاً يسترد كلّ الثمن وإن كان كثيراً بأن كان البطيخ أو القثاء وقراً مثلاً يرجع بالنقصان ولا يسترد كلّ الثمن لأن الكثير يصلح علفاً للدواب وله قيمة عند الناس فلا يسترد كلّ الثمن * وكذلك الجوز إذا كان كثيراً يصلح حطباً هذا إذا وجد جميع ما اشترى فاسداً فإن وجد البعض فاسداً فالقياس أن يبطل بيع الفاسد ويفسد العقد في الباقي في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان إذا كان الفاسد قليلاً يجعل عفواً ولا يسترد شيئاً من الثمن قال الشَّيخ الغمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الواحد في المائة قليل يجعل عفواً * وأما البيض إذا وجد مذراً لكنه لا يبلغ نصف المبيع قال بعضهم له أن يرد الفاسد ويمسك الباقي بحصته من الثمن وإن كان الفاسد نصف ما اشترى جاز البيع فيما ليس بفاسد بحصته من الثمن كما في الجوز وقال بعضهم يفسد العقد في الكل وإن كان الفاسد أكثر من النصف لا يجوز العقد أصلاً عند الكل وقال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى فسد البيع في الباقي وإن كانت الفاسد واحدة من الألف لأن <142> الفاسد منها دم وليس بمال فيفسد العقد في الكل كما لو لو اشترى ألف جلد واحداً منها جلد ميتة أو ألف شاة فوجدوا واحدة منها ميتة لا يجوز البيع أصلاً * رجل جاء إلى قصاب وأراه الدراهم وقال أعطني بها لحماً فأعطاه اللحم فوجد الدراهم زيوفاً أو نبهرجه فإنه يردها(2/70)
ويرجع بالجياد لأن الإشارة إلى الدراهم بمنزلة التنصيص على الدراهم والدراهم في البياعات تنصرف إلى الجياد ولو وجد المقبوض ستوقة أو رصاصاً فسد البيع وكان عليه قيمة اللحم * رجل أراد أن يشتري جارية فجاء بصرّة فقال اشتريت هذه الجارية بهذه الصرة أو قال بما في هذه الصرة ووجد البائع ما فيها خلاف نقد البلد فله أن يردها ويرجع بنقد البلد لأن مطلق الدراهم في البيع ينصرف إلى نقد البلد جاز ولا خيار للبائع بخلاف ما إذا قال اشتريت هذه الجارية بما في هذه الخابية ثمّ رأى الدراهم التي كانت فيها كان له الخيار لأن في الصرة يعرف مقدار ما فيها من الخارج وفي الخابية لا يعرف مقدار مال فيها من الخارج فكان له الخيار ويسمى هذا خيار الكمية لا خيار الرؤية لأن خيار الرؤية لا يثبت في النقود * رجل باع ألف منّ من القطن ثمّ ادعى البائع أنه باع القطن ولم يكن في ملكه يوم البيع قطن أو قال أنفقت القطن الذي كان في ملكي يوم البيع وعند البائع عند الخصومة ألف منّ من القطن يقول أصبته بعد البيع ذكر في المنتقى أنه يقبل قول البائع مع يمينه أنه لم يبع منه هذا القطن * رجل باع جارية ثمّ ادعت الجارية أنها حرة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باعها وسلمها إلى المشتري وهي ساكنة ولم تقل شيئاً لا يقبل قولها إلا ببينة * وعنه رجل باع نصيبه من المبطخة المشتركة قال إن كان القلع يضره لم يجز البيع ونصيب البائع يكون للمشتري ما لم ينقض البيع قيل له لو أن الشريك الذي لم يبع أجاز البيع للشريك هل له أن لا يرضى بعد الإجازة قال له ذلك لأن في قلعه ضرراً والإنسان لا يجبر على تحمل الضرر * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل باع قطناً فأراد المشتري أن يذهب الورام ولا يعطي للورام ثمناً قال بناء الأمر في هذا على ما هو رسم <143> البلد في مثله فإن كان في رسمهم للقطن ورام يحط عن المشتري من الثمن بقدر ذلك * وعنه رجل استباع قوساً فقال له البائع مد القوس هذه فانكسر قال يضمن قيمته وإن مدّه بإذن البائع ولو قال له البائع مد القوس فإن انكسر فلا ضمان عليك فمدّه فإن انكسر قال يضمن أيضاً قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا اتفقا على الثمن فإن الرجل لو أخذ شيئاً على سوم الشراء ثمّ قال له البائع إن هلك فلا ضمان عليك بعدما اتفقا على الثمن فهلك يضمن كذلك ههنا * الأب أو الوصي إذا باع عقاراً للصبي فرأى القاضي نقض البيع أصلح للصغير قال الشَّيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض ذكره في المأذون * وعن الشَّيخ الغمام هذا رجل اشترى من بعض السدنة ستر الكعبة قال لا يجوز فقيل له لو أن المشتري نقله إلى بلدة أخرى قال يتصدق به على الفقراء * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل باع شيئاً بيعاً جائزاً وأخّر الثمن إلى الحصاد أو الدياس قال يفسد البيع في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يفسد البيع ويصح التأخير لأن التأخير بعد اليع تبرع فيقبل التأجيل إلى الوقت المجهول كما لو كفل بمال إلى الحصاد والدياس وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا يشكل بما إذا أقرض رجلاً وشرط في القرض أن يكون مؤجلاً لا يصح التأجيل ولو أقرض ثمّ أخّر لا يصح أيضاً وكان الصحيح من الجواب ما قال الشَّيخ الإمام أنه يفسد البيع أجله على هذه الأوقات في البيع أو بعده * وعن الشَّيخ الإمام هذا الأراضي الخراجية إذا مات أربابها وعجز أهل القرية عن أداء خراجها فارادوا تسليمها إلى السلطان قال السبيل فيها إجارتها واستيفاء الخراج من الأجرة فإن تعذرت الإجارة جاز للسلطان بيعها فإن أراد أن يشتريها لنفسه فالأحوط له أن يبيعها من غيره ثمّ اشتراها من المشتري * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا وقعت قطرة من الدم أو البول في خل أو زيت لا يجوز بيعه * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل قال لغيره بعت منك قفيزاً من الحنطة في هذا الخف أو من هذا الكدس ثمّ أعطاه الحنطة من موضع آخر لا يجوز لأن ما سوى النقود يتعين <144> بالتعيين * وعنه رجل أو قد ناراً في حطبه ثمّ باعه قال إن صار فحماً جاز لأن الفحم عين الجمر إلا أنه يبرد فيصير فحماً فكان بائعاً ما عنده فيجوز وإن صار رماداً لا يجوز لأنه باع ما لم يكن عنده * وعنه رجل له أرض فيها قطن قد أدرك بعضه فقال لغيره بعت منك مائة منّ من قطن هذه الأرض بكذا درهماً فقال ينظر إن كان أكثرها مدركة جاز وإلا فلا مثلاً لو كان قطن الأرض ألف منّ فباع مائة منّ إن كان المدرك مقدارة ستمائة منّ أو أكثر جاز البيع وإلا فلا * رجل اشترى ثوباً على أنه أبيض فوجده مصبوغاً قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى البيع فاسد لأنه لا يمكن تسليمه بدو الصبغ وكذا لو اشترى داراً على أنه البناء فيها فإذا فيها بناء أو أرض(2/71)
على أنها بيضاء لا نخل فيها فإذا فيها نخل أو باع داراً على أن بنائها من آجر فإذا هو من اللبن كان فاسداً ولو باع داراً على أن فيها بناء ولا بناء فيها أو قال بعلوها وسفلها ولا علو لها جاز البيع ويخبر المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك * وكذا لو باعها بأجذاعها أو بأبوابها ولا جذع فيها جاز البيع ويخير المشتري فإن كان فيها جذع جاز البيع ولا يخير المشتري فغن كان فيها جذع جاز البيع ولا يخير المشتري ولو قال بعتكها بما فيها من الأجذاع والأبواب وليس فيها شيء جاز البيع ولا خيار للمشتري ولو باع أشجاراً على أن الكل مثمر فوجدوا حدة منها غير مثمرة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فسد البيع لأن المثمرة وغير المثمرة جنسان فإذا لم يدخل غير المثمرة في العقد والثمن جملة فسد العقد كما لو باع مائة شاة إلا واحد ولم يبين ثمن كلّ واحد فسد البيع وإن بين ثمن كلّ شجرة وثمن كلّ شاة جاز البيع ويخير المشتري * رجل اشترى وزنياً في ظرفه على أن يزن الظرف فما ظهر وزونه يسقط حصته من الثمن جاز البيع فلو أن المشتري باع السلعة قبل أن يزن الظرف عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز بيع المشتري وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز * رجل له جملة مشمش أو تفاح فباع منها بعضها غير مميز قال الفقيه أبو حفص رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المشمش والتفاح والخوارزمي إذا كان من شجر واحد فهو من العددي المتقارب فإذا باع بعضها غير مفرز وظاهره غير متفاوت جاز البيع <145> وإن كان ذلك من شجرين فباع منها بعضها غير مميز لا يجوز * ولو اشترى عدداً من بطيخ أو خيار أو رمان فيه الصغير والكبير بكذا درهماً والجملة أكثر مما باع لا يجوز فغن أفرز عدداً وعزل ذلك من الجملة وتراضيا جاز البيع ويقع البيع على المعزول عند التراضي وهكذا روي عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل باع متروك التسمية عمداً وقضى القاضي بجوز البيع لا يجوز كما لو قضى بجواز بيع أم الولد * رجل اشترى دهناً ودفع القارورة إلى الدهان وقال للدهان ابعث القارورة إلى منزلي على يد غلامك فانكسرت القارورة في الطريق قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يهلك الدهن من مال البائع وإن قال للدهان ابعث القارورة على يد غلامي والمسألة بحالها يهلك على المشتري * رجل باع جارية الغير بغير إذن المولى وزوجها رجل أخر بغير إذن المولى وأعتقها فضولي فأخبر المولى وقال أجزت جميع ذلك قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى نفذ العتق وبطل ما سواه * رجل اشترى مناً من الفانيذ فوجد المشتري واحداً اسود ورده على البقال فأعطاه فانيذاً آخر بغير وزن جاز * وكذا لو وجد أخرى فردها وأعطاه مكانها بغير وزن وإن ردّ ثلاثاً فأعطاه البقال ثلاثاً بغير وزن لا يجوز لأن هذا مما يدخل تحت الوزن فلا يجوز إلا أن يوزن * قال وفي الخبز إذا وجد واحداً محترقاً فردّه على الخباز فأعطاه خبزاً آخر لا يجوز لأن هذا مما يدخل تحت الوزن فإن لخمسة أساتير وعشرة أساتير وزناً وحجراً فلا يجوز فيه المجازفة * أرض فيها زرع فباع الأرض بدون الزرع أو الزرع بدون الأرض جاز * وكذا لو باع نصف الأرض بدون الزرع وإن باع نصف الزرع بدون الأرض لا يجوز إلا أن يكون الزرع بينه وبين الأكار فيبيع إلا كار نصيبه من صاحب الأرض جاز وإن باع صاحب الأرض نصيبه من الأكار لا يجوز هذا إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض فإن كان من قبل الأكار ينبغي أن يجوز * ولو باع نصف الأرض مع نصف الزرع جاز * رجلان بينهما دار فباع أحدهما نصفاً شائعاً من بيت معين من تلك الدار ذكر في المنتقى أنه لا يجوز <146> في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن شريكه يتضرر بذلك عند القسمة * وكذا لو باع بيتاً معيناً من تلك الدار لا يجوز * رجلان بينهما عشرة أغنام أو عشرة أثواب هروية فباع أحدهما نصف ثوب معين من الجملة ذكر في المتقى أنه يجوز قال وهذا لا يشبه الدار ولو كان بينهما أرض ونخل فباع أحدهما نصف شجر من رجل لا يجوز كما لو كانت الدار بين رجلين فباع أحدهما قطعة بعينها من رجل قبل القسمة لا يجوز في نصيب واحد منهما * وكذا لو كانت الدار لرجل فباع نصف بنائها من غير أرض من رجل لا يجوز ولو باع من الشاة المسلوخة الأيدي أو الأرجل اختلف المشايخ فيه قال أبو القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز لأنهما مختلفان في القطع وقال مُحَمَّد بن سلام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز والصحيح هو الأوّل * بيع ورق الفرصاد قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز ما دام في الزيادة ويجوز بعد التناهي * ولو اشترى رطبة من البقول أو قثاء على الساق قال الشَّيخ الإمام هذا لا يجوز لأنه ينمو من أسفله ساعة فساعة كالصوف والوبر والشعر فيختلط المبيع(2/72)
بغير المبيع فلا يجوز واختلف المتأخرون في قوائم الخلاف والعريس قال بعضهم لا يجوز لأنه يزداد ساعة فساعة وقال بعضهم يجوز لأن موضع القطع معلوم عرفاً والقوائم تنمو من أعلا لا من أسفل * رجل باع الجنين فولدت قبل الافتراق وسلمه على المشتري قال الشَّيخ الغمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز * وكذا لو باع الآبق وسلم قبل الافتراق * رجل اشترى عشرة أقفزة حنطة بعينها فاستحق منها خمسة قبل القبض يخير المشتري لتفرق الصفقة في التمام * مريض باع عيناً من أعيان ماله من وارث بمثل القيمة لا يجوز عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو باع الصحيح من مورثه الصحيح * رجل اشترى داراً مع بنائها بألف درهم فاستحق البناء قبل القبض قالوا يخير المشتري إن شاء أخذ الأرض بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن استحق بعد القبض كان له أن يأخذ الأرض بحصتها من الأرض ولا خيار له * وكذا إذا اشترى أرضاً مع أشجاره فاستحقت الأشجار قبل القبض خير المشتري على الوجه <147> الذي ذكرنا وإن استحق بعد القبض يأخذها بحصتها من الثمن فليس له إن يردها وإن احترقت الأشجار أو قلعها ظالم قبل القبض خير المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وليس له أن يأخذ بحصتها من الثمن وبعد القبض يكون الهلاك على المشتري * رجل اشترى شجرة بشرط أن يقلعها اختلف المشايخ في جوز هذا البيع والصحيح هو الجواز وإن اشترى بشرط القطع جاز قبل هذا إذا بين موضع القطع فإن لم يبين لا يجوز وفي ظاهر الجواب يجوز وإن لم يبين وإذا جاز كان له أن يقلعها من الأصل عند البعض وعند بعضهم يقطعها من وجه الأرض ولا يقلع وإن اشتراها مطلقاً فهي بمنزلة ما لو اشتراها بشرط القطع كان له أن يقلعها بأصلها وهل يدخل في البيع ما تحت الشجرة من الأرض فيه روايتان والصحيح أنه يدخل كما لو أقر إنسان بشجرة يدخل في الإقرار ما تحتها من الأرض وكذلك في القسمة وإذا دخل ما تحتها من الأرض في البيع يدخل مقدار غلظ الشجرة وقت البيع ووقت الإقرار ووقت القسمة حتى لو زاد غلظها بعد ذلك كان لصاحب الأرض أن يأمره بنحت الزيادة ولا يدخل من الأرض ما يتناهى إليه العروق والأغصان وإن اشترى شجرة للترك لأجل الثمر جاز وهل يدخل في البيع ما تحت الشجر من الأرض فهو على الروايتين على قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل بعروقها التي تستقر عليها الشجرة لا مقدار طول العروق وإن اشترى أرضاً دخل في البيع الأشجار المثمرة بغير ذكر واختلفوا في غير المثمرة والصحيح أنها تدخل صغيراً كان أو كبيراً وأما قوائم الخلاف هل تدخل في البيع تبعاً لأصولها اختلفوا فيه قال بعضهم تدخل تبعاً لأصولها والصحيح أنها لا تدخل لأنها بمنزلة الثمر لا يدخل في بيع الأرض ما على الأشجار من القطن من غير شرط واختلفوا في شجرة القطن والصحيح أنه لا تدخل وأما الكرات وما كان مثله فما كان على ظاهر الأرض لا يدخل في بيع الأرض وأما ما كان مغيباً من الأرض من أصوله اختلفوا فيه والصحيح أنه يدخل وأما قوائم الباذنجان قال الشَّيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تدخل في <148> بيع الأرض وقال الشَّيخ الإمام المعروف بخواهر زاده يجب أن يكون على الاختلاف الذي ذكرنا في قوائم القطن * رجل باع أرضاً فيها زرع بينه وبين الاكار فباعها بنصيبه من الزرع ذكر في المنتقى أن المشتري إن طلب تسليم المبيع يفسد البيع وإن قال أنا أسكت حتى استحصد الزرع فهو جائز ولا يتصدق المشتري بشيء من الزرع لأنه زاد في أرضه * وكذا لو باع داراً آجرها من غيره فقال المشتري أنا أسكت حتى تتم الإجازة فهو جائز وإن طلب التسليم في الحال فسد العقد * رجل باع أرضاً قد آجرها من غيره قال الشَّيخ الإمام مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روي في بعض الروايات عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن المشتري إذا كان عالماً بذلك جاز البيع ولا خيار له وهكذا قال الشَّيخ الإمام علي بن مُحَمَّد البزدوي وجعل هذا بمنزلة العيب والجارية التي باعها مولاها وهي في نكاح الغير فعلم المشتري بذلك جاز البيع ولا خيار له وقال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا خلاف ظاهر الرواية وهكذا قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى واختلفت الروايات في بيع المرهون والمستأجر * رجل دفع أرضه مزارعة ثمّ باع الأرض بزرعها والزرع بقل ذكر في المنتقى أن المزارع إن أجاز فهو جائز وإن أجاز المزارع على أن يكون نصيبه في الأرض على المزارعة فهو فاسد وأشار في الأصل إلى أنه إذا باع الأرض مع نصف الزرع لا يجوز * رجل باع أرضاً فاستحق منها طائفة معلومة بطريق العامة أو للمقبرة لا يفسد البيع في الباقي لأن الوقف والطريق مال متقوم فلا يفسد البيع فيما ضم إليه كما لو جمع بين قن ومدبر وباعهما صفقة واحدة جاز(2/73)
البيع في القن وإن ظهر أن بعض الأرض كان مسجداً ذكر في المنتقى أن المسجد إن كان مسجد جماعة فسد البيع في الباقي وإن كان مسجد خاص لا يفسد قال ومسجد الجماعة مساجد جماعات المسلمين * وكذا لو كان المسجد في دار لو أغلق باب الدار يكون للمسجد أهل في الدار يصلون فيها بجماعة ولا يمنعون الناس عن الدخول والصلاة معهم فهو مسجد جماعة ولا يكون محلاً للبيع خراباً كان أو عامراً ولو كان لو أغلق باب الدار لا يبقى للمسجد أهل في الدار فليس لهذا حكم <149> المسجد منعوا الناس عن الدخول أو لم يمنعوا وكذا لو باع قرية فيها مسجد قديم ولم يستبن المسجد فهو فاسد * وفي الفتاوى رجل باع كرماً وفيه مسجد قديم ولم يستثن المسجد قالوا إن كان المسجد عامراً فسد البيع وإن كان خراباً لا يفسد لأن العلماء اختلفوا في المسجد الذي خرب ما حوله واستغنى الناس عن الصلاة فيه قال بعضهم يبقى مسجداً * وقال بعضهم يعود إلى ملك الباني أو إلى ملك وارثه ولا يبقى مسجداً وكان هذا المسجد بمنزلة المدبر * وعن غيرهم باع قرية ولم يستثن المقبرة والمسجد فسد البيع من غير تفصيل * رجل باع أرضاً فأقر المشتري بعد ذلك أنها مسجد أو مقبرة أو أقر أنها طريق لعامة المسلمين فأنفذ القاضي عليه إقراره بمحضر من خاصمه فيه للعامة وسلم على الذي خاصمه ثمّ أراد المشتري أن يرجع بالثمن على بائعه فأقام بينه على ذلك ولم يحضر الذي خاصمه فيه للعامة ذكر في المنتقى أن فيه قياساً يقبل البينة كما لو اشترى عبداً ثمّ أقر أنه حر فأنفذ القاضي عليه إقراره ثمّ أقام البينة على ذلك بمحضر من خاصمه فيه للعامة فتكون البينة بينة من خاصمه فيه للعامة * رجل باع داراً أو أرضاً ثمّ ادّعى أنه باع ما هو وقف اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال بعضهم لا تسمع دعواه كما لو باع شيئاً ثمّ ادّعى أنه لغيره وباعه بغير أمر صاحبه فإنه لا تسمع دعواه وما ذكر في المنتقى إذا أقر أن ما اشتراه مقبرة أو مسجد أو طريق للمسلمين وأنفذ القاضي إقراره عليه ثمّ أقام البينة على ذلك ليرجع بالثمن على بائعه قال لا يقبل إلا بمحضر من خاصمه فيه للعامة إشارة إلى هذا القول * رجل قال لغيره بعتك هذا البيت وما أغلق عليه بابه لم يكن للمشتري شيء من المتاع الذي كان في البيت وإنما يقع هذا على حقوق البيت وكذا لو قال بعتك هذا بما فيه من شيء فهذا والأول سواء <150> وإن قال بعتك هذا البيت على ما فيه من المتاع فهو جائز ويدخل فيه ما في البيت من المتاع * رجل اشترى دجاجة ببيضة ولم يقبض الدجاجة حتى باضت خمس بيضات قال إن كان اشتراها ببيضة بغير عينها فإنه يقسم البيضة التي هي ثمن على قيمة الدجاجة وعلى قيمة خمس بيضات معها فما أصاب الدجاجة من الثمن يأخذ الدجاجة بحصتها وما أصاب البيض يأخذ حصة ما يصيب البيض يعني يسلم له ذلك ويتصدق ببقية البيض وإن كان اشترى الدجاجة ببيضة بعينها والمسألة بحالها سلم له كلّ ذلك * وكذا لو اشترى نخلاً بمد من رطب بغير عينه ولم يقبض النخل حتى حملت رطباً فإن الثمن يقسم على قيمة النخل والرطب الحادث يسلم له من الرطب الحادث قد ما يصيبه من الثمن ويتصدق بالزيادة * وإن كان اشترى النخل برطب بعينه فهو جائز ولا يتصدق بشيء * إذا كان الشجر بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من أجنبي لا يجوز * وإن باع من الشريك جاز ولو كان بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد شريكيه لا يجوز وإن باع منهما جاز * ولا يجوز بيع القاضي مال اليتيم من نفسه ولا بيع ماله من اليتيم لأن بيع القاضي قضاء وأنه لا يصلح قاضياً في حق نفسه ولهذا لو زوّج اليتيمة من نفسه لا يجوز * ولو كان القاضي اشترى مال اليتيم من الوصي أو باع ماله من اليتيم وقبل الوصي جاز وإن كان الوصي وصياً من جهة القاضي * ولا يجوز البيع والقسمة على الذي يجن ويفيق وعلى المبرسم والمغمى عليه إلا إذا كان العاقد وكيله في إفاقته لأن هذه العوارض بمنزلة النوم في حق الحكم * رجل باع مائة من من حليج هذا القطن لا يجوز * ولو كانت الحنطة في سنبلها فباعها جاز ولا يصح بيع النواة في التمر * ولو باع حب قطن بعينه جاز كذا اختاره الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى البذر الذي في جوف البطيخ لا يجوز وإن رضي صاحب البطيخ بأن يقطع البطيخ * ولو ذبح شاة فباع كرشها قبل السلخ جاز وكان على البائع إخراجه وتسليمه إلى المشتري وللمشتري خيار الرؤية * دجاجة ابتلعت لؤلؤة فباعها حية مع اللؤلؤة التي ابتلعت فسد البيع وإن كان المشتري رأى اللؤلؤة حتى ابتلعت ولو كانت <151> الدجاجة ميتة فباع اللؤلؤة التي في بطنها جاز ولا خيار للمشتري إن كان رآها إلا إذا تغيرت وإن لم يكن المشتري رأى اللؤلؤة فله الخيار إذا رآها * ولو اشترى لؤلؤة في صدف قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع وله الخيار إذا رأى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز وعليه الفتوى * ولو اشترى سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة(2/74)
إن كان اللؤلؤة في الصدف كانت للمشتري لأن الصدف يكون غذاء للسمك وكل ما كان غذاء للحيوان يكون للمشتري وإن لم تكن اللؤلؤة في الصدف فإنها تكون للبائع وتكون في يده بمنزلة اللقطة ولو اشترى دجاجة فوجد في بطنها لؤلؤة كانت للبائع وترد عليه * رجل باع داراً على أن للبائع فيها طريقاً من هذا الموضع إلى باب الدار يكون فاسداً وكذا لو شرط الطريق لأجنبي وبين موضعه وطوله وعرضه كان فاسداً * ولو قال أبيعك هذه الدار إلا طريقاً منها من هذا الموضع إلى باب الدار ووصف الطول والعرض جاز البيع شرط الطريق لنفسه أو لغيره لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فيكون جميع الثمن بمقابلة الغير المستثنى فلا يفسد البيع أما في الأوّل جعل الثمن مقابلاً بجميع الدار فإذا شرط منها طريقاً لنفسه أو للأجنبي تسقط حصة الطريق من الثمن وأنه مجهول فيصير الباقي مجهولاً ألا ترى أنه لو قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم على أن لي ربعه كان للمشتري ثلاثة أرباع العبد بثلاثة أرباع الثمن ولو قال بعتك هذا العبد بألف درهم إلا ربعه كان للمشتري ثلاثة أرباع العبد بجميع الثمن وكذا لو قال أبيعك داري هذه بعشرة آلاف درهم على أن لي هذا البيت بعينه لا يصح ولو قال إلا هذا البيت جاز البيع بجميع الثمن فيما سوى البيت * ولو قال أبيعك هذه الجارية بمائة دينار على أن لي عشرها كان للمشتري تسعة أعشارها بتسعة أعشار الثمن ولو قال إلا عشرها كان للمشتري تسعة أعشارها بجميع الثمن ولو قال بعتك داري هذه الخارجة على أن تجعل لي طريقاً إلى داري هذه الداخلة لا يجوز ولو قال بعتك داري هذه الخارجة إلا طريقاً على داري هذه الداخلة جاز وطريقه مقدار عرض باب الدار الخارجة ولو قال بعت منك هذه الدار إلا بناءها لا يدخل البناء <152> في البيع لأنه رجع عن الإيجاب قبل قبول المشتري فصح رجوعه ولو باع أرضاً إلا هذه الشجرة بعينها بقرارها جاز البيع وللمشتري أن يمنع البائع عن تدلي أغصان الشجرة في ملكه لأن المستثنى مقدر غلظ الشجر دون الزرادة * اشترى أمة وفي بطنها ولد لغير البائع بالوصية فاجاز صاحب الولد بيع الجارية جاز ولا يكون لصاحب الجنين شيء من الثمن وإن لم يجز صاحب الجنين بيع الجارية لا يجوز بيعه لأن الولد ما دام مجناً يكون بمنزلة أجزاء الجارية فيصير كأنه باع الجارية واستثنى منها جزأ معيناً ولو اجاز صاحب الولد بيع الجارية بعد ما ولدت الجارية إن ولدت عند المشتري لا يكون للولد قسط من الثمن لأنه ولد المبيع بعد القبض وإن ولدت عند البائع أخذ الولد قسطاً من الثمن * رجلان اشتريا سيفاص محلى وتواضعا على أن يكون لأحدهما حلية وللآخر نصلة كان السيف المحلى بينهما والخاتم مع الفص كذلك * ولو اشتريا داراً على أن لأحدهما الأرض وللآخر البناء جاز كذلك * ولو اشتريا بعيراً وتواضعا على أن لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر بدنه تواضعا في ذلك ولم يذكر للبائع شيئاً فالكل لصاحب البدن لأن البدن أصل وغيره بمنزلة التبع ولو تواضعا على ان لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر لحمه فهو بينهما نصفان لأن كلّ واحد من ذلك لا يحتمل الأفراد بالبيع وأحدهما ليس بأصل فكان الكل بينهما * إذا باع الرجل شيئاً وامتنع من الإشهاد على البيع اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال مُحَمَّد بين سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له ذلك ولا يجبر على الإشهاد وقال مُحَمَّد بن الأزهر يشهد اثنين ثمّ الشاهدان يشهدان على شهادتهما وإن رفع الأمر إلى القاضي ورأى أن يأمره بالإشهاد له ذلك ولو امتنع البائع عن كتبه الصك لا يجبر عليه وإن كتب المشتري صكاً وجاء بالعدول إلى البائع وكلفه أن يقر بالبيع ليس للبائع أن يمتنع فإن أبى أن يقرأ حضره مجلس القضاء فإن أقر بالبيع عند القاضي كتب القاضي له سجلاً ويشهد عليه * رجل اصطاد سمكة ثمّ ألقاها في حظيرة وباعها إن أمكن أخذها من غير صيد جاز البيع وإلا فلا وإن باع طيراً له يطير في الهواء إن كان ذا جناح يعود إلى بيته ويقدر <153>على أخذه من غير تكلف جاز بيعه وإلا فلا * باع المغصوب من غير الغاصب إن كان الغاصب جاحداً يدّعي أه له ولم يكن للمغصوب منه بينة لا يجوز بيعه وإن كان له بينة جاز بيعه * ولا يجوز بيع الآبق إلا إذا باعه ممن في يده واختلفت الروايات في بيع المرهون والمستأجر والصحيح أنه موقوف وليس للبائع أن يفسخ * رجل باع ذراعاً من تراب هذه الأرض ليحفرها المشتري جاز وهي مسائل بيع الكر جار * رجل أمر رجلاً ليحمل تراباً من منزله ويرميه فحمله المأمور وباعه جاز البيع للآمر ويكون الثمن للآمر لأنه لما رضي برميه كان أرضى ببيع وكذلك قشور الرمان والبطيخ * جبل فيه كبريت أو ملح فحمل رجل من ذلك شيئاً أو حمل شيئاً من أحجاره وباع إن كان الجبل مباحاً جاز بيعه وكذلك الفستق والحطب لأنه ملكه بالإحراز فيملك بيعه * رجل اشترى تراب الصواغين بعرض إن وجد في التراب ذهباً أو فضة جاز بيعه لأنه باع مالاً(2/75)
متقوماً وإن لم يجد فيه شيئاً من ذلك لا يجوز لأن التراب غير مقصود وإنما المقصود ما فيه من الذهب والفضة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا ينبغي للصائغ أن يأكل ثمن التراب الذي باعه لأن ما فيه مال الناس إلا أن يكون الصائغ قد زاد للناس في متاعهم بقدر ما سقط منه في التراب وكذا الدهان وبقي من الدهن شيء في الأوعية * راع طيناً يأكله الناس إن كان ينتفع به في غير الأكل جاز بيعه وإن كان لا ينتفع به سوى الأكل يكره عند البعض * ولا يجوز بيع لحم ما لا يؤكل لحمه ولا بيع جلده إن كانت ميتة وإن كانت مذبوحة فباع لحمه أو جلده جاز لأنه يطهر بالذكاة حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده وتجوز الصلاة معه هو المختار ويباح الانتفاع به بأن يأكل سنوى أو ما أشبه ذلك إلا الخنزير فإنه لا يجوز بيع لحمه ولا بيع شعره ولا الانتفاع بلحمه وإن كان مذبوحاً * وفي بعض الروايات أنه لا يجوز بيع لحم السباع والكلب وذلك محمول على أنه إذا لم يكن مذبوحاً أو ذلك قول بعض المشايخ * ولا بأس ببيع عظم الفيل وعظم كلّ شيء إلا عظم الآدمي والخنزير فإنه لا يجوز بيعه * رجل اشترى من رجل دجاجة تساوي عشر بيضات بخمس بيضات بعينها فلم يقبض <154> الدجاجة حتى باضت عند البائع خمس بيضات فإن المشتري يدفع الثمن ويأخذ الدجاجة مع البيضات الحادثة ولا يتصدق بشيء لأنه لو اشترى دجاجة وخمس بيضات بعينها جاز البيع كما لو باع بيضة ببيضتين وإن كان المشتري اشترى الدجاجة بخمس بيضات بغير عينها فإن المشتري يتصدق بالفضل على ما قلنا وإن كان البائع استهلك البيضات الحادثة فإن المشتري يأخذ الدجاجة بثلاث بيضات وثلث بيضة لأنه لما باضت خمس بيضات واستهلك البائع البيضات الحادثة وصارت البيضات بالاستهلاك فإذا كانت قيمة الدجاجة عشر بيضات يقسم الثمن على الدجاجة والبيضات المستهلكة أثلاثاً فيكون ثلاثي الثمن وذلك ثلاث بيضات وثلث بيضة ثمن الدجاجة والباقي ثمن البيضات فتسقط حصة البيضات من الثمن ولا فرق في هذا بين ما إذا كان ثمن الدجاجة خمس بيضات بعينها أو بغير عينها * رجل اشترى طعاماً بإناء لا يعرف قدره قالوا لا يجوز بيعه لأنه ليس بمكايلة ولا بمجازفة * ولا يجوز بيع مسيل المال وهبته ولا بيع الطريق بدون الأرض وكذلك بيع الشرب وقال مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى بيع الشرب جائز * ولا يجوز بيع الدهن في السمسم ولا بيع العصير في العنب.
{ فصل في الشروط المفسدة }(2/76)
*رجل باع عبداً على أن لا يبيعه المشتري أو لا يهبه أولاً يتصدق به كان فاسداً وقال ابن أبي ليلى رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز البيع وتفسد الشروط وقال ابن شبرمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع والشرط * ولو باع عبداً بشرط أن يعتقه لا يجوز عندنا فإن اشترى على هذا الشرط وأعتقه ينقلب البيع جاز وفي قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه ثمنه * ولو باع ثوباً على أن لا يزيله عن ملكه ببيع أو هبة أو نحوه جاز البيع ويبطل الشرط * ولو باع عبداً على أن يبيعه من فلان كان فاسداً * وإن اشترى جارية على أن يطأها أو لا يطأها قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يفسد البيع فيهما وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز البيع وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باع بشرط الوطء جاز وإن باع بشرط ترك الوطء لا يجوز * وإن باع عبداً <155> على أن يطعمه المشتري جاز وإن باع على أن يطعمه خبيصاً أو لحماً كان فاسداً * ولو باع جارية على أن يستولدها المشتري أو باع عبداً على أن يدبره كان فاسداً وكذا لو باع شيئاً على أن يهب له المشتري أو يتصدق عليه أو يبيع منه شيئاً أو يقرضه كان فاسداً * ولو باع على أن يقرض فلاناً الأجنبي كان جائزاً * ولو باع على أن يعطيه المشتري بالثمن رهناً فإن كان الرهن مجهولاً كان فاسداً وإن كان معلوماً وأعطاه الرهن في المجلس جاز استحساناً * ولو باع على أن يعطيه بالثمن كفيلاً فإن كان الكفيل غائباً عن المجلس وكفل حين علم أو لم يكفل كان فاسداً وإن كان الكفيل حاضراً في المجلس أو كان غائباً عن المجلس وحضر قبل الافتراق وكفل جاز استحساناً * ولو باع على أن يحيل البائع أحداً بالثمن على المشتري فسد البيع قياساً واستحساناً ولو باع على أن يحيل المشتري البائع على غيره بالثمن فسد قياساً وجاز استحساناً * رجل باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالاً فوجدها أكثر سلمت للمشتري لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف وهو بمنزلة الذرعان في الثوب فسلم الزيادة للمشتري كما لو باع ثوباً على أنه عشرة أذرع فوجده أكثر * ولو باع شاة على أنها حامل فسد البيع لأن الولد زيادة مرغوبة وإنها موهومة لا يدري وجودها فلا يجوز * رجل باع عبداً على أنه خباز أو كاتب جاز البيع لأنه شرط وصفاً مرغوباً يعرف وجوده * ولو باع جارية على أنه بريء من الحبل جاز ولو باع على أنها حامل تكلموا فيه قال الفقيه أبو جعفر إن كان الشرط من قبل البائع جاز لأنه براءة عن العيب وإن كان الشرط من قبل المشتري لا يجوز لأن الشرط إذا كان من قبل المشتري كانت الزيادة مقصودة وإنما هي موهومة فيفسد البيع كما لو شرط الحبل في البهائم وهكذا روى هشام عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه قال البيع جائز إلا أن يظهر للمشتري أنه يحتاج إلى الظئر وهذا إشارة إلى ما قال أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه إذا اشترى جارية على أنها حامل فإذا هي ليست بحامل كان البيع لازماً وليس للمشتري أن يردها ووجهه ما قلنا أن الحبل في الجواري عيب عند الناس فكان شرط الحبل بمنزلة البراءة عن العيب فيجوز البيع في الصحيح من الجواب حتى لو كان في بلد يرغبون في <156> شراء الجواري لأجل الأولاد كان فاسداً * ولو اشترى جارية على أنها مغنية جاز البيع لأن ما شرط غيب في الجواري * روى أن رجلاً جاء إلى مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بجارية وقال إني اشتريتها على أنها تغني كذا كذا لوناً فإذا هي لا تغني شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن البيع قد لزمك إنما أخبرك عن عيب بها ولهذا لو استهلك على رجل جارية مغنية يضمن قيمتها مغنية * ولو باع جارية على أنها ذات لبن قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع * وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع لأنه شرط الصناعة فيجوز كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب وأكثر المشايخ على هذا * ولو اشترى جارية للظؤرة على أنها حامل لم يجز البيع لما قلنا * رجل باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً أو دابة على أن يركبها البائع يوماً كان فاسداً * ولو اشترى شاة أو بقرة على أنها تحلب كذا فسد البيع وإن اشتراها على أنها حلوب روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه جائز وهكذا ذكر الطحاوي وبه أخذ الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز البيع وهكذا ذكر الكرخي وإليه مال الشَّيخ الإمام مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى فرساً على أنه هملاج جاز البيع لأن الهملاج لا يصير غير هملاج فيجوز كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب * باع حيواناً واستثنى ما في بطنها فسد البيع لأن الجنين لا يجوز إفراده بالعقد فلا يصح استثناؤه * ولو اشترى جارية ثيباً على أن البائع لم يكن وطئها فإذا(2/77)
كان البائع وطئها لزم البيع ولا يكون للمشتري أن يردها * ولو باع جارية على أنها ما ولدت فظهر أنها كانت ولدت كان له أن يردها * باع عبداً على أن يسلمه البائع إلى المشتري قبل نقد الثمن كان فاسداً واختلفوا في العلة قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن العقد لا يوجب تسليم المبيع قبل نقد الثمن إذا لم يكن الثمن مؤجلاً فإذا شرط ما لا يقتضيه البيع فسد البيع وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما لا يجوز البيع لأنه تضمن أجلاً مجهولاً حتى لو سمى الوقت الذي يسلم فيه المبيع جاز * رجل باع شيئاً وقال بعت منك بكذا على أن أحط من ثمنه كذا جاز البيع ولو قال على أن أهب لك من ثمنه <157> كذا لا يجوز لأن الحط يلتحق بأصل العقد فيبقى العقد بما وراء المحطوط ولا كذلك الهبة ولو قال بعت منك بكذا على أن حططت عنك كذا أو على أن وهبت لك كذا جاز البيع لأن الهبة قبل الوجوب حط وفي الوجه الأوّل شرط الهبة بعد الوجوب * باع عبداً على أن يؤدي إليه الثمن في بلد آخر فسد البيع لأنه شرط أجلاً مجهولاً هذا إذا كان الثمن حالاً فإن باع بألف إلى شهر على أن يؤدي الثمن إليه في بلد آخر جاز البيع بألف إلى شهر ويبطل شرط الإيفاء في بلد آخر لأنه باع بألف إلى أجل معلوم وإنما ذكر الإيفاء في بلد آخر لتعيين مكان الإيفاء وتعيين مكان الإيفاء لما لا حمل له ولا مؤنة لا يصح وإن كان شيئاً له حمل ومؤنة يصح تعيين مكان الإيفاء ويجوز البيع أيضاً * رجل اشترى شيئاً على أن يحمله البائع إلى منزل المشتري قالوا إن قال ذلك بالعربية لا يجوز البيع وإن قال بالفارسية جاز لأن في العربية يفرق بين الحمل والإيفاء وفي الفارسية لا يفرق ويكون شرط الحمل بمنزلة شرط الإيفاء * اشترى حطباً في قرية شراء صحيحاً وقال موصولاً بالبيع واحمله إلى منزلي جاز البيع لأن هذه مشورة وليس بشرط إن شاء حمل وإن شاء لم يحمل * باع خفاً به خرف على أن يخرزه البائع جاز كما لو اشترى نعلاً على أن يحذوه البائع كذا لو اشترى من خلقاني ثوباً وبه خرق على أن يخيطه البائع ويجعل عليه الرقعة جاز ولو اشترى كرباساً على أن يقطعه البائع قميصاً ويخيطه لا يجوز لأنه لا يعرف فيه بخلاف ما تقدم * رجل باع أرضاً على أن المشتري إن أحدث فيها حدثاً ثمّ استحقها إنسان كان البائع ضامناً لم أحدثه المشتري كان البيع فاسداً لأن المشتري إنما يرجع على البائع عند الاستحقاق بما أحدثه المشتري إذا كان الحدث زيادة كالبناء والغرس والزروع ونحو ذلك أما إذا كان نقصاناً كالحفر ونحوه لا يرجع به على البائع فإذا شرط الرجوع مطلقاً كان فاسداً * رجل اشترى من رجل سكنى كان للبائع في حانوت رجل آخر مركباً يمكنه نزعه من غير ضرر وقد أخبره البائع أن أجرة الحانوت ستة دراهم ثمّ ظهر أن الأجرة كانت عشرة دراهم لزم البيع ولصاحب الحانوت أن يكلف المشتري برفع السكنى من الحانوت لأنه شاغل ملكه وإن كان المشتري <158> يتضرر بذلك * رجل باع داراً وشرط الفناء في بيع الدار فسد الببيع لأن البائع لا يملك الفناء فلا يملك المشتري * باع أرضاَ على أن فيها كذا كذا نخلة فوجدها المشتري ناقة جاز البيع ويخير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك لأن الشجر يدخل في بيع الأرض تبعاً فلا يكون له قسط من الثمن وكذا لو باع داراً على أن فيها كذا كذا بيتاً فوجدها المشتري ناقصة جاز البيه ويخير المشتري على هذا الوجه ولو باع أرضاَ على أن فيها كذا كذا نخلة عليها ثمارها فباع الكل بثمارها وكان فيها نخلة غير مثمرة فسد البيع لأن الثمر له قسط من الثمن فإن كانت الواحدة غير مثمرة لم يدخل المعدوم في البيع وصارت حصة الباقي مجهولة فيكون هذا ابتداء العقد في الباقي بثمن مجهول فيفسد البيع كما لو باع شاة مذبوحة فإذا رجلها من الفخذ مقطوعة فسد البيع لأن الفخذ له قسط من الثمن فإذا لم تجب حصة الفخذ من الثمن صار ثمن الباقي مجهولاً فيفسد البيع * باع ثوباً على أنه مصبوغ بالعصفر فإذا هو أبيض جاز البيع ويخير المشتري كما لو باع داراً على أن فيها بناء فإذا لا بناء فيها جاز البيع ويخير المشتري بخلاف ما لو اشترى ثوباً على أنه أبيض فإذا هو مصبوغ بالعصفر كان فاسداً لأن الصبغ لم يدخل في البيع فلا يسلمه البائع مع الصبغ فيقعان في المنازعة فيفسد البيع كما لو باع داراً على أن لا بناء فيها فإذا فيها بناء يفسد البيع لأنه يفضي إلى المنازعة لما قلنا وكذلك لو باع ثوباً على أنه مصبوغ بالعصفر فإذا هو مصبوغ بالزعفران فسد البيع * إذا اشترى كرباساً على أن سداه ألف فإذا هو ألف ومائة سلم الثوب للمشتري لأن هذا زيادة وصف بمنزلة زيادة الذرعان ولو اشترى على أنه سداسي فإذا هو خماسي خير المشتري إن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك لأن هذا اختلاف نوع لا اختلاف جنس فلا يفسد البيع وإنما يخير لأنه وجد دون ما شرط ولو اشترى ثوباً على أنه وداري فإذا هو زندنجي بطل البيع لأن الجنس مختلف(2/78)
فيبطل البيع كما لو اشترى ثوباً على أنه هروي فإذا هو مروي ولو باع ثوباً على أنه خز فإذا هو لحمته خز وسداه قطن جاز البيع لأن السدي تبع للحمة * ولو اشترى جراباً على أن فيه عشرين ثوباً كل ثوب كذا فوجده أكثر <159> لا يسلك الزيادة للمشتري فإن غاب البائع قالوا يعزل المشتري من ذلك ثوباً ويستعمل الباقي وهذا استحسان أخذ به محمد رحمه الله تعالى نظراً للمشتري * اشترى سويقاً على أن البائع لته بمنّ من السمن وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينة انتفى الغرر وهو كما لو اشترى صابوناً على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن ثم ظهر أنه اتخذ من أقل من ذلك والمشتري كان ينظر إلى الصابون وقت الشراء وكذا لو اشترى قميصاً على أنه اتخذ من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري لما قلنا ولو باع من آخرابر يسما فوزنه البائع على المشتري فذهب به المشتري ثم جاء بعد مدة وقال وجدته ناقصاً إن كان يعلم أنه انتقص من الهواء لا شيء على البائع وكذا لو كان النقصان بما يجري بين الوزنين وإن لم يكن النقصان من الهواء ولا يجري بين الوزنين فإن لم يكن المشتري أقرّ أنه قبض كذا منافله أن يمنع حصة النقصان من الثمن إن كان لم ينقده الثمن وإن كان نقده رجع عليه بذلك القدر وإن كان المشتري أقر أنه قبض كذا منا ثم قال وجدته أقل من ذلك فليس له أن يمنع من البائع شيئاً من الثمن ولا يستردّه * رجل باع حباً من طعام ثم ظهر النصف تبناً فإنه يأخذ بنصف الثمن لأن الحب مم يقدر به الحنطة فكان بائعاً حنطة مقدرة فإذا لم يجد البعض رجع بحصته من الثمن وهذا بخلاف ما لو اشترى بئراً من حنطة على أنه عشرة أذرع فوجده أقل يخير المشتري عن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك وكذا لو اشترى حنطة مجموعة في بيت فوجده تحته دكاناً فإنه يخير كما يخير في البئر لأن البيت والبئر مما لا يقدر به الحنطة فكان الداخل في البيع ما كان موجوداً وإنما يخير لمكان القدر * اشترى سمكة على أنها عشرة أرطال فوزنها البائع على المشتري ثم وجد المشتري في بطنها حجراً يزن ثلاثة أرطال قالوا يخير المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك ويكون نقصان الوزن فيه بمنزلة العيب فيخير كما لو اشترى ثوباً على أنه عشرة أذرع فإذا هو تسعة خير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك فإن كان المشتري شواها قبل أن يعلم بذلك <160> تقوّم السمكة عشرة أرطال وتقوّم سبعة أرطال فيرجع بحصة النقصان من الثمن * ولو اشترى نقرة على أنها زخم دار خالصة فقبضها وكسرها فلم يكن كذلك كان له أن يردها لأن فوات الشرط بمنزلة العيب ولو اشترى كتاباً على أنه كتاب النكاح من تأليف محمد رحمه الله تعالى فإذا هو كتاب الطلاق أو كتاب الطب أو كتاب الطب أو كتاب النكاح لا من تأليف محمد رحمه الله تعالى بل من تأليف مالك أو الحسن بن زياد قالوا يجوز البيع لأن الكتاب هو السواد على البياض وذلك جنس واحد وإنما يختلف أنواعه واختلاف النوع لا يمنع الجواز * ولو اشترى شاة على أنها نعجة فإذا هو معز جاز البيع ويخير المشتري لأنهما جنس واحد ولهذا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة * ولو اشترى بعيراً على أنه خراسي فلم يجده خراسياً كان له أن يردّه كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب فوجده غير خباز * ولو اشترى بذر الفليق على أنه مروزي والمشتري لا يعرف ذلك فلما خرج الدود ظهر أنه غير مروزي وبين المروزي وغير المروزي تفاوت فاحش كان على البائع رد الثمن إن كان قبض من المشتري وعلى المشتري رد مثل ما قبض وهو كما لو اشترى بذر البطيخ فزرعه فوجده بذر القثاء كان على البائع رد الثمن وعلى المشتري رد مثل ما قبض * ولو اشترى أرض خراج على أن خراجها على البائع أبداً إن شرط جميع الخراج على البائع فسد البيع كما لو باع شيئاً على أن يقضي المشتري دين البائع وإن شرط بعض الخراج على البائع فإن كان ما شرط على البائع شيئاً من خراج خذه الأرض فكذلك الجواب وإن كان الذي شرط على البائع زيادة على خراج الأصل جاز البيع كما لو باع وشرط على المشتري أن يتحمل الظلم * ولو اشترى أرضاً على أن خراجها ثلاثة دراهم فظهر أن خراجها أربعة دراهم فهو على وجهين أحدهما أن تظهر الزيادة على ما شرط والثاني إن باع على أن خراجها أربعة فإذا هو ثلاثة تكلموا في ذلك قال بعضهم يفسد العقد في الوجهين جميعً سواء ظهر خراجها أقل مما شرط أو أكثر من غير تفضيل وقال بعضهم إن ظهر أقل مما شرط لا يفسد به العقد وإن ظهر أكثر مما شرط يفسد العقد إذا لم يكن لتلك الأرض طاقة لذلك الخراج <161> * وقال بعضهم إن كان خراجها أكثر مما شرط فإن كان المشتري يعلم بذلك فسد البيع كما لو شرط أن يكون بعض الخراج على البائع وذلك مفسد للبيع وإن لم يكن المشتري عالماً بذلك جاز البيع وللمشتري الخيار إن شاء أمسكها بخرجها وإن(2/79)
شاء رداه لأنه إذا لم يعلم بذلك ظن أن خراجها أقل ولا يكون في هذا شرط بعض الخراج على البائع وأما إذا باعها على أن خراجها أربعة وخراجها ثلاثة دراهم والمشتري يعلم أن خراجها ثلاثة دراهم فسد البيع لأنه شرط أن يكون على المشتري خراج أرض أخرى للبائع من حيث المعنى فيفسد البيع وإن لم يكن المشتري عالماً بذلك جاز البيع ولا يخير المشتري * ولو باع أرضاً ولم يذكر الخراج ولم يجعله شرطاً في البيع جاز البيع ثم ينظر عن كان خراجها أكثر مثل ما يعد ذلك عيباً في الناس يخير المشتري بسبب العيب وإن لم يكن كذلك فلا خيار له * رجل باع أرضاً على أنها غير خراجية وهي خراجية فسد البيع على قياس ما تقدم ينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن علم المشتري أنها أرض خراج فسد البيع وإن لم يكن عالماً بذلك جاز البيع ويخير * باع حانوتاً على أن غلته عشرون درهماً فإذا هي خمسة عشر إن أراد بذلك أن غلتها فيما مضى كانت عشرين جاز البيع لأن ما مضى لا يعتبر وإن أراد بذلك أن غلتها فيما يستقبل عشرون فسد البيع لأن الشرط موهوم فيفسد كما لو باع حيواناً على أنها كل يوم تحلب كذا وإن لم يبين مراده فسد البيع لأن الناس يريدون بهذه الغلة فيما يستقبل * اشترى أرضاً على أن البائع يتحمل خراجها فقبضها المشتري فأخذها الشفيع بالشفعة على ظن أن البيع بهذا الشرط جائز ثم ظهر أنه كان فاسداً قال القاضي الإمام أبو على النسفي رحمه الله تعالى البيع بهذا الشرط فاسد وفي البيع الفاسد لا يثبت للشفيع حق الشفعة ما لم يبطل حق البائع في الاسترداد فإن كان الشفيع أخذه بتراضيهما كان ذلك بيعاً مبتدأً وإن شرطا في الأخذ بالشفعة أن يتحمل البائع خراجها كان للشفيع أن يرد وإلا فلا * اشترى قلنسوة على أن حشوها قطن ففتقها المشتري فوجد الحشو صوفاً اختلفوا فيه بعضهم يفسد البيع <162> فيدها المشتري ويرد معها نقصان الفتق وقال بعضهم يجوز البيع ويرجع بالنقصان لأن الحشو تبع وتغير التبع لا يفسد البيع وهذا أصح * اشترى جوزاً على أنه فاسد لا يجوز اليع إلا أن يكون كثيراً يشتري مثله للحطب * باع زرعاً وهو يفسد على أن يرسل المشتري فيها دوابه جاز استحساناً وعليه الفتوى وفي القياس يفسد وبه أخذ بعض المشايخ * باع عبداً على أن يبيعه من فلان كان فاسداً وإن باع على أن يبيعه جاز * اشترى أرضاً ثم امتنع عن إيفاء الثمن وقال اشتريتها على أنها جر يبان فإذا هي أنقص وقال البائع بعتك كما هي وما شرطت لك شيئاً كان القول قول البائع في إنكار الشرط مع يمينه * باع حماراً وقال بأن شرط مى فروشم كه غارتي است كان للمشتري أن يرد وكذا لو قال أبيعك على أن لا ترجع عليّ بالثمن عند الاستحقاق كان البيع فاسداً لأنه شرط ما يخالف مقتضى العقد وهو سلامة المبيع للمشتري وسلامة الثمن للبائع * رجل باع جارية وقال أبيعك هذه الجارية على أنك إن بعتها بربح كان الربح بيننا نصفين كان البيع فاسداً * اشترى ديكاً فوجده يصيح في غير الوقت كان له أن يرده لأن ذلك يعدّ عيباً عن الناس * اشترى بعيراً على أنه لا يصيح فوجده يصيح كان له أن يرد وهذا الجواب ظاهر فيما إذا كان يصيح زيادة على المعتاد بحيث بعد ذلك عيباً عن الناس * ذمي اشترى أرضاً من مسلم على أن يتخذه بيعة جاز البيع ويبطل الشرط ويكره للمسلم أن يبيعه بهذا الشرط وكذلك بيع العصير على أن يتخذه خمراً لأن هذا شرط لا يخرجها عن ملك المشتري وليس ههنا أحد يطالب بتحصيل الشرط فيجوز البيع كما لو قال أبيعك أرضاً على أن تتخذه منزلاً أو باع طعاماً على أن يأكله المشتري ولو باع داراً على أن يتخذها مسجداً للمسلمين فسد البيع وكذا لو باع على أن يتصدق به على الفقراء لأن المسجد يخرج عن ملكه إلى الله تعالى * وكذا لو باع بشرط أن يجعلها سقاية أو مقبرة للمسلمين فسد البيع ولو باع بشرط أن لا يهدمها أو بشرط أن يهدمها جاز البيع * رجل قال لغيره بع عبدك من فلان على أن أجعل لك مائة درهم جعلا على ذلك فباعه من ذلك الرجل بألف درهم ولم يذكر <163> الشرط في البيع جاز البيع ولا يلزمه الجعل وإن كان أعطاه كان له أن يرجع فيه وكذا لو قال بع عبدك من فلان على أن أهب لك مائة درهم * رجل له على رجل دينار فاشترى منه ثوباً بدينار على أن لا يجعله قصاصاً بما عله كان البيع فاسداً * اشترى جارية على أن يكسوها الخز أو على أن لا يضربها أو على أن لا يؤذيها فسد البيع * رجل قال لرجل بعتك عبد بألف درهم على أن تعطيني عبدك هذا أو قال على أن تجعل لي عبدك هذا فسد البيع لأنه شرط الهبة في البيع * ولو قال بعتك عبدي هذا بألف درهم على أن تعطيني عبدك هذا زيادة جاز ويكون ذلك زيادة في الثمن * اشترى بازياً على أنه صيود أو كلباً على أنه معلم صيود لا يجوز البيع لأنه عسى أن لا يصيد وإن كان صيوداً * قال له بعتك هذا العبد على أن تبيعه وتعطيني ثمنه كان فاسداً * ولو قال أبيعك هذا بثلثمائة درهم وعلى أن يخدمني سنة أو قال(2/80)
بثلثمائة درهم على أن يخدمني سنة أو قال أبيعك عبدي هذا بثلثمائة درهم يخدمك سنة كان فاسداً لأن هذا بيع شرط فيه الإجارة وكذا لو قال أبيعك عبدي هذا بخدمتك سنة * رجل قال أبيعك عبدي هذا بألف درهم وتبيعني عبدك هذا بمائة دينار أو قال أبيعك عبدي هذا بألف درهم وتهب لي عبدك هذا كان فاسداً * رجل باع شيئاً على أن يشتريه لنفسه لا يجوز البيع * ولو قال بعت منك هذا بمائة درهم سحتاً ورشوة جاز البيع * إذا باع شيئاً بألف درهم على أن يقرضه فلاناً الأجنبي لا يفسد البيع لأن الشرط جرى بين أحد العاقدين وبين الأجنبي ومثل هذا لا يفسد البيع ولا خيار للبائع عن لم يقرضه الأجنبي * رجل قال لغيره بع عبدك من فلان بألف درهم على أن يكون الثمن علي والعبد لفلان المشتري في ظاهر الرواية لا يجوز هذا البيع وقال الكرخي رحمه الله تعالى يجوز البيع * ولو قال بع عبدك من فلان بألف درهم على أني ضامن لك بخمسمائة درهم من الثمن جاز * ولو قال لغيره بعتك هذا العبد بألف درهم وعلى أن تقرضني عشرة دراهم جاز البيع ولا يكون ذلك شرطاً في البيع * إذا اشترى شيئاً بشرط أن يكفل فلان بالدرك للمشتري فهو بمنزلة ما لو باع بشرط أن يعطيه بالثمن رهناً أو كفيلاً <164> بنفسه إن كان الكفيل حاضراً في المجلس وكفل جاز وكذا لو كان الرهن معلوماً ولو باع بشرط آن يعطيه بالثمن رهناً ولم يذكر الرهن كان فاسداً فإن اتفقا على تعيين الرهن في المجلس أو أعطاه المشتري الثمن حالاً جاز * ولو شرط أن يعطيه بالثمن كر حنطة جيدة رهناً ولم يعين الكر جاز * ولو شرط رهناً معيناً ثم امتنع المشتري عن تسليم الرهن عندنا لا يجبر على تسليم الرهن لكن يقال للمشتري إما أن تدفع الرهن أو قيمته أو تفسخ العقد * رجل اشترى عبداً بألف درهم على أنه إن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فأعتقه المشتري في الأيام الثلاثة قبل أن ينقد الثمن نفذ إعتاقه لأن هذا البيع بمنزلة البيع بشرط الخيار للمشتري ولو مضت الأيام الثلاثة ولم ينقد الثمن أشار في المأذون إلى أنه ينفسخ البيع والصحيح أنه يفسد ولا ينفسخ حتى لو أعتقه بعد الأيام الثلاثة نفذ إعتاقه إن كان في يد المشتري وعليه قيمته وإن كان في يد البائع لا ينفذ إعتاق المشتري ولو اشترى عبداً ونقد الثمن على أن البائع إذا رد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما جاز استحساناً وهو بمنزلة ما لو باع على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام إن أعتقه البائع صح إعتاقه وإن أعتقه المشتري لا يصح * ولو اشترى عبداً وقبضه ثم وكل المشتري رجلاً على أنه إن لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً فإن الوكيل يفسخ العقد بينهما جاز البيع لأن الشرط لم يكن في البيع فيجوز البيع ويصح الشرط حتى لو لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً كان للوكيل أن يفسخ ولو اشترى جارية على أنه إن لم ينقد الثمن على ثلاثة أيام فلا بيع بينهما وقبض المشري فباع ولم ينقد الثمن حتى مضت الأيام الثلاثة جاز بيع المشتري وللبائع الأول على المشتري الأول الثمن كما لو باع بشرط الخيار للمشتري لزم البيع ولو كان المشتري وطئها وهي بكر أو ثيب أو جنى عليها أو حدث بها عيب لا بفعل أحد ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن ينقد الثمن خير البائع إن شاء أخذها مع النقصان ولا شيء له من الثمن وإ شاء ترك وأخذ ثمنها * واختلفوا في البيع الذي يسميه الناس بيع الوفاء أو بيع الجائز قال أكثر المشايخ منهم السيد الغمام أبو شجاع والقاضي الإمام <165> أبو الحسن علي السغدي حكمه حكم الرهن لا يملكه المشتري ويضمنه المشتري بالأكل من ثمره ولا يباح له الانتفاع ولا الأكل إلا بإباحة المالك ويسقط الدين بهلاكه إذا كان به وفاء بالدين ولا يضمن الزيادة إذا هلك لا بصنعه وللبائع أن يسترد إذا قضى الدين والصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهناً ثم ينظر إن ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع وإن لم يذكرا ذلك في البيع وتلفظا بلفظة البيع بشرط الوفاء أو تلفظا بالبيع الجائز وعندهما هذا البيع عبارة عن عقد لا غير لازم فكذلك وإن ذكر البيع من غير شرط ثم ذكر الشر ط على وجه المواعدة جاز البيع ويلزمه الوفاء بالوعد لأن المواعدة قد تكون لازمة فتجعل لازمة لحاجة الناس * رجل باع سفل داره على أن يكون له حق قرار العلو عليه جاز ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في القسمة * وكذا لو باع رجل رقبة الطريق على أن يكون للبائع حق المرور فيه جاز * واكرباغ خريدبدان شرط كه فروشنده ديوارباغ بزند فسد البيع * ولو قال له البائع اشتر حتى أبني الحوائط جاز البيع ولا يجبر على البناء لكن يخير المشتري إذا لم يبن إن شاء أمسك وإن شاء رد * رجل اشترى حنطة بعينها على أنها عشرة أقفزة فوجدها كذلك جاز * ولو اشتراها على أنها أكثر من عشرة فوجدها أكثر جاز وإن وجدها عشرة أو أقل من عشرة لا يجوز * ولو باعها على أنها أقل من عشرة فوجدها أقل جاز وإن وجدها عشرة(2/81)
أو أكثر لا يجوز وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز ذكر المسائل في المأذون الكبير * ولو اشترى داراً على أنها عشرة أذرع جاز في الوجوه كلها * رجل اشترى نصف ما في الكرم من العنب على الزراجين على أن يكون خمسمائة من فوجدها كذلك جاز وإن اشترى مكيلاً أو موزوناً على أنه كذا فوجده أقل جاز البيع فيما وجد وهل يخير المشتري إن كان لم يقبض المبيع أو قبض البعض له أن يرد وإن كان قبض الكل لا يخير * اشترى عبداً على أنه خصي فإذا هو فحل قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يرد وإن اشترى على أنه فحل فإذا هو خصي كان له أن يرد * ولو اشترى عبداً فوجده عنيناً قال أبو يوسف رحمه <166> الله تعالى له أن يرد وهي من مسائل العيب * رجل اشترى داراً على أنه إن رضي جيرانه أخذها اختلفوا فيه قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى لا يجوز البيع وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إن سمى الجيران فقال إن رضي فلان وفلان إلى ثلاثة أيام أخذه جاز وإلا فلا يجوز * اشترى عبداً على أن تكون سرقته على البائع أبداً وجنونه عليه إلى أن يستهل الهلال فجن قبل أن يستهل الهلال فرده على البائع فلم يقبضه البائع فهلك عند المشتري قالوا البيع بهذا الشرط فاسد فإذا رده على البائع بحيث تناله يده فقد برئ منه ولا شيء للبائع عليه * رجل اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبضه ثم رده على البائع لفساد البيع فلم يقبل فأعاده المشتري إلى منزله فهلك عند لا يلزمه الثمن ولا القيمة وكذا الغاصب إذا رد المغصوب إلى المغصوب منه فلم يقبل فحمله الغاصب إلى منزله فضاع عنده لا يضمن ولا يجدد الغصب بالحمل على منزله إذا لم يضعه عند المالك فإن وضعه بحيث تناله يده ثم حمله مرة أخرى إلى منزله فضاع كان ضامناً أما إذا كان في يده ولم يضعه عند المالك فقال للمالك خذه فلم يقبله يصير أمانة يده وقال أبو نصر ابن سلام إن كان فساد البيع متفقاً عليه غير مختلف فيه فرده على البائع برئ المشتري عن الضمان إن لم يقبل البائع وإن كان فساد البيع مختلفاً فيه لا يبرأ المشتري إلا بقبول البائع أو بقضاء القاضي وقال أبو بكر الإسكاف يبرأ في الوجهين وما قال أبو نصر أشبه لأن أحد العاقدين فيما كان مختلفاً فيه لا يملك الفسخ إلا بقضاء أو رضاء كما في خيار البلوغ وفسخ الإجارة للعذر ونحو ذلك
{ فصل في أحكام البيع الفاسد }
!خطأ لم يُعثر على مصدر المرجع.
{ فصل في ألفاظ اليمين بالفارسية } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في عقد اليمين على فعل الغير } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في عطف الشرط على اليمين } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في تحليف الظلمة وفيما ينوي الحالف غير ما ينوي المستحلف } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في اليمين بالصوم والصدق ونحو ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الكفارة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في يمين الفضولي اليمين مما يتوقف كالطلاق والعتاق وغير ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل فيما يكون على الفور أو على الأبد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب من الإيمان } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في التزويج } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل اليمين على الترك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل في السرقة والأخذ <44> وبالغصب } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الأكل } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في تعين المحلوف عليه } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الدخول } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الخروج } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في المساكنة والسكنى والسكون } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الركوب } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الكلام والقراءة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل في القراءة والصلاة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في مسائل الصلاة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في المعرفة والرؤية } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في اليمين على الشتم والقذف } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الضرب والقتل ونحو ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ كتاب البيوع } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب السلم } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل فيما يجوز فيه السلم وما لا يجوز } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ كتاب البيع } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في البيع الباطل } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب البيع الفاسد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.(2/82)
{ الفصل الأوّل في فساد البيع بجهالة أحد البدلين وفيه الجمع بين الموجود والمعدوم والجمع بين المال وغير المال } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الشروط المفسدة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في أحكام البيع الفاسد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
فصل في أحكام البيع الفاسد
رجل باع حتى جارية بيعاً فسداً فقال البائع بعدما قبضها المشتري هي حرة لا تعتق لأن إعتاق البائع صادف ملك المشتري فإن قال مرة أخرى هي حرة عتقت لأن كلام الأوّل كان فسخاً إذا كان بمحضر من المشتري فإذا قال بعد ذلك هي حرة فالكلام الثاني صادفها بعدما عادت إلى ملكه فعتقت وإن لم يكن الكلام الثاني لأنه لا يملك الفسخ بغير محضر من صاحبه إذا كان بعد القبض
<167>
وإن كان قبل القبض فكل واحد منهما ينفرد بالفسخ بمحضر من صاحبه أما بعد القبض إن كان الفساد لمعنى في صلب العقد ولا ينقلب جائزاً كالبيع بالخمر والخنزير ونحو ذلك فكذلك وإن كان الفساد لشرط فاسد أو لا جل فاسد فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ حمهما الله َعَالَى وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن كان الفسخ ممن له منفعة في الشرط نحو الأجل إلى القطاف والخيار المطلق يصح فسخه بمحضر من صاحبه وإن لم يقبل الآخر وإن كان الفسخ ممن ليس له منفعة في الشرط لا يصح الفسخ إلا بقبول الآخر أو بالقضاء وكان الجواب في المسألة الأوّلى على هذا *رجل باع جارية بيعاً فاسداً فولدت عند المشتري من غيره ثم ماتت الجارية فإن المشتري يرد قيمتها ويرد الولد أَيضاً لأنها لو كانت قائمة يردها ويرد ولدها فكذا إذا هلكت وردّ قيمتها لأن القيمة قامت مقام الأم وكذا لو اكتسب أكساباً عند المشتري يردّها مع الكسب* رجل باع غلاماً يساوي خمسمائة بخمسمائة بيعاً فاسداً وقبضه المشتري فازدادت قيمته فصار يساوي ألفاً ثم باعه نفذ بيعه ويغرم قيمته يوم قبضه خمسمائة* ولو غصب عبداً قيمته ألف فازدادت قيمته من السعر إلى ألق درهم ثم أن الغاصب اشتراه من المالك شراء فاسداً ثم مات العبد فإن كان وصل إلى الغاصب بعدما اشتراه كان عليه ألفان وإن لم يصل إليه كان عليه الألف لأن الزيادة قبل الشراء كانت أمانة لأنها زيادة الغصب فلو صارت مضمونة بالشراء تصير مضمونة بالقبض فلا بد من القبض بعد الشراء* رجل اشترى أمة شراء فاسداً فلم يقبضها حتى أعتقها فأجاز البائع إعتاقه عتقت على البائع ولا شيء على المشتري لأنها قبل القبض مملوكة البائع فيتوقف إعتاق المشتري على إجازة البائع* ولو اشترى عبداً شراء فاسداً فقال للبائع قبل القبض أعتقه عنى فأعتقه البائع عنه كان العتق عن البائع دون المشتري وكذا لو اشترى حنطة شراء فاسداً فأمر البائع أن يطحنها فطحنها كان الدقيق للبائع وكذا لو كانت شاة فأمر البائع بذبحها فذبحها* ولو اشترى قفيز حنطة شراء فاسداً وأمر البائع قبل القبض أن يخلطها بطعام المشتري ففعل ذلك كان ذلك
<168>(2/83)
قبضاً من المشتري وعليه مثلها للبائع هكذا ذكر المسائل في المنتقى *رجل باع عبداً بيعاً فاسداً ثم تناقصاً للبائع من القيمة ثم مات الغلام عند المشتري كان على المشتري قيمة الغلام ولو قال أبرأتك عن الغلام ثم هلك الغلام عند المشتري كان المشتري برياً عن الغلام لأنه إذا أبرأه عن الغلام فقد أخرج الغلام من أن يكون مضموناً وصار أمانة فلا يضمن عند الهلاك* أما في الوجه الأوّل أبرأه البائع عن القيمة وليس عليه قيمة قبل الهلاك فبطل الأبراء* رجل اشترى عبداً شراءً جائزاً وقبضه ثم تقايلا البيع ثم أن البائع برأ المشتري عن التمسن فهلك الغلام عند المشتري لا شيء على المشتري لأن في البيع الجائز الغلام بعد الإقالة مضمون على المشتري بالثمن فإذا أبرأه عن الثمن صح إبراؤه أما في البيع الفاسد حق البائع بيعاً فاسداً في المبيع لا في القيمة عند الهلاك فقد أبرأه قبل الوجوب فلا يصح حتى لو قال أبرأتك عن الغلام كان بريّا لأنه لما أبرأه عن الغلام صار وديعة فلا يضمن قيمته عند الهلاك نظيره ما لو قال بعتك هذا الشيء بعشرة دراهم ووهبت لك العشرة ثم قبل المشتري البيع جاز البيع ولا يبرأ المشتري عن الثمن لأن الثمن لا يجب إلا بعد قبول البيع فإذا أبرأه عن الثمن قبل القبول كان إبراء قبل السبب فلا يصح *رجل اشترى بإشراء فاسداً وقبضه وقطعه قميصاً ولم يخطه حتى أودعه عند البائع فهلك ضمن المشتري نقصان القطع فلا يضمن قيمة الثوب لأنه لما أودعه البائع فقد رد على البائع الأقدر نقصان القطع لأن الرد بحكم الفساد مستحق فإذا وصل إلى العلم البائع بأي وجه وصل يقع عن المستحق * رجل اشترى داراً شراءً فاسداً وقبضها فخربت عنده خراباً فاحشاً ثم خاصمه البائع إلى القاضي فقضى البائع لبائع بقيمة الدار يوم قبض المشتري كان للشفيع أن يأخذهما من المشتري بتلك القيمة* رجل اشترى عبداً شراءً فاسداً وقبضه ثم أعتقه أو قتله وقيمته يوم القتل والإعتاق أكثر من قيمته يوم القبض كان عليه قيمته يوم القبض بخلاف الغصب * رجل اشترى
<169>
أمة شراءً فاسداً وقبضها فولدت عنده من غيره ولداً فأعتقهما كان على المشتري قيمة الأم يوم القبض وقيمة الولد يوم الإعتاق لأن الولد كان أمانة فيضمن قيمته يوم الإعتاق ولو قتلهما رجل وتوى ما عليه ضمن المشتري قيمة الأم ولا يضمن قيمة الولد ثم يتبع البائع القاتل بقيمة الولد* رجل اشترى أمة شراءً فاسداً وقبضها وزوجها رجلاً ودخل بها الزوج ثم أن البائع خاصم المشتري لفساد البيع فإن القاضي ينقض البيع ويرد الجارية على البائع ويغرم المشتري نقصان التزويج ومهر مثلها والنكاح جائز على حالة والمهر المسمى يكون للمشتري على الزوج* إذا اشترى طعاماً شراءً فاسداً وقبضه يملكه ولا يحل له أكله* وكذا لو اشترى جارية شراءً فاسداً وقبضها يملكها ولا يحل له وطؤها ولا يثبت الملك بالعقد الفاسد إلا باتصال القبض به فإن قبض في المجلس صح قبضه مالم ينه البائع وأن قبض بعد المجلس إن قبض بإذن البائع صح قبضه وإلا فلا ويصير قابضاً بالتخلية كما في البيع الجائز وللبائع أن يسترد المبيع ما لم يوجد ما يبطل حق الفسخ ولا يبطل حق الفسخ بالإجارة ولا يموت المشتري لأن الملك الفاسد ينتقل إلى وارث المشتري ويقوم الوارث مقام المشتري أما مجرد الحق فلا يورث* ولو باع ثوباً بيعاً فاسداً فصبغه المشتري أحمر بطل حق الفسخ وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى أنه لا يبطل وللبائع أن يعطى ما زاد الصبغ فيه ويأخذ الثوب* ولو باع أرضاً بيعاً فاسداً فجعلها المشتري مسجداً لا يبطل حق الفسخ ما لم يبن في ظاهر الرواية فإن بناه بطل في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وغرس الأشجار بمنزلة البناء وكذا لو وهبه لا يبطل حق الفسخ مالم يبن ولو أوصى بها المشتري ومات بطل حق الفسخ ونقصان الولادة في البيع الفاسد يكون بمنزلة نقصان الولادة في البيع الفاسد يكون بمنزل نقصان الولادة في الغضب ينجبر بالولد* ولو خرج المبيع عن ملك المشتري ثم عاد إليه الملك الأوّل كأنه لم يخرج إن لم يكن القاضي قضى على المشتري بالقيمة للبائع ولو ادعى المشتري شراءً فاسداً أنه باعه من فلأن الغائب وأقام البينة على ذلك لم تقبل سننه وللبائع أن يسترده وإن صدقه البائع في ذلك بطل حق الفسخ ويقضي بالقيمة للبائع فإن رهن المشتري شراءً <170>(2/84)
فَاسداً وسلم إلى المرتهن بطل حق الفسخ فإن افتك الرهن ولم يكن القاضي قضى عليه بالقيمة عاد حق الفسخ وكذا لو وهب ثم رجع في الهبة بقضاء أو بغير قضاء كان على هذا التفصيل* وإن اشترى شيئاً بميتة أو بدم وقبض لا ينفذ تصرف المشتري فيما اشترى وإن اشترى بخمر أو خنزير أو ما أشبه ذلك ينفذ تصر المشتري فيما اشترى من بيع أو هبة إلا أنه لا يحل أكله إن كان طعاماً ولا الوطء إن كان جارية* ولو اشترى جارية شراءً فاسداً واستولدها بطل حق الفسخ كما لو أعتقها ويغرم قيمتها للبائع واختلفوا في وجوب العقر للبائع قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تَعَالَى أنه إذا غرم القيمة لا يجب العقر وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجب العقر مع القيمة ويدخل الأقل في الأكثر وإن وطئها ولم يستولدها ردها على البائع ويغرم العقر للبائع عند الكل باتفاق الروايات والغاصب إذا وطئ المغصوبة بشبهة كان للمالك أن يأخذها وعقرها وإن غرم الغاصب قيمتها لا يغرم عقرها ويثبت خيار الشرط في البيع الفاسد كما يثبت في البيع الجاتى لو باع عبداً بألف درهم ورطل من خمر على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض المشتري العبد وأعتقه في الأيام الثلاثة لا ينفذ إعتاقه ولو لا خيار الشرط للبائع نفذ إعتاق المشتري بعد القبض* غاصب العبد إذا اشترى من المغصوب منه شراء فاسداً وأعتقه نفذ إعتاقه لأنه أعتقه بعد القبض * إذا اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبض المبيع ثم تناقضا البيع الفاسد بعد نقد الثمن كان للمشتري أن يحبس المبيع لاستيفاء الثمن كما في البيع الجائز* ولو اشترى من مديونه شراء فاسداً وقبض المبيع ثم تناقضا البيع الفاسد لا يكون للمشتري أي يحبس المبيع لاستيفاء ما كان له على البائع وكذا لو آجر المديون من رب الدين إجارة فاسدة* ولو كان البيع جائزاً أو الإجارة جائزة ثم انفسخ البيع بينهما بوجه كان للمشتري أن يحبس المبيع حتى يستوفي الدين الذي كان له على البائع* رجل اشترى عبداً شراءً فاسداً بألف وقبضه ثم باعه من البائع بمائة دينار إن قبضه البائع كان ذلك فسخاً للبيع الفاسد وما لم يقبضه لا ينفسخ* إذا اختلف المتبايعان أحدهما يدعي الصحة والآخر الفساد إن
<171>(2/85)
كان مدعي الفساد يدعى الفساد بشرط فاسد أو أجل فاسد كان القول قول مدعي الصحة والبينة بينة مدعي الفساد باتفاق الروايات وإن كان مدعي الفساد يدعى لمعنى في صلب العقد بأن ادعى أنه اشتراه بألف درهم ورطل من خمر والآخر يدعي البيع بألف درهم فيه روايتان عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في ظاهر الرواية القول قول من يدعي الصحة أَيضاً والبينة بينة الآخر كما في الوجه الأوّل وفي رواية القول قول من يدعي الفساد* ولو ادعى عبداً في يد رجل أنه اشتراه منه بألف درهم وقال البائع بعتك بألف درهم وشرطت أن لا تبيع ولا تهب أو ادعى المشتري ذلك وأنكر البائع كان القول قول من ينكر الشرط الفاسد والبينة بينة الآخر وكذلك لو كان مكان الشرط الفاسد شرط الخمر والخنزير أو الشيء الذي لا يحل مع ألف وإن اختلفا في أصل الثمن فقال البائع بعتك عبدي هذا بعبدك هذا وقال المشتري اشتريته بألف درهم ورطل من خمرك تحالفا وترادا فإن قامت لهما بينة يؤخذ بينة البائع والاصل في هذذا أنه إذا اختلف الثمنان واتفقت بينة البائع والمشتري على ثمن واحد وزادت إحدى البينتين على الأخرى ما يفسد البيع فالقول قول من ينكر الفساد والبينة بينة الفساد* وإن كان الثمنان منن صنين مختلفين وأحدهما يفسد البيع فالبينة بينة البائع وإ ادعى أحدهما بيع الوفاء والآخر بيعا باتاً كان القول قول من يدعي بيع البات والبينة بينة الوفاء لأن بيع الوفاء إما أن يعتبر رهناً كما قال البعض بيعاً فاسداً كما قال بعضهم فإن اعتبر بيعاً فاسداً كان القول قول من يدعي الصحة وإن اعتبر رهناً كانت البينة بينة البائع لأن في الرهن والبيع إذا ادعى أحدهما البيع والآخر الرهن كان القول قول من ينكر* وإن اختلف العاقدان فادعى البائع أن البيع كان شرط الخيار للبائع والآخر يدعى أن البيع كان باتاً في ظاهر الرواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى القول قول من ينكر الخيار وعنه في رواية إن كان البائع يدعي البيع بشرط الخيار لنفسه كان القول قوله وعند محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى القول قول من يدعي الخيار والبينة بينة لآخر وإن كان المشتري يدعي الخيار لنفسه والبائع يدعي البتات <172> كان القول قول البائع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى على الروايتين جمعاً* وإن ادعى أحدهما البيع عن طوع والآخر عن إكراه اختلفوا فيه والصحيح أن القول قول من يدعي الطوع كما في الصحيح والفاسد وكذا لو اختلفا على هذا الوجه في الصلح والإقرار كان القول قول مدعي الطوع والبينة بينة الآخر في الصحيح من الجواب وقال بعضهم بينة الطوع أولى وإن اختلفا فادعى أحدهما أن البيع كان تلجئة والآخر ينكر التلجئة لا يقبل قول مدعي التلجئة إلا ببينة ويستحلف الآخر* وصورة التلجئة في البيع أن يقول الرجل لغيره أني أبيع داري منك بكذا وليس ذاك ببيع في الحقيقة بل هو تلجئة ويشهد على ذلك ثم يبيع في الظاهر من غير شرط فهذا البيع يكون باطلاً بمنزلة بيع الهازل وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى في التلجئة إذا قبض المشتري العبد فأعتقه لا ينفذ إعتاقه ولا يشبه المشتري المكره لأنه بمنزلة البيع بشرط الخيار لهما* رجل باع عبداً من رجل وتصادقا أنه كان آبقاً فقال البائع بعتك في أباقه وقال المشتري بعتنيه بعد ما أخذته كان القفول قول مدعي الصحة أيهما يدعي الصحة وكذا لو اشترى خلا ثم ادعى أنه اشتراه بعدما صار خلا وقال البائع لا بل بعته حين كان خمراً كان القول قول مدعهي الصحة وإن أقاما البينة كانت الشهادة على بيع العبد بعد الأخذ وعلى بيع الخمر بعدما صار خلا أولى
(فصل في البيع الموقوف)(2/86)
إذا باع الرجل المال الغير عندنا يتوقف البيع على إجازة المارة ويشترط لصحة الإجازة قيام العاقدين وقيام المعقود عليه ولا يشترط قيام الثمن إن كان الثمن من النقود فإن كان من العروض يشترط قيامه أَيضاً* وإذا مات المالك لا ينفذ بإجازة الوارث وعند إجازة المالك يملكه المشتري مع الزيادة التي حدثت بعد البيع قبل الإجازة ولو غصب جارية فباعها فقطعت يدها ثم أجاز المغصوب منه البيع صحت الإجازة* ولو قتلت أو ماتت ثم أجاز لا تصح الإجازة* وحقوق العقد من قبض الثمن وغيره عند الإجازة ترجع إلى العاقد وأيهما فسخ العقد قبل الإجازة صح فسخه وإذا هلاك المبيع عند المشتري كان للمالك <173>الخيار إن شاء ضمن البائع قيمته وإن شاء ضمن المشتري وعند اختياره تضمن أحدهما برئ الآخر وإن ضمن المشتري بطل البيع وكان للمشتري أن يسترد الثمن من البائع إن كان نقده وإن كان ضمن البائع قيمته ينفذ بيع البائع إن كان المبيع في ضمان البائع عند التسليم وإن لم يكن المبيع في ضمان البائع قبل التسليم وسلم بعد البيع ثم اختار المالك تضمين البائع لا ينفذ* بيع الفضولي وشراء الفضولي لا يتوقف ويكون مشترياً لنفسه وهو على وجوه أربع* أحدها أن يقول البائع بعت هذا من فلأن الغائب بألف درهم ويقول الفضولي اشتريت لفلان أو يقول قبلت لفلان أو قال قبلت ولم يقل لفلان فهذا العقد يتوقف على إجازة الغائب إن أجاز يكون الشراء لفلان وإن لم يجز بطل العقد* والثاني أن يقول المالك بعت هذا منك بكذا فقال الفضولي قبلت أو اشتريت ونوى الشراء لفلان فإن الشراء ينفذ عليه ولا يتوقف ولو قال الفضولي اشتريت هذا لفلان بكذا وقال بعت منك قيل فيه روايتان والصحيح أنه باطل لا يتوقف* والثالث لو قال البائع بعت من فلأن بكذا وقال الفضولي اشتريت لأجله أو قال قبلت لأجله أو لم يقل لأجله فإنه يتوقف على إجازة الغائب والرابع أن يقول المالك بعت منك هذا بكذا لأجل فلأن وقال المشتري اشتريت أو قبلت أو قال المشتري أولاً اشتريت هذا لأجل فلأن فقال البائع بعت فإنه ينفذ على المشتري ولا يتوقف* ولو قال الفضولي اشتريت هذا لفلان بكذا على أن فلأناً ذلك بالخيار ثلاثة أيام فإنه ينفذ ولا يتوقف وإنما يتوقف شراء الفضولي إذا اشترى بغير خياره* رجل اشترى عبداً وأشهد أنه يشتريه لفلان فقال للبائع اشتريت منك هذا العبد لفلان وقال البائع بعت وقال فلأن قد رضيت ذكر الناطفي رَحِمَهُ الله تَعَالَى ان للمشتري أن يمنع العبد من فلأن لأن الشراء وجد نفاذاً على العاقد فينفذ عليه فإن سلم المشتري إلى فلأن كانت العهدة للبائع على المشتري وهو العاقد ويكون تسليم المشتري إلى فلأن بمنزلة بيع مستقل جرى بين المشتري<174>وبين فلأن* رجل باع ثوباً لغيره بغير أمره من ابن صغير مأذون لنفسه أو من عبد مأذون له في التجارة وعليه دين أو لا دين عليه ثم أخبر رب الثوب أنه باع ثوبه بكذا ولم يبين ممن باعه فأجازا لمالك قال محمد رحمهه الله تَعَالَى لا يجوز ذلك إلا في عبده الذي عليه دين لأن الفضولي لو كان وكيلاً بالبيع لا يجوز بيعه من أحد من هؤلاء ما خلا عبده الذي كان عليه دين* امرأة جاءت إلى رجل بألف درهم وقال اشتر بهذه الدراهم هذه الدار لابني الصغير هذا وأبو الصغير حي فاشترى الرجل الدار فأجاز والد الصغير ذلك قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى الدار للمشتري وإجازة أبي الصغير باطلة ذكرها في المنتقى* رجل باع عبد غيره بغير إذن المولى بعرض بعينه أو بشيء بعينه سوى الدراهم والدنانير ثم أجاز المولى بيعه جاز بيعه والمشتري بالعبد يكون للمشتري وعليه قيمة العبد لمولاه لأن شراء ذلك الشيء لا يتوقف فكان مشترياً لنفسه قاضياً ثمنه بالعبد بإذن المولى فيكون المشتري بالعبد له* رجل باع أمة غيره فولدت عند المشتري ثم أجاز المولى البيع كان الولد من الأم للمشتري* رجل قال لغيره اشتريت عبدك هذا من نفسي بألف درهم ومولى العبد حاضر فقال المولى قد أجزت وسلمت قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجعل كلام المولى بيعاً الساعة* رجل باع عبد الغير بغير إذنه فقبل المولى قد أحسنت أو أصبت أو وفقت لم يكن كلامه إجازة للبيع وله أن يرده لأنه يذكر على وجه الاستهزاء وأن قبض الثمن يكون إجازة وكذا لو قال كفيتني مؤنة البيع وأحسنت فجزاك الله خيراً لم يكن ذلك إجازة للبيع إلا أن محمداً رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال قوله أحسنت أو أصبت يكون إجازة استحساناً* دار بين رجلين باع فضولي نصفها فأجزأ أحد الشريكين بيعه قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجوز البيع في ربع الدار فرق محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى بين هذا وبين ما إذا باع أحد الشريكين نصفها فإن ثمة يجوز البيع في نصف الدار لأن بيع المالك انصرف إلى النصف الذي كان له أما بيع الفضولي انصرف إلى النصف الشائع فإذا أجاز أحدهما صحت إجازته في ربع الدار* رجل غصب عبداً أو باعه من رجل فأجاز المغصوب منه بيع <175>الغاصب ولا يعلم ما حال(2/87)
الغصب قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجوز البيع حتى يعلم أنه هالك وهو قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى الأوّل ثم رجع وقال البيع فاسد حتى يعلم أن العبد قائم فإن قال المشتري كان العبد ميتاً يوم الإجازة كان القول قول البائع* رجلأن بينهما صبر من طعام فباع أحدهما قفيزاً من الصبرة وكاله للمشتري بعد البيع فأجاز الشريك بيعه أو لم يجز جاز البيع ويكون جميع الثمن للبائع وإن باع أحدهما قفيزاً فأجاز الشريك ثم كاله للمشتري وضاع ما بقي كان للشريك على البائع نصف قفيز ولا سبيفل له على المشتري ولو لم يكن الشريك أجاز البيع حتى ضاع ما بقي من الطعام أخ الشريك من المشتري نصف الطعام الذي باع* ولو عزل أحدهما قفيزاً من الصبرة المشتركة وباع ذلك القفيز فأجاز ذلك الشريك بيعه كان الثمن بينهما نصفين ولو لم يجز والشريك بيعه وأخذ من المشتري نصف ما باعه فأراد المشتري أن يرجع على البائع بتمام القفيز ليس له ذلك ولكنه بالخيار إن شاء رجع بنصف الثمن على البائع وإن شاء ترك البيع* رجل باع ثوباً من رجل ولم يقبضه المشتري حتى باعه البائع من رجل آخر بفضل عشرة دراهم ثم أجاز المشتري بيع البائع لا تصح إجازته لأنه بيع ما لم يقبض* رجل باع أمة وفي بطنها ولد قد أوصى به لرجل آخر فأجاز الموصى له بالولد البيع قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى تصح إجازته ولا يكون له شيء من الثمن إذا ولدته بعد قبض المشتري وإن ولدت قبل القبض فأجاز صاحب الولد البيع جاز ويكون له حصة من الثمن والمشتري بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء أجاز* دار لرجل وبناؤها لآخر باعهما أحدهما بإذن الآخر بثمن واحد ثم احترق بعض البناء قبل القبض خير المشتري إن شاء أخذ الدار بجميع الثمن ويقسم الثمن على قيمة البناء صحيحاً وعلى قيمة الأرض فما أصاب البناء يكون لصاحب البناء وما أصاب الأرض يكون لصاحب الأرض وإن انهدم كل البناء أو غرق أو احترق خير المشتري عن شاء أخذ الأرض بحصتها من الثمن ولا شيء لصاحب البناء قال وهذا بمنزلة ما لو جاء رجل واستحق البناء وثمة تطرح حصة البناء من الثمن وكذلك هنا والشجر في هذا بمنزلة البناء* رجل
<176>أوصي لرجل بشاة ولآخر بصوفها ومات الموصي فباع صاحب الشاة الشاة كان الثمن كله لصاحب الشاة ولا شيء لصاحب الصوف قال لأن الصوف في ظهر الشاة لا يباع فلو جعل للصوف قسط من الثمن فسد البيع* وكذا الشاة وما في بطنها بخلاف البناء والشجر* رجل باع عبد رجل بغير إذنه فبلغ المولى بيعه فقال للبائع وهبت لك الثمن أو قال تصدقت به عليك فهو إجازة للبيع إن كان العبد قائماً* جارية بين رجلين باعها أحدهما بغير إذن الشريك وقبضها المشتري فأعتقها ثم أجاز الشريك البيع لا يجوز البيع في حصته* رجل بغير إذنه بمائة درهم فجاء المشتري إلى مولاه وأخبره أن فلأناً باع عبده بكذا فقال المولى كان باعك بمائة درهم فقد أجزت قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن كان فلأن باعه بمائة درهم او أكثر فهو جائز وإن كان باعه بأقل منه مائة وكذا لو باعه بمائة دينار لا يجوز البيع وإجازته تكون على الوصف الذي ذكر وكذا لو قال إن كا باعك بمائة درهم فهو جائز فهو على وصفنا ولو كان المولى قال إن باعك بمائة درهم أجزت ذلك لم يجز ولا يكون ذلك إجازة بل يكون عدة فإن باعه بعد هذا فإن شاء أجاز وغن شاء لم يجز وهذا لا يكون إجازة لما مضى* رجل غصب عبداً وباعه ودفعه على المشتري ثم إن الغاصب صالح المولى من العبد على شيء قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن صالح على الدراهم والدناير كان ذلك بمنزلة أخذ القيمة من الغاصب فينفذ بيع الغاصب وإن صالحه على شيء من العروض كان هذا بمنزلة البيع من الغاصب فيبطل بيع الغاصب* رجل باع عبد رجل بغير أمره ثم اشترى العبد من مولاه ثم أقام البائع البينة أنه اشترى العبد من مولاه بعد بيعه أو ورثه بعده البيع قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى تقبل بينته ويبطل البيع الأوّل ومن البيع الموقوف بيع الصبي المحجور الذي تعقل البيع والشراء يتوقف بيعه وشراؤه على إجازة والده او وصيه أو جده أو القاضي* وكذا المعتوه والصبي المحجور إذا بلغ سفيهاً يتوقف بيعه وشراؤه على إجازة الوصي أو القاضي والعبد المحجور إذا باع شيئاً من مال المولى أو مما وهب له واشترى شيئاً يتوقف
<177>(2/88)
ذلك على إجازة المولى* والرجل إذا باع عبده المأذون المديون بغير إذن الغرماء يتوقف على إجازة الغرماء وقال بعض المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى بيعه بغير إذن الغرماء فاسد لأن محمداً رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال في الكتاب بيعه باطل والصحيح أنه موقوف ومعنى قوله باطل أي سيبطل* وإذا باع المولى العبد المأذون من غير إذن الغرماء وقبض الثمن فهلك عنده ثم أجاز الغرماء بيعه صحت إجازتهم ويهلك الثمن على الغرماء وإن أجاز بعضهم البيع ونقض بعضهم بحضرة العبد والمشتري لا تصح الإجازة ويبطل البيع ومن البيع الموقوف إذا باع المريض في مرض الموت من وارثه عيناً من أعيان ماله إن صح جاز بيه وإن مات من ذلك المرض ولم يجز الورثة يبطل البيع ومنه المرتد إذا باع أو اشترى يتوقف ذلك إن قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب بطل تصرفه وإن أسلم جاز ونفذ بيعه* ومنه الراهن إذا باع الرهن أو الآجر إذا باع المستأجر يتوقف ذلك على إجازة المرتهن والمستأجر في أصح الروايات إلا أن المرتهن يملك نقض البيع ويملك إجازته والمستأجر يملك الإجازة ولا يملك النقض فإن لم يجز المستأجر حتى انفسخت الإجارة بينهما نفذ البيع السابق وكذا المرتهن إذا لم يفسخ البيع حتى فك الرهن نفذ البيع* ولو كانت الإجازة طويلة فباع ث جاز أيام الفسخ نفذ بيعه عند أكثر المشايخ وكان للمستأجر أن يحبس المستأجر لاستيفاء الأجرة المعجلة فإن كان المستأجر مما لا يحتمل الهلاك فهلك عند المستأجر بعد الحبس لا يسقط الدين بخلاف الرهن* وكذا الرجل إذا دفع أرضه مزارعة مدة معلومة على أن يكون البذر من قبل العامل وزرعها العامل أو لم يزرع فباع صاحب الأرض أرضه يتوقف البيع على إجازة المزارع* الراهن إذا باع الرهن ثم باعه من آخر فأجاز المرتهن بيع الأوّل أو الثاني نفذ ما أجاز* والآجر إذا باع المستأجر ثم باعه ثانياً من رجل آخر فأجاز المستأجر البيع الأوّل أو الثاني نفذ البيع الأوّل وبطل الثاني* ولو باع الراهن الرهن ثم رهن عند آخر أو آجر أو وهب وسلم فأجاز المرتهن الأوّل الرهن الثاني أو الإجارة أو الهبة نفذ البيع وبطل ما سواه* ومن البيوع الموقوفة البيع بشرط
<178>
الخيار {باب الخيار} * الخيارات أنواع منا خيار إجازة عقد الفضولي وقد ذكرنا* ومنها خيار الرط وخيار الرؤية وخيار العيب ومنها خيار تفرق العقود عليه بهلاك البعض قبل القبض والاستحقاق* أما خيار الشرط يصح البيع بشرط الخيار لأحد المتعاقدين أولهما جميعاً عندنا وكذلك خيار الشرط للأجنبي جائز عندنا وهو مؤقت بثلاثة أيام أو أقل* وأن شرط الخيارأكثر من ثلاثة أيام فسد البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى كما لو شرط الخيار شأبدأ وقال صاحباه إذا ذكر وقتاً معلوماً شهراً أو سنة أو أكثر جاز* وإن شرط الخيار إلى الليل أو إلى وقت الظهر أو إلى ثلاثة أيام كان له الخيار في جميع الليل ووقت الظهر وثلاثة أيام ولا ينتهي الخيار ما لم تمض الغاية في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال صاحباه لا تدخل الغاية في الخيار* ولو شرط الخيار لهما جميعاً لا يثبت حكم العقد أصلاً وإن كان الخيار لأحدهما لا يثبت حكم العقد في حق من له الخيار حتى لو كان الخيار للبائع لا يخرج المبيع عن ملكه عندنا ويخرج الثمن عن ملك المشتري ولا يدخل في ملك البائع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وفي قول صاحبيه يدخل* ولو كان الخيار للمشتري لا يخرج الثمن عن ملكه في قولهم ويخرج المبيع عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وعندهما يدخل* بيان ذلك في مسائل* منها إذا باع عبداً بجارية على أن بائع العبد بالخيار ثلاثة أيام فأعتق البائع العبد في الأيام الثلاثة نفذ إعتاقه في قولهم وبطل البيع لأنه أعتق ملك نفسه وإن أعتق الجارية جاز ويكون إسقاطاً للخيار ويتم البيع وإن أعتقهما في كلام واحد نفذ عتقه فيهما ويغرم قيمة الجارية لبائعها ولا ينفذ إعتاق المشتري لا في العبد ولا في الجارية أما الجارية لأنها خرجت عن ملكه عندهم وأما العبد لأنه لم يخرج عن ملك بائعه ولو كان الخيار للمشتري كانت الأحكام على عكس هذا* ولو كانت الجارية بنتاً لبائع العبد والخيار لبائع العبد لا تعتق الجارية ولو كانت زوجته لا يفسد النكاح بينهما لأنها لم تدخل في ملكه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى ولكنه لو أعتقها نفذ
<179>(2/89)
إعتاقه فيها ويكون ذلك إسقاطاً للخيار* ولو قال لعبد إن اشتريتك فأنت حر ثم اشتراه على أنه بالخيار ثلاثة أيام عتق عليه في قولهم جميعاً وسقط خياره والمسألة بفروعها معروفة ولو كن البيع بشرط الخيار لهما فمات أحدهما لزم البيع في جانبه والآخر على خياره وخيار الشرط لا يورث عندنا* رجل باع عبداً بثمن في الذمة على أنه بالخيار ثلاث أيام ثم وهب الثمن من المشتري في مدة الخيار أو أبرأه عن الثمن أو اشترى من المشتري شيئاً بذلك الثمن يصح شراؤه وإبراؤه وهبته ويبطل خياره لأن الثمن في الذمة بمنزلة القرض* ولو اشترى من غير المشتري شيئاً بذلك الثمن يبطل خياره ولا يجوز شراؤه ولو كان الثمن ديناً فأوفاه المشتري فقبض وتصرف فيه لا يبطل خياره وكذا لو كان الخيار للبائع فدفع المبيع على المشتري لا يبطل خيره وكذا لو كان الخيار للمشتري فأبرأه البائع عن الثمن لا يصح إبراؤه في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إذا تم البيع بينهما بمضي مدة الخيار أو بإسقاط الخيار في المدة ينفذ إبراء البائع* ولو كان الخيار للبائع أو المشتري فقال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان ذلك باطلاً ولا يبطل خياره* كذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لا يبطل خياره ولو لم يقل كذلك ولكنه قال أبطلت خياري غداً أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاز غد ذكر في المنتقى أنه يبطل خياره قال وليس هذا كالأوّل لأن هذا وقت يجيء لا محال بخلاف الأوّل* رجل باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أعتقها أو دبرها أو كاتبها أو وهبها وسلم أو رهن وسلم أو أجر كان ذلك نقضاً للبيع وكذا إذا فعلا بالمبيع ما يدل على استبقاء الملك بأن باشرها أو وطئها أو قبلها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة كان ذلك نقضاً للبيع علم الآخر بذلك أو لم يعل* ولو كان الخيار للمشتري ففعل شيئاً من ذلك كان ذلك إمضاء للبيع وكذا في خيار الرؤية والعيب* ولو قال المشتري قبلتها بغير شهوة كان القول قوله ولا يبطل خياره والنظر على الفرج من غير شهوة لا يكون إبطالاً للبيع ولا إسقاطاً للخيار* ولو قبله الأمة بشهوة بطل خياره في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وكذا إن<180> أقر المشتري أنها قبلته بشهوة وقال لمحمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى بفعل الأمة لا يبطل الخيار غلا إذا قبلته فتركها ولم يمنعها وإن أدخلت فرجه في فرجها وهو كاره أو مطاوع بطل خياره عند الكل*من له الخيار إذا أجاز البيع وأسقط الخيار جاز على كل حال كان صاحبه حاضراً أو غائباً* وأما إذا فسخ البيع إن كان صاحبه حاضراً وإن كان غائباً يتوقف فسخه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رحمهما الله تَعَالَى عن علم صاحبه بذلك في مدة الخيار جاز* وقال أَبُو يُوسُفَ والشافعي رحمهما الله تَعَالَى يجوز الفسخ على كل حال كما يجوز إمضاء البيع هذا إذا كان الفسخ بالقول فإن كان بألفعل جاز كما قال أَبُو يُوسُفَ والشافعي رحمهما الله تَعَالَى* وفي الإجارة الطويلة إذا فسخ أحدهما فأيام الخيار عند غيبة الآخر قالوا يجوز وأخذوا في ذلك بقول أَبِي يُوسُفَوالشافعي رحمهما الله تَعَالَى* ولو كان الخيار للمشتريين ففسخ أحدهما بغير محضر من صاحبه لا يجوز فسخه* رجل اشترى شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض المبيع بإذن البائع ثم أودعه البائع فهلك عند البائع في ممدة الخيار بطل البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تَعَالَى يتم البيع ويتقرر الثمن على المشتري ولو كان الخيار للبائع وسلم المبيع إلى المشتري ثم إن المشتري أودعه البائع فهلك عند البائع في مدة الخيار بطل البيع عند الكل* ولو كان البيع باتاً فقبض المشتري المبيع بإذن البائع أو بغير إذنه والثمن حال أو مؤجل وللمشتري خيار رؤية أو عيب فأودعه البائع فهلك عند البائع تم ولزمه الثمن عند الكل* رجل باع شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام وسلمه إلى المشتري ثم غصبه من المشتري لم يكن ذلك فسخاً للبيع ولا إبطالاً للخيار* رجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام على أن يستغله ويستخدمه جاز وإن فعل ذلك لا يبطل خياره* ولو باع كرماً على أنه بالخيار ثلاثة أيام على أن يأكل من ثمرة لا يجوز البيع لأن الغلة والمنفعة لا يقابلها الثمن فلم يكن متلفاً جزأ من المبيع بخلاف الثمن* رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم قال له البائع بعد أيام أنت بالخيار ما دام في المجلس ويكون هذا(2/90)
<181> بمنزلة قوله لك إقالة هذا البيع* ولو قال أنت بالخيار ثلاثة أيام فله الخيار ثلاثة أيام كما قال هو الصحيح* رجل اشترى شيئاً وشرط الخيار لنفسه ولم يؤقت كان له أن يفسخ البيع ولم يكن ذلك للبائع وإن شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام فسد البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ وزفر والشافعي رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى فإن أسقط الخيار في الأيام الثلاثة أو أعتق العبد أو مات العبد أو المشتري أو حدث به ما يوجب لزوم البيع ينقلب البيع جائزاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى ويلزمه الثمن وإن حدث به عند المشتري في الأيام الثلاثة عيب إن كان عيباً يحتمل زواله في مدة الخيار كالمرض لا يبطل خياره إلا أنه لا يملك الرد قبل زوال العيب وإن حدث به مالا يحتمل الزوال لزمه البيع* رجل اشترى شيئاً في رمضان على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر رمضان فسد العقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى لأن عنده ما قبل الشهر يكون داخلاً في الخيار فيصير بمنزلة شرط الخيار أربعة أيام فيفسد العقد عنده وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى له الخيار في رمضان وثلاثة أيام بعد رمضان ويحوز البيع* وكذا لو كان الخيار للبائع فعلى هذا الوجه ولو شرط المشتري على البائع فقال لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد رمضان أو قال البائع للمشتري لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد مضي رمضان فسد البيع عند الكل لأنه لا وجه لتصحيح هذا العقد* رجل اشترى عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام لا يكون للبائع أن يطالبه بالثمن قبل سقوط الخيار* رجل اشترى شاة أو بقرة على أنه بالخيار ثلاثة أيام فحلب لبنها روى أَبُو يُوسُفَ عن أَبِي حَنِيفَةَ رحمهما الله تَعَالَى أنه يبطل خياره وقال أَبُو يُوسُفَ رحمه اله تَعَالَى لا يبطل خياره حتى يشرب اللبن أو يستهلك* ولو اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبضها فدعاها إلى فراشه قبل مضي المد لا يبطل خياره وكذا لو كان الخيار للبائع فدعاها إلى فراشه لا يبطل خياره ولو باع رحى على أنه بالخيار ثلاثة أيام فطحن البائع فيها كان فسخاً للبيع ولو كان الخيار للمشتري فطحن فيها ليعرف مقدار الطحن لا يسقط خياره وإن زاد على ذلك عند قلة الماء أو كثرته بطل خياره <182> * وذكر الفقيه أبو جعفر أن ما زاد على يوم وليلة كثير يبطل خياره وما دون ذلك قليل لا يبطل خياره * ولو اشترى ثوباً على أنه بالخيار أو خادماً فلبس الثوب واستخدم الخادم مرة لا يبطل خيار الشرط وإن استخدم مرتين أو لبس الثوب مرتين أو كانت دابة فركبها مرتين بطل خيار الشرط * ولو ركب الدابة ليسقيها أو ليردها على البائع في القياس يبطل خياره وفي الاستحسان لا يبطل * ولو باع عبداً على أنه بالخيار فيهما وقبضهما المشتري ثم مات أحدهما أو استحق لا يجوز البيع في الباقي وإن تراضيا على إجازة البيع لأن البيع بشرط الخيار غير منقعد في حق الحكم فإذا هلك أحدهما كانت الإجازة في الباقي بمنزلة ابتداء العقد بالحصة فلا يجوز * ولو قال البائع في حياة العبدين نقضت البيع في هذا بعينه أو نقضت البيع في أحدهما كان نقضه باطلاً كأنه لم يتكلم بالنقض ويبقى الخيار فيهما * وكذا لو باع عبداً واحداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم قال نقضت البيع في نصفه كان باطلاً كأنه لم يتكلم به * رجل له دار فيها رجل يسكنها بأجر فباعها من رجل على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام ورضي به به الساكن فطلب المشتري الأجر من الساكن في مدة الخيار كان ذلك إمضاء للبيع * ولو اشترى دار أو هو ساكن فيها على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبضها ثم جاء بجارية وقال هي التي قبضتها وأنكر البائع كان القول للمشتري وللبائع أن يتملك الجارية ويطأها لأن المشتري حين ردها على البائع قد ملك الجارية منه فللبائع أن يرضى بهذا التمليك وكذا القصار إذا رد ثوب نفسه على صاحب الثوب وقال هذا ثوبك وكذا الإسكاف * رجل باع بيضاً أو كفرى على أنه بالخيار ثلاثة أيام فخرج الفرخ من البيض أو صار الكفرى تمراً في مخدة الخيار بكل البيع لأنه لو بقي من غير خيار يتضرر به البائع ولو بقي الخيار كان له أن يلزم المشتري بعد التغير ولو كان الخيار للمشتري والمسألة بحالها بقي خياره لأن المشتري لا يتضرر ببقاء الخيار * ولو اشترى قصيلاً شراء باتاً فصار حباً قبل القبض بل البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله <183> عند خالي ياسر(2/91)
<184> أن ينصب حصماً عن البائع ليرده عليه اختلفوا فيه قال بعضهم ينصب خصماً نظراً للمشتري وقال محمد بن سلمة رَحِمَهُ الله تَعَالَى لا يجيبه القاضي إلى ذلك ولا ينصب خصماً لأن المشتري لما اشترى ولم يأخذ منه وكيلاً مع احتمال الغيبة فقد ترك النظر لنفسه فلا نظر له فإن لم ينصب القاضي خصماً وطلب المشتري من القاضي الإعلأن عن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى فيه روايتان في رواية يجيبه القاضي إلى ذلك فيبعث منادياً ينادي على باب البائع أن القاضي يقول إن خصمك فلناً يريد أن يرد المبيع عليك فإن حضرت وإلا نقضت البيع فلا ينقض القاضي البيع من غير إعلأن وفي رواية لا يجيبه القاضي إلى الإعلأن أَيضاً قيل لمحمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى كيف يصنع المشتري قال ينبغي للمشتري أن يستوثق فيأخذ منه كفيلاً ثقة إذا خاف الغيبة حتى إذا غاب البائع يرد على الكفيل وإن اشترى شيئاً يتسارع إليه الفساد على أنه بالخيار ثلاثة أيام فغي القياس لا يجير المشتري على شيء وفي الاستحسان يقال للمشتري إما أن تفسخ البيع وإما أن تأخذ المبيع ولا شيء عليك من الثمن حتى تجيز البيع أو يفسد المبيع عند دفعاً للضرر من الجانبين وهو نظير ما لو ادعى في يد رجل شراء شيء يتسارع إليه الفساد كالسمكة الطرية ونحوها وجحد المدعى عليه وأقام المدعي بينة على ما ادعى ويخاف فسادها في مدة التزكية فإن القاضي يأمر مدعي الشراء أن ينقد الثمن ويأخذ السمكة ثم القاضي يبيعها من آخر ويأخذ ثمنها ويضع الثمن الأوّل والثاني على يدي عدل فإن عدلت البينة يقضي لمدعي الشراء بالثمن الثاني ويدفع الثمن الأوّل على البائع وإن ضاع الثمنان عند العدل بضيع الثمن الثاني من مال مدعي الشراء لأن بيع القاضي كبيعه وإن لم تعدل بينة مدعي الشراء فإنه يضمن قيمة السمكة للمدعى عليه لأن البيع لم يثبت فبقى أخذ مال الغير بجهة البيع فيكون مضموناً عليه بالقيمة وهذا قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى * ولو باع شيئاً يتسارع غليه الفساد بيعاً باتاً ولم يقبضه المشتري ولم ينقد الثمن حتى غاب كان للبائع أن يبيعه من آخر ويحل للمشتري الثاني أن يشتري وإن كان يعلم بذلك لأن المشتري الأوّل رضي بهذا البيع <185> والفسخ دلالة فيحل للبائع أن يبيع وغ7ذا حل للبائع أن يبيع وإذا حل للبائع أن يبيع حل للمشتري الثاني أن يشتري * رجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أنه عرض العبد على البيع لم يبطل خياره لأنه لا يملك فسخ البيع عند غيبة صاحبه * رجل باع شيئاً بثمن مؤجل على أنه بالخيار ثلاثة أيام يعتبر الأجر من وقت سقوط الخيار لا من وقت العقد * وكذا لو كان الخيار للمشتري ولو باع داراً على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام وللدار شفيع فإن الشفيع يطلب الشفعة وقت العقد إذا علم بالبيع لا وقت سقوط الخيار وفي بيع الفضولي يطلب يطلب الشفعة وقت الإجازة * وفي البيع الفاسد عند انقطاع حق الاسترداد وفي الهبة بشرط العوض روايتان في رواية يطلب عند القبض وفي رواية عند العقد وهو الصحيح والمسائل تأتي في كتاب الشفعة * لرجل باع داراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فصالحه المشتري على دراهم مسماة أو على عرض بعينه على أن يسقط الخيار ويمضي البيع جاز ذلك ويكون زيادة في الثمن وكذا لو كان الخيار للمشتري فصالحه البائع على أن يسقط الخيار فيحط عنه من الثمن كذا أو يزيده هذا العرض بعينه في البيع جاز ذلك * الوكيل بالبيع إذا باع على أنه بالخيار ثلاثة أيام أ الرجل باع بنفسه وشرط الخيار لغيره فمات الوكيل أو الوصي في الأيام الثلاثة أو مات الموكل أو الصغير أو مات الذي باع بنفسه أو الذي شرط الخيار له في الأيام الثلاثة قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يتم البيع في جميع ذلك لأن لكل واحد منهم حقاً في الخيار والجنون في هذا بمنزلة الموت * ولو باع الأب أو الوصي مال اليتيم على أنه بالخيار ثلاثة أيام فبلغ اليتيم في مدة الخيار قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى يتم البيع ويبطل الخيار وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى في ثلاثة روايات في رواية يكون الخيار لليتيم إن شاء نقض البيع وإن شاء أجاز في مدة الخيار وبعد انقضائها يكون هذا خيار الإجازة لا خيار الشرط * وفي الرواية ينتقل خيار الشرط إلى اليتيم مؤقتاً بالأيام الثلاثة كما كان وفي رواية يبقى الخيار للأب إن شاء نقض البيع في المدة أو أجاز وإن لم يصنع شيئاً حتى مضت المدة تم البيع * والمكاتب إذا باع على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم عجزوا العبد المأذون إذا <186> باع على أنه بالخيار على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم حجر عليه المولى يتم البيع ويبطل الخيار * ورجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم قال البائع للعبد إن دخلت الدار فأنت حر لم يكن ذلك نقضاً للبيع ولا إبطالاً للخيار وكذا لو قال لهذا العبد أنت حر أو هذا لعبد آخر له نج وكذا لو كان الخيار للمشتري فحلاف بذلك نج رجل اشترى عبداً على أنه(2/92)
بالخيار ثلاثة أيام ثم قال المشتري قد أجزت شراءه أو شئت أخذه أو رضيت أخذه بطل خياره ولو قال هويت أخذه أو أحببت أو أردت أو قال قد أعجبني أو قال قد وافقني لا يبطل خياره نج رجل اشترى كتاباً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فانتسخ منه لنفسه لا يبطل خياره لأن الكتاب لا يشترى لأجل النسخ منه ونما يشتري لأجل الدرس والحفظ فلا يبطل خياره كالنساج إذا اشترى ديباجاً على أنه بالخياره ثلاثة أيام ثم نظر في نقوش الديباج لا يبطل خياره ولهذا لو انتسخ من كتاب الغير ولم يرفعه ولم يحوله لا يصير غاصباً وإن انتسخ لغيره لا يبطل خياره قالوا ولو قيل بالأنتساخ يبطل خياره وبالدرس لا يبطل خياره فله وجه يجوز الأخذ به لأن في الكتابة استعمالاً أما الدرس يكون للنظر والامتحان أنه هل هو صحيح أم لا فيكون بمنزلة الاستخدام مرة واحدة وذلك لا يبطل الخيار * من له خيار الشرط إذا قال أبطلت خياري بطل خياره ومن له خيار الرؤية إذا قال أبطلت الخيار لا يبطل * رجل أشترى ثوباً على أنه بالخيار يوماً وقبضه ثم جاء يرد بالخيار وفيه عيب فقال البائع ليس هذا ثوبي وقال المشتري لا بلف هو ثوبك قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تعلى القول قول المشتري والبينة للبائع وكذا لو كان الخيار للبائع وكذا إذا لم يكن في البيع خياره الشرط وأراد أن يرده بخيار الرؤية وإن كان يريد الرد بالعيب فالقول فيه قول البائع * ولو باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام فاكتسبت إكساباً عند أيام عند البائع أو عند المشتري أو ولدت أولاداً فإن الكل يدور مع الأصل إن تم البيع بينهم يكون للمشتري وإن انفسخ البيع منهم يكون للبائع * ولو كان الخيار للمشتري فاكتسبت إكساباً أو ولدت أولاداً عند البائع فكذلك الجواب وإن اكتسبت عند المشتري ذكر في الكتاب <187> أن الكسب يكون للمشتري تم البيع بينهما أو انتقض * قيل هذا قولهما لأن عندهما خيار الشرط للمشتري لا يمنع دخول المبيع في ملكه بمنزلة خيار الرؤية والعيب عند الكل أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدور الكسب مع الأصل لأن عنده خيار الشرط للمشتري يمنع دخول المبيع في ملك المشتري * ولو اشترى عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقطع البائع يده عند المشتري بطل خيار المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدور الكسب مع الأصل لأن عنده خيار الشرط للمشتري يمنع دخول المبيع في ملك المشتري * ولو اشترى عيداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقطع البائع يده عند المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان * ولو قطع البائع يده قبل التسليم إلى المشتري لا يبطل خيار المشتري عند الكل * ولو قطع أجنبي عند المشتري بطل خيار المشتري عند الكل * رجل اشترى عبداً من رجلين صفقة واحدة على أن البائعين بالخيار فرضي أحدهما بالبيع ولم يرض الآخر لزمها البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رحل اشترى ابنه على أن البائع بالخيار ثم مات المشتري فأجاز البائع البيع عتق الأبن ولا يرث أباه { فصل في خيار الرؤية} خيار الرؤية يثبت في كل عين ملك بعقد يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة والقسمة والصلح عن دعوى المال وكما يثبت الخيار في المبيع للمشتري يثبت للبائع في الثمن إذا كان عيناً والمكيل والموزون إذا كان عيناً فهو بمنزلة سائر الأعيان وكذا التبر من الذهب والفضة والأواني ولا يثبت خيار الرؤية فيما ملك ديناً في الذمة كالسلم والدراهم والدنانير عيناً كان أو ديناً والمكيل والموزون إذا لم يكن معيناً فهو بمنزلة الدراهم والدنانير ولا يثبت خيار الرؤية في كل عين ملك بعقد لا يحتمل الفسخ بالرد كالمهر وبدل الخلع والصلح عن القصاص * من له خيار الرؤية إذا فسخ العقد قبل الرؤية صح فسخه وإن أجاز العقد وأبطل الخيار قبل الرؤية لا يصح إبطاله حتى لو رآه بعد ذلك كان له خيار الرؤية والفسخ بخيار الرؤية يصح من غير قضاء ولا رضاء وهو فسخ على كلا حال قبل القبض وبعده ولا يورث خيار الرؤية كما لا يورث خيار الشرط ويورث خيار العيب ولا يتوقت خيار الرؤية بوقت بل يبقى إلى أ يوجد ما يبطله ويبطل بما يبطل به خيار الشرط كالتدبير والبيع والإجارة والرهن والهبة <189> فإن باع العقد القبض قبل الرؤية ثم رد عليه بعيب بقضاء قاض أو بما هو فسخ من كل وجه أو فك الرهن أو انتفضت الإجازة لا يعود خيار الرؤية هو الصحيح * ولو باع بعد الرؤية على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو عرضه على بيع أو وهب ولم يسلم بطل خياره وإن فعل شيئاً من ذلك قبل الرؤية لا يبطل خياره وإن هلك بعض المبيع عند المشتري بطل خياره لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة فإذا تعذر رد البعض بالهلاك أو بالعيب بطل خياره * ولو عرض على البيع بعض المبيع بعد الرؤية بطل خياره عند مُحَمَّد(2/93)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى شيئاً لم يره فقبضه بعد ما رآه بطل خياره عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل عند أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أرسل رسولاً بقبضه فقبضه الرسول لا يبطل خياره * ولو وكل وكيلاً بقبضه فرأى الوكيل وقبضه بطل خياره الموكل في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما لو كان الوكيل عاقداً فقبض بعد ما رأى لم يكن للموكل خيار الرؤية وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رحمهما الله تَعَالَى في الوكيل بالقبض لا يبطل خيار الموكل بقبض الوكيل بعد الرؤية كما لو قبضه الوكيل قبل الرؤية ثم اسقط خيار الرؤية لموكله لا يبطل خيار الموكل * وأجمعوا على أن خيار العيب لا يبطل بقبض الوكيل بعد العلم بالعيب * ولو اشترى شيئاً لم يره ثم وكل رجلاً بالرؤية وقال له إن رضيته فخذه لا يجوز ذلك ولا يكون رؤية الوكيل بالرؤية كرؤية الموكل * الوكيل بالشراء إذا اشترى شيئاً كان رآه الموكل ولم يعلم به الوكيل كان للوكيل خيار الرؤية ثم البيع لا خلو إما أن يكون من بني آدم أو البهائم أو من العروض أو من العقار فإن كان من بني آدم وهو عبد أو جارية فرأى الوجه ورضي به ولم ير سائر الأعضاء بطل خيار الرؤية وإن كانت الجارية منتقبة فرأى صدرها وظهرها وساقها ولم ير وجهها لا يبطل خياره وكذا لو كان عبداً فهو بمنزلة الجارية فإن رأى وجهه من وراء الزجاج كان رؤية وإن كان المبيع دابة فرساً أو إبلاً أو غنماً أو بغلاً روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه إذا رأى العجز ورضي به بطل خياره وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى <189> لا يبطل ما لم ير وجهه ومؤخره وإن كان المبيع شاة اللحم لا بد من الجس مع الرؤية حتى يبطل خياره بعد ذلك لأن المقصود هو اللحم وذلك لا يعرف إلا بالجس وإن كانت شاة قنية لا بد من النظر إلى ضرعها مع الرؤية إلى جسدها وإن كن المبيع منقولاً ليس بحيوان فإن كان شيء منه مقصوداً كالوجه في المغافر وأشباه ذلك لا يبطل خياره ما لم ير وجهه وإن لم يكن شيء منه مقصوداً كالكرباس إذا رأى البعض ورضي به بطل خياره إذا وجد غير المرئي مثل المرئي في الصفة ولو كان ثوباً تختلف قيمته باختلاف العلم يعتبر رؤية العلم أَيضاً لإبطال خيار الرؤية وإن كن الثوب مطوياً فرأى موضع الطي ورضي به بطل خياره وإن كان أثواباً مالم ير كل ثوب لا يبطل خياره لأن الثوب من العدديات المتفاوتة وفي العدديات المتفاوتة يعتبر رؤية الكل وإن كان المبيع عقاراً ذكر في عامة الروايات أنه إذا رأى خارج الدار ورضي به لا يبقى خياره قالوا هذا إذا لم يكن في الداخل بناء فإن كان فيها بناء لا بد من رؤية الداخل أو ما هو المقصود منها وعليه الفتوى لأن داخل الدار بمنزلة الوجه في بني آدم وإن كان كرماً ذكر في الكتاب أنه إذا رأى رؤوس الأشجار من خارج ورأى رأس كل شجرة ورضي به لا يبقى له خيار الرؤية هذا إذا كان المبيع شيئاً واحداً فإن كان أشياء فهو على وجهين إما أن كان من العدديات المتفاوتة كالبطيخ والرمان والسفرجل أو من العدديات المتقاربة كالجوز واللوز والبيع والتفاح والإجاص والمكيل والموزون فإن كان كيلياً أو وزنياً في وعاء واحد أو لم يكن في وعاء واحد بل هو موضوع على الأرض فهو كشيء واحد إذا رأى منه حقنة أو أكثر ورضي ب كان رؤية إذا كان غير المرئي مثل المرئي وإن كانت الحنطة أو الشعير في جوالقين أو الزعفران في سلتين أو الدهن في زقين اختلف فيه المشايخ قال مشايخ بلح ما كان في وعاءين فهو بمنزلة شيئين مختلفين وقال مشايخ العراق هما كشيء واحد وهكذا ذكر في عامة الروايات وهو الصحيح أن رؤية أحدهما تكون كرؤيتهما جميعاً واتفقوا على أنهما كشيء واحد في حكم العيب حتى لو وجد بما في أحد الوعاءين عيباً إن كان قبل القبض يمسكهما أو <190> يردهما وإن كان بعد القبض يرد المعيب خاصة كما لو وجدنا بأحد الثوبين عيباً بعد القبض لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة وكان الحال فيه بعد القبض كالحال قبله أما خيار العيب فلا يمنع تام الصفقة هذا كله إذا كان غير المرئي فإن لم يكن يبقى خيار الرؤية فإن قال المشتري لم أجد الباقي على تلك الصفة وقال البائع وقال البائع لا بل هو على تلك الصفة كان القول قول البائع والبينة للمشتري وإن كان المبيع من العدديات المتفاوتة كالرمان وغير ذلك ما لم ير الكل لا يبطل خياره * ولو اشترى وقر بطيخ ما لم ير الكل لا يبطل خياره إذا كان البطيخ في غرارة * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد ابن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان البطيخ نوعاً واحداً فرأى البعض ورضي به بطل خياره وإن كان البطيخ شريحة إن كانت الشريحة بحال يرى ما في داخلها بطل خياره * وإن اشترى شيئاً مغيباً في الأرض كالجزر والبصل والثوم والشلجم والفجل ذكر الشيخ الإمام علفي بن مُحَمَّد البزدوي رَحِمَهُ(2/94)
اللهُ تَعَالَى قال إذا قلع البائع بعضها أو قلع المشتري بإذن البائع فرآه رضي به عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية بطل خياره فما رآه وله الخيار فيما لم ير وعنه في رواية ما لم ير الكل بعد القلع لا يبطل خياره وعامة المشايخ قالوا لم يذكر هذه المسألة في ظاهر الرواية وإنما ذكرها في الأمالي عن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال إن كان المغيب في الأرض مما يكال أو يوزن بعد القلع كالثوم والبصل والجزر فقلع المشتري شيئاً بإذن البائع أو قلع البائع إن كان المقلوع مما يدخل تحت الكيل أو الوزن إذا رأى المقلوع ورضي به لزم البيع في الكل ويكون رؤية البعض كرؤية الكل إذا وجد الباقي كذلك وإن كان المقلوع شيئاً يسير ألا يدخل تحت الوزن لا يبطل خياره وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال ما لم ير الكل بعد القلع لا يبطل خياره هذا إذا قلع البائع أو قلع المشتري بإذن البائع فإن قلع المشترى منه شيئاً بغير إذن البائع إن كن المقلوع شيئاً له ثمن لزمه البيع في الكل رضي به أو لم يرض لأن القلوع بالقلع يتعيب فإنه قبل القلع كان ينمو ساعة فساعة وبعد القلع لا ينمو وإن كان المقلوع قليلاً لا ثمن لا يبطل خياره <191> والفتوى في هذه المسائل على قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وفي الفجل إذا قلع البعض فرآه ورضي به لا يبطل خياره لأنه عدي متفاوت هذا إذا كان المغيب معلوماً وجودة في الأرض فإن باعه قبل النبات أو بعد ما نبت في الأرض إلا أنه لا يدري أهو نابت في الأرض أو ليس بنابت لا يجوز بيعه * ولو باع ما هو موجود في الأرض مثل البصل ونحوه وقلع البائع شيئاً من موضع وقال أبيعك على أن في كل مكان مثل هذا في الكثرة لا يجوز بيعه * ولو اشترى كروجين من الجزر فقلع أحدهما فوجد أحد الكروجين جيداً وقلع الآخر فوجده معيباً لا يرد شيئاً منه لأنه تعيب بالقلع ولكنه يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جزراً في جوالق فوجد في أعلاه جزراً طويلاً وفي أسفله قصيراً صغيراً فإن كان القصير لا يشترى بما يشترى به الطويل كان عيباً فيرجع بالنقصان * ولو اشترى كراثاً أو رطبة كالقت ونحو ذلك إن اشترى ما على ظاهر الأرض وقطع من ساعته جاز وإن اشترى ما في الأرض إن اشتراه بأصله جاز وإن لم يشتر بأصله لا يجوز لأنه ينمو كل ساعة فيختلط المبيع بغير المبيع ولو باع شيئاً مغيباً في الأرض ثم اختلف البائع والمشتري في القلع فقال البائع أخاف إن قلعته لا ترضى به وقال المشتري أخاف إن قلعته لا يصلح لي فمن تبرع منهما بالقلع جاز وإن تشاحا في ذلك فسخ القاضي العقد بينهما * وإن اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها كان رؤية البعض كرؤية الكل حتى لو رضي به لزمه ولو اشترى دهناً فرآه من خارج القارورة عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ذلك يكون رؤية وهكذا روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية أخرى لا يكون ذلك رؤية * ولو نظر إلى المبيع من وراء ستر رقيق كان رؤية ولو اشترى رحى بآلاته ولم ير بعض آلاته كان ه خيار الرؤية وكذا لو اشترى سرجاباً لاته ولبده فلم ير بعض آلاته * رجلأن اشتريا شيئاً لم يرياه لا يكون لأحدهما الرد بخيار الرؤية وقد ذكرنا الخلاف في خيار فكذلك في خيار الرؤية * إذا اشترى شيئاً لم يره فقال للبائع بعه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يبطل البيع لأن من <192> له خيار الرؤية ينفرد بألفسخ * رجل اشترى من الشاة المذبوحة كرشها قبل السلخ جاز بخلاف ما إذا باع من البطيخ بذرة قبل القطع فإنه لا يجوز وإن رضي البائع بالقطع إذا جاز بيع الكرش قبل السلخ كان على البائع إخراجه وللمشتري خيار الرؤية ن دجاجة ابتلعت لؤلؤة فباعها مع اللؤلؤة لا يجوز البيع وإن كان المشتري رأى اللؤلؤة قبل الأبتلاع وإن باع اللؤلؤة بعدما ماتت الدجاجة جاز البيع وللمشتري خيار الرؤية في اللؤلؤة إن لم يكن رآها قبل ذلك * ولو اشترى لؤلؤة في صدف جاز البيع في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وللمشتري خيار الرؤية وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع والفتوى على قوله فإذا اشترى نافجة مسك فأخرج المسك منها لم يكن له أن يرد بخيار الرؤية ولا بخار العيب لأنه يتعيب بالإخراج حتى لو لم يخرج المسك كان له أن يرد بخيار الرؤية والعيب * رجل اشترى لبنا على أن يحمله البائع إلى منزل المشتري إن كان البيع بلفظ الفارسي جاز البيع وإذا جاز البيع فإن لم يكن المشتري رأى اللبن فرآه بعدما حمله البائع على منزله قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لم يكن له أن يرده بخيار الرؤية لأنه لو رده يحتاج إلى الحمل فيصير ذلك بمنزلة عيب حادث عند المشتري * رجل اشترى جبة مبطنة ورأى بطانتها كان له خيار الرؤية إذا رأى ظهارتها لأن المقصود(2/95)
هو الظهارة فكان له الخيار فإن كانت البطانة مقصودة بأن كان عليها فرو فإن لم يكن الظهارة مقصودة لحقارتها والبطانة مقصودة إذا رأى البطانة لا يبقى له خيار الرؤية ولو كانت الظهارة مقصودة فرأى الظهارة لا يبقى له خيار الرؤية إذا كانت البطانة مقصودة أَيضاً فلا يكتفي برؤية أحدهما * رجل اشترى أرضاً لم يرها وكان لها أكار فترك المشتري الأرض في يد الأكار بالأكار فزرعها الأكار ثم أراد المشتري أن يردها بخيار الرؤية لم يكن له ذلك لأن فعل الأكار منتقل إليه فصار كأنه زرعها بنفسه * ولو اشترى داراً لم يرها فبيعت دار بجبنها فأخذها بالشفعة لا يبطل خيار الرؤية في ظاهر الرواية بخلاف خيار الشرط لأن الأخذ بالشفعة دليل الرضا وخيار الرؤية لا يبطل بصريح الرضا فإنه يبطل بدليل الرضا وخيار الشرط يبطل بصريح الرضا فيبطل <193> بدليله وكذا لو عرض المشتري المبيع على بيع بطل خيار الشرط ولا يبطل خيار الرؤية وخيار الرؤية يبطل بالقبض مع الرؤية وكذا بنقد الثمن مع الرؤية * رجل اشترى ثوباً ملفوفاً قد كان رآه قبل ذلك فاشترى وهو لا يعلم أنه ذلك الثوب كان له خيار الرؤية * رحل رأى شيئاً ثم اشتراه بعد زمان فقال وجدته متغيراً قال بعضهم لا يصدق وقال لشمس الأئمة السرخسي إن كان الراء بعد زمان لا يتغير في ذلك الزمان غالباً لا يصدق ويكون القول قول البائع وإن اشتراه بعد زمان يتغير مثل ذلك الشيء في ذلك الزمان غالباً كان القول قول المشتري كما لو رأى جارية ثم اشتراها بعد عشر سنين أو عشرين سنة وقال تغيرت كان القول قوله وعليه الفتوى * رجل اشترى داراً هي في بلدة أخرى فقال البائع للمشتري سلمتها إليك ثم امتنع المشتري عن أداء الثمن لعدم الرؤية وعدم القبض حقيقة كان له أن يردها بخيار الرؤية فإن لم يردها يؤمر البائع بأن يخرج مع المشتري إلى تلك البلدة أو يبعث وكيلاً إلى تلك البلدة فيقبض الوكيل الثمن ويسلم الدار إليه * رجل اشترى مكاعب مربوطة وجوهها فنظر إلى ظهورها يعنى إلى صرمها كان له خيار الرؤية * رجل اشترى وزناً من تراب المعدن بعينه فله خيار الرؤية إذا خرج ما فيه * ولو اشترى خفين أو مصراعين أو نعلين فرأى أحدهما كان له خيار الرؤية إذا رأى الثاني * رجل اشترى خفاً لم يره فجاء البائع بالخف وألبسه المشتري وهو نائم ثم قام المشتري ومشي فيها كان له أن يردها بخيار الرؤية عن لم ينقصها ذلك * رجل اشترى جارية بعبد وألف درهم وتقأَيضاً ثم رد العبد بخيار الرؤية لا ينتقض البيع في حصة الألف من الجارية * رجل اشترى راوية بعينها من ماء وقد شرط أنه من ماء دجلة وهو منها كان له خيار الرؤية قال لن ماء بعض المواضع أطيب من بعض * الأعمى إذا اشترى شيئاً جاز شراؤه وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان بصيراً فعمي جاز وإن كان أكمه لا يجوز وإذا جاز شراؤه عندنا كان له خيار الرؤية ثم تكلموا فيما يكون بمنزلة الرؤية قال وإن كان شيئاً مما يقلب ويجس فإذا قلب وجس كان ذلك بمنزلة الرؤية وإن كان مما <194> لا يقلب ولا يجس بأن كان عقاراً أو ثماراً على رؤوس الأشجار قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأشبه في هذا بقول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن يوكل بصيراً بالقبض فإذا قبض الوكيل وهو ينظر إليه بطل خيار الموكل وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يوسف المبيع عند الأعمى بأبلغ ما يكون فإذا قال الأعمى بعد ذلك رضيت بطل خياره وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان في رواية يقاد الأعمى إلى موضع المبيع فإذا صار بحيث لو كان بصيراً لرآه وصف له فقال رضيت بطل خياره وفي رواية يجس الحيطان والأشجار ثم يقول رضيت يبطل خياره وفي الأدهان والرياحين يكون الشم بمنزلة النظر * حكي أن أعميين اشترى كل واحد منهما أرضاً فدخل أحدهم أرضه وجعل يجس الأرض بيده فلم يجد فيها الشوك والكلأ فردها فقال إنها لم تطعم نفسها فكيف تطعمني وآخر دخل أرضه فجعل يجس حشيشها ويتعرض غلظ سوق الحشيش وطولها فوجده ملتفاً غليظاً فرضي بها وقال إن الأرض إذا طابت تربتها استغلظ حشيشها وإذا لم تطب وكانت خبيثة نزة لا يخرج نبتها إلا تكداً رقيقاً ضعيفاً * إذا اختلف العاقدان في الرؤية فقال البائع بعتك ما رأيت وقال المشتري لم أره كان القول قول المشتري مع يمينه * وكذلك لو اختلفا في المبيع فقال البائع ليس هذا ما بعتك وقال المشتري هو هذا كان القول قول المشتري بخلاف خيار العيب * إذا أراد المشتري أن يرد المبيع بعيب يحدث مثله عند المشتري وأنكر البائع أن يكون العيب عنده كان القول قول البائع {فصل في العيوب} كل ما ينقص القيمة عند التجار فهو عيب وذلك أنواع * منها ما يكون ظاهراً معايناً كالعور والشلل والصمم والخرس والعرج والسن الساقطة والسواداء والشاغية والإصبع الزائدة والأمراض والقروح ننج وفي غير الحيوان كالهشم في الأواني والخرق والعفونة في الثياب والنز(2/96)
والسبخ في الأراضي إذا لم يعلم به المشتري فعلم كان له أن يرد إلا أن يثبت البراءة عن العيب * ومنها ما يكون باطناً في الحيوان والجواري والغلمان فالسبيل في ذلك الرجوع إلى أهل البصر <195> إن أخبر بذلك واحد ثبت العيب في حق الخصومة والدعوى وإن شهد بذلك عدلأن وشهد أنه قديم كان عند البائع يرد على البائع وما كان باطناً في الجواري يعرفها النساء ولا ينظر إليها الرجال كالقرن والرتق إذا أخبر امرأة واحدة بذلك يثبت العيب في حق الخصومة لا في حق الرد في ظاهر الرواية * ومنها ما كون عيباً في الجواري لا في الغلمان كالبخر فإنه يكون عيباً في الجواري ولا يكون فاحشاً لا يكون مثله في عامة الناس فيكون عيباً ند وكذلك الزنا عيب في الجواري وليس بعيف في الغلمان غلا أن يكون مديماً على ذلك وولد الزنا عيب في الجواري وليس بعيب في الغلمان ومنها ما يكون عيباً في بعض الأحوال دون البعض كالبول في الفراش فإنه لا يكون عيباً في الصغير الذي لا يأكل وحده ولا يلبس وحده وهو عيب في الذي يأكل وحده ويلبس وحده وكذا السرقة مروي ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى * اشترى عبداً قد كان أبق أو سرق أو بال في الفراش عند البائع في كبره ولم يبل عند المشتري قال أبو بكر بن سعيد البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرده وقال أبو بكر الإسكاف لا يرد ما لم يعد عند المشتري وهو الصحيح والعنة عيب وكذا الخصاء * ولو اشترى عبداً على أنه خصي فوجده فحلاً لا يرد * ولو اشترى على أنه فحل فذا هو خصي كان له أن يرد والإدرة عيب في الغلام لأنه لا يسرع في المشي ولا يقدر على القتال راكباً * والعفل في النساء عيب وهو ورم في الفرج بمنع الجماع وقيل هي التي يكون مسلكها واحداً * وعدم الختان في الغلام والحيض في الجارية إذا كانا جليبين لا يكون عيباً وإن كانا مولدين صغيرين فكذلك وإن كانا كبيرين فهو عيب وهذا عندهم أما عندنا فعدم الحيض في الجواري لا يكون عيباً * ولو اشترى جارية على أنها بكر ثم قال هي ثيب فإن القاضي يريها النساء إن قلن هي بكر كان القول قول البائع ولا يمين عليه وإن قلن هي بثيب كان القول قول البائع مع يمينه * وإن وطئها المشتري فعلم بالوطء فإن زابلها كما علم أنها ليس ببكر بلا لبث وإلا لزمه الجارية هكذا ذكر الشيخ أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يردها بشهادة النساء * والنكاح عيب في <196> العبد والجارية وكذا لو كنت الجارية في العدة عن طلاق رجعي وإن كنت عن طلاق بائن فليس بعيب والإحرام ليس بعيب في الجارية وكذا لو كنت الجارية محرمة الوطء على المشتري برضاع أو صهرية لا يكون عيباً * ولو اشترى جارية وقبضها ثم ادعى أن لها زوجاً وأراد أن يردها فقال البائع كن لها زوج عندي أبانها أو مات عنها قبل البيع كان القول قول البائع ولا يرد عليه * ولو أقام المشتري البينة على قيام النكاح للحال لا تقبل بينته ولو أقام البينة على إقرار البائع بذلك قبلت بينته * ولو قال البائع كان زوجها عندي فلأن أبانها قبل البيع والمشتري ينكر الطلاق كان القول قول البائع فإن حضر المقر له بالنكاح وأنكر الطلاق كان للمشتري أن يردها * ولو قال البائع كان له للمشتري أن يردها * ولو قال البائع كان لها زوج عندي يوم البيع فأبانها أو مات عنها قبل القبض أو بعده والمشتري ينكر الطلاق كان للمشتري أن يرد الجارية * ولو كان لها زوج عند المشتري فقال البائع كان زوجها عندي غير هذا الرجل أبانها أو مات عنها قبل البيع كان القول قول البائع * رجل اشترى حنطة فوجدها رديئة لا يردها لأن الرداءة ليست بعيب وإن وجدها مسوسة أو عفنة كان له أن يردها * وكذا لو اشترى إناء فضة فوجدها رديئة من غير غش لا يرده * ولو اشترى جارية فوجدها قبيحة أو سوداء الوجه لا يردها ولو وجدها محرقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال كان له أن يردها * ولو اشترى جارية قد كانت ولدت عند البائع أو عند غيره ولم يعلم به المشتري ثم علم كان له أن يردها في إحدى الروايتين وعليه الفتوى وفي رواية أخرى لا يجعل نفس الولادة عيباً فلا يرد إذا لم توجب الولادة نقصاناً ظاهراً فيها * ولو اشترى جارية وقبضها ثم قال إنها لا تحيض قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تسمع دعوى المشتري إلا أن يدعي ارتفاع الحيض بالحبل أو بسبب الداء فإن ادعى بسبب الحبل يسمع دعواه ويريها القاضي النساء إن قلن هي حبلى يحلف البائع إن ذلك لم يكن عنده وإن قلن ليست بحبلى فلا يمين على البائع وهو نظير ما ذكرناه في الثيابة وفي دعوى الحبل يرجع إلى النساء وفي معرفة داء باطنها يرجع إلى الأطباء ثم في الداء يرد بشهادة رجلين إذا شهدا أنه قديم * وفيا لا ينظر إليه الرجال <197> كالقرن والرتق ونحوه اختلفت فيه الروايات وآخر ما روي عن مُحَمَّد رمه الله تَعَالَى أنه إن كان ذلك قبل(2/97)
القبض وهو عيب لا يحدث يرد بشهادة النساء وهو قول أَبِي يُوسُفَالآخر والمرأة الواحدة والمرأتان فيه سواء والمرأتان أوثق * وأما الحبل فيثبت بقول النساء في حق الخصومة ولا يرد بشهادتين * رجل اشترى خفين فإذا أحدهم لا يدخل في رجله إن كان لا يدخل لعله في رجله لا يرد وإن كان لا يدخل لا لعله في رجله بل لضيق الخف كان له أن يرد وإن كان الخفان ضيفين لا تدخل رجله فيهما لم يكن له أن يرده * رجل اشترى عبداً فأبق من يده وقد كان أبق عنده البائع لا يكون له أن يرجع بنقصان العيب ما دام العبد حياً آبقاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو اشترى دابة فسرقت منه ثم علم بعيب لا يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى مصحقاً على أنه جامع فإذا فيه آيان أو آية ساقطة كان له أن يرد * رجل اشترى عبداً فسرق عنده أقل من عشرة وقد كان سرق عند البائع مثل ذلك كان له أن يرد وكذا لو أبق عنده إلى مما دون السفر كان له أن يرد لأنه يسمى آبقاً وسارقاً وكذا لو كان العبد نقب البيت ولم يخرج شيئاً كان له أن يرد * رجل اشترى غلاماً وبركبته ورم فقال البائع أصابه ضرب فأورمه فاشتراه على ذلك ثم ظهر أنه كان قديماً لا يرد قال المصنف وهذا إذا لم يبين السبب فأما إذا بين السبب ثم ظهر أنه كان بسبب آخر غير الذي بين كان له أن يرد كما لو اشترى عبداً هو محموم فقال البائع هو حمى غب فإذا هو غير ذلك كأنه له أن يرد لأنه الغب يختلف باختلف السبب * رجل اشترى عبداً كان محموماً عند البائع تأخذه الحمى كل يومين أو ثلاثة أيام ولم يعلم به المشتري فأطبق عليه عند المشتري ذكر في المنتقىأن للمشتري أن يرد ولو أنه صار صاحب فراش بذلك عند المشتري فهذا عيب آخر غير الحمى يرجع بالنقصان ولا يرد * وكذا لو كان به قرحة فانفجرت أو كان جدرياً فانفجر كان له أن يرد وإن كان به جرح فذهب يده من ذلك عند المشتري أو كانت موضحة فصارت آمة عند المشتري فليس له أن يرد * رجل اشترى عبداً أو قبضه فحم عنده وقد كان يحم عند البائع ولم يعلم به المشتري قال الشيخ <198> الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المسألة محفوظة عن أصحابنا أنه إن حم عند المشتري في الوقت الذي كان يحم عند البائع كان له أن يرد وإن حم عند المشتري في غير ذلك الوقت لا يرد فقيل له لو اشترى أرضاً فنزت عند المشتري وقد كانت تنز عند البائع قال له أن يرد لأن سبب النز واحداً وهو تسفل الأرض وقرب الماء فكان الثاني عين الأوّل إلا أن يجيء ماء غالب أو كان المشتري رفع التراب عن وجه الأرض فيعلم أنها نزت لرفع التراب أو للماء الغالب الذي جاء من موضع آخر فيكون النز عند المشتري غير الذي كان عند البائع أو يشتبه فلا يدري أنه عين ذلك أو غيره فلا يكون له أن يرد قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الجواب في مسألة الحمى والنز ما قال الشيخ الإمام إلا أنه يشكل بما ذكر في الزيادات في رجل اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو لا يعلم بذلك فانجلى البياض عند المشتري ثم عاد ليس له أن يرد وجعل الثاني غير الأوّل * ولو اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو يعلم بذلك فلم يقبضها حتى انجلى البياض ثم عاد بياضها عند البائع لا يكون للمشتري أن يردها وجعل الثاني عين الأوّل عند المشتري ولم يجعل الثاني عين الأوّل إذا عاد البياض عند المشتري وقال لا يرد كنت أشاور شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويشاور معي فيما كان مشكلاً إذا اجتمعنا فشاورته في هذه المسألة فما استفدت منه فرقاً * رجل اشترى عبداً فسرق ثياباً للمشتري وأبق وقد كان سرق عند البائع بعد بلوغه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للمشتري أن يخاصم البائع ما دام العبد حياً آبقاً فإن عاد من الأباق كان للمشتري أن يخاصم البائع ويرد عليه بالحجة * رجل اشترى جارية وقبضها فلم تحض عند المشتري شهراً أو أربعين يوماً قال القاضي الِغمام هذا ارتفاع الحيض عيب وأدناه شهراً واحد فإذا ارتفع هذا القدر عند المشتري كان له أن يرد إذا أثبت أنه كان عند البائع كذلك * اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت قالوا إن كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن <199> العيب كان للبائع أن يسترد ذلك من المشتري * رجل اشترى جارية وقبضها وخاصم البائع في عيب بالجارية ثم ترك الخصومة أياماً ثم خاصمه فقال له البائع لم أمسكتها طول المدة بعدما اطلعت على عيب فقال المشتري إنما أمسكتها لا نظر هل يزول العيب قال الشيخ الغمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ترك الخصومة لهذا لا يكون رضا بالعيب وله أن يردها على البائع * رجل اشترى حنطة فوجد فيها تراباً قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان التراب مثل ما يكون في الحنطة ولا يعد عيباً عند الناس ليس له أن يرد وإن كان يعد عيباً عند الناس غلا أنه لفيس بفاحش(2/98)
كان له أن يرد وإن كان التراب فاحشاً كان الخيار للمشتري إن شاء أخذ الحنطة بقسطها من الثمن وإن شاء رد الحنطة ويأخذ كل الثمن كما لو اشترى حنطة على أنها عشرة أقفزة فوجدها تسعة كان له الخيار على هذا الوجه وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ إذا أراد أن يميز التراب فيرد التراب ويسك الحنطة بقسطها من الثمن ليس له ذلك لأن الحنطة لا تخلو عن قليل تراب هذا إذا علم المشتري بذلك قبل التمييز فإن كان المشتري ميز التراب من الحنطة فوجد التراب فاحشاً يعد ذلك عيباً عند الناس إن أمكنه بأن يخلط التراب بالحنطة ويردها بذلك الكيل على البائع من غير نقصان يرد الكل على البائع ويسترد الثمن لأنه ردها كما قبض وإن كان بعد الخلط لا يمكنه الرد بذلك الكيل لأنتقاصها بالتذرية لا يرد لأنه لا يمكنه الرد كما قبض لكن يمسك من الثمن بحصة نقصان الحنطة إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة فيكون له ذلك وكذلك كل ما لا يخلو عن التراب فهو مثل الحنطة على التفصيل الذي ذكرنا * ولو اشترى مسكاً فوجد فيه رصاصاً كان له أن يميز الرصاص ويرده على البائع بحصته * جعل أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لجنس هذه المسائل أصلاً فقال كل ما يسامح في قليلة لا يميز كثيره وكل ما لا يسامح في قليله كان له أن يميز كثيره والرصاص في المسك لا يسامح في قليله فيميز كثيره ويسامح في قليل التراب فلا يميز كثيره وعامة المشايخ أخذوا بهذه الرواية * ولو اشترى نحاس نقرة فخرج منها حجر مثل ما يخرج من النحاس كان له أن يرد الحجر ويمسك من الثمن بحساب ذلك إلا أن يشاء البائع <200> أن يأخذها كذلك ويرد الثمن لأن في قليل الحجر لا يسامح في النحاس فكان له أن يميز الحجر كالرصاص في المسك * رجلأن تبايعا بعيراً ببعير وتقابضا فوج أحدهما بالبعير الذي اشتراه عيباً فمات عند والبعير الآخر مرض عند الذي اشتراه قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير الذي وجد بالبعير الذي اشتراه عيباً إن شاء رجع بحصة العيب من البعير الآخر وإن شاء رجع بحصة العيب من قيمة البعير الآخر صحيحاً غير مريض وإنما يخير لمرض البعير الآخر * رجل اشترى جارية فظهر أنها كانت مخضوبة الرأس قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ظهر بها شمط كان له أن يردها وإن ظهر بها شقرة لم يرد إلا أن يكون سواد الشعر شرطاً في البيع * والصهوبة وهي لون بين الصفرة والحمرة تعد عيباً في التركية والهندية في الرومية والصقالية لأن عامة شعور أهل الروم تكون كذلك * ولو اشترى عبداً أمرد فجده محلوق اللحية أو منتوف اللحية كان له أن يرد إن ظهر ذلك في مدة بعد الشراء يعلم أنه كان عند البائع * رجل اشترى خبزاً بدرهم فوجد خبزاً واحداً محترقاً فرده على البائع فدفع البائع إليه خبزاً آخر جزافاً من غير وزن قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز ذلك ما لم يوزن لأن القدر مما يخل تحت الوزن فمقدار خمسة أساتير أو عشرة أساتير له حجر على حدة فلا يجوز إلا بالوزن وإن كانت أقل من ذلك مما ليس له حجر معلوم على حجة فلا باس به * رجل اشترى ثوباً لنفسه ثم قطعه قميصاً ونوى عند القطع لابنه الصغير ثم وجد به عيباً لا يرد ولا يرجع عليه بالنقصان ولو نوى عند القطع لابنه البالغ كان له أن يرجع بالنقصان لأن الهبة لا تتم في البالغ بدون القبض رجل اشترى حزمة بقل فوجد في جوفها حشيشاً قالوا إن كان هذا الحشيش في هذا البقل يعد عيباً عند الناس خير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رد وهو بمنزلة الزب(2/99)
في السمن * رجل اشترى أرضاً أو كرماً فظهر أن شربه على ناوق يوضع على ظهر نهر أو موضع آخر كان له أن يرده لأن ذلك يعد عيباً عند الناس * وذكر في المنتقى رجل اشترى بيتاً من دار بجميع حقوقه يدخل طريقه وإن لم يقل بحميع حقوقه ولم <201> يشترط الطريق فلا طريق له وله أن يردد البيع إذا قال ظننت أن له مفتحاً إلى الطريق وكذا لو اشترى أرضاً أو نخلاً لا يستحق الشرب بدون الشرط فإن لم يكن لها شرب ولم يعلم بذلك فلما علم قال لا أرضى كان له أن يرد لما قلنا إن ما يعده الناس عيباً يكون له أن يرد بذلك وعدم الشرب والطريق يعد عيباً عند الناس وإن كان لا يستحق ذلك بدون الشرط * رجل اشترى جبة مبطنة فوجد فيها فأرة ميتة كان ذلك عيباً وكذا لو اشترى ثوباً نجساً ولم يبين البائع ذلك جاز البيع ثم ينظر إن كان ثوباً تنقص قيمته بالغسل يكون عيباً وإن كان لا ينتقص لا يكون عيباً وإن كان فيه دهن فهو عيب لأن الدهن قلما يزول كله فيعد عيباً * رجل اشترى جارية لا تحسن التركية والمشتري لم يعلم بذلك ثم علم أو كان المشتري يعلم بذلك لك لا يعلم أنه يعد عيباً عند التجار إن اتفق التجار على أنه يعد عيباً كان له أن يرد وإن اختلف التجار فيما بينهم قال بعضهم هو عيب وبعضهم قال ليس بعيب لم يكن له أن يرد إذا لم يكن عيباً بينا عند الكل وإن كان يعلم كل أحد أنه عيب كالعود والشلل وغير ذلك فإن علم بذلك وقبض لم يكن له أن يرده * رجل أراد أن يشتري جارية فرأى بها قرحة ولم يعلم أنها عيب فاشتراها ثم علم أنها عيب قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أن يردها لأن هذا مما يشتبه على الناس فجاز أن يشتبه عليه فلا يثبت الرضا بالعيب * رجل اشترى جارية لها لبن فأرضعت صبياً له ثم وجد بها عيباً كان له أن يردها لأن هذا بمنزلة الاستخدام والاستخدام لا يمنع الرد * رجل اشترى جارية فولدت بعد البيع عند البائع ثم قبضها فوجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يردها بحصتها من الثمن وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع بنقصان العيب ولا يرد ولو أنها ولدت عند البائع بعد البيع ثم علم المشتري بعيب قبل القبض فهو بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء تركها في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى * رجل اشترى داراً ثم باع بعضها ثم وجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تَعَالَى لا يرد ولا يرجع بشيء * رجل اشترى شيئاً فوجد به عيباً قبل القبض فقال للبائع رددته عليك ينتقض <202> البيع بينهما قبل البائع أو لم يقبل ولو قال ذلك عند غيبة البائع لا ينتقض البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى خشبة ليتخذها مدقة شرط ذلك في البيع فقطعها في الليل وأر أنه ليس بها عيب ثم جدد العقد عليها من غير شرط فنظر إليها بالنهار فوجدها معيبة كان له أن يردها لأن البيع الأوّل انتقض بالتجديد وقوله لا عيب بها لا يعتبر إذا ظهر بها عيب قديم * رجل اشترى برذوناً وكان بإحدى يديها جرح اندمل ونبت عليها الشعر ولم يعلم المشتري بذلك ثم جاء المشتري بعد أيام بالمبيع يسيل منه الدم قالوا إن كان مثل هذا العيب لا يحدث بعد البيع كان له أن يرد وإلا فالقول قول البائع إن هذا العيب حدث عند المشتري * رجل اشترى بطيخة فقطعها فوجدها فاسدة قال أبو القاسم إن علم بفسادها ولم يستهلك منها شيئاً حتى خاصم البائع ولها مع فسادها قيمة كان البائع بالخيار إن شاء رد حصة النقصان من الثمن ولا يقبل البطيخة وإن شاء قبلها ويرد جميع الثمن وإن كان المشتري بعدما علم بفسادها استهلكها أو استهلك بعضها بأن أطعمها أولاده أو عبيدة لا شيء له على البائع وإن لم يكن للبطيخة قيمة مع فسادها رجع المشتري على البائع يجميع الثمن على كل حال رجل باع خلا فلما صبه في خأبية المشتري بحضرة المشتري ظهر أنه منتن لا ينتفع به قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو أمانة عند المشتري إن هلك أو فسد لا ضمان عليه وإن أهرقه المشتري لفساده إن لم يكن له قيمة وأشهد على ذلك شاهدين لا شيء على المشتري * رجل اشترى مشجرة فوجد بعض أشجارها معيباً قال أبو بكر هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرد الكل أو يأخذ الكل وليس له أن يرد المعيب خاصة وإن كانت الأشجار متباينة قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان ذلك قبل القبض فكذلك الجواب وإن كان بعد القبض واشترى المشجرة بأرضها فكذلك وإن اشترى الأشجار خاصة رد المعيب خاصة * رجل اشترى بعيراً وبقبضه ثم وجد به عيباً فذهب إلى البائع ليده فعطب في الطريق فإنه يهلك على المشتري ثم إن المشتري إن أثبت العيب يرجع بنقصان العيب على البائع ولو اشترى بعيراً وقبضه فوجده <203> لا يعتلف ثم ظهر به ريح فوقع فانكسر فنحره فإنه لا يرجع بالنقصان على البائع * رجل اشترى بعيراً فلما أدخله داره سقط فذبحه إنسان فنظروا(2/100)
إلى أمعائه فإذا هي فاسدة فساداً قديماً إن كان الذابح ذبحه بغير أمر المشتري لا يرجع بالنقصان لوجوب الضمان على الذابح وإن ذبحه بأمر المشتري أو ذبح المشتري بنفسه فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يرجع بالنقصان * رجل اشترى شيئاً وتقابضا ثم تقايلا البيع ولم يسلم المشتري إلى البائع حتى اشتراه ثانياً من البائع جاز الشراء فإن وجد به عيباً قديماً كان له أن يرده على البائع ولم يكن للبائع أن يرده على بائعه وكذلك لو اشترى شيئاً وتقابضا ثم باعه من البائع ثم اشتراه من البائع فوجد به عيباً قديماً رده على بائعه ولم يكن لبائعه أن يرده على بائعه وكذلك رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم أن المشتري مع البائع جدد البيع بأكثر من الثمن الأوّل ثم وجد به عيباً قديماً فرده على البائع لم يكن للبائع أن يرده على بائعه * رجل باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم وجد المشتري بها عيباً فأراد أن يردها على البائع كان للبائع أن لا يقبل الرد بغير قضاء وإن كان يعلم بالعيب لأنه لو قبلها بغير قضاء لا يكون له أن يردها على بائعه * رجل اشترى بقرة فوجدها تأخذ بضرعها وتمص جميع لبنها قالوا هو عيب له أن يردها على البائع بالحجة * رجل اشترى دهناً في زق فوجد به عيباً فإنه يرده بالعيب في البلد الذي اشتراه فيه * رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذلك فظهر أن أجرة الحانوت كان أكثر م ذلك قالوا ليس له أن يرد السكنى بهذا السبب لأن هذا ليس بعيب في الحانوت * رجل اشترى نقرة على أنها زخمدار فقبضها فإذا بها لم تكن زخمدار كان له أن يردها لأن فوات المشروط بمنزلة العيب * رجل اشترى عبداً فوجده مخنثاً كان له أن يرده قالوا هذا إذا كان التخنث بالعمل القبيح فإن كان التخنث في المشي أو في القول لا يكون عيباً وإن وجده كافراً كان له أن يرد وإن اشتراه على كافر فوجده مسلماً لا يرده عندنا ولو اشترى حماراً فوجده حروناً وهو الذي يقف في الطريق في بعض المواضع من غير مانع كان له أن يرد * ولو اشترى عبداً <204> أو جارية فوجده يسيل الدمع من عينه كان له أ، يرده ولا يرجع بالنقصان * ولو اشترى خفين أو مصراعي باب ف6وجد بأحدهما عيباً وباع الآخر فإنه لا يرد المعيب ولا يرجع بالنقصان والخال على شفة الجارية وجفنها يكون عيباً * ولو اشترى عبداً أو جارية فظهر أن به وجع الضرس يأتيه مرة بعد أخرى كان له أن يرد * رجل باع عبداً ووهب الثمن للمشتري بالمبيع عيباً اختلفوا في ذلك قال بعضهم ليس له أن يرده وإن علم بالعيب قبل قبض المبيع كان له أن يرد في قولهم لأنه امتناع عن إتمام العقد * رجل اشترى أرضاً فوجد فيها طريقاً يمر فيها الناس كان له أن يرد بالحجة * ولو اشترى كرماً فوجد فيه بيوتاً النمل كثيراً كان له أن يرد * رجل اشترى شاة فوجدها مقطوعة الأذن أن اشتراها للأضحية كان له أن يردها وكذلك كل ما يمنع التضحية وإن اشتراها لغير التضحية لا يكون له أن يردها إلا أن يكون لك عيباً عند الناس وإن اختلف الائع والمشتري فقال المشتري اشترى للأضحية وأنكر البائع ذلك فإن كان ذلك في زمان الأضحية كان القول قول المشتري إذا كان من أهل أن يضحي * رجل اشترى جارية عبداً فوجد به عيباً فضربه بعد ذلك إن أثر الضرب فيه لا يرد ولا يرجع بالنقصان وإن لطمه أو ضربه سوطين أو ثلاثة ولم يؤثر فيه كان له أن يرده * اشترى عبداً فقتله رجل عمداً عند المشتري وقتل به القاتل ثم علم بعيب فإنه لا يرجع بالنقصان * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم باعه من البائع فوجدج البائع به عيباً قديماً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرده على المشتري الأوّل * رجل اشترى من رجل دنانير بدراهم وتقابضا ثم أن مشتري الدنانير التي اشتراها بالدراهم وسلم الدنانير وقبض الدراهم ثم وجد المشتري الثاني في الدنانير عيباً فردها على بائعه الأوسط وقبلها الأوسط بغير قضاء قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للبائع الأوسط أن يردها بذلك العيب على البائع الأوّل قال ولا يشتبه الصرف في هذا بالعروض لأن البيع لا يقع على تلك الدنانير بعينها * وكذلك رجل له على رجل <205> دراهم وقبضها منه وقضاها آخر فوجد فيها زيوفاًُ فردها عليه بغير قضاء كان له أن يردها على الأوّل * رجل اشترى عبداً وباعه من ابنه في صحته ثم مات فورثه الأبن وليس له وارث سواه ثم وجد بالمشتري عيباً قديماً كان له أن يرد إلا أنه يسأل القاضي حتى ينصب خصماً عن الميت فيرده الأبن على ذلك الخصم ثم الأبن يرده على بائع أبيه وإن كان للميت وارث آخر يرده الأبن على ذلك الوارث ثم يرده على بائع الميت ولم يفصل مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب بين ما إذا كان الميت استوفى الثمن وبين ما إذا لم يستوف وإطلاق مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب دليل على التسوية بين(2/101)
الوجهين * وهذه المسألة دليل على ما قلنا إن الرجل إذا باع شيئاً ثم إنه وهب الثمن للمشتري ثم وجد المشتري بالمشترى عيباً كان له أن يرد * ولو اشترى رجل عبداً وقبضه ثم باعه من مورثه ثم مات المورث فورث الأبن أباه ثم وجد بالعبد عيباً قديماً لا يرده على أحد بخلاف الأوّل * عبد مأذون مديون باع من مولاه عبداً من أكسابه بمثل القيمة جاز فإن وجد المولى بالمبيع عيباً وكان ذلك قبل القبض كان له أن يرده على عبده وإن كان بعد القبض والثمن من النقود لا يرده على عبده * رجل اشترى جوزاً فكسر بعضه فوجده فاسداً لا ينتفع به ولا قيمة له كان له أن يرد ما بقي ويسترد كل الثمن وإن كان الفاسد مما ينتفع به وله قيمة عند الناس فإنه يرجع بنقصان العيب فيما كسر ولا يرد المكسور ولا الباقي إلا إذا أقام البينة على أن الباقي معيب * رجل اشترى بدرهم بطيخاً عدداً فكسر واحدة منها بعد القبض فوجدها فاسدة لا ينتفع بها كان له أن يرجع بحصتها من الثمن ولا يرد غيرها غلا أن يقيم البينة على فساد ما بقي وليس البطيخ في هذا كالجوز لأن الجوز شيء واحد إذا كان بعض الجوز فاسداً لا ينتفع به يرد الكل وكذا اللوز والفستق والبيض وأما في البطيخ والرمان والسفرجل والخيار لا يرد غير الواحدة الفاسدة * رجل اشترى جارية من رجلين فوجد بها عيباً فقال أرد على فلأن ولا أرد على فلأن فذلك له في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى شاة فجز صوفها ثم وجد بها عيباً إن لم يكن الجز نقصاناً كان له أن يردها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ <206> تَعَالَى والجز عندي ليس بنقصان قيل له وإن اشترى كرماً فأثمر عنده فقطف ثمرته ووضعها على الأرض ثم وجد بالكرم عيباً عند خالي الباقي <207> جارية قد بلغت فادعى أنها خنثى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحلف البائع البتة ما هي كذلك لأنه لا ينظر إليها الرجال ولا النساء * رجل اشترى عبداً فعلم بعيب قل القبض فأراد أن يرده فصالحه البائع من العيب على عبد آخر وقبض المشتري ثم استحق أحدهما فإنه يرجع على البائع بحصة المستحق من الثمن كأنه اشترى عبدين بذلك الثمن ويجعل العبد الثاني زادة في المبيع ولو كان المشتري قبض التعبد الذي اشتراه ثم وجد به عيباً فصالحه ن العيب على العبد ثم استحق العبد المشتري بطل الصلح في العبد الثاني وقيل بأنه لا يبطل الصلح في العبد الثاني كما قبل القبض * رجل اشترى عبداً وقبضه فاكتسب أكساباً عند المشتري ثم إن المشتري وجد بالعبد الذي اشتراه عيباً ثم أتلف الكسب لم يكن إتلاف الكسب رضاً بالعيب * رجل اشترى جارية وقبضها فباعها من آخر فوجد المشتري الثاني بها عيباً يحدث وأراد أن يردها فقال المشتري الأوّل هذا العيب حدث عندك وأقام المشتري الثاني البينة أن هذا العيب كان عند البائع الأوّل فردها القاضي على المشتري الأوّل كان للمشتري الأوّل أن يردها على بائعه بذلك العيب في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقيل هو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يرد في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى عبداً وقبضه فساومه رجل آخر فقال المشتري لا عيب به فلم يتفق البيع بينهما ثم وجد المشتري بالعبد عيباً يحدث مثله وأقام البينة على أن هذا العيب كان عند البائع كان له أن يرده وقول المشتري للذي ساومه ليس به عيب لا يبطل حقه في الرد * وقال مشايخنا إن كانت المسألة في الثوب إذا قال المشتري للذي ساومه لا عيب به ثم وجد به عيباً لا يكون له أن يرده لأن عيوب الثوب مما يوقف عليه فصح إقراره بنفي العيوب أما ا في العبيد من العيوب ما لا يوقف عليه فيجعل إقراره بنفي العيوب كذباً فلا يعتبر * ولو قال المشتري ليس له إصبع زائدة وأما ما أشبه ذلك من العيوب التي لا تحدث في تلك المدة ثم وجد المشتري بالعبد ذلك العيب كان له أن يرده لأن القاضي تيقن بكذبه في نفي ذلك العيب فبطل كلامه * رحل اشترى من رجل عبداً وقبضه وباعه من آخر وجحد المشتري <208> الثاني البيع وحلف وعزم المشتري الأوّل على ترك الخصومة وأمسك العبد عيباً كان عند البائع الأوّل كان له أن يرده على بائعه * ولو جحد المشتري الثاني البيع وعزم المشتري الأوّل على ترك الخصومة ولم يحلف المشتري الثاني ثم وجد بالعبد عيباً كان عند البائع ليس له أن يرده على بائعه ولو أن المشتري الثاني ادعى أن البيع الذي جرى بينهما كان تلجئة أو كان بثمن إلى العطاء أو كان فيه خيار شرط أو رؤية وصدقه المشتري الأوّل في ذلك ثم وجد بالعبد عيباً كان له أن يرده على بائعه بخلاف ما إذا تقايل المشتري الأوّل والثاني البيع أو ردّه الثاني على الأول بعيب بغير قضاء * رجل اشترى عبداً فأراد أن يرده بعيب فأقام البائع البينة على إقراره أنه باع العبد قبلت بينته وليس له أن يرده بالعيب ولو أقام البائع البينة أنه باعه من فلأن وفلأن حاضر يجعد والمشتري الأول(2/102)
يجعد أَيضاً كان جحودهما بمنزلة الإقالة ولا يرد * رجل اشترى عبداً بصفقتين بكل صفقة نصفه ثم وجد به عيباً كان عند البائع وأراد أن يرد أحد النصفين دون الآخر كان له ذلك {فصل فيما يردع بنقصان العيب ولا يرد} إذا اشترى شيئاً فتعيب عند المشتري بفعل المشتري أو بفعل أجنبي أو بآفة سماوية ثم علم بعيب كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب ولا يرد * وطريق معرفة النقصان أن يقوم صحيحاً لا عيب به ويقوم وبه العيب فإن كان ذلك العيب ينقص عشر القيمة كانت حصة النقصان عشرة الثمن فإن رضي البائع أن يأخذه معيباً بالعيب الذي حدث عند المشتري ويرد كل الثمن كان له ذلك * وإن زاد المبيع عند المشتري بأن اشترى ثوباً فصبغه بعصفر أو زعفران أو اشترى أرضاً فبنى فيها بناء أو غرس شجراً ثم وجد بها عيباً كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب ولا يرد فإن قال البائع أنا أقبله كذلك وأرد كل الثمن لم يكن له ذلك * وإن اشترى طعاماً فباعه ثم علم بعيب كان عند البائع لا يرجع بنقصان العيب وإن باع بعضه ثم وجد به عيباً عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى وبعض الروايات عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرد ما بقي ولا يرجع <209> بنقصان العيب لا فيما باع ولا فيما بقي وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية لا يرجع بنقصان ما باع ويرد الباقي بحصته من الثمن وبه أخذ الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث وعليه الفتوى * وإن اشترى طعاماً فأكل بعضه ثم علم بعيب كان عند البائع لا يرد الباقي ولا يرجع بشيء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع بنقصان العيب فيما أكل ولا يرج الباقي وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرد الباقي ويرجع بنقصان العيب فيما أكل ويعطي لكل بعض حكم نفسه وعليه الفتوى هذا إذا كان الطعام في وعاء فإن كان في وعاءين أو في جوالقين أو في قوصرتين أو ما أشبه ذلك فأكل ما في أحدهما أو باع ثم علم بعيب كان ذلك عند البائع كان له أن يرد الباقي بحصته من الثمن في قولهم لأن المكيل أو الموزون إذا كان في وعاءين كان في حكم العيب بمنزلة شيئين مختلفين وإن اشترى طعاماً في وعاء فوجد به عيباً فعرض بعضه على البيع قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه هذا البعض الذي عرضه على البيع وله أن يرد الباقي لأن عنده لو باع النصف ثم وجد به عيباً كان له أن يرد النصف الباقي فكذلك إذا عرض على البيع لأن عنده المكيل والموزون بمنزلة أشياء مختلفة فكان الحكم فيه ما هو الحم في العبدين والثوبين ونحو ذلك وكذا لو اشترى دقيقاً فخبز بعضه ثم علم أنه كان مراً كان له أن يرد الباقي ويرجع بنقصان عيب ما خبز * وكذا لو اشترى سمناً ذائباً فأكله ثم أقر البائع أنه كان وقع فيها فأرة وماتت كان له أن يرجع بنقصان العيب في الفتوى وهو قول أَبِي يُوسُفَروى مُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى طعاماً فأكله ثم علم بعيب عندهما يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جبة فلبسها وانتقصت باللبس ثم علم بفأرة ميتة فيها فإنه يرجع بنقصان العيب إلا أن يأخذها البائع ويرضى بنقصان اللبس * ولو اشترى ثوباً وكفن به ميتاً ثم علم بعيب فإنه لا يرد لتعلق حق الميت به ولا يرجع بنقصان العيب أَيضاً لاحتمال أن يفترسه سبع فيعود على ملك المشتري من غير نقصان فيتمكن من الرد على البائع وما لم يقع اليأس عن الرد لا يرجع بنقصان <210> العيب كما لو اشترى عبداً فأبق من يده ثم علم بعيب فإنه لا يرجع بنقصان العيب مادام حياً لاحتما لأن يعود من الأباق * ولو اشترى أرضاً فجعلها مسجداً ثم وجد بها عيباً فإنه لا يرد في قولهم واختلفوا في الرجوع بنقصان والمختار للفتوى أنه يرجع كما لو اشترى أرضاص فوقفها ثم علم بعيب ذكر هلال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يرجع بنقصان العيب وجعله بمنزلة ما لو اشترى عبداص فأعتقه ثم علم بعيب فإنه يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى ضيعة مع ما فيها من غلات ثم وجد بها عيباً قالوا ينبغي أن يردها كما عل بالعيب لأنه لو جمع الغلات بعدما علم أو تركها كذلك ينتقص فلا يمنه الرد بعد ذلك * اشترى شجرة ليتخذ منها باباً أو نحو ذلك فقطعها فوجدها لا تصلح لما اشتراه فإنه يرجع بنقصان العيب فغلا أن يأخذها البائع مقطوعة ويرد الثمن * إذا اشترى عبداً فآجره ثم وجد به عيباً كان له أن ينقض الإجارة ويرد العبد لأن الإجارة تفسخ بالعذر وقد تحقق العذر ولو كان رهن العبد وسلم ثم وجد به عيباً فإنه لا ينتقض الرهن ويرده بعد الفكاك لأن الرهن لا ينتقض بالعذر * ولو اشترى الوارث أو الوصي بشيء من التركة كفنا للميت ثم وجد به عيباً كان له أن يرجع بنقصان العيب بخلاف ما إذا تبرع أجنبي بذلك * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من غيره ومات عند الثاني ثم علم الثاني بعيب كان عند البائع الأول فإن المشتري الثاني يرجع بنقصان العيب على(2/103)
البائع الثاني والبائع الثاني لا يرجع بنقصان العيب على البائع الأول فإن المشتري الثاني يرجع بنقصان العيب على البائع الثاني والبائع الثاني لا يرجع بنقصان العيب على البائع الأول لأن البيع الثاني لم ينفسخ بالرجوع بنقصان العيب ومع بقاء البيع الثاني لا يرجع البائع الثاني على الأول * اشترى جارية وهي بيضاء إحدى العينين ولم يعلم بذلك ولم يقبضها حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها فعلم به كان له أن يردها ولو قبضها وهي بيضاء إحدى العينين ولم يعلم بذلك حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها فعلم به كان له أن يردها ولو قبضها وهي بيضاء أحدى العينين ولم بذلك حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها لا يكون لها أن يردها لأن في الوجه الأوّل لما انجلى البياض ثم عاد جعل كان الأول لم يكن وابيضت عينها قبل القبض كان له أن يردها أن في الوجه الثاني إذا انجلى البياض في يد المشتري سلمت له الجارية بصفة السلامة فلا يكون له حق الرد بعود <211> البياض بعد ذلك * إذا اشترى جاريتين ولم يقبضهما حتى وجد بأحدهما عيباً فقبض المعيبة لزمتاه جميعاً لأنه رضي بالمعيبة والأخرى صحيحة وإن قبض التي لا عيب بها كان له أن يردهما جميعاً لأنه لم يرض بالمعيبة وهو لا يملك التفريق فيردهما جميعاً وإن باع السليمة بعدما قبضها أو أعتقها قبل القبض أو بعده لزمته المعيبة لأنه عجز عن رد السليمة فيتعذر رد الأخرى لأنه لا يملك التفريق * ولو اشترى مصراعي باب وقبض أحدهما بإذن البائع وهلك الآخر عند البائع فإنه يهلك على البائع وللمشتري أن يرد الآخر عن شاء لأن المقبوض تعيب بفوات الآخر فكان له أن يرده ولا يجعل قبض أحدهما كقبضهما جميعاً * ولو أن المشتري قبض أحدهما فعيبه وهلك الآخر عند البائع يهلك على المشتري لأن المشترى بتعييب المقبوض صار معيباً للآخر فيصير قابضاً لهما جميعاً فيكون الهلاك على المشتري وكذا لو اشترى خفين أو نعلين وكل ما تتعلق المنفعة ببقائهما كان تعيب أحدهما تعييباً للآخر * اشترى بعيراً فلما أدخله داره سقط فذبحه إنسان بأمر المشتري فظهر به عيب قديم كان للمشتري أن يرجع بالنقصان على البائع في قول أَبِي يُوسُفَوَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وبه أخذ المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى طعاماً فأكل بعضه ثم علم بعيب فإن عندهما يرجع بنقصان العيب فيما أكل إلا أن ثمة يرد الباقي ههنا لا يرد فيرجع بنقصان العيب هذا إذا علم بالعيب بعد الذبح فإن علم قبل الذبح ثم ذبحه هو أو غيره بأمره أو بغير أمره لا يرجع بشيء * اشترى برذوناً وخصاه ثم علم بعيب كان له أن يرده لأنه ليس بتعييب فلا يمنع الرد * ولو اشترى عبداً بجارية وتقابضا ومشتري الجارية وطئ الجارية ثم وجد مشتري العبد بالعبد عيباً فرده تخير عن شاء رجع على مشتري الجارية بقيمتها يوم قبضها وإن شاء أخذ الجارية ولا يضمنه النقصان عن كانت بكراً ولا العقرات كانت ثيباً لأن مشتري الجارية وطئ ملك نفسه فلا يلزمه العقر ولا النقصان * اشترى عبداً على أنه خباز أو طباخ أو نحو ذلك فوجده المشتري بخلاف ذلك ومات عنده قبل الرد كان له أن يرجع بفضل ما بينهما وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية لا يرجع * رجل <212> اشترى جارية وقبضها فوجد بها عيباً فردها على البائع ثم علم البائع بعيب حدث عند المشتري كان للبائع أن يردها على المشتري بالعيب الحادث عند المشتري مع أرش العيب الذي كان عند البائع أو يمسك الجارية ولا شيء له ولو حدث بها عيب آخر عند البائع بعد الرد فإن البائع يرجع على المشتري بنقصان ما حدث عند المشتري إلا أن يرضى بها المشتري أن يقبلها من البائع * رجل اشترى جارية وقبضها فوطئها أو قبلها بشهوة ثم وجد بها عيباً لا يردها ولكنه يرجع بنقصان العيب غلا إذا رضي البائع أن يأخذه أو لا يدفع النقصان ولو وطئها المشتري ثم علم بعيب فباعها بعد العلم بالعيب أو قبله لا يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى عبداً قد حل دمه بقصاص أو بردة فقتل عند المشتري بذلك رجع المشتري على البائع بجميع الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يقوم حلال الدم ويقوم حرام الدم فيرجع إلى البائع بفضل ما بينهما ولو اشتراه وهو حلال اليد بان كان سارقاً فقطعت يده عند المشتري فعند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء رد الباقي ورجع عليه بجميع الثمن وإن شاء أمسك العبد ويرجع عليه بنصف الثمن وقالا يقوم حلال اليد ويقوم حرام اليد فيرجع بفضل ما بينهما من الثمن أو يترك الخصومة وليس له غير ذلك * رجل اشترى جارية فولدت عند البائع ثم قبضها فوجد بها عيباً يردها بحصتها من الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو اشترى جارية فولدت عند البائع ثم علم بعيب بالجارية قبل القبض إن شاء أخذهما وإن شاء تركهما في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ(2/104)
تَعَالَى * رجل باع نفس العبد من عبده بجارية ثم وجد بها عيباً كان للمولى أن يرد الجارية ويأخذ من العبد قيمة نفسه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ الأول رجع بقيمة الجارية * الزوائد المنفصلة بعد القبض كالولد والثمر والأرش تمنع الرد بالعيب ويرجع بالنقصان وأما الزوائد المتصلة كالسمن والجمال الصحيح أنها لا تمنع الرد * رجل اشترى أرضاً ليس عليها خراج فوجد بها عيباً ثم وضع عليها الخراج لا يكون له أن يردها * ولو اشترى عبداً أو قبضه ثم رده على البائع بخيار<213> الشرط أو الرؤية أو عيب ثم ذهب عينه عند المشتري ضمن المشتري نصف الثمن وإن ذهبت عيناه يضمن النقصان ولا خيار للبائع * ولو اشترى داراً فباع بعضها ثم وجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يرد ولا يرجه بشيء * رجل اشترى جارية كان بها حبل ولم يعلم به فولدت عند المشتري ولم تنقصها الولادة ثم ماتت لا شيء على المشتري * رجل اشترى حنطة فيها غبار فذهب الغبار عنها عند المشتري وانتقص كيلها ليس له أن يردها وكذا لو كان فيها رطوبة فجفت عند المشتري أو اشترى خشبة رطبة فيبست عنده رح رجل اشترى جارية فوجد بها عيباً فساومه البائع فقال له بيعها مني فقال نعم بطل حقه في الرد وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى ثوباً فوجد به عيباً فقال له البائع اذهب به وبع فإن لم يشتروا منك فرده علي ففعل بطل قه في الرد * ولو وجد بالدراهم المقبوضة عيباً فقال له أنفقها إن لم ترج فردها علي لا يبطل حقه في الرد * اشترى عبداً فكاتبه ولم يؤد شيئاً من البدل حتى وجد به عيباً فإنه يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جارية فأعتقها ثم وجدها ذات زوج فإنه يرجع بنقصان العيب فإن طلقها الزوج بعد ذلك طلاقاً بائنا كان لبائعه أن يسترد منه ما أدى غليه من النقصان * ولو اشترى اشترى جارية وقبضها وباعها من غيره فولدت من المشتري الثاني ثم وجد بها المشتري الثاني عيباً كان عند البائع الأول ولم يعلم به المشتري الأول فإن المشتري الثاني يرجع بالنقصان على المشتري الأول والمشتري الأول لا يرجع بالنقصان على بائعه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع هو أَيضاً بالنقصان على بائعه * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من غيره فعلم المشتري الثاني بالعيب الذي كان عند البائع الأول فرده الثاني على الأول بغير قضاء قبل القبض كان للمشتري الأول أن يرده بذلك العيب وغيره على بائعه لأن الرد بالعيب قبل القبض بغير قضاء بمنزلة الرد بقضاء القاضي * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً فقال للبائع إن لم أرده إليك اليوم فقد رضيت بالعيب قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا القول باطل وله أن يرده بالعيب * رجل اشترى داراً وقبضها فادعى رجل فيها مسيل ماء وأقام البينة <214> قال هو عيب والمشتري بالخيار إن شاء أمسكها بجميع الثمن وإن شاء رد * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم وكل رجلاً ببيعه ثم وجد الموكل به عيباً فباه الوكيل إن باعه الوكيل بمحضر من الموكل ولم يقل له الموكل شيئاً كان ذلك رضاً بالعيب * رجل اشترى دابة فوجد بها عيباً فركبها فقال البائع ركبتها في حوائجك فلم يبق لك حق الرد وقال المشتري لا بل ركبتها لا ردها عليك كان القول قول المشتري * رجل اشترى عبداً قد سرق عند البائع ولم يعلم به المشتري فسرق عند المشتري سرقة أخرى فقعت يده في السرقتين جميعاً كان للمشتري أن يرجع على البائع بنصف النقصان وهو ربع الأرش * رحل اشترى عشرة أقفزة حنطة وقبضها فأصابها ماء فانتفخت وصارت أحد عشر قفيزاً وذاك لا يعد عيباً ثم وجد المشتري بالحنطة عيباً فقال البائع أن أقبلها فإن المشتري يردها بزيادتها لأن هذا فسخ من كل وجه * رجل اشترى عبداً وقبضه ونقده الثمن ثم أقر المشتري أن البائع كان أعتقه قبل البيع أو دبره أو كنت جارية فأقر أن البائع كان استولدها وأنكر البائع ذلك وحلف فإن العبد يعتق على المشتري بإقراره ويصير مدبراً وأم الولد تعتق بموت البائع وكذا لو ادعى أن العبد حر الأصل ثم وجد المشتري بعد ذلك بالعبد عيباً كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب على البائع استحساناً نجم ولو أقر المشتري أن البائع باعه متى وهو عبد فلأن وجحد البائع وصدقه المقر له وأخذ منه العبد أو أجاز البيع ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فإن المشتري لا يرجع على البائع بشيء وإن كذبه المقر لفه فيما أقر له المشتري بالملك ثم وجد المشتري بالعبد عيباً رده بالعيب على بائعه هذا إذا أقر المشتري بالعبد لغيره قبل رؤية العيب فإن أقر بعدما رأى العيب فكذلك وإن صدقه المقر له فيما أقر لا يرجع المشتري بالنقصان على بائعه أجاز له المقر له البيع أو نقض وأخذ العبد وإن كذبه في الإقرار رده بالعيب(2/105)
* ولو اشترى عبداً وقبضه ثم قال بعته من فلأن بعدما اشتريته فأعتقه فلران وكذبه المدعي عليه فيما قال فإن العبد يعتق على المشتري بإقراره فإن وجد به عيباً بعد ذلك لا يرجع على البائع بشيء ولو ادعى المشتري أنه باعه من فلأن ولم يذكر أن فلأناً أعتقه وجحد فلأن ذلك وحلف ثم وجد به عيباً فإنه يرده على <215> البائع* رجل اشترى بعيراً على أنه إن وجد به عيباً رده ثم وجد به عيباً فعطب البعير في الطريق عند الرد قالوا يهلك على المشتري وإن أثبت المشتري العيب فإنه يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى عبداً وقبضه ولم يعلم بعيب حتى قتله هو وغيره ثم علم بعيب فإنه لا يرجع على البائع بشيء وإن قتله هو وحده ذكره في المنتقى أنه يرجع بنقصان العيب {فصل في البراءة عن العيب} رجل اشترى عبداً وبرئ إليه البائع من كل غائلة ثم وجد به السرقة أو الأباق أو الزنا فإنه لا يرد وإن وجد به مرضاً رده والمراد من الغائلة في البيع السرقة والأباق والزنا لا يدخل فيه الكي والأثر والدمل والثؤلول والأمراض ولو تبرأ البائع من كل عيب يدخل فيه العيوب والأدواء وإن تبرأ من كل داء فهو على المرض ولا يدخل فيه الكي ولا الإصبع الزائدة ولا أثر قرح قد برئ * وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الداء هو المرض الذي كون في الجوف من طحال أو كبد أو نحو ذلك * رجل باع عبداً أو جارية وقال أنا بريء من كل داء ولم يقل من كل عيب فإنه لا يبرأ عن كل العيوب لأن الداء يدخل في العيوب أما العيب لا يدخل في الداء * ولو باع جارية وقال برئت إليك من كل عيب بعينها فإذا هي عوراء فإنه لا يبرا وكان له أن يرد وكذا لو قال برئت إليك من كل عيب بيدها فإذا هي مقطوعة الكف لا يبرأ لأن البراءة عن عيب اليد والعين يكون حال قيام اليد والعين لا حال عدمهما وإن كانت مقطوعة أصبع واحدة بريء وإن كانت مقطوعة أصبعين فهما عيبان ولا يبرا إذا كانت البراءة عن عيب واحد باليد وإن كانت الأصابع كلها مقطوعة مع نصف الكف فهو عيب واحد * ولو باع جارية وقال أنا بريء من كل عيب بها فهو بريء من كل عيب بها * ولو قال أنا بريء منها لا يبرا عن العيوب * رجل قال لغيره أنت بريء من كل حق لي قبلك يدخل فيه العيب * رجل اشترى ثوباً فأراه البائع فيه خرقاً فقال المشتري قد أبرأتك عن هذا الخرق ثم جاء المشتري بعد ذلك يريد أن يقبض الثوب من البائع فرأى الخرق فقال المشتري ليس هذا مثل ما أبرأتك منه كان ذلك شبراً وهذا ذراع كان القول في ذلك قول المشتري وكذلك في زيادة بياض العين وكذلك لو أبرأه عن كل عيب بها أو <216> أبرأه عن عيوبها ثم قال المشتري هذا حدث بعد الأبراء وكذلك لو قال قد أبراتك عن هذا البرص ثم قال هذا غير ذلك حدث بعد الأبراء ولو قال قد أبرأتك عن البرص أو عن العيوب أو قال عن كل برص أو قال عن كل عيب ولم يقل بها فهذه براءة عن كل عيب فإذا رأى المشتري بعد ذلك عيباً فقال ما كان هذا العيب بها يوم اشتريتها وقال البائع كان هذا العيب بها يوم اشتريتها كان القول قول البائع إلا أن يقيم المشتري البينة على ذلك فيكون له حق الرد في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند إذا قال المشتري أبرأتك عن العيوب أو قال البائع أنا بريء من العيوب لا يدخل فيه العيب الذي يحدث عند البائع أما في ظاهر مذهب أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل فيه العيب الموجود وقت العقد والذي يحدث قبل التسليم وتصح الباءة عن الكل * رجل باع عبداً وقال برئت إليك من كل عيب بهذا العبد إلا الأباق فوجده آبقاً لا يرده لأنه أبره أنه آبق * رجل اشترى عبداً فضمن رجل للمشتري بحصة ما يحدث فيه من العيب من الثمن قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز ذلك فإذا وجد به عيباً ورده على البائع كان له أن يرجع على الضامن بحصة العيب من الثمن كما يرجع على البائع وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى رجل عبداً فقال له رجل ضمنت لك عماه وكان أعمى فرده على البائع فإنه لا يرجع على الضامن بشيء من الثمن ولو قال الضامن عن كان أعمى فعليّ حصة العمى من الثمن فرده بالعمى كان له أن يضمنه حصة العمى * ولو اشترى عبداً فوجد به عيباً فقال له رجل قد ضمن هذا العبد لا يلزمه شيء * المشتري الثاني إذا وجد بالمبيع عيباً وتعذر رده على بائعه بعيب حدث عنده فردع على بائعه بنقصان العيب لمك يكن لبائع أن يرجع بالنقصان على البائع الأول في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه له إن يرجع * بنقصان العيب على بائعه وليس للمشتري الأول أن يرجع على بائعه بالنقصان في <217> قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لهما حتى لو صالح المشتري الأول مع بائعه عن النقصان على شيء لا يصح الصلح في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجلأن شهدا على رجل على البراءة من(2/106)
كل عيب في هذا العبد ثم اشتراه أحد الشاهدين بغير براءة ثم وجد به عيباً كان له أن يرده وكذا لو شهدا على البراءة من الأباق ثم اشتراه أحد الشاهدين فوجده آبقاً كان له أن يرده * ولو شهدا على البراءة من إباقه ثم اشتراه أحد الشاهدين فوجده آبقاً ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فقال ليس له أن يرد بخلاف الوجه الأول لأن في الوجه الأول لم يضف الأباق إليه فلا يكون ذلك إقرار بعيب الأباق فيه أما في الوجه الثاني أضاف الأباق غلبيه فكان ذلك إخباراً بأنه آبق وقد مر نظيره قبل هذا * رجل باع ثوباً على أنه بريء من كل شيء به من الخرق وكانت فيه خروق قد خاطها أو رقعها أو رفاها فهو بريء من ذلك لأن هذه خروق وإن كانت مخيطة أو مرفية أو مرفوقة وكذلك لو كانت فيه خروق من حرق نار أو عفونة فهو بريء منها * ولو باع عبداً وقال برئت غليك من القروح التي فيه فكانت فيه آثار قروح قد برات قال هو بريء مما برأ ومما لم يبرأ وإن كانت فيه آثار من كي كان له أن يرده لأن الكي غير القروح * يهودي باع يهودياً زيتاً قد وقت فيه قطرات منم الخمر جاز البيع ولا يكون له أن يرده لأن هذا ليس بعيب عندهم * ولو باع شيئاً على أنه بريء مزن كل عيب لا يكون إقراراً بالعيب * ولو شرط البراءة عن عيب واحد أو عيبين كان ذلك إقراراً بذلك العيب بيانه إذا باع عبدين على أنه بريء من كل عيب بهذا العبد بعينه ولهما على المشتري فاستحق أحدهما ووجد المشتري بالآخر عيباً لزمه المعيب بحصته من الثمن فيقسم الثمن على العبدين ووهما صحيحان لا عيب بهما فإذا عرفت حصة المستحق من الثمن رجع المشتري على البائع بحصة المستحق من الثمن ولو باع عبدين بثمن واحد على أنه بريء من عيب نواد بهذا العبد ثم استحق أحدهما فوجد بالذي بريء عن عيب واحد به عيباً فإنه يقسم الثمن عليهما على قيمة المستحق صحيحاً وعلى قيمة الآخر وبه عيب واحد فإذا عرفت حصة المستحق رجع <218> المشتري على البائع بحصة المستحق من الثمن وكذلك رجل اشترى عبداً وقبضه ثم عرضه على بيع وقال للذي يريد شراءه اشتره فإنه لا عيب به فلم يتفق بينهما بيع حتى وجد المشتري به عيباً كان له أن يرده وقوله اشتره فإنه لا عيب به لا يكون إقراراً بعدم العيوب ولو قال المشتري عند عرضه على البيع اشتره فإنه ليس بآبق ثم وجده آبقاً لا يكون له أن يخاصم بائعه {فصل في الرد بالعيب ومن له حق الخصومة في ذلك} رجل اشترى خلا في خابية وجعله المشتري في جرة وحملها إلى بيته فوجد فيها فارة ميتة فقال البائع للمشتري كانت الفأرة في جرتك وقال المشتري لا بل كانت في خابيتك كان القول قول البائع لأن المشتري يدعي عليه حق الرد وهو ينكر * ولو اشترى دهناً في آنية ثم قبضها ورأس الأنية كان مشدوداً ففتحتها فوجد فيها فارة ميتة وأنكر البائع أن يكون ذلك عنده كان القول قوله لما قلنا * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم جاء به وزعم أنه محلوق اللحية والبائع ينكر ذلك كان القول قول البائع لأنه منكر للعيب فإن أقام المشتري البينة أنه محلوق اللحية اليوم فإن لم يكن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري كان له أن يرد لأنه أثبت العيب عند البائع * وإن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري لا يرد ما لم يقم البينة أنه محلوق اللحية عند البائع أو يستحلف البائع فينكل * المشتري إذا ادعى بالمبيع عيباً وأنكره البائع فأقام المشتري بينة ورد عليه كان للمردود عليه أن يرده على بائع وإن كان المشتري أنكر العيب أولاً لأن القاضي حين رده عليه قد أبطل قوله في إنكار العيب * رجل أراد أن يبيع شيئاً فيه عيب وهو يعلم بذلك ينبغي له أن يبين العيب ولا يدلس فإن باع ولم يبين قال بعضهم يصير فاسقاً مردود الشهادة والصحيح أنه لا يصير مردود الشهادة لأن هذا من الصغائر * رجل اشترى شيئاً فعلم بعيب قبل القبض فقال أبطلت البيع بطل البيع إن كان بمحضر من البائع وإن لم يقبل البائع وإن قال ذلك في غيبة البائع لا يبطل البيع والبائع ينكر ذلك كان القول قول البائع لأنه منكر للعيب فإن أقام المشتري البينة أنه محلوق اللحية اليوم فإن لم يكن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري كان له أن يرد لأنه أثبت العيب عند البائع * وإن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري لا يرد ما لم يقم البينة أنه محلوق اللحية عند البائع أو يستحلف البائع فينكل * المشتري إذا ادعى بالمبيع عيباً وأنكره البائع فأقام المشتري بينة ورد عليه كان للمردود عليه ان يرده على بائع وإن كان المشتري أنكر العيب أولا؟ً لأن القاضي حين رده عليه قد أبطل قوله في إنكار العيب * رجل أراد أن يبيع شيئاً فيه عيب وهو يعلم بذلك ينبغي له أن يبين العيب ولا يدلس فإن باع ولم يبين قال بعضهم يصير فاسقاً مردود الشهادة والصحيح أنه لا يصير مردود الشهادة لأن هذا من الصغائر * رجل اشترى شيئاً فعلم بعيب قبل(2/107)
القبض فقال أبطلت البيع بطل البيع إن كان بمحضر من البائع وإن لم يقبل البائع وإن قال ذلك في غيبة البائع لا يبطل البيع وإن علم بعيب بعد القبض فقال أبطلت البيع <219> فالصحيح أنه لا يبطل إلا بقضاء أو رضاء * اشترى ثوباً بخمسة دراهم وهو يساوي عشرة فوجد به عيباً ينقصه خمسة دراهم فإنه يرجع بنصف الثمن على البائع وهو درهمان ونصف درهم ولو اشترى ثوباً بدرهمين وهو يساوي خمسة فوجد به عيباً ينقصه درهمين ونصفاً رجع المشتري على البائع بنصف الثمن وذلك درهم واحد * باع جارية بزبيب وتمر بعينهما وتقابضا ثم إن بائع الجارية وجد التمر فاسداً فإنه يقسم الجارية على قيمة الزبيب والتمر ولا عيب بهما فما أصاب التمر من الجارية يسترد ذلك القدر من الجارية ويرد التمر لأن الجارية انقسمت على قيمة الزبيب والتمر وهما صحيحان لا عيب بهما لأنهما دخلا في العقد بصفة السلامة لا بصفة الفساد * رجل اشترى جارية فوجد بها عيباً فأراد أن يردها فاصطلحا على أن يدفع أحدهما شيئاً من الدراهم ينظران اصطلحا على أن يدفع بائع الجارية الدراهم إلى المشتري حتى لا يرد المشتري الجارية جاز لأنه صلح عن العيب وإن اصطلحا على أن يدفع المشتري الدراهم إلى البائع ليقبل البائع الجارية لا يجوز لأن المشتري يلتزم الزيادة لا عوضاً عن شيء فيكون رباً فإن قصدا تحصيل قصدهما ببيع المشتري الجارية من بائعها بأقل من الثمن الأول إن كان نقداً الثمن * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً قبل القبض فصالحه البائع من العيب على جارية كانت الجارية زيادة في المبيع فيقسم الثمن الذي اشترى به العبد على العبد والجارية على قدر قيمتها حتى لو وجد بأحدهما عيباً رده بحصته من الثمن وإن كان هذا الصلح بعدما قبض المشتري العبد كانت الجارية بدلاً عن العيب حتى لو وجد بالجارية عيباً ردها بحصة عيب العبد من الثمن * الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشتري عيباً قبل القبض فأبرأ البائع عن العيب ورضي صح إبراؤه ويلزم الآمر * ولو وجد به عيباً بعد القبض وأبرأ البائع ن العيب ورضي بالعيب يلزمه ولا يلزم الآمر لأن العيب قبل القبض لأقسط له من الثمن وبعد القبض له قسط من الثمن فلا يلزم الآمر والرد بالعيب يكون للوكيل وعليه مادام الوكيل حياً عاقلاً من أهل لزوم العهدة فإن لم يكن من أهل وجوب العهدة بأن كان عبداً <220> محجوراً أو صبياً محجوراً كان الرد إلى الموكل وإن كان من أهل وجوب العهدة فمات الوكيل ولم يدع وارثاً ولا وصياً كان الرد إلى الموكل وكذا المكاتب إذا اشترى عبداً ووجد به عيباً كان حق الرد للمكاتب فإن عجز المكاتب ورد في الفرق كان للمولى أن يرد إلا أن المكاتب هو الذي يلي الرد فإن بيع المكاتب أو مات كانت الخصومة في الرج على المولى يرده على البائع * الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشتري عيباً قبل القبض فإن رده بالعيب صح رده وإن رضي بالعيب إن كان العيب يسير الزم الموكل وإن كان فاحشاً لزم الوكيل ولا يلزم الموكل * ذكر في كتاب الصرف في باب الوكالة أن ما لا يفوت جنس المنفعة كقطع إحدى اليدين وفقء إحدى العينين فهو يسير وما يفوت جنس المنفعة كقطع اليدين وفقء العينين فهو فاحش وذكر شمس الأئمة السرخسي أن ما لا يدخل تحت تقويم المقومين يعيني لا يقومه أحد مع العيب بقيمة الصحيح فهو فاحش وجعل العيب اليسير كالغبن اليسير * وذكر في المنتقى أن على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان المبيع مع العيب يساوي الثمن الذي اشتراه به فرضي به الوكيل فإنه يلزم الآمر وهذا قريب مما قاله شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وفي الزيادات الوكيل إذا رضي بالعيب إن كان قبل القبض لزم الآمر وإن رضي بعد القبض فإنه يلزم الوكيل ولا يلزم الموكل ولم يفصل بين اليسير والفاحش والصحيح ما ذكر في المنتقى سواء كان ذلك قبل القبض أو بعده لأنه إذا رضي بالعيب فيصير كأنه اشتراه مع العلم بالعيب وإن كان لا يساوي بذلك الثمن لا يلزم الآمر * الوكيل بالشراء إذا علم بالعيب قبل القبض فقال له الموكل لا ترض بهذا العيب فرضي به لا يلزم الآمر وهو بمنيل بعد القبض * الموكل إذا أبرأ البائع عن العيب صح إبراؤه ولا يبقى للوكيل حق الرد * الوكيل بالشراء إذا اشترى بالغبن اليسير يلزم الموكل وإن اشترى بالغبن الفاحش يلزمه ولا يلزم الموكل قال الشيخ الإمام <221> المعروف بخواهر زاده هذا فيما ليس له قيمة معلومة عند أهل البلد كالعبد والثوب ونحو ذلك لأن قيمة هذه الأشياء لا تعرف إلا بتقويم المقومين وأما ماله قيمة معلومة عند أهل البلد كالخبز واللحم ونحو ذلك إذا زاد الوكيل بالشراء على ذلك لا يلزم الآمر قلت الزيادة أو كثرت * الوكيل بالشراء إذا اشترى جارية للموكل ولم يسلمها إلى الموكل حتى وجد بها عيباً كان له أن يردها سواء كان الموكل حاضراً أو غائباً وبعد التسليم إلى الموكل لا يملك الرد إلا بأمر الموكل ,إن ادعى البائع في الوجه الأول أن(2/108)
الموكل رضي بالعيب والموكل غائب وطلب يمين الوكيل أو يمين الموكل ليس له ذلك عندنا فإن أقام البائع بينة على ما ادعى قبلت بينته وإن أقر الوكيل أن الموكل رضي بالعيب صح إقراره حتى لا يبقى له حق الخصومة وإن أقر الوكيل أنه كان أبرأ البائع عن العيب صح إقراره على نفسه ولا يصح على الآمر * الوكيل بالبيع إذا باع ثم خوصم في عيب فقبل المبيع بغير قضاء لزم الوكيل ولا يلزم الموكل ويكون المبيع للوكيل ولا يكون للوكيل أن يخاصم الموكل فإن خاصمه وأقام البينة على أن هذا العيب كان عند الموكل لا تقبل بينته لأن الرد بالعيب بغير قضاء بمنزلة الإقالة فيجعل في حق الموكل كأن الوكيل اشتراه من المشتري هذا إذا كان عيباً يحدث مثله وإن كان قديماً لا يحدث ذكر في بعض روايات البيوع أنه يلزم الآمر وذكر في عامة وروايات البيوع والرهن والوكالة والمأذون أنه يلزم الوكيل دون الموكل وهو الصحيح وبه أخذ الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الرد بغير قضاء في حق الموكل بمنزلة الإقالة سواء كان العيب قديماً أو لم يكن وإن كان الرد بقضاء القاضي فإن كان بالبينة لزم الموكل قديماً كان العيب أو حديثاً وإن كان القضاء بنكول الوكيل فكذلك عند علمائنا وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان العيب مما يحدث فهو بمنزلة قضاء القاضي بإقراره وهو يسوى بين الرد بالعيب وبين الاستحقاق * إذا استحق المبيع على المشتري بإقراره أو بالنكول لا يظهر بذلك في حق البائع وإن رد على الوكيل بإقراره بقضاء القاضي إن كان عيباً لا يحدث مثله كان ذلك رداً على الموكل كما لو رد على الوكيل بالبينة أو بالنكول وإن كان عيباً يحدث مثله لزم الوكيل<222> وللوكيل أن يخاصم الموكل فإن أقام الوكيل بينة أن هذا العيب كان عند الموكل رده على الموكل * وكذا الرجل إذا اشترى جارية وقبضها وباعها من غيره فوجد المشتري الثاني بها عيباً فردها على المشتري الأول بإقراره بقضاء القاضي بإقراره لم يكن ذلك رداً على البائع الأول إلا أن البائع الثاني لو أقام البينة على أنه هذا العيب كان عند البائع الأول قبلت بينته ويرد على البائع الأوّل * رجل اشترى عبداً وجارية فزوج الجارية من العبد ثم وجد بهما عيباً لا يملك الرد لأن النكاح عيب فيهما فإن أبانها قبل الدخول بها كان له أن يردهما لأن العيب الحادث قد زال ولا يقال بأن النكاح وإن زال فقد بقي المهر والمهر زيادة منفصلة فيمنع الرد بالعيب لأنا نقول اختلف المشايخ فيه قال شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجبل المهر بهذا العقد لأنه لو وجب يجب للمولى والمولى لايستوجب على عبده ديناً وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب المهر ويسقط من ساعته لا يصنع المشتري فيكون له أن يردهما كما لو اشترى جارية فولدت ولداً ثم وجد بها عيباً لا يرد فإن مات الولد كان له أن يرد الجارية * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً فأنكر البائع أن يكون عبده فأقام المشتري شاهدين شهد أحدهما أنه باعه وبه هذا العيب وشهد الآخر على إقرار البائع بالعيب لا يقبل كما لو ادعى عيناً في يد رجل أنه له فشهد أحد الشاهدين أنه ملكه وشهد الآخر على إقرار ذي اليد أنه ملكه لا تقبل هذا البينة {مسائل الإقالة وجحود البيع}رجل باع جارية ثم أنكر البيع والمشتري يدعي الشراء لا يحل للبائع أن يطأها فإن عزم المشتري على ترك الخصومة وسمع البائع من المشتري أنه عزم على ترك الخصومة كان للبائع أن يطأها لأنهما تفاسخا البيع * رجل اشترى بيتاً لامرأته وأعطى لها المبيع ثم جاء البائع وقال للمشتري بيع بمن بازده فقال المشتري دادم لم تصح هذه الإقالة قالوا صورة هذه المسألة إذا كان الزوج وكيلاً لامرأته في شراء البيت<223> والوكيل بالشراء ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الوكيل بالشراء لا يملك الإقالة في قولهم فلا تصح هذه الإقالة ولو كان الوكيل يملك الإقالة فالإقالة لا تصح بلفظة الأمر في قول أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن البائع لو قال للمشتري أقلني هذا البيع فقال المشتري أقلت لا تتم الإقالة عندهما ما لم يقل البائع قبلت * رجل باع من آخر ثوباً فقال له المشتري قد أقلتك بيع الثوب فأقطعه قميصاً فقطع البائع قميصاً قبل أن يتفرقا ولم يتكل بشيء كانت الإقالة تامة * رجل اشترى من رجل وقر حنطة بدراهم معلومة وقبض الحنطة وسلم بعض الثمن ثم جاء البائع ليقبض منه بقية الثمن فقال المشتري أنه قام عليّ بثمن غال فرد البائع عليه ما قبض من الثمن وأخذه المشتري قالوا لم يكن ذلك إقالة لأن الإقالة بمنزلة البيع والبيع بالقول لا يكون إلا بإيجاب وقبول وإن كان بطريق التعاطي فذلك لا يكون إلا بالقبض والتسليم من الجانبين وهذا قول بعض المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أما على قل البعض قبض أحد البدلين يكفي لأنعقاد البيع وهو الصحيح وقد ذكرنا هذا في أول(2/109)
الكتاب * رجل اشترى حماراً وقبضه ثم جاء بالحمار بعد أربعة أيام فرده على البائع فلم يقبل البائع صريحاً واستعمل الحمار أياماً ثم امتنع عن رد الثمن وقبول الإقالة كان له ذلك لأنه لما رد كلام المشتري بطل كلامه فلا تتم الإقالة باستعماله {فصل في استحقاق ودعوى الحرية} * رجل اشترى جارية وقبضها فباعها من غيره ثم باعها الثاني من ثالث ثم ادعت الجارية أنها حرة فردها الثالث على بائعه بقولها وقبلها البائع الثاني منه ثم الثاني ردها على الأول فلم يقبل الأوّل قالوا إن كانت الجارية ادعت العتق كان للأول أن لا يقبل لأن العتق لا يثبت بقول الجارية وإن كانت الجارية ادعت أنها حجرة الأصل فإن كانت حيت بيعت وسلمت انقادت لذلك فهو بمنزلة دعوى العتق لأنها لما انقادت للبيع والتسليم فقد أقرت بالرق وإن لم تكن انقادت ثم ادعت أنها حرة لم يكن للبائع الأول أن لا يقبل لأن القول في حرة الأصل قولها فإذا استحقت نفسها بما هو حجة على الكل لم يكن للبائع الأول <224> أن لا يقبل * وقال بعضهم إذا بيعت الجارية ثم ادعت أنها حرة الأصل لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع لأن الحرية لا تثبت بقولها وكل من اشترى جارية كن الاحتياط في أن يتزوجها حتى تحل له إما بالنكاح أو بملك اليمين والصحيح أنه إذا لم يسبق منها ما يكون إقرار بالرق كان القول قولها في دعوى الحرية وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن بقولها * ذكر في المنتقى رجل اشترى جارية والجارية لم تكن حاضرة عند البيع فقبضها المشتري ولم تقر بالرق ثم باعها المشتري من آخر والجارية لم تكن حاضرة عند البيع الث4اني وقبضها المشتري الثاني ثم قالت الجارية أنا حرة الأصل فإن القاضي يقبل قولها ويرجع بعضهم على بعضهم بالثمن فإن قال المشتري الأول إن الجارية أقرت بالرق وأنكر المشتري الثاني ذلك وليس للمشتري الأول بينة على إقرارها بالرق فإن المشتري الثاني يرجع بالثمن على المشتري الأوّل والمشتري الأوّل لا يرجع بالثمن على بائعه لأنه ادعى إقرار الجارية بالرق * رجل اشترى عبداً وقبضه فوهبه من آخر أو تصدق به على رجل ثم جاء رجل واستحقه من يد الموهوب له او من يد المتصدق عليه كان للمشتري أن يرجع بالثمن على بائع ولو اشترى عبداً والمشتري باعه من رجل وسلم واستحق من يد الثاني لا يرجع المشتري الأول بالثمن على بائعه قبل أن يرجع المشتري الثاني عليه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو كان المشتري الأوّل وهبه من رجل وسلم ثم باعه الموهوب له من رجل فاستحق من يد المشتري الثاني لا يرجع المشتري الأوّل على بائعه حتى يرجع المشتري الثاني بالثمن على الموهوب له لو كان المشتري الأوّل وهبه من رجل وسلم ثم وهبه الموهوب له من رجل وسلم فاستحق من يد الثاني كان للمشتري الأول أن يرجعه بالثمن على بائعه * رجل اشترى زق سنمن او عسل أو جرة زيت أو سلة زعفران أو جوالق دقيق او حنطة ثم جاء رجل استحق بعض ذلك قبل القبض أو بعده قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء أخذ الباقي بحسابه من الثمن وإن شاء ترك البيع لأنه شيء واحد * ولو اشترى قوصرتي تمر أو جرتي زيت أو خابيتي خل أو كرى حنطة أو شعير في وعاءين <225> فاستحق أحدهما أن استحق قبل القبض خير المشتري كما قلنا في الوجه الأول وإن استحق بعد القبض يلزمه الباقي بحسابه من الثمن ولا يكون له أن يرد الباقي * رجل اشترى غلاماً شراء صحيحاً ثم ادعى رجل أن الغلام كان له أعتقه منذ سنة فإن القاضي يسأل من المدعي البينة على الملك فإن أقام البينة على الملك عتق العبد عليه بإقراره وإن لم يكن له بينة يستحلف المشتري على دعوى الملك لان المدعي خصم للمشتري في هذه الدعوى لأنه يثبت العتق والولاء لنفسه * رجل اشترى عبداً واختلفا في الثمن وحلفا فقال البائع إن بعته إلا بألف درهم فهو حر وقال المشتري إن اشتريته إلا بخمسمائة درهم فهو حر فالبيع لازم للمشتري ويجير المشتري على الثمن الذي أقر به ولا يعتق العبد لأن البائع أقر أن المشتري يحنث في يمينه وعتق عليه العبد فلا يمكن نقض البيع ولا يعتق العبد فكان على المشتري الثمن الذي أقر به لأنهما تصادقا على ثبوت الملك للمشتري والمشتري ينكر العتق فلا يعتق العبد وإنما يلزمه الثمن الذي أقر به لأنه ينكر الزيادة * رجل اشترى من رجل ارضين فاستحق أحدهما إن استحق قبل القبض يخير المشتري إن شاء أخذ الباقي بحصته من الثمن وإن شاء ترك وإن استحق بعد القبض يلزمه غير المستحق بحصته من الثمن ولا خيار له * مستأجر حانوت باع كردار حانوت في يده وسمى الكردار وقبض الثمن ثم جاء صاحب الحانوت وزعم أن الكردار له وحال بين المشتري والمبيع قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان الكردار من الآلات التي يحتاج المستأجر غليها في صناعته وتجاريه كان القول فيه قول البائع وهو المستأجر ولا يرجع المشتري على البائع(2/110)
بشيء من الثمن وإن لم يكن الكردار من آلات عمل المستأجر لكنه شيء لو اختلف صاحب الحانوت مع المستأجر في ذلك كان القول قول المستأجر بأن كان علواً على سفل الحانوت فكذلك الجواب لأنه في يد المستأجر وإن كان البناء شيئاً لو اختلف صاحب الحانوت مع المستأجر في ذلك كان القول فيه قول صاحب الحانوت كالبناء بالحانوت لا في الحانوت كان للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن لأن القول فيه قول صاحب الحانوت فالثابت بقول من يكون القول فيه قوله كالثابت بالبينة فإن كفل لهذا المشتري إنسان بالدرك ففي كل موضع لا يرجع المشتري على البائع بالثمن لا يرجع على الكفيل بالدرك لأن الكفيل بالدرك إنما يضم عند الاستحقاق لم يثبت الاستحقاق ولم يثبت الاستحقاق * رجل اشترى غلاماً وقبضه فاستحقه رجل بالبينة وقبض العبد ثم إن المستحق أجاز البيع اختلفت الروايات فيه في ظاهر الرواية لا ينفسخ البيع ما لم يرجع المشتري على البائع بالثمن وعليه الفتوى * رجل اشترى عبدين بألف وقبضهما ثم استحق من أحدهما بعينه نصفه فإن البعد الآخر يكون لازماً للمشتري وله الخيار في الذي استحق نصفه في قولا أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى نصف عبد ثم اشترى رجل آخر واستحق من هذا العبد بعضه فما استحق يكون من النصفين جميعاً وإن كان المشتري الأول قبض ولم يقبض الثاني فما استحق يكون من الثاني وإن قبضاه جميعاً فما استحق فهو منهما جميعاً * رجل معه قفيزا حنطة في جوالق فباع من ذلك قفيزاً من رجل بدرهم لو يقبض المشتري حتى باع من آخر قفيزاً منه برهم ثم استحق أحد القفيزين فإن البيع الأول جائز والثاني باطل * رجل في يده كران فباع أحدهما من رجل ولم يسلم حتى باع من آخر كر أو دفق إليع إليه ثم باع الكر الباقي من آخر ودفعه إليه ثم حضر المشتري الأوّل ووجد المشتريين جمعاً فإنه يأخذ ما كان في يد المشتري الثالث لأن البائع بعدما باع الأوّل كان يملك بيع الكر الثاني فجاز بيعه لأنه باع ما يملك وإذا باع الكر الآخر من المشتري الثالث لم يجز بيعه لأنه للمشتري الأوّل فيأخذ ما كان في يد الثالث فإن حضر المشتري الأوّل ولم يجد المشتري الثالث ووجد المشتري الثاني فإنه يأخذ من الثاني نصف ما ف يده لأنه لما باع من الثاني كراً صار الكران مشتركين بين الأول والثاني جميعاً فما أخذ الثاني يكون نصفه للأول فإن حضر الثالث بعد ذلك يأخذ الأول والثاني جميع ما في يده الثالث ويكون ذلك بينهما نصفين * ولو أن المشتري الأوّل وجد الثالث يأخذ جميع ما في الثالث * وكذا لو كان مكان الكرين عبد فباع نصفه من رجل ولم يدفع حتى باع نصفه من رجل آخر ودفعه إليه ثم نصفه من ثالث ودفع إليه * رجل اشترى <227> من رجل دار بألف درهم ونقد الثمن وقبض الدار فأقام أخ المشتري البينة أن الداري كانت لأبيهم تركها ميراثاً ولأخيه هذا المشتري فإنه يقضى للمدعي بنصف الداري فإن كذبه المشتري كان المشتري بالخيار إن شاء رد النصف الباقي على البائع ويسترد منه كل الثمن إن كان نقد وإن شاء أمسك ويرجع بنصف الثمن وإن كان المشتري صدّق أخاه المدعي بقي النصف في يده بنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن * رجل اشترى أرضاً بشربها فاستحق الشرب قبل القبض قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء أخذ الأرض بجميع الثمن وإن شاء ترك وكذلك المسيل * وإن استحق الشرب بعدما قبض المشتري الأرض وأحدث فيها بناء أو غرساً أو زرعاً فإن المشتري يرجع بنقصان الشرب والمسيل * جعل مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا أصلاً فقال كل شيء إذا بعته وحده لا يجوز بيعه وإذا بعته مع غيره جاز فإذا استحق ذلك الشيء قبل القبض كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بجمع الثمن إن شاء ترك وكل شيء إذا بعته وحده يجوز بيعه وإذا بعته مع غيره لا يجوز فإذا استحق كان له حصته من الثمن * رجل له ضيعة اشتراها بمائة درهم فباع الرجل مع أخيه بعض هذه الضيعة بضيعة أخرى ثم مات أخوه فادعى ورثة الأخ الضيعة المشتراة وما بقي من الضيعة الأولى بعلة أن صاحب الضيعة الأولى اشترى الضيعة الثانية مع مورثهم فكان نصفها لمورثهم قالوا الضيعة المشتراة تكون بين الأخوين نصفين لأنهما اشتريا الضيعة الثانية فكانت مشتركة بينهما جميعاً ويكون نصيب الميت ميراثاً لورثته ويرجع الأخ الحي في تركة الميت بنصف قيمة ما باع من الضيعة الأولى لأن الأخ الميت اشترى نصف الضيعة المشتراة لنفسه وقضى الثمن بمال أخيه وصار الأخ الحي بمنزلة المقرض له ولا حق لورثة الميت فيما بقي من الضيعة الأولى لأنه لم يوجد من صاحب الضيعة الأولى إلا إشراك أخيه في شراء الضيعة الثانية ببعض الضيعة الأولى وهذا لا يكون تمليكاً منه لما بقي من الضيعة ولا إقرار بملك الأخ في الضيعة الأولى * رجلان اشتريا عبداً فاستحق نصفه ثبت الخيار للمشتري ولأنه الشركة في العبد عيب فإن قال أحدهما رضيت سلم له ربع(2/111)
العبد بربع الثمن والآخر على خياره إن شاء رد <228> الربع الباقي وإن شاء رضي في قياس قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وفي قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للآخر أن يرد أصله مسألة الخيار * رجل ادعى على رجل أنه باعه وفلناً الغائب هذا العبد بألف درهم وأقام البينة فإنه يقضى على الحاضر بنصف الثمن فإن حضر الغائب إن أعاد المستحق البينة يقضى له عليه بنصف الثمن أَيضاً وإلا فلا لأن أحدهما ليس بخصم عن الآخر إذا كان كل واحد من المشتريين كفيلاً عن صاحبه بأمره فحينئذ يكون القضاء على أحدهما قضاء على الآخر أَيضاً * رجل باع عقاراً وأمرأته أو ولده او بعض أقاربه حاضر يعلم بالبيع ووقع التقابض بينهما وتصرف المشتري في ذلك زماناً ثم ادعى بعض من كان حاضراً في البيع أن العقار له ولم يكن للبائع قال مشايخ سمرقند رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لا تسمع دعوى المدعي سد الباب التلبيس وقال مشايخنا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تسمع دعواه فينبغي للمفتي أن ينظر في ذلك إن كان البائع والمدعي معروفاً بالتلبيس والخصومات الباطلة ينبغي للمفتي أن يفتي بالقول الأولى وإن لم يكن كذلك يفتي بصحة الدعوى وهذا إذا لم يكن السلطان استثنى تلك الخصومة في تقليد القاضي * رجل باع داراً أو عقاراً ثم ادعى أنه باعها بعدما وقف اختلف المشايخ فيه والأصح انه لا تسمع دعواه كما لو ادعى أنه باعه وهو لغيره بخلاف ما لو باع عبداً ثم ادعى أنه حر أو ادعى أنه أعتقه ثم باعه فإنه تسمع دعواه * رجل أغير عليه دوابه فوقع البعض في يد إنسان فذهب به إلى السوق ليبيعه فجاء رجل يريد أن يشتري ثوراً واستامه ثم أمعن النظر فيه فإذا هو ثوره الذي أغير عليه فادعى أنه يملكه لا تسمع دعواه لأن الاستيام إقرار منه أنه ليس له * رجل اشترى عبداً وقبضه ونقد الثمن فاستحقه رجل بالبينة ثم حضر البائع وأقام البينة أن المستحق كان باعه منه بكذا قبل البيع وقضى القاضي ببينة البائع فأراد المشتري أن يأخذ العبد قال أَبُو حَنِيفَةَ البينة أن المستحق كان باعه منه بكذا قبل البيع وقضى القاضي ببينة البائع فأراد المشتري أن يأخذ العبد قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا سبيل للمشتري على العبد * وهذا في غير ظاهر الرواية وأما في ظاهر الرواية بنفس الاستحقاق لا ينفسخ البيع <229> بين البائع والمشتري ما لم يرجع المشتري على البائع بالثمن ويقضي القاضي له أو يتراضيا على ذلك * رجل عنده كر حنطة باع من رجل نصفه ثم باع النصف الآخر من رجل آخر فلم يقبض أحدهما حتى استحق منه مختوم واحد كان المستحق من البيع الآخر فإن هلك نصف ما بقي بعد استحقاق المختوم يكون الخيار للمشتريين يأخذان ما بقي على حساب ذلك حق الأوّل في نصف كر وحق الثاني في نصف كر إلا مختوماً واحداً فيضرب كل واحد منهم فيما بقي بحصته ولو لم يستحق حتى قبض المشتري الثاني مختوماً ثم استحق مختوم المشتري الأوّل والثاني بالخيار فيما بقث يضرب فيه المشتري الثاني بنصف كر إلا مختومين والأول بنصف كر فيكون الباقي بينهما على حساب ذلك * رجل اشترى داراً وقبضها ثم جاء رجل واستحق نصفها ثم إن المشتري أقام البين انه اشتراها من المستحق ولم يؤقت لذلك وقتاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرجع المشتري على البائع بشيء من الثمن غنما هو رجل اشترى داراً فدعاها آخر فاشتراها المشتري من المدعي أَيضاً فإنه لا يرجع على البائع بشيء من الثمن إنما هو رجل اشترى داراً فدعاها آخر فاشتراها المشتري من المدعي أَيضاً فإنه لا يرجع على البائع بشيء ند ولو أقام المشتري البينة انه اشتراها من المدعي بعد استحقاق النصف قبلت بينته وكان له أن يرجع على البائع بنصف الثمن * رجل مات وترك ابنين وداراً فادعى أحد الأبنين أن أباهما كان باع هذه الدار من هذا الرجل بألفي درهم وأنكر المدعي عليه وكذبه الأبن الآخر فإن القاضي يقضي على المدعي عليه بنصف الثمن لمدعي البيع وبنصف الدار للمدعى عليه ولا خيار للمدعى عليه في رد الدار وإن لم يسلم له إلا نصف الدار وليس هذا كما لو اشترى داراً فاستحق نصفها فإن المشتري يخير لأن هذا البيع إنما انتقض في نصف الدار بجحود المدعى عليه لولا جحوده كان القاضي يقضي له بكل الدار * رجل اشترى شيئاً فاستحق من يده ورج المشتري على البائع بالثمن ثم وصل المبيع إلى المشتري بوجه من الوجوه لا يؤمر بتسليمه على البائع * ولو اشترى شيئاً قد أقر أنه ملك للبائع ثم استحق عليه ورجل على البائع بالثمن ثم وصل إليه بوجه من الوجوه فإن يؤمر بتسليه على البائع * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من آخر واستحق من يد الثاني فإن <230> المشتري الأول لا يرجع على البائع بالثمن قبل أن يرجع عليه المشتري الثاني في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرجع قال ألا ترى أن المشتري(2/112)
الثاني لو كان أبرأ الأول عن الثمن كان للأول أن يرجع على بائعه إذا استحق على المشتري الثاني * ولو وجد العبد حر أرجع كل واحد على بائعه بالثمن قبل أن يرجع عليه الآخر {فصل في مسائل الغرور} المغرور يرجع بأحد أمرين إما بعقد المعاوضة أويقبض يكون للدافع كالوديعة والإجارة إذا هلكت الوديعة أو العين المستأجرة ثم جاء رجل واستحق الوديعة أو المستأجر وضمن المودع والمستأجر فإن المودع والمستأجر يرجع على الدافع بما ضمن * وكذا كل من كان في معناهما وفي الإعارة والهبة لا يرجع على الدافع بما ضمن ولأنه قبض المستعير كان لنفسه * رجل اشترى داراً وقبضها وبنى فيها ثم جاء رجل واستحقها فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن وبقيمة البناء مبيناً يوم تسليم البناء إلى البائع فإن كان المشترى بني بالجص والآجر والساج والذهب فإنه يرجع بقيم البناء على البائع يوم يسلم إلى البائع فإن كان المشتري أنفق في البناء عشرة آلاف درهم وسكن فيها زماناً حتى خلق البناء وتغير وانهدم بعضه ثم استحقت الدار لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع إلا بقيمته يوم يسلم البناء إلى البائع فإن كان المشتري أنفق في البناء عشرة آلاف درهم ثم إلا الجص والآجر والساج ثم استحقت الدار ومثل ذلك يوم الاستحقاق لا يوجد إلا بعشرين ألفاً أو أكثر فإنه يرجع على البائع بقيمة البناء يوم يسلم ولا ينظر إلى ما كان أنفق فيه * وإن استحقت الدار بعد البناء والبائع غائب والمستحق أخذ المشتري بهدم البناء فقال المشتري أن البائع قد غرني وهو غائب قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يلتفت إلى قول المشتري بل يؤمر بهدم البناء ويدفع الدار إلى المستحق فإن حضر البائع بعد الهدم لا يرجع المشتري على البائع بقيمة البناء إنما يرجع عليه إذا كان البناء قائماً فيسلم المشتري البناء إلى البائع فيهدم البائع ويأخذ النقض وأما إذا هدمه فلا شيء له على البائع وإن حضر <231> البائع وقد هدم المشتري بعض البناء وبقي بالبعض كان للمشتري أن يأخذ البائع بقيمة ما بقي من البناء قائماً ويسلمه إليه فيهدم البائع ما بقي ويكون النقض له وإن شاء المشتري نقض كله ويكون النقض له ولا يسلم البناء وهذا كله قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في ظاهر الرواية * وروى مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وهو قول الحسن أن القاضي يبعث من يقوم البناء ثم يقول للمشتري انقضه واحفظ النقض فإذا ظفرت بالبائع فسلم النقض إليه ويقضى لك عليه بقيمة البناء * وذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن المشتري إذا نقض عليه البناء فسلم النقض إلى البائع فإنه يرجع على البائع بالثمن وبقية البناء مبيناً وإن لم يسلم النقض إلى البائع لا يرجع إلا بالثمن الأول وهذا أقرب على النظر * رجل اشترى داراً ثم باعها من آخر فبنى المشتري الثاني فيها بناء ثم استحقت الدار دون البناء فإن المقضي عليه وهو المشتري الثاني يرجع بالثمن على بائعه وبقيمة البناء والبائع الثاني يرجع بالثمن على بائعه ولا يرجع بقيمة البناء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعلى هذا إذا اشترى جارية وقبضها فباعها من غيره فولدت من الثاني ثم استحق الجارية فإن المشتري الثاني يرجع بالثمن على بائعه وبقيمة الولد والبائع الثاني لا يرجع على البائع الأوّل بقيمة الولد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وعلى هذا الخلاف إذا اشترى عبداً وباعه من آخر فتداولته الأيدي ثم وجد المشتري الآخر به عيباً قديماً كالأصبع الزائدة وقد تعيب العبد عنده بعيب حادث كان له أن يرجع على بائعه بنقصان العيب وليس للبائع الثاني أن يرجع على البائع الأوّل بالنقصان في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى داراً فبنى فيها بناء وغاب ثم إن البائع باعها من رجل آخر ونقض المشتري الثاني بناء الأوّل وبنى فيها بناء آخر ثم جاء المشتري الأوّل واستحقها فإن كان المشتري الثاني بنى فيها لآلات نفسه فإن المشتري الثاني يضمن للمشتري الأوّل ضمان ما انتقض من بناء الدار العامرة بنقضه بناء الأول ويكون النقض للمشتري الأول إن كان قائماً وإن كان المشتري الثاني استهلك ذلك النقض يضمن له قيمة النقض أَيضاً ويدفع <232> المشتري الثاني البناء الذي أحدثه وليس للأول أن يمنعه من ذلك ولأن البناء الحادث ملك الثاني وإن كان الثاني بنى البناء الحادث ينقض الأول فإن المشتري الثاني يضمن للأول ما قلنا وللأول أن يمسك البناء الثاني وليس للثاني أن يرفعه ولأنه البناء الثاني إذا كان ينقض الأوّل كان ملكاً للمشتري الأول فإن كان المشتري الثاني زاد في ذلك أعطاه المشتري الأول قيمة الزيادة ولا يعيطه أجر العمل لأن العمل لا يتقوم إلا بعقد ولم يوجد العقد أم الزيادة عين مال متقوّم * وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى داراً فبنى فيها بناء ثم استحقت(2/113)
الدار فنقض المشتري البناء كان للمشتري أن يرجع على بائعه بالنقصان يقوم الدار مبنياً وغير مبنى ويرجع بالنقصان * وكذلك الأرض إذا غرسها المشتري ثم استحقت فقلع المشتري الشجر كان له أن يرجع على بائع بالنقصان * رجل اشترى أرضاً فغرس فيها شجراً فنبت الشجر ثم استحقت الأرض يقال للمشتري اقلع الشجر فإن كان قلعه يضر بالأرض يقال المستحق إن شئت تدفع إليه قيمة الشجر مقلوعاً ويكون الشجر لك وإن شئت فخذه حتى يقل الشجر ويضمن ذلك نقصان أرضك فإن خمره بقلع الشجر وقلع المشتري ثم ظفر بالبائع بعد القلع فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن ولا يرجع بقيمة الشجر ولا بما ضمن من نقصان الأرض وإن اختار المستحق أن يدفع إلى المشتري قيمة الشجر مقولعاً ويمسك الشجر وأعطاه القيمة ثم ظفر المشتري بالبائع فإنه يرجع على البائع بالثمن ولا يرجع بقيمة الشجر ولا يكون للمستحق أن يرجع على البائع ولا على المشتري بنقصان الأرض لأنه لما ختار دفع قيمة الشجر صار كان المستحق هو الذي غرس الشجر وهذا كله قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * وقال الحسن رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القاضي يبعث أميناً ليقوم النابت في الأرض ثم يقول القاضي للمشتري اقلع الشجر واحفظه حتى إن ظفرت بالبائع فسلمه إليه وتأخذه بقيمة نابته وإن لم تستحق الأرض حتى أثمر الشجر وبلغ الثمن أو لم يبلغ حتى جاء مستحق واستحق الأرض وطاب المشتري بقلع الشجر كان له ذل فإن كان بائع الأرض حاضراً كان للمشتري أن يرجع على البائع بقيمة الشجر <233> نابتاً في الأرض ويسلم الشجر قائماً إلى البائع ولا يرجع على البائع بقيمة الثمر ويجبر المشتري على قطع الثمر بلغ الثمر أو لم يبلغ ويجبر البائع على قلع الشجر وإن كان المشتري زرع في الأرض حنطة أو شيئاً من أصناف الرياحين والحبوب والبقول ثم استحقت الأرض قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤمر المشتري حتى قلع الزرع إن كان البائع غائباً ولا يرجع على بائع ه بشيء وإن كن الزرع أضر بالأرض فللمستحق أن يضمنه نقصان الأرض ثم لا يرجع المشتري على بائعه إلا بالثمن وإن كان المشتري قد كرى في الأرض نهراً أو حفر ساقية أو قنطرة على النهر قنطرة ثم استحقت الأرض فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن وبقيمة ما أحدث في الأرض من بناء القنطرة ولا يرجع بما أنفق في كرى النهر وحفر الساقية ولا في مسناة جعلها من التراب وإن جعل المسناة من آجر أو لبن أو قصب أو شيء له قيمة فإنه يرجع على بائعه بقيمة ذلك وهو قائم في الأرض ثم يؤمر البائع يقلع ذلك * رجل ورث جارية من أبيه واستولدها ثم جاء مستحق استحقها كان الولد حراً بالقيمة ثم يرج المستولد بثمن الجارية وبقيمة الولد على من باع من ورثه ويحلف الوارث بائع المورث في ضمان الغرور كما لو وجد بها عيباً كان له أن يرده على بائع المورث والموصى له بالجارية إذا استولد الجارية ثم استحقت فإنه لا يرجع على بائع الموصي لا بالثمن ولا بقيمة الولد كما لا يردها بعيب وجد بها * رجل اشترى داراً فجاء رجل واستحق العرصة وفيها بناء فقال المشتري للبائع اشتريت منك العرض ثم بنيت البناء ولي حق الرجوع عليك بقيمة البناء بحكم الغرور وقال البائع لا بل بعتك العرصة والبناء جميعاً فليس لك أن ترجع عليّ بقيمة البناء كان القول فيه قول البائع لأنه منكر حق الرجوع * ولو اشترط البائع في البيع ضمان ما أحدثه المشتري فسد البيع لأن المشتري إذا حفر فيها بئراً وما يشبه ذلك لا يكون له أن يرجع بذلك على البائع عند الاستحقاق وإنما يرجع بالبناء والزرع والغرس فإذا شرط عليه ضمان ما أحدثه مطلقاً فسد البيع وإن قيد الضمان فقال أنا ضامن ما أحدثه المشتري من بناء أو غرس <234> أو زرع أو نحو ذلك جاز ويكون ضامناً * رجل استولد جارية كانت له استحقت فقال المستولد اشتريتها من فلان بكذا وصدقة فلان وكذبه المستحق كان القول قول المستحق لأن المشتري يدعي عليه حرية الولد بحكم الغرور وهو ينكر فيكون القول قوله ولو أنكر البائع ذلك وصدقه المستحق كان الولد حراً بالقيمة ولا يرجع أحدهما على البائع بشيء * رجل اشترى جارية وق5بضها ووهبها من رجل ثم اشتراها من الموهوب له فولدت له ولداً ثم جاء رجل واستحقها فإن المشتري يرجع على البائع وهو الموهوب له بالثمن وبقيمة الولد لأنه مغرور * رجل اشترى داراً وبنى فيها ثم استحق رجل نصفها ورد المشتري ما بقي على البائع كان له أن يرجع على البائع بالثمن وبنصف قيمة البناء لأنه مغرور في النصف ولو استحق منها نصف بعينه فإن كان البناء في النصف المستحق خاصة رجع المشتري بقيمة البناء وإن كان في النصف الذي لم يستحق كان له أن يرد الباقي ولا يرجعه بشيء من قيمة البناء * رجل اشترى جارية فادعاها آخر فاشتراها منه أيضاً ثم استحقت الأمة وقد ولدت للمشتري ولداً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجع المشتري بالثمنين على البائعين فإن كانت(2/114)
ولدت لأكثر من ستة أشهر من وقت البيع الثاني لا يرجع بقيمة الولد على أحدهما * رجل اشترى جارية من صبي غير مأذون أو من عبد محجور واستولدها ثم جاء رجل واستحقها كان الولد ثابت النسب من المشتري ويكون رقيقاً ولا يكون هذا ولد المغرور والله أعلم {باب ما يدخل في البيع من غير ذكره وما لا يدخل} في الباب فصول خمسة * الأول في الدار والثاني في الحمام والحانوت والثالث في الكرم والنخل والرابع في الأرض والخامس في المنقول (أما الأول) رجل اشترى داراً يدخل فيه الطريق من غير ذكر فإن لم يكن للدار طريق فاشتراها على ظن أن لها طرياً قد ذكرنا قبل هذا في باب العيوب وإن باع داراً وقال بحقوقها ومرافقها أو قال بكل قليل وكثير له داخل فيها أو خارج عنها كان له الطريق وكذا لو أقر الإنسان بدار أو صالح على دار أو أوصى بدار ولم يذكر الطريق ولم يذكر بحقوقها ومرافقها لا يدخل فيه الطريق ولو <235> اشترى داراً فيها بستان دخل البستان في البيع صغيراً كان البستان أو كبيراً فإن كان البستان خارجاً منه الدار لا يدخل البستان في البيع وإن كان له باب في الدار كذا قال أبو سليمان * وقال الفقيه أبو جعفر رحمه اله تَعَالَى إن كان البستان أصغر من الدار ومفتحها إلى الدار يدخل في بيع الدار وإن كان البستان أكبر من الدار أو مصل الدار لا يدخل في بيع الدار والمسألة قد مرت في باب اليمين في الخروج والدخول * رجل باع داراً بكل حق هو لها وفيها رحى الأبل فإن الرحى ومتتاع الرحا والآلة تكون للبائع ولا تكون للمشتري لأن الرحا ومتا الرحا ليس من حقوق الدار * ولو باع ضيعة بكل حق هو لها وفيها رحى ماء فإن الرحى تكون للمشتري لأن ذلك يعد من توابع الضيعة * رجل له دار فيها بيوت باع بعض البيوت بعينها بمرافقها ثم أراد البائع أن يرفع باب الدار الأعظم وأبى المشتري لم يكن للبائع أن يرفع لأنه باع بعض البيوت بمرافقها وباب الدار الأعظم من مرافق البيوت وكذا لو باع بعض البيوت بمرافقها وحقوقها * ولو باع بيتاً بعينه من منزل بحقوقه وحدوده فأراد المشتري أن يدخل المنزل وصاحب المنزل يمنعه عن الدخول ويأمره بفتح الباب إلى لسكة فإن كان البائع بين للبيت الذي باعه طريقاً معلوماً في المنزل ليس له أن يمنعه عن الدخول في المنزل وإن لم يبين له طريقاً معلوماً اختلف المشايخ فيه قال بعضهم له أن يمنعه عن الدخول وليس له أن يمنعه عن المرور في السكة وقال بعضهم ليس له أن يمنعه عن الدخول في المنزل وهو الصحيح لأن عند ذكر الحقوق والمرافق يدخل الباب الأعظم فيما إذا باع بعض البيوت فههنا يدخل الطريق في المنزل * رجل له دار كان لها في القديم طريق فسد ذلك الطريق وجعله لها طريقاً آخر ثم باعها بحقوقها كان للمشتري الطريق الثاني دون الأول لأن ذكر الحقوق في البيع فيدخل فيه ما كان له طريق وقت البيع * رجل باع داراً أحد حدودها سور الجاهلية يقال له سور المدينة ولا يدري لأنه كان ملكاً في الأصل أو لم يكن والسور في وسط المدينة وداخلها وخارجها دور كثيرة فذكر في البيع ثلاثة حدود على الوجه الصحيح وذكر الحد الرابع دور الجيران التي وراء السور وقبض الثمن وسلم الدار إلى المشتري <236> فمات البائع وادعى ورثته فساد البيع بحكم إدخال السور في البيع فادعى المشتري أن السور له وعند الناس هو مشهور بسور المدينة * قالوا ههنا فتوى وحكم في الحكم لا يجوز هذا البيع لأن مثل هذا الحائط لا يكون من حيطات الدار وإدخاله في البيع يكون مفسداً للبيع وإن كان مثل هذا الحائط قد يكون من حيات الدور والقصور كان ذلك للمشتري لأنه في يده وأما في الفتوى إن أضاف البيع على هذه الدار مشاهدة أو أشار إلى الدار وهما قد عرفاها جميعاً جاز البيع فيما بينهما وبين الله تَعَالَى * رجل باع داراً ليس فيها بناء وفيها مخرج وبئر مطوي بالآجر وغيره كلها متصلة بالبئر دخل الكل في البيع لأنها داخلة في الحدود فكانت داخلة في البيع وإن باع داراً فيها بئر وعليها بكرة وحبل ولو فإن باعه الدار بمرافقها يدخل الدلو والحبل لأنهما من المرافق وإن لم يقل بمرافقها لا يدخل الدلو والحبل وتدخل البكرة في البيع على كل حال لأنهال مركبة بالبئر * اشترى داراً واختلفا في باب الدار فقال البائع هو لي وقال المشتري لا بل هو لي إن كان الباب مركباً متصلاً بالبناء كان القول قول المشتري سواء كانت الدار في يد البائع أو في أو في يد المشتري لأن ما كان مركباً يكون من جملة الدار وإن لم يكن الباب مركباً وكان مقلوعاً فإن كانت الدار في يد البائع كان القول قوله وإن كانت في يد المشتري كان القول قول المشتري لأن الباب إذا لم يكن مركباً يكون بمنزلة المتاع الموضوع في الدار ولا يكون من جملة الدار فيكون القول فيه قول صاحب اليد ينج رجل اشترى داراً فوجد في جذعها دراهم إن قال البائع هي لي كانت له ويردها المشتري عليه لأنها وصلت إلى المشتري من يد البائع وإن قال البائع ليست لي(2/115)
كانت بمنزلة اللقطة * رجل له علو وسفل فقال لرجل بعت منك علو هذا السفل بكذا جاز البيع ويكون سطع السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار عليه وكذا لو انهدم هذا العلو كان للمشتري أن يبني عليه علواً آخر مثل الأول لأن السفل اسم لمبنى مسقف فكان سطح السفل سقفاً للسفل * ويدخل في بيع الدار السترة إلى تكون على السطح كانت من آجر أو خشب لأنها مركبة في الدار فتدخل في بيع الدار ويدخل السلاليم <237> في بيع البيت والدار إن كانت مركبة لأنها من جملة الدار فإن لم تكن مركبة اختلفوا فيه والصحيح أنها لا تدخل ومفتاح البيت والدار يدخل في البيع استحساناً والقياس أن لا يدخل * والغلق يدخل قياساً واستحساناً لأنه مركب وإن كان باب البيع والدار مقفلاً لا يدخل القفل في البيع والتنور تدخل في بيع الدار إن كانت مركبة وإن لم تكن مركبة لا تدخل * والإجار أي السطح يدخل فيبيع الدار سواء كان من قصب أو من لبن لأنه مركب ولا يدخل في بيع البيت كما لا يدخل فيه العلو * بيت له علو وسفل فقال رجل اشتريت منك هذا البيت ولم يزد عليه لا يدخل فيه العلو وكذا لو قال بكل حق هو له إلا أن يقول اشتريت منك هذا البيت مع البيع الذي في علوه * ولو اشترى داراً يدخل فيها علوها وسفلها وإن لم يقل بحقوقها ومرافقها * وإن اشترى منزلاً إن قال اشتريت منك هذا المنزل لا يدخل فيه علوه ولو قال اشتريت منك هذا المنزل بكل حق هو له يدخل فيه العلو وإن لم يقل بكل حق هو له لا يدخل فيه العلو قالوا هذا في عرفهم أما في عرفنا العلو يدخل في البيع من غير ذكر الحقوق في المسائل الثالث لأن هفي عرفنا كل مسكن يسمى خانة صغيراً أو كبيراً * ولو اشترى داراً لها ظلة يعني ساباطاً أحد جانبيه على الدار والآخر على اسطوانات في السكة أو على دار الجار الذي يقابله إن اشترى الدار بكل حق هو لها تدخل الظلة في البيع وإن لم يقل بكل حق هو لها لا تدخل الظلة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه تدخل الظلة في البيع إن كان مفتحها في الدار وإن لم يكن مفتحها في الدار لا تدخل الظلة في بيع الدار في قولهم إلا بذكر الظلة والكنيف الشارع في الدار يدخل في بيع الدار وإن لم يذكر الحقوق والمرافق * دار لها طريقان أحدهما إلى الشارع والآخر خاص في دار رجل آخر فباع الدار إن لم يقل بكل حق هو لها لا يدخل فيه الطريق الخاص وإن قال بكل حق هو لها يدخل فيه الطريقان الطريق الظاهر لكونه إلى الشارع والآخر بذكر الحقوق * ولو اشترى داراً <238> فيها مطبخ ومخرج ومربط وبئر ماء ولم يذكر الحقوق والمرافق دخل الكل في البيع وإن اشترى منزلاً لا يدخل فيه المربط والمخرج وبئر الماء وإن قال بكل حق هو له ما لم يذكر هذه الأشياء وذكر المرافق في هذه المسائل كذكر الحقوق والقرية مثل الدار فإن كان في القرية وفي الدار والمرافق فلا تدخل في البيع كما لا يدخل فيه المتاع الموضوع وكذا لو اشترى داراً وقال بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها لا يدخل شيء مما ذكرنا في البيع لأن المراد من قوله هو فيها أو منها ما كان متصلاً بها وهذه الأشياء غير متصلة بالدار * ولو اشترى بيت الرحى بكل حق هو له أو بكل قليل أو كثير هو فيه ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الشروط أن له الحجر الأعلى والأسفل وكذا لو كان فيه قدر نحاس موصولاً بالأرض وقيل الحجر الأعلى لا يدخل في البيع نجح درب بين خمسة نفر باع أحدهم نصيبه من الطريق قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس لأصحاب السكة أو يبيعوها فإن اجتمعوا على بيع هذه السكة وقسمتها امنعوا من ذكرك لأن للناس حقاً في هذه السكة فإن الطريق الأعظم إذا كثر فيها الزحام كان للناس أن يدخلوا هذه السكة التي هي غير نافذة حتى يقل الزحام ومن العلماء من قال إذا باع واحد من أصحاب السكة نصيبه من الطريق الذي هو غير نافذ يجوز البيع وليس للمشتري أن يمر في هذا الطريق إلا أن يشتري داراً كانت للبائع في هذه السكة * رجل اشترى داراً بابها في الشارع وظهر الدار إلى السكة غير نافذة وللمشتري في هذه السكة دار أخرى ليس للمشتري أن يجعل للدار المشتراة طريقاً في هذه السكة فإن رضي بذلك جميع أهل السكة إلا واحداً كان لهذا الواحد أن يمنعه عن ذلك وإن رضي الكل كان ذلك إعارة ويكون لهم أن يرجعوا وكذا لو رجع واحد كان لهذا الواحد أن يمنعه عن ذلك * زقيقة فيها داران لرجلين لكل واحد منهما دار أراد أحدهما أن يغلق باباً على رأس السكة كان للآخر أن يمنعه ولو رفع أحدهما الباب القديم ثم وضعه ليس <239> للآخر أن يمنعه * رجل باع داراً بجميع حقوقها والدار في السكة نافذة وباب هذه الدار في القديم كان في سكة غير نافذة إلا أن صاحب الدار قد سد بابه القديم فأراد المشتري أن يفتح بابه القديم ومنعه جيران السكة عن ذلك ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر فقال إن أقر هل تلك السكة ببابه القديم كان له أن يفتح(2/116)
باباً في هذه السكة وإن شاء يفتح بابين أو أكثر وإن جحد أصاب السكة كان القول قول أصحاب السكة مع أيمانهم إذا لم يكن له بينة على ذلك وإن نكلوا صاروا مقرين فيثبت له الطريق وإن حلف واحد من أهل تلك السكة ليس له أن يفتح بابً في السكة وسقط اليمين عن الباقين وإن نكل واحد كان له أن يحلف الثاني فإن نكل الثاني كان له أن يحلف الثالث وهكذا فإن نكل الكل غير واحد منهم ليس له أن يفتح باباً لحق هذا الواحد وإن كانت السكة واسعة فأقر بعضهم بحق المدعي وجميع أنصبائهم يجعل أنصباؤهم في ناحية ويجعل لهذا المدعي طريقاً في ذلك الجانب * دار لرجل فيها أبيات فباع بعض الأبيات بمرافقها ثم أراد البائع أن يمنع المشتري عن الدخول من باب الدار قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس له ذلك لأنه باع بعض الأبيات بمرافقها وباب الدار من مرافقها وكذا لو قال بمرافقها من حقوق لأن بقوله من حقوقها دخل الطريق في البيع فإذا دخل الطريق في البيع دخل الباب لأن الباب منصوب على الطريق * ولو باع بيتاً من منزل بحدوده وحقوقه وصاحب المنزل يمنعه عن الدخول ويأمره بفتح الباب إلى السكة قال الشيخ الإمام هذا إن بين صاحب المنزل له طريقاً معلوماً لم يكن له أن يمنعه عن الدخول وإن لم يبين كان له أن يمنعه ويفتح المشتري لبيته الذي اشتراه باباً إلى السكة وليس له أن يفسخ البيع وقوله بحقوقه ينصرف إلى حقوق هذا البيت في السكة * رجل وضع رأس خشبة على حائط جاره أو حفر سرداباً تحت دار جاره ثم أن جاره باع تلك الدار وطلب المشتري رفع الخشب والسرداب قال بعض العلماء للمشتري أن يفعل ما كان لبائع أن يفعل إلا أن يشترط في البيع تركه فليس للمشتري أن يغير شيئاً من ذلك * رجل باع داراً وللآخر فيها مسيل <240> ماء فرضي صاحب المسيل ببيع الدار قالوا إن كان له رقبة المسيل كان لصاحب المسيل حصته من الثمن وإن كان له حق جرى الماء فقط فلا قسط لصاحب المسيل من الثمن وبطل حقه إذا رضي بالبيع كمن أوصى بسكنى داره لرجل فبيعت الدار ورضي الموصى له بالبيع بطلت وصيته ولو لم يبع الدار ولكن قال صاحب المسيل أبطلت حقي في المسيل بطل حقه إن كان له حق جرى الماء فقط وإن كان له الرقبة لا يبطل حقه لأن قوله أبطلت حقي لا يزيل ملكه * حائط مشترك بين رجلين ولأحدهما في بيته ثلاث طاقات من اللبين ورأس الطاقات على هذا الحائط المشترك فباع صاحب الطاقات داره من رجل ثم أراد المشتري أن يرفع الطاقات ويضع مكانها سطحاً من الخشب قال أبو القاسم إن كان ثقل الثاني مثل الأول أو اقل وضرره كذلك ليس للجار إن يمنعه وإن كان ثقل الثاني أكثر من الأول كان له أن يمنعه إلا أن يضع الجار على الحائط مثل ما وضع هو فيستويان في الحمل * زقيقة غير نافذة لأقوام ففتح جار لهم باباً من داره في سكة أخرى في هذه السكة بإذن أهلها ورضاهم ثم اشترى رجل آخر داراً في تلك الزقيقة عن فتح ذلك الباب قال الشيخ إمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمشتري أن يمنع الجار عن المرور في هذه الزقيقة وليس له أن يأمره برفع الباب * دار بين رجلين باع أحدهما نصفاً شائعاً من بيت معين من هذه الدار لرجل قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع لأن شريكه يتضرر بذلك عند القسمة وكذا لو كان بين الورثة دار مشتملة على بيوت فباع أحدهم بيتاً من تلك الدار لا يجوز ولو كان بين رجلين عشرة أغنام أو عشرة أثواب هروية فباع أحدهما من ثوب معين نصفاً شائعاً من رجل جاز البيع وهذا لا يشبه الدار ولو كان بينهما أرض ونخل فباع أحدهما نصف شجرة بعينها لا يجوز * امرأة لها حجرتان ومستراح إحدى الحجرتين في الحجرة الأخرى ومفتح المستراح ورأسه من الحجرة الثانية فباعت الحجرة التي فيها المستراح وليس رأس المستراح فيها ثم باعت بعد ذلك الحجرة الأخرى التي رأس <241> المستراح فيها وقد كتبت لكل واحد منهما صكاً قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت كتبت في الصك الأول أنه اشتراها بسفلها وعلوها ولم تكتب فيه دون المستراح الذي رأسه في الحجرة الأخرى فالمستراح في هذه الحجرة لمشتريها على حاله وإن كان المكتوب في الصك الأول دون المستراح الذي رأسه في الحجرة الأخرى فلمشتري الحجرة الأولى أن يرفع المستراح عن حجرته أو يسد مفتحه والمشتري الثاني بالخيار إن شاء أخذ حجرته بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن كانت البائعة شرطت له بالمستراح في البيع * رجل باع ثلثي كرمه من رجل على أن لا يكون له الطريق في الثلث الباقي وكتب في الصك وطرقه التي هي له قال الشيخ إمام أبو بكر البلخي إن اتفق المتبايعان على أنهما شرطا في البيع أن لا يكون له طريق في هذا الثلث كان كذلك وإن أنكر البائع الطريق كان القول قول المشتري وله أن يمر فيه رجل اشترى حجرة سطحها مع سطح جاره يستويان فأخذ المشتري جاره حتى يتخذ حائطاً بينه وبين الجار(2/117)
قالوا ليس له ذلك لأن إنسان لا يجبر على البناء في ملكه ولو أراد أن يمنع جاره من صعود السطح حتى يتخذ سترة قالوا إن كان في صعوده يقع بصره في دار الجار كان له أن يمنع وإن كان لا يقع بصره في داره لكن يقع عليهم إذا كانوا على السطح لا يمنعه عن الصعود لأنه كما يتضرر هو يتضرر الآخر * رجل له في داره شجرة فرصاد فباع أغصانها ولو ارتقاها المشتري يقع بصره على عورات الجار قالوا يرفعه الجار إلى القاضي والمختار فيه أن يخبرهم وقت الارتقاء في اليوم مرة أو مرتين حتى بستروا أنفسهم مراعات للحقين جميعاً فإن لم يفعل ذلك يرفعه الجار إلى القاضي فإن رأى القاضي أن يمنعه عن الصعود والارتقاء فعل * رجل باع ضيعة فيها أغصان أشجار الجار متدلية كان للمشتري أن يأخذ الجار بتفريغ الضيعة عن أغصان أشجاره لأن المشتري يقوم مقام البائع فيما كان للبائع وكان للبائع ذلك فيثبت للمشتري وكذا لو مات صاحب الضيعة كان لوارثه أن يأخذ الجار بإزالة الضرر وتفريغ الضيعة عن الأغصان * رجل استأذن جاراً له في وضع جذوع له على حائط الجار أو في حفر سرداب تحت داره فأذن له بذلك ففعل ثم إن الجار باع داره وطلب المشتري رفع الجذوع والسرداب كان له ذلك إلا إذا شرط في البيع ترك ذلك فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطلب ذلك * رجل له دار إن في سكة غير نافذة أسكن كل واحدة منهما رجلاً فبينى أحد الساكنين ساباطاً ووضع خشبة على حائط الدار التي هب فيها وعلى حائط الدار التي يسكنها الساكن الآخر وجعل باب الساباط إلى الدار التي هو فيها لا غير ورب الدار يعلم ذلك ثم إن الباني طلب من رب الدار أن يبيع منه هذه الدار التي هو فيها فباعه بحقوقها ومرافقها ثم طلب الساكن الثاني من البائع أن يبيع منه الدار التي هو فيها كذلك فباع ثم اختصم المشتريان فأراد المشتري الثاني أن يرفع خشب الساباط عن حائطه كان له ذلك لأن الباني وإن بنى الساباط بإذن صاحب الدار لم يصر ذلك من حقوق الدار فلا يستحق بالبيع <242> * رحل أحدث بناء أو غرفة على سكة غير نافذة ورضي بها أهل السكة فجاء رجل من غير أهل السكة اشترى دارً من هذه السكة كان للمشتري أن يأمر صاحب الغرفة برفع الغرفة * رجل اشترى أرضاً بمجاريها ثم اشترى ماء فأراد أن يجري الماء في ذلك المجرى إلى أرضه أن أراد أن يجري فيه الماء م نهر قرية أخرى لا يجوز في قولهم وإن أراد أن يجري من نهر هذه القرية اختلفوا فيه قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له ذلك والمختار أنه ليس له ذلك وهو قول العامة لأن بهذا يزداد مقدار شرب هذه الأرض فلا يجوز * إذا طلب المشتري من البائع أن يكتب له صكاً للشراء وأبي البائع ذلك لم يجبر عليه لأنه ليس عليه أن يكتب بمال نفسه صكاً وطلب من البائع أن يخرج إلى الشهود ليشهدهم لا يجبر البائع على أن يخرج وإن جاء المشتري بشهود إلى البائع وطلب منه أن يشهدهم فامتنع البائع عن ذلك فإن المشتري يرفع الأمر إلى القاضي فإن أقر البائع عند القاضي له سجلاً ويشهد الشهود على ذلك ولب منه أن يشهدهم فامتنع البائع عن ذلك فإن المشتري يرفع الأمر إلى القاضي فإن أقر البائع عند القاضي له سجلاً ويشهد الشهود على ذلك وإن طلب المشتري من البائع الصك القديم ولم يعطه لا يجبر عليه فإن احتاط المشتري يكتب من صك البائع لنفسه صكاً مثل ذلك ويثبت فيه أسامي الشهود الذين نزلوا خطوطهم في الصك القديم حتى لو جاء البائع الأول يوماً وجحد البيع أو جاز وارثه وأراد أن يأخذ المبيع من يدي المشتري سيعرف المشتري شهود البيع فيستشهده ويدفع الخصومة فإن كان شهود الصك القديم اثنين أو ثلاثة يكتب شهادتهم ويأمرهم بالإشهاد على شهادتهم فإن الإشهاد على الشهادة من غير عذر بالشهود جائز فإن أبي البائع أن يعرض الصك القديم ليكتب المشتري من ذلك صكاً هل يجبر البائع على ذلك اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر في مثل هذا أنه يجبر عليه * حكي أن رجلاًَ اشترى ضيعة ثم غصبها البائع وجحد البيع وكان صك البيع وديعة عند رجل أودعه رجل غير المشتري فجاء المشتري إلى شهود البيع وطلب منهم الشهادة على البيع فقالوا إلا نشهد حتى نرى خطوطنا وجاء المشتري إلى الذي في يده الصك وطلب منه الصك فأبى المودع أن يدفع إليه وقال أودعنيه غيرك فلا أدفع إليك فتحير المشتري ورجع إلى أئمة زمانه فاختلفوا في ذلك قال بعضهم يجبر المودع على دفع الصك إليه صيانة الحق المشتري قال بعضهم لا يجبر المودع لأنه أودعه غيره وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤمر المودع أن يعرض الصك على الشهود حتى يروا خطوطهم ولا يدفع إلى المشتري فأخذ العلماء بقوله لأن فيه صيانة حق المشتري من غير أن يتضرر به غيره فكذلك المشتري إذا طلب من البائع أن يعرض الصك القديم ليكتب من ذلك صكاً * وههنا مسألة أخرى الشاهد إذا امتنع عن أداء الشهادة هل يسعه ذلك قالوا إن كانوا صاحب الحق يجد سواه شاهدين يقبل القاضي شهادتهما لا بأس(2/118)
للشاهد أن يمتنع عن أداء الشهادة وإن كان لا يجد شاهدين <243> يقبل القاضي شهادتهما لا يحل له أن يمتنع عن أداء الشهادة وإن كان المدعي يجد سوى هذا الشاهد شاهدين يقبل القاضي شهادتهما إلا أن شهادة هذا الشاهد عند القاضي تكون أسرع قبولاً من شهادة غيره لا يسعه أن يمتنع عن أداء الشهادة * دار لها طريق ومسيل ماء إلى دار الجار فباع صاحب الدار داره مطلقاً ولم يقل بحقوقها ولا بمرافقها ولا بكل قليل وكثير هو لها لم يدخل الطريق والمسيل الذي كان في دار الجار في رواية الأصل وفي نوادر ابن سماعة يدخل مسيل الماء في البيع ولا يدخل الطريق الذي في سكة غير نافذة * وقال الحسن بن زياد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا باع بكل قليل وكثير هو له فيها ولم يقل منها يدخل في البيع العبيد والجواري وما كان فيها من الحيوانات ولا يدخل الأحرار وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل في الأحرار أيضاً وفسد البيع ولو قال منها لا يدخل وفي رواية هشام لا يدخل شيء في ذلك * رجل اشترى داراً ولم يقل بحقوقها وليس لها طريق ذكر الناطفي أن له الخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك وقد مرت المسألة قبل هذا {فصل فيما يدخل في بيع الحمام والحانوت} * رجل باع حانوتاً وذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر يدخل فيه ألواح الحانوت وإن لم يذكر * ولو باع الحانوت بمرافقه وللحانوت ظلة كما تكون للحوانيت في الأسواق يدخل فيه الظلة وإن لم يذكر المرافق لا تدخل ولا يدخل القفل في بيع الحانوت والدور والبيوت وإن كان الباب مقفلاً ذكر الحقوق والمرافق أ لم يذكر ويدخل فيه مفتاح الغلق استحساناً * ولو باع الحداد حانوته يدخل كور الحداد مركب متصل وكور الصائغ لا يكون مركباً ولا متصلاً بالمبيع وزق الحداد الذي ينفخ فيه لا يدخل وكذلك قدر القصار الذي يطبخ فيه الثوب لا يدخل في البيع لأنه ليس بمركب متصل ولا من الحقوق أيضاً لأن حق الشيء ما يكون متصلاً به ومقلاة السواقين التي يقلي فيها السواقين التي يقلي فيها السويق من الحديد أو من النحاس لا تدخل في البيع لأنها ليست من جملة المبيع * وقصاع الحمام لا تدخل في البيع وإن ذكر المرافق لأنها منفصلة عن الحمام {فصل فيما يدخل في مبيع الكرم والأراضي وما لا يدخل} * رجل باع أرضاً فيها زرع ولم يذكر الحقوق والمرافق لا يدخل الزرع في البيع من غير ذكر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه لله تَعَالَى هذا إذا صار الزرع متقوماً فإن لم يكن متقوماً يدخل الزرع من غير ذكر قال وإنما يعرف قيمته أن تقوم الأرض مبذورة وغير مبذورة فإن كانت قيمتها مبذورة أكثر من قيمتها غير مبذورة علم أنه صار متقوماً وإن كانت قيمتها مبذورة مثل قيمتها غير مبذورة علم أنه لم يصر متقوماً فيدخل في البيع من غير ذكر كما يدخل أوراق الشجر والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر إذا باع أرضاً مبذورة بكل حق هو لها لا يدخل الزرع في البيع وكذر الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى <244> إذا بذر أرضه ولم يصر له قيمة لا يدخل في البيع المطلق كما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر وكذا لو باع الأرض بعد إلقاء البذر قبل النبات لا يدخل الزرع في البيع ولا يدخل الشرب والطريق في بيع الأرض مطلقاً ويدخل في الإجارة والقسمة والرهن والوقف * رجل اشترى أرضاً فيها أشجار ولم يذكر شيئاً دخل الأشجار المثمرة في البيع واختلفوا في غير المثمرة والصحيح أنها تدخل * ولو باع أرضاً فيها أشجار صغار تحول في فصل الربيع وتباع فإن كانت تقلع من أصلها تدخل في البيع وتكون للمشتري وإن كانت تقلع من وجه الأرض لا تدخل في البيع من غير شرط * رجل اشترى أرضاً فيها رطبة أو زعفران أو خلاف يقطع في كل ثلاث سنين أو رياحين أو بقول ولم يذكر في البيع ما فيها قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما علامتها على وجه الأرض يكون بمنزلة الثمر لا يدخل في البيع من غير شرط وما كان من أصولها في الأرض يدخل في البيع لن أصولها تكون للبقاء بمنزلة البناء وكذا إذا كان فيها قصب أو حشيش أو أصولها في الأرض يدخل في البيع لأن أصولها تكون للبقاء بمنزلة البناء وكذا إذا كان فيها قصب أو حشيش أو حطب نابت ما هو على وجه الأرض لا يدخل في البيع من غير ذكر وما أصولها في الأرض يدخل واختلفوا في قوائم الخلاف قال بعضهم تدخل لأنها شجر والمختار أنها لا تدخل لأنها تعد من الثمر * وإن كان في الأرض شجر قطن فبيعت الأرض لا يدخل ما عليها من القطن * واختلفوا في أصل القطن وهو الشجر والصحيح أنه لا يدخل في البيع وإن كان في الأرض كراث فبيع الأرض مطلقاً فما كان على ظاهر الأرض لا يدخل في البيع المطلق واختلفوا فيما كان مغيباً منه في الأرض والصحيح انه يدخل لأنه يبقى سنين فيكون بمنزلة الشجر * وأما قوائم الباذنجان قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي إنها تدخل في(2/119)
البيع المطلق من غير ذكر وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهرزاده ينبغي أن يكون على الاختلاف الذي ذكرنا في قوائم شجر القطن * ولو باع الأرض وقال بمرافقها لا يدخل الزرع والثمر في البيع في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى انه يدخل ولو قال بكل قليل أو كثير هو له فيها أو منها يدخل ما كان فيها من الزرع والثمر ولا يدخل فيه الطريق والشرب وإن كان فيها زروع قد حصلت وثمار قد صرمت وقال بكل قليل أو كثير هو له فيها ومنها لا دخل ذلك ف البيع ولو قال بكل قليل أو كثير هو له فيها أو منها أو من حقوقها لا يدخل فيه الزرع والثمر * ولو اشترى أرضاً فيها أشجار وعليها ثمار وقال في البيع بثمارها وإن شاء ترك وذكر في بعض الكتب أنه لا يخير في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى شاة بعشرة فولدت الشاة عند البائع ولداً قيمته خمسة فأكله البائع قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه الشاة بخمسة دراهم ولا خيار له والصحيح أن في مسألة الثمار يخير <245> لأنه لما قال بثمارها صار الثمر مبيعاً مقصوداً فإذا أكل البائع تفرقت عليه الصفقة فيخير * ولو كان في الأرض زرع فباع الأرض بدون الزرع أو الزرع بدون الأرض جاز وكذا لو باع نصف الأرض بدون الزرع وإن باع نصف الزرع من أجنبي بدون الأرض لا يجوز وكذا لو باع رب الأرض نصف الزرع من المزارع لا يجوز وإن باع المزارع نصيبه من رب الأرض جاز * ولو باع أحدهما نصيبه من أجنبي لا يجوز * رجل أمر غيره ببيع ارض فيها أشجار وباع الوكيل الأرض بأشجارها فقال الموكل ما أمرته ببيع الأشجار قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول الموكل والمشتري يأخذ الأرض بحصتها من الثمن إن شاء وكذا لو كان مكان الأشجار بناء * رجل اشترى أرضاً بشربها وللبائع في القناة التي يسقى منها الأرض بحصتها من الثمن إن شاء وكذا لو كان مكان الأشجار بناء * رجل اشترى أرضاَ بشربها وللبائع في القناة التي يسقى منها الأرض ماء كثير ذكر في النوادر أنه يقضي للمشتري من الماء بقدر ما يكفي هذه الأرض فيكون ذلك شراء مع الأرض * رجل اشترى أرضاً إلى جنبها أقذف وبين الأقذف والأرض مسناة عليها الأشجار وجعل حدود الأرض في البيع الأقذف كانت المسناة وما عليها من الأشجار للمشتري * رجل باع أرضاً بشربها جاز البيع وإن لم يبين مقدار الشرب لأن الشرب تبع للأرض فإذا كانت الأرض معلومة فجهالة التبع لا تمنع الجواز * ولو اشترى نخلة بطريقها في الأرض ولم يبين موضع الطريق وليس لها طريق معروف في ناحية معلومة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع ويأخذ للنخلة طريقاً من أي نواح شاء لأنه لا يتفاوت فإن كان متفاوتاً لا يجوز البيع * رجل باع كرماً بمجرى مائه وبكل حق هو له ومجرى مائه في سكة غير نافذة بينه وبين رجلين وعلى ضفة النهر أشجار فإن كانت رقبة المجرى ملكاً للبائع كانت الأشجار للمشتري لأن رقبة المجرى دخلت في البيع فتدخل الأشجار تبعاً للرقبة فإن لم تكن رقبة المجرى ملكاً للبائع بل كان له حق مسيل الماء فإن الأشجار تكون للبائع هذا إذا كان الغارس هو البائع أو لم يكن الغارس معلوماً فإن كان الغارس غير البائع كانت الأشجار للغارس * رجل اشترى كرماً فيها أشجار الفرصاد وشجر الورد وعلى شجر الفرصاد توت وأوراق وعلى شجر الورد ورد وقال بكل حق هو له لا يدخل التوت وأوراق الفرصاد في البيع وكذلك الورد لأنه بمنزلة الثمر * رجل اشترى شجرة بشرط أن يقلها تكلموا في جوازه والصحيح أنه يجوز وللمشتري أن يقلعها من أصلها وإن اشترى الشجرة بشرط القطع قال بعضهم إن بين موضع القطع أو كان موضع القطع معلوماً عند الناس جاز البيع وإلا فلا وقال بعضهم يجوز البيع على كل حال وهو الصحيح وله أن يقطعها من وجه الأرض فأما عروقها في الأرض لا يكون إلا بالشرط وإذا جاز البيع هل يدخل في البيع ما تحتها من الأرض إن اشتراها بشرط القطع لا تدخل وإن اشتراها بشرط القلع أو اشتراها مطلقاً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تدخل الشجرة بعروقها ولا يدخل قي البيع ما تحتها من <246> الأرض وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل من الأرض مقدار ما تستقر عليه الشجرة ولا يدخل مقدار طول العروق وأجمعوا على أن في القسمة والإقرار بالشجرة والوصية بالشجرة وهبة الشجرة يدخل من الأرض مقدار ما تستقر عليه الشجرة ولا يدخل مقدار متتنا هي إليه العروق والأغصان وفي الموضع الذي يدخل الأرض إنما يدخل مقدار غلظ الشجرة وقت هذه انتصر فات حتى إذا زاد غلظ الشجرة بعدها كان لصاحب الأرض أن يأمره بنحت الزيادة * وإن اشترى شجرة للترك ولأجل الثمر ورضي به البائع جاز ولو اشترى آلة صغيرة وتركها بإذن البائع حتى كبرت وصارت عظيمة كان للبائع أن يأمره بقلعها ويكون الكل للمشتري وإن تركها بغير إذن البائع حتى أثمرت يتصدق المشتري(2/120)
بالثمر * ولو اشترى أشجاراً مثمرة أو غير مثمرة ليقلعها فقلعها ثم نبت من أصل عروقها أشجار فإن النابت يكون للمشتري لأنه نماء ملكه فيكن له * وإن اشترى شجرة بأصلها وقد نبت من عروقها أشجار إن كان الأشجار بحيث لو قطعت الشجرة التي بيعت تيبس بقطع الشجرة كان الكل للمشتري لأنها إذا كانت تيبس بقطع تلك الشجرة تكون نابتة من عروقها وإلا فلا * رجل اشترى شجرة ليقطعها فتأخر قطعها حتى جاء الصيف واشتد الحر إن كان قطعها لا يضر بالأرض ولا بأصل الشجرة كان له أن يقطعها وإن كان القطع يضر بالأرض أو بأصل الشجرة اختلفوا في ذلك قال بعضهم له أن يقطعها وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء تركها إلى وقت القطع وإن شاء لم يترك فإن لم يترك يخير البائع إن شاء تركها إلى وقت القطع وإن شاء يدفع إليه قيمتها قائمة والمشايخ أخذوا بقوله وقال بعضهم الصحيح أنه يخير إن شاء رضي بالقطع وإن شاء يفسخ البيع لأنه عجز عن تسليم المبيع من غير ضرر فكان له أن يفسخ البيع كما في نظائرها قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان ذلك قبل القبض كان له أن يفسخ البيع لأن الحادث قبل القبض بمنزلة المقارن للعقد وإن كان بعد القبض ليس له أن يفسخ كما قال بعض المشايخ ند مشجرة بين رجلين باع أحدهما نصيبه من رجل بغير إذن الشريك بدون أرضها قالوا إن كانت الأشجار بلغت أو إن القطع جاز البيع وإن لم تبلغ أو إن قطعها لم يجز كما لو باع نصيبه من الزرع المشتري قبل الحصاد * رجل له مشجرة جعل على بعض أشجارها علامة فباع المشجرة إلا الأشجار التي عليها العلامة فقطع المشتري الأشجار فادعى البائع على المشتري أنه قطع بعض الأشجار التي لم تدخل في البيع وأفسد أغصان بعضها وأنكر المشتري ذلك وقال لم أقطع شيئاً من أشجارك ولم أكن متعمداً في إفساد الأغصان قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المشتري في إنكاره قطع الأشجار التي لم تدخل في البيع وفي نقصان الأغصان ينظر إلى نقصان الشجر إن كان مما لا يمكن الاحتراز عن ذلك فلا ضمان عليه أيضاً ويكون مأذوناً <247> بذلك دلالة * شجرة أصلها واحد ولها فرعان فباع صاحبها أحد الفرعين إن بين موضع القطع وقطعها لا يضر بالآخر جاز * رجل باع شجرة عليها ثمر قد أدرك أو لم يدرك جاز البيع وعلى البائع أن يقطع الثمر من ساعته إذا أنقده الثمن لأنه ملكها من المشتري فكان عليه تسليمها فارغة عليها وكذا لو أوصى بنخلة فمات الموصي وعليها البسر يجبر الوارث على قطع البسر هو الصحيح * رجل طلب من رجل أن يبيع منه أشجاراً في أرض للحطب فاتفق البائع والمشتري على رجال من أهل البصر يعرفون أنها كم تكون وقرً من الحطب فاتفقوا على أنها تكون خمسة وعشرين وقراً فاشتراها المشتري بثمن علوم وقطعها فكانت أكثر من خمسة وعشرين فأراد البائع أن يمنع الزيادة ليس له ذلك لأن القدر في الأشجار وصف بمنزلة الذرع في المذروعات فيسلم الزيادة للمشتري * مشجرة بين قوم فباع أحدهم نصيبه مشاعاً إن كانت الأشجار تناهت وبلغت أوان القطع جاز وللمشتري أن يقطع * رجلان اشتريا نخلة وتواضعا على أن يكون لأحدهما النخلة وللآخر الرطب جاز ويقسم الثمن عليهما على قيمتهما * وكذا لو اشتريا أيضاً فيها شجر على أن يكون لأحدهما الشجر وللآخر الأرض جاز ولصاحب الشجر أن يقلع الشجر إن لم يكن في قلعة ضرر ظاهر والإ كان الكل بينهما لأنه صار بمنزلة شيئين لا يمكن نزع أحدهما إلا بضرر فيكون الكل بينهما كالفص مع الخاتم والسيف مع الحلية * رجلان بينهما نخلة عليها ثمر أو أرض فيها زرع فباع أحد الشريكين نصيبه من الثمر والنخل أو من الأرض والزرع قال الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا ذكر لها في الأصل وينبغي أن يجز لأن المشتري قام مقام البائع في جميع ذلك ولا يتضرر به الشريك * رجل دفع أرضه إلى رجل معاملة بالنصف مدة معلومة على أن يغرس فيها فيكون الغراس بينهما فغرس ومضت المدة ثم باع صاحب الأرض أرضه مع نصييه من الغراس جاز وإن باع المشتري من آخر قالوا لا يجوز البيع لأنها مشغولة بنصيب العامل فيكون البيع قبل القبض قبل هذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قولهما يجوز البيع لأن عندهما بيع العقار قبل القبض جائز * رجل اشترى شجرة بأصلها ليقلعها قال بعضهم لا يجوز هذا البيع والصحيح أنه يجوز ثم إذا اشترها على هذا الوجه ثم استأجر أرضها صحت الإجار وهذا دليل على دخول ما تحتها من الأرض في البيع * نهر في الشارع على حافتيه أشجار قال الفقيه أبو جعفر أن كانت حافتاه للشاربة كان الأشجار لهم وإن كانت للعامة كانت الأشجار لصاحب الدار التي يقابلها الأشجار إلا أن يعلم شراؤه بعد غرس الأشجار * وقال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا لم يكن الغارس معلوماً فإن كان معلوماً كانت الأشجار {فصل فيما يدخل في بيع المنقول من غير ذكر} * رجل باع(2/121)
عبداً أو جارية كان على البائع من الكسوة قدر ما يواري عورته فإن بيعت في ثياب مثلها دخل الثياب في البيع وللبائع أن يمسك تلك الثياب ويدفع <248> غيرها من ثياب مثلها يستحق ذلك على البائع ولا يكون للثياب قسط من الثمن حتى لو استحق الثوب أو وجد بالثوب عيباً لا يجرع على البائع بشيء ولا يرد عليه الثوب ولو هلكت الثياب عند المشتري أو تعيبت ثم وجد بالجارية عيباً ردهما بجميع الثمن لأنه لم يملك الثوب بالبيع فلا يكون له قسط من الثمن * باع أتاناً لها جحش أو بقرة لها عجول اختلفوا في ذلك قال بعضهم العجول يدخل في البيع من غير ذكره والجحش لا يدخل إلا بذكر * قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هما سواء ولا يدخلان في البيع من غير ذكر * ولو باع حماراً قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل الاكاف في البيع من غير شرط ولا يستحق ذلك على البائع ولم يفصل بين ما إذا كان الحمار موكفاً أو لم يكن وهو الظاهر لأن الحمار إذا بيع مع الاكاف يقال باجامه مي فر وشم فكان الاكاف فيه بمنزلة السرج في الفرس وقال غيره من المشايخ يدخل الاكاف والبرذعة في البيع كان الحمار موكفاً وقت البيع أو لم يكن وإذا دخل الاكاف والبرذعة في البيع من غير ذكر كان الحكم فيه ما قلنا في ثوب العبد والجارية ويدخل العذار في بيع الفرس من غير ذكر وكذا الزمام في بيع البعير ولا يدخل المقود في بيع الحمار من غير ذكر لأن الفرس لا ينقاد إلا بمقود والبعير كذا بخلاف الحمار * باع عبداً له مال إن لم يكر المال في البيع فما له لمولاه الذي باعه لأنه كسب عبده وإن باع العبد مع ماله فقال بعته مع ماله بكذا ولم يبين المال فسد البيع وكذا لو سمى المال وهو دين على الناس أو بعضه دين فسد البيع وإن كان المال عيناً جاز البيع إن لم يكن من الأثمان فإن كان مال العبد دراهم والثمن كذلك فإن كان الثمن أكثر جاز وإن كان مثله أو أقل منه لا يجوز وإن لم يكن الثمن من جنس مال العبد بأن كان الثمن دراهم ومال العبد دنانير أو على العكس جاز إذا تقابضا في المجلس * وكذا لو قبض مال العبد ونقد حصته من الثمن فإن افترقا قبل القبض بطل العقد في مال العبد * رجل اشترى سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة لأن كان اللؤلؤة في الصدف تكون للمشتري وإن لم تكن في الصدف فإن كان البائع اصطاد السكة يردها المشتري على البائع وتكون عند البائع بمنزلة اللقطة يعرفها حولاً ثم يتصدق * وإن اشترى دجاجة فوجد في بطنها لؤلؤة يردها على البائع وإن اشترى سمكة فوجد في بنها سمكة تكون للمشتري {فصل في بيع الزروع والثمار} * رجل قال لغيره أين خيار زار بتوفر وختم بده ودم وكان ذلك قبل أن يخرج الحدجة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع ويكون البيع على شجرة البطيخ دون ما يخرج من الحدجة فإن خرجت الحدجة بعد ذلك كانت الحدجة للمشتري لأنها نماء ملكه وإن كان البيع بشرط الترك لا يجوز البيع فإن كانت المبطخة مشتركة فباع أحدهما نصيبه من المبطخة <249> لا يجوز كما لا يجوز بيع النصيب من الشجرة المشتركة فإن باع نصيبه من المبطخة وسلم على المشتري كان نصيب البائع للمشتري ما لم ينتقض البيع * ولو أجاز الشريك الذي لم يبع بيع صاحبه ورضي به كان له أن لا يرضى بعد ذلك لأن الإنسان لا يجبر على تحمل الضرر * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار إن اشتراها مجازفة كان القطع على المشتري * ولو اشترى أوراق فرصاد بعد ما ظهرت على الشجر ولم يقطعها حتى ذهب وقته قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اشترى الأوراق بأغصانها وبين موضع القطع لا يكون للمشتري أن يرد البيع بحكم ذهاب الوقت ويجبر على القطع إلا أن يكون قطع الأغصان يضر بالشجر فحينئذ يخير البائع إن اشتراها على أن يأخذ شيئاً فشيئاً لا يجوز لأنه يزداد فيختلط المبيع بغير المبيع وكذا لو اشتراها على أن يتركها على الشجر وإن اشتراها ولم يشترط شيئاً فإن أخذها في اليوم جاز وإن لم يأخذها حتى مضى اليوم فسد البيع لأن ما يحدث بعد البيع بمضي الساعات لا يمكن الاحتراز عنها فجعل عفواً وإن أراد المشتري أن يحتاط في ذلك ينبغي أن يشتري الشجرة بأصلها حتى لو حدثت الشجرة بعد البيع كانت الزيادة للمشتري * وإن اشترى الأوراق أو الثمار وستأجر الأشجار مدة معلومة لترك الثمار عليها كان الإجارة باطلة ونصير إعارة فكان له أن يرجع بعد ذلك * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بيع أوراق الفرصاد لا يجوز ما زاد في الزيادة وإنما يجوز إذا تناهى وأمسك عن الزيادة ولا يدخل أوراق الفرصاد في بيع الشجرة لأنه بمنزلة الثمر وقوائم الخلاف * رجل اشترى رطبة من البقول أو قثاء أو شيئاً ينمو ساعة فساعة لا يجوز كما لا يجوز بيع الصور والوبر على ظهر الغنم إلا أن يجزهما من ساعته والقياس في بيع(2/122)
الخلاف كذلك وإنما جاز لمكان التعامل ولأنه ينمو من أعلاه لا من أسفله * وبيع الكراث جائز وإن كان ينمو من أسفله لمكان التعامل فأما ما لا تعامل فيه وهو ينمو ساعة فساعة لا يجوز * إذا اشترى أنزال الكرم وهو حصر جاز وهل للبائع أن يأمر بقطع العنب في الحال قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه الله تَعَالَى إن اشتراه مطلقاً كان له أن يأمره وإن اشترى بشرط الترك إلى النضج فسد البيع وإن اشترى أنزال الكرم وبعض النزل نيء والبعض قد نضج فإن كان البعض من كل نوع نضيجاً جاز وإن كان بعض الإنزال نيئاً وبعضها نضيجاً كالخوخ والجوز والكمثري قالوا لا يجوز هذا البيع * ولو اشترى الخوخ أو الكمثري قبل النضج قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع إلا أن يكون بعضه قد نضج فيجعل البيع تبعاً للبعض فيجوز كما قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيمن باع الفيلق وبعضه فيلق وبعضد دود يجوز ويجعل البعض <250> تبعاً للبعض * ولو باع التين فإن باع بعد ما نضج جاز البيع فإن لم يقبض المشتري حتى خرج تين آخر يفسد البيع لاختلاط المبيع بغير المبيع * وعام المشايخ لم يجوزوا بيع الثمار قبل أن تصير منتفعاً لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز بيعها بعد ظهورها فقيل له أليس أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك فقال ذلك محمول على بيعها قبل خروجها وظهور صلاحها لانتفاع بها في الزمان الثاني هكذا ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الجامع والقدوري كذلك * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فتركها حتى أخرجت ثمرة أخرى قبل التخلية ولا يمكن التمييز بينهما فسد العقد فإن كان ذلك بعد التخلية لا يفسد ويكون الثمر بين البائع والمشتري والقول في الزيادة قول المشتري * رجل قال لغيره بعت منك عنب هذا الكرم كل وقر بكذا قالوا إن كان وقر العنب معلوماً عندهم والعنب جنس واحد ينبغي أن يجوز البيع في وقر واحد عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه يجوز البيع في الكل وجعلوا هذه المسألة فرعاً لرجل باع صبرة حنطة فقال بعت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد وعندهما يجوز في الكل وحَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد وعندهما يجوز في الكل ون كان عند الكرم أجناساً قالوا ينبغي أن لا يجوز البيع في شيء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كان الوقر معروفاً وعودهما يجوز في الكل كما لو قال بعت منك هذا القطيع من الغنم كل شاة بكذا عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع أصلاً وعندهما يجوز البيع في الكل والفتوى على قولهما تيسيراً على الناس * ولو انتهى إلى رجل يبيع وقر بطيخ فقال بكم عشر بطيخات من هذا البطيخ فقال البائع بكذا فاشترى عشر بطيخات بغير عينها ثم عزل البائع عشر بطيخات فقبلها المشتري ومضيا على ذلك القول والبطيخ متفاوت جاز البيع استحساناً * وكذا الرمان وهذا بمنزلة رجل قال لقصاب بعني من هذا اللحم بكذا فباعه منه وقطع له منا واحداً على ذلك كان له الخيار إن شاء أخذ بعد القطع وإن شاء لم يأخذه فكذلك ههنا * ولو انتهى على مائة شاة وقال بكم عشر منها فقال بكذا فهذا باطل كأنه اعتبر التعامل وفي البطيخ والرمان تعامل ولا تعامل في الغنم والرقيق * رجل اشترى خوخاً وفيه خوخ نيء لا يفسد البيع وكذلك الكمثري * وهذا على قول من لا يجوّز بيع الثمر قبل أن يصير منتفعاً * كرم بين رجلين باع أحدهما نصيبه من نزلة وهو حصر لا يجوز كما لو باع نصيبه من الزرع المشتري * رجل اشترى مبطخة فأراد الصحة وكل ما يخرج منها يكون للمشتري ينبغي أن يشتري أشجار البطيخ بأصولها ببعض الثمن ويستأجر الأرض ببقية الثمن مدة معلومة ويقدم بيع الأشجار ويؤخر الإجارة فإن قدم الإجارة لا يجوز لأن الأرض تكون مشغولة بأشجار الآجر قبل البيع فلا <251> نصح الإجارة وينبغي أن يشتري الشجار بأصولها لهذا *ولو باع أشجار البطيخ وأعار الأرض يجوز أيضاً إلا أن الإعارة لا تكون لازمة ويكون له أن يرجع بعدها* أكار له عمارة في ضيعة رجل فباع العمارة أن كانت العمارة أو جرا جاز البيع إذا لم يشترط الترك في الأرض وأن كانت كراباً أو كرى أنهار ونحو ذلك لا يجوز لأن ذلك ليس بعين مال متقوم * رجل في أرضه حشيش فباعه أن كان الحشيش نبت بإنباته بان سقاها لأجل الحشيش جاز البيع كما لو أخذ سمكة وألقاها في الماء ثم باعها وهو يقدر على أخذها من غير صيد وإن كان الحشيش نبت بنفسه لا يجوز بيعه لأنه ليس بمملوك بل هو مباح يجوز لغيره أن يأخذه * رجل باع زرعا وهو بقل فان باع على أن يقطعه أو يرسل دابته فيه جاز البيع وإن باعه على أن يتركه حتى يدرك لا يجوز وكذا الرطبة(2/123)
البقول* رجل باع نصيبه من الزرع المشترك لا يجوز فان لم يفسخ البيع حتى أدرك الزرع جاز لزوال المانع كما لو باع الجذع في السقف ولم يفسخ البيع حتى أخرجه من البناء جاز* قطن بين شريكين في أرض رجل فباع أحدهما نصيبه من شريكه أو من أجنى قبل أن يدرك لا يجوز كما قلنا في الزرع * ولو كان القطن بين الاكار وصاحب الأرض فهو على التفصيل أن باع الاكار نصيبه من صاحب الأرض جاز ولو باع صاحب الأرض نصيبه من إلا كار لا يجوز ذكر في الفتاوى رجل لشبري أرضا فيه زرع بزرعها والزرع بقل فدفعها المشتري قبل القبض مزارعة بالنصف إلى البائع قال لا يجوز لأن هذا بمنزلة إجارة الأرض المشتراة قبل القبض وقيل هذا ليس بصحيح لأن دفع الزرع بالنصف يكون معاملة وفي المعاملة صاحب الأرض يكون مستأجراً للعامل ولا يكون مؤجراً للأرض * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية حتى لو رضي به يلزمه * وإن باع ما هو مغيب في الأرض كالجزر والبصل وبصل الزعفران والثوم والفجل والشلجم إن باع بعدما ألي في الأرض قبل النبات أو نبت إلا أنه غير معلوم لا يجوز البيع وإن باع بعد ما نبت نباتاً معلوماً يعلم وجوده تحت الأرض يجو البيع ويكون مشترياً شيئاً لم يره عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يبطل خياره ما لم ير الكل ويرضى به وعلى قول صاحبيه لا يتوقف خيار الرؤية على رؤية الكل وعليه الفتوى فإن كان ذلك مما يكال أو يوزن بعد القلع كالجزر والثوم والبصل فإذا قلع البائع شيئاً من ذلك أو قلعه المشتري بإذن البائع ينظر إن كان المقلوع يدخل تحت الكيل والوزن ثبت للمشتري خيار الرؤية حتى لو رضي به يلزمه الكل وإن رد بطل البيع وإن كان المشتري قلعه بغير إذن البائع فإن كان المقلوع شيئاً له قيمة لزمه الكل لأنه قبل القلع كان ينمو وبعد القلع لا ينمو والعيب الحادث عند المشتري يمنع الرد <252> بخيار الرؤية وإن كان المقلوع يسير إلا قيمة له لا يعتبر ذلك والقلع وعدم القلع سواء وإن كان المغيب مما يباع بعد القلع عدداً كالفجل فقلع البائع بعضه أو قلع المشتري بإذن البائع لا يلزمه ما لم ير الكل لأنه من العدديات المتفاوتة بمنزلة الثياب والعبيد ونحو ذلك وإن قلع المشتري بغير إذن البائع لزمه الكل إلا أن يكون ذلك شيئاً يسيراً وإن اختصم البائع والمشتري قبل القلع فقال المشتري أخاف إن قلعته لا يصلح لي فيلزمني وقال البائع أخاف إن قلعته لا ترضى به فترده فأتضرر بذلك قالوا يتطوع إنسان بالقلع وغلا يفسخ القاضي العقد بينهما {باب الصرف} الدراهم التي غشها غالب بان كان ثلثها صفراً وثلثها فضة كالدراهم التي تروج في ديارنا يجوز بيع الواحد بالاثنين منها بأعيانها لكن يشترط التقابض في المجلس كما في الصرف * وإن كان نصفها صفراً ونصفها فضة لا يجوز فيه التفاضل * وإن اشترى الفضة الخالصة بالدراهم التي غشها غالب لا يجوز إلا أن تكون الفضة الخالصة أكثر من الفضة التي تكون في الدراهم المغشوشة والدراهم تتعين للرد في البيع الفاسد من الأصل ولا تتعين فيما يفسد العقد بعد الصحة ويفسد الصرف بالافتراق قبل القبض ولا يبطل * وإذا فسد الصرف بالافتراق قبل قبض أحد البدلين هل يتعين المقبوض للرد فيه روايتان وإلا ظهر أنه يتعين كما يتعين في الغصب * رجلان باعا الفضة بألفضة كفه بكفة جاز وإن لم يعلم مقدار وزنها * وإن تبايعا الدراهم بالدراهم ولا يعرفان وزنهما أو يعرفان وزن أحدهما لا يجوز لوجود المساواة في الفصل الأول دون الثاني فإن عرف المساواة في الفصل الثاني في المجلس جاز وإن عرف بعد المجلس لا يجوز عندنا * ويجوز بيع الدراهم بالدنانير مجازفة * رجل له على رجل مائة درهم لا بعقد الصرف والسلم ولمديونه عليه مائة دينار قرضاً أو غصباً لا تقع المقاصة بينهما ما لم يتقاضا فإذا تقاضا تصير الدراهم قصاصاً بمائة من قيمة الدنانير ويبقى لصاحب الجنانير على صاحب الدراهم تسعون ديناراً وكذلك رجل له على رجل ماشة دينار ولعبده المديون على صاحب دين المولى مائة درهم لا تقع المقاصة ما لم يتقاضا فإذا تقاضا يصير من الدنانير بمقدار مائة درهم قصاصاً بمائة درهم ويبقى تسعون ديناراً * رجل هل على رجل دراهم فظفر بدراه مديونه كان له أن أخذ دراهم المديون إذا لم تكن دراهم المديون أجود أو لم يكن مؤجلاً وإن ظفر بدنانير مديونه في ظاهر الرواية كان له أن يأخذ دراهم المديون إذا لم تكن دراهم المديون أجود أو لم يكن مؤجلا وإن ظفر بدنانير مديونه في ظاهر الرواية ليس له أن يأخذ الدنانير وذكر في كتاب العين والدين أن له أن يأخذ والصحيح هو الأول * المديون إذا قضى الدين أجود مما عليه لا يجير رب الدين على القبول كما لو دفع إليه أنقص مما عليه وإن قبل جاز كما لو أعطاه خلاف الجنس وذكر في بعض الكتب أنه إذا أعطاه أجود مما عليه يجبر على القبول عندنا خلافاً لزفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والصحيح هو الأول *(2/124)
ولو كان الدين <253> مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجر على القبول * أن أعطاه المديون أكثر مما عليه وزنا فان كانت الزيادة زيادة تجرن بين الوزنين جاز وما روى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنه أوفي الدين أكثر وقال أنا معاشر الأنبياء هكذا نزن محمول على ما إذا كانت الزيادة زيادة تجري بين الوزنين وأجمعوا على أن الدانق في المائة يسير يجري بين الوزنين وقدر الدرهم والدرهمين كثير لا يجوز واختلفوا في نصف الدرهم قال أبو نصر الدبوسي نصف الدرهم في المائة كثير يرد على صاحبه فإن كانت الزيادة كثيرة لا تجري بين الوزنين إن لم يعلم المديون بالزيادة يرد الزيادة على صاحبها وإن علم المديون بالزيادة فأعطاه الزيادة اختياراً هل تحل الزيادة للقابض إن كانت الدراهم المدفوعة مكسرة أو صحاحاً لا يضره التبعيض لا يجوز إذا علم الدافع والقابض وتكونه هذه هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وإن كان المدفوع مما يره التبعيض وعلم الدافع والقابض جاز وتكون هذه هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة * رجل اشترى بألفلوس الرائجة والعدالى في زماننا شيئاً وكسدت الفلوس قبل القبض وصارت لا تروج رواج الأثمان في عامة البلدان في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تكوهن كاسدة وعندهما إذا كانت لا تروج رواج الأثمان في بلدهما تكون كاسدة وعند الكساد يفسد العقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فير المشتري المبيع إن كان قائماً وقيمته إن كان هالكاً وإن غلا أن رخص لا يفسد العقد ولا خيار لأحدهما في ظاهر الرواية * وإذا اشترى بالدراهم الرائجة شيئاً ونقد بعض الثمن ثم كسدت فسد العقد بقدر ما لم ينقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن هذا ساد طارئ بمنزلة الهلاك فيتقدر بقدره * ولو اشترى شيئاً بالدراهم الكاسدة فإن كانت الدراهم بعينها جاز لأنها بعد الفساد صارت سلعة فإن لم تكن بعينها قالوا لا يجوز البيع * قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يجوز لأنها إن كانت بعد الكساد تباع وزناً فقد باع بموزون في الذمة وإن كانت تباع عدداً فقد باع بعددي في الذمة عدداً معلوماً * ولو تزوج امرأة على الدراهم الكاسدة فإن كانت قيمتها عشرة دراهم لم يكن لها غلا ذلك وإن كانت قيمتها دون العشرة بكمل لها العشرة كما لو تزوج امرأة على ثوب قيمته خمسة كان لها الثوب وخمسة أخرى وإن تزوجها على الدراهم الرائجة فكسدت قال بعضهم عليه مهر مثلها * وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لها قيمة الدراهم من الذهب والفضة قبل الكساد وهو الصحيح لأن النكاح إذا أوجب المسمى وقت العقد لا ينقلب موجباً مهراً المثل كما لو تزوج امرأة على عبد أو ثوب فهلك ذلك قبل القبض كان لها قيمة الثوب أو العبد ولا يصار على مهر المثل * ولو استقرض الفلوس الرائجة أو العدالى فكسدت قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب عليه مثلها كاسدة ولا يغرم قيمتها وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قيمتها يوم القبض وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يغرم قيمتها في آخر يوم كانت رائجة وعليه الفتوى وكذا لو غصب الفلوس <254> الرائجة فكسدت فهو على هذا الخلاف * ولو اشترى شيئاً بالدراهم الرائجة وتقابضا ثم كسدت ثم تقايلا البيع صحت الإقالة إن كان المبيع قائماً وكان على البائع رد مثل تلك الدراهم كاسدة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما في الاستقراض * رجل أقرض دراهمه البخارية ببخارا ثم لقي المستقرض في بلد لا يقد على تلك الدراهم قال أَبُو يُوسُفَ وهو قول أب حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يمهله قدر المسافة ذاهباً وجائياً فأما إذا كانت لا تنفق في هذا البلد فإنه يغرم قيمتها وكذا لو باع لو باع بالدراهم البخارية شيئاً ثم التقيا في بلدة أخرى لا توجد فيها تلك الدراهم * ولو أن رجلاً استقرض الدراهم المكسرة على أن يؤدي صحاحاً كان باطلاً وكان عليه مثل ما قبض ويكره السفتجة إلا أن يستقرض مطلقاً فيوفي بعد ذلك في بلد آخر من غير شرط * وتأجيل القرض باطل سواء كان التأجيل في القرض أو بعدما أقرضه * ولا يجوز القرض إلا فيما كان مثلياً فلا يجوز قرض الخبز والدقيق في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز وزناً وقيل الثلاث يجوز عدداً ولا تجوز الزيادة وإن أقرض الحنطة وزناً لا يجوز فإن استقرضها وأكلها قبل الكيل كان على المستقرض مثلها من الكيل فإن اختلفا في مقدارها كيلاً وقفيزاً كان القول قول المستقرض مع يمينه ولو استهلك على إنسان حنطة في سنبلها كان عليه قيمتها * ويجوز استقراض الكاغد فأنه عددي كالجوز والبيض * واستقراض اللحم وزناً جائز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهكذا روي عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تتعالى فلأنه مثلي يباع(2/125)
وزناً ويجوز السلم فيه عنده وأما عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلأن القرض يكون حالاً غير مؤجل فلا يقضى إلى المنازعة بخلاف السلم قالا مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كل ما يكال أو يوزن أو يعد بجوز قرضه * رجل له على رجل جياد فأخذ منه زيوفاً أو نبهرجة أو ستوقة ورضي بها جاز وإن أنفقها كره وإن بين ذلك وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يكره استقراض الستوقة والمزيفة والنبهرجة وعلى المستقرض مثلها فإن كسدت كان عليه قيمتها * رجل اشترى م رجل كر حنطة بعينه ثم قال للبائع أقرضني قفيز حنطة أو قال أقرضني هذا القفيز واخلط به الكر الذي اشتريته منك ففعل وصب الشراء على القرض أو القرض على الشراء قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصير قابضاً لهما جميعاً وهكذا روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل أقر فقال استقرضت من فلان ألفاً زيوفاً أو قال ألفاً نبهرجة وأنفقها وادعى المرض أنها كان جياداً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المستقرض في النبهرجة والزيوف إذا وصل ولا يصدق إذا فصل ند رجل قال لغيره استقرض لي من فلان عشرة دراهم فاستقرض المأمور وبض وقال دفعتها إلى الآمر وجحد الآمر ذلك فإن المال يكون على المأمور <255> ولا يصدق المأمور على الآمر* ولو بعث رجل بكتاب مع رسول إلى رجل أن ابعث إلي كذا درهما قرضاً لك علي فبعث مع الذي أوصل الكتاب روى أبو سليمان عن أبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أنه لم يكن ذلك من مال الآمر حتى يصل إليه * ولو أرسل رسولا إلى رجل فقال ابعث إلى بعشرة دراهم قرضا فقال نعم وبعث بها مع رسوله كان الآمر ضامنا لها إذا أقرأن رسوله قبضها * الوكيل بالاستقراض من رجل معين إذا استقرض أن قال الوكيل للمقرض على وجه الرسالة أن فلانا يقول لك أقرضني كذا كان القرض للموكل وأن لم يقل الوكيل ذلك واستقرض كان القرض على الوكيل * رجل في يده دنانير فقال اشهدوا أنى اشتريت هذه الدنانير من ابني الصغير بمائة درهم وقام قبل أن يزن الدراهم كان باطلا لأنه هو العاقد فيعتبر قبضه قبل الافتراق كذا روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل استقرض من رجل دراهم فأتاه المقرض بالدراهم فقال له المستقرض ألقاها في الماء فألقاها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لاشيء على المستقرض * رجل استقرض طعاما بالعراق فأخذه صاحب القرض بمكة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قمته بالعراق يوم أقرضة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمته بالعراق يوم اختصما وليس عليه أن يرجع معه إلى العراق فيأخذ طعامه * رجل له على رجل ألف درهم قرض فصالحه على مائة منها على أجل صح الحط والمائة حالة وإن كان المستقرض من رجل طعاماً في بلد العام فيه رخيص فلقيه المقرض في بلد الطعام فيه الٍ فأخذه الطالب بحقه فليس له أن يحبس المطلوب فيؤمر المطلوب بان يوثق له كفيلاً حتى يعطي طعامه إياه في البلد الذي استقرض فيه * جل استقرض طعاماً له حمل ومؤتة أو غصب فالتقيا في بلدة أخلى فيها الطعام أغلى أو أرخص روى أَبُو يُوسُفَ عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إن كان الغصب قائماً في يده ي يؤمر بالتسليم إليه إن كانت قيمته في الموضعين سواء او كانت قيمته في هذا الموضع أكثر وإن كانت قيمته في هذا البلد أقل إن شاء طلبه بقيمته مكان الغصب وإن شاء أخذ الغصب وإن شاء ينتظر حتى يسلم إليه في مكان الغصب فإن لم يكن الغصب قائماً في يده وقيمته في البلدة التي التقيا أقل من قيمته في بلد الغصب كان للمغصوب منه خيارات ثلاثة إن شاء أخذ مثله ههنا إن كان مثلياً وإن شاء أخذ قيمته يوم الغصب ببلد الغصب وإن شاء ينتظر ليأخذه ببلد الغصب وإن كان قيمته في هذا المكان أكثر خير الغاصب إن شاء أعطى مثله وإن شاء أعطى قيمته في بلد الغصب وإن كانت قيمته في الموضعين سواء فللمغصوب منه أن يطالبه بالمثل * رجل استقرض شيئاً من الفواكه كيلاً أو وزناً فلم يقبضه حتى انقطع فإنه يجبر صاحب القرض على تأخيره إلى أن يجيء الحديث إلا أن يتراضيا على القيمة ولا يشبه هذا الفلوس إذا كسدت لأن هذا مما لا يوجد بخلاف الفلوس الكاسدة * رجل عليه عشرة دراهم من قرض أو بيع أو <256> غصب وله على صاحب العشرة مائة دينار فتبايعا الدينار بالعشرة وافترقا جاز البيع لأن البيع وقع على ما في ذمة كل واحد منهما وما في ذمة كل واحد في يده حكما فلا يبطل بالافتراق ألا ترى أنهما لو تقاصا الدنانير بالدراهم جاز والمقاصة بخلاف الجنس لا تكون إلا مبادلة وكذا لو كان عليه كر حنطة لرجل ثم إنه أقرض صاحب الكر كراً من شعير ثم تبايعا الكر بالكر جاز ولا يبطل العقد بالافتراق * رجل أقرض رجلاً كراً من حنطة ثم إن المستقرض اشترى القرض من المقرض بدراهمه جاز سواء كان القرض قائماً في يد المستقرض أو لم يكن أما إذا لم يكن قائماً فهو قول الكل وإن كان(2/126)
قائماً فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز شراؤه لأن عندهما ملك القرض بنفس القبض وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يملكه مادام قائماً فلا يجوز شراؤه ولا يكون شراؤه ولا يكون شراؤه فسخاً للقرض بخلاف ما لو اشترى شيئاً بالدنانير ثم اشتراه بالدراهم فإن البيع الثاني يكون فسخاً للأول لأن القرض مما لا يحتمل الفسخ لأن سبب الملك في القرض القبض وهو قائم فلا يفسخ القرض * إذا قال المستقرض وجدت القبض زيوفاً أو نبهرجة وكان ذلك بعدما استهلكها لاا يرجع على المقرض بشيء ولكنه يرد مثلها * إذا أقرض الجوز كيلاً جاز لأنه يكال مرة ويعد أخرى * رجل أقرض صبياً أو معتوهاً فاستهلكه الصبي أو المعتوه لا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يضمن * وإن أقرض عبداً محجوراً فاستهلكه لا يؤاخذه به قبل العتق عندهما وهذا والوديعة سواء * رجل عليه ألف درهم لرجل فدفع إلى الطالب دنانير فقال اصرفها وخذ حقك منها فأخذها فهلكت في يده قبل أن يصرفها هلكت من مال الدافع وكذا لو صرفها وقبض الدراهم فهلكت الدراهم في يده قبل أن يأخذ منها حقه هلكت من مال الدافع وإن أخذ منها حقه ثم ضاع كان ذلك من مال المدفوع إليه ولو دفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال خذها قضاء لحقك فأخذ كان داخلاً في ضمانه ولو دفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال بعها بحقك فباعها بدراهم مثل حقه وأخذها يصير قابضاً حقه بالقبض بعد البيع * رجلان تصارفا الدراهم بالدنانير وتقابضا ثم تقايلا وافترقا قبل القبض بطلت الإقالة ويعود الصرف لأن الإقالة بمنزلة البيع فيعتبر القبض قبل الافتراق {باب في قبض المبيع وما يجوز من التصرف قبل القبض وما لا يجوز} * البائع إذا خلى بين المبيع وبين المشتري بحيث يتمكن المشتري من قبضه يصير المشتري قابضاً للمبيع حتى لو هلك قبل أن يقبضه حقيقة يهلك عليه وكذا لو خلى المشتري بين البائع والثمن * ولو قبض المشتري المبيع بغير إذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع أن يسترده فإن خلى المشتري بين المبيع وبين البائع لا يصير البائع فابضاً مال لم يقبضه حقيقة أجمعوا على أن التخلية في البيع <257> الجائز تكون قبضاً وفي البيع الفاسد روايتان والصحيح أنه قبض وفي الهبة الفاسدة كالهبة في المشاع الذي يحتمل القسمة لا تكون قبضاً باتفاق الروايات واختلفوا في الهبة الجائزة ذكر الفقيه أبو الليث أنه لا يصير قابضاً بالتخلية في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وذكر شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يصير قابضاً ولم يذكر فيه خلافاً * ولو باع تمراً على النخيل وخلى بينه وبين المشتري صار قابضاً * ولو وهب تمراً على النخيل وخلى بينه وبين الموهوب له لا يصير قابضاً لأنه في معنى المشاع الذي يحتمل القسمة * ولو باع داراً وسلمها غلى المشتري وفيها قليل متاع للبائع لم يكن ذلك تسليماً حتى يسلمها فارغة وإن أودع المتاع عند المشتري وأذن للمشتري بقبض الدار والمتاع جميعاً صح التسليم لأن الكل صار في يد المشتري * ولو باع داراً من رجل ليست بحضرتهما فقال البائع سلمتها إليك وقال المشتري قبلت ذكر في ظاهر الرواية أن التخلية في الدور والعقار لا تكون قبضاً إلا بدنو منهما * وكر في النوادر إذا قال البائع للمشتري سلمتها إليك وقال المشتري قبلت والدار ليست بحضرتهما يصير المشتري قابضاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إن كانت الدار بقرب منهما بحيث يقدر على لدخول والإغلاق يصير قابضاً وغلا فلا وفي ظاهر الرواية اعتبر القرب ولم يذكر فيه خلافاً والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه إذا كان قريباً يتصور فيه القبض الحقيقي في الحال فتقام التخلية مقام القبض أما إذا كان بعيداً لا يتصور القبض الحقيقي في الحال فلا تقام التخلية مقام القبض وكذلك في الهبة والصدقة * ولو باع الدار وسلم المفتاح فقبض المفتاح ولم يذهب غلى الدار يكون قابضاً قيل هذا غذ دفع إليه مفتاح هذا الغلق أما إذا لم يكن ذلك لم يكن تسليماً لأنه لا يقدر على الدخول بهذا المفتاح فلا يكون قبض المفتاح كقبض الدار وإن دفع إليه المفتاح ولم يقل خليت بينك وبين الدار فاقبضه لم يكن ذلك قبضاً * رجل اشترى وقر حطب في مصر وذهب المشتري مع البائع إلى بيت المشتري فاغصب الحطب إنسان فإن ذلك يكون من مال البائع لا من مال المشتري لأن على البائع أن يأتي به غلى منزل المشتري * رجل باع من رجل ساجة ملقاة في طريق والمشتري قائم عليها وخلى البائع بينه وبينها فلم يحركها * رجل اشترى عبداً بألف ولم يقبضه حتى رهنه البائع بمائة دينار أو آجره أو أودعه فمات ينفسخ البيع ولا يكون للمشتري أن يضمن أحداً من(2/127)
هؤلاء لأنه إن ضمنهم رجعوا على البائع * ولو أعاره أو وهبه فمات عند المستعير أو الموهوب له أو أودعه فاستعمله المودع فمات من ذلك المشتري بالخيار إن شاء أمضى البيع وضمن المستعير والودع والموهوب له وإن شاء فسخ البيع لأنه إن ضمن هؤلاء ليس للضامن أن يرجع على <258> البائع * ولو كان البائع باعه من رجل فمات عند المشتري الثاني من عمله أو من غير عمله كان المشتري الأول بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء ضمن المشتري ثم يرجع المشتري الثاني على البائع بالثمن إن كان نقده الثمن وإن لم ينقده لا يرجع بشيء * ولو اشترى عبداً فأمر البائع رجلاً فقتله كان للمشتري أن يضمن القاتل قيمته إلا أن القاتل إذا ضمن لا يرجع على البائع * ولو باع شاة ثم أمر البائع رجلاً فذبحها فإن كان الذابح يعلم بالبيع فللمشتري أن يشمن الذابح ولا يرجع الذابح على الآمر * ولو أن رجلاً له شاة أمر رجلاً أن يذبحها ثم باع الشاة قبل أن يذبح ثم ذبحها المأمور كان للمشتري أن يضمن الذابح ولا يرجع بذلك على الآمر وإن لم يعلم المأمور بالبيع * قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى التخلية بين المبيع والمشتري تكون قبضاً بشرائط ثلاثة أحدها أن يقول البائع خليت بينك وبين المبيع فاقبضه ويقول المشتري قد قبضت * والثاني أن يكون المبيع بحضرة المشتري بحيث يصل إلى أخذه من غير مانع * والثالث أن يكون المبيع مفرزاً غير مشغول بحق الغير فإن كان شاغلاً حق الغي كالحنطة في جوالق البائع وما أشبه ذلك فذلك لا يمنع التخلية واختلف أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في التخلية في دار البائع قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون تخلية وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون تخلية * ومن لك رجل باع خادماً فقال البائع خليت بينك وبين الخادم فاقبضها والخادم في منزل البائع بحضرتهما يصل غلى قبضها فقال المشتري دعها إلى الغد وأبى أن يقبض فهلك الخادم فإنها تموت من مال المشتري عند مُحَمَّد ومن مال البائع في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى غلاماً أو جارية فقال المشتري للغلام تعال معي أو امش معي فتخطى معه فهو قبض ننج ولو قال البائع للمشتري بعد البيع خذا لا يكون قبضاً * ولو قال خذه يكون تخلية إذا كان يصل غلى أخذه * ولو اشترى شيئاً فنقد بعض الثمن ثم قال للبائع تركته رهناً عندك ببقية الثمن أو قال تركته وديعة عندك لا يكون ذلك قبضاً * رجل اشترى شاتين فنطحت إحداهم الأخرى قبل القبض فهلك خير المشتري إن شاء قبض الباقي بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وكذا لو اشترى حماراً وشعيراً فأكل الحمال الشعير قبل القض لأن فعل العجماء جبار فصار كأنها هلكت لآفة سماوية * ولو اشترى عبدين فقتل أحدهما الآخر قبل القبض خير المشتري شاء أخذ الباقي بجميع الثمن وإن شاء بفعل الأول * ولو باع عبداً برغيف بعينه فلم يتقابضا حتى أكل العبد الرغيف يصير البائع مستوفياً الثمن لأن جناية العبد في يد البائع مضمونة على البائع فصار البائع قابضاً الثمن بفعل العبد * ولو باع حماراً بشعير بعينه فلم يتقابضا حتى أكل الحمار الشعير ينفسخ البيع ولا يكون البائع * <259> مستوفياً الثمن لأن فعل الحمار هدر غير مضمون فيصير الشعير هالكا قبل القبض بآفة سماوية فينفسخ البيع * ولو رهن دابة وقفيز شعير عند رجل قأكلت الدابة الشعير لا يصير المرتهن مستوفيا شيئاً من دينه لأن علف الدابة الرهن لا يكون على المرتهن أما علف دابة المبيع قبل القبض يكون على البائع فيصير البائع متلفاً بفعل الدابة * اشترى عبداً ولم يقبضه ثم أن المشتري قال للبائع قبل القبض مرةً ليعمل أي كذا فأمر البائع بذلك فعمل وعطب في العمل فإنه يهلك على المشتري كما لو أمره المشتري ليعمل له كذا فعمل * المشتري إذا أحدث في المبيع عيباً قبل القبض يصير قابضاً وكذا لو أمر البائع بذلك فعمله البائع * إذا اشترى حنطة وأمر البائع بطحنها فطحن فأن الدقيق يكون للمشتري ويصير المشتري قابضاً للمبيع * رجل اشتري خفين أو نعلين أو نعلين أو مصراعي باب فقبض أحدهما فهلك المقبوض عند المشتري والآخر عند البائع كان على المشتري حصة ما هلك عنده وما هلك عند البائع يهلك على البائع ولا يصير المشتري بقبض أحدهما قابضا لهما جميعاً * ولو أحدث المشتري بأحدهما عيباً قبل القبض يصير المشتري قابضاً لهما جميعاً ولو أحدث البائع بأحدهما عيباً بأمر المشتري يصير المشتري قابضاً لهما جميعاً ولو قبض المشتري أحدهما واستهلكه وأحدث به عيباً ثم هلك الآخر عند البائع كان المشتري قابضاً لهما جميعاً ويلزمه جميع الثمن ولو لم يكن هناك بيع فاستهلك أجنبي أحدهما كان للمالك أن يسلم إليه الباقي ويأخذ قيمتهما * رجل اشترى دهناً معيناً ودفع إليه الآنية وأمر البائع يزن فيه فوزن فيه ثم هلك إن كان البائع وزنه بحضرة المشتري فإنه يهلك على المشتري لأن المشتري صار(2/128)
قابضاً يوزن البائع وإن كان ذلك في بيت البائع أو حانوته فإن كان البائع وزن الدهن في غيبة المشتري فهلك يهلك على البائع لأن الواحد لا يصلح أن يكون مسلماً ومتسلماً فإذا كان المشتري حاضراً أمكن جعله قابضاً يوزن البائع بأمر المشتري فلا يصير البائع مسلماً ومتسلماً أما إذا كان المشتري غائباً وإن صح أمر المشتري يوزن الدهن في الآنية لا يمكن جعله قابضاً تقديراً فلا يصير المشتري قابضاً هذا إذا اشترى دهناً بعينه * فإن كان بغير عينه لا يكون المشتري قابضاً سواء كان المشتري حاضراُ أو غائباً لأن الدهن إذا لم يكن معيناً كان أمر المشتري بالوزن مصادفاً ملك البائع فلا يصح ولا يكون وزنه كوزن المشتري هذا كما لو استقرض من آخر حنطة ودفع إليه الجوالق وأمره بأن يكيل فيها فإنه لا يصير قابضاً في الوجهين * ولو اشترى من الدهان عشرة أرطال دهن معين بدرهم ودفع القارورة إليه وأمره بأن يزن فيها الدهن فلما وزن رطلاً منها انكسرت القارورة وسال الدهن وهما لا يعلمان بانكسارها قصب البائع الباقي فيها فما وزن قبل الانكسار يكون على المشتري وما وزن بعد الانكسار فهلاكه يكون على البائع ويضمن البائع للمشتري ما وزن قبل الانكسار بصب الباقي وإن بقي في القارورة شيء مما وزن قبل الانكسار كان ذلك للمشتري هذا إذا دفع إليه قارورة صحيحة فانكسرت وإن كانت منكسرة وهو لا يعلم بذلك ومر الدهان بصب <260> الدهن فيها فصب والبائع أيضاً لا يعلم بالانكسار فذلك كله على المشتري * وإن لم يدفع القارورة إلى الدهان وكانت القارورة في يده وأمر البائع بصب الدهن فيها كان الهلاك في جميع ذلك على المشتري * وذكر قي المنتقى رجل اشترى سمناً ودفع إلى البائع ظرفاًً وأمره بأن يزن فيه وفي الظرف خرق لا يعلم به المشتري والبائع يعلم به فتلف كان التلف على البائع ولا شيء على المشتري وإن كان المشتري يعلم بذلك والبائع لا يعلم أو كانا يعلمان جميعاً يكون المشتري قابضاً وكذا لو قال للبائع أعرني جوالقك هذا وكله لي فيه * ولو قال أعرني جوالقك ولم يقل هذا وكله لي ففعل فليس هذا بقبض من المشتري * وذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان المشتري حاضراً يكون قابضاً وإلا فلا وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون قابضاً في الوجهين إلا أن يأخذ الجوالق ثم يدفعه إلى البائع وأمره بأن يكيل فيه * ولو اشترى دهناً ودفع القارورة غلى الدهان وقال للدهان ابعث القارورة إلى منزلي فبعث فانكسرت في الطريق قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان قال للدهان ابعث على يد غلامي ففعل فانكسرت القارورة في الطريق فإنها تهلك على المشتري ولو قال ابعث على يد غلامك فبعث فهلكت في الطريق فالهلاك يكون على البائع لأن حضرة غلام المشتري تكون كحضرة المشتري وأما غلام البائع بمنزلة البائع * ومن مسائل التخلية رجل له رماك في حظيرة فباع منها واحدة بعينها لرجل وقبض الثمن وقال للمشتري أدخل الحظيرة واقبضها فقد خليت بينك وبينها فدخل ليقبضها فعالجها فانفلتت وخرجت من باب الحظيرة وذهبت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن سلم الرمكة إلى المشتري في موضع يقدر على أخذها بوهق ومعه وهق والرمكة لا تقدر على الخروج من ذلك المكان فهو قبض وإن كانت تقدر على أن تنفلت منه ولا يضبطها البائع فليس بقبض وكذا لو كان المشتري يقدر على أخذها بوهق ولا يقدر بغير وهق وليس معه وهق أو كان يقدر على أخذها إن كان معه أعوان ولا يقدر على أخذها وحده وليس معه أعوان فانفلتت لا يكون ذلك قبضاً وإن كان المشتري يقدر على أخذها بغير حل ولا أعوان فخلى البائع بينه وبينها فانفلتت كان المشتري قابضاً وإن كانت الرمكة في يد البائع فأمسكها بعنانه فاشتراها رجل ونقد الثمن فقال له البائع هاك الرمكة فوضعها في يده فانفلتت من المشتري بعد ما صارت في يده فهي من مال المشتري وإن كانت الرمكة في ي البائع والمشتري جميعاً فقال البائع خليت بينك وبينها ولست أمسكها منعاً ببذلها وإنما أمسكها حتى تضبطها فانفلتت من أيديهما فهو قبض من المشتري وإن كانت الرمكة في يد البائع ولم تصل إلى يد المشتري فقال البائع خليت بينك وبينها فاقبضها فإني أمسكها لك فانفلتت من يد البائع قبل قبض المشتري إلا أن المشتري كان يقدر على <261> أخذها من يد البائع وضبطها فليس هذا بقبض من المشتري * ولو اشترى فرساً أو دابة والبائع راكبها فقال له المشتري احملني معك فحمله فعطبت الدابة هلكت من مال المشتري * ولو كانت الرماك كثيرة في حظيرة عليها باب مغلق لا تقدر الرماك على الخروج فباعها من رجل وخلى بينه وبين الرماك ففتح المشتري الباب فغلبت الرماك وخرجت الرماك ينظران كان المشتري لو دخل الحظيرة يقدر على أخذها يكون قابضاً وإلا فلا * وإن اشترى طيراً يطير في بيت عظيم إلا أنه لا يقدر على الخروج إلا بفتح الباب والمشتري لا يقدر على أخذه لطيرانه وخلى(2/129)
البائع بينه وبين البيت ففتح المشتري الباب فخرج الطير ذكر الناطفي أنه يكون قابضا؟ً للطير ولو فتح الباب غير المشتري أو فتحه الريح لا يكنون المشتري قابضاً وإن كان الطير لا يقدر على الخروج إلا بفتح الباب * رجل باع خلا في دن في بيته وخلى بينه وبين المشتري فختم المشتري على الدن وتركه في بيت البائع فهلك بعد ذلك فإنه يهلك من مال المشتري في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى * ولو اشترى ثوباً وأمره البائع بقبضه فلم يقبضه حتى غصبه إنسان فإن كان حين أمره البائع بالقبض أمكنه أن يمدّ يده ويقبض من غير قيام صح التسليم وإلا فلا * رجل باع فصاً في خاتم بدينار ودفع الخاتم إلى المشتري وأمره أن ينزع الفص فهلك الخاتم عند المشتري إن كان المشتري يقدر على نزعه من غير ضرر كان على المشتري ثمن الفص لا غير لأن المشتري كان أميناً في الخاتم فإذا كان يقدر على نزع الفص من غير ضرر صح التسليم وإن كان لا يقدر على نزع الفص من غير ضرر صح التسليم وإن كان لا يقدر على نزع الفص إلا بضرر لا شيء على المشتري لأن تسليم المبيع لم يصح وإن لم يهلك الخاتم خير المشتري إن شاء تربص حتى ينزعه البائع وإن شاء نقض البيع * ولو اشترى صوفاً في فراش وأبى البائع أن يفتقه فإن لم يكن في فتقه ضرر يجبر البائع على أن يفتق مقدار ما ينظر المشتري في الصوف فإن رضيه يجبر على فتق الكل وإن كان في فتقه فإن لم يكن في فتقه ضرر يجبر البائع على أن يفتق مقدار مقدار ما ينظر المشتري في الصوف فإن رضيه يجبر على فتق الكل وإن كان في فتقه ضرر لا يجبر البائع على الفتق لأنه لا يجبر على تحمل الضرر * رجل باع حباباً في بيت لا يمكن إخراجها غلا بقلع الباب فإن البائع يجبر على تسليمه خارج البيت فإن كان لا يقدر على تسليمه إلا بضرر كان له أن ينقض البيع * رجل اشترى بقرة وقال للبائع سقها إلى منزلك حتى أجيء خلفك غلى منزلك وأسوقها غلى منزلي فماتت البقرة في بيت البائع فإنها تهلك على البائع * فإن ادعى البائع تسليم البقرة كان القول قول المشتري مع يمينه * رجل دفع غلى قصاب درهماً وقال أعطني بهذا الدرهم لحماً وزنه وضعه في هذا الزنبيل في حانوتك حتى أجيئك بعد ساعة ففعل القصاب ذلك فأكلته الهرة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يبين موضع اللحم كان الهلاك على القصاب وإن بين فقال من الجنب أو من الذراع أو غير ذلك يكون الهلاك على المشتري وهو نظير ما ذكرنا عن القدوري * رجل اشترى حنطة <262>بعينها ودفع الغرارة إلى البائع وقال ضع كلها فيها ففعل صار المشتري قابضاً ولو كانت الحنطة بغير عينها بأن كان سلماً أو ثمناً ودفع الغرارة إلى المسلم إليه وأمره بكيلها فيها لا يصير قابضاً إلا أن يكن رب السلم حاضراً قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو اشترى ذراعاً من ثوب ولم يبين الجانب فقطعه البائع ولم يرض به المشتري لا يلزم المشتري * ولو بين الجانب فقال من هذا الجانب فقلعه البائع لزم المشتري ولا يكون للمشتري أن يرد * رجل اشترى عبداً فقتله إنسان عمداً قبل القبض قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خير المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اختار إمضاء البيع كان القصاص له وإن نقض البيع كان القصاص للبائع وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اختار إمضاء البيع كان القصاص للمشتري وإن اختار نقض البيع فلا قصاص وتكون القيمة للبائع وَمُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى استحسن فقال تجب القيمة في الحالين ولا يجب القصاص وهو بمنزلة ما لو كان القتل خطأ وذكر المسألة في النوادر على هذا الوجه كما قال الشيخ الإمام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى عبداً ولم يقبضه فأمر البائع أن يهبه من فلان ففعل البائع ذلك ودفعه إلى الموهوب له جازت الهبة ويصير المشتري قابضاً وكذا لو أمر البائع أن يؤاجره من فلان فعين أو لم يعين ففعل جاز وصار المستأجر قابضاً للمشتري أولاً ثم يصير قابضاً لنفسه والأجر الذي يأخذه البائع من المستأجر يحسب من الثمن إن كان من جنسه وكذا لو أعار البائع العبد من رجل قبل التسليم إلى المشتري أو وهب أو رهن فأجاز المشتري ذلك جاز ويصير قابضاً ولو أن المشتري أعار العبد المشترى قبل القبض أو وهبه أو تصدق به على رجل أو رهنه عند إنسان وقبضه المرتهن جاز ولو باع أو أجر قبل البقض لا يجوز قال مُحَمَّد كل تصرف يجوز من غير قبض إذا فعله المشتري قبل القبض لا يجوز وكل ما لا يجوز إلا بالقبض كالهبة والرهن ونحوهما إذا فعله المشتري قبل القبض جاز لأن المشتري بالرهن والهبة يصير مسلطاً للمرتهن والموهوب له على لقبض فيصير المشتري قابضاً بقبضه * رجل اشترى ثوباً ولم يقبضه ولم ينقد الثمن فقال للبائع لا تمسك عليه ادفعه إلى فلان فيكون عنده حتى أدفع إليك الثمن فدفعه البائع إلى فلان فهلك(2/130)
عنده كان الهلاك على البائع لأن المدفوع إليه يمسكه بالثمن لأجل البائعه فتكون يده كيد البائع * رجل اشترى جارية ولم يقبضا فقال للبائع بعها أوطئها فباعها أو وطئها أو كان طعاماً فقال كله ففعل فإن ذلك يكون فسخاً للبيع وما لم يفعل الباع ذلك لا يكون فسخاً أما الأكل والوطء فإن البائع لا يصلح نائباً عن المشتري في ذلك فيجعل مجازاً عن الفسخ حتى يكون واطئاً وآكلاً مال نفسه * وأما البيع فهو على وجوه ثلاثة إن قال بعه لنفسك فباعه يكون فسخاً ولو قال بعه لي لا يجوز البيع ولا يكون فسخاً ولو قال بعه أو بعه ممن شئت فباعه كان فسخاً ويجوز البيع الثاني للمأمور في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون فسخاً وهو كقوله بعه لي <263> * ولو اشترى ثوباً أو حنطة فقال للبائع بعه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان ذلك قبل القبض المشتري وقبل الرؤية يكون فسخاً وإن لم يقل البائع نعم لأن المشتري ينفرد بألفسخ في خيار الرؤية وإن قال بعه لي أو كن وكيلي في الفسخ فما لم يقبل البائع ولم يقل نعم لا يكون فسخاً وإن كان ذلك بعد القبض والرؤية لا يكون فسخاً ويكون توكيلاً بالبيع سواء قال بعه أو قال بعه لي * باع المبيع من البائع قبل القبض لا يجوز البيع الثاني ولا ينفسخ الأول * ولو وهب من البائع لا تجوز الهبة وينفسخ البيع إذا قبل * ولو اشترى عبداً وقبضه ثم تقايلا البيع ولم يتقابضا حتى اشتراه من البائع جاز شراؤه * ولو باعه البائع بعد الإقالة من غير المشتري لا يجوز بيعه * اشترى داراً أو عقاراً فرهنها قبل القبض من غير البائع يجوز عند الكل ولو باع يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أجرها قبل القبض من البائع أو غيره لا يجوز عند الكل وكذا لو اشترى أرضاً فيها زرع زرعها والزرع بقل فدفعها إلى البائع معاملة بالنصف قبل القبض لا يجوز لأنه آجر الأرض فإن دفع الأرض معاملة يكون استئجاراً للعامل ولا يكو إجارة للأرض وإنما لا يجوز لأنه باع نصف الزرع قبل القبض * رجل اشترى فحماً في بيت البائع في جوالقه فوضع المشتري يده عليها وقال قبضت ثم باعه من غيره قبل الإخراج قالوا يجوز بيعه لأنه باع بعد القبض وهذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وتأويله إذا كان البائع خلى بينه وبين الفحم * رجل اشترى دابة مريضة في إصطبل البائع فقال المشتري تكون ههنا الليلة فإن ماتت ماتت لي فهلكت هلكت من مال البائع لا من مال المشتري * رجل باع مكيلاً في بيت مكايلة أو موزوناً موازنة وقال للمشتري خليت بينك وبينه ودفع إليه المفتاح ولم يكله ولم يزنه صار المشتري قابضاً ولو أنه دفع المفتاح غلى المشتري ولم يقل خليت بينك وبينه فاقبضه لا يكون قابضاً * باع مكيلاً مكايلة أو موزوناً موازنة أو معدوداً أو مذروعاً كان أجر الكيال والوزان والذراع والعداد على البائع لأن ذلك من باب التسليم ولهذا صار المشتري قابضاً بكيل البائع عند حضرته * ولو اشترى الثمار على رؤوس الأشجار كان أجرة الجذاذ على لمشتري لأنه ثم يتحقق التسليم بالتخلية * ووزن الثمن يكون على المشتري وكذلك أجرة الناقد في ظاهر الرواية وقال بعضهم إن قال المشتري دراهمي منتقدة كان أجرة الناقد على البائع وإن قال غير منتقد فأجرة الناقد تكون على المشتري والصحيح أنها تكون على المشتري على كل حال * ولو اشترى حنطة أو ثياباً في جراب كان فتح الجراب على البائع وإخراج الثياب على المشتري وقيل كما يجب الكيل على البائع فالصب في وعاء المشتري يكون عليه أيضاً وكذا لو اشترى ماء من سقاء في قربة كان صب الماء على السقاء والمعتبر في هذا العرف * ولو اشترى حنطة في سنبلها جاز وكانت التذرية والكدس والتخليص على البائع * ولو اشترى عنباً جزافاً كان القطف على المشتري وكذا <264> ولو اشترى شيئاً مغيباً في الأرض كالثوم والجزر والبصل ونحو ذلك كلما اشتراه جزافاً فإخراج ذلك يكون على المشتري * ولو اشترى كيلياً مكايلة أو موزوناً موازنة فكان البائع بحضرة المشتري قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكفيه كيل البائع ويجوز له أن يتصرف فيه قبل أن يكيله * وقوله عليه الصلاة والسلام حتى يجري فيه صاعان محمول على ما إذا كانت الحنطة سلماً أو ثمناً على رجل فاشترى المديون كراً من رجل آخر وأمر صاحب الدين بقبض الكر من غريمه فإن صاحب الدين يحتاج إلى الكيل مرتين مرة لبائعه ومرة لنفسه * ولو كان هذا في الذرعيات إذا باع مذارعة فلم يذرع البائع وقبض المشتري بغير ذرع جاز له أن يتصرف فيه من غير ذرع وفي العدديات روايتان في رواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو والذرعى سواء وفي رواية هو والكيلي والوزني سواء * ولو اشترى حنطة على أنها(2/131)
كر فقال له البائع هي كر كلتها الآن لفلان فلم يأخذها فخذها بعشرة فأخذها على ذلك قالوا لا يجوز له أن يتصرف فيه حتى يكيل مرة أخرى وكذلك الموزون فإن لم يكله حتى باع من غيره بعد القبض أو طحنها وأكل الخبز قالوا لا يطيب له لنهي النبي عليه الصلاة والسلام وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى النهي محمول على ما إذا لم يكن المشتري حاضراً وقت كيل البائع فإن كان حاضراً ورأى رأى العين لا يحتاج إلى الكيل بعد ذلك قال وكذلك الجواب في القصاب والخيار إذا قال وزنت الآن لفلان إن لم يكن المشتري حاضراً يحتاج إلى الوزن مرة أخرى وإن كان حاضراً حين وزن البائع كفه ذك * في الذرعات إذا اشترى ثوبا قال له البائع هو عشرة أذرع ذرعته الآن وصدقه المشتري في ذلك كفاه في العدديات هو على الروايتين {فصل في المقبوض على سوم الشراء} * رجل ساوم رجلاً بقدح وقال لصاحب القدح ارم إلي فدفعه إليه فوقع من يده على الأقداح فانكسرت لا يضمن القابض القدح المدفوع إليه لأنه قبضه على سوم الشراء من غير بيان الثمن فلا يضمن وعليه ضمان الأقداح التي انكسرت بفعله * رجل جاء إلى زجاج فقال ادفع إلي هذه القارورة فقال الزجاج بكذا فقال آخذها فأراها فقال الزجاج نعم فرفعها فوقعت من يده وانكسرت كان عليه قيمتها ولو وقعت على أقداح أخرى فانكسرت الأقداح كان عليه ضمان تلك الأقداح بين الثمن أو لم يبين هذا إذا أخذها بإذن صاحبها فإن أخذها بغير إذنه كان ضامناً بين الثمن أو لم يبين * رجل اشترى خلاً فنظر في دن الخل فوقعت قطرة دم من أنفه <265> في الدن ينجس ولا ضان عليه إن نظر بإذن الخلال وإن نظر بغير إذنه كان ضامناً * اشترى فقاعاً أو شراباً وأخذ القدح أو الكوز من الفقاعي فوقع من يده فانكسر لا يضمهن لأنه أعار منه الكوز * رجل أخذ من البزاز ثوباً فقال أذهب به فإن رضيته اشتريته فضاع من يده لا يضمن ولو قال إن رضيته اشتريته بعشرة كان ضامناً * الوكيل بالشراء إذا أخذ السلعة على سوم الشراء بعد بيان الثمن فأراها الموكل فلم يرض بها الموكل فردها على الوكيل فهلكت عند الوكيل كان على الوكيل قيمتها لأنه أخذها على سوم الشراء وبين الثمن ثم يرجع الوكيل بما ضمن على موكله إن كان أمره الموكل بالأخذ على سوم الشراء وإن لم يكن أمره بذلك لا يرجع لأن الأمر بالشراء لا يكون أمراً بالأخذ على سوم الشراء * رجل يبيع سلعة فقال لغيره انظر فيها فأخذها لينظر فيها فهلكت في يده لا يضمن وإن قال الناظر بعد ما نظر بكم تبيع قالوا يكون ضامناً والصحيح أنه لا يضمن غلا إذا قال صاحب السلعة بكذا * رجل قال لغيره هذا الثوب لك بعشرة وقال هات حتى أنظر فيه أو قال حتى أريه غيري فأخذه على هذا فضاع في يده ذكر في المنتقى أنه لا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * ولو قال هات فإن رضيت أخذته فضاع كان عليه الثمن * رجل أخذ متاعاً ليذهب به إلى منزله فإن رضي اشتراه وإن لم يرض رده عليه فهلك في يده قال أبو الليث الكبير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن لأنه أخذه على وجه الأمانة لا على وجه المساومة * وإن اشترى متاعاً على أنه بالخيار إلى أن يذهب به إلى منزله فهلك في يده كان عليه القيمة لأنه لم يوقت للخيار وقتاً فيفسد البيع إلا أنه إن هلك في ثلاثة أيام كان عليه الثمن وإن هلك بعدها كان عليه القيمة * رجل دفع السلعة إلى منادٍ لينادي عليها فطولب منه بدراهم معلومة فوضعه عند الذي طلبه وقال ضاعت مني أو وقعت مني كان عليه قيمته لأنه أخذه على وجه السوم بعد بيان الثمن قالوا ولا شيء على المنادي وهذا إذا كان مأذوناً بالدفع إلى من يريد شراءه قبل البيع فإن لم يكن مأذوناً بذلك كان ضامناً والله أعلم {فصل في قبض الثمن} * رجل باع متاعاً بألف درهم فوزن له المشتري ألفاً ومائتي درهم ودفعها إليه فضاعت عند كان البائع مستوفياً حقه بالألف والزيادة أمانة في يده ولا يلزمه شيء بهلاكها وإن ضاع نصفها كان الباقي بين البائع والمشتري على ستة لأن المال المقبوض كان مشتركاً بينهما على ستة خمسة أسداسه للبائع والسدس للمشتري فما هلك يهلك على الشركة وما بقي يبقى على لشركة ولو أن البائع عزل منها مائتي درهم ليردها فضاع المائتان عنده وبقي الألف كان الألف بينهما على ستة ولو جعل الألف في كمه ودفع المائتين إلى غلامه ليردها فسرق المائتان وسرق الألف من يده لا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء * رجل اشترى جارية بألف درهم ودفع إلى البائع كيساً على ظن أن فيه ألف درهم فذهب به البائع إلى منزله فإذا <266> فيه دنانير فحملها ليردها إلى المشتري فهلكت في الطريق لا يضمن البائع شيئاً لأنه قبض بإذن المشتري ما ليس من جنس حقه فكان أميناً * ولو أن المشتري دفع إلى البائع دراهم صحاحاً فكسرها البائع فوجدها نبهرجة كان له أن يردها على المشتري ولا يضمن بالكسر لأن الصحاح والمكسرة فيه سواء *(2/132)
الدراهم أنواع جياد وزيوف ونبهرجة وستوقة * واختلفوا في تفسر هذه الدراهم قال بعضهم النبهرجة هي التي تضرب في غير دار السلطان والزيوف هي الدراهم المغشوشة والستوقة هي صفر مموه بألفض وقال عامة المشايخ الجياد فضة خالصة تروج في التجارات وتؤخذ في بيت المال والزيوف مازيفه بيت المال ويأخذها التجار في التجارات ولا بأس بالشراء بها لكن يبين للبائع أنها زيوف والنبهرج ما يبرهجه التجار ولا يروج في التجارات ولها حكم الدراهم في الشرع حتى لو تجوز بها في السلم والصرف يجوز * والستوقة فارسي معرب سه تاقه وهو أن يكون الطاق الأعلى فضة والأسفل كذلك وبينهما صفر ليس لها حكم الدراهم في الشرع حتى لو تجوز بها في الصرف والسلم لا يجوز وإنما لا يضمن كاسر النبهرجة لأنه لا قيمة لهذه الصنعة فيدها على المشتري بغير شيء وكذا لو دفع النبهرجة إلى إنسان لينظر فيه فكسره لا يضمن * ولو باع شيئاً بدراهم جياد وقبض الدراهم وأراها رجلاً فانتقدها فوجد فيها قليل نبهرجة واستبدل النبهرجة ثم أراد البائع صرف الكل في حاجته فلم يأخذها أحد وقالوا كلها نبهرجة قالوا إن كان البائع أقر بقبض الجياد أو أقر بقبض حقه أو باستيفاء الثمن لا يرد شيئاً ولا تسمع دعواه أهنها نبهرجة إلا إذا صدقه المشتري أنها نبهرجة فيدها عليه وإن لم يكن البائع أقر بما قلنا ثم ادعى أنها نبهرجة سمع دعواه فكان له أن يرد * ولو اشترى شيئاً بدراهم نقد البلد ولم يقبض حتى تغيرت فإن كانت لا تروج في التجارات فسد البيع وهو بمنزلة ما لوز اشترى شيئاً بألفلوس الرائجة فكسدت قبل القبض وقد مر قبل ذلك وإن كانت الدراهم بعد التغير تروج في التجارات إلا أنه انتقصت قيمتها لا يفسد البيع ولم يكن له إلا ذلك وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يفسخ البيع في نقصان القيمة أيضاً * وإن انقطعت تلك الدراهم اليوم كان عليه قيمة تلك الدراهم قبل الانقطاع عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى * وكذا لو اشترى بألفلوس شيئاً فكسدت فسد البيع عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن غلت أو رخصت لا يفسد * ولو باع عرضاً بالدراهم وسلم العرض ولم يقبض الدراهم حتى صارت لا تنفق ولا تروج في التجارات فإن كانت لا تنفق في هذه البلدة وتنفق في غيرها على قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون ذل كساد لكن يثبت الخيار للبائع إن شاء أخذ تلك الدراهم وإن شاء أخذ قيمتها في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كانت لا تنفق في هذه البلدة ولا في غيرها من البلدان كان ذلك كساداً عند الكل يفسد العقد عند أَبِي حَنِيفَةَ <267> رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعندهما يثبت الخيار ولا يفسد العقد * رجل اشترى شيئاً بدوانق فلس ولم يذكر العدد في القياس لا يجوز البيع ويجوز استحساناً وعليه الفتوى * ولو اشترى بدرهم فلس في القياس لا يجوز وفي الاستحسان يجوز يؤخذ بالقياس ههنا وقيل فيه خلاف بين أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى القياس قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والاستحسان قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأخذوا بقول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في درهم فلس أنه لا يجوز * ولو اشترى شيئاً بدانق أو بدانقين ولم يذكر شيئاً لا الدراهم ولا الفلوس قالوا يصرف ذلك إلى الدانق من الفلوس وهذا إذا كان المشتري شيئاً خسيساً يشتري بدوانق فلس وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى داراً بعشرة ولم يزد على ذلك فهو عشرة دنانير وإن اشترى ثوباً بعشرة فهي عشرة دراهم وإن اشترى بطيخاً بعشرة فهي عشرة أفلس المعتبر في هذا عرف الناس من يباع بالدناينر كانت العشرة من الدنانير وما يباع بالدراهم كانت العشرة من الدراهم * رجل اشترى ألف درهم بمائة دينار ولم يسلم كل واحد منهما شيئاً فلكل واحد منهما نقد الناس في البلد إن كانا بالكوفة فهي على دنانير الكوفة لأن الدنانير تختلف باختلاف البلاد من حيث العيار * وأهل الشروط ذكروا في شروطهم في الدراهم وزن سبعة وأرادوا بذلك أن يكون وزن عشرة دراهم سبعة مثاقيل وأصل ذلك أن الدراهم كانت مختلفة في عهد عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُ بعضها خفاف يزن الواحد منها عشرة قراريط وبعضها ثقال يزن الواحد منها عشرين قيراطاً وبعضها بين الخفاف والثقال يزن الواحد منها اثني عشر قيراطاً وبسبب ذلك تقع الخصومة بين الناس في تجاراتهم فشاور عمر الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنهُم في ذلك فاتفقوا على أن يؤخذ من كل نوع ثلاثة فأخذوا ثلث العشرة وثلث العشرين وثلث اثني عشر فبلغ ذلك أربعة عشر قيراطاً فضربوا درهما وزنه أربعة عشرة قيراطاً ووزن الدينار عشرون قيراطاً وكان وزن الدينار عشرون قيراطاً وكان وزن عشرة دراهم سبعة مثاقيل * رجل قال لغيره بعت منك هذا الثوب بعشرة دراهم صحاح ومكسرة جاز ويكون النصف من هذا والنصف من ذاك * ولو باعه بعشرة دراهم بعضها ن الصحاح(2/133)
وبعضها من المكسرة فسد البيع * باع عبداً بثوب موصوف في الذمة إن ذكر للثوب أجلاً جاز وإن لم يذكر له أجلاً لا يجوز لأن الثوب لا يجب في الذمة بعقد المعاوضة إلا سلماً والسلم لا بذله من الأجل فإن ذكر للثوب أجلا فافترقا قبل قبض العبد لا يفسد العقد وهذا العقد يعتبر بيعاً في حق العبد سلماً في الثوب ويجوز أن يكون للعقد الواحد حكم عقدين كالهبة بشرط العوض وتعليق العتق بأداء المال * رجل باع ثوباً ثم لقيه المشتري فقال إنك قد أغليت علي وبعتني بأكثر مما يساوي وقد كان باعه بعشرين فقال البائع قد بعتك بعشرة لا بعشرين فهو جائز وهو حط وكذا لو قال البائع للمشتري قد أرخصت عليك وبعتك بنصف الثمن فقال المشتري اشتريته بعشرين جاز ويكون زيادة في الثمن * ولو لقيه البائع فقال بعد ما قبل المشتري بعتك ثانية <268> بعشرة فقبل المشتري اشتريت منك ثانية بعشرين وتراضيا على ذلك ينتقض البيع الأول وينعقد الثاني ولا يشبه هذا إذا ذكر الغلاء والرخص فإن ذلك زيادة وحط * رجل اشترى شيئاً بألف درهم فقال المشتري بعد البيع نويت في قلبي نقد كذا وقال بالبائع نويت نقد كذا لا جود من ذلك فهو باطل وله نقد البلد فإن كان نقدهم مختلفاً كان ذلك على الغالب وإن استويا فسد البيع {فصل في الأجل} * رجل اشترى متاعاً بألف درهم إلى عشرة أشهر على أن يعطيه الثمن أي نقد كان يومئذ كان البيع فاسداً *رجل باع شيئاً بألف درهم على أن يعطيه على التفاريق إن كان ذلك شرطاً في البيع لا يجوز البيع وإن لم يكن ذلك شرطاً في البيع وإنما ذكر ذلك بعد البيع كان للبائع أن يأخذه بالثمن جملة * رجل باع عبداً بألف على أن ينقده كل أسبوع بعض الثمن حتى ينقده خمسمائة عند مضي الشهر كان فاسداً * رجل اشترى من القصاب كل يوم لحماً بدرهم وكان القصاب يقطع له اللحم ويضعه في الميزان ويزن والمشتري يظن أنه منّ لأن اللحم يباع في البلد مناً بدرهم فوزن المشتري اللحم يوماً فوجده ثلاثين أستاراً وصدقه القصاب في ذلك قالوا إن كان المشتري من أهل البلد يرجع على القصاب بحصة النقصان من الثمن ولا يرجع بحصة النقصان من اللحم لأن الباع أخذ حصة النقصان من الثمن بغير عوض فيرجع عليه بذلك وإن كان المشتري من غير أهل البلد أو كان القصاب ينكر أنه دفع إليه على أنه منّ فإن المشتري لا يرجع على القصاب بشيء لأن سعر البلد لا يظهر في حق الغرباء * بلدة اصطلح أهلها على سعر اللحم والخبز وشاع ذلك فجاء رجل غريب إلى الخباز فقال أعطني خبزاً بدرهم أو جاء إلى قصاب وقال أعطني لحماً بدرهم فأعطاه أقل مما يباع في البلد والمشتري لا يعلم بذلك ثم علم قالوا يرجع في الخبز بحصة النقصان من الثمن لأن البيع وقع على الوزن الذي شاع في البلد فإذا أوجده أقل يرجع بالنقصان لأن في قدر النقصان باع خبزاً غير معين ولم يوجد التعاطي وفي اللحم لا يرجع بشيء لأن سعر اللحم لا يشيع كما يشيع سعر الخبز فلا يظهر في حق الغرباء * رجل اشترى شيئاً بثمن إلى النيروز ذكر في الأصل أنه لا يجوز قالوا هذا إذا لم يعلم البائع والمشتري بما بقي غلى النيروز فإن علما جاز * اشترى شيئاً بثمن إلى سنة كان على البائع تسليم المبيع في الحال فإن لم يسلم حتى مضت السنة قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعتبر الأجل من وقت التسليم وكذا لو كان في البيع خيار يعتبر الأجل من وقت سقوط الخيار عنده وأجمعوا على أنه لا يكون للبائع أن يحبس المبيع لاستيفاء الثمن بعد السنة من وقت البيع * ولو باع شيئاً بثمن غلى رمضان ولم يسلم حتى جاء رمضان لا يبقى الأجل ويجب الثمن على المشتري في قولهم * رجل عليه ألف درهم من ثمن بيع طالبه الطالب فقال ليس عندي شيء فقال الطالب اذهب وأعطني كل شهر عشرة لم يكن ذلك تأجيلاً وكان له <269> يأخذه بجميع الثمن في الحال * رجل قال لغيره بعت منك هذا الثوب بعشرة على أن تعطيني كل يوم درهماً وكل يومين درهمين فإنه يعطي العشرة في ستة أيام درهماً في اليوم الأوّل وثلاثة في اليوم الثاني ودرهماً في اليوم الثالث وثلاثة في اليوم الرابع ودرهماً في اليوم الخامس ودرهماً في اليوم السادس * أما في الأوّل يعطيه درهماً فظاهر وفي الثاني يعطيه ثلاثة لأنه جعل اليوم أجلاً للدرهم الواحد بكلمة توجب التكرار فكلما جاء يوم يلزمه درهم فيلزمه درهم في اليوم الثاني بمجيء اليوم الثاني ودرهمان بمضي يومين ودرهم في اليوم الثالث بحلول نجم آخر ولم يحل للدرهمين أجل آخر وفي اليوم الرابع يلزمه ثلاثة دراهم بمجيء اليوم الرابع ودرهما بمجيء أجل آخر للدرهمين وفي اليوم الخامس يلزمه درهم بمجيء اليوم الخامس ولم يحل للدرهمين أجل آخر بقي من العشرة درهم واحد يعطيه في اليوم السادس * من عليه الدين المؤجل إذا قال برئت من الأجل أو قال لا حاجة لي في الأجل لهذا الدين لم يكن ذلك إبطالاً للأجل ولو قال أبطلت الأجل أو قال تركت الأجل يصير الدين حالاً وكذا لو قال جعلت هذا الدين(2/134)
المؤجل حالاً يصير حالاً على هذا قالوا لو قال صاحب الدين لمديونه تركت ديني عليك أو قال بألفارسية حق خويش تبودادم يكون إبراء * من عليه الدين المؤجل إذا قضى الدين قبل حلول الأجل فاستحق المقبوض على القابض أو وجد المقبوض زيوفاً فرده كان الدين عليه إلى أجله * ولو اشترى صاحب الدين المؤجل من مديونه بالدين المؤجل شيئاً وقبضه ثم تقايلا البيع لا يعود الأجل * ولو وجد صاحب الدين المؤجل بالمشتري عيباً فرده بقضاء عاد الأجل * ولو كان بهذا الدين المؤجل كفيل لا تعود الكفالة في الوجهين * صاحب الدين إذا وهب الدين من مديونه وبالدين كفيل فرد المديون الهبة عاد الدين على المديون ولا تعود الكفالة * ولو أبرأ المكفول عن الدين فرد الأبراء بطل الأبراء في حق الأصيل واختلف المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى في براءة الكفيل التأخير ولو أخر الدين عن الأصيل فرد التأخير بطل * في حق الأصيل والكفيل جميعاً {ويتصل بمسائل الثمن مسائل المرابحة} رجل اشترى دنانير بدراهم ثم باع الدنانير مرابحة لا يجوز لأن الدنانير لا تتعين في البيع فم يكن المقبوض بعقد الصرف مبيعاً في البيع الأول * ولو اشترى متاعاً بألف درهم ببخارا ثم باعه بسمرقند بربح مائة درهم كان رأس ماله نقد بخارى والربح نقد سمرقند لأن رأس المال يصير مذكراً في عقد المرابحة فينصرف البيع إلى ذلك أما الربح مائة مطلقة فينصرف غلى نقد البلد الذي باع فيه مرابحة وإن باعه بسمرقند بربح د5يازده كان رأس المال والربح من نقد بخارا لأنه جعل الربح الجزء الحادي عشر فكان الكل من نقد واحد * ولو اشترى ثوباً بدراهم جياد ونقد الزيوف مكان الجياد ثم باعه مرابحة كان رأس ماله الجياد لأن البيع الأول كان بالجياد <270> * رجل غصب عبداً فأبق من يده فقضى القاضي عليه بقيمة العبد ثم عاد العبد من الأباق كان للغاصب أن يبيعه مرابحة على القيمة التي غرم لأنه ملك العبد بتلك القيمة لكن لا يقول اشتريته بكذا وإنما يقول قام عليّ بكذا وإن اشترى عبداً بخمر وقبضه فابق من يده وقضى القاضي عليه للبائع بقيمة العبد بحكم فساد البيع يكون له أن يبيعه مرابحة على قيمته ويقول قام علي بكذا * ولو اشترى دابة أو عبداً وقبضه وآجره وأخذ الأجرة ثم باعه مرابحة على الثمن الذي اشتراه جاز وإن لم يبين أنه آجره واخذ الأجرة لأن الأجرة بدل عن المنفعة لا عن شيء من الذات الذي اشتراه وقد باع جميع ما اشتراه * رجل اشترى دحاجة وقبضها فباضت عنده عشرين بيضة أو أكثر وباع البيض بدرهم ثم أراد أن يبيع الدجاجة مرابحة على الثمن الذي اشتراها قالوا إن كان أنفق على الدجاجة بمقدار الثمن الذي باع به البيع جاز ويجعل ثمن البيض عوضاً عما أنفق وإن لم ينفق لا يجوز لأن البيض من أجزاء الدجاجة بخلاف الأجر {فصل في الإقالة والاستحقاق} * رجل باع أمة فأنكر المشتري الشراء لا يحل للبائع أن يطأ الجارية ما لم يعزم على ترك الخصومة لأن البيع لا ينفسخ بجحود المشتري فإن عزم البائع على ترك الخصومة جاز له أن يطأها لأن جحود المشتري فسخ في حقه وإذا عزم البائع على ترك الخصوم ثم انفسخ بتراضيهما حل له الوطء وكذا لو باع جارية ثم أنكر البيع والمشتري يدعي لا يحل للبائع أن يطأها فإن ترك المشتري الدعوى وسمع البائع أنه ترك الخصومة حل له الوطء وهذا كما لو اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض الجارية ثم إن المشتري رد على البائع في أيام الخيار جارية أخرى وقال هي التي اشتريتها وقبضها كان القول قوله لأنه أنكر قبض غيرها فإن رضي البائع بها حل للبائع أن يطأها لأن المشتري لما رد غير ما اشترى فقد رضي بتملك البائع الثانية بالأولى فإذا رضي البائع بذلك تم البيع بينهما بالتعاطي وكذا القصار إذا رد على صاحب الثوب ثوباً له غير ثوبه ورضي به صاحب الثوب وكذا الإسكاف وغيرهما * رجل باع شيئاً ثم قال للمشتري أقلني البيع فقال قد أقلتك لم يكن ذلك إقالة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في ظاهر الرواية حتى يقول البائع بعد ذلك قبلت وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه تتم الإقالة بقول المشتري قد أقلتك بعد ما قال له البائع أقلني * باع من آخذ ثوباً فقال له المشتري قد أقلتك البيع في هذا الثوب فاقطعه قميصاً فقطع البائع قميصاً قبل أن يتفرقا ولم يتكلم بشيء كانت إقالة * رجل اشترى وقر حنطة بدراهم معلومة وقبض الحنطة وسلم بعض الثمن فجاء البائع بعد ذلك يطب منه الباقي فقال له المشتري قام عليّ بثمن غال فرد البائع ما قبض منه ولم يقل شيئاً وأخذ المشتري قالوا لا ينتقض البيع بينهما مال لم يرد المشتري المبيع على البائع * رجل اشترى حماراً وقبضه ثم جاء بعد أيام ورده على البائع فلم يقبل البائع رده وقال لا أقبل ثم استعمله <271>بعد ذلك أياماً ثم أراد أن يرده على المشتري ولا يرد الثمن كان له ذلك لأنه لما قال لا أقبل بطل رد المشتري وإقالته فلا ينفسخ(2/135)
البيع بينهما باستعمال البائع بعد ذلك لأن الاستعمال وإن كان دليلاً على الرضا غلا أنه دون الصريح فلا يبطل به صريح الرد * رجل اشترى من رجل صابوناً رطباً وقبضه فجف عند وانتقص وزنه بالجفاف ثم إنهما تفاسخا البيع صح الفسخ ولا يجل على المشتري شيء من الثمن لأجل النقصان لأنه ما فات شيء من أجزاء المبيع * رجل اشترى لحماً أو سمكاً أو شيئاً يتسارع إليه الفساد فذهب المشتري إلى بيته ليجيء بالثمن فطال مكثه وخاف البائع أن يفسد كان للبائع أن يبيعه من غيره استحساناً وللمشتري الثاني أن يشتري من البائع وإن كان يعلم بذلك لأن البائع رضي بانفساخ البيع الأول والمشتري الأول كذلك ظاهراً ثم ينظر إن كان الثمن الثاني أكثر من الثمن الأوّل كان عليه أن يتصدق بالزيادة وإن كان أنقص فالنقصان يكون من مال البائع ولا يكون على المشتري الأول * رجل اشترى عبداً ثم ادعى أنه باعه من البائع بأقل مما اشتراه قبل نقد الثمن وفسد البيع وادعى البائع أنه أقاله البيع كان القول قول المشتري في إنكار الإقالة مع يمينه * ولو كان البائع يدعي أنه اشتراه من المشتري بأقل مما باعه والمشتري يدعي الإقالة يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه * الإقالة فسخ في حق المتعاقدين عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * تقايلا بأكثر من الثمن الأوّل أو بأقل أو بجنس آخر كانت الإقالة بالثمن الأول ويبطل ذكر الثمن الثاني * ولا تصح الإقالة بعد الزيادة الحادثة بعد القبض ولا تصير الإقالة بيعاً وعلى قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع فإن تعذر جعلها بيعاً بأن كان المبيع منقولاً وتقايلا قبل القبض يصير فسخاً وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة فسخ فإن تعذر جعلها فسخاً بأن تقايلا بعد حدوث الزيادة عند المشتري يصير بيعاً * الوكيل بالبيع يملك الإقالة قبل قبض الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وأما الوكيل بالشراء ذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي والشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده بأنه لا يملك الإقالة * أما الوكيل بالإجارة إذا ناقض الإجارة مع المستأجر قبل استيفاء المنفعة وقبل قبض الأجر صح ذلك منهما سواء كان الأجر عيناً أو ديناً ولو وهب الوكيل الأجر من المستأجر أو أبرأه عن ذلك فإن كان الأجر شيئاً بغير عينه أو كان ديناً ولم يشترط التعجيل جازت هبته وإبراؤه ويكون ضامناً للآمر في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى كما في الوكيل بالبيع وإن كان الأجر شيئاً بعينه لا يصح إبراء الوكيل وهبته بعد استيفاء المنفعة وبعد التعجيل * رجل اشترى عبداً بألف درهم ودفع الثمن ولم يقبض العبد فقال للبائع بعد ما لقيه وهبت لك العبد والثمن كان ذلك نقضاً للبيع ولا تصح هبة الثمن * رجل اشترى من رجل عبداً بأمة وتقابضا ثم إن اشترى العبد باع نصف العبد من رجل ثم أقال البيع في الأمة بعد ذلك جازت الإقالة وكان عليه لبائع العبد قيمة العبد وكذا لو لم يبع لكن قطعت <272> يد العبد وأخذ الأرض ثم أقال البيع في الأمة {مسائل الاستحقاق} رجل اشترى جارية وباعها من غيره فتداولتها الأيدي فادعت عند المشتري الرابع أنها حرة فردها الرابع على الثالث بقولها والثالث على الثاني وأبى البائع الأول أن يقبلها قالوا إن كانت الجارية ادعت العتق فله أن لا يقبل الجارية بقولها وإن كانت ادعت أنها حرة الأصل وقد انقادت للبيع والتسليم بأن يبعث وسلمت إلى المشتري وهي ساكتة فللبائع أيضاً أن لا يقبلها لأن انقيادها على هذا الوجه بمنزلة الإقرار بالرق * ولو أقرت بالرق ثم ادعت العتق لا يقبل قولها إلا ببينة وإن أنكرت البيع والتسليم ليس للبائع الأول أن لا يقبلها لأنها إذا لم تقر بالرق فالقول قولها في الحرية وكان للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن كما لا ثبتت الحرية بالبينة * وقال بعضهم إذا ادعت الحرية لم يكن له أن يردها على البائع بقولها لكن ينبغي أن يتزوجها احتياطاً حتى يحل له وطؤها إما بملك اليمين إن كانت أمة أو بملك النكاح إن كانت حرة وكذا كل من اشترى جارية ينبغي له أن يتزوجها احتياطاً * رجل اشترى عبداً شراءً صحيحاً فجاء رجل وادعى أنه كان له أعتقه منذ سنة فإن القاضي يسأل المدعي البينة على ما يدعي من الملك ولا يسأله البينة على الإعتاق لأنه إذا ثبت الملك يثبت العتق بإقراره وإن لم يكن له بينة على الملك كان له أن يستحلف المشتري على دعوى الملك * رجل اشترى عبداً واختلفا في الثمن وحلف كل واحد منهما بعتقه فقال البائع إن بعته ألا بألف درهم فهو حر وقال المشتري إن اشتريته ألا بخمسائة درهم فهو حر لزم العبد للمشتري ويجبر المشتري على الثمن الذي أقر به ولا يعتق العبد لأن البائع يدعي أن المشتري حنث في يمينه وعتق عليه العبد فتعذر عليه فسخ البيع ولا يعتق على المشتري بإقرار البائع وكان على المشتري الذي أقر به لأنه ينكر الزيادة *(2/136)
رجل اشترى أرضين من رجل فإذا أحدهما لغير البائع ولم يعلم المشتي بذلك قبل البيع فإن علم قبل القبض كان له الخيار إن شاء نقض البيع ويرجع بجميع الثمن وإن شاء أخذ غير المستحق بحصتها من الثمن لأن الصفقة تفرقت قبل التمام وإن علم بذلك بعد القبض يلزم غير المستحق بحصتها من الثمن ولا خيار له لأن الأرضين بمنزلة شيئين مختلفين كالثوبين والعبدين * مستأجر حانوت في يده كر دار حانوت يدعي أنه له فباع الكر دار من رجل وسلم الكردار وقبض الثمن ثم جاء صاحب الحانوت وادعى أن الكردار له ولم يكن للمستأجر وحال بين المبيع وبين المشتري قالوا إن كان الكردار من الآلات التي يحتاج المستأجر إليها في صناعته وتجارته لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن ويكون القول في ذلك قول المستأجر وإن كان الكردار بناء بأن كان علواً على سفل الحانوت وكان ذلك في يد المستأجر كان القول فيه أيضاً قول المستأجر ولا يرجع المشتري على البائع بالثمن لعدم استحقاق المبيع وإن كان المبيع بناء متصلاً ببناء الحانوت كان القول فيه قول صاحب الحانوت لأن ما يكون متصلاً ببناء الحانوت قائماً <273> لا يكون حادثاً فلا يكون القول فيه قول المستأجر وإذا جعل القول في ذلك قول صاحب الحانوت صار المبيع مستحقا فيرجع المشتري بالثمن على البائع * رجل اشترى عبدين من رجل بألف درهم وقبضهما ثم استحق نصف أحدهما فإن العبد الثاني يكون لازماً للمشتري بحصته من الثمن وله الخيار في العبد الذي استحق يصفه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى أمة وقبضها ونقد الثمن ثم استحقها رجل بالبينة فأراد المشتري أن يرجل على البائع بالثمن فقال له البائع قد علمت أنهم شهود زور شهدوا بالباطل وإن الأمة لي فقال المشتري أنا أشهد أن الأمة لك وأنهم شهدوا بزور لا يبطل رجوعه بالثمن على البائع بإقراره ذلك ألا أن الجارية لو وصلت إليه يوماً من الدهر بوجه من الوجوه يؤمر بالرد على البائع * رجل في يديه عبد باع نصفه من رجل ولم يسلم حتى باع نصفه من آخر وسلم النصف إليه ثم جاء رجل استحق نصف العبد بالبينة كان المستحق من البيعين جميعاً وإن كان المشتري الأول قبض المبيع ولم يقبض الثاني ينصرف الاستحقاق إلى الثاني دون الأول وإن قبضاه جميعاً كان المستحق منهما جميعاً * رجل له ثلاثة أقفزة حنطة باع منها قفيزاً من رجل آخر ثم باع منها قفيزاً من ثالث ثم كال لهم الأقفزة الثلاثة ثم جاء رجل واستحق من الكل قفيزاً فإن المستحق يأخذ القفيز الثالث لأن صاحب اليد حين باع القفيز الأول باع ما يملكه وباع القفيز الثاني وهو يملكه وباع القفيز الثالث وهو لا يملكه * رجل اشترى داراً وقبضها ثم جاء وادعى نصفها فأقام المشتري البينة أنه اشتراها من المستحق ولم يؤقت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرجع المشتري على البائع بنصف الثمن وإنما هو هذا * رجل اشترى داراً من رجل فادعاه آخر واشتراها منه أيضاً فإنه لا يرجع على البائع بالثمن ولو أقام المشتري البينة أنه اشتراها منه بعد الاستحقاق فإن المشتري يرجع على البائع بنصف الثمن * رجل اشترى من رجل عبداً وقبضه ثم وهبه من آخر فاستحق من يد الموهوب له قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن والصدقة بمنزلة الهبة ولم يذكر في الكتاب خلافاً في هذه المسألة * وكذا لو اشترى عبداً وقبضه ثم وهبه لرجل فوهبه الموهوب له من رجل آخر وسلمه إليه فاستحق من يد الموهوب له الثاني كان للمشتري أن يرجع بالثمن على بائعه حتى يرجع المشتري الثاني على الموهوب له فإذا رجع حينئذ يرجع المشتري الأول على بائعه * رجل استحق من يده شيء بشهادة شاهدين عدلهما المشهود عليه قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أسأل عن الشاهدين فإن عدلا رجع المقضي عليه بالثمن على بائعه وإن لم يعدلا فإنه يقضى على المشهود عليه لأنه عدلهما ولا يرجع هو بالثمن على بائعه وهو بمنزلة الإقرار * وكذا لو وكل رجلاً بالخصومة فزكى الوكيل الشاهدين وهذا <274> ظاهر فيما إذا وكل بالخصومة استثنى في التوكيل تعديل الشهود * رجل اشترى غلاماً وقبضه فاستحقه رجل بالبين وقبضه ثم إن المستحق أجاز الشراء جازت إجازته حتى لا يرجع المشتري على البائع بالثمن وكان للمستحق أن يرجع على البائع بالثمن لأن البيع الماضي لا يبطل بالاستحقاق فإذا أجاز صحت إجازته يصير البائع وكيلاً في البيع وهذه مسألة اختلفت فيها الروايات * قال الشيخ الغمام شمس الأمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ظاهر المذهب من أصحابنا أن البيع لا يبطل بالاستحقاق بل يبقى موقوفاً ما لم يرجع المقضي عليه بالثمن على بائعه * رجلان اشتريا عبداً فاستحق نصفه كان لهما لخيار فإن رضي أحد المشتريين واسقط الخيار سلم له ربع العبد يرجع بربع الثمن وللمشتري الآخر أن يرد ربع العبد على بائعه ويرجع بنصف الثمن وهو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد(2/137)
رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أما في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أسقط أحدهما الخيار لم يكن للآخر أن يرد لأن عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من له الخيار في العبد لا يرد النصف وأحد المشتريين بشرط الخيار لا ينفرد بالرد * رجل ادعى على رجل أن المدعي باع من المدعى عليه وفلاناً الغائب عبداً بألف درهم بحضرة العبد وأقام البينة فإن القاضي يقضي للمدعي على لحاضر بنصف الثمن ولا يقضي ببيع الكل لأن الحاضر ليس بخصم عن الغائب فإن حضر الغائب بعد ذلك إن أعاد المدعي البينة بحضرته يقضى للمدعي على الحاضر بنصف الثمن غلا إذا كان كل واحد منهما كفيلاً بالثمن عن صاحبه بأمره فيكون القضاء على أحدهما قضاء على الآخر * رجل باع عقاراً وسلم امرأته أو ولده أو بعض أقاربه حاضر ولم يقل شيئاً ثم ادعى على المشتري من كان حاضراً وقت البيع أن العقار له اختلف المشايخ فيه قال مشايخ سمرقند لا تسمع دعواه * وقال مشايخنا تسمع دعواه فينظر المفتي في ذلك إن كان في رأيه أن لا يسمع هذه الدعوى وأفتى بذلك كان حسناً ليكون سداً لباب التزوير وإن لم يكن له رأي في ذلك يفتي بقول مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لأن الفضولي إذا باع مال الغير وصاحب المال حاضر ولم يقل شيئاً لم يكن سكوته إجازة وهذا إذا لم يكن السلطان استثنى في تقليد القاضي سماع هذه الدعوى * رجل باع عقاراً ثم ادعى أنه باع ما هو وقف اختلف المشايخ فيه * والصحيح أنه لا تسمع دعواه * بخلاف ما لو اشترى عبداً ثم ادعى أن حر حيث تسمع دعوى المشتري لأن الوقف لا يزيل الملك ولا يخرجه من أن يكون محلاً للبيع أما الحر ليس بمحل للبيع وثمنه لا يملك فكان المشتري مدعياً ديناً على البائع * ولهذا لو جمع بين الوقف وغير الوقف وباع الكل صفقة واحد فإنه يجوز البيع في غير الوقف * ولو جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة لا يجوز البيع في القن * عبد اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل آخر بألف درهم صفقة واحدة ذكر في المنتقى أنه يجوز البيع في حصة العبد <275> وفي حصة الشريك باطل * ولا يشبه هذا الأب إلا اشترى ولده من رجل أجنبي فإنه يجوز العقد في الكل {باب في بيع مال الربا بعضه ببعض} في الباب فصلان فصل في البيع وفصل آخر في الاحتراز عن الربا والخارج عنه * أما الأول قالوا لا تباع المسبية وهي الغالب عليها الصفر في الغطريفي واحد باثنين * وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب أنه يجوز بيع الدراهم التي ثلثاها صفر وثلثها فضة واحد باثنين وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في عرفنا لا يجوز بيع المسبية من الغطريفي بالمسبيتين لأنها صارت ثمناً لجميع الأشياء بمنزلة الذهب والفضة ولهذا قلنا بوجوب الزكاة في المائتين منها ولا يجوز بيع المحلوج من القطن بغير المحلوج إلا مثلاً بمثل وكذا بيع الثمر المشقوق الذي استخرج منه النوى بغير المشقوق وكذا بيع الدقيق المنخول بغير المنخول * وبيع النخالة بالدقيق عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز إلا بطريق الاعتبار وهو أن تكون النخالة الخالصة أكثر من النخالة في الدقيق وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا تساويا وزناً يجوز * وبيع الخبز بالحنطة والحنطة بالخبز وبيع الدقيق بالخبز والخبز بالدقيق قال بعض مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز لا متساوياً ولا متفاضلاً قبل هذا قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما قال في بيع الحنطة بالدقيق هكذا ذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال بعضهم يجوز متساوياً ومتفاضلاً وعليه الفتوى لأن الحنطة كيلي وكذا الدقيق والخبز وزني فيجوز بيع أحدهما بالآخر متساوياً ومفاضلاً إذا كانا نقدين فإن كان أحدهما نسيئة إن كان الخبز نقد أجاز عند أصحابنا وإن كانت الحنطة أو الدقيق نقداً والخبز نسيئة لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه لا يجوز السلم في الخبز وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز وهو رواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه يجوز السلم في الخبز * والفتوى في بيع الحنطة والدقيق بالخبز على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يجوز بيع الحنطة بالحنطة وزناً وإن تساويا لأن الحنطة كيلي فلا يجوز بيعها بجنسها إلا بشرط التماثل في الكيل فإن بيع وزناً وعلم أنهما يتماثلان في كيل قيل بأنه يجوز * وكذا بيع الدقيق بالدقيق وزناً لأن الدقيق كيلي ولهذا لا يجوز بيع الحنطة بالدقيق وزناً ولو كان وزنياً جاز هذا إذا باع من الحنطة قدر ما يدخل تحت الكيل وزناً فإن كانت الحنطة قليلاً لا يدخل تحت الكيل جاز كما لو باع الحفنة بالحفنتين وأدنى ما يدخل تحت الكيل نصف صاع فإن باع صاعاً من الحنطة الرديئة بنصف صاع جيد من الحنطة أو باع نصف صاع من الحنطة بما دون نصف صاع منها لا يجوز إذا كان في أحد(2/138)
الجانبين مقدار ما يدخل تحت الكيل وإن باع ما دون نصف صاع من الحنطة بما دون نصف صاع وأحدهما أكثر من الآخر جاز كما لو باع الحفنة بالحفنتين * ولو باع الحنطة بالشعير متفضلاً يداً بيد جاز وإن كان في الشعير حبات الحنطة قدر ما يكون في الشعير <276> وكدا لو بيعت الحنطة بالحنطة لا يجوز إلا متساوياً ولو كان في كل واحد من الجانبين حبان شعير لأن مالا يخلو عنها الحنطة من حبات الشعير مغلوب بالحنطة فكان مستهلكا * باع الخل بالعصير متفاضلا لا يجوز لأن العير يصير خلا في الحال الثاني فيكون بينهما شبهة المجانسة في الحال * القز مع الإبريسم بمنزلة الدقيق مع الحنطة ولا بأس بيع شاة على ظهرها صوف بصوف إذا كان الصوف المجزوز أكثر مما كان على ظهر الشاة وكذا الشاة التي في ضرعها لبن بلبن وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه في اللبن يجوز لا بطريق الاعتبار والصحيح هو الأول * وإن كان اشترى شاة بلحمها فهو على وجوه ثلاثة إن اشترى بلحم الشاة مذبوحة مسلوخة واستخرج شحمها وأمعاءها إن تساويا وزناً جاز وإلا فلا وإن اشترى بلحم الشاة مذبوحة غيرة مسلوخة إن حان اللحم أقل مما في المذبوحة أو مثله أو لا يدري لا يجوز وإن كان اللحم أكثر مما في المذبوحة جاز * وإن اشترى باللحم شاة حية في القياس لا يجوز إلا أن يعلم أن اللحم أكثر من لحم الشاة وهو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان على كل حال وهو قولهما * ولو باع قفيزاً من حنطة مبلولة بقفيز من مثلها أو اشترى قفيزاً من الرطبة التي خرجت من سنبلها بمثلها أو المبلولة باليابسة أو الرطبة باليابسة أو باع قفيزاً من التمر الذي أصابه ماء أو انتفخ بمثله أو الزبيب الذي أصابه ماء بمثله جاز البيع في جميع ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يعتبر التفاوت الذي يكون بينهما عند الجفاف وكذلك عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إلا في الحنطة الرطبة باليابسة فإن ذلك لا يجوز عنده كما لا يجوز بيع الرطب بالتمر عنده وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز بيع الرطبة بالرطبة ولا المبلولة بالمبلولة ولا الزبيب المنتفخ أو التمر المنتفخ بغير المنتفخ ولا الرطبة باليابسة ولا المبلولة باليابسة غلا أن يعلم تساويهما في الكيل بعد الجفاف إلا بيع الرطب بالرطب قفيزاً بقفيز فإنه يجوز ذلك وإن كان أحدهما أكثر نقصاناً من الآخر عند الجفاف ولا باس ببيع الناطف بالتمر متفاضلاً إلا أن يكون ذلك في موضع يباع التمر فيه وزناً فإنه لا يجوز بيع البعض بالبعض إلا مثلاً بمثل * ولا بأس ببيع لحوم الطير واحداً باثنين يداً بيد ولا خير فيه نسيئة * وكذا الإلية واللحم وشحم البطن أجناس مختلفة يجوز بيع البعض بالبعض متفاضلاً يداً بيد ولا خير فيه نسيئة * والسمن جنس * اللحم لا يباع باللحم إلا متساوياً * لحم المعز والضان ولبنهما جنس واحد لا يجوز البيع فيه غلا مثلاً بمثل * صوف الغنم الأبيض والأسود جنس واحد * ولا يجوز بيع الغزل بالقطن إلا متساوياً لأن أصلهما واحد وكأنهما موزون وإن خرجا من <277> الوزن أو خرج أحدهما من الوزن فلا بأس به واحداً اثنين * وبيع الغزل بالثوب جائز على كل حال * ولا بأس بغزل القطن من الكتان أو الصوف مع الشعر واحد باثنين * وإن كان أحدهما نسيئة لا جوز لمكان الوزن * وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن بيع القطن بالغزل لا يجوز متفاضلاً وعنه أنه يجوز مطلقاً * ولو باع لبداً بصوف إن كان اللبد بحال لو نقض يعود صوفاً تعتبر المساواة في الوزن وإن كان لا يعود لا تعتبر * الصوف والشعر وغزلهما جنسان مختلفان ولا بأس بالسمك واحداً باثنين لأنه لا يوزن فإن كان جنس منه يوزن فلا خير فيما يوزن غلا مثلاً بمثل * وكل مصر لا يوزن فيه اللحم قال لا بأس بأن يباع طابق بطابقين ينظر في ذلك غلى حال أهل البلدة * ولا يج9و بيع الحليب من لبن الغنم بالسمن غلا أن يعلم أن ما في الحليب من السمن وكذا اللبن مع الزبد * وذا لو اشترى التمر بالنوى لا يجوز إلا أن يعلم أن ما في التمر ن النوى أقل * ولا بأس ببيع الزيت بالزيتون ودهن السمسم بالسمسم والعصير بالعنب والشاة اللبون بالبن والرطب بالدبس والمحلوج بالقطن والغزل بالقطن إذا كان يعلم أن الخاص أكثر مما في الآخر وإن كان لا يدري لا يجوز وإنما يشترط أن يكون الخاص أكثر إذا كان الثفل في البلد الآخر شيئاً له قيمه * أما إذا كان شيئاً لا قيمه له كما في الزبد بعد إخراج السمن منه فإن في هذا الوجه إذا كان السمن الخالص مثل ما فيه من السن يجوز مروي ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * إذا باع الدقيق بالدقيق كيلاً بكيل قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز إذا كانا مكبوسين فإن باع الدقيق بالدقيق موازنة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل فيه روايتان ذكرهما في النوادر في رواية يجوز(2/139)
وفي رواية لا يجوز * باع حب القطن بالقطن فهو كبيع الشاة باللحم إن علم أن الحب أكثر مما في القطن يجوز وإن كان لا يدري لا يجوز * وكذا بيع العنب بالزبيب في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن علم أن الزبيب أكثر من الزبيب الذي يحصل من العنب جاز وإلا فلا وعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز على كل حال إذا تساويا كيلاً * وكذلك بيع العصير بالعنب وبيع لنحاس الأحمر بالنحاس الأبيض إن علم أن الأحمر أكثر من الأبيض جاز وإلا فلا وكذلك بيع دهن الجوز بلب الجوز وكذلك بيع السيف المحلى بألفضة بفضة خالصة * وبيع المنطقة المفضضة بالدراهم أو بالتبر لا يجوز إلا أن يعلم أن الفضة الخالصة أكثر وكذا لو باع حلياً من ذهب فيه جوهر لا يمك إخراجه إلا بضرر فباعه بذهب لا يجوز غلا أن يكون الذهب أكثر مما في الحلي من الذهب * ولو اشترى حنطة في سنبلها بحنطة مذراة لا يجوز عندنا إلا أن يعلم أن بالمذرّاة أكثر * ولو باع بطيخاً أو تيناً ببطيخ غير مقطوف أو تين غير مقطوف لا يجوز على كل حال لتوهم خروج الزيادة من الشجر بعد البيع * باع كوز ماء <278> بكوز ماء جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رحمهما لله تَعَالَى لأن عندهما الماء ليس بكيلي ولا بوزني فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً والجمد إن كان يباع وزناً فبيع الجمد يعتبر المساواة في الوزن * باع الخبز بالخبز متفاضلاً عدداً أو وزناً جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يداً بيد ولا خير فيه نسيئة عند أَبِي حَنِيفَةَ لأن الخبز بالخبز ليس بوزني ولا عددي وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو عددي وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو وزني إلا أن يكون قليلاً لا يدخل تحت الوزن فيجوز بيع الواحد بالاثنين وإن كان كثيراً لا يجوز * ولا يجوز بيع الحنطة المقلية بغير المقلية لا نقد أو لا نسيئة وكذا لا يجوز بيع دقيق الحنطة بسويقها عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى متساوياً ولا متفاضلاً * ولا يجوز بيع الحنطة بدقيقها أو بسويقها في قولهم * باع إناء من حديد بحديد إن كان الإناء يباع وزناً يعتبر المساواة في الوزن وغلا فلا وكذا لو كان الإناء من نحاس أو صفر باعه بصفر والله أعلم {فصل فيما يكون قراراً عن الربا} * رجل في يده دراهم اغتصبها فاشترى بها شيئاً قال بعضهم إن لم يضف الشراء إلى تلك الدراهم يطيب له المشتري وإن أضاف الشراء إلى تلك الدراهم ونقد منها لا يطيب له وذكر شداد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى الرجل بالدراهم المغصوبة طعاماً إن أضاف الشراء إليها ونقد منها وكذا ذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رج لحلف أن لا يشتري بهذه الدراهم قال لا يحنث غلا أن يدفع تلك الدراهم إلى البائع أولاً ثم يشتري بها الطعام لأن الدراهم لا تتعين في المبادلات * وقال بعضهم إذا أضاف الشراء إلى الدراهم المغصوبة ونقد غيرها أو لم يضف الشراء إليها ونقد منها أو لم يضف الشراء إليها لكن كان من نيته أن يعطي الثمن من الدراهم المغصوبة ونقد منها لا يطيب له وهذا أحوط والفتوى على أنه يطيب له إلا إذا أضاف الشراء إليها ونقد منها * وذكر في الأصل رجل غصب ألفاً فاشترى بها جارية ثم باعها وربح يلزمه التصدق بالربح وهذا محمول على ما إذا أضاف الشراء إليها ونقد منها * السلطان إذا اشترى بالدراهم المرسلة وقضى الثمن مما يأخذ من الناس ظلماً قالوا يكره لغيرهم تناول أطعمتهم ليكون زجراً لهم عن الظلم * رجل دفع مالاً مضاربة إلى جاهل وتصرف العامل فيه فربح حل لصاحب المال أن يأخذ من الربح ما لم يعلم أنه اكتسبه من الحرام وكذا لو صار المضارب ذمياً * رجل اشترى من التاجر شيئاً هل يلزم السؤال أنه حلال أم حرام قالوا ينظر إن كان في بلد وزمان كان الغالب هو الحلال في أسواقهم ليس على المشتري أن يسأل أنه حلال أم حرام ويبنى الحكم على الظاهر وإن كان الغالب هو الحرام أو كان البائع رجلاً يبيع الحلال والحرام يحتاط ويسأل أنه حلال أم حرام * رجل <279> مات وكان كسبه من الحرام ينبغي لورثته أن يتعرفوا فإن عرفوا أربابها رد عليهم وإن لم يعرفوا تصدقوا به * رجل اشترى داراً فوجد في جذوعها دراهم قال بعضهم هي بمنزلة اللقطة وقال بعضهم يردها على البائع فإن لم يقبل البائع فحينئذ يتصدق بها وهذا أصوب * رجل له على رجل عشرة دراهم فأراد أن يجعلها ثلاثة عشر إلى أجل قالوا يشتري من المديون شيئاً بتلك العشرة ويقبض المبيع ثم يبيع من المديون بثلاثة عشر إلى سنة فيقع التجوز عن الحرام ومثل هذا مروى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنه أمر بذلك * رجل طلب من رجل دراهم ليقرضه بده دوا زده فوضع المستقرض متاعاً بين يدي المقرض فيقول للمقرض بعت منك هذا المتاع بمائة درهم فيشتري المقرض ويدفع إليه الدراهم ويأخذ المتاع ثم يقول المستقرض بعني هذا(2/140)
المتاع بمائة وعشرين فيبيعه ليحصل للمستقرض مائة درهم ويعود إليه متاعه ويجب للمقرض عليه مائة وعشرون درهما والأوثق والأحوط أن يقول المستقرض للمقرض بعد ما قرر المعاملة كل مقالة وشرط كان بيننا فقد تركته ثم يعقدان بيع المتاع وهذه المسألة دليل على جواز بيع الوفاء إذا لم يكن الوفاء شرطاً في البيع هذا إذا كان المناع للمستقرض فإن كان المتاع للمقرض وليس للمستقرض شيء ويريد أن يقرضه عشرة بثلاثة عشر إلا أجل فإن المقرض بيع من المستقرض سلعة بثلاثة عشر ويسلم السلعة إلى المستقرض ثم إن المستقرض بيع السلعة من أجنبي بعشرة ويدفع السلعة إلى الأجنبي يبيع السلعة من المقرض بعشرة ويأخذ العشرة منه ويدفعها إلى المستقرض فيبرأ الأجنبي من الثمن الذي كان عليه للمستقرض فبصل السلعة إلى المقرض بعشرة وللمقرض على المستقرض ثلاثة عشر إلى أجل * وحيلة أخرى أن يبيع المقرض من المستقرض سلعة بثلاثة عشر إلى أجل معلوم ويدفع السلعة إلى المستقرض ثم يبيعها المستقرض من الأجنبي ثم أن المستقرض يقبل البيع مع الأجنبي قبل القبض أو بعده ثم يبيعها المستقرض من المقرض بعشرة ويأخذ العشرة فيحصل للمستقرض عشرة وعليه للمقرض ثلاثة عشر تصل السلعة إلى المقرض والمقرض وإن صار مشترياً ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن إلا أن ذلك جائز لتخلل البيع الثاني وهو البيع الذي جرى بين المستقرض والأجنبي * وحيلة أخرى أن يبيع المقرض من المستقرض سلعة بثمن مؤجل ويدفع السلعة إلى المستقرض ثم إن المستقرض يبيعها من غيره بأقل مما اشترى ثم ذلك الغير يبيعها من المقرض بما اشترى لتصل السلعة إليه بعينها ويأخذ الثمن ويدفعه إلى المستقرض فيصل المستقرض إلى القرض ويحصل الربح للمقرض وهذه الحيلة هي العينة التي ذكرها مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مشايخ بلخ بيع العينة في زماننا خير من البيوع التي تجري في أسواقنا وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال العينة جائزة مأجورة <280> وقال أجر ملكان الفرار من الحرام * رجل استقرض عشرة دراهم ثم أوفاه وزاد قالوا إن كانت الزيادة قليلة تجري بين الوزنين كدانق في المائة لا بأس به وإن كاانت كثيرة كدرهم في المائة لا يجوز عليه رد الزيادة واختلفوا في نصف درهم في مائة قال بعضهم هو كثير لا يجوز وقال بعضهم هو قليل فيجوز * ولو أن المستقرض وهب الزيادة من المقرض لا يصح لأنها هبة المشاع فيما يحتمل القسمة * رجل له عشرة دراهم صحاح فأراد أن يبيعها باثني عشر درهماً مكسرة لا يجوز لأنه ربا فإن أراد الحيلة يستقرض من المشتري اثني عشر درهماً مكسرة ثم يقبضه عشرة جياداً ثم إن المقرض يبرئه عن درهمين فيجوز ذلك * ولو كان له على عشرة دراهم مكسرة إلى أجل فلما حل الأجل جاء المديون بتسعة صحاح وقال هذه التسعة بتلك العشرة لا يجوز لأنه ربا * فإن أراد الحيلة يأخذ التسعة بالتسعة ويرئه عن الدرهم الباقي فإن خاف المديون أن لا يبرئه عن الدرهم الباقي يدفع إلى صاحب الدين تسعة دراهم صحاحاً وفلساً أو شيئاً يسيراً عوضاً عن الدرهم الباقي جاز ذلك ويقع الأمن * رجل دفع إلى خباز دراهم وقال اشتريت بها منك مائة منّ من الخبز وجعل كل يوم يأخذ خمسة أمناء قالوا ما يأكله فهو مكروه وإن دفع الدراهم ولم يشتر منه لكن يأخذ منه كل يوم ما يريد لا بأس به وإن كانت نيته وقت الدفع الشراء فلا عبرة لتلك النبة ما لم يتلفظ ولو قال عند الأخذ هذا على ما قاطعتك كان أولى * رجل أراد أن يهب نصف داره مشاعاً فالحيلة فيه أن يبيع منه نصف الدار بثمن معلوم ثم يبرئه عن الثمن {فصل فيما يخرجه عن الضمان في البيع الفاسد والبيع المكروه} المشتري شراء فاسداً إذا جاء بالمبيع غلى البائع فلم يقبله البائع فأعاده المشتري إلى منزله فهلك لا يضمن وكذا الغاصب إذا رد المغصوب فلم يقبل المغصوب منه فأعاده إلى منزله فهلك لا يضمن وإن كان المشتري وضعه بين يدي البائع أو المغصوب منه فلم يقبله ثم حمله إلى منزله فهلك كان ضامناً في الغصب والبيع الفاسد وقال بعضهم إن كان فساد البيع قوياً غير مختلف فيه فالجواب فيه كذلك وإن كان مختلفاً فيه فجاء به إلى البائع فلم يقبله البائع فأعاد إلى منزله وهلك لا يبرأ عن الضمان والصحيح أنه يبرأ في الوجهين إلا إذا وضع بين يديه فلم يقبل وذهب به إلى منزله فهلك فإنه يكون ضامناً لأنه يصير غاصباً غصباً مبتدأ * اشترى أمة شراء فاسداً وقبضها فولدت عنده من غيره كان عليه أن يردها مع الولد والكسب بمنزلة الولد ولو هلكت الجارية عنده وبقي ولدها رد الولد وقيمة الجارية أيضاً * ولو اشترى عبداً يساوي خمسائة بخمسمائة شراء فاسداً وقبضه فازادت قيمته من حيث السعر فصار يساوي ألفاً فباعه من غيره كان عليه لبائع خمسائة قيمته يوم القبض * ولو غصب عبداً يساو ألفاً فازدادت قيمته إلى ألفي درهم ثم اشتراه من المالك شراء فاسداً ثم مات العبد قالوا إن وصل الغاصب إليه بعد <281> ما اشتراه كان(2/141)
عليه ألفان وإن لم يصل حتى مات فعليه ألف لأن الزيادة الحادثة كانت أمانة ولا نصير مضمونة إلا بالقبض * ولو اشترى أمة شراء فاسداً فلم يقبضها حتى أعتقها فأجاز البائع إعتاقه نفذ العتق على البائع لأنه أعتق مال البائع فيتوقف على إجازته * ولو اشترى عبداً شراء فساداً ولم يقبضه فأمر البائع أن يعتقه فأعتقه البائع قالوا يجوز العتق على المشتري لأن المشتري يصير قاضباً على مقتضى إعتاق البائع ولو أن المشتري هو الذي أعتقه قبل القبض لم يصح إعتاقه لأنه أعتق مالاً يملك * رجل باع غلاماً بيعاً فاسداً وتقابضا ثم أبرأه البائع عن القيمه ثم مات الغلام عند المشتري كان على المشتري قيمته وإبراء البائع باطل لأنه إبراء قبل الوجوب * ولو قال البائع للمشتري أبرأتك عن الغلام ثم هلك الغلام كان المشتري بريئاً عن ضمانه لأنه لما ابرأه عن الغلام فقد جعله أمانة في يده * رجل اشترى عبداً وقبضه ولم ينقد الثمن ثم تقايلا البيع ثم إن البائع أبرأ المشتري عن الثمن صح إبراؤه حتى لو هلك الغلام عند المشتري كان المشتري بريئاً عن الثمن لأن المبيع بعد الإقالة مضمون على المشتري بالثمن فصح إبراء البائع أما في البيع الفاسد إنما تجب القيمة على المشتري عند الهلاك فلا يصح الإبراء قبله وهو نظير ما لو قال فغيره بعت منك هذا الشيء بعشرة دراهم ووهبت لك العشرة فقال المشتري قبلت يجوز البيع ولا تصح الهبة لأنه إباء عن الثمن قبل الوجوب * رجل اشترى ستر الكعبة من بعض السدنة لا يجوز لأنه اشترى ما لا يملك البائع وإن نقل إلى بلده كان عليه أن يتصدق به على الفقراء * رجل يبيع على طريق العامة ويشتري قال بعضهم إن كان الطريق واسعاً لا يتضرر الناس بقعوده لا بأس بالشراء منه وقال بعضهم لا يكره الشراء منه على كل حال وقال بعضهم لا يشترى منه على كل حال لأن القعود على الطريق بغير عذر مكروه ولهذا لو عثر به الناس وهلك كان ضامناً والشراء منه يكون حملاً له على المعصية وإعانة له على ذلك * رجل اشترى ثوباً شراء فاسداً وقبضه فقطعه قميصاً ولم يخطه حتى أودعه البائع بعد القطع فهلك عنده كان على المشتري نقصان القطع دون القيمة لأنه لما أودعه البائع بعد القطع فقد رد على البائع ما بقي بعد القطع * ويكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به لأنه أعانه على المعصية * مسلم اشترى عبداً مجوسياً فقال له العبد إن بعتني من مسلم قتلت نفسي جاز له أن يبيعه من المجوسي لأنه يبيع الكافر من كافر * ولا بأس ببيع الزنار من النصارى والقلنسوة من المجوس لأن ذلك ليس بإعانة على المعصية بل فيه إذلال الكافر * ويكره أن يبيع المكعب المفضض من الرجل إذا علم أنه يشتري ليلبس * صبي جاء إلى القامي بفلس أو بخبز وطلب منه شيئاً ينتفع به في البيع كالملح والأشنان ونحو ذلك جاز أن يبيع ذلك منه وإن طلب منه جوزاً أو فستقاً أو نحو ذلك مما يشتري لنفسه عادة لا يبيع لأنه في الوجه الأول مأذون عادة وفي الفصل الثاني لا * صبي يبيع <282> ويشتري وقال أنا بالغ ثم قال بعد ذلك لست ببالغ قال كان حين أخبر عن البلوغ يحتمل البلوغ بأن كان سنه اثني عشر أو أكثر لا يعتبر جحوده بعد ذلك لأنه أخبر عن أمر محتمل فإن أدنى الوقت الذي يبلغ فيه الصبي ويحتلم اثنا عشر فإذا صح إخباره بالبلوغ لا يصح جحوده بعد ذلك وإن كان سنه دون ذلك لا يصح إخباره بالبلوغ فيصح جحوده * حصير المسجد إذا صار خلقاً جاز أن يباع ويزاد في ثمنه ويشترى به آخر * رجل دخل كرم صديقه فأكل منه شيئاً وكان صديقه باع الكرم وهو لا يشعر به قالوا الإثم عنه موضوع وينبغي أن يستحل ممن المشتري أو يضمن له * رجل قيل له إما أن تشرب هذا الشراب أو تبيع كرمك فباع ولم يشب قالوا إن كان شراباً يحل شربه جاز بيعه لأنه غير مكره وإن كان شراباً لا يحل شربه لا يجوز البيع لأنه مكره * قوم اجتمعوا ودفعوا مالاً إلى رجل ليدخل دار الحرب ويشتري الأسراء قالوا ينبغي أن يشتري كل أسير بقيمته لو كان عبداً في ذلك المكان أو بقدر ما يتغابن الناس فيه ولا يستأمر الأسير في ذلك فإنه لو استأمر الأسير فأمره الأسير أن يشتريه وأدى ثمنه من المال الذي كان عنده كان ضامناً لأصحاب الأموال ويكون ما أدى من الثمن ديناً على الأسير كأن أقرضه ولا يكون الشراء لأصحاب * ولو قال له الأسير اشترني أو فكني ينبغي للمأمور أن يقول اشتريتك حسبة لأصحاب الأموال ثم يشتريه بعد ذلك فلا يكون ضامناً * ولو كان الأسير عبداً أو أمة فاشتراه المأمور ونقد الثمن من الأموال التي في يده يكون ضامناً لأن العبيد والإماء صاروا مماليك أهل الحرب فإذا اشتراهم كان مشترياً عبيد أهل الحرب فيكون مشترياً لنفسه فيكون ضامناً * رجل اشترى الأسراء من أهل الحرب جاز له أن يعطيهم الزيوف والمغشوشة والعروض أكثر من قيمته لأن شراء الأحرار لا يكون شراء حقيقة وإن كان الأسارى عبيداً لا يسعه ذلك * رجل استام شيئاً من رجل بثمن المثل فزاده رجل آخر في(2/142)
الثمن لا يرد شراء وإنما يفعل ذلك ليرغب المشتري في الزيادة وذلك مكروه وهو النجش المنهي عنه وإن كان الذي استام يطلب الشراء بأقل من قيمته فلا بأس لغيره أن يزيد حتى يرغب المشتري في الزيادة غلى تمام قيمته وهو مأجور في ذلك * باع شاة من كافر يقتله خنقاً أو يضر على الرأس حتى يموت قالوا لا بأس ببيعه وكذا يجوز بيع ذبيحة المجوس فيما بينهم وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز بيع ذبيحة المجوس فيما بينهم * رجل باع العصير ممن يتخذه خمراً لا بأس به وكذا لو باع الأرض ممن يتخذها كنيسة أو بيعة أو بيت نار * ويجوز بيع بناء بيوت مكة ولا يجوز بيع الأراضي في ظاهر الرواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذا يجوز إجارة البناء ولا يجوز إجارة أرضها وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية يجوز بيع دور مكة في الشفعة * ويكره إجارتها في الموسم * مصر عز فيه الطعام ليس للإمام أن يسعر فإن سعر فباع الخباز بأكثر مما سعر جاز بيعه وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للإمام أن يجبر المحتكر <283> على البيع إذا خاف الهلاك على أهل المصر ويقول للمحتكر بيع ما يبيع الناس ويزيادة يتغابن الناس في مثلها * وقيل على قول أي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجبره الإمام على البيع لأنه حجر وهو لا يرى الحجر وقال القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قد قال أصحابنا إذا خاف الإمام الهلاك على أهل المصر يأخذ الطعام من المحتكر ويفقه عليهم فإذا وجدوا رد وأمثله وليس هذا بحجر إنما هو ضرورة ومن اضطر إلى مال الغير وخاف الهلاك كان له أن يأخذه بغير رضاه وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا قدم الأعراب الكوفة وأرادوا أن يمتاروا منها كان للإمام أن يمنعهم عن ذلك لأن له أن يمنع أهل البلدة عن الاحتكار فهذا أولى والله أعلم {فصل فيما يتضرر به الجيران ويخاصمه في ذلك} رجل اشترى داراً أو بيتاً في سكة وكان ذلك للدباغة وأراد المشتري أن يدبغ فيها قال أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان يعمل ما فيه أذى الجيران على الدوام فإنه يمنع عن ذلك قال رَضِيَ اللهُ عَنهُ وهذا شيء استحسنه مشايخ بلخ أما عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يمنع عن ذلك * يجوز بيع الأرض المحياة بإذن الإمام فإن أحياها بغير إذن الإمام وباعها لا يجوز عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يجوز * رجل اشترى حجرة سطحها وسطح جاره مستويان فأخذه جاره حتى يتخذ حائطاً بينه وبين جاره ليس له ذلك لأن الإنسان لا يجبر على البناء في ملكه ولو أراد الجار أن يمنعه من الصعود حتى يتخذ سترة قالوا إن كان في صعوده يقع بصره في دار جاره كان له أن يمنعه من الصعود حتى يتخذ سترة وإن كان لا يقع بصره في دراه لكن يقع بصره لكن يقع بصره عليهم إذا كانوا على السطح لا يمنعه عن الصعود لأن جاره شاركه في الضرر * رجل له في داره شجرة فرصاد وقد باع أغصانها وإذا ارتقاها المشتري يطلع على عورات المسلمين قالوا للجيران أن يرفعوا الأمر إلى القاضي حتى يمنعه عن ذل والمختار للفتوى أن المشتري يخبر الجيران وقت الارتقاء في اليوم مرة أو مرتين حتى يستتروا ليكون جمعاً بين الحقين ومراعاة للخصمين فإن لم يفعل المشتري ذلك ولم يمنع عن الارتقاء حينئذ يرفعون الأمر إلى القاضي فإن رأى القاضي أن يمنعه كان له ذلك * رجل باع ضيعة وله أشجار في ضيعة أخرى أغصانها متدلية في هذه الضيعة التي باعها فللمشتري أن يأخذه بتفرغ الضيعة المبيعة عن أغصان أشجاره * وكذا لو ورث الرجل ضيعة وفيها أغصان لوارث آخر كان له أن يأخذ صاحب الأغصان برفع ضرر الأغصان عن ملكه * رجل وضع جذوعه على حائط جاره بإذن الجار أو حفر سرداباً في داره بإذن جاره ثم باع الجار داره وطلب المشتري أن يرفع جذوعه وسردابه كان للمشتري ذلك إلا إذا البائع شرط في البيع بقاء الجذوع والسرداب تحت الدار فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطالبه برفع ذلك لأنه لما شرط ذلك صار كأنه شرط لنفسه ذلك والوارث في هذا بمنزلة المشتري إلا أن للوارث أن يأمره برفع البناء والسرداب على كل حال * ولو أن<284> رجلاً زرع في أرضه أرزاً ويتضرر جاره بذلك فإن كان يخرج ماؤه إلى أرض جاره ويفسد أرض جاره بذلك كان للجار أن يمنعه عن ذلك * ولو أن رجلاً أراد أن يجعل بيته إصطبلاً ولم يكن في القديم كذلك قالوا إن كان وجوه الدواب إلى حائط الجار ليس للجار أن يمنعه وإن كان جوافرها إلى حائط الجار كان للجار أن يمنعه وكذا لو أراد أن يجعل في بيته رحى وذلك يوهن بناء الجار كان للجار أن يمنعه وكلك ما ذكرنا من الجواب في جنس هذه المسائل قول مشايخ بلخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وإنه يخالف قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن عند أَبِي حَنِيفَةَ فإن عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من تصرف في ملكه لا يمنع عنه وإن كان يتضرر جاريه به(2/143)
وقال مشايخ بلخ إذا تصرف في ملكه وتضرر جاره بذلك ضرراً ببناء إنما كان للجار أن يمنعه وسيأتي جنس هذه المسائل في كتاب القسمة إن شاء الله تَعَالَى {باب بيع غير المالك} * في الباب فصول الأول في بيع الوالدين على الولد الصغير * امرأة اشترت لولدها الصغير ضيعة لمالها على أن لا ترجع على الولد بالثمن جاز استحساناً وتكون الأم مشترية لنفسها لأنها لا تملك الشراء لولدها لصغير ثم يصير هبة منها لولدها لصغير وصلة وليس لها أن تمنع الضيعة عن ولدها * امرأة قالت لزوجها وبينهما ولد صغير اشتريت منك دارك هذه لابننا بكذا وقال الأب بعتها جاز لأن الأب لما قبل البيع فقد جاز شراؤها للصغير فيجوز * ولو كانت الدار مشتركة بين الأب أو أجنبي فقالت المرأة لهما اشتريت منكما هذه الدار لابني بماله قالا بعنا يجوز لأن الأب لما جوز شراءها للصغير جملة الدار فقد أذن لها بشراء الجملة * امرأة باعت متاع زوجها بعد موته وزعمت أنها وصيته ولزوجها أولاد صغار ثم قالت المرأة بعد مدة لم أكن وصيته قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تصدق المرأة على الشراء وبيعها موقوف إلى بلوغ الصغار فإن صدقوا بعد البلوغ أنها كانت وصيته جاز بيعها وإن كذبوها بطل البيع فإن كان المشتري سرقن الأرض المشتراة لا يرجع المشتري على المرأة هذا إذا ادعت بعد البيع أنها لم تكن وصيته فإن ادعى صبي غير بالغ أنها باعت ولم تكن وصيته يسمع دعوى الصبي إذا كان مأذوناً في التجارة أو في الخصومة من له ولاية الخصومة كالقاضي والوصي ونحوهما فإن عجز عن استراداد الضيعة يضمن المرأة قيمة ما باعه على الرواية التي يضمن الغاصب فيها قيمة العقار بالبيع والتسليم * رجل مات ولم يوص إلى أحد فباعت امرأته داراً من تركته وكفنته بثمن الدار بغير إذن في الورثة جاز البيع في حصتها إذا لم يكن على الميت دين يحيط بماله لأنها باعت مال نفسها وهل ترجع في مال الميت إن كفنته بكفن المثل كان لها أن ترجع لأن أحد الورثة إذا كفن الميت بماله كفن المثل بغير إذن الورثة يرجع في التركة وإن كفنته بأكثر من كفن المثل لا ترجع لأن أحد الورثة لا يملك ذلك وهل لها أن ترجع بمقدار كفن المثل قالوا لا ترجع لأن <285> اختيارها ذلك دليل التبرع * وكفن المثل هو ما كان مثل ثيابه لخروج العيدين في حياته * امرأة باعت مال ولدها الصغير بغير أمر القاضي ولم تكن وصية اختلفوا في ذلك قال بعضهم للولد أن يبطل ذلك البيع وقال بعضهم ليس له أن يبطل قبل البلوغ * رجل باع عقاراً أو ضيعة لولده الصغير بمثل القيمة أوبغبن يسير قالوا إن كان الأب محموداً عند الناس أو مستوراً جاز بيعه ولا يكون للولد أن يبطل ذلك البيع بعد البلوغ لكنه يطلب الثمن من والده فإن قال الأب ضاع الثمن أو أنفقت عليك وذلك نفقة مثله في تلك المدة يقبل قوله وإن كان الأب فاسقاً لا يجوز بيعه وللابن أن ينقض بيعه إذا بلغ إلا أن يكون البيع خيراً للصغير لأن الأب إذا كان محموداً ومستوراً كان الظاهر منه مباشرة البيع على وجه الخيرية بخلاف ما إذ كان فاسقاً وإن باع الأب غير العقار والضياع فكذلك الجواب غلا أن الأب إذا كان مفسداً ففي جواز بيعه روايتان في رواية يجوز البيع فيؤخذ الثمن فيوضع على يدي عدل صيانة لمال الصغير وفي رواية لا يجوز بيعه إلا أن يكون خيراً للصغير وذلك بان يبيع الشيء بضعف قيمته وعليه الفتوى * إذا باع الأب مال أحد الابنين من الآخر جاز وإذا بلغا كانت العهدة عليهما وإذا بلغ الابن عاقلاً ثم جن بعد ذلك فباع الأب ماله إن دام جنونه شهراً جاز تصر الأب عليه بعد الشهر وإن كان الجنون قصيراً لا يجوز تصرف الأب عليه بعد الشهر لأن القصير يكون بمنزلة الإماء وتكلموا في الفاصل بين الطويل والقصير وأبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قدر الطويل بالشهر كذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده والناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو الصحيح لأن الشهر طويل آجل وما دون الشهر قصير عاجل وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان في رواية قدر الطويل بأكثر من يوم وليلة وفي رواية قدره بأكثر السنة وكان مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أولاً قدر الطويل بالشهر ثم رع وقدره بسنة كاملة ويجوز تصرف الأب عليه بعد السنة * صغير له عبد سباه أهل الحرب فاشتراه رجل منهم وأخرجه إلى دار الإسلام كان للأب والوصي أن يأخذه من المشتري بالثمن فإن سلم الأب والوصي وكانت قيمته أقل من الثمن الذي اشتراه المشتري جاز تسليمهما في قولهم وإن كانت قيمته مثل الثمن الذي اشتراه المشتري أو أكثر من ذلك فكذلك عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وهو والتسليم لنفسه سواء * رجل اشترى لولده الصغير ثوباً أو خادماً ونقد الثمن من مال نفسه لا يرجع بالثمن على ولده إلا أن يشهد أنه اشتراه لولده وإن اشترى لابنه الصغير شيئاً وضمن الثمن ثم نقد الثمن في(2/144)
القياس يرجع على الولد وفي الاستحسان لا يرجع وإن قال حيين نقد الثمن نقدته لأرجع على الولد * الأب أو الوصي <286> إذا باع عقار الصغير قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا رأى القاضي نقض البيع خيرً لصغير كان له نقضه * الصبي إذا باع أو اشترى ثم بلغ فأجاز ذلك جاز ولو طلق أو عتق ثم أجاز بعد البلوغ لم يجز لأنه لا مجيز للطلاق والعتاق حال وقوعه فلم يتوقف وللبيع والشراء مجيز حال وقوعه إذا كان البيع بمثل القيمة أو بغبن يسير فيتوقف ذلك على إجازة من له حق المباشرة وهو الأب أو الوصي أو القاضي أما إذا كان بغبن فاحش فهو والطلاق والعتاق سواء * الأب إذا باع ماله من ولده الصغير لا يصير قابضاً لولده بنفس البيع حتى لو هلك المال قبل أن يصير بحال يتمكن من القبض حقيقة يهلك على الولد * ولو اشترى الأب مال الصغير لنفسه لا يبرأ عن الثمن حتى ينصب القاضي وكيلاً للصغير فيأخذ الثمن من الأب ثم يأمر الوكيل بالرد على الأب * رجل باع ماله من ولده الصغير فقال بعت عبدي هذا بألف درهم من ابني هذا جاز ولا يحتاج بعد ذلك إلى أن يقول قبلت * وكذا لو اشترى لنفسه مال الولد فقال اشتريت لنفس عبد ولدي الصغير هذا بألف درهم جاز لا يحتاج بعد ذلك إلى أن يقول قبلت ولو كان وصياً لا يجوز في الوجهين ما لم يقل قبلت مروي ذلك عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الأب أو الوصي إذا باع مال اليتيم من أجنبي ثم بلغ الصغير فحقوق العقد ترج إلى الأب والوصي * ولو اشترى الأب مال ولده لنفسه بلغ الصغير كانت العهدة من قبل الولد على الوالد {فصل في بيع الوصي وشرائه}* إذا باع الوصي مال اليتيم من القاضي جاز وإن كان هذا القاضي هو الذي جعله وصياً ولو أمر الوصي رجل بأن يشتري له شيئاً من مال اليتيم فاشترى الوصي لموكله لا يجوز ولو اشترى الوصي مال اليتيم لنفسخ جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان خيراً لليتيم وتفسير الخيرية في غير العقار ما قال شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن يبيع مال نفسه من اليتيم ما يساوي خمسة عشر بعشرة وأن يشتري لنفسه ما يساوي عشرة بخمسة عشر وتفسير الخيرة في العقار عند البعض أن يشتري لنفسه ضعف القيمة وأن يبيع من اليتيم بنصف القيمة * وصي باع عقاراً لليتيم في بيعه إلا أنه يبيع لينفق ثمنه على نفسه قالوا يجوز البيع وضمن الثمن لليتيم إذا أنفق الثمن على نفسه * متغلب استولى على ضياع اليتيم فاسترده الوصي من المتغلب ولم يكن للوصي بينة على ذلك ويخاف أن يأخذ المتغلب بعد ذلك يتمسك بما كان له من اليد فأراد الوصي أن يبيع العقار خوفاً من المتغلب قالوا يجوز بيعه وإن لم يكن لليتيم حاجة في ثمنه * رجل مات وأوصى إلى رجل وترك ورثة صغاراً ذكر في الكتاب أنه ينقذ تصرف الوصي على الورثة من البيع والشراء عروضاً كانت التركة أو رقيقاً أو عقاراً وإن لم يكن هناك دين أو وصية لا يحتاج الوارث إلى الثمن إلا أنه يؤخر بيع العقار عن بيع المنقول قال الشيخ شمس <287> الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما ذكر في الكتاب من بيع العقار ذاك جواب السلف أما على قول المتأخرين بيع العقار من الوصي لا يجوز إلا أن يكون خيراً لليتيم وذلك بأن يرغب المشتري في الشراء بضعف القيمة أو كان خراجها وعلائقها ومؤوناتها تزيد على غلاتها أو كان على الميت دين لا يفي غير العقار بذلك الدين أو كان الميت أوصى بمال مرسل كألف أو نحوها أو كان بالصغير حاجة إلى الثمن لأجل النفقة فإن لم يكن شيء من ذلك لا يبيع العقار هذا إذا كانت الورثة صغاراً فإن كانوا كباراً وهم حضور وليس في التركة دين ولا وصية فإن الوصي لا يبيع شيئاً من التركة وإن كانت التركة مستغرقة بالدين أو كان الميت أوصى بوصية مرسلة كان للوصي أن يبيع التركة لقضاء الدين إلا أنه يبيع العروض ويؤخر بيع العقار فإن مست الحاجة إلى بيع العقار يبيعه فإن قالت الورثة نحن نقضي الدين وتنفذ الوصية من أموالنا ونستخلص التركة لأنفسنا كان لهم ذلك وإن كانت الورثة كباراً غيباً وليس على الميت دين ولا وصية فللوصي أن يبيع غير العقار استحساناً لأن غير العقار يخشى عليه التوي والتلف فكان البيع حفظاً وتحصيناً ويملك إجارة الكل فإن كان بعض الورثة حضوراً وبعضهم غائباً أو واحد منهم غائباً فإن الوصي يملك بيع نصيب الغائب من العروض والمنقول والرقيق لأجل الحفظ وإذا ملك بيع نصيب الغائب يملك بيع نصيب الحاضر أيضاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يملك * وهذه أربع مسائل أحدها هذه * والثانية إذا كان على الميت دين لا يحيط بالتركة فإن الوصي يملك البيع بقدر الدين عند الكل وهل يملك بيع الباقي عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يملك وعندهما لا يملك * والثالثة إذا كان في التركة وصية بمال مرسل فإن الوصي يملك البيع بقدر(2/145)
ما تنفذ به الوصية وهل يملك بيع ما زاد عليه عنده يملك وعندهما لا يملك * والرابعة إذا كانت الورثة كباراً فيهم صغير فالوصي يملك بيع نصيب الصغير عند الكل ويملك بيع نصيب الكبار أيضاً عنده وعندهما لا يملك وكل ما ذكرنا في وصي الأب فكذلك في وصي وصيه ووصي الجد أب الأب ووصي وصيه ووصي القاضي ووصي وصيه فوصي القاضي بمنزلة وصي الأب إلا في خصلة وهي أن القاضي أذا جعل أحداً وصياً في نوع كان وصياً في ذلك النوع خاصة والأب إذا جعل أحداً وصياً في نوع كان وصياً في الأنواع كلها * وإذا مات الرجل ولم يوص إلى أحد كان لأبيه وهو الجد بيع العروض والشراء إلا أن وصي الأب لو باع العروض والعقار لقضاء الدين أو لتنفيذ الوصية جاز والجد إذا باع التركة لقضاء الدين وتنفيذ الوصية ذكر الخصاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز * وصي الأب إذا كان عدلاً كافياً لا ينبغي للقاضي أن يعزله وإن كان كافياً غير عدل يعزله القاضي وينصب وصياً آخر وإن كان عدلاً غير كاف لا يعزله لكن يضم إليه كافياً ولو عزله ينعزل وكذا لو كان عدلاً كافياً فعزله ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه ينعزل وذكر القدوري <288> والطحاوي أنه ليس للقاضي أن يخرج الوصي من الوصاية ولا يدخل معه غيره * فإن ظهرت منه خيانة أو كان فاسقاً معروفاً بالشر أخرجه ويصب غيره ولو كان ثقة إلا أنه ضعيف عاجز عن التصرف أدخل معه غيره ولم يذكر أنه لو عزله ينعزل وذكر الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الوصي إذا عجز عن تنفيذ الوصايا كان للقاضي أن يعزله * الوصي لا يملك إقراض مال اليتيم والقاضي يملك واختلفوا في الأب والصحيح أن الأب بمنزلة الوصي وللأب والوصي والقاضي أن يبضع مال اليتيم ويودع * ولو قضى الوصي دين نفسه بمال اليتيم لا يجوز ولو فعل الأب جاز لأن الأب لو باع مال يتيم من نفسه بمثل القيمة جاز والوصي لا يملك البيع من نفسه غلا أن يكون خيراً لليتيم وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الأب بمنزلة الوصي ليس له أن يقضي دين نفسه بمال اليتيم فيحتمل أن يكون في المسألة روايتان * وذكر في المنتقى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للوصي أن يستقرض مال يتيم في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأما أنا أرى أنه لو فعل ذلك وله وفاء بالدين لا بأس به * ولو جعل الأب مال ابنه الصغير صداقاً لامرأة نفسه عند من لا يجوز استقراض الأب لا يجوز ذلك فأما الأب أو الوصي إذا رهن مال اليتيم بدين نفسه في القياس لا يجوز وهو قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وذكر الناطفي أن للأب أن يرهن مال ولده بدين نفسه استحساناً * وإن رهن الأب أو الوصي مال اليتيم بدين نفسه وقيمته أكثر من الدين فهلك الرهن عند المرتهن ذكر في فتاوى ما وراء النهر أن الأب يضمن مقدار الدين والوصي يضمن جميع القيمة وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنهما يضمنان مالية الرهن وسوى بين الأب والوصي وهكذا ذكر الحاكم في المختصر * رجل له على ميت دين وليس لصاحب الدين بينة إلا أن الوصي يعلم بذلك فخاف الوصي أنه لو قضى الدين يضمنه الوارث أو يظهر غريم آخر فيضمنه قالوا الحيلة له في ذلك أن يبيع الوصي شيئاً من مال اليتيم بجنس الدين من صاحب الدين أو يودع عند صاحب الدين بعض التركة فيجحد رب الدين * رجل مات وأوصى إلى رجل بثلث ماله وخلف ورثة صغاراً وترك عقاراً لا يكون للوصي أن يبيع العقار على الموصى له بالثلث * القاضي إذ باع ماله من اليتيم أو اشترى مال اليتيم لنفسه لا يجوز ذلك لأن ذلك قاضاء منه وقضاؤه لنفسه بال فلا يملك البيع من نفسه كما لا يملك تزوج اليتيمة من نفسه * رجل مات وعليه دين يستغرق التركة فباع الوارث شيئاً من التركة لا يجوز بيعه على الغرماء ولا ينفذ غلا برضاهم * أحد الوصيين إذا باع مال اليتيم من الوصي الآخر لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعلى لأن عنده أحد الوصيين إذا باع مال اليتيم من أجنبي لا يجوز فكذا إذا باع من الوصي الآخر * الوارث يطالب بقضاء الدين إذا كانت التركة في يده وإذا قضى الدين من مال نفسه كان له حق الرجوع في التركة فتصير <289> التركة مشغولة بدينه وإن لم يقل وقت القضاء إن أقضي لأرجع في التركة هكذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده في المأذون والناطفي أيضاً * الوصي إذا باع مال اليتيم بالنسيئة إذا كان التأجيل فاحشاً بأن لا يباع هذا المال بهذا الأجل لا يجوز وإن لم يكن كذلك ولكن يخاف عليه الجحود عند حلول الأجل أو هلاك الثمن ليه فكذلك وإن كان لا يخلاف عليه الجحود ولا هلك الثمن عليه جاز بيع الوصي * رجل استباع مال اليتيم من الوصي بألف ورجل آخر استباعه بألف ومائة والأول أملأ من الثاني قالوا ينبغي للوصي أن يبيع من الأول وكذلك رجل استأجر مال اليتيم بثمانية وآخر استأجره بعشرة والأول أملأ فإن الوصي يؤاجر(2/146)
من الأول وكذلك متولي الوقف وللوصي أن يودع مال اليتيم ويبضع فإن صالح الوصي عن حق للميت على رجل فإن كان المدعي عليه مقر بالمال أو على المال بينة أو كان القاضي قضى بذلك أو كان القاضي قضى بذلك أو كان القاضي يعلم بذلك لا جوز صلح الوصي على أقل من الحق وإن لم يكن كذلك جاز بالصلح * ولو صالح الوصي عن حق يدعي الإنسان على الميت إن كان للمدعي بينة على دعواه أو علم القاضي بذلك أو كان القاضي قضى بذلك جاز صلح الوصي وإن لم يكن كذلك لا يجوز * ولو احتال الوصي بمال اليتيم إن كان الثاني أملا من الأول جاز وإن كان مثله لا يجوز * ولو طمع السلطان في مال اليتيم فأعطاه الوصي شيئاً من اليتيم إن كان يقدر على دفع الظلم من غير إعطاء شيء لا يجوز له أن يعطي وإن أعطى ضمن وإن كان لا يقدر على دفع الظلم إلا بإعطاء المال كان له أن يعطي صيانة للباقي ولو أعطى لا يضمن * وإقرار الوصي على الميت بدين أو عين أو وصية باطل وللوصي أن يعطي صدقة فطر اليتيم من مال اليتيم ولا يضحي عن الصبي في ظاهر الرواية وكذا الأب لا يضحي عن الصغير من مال الصغير فإن ضحى من مال نفسه يكون متبرعاً {فصل في تصرفات الوكيل} رجل دفع إلى غيره بعيراً وأمره بان يكريه ويشتري له بكراء البعير شيئاً سماه فعمي البعير في يده فباعه وقبض الثمن وهلك الثمن في الطريق قال الفقيه أبو جعفر إن باعه في موضع لم يكن هناك قاضٍ لا يضمن وإن كان أمكنه مرافعة الأمر إلى القاضي ولم يفعل أو كان متمكناً من إمساك البعير والرد على صاحبه يضمن قيمته * رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ليشتري ثوباً سماه فأنفق الوكيل العشرة ثم اشترى بعشرة من عنده ثوباً للآمر قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون المشتري للآمر وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون للآمر إلا أن يكون مال الآمر قائماً وقت الشراء وهو الصحيح لأن الوكالة تبطل بهلاك مال الآمر قبل الشراء مذكر ذلك في البيوع والزيادات وعامة الكتب وما روي عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كأنه جعل الوكالة قائمة بهلاك مال الآمر إلى بدل في ذمته وهو الضمان فإن البيع يبقى بعد هلاك المبيع عند البائع إلى بدل يكون على الأجنبي فلا أن تبقى الوكالة ببقاء بدل المال كان أولى <290> * رجل غاب وأمر تلميذه أ، يبيع الأمتعة ويسلم ثمنها إلى فلان فباع ولم يسلم الثمن إلى فلان حتى هلك عنده قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن التلميذ بتأخير التسليم إلى فلان * رجل دفع سلعة غلى رجل ليبيعها في بلد آخر فحملها المأمور وباعها وقبض بعض الثمن وعاد قالوا لا يجبر المأمور على العود إلى المكان الذي باع فيه ولكنه يجبر على أن يوكل رب المال بشهود أو بكتاب القاضي حتى يذهب رب المال ويقبض الباقي * امرأة أمرت زوجها أن يبيع جاريتها أو يشتري بها أخرى ففعل ثم قال الزوج اشتريت الجارية الثانية لنفسي وجعلت ثمن جاريتك ديناً على نفسي قالو الجارية الثانية للمرأة ولا يصدق الزوج أنه اشتراها لنفسه * وكذا لو قال الزوج للمرأة بعد الشراء هذه الجارية التي أمرتين بشرائها فاشتريتها لنفسي فالجارية للمرأة ولا يقبل قول الزوج * رجل أمر غيره بأن يبيع أرضه بدون أشجارها التي فيها فباع الوكيل الأرض بأشجارها فالقول قول الموكل أنه لم يأمره ببيع الأشجار وللمشتري الخيار إن شاء أخذا الأرض بحصتها من الثمن وإن شاء ترك والبناء في هذا بمنزلة الشجرة * غاصب أخذ ثوباً من دار رجل فذهب وعجز صاحب الثوب عن الاستراداد فاق لله رجل بعني حتى أسترد منه فباعه بثمن معلوم فجاء المشتري إلى الغاصب وأراد أن يأخذ منه الثوب وقال هو لي وكذبه الغاصب فحلف المشتري بطلاق امرأته ثلاثاً أنه ثوبه قالوا لا يكون حانثاً لأن شراء المغصوب صحيح ذكره الكرخي في مختصره غير أن البائع إذا عز عن التسليم كان للمشتري حق الفسخ وههنا لما علم المشتري بالغصب وجب أن لا يكون له حق الفسخ كمن اشترى المرهون والمستأجر إن كان لا يعلم بذلك كان له الخيار إن شاء فسخ وإن شاء تربص إلى وقت فكاك الرهن وانقضاء مدة الغارة وإن أعلم المشتري عند الشراء بالرهن والإجارة روي عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يكون له حق الفسخ والمشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أخذوا بهذه الرواية وههنا علم المشتري وقت البيع بالغصب وفي ظاهر الرواية لا يجوز بيع المغصوب من غير الغاصب غلا أن يكون الغاصب مقراً بالغصب أو كان للمغصوب منه بينة أما في المرهون والمستأجر ملك البائع ثابت عند الكل وهو بسبيل الاسترداد عند انقضاء المدة وفاك الرهن * رجل دفع إلى رجل بضاعة ليبيعها في بلد آخر بغير أجر فحمل وباع وأخذ الدراهم وجعلها في برذعة حماره لخوف الطريق ونزل رباطاً مع القافلة فسرقت الدابة والدراهم قالوا لا ضمان عليه لأنه بالغ في حفظ الوديعة * رجل في يده ثوب فقال لرجل وكلني صاحب الثوب ببيعه بعشرة وأنا لا(2/147)
أنقص من العشرة ثم باع بتسعة قالوا إن وقع في قلت المشتري أنه إنما قال ذلك ليروجه بعشرة وسع للمشتري أن يشتري منه بتسعة * رجل قال لغيره اشتر لي جارية فلان فلم يقل المأمور نعم ولا قال لا حتى ذهب واشترى قالوا إن كان قال وقت الشراء اشهدوا أني اشتريتها <291> لفلان يعين الآمر فهي للآمر لأنه وجد منه ما يدل على قبول الوكالة وإن قال اشهدوا أني اشتريتها لنفسي فهي للمشتري لأنه وجد منه ما يدل على رد التوكيل وإن لم يقل شيئاً فاشترى وقال بعد ذلك اشتريتها للآمر فإن كانت الجارية قائمة لم يحدث بها عيب كان مصدقاً فيما قال وإن كانت الجارية قد هلكت أو حدث بها عيب لا يصدق لأنه منهم * رجل اشترى عبداً وأشهد أنه يشتريه لفلان وقال للبائع اشتريت منك هذا العبد لفلان فقال البائع بعت وقال فلان قد رضيت فللمشتري أن يمنعه من فلان لأن الشراء نفذ عليه فإن سلمه إلى فلان فالعهدة للبائع على المشتري لأنه هو العاقد ويكون تسليمه إلى فلان بمنزلة بيع مستقل جرى بين المشتري وبين فلان * الوكيل بالشراء إذا اشترى عبداً لموكله فأعتقه الموكل قبل الوكيل نفذ إعتاقه عليه لأنه أعتق ملك نفسه والبائع يأخذ الوكيل بالثمن لأنه هو العاقد ولا سبيل له على الموكل وكذلك في التدبير والاستيلاد ولو قتله الموكل ضمن الموكل قيمته للوكيل فيدفع قيمته إلى الوكيل فتكون محبوسة عند الوكيل إلى أن يأخذ الثمن من الموكل * رجل دفع إلى رجل عشرين درهماً ليشتري بها أضحية فاشترى الوكيل أضحية بخمسة وعشرين كان مشترياً لنفسه لا للموكل وإن اشترى بتسعة عشرة فإن كانت تساوي عشرين لزم الآمر لأنه خالفه إلى خير إن كانت تساوي تسعة عشر لا يلزم الآمر لأنه خالف الآمر من كل وجه فيكون مشترياً لنفسه * رجل اشترى في دار الحرب حراً وعبداً بألف درهم بأمر الحر وأخرجهما إلى دار الإسلام قالوا يقسم الألف على قيمة العبد وعلى قيمة الحر لو كان عبداً فما أصاب قيمة العبد يكون العبد له بذلك وما أصاب قيمة الحر يكون ذلك ديناً له على الحر * حر أسره العدو فقال لرجل في دار الحرب اشترني بألف درهم فاشتراه بأكثر من ذلك كان له على الأسير ألف درهم ويكون متبرعاً بالزيادة بخلاف الوكيل بالشراء إذا اشترى بأكثر مما سماه الآمر فإنه يكون مخالفاً ولا يستوجب شيئاً على الآمر لأن في غير الأسير هو مأمور بالشراء بألف والشراء بألف غير الشراء بألف وزيادة فيكون الوكيل مخالفاً فيما أمر فلا يلزم الموكل أما شراء الحر مفادة وتخليص وليس شراء حقيقة وقد رضي الآمر بالتخليص بألف فيجب عليه الألف كما لو أمر رجلاً ليقي من دينه ألفاً فقضى من دينه أكثر من ألف يرجع على الآمر بألف ويكون متبرعاً في الزيادة * وكذا لو قال الأسير لرجل اشترني بألف درهم فاشتراه بمائة دينار أو عرض جاز وله أن يرجع على الأسير بألف كأنه قال خلصني بما أمكنك إلى ألف درهم والوكيل بالشراء بالدراهم إذا اشترى بمائة دينار أو عرض لا يلزم الموكل * رجل فع إلى رجل شيئاً ليبيعه ويدفع ثمنه إلى زيد فجاء صاحب المال وطلب الثمن من زيد فقال زيد لم يدفع البائع إلي الثمن وقال البائع بعت ودفعت إليه الثمن قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان البائع بائعاً بغير اجر كان القول قوله ولا ضمان عليه وإن <292> كان بائعاً بأجر فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لصاحبيه لأن الثمن بدل المبيع والمبيع كان أمانة عند البائع عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عنده الأجير المشتري أمين فكذلك الثمن ولا ضمان على زيد لأن قول البائع لا يكون حجة عليه * رجل بعث أغناماً إلى بياع ليبيعها فباعها في الحظيرة من رجل ثم مات البياع وترك وارثاً فطالب صحاب الغنم المشترى بالثمن فزعم أنه نقد الثمن إلى البياع لم يكن لصاحب الأغنام أن يطالب وارث البياع ما لم يثبت أن البياع قبض الثمن لأنه ما لم يثبت قبضه لا يصير محصلاً للوديعة فلا يصير الثمن ديناً في تركته وليس لصاحب الأغنام أن يطالب المشتري بالثمن إلا بأمر وصي البياع لأن البياع كان وكيلاً بالبيع والوكيل بالبيع إذا مات ينتقل تركته وليس لصاحب الأغنام أن يطالب المشتري بالثمن إلا بأمر وصي البياع لأن البياع كان وكيلاً بالبيع والوكيل بالبيع إذا مات ينتقل حق قبض الثمن إلى وصيه فإن لم يكن له وصي يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب القاضي له وصياً ولا يكون حق القبض للموكل ونظير هذا ما ذكر في الأصل أحد المتفاوضين إذا باع شيئاً من المفاوضة ولم يقبض الثمن حتى مات أوصى إلى رجل كان حق قبض الثمن إلى وصيه لأن وصي الإنسان بعد موته بمنزلة وكيله في حياته ولو كان البائع وكل رجل بقبض الثمن في حياته كان قبض الثمن إلى وكيله لا إلى موكله ولا يصدق المشتري على نقد الثمن إلا ببينة * بياع عنده ودائع الناس وبضائعهم أمروه ببيعها فباعها بثمن مسمى وسلم المبيع إلى المشتري وجل الثمن(2/148)
لا رباب الأموال من مال نفسه ليأخذ الثمن بعد ذلك من المشتري ويكون له فأفلس المشتري قبل أداء الثمن وتوى ما عليه كان للبياع أن يسترد من أصحاب الأموال ما عجل لهم من مال نفسه لأنه إنما أعطاهم يشرط أن يكون الثمن له فإذا لم يسلم له الشرط كان له أن يسترد كرجل مات وله على الناس ديون وليس له وارث معلوم فأخذ السلطان ديون الميت من غرمائه ثم ظهر له وارث كان ديون الميت على غرمائه لهذا الوارث لأنه ظهر أن الغرماء لم يدفعوا المال إلى صاحب الحق فلا يحصل لهم البراءة فكان عليهم الأداء ثابتاً * رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم وكل رجلاً على أنه إن لم ينقد الثمن غلى خمسة عشر يوماً فالوكيل يفسخ لبيع بينهما لا يفسد البيع بذلك ويصح الشرط حتى لو لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً كان للوكيل أن يفسخ البيع * رجل وكل رجلاً بالبيع أو فسخ البيع بحكم الخيار بعد ذلك صح فسخه * الوكيل بالبيع إذا باع بحضرة الموكل كانت العهدة على الوكيل * الوكيل بالشراء إذا اشترى ولم يقبض فعلم بعيب كان له أن يرده يسيراً كان العيب أو فاحشاً فإن رضي بالعيب اليسير لزم الموكل وإن كان فاحشاً وهو ما يفوت جنس المنفعة كالعمى وقطع اليدين لا قطع أحدهما ولا بياض إحدى العينين لزم الوكيل وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اليسير ما يدخل <293> تحت تقويم المقومين والفاحش ما لا يدخل وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده هذا التحديد صحيح فيما ليس له ثمن معلوم عند الناس كالعبد والثوب ونح ذلك وأما ما له قيمة معلومة عند الناس كالخبز واللحم ونحو ذلك إذا زاد الوكيل بالشراء على ذلك لا ينفذ على الآمر قلت الزيادة أو كثرت لأن ماله قيمة معلومة عند الناس لا يحتاج في معرفته إلى تقويم المقومين * ولو قال الموكل للوكيل بعد ما علم بالعيب لا ترض به فرضي به الوكيل لا يلزم الآمر ويكون للآمر أن يلزم الوكيل وهو بمنزلة ما لو علم الوكيل بالعيب بعد القبض فرضي به إن رضي به الموكل جاز وإن لم يرض لزم الوكيل * ذكر في المنتقى أمر رجلاً أ، يشتري له جارية بألف درهم فاشتراها ولم يقبضها حتى وجد بها عيباً كان بها قبل البيع أو حدث بعد البيع فرضي المشتري بالعيب وقبضها إن لم يكن العيب عيب استهلاك لزم الآمر وإن كان استهلاكاً كالعمى ونحو ذلك كان للآمر أن يلزم الوكيل في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد وقال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هما سواء ويلزم الآمر إن كانت مع ذلك العيب تساوي بألف أو كان بينهما غبن يسير * رجل دفع إلى دلال عيناً ليبيعه فعرض الدلال على صاحب الدكان فهرب صاحب الدكان وذهب بالمتاع ضمن الدلال لأنه ليس للدلال أن يترك العين عند غيره ولكنه يعرض ويأخذ العين غلا أن يكون الدلال تلميذ صاحب الدكان يضع أمتعة الناس في حانوته أو كان هو في عياله فحينئذ لا يضمن الدلال * دلال باع شيئاً وأخذ الدلالية ثم اسحق المبيع على المشتري أو رد بعيب بقضاء أو غيره لا يسترد الدلالية وإن انفسخ البيع لأنه وإن انفسخ لا يظهر أن البيع لم يكن فلا يبطل عمله * الوكيل بالبيع إذا باع ما يساوي درهماً بألف درهم جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يكره ذلك * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكره ذلك هكذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده * الوكيل بالبيع إذا باع ممن لا تقبل شهادته له وحط عن الثمن قدر ما يتغابن فيه الناس ذكر في رواية أنه يجوز البيع بقدر القيمة ولا تجوز المحاباة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وذكر في البيوع أنه لا يجوز البيع أصلاً * امرأة اشترت من رجل شيئاً ثم اختلفا فقالت المرأة كنت رسول زوجي إليك وكان البيع على وجه الرسالة وليس على الثمن وقال البائع لا بل بعته منك ولي عليك الثمن كان القول في ذلك قول المرأة والبينة للبائع * ومن جملة البيوع من غير المالك بيع الفضولي وقد مر في صدر الكتاب والله أعلم {باب الاستبراء} إذا ملك الرجل جارية ببيع أ هبة أو صدقة أ قسمة أو صلح عن دم عمد أو خلع أو كتابة على جارية أو أعتق عبده على جارية أو ورث جارية يحل له وطؤها بكراً كانت الجارية أو غير بكر ملكها من صغير أو كبير أو امرأة أو عنين فإن كانت من ذوات الحيض لا يحل له وطؤها حتى يستبرئها بحيض وإن كانت آيسة أو صغيرة يستبرئها بشهر واحد وإن كانت حاملاً لا يطؤها حتى تضع حملها بعد القبض فإن وضعت حملها <294> قبل القبض ثم قبل القبض ثم قبضها كان عليه أن يستبرئها بعد ما خرجت من نفاسها وإن كانت شابة قد ارتفع حيضها لمرض أو غيره اختلفت الروايات فيه ذكر في الأصل عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أنه لا يقر بها حتى يستبين أنها غير حامل ولم يؤقت لذلك وفي رواية لا يقر بها سنتين وفي رواية ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية لا يقر بها أربعة أشهر وعشرة أيام(2/149)
وفي رواية شهرين وخمسة أيام قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي كان مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول أولاً لا يقر بها أربعة أشهر وعشر أيام ثم رجع وقال شهرين وخمسة أيام والمشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أخذوا بهذه الرواية * رجل أنكر وجوب الاستبراء اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يكفر لأنه أنكر ما فيه إجماع المسلمين وقال عامة المشايخ لا يكفر لأن ظاهر قوله تَعَالَى أو ما ملكت أيمانكم يقتضي إباحة الوطء مطلقاً وإنما عرف وجوب الاستبراء بالخبر فلا يكفر جاحده وكما لا يحل الوطء في مدة الاستبراء لا تحل الدواعي * ومن أراد أن يشتري جارية ولا يلزمه الاستبراء فالحيلة ما ذكر في الكتاب يزوجها البائع من رجل يثق به ثم يبيعها من المشتري فيقبضها المشتري ثم يطلقها زوجها ويستحب للبائع أن يستبرئها قبل أن يزوجها أو يشترط أن يكون طلاق الزوج بعد قبض المشتري فإن طلقها قبل القبض كان على المشتري أن يستبرئها إذا قبضها في أصح الروايتين عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه طلقها قبل القبض فإذا قبضها والقبض بحكم العقد بمنزلة العقد فيصير كأنه اشتراها في هذه الحالة وهي ليست في نكاح ولا عدة فيلزم الاستبراء وحيلة أخرى أن يبيعها قبل التزويج ويأخذ الثمن ولا يسلم الجارية غلى المشتري ثم يزوجها المشتري من عبده أو أجنبي ثم يقبضها ثم يطلقها الزوج بعد ذلك إلا أن في هذا نوع شبهة فإن عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإحدى الروايتين عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما اشتراها يجب الاستبراء إلا أن الوجوب يتأكد عن القبض فالتزويج بعد الشراء لا يسقط استبراء وجب بنفس العقد ألا أن تحيض عند المشتري حيضة قبل الطلاق فحينئذ لا يجب الاستبراء ففي قولهم وحيلة أخرى أنه إذا أراد أن يشتري الجارية يتزوجها المشتري قبل الشراء إذا لم كن في نكاحه حرة ثم يسلمها إلى المولى ثم يشتري فلا يجب عليه الاستبراء وإنما شرط تسليم الجارية إليه قبل الشراء كيلا يوجد القبض بحكم الشراء بعد فساد النكاح * وقال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين عندي يشترط أن يدخل الزوج بها بحكم النكاح قبل الشراء لأن ملك النكاح يفسد عند الشراء سابقاً على الشراء ضرورة إن ملك النكاح لا يجامع ملك اليمين فإذا كان فساد النكاح سابقاً على الشراء لم تكن عند الشراء منكوحة ولا معتدة أما إذا دخل بها قبل الشراء فإذا فسد النكاح تصير معتدة قبل الشراء فلا يلزم الاستبراء * وإذا اشترى جارية وأراد أن يزوجها إلى أجنبي <295> قبل القبض وخاف أنه لو زوجها من عبده أو أجنبي ربما لا يطلقها الزوج فالحيلة له أن يزوج على أن يكون أمرها بيده يطلقها متى شاء * وأجمعوا على أن ما لا يبطل حق الغير لا يكره فيه استعمال الحيلة ولا تعليم الحيلة وأما فيما فيه إبطال حق الغير يكره الاحتيال وفي منع وجوب الزكاة اختلاف على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكره وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكره وكذا الاحتيال لمنع وجوب الاستبراء على هذا الخلاف والمشايخ في هذه الفصلين أخذوا بقول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تتعالى وفي الاحتيال لمنع الشفعة أخذوا بقول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأما الاحتيال لبطلان حق الشفعة بعد الثبوت لا يجوز عند الكل وكما يجب الاستبراء بإثبات ملك لم يكن يجب بإعادة ملك كان له * رجل باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم ردت عليه بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو بخيار رؤية أو شرط أو إقالة كان على البائع أن يستبرئها بحيضة ولو انفسخ البيع بينهما قبل القبض بهذه الأسباب لا يجب الاستبراء * ولو باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم تقايلا البيع في المجلس كان على البائع أن يستبرئها وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا تقايلا قبل الافتراق لا يجب * ولو وهب رجل لولده الصغير جارية كانت له أو باع منه ثم اشتراها لنفسه يلزمه الاستبراء * ولو باع شقصاً من جارية كانتت له وسلم ثم اشتراه لزمه الاستبراء لأنه لما باع الشقص حرم عليه وطؤها فإذا اشترى بعد ذلك استحث حل الوطء فكان عليه الاستبراء وكذا لو اشترى أحد الشريكين نصيب صاحبه من االجارية المشتركة لزمه الاستبراء * ولو باع جارية على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام وسلم إلى المشتري ثم إن المشتري أبطل البيع ورد الجارية يجب الاستبراء على البائع في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يجب في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو باع جارية بيعاً فاسداً وسلمها إلى المشتري ثم استردها بقضاء أو رضاء كان عليه الاستبراء * وإذا اغتصب الرجل جارية وباعها من غيره وسلم إلى المشتري ثم استردها المغصوب منه بقضاء أو رضاء إن كان المشتري علم بالغصب لا يجب الاستبراء على المالك وطئها المشتري من الغاصب أو لم يطأ وإن لم يعلم المشتري وقت الشراء أنها غصب إن لم يطأها المشتري لا يجب الاستبراء على(2/150)
المولى ون وطئها في القياس لا يجب وفي الاستحسان يجب * ولو وهب جارية وقبضها الموهوب له ثم رجع الواهب في الهبة كان عليه الاستبراء وكذا إذا أسر العدو جارية لرجل أو أحرزها بدرا الحرب ثم اشتراها منه مسلم أو ذمي وأخرجها غلى دار الإسلام فأخذها المولى القديم بالثمن من المشتري كان عليه الاستبراء عندنا وكذا لو أسر العدو جارية وأحرزها بدار الحرب فاغتنمها لغزاة فاقتسموا الغنيمة فأخذها المولى من الذي وقت الجارية في سهمه بالقيمة كان عليه الاستبراء وإن وجدها في الغنيمة قبل القسمة يأخذها بغير شيء ويلزمه الاستبراء * ولو أبقت جارية المسلم إلى دار الحرب ثم أخرجت إلى دار الإسلام بغنيمة أو <296> شاء وأخذها المولى قال أَبُو حَنِيفَةَ رحمه اله تَعَالَى لا يجب عليه الاستبراء وقال صاحباه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجب هذا الذي ذكرنا إذا أخرجت عن ملك المولى ثم عادت إليه فإن لم تخرج عن ملكه لكنها خرجت من يده ثم عاد إليه لا يجب الاستبراء * وصورة ذلك إذا كاتب أمته ثم عجزت وردت في الرق لا يلزم الاستبراء وكذا الجارية إذا أبقت ولم تخرج عن دار الإسلام فرجعت إليه لا يجب الاستبراء وكذا لو غصب رجل جارية رجل ثم استردها من الغاصب * وكذا إذا رهن جارية ثم فك الرهن أو باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وسلم إلى المشتري ثم أبطل البيع في مدى الخيار لا يلزمه الاستبراء وكذا إذا باع المدبرة أو أم الولد وسلم إلى المشتري قبل الوطء لا يلزمه الاستبراء وإن استردها بعدما وطئها المشتري يلزم الاستبراء * ولو اشترى جارية وقبضها واستبرأها ثم زوجها رجلاً ثم طلقها الزوج قبل الدخول لا يلزم الاستبراء في ظاهر الرواية * وإن اشترى جارية وقبضها وزوجها قبل الاستبراء ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها فيه روايتان والمختار أنه لا يجب الاستبراء على المولى ولو اشترى من عبده المأذون جارة بعدما حاضت عند العبد فإن لم يكن العبد مديوناً لا يجب الاستبراء على المولى وإن كان مديوناً القياس لا يجب الاستبراء وهو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان يجب وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن اشترى العبد الماذون جارية فباعها من المولى قبل أن تحيض عنده كان على المولى أن يستبرئها بحيضة مديوناً كان العبد أو لم يكن وإذا ارتدت جارية الرجل ثم أسلمت لا يجب الاستبراء على المولى وكذا إذا أحرمت تطوعاً بإذن المولى ثم حلت من إحرامها لا يجب الاستبراء على المولى * إذا اشترى المكاتب والدته أو بنته فحاضت عنده حيضة ثم عجز المكاتب ورد في الق كان للمولى أن يطأ البنت والوالدة قبل الاستبراء ولو اشترى المكاتب عمته أو خالته أو بنت أخته أو بنت أخيه ثم عجز المكاتب ورد في الرق لا يحل للمولى أن يظأهن قبل الاستبراء حاضت عند المكاتب أو لم تحض لأن ههنا المولى ملكهن بعد العجز فيلزمه الاستبراء * ولو اشترى المكاتب جارية وحاضت عنده حيضة ثم أدى الكتابة وعتق سلمت له الجارية ولا يلزم الاستبراء وإن عجز المكاتب ورد في الرق كانت الجارية للمولى ويلزمه الاستبراء ولو زنت جارية الرجل عنده لا يجب االاستبراء على المولى وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب ولو اشترى النصراني جارية نصرانية لا يلزمه الاستبراء فإن وطئها ثم أسلم النصراني والجارية لا يجب الاستبراء قياساً واستحساناً وإن اسلما قبل الوطء والحيض في القياس لا يجب وفي الاستحسان يجب ولو اشترى المجوسي جارية مجوسية فحاضت حيضة ثم أسلما معاص لا يجب الاستبراء وإن أسلما قبل الحيض فهو على القياس والاستحسان * رجل أراد أن يزوج جاريته بعد الوطء فالأفضل له أن يستبرئها بحيضة ثم يزوج وكذا إذا أراد أن يبيع جاريته فإن زوج الجارية قبل الاستبراء <297> النكاح ويستحب للزوج أن لا يطأها حتى تحيض حيضة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحل للزوج أن يطأها قبل الاستبراء * وكذا إذا زوج المدبرة أو أم الولد ولو رأى امرأة تزني ثم تزوجها إن حبلت من الزنا لا يطؤها حتى تضع حملها وإن لم تحبل يستحب له أن لا يطأها حتى تحيض والله أعلم {كتاب الإجارات} {فصل في الألفاظ التي تنعقد بها الإجارة وفي تعليق انعقادها بالشرط وتعليق انفساخاها وتجديد انعقادها بعد انفساخها وفي الغبراء عن الأجرة قبل وجوبها} رجل قال لغيره اشتريت منك خدمة عبدك هذا شهراً بكذا كانت الإجارة فاسدة ولو قال وهبت منك منفعة هذه الدار شهراً بكذا أو قال ملكتك منفعة داري هذه شهراً بكذا كان الإجارة جائزة لأن الإجارة تمليك المنفعة المعدومة بعوض وبيع المعدوم باطل فلا يجوز تمليكها بلفظة البيع والشراء أما تمليك المعدوم بما سوى البيع والشراء جائز كالوصية ونحو ذلك فلو لم يجز تمليكها بما سوى البيع والشراء ينسد باب الإجارة * وذكر في كتاب الصلح رجل ادعى شقصاً من دار فأنكر المدعي عليه فصالحه على سكنى بيت معلوم من هذه الدار عشر سنين جاز(2/151)
فلو أن المدعي آجر هذا البيت من الذي صالحه جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رمه الله تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو أن المدعي باع سكنى هذا البيت من رجل لا يجوز لأن تمليك السكنى بعوض إجارة والإجارة لا تنعقد بلفظ البيع * رجل قال لغيره بعت منك منفعة هذه الدار شهراً بكذا لا يجوز كما لا يجوز بيع خدمة العبد شهراً بكذا وقد ذكرنا * ول قال آجرتك منفعة هذه الدار شهراً بكذا ذكر في الأصل في بعض الروايات أنه لا يجوز وإنما تجوز الإجارة إذا أضيفت إلى الدار لا غلى المنفعة وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه إذا أضاف الإجارة إلى المنفعة جاز أيضاً فإنه ذكر في الكتاب إذا قال وهبت منك منفعة هذه الدار شهراً بدرهم جاز وإنما لا يجوز إذا أضاف البيع إلى منفعة الدار لأن منفعة الدار لا تنعقد بلفظ البيع * ول قال أعرت منك داري هذه شهراً بدرهم كانت إجارة جائزة لأن الإعارة بعوض تكون إجازة * ولو قال آجرت منك داري هذه شهراً بغير عوض كانت إجارة فاسدة ولا يكون إعارة لأن الإجارة عقد خاص لتمليك المنفعة بعوض بمنزلة لبيع في الأعيان ولو قال بعت منك هذه العين بغير عوض كان باطلاً أو فاسداً ولا يكون هبة وكذا الإجارة أما الإعارة مأخوذة من التعاور والتداول والتعاور كما يكون بغير عوض يكون بعوض والتعاور بعوض يكون إجارة * ولو دفع داره إلى رجل على أن يسكنها ويرمها ولا أجرة عليه كانت إعارة فإنه ذكر في الأصل أن اشتراط المرمة على المدفوع إليه بمنزلة اشتراط نفقة المستعار على المستعير وبذلك لا تبطل الإعارة * رجل قال لغيره آجرتك داري هذه رأس الشهر كل شهر بكذا جاز في قولهم * ولو قال إذا جاء رأس الشهر آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأبو بكر الإسكاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز ذلك وقال <298>أبو القاسم الصفار لا يجوز لأنه تعليق التمليك بعوض فلا يصح كما لو علقها بشرط آخر والذي يؤيد قوله ما ذكر في الجامع الصغير رجل حلف أن رجل حلف أن لا يحلف ثم قال لامرأته إذا جاء غد أنت طالق كان حانثاً في يمينه والذي يؤيد قول الفقيه أبي الليث ما ذكر في المنتقى رجل له خيار الشرط في البيع فقال أبطلت خياري غداً أو قال أبطلت خيار إذا جاء غد كان ذلك جائزاً قال وليس هذا كقوله غ لم أفعل كذا فقط أبطلت خياري فإن ذلك لا يصح لأن هذا وقت يجيء لا محالة * ولو آجر داره كل شهر بكذا ثم قال إذا جاء الشهر فقط أبطلت الإجارة قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما يصح تعليق الجارية يجيء الشهر يصح تعليق فسخها بمجيء الشهر وغيره من الأوقات ومسألة المنتقى بتعليق إبطال الخيار تؤيد قوله * وقال شمس الأئمة السرخسي قال بعض أصحابنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى إضافة الفسخ غلى الغد وغيره من الأوقات صحيح وتعليق الفسخ بمجيء الشهر وغير ذلك لا يصح والفتوى على قوله وذكر هو رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن تعليق الخياطة بالشرط المتعارف جائز فإنه قال في شرح الجامع الصغير إذا قال للخياط إن خطته اليوم فلك درهمان وإن خطته غداً فلك درهم فلو أن الخياط قال لصحب الثوب إذا جاء غد وما خطته حططت عنك درهماً فإنه يجوز ذلك * رجل قال لغيره آجرتك دابتي هذه غداً بدرهم ثم آجرها اليوم من غيره إلى ثلاثة أيام فجاء الغد وأراد المستأجر الأول أن يفسخ الإجارة الثانية فه روايتان عن أصحابنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى في رواية للأول أن يفسخ الإجارة الثانية وبه أخذ نصير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي رواية ليس له أن يفسخ الثانية به أخذ الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والفقيه أبو الليث وشمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول عيسى بن أبان رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا صح عندي أن الإجارة المضافة لازمه قبل وقتها فلا تظهر الثانية في حق الأولى ولو كانت الأولى ناجزة لا تظهر الثانية في حق الأولى هذا إذا كانت الأولى مضافة إلى الغد ثم آجر من غيره إجارة ناجزة ولو كانت الإجارة الأولى مضافة إلى الغد ثم باع من غيره ذكر في المنتقى فيه روايتان في رواية قال ليس للآجر أن يبيع قبل مجيء الوقت وفي رواية قال إذا باع أو وهب قبل مجيء الوقت جاز ما صنع والفتوى على أنه ينفذ البيع وتبطل الإجارة المضافة وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ثم إذا نفذ بيعه فإن رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل مجيء وقت الإجارة عادت الإجارة إلى حالها وإن عادت إليه بملك مستقبل لا تعود الإجارة وإذا آجر الرجل إجارة ناجزة ثم آجر من غيره لا تنعقد الإجارة الثانية في حق الآجر حتى إن الآجر مع المستأجر الأوّل لو تفاسخا الإجارة لا يجب عليه أن يسلمه إلى الثاني * وفي فصل البيع إذا انفسخ البيع بما هو فسخ من كل وجه كان على الآجر إن يسلم إلى المستأجر * أصل(2/152)
المسألة ما ذكر في <299> أدب القاضي * عين في يد رجل تنازع فيه اثنان أحدهما يدعي عليه الإجارة والآخر يدعي عليه الشراء فأقر المدعي عليه للمستأجر فأراد مدعي الشراء أن يحلفه على البيع كان له ذلك لأن الإجارة وإن ثبتت بإقراره لا يكون فوق الثابت عياناً * ولو آجر ثم باع من آخر لزم البيع في حق الآخر وإذا أنكر بيعه كان له أن يحلفه * ولو أن المدعيين ادعيا الإجارة فأقر المدعي عليه بإجارة أحدهما لم يكن للآخر أن يحلف لأن إجارة أحدهما لما ثبتت بإقراره صار كأنه آجر ثم آجر فلا تصح الإجارة الثانية فلا يكون له أن يحلقه * ولو أجر دابته من رجل ثم آجرها من غيره وسلم وجاء الأول وأراد أن يقيم البينة على الإجارة إن كان الآجر حاضراً قبلت بينته عليه وإن كان هو مقراً بإجارة الأول لأن إقراره للأول لا يصح في حق الثاني وإن كان الآجر غائباً لا تقبل بينة الأول على الثاني لأن يد الثاني يد أمانة فلا يكون خصماً للمدعي * ولو آجر ثم باع وسلم فجاء المستأجر وادعى الإجارة قبلت بينته على المشتري وإن كان لآجر غائباً لأن المشتري يدعي الملك لنفسه فكان خصماً لكل من يدعي حقاً في ذلك العين وكذا لو رهن رجل عند إنسان عيناً وسلم ثم انتزعه من يده بغير إذنه وباع وسلم ثم جاء المرتهن وادعى الرهن وأراد أن يسترده من المشتري وأقام البينة على الرهن قبلت بينته وإن كان الراهن غائباً فيؤخذ العين من يد المشتري ويسلم غلى المرتهن لما قلنا ذكر مسألة الرهن في الزيادات ومسألة الإجارة في المختصر * ولو أجر من غيره إجارة ناجزة ثم باع من غيره لا نيفذ بيعه في حق المستأجر فإن أراد المستأجر أن يفسخ البيع اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يملك الفسخ * رجل قال لغيره آجرتك هذا الدار سنة بألف درهم كل شهر بمائة درهم قال بعضهم كانت الإجارة بألف ومائتي درهم ويكون القول الثاني فسخاً للأول كما لو باع بألف ثم باع بأكثر ينفسخ الأول وينعقد الثاني * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفيه نوع إشكال وهو أنه لو جعل هذا فسخاً للأول وابتداء إجارة ينبغي أن تجوز الإجارة في الشهر الأول ثم تتجدد بمجيء كل شهر ويكون لكل واحد منهما الخيار عند تجدد كل شهر كما قالوا آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما يجعل هذا فسخاً للأول إذا قصد أن تكون الإجارة كل شهر بمائة فأما إذا غلطا في التفسير لا يلزمه إلا الألف لأنهما لم يقصدا فسخ الأوّل فلو أن الآجر ادعى قصد الرجوع وادعى المستأجر الغلط في التفسير قال مولانا ينبغي أن يكون القول قول الآجر غما لأنه هو المتكلم فيكون القول في البيان قوله أو لأن هذا ابتداء ظاهراً فيكون القول قول من يدعي الابتداء كما لو تواضعا على بيع التلجئة ثم باشرا البيع من غير شرط كان المعتبر هو البيع الظاهر إلا أن يتفقا على أنهما باشرا على تلك المواضعة * رجل قال لغيره آجرتك داري هذه يوماً واحداً وسنة مجاناً فسكنها كان عليه أجر المثل في يوم واحد والباقي يكون مجانا"ص كما قال لأنه صرح بنفي الإجارة فيما سوى اليوم * رجل غصب من رجل داراً فجاء المغصوب <300> منه إلى الغاصب وقال الدار داري فاخرج منها فإن لم تخرج فهي عليك كل شهر بمائة درهم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كان الغاصب جاحداً ويقول الدار داري فأقام المغصوب منه البينة بعد سنة بعد سنة أنها له يقضي له بالدار ولا آجر له على الغاصب وإن كان الغاصب مقراً أنها للمغصوب منه فقال له صاحب الدار أخرج منها فإن لم تخرج فهي عليك كل شهر مائة درهم فلم يخرج ومكث زماناً يلزمه ما سمي * رجل رجل اكترى داراً سنة بألف درهم فلما انقضت السنة قال له رب الدار إن فرغتها اليوم وغلا فهي عليك كل يوم بدرهم فلم يفرغ زماناً والمستكري مقر له بالدار قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه ما سمي ن الأجر * قال هشام قلت لمحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لم لا تجعلها في مقدار ما ينقل متاعه منها بأجر مثلها قال هذا حسن أجعلها بأجر مثلها فإن فرغها إلى ذلك الوقت المعلوم وإلا جعلتها بعد ذلك الوقت بما قال كل يوم * رجل استأجر حانوتاً كل شهر بثلاثة دراهم فلما مضى شهران قال له صاحب الحانوت إن رضيت كل شهر بخمسة دراهم وغلا فأفرغ الحانوت ولم يقل المستأجر شيئاً ولكنه سكن فيه يلزمه كل شهر خمسة دراهم لأنه لما سكن فقد رضي بذلك ولو قال المستأجر لا أرضى بخمسة دراهم وسكن لا يلزمه إلا الأجر الأول * الراعي إذا كان يرع الغنم كل شهر بأجر مسمى فقال لصاحب الغنم لا أرعى غنمك بعد هذا إلا أن تعطيني كل يوم درهماً فلم يقل صاحب الغنم شيئاً وترك الغنم عنده كان عليه كل يوم درهم * رجل استأجر رجلاً ليعمل له في أرضه عملاً معلوماً كل شهر بكذا فمات المستأجر بعد زمان فقال الوصي للأجير اعمل على ما كنت تعمل فأنا لا احبس عنك أجرك فأتى على ذلك أيام ثم باع الوصي الأرض فقال المشتري للأجير اعمل عملك فأنا أعطيك(2/153)
الأجر قالوا مقدار ما عمل الأجير في حياة المستأجر يكون في تركته ومن يوم قال له الوصي اعمل عملك يكون على الوصي ومن يوم قال له المشتري اعمل عملك يكون على المشتري إلا أن ما يجب في تركة الميت يكون من المسمى وما يجب على الوصي والمشتري يكون أجر المثل إذا لم يعلما بالمسمى * رجل أراد أن يستأجر غلاماً فقال صاحب الغلام هو بعشرين وقال المستأجر هو بعشرة وافترقا على ذلك فإنه يكون بعشرين وقد ذكرنا مثل هذا في البيع فكذلك في الإجارة ولو قال المستأجر بل بعشرة وقبض الغلام قال بعضهم يجب أجر المثل لا يزاد على عشرين ولا ينقص عن عشرة والصحيح أنه يلزم الأجر الذي صرح به المستأجر * رجل دفع إلى رجل ثوباً ليبيع على أنه إن زاد على كذا وكذا فهو له قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكونه ذلك إجارة ويكون هو في الثوب بمنزلة الأجير المشترك * رجل استأجر أرضاً فزرع فيها ثم مات المستأجر قبل انقضاء مدة الإجارة كان على ورثته ما سمي من الأجر إلى أن يدرك الزرع لأن الإجارة كما تنقص بالأعذار تبقى بالأعذار وكذا لو مات المؤاجر وبقي المستأجر تبقى الإجارة إلى أن يدرك الزرع وإن انقضت مدة الإجارة والزرع يقل في القياس يؤمر المستأجر <301> بقلع الزرع وفي الاستحسان يقال له إن شئت فاقلع الزرع في الحال وإن شئت فاتركه في الأرض إلى أن يدرك وعليك لصاحب الأرض أجر مثل الأرض ولا يقال عندنا المنافع لا تتقوم إلا بالعقد أو بشبهة العقد فكيف تتقوم المنافع ههنا بغير قد لأنا نقول القاضي يقضي بإجارة مستقبلة في تلك المدة ينظر إلى مقدار أجر المثل في تلك المدة فيقضي بذلك على المستأجر ولا يقضي بأجر المثل لأنه مجهول وابتداء العقد بالأجر المجهول باطل وما لم يقض القاضي عليه بذلك لا يلزم الآجر كذا قاله الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو استأجر أرضاً وزرع فيها رطبة أو غرس فيها شجرة ثم انقضت مدة الإجارة قال بعضهم يضمن رب الأرض للمستأجر قيمة الأشجار مقلوعة وقال بعضهم يطالب رب الأرض المستأجر بقلع الأشجار وتفريغ الأرض ولا تبقى الإجارة ههنا بخلاف ما إذا كان فيها زرع فانقضت المدة لأنه ليس للأشجار غاية معلومة بخلاف الزرع فيأمره بتفريغ الأرض عن الأشجار والرطبة ليس لرب الأرض أن يتملك الأشجار على الغارس بالقيمة إذا لم يكن في قلع الأشجار ضرر فاحش بالأرض فإن كان فحينئذ كان له أن يتملك الأشجار عليه بقيمتها مقلوعة دفعاً للضرر عن نفسه * رجل استأجر علو بيت ووضع عليه دنان خل فانقضت مدة الإجارة فأبى المستأجر رفع الدنان قالوا ينظر إن كان الخل بلغ مبلغاً لا يفسد بالتحويل يؤمر المستأجر بالرفع لأنه متعنت في الامتناع وإن كان التحويل يفسد الخل يقال للمستأجر إن شئت فارفعه وإن شئت فاستأجر البيت إلى وقت بلوغه فالمراد بقوله استأجر البيت إلى وقت بلوغه التزام أجر المثل كما قلنا في نقل المتاع وتفريغ الحانوت ولا يكون له أن يلتزم مادون أجر المثل ولا لرب البيت أن يطالبه بالزيادة على أجر المثل * وموت المكاري في الطريق لا يبطل الإجارة وللمستأجر أن يركبها بذلك الأجر حتى يأتي مأمناً لأنه في المفازة يخاف على نفسه وماله وليس هناك قاضي يرفع إليه الأمر فهو آجر منه الدابة فإن بلغ مأمناً لا يخاف على نفسه وماله بطلت الإجارة وإن لم يكن هناك قاض يرفع الأمر إليه لأنه يقدر على أن يستأجر في المأمن دابة أخرى وإن لم يجد دابة أخرى يمكنه أن يمكث في ذلك المكان فتبطل الإجارة لزوال العذر * وتبطل الإجارة بموت الآجر أو المستأجر عندنا خلافاً للشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا تبطل بموت الوكيل ولا بموت الأب والوصي ولا ببلوغ الصبي وتبطل بموت الموكل * ولو أجر رجلان داراً ثم مات أحدهما بطلت الإجارة في حصته عندنا فإن رضي وارث الميت وهو كبير أن تكون حصته على الإجارة ورضي به المستأجر جاز وإن كان هذا إجارة المشاع في نصيبه لكنها من الشريك * وكذا لو مات أحد المستأجرين وإن مات الفضولي في الإجارة إن مات قبل الإجارة بطل العقد وإن مات بعد الإجارة لا يبطل كما لا يبطل بموت الوكيل * رجل استأجر دابة غلى موضع بأربعة دراهم على أن يرجع في يومه ذلك فرجع بعد خمسة أيام قالوا درهمان لأنه خالفه في الرجوع فسقط <302> عنه أجر الرجوع ويبقى أجر الذهاب * رجل استأجر داراً شهراً فسكنها شهرين ذكر في الأصل أنه لا يلزمه أجر الشهر الثاني ولم يفصل بين المعد للاستغلال وغيره فإنه ذكر المسألة في الحمام وأجاب كما ذكر في الدار والحمام معد للاستغلال وفي بعض الروايات قال يلزمه اجر الشر الثاني ومن أصحابنا من فرقوا بين الروايتين فقالوا إذا لم يكن معد للاستغلال لا يلزمه أجر الشهر الثاني كما قال في الكتاب وإن كان معد للاستغلال يلزمه أجر الشهر الثاني سواء استأجر حماماً أو داراً أو أرضاً وعليه الفتوى وإن مات المؤاجر فسكن المستأجر بعد موته منهم من قال عليه اجر ما سكن بعد(2/154)
الموت لأنه ليس بغاصب في السكنى بله هو ماض على الإجارة ومنهم من سوى بين هذا وبين المسألة الأولى * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن لا يظهر الانفساخ ههنا ما لم يطالبه الوارث بالتفريع سواء كان معداً للاستغلال أو لم يكن لأن موت احد المتعاقدين يوجب انفساخ الإجارة عندنا خلافاً للشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإذا كان مختلفاً فيه لا يظهر ما لم يطالبه الوارث بالتفريغ أو بالتزام أجر آخر وإذا انقضت مدة الإجارة ورب الدار غائب فسكن المستأجر بعد ذلك سنة لا يلزمه الكراء لهذه السنة لأنه لم يسكنها على وجه الإجارة وكذا لو انقضت المدة والمستأجر غائب والدار في يد امرأته لأن المرأة لم تسكنها بأجر * رجل آجر داره أو حانوته كل شهر بدرهم كان لكل واحد منهما أن يفسخ الإجارة عند تمام الشهر فإن خرج المستأجر قبل تمام الشهر وخلف امرأته ومتاعه فيها لم يكن للآجر أأن يفسخ الإجارة مع المرأة لأنها ليس بصم فإن أراد أن يفسخ عند غيبة المستأجر قال بعضهم يؤاجر الدار مع إنسان آخر قبل تمام الشهر فإذا تم هذا الشهر يفسخ الإجارة الأولى وتنفذ الثانية فتخرج المرأة من الدار وتسلم إلى الثاني وهو نظر ما قال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى رجل باع شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أراد أن يفسخ بحكم الخيار عند غيبة المشتري لا يجوز ذلك فإن باعه من غيره جاز وينتقض البيع الأول هذا إذا كان المستأجر غائباً فإن كان حاضراً وقد كاهن آجر داره كل شهر لا يجوز حتى بفسخ الإجارة قال بعضهم يقول المؤاجر للمستأجر في الشهر الأول فسخت الإجارة التي بيننا في دار كذا إذا جاء رأس الشهر وعامة المشايخ لم يجوزوا هذا الطريق لأن فيه تعليق الفسخ بمجيء الشهر وكما لا يجوز تعليق الإجارة بمجيء الشهر عند عامة المشايخ لا يجوز تعلقي فسخها وقال بعضهم يقول المؤجر في آخر الشهر مرة بعد أخرى فسخت الإجارة حين يهل الهلال وفيه من الحرج ما لا يخفى وقال بعضهم يفسخ في الأيام الثلاثة من الشهر الثاني اعتباراً بأيام الخيار وذلك باطل لأن جواز ذلك الخيار في البيع عرف شرعاً بخلاف القياس فلا يقاس عليه الإجارة وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن لكل واحد منهما النقض عند رأس الشهر فإن سكنها من الشهر الثاني يوماً أو يومين لزمه ولو قال فسخت الإجارة التي بيننا رأس الشهر الثاني جاز ذلك لأن إضافة الإجارة جائزة <303> فكذلك إضافة الفسخ وقال بعضهم في الساعة التي يهل الهلال حتى لو مضت تلك الساعة لزمته وقال بعضهم يفسخ في الليلة الأولى من الشهر الثاني ويومها لأن وقت الفسخ أول الشهر وأول الشهر الليلة الأولى ويومها وإليه أشار في ظاهر الرواية وعليه الفتوى * رجل آجر داره من رجل سنة بألف درهم ثم قال للمستأجر وهبت منك جميع الأجر أو قال أبرأتك عن الأجر صح ذلك في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأَبِي يُوسُفَ الأول ولا يصح في قول أَبِي يُوسُفَ الآخر * ولو قال أبرأتك عن خمسمائة من هذا الأجر أو قال عن تسعمائة من الألف صح عندهم * ولو قال بعدما مضت ستة أشهر من وقت الإجارة أبرأتك عن الأجر صح عن الكل في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الآخر يصح إبراؤه عما مضى ولا يصح عما يستقبل ولو كان تعجيل الأجرة شرطاً في الإجارة ثم وهب منه الأجر وأبرأه عن الأجرة صح في قولهم * ولو أجر داره ثم وهب منه الأجرة صح في قولهم * ولو آجر داره ثم وهب له أجر رمضان قال الفقيه أبو القاسم إن استأجرها سنة جاز وإن استأجرها مشاهرة لا يصح إلا إذا وهب بعدما دخل شهر رمضان قال الفقيه أبو الليث هذا الجواب يوافق قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبه نأخذ * ولو قال آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا على أن أهب لك أجر شهر رمضان كانت الإجارة فاسدة * رجل آجر داره سنة بعبد بعينه ثم أن الآجر أعتق العبد من ساعته لم يجز إعتاقه إلا أن يكون تعجيل الأجر شرطاً في الإجارة أو لم يكن شرطاً في الإجارة لكنه عجل * ولو آجر داره بثوب بعينه أو بعبد بعينه ثم قال للمستأجر وهبت لك هذا العبد إن قبل المستأجر صح وإلا فلا لأن هبة الأجر منه إذا كان بعينه تكون فسخاً للإجارة فلا يصح من غير قبوله * الآجر إذا باع المستأجر وأراد المستأجر أن يفسخ بيعه اختلفت الروايات فيه والصحيح أنه لا يملك الفسخ ننج ولو باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن كان للمرتهن أن يفسخ بيعه {فصل في الإجارة الطويلة} هذه إجارة استخرجها الإمام الجليل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقبلها بعض أهل زمانه وردها البعض وهي على وجهي * أحدهما أنه إذا أراد أن يؤاجر الكرم إجارة طويلة أو الأرض وفيها زرع يبيع الأشجار والزرع بأصولها من الذي يريد الاستئجار بثمن معلوم ويسلم إليه ثم يؤاجر منه الأرض مدة معلومة ثلاث سني أو أكثر غير ثلاثة أيام من آخر كل سنة(2/155)
أو كل ستة أشهر بمال معلوم على أن يكون أجر كل سنة من السنين الأولى غير الأيام المستثناة منها من تلك الأرجة كذا وبقية مال الإجارة يكون بمقابلة السنة الأخيرة وأن يكون لكل واحد منهما ولاية فسخ الإجارة في أيام الخيار * والوجه الثاني لهذه الإجارة أن يدفع الأشجار أو الزرع الذي في الأرض معاملة إلى الذي يريد الإجارة على أن يكون الخارج بينهما على مائة سهم سهم منها للدافع والباقي للعامل ثم يكل العامل في صرف نصيبه من الخارج فيما أحب ثم يؤاجر منه <304> الأرض مدة معلومة على نحو ما قلنا من غير أن يكون أحد العقدين شرطاً في الآخر ومشايخ بلخ وبعض مشايخ بخارا أنكروا الوجه الأول وقال بيع الأشجار وبيع الزرع ليس ببيع رغبة بل هو في معنى التلجئة ولهذا لا يكون للمستأجر أن يقطع الأشجار وعند فسخ الإجارة ينفسخ البيع من غير فسخ وبيع التلجئة لا يزيل المبيع من ملك البائع وإن اتصل به القبض وبقاء الأشجار والزرع على ملك البائع يمنع الإجارة في الأرض وبعضهم جوزوا طريق البيع أيضاً وقالوا ليس هذا بيع التلجئة بل هو بيع رغبة لأنهما لما قصدا تصحيح الإجارة ولا صحة للإجارة مع بيع التلجئة فقد قصدا بيع الرغبة ويجوز أن تكون الأشجار مملوكة للمشتري ولا يملك قطعها لتعلق حق الغير بها كالراهن لا يملك قطع أشجار الرهن وإن كان يملكها لتعليق حق الغير * وقال بعضهم إن باع الأشجار أو الزرع بثمن المثل أو أكثر يكون رغبة وإلا فلا وهذا ليس صحيح أيضاً فإن الإنسان قد يبيع ماله بثمن قليل عند مساس الحاجة * وذكر الطحاوي إنه إذا باع الأشجار وآجر الأرض جاز بشرط أن يبيع الأشجار بطريقها إلى الباب إن كان لها طريق وإن لم يكن لها طريق ينبغي أن يبين للأشجار طريقاً معلوماً من الأرض حتى لو لم يبين لا يجوز كان الشيخ الإمام الأجل ظهر الدين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول ظهير الدين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول الإجارة بطريق بيع الأشجار باطلة كما قال بعض المشايخ ومن جوز الإجارة اختلفوا أنها عقد واد أو عقود متعددة قال بعضهم عقود متعددة لأنها لو جعلت عقداً واحداً وفيها شرط الخيار ثلاثة أيام في كل سنة أو في كل ستة أشهر تزيد مدة الخيار على ثالثة أيام في عقد واحد وذلك فاسد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال بعضهم على عقد واحد لأنها لو جعلت عقوداً متعددة كانت الإجارة في السنة الثانية والثالثة مضافة إلى وقت في المستقبل وفي إجارة المضافة الآجر ا يملك الأجر بالتعجيل ولا باشتراط التعجيل * وثمرة الاختلاف تظهر فيما إذا آجر دار اليتيم ثلاث سنين كانت الأجرة في السنة الأولى والثانية أقل من اجر مثلها وفي الاستئجار لليتيم كانت في السنة الثالثة أكثر من أجر مثلها فتفسد الإجارة في السنة الثالثة ثم هل يتعدى الفساد إلى غيرها على قول من يجعلها عقداً واحداً يتعدى وعلى قول من يجعلها عقوداً لا يتعدى فيجعل عقوداً متعددة يبقى في قولهم إ،ها لو جعلت عقوداً متعددة لا يملك الأجر بالتعجيل في السنين المستقبلة لك يجاب عن هذا إن ملك الآجر عند التعجيل فيه روايتان فيؤخذ بالرواية التي تثبت الملك في الإجارة المضافة لمكان الحاجة * فإن قيل لا وجه لجواز هذا العقد بحال ما فإنا لو جعلناه عقداً واحداً يلزمنا ثبوت الخيار في العقد الواحد أكثر من ثلاثة أيام ولو جعلناها عقوداً متعددة يصير شارطاً في كل عقد ثلاثة أيام من أجره وعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من اشترى شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر يكون له الخيار من أول الشهر إلى آخره * قلنا نحن لا نثبت الخيار في الأيام الثلاثة <305>من خر كل سنة بل تعجل ثلاثة أيام من آخر كل سنة مستثناة من العقد ويكتب غير ثلاثة أيام من آخر كل سنة حتى لو كتب في الصك على أن لكل واحد منهما الخيار في الأيام الثلاثة من آ×ر كل سنة كان فاسداً * أحد العاقدين في الإجارة الطويلة إذا فسخ العقد في أيام الخيار بغير محضر من صاحبه ذكر الحاكم السمرقندي أنه يجوز ولم يذكر فيه خلافاً وفي البيع بشرط الخيار إذا فسخ البيع من له الخيار بغير محضر صاحبه لا يصح في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فكأنه مال إلى أن أيام الخيار غير داخلة في العقد فكان الإجارة في السنة الثانية والثالثة مضافة إلى وقت في المستقبل فإنما يصح فسخ من له الخيار بغير محضر من صاحبه لأنه فسخ للعقد المضاف أو لأنه في الإجارة أخذ بقول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * المستأجر إجارة طويلة إذا آجر من الآجر بعد القبض إجارة مشاهرة لا تصح الإجارة الثانية وما يأخذ من الآجر يكون محسوباً من مال الإجارة إذا كان من جنسه * المستأجر إذا آجر من الآجر ولم تكن الإجارة طويلة لم تصح الإجارة الثانية وهل يسقط الأجر عن المستأجر الأول إن كان الآجر الأول قبض الدار من المستأجر بعد الإجارة الثانية يسقط الأجر وإن لم يقبض لا يسقط فإن كان(2/156)
الآجر الأول قبض الدار من المستأجر حتى سقط الأجر عن المستأجر هل تبطل الإجارة الأولى قال الفقيه أبو الليث لا تبطل الإجارة الأولى وكان للمستأجر أن يسترد الدار من الآجر ولو أن المستأجر قبض الدار من الآجر ثم أعارها من الآجر ولم يؤاجرها منه قال الفقيه أبو الليث لا يسقط الأجر عن المستأجر * رجل استأجر كرماً إجارة طويلة ثم إن المستأجر دفع الكرم إلى الآجر معاملة إن كانت الإجارة الطويلة بطريق بيع الأشجار جازت المعاملة وإن كانت الإجارة الطويلة بطريق دفع الأشجار والكرم إلى المستأجر معاملة ثم دفعها معاملة إلى الآجر لا يجوز * إذا مات الآجر أجارة طويلة وعليه ديون كان المستأجر أحق بثمن المستأجر من سائر الغرماء كالمرتهن بالرهن * المستأجر إجارة طويلة إذا آجر من غيره إجارة طويلة أو دفع غلى غيره مزارعة على أن يكون البذر من قبل العامل ثم إن المستأجر الأوّل مع آجره تفاسخا الإجارة الأولى هل تبطل الإجارة الثانية والمزارعة اختلفوا فيه والصحيح أنها تنفسخ سواء تحددت أيام الفسخ في العقدين أو اختلفت بأن كانت أيام الخيار في الإجارة الأولى ثلاثة أيام من آخر سنة ثمانين وأيام الخيار في الإجارة الثانية كذلك أو على خلاف ذلك * المستأجر إجارة طويلة إذا قال للآجر في أيام الخيار أو في غيرها مال إجارة بمن ده فقال البائع بدرهم يكون فسخاً للبيع * المستأجر إجارة فاسدة إذا آجر من غيره إجارة جائزة قال الفقيه أبو الليث تجوز الإجارة الثانية وقال غيره لا يجوز وعلى قول من يجوز <306> الإجارة الثانية يكون للآجر الأول أن يفسخ الإجارة الثانية وهذا بخلاف المشتري شراء فاسداً إذا باع من غيره بعد القبض بيعاً جائزاً لا يكون للبائع الأول أن يفسخ البيع الثاني لأن الإجارة تنفسخ بالأعذار والبيع لا ينفسخ لا جرم المشتري شراء فاسداً إذا آجر من غيره يفسخ الإجارة * رجل قال لغيره آجرني دارك هذه إجارة طويلة بكذا فقال آجرتك وأمر صاحب الدار الكاتب بكتابة الصك فكتب على الرسم المعتاد ولم يكن بينهما شيء آخر ودفع المستأجر مال الإجارة إلى الآجر قالوا بهذا لا يكون بينهما إجارة لاختلاف الطريق في الإجارة الطويلة ولا يجب الأجر على المستأجر بسكنى الدار وإن كانت الدار معدة للاستغلال لأن المستأجر إنما سكنها بناء على ما أعطى من المال لا على وجه الاستئجار مقاطعة * رجل استأجر داراً إجارة طويلة صحيح بدنانير وأعطى مكان الدنانير دراهم ثم تفاسخا الإجارة فإن المستأجر يرجع على الآجر بالدنانير لا بالدراهم لأن في الإجارة الطويلة تعجيل الأجر شرط عرفاً فتصح المصارفة بالأجرة * رجل آجر داره إجارة طويل مرسومة أو آجرها غير مرسوم إلى مدة يعلم أنهما لا يعيشان في تلك المدة قال بعضهم يجوز ذلك وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تجوز الإجارة وفرق هو بين النكاح والإجارة * المستأجر إذا زاد في الأجر بعدما مضى بعض المدة لا تصح الزيادة ويصح الحط * رجل استأجر كرماً لم يره إجارة طويلة واشترى الأشجار كان للمستأجر خيار الرؤية فإن تصرف في الكرم تصرف الملاك يبطل خيار الرؤية فإن أكل الثمار قالوا لا يبطل خيار الرؤية لأن أكل الثمار تصرف في المبيع وهو الأشجار لا في المستأجر فلا يبطل خيار الرؤية في الإجارة * الآجر إجارة طويلة إذا باع المستأجر ثم جاء مدة الخيار هل ينفذ بيعه فيه روايتان الصحيح أنه ينفذ وهو كما لو آجر إجارة مضافة ثم باع قبل مجيء وقت الإضافة وكان الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين يقول عندي لا ينفذ بيعه لأنه تزوير وتلبيس فيؤخذ برواية عدم النفاذ سدا * اشتريا لباب التزوير وفي ظاهر الرواية ينفذ بيعه لأنه يملك الفسخ في أيام الخيار فينفذ بيعه كما لو باع في أيام الخيار بخلاف ما لو آجرا جرة مضافة ثم باع فإن ثمة لا ينفذ بيعه في أصح الروايتين لأنه لا يملك الفسخ صريحا بدون البيع فلا يملك البيع لأن البيع فسخ دلالة * لو آجر رجل دارا إجارة طويلة ثم آجرها من غيره فجاءت أيام الخيار من الإجارة الأولى لا تنفذ الإجارة الثانية في أيام الخيار في ظاهر الرواية * ولو آجر ثم باع فإن لم يكن المشتري عالما بالإجارة ثم علم كان له الخيار إن شاء تربص حتى بمضى أيام الخيار وإن شاء يبطل البيع لأن الإجارة بمنزلة العيب وهذه رواية اختارها المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تعالى * رحل استأجر أرضا وقضها وآجرها من غيره ثم إن صاحب الأرض استأجرها من المستأجر الثاني قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه الله تَعَالَى يصح استئجار صاحب الأرض من الثاني لأن المستأجر الثاني لا يملك فسخ الإجارة الأولى <307> لتكون إجارته من صاحب الأرض فسخا للإجارة الأولى قال وهكذا روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر* ولو استأجر أرضا إجارة طويلة وقبضها ثم آجرها من عبد مأذون لصاحب الأرض إجارة مشاهرة قال الشيخ الإمام الأجل هذا إن كان العبد استأجرها بغير(2/157)
إذن المولى فما أخذا المستأجر من العبد لا يحتسب على المستأجر عن رأس مال الإجارة لأن العبد إذا استأجر بغير إذن المولى لا يكون له أن يفسخ الإجارة الأولى على مولاه * رجل استأجر حانوتا مشاهرة وقبض وآجر من غيره إجارة طويلة رسمية وأمر صاحب الحانوت المستأجر إجارة طويلة أن يقبض أجرة الحانوت من المستأجر الأول وقبض ومات صاحب الحانوت قال الشيخ الإمام هذا ما قبض المستأجر إجارة طويلة من المستأجر الأول الشهر ثم تتجدد بعد ذلك وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما يسلم للمستأجر الثاني ما أخذ من المستأجر الأول إذا أخذها في حياة صاحب الحانوت أما ما يأخذ تعد موت صاحب الحانوت لا يسلم له لأن الإجارة الطويلة تنقسخ بموت صاحب الحانوت فلا يسلم المأخوذ للمستأجر الثاني * إذا آجر شيئاً مشاعاً من أرض أو كرم وفيها نخل لا بد من بيع كل الأشجار أما بيع النصف لا يكفي وكذا لو كان فيها برج حمام لا بد من بيع الحمامات كلها عند اجتماعا * الإجارة الطويلة إذا كان فاسدة بسبب كان على المستأجر أجرة المثل بالغاً ما بلغ أو يجب أجر المثل لا يزاد على المسمى قال الشيخ الإمام هذا يجب أجر المثل لا يزاد على المسمى وفي الإجارة الطويلة إذا كتب في الصك لكل وحاد منهما إذا يفسخ العقد في مدة الخيار في حضرة صاحبه وغيبته قال القاضي الإمام أبو علي النسفي وغيره من المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى إن العقد يفسد لأن هذا الشرط يخالف حكم الشرع وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يفسد العقد لأن أيام الخيار غير داخلة في العقد وكان لكل واحد منهما حق الفسخ بسبب ذلك لا بحكم شرط الخيار قال وقد وجدت رواية عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مثل هذا أنه لا يفسد * رجل استأجر إجارة طويلة ثم آجر بعد القبض من الآجر إجارة مشاهرة لا تصح الإجارة الثانية وهل تنتقض الإجارة الأولى بالثانية قال الشيخ الإمام هذا تنتقض في الشهر الأول من الإجارة الثانية وأشك في انتقاضها في غير ذلك وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإجارة الثانية تنقض الأولى وإن كانت الثانية فاسدة فإني رأيت رواية عن خالد بن صبيح عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى المشتري إذا باع المبيع من البائع قبل القبض ينتقض البيع الأول وإن كان هذا خلاف ظاهر الرواية في البيع ففي الإجارة وجب أن ينتقض * مستأجر الأرض إذا دفع الأرض إلى الآجر مزارعة على أن يكون البذر من الدافع ذكر الخصاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الحيل أنه يجوز <308> وكذا المستأجر إذا استأجر صاحب الأرض ليعمل في هذه الأرض بشيء معلوم جاز * رجل آجر داره كل شهر بدرهم وسلم ثم باعها من غيره وكان المشتري يأخذ أجرة الدار من هذا المستأجر ومضى على ذلك زمان وكان المشتري وعد البائع أنه إذا رد عليه الثمن يرد داره ويحتسب ما قبض ن المستأجر من ثمن الدار فجاء البائع بالدراهم وأراد أن يجعل الأجر محسوباً من الثمن وما قال المشتري للبائع أن يجعله محسوباً من الثمن عند رد الدار كان وعداً فلا يلزمه الوفاء بذلك حكماً فإن نجز وعده كان حسناً وإلا فلا شيء عليه وإن كانا شرطاً في البيع ذلك كان مفسداً للبيع * رجل استأجر منازل إجارة طويلة ثم إن الآجر نقض بناءها برضا المستأجر ثم جدد بناءها كانت الإجارة باقية لبقاء الأصل * رجل استأجر كرماً إجارة طويلة فإن كانت الإجارة بطريق بيع الزراجين من المستأجر قالوا وارغ الكرم على المشتري وهو المستأجر لأنه مؤنة الملك فيكون على المالك وإن كان الآجر دفع الزراجين معاملة إلى المستأجر كما هو احد الطريقين في الإجارة الطويلة فإن قصب الوارغ يكون على الآجر والفتل على المستأجر لأن ذلك من جملة العمل * رجل دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر من العامل ثم إن صاحب الأرض آجر الأرض إجارة طويلة من غيره بغير رضا المزارعة إذا كان البذر من العامل كان العامر مستأجراً للأرض فيصير كأنه آجر ثم آجر من غيره فلا تجوز الثانية وإن رضي العامل وهو المزارع بذلك انفسخت المزارعة وتنفذ الإجارة الطويلة بخلاف ما إذا آجر ثم آجر من غيره فرضي به الأول حيث تنفذ الثانية على المستأجر الأول إذا كان ذلك بعد قبض الأول وههنا لا تنفذ الإجارة على المزارع لأن في المزارعة مع الإجارة يختلف المقصود فلا تنفذ الثانية على الأول * قالوا وكما تجوز الإجارة الطويلة في العقار والضياع تجوز في الرقيق وكل شيء ينتفع به مع قاء عينه * رجل استأجر ضياعاً بعضها فارغة وبعضها مشغولة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تجوز الإجارة في الفارغة بحصتها من الأجر ولا تجوز في المشغولة وإن اختلفا فقال الآجر آجرتها وكانت مشغولة مزروعة وقال المستأجر كانت فارغة كان القول في ذلك قول الآجر لأن الآجر بدعوى الشغل ينكر الإجارة أصلاً فيكون القول قوله بخلاف(2/158)
المتبايعين إذا اختلفا في فساد العقد بحكم الشرط كان القول في ذلك قول مدعي الصحة لأن مدعي الفساد لا ينكر العقد حتى لو كان أحدهما منكراً للعقد كان القول فيه قول المنكر وقال القاضي الإمام علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الإجارة يحكم الحال إن كانت مشغولة في الحال كان القول قول مدعي الشغل كما لو اختلفا في جريان الماء وانقطاعه في إجارة الطاحونة * في الإجارة الطويلة إذا فسخ الآجر <309> الإجارة في أيام الخيار وفي الأرض زرع للمستأجر تبقى الإجارة بأجر المثل كما لو انتهت مدة الإجارة وفيها زرع للمستأجر لم يدرك تبقى الإجارة بأجر المثل * رجل استقرض من رجل مالاً معلوماً وقبض المال ثم إن المستقرض أسكن المقرض في حانوته وقال ما لم أرد عليك قرضك لا أطالبك بأجر الحانوت قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ترك الأجرة عليه مع استقارضه منه كانت الإجارة واجبة على المقرض وإن تركها قبل الاستقراض أو بعده فالحانوت عارية في يده ولا أجرة على المقرض * رجل استقرض دراهم وأسكن المقرض في داره قالوا يجب أجر المثل على المقرض لأن المستقرض إنما اسكنه في داره عوضاً عن منفعة القرض لا مجاناً فيجب أجر المثل على المقرض وكذا لو أخذ المقرض من المستقرض حماراً ليستعمله إلى أن يرد عليه دراهمه ثم إن المقرض سلم الحمار إلى بقار فعقره الذئب ضمن المقرض قيمة الحمار لأن الحمار كان عند المقرض بإجارة فاسدة فكان أمانة فإذا دفعه إلى السرح ليعتلف صار مخالفاً ضامناً * رج أقرض إنساناً دراهم ثم إن المقرض آجر حجر الميزان من المستقرض كل شهر بدرهمين قال أبو القاسم إن لم يكن لحجر الميزان قيمة ولا يستأجر عادة لا يجب على المستأجر شيء * رجل استأجر من رجل قدر نحاس وأراد الآجر أن يكون القدر مضموناً على المستأجر قال الفقيه أبو بكر البلخي يبيع من المستأجر نصف القدر بثمن المثل أو أكثر ثم يؤاجر منه النصف الباقي بما شاء فإن ذلك جائز عند أصحابنا إنما الخلاف بينهم في إجارة المشاع من غير شريك * رجل أقرض إنساناً دراهم وأراد أن يسكن دار المستقرض بغير أجر قال أبو بكر الإسكاف يستأجر المقرض دار المستقرض مدة معلومة سنة أو أكثر باجر معجل ثم يبيع من المستقرض شيئاً يسيراً بتلك الأجرة حتى تصير الأجرة قصاصاً بثمن ما باع من المستقرض * رجل وكل رجلاً بأن يستأجر له داراً بعينها سنة بمائة درهم ففعل الوكيل ذلك وقبض الدار ومنعها من الموكل لاستيفاء الأجر ذكر في الجامع أن الإجارة إذا كانت مطلقة لا بشرط التعجيل لم يكن للوكيل أن يحبس الدار من الموكل لاستيفاء الأجر ذكر في الجامع أن الإجارة إذا كانت مطلقة لا بشرط التعجيل لم يكن للوكيل أن يحبس الدار من الموكل لاستيفاء الأجر وكذا لو كانت الإجارة بأجر مؤجل فإن قبض الوكيل الدار وحبس حتى مضت المدة كانت الأجرة على الوكيل بحكم العقد ثم يرجع الوكيل على الموكل لأن الوكيل الاستئجار بمنزلة قبض الوكيل الدار وحبس حتى مضت المدة كانت الأجرة على الوكيل بحكم العقد ثم يرجع الوكيل على الموكل لأن الوكيل بالاستئجار بمنزلة الوكيل بالشراء والوكيل بالشراء إذا قبض المبيع والثمن مؤجل وحبس المبيع حتى هلك المبيع في يد الوكيل كان الثمن على الوكيل ثم الوكيل يرجع بالثمن على الموكل لأن الثمن إذا كان مؤجلاً لا يكون للوكيل أن يحبس المبيع عن الموكل فلما قبض الوكيل يكون قبضه للموكل ثم يصير غاصباً من الموكل فكذلك في الإجارة وكذا لو قبض الموكل من الوكيل بالاستئجار ثم إن الوكيل عدى على الموكل وأخذ منه ومنع من الموكل حتى مضت السنة كان للآجر أن يطالب الوكيل بالأجرة ثم الوكيل يرجع بذلك على الموكل * ولو أن الوكيل حبس الدار من الموكل ثم جاء أجنبي وغصب الدار <310> من الوكيل ولم يدفع إلى الوكيل حتى مضت السنة سقط الأجر عن الوكيل والموكل جميعاً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم تكن الإجارة بشرط تعجيل الأجر فقبض الوكيل وسكن بنفسه ولم يدفع إلى الآجر كان الأجر على الوكيل دون الموكل * ولو كان الوكيل استأجر الدار بأجر بشرط التعجيل أو استأجر بمائة مطلقة ثم عجل له الأجر جاز ذلك منه وله أن يحبسها من الموكل لاستيفاء الأجرة فإن حبسها بالأجر حتى مضت السنة لا يكون للويل أن يرجع على الموكل بالأجر هنا لأن الوكيل كان محقاً في الحبس فلم يقع قبضه أولاً للموكل بخلاف الأول لأن في الوجه الأول إذا لم يكن للوكيل حق الحبس كان قبض أولاً للموكل * رجل أمر رجلاً ليستأجر له دابة إلى الكوفة بعشرة دراهم فاستأجرها الوكيل بخمسة عشر وجاء إلى الموكل فقال له استأجرتها بعشرة فركبها الآمر ذكر في الكتاب أنه لا أجر على الآمر ويكون الأجر لصاحب الدابة على الوكيل * رجل أمر رجلاً بأن يستأجر له أرضاً بعينها فستأجرها الوكيل ثم إن الموكل اشتراها من صاحبها بعد ما استأجرها الوكيل وهو لا يعلم بالإجارة ثم علم بعد ذلك له أن يردها وتكون في(2/159)
يده بالإجارة * الوكيل بالإجارة إذا ناقض الإجارة مع المستأجر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المناقضة جائزة لا ضمان على الوكيل لأن الموكل آجرها بشيء بعينه وعجل ذلك لا يجوز نقض الوكيل على رب الدار وقد مر هذا في البيوع * الغاصب إذا آجر الدار أو العبد ثم قال المغصوب منه أنا أمرتك بالإجارة فقال الغاصب لم تأمرني كان القول قول المغصوب منه * ولو آجر الغاصب لما انقضت مدة الإجارة قال المغصوب منه كنت أجزت عقده قبل انقضاء المدة لا يقبض قوله إلا ببينة كالرجل إذا زوج بنته البالغة ومات الزوج فقالت الابنة كنت أجزت عقد الأب لا تصدق إلا ببينة ولو قالت كان النكاح بأمري ولي الميراث كان القول قولها * الغاصب إذا آجر المغصوب ثم أجاز المالك أن أجاز قبل استيفاء المنفعة صحت إجازته ويكون جميع الأجر للمالك كما لو أجاز بيع الفضولي حال قيام المعقود عليه وإن أجاز بعد انقضاء المدة لا تصح إجازته كما لو أجاز بيع بعض المدة فأجاز ما مضى يكون للغاصب وأجر ما بقي يكون للمالك وهو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الإجارة تعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة فصحت الإجارة فيما بقي من المدة ولا تصح فيما مضى كالرجل إذا آجر عبه سنة ثم أعتقه في وسط السنة فأجاز العبد الإجارة فيما بقي فأجر ما بقي من السنة يكون للعبد وأجر ما مضى يكون لمولاه المعتق لأن المنافع فيما مضى استوفيت على ملك المولى فكان البدل له وفيما بقي استوفيت على ملك العبد فكان البدل له أما على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أجاز المالك إجارة الغاصب بعد ما مضى بعض <311> المدة كان جميع الأجر للمالك والفتوى على قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أعطى الغاصب أرض الغصب مزارعة فأجاز المالك إن كان الزرع قد سنبل ولم يسمن كان الخارج بين المزارع ورب الأرض ولا شيء للغاصب وإن كان الزرع قد سنبل وسمن لا تصح إجازة رب الأرض ويكون ذلك بين الغاصب والمزارع ولا شيء للمالك * ولو غصب داراً فآجرها ثم اشتراها من صاحبها فالإجارة ماضية لاستجماع شرائطها وإن استقبلها كان أفضل ذكرها في النوازل * الغاصب إذا آجر من الغاصب ورد عليه الغاصب ورد المغصوب مستحق عليه يجعل رد الغصب وتسليمه إلى الغاصب رداً للغصب لأن ذلك مستحق عليه فيجعل عن المستحق كالرجل اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبضه ثم باعه من البائع يجعل بيعه نقضاً للعقد الفاسد * ساحة في الشارع في مقابلة حانوت رجل آجرها صاحب الحانوت من رجل يبيع الفاكهة كل شهر بدرهم قال الفقيه أبو جعفر ما يأخذ صاحب الحانوت من الأجر يكون له لأنه عاقد والعاقد يستحق الأجر وإن كان غاصباً وينبغي أن يتصدق به كالغاصب إذا آجر وأخذ الأجرة وقال الفقيه أبو الليث إنما يكون أجر الساحة لصاحب الحانوت إذا كان بنى في الساحة دكاناً أو نحو ذلك حتى يكون هو أولى الناس بما بنى وأما إذا لم يكن بنى في الساحة شيئاً لا يكون الأجر له لأن صاحب الحانوت في الساحة كسائر الناس لا اختصاص له بالساحة * المتولي غذى آجر الوقف إن كان الواقف شرط أن لا يؤاجر أكثر من السنة لا تجوز الإجارة أكثر من سنة فإن لم يكن شرط ذلك تجوز الإجارة إلى ثلاث سنين فإن آجرها أكثر من ذلك اختلفوا فيه قال مشايخ بلخ لا تجوز إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين وقال بعض مشايخنا يجوز ذك إذا كان المستأجر ممن لا يخاف منه دعوى الملك إذا طالت المدة وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الاحتياط في ذلك أن يرفع الأمر إلى القاضي حتى يبطله {فصل في إجارة الوقف ومال اليتيم} متولي الوقف أو الوصي إذا آجر مال الصغير أو الوقف بأقل من أجر مثله بما لا يتغابن الناس فيه قال الشيخ الإمام الجليل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل يجب أجر المثل بالغاً ما بلغ عند بعض علمائنا وعليه الفتوى قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال لا يصير المدفوع إليه غاصباً وعليه أجر المثل قال وأنا أفتي بقول الخصاف * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن لم تنقصها المزارعة يجب أجر المثل بالغاً ما بلغ وإن نقصتها المزارعة ينظر إلى نقصان الأرض وإلى أجر المثل <312> أيهما كان أكثر يجب ذلك للوقف والصغير * رجل غصب أرضاً للصغير قال بعضهم يضمن الغاصب أجر المثل للوقف والصغير وفي ظاهر الرواية لا يضمن فلو أن هذا الغاصب آجر الأرض المغصوبة من غيره أن على المستأجر للغاصب الأجر المسمى * رجل آجر منزلاً كان والده وقفه على أولاده أبداً ما تناسلوا فآجره هذا الرجل إجارة طويلة مرسومة وأنفق المستأجر في عمارة هذا الوقف بأمر المؤاجر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل إن لم يكن للمؤاجرة ولاية في الوقف بأن لم يكن متولياً يكون المؤاجر غاصباً وكان له على المستأجر الأجر المسمى ويتصدق به ولا يرجع المستأجر بما أنفق في العمارة على الآجر ولا على غيره لأنه كان متطوعاً وإن كان المؤاجر متولياً كان(2/160)
على المستأجر الأجر المسمى إن كان ذلك مقدار أجر المثل أو أكثر ويرجع المستأجر في غلة الوقف بما أنفق في العمارة * متولي الوقف إذا آجر الأرض مدة معلومة ثم مات المؤاجر ثم مات المستأجر قبل انقضاء مدة الإجارة فرفع ورثة المستأجر غلة الأرض قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت الغلة زرعاً زرعها ورثة المستأجر ببذرهم كانت الغلة لهم وعليه نقصان الأرض انتقصت بزراعتهم ويصرف ذلك النقصان إلى مصالح الوقف لا حق للموقوف عليهم في ذلك * الوصي إذا انفق من مال اليتيم على باب القاضي في خصومة كانت على الصغير أوله قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما أعطى الوصي من مل اليتيم على وجه الإجارة لا يضمن مقدار أجر المثل وما كانت على وجه الرشوة يكون ضامناً * رجل استأجر أرضاً فانقطع الماء قال إن كانت الأرض تسقى بماء الأنهار لا بماء السماء لا شيء على المستأجر وكذا إن كانت تسقى بماء السماء فانقطع المطر * الوصي إذا آجر أرض اليتيم أو استأجر لليتيم أرضاً بمال اليتيم إجارة طويلة رسمية ثلاث سنين لا يجو ذلك وكذلك أب الصغير ومتولي الوقف لأن الرسم في الإجارة الطويلة أن يجعل شيء يسير من مال الإجارة بمقابلة السنين الأولى ومعظم المال بمقابلة السنة الأخيرة وإن كانت الإجارة الأرض اليتيم أو الوقف لا تصح الإجارة في السنين الأولى لأنها تكون بأقل من أجر المثل فلا تصح * وإن استأجر أرضاً لليتيم أو الوقف بمال الوقف أو اليتيم ففي السنة الأخيرة يكون الاستئجار بأكثر من أجر المثل فلا تصح وإذا فسدت الإجارة في البعض في الوجهين هل تصح فيما كان خيراً لليتيم والوقف على قول من يجعل الإجارة الطويلة عقداً واحداً لا تصح وعلى قول من يجعلها عقوداً تصح فيما كان خيراً لليتيم أو الوقف ولا تصح فيما كان شراً له والظاهر هو الفساد في الكل وإن كان الوصي آجر أرضاً لليتيم واستأجرها وصي آخر ليتيم آخر لا تصح هذه الإجارة لأنها إن كانت خيراً لأحد اليتيمين تكون شراً للآخر فلا تخلو هذه الإجارة عن الضرر بأحد اليتيمين وطريق تصحيح الإجارة الطويلة في أرض اليتيم والوقف بماله أن يجعل أجر السنين كله مقدار أجر المثل ثم <313> أن الوصي ومتولي الوقف يبرئان المستأجر عن أجر السنين الأولى ويصح ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل استأجر حانوتاً وقفاً على الفقراء فأراد أن يبني عليه غرفة من ماله وينتفع بها قالوا إن كان لا يزيد المستأجر في أجر الحانوت على مقدار ما استأجر فإنه لا يطلق له البناء إلا أن يزيد في الأجرة ولا يخاف على البناء من تلك الزيادة وإن كان هذا الحانوت معطلاً في أكثر الأوقات وإنما يرغب فيه المستأجر لأجل البناء عليه فإنه يطلق له في ذلك وإن كان لا يزيد هو في الأجرة * رجل استأجر حجرة موقوفة من أوقاف المسجد فكسر فيها الحطب بالقدوم والجيران لا يرضون بذلك والمتولي يرضى به قالوا إن كان من ذلك ضرر بين بالحجرة مثل ضرر القصار والحداد والمتولي يجد من يستأجرها بتلك الأجرة كان على المتولي أن يمنعه من ذلك فإن لم يمتنع أخرجه من الحجرة ويؤاجرها من غيره * وإن كان لا يجد من يستأجرها بتلك الأجرة فللمتولي أن يترك الحجرة في يده إلا إذا خاف من ذلك الضرر هلاك بناء الوقف * المتولي إذا آجر حمام الوقف من رجل ثم جاء رجل آخر وزاد في أجرة الحمام قالوا إن كان حين آجر الحمام من الأوّل كان حين آجر الحمام من الأول آجره بمقدار أجر مثله أو ينقصان يسير يتغابن الناس بمثله فليس للمتولي أن يخرج الأول قبل انقضاء مدة الإجارة وإن كانت الأولى بما لا يتغابن فيه الناس تكون فاسدة وله أن يؤاجرها إجارة صحيحة أما من الأول أو من غيره بأجر المثل أو بالزيادة على قدر ما يرضى به المستأجر وإن كانت الإجارة الأولى بأجر المثل ثم ازداد أجر مثله كان للمتولي أن يفسخ الإجارة وما لم يفسخ يكون على المستأجر الأجر المسمى كذا ذكره الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الأرض إذا كانت وقفاً على قوم فآجرها وصي الميت ثم مات بعض الموقوف عليهم لا تبطل الإجارة * المتولي إذا أراد أن يستدين على الوقف للعمارة قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده في شرح الوقف إنه لا يملك الاستدانة على الوقف * المتولي لا يملك استبدال الوقف إلا في رواية عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أو كان الواقف قد جوز الاستبدال * أهل المسجد إذا باعوا حشيش المسجد أو نعشاً صار خلقاً اختلفوا فيه والفتوى على أنه لا يجوز ذلك إلا بأمر القاضي وهي تأتي في مسائل الوقف إن شاء الله تَعَالَى * الأب والجد أب الأب أو وصيهما إذا آجر الصغير في عمل من الأعمال التي يقدر عليها الغير جاز لأنه يجعل ما ليس بمال مالاً للصغير ولا ولاية للجد مع قيام ولاية الأب ووصي الأب مقدم على الجد فإن لم يكن للصغير أب ولا جد أب الأب ولا وصيهما فآجره ذو رحم محرم من الصغير فإن كان الصغير في حجره(2/161)
جاز لأنه يملك تأديبه فيملك إجارته * وإن كان الصغير في جدر ذي رحم محرم فآجره ذو رحم محرم آخر هو أقرب من الذي كان في حجره نحو أن يكون في حجر العم فآجرته أمه جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن آجره ذو رحم محرم منه هو في حجره ليس له أن ينفق الأجر <314> على الصغير إذا لم يكن له ولاية التصرف في ماله كما لو وهب للصغير مال كان لصاحب الحجر أن يقبض الهبة للصغير وليس له أن ينفقها على الصغير * وإذا بلغ الصبي بعدما آجره من له ولاية الإجارة إن شاء فسخ سواء آجره الأب أو الجد أو وصيهما أو غيرهم * وليس لمن كان الصغير في حجره أن يدفعه إلى حاثك ليتعلم تلك الحرفة إن لم يكن أب الصغير حائكاً لأن الصغير يتضرر بذلك * من له حق الإجارة إذا استأجر أستاذاً ليعلمه العمل في تلك السنة فلما مضى نصف السنة ولم يعلمه شيئاً كان للمستأجر أن يفسخ الإجارة ولو استأجر أستاذاً سنة ليحذق الصغير لا تجوز تلك الإجارة وللأب والجد ووصيهما إجارة رقيق الصغير ودوابه وعقاره لأنهم يملكون البيع فيملكون الإجارة وليس لغير هؤلاء ممن كان الصغير في حجره ولاية إجارة عبيد الصغير وعقاره * وعن مُحَمَّد رحمه الله تَعَالَى أنه جوز ذلك استحساناً قال لأنه يملك إجارة نفسه فيملك إجارة ماله * وعنه أيضاً منن كان الصغير في حجره كان له أن ينفق على الصغير من ماله * ولأحد الوصيين أن يؤاجر الصغير ولا يؤاجر عبده في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤاجر عبده أيضاً * الوصي إذا استأجر نفسه أو عبده الصغير لا يجوز أما عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلأنه لو اشترى لليتيم من مال نفسه أو باع ماله من اليتيم لا يجوز فالإجارة أولى وأما عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فأنه إنما يملك البيع من نفسه بشرط أن يكون ذلك خيراً لليتيم ولا خير لليتيم ههنا لأنه يجعل ما ليس بمال لنفسه مالاً واستأجر الوصي نفسه اليتيم لنفسه أو عبد اليتيم لنفسه جاز في قياس قول بأبي حنيفة وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تتعالى إذا كانت بأجر ليس فيها غبن أما الأب إذا آجر نفسه للصغير أو آجر ماله للصغير أو استأجر مال الصغير لنفسه جاز لأنه يملك شراء مال الصغير لنفسه وإن لم يكن ذلك أنفع للصغير * ولو كان وصياً لليتيمين فاستأجر لأحدهما مال الآجر لا يجوز كما لو باع مال أحدهما من الآخر * الأب إذا استأجر ابنه البالغ فعمل الابن لا أجر له وإن استأجر الابن أباه للخدمة لا يجوز فإن عمل له الأب كان له الأجر * وفي المسألتين لا فرق بين أن يكون أحدهما مسلماً أو ذمياً * وإذا استأجر الحر ابنه المكاتب جاز وكذا لو استأجر الحر ابنه العبد من مولاه جاز * والحر إذا استأجر أباه العبد يبطل ذلك * الصبي المحجور إذا آجر نفسه لا يجوز فإن عمل وسلم من العمل في القياس لا يجب الأب وفي الاستحسان يجب ن الأب أو الجد أو وصهيما إذا آجر داراً أو عبداً للصغير سنين معلومة ثم بلغ الصغير لا يكون له أن يفسخ الإجارة * والعبد المحجور إذا آجر نفسه للخدمة سنة فأعتق في نصف السنة لا يكون للعبد أن يفسخ الإجارة ويكون أجر ما مضى للمالك وأجر ما بقي للعبد * وإن كان آجره المولى ثم أعتق في نصف السنة كان للعبد أن يفسخ الإجارة فيما بقي وإن شاء أمضى فإن أجاز الإجارة والمولى كان <315> أجره بأجر معجل أو استعجل الأجرة بعد الإجارة كان جميع الأجر للمولى * المكاتب إذا أجر عبده ثم عجز لا تبطل الإجارة عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وتبطل عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو استأجر المكاتب عبداً ثم عجز بطلت الإجارة في قولهم وقيل هو على هذا الخلاف أيضاً * ولو أدى المكاتب وعتق بقيت الإجارة عند الكل * رجل أقعد صبياً عند رجل ليعمل معه فاتخذ الرجل للصبي كسوة ثم بدا للصبي أن لا يعمل قالوا إن كان الرجل أعطى كرباساً وتكلف الصبي خياطته لا يكون للرجال على الثوب سبيل لأن حقه انقطع بالخياطة {فصل فيما يجب الأجر على المستأجر وفيما لا يجب} * رجل اكترى حماراً فعيي في الطريق فأمر المكتري رجلاً أن ينفق على الحمار ففعل المأمور قالوا إن علم المأمور أن الحمار لغير الآمر لا يرجع بما أنفق على أحد لأنه متطوع وإن لم يعلم المأمور أن الحمار لغير الآمر قالوا له أن يرجع على الآمر وإن لم يقل الآمر على أني ضامن * ولو أن رجلاً قال لغيره أنفق في بناء داري ولم يقل على أن ترجع بذلك علي اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه يرجع * قال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنهُ ففي مسألة الحمار إذا لم يعلم المأمور أن الحمار لغير الآمر ولم يقل الآمر ولم يقل الآمر على أن ترجع بذلك علي ينبغي أن يكون على الاختلاف أيضاً * وفي اللقطة إذا رفع الملتقط الأمر إلى(2/162)
القاضي فقال له القاضي أنفق عليها ولم يقل على أن ترجع بذلك على صاحبها اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه لا يرجع * رجل استأجر داراً كل شهر بكذا ثم ادعى المستأجر أن صاحبها باعها منه بعد الإجارة وأنكر صاحبها البيع ومضى على ذلك زمان قالوا على المستأجر أجر ما مضى لأن البيع لم يثبت فبقيت الإجارة * ولو استأجر دابة إلى مكان بعينه فلما سار بعض الطريق ادعاها المستأجر لنفس وأنكر الإجارة وصاحب الدابة يدعي الإجارة ذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تتعالى أن على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه أجر ما قبل الإنكار ولا يلزمه أجر ما بعد الإنكار * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يسقط شيء من الأجر ولو استأجر عبداً سنة وقبضه فلما مضى نصف السنة جحد الإجارة وادعاه لنفسه وقيمة العبد يوم الجحود ألفان فمضت السنة وقيمته ألف درهم ثم مات العبد في يد المستأجر وقيمته ألف روى هشام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليه الأجر ويضمن قيمة العبد بعد سنة ولم يذكر هشام فيه خلافاً وذكر القدوري أن على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أجر ما مضى قبل الجحود وليس عليه أجر ما بعد الجحود وقال هشام قلت لمحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كيف يجتمع الأجر والضمان قال لم يجتمعا قال هشام أراد بذلك أنه استعمله السنة بحكم الإجارة فلما مضت السنة المستأجر ينكر أن تكون يده يد غيره وصاحب العبد لا يدعي يد المستأجر لنفسه وكان على المستأجر أن يرده فإذا لم يرد يضمن * رجل آجر داره بثلاثين درهما شهراً على أنه بالخيار <316> ودفع الدار إلى المستأجر فسكنها قبل أن يسقط صاحب الدار خياره لم يكن على المستأجر أجر ما سكن وإنما يلزمه الأجر لما سكن بعد الإجارة من يوم الإجارة * رجل آجر دابة على أن يكون الخيار له ساعة من النهار فركبها فسرقت فإنه يضمن قيمتها ولا يضمن الأجر * وإن كان الخيار للمستأجر كان عليه الأجر ولا يضمن قيمة الدابة * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيطه فقطعه الخياط ومات قل الخياطة قال عيسى بن أبان لا أجر له لأن المقصود هو الخياطة دون القطع وكان الأجر مقابلاً بالخياطة وقال أبو سليمان الجوزجاني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أجر القطع وهو الصحيح * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيطه بدرهم فخاطه ثم جاء رجل وفتقه قبل التسليم غلى صاحبه لا شيء للخياط لأنه لم يسلم اعمل قال المصنف هذا إذا لم يخطه في دار صاحب الثوب * وإن خاطه في داره كان له الأجر لأن العمل صار مسلماً إلى صاحب الثوب وليس على الخياط أن يخيطه مرة أخرى في الوجهين لأن العقد الذي جرى بينهما لم يبق * وإن كان الخياط هو الذي فتق كان عليه أن يخيطه مرة أخرى لأنه نقض عمه فصار كأن لم يكن وكذا الإسكاف * رجل اكترى من رجل سفينة ليحمل فيها الطعام إلى موضع فلما بغت السفينة إلى ذلك الموضع ردها الريح إلى المكان الذي اكتراها فيه فإن لم يكن الذي اكترى السفينة مع الملاح فليس على المكتري كراء وإن كان معه فعليه الكراء لأن العمل صار مسلماً إلى المكتري كالخياط إذا خاط الثوب في دار صاحب الثوب * رجل استأجر بغلاً للركوب إلى موضع كذا فجمح به في بعض الطريق ورده غلى الموضع الذي استأجره فعليه الأجر وهو نظير مسألة السفينة إذا ردها الريح والمكتري مع الملاح في السفينة * رجل استأجر أرضاً سنة فزرعها ثم اشتراها المستأجر مع رجل آخر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى انتقضت الإجارة يترك الزرع في الأرض حتى يستحصد ويكون للشريك على صاحب الزرع مثل نصف أجر الأرض * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرعها فقل ماؤه قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض الإجارة وله أن يخاصم الآجر حتى يتركها الحاكم في يده بأجر المثل غلى أن يدرك الزرع فإن سقى زرعه بعد ذلك كان رضاً وليس له أن ينقض الإجارة وكذا الرحى إذا انقطع ماؤه حتى مضت السنة يسقط جميع الأجر * وإن قل الماء وتدور الرحى وتطحن على نصف ما كانت تطحن قبل ذلك كان للمستأجر أنيرها فإن لم يردها حتى طعن كان ذلك رضاً وليس له أن يرد الرحى بعد ذلك * ولو استأجر أرضاً من أرض الجبل بدراهم فزرها ولم يمطر عمه ولم ينبت حتى مضت السنة ثم مطرت السماء ونبت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الزرع كله للمستأجر وليس عليه كراء الأرض ولا نقصانها * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فأصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم يبت كان عليه الأجر لأنه قد زرع ولو غرقت الأرض قبل أن يزرعها فلا أجر عليه وكذا لو غصبها رجل وزرعها لا أجر على المستأجر * ولو كانت في يد المستأجر فلم يزرعها حتى مضت السنة <317>كان عليه الأجر * وكذا لو زرع البعض ولم يزرع البعض * رجل استأجر سفينة ليذهب بها إلى موضع كذا ويحمل عليها كذا ويجيء بها فذهب بالسفينة ولم يجد ذلك الشيء قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه كراء السفينة في الذهاب(2/163)
فارغة أقل كراء ولو قال أكتريتها منك على أن تحمل الطعام من موضع كذا إلى ههنا فلم يجد الطعام فليس عليه شيء من الكراء لأن في المسألة الأولى اكترى السفينة للذهاب والحمل والرجوع فيلزمه حصة الذهاب وفي المسألة الثانية وقع الاستئجار على حمل الطعام من موضع كذا إلى ههنا فإذا لم يحمل لم يلزمه شيء * ولو استكرى دابة ليحمل عليها من هناك حمولاته فجاء المكاري وقال ذهبت ولم أجد الحمل قالوا إن صدقه المستكري في ذلك كان عليه أجر الذهاب خالياً عن الحمل * رجل استأجر في المصر دابة ليحمل عليها الدقيق من طاحونة كذا أو الحنطة من قرية كذا فذهب فلم تكن الحنطة طحنت أو لم يجد في القرية حنطة فرجع إلى المصر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينظر في لفظة الاستئجار إن كان المستأجر قال استأجرت منك بهذه الدابة من هذه البلدة حتى أحمل عليها الدقيق من طاحونة كذا يجب نصف الكراء لأن الإجارة وقعت صحيحة من البلدة إلى الطاحونة من غير حمل شيء فيجب نصف الأجر بالذهاب ثم الإجارة من الطاحونة إلى البلدة إنما كان لحمل الدقيق ولم يوجد فلا يجب للرجوع شيء فأما إذا قال المستأجر استأجرت منك هذه الدابة بدرهم حتى أحمل الدقيق من الطاحونة فلم يجد الدقيق ههنا لا يجب شيء لأن ههنا الإجارة وقعت على حمل الدقيق من الطاحونة فلا يجب الأجر إذا لم يحمل الدقيق * ولو استأجر رجلاً ليذهب إلى البصرة فيجيء بعياله فوجد بعضهم قد مات فجاء بمن بقي ذكر في الكتاب أن له الأجر بحساب ذلك * قالوا هذا إذا كان عياله معلومين لأنه أوفى بعض المعقود عليه فيجيب الأجر بقدر ذلك وإن استأجره ليذهب بطعام إلى فلان بالبصرة فذهب بالطعام ووجد فلاناً قد مات فرد الطعام لا أجر له لأنه نقض عمله فلا يجب الأجر كالخياط إذا أخاط ففتق وإن استأجره ليذهب بكتاب إلى فلان ويجيء بجوابه فذهب بالكتاب فوجد فلاناً قد مات فرد الكتاب لا أجر له وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه أجر الذهاب ولو ترك الكتاب ثمة أو مزقه ولم يرد كان له أجر الذهاب في قولهم لأنه لم ينقض عمله وقيل إذا مزقه ولم يرد ينبغي أن لا يجب الأجر لأنه إذا ترك الكتاب ثمة ينتفع بالكتاب وارث المكتوب إليه فيحصل له الغرض بخلاف ما إذا مزقه ولو استأجر رجلاً ليذهب غلى موضع كذا يدعو فلاناً إليه بأجر مسمى فذهب إلى ذلك الموضع فلم يجد فلانً قالوا له الأجر ولو استأجره ليذهب إلى موضع كذا ويؤدي رسالته إلى فلان فذهب فلم يجد فلاناً كان له الأجر لأن الأجر مقابل بالذهاب لا بتبليغ الرسالة * رجل استأجر امرأته لخدمة البيع شهراً لا يجوز ولا يكون لها الأجر في ذلك لأن خدمة البيت مستحق عليها ديانة فلا يجب الأجر لها <318> كما لو استأجرها لخبزه أو طبخه ولأن منفعة خدمة البيت تعود إليها والإنسان لا يستحق الأجر بما يعود منفعته إليه ما في الطبخ والخبز * ولو استأجرها لغسل ثيابه قال المصنف ينبغي أن يكون لها الأجر لأن ذلك غير مستحق عليها ديانة لخياطة الثوب ونحو ذلك ومنفعة الغسل تعود إلى الزوج خاصة فيكون لها الأجر كما لو استأجرها لرعي غنمه * وإن استأجرت المرأة زوجها ليخدمها بأجر مسمى جاز وللزوج أن يمتنع عن خدمتها بعد الإجارة لأنه يتضرر بذلك فإن خدمها ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليها الأجر لزوجها كما لو استأجرت زوجها لرعي الغنم * ولو قالت المرأة لزوجها اغمز رجلي على أن لك علي ألف درهم فغمز الزوج رجلها إلى أن قالت المرأة لا أريد الزيادة قالوا هذه الإجارة باطلة ولا شيء عليها لأن خدمة المرأة حرام على الزوج لأنه قوام عليها * امرأة آجرت دارها من زوجها فسكناها جميعاً قالوا لا أجر لها وهي بمنزلة ما لو استأجرها لخبزه أو طبخه إنما أرادوا بهذا الإلحاق أن منفعة سكنى الدار تعود إليها ولأن الزوج يخرج من الدار في بعض الأوقات وعسى أن يكون عامة نهاره في السوق وتكون الدار في يد المرأة والمستأجر إذا آجر من الآجر وأعاره أنفقت الروايات على أنه لا يجب الأجر على المستأجر في زمان الإجارة والإعابة فكذلك ههنا لم يكن لها أجر الدار على زوجها * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار ثم استأجر الأشجار ليترك الثمار إلى أن تدرك وقتاً معلوماً لم يكن عليه أجر الأشجار لأن الشجر ليس بمحل الإجارة فيجعل الإجارة إعابة بخلاف ما لو اشترى القصيل ثم استأجر الأرض وقتاً معلوماً إلى أن يدرك الزرع كان ذلك جائزاً وكان له أجر الأرض لأن الأرض محل للإجارة فتنعقد الإجارة * رجل استأجر طاحونتين دوّارتين بالماء في موضع يكون كرى النهر على صاحب الطاحونة عادة فاحتاج النهر إلى الكرى وصار بحال لا يعلم إلا إحدى الرحيين فإن كان بحال لو صرف الماء إليهما جميعاً تعملان عملاً ناقصاً فله الخيار لاختلال المقصود وما لم يفسخ الإجارة كان عليه أجرهما جميعاً وإن كان بحال لو صرف الماء إليهما لم يعملا أصلاً فعليه أجر أحدهما إذا لم(2/164)
يفسخ الإجارة لأنه لم يتمكن من الانتفاع إلا بأحدهما فإن تفاوت أجرهما فعليه أجر أكثرهما إذا كان الماء يكفي للأكثر لأنه متمكن من الانتفاع بأكثرهما وإن كان ذلك في موضع يكون كرى النهر على المستأجر عادة فعليه الأجر كاملاً لأنه هو المعطل وهو كما لو استأجر خيمة فانكسرت أوتادها لا يسقط الأجر عن المستأجر لأن الأوتاد لا تكون على صاحب الخيمة ولو انقطعت أطنابها سقط الأجر عن المستأجر لأن الأطناب تكون على صاحب الخيمة * رجل استأجر طاحونة فانقطع ماؤها كان له أن يردها فإن لم يردها حتى مضت السنة سقط جميع الأجر وإن قل ماؤها وكانت الطاحونة تدور وتطحن على نصف ما كانت تطحن كان للمستأجر أن يردها فإن لم يردها حتى طحن كان ذلك رضاً منه <319> وليس له أن يردها بعد ذلك * ولو استأجر بيتاً فيه رحى وقال استأجرت هذا البيت بكل حق هو له ولم يسم الرحى كان للآجر أن يقلع الرحى وليس الرحى والماء من حقوق البيت * وإن كان استأجر البيت بحجريها فله حقوق الرحى والماء من حقوقها فإن انقطع الماء فلم يردها حتى مضت السنة وكان البيت مما ينتفع به بدون الرحى يقسم الأجر عليهما فيسقط عنه حصة الحجرين ويلزمه الأجر بحساب البيت وإن لم يكن البيت منتفعاً به بدون الرحى لا يجب على المستأجر شيء وإن لم يرد البيت * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرع وقف ماؤها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض الإجارة وله أن يخاصم حتى يتركها الحاكم في يده بأجر المثل إلى أن يدرك الزرع فإن سقى زرعه كان رضاً وليس له أن ينقض الإجارة وكذا الرحى إذا انقطع ماؤه حتى مضت السنة سقط جميع الأجر وإن قل الماء وتدور الرحى وتطحن على نصف ما كان فللمستأجر أن يرد فإن لم يرد حتى طحن كان ذلك رضاً وليس له أن يرد الرحى * رجل آجر داره ثم آجرها من غيره بعدما سلمها إلى الأول فأجاز المستأجر الأول فأجاز المستأجر الأول نفذت الإجارة الثانية على المستأجر الأول * ولو دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر مع المزارع ثم آجر من غيره إجارة طويلة بغير رضاً المزارع فإن رضي به المزارع تنفسخ المزارع وتنفذ الإجارة الطويلة * رجل أمر رجلاً بأن يستأجر له داراً بعينها من رجل سنة فاستأجرها المأمور وأبى أن يدفعها غلى الآمر وسكنها بنفسه حتى مضت السنة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر على الآمر ولا على المأمور وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب الأجر على الآمر * رجل استأجر داراً وقبضها ثم أعارها من الآجر قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يسقط الأجر على المستأجر * وذكر في المنتقى أن المستأجر إذا أعار من الآجر كان ذلك نقضاً للإجارة وكذا إذا استأجر داراً وبنى فيها ثم أجرها من الآجر كان ذلك نقضاً للإجارة الأولى والصحيح أن الإجارة والإعارة لا تكون فسخاً ولكن لا يجب الأجر على المستأجر ما دام في يد الآجر * رجل استأجر داراً وقبضها فسقط منها حائط أو انهدم بيت من الدار وكان للمستأجر أن يفسخ الإجارة عند حضرته وغيبته ويسقط الأجر عند الكل ولا تنفسخ الإجارة ما لم يفسخ * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرعها فأصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم ينبت كان عليه الأجر ولو غرقت الأرض قبل أن يزرعها فلا أجر عليه * وكذا لو غصبها رجل فزرعها الغاصب لا جر على المستأجر وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه إذا استأجر أرضاً للزراعة فزرع فاصطلمه آفة كان عليه أجر ما مضى وسقط عنه أجر ما بقي من المدة بعد الاصطلام * رجل استأجر أرضاً فزرعها فلم يجد ماء يسقيها فيبس الزرع قالوا إن استأجرها بغير شرب فلم ينقطع ماء النهر الذي يرجى منه السقى فعليه الأجر وإن انقطع كان له الخيار * وإن كان <320> استأجرها بشربها فانقطع عنها الشرب فجاء الوقت الذي يفسد فيه الزرع عند انقطاع الماء وفسد الزرع سقط عنه الأجر كما لو استأجر رحى ماء واستأجر بيت الرحى فانقطع الماء * ولو استأجر أرضاً بشربها ليزرع فيها فخرب النهر الأعظم فلم يستطع سقيها فهو بالخيار إن شاء ردها وإن شاء أمسكها فإن لم يرد حتى مضت المدة كان عليه الأجر إذا كان بحال يمكنه أن يحتال بحيلة ويزرع فيها شيئاً * وإن كان لا يمكنه أن يزرع فيها شيئاً بغير ماء بوجه من الوجوه ولا حيلة له في ذلك فلا أجر عليه كما في مسألة الرحى * وكذا لو لم ينقطع الماء ولكن سال فيها الماء حتى لم تتهيأ له الزراعة لا أجر عليه * رجل استأجر أرضاً فانقطع الماء إن كانت الأرض تسقى بماء الأرض وماء المطر وانقطع ماء المطر أبضاً لا أجر عليه لأنه لم يتمكن من الانتفاع بها * رجل استأجر أرضاً سنة ليزرعها شيئاً سماء فزرع ولم ينبت أو أصابه آفة فأفسدته وذلك كان في وقت لا يستطيع أن يزرع فيها مرة أخرى فأراد أن يزرع فيها غير ما سماه إن كان الثاني أقل ضراً بالأرض من المسمى أو مثله فعل ذلك لأن رب الأرض يرضى به ظاهراً وإن كان الثاني أضر بالأرض من الذي سماه لم يكن له أن يزرع(2/165)
لأن رب الأرض لم يرض إلا بالمسمى أو بما هو مثله أو دونه ويرد الأرض على صاحبها بقدر ما كان في يده من يده من الأجر ويبطل عنه الزيادة * والمؤاجر إذا أنقض الدار المستأجرة برضا المستأجر أو بغير رضاه لا تنتقض الإجارة لبقاء الأصل وهو كما لو غصب الدار المستأجر إنسان لا تنتقض الإجارة لكن يسقط الأجر ما دامت في يد الغاصب وكما لو انهدمت الدار في يد المستأجر وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا انهمدت الدار المستأجر فبناها المؤاجر فأراد المستأجر أن يسكن الدار بقية مدة الإجارة لم يكن للآجر أن يمنعه من ذلك أراد به إذا بناها قبل انقضاء المدة وقبل أن يفسخ المستأجر الإجارة فإن بناها بعد الفسخ ليس للمستأجر أن يسكنها بعد الفسخ * صيرفي انتقد دراهم رجل بأجر فإذا فيها زيوف أو نبهرجة أو ستوقة لا يضمن الصيرفي شيئاً لأنه لم يتلف حقاً على صاحب الدراهم وإنما أو في بعض العمل وهو تمييز البعض فيرد من الآجر بحساب ذلك حتى لو كان الكل زيوفاً يرد كل الأجر * وإن كان الزيوف نصفاً فنصف الأجر ويرد الزيوف على الدافع فإن أنكر الدافع وقال ليس هذا ما أخذت متى كان القول قول الآخذ مع يمينه لأنه ينكر أخذ غيرها وهذا إذا لم يكن الآخر أقر باستيفاء حقه أو باستيفاء الجياد فإن اقر بذلك ثم أراد أن يرد البعض بعيب الزيافة وأنكر الدافع أن يكون ذلك دراهمه لا يقبل قوله * جر استأجر قميصاً ليلبسه ويذهب إلى مكان كذا فلبسه في منزله ولم يذهب إلى ذلك المكان اختلفوا فيه قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر عليه لأنه مخالف ضامن * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عندي عليه الأجر ولا يكون مخالفاً لأن الأجر مقابل باللبس لا بالذهاب إلى ذلك الموضع وإنما ذكر الذهاب إلى ذلك الموضع ليكون مأذوناً <321> في الذهاب به إلى ذلك المكان قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهذا بخلاف ما لو استأجر دابة فيركبها إلى موضع كذا فركبها في المصر في حوائجه ولم يذهب إلى المكان فإنه يكون مخالفاً ضامناً ولا أجر عليه لأن في إجارة الدابة بيان مكان الركوب شرط لصحة الإجارة لأن الركوب في بعض المواضع وبعض الطرق قد يكون أضر بالدابة فكان ذكر المكان للتقييد أما في إجارة الثوب لا يشترط بيان مكان للبس إنما يشترط بيان الوقت لأن اللبس في بعض الأوقات قد يكون أضر من البعض * رجل استأجر دابة ليركبها يوماً إلى الليل فأمسكها في بيته ولم يركب ذكر في الكتاب أنه إذا استأجرها ليركبها خارج المصر إلى مكان معلوم فأسكها في بيته لا أجر عليه لأنه لا يحب الأجر عليه بهذا الإمساك فلم يكن مأذوناً فيه فكان ضامناً وإن كان استأجرها ليركبها في المصر فأمسكها ولم يركب لا يكون ضامناً لأن الأجر يجب بهذا الإمساك فيكون مأذوناً فيه فلا يكون ضامناً قالوا في الوجه الأوّل إنما يضمن إذا أمسك زماناً لا يمسك مثله للخروج غذى ذلك المكان عادة فيرجع فيه إلى العادة أن من استأجر دابة للخروج إلى ذلك المكان أي قد يمسكها ليتهيأ له الخروج إلى ذلك المكان * رجل آجر دابته على أن يكون له الخيار ساعة من النهار فتركها المستأجر في داره فسرقت يضمن قيمتها ولا أجر على المستأجر ,إن كان الخيار للمستأجر فعليه الأجر ولا ضمان عليه * رجل آجر داره ودفع المفتاح إلى المستأجر وقال خذ فأخذه ثم جاء المستأجر بعد ما انقضت مدة الإجارة وقال لم أقد على فتح الباب ولم أسكن قال رب الدار لا بل قدرت وسكنت قالوا إن كان دفع إليه مفتاح ذلك الغلق كان القول قول صاحب الدار وإن لم يكن دفع كان القول قول المستأجر ولا أجر عليه وإن كان المفتاح مفتاح ذلك الغلق فضلّ المفتاح أياماً ثم وجده كان عليه أجر ما مضى لأنه صح تسليم الدار إليه وإنما لم يسكن الدار لتقصير كان من قبل * رجلان بينهما طعام استأجر أحدهما صاحبه ليحمله إلى مكان كذا أو ليطحن لا يجوز فإن فعل لا يجب الأجر وإن استأجر أحدهما من صاحبه بيتاً ليحفظ فيه هذا الطعام أو دابة ليحمل عليها هذا الطعام المشتري ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز ويجب الأجر المسمى * رجل دفع إلى خياط أو قصار ثوباً وقال استأجرتك لتخيط هذا الثوب أو تقصره بدرهم فدفع الخياط إلى تلميذه أو عبده ليخيطه أو يقصره ففعل يجب الأجر وإن قال استأجرتك لتخيطه أو تقصره بنفسك فدفع إلى غلامه أو تلميذه لا يجب الأجر فإن استأجر ظئر الترضع ولده بنفسها فأرضعته بندى جاريتها اختلفوا فيه والأصح أنها تستحق الأجر * رجل استأجر دابة بعينها ليضع عليها حملاً معلوماً مسمى إلى موضع كذا فأراد المكاري أن يضع عليها مع ذلك الحمل شيئاً من عند نفسه كان للمستأجر أن يمنعه فإن وضع المكاري ذلك وبلغت الدابة إلى ذلك الموضع كان على المستأجر جميع الأجر المسمى * ولو استأجر داراً وقبضها ثم إن رب الدار شغل بعضها بمتاع نفسه سقط عن المستأجر حصة ذلك من الأجر * ولو اكترى داراً شهراً فأقام معه رب الدار(2/166)
فيها إلا آخر الشهر سقط عن المستأجر حصة ما كان في يد المستأجر * رجل استأجر كتاباً ليقرا ما فيه من شعر أو فقه لا يجب عليه الأجر وكذا المصحف وكذا إذا استأجر طيباً ليشمه لا يجب الأجر وكذا إذا استأجر بيتاً من مسلم ليصلى فيه * ولو أن صناعين آجر أحدهما من الآخر آلة عمله ثم اشتركا قالوا إن كان ت الإجارة بينهما لى كل شهر يجب الأجر في الشهر الأوّل لا غير لأن هذه الجارة تنعقد شهراً فشهراً ففي الشهر الأول سبقت الإجارة الصحيحة الشركة فلا تبطل الإجارة في الشهر الأول بالشركة الطارئة أتما في الشهر الثاني فالشركة <322> قارنت انعقاد الإجارة فلم تنعقد الإجارة في الشهر الثاني وإن كان صاحب الآلة آجر الآلة أحدج عش شهراً كان على المستأجر أجر جميع المدة لما قلنا في اشهر الأول في الصورة الأولى ولو آجر حانوته من رجل ثم اشتركا في عمل يعملان في ذلك الحانوت قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الشركة توهن الإجارة أراد به إذا لم يمض زمان قبل الشركة فلا يجب الأجر لأنهما اشتركا في الانتفاع بالحانوت وكل واحد منهما عامل لشريكه من وجه فلا يسلم المنفعة للمستأجر * ولو استأجر دابة إلى مكة ليركبها ولم يركبها ومشى راجلاً قالوا إن مشى راجلاً ولم يركب من غير عذر بالدابة كان عليه الأجر وإن كان بعذر بأن لم يركها لعلة بالدابة أو لمرض بها بحيث لا يقدر على الركوب لا أجر عليه * وإن استأجر ثوباً ليلبسه كل يوم بدانق ووضعه في بيته ولم يلبسه فمضى عليه سنون كان عليه لكل يوم دانق في الوقت الذي يعلم أنه لو لبسه لا ينخرق فإذا مضى وقتت يعلم أنه لو لبسه ينخرق سقط عنه الأجر لأن بعد ما مضى ذلك الزمان لا يمك جعل الثوب منتفعاً به تقديراً فيسقط عنه الأجر كالمرأة إذا أخذت الكسوة من الزوج ولم تلبس ولبست ثوب نفسها إذا مضى وقت لو ألبسها معتاداً ينخرق كان لها ولاية المطالبة بكسوة أخرى وإلا فلا {باب الإجارة الفاسدة} * رجل آجر بناء دار أو حانوت بدون الأرض قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما يدل على جواز هذه الإجارة قال رجل استأجر أرضاً فآجرها م صاحبها كانت الإجارة الثانية باطلة وإن بنى فيها المستأجر ثم آجرها من صاحبها كان له حصة البناء من الآجر قال ولو لم تصح إجارة البناء وحده لا يستوجب عليه حصة البناء من الأجر وذكر في الأصل أن إجارة الفسطاط جائزة وبعض مشايخنا لم يجوز وإجارة البناء فأوردت عليه مسألة الفسطاط فلم يتهيأ له الفرق في الزيادات ما يدل على أنه لا تجوز إجارة البناء لأنها بمنزلة إجارة المشاع بخلاف إجارة الفسطاط * إذا استأجر القاضي رجلاً لاستيفاء القصاص أو الحدود قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يبين لذلك وقتاً لا يصح وإن استأجر القاضي رجلاً لاستيفاء الحدود أو القصاص أو قطع اليد أو ليقوم عليه في مجلس القضاء شهراً بأجر معلوم جازت الإجارة لأن المعقود عليه عند بيان المدة منافعه في تلك المدة فإذا استحق منافعه في تلك المدة كان له أن يصرف تلك المنافع إلى ما يحل له من إقامة الحدود وغير ذلك أما إذا استأجره لذلك ولم يبين المدة كان المعقود عليه مجهولاً لا يدري أنه متى يقع وماذا يقع فإذا فسدت الإجارة وفعل شيئاً من ذلك كان له أجر مثله لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد ومن له القصاص في النفس إذا استأجر رجلاً لاستيفاء القصاص فقتل فلا أجر له بخلاف القاضي لأن القاضي يملك الاستئجار بالقيام في مجلسه ثم يدخل في ذلك ما كان للقاضي أن يفعل أما غير القاضي إذا استأجر رجلاً شهراً ليعمل له في بيته لا يملك أن يأمره باستيفاء القصاص لأن ذلك لا يكون من أعمال البيت فلا يدخل تحت الإجارة فلا يجب له الأجر على قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * إذا استأجر رجل رجلاً لاستيفاء قصاص له في الطرف صح ذلك وإذا فعل الأجير يستحق المسمى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا استأجره لاستيفاء القصاص في النفس يصح ويستحق المسمى كما لو استأجره لاستيفاء الطرف * أمير العسكر إذا قال لمسلم أو ذمي إن قتلت ذلك الفارسي فلك مائة درهم فقتله لا شيء له لأن هذا من باب الجهاد والطاعة فلا يستحق الأجر كما لو استؤجر ليؤم الناس أو يؤذن وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن قال ذلك لذمي يجب الأجر ولو كانوا قتلى فقال الأمير من قطع رؤوسهم فله عشرة دراهم جاز لأن هذا الفعل ليس بجهاد بخلاف الأول ولو <323> استأجر الأمير ذمياً أو مسلماً ليقتل أسيراً حربياً كان في يده فقتله لا شيء له وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب الأجر المسمى كما يجب بذبح الشاة وضرب العبد * رجل استأجر كلباً معلماً ليصيد به لا يجب الأجر وكذا البازي وفي بعض الروايات إذا استأجر الكلب أو البازي وبين لذلك وقتاً معلوماً يجوز وإنما لا يجوز إذا لم يبين له وقتاً معلوماً * ولو(2/167)
استأجر سنوراً ليأخذ الفأرة في بيته ذكر في المنتقى أنه لا يجوز قال لأن هذا فعل السنور وليس هذا كالكلب والبازي فإن المستأجر يرسل الكلب والبازي فيذهب بإرساله ويصيد ولا كذلك السنور ولو استأجر كلباً ليحرس داره قالوا لا يجوز ذلك * ولو استأجر قرداً ليكنس البيت قال المصنف ينبغي أن يجوز إذا بين المدة لأن القرد يضرب ويعمل بالضرب بخلاف السنور * لو استأجر شاة تتبعه ليذهب بشاته فتبعته الشاة لا أجر له * ولو استأجر قلماً ليكتب به إن بين لذلك وقتاً صحت الإجارة وإلا فلا ولو استأجر رجلاً ليكتب له مصحفاً ليكتب له مصحفاً أو غناء أو شعراً وبين الخط جاز وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده لا يكره ذلك * ولو استأجر رجلاً ليعلم غلامه أو ولده شعراً أو أدباً أو خطاً أو حساباً أو هجاء أو حرفة من الخياطة ونحوها إن بين لذلك وقتاً معلوماً ستة أشهر أو ما أشبه ذلك جاز ويجب المسمى تعلم في تلك المدة أو لم يتعلم وإن لم يبين لذلك وقتاً كانت الإجارة فاسدة حتى ول تعلم يستحق أجر المثل وإن لم يتعلم لا يجب شيء * ولو شرط على الأستاذ أو يحذقه في ذلك العمل ذكر أنه لا تصحب الإجارة لأن الحذاقة ليس لها غاية معلومة * رجل دفع غلامه إلى حائك على أن يقوم عليه الأستاذ شهراً معلومة في تعليم النسج على أن يعطي الأستاذ للمولى كل شهر درهماً فهو جائز ويكون ذلك إجارة للغلام ولو دفع غلامه أو ولده إلى أستاذ ليعلمه عملاً ولم يشترط أحدهما الأجر على الأستاذ أو على المولى فلما علمه العمل اختلفا فطلب الأستاذ أجره من المولى وطلب المولى أجر الولد أو العبد من الأستاذ قالوا يرجع في ذلك إلى العرف والعادة أن الأجر على من يكون فيحكم العرف * قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كان شيخنا الإمام يقول عرف ديارنا في الأعمال التي يفسد المتعلم فيها بعض ما كان متقوماً حتى يتعلم نحو عمل ثقب الجواهر وما أشبه ذلك فما كان من جنس هذا يكون الأجر على المولى إن كان مسمى فالمسمى وإن لم يكن فأجر المثل عليه للأستاذ وما لم يكن من جنس هذا يجب الأجر على الأستاذ * رجل دفع إلى خياط ثوباً وقال له خط ثوبي حتى أعطيك أجرك فقال الخياط لا أريد منك الأجر ثم خاطه قالوا لا أجر له كان بينهما خلطة أو لم يكن * رجل استأجر فحلاً لينزيه لا يجوز ذلك ولا أجر فيه وكذا النائحة والمغنية ولو استأجر رجلاً لتقاضي ديونه أن بين لذلك وقتاً جاز وإلا فلا وكذا الخصومة * رجل استأجر دابة ليركبها اليوم بدرهم فركبها غداً لا يجب شيء وقيل على قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يلزمه درهم * رجل استأجر أجيراً ليحتطب له إلى الليل بدرهم جاز وذا ليصطاد له إلى الليل أو ليسقي له جاز ويكون الحطب والصيد والماء للمستأجر ولو قال ليصطاد هذا الصيد أو ليحتطب هذا الحطب فهذه إجارة فاسدة والحطب والصيد للمستأجر وعليه للأجير أجر المثل ولو استعان من إنسان في الاحتطاب والاصطياد فإن الصي والحطب يكون للعامل * لو استأجر رجلاً ليحلج له كذا منال من القطن أو ليقصر له كذا ثوباً وليس عند المستأجر ثوب ولا قطن لا يجوز ذلك لأن إقامة العمل في المعدوم لا يتصور فإن كانت الأثواب والقطن عنده ولم يرها الأجير فللأجير خيار الرؤية في الثياب وليس له خيار الرؤية في القطن وكذا لو استأجره تاده زنده بيحيى بما لدان لم يكن ذلك عند المستأجر لا تصح تلك الإجارة وإن كان ذلك عند المستأجر وعين وأشار فعمل في البعض <324> وامتنع عن الباقي يجبر على العمل لأن الإجارة كانت صحيحة فيلزمه العمل * رجل دفع إلى نداف ثوباً وأمره أن يندف الثوب بقطن من عند نفسه ولم يبين له الأجر وثمن القطن وبينهما أخذوا عطاء قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإجارة جائزة لتعامل الناس * وقال القاضي الإمام علي السغدي هذا إذا دفع إليه ثوباً وعينه ليندف عليه أما إذا لم يكن الثوب معيناً فلا عرف فيه * رجل استأجر رجلين ليحملا له هذه الخشبة إلى منزله بدرهم فحملها أحدهما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له نصف درهم وهو متطوع في النصف الآخر إذا لم يكونا شريكين قبل ذلك في العمل والحمل وكذا لو استأجرهما لبناء حائط أو حفر بئر ولو كانا شريكين في العمل قبل ذلك فعمل أحدهما كان على المستأجر كل الأجر * حرة آجرت نفسها من رجل ذي عيال جاز وتكره الخلوة بها لأن الخلوة مع الأجنبية الحرة حرام * مسلم آجر نفسه من نصراني إن استأجره لعمل غير الخدمة جاز وإن آجر نفسه للخدمة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل لا يجوز وذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز تكره له خدمة الكافر * ذمي استأجر مسلماً ليحمل له خمراً جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما يجوز استئجار الكنائس وقال صاحباه لا يجز وعلى هذا الخلاف إذا استأجر الذمي دابة من مسلم أو سفينة لينقل عليها الخمر(2/168)
وإن استأجر ذمي ذمياً لذلك جاز وكذا الاستئجار لرعي الخنازير * وإن استأجر المسلم ذمياً ليبيع له خمراً أو ميتة أو دماً لا يجوز وإن استأجر الذمي مسلماً لحمل ميتة عن الطريق أو جلد ميتة إلى موضع الدباغة جاز في قولهم وكذا لو استأجر لعصر العنب * ولو استأجر مسلم مسلماً ليخرج له حماراً ميتاً من داره جاز في قولهم كما لو استأجر ناساً * ولو استأجر المشركون مسلماً لحمل ميت منهم إلى موضع يدفن فيه إن استأجروه لينقل إلى مقبرة البلد جاز عند الكل وإن استأجروه لينقل من بلد إلى بلد قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر له9ه وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يعلم الحمال أنه جيفة فله الأجر وإن علم فلا أجر له وعليه الفتوى * ولو استأجر الذمي من مسلم بيتاً يبيع فيه الخمر جاز عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا بأس لمسلم أن يؤاجر داره من ذمي ليسكنها وإن شرب فيا الخمر أو عبد فيها لصليب أو أدخل فيها الخنازير فذلك لا يلحق المسلم كمن باع غلاماً ممن يقصد به الفاحشة أو باع جارية ممن يأتيها في غير المأتى أو يستبرئها * ولو استأجر المسلم من الذمي بيعة ليصلي فيها المسلم كمن باع غلاماً ممن يقصد به الفاحشة أو باع جارية ممن يأيها في غير المأتى أو لا يستبرئها * ولو استأجر المسلم من الذمي بيعة ليصلي فيها لم يجز * وكذا أهل الذمة إذا استأجروا ذمياً ليصلي بهم أو ليضرب له ناقوصاً لا يجوز ولو آجر المسلم نفسه من المجوس ليوقد لهم النار لا بأس عنهم لأن التصرف في النار والانتفاع بها مباح بخلاف الانتفاع بالخمر وحمل الخمر عندهم * ولو استأجر رجلاً لينحت له أصناماً أو ليزخرف له بيتاً بالتماثيل فلا أجر له كما لو استأجر نائحة أو مغنية وإن استأجر لينحت له طنبوراً أو بريطاً ففعل طاب له الأجر إلا أنه يأثم به وكذا لو استأجر رجلاً ليكتب له غناء بالفارسية أو بالعربية طاب له الأجر وكذا لو بنى بالأجر بيعة أو كنيسة لليهود والنصارى طاب له الأجر وكذا لو كتب لامراة كتاباً إلى حبيبها بأجر * ولو استأجر مشاطة لتزيين العروس قالوا لا يطيب لها الأجر إلا أن يكون على وجه الهدية بغير شرط ولا تقاض * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن الإجارة إذا كانت مؤقتة وكان العمل معلوماً ولم تنقش التمثال والصور جازت الإجارة ويطيب لها الأجر لأن تزيين العروس مباح * أهل بلدة ثقلت عليهم المؤنات فاستأجروا رجلاً بأجر معلوم ليذهب إلى السلطان ويرفع القصة ليخفف عنهم السلطان نوع تخفيف وأخذ الأجر من عامة أهل البلدة من الأغنياء والفقراء قالوا إن <325> كان بحال لو ذهب إلى بلدة السلطان يتهيأ له إصلاح الأمر في يوم أو يومين جازت الإجارة وإن كان بحال لا يحصل المقصود في يوم أو يومين وإنما يحصل في مدة فإن وقتوا للإجارة وقتاً جازت الإجارة وله كل المسمى وإن لم يوقتوا فسدت الإجارة وكان له أجر المثل على أهل البلدة على قدر مؤنتهم ومنافعهم وقال بعضهم لا تصح ه…ه الإجارة على كل حال * رجل استأجر رجلاً ليعلم عبده أو ولده الحرفة فيه روايتان فإن بين لذلك وقتاً معلوماً سنة أو شهراً جازت الإجاة ويستحق المسمى تعلم العبد أو يتعلم وإن لم يبين لذلك وقتاً معلوماً لا تصح الإجارة وله أجر المثل إن تعلم الولد والعبد وإن لم يتعلم فلا أجر له * وإن استأجر رجلاً لتعليم القرآن لا تصح الإجارة عند المتقدمين ولا أجر له بين لذلك وقتاً أو لم يبين ومشايخ بلخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى جوزوا هذه الإجارة حتى حكي عن مُحَمَّد بن سلام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال أقضي بتسمير باب الوالد بأجر المعلم * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما كره المتقدمون الاستئجار لتعليم القرآن وكرهوا أخذ الأجر على ذلك وانتقصت رغائب الناس في أمر الآخر فلو اشتغلوا بالتعليم مع الحاجة إلى مصالح المعاش لاختل معاشهم فقلنا بصحة الإجارة ووجوب الأجرة للملعلم بحيث لو امتنع الوالد عن إعداء الأجر حبسفيه وإن لم يكمن بينهما شرط يؤمر الوالد بتطييب قلب المعلم وإراضئه وهذاا بخلاف المؤذون والإمام لأن ذلك يشغل الإمام والمؤذن عن أمر المعاش * قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن مشايخ بلخ جوزوا الإجارة على تعليم القرآن وأخذوا في ذلك بقول أهل المدينة وأنا أفتي بجواز الاستئجار ووجوب المسمى وأجمعوا على أن الاستئجار على تعليم الفقه باطل * رجل استأجر مؤدباً كل شهر بسبعة دراهم ليعلم له صبيين أحدهما العربية والآخر القرآن فقال المؤدب لا يمكنني تعليم القرآن فاستأجر معلماً ليعلم الصبي بما يعلمون الناس وأعطه الأجرة من أجري وسلم الصبي إليه فلما جاء رأس الشهر حبس الوالد عن المؤدب ثلاثة دراهم فقال المؤدب أنا لا أرضى بما حبست لأن أجرة المعلم كال شهر تكون نصف درهم قالوا يحط عن أجرة المؤدب قدر ما يكون أجر مثل المعلم لأن هذا(2/169)
الكلام من المؤدب بمنزلة التوكيل باستئجار المعلم ندج رجل استأجر معلما سنة ليعلم ولده القرآن فمضت ستة أشهر ولم يتعلم شيئاً كان له أن يفسخ الإجارة * ولو استؤجر جل لغسل الميت لا يجوز وإن استؤجر لحفر القبران بين الطول والعرض والعمق يجوز قياساً واستحساناً وإن لم يبين الطول العرض والعمق لا يجوز في القياس وفي الاستحسان يجوز ويقع على الوسط مما يعمله الناس * ولو استؤجر لحمل الجنازة إن لم يكن هناك من يحملها لا يجوز لأنه تعين في إقامة الحسبة وإن كان للتراب قيمة في ذلك الموضع وإن لم يكن للتراب قيمة فعلى اللبان أجر الأرض إن لم يكن ذلك ينفع الأرض فإن كان ينفع الأرض فلا شيء على للبان * معاوضة النيران في الأكدداس فاسدة لأنها استئجار المنفعة بجنسها فإن أعطى البقر ليأخذ منه الحمار لا بأس به * رجل استأجر رجلاً ليهدم جداراه أو ليبني حائطه كل ذراع بكذا وقال دارين درمهايك باخيره يزن أو استأجر رجلاً ليكسر حطبة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأصل في جنس هذه المسائل أنه إذا استأجر إنساناً لعلم فإن كان عملاً لو أراد الأجير أن يأخذ في العمل للحال يقدر عليه صحب الإجارة ذكر لذلك وقتاً أو لم يذكر نحو أن يقول استأجرتك <326> لتخبز ليه عشرين منا من الخبز بدرهم جاز إن كان المستأجر في ذلك الوقت يملك آلات الخبز كالدقيق ونحوه وإن لم يبين مقدار العمل لكنه ذكر لذلك وقتاً فقال استأجرتك لتخبز لي اليوم إلى اليل بدرهم جاز أيضاً لأنه وإن لم يبين مقدار العمل فقد ذكر الوقت وبذكر الوقت تصير المنفعة معلومة * ولو قال بدين يكدوم أين ديوار من بازكن جاز أيضاً لأنه سمى له عملاً لو أراد أن يأخذ فيه للحال يقدر عليه فتصح الإجارة بين لذلك وقتاً أو لم يبين * وقال بدين ده درم أين خر من بادكن إن لم يذكر لذلك وقتاً لا يجوز لأنه استأجره لعمل لو أراد أن يأخذ فيه للحال لا يقدر لأن التذرية لا تقوم به وإنما تقوم بالريح ولا يدري متى تهب الريح وإن بين لذلك وقتاً فهو على وجهين إن ذكر الوقت أولاً ثم الأجرة بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تذري هذا الكدس جاز لأنه استأجره علم معلوم وإنما ذكر الأجرة بعد بيان العمل فلا يتغير وإن ذكر الأجرة أولاً ثم العمل بأن قال استأجرتك بدرهم اليوم على أن تذري هذا الكدس لا يجوز لأن العقد وقع على الأجرة أولاً وإنما يحتاج إلى ذكر الأجرة بعد بيان الع7مل فإذا كان العمل معدوماً أو مجهولاً صار ذكر الوقت بعد بيان الأجرة للاستعجال أي على شرط أن تعجل اليوم ولا تؤخر فلم يكن ذكر الوقت لوقوع العقد على المنفعة فلا يجوز وعلى هذا المسألة السمسار * رجل أمر سمساراً ليشتري له الكرابيس أو دلالاً ليبيع له هذه الأثواب بدرهم لا تجوز هذه الإجارة لأن البيع لا يتم بالدلال وإنما يتم به والمشتري ولا يدري متى يجيء المشتري فإن ذكر لذلك وقتاً إن ذكر الوقت أولاً ثم الأجرة بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تبيع لي كذا وتشتري جاز فإن ذكر الأجرة أولاً ثم الوقت بأن قال استأجرتك بدرهم اليوم على أن تبيع لي كذا وتشتري لا يجوز وهذه ومسألة تذرية الكدس سواء وإذا فسدت الإجارة وعمل وأتم العمل كان له أجر مثله على ما هو العرف في أهل ذلك العمل وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الحيلة في استئجار السمسار وقال يأمره أن يشتري شيئاً معلوماً أو يبيع ولا يذكر له أجراً أولاً ثم بواسيه بشيء إما هبة أو جزاء لعمله فيجوز ذلك لماس الحاجة كما جاز دخول الحمام بأجر غير مقدر ثم يعطي الأجر عند الخروج وكذا شرب الرجل الماء من السقاء ثم يعطي له فأساً أو شيئاً وكذا الختان والحجام * وإذا أخذ السمسار أجر مثله هل يطيب له ذلك اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده يطيب له ذلك وهكذا عن غيره وإليه أشار مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب وهو نظير ما لو اشترى شيئاً شراء فاسداً فهلك المبيع عنده وأخذ البائع قيمته طابت القيمة للبائع وقال بعضهم لا يطيب للدلال والسمسار اجر مثله لأنه مال استفاد بعقد فاسد هذا إذا أمر السمسار بالبيع والدلال بالشراء ولم يذكر له وقتاً أما إذا ذكر له وقتاً بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تبيع لي هذه الأثواب أو تشتري لي كذا حتى جازت الإجارة كان له المسمى فيطيب له عند الكل * رجل دفع إلى رجل ثوباً وقال بعه بعشرة فما زاد فهو بيني وبينك قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باعه بعشرة أو لم يبعه فلا أجر له وإن تعنى في ذلك وتعب لأن الآمر نفى الأجر إذا باعه بعشرة وإنما جعل له الأجر إذا باعه بأكثر من عشرة وإن باعه باثني عشر أو بأكثر من عشرة ـ فله أجر مثله لا يتجاوز به درهماً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أجر مثله بالغاً ما بلغ وإن لم يبع إذا تعب في ذلك وتعنى لأنه عمل بحكم عقد فاسد فيستحق أجر المثل والفتوى على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ(2/170)
اللهُ تَعَالَى لأنه لم يجعل له الأجر إذا باعه بعشرة * رجل قال لدلال أعرض ضيعتي فعرض ولم يقدر الدلال على إتمام العمل وباعها دلال آخر اختلفوا فيه قال أبو القاسم البلخي إن كان الدلال <327> الأول عرض وتعنى وذهب في ذلك روزكاره كان له أجر مثله بقدر عنائه وعمله * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القياس ما قال أبو القاسم وفي الاستحسان إذا ترك الدلال الأول حتى باع غيره فلا أجر له لأن الدلال في العادة لا يأخذ الأجر بدون البيع وهذا القول وافق قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل أراد أن يبيع بالمزايدة ودفع الثوب إلى رجل وأمره لينادي ثم يبيع صاحبه فنادى ولم يبع قالوا إن بين لذلك وقتاً جازت الإجارة وله الأجر المسمى وكذا لو لم يذكر الوقت ولكن أمره أن ينادي كذا صوتاً جاز أيضاً فإن نادى كذا صوباً ولم يتفق البيع كان له لأن العادة فيما بين الناس أنهم لا يعطون الأجر إذا لم يتفق البيع وهو المختار * رجل دفع حمولة إلى حمالة ليحملها إذا بلد كذا أو يسلمها إلى السمسار فحملها فقال السمسار وللعمال إن وزن الحمولة في البارنامه كذا وقد نقضت في الوزن فأنا لا أعطيك من الأجر بحساب ما نقصت ثم اختلفا بعد ذلك قال السمسار أوفيتك الأجر وقال الحمال ما استوفيت كان القول في إنكار الاستيفاء قول الحمال ولا خصومة بينه وبين السمسار وإنما الخصومة بين الحمار وبين صاحب الحمولة * اختلف المشايخ في الدلالة في النكاح هل يكون لها أجر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر لها لأنه لا منفعة للزنوج من كلامها بغير عقد وإنما منفعة الزوج في العقد والعقد ما قال بها * وقال غيره من المشايخ لها أجر مثلها لأن معظم الأمر في النكاح يقوم بالدلالة فإن النكاح لا يكن إلا بمقدمات تكون من الدلالة فكان لها أجر المثل بمنزلة الدلال في البيع فإنه يستحق الأجر وإن كان البيع يكون من صاحب المتاع * الدال في البيع إذا أخذ دلالته بعد البيع ثم انفسخ البيع بينهما بسبب من الأسباب سلمت له الدلالية لأن الأجر عوض مقابل بالعمل وقد تم العمل فلا يستحق عليه الأجر وهو الدلالية كالخياط إذا خاط الثوب ثم فتقه صاحب الثوب فإنه لا يرجع على الخياط بالأجر وكذا صاحب الدار إذا هدم الدار لا يرجع على البناء بشيء * الدلال في ثوب إذا دفع الثوب إلى رجل يريد الشراء لينظر فيه ثم يشتري فأخذ الرجل وذهب بالثوب ولم يظفر به الدلال قالوا لا يضمن الدلال لأنه مأذون في هذا الدفع عادة * قال مولانا عندي إنما لا يضمن إذا دفع إليه الثوب ولم يفارقه أم إذا دفع إليه الثوب وفارقه ضمن كما لو أنودعه الدلال عند أجنبي أو تركه عند من يريد الشراء * دلال في يده ثوب فقال له رجل هذا ثوبي سرق مني فدفع الدلال الثوب إلى الذي أعطاه برئ عن الضمان لأنه وإن كان مودع الغاصب فمودع الغاصب إذا رد المغصوب على الغاصب برئ عن الضمان المثل بالغاً ما بلغ وكذا لو استأجر داراً أو حانوتاً سنة بمائة درهم على أن يرمها المستأجر كان على المستأجر أجر المثل بالغاص ما بلغ لأنه لما شرط المرمة على المستأجر صارت المرمة من الأجر فيصير الأجر مجهولاً فأما إذا كان فاسد الإجارة بحكم شرط فاسد أو نحو ذلك كان له أجر المثل ولا يزاد على المسمى * رجل أمر رجلاً وإلا فلا وكذلك الخياط والصباغ * رجل أخذ من رجل مسحاة وقال لصاحبها كم أجرها فقال لا أريد بها الأجر لكن احمل خشباً لي لمقبض المسحاة ثم رجل لصاحب المسحاة فقال أريد بها الجر قالوا إن كان الخشب الذي سأله خشباً له قيمة عند الناس <328> كان له أجر المثل لأنه لما سمى خشباً له قيمة لم يكن راضياص باستعمالها بغير أجر وذكر في المنتقى رجل آجر داره بميتة أو دم يجب أجر المثل قالوا أن لفظة الإجارة تنبئ عن العوض إلا أن ما قال من العلة يشكل بما إذا باع شيئاً بميتة أو دممة فإنه يكون باطلاً ولة لبيع في اقتضاء العوض أقوى من لفظة الإجارة فلا يصح هذا التعليل إ على الرواية التي تجعل المقبوض بالميتة أو بالدم ضموناً بالقيمة فتكون المنفعة ههنا مضمونة بقيمتها وقيمة لمنفعة أجر المثل * مريض آجر داره بأقل من أجر المثل جازالإجارة من جميع ماله ولا تعتبر من الثلث لأنه لو أعار داره من إنسان جازت الإجارة فالإجارة بق من أجر المثل أولى * رجل استأجر أرضاً فيها اشجار إن كانت الأشجار في وسط اأرض لا تجوزالإجارة وكذا لو دفع أرضه كانت في وسط الأرض شجرة أو شجرتان صغيرتان مثل التالة التي مضى عليها حول أو حولان جازت الإجارة والمزارعت وإن كانت الشجرة عظيمة لا تجوز لأن العظيمة لها عروق كثيرة تأخذ الأرض وظلها يضر بالأرض * وكذا لو كان في وسط الأرض أبنية فهي بمنزلة الشجرة العظيمة وإن كانت الأبنية في ناحية الأرض جازت الإجارة وإن كانت في ناحية الأرض فرفعت الأبنية يدخل ما تحتها في العقد وكذا الشجرة * ولو استأجر ضياعاً بعضها فارغةى وبعضها(2/171)
مشغولة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل تجوز الإجارة فيما كان فارغاً ولا تجوز فيما كان مشغولاً وهذا بخلاف ما تقدم إذا استأجر أرضاً في وسطها شجرة عظيمة قالوا لا تجوز الإجارة ولم يقل بجواز الإجارة فيما لم يكن مشغولاً بالشجرة لأن ثمة قدر ما يكون مشغولاً بعروق الشجرة غير معلومة له * رجل استأجحر بيتاً هو مشغول بأمتعة الآجر قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كنا نرى أن الإجارة جائزة ولا يصح تسليم البيت ما دام مشغولاً حتى وجدت رواية عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الإجارة لا تجوز وجعله كالارض التي فيها زرع * ولو آجر أرضاً فيها زرع لا تجوز الإجار في ظاهر الرواية وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده إن كان الزرع لم يدرك فكذلك وإن كان قد أدرك جازت الإجارة ويؤمر بالحصاد والتسليم فعلى هذا في البيت المشغول تجوز الإجارة أيضاً ويؤمر بالتسليم والتفريغ إلا أن يكون في التفريغ ضر فاحش فكان له أن ينقض الإجارة وهكذا ذكر الكرخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مختصره رواية عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز ويؤمر بالتفريع والتسليم وعليه الفتوى وقيل للقاضي الإمام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا في البيت المشغول لو فرغ البيت وسلم هل تصح تلك الإجارة فقال لا لأنها وقعت فاسدة فلا تجوز إلا باستئناف العقد ولو اختلف الآجر والمستأجر فقال المستأجر الستأجرت البيت أو الأرض وهي فارغة وقال الآجر لا بل كان البيت مشغولاً والأرض كانت مزروعة حتى لا تجوز هذه الإجارة اختلفوا فيما بينهم قال بعضه القول قول الآجر بخلاف المتبايعين إذا اختلفا في الصحة والفساد بحكم شرط فإن ثمة القول فيه قول مدعي الصحة لأن ههنا الآجر ينكر لإجارة لأنه ينكر إضافة العقد إلى محل فارغ منتفع به فيكون القول فيه قوله وقال القاضي الإمام أبو علي النسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينظر في اإجارة إلى الحال إن كانت فارغة كان القول وقل المستأجر وإن كانت مشغولة كان القول قول الآجر كما لو اختلفا في جريان الماء وانقطاعه في الطاحونة * رجل أعطى رجلاً درهمين ليعمل له يومين ولم يذكر العمل لم تصح الإجارة فإن عمل يوماص وامتنع عن العمل في اليوم الثاني لا يجبر على العمل لفساد الإجارة وإن كان سمى له عملاً معلوماً جازت الإجارة بعدما مضى يومان لا يطلب منه العمل <329> لانتهاء الإجارة وإن دفع إلى رجل درهمين ليعمل له عمل كذا يومين من الأيام كانت الإجارة فاسدة لجهالة الوقت بخلاف ما إإذا استأجره يوماً فإن ثم انصرفت الإجارة إلى اليوم الذي يلي العقد * رجل آجر دراه سنة بعبد بعينه فسكن المستأجر شهراص ولم يدفع العبد حتى أعتقه صح إعتاقه وكان على المستأجر للشهر الماضي أجر المثل بالغاً ما بلغ وتنتقض الإجارة فيما بقي لأن الإجارة بإعتاق العبد فسدت فيما بقي وكذا لو استأجر داراً بعين فسكن الدار ولم يسلم العين حتى هلك كان عليه أجر المثل بالغاً ما بلغ * رجل استأجر دابة إجارة فاسدة حتى وجد أجر المثل فإن كان أجر المثل مختلفاص بين الناس مهم من يستقصي ومنهم من يتساهل يجب الوسط وتفسير ذلك أن ينظر إلى الوسط من المؤاجرين بأن كان احدهم يؤاجر مثل هذه الدابة باثني عشرة وآجر بعشرة دراهم وآخر بأحد عشر يجب أحد عشر * رجل استأجر شيئاً إجارة فاسدة وقبض وآجر من غيره إجارة جائزة قال بعضهم ليس له أن يؤاجر واستدل هذا القائل بما ذكر في الأصل رجل دفع داره إلى رجل ليسكنها ويرها ولا أجر له فيها فآجرها هذا الرجل من غيره فانهدمت الدار من سكنى الثاني ضمن الثاني نقصان ما انهدم ويكون الثاني بمنزلة الغاصب ولو كانت الإجارة الثانية جائزة ما كان بمنزلة الغاصب وقال بعضهم المستأجر إجارة فاسدة لا يملك الإجارة الصحيحة ولكن لو آجرها يستحق الأجر المسمى كالغصب إذا آجر * وقال بعضهم المستأجر إجارة فاسدة يملك أن يؤاجرها من غيره إجارة جائزة بعد القبض بمنزلة المشتري شراء فاسداً يملك أن يبيع من غيره بيعاً جائزاً غلا أن لاآجر الأول يملك نقض الإجارة لثانية والبائع بيعاً فاسداً لا يملك نقض بثيع المشتري لأن الإجارة تفسخ بالعذر ولا كذلك البيع وإنما لا يملك الإجارة في مسألة المرمة لأن ثم ذكر المرمة على وجه المشورة لا على وجه الشرط فكانت إعارة والمستعير لا يملك الإجارة * رجل اصتأجر داراً إجارة فاسدة وعجل الأجر ولم يقب الدار حتى مات الآجر أو انقضت مدة الإجارة فأراد المستأجر أن يحدث يدجه على الدار ويمنعها لاستيفاء الأجر المعجل لا يون له ذلك لأنه لا يملك ذلك في الإإجارة الجائزة ففي الفاسجة أولى * رجل غصب داراً وآجرها ثم اشتراها من صاحبها بقيت الإجارة لأن الغجارةيتجدد انعقادها ساعة فساعة وإن استقبل الإجارة كا افضل * الغاصب إذا آجر المغصوب ثم إن المستأجر إن المستأجر آجرها من الغاصب بعد القبض وأخذ الأجر من الغاصب كان للغاصب أن يسترد من المستأجر ما أخذ منه لأن(2/172)
إجارة الغاصب كانت منعقدة فإذا آجرها المستأجر من الغاصب يصير آجراً من الذي آجره ولا تجوز الإجارة الثانية * رجل استأجر من آخر فسطاطاً وقبض كان له أن يؤاجره من غيره كما في الار وللمستأجر أن يسرج فيه وليس سله أن يتخذ مطبخاص فإن اتخذ مطبخاً كان …امناً لما انتقص إلا إذا كان الفسطاط معداً لذلك بأن كان من المسح وغيره * رجل استأجر بئراً شهراً ليسقي منها ارضه أو غنمه لا يجوز وكذلك النهر والعين لأن المقصوجد من هذه الإإجارة الماء وإنه عينه مباح والإجارة ما وضعت لملك العين المباح ولكذلك استئجار المرى لرعي الغنم فاسد لما قلنا * رجل استأجر رجلاً ليحصد له قصباً في أجمته على أن يعطي له خمس حزمات من هذا القصب لا يجوز لجهالة الحزمات كما لو استأجر طحاناً ليطحن له الحنطة بقفيز من دقيقها ولو عين خمس حزمات من القصب وقال استأجرتك بهذه الحزمات الخمس لتحصد هذه الأجرمة جاز * ولو قال استأجرتك على أن تحصد هذه الأجمة بخمس جزمات من القصب لا تجوز الإجارة لجهالة الحزمات فلو استأجر طحاناً ليطحن له هذه الحنطة بقفيز من الدقيق ولم يقل بقفير من ذلك الدقيق جاز لأنه لم يجعل الأجر من دقيق هذه الحنطة والقفيز معلوم بخلاف الزمات * وكذا لو استأجر <330> رجلاً ليحلج هذا القطن بعشرة أمناء من هذا القطن لا يجوز ولو قال بعشرة أمناء من القطن ولم يقل من هذا القطن جاز ولو دفع غزلاً إلى حالئك لينسج له بالثلث أو بالربع ذكر في الكتاب أنه لا يجوز ومشايخ بلخ رحمهم الل تَعَالَى جوزوا ذلك لمكان التعامل وبه أخذ الفقيه أبو الليث وشمس الأئمة الحلواني والقاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى * رجل اخذ من رجل بقرة على أن ما يحصل من لبنها من المصل والسمن والرائب يكون بينهما لا يجوز وما اتخذ المدفوع إليه من لبنها من المصل والسمن يكون له لانقطاع حق المالك عن ذلك وعلى المدفوع إليه مثل ما أخذ من الألبان البقرة لأن اللبن مثلي وعلى مالك البقرة قيمة علفها إن كان أعلفها بعلف مملوك له لا ما أكلت هي في المرعى وعليه اجر قيام المستأجر عليها * والحيلة في تجويز هذا التصرف أن يبيع نصف هذه البقرة من المدفوع إليه بثمن معلوم ويسلم البقرة إليه ثم يأمره بأن يتخذ من لبنها المصل والسمن وغير ذلك فيكون ذلك بينهما * ولو كانت البقلرة بين رجلين وتواضعا على أن تكون عند كل واحد منهما خمسة عشر يوماً يحلب لبنها قال أبو بكر الإسكاف هذه مهايأة باطلة فما ا×ذ أحدهما من فضل اللبن لا يحل له وطريق ذلك أن يهب ما استهلك من فضل اللبن أو يجعله في حل من ذلك فيبرأ عما عليهنج رجلان لكل واحد منهما مجمدة أو متلجة فقال أحدهما لصاحبه ارفع من مثلجتي مائة وقر حتى أرضع من مثلجتك مثل ذلك فحمل أحدهما وباع ثم تغير سعر الثلج إلى نقصان فقال صاحب الثلج للذي رفع مائة وقر من مثلجته لا أرفع مال عليك العام قال أبو بكر الإسكاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أعلم لهذا حيلة سوى أن يرفع الذي عليه لث4لج مائة وقر من مثلجة نفسه ويطرح في مثلجة صاحبه حتى يبرأ عما عليه * قال مولانا رحمه اله تَعَالَى وعندي المعاملة التي جرت بينهما فاسدة لأنه ذكر الوقر والأوقار متفاوتة تفاوتاً فاحشاً فلا يجوز ما لم يبين وزن الوقر ولأن الجمد يختلف باختلاف الماء والمواضع فعسى أن يكون أحدهما أنقى وأصفى من الآخر فلا برأ إلا أن يكون الجمد الثاني مثله وما قال منطريق الخروج فيه نر فإنه لو ألقى مثل ذلك في مجمدة صاحبه كان مستهلكاً لما في مجمدة صاحبه فإن المودع إذا خلط الوديعة بجنسها كان مستهلكاً ضامناً فالضمان هنا أولى وتغير السعر لا يثبت الخيار لصاحب الدين فإن من غصب من آخر موزوناً فتغي سعره في بلد الغصب لم يكن للمغصوب منه أن لا يقبل مثله * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وطريق الخروج عندي أن يرفع من عليه الدين الأمر إلى القاضي حتى يجبره على قبول مثل ماكان عليه كما لو استقرض من آخر حنة فأعطاه مثلها بعدما تغير سعرها فإنه يجبر المقرض على القبول وكذا لو غصب من آخر شيئاً من ذوات القيم فأعطاه الغاصب قيمته يوم الغصب بعدما تغير سعره في ذلك البلد فإنه يجبر على القبول فإن اختلفا في مقدار وزن الجمد يحلف الثاني لأن صاحبه يدعي عليه الزيادة وهو ينكر * رجل استأجر أرضاً بشربها وحاجة المستأجر إلى الشرب ليسوق الماء إلى أرض له أخرى جاز وكذا لو استأجر أرضاً بكذا وأجر مثلها أقل مما سمي من الأجر وأباح له صاحب الأرض الثمر أو الشرب لا بأس به وإن كان قصده ن الإجارة الثمر والماء إذا لم يكن ذلك شرطاً في الإجارة * رجل دفع إلى آخر ثلاثة أوقار دهن ليتخذ منه صابوناً على أن يكون العمل من المدفوع إليه والصابون للدافع ففعل المدفوع إليه فإن الصابون يكون لصاحب الدهن وعليه للعامل أجر عمله وغرامة ما جعل فيه * رجل استأجر مرجلاً شهراً ليطبخ فيه العصير على أن يكون رد المرجل على المستأجر لا تجوز هذه الإجارة لأن رد(2/173)
المرجل يكون على الآجر فإذا شرط ذلك على المستأجر كان فاسداً وإم لم يشترط الرد على المستأجر ففرغ <331> في نصف الشهر أو في آخره كان عليه أجر الشهر وإن استأجره كل يوم بكذا فرغ فلا أجر عليه لما مضى من الزمان بعد ذلك ولم يرد إذا لم يستعمله وإن فرغ ف نصف اليوم كان عليه أجر اليوم * ولو استأجر حباباً أو كيزاناً وقال له الآجر ما لم تردها على صحيحة فلي عليك كذا قالوا شرط الحمل في الحباب وكل ما كان له حمل ومؤنة على المستأجر يفسد العقد فيلزمه في الحباب أجر المثل وفي الكيزان عليه أجر المسمى ما دامت صحيحة إلى أن ترد * إجارة لمشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم فاسدة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى وإن آجر من شريكه جاز في أظهر الروايتين عنه وقال صاحباه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز على كل حال * ولو كانت الدار بين بين رجلين آجر أحدهما نصيبه من ثالث اختلفوا فيه على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال بعضهم يجوز ويقوم الثالث مقام الآجر وذكر الكرخي عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتين والاظهر أنه لا يجوز * ولو استأجر رجلان داراص من واحد أو من اثنين جاز * وإن مات احد الآجرين أو أحد المستأجرين انفسخت الإجارة في النصف وتبقى في النصف * ولو آجر كل الدار من واحد جاز ثم تفاسخا الإجارة فيا لانصف تنفسخ في النصف وتبقى في النصف وهي الحيلة في إجارة المشاع * رجل استأجر نهراً يابساً ليسوق الماء فيه إلى أرضه لا يجوزنج وكذا لو استأجر ميزاباً ليجري فيه المطر على سطح المؤاجر أو استأجر بالوعة ليصب فيها وضوءه لا يجوز وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا استأجره موضعاً معلوماً من الأرض ليسيل فيه الماء إلى أرضه جاز بخلاف السطح لأن في السطح موضع تسييل الماء مجهول وتسييل الماء بقد ما يريد ليس في وسعه لجواز أن يأخذ المطر مكاناً أبسط منه بخلاف الأرض * ولو استأجر ميزاباً ليركبه في داره كل شهر بأجر معلوم جاز ولو كان الميزاب مركباً في حائط المؤاجر لا يجوز * ولو استأجر بكرة أو دلواً أو رشاء ليسق غنمه لا يجوز فإن ذكر لذلك وقتاً معلوما ص يوماً أو شهراً جاز * ولو استأجر حائطاً ليضع عليه جذوعاً أو سترة أو كوة أو ميزاباً أو موضعاً من الحائط ليوتد فيه وتداً لا يجوز وكذا لو استأجر شجراً ليبسط عليه الثياب لتجف لا يجوز * ولو اشترى نخلاص ليقلعه ثم استأجر ارضه لتبقية النخل فيها وقتاً معلوماً جاز * ولو اشترى الثمر على راس النخيل ثم استار النخيل لإبقاء الثممن أو استأجر الأرض لا يجوز * أما استئجار النخيل فظاهر لأنها ليست بمحلالإجارة واستئجار الأرض لا يجوز وإن كانت الأرض محلاً للإجارة لأن الأرض مشغولة بما ليس بمملوك للمستأجر وهو النخيل فإن كان ما بين الثمر والارض مملوكاً للمستأجر جازت إجارة الأرض ويجوز إعارة الأرض في الوجوه كلها * ولو استأجر طريقاً في دار لير فيها لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنها إجارة المشاع * ولو استأجر سفلاً وقتاً معلوماً ليبني عليه علواً جاز * ولو استأج رعلواً ليبني عليه لا يجوز في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي قياس قول صاحبه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز * ولو استأجر ظهر بيت ليسكن فيه أو ليضع عليه مناعه وقتاً معلوماً جاز وذكر في الأرصل إذا استأجر سطح بيت ليبت عليه لا يجوز قالوا الصحيح ليمر عليه * ولو استأج مكيلاً أو موزوناً ليعبر به ذكر في الأصل أنه يجوز وذكر الكرخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز * ولو اشترى عقاراً فآجره قبل القبض لا يجوز وقبل هو على الخلاف في بيع العقار قبل القبض * ولو استأجر شاة ليرضع صبياً أو جدياً لا يجوز * ولو استأجر ثيلاباً ليبسطها في بيته لا يجلس عليه ولا ينام لايجو ز لأن الاستئجار لا يجوز إلا لمنفعة مقصودة بالعين وكذا لو استأجر دابة ليسحبها بين يديه أو ليربطها على آرية ليظن الناس أنها له لا يجوز * ولو دفع أرضاً إلى رجل على أن يغرس فيها فتكون الأشجار <332> واأرض بينهما لا يجوز فإن غرس فيها فالغراس يكون لصاحب الأرض وعليه للعامل قيمة الغراس وأجر مثله * رجل استأجر عباداً كل شهر بكذا على أن يكون طعامه على المستأجر أو دابةعلى أن يكون علفها على المستأجر ذكر في الكتاب أنه لا يجوز وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الدابة أخذ بقول المتقدمين أما في زماننا العبد يأكل ن مال المستأجرة عادة * ولو دفع سمسماً إلى دهان ليعصره على أن يكون بعض الدهن له وشاة ليذبحها على أن يكون بعض اللحم له لا يجوز * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليقطعه ويخيطه قميصاً على أن يفرغ من في يومه هذا أو اكترى من رجل إبلاً إلى مكة على أن يدخله إلى عشرين ليلة كل بعير بعشرة دنانير ولم يزد على ذلك روى مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه تجوز هذه(2/174)
الإجارة فإن وفى بالشرط كان له المسمى وإن لم يف كان له أجر المثل لا يزاد على المسمى وهو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إلى استأجر دابة من رجل أياماً مسماة ولم يذكر شيئاً لا يجوز ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويجوز عندهما * ولو قال للخياط استأجرتك اليوم لتخيط هذا القميص بدرهم أو قال للخباز استأجرتك اليوم لتخبز هذا القفيز بدرهم لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويجوز عندهما وقال الكرخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس في المسألة اختلاف الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإنما اختلف الجواب لأن في رواية مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا ذكر العمل والمسير أولاً ثم ذكر الوقت فكان ذكر الوقت للاستعجال إن عجل فقد وفى بالشرط فيستحق المسى وإن لم يعجل ولم يف بالشرط كان له أجر المثل لا لفساد الإجارة بل لفوات الشرط المرغب وفي رواية أَبِي يُوسُفَ عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لما ذكر المدة أولاً فقد جعل الوقت مقصوداً ثم ذكر العمل بعد ذلك والعمل يكون مقصوداً على كل حال فلا يمكن الجمع بين الوقت والعمل في كونهما مقصوداً لاخلاف حكمهما فيصير المقصود مجهولاً جهالة المعقود عليه تمنع صحة العقد أما إذا قدم العمل فذكر الوقت بعده يكون للاستعجال فلم يسر الوقت معقوداً عليه فلا يفسد العقد وعلى قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى تجوز الإجارة في الوجهين * وذكر في الجامع الصغير رجل استأجر رجلاً ليخبز له هذه العشرة المخاتيم كلها اليوم بدرهم فإنه لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فَأَبُو حَنِيفَةَ في مسألة الجامع لم يجوز الإجارة مع أنه ذكر الوقت بعد العمل فتبين بهذا أن فيما قال الكرخي م التوفيق بين الروايتين نظراً بل الصحيح أن في المسألة عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتين والصحيح من مذهبه أن الإجارة فاسدة قدم العمل أو أجر إذا ذكر الأجر بعد الوقت والعمل وأما إذا ذكر الوقت أولاً ثم الأجر ثم العمل بعده أو ذكر العمل أولاً ثم الأجر ثم الوقت لا يفسد العقد لأنه إذا وسط الأجر فبذكر الأوّل عملاً كان أو وقتاً * الأجر بعده يتم العقد كان ذكر الثاني بعد ذلك إن كان وقتاً يكون للتعجيل وإن كان عملاً فذكره لبيان لعمل في ذلك الوقت فلا يفسد العقد * وذكر الحاكم في المختصر ما هو إشارة إلى ذلك وقال ألا ترى أنه لو استأجره ليعمل له هذا العمل بدرهم وشرط عليه أن يفرغ منه اليوم كان جائزاً أجر الذهاب ولا أجر الرجوع أما أجر الذهاب فلأنه لا يعمل له في الذهاب عملاً وبدون العمل لا يستوجب الأجر وبعد العمل لا تبقى االإجارة فلا يجب أجر الرجوع أيضاً فإذا شرط ذلك على المستأجر فسد العقد * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أنه يكون الجواب على التفصيل أن <333> كانت الأشجارة معلومة للمستاجر فكذلك الجواب وإن لم تكن معلومة للمستأجر ما لم يذكر الوقت لا تصح الإجارة لأنه إذا لم يذكر الوقت كان المعقود عليه هو العمل والعمل مجهول فيفسد العقد وإن بيين الوقت كان أجيراً واحداً في ذلك الزمان وكان عليه أجر ذلك الزمان فيجب عليه اغلمسمى لا غيره وإن ذكر شرطين في الإجارة بأن اكترى من رجل دابة وقال إن ركبتها إلى موضع كذا فبكذا وإن ركبتها إلى موضع كذا فبكذا أو ذكر ثلاث مواضع جاز العقد استحساناً وفي الزياد على الثلاث لا يجوز وذكر محد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لهذا أصلاص فقال الإجارة متى وقعت على أحد شيئين أو أحد الأشياء الثالثة وسمى لكل واحد أجراً معلوماً بأن قال آجرتك هذه الدابة بخمسة دراهم أو هذه الأخرى بعشرة دراهم أو هذه الثالثة بخمسة عشر أ قال ذلك في البيوت الثاثة أو الحوانيت الثالثة أو العبيد الثاثة أو قال ذلك في المسافات المختلفة بأن قال آجرتك هذه الدابة إلى واسط بكذا أو إلى الكوفة بكذا أو إلى بغداد بكذا أو قال ذلك في أنواع الخياطة أو الصبغ إلى الثلاث يجوز وفي الزيادات لا يجوز وفرق بين الإجرة والبيع إذا باع احد هذهين العبدين وسمى لكل واحد منهما ثمناً لا يجوز إلا أن يشترط الخياط في ذلك للبائع أو للمشترى وكذلك في الثوبين وغير ذلك وفي الإجارة يجوز من غير خيرا لأن الإجارة يجري فيها من لمسامحة ما لا يجري في البيع وكذا لو قال لراد الآبق إن رددته من موضع كذا فلك كذا وإن رددته من موضع كذا فلك كذا جاز * وكذا لو قال للخياط إن خطت هذا الثوب فلك درهم وإن خطت هذا الثوب الآخر فلك نصف درهم أو قال إن خطت هذا الثوب رومياً فلك درهم وإن خطته فارسياً فلك نصف درهم أو قال للصباغ إن صبغته بالعصفر فلك كذا وإن صبغته بالزعفران فلك كذا جاز جميع ذلك * إذا قال للخياط إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلك نصف ردهم قال(2/175)
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصح الشرط الأول ولا يصح الشرط الثاني وقال صاحباه يصح الشرطان جميعاً والمسألة معروفة فإن خاطه في اليوم الأول يجب المسمى في ذلك اليوم وإن خاطه في اليوم الثاني يجب أجر المثل إلا أن في رواية الأصل يجب أجر المثل لا يزاد على درهم ولا ينقص عن نصف درهم وفي النوادر يجب أجر المثل لا يزاد على نصف درهم وذكر القدوري الصحيح رواية النوادر وإن خاطه في اليوم الثالث روي عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن له اجر المثل لا يزاد على درهم ولا ينقص عن نصف درهم وروي عنه أنه لا يزاد على نصف درهم ولا ينقص عن نصف درهم وهو الصحيح * ولو قال إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غداً فلا شيء ل فحاطه غداً كان له أجر المثل ولا يزاد على درهم لأن الإجارة تمليك بعوض فيلزمه اجر المثل كما لو قال استأجرتك بغير شيء * ولو قال آجرتك هذه الدار شهراً على أنك إن أقعدت فيها حداد فأجرها عشرة وإن أقعدت فيها بزازاً فأجرها خمسة جازت الإجارة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رمه الله تَعَالَى الأجر كما في الخياطة الرومية والفارسية وفي قول صاحبيه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى الإجارة فاسدة هما يقولان في إجارة الدور والعقار يجب الأجر بمجرد التخلية وعند ذلك الأجر مجهول بخلاف العمل لأن في العمل لا يجب الأجر إلا عند العمل وعند العمل يصير الأجر معلوماً وإذا جازت الإجارة في قول أَبِي حَنِيفَةَ فإن قبض المستأجر الدار ولم يسكنها يلزمه أقل المسميين * ولو استأجر دابة من بغداد إلى القصين (1)
__________
(1) أو القصيز أو القصير(2/176)
بخمسة وإلى الكوفة بعشرة قال مُحَمَّد إن كان القصير نصف طريق الكوفة جاز وإن كان أقل من ذلك أو أكثر لا يجز وعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز على كل حال * رجل نزل خاناً قال عامة مشايخ بلخ منهم الفقيه أبو الليث والفقيه أبو بكر رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يكون ساكناً بأكر ولا يصدق أنه سكن بغير أجر وقال نصير لا أجر عليه إلا أن يتقاضاه <334> صاحب الخان بالأجر فحينئذ يجب الأجر استحساناً والصحيح قول الفقيه أبي الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الظاهر أن النزلول في الخان يكون الأجر وهو بمنزلة من دخل الحمام كان عليه الأجر ولا يصدق أنه دخل غصباً فكذلك ههنا إلا أن يكون الساكن معروفاً بالظلم والغصب بأن كان صاحب جيش لا يستأجر عادة * وفي المنتقى رجل غصب دار رجل فقال له المالك اخرج منها فإن سكتها فهي عليك كل شهر بكذا فإن كان الغاصب جاحداً أنها له ثم أقال الملك بعد ذلك بينة أنها له لا أجر عليه فيما مضى وإن كان الساكن مقراً أنها للمدعي فقال اخرج منها فإن لم تخرج فعليك كل شهر بكذا فلم يخرج كان عليه الأجر المسمى لما سكن * رجل استأجر دابة من سمرقند إلى بخارا ولم يسم رستاقاً من رساتيقها ولا قصبة ولا بقعة بعينها قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإجارة فاسدة لأن بخالا اسم للقصبة مع سوادها فهي كالري وذكر في الكتاب إذا استأجر دابة إلى فارس أو إلى الري ولم يسم موضعاً معلوماً لا تصح الإجارة في ظاهر الرواية ورورى هشام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه تصح وجعل الري اسماً للمدينة خاصة * ولو استأجر دابة إلى سمرقند صحت الإجارة لأن سمرقند اسم للقصبة دون السواد فسواد سمرقند يسمى سغدا * ولو تكارى دابة إلى أوزجند صحت الإجارة كما لو تكار إلى سمرقند وإن تكارى إلى فرغانة لا تصح كما لو تكارى إلى سغد * رجل تكارى بغلاً على أنه كلما رجب الأمير ركب معه كانت فاسدة وعليه كلما رجب أجر مثله * رجل تقبل من رجل طعاماً على أن يحمله من موضع كذا إلى موضع كذا إلى اثني عشر يوماً بكذا فلم يحمله إلى اثني عشر يوماً وإنما حمله أكثر من ذلك قالوا لا يلزمه الأجر كما لو استأجر رجلاً عهلى أن يخيط ثوبه في يومه بدرهم فخاطه في اليوم الثاني لا يجب الأجر على صاحب الثوب في قول أَبِي حَنِيفَةَ روفيقول صاحبيه يجب الأجر لأن عندهما في مثل هذا الموضع تقع الإجارة على العمل دون الوقت {مسائل الأجير المشتري فصل في الحمامي والثيابي} امرأة دخلت الحمام ودفعت ثيابها إلى المرأة التيم تمسك الثياب فلما خرجت لم تجد ثيابها قال الشيخ الإمم أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل إن كانت هذه أول مرة دخلت الحمام لا تضمن الثياب في قولهم إذا لم تعلم أنها تحفظ الثياب بأجر لأنها إإذا دخلت أوّل مرة ولم تعلم بذلك وما شرطت لها الأجر على الحفظ كان ذلك إيداعاً والموضع لا يضمن عند الكل إلا بالتضييع وإن كانت المرأة هذه دخلت الحمام قبل هذا ودفعت إليها الثياب وأعتطت لها الأجر على حفظ الثياب كانت المسألة على الاختلاف على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تضمن لأن عنده الأجير المشتري لا يضمن لما هلك في يده بغير صنعه والمختار في الأجر المشترك قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقيل هو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أيضاً وعلى قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأجير المشتري يكون ضامناً لما هلك في يده بغير صنعه فيجب الضمان عندهما على الثياب قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينبغي أن يكون الجواب في مدة المسالة عندهما على التفصيل إن كان الثيابي أجير الحمامي يأخذ منه في كل يوم أجراً معلوماً لهذا العمل لا يكون ضامناً عند الكل بمنزلة تلميذ القصار والمودع * رجل دخل الحمام وقال لصاحب الحمام احفظ الثياب فلما خرج من الحمام لم يجب ثيابه قال أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن أقر صاحب الحمام أنه رأى رجلاً غير هذا الرجل رجل رفع الثياب وظن أنه يرفع ثياب نفسه كان ضامناص لأنه صار مضيعاً إذا لم يمنع الغاصب وإن سرق الثياب ولم يعلم به صاحب الحمام لا يضمن غلا إذا ضيعه بأن ذهب عن ذلك الموضع وترك الثياب * رجل دخل الحمام ووضع ثيابه في الحمام وصاحب الحمام يراه وينظر إليه فلما خرج من الحمام لم يجد ثيابه قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تالى إن ضيع الحمامي أو رأى أن <335> غيره رفع ثيابه كان ضامناً وقال أبو القاسم لا يضمن والصحيح قول مُحَمَّد بن سلمة لأن ذلك استحفاظ منه عادة * وكذا لو جاء رجل ووضع ثيابه عند جالس في ذلك الموضع ولم يقل للجالس احفظ ولم يقل الجالس لا تضع عندي ولم يقبل ولم يرد يكون مودعاً حتى لو ضيعه كان ضامناً * رجل دخل الحمام ووضع ثيابه عند الحمامي وقال احفظ الثياب وقبل الأجر وشرط عليه ضمان الثوب إذا تلك فلما خرج الرجل من الحمام لم يجد ثيابه قال(2/177)
بعضهم ضمن الحمامي عند الكل أما على قولهما فظاهر وأما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلأن عند الأجير المشترك إنما لا يضمن إذا لم يشترط عليه الضمان أما إذا شرط كان ضامناً وقال الفقيه أبو جعفر شرط الضمان في الأمانات باطل فكان الشرط وعدم الشرط فيه سواء وذكر في المنتقى ما يوافق قوله * امرأة دخلت الحمام ووضعت ثيابها في بيت المسلخ والحمامية تنظر إليها فدخلت الحمامية في الحمام بعد المرأة لتخرج الماء فتغسل صبي ابنتها وابنتها مع صبيها كانت في دهليز الحمام ترى أمها فضاعت ثياب المرأة قالوا إن غابت الثياب عن عين الحمامية وعن عين ابنتها ضمنت الحمامية وإلا فلا لأن لها أن تحفظ الثياب بيد ابنتها فإذا لم تغب عن بصرها أو بصر ابنتها لا تضمن {فصل في الحمام وما يرجع إليه} رجل استأجر حمالاً بدانق ليحمل له زق سمن إلى موضع كذا فقال الحمال للمستأجر احمل علي الزق فرفعه المستأجر مع الحمال فوقع الزق وذهب ما فيه لا يضمن المال لأن الزق ما دام في يده لم يسلمه إلى الحمال وإن حمله ثم إن الحمال وضع الحمل في بعض الطريق ثم استعان برب الزق في رفعه فوضعاه على ظهره فوقع وتخرق ضمن الحمال لأنه في ضمانه وبإعانة رب الزق ما صار الزق مسلماً إليه فلا يبرأ عن الضمان ولو زلق الحمال في الطريق وانشق الزق وذهب ما فيه ضمن * وكذا لو انقطع الحبل لأنه لما شده بحبل واهن كان مضيعاً * الملاح إذا أخذ الأجر ووضع فيها الطعام فغرقت السفينة من ريح أو موج أو شيء وقع عليها أ صدم جبل وهلك الطعام لا يضمن الملاح في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن غرقت السفينة من مده أو معالجته أو جدفه ضمن الملاح لأن ذلك من جناية يده فيضمن وإنما لا يضمن الأجير فيما تلف بغير فعله وإن كان صاحب الطعام أو وكيله في السفينة لا يضمن الملاح بشيء من ذلك لأن صاحب الطعام إذا كان معه في السفينة كان الطعام في يد صاحبه فلا يضمن الملاح إلا أن يصنع فيها شيئاً أو يفعل فعلاً يتعمد الفساد وإن انكسرت السفينة فدخل فيها الماء إن كان ذلك بفعل الملاح يضمن وإلا فلا والله أعلم {فصل في البقار والراعي} رجل سلم بقرة إلى بقار ليرعاها فجاء البقار ليلاً وزعم أنه رد البقرة وأدخلها القرية فطلبها صاحبها فلم يجدها ثم وجدها بعد أيام في نهر في الجبانة قد عطبت قالوا إن كان العرف فيما بينهم أن تدخل البقول في القرية ولم يطلبوا مها أن يدخل كل بقرة في منزل صاحبها كان القول قول البقار مع يمينه أنه أدخل البقرة في القرية فلا ضمان عليه وكذا لو أرسل كل بقرة في سكة صاحبها فضاعت قبلل أن تصل إلى صاحبها لا يضمن لأنه ليسه عليه إدخاله في منزل صاحبها عرفاً والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً * بقار ترك الباقورة في الجبانة وغاب عنها فوقت الباقورة في زرع رجل فأفسدت الزرع لا يضمن البقار إلا أن يكون البقار أرسل الباقورة في الزرع أو أخرج الباقورة فعطبت واحدة من سوقه بأن استعجل عليها في السوق فعثرت أو انكسرت رجلها أو اندقت عنقها أو ساقها في الاء لتشرب لوقعت في الماء يضمن البقار إن كان مشتركاً وإن كان خاصاً لا يضمن لأن لأجير الواحد لا يضمن ما تلف في يده بفعله إذا لم يتعمد الفساد وإن ساق البقر <336> فتناطحت فقتل بعضها بعضاً أو وطئ بعضها بعضاً في سياقه فكذلك إن كان البقار أجير واحد لرجل لا يضمن وإن كان مشتركاً لقوم شتى فهو ضامن وكذا لو كان البقر لقوم شتى وهو أجير احدهم يكون ضامناً لما تلف من سياقه لأنه سائق الدابة التي وطئت والسائق يضمن لما تلف * ولو ندت بقرة من الباقورة وخاف البقار أنه لوا تبع ما ند يضيع الباقي كان في سعة أن لا يتبعه ولا يكون ضامناً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لما ندت لأنها ضاعت بغير فعله ويضمن في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وكذا لو تفرقت فرقاً ولم يقدر على اتباع الكل فاتبع البعض وترك البعض لا يضمن لما ترك * ولو كان البقار مشتركاً فرعاها في موضع فعطبت فقال صاحبها أنا شرطت عليك أن ترعاها في موضع آخر وقال الراعي لا بل شرطت علي الرعي في هذا الموضع كان القول فيه قول صاحب البقر وليس للبقار ولا للراعي أن ينزي على شيء منها بغير أمر صاحبها فإن فعل كان ضامناً لما عطبت منها ولو أن الراعي لم يفعل ذلك ولكن الفحل الذي كان فيها نزاً على بعضها فعطبت لا يضن الراعي في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الراعي والبقار إذا خاف الهلاك على شاة فذبحها ذكر في الأصل أنه يضمن قيمتها يوم الذبح وذكر في النوادر أنه لا يضمن استحساناً وكذا لو رأى رجل شاة إنسان سقطت وخيف عليها الموت فذبحها قالوا لا يضمن استحساناً والمختار للفتوى أنه يضمن في الثانية ولا يضمن في الأولى فإن اختلف الراعي وصاحب الغنم علىجواب الكتاب قال صاحب الغنم ذبحتها وهي حية وقال الراعي لا بل ذبحتها وهي ميتة كان القول قول الراعي * ولو أن(2/178)
صاحب الغنم أو البقر شرط على البقار أو البقر شرط على البقار أوالراعي أن ما هلكيأتيه بسمته لم يصح هذا الشرط ويكون القولفي الهلاك قول الراعي وإن لم يأت بالسمة * أهل قرية كانوا يرعون دوابهم بالنوبة فضاعت بقرة في نوبة رجل تكلموا فيه قال الفقيه أبو الليث لا يضمن هذا الواحد عند الكل لأن هذه ليست بإجارة بل هي إعانة وإعارة * أهل قرية اتفقوا على أن كل واحد منهم يحفظ الباقورة فلما كانت نوبة أحدهم استأجر هذا الواحد أجير ليحفظها فأخرجها الأجير إلى المفازة ثم رجل إلى القرية ليخرج ما تخلف منها فضاع بعضها قالوا إن ضاع عند غيبة الأجير ضمن الأجير قيمتها بترك الحفظ الملتزم وإن ضاع بعد ما عاد الأجير إلى الباقورة لا يضمن الأجير ولا صاحب النوبة أما الأجير فظاهر وأما صاحب النوبة فلأن له أن يحفظ الباقورة بإجرائه * بقار يحفظ بأجر فترك البقر عند رجل ليحفظها ورجع هو إلى القري ليخرج منها ما تخلفت أو لحاجة لنفسه فضاع بعض ما كان خارجاً قالوا إن لم يكن الحافظ في عياله ضمن وإلا فلا * الراعي إذا خلط الغنم بعضها ببعض فإن كا يقدر على التمييز لا يضمن ويكون القول في تعيين الدواب أنها لفلان قوله وإن كان خلطاً لا يقدر على المييز يكون ضامناً قيمتها والقول في مقدار القيمة قول الراعي * وإن دفع غنم رجل إلى غير صاحبها فاستهلكها المدفوع إليه وأقر الراعي بذلك ضمن الراعي ولا ضمان على المدفوع إليه ولا يقبلقول الراعي على المدفوع إليه إن كان الراعي أقر وقت الدفع أنها للمدفوع إليه وإن شرط على الراعي أن لا يرعى مع غنمه غنم غيره صح الشرط لأنه جعله أجير وحد * البقار أو الراعي إذا نام حتى ضاع بعضها إن نام مضطجعاً كان ضمناً وإن نام جالساًفإن غاب البقر عن عينه كان ضامناً وإلا فلا وما أكل الاعي من الألبان كان ضامناً * إذا استأجر راعياً أو بقارراً وقال استأجرتك لترعى غنمي هذه سنة كل شهر بكذا يكون الراعي أجير مشترك إلا إذا صرح بما هو حكم أجير الوحد بأن قال على أن لا ترعى معها غنم غيري فحينئذ يكون اجير وحد بأن قال على أن لا ترعى معها غنم غيري فحينئذ يكون أجير وحد وإن أورد العقد على المدة أولاً بأن قال استأجرتك شهراً بكذا لترعى غنمي كان أجير وحد <337> إلا أن يذكر بعده ما هو حكم أجير المشترك بأن قال على أن لك أن ترعىا مع غنمي غنم غيري فحينئذ يصير مشتركاً ويتغير أول الكلام بآخره هكذا قال الشيخ الإمام الأجل المعروف بخواهر زاده قال وكذلك الحكم في حق كل من كان في معنى الراعي * الراعي أو البقار إذا ضرب شاة ففقأ عينها أو كسر رجلها ذكر في الأصل أنه يكون ضامناً قال مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى هذا على قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قياس قولهما إن ضربها في الموضع المعتاد ضرباً معتاداً ينبغي أن لا يكون ضامناً كما لو استأجر دابة ليركبها فكبحها بلجامها فماتت كان ضامناً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعندهما إن كبحها كبح مثلها لا يضمن وقال بعضهم وينبغي أن يضمن بالضرب في الغنم في قولهم جميعاص لأن الغنم في العادة تساق بالصباح وبالصفع باليد فإن ضربها ضرباً غير معتاد يضمن في قولهم وإن ضربها في غير الموضع المعتاد في قولهم وإن ضربها بغير أمر صاحبها فإن ضربها ضرباً غير معتاد يضمن في قولهم وإن ضربها في الموضع المعتاد يضمن في قولهم أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعلى قول صاحبيه لا يضمن ومستأجر العبد لا يملك الضب إلا بإذن المولى عند الكل ومستعير الدابة يضمن عند الكل إلا إذا ضرب بإذن صاحبها والزوج إذا ضرب امرأته بنشوز معتاد أو غير معتاد فماتت كان ضامناً عند الكل ولا يرثها في قولهم * والإمام إذا ضرب رجلاً تعزيراص أو حداً فمات لا يضمن والمعلم إذا ضرب صبياً أو الأستاذ المحترف إذا ضرب التلميذ فمات قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ضربه بأمر أبيه أووصيه ضرباً معتاداً في الموضع المعتاد لا يضمن وإن ضربه ضرباً غير معتاد ضمن وإن ضربه بغير أمر أبيه أو وصيه فمات يضمن كل الدية في قولهم سواء ضرب ضرباً معتاداً أو غير معتاد والأب إذا ضرب ابنه فمات يضمن كل الدية في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى سواء ضربه معتاداً أو غير معتاد وعند صاحبيه لا يضمن في المعتاد وأما الوصي إذا ضرب اليتيم يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو كالاب وعند صاحبيه لا يضمن كما لا يضمن الأب إذا ضربه للتأديب أو للتعليم ولا يرثه وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يضمن ويرثه * وليس عل البزاغ والفصاد والحجام ضمان السرية إذا لم يقطعوا زيادة على ما أذن له فإن قطع الختان الجلدة وبعض الحشفة إن لم يمت من ذلك كان عليه في بعض الحشفة حكومة عدل وإن قطع الحشفة كلها فإن لم يمت كان عليه كمال الدية وإن مات من ذلك كان عليه نصف(2/179)
الدية وإن شرط على هؤلاء العمل الصحيح دون الساري لا يصح شرطه ولو شرط على القصار العمل على وجه لا يتخرق صح شرطه لأن ذلك مقدور له * وإن استأجر حجاماً ليقلع له سناً فقلع فقال صاحب السن ما أمرتك بقلع هذا السن كان القول قوله وسيضمن القالع أرش السن * رجل استؤجر على حفظ خان فسرق من الخان شيء قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يضم الحارس لأن الحارس يحرس الأبواب أما الأموال محفوظة بالبيت وهي في يد ملاكها وغيرهما من المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى قالوا في حارس السوق إذا كان يحرس الحوانيت فنقب حانوت وسرق منه شيء ضمن الحارس لأنه بمنزلة الجير المشترك والصحيح ما قاله الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الأجير المشترك لا يضمن وإن استؤجر الحارس وأخذ <338> من أهل السوق شيئاً لأجله حل للحارس ما أخذ منهم إذا استأجره رئيسهم وينفذ عقد الرئيس عليهم وإن كرهوا * الناقد بأجر إذا غمز الدرهم فكسره قالوا يكون ضامناً إذا غمز بغير إذن صاحب الدراهم فإن قال له صاحب الدراهم اغمزها فغمزها لا يضمن وهذا في الدراهم التي يضرها الكسر فإن كان لا يضر لا يضمن {فصل في القصار} قصار وضع الثوب على الحب في الحانوت وأقعد ابن أخيه ليحفظ الحانوت وغاب القصار فدخل ابن أخيه الحانوت الأسفر فطر الطرار الثوب قالوا إن كانت الحانوت الأسفل بحال لو دخله إنسان لا يغيب عن عينه الموضع الذي كان فيه الثوب لا يجب فيه الضمان وإن كان الحانوت الأسفل بحال لو دخله إنسان يغيب عن عينه الموضع الذي كان فيه الثوب ينظر إن كان الصبي الذي أقعده القصار ضمه إلى القصار أبوه أو أمه أو وصيه أو لم يكن له أحد من هؤلاء ولكن القصار ضمه غلى نفسه يضمن الصبي قال المصنف وهذا الجواب إنما يستقيم إذا كان الصبي مأذوناً لأن الصبي الماذون مؤاخذ بضمان تضييع الوديعة أما إذا كان محجوراً فإنه لا يؤاخذ باستهلاك الوديعة وتضييعها حتى لو دل سارقاً على الوديعة أو رأى إنساناً يأخذ الوديعة وهو يقدر على منعه فلم يمنع لا يضمن إذا كان محدوراً فإذا كان الصبي مأذوناً كان الضمان على الصبي ولا يجب على القصار لأن له أن يحفظ الثياب بالصبي الذي يكون في عياله ويقدر على الحفظ وإن لم يكن الصبي في عيال القصار ولا تلميذاً له ولا أجيراً إلا أن القصار أخذا بيده وأقعده ليحفظ الحالنوت كان الضمان على القصار ههنا لأنه لما استحفظ من ليس في عياله يصير مستهلكاً * قصار سلم ثياب الناس إلى أجيره ليشمسها في المقصرة ويحفظها فنام الأجير وضاع من الثياب بعضها ولا يدري يف ضاع ومتى ضاع قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم يعلم أنه ضاع حال نوم لأجير كان الضمان على القصار لا على الأجير وإن علم أنه ضاع في حال نوم الأجير كان لصاحب الثوب الخيار إن شاء ضمن الأجير وإن شاء ضمن الصار وقال افقيه أبو الليث إنما قال له أن يضمن الصار لأنه كان يميل في الأجير المشترك إلى قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إذا هلك في يد الاجير المشترك لا بفعله أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ ر رَضِيَ اللهُ عَنهُ لا يضمن القصار ما هلك لا بصنعه قال وبه نأخذ والفتوى على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * قصار أمره صاحب الثوب أن يمسك الثوب بعد العمل حتى ينقده الأجير فهلك الثوب عند القصار من غير تضييع لا يضمن القصار في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه هل أمانة عنده * والسمسار إذا باع ما أمر به من الثياب وأمسك بأمر صاحب الثياب ثمن الثياب حتى ينقله الأجير فسرق منه الثمن لا يضمن في قولهم وكذلك صاحب الحمولة إذا قال للحمال أمسك الحمولة حتى أعطيك الأجر فسرقت الحممولة لا يضمن الحمال في اقولهم لأنه ليس لفعل السمسار والحمال أثر في العين ومن لا أثر لعمله في العين لا يملك الحبس بالأجر فيكون أمانة في يده ولا يكون رهناً * القصار إذا أنكر أن يكون عنده ثوب هذا الرجل ثم أقر وقد قصره قالوا إن قصره قبل الجحود كان له الأجر وإن قصره بعد الجحود أن له الأجر وإن قصره بعد الجحود لا أجر له لأنه لما جحد صار غاصباً فتبطل الإجارة فإذا قصر بعد ذلك فقد قصر بغي عقد فلا يستوجب الأجر * قصار رهن ثوب قصارة بدينه عند رجل ثم افتك الرهن وقدأصاب الثوب نجاسة عند المرتهن فلما نظر صاحب الثوب إليه كلف القصار تطهير الثوب وإزالة النجاسة وامتنع القصار عن ذلك فتشاجر أو ترك الثوب عند القصار فهلك الثوب عنده قالوا إن كانت النجاسة لا تنقص قيمة الثوب لا شيء على القصار لأنه وإن صار مخالفاً بالرهن إلا أنه افتكه فقد ارتفع الخلاف وعاد إلى ما قبل الخلاف فإذا خلى <339> القصار بينه وبين المالك خرج الثوب عن ضمانه والنجاسة إذا لم تنقص قيمة الثوب لا تعتبر وهو بمنزلة ما لو صب على عبد المغير نجاسة وأمره صاحب العبد بأن يغسل النجاسة فهلك العبد لا يضمن وإن كانت(2/180)
النجاسة تنقص قيمة الثوب كان على القصار ضمان النقصان ويهلك الثوب أمانة لأنه خرج عن ضمان الثوب بالتخلية فهو نظير من خرق ثوب إنسان خرقاص يسيراً فقال له صاحب الثوب أصلحه فأبى وترك الثوب عنده وهلك لا يضمن إلا نقصان الخرق * تلميذ القصار أو أجيره الخاص إذا أدخل ناراً للسراج بأمر الأستاذ فوقعت شرارة على ثوب من ثياب القصارة أو أصبابه دهن السراج لاا يضمن الأجير ويكون الضمان على الأستاذ لأنه أدخل السراج بإذنه فصار فعل الأجير كفعل الأستاذ ولو فعل الأستاذ ذلك بنفسه كان ضامناً * أجير القصار إذا وطئ ثوباً من ثياب القصارة وهو ثوب لا يوطأ مثله فانتقص الثوب أو تخرق ضمن الأجير لأنه لم يؤذن له في ذلك وكذلك لو كان الثوب مما يوطأ مثله إلا أنه كان وديعة عند القصار وليس من ثياب القصارة وإن كان ذلك من ثياب القصارة وذلك ثوب يوطأ مثله لا يمن الاجير ويضمن القصار لأنه مأذون في ذلك عادة إذا كان ذلك من ثياب القصارة كذا لو انقلبت المدقة من يد أجير القصار أو تلميذه فوقعت على ثوب من ثياب القصار ضمن الأساذ ولو وقعت على ثوب ليس من ثياب القصارة كان الضمان على التلميذ ولو وقعت المدقة على موضعها ثم وقعت بعد ذلك على شيء آخر فالضمان على الأستاذ لا على التلميذ وإن أصابت المدقة إنساناص كان الضمان على التلميذ * ولو انكسر شيء بعمل التلميذ من أداة القصارة مما يدق به أو يدق عليه لا يضمن التلميذ وإن كان مما لا يدق به أو لا يدق عليه ضمن التلميذ وهو نظير ما لو دا رجل قوماص إلى منزله ضيفاً فمشوا على بساطه أو جلسوا على الوسادة فتخرق لا يضمن الضيف * وكذا لو كان الضيف متقلداً سيفاً فلما جلس شق السيف بساطه أو وسادته لا يضمن ولو وطئ آنية أو ثوباً لا يبسط ولا يوطأ مثله ضمن ولو قلبوا إناء بأيديهم فانكسر لا يضمن لأن الضيف في هذا النوع من الاستعمال بهذه الصفة مأذون عادة * ولو حمل أجير القصار ثوباً من ثياب القصارة فعثر وسقط عليه لا يضمن الأجير ويضمن الأستاذ ولو سقط على وديعة كانت عند صاحب البيت فأفسدها ضمن وكذا لو عثر فسقط عليها وإن كان بساط أو وسادة استعاره للبسط لا يضمن رب البيت ولا الاجير أيضاً لأن المالك اذن له في بسطه * ولو علق القصار ثوباً على حبل في الطريق لتجفيف الثوب فمرت حمولة فحرقته كان الضمان على سائق الحمل دون القصار * قصار استعان بربالثوب في دق الثوب فاعانه وتخرق الثوب ولا يدري أنه تخرق من دق القصار أو من دقصاحب الثوب روى ابن سماعة عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن القصار يضمن جميع النقصان ووجه ذلك أن الأجير المشترك ضامن في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما هلك بغير صنعه فإذا كان الثوب في ضمانه كان الضمان على القصار ما لم يعلم أنه تخرق بدق صاحب الثوب * وروى بشر عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن القصار يضمن نصف النقصان ويعتبر فيه الأحوال كالرجل إذا جلس على فضضل ثوب إنسان ولم يعلمم به صاحب الثوب حتى قام صاحب الثوب فتخرق الثوب كان على الجالس نصف النقصان لأنالتخرق حصل عفقيب فعله وليس أحدهما بإضاقة ذلك إليه أولى من الآخر فيضاف إليهما أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينبغي أن لا يجب الضمان في فعل القصار لأن عنده الثوب أمانة عند القصار وليس بمضمون عليه فلا يجب الضمان بالشك ويجب عليه نصف الضمان كما قال أَبُو يُوسُفَ وهو حسن اختاره الفقيه أبو الليث وهو نظير ما لو تمسك رجل بثوب إنسان فجذب <340> صاحب الثوب ثوبه فتخرق كان على المتمسك نصف الخرق وكذلك صاحب الثوب إذا أراد أن يأخذ ثوبه من القصار فتمسك به القصار فجذبه صاحب الثوب كان على القصار نصف الخرق * وذكر ف المنتقى حائك نسج ثوباً فتعلق صاحب الثوب بثوبه لياخذه وأبى الحاك أن يدفع حتى يأخذ الأجر فتخرق الثوب في يد صاحب الثوب لا يضمن الحائك وإن تخرق في يدهما كان على الحائك نصف الخرق * رجل أرسل رسولاً إلى قصارليسترد منه ثيابه الأربعة فلما جاء الرسول بالثياب إلى المرسل كانت الثياب ثلاثة فقال الرسول دفع إلي الثياب ولم يعد علي وقال القصار عددته الأربعة قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يسأل صاحب الثوب أيهما يصدقه فأيهما صدقه بريء ذلك عن خصومته وأيهما كذبه يحلف فإن حلف بريء وإن نكل لزمه ما ادعاه صاحب الثوب فإن صدق صاحب الثوب القصار كان عليه للقصار أجر الثوب الرابع وكذب القصار وحلف فللقصار أن يحلف صاحب الثوب على ما ادعى عليه من أجر الثوب الرابع فإنحلف بريء * رجل دفع ثوباً إلى قصار ثم أمر رجلاً أن يقبض ثوبه من القصار فدفع القصار إليه غير ذلك الثوب فهلك ذلك الثوب في يد الوكيل قالوا لا شيء على الوكيل ولرب الثوب أن يتبع القصار بثوبه قال رَضِيَ اللهُ عَنهُ أما عدم وجوب الضمان على الوكيل مشكل إذا كان الثوب الذي دفع إليه القصار ثوب رجل آخر لأنه أخذ ثوب غيره بغير إذنه * وذكر في المنتقى رجل عنده(2/181)
ثياب وديعة لرجل فجعل المودع في ثياب الوديعة ثوباً لنفسه ثم جاء صاحب الوديعة وطلب الوديعة فدفع المودع الثياب إلى صاحبها ونسي أن ثوبه في ثياب الوديعة فضاع ثوب المودع عند صاحب الوديعة كان صاحب الوديعة ضامناً لذلك الثوب ووجه ذلك أنه أخذ ثوب الغير بغير إذنه والجهل في ذلك لا يكون عذراً نوذكر أن القصار لو دفع إلى صاحب الثوب ثوب غيره فأخذه صاحب الثوب على ظن أنه له كان ضامناً وإن كان صاحب الثوب بعث إلى القصار رجلاً ليأخذ ثوبه من القصار فدفع القصار إليه ثوباً غير ثوب المرسل فضاع عند الرسنول ذكر أن الثوب المدفوع لو كان للقصار لا يضمن الرسول وإن كان لغير القصار كان لصاحبذلك الثوب الخيار إن شاء ضمن القصار وإن شاء ضمن الرسول فإن ضمن القصار لا يرجع القصار على الرسول * قصار شمس ثوب القصارة فاحترق كان ضامناً وكذلك إذا عصر الثوب فتخرق وفعل ذلك أجير القصار ولم يتعمد الفساد لا يضمن الأجير ويضمن الأستاذ وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أدخل القصار سراجاً في حانوته فاحترق به ثوب بغير فعله ضمن لأن هذا مما يمكن الاحتراز عنه في الجملة وإنما لا يضمن الحرق الغالب الذي لا يمكن الاحتراز عنه ولا يتمكن من إطفائه وهذا قوله أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن ما هلك بغير صنعه * رجل دفع إلى قصار ثوباً ليقصره فجاء صاحب الثوب وطلب ثوبه فقال له القصار دفعت ثوبك إلى رجل ظننت أنه ثوبه كان القصار ضامناً {فصل في الخياط والنساج} إذا قال صاحب الثوب للنساج اذهب بثوبي إلى منزلك حتى إذا رجعنا من الجمعة سرت إلى منزلي وأوفي عليك أجرك فاختلس الثوب من يد الحائك في الزحمة قال الفقيه أبو بكر البلخي إن كان الحائك دفع الثوب إلى صاحبه أو مكنه من الاخذ ثم دفعه إلى الحائك ليوفي له الأجر يكون الثوب رهناً فإذا هلك يهلك بالأجر وإن كان صاحب الثوب دفع إليه الثوب على وجه الويعة لا يضمن الحائك فيكون أجره على صاحب الثوب على حاله ولو متعه الحائك بالأجر قبل الدفع اختلف فيه العلماء فإن اصطلحا على شيء كان حسناً <341> * رجل دفع إلى نساج كرباساً بعضه منسوج وبعضه غير منسوج فسرق ذلك عند النساج ذكر في النوازل أن على قول من يضمن الأجير المشتري ما هلك في يده بغير صنعه يضمن النساج كل الثوب لأن المنسوج مع غير المنسوج بحكم الاتصال كشيء واحد ونسج الباقي يزيد في قيمة ما كان منسوجاً فكان النساج في الكل أجيراً مشتركاً فيضمن الكل * وهذه جملة مسائل أفتوا فيها على قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى منها هذه * ومها رجلف فع إلى خياط كرباساً فخاطه قميصاص وبقي قطعة من الكرباس فسرق قالوا ضمن الخياط * ومنها رجل دفع صرماً إلى صيقلي ليصقله بأجر ودفع الجفن معه فسرق لا يحب عليه ضمان الغلاف والجفن لأن الجفن والغلاف منفصل عن السيف والمصحف وهو كان أجيراً مشتركاً في السيف والمصحف لا في الغلاف معه أو دفع سيفاً إلى صقيلي ليصقله باجر ودفع الجفن معه فسرق لا يجب عليه ضمان الغلاف والجفن لأن الجفن والغلاف منفصل عن السيف والمصحف وهو كان أجيراً مشتركاً في السيف والمصحف لا في الغلاف والجفن وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يضمن الكل وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو دفع مصحفاص إلى رجل ليعمل له غلافاً أو دفع السكين إلى رجل ليعمل له نصباً فضاع المصحف والسكن لا يضمن لأنه استاجره ليعمل له غلافاً لا ليعمل في السكين والمصحف والسكين والمصحف لا يكونان تبعاً للنصاب والغلاف فكان السيف والمصحف أمانة في يده فإاذا هلك في يده لا بتقصير منه لا يضمن وهذ كله قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما هلك في يده لا بصنعه لا يكون ضامناً لأن عنده الأجير المشترك لا يضمن ما هلك في يده لا بصنعه * نساج كان يسكن مع صهره ثم اكترى داراً أو انتقل إليها ونقل ماعه وترك الغزل في الدار التي انتقل عنها قالوا إن لم ينقل الغزل من المكان الذي كان فيه إلى بيت آخر من دار صهره ولا أودعه صهره لا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ لأن الغزل ما بقي في ذلك المكان الذي كان فيه كان هو ساكناً ببقاء الغزل في ذلك المكان لما عرف منن أصله أن سكناه في الدار لا تبطل ما بقي له فيها شيء وعندهما يضمن * رجل دفع إلى نساج غزلاص لينسجه كرباساً فدفعه النساج إلى أجيره فسرق من هذا الأجير قالوا إن كان هذا الأجير أجيراً للنساج الأول لا يضمن واحد منهما وإن لم يكن الثاني أجير الأول ضمن الأوّل عند الكل وليضمن الأجير عند أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو كالمودع إذا أودع أجنبياً عندهما لصاحب الوديعة أن يضمن أيهما شاء وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يضمن المودع الأول وليس له أن يضمن الثاني * نساج ترك كرباساً في(2/182)
بيت الطراز فسرق ليلاص قالوا إن كان الموضع الذي ترك فيه الكرباس مما يحفظ فيه الثياب لا يضمن وإن كان مما لا يحصن فيه الثياب ولا يحفظ ورضي به صاحب الثوب لا يضمن أيضاً وإلا ضمن * رجل دفع ذهباً إلى صائغ ليتخذ له سواراً منسوجاً والنسج لم يكن من عمل هذا الصائغ فأصلح الذهب وطوله ودفعه إلى من ينسجه فسرق من الثاني قالوا إن كا الصائغ الأول دفع إلى الثاني بغير أمر المالك ولم يكن الثاني أجير الأول ولا تلميذاُ له كان للمالك أن يضمن أيهما شاء في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رحمها الله تَعَالَى وفي قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يضمن الصائغ الأول أماا الثاني إن سرق منه بعد العمل لا يضمن لأنه إذا فرغ من العمل صارت يده يد وديعة أما ما دام في العمل كانت يده يد ضمان لأنه يتصرف في مال الغير بغير لإذنه وعغند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مودع المودع لا يضمن ما لم يتصصرف في الوديعة بغير إذن مالكها * رجل قال لخياط انظر إلى هذا الثوب فإن كفاني قميصاص فاقطعه بدرهم وخطه فقال الخياط نعم وقطعه ثم قال بعدما قطعه أنه لا يكفيك ضمن الخياط قيمة الثوب لأنه إنما أذن له بالقطع بشرط الكفاية ولو قال للخياط انظر أيكفيني قميصاً فقال الخياط نعم <342> فقال صاحب الثوب اقطعه فقطعه فإذا هو لا يكفيه لا يضمن الخياط شيئاً لأنه أذن له بالقطع مطلقاص وإن قال الخياط نعم فقال صاحب الثوب فاقطعه أو قال اقطعه إذاً فقطعه كان ضامناً إذا كان لا يكفيه لأنه علق الإذن بالشرط * استأجر خبازاً لينضج له طعام وليمة فأفسد الطعام فأحرقه أو لم ينضه كان ضامناً لأنه أجير مشترك فيضمن ما أفسد بجناية يه ولو لم يفسد الخباز شيئاً ولكن رب الدار اشترى رواية من ماء وأمر صاحب البعير فأدخلها الدار فساق البعير فخر على القدور وكسرها وأفسد الطعام لا يضمن صاحب البعير شيئاً لأنه ساق بأمر صاحب الدار ولا ضمان على الخباز فيما فسد لأنه فسد لا بفعله وكذا لو سقط البعير على ولد صغير أو عبد صغير لصاحب الدار فقتله لا يضمن صاحب البعير * النخاس إذا هلك العبد في يده لا يضمن لأنه أجير مشترك فلا يضمن ما هلك عنده لا بصنعه وكذا الدلال إذا دفع الثوب إلى رجل ليراه فيشتريه فذهب الرجل بالثوب من بين يديه ولم يظفر به الدلال لا يضمن لأنه ماأذون بهذا الدفع عادة * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيطه قميصاً فخاطه قباء ذا طاق واحد الذي قيقال له بالفارسية يكتأئي خير المالك إن شاء ترك الثوب عليه وضمنه قيمة ثوبه وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله لا يزاد على المسمى وإن اختلفا فقال رب الثوب أمرتك أن تقطعه قميصاص وقال الخياط لا بل أمرتني أن أقطعه قباء كان القول قول صاحب الثوب وإن أمره أن يقطعه قميصاً فخاطه سراويل فهو والأول سواء وقيل هنا لا يجب الأجر إذا أخذ الثوب * رجل أمر رجلاً أن ينقش اسمه في فص خاتمه فغلط ونقش اسم غيره يضمن الخاتم * ولو أمر رجلاً ليصبغ ثوبه بزعفران أو بالبقم فصبغه بصبغ من جنس آخر كان لرب الثوب أن يضمنه قيمة ثوبه أبيضض ويترك الثوب عليه وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه اجر مثله لا يزاد على المسى وإن صبغه بجنس ما أمره إلا أنه خالف في الوصف بان أمره أن يصبغه بربع قفيز عصفر فصبغه بقفيز عصفر وأقر بذلك رب الثوب خير رب الثوب إن شاء ترك الثوب عليه وضمنه قيمة ثوبه أبيض وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد من العصفر فيه مع الأجر المسمى وذكر في المنتقى عن أَبِي يُوسُفَ هذا إذا صبغه بربع القفيز أولاً ثم صبغه بثلاثة أرباع القفيز فيكون له الخيار على الوجه الذي ذكرنا أما إذا صبغه ابتداء بقفيز عصفر بضربة واختار اخذ الثوب أعطاه ما زاد الصبغ فيه ولا أجر له ههنا وهكذا ذكر القدوري وهو قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قول مُحَمَّد إذا أمره أن يصبغه بمنّ من عصفر بدرهم وصبغه بمنين بضربة واحد إن شاء ضمته قيمة ثويه أبيض وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه درهماً وما زاد من العصفر في ثوبه وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رحمهمما الله تَعَالَى ما يوجب التسوية في الججواب بين أن يصبغه بضربة أو بضربتين * رجل استأجر رجلاً ليحمر بيته فخضره أعطاه ما زاد الخضرة فيه * رجل دفع غزلاً إلى حائك لينسجه سبعاً في أربع فعمله أكبر من ذلك أو أصغر كان لصاحب الغزل الخيار إن شاء ضمنه مثل غزله وإن شاء أخذ الثوب واعطاه الأجر المسمى ولا يزيد على الأجر في الزيادة وفي النقصان أعطاه من الأجر بحساب ما نقص ولا يجاوز ما سمى وكذا إن أمره صفيقاً فجاء برقيق أو على العكس لأنه في الزيادة وفي النقصان أعطاه من الأجر بحسان ما نقص ولا يجاوز ما سمى وكذا إن أمره صفيقاً فجاء برقيق أو على العكس لأنه في الزيادة متبرع وفي النقصان نقص العمل وإن أمره أن ينسج ثمانياً في ثمان فنسج ستاً في ثمان إن شاء ترك الثوب عليه وضمنه غزله وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه بحساب ثلاثة أرباع الأجر الذي سماه كما لو أمر(2/183)
لباناً ليضربه له لبناً فضرب البعض وفات وقت الباقي يجب الأجر بحساب ما عمل ومن المشايخ من فرق بين اللبن فقال في اللبن يجب له حصة <343> ما عمل من الأجر الذي سماه وفي الثوب له أجر مثله لا يزاد على ثلاثة أرباع ما سمى واختار شممس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الفرق بين الثوب وبين اللبن على هذا الوجه الذي ذكرنا لأن في الثوب قيمة ما عمل يزداد بحكم الزيادة ولا يكون للمعمول تلك القيمة إذا انفردت عن الباقي وفي اللبن لا يزاد قيمة البعض بالبعض * ولو أن النساج وفى بالذرع والصفة وزاد يعني زاد ذراعاً واحداً على ما شرط روي عن مُحَمَّد أن صاحب الغزل بالخيار إن شاء ضمنه مثل غزله وترك الثوب عليه وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه الأجر المسمى لا يزاد على الأجر المسمى لزيادة الذرع أما الخيار لتغيير الصففة عليه فإنه قد يحتاج إلى الثوب القصير ولأنه لو لم يزد في الذرع ربما يفضل شيء من غزله فيخير وإذا اختار أخذ الثوب لا يلزمه زيادة الأجر لزيادة الذرع لأنه متبرع في الزيادة * ولو دفع غزلاً إلى حائك وأمره أن يزيد في الغزل من عند نفسه رطلاً فقال زدت وأنكر رب الثوب فإن حلف رب الثوب على علمه برئ وإن نكل لزمه مثل الزيادة وإن اتفقا أن غزل الآمر كان مناً والثوبب منوان فقال الآمر الزيادة من الدقيق لا يقبل قوله لأن وزن الدقيق في العادة لا يبلغ وزن الغزل وإن كان الثوب مستهلكاً وأنكر الآمر الزيادة كان القول قول رب الثوب * ولو دفع إلى صائغ عشرة دراهم وقال له زد فيه درهمين يكون ذلك قرضاً علي واجعل من ذلك قلباً ولك أجر درهم فقال الصائغ زدت وأنكر الآر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تحالفاً وإذا حلفاً يخير الصائغ إن شاء دفع إليه القلب وأخذ أجره خمسة دوانق وإن شاء د على الآمر عشرة دراهم وأخذ القلب * ولو دفع إلى نداف جبة وقطناً وأمره أن يزيد من عنده شيئاً من القطن فجاء بعشرين أستار قطن في الثوب وقال للآمر دفعت إلي عشرة أساتير وزدت عشرة وقال رب الثوب دفعت إليك خمسة عشرة وزدت خمسة كان القول قول النداف ولو قال صاحب الثوب دفعت إليك خمسة عشرة أستاراً وأمرتك أن تزيد خمسة أساتير وقال النداف دفعت إلي عشرة وأمرتني أن أزيد عشرة يخير صاحب الثوب إن شاء صدقه ودفع إليه عشرة أساتير وإن شاء أخذ منه قيمة ثوبه ومثل عشرة أساتير قطن ويترك الثوب على النداف * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيط له قميصاص بدرهم على أن يفرغ منه اليوم جاز في قولهم {فصل في الحفار} رجل استأجر حفاراص وبين له مكان الحفرة وعمقها ودورها بأجر معلوم جاز وإن حفر بعض ما شرط عليه فاستقبله جبل إن كان يمكنه الحفر مع ذلك إلا أنه يشتد عليه العمل يجبر على العمل وكذ لو ظهر الماء في البئر قبل أن يبلغ منتهى ما امر به فإن كان يستطيع الحفر مع ذلك لزمه وإن كان لا يستطيع يكون عذراً * وإن استأجره ليحفر قبراً وبين موضعه فحفر في موضع آخر لا أجر له وإن لم يبين له موضع الحفر صح العقداستحساناص فينصرف إلى الحفر في مقبرة تلك المحلة وكذا لو لم يبين له عمقه ولا عرضهه جاز استحساناص وينصرف إلى المتعارف وكذا إذا لم يبين له لحداً ولا شقا ينصرف إلى المتعارف في تلك البلدة وهو كما لو استأجر لباناص ليضرب له اللبن ولم يبين الملبن فإن كان هناك ملبن متعارف ينصرف إليه استحساناً وإلا يفسد العقد * وإن استقبل الحفرا في حفر البئر أو القبر صخرة لا يزاد له في اجره كما لنقص من أجره بسبب لين المكان وحسو التراب من القبر يكون على الحفار استحساناً وإن اختلف المستأجر وحافر ئر بعدما حفر خمسة أذرع فقال المستأجر شرطت عليك عشرة أذرع وقال الحفار لا بل شرطت خمسة اذرع كان القول قول المستأجر مع يمينه وأعطاه من الأجر بحساب ذلك فيحلف الحفار على دعوى المستأجر ويتركان الإجارة فيما بقي وإن اختلفا على هذا الوجه قبل الخوض في العمل تحالفا وتركا * رجل استأجر <344> حفاراً ليحفر له حوضاً عشراً في عشر بعشرة دراهم وبين عمقه فحضر خمسة في خمسة كان عليه ربع الأجر لأن العشر في العشر يكون مائة وخمسة في خمسة يكون خمساً وعشرين فيكون ربع الجملة فلهذا يلزم ربع الأجر
(344)
[فصل في إجارة الدواب والضمان فيما يجب وفيما لا يجب ](2/184)
رجل تكارى إبلا مسمى بغير عينها من كوفة إلى مكة بأجر معلوم ذكر في الكتاب أنه يجوز قالوا لم يرد بهذا أن يؤجر إبلا بغير عينها فان ذلك لا يجوز وإنما أراد به أن ينقل المكاري الحمولة فقال له المستكري احملني إلى مكة على إبل فيكون المعقود عليه في الذمة وبعضهم أجروا الجواب على إطلاق الكتاب وجوزوا ذلك لمكان العادة * رجل استأجر دابة ليطحن بها كل يوم بدرهم وبين ما يطحن من الحنطة أو الشعير ونحو ذلك ذكر في الكتاب أنه يجوز وإن لم يبين مقدار ما يطحن وهكذا قال بعض المشايخ وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده لا بد من بيان مقدار ما يطحن كل يوم وعليه الفتوى *رجل اكترى إبلا من بخارا إلى بغداد أو للحج ثم اختلفا في وقت الخروج من بخارا فالقول في ذلك قول من يريد الخروج في الوقت المعروف للخروج لأهل بخارا * رجل اكترى إبلا من الكوفة إلى مكة للحج ذاهبا وجائيا كان له أن يركبها يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق *رجل استأجر أجيرا يوما ليعمل له كذا قالوا إن كان العرف بينهم أنهم يعملون من طلوع الشمس إلى العصر فهو على ذلك وإن كان العرف أنهم يعملون من طلوع الشمس إلى غروب الشمس فهو على ذلك وإن كان العرف مشتركا فهو على طلوع الشمس إلى غروبها اعتبارا لذكر اليوم * رجل استأجر بعيرا للحمل فحمل البعير في العرف هو الوسق وهو بالأمناء مائتان وأربعون منا *رجل استأجر دابة إلى سمرقند أو غيرها من الأمصار فإذا دخلها كان له أن يأتي بها إلى منزله استحسانا* رجل أستأجر دابة أو عبدا فان مؤنة الرد بعد الفراغ على صاحب الدابة والعبد وكذا مؤنة رد الرهن تكون على الراهن ومؤنة رد الوديعة على صاحبها ومؤنة رد المستعار على المستعير ومؤنة رد الغصب تكون على الغاصب وكذا مؤنة رد المبيع بيعا فاسدا بعد الفسخ تكون على القابض* رجل استأجر دابة ليحمل عليها حملا مقدرا وحمل ثم أراد صاحب الدابة أن يضع عليها شيئا من متاعه مع حمل المستأجر كان للمستأجر أن يمنعه فان وضع مع ذلك وبلغت الدابة إلى الموضع الذي سماه كان على المستأجر جميع الأجر المسمى وليس هذا كصاحب الدار إذا شغل بعض الدار المستأجرة سقطت حصة ذلك الموضع الذي شغله صاحب الدار من الأجر *رجل استأجر دابة وقبضها كان له أن يؤاجرها ويعيرها ويودعها هكذا قال في الكتاب وهذا إنما يستقيم فيما لا يتفاوت فيه الناس أما إذا استأجرها لركوب نفسه ليس له أن يركب غيره *رجل استأجر دابة ليركبها إلى مكان معلوم فركب وحمل مع نفسه حملا فعطبت الدابة يضمن من قيمتها مقدار الزيادة وطريق معرفة مقدار الزيادة الرجوع إلى أهل البصر أن هذا الحمل كم يزيد على ركوبه في الثقل هذا إذا ركب ووضع الحمل في غير الموضع الذي يركب وأن ركب على موضع الحمل يضمن جميع القيمة *رجل استأجر دابة ليذهب بها إلى موضع كذا فركبها في المصر في حوائجه يكون مخالفا حتى لو عطبت الدابة من ركوبه يضمن قيمتها *رجل استكرى دابة لمسيرة فرسخ فسار عليها سبعة فراسخ كان عليه الأجر المسمى للفرسخ وفيما زاد على الفرسخ يكون غاصبا ولا أجر عليه وإن أرضى المستأجر صاحب الدابة بشيء كان أفضل *رجل استأجر حمارا ليحمل عليه وقر حنطة إلى المدينة فحمل عليها الحنطة إلى المدينة فلما انصرف من المدينة حمل في انصرافه على الحمار قفيزا من ملح فمرض الحمار[345] في الطريق وهلك يضمن قيمة الحمار إذا حمل عليه الملح بغير إذنه *و لو إستأجر دابة ليحمل عليها حنطة من موضع معلوم إلى منزله يوما إلى الليل فكان يحمل الحنطة إلى منزله وفي الذهاب إلى موضع الحنطة ثانيا يركب الدابة فعطبت الدابة قال بعضهم يضمن قيمة الدابة لأنه استأجرها للحمل دون الركوب فيصير غاصبا بالركوب* وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى لا يضمن لان العادة فيما بين الناس الركوب في هذا الموضع حتى لو لم يكن ذلك عادة لهم كان ضامنا *رجل استأجر حمارا ليحمل عليه اثني عشر وقرا من التراب إلى أرضه بدرهم وصاحب الدابة يعرف أرضه فكلما عاد المستأجر من أرضه يحمل عليه وقرا من اللبن إن سلمت الدابة حتى فرغ من العمل وجب الأجر ولا يجب الضمان وان هلك الحمار وقالوا إن هلك في الرجوع مع اللبن يضمن قيمة الحمار ولا يجب الأجر لأنهما لا يجتمعان قال المصنف رحمه الله تعالى وعندي يجب نصف دانق للوقر الأول مع قيمته لأنه لم يكن غاصبا في ذلك الوقت وإنما صار غاصبا بعده فيجب الأجر للوقر الأول كما في مسألة الفراسخ وبعد ما صار غاصبا لا يجب الأجر إذا هلك الحمار وأن سلم يجب كل الأجر لأنه وإن صار مخالفا لكن إذا سلمت الدابة يجب الأجر كما لو استأجر دابة إلى موضع معين فجاوز ذلك الموضع وهلكت يضمن قيمتها وإن سلمت الدابة يجب تمام الأجر * وكذا لو استأجر دابة ليركبها بنفسه فركبها وأردف غيره فعطبت الدابة يضمن نصف القيمة وعليه نصف الأجر إن كانت الدابة تطيق ذلك وان سلمت كان عليه كل الأجر *رجل استأجر دابة للركوب إلى الكوفة فجاوز(2/185)
بها عن الكوفة مقدار ما لا يسامح فيه الناس وركب في تلك الزيادة أو لم يركب ثم ردها إلى الكوفة فتكون الدابة مضمونة عليه ما لم يردها إلى صاحبها حتى لو هلكت في طريق الكوفة يضمن قيمتها ولا يسقط عنه شيء من الأجر وهذا قول أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه رحمهما الله تعالى وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولا إذا ردها إلى الكوفة برئ من الضمان ثم قال لا يبرأ عن الضمان بإزالة التعدي * وكذا المستعير بخلاف المودع وقال بعضهم برئ في الكل عن الضمان بإزالة التعدي وقال بعضهم إذا استأجرها ذاهبا وجائيا برئ وكذا المستعير وان استأجرها ذاهبا لا جائيا لا يبرأ عن الضمان في كل حال إلا المودع *و ذكر في الأصل إذا استأجرت المرأة درعا لتلبسه ثلاثة أيام إن كان ثوب بذلة لها أن تلبسه قي الأيام والليالي وإن كان ثوب صيانة تلبسه في النهار وفي أول الليل وفي آخره وليس لها أن تلبسه كل الليل فان لبسته كل الليل ونامت فيه حتى جاء النهار برئت عن الضمان إذا لم يتخرق الثوب والفرق بين مسألة الثوب ومسألة إجارة الدابة على القول المختار ما عرف في الأصل * وإن استأجر دابة ليركبها إلى مكان معلوم فلما سار بعض الطريق جحد الإجارة وادعى أن الدابة له يصير ضامنا حتى لو عطبت بعد الجحود قبل أن يركبها يضمن قيمتها وإن جحد ثم ركبها بعد ذلك برئ عن الضمان وكان عليه جميع الأجر *و قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يجب الأجر للركوب بعد الجحود لأنه صار غاصبا بالجحود * رجل استأجر دابة يوما للركوب كان له أن يركبها من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لان اليوم حقيقة اسم لما بعد طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وليس ههنا عرف خلاف الحقيقة وفيما إذا استأجر أجيرا يوما تركت الحقيقة بحكم العرف *رجل تكارى دابة ليلا فانه يركبها عند غروب الشمس ويردها عند طلوع الفجر الثاني وإن تكارى دابة نهارا لم يذكر هذا في الكتاب قال بعضهم يركبها من طلوع الشمس إلى غروبها لا النهار اسم للبياض * وقال بعضهم هذا إذا [346]***كانا من أهل اللغة يفرقان بين اليوم والنهار أما العوام لا يفرقون بين ذلك يكون الجواب فيه كالجواب في اليوم * وان استأجر الى العشي تنقضي الاجارة بدخول وقت الظهر * رجل استأجر دابة ليركبها انسانا فأركبها امرأة ثقيلة بسرج أو رحل فعطبت لا يجب عليه الضمان ولا على المرأة الا أن يعلم أن مثل تلك الدابة لا تطيق حملها فيضمن قيمتها اذا عطبت * رجل استأجر دابة الى موضع معلوم ليركبها بنفسه فلم يركب وأركب غيره وسلمت الدابة لا يجب الأ جر وان عطبت يضمن قيمتها وان ركب بنفسه وأردف غيره كان عليه كل الاجر ولا ضمان عليه اذا سلمت وان عطبت الدابة من ركوبهما بعدما بلغت المكان المشروط يضمن تثف القيمة وعليه جميع الاجر سواء كمان الرديف أخف منه او أثقل انكانت الدابة تطيق نثلهما وان كانت لا تطيق يضمن جميع القيمة أما اذا كانت تطيق مثلهما ذكر أنه يضمن نصف القيمة اذا عطبت وقال بعض الناس يضمن قدر الزيادة وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا اذا كان الرديف كبيرا أو صغيرا يستمسك على الجابة وان كان لا يستمسك فهو بمنزلة الحمل يضمن قدر الزيادة كما لو ركب وحمل شيأ وبعضهم سوى بين الصغير الذي يستمسك والصغير الذي لا يستمسك فقال يضمن نصف القيمة فان أراد صاحب الدابة أن يضمن الرديف نصف القيمة كان له ذلك لأنه في حق المالك غاصب نصفها ولا يرجع الرديف بذلك على المستأجر لأنه في حق المستأجر بمنزلة المستعير وإن ضمن المستأجر لا يرجع المستأجر بما ضمن على الرديف لأنه بمنزلة المستعير * ولو استأجر دابة ليركبها إلى موضع معلوم فحمل عليها صبيا صغيرا فعطبت الدابة كان ضامنا قيمتها كما لو حمل عليها مكان الصبي حملا آخر * رجل استأجر دابة للحمل ولم يبين ما يحمل عليها فسدت الإجارة فان لم ينقض الإجارة حتى حمل عليها شيئا جازت الجارة ويصير كأنه استأجرها لذلك ابتداء * كذا لو لم يحمل عليها شيئا ولكن ركبها أو أركب غيره جازت الإجارة أيضا لان الحمل يتناول الركوب * قال الله تعالى " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم" فلو أنه حمل عليها أو أركب غيره حتى جازت الجارة يصير كأن العقد ورد عليه حتى لو فعل بعد ذلك شيئا يخالف الأول بأن أركب إنسانا أو لا أو ركب بنفسه ثم أركب غير الأول أو كان الأول حملا ثم ركب أو أركب يصير غاصبا ضامنا * ولو استأجر دابة ليحمل عليها شيئا سماه فحمل عليها غيره فهو على وجوه ان حمل عليها من جنس المسمى إلا أنه خالف المشروط بأن استأجر دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم من هذه الحنطة فحمل عليها عشرة مخاتيم من غير تلك الحنطة أو حمل عليها حنطة رجل آخر لا يكون مخالفا * وكذا لو استأجر ليحمل عليها ثوبا هرويا فحمل عليها ثوبا مرويا مثل ذلك وزنا* والثاني أن يخالف في الجنس بأن استأجر ليحمل عليها عشرة أقفزة حنطة فحمل عليها عشرة أقفزة شعير في القياس يكون ضامنا مخالفا وفي الاستحسان(2/186)
لا يكون ضامنا لان المعتبر هو الضرر ولا ضرر ههنا لان مثل ذلك من الشعير يكون أخف على الجبة فان سلمت الدابة يجب الأجر المسمى ولا يكون مخالفا وإن عطبت الدابة من ذلك يضمن قيمتها ولا يجب الأجر وإن استأجرها ليحمل عليها عشرة أقفزة شعير فحمل عليها عشرة أقفزة حنطة مثل كيل الشعير قال الفقيه أبو الليث الحافظ رحمه الله تعالى يضمن قيمة الدابة لان الحنطة أشد من الشعير وأثقل فيضمن كما لو حمل عليها مكان الحنطة حديدا *ولو سمى من الحنطة ومزنا معلوما فحمل عليها من الشعير مثل ذلك الوزن وعطبت الدابة يضمن قيمتها وإن استأجر دابة ليحمل عليها شعيرا فحمل عليها في أحد الجوالقين شعيرا وفي الآخر حنطة فعطبت الدابة يضمن نصف قيمتها وعليه نصف أجرها في النصف موافق وفي النصف مخالف والثالث أن يخالف الى ما هو أضر بالدابة بأن استأجر لحمل الحنطة فحمل عليها حديد أو آجرا أو قطنا أو حطبا أو تينا , طينا مثل وزن الحنطة فعطبت يضمن قيمتها وان سلمت لا يجب الأجر وان استأجرها ليحمل عليها مختبم حنطة فحمل عليها خمسة عشر مختوما من الحنطة وجاء بالحمار سليما فهلك قبل أن يرده الى صاحبه ان كان يعلم أن الحمار يطيق ذلك كان عليه ثلث القيمة وكمال الأجر المسمى * وان كان لا يطيق يضمن جميع القيمة ولا يجب الأجر * وان تكارى بعيرا ليحمل عليه محملا فحمل زاملة قالوا يكون ضامنا لان الزاملة تكون أضر بالدابة * وهو كما لو استأجر ليكب فحمل عليها يكون ضامنا * وان استأجر دابة ليسرج بسرج فأوكفها فعطبت كان ضامننا قدر ما زاد لثقل كما لو زاد في الحمل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يضمن جميع القيمةو لو استأجر حمارا بسرج ليركبه فأسرجه سرجا آخر فان أيرجه بسرج يسرج بمثله الحمار لا يضمن * وان أسرجه بسرج لا يسرج بمثله الحمار كان ضامنا قيمته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى * وان أوكفه باكاف يوكف بمثله الحمار كان ضامنا قيمته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يضمن فعلى هذا في السرج ينبغي أن يكون كذلك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يضمن جميع القيمة وعنجهما يضمن بقدر ما زاد من الثقل هذا اذا كان الحمار موكفا حين استأجره فان كان عريانا حين استأجره فأسرجه وركب ذكر في الكتاب أنه يضمن ومشايخنا رحمهم الله تعالى قالوا هذا على وجوه ان استأجره من بلد الىبلد لا يضمن لان الحمار لا يركب من بلد الى بلد عادة الا بسرج أو أكاف * وان استأجره ليركب في المصر فان كان من ذوي الهيئات فكذلك لان مثله لا يركب في المصر عريانا * وان كان من العوام الذين يركبون في المصر عريانا فاذا أسرجه يكون ضامنا * م ان استأجر دابة بغير لجام فألجمها أو كانت ملجمة فنزع وبدله بلجام مثله وركب لا يضمن وان كانت تركب بغير لجام فألجمها أو كانت ملجمة فألجمها بلجام لا يلجم مثلها كان ضامنا * رجل استأجر بعيرا ليعمل عليه بالنصف أو بالثلث فهو فاسد ثم ينظر ان كان العامل يؤاجر الدابة من الناس ويأخذ الأجر بصاحب البعير وللعامل أجر مثل عمله * وان كان العامل ينقل عليها الطعام ويبيع كان الكسب للعامل ولصاحب البعير أجر مثل البعير * رجل استأجر دابة ليركبها فأمسكها ولم يركب ان استأجرها ليركبها خارج المصر الى مكان معلوم فأمسكها في المصر لا يجب الأجر ويكون ضامنا وان استأجرها ليركبها في المصر يوما الى الليل فأمسك ولم يركب كان عليه الأجر ولا يكون ضامنا * رجل تكارى دابة الى بغداد على أن يعطيه الأجر اذا رجع من بغداد لم يكن لصاحب الدابة أن يطالبه بالكراء ما لم يرجع من بغداد فان مات المستأجر في بغداد كان لصاب الدابة أجر الذهاب من تركته هكذا ذكر في المنتقى وفي الأصل رجل تكارى دابة الى موضع معلوم فلما سار بعض الطريق نتجت الدابة وضعفت عن المسير فان كان المستأجر استأجر دابة بعينها كان للمستأجر الخيار ان شاء نقض الاجرة وان شاء تربص الى أن تقوى الدابة وليس له أن يطالبه بدابة أخرى وان كان المستأجر تكارى منه حمولة بغير عينها لتحمله الى ذلك المكان فاذا ضعفت الاولى كان له أن يطالبه بدابة أخرى لان المعقود عليه حمله الى ذلك المكان (فصل فيما يكون تضييعا للدابة والمال ) رجل استأجر حمارا مشاهرة وأمره أن يوكف الحمار فأوكفه وتر ك الحمار على باب المنزل ليرفع خشب الحمار فلما خرج لم يجد الحمار ان كان الحمار غاب عن بصره حين دخل الدار كان ضامنا وإلا فلا إلا أن يكون في موضع لا يعد هذا القدر من الذهاب تضييعا بأن كان في سكة غير نافذة أو يكون ذلك في بعض القرى * رجل استأجر حمارا فربطه على آرية في سكة نافذة وثم أقوام نيام ليسوا من عيال المستأجر ولا من أجرائه فسرق الحمار قالوا ان كان المستأجر لم يستحفظهم يكون ضامنا يترك الحفظ وان كان استحفظهم أو استحفظ بعضهم وقبلوا منه الحفظ ولم يكن في عقد الأجارة شرط ركوب المستأجر بنفسه وكان ذلك في موضع لا يعد النوم ممن يحفظ الدواب تضييعا لا(2/187)
يضمن وان كان ذلك في موضع يعد النوم من الحافظ تضييعا ولم يستحفظهم ضمن وان استحفظهم وقبلوا منه الحفظ كان الضمان على الذي قبل الحفظ اذا لم يحفظ وان كان المستأجر شرط في الإجارة أن يركبها بنفسه يضمن الستاجر على كل حال لانه اذا شرط ذلك لم بكن له ان يؤاجرها غيره ولا ان يعيرها ولا أن يودعها * رجل استاجر حمارا ليحمل عليه الى المدينة فحمل عليه وساقه في طريق المدينة ثم تخلف في الطريق لبول او غائط أو اشتغل بالحديث مع غيره فذهب الحمار وضاع إن لم يغب الحمار وضاع إن لم يغب الحمار عن بصره لا يضمن وان غاب ضمن *و إن استأجر حمارا فأوقفه وصلى الفجر فذهب الحمار أو انتهبه إنسان فان رآه ينتهب أو يذهب ولم يقطع الصلاة ضمن لأنه ترك الحفظ مع القدرة عليه لان خوف ذهاب المال يبيح قطع الصلاة وإن كان درهما * رجل استأجر مكاريا ليحمل له على دابته عصيرا إلى موضع معلوم فلما أراد المكاري أن يضع العصير على الدابة أخذ أحد العدلين من جانب ورمى بالعدلين جميعا من الجانب الآخر فانشق الزق من رميه وذهب العصير ضمن المكارى نقصان الزق والعصير * رجل دفع حملا الى المكاري ليحمله الى موضع معلوم عليه أن يسير ليلا ففقدت الدابة مع الحمل ان ضاعت الدابة من غير تضييع من المكاري لا يضمن في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويضمن في قول صاحبيه رحمهما الله تعالى * مكار حمل كرابيس رجل فاستقبله اللصوص فطرح الكرابيس جميعا وذهب بحماره قالوا إن كان يعلم أنه لو لم يطرح الكرابيس أخذوا الحمار والكرابيس جميعا ولا يمكنه دفعهم لا يضمن الكرابيس * رجل استأجر مكاريا أو حمالا ليحمل له طعاما في الطريق كذا فأخذ في طريق آخر يسلكه الناس فهلك المتاع ذكر في الكتاب أنه لا يضمن قالوا هذا إذا كان الطريقان متقاربين أما إذا كان بينهما تفاوت فاحش في الطول والقصر أو السهولة والصعوبة يضمن كما لو شرط أن لا يحمله في البحر فحمله في البحر كان ضامنا * رجل دفع إلى رجل فرسا ليذهب به إلى قريته ويدفعه إلى والده فذهب به المأمور ونسيه في رباط في الطريق ومضى بوجهه ثم مر رجل من أهل قريته وعرف الفرس واستأجر من يذهب بالفرس إلى منزله فعطب الفرس في الطريق قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل الذي نسي الفرس في الرباط يكون ضامنا للفرس وهذا المستأجر إن لم يكن أخذ الفرس لا يضمن وإن أخذ ثم دفعه إلى الأجيران أشهد حين أخذه أنه إنما يأخذه ليرده على صاحبه وكان الأجير في عياله لا يضمن وإن كان الأجير أجنبيا ضمن وإن ترك الإشهاد حين أخذه يضمن على كل حال كان الأجير في عياله أو لم يكن ويكون الأجير ضامنا أيضا على كل حال لإثبات اليد على مال الغير فقيل له لو أن صاحب الفرس ضمن الأجير هل يرجع الأجير على الذي استأجره قال لا يرجع قيل له المودع إذا لحقه ضمان يرجع قال نعم لان الموجع يمسك لصاحبه فأما الأجير إنما يمسك لنفسه لأنه بالإمساك يستحق الأجر فكان بمنزلة المستعير والمستعير إذا ضمن لا يرجع على المعير * ولو أن رجلا كان على دابة بالعارية أو بالأجار فنزل عنها في السكة ودخل المسجد ليصلي وخلى عنها فضاعت كان ضامنا قالوا هذا إذا لم يربطها بشيء أما إذا ربطها لا يضمن لان المستعير والمستأجر لا يجدان بدا من ذلك وقال الشيخ الامام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح عندي أنه اذا غيبها عن بصره ضمن فانه لو كان في الصحراء فنزل للصلاة وأمسكها فانفلتت منه لا يضمن فتبين بهذا أن المعتبر أن لا يغيبها عن بصره لانه اذا غيبها لا يكون حافظا لها وان رطها بشيء * رجل دفع الى آخر بعيرا وأمره أن يكريه ويشتري له به شيئا فعمى البعير وباعه وأخذ الثمن فهلك الثمن في يده قال الفقيه أبو جعفر ان باع في موضع لم يكن هناك حاكم حتى يرفع الأمر اليه لا يضمن * وان كان في موضع يقدر على أن يرفع الأمر الى الحاكم فلم يرفع كان ضامنا وكذا لو كان يمكنه أن يمسكه ويرده مع العمى الى صاحبه ضمن أيضا * رجل دفع الى وراق كاغدا واستأجره ليكتب له مصحفا وينقطه ويعجمه ويعشره بكذا فأخطأ في بعض النقط والعواشر قال الفقيه أبو جعفر ان فعل ذلك في كل ورقة كان المستاجر بالخيار ان شاء أخذ وأعطاه أجر مثله لا يجاوز يه ما سمى وان شاء رده عليه واسترد منه ما أعطاه * وان وافقه في البعض دون البعض أعطاه من المسمى حصة ما وافق من المسمى ولما خالف أعطاه أجر المثل * رجل استأجر رجلا ودفع اليه حمارا وخمسين درهما ليذهب به الى بلد كذا ويشتري له شيئا فذهب المأمور فأخذ السلطان حمر القافلة فذهب بعبض أصحاب الحمر في طلب حمرهم واستردوا من السلطان حمرهم ولم يذهب هذا الأجير قالوا ان كان الذين ذهبوا في طلب حمرهم منهم من وجد حماره ومنهم من لم يجد فمن وجد لم يأخذ حماره الا بمؤنة ومشقة لا يضمن الأجير بترك طلب الحمار * جماعة آجر كل واحد منهم حماره من رجل وسلموا اليه الحمر ثم قال أصحاب الحمر لواحد منهم اذهب أنت معه تتعاهد الحمر فانا لا تعرفه فذهب(2/188)
الرجل مع المستأجر فقال له المستأجر قف ههنا حتى أذهب أنا بالحمار ولم يقدر عليه قالوا لا يضمن المتعاهد لان أصحابه أمروه بتعاهد ما كان في يد غيرهم فلم يكن ذلك أيداعا * رجل اكترى حمارا من كش الى بخارا فعيي الحمار في الطريق وصاحب الحمار كان ببخارا فأمر المكترى رجلا رجلا أن ينفق على الحمار في علفه كل يوم مقدارا معلوما وسمى له الأجر الى أن يصل اليه صاحب الحمار فأمسك الأجير الحمار أياما فأنفق عليه وهلك في يده قالوا ان كان المكترى اكتراه لركوب نفسه ضمن وان كان اكتراه ولم يسم الراكب لا يضمن لانه اا اكتراه لركوب نفسه لا يكون له أن يؤاجره ولا أن يعيره فاذا لم يملك الاعارة والجارة لا يملك الإيداع فيضمن* رجل استأجر حمارا لينقل عليه التراب من خربة فأخذ في نقل التراب فانهدمت الخربة وهرب المستاجر لا يضمن ان لم يكن أوقف الحمار على وهن لاقراره معه * رجل استأجر حمارا لينقل عليه الشوك فذهب في سكة فيها نهر جار فبلغ موضعا ضيقا فضرب الحمار فوقع الحمار في النهر مع الحمل واشتغل المستأجر بقطع الحبل فهلك الحمار قالوا ان كان الموضع ضيقا لا يسير فيه الحمار مع الحمل كان ضامنا لان سوق الحمار في مثل هذا يكون استهلاكا وان لم يكن كذلك وكان موضعا يسير فيه الحمار ويتجاوز فان عنف عليه المستأجر وضربه حتى وثب الحمار من ضربه كان ضامنا وان وقع الحمار لا من ضربه ولا بعنفه لم يضمن * رجل استأجر حمارا لينقل عليه الحطب من كرمه فأوقره بما يوقر مثله وقرا معتادا فأصاب الحمار حائطا أو شجرا فوقع في النهر فمات ان كان المستأجر ساقه سوقا معتادا في الطريق الذي يسلكه الناس ولم يعنف لا يضمن * رجل استأجر حمارا وقبضه فأرسله في كرمه فسرقت برذعته فأصابه البرد فمرض فرده على صاحبه فمات من ذلكالمرض قالوا ان كان الكرم حصينا ولم يكن البرد بحال يضر الحمار لو كانت عليه البرذعة لا يضمن لانه لم يقصر لا في حفظ الحمار ولا في حفظ البرذعةأما في حفظ الحمار فلانه محفوظ بالبرذعة والبرذعة محفوظة بالكرم الحصين وان لم يكن الكرم حصينا وكان البرد بحال يضر بالحمار مع البرذعة يضمن قيمتهما لانه ضيع البرذعة بتركها في غير الحصين وضيع الحمار بالترك في البرد المهلك واذا دخل الحمار في ضمانه لا يبرأ الا بالرد على المالك سليما وان كان الكرم حصينا الا أن البرد كان بحال يضر بالحمار مع البرذعة يضمن قيمة الحمار دون البرعة لانه أتلف الخمار ولم يتلف البرذعة وان لم يكن الكرم حصينا ولكن لم يكن البرد بحال يخاف منه تلف الحمار مع البرذعة يضمنقيمة البرذعة وعليه تقصان الحمار لانه لما أرسل الحمار في غير الحصين دخل الحمار في ضمانه فيبرأبقدر ما رد على المالك ويتقررعليه ضمان النقصان لانه لم يوجد البرد بقدر ما انتقص * رجل استأجر قدر الوليمة أو لطبخ عصير فلما فرغ حمل القدر على الحمار ليرده على صاحبه فزلق الحمار وانكسر القدر قالوا ان حمله على حمار يطيق مثله حمل ذلك القدر ل يضممن المستأجر لان ؤدد القددر وان لم يكمن على المستأجر شرعا الا أن المستأجر لو تحمل ذلك يكون الاجر راضيا بهو لان المستأجر هو الذي يرده عادة فكان مأذونا فيه فلا يضمن الا أن ذلك الحمار اذا لم يكن يطيق حمل لك القدر كان ذلك استهلا كا فيكون ضامنا * زروع بين ثلاثة حصدوها ثم استأجر واحد من الثلاثة حمارا لينقل عليه الحصائد فقبض المستأجر الحمار ودفعه الى شريكه ليتقل عليه الحصائد فعطب الحمار عند المستعمل وكان المعتاد فيما بينهم أن يستأجر أحدهم الحمار أو البقر ويستعمله هو أو شريكه لا يضمن المستأجر لأن هذا المستأجر يكون بمنزلة المعير من شريكه وللمستأجر أن يعير فيما لا يتفاوت فيه الناس وحمل الحصائد مما لا يتفاوت فيه الناس * رجل استقرض من رجل دراهم ودفع الى المقرض حماره ليستعمله المقرض ويكون عنده الى أن يوفيه المستقرض دينه فبعثه المقرض الى السرح وسلمه الى بقار ليعتلف فعقره الذئب ضمن المقرض قيمة الحمار لأن المقرض في هذا بمنزلة المستأجر اجارة فاسدة فلا يكون له أن يبعث الى السرح ليعتلف *رجل استأجر قبانا ليزن به شيأ فوزن وكان في عمود القبان عيب ولم يعلم به المستأجر فانكسر القبان قالوا ان كان مثل ذلك الحمل يوزن بمثل هذا القبان مع هذا العيب لا يضمن * رجل استأجر فأسا واستأجر أجيرا ليعمل به ودفع اليه الفأس فذهب الأجير بالفأس اختلفوا فيه قال تعضهم يضمن المستأجر لانه صار مخالفا بالدفع الى الأجير * وقال بعضهم ان كان مستأجر الفأس استأجر الأجير أولا ثم استأجر الفأس ودفع اليه لا يضمن وان استأجر الفأس أولا ثم استأجر الأجير ضمن والأصح أنه اذا استأجر الفأس أولا لعمل لا يختلف فيه الناس بالإستعمال لا يضمن الا أن يكون الأجير معروفا بالخيانة وان استأجر الفأس لما يختلف فيه الناس فان استأجر ليعمل هو بنفسه ضمن بالدفع الى غيره * وان استأجر الفأس ولم يعين المستعمل فدفعنه الى الأجخير قبل أن يستعمل هو بنفسه(2/189)
لا يضمن وان استعمل هو أولا ثم دفع الى الأجير ضمن * رجل استأجر مرا من رجل وجعله في الطين ثم صرف وجهه عن الطين ولم يبرح مكانه وجعا أجيره ثم نظر الى المر فلم يجده قالوا ان كان تحويل وجهه عن المر قليلا لا يعد ذلك تضيييعا عند الناس لا يضمن وان كان طويلا يعد تضييعا عند الناس ضمن * حخمال استأجر من رجل جوالقا ليحمل فيها شيأ فأخذ الجوالق فأخه السلطان ليحمل له حملا فهب الحمال واشتغل بما أمره السلطان فسرق الجوالق ان لم يجد الحمال بدا من أن يشتغل بما أمره وخاف على نفسه العقوبة بترك ذلك لا يضمن لانه مضطر فلا يجب عليه حفظ الجوالق في هذه الحالة وان كان يجد بدا من أن لا يشتغل بذلك الحمل كان ضامنا بترك الحفظ* رجل شق راوية رجل كان عليه ضمان ما شق وما سال منه وما عطب بما سال يعني اذا زلق رجل بذلك ولم يره ولم يعلم فمات يضمن الشاق ديته * ولو أن صاحب البعير بعد ما شق هذا راويته علم بذلك وساق البعير فما عطب من سيلا نه لا يكون على الشاق لأن صاحب البعير لما ساق البعير بعد العلم انقطعت جناية الشاق وعلق في الكتاب انقطاع الجناية عن الشاق بان يسوق وهو يرى ذلك أو يحمل الراوية وهو يرى ذلك وقال القاضي الامام أو زيد اذا ساق البعير تنقطع جناية الشاق علم سائق البعير بذلك أو لم يعلم فاعتبر الحقيقة وفي الحقيقة هذذا اثر فعل الأول ولامختار هو الفرق بين العلم والجهل فان من حفر بئرا في الطريق وجاء انسان ولم يعلم به ووقع البئر فمات ضمن الحافر * وان علم الماشي في الطريق بالبئر يهدر دمه لأن الجناية وجدت من الأول وانما تضاف الى الثالني اذا كان الثاني متعديا في ذلك تدون العلم لا يكون متعيا فلا ينقطع عن الأول* واذا شق راوية رجل فلم يزل يسيل ما فيها حتى مال الجانب الآخر ووقع فانخرق ضمن الشاق قيمتهما جميعا الا أن يكون صاحب البعير علم بذلك وساق البعير مع ذلك فلا يجب على الشاق ضمان ما يحدث بعد السوق * ولو شقها شقا صغيرا وقال صاحبها بئسما صنعت ثم ساق البعير فزلق رجل بما سال منه لا يضمن * طاحونة تطحن والبر يتسفل من حلق الطاحونة في الماء قالوا لا يضمن صاحب الطاحونة لان الحنطة في يد صاحبها فكان عليه حفظها* قال المصنف وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل ان استأجر الطاحونة ليطحن هو بها لا يضمن صاحب الطاحونة وان استأجر الطحان ليطحن له فطحن الطحان ضمن الطحان. (فصل في توابع الإجارة ) رجل استأجر خياطاً ليخيط له ثوبا كان السلك والإبرة على الخياط وهذا في عرفهم أما في عرفنا السلك على صاحب الثوب* ولو كان الثوب حريرا فالابريسم الذي يخاط به الثوب يكون على صاحب الثوب وفي استئجار اللبان اللبن يكون على اللبان والتراب على المستأجر وفي نسج الثوب الدقيق يكون على صاحب الثوب واخراج الخبز من التنور يكون على الخباز وجعل المرقة في القصاع يكون على الطباخ اذا استؤجر لطبخ عرس أو وليمة * وان استؤجر لطبخ قدر خاص لا يكون ذلك على الطباخ* وأرخال الحمل في المنزل يكون على الحمال ولا يكون عليه أن يصعد به على السطح أو الغرفة الا أن يشترط عليه ذلك وكذلك صب الطم في الخنيق لا يكون على الحمال الا بالشرط * ولو تكارى دابة ليحمل عليها صاحب الدابة الحمل فانزال الحمل عن الدابة يكون على المكاري وأرخال الحمل فقي المنزل لا يكون عليه الا أن يكون في موضع يكون لك عليه في عرفهم * وفي استئجار الدابة للحمل الاكاف يكون على المكاري والحبل والجوالق يكون على المكاري اذا استأجره ليحمل المكاري الحمل على دابة نفسه * وان استأجر الحمال ليحمل الحنطة على ظهره أو على دواب المستأجر فالحبل والجوالق يكون على المستأجر * وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى في عرفنا الجولق يكون على صاحب الحمل في الاحوال كلها الا أن يشترط ذلك على الحمال والحبل يكون على الحمال لان الحبل يكون لصيانة الحمل عن الوقوع * ولو استأجر وراقا فان شرط علنيه الحبر والبياض فشرط الحبر جائز وشرط البياض فاسد* ولو استأجر قصارا ليقصر له ألف ثوب قالوا حمل الثياب يكون على القصار الا أن يشترط ذذلك على صاحب الثوب * ولو أن رجلا استأجر [352]حمالا ليحمل له الأحمال الى موضع كذا فلما بلغ الحمال لك الموضع نزل في دار ووضع الأحمال في موضع من الدار ثم وزنها على صاحبها وسلمها اليه فلم يرفعها صاحبها أياما ثم اختصموا في أجر ذلك الموضع ورب الدار يطالب الحمال بالكراء قالوا ان كان أحدهما استأجر ذلك الموضع لوضع الأحمال فيه كان الكراء على من استأجر وان وضع الأحمال من غير أن يستأجر أحدهما ذلك المرضع فالكراء بعد الوزن والتسليم يكون على صاحب الأحتمال وقبل لك يكون على الحمال وان طلب صاحب الأحمال من الحمال أن يزن ثانيا لا يجبر عليه* وفي اجارة الدار عمارة الدار وتطيينها واصلاح الميزاب وما كان من البناء يكون على رب الدار وكذا كل سترة تركها يخل بالسكنى يكون على رب الدار فان أبى صاحب الدار أن يفعل كان للمستأجر أن(2/190)
يخرج منها الا أن يكون استأجرها وهي كذلك وقد رآها فحينئذ يكون راضيا بالعيب فلا يردها لأجله واصلاح بئر الماء والبالوعة المخرج بكون على صاحب الدار * وان كان امتلأ من قبل المستأجر لكن لا يجبر رب الدار على ذلك ولا يكون على المستأجر أيضا فان فعل المستأجر ذلك يكون متبرعا ولا يحتسب له من الاجر وله أن يخرج من الدار اذا لم يفعل ذلك رب الدار وكذا الغلق والسلم * وفي اجارة الحمام نقل الرماد والسرقين وتفريغ موضع الغسالة يكون على المستأجر سواء كان المسيل ظاهرا أو مسقفا فان شرط ذلك على الأجر فسدت الاجارة * وان شرط على المستأجر جازت الاجارة والشرط لان ذلك يكون على المستأجر بدون الشرط والشرط لا يزيده الا وكادة فان أنكر المستأجر أن يكون الرماد من فعله كان القول فيه قوله لأنه ينكر أن يكون نقله عليه.
*(فصل فيما تنتقض به الإجارة وما لا تنتقض به)*(2/191)
الإجارة تنتقض بالأعذار عندنا وذلك على وجوه اما ان كان من قبل أحد المتعاقدين أو من قبل المعقود عليه واذا تحقق العذر ذكر في بعض الروايات أن الإجارة تنتقض في بعضها قال لا تنتقض ومشايخنا رحمهم الله تعالى وفقوا فقالوا ان كانت الاجارة لغرض فلم يبق ذلك الغرض أو كان عذرا يمنعه من الجري على موجب العقد شرعنا تنتقض الاجارة من غير نقض كما لو استأجر انسانا لقطعن يده عند وقوع الأكلة أو لقلع السن عند الوجع فبرأت الاكلة وزال الوجع تنتقض الاجارة لانه لا يمكنه الجري على موجب العقد شرعا* وان استأجر دابة بعينها الى بغداد لطلب غريم له أو لطلب عبد آبق ثم حضر الغريم أو عاد العبد من الاباق تنتقض الاجارة لأنها وقعت لغرض وقد فات ذلك الغرض * وكذا لو ظن أن في بناء داره خللا فاستأجر رجلا لهدم البناء هم ظهر أنه ليس في البناء خلل أو استأجر طباخا لوليمة العرس فمات العروس بطلت الاجارة * واذا تحقق العذر ومست الحاجة الى النقض هل ينفرد صاحب العذر بالنقض او يحتاج الى القضاء أو الى الرضاء اختلفت الروايات فيه والصحيح ان العذر اذا كان ظاهرا ينفرد وان كان مشتبها لا ينفرد أما العذر الذي يكون من قبل الآجر اذا لحقه دين لا وفاء له الا بثمن المستأجر فان الجر لا ينفرد بالنقض ويفوض ذلك الى رأي القاضي لتعارض الضررين فيرجح القاضي أحدهما على الاخر ولأن هذا العذر مشتبه يحتمل أن يكون قادرا على قضاء الدين بدون هذا المال فلا يتحقق العذر الا بالقضاء كما في خيار البلوغ وغير ذلك وتكون الاجارة بينهما على حالها فيجب على المستأجر أجرة الدار الى أن يفسخ القاضي العقد بينهما واذا أراد القاضي فسخ الاجارة لأجل الدين اختلفوا فيه قال بعضهم يبيع الدار فينفذ بيعه فتنفسخ التجارة وقال بعضهم يفسخ الاجارة[353] أولا ثم يبيع هذا اذا كان الدين ظاهرا فان لم يكن ولكن صاحب الدار أقر بالدين على نفسه وكذبه المستأجر قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يصح اقراره ويفسخ القاضي الاجارة بينهما باقراره بالدين وقال صاحباه لا يصح اقراره * وهذه ثلاث مسائل احداها هذه * والثانية المرأة اذا اقرت على نفسها بالدين لغير الزوج وكذبها الزوج صح اقرارها ويكون للغريم أن يحبسها بالدين* والثالثة الحبوس بالدين اذا أقر ببعض ماله لرجل يثق به أو لبعض ورثته عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يصح اقراره حتى يقضي القاضي بعسرته ويخرجه من الحبس* رجل آجر داره ثم صار معسرا ولا يجد نفقة نفسه ولا عياله كان له أن يفسخ الاجارة كما لو لحقه دين فادح* ولو انهدم المنزل الذي يسكنه الآجر وليس له مسكن آخر سوى الذي آجره لم يمن له أن يفسخ الاجارة* وكذا لو أراد أن يبيع المنزل الى آجره لربح ظهر له في بيع المنزل لم يكن له أن يفسخ الاجارة وكذا لو أراد الآجر أن يتحول نعن مصره لم يكن ذلك عذرا* وان آجر دابة بغير عينها فمرضت دابته لم يكن عذرا* وان آجر الاب أو الوصي أو القاضي أرض اليتيم فبلغ اليتيم في مدة الاجارة لم يكن له أن ينقض الاجارة * وان آجر الأب نفس الصغير فبلغ الصغير في مدة الاجارة كان له أن يفسخ وكذا لو آجر المولى عبده ثم أعتقه في مدة الاجارة كان للعبد أن يفسخ الاجارة عندنا* ولو أظهر المستأجر في الدار شيئاً من أعمال الشر كشرب الخمر وأكل الربا أو الزنا أو اللواطة فانه يؤمر بالمعروف وليس للآجر ولا للجيران أن يخرجوه من الدار وكذا لو اتخذ داره مأوى اللصوص * وان ارتد والعياذ بالله لا تفسخ الاجارة ولكن يجبر على الاسلام فان أبى قتل وان أراد المستأجر أن يجعل الدار بيعة أو كنيسة فانه يمنع عن ذلك وأماأهل الذمة اذا أرادوا احداث البيعة والكنيسة في أمصار المسلمين وفي أفنية المصر منعوا عن ذلك وان ارادوا احداث ذلك في السواد والقرى فان كان أكثر سكانها أهل الذمة لا يمنعون وفي القرى التي يسكنها المسلمون وأهل الذمة اختلف المشايخ فيه لاختلاف الروايات ذكر في الاجارات أنهم لا يمنعون وذكر في السير أنهم يمنعون من احداث البيع والكنائس في المواضع كلها وهكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وبه أخذ عامة المشايخ منهم محمد بن سلمة رحمه الله تعالى ولا يمنعون عن عمارة البيعة والكنيسة القديمة في الأمصار والقرى ولا عن استئجار الدار في المواضع كلها ولا عن شراء الدار في القرى وفي شراء الدار في الأمصار روايتان* العذر الذي تنفسخ به الاجارة من جانب المستاجر أن لا يمكنه المضي الا بضرر وذلك قد يكون لمعنى مباين عما استأجره وقد يكون لمعنى في المعقود عليه* منها اذا انهدم البيت المستأجر أو انهدم ما ينقص السكنى كالحائط ونحو ذلك فله أن يخرج عن الدار ويفسخ الجارة بحضرة الآجر لأنه بمنزلة العيب الحادث في المبيع قبل القبض ومن ذلك اذا كان المستأجر يبيع ويشتري في هذا البيت أو في الحانوت فأفلس وأراد التحول الى تجارة أخرى أو أراد ترك التجارة أصلا كان له أن يفسخ الاجارة وان وجد بيتا آخر أو حانوتا آخر(2/192)
أرخص من الأول فان ذلك لا يكون عذرا وقال بعضهم ان تهيأ له أن يعمل التجارة الثانية أو الحرفة الثانية في ذلك الحانوت ليس له أن ينقض الاجارة وان لم يتهيأ كان له أن ينقض * وان اشترى منزلا فأراد التحول اليه لم يكن عذرا* وفي النوازل اذا تكارى ابلا من الكوفة الى بغداد ثم بدا له أن تتكارى بغلا لا يكون عذرا وان اشترى بعيرا أو دابة كان عذرا لأنه استغنى عن الاجارة* ولو استأجر حانوتا أو بيتا ثم بدا له السفر كان عذرا* ولو[354] استأجر دابة الى بغداد ثم بدا له أن يقعد عن السفر أو اكترى ابلا للحج ثم بدا له أن لا يحج عامه ذلك أو مرض وعجز عن السفر كان عذرا ولو اكترى ابلا للحج فلما سار بعض المراحل مات المكارى كان للمستأجر أن يركب الى مكة * ولو استأجر أرضا ليزرعها ثم بدا له أن يترك الزراعة أصلا كان عذرا وان لم يترك الزراعة ولكنه أراد أن يزرع أرضا أخرى لا يكون عذرا وان نزت الأرض أو غرقت كان عذرا* وان استأجر عبدا للخدمة فمرض العبد كان للمستأجر أن يفسخ الاجارة وان رضي المستأجر بذلك ليس للآجر أن يفسخ الاجارة وان وجد المستأجر العبد غير حاذق في الخدمة لا يكون عذرا وان استأجر عبدا للخدمة فبدا له ان يسافر كان عذرا لان من استأجر للخدمة لا يكون له أن يخرجه الى السفر ولو وجد العبد سارقا كان عذرا ولو استأجر أجيرا يوما كان على الأجير أن يعمل كل اليوم ولا يشتغل بشيء سوى الصلوات المكتوبة * رجل استأجر أرضا للزراعة فخرب النهر الاعظم وعجز عن السقي كان له أن يفسخ الاجارة فان لم يفسخ حتى مضت المدة كان عليه أجرها اذا كان بحال أن يحتال بحيلة فيزرع فيها شيئأ وان كان لا يقدر على ذلك بوجه من الوجوه فلا أجر عليه وكذا لو لم ينقطع الماء ولكن سال فيها الماء حتى عجز عن الزراعة فلا أجر عليه * رجل استأجر أرضا فانقطع الماء ان كانت تسقى بماء النهر وماء المطر لكن انقطع المطر أيضا لا أجر عليه * رجل استأجر أرضا فغرقت قبل أن يزرعها فمضت المدة فلا أجر عليه كما لو غصبها غلاصب وان زرعها فأصاب الزرع آفة فهلك الزرع أو غرقت بعد الزرع ولم تنبت فعن محمد رحمه الله تعالى في رواية كان عليه الأجر كاملا وعنه في رواية اذا استأجر أرضا فزرعها فقل ماؤها أو انقطع فله أن يخاصم الآجر الى القاضي حتى يترك الأرض في يده بأجر المثل الى أن يدرك فان سقى زرعه بعد ذلك لم يكن له أن ينقض الاجارة والمختار للفتوى أنه اذاهلك الزرع لم يكن عليه لما بقي من المدة بعد هلاك الزرع أجر الا اذا كان متمكنا من أن يزرع مثل ذلك ضررا بالارض أوأقل ضررا من الأول وان اختل الزرع وانتقضت غلته كان عليه الأحر كاملا وان لم يسقه اذا لم يكن رفعه الى الحاكم ولو استأجر أرضا من أراضي الجبل فزرعها فلم يمطر عامه ولم ينبت حتى مضت المدة ثم مطرت السماء ونبت الزرع قال محمد رحمه الله تعالى الزرع كله للمستأجر وليس عليه من كراء الأرض ولا من نقصانها شيء* رجل استأجر رجلا ليذهب بحمولته الى موضع كذا فلما سار بعض الطريق بدا له ان لا يذهب ويترك الاجارة وطلب من الاجير نصف الاجر قالوا ان كان النصف الباقي من الطريق مثل الأول في السهولة والصعوبة كان له ذلك والا يسترد بقدره* رجل استأجر من رجل طاحونتين على ماء في موضع يكون الحفر على المؤاجر في عرفهم واحتاج النهر الى الكرى وصار بحال لا يعمل الا احدى الرحيين فان كان بحال لو صرف الماء اليهما جميعا عملا عملا ناقصا كان للمستأجر أن يفسخ الاجارة لاختلال المطلوب فلن لم يفسخ الاجارة فعليه أجرهما جميعا لانه يتمكن من الانتفاع بهما بصفة النقصان وان كان بحال لو صرف الماء اليهما لم يعملا كان عليه أجر احداهما اذالم يفسخ الاجارة لانه لم ينمكن من الانتفاع الا بأحداهما فان تفاوت أجرهما فعليه أجر أكثرهما أذا كان الماء يكفي لأكثرهما أجرا وان كان ذلك في موضع يكون كرى النهر على المستأجر في عرفهم كان عليه كل الأجر لان العجز والخلل كان لمعنى من قبله وهو بمنزلة ما لو استأجر خيمة وانكسرت أوتادها لا يسقط الأجر لان الأوتاد تكون على المستأجر وان انقطعت أطنابها لا يجب على المستأجر لأن الأطناب [355]تكون على المؤجر* رجل استأجر رحى فانقطع ماؤه كان له أن يرد فان لم يرد حتى مضت السنة لا أجر على المستأجر وان قل الماء ويدور الرحى ويطحن نصف ما كان يطحن كان للمستأجر أن يرده فان لم يرد حتى طحن كان ذلك رضا وليس له أن يرده بعد ذلك لأنه رضي بالعيب * رجل استأجر بيتا فيه رحى وذكر بكل حق هو له ولم يسم الرحى لا يدخل فيه الرحى وللمؤجر أن يرفع الرحى فان استأجرها بالرحى والحجرين فله حقوق الرحى فان انقطع الماء ولم يرد حتى مضت السنة فان كان البيت مما ينتفع به بدون الرحى يقسم الأجر عليهما تسقط حصة الحجرين ويلزمه حصة البيت وان لم يكن البيت منتفعا الا بمنفعة الرحى لا شيء على المستأجر وان لم يرد البيت* رجل في قرية استأجر أرضا في قرية أخرى ثم بدا له أن يترك هذه الأرض(2/193)
التي استأجرها ويزرع أرضا في قرية أخرى قالوا ان كان بينهما مسيرة ثلاثة أيام كان له ذلك وان كان أقل من ذلك لم يكن له ذلك لأن في المسافة البعيدة يلحقه كثير ضرر وفي القصيرة لا يلحقه كثير ضرر والفاصل بينهما مسافة السفر* المؤجر اذا انقض الدار المستأجرة وهو كما لو غصبه غاصب كان له أن يفسخ الاجارة ولا يلزمه الاجر ولا تنتقض الاجارة اليه أشار في الأصل وعن محمد رحمه الله تعالى أنه اا انهدمت الدار المستأجرة وبناها الآجر فأراد المستأجر أن يسكن بقية المدة لم يكن للآجر أن يمنعه أراد بذلك اذا بناها الآجر فبل أن يفسخ المستأجر الأجارة وفيما اذا انهدمت الدار المستأجرة كان للمستأجر أن يفسخ الاجارة ويخرج منها كان الآجر حاضرا أو غائبا وفيما اذا سقط حائط من الدار فان كان ذلك لا يضر بالسكنى لا يكون للمستأجر أن يفسخ العنقد كما لو استأجر عبدا للخدمة فاعور العبد لا يكون للمستأجر أن يفسخ العقد اذا كان ذلك لا ينقص الخدمة وان كان سقوط الحائط يضر بالسكنى كان للمستأجر أن يفسخ اذا كان الآجر حاضرا ولا يفسخ اذا كان غائبا كما لو وجد المشتري بالمبيع عيبا قبل القبض لا يكون له أن يفسخ البيع الا بحضرة البائع* اذا بنى المستأجر في الدار المستأجرة من التراب الذي كان فيها بغير أمر صاحب الدار ثم خرج بعد انقضاء مدة الاجارة قالوا ان كان البناء من لبن اتحذه من تراب كان في الدار فان المستأجر يرفع البناء ويغرم قيمة التراب لصاحب الدار وان كان البناء من طين لا ينقض البناء لانه لو نقض يعود ترابا * ولو بنى المستأجر غرفة في حانوت الوقف لينتفع به من غير أن يزيد في الأجر قالوا ليس له ذلك الا اذا زاد في الاجر ويبني مقدار ما لا يخاف على البناء وان كان الحانوت بهذه الزيادة يصير مرغوبا فيه يطلق له ذلك بغير زيادة الأجر * طحان ركب في الطاحونة حجرا من ماله أو حديدا أو نحو ذلك قالوا ان فعل ذلك بأمر صاحب الطاحونة ليرجع عليه كان له أن يرجع بذلك على صاحب الطاحونة وان فعل بغير أمر فان أمكن رفعه من غير ضرر يرفعه وان كان مركبا لا يمكن رفعه الا بضرر كان لصاحب الطاحونة أن يدفع اليه قيمته ويمنعه من الرفع وان أحدث المستأجر في المستأجر بناء أو غرسا ثم انقضت مدة الاجارة كان للاجر أن يأمره بالرفع قلت قيمته أو كثرت وان شاء منعه من الرفع وأعطاه القيمة اذالم يمكن رفعه الا بضرر وان كان فعل ذلك باذن المالك فكذلك اذا لم يكن أمره أن يفعل ذلك ليرجعن به عليه * واذا غرس المستأجر في الأرض أشجارا كان لصاحب الأرض أن يأخذ الأشجار بقيمتها مقطوعة اذا كان قطعها يضر بالأرض * واذا استأحر أرضا فغلب علنها الرمل أو صارت سبخة بطلت [356] الأحارة وللمستأحر أن يبني بيتا أو آريا في الدار المستأجرة اذا كان لا يضر بالدار * واذا مات الآجر أو المستأجر تنفسخ الاجارة * ولو كان الآجر اثنين والمستأجر واحدا فمات أحد الآجرين بطلت الأجارة في حصته وتبقى في حصة الآخر وكذلك لو كان المستأجر اثنين والآجر واحدا فمات أحد المستأجرين بطلت الأجارة في حصته وتبقى في حصة الآخر وتبطل الأجارة بموت الموكل ولا تبطل بموت الوكيل ولا بموت الوصي والأب والقاضي في اجارة مال اليتيم ولا بموت قيم الوقف في اجارة الوقف واذا جرت الاجارة بين وكيل الآجر وبين وكيل المستأجر فمات الوكيلان لا تبطل الاجارة * واذا ملك المستأجر العين المستأجرة بميراث أو هبة أو نحو لك بطلت الاجارة * ولو كانت الاجمرة عينا فوهته من المستأجر قبل القبض بطلت الاجارة في قول محمد رحمه الله تعالى ولو كانت الاجرة دينا فوهبها من المستأجر قبل القبض أو أبرأه جازت الهبة والابراء ولا تبطل الاجارة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى الابراء باطل في الوجوه كلها والإجارة باقية* العبد المأذون اذا آجر شيئا من أكسابه ثم حجر عليه المولى تطلت الاجارة وكذلك المكاتب اذا آجر شيئا من أكسابه ثم عجز بطلت الاجارة ولو آجر المكاتب نفسه ثم عجز لا تبطل الاجارة في قول محمد رحمه الله تعالى وكذا العبد المأذون اذا آجر نفسه ثم جدر عليه المرلىة لا تبطل الجارة في قول محمد رحمه الله تعالى* واذا استأتمجر دارا ثم آجرها من الآجر أو أعارها منه ذكر الشيخ المام أبو بكر محمد بن الفضل أن ذلك يكون نقضا للأجارة وهكذا ذكر في المنتقى وجمع التفاريق وقال الفقيه أبو الليث اذا آجر من الأجر لا تصح الاجارة الثانية والاجارة الأولى على حالها * ولو استأجر أرضا ثم دفعنها الى صاحمبها مزارعة ان كان البذر من قبل رب الارض لا يجوز ويكون ذلك نقضا للأجارة في ظاهر الرواية وان كان البذذر من قبل المستأجر جازت المزارعة ولا تبطل الاجارة لان البذر اذا كان من قبل المستأجمر يكون هو مستأجرا لصاحب الأرض أما اذا كان البذر من قبل صاحب الأرض كان صاحب الأرض مستأجرا للأرض فلا يصح ويكون ذلك نقضا للأجارة * رجل استأجر أرضا ثم اشتراها المستأجر مع رجل آخر ذكر في المنتقى أن الأجارة تبطل(2/194)
ويترك الزرع في الأرض حتى يستحصد ويكون للشريك في الشراء على صاحب الزرع مثل أجر نصف الأرض* وذكر فيه أيضا رجل استأجر دارا أو أرضا بنى فيها ثم آجرها من رب الدار فان الاجارة الثانية تكون نقضا للاولى ويكون على رب الدار حصة بناء المستأجر من الأجر * رجل اجر نفسه في ختان أو حجامة وصناعة من الأعمال ثم قال أنا أرغب عن هذا العمل وأستحي من الناس وأريد التحول منه الى غيره من الأعمال قال محمد رحمه الله تعالى لا أقبل ذلك منه وأقول له أوفه العمل ثم تحول الى ما شئت* واذا آجرت المرأة نفسها بما تعاب به كان لأهلها أن يخرجوها من تلك الاجارة والله أعلم.
*(فصل في إجارة الظئر)*(2/195)
رجل استأجر ظئرا لترضع ولده سنة فأرضعته شهورا ثم مات الأب فقالت عمة الصغير أرضعيه حتى نعطيك الأجرة فأرضعته شهورا بعد ذلك قالوا ان لم يكن للصغير مال حين استأجر الأب الظئر كانت المجتارة عليه من ماله واذا مات بطلت بلك الاجارة فاا قالت العمة بعد المرت أرضعيه حتى نعطيك الأجر ولم تكن العمة وصية كان ذلك استئجارا من العمة فيكون الأجر عليها وان كانت العمة وصية من قبل الأب ترجع بذلك الأجر على الصغير اذا استفاد الصغير مالا* ولو كان للصغير مال حين استأجرها الأب لا تبطل الجارة بموت الأب ويكون الأب عاقدا لولده[357] فلا تبطل الاجارة بموته * رجل استأجر ظئرا شهرا فلما مضى الشهر أبت الظئر أن ترضعه والصبي لا يأخذ ثدي غيرها قال محمد رحمه الله تعالى تجبر الظئر على أن ترضعه بأجر مثلها قيل هذا اذا لم يكن لها زوج أو كان لها زوج وأذن لها بالاجارة فان كان لها زوج ولم يأذن كان للزوج أن يمنعها وان خيف الهلاك على الصغير * صغير ليس له مال ولا لأبيه وامتنعت الأم عن ارضاعه وهو لا يقبل ثدي غيرها قال شمس الأئمة الحلواني رحنه الله تعالى لا تجبر الأم على الارضاع في ظاهر الرواية وعن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى في النوادر أنها تتتتتجبر وفال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى تجبر وعليه الفتوى الا اذا كانت الام مريضة يضرها الارضاع * رجل استاجر ظئرا لترضع ولده سنة بمائة درهم على أنه ان مات الصغير قبل سنة فالدراهم كلها تكون للظئر فسدت الاجارة لأن موجب الشرع أن يرد أجر ما بقي من المدة بعد موت الصبي فاذا شرط بخلاف ذلك كان شرطا فاسدا والاجارة تبطل بالشروط الفاسدة* رجل استأجر ظئرا لترضع ولده سنة بمائتي درهم على أن يكون كل الأجر بمقابلة الشهر الأول وما بعده الى تمام السنة ترضع بغير أجر فأرضعت شهرين ونصفا فمات الصبي قالوا يقسم أجر مثلها سنة على الشهور فما أصاب شهرين ونصفا من ذلك كان لها لك وترد الباقي لأن هذه الاجارة اجارة فاسدة وكان لها أجر المثل لكن لا يزاد على المسمى* رجل استأجر امرأة لترضع ولده منها فأرضعت ذكر القدوري وشمس الأئمة السرخسي رحمهما الله تعالى أنه لا أجر لها لأن ذلك مستحق عليها ديانة قال الله تعالى "و الوالدات يرضعن أولادهن" الآية وان كانت أبت لا تجبر على ذلك ولا تستوجب الأجر كما لو استأجرها على كنس البيت والطبخ والغسل وغير ذلك * والمعتدة عن طلاق رجعي في هذا كالمنكوحة وان كانت العدة عن طلاق بائن أو ثلاث في ظاهر الرواية تصح الاجارة وتستحق الأجر المسمى كما لو استأجرها بعد انقضاء العدة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية لا أجر لها كما لو استأجرها قبل الطلاق لوجوب نفقة العدة عليه هذا اذا استأجر امرأته لترضع ولده منها على أن يكون الأجر على الأب من ماله فان كان للصغير مال فاستأجرها الأب على ارضاع ولده منها روى ابن رستم عن محمد رحممهما الله تعالى أنه تصح الاجارة وتكون لها الاجرة لان الارضاع بمنزلة النفقة واذا كان للصغير مال لا تجب النفقة على والديه وكان لها الاجرة في مال الصغير وبعض المشايخ أخذوا بهذه الرواية* وان استأجر الرجل امرأته لارضاع ولده من غيرها جازت الاجارة وكان لها الاجر لان ذلك غير مستحق عليها ديانة* وان استأجر الرجل خادمة امرأته لترضع ولده منها لا يجب الاجر وان استأجر مكاتبتها جاز ولا بأس للمسلمة بأن ترضع ولد الكافر بأجر لأن من الصحابة رضي الله عنهم من عمل للكافر بأجر واذا استأجر الرجل أمه أو أخته او بنته لترضع ولده جاز ويجب الأجر لأنه ليس عليهن ارضاع ولده لا شرعا ولا عرفا* ومن سوى الأب والجد والوصي والقاضي اذا استأجر ظئرا لليتيم كان أجنبيا كسائر الاجانب واذا لم تكن لليتيم أم ترضعه ولا مال له فأجر ارضاعه يكون على أقاربه بقدر ميراثهم عنه لأن أجر الرضاع بمنزلة النفقة ولا يجب على من لا تجب عليه النفقة * وليس على الظئر أن تعمل لأبوي اليتيم شيئا وعليها غسل الصبي والقيام بمصالحه من اصلاح دهنه وطعامه ولا يجب عليها ثمن شيء من ذلك * وقال بعضهم عليها أن تتكلف الدهن والرياحين وانما قال ذلك في عرفهم والمعتبر في هذا العرف واذا ظهرت الظئر كافرة أو زانية أو مجنونة أو حمقاء كان لهم أن يفسخوا الاجارة وكذا اذا أرادوا سفرا أو أبت الظئر أن تخرج معهم لا تجبر على السفر وكان لهم أن يفسخون الاجارة* ولو كان لها زوج ولم يأذن لها بالأجارة وكان للزوج[358] أن يفسخ الاجارة وهذا اذا كان النكاح ظاهرا فان لم يكن وأقرت المرأة بالنكاح لرجل لم يكن للمقر له أن يفسخ الاجارة ولو لم تكن المرأة معروفة بالظؤرة وكانت ممن تعير بذلك كان لها أن تفسخ الاجارة وكذا لو كان قوم الصغير يؤذنها كان لها أن تفسخ الإجارة* وان أجرت نفسها باذن زوجها لم يكن لهم أن يمنعوا الزوج من غشيانها ولهم أن يمنعوه من غشيانها في منزلهم ولهم أن يمنعوا أقربائها من المكث معها في بيتهم أما الزيارة فينظر ان كان(2/196)
يؤدي ذلك الى الاخلال بتعهد الصبي كان لهم حق المنع وليس عليها أن تمكث في بيتهم اذا لم يشترطوا ذلك في عقد الاجارة وللامة المأذونة أن تؤاجر نفسها ظئرا وكذا المكاتبة*
فصل في اختلاف الآجر والمستأجر
رجل استأجر دارا أو دابة أو عبدا ولم يتصرف المستأجر بعد حتى اختلفا فادعى المستأجر أن الأجر خمسة دراهم وقال الآجر عسرة دراهم فانهما يتحالفان فأيهما نكل لزمه دعوى الآخر ويبدأ بيمين المستأجر فاذا حلفا فسخ القاضي العقد بينهما وأيهما أقام البينة قبلت بينته وان أقاما يقضي ببينة الآجر لأنه يثبت حق تفسه وكذا لو اختلفا في المدة أو في المسافة فقال المستأجر آجرتني شهرين بعشرة دراهم وقال الآجر لا بل شهرا واحدا بعشرة دراهم أو قال المستأجر آجرتني الدابة الى الكوفة بخمسة دراهم وقال صاحب الدابة لا بل الى القصر بخمسة دراهم فهذا وما لو اختلفا في الأجر سواء لا أنهما اذا اختلفا في المسافة أو في المدة يبدأ بيمين الآجر وأيهما أقام البينة قبلت بينته وان أقاما جميعا في المسافة والمدة يقضي ببينة المستأجر كما لو اختلفا في البيع فقال البائع بعتك هذا العبد بألف درهم وقال المشتري بعت هذذا العبد وهذا العبد الآخر بألف درهم وأقاما البيتة فانه يقضي ببيتة المشتري * وان اختلفا في الاجر والمدة جميعا أو في الأجرة والمسافة جميعا فقال الآجر آدجرتك الى القصر بعشرة درلاهم وقال المستأجر لا بل الى الكوفة بخمسة دراهم فانهما يتحالفان واذا حلفا يفسخ العقد وأيهما أقام البينة قبلت بينته وان أقاما يقضى بالبينتين جميعا فيقضى بزيادة الأجر ببينة الآجر وبزيادة المدة والمسافة ببينة المستأجر وأيهما بدأ بالدعوى يحلف صاحبه أولا هذا اذا اتفقا أن الجر كله دراهم أو دنانير فان اختلفا في الجنس فقال الآجر آجر تلك الدابة الى القصر بدينار وقال المستأجر بل الى الكوفة بعشرة دراهم فانهما يتحالفان وأيهما نكل لزمه دعوى الآخر وأنهما أقام البينة قبلت وان أقاما البينة فانه يقضي الى الكوفة بدينار وخمسة دراهم اذا كان القصر على النصف من بغداد الى الكوفة ويقضي الى القصر بدينار ببينة الآجر ومن القصر الى الكوفة بخمسة دراهم ببينة المستأجر * ولو استأجر دارا سنة فادعى المستأجر أنه استأجمرها أحد عشر شهرا بدرهم وشهرا بتسعة دراهم وادعى الآجر أنه آجرها سنة بعشرة دراهم فأقام كل واحد منهما بينة على ما ادعى ذكر في المنتقة عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يقضى ببينة رب الدار ووجه ذلك ان رب الدار ادعى زيادة أجر لاحد عشر شهرا فيقضي ببينته بقي شهر واحد فالمستأجر أقر له بزيادة أجر لهذا الشهر فان شاء صدقه وأخذ وان شاء كذبه * وان اختلفا في هذه الوجوه بعد ما مضت مدة الاجارة عند المستأجر أو بعد ما وصل الى المكان الذي يدعي اليه الأجارة كان القول قول المستأجر مع يمينه ولا يتحالفان عندهم أما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى فلأن هذا بمنزلة ما لو اختلفا في البيع بعد هلاك السلعة وثمة عندهما لا يتحالفان وأما عند محمد رحمه الله فلأن في فصل الأجارة لو حلفا لا يثبت أحد العقدين فتبقى المنفعة مستوفاة بغير عقد والمنفعة لا تتقوم بدون العقد فلا يجب شيء فلا يفيد التحليف أما في البيع اذا حلفا فلم يثبت العقد تبقى العين مقبوضة بدون الثمن وقد عجز عن رده فيغرم قيمته[359] فان اختلفا في الأجر بعدما مضى بعض المدة أو بعدما سار بعض الطريق فانهما يتحالفان واذا حلفا تفسخ الاجارة فيما بقي ويكون القول قول المستأجر في حصة ما مضى * ولو استأجر دارا شهرا ثم ادعى المستأجر أن الآجر باعها منه بعد الاجارة وأنكر الآجر ثم مضت مدة بعد ذلك قالوا الإجارة تكون لازمةفيما مضى لانهما تصادقا على الاجارة والبيع لم يثبت بخلاف ما لو جحد الاجارة فيما مضى فان ذلك يكون فسخا للاجارة لانه لما جحد الاجارة فقد أنكر الاجارة أصلا أما ههنا تصادقا على الاجارة ومدعي البيع يدعي الابطال ولم يثبت فتبقى الاجارة * وذكر في المنتقى رجل أمر رجلا أن يستأجر دار فلان بعينه ثم أن الآمر اشتراها من صاحبها بعد ما استأجرها وكيله ولم يعلم هو بعقد الوكيل ثم علم فانه لا يكون له أن يردها وتكون في يده بحكم الاجارة * وذكر فيه أيضا اذا استأجر عبدا سنة فجحد الاجارةبعدما مضى نصف السنة وقيمته يوم الجحود ألفا درهم فلم يرد العبد حتى مضت السنة وقيمته ألف درهم ثم مات العبد قبل ان يرد ذكر هشام عن محمد رحمه الله تعالى أن الاجارة لازمة ويضمن قيمة العبد بعد السنة قال هشام رحمه الله تعالى قلت لمحمد رحمه الله تعالى كيف يجتمع الاجر والضمان قال لم يجتمع قال هشام أراد بذلك أنه انما لزمه الاجر لان المدة تمت والعبد في يده بحكم الاجارة فيلزم الاجر وبعد انتهاء المدة يعتبر جحود فكان عليه رده فاذا لم يرده تلزمه قيمته* رجل تكارى دابة من رجلين فاختلف المكاريان فقال أحدهما أكريناكها بعشرة دراهم وقال الاخر لا بل أكريناكها بخمسة(2/197)
عشر والمستكري يقول أكريتماني بعشرة قال في الكتاب ان كان قبل الركوب كان القول قول المكاري الذي يدعي خمسة عشر في نصيبه وان كان بعد الركوب فالقول قول المستكري* رجل ركب دابة رجل الى بغداد ثم فال أعرتنيها وقال رب الدابة آجرتها بدرهمو نصف فان القول يكون قول الراكب لان صاحب الدابة يدعي تقوم المنفعة وهو ينكر فان أقام صاحب الدابة شاهدين فشهد شاهد بدرهم وشاهد بدرهم ونصف فانه يقضي له بدرهم واحد ولو كان الآجر يدعي الاجارة بدرهمين فشهد شاهد بدرهمين لا يقبل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والمسألة معروفة* ولو ركب دابة رجل الى الحيرة فادعى أنه أعارها الى الحيرة وقال صاحبها بل أكريتها الى الجبانة الى أطراف البيوت بدرهم فان سلمت الدابة كان القول قول الراكب ولا يلزمه شيء وان هلكت كان القول قول صاحب الدابة ويضمن الركب قيمتها لأن الراكب أقر بالمجاوزة عن الجبانة وادعى الاذن وصاحبها أنكر الاذن فان اقام صاحب الدابة البينة بعد ذلك أنه أكراها الى الحيرة بدرهم لا تقبل بينته لانه زعم أولا أنه جاوز الجبانة بغير كراء فكان متناقضا في دعواه بعد ذلك*و لو استكرى دابة فقال له المكاري استكر غلاما يتبعك ويتبع الدابة وأعطه نفقته ونفقة الدابة من الكراء جاز ذلك فان أعطى الغلام نفقته ونفقة الدابة فسرقت منه أن أقر صاحب الدابة بذلك برئ المستكري وان اختلفا في الأمر باستكراء الغلام أو في الامر بدفع النفقة الى الغلام وأنكر الدقع فأقر الغلام أنه أعطاه قبل قول الغلام* رجل دقع الى حائك غزلا لينسجه فجحد الحائك دفع الغزل اليه وحلف ثم أقر وجاء بالثوب منسوجا قالوا ان كان نسجه قبل الجحود كان له الاجر وان كان نسجه بعد الجحود فالثوب للحائك وعليه مثل ذلك الغزل لصاحبه *و لو دفع الى صباغ ثوبا ليصبغه ثم جحد الصباغ وحلف ثم جاء بالثوب مصبوغا ان[360] كان صبغه قبل الجحود فالثوب لصاحبه وله الاجر وان صبغه بعد الجحود يخير صاحب الثوب ان شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد الصبغ فيه وان شاء ترك الثوب عليه وضمنه قيمة ثوب أبيض كما في الغصب * ولو دقع الى قصار ثوبا ليقصره فجحد القصار ثم أقر وجاء بالثوب مقصورا فان كان قصره قبل الجحود كان له الاجر وان كان قصره بعد الجحود فلا أجر له والثوب لصاحبه على كل حال* ولو اختلف الخياط مع صاحب الثوب فقال الخياط أنا خطته وقال رب الثوب أنا خطته فان كان الثوب في يد رب الثوب أو في بيته فالقول قوله مع يمينه ولا أجر للخياط وان كان الثوب في يد الخياط أو في يدهما كان القول قول الخياط مع يمينه وله الأجر * ولو اختلف الخياط مع رب الثوب فقال رب الثوب أمرتك أن تقطعه قباء وقد خطته قميصا وقال الخياط لا بل أمرتني أن اقطعه قميصا كان القول قول رب الثوب مع يمينه وهو بالخيار ان شاء أخذ القميص وأعطاه أجر مثله وانشاء ضمنه قيمة ثوبه غير مقطوع*و لو دفع شبها الى صفار ليضرب له طستا ووصف له فضربه كوزا كان له الخيار ان شاء أخذ الكوز وأعطاه أجر مثله لا يجاوز ما سمى وان شاء ضمنه مثل ذلك الشبه * ولو دفع الى صباغ ثوبا ليصبغه أحمر بالعصفر ففعل ثم اختلفا في الاجر فقال الصباغ عملته بدرهم وقال صاحب الثوب بدانقين فأيهما أقام البينة قبلت وان أقاما يؤخذ ببينة الصباغ وان لم يكن لهما بينة ينظر الى ما زاد الصبغ في قيمة الثوب فان كان درهما أو أكثر يؤخذ بقول الصباغ ويعطى له درهم بعد يمينه بالله ما صبغه بدانقين وان كان ما زاد الصبغ فيه أفل من دانقين كان القول قول رب الثوب مع يمينه على ما ادعى الصباغ وان كان يزيد في قيمة الثوب نصف درهم بعد يمينه ما صبغه بدانقين وان كان الصبغ مما ينقض الثوب كان القول قول صاحب الثوب* وان دفع الى خياط ثوبا ليقطعه قباء محشوا ودفع اليه البطانة والقطن ففعل الخياط ذلك ثم اختلفا فقال رب الثوب ليس هذا بطانتي كان القول قول الخياط مع يمينه* ولو دفع الى قصار ثوبا ليقصره بدرهم فاعطاه القصار ثوبا فقلال هذا ثوبك وقال صاحب الثوب ليس هذا ثوبي كان القول قول القصار في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو كان القصار يدعي رد الثوب لأن في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى القصار أمين وكذلك كل أجير مشترك والفتوى على قوله * ولو أن القصار أعطاه ثوبا وقال هذا ثوبك وهو ينكر فأخذ الثوب ونوى أن يكون عوضا عن ثوبه قال محمد رحمه الله تعالى لا يسعه أن يلبس الثوب ولا أن يبيع الا أن يقول للقصار أخذته عوضا عن ثوبي فيقول القصار نعم* ولو دفع متاعا الى حمال ليحمله الى موضع كذا فحمل فقال رب المتاع ليس هذا متاعي وقال الحمال هو متاعك قال أبو يوسف رحمه الله تعالى القول قول الحمال مع يمينه ولا أجر له الا أن يصدقه الآجر وبه نأخذ قال والنوع الواحد والنوعان فيه سواء الا أنه في النوع الواحد أفحش وأقبح ان لا يلزمه الاجر *و لو حمل طعاما أو زيتا فقال الحمال هذا طعامك وقال رب الطعام كان طعامي أجود من هذا قال هذا أفحش أن يأخذ الطعام(2/198)
ولا يعطي الأجر فأما في النوعين المختلفين فلا أجر للحمال الا أن يصدقه ويأخذه رجل دفع الى الخياط ثوبا ليخيطه له ولم يذكر له أجرا فخاطه فأعطاه أكثر من أجر مثله زيادة على ما يتغابن فيه الناس قالوا يطيب له في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى * رجل قال لرجل اني أركبتك بغلا من ترمذا الى بلخ بعشرة دراهم وقال المدعي عليه لا بل استأجرتني لابلغه الى فلان ببلخ بخمس دراهم فانه يحلف كل واحد منهما فان حلفا لا يجب شيء وان أقاما البينة كانت البينة بينة صاحب البغل لأن البغل واجب على المستأجر فلا تجوز الاجارة على ذلك* رجل أجر أرضا ثم اختلفا فقال المستأجر استأجرتها وهي فارغة وفال رب الأرض كانت مشغولة مزروعة قال الشيخ الأمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى القول قول صاحب الأرض بخلاف المتبايعين اذا اختلفا في الصحة والفساد بحكم الشرط فان ثوة كان القول قول مدعي الصحة لأن في هذا الوجه صاحب الأرض منكر الاجارة أصلا وقال القاضي الامام علي السغدي رحمه الله تعالى في الاجارة يحكم الحال ان كانت فارغة كان القول قول مدعي الفراغ وقت العقد وان كانت مشعولة كان القول قول صاحب الارض كما في مسئلة الطاحونة اذا اختلفا في جريان الماء وانقطاعه * قال المصنف وينبغي أن يكون القول قول منكر الشغل لأن في صحة اجارة المشغول روايتين والصحيح أنها جائزة ويؤمر بالتفريغ والتسليم *رجل آجر داره سنة فلما مضت السنة أخذ صاحب الدار الدار وكنسها فقال المستأجر كان لي فيها دراهم وانك كنستها وألقيتها في الطريق ولي عليك ضمانها فان أنكر صاحب الدار ذلك كان القول قوله *رجل دفع الى صائغ عشرة دراهم فضة وقال زد عليها درهمين يكون قرضا على وصفه قلبا وأجرك درهم فصاغه وجاء به محشوا وقال زدت عليها درهمين وقال صاحب الفضة لم تزد عليها شيئا فانه يحلف كل واحد منهما فان حلفا يخير الصائغ ان شاء دفع القلب اليه وأخذ منه خمسة دوانق درهم أجر العشرة وان شاء دفع اليه عشرة دراهم فضة وأخذ القلب لأن الصائغ يدعي على صاحب الفضة قرض درهمين وهو ينكر وصاحب القلب يدعي على الصائغ استحقاق القلب بغير شيء وهو ينكر فيحلف كل واحد منهما * ولو دفع الى حائك غزلا وأمره أن يزيد في الغزل رطلا من عنده على أن يعطيه ثمن الغزل وأجر الثوب دراهم معلومة جاز ذلك وان اختلفا بعد النسج فقال الحائك زدت وقال صاحب الغزل لم تزد فان كان وزن غزل صاحب الغزل معلوما بأن اتفقا على أن غزله كان منا فان كان الثوب قائما في يده يوزن فان وزن فوجد منوين فقال رب الثوب هذا من الدقيق وقال الحائك هذا من الدقيق وزيادة رطل غزل زدته قالوا القول قول الحائك لأن الدقيق لا يزيد هذا القدر ظاهرا وان رجع القاضي الى علماء الحوكة في ذلك كان أحسن فان رجع اليهم وقالوا الدقيق لا يزيد هذا القدر كان القول قول الحائك مع يمينه فاذا حلف يجبر رب الثوب على أن يعطيه ما سمى له ويأخذ الثوب وان قال أهل العلم الدقيق يزيد هذا القدر كان القول قول رب الثوب مع يمينه فان حلف يخير صاحب الثوب ان شاء ضمنه مثل غزله وترك الثوب عليه وان شاء أخذ الثوب وأعطاه من الاجر بحساب ما أقام من العمل وان كان الثوب مستهلكا عند صاحب الثوب قبل أن يعلم وزنه كان القول رب الثوب مع يمينه على علمه أنه ما يعلم أن الحاك زاد في الغزل فان حلف كان عليه أجر الثوب دون ثمن الغزل فيقسم المسمى على عمل ثوب مثله وعلى قيمة رطل من الغزل فيطرح عنه ما أصاب قيمة الغزل * وقال الحاكم الشهيد رحمه الله تعالى لصواب أن يطرح عنه أيضا حصة ما ترك من زيادة العمل في النسج لأنه التزم الأجر المسمى بمقابلة العمل في ثلاثة أرطال غزل وهو امنا عمل في رطلين هذا اذا اختلفا ووزن غزل الدافع كان معلوما فان لم يكن معلوما كان القول قول الدافع وهو رب الثوب مع يمينه سواء كان الثوب قائما أو هالكا ولا يرجع في هذا الى قول الحوكة لأنه لا تمكن معرفة الصادق من الكاذب وفي مسألة الصائغ والقلب يجب أن يرجع في معرفة الزيادة الى أهل العلم ان كانوا يعرفون ذلك وقد ذكرنا مثل ذلك في النداف اذا دفع اليه ثوبا وأمره أن يزيد في قطنه* رجل حمل رجلا كرها فذهب به الى بعض البلاد قالوا عليه الكراء حتى يرده الى المكان [362] الذي منه وكذا كل شيء له حمل ومؤنة* صاحب حانوت أمر أجيرا له ليرش الماء في طريق المسلمين ففعل وعطب به انسان قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يضمن الآمر * ولو أمره بالوضوء فتوضأ كان الضمان على الأجير لأن منفعة الوضوء تكون للمتوضئ ومنفعة الرش تكون للآمر * رجل ركب سفينة رجل من ترمذا الى آمل ثم اختلفا فقال صاحب السفينة للراكب حملتك الى آمل بخمسة دراهم وقال الراكب استأجرتني لأحفظ السكان الى آمل بعشرة دراهم يحلف كل واحد منهما وليست البداءة بيمين أحدهما بأولى من الآخر وكان للقاضي أن يبدأ بأيهما شاء وان أقرع للبداءة كان حسنا فان حلفا لا أجر لأحدهما على صاحبه وان أقاما البينة كانت(2/199)
البينة بينة الراكب وهو الملاح يقضي له بالاجر على صاحب السفينة ولا أجر عليه لصاحب السفينة لأنهما لما أقاما البينة يجعل كأن الأمرين كانا فبطلت اجارة صاحب السفينة من الراكب لأنه لا بد للملاح من أن يكون في السفينة والله أعلم بالصواب
*(كتاب الدعوى والبينات)*
و انه مشتمل على أبواب كل باب مشتمل على فصول * الباب الأول منه في آداب القاضي* الفصل الأول منه في معرفة أهل القضاء والدخول في القضاء والتحرز عنه * فأهله من يكون أهلا للشهادة ومن لا يكون أهلا للشهادة كالعبد والصبي والأعمى والمرأة والكافر لا يكون أهلا للقضاء حتى لو قلد فقضى لا ينفذ قضاؤه وكذا الحدود في القذف وبعض العلماء منهم الخصاف والطحاوي رحمهما الله تعالى ألحقوا بهؤلاء الفاسق والمرتشي وعندهما اذا قلد الفاسق لا يكون قاضيا واذا فسق ينعزل وكذا المرتشي واختلفت الروايات عن أصحابنا المتقدمين رحمهم الله تعالى والصحيح ما قال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى أنه اذا قلد وهو عدل ثم فسق يستحق العزل ولاينعزل حتى لو قضى بعد الفسق جاز قضاؤه سواء كان القاضي مرتزقا من بيت المال أو لم يكن* وأجمعوا أنه اذا ارتشى لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى* القاضي اذا ارتد والعياذ بالله ثم أسلم كان على قضائه * وكذا اذا عمى ثم أبصر ولا ينفذ ما قضى في حال ردته * الوالي اذا فسق فهو بمنزلة القاضي يستحق العزل ولا ينعزل ومع أهلية الشهادة لا بد أن يكون عالما ورعا فان كان جاهلا عدلا أو عالما غير عدل لا ينبغي له ان يتقلد ولا يقلد لقول عليه السلام القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار وأراد بالأثنين الجاهل وغير العدل*و الجاهل التقي أولى بالقضاء من العالم الفاسق * وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى اذا قلد الجاهل لا يصير قاضيا * وعند استجماع الشرائط يكره الدخول في القضاء عن اختيار * وان قلد من غير طلبه فان كثر أمثاله في البلد لاختلفوا فيه قال بعضهم يكره له الدخول وعند الأكثر لا بأس بالدخول وان تعين هو من البلدة قالوا يفترض عليه الدخول ولو امتنع يأثم لأن القضاء فرض كفاية بمنزلة صلاة الجنازة اذا تعين الواحد لاقامتها يفترض عليه فان قلدو ا غيره أفضل منه كان الافضل أولى * وكذا الوالي فاما الخليفة فليس لهم أن يولوا الا أفضلهم * الامام اذا لم يكن عدلا جاز أحكامه وحكامه لان الصحابة رضي الله عنهم تقلدوا الاعمال من معاوية والحق في نوبته كان مع علي رضي الله عنه واذا ارتشى ولد القاضي أو كاتبه أو بعض أعوانه ليعين الراشي عند القاضي ففعل ان لم يعلم القاضي بذلك تفذ قضاؤه وكان على المرتشي رد ما قبض وان علم القاضي بذلك كان قضاؤه مردودا* واذا تقلد القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا وتكون الرشوة حراما على القاضي والأخذ * ثم الرشوة على وجوه أربعة منها ما هو حرام من الجانبين احدها هذه والثاني اذا دفع الرشوة الى القاضي ليقضي له وهذه الرشوة حرام من [363] الجانبين سواء كان العشاء بحق أو بغير حق * ومنها اذا دفع الرشوة لخوف على نفسه أو ماله وهذه الرشوة حرام على الآخذ غير حرام على الدافع * وكذا اذا طمع في ماله فرشاه بعض المال * ومنها اذا دفع الرشوة ليستوي أمره عند السلطان حل له الدفع ولا يحل للآخذ أن يأخذ * وان أراد أن يحل للآخذ يستأجر الآخذ يوما الى الليل بما يريد أن يدفع اليه فانه تجوز هذه الجارة ثم المستأجر ان شاء استعمله في هذا العمل وان شاء استعمله في غيره هذا اذا أعطى الرشوة أولا ليستوي أمره عند السلطن وان طلب منه أن يستوي أمره ولنم يذكر له الرشوة ثم أعطاه بعد ما سوى اختلفوا فيه قال بعضهم لا يحل له أن يأخذه وقال قعضهم يحل وهو الصحيح لأنه بر ومجازاة الاحسان فيحل كما لو جمعوا للامام والمؤذن شيأ وأعطوه من غير شرط كان حسنا* وكما لا يخحل للقاضي أخذ الرشوة لا يحل له قبول الهدية من الاجنبي الذي لم يكن يهدي اليه قبل القضاء وكذا الاستقراض والاستعارة * وان اهدى اليه من كان يهدي اليه قبل القضاء فان كان له خصومة لا يحل له أن يقبل وان لم يكن له خصومة فان كانت هذه الهدية مثل ما يهدى اليه قبل القضاء أو دونها لا بأس بأن يقبل وان كانت أكثر من ذلك رد الزيادة *(2/200)
و لا بأس بأن يقبل الهدية من القريب الذي لم يكن له خصومة * وكما لا يقبل الهدية ممن كان لا يهدي اليه قبل القضاء لا يجيب الدعوة الخاصة ويجيب الدعوة العامة * وانما يعرف الخاص من العام أن ينظر ان كان بحال لو لم يجب القاضي دعوته لا يتخذ الدعوة فهي خاصة* وان كان يتخذ الدعوة وان لم يجبه القاضي فهي عامة * وهذا اذا لم يكن بينهما قرابة* وان كان بينهما قرابة يجيب وان كانت خاصة * ولا بأس للقاضي أن يرتزق من بيت المال وان استعف فهو أفضل وللعلماء والقضاة والمعلمين حظ في بيت المال * ويجوز للامام والمفتي قبول الهدية واجابة الدعوة الخاصة لأن ذلك من حقوق المسلم على المسلم وانما يمنع عنه القاضي* ويصح تعليق تقليد القضاء والامارة بالشرط كتعليق الوكالة * وكذا الاضافة الى وقت في المستقبل بأن قال له الخليفة اذا قدمت بلدة كذا فأنت قاض وأنت أميرها أو قال اذا قدم فلان فانت قاض * تعليق عزل القاضي بالشرط صحيح ذكر الخصاف أن الخليفة اذا كتب الى القاضي اا وصل اليك كتابي فانت معزول فوصل اليه الكتاب يصير معزولا وتعليق التحكيم لانسان بين اثنين والاضافة الى وقت في المستقبل على قول محمد يصح وعلى قول أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يصح وعليه الفتوى * ولو كان في البلدة قاضيان كل واحد منهما على محلة على حدة جاز فان وقعت الخصومة بين رجلين أحدهما من كحلة والآخر من محلة أخرى وامدعي يريد أن يخاصمه الى قاضي محلته والآخر يأبى اختلف فيها أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى والصحيح أن العبرة لمكان المدعى عليه* وكذا لو كان أحدهما من أهل العسكر والآخر من أهل البلدة فأراد العسكري أن يخاصمه الى قاضي العسكر فهو على هذا الخلاف * واذا مات الخليفة لا تنعزل قضاته وعماله * وكذا لو كان القاضي مأذونا بالاستخلاف فاستخلف غيره فمات القاضي لا ينعزل خليفته واذا قلد الامام رجلا القضاء يوما أو مجلسا جاز ويتوقف بالمكان والزمان* واذا قلد السلطان ردلا قضاء بلدة كا لا يدخل فيه السواد والقرى ما لم يكتب في منشوره البلدة والسواد * ولو فوض السلطان قضاء بلدة الى اثنين لا ينفرد احدهما بالقضاء منا لو وكل رجلين بالبيع * القاضي اذا لم يكن مأذونا بالاستخلاف فاستخلف فحكم الخليفة في مجلس القاضي بين يديه جاز كالوكيل بالبيع اذا لم يكن مأذونا بالتوكيل فوكل غيره فباع الثاني[364] بحضرة الأول جاز * ولو أن الخليفة لم يحكم بين يدي القاضي فحكم في غيبته ورفع قضاءه الى القاضي فأجاز قضاءه ينفذ عندنا استحسانا ولا ينفذ قياسا وهو قول زفر رحمه الله تعالى كالوكيل اذا لم يكن مأذونا بالتوكيل فوكل غيره وباع الثاني عند غيبته فأجاز الأول بيعه جاز عندنا* وكذلك القاضي اذا أجاز حكم الحكم في المجتهدات وهذا اذا كان الخليفة ممن يجوز حكمه فان كان ذميا او مجنونا أو صبيا أو عبدا فأجاز القاضي حكمه لا يجوز* ويجوز قضاء المرأة فيما خلا الحدود والقصاص لأنها تصلح شاهدة فيما خلا الحدود والقصاص ولا تصلح شاهد فيهما * القاضي اذا قضى زمانا ثم ظهر أنه عبد أو محدود في قذف أو أعمى أو فاسق أومرتش فانه يرد قضاؤه ولا ينفذ منه شيء كذا ذكر الخصاف * أما غير الفاسق والمرتشي ممن ذكرنا فظاهر لأنهم ليسوا من أهل الشهادة* وأما الفاسق والمرتشي فهو قول الخصاف وهو اختيار الطحاوي * وعندنا الفاسق من اهل الشهادةو فيما ارتشى اذا وقع بحق ذكر الشيخ الامام على بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى انه ينفذ* الخوارج وأهل البغي اذا قلدوا رجلا من أهل البغي قضاء بلدة غلبوا عليها لا ينفذ قضاؤه لأن شهادتهم على أهل العدل غير مقبولة لأنهم يسحلون أموالنا ودماءنا فلا ينفذ قضاؤه وان قلدوا رجلا من أهل العدل صح تقليدهم ونفذ قضاؤه * القاضي اذا كان مأذونا بالاستخلاف فاستخلف رجلا صح استخلافه فان عزله لا يضح عزله الا اذا قال له الخليفة استخلف من شئت واستبدل من شئت فحينئذ يملك العزل والتقليد* (فرق بين القضاء والامامة )* الأمير اذا استخلف رجلا في الجمعة جاز وان لم يأمره الخليفة بذلك لأن ثم لو لم يصح الاستخلاف تفوت الجمعة كذلك وصي الأب يملك الايصاء وان لم يأمره الميت بالايصاء * ولو أن الامام قلد رجلا القضاء وأذن له بالستخلاف فامر القاضي رجلا ليسمع الدعوى والشهادة في حاثة ويسأل عن الشهود ويسمع الاقرار ولا يحكم هو بذلك لكنه يكتب بذلك الى القاضي وينهى حتى يقضي القاضي بنفسه لم يكن لهذا الخليفة أن يحكم وانما يفعل ما أمره القاضي * واذا رفع الأمر الى القاضي فان القاضي لا يقضي بتلك الشهادة ولا بذلك الاقرار بل يجمع بين المدعي والمدعى عليه ويأمره باعادة البينة فاذا شهدوا بذلك بحضرة الخصمين فحينئذ يقضي القاضي بتلك الشهادة* قالوا هذه المسألة يغلط فيها القضاة فان القاضي يستخلف رجلا ليسمع الشهادة في حادثة ثم يكتب اليه بكتاب فيفعل الخليفة ذلك ثم يكتب الى القاضي أنهم شهدوا عندي بكذا ويكتب ألفاظ الشهادة أو يكتب أن المدعى(2/201)
عليه أقر عندي بكذا فيقضي القاضي بذلك عن غير اعادة البينة عنده فلا يصح هذا القضاء لان القاضي لم يسمع تلك الضهادة ولم يسمع ذلك الاقرار فكيف يقضي بتلك الشهادة وبذلك الاقرار باقرار الخليفة الا أن يشهد الخليفة مع آخر عند القاضي على اقراره وتكون فائدة هذا الستخلاف أن ينظر الخليفة هل للمدعي شهود أو يكذب فلعل له شهودا الا أنهم غير عدول أو قج لا تتفق ألفاظهم فيفوض القاضي النظر في ذلك الى الخليفة.
(فصل فيما يستحق على القاضي وما ينبغي له أن يفعل وما لا يفعل)(2/202)
لا ينبغي للقاضي أن يبيع ويشتري بنفسه بل يفوض ذلك الى غيره* وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا بأس بأن يفعل ذلك في غير مجلس القضاء * والصحيح أنه لا يفعل لا في مجلس القضاء ولا في غيره لان الناس يساهلونه لأجل القضاء ولا ينبغي لمن يدخل مجلس القضاء لأجل الخصومة أن يسلم على القاضي ولو سلم لا يجب على القاضي رد سلامه فان أراد القاضي جوابه ينبغي أن لا يزيد على قوله وعليكم * ويسلم [365] الشاهد على القاضي ويرد عليه ولا بأس للقاضي ان يفتي من لم يخاصم اليه ولا يفتي أحد الخصمين فيما خوصم اليه*و اذا خاصم رجل السلطان الى القاضي فجلس السلطان مع القاضي في مجلسه وخصمه على الأرض ينبغي للقاضي أن يقوم من مقامه ويجلس فيه خصم السلطان حتى لا يكون مفضلا أحد الخصمين على الآخر في الجلوس وهذه المسألة تدل على أن القاضي يصلح قاضيا على السلطان الذي قلده والدليل عليه قصة علي رضي الله تعالى عنه عند شريح رضي الله تعالى عنه * ويقضي القاضي وهو مستوف حظه من الطعام والشراب * ولا يقضي وهو جائع ولا شبعان ولا غضبان ولا كظيظ من الطعام ولا مأخوذ أحد الاخبثين ولا به نعاس أو نوم ولا يشار أحد الخصمين ولا يضم أحدهما الى نفسه ولا يضحك* وصاحب مجلسه يقيم الخصوم بين يديه من العبد والشهود تقرب من القاضي ويخرج للقضاء في أحسن ثيابه وأعدل أحواله* ويأخذ كاتبا عالما ورعا فان كان القاضي فقيرا محتاجا الأولى له أن يأخذ رزقه من بيت المال بل يفترض عليه وان كان غنيا تكلموا فيه والأولى له أن لا يأخذ من بيت المال * ويجلس للقضاء في مسجد حيه والمسجد الجامع أفضل اذا كان المسجد الجامع في وسط البلدة فان كان في طرف من البلدة يختار مسجدا آخر في وسط البلدة* وله أن يقضي فيداره اذا كانت داره في وسط البلدة ويختار الجلوس في مسجد السوق ليكون أشهر * وعند الشافعي رحمه الله تعالى ليس للقاضي أن يقضي في المسجد* فاذا جلس القاضي في المسجد أو في داره يأخذ بوابا ليمنع الخصوم من الازدحام * ولا يباح للبواب أن يأخذ شيأ ليأذن بالدخول* ومتى دخل القاضي المسجد يصلي ركعتين أو أربعا ثم يجلس مستدبرا القبلة كما يجلس المدرس والخطيب*و لا تدخل فيه الحائض والنفساء ولكن القاضي يخرج اليهن أو يجلس القاضي في المسجد وهي خارجه بحيث يسمع كلامها والمشرك يدخل المسجد هذا في عرفنا * اما في عرفهم كان القاضي يجلس مستقبل القبلة* واذا جلس الخصوم بين يديه هل يستنطقهم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يستنطقهم فيقول أيكما المدعي فاذا عرف المدعي يقول له ماذا تدعي * وقال محمد رحمه الله تعالى لا يفعل ذلك وقول أبي يوسف رحمه الله تعالى أوفق* واذا ادعى المدعي شيأ على المدعى عليه يكتب القاضي على بياض صورة الدعوى ثم يقول للمدعى عليه ماذا تقول فان أقر بما ادعاه المدعي أثبت اقراره في كتابه ويأمر المدعى عليه بايفاء الحق وان أنكر يكتب انكاره في ذلك ثم يأمر المدعي باقامة البينة هذا كان في عرفهم أما في عرفنا المدعي يجيء الى كاتب القاضي فيخبره بكيفية دعواه ويصور عنده صورة الدعوى فيكتب الكاتب ذلك ثم يجيء الى القاضي مع خصمه ويدعي عليه فان أقر خصمه أثبت القاضي اقراره في الكتاب ويأمره بقضاء الحق وان أنكر أمر المدعي باقامة البينة فان جاء المدعي بشهود فشهدوا عنده على الترتيب يكتب القاضي شهادة كل شاهد ويكتب اسمه واسم ابيه وجده ويترك بين كل خطين بياضا بيانا لشهادة كل واحد منهم* واذا جاء رجل الى القاضي وذكر ان له على فلان ابن فلن دعوى فان كان المدعى عليه غائبا يدفع القاضي اليه طية عليها ختم القاضي مكتوبا فيها أجب خصمك الى مجلس الحكم وان كان المدعى عليه حاضرا في المصر أحضره القاضي بمجرد دعوى المدعي وكذا اذا كان قريبا من المصر فان كان بعيدا لا يعدى خصمه بمجرد قول المدعي حتى يقيم البينة أن له على فلان حقا فان أقام البينة أعداه القاضي استحسانا وفي القياس لا يعدي كما لو كان بعيدا والفاصل بين القريب والبعيد ما قال الخصاف انه ان كان في موضع يمكنه أن يحضر مجلس[366] القاضي ويجيب خصمه ويعود الى منزله في ذلك اليوم ولا يفسد عشاؤه فهو قريب والا فهو بعيد* وعلى هذا الشهادة على الشهادة ان كان شاهد الأصل في مكان قريب على هذا التفسير لا تجوز الشهادة على الشهادة وان كان بعيدا بهذا التفسير تجوز الشهادة على الشهادة وعن محمد رحمه الله تعالى أنه يجب على الامام أن ينصب قضاة في الكور فيما دون مدة السفر احترازا عن مشقة الاعداء ويسقط الاعداء بعذر المرض وكذا اذا كانت المرأة مخدرة وذكر الشيخ الامام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى المخدرة هي التي لا تكون برزة بكرا كانت أو ثيبا لا يراها غير المحارم من الرجال أما التي جلست على المنصة فرآها رجال أجانب كما هو عادة بعض البلاد لا تكون مخدرة * والمرأة التي تخرج الى حوائجها يعديها القاضي * وفي المخدرة يبعث القاضي اليها أمينا اذا لم تثبت الوكالة عنها(2/203)
ليستحلفها* وكذا في المريض فان نكلت ثلاثا أشهد على ذلك شهودا ويأخذ وكيلا فاذا شهدوا به عند القاضي قضى بذلك على الوكيل ولا يقضي الأمين الا أن يكون القاضي مأذونا بالاستخلاف فبعث الامين واستخلفه وفي هذا وجه آخر أن يحكما بينهما حكما ليحكم بينهما ثم يرفع حكمه الى القاضي فيجيزه القاضي ان رآه جائزا * وان كان المدعى عليه غائبا بعيدا عن المصر على التفسير الذي ذكرنا لا يشخصه القاضي ما لم يقم المدعي البينة على ما ادعى فاذا أقام قبلت بينته للأشخاص لا للقضاء والمستور في هذا يكفي* وان سأل المدعي من القاضي ختما لاحضار خصمه أعطاه القاضي فاذا ذهب به الى الخصم اراه ذلك وأخبر أنه ختم القاضي ليدعوه في وقت كذا فان امتنع ورد ذلك أشهد عليه شاهدين فاذا شهدا بذلك عند القاضي يستحضره القاضي باعوانه ان قدر والا يسأل الوالي أن يستحضره * ومؤنة المستحضر على المتمرد هو الصحيح وقيل تكو في بيت المال فاذا أحضر يحبسه القاضي عقوبة وكذا اذا سكت المدعى عليه بعد ما رأى الختم ولم يرد لأنه ظهر تعنته وكذا اذا وعد ثم خالف الا أن هذا دون الأول في العقوبة * ولو ادعى على صبي محجور حقا فان لم يكن له بينة على ما ادعى لم يحضره القاضي * وان أخبر القاضي أن فلانا طلق امرأنه ثلاثا أو استرق الحر ان اخبره بذلك عدلان كان على القاضي أن يطلبه أشد الطلب وان كان المخبر عدلا واحدا أو لم يكن عدلا وغلب على ظن القاضي أنه صادق فالأولى أن يطلبه وان لم يغعلب على ظنه أنه صادق لم يكن عليه أن يطلبه * ولو ان رجلا قال للقاضي ان لي على فلان حقا وهو في منزله يتوارى عني ولا يحضر معي فان القاضي يستحضره فان لم يقدر يكتب الى الوالي في احضاره فالن قال الوالي لا اظفر به وسال المدعي من القاضي تسمير الباب والختم عليه فان القاضي لا يجيبه الى ذلك الا أن يأتي بشاهدين أنه في منزله فان شهدا بذلك سألهما القاضي من أين علمتما فان قالا لانا رأيناه في منزله اليوم أو أمس أو ما أشبه ذلك فان القاضي يختم على بابه ويجعل بيته حبسا عليه ويسد أعلاه وأسفله حتى يضيق المر فيخرج* وان قالا ما رأيناه منذ شهر لا يلتفت الى كلامهما لأنه قد يغيب اذا طالت المدة وقدر ذلك بثلاثة أيام وان ختم القاضي على بابه ولم يخرج قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يبعث القاضي رسولا ومعه شاهدان فينادي الرسول على بابه يا فلان ابن فلان ان القاضي فلان ابن ابن فلان يقول لك احضر مع فلان بمجلس الحكم والا أنصب لك وكيلا وأقبل بينة المدعي عليك هكذا يفعل القاضي ثلاثة ايام فان لم يحضر يفعل ما قال ويقضي على وكيله بما يدعي عليه الخصم* قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى كان الامام الاستاذ يقول رأيت في النوادر هذا عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فكان ذلك منهم اتفاقا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى وكذا لو كتب القاضي الى القاضي كتابا في حادثة فلم يقدر القاضي المكتوب اليه على الخصم فان القاضي يوكل عنه على نحو ما قلنا * قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وأصحابنا لم يجوزوا الهجوم وصورته أن يبعث القاضي نساء يطلبنه في البيت وأعوانا يأخذون السفل والعلو كيلا يهرب وقال السيخ الامام علي بن محمد البزدوي رحمهما الله تعالى والمشهور من قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن القاضي لا ينصب وكيلا بعد ختم الباب ولكنه يهجم عليه صورته ما قلنا انهيبعث نساء ورجالا تدخل النساء منزل المدعى عليه وتجعل النساء الخدم من جانب ثم تفتش امرأة ثقة حرمه وخدمه كيلا يكون فيهن رجل يتشبه بالمرأة فان وجد المدعى عليه يؤخذ وان لم يوجد يطلب فيما بقي من البيت قال وهذا استحسان فعله عمر رضي الله تعالى عنه والصالحون بعده وتركوا فيه القياس فان كان المديون يسكن دارا باجارة وامتنع من الحضور الى باب القاضي هل يسمر القاضي بابه اختلفوا فيه والصحيح أنه يسمر وان كان ساكنا في دار مشتركة لا يسمر بابه * والرجل الذي توجه عليه الحكم بالبينة اذا اختفى لا يقضي القاضي عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى يعذر ثلاثة أيام فينادي على بابه ثلاثة ايام على نحو ما قلنا فان خرج والا يقضي عليه وان لم يختف ولكنه غاب لا يقضي عليه* وذكر الخصاف اذا غاب المدعى عليه بعد ما سمع القاضي عليه البينة أو غاب الوكيل بالخصومة بعد قبول البينة قبل التعديل أو مات الوكيل ثم عدلت تلك البينة لا يقضي بتلك البينة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضي وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وهذا أرفق بالناس * ولو أقر المدعى عليه ثم غاب فانه يقضي عليه باقراره في قولهم وان غاب الوكيل أو مات بعد ما أقيمت عليه البينة ثم حضر الموكل يقضي عليه بتلك البينة كذا ذكر في الزيادات وكذا لو غاب الموكل ثم حضر الوكيل فانه يقضي عليه بتلك البينة وكذا لو مات المدعى عليه بعد ما أقيمت عليه البينة يقضي بتلك البينة على الوارث* وكذا لو أقيمت البينة على أحد(2/204)
الورثة ثم غاب فانه يقضي بتلك البينة على الوارث الآخر وكذا لو أقيمت البينة على الصغير ثم بلغ الصغير يقضي عليه بتلك البينة ولا يكلف باعادة البينة.
*(باب الدعوى)*
رجل ادعى عند القاضي على رجل حقا فهو على وجوه اما أن يدعي دينا أو عينا والعين لا تخلو اما أن تكون منقولا أو غير منقول والمنقول لا يخلو اما أن يكون قائما أو هالكا والقائم لا يخلوا اما أن يكون غالئبا أو حاضرا فيجعل لكل قسم فصل على حدة * أما اذا كان المدعى به دينا لا تصح الدعوى الا بعد بيان القدر والجنس والصفة فان كان المدعى عاجزا عن الدعوى عن ظهر القلب يكتب دعواه في صحيفة ويدعي منها فيسمع دعواه ولو كان لسانه غير لسان القاضي يأخذ مترجما وكذا الشاهد * والعدد في المترجم ليس بشرط في قول أبي عنيفة وأبي يوسف رحمها الله تعالى وكذا الاختلاف في رسول القاضي* واشارة الاخرس فيما لا يسقط بالشبهات وفيما يسقط كعبارة غيره حتى يستوفي القاضي باشارته واشارته في ذلك تكون كعبارته الا في الحدود الخالصة لله تعالى* وان ذكر المدعي جميع ذلك ولم يذكر السبب فقال المدعى عليه سله من أي وجه يدعي يسأله القاضي عن ذلك فان أبى أن يبين ذكر في عامة الروايات أن القاضي لا يجبره على بيان السبب وذكر الشيخ الاما على بن محمد البزدوي رحمهما الله تعالى أن القاضي اذا سأله عن السبب لا يجب عليه أن يجيب لأن المدعي قد يستحي عن بيان السبب أو يشق عليه بيان ذلك * فان[368] بين المدعى عليه وقال هذا المال الذي يدعى علي من ثمن خمر أو ميتة قال أبو حنيفة رحنه الله تعالى يصير مقرا بالمال اذا كذبه المعي في السبب وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله ان بين مفصولا فكما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وان ين موصولا لا يصح بيانه * وأصل المسألة اذا قال لغيره لك علي ألف درهم من ثمن جارية بعتنيها الا أني لم أقبض قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يؤخذ المال وقالا كذلك ان فصل وان وصل لا يلزمه شيء* ولو ابتدأ بالسبب وقال انه باعني الخمر أو الميتة بكذا لا يصير مقرا بالمال * وان قال المدعى عليه علي ألف درهم يقيم البينة أن يأخذ القاضي من المدعى عليه كفيلا بنفسه فان القاضي يقول للمدعي الك بينة ان قال لا لم يكفل خصمه وانقال نعم لكنها غائبة فكذلك لا يكفله وان قال لي بينة حاضرة في المصر كفله القاضي يطلب الخصم وعن محمد رحمه الله تعالى ان طلب المدعي ليس بشرط وقيل ان كان المدعى عليه رجلا مجهولا يتوارى مثله غالبا كفله القاضي من غير طلب وان كان رجلا شريفا لا يكفله وقال بعضهم ان كان المدعي مهتديا الى الخصومات لا يكفله من غير طلب المدعي وان كان به عجمة لا بأس بأن يرشده القاضي الى طلب الكفيل فيكفل خصمه واذا أعطاه كفيلا ثلاثة أيام بنفسه فمضت الأيام الثلاثة خرج الكفيل من الكفالة ولو فال كفلت الى ثلاثة أيام في ظاهر الرواية يصير كفيلا بعد الأيام الثلاثة كما لو قال لامرأته أنت طالق الى ثلاثة أيام فانه يقع الطلاق بعد الأيام الثلاثة* وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى اذا قال كفلت الى ثلاثة أيام يطالب الكفيل في الأيام الثلاثة ولا يطالب بعدها * وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا عرف الناس * وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أخرى اذا قال أنا كفيل ثلاثة ايام يصير كفيلا في الحال واذا مضت الأيام الثلاثة لا تبقى الكفالة * ولو قال اني كفيل الى ثلاثة أيام يصير كفيلا بعد الأيام الثلاثة وعن الشيخ الامام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه كان يأخذ بهذه الرواية ويقول هذا أشبه بعرف الناس وحكي عنه أنه لو قال بالفارسية بذير فتم تن فلا نراده روز يكون كفيلا في الحال* واذا مضت عشرة أيام لا تبقى الكفالة * ولو قال بذير فتم تن فلا نراتاده روز يصير كفيلا بعد عشرة أيام * ولو قال أنا كفيل بنفس فلان الى عشرة أيام واذا مضت عشرة فانا بريء من الكفالة ذكر الخصاف رحمه الله تعالى في الحيل أنه لا يطالب بهذه الكفالة اصلا لا في العشرة ولا بعدها * وذكر في جمع التفاريق لو قال أنا كفيل الى شهر يصير كفيلا بعد الشهر الا انه لو سلم نفسه قبل الشهر برئ عن الكفالة لأنه سلم بعد السبب* ولو قال كفلت بنفس فلان شهرا يصير كفيلا أبدا قبل الشهر وبعده واعتماد أهل زماننا على أنه لو قال بالعربية كفلت بنفس فلا شهرا يكون كفيلا في الحال واذا مضى الشهر لا تبعى الكفالة * ولو قال الى شهر يخرجه القاضي عن الكفالة بعد الشهر * ولو قال كفلت بنفس فلا ن من اليوم الى عشرةأيام يصير كفيلا في الحال واذا مضت العشرة لا تبقى الكفالة * ولو كفل بنفس رجل على أنه ان لم يسلم اليه النفس فهو كفيل بالمال الذي له عليه فيطالب الكفيل بتسليم النفس * والمكفول بنفسه بالسواد هل تلزم الكفالة بالمال أو يمهله القاضي حتى يذهب بالسواد ويجيء به قال الشيخ الامام الأجل ظهير الدين رحمه الله تعالى تلزمه الكفالة بالمال ولا يكون هذا مستثنى عن الكفالة واذا ثبت(2/205)
أن القاضي يأخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه بطلب[369] المدعي ينبغي أن لا بجيره على اعطائه الكفيل لو امتنع فان أعطاه كفيلا ينبغي أن يكون الكفيل معروف الدار معروف التجارة وبعضهم شرطوا أن لا يكون لجوجا معروفا بالخصومة وان يكون من أهل المصر ولا يكون غريبا * وان كفله كفله مدة مؤقتة واختلفت الروايات في تلك المدة والصحيح أنه يكفله القاضي الى المجلس الثاني فان كان القاضي يجلس كل ثلاثة أيام أو أكثر يكفله بلك المجة وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى ذلك مفوض الى رأي القاضي هذا اذا كان المدعى عليه رجلا من أهل المصر فان كان مسافرا لا يكفله ولكن يؤجل المدعي الى آخر المجلس فان أقام بينة والا خلى القاضي سبيله * وان ادعى الخصم أنه مسافر وأنكر المدعي ذلك كان القول قول المدعي لأن الاقامة في الأمصار أصل دل عليه مسألة ذكرها في النوادر رجل دخل مسجدا من المساجد في المصر فأم قوما في صلاة الظهر أو العصر فلما صلى ركعتين سلم وخرج من المسجد ولم يعرف أنه كان مسافرا لأأو مقيما فسدت صلا القوم وعليهم الاعادة لأن الاقامة في المصر أصل فيبنى الحكم على ذلك فكذلك ههنا وقيل القول قول المدعي مع يمينه على علمه وقال بعضهم القول قول المدعى عليه أنه مسافر لأنه ينكر اعطاء الكفيل * وقال بعضهم يتعرف القاضي من رفقائه فان كان مقيما وامتنع عن اعطاء الكفيل أمر المدعي بالملازمة وله أن يلازمه بنفسه واعوانه واجرائه يطوف معه أينما طاف ولا يمنعه من التصرف وقيل يجلسه المدعي في بيته فيكفيه مؤنته من الطعام والشراب فان لم سكفه مؤنته تركه ليقضي حاجته وان كان الخصم امرأة أجنبية لا يخلو بها ولا بأس بأن يطوف معها في السكك فاذا دخلت دارا أرسل امرأة ثقة معها كيلا تغيب* واذا ادعى رجل انه وصى فلان الميت وادعى دينا للميت على رجل وجحد الخصم الوصاية والدين فان القاضي لا يأخذ من المدعى عليه كفيلا حتى يثبت الوصاية وكذا لو ادعى أنه وكيل فلان الغائب أو وارث فلان الميت وجحد الخصم الوراثة والوكالة والموت فأقام المدعي بينة على ذلك ثم ان المدعي أحضر رجلا آخر قبل تزكية الشهود وادعى على الثاني حقا للميت فان القاضي لا يكفل الثاني حتى تظهر عدالة بينة الوكالة والوصاية فان شهدوا على الأمرين جميعا معا على الوصاية والدين أو الوكالة والدين فالقياس أن لا تقبل البينة على الدين حتى يقضي بالوصاية والوكالة لتثبت خصومته أولا ثم تسمع البينة على الحق بعد ذلك وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي الاستحسان تقبل فاذا ظهرت عدالة الشهود يقضي بها لكن يقدم القضاء بالوصاية والوكالة والوراثة على القضاء بالدين وان عدلت بينة الوصاية والوكالة خاصة يقضي بها وان عدلت بينة الدين خاصة لا يقضي به * ولو ادعى رجل على رجل أنه وصى فلا ن الميت وان لي على الميت هذا كذا تسمع دعواه وكذا لو ادعى الوكالة من غائب اذا عرف الميت أو الغائب باسمه واسم أبيه وجده ولقبه ان كان لا تحصل المعرفة الا باللقب واذا سمع دعواه وطلب تكفيله فان القاضي لا يكفله لأنه لم يثبت خصومته معه فان اقر المدعى عليه بالوصاية وأنكر ان يكون في يده شيء من المال لم يكن عليه شيء * وان طلب المعي من القاضي تكفيله حتى يقيم البينة على المدعى به يأخذ منه كفيلا * وان كانت هذه الخصومة مع الوارث والوارث ينكر النسب والارث والموت جميعا فأراد أن يأخذ منه كفيلا ليحضر البينة لاثبات النسب والموت والارث فان القاضي يكفله * ولو أن رجلين لهما على رجل ألف درهم هما شريكان فيه والمديون يجحد الدين فحضر أحدهما فأقام البينة على دينهما والشريك الآخر غائب ذكر في المنتقى أن على قول أبي حنيفة رحمه [370] الله تعالى يقضي للحاضر بخمسمائة واذا حضر الغائب كلف اعادة البينة ولا يجعل الحاضر خصما عن الغائب في وجه من الوجوه الا أن يكون الالف ميراثا بينهما من شخص واحد فان حضر الغائب ولم يقدر على اعادة البينة دخل مع شريكه في الخمسمائة التي قبض الشريك * وقال ابو يوسف رحمه الله تعالى أي الشريكين حضر فهو خصم عن الآخر في الميراث وغيره وقال محمد رحمه الله تعالى القياس ما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى والاستحسان ما قاله ابو يوسف رحمه الله تعالى * اذا ادعى رجل على رجل دينا ولم يبين السبب فشهد الشهود بالسبب جازت شهلادتهم وان ادعى دينا بسبب فشهد الشهود بالدين المطلق قيل لا تقبل شهادتهم كما لو ادعى ملكا بسبب فشهد الشهود بالملك المطلق والصحيح انها تقبل * ذكر في كفالة الاصل رجل ادعى على رجل الفا وقال خمسمائة منها ثمن متاع قد قبضه جازت شهادتهما فيقضي للمدعي بألف وان لم يكن على كل خمسمائة الا شهادة شاهد واحد وبشهادة الفرد لا يثبت السبب وكذا لو شهد أحدهما بالالف بذلك السبب وشهد الآخر بالالف مطلقا وكذا لو شهدا على اقراره بألف مطلق او شهد أحدهما على اقراره بألف بذلك السبب وشهد الآخر على اقراره بألف مطلق جازت شهادتهما * ولو ادعى(2/206)
ألفا فشهد احد الشاهدين بألف قرض وآخر بألف ثمن متاع لا تقبل لأنه لا يمكنه تصديق الشاهدين اذا صدق أحدهما فقد كذب الآخر * ولو ادعى على رجل مائة وخمسين درهما وشهدا على اقراره بمائة وخمسة واربعين درهما جازت شهادتهما* ولو ادعى ألفا فشهد أحد الشاهدين بالف وشهد الآخر على أقرار المدعى عليه بألف جازت شهادتهما* ولو ادعى ألفا فقال المدعى عليه ما كان لك على شيء قط فاقام المدعي بينة على المال ثم اقام المدعى عليه بينة على القضاء او الابراء قبلت وكذا لو ادعى ألفا فقال امدعى عليه ليس لك على شيء فأقام المدعي بينة على المال ثم أقام المعى عليه بينة على القضاء أو الابراء قبلت* وان ادعى الفا فقال المدعى عليه ما كان لك علي شيء قط ولا أعرفك فأقام امدعي البينة على المال ثم أقام المدعى عليه البينة على القضاء أو الابراء ذكر في الجامع الصغير انها تقبل وذكر القدوري عن أصحابنا انها لا تقبل * رجل ادعى على رجل مالا فانكر المدعى عليه فأخرج المدعي خطايا قرار المدعى عليه بذلك المال وقال هذا خط المدعى عليه فأنكر المدعى عليه أن يكون خطه فاستكتب فكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة اختلفوا فيه قال بعضهم يقصي القاضي على المدعى عليه يذلك المال وقال بعضهم لا يقضي وهو الصحيح * ولو قال المدعى عليه هذا خطي لكن ليس علي هذا المال ان كان الخط على وجه الرسالة ولكن كان على وجه يكتب الصك والاقرار فان أشهد على نفسه بما فيه يكون اقرارا يلزمه* وان كتب الخط بين يدي الشهود وقرأ عليهم كان عقرارا وحل لهم أن يشهدوا عليه سواء قال اشهدوا على أو لم يقل* وان كتب بين يدي الشهود ولم يقرأ عليهم ولكن قال لهم اشهدوا علي بما فيه ان علموا بما فيه كان اقرارا حل لهم ان يشهدوا عليه بما فيه وان لم يعلموا لا يحل لهم أن يشهدوا عليه بما فيه * رجل ادعى دينا على ميت بحضرة أحد الورثة فأقر هذا الوارث صح اقراره ويلزم[371 ] جميع ذلك في حصته من الميراث وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا اذا قضى القاضي على هذا الوارث باقراره أما بمجرد اقراره لا يلزمه الدين في نصيبه بدليل أنه لو أقر بالدين ثم شهد هو مع آخر بذلك الدين على الميت جازت شهادته ولو كان الدين واجبا في نصيبه قبل القضاء لكان لا تقبل شهادته لأنه يكون محولا للديه عن خصته خاصة الى جميع التركة فلا تقبل كما لو شهد بذلك بعد ما قضى القاضي باقراره* رجل ادعى على ميت دينا فخصمه في ذلك وارث الميت أو وصى الميت ولا تسمع دعواه على غريم الميت الذي عليه دين ولا على الذي له على الميت دين ولا على الموصى له * وذكر في المنتقى ان الموصى له بجميع المال عند عدم الوارث والوصي يكون خصما لمن يدعي دينا على الميت* ولو ادعى رجل ان الميت أوصى اليه وأحضر غريما للميت عليه دين تسمع دعواه كما تسمع دعوى الوكيل في حياة الموكل على غريم الموكل * ولو ادعى رجل أنه وصى فلان الميت لا تسمع دعواه الا على خصم جاحد وخصمه وارث الميت أو رجل عليه للميت دين أو رجل أوصى له الميت بوصية لان للموصى له حقا في الميراث فكان بمنزلة الوارث*و ان أحضر رجلا له على الميت دين اختلفوا فيه قال بعضهم لا يكون هذا الرجل خصما لمن ثدعي أنه وصى الميت لان الوصي لا يدعي قبله حقا ومنهم من قال يكون خصما وهو الصحيح * رجل قال لرجل لي عليك الف درهم فقال المدعى عليه ان حلفت أنها لك علي اديتها اليك فحلف فاداها اليه هل له أن يستردها منه بعد ذلك ذكر في المنتقى أنه ان دفعها اليه على الشرط الذي شرط كان له أتن يستردها منه *و لصاحب الدين ان يلازم المديون بعج وجوب الدين وان لنم يأمره القاضي بالملازمة اذا لم يكن القاضي فله فان قال الغريم احبسني وصاحب الدين يريد الملازمة كان له أن يلازمه وان طلب صاحب الدين من القاضي أن يأمر واحدا من أعوانه حتى يلازمه لاستخراج المال ففعل القاضي ذلك اختلفوا في جعل من يلازمه فال بعضهم يكون على صاحب المال وقال القاضي الامام صدر الاسلام يكون على المديون لانه انما احتاج الى الملازمة لمطله فيكون عليه كالسارق اذا قطعت يده كان ثمن الدهن الذي تحسم به العروق واجر الجلاد على السارق * رجل ادعى دينا على الميت بحضرة وارثه أو وصيه ذكر في الجامع في الوصايا أنه لا تسمع دعواه لأن الولارث لا يكون خصما لمن يدعي دينا علىالميت اذا لم يترك الميت شيأ * رجل ادعى دينا على الميت بحضرة وارثه وقال ان الميت قد خلف من التركة من جنس هذا الدين في يد هذا الوارث من به وفاء بالدين واقام البينة على ذلك لا شك ان هذا القدر يكفي لامر الوارث باحضار هذا المال حتى تشهد الشهود بحضرة المال أن هذا المال مال الميت ولو اكتفى بهذا القدر للقضاء على الوارث بالمال كان جائزا وله وجه لان القضاء بملك الدراهم والدنانير ممكن حال غيبتهما فان محمدا رحمه الله تعالى ذكر في بالاباق أن القاضي اذا باع الآبق وقبض الثمن ان مولى الآبق رفع الامر الى قاضي بلده ليكتب(2/207)
كتابا حكميا الى القاضي الذي باع الآبق وقبض الثمن واقام البينة على ذلك فان القاضي يجيبه ويقبل بينته وان كان في هذا استحقاق الدراهم التي هي امانة عند القاضي المكتوب اليه حال غيبتها وهذه المسألة نص في مسألة أخرى أن الكتاب الحكمي في المنقول جائز رقيقا كان أو لم يكن * رجل ادعى على غائب دينا بحضرة رجل يدعي انه وكيل الغائب في الخصومة فأقر المدعى عليه بالوكالة لم يصح اقراره حتى لو أقام المدعي بينة بالدين على الغائب لم تقبل بينته وكذا لو ادعى دينا على ميت بحضرة رجل يدعي أنه وصى الميت فأقر المدعى عليه بالوصاية * رجل يدعي على رجل فوكل المدعى عليه رجلين [372] بالخصومة فأقام المدعي شاهدا على أحد الوكيلين وشاهدا على الوكيل الآخر جاز وكذا لو أقام شاهدا على الموكل وشاهدا على الوكيل أو أقام على المدعى عليه شاهدا وعلى وصية أو وارثه بعد موته شاهدا * ولو كان للميت وصيان فأقام المدعي على أحدهما شاهدا وعلى الآخر شاهدا جاز ذكره في المنتقى* ولو قامت البينة على رجل بحق ثم مات المدعى عليه قبل أن يقضي عليه أو غاب أو قامت البينة على الوكيل بالخصومة فمات الوكيل قبل القضاء أو غاب ثم عدلت تلك البينة لا يقضي بتلك البينة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويقضي في قول أي يوسف رحمه الله تعالى واختار الخصاف رحمه الله تعالى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى * رجل مات في بلدة وله ورثة في بلدة أخرى فجاء رجل وادعى على الميت دينا فاراد أن يثبت دينه على الميت وطلب من القاضي أن ينصب وصيا للميت حتى يقيم عليه البينة ان كان الوارث غائبا غيبة منقطعة نصب القاضي وصيا فاذا أقام المدعى عليه بينة قضى القاضي له بدينه وان لم تكن الغيبة منقطعة لا بنصب القاضي وصيا * ولو كانت الورثة كبارا غيبا وله وارث صغير في المصر فان القاضي يجعل للصغير وكيلا يقيم المدعي البينة على الوكيل ويقضي له بدينه ويكون ذلك قضاء على جميع الورثة كما لو كان هذا الصغير كبيرا فقضى القاضي عليه كان قضاء على جميع الورثة* ولو كان الورث الحاضر كبيرا فأقر الوارث بالدين على مورثه فأراد الطالب أن يقيم البينة عليه مع اقراره ليكون حقه في جميع التركة فان القاضي يقبل بينته على المقر ويقضي ويكون ذلك قضاء على الكل وكذا لو ادعى على وصي الميت فأقر الوصي بالتدين فأراد المدعي أن يقيم البينة عليه بالدين كان له ذلك وقبلت بينته وكذا لو أقام البينة على الوكيل بالخصومة بعد الاقرار * رجل ادعى على رجل مائة درهم فقال المدعى عليه قد قضيتك مائة بعد مائة فلا حق لك علي لم يكن ذلك اقرارا وكذا لو ادعى عليه الف درهم فقال قضيتك خمسين درهما لم يكن ذلك اقرارا وكذا لو قال المدعي لي عليك ألف درهم فقال المدعى عليه لي عليك ألف درهم لم يكن اقرارا * ولو قال المدعى عليه ولي عليك ألف درهم أو قال ولي عليك مثلها أو قال ولي عليك أيضا ألف درهم فيه روايتان في رواية يكون اقرارا وفي أخرى لا يكون اقرارا * رجل ادعى دينا على رجل فأقام البينة عليه بعد الجحود فقال القاضي ثبت عندي أن لهذا الرجل على هذا الرجل كذا اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يكون هذا حكما من القاضي وقال شمس الأئمة الحلواني والقاضي أبو عاصم رحمه الله تعالى يكون حكما وعليه الفتوى* وذكر في كتاب الرجوع ولو قال القاضي بعد ما شهد الشهود بحق أو دار لرجل وعدلوا أرى أن الحق للمشهود له لم يكن ذلك قضاء حتى يقول انفذت عليك القضاء في كذا وكذا لأن قوله أرى بمنزلة قوله أظن ولو قال أظن لم يكن ذلك قضاء * اذا قال القاضي لرجل جعلتك وكيلا في تركة فلان الميت كان وكيلا في الحفظ خاصة الا أن يقول له تشتري وتبيع * ولو قال جعلتك وصيا كان وصيا * واذا تقدم الغرماء والورثة الى القاضي وزعموا أن فلانا مات ولم يوص الى أحد والقاضي لا يعلم به فقال ان كنتم صادقين فقد جعلت هذا وصيا قالوا يرجى أن يكون القاضي في سعة من ذلك فان كانوا صادقين كان وصيا * رجل جاء الى القاضي فقال فد مات أبي في بعض الأطراف وعليه ديون وترك عروضا ورقيقا ودواب ولم يوص الى أحد وأنا لا أستطيع أن أثبت ذلك بالبينة لأن اهل تلك الناحية لا يعرفونني قالوا لا بأس للقاضي أن يقول له أن كنت صادقا فيما تقول فبع الحيوان واقض الديون فان كان صادقا [373] صح أمر القاضي والا فلا * واذا أوصى الرجل الى رجل فقال في وجهه لا أقبل بطل الايصاء حتى لو بل بعد ذلك في حياته أو بعد وفاته لا يصح * ولو قبل في وجهه ثمرد لم يصح رده ما لم يعلم الموصي وقي والوكللة سواء بخلاف ما لو أوصى للانسان بوصية فرد في وجهه في حياته ثم قبل بعد وفاته أو قبل في حياته ثم رد بعد وفاته فانه يصح رده وقبوله والمسألة معروفة * واذا توجه الحبس على المديون فان القاضي لا يسأل المديون ألك مال ولا يسأل المدعي أله مال في ظاهر الرواية فان سأل المديون من القاضي أن يسأل صاحب الدين اله مال سأله القاضي بالاجماع فان قال الطالب هو(2/208)
معسر لا يحبسه لأنه لو أقر بعسرته بعد الحبس أخرجه فقبل الحبس لا يحبسه فان قال الطالب هو موسر قادر على القضاء وقال المديون انا بعسر تكلموا فيه قال بعضهم القول قول المديون أنه معسر وقال بعضهم ان كان الدين واجبا بدلا عما هو مال كالقرض وثمن المبيع القول قول مدعي اليسار مروي ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعليه الفتوى لأن قدرته كانت ثابتة بالمبدل ولا يقبل قوله في زوال تلك القدرة وان لم يكن الدين بدلا عما هو مال كان القول فيه قول المديون والذي يؤيد هذا القول مسألتان * (إحداهما ) أحد الشريكين اذا اعتق العبد المشترك وادعى انه معسر كان القول فيه قوله لأن الضمانة فيه وجب بدلا عما هو ليس بمال والأصل في الآدمي هو العسرة * (و الثانية) أن المرأة اذا طلبت نفقة الموسرين والزوج يدعي العسرة كان القول قول الزوج * وقال بعضهم كل مال وجب بعقدة لا يقبل قول المديون انه معسر وان لم يكن ذلك بدلا عما هو مال * الديون اذا أقام البينة على الافلاس قبل الحبس فيه روايتان قال الشيخ الامام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الصحيح انها تقبل وقال المصنف رحمه الله تعالى وينبغي ان يكون ذلك مفوضا الى القاضي أنه وقح لا يقبل بينته قبل الحبس وان علم القاضي أنه لين قبل بينته ولو أقام المديون بينته على العسار وصاحب الدين على اليسار كانت بينته اليسار أولى فان شهدوا أنه موسر قادر على قضاء الدين جاز ذلك وكفى ولا يشترط تعيين المال * ان أقام المديون البينة على العسار بعد الحبس في الروايات الظاهرة لا تقبل البينة الا بعد مضي المدة واختلفت الروايات في تلك المدة وروى محمد عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه مقدر بشهرين او ثلاثة وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنها من أربعة أشهر الى ستة أشهر وعن ابي جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى أنها مقدرة بشهر وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وهذا أرفق الأقاويل وقال بعضهم ان كان المحبوس رجلا لينا صاحب عيال يشكو عياله الى القاضي ان وقع عند القاضي بعد مضي ستة أشهر أنه متمرد يديم الحبس وان وقع عنده قبل تمام شهر واحد أنه عاجز اطلقه وهذا اذا كان امره مشكلا أما اذا كان امره ظاهرا يسأل القاضي عنه عاجلا ويقبل البينة على الافلاس ويخلي سبيله بحضرة خصمه وانما يسال عن عسرته من جيرانه وأصدقائه وأهل سوقه من الثقات دون الفساق فاذا قالوا لا تعرف له مالا كفى ذلك ولا يشترط في هذا لفظة الشهادة وبعد ما خلى سبيله هل لصاحب الدين أن يلازمه اختلفوا فيه والصحيح أن له أن يلازمه للحديث المشهور لصاحب الحق يد ولسان قالوا المراد من اليد الملازمة* قال الشسخ الامام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى احسن الأقاويل في الملازمة ما روي عن محمد رحمه الله[374] تعالى قال يلازمه في فنائه ولا يمنعه من الدخول الى أهله ولا من الغداء والعشاء ولا من الوضوء والخلاء فان أراد الطالب أن يمنعه عن ذلك فانه يكفيه مؤنة الغداء والعشاء وما يحتاج اليه مما لا بد منه وله أن يلازمه بنفسه واجرائه وولده ممن أحب فان قال المديون لا أجلس مع غلامك وأجلس معك قلا بعضهم كان له ذلك وقيل هذا أقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى اما على قولهما ليس للمديون ذلك وجعلوا هذه المسألة فرعا لمسألة التوكيل بالخصومة من غير رضا الخصم على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يصح توكيله فكذلك في الملازمة والصحيح أن في الملازمة الرأي فيه الى صاحب الدين لا الى المديون ان شاء لازنه بنفسه وانشاء بغيره لأن المقصود حصول الدين وملازمة الغير عسى ان تكون أقرب الى ذلك * اذا كان للمحبوس مال فان القاضي لا يبيع ماله في الدين عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى يبيع * وقال الشيخ الامام شمس الأئمة الالحلوني رحمه الله تعالى ان كان ماله من جنس الدين كالدراهم والدنانير والمكيل والموزون من جنس الدين أخذ القاضي ماله وقضى دينه وان كان الدين دراهم والمال دنانير أو على العكس القياس أن لا يبيع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما في سائر الأموال وفي الاستحسان يبيع ويقضي دينه لأنهما جنس واحد حكما كالصحاح مع المكسرة*و لا يبيع العروض عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي العقار عنهما روايتان * الحر والعبد والبالغ والصبي والمأذون في الحبس سواء وكذا الأقارب والأجانب الا الوالدين والاجداد والجدات فانهم لا يحبسون في ديون فروعهم ال في النفقة وغيرهم يحبسون بعضهم بدين بعض والمكاتب يحبس مولاه فيما كان من جنس الكتابة * والمولى لا يحبس المكاتب في الدين الكتابة وغيرها وفي رواية ابن سماعة رحمه الله تعالى يحبسه في غير مال الكتابة والصحيح هو الاول * رجل وكل رجلا بالخصومة وبقبض كل حق له على الناس وكذا وكذا وكتب في ذكر الوكالة وكيلا مخاصما مخاصما فادعى قوم قبل الموكل مالا حال غيبت فأقر الوكيل عند القاضي أنه وكيله فأقام أصحاب الديون البينة(2/209)
بديونهم على الموكل وطلبوا حبس الوكيل فانه لا يحبس لأن الحبس جزاء الظلم والوكيل بالخصومة اذا لم يكن كفيلا بالمال ولا مامورا بقضاء الدين من مال في يده لا يجب عليه المال فلا يكون ظالما * اذا أراد المحبوس أن يحترف اختلفوا فيه قال شمس الائمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح انه يمنع وقال غيره لا يمنع لأن نفقته ومفقة عياله عسى تكون في ذلك ويمنع من الحمام ويتنور في السجن ولا يمنع من دخول الزوار عليه ولا من اللبس والطيب والطعام والبيع والشراء * ولو احتاج الى الجماع لا بأس بأن تدخل عليه زوجته أو جاريته فيطؤها في موضع لا يطلع عليه غيره وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يمنع من الوطء الحرائر والماء لأن المنع عن ذلك لا يفضي الى الهلاك عسى يكون ذلك سببا لزيادة ضجر يحمله على قضاء الدين ولا يخرجه لجمعة ولا عيد ولا لجنازة قريب وقيل بأنه يخرج بكفيل لجنازة الوالدين والاجداد والجدات والأولاد وفي غيرهم لا يخرج وعليه الفتوى وعن محمد رحمه الله تعالى اذا مات ولده أو والده لا يخرج الا أن لا يوجد من يغسله ويدفنه * واذا عجز المحبوس عن نفقة المراة ليس لها أن تطالبه بالنفقة ولكنها تستدين على الزوج بأمر القاضي * ولو كان للمحبوس ديون على الناس فان القاضي يخرجه من السجن حتى يخاصم ثم يحبسه * فاذا مرض في السجن واضناه المرض فان لم يكن هناك من يمرضه أخرجه القاضي من السجن بكفيل * واذا علم القاضي أن المحبوس يحتال [375] للخروج والهرب بنفسه وبالرجوع الى الظلمة ليخرجوه أدبه القاضي بالسياط * وان خلف القاضي عليه أن يفر من حبسه حوله القاضي الى سجن اللصوص اذا كان لا يخاف عليه من اللصوص فان خاف عليه بان كان بينه وبين اللصوص عداوة لا يحوله * واذا سأل القاضي عن المحبوس بعد مدة فأخبر أنه مفلس وصاحب الدين غائب فان القاضي يأخذ منه كفيلا بنفسه ويخرجه عن الحبس * ولو قال المحبوس نقدت المال وصاحب المال غائب يريد تطويل الحبس عليه فان كان القاضي يعلم أنه حبس بدين فلان لا غير ويعلم مقدار الدين الذي حبس به بأن كان القاضي حين حبسه كتب أنه حبس بدين فلان بكذا كان القاضي بالخيار ان شاء اخذ المال منه وخلى سبيله كيلا يتهمه الناس وقال بعضهم يتركه في الحبس حتى يقضي الدين * رجل ادعى على رجل ألفا وشهد شاهدان أنه كان لهذا المدعي على هذا المدعى عليه الف درهم ولكنه أبرأه منها وقال المدعي ما أبراته منها فقال المشهود عليه ما كان له على شيء ولا ابرأني عن شيء ذكر في المنتقى أن المدعى عليه اذا لم اذا يدع شهادتهما على البراءة يقضي عليه بألف درهم * رجل ادعى على رجل خمسة دنانير فقال المدعى عليه أوفيتكها وجاء بشهود فشهد شهوده ان هذا المدعى عليه دفع الى هذا المدعي خمسة دنانير الا انا لا ندري من أي مال دفعها اليه من هذا الدين أو من دين آخر جازت شهادتهما وبرئ المدعى عليه * رجل باع من رجلين متاعا بألف درهم وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه ولقي البائع احدهما وأقام البينة أن له على هذا وعلى فلان بن فلان الغائب الف درهم وكل وحج منهما كفيل عن صاحبه بأمره فانه يقضي له على الحاضر بألف درهم واذا حضر الغائب لم يكن للمدعي أن يأخذه الا بخمسمائة وهي الأصيلة لأن القضاء على الكفيل بألف قضاء على الأصيل اما القضاء على الأصيل لا يكون قضاء على الكفيل وفي مسألتنا القضاء على الأول في النصف الذي كان قضاء على الغائب اما القضاء عليه فيما كان أصيلا لا يكون قضاء على الغائب * ولو ادعى على رجل أنه كفل له وفلان بن فلان الغائب عن فلان بن فلان بألف درهم وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فقضى له على الحاضر بألف درهم ثم حضر الغائب كان له أن يأخذ بجميع الألف لأنه حين قضى على الحاضر بألف درهم قضى بها عليه بجهة الكفالة عن كل واحد منهما على الكفيل والمطلوب فكان كل الألف عليه بجهة الكفالة * رجل ادعى على رجل ألف درهم فجحد المدعى عليه وأقام المدعي شاهدين شهد أحدهما أن المدعى عليه اقر أن لهذا المدعى عليه ألف درهم لأنهما أجمعا على اقراره انه وصل اليه الف درهم من قبل امدعي وقد جحد الوديعة فكان ضامنا * رجل ادعى على رجل انه أخذ منه الفا ووصف الألف فأقام المدعى عليه البينة أن امدعي أقر أن هذا المال المفسر المسمى أخذ منه فلان آخر وأنكر المدعي الأول اقراره قال محمد رحمه الله تعالى لا تبطل بهذا الدعوى المدعي الاول ولا تبطل بينته لأن الوقت غير مذكور في الشهادتين فيجعل كان فلانا أخذا أولا ثم ردها على المدعي ثم اخذها منه المدعى عليه* ولو ادعى المدعي أولا أن هذا أخذ منه ألفا وأقام البينة ثم ان المدعى عليه أقام البينة أن هذا المدعي اقر أن فلان بن فلان وكيل المدعى عليه اخذ منه هذا المال كان ذلك ابطالا لدعوى المدعي الأول وتكذيبا لبينته لأنه لما أقر بقبض الوكيل ثم ادعى الأخذ على الموكل كان هذا الأخذ الذي يدعي [376] عين الأخذ الذي ادعاه على وكيله لأن أخذ(2/210)
الوكيل يضاف الى الموكل فيجعل كذلك كيلا يلزمنا اثبات أخذ آخر مع امكان حمل الثاني على الأول فيكون دعواه الأخذ على الوكيل ابراء المدعى عليه عن دعوى الأخذ بطريق الاصالة أما في المسألة الأولى اذا لم يكن أح\هما وكيلا عن الآخر في الاخذ كان الثابت بكل شهادة أحذا آخر وعند القضاء بلأخذين كان له أن يطالب المدعى عليه * رجل ادعى دينا لابيه الميت على رجل فشهدا الشهود انه كان لأبي المدعي على المدعى عليه كذا جازت الشهادة كما لو شهدوا في دار على اقرار المدعى عليه أنها كانت لأبي المدعي * رجل ادعى على رجل عند القاضي وأحرج صكا وقال ان الدين الذي في هذا الضك على المدعى عليه باسم فلان الغائب المذكور في هذا الصك وان اسم الغائب فيه عارية وان الغائب المذكور في هذا الصك قد وكلني بقبض هذا الدين من المدعى عليه هذا فان القاضي يسمع دعواه لأن الانسان قد يكون وكيلا عن الغير في بيع ماله فيكون الثمن للموكل والعاقد يكتب الصك باسم نفسه الا أنه ينبغي أن يقول وان فلانا الغائب وكلني بالقبض لان الظاهر أن الدين انما يكتب باسم رجل اذا كان حق القبض له فاذا سمع دعواه يقبل بينته ويقضي بالمال وان اقر المدعى عليه بالمال والوكالة أمر بتسليم المال الى المدعي ولا ينفذ اقراره على الغائب وان أقر المدعى عليه بالمال وأنكر الوكالة يقال له أثبت الوكالة بالبينة ولو أقام البينة على اقرار الغائب ان المال للمدعي هذا ولم يقم البينة على الوكالة لا تقبل بينته.
*(فصل في الدعوى تخالف الشهادة وما يصير به متناقضا وما لا يصير)*(2/211)
رجل ادعى على رجل ألفا وخمسمائة فشهد الشهود بألف جازت الشهادة من غير توفيق وكذا لو ادعى ألفا فشهدوا بخمسمائة * ولو ادعى الفا فشهد أحدهما بألف والآخر بخمسمائة لا بقضي بشيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو ادعى خمسة عشر فشهد أحدهما بخمسة عشر والآخر بعشرة * ولو ادعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بألف والآخر بالف وخمسمائة جازت شهادتهما على الألف * وان ادعى ألفا فشهدوا بالف وخمسمائة أو بألفي درهم لا تقبل من غير توفيق لأنه كذب الشهود الا اني أبرأته واستوفيت خمسمائة وام يعلم به الشهود فاذا رفق على هذا الوجه قبلت لأن ما أتى به من التوفيق تحتمله الدعوى والشهادة فيقبل ولا يحتاج الى اقامة البينة على التوفيق وقال بعضهم تشترط الشهادة على التوفيق والصحيح هو الأول وانما يحتاج الى اثبات التوفيق بالبينة اذا كان التوفيق لا يتم ولا ينفرد باثباته كما لو ادعى الملك بالشراء فشهد الشهود بالملك بالهبة * أما الإبراء فيتم به وكذا الستيفاء فانه اذا ظفر بجنس حقه كان له أن يأخذ فلا يحتاج الى اثبات التوفيق بالبينة والقياس أنه اذا احتمل التوفيق يوفق وان لم يدع التوفيق ويحمل الشهادة على الصحة وذكر محمد رحمه الله تعالى في كثير من المواضع وأثبت التوفيق وان لم يدع حملا للشهادة على الصحة * منها اذا ادعى دينا فانكر المدعى عليه وقال ما كان لك علي شيء فلما اقام المدعي البينة على الدين اقام المدعى عليه البينة على الايفاء او الإبراء قال تقبل وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى في الشهادات ان محمدا رحمه الله تعالى شرط في بعض المواضع دعوى التوفيق ولم يشترط في البعض فذلك محمول على ما اذا ادعى [377] التوفيق فانه لا بد من دعوى التوفيق وكذا لو ادعى ألفا فشهد الشاهدان بالالف الا ان أحدهما شهد أنه قضى الطلب منها خمسمائة وأنكر الطالب القضاء قبلت شهادتهما على الألف وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا تقبل شهادة من شهد بقضاء خمسماءة وبه أخذ الطحاوي رحمه الله تعالى * ولو ادعى ألفا فشهد الشهود بالألف والقضاء فقال المدعي ما قضاني شيئا أو قال صدقا في الشهادة على الدين وأوهما في القضاء ان عدلا جازت شهادتهما على الألف وان قال المدعي شهدا بالدين بحخق والقضاء بباطل أو بزور لا تجوز شهادتهما وكذا لو شهدا للمدعي بألف وشهدا أن للمدعى عليه على المدعي مائة دينار والمدعي ينكر الدنانير ان قال المدعي شهدا بالالف بحق وأوهما في الدنانير جازت شهادتهما * ولو ادعى ألفا فشهد الشهود انه كان لهذا المدعي على المدعى عليه ألف ولكنه أبرأمنها وقال المدعي ما أبرأته منها فقال المشهود عليه ما كان له علي شيء ولا أبرأني عن شيء قالوا اذا لم يدع البراءة يقصى عليه بالألف * ولو ادعى ألفا فشهد أحدهما أن له عليه ألف درهم وشهد الآخر على اقراره بالألف ذكر في غصب الأصل وفي الجامع أنها لا تقبل لأن أحدهما شهد بالقول والآخر بالفعل فلم يتفقا على شيء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى تقبل * ولو اتفق الشاهدان على أنه أقر بألف واختلفا في المكان أو في الزمان جازت شهادتهما لان القول مما يعاد ويكرر* ولو ادعى دارا في يد رجل أنها له منذ سنة فشهد الشهود أنها له منذ عشرين سنة ذكر الناطفي رحمه الله تعالى أنها لا بقبل * ولو ادعى أنها له منذ سنة جازت شهادتهما لأنه كذب الشهود في الصورة الأولى دون الثانية* ولو ادعى ثوبا في يد رجل أنه له وأقام شاهدين فشهد احدهما على اقرار ذي اليد أن المدعي أودعه اياه وشهد الآخر على اقراره أنه اغتصبه من المدعي فقال المدعي قد أقر بما قالا ولكنه اغتصبه مني جازت شهادتهما ويجعل الذي في يده الثوب مقرا بملكه للمدعي حتى لو ادعاه بعد ذلك لا تقبل * ولو شهد أحد شاهدي المدعي على اقرار ذي اليد انه اغتصبه من المدعي وشهد الآخر على اقراره أنه أخذه من المدعي فانه يقضي به للمدي ويكون لمدعى عليه على حجته لأن الاقرار بالأخذ لا يكون اقرارا بالملك للمأخوذ منه فان الانسان قد ياخذ ماله من الغير ولا يغتصب ماله من غيره * ولو شهد أحد شاهدي المدعي على اقرار المدعى عليه ان المدعي أودعه اياه وشهد الآخر على اقراره أنه أخذ من المدعي فقال المدعي قد أقر بما قالا ولكني أودعته اياه لا تقبل هذه الشهادة لأنهما لم بجتمعا على اقراره بملكه ولا على اقراره بالاخذ لأن الذي شهد على قراره بالوديعة لم يشهد على قراره بالأخذ من المدعي * رجل ادعى عينا في يد انسان وأقام البينة انها له ثم ان المدعى عليه أقام البينة ان الشهود قد ادعو هذه بالعين جازت شهادتهم وبطلت بينة المدعي * رجلان شهدا أن فلنا قد مات وهذه كانت امرأته وشهد آخران أنه كان طلقها قبل الموت قال الشيخ المام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى شهود الزوجية أولى وقال القاضي الامام علي السغدي رحمه الله تعالى شهود الطلاق أولى لأن الطلق يكون بعد النكاح ثم قال القاضي الامام وما قاله(2/212)
الشيخ الامام فله وجه يجعل كأنه طلق ثم تزوج * اذا ادعى اربعة دارا في يد رجل أن هذه الدار كانت لابيهم فلان مات وتركها ميراثا لهم وهم بنوه لا وارث لا وارث له سواهم وأقاموا البينة على الوجه ثم ظهر أن واحدا منهم ما كان ابن للميت وانما كان ابمال لبينته تصادقوا على ذلك ذكر في المنتقى أنه تبطل بينتهم ودعواهم فلو أن البنين الثلاثة بعد ذلك أقاموا شهودا آخرين غير [378] الأولين وادعوا أن الدار كانت لأبيهم مات وتركها ميراثا لهم وهم بنوه الثلاثة لا وارث له سواهم صح دعواهم وقبلت بينتهم* المدعى عليه الدين اذا ادعى البراءة عن الدين ان قال لي بينة حاضرة في المصر فانه يؤجله القاضي الى المجلس الثاني ولو قال المدعى عليه بعد الانكار ان المدعي أبرأني عن هذه الدعوى وأراد استحلاف المدعي على البراءة قال الشيخ الامام ابو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يحلف المدعى عليه اولا على الدين فان تكل حينئذ يحلف المدعي على البراءة .
(فصل في دعوى المنقول وفيه مسائل النتاج ودعوى الرجلين)(2/213)
رجل خاصم رجلا في عين فهو على وجهين أما أن كان العين هالكا أو قائما فالقائم لا يخلو اما ان يكون حاضرا في المجلس أو غائبا * فان ادعى أنه هالك فهذا ودعوى الدين سواء لانه بعد الهلاك يدعي الضمان وهو المثل في ذوات الامثال والقيمة في ذوات القيم فلا تصح هذه الدعوى الا بعد بيان القدر والجنس لأن دعوى المجهول فاسدة فان المدعي لو قال ان هذا استهلك مالي او قال كان هذا شريكي خان في الربح ولا أدري قدره لا يلتفت اليه وكذا لو قال بلغني أن فلنلا الميت أوصى لي ولا أدري قدره أو قال المديون قضيت بعض ديني ونسيت قدره أو قال لا أدري قدره لا يلتفت اليه * وذكر الخصاف رحمه الله تعالى ان القاضي اذا اتهم وصي اليتم أو قيم الوقت ولا يدعي عليه شيأ معلوما فان على قول أكثر المشايخ رحمهم الله تعالى يستحلفه القاضي نظرا للصغير والوقف فان كان العين الذي يدعيه المدعي قائما حاضرا في المجلس لا بد أن يشير اليه باليد فيقول هذا العين لي ولا بد للشهود أيضا ان يشهدوا بالملك وأشاروا بايديهم الى المدعي والعين المدعى به والاشارة بالرأس لا تكفي الا اذا علم باشارتهم الاشارة الى العين المدعى به* ولو قالا مشهد أن هذا العين المدعى به وقالوا بالفارسية اين أن مدعى است لا يكتفى بذلك ما لم يصرحوا بالملك لأن الشيء كما ينسب الى الانسان بجهة الملك ينسب بالاجارة فلا بد من التصريح بالملك لقطع الاحتمال* وان كان العين غائبا وادعى أنه في يد المدعى عليه فأنكر ان بين المدعي قيمته وصفته تسمع دعواه وتقبل بينته وان لم يبين القيمة فقال غصب مني عين كذا ولا أدري أنه عابك أم قائم ولا أدري كم كانت قيمته ذكر في عامة الروايات أنه تسمع دعواه فانه ذكر في كتاب الرهن اذا ادعى رجل على رجل انه رهن عنده ثوبا بكذا قال تسمع دعواه وذكر في الغصب اذا ادعى على آخر انه غصب منه عبدا أو ادعى أنه غصب منه جاريه وغيبها وأقام البينة على ذلك تقبل بينته ويحبس حتى يجيء بها ويردها على صاحبها وان لم يبين قيمتها فان قال الغاصب بعد ذلك فاتت الجارية أو بعتها ولا أقدر عليها قال يتلوم القاضي في ذلك زمانا ومقدار ذلك الزمان مفوض الى القاضي فان لم يقدر عليها قضى عليه بالقيمة والقول في مقدار القيمة قول الغاصب * وذكر في الوديعة رجل قال لغيره أودعتك عبدا وأمة وقال المستودع ما أودعتني الا أمة وقد هلكت فأقام رب الوديعة البينة على ما ادعى يضمن المستودع قيمة العبد وقال أبو بكر البلخي لا تسمع الدعوى الا بعد بيان القيمة قال وما ذكر محمد رحمه الله تعالى في الكتاب محمول على ما اذا ادعى اقرار المدعى عليه بذلك وعامة المشايخ قالوا تصح الدعوى من غير دعوى الاقرار لان محمدا رحمه الله تعالى لم يذكر الاقرار في شيء من المواضع لكن ينبغي للقاضي أن يكلف المدعي ببيان القيمة جدا فان لم يبين يسمع دعواه ويقبل بينته ويأمر المدعى عليه باحضار ذلك العين فان أبى حبسه شهرين فان أحضر عينا من ذلك الجنس يقال للمدعي أهذا الذي ادعيته فان صدقه أخذه وان كذبه كلف المدعى عليه باحضار عين اخر الى أن يوافقه المدعي في ذلك فان عجز المدعى عليه وظهر عجزه يقضي[379] عليه بالقيمة والقول في مقدار القيمة قول المدعى عليه * ولو ادعى عينا حاضرا في يد رجل أنه له وأنكر المدعى عليه فأقام المدعي بينة على ما ادعى فسأل المدعي من القاضي أن يأخذ منه كفيلا بنفسه الى أن تظهر عدالة الشهود في القياس لا يكلفه القاضي وفي الاستحسان يجبره على اعطاء الكفيل واذا أعطاه كفيلا بنفسه ينبغي أن يأخذ منه وكيلا بالخصومة أيضا حتى لو غاب المدعى عليه يمكنه القضاء على الوكيل ويأخذ منه كفيلا بعين المدعى به لأن القاضي لا يتمكن من القضاء لا بحضرة المدعى عليه وحضرة العين ويجوز أن يكون الكفيل والوكيل واحدا وامنا يفعل القاضي ذلك عند طلب الحصم فان أبى أن يعطي كفيلا بنفسه أمر المدعي أن يلازمه آناء الليل واطراف النهار اما بنفسه وبغيره هذا اذا اقام المدعي البينة فاما اذا ادعى وام يقم البينة وطلب من القاضي تكفيله فهو على وجهين ان قال بينتي غائبة لا يكفله وان قال حضور في المصر في القياس لا يكفله وفي الاستحسان يكفله الى المجلس الثاني وكذا لو أقام المدعي شاهدا واحدا فانه يأخذا منه كفيلا بنفسه وبالعين المدعى به ووكيلا بالخصومة وكفيلا بنفس الوكيل فان أعطاه الوكيل دون الكفيل أو الكفيل دون الوكيل لا يقبل القاضي ذلك منه الا ان يرضى به الخصم* ولو كان المدعى به نقليا فقال المدعى به لا ارضى بالكفيل بالنفس وبالكفيل بالعين وطلب من القاضي ان يضعه على يدي عدل ان كان المدعى عليه عدلا لا يخشى عليه تغييب العين لا يجيبه القاضي الى ذلك وان كان فاسقا يخشى عليه يجيبه القاضي الى ذلك وان كان التدعى به عقارا وطلب من القاضي ان يضعه على يدي عدل لا يجيبه القاضي الى ذلك الا ان يكون أشجارا عليها ثمار وان كان المدعى به دابة أو جارية يحتاج الى النفقة وأبى المدعي(2/214)
لا يقدر على الملازمة فطلب من القاضي أن يضعه على يدي عدل فان القاضي يقول للمدعي ان شئت وضعته على يدي عدل وتون النفقة عليك عدلت بينتك أو لم أقض فان رضي المدعي بذلك وضعها على يدي عدل وان لم يرض لا يضع ويلازم ان شاء * ولو طلب المدعي من القاضيالحيلولة بين المدعى به والمدعى عليه ان كان ذلك قبل اقامة البينة لا يجيبه القاضي الى ذلك* وكذا لو أقام شاهدا فاسقا أو شاهدين فاسقين لان قول الفاسق لا يعتبر الا يرى أنه لو اخبر بنجاسة الماء وطهارته لا بعتبر قوله في ذلك في ظاهر الجواب وان أقام المدعي شاهدا عدلا أو امرأتين مستورتين فان كان ذلك من باب الفرج بأن شهدا على أمة أنها لهذا الرجل حيل بينها وبين المدعى عليه وتوضع عند عدل وكذا لو ادعت حرية أو عتقا أو شهدا بطلاق بائن أ ثلاث يحال بينها وبين الزوج وذلك بان يجعل القاضي بينهما أمرأة عدلة ولا تخرج عن منزل الزوج فان حيل بين الأمة وبين المدعى عليه فلم يعدل البينة وقال المدعي لي بينة أخرى حاضرة قالوا لا ترفع الحيلولة ولا تؤخذ من العدل الى آخر المجلس وقيل يؤجل اياما كما لو ادعى القاتل بينة على العفو فانه يؤجل أياما وراء المجلس استحسانا* ولو ادعى رجلا نكاح امرأة وهي في يد غيره فأقام المدعي البينة فان سأل المدعي الحيلولة أو التعديل في مدة مسألته عن الشهود فعل القاضي ذلك والا فللا وكذا المرأة اذا ادعت فساد النكاح وأقامت البينة وسألت الحيلولة وكذا رجل ادعى أمة في يد رجل وقال بعتها من الذي في يديه بيعا فاسدا وقال المدعى عليه اشتريتها منه شراء جائزا فهو بمنزلة ما لو ادعت المرأة فساد النكاح * وان كان الدعوى في غير المفرج وأقام المدعي بينته فانه يأخذ كفيلا من المدعى عليه بنفسه وبالمدعى به ووكيلا بالخصومة ولا يحتاج الى التعديل والحيلولة الا أن يكون المدعى شيئا يخاف تغييبه واتلافه * ولو كانت [380]الجارية في يد رجلين يدعي كل واحد منهما أنها له فان القاضي يدعها في أيديهما ويقول لكل واحد منهما أقم البينة فان أراد كل واحد منهما أن تكون الجارية عنده وتنازعا في ذلك أمرهما القاضي ان يتفقا على رجل تكون عنده الى ان تقوم لهما بينة قطعا للمنازعة فان اقام أحدهما البينة على دعواه ولم يقم الآخر وضعها القاضي عند رجل عدل الى أن يسأل الشهود * ولو ادعى رجل نكاح امراة كبيرة ليست في يد رجل وهي تجحد دعواه فأقام البينة وطلب من القاضي أن يضعها على يد عدل الى أن يسأل عن الشهود فان القاضي لا يضعه ولكن يأخذ منها كفيلا وكذا لو ادعى نكاح بكر هي في بيت أبيها لا يعزلها * وان كان المدعى به منقولا عظيما لا يمكن نقله الا بمؤنة وضرر نحو الخشب العظيم والحجر والرحى والصنم الكبير والمكيل والموزون اختلفوا فيه قال بعضهم ينقل الى مجلس القاضي ومؤنة النقل تكون على المدعى عليه والصحيح ان القاضي يبعث رجلا يسمع الشهادة بحضرة المدعى به وشهودا معه فيشهدون عند القاضي أن شهود المدعي شهدوا للمدعي وحينئذ يقضي القاضي للمدعي والذي بعثه القاضي لسماع الشهادة لا يكون قاضيا فلا بد من القضاء بتلك الشهادة * واذا وقعت الدعوى في دابة لا بأس بأرخالها في المسجد للخصومة اذا كان القاضي يجلس في المسجد لان الشهادة بالمنقول لا تقبل الا بالاشارة اليه * واذا ادعى رجل جارية أو عبدا أو دابة أو عرضا في يد رجل فشهد أحد شاهدي المدعي أنها جاريته وشهد الآخر انها كانت جاريته ذكر الشيخ الامام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى في شرح الغصب أنها بقبل ويقضى للمدعي وكذا لو شهد أحدهما أنها ملكه وشهد الآخر انها كانت ملكه* ولو شهد احدهما أنها كانت في يده وشهد الآخر أنها في يده لا تقبل ولو ادعى المدعي كانت له وشهد الشهود أنها له ذكر الشيخ الامام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أنها لا تقبل * ولو شهد الشهود أنها كانت في يد المدعي امس أو قالوا منذ شهر أو سنة لا يقضى بهذه الشهادة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها تقبل ويؤمر بالتسليم الى المدعي*و لو شهدوا على اقرار المدعى عليه أنها كانت في يد المدعي أمس يؤمر بالاعادة الى المدعي في قولهم وكذا لو شهدوا انها كان في يد المدعي وان المدعى عليه هذا اخذها منه أو غصبها منه أو انتزعها من يده أو أبق العبد من يد امدعي فأخذه المدعى عليه أو أرسله المدعي في حاجته فأخذه المدعى عليه أو أودعه عند المدعى عليه أو أعاره اياه تقبل وان لم يشهدوا على ملك المدعي* ولو شهد الشهود فقالوا نشهد ان هذا العين لهذا المدعي ولم يشهدوا أنه ملك المدعي أو قالوا نشهد أن المدعي مالك لهذا أو شهدوا على اقرار صاحب اليد ان هذا العين لهذا المدي يجوز ويعضي به للمدعي وكذا لو شهدوا أنه له ملكه منذ عشرين سنة أو ذكروا وقتا أقل من ذلك أو أكثر يجوز ويقضي به للمدعي وما ذكرنا قبل هذا أنه لا بد من التصريح على الملك فذاك قول البعض وهو اختيار الشيخ الامام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى وأما(2/215)
على قول العامة اذا شهدوا أنه له تقبل * المدعي اذا قال للقاضي ان المدعى عليه أقر أن هذا الشيء لي فمره بالتسليم الي قال عامة المشايخ تسمع دعواه واذا أقام البينة على هذا يأمره بالتسليم اليه * اذا شهدوا بشيء ينقل أن هذا الشيء ملك المدعي تجوز شهادتهم وان لم يشهدوا انه في يد المدعى عليه بغير حق لأنهم لما شهدوا له بالملك وملك الانسان لا يكون في يد غيره الا بعارض فالبينة تكون على مدعي العارض ولا تكون على صاخب الأصل وقال بعضهم ما لم يشهدوا انه في يد المعى عليه بغير حق لا يقطع يد المدعى عليه والأول اصح وفيما سوى العقار لا يشترط أن يشهدوا انه في يد المدعى[381] عليه لأن القاضي يراه في يد ه فلا حاجة الى البيان بخلاف العقار * رجلان تنازعا في عين كل واحد منهما يدعي أنه له فان كان العين في يد غيرهما ينكر دعواهما فأقام المدعيان البينة على الملك المطلق ان لم يؤرخا أو أرخا وتاريخهما سواء يقضي بينهما نصفان فان أرخا وأحدهما أسبق في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف الآخر ومحمد الأول يقضي لأسبقهما وان أرخ أحدهما وأطلق الآخر في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقضي بينهما وهو الصحيح ولا يعتبر التاريخ عند الانفراد * واختلفت الروايات عن صاحبيه في ذلك قال الشيخ الامام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى الصحيح أن على قول ابي يوسف الأول ومحمد الآخر يقضي بينهما نصفان كما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وان كان العين في يد أحدهما فان لم يؤرخا أو أرخا تاريخما سواء فالخارج أولى وان أرخا وأحدهما اسبق يقضي لأسبقهما سواء كان خارجا أو صاحب يد وهو قول أبي يوسف الآخر وفي قول محمد الآخر الخارج أولى فان ارخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر كان الخارج أولى في قول أبي حنيفة ومحمد الآخر وأبي يوسف الأول * ولو تنازع رجلان في شيء فاقام أحدهما البينة أنه كان في يده منذ شهر وأقام الآخر البينة أنه كان في يده منذ جمعة جعله القاضي في يد مدعي الجمعة * عبد في يد رجل أقام البينة أنه كان عبده منذ عشرين سنة وأقام آخر البينة أنه عبده وكان في يده منذ سنة حتى اغتصبه الذي في يده فهو لمن في يده * رجل قال لغيره هذا العبد لك فقال المقر له ليس هو لي ثم قال بلى هو لي لا يقبل قوله *و لو أقام البينة أنه لي لا بقبل بينته * وقال الناطفي رحمه الله تعالى اذا قال ليست هذه الدار لي ثم أقام البينة أنها له تقبل بينته لانه لم يقربها لمعروف حتى لو كانت الدار في يد رجل يدعيها لنفسه فقال رجل آخر ليست الدار لي ثم أدعاها لنفسه لا تسمع دعواه * ولو أقام البينة لا تقبل بينته لأنه لما قال ليست لي صار مقرا بالملك لذي اليد فإذا ادعاه لنفسه بعد ذلك لا تسمع *رجل في يده عبد يقر بالرق فادعى العبد أن فلانا الغائب اشتراه من مولاه هذا بألف ونقده الثمن لا يقبل قوله وان ادعى أن فلانا الغائب اشتراه من مولاه ووكله بالخصومة وبقبض نفسه من صاحب اليد قبلت بينته لأن القبد يصلح خصما في قبض نفسه ويصلح وكيلا في شراء نفسه ولو قال العبد كنت عبدا لفلان فباعني منك بألف درهم ووكلني بقبض الثمن وأقام البينة على ذلك قبلت بينته الا أن لمولاه ان يمنعه عن الخصومة وان لم يمنعه فالوكالة جائزة وله أن يقبض الثمن ويبرأ منه المولى * ولو قال أنا عبد فلان قد وكلني بخصومتك في نفسي وأقام البينة قبلت بينته * رجل جاء الى امرأة رجل أو بنته وهي صغيرة فخدعها وأخرجها من منزل أبيها أو زوجها كان للأب والزوج أن يخاصمه في ذلك ويحبس حتى يأتي بها أو يعلم أنها قد ماتت* رجل ادعى عبدا في يد رجل فطولب لابينة فلما قاما من عند القاضي باعه صاحب اليد من رجل بألف وتقابضا ثم أودعه المشتري عند البائع وغاب ثم جاء المدعي بالبينة فان كان القاضي يعلم بما صنع ذو اليد أو أقر به المدعي لا يسمع بينة المدعي على ذي اليد وان لم يعلم به القاضي ولا أقر به المدعي تقبل بينة المجعي ولا تقبل بينة صاحب اليد أنه باعه من فلان ثم أودعه فلان عنده وان أقام البينة على اقرار المدعي بذلك قبلت بينته وتندفع عنه الخصومة * والهبة والصدقة اذا اتصل بهما لالقبض بمنزلة البيع في ذلك * رجل ادعى عبدا في يد رجل فقبل [382أن يقيم البينة باعه المدعى عليه من رجل بمحضر من الشهود ثم أقام المدعى البينة على المدعى عليه أن العبد له فان القاضي يقضي به للمدعى ولا تقبل بينة المدعى عليه أنه باعه فان جاء المشترى بعد ذلك وأقام البينة على المقضي له أن العبد عبده وهو في يده بغير حق يقضى به للمشترى فلو باعه المشتري أو وهبه من المقضي عليه الأول جاز ويعود العبد إلى ملكه وهذه حيلة يحتال بها لدفع الاستحقاق *ولو ادعى عبدا في يد رجل فقبل أن يقيم المدعى البينة باعة بيعاً صحيحاً بمحضر من الشهود ثم أقام المدعى البينة على أن العبد له فانه يقضى به للمدعي فان حضر المشتري بعد ذلك وأقام البينة على المقضي له أوان العبد عبده كان اشتراه من(2/216)
المقضي عليه لا تسمع دعوى المشتري به للمدعى فان حضر المشتري بعد ذلك وأقام البينة على المقضي له أن العبد عبده كان اشتراه من المقضي عليه لا تسمع دعوى المشتري ولا تقبل بينته لان القضاء على المقضي عليه يكون قضاء عليه وعلى من تلقى الملك منه * جبة في يد ثلاثة نفر أحدهم يدعى بطانتها والثاني قطنها والثالث كلها وأ قام كل واحد منهم البينة على ما ادعى فانه يقضى بجميعها لمدعى الكل ويضمن هو لمدعى البطانة نصف قيمة البطانة ولمدعى القطن نصف القطن وإنما يقضى لمدعي الكل بالطهارة لأنه يدعيها ولا يدعيها غيره فيقضى له ثم مدعي الكل مع مدعى البطانة يدعيان البطانة ولا يدعيها غيرهما والبطانة في أيديهما فيقضى لكل واحد منهما بنصفها الذي في يد صاحبه ترجيحا لبينة الخارج على بينة ذي اليد وإذا قضى لمدعى بطانة لجبته فيضمن نصف قيمتها وهكذا في القطن الأن في القطن يضمن المثل وفي البطانة يضمن القيمة *رجلاً في يد كل واحد منهما شاة أقام كل واحد منهما البينة أن الشاة التى في يد صاحبها ساته ولدت من شاته التى في يده فان كانتا مشكلتين ذكر في الأصل أنه يقضي لكل واحد منهما بالشاة التى في يد الآخر لانهما استوبا في دعوى النتاج فقطعا رضة البنتان في ذلك فلا تعتبر دعوى النتاج فيجعل كلنهما ادعيا ملكا مطلقاً فيقضى بكل شاة بينة الخارج وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يقضى لكل واحد منهما بالشاة التى في يده قضاء ترك الاقضاء استحقاق لانه لاوجه للقضاء لكل واحد منهما بالنتاج لمكان الاستحالة والقضاء بغير النتاج قضاء بغير دعوى ولا فتبطل البينتان ضرورة * جارية في يد رجل ادعاها رجلان أقام كل واحد منهما البينة أنها جاريته بعثها من الذي في يده بألف درهم على أنى بالخيار ثلاثة أيام فانه يقضى بالبينة فان أمضى البيع كان لكل واحد من المدعيين على الذي في يده ألف الدرهم لان حق كل واحد منهما عند الأمضاء قبل المشترى في الثمن ولا تضايق في الثمن فأن أمضى أحدهم البيع دون الأخر فالذي أمضى البيع على المشترى نصف الثمن لانه لم يسلم للمشترى ألا النصف الجارية وللذى لم يمضي البيع أن يأخذ كل الجارية لأنه أقام البينة على أن كل الجارية ونما يتنصف بحكم المزاحمة وقد زالت مزاحمة صاحب وان لم بمض كل واحد منهما البيع كانت الجارية بين المدعيين نصفين لاستوائهما في الحجة ولا شىء على المشترا من الثمن لاستحقاق المبيع رجل أقام البينة عل رجل أنه غصب منه هذه الجارية اليوم وأقام آخر البينة على أن هذا المدعى عليه اغتصب منه هذه الجارية منذ شهر قال محمد رحمه الله تعالى في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى هي للذى أقام البينة على الوقت الآخر ويضمن المدعى عليه قيمتها لصاحب الوقت الاول ولا يضمن للآخر شيأ *رجل أدعى أن فلاناً الميت غصب منه شيأً وبينا وأحضر بعض ورثة الميت وأقام عليها البينة بذلك وبعض ذلك الشيء383 في يد هذا الوارث وبعضه في يد وكيل الوارث الآخر وهذا الوارث الحاضر مقر أنه ميراث لهم من قبل أبيهم فأنه يقضى على هذا الوارث الحاضر بدفع مافي يده إلى المدعى ولا يؤخذ مافي يد وكيل الغائب ولو كان كله في يد الوارث الحاضر فانه يقضي بكل عليه ويدفع إلى المدعى فاذا قدم الغائب وقال كان هذا في يد أخ لنامن غير الوالد لايقبل قوله *رجلان لهما على رجل ألف درهم فجعد المدعى عليه فحضر أحد اللرجلين وأقام البينة على دينهم وشريكه غائب قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى القاضي يقضي للحاضر بخمسمائة ولا يجعل الحاضر خصمن عن الغائب في وجه من الوجوه الا أن يكون الالف ميراثاً بينهما عن مورث واحد فاذا حضر الشريك الغائب يكلف اعادة البينة فأن لم يقدر على ذلك يدخل مع شريكه بالخمسمائة التي قبض وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى أي الشريكين خمسر فهو خصم عن الآ خرفى الباقي في الميراث وغيره وقال محمد رحمه الله تعالى القياس ماقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى والاستحسان ما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى *أربعة نفر لهم على رجل ألف درهم وهو سوسراً ومعسر فشهد اثنان منهم على أثنين منهم أنهما أبر الغريم عن حصتهما من الألف جازت شهادتهم وأن كان ذلك من عن مبيع باعوه منه وان مات الغريم وترك ألف درهم فشهدا بالبراءة بعد موته لاتجوز شهادتهما لان الألف المتروك بعد الموت يصير مشتركا بين الغرماء كل واحد منهم كان مدعيا تخليص ذلك لنفسه *عبد في يد رجل أقام البينة على رجلين أنه باعه منما بألف درهم وأقام أحد الرجلين البينة أنه اشتراه منه بألف درهم ذكر في المنطقى أنه يقضي بينه الذي العبد في يديه *رجل أدعى على رجل ألفا فجحد المدعى عليه وأعطاه اياه على الجحود أو صالحه من دعواه ثم أن المدعى عليه أقام البينة أن المدعى قال قبل أن يقبض منى المال أو قال الصلح ليس لي قبل فلان شيء فالصالح وقضاء المال ماضيان وأن أقام البينة أقر بذلك بعد الصلح وقضاء المال يبطل الصلح والقضاء وأن كان القاضي قضى عليه بالمال(2/217)
بالبينة ثم أقام المدعا عليه البينة أن المدعى أفر قبل القضاء أنه ليس له على المدعى عليه شيء يبطل عنه المال * عبد في يد رجل وفال كان العبد لي وهبته لذي اليد وهو غائب ولم آمره بقبضه بغير أمرى وقال الموهوب له وهبته لي وقبضته منك فان القول يكون قول الموهوب له لانه مقبوض في يده ولو قال الموهوب له حين وهبته لي كان العبد في منزلك ولم يكن بحضرتنا فأمرتني بقبضه فقبضته لا يقبل قوله ولو قال المدعي كان العبد لأبي وهبه لك فلم تقبضه في حياته وإنما قبضته بعد موته كان القول قول الوارث *إذا اختلف رب المال مع المضارب فقال المضارب رددت عليك رأس المال بعدما اقتسما وأنكر رب المال كان القول قول رب المال لأن المضارب يدعي أن ما في يده نصيبه من الربح ورب المال يدعي أنه مال المضاربه لأنه لم يرد عليه رأس المال فيحلف كل واحد منهما فإن أقاما البينة أقام رب المال أن المضارب أقر أنه لم يرد عليه رأس المال وأقام المضارب البينة على إقرار رب المال أنه رد عليه رأس المال فهذا على وجوه إن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق يقضي لآخر التارخين أيهما كان أما إذا كان تاريخ رب المال سابقاً يصير كأن المضارب لم يرد عليه في ذلك الوقت ثم رد بعدها وأما إذا كان تاريخ المضارب سابقاً فلأن رب المال وإن افر ببرائته إلا أن المضارب لما أقر بالضمان بعد ذلك فقد رد إ قراره وبطلت البرائه وهذا يصلح أصلاً في جنس هذه المسألة وإن أرخا وتاريخهما سواء أو أطلقا يقضى ببينة المضارب ويجعل كأنه لم يرد ثم رد بعد ذلك * جارية بيد رجل إدعت أنها حرة 384الأ صل وأنكرت أنها أقرت بالرق وادعى ذو اليد أنها أقرت بالرق كان القول قول الجارية ويقضى بحريتها *رجل إدعى عيناً في يد رجل فقال هو لي إشتريته من فلان بكذا وفي يدك بغير حق فواجب عليك تسليمه إلي قالو لاتسمع هذه الدعوى لأنه لم يذكر نقد الثمن *ومن اشترى شيئاً فوجده في يد غيره قبل أن ينقده الثمن لايكون له أن يأخذ من صاحب اليد الا أن يدعي الوكالة بالقبض من البائع *رجل إدعى على رجل أنه غصب منه حماراً وذكر سماته فأقام البينة على وفق دعواه فأحضر المدعى عليه حماراً فقال المدعي هذا الذي ادعيه وزعم شهوده أن هذا الحمار هو الحمار الذي شهدنا بملكه للمدعي فنظروا فيه فإذا فيه بعض شياته على خلاف ماقالوا بأن ذكر الشهود عند الشهادة أنه مشقوق الأذن وهذا الحمار الذي جاء به المدعى عليه غير مشقوق الأذن قالوا هذا لايمنع القضاء للمدعي ولايوجب خللاً في شهادتهم لأنهم ذكروا ما لم يكن محتاجاً إليه في الدعوى والشهادة والخلاف في مثل هذا لايوجب الخلل والله اعلم * قال رضي الله عنه وسنذكر في مسائل النتاج مايخالف هذا * رجل ادعى دابة اودار في إجارة الغير لاتقبل بينة المدعي لا بحضرة الآجر والمستأجر جميعاً وكذا الرهن ولو كانت مزرعة في يد رجل وإن كان البذر من قبل المزارع وهو بمنزلة الإجارة وإن كان البذر من قبل صاحب الأرض إختلفوا فيه والصحيح أنه لايشترط حضرة العامل ولو باع شيئاً ولم يسلم آلي المشتري حتى إدعاء رجل فإنه يشترط حضرة البائع والمشتري وكذا لو أراد الشفيع أن يأخذ ولو باع شيئاً ولم يسلم آلي المشتري الدار بالشفعة وهي في يد البائع يشترط حضرة البائع والمشتري *ولو ادعى على صغير شيئاً بحضرة وصية ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده في شرح القسمة أنه يجوز ولايشترط حضرة الصغير ولم يفصل بين ما إذا كان المدعى به ديناً أو عيناً وجب بمباشرة الوصي أولاً بمباشرة الوصي وذكر الناطقي أنه لو ادعى ديناً وجب بمباشرة الوصي لايشترط حضرة الصغير وإن كان ديناً وجب لا بمباشرة الوصي كضمان الإستهلاك ونحو ذلك يشترط حضرة الصغير للإشارة اليه *وذكر الحصاف رحمه الله تعالى أنه لو ادعى على صبي محجور مالاً باستهلاك أو غصب ان كان المدعي يقول ببينة حاضرة تسمع دعواه ويشترط ويحضر معه ابوه أو وصيه وذلك السر حتى إذا قضى القاضي بالمال يؤمر الاب أو الوصي بالاداء وان لم يكن للصبي أب ولا وصي وطلب المدعي من القاضي ان ينصب وصياً للصغير أجابه القاضي آلي ذلك لكن يشترط حضرة الصغير عند نصب الوصي وعند بعض المتأخرين يشترط حضرة الصغير عند الدعوى سواء كان الصغير مدعياً أو مدعى عليه * قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن لايشترط حضرة الأطفال عند الدعوى كما ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى *ولو أدعى على ميت ديناً وورثته صغار فإن كان للميت وصي لايشترط حضرة الورثة وأن لم يكن للميت وصي وللصغار وصي يشترط حضرة الورثة الصغار وحضرة الواحد يكفي *ولو أدعى على عبد مأذون أو معتوه مأذون في التجارة يعقل التجارة مالاً بغصب أو أستهلاك وديعة أو جحود وديعة أو بيع أو شراء أو إجارة أو أستئجار أو ما أشبه ذلك وأقام البينة على ما أدعى أو أقام البينة على إقراره بذلك والعبد يجعد ذلك جاز وأن كان مولاه أو ولى المعتوه غائباً لأن العبد المأذون والمعتوه المأذون لو(2/218)
أقرى بذلك صح إقراره لأنه من التجارة والبينة قامت على خصم منكر لو أقر يصح إقراره فيكتفي بحضرته وأن كان العبد محجوراً أو المعتوه محجوراً يعتبر حضور المولى والعبد جميعاً سواء شهدوا على معاينة السبب أو إقراره بذلك ولا تقبل الشهادة على المولى عند غيبته وهل تقبل في حق العبد حتى يؤاخذ بذلك بعد الإعتاق قال 385مولانا رضي الله عنه وينبغي أن تسمع البينة ويقضى عليه وأن كانا حاضرين تقبل البينة عليهما في حقهما ولا تسمع دعوى إستهلاك الوديعة والبضاعة على العبد المحجور في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى سواء كان المولى حاضراً أو غائب وسواء شهدوا عليه بإقراره * ولو شهدوا على عبد مأذون في التجارة بقتل عمداً وقذف أو زنا أو شرب خمر فأنكر العبد أن كان مولاه حاضر أجاز بالجماع وإن كان غائباً لاتقبل عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وتقبل عند أبي يوسف رحمه الله تعلى لأن عند أبي يوسف رحمه الله تعالى لو قامت البينة على العبد المأذون بقصاص أو حد تقبل وكذا المحجور وأن شهدوا عليه بالإقرار بهذه الأسباب ففي الزنا وشرب الخمر والحدود الخالصة لله تعالى لاتقبل وفي القصاص والقذف أن كان مولاه حاضراً تقبل وأن كان مولاه غائباً لاتقبل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعلى *ولو شهدوا على الصبي المأذون أو المعتوه المأذون بقتل العمد أو بالزنا أو شرب الخمر أو القذف ففي الزنا وشرب الخمر والقذف لاتقبل أن حضر الوالي أو غاب وفي القتل أن حضر الوالي جاز لأن موجبة هوى الدية على العاقلة وأن كان الولي غائباً لاتقبل بلا خلاف وأن شهدوا على الإقرار بهذه الأسباب لا تقبل حضر الولي أو غاب *وأن شهدوا على العبد المأذون بالسرقة أن كان موجبة القطع تقبل إذا كان المولى حاضراً معه ويقطع بلا خلاف وإن كان المولى غائباً لاتقبل في حق القطع في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وتقبل في حق الضمان وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى تقبل في حق القطع وإن كانت السرقة موجبة للمال تقبل بلا خلاف حضر المولى أو غاب وإن شهدوا على الصبي المأذون أو المعتوه المأذون في التجارة بالسرقة تقبل حضر الولي أو غاب لأن موجبها الضمان لاغير *ولو اختلف العبد المأذون المديون مع المولى في ثوب وادعاه كل واحد منهما إن كان الثوب في منزل العبد وهو من تجارته يعني من نوع ما يتجر فيه فالثوب له وإن كان العبد لابساً ثوباً أو راكباً دابة وهو في منزل المولى فالثوب والدابة للعبد وإن لم يكن من تجارته * ولو أن رجلين اختلفا في دابة أحدهما راكبها والآخر ممسك بلجامها فالراكب أولى ولابس الثوب مع المتعلق به كذلك * لو كان أحدهما جالساً على بساط والآخر متعلق به كان بينهما * ولو كانا على دابة أحدهما راكب في السرج والآخر رديف ادعيا الدابة فهي لراكب السرج وإن كانا في السرج فهي بينهما *ولو أن قطاراً يقودها رجل ورجل راكب بعيراً منها فا دعا الراكب أن الإبل كلها له والقائد كذلك ينظران كانت الإبل عليها حمولة الراكب فالإبل كلها للراكب وليس للقائد منها شيء وإنما هو أجير * وعن محمد رحمه الله تعالى في قطار من الإبل على أول بعير منها رجل راكب وعلى بعير في وسطها رجل راكب وعلى آخر بعير منها رجل راكب ادعى كل واحد منهم أن الإبل له قال البعير الذي عليه الأول له خاصة والبعير الذي عليه الأوسط للوسط خاصة والذي عليه الآخر له خاصة ومابين الأول إلى الأوسط للأول وما بين الأوسط إلى الأخر فهو بين الأول والأوسط نصفان وليس للأخر إلا البعير الذي هو عليه *إذا زوج الرجل بنيه الخمسة وهم في دار أبيهم كلهم في عياله فقال البنون المتاع متاعنا والأب يدعي لنفسه فأن المتاع يكون للأب وللبنين الثياب التي عليهم لاغير فأن قال البنون أو قالت امرأة الميت بعد موته المتاع بعينه أن هذا إستفدناه بعد موت الأب أو الزوج كان القول قولهم وأن أقروا أن المتاع كان في البيت يوم موت الأب أو قامت البينة على ذلك فهو ميراث عن الأب لا يقبل قولهم *رجل أعتق أمته 386ولها ولد فقالت أعتقتني قبل الولادة والولد حر وقال المولى لا بل أعتقتك بعد الولادة والواد عبد ذكر في العيون أن الولد إذا كان في يدها كان القول قولها وقال أبو يوسف رحمه الله تعلى أن كان الولد في يديهما فكذلك يكون القول قولها ة وإن أقام البينة فبينتها أولى لانها تثبت العتق في زمان سابق وكذلك في الكتابة قاما في التدبير القول قول المولى وفي المنتقي عن محمد رحمه الله تعالى أن كان الولد يعبر عن نفسه فلقول قوله وإن كان لايعبر فالقول لمن هو في يديه وأن أقاما البينة فبينتها أولى وكذلك في الكتاب *ولو أعتق جاريته ثم أختلفا بعد حين في ولدها فقالت ولدته بعد عتقي فأخذته منى وقال المولى ولدته قبل العتق فأخذته منك والولد لا يعبر فعلى المولى أن يرد إلى الأم وكذلك في المكانة وفي المدبرة وأم الولد القول للمولى * رجل وأمرأة في يديهما دار أقامت المرأة البينة(2/219)
أن الدار لها وأن الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة زوجته تزوجها على ألف درهم ودفع إليها ولم يقم البينة أنه حر يقضى بالدار للمرأة وبالرجل عبد لها * ولو أقام الرجل البينة أنه حر الأصل والمسئلة بحالها فأن المرأة أمرأته وبقضى أنه حر ويقضى بالدار للمرأة من قبل أن الدار والمرأة في يد الزوج حين قضى بأنها أمرأته فكان القضاء بالدار بينة المرأة أو لي كزوجين في أيدهما دار أقام كل واحد منهم البينة أنها داره فأن في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقضى بالدار للمرأة ولو لم يكن لها بينة كانت الدار للزوج لانه صاحب يد* وذكر بن شجاع رحمه الله تعالى في النوادر لو أقام الرجل البينة الدار داره والمرأة أمته وأقامت المرأة البينة أن الدار لها وأن الرجل عبدها وليست الدار في يدهما فالدار بينهما نصفان فأن كانت في يد أحدهما تترك في يده لتعارض البينتين في الدار ويحكم لكل واحد منهما بالحرية ولا تقبل بينة أحدهما على صاحبه بالرق لمكان التعارض * قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن الدار إذا كانت في يد أحدهما يقضي بينة الخارج لان بينة صاحب اليد في الملك المطلق لاتعارض بينة الخارج * رجل أدعى على رجل أنه رهن عنده ثوباً وبينة فجحد المدعى عليه فشهد الشهود أنه رهن عنده ثوباً ولم يسموه ذكر في الأصل أنه تجوز هذه ويكون القول قول المرتهن إذا أتى بثوب مع يمنه الوقف وكذلك في العصب وقد ذكرنا * عبد في يد رجل أقام البينة أنه عبد للذى في يديه هو لفلان أو دعنى أو قال غصبته منه وليس لصاحب اليد بينة على ما يدعى فقضى القاضي بالعتق ثم حضر فلان بعد ذلك وأقام البينة أنه عبده أغتصبه من صاحب اليد أو كان أودعه عنده فأنه يقضى به للذى حضر ويبطل عتقه * وذكر في الجامع أنه إذا أقام عبد البينة على الذي في يده أن فلاناً أعتقه وهو يملكه وأقام الذي في يديه البينة أنه لفلان الغائب أودعه عنده فأنه يقضي بالعتوقان قدم فلان الغائب وأقام البينة أنه عبده لانقبل بينة والعتق أولى ولو أقامت جارية البينة على رجل أنها له اعتقها وأقام آخر البينة أنها له اغتصبها الذي في يديه كان العتق أولى * رجل أدعى عبداً في يد رجل أنه لهو وطولق بالبينة فلما قاما من عند القاضي باع الذي في يده العبد من ثالث وتقابضا ثم أودعه المشتري عند البائع فغاب ثن جاه المدعى بالبينة فإن علم القاضي بما صنع ذو اليد على ما صنع ذو اليد أو أقر به المدعى صاحب اليد وان لم يعلم به القاضي ولا أقربه المدعى سمعت بينة المدعى ولا يسمع بينة ذو اليد على ما صنع الا إذا أقام البينة على إقرار المدعى بذلك فيقبل بينته وتدفع عنه خصومة المدعي *والهبة إذا أتصل القبض والصدقة في هذه بمنزلة البيع * رجل ادعى على آخر أنه استهلك عليه كذا دابة وسمع عددا معلوماً وجاء بالشهود 387قالوا ينبغي للشهود أن يبينوا الذكور والإناث فأن لم يبينوا ذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى أخاف أن لاتقبل شهادتهم ولا يقضى بشيء وأن بينوا الذكور ةالإناث جازت شهادتهم ولا يحتاج إلى ذكر اللون لأن اختلاف الذكووة الأنوثة أختلاف فاحش بها نختلف المنافع ولا كذلك إختلاف اللون * عبد في يديه رجل أقام الذي في يده البينة أنه أعتقه وهو يملكه وأقام آخر البينة أنه أعتقه وهو يملكه فأن صدق العبد أحدهما فبينته أولى وأن كذبهما جميعاً يقضى بولائه بينما نصفين * أمة في يد رجل أقام البينة أنه هو يملكها وأقام آخر البينة أنه ولدت منه وهو يملكها وأقام آخر على مثل ذلك فهي للذي في يديه * عبد في يد رجل أقام رجلان كل واحد منهما البينة أنه باعه من الذي في يديه بيعاً فاسداً فانهما يأخذان العبد وقيمته بينهما يعني إذا شهدوا على إقراره فإن مات العبد في يد المشتري فعليه قيمتان وإن كانت البينتان شهدا على معاينة البيع والقبض فأن كان العبد فأما أخذه نصفين ولاشيء لهما غير ذلك وإن كان العبد مستهلكاً أخذا قيمته نصف ولا شيء لهما غير ذلك * قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن يكون في الغصب كذلك * عبد في يد رجل أقام هو البينة على رجلين أنه باعه منها بألف درهم وأقام أحد الرجلين البينة أنه أشتراه من الذي في يده بألف درهم فالبينة بينة الذي العبد في يديه لأنه لما اقام البينة عليهما بالبيع فقد أثبت أقرار كل واحد منهما أنه أشتراه مع صاحبه بألف درهم وذلك يبطل دعواه أنه اشتراه منه بألف درهم * رجل غصب من رجل شياً فأقام المغصوب منه البينة على الغصب وعدلت فادعى الغاصب أن المغصوب منه أقر أنه للغاصب هل تقبل بينة الغاصب في يديه أو يأمر القاضي بتسليم الغصب إلى المدعي ثم يسأله البينة بعد ذلك على ما ادعى من الاقرار قال محمد رحمه الله تعالى ان أدعى بينة حاضرة تقبل بينته واقرار الغصب في يده قيل له أن كان القاضي يجلس كل خمسة عشر يوماً ما يمهله القاضي إلى ذلك قال يمهلم ويأخذ منه كفيلاً بنفسه وبذلك الشيء * رجل ادعى متاعاً أو داراً(2/220)
في يد رجل أنه له وأقام البينة فقضى له القاضي بذلك ولم يأخذ من المقضي عليه حتى أقام المقضي عليه البينة على أن المدعى أقر أنه لاحق له فيه قال محمد رحمه الله تعالى أن شهدوا أنه أقر بذلك فبل قضاء القاضي بطلت بينته المدعى والقضاء وإن شهدوا أنه أقربه بعد القضاء لابيطل به قضاء القاضي * عبد في يد رجل أقام البينة أنه عبده أعتقه وهو يملكه وأقام رجل آخر البينة أنه عبده ولد في ملكه قالوا الولادة أولى * وعن محمد رحمه الله تعالى عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكة ثم أقام آخر البينة أنه عبده ولد في ملكه فقضى القاضي به لهما ثم أقام ثالث البينة أنه عبده ولد في ملكه فأن القاضي يقضي به للثالث أن لم يعد المقضي لهما البينة أنه عبدهما ولد في ملكهما فأن أعاد ذلك أحدهما قضى بالنصف للذي أعاد البينة لانه صاحب اليد في النصف فلا يقبل فيه بينة الثالث لان في دعوى النتاج يقضى ببينة صاحب اليد ويقضى بالنصف للثالث وليس للذي أعاد البينة أن يدخل مع الثالث في هذا النصف لان القاضي حين قضى للأولين بالعبد بينهما فقد قضى لكل واحد منهما على صاحبه بنصف ولا يقبل البينة من أحدهما فيما ضار مقضياً عليه * وإذا قضى على الرجل بنتاج أو ملك مطلق ثم أقام هو البينة على النتاج أو على التلقي من المدعى قبلت بينة * رجل أقام البينة على أن قاضي بلد كذا قضى له بهذه الجارية أو بهذه الشاة وأقام ذو اليد البينة على النتاج يقضى ببينة المدعى ولا يقضى ببينة ذي اليد على النتاج خلافاً لمحمد رحمه الله تعالى لاحتمل أن القاضي قضى للخارج بالنتاج وكذالو فسر المدعي 388القضاء بملك مطلق لان القاضي الثاني لايدري أن القاضي باجتهاد فلا يبطل قضاء الأول * ولو أن رجلين ادعيا دابة في يد رجل أقام أحدهما البينة النتاج والآخر على الملك فصاحب النتاج أو لى خارجا كان أو صاحب يد *ولو ادعيا نتاج دابة يقضى بينهما فأن وقتت كل واحدة من البينتين وقتاوسن الدابة بوافق إحدى البينتين وهما خارجان أو أحدهما يقضي للذي وافق له سن الدابة مشكلافان كانا خارجين يقضي لهما وأن كان أحدهما صاحب يد يقضي له وأن خالف سن الدابة الوقتين في رواية يقضى لهما وفي رواية تبطل البينتان وأن كان أحدهما صاحب يد ووقتا يقضي للذي وافق له سن الدابة شكلاً أو كان يوافق صاحب اليد يقضى لصاحب اليد ودعوى النتاج دعوى مالايتكرر *ولو أدعيا حلياً أنه له صاغة لم يكن هذا دعوى النتاج لان الحاى يصاغ مرة بعد أخرى وكذلك الشجر بغرس مرة بعد أخرى وكذا لوادعي الحنطة أنها له زرعها لانها تزرع ثم تغربل فتزرع *ولو تنازعافي صوف أقام ذو اليد البينة أنه ملكه جزة من شاة يملكها وأقام آخر البينة أنه ملكه جزه من شاة يملكها يقضي به لذي اليد لأن جز الصوف ليتكرر فما جز لايجز ثانياً * ولو أقام خارج البينة على شاة في يدغيره أنها شاته وجز هذا الصوف منها وأقام البينة ذو اليد أن الشاة التي يد عيهاله وجز الصوف منها فأنه يقضى بالشاة للمدعى لانهما ادعيا في الشاة ملكا مطلقاً فيقضى بالشاة للخارج ثم يتبعها الصوف لان الجز ليس من أسباب الملك وكذالو اختصما في أرض فقال الخارج هذه أرضي زرعت فيها هذا القطن أو بنيت فيها هذا البناء فأنه يقضى بهما للمدعى ولو اختصما في جبن فقال الخارج هو لي صنعته من البن وقلنا كان لي وصاحب اليد ادعى مثل ذلك فأنه يقضي به لذى اليد ولو قال المدعى هذا الجين لي صنععته من لبن شاتي هذه وأقام الخارج البينة على مثل ذلك فأنه يقضي بالشاة للخارج * ولو أن عبدا في يد رجل أقام هو البينة أنه عبده ولد في ملكه وعبده وأقام خارج البينة على مثل ذلك يقضى بالعبد لدى اليد لانها ادعيا النتاج في العبد فترجح بينة ذي اليد * ولو أقام ذو اليد البينة على أمة في يده أنها أمته ولدت هذا العبد في ملكي وأقام خارج البينة على أن هذه أمته ولدت هذا العبد في ملكي فأنه للمدعي لانهما ادعيا في الامة ملكا مطلفا فيقضي بها للمدعي ثم يستحق العبدتنعاً* وإذغ أختصم رجلان في الأرض فيها زرع أقام كل واحد منهما البينة أن الأرض والزرع له هو الذي زرعها فأنه يقضى بهما للمدعي لان دعواهما دعوى الملك المطلق ولو أن عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه ولم يذكر الشهود أمه وأقامه ذواليد البينة أنه عبده ولد من أمته هذه فأنه يقضي بالعبد للذي في يده لأنهما مستوياه في دعوى النتاج في العبد وفي بينة صاحب اليد زيادة أثبات وهو النسب عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده ولد في ملكه 389من أمته هذه ومن عبده هذا وأقام رجل أخر البينة على مثل ذلك فانه يقضي بالعبديين الخارجين نصفين لأنهما أستويا في دعوى النتاج وهما خارجان ويكون الأبن من الأمتين والعبدين جميعاً ولو أختصم زوي اليد وخارج في لحم مشوي أو في سمكة مشوية كل واحد منهم يدعي أنه شواه في مالكه فأنه يقضي به للمدعي لأن المشوي يشوي مرة بعد أخرة وكذلك في المصحف إذا أقام(2/221)
كل واحد منهم البينة أنه مصحفه كتبه فأنه يقضي به للمدعي لأن الكتابة مما يتكرر ويكتب ثم يمحي ثم يكتب ولو أختصما في دابة أدعى خارج أنها دابته أنه سرقها منه أو اغتصبها منه صاحب اليد يدعى أنها دابته ولدت ولدة في ملكه يقضي بها صاحب الولادة * ولو ادعى ثو بافي يد رجل أنه له نسجة واقام البينة والشهود شهدوا أنه نسجة وليشهدوا أنه له فأنه لايقضى به للمدعي لان النساج قد ينسج ثوب غيره وكذا لو شهدوا في دابة أنها نتجت عنده أو في أمة أنها ولدت عنده ولم يشهدوا أنها لهو لا يقضى بها للمدعي وكذا لو شهدوا أنها أبنة أمته وكذا لو شهدوا على ثوب أنه غزل من قطن فلان لايقضى به لفلان وكذا لو شهدوا على أن هذه الحنطة حصدت من زرع في أرض فلان لايكون لصاحب الأرض أن يأخذ الحنطة هو الصحيح *وكذا لو شهدوا أن هذه الحنطة من زرع كان في أرض فلان أو هذا التمر من نخل كان في أرض فلان أو هذا الزبيب من كرم كان في أرض فلان لايقضى به لفلان ولو أقر الذي في يديه بذلك يؤخذ بإقرارة * ولو شهدوا أن هذا العبد ولدته أمه فلان كان العبد لصاحب الأمة *ولو شهدوا أن هذه الحنطة من زرع هذا الرجل يقضى بها لصاحب الزرع *وكذا لو شهدوا أن هذا الزبيب من كرم فلان يقضى بالزبيب لفلان ولو أدعى دجاجاً في يد رجل أنه له خرج من ملكه وأقام زو اليد البينة على مثل ذلك فأنه يقضى به لذي اليد * ولو أقام المدعي البينة أن البيضة التي خرج منها الدجاج كانت له لا يقضى بالدجاج للمدعي ويكون الدجاج لصاحب اليد وعنيه بيضة للمدعي كأن صاحب اليد غصب بيضة وجعلها تحتى الدجاج * عبد في يد رجل أقام رجل البينة أنه عبده أشتراه من فلان وأنه ولد في ملك بائعه وأقام ذو اليد البينة أنه عبده أشتراه من فلان أخر وأنه ولد في ملك بائعه فلان فإنه يقضى بالعبد لذي اليد لأن كل واحد منهما أدعى نتاج بائعه ودعوى نتاج بائعه كدعوى نتاج نفسه فيقضى ببينة ذي اليد * أمة في يد رجل وابنتها في يد رجل آخر أدعى رجل أنها أمته وأقام البينة فقضى له بالجارية ملكاً مطلقاً ولو كانت الإبنة في يد المدعى عليه كان له أن يأخذ الإبنة مع الجارية * ولو أقام رجل البينة على نخل في يد رجل وتمر هذا النخل في يد غيره فقضى له بالنخل فإنه يأخذالتمر أيضاً ولا يشبه التمر الولد * رجل أشترى جارية فاستحقت من يده بنكوله لم يكون له أن يرجع بالثمن على بائعه وان أقام البينة بعد نكوله على بائعه أن الجارية كانت للمستحق لاتقبل بينته إلا أن يقيمها على إقرار البائع بذلك وهل له أن يحلف البائع فيه روايتان والظاهر أنه لايحلف وكذا لو كان القضاء لمستحق على المشتري بإقراره *ولو كانت الجارية أدعت أنها حرة فاستحلف المشتري فنكل أو أقر ثم أقام البينة على بائعة أنها كانت حرة قبلت بينته على بائعه وأن لم يكن له بينة كان له أن يحلف البائع وكذا لو أستحقها رجل أنها له وأعتقها أو دبرها أو ولدت منه فصدقه المشتري ثم أقام هو البينة على البائع بذلك قبلت بينته*(فصل في دعوى الدور والأراضي )إذا أدعى دار أو عقار لاتسمع دعواه إلا بتعريفها وتعريفها لايكون إلا بذكر الحدود فيذكر الجيران بأسمائهم وأبائهم وأجدادهم واللقب 390الذي يعرف به وأن كان يعرف بإسمه وأسم أبيه وجده لايحتاج إلى اللقب وأن كان التعريف لايحصل إلا بذكر اللقب بأن كان يشاركه في المصر غيره في ذلك الأسم والنسب كما لو قال أحمد أبن محمد أبن جعفر فبهذا لايقع التعريف لأن في المصر من يشاركه في الأسم والنسب ومحمد رحمه الله تعالى ذكر في كثير من المواضع فلان أبن فلان الفلاني وأن حصل التعريف بأسمه وبأسم أبيه ولقبه لايحتاج إلى ذكر الجد وأن كان لايحصل بذكر الأب والجد لايكتفي بذلك *ولو ذكر الحدود الثلاثة وسكت عن الرابع لايضر وأن لم يسكت ولكنه أخطأ في الرابع لايصح حتى لو قال المدعى عليه ليس هذا المحدود في يد أو قال ليس على تسليم هذا المحدود فأنه لتتوجه عليه هذه الخصومة *وأن قال المدعى عليه هذا المحدود يدي غير أنك أخطأت في الحدود لايلتفت إليه الااذا توامقا على الخطأ فحينئد يستأنف الخصومة *ولو ادعى على رجل محدود في يده فأنكر المدعى عليه أن يكون ذلك في يده فطلب المدعى من القاضي أن يحلفه على ذلك كان له ذلك حتى يقر فإذا أقر باليد حلف على ملك المدعى فإذا أقر بذلك يأمره القاضي بترك فأن أراد المدعى أن يقيم البينة بعد اقراره باليد أنها له قال الشيخ الأمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لاتقبل بينة المدعى على الملك مالم يقيم البينة أنها في يد المدعى عليه فأن لم يقم بينة أنها في يد المدعى عليه وأقام البينة على الملك بعد اقرار المدعى عليه باليد فقضى القاضي بذلك ذكر في الجامع أنه لاينفذ قضاؤه مالم يعرف القاضي أنها في يده أو يقيم البينة أنها في يد وكذا ذكر الخصاف رحمه الله تعالى المدعى عليه إذا أدعى بعد القضاة أن المدعى أخطأ في الحد الرابع لاتسمع دعواه وكذا لو أدعى قبل القضاء(2/222)
بعد ما أجاب المدعى أنها ملكي وفي يد ثم أدعى أنه أخطأ في الحد الرابع لاتسمع دعواه وأن شهدوا على حدين لم تقبل شهادتهم ولا يقضى بها وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها تقبل ويقضى وأختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في قوله قال بعضهم أنها تقبل إذا شهدوا على حدين متقابلين أما إذا شهدوا على حدين حد اليمين والمغرب أو حد اليسار والمشرق لاتقبل وقال بعضهم أنها تقبل في قوله إذا شهدوا على حدين أحدهما طولاً والأخر عرضاً * إذا أدعى محدود أو ذكر الحدود الأربعة وقال الشهود نحن نعلم حدودها إذا ذهبنا إليها ونقف ثمه ولاكن لانعرف جرانها ولا نعرف أسامي الجيران قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هناك مسائل ثلاثة *أحدهم أن يقول الشهود لهذا المدعي دار في محلة كذا في سكة كذا تلاصق دار فلان في زقيقة كذا أغتصبها منه هذا المدعي عليه وأنها في يده بغير حق ولم يذكروا حدوداها أو قالوا لا نعلم حدودها وجاء المدعي بشهود أخر فشهدوا بحدودها فأن القاضي لايقضي للمدعي لأن الذين شهدوا بالملك لم يشهدوا بالحدود والذين شهدوا بحدود الدار لم يشهدوا له بملك الدار * والمسئلة الثانية لو قال الشهود نحن نعلم حدودها أحد حدودها كذا والثاني كذا والثالث كذا والرابع كذا ولاكن لاندري أتوافق الحدود التي سمينا دعوى المدعي وهل هذه الحدود حدود تلك الدار فإنا تحملنا الشهادة بهذه الحدود وسمي لنا حدودها هذه الحدود وأقر البائع بهذه الحدود ولاكن مارأيناها ولا مررنا بتلك المحلة ولا بسكنها وأكثر تحمل الشهادة على الدار والأرض على هذا الوجه يسمي البائع حدودها والشهود يتحملون الشهادة بتعريف البائع وفي هذه المسئلة القاضي يبعث أمينين إلى الدار لينظرا أن هذه الحدود هل هي حدود تلك الدار فأن وافق يقضى بها للمدعي إذا رجعنا إليه 391وشهدا عنده أن حدودها هذه الحدود وأن خالف لا يقضى *وأما المسئلة الثالثة إذا قال الشهود أن لهذا المدعى دار في محلة كذا نعرف حدودها إذا قمنا عند حيطانها ونشير أن أحد حدودها إلى هاهنا والثاني آلي هاهنا والثالث آلي هاهنا ووالرابع آلي هاهنا ولكن لانعلم جيرانها فإن هاهنا إذا اراد القاضي أن يقضي للمدعي يأمر الشهود بأن يذهبوا إلى الدار ويبعث معهم شاهدين أو أمينين من امنائه ويبينون الحدود للأمينين ثم يعترف للأمينان جيرانهم ويسألوا أساميهم فإذا رجعوا إلي القاضي وشهد أمينها أن الشهود بينوا حدود الدار وأشاروا إليها وإنا تعرفنا عن جيرانها فوجدنا دار فلان وفلان وفلان وفلان في سكة كذا فإن القاضي يقضي بشهادة الشهود الذين شهدوا بملك الدار للمدعي *وإن قال الشهود نشهد أن الدار التي تلاصق دار فلان ابن فلان لهذا المدعي أو قالوا الدار التي بين دار فلان وبين دار فلان لهذا المدعي لايلتفت أن شهادتهم لأنهم ذكروا حدين وذاك لايكفي وإن كانت الدار مشهورة بإسم رجل ولن يذكر الشهود حدودها لاتقبل شهادتهم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا القرية والأرض والحانوت ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وأجمعوا على أن الرجل إذا كان مشهوراً لا يشترط في تعريفها ذكر الإسم والنسب *ولو إدعى محدوداً في يد رجل وذكر الشهود الثلاثة قالوا لانعرف الحد الرابع جازة شهادتهم وإن ذكروا الحد الرابع وقالوا الحد الرابع متصل بملك المدعي ولم يذكروا الفاصل جازة شهادتهم وإن ذكروا الحد الرابع في ملك المدعي عليه ولم يذكروا الفاصل لاتقبل شهادتهم في الأراضي وتقبل في البيوت والدور والكروم ولو كان الحد الرابع ملك رجلين لكل واحد منهم أرض بجنب المدعي قالوا في بيان الحدود والحدالرابع لزيق أرض فلان ذكروا أحد الجارين ولم يذكروا الأخر جاز أيضاً وكذا لو كان الحد الرابع أرض رجل ومسجداً فقالوا الحد الرابع لزيق أرض فلان ولم يذكروا المسجد جاز * رجلان تنازعا في دار كل واحد منهما يدعي أنها له وفي يده ذكر محمد رحمه الله تعالى في الأصل أن على كل واحد منهما البينة وإلا فاليمين لأن كل واحد منهما مقر بتوجه الخصومة عليه لما ادعى اليد لنفسه فإن اقاما احدهما البينة انها في يديه يقضى له باليد ويصير هو مدعي عليه والآخر مدعياً وإن قامت البينة لكل واحد منهما فإن القاضي يجعل الدار في يدهما لأنهما تساويا في إثبات اليد فصار كما لو تساويا في إثبات الملك وقال بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى إذا قال المدعي ملكي وفي يدي لاتسمع دعواه لأنه لايدعي حقاً على غيره *وذكر الخصاف عن أصحابنا أن رجلاً لو أقام البينة على رجل أن في يديه الدار التي حدها كذا وبين حدودها فإن القاضي لايسمع دعواه ولايقبل بينته على الملك مالم يقم البينه أن الدار في يد المدعي عليه ثم يقيم البينه انها له لتوهم أنهماتواضعا في يد ثالث على أ ن يدعيه احدهما فيقر الآخر انها في يده ويقيم المدعي البينة عليه أنها له والدار في يد غيرهما وهذا باطل لأن هذا قضاء على المسخر واختلفوا في القضاء على المسخر(2/223)
قال بعضهم ينفذ قضاؤه وإليه أشار في الكتاب وقال بعضهم إنما ينفذ إذا لم يعلم القاضي أنه مسخر أما اذا علم أنه مسخر لاينفذ قضاء القاضي وعليه الإعتماد فعلى ماقاله الخصاف ينبغي أن لايسمع البينه في مسئلتنا لأن صاحب كل واحد منهما لايكون خصماً له إذا لم تكن الدار في يده *ومن أصحابنا من قال مسئلة الأصل محمولة على ما إذا أقاما البينة على اليد ثم أقام أحدهما البينة على الملك أما إذا لم يقيما البينة على اليد حتى أقام أحدهما البينة على الملك فإن القاضي لا يقضي له حتى لو وجد الدار في يد ثالث لاينتزع من يده وذكر شمس 392الأئمة السر خسي رحمه الله تعالى قال تأويل مسئلة الخصاف أن المدعى عليه لم يدع اليد وفي مسئلة الأصل كل واحد منهما يدعي اليد لنفسه فلهذا تقبل دعوى المدعى على الملك حتى لو قال المدعي في ملكي وفي يدي وأن هذا الرجل يمنعني ويتعرض بغير حق والمدعى عليه يقول ملكي في يدك ولا يدعي اليد لنفسه لاتسمع بينة المدعي وذكر محمد رحمه الله تعالى في السير لو أن مسلماً خرج من دار الحرب ومعه مستأمن وفي يدهما بغل عليه مال كل واحد منهما يقول هو مالي وفي يدي فقامت لإحدهما بينة من المسلمين فإن القاضي يقضي بالمال لمن أقام البينة لأنه نور دعواه بالحجة قال شمس الأئمة هذا رحمه الله تعالى وبهذه المسئلة تبين خطأ بعض مشايخنا فيما إذا قال كل واحد من المدعيين ملكي في يدي إن القاضي لايسمع هذه الخصومة ويقول إذا كان ملكك في يدك فما تطلب مني فقد نص ههنا على قبول البينة من أحدهما وهو الصحيح ووجهه أن كل واحد منهما محتاج إلى البينة لدفع منازعة الأخر فالبينة لهذا المقصود مقبولة ويقول القاضي أطلب منك أن تمنعه عن مزاحمتي وتقرره في يدي قائماً *فالحاصل أن دعوى الملك في العقار لاتسمع إلا على صاحب اليد ودعوى اليد تقبل على غير صاحب اليد إذا كان ذلك الغير يتنازعه في اليد فيجعل مدعياً لليد مقصوداً ومدعياً للملك تبعا لملك اليد *رجل إدعى دارأ في يد رجل وقال الدار داري إشتراها فلان منك لي وفلان غائب والذي في يديه الدار يجحد البيع قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أقبل بينة المدعى عليه وكذا لو كان المشتري حاضراً ينكر الشراء وهذا بمنزلة رجل ادعى داراً في يد رجل وقال هي لي اشتريتها من فلان كان فلان اشتراها منك وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا ادعى أنها له اشتراها من فلان وفلان اشتراها من الذي في يديه تقبل البينة وإن ادعى أنها له اشتراها له فلان من الذي في يديه الدار لاأقبل هذه البينة * ولو قال هذا لي اشتريته من فلان الذي وكلته بالبيع سمع دعواه *ولو قال هذه لي اشتراها منك فلان وفلان كان وكيلي في الشراء لاتسمع دعواه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتسمع في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى * رجل ادعى داراً في يد رجل فقال المدعي عليه ليست في يدي فجاء المدعي بشهود تصرف وشهدوا أن الدار في يد المدعي عليه وفي ملكه فإنا القاضي يسأل المدعي أن قال المدعي هو كما شهدوا أنها في يده وفي ملكه فقد أقر المدعي بالدار للمدعي عليه وأن قال صدقوا أنها في يده ولا أصدقهم أنها في ملكه فله ذلك ويجعل المدعي عليه خصماً للمدعي *المدعي إذغ قال ملكي وحقي وفي يد هذا بغير حق ولم يقل واجب عليه تسليمها لي والشهود لم يقولوا ذلك أيضاً * ولو قال ملكي وحقي ولم يقل وفي يده لغير حق فقد ذكرنا أختلاف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه * رجل ادعى داراً في يد رجل فقال الذي في يديه أودعنيها فلان فقال المدعي ماكان فلان أودعكها ولكنه وهبها لك أو باعكها فأن القاضي يحلف الذي في يديه بالله ما وهبها له ولا باعها منه بعدما كان أودعها إياه فأن نكل عن اليمين جعله خصمن للمدعي * رجل في يديه دار إدعاها رجل فأقام الذي في يديه الدار البينة أن فلاناً الغائب كان أدعى هذه الدار واستحقها من يده وسلمها إليه القاضي ثم أن ذلك الغائب أجراها للذي هو فيها قالوا لاتقبل بينته ولا تندفع عنه الخصومة * دار في يد رجل ادعى رجل أنها له وأقام البينة وأقام الذي في يديه البينة أن هذه الدار لفلان الغائب اشتراها من المدعي وكلني بها تقبل بينته وتندفع عنه الخصومة ولا يلزم الغائب الشراء من هذا المدعي * دار في يد رجل أقام رجل البينة أن صاحب اليد غصبها منه وأقام رجل آخر البينة 393أن هذه الدار له فإنه يقضي بالدار للذي أقام البينة أنها له * رجل ادعى داراً في يد غيره أنها له ثم ادعى بعد ذلك أنها لفلان وقفها عليه قالوا تسمع دعواه كما لو ادعى لنفسه أولاً ثم ادعى لغيره وادعى أنه وكيل فأن ادعى أولاً أنه وقف ثم ادعى أنه له لاتسمع دعواه كما لو ادعى لغيره أولاً ثم ادعى لنفسه * رجل ادعى دار في يد رجل فأنكر الذي في يديه فاستحلف ونكل فقضى القاضي عليه بنكوله ثم أن المقضي عليه أقام البينة أنه كان اشتراها من المدعي أن أقام البينة على الشراء قبل القضاء لايقبل وأن أقامها على الشراء بعد القضاء يقبل * رجل(2/224)
ادعى داراً في يد رجل أنها له وملكه وحقه وفي يد الذي في يديه غضب وأقام الذي في يديه البينة أنها وديعة في يده عن فلان الغائب اختلف المشايخ في قال بعضهم تندفع عنه الخصومة لأنه لم يدع الفعل على صاحب اليد فتندفع الخصومة وقال بعضهم لاتندفع وهوا الصحيح كما لو قال غضب مني ثم أقام الذي في يديه البينة أنها وديعا لاتندفع عنه الخصومة فكذا ههنا * ولو ادعى عبداً في يد رجل أنه له سرق منه وأقام الذي في يديه البينة أنه وديعة لفلان الغائب قال محمد وزفر رحمهما الله تعالى تندفع عنه الخصومة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى في السرقة إذا لم يسم السارق لاتندفع الخصومة عن صاحب اليد ولو قال هذا لي غصبه مني فلان غير ذي اليد أو كان ثوباً فقال هذا لي سرقهو مني فلان غير ذي اليد فأقام المدعي عليه البينة على أن فلاناً الغائب أودعنيه تندفع الخصومة عن ذي اليد * قال الشيخ الإمام المعروف رحمه الله تعالى بخواهر زاده رحمه الله تعالى في السرقة لاتندفع الخصومة عن ذي اليد استحساناً * ولو قال هذا لي اشتريته من ذي اليد بكذا وأقام المدعي عليه البينة أنه وديعة في يده ينظر في ذلك أن ادعي على ذي اليد فعلان لم تنته أحكامه بأن ادعي الشراء منه بألف ولم يذكر أنه نقد الثمن ولا قبض منه فأقام الذي في يديه البينة أنه لفلان الغائب أو دعنيه أو غصبته منه لاتندفع الخصومة في قولهم فأن ادعى عليه عقداً أنتهت أحكامه بأن ادعى أنه اشترى منه هذه الدار أو هذا العمد بكذا ونقده الثمن وقبض منه المبيع ثم أقام المدعي عليه البينة أنه لفلان الغائب أودعنيه أختلفوا فيه قال بعضهم تندفع عنه الخصومة لأنه لما أدعى عقداً أنتهت أحكامه لم تبق دعوى العقد وبقيت دعوى الملك فتندفع عنه الخصومة * ولو شهد الشهود على المدعى بدلك ولم يقل صاحب اليد هو لفلان الغائب أو ادعى قالو تندفع عنه الخصومة * ولو أقام المدعى عليه البينة أن فلاناً الغائب دفعه اليه فشهد شهوده وقالوا نشهد أن فلان الغائب 394دفعه إليه ولا ندرى أنه ملك فلان الغائب جازت شهادتهم وتندفع الخصومة عن ذي اليد كما لو أقر المدعى عند القاضي أن فلاناً الغائب دفعه إليه فأنه تندفع الخصومة عن ذي اليد *ولو قال الذي بيده أودعنيه رجل لاأعرفه فشهد الشهود أنه أودعه رجل وهما لايعرفانه كان الذي في يده خصماً للمدعي وكذا لو قال الشهود أودعه إياه فلان والمدعى عليه يقول أودعني رجل لاأعرفه كان هو خصمن للمدعي * رجل ادعى على رجل ببلدة دار أو الدار في غير تلك البلدة فأقام المدعي البينة فقبلت ببينه وقضى بها للمدعي جاز قضاؤه وأن لم تكن الدار في ولاية هذا القاضي * رجل ادعى دار في يد رجل أنها له فأنكر المدعي عليه ثم قال المدعى من أين سراى رابرين مدعى عليه ارازا نى داشم بطل دعواه لا هذا اللفظ يذكر للتمليك والبزل عرفا فان ادعاه المدعي بعد ذلك لاتسمع دعواه الا أن يدعى عليه بملك حادث *رجل ادعى محدودا وذكر حدودها قال في تعريفها وفيها أشجار وكان المحدود بتلك الحدود ولكنها خالية عن الأشجار لاتبطل دعوى المدعى الملك وكذا لو ذكر مكان الأشجار رحيطانا ولو كلن المدعي قال في تعريفها ليس فيها أشجار عظيمة لايتصور حدوثها بعد الدعوى الا أن حدودها توافق الحدود التي ذكرت بطل دعواه * ولو ادعى أرضاً وقال هي عشر دبرات أرض أو عشر جريب فكانت أكثر من ذلك لاتبطل دعواه وكذا لو قال وهي أرض يبذر فيها مكابيل فإذا هي أكثر من ذلك أو أقل الاأن الحدود وافقت دعوى المدعى لاتبطل دعوى للمدعى لان هذا خلاف يحمل التوفيق وهو غير محتاج اليه *دار في يد رجل فقال رجل آخر بعث منه هذه الدار وأنكر الذي في يده الشراء وقال هي لي ثم أن المقرادعى أنها له وأقام البينة على ذلك قبلت بينته * ولو قال المقر أولاً هذه الدار للذي في يديه وسكت ثم قال أنا بعتها منه فأنكر الذي في يديه الشراء ثم أقام المقر البينة أنها له ذكر النطافى أنه لاتقبل بينته ولا تسمع دعواه * رجل أقر عند القاضي أن هذا العبد أو الدار لفلان غير ذي اليد ثم أقام البينة أنه له اشتراه من الذي في يديه قبل أقراره لاتقبل بينة * رجل اشترى دار أو عبدا فاستحق من يده بالبينة فأراد أن يرجع بالثمن على بائعه بعده ثم قال لابن البائع قد كانت اشتريت منك هذا بكذا ولى أن أرجع عليك بالثمن قالو ايسمع منه دعواه الثاني وله أن يرجع عليهما بالثمن لاحتمال أنه اشتراه من البائع أولا ثم جاء ابنه وادعاه فاشتراه من ابنه فإذا استحق عليه كلن له أن يرجع عليهما بالثمنين * دار في يد رجل ادعى رجل أنه له اشتراه من فلان غير ذي اليد وأقام البينة ذكره في الأصل وجعل المسئلة على وجوه خمسة أن شهد شهوده أنها كانت لفلان باعها من هذا المدعى بكذا أو شهدوا أن فلانا باعها منه وهو يومئذ يملكها جازت شهادتهم * والثانية لو شهدوا أنها لهدا المدعى اشتراها من فلان بكذا جازت شهادته * والثالثة أذا شهدوا واأن فلان باعها من(2/225)
هذا المدعي وسلمها إليه جازت شهادتهم وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها لاتقبل شهادتهم وبه أخذ القاضي أبو حازم رحمه الله تعالى ومشا بخنار رحمه الله تعالى أخذوا بالجواب الكتاب وجازوا هذه الشهادة أنها لاتقبل شهادتهم وبه أخذ القاضي أبو حازم رحمه الله تعالى ومشايخنا رحمه الله تعالى أخذوا بجواب الكتاب وأجازوا هذه الشهادة * والرابعة لو شهدوا أن هذا المدعى اشتراها من فلان بكذا ونقد الثمن أو شهدوا أن فلاناً باعها منه بكذا ولم يزيدوا على ذلك لاتقبل شهادتهم * ولو شهدوا أن فلانا باعها منه بكذا وكانت الدار في يديه وقت البيع ذكر الناطفي رحمه الله تعالى أنه لاتقبل هذه الشهادة إذا كانت الدار في يد ثالث الخصومة * ولو شهد أنه اشتراها من 395ذي اليد بكذا وهو يدعى ذلك ولم يزيدوا عليه جازت شهادتهم * رجل قال للقاضي أن هذا المدعى عليه أقر أن هذه الشيء الذي في يده لي فمره بالتسليم إلى هذه المسئلة على وجهين * أحدهما أن يدعي أن هذه العبد له وأن الذي في يده أقر له بهذا فإن القاضي يسمع دعواه هذه عند الكل وأن قال هذا لي لان الذي في يده أقربه لي فالصحيح أنه لاتسمع دعواه وان قال المدعى أن هذا الرجل أقر أن هذه الدار التي في يده لي فمر بالتسليم إلى قال عامة المشايخ تصح دعواه ويمر بالتسليم إليه إذا ثبت أقراره بذلك عند القاضي * رجل ادعى دار أو جارية في يد رجل أنها له وجاء بشاهد ين فشهد الآخر أنها كانت له أو شهد واجمعا أنها كانت له قال الشيخ الأمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى تقبل شهادتم وكذا لو شهد الآخر أنها كانت ملكه تقبل شهادتهم أحدهما أنها كانت في يده وشهد الآخر آنها في يده وأشهدوا جميعاً أنها كانت في يد المدعى لاتقبل شهادتهم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهم الله تعالى وتقبل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وسوى بين هذا وبين مالو شهدوا ولو أها كانت له * ولو ادعى أنها كانت له وشهد الشهود أنها له ذكر الشيخ الأمام المعروف بخواهر زاده في شرح الغصب الصحيح أنها لاتقبل * ولو شهد الشهود أن المدعى عليه غصبها من المدعى تقبل وكذا لو شهدوا أنهه استعاره منه * رجل أدعى دار في يد رجل أنها دار فلان الغائب ولي على الغائب ألف درهم وأن الغائب كان رهن عنده الدار بالالف التي له عليه منذ شهر ودعها إليه وأن المدعى قبضها منه ثم أن الغائب بعد ذلك استعارها منه فأعارها إياه وأقام البينة والذي في يده الدار يزعم أن الدار داره اشتراها من ذلك الغائب أمس أو قال أشتراها منه عشرة أيام وأقام البينة على ذلك فإن القاضي يقضي ببينة الرهن فإن قال ذو اليد أنا أنقض البيع فإن القاضي لاينقض ببيعه على الغائب حتى يحضر الغائب وكذا لو كان المدعى يدعي الأستئجار مكان الرهن ولو كان مكان المرتهن والمستأجر رجل يدعى ملك الدار ويزعم أنه اشتراها من الغائب منذ شهر وذو اليد يدعى الشراء منذ عشرة أيام فإناالقاضي يقضي البيع الثاني الذي يدعى صاحب اليد فإن كان شهود المدعى لم يشهدوا لعلى الغائب بقبض الثمن من المدعى فإن القاضي يأخذ الثمن ويسلم الدار إلى المدى ويكون الثمن عنده حتى يحضر الغائب كذا ذكره في المنتقى * وذكر في الجامع رجل اشترى جارية وقبضها بغير أذن البائع قبل نقد الثمن وباعها من رجل آخر وسلم إلأى الثاني وغاب المشتري الأول ثم حضر البائع الأول وادعى أن المشتري الأول قبضا منه اذنه قبل نقد الثمن وأراد أن يستردها من الذي في يديه أن أقر صاحب اليد بما ادعى البائع الأول بأخذها من يده وأن أنكر الثاني فلا خصومة بين البائع الأول وبين المشتري الثاني * وذكر في الاجارات رجل استأجر من رجل ثلاثة دواب الدواب أجر دابة منها من غيره وأعار أخرى ووهب آخرى أو باع فوجد المستكرى الدواب في أيديهم فإن كان باع بعذر رجاز البيع وانتقضت الاجارة في رواية الاجارات وأن باع بغير عذر فالبي مردود والمستكرى أحق بالدواب لتقدم عقده وما وجد في يد المستعير فلا خصومة بينهما حتى يحضر صاحب الدابة لأن يد المستعير ليست يد خصومة وما وجد في يد الموهوب له خصم فيها للستأجر لان الموهب له يدعى ملك القبة فما في يده فيكون خصماً لكل من يدعى حقاً في ذلك وأن كان المدعى الاجارة قال في الكتاب المستأجر أحق بها حتى يستوي في الاجارة هكذا ذكر في الكتاب ولم يبين أي المستأجرين أحق بها الأول أم الثاني وختلف المتأخرون فيه قال 396شمس الأئمة السرخي رحمه الله تعالى الصحيح أن المستأجر الثاني لايكون خصماً للمستأجر الأول حتى يحضر صاحب الابة بمنزلة المستعير لأنه لا يدعى ملك العين فلا يكون خصماً للأول والحاصل أن المستأجر لايكون خصماً لمن يدعى الرهن ولا لمن يدعى الشراء والمشترى يكون خصماً للكل وكذلك الموهوب له * رجل ادعى دار في يد رجل فقال المدعى عليه هي لو لدى الكبير الغائب لاتندفع الخصومة عنه مالم يقيم البينة على الايداع كما لو ادعى الوديعة لاجنبي فإن كان المقر له حاضر اصح أقره(2/226)
وتحول الخصومة إلى المقر له * ولو قال هي لو لدى الصغير لاتندفع عنه الخصومة لانه لو كان صاد قافي اقراره كلن هو خصما في ذلك * ولو ادعى أرضاً في يد رجل أنها له غصبها منه الذي في يديه فقال المدعى عليه هو وقف على سبيل خير معلوم لاتندفع الخصومة عنه فإن أقام المدعي بينة على ما ادعى يقضى له وأن لم يكن له بينة قال الشيخ الأمام الجليل أبو بكر محمد أبن الفضل رحمه الله تعالى يحلف المدعى عليه على دعوى المدعي فإن حلف برىء وأن نكل ضمن قمته للمدعى على قول محمد رحمه الله تعالى لانه صار وقف باقراره نكل تعذر عليه تسليمه إلى المدعي بحكم أقراره بالوقف فيضمن قيمته للمدى* ولو أقام المدعى عليه البينة على الوقف فشهدوا أنه وقف ولم يذكروا الواقف لاتندفع عنه خصومة المدعي ولا يبرأ عن الضمان لأنه صار وقفاً باقراره فكان وجود هذه البينة وعدمها بمزالة والاقرار بالوقف بمنزلة الأقرار لو لده الصغير أو لولد صغير لغيره فكما يلزمه الأقرار للولد الصغير بلزمه بالوقف* رجل ادعى دار في يد رجل أنها له فقال صاحب اليد ملك تونست وحق تونيست أو قال ملك وحق منست فأقام المدعى بينة على ماادعى ثم دعى صاحب اليد دفعا الخصومة المدعى وقال له أنك أقررت قبل دعوال هذه وقلت أين سراى ملك من نيست وحق من نيست وأقام البينة على هذا كان هذا دفعا الخصومة المدعى *ذكر في الجامع اذا أقام المشهود عليه البينة أن المدعى ساومه بالمدعى به قبل دعواه قبلت بينة وبطلت بينة المدعى لان الاستيام أقرار بالملك للبائع أو أقرار من المساوم أن لاملك له فيما ساومه فلو أن المدعى بعد بينة المدعى عليه على هذه الوجه أقام البينة أن صاحب اليد استام من المدعى به قبلت هذه البينة ويبطل الدفع الأول لان في رواية الجامع الاستيام أبن أقرار بالملك للمستام منه فكان المدعى بهذا الدفع مد عيا اقرار صاحب اليد أنها ملك المدعى والتناقض يبطل بتصديق الخصم فيصير في التقدير كان صاحب اليد ادعى أن المدعي أقر بأن الدار ملك صاحب اليد ثم أن المدعي ادعى أن صاحب اليد أقر بعد ذلك أن الدار ملك المدعى ولو كان هكذا يبطل دفع صاحب اليد هذا إذا أرخ كل واحد منهما لاقراره تاريخاً فإن لم يؤرخاً فكذلك يندفع أقرار كل واحد منهما باقرار صاحبه فبقيت بينه المدعى على الملك المطلق بلا أقرار كما لو ادعى عينا في يد إنسان أنها له وأقام البينة على أقرار ذي اليد للمدعى وأقام ذو اليد البينة على أقرار صاحبه تبطل البينتان وتبقى اليد بلا معارض وهذا على الرواية التي جعل الاستيام أقرار بالملك للمستام منه وعلى الرواية التي جعل الاستيام اقرار بأن لاملك له فكذلك يصح هذا الدفع لان أقرار ذي اليد بأن لاملك له وثم أحد يدعى الملك لنفسه يكون أقرار بالملك للمدعي فأنه ذكر في الزيادات رجل عينا ولم يتفق بينهما بيع ثم أن المساوم بعد ذلك ادعاه لنفسه أو لغيره بالو كالة لاتسمع دعواه ولو لم يكن ذلك اقرار بالملك للبائع تسمع دعواه لغير بالو كالة * رجل أودع رجلانصف عبد أو نصف دار غير مقوم ثم باع منه النصف الآخر وسلمه إليه فجامر جل وادعى نصف دلك وأقام البينة وأقام صاحب اليد البينة على الشرا الوديعة لم يكن بينهما خصومة 397حتى يحضر البائع لأن المدعي لو استحق النصف بظهر بالاستحقاق أن البائع كان شريكاً للمدعى فانصرف ببيعه إلى النصف الذي كان له والمشترى ليس بخصم في النصف الآخر لانه وديعة في يده * ولو اشترى نصف دار غير مقسوم شراء فاسد أو قبضه ثم اشترى النصف الباقي شراء جائز ثم جاء رجل وادعى النصف فإن المشترى يكون خصماً للمدعي لانه يملك الكل ظاهراً فيكون خصماً للمدعى فإذا قضى للمدعى بالنصف ثم حضر البائع كان له أن يسترد منه النصف الآخر بحكم فساد العقد لان الاستحقاق انصرف إلى النصف الباقي * ولو باع نصف العبد بيعاً جائز ثم باع منه النصف الباقي بميه أو بدم وسلم الكل إلى المشتري لايكون خصماً للمدعى * ولو اشترى عبد من رجل وأودعه رجل وادعى النصف فإن المشتري يكون خصمان للمدعي ويقضي للمدعى بالربع *رجل أدعى دار في يد رجل فقال المدعى عليه نصفها لي ونصفها لفلان ابن فلان وديعة عندى ولم يقم البينة على الوديعة حتى أقام المدعى البينة عل ما ادعى ثم أن صاحب اليد على ما ادعى من الوديعة بطلت بينة المدعي في النصف وإذا بطلت بينة المدعي من النصف هل تبطل من النصف في النصف الباقي قالوا تبطل بينة * قال مولانا رضي الله عنه وفيه نظر لان في المسئلة التي قبلها كان المدعى عليه خصماً في النصف دون النصف ومع هذا قبلت بينة في النصف * رجل ادعى دعوى واتفقت فتاوى الا ئمة على فساد هاو مع ذلك ادعى المدعي عليه الدفع دفعاً صحيحاً وأقام البينة قالوا لا تسمع بينة الدفع لأن الفع بناء على الدعوى والدعوى لم تصح فإن كانت دعوى المدعى نحمل الصحة بوجه مافاذا ادعى المدعي عليه الدفع يطلب المدعي عليه باثبات الذفع * رجل ادعى على شخص أنه مملوكه وأنه قد تمرد(2/227)
وجرح من يده فقال المدعى عليه أنا مملوك فلان الغائب قالوا أن جاء العبد ببينة على ماذكر تندفع عنه خصومة المدعى وأن لم يقم البينة على ما ادعى فبلت عليه ببينة المدعى ويقضى له فإن حضر الغائب بعد ذلك لم يكن له على العبد سبيل حتى يقيم البينة على ما ادعى * رجل أدعى دار في يد رجل أنها له أشتراها من فلان غير ذي اليد فشهد الشهود له لم تقبل شهادتهم *ولو ادعى ملكا بسبب ثم ادعى ذلك في وقت آخر عند غير ذلك القاضي ملكا فطلقا فأقام عليه البينة أنه كان ادعاه قبل هذا بسبب عند فلان القاضي قبلت بينة المدعى عليه وتبطل بينة المدعى * وأن ادعى أولا ملكا مطلقاً ثم ادعاه عند ذلك القاضي أو عند غيره ملكاً بسبب سمع دعواه لأن المطلق يحتمل التقيد وإن الثاني دون الأول * إذا أدعى داراً أوعرضا فأنكر المدعي عليه فأقام البينة المدعي شاهدين شهد أحدهم أن المدعى عليه أقر أنه ابتاعها من المدعى وشهد الآخر أن المدعى أو دعها اياه ذكر في المنتقى أنها تقبل ويقضى للمدعى * ولو شهد أحدهما أنها للمدعى وشهد الآخر على لم تقبل هذه الشهادة * رجل ادعى شياً في يد غيره وقال هو ملكي وأن صاحب اليد أحدث يده عليه بغير حق قالوا لاكون هذا دعوى الغصب على ذي اليد * رجل أدعى دار في يد رجل فأنكر المدعى عليه فأقام المدعى شهودا أنها للمدعى وقضى بالدار للمدعى ثم أقام المقضى عليه البينة أن البناء ئنه بناه هو * ذكر في الأصل أنه تقبل بينة المدعى عليه لان البناء دخل في القضاء والشهادة تبعا حتى لو كان شهود المدعى شهدوا 398بالدار والبناء جميعاً فقضى القاضي للمدعي ثم أقام المقضى عليه البينة أن البناء له بناه هو لاتقبل بينته ولو أقام البينة على أرض فيها زرع فقضى بها للمدعي ثم أقام المقضى عليه البينةأن الزرع له زرعه هو ببذاره من حنطته قبلت شهادتهم *وذكر في المنتقى إذا ادعى داراً او أقام البينة أنها له فقضى القاضي له بالدار ثم أقام المقضي عليه البينة أن البناء له بناه هو لاتقبل بينة المقضى عليه لأن الشهادة بالدار شهادة بالأرض والبناء جميعاً * وكذا لو قال شهود المدعى بعد القضاء ليس البناء للمدعى وانما شهدنا له بالدار ولن نشهد له بالبناء كانت شهادتهما بالدار شهادة بالبناء ويضمنان قمة البناء للمقضى عليه * ولو شهدوا بالدار للمدعى ثم قالا قبل القضاء ليس البناء للمدعى قبلت شهادتهما ويقضى للمدعى بالساحة دون البناء وينبغي للقاضي إذا شهدوا بالدار أن يسألهما يقضي بالدار والبناء *ولو قال المدعى هذا البيت من هذه الدار لفلان غير المدعى عليه ليس هو لي فقد أكذب شهوده إن كان قبل القضاء لايقضى له بشيء ,وإن كان بعد القضاء فقال هذا البيت لم يكن لي وإنما هو لفلان جاز إقراره لفلان ويكون البيت للمقرر له ويرد هو مابقي من الدار على المقضى عليه ويضمن قيمة ذلك البيت للمشهود عليه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أخرى يضمن قيمة الكل للمشهود عليه ويكون مابقي من الدار للمشهود * ولو شهدا بالدار أنها للمدعي فماتا أو غابا وقضى القاضي بالدار والبناء للمدعي ثم قال المدعي ليس البناء لي إنما هو للمدعى عليه لم يزل له فهذا اكذاب منه الشهود ويرد الدار مع البناء على المقضى عليه * ولو قال المدعي البناء للمدعى عليه ولم يقل لم يزل له لم يكن ذلك اكذا بالشهود ويكون البناء للمدعى عليه وان قال ذلك قبل القضاء صدق ولا يقضى له بالبناء ولا يكون مكذباً شهوده *وإذا أدعى داراً فقال شهوده نشهد أنها دار المدعي ولا نعلم ماحال البناء كان فيها بناء ولا ندري هو هذا البناء أم لا ذكر في المنتقى أنه يقضي بالدار والبناء للمشهود له فأن أقام المقضى عليه البينة بعد ذلك أن البناء له بناه هو تقبل بينته ويجعل البناء له لأن البناء دخل في القضاء ههنا تبعاً كما ذكر في الأصل وكذا لو شهدوا بأرض فيها نخل فقالوا نشهد أن هذه الأرض أرضه وأم النخل فلا علم لنا به فالنخل بمنزلة البناء في الدار أن شهدوا بالأرض ولم يتعرضوا للنخل ثم رجعوا عن النخل بعد القضاء ضمنوا قيمة النخل وأن شهدوا بالأرض وقالوا لاندري ما حال النخل والبناء ثم رجعوا عن البناء والنخل بعد القضاء لايضمنون شياً * ولو أدعى دار في يد رجل وأقام شاهدين فشهدا أن الدار داره ثم قالا قبل القضاء أن البناء ليس له إنما هو للمشهود عليه ذكر الناطقي رحمه الله تعالى أن قالا ذلك قبل أن يفترقا عن مجلس القضاء وقبل أن يطول جازت شهادتهما إستحساناً أما إذا قاما أو طال ذلك بطلت شهادتهما وهو نظير ما ذكر في الجامع الصغير إذا شهد الشهود بشيء فلم يبرحا عن مكانهما حتى قالا أوهمنا في بعض شهادتنا قبل ذلك منهما * رجل أدعى دار في يد رجل أنها له وشهد الشهود بذلك وقضى القاضي به ثم أقر المدعي أن البناء كان ملك للمقضى عليه لايبطل قضاء القاضي له بالأرض * ولو شهد الشهود له بالأرض والبناء فأقرة بعد القضاء أن البناء كان ملك للمقضى عليه بطل قضاء القاضي * وكذا(2/228)
لو أدعى أرضاً فيها أشجار وأقام البينة وقضى القاضي به ثم أقر المدعي أن الأشجار كانت ملك للمقضى عليه لا يبطل قضاء القاضي بالأرض * ولو شهد الشهود للمدعى بالأرض والأشجار جميعاً والمسئلة بحالها بطل قضى القاضي لأن في الوجه الأول شهدوا بالبناء تبعاً فلا يكون أقرار المدعي إكذاباً للشهود وأما في الوجه الثاني شهدو بالبناء والأشجار399 نصا فكان أقرار المدعي أكذاباً للشهود * ولو أدعى داراً في يد رجل وأقام البينة فشهدوا أنها للمدعي فقضى بها القاضي ثم قال الشهود لا ندري لمن البناء فأنهم لايضمنون شيئاً كأنهم قالوا بعد القضاء شككنا في الشهادة * وأن قالوا البناء للمدعى عليه ضمنوا قيمة البناء للمقضى عليه * ولو ادعى جارية أنها له وشهد الشهود بذلك وقضى به القاضي وكان لها ولد في يد المدعي عليه لم يعلم به القاضي فأقام المدعي ببينته أنه ولدها فأن القاضي يقضي بالولد للمدعى فأن رجع شهود الام بعد ذلك ذكر الناطقي رحمه الله تعالى أنهم يضمنون قيمة الام والولد جميعاً لان القاضي أنما قضى بالولد للمدعي بشهادة شهود الام فأنهم لو رجعوا بعد القضاء بالام قبل القضاء بالولد أو أرتدوا عن الاسلام أو فسقوا ثم أقام المدعي البينة على الولد أنه ولد الجارية فإن القاضي لايقضي له بالولد الا أن يشهد الشهود بالولد أنه ملك المدعي ولدته الجارية في ملكه * ولو ادعى جارية في يد رجل أنها له وشهد الشهود أنها له فغابوا أو ماتوا ولها ولد في يد المدعى عليه أدعاه الدي في يديه وأقام البينة على ذلك ذكر في المنتقى أنه لايلتفت إليه ويقضى بالجارية وولدها للمدعي فإن قضى القاضي بذلك ثم حضر الشهود فقالوا لم يكن الولد للمدعي أنما هو للمدعى عليه فإن القاضي يقضي بقيمة الولد على الشهود كأنهم رجعوا عن شهادتهم بالولد فإن قال الشهود لاندري لمن الولد لايضمنون قيمة الولد هذا إذا شهدو بالجارية فماتوا أو غابو فإن كانوا حضوراً سألهم القاضي عن الولد فإن قالوا قبل القضاء هو للمدعى عليه أو قالوا لاندري لمن هو فإن القاضي يقضي بالام ولايقضي بالولد * رجل أدعى دار في يد رجل أنها له أو أدعى أنها له أشتراها من الذي في يديه بكذا ونقده الثمن وقبضها منه وقال المدعى عليه هي لي وأقام المدعي شاهدين فشهد أحدهم كما أدعى بشرائطها وشهد الثاني وقال أشهد على شهادة الأول أو قال على مثل شهادة الأول لاتقبل شهادته في قولهم * مثل ما شهد الأول ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أنها لاتقبل حتى يفسر الشهادة على وجهها * وذكر شمس الائمة الحلواني رحمه الله تعالى المختار عندي أن يكون الجواب على التفصيل أن كان الشاهد الثاني فصيحاً يمكنه أداء الشهادة على وجهها لايقبل منه إلا جمال وإن كان أعجمياً لولا حشمة مجلس القاضي يمكنه أداء الشهادة بلسانه يقبل منه الإجمال * وأن كان عاجزاً عن الشهادة أصلاً لا تقبل شهادته وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى المختار عندي أن القاضي أن أحس بهم تهمة الكذب لا يقبل منه الأجمال وألا يقبل وهو كما لو فرق القاضي بين الشهود أن أحس بهم تهمة الكذب جاز له ذلك وإلا فلا * ولو كتب الشهادة على بياض فشهد أحدهمى من الكتاب وأشار إلى مواضعها ويقول الأخر أشهد أن لهذا المدعي جميع مابين ووصف على المدعى عليه هذا أو يقول أشهد بما أدعى هذا المدعي على هذا المدعى عليه ويشير إليهما جاز ذلك *وذكر الشيخ الإمام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى إذا قال الشاهد أشهد بما أدعاه المدعي لا يقبل ولو أدعى المدعي من الكتاب تسمع دعواه لأنه عسى لا يقدر على الدعوى فصح دعواه من الكتاب لكن لابد من الإشارة في موضع الإشارة * ولو أمر القاضي رجلين ليعلماه الدعوى والخصومة ذكر في المنتقى أنه لا بأس به خصوصاً على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى *رجل أدعى شيئاً في يد أنسان وأقام البينة فأقر المدعى عليه بالمدعى به لغيره لم يصح اقراره حتى لاتندفع عنه الخصومة * رجل أدعى داراً أو شيئاً في يد رجل وأقام البينة فعدلت الشهود ومات المدعى عليه قبل القضاء فإن القاضي لا يقضي بدون الخصم فإن خلف وارثاً حاضراً قضى عليه 400بتلك البينة لايحتاج إلى إعادة البينة وإن كان الوارث غائباً غيبة منقطعة ينتصب القاضي وكيلاً بطلب الخصم ويقضى عليه بتلك البينة ولا يحتاج آلي إعادة تلك البينة *إذا ادعت المرأة على زوجها الطلاق فأقر أو ادعت الأمة العتق فأقر ثم غاب فإن القاضي يقضي عليه بإقراره ولو لم يقر لكن أقيم عليه البينة فغاب فأنه لايقضى على الغائب *رجل في يديه مال فقال هو وديعة عندي ولا أعرف مالكها فجاء رجل وادعى الوديعة أنها له قبلت بينته لان المودع يكون خصماً للمالك ولو اقرها المودع أنها له وقال وضعها عندي فلان آخر وصدقه المدعى لايكون هو خصماً للمدعي *عين في يد رجل فقال ليس لي فجاء رجل وادعاه فقال ذو اليد هو لي سمع ذلك منه * رجل استعارمن رجل ثوباً ثم أقام البينة أنه لابنه الصغير ذكر ابي يوسف(2/229)
رحمه الله تعالى في الامالي أنه تسمع دعواه وتقبل بينته *قال مولانا رضى الله عنه وهذا على الرواية التي لم تكن الاستعارة اقراراً بالملك له وإنما تكون إقراراً بأن لاملك للمستعير *دار في يد رجل فقال له رجل ادفع ا لي هذه الدار اسكنها فأبى أن يدفع فادعى السائل أنها له سمع دعواه وكذا لو قال أعطني هذه الدابة أركبها أو قال ناولني هذا الثوب البسه *ولو قال اسكني هذه الدار أو أعرني هذه الدار أو هذه الدابة أو هذا الثوب ثم ادعاه بعد ذلك لاتسمع دعواه *رجل ادعى على رجل أنه باعه هذا العبد بألف درهم بأمر مولاه وقال المدعى عليه بعته بغير أمر مولاه كان المدعى عليه خصماً للمدعى وتقبل بينة المدعي عليه ويؤمر بتسليم العبد إليه *رجل ادعى داراً في يد رجل أنها له فقال ذو اليد هي لفلان بعتها منه بكذا وقبضها ثم أودعنيها فإن صدقه المدعى في ذلك أو كذبه وعلم القاضي بذلك فلا خصومة بينهما وإن كذبه ولم يعلم به القاضي قبلت بينة المدعي ولا تقبل بينة المدعى عليه على ماادعى فإن قضى القاضي للمدعى ثم حضر الغائب وادعى أنها له وصدق المقر فيما أقر وأراد أن وأراد أن يقيم البينة على ماادعى لاتقبل بينتة وإن ادعى الحاضر ملكاً مطلقاً قبلت بينته ويقضى له وان حضر الغائب قبل أن يقضي ا لقاضي للمدعي فإن ادعى الذي حضر لنفسه ملكاً مطلقاً صارا كخارجين أقاما البينة وإن ادعى الذي حضر الشراء من ذي اليد منذ شهر وأقام البينة قبلت بينته في دفع بينة المدعى لأنه ثبت بهذه البينة أن بينة المدعى قامت على غير خصم
(فصل في دعوى أن فلان آخر وهبها منه الملك بسبب )
دار في يد رجل فأقام رجل البينة أنه اشتراها من فلان غير ذي اليد بألف درهم وهو يملكها ونقده الثمن وأقام آخر البينة وقبضها وأقام آخر البينة على الصدقة من رجل آخر وأقام آخر البينة أنه ورثها من أبيه فإن القاضي يقضي بينهم أرباعاً وان ادعوا ذلك من رجل واحد يقضى للمشتري وترجح بينة البيع *ولو ادعاها رجلان أقام أحدهما البينة على الهبة والقبض من رجل وأقام آخر البينة على الصدقة والقبض من ذلك الرجل فهما سواء إن كان شيئاً لايحتمل القسمة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لايقضى بشيء وقيل بأنه يقضي لهما عند الكل وقال بعضهم لايقضى بشيء عند الكل والرهن أولى من الهبة والصدقة *ولو ادعى رجل الشراء من رجل وادعت امرأة أنه أمهرها قال محمد رحمه الله تعالى الشراء أولى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هما سواء *(2/230)
رجل في يديه دار أقام رجلان كل واحد منهما البينة أنه اشتراه من ذي اليد بكذا ونقده الثمن وهو ينكر دعواهما فإن القاضي يقضي بينهما ولكل واحد منهما أن يأخذ النصف بنصف الثمن أو يرد ويرجع بكل الثمن فإن نقضا البيع رجع كل واحد منهما على ذي اليد بجميع الثمن ولو قضى القاضي401 بالدار بينهما فاختار أحدهما النقض ولآخر الإجازة بعد تحيير القاضي للذي أجاز أن يأخذ النصف بنصف الثمن وليس له أن يأخذ كل الدار والناقض يرجع عليه بكل الثمن وإن كان ذلك قبل قضاء القاضي كان للذي لم ينقض البيع أن يأخذ الكل بكل الثمن هذا إذا لم يكن لأحدهما تاريخ فإن أرخوا تاريخهما سواء فكذلك يقضي بينهما وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق فهو أولى وإن أرخ أحدهما وأطلق الآخر فهو للمؤرخ وإن لم يؤرخا والدار في يد أحدهما فصاحب اليد أولى وان أرخ أحدهما وللآخر يد فصاحب اليد أولى إلا أن يشهد شهود الآخر أن بيعه كان قبل بيع ذي اليد فيقضى للمؤرخ * وان ادعيا الشراء كل واحد منهما من رجل آخر أنه اشتراها من فلان وهو يملكها وأقام آخر البينة أنه اشتراها من فلان آخر وهو يملكها فان القاضي يقضي بينهما وان وقتا فصاحب الوقت الأول أولى في ظاهرة الرواية *وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لايعتبر التاريخ وان أرخ أحدهما دون الآخر يقضي بينهما اتفاقاً فان كان لأحدهما قبض فلآخر أولى كأن البائعين ادعيا ولأحدهما يد فأنه يقضي للخارج منهما *رجل في يديه دار وعبد أقام رجلان كل واحد منهماالبينة أنه اشترى منه الدار بالعبد الذي في يديه وصاحب اليد ينكر دعواهما فان القاضي يقضي بالدار بينهما ويقضي بالعبد بينهما ولهما الخيار لان الشركة في الدار عيب فان اختارا أخذ الدار أخذ الدار بينهما والعبد بينهما وان اختارا الفسخ أخذ العبد بينهما وقيمة العبد بينهما وان أراد أحدهما ان يأخذ كل الدار بعدما قضى القاضي لهما ليس له ذلك لان القاضي حين قضى لهما بالدار والعبد فقد فسخ عقد كل واحد منهما في نصف الدار وان كانت الدار في يد أحدهما قضى القاضي له بالدار وبالعبد للآخر وكذا لو لم تكن الدار في يده ولكن شهود شهدوا له بقبض الدار قضى القاضي له بالدار وليس لبائع الدار أن يرجع على من أخذ الدار وان أستحق منه ثمن الدار وهو العبد لان العبد أخذ من يده بينة لم تظهر في حق صاحبه * وأن أراخا وأحدهما أسبق فالدار له والعبد للاخر على كل حال سواء كانت الدار في يدهما أو في يد البائع أو في يد أحدهماأو شهدا الشهود للآخر بقبض الدار * ولو أرخ أحدهما وأطلق الأخر فإن كانت الدار في يد البائع فالدار للذى أرخ والعبد للآخر * وأن آرخا أحدهم للآخر يد يقضى بالدار لذى اليد وكذا الو كان الغير المؤرخ قبض مشهود به فهو أولى وأن كان لأحهما قبض معين وللآخر قبض مشهود به فالقبض المعاين أولى * وأن كانت الدار في أيدهما فأرخ أحدهما وأطلق الآخر يقضي بالدار بينهما وبالعبد بينهما ويخير كل واحد منهما * رجل اشتاى من رجل شياً فاستحق من يده ورجع على بأعه بالثمن ثم وصل إليه المبيع بوجه من الوجوه لايكون للبائع بالملك اشتراه منه فقد أبطل القاضي ذلك الشراء فيبطل ماكان في ضمن * * رجل في يده دار أدعى رجل أنها له اشتراها من اليد منذ سنة وقال صاحب اليد هي لفلان الغائب بعتها مند شهر وسلمتها إليه ثم أودعنيها أن المدعي فيما فيما أدعى من البيع والا يداع أو علم القاضي بذلك فلا خصومة بينهما وان كذبه في البيع ولا يداع ولم يعلم القاضي بذلك فهو خصم للمدعى وأن أقام البينة على مادعى من البيع والايداع لاتقبل بينته فإن قضى
(الصفحة 403والصفحة 402غير مكتوبة)(2/231)
404ذلك فقضاء عل المقر له حتى لو أقام المقر له البينة أنه كان أو دعه الذي في يديه لايقبل بينة * رجل في يديه مال الرجل غائب مات الغائب فجاء رجل وادعى أنه لبينة وصدقه واليد فإن القاضي يتلوم ولا يدفع المال إلى المدعي سواء قال للميت وارث آخر أو لم يقل فإن ظهر له وارث آخر والادفع المال إليه وتقدير مدة التلوم مفوض إلى المقاضى وقدر الطحاوي رجمه الله تعالى مدة التلاوم بالجول * قيل ما ذكر الطحاوي رحمه الله تعالى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى فأما أبو حنيفة رحمه الله تعالى لايرى التقدير * عين في يد رجل جاء رجل وادعى أنه اشتراه من فلا ن الغائب وصدقه في ذلك صاحب اليد فإن القاضي لا يأمره بالتسلم إلى المدعى * ولو ادعى رجل دينا على رجل وادعى المديون البراءة وقال لي يأمره بأداء المال ولا يؤجله * رجل أمر رجل بأن يقضي دينه الذي لفلان عليه فجاء المأمور وقال قصبت وأراد أن يرجع به على الآمر فقال الأمر ما كان لفلان على دين ولأمر تلك بالقضاء ولا أنت قضيت شياً والذي له الذين غاءب فأقام المأمور بينة على الدين والأمر بالقضاء وقضاء الدين فبلت سنته ويقضى القاضي بجميع ذلك ويكون ذلك قضاء على الغائب * ولو أن رجلا أحضر رجلا وادعى أن له على فلان الغائب ألف درهم وأن الذي أحضره كفل له بهذا المال عن الغائب وأنكر المدعى عليه الدين والكفالة فأقام المدعى البينة على ما ادعى قبلت بينه ويقضي له على الحاضر ولا يكون ذلك قضاء على الغائب الا أن يدعي المدعي الكفالة بأمر وشهوده شهدوا بدلك أيضاً فيقضى على الحاضر ويكون ذلك قضاء على الغائب * ولو أن المدعى ادعى على الحاضر أنه كفل عن فلان الغائب بكل المال له على فلان الغئب وله على الغائب ألف درهم وشهد الشهود بذلك ففي هذا الوجه يقضى على الحاضر ويكون ذلك قضاء على الغائب سواء ادعى الكفالة بأمر أو بغير أمر * رجل أراد أن يثبت دينه على غائب بنى فالحيله له أن يكفل للمدعى على فلان الغائب فيجوز المدعى كفالته في المجلس ثم يدعى المدعى المال المقدر الذي يريد أثناته على الغائب فيقر الكفيل وينكر دينه بذلك الدين على الغائب فيقبل بينته ويقضى ه بذلك المال على الغائب ثم يبرىء المدعى الكفيل عن المال فيبقى المال على الغائب * دار في يد رجل ادعى رجل أنها كانت لابينه مات وتركها ميرا ثاله والذي في يديه يقول هي لي وشهد شهود المدعى أنها كانت لابي المدعي مات وتركها ميراثاً له وأنهم لا يعلمون له وارثاً غيره فأن القاضي يقبل شهادتهم ويقضى بها للمدعي ويدفع الار اليه كما لو ادعى أنها كانت لابه اشتراها منه في صحته بألف درهم وشهد الشهود بذلك فانه يفبل إذا شهدوا أن أباه كان يسكن هذه الدار * والرابعة إذا شهدوا أن أباه كان يملك هذه الدار ففي هذه الاافاظ الأربعة إن جروا الميراث فقالوا مات وتركها ميراثاً له شهادتهم ويقضى له في قولهم وإن لم يجروا الميراث فقالوا كانت لابينة أو قالوا كانت ملك أبيه أو قالوا كانت لحده إلى أنه ولم يقولوا مات وتركها ميراثاً له لاتقبل هذه الشهادة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهم الله تعالى وتقبل في قول أبي يوسف الأخر 405* وإن شهدوا على اقرار المدعى عليه بشيء من ذلك يكون اقرارا منه بالملك للمدعى ويؤمر بالتسليم إليه* ولو شهدوا أن أباه مات وهذه الدار في يديه اوشهدوا أن هذه الدار كانت في يديه يوم مات يقبل ويقضى بها للمدعى وأن لم يجر والميراث لانهم لما شهدوا بيد الميت عند الموت نقد شهدواله بالملك عند الموت والشهادة بالملك للميت عند الموت شهادة بالانتقال إلى الوارث وكذ لو شهدوا أن أباه مات وهوساكن فيها يقبلو يقضى بها للمدعى * ولوشهدوا أن أباه مات في هذه الدار أوشهدوا أن أباه كان في هذه الدار حين مات فيها لاتقبل وكذا لو شهدوا أن أباه دخل الدار ومات لاتقبل لأنهم لم يشهدوا له بالملك ولهذا لو أقر المدعي عليه أنه كان فيها أو كان داخل فيها لايكون أقرارا لو شهدا أن أباه مات وهوا لابس هذا الثوب أو هذا الخاتم وصاحب اليد يجعل يقبل شهادته ويقضي به للابن وأن كانت دابة فشهدوا أن أباه مات وهوا راكب هذه الدابة أو شهدوا أن أباه مات وهو حامل هذا المتاع يقبل ويقضي به للوارث* ولو شهدوا أنه مات وهو قاعد على هذا البساط أو على هذا الفراش أو نائم عليه لاتقبل ولا يقضي بشيئ * ولو ادعى دار في يد رجل ميراثا عن أبيه فشهدوا أنها كانت لأبيه يوم مات وتركها ميراثاً له قضي للوارث * وكذا إذا شهدوا أنها كانت لأبيه يوم مات وهو أبنه وارثه * وأن شهدوا أنه أبنه ولم يذكروا أنه وارثه ذكر في الزيادات أنه أبنه ووارثه قالوا أنما ذكر ذلك الإذلة وهم الرضاع والأصح أن قوله ووارثة وقع أتفاقاً فأنه ذكر في الأب والأم هو أبوه وأمه وجوز الشهادة وأن لم يذكروا الورثة *وهذا في من لايحجب بغيره فإن كان يحجب بغيره كالجد والأخ والعم لابد أن يذكروا هو وارثه ويشترط أيضاً أنهم لايعلمون له وارثا غيره * رجل(2/232)
طلب الميراث وأدعى أنه عم الميت يشترط لصحته أن يفسر فيقول عمه لأبيه وأمه أو لأبيه أو لأمه ويشترط أيضاً أن يقول ووارثة لا ورث له غيره * وإذا أقام البينة لابد للشهود أن ينسبوا الميت والوارث حتى يلتقيا إلى أب واحد ويقول هو وارثة لاوارث له غيره * وكذلك في الأخ والجد إذا شهدوا أنه جد الميت أبو أبيه لابد أن يقولوا هو وارثه لاوارث له غيره فأن شهدوا أنه أخ الميت لأبيه وأمه أو لأبيه ووارثة لايعلمون له وارثا غيره جاز ولا يشترط في هذا ذكر الأسماء* رجل مات فأقام رجل لبينة أنه وارث الميت وأن قاضى بلد كذا فلان بن فلان قضى بأنه وارثه لاوارث غيره وأشهدنا على قضائه ولا هدري ميراثاً لورثته ولم يذكر الورثة فإن القاضي لايقبل شهادتهم ولا يدفع إليه شياً وان قالوا هو ابنه ولم يقولوا الانعلم له وارثاً أخر فأن القاضي يتأنى 406زمانا فأن تأتي ولم يظهر له وارث آخر فأنه يدفع إليه الدار ولا يأخذ منه كفيلاً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما يأخذ * هذا اذا كان هذا الوارث عن لايحجب بغيره كالاب والأم والأبن فإن كان ممن يحجب بغيره أو لم يشهدوا لان أحد الورثة ينتصب خصما عن الكل في أثبات مال الميت على كل حال ثم ينتظر إذا شهدا الشهود أنه لا وارث له غيره وكان زوجاً يعطي له النصف على قول محمد رحمه الله تعالى روايتان في رواية كما قال محمد رحمه الله تعالى كما قال محمد رحمه الله تعالى يعطي له أوفر النصين وفي رواية يعطى له أقل النصيبين الثمن للمرأة الربع للزوج ولابي يوسف رحمه الله تعالى فيه أربعة أقاويل في قول كما قال محمد رحمه الله تعالى وفي قول يعطي أقل النصيبين وفي قول يعطي للمرأة ربع الثمن وفي رواية يعطى لها ربع التع ويجعل كأنه مات عن أبوين وابنتين نسوة في الزوج لمحمد رحمه الله تعالى واحد يعشر وتعول لأجل الزوج إلى خمسة عشر له ثلاثة من ذلك * وأن مات الرجل عن أمراه حبلى أو أم ولد حبل وورثة فإن القاضي يؤخر القسمة إلى أن يظهر حكم الحبل فإن أبو التأخير وطلبوا تعجيل القسمة يوقف القاضي نصيب الجنين عند الكل وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويوقف نصيب أربع بنين وعند محمد رحمه الله تعالى يوقف نصيب غلامين لاحتمال أنها تلد غلامين وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يوقف نصيب غلام واحد لانها في العادة تلد ولدا واحدا عليه الفتوى وعنه في رواية يوقف نصيب غلامين كما قال محمد رحمه الله تعالى *رجل مات وله ابنان أحدهما حاضر والأخر غائب فأحضر الحاضر رجلاً أجنبياً وادعى أن له على أبيه ألف درهم دين ولأبيه على هذا الرجل الأجنبي ألف درهم لا مال لأبيه غير هذا الآلف قالوا أنقبل بينة الابن الحاضر في اثبات دين الميت على الأجنبي ولا مذهبا تقبل في اثبات دين الابن لأنه ليس معه خصم ولا يقضى له بشيء الألف التي يقضى بها على الأجنبي لأنه زعم أنه لاميراث له فيوقف ذلك حتى يحضر الأخ * رجل أدعى دار في يد رجل أنها له وأقام الذي في يده الدار البينة أن فلاناً الغائب كان ادعى هذه الدار واستحقها من يده ودفعها القاضي إلى المستحق ثم أنه آجرها الذي هو فيها الانقبل بينة ذي اليد على هذا لأنه أقر أن يده كانت يد خصومة قبل الاستحقاق وهو ليس يخصم في إثبات الاستحقاق * رجل ادعى داراً قي يد رجل وبين حدودها فأنكر المدعى عليه ذلك فقاما من عند القاضي ثم جاء المدعي ببينة فشهدوا على المدعى عليه أنهما لما قاما من عند القاضي أقر المدعى عليه أن الدار التي خاصمه هذا المدعي فيها لهذا المدعي ولم يذكر حدود الدار في إقراره وإنا لانعرف الدار ذكر في المنتقى أنه يجوز ويقضى بها للمدعي وكذا لو لم يشهد الشهود أنه قال الدار التي خاصمه فيها ولكنهم قالوا نشهد أن المدعى عليه قال الدار في سكة كذا حدودها كذا التي في يدي دار المدعى فإنه يقضى بها للمدعى *رجل مات فقاسمت امرأته أولاده الميراث وهم كبار كلهم وأقروا أنها زوجته ثم وجدوا شهوداً أن زوجها كان طلقها ثلاث فإنهم يرجعون عليها بما أخذت من الميراث وكذلك قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى في امرأة اختلعت زوجها بمال ثم أقامت البينة أنه كان طلقها ثلاثاً قبل الخلع وكذلك الرجل إذا قاسم أخ 407امرأته ميراثاً وأقر الأخ انه ميراثها وأقر أن هذا زوج وهذا أخ ثم أقام الأخ البينة أن الزوج كان قد طلقها ثلاث فذلك جائز ويرجع الأخ فيما أخذ الزوج من الميراث *وإذا اقتسم القوم داراً والمرأة مقرة بذلك وأصابها الثمن فعزل لها طائفة من الأرض ثم ادعت أن الزوج أصدقها إياها في صحته أو ادعت أنها اشترتها منه بصداقها لاتقبل بينتها *وكذلك لو اقتسموا أرضاً فأصاب كل إنسان طائفة بجميع ميراثه عن أبيه ثم ادعى أحدهم في قسم الآخر بناء أو نخلاً وزعم أنه هو الذي بناه وغرسه وأقام البينة على ذلك لاتقبل لأن القسمة السابقة إقرار منه أن جميع ذلك ميراث لهم عن أبيهم وأن هذا القسم صار ميراثاً لأخيه *ولو رجلاً أقر أن فلاناً مات وترك هذه(2/233)
الأرض أو هذه الدار ميراثاً ثم ادعى بعد ذلك أن الميت أوصى له بالثلث تقبل بينته وإقراره السابق لايخرجه من دعوى الوصية وكذا لو ادعى ديناً قبل الموت لأن محل الدين والوصية التركة والتركة بعد الموت توصف بأنها ميراث وإن كان فيها دين أو وصية *وكذلك ورثة أقروا جميعاً أن هذه المواضع ميراث بيننا عن أبينا ثم ادعى أحدهم أن ثلث هذه المواضع وصية من أبي لأبني الصغير فلان وأقام البينة تقبل بينته *رجل ادعى أنه تزوج هذه المرأة فأنكرت ثم مات الرجل فجاء ت تدعي ميراثه كان لها الميراث وكذا لو كانت المرأة ادعت النكاح فأنكر الرجل ثم ماتت فطلب الرجل ميراثها وزعم أنه كان تزوجها كان له الميراث هكذا روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر * ولو أن امرأة ادعت على زوجها أنه طلقها ثلاثاً فأنكر الرجل ذلك ثم مات وطلبت ميراثها عنه لايكون لها الميراث وكذا لو كذبت نفسها قبل موته وزعمت أنه لم يطلقها *دار في يد قوم من ميراث ادعى رجل أنه اشترى من بعضهم نصيبه الذي ورث عن أبيه من هذه الدار وهو غائب وأقر الحاضرون فيها بحق الغائب وبنصيبه من ميراثه عن أبيه وقالوا لاندري اشتريت أم لا ولا ندفع إليك حصة الغائب منها فاحضر المدعي الشهود فشهدوا له بالشراء من الغائب لاتقبل بينته * ولو قالوا هذه الدار لنا لاحق للغائب فيها قبلت بينة المدعي *ثلاثة اخوة ورثوا داراً من أبيهم فادعى رجل أن أباهم غصبها إياها فحلفوا فنكل واحد منهم عن اليمين وحلف الآخران وقد ورثوا مالاً عن أبيهم غير ذلك يضمن لنا كل قيمة حصصهم للمدعى ويرد حصة نفسه من الدار على المدعي وان نكل واحد أو أقر أنه كان وديعة في يد أبيهم يرد حصته على المدعى ولا يضمن شيئا لأبيه وأقام البينة أن هذا الشيء لأبيه مات وتركه ميراثاً له وأن أباه مات يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا وأقامت امرأة البينة أن أباه تزوجها يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا وانه مات بعد ذلك بيوم بعد اليوم الذي وقت الابن أراد بذلك أن المرأة أقامت البينة على النكاح بعدما بعد ما أثبت الابن موته بيوم فان القاضي يقضي لكل واحد منهما يقضي للمرأة بالنكاح والصداق والميراث وللابن بالميراث وكذا لو أقامت امرأة أخرى بينة أنه كان تزوجها بعد نكاح الأولى بيوم يقضى بنكاحها أيضاً مع نكاح الأولى ويقضى لهما بالميراث مع الابن ولا يشبه هذا ما لو ادعى الابن أن فلاناً قتل أباه وأقام البينة وأرخ للقتل أنه قتله في يوم كذا في شهر كذا من سنة كذا ثم أقامت امرأة البينة أنه تزوجها في يوم كذا بعد ذلك اليوم فانه لايقضى ببينة المرأة هنا لأن وقت القتل يدخل في القضاء لان المقتول يستحق حقاً على القاتل إما القصاص وإما الدية فإذا قضي بقتله وبوجوب الدية أو القصاص في ذلك الوقت لايقبل البينة على النكاح بعده بخلاف الموت فإن الميت بموته لايستحق شيئاً على أحد فإذا لم يدخل وقت الموت في القضاء لعدم تعلق الحكم به يبطل التاريخ 408ألا يرى أن امرأة لو أقامت البينة أنه تزوجها يوم النحر بالكوفة وأقامت امرأة أخرى أنه تزوجها يوم النحر من تلك السنة بخراسان فانه لايقبل بينة الأخرى لما قلنا *ولو ادعى رجل على رجل أنه قتل أباه عمداً بالسيف منذ عشرين سنة وانه وارثه لاوارث له غيره وجاءت امرأة معها ولد وأقامت البينة أن والد هذا تزوجها منذ خمسة عشر سنة وان هذا ولده منها ووارثه مع ابنه هذا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى أستحسن في هذا أن أجيز بينة المرأة وأثبت نسب الولد ولا أبطل بينة الابن على القتل ولو أقامت المرأة البينة على النكاح ولم تأت بولد فالبينة بينة الابن وله الميراث دون المرأة ويقتل القاتل وإنما ذلك في النسب خاصة وهذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى * ولو ادعى داراً في يد رجل أن أباه اشتراها من ذي اليد بألف درهم ومات أبوه فجحد البائع صح دعواه وإن لم يذكر المدعي في دعواه أن أباه مات وتركها ميراثاً له ثم القاضي يسأله البينة أن يشهدوا أنهم لايعلمون له وارثاً غيره فإذا أقام البينة على ذلك يقضى بشهادتهم ويأمر المدعي أن ينقد الثمن ويقبض المبيع ولو كانت الدار في يد رجل غير البائع لابد أن يقيم البينة أن أباه مات وتركها له ميراثاً ولو ادعى رجل داراً في يد رجلين فأقام البينة أن أحدهما باعه الدار وسلمها الآخر ولايعرف الشهود الذي باع من الذي سلم فشهادتهم باطلة * رجل ادعى داراً في يد رجلين وأقام البينة أنه اشتراها من ذي اليد بألف درهم فقال ذو اليد لم أبع ثم أقام ذو اليد بينة أن المدعى قد رد عليه الدار ذكر في الشهادات وقال أقبل بينة ذي اليد وأبطل البيع وإنكاره البيع لايبطل بينته على الرد سواء كان المدعى عليه قال في إنكاره لابيع بيننا أو قال لم يجر بيننا بيع لان من حقه أن يقول لم يكن بيننا بيع لان المدعي ادعى هذه الدار مرة ثم بد له فيها فردها على قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى إنما تقبل بينة المدعى عليه على(2/234)
الرد إذا ادعى التوفيق وان لم يذكر محمد رحمه الله تعالى ذلك * رجل باع من رجل جارية ثم غاب المشتري قبل القبض ولايدري أين هو فأقام البائع بينة على ذلك فإن القاضي يسمع بينته ويبيع الجارية على المشتري بطريق الحفظ والنظر له وينقد البائع الثمن ويستوثق منه بكفيل لاحتمال أن استوفى الثمن أو أبرأ المشتري عن الثمن فان كان فيه فضل أمسك الفضل للغائب وإن كان فيه نقصان فذلك على المشتري هذا إذا كان لايدري مكان الغائب فان كان يعرف أين المشتري لايبيع القاضي الجارية *رجل ادعى شراء شيء من رجل فأنكر المدعى عليه البيع ثم أن بائع ذلك ادعى البيع وأقام البينة لاتقبل بينته لأن البائع لما أنكر البيع أولاً ثم ادعاه بعد ذلك وأنكر المشتري انفسخ البيع بجحودهما فلا تقبل بينة البائع بعد ذلك
(فصل في دعوى النكاح)(2/235)
امرأة ادعت على رجل أنه تزوجها فأنكر الرجل ثم ادعى الرجل النكاح بعد ذلك وأقام البينة قبلت بينته بخلاف البيع لان النكاح لايبطل بجحودهما *رجل ادعى على امرأة أنه تزوجها بألف فأنكرت فأقام البينة على أنه تزوجها بألفي درهم تقبل ويقضي بالنكاح بألفين وكذا لو أقام البينة أنه تزوجها على هذا العبد قبلت بينته ولو كان هذا في المبيع لاتقبل *امرأة مع رجل في منزله يطؤها ولها منه أولاد ثم أنكرت أن تكون امرأته قال أبو يوسف رحمه الله تعالى اذا أقرت أن هذا الولد ولدها منه فهي امرأته وان لم يكن بينهما ولد كان القول قولها وان كانت معه على هذه الحالة مدركة زوجها أبوها فمات الزوج فجاءت تدعى الميراث قالت كنت أمرت الأب بالنكاح ثبت النكاح وورثت وان قالت لم أكن أمرت أبي بالنكاح ولكني بلغني النكاح فأجزت كان 409عليها البينة وكذا هذا في البيع * رجلان شهدا لامرأة على وارث رجل أنها كانت امرأة فلان ولم يشهدوا أنه مات وهي امرأته والوارث يجحد ذلك جازت شهادتهما كذا ذكر في المنتقى * امرأة معها ولد وقالت لرجل هذا الولد منك وقد تزوجتني وقال الرجل لم أتزوجك وهذا الولد من زنا زنيت بك لايثبت نسب الولد منه ولا حد عليه ويقضى عليه بالمهر* رجل قال لامرأة زوجنيك أبوك وأنت صغيرة وقالت بل زوجنيك وأنا كبيرا لم أرض كان القول قولها والبينة بينة الزوج * رجل أقام البينة على امرأة أنه تزوجها وأقامت اختها عليه بينة أنه تزوجها قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى تقبل بينة الرجل ولا تقبل بينة المرأة لأنها أقامت البينة على نكاح يفسد ولو وقتت بينة المرأة ولم توقت بينة الرجل جازت دعوى الرجل ويثبت نكاح المرأة التي يدعي الرجل ويبطل نكاح المدعية ولها على الزوج نصف المهر * ويسع للشاهدين أن يشهدا بالنكاح إذا رأياهما يسكنان في منزل واحد وينبسط كل واحد منهما على صاحبه كما يكون بين الأزواج وهو بمنزلة ما لو شهدا بالنكاح بالتسامع وكما جازت الشهادة على النكاح بالتسامع قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى تجوز الشهادة على الدخول بحكم النكاح بالتسامع *رجلان ادعيا نكاح امرأة وأقام كل واحد منهما البينة أنها امرأته فإن كانت في بيت أحدهما فهو أولى لأنها في يده فترجح بحكم العبد كما لو ادعيا شراء عين من رجل وأقام كل واحد منهما البينة أنه اشتراه من فلان بكذا وكان المبيع في يد أحدهما كان هو أولى وكذا لو شهد شهود أحد مدعي النكاح أنه دخل بها كان هو أولا وقد ذكرنا أنه يحل للشهود أن يشهدوا على الدخول بحكم النكاح بالتسامع فإن كانت المرأة في بيت أحدهما أو شهدا شهود أحدهما بالدخول وأقام الأخر البينة أنه تزوجها قبله كان هو أولا كما في دعوى الشراء تترجح بينة ذي اليد إلا إذا أقام الأخر البينة على سبق شرائه * وأن أدعيا النكاح وأقام كل واحد منهما البينة وأرخا تاريخهما سواء فإن كانت في بيت أحدهما يترجح بينة ذي اليد * وأن أرخا أحدهما وللأخر يد فصاحب اليد أولا كما في دعوى الشراء إذا أرخ أحدهما ولم يؤرخ الأخر يقضى لصاحب التاريخ فإن أرخ وتاريخ أحدهما أسبق فالسابق أولا على كل حال وأن لم يؤرخا وعددت بينة أحدهما فهو أولا وأن عدلت البينتان جميعاً لا يقضى لواحد منهما كما لو لم يقيما البينة وأن أقاما البينة ولم يؤرخا وليست هي في يد أحدهما فساْلها القاضي فأقرت لأحدهما أنه تزوجها قبل الأخر وأقرت أنه تزوجها دون الأخر فهي للمقر له لأنهما لما أقاما البينة ولم يكن لأحدهما تاريخ ولا يد بطلت بينتهما لمكان التهاتر فإذا أقرت لأحدهما ثبت النكاح المقر له بتصادقها * وكذا لو أقاما البينة فمات أحدهما فأقرت المرأة بنكاح الميت صح أقرارها ويقضى لها بالمهر والميراث وكذا لو أقاما البينة على النكاح والدخول فأقرت المرأة لأحدهما أنه دخل بها أولاً فهو أولا وأن لم تقر فرق بينهما وكان على كل واحد منهما بالدخول الأقل من المسمى ومن مهر المثل * ولو أنهما أدعيا نكاح أمرأة فأقرت لأحدهما ثم أقاما البينة على النكاح ذكر الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله تعالى في الفتاوي الصغرى أنه لايقضى لأحدهما كما لو لم تقر ولا يصير المقر له بنفس الإقرار صاحب يد وأحال الجواب إلى الخصاف رحمه الله تعالى * وإذا أدعت المرأة على رجل نكاح فجحد فأقامت البينة يقضى لها ولا يفسد النكاح بجحوده ولو أن أختين أدعت كل واحدة منهما على رجل واحد أنه تزوجها وهو يجحد فأقامت أحداهما البينة على أقراره أنه تزوجها بألف درهم وأنه دخل بها وأقامت الأخرى البينة على إقراره أنه تزوجها بمائة دينار ودخل 410بها فعدلت البينتان فإن القاضي يفرق ويقضي لكل واحد منهما بالمال الذي شهد الشهود على إقراره استحسانا * وأن أقامت إحداهما البينة على إقراره بالدخول بها بالنكاح ولم تقم الأخرى البينة على إقراره بالدخول بها ولكنها أقامت على النكاح وهو ينكر الكل فإن القاضي يقضي للمدخول بها بصحة نكاحها وبالمهر الذي شهدا(2/236)
الشهود لأن الدخول دليل على سبق نكاحها ولو لم يقم كل واحدة منهما البينة على إقراره بالدخول بها ولا بالدخول أصلاً فرق بينه وبينهما ويقضى بنصف المالين لهما بينهما لمدعية الدراهم بربع الدراهم ولمدعية الدنانير بربع الدنانير * وفي المنتقى ادعى زيد وعمرو نكاح امرأة فقالت تزوجت زيد بعد عمرو فهي امرأة زيد وأن سألها القاضي بعد ما أدعي النكاح من زوجك منهما فقالت تزوجت زيد بعد عمرو فهي لعمرو * امرأة ادعت على رجل نكاحاً فأنكر الرجل قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يحلف الرجل بالله ما هي امرأتك وأن كانت امرأتك فهي طالق بائن وقال بعضهم يحلف على النكاح فتى حلف وليس للمرأة بينة يقول القاضي فرقت بينكما وفي الأستحلاف على النكاح أخذ المشايخ رحمه الله تعالى بقول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وعليه الفتوى * وعن نصير رحمه الله تعالى في رجلين ادعيا نكاح امرأة فأقرت لأحدهما قال ليس له أن يحلفها للأخر ما لم يحلف الذي أقرت له المرأة على دعوى الأخر فأن حلف المقر له بريء وأن نكل عن اليمين فرق بينهما ثم يحلف المرأة للأخر فأن حلفت برئت وان نكلت عن اليمين تصير زوجة له *امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فجاءت إلى الأول بعد مدة فتزوجها الأول ثم ادعت أن زوجها الثاني لم يدخل بها قال أبو القاسم رحمه الله تعالى إن كانت المرأة عالمة بشرائط حلها الأول فقالت عند النكاح أحللت لك فتزوجها الأول لايقبل قولها بعد ذلك وإن كانت جاهلة لاتعلم بشرائط الحل قبل قولها إلا إذا كانت أقرت أن الثاني قد دخل بها * ولو أنها لم تقل شيئاً عند نكاح الزوج الأول حتى تزوجها الأول ثم قالت ما تزوجت بزوج آخر أو قالت تزوجت ولم يدخل بي كان القول قولها *امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فجاءت بعد مدة فأخبرت أنها تزوجت فلاناً وأنكر الزوج الثاني الجماع ذكر الناطقي رحمه الله تعالى أن القول قولها ويجوز للأول نكاحها * ولو أقر الزوج الثاني بجماعها وهي تنكر كان القول قولها ولاتحل للأول *ولو قال الزوج الأول بعدما تزوجها ماوطئك الزوج الثاني وقالت قد وطئني فرق بينهما وعليه نصف الصداق *ولو قال الزوج الثاني تزوجتك قبل انقضاء عدتك من الزوج الأول وقالت قد كنت أسقطت بعد طلاق الأول سقطاً استبان خلقه فرق بينهما ولا مهر لها وإن قالت أولاً أسقطت كذا ثم قالت كنت في العدة عند نكاحك كان القول قولها ويفرق بينهما ولها المهر *رجل تزوج امرأة ثم قال لها كان لك زوج قبلي فلان وقد طلقك وانقضت عدتك فتزوجتك فقالت ماطلقني الأول لايفرق بينهما فإن حضر الغائب بعد ذلك وأنكر الطلاق فرق بينهما وهي للأول *وإن أقر الأول بالنكاح والطلاق وكذبته المرأة في الطلاق كان الطلاق واقعاً عليها فتعتد من الأول من هذا الوقت ويفرق بينها وبين الآخر صدقته المرأة في جميع ماقال كانت امرأة الأخر وإن أنكرت ماأقر به الأول من النكاح والطلاق فهي امرأة الأخر *إذا قالت امرأة تزوجت بغير شهود أو في العدة أو حال ماكنت مجوسية أو أمة فأنكر الزوج ذلك كان القول قول الزوج إجماعاً *وإن اقر الزوج بشيء من ذلك وكذبته المرأة يكون طلاقاً حكماً *وقال الإمام الشيخ أبو بكر محمد بن 411الفضل رحمه الله تعالى إذا كان للمرآة زوج معروف طلقها فتزوجت بأخر وقالت تزوجت وأنا في العدة أن كان بين طلاق الأول ونكاح الثاني أقل من شهرين كان القول قول المرأة وأن كان مقدار شهرين لا يقبل قولها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهذا بخلاف المطلقة إذا عادت إلى الزوج الأول بعد شهور ثم قالت لم أتزوج غيرك كان القول قولها وليس هذا كالعدة * وذكر في المنتقى رجل شهد على رجل أنه طلق هذه المرأة ولم يشهد أنها امرأته فأجاز القاضي شهادته عليهما ثم أدعى الشاهد أنها امرأته وقال لم أعرفها ولم أكن دخلت بها قال يقبل منه ذلك * وكذا لو شهدا على إقرار المرأة أنها امرأة هذا الرجل فأجاز القاضي عليها قرارها وجعلها امرأته ثم أدعى الشاهد أنه تزوجها منذ سنة وأني لم أعرفها وأقام البينة قال يقبل منه ويبطل القاضي قضاءه ويردها على الشاهد ولو كان بدأ فشهد أنها امرأته ثم أدعى التزوج لم يقبل ذلك منه * رجل تزوج امرأة ثم أدعى أنه اشتراها ممن يملكها لا تقبل بينته على ذلك حتى يشهدوا أنه اشتراها من فلان وهو يملكها بعد التزوج *وكذا إذا ساوم بدار في يد رجل ثم أدعى أنه له اشتراها من فلان وهو يملكها لا يقبل منه ذلك حتى يشهدوا أنه اشتراها من فلان بعد المساومة وهي له واقر الذي في يديه الدار أنه وكيل البائع * رجل أشترى خادم منتقبة من رجل فلما رفعت نقابها قال المشتري هذه خادمي ولم أعرفها لايقبل قوله ولا تقبل بينته *امرأة غاب عنها زوجها فنعي إليها ففعلت ما يفعل أهل المصيبة وأعتدت وتزوجت بزوج ثم جاء رجل وقال رأيت زوجك حياً في بلد كذا قالوا أن صدقت الذي أخبرها أولاً بالموت لم يكون لها إلا القرار مع الزوج الثاني لأن خبر الواحد العدل مقبول في الموت فتجوز الشهادة على الموت(2/237)
بالتسامع بسماعه من واحد وفي غير الموت لا يحل له أن يشهد بسماعه من الواحد لأن غير الموت كالنكاح والوقف يكون بمشهد من الجماعة غائباً فلا يكتفي بخبر الواحد * أما الموت لا يكون بمشهد من الجماعة غالباً * إذا أدعت أختان على رجل وأقامت كل واحدة منهما البينة أنه تزوجها أولاُ كان ذلك إلى الزوج إذا صدق واحد منهما أنها الأولى كانت أمرأته وتبطل بينة الأخرى ولا شيء لها من المهر ان لم يكن دخل بها وإن قال الزوج لم أتزوج واحدة منهما أو قال تزوجتهما جميعاً ولا أدري الاولى منهما قال في الكتاب فرق بينه وبينها وعليه نصف المهر بينهما ان لم يكن دخل بواحدة منهما إذا قال تزوجتهما ولا أدري الأولى منهما وأما إذا قال لم اتزوج واحدة منهما ينبغي أن لايجب شيء وإلا صح أن هذا الجواب في الفصلين سواء وهو كما لو أقامتا البينة بعد موت الزوج فأنه يقضي لكل واحدة منهما بالمهر والميراث
(فصل فيما يتعلق بالنكاح من المهر والولد وغير ذلك )(2/238)
وبعض هذه المسائل أعيدت لزيادة الفائدة * رجل قال لامرأته تزوجتك وأنا صبي فقالت لا بل تزوجتني وأنت بالغ كان القول قوله إلا أن القاضي لا يفرق بينهما بل يسأله هل أجاز وليك أم لا قال لايقول له القاضي هل أجزت بعد البلوغ أن قال لا يقول له القاضي هل تجيز الان أن قال لا يفرق بينهما * امرأة وهبت مهرها من الزوج وقالت أنا مدركة ثم قالت بعد ذلك لم أكن مدركة وكذبت فيما قلت قالوا إن كان قدها قد المدركات في ذلك الوقت أو كان بها علامة المدركات لايصدق أنها لم تكن مدركة وإن لم يكن كذلك كان القول قولها * رجل زوج ابنته البالغة فجاءت بعد موت الزوج تطلب الميراث إن قالت زوجني والدي بأمري كان لها الميراث وإن قالت لم أكن أمرته بالتزويج لكن حين بلغني أنه زوجني منه أجزت إن قامت البينة على ماقالت كان لها الميراث وإن لم تقم البينة لايثبت النكاح ولاميراث لها 412لأنها أقرت أن نكاح الأب انعقد فلا يقبل قولها في التنفيذ إلا ببينة *رجل زوج ابنته البالغة فبلغها الخبر ثم اختصما إلى القاضي فادعى الزوج أنها سكتت حين علمت فقالت لا بل رددت أن قالت رددت حين علمت كان القول قولها وإن قالت علمت بالنكاح يوم كذا فرددت قال الزوج لا بل سكت كان القول قول الزوج وهو نظير ماذكر في الشفعة إذا اختلف الشفيع مع المشتري على هذا الوجه إن قال الشفيع طلبت الشفعة حين علمت بالبيع كان ا لقول وإن قال علمت بالشراء يوم كذا فطلبت لايقبل قوله *صغيرة زوجها غير الأب والجد فاختصمت زوجها بعد البلوغ هي بكر فقالت اخترت الفرقة حين بلغت وكذبها الزوج لايقبل قولها إلا ببينة *وإن اختلفا في الحال فقالت بلغت الأن واخترت الفرقة فقال الزوج لا بل بلغت قبل هذا وسكتت كان القول قولها وإن كانت ثيباً وقت البلوغ لايبطل خيارها إلا بالرضاً صريحاً أو دلالة نحو التمكين وغير ذلك * ادعت امرأة مهرها من زوجها على وارث زوجها أكثر من مهر مثلها أن كان الوارث مقراً بالنكاح يقول له القاضي أكان مهرها كذا يذكر مهراً أكثر من مهر مثلها فأن قال الوارث لايقول له القاضي أكان مهرها كذا يذكر مهراً دون الأول لكنه من مهر مثلها إن قال لايقول له القاضي أكان كذا إلى أن يأتي القاضي على مقدار مهر المثل فبعد ذلك إذا قال الوارث لا ألزمه القاضي بمقدار مهر المثل ويحلفه على الزيادة *ونظيره إذا أقر رجل لرجل بمال غير مقدر من الدراهم فإن القاضي يفعل هكذا إلى أن يأتي القاضي على درهم فبعد ذلك يلزمه درهم ويحلفه على الزيادة بدعوى المدعي هذا إذا كان القاضي يعرف مقدار مهر مثلها فإن كان لايعرف يأمر أمناءه بالسؤال ممن يعلم أو يكلفها إقامة البينة على ماتدعي *رجل زوج ابنته الصغيرة فأدركت بعدما دخل بها فطلبت مهرها من الزوج فقال الزوج دفعت المهر إلى أبيك وأنت صغيرة فصدقه الأب في ذلك قالوا لايجوز اقرار الأب عليها ولها أن تأخذ مهرها من الزوج ولايرجع الزوج على الأب * إبن ادعى مهر أمه في تركة والده قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أن كلفه القاضي إقامة البينة على ماادعى جاز وإن عجز عن إقامة البينة يقضى له بمهر المثل قالوا هذا قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لايقضى بمهر المثل بعد موت الزوجين *مطلقة طلبت نفقة ولدها من الزوج المطلق فقال المطلق تزوجت بزوج آخر ولم يبق لك حق الحضانة وأنا آخذ منك الولد فقالت لم أتزوج أو قالت تزوجت رجلاً وطلقني كان القول قولها أما إذا أنكرت التزوج فظاهر وكذلك إذا قالت تزوجت رجلاً لأنها أقرت بالنكاح لمجهول فلم يصح إقرارها *وإن قالت تزوجت فلاناً وطلقني لايقبل قولها ويكون للأب أن يأخذ منها الولد إلا أن يصدقها المقر له في الطلاق * صغير جاءت به أم أمه تطلب النفقة من الأب فقال الأب أنا أحق به لأن أمه في نكاحي لكنها هربت مني وقالت الجدة لا بل ماتت أمه قالوا يترك الولد مع الجدة ويقال للأب أطلب امرأتك لأن الأم إذا لم يعرف مكانها كانت بمنزلة المفقودة فإن أحضر الأب امرأة وقال هذه ابنتك وولدي هذا منها وصدقة المرأة في ذلك وقالت الجدة ما هذه وابنتي قد ماتت كان القول قول الأب والمرأة وهما أولى بالولد * وكذا لو قال الأب حين خاصمته الجدة هذا ابني لا من ابنتك فالقول قوله لأن الجدة أقرت له بالنسب والأب413 منكر حق الجدة *رجل أعتق أمته ثم خاصمت مولاها ولها ولد فقالت للمولى أعتقتني قبل الولادة والولد حر وقال المولى لا بل ولدته قبل الإعتاق والولد رقيق ذكر الناطقي رحمه الله تعالى ان كان الولد في يدها كان القول قولها وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان الولد في أيديهما فكذلك يكون القول قولها لأنها تدعي الولادة في أقرب الأوقات وفيه حرية الولد ولو أقاما البينة فبينتها أولى لأن بينة المولى قامت على نفي العتق وبينتها قامت على إثبات الحرية وكذلك هذا في الكتابة وأما في التدبير القول يكون للمولى لأنهما تصادقا(2/239)
على رق الولد * وذكر في المنتقى عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال إن كان الولد يعبر عن نفسه يرجع إليه ويكون القول قول الولد وإن كان لايعبر كان القول لمن هو في يده منهما
وإن أقاما البينة فبينتها أولى وكذا لو كان مكان الإعتاق كتابة ثم اختلفا في الولد *ولو أعتق الجارية ثم اختلفا بعد حين في الولد فقالت ولدته بعدما عتقت فأخذته مني وقال المولى ولدته قبل العتق فأخذته منك وأنت وأنت أمة لي فإن كان الولد لايعبر عن نفسه رده المولى إلى الأم لانه أقر أنه أخذ منها وكذلك في المكاتبة أما في المدبرة وأم الولد القول للمولى *جارية بين رجلين أو ثلاثة أو أكثر ولدت ولداً فادعوه جميعاً يثبت النسب من الكل في قول أبي حنيفة وزفر والحسن بن زياد رحمهم الله تعالى *وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية يثبت من الخمسة لامن الزيادة لان المقصود من النسب أحكامه لاعينه وأحكامه الميراث والحضانة والتربية ونحو ذلك مما يقبل الشركة فيقبل بينة الكل كما لو ادعوا نتاج دابة فأقام كل واحد منهم البينة أنها دابته ولدتها دابتي هذه لدابة معروفة له فأنه يقضي بالبينات وأن كثرت * أمة ولدت أولاداً في بطون مختلفة فشهدا ثلاث نفر على أقرار المولى شهد أحدهم أنها حين ولدت الأكبر أقر المولى أنه أبنه وشهد الثالث أنه أقر بالثالث والمولى يجحد جميع ذلك قال محمد رحمه الله تعالى الولد الأكبر عبده لأنه لم يشهد على أقرار المولى بنسبه ألا واحد فلا يثبت نسبه والثاني حكمه حكم ولد أم الولد لأن الأول مع الثاني شهدا على أقراره أنها أم ولد له وأن لم يجمعا على نسب الثاني فقد أجتمعا على حق الحرية للأم فيثبت ذلك الحق بشهادتهما للولد الثاني وأن لم يثبت نسبه وإذا صارت الجارية أم ولد له بالولد الثاني كان الولد الثالث ولد أم ولد له فيثبت نسبه منه إلا أن ينفيه * وذكر في المنتقى رجل مات وترك أمة لها ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فأقامت الأمة شاهدين أن الميت أقر أن هذا الولد الأكبر ولده منها قال هو أبنه والأوسط والأصغر بمنزلة أمهم فأن بين الشهود فقالوا نشهد أنه أقر بهذا الولد الأكبر أنه ولد قبل أن تلد هذين فإن الأوسط والأصغر أبناه أيضاً وقال زفر رحمه الله تعالى في الأول أيضاً هما ابناه وقال محمد رحمه الله تعالى إذا جاءت بولد بعد أقرار المولى بالولد الأكبر لستة أشهر فصاعد الزمه الولد وأن جاءت به لأقل من ستة أشهر لايلزمه لأنها أنما صارت فراشاً له منذ يوم أقر بالولد الأول فلا يلزمه ما كان من الحبل قبل ذلك وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي رجل له أمة لها ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فقال أحد هؤلاء ولدي ومات قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعتق كل الولد الأصغر وتعتق الأم فأما الولد الأول والأوسط يعتق من كل واحد منهما ثلثه كأنه قال أحد كم حر فالأصغر حر في الأحوال كلها فيعتق كله وأما الأخران كل واحد منهما يعتق في حال دون حالين فيعتق ثلثه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أخرى يعتق من الأول والأوسط من كل واحد منهما نصفه * رجل عالج جاريته في ما دون الفرج فأنزل فأخذت الجارية ماءه في شيء فأستدخلته فرجها فعلقت عن أبي حنيفة 414رحمه الله تعالى أن الولد ولده وتصير الجارية أم ولد له * وذكر في الأصل أمة ولدت في ملك رجل ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فأدعى المولى أحدهم قال أن أدعى الأصغر يثبت نسب الأصغر منه وله أن يبيع الأخرين عند الكل وان ادعى الأكبر يثبت نسب الأكبر منه والأوسط والأصغر بمنزلة الأم ليس له أن يبيعهما ولايثبت نسبهما منه فعندنا دعوى الأكبر تكون نفياً للآخرين دلاله لأن الإقرار بنسب الولد حق عليه شرعاً فكان تخصيص الأكبر بالدعوى والسكوت عن الآخرين بمنزلة النفي وولد أم الولد ينفي من غير لعان وقال زفر رحمه الله تعالى دعوى الأكبر يكون دعوى الكل * رجل باع أم ولده والمشتري يعلم بذلك فجاءت بولد فادعاه فإن الولد لايكون للمشتري ويكون للبائع إن لم ينفه فإن نفاه البائع يثبت نسبه من المشتري استحساناً ولايكون حراً لأن المشتري إذا كان يعلم أنها أم ولد لايكون مغروراً ولو لم يعلم أنها أم ولد له كان الجواب كذلك إلا أن ههنا إذا أنفاه البائع وادعاه المشتري كان حراً لأن المشتري إذا لم يعلم يكون مغروراً وولد المغرور حر *رجل اشترى جارية فظهر بها حبل بعد أيام فخاصم البائع في ذلك فقال له البائع أمسكها فإن ثبت الحمل فهو مني وأمر البائع غلامه أو وكيله ليرد الثمن على المشتري ويقبض الجارية عند ذلك وغاب المشتري فأسقطت سقطاً استبان خلقه لأقل من مائة وعشرون يوماً من وقت قول البائع ذلك فإن السقط يكون من البائع وعليه دفنه وتصير الجارية أم ولد له فيرد الثمن على المشتري لأنها إذا جاءت بسقط استبان خلقه ظهر أنها كانت حاملاً وقت كلام البائع لأن خلق الولد لايتم لأقل من مائة وعشرين يوماً فيثبت نسبه من البائع * رجل قال أن في بطن جاريتي غلام فهو مني وإن كانت(2/240)
جارية فليست مني فولدت ولداً لأقل من ستة أشهر ذكر عصام رحمه الله تعالى أنه يثبت نسبه منه غلاماً كان أو جارية لأن الإنسان لايعلم مافي بطن الحامل *امرأة الحر إذا جاءت بولد فنفاه لاعن القاضي بينهما ثم ينظر بعد ذلك أن نفاه في مدة قريبة بعد الولادة ينقطع نسب الولد وإن نفاه في مدة بعيدة لاينقطع *وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قدر المدة البعيدة بأربعين وقالا بعد الأربعين لاينقطع نسب الولد وقبله ينقطع وأبو حنيفة رحمه الله تعالى فوض ذلك إلى رأي القاضي ولم يقدر ذلك *رجل هنىء بولد المنكوحة فسكت ثم نفاه بعد ذلك لايصح نفيه وكذلك في ولد أم الولد فالسكوت عند التهنئة فيهما يكون قبولاً للولد وفي ولد الجارية لايكون قبولاً *رجل في يديه مال زعم أنه ورثه من امرأة كانت له وسمى تلك المرأة ثم أقر هو لرجل أنه أخ تلك المرأة فقال المقر له أنا أخوها ولست أنت بزوج لها قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يكون المال بينهما النصف للزوج والنصف للأخ المقر له إلا أن يقيم الأخ البينة أنه أخ تلك المرأة وقال زفر رحمه الله تعالى المال كله للأخ إلا أن يقيم الزوج البينة على أنه زوجها * وهذه ثلاث مسائل *أحدها هذه *والثانية مجهول النسب في يده مال فقال ورثته من أبي وهو فلان ثم أقر بعد ذلك بأخ لأب وأم فقال المقر له أنا ابن فلان الميت وأنت لست بابن له قال أبو يوسف رحمه الله تعالى المال بينهما نصفان وقال زفر رحمه الله تعالى المال كله للمقر له *والثالثة امرأة أقرت أنها ورثت هذا المال من زوجها فلان ثم أقرت بأخ لزوجها فقال الأخ أنا أخ ولست أنت بامرأة له قال أبو يوسف رحمه الله تعالى للزوجة الربع والباقي للأخ وقال زفر رحمه الله تعالى المال كله للأخ إلا إذا أقامت المرأة البينة على النكاح *رجل ادعى على ميت ديناً بحضرة وارثه وهو يقر أنه ليس في يد الوارث مال فإنه يسمع دعواه ولو أقام البينة على ذلك قبلت بينته وإن لم يكن له بينته كان له أن يحلف الوارث على العلم بالدين كذا ذكر الخصاف رحمه الله تعالى وكذا لو415 كان المديون مات ولم يترك مالاً في يد وارثه فإن الوارث يكون خصماً للمدعي الدين وتقبل بينته ويقضى بدينه حتى لو ظهر للميت مال أخذه صاحب الدين ولو تبرع إنسان بدين الميت جاز * رجل مات وترك أخوين فأقر أحدهما بأخ ثالث وأنكر الأخر قال علماؤنا رحمهم الله تعالى يأخذ المقر له من المقر نصف ما في يده * وقال أبن أبي ليلى رحمه الله تعالى يأخذ ثلث مافي يده * رجل مات وترك ألفاً فادعى رجل على الميت ألف درهم وأقام البينة وقضى القاضي له بالألف ودفع إليه ثم جاء رجل أخر وادعى على الميت ألف درهم وأنكروا ورثة الميت وصدقه المقضى له بالألف فأن الثاني يأخذ من المقضي له نصف ما في يده * ولو أدعى بعض الورثة ديناً على مورثه فصدقه البعض وأنكر البعض فأنه يأخذ الدين من نصيب من صدقه بعد أن يطرح نصيب المدعي من ذلك الدين * ولو أدعى رجل أجنبي على الميت ألف درهم فصدقه بعض الورثة وكذبه البعض ذكر في الكتاب أنه يأخذ كل الدين من نصيب من صدقه لأن الذي صدقه مقر أن الدين مقدم على الميراث وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى عندي يأخذ من المصدق مايخصه من الدين وهو قول الشعبي والبصري ومالك وأبن أبي ليلى رحمهم الله تعالى وقال هذا أعدل وأحسن * رجل مات وترك أبنين فادعى أحدهما أن لأبيهما على هذا الرجل ألف درهم من ثمن مبيع وأدعى الأخر أنه كان من قرض وأقام كل واحد منهم البينة على ماادعى فأنه يقضى لكل واحد منهما بخمسمائة ليس لأحدهما أن يشارك صاحبه فيما قبض * رجل له تسعة أولاد أقر في صحته وجواز أقراره أن لخمسة من أولاده فلان وفلان وفلان وذكر أسمائهم عليه ألف درهم ثم مات وأنكر سائر الورثة ذلك فشهد الشهود على أقراره بذلك وقالوا لانعرف الأولاد الذين أقر لهم لأنهم ماكانوا حضوراً وقت الأقرار قالوا أن أقر سائر الورثة بأسامي هؤلاء يثبت المال بشهادتهم وأن أنكروا وأقام المدعون البينة على أنهم يسمون بالأسامي التي ذكرها الشهود يقضى لهم بذلك إذا لم يكن في سائر الورثة مثلهم في الأسامي * رجل مات وترك مالاً فادعى بعض الورثة عيناً من أعيان التركة أن المورث وهبه منه في صحته وقبضه وبقية الورثة قالوا كان ذلك في المرض فإن القول يكون قول من يدعي الهبة في المرض وأن أقاموا البينة فالبينة بينة من يدعي الهبة في الصحة كذا ذكر في الجامع الصغير * وذكر النسفي رحمه الله تعالى في الفتاوي أمراة ماتت وأختلف الزوج وورثتها في مهرها الذي كان عليه فأدعى الزوج أنها وهبت منه في صحتها وادعى الورثة أن الهبة كانت في مرض موتها فالقول يكون قول الزوج لأنه منكر أستحقاق ورثة المرأة المال على الزوج وأستحقاق الورثة ما كان ثابتاً فيكون القول قوله إلا أن هذا يخالف رواية الجامع الصغير ولا أعتماد على تلك الرواية لأنهم تصادقوا على أن المهر كان واجباً عليه وأختلفوا في السقوط فكان القول قول(2/241)
من ينكر السقوط ولأن الهبة حادثة والأصل في الحوادث أن تحال إلى أقرب الأوقات (فصل في الخصومة بين الزوجين في الغزل ) إذا غزلت المرأة قطن زوجها فهو على وجوه * أما أن أذن لها بالغزل فغزلت * أو نهاها عن الغزل فغزلت أو لم يأذن لها ولم ينهي فغزلت ولم يقل الزوج شيئاً لها أو لم يعلم بغزلها *فأن غزلت بأذنه فهو على وجوه * أما أن قال لها أغزليه لي * أو قال لها أغزليه لنفسك أوقال أغزليه ليكون الثوب لي ولك أو قال أغزليه ولم يذكر شيئاً ففي الوجه الأول يكون الغزل للزوج لأنها غزلت قطنه بإذنه لأجله فيكون له ولا شيء لها على الزوج لأنها تبرعت بالغزل *وأن قال لها أغزليه بكذا وسمي لها أجراً معلوماً جاز ويكون لها الأجر المسمى 416وإن سمي أجراً مجهولاً كان الغزل للزوج ولها أجر مثلها كما في سائر الإيجارات الفاسدة وإن اختلفا فقالت المرأة غزلت بأجر وقال الزوج بغير أجر كان القول قول الزوج مع اليمين لأنها تدعي عليه الأجر وهو ينكر فيكون القول للزوج *هذا إذا قال لها اغزليه لي وإن قال اغزليه لنفسك فغزلت كان الغزل لها ويكون ذلك هبة للقطن منها وإن اختلفا فقال الزوج إنما أذنت لك لتغزليه لي وقالت لا بل قلت اغزليه لنفسك كان القول قول الزوج مع اليمين لأن الأذن يستفاد من جهته والظاهر شاهد له فإن العادة أن المرأة تغزل قطن الزوج لأجل الزوج *وإن قال اغزليه ليكون الثوب لي ولك كان الغزل للزوج ولها عليه أجر المثل لأنها غزلت للزوج ببعض الغزل فيكون في معنى قفيز الطحان ويكون الغزل للزوج لأنه صاحب أصل وهو القطن وهو كما لو دفع غزلاً إلى حائك لينسجه بالنصف فإن الثوب يكون لصاحب الغزل وإن قال لها اغزليه ولم يكن يذكر شيئاً فادعى الزوج أنها غزلت له كان القول قوله لأنه طلب منها التبرع وأنكر الإجارة وهبة القطن * هذا إذا غزلت بإذن الزوج فإن نهاها عن الغزل فغزلت بعد النهي كان الغزل لها وعليها للزوج مثل قطنه كمن غصب حنطه فطحنها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يكون الدقيق للغاصب وهو ضامن للحنطة وإن لم يأذن لها ولم ينه عن الغزل فغزلت إن كان الزوج بائع قطن كان الغزل لها وعليها مثل القطن لأن الظاهر أنه اشترى القطن للتجارة لا للغزل فتصير غاصبة كما لو غزلت بعد النهي وإن كان الزوج جاء بالقطن إلى بيته لأجل البيت كان الغزل للزوج لأنها غزلت بإذنه ولا أجر لها لأنها متطوعة كما لو خبزت من دقيق الزوج أو طبخت القدر بإذن الزوج * وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في المنتقى رجل اشترى قطناً وأمر امرأ ته أن تغزل فغزلت كان الغزل لها ولا شيء عليها وهو بمنزلة طعام وضعه في بيته فأكلت وروى هشام رحمه الله تعالى في النوادر إذا غزل قطن الغير ثم اختلفا وقال صاحب القطن غزلت بإذني والغزل لي وقال الآخر غزلت بغير إذنك والغزل لي كان القول قول صاحب القطن لأن الأصل وإن كان عدم الأذن إلا أنه ظاهر فهو يريد بهذا الظاهر أن يستحق قطن غيره فلا يقبل قوله *وعن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى رجل اشترى قطناً لتغزل امرأته وأهدت آلي المرأة أختها قطناً فغزلت المرأة ونسج ببعضها كر باسا ثم ماتت المرأة لمن يكون الغزل والكر باس قال إن كانت هي التي دفعت الغزل آلي الحائك بغير أمر الزوج فإن الكر باس لورثة المرأة وللزوج في مالها غزل مثل الغزل الذي غزلته من القطن وإن كان الزوج هو الذي دفع الغزل آلي الحائك بغير أمر المرأة فإن الكر باس يكون للزوج وكان عليه غزل مثل الغزل الذي غزلته من قطنها وإن دفعا جميعاً آلي الحائك أو دفع أحدهما بأمر صاحبه كان الكر باس بينهما بقدر غزله ولا ضمان على واحد منهما لصاحبه * رجل في يديه أرض لغيره آجرها فقال رب الأرض آجرتها بأمري ولأجر لي وقال الآجر غصبتها منك وآجرتها فالأجر لي كان القول لرب الأرض لأنهما اختلفا في بدل منفعة الأرض والأ صل أن بدل ملك الإنسان يكون له ولو كان الآجر بنى في الأرض ثم آجرها فقال رب الأرض أمرتك أن تبني فيها لي ثم تؤاجر وقال ذو اليد غصبتها منك وبنيت ثم آجرت فأنه يقسم الأجر على الأرض وهي مبنية وعلى الأرض وهي غير مبنية فما أصاب البناء يكون للآجر وما أصاب الأرض يكون لصاحب الأرض لأن الأصل أن البناء يكون للباني فلا يقبل قول صاحب الأرض وإن قال رب الأرض غصبتها مني مبنية كان القول قوله وإن أقاما البينة كانت بينة الغاصب أولى ذكره في المنتقى * ولو قال الأخر 416غصبت منك ألفاً وربحت فيها عشرة آلاف وقال المقر له لا بل أمرتك به كان القول قول المقر له ولو قال المقر له لا بل غصبتني الألف وعشرة آلاف كان القول قول المقر ولو قال غصبت منك ثوباً فقطعته وخطته بغير أمرك قميصاً وقال المقر له بل غصبتني القميص أو قال بل أمرتك بخياطته كان القول للمقر له (باب دعوى الحائط والطريق )حائط بين دار ين كل دار لرجل ادعى الحائط صاحب كل دار فهذه المسألة على وجوه * أن كان لاحد المدعين جذوع على الحائط المتنازع فيه للآخر(2/242)
عليه شيء فهو صاحب الجذوع عندنا لو كان لاحدهما عليه جذوع وللآخر عليه هرادي فهو لصاحب الجذوع وأن كان لأحدهما عليه جذوع وللآخر عليه سترة وحائط فالحائط المتنازع مدعى الحائط استحقاق الحائط بالبينة فحينئذ يؤمر صاحب السترة برفعها * وأن كان لاحدهما على الحائط المتنازع فيه جذوع للآخر اتصال بهذا الحائط من جاءت واحد عند نا صاحب الجذوع أولى والمراد بهذا الاتصال مداخل بعض أنصاف لبن هذا في بعض ذلك من أحد جانبي الحائط المتنازع فبه لأمن الجانبين وذكر الطحاوي أن صاحب هذا الاتصال أولى بالحائط المتنازع فيه وبه أخذ بعض المشايخ رحمهم الله تعالى * وأن كان لاحد المدعيين على الحائط المتنازع فيه جذوع وللآخر اتصال ببيع بهذا الحائط فصاحب اتصال التربيع أولى بالحائط المتنازع فيه ولا يؤمر صاحب الجذوع برفع الجذوع كما قلنا في السترة *و اختلفوا في تفسير اتصال التربيع قال الكرخي رحمه الله تعالى تفسيره مداخلة أنصاف اللبن من جانبي الحائط المتنازع فيه بحائطين لأحدهما والحائطان متصلان بحائط له بمقابلة الحائط المتنازع فيه حتى يصير مربعاً شبه القبة فيكون الكل في حكم بناء واحد وبه أخذ بعض المشايخ رحمهم الله تعالى * وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى تفسير اتصال التربيع الذي به ترجح صاحب الاتصال على صاحب الجذوع اتصال جانبي الحائط المتنازع فيه بمداخلة أنصاف اللبن بحائطين لأحدهما فأما اتصال الحائطين بحائط أخرى في مقابلة الحائط المتنازع فيه غير معتبر وعليه أكثر المشايخ رحمهم الله تعالى منهم شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى فهو أولى من صاحب الجذوع ولا يؤمر صاحب الجذوع برفع الجذوع لأن صاحب استحق الحائط المتنازع فيه بنوع ظاهر فلا يستحق به رفع الجذوع على صاحب الجذوع بخلاف ما لو تنازعا في دابة ولأحدهما عليها حمل وللأخر عليها مخلاة فأن ثمة يؤمر صاحب المخلاة برفعها لأن وضع المخلاة على دابة الغير حادث لا يتصور أن يكون مستحقاً في الأصل أما وضع الجذوع على حائط الغير قد يكون مستحقاً في الأصل بأن كان مشروطاً في أصل القسمة *وإن كان لأحدهما على الحائط المتنازع فيه سترة أو اتصال لأعلى وجه التربيع وللأخر عليه هرادي أو بواري أو لاشيء فهو لصاحب السترة والاتصال من غير مداخلة أنصاف اللبن جوار فلا يعتبر * وإن كان لأحد المدعين على الحائط المتنازع فيه أزج من لبن أو آجر فهو بمنزلة السترة *وإن كان لأحدهما عليه هرادي أو بواري ولاشيء للأخر فهو بينهما ولا يعتبر الهرادي والبواري * وإن كان وجه الحائط المتنازع فيه آلي أحد المدعيين أو كان لأحدهما عليه طاقات كان الحائط المتنازع فيه بين المدعيين في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يترجح بذلك أحدهما وفي قول صاحبيه رحمهما الله تعالى يقضى بالحائطين كان وجه الحائط أو الطاقات إليه * وإن كان لأحدهما عليه جذع 417
الصفحة 418و419غير مكتوبة(2/243)
<420>في كتاب الصلح إن شاء الله تعالى (باب اليمين ) . رجل ادعى على رجل مالا فأنكر المدعى عليه وطلب المدعي من القاضي أن يحلفه قالوا يقول القاضي للمدعي ألك بينة فإن قال نعم لي بينة حاضرة في المصر لا في مجلس القضاء وطلب القاضي أن يحلفه فإنه لا يحلفه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يحلفه واضطربت الروايات عن محمد رحمه الله تعالى والمختار فيه أن القاضي إن كان مجتهدا ورأى الميل إلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يحلفه وإن مال إلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يحلفه وهو كالتوكيل بغير رضا الخصم بلا عذر من مرض أو سفر أو نحوه أن القاضي يجتهد فيه فيقضي بما أفضى إليه اجتهاده .وإن قال المدعي لا بينة لي أو قال شهودي غيب وطلب من القاضي تحليفه يحلفه ولا يكرر اليمين ولا يغلظ وتفسير التغليظ أن يقوا بالله الرحمن الرحيم يذكر من الصفات ما شاء وقال بعضهم ينظر إلى حال المدعى عليه إن عرقه بالصلاح لا يغلظ بل يكتفي بذكر اسم الله تعالى ولا يذكر الصفة وإن عرفه على غير ذلك يغلظ فيذكر الاسم والصفة ويبالغ فيه وقال بعضهم ينظر إلى المدعى به إن كان مالا خطير ا غلظ وإن كان حقيرا لا بغلظ وإن أراد المدعي تحليفه بالطلاق أو العتاق في ظاهر الرواية لا يجيبه القاضي إلى ذلك لأن التحليف بالطلاق أو العتاق ونحو ذلك حرام وبعضهم جوزوا ذلك في زماننا والصحيح ظاهر الرواية فإذا أراد القاضي تحليفه في دعوى المال حلفه بالله ما لهذا المدعي عليك المال الذي يدعي ولاشيء منه لأنه لو حلفه على الكل ربما يكون عليه بعض ذلك المال لا كله فيحلف ولا يبالي . ولو أقر المدعي باستيفاء بعض المال والمدعي عليه ينكر المال أصلا يطالب المدعي برد ما أقر يقبضه فكان الأحوط هو الجمع بين الكل والبعض ولا يحلفه بالله ما استقرضت منه هذا المال ولا غصبته ولا أودعك إذا كان المدعي يدعي المال بذلك السبب لاحتمال أنه استقرض منه أو اغتصب منه أو قبل منه الوديعة ثم رد عليه فلو حلف على السبب كان كاذبا في يمينه ولو أقر بالاستقراض أو الغصب وادعى الرد أو القضاء عسى ينكر المدعي الرد أو القضاء فيأخذ منه المال ثانيا فكان نظر الجانبين فيما قلنا فيحلفه على ذلك الوجه سواء عرض المدعى عليه أو لم يعرض إلا أن فيما سوى الوديعة يحلفه بالله ما له عليك ولا قبلك المال الذي يدعي ولا شيء منه وفي الوديعة يحلفه بالله ليس في يدك هذه الوديعة التي يدعي ولا شيء منها لأن المدعي عليه لو كان استهلك الوديعة أو دل سارقا عليها لا تكون في يده ويكون ضامنا لها فيحلف على نحو ما قلنا . وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن المدعي إذا ادعى مالا مطلقا يحلف على المال وإن ادعى مالا بسبب يحلف على المال بذلك السبب بالله ما استقرضت منه هذا المال أو بالله ما اغتصبت منه هذا المال أو نحو ذلك إلا أن يعرض المدعى عليه للقاضي فيقول لا تحلفني على هذا الوجه لأن الرجل قد يستقرض مالا ثم لايكون ذلك المال عليه عند الدعوى بأن رده أو أبرأه فإذا عرضه على هذا الوجه فحينئذ يحلفه على الحاصل كما ذكرنا وبه أخذ بعض المشايخ رحمهم الله تعالى وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى ينظر إلى جواب المدعى عليه دعوى المدعي إن أنكر المدعى عليه الاستقراض والغصب فقال ما استقرضت منه شيأ ولا غصبت منه شيأ يحلف على السبب بالله ما استقرضت وإن قال المدعى عليه في الجواب ليس له على هذا المال الذي يدعي 2005يحلف على الحاصل بالله ماله عليك ولا قبلك هذا المال الذي يدعي ولا شيء منه قال مولانا رحمه الله تعالى هذا هو أحسن الأقاويل عندي وعليه أكثر القضاة . ولو أن رجلا ادعى <421> على رجل أنه استهلك مالي وطلب التحليف من القاضي فإن القاضي لا يحلفه وكذا لو قال هذا شريكي وقد هان في الربح ولا أدري قدره لا يلتفت إليه وكذا ل قال بلغني أن فلان بن فلان أوصى لي ولا أدري قدره وأراد أن يحلف الوارث لا يجيبه القاضي إلى ذلك وكذلك المديون إذا قال قضيت بعض ديني ولا أدري كم قضيت أو قال نسيت قدره وأراد أن يحلف الطالب لا يلتفت إليه قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الجهالة كما تمنع قبل البينة تمنع الاستحلاف أيضا إلا إذا اتهم القاضي وصي اليتيم أو قيم الوقف ولا يدعى عليه شيأ معلوما فإنه يحلف نظرا للوقف واليتيم . رجل اغتصب أرضا أو دارا فأراد المغصوب منه استرداد الغصب وأقام البينة على ذلك بعد دعوى صحيحة فقال المدعى عليه إنها وقف في يدي على سبيل خير معلوم وعجز المغصوب منه عن إقامة البينة كان له أن يستحلف المدعى عليه في قول محمد رحمه الله تعالى لأن عنده العقار يضمن بالغصب وعندهما لا يضمن فلا يستحلف . ثم عند محمد رحمه الله تعالى إنما يستحلف إذا أراد أن المدعي أن يأخذ القيمة عند النكول أما لو أراد أن يأخذ الضيعة والعقار عند النكول فلا يستحلف أيضا لأن المدعى عليه لما أقر بالوقف يصير وقف بإقراره فلا يمكن القضاء(2/244)
بها للمدعي عند النكول . قال الشيخ الإمام الزاهد أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ينبغي أن يفتي بقول محمد رحمه الله تعالى ويقضي بالقيمة عند النكول كيلا يحتال بهذا الدفع لإسقاط اليمين عن نفسه وكذلك رجل في يديه ضيعة يقول وقفها أبي علي وعلى أولادي خاصة وادعى أخوه أن أبانا وقفها علينا وعلى أولادنا أبدا وأراد أن يحلف صاحب اليد قالوا لا يحلف على أصل الوقف ولكن يحلف على حصته من الغلة . ولو ادعى ضيعة في يد رجل أنها له فقال ذو اليد هي لا بني الصغير فلان لا يستحلف المدعى عليه وكذا لو ادعى شفعة في دار فقال المشتري إنها لا بني الصغير فلان لا يكون للمدعي أن يخلفه لأن إقراره لولده الصغير قد صح ولزم ولو استحلف فنكل لا يصح نكوله فإن قال المدعي إن هذا قد استهلك داري بإقراره لولده الصغير فيصير ضامنا عند النكول فهو على الخلاف عندهما لا يستحلف كما في المسألة الأولى وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يستحلف فإن نكل يقضي عليه بالقيمة لأن عند محمد رحمه الله تعالى العقار يضمن بالغصب وكذلك بالجحود في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى بإقراره لولده الصغير لا يسقط عنه اليمين وقال القاضي أبو علي النسفي رحمه الله تعالى إذا أقر للصغير يسقط عنه اليمين سواء كان الصغير ابنا له أو لغيره . ولو قال المدعى عليه هذه الدار لابني الكبير الغائب فلان فهذا وما لو أقر بذلك لأجنبي سواء لا يسقط عنه اليمين فإن حلف فنكل يدفع الدار إلى المدعي فإن حضر الغائب بعد ذلك وصدقه كان له أن يأخذ الدار لسبق إقراره وكذلك في الإقرار للولد الصغير عند من لا يسقط عنه اليمين يحلف فإن نكل يدفع الدار إلى المدعي فإذا بلغ الصغير فاداه يدفع إليه فأما من فرق بين الولد الصغير وبين الولد الكبير قال إقراره لولده الصغير لا يتوقف على تصديق الصغير فإذا صح إقراره لزم وصار الملك لولده الصغير حكما فلا يفيد تحليفه لأنه لو نكل لا يصح نكوله على ولده الصغير أما الإقرار للغائب لا يلزم بل يتوقف على التصديق فيفيد تحليفه بعد ما أقر لولده الصغير بعين ثم أقر لغيره لا يصح إقراره ولو أقر به لولده الكبير أو لغائب أجنبي ثم أقر به لآخر قبل حضور الغائب صح إقراره للثاني لما قلنا . رجل مات فجاء رجل وأحضر ابنه وادعى أنه كان له على أبيه ألف درهم وقد توفي ولي <422> عليه ألف درهم قالوا ينبغي للقاضي أن يسأل المدعى عليه هل مات أبوك إن قال نعم فحينئذ يسأله عن دعوى المال فإن أقر الوارث بالدين على مورثه صح إقراره وإن كذبه سائر الورثة ذكر في الكتاب انه يؤخذ من نصيب هذا الوارث وإن أنكر هذا الوارث الدين على أبيه فإقام المدعي بينة يقضي بالدين ويستوفي من جميع التركة لا من نصيب هذا الوارث لأن القضاء على أحد الورثة بالبينة يكون قضاء على الكل وإن أقر هذا الوارث بالدين وكذبه سائر الورثة فلم يقض القاضي عليه بإقراره حتى شهد هذا الوارث المقر مع رجل اجنبي بالدين على مورثه جازت شهادته ويقضي بالدين ويكون دلك قضاء على جميع الورثة وإن شهد هذا الوارث بالدين على أبيه بعد ما قضى القاضي عليه بإقراره لا تقبل شهادته ولو لم يقم المدعي البينة بالدين وأقر به الوارث في ظاهر الرواية يقضي بكل الدين من نصيب هذا الوارث وقال القفيه أو الليث رحمه الله تعالى عندي لا يستوفي كل الدين من نصيب هذا الوارث وإنما يستوفي منه قدر حصته ولو أن هذا الوارث لم يقر بالدين على مورثه وعجز المدعي عن إقامة البينة وأراد تحليف الوارث فإنه يحلف على العلم فإن حلف اندفعت عنه الخصومة وإن نكل يستوفي الدين من نصيبه في ظاهر الرواية فإن أقر هذا الوارث بالدين وأنكر وصول التركة إليه فإن صدقه المدعي لا خصومة بينهما وإن كذبه المدعي يحلف الوارث على البتات بالله ما وصل إليك المال من جهة والدك فإن حلف لا شيء علنه وإن نكل يؤمر بقضء الدين هذا إذا حلفه المدعي على الدين أولا ثم حلفه على وصول التركة إيه فإن حلفه أولا على وصول التركة إليه فحلف ثم أراد أن يحلفه على الدين فقال الوارث ليس لك علي يمين لأني لم آخذ شيأ من تركة الميت لا يلتفت القاضي إليه ويحلفه على العلم بالله ما تعلم بالدين على أبيك لهذا المدعي لأن وصول المال إلى الوارث وتخليف التركة ليس بشرط لدعوى الدين على الوارث فإن دعوى الدين يصح على الوارث وإن لم يدع الميت مالا في يده لاحتمال أنه لو قضى بالدين ربما يظهر للميت مال بعد ذلك من بضاعة أو دين أو وديعة فلا يحتاج المدعي ألى إثبات الدين . قال الفقيه أو الليث رحمه الله تعالى كان الفقيه أو جعفر رحمه الله تعالى يقول تقبل البينة بالدين على الواره وإن لم يكي في يده مال الميت ولا يستحلف قبل ظهور المال أما قبل البينة فلأنها لو لم تقبل ربما تغيب الشهود أو تموت فيهلك المال فتقبل البينة قبل ظهور المال(2/245)
لمكان الفائدة ولا يستحلف قبل ظهور المال لأنه إذا لم يكن في يده القاضي لم يستحلف في الحال فيستحلف عند ظهور المال فلا يحتمل هلاك المال هذا إذا حلفه على الوصول أولا ثم أراد أن يحلفه على الدين أو على العكس فإن أراد تحليفه فقال المدعى عليه لم يصل إلي من مال الميت شيء ولا يمين لك على ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن القاضي لا يلتفت إليه إلا أن المدعي إن صدقه في عدم الوصول إليه حلفه في الدين على العلم وإن كذبه في عدم الوصول إليه كان له أن يحلفه في عدم الوصول والدين إلا أنه في عدم الوصول إليه يحلفه على البتات وفي الدين يحلفه على العلم بالله ما تعلم أن لهذا على أبيك كذا وبه أخذ عامة المشايخ رحمهم الله تعالى . ثم اختلفوا أنه يحلفه مرة واحدة أو يحلفه مرتين . قال بعضهم يحلفه مرة واحدة ويجمع بين اليمين على العلم وبين اليمين على البتات كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهود خيبر في حديث القسامة وقال بعضهم يحلفه مرتين بالله ما وصل إليك من مال الأب شيء ثم يحلفه بالله ما تعلم أن لهذا على أبيك كذا لأن الحكم هنا لا يتعلق بأحد الأمرين فإنه وأن أقر بالدين لا يؤخذ منه شيء ما لم يثبت وصول مال الميت إليه بخلاف حديث القسامة . وعلى قول الفقيه أبي جعفر <423>رحمه الله تعالى وهو اختيار الفقيه أبي الليث رحمه الله تعالى ما لم يثبت وصول شيء من مال الميت إليه أما بالنكول أو بالبينة لايحلف على الدين هذا إذا أقر المدعى عليه بموت الأب فإن أنكر يحلف على الموت ووصول المال إليه يميناواحدة ‘لا أن في الموت يحلف على العلم وفي وصول المال إليه يحلف على البتات .وقال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى يحلف مرتين مرة على الموت ومرة على العلم فإن نكل عن يمين الموت حينئذ يحلف على الدين على علمه فإن حلف لم يكن عليه شيء . وإذا مات الرجل وترك امرأة وأولادا صغارا ولم يدع مالا ظاهرا فجاء رجل وادعى على الميت دينا فأحضر المرأة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى المرأة في هذا كوارث آخر تقبل البينة عليها لإثبات الدين على الميت وإن لم يكن في يدها شيء وكذا لو كانت التركة مستغرقة بالدين ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن الوارث يكون خصما لمن يدعي دينا على الميت . وذكر الخصاف رحمه الله تعالى رجل قدم رجلا إلى القاضي وقال إن والدي فلان بن فلان الفلاني مات ولم يدع وارثا غيري وله على هذا الرجل كذا وعند هذا الرجل كذا من المال فإن القاضي يسأل المدعى عليه فإن أقر بجميع ذلك أمر القاضي بدفع جميع ذلك إليه ولا يكون ذلك قضاء حتى لو جاء الأب حيا أخذ المال من الغريم يرجع على الابن بما أخذ منه ولو أنكر المدعى عليه في الابتداء دعوى الابن وأراد الابن أن يحلفه بالله ما تعلم أن فلان بن فلان بن فلان الفلاني مات ولم تعلم أني ابنه . قال الخصاف رحمه الله تعالى روى عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه لا يستحلف المدعى عليه بل يقال للمدعي أقم البينة على موت فلان بن فلان وأنك وارثه فإن أقمت فحينئذ يحلف على ما تدعي من المال قال مولانا رحمه الله تعالى وفيها قول آخر أن المدعى عليه يستحلف بالله ما تعلم أن فلان بن فلان ابن فلان مات ولا تعلم أنه ابنه فإن نكل فحينئذ يحلفه على ما يدعي من المال للميت ولم يذكر الحصاف رحمه الله تعالى صاحب القولين واختلف المتأخرون فيه . قال بعضهم منهم شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى إن الأول قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والثاني قول صاحبيه رحمهما الله تعالى وقال بعضهم منهم شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الصحيح هو القول الثاني أن المدعى عليه يحلف فإن حلف على ذلك يكلف الابن بإقامة البينة على وفاة أبيه وإنه وارثه وإن نكل المدعى عليه عن اليمين صار مقرا بالموت والنسب جميعا ولا يجعل القاضي الابن خصما في إقامة البينة على التدين وإنما يجعله خصما في حكم التحليف على المال بالله ما لفلان ابن فلان الميت عليك هذا المال وعلى دعوى النسب والموت يحلف على العلم ثم يكرر اليمين أو يكتفي بيمين واحدة فهو على الخلاف الذي ذكرنا . رجل له على رجل ألف درهم فأقر بها ثم أنكر إقراره بها هل يحلف على إقراره بالله ما أقررت له بهذا المال اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال أبو نصر الدبوسي رحمه الله تعالى له أن يحلف بالله ما أقررت له بها وقال أو القاسم الصفار رحمه الله تعالى ليس له أن يحلفه على الإقرار إنما يحلفه على نفس الحق . وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في شرح الحيل قال قختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في هذه المسألة وإنما اختلفوا لاختلافهم أن الإقرار هل هو سبب للملك قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الإقرار ليس بسبب واستدل بمسألتين . إحداهما أن المريض الذي ليس عليه دين إذا أقر بجميع ماله لأجنبي صح إقراره ولا يتوقف إقراره على إجازة الورثة ولو كان تمليكا لا ينفذ إلا بقدر الثلث(2/246)
عند عدم الإجازة . والثانية العبد المأذون إذا أقر لرجل بعين في يده صح إقراره ولو كان الإقرار <424> سببا كان تبرعا فلا يصح . قال مولانا رضي الله عنه وذكر في الجامع ما يؤيد هذا قال إذا أقر المسلم لرجل بخمر صح إقراره حتى يؤمر بالتسليم ولو كان الإقرار تمليكا لا يصح وكذا لو أقر لرجل تعين لا يملكه يصح إقراره حتى لو مطله المقر يوما من الدهر يؤمر بالتسليم إلى المقر له ولو كان الإقرار تمليكا لا يصح لأنه لايملك تمليك ما ليس بمملوك له . رجل ادعى على امرأة أنها امرأته وأنكرت المرأة نكاحه وقالت أنا امرأة هذا الرجل الحلضر فصدقها المقر له في ذلك قال أبو نصر الدبوسي رحمه الله تعالى يحلف المقر له على العلم بالله ما تعلم أنها امرأة هذا الرلاجل الذي يدعي نكاحها فإن نكل صار مقرا فتحلف المرأة على البتات بعد ذلك فإن نكلت فهي للمدعي وإن حلف انقطعت الخصومة وإن حلف الزوج المقر له فهي امرأته لتصادقهما على النكاح ولا يحلف المرأة بعد ذلك لأنها لو أقرت لا يسمع إقرارها للمدعي فلا يفيد تحليفها وكان في البداية بيمين المقر له إسقاط اليمين على المرأة. رحل ادعى على رجل مالا فقال المدعى عليه إن المدعي أبرأني عن هذه الدعوى فتوهم الماكم أن هذا إقرار من المدعى عليه بالمال فحلف المدعي على البراءة فحلف أيحلف المدعى عليه بعد ذلك على المال أم لا قال الخخصاف رحمه الله تعالى يحلف وهكذا قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن المدعى عليه يحلف وقوله أبرأني المدعي عن الدعوى لا يكون إقرار بالمال وكان الواجب على القاضي أن يسأل المدعي ألك بينة على المال فإن أقام البينة على المال يحلف المدعي بعد ذلك على البراءة وإن لم يكن للمدعي بينة على المال يحلف المدعى عليه أولاى على دعواه المال ودعواه البراءة لا يكون إقرارا بالمال فإن حلف المدعى عليه ترك وإن نكل حلف المدعي على البراءة وتوهم القاضي إن هذا أقرار فليس بشيء , قال وهذا المسألة اختلف فيها المشايخ رحمهم الله تعالى قال المتقدمون من أصحابنا رحمهم الله تعالى دعواه البراءة عن الدعوى ريكون إقرارا وخالفهم فيها المتأخرون رحمهم الله تعالى وقول المتقدمين أصح وقال الشيخ الإمام الأجل الأستاذ ظهير الدين المرغناني رحمه الله تعالى ينبغي أن يحلف المدعي أولا على البراءة لأن المدعى عليه ادعى بطلان الدعوى وربما ينكل فتنقطع الخصومة بينهما . قال وفي المسألة اختلاف المشايخ رحمهم الله تعالى اتفقت الروايات على أن المدعي لو قال لا دعوى لي قبل فلان أو لا خصومة لي قبل فلان يصح حتى لا تسمع دعواه إلا في حق حادث بعد البراءة ولو قال برئت من دعواي في هذه الدار يصح ولا يبقى له حق في الدار ذكر الناطفي رحمه الله تعالى لو قال لعبد في يد رجل برئت من هذا العبد كان بريأ من العبد وكذا لو قال خرجت من هذا العبد ليس له أن يدعي ولو قال أبرأتك عن هذا العبد يبقى العبد وديعة في يده ويكون ذلك إبراء عن ضمان القيمة . رجل وهب أرضا من ميراث أبيه وسلم فجاءت امرأة الميت وادعت على الموهوب له أن الأرض أرضها وإن الورثة قسموا الميراث وأن الأرض وقعت في قسمي وأن الواهب وهب الأرض بعد ذلك وادعى الموهوب له أن القسمة كانت قبل الهبة ووقعت الأرض في قسم الواهب وعجز الموهوب له عن إقامة البينة على ما ادعى وطلب يمين المرأة فحلفت له أن يحلف سائر الورثة بعد ذلك قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ليس له أن يحلف سائر الورثة لأن المرأة لما حلفت أظهر أن الهبة كانت في مساع يحتمل القسمة فلم تصح فلا يحلف سائر الورثة . رحل ادعى عبدا في يد رجل فأنكر المدعى عليه فاستحلف فنكل فقضى القاضي عليه بالنكول ثم إن المدعى عليه أقام البينة فشهدوا أنه كان اشترى العبد من المدعي قبل ذلك ذكر في المنتقى أنه <425>لا تقبل هذه البينة إلا أن يشهدوا بالشراء بعد القضاء ولو أن رجلاً اشترى عبدا ثم ادعى به عيبا فاستحلف البائع فنكل وقضى القاضي عليه بالنكول ثم إن البائع أقام البينة أني تبرأت إليه من هذا العيب تقبل بينته. إذا ادعى البراءة بعد إنكار الدين أو ادعى العفو عن القصاص بعد إنكار القصاص بسمع ولا تسمع دعوى البراءة عن العيب بعد إنكار البيع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتسمع في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى .رجل ادعى على رجل أنه نقض حائطا له وشهد الشهود بذلك فإن بينوا طول الحائط وعرضه جازت شهادتهم وإن لم يذكروا قيمته ولا يشترط ذكر القيمة . رجل ادعى على رجل أن عبده الصغير أتلف عليه شيأ وأراد أن يستحلف المولى كيف يستحلفه يستحلف بالله ما تعلم أن عبدك هذا استهلك كذا أو بالله ليس له عليك شيء من الوجه الذي يدعي قال الشيخ الأمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى مسائل أصحابنا رحمهم الله تعالى في النوادر مضطربة في هذا الفصل في بعضها يحلف على نفس الدعوى وفي بعضها يحلف بالله ماله عليك حق من الوجه(2/247)
الذي يدعي وقد ذكرنا جنس هذه المسألة في أول هذا الباب . رجل ادعى على رجل أنك ضمنت لي عن فلان كذا درهما فقال المدعى عليه ليس لك على هذا المال ولم يقل لم أضمن كيف يحلف قالوا يحلف بالله ماله عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أن عرض القاضي بحلفه على الحاصل ولا يحلف بالله ما ضمنته .رجل مات وله على رجل ألف درهم فقدم ابن الميت الغريم إلى القاضي وادعى عليه الدين قالوا يحل للغريم قبل أن يثبت الابن موت الأب أن يحلف ما لهذا عليه شيء ويحل للوارث أن يحلف أن لي على هذا الرجل ألف درهم . الوكيل بالخصومة إذا ادعى دينا لموكله على رجل وأراد أن يحلف المدعى عليه فقال المدعى عليه للوكيل أحضر موكلك حتى يجمع كل ما يدعي علي لأحلف ليس له ذلك وكذا الرجل إذا خاصم رجلا في شيء فقال المطلوب للقاضي إن هذا المدعي يريد إتعابي مره ليجمع دعاويه حتى أنظر فيها فأقر بما يجب إقراره وأحلف فيما يتوجه علي اليمين قالوا إن تحرز القاضي عن الإبرام أمره بذلك ولا يجبره وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى إن عرف القاضي المدعي بالتعنت أمره حتى يجمع دعاويه وإن لم يكن كذلك لا يأمره وقال أبو نصر رحمه الله تعالى إذا كان لرجل على رجل دعاوى متفرقة لا يحلفه القاضي على كل شيء بل يأمره حتى يجمع الدعاوى ويحلفه يمينا واحدة .إذا حلف الحاكم المحكم رجلا لا يحلفه القاضي في ذلك ثانيا وإن كان الحاكم فاسقا عندنا .إذا طلب المدعي يمين المدعى عليه في شيء فقال المدعى عليه أخرج كراسة حسابك لأنظر فيه فقال المدعي لا أخرج وطلب من القاضي أن يحلفه قالوا إن أمره القاضي بأن يخرج فهو حسن ولايجبره كما لو طلب المدى عليه من القاضي أن يسأل المدعي من أي وجه يدعي علي هذا المال إن سأله القاضي عن ذلك فهو حسن وإن لم يبين لا يجبره القاضي على ذلك فكذلك هذا . رجل ادعى مالا على رجل وأخرج صكا فيه إقرار المدعى عليه بذلك المال للمدعي فقال المدعى عليه إن المدعي قد رد إقراري وأراد أن يحلف المدعي على ذلك كان له ذلك كما لو قال لرجل بعت مني عندك هذا بكذا فقال المدعى عليه بعت ولكنك قد أقلتني البيع تصح دعواه وله أن يحلفه على ذلك .عين في يد رجل ادعاه رجلان كل واحد منهما على حدة فحلفه القاضي لأحدهما فنكل وقضى له ثم أراد الآخر أن يحلفه إن كان الثاني يدعي ملكا مطلقا أو يدعي الشراء من المدعى عليه لا يحلفه الثاني لأن فائدة التحليف النكول <426>
ولو نكل للثاني بعدما نكل للأول(2/248)
لا يصح نكوله للثاني على الأول فلا يبطل ذلك القضاء وإن كان الثاني يدعي عليه غصبا حلفه لأنه لو نكل للثاني يضمن له القيمة فيحلفه . رجل ادعى دارا في يد رجل ولا بينة للمدعي فأراد أن يحلف المدعى عليه على البتات فقال ذو اليد إني ورثتها من أبي وعلى الوارث اليمين على العلم فأنا أحلف على العلم قالوا لذ اليد أن يحلف المدعي بالله ما تعلم أنها وصلت إليه من قبل أبيه فإن حلف المدعي فبعد ذلك يحلف المدعى عليه البتات وإن نكل المدعي يحلف المدعى عليه بعد ذلك على العلم بالله ما تعلم أنها للمدعي .سكة غير نافذة فيها دور لقوم ادعى رجل فيها طريقا وأنكر أصحاب السكة كان له أن يحلفهم إن لم يكن فيهم أيتام صغار أو وقف فإذا حلف واحد منهم سقط اليمين عن الباقين وإن نكل هذا الواحد حلف الباقون وإن كان فيهم صغار أو أوقاف فلا يمين عليهم . رجل مات وادعى بعض ورثته لأبيهم على رجل دينا واستحلفه فحلف ثم حضر وارث آخر ليس للثاني أن يحلفه لأن الوارث قائم مقام المورث والمورث لا يحلفه إلا مرة .رجل ادعى على عبد محجور عليه مالا بالاستهلاك قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى ليس له أن يذهب بالعبد إلى باب القاضي بغير إذن المولى لما فيه من شغل العبد عن خدمة المولى في تلك الساعة ولكن لو وجده في مجلس القاضي كان له أن يحلفه . رجل ادعى على ميت دينا فأحضر وارثا واحدا فأنكر فاستحلف على العلم فحلف ثم أراد المدعي أن يستحلف وارثا آخر كان له ذلك لأن الناس يتفاوتون في اليمين ولأن الوارث يستحلف على العلم وربما لا يعلم الأول بدين الميت ويعلم الثاني .رجل ادعى على رجل ألف درهم والمدعى عليه يعلم أنها نسيئة فخاف أنه لو أقر بالألف وادعى الأجل ربما ينكر الأجل ويطالبه بالألف حالة فالحيلة له في ذلك أن يقول للقاضي سله أنها مؤجلة أو معجلة فإن سأله فقال هي حالة وطلب يمين المدعى عليه كان للمدعى عليه أن يحلف بالله ماله علي الألف التي يدعي ولو حلف بالله ماله علي أداء هذه الألف التي يدعي كان صادقا في يمينه ولو كان عليه ألف حالة وهو معسر لا يسعه أن يحلف بالله ماله علي هذه الألف التي يدعي حتى لو حلف بالطلاق ليس علي هذه الألف وهو معسر يقع الطلاق ولو كان عليه ألف مؤجلة فحلف بالله ماله اليوم قبله حق قالوا إن لم يكن من قصده إتواء مال المدعي وإنما يريد بهذا دفع المطالبة يرجى أن لا يكون به بأس ولا ينبغي للقاضي أن يكتفي بهذا اليمين بل يحلفه بالله ما له قبله شيء قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى هذه المسئلة دليل على أن قول المدعى عليه ما له قبله اليوم حق لا يكون منه إقرار بالمال إذ لو كان إقرارا أمره القاضي بأداء المال وقال بعض الناس يكون إقرارا بالمال . ولو كان عليه دين فأنكر وحلف بالله ليس له علي شيء وحرك لسانه بالاستثناء بحيث لا يسمع لم يكن ذلك استثناء ولو حلف وأشار بأصبعه في كمه إلى رجل غير المدعي بالله ماله علي شيء لم يكن حانثا ديانة ويكون حانثا قضاء حتى لو كانت يمينه بالطلاق يقع الطلاق قضاء . ولو كان على رجل دين وبه رهن فخاف المديون أنه لو أقر بالدين ربما ينكر المرتهن الرهن فيأخذ منه الدين يقول المديون للقاضي سله أنه يدعي علي ألفا بها رهن أو ليس بها رهن يسأله فإن قال بها رهن وقع إلا من عن هلاك الرهن وإن قال ليس بها رهن كان له أن يحلف بالله ليس له علي ألف ليس بها رهن . إذا ادعى رجل على رجل ألفا فأنكر وحلف بالطلاق أنه ليس له علي شيء أو حلفه القاضي بالطلاق على قول بعض المشايخ رحمهم الله تعالى بطلب المدعي ثم إن المدعي أقام البينة فشهد الشهود أن المدعي أقرضه ألفا قبل اليمين وقضى القاضي بالمال لا يقع الطلاق ولو شهد الشهود أن له عليه ألفا فقضى القاضي بالمال ذكر في الجامع أنه <427>(2/249)
يقع الطلاق وهو قول محمد رحمه الله تعالى . رجل ادعى على ميت دينا وقدم الوصي إلى القاضي فجحد الوصي وطلب المدعي من القاضي يمين الوصي لا يحلفه القاضي لأن فائدة التحليف هو النكول ولو أقر الوصي بالمال لا يصح إقراره على الميت فلا يحلفه إلا أن يكون الوصي وارث الميت فحينئذ له أن يحلفه لأنه لو نكل حتى يصير مقرا يلزمه المال في نصيبه . المدعى عليه إذا شك أن المدعي صادق في دعواه أم كاذب لا ينبغي له أن يحلف فإن طلب المدعي يمينه ولا يرغب في الفداء فإن كان أكبر رأي المدعى عليه أن المدعي صادق في دعواه فإنه يدفع المال ولا يحلف وإن كان أكبر رأيه أنه مبطل في دعواه وسعه أن يحلف . رجل ادعى على وارث رجل مالا وأخرج صكا بإقرار المدعى عليه بالمال فادعى الوارث أن المقر له قد رد إقراره وطلب يمين المدعي على ذلك كان له أن يحلف لأنه ادعى عليه ما لو أقر به يبطل دعواه ولو قال الوارث قد أقر لك الميت تلجئة قال بعضهم له أن يحلفه لأنه لو نكل تبطل دعواه ولو ادعى أن المقر كان كاذبا في إقراره لا يقبل ذلك منه . رجل ادعى على امرأة مخدرة أو على مريض مالا وطلب يمين المدعى عليه ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن القاضي يبعث أمينا أو أمينين ومعه شاهد حتى يستحلف المدعى عليه وذكر في المنتقى فيه خلافا على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يبعث أمينا ليحلفه وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يبعث فيفوض ذلك إلى رأي القاضي فلو أن القاضي بعث أمينا ليحلفه فجاء الأمين وقال حلفته لا يقبل قوله إلا بشاهد . رجل توجه عليه اليمين فقال إن المدعي حلفني في هذه الدعوى عند قاضي بلد كذا وطلب يمين المدعي على ذلك حلفه القاضي بالله ما حلفته فإن نكل لا يكون له أن يحلف المدعى عليه وإن حلف كان له أن يحلف المدعى عليه على المال فإن قال المدعى عليه إن المدعي قد ادعى علي هذا المال عند قاضي بلد كذا ثم خرج من دعواه وأبرأني فطلب من القاضي تحليفه قال بعضهم لا يحلفه القاضي هنا لأن دعواه الإبراء لم يصح فلا يستوجب اليمين بخلاف المسألة الأولى . وقال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا والأول سواء والأصح أن له أن يحلفه . رجل اشترى من رجل عبدا ثم ادعى به عيبا إن قال المشتري شهودي حضور لا يجبره القاضي على نقد الثمن وإن قال المشتري شهودي غيب يستحلف البائع فإن حلف البائع يجبر القاضي المشتري على نقد الثمن وإن نكل يقضي بالعيب . وإذا شهد الشهود على رجل بحق وقضى القاضي بشهادتهم ثم إن المشهود عليه ادعى أن الشهود قد رجعوا عن شهادتهم إن ادعى رجوعهم في غير مجلس القاضي لا يسمع دعواه ولا يحلف الشهود ولو أقام البينة على ذلك لم يقبل بينته وإن ادعى رجوعهم عند قاض آخر إن لم يدع قضاء القاضي برجوعهم لم يسمع دعواه أيضا وإن ادعى أنهم رجعوا عند فلان القاضي وإن ذلك القاضي قضى برجوعهم سمع دعواه ولو أقام البينة على ذلك قبلت بينته وإن لم يكن له بينة ككان له أن يستحلف الشهود لأن رجوع الشهود عند قاض آخر يصح كما لو رجعوا عند القاضي الذي قضى بشهادتهم . المدعى عليه إذا كان أخرس وطلب المدعي يمينه فإنه يحلفه وصورة التحليف أن يقول له القاضي عليك عهد الله وميثاقه إن كان كذا فإذا أومأ برأسه بنعم يصير حالفا ولا يقول له القاضي بالله إن كان كذا لأنه لو أشار برأسه بنعم في هذا الوجه يصير مقرا بالله ولا يكون حالفا . رجل ادعى على صبي مأذون مالا فأنكر اختلفوا فيه قال بعضهم لا يحلف لأنه لا حنث عليه فإنما يلزمه المال إما بالبينة أو بالإقرار وذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أنه يحلف في قول علمائنا رحمهم الله تعالى قال وبه نأخذ لأن المأذون يمتنه عن اليمين الكاذبة كيلا يرتفع اعتماد الناس عليه في التجارات ولهذا يصح إقراره وفي <428>بعض الروايات لا يحلف الصبي قالوا يجوز أن تكون المسألة على الإختلاف على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يحلف لأن فائدة التحليف النكول وعنده النكول بذل والصبي لايملك البذل وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى يحلف لأن عندهما النكول إقرار وهو من أهل الإقرار . وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في شرح كتاب الإقرار أنه يحلف عند الكل . إذا اشترى من رجل جارية ثم ادعى على البائع أنه أقاله البيع وهو كاذب في دعواه فحلف البائع فنكل وقضى عليه بالإقالة بنكوله نفذ قضاؤه باطنا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الأول حتى يحل للبائع وطؤها عندهما وعلى قول محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الآخر لا يحل له وطؤها وهو على الخلاف المعروف في قضاء القاضي بشهادة الزور في العقود والفسوخ.رجل ادعى عينا في يد رجل أنه لي وإنك قد أقررت لي بهذا فأقام المدعى عليه البينة أن المدعي قد استوهب مني كان ذلك دفعا لدعوى المدعي أن الاستيهاب إقرار منه بالملك للواهب فصار كما لو أقام ذو اليد البينة على إقرار المدعي أنه ملك ذي اليد ولو أقام كل واحد منهما(2/250)
البينة على إقرار صاحبه له بالملك تهاترت البينتان ويبقى لذي اليد وإذا أقر رجل أني وهبت هذا العين لفلان وقبضه مني ثم ادعى أنه لم يقبضه مني وإني أقررت بالقبض كاذبا وطلب يمين الموهوب له ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى في المزارعة أنه لا يحلف الموهوب له في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويحلف في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وكذا في كل موضع إذا ادعى أنه كان كاذبا فيما أقر كما لو أقر بقبض الثمر من المشتري وغيره ثم ادعى أنه كاذبا في إقراره أو أقر الواهب بقبض الهبة ثم ادعى أنه كان كاذبا فيما أقرو أراد استحلاف المشتري بالله لقد نقد الثمن أن طلب يمين الموهوب له بالله لقد قبضت الهبة بإذن الواهب على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ليس له أن يستحلفه وعلى قول أبي يوسف والشافعي رحمهما الله تعالى له ذلك ذكر الخلاف في كتاب الإقرار فإذا كان في المسألة خلاف أبي يوسف والشافعي رحمهما الله تعالى يفوض ذلك إلى رأي القاضي والمفتي . رحل اشترى من رجل جرابا هرويا فقبضه فوجده أحد عشر ثوبا ثم اختلفا فقال البائع بعت منك هذا الجراب على أن فيه عشرة أثواب بمائة درهم وقال المشتري بل اشتريته منك على أن فيه أحد عشر ثوبا بمائة درهم فطلب كل واحد منهما يمين صاحبه فإن القاضي يحلف البائع أولا بالله ما باعه هذا الجراب على أن فيه أحد عشر ثوبا بمائة درهم لأن المشتري يدعي عليه بيع الثوب الزائد وهو ينكر فيحلف كما لو أنكر بيع الكل فإن نكل يصير مقرا بما ادعى المشتري وإن حلف رد المشتري المبيع على البائع ولا يحلف المشتري لأن البائع لما حلف انتفى بيع الثوب الزائد فيفسد العقد بينهما فكان عليه رد المبيع ولا يحلف المشتري . الاستحلاف على ثلاثة أوجه في وجه يستحلف عند الكل وهو القصاص والأموال وفي وجه لا يستحلف عند الكل وهو الحدود وفي وجه اختلفوا فيه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يستحلف وهي سبع مسائل ستة منها معروفة النكاح والرق والفيء في الإيلاء والولاء والرجعة والنسب والسابعة ذكرها في الجامع الصغير إذا ادعت الأمة على مولاها أنها ولدت منه هذا الولد أو ادعى أنها ولدت منه ولدا ومات الولد أو ادعت أنها أسقطت منه سقطا استبان خلقه وأنكر المولى لا يحلف في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو ادعى امرأة الجل أنا ولدت هذا الولد منه وأنكر الزوج وكذا لو جاء المولى والزوج بصبي وادعى أنها ولدته منه وأراد استحلافها لا يمين عليها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قالوا لا يحلف في إحدى وثلاثين خصلة بعضها مختلف <429> فيه وبعضها متفق عليه . فمنها إذا ادعى رجل أو امرأة على رجل أنه قذفه لا يحلف المنكر في قولهم . ومنها إذا ادعى الزنا لا يحلف وصورة ذلك رجل حلف بعتق عبده أن لا يزني أبدا فقدمه العبد إلى القاضي وقال إن حلف بعتقي أن لا يزني أبدا وقد أتى الذي حلف عليه بعد يمينه وعتقت فانكر المولى الزنا فطلب العبد يمينه ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أنه يستحلف بالله مازنيت بعد ما حلفت بعتق عبدك هذا أن لا تزني فإن نكل عن اليمين عتق عليه عبده وإن حلف لاشيء عليه وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أنه لا يستحلف بالله مازنى كما ادعى العبد وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الرواية محفوظة في الكتب أن القاذف إذ ادعى على المقذوف أن المقذوف صدقه ف ي القذف وأنه قد زنى وأقام البينة على ذلك قبل بينته ويسقط عنه الحد وإن لم يكن له بينة وأراد استحلاف المقذوف بالله ما صدقه في ذلك القذف ليسقط الحد عن نفسه لا يستحلف المقذوف على ذلك ولا فرق بين المسألتين فإن مقصود القاذف من هذه الدعوى إسقاط الحد عن نفسه لا إيجاب الحد على المقذوف ولهذا لا يشترط عدد الأربعة في الشهود كما أن مقصود العبد إثبات العتق لا إيجاب الحد على المولى فصار في المسألة روايتان قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الصحيح أنه يستحلف المولى في مسألة العبد وهل يصير العبد قاذفا مولاه بهذا ا لكلام ذكر الخصاف رحمه الله تعالى في أدب القاضي ماهو إشارة إلى أنه لايصير قاذفا فإنه قال وقد أتى الذي حلف عليه ولم يقل أنه زنى تحرزا عن ذلك . ذكر في الحدود رجل قذف غيره فقال رجل آخر للقاذف هو كما قلت يصير الثاني أيضا قاذفا ثم إذا حلف المولى هنا كما هو المختار يحلف على السبب بالله ما زنيت بعد ما حلف بعتق عبدك هذا . ومما لا يستحلف فيه الحدود إلا أن في السرقة يستحلف السارق وعند النكول يقضي عليه بالمال لأنه ادعى عليه أخذ المال بجهة السرقة فيستحلف لأخذ المال . ومما لا يستحلف فيه النكاح لا يمين فيه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى سواء كانت الدعوى من الرجل أو المرأة وعند صاحبيه يستحلف المنكر والفتوى على قولهما فيه لعموم البلوى وكيفية الإستحلاف عندهما أنها إذا ادعت النكاح والصداق في ظاهر الرواية عنهما يحلف على الحاصل بالله ماهذه امرأتك بهذا(2/251)
النكاح الذي تدعي ولا لها عليك هذا الصداق الذي ادعت وهو كذا وكذا ولا شيء منه وإن كان المدعي هو الرجل يستحلف المرأة بالله ما هذا زوجك على ما يدعي وقيل على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يحلف على السبب بالله ما تزوجها على كذا وكذا من الصداق كما هو أصله إلا إذا عرضت المرأة قالوا ويحتمل أن يكون المذكور في ظاهر الرواية قول أبي يوسف رحمه الله تعالى أيضا . ومن فروع هذه المسألة رجل ادعى على رجل أن المدعى عليه زوج بنته فلانة منه وهي صغيرة فأنكر الأب وطلب المدعي يمينه إن كانت البنت صغيرة وقت الخصومة لايستحلف الأب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لوجهين أحدهما أنه لايرى اليمين في النكاح والثاني أن اليمين للنكول وعنده إذا أقر الأب على ابنته الصغيرة بالنكاح لا يصح إقراره وعند صاحبيه يستحلف الأب لأنه لو أقر عليها بالنكاح يصح إقراره ولو كانت كبيرة وقت الخصومة لا يستحلف الأب عند الكل أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فلما قلنا وأما عندهما فإنها إذا كانت كبيرة كان الأب بمنزلة الوكيل والوكيل بالنكاح لا يتوجه عليه الخصومة فلا يحلف وتستحلف المرأة على دعواه عندهما . رجل ادعى على رجل أنه زوج منه أمته فلانة على مائة درهم وأنكر المولى عندهما يحلف المولى لأنه لو أقر عليها بالنكاح يصح إقراره فيستحلف . امرأة ادعت على زوجها أنه طلقها بعد الدخول وعليه نفقة العدة فأنكر الزوج النفقة يحلف بالله ما عليك تسليم النفقة إليها إلا <430>إذا ادعت المرأة فقالت أنه من أصحاب الحديث يزعم أنه لا نفقة للمبتوتة فلو حلف على الحاصل يحلف بناء على زعمه فيحلفه القاضي على السبب بالله ما طلقتها بعد الدخول . امرأة ادعت الدخول على زوجها فقالت تزوجني وطلقني بعد الدخول ولي عليه المهر كذا أو قالت طلقني قبل الدخول ولي عليه نصف المهر المسمى وهو كذا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يحلف على النكاح وإنما يحلف على المال فإن نكل يلزمه المال ولا يقضي بالنكاح . امرأة ادعت على زوجها أنه آلى منها وانقضت أربعة أشهر من وقت الإيلاء وأنها بانت منه فقال الزوج فئت إليها قبل مضي أربعة أشهر وأنكرت المرأة الفيء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تستحلف المرأة وعندهما تستحلف وكذا لو ادعت أنه طلقها طلاقا رجعيا وانقضت العدة فقال الزوج كنت راجعتها في العدة وأنكرت المرأة كان القول قول المرأة ولا يمين عليها في قول أبي حنيفة وعودهما رحمهما الله تعالى اليمين . رجل ادعى على رجل أنه أبوه أو ابنه فأنكر المدعى عليه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يمين على المنكر إلا أن يدعي عليه مالا بسبب النسب كالميراث أو النفقة إذا كان ممن يستحق النفقة فيستحلف على المال وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى إذا ادعى نسبا يثبت بإقراره يستحلف المنكر ادى عليه مالا أو لم يدع وإن ادعى نسبا لا يثبت بإقراره كالعمومة والأخوة ونحوهما إذا ادعى مالا تسمع دعواه ويستحلف المنكر وإن تجرد عن دعوى المال لا يستحلف المنكر . وما يصح به إقرار الرجل أربعة الأب والولد والمرأة ومولى العتاقة وإقرار المرأة يصح بثلاثة بالأب والزوج ومولى العتاقة ولا يصح إقرارها بالولد لأن إقرارها بالولد إقرار على صاحب الفراش وإقرار الإنسان لا يصح على غيره بلا دعوى . وإن ادعى مالا ينسب بأن ادعى أن أباه ماب وترك مالا في يد المدعى عليه أو ادعى أنه زمن والمدعى عليه موسر والمدعى عليه ينكر الأخوة يستحلف المدعى عليه على المال عند الكل لا على النسب ويستحلف بالله ما تعلم له في هذه الدر نصيبا كما يدعي فإن حلف برئ وإن يكل يقضي عليه بالمال ولا يقضي بالنسب .وجنس هذه المسألة أربعة إحداها الميراث والثانية النفقة والثالثة إذا ادعى حق الحفظ أو الحضانة بأن قال لمن التقط صغيرا إن الصغير الذي التقطته أخي وأنكر الملتقط . والرابعة إذا ادعى بطلان حق الرجوع كذا بأن وهب الإنسان هبة ثم أراد أن يرجع فيها فقال الموهوب له أنا أخزك وأنكر الواهب يستحلف الواهب .والحاصل أنه إذا ادعى بسبب النسب مالا أو حقا لازما كان المقصود إثبات ذلك الحق دون النسب فيستحلف عند الكل .رجل مات ولم يترك عصبة وادعى رجل أنه كان أعتقه وأن له الميراث بحق الولاء وأنكر سائر الورثة لا يمين عليهم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . رجل مات فقال رجل لرجل إنه مات وقد أوصى إليك ولي عليه دين فأنكر المدعى عليه الإيصاء أو أقر بالإيصاء وأنكر الدين لا يمين عليه عندهم وكذا لو ادعى رجل على رجل أن فلانا وكلك بطلب حقوقه وكالة عامة ولي على موكلك كذا فهو وكالوصي سواء .رجل في يديه دار أو عرض أو حيوان فقدمه رجلان إلى القاضي وادعى كل واحد منهما أنه اشتراه من ذي اليد بكذا فأقر المدعى عليه لأحدهما بعينه أنه باعه منه وأنكر الآخر للقاضي حلف المدعى عليه لي أنه لم يبعه مني فإنه لا يحلفه وكذا لو أمكر المدعى علينه دعواهما فحلفه القاضي لأحدهما فنكل وقضى عليه بالنكول ثم قال(2/252)
الآخر خلفه لي فإنه لا يحلفه وكذا لو ادعى رجلان نكاح امرأة وقدماها إلى القاضي فأقرت لأحدهما وأنكرت للآخر فقال الآخر حلفها لي لا يحلفها في قولهم وكذا لو أنكرت المرأة دعواهما فحلفها لأحدهما بعينه على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى فنكلت وقضى بها له لا تحلف للآخر في قولهم . <431>
رجل في يديه دار أو عرض قدمه رجلان إلى القاضي وادعى كل واحد منهما أن صاحب اليد وعب له وسلمه إليه فأقر لأحدهما بعينه وطلب الآخر يمينه لا يحلف وكذا لو حلفه لأحدهما فنكل لا يحلف للآخر وكذا لو ادعى كل واحد منهما أنه رهنه عنده بألف درهم وأنه قبضه وأقر به لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل لا يحلف للآخر وكذا لو ادعى أحدهما الرهن والتسليم والآخر الشراء وأقر بالرهن وأنكر البيع لا يحلف للمشتري ولو ادعى أحد هذين الرجلين الإجارة والآخر الشراء فأقر بالإجارة وأنكر البيع لا يحلفه لمدعي الشراء ويقال لمدعي الشراء إن شئت تنتظر حتى تنقضي مدة الإجارة وتفك الرهن وإن شئت تفسخ البيع ولو ادعى أحد الرجلين الصدعة والقبض والآخر الشراء فأقر بأحد الأمرين لا يستحلف للثاني . ولو ادعى كل واحد منهما الإجارة فأقر لأحدهما وحلف فنكل لا يحلف للآخر ولو ادعى كل واحد منهما أن العبد الذي في يد ذي اليد عبده فصبه منه ذو اليد فأنكر دعواهما أو أقر لأحدهما أو حلف لأحدهما فنكل يحلف للثاني .ولو ادعى كل واحد منهما أنه أودعه الذي في يديه فأقر لأحدهما حلفه القاضي للثاني ويحلفه بالله ماله عليك هذا العبد ولا قيمته وهي كذا وكذا وكذلك الإجارة . رجل ادعى دارا في يد رجل وقال إن هذا الرجل اشترى دارا في موضع كذا وبين حدودها بكذا من الثمن وأنا شفيع هذه الدار بدار لي تلازقها فقال المدعى عليه إن الدار التي تدعى فيها الشفعة لابني الصغير فلان فقالمدعى الشفعة إنه يريد بهذا الإقرار دفع اليمين عن يفسه فحلفه لي ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والفقيه أبو جعفر رحمهما الله تعالى أنه يحلفه ولا يسقط عنه اليمين بهذا الإقراركما لو أقر لأجنبيأو لولد كبير له وقد مر هذا فيما تقدم . رجل مات فادعى رجل أن الميت فلانا أوصى إلي وإلى هذا الذي قدمته إليك فأنكر الذي قدمه فسأل المدعي من القاضي يمينه فإن القاضي لا يحلفه وكذلك الوكالة . رجل أمر رجلا بأن يشتري له جارية فاشترى الوكيل له جارية شراء صحيحا ثم وجد الوكيل بالجارية عيبا فأراد أن يردها على البائع وموكله غائب فقال البائع إن موكلك عد رضي بهذا العيب وأراد يمين الوكيل على رضا الموكل لم يكن له يمينه . امرأة بالغة زوجها وليها وهي بكر فادعى الزوج أنه زوجها بأمرها ورضاها فأنكرت المرأة لا يمين عليها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . امرأة زوجها وليها من رجل وقبل النكاح عن الرجل أجنبي وادعى أنه وكيل الزوج ثم أنكر الزوج وقال ما كنت وكلت فلانا في النكاح وما رضيته وما أجزته وأرادت المرأة يمينه لا يحلف الرجل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى رجل استصنع رجلا في شيء ثم اختلفا في المصنوع فقال المستصنع لم تفعل كما أمرتك وقال الصانع فعلت قالوا لا يمين فيه لأحدهما على الآخر . ولو ادعى الصنع على رجل أنك استصنعت إلي في كذا وأن المدعى عليه لا يحلف .رجل ادعى على رجل أن عليه ألف درهم باسم رجل يقال له فلان بن فلان الفلاني وأن هذا المال لي وأن فلان بن فلان الفلاني الذي المال باسمه أعر أن المال لي وإن اسمه عارية في الصك وأن الذي باسمه المال وكلني بقبض هذا المال والخصومة فيه إن صدقه المدعى عليه فيما ادعى يؤمر بدفع المال إليه ولم يكن ذلك قضاء على الغائب حتى لو حضر الغائب وأنكر ذلك أخذ المال من المدعى عليه ثم المدعى عليه يرجع على الآخذ وإن أنكر المدعى عليه جميع ذلك ف[أقام المدعي بينة على أنه وكيل الغائب بقبض المال منه قبلت بينته ويكون ذلك قضاء على الغائب حتى لو حضر الغائب فأنكر لا يسمع إنكاره .ولو أقر المدعى عليه بالمال وأنكر الوكالة فأقام المدعي بينة الوكالة قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى قبلت <432> هذه البينة وكان له أن يستحلفه على المال في قولهم وصورة التحليف أن يقول بالله ما تعلم أن هذا وكيل فلان بن فلان الغاءب بالخصومة وفي قبض هذا المال وقال بعضهم له أن يستحلفه على الوكالة في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يستحلفه في قول أبي حنيفة رح فإن نكل عن يمين الوكالة يؤمر بدفع المال إليه ولا يكون ذلك قضاء على الغائب لأن إقراره لايكون حجة على الغاءب وإن أقر المدعى عليه بالوكالة وأنكر المال كان للمدعي أن يقيم البينة على المال وإن لم يكن له بينة كان له أ، يستحلفه بالله ما لفلان بن فلان الفلاني ولا باسمه عليك هذا المال الذي سماه المدعي وهو ألف ولا أقل منها وذكر محمد رح في الأصل في أول المسألة أن المال الذي باسم فلان بن فلان الفلاني مالي وقد وكلني فلان بالخصومة فيه وبقبضه وعن أبي يوسف رح أنه لا(2/253)
يشترط ذكر التوكيل .وإذا ادعى رجل على رجل أنه قتل ابنا له عمدا أو عبدا أو وليا بآلة توجب القصاص وادعى القصاص لنفسه أو ادعى أنه قطع يد عمدا أو قطع يد ابن صغير له عمدا أو ادعى شجة أو جراحة يجب فيها القصاص فأنكر المدعى عليه كان له أن يستحلفه ثم في كيفية التحليف في القتل روايتان في رواية يستحلف على الحاصل بالله ماله عليك دم ابنه فلان ولا دم عبده فلان ولا دم وليه فلان ولا قبلك حق بسبب هذا الدم الذي يدعي وفي رواية يحلف على السبب بالله ما قتلت فلان بن فلان ولي هذا عمدا وفيما سوى القتل من القطع والشجة ونحو ذلك يحلف على الحاصل بالله ماله عليك قطع هذه اليد ولا له قبلك حق بسببها وكذلك في الشجاج والجراحات التي يجب فيها القصاص فإن حلف برئ وإن نكل في القتل يقضي عليه بالدية عند أبي يوسف ومحمد رجمهما الله تعالى وعند أبي حنيفة رح يحبس حتى يحلف أو يقر . وإن ادعى أنه قتل ابنه خطأ أو وليا له خطأ أو قطع يده أو شجه خطأ إذا ادعى شيئا فيه دية أو أرش يستحلف بالله ما لفلان عليك هذا الحق الذي يدعي من الوجه الذي يدعي ولا شيء منه ويسمى الدية والأرش عند اليمين لأنه ادعى مالا فيحلف على الحاصل كما في سائر الأموال وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى كل حق يجب على غير المدعى عليه كالدية في قتل الخطأ وما أشبه ذلك يحلف على السبب بالله ما قتلت ابن هذا فلانا وفي الشجة بالله ما شججت هذا هذه الشجة التي يدعي وكل جناية يجب بها الأرش والدية على المدعى عليه يستحلف كما يستحلف في القصاص . امرأة ادعت على زوجها أنه حلف بطلاقها ثلاثا أن لا يدخل هذه الدار وأنه قد دخلها بعد اليمين فالمسألة على وجوه أربعة إن أقر باليمبن والدخول جميعا فقد أقر بالطلاق وإ، أنكر اليمين والدخول في ظاهر الرواية يحلف على الحاصل بالله ما هذه المرأة بائن منك بثلاث تطليقات كما ادعت وإن أقر باليمين وأنكر الدخول بعد اليمين يحلف بالله ما دخلت هذه الدار بعدما حلفت بطلاقها وإن أقر بالدخول في ذلك الزمان وأنكر اليمين يحلف بالله ما حلفت بطلاقها ثلاثا أن لا تدخل هذه الدار قبل أن تدخلها وكذلك هذا في العتق إذا ادعى المملوك أنه حلف بعتقه أن لا يدخل هذه الدار فإن عرض المولى أو الزوج للقاضي الآن يحلفه القاضي على السبب بالله ما حلفت بطلاقها ثلاثا قبل أن تدخلها . رجل قدم رجلا إلى ال وقال إن أبي فلان بن فلان الفلاني مات ولم يترك وارثا غيري وله على هذا الرجل الذي قدمته كذا وكذا من المال وقال للقاضي سله عما ادعيت أجابه القاضي إلى ذلك فإن سأله وصدقه المدعى عليه في جميع ذلك أمره القاضي بأن يدفع جميع المال إليه ولم يكن ذلك قضاء على الغائب وإن كذبه المدعى عليه في <433>جميع ذلك فقال المدعي للقاضي حلفه بالله ما تعلم أنه ابن فلان بن فلان بن فلان ولا تعلم أن فلانا مات قال الخصاف روي عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه لا يستحلفه لكن يقال للمدعي أقم البينة على وفاة فلان وأنك ابنه فإذا أقمت البينة على ذلك فبعد ذلك أحلفه على ما تدعي لأبيك من المال ثم قال الخصاف رحمه الله تعالى فيها قول آخر أنه يستحلفه على العلم كما طلب المدعي واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال بعضهم منهم شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى ما ذكر أنه يحلف هو قول أبي يوسف ومحمد رحهما الله تعالى وما ذكر أنه لا يحلف حتى يقيم المدعي البينة قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الصحيح أنه يحلف قبل أن يقيم المدعي البينة فإن حلف المدعى عليه يكلف الابن إقامة البينة على وفاة أبيه وأنه وارثه وإن نكل المدى عليه يصير مقرا بالموت والنسب . ولو أقر المدعى عليه بالموت والنسب صريحا وأنكر المال لا يكون المدعي خصما له في حكم البينة على المال ويكون خصما له في التحليف على المال فكذا إذا نكل فيحلفه بعد النكول بالله ما لفلان بن فلان الفلاني عليك هذا المال . وفي دعوى الموت والنسب إذا حلف المدعى عليه يحلفه على العلم . ولو أن رجلا ادعى أنه وكلل فلان بن فلان الغائب وكله بقبض الدين الذي له قبل هذا الرجل وبقبض العين الذي له في يده فإن صدقه المدعى عليه في جميع ذلك يؤمر بدفع الدين إليه ولا يؤمر بدفع العين لأن الإقرار بحق قبض العين للوكيل إقرار بحق القبض في مال الغير حال قيام صاحب العين فلا يصح إقراره بخلاف ما لو أقر لوارثه . وإن أنكر المدعى عليه الوكالة قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى يحلف بالله ما تعلم أنه وكيل فلان بن فلان بقبض الدين الذي له عليك كما يحلف لأجل الوارث وسوى بينه وبين الوارث . وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى إذا أنكر الوكالة لا يحلف على الوكالة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى .ولو كان المدعي ادعى أن فلان بن فلان الفلاني مات أوصى إليه بقبض الدين الذي له على هذا الرجل وبقبض العين الذي له في يده فإن صدقه المدعى عليه في جميع ما قال يؤمر(2/254)
المدعى عليه بدفع الدين والعين إليه كما في الوارث بخلاف الوكالة فإن ثمة لا يأمره القاضي بدفع العين إلى المدعى لأن القاضي يملك نصيب الوصي ولا يملك نصيب الوكيل على الغائب وإن كذبه المدعى عليه يحلف على العلم بالله ما تعلم أنه أوصى إليه . ولو ادعى رجل عينا في يد رجل أنه ملكه اشتراه من فلان الغائب وصدقه المدعى عليه فإن القاضي لا يأمره بدفع المال إليه لأنه لو أمره بذلك يكون ذلك قضاء على الغائب بالملك والبيع بإقرار ذي اليد وذاك لا يجوز ولا وجه إلى أن يقضي له بالملك بغير سبب لأنه قضاء بخلاف ما يدعي . أما القضاء للوارث والوصي لا يكون قضاء بزوال ملك الميت وملك الغائب .وإن ادعى أنه اشتراه من فلان وأن فلانا وأن فلانا وكله بقبض هذا المال منه كان له أن يحلف المدعى عليه على الوكالة . رجل ادعى في دار رجل طريقا وأقام البينة فشهد الشهود أن له طريقا في هذه الدار جازت شهادتهم وإن لم يحدوا الطريق . قال شمس الأئمة الحلواني شوّش محمد رحمه الله تعالى هذه المسألة في الكتاب ذكر في بعض الروايات تقبل الشهادة وإن لم يحدوا الطريق وذكر في بعضها أنها لا تقبل ما لم يبين موضع الطريق أنه في مقدم الدار أو في مؤخرها ويذكر طول الطريق وعرضه قال وهو الصحيح وما ذكر في بعض الروايات أنها تقبل وإن لم يحدوا الطريق محمول على ما إذا شهدوا على إقرار المدعى عليه بالطريق لأن الجهالة لا تمنع صحة الإقرار فإذا ثبت إقراره يؤمر بالبيان . وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الأصح <434>أنها تقبل وإن لم يذكروا موضع الريق ومقداره لأن الجهالة إنما تمنع قبول الشهادة إذا تعذر القضاء بها وهنا لا يتعذر فإن عرض الباب العظمى يجعل حكما لمعرفة الطريق قال وإن محمد رحمه الله تعالى بذكر في بعض النسخ وإن لم يحدوا الطريق فذلك أجوز للشهادة يعني أنفذ ومعنى ذلك أن الطريق عند بعض العلماء رحمهم الله تعالى مقدر بسبعة أذرع فإذا بين الشهود مقدار الطريق بما يذكر الشهود أقل من سبعة أذرع أو أكثر والقاضي يميل إلى مذهب بعض العلماء رحمهم الله تعالى فيرد شهادتهم فكان ترك البيان أجوز .وذكر في بعض النسخ أن بينوا كان أجوز . وذكر في الكتاب لو شهدوا أن أباه مات وترك هذا الطريق ميراثا له جازت شهادتهم وإن شهدوا أن المدعى كان يمر في هذا الطريق لا تقبل شهادتهم . وأن ادعى مسيل ماء في دار رجل وشهدوا بالمسيل ذكر في الكتاب أنها تقبل . قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا والطريق سواء إنما تقبل إذا بينوا موضع المسيل أنه في مقدم الدار أو في مؤخرها وأنه لماء الوضوء أو لماء المطر . وذكروا مقدار المسيل أما بدون ذلك لا تقبل الشهادة ولا تصح الدعوى ولا يستحلف الخصم إلا إذا شهدوا على إقرار الخصم بذلك . ولو أن ميزابا لرجل في دار رجل فمنعه صاحب الدار عن تسييل الماء فيع كان له أن يمنعه إلا أن يشهد الشهود أن له حق تسييل الماء في هذه الدار من هذا الميزاب . وقال بعض المتأخرين إن عرف أن الميزاب قديم وتصويب السطح إليه يترك وإن شهدوا أنه كان يسيل منه الماء لا تقبل .وإن ذكروا مسيلا مطلقا واختلفوا في أنه للوضوء أو للمطر كان القول فيه قول صاحب البيت مع اليمين . رجل ادعى على رجل أنه وضع على حائط له خشبا أو أجرى على سطحه أو في داره ميزابا أو ادعى أنه فتح في حائط له بابا أو بنى على حائط له بناء أو ادعى أنه رمى التراب أو الزبل في أرضه أو دابة ميتة في أرضه أو غرس شجرا أو ما يكون فيه فساد الأرض وصاحب الأرض يحتاج إلى رفعه ونقله وصح دعواه بأن بين طول الحائط وعرضه وموضعه وبين الأرض بذكر الحدود وموضعها فإذا صحح دعواه وأنكر المدعى عليه يستحلف على السبب لأنه ادعى عليه حقا لا يحتمل السقوط لا بالرضا ولا بالإبراء فاته لو رضي بذلك كان إعارة ولو صالح عنه لا يجوز وفي مثل هذا يحلف على السبب . ولو كان صاحب الخشب هو المدعي وقدم صاحب الحائط إلى القاضي وقال كان لي على حاشئط هذا الرجل خشب فوقع أو قلعته لأعيده وإن صاحب الحائط يمنعني من ذلك لا تسمع دعواه ما لم يصحح الدعوى بأن يبين موضع الخشب وأن له حق وضع خشبة أو خشبتين أو ما أشبه ذلك وبين غلظ الخشبة وخفتها فإذا صحح دعواه وأنكر المدعى عليه يحلفه القاضي على الحاصل بالله ما لهذا في هذا الحائط وضع الخشب الذي يدعي وهو كذا وكذا في موضع كذا من هذا الحائط في مقدم البيت أو مؤخره حق واجب له فإن نكل ألزمه القاضي حقه . ولو ادعى رجل على غيره أنه حفر في أرضه حفيرة أضر ذلك بأرضه وطلب النقصان فإن بين موضع الأرض وحدودها ومقدار الحفيرة والنقصان يحلفه القاضي على الحاصل بالله ما له عليك هذا الحق الذي يدعي ولا يحلفه على السبب لأن هذا الحق مما يحتمل السقوط بالرضا أو الإبراء أو الصلح فيحلف على الحاصل قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى عند بعض العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة يجب عليه كبس الحفيرة ولا يجب النقصان فلو حلف(2/255)
على النقصان ربما يميل الحالف إلى ذلك القول فيحلف فكان ينبغي أن يحترز عن قول هذا القائل إلا أن الخصاف رحمه الله تعالى لم يعتبر ذلك القول ولم يلتفت <435> إليه ثم ذكر في الكتاب حفر في أرضه حفيرة أضر بالأرض وهذا إشارة إلى أنه إذا لم يضر بالأرض ولا يدخل نقصان في أرضه بذلك لا يجب عليه شيء . ولو أن رجلا رفع من أرض إنسان ترابا قالوا ينظر إن كان لذلك القدر من التراب قيمة في ذلك الموضع يضمن قيمة التراب دخل بذلك نقصان في أرضه أو لم يدخل لأنه رفع مالا مملوكا متقوما له وذكر في الصيد إذا دخل الماء في أرض إنسان واجتمع فيه الطين يكون ذلك لصاحب الأرض ولا يكون لأحد أن يرفع ذلك من أرضه وهذا بخلاف السمك إذا اجتمع في أرض إنسان بغير صنعه واحتياله فإنه لا يكون لصاحب الأرض إلا أن يأخذه جعل صاحب الكتاب التراب من ذوات القيم ولم يجعله مثليا . ولو أن رجلا ادعى على رجل أنه هدم حائطا له أو كسره وبين قدر الحائط وموضعه وبين النقصان وطلب النقصان حلفه القاضي على الحاصل بالله ماله عليك هذا القدر من الدراهم ولا شيء منها , وقال بعض العلماء رحمهم الله تعالى إن كان الحائط حديثا كان على الهادم إعادة الحائط بالمدر إن كان من المدر والحجر والخشب إن كان من ذلك ولا يضمن النقصان . وإن كان الحائط عتيقا قد خلق كان عليه النقصان فينبغي للقاضي أن يحترز عن هذا القول ويحلفه على وجه يقع الاحتراز عنه . وإن حلفه على النقصان والقيمة ولم يحترز عن ذلك القول لا بأس به وكذا لو ادعى رجل على رجل أنه ذبح شاة أو بقرة له أو ادعى أنه فقأ عين عبد له وقد مات العبد أو ادعى أنه فقأ عين دابة له أو أفسد متاعا له وذلك الشيء ليس بحاضر فإن القاضي يسأله عن قيمة ذلك ويحلفه على الحاصل وإن كان الحيوان مضمونا عند بعض الناس بالمثل لا بالقيمة إلا أن صاحب الكتاب لم يلتفت إلى ذلك القول . رجل ادعى على رجل أنه خرق ثوبه وأحضر الثوب فإن القاضي ينظر فيه إن كان الخرق يسيرا كان الواجب فيه نقصان الثوب يقوم الثوب وليس به ذلك الخرق ويقوم وبه الخرق فإذا ظهر النقصان والمدعى عليه ينكر الخرق يحلفه القاضي بالله ماله عليك هذا القدر الذي يدعي من الدراهم ولا أقل منه ولا يحلفه على السبب لأن هذا مما يحتمل السقوط بالإبراء أو الرضا والصلح فلا يحلفه على السبب وإن لم يكن الثوب حاضرا فإن القاضي لا يسمع دعواه حتى يذكر صفة الثوب وقيمته وقدر نقصان الخرق ثم يحلفه على الحاصل . وإن ادعى رجل أنه شق في أرضه نهرا وساق الماء فيه إلى أرض له فإن القاضي لا يسمع دعواه حتى يبين الأرض ويبين موضع النهر في الأرض أنه على اليمين أو على اليسار ويبين مقدار النهر طولا وعرضا وعمقا فإذا بين ذلك إن أقر المدعى عليه بذلك لزمه وإن أنكر حلفه بالله ما أحدثت في أرض هذا الرجل هذا النهر الذي يدعي . وكذا لو ادعى أنه بنى في أرضه بناء لا يلتفت إليه القاضي حتى يبين الأرض ويصف البناء طوله وعرضه وأنه من الخشب أو من المدر . وكذا لو ادعى غرس الشجر في أرضه فإذا بين المدعي ذلك إن أقر المدعى عليه أمر برفع البناء والشجر وإن أنكر حلفه بالله ما بنيت هذا البناء وما غرست هذا الشجر في أرض هذا الرجل فإن نكل أمر برفع البناء والشجر . وإن ادعى على رجل أنه كسر ابريقا له من الفضة وأحضر الابريق أو ادعى أنه صب الماء في طعامه وأفسده إن أقر المدعى عليه بذلك عندنا يخير صاحب الابريق والطعام إن شاء أمسكه كذلك ولا شيء له وإن شاء دفع إليه الابريق والطعام وضمنه قيمة الابريق من خلاف الجنس وضمنه مثل ذلك الطعام وليس له تضمين النقصان فإن أنكر المدعى عليه حلفه القاضي على قيمة الابريق وعلى مثل الطعام فإن قال المدعي إن هذا المدعى عليه ممن يقول لا يجب الضمان وإنما يجب النقصان فإن القاضي يحلفه على السبب بالله ما فعلت ما ادعاه المدعي . رجل ادعى على رجل أنه قال له <436> يا فاسق أو يا كافر أو يا فاجر أو يا منافق أو يا خبيث أو يا خنزير أو يا حمار أو يا لص أو يا لوطي أو يا آكل الربا أو يا شارب الخمر أو يا ديوث أو يا مخنث أو يا خائن أو يا ابن القحبة أو ما سوى ذلك مما يجب فيه التعزير . أو ادعى عبد أنه قال له يا زاني أو أمة ادعت أنه قال لها يا زانية أو ادعى أمرا يجب به الأدب بأن ادعى أنه ضربني أو شتمني أو لطمني وأنكر المدعى عليه حلفه القاضي لأن هذا من حقوق العباد ويجري فيه العفو والابراء ولا يسقط بالتقادم وتقبل فيه شهادة النساء والشهادة على الشهادة وكتاب القاضي ولا يختص الإمام بالإقامة فإن الزوج يؤدب المرأة والمولى يؤدب العبد ولو رآه إنسان يفعل ذلك كان له أن ينهاه ويمنعه ويؤدبه ويضر به إن كان لا ينزجر بالمنع باللسان فيجري فيه اليمين . رجل عليه دين لرجل وبه رهن يفي بالدين فأنكر رب الدين الرهن وحلف كان للمدعى عليه وهو الراهن أن يحلف بالله ماله علي هذا الدين الذي يدعى المدعي . إذا استحلف المدعى عليه فحلف ثم أقام المدعى(2/256)
البينة على حقه تقبل بينته عندنا وكذا لو كان المدعي طلب يمينه وقال لا بينة لي فلما حلف أقام البينة بعد ذلك تقبل بينته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . وكذا لو كان المدعي قال كل بينة آتي بها فهي شهود زور أو قال مالي عند فلان بن فلان شهادة في هذا المال الذي أدعي ثم أتى بالرجلين فشهدا بذلك جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . ولو أن المدعي قال للمدعى عليه عند طلب اليمين إذا حلفت فأنت بريء من المال الذي لي عليك فحلف ثم أقام المدعي البينة على الحق تقبل بينته ويقضى له بالمال . رجل قدم رجلا إلى القاضي وادعى عليه مالا أو ضيعة في يده أو حقا من الحقوق فأنكر فاستحلفه القاضي فأبى أن يحلف فإنه ينبغي للقاضي أن يقول له إني أعرض عليك اليمين ثلاث مرات فإن حلفت وإلا ألزمك المدعى به ثم يقول له القاضي احلف بالله ما لهذا عليك هذا المال الذي يدعي وهو كذا وكذا ولا شيء منه فإن أبى أن يحلف في المرة الاولى يقول له في المرة الثانية كذلك فإن أبى أن يحلف في المرة الثانية يقول له بقيت الثالثة ثم أقضي عليك إن لم تحلف ثم يقول له ثالثا احلف بالله ما لهذا الرجل عليك هذا المال ولا شيء منه فإن أبى أن يحلف يقضي عليه بدعوى المدعي . وإن قضى القاضي عليه بالنكول في المرة الاولى نفذ قضاؤه . ولو أن القاضي عرض عليه اليمين في المرة الاولى فقال لا أحلف ولما عرض عليه في المرة الثانية قال أحلف فأراد أن يحلفه فقال له قل بالله فقال لا أحلف ثم عرض عليه اليمين ثالثا فقال لا أحلف فإن القاضي يقضي عليه ويحسب كل ذلك عليه . ولو أن المدعى عليه بعدما عرض القاضي عليه اليمين مرتين استمهله ثلاثة أيام ثم جاء بعد ثلاثة أيام وقال لا أحلف فإن القاضي لا يقضي عليه حتى ينكل ثلاثا وليستقبل عليه اليمين ثلاث مرات ولا يعتبر نكوله قبل الاستمهال . ولو قدم رجلا إلى القاضي وادعى عليه حقا فجحد فاستحلفه فسكت ولم يجبه فإن القاضي يقول له أعرض عليك اليمين ثلاثا فإن حلفت وإلا أقضي عليك بما يدعي ثم يعرض عليه اليمين ثانيا فإن أبى أن يحلف يعرض عليه ثالثا فإن أبى فإن القاضي يقضي عليه وسكوته في المرة الاولى يكون بمنزلة النكول إلا أنه إنما يجعل بمنزلة النكول إذا لم يكن به آفة تمنعه من الكلام أو السماع فإن كان به آفة فسكوته لا يكون نكولا . ولو أن القاضي حلف المدعى عليه فسكت وكلما كلمه القاضي سكت ولم يجب بشيء فإن القاضي يأمر المدعي حتى يأخذ منه كفيلا ثم يسأل عن حاله هل به آفة تمنعه من الكلام أو السماع فإن سأل وظهر أنه ليس به آفة أعاده إلى مجلسه ويعرض عليه اليمين ثلاثا ثم يقضي ك. ولو أن القاضي عرض اليمين على المدعى عليه <437> ثلاث مرات فأبى أن يحلف ثم قال قبل القضاء أنا أحلف يحلفه ولا يقضى عليه بشيء ولو أن القاضي عرض اليمين على المدعى عليه ثلاثا فأبى أن يحلف فقضى عليه بالنكول ثم قال أنا أحلف لا يلتفت إليه ولا يبطل قضاء القاضي .دار في يد رجل ادعاها رجل فأنكر فطلب المدعي يمينه فإن كانت الدار في يده بميراث حلف على العلم وإن كانت بهبة أو بشرا أو نحو ذلك حلف على البتات فإن اختلفا فقال المدعى عليه الدار في يدي بميراث عن أبي وأراد أن يحلف على العلم وقال المدعي إنها وصلت إليه لا بميراث ولي عليه يمين على البتات كان القول قول المدعي مع يمينه على علمه بالله ما تعلم أنها وصلت إليه بميراث عن أبيه فإن حلف المدعي على ذلك يحلف المدعى عليه على البتات وإن أبى المدعي أن يحلف يحلف المدعى عليه على العلم (باب ما يبطل دعوى المدعي قبل القضاء أو بعده ).رجل ادعى على رجل حقا أو مالا وأقام البينة فقال المدعى عليه لي مخرج عن دعواه أمهله القاضي إلى المجلس الثاني ولا يقضي عليه وكلامه هذا لا يكون إقرارا منه للمدعي قال مولانا رحمه الله تعالى وينبغي للقاضي أن يسأله عن الدفع إن كان صحيحا يمهله القاضي وإن كان فاسدا لا يمهله ولا يلتفت إليه .رجل ادعى دارا في يدي رجل أنها له فقال المدعى عليه اشتريتها من المدعي ولي بينة على ذلك قال محمد رحمه الله تعالى في القياس يؤخذ الدار من المدعى عليه ويدفع إلى المدعي ويقال له أنت على حجتك وفي الاستحسان يترك في يدي المدعى عليه فيؤخذ منه كفيل ويؤجل ثلاثة أيام فإن أقام البينة على ما ادعى فيها وإلا قضى عليه .رجل ادعى دارا في يد رجل فقال المدعى عليه إن المدعي قد كان أقر قبل هذا أن لا حق له في هذه الدار لا تقبل بينته ولا يكون ذلك دفعا لدعوى المدعي لأن قول الإنسان حق لي في هذه الدار أو ليست هذه الدار لي ولم يكن هناك أحد يدعي لا يمنعه من الدعوى بعد ذلك .وذكر في الجامع الصغير عين في يد رجل يقول هو ليس لي فجاء رجل وادعاه فقال ذو اليد هو لي كان القول قوله لما قلنا وإن قال ليس لي وهناك أحد يدعيه يكون ذلك إقرارا منه بالملك للمدعي حتى لو ادعاه لنفسه لا تسمع دعواه إلا أن يتلقى الملك ممن يدعي .وذكر الشيخ الإمام المعروف(2/257)
بخواهر زاده رحمه الله تعالى رجل ادعى دارا في يد رجل فأقام المدعى عليه البينة أن المدعي قال قبل الدعوى هذه الدار ليست لي أو قال ما كانت هذه الدار لي تبطل بينة المدعي ويكون ذلك دفعا لدعواه وكذا لو كان المدعي يدعي أنه ورث الدار من أبيه وأقام البينة فأقام ذو اليد البينة أن أباه الميت كان أقر أن الدار ليست لي أو قال ما كانت هذه الدار لي كان ذلك مبطلا لبينة المدعي ودعواه .رجل ادعى دارا في يد رجل فقضى القاضي له بها ببينة أقامها ثم أقر المقضى له أنها لفلان لرجل آخر لا حق لي فيها فصدقه المقر له فهي للمقر له ولا يبطل قضاء القاضي للمقر.ولو قال المقضي له هي لفلان لم تكن لي قط فصدقه المقر له فإن الدار ترد على المقضى عليه ويبطل قضاء القاضي .رجل ادعى دارا في يد رجل فقال ذو اليد أودعنيها رجل وأقام البينة فشهد شهوده أن رجلا دفعها إليه لا تندفع الخصومة عن ذي اليد فإن قال الشاهد نعرف الدافع باسمه ونسبه ووجهه تندفع الخصومة عن ذي اليد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمه الله تعالى .ولو أقام المدعى عليه البينة على إقرار المدعي أن رجلا دفعها إلى ذي اليد تندفع عنه خصومة المدعي ولو قال شهود ذي اليد دفعها إليه رجل نعرفه بوجهه ولا نعرفه باسمه ونسبه تندفع الخصومة عن ذي اليد في قول
أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى .شاهدان شهدا على رجل بعبد في يده أنه للمدعي فأقام المشهود عليه البينة أن الشاهد كان ادعاه قبل هذا بطلت شهادته .رجل خاصم رجلا في دار أو في حق ثم إن هذا الرجل شهد عليه في حق آخر جازت شهادته
<438>(2/258)
إذا كان عدلا .رجل ادعى على رجل كفالة بنفس رجل وأقام البينة فشهد الشهود انه كفل بنفس رجل لا نعرفه جازت شهادتهم وذكر في رهن الأصل إذا شهدوا أنه رهن عنده ثوبا ولم يسموا الثوب ولم يعرفوا عين الثوب جازت شهادتهم ويكون القول قول المرتهن في أي ثوب كان وكذلك في الغصب .رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له وأقام المدعى عليه البينة أن المدعي باع هذه الدار من فلان الغائب بكذا قبلت بينته وبطلت بينة المدعي ولا يثبت الشراء في حق الغائب إلا أن يشهد الشهود أن المدعي باعها من فلان الغائب وقبضها الغائب منه كذا ذكر الناطفي رحمه الله تعالى .دار في يد رجل جاء أخوه وادعى أن الدار كانت لأبيهما فلان مات وتركها ميراثا لهما وطلب الشركة فقال ذو اليد لم يكن لأبي فلما أقام المدعي البينة على ما قال أقام ذو اليد البينة أنه كان اشتراها من أبيه في صحته أو ادعى أن أباه أقر له بها في صحته قبلت بينته وبطلت بينة المدعي ولو كان المدعى عليه حين ادعى الأخ أجاب وقال لم يكن لأبي فيها حق قط فلما أقام المدعي البينة أقام هو البينة أنه اشتراها منه في صحته لا تقبل بينته ولا تبطل بينة المدعي .دار في يد رجل ادعى رجل أنه اشتراها منه بألف درهم فقال ذو اليد لم أبع فلما أقام المدعي البينة على ما ادعى أقام ذو اليد البينة على أن المدعي رد عليه الدار تقبل بينته وينقض البيع بينهما وكذلك لو كان المدعى عليه أولا قال لا بيع بيننا وهذا أظهر من الأول وكذا لو كان قال لم يجر بيننا بيع فلما أقام المدعي البينة على الشراء أقام هو البينة أن المدعي رد عليه الدار تقبل بينته وهذا كما لو ادعى على رجل ألفا فقال المدعى عليه ليس له على شيء أو قال لم يكن له على شيء قط فلما أقام المدعي البينة على المال أقام هو البينة على القضاء أو الإبراء تقبل لأنه يقول لم يكن لك على شيء قط إلا أني دفعت المال لخصومتك.ولو قال المدعى عليه أولا لم يكن له على شيء قط ولا أعرفه فلما أقام المدعي البينة على المال أقام هو البينة على القضاء لا تقبل في ظاهر الرواية وذكر القدوري عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنها تقبل ولو قال المدعى عليه لم يكن بيني وبينك معامله في شيء لا يقبل منه المخرج في الدين وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقبل منه إذا وفق بأن قال لم يكن بيني وبينه معاملة إلا أن شهودي سمعوا منه أنه أبرأني . ولو ادعى رجل على رجل أنه باع مني هذه الجارية بألف درهم فقال ذو اليد لم أبعها منه قط فلما أقام المدعي البينة على الشراء وقضى له بالجارية وجد بها أصبعا زائدة وأراد أن يردها على المقضى عليه فقال المقضى عليه إنه برئ إلي من كل عيب بها لا تقبل بينته وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها تقبل . ولو ادعت امرأة على رجل نكاحا فقال الرجل لا نكاح بيني وبينك فلما أقامت المرأة البينة على النكاح أقام هو البينة على أنها اختلعت منه تقبل بينته . وإن قال الرجل في إنكاره لم يكن بيننا نكاح قط أو قال ما تزوجتها قط فلما أقامت المرأة البينة على النكاح أقام هو البينة على أنها اختلعت منه . قال المصنف رحمه الله تعالى ينبغي أن تكون هذه المسألة ومسألة البيع سواء إذا ادعى الشراء فقال المدعى عليه لم يكن بيننا بيع فلما أقام المدعي البينة على ما ادعى وقضى القاضي له بالبيع ثم وجد بها أصبعا زائدة وثمة في ظاهر الرواية لا تقبل البينة على البراءة عن العيب لأن البراءة عن العيب تكون إقرارا بالبيع فكذلك الخلع لأن الخلع عندنا طلاق والطلاق يقتضي سابقة النكاح فكان هو في دعواه الطلاق متناقضا فلا يسمع . رجل ادعى على رجل مالا فجحده فأعطاه مع الجحود أو صالحه عن دعواه ثم إن المدعى عليه أقام البينة أن المدعي قال قبل الصلح أو قال قبل أن يقبض مني المال ليس لي قبل فلان شيء فالصلح والقضاء ماضيان ولو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي أقر بعد <439> الصلح أو قضاء المال لم يكن لي قبل فلان شيء بطل الصلح والقضاء وإن كان القاضي لم يقض ببينة المدعي حتى أقام المدعى عليه البينة على إقرار المدعي أنه ليس لي قبل فلان شيء بطل عنه المال ولا يقضي عليه بشيء . امرأة ادعت ميراثا على ورثة زوجها فجحدوا أنها امرأة الميت فصالحوها على أقل من حصتها من الميراث والمهر ونصيبها من دراهم التركة أكثر من بدل الصلح فالصلح جائز ولا يحل ذلك للورثة إذا علموا بذلك فإن أقامت المرأة البينة بعد ذلك أنها امرأة الميت بطل الصلح . ولو أن رجلا ادعى مالا على رجل فأنكر وصالحه على شيء ثم إن المدعى عليه أقام البينة على القضاء أو الإبراء لا يقبل ولا يبطل الصلح ويكون الصلح فداء عن يمين كانت عليه فإن كان المدعى عليه قبل الصلح ادعى القضاء أو الإبراء وأنكر المدعي ذلك فصالحه على شيء ثم أقام المدعى عليه البينة على القضاء أو الإبراء بطل الصلح لأن المدعى عليه إذا ادعى القضاء أو الإبراء لا يستحلف المدعى عليه وإنما يستحلف المدعي فلم يكن الصلح فداء(2/259)
عن اليمين . رجل ادعى على رجل أنه أخذ منه مالا وبين المال ووصف فأقام المدعى عليه البينة على إقرار المدعي أنه أخذ منه فلان آخر هذا المال المسمى فأنكر المدعي ذلك لا تقبل هذه البينة ولا يكون ذلك إبطالا لدعوى الأول لأن من حجة الأول أن يقول أخذ مني فلان آخر ثم رده علي فأخذ مني هذا المدعى عليه بعد ذلك وإن شهد شهود المدعى عليه أن المدعي أقر أن فلانا آخر وكيل المدعى عليه أخذ مني هذا المال كان ذلك إكذابا لنفسه وبطل دعواه .رجل ادعى عبدا في يد رجل إنه له فجحد المدعى عليه فاستحلفه فنكل وقضى عليه بالنكول ثم إن المقضي عليه أقام البينة أنه كان اشترى هذا العبد من المدعي قبل دعواه لا تقبل هذه البينة إلا أن يشهدوا أنه اشتراه منه تعد القضاء وذكر في موضع آخر أن المدعى عليه لو قال كنت اشتريته منه قبل الخصومة وأقام البينة قبلت بينته ويقضي له .رجل اشترى من رجل عبدا فوجد به عيبا فخاصم البائع وأنكر البائع أن يكون العيب عنده فاستحلف فنكل فقضى القاضي عليه وألزمه العبد ثم قال البائع تعد ذلك قد كنت تبرأت إليه من هذا العيب وأقام البينة قبلت بينته .رجل ادعى ثوبا في يد رجل أنه له فأنكر المدعى عليه فطلب المدعي يمينه فقال أنا أفتدي بيميني فصالحه من دعواه على عشرة دراهم ثم إن المدعى عليه أقام البينة أن المدعي أقر قبل الصلح أنه لا حق له في هذا الثوب لا تقبل بينته ويكون الصلح ماضيا لأنه افتدى يمينه بالصلح .ألا ترى أن المدعى عليه لو نكل عن اليمين فقضى القاضي بالثوب للمدعي ثم أقام المدعى عليه البينة على أن المدعي أقر قبل القضاء أنه لا حق له في الثوب لا يلتفت إليه . ولو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي أقر بعد الصلح أنه لم يكن الثوب له بطل الصلح لأن المدعي بإقراره هذا يزعم أن ما أخذه من بدل الصلح أخذه بغير حق أما إن كان إقراره قبل الصلح فقد يجوز أن يكون ملكه بعد إقراره قبل الصلح فإن كان القاضي علم أن المدعي أقر قبل الصلح أنه لا حق له في الثوب يبطل الصلح وعلم القاضي بإقراره قبل الصلح بمنزلة الإقرار بعد الصلح. رجل ادعى على رجل ألف درهم فقال المدعى عليه ما كان لك علي ألف درهم قط وقد كنت ادعيت علي هذه الألف أمس فدفعتها إليك فقال المدعي لي عليك ألف درهم وما قبضت منك شيئا فصالحه من دعواه على خمسمائة درهم ثم إن المدعى عليه أقام البينة بعد ذلك فشهدوا أنهم رأوا المدعى عليه دفع إلى المدعي أمس ألف درهم لا يلفت إلى شهادتهم لأن صلحه كان افتداء عن اليمين .ولو كان المدعى عليه قال للمدعي حين ادعى صدقت كان لك علي ألف درهم إلا أني قضيتكها أمس فقال المدعي ما قضيتي ودفع إليه ألفا أو صالحه من الألف على خمسمائة ثم إن المدعى عليه أقام البينة فشهد شهوده أنه دفع إليه أمس ألف درهم جازت شهادتهم وبطل الصلح <440>(2/260)
ويرجع على المدعي بما أخذ منه ثانيا لأن في هذه الصورة لما ادعى القضاء قبل الصلح كان اليمين على المدعي فلم يكن الصلح من المدعى عليه افتداء عن اليمين .رجل في يديه وديعة لرجل فجاء رجل وادعى أنه وكيل المودع في قبض الوديعة وكله في ذلك منذ سنة وأقام البينة فأقام الذي في يديه الوديعة أن الموكل أخرجه من هذه الوكالة قبلت بينته .وكذا لو أقام البينة أن شهود الوكيل عبيد قبل ذلك منه .رجل ادعى دار في يد رجل أنها له وأقام البينة وأقام المدعى عليه البينة أنها لفلان الغائب اشتراها من المدعي ووكلني بها تقبل بينه ويجعل وكيلا وتندفع عنه الخصومة ولا يقضي بالشراء على الغائب .رجل في يديه دار ادعاها رجل بوكالة رجل فأنكر المدعى عليه دعواه الملك والوكالة فأقام الوكيل بينته على الوكالة فأقام المدعى عليه البينة على إقرار الموكل أن شهود الوكيل شهود كور أو استأجرهم بطلت شهادة شهود المدعي فإن شهدوا بذلك على إقرار الشاهدين لا تبطل شهادتهم إلا إذا شهدوا على إقرار الشاهدين أنهما محدودان في قذف أو أنهما شريكان فيما شهدا على المدعى عليه فحينئذ تبطل شهادتهما . رجل ادعى دارا في يد رجل فجحد فصالحه على ألف درهم على أن يسلم الدار الذي في يديه ثم إن المدعى عليه أقام البينة أنها له وأراد أن يرجع في الألف ليس له ذلك وكذا لو أقام البينة أنها كانت لفلان اشتراها منه أو أقام البينة أنها كانت لأبيه مات وتركها ميراثا له لا تقبل بينته لأنه حين جحد دعوى المدعي كان القول قوله مع اليمين في إنكار حقه فكان الصلح افتداء عن اليمين فلا يستطيع أ، يرجع في الألف .ولو أقام البينة أنه اشتراها من المدعي قبل الصلح تقبل بينته ويبطل الصلح ولو لم يقم البينة على الشراء ولكن أقام البينة على صلح صالحه عن الدار بألف قبل دعواه أمضيت الصلح الذي أثبته بالبينة وأبطلت الصلح الثاني كذا ذكر في المنتقى قال كل صلح بعد صلح فالثاني باطل وإن كان شراء بعد شراء من رجل واحد فالشراء الثاني حق والشراء الأول باطل .وإن كان الصلح أولا ثم الشراء بعد ذلك أجزت الشراء الآخر وأبطلت الصلح الأول . رجل ادعى على رجل أنه قتل أخاه عمدا وأقام البينة فادعى القاتل أن للمقتول ابنا وإنه قد عفا عنه فإن القاضي يأمره بإحضاره وإحضار شهوده فجاء القاتل برجل وشاهدين فشهدا أن هذا الرجل ابن المقتول وإنه قد عفا عنه قال تقبل شهادتهما ويثبت النسب وإن كان الرجل جاحدا ويبطل القصاص . رجل زمن ادعى على رجل أنه أبوه وطلب أن يفرض له القاضي النفقة عليه فأنكر ذلك الرجل فاقام لزمن البينة على ما ادعى وأقام المدعى عليه البينة على رجل آخر أنه أب الزمن والزمن وذلك الرجل ينكران ذلك قال البينة بينة الزمن ويثبت نسبه من الذي أقام عليه البينة أنه أبوه ويفرض له عليه النفقة وتبطل بينة الآخر وكذا امرأة خاصمت عمها إلى القاضي فسألته أن يفرض لها عليه النفقة وهي محتاجة فقال العم أن لها أخا وهو أولى بالنفقة مني وأنكرت المرأة ذلك فأقام العم شاهدين فشهدا على رجل أنه أخوها والمرأة وذلك الرجل ينكران فإن القاضي يبرئ العم عن النفقة ويقول لها إن شئت فرضت لك على الأخ وهذه من جنس المسائل التي تقبل الشهادة فيها الدفع الخصومة عن نفسه وإن كان مثبتا حقا لغيره . ومنها إذا وجد القتيل في محلة فادعى أهل الملة أنه قتله رجل آخر من محلة أخرى وأقاموا البينة من عير المحلة التي وجد فيها القتيل على ذلك الرجل بالقتل ذكر في الأصل أن البينة مقبولة فإن ادعى أولياء القتيل على ذلك الرجل أخذوه بالدية وإن أبرأوه لم يكن للأولياء عليه ولا على أهل المحلة شيء جوّز هذه البينة وإن أثبتوا الدية لغيرهم . رجل مات فقاسمت امرأته وولده الميراث وهم كبار <441> كلهم وأقروا أنها زوجة الميت ثم رجد الولد شهودا أن زوجها كان طلقها ثلاثا في صحته فإنهم يرجعون عليها بما أخذت من الميراث .رجل ادعى على آخر قذفا وأقام البينة فادعى القاذف أن المقذوف عبد فلان تندفع عنه دعوى الحد فإن أقام المقذوف بينة بعد ذلك أن فلانا أعتقه قبل القذف قبلت بينته ويقضي له على القاذف بالحد . أرض في يد رجل ادعى رجل أنها وقف وبين شرائط الوقف وقضى القاضي بالوقف ثم جاء آخر وادعى أنها ملكه قالوا تقبل بينة المدعى لأن القضاء بالوقف عليه بمنزلة استحقاق الملك وليس بتحرير ألا ترى أنه لو جمع بين وقف وملك وباعهما صفقة واحدة جاز بيع الملك ولو جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة لا يجوز بيع العبد دل أن القضاء بالوقف بمنزلة القضاء بالملك وفي الملك القضاء يقتصر على المقضى عليه وعلى من تلقى الملك منه ولا يتعدى إلى الغير فكذلك في الوقف .رجل اشترى عبدا وقبضه فاستحقه إنسان بالملك المطلق بالبينة كان له أن يرجع بالثمن على بائعه فإن رجع فقبل أن يقضي القاضي بالثمن على بائعه أقام البائع البينة أنه له لا تسمع دعوى البائع لأن البائع صار مقضيا عليه بالقضاء على المشتري وإن أقام(2/261)
البائع بينة على أنه كان اشتراه من المستحق ثم باعه من المشتري أو أقام البائع البينة على النتاج ينظر إن أقام البينة على المستحق قبلت بينته ويبطل قضاء القاضي للمستحق وإن أقام البائع بذلك بينة على المشتري إن أقامها بعد ما قضى عليه بالثمن للمشتري لا تقبل هذه البينة لأن البيع الذي جرى بينهما قد انفسخ بقضاء القاضي بالثمن للمشتري فخرج المشتري من أن يكون خصما وإن أقامها بعد ما رجع المشتري على البائع ولم يقض القاضي له بالثمن قبلت بينة البائع لأن البيع الذي جرى بينهما قائم لم ينفسخ لأن الاستحقاق لا يبطل البياعات الماضية في ظاهر الرواية فكان للبائع أن يلزم المبيع للمشتري وكان المشتري خصما فتقبل بينة البائع عليه ويكون ذلك قضاء على المستحق . رجل ادعى على رجل مالا وأقام البينة فمات المدعى عليه قبل القضاء ثم عدلت بينة المدعي فإن القاضي يقضي بتلك البينة على وارث الميت وإن لم يكن له وارث نصب القاضي عنه خصما فيقضي عليه ولا يقضي من غير خصم . رجل ادعى عينا في يد رجل أنه له اشتراه من فلان الغائب وصدقه الذي في يديه فإنه لا يؤمر بالتسليم إلى المدعي كيلا يكون ذلك قضاء على الغائب من غير خصم بإقرار المدعى عليه . رجل اشترى دارا وقبض وأراد الشفيع أن يأخذها فقال المشتي اشتريتها لفلان الغائب وأقام البينة على إقراره قبل الشراء أنه اشتراها لفلان وإن فلانا وكله بشراء هذه الدار منذ سنة ذكر في المنتقى أنه لا تقبل بينة المشتري قال لأني لو قبلتها لألزمت البيع على الغائب . رجل ادعى أنه باع هذه الدار من هذا الرجل بكذا فقال المدعى عليه ما اشتريتها منك فلما أقام المدعي البينة على ما ادعى أقام المدعى عليه البينة أنه اشتراها وكيلي من فلان سمع دعواه . وذكر في المنتقى إذا ادعى دار في يد رجل أنها له اشتراها من ذي اليد وكيلي فلان الغائب لا تسمع دعواه ولا تقبل بينته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى . رجل ادعى ملك بسبب ثم ادعاه بعد ذلك ملك مطلقا وشهد شهوده بذلك ذكر في عامة الروايات أنه لا تسمع دعواه ولا تقبل بينته . قال المصنف رحمه الله تعالى قال جدي شمس الأئمة رحمه الله تعالى لا تقبل بينته ولا تبطل دعواه حتى لو قال أردت بهذا الملك المطلق الملك بذلك السبب تسمع دعواه وتقبل بينته . رجل ادعى عينا في يد رجل أنه له وإن صاحب اليد أقر له به وأقام البينة على ذلك فأقام المدعى عليه البينة أن المدعي استو هبه مني بطلت بينة المدعي وتندفع الخصومة عن ذي اليد لأن كل واحد منهما أقام البينة على إقرار<442> صاحبه أنه له فبطلت البينتان لمكان التعرض فيترك العين في ذي اليد كذا ذكر في الأصل . رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له وقضى له القاضي بها ثم قال المقضي له أنها لفلان آخر لم تكن لي قط وصدقه المقر له يبطل قضاء القاضي ويرد الدار على المقضى عليه وإن قال المقر له كانت الدار للمقر وهبها مني وقبضتها فهي للمقر له ويضمن المقر قيمة الدار للمقضى عليه عند أصحابنا .عبد في يد رجل ادعاه رجل وأقام البينة فأقر المدعى عليه أنه لغير المدعي لا يصح إقراره .عبد في يد رجل ادعاه رجلان كل واحد منهما أقام البينة أنه له أودعه الذي في يديه والمدعى عليه يجحد دعواهما ويقول هو لي فلم يقض القاضي بشهود المدعيين حتى صدق ذو اليد أحدهما فإنه يدفع العبد إلى المقر له فإن عدلت البينتان قضى به للمدعيين .ولو ادعى عبدا في يد رجل أنه له فجحد المدعى عليه فأمر المدعي بإقامة البينة فلما قام من عند القاضي باعه المدعى عليه من رجل وسلمه إليه ثم أودعه المشتري ثم جاء المدعي بشهود وأحضر المدعى عليه فقال المدعى عليه بعته من فلان وسلمته إليه ثم أودعني أن صدعه المدعي فيما صنع أو لم يصدقه ولكن القاضي علم بذلك فإن القاضي لا يسمع بينة المدعى علي ذي اليد وإن لم يصدقه المدعي ولم يعلم القاضي بذلك فأراد المدعى عليه أن يثبت ذلك بالبينة لتندفع عنه خصومة المدعي فإن القاضي لا يسمع بينته ويقضي عليه ببينة المدعي وقد مر ..رجل ادعى دارا في يد رجل أنها لفلان وقال وشلني فلان بالخصومة فيها ثم ادعاها لنفسه لا تسمع دعواه وكذا لو ادعاها لموكل آخر وإن ادعاها لنفسه أولا ثم ادعى أنها لفلان وكلني بالخصومة فيها تسمع دعواه .ولو ادعى دارا في يد رجل أنها له ورثها من أبيه أو قال اشتريتها من ذي اليد فجحد المدعى عليه ثم ادعى أنها له لا تسمع دعواه وقد مر .امرأة ادعت على ولد ميت أنها كانت امرأة أبيه مات وهي في نكاحه وطلبت الميراث فجحد الابن فأقامت البينة على نكاحها ثم إ، الابن أقام البينة أن أباه كان طلقها ثلاثا وانقضت عدتها قبل موته اختلفوا فيه والصحيح أنها تقبل بينة الابن فإن كان الابن حين ادعت المرأة ذلك قال إنه لم يكن تزوجها أو لم تكن بزوجة له قط ثم أقام البينة على الطلاق لاتقبل بينته .رجل ادعى على رجل مالا وأخرج خطا وادعى أنه خط المدعى عليه فأنكر المدعى عليه أ، يكون الخط خطه(2/262)
فاستكتب فكتب وكان بين الخطين مشابهة ظاهرة تدل على أنها خط كاتب واحد اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه والصحيح أنه لا يقضي بذلك فإنه لو قال هذا خطي وليس علي هذا المال كان القول قوله إلا أن يكون الكاتب صرافا أو سمسارا ونحو ذلك ممن يؤخذ بخطه فههنا أولى أن لا يؤخذ بالخط .رجل ادعى عينا في يد رجل أنه كان لأبيه مات وتركه ميراثا له وقال ذو اليد أودعني أبوك ولا أدري مات أبوك أو لم يمت ذكر في المنتقى أنه لا تندفع عنه الخصومة .رجل ادعى دارا في يد رجل أ،ه اشتراها من فلان بكذا وأقام البينة وأقام ذو اليد البينة أنه اشتراها من ذلك الرجل وأرخا وتاريخ الخارج أسبق وأقام بببد ذو اليد البينة أنه حين اشتراها الخارج كانت الدار لذلك الرجل إلا أنها كانت رهنا عند فلان آخر ولم يرض المرتهن ببيعه حين علم وأبطل بيعه ثم اشتريتها منه بعد ما فك الرهن قالوا هذا لا يكون دفعا لدعوى الخارج لأنه ليس بخصم في إثبات الرهن .ولو كان المدعي ادعى أن هذا العين كان لفلان رهنه عندي بكذا وقبضته وأقام البينة وأقام المدعى عليه في دفع دعواه أني اشتريته منه ونقدته الثمن كان ذلك دفعا لدعوى الرهن لأن بينة البيع مع بينة الرهن إذا اجتمعا كانت بينة البيع أولى .دار في يد رجل ادعاها أخوان وهما بالغان أحدهما <443>أكبر من الآخر ادعيا أنها كانت لأبيهما مات وتركها ميراثا لهما وأقاما البينة فقال المدعى عليه في دفع دعواهما أني اشتريت هذه الدار من الأكبر ومن فلان وصي هذا الأصغر حين كان صغيرا بكذا فأنكر وأنكر الوصي أيضا الوصاية فأقام المدعى عليه البينة على إقرار الوصي أنه باع بحكم الوصاية قالوا لا تقبل هذه البينة إلا أ، يشهد الشهود أ،ه كان وصيا من جهة أبيه أو من جهة أمه أو من جهة القاضي باع لحاجة الصغير بمثل الثمن لأنا وإن عاينا إقراره أ،ه وصي لم تثبت الوصاية بإقراره .امرأة ادعت على زوجها أنه طلقها ثلاثا وأقامت البينة والزوج يجحد ثم ادعى الزوج أنه قد تزوجها بعد م اعترفت أنها تزوجت بالمحلل ويحل له نكاحها لا يسمع منه هذا الدفع لأنه بهذه الدعوى يدعي عليها التناقض في دعوى الحرمة وفيما لا يشترط دعوى المرأة لقبول البينة لا تسمع عليها دعوى التناقض .رجل ادعى على رجل دعوى اتفق علماء الزمان على فسادها فقال المدعى عليه لي دفع لهذه الدعوى اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال بعضهم لا يطالب المدعى عليه بإثبات الدفع وقال بعضهم يطالب ومن دفعه أنه يثبت فساد الدعوى .قال المصنف رحمه الله تعالى وينبغي للقاضي أن ينظر في دعوى الدفع ويسأله إن كانت فاسدة ظاهرا وهو يعلم بفساد الدعوى لا يسمع دعوى المدعي ولا يأمر المدعى عليه بإثبات الدفع .رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له فقال المدعى عليه نصفها لي ونصفها وديعة عندي لفلان ولم يقم البينة على الوديعة فأقام المدعي البينة على دعواه ثم أقام المدعى عليه البينة أن نصفها وديعة عنده لفلان تبطل دعوى المدعي في النصف وهل تبطل في الكل قال بعضهم تبطل .قال المصنف رحمه الله تعالى وفيه نظر أشار في الجامع إلى أنه لا تبطل في الكل .رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له فأقام المدعى عليه البينة أنها وديعة عنده لفلان اندفعت عنه دعوى المدعي فإن حضر فلان وسلم المدعى عليه الدار إليه فأعاد المدعي الأول دعواه على المقر له فأجاب أنها وديعة عنده لفلان آخر تقبل بينته وتندفع عنه خصومة المدعي .رجل ادعى على رجل مالا وأقام البينة ثم قال بعد إقامة البينة أني قد استوفيت من هذا المال كذا هل تبطل بينه قالوا إن قال استوفيت من هذا المال كذا لا تبطل بينته لأنه يمكنه أن يقول استوفيت بعد إقامة البينة وإن قال قد كنت استوفيت من هذا المال كذا أو قال بالفارسية جندين يافته بودم بطلت بينته .رجل ادعى على رجل أربعمائة درهم فجحد المدعى عليه فأقام المدعي البينة على ما ادعى فقضى القاضي له ثم إن المدعي أقر لهذا المنكر عليه بمائة درهم قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى سقط عن المنكر الثلاثمائة الباقية وقال فيره من المشايخ رحمهم الله تعالى لا يسقط .رجل ادعى على رجل مالا فقال المدعى عليه إني قد أحلته بهذا المال فلان وقبل فلان الحوالة في المجلس وأقام البينة على ذلك وقال صاحب الدين إن المحتال عليه مات مفلسا قبل أداء الدين كان القول قوله مع يمينه ولا يقبل قول المحيل أنه مات مليئا وكان له أن يرجع على المديون بدينه كذا ذكر في الأصل .رجل ادعى أعيانا مختلفة الجنس والنوع والصفة وذكر قيمة الكل جملة ولم يذكر قيمة كل عين وجنس ونوع على حدة اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه بعضهم شرط التفصيل وبعضهم اكتفى بالإجمال وهو الصحيح لأن المدعي إن ادعى عليه غصب هذه الأعيان لا يشترط لصحة الدعوى بيان القيمة ثم ينظران ادعى أن الأعيان قائمة في يده يؤمر بإحضارها فيقبل البينة بحضرتها وإن قال أنها قد هلكت في يده أو استهلكها وبين قيمة الكل جملة تسمع دعوا(2/263)
وتقبل بينته .وذكر في الجامع إن ادعى أنه غصب منه جارية ولم يذكر قيمتها تسمع دعواه <444> ويؤمر برد الجارية فإن عجز عن ردها كان القول في مقدار القيمة قول الغصب فلما صح دعوى الغصب من غير بيان القيمة لأن يصح إذا بين قيمة الكل جملة ولم يبين قيمة كل عين على حدة كان أولى وإن لم يدع الغصب وادعى أن لي في يد هذا الرجل كذا وكذا من الأعيان ولم يبين القيمة سمع دعواه في حكم الإحضار وبعد ما أحضر مجلس القضاء كانت الدعوى بالإشارة إلى الأعيان فلا يحتاج إلى ذكر القيمة . قال المصنف رحمه الله تعالى إنما يشترط ذكر القيمة إذا كانت الدعوى دعوى السرقة ليعلم أن السرقة كانت نصابا أو لم تكن فإما فيما سوى ذلك فلا حاجة إلى بيان القيمة . رجل أحضر وصي الميت وادعى أن له على الميت خمسين درهما وكان الميت أقر بخمسين درهما في حياته دينا لازما فأقام وصي الميت بينة أن المدعي هذا أقر أن له على الميت هذه الخمسين لأنه كان باع منه مائة درهم له على ثالث قالوا تقبل بينة الوصي ويكون ذلك رد البينة المدعي . رجل ادعى عينا في يد رجل أنه له وأنكر المدعى عليه فقبل أن يقيم المدعي البينة على دعواه باع المدعى عليه العين من رجل وأشهد عليه فلما أقام المدعي البينة بعد ذلك على ما ادعى وقضى القاضي له بالعين أقام ذلك المشتري البينة على المقضي له أن العين له وفي يده بغير حق فقضى له ثم إن المقضي له الثاني وهو المشتري باعه من بائعه او وهبه له جاز ويعود العين إليه وهذه حيلة تفعلها الناس لدفع الظلم إلا أنه إنما تصح هذه الحيلة إذا لم يدع الشراء من المقضى عليه الأول وإنما يدعي ملكا مطلقا فأما إذا ادعى الشراء منه لا تسمع دعوى المشتري صار مقضيا عليه بالقضاء على بائعه وإنما وضع المسألة فيما إذا باع المدعى عليه قبل أن يقيم المدعي البينة لأنه لو باع بعدما أقيم المدعي شاهدين وعدل الشهود أبطل القاضي بيع المدعى عليه .رجل في يديه دار يقول ورثتها من أبي فجاء رجل وادعى أنها له اشتراها من أب ذي اليد بألف درهم وأقيم البينة فشهد شهوده أ، والد ذي اليد باع هذه الدار من المدعي ولم يذكروا أنه باع وهو يملكها قالوا جازت شهادتهم ويقضي بالدار للمدعي لأن صاحب اليد مقر أنها كانت لأبيه ولأنهم لو شهدوا على إقرار الميت أنها للمدعي تجوز شهادتهم فكذا هذا إلا إذا كان ذو اليد يقول ملكي وفي يدي ولم يقل ورثتها من أبي حينئذ يحتاج المدعي إلى أن يشهد شهوده إن الميت باعها وهو يملكها وقت البيع وكذا لو كان ببب ذو اليد يدعي أنها له بسبب آخر لا ميراثا عن أبيه .ولو أ، المدعي ادعى أنها له اشتراها من أب ذي اليد فقال ذو اليد ما كان لأبي فيها حق ففلما أقام المدعي البينة على أنه اشتراها من الميت وهو يملكها أقام ذو اليد البينة أنه كان اشتراها من أبيه قبلت بينته .ولو قال ذو اليد هذه الدار ما كانت لأبي قط أو لم يكن له فيها حق قط فلما أقام المدعي البينة على ما ادعى أقام ذو اليد البينة أنه اشتراها من أبيه في صحته لا تقبل بينته .وإن أقام البينة أن أباه أقر في صحته أنها لي قبلت بينته .دار في يد رجل ادعى رجل أنها كانت لأبيه مات وتركها ميراثا له وأقام البينة وقضى القاضي له بذلك ثم جاء آخر وادعى أنها له اشتراها من أب المقضي له وصدقه المقضي له فإنه يرد الدر على المقضى عليه ويقال لمدعي الشراء أقم البينة على الذي ردت عليه الدار لألأن المقضي له لما صدق مدعي الشراء فقد أقر أنه كان مبطلا في دعواه الإرث وإن شهوده كانت شهود زور وفي مثل هذا لا ينفذ قضاء القاضي عند الكل بخلاف ما إذا قضى في العقود والفسوخ بشهادة الزور .امرأة باعت كرما فادعى ابنها وهو غير بالغ أن الكرم له ورثه من أبيه وصدقته أمه البائعة وزعمت أنها لم تكن وصية له قالوا إن كانت ادعت وقت البيع أنها وصية الصغير لا يقبل قولها تعد ذلك إنها لم تكن وصية وكان عليها قيمة المبيع للصغير بإقرارها على نفسها أنها استهلكته بالبيع والتسليم <445> ولا تسمع بينة الغلام إلا بإذن من له ولاية عليه .وفيما إذا باع الرجل شيئا بحضرة امرأته وهي ساكتة ثم ادعت تعد ذلك أنه لها اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا تسمع دعواها والصحيح أنها تسمع .قال المصنف رحمه الله تعالى سئل الشيخ الإمام الأجل الأستاذ ظهير الدين رحمه الله تعالى عن رجل ادعى على رجل أنه غصب منه غلاما تركيا وبين صفاته وطلب إحضار الغلام فلما أحضر الغلام كان بعض صفاته على خلاف ما ذكر المدعي فادعى أنه له وأقام البين قال مولانا رحمه الله تعالى إن قال المدعي هذا الغلام هو الذي ادعيت لا تسمع دعواه إذا كانت الصفات مما لا يحتمل التغير والتبدل وإن قال المدعي تعدما أحضر الغلام هو عنديولم يزد على ذلك سمع دعواه وتقبل بينته لأن دعواه الأولى لا تمنع الدعوى الثانية فلا يكون متناقضا .وسئل رحمه الله تعالى من خلع امرأته وقال في مجلسه مر الدرين خانه هيج جيز نيست ثم ادعى شيئا من متاع(2/264)
البيت أو أقمشته قال إن كان المدعي يقول كان هذا في البيت وقت الإقرار لا تسمع دعواه وإن قال لم يكن هذا في البيت وقت الإقرار بسمع دعواه وإن ادعى أنه له ولم يقل شيئا تسمع دعواه إذا لم يكن دعواه في ذلك المجلس .قال مولانا رحمه الله تعالى وذكر في الجامع الكبير رجل قال لاحق لي قبل فلان أو قال في يد فلان ثم إنه أقام البينة على عبد في يد المقر له أنه غصبه منه أو ادعى عليه دينا لا تقبل بينته حتى يشهد الشهود أنه غصبه بعد الإقرار وعلى دين حادث بعد الإقرار وكذا لو كتب رجل براءة لرجل أنه لا حق لي قبلك في عين ولا دين ولا شراء ثم أقام البينة على شراء عبد من الذي أبرأه أو على قرض ألف درهم لا يقبل إلا بتاريخ بعد الإقرار .قال المصنف رحمه الله تعالى فعلى هذا ينبغي أن لا تسمع دعوى الزوج بعد الإقرار إلا أن يدعي أن هذا المتاع لم يكن في البيت وقت الإقرار أما إذا ادعى مطلقا أنه له لا تسمع دعواه .وذكر في الجامع رجل قال ما في يدي من قليل أو كثير أو عبيد أو متاع لفلان صح إقراره لأنه عام وليس هو بمجهول فإن جاء المقر واختلفا فقال المقر له كان في يدك وقت الإقرار فهو لي فقال المقر لا بل ملكت هذا بعد الإقرار كان القول قوله إلا أن يقيم المقر له البينة أنه كان في يد المقر وقت الإقرار لأن المقر ينكر دخول هذا العبد في الإقرار فيكون القول قوله وذكر في الإقرار ما يوافق رواية الجامع رجل قال ما في حانوتي لفلاي ثم بعد أيام ادعى شيئا مما في الحانوت أنه له وضعه في الحانوت بعد الإقرار صدق وذكر في بعض روايات الإقرار أنه لا يصدق .قال المصنف رحمه الله تعالى وهذه الرواية تخالف رواية الجامع قالوا تأويل الرواية الثانية إذا ادعى بعد الإقرار في مدة لا يمكنه إدخاله في الحانوت في تلك المدة بيقين .وفي مسئلة الجامع إذا ادعى المقر حدوث الملك في زمان لا يتصور حدوثه لا يقبل قوله أني ملكته بعد الإقرار وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قال مالي بالكوفة دار أو قال مالي على أحد مال ثم ادعى بالكوفة دارا أو ادعى مالا على رجل سمع دعواه لأنه لم يبرئ إنسانا بعينه فتسمع دعواه .وعن محمد رحمه الله تعالى لو قاغل مالي في رستاق كذا في يد فلان دار ولا أرض ولا حق ولا دعوى ثم أقام البينة أن له في يد فلان في ذلك الرستاق داررا لا تقبل بينته إلا أ، يقيم البينة أ،ه أخذها منه فلان بعد الإقرار . ولو قال مالي في يد فلان دار ولا حق ولم ينسبه إلى رستاق ولا قرية ثم ادعى أن له قبله حقا بالري في رستاق أو قرية لا تقبل بينته ولو قال مالي بالري حق في دار ولا أرض ثم ادعى ذلك وأقام البينة تقبل بينته مالم يقصد قرية بعينها أو أرضا بعينها فحينئذ لا تقبل بينته .أما إذا قال لا حق لي بالري أو بخراسان أو بالعراق أو بطبرستان فإقراره باطل .وذكر في النوادر عن محمد رحمه الله تعالى إذا قال لامرأته هذا البيت وما أغلق <446>عليه بابه هي لها وفي البيت متاع فلها البيت والمتاع .ولو أقر لأبيه في صحته بجميع ما في منزله من الفرش والأواني وغير ذلك مما يقع عليه الملك من صنوف الأموال كلها وله بالرستاق دواب وغلمان وهو ساكن في البلد فإقراره غنما يقع على ما في منزله الذي هو ساكن فيه وما كان يبعث من الدواب إلى الباقورة بالنهار ويرجع إلى وطنه .(2/265)
ٍٍٍٍٍٍٍٍ وكذلك عبيده الذين يخرجون في حوائجه ويأوون إلى منزله فكل ذلك داخل في إقراره .ولو قال في صحته جميع ما هو داخل منزلي لامرأتي غير ما علي من الثياب ثم مات فادعى ابنه أن ذلك تركة أبيه قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى ههنا حكم وفتوى في الحكم . إذا ثبت هذا الإقرار وجب القضاء لها بما كان في الدار يوم الإقرار . وفي الفتوى إذا علمت المرأة أ، الزوج كان صادقا في إقراره وأ، جميع ذلك كان لها بيعا أو هبة أو ما أشبه ذلك فهي في سعة من أن تمنع ذلك عن الوارث وما لم يكن ملكا لها لا يصير ملكا لها بالإقرار الباطل وسيأتي مثل هذا في كتاب الإقرار إن شاء الله تعالى .وذكر في وصايا المنتقى إذا دفع الوصي إلى اليتيم ماله بعد البلوغ فأشهد الابن على نفسه أنه قبض منه جميع ما كان في يده من تركة والده ولم يبق له من تركة والده عنده قليل ولا كثير إلا وقد استوفاه ثم ادعى بعد ذلك في يد الوصي شيئا وهو قال من تركة والدي وأقام البينة قبلت بينته .ركدا لو أقر الوارث أنه قد استوفى ما ترك والده من الدين على الناس ثم ادعى على ردل دينا لوالده تسمع دعواه وفي وصايا المنتقى إذا بلغ الورثة أن مورثهم أوصى بوصايا ولا يعلمون ما أوصى به فقالوا قد أجزنا ما أوصى به لم يجز ثم إنما يجوز إذا أجازوا بعد العلم .ولو أقر الوصي أنه استوفى جميع ما كان للميت على الناس ثم ادعى على رجل دينا للميت تسمع دعوه كما لو أقر به الوارث ثم ادعى دينا للميت .رجل ادعى دارا أنها له وأن مورث المدعى عليه كان أحدث يده عليها بغير حق ثم مات وتركها في يد وارثه هذا وأقام البينة على ما ادعى فأقام المدعى عليه البينة أن مورثه فلانا كان اشتراها من المدعي بكذا بيعا باتا وتقابضا ثم مات مورثي فورثتها منه فادعى المدعي لدفع دعوى المدعى عليه أ، مورث المدعى عليه كان أقر أن البيع الذي جرى بينه وبين المدعي هذا كان بيع وفاء إذا رد علي الثمن يجب علي ردها إليه وأقام البينة على ذلك قال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين هذا رحمه الله تعالى لا يسمع منه هذا الدفع لأن بيع الوفاء عند مشايخ سمرقند بمنزلة الرهن فإذا أقام المدعى عليه البينة أ، مورثه اشتراها من المدعي يجعل كأنه كان رهنا ثم اشتراه بعد الرهن فيحكم بالشراء .وعند مشايخنا رحمهم الله تعالى بيع الوفاء بمنزلة البيع الفاسد إذا اتصل به القبض يملكه المشتري وينتقل ذلك إلى ورثته فكان المدعي في دعواه الملك لنفسه بعد ذلك مبطلا في دعواه فلا تندفع بهذا دعوى المدعى عليه شراء مورثه من المدعي . رجل أحضر مملوكا ادعى أنه له وأنه تمرد عنه وقال المملوك أنا عبد فلان الغائب ذكر في المنتقى أ، العبد إذا جاء ببينة على ما ذكر لم يجعل بينه وبين المدعي خصومة وإن لم يقم البينة على ذلك تسمع بينة المدعي ويقضي له فإن حضر الغائب المقر له بعد ذلك لا سبيل له على العبد إلا أ، يقيم البينة أ، العبد له فتقبل بينته ويقضي بالعبد له على المقضي له الأول .ولو أ، رجلا ادعى عبدا في يد عبد أو ادعى عليه دينا وشراء شي منه فهو خصم له إلا أن يقر المدعي أ،ه محجور .دار في يد قوم ميراث لهم عن أبيهم ادعى رجل أنه اشترى من بعضهم نصيبه وهو غائب وبين نصيب الغائب ومن في يدهم الدار أقروا بنصيب الغائب من أبيه وقالوا لا ندري أنك اشتريت أم لا فلا ندفع إليك حصة فلان منها فأقام المدعي بينة فشهدوا أ،ه اشترى من الغائب نصيبه لا تقبل منه هذه البينة .ولو قال بقية الورثة الذين الدار في أيديهم الدار <447> لنا لا حق لفلان الغائب فيها جازت بين المدعي .ولو ا، رجلا ادعى دارا في يد رجل أنها له وأقام البينة وأقام الذي في يديه الدار أن هذه الدار لفلان الغائب اشتراها من المدعي ووكلني فيها ذكر في المنتقى أنه يقبل بينة ذي اليد ويجعل وكيلا وأدفع عنه الخصومة ولا ألزم الغائب الشراء . رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له اغتصبها منه الذي في يديه وقال المدعى عليه هي ملك والدي وديعة في يدي لا تندفع عنه الخصومة فغ، أقام المدعي البينة على ما ادعى ثم أقام المدعى عليه البينة أنها ملك والده اشتراها من المدعي قالوا لا تقبل بينة المدعي عليه لأنه ليس بوكيل عن والده في إثبات الملك لوالده لو سمعت منه هذه البينة إنما تسمع لدفع دعوى المدعي وإنه انتصب خصما للمدعي بدعوى الفعل عليه وهو الغصب فلا تسمع منه دعوى الأمانة . رجل ادعى محدودا في يد رجل وذكر الحدود الثلاثة ولم يذكر الحد الرابع والحد الرابع متصل بملك المدعى عليه لا فاصل بينهما قال الشيخ الإمام الأستاذ ظهير الدين رحمه الله تعالى تصح هذه الدعوى لأن السكوت عن الحد الرابع لا يمنع صحة الدعوى .وكذا لو ذكر الحد الرابع وقال والحد الرابع أرض المدعى عليه ولم يذكر الفاصل وكذا لو كان الحد الرابع ملك الرجلين لكل واحد منهما أرض على حدة فقال المدعي في بيان الحد الرابع والحد الرابع أرض فلان ذكر أحد الجارين ولم يقل ويتصل بأرض فلان آخر(2/266)
.وكذا لو كان الحد الرابع أرض فلان ومسجدا فقال المدعي الحد الرابع أرض فلان ولم يذكر المسجد قال تصح دعواه أيضا . قال المصنف رحمه الله تعالى وينبغي أ، لا تصح دعواه في هذين الوجهين لأن المدعي جعل الحد الرابع ملك فلان وإذا لم يكن كله ملك فلان لم تكن دعواه متناولة لهذا المحدود فلا تصح كما لو ذكر الحدود الأربعة وغلط في حد واحد بخلاف ما إذا سكت عن الحد الرابع .وفي المنتقى رجل صب في السوق زيتا لإنسان أو شيئا من الأدهان أو سمنا أو خلا وعاين الناس ذلك وشهدوا عليه فقال الجاني صببته وهو نجس قد ماتت فيه الفأرة كان القول قوله .وإن مر بسوق القصابين وأخذ لحما من الطوابق ورماه واستهلكه وعاين الناس ذلك فقال الجاني كانت ميتة لا يصدق فيه ويسع للشهود أن يشهدوا أ،ها كانت ذكية لأن الميتة لا تباع في السوق وقد يباع في السوق السمن النجس والزيت الذي ماتت فيه الفارة .وفي المنتقى دار في يد رجل ادعى رجل أنها دار فلان وأن فلانا ذلك كان رهن عندي هذه الدار بالألف التي لي عليه منذ شهر ودفعها إلي وقبضتها منه ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍثم أنه بعد ذلك استعارها مني فأعرتها إياه وأقام البينة على ذلك ورب الدار غائب وأقام الذي في يديه الدار البينة أن الدار داره اشتراها أمس من الغائب الذي يدعي المدعي أنه رهنها أو قال اشتريتها منه منذ عشرة أيام قال مدعي الرهن يستحقها وليس لمدعي الشراء أ، ينقض البيع إذا كان البائع غائبا وكذا لو ادعى الاستئجار مكان الرهن ولو كان مكان المرتهن أو المستأجر رجل يدعي ملك الدار ويقول اشتريتها من الغائب منذ شهر قبل شراء ذي اليد فهو خصم يقضي له بالدار وينقض البيع الثاني ويؤخذ الثمن من المدعي وبكون أمانة عنده ويسلم غليه الدار إذا كان لم يشهد شهود المدعي ا، البائع قبض منه الثمن . رجل مات وترك عبدا وبنتا فأقام رجل البينة أنه كان عبده فاعتقه وأن ولاءه له وأقامت البنت البينة أنه كان حر الأصل ذكر في ولاء الأصل أن البينة بينة البنت .رجل ادعى دارا في يد رجل واستثنى منها بيتا معينا وقال إلا هذا البيت وأقام البينة وشهد شهوده ا، جميع الدار له ذكر في كتاب الإقرار من الأصل أن القاضي يسأل المدعي إن وفق فقال كانت الدار كلها إلى <448> بعت منها هذا البيت جازت بينته ويقضي له بالدار غير البيت .وإن قال لم يكن لي هذا البيت بطلت شهادتهم وكذا إذا لم يجب القاضي بشيء وهكذا إذا ادعى ألفا فشهد الشهود بألفين وفيه إشارة إلى أنه إذا وفق يصح توفيقه ولا يحتاج إلى إقامة البينة على التوفيق خلافا لما قاله بعض الناس .أربعة ادعوا دارا في يد رجل وذكروا أن هذه الدار كانت لأبيهم فلان مات وتركها ميراثا لهم وهم بنوه لا وارث له سواهم وأقاموا البينة على هذا الوجه ثم تصادقوا جميعا على أن هذا الواحد لم يكن ابنا للميت بل كان ابنا لبنت الميت بطلت بينتهم فلو أن البنين الثلاثة بعد ذلك أقاموا شهودا آخرين وادعوا الدار على نحو ما ذكرها وذكروا أ،ها كانت لأبيهم مات وتركها ميراثا لهم وهم بنوه الثلاثة لا وارث له سواهم يسمع دعواهم وتقبل بينتهم .ولو ادعى رجل دارا في يد رجل أنها كانت لأبيه فلان مات وتركها ميراثا له لا وارث له سواه وأقام البينة على ما ادعى ثم ظهر للميت امرأة بإقراره قال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين هذا رحمه الله تعالى لا يقضي القاضي بتلك البينة لظهور الكذب في شهادتهم فلو أن الابن ادعى هذه الدار بعد ذلك أنها كانت لأبيه مات وتركها ميراثا له ولامرأته هذه على فرائض الله وأقام أولئك الشهود على ذلك قال يسمع دعوى المدعي لأنه ادعى الكل أولا ثم البعض فتصح دعواه ولا تقبل شهادة الفريق الأول لأنه كذبهم فيما شهدوا له أولا وتكذيب الشاهد فيما شهد له تفسيق . وإن أقام شهودا آخرين غير الأولين على ما ادعى ثانيا جازت شهادتهم .فلو ان المدعى عليه أقام البين بعد ذلك أن أبا المدعي كان اقر في حياته وصحته انه لا حق لي فيهذه الدار جازت شهادتهم واندفعت خصومة المدعي .رجل في يديه جارية ادعى رجل آخر ان فلان بن فلان الغائب كان شريكي شركة عنان في ألف بيننا وأن الغائب اشترى هذه الجارية بذلك المال المشترك فنصفها لي ونصفها لفلان الغائب فقال الذي في يديه الجارية أنا أعلم أ، فلانا الغائب اشترىٍٍٍٍهذه الجارية بمال مشترك بينك وبين الغائب ونصفها لك ونصفها لفلان الغائب إلا أن فلانا الغائب امرني أن أذهب بالجارية إلى بغداد وأبيعها ثمة قال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين رحمه الله تعالى ليس للمدعي أن يمنعه من أن يذهب بها إلى بغداد قال وكذا لو كان الغائب مضاربا وكل من كان له حق التصرف وإن كانت الشركة بينهما شركة ملك لا شركة عقد كان له أن يمنعه عن المسافرة بها وعن التصرف فيها .رجل قال لغيره هذا العبد لك فقال المقر له ليس هو لي ثم قال هو لي ذكر في الأصل أنه لم يكن له .ولو أقام البين لم تقبل بينته .رجل اشترى عبدا وقبضه فجاء رجل واستحقه بالبينة فأقام(2/267)
البائع بينة على أن المستحق أمره بالبيع وباعه بغمره قال في الزيادات عن كان المشتري مثله لا تقبل بينة البائع وإن كان ذلك الثمن هلك عند البائع قبلت بينة البائع لأنه في هذا الوجه يدفع الضمان عن نفسه بهذه البينة إن كان المشتري لم يقبض مه الضمان وإن كان قبض فهو بهذه البينة يثبت لنفسه حق استرداد ما قبض من المشتري . رجل ادعى عينا في يد رجل أنه له غصبه منه الذي في يديه وأقام البينة وعدلت بينته ثم ادعى الغصب أن المدعي أقر أنه للغاصب هل يؤمر الغاص بتسليم الغصب إلى المدعي قال محمد رحمه الله تعالى إن ادعى الغاصب بينة حاضرة على ما ادعى أقررت الغصب في يده وآخذ منه كفيلا بنفسه وبذلك الشيء وأؤجله إلى المجلس الثاني وإن كانت بعد خمسة عشر يوما . وإن ادعى جارية في يد رجل أنها له وأقر الذي في يديه أنه اشتراها <449>من المدعي وقال لي بينة حاضرة على الشراء قال إن كان المشتري ثقة ضمنتها إياه وتركتها في يده وأمرته أن يحضر البينة وإن لم يكن ثقة أو لم أعرفه وضعتها على يدى عدل فأما في غير الفرج فإني أقرها في يده . رجل ادعى إرثا عن ميت وزعم أنه ابن عم الميت لأبيه وأقام البينة على النسب وذكر الشهود اسم أبيه وجده واسم أبي الميت وجده كما هو الرسم والمدعى عليه أقام البينة أن جد الميت كان فلانا غير ما أثبته المدعي لا تقبل بينة المدعى عليه لأن البينات للإثبات لا للنفي وبينة المدعى عليه قامت على النفي وهو ليس بخصم في إثبات اسم جد المدعي وهو كما لو ادعى ميراثا عن أبيه وأقام المدعى عليه البينة أن أبا المدعي رجل آخر غير الذي يدعيه المدعي وثمة لا تقبل بينة المدعى عليه . ولو ادعى ميراثا عن رجل وذكر أنه ابن عم الميت لأبيه وذكر الأسامي إلى الجد الأعلى فأقام المدعى عليه بينة أن أبا المدعي هذا كان يقول في حياته أنه أخو فلان لأمه لا لأبيه لا تقبل بينة المدعى عليه إلا إذا أقام المدعى عليه البينة أن قاضيا قضى بإثبات نسب أبيه من فلان آخر غير الذي ادعاه المدعي . رجل ادعى على رجل ألف درهم فقال المدعى عليه قد قضيتها في سوق سمرقند فطولب بالبينة فقال لا بينة لي على ذلك ثم قال بعد ذلك قد قضيتها في قرية كذا وأقام البينة على ذلك تقبل بينته لأن التوفيق ممكن يحتمل أنه قضاها أولا في مكان فجحد وليس له على ذلك بينة ثم قضاها ثانيا في مكان آخر . رجل ادعى محدودا في يد رجل أنه ملكه وحقه وفي يد هذا بغير حق وبين الحدود فقال المدعى عليه أن هذا المحدود حقي وملكي وفي يدي ثم قال في مجلس آخر إن المحدود الذي في يدي ليس على هذه الحدود التي ذكر المدعي بل بعضها كما زعم المدعي وبعضها على خلاف ما زعم . قال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين رحمه الله تعالى لا يلتفت إلى ما قال المدعى عليه لأن اليد على العقار لا تثبت إلا بالبينة فلا يلتفت إلى إقرار المدعى عليه ولا إلى إنكاره . رجل ادعى عليه وارث امرأته مهر امرأته فأنكر وقال مراجيزي دادني نيست فأقام الوارث بينة على ما ادعى فقال المدعى عليه دفع ميدارم فقال له القاضي الدفع يكون بالإيفاء أو الإبراء فأيهما تدعى فقال المدعى عليه كليهما قالوا كلامه هذا لا يبطل دعواه الدفع لأن من حجته أن يقول كانت المرأة أبرأتني ثم جحدت فأوفيتها (فصل فيما يجوز قضاء القاضي له ومن لا يجوز وما للقاضي أن يفعله )لا يجوز قضاؤه لمن لا تجوز شهادته له ومن جازت شهادته عليه جاز قضاؤه عليه وكذلك تعديل العلانية لا يصح لمن لا تجوز له شهادته ولا يصح تعديل العبد والمكاتب والأمة والمرأة والمحدود في القذف ولا تعديل الوالدين والمولودين ويصح تعديل السر من هؤلاء .يشترط لتعديل العلانية ما يشترط للشهادة ولا يشترط ذلك في تزكية السر وتجوز شهادة الرجل على شهادة والده ولا تجوز شهادته على قضاء والده وهذا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى تجوز في الوجهين .ويجوز قضاء القاضي للأمير الذي ولاه وكذلك قضاء القاضي الأسفل للقاضي الأعلى وقضاء الأعلى للقاضي الأسفل .ويجوز قضاء القاضي لأم امرأته بعدما ماتت امرأته ولا يجوز إن كانت امرأته حية وكذا لو قضى لامرأة أبيه بعدما مات الأب جاز وإن كان الأب حيا لا يجوز ويجوز للقاضي أن يقرض مال اليتيم واللقطة من الملتقط كذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى .وللقاضي أن يقرض مال الغائب وله أن يبيع منقوله ولا يبيع عقاره عندهما في رواية وفي رواية يبيع كما يبيع <450> المنقول وهو الصحيح . وإذا أراد بيع ماله يمسك له دستجتين من ثيابه وغن كان له ثياب حسنة يبيعها ويشتري بثمنها ثوبا يكفيه ويصرف الزيادة إلى الدين وللقاضي أن يقضي بما علم في قضائه في المصر علم في مجلس القضاء أو في غيره وإن علم بالحادثة قبل التقليد ثم قلد القضاء ليس له أن يقضي بذلك العلم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى له أن يعضي بذلك العلم وعلى هذا الخلاف إذا علم(2/268)
بالحادثة في قضائه ثم عزل ثم قلد ثانيا ليس له أن يقضي بذلك العلم عنده وعلى هذا الخلاف إذا علم بالحادثة في قضائه ثم حرج إلى رستاق ليس هو فيه قاضيا بان قلد قضاء الكورة دون الرستاق ثم عاد إلى مصره لا يقضي بذلك العلم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما يقضي وإن كان مقلدا على الكورة والرستاق فخرج إلى رستاق ثم عاد إلى المصر قال بعضهم له أن يقضي بذلك العلم في ثولهم وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى .وإن علم بالحادثة في رستاق عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ليس له أن يقضي بذلك العلم فعلى قوله إذا علم بالحادثة في حال عدم الولاية أو أو في مكان الولاية لا يقضي بذلك العلم وعندهما يقضي . ولا يقضي بعلمه في الحدود والقصاص على كل حال .ولو علم بالحادثة في قضائه في المصر ثم خرج إلى رستاق هو فيه قاض فقضى فيه بذلك العلم قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى المصر شرط لنفاذ القضاء وهكذا ذكر الخصاف رحمه الله تعالى وإليه أشار محمد رحمه الله تعالى في الكتاب وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى المصر ليس بشرط لنفاذ القضاء وله أن ينقل الشهادة بكتابه وكتاب القاضي بمنزلة شهادة شاهدين على الشهادة وسيأتي صورة الكتاب وشرائطه في آخر الكتاب وله أ، يقبل البينة بدين على الغائب لقضاء دين الغائب من مال في يد المدعي وصورة ذلك إذا باع الرجل عبدا وغاب المشتري قبل نقد الثمن ولا يدري مكانه فأقام البائع بينة على ذلك عند القاضي فإن القاضي يقبل البينة ويبيع العبد ويقضي دين الغائب من ثمنه فإن فضل شيء من الثمن وضعه على يد عدل .و من هذا الجنس مسألة ذكرها في إجارات الأصل في باب إجارة الدواب .وللقاضي أ، يبيع مال الغائب إذا خاف الهلاك . وله أن يأخذ مال اليتيم من والده إذا كان الوالد مسرفا مبذرا ويضعه على يد عدل إلى أن يبلغ اليتيم . ويجوز قضاؤه على المسخر إذا لم يعلم أنه مسخر ولا ينفذ قضاؤه إذا علم وصورة المسخر أن يدعي الرجل دينا على غائب وأحضر رجلا وادعى أن هذا الرجل كفيل لي بمالي على الغائب فيقول الرجل بلى أنا كفيل ولكن لا شيء لك على الغائب فأقام المدعي البينة أن له على الغائب ألف درهم فقضى القاضي بتلك البينة فإن ذلك يكون قضاء على الغائب . وقضاؤه فيما ارتشى باطل . وإن دفع المدعي الرشوة إلى القاضي فرد ولم يقبل وقضى للراشي نفذ قضاؤه وإن ارتشى ولد القاضي أو واحد من أصحابه ليعين الراشي عند القاضي فلم يعلم القاضي بذلك وقضى للراشي نفذ قضاؤه إن كان بحق وبجب على القابض رد ما قبض ويأثم الراشي وإن علم القاضي بذلك فقضاؤه مردود وهو كما لو ارتشى بنفسه وقضى للراشي .إذا شهد الشهود عند القاضي بدين أو عين أوعقار وعدلوا فقال القاضي للمشهود عليه أرى أن الحق حق المشهود له أو قال له ما أرى لك في هذه الدار حقا لم يكن ذلك قضاء حتى يقول أنفذت عليك القضاء في كذا وكذا لأن معنى قوله أرى أظن ولو قال أظن لم يكن ذلك قضاء .ولو قال ألزمت عليك كان قضاء .ولو قال ثبت عندي أن لهذا على هذا كذا اختلفوا فيه قال بعضهم لا يكون قضاء وقال شمس الأئمة الحلواني والقاضي <451> الإمام أبو عاصم العامري يكون ذلك قضاء .ولو قال القاضي لرجل جعلتك وكيلا في تركة فلان الميت يكون وكيلا في الحفظ ولو قال له جعلتك وكيلا لتشتري وتبيع كان له أن يبيع ويشتري لأن أمر القاضي معتبر بأمر الميت . ولو قال رجل لرجل جعلتك وكيلا في مالي يكون وكيلا بالحفظ فكذا إذا قال له القاضي ذلك .ولو قال القاضي لرجل جعلتك وصيا للميت يصير وصيا فإن خص شيئا وقال في كذا يصير وصيا في ذلك الشيء خاصة لأن إيصاء القاصي يقبل التخصيص بخلاف إيصاء الميت وإيصاء الأب والجد فإن ذلك يكون عاما ولو قدم غرماء الميت إلى القاضي فقالوا إن فلانا مات ولم يوص إلى أحد ولنا عليه ديون والقاضي لا يعلم بذلك فقال لهم القاضي إن كنتم صادقين فقد جعلت هذا وصيا في تركته قالوا يرجى أن يسعه ذلك إن عرف عدالة الوصي وكانوا صدقة صار وصيا لأن إيصاء الميت يقبل التعليق فكذا إيصاء القاضي ولو أن رجلا جاء إلى القاضي وقال أبي مات في بعض الأطراف وعليه ديون وبرك من كل نوع مالا ولم يوص إلى أحد وأهل تلك الناحية لا يعرفونني ولا يمكنني إثبات النسب بالبينة فقال له القاضي إن كنت صادقا فيما تقول فبع الدواب واقض الديون قالوا لا بأس به لأنه إن كان صادقا صح أمر القاضي به وإلا فلا (فصل فيما يقضي في المجتهدات وما ينفذ قضاؤه فيه ومالا ينفذ ) القاضي إذا مجتهدا له أن يقضي برأي نفسه في المجتهدات وهذه المسئلة على وجهين . أحدهما إذا كان مجتهدا وهو يعمل برأي نفسه فقضى برأي غيره قال أبويوسف رحمه الله تعالى لا ينفذ قضاؤه وهو إحدى الروايتين عن محمد رحمه الله تعالى واختلفت الرةايات عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في أظهر الروايات عنه ينفذ قضاؤه ولا يرد وبه أخذ الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن(2/269)
الفضل رحمه الله تعالى وعليه الفتوى . والثانية إذا كان مجتهدا فنسي مذهبه وقضى برأي غيره ثم تذكر رأيه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى ينفذ قضاؤه ولا يرد ويعمل برأيه في المستقبل وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يرد قضاؤه وهو الصحيح من قول محمد رحمه الله تعالى أيضا وإن لم يكن له رأي في المسئلة فاستفتى مفتيا فأفتاه فقضى بفتواه ثم حدث له رأي لا يرد قضاؤه ويعمل برأيه الحادث في المستقبل . حكي عن الشيخ الإمام عبد الواحد الشيباني رحمه الله تعالى أنه قال ما يفعله القضاة من التفويض إلى شفعوي المذهب في فسخ اليمين المضافة وبيع المدبر وغير ذلك إنما يجوز إذا كان المفوض يرى ذلك بأن قال لاح لي اجتهاد في ذلك أما إذا كان لا يرى ذلك لا يصح تفويضه وقال غيره هذا احتياط ويصح التفويض وإن كان لا يرى ذلك لأن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لو قضى بخلاف رأيه ينفذ قضاؤه في أصح الروايتين فلأن يصح تفويضه كان أولى . وإن فوض إلى الشفعوي ليقضي برأيه أو ليقضي بما هو حكم الشرع ينفذ ذلك التفويض عند الكل وإن قضى القضي في فصل وهو لا يعلم أنه مختلف فيه وإنما قصد القضاء على وجه الإتفاق فوافق قضاؤه محلا مجتهدا فيه ذكر في كتاب الإكراه أنه ينفذ قضاؤه وذكر في الرجوع عن الشهادة أنه لو قضى بشهادة محدودين في قذف وهولايعلم أنهما محدودان ثن علم يرد قضاؤه ويؤخذ المال من المقضي له وكذا إذا ظهر أنهما عبدان أو كافران أو أعميان يرد قضاؤه ويؤخذ المال من المقضي له قال وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في شرح الرجوع عن الشهادة أن قضاء القاضي في المجتهدات إنما ينفذ إذا صدر عن اجتهاد وأما إذا لم يكن عن اجتهاد لا ينفذ وذكر الحصاف رحمه الله تعالى أنه ينفذ وإن لم يكن عن اجتهاد كما ذكر في كتاب الإكراه . ولو أن رجلا قال إن تزوجت فلانه فهي طالق فتزوجا فخاصمته إلى قاض <452> لا يرى الطلاق واقعا فأجاز النكاح وأبطل الطلاق ثم رفع إلى قاض يرى الطلاق واقعا فإن الثاني ينفذ قضاء الأول . وإن كان الحالف قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ففسخ القاضي اليمين على امرأة تزوجها ثم تزوج امرأة أخرى قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا بد من فسخ اليمين على كل امرأة وهكذا روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى إذا فسخ على امرأة بخصومتها يكون فسخا على النساء كلهن وبعض المشايخ رحمهم الله تعالى أخذوا بقول أبي يوسف رحمه الله تعالى وبعضهم اخذوا بقول محمد رحمه الله تعالى والفتوى على قوله لأنها يمين واحدة ولهذا لو حلف أن لا يحلف بالطلاق وقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق لا يحنث إلا مرة واحدة والعتق في هذا بمنزلة الطلاق . وإذا قال كل عبد أشتريه فهو حر فهذا والطلاق سواء ذكر في المنتقى أنه لو قال كل عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبدا على قول أبي يوسف وهو رواية عن ابي حنيفة رحمه الله تعالى يحتاج إلى الفسخ في كل عقد . ولو عقد على امرأة واحدة أيمانا بأن قال مرار إن تزوجت فلانه فهي طالق فتزوجها ففسخ القاضي يمينا واحد ا لاينفسخ الكل ويحتاج كل يمين للفسخ على حدة إلا أن تدعي المرأة أنه حلف بطلاقها ثلاث مرات أن لا يتزوجها ثم تزوجها فقال القاضي فسخت جميع أيمانه بهذا اللفظ فإن ذلك يكون فسخا للأيمان كلها . وإن حلف بطلاق نسوة وعقد على كل امرأة يمينا على حدة بأن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق وإن تزوجت فلانة لا مرأة أخرى فهي طالق وذكر الثالثة والرابعة ففسخ اليمين على امرأة بخصومتها لا ينفسخ يمين غيرها . ولو قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فتزوجها ففسخ القاضي اليمين هل يحتاج إلى تجديد النكاح ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى عن أستاذه القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله تعالى أنه لا يحتاج لأن القاضي أبطل اليمين فلم يكن الطلاق واقعا إلى أن يعود النكاح بقضاء القاضي فإن كان الزوج وطئها بعد النكاح قبل فسخ اليمين ثم فسخ القاضي اليمين كان الوطء حلالا وكما يظهر بطلان اليمين والطلاق في حق هذه بظهر في حق غيرها في قول محمد رحمه الله تعالى بأن كان حلف كل امرأة أتزوجها فهي طالق . ولو قال كل امرأة أتزوجها فهي طتالق فتزوج أربعا بعد اليمين ثم تزوج خامسة فخاصمته الخامسة إلى القاضي ففسخ القاضي اليمين عليها لا تظهر انفساخ اليمين فيمن كانت قبلها عند الكل لأنه لو بطل يمينه في الأربع ولا يقع الطلاق عليهن لا يصح نكاح الخامسة فيبطل الفسخ عليها وإذا بطل الفسخ على الخامسة يبطل في حق غيرها . وإذا قضى القاضي ببطلان اليمين في الطلاق المضاف وغيره من المجتهدات ونفذ فضاؤه ينفذ على المقضى عليه عند الكل حتى كان على المقضى عليه اتباع رأي القاضي سواء كان رأي القاضي موافقا لرأيه أو لم يكن وهل ينفذ قضاؤه في المقضى له إن كان عاميا ينفذ قضاؤه وعليه اتباع رأي القاضي وإن كان عالما يرى خلاف ما يقضي له القاضي(2/270)
عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في غير رواية الأصول أنه لا ينفذ قضاؤه حتى لا يحل له وعليه أن يتبع أشد الأمرين وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينفذ قضاء القاضي في حقه أيضا وذكر في كتاب الاستحسان أنه ينفذ قضاء القاضي في حقه ولم يذكر فيه خلافا وإن كان المقضي له عاميا جاهلا واستفتى فقيها أعلم من القاضي فأفتاه بوقوع الطلاق فهذا وما لو كان المقضي له عالما وله رأي سواء لأن الفتوى في حق الجاهل بمنزلة الرأي والاجتهاد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى رحمه الله تعالى رجل قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فتزوج امرأة وهو لا يرى الطلاق واقعا فخاصمته المرأة إلى القاضي فقضى القاضي له ببقاء الحل ثم تحول رأي <453> الزوج وصار ممن يرى الطلاق وا قعا ثم تزوج امرأة أخرى فإنه يمسك المرأة الأولى ويفارق الثانية ويبني الأمر على رأيه الحادث في المرأة الثانية أما الأولى فقد قضى القاضي عليها ببطلان اليمين وبقاء النكاح فنفذ قضاؤه موافقا لرأيه في ذلك الزمان فلا يبطل ذلك القضاء وهذا بناء على ما تقدم أن على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يحتاج إلى الفسخ في كل امرأة . وذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى في العيون رجل اشترى عبدا فشهد شاهدان عند القاضي أن هذا المشتري حلف بعتق كا مملوك يشتريه قبل شرائه هذا العبد فأعتقه القاضي بشهادتهما ثم اشترى عبدا آخر قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعتق العبد الثاني بقضائه للأول وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يعتق الثاني حتى يشهد الشهود شهادة مستقلة وهذا بناء على أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الشهادة على عتق العبد لا تقبل من غير دعوى العبد . رجل قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق ثلاثا ثم تزوجها ورفع الأمر إلى القاضي فقضى بحلها ثم طلقها ثلاثا ثم عادت إليه بعد زوج آخر هل يحتاج إلى فسخ القاضي في هذا النكاح اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه وإنما اختلفوا بناء على أن المنعقد بكلمة كلما يمين واحدة وكما تنحل تنعقد ثانية وتنعقد الثالثة بعد الثانية أو ينعقد بهذا اللفظ أيمان في رواية الجامع ينعقد يمين واحدة وكما تنحل تنعقد وفي طلاق الأصل المنعقد أيمان بهذا اللفظ فعلى رواية الطلاق يحتاج كل يمين إلى فسخ على حدة وعلى رواية الجامع لا يحتاج والصحيح رواية الجامع . رجل حلف بطلاق امرأة إن تزوجها فتزوجها وحكما رجلا ليحكم بينهما في الطلاق المضاف فحكم ببطلان اليمين اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه ذكر في الجامع الأصغر أنه لا ينفذ حكم الحكم في حقهما وذكر في صلح الأصل وغيره من الروايات أن حكم الحكم فيما بين المتحاكمين في المجتهدات بمنزلة حكم القاضي المولى حتى لا يكون لأحدهما أن يرجع عن حكمه وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن حكم الحكم في المجتهدات جائز إلا في الحدود والقصاص ذكر الجواز فيما سوى الحدود القصاص وذكر شمي الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى في صلح الأصل الأصح أن حكم الحكم في المجتهدات نحو الكنايات والطلاق المضاف جائز في ظاهر المذهب عن أصحابنا رحمهم الله تعالى قال محمد رحمه الله تعالى إلا أن هذا مما يعلم ولا يفتى به كيلا يتجاسر الجهال إلى مثل هذا . قال المصنف رحمه الله تعالى وكان القاضي الإمام الأستاذ أبو علي النسفي رحمه الله تعالى يقول هذا مما يكتم ولا يفتى به . وقد روى عن أصحابنا رحمهم الله تعالى ما هو أوسع من هذا وذلك روى عنهم أنه لو استفتى صاحب الحادثة عن هذا فقيها عدلا من أهل الفتوى فأفتاه ببطلان اليمين وسعه أن يأخذه بفتواه ويمسك المرأة وعنهم أن صاحب الحادثة لو استفتى فقيها فأفتاه ببطلان اليمين وسع أن يمسكها فإن تزوج أخرى بعدها وقد كان حلف بلفظ كل امرأة يتزوجها فاستفتى فقيها آخر مثل الأول فأفتاه بصحة اليمين ووقوع الطلاق المضاف إليها فإنه يفارق الثانية ويمسك الأولى لأن فتوى الفقيه للجاهل بمنزلة حكم القاضي المولى أو حكم الحكم وما نقل عنهم بناء على أن حكم الحكم في المجتهدات في حق المتحاكمين بمنزلة حكم القاضي المولى إلا أن الفرق بين حكم القاضي وحكم الحكم أن حكم الحكم في المجتهدات إذا رفع إلى القاضي إن كان موافقا لرأيه أمضاه وإن كان مخالفا أبطله وليس للقاضي أن يبطل حكم قاض آخر في المجتهدات وقال ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى ليس للقاضي أن يبطل حكم الحكم وإن كان مخالفا لرأيه إذا لم يكن حكم الحكم مخالفا لنص أو إجماع وهو بمنزلة حكم القاضي المولى ولهذا لو حكم<454> الحكم بحكم ثم أراد أن يرجع عن حكمه لا يصح رجوعه كما لايصح رجوع القاضي عن حكمه في موضع الاجتهاد والصحيح ما قلنا لأن الحكم استفاد الولاية بتحكيمهما ولهما على أنفسهما لا على غيرهما فكان حكم الحكم في حقه غيرهما منزلة الصلح ولو اصطلح الخصمان على شيء وكان ذلك مخالفا لرأي القاضي أبطله أما إذا كان حكم الحكم موافقا لرأي القاضي إنما لا يبطله لأنه لو أبطله يحتاج إلى الإعادة فلا يفيد . ولو حكما رجلا ليحكم(2/271)
بينهما فأجاز القاضي حكومته قبل أن يحكم ثم حكم بينهما بما يخالف رأي القاضي ذكر في الكتاب أنه لا يجوز حكمه على القاضي وكان للقاضي أن يبطله قالوا هذا إذا لم يكن القاضي مأذونا في الاستخلاف فإن كان مأذونا لا يكون له أن يبطل حكمه وقال بعضهم الجواب مطلق لأن الإجازة إمضاء لما سبق فلا يظهر فيما يقضي لكن شرط صحة التحكيم أن يكون الحكم من أهل الشهادة لأن القاضي لا يصلح قاضيا إذا لم يكن من أهل الشهادة فكذلك الحكم فلا يصح تحكيم العبد والمكاتب والكافر على المسلم ولا حكم الحكم لمن لا تقبل شهادته له . وإن حكما امرأة فحكمت فيما تجوز شهادتها جاز حكمها وسنذكر مسائل التحكيم في موضعها إن شاء الله تعالى .رجل تزوج امرأة ثم جن وله والد فادعت المرأة أن زوجها قد كان حلف قبل أن يتزوجها بطلاق كل امرأة يتزوجها ثلاثا وطلبت من القاضي أن ينصب والد زوجها خصما لها ليقضي لها بالطلاق قال محمد رحمه الله تعالى إن كان جنونا مطبقا جعل والده خصما .قال هشام رحمه الله تعالى قلت لمحمد رحمه الله تعالى إن رأى القاضي أن هذا القول ليس بشيء فأبطل القول وأمضى النكاح ثم صح الزوج ومن رأيه أن الطلاق واقع هل يسعه ذلك فقلت له ورأيه على خلاف ذلك وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي لا يسعه المقام معها وكذلك المرأة قال وهذا حكم لا يحل حراما ولا يحرم حلالا وهذا بناء على ما تقدم أن رأي الزوج إذا كان هو الحرمة ووقوع الطلاق لا ينفذ القضاء في حقه .ثم شرط محمد رحمه الله تعالى ليكون الوالد خصما للمرأة أن يكون جنون الزوج مطبقا . واختلفت الروايات في المطبق واتفقت الروايات الظاهرة أن الجنون إذا كان يوما أو يومين لا يعتبر ولا يصير خصما عنه وتنفذ تصرفاته في حالة الإفاقة كما في الإغماء . وأما المطبق في أظهر الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى مقدر بأكثر السنة وفي رواية عنه مقدر بأكثر من يوم وليلة . ومحمد رحمه الله تعالى أو لا قدر الجنون المطبق بشهر ثم رجع وقدره بسنة كاملة وذكره الناطفي والشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أن الجنون المطبق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى مقدر بشر وعليه الفتوى. رجل زنى بأم امرأته أو بابنتها فخاصمته امرأته إلى القاضي فرأى القاضي أن الحرام لا يحرم الحلال فقضى له بالحل اتفقوا على أن الزوج إذا كان جاهلا يأخذ بالقضاء وان كان عالما فقيها من رأيه الحرمة قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يحل له المقام معها وكذلك المرأة وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى في مثل هذا إذا كان الرجل جاهلا يأخذ بما قضى له القاضي وإن كان عالما فقيها يعمل برأي نفسه ولا ينظر إلى قضاء القاضي قال الحسن رحمه الله تعالى وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى . أما على قول محمد رحمه الله تعالى يأخذ بقضاء القاضي على كل حال وكذلك رجل قال لامرأته أنت طالق البتة وهو ممن يرى البتة ثلاثا فخاصمته امرأته إلى قاض يرى البتة واحدة يملك الرجعة فقضى بأنها رجعية وجعلها امرأته قال محمد رحمه الله تعالى وسع للرجل إمساك المرأة و،إن كان هو يرى خلاف ما قضى القاضي <455>ويقول الرجل لست أرى هذا وإني أراها ثلاثا والرجل ممن يؤخذ بقوله قال محمد رحمه الله تعالى ينبغي لهذا الفقيه أن يدع رأيه ويأخذ بنا قضى له القاضي لأن هذا مما يختلف فيه الفقهاء قال وكذلك كل قضاء فيما اختلف فيه الفقهاء إذا قضى بذلك على فقيه عالم يرى خلاف ذلك من تحريم أو تحليل أو عتق أو أخذ مال أو غيره فإنه ينبغي للفقيه أن يدع رأي نفسه ويأخذ بقضاء القاضي ويلزم نفسه ما ألزمه القاضي وأجمعوا على أن المقضي عليه يأخذ بالقضاء ولا يعمل برأي نفسه . وإن ادعى رجل على غائب شيئا قال محمد رحمه الله تعالى في المفقود ليس للقاضي أن ينصب وكيلا عن الغائب فلو رأى القاضي أن يسمع البينة على الغائب من غير خصم ووكيل وقضى على الغائب في نفاذ قضائه على الغائب روايتان ذكر شمس الأئمة السرخسي والشيخ الإمام رحمهما الله تعالى أنه ينفد قضاؤه وغيرهما من المشايخ قالوا لا ينفذ وإذا خاف صاحب الدين غيبة الشهود أو موتهم وأراد إثبات الدين على الغائب قال بعضهم يوكل غيره بإثبات حقوقه على الناس ويجعل ما يريد إثباته على الغائب من طلاق أو عتاق أو بيع شرطا للوكالة بأن قال إن كان فلان طلق امرأته أو أعتق عبده فأنت وكيلي في إثبات حقوقي على الناس ثم إن هذا الوكيل يحضر رجلا ويقول إن فلانا وكلني بطلب حقوقه على الناس أجمعين إن كان فلان باع داره من فلان أو أعتق عبده أو طلق امرأته وأن فلانا الغائب قد باع داره أو أعتق عبده فصرت وكيلا له في إثبات حقوق موكلي وإن لموكلي هذا عليك ألف درهم فيقول المدعى عليه بلى إن فلانا وكلك على هذا الوجه لكني لا أعلم أن الشرط قد وجد فيقيم المدعي البينة على الشرط فيقضي القاضي بالشرط إلاأن هذا فصل اختلف فيه المشايخ أن الإنسان هل ينتصب خصما عن الغائب في إثبات(2/272)
شرط حقه قال بعضهم رحمهم الله تعالى ينتصب خصما والصحيح أنه لا ينتصب إذا كان شرطا يتضرر به الغير كالطلاق والعتاق وما أشبه ذلك فلا تصح هذه الحيلة والصحيح فهذه ما ذكر محمد رحمه الله تعالى في الجامع أن يقول رجل لصاحب الدين كفلت لك بكل مالك على فلان الغائب ثم إ، صاحب الدين يحضر الكفيل إلى مجلس القاضي ويقول إن لي على فلان الغائب ألف درهم وإن هذا الرجل كفل لي بجميع مالي على فلان الغائب وألف درهم كانت لي عليه قبل كفالة هذا الرجل فيقر الكفيل بالكفالة وينكر المال على الغائب صح إنكاره لأن قوله كفلت لك بكل مالك على فلان لا يكون إقرارا منه بالمال لأنه مجهول فإذا أقام المدعي البينة أن له على الغائب ألف درهم كانت له عليه قبل كفالة هذا الرجل تقبل بينته ويقضي له بالكفالة والمال لأنه ادعى على الغائب ما هو سبب لحقه على الحاضر فينتصب الحاضر خصما عن الغائب فيكون القضاء عليه قضاء على الغائب حتى لو حضر الغائب وأنكر الدين لا يلتفت إلى إنكاره ولا يكون هذا قضاء على المسخر لأن المدعي فيما ادعى على الكفيل كان صادقا في دعواه ثم يبرئ المدعي الكفيل عن الكفالة والمال ويبقى المال له على الغائب .و ا ن كانت الكفالة عن الغائب بين يدي القاضي على هذا الوجه فأنكر المال على الغائب فأقام المدعي البينة على المال فكذلك يقضي على الحاضر ويكون ذلك قضاء على الغائب سواء ادعى الكفالة عن الغائب بأمره أو لم يذكر الأمر . ولو ادعى رجل على رجل أن له على الغائب ألف درهم وأن هذا الرجل كفل لي عن الغائب بالألف التي لي عليه بأمره فهذا وما تقدم سواء ويقضي على الحاضر ويكون ذلك قضاء على الغائب .ولو ادعى رجل أن له على الغائب ألف درهم وأن هذا الرجل كفل لي عنه بالألف التي لي عليه ولم يقل بأمره وأنكر المدعى عليه ذلك فأقام المدعي البينة على ما ادعى فإن القاضي يقضي بالألف <456>على الحاضر ولا يكون ذلك قضاء على الغائب بخلاف ما إذا ادعى كفالة عامة بكل ماله على الغائب فإن ثمة يقضي على الحاضر ويكون ذلك قضاء على الغائب سواء ادعى الكفالة بأمره أو لم يذكر الأمر والفرق ما عرف في الجامع .روى ابن سماعة عن نحمد رحمه الله تعالى رجل ادعى على رجل دينا فقضى القاضي له عليه ببينة أقامها فغاب المقضي عليه أومات وترك أموالا في المصر في يد أقوام يقرون بذلك المال للمقضى عليه وخلف المقضى عليه وارثا فإن القاضي لا يدفع شيئا من ماله إلى المقضي له ما لم يحضر المقضى عليه إن كان غائبا أو يحضر وارثه إن كان ميتا لاحتمال أن الغائب قد قضى دينه .رجل ادعى أن له على فلان الغائب ألف درهم وأن هذا الرجل الذي أحضر معه كفل له عن الغائب بأمره وأنكر الكفيل الكفالة فأقام المدعي البينة على الكفيل أنه كفل بأمر الغائب وأن له على الغائب ألف درهم ذكرنا أنه يقبل البينة ويرجع الكفيل على الغائب فإن كان الكفيل بعد القضاء قال لم يأمرني الغائب بذلك لا يرجع على الغائب إذا أدى ويجعل ذلك بمنزلة الإبراء .ولو كان كفل عن رجل بأمره وأدى المال ثم غاب الطالب فحضر الكفيل والمكفول عنه فأقر المكفول عنه بالكفالة وجحد أداء المال أو جحد الكفالة أيضا فأقام الكفيل شهودا على دفع المال والكفالة بأمره فإنه يقضي على الطالب بالقبض حتى لو حضر الطالب وأنكر القبض يقضي عليه بالبراءة بتلك البينة ويرجع الكفيل على المكفول عنه بذلك المال .ولو أ، رجلين عليهما ألف لرجل وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه ثم جحدا المال فأقام المدعي البينة على أحدهما بالمال وقضى القاضي عليه بالمال والكفالة فلم يأخذ الطالب شيئا حتى غاب ثم قدم الآخر فإن القاضي يقضي عليه بتلك البينة بخمسمائة كانت عليه .رجلان شهدا على رجل بحق من الحقوق فقال المشهود عليه هما عبدان فقالا كنا عبدني لفلان الغائب إلا أنه أعتقنا وأقاما البينة على ذلك فإن القاضي يقضي بعتقهما ويكون ذلك قضاء على مولاهما حتى لو حضر المولى وأنكر العتق لايلتفت إلى إنكاره .القاضي إذا كتب كتابا إلى قاض آخر في فصل مجتهد فيه فإن القاضي المكتوب إليه يعمل برأي نفسه ولا ينفذ كتاب القاضي على خلاف رأيه وينفذ سجل غيره فيما كان مجتهدا فيه وإن كان السجل مخالفا رأيه لأنه كتاب القاضي بمنزلة الشهادة على الشهادة وفي الشهادة القاضي يعمل برأي نفسه أما السجل يحكي قضاء غيره فلا يعمل فيه برأي نفسه .رجل قدم رجلا إلى قاض وقال إن لأبي على هذا الرجل ألف درهم وأبي غائب وأنا أخاف أن يتوارى هذا الرجل فجعله القاضي وكيلا لأبيه وقبل بينة الابن على المال وحكم بذلك ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فإن الثاني لا يجيز قضاء الأول لأن بينة الابن ما قامت بحق على الغائب حتى يكون ذلك قضاء على الغائب وإنما قامت لغائب وهذا بخلاف المفقود فإن القاضي يجعل ابن المفقود وكيلا في حقوقه لأن المفقود بمنزلة الميت فكان للقاضي نوع بسوطة في ماله . رجل عليه دين لرجل فطالبه صاحبه فقال المديون إن لم أقض مالك اليوم(2/273)
فامرأته طالق أو عبده حر ثم تغيب عنه الطالب فخاف الحالف أن يحنث في يمينه فجاء المطلوب إلى القاضي وقص عليه القصة فنصب القاضي للغائب وكيلا في قبض دينه فدفع إليه المال وحكم القاضي بذلك إلى قاض آخر قال أبو يوسف رحمه الله تعالى قضاء الأول باطل لا بجبيه الثاني وذكر الناطفي رحمه الله تعالى ف الواقعات عن الحسن بن زياد رحمه الله تعالى إن القاضي ينصب وكيلا عن الغائب ويدفع إليه المال ولا يحنث الحالف وقال الناطفي رحمه الله تعالى وعليه الفتوى وعن محمد رحمه الله تعالى ما يقارب هذه المسألة <457> قال لو أن رجلا جاء إلى قاض وقال إن لفلان بن فلان الغائب علي كذا من المال وإني قد قضيته وهو الآن في بلد كذا وأنا أريد أن أذهب إلى ذلك البلد وأخاف أن يأخذني الطالب بالمال ثم يجحد الإيفاء فاسمع من شهودي ههنا واكتب لي حجة حتى لو خاصمني يكون حجة لي فإن القاضي يسمع ببينته ويجعل عن الغائب خصما وكذلك في الطلاق إذا ادعت المرأة أن زوجها الغائب قد طلقها . رجل أعتق نصف عبده أو نصف أمته أو كانت الأمة بين اثنين فأعتقها أحدهما وهو معسر وقضى القاضي للآخر ببيع نصيبه فباع ثم اختصما إلى قاض آخر لا يرى ذلك ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن القاضي الثاني يبطل البيع والقضاء وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى حاكيا عن المشايخ رحمهم الله تعالى أن ما ذكر الخصاف رحمه الله تعالى قول الخصاف وليس في هذا شيء عن أصحابنا ولو لا قول الخصاف رحمه الله تعالى لقلنا بأنه ينفذ قضاء الأول لأنه قضى في فصل مجتهد فيه فإن عند بعض العلماء رحمهم الله تعالى إذا كان المعتق معسرا لا تجب السعاية على العبد فيبقى نصيب الساكت رقيقا . ولو أن قاضيا قضى بجواز بيع المدبر نفذ قضاؤه رواية واحدة حتى لو رفع ذلك إلى قاض آخر يرى خلاف ذلك لا يكون للثاني أن يبطل الأول وقال الحسن رحمه الله تعالى من نفسه حكم المدبر في هذا حكم أن الولد وذكر في السير إذا مات الرجل وله مدبرون حتى عتقوا ثم جاء رجل وأثبت على الميت دينا فباعهم القاضي على ظن أنهم عبيد ثم ظهر أنهم مدبرون كان البيع باطلا وإنما يبطل قضاء القاضي في تلك المسألة لأنهم عتقوا بموت السيد أقصى ما في الباب أنه إذا كان على الميت دين تجب السعاية عليهم لكن وجوب السعاية لرد العتق لا يمنع وقوع العتق فيكون بيع القاضي بيعا للحر . ولو أن قاضيا قضى بجواز بيع أم الولد نفذ قضاؤه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله اتعالى في ظاهر الرواية وعن محمد رحمه الله تعالى فيه روايتان في أظهر الروايتين عنه لا ينفذ قضاؤه وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قضى القاضي بجواز بيع أم الولد ينبغي في القياس أن لا يرد قضاؤه كما في المدبر إلا أن الفقهاء رحمهم الله تعالى اتفقوا على أنها لاتباع(58فتاوى ثاني) وتركوا الحديث فأنا لا أجيز بيعها إن باعها القاضي وذكر الخصاف رحمه الله تعالى القاضي إذا قضى بجواز بيع أن الولد لا ينفذ قضاؤه ولم يذكر فيه خلافا قال مشايخنا رحمهم الله تعالى ذلك قول محمد رحمه الله تعالى وإذا بيع المكاتب برضاه جاز بيعه في أصح الروايتين . رجل اشترى ماء بغير أرض فخاصمه البائع إلى القاضي فأجاز البيع ثم اختصما إلى قاض آخر فأبطله الثاني ذكر الناطفي رحمه الله تعالى أنه يجوز إجازة الأول وإبطال الثاني باطل . ولو كان الأول أبطل البيع وأجازه الثاني يجوز إبطال الأول ولا يجوز إجازة الثاني لأنه مجتهد فيه روى هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز بيع الماء بغير أرض وذكر في شرب الأصل أنه لا يجوز في قولهم جميعا . رجل تزوج امرأة بغير شهود أو بشهادة نساء ليس فيهن رجل فرفع ذلك إلى قاض فأجاز ثم رفع إلى قاض آخر لا يراه جائزا روى ابن رستم أن الثاني يجيز قضاء الأول وليس له أن يبطله . رجل حلف بطلاق أو عتاق أن لا يأكل لحما فأكل سمكا فرافعته المرأة إلى القاضي وفرق بينهما ثم رفع ذلك إلى قاض آخر لا يرى السمك لحما فإن الثاني يمضي قضاء الأول .رجل طلق امرأته ثلاثا وهي حبلى أو حائض أو طلقها ثلاثا قبل الدخول بها فرفع ذلك إلى قاض لا يرى الثلاث ولا طلاق الحامل والحائض واقعا كما هو مذهب البعض فحكم ببطلان طلاق الحامل والحائض أو ببطلان ما زاد على الواحدة ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فإن الثاني يبطل الأول وكذا لو فرق القاضي بين الزوجين بشهادة امرأة واحدة برضاع يرد قضاؤه . القاضي <458>(2/274)
إذا قضى لولده على أجنبي بشهادة الأجانب لا يجوز وإن رفع قضاؤه إلى قاض آخر أبطله الثاني .ولو قضى بشهادة ولده لأجنبي فرفع ذلك إلى قاض آخر أنفذه الثاني .وكذا لو قضر بشهادة المحدود في قذف وهو يرى ذلك فرفع ذلك إلى قاض آخر لا يرى جوازه لا يبطله الثاني.وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى هذا إذا كان القاضي الثاني يعرف أن الأول يرى جوازه بأن قال الأول لاح لي ذلك أما إذا علم الثاني أن الأول لا يرى جوا زه بأن قال الحق ما قال علماؤنا رحمهم الله تعالى إن شهادة المحدود في القذف لا تقبل وإن تاب ومع هذا قضى به كان للثاني أن يبطله .ولو كان القاضي هو المحدود في القذف فرفع حكمه إلى قاض آخر لا يرى جوازه أبطله الثاني لأن نفس القضاء مختلف فيه . ولو رفع حكم الأول إلى من يرى حكم الأول جائزا فأمضاه ثم رفع إمضاء الثاني إلى ثالث لا يرى جوازه فأبطله لا ينفذ إبطاله لأن الثاني لما أنفذ الأول فقد قضى بدليل مجتهد فيه فينفذ قضاؤه .ولو أن قاضيا قضى لامرأة بشهادة زوجها وأجنبي آخر فرفع ذلك إلى قاض لا يجيز شهادة الرجل لامرأته أمضى الثاني حكم الأول لأن الأول فضى بدليل مجتهد فيه فينفذ قضاؤه ولو كان القاضي قضى لامرأته بشهادة رجلين لا يجوز فإن رفع ذلك إلى قاض آخر لا يراه جائزا أبطله لأن نفس القضاء مختلف فيه فإنه كما لا يصلح أن يكون شاهدا لامرأته لا يكون من أهل القضاء لها فكان للثاني أن يبطله فإن رفع قضاء الأول إلى من يرى جوازه فإمضاء ثم رفع إمضاء الثاني إلى ثالث لا يرى جوازه أمضى الثالث إمضاء الثاني ولا يبطله . القاضي إذا قضى وهو أعمى ثم رفع قضاؤه إلى من لا يرى شهادة الأعمى فإنه يبطل قضاء الأول ولو كان الثاني يراه جائزا فأجاز قضاء الأول ثم رفع إلى ثالث لا يرى جواز ذلك فإن الثالث يمضي حكم الثاني .ولو أن قاضيا قضى بشهادة رجل وامرأتين في الحدتود والقصاص ثم رفع قضاؤه إلى من لا يرى ذلك فإن الثاني يمضي حكم الأول ولو استقضيت المرأة فحكمت بحد أو قصاص لا يجوز حكمها فإن رفع حكمها إلى قاض آخر يراه جائزا فأجاز حكم الأول لا يكون لغيره أن يبطله .ولو أن قاضيا قضى برد المرأة في النكاح بعيب الجنون أو العمى أو نحو ذلك ثم رفع إلى قاض لا يرى ذلك فإن الثاني ينفذ حكم الأول لأن قضاء الأول صادف مواضع الاجتهاد . ولو أن قاضيا قضى ببطلان طلاق المكره ثم رفع ذلك إلى قاض يرى طلاق المكره واقعا فأبطل حكم الأول لا يجوز إبطاله .فقيه اشترى شيئا شراء فاسدا فخاصمه البائع إلى قاض يرى البيع جائزا فقضى عليه بالجواز وهو مما يختلف فيه الفقهاء جاز للمشتري إمساكه .ولو أن قاضيا قضى في متعة النساء بالحل ثم رفع إلى قاض آخر لا يراه جائزا فإن الثاني يبطل قضاء الأول أن متعة النساء منسوخة فقد أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على فسادها فلا ينفذ قضاء القاضي بالحل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه ينفذ قضاؤه وهو غير مأخوذ وهذا إذا كان ذلك بلفظ المتعة بأن قال أتمتع بك إلى أشهر أما إذا تزوج إلى شهر لا يصح هذا النكاح وقال زفر رحمه الله تعالى يصح النكاح ويبطل التوقيت فإن قضى القاضي بجواز هذا النكاح نفذ قضاؤه .رجل له حق في دار فلم يخاصم صاحت اليد سنين ثم خاصمه إلى قاض فأبطل القاضي حقه بترك الخصومة سنين كما هو مذهب بعض الناس فإن بعض العلماء رحمهم الله تعالى قال من له حق في الدار إذا لم يخاصم ثلاث سنين وهو في المصر بطل حقه إلا أن هذا قول مهجور فلا ينفذ فيه قضاء القاضي فإن رفع ذلك إلى قاض آخر فإن الثاني يبطل قضاء الأول ويجعل المدعي على حقه وكذا المرأة إذا لم تخاصم زوجها سنين ولم تطلب المهر المفروض قال بعض الناس يبطل حقها فإن قضى القاضي بذلك كان قضاؤه باطلا .رجل قتل عمدا <459> فعفت زوجته أو ابنته عن دم العمد فرفع ذلك إلى قاض فأبطل العفو وقضى بالقصاص كما هو مذهب بعض الناس أن لا حق للنساء في القصاص فلا يصح عفوها فإن قضى القاضي بالقصاص وأبطل العفو كان قضاؤه باطلا حتى لو قتله الوارث بعد ذلك ذكر في الزيادات أن الوارث إن كان عالما بالعفو كان عليه القصاص لأنه قتل شخصا لا قصاص عليه وإن كان جاهلا كان عليه الدية .امرأة بلغت مبلغ النساء عاقلة فتصرفت في مالها كالعتق ونحو ذلك بغير إذن زوجها فرفع الأمر إلى القاضي فأبطل القاضي تصرفها كان قضاؤه باطلا وإن قال بعض الناس إن تصرف المرأة في مالها لا ينفذ بغير إذن الزوج لأن هذا قول مهجور فلا ينفذ فيه قضاؤه ولو أن قاضيا قضى في العنين أن له البائع ذلك ثم استحقت الدار على المشتري فقضى القاضي له على الكفيل بدار مثل تلك الدار ثم رفع ذلك إلى قاض آخر يرى ذلك باطلا فإن القاضي الثاني يبطل قضاء الأول وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده تفسير ضمان الخلاص تسليم مثل تلك الدار إن عجز وذلك باطل أما على قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى تفسير ضمان الخلاص والعهدة والدرك ضمان الثمن عند(2/275)
الاستحقاق وذلك جائزٍ. القاضي إذا قضى بأقضية يختلف فيها الناس أو قضى لرجل على رجل بحق وأشهد على قضائه شهود ولم يبين بأي وجه قضى ثم رفع ذلك إلى قاض آخر فقال الثاني اشهدوا أني قد أبطلت ما قضى فلان ونقضت قضاءه بأمر تحقق عندي إبطاله أو قال اشهدوا أني قد أبطلت ما قضى فلان على فلان ولم يزد على ذلك شيأ ثم رفع ذلك إلى قاض ثالث فإن الثالث يأخذ بنقض الثاني ويبطل ما أبطله الثاني هذا لأن الثاني أجمل ولم يفسر فإذا لم يعلم أي القضائين كان حقا يجعل الحق للذي في يده المدعى به لأن القاضي الثاني أخرجه من يد الأول فلا تنتقض بالشك . وقال محمد رحمه الله تعالى والواحد والإثنان في ذلك سواء . رجل أذن لعبده في نوع من التجارة فجعله القاضي مأذونا على ذلك النوع خاصة دون غيره نفذ قضاؤه لأنه صادف موضع الإجتهاد إلا أنه إنما ينفذ قضاؤه عند شرائط القضاء من الخصومة وغيرها بعد تصرف العبد . رجل اشترى عبدا أو جارية ونقد الثمن وقبض العبد فاصابه لمم عنده فرده القاضي على البائع بذلك ثم رفع إلى قاض آخر فإن الثاني يبطل قضاء الأول وإن كان عند بعض الناس أن المبيع إذا جن عند المشتري ولا يعلم أنه كان عند البائع كان للمشتري أن يرد لأن الجنون إنما يكون لآفة في الدماغ فإذا وجد عند المشتري يستدل بذلك على أنه كان عند البائع إلا أنه قول مهجور فلا ينفذ قضاء القاضي والله أعلم بالصواب . (كتاب الشهادات) (باب فيمن لا تجوز شهادتهم ) وهم اصناف . صنف لا يكون كلامهم شهادة لعدم الأهلية وأهلية الشهادة إنما تكون بالعقل الكامل والضبط والولاية والقدرة على التمييز بين المدعي والمدعى عليه فلا تقبل شهادوة الصبيان والمجانين والمعتوه بمنزلة المجنون . أما المجانين لعدم العقل وكذلك الصبيان لأن الشرع جعل حد كمال العقل البلوغ عن العقل فلا ينعقد النكاح بحضرتهم وكذلك شهادة النساء وحدهن إلا شهادة القابلة على الولادة فإنها مقبولة في حق النسب دون الميراث وكذلك شهادة القابلة على الإستهلال مقبولة في حق الصلاة عليه دون عيره لمكان الضرورة وكذلك في العيب الذي لا يطلع عليه الرجال ولا تقبل شهادة المملوك قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد وكذلك معتق البعض في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا ينعقد <460>ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ النكاح بحضرتهم عندنا كما لا ينعقد بشهادة الصبيان والنسوان وقال مالك رحمه الله تعالى ينعقد النكاح بحضرة المملوك . ولا تقبل شهادة الأعمى عندنا لأنه لا يقدر على التمييز بين المدعي والمدعى عليه والإشارة إليهما فلا يكون كلامه شهادة ولاينعقد النكاح بحضرته . وقال مالك رحمه الله تعالى تقبل شهادة الأعمى وقال زفر رحمه الله تعالى تجوز شهادته فيما تجوز الشهادة بالتسامع . وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن كان بصيرا وقت التحمل ثم عمي جازت شهادته وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا تقبل شهادته أصلا . ولا تقبل شهادة الأخرس لأنه لا يقدر على التلفظ بلفظ اختص به الشهادة (فصل فيمن لا تقبل شهادته ) الفسق لا يمنع أهلية الشهادة عندنا فينعقد النكاح بحضرته وإنما يمنع أداء الشهادة لتهمة الكذب وتكلموا في الفسق الذي يمنع الشهادة اتفقوا على أن الإعلان بكبيرة يمنع الشهادة وفي الصغائر إن كان معلنا نوع فسق مستشنع بسمية الناس بذلك فاسقا مطلقا لا تقبل شهادته وإن لم يكن كذلك ينظ إن كان صلاحه أكثر من فساده وصوابه أغلب من الخطا ويكون سليم القلب يكون عدلا تقبل لأن غير المعصوم لا يخلو عن قليل ذنب فيعتبر فيه الغالب وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كان الفسق وجيها ذا مروءه جازت شهادته لأن مثله لا يكذب . ومن اشتدت غفلته لا تقبل شهادته . ولا تقبل شهادة مدمن الخمر ولا مدمن السكر لأنها كبيرة وغنما شرط الإدمان ليظهر ذلك عند الناس فإن من كتم شرب الخمر في بيته لا تبطل عدالته وإن كانت كبيرة وإنما تبطل إذا أظهر ذلك أو يخرج سكران يسخر منه الصبيان لأن مثله لا تقبل يحترز عن الكذب . وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن شرب الخمر يبطل العدالة قال محمد رحمه الله تعالى ما لم يظهر ذلك فهو مستور الحال ومن سكر من النبيذ بطلت عدالته في قول الخصاف رحمه الله تعالى لأن السكر حرام عند الكل وقال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل تبطل عدالته إلا إذا كان اعتاد ذلك أو يخرج سكران يلعب به الصبيان . ولا تقبل شهادة المخنث أراد به إذا كان مخنثا في الأفعال الرديئة . ولا تقبل شهادة من يلب بالحمام ويطيرهن لأن ذلك يشغل قلبه فتشتد غفلته وعسى يقع بصره على عورات المسلمين .أما إذا أمسك الحمام في البيت للأنس ولا يطير تجوز شهادته فإن من له برج الحمام لا تقبل يكون فاسقا .ولا تجوز شهادة المقامر قامر بالشطرنج أو بغيره فبأي شيء قامر لم تقبل شهادته لأن القمار كبيرة .وإن لعب بالشطرنج ولم يقامر إن داوم على ذلك حتى شغله عن الصلوات أو كان يحلف باليمين الباطلة في ذلك لا تقبل شهادته(2/276)
.وإن لعب بشيء من الملاهي لا تقبل يمنعه ذلك عن الفرائض لا تقبل تبطل عدالته . والملاعبة بالأهل والقوس والفرس لا تقبل تبطل عدالته ما لم يمنع ذلك عن الفرائض وإن كان اللعب بالملاهي لا تقبل يمنع عن الفرائض إلا أنه مستشنع بين الناس كالمزامير والطنابير فكذلك وإن لم يكن مستشنعا نحو الحداء وضرب القصب لا تقبل يبطل العدالة إلا إذا فحش بأن كانوا يرقصون عند ذلك .وذكر في الأصل لا تقبل شهادة صاحب الغناء الذي يحادي عليه ويجمعهم لأنه معلن بالمعصية وكذلك من يجلس مجالس الفجور والشرب وإن لم يشرب ولم يسكر .ولا تقبل شهادة النائح والنائحة ولا شهادة آكل الربا يريد بذلك إذا كان مصرا عليه معروفا به والرجل الصالح إذا تغنى بشعر به فحش لا تقبل تبطل عدالته لأنه حكى فحش غيره .ومن ترنم مع نفسه لا تبطل عدالته والذي أخر الفرض بعد وجوبه ان كان له وقت معين كالزكاة والحج والصوم والصلاة بطلت عدالته إلا أن يكون التأخر بعذر وان لم له وقت معين كالزكاة والحج ذكر الناطفي رحمه الله تعالى رواية هشام عن محمد رحمه الله تعالى أنه لأبطل عدالته وبه أخذ <461> محمد بن المقاتل رحمه الله تعالى وقال بعضهم إذا أخر الزكاة أو الحج بغير عذر بطلت عدالته وبه أخذا الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي أن الحج يكون على الفور والصحيح أن تأخير الزكاة لا تقبل يبطل العدالة . وإن ترك الجمعة ثلاث مرات يصير فاسقا كذا ذكر في بعض المواضع وبه أخذا شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وذكر في بعض المواضع أنه يبطل العدالة ولم يقدر ولم يذكر العدد وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وعليه الفتوى وهذا إذا تركها مجازفة ورغبة عنها من غير عذر أما إذا تركها لمرض أو لبعد المسافة أو تأويل بأن كان يفسق الإمام أو يضلله لا تقبل تبطل عدالته وإن ترك الصلاة بالجماعة ولم يستعظم ذلك كما يفعل العوام بطلت عدالته وإن تركها متأولا بأن كان يضلل الإمام أو يفسقه لا تقبل تبطل عدالته . ولا تقبل شهادة من كان معروفا بالكذب والذي يتعلم شعر العرب إن كان يتعلم لأجل العربية لا تقبل تبطل عدالته وإن كان فيه فحش .وشهادة الشاعر مقبولة إذا لم يقذف في شعره .ومن كان يشتم أولاده وأهله وجيرانه ذكر في بعض الروايات أنه لا تقبل شهادته وقيل إن اعتاد ذلك بطلت عدالته وإن فعل ذلك أحيانا لم تبطل وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إذا لم يكن قذفا لا تقبل تبطل عدالته أما القذف يبطل عدالته .ولا تقبل شهادة من يدخل الحمام بغير إزار إذا لم يعرف رجوعه عن ذلك . وذكر الكرخي رحمه الله تعالى لا تقبل شهادة من يمشي في الطريق بسراويل ليس عليه غيره ولا شهادة من يأكل في السوق بين أيدي الناس لأن ذلك لا تقبل يفعله من كان له مروءة .ولا تقبل شهادة الأقلف وهو الكبير الذي ترك الختان بغير عذر فإن كان يعرف أن الختان سنة إلا أنه ترك الختان لخوف على نفسه لا تقبل تبطل عدالته وتؤكل ذبيحته لأن إباحة الذبيحة تعتمد الملة وإنه يعتقد ملة التوحيد .ولا تقبل شهادة من يظهر شتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كان تبرأ منهم لا تبطل عدالته وإن شتمهم تبطل عدالته .وشهادة الخصي مقبولة إذا كان عدلا وكذلك شهادة لمعلم وشهادة أهل الأهواء جائزة إلا الخطابية مروي ذلك عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وهم قوم من الروافض يصدق بعضهم بعضا من غير دليل ويستجيزون الشهادة لمن يحلف بين أيديهم بالله أنه كذا لأن في شهادتهم تهمة الكذب . الفاسق إذا تاب لا تقبل شهادته مالم يمض عليه زمان يظهر أثر التوبة ثم بعضهم قدر ذلك بستة أشهر وبعضهم قدره بسنة والصحيح أن ذلك مفوض إلى رأي القاضي والمعدل ومن اتهم بالفسق تبطل عدالته والمعدل إذا قال لشاهد هو متهم بالفسق لا تقبل تثبت عدالته .المعروف بالعدالة إذا شهد بزور عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا تقبل شهادته أبدا لأنه لا تقبل يعرف توبته .وروى الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى عنه أنه تقبل كعادته استحسانا حتى يتبين حاله بعد الإسلام ولو كان هذا النصراني عدلا فأسلم ثم شهد تقبل شهادته من غير أن يسأل عنه .الصبي إذا احتلم ثم شهد قال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل شهادته مالم يسأل عنه وهو بناء على أن عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا تقبل يجوز القضاء بظاهر العدالة وعليه الفتوى .إذا شهد الرجل وهو فاسق فلم يقض القاضي بشهادته حتى تاب فإن القاضي لا ينفذ شهادته .ولا تجوز شهادة الرجل على الرجل إذا كان بينهما عداوة قالوا هذا إذا كانت العداوة بينهما بسبب شيء من الدنيا فإما إذا كانت بسبب شيء من أمر الدين فإنه تقبل شهادته عليه .وإن شهد رجل لامرأة بحق ثم تزوجها بطلت شهادته .ولو شهد لامرأته وهو عدل فلم يرد الحاكم شهادته <462> حتى طلقها بائنا وانقضت عدتها روى ابن شجاع رحمه الله تعالى أن القاضي ينفذ شهادته .(2/277)
ولو أن كافرين شهدا على كافر فعدلا فلما توجه القضاء أسلم المشهود عليه ثم أسلم الشاهدان مكانهما فإن القاضي يأمرهما بإعادة الشهادة ولا يعدلهما بعد الإسلام ويكتفي بالعدالة السابقة . إذا جاء الأمير بلدة فخرج الناس وجلسوا في الطريق ينظرون إليه قال خلف رحمه الله تعالى بطلت عدالتهم (ويتصل بهذا الفصل مسائل التزكية والتعديل )والتزكية على نوعين تزكية السر وتزكية العلانية في تزكية العلانية يشترط أن يكون المعدل عدلا يعرف أحوال الناس وأسباب الحرج وشرائط العدالة ولا تصح من المغفل . وتقبل شهادته إذا لم تشتد غفلته ولا يشترط العدد في المزكي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى يشترط فيه العدد الاثنان فيما يثبت مع الشبهات والأربع فيما لا يثبت مع الشبهات وعلى هذا الخلاف رسول القاضي إلى المزكي والمترجم عن الشاهدان كان الشاهد أعجميا والمترجم عن الخصم إن كان الخصم أعجميا . وأجمعوا على أن ما يشترط في الشاهد من العدالة والبلوغ والحرية والبصر في تزكية العلانية يشترط ذلك في المزكي فلا يصح تعديل الأعمى والصبي والعبد والفاسق وأجمعوا على أنه لا يشترط لفظة الشهادة في تزكية العلانية . وصورة تزكية العلانية أن يجمع القاضي بين المعدل والشاهد فيقول المعدل للشاهد الذي عدله هذا الذي عدلته وصورة تزكية السر أن يبعث القاضي رسولا إلى المزكي أو يكتب إليه كتابا فيه أسماء الشهود وأنسابهم وحلاهم ومحالهم وسوقهم إن كان سوقيا حتى يعرف المزكى فيسأل عن جيرانهم وأصدقائهم فإذا عرفهم فمن عرفه بالعدالة يكتب تحت اسمه في كتاب القاضي إليه هو عدل جائز السهادة ومن عر فه بالفسق لا يكتب ذلك تحت اسمه بل يسكت احترازا عن هتك الستر ويقول الله أعلم إلا إذا عدله غيره وخاف أنه لو لم يصرح بذلك يقضي القاضي بشهادته فحينئذ يصرح بذلك ومن لم يعرفه لا بالعدالة ولا بالفسق يكتب تحت اسمه في كتاب القاضي مستور . ثم القاضي إن شاء يجمع بين تزكية العلانية وبين تزكية السر وإن شاء اكتفى بتزكية السر وفي زماننا تركوا تزكية العلانية واكتفوا بتزكية السر . ولا يقضي القاضي بظاهر العدالة في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ويسأل عن الشهود طعن الخصم في الشهود أو لم يطعن . وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن كان المدعي به حقا يثبت مع الشبهات كان له أن يقضي بظاهر العدالة ما لم يطعن الخصم في الشهود والفتوى على قولهما . وإذا طعن الخصم في الشهود لا يقضي بظاهر العدالة في قولهم زكذلك فينا لا يثبت مع الشبهات كالحدودو والقصاص يسأل عن الشهود في قولهم . إن لم يطعن الخصم في الشهود بل عدلهم فهو على وجوه ثلاثة إن قال هم عدول صدقوا فيما شهدوا علي أو قال هم عدول جائز شهادتهم لي وعلي أو قال هم عدول ولم يزد ففي الوجه الأول والثاني القاضي يقضي عليه بدعوى المدعي ولا يسأل عن الشهود لأنه أقر بالحق وإن قال هم عدول ولم يزد أو قال هم عدول إلا أنهم أخطؤا في الشهادة فهذا على وجهين إما أن كان المدعى عليه عدلا يصلح للتزكية أولا يصلح بأن كان مستورا أو فاسقا فإن كان عدلا يصلح للتزكية ينظر إن كان المدى عليه لم يجحد دعوى المدعي عن الجواب بل سكت حتى شهد عليه الشهود ثم قال هم عدول قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى القاضي يقضي للمدعي بشهادتهم ولا يسأل سواء كان <463> المدعى به حقا يثبت مع الشبهات أو لا يثبت مع الشبهات . وقال محمد رحمه الله تعالى القاضي لا يقضي قبل السؤال بل يسأل عنهم لأن عنده وإن كان قول الخصم تعديلا في المزكى شرط عنده وعندهما لا يشترط العدد . وإن كان المدعى عليه عند دعوى المدعي جحد دعوى المدعي فلما شهد عليه الشهود قال هم عدول في بعض الروايات جعل هذا على الخلاف الذي تقدم عندهما يقضي القاضي من غير سؤال وعند محمد رحمه الله تعالى لا يقضي ما لم يسأل من غيره . وذكر في الجامع الصغير أن في هذا الوجه لايصح تعديل الخصم في قول أبي يوسف ومحمد رحمها لله تعالى ويكون تعديله بمنزلة العدم وفي بعض الروايات عن محمد رحمه الله تعالى في هذا الوجه يقول القاضي للخصم ماذا تقول أصدقوا في الشهادة أم كذبوا إن قال صدقوا فقد أقر بما ادعى المدعي وإن قال كذبوا لا يقضي هذا إذا كان المدعى عليه عدلا فإن كان فاسقا أو مستورا لا يصح تعديله ولا يقضي القاضي ولا يجعل قول الخصم هم عدول إقرارا على نفسه بالحق كما لو شهد عليه شاهد واحد فقال المدعى عليه هو عدل لا يكون قوله ذلك إقرارا فكذلك ههنا بخلاف ما إذا قال هم عدول صدقوا فإن ذلك إقرار وإذا لم يصح تعديله إذا كان فاسقا أو مستورا يسأله القاضي أصدق الشهود أم كذبوا فإن قال صدقوا كان ذلك إقرارا فيقضي القاضي بإقراره وإن قال كذبوا لا يقضي وإن كان المزكى اثنين فعدلهم أحدهما وجرحهم الآخر قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى الجرح أولى لأنه اعتمد على دليل غير ظاهر الحال فكان الجرح أولى كما(2/278)
لو عدله اثنان وجرحه اثنان كان الجرح أولى في قولهم جميعا وقال محمد رحمه الله تعالى إذا عدلهم واحد وجرحهم الآخر القاضي يتوقف ولا يقضي بشهادتهم ولا يرد بل ينتظر إن جرحهم الآخر يثبت الجرح وإن لم يجرحهم الآخر بل عدلهم ثبتت العدالة وإن جرحه واحد وعدله اثنان ثبتت العدالة في قولهم جميعا لأن قول الاثنين حجة مطلقة في الأحكام بخلاف قول الواحد وإن جرحهم اثنان وعدلهم عشرة كان الجرح أولى لأن قول الاثنين يساوي قول الجماعة كما في دعوى الملك إذا أقام أحد المدعيين اثنين وأقام الآخر عشرة لا يترجح صاحب العشرة .رجل ادعى على رجل حقا وأقام على ذلك شهودا فجرحهم الخصم وأراد أن يثبت ذلك بالبينة فهو على وجهين إما أن جرح جرحا مفردا لا يدخل تحت الحكن هحو أن يقول أنا أقيم البينة على أن شهود المدعي فسقة أو زنادقة أو على إقرار الشهود أن المدعي استأجرهم على هذه الشهادة أو على إقرارهم أنهم قالوا لا شهادة عندنا للمدعي على هذا المدعى عليه في هذه الخصومة أو على إقرارهم أنهم قالوا لا شهادة عندنا لهذا المدعي على هذا المدعى عليه ولا على غيره أو على إقرارهم أنهم قالوا إن المدعي مبطل في هذه الدعوى أو على إقرارهم أنهم شهدوا بزور أو على إقرارهم أنهم لم يحضروا المجلس الذي كان فيه هذا الأمر لم تقبل شهادة شهود المدعى عليه ولا يثبت الجرح عند علمائنا رحمهم الله تعالى . وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أنها تقبل وهو قول ابن أبي ليلى والشافعي رحمهما الله تعالى والصحيح مذهبنا لوجوه منها أن شاهد الجرح يصير فاسقا بارتكاب الكبيرة ثبت بذلك بكتاب الله تعالى وهو إظهار الفاحشة من غير ضرورة فلا يثبت الجرح بشهادة الفاسق وإن كان في إثبات أمر دخل في الحكم وهو دفع الخصومة عن المدعى عليه إلا أن هذه الضرورة يمكن دفعها من غير هتك الستر بأن يقول شاهد الجرح ذلك للمدعي سرا أو يقول للقاضي في غير مجلس الحكم فلا يباح إظهار الفاحشة من غير ضرورة .وإن ادعى الشهود عليه جرحا يدخل تحت الحكم بأن أقام البينة أن شهود المدعي زنوا ووصفوا الزنا أو <464> شربوا الخمر أو سرقوامني شيئا قبلت شهادتهم وبطلت بينة المدعي لأن شهود الجرح وإن أظهروا الفاحشة فإنما أظهروها لا يجاب الحد وإقامة الحسبة فجازت شهادتهم وكذا لو شهدوا على إقرار المدعي أن شهوده شركاء في المشهود به وكذا إذا شهد شهود الجرح أن شهود المدعي حدوا في قذف لأنهم ما أظهروا الفاحشة وإنما حكوا إظهار الفاحشة من شهود القذف . وكذا إذا شهد شهود الجرح على إقرار المدعي أن شهود المدعي فسقة جازت شهادتهم لأنهم ما أظهروا الفاحشة فتقبل شهادتهم وكذا لو أقام المشهود عليه البينة أن المدعي وكل الشاهد في هذه الخصومة قبل شهادته وقد خاصم قبلت شهادتهم .وكذا لو أقام البينة على إقرار المدعي أن شهوده شهدوا بباطل أو على إقراره أن شهوده لم يحضروا المجلس الذي كان فيه هذا الأمر ولو أقام المشهودعليه البينة أني صالحت شهود المدعي على كذا من المال على أن لا يشهدوا علي بهذه الشهادة فإن القاضي يقول له هل أعطيتهم المال إن قال تعم أعطيتهم وأقام البينة على ذلك قبلت هذه البينة لأنه أراد بهذا استرداد المال منهم فيقبل وإن قال لم أعطهم المال لم تقبل هذه البينة لأنه أقام البينة على إظهار الفاحشة من غير أن يتعلق بها حكم فلا تقبل . الشاهد إذا كان فاسقا في السر وهو في الظاهر عدل فأراد القاضي أن يقضي بشهادته فأخبر الشاهد عن نفسه أنه ليس بعدل صح إقراره على نفسه إلا أنه إذا كان صادقا في الشهادة لا يسعه أن يخبر عن نفسه أنه ليس بعدل لأن فيه إبطال حق المدعي .المزكي إذا سأل عن الشهود وعرفهم بالعدالة فأراد التعديل روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يقول هذا عندي عدل مرضي جائز الشهادة وبه أخذ بعض المشايخ رحمهم الله تعالى وقال بعضهم هذا اللفظ لا يكون تعديلا لأن قوله عندي لفظ موهم فلا يكون تعديلا ألا ترى أن الشاهد لو قال الحق عندي لهذا المدعي يكون ذلك باطلا فكذلك في التعديل .وقال بعضهم هذا اللفظ في التعديل لا يوجب خللا .ولو قال المعدل لا أعلم فيه إلا خيرا يكون تعديلا وقال بعضهم يحتاج في التعديل إلى خمسة ألفاظ هو عدل مرضي جائز الشهادة صالح مقبول القول لي وعلي وقال بعضهم إذا قال هم عدل جائز الشهادة يكون تعديلا وعليه الاعتماد .المشهود عليه إذا عدل الشهود قبل أن يشهدوا عليه فقال هم عدوا فلما شهدوا عليه أنكر ما شهدوا به وطلب من القاضي أن يسأل عن الشهود فإن القاضي يسأل عنهم وقوله قبل الشهادة هم عدوا لا يبطل حقه في السؤال لأنه يمكنه أن يقول كان عدلا قبل الشهادة إلا أنه تبدل حاله .رجل شهد عليه شاهدان بحق فعدل أحدهما فقال هو عدل إلا أنه غلط أو أوهم فإن القاضي يسأل عن الشاهد الآخر فإن عدل الشاهد الثاني قضى القاضي بشهادتهما لأن قوله غلط أو أوهم ليس بجرح فإذا عدل الشاهد الثاني ثبت عدالتهما فجاز القضاء بشهادتهما . وإن شهد شاهدان على(2/279)
رجل تحق فقال المشهود عليه بعد الشهادة الذي شهد يه فلان علي حق أو قال الذي شهد به فلان على هو الحق فإن القاضي يقضي عليه ولا يسأل عن الشاهد الآخر لأن المشهود عليه أقر بالحق على نفسه فيقضي بإقراره .وإن قال قبل أن يشهدوا عليه الذي يشهد به فلان على حق أو قال الذي يشهد يه فلان هذا علي هو الحق فلما شهدا عليه قال للقاضي سل عنهما فإن القاضي يسأل عن الشاهدين فإن عدلا قضى بشهادتهما وإن لم يعدلا لا يقضي لأن قوله الذي يشهد به فلان علي ليس بإقرار في الحال وإنما يصير إقرارا بعد الشهادة فيكون هذا بمنزلة تعليق الإقرار بالشرط والإقرار لا يحتمل التعليق فإذا لم يصر إقرارا لم يوجد التعديل فإذا طلت من القاضي أن يسأل عنهما سأل ولا يقضي <465> قبل السؤال . إذا شهد الشهود لرجل بحق فسأل المزكي عن الشهود فجرحوا وتم الجرح فقال المدعي أنا آتي بمن يعدلهم من أهل الثقة وسمى قوما صالحين للمسألة عن الشهود فإن القاضي يسمع ذلك ويسأل عنهم فإي عدلوهم سأل القاضي الطاعنين بما يطعنون لاحتمال أنهم طعنوا بما لا يكون جرحا عند القاضي فإن بينوا ما يكون طعنا كان الجرح أولى وإن طعنوا بما لا يصلح طعنا عند القاضي فإن القاضي لا يلتفت إليهم ويقضي بشهادة شهود المدعي وكذا لو عدل المزكي الشهود فطعن المشهود عليه وقال للقاضي سل عنهم فلانا وفلانا وسمى قوما يصلحون للمسألة عن الشهود فإن القاضي يسأل عنهم فإن جرحوا وبينوا جرحا صالحا كان الجرح أولى . وذكر ابن سماعة رحمه الله تعالى في النوادر أن القاضي لايلتفت إليه . شاهدان شهدا لرجل والقاضي يعرف أحدهما بالعدالة ولا يعرف الثاني فزكاه الشاهد الذي عرفه القاضي بالعدالة قال نصير رحمه الله تعالى لا يقبل القاضي تعديله ولابن سلمة رحمه الله تعالى فيه قولان . وعن أبي بكر البلخي رحمه الله تعالى في ثلاثة شهدوا وال يعرف اثنين منهم بالعدالة ولا يعرف الثالث فعدلا الثالث فإن القاضي يقبل تعديلهما لو شهد هذا الثالث شهادة أخرى ولا يقبل تعديلهما في الشهادة الأولى وهو كما قال نصير رحمه الله تعالى . رجل غريب شهد عند القاضي فإن القاضي يقول له من معارفك فإن سماهم زهم يصلحون للمسألة سأل عنهم في السر فإن عدلوه سأل عنهم في العلانية فإن عدلوه قبل تعديلهم إذا كان القاضي يريد أن يجمع بين تزكية السر والعلانية فقر ذكرنا أن القضاة في زماننا ةركوا تزكية العلانية . إذا كان المعدل لا يعرف الشاهد فعدله شاهدان عدلان عنده وسعه أن يعدله لأن المعدل في هذا بمنزلة القاضي والقاضي يقبل الإثنين فكذلكك المعدل . شاهدان شهدا بحق فقال المشهود عليه هما عبدان وقال الشهود نحن أحرار لم نملك قط فإن كان القاضي عرف الشهود بالحرية لا يلتفت إلى الطعن وإن كان لا يعرفهم لا يقضي بشهادتهم حتى يقيم الشهود البينة أنهم أحرار أو يقيم المدعي بينة أنهم أحرار . ولو أنهما لم يقيما بينة أنهم أحرار ولكن قالا للقاضي سل عنا فإن القاضي لا يقبل ذلك منهما فإن سأل عنهما فاخبر أنهما حران فقبل شهادتهما جاز ولا يستحب أن يقبل ذلك من الشهود إلا ببينة . وكذا لو قال الشهود كنا عبيدا لكنا عتقنا لا يقبل القاضي ذلك منهما إلا ببينة . ولو قال المشهود عليه هما محدودان في قذف أو شريكان فينا شهدا لا يقبل القاضي ذلك منه إلا ببينة بخلاف الأول لأن الحرية من شرائط أهلية الشهادة قال النبي صلى الله عليه وسلم الناس أحرار إلا في أربعة وذكر في جملتها الشهادة فما لم تثبت الحرية بالحجة لا تثبت الأهلية .إذا طعن المشهود عليه في الشهود فسأل القاضي عن الشهود فجرحوا لا ينبغي للقاضي أن يقول للمدعي جرح شهودك وإنما يقول له زد في شهودك أو يقول له لم تحمد شهودك .رجل نزل بين ظهراني قوم لا يعرفونه قبل ذلك فأقام بين أظهرهم ولا يظهر لهم منه إلا الصلاح والاستقامة كان أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول أولا إذا مضت ستة أشهر وسعهم أن يعدلوه ثم قال لا يسعهم أن يعدلوه حتى يقيم سنة وقال محمد رحمه الله تعالى لا أوقت فيه وقتا وهو على ما يقع في قلوبهم وعليه الفتوى فإن من أصل أبي حنيفة رحمه الله تعالى في مثل هذا ترك التوقيت والتفويض إلى رأي المبتلى به .شاهد شهد فعدل ثم شهد عند هذا القاضي في حادثة أخرى قال إن كان العهد قريبا لا يشتغل بالتعديل وتكلموا في القريب قال بعضهم مقدر بستة أشهر فما دون ستة أشهر قريب وقال بعضهم ما دون السنة قريب والصحيح أنه يفوض ذلك إلى رأي القاضي وتصح تزكية السر من الوالد والولد والعبد والمرأة والفاسق والمحدود في القذف والأعمى والصبي في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى من لا تقبل شهادته له لا تصح منه تزكية السر كما لا تصح تزكية العلانية ولا من الفاسق والمحدود في القذف والعبد والأعمى والصبي (فصل فيمن لا تقبل شهادته للتهمة) وهي أنواع منها تهمة الولادة والنسب .قال في الأصل لا تقبل شهادة الإنسان لمن ينسب إليه الشاهد(2/280)
بالولادة ولا لمن ينسب إلى الشاهد لقوله صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة الوالد لولده .ولا شهادة الولد لوالده ولا شهادة المرأة لزوجها ولا شهادة الزوج لامرأته ولا شهادة العبد لسيده ولا السيد لعبده ولا الشريك لشريكه ولا الأجير لمن استأجره .وفي الأصل ولا لجدوده وإن علوا من قبل الآباء والأمهات ولا لولد ولده وإن سفل .امرأة ولدت ولدا وادعت أنه من زوجها هذا وجحد الزوج ذلك فشهد على الزوج أبوه أو ابنه أن الزوج أقر أنه ولده من هذه المرأة قال في الأصل جازت شهادتهما عليه ولو شهد أب المرأة وجدها على إقرار الزوج بذلك لا تقبل شهادتهما لأنهما يشهدان لولدهما .ولو ادعى الزوج ذلك <466> والمرأة تجحد فشهد علنها أبوها أنها ولدت وأنها أقرت بذلك اختلفت فيه الروايات قال في الأصل لا تقبل شهادتهما في رواية هشام رحمه الله تعالى وتقبل في رواية أبي سليمان رحمه الله تعالى .وإذا شهد الرجل لابن ابنه على أبيه جازت شهادته .ابنا ملاعنة في بطن واحد شهد اللذي نفاهما لا تقبل شهادتهما وكذل شهادة أولادهما ولو تزوج أحدهما بنتا للذي نفاهما لم يجز ولا يجوز دفع الزكاة إليه ولا يتوارثان .وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أنه يجوز شهادة ولد الملاعنة لزوج أمه الذي نفاه فعلى هذه الرواية تجوز شهادة ولد الزنا للزاني بطريق الأولى .شهادة الأخ لأخيه ولأولاده جائزة وكذلك الأعمام وأولادهم والعمات والخالات والأخوال .وتجوز شهادة الرجل لأم امرأته وأبيها ولزوج ابنته ولامرأة ابنه .ومن التهمة المانعة أن يجر الشاهد بشهادته إلى نفسه مغنما أو يدفع عن نفسه مغرما . رجل معه شاة مر عليه رجل فقال له الذي في يديه اذبحها فذبجها ثم جاء رجل وادعى أن صاحب اليد اغتصب الشاة منه وأقام على ذلك شاهدين أحدهما الذابح قال في الأصل لا تقبل شهادة الذابح لأنه أقر على نفسه بالضمان للمشهود له . وقال عيسى بن أبان رحمه الله تعالى ينبغي أن تجوز هذه الشهادة . رجل باع عبدا وسلمه إلى المشتري ثم ادعى العبد أن المشتري أعتقه وأنكر المشتري فشهد البائع بذلك لم تقبل شهادته لأنه يزيد بهذا أن يبطل حق الرد لو وجد المشتري به عيبا وذكر في شفعة الأصل إذا شهد البائع أو أولاده أن الشفيع قد طلب الشفعة من المشتري والمشتري ينكر والدار في يدي المشتري لاتقبل شهادتهم لأن البائع يريد بهذا تحويل العهدة عن نفسه . وروى ابن سماعة رحمه الله تعالى لوشهد ابنا البائع أن الشفيع سلم الشفعة جاز ولو شهد البائع بذلك لم يجز ولو شهد ابنا البائع أن المشتري سلم الشفعة للشفيع لم يجز . رجلان عندهما وديعة فشهد على من أودعهما بذلك المال للمدعي جازت شهادتهما ولو شهدا على إقرار المدعي لمن أودعهما والمال قائم أو مستهلك لم تقبل شهادتهما لأنهما غاصبان في حق المدعي فهما يردان بشهادتهما إخراج أنفسهما عن عهدة الضمان . ولو شهدا بذلك بعد ردهما المال على من أودعها جازت شهادتهم وفي وديعة الإملاء والعارية إذا شهدا على الذي أودعه أو أعاره أنه للمدعي لا تجوز شهادتهما قبل الرد وتجوز بعده . إذا الوصي بدين للميت والورثة صغار أو بعضهم صغار لاتقبل شهادته لأنه يثبت بشهادته حق نفسه . ولو كانت الورثة كبارا جازت شهادته . ولو شهد بدين على الميت جازت شهادته على كل حال . رجلان في يدهما رخن لرجلين فجاء رجل وادعى الرهن فشهد له المرتهنان جازت شهادتهما لأنهما يشهدان على أنفسهما بإبطال اليد ولو شهد الراهنان لغيرهما بالرهن والمرتهن ينكر لا تقبل شهادة الراهنين لأنهما يبطلان عليه يدا أثبتاها بالرهن إلا أن الراهنين يضمنان قيمة الرهن للمدعي ولو كان الرهن جارية لرجلين فهلكت عند المرتهنين وقيمتها مثل الدين أو أقل أو أكثر فشهد بها المرتهنان للمدعي لا تقبل شهادتهما على الراهنين ويضمنان قيمة الرهن للمدعي لأنهما أقرا على أنفسهما أنهما كانا غاصبين .رجلان غصبا عبدا من رجل فجاء رجل وادعاه فشهد له الغاصبان إن شهدا بعد الرد على المغصوب منه جازت شهادتهما وإن شهدا قبل الرد والعبد قائم أو هالك في يده وقضى القاضي عليهما بالقيمة للمغصوب منه أو لم يقض وتراضيا على القيمة ودفعا القيمة إلى المغصوب منه أو لم يدفعا لم تقبل شهادتهما أما قبل الدفع فلأنهما يحولان ما عليهما من الضمان إلى غير المغصوب منه وأما بعد الدفع لا تقبل لأنهما أبطلا ملكا أثبتاه للمغصوب منه في القيمة المأخوذة فلا تقبل شهادتهما وكذلك المستقرضان إذا شهد الغير المقرض أن ما أقرضهما فلان كان للمدعي لا تقبل شهادتهما شهدا بذلك قبل أداء القرض أو بعده .رجلان اشتريا جارية شراء فاسدا وقبضاها فادعاها رجل وشهد له المشتريان بحضرة البائع ولم يدفعا الجارية إلى البائع حتى شهدا أنها لرجل يدعيها لا تقبل شهادتهما لأنها مضمونة عليهما فلا تقبل شهادتهما في تحويل الضمان .رجل اشترى من رجل جارية وتقابضا ثم تقايلا البيع أو رد الجارية بعيب بغير قضاء ولم يدفع الجارية إلى البائع(2/281)
فادعاها رجل وأقام شاهدين أحدهما المشتري لا تقبل شهادة المشتري لألأن الإقالة والرد بالعيب بمنزلة بيع جديد في حق الثالث فيصير كأن المشتري باعها من البائع ثم شهد بها للمدعي فلا تقبل شهادته ولو كان الرد بالعيب بقضاء القاضي أو قبل القبض بغير قضاء أو بخيار رؤية أو شرط جازت شهادته سواء شهد بعدما ردها على البائع
<467>بهذه الأسباب أو قبله لأن الرد بهذه الأسباب فسخ من كل وجه فكانت الجارية بعد الفسخ في يده محبوسة بالثمن بمنزلة الرهم وشهادة المرتهنين جائزة .رجل اشترى جارية بعبد وتقابضا ثم وجد بالجارية عيبا فردها بقضاء وحبس الجارية بالعبد ثم جاء رجل وادعى الجارية بحضرة بائعها فشهد المشتري مع رجل آخر أنها للمدعي لا تقبل شهادة المشتري وإن شهد بعدما دفعها إلى بائعها جازت شهادته لأن الجارية بعد الرد بالعيب مادامت في يده تكون بمنزلة المغصوبة لأنها مضمونة بقيمتها حتى ولو هلكت الجارية لا يلطل الرد وكان عليه قيمتها .والغاصب إذا شهد بالمغصوب لغير المغصوب منه والمغصوب في يده لا تقبل شهادته وإن شهد بعد رد المغصوب على المغصوب منه جازت شهادته .ولو كان العبد هلك في يد بائع الجارية ثم إن مشتري الجارية وجد بها عيبا فردها بعد القبض بقضاء قاض صح رده ويرجع على بائعها بقيمة العبد فإن جاء رجل وادعى الجارية في هذه الحالة فشهد المشتري مع آخر أنها للمدعي جازت شهادته لأنها بعد هلاك العبد تكون مضمونة بقيمة العبد لأنها لو هلكت ينتقض الرد فكانت بمنزلة المرهونة وشهادة المرتهم لغير الراهن جائزة .رجل مات وله على رجلين ألف درهم فشهد الغريمان لرجل أنه ابن الميت لا وارث له سواه وشهد آخران سواهما لرجل آخر أنه أخ الميت وارثه لاوارث له سواه فإنه يقضي بشهادة الغريمين لأن الأخ لا يرث مع الابن فإن كان شهود الأخ شهدوا أولا وقضى القاضي للأخ ثم شهد الغريمان لرجل آخر أنه ابن الميت لا تقبل شهادة الغريمين لأنهما يدفعان عن أنفسهما مطالبة الأخ بهذه الشهادة وكذا لو قضيا دين الميت بأمر القاضي أو بغير أمره ثم شهد اللابن لا تقبل شهادتهما لأن الديون تقضى بأمثالها وكانا بمنزلة البائعين والبائع إذا شهد لغيره بما باع لا تقبل شهادته وكذا المشتري ولو كان مكان الدين عبد غصب غي أيديهما من الميت فلم يدفعا العبد إلى الأخ حتى شهدا به للابن لا تقبل شهادتهما وإن دفعاه إلى الأخ بقضاء ثم شهدا للابن جازت شهادتهما كما في الغصب ولو كان العبد وديعة في أيديهما للميت جازت شهادتهما للابن دفعا العبد إلى الأخ أو لم يدفعا لأنهما دفعا إلى الأول عين حقه فلم يكن دفعهما بيعا .مستأجر الدار إذا شهد مع رجل آخر أن الدار للذي آجره أو شهد للمدعي أن الدار للمدعي ذكر الناطفي رحمه الله تعالى أنه تجوز شهادته في الوجهين في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كانت شهادته في الوجه الأول لتصحيح الإجارة وفي الوجه الثاني لإثبات حق الفسخ لنفسه ومع ذلك قال تجوز شهادته(2/282)
سواء كانت الأجرة رخيصة أو غالية وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تجوز شهادته في الوجه الثاني ل‘ثبات حق الفسخ لما فيه من إسقاط الأجرة عن يفسه .ولو كان الشاهد ساكنا في الدار بغير أجر جازت شهادته في الوجهين .و تجوز شهادة رب الدين لمديونه بما هو من جنس دينه كذا ذكر في الوكالة والجامع .ولو شهد لمديونه بعد موته بمال لم تقبل شهادته لأن الدين لا يتعلق بمال المديون في حياته ويتقلع بعد وفاته .رجل باع عبدا وسلمه إلى المشتري ثم ادعى رجل أنه اشتراه من المشتري وأنكر المشتري فشهد البائع لمدعي لا تقبل شهادته لأن فيه تبعيد العهدة عن نفسه .إذا شهد الأجير لأستاذه بشيء اختلفت الروايات فيه ذكر في كتاب الكفالة أنه لا تجوز وذكر في الديات أجير القاتل إذا شهد على ولي القتيل بالعفو جازت شهادته وذكر الخصاف رحمه الله تعالى إن شهادة الأجير لأستاذه مردودة وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة قالوا إن كان الأجير مشتركا تجوز شهادته في الروايات كلها .وما ذكر في الديات محمول على هذا الوجه وإن كان أجير وحد مشاهرة أو مسانهة أو مياومة لا تقبل شهادته لأستاذه لا في تجارة ولا في شيء آخر .وما ذكر في الكفالة محمول على هذا كذا ذكره الناطفي رحمه الله تعالى والصدر الإمام اٍلأجل الشهيد رحمه الله تعالى ووجهه ظاهر لأن أجير الواحد يستحق الأجر بمضي الزمان فإذا كان يستوجب الأجر لزمان أداء الشهادة كان متهما فيما شهد أما الأجير المشترك لا يستوجب الأجر إلا بالعمل الذي عقدت عليه الإجارة فإذا لم يستوجب بشهادته أجرة انتفت التهمة عن شهادته ولهذا جازت شهادة القابلة على الولادة عند شرطها وهو العدالة .رجل مات وأوصى لفقراء جيرانه بشيء وأنكر الورثة وصيته فشهد على الوصية رجلان من جيرانه لهما أولاد يحتاجون قال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل شهادتهما لأنهما شهدا لأولادهما فيما يخص أولادهما فبطلت شهادتهما في ذلك وإذا بطلت في حق الأولاد بطلت أصلا لأن الشهادة واحدة كما لو شهدا على رجل أنه قذف أمهما وفلانة لا تقبل شهادتهما وذكر محمد رحمه الله تعالى في وقف الأصل إذا وقف على فقراء جيرانه وشهد بذلك فقيران من جيرانه جازت شهادتهما قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى ما ذكر في الوقف قول أبي يوسف رحمه الله تعالى أما على قياس قول محمد رحمه الله تعالى ينبغي <468>أن لا تقبل في الوقف أيضا لأن عند أبي يوسف رحمه الله تعالى يجوز أن تبطل الشهادة في البعض وتبقى في البعض وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا تقبل أصلا ويحتمل أن ما ذكر في الوقف محمول على ما إذا كان جيرانه كثيرا لا يحصون وما ذكر في الوصة محمول على ما إذا كانوا قليلا يحصون فإن محمد رحمه الله تعالى ذكر في الزيادات لو أن سرية رجعت إلى دار الإسلام بأسارى فقالت الأسارى نحن من أهل الإسلام أو أهل الذمة أخذنا هؤلاء في دار الإسلام وقالت السرية هم من أهل الحرب أخذناهم في دار الحرب كان القول قول الأسارى لأن ثبوت اليد عليهم لم يعرف إلا في دار الإسلام زدار الإسلام دار عصمة فكل من كان فيها يكون معصوما ظاهر ا فإن أقامت السرية بينة على دعواهم إن كان الشهودمن التجار جازت شهادتهم وإن كانوا من السرية لا تقبل ولو كانت المألة على هذا الوجه في الجند فشهد بعض الجند بذلك جازت شهادتهم لأن السرية قوم يحصون فكانت شهادة على حق نفسه وأما الجيش جمع عظيم فلا يعتبر حقهو مانعا من الشهادة . ولو أوصى بشيء من ماله لمسجد حيه وأنكر ورثته ذلك فشهد بذلك بعض أهل المسجد جازت شهادته . وكذا إذا شهدوا على وقف لمسجد الجامع أو على أبناء السبيل وهم أبناء السبيل جازت شهادتهم . واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في شهادة بعض أهل المسجد قال بعضهم منهم الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه لا تقبل شهادة أهل المسجد وقال الشيخ الإمام الزاهد أبو بكر محمد بن حامد رحمه الله تعالى أنه تجوز هذه الشهادة وأخرج الرواية من سير الوقف . أما أصحاب المدرسة إذا شهدوا بالوقف على المدرسة قال بعضهم إن كان الشاهد يطلب لنفسه حقا من ذلك لا تقبل شهادته وإن كان لا يطلب تقبل وقاسوا على مسألة الشفعة . دار بيعت ولها شفعاء فأنكر البائع البيع فشهد بذلك بعض الشفعاء إن كان لايطلب الشفعة وقال أبطلت شفعتي جازت شهادته وإن كان يطلب الشفعة لا تقبل شهاته قال مولانا رضي الله عنه وعندي هذا يخالف الشفعة لأن حق الشفعة مما يحتمل الإبطال فإذا قال أبطلت شفعتي بطلت شفعته وأما الوقف على المدرسة من كان فقيرا من أصحاب المدرسة يكون مستحقا للوقف استحقاقا لا يبطل بإبطاله فإنه لو قال أبطلت حقي كان له أن يطلب ويأخذ بعد ذلك فكان شاهدا لنفسه فيجب أن لا تقبل شهادته . روى عن بعض المشايخ إذا شهد اثنان من أهل سكة على وقف بلك السكة إن كان الشاهد يطلب لنفسه حقا لا تقبل شهادته وإن كان لا يطلب تقبل شهادته وقال مولانا رضي الله عنه وعندي في وضع هذه المسألة(2/283)
والجواب نظر لأن الوقف على السكة يكون :لإصلاح طرقها وما أشبه ذلك . ولو وقف لبناء القناطر أو لإصلاح الطرق أو حفر القبور أو اتخاذ السقايات أو الخانات للمسلمين أو لشراء الأكفان لهم ذكر الناطفي رحمه الله تعالى أنه لا يجوز فكان في المسألة نظر . رجل تزوج امرأة ثم شهد مع رجل آخر أن المرأة أقرت أنها أمة لفلان لرجل يدعيها لا تقبل شهادة الزوج إلا أن يكون الزوج أعطاها مهرها والمدعي يقول كنت أذنت لها في النكاح وقبض المهر . رجل شهد على قضاء أبيه لرجل قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تجوز شهادة الرجل على قضاء أبيه وتجوز شهادته على شهادة أبيه وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى إذا شهد ابنا القاضي لرجل أن أباهما قضى لهذا على هذا لم يقبل شهادتهما أبو حنيفة رحمه الله تعالى على قضاء أبيهما قال وفيها قول آخر أنه يجوز قال وبه نأخذ . رجلان شهدا على رجل أنه قال إن كلمت أباكما فعبدي حر وإنه قد كلم أباهما قال إن كان الأب غائبا أو حاضرا مقرا بما يشهدان فشهادتهما باطلة وإن كان الأب منكرا للكلام جازت شهادتهما وكذا لو كان اليمين على الصرب . رجل ادعى على رجل حقا فشهد للمدعي ابنا القاضي قال محمد رحمه الله تعالى القاضي يقبل شهادة الإبنين . ولو شهدا أن أباهما قضى للمدعي على هذا المدعى عليه لا تقبل شهادتهما . رجلان شها على رجل أنه باع داره من هذا المدعي بألف جرهم على أنهما كفيلان بالثمن قالمحمد رحمه الله تعالى إن كان ضمانهما في أصل البيع لم تقبل شهاتهما لأن البيع يتم بضمانهما فكأنهما باعا وإن لم يكن الضمان في أصل البيع جازت شهادتهما . رجل قال إن شربت خمرا فعبدي حر فشهد رجل وامرأتان أنه شرب الخمر قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضي بعتق العبد ولا يحد . ولو قال إن سرقت من فلان فعبدي حر فشهد عليه رجل وامرأتان أنه سرق منه عشرة دراهم قال في المنتقى هذا والأول سولء لا تقبل شهادة المرأتين ولا يقضي بشيء وذكر في النوازل أن محمد رحمه الله تعالى قال أضمنه العشرة ولا أقطع يده ولا أعتق العبد . والصحيح خلاف محمد رحمه الله تعالى في مسألة السرقة وشرب الخمر والفتوى فيهما على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى . رجل حلف <469> وقال إن استقرضت من فلان دراهم فعبدي حر ثم ادعى فلان عليه القرض فشهد على ذلك أب العبد مع رجل آخر ذكر في النوازل أنه يقضي بالمال للمدعي ولا يقضي بالعتق لأن القضاء بعتق العبد قضاء بعتقه بشهادة أبيه نظيره مسلم حلف وقال إن دخل عبدي هذه الدار فهو حر وقال نصراني إن دخل هذا العبد هذه الدار فامرأته طالق فشهد نصرانيان بالدخول إن كان العبد مسلما بطلت شهادتهما لأنهما شهادة على المسلم بالولاء وإن كان العبد نصرانيا فشهادتهما على النسصراني بالطلاق كائزة وعلى المسلم بالعتق لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى لأنها في العتق شهادة النصراني على المسلم وهو مولى لعبد . رجل اشترى عبدين وأعتقهما ثم اختلف البائع والمشتري في الثمن فادعى البائع أن الثمن كان ألفا وادعى المشتري أنه كان خمسمائة فشهد المعتقان أن الثمن كان ألفا لا تقبل شهادتهما ولو لم يختلفا في الثمن ولكن المشتري يدعي الإيفاء وأنكر البائع فشهد المعتقان للمشتري أو شهدا أن البائع أبرأه عن الثمنجازت شهادتهما . رجلان شهدا لرجلين بدين على الميت ثم شهد الرجلان بدين للشاهدين على الميت فقال الأولان كنا أبرأناه من ديننا ولا حق لنا قبله جازت شهادة الأولين استحسانا . ولو قالا كنا قبضنا منه الدين في حياته جازت شهادتهما ولا ضمان عليهما . رجل وكل ثلاثة نفر في خصومة وقال أيهم خاصم فهو وكيل فيها فشهد اثنان منهم لواحد لم يكن هذا الواحد خصما بشهادتهما وإن وكل كل واحد على حدة بالخصومة والقبض جازت شهادة الإثنين لصاحبهما بالوكالة في الخصومة والقبض . رجل عليه دين لرجل فشهد المديون مع رجل آخر أن الطالب أقر أن الدين لفلان إن شهد المديون بذلك قبل أداء الدين لم تقبل شهادته وإن شهد بعده جازت شهادته . رجل اشترى جارية وكفل له رجلان بما يلحقه فيها ثم شهد الكفيلان أن البائع انتقد الثمن لا تقبل شهادتهما وكذ لو شهدا أن البائع أبرأه عن الثمن . ثلاثة نفر لهم على رجل دين فشهد اثنان منهم على الثالث أنه أبرأه المديون عن حصته لا تقبل شهادتهما لأنهما يدفعان شركة الثالث فيما يقبضان من المديون . وكذا لو قبضا شيأ من المديون ثم شهدا أنه أبرأه عن حصته وقال محمد رحمه الله تعالى إن شهدا بذلك قبل أن يقبضا شيأ من المديون تقبل شهادتهما وإن شهدا بذلك بعد القبض لا تقبل شهادتهما . رجل وامرأتان شهدوا على زوج المرأتين أنه قال لنسائه أنتن طوالق لم تجز الشهادة لا على طلاقهما ولا على طلاق غيرهما . وإذا شهد الأجير لإستاذه وأجير شهر فلم ترد شهادته ولم يعدل حتى مضى الشهر ثم عدل لا تقبل شهادته لأن شهادته لم تكن مقبولة فيم تصر مقبولة كمن شهد لامرأته ثم طلقها قبل(2/284)
التعديل لا تقبل شهادته وإن شهد ولم يكن أجيرا ثم صار أجيرا قبل القضاء بطلت شهادته لأن قيام الشهادة إلى وقت القضاء شرط لجواز القضاء وهو كما لو شهد وهو عدل ففسق قبل القضاء . ولو أن القاضي لم يرد شهادته وهو غير أجير ثم صار أجيرا ثم مضت مدة الإجارة لا يقضي بتلك الشهادة وإن لم يكن أجيرا عند الشهادة ولا عند القضاء لأن اعتراض الإجارة على الشهادة إبطال للشهادة . فلو أن القاضي لم يبطل شهادته ولم يقبل فأعاد الشهادة بعد انقضاء مدة الإجارة جازت شهادته الثانية وهو كما لو شهد لامرأته فلم يرد القاضي شهادته حتى أبانها ثم أعاد الشهادة جازت شهادته ولو أن القاضي رد شهادته الأولى لامرأته ثم أعادها بعتد البينونة لا تقبل شهادته لأن شهادته ردت في هذه الحادثة وكل شهادة ردت في حادثة لا تقبل بعد ذلك أبدا فكذلك في مسألة الأجير . رجل لا يحسن الدعوى والخصومة فأمر القاضي رجلين فعلماه الدعوى والخصومة ثم شهدا له على تلك الدعوى جازت شهادتهما إن كانا عدلين لأنهما علماه بأمر القاضي ولا بأس بذلك للقاضي بل هو جائز فيمن لا يقدر على الخصومة ولا يحسنها خصوصا على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن القاضي نصب ناظرا وهذا من النظر وإحياء الحقوق… . الشاهد إذا كان بالرستاق فدعي إلى المصر لأداء الشهادة قالوا إن كان في موضع لو حضر لأداء الشهادة يمكنه أن يشهد ويبيت في منزله كان عليه أن يحضر لأداء الشهادة قال مولانا رحمه الله تعالى وعندي إنما يلزمه إذا دعي إلى قاض يقبل شهادته ولو لم يحضر ولم يشهد يضيع حق المدعي فأما إذا دعي لأداء الشهادة إلى قاض لا يعرفه بالعدالة ولا يقضي بشهادته أن لم يكن القاضي عدلا لا يلزمه أن يحضر وكذا لو كان للمدعي سواه شهود عدول يقبل القاضي شهادتهم لا يلزمه أن يحضر لأداء الشهادة أن امتناعه عن الأداء في هذه الصورة لايبطل حق المدعي فإن كانت شهادته أسرع قبولا من شهادتهم لا يسعه أن يمتنع عن الحضور وهذا بمنزلة التعديل إذا كان المعدل يعلم أنه لو لم يعدله عدله غيره وسعه أن يمتنع وإذا كان لا يعدله غيره لا يسعه الإمتناع عن تعديله ولو كان الشاهد شيخا لا يقدر على المشي ولا يمكنه <470> الحضور لأداء الشهادة إلا راكبا وليس عنده دابة ولا مايستكرى به دابة فبعث المشهود له إليه دابة فركبها لأداء الشهادة لا تبطل شهادته وإن لم يكن كذلك وهو يقدرعلى المشي أو كان يجد دابة فبعث المشهود له دابة فركبها لا تقبل شهادته في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى فإن أكل الشاهد طعاما للمشهود له لا ترد شهادته وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى الجواب في الركوب ما قال أما في الطعام إن لم يكن المشهود له هيأ طعاما للشاهد بل كان عند طعام فقدمه إليهم فأكلوه لا ترد شهادتهم فإن كان هيأ لهم طعاما فأكلوه لا تقبل شهادتهم هذا إذا فعل ذلك لأداء الشهادة فإن لم يكن لذلك ولكنه جمع الناس للاستشهاد وهيأ لهم طعاما أو بعث إليهم دواب وأخرجهم من المصر فركبوا وأكلوا طعامه اختلفوا فيه قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في الركوب لا تقبل شهادتهم تعد ذلك وتقبل في أكل الطعام وقال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل فيهما والفتوى على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن العادة جرت بذلك فيما بين الناس خصوخا في الأنكحة فإنهم يبذلون السكر والجلات وينثرون الدراهم ولو كان ذلك قدحا فب الشهادة لما فعلوا .رجلان شهدا على مريض صاحب فراش أنه طلق امرأته ثلاثا وقالا أشهدنا بذلك في صحته وأمرنا بكتمانه فكتمنا لا تقبل شهادتهما لأنهما شهدا على أنفسهما بالفسق وعن أبي القاسم الصفار رحمه الله تعالى إذا شهد اثنان على طلاق امرأة أو عتق أمة وقالا كان ذلك عام أول جازت شهادتهما وتأخيرهما لا يوهن شهادتهما .قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن يكون ذلك وهنا إذا علما أنه يمسكها إمساك الزوجات والإماء لأن الدعوى ليست بشرط لهذه الشهادة فإذا أخروها صاروا فسقة .ثلاثة قتلوا رجلا عمدا ثم شهدوا بعد التوبة أن الولي عفا عنا قال الحسن رحمه الله تعالى لا تقبل شهادتهم إلا أن يقول اثنان منهم عفا عنا وعن هذا الواحد ففي هذا الوجه قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أقبل في حق الواحد وقال الحسن رحمه الله تعالى أقبل في حق الكل .ثلاثة شهدوا في حادثة ثم قال أحدهم قبل القضاء أستغفر الله قد كذبت في شهادتي فسمع القاضي ذلك القول ولم يعلم أيهم قال ذلك فسألهم القاضي فقالوا كلنا على شهادتنا قالوا لا يقضي القاضي بشهادتهم ويقيمهم من عنده حتى ينظروا في ذلك فإن جاء المدعي باثنين منهم في اليوم الثاني يشهدان بذلك جازت شهادتهما .رجل شهد ولم يبرح حتى قال أوهمت بعض شهادتي ذكر في الجامع الصغير إن كان عدلا جازت شهادته فيما بقي وإن برح عن مكانه ثم قال أوهمت بعض شهادتي أو غلطت أو نسيت لا تقبل شهادته .قالوا وكذا لو نسي بعض الحدوووود أو بعض النسب ثم تدارك في مجلسه جازت شهادته إذا كان عدلا قبل ذلك .هذا إذا كان كلامه(2/285)
الأول شهادة فإن لم يكن بان لم يذكر لفظة الشهادة في كلامه الأول فبرح ثم ذكر بعد ذلك جازت شهادته .وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في المنتقى إذا شهد عند القاضي بشهادة ثم جاء تقد يوم وقال شككت في كذا وكذا منها أو قال غلطت أو نسيت فإن كان يعرفه القاضي بالصلاح ولم يكن متهما تقبل شهادته فيما بقي وإن كان لا يعرفه بالصلاح بطلت شهادته وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في المجرد إذا شهد عند القاضي بشهادة ثم زاد فيها قبل أن يقضي القاضي أو بعدما قضى أو قالا أوهمنا وهما غير متهمين قبل القاضي ذلك منهما ذكره الناطفي في الواقعات .ولو قال الشاهد تعمدت ولم أغلط ثم بدا لي فرجعت كان ذلك رجوعا عن شهادته والفتوى على ما ذكر في المجرد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإما تقييد المطلق وتعيين المحتمل يصح من الشهود وإن كان ذلك بعد القضاء كان عليهما قيمة البناء للمقضي عليه لأن اسم الدار يتناول البناء تبعا وإذا بينا ذلك قبل القضاء كان ذلك بمنزلة تعيين المحتمل .رجلان قالا لاشهادة لفلان عندنا ثم شهدا له ذكر في المنتقى أنه تجوز شهادتهما .وعن محمد رحمه الله تعالى في النوادر إذا قال لا شهادة لفلان عنديفي أمر أو قال لاعلم لي بهذا ثم شهد بعد ذلك جلزت شهادته .وكذا لو أن رجلين قالا كل شهادة نشهد بها لفلان على فلان فهي زور ثم جاآ وشهدا وقالا لم نتذكر حين قلنا ثم تذكرنا جازت شهادتهما ولو قال المدعي ليس لي على دعواي بهذا الحق بينة ثم جاء ببينة ذكر الناطفي عن محمد رحمه الله تعالى أنها تقبل .وروى ابن شجاع عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها لا تقبل لأنه أكذب شهوده .ولو قال ليس لي عند فلان شهادة ثم جاء به فشهد لا تقبل شهادته .وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها تقبل .وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر رجل جاء بقبالتين على رجل <471> مكتوب في إحداهما أن لفلان عليه ألف درهم لا شيء له عليه غيره ومكتوب في الأخرى عليه مال آخر لا شيء له عليه غيره ولا وقت ولا تاريخ أو كان الوقت واحد أو صاحب المال يدعي جميع ذلك فله المال كله .وفي النوادر لابن رستم رحمه الله تعالى لا يحكم بشيء إلا أن يكونا في وقتين مختلفين فيجب الآخر والأول باطل (ومن الشهادة الباطلة الشهادة بالمجهول )رجل غصب جارنة فجاء المغصوب منه بشهود فشهدوا أن المدعى عليه غصب جارنة له قال في الأصل تقبل الشهادة ويحبس المدعى عليه حتى يجيء بها ويردها على صاحبها فإن أحضر المشهود عليه جارية إن اتفق الغاصب والمغصوب منه أن جاريته هذه يقضي بها للمغعصوب منه فإن أنكر الغاصب أن تكون هذه الجارية جارية للمدعي وادعاها المدعي لا يقضي بها للمدعي مالم يعد البينة أنها هي التي غصبها منه أن البينة الأولى إنما قبلت من غير بيان الصفة والقيمة في حكم منه جارية حتى يكون الثابت بشهادتهم إقرار الغاصب والإقرار بالمجهول جائز فيؤمر بالبيان ففي صورة الإقرار لو جاء بجارية وقال هذه تلك الجارية كان القول قوله .أما لو شهدوا على فعل الغاصب لا تقبل شهادتهم لأنهم شهدوا بالمجهول .قال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى تقبل الشهادة على فعل الغاصب وإن لم يصفوا الجارية ولم يذكروا قيمتها في حكم الحبس لا في القضاء بالجارية لأن الغصب إنما يكون يبعد من الشهود عادة فلو لم تقبل الشهادة من غير بيان الصفة والقيمة لا تفتح باب الظلم فإن قال الغاصب ماتت تلك الجارية أو قال بعتها ولا أقدر على ردها إن صدقه المغصوب منه في ذلك وطلب منه القيمة يقضى له بالقيمة وإن كذبه يحبس الغاصب حتى يمضي زمان يقع عند القاضي أنه عاجز عن ردها وذكر في الجامع أن الشهادة على الغصب مقبولة وإن لم يذكروا قيمته .وذكر في الأصل رجل قال لغيره أودعتك عبد أو أمة وقال المودع ما أودعتني إلا أمة وقد ماتت فأقام المدعي شهودا فشهدوا على أنه أودعه عبدا وأمة ضمن المدعى عله قيمة العبد بجحوده إيداع العبد ولا يضمن قيمة الأمة بهلاكها عند المودع قالوا إنما تقبل البينة على الإيداع إذا وصفوا العبد والقاضي يعرف مقدار قيمة مثل ذلك الموصوف وإن لم يعرف القاضي ذلك سأل المدعي إقامة البينة على مقدار القيمة أما إذا شهدوا أنه أودعه أمة وعبدا ولم يصفوا العبد لا تقبل شهادتهم قالوا على قياس مسألة الغصب ينبغي أن تقبل ويحبس حتى يجيء به كما في الغصب وقال بعضهم لا تقبل الشهادة في فصل الوديعة أصلا وتقبل في فصل الغصب .ووجه قولهم في ذلك أن الغصب يكون ببعد من الشهود عادة فلو لم تقبل شهادتهم من غير بيان الوصف لا يمكنهم أداء الشهادة فتحملت الجهالة لمكان الضرورة ولا ضرورة في الإيداع .وذكر في المنتقى شاهدان شهدا على رجل أنه غصب لهذا شاة وأدخلها في غنمه تقبل شهادتهما ويقضي عليه بقيمة الشاة .ولو شهدا أن شاة لهذا دخلت في غنم هذا لا تقبل شهادتهما .وإنما لا تقبل لا لن بيان اللون شرط لقبول الشهادة على الغصب بل لأنهما إذا اختلفا في اللون يختلف المغصوب وإنما شهد(2/286)
كل واحد منهما على ثوب آخر .ويجوز أن تقبل الشهادة من غير بيان ولو اختلفا في البيان لا تقبل كنا لو شهد شاهدان على محدود وذكر الحدود الثلاثة وسكتا عن الرابع جازت الشهادة عندنا ولو بينا الحد الرابع واختلفا فيه لا تقبل شهادتهما ونظائر هذا كثيرة .رجلان شهدا أن لهذا الرجل في هذه الدار ألف ذراع فإذا الدار خمسمائة ذراع بطلت شهادتهما لظهور الكذب في شهادتهما وكذا لو شهدا أن لهذا في هذا بعتني هذا العبد بألف درهم ونقدتك الثمن القراح عشرة أجربة فإذا القراح خمسة أجربة . رجل ادعى عبدا في يد رجل وقال بعتني هذا العبد بالف درهم ونقدتك الثمن فأنكر المدعى عليه البيع وقبض الثمن فشهد للمدعي شاهدان على إقرار البائع بالبيع وقبض الثمن وقالا لانعرف العبد ولكنه قال لنا عبدي زيد وشهد شاهدان ’خران أن هذا العبد اسمه زيد قال لا يتم البيع بهذه الشهادة ويحلف البائع فإن حلف رد الثمن لأن قبض الثمن ثبت بشهادة الشهود على إقرار البائع بالقبض وإن نكل البائع عن اليمين لزمه البيع بنكوله فإن شهد شاهدان أن البائع أقر أنه باعه عبده زيدا المولود فنسبوه إلى شيء يعرف به من عمل أو صناعة أو حلية أو عيب ووافق ذلك هذا العبد قال هذا والأول في القياس سواء إلا أني أستحسن إذا نسبوه إلى معروف أن أجيزه وكذلك الأمة .رجل ادعى أنه وارث فلان الميت وأقام شاهدين فشهدا أنه وارث فلان الميت لا وارث له سواه فإن القاضي يسألهما عن السبب ولا يقضي قبل السؤال لأن الوراثة مختلفة لاختلاف أسبابها والقضاء بالمجهول متعذر فإن <472>مات الشاهدان أو غابا قبل أن يسألهما لا يقضي القاضي بشيء . ولو أقام المدعي شاهدين أنه وارثه وأن قاضي بلد كذا فلان بن فلان قضى بأنه وارثه لا وارث له سواه وأشهدنا على قضائه ولا ندري بأي سبب قضى بوراثته فإن هذا القاضي يسأل المدعي عن السبب الذي قضى له القاضي به فإن بين سببا قضى له بالميراث لأن قضاء القاضي يحمل على الصحة ما أمكن ولا ينقض بالشك فيقضي له بالميراث ولا يقضي بالشبب الذي بين المدعي لأن هذا القاضي لا يدري أن القاضي الأول يقضي بذلك السبب أم لا .رجل ادعى على رجل أنه شج وليه فلانا موضحة عمدا فمات منها فشهد الشهود على الموضحة وقالوا لا ندري مات أو لم يمت ذكر في المنتقى أنه تجوز شهادتهما على الموضحة لأنهما اتفقا على الموضحة .قال إذا شهد الشهود لرجل بدار في يد رجل وقالوا نعرف الدار ونقف على حدودها ونذكر حدودها إذا مشينا إليها لكنا لا نعرف أسماء الحدود فإذا انتهينا إليها نبين حدودها ونعرف أنها لهذا المدعي وفيملكه وفي يد هذا المدعى عليه فإن القاضي يقبل ذلك منهما إذا عدلا فيبعثهما القاضي مع المدعي والمدعى عليه وأمينين له ليقف الشهود على الحدود بحضرتهما فإذا وقفا عليها وقالا هذه حدود الدار التي شهدنا بها لهدا المدعي فهذه تلك الدار وهذه حدودها ثم يرجعون إلى القاضي ويشهد الأمينان أنهم وقفوا على الدار ويشهدان على أسماء الحدود فحينئذ يقضي القاضي بالدار التي شهد بها الشاهدان بشهادتهما وكذا القرية والحانوت وجميع الضياعات والعقارات .ولو شهدوا أن الدار التي في بلدة كذا في محلة بني فلان تلاصق دار فلان بن فلان الفلاني هي في يد فلان المدعى عليه هذا لهذا المدعي وفي ملكه لكنا لا نعرف حدودها ولا نقف عليها وقال المدعي للقاضي أنا آتيك بشهود آخرين يعرفون حدود هذه الدار وأتى بشاهدين يشهدان له أن حدودها كذا وكذا اختلف جواب هذه المسألة في النسخ .ذكر في بعضها أن القاضي يقبل ذلك ويحكم بها للمدعيكما في المسألة الأولى وذكر في يعضها أنه لا يقبل ولا يحكم بها للمدعي لن الشهادة الأولى في هذه المسألة ليست بحجة أصلا بدون الشهادة الثانية فكان وجودها وعدمها سواء وكذا القرية والحانوت وجميع العقارات .ثم قال في الكتاب وهذا كله إذا لم تكن الدار مشهورة فإن كانت مشهورة باسم رجل نحو دار عمر بن حارث بالكوفة ودار الزبير بالبصرة وشهد بها الشاهدان لإنسان ولم يذكرا الحدود لا تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتقبل في قول صاحبيه رحمهما الله تعالى .والضيعة إذا كانت مشهورة فهي على هذا الخلاف أيضا وأجمعوا أن الرجل إذا كان مشهورا كشهرة أبي حنيفة وابن أبي ليلى رحمهما الله تعالى لا يحتاج فيه إلى ذكر الاسم والنسب فإن لم يكن العقار مشهورا فشهد الشهود على حدود ثلاثة وقالوا لا نعرف الرابع جازت شهادتهم استحسانا ويقضي بها للمدعي ويجعل الحد الثالث محاذيا للحد الأول فإن ذكروا الحدود الأربعة وغلطوا في الحد الرابع لا تقبل شهادتهم قياسا واستحسانا .ولو شهدوا أن جميع ما في قرية كذا من الدور والأراضي وغيرهما التي هي معروفة للمدعي هذا ميراث له عن أبيه فلان لا نعرف له وارثا غيره ونحن نعرف الحدود جازت شهادتهما بالطريق الذي قلنا فيما تقدم وإن كانا لا يعرفان الحدود لا تقبل شهادتهما .رجلان شهدا على رجل أنه نقض حائطا لفلان إن ذكروا حدود(2/287)
الحائط وبينوا الطول والعرض جازت شهادتهم وإن لم يذكروا قيمته لأن بعد بيان الحدود والطول والعرض يعرف القاضي قيمته بالسؤال من الهل .قال مولانا رضي الله عنه وعندي لا بد أن يذكروا أ،ه من المدر أو الخشب ويبينوا موضعه لأن الحائط من المدر مع الحائط من الخشب يختلفان اختلافا فاحشا .رجل ادعى مجرى ماء في أرض رجل وطريقا في دار رجل ذكر في بعض الروايات أنه لا يسمع دعواه ولا يقبل الشهادة إلا بعد بيان الموضع والطول والعرض وذكر في الأصل أ،ه يسمع دعواه ويقبل الشهادة وإن لم يبينوا ذلك .رجل له تسعة أولاد أقر في صحته وجواز إقراره أن لخمسة من أولاده فلان وفلان ذكر أسماءهم في الصك عليه ألف درهم ثم مات بعد ذلك فطلب خمسة من أولاده ذلك وأنكر سائر الورثة فشهد الشهود على إقراره بذلك في صحته وقالوا لا نعرف المقر لهم لأنهم ما كانوا حضورا عند الإقرار قالوا إن أقر سائر الورثة بأسامي هؤلاء ثبت المال بشهادة الشهود كما لو أقر الرجل لغائب وذكر الاسم والنسب فجاء رجل بذلك الاسم والنسب وادعى المال كان المال له وإن جحد سائر الورثة أسماءهم يكلف المدعون إقامة البينة على أنهم يسمون اللأسامي التي ذكر الشهود فإن أقاموا البينة ولم يكن في الورثة سواهم بذلك الاسم يقضي لهم بالمال .رجل ادعى على رجل أنه استهلك عليه دوابه عددا معلوما فشهد له الشهود بذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى ينبغي أن يذكروا <473>الذكور والإناث فإن لم يذكروا ذلك أخاف أن تبطل الشهادة ولا يقضي بشيء وإن بينوا ذلك جازت شهادتهم ولا يحتاجون إلى بيان اللون لأن المنافع تختلف بالذكورة والأنوثة لا باللون . قال مولانا رضي الله عنه ينبغي أن يشترط بيان الجنس كالفرس والحمار والبغل والإبل ولا يشترط ذكر الأنوثة والذكورة لأن الذكر والأنثى في الحيوان جنس واحد وقد مر قبل هذا مسألة المنتقىإذا شهد الشهود أن المدعى عليه غصب شاة لهذا المدعي وأدخلها في غنمه جازت شهادتهم وإن لم يذكروا الأنوثة والذكورة والشاة اسم جنس يتناول الذكر والأنثى ولهذا لو وكل إنسانا بأن يشتري له حمارا أو فرسا صح التوكيل وإن لم يذكر الذكورة والأنوثة . وشهود السرقة إذا اختلفوا في الذكورة والأنوثة لا تقبل شهادتهم فذاك لا يدل على أنه يشترط بيان الذكورة والأنوثة في دعوى الغصبوال الإستهلاك . رجل ادعى على ورثة ميت مالا وأحضر شاهدين فشهدا أن المتوفي أخذ من هذا المدعي منديلا فيه دراهم ولم سعلما كم وزن الدراهم قالوا إن علم الشاهدان أنه كان في الصرة دراهم حزروهاثم يشهدان بمقدار ما يتيقن عندهم فيها من الدراهم قالوا وينبغي أن يعلموا بجودتها لاحتمال أنا تكون مموهة فإذا علموا ذلك جازت شهادتهم . رجل جاء إلى رجل فساومه ثوبا ودفع إلى البائع دراهم وأخذ الثوب وافترقا من غير أن يعقدا بيعا بلسانهما جاز ذلك فإن وقعت الخصومة بينهما بعد ذلك ومست الحاجة إلى الشهادة قالوا ينبعي للشاهدين أن يشهدا أنه دفع إليه دراهم وقبض منه الثوب ولا يشهدان على البيع إلا إذا كان بينهما مقدمات يعلم الشهود أن الأخذ والإعطاء كان على وجه البيع والقاضي الذي وقعت عنده الخصومة يعتقد جواز البيع بالتعاطي . رجل ادعى دار أنه ورثها من أبيه ورجل آخر ادعى أنه اشتراها من المتوفي ذلك فجاء مدعي الشراء بالشهود فشهدوا أن الميت باعها منه ولم يقولوا باعها منه وهو يملكها قالوا إن كانت الدار في يد مدعي الشراء أو مدعي الميراث فالشهادة جائزة لأن الشهادة على مجرد البيع إنما لا تقبل إذا لم تكن الدار في يد المشتري أو في يد الوارث أما إذا كانت في يدي المشتري أو في يد الوارث كانت الشهادة على البيع بمنزلة الشهادة على البيع ةالتسليم أو الشهادة على البيع والقبض وثمة لا يحتاج إلى ذكر ملك البائع ولأن مدعي الميراث والشراء من الميت كل واحد منهما يقر بملك الميت فلا حاجة إلى ذكر ملك الميت كما لو شهدوا أن المست أقر أنها للمدعي . نهر في أرض رجل ادعى رجل أن له حق الشرب من هذا النهر وأحضر شهودا فشهدوا أن المدعي كان يجري فيه الماء لا تقبل شهادتهم إلا إذا شهدوا أن له فيه مجرى الماء أحقا ثابتا في ذلك ولو أقر المدعى عليه فقال للمدعي كنت تجري فيه الماء وأنت غاصب وليس لك فيه مجرى الماء وصل ذلك أم فصل يصير مقرا له باليد ولا تقبل منه دعوى الغصب إلا ببينة (فصل ومن الشهادة الباطلة شهادة الإنسان على فعل نفسه) إذا شهد القاسمان فيما اقتسما جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل شهادتهما وصورة ذلك إذا اقتسما الدار بين الوارثين ثم شهدا أن هذا النصف لهذا الوارث وهذا النصف لهذا الوارث الآخر كذا وقع ذلك في قسمتهما وإنما تقبل الشهادة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن الملك لا يثبت بقسمتهما مالم يتراضيا على ذلك أو يستعملا القرعة . رجلان شهدا أن فلانا أمرنا أن نبلغ فلانا أن فلانا(2/288)
وكله أن يبيع عبده فأعلمناه قال أبو يوسف رحمه الله تعالى تجوز شهادتهما ولو قالا نشهد أن زوج هذه المرأة قال لنا خيرا امرأتي فلانة فخيرناها فاختارت نفسها لا تقبل شهادتهما .ولو شهدا على رجل بمال قبضه من رجل ثم أنكر قبضه فقالا نحن وزناه عليه إن كان رب المال حاضرا عند الوزن جازت شهادتهما وإن لم يكن حاضرا لا تجوز .وفي يعض الروايات لا تجوز شهادة الذي كال في المكيل وشهادة الذي ذرع في المذروع .رجل ادعى دارا في يد رجل فشهد له شاهدان بها وأن المدعي استأجرنا على بنائها وغير ذلك مما لا يجب عليهما الضمان في ذلك جازت شهادتهما .وإن قالا استأجرنا على هدمها فهدمناها لا تقبل شهادتهما بالملك للمدعي ويضمنان قيمة البناء للمدعى عليه . وذكر في طلاق الأصل لو شهدا أن فلانا قال لامرأته أنت طالق إن كلمت فلانا وفلانا لأنفسهما فشهدا أنها قد كلمتهما أو شهدا أنه قال لهما يوم تكلمان امرأتي فلانة فهي طالق وأنهما قد كلماها كانت شهادتهما باطلة .وكذا لو شهدا على رجل أنه قال لعبده فلان إن كلمت الشاهدين فأنت حر وأنه قد كلمهما والمولى يجحد أو شهدا أنه قال للشاهدين إن كلمتما عبدي فهو حر وأنهما قد كلماه فشهادتهما باطلة .ولو شهدا أنه قال لعبده إن <474> دخلت دار هذين الشاهدين فأنت حر وأنه قد رخل دارهما فشهادتهما جائزة .ولو حلف أن لا يقرضهما شيئا فشهدا أنه قد أقرضهما جازت شهادتهما .ولو شهدا أنه حلف بعتق مماليكه أن لا يستقرض شيئا أبدا فشهدا أنهما قد أقرضاه لا تجوز شهادتهما ولا يعتق العبد .ولو شهدا أنه حلف أن لا يستقرض شيئا أبدا وأنه قد طلب منهما ا، يقرضاه ولم يقرضاه جازت شهادتهما .ولو حلف أن لا يهدم دار هذين أولا يقطع يدهما فشهدا أنه فعل ذلك بهما لم تجز شهادتهما .وذكر في طلاق الأصل لو شهدا على رجل ا،ه أمرهما أ، يزوجاه فلانة وأنهما قد فعلا ذلك جازت شهادتهما .رجل قال إن دخل داري أحد فامراته طالق فشهد ثلاثة أنهم دخلوا داره قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن قالوا دخلنا جميعا لا تقبل شهادتهم وإن قالوا دخلنا ودخل هذا معنا جازت شهادتهم . وسئل ابن أبي يوسف رحمه الله تعالى عن هذه المسألة فقال إذا شهد أربعة أو ثلاثة أنا قد دخلنا جميعا تقبل شهادتهم وإن كانا اثنين لا تقبل فقال له الحسن بن زياد رحمه الله تعالى أصبت وخالفت أباك .رجلان شهدا على رجل أنه قال لهما إن مسست جسدكما فعبدي حر فشهدا أنه قد مس جسدهما قال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل شهادتهما .ولو شهدا أنه قال إن مسست ثنابكما فعبدي حر فشهدا أنه قد مس ثيابهما جازت شهادتهما قالوا إذا أراد الشهود في هذه المسائل أن يشهدوا بالعتق فطريقهم أن يشهدوا بالعتق لا غير .وكذلك رجل له شهدادة على كتاب وصية ميت وله فيه وصية قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى ينبغي أن يقول أشهد على جميع مافي هذا الكتاب إلا هذا ويضع يده على ما أوصى له .وعن أبي القاسم رحمه الله تعالى إذا ادعت امرأة على ورثة الزوج مهرها فأنكرالورثة نكاحها وكان الشاهد تولى تزويجها قال يشهد على النكاح ولا يذر العقد عن يفسه .رجلان شهدا على رجل أنه قال إن كلمت أباكما فعبدي حر وأنه قد كلم أباهما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان الأب مقرا أنه قد كلمه فالشهادة باطلة وكذا لو كان الأب غائبا أو ميتا وإن كان الأب حاضرا منكرا جازت الشهادة وكذا لو كانت اليمين على ضربه .ولو شهدا أنه قال عبدي حر إن ضربتكما فشهد شاهدان سواهما أنه قد ضربهما لم تجز شهادتهما وكذا إن أقر المشهود عليه بضربهما وأنكر اليمين .رجل عليه ألف درهم لرجل فوزن الغريم ألفا ووضعها بين يدي الطالب وقال خذها قد أوفيتك فقال الطالب لرجل آخر ناولني هذه الدراهم فناوله ثم شهد على المقضي أ،ه هو الذي دفع إليه ألف درهم جازت شهادته .رجلان شهدا على رجل أنه قال لهما ولرجل آخر أيكم طلق امرأتي فهو جائز أو قال أمرها في أيديكم فأيكم طلقها فهو جائز والزوج يجحد ذلك لم تجز شهادتهما .ولو أقرالزوج بالأمر وشهد اثنان على طلاق الثالث لم تجز شهادتهما من قبل أنهم شركاء في الوكالة فإذا اشتركوا في الوكالة لا تقبل شهادة بعضهم على البعض له ولا عليه .قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الكيالين شهدا أن هذا باع منهذا كر حنطة وكلناه نحن للمشتري بأمر البا ئع فشهادتهما باطلة . رجلان اشتريا من رجل ثوبا ونقداه الثمن أو لم ينقداه حتى شهدا أن البائع أقر أن هذا الثوب لهذا المدعي أمرني ببيعه والمدعي يصدقه قال محمد رحمه الله تعالى لا تقبل شهادتهما . محصر ضاع من ديوان القاضي وفيه شهادة الشهود بحق والقاضي لا يذكر ذلك فشهد عنده كاتباه أن شهود هذا شهدوا بكذا لا ينبغي للقاضي أن يقضي بشهادتهما . ولو ضاع شجل من ديوان القاضي فشهد كاتباه عبده إن هذا أقر عندك لهذا بكذا فإن القاضي يقبل ذلك وكذا لو ضاع إقرار رجل فشهد عند القاضي كاتباه إن هذا أقر عندك لهذا بكذا وقد سمعناه فإن القاضي(2/289)
يقبل ذلك لأن في مسألة المحضر شهد الكاتبان على شهادة الشهود فالشهادة على الشهادة باطلة لا تقبل بدون التحميل ولم يوجد وفي مسألة السجل والغقرار شهدوا على حق محكوم به أو على إقرار الخصم فجازت شهادتهم . ذمي مات فشهد عشرة من النصارى أنه أسلم لا يصلى عليه بشهادتهم وكذا لو شهد فساق من المسلمين ولوكان لهذا الميت ولي مسلم وبقية أوليائه كفار من أهل دينه فادعى الولي المسلم أنه أسلم وأنه أوصى إليه وأراد أن يأخذ ميراثه وشهد اثنان من أهل الكفر بذلك يأخذ الولي المسلم ميراثه بشهادتهما لأن شهادتهما على إسلامه في حكم الميراث قامت على أوليائه الكفار وششهادة بعضهم على البعض حجة ويصلى عليه بشهادة الولي المسلم إن كان عدلا ولو لم يشهد على إسلامه غير الولي يصلى عليه بقول وليه المسلم ولا يكون له الميراث . ولو شهد رجل وامرأتان من أهل الإسلام أنه أسلم وهو يجحد يجبره الإمام على الإسلام ويحبسه ولا يقتله لأن نفساما لا تقتل بشهادة النساء . ولو شهد عليه ذميان أنه أسلم فشهادتهما باطلة لأنه مرتد في زعمهما وشهادة الذمي على المرتد باطلة وكذا العبدان والمحدود إن في <475>القذف . ولو شهد على نصراني أربعة من اليصارى أنه زنى بأمه مسلمة فإن شهدوا أنه استكرهها حد الرجل وإن قالوا طاوعته درئ الحد عنهما ويعزر الشهود لحق الأمة المسلمة لأن في الوجه الأول لم يشهدا عليها بالحد فبقيت شهادتهم شهادة على الذمي فتقبل وفي الوجه الثاني شهدوا على المسلمة بالحد فبطلت شهادتهم في حقها وإذا بطلت في جانب المرأة بطلت في جانب الرجل وإنما يعزر الشهود لأنهم قذفوا الأمة ولعدم أحصان المقذوف لم يجب الحد على الشهود فيجب التعزير . وكيل في مجلس القضاء إذا ادعى لموكله بحضرة موكله أن لموكله على هذا كذا وقال المدعى عليه قد قضيته فأنكر موكل المدعي القضاء فشهد هذا الوكيل مع رجل آخر أنه قد قضاه قالوا لا تقبل شهادة الوكيل لأنه ادعى المال عليه بحكم الوكالة فإذا شهد في المجلس على قضاء الدين كان متناقضا فلم تقبل شهاته وفرقوا بين هذا وبين المسألة المذكورة في الكتاب . رجل ادعى على رجل مالا أنه أقرضه فجحد المدعى عليه المال فأقام المدعي شاهدين فشهد أحدهما أنه أقرضه وشهد الآخر أنه أقرضه ثم قضاه فإنه يقضي بالقرض بشهادتهما وشهادة الذي شهد بالقرض والقضاء لم تبطل شهادته بالقرض . ووجه الفرق في ذلك أن شاهد القرض والقضاء لم يشهد بقبام الدين للحال وإنما شهد بالقرض فلم يكن متناقضا أما في مسألتنا وكيل المدعي ادعى عليه المال للحال فإذا شهد على القضاء كانت شهادته على القضاء مبطلة دعواه الدين بحكم الوكالة . امرأة وكلت رجلا ليطلب مهرها من الزوج فادعى الزوج الخلع فشهد الوكيل مع آخر على أنها اختلعت على كذا لا تقبل شهادة الوكيل كما في مسألة دعى الوكيل وهذا نظير ما ذكر في الكتاب . رجلان شهدا لرجل على رجل بعبد في يده فأقام المشهود عليه البينة أن الشاهد ادعاه قبل هذا بطلت شهادته لمكان التناقض والله أعلم . (باب من الشهادة التي يكذب المدعي شاهده في بعض ما شهد له ). في الباب فصول أربعة . فصل في الشهادة التي تخالف الدعوى الشهادة وفصل في تكذيب الشهود المدعي وفصل في اختلاف الشاهدين وفصل في تعرض البينتين على الموت في وقتين مختلفين . أنا الفصل الأول فهو فصل الشهادة التي تخالف الدعوى . الأصل فيه أن الشهادة على حق العبد إذا خالفت لم توجد الدعوى فتبطل ضرورة وتكذيب الشاهد في بعض ما شهد له يمنع الشهادة لما قلنا . والأصل في تعارض البينتين أن القاضي إذا تيقي بكذب أحد الفريقين لايقضي وعند التعارض ليس أحد الفريقين في تعينه للكذب أولى من الآخر فلا يقضي بشهادتهم (جئنا إلى المسائل) أما الشهادة إذا خالفت الدعوى فهو على ودوه أما أن كان المدعي به دينا أو ملكا أو عقدا . فإن كان دينا فشهدوا بأقل مما ادعاه المدعي نحو ما إذا ادعى ألفا وخمسمائة فشهدوا بخمسمائة يقضي بخمسمائة من عبر دعوى التوفيق وكذا لو ادعى ألفا فشهدوا بخمسمائة . ولو ادعى ألفا فشهد أحدهما بألف والآخر بخمسمائة لا يقضي بشيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده اتفاق الشاهدين على المشهود به شرط ولن يوجد بخلاف ما تقدم لأن ثمة اتفق الشاهدان خمسمائة والموافقة بين الدعوى والشهادة لفظا ليس بشرط عنده فتقبل شهادتهما على خمسمائة بغير توفيق . ولو ادعى خمسة عشر فشهد أحدهما بخمسة عشر والآخر بعشره لا يقضي بشيء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن خمسة عشر كلمة واحدة تذكر بغير حرف العطف وهي غير العشرة فلم يتفقا على شيء فلا تقبل بهلاف ما لو ادعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمسمائة فإنه يقضي بالألف لأن ألفا وخمسمائة بذكر بحرف العطف فكانت الألف مذكورة في شهادتهما فيقضي بما اتفقا عليه . وإن ادعى ألفي درهم فشهد أحدهما بألف والآخر بألفين لم تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن الألف(2/290)
غير الألفين فلم يتفقا على شيء وأما إذا كان المشهود به أكثر مما ادعاه المدعي نحو ما إذا ادعى ألفا فشهدا بالف وخمسمائة أو شهد بألفي درهم لا تقبل شهادتهما بغير توفيق أنه كذب الشهود بالزيادة فإن وفق فقال كان لي عليه ألف وخمسمائة إلا أني أبرأته عن خمسمائة أو قال استوفيت منه خمسمائة ولم يعلم به الشهود تقبل شهادتهم حينئذ لأنه وفق بين الدعوى والشهادة بأمر محمتمل وكذلك في الألف والألفين ولا يحتاج إلى إثبات التوفيق بالبينة لأن الشيء إنما يحتاج إلى إثباته بالبينة إذا كان شيأ لا يتم به ولا ينفرد بإثباته كما لو ادعى الملك بالشراء فشهد الشهود بالهبة فإن ثمة يحتاج إلى إثباته بالبينة أما الإبراء يتم به وحده فلو أقر بالإستيفاء يصح إقراره ولا يحتاج إلى إثباته بالبينة لكنه لا بد من دعوى التوفيق ههنا استحسانا والقياس أن التوفيق إذا كان ممكنا يحمل عليه وإن لم يدع التوفيق تصحيحا للشهادة <476> وصيانة لكلامه . وجه الاستحسان أن المخالفة بين الدعوى والشهادة ثابتة صورة فإن كان التوفيق مرادا تزول المخالفة وإن لم يكن التوفيق مرادا لا تزول فلا تزول بالشك فإذا ادعى التوفيق فزالت المخالفة وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أن محمد رحمه الله تعالى شرط في بعض المواضع دعوى التوفيق ولم يشترط في البعض وذلك محمول على ما إذا ادعى التوفيق وذلك جواب القياس فلابد من دعوى التوفيق ولو قال المدعي ما كان لي عليه إلا ألف درهم قط لا تقبل شهادتهما . ولو ادعى خمسمائة فشهد له الشهود بألف فقال الطالب إنما لي عليه خمسمائة وقد كانت ألفا فقبضت منها خمسمائة وصل الكلام أو فصل فشهادتهما بالخمسمائة جائزة ولو قال لم يكن لي عليه إلا خمسمائة بطلت شهادتهما . رجلان شهدا لرجل على رجل آخر بقرض ألف درهم فشهد أحدهما أنه قد قضاها ذكر في الجامع الصغير أنه تجوز شهادتهما على القرض وذكر الطحاوي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يثبت القرض أيضا . وذكر في المنتقى رجلان شهدا أن لهذا على هذا ألف درهم قد اقتضى منها مائة وقال الطالب لم أقبض من شيء قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى يقضي بالألف ويجعل مقتضيا للمائة . وذكر في العيون رجلان شهدا على رجل بألف درهم وقالا قد قضاه خمسمائة بباطل أو بزور قال إن عدلا جاز إلا في قوله شهدا بباطل أو بزور . وقال زفر رحمه الله تعالى لا تجوز شهادتهما في الوجوه كلها وعلى هذا الخلاف إذا شهدا للمدعي بألف وشهدا أن للمدعى عليه على المدعي مائة دينار والمدعي ينكر الدنانير هذا إذا كان المدعي به دينا فإن كان المدعي به ملكا وشهدوا بأقل مما ادعى نحو ما إذا ادعى كل الدار فشهدوا له بنصف الدار جارت شهادتهم ويقضي له بالنصف من غير توفيق لما قلنا في الدين . وكذا لو ادعى دارا في يد رجل أنها له وشهد الشهود أنه اشتراها من الذي في يديه جازت شهادتهم لأنه لما ادعى ملكا مطلقا فقد ادعى الملك في الحال وفيما مضى والشهود إذا شهدوا بالشراء فقد شهدوا له بالملك في الحال فكانت شهادتهم بأقل مما ادعى وما شهدوا به يصلح بيانا لما ادعاه المدعي فإنه لو قال ملكي لأني اشتريتها من ذي اليد يصح ويكون آخر كلامه بيانا للأول بخلاف ما إذا ادعى أولا النتاج وشهد الشهود أنها له اشتراها من ذي اليد لا تقبل شهادتهم إلا أن يوفق فيقول نتجت في ملكي إلا أبي بعتها منه ثن اشتريتها منه فما لم يدع التوفيق على هذا الوجه لا تقبل شهادتهم لأن دعوى النتاج على ذي اليد لا يحتمل دعوى ملك حادث من جهته فإنه لو قال هذه الدابة ملكي بالنتاج من جهة ذي اليد لا يضح كلامه فلا يمكن أن يجعل آخر كلامه بيانا للأول فلا تقبل الشهادة بدون التوفيق . ولو ادعى أنه له ورثة من أبيه وجاء بالشهود فشهدوا أنه له ولأخيه الغائب ميراث عن أبيه جازت شهادتهم لأنهم شهدوا له بأقل مما ادعاه . هذا إذا شهدوا بالملك بأقل مما ادعى وإن شهدوا بأكثر نحو أن يدعي دارا في يد رجل أنها له اشتراها من فلان غير ذي اليد وهو يملكها فجحد المدعى عليه فجاء المدعي بشهود فشهدوا أنها له لا تقبل شهادتهم لأن المدعي ادعى ملكا حادثا لا يظهر في حق الزوائد والشهود شهدوا بملك مطلق والملك المطلق يظهر في حق الزوائد وفي حق رجوع الباعة بعضهم على بعض فصار كأنهم شهدوا له بالزوائد نصا فلا تقبل شهادتهم وأشار محمد رحمه الله تعالى في الكتاب إلى معنى آخر فقال المدعي أقر بالملك لمن ادعى الشراء منه ثم ادعى الانتقال إلى نفسه بالشراء ولم يثبت الانتقال لأنهم لم يشهدوا بالانتقال فلا تقبل شهادتهم . وكذا لو ادعى أنها داره ورثها من أبيه والشهود شهدوا أنها داره لا تقل شهادتهم . وكذا لو ادعى أن الدار له إلا هذا البيت فشهدوا وأن جميع الدار له لا تبل شهادتهم إلا أن في هذه الصورة إذا وفق فقال كان كل الدار لي إلا أني بعت هذا البيت منه ولم يعلم به الشهود تقبل شهادتهم ولا يحتاج إلى إثبات التوفيق(2/291)
بالبينة أنه أقر على نفسه بزوال البيت عن ملكه وعلى جواب القياس يحمل على التوفيق وإن لم يدع . ولو ادعى دارا في يد رجل أنها له منذ سنة فشهد الشهود أنها له منذ عشرين سنة بطلت شهادتهم فلو ادعى المدعي أنها له منذ عشرين سنة والشهود شهدوا أنها له منذ سنة جازت هادتهم . أما إذا كان المدعي به عقد أو شيئا من أسباب الملك . رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له اشتراها من فلان غير ذي اليد فجاء بشاهدين فشهدا أن فلانا ذلك وهبها له وقبضها وهو يملكها لا تقبل هذه الشهادة حتى يفق فيقول اشتريتها منه فجحدني ثم وهبها لي بعد ذلك وأقام البينة على ذلك قبلت شهادتهم ولا تقبل قبل التوفيق لوجود المخالفة صورة ومعنى . أما الصورة فزاهر وأما المعنى فلأن الملك <477> الحاصل بالهبة غبر الملك المستفاد بالشراء لأن الهبة تفيد الملك بغير عوض ولا يكون فيه خيار الرؤية والعيب ولا يكون لازما ولا يكون فيه ضمان الرجوع عند الاستحقاق والشراء يثبت جميع ذلك والتوفيق وإن كان محتملا إلا أن هذا النوع من التوفيق لا يثبت من غير دعوى لأنه يحتاج إلى نقص الذي ادعاه أولا وإلى اثبات عقد شهد به الشهود فيكون في الحمل على هذا الوجه إنشاء الخصومة والقاضي نصب لقطع الخصومات لا لإنشائها وهذا النوع من التوفيق كمالا يثبت بدون الدعوى لا يثبت بمجرد الدعوى وإنما يثبت إذا أعاد البينة على التوفيق بخلاف ما تقدم لأن ههنا أقر بالملك لغيره ثم ادعى الهبة ودعوى الهبة دعوى على الغير وليس بإقرار على نفسه والدعوى لا تثبت إلا بالبينة بخلاف الإبراء ونوى ذلك لأن ذلك إقرار على نفسه وشهادة الشهود على الهبة قبل التوفيق كانت قبل الدعوى فلا تعتبر . وحكي عن الشيخ الإمام أبي القاسم الصفار أنه قال مالم يأت ببينة أنه كان اشتراها من فلان ثم جحد فلان الشراء ثم وهبها منه وقبضها المدعي لا تقبل ومشايخنا رحمهم الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا لو وجد بينة على الشراء لا يحتاج إلى دعوى الهبة لكن لا بد أن يقيم البينة على الهبة والقبض بعد الشراء كما لو ادعى الهبة في وقت قبل الشراء لا تقبل لأنه في التوفيق ادعى الهبة بعد ما جحد الشراء فإذا أقام البينة على هبة في وقت قبل الشراء كان متناقضا . وإن ادعى دارا في يد رجل أنها كانت لأبيه فلان مات وتركها ميراثا له منذ سنة فجحد المدعى عليه فجاء المدعي بشهود فشهدوا انه اشتراها من الذي في يده منذ سنتين وادعى المدعي ذلك لا تقبل هذه الشهادة إلا أن يوفق فيقول اشتريتها من ذي اليد منذ سنتين كما شهدوا ثم بعتها من أبي ثم مات أبي فورثتها منه فإذا وفق على الوجه وشهد الشهود بذلك يقضي له ولا يثبت هذا التوفيق ما لم يشهد الشهود بالبيع من أبيه لأن دعوى البيع من أبيه دعوى على الأب فلا يثبت إلا ببينة . وكذا لو ادعى الإرث أو لا فشهد الشهود بالهبة أو الصدقة مكان الشراء لا تقبل ما لم يوفق . عبد في يد رجل ادعى رجل أن الذي في يده تصدق به عليه منذ سنة وقبضه وجحد الذي في يديه فجاء المدعي بشهود فشهدوا أنه اشتراه من ذي اليد منذ سنتين لا تقبل إلا أن يفق فيقول اشتريته منه منذ سنتين ثم بعته منه ثم تصدق به علي منذ سنة فإذا وفق على هذا الوجه فشهد الشهود على البيع منه ثن بالصدقة يقضي له . ولو ادعى أولا الشراء من ذي اليد فشهد الشهود بالصدقة منذ سنتين وادعى المدعي ذلك لا تقبل إلا أن يوفق فيقول تصدق يه على منذ سنتين وقبضه ثم بعته منه منذ سنة ثم اشتريته وشهد الشهود له بذلك . ولو ادعى الصدقة منذ سنة فشهد الشهود أنه اشتراه منه منذ شهر لا تقبل إلا أن يوفق فيقول تصدق به على منذ سنة وقبضته ثم وصل إليه بسبب من الأسباب وجحد الصدقة فاشتريته منه منذ شهر فإذا وفق على هذا الوجه وأثبت بالبينة قبلت بينته . ولو ادعى ميراثا عن أبيه منذ سنة وشهد الشهود أنه اشتراه من ذي اليد بعد ما قام من عند القاضي لا تقبل فإن وفق فقال جحدني الميراث واشتريته منه الآن قبل بينته لكن إذا أعاد البينة على ذلك لأن الشراء من ذي اليد دعوى على ذي اليد فلا يثبت بدون البينة والشهادة الأولى قامت قبل الدعوى فلا تعتبر .ولو ادعى أمة في يد رجل وقال اشتريتها منه بعبدي هذا منذ شهر فجحد البائع ذلك وداء المدعى بشهود فشهدوا أنه اشتراها منه بألف منذ قام من عند القاضي لا تقبل لمكان المخالفة إلا أن يقول اشتريتها بالعبد منذ شهر ثم جحدني فاشتريتها منه بألف درهم بعد ذلك فإذا وفق على هذا الوجه وأعاد البينة على الشراء بألف يقبل ذلك . ولو ادعى أولا أ،ه اشتراها منه بالعبد منذ شهر ثم جاء بشهود فشهدوا أ،ه اشتراها منه منذ سنة أو قبل ذلك لا تقبل التناقض إلا أ، يوفق فيقول اشتريتها منه منذ سنة كما شهد به الشهود ثم بعتها منه ثم اشتريتها منذ شهر فإذا وفق على هذا الوجه وشهد الشهود بالبيع والشراء بعد ذلك يصح التوفيق ويقضي له .ولو ادعى دارا في يد رجل أنهاله فجاء بشاهدين فشهد أحدهما أنها داره ورثها عن أبيه وشهد(2/292)
الآخر أنه ورثها عن أمه فالشهادة باطلة لأنه لا وجه للتوفيق بين الشهادتين .وكذا لو شهد أحدهما أنه اشتراها من فلان وهو يملكها وشهد الآخر أن فلانا آخر وهبها منه وهو قبضها .ولا يقال إذا اختلف الشاهدان في سبب الملك فقد اتفقا على الملك له فوجب أ، يقضي له بالملك كما لو قال لفلان علي ألف من قرض فقال المقر له لا بل من ثمن بيع يقضي له بالألف واختلاف السبب لا يضره وكذا لو شهدا أنه أقر أنه كفل للمدعي بألف درهم عن فلان فقال الطالب قد أقر بذلك لكن الكفالة كانت عن فلان آخر كان للمدعي أ، يأخذه بالمال وكذا لو شهدا له بألف درهم من ثمن جارية فقال البائع أنه قد أشهدهما على هذه الشهادة والذي لي <478> عليه ألف من ثمن متاع آخر أو شهد الشهود على الإقرار بألف من ضمان جارية غصبها منه وقد هلكت لا تقبل هذه الشهادة بخلاف الإقرار لأن السبب إنما لا يعتبر إذا كان حكم السببين واحدا كما في الإقرار فإن الألف الواجب بالقرض والغصب واحد أما ههنا حكم السببين مختلف لأن المورث من الأب يتضمن حقوقا غير ما يتضمنه الموروث من الأم من قضاء ديون الأب وتنفيذ وصاياه وغير ذلك فلا تقبل . ولو شهد شاهدن لرجل فقالا نشهد أ، فلانا هذا غصب عبده ولكنه قد رده عليه بعد ذلك فمات عند مولاه فقال المغصوب منه لم يرده علي وإنما مات عند الغاصب وقال المشهود عليه ما غصبته عبدا ولا رددته عليه وما كان من هذا شيء قال إذا لم يدع شهادتهما ضمنه القيمة .وكذا لو شهدا أ،ه غصب عبدا له وأن مولاه قتله عند الغاصب فقال المغصوب منه ما قتلته ولكنه قد غصبه ومات عنده وقال المشهود عليه ما غصبت عبدا ولا قبل هذا المدعي عبدا له في يدي كان عليه قيمته وكذا لو شهدا أ، لهذا على هذا ألف درهم ولكنه قد أبرأه منها وقال المدعي ما أبرأته عن شيء وقال المشهود عليه ما كان له فلي شيء ولا أبرأني عن شيء قال إذا لم يدع شهادتهما على البراءة قضيت عليه بالألف .رجل ادعى قبل رجل دارا فقال المدعى عليه ليست في يدي فأقام المدعي بينة فشهدوا أن الدار في يد المدعى عليه وفي ملكه قال يسأل القاضي المدعي فإن قال كما شهدوا أنها في يده وفي ملكه فقد أقر له بالدار وإن قال صدقوا أ،ها في يده ولا أصدقهم أنها في ملكه فله ذلك ويجعل المدعى عليه خصما .رجل ادعى على رجل ألفا فشهد له الشاهدان أ، له عليه ألف درهم وشهد أحدهما أ،ه أخره بالألف إلى سنة وأنكر الطالب فإنه يقضي عليه بألف وهذا وما لو شهد أحدهما أ،÷ قد قضاه خمسمائة سواء .إذا شهد الشهود بدار لرجل فقال المشهود له هذا البيت من هذه الدار لفلان لرجل آخر غير المدعى عليه ليس هو لي فقد أكذب شهوده إن قال هذا قبل القضاء لا يقضي له ولا لفلان بشيء وإن كان بعد القضاء فقال هذا البيت لم يكن لي إنما هو لفلان قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أجزت إقراره لفلان وجعلت له البيت ورددت ما بقي من الدار على المقضي عليه ويضمن قيمة البيت للمشهود عليه ولأبي يوسف رحمه الله تعالى فيها قول آخر أ،ه يضمن قيمة البيت للمشهود عليه ويكون ما تقي من الدار للمشهود له .رجل في يديه عبد ادعى رجل أ،ه اشتراه من ذي اليد وذو اليد يجحد فجاء المدعي بشاهدين فشهدا أ،ه باعه منه ولا ندري أهو للبائع أو لا جازت شهادتهما للمدعي .ولو جاء المدعي بشاهدين فقالا للقاضي العبد لنا باعه المدعى عليه من هذا المدعي فإن القاضي يقضي بشهادتهما للمدعي .شاهدان شهدا بشيء واختلفا في الوقت أو في المكان أو في الإنشاء والإقرار فإن كان المشهود به قولا محضا كالبيع والإجارة والطلاق والعتاق والصلح والإبراء تقبل.وصورة ذلك إذا ادعى الشراء بألف فشهدا أ،ه اشتراه منه بألف إلا أ،هما اختلفا في البلدان أو في الأيام أو في الساعات أو في الشهور أو شهدا على البيع بألف فشهد أحدهما أ،ه باعه وشهد الآخر على إقراره بالبيع جازت شهادتهما وكذلك في الطلاق لو شهد أحدهما أنه طلقها اليوم وشهد الآخر أنه طلقها أمس أو شهد أحدهما على إقراره بألف اليوم وشهد الآخر أنه أقر بألف أمس جازت شهادتهما .ولا تبطل الشهادة باختلاف الشاهدين فيما بينهما في الأيام والبلدان إلا أن يقولا كنا مع الطالب في موضع واحد في يوم واحد فإذا أقرا بذلك ثم اختلفا في الأيام والمواطن والبلدان فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى قال أجيز الشهادة وعليهم أن يحفظوا الشهادة دون الوقت وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى الأمر كما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في القياس وأنا أستحسن وأبطل هذه الشهادة بالتهمة إلا أ، يختلفا في الساعتين من نوم واحد بتفاوت فيجوز .ولو اختلفا في الثياب التي كانت على الطالب أو المطلوب أو المركب أو قال أحدهما كان معنا فلان وقال الآخر لم يكن معنا فلان ذكر في الأصل أنه يجوز ولا تبطل هذه الشهادة .وإذا كان المشهود به من جنس الفعل حقيقة وحكما كالغصب والجناية واختلف الشهود في المكان أو في الزمان أو في الإنشاء والإقرار لا تقبل شهادتهم .ولو كان(2/293)
المغصوب هالكا فشهدا على القيمة شهد أحدهما أ، قيمته ألف وشهد الآخر على إقرار الغاصب أن قيمته ألف لا تقبل شهادتهما وكذا لو اختلف شهود الغصب شهد أحدهما على الغصب والآخر على الإقرار بالغصب لا تقبل .وذكر في الجامع إذا ادعى ملكا فجاء بشاهدين فشهد أحدهما أنه ملكه وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه أنه ملك المدعي لا تقبل .ولو كان المشهود به قولا لا يتم إلا بفعل كالنكاح واختلف الشهود على هذا الوجه لا تقبل شهادتهم وإن اختلفوا في عقد لا يثبت حكمه إلا بفعل القبض كالهبة والصدقة والرهن فإن شهدا على معاينة القبض واختلفا في الأيام <479>(2/294)
والبلدان جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى والقياس أن لا تقبل وهو قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى .وإن شهدوا على إقرار الراهن والواهب المتصدق بالقبض جازت الشهادة في قولهم .ولو شهدا على الرهن فشهد أحدهما على معاينة القبض والآخر على إقرار الراهن بالقبض لا تقبل هذه الشهادة ويكون الرهن فبهذا بمنزلة الغصب .وإن اختلف شهود الرهن في جنس الدين أو في مقداره لا تقبل كما لو اختلف شهود البيع في جنس الثمن أو في مقداره .وإن اختلفا في فعل ملحق بالقول كالقرض فاختلفا في المكان أو في الزمان لا تبطل الشهادة وإن كان القرض لا يتم إلا بالتسليم ويكون القرض في هذا بمنزلة الطلاق والعتاق .ولو اختلف شاهدا القذف في المكان أو في الزمان جازت شهادتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا تقبل وإن اختلفا في الإنشاء والإقرار لا تقبل شهادتهما في قولهم ولو اختلفا في الطلاق فشهد أحدهما على تطليقتين والآخر على الثلاث أو شهد أحدهما على تطليقتين والآخر على تطليقة لا تقبل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه وابن أبي ليلى رحمهم الله تعالى جازت شهادتهما على الأقل .ولو شهد أحدهما على تطليقة والآخر على تطليقة ونصف أو شهد أحدهما على تطليقة والآخر على تطليقة وتطليقة جازت شهادتهما على الأقل عند الكل .ولو شهد أحدهما أنه قال لها أنت خلية وشهد الآخر أنه قال لها أنت برية لا تقبل عند الكل لأنهما اختلفا في لفظة الإيقاع وإن كان معنى اللفظين واحدا وكذا لو شهد أحدهما أنه طلقها إن دخلت الدار وقد دخلت وشهد الآخر أنه طلقها إن كلمت فلانا وقد كلمت لا تقبل عند الكل .وكذا لو شهد أحدهما أنه طلقها ثلاثا وشهد الآخر أنه قال لها أنت على حرام ونوى الثلاث لا تقبل عند الكل .ولو شهد أحدهما أنه طلقها نصف واحدة وشهد الآخر أنه طلقها ثلث واحدة لا تقبل في قيل أبي حنيفة رحمه الله تعالى .وكذا لو شهد أحدهما أ،ه طلقها ثلاثا وشهد الآخر أنه طلقها فالشهادة باطلة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما جازت شهادتهما على الأقل .ولو شهد أحدهما أنه قال لها أنت طالق وشهد الآخر أنه أقر أنه طلقها أو اختلعا في المكان أو الزمان جازت شهادتهما .ولو شهد أحدهما أ،ه قال إن دخلت فلانة الدار فهي طالق وفلانة معها وشهد الآخر أنه قال إن دخلت فلانة الدار فهي طالق وحدها وقد دخلت فلانة طلقت وحدها وكذا لو شهدا على التنجيز فشهد أحدهما أنه طلق زينب وعمرة وشهد الآخر أنه طلق زينب جازت شهادتهما على الأقل على طلاق زينب .رجل ادعى على مولى العبد أنه أذن لعبده في التجارة وأقام شاهدين فشهد أحدهما على الإذن والآخر أن مولى العبد رآه يشتري ويبيع ولم ينهه لا تقبل شهادتهما .رجل اشترى شيئا فادعى به عيبا وأقام شاهدين فشهد أحدهما أنه باعه وبه هذا العيب وشهد الآخر على إقرار البائع بالعيب لا تقبل هذه الشهادة .رجل عليه ألف درهم لرجل فادعى أنه أوفاه دينه وأقام شاهدين فشهد أحدهما بالإيفاء وشهد الآخر على إقرار صاحب المال بالاستيفاء لا تقبل كما لو ادعى على رجل غصبا وأقام شاهدين شهد أحدهما بالغصب والآخر على الإقرار بالغصب وكذا لو ادعى الغريم الإيفاء فشهد أحد الشاهدين على إقرار صاحب المال بالاستيفاء وشهد الآخر على الهرة أو الصدقة أو التحليل لا تقبل .ولو ادعى الغريم الهبة فشهد أحد شاهديه بالهبة والآخر بالصدقة لا تقبل .ولو ادعى الغريم الإيفاء فشهد أحد الشاهدين أن صاحب المال أبرأه في بلد كذا وشهد الآخر أ،ه أبرأه في بلدة أخرى جازت شهادتهما .ولو ادعى الغريم الإيفاء فشهدا أن صاحب المال أبرأه جازت شهادتهما .ولو ادعى الغريم أن صاحب المال أبرأه وأقام شاهدين فشهدا على إقرار صاحب المال بالإستيفاء فإن القاضي يسأل الغريم عن البراءة كانت بالاستيفاء أو بالاسقاط فإن قال كانت بالاستيفاء تقبل وإن قال كانت بغيره لا تقبل وإن لم يبين وسكت ذكر في الأصل أن القاضي لا يجبره على البيان لكن لا يقضي بهذه الشهادة إذا لم يبين لأن البراءة بالاستيفاء تكون فوق البراءة بالإسقاط فإذا شهد الشهود بأكثر مما ادعى لا تقبل من غير توفيق بخلاف ما إذا ادعى الغريم الإيفاء فشهد الشهود بالإبراء أو بالتحليل فإن القاضي لا يسأله عن البراءة ويقضي بالبراءة من غير سؤال لأن الشهود شهدوا بأقل مما ادعى وفي مثل هذا لا يحتاج إلى التوفيق فيقضي من غير سؤال ويكون الثابت <480> بقضاء القاضي براءة الغريم بالاسقاط لا البراءة بالاستيفاء حتى لو كان الغريم كفيلا كفل بأمر المكفول عنه فإذا ادعى الايفاء فشهد الشهود بالابراء كان لصاحت المال أن يرجع بدينه على الأصيل ولا يكون للكفيل أن يرجع على المكفول عنه بشيء كما لو أبرأه المكفول له .ولو ادعى الكفيل الهبة فشهد أحد الشاهدين بالهبة والآخر بالبراءة جازت شهادتهما لأن الغريم لو كان أصيلا وادعى الهبة فشهد أحد الشاهدين(2/295)
بالهبة والآخر بالبراءة جازت شهادتهما فكذا إذا كان كفيلا .ولو ادعى على رجل ألفا وأقام شاهدين فشهد أحدهما أن له عليه ألف درهم وشهد الآخر على إقراره بالألف قالوا جازت شهادتهما في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى .رجل وكل رجلا تقبض دين له على رجل فغن الوكيل بقبض الدين يكون وكيلا بالخصومة في ذلك الدين في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والمأمور بقبض الدين لا نكون وكيلا بالخصومة وكذا الرسول في قبض الدين لا نكون وكيلا بالخصومة فإن جاء الوكيل إلى المديون فأنكر المدعى عليه المال والوكالة فجاء المدعي بشاهدين فهو على وجهين في وجه تجوز شهادتهما ويصير وكيلا بالقبض والخصومة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي وجه يصير وكيلا بالقبض ولا يصير وكيلا بالخصومة في قولهم .أما الوجه الأول إذا أقام مدعي الوكالة شاهدين فشهد أحدهما أن الطالب وكله بقبض دينه عن هذا الرجل وشهد الآخر أن الطالب جرأه في ذلك يعين جعله جريئا جازت شهادتهما وكذا لو شهد أحدهما أنه وكله وشهد الآخر انه سلطه على قبض الدين من هذا الرجل أو شهد أحدهما أ،ه وكله وشهد الآخر أنه جعله وصنا له في حياته جازت شهادتهما ويصير وكيلا بالقبض والخصومة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى يكون وكيلا بالقبض ولا يكون وكيلا بالخصومة .وأما الوجه الثاني لو شهد أحدهما أ،ه وكله بقبض دينه وشهد الآخر أنه أرسله في أخذ دينه أو شهد أحدهما ا،ه وكله بقبض دينه وشهد الآخر أنه أمره بقبض دينه من فلان أو شهد أحدهما أ،ه وكله والآخر ا،ه أنا به مناب نفسه أي جعله نائب نفسه في قبض الدين او شهد أحدهما أنه وكله وشهد الآخر أنه جعله وصيا ولم يقل في حياته أو شهد أحدهما ا،ه جعله وصيا في حياته وشهد الآخر أنه جعله وصيا ولم يقل في حياته لا تقبل شهادتهم لأن قوله جعله وصيا يكون على النيابة بعد الموت ففي هذه المسألة الأخيرة لا تقبل شهادتهما وفيما سواها جازت شهادتهما ولا يصير وكيلا بالخصومة عند الكل .ولو شهد أحدهما أنه وكله وشهد الآخر أنه وكله ثم عزله جازت شهادتهما على الوكالة ولا يثبت العزل (فصل في تكذيب المدعي الشهود ) المدعي إذا أكذب الشهود فيما شهدوا له أو في بعضه لا تقبل شهادتهم إما لأنه تفسيق للشاهد أو لأن الشهادة لا تقبل بدون الدعوى وفيما كذب لم توجد الدعوى وإذا تكلم المدعي بكلام يحتمل أ، يكون تكذيبا إن كان ذلك قبل القضاء لا يقضي له وإن كان بعد القضاء لا يبطل قضاؤه إلا أن يكون تكذيبا للشاهد قطعا .رجل ادعى دارا في يد رجل أنها له وأقام البينة وقضى له القاضي ثم أقر المقضي له أنها دار فلان لرجل غير المقضي عليه لا حق للمدعي فيها صدقه فلان في ذلك أو كذبه لا يبطل قضاء القاضي لأن قوله هي لفلان لا حق لي فيها يحتمل النفي من الأصل فيكون إكذابا للشهود ويحتمل أنه لا حق له فيها لأن المقضي له ملكها منه بعد القضاء وإن كان ذلك في مجلس القضاء بأن كان باعه من المقر له قبل القضاء على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم غصبها المقضى عليه ثم انقضت مدة الخيار بعد القضاء فصار للمقر له فلا يبطل القضاء بالشك .ولو قال المقضي له بعد القضاء هذه الدار لفلان لم تكن لي قط فالمسألة على وجهين إما أن بدأ بالإقرار وثنى بالنفي فقال هذه الدار لفلان لم تكن لي قط أو بدأ بالنفي وثنى بالإقرار فقال هذه الدار ما كانت لي قط ولكنها لفلان وكل ذلك على وجهين إما أ، صدقه المقر له في جميع ذلك أو صدقه في الإقرار وكذبه في النفي فقال كانت للمقر ملكها مني بعد القضاء بسبب وهي الآن داري فإن صدقه في جميع ذلك بطل قضاء القاضي ويرد الدار على المقضى عليه ولا شيء للمقر له لأنهما تصادقا على بطلان القضاء وإن كذبه في قوله ما كانت لي قط وصدقه في الإقرار وقال هي لي كانت للمقر له لأنه ملكها مني بعد القضاء بسبب وهي داري ففي هذا الوجه تكون الدار للمقر له ويضمن المقر قيمة الدار للمقضى عليه سواء بدأ المقر بالإقرار أو بدأ بالنفي كذا ذكر في الجامع قالوا هذا إذا بدأ بالنفي وثنى بالإقرار موصولا فيصح الإقرار وأما إذا ثنى بالإقرار مفصولا لا يصح إقراره .ولو أن المدعي أقام البينة أنها داره ثم قال قبل القضاء هذه الدار ليست لي ولكنها لفلان غير المدعى عليه أو قال هي دار فلان لا حث لي فيها وصدقه المقر له في ذلك أو كذبه بطلت بينته ولا يقضي القاضي له لأن كلامه هذا <481> يحتمل النفي من الأصل ويحتمل النفي في الحال يعني أنها جار فلان إلا أني ملكتها الآن فلا يقضي القاضي بالشك إلا أن يقول موصولا هي دار فلان إلا أني ملكتها منه بعد الشهادة فحينئذ يصح ذلك ولا يمنع القضاء ..وذكر في المنتقى رجل ادعى في يد رجل متاعا أو دارا أنها له وأقام البينة وقضى القاضي له فلم يقبضه حتى أقام الذي في يديه البينة أ، المدعي أقر عند غير القاضي أنه لا حق له فيه قال إن شهدوا أنه أقر بذلك قبل القضاء بطل القضاء وإن شهدوا أنه أقر به بعد(2/296)
القضاء لا يبطل القضاء لأن الثابت بالبينة كالثبت عيانا ولو أنه عاين القاضي إقراره بذلك كان الحكم على هذا الوجه .وذكر في المنتقى رجل في يديه جارية وولدها أو رجل في يديه دار مبنية جاء رجل وأقام البينة فشهدوا أن الأمة للمدعي ولم يزيدوا على ذلك ولم يذكروا الولد أو شهدوا أ، الدار والبناء للمدعي أو شهدوا بالدار ولم يتعرضوا للبناء حتى مات الشاهدان أو غابا فإن القاضي يقضي بالدار وبنائها للمدعي أما إذا ذكروا البناء في الشهادة فلا شك لأن البناء مركب تركيب قرار فيدخل في ذكر الأرض خصوصا في دعوى الدار فإن قضى القاضي بالدار وبنائها فقال المدعي بعد القضاء ليس البناء لي إنما هو للمدعى عليه ولم يزل له ذلك بعد الشهادة قبل القضاء كان ذلك إكذابا للشهود ويبطل القضاء والشهادة في الدار والبناء جميعا وإن قال بعد القضاء البناء للمدعى عليه فليس هذا بإكذاب للشهود .وذكر في شهادات الأصل أ، الشهود إذا ذكروا البناء في شهادتهم يصير مقصودا في الشهادة والقضاء فإذا أقر المدعي بالبناء للمدعى عليه كان ذلك إكذابا للشهود فيبطل القضاء والشهادة جميعا .وذكر في الأصل لو ادعى دارا في يد رجل أنها له وقضى القاضي له بالدار والبناء ثم إن المقضي عليه أقام البين أن البناء له قال إن ذكر شهود المستحق البناء في شهادتهم لا يسمع بينة المقضى عليه وإن لم يذكروا سمع بينته وحكى عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أ، الشهود إذا لم يذكروا البناء في شهادتهم ينبغي أن تكون المسألة على الاختلاف على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يسمع بينة المقضى عليه وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يسمع ولا يكون الإقرار بالبناء إكذابا للشهود وجعل هذه المسألة فرعا لمسألة أخرى ذكرها في الشركة رجل ادعى على آخر أنه شريكه شركة مفاوضة وأقام البينة وقضى القاضي بالمال بينهما ثم إن المقضى عليه ادعى عينا انه ورثه من أبيه ذكر أن الشهود إذا شهدوا بالمفاوضة لا غير لا تصح هذه الدعوى عند أبي يوسف رحمه الله تعالى وعند محمد رحمه الله تعالى تصح .ووجه البناء على تلك المسألة أن في مسألة المفاوضة كل عين من الأعيان التي في يديه لم يصر مقضيا به مقصودا بل صار مقضيا به تبعا لصحة المفاوضة فكان نظير البناء مع الأرض ههنا وقال غيره لا تل مسألة الشهادات على الاتفاق وفرقوا لأبي يوسف رحمه الله تعالى بين هذه المسألة وبين المفاوضة والفرق يعرف في موضعه ثم في رواية الأصل جعل مطلق الإقرار بالبناء للمشهود عليه تكذيبا للشهود إذا ذكر الشهود البناء في شهادتهم وفي رواية المنتقى فصل فقال إن قال المقضى له أن البناء لم يزل للمقضى عليه أو قال انه ملك المقضى عليه يوم شهد الشهود كان ذلك إكذابا للشهود وإن أقر له بالبناء من غير تاريخ فقال إن البناء للمقضى عليه لم يكن إكذابا للشهود لأنه محتمل .أمة في يد رجل وابنتها في يد غيره فجاء رجل وأقام البينة على الذي في يديه الجارية أ، الأمة له فقضى القاضي له بالجارية لا يكون للمقضى له أن يأخذ الابنة بذلك القضاء ومثله لو أن رجلا في يديه نخلة وثمرتها في يد غيره جاء رجل وأقام البينة على الذي في يديه النخلة أن النخلة له وقضى القاضي له بها كان للمقضى له أن يأخذ الثمرة بذلك القضاء هكذا ذكر في المنتقى .رجل أقام البينة على دار في يد رجل أنها دار أبيه مات وتركها ميراثا له وقضى القاضي له بالدار ثم جاء رجل آخر وادعى أن الدار داره اشتراها من أبي المقضى عليه وصدقه المقضىله فإنه يبطل القضاء ويرد الدار على المقضى عليه ويقال للمدعي الثاني أقم البينة على المقضى عليه وإلا فلا حق لك لأن المقضى له أكذب شهوده فيبطل قضاء القاضي .رجل أقام البينة على دار في يد رحل أن أباه مات وتركها ميراثا له وأقام الذي في يديه البينة أن أبا المدعي أقر في حياته أن الدار ليست له فإنه تبطل شهادة شهود الوارث وكذا لو شهدوا على إقرار الوارث بعد موت أبيه أو قبل ذلك أن الدار لم تكن لأبيه أو أقام البينة على إقرار الوارث أن أباه مات وليست الدارله كان ذلك إبطالا لبينة الوارث .رجل مات واقتسمت ورثته التركة بتراضيهم ثم ادعى أحدهم لنفسه على الميت دينا سمع دعواه لأن الدين لا يمنع ثبوت الملك للوارث والقسمة وكذا لو ظهر على الميت بعد القسمة دين لأجنبي ولم يصل إليه حقه من الورثة كان له أن ينقض القسمة وكذا لو أجاز الأجنبي قسمة الورثة ثم أراد أن ينقض كان له ذلك .وإن ادعى بعض الورثة بعدما اقتسموا الدار أن أباه كان تصدع عليه بطائفة معلومة من هذه الدار أو ادعى أن والده كان تصدق بذلك على ابنه الصغير أو ادعى عينا من أعيان التركة لنفسه بوجه من الوجوه لا يسمع دعواه لأن إقدامه على القسمة إقرار منه أن <482> ما دخل تحت القسمة من تركة الميت ميراث لهم عن الميت فكان متناقضا في دعواه وإن ظهر بعد القسمة شريك في التركة بأن ظهر وارث آخر وكانت القسمة بتراضيهم لا بقضاء القاضي بطلت قسمتهم سواء عزلوا(2/297)
نصيب الغائب أو لم يعزلوا وإن ظهر بعد البسمة موصى له بالثلث فإن كانت القسمة برضاهم لا بقضاء القاضي فكذلك الجواب لأن الموصى له بالثلث شريك الوارث له أن ينقض القسمة وإن كانت القسمة بقضاء ثم حضر الموصى له بالثلث اختلف فيه المشايخ قال بعضهم ليس له أن ينقض القسمة لأن الموصى له بالثلث شريك الوارث وفيما إذا ظهر وارث آخر إن كانت القسمة بقضاء القاضي ينفذ على الوارث الغائب وإن كانت بغير فضاء لا ينفذ كذا ههنا وقال بعضهم له أن ينقض القسمة على كل حال بخلاف الوارث وموضعها كتاب القسمة .رجل ادعى دارا في يد رجل أنه اشتراها من ذي اليد فأنكر المدعى عليه البيع فلما أقام المدعي البينة أقام المدعى عليه البينة أن المدعي رد عليه الدار بعيب قبلت بينته وكذا لو ادعى رجل على رجل دينا فأنكر المدعى عليه ثم أقام البينة على الإبراء بعد الإنكار قبلت بينته وكذا لو ادعى العفو عن القصاص بعد إنكار القصاص .ولو ادعى البراءة عن العيب بعد إنكار البيع لا يسمع دعواه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يسمع .رجل أقام البينة على دار في يد رجل أنها كانت لأبيه مات وتركها ميراثا له ثم ادعى أنه اشتراها من أبيه لا يسمع دعواه ولو ادعى أولا الشراء من أبيه ثم ادعى الميراث عنه قبلت بينته . ولو أقام البينة على دار في يد رجل أنها كانت لأبيه مات أبوه يوم كذا وورثها عنه المدعي لا وارث له غيره وأقامت امرأة البينة أن أباه تزوجها يوم كذا اليوم بعد اليوم الذي ذكر الابن موته فيه وولد له هذا الولد ثم مات بعد ذلك ولها المهر والميراث فإن القاضي يقضي لها بالمهر والميراث سواء قضى القاضي ببينة الابن أو لم يقض لأن القاضي قضى ببينة الابن بموت الأب لا بوقت موته لأن حكم الموت لا يتعلق بوقت الموت في أي وقت يموت يكون ماله لورثته فصار كأن الابن أقام البنية على موت الأب ولم يذكر الوقت وذلك لا يمنع قبول بينة المرأة فإن أقامت امرأة أخرى البينة بعدما قضى القاضي ببينة الأولى أنه تزوجها بعد ذلك الوقت قبلت بينتها أيضا لأن القضاء ببينة الأولى لا يمنع القضاء ببينة الأخرى .ولو أن الوارث أقام البينة على رجل أ،ه قتل أباه يوم كذا وقضى القاضي بذلك ثم أقامت امرأة البينة أنه تزوجها بعد ذلك اليوم لا تقبل بينتها لأن يوم القتل صار مقضيا به وقال بعضهم فيما تقدم لا تقبل بينة المرأة أيضا وسوى بين القتل وبين ما تقدم من النكاح وفي ظاهر الرواية الحكم ما قلنا .ولو أقامت امرأة البينة أن الميت تزوجها يوم النحر بمكة وقضى القاضي لها ثم أقامت امرأة أخرى البينة أنه تزوجها في ذلك اليوم بخراسان لم تقبل بينتها .رجل ادعى أن هذه الدار لفلان وكلني بالخصومة فيها ثم ادعى هو بعد ذلك أنها لفلان آخر وإنه وكلني بالخصومة فيها وأقام البينة لاتقبل بينته لأنه متناقض والتناقض كما يمنع الدعوى لنفسه يمنع الدعوى لغيره فلا تسمع دعواه الثانية إلا بالتوفيق .ولو ادعى أن هذه الدار لفلان وكلني بالخصومة فيها ثم أقام البينة أنها له لا تقبل بينته إلا أن يوفق .ولو ادعى أولا أنها له ثم أقام البينة بعد ذلك أنها لفلان وكلني بالخصومة فيها قبلت بينته (فصل في الشاهد يشهد بعدما أخبر بزوال الحق وما يحل له أن يشهد والشهادة على الكتاب ) رجل كتب صك وصية وقال للشهود اشهدوا بما فيه ولم يقرأ وصيته عليهم قال علماؤنا رحمهم الله تعالى لا يجوز للشهود أن يشهدوا بما فيه وقال بعضهم وسعهم أن يشهدوا والصحيح أنه لا يسعهم أن يشهدوا وإنما لحل لهم أن يشهدوا بأحد معان ثلاث إما أن يقرأ الكتاب عليهم أو كتب الكتاب غيره وقرأ الكتاب عليه بين يدي الشهود فيقول هو لهم اشهدوا على بما فيه أو يكتب هو بين يدي الشهود وهم يعلمون بما فيه ويقول هو اشهدوا علي بما فيه .وإن كتب بين يدي الشهود صكا وعرف الشاهد ما كتب فيه ولم يقل هو اشهدوا على بما فيه لا يسعه أن يشهد عليه .قال الشيخ الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى هذا إذا لم يكن الكتاب مكتوبا على الرسم فإن كان مكتوبا على الرسم وكتب بين يدي الشهود والشاهد يعلم ما في الكتاب وسعه أن يشهد وإن لم يقل له الكاتب اشهد علي بما فيه وإنه أحسن إليه أشار محمد رحمه الله تعالى في النوادر في كتاب النكاح وهذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أخرى إذا كتب الرجل الصك بيده على نفسه بين يدي الشهود ثم أودعه الشاهد ولم يعلم الشاهد ما فيه وأمره الكاتب أن يشهد بما فيه وسعه أن يشهد لأن الكتاب إذا كان في يد الشاهد يكون معصوما عن التبديل والتغيير والزيادة والنقصان وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أخرى إذا كتب الرجل الصك بيده على نفسه بين يدي الشهود وقال اشهدوا على بما في هذا الصك فهو جائز .وإن كتب غيره وقال هو اشهدوا على بما فيه لم يجز حتى يقرأ عليهم ثم يشهدهم وفي ظاهر الرواية لا يحل لهم <483> أن يشهدوا(2/298)
إلا أن يقرأ هو الكتاب عليهم أو يكتب غيره ويقرأ عليه وهو يقول اشهدوا علي بما فيه أو يكتب بين يديه وهو يعلم بما فيه ويقول اشهدوا علي بما فيه .ولو كتب رسالة منه إلى رجل من فلان بن فلان سلام عليك أما بعد فإنك كتبت إلي تقاضاني الألف التي كانت لك علي وقد كنت قضيتك منها خمسمائة وبقي لك علي منها خمسمائة فهذا جائز إذا علم حل له أن يشهد عليه بذلك وإن لم يقل اشهدوا .ولو كتب صكا بين يدي قوم أميين وقال اشهدوا بما فيه ولم يقرأ عليهم لا يسعهم أن يشهدوا .امرأة أقرت على نفسها بمال لابنتها أو لأختها تريد به الإضرار لبقية الورثة والشهود يعلمون بذلك قالوا وسعهم أن يتحملوا الشهادة ويشهدوا بذلك ويكره لها أن تفعل ذلك .وحكي عن أبي القاسم الصفار رحمه الله تعالى أن رجلا أخذا مت السلطان سوق النحاسين مقاطعة كل شهر بكذا وأشهد شهودا قال مولانا رحمه الله تعالى عدل المقطع والمقاطع عن سبيل الرشاد ولو شهد الشهود بذلك حل بهم اللعن لأنهم شهدوا بباطل وكذا لو شهدوا على إقرار رجل بمال عرف أن السبب باطل وينبغي أن لا يشهدوا بمثل هذا وكذا في كل إقرار سببه حرام أو باطل . رجل جاء إلى رجلين ومعه أعوان السلطان فأقر عندهما أن لفلان علي كذا وفلان من أعوان السلطان ثم طلب منهم الشهادة على هذا الإقرار والمقر يزعم أنه إنما أقر بذلك خوفا من المقر بله قالوا ينبغي للشاهدين أن يتفحصا عن ذلك فإن وقفا على أنه كان عن خوف وإكراه لا يشهدان وإن لم يقفا على ذلك يشهدان على إقراره ويذكران للقاضي أنه أقر ومعه أعوان السلطان حتى يتأمل القاضي في ذلك .رجل أقر بين يدي قوم إقرارا صحيحا أن لفلان عليه ألف درهم ثم جاء عدلان أو ثلاثة إلى هؤلاء الشهود وقالوا لا تشهدوا لفلان عليه بالدين فإنه قضاه جميع ما كان عليه من الدين كان لهم الخيار إن شاؤوا شهدوا بذلك وذكروا القصة للقاضي كيلا يقضي القاضي بالباطل هكذا روي عن محمد رحمه الله تعالى .وعنه في رواية يشهد أنه كان عليه ذلك ولا يشهد أنه عليه اختلفت الروايات عن محمد رحمه الله تعالى في هذه المسألة واختلف فيها المشايخ قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا شهد عدلان عند الشاهدين أن صاحب المال قد استوفي دينه أو أنه أبرأ المطلوب عن دينه لا يسعهما أن يمتنعا عن الشهادة على الإقرار بالدين إلا أن يكونا سمعا إقرار الطالب بالإبراء أو بالاستيفاء هكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في المنتقى أنه إذا شهد عند الشاهد رجلان ممن يثق بهما أن صاحب المال قبض حقه ليس له أن يمتنع عن الشهادة إذا سأل الطالب أن يشهد له بحقه .قال مولانا رحمه الله تعالى وعندي إن كانت الشهادة على إقرار الخصم بالدين يشهد على الإقرار وإن كانت الشهادة على سبب من قرض أو غيره يشهد على السبب ولا يشهد على نفس الحق .رجل شهد بنكاح امرأة أو بيع جارية أو قتل عمد أو إقرار بشيء من ذلك ثم شهد عند الشاهد عدلان أن الزوج طلقها ثلاثا بحضرتهما أو أرضعتهما امرأة واحدة وهما صغيران في الحولين أو أن المشتري أعتق الجارية أو أعتقها البائع قبل بيعها من المشتري أو أن الولي قد\ عفا عن دم العمد أو أن الميت قد عفا عنه قيل موته ثم أنكرت المرأة النكاح وأنكرت الجارية أن تكون للمشتري لا يسع للشاهدين أن يشهدا على أصل النكاح والبيع وغير ذلك لأنه لو شهد عند المرأة عدلان أن الزوج طلعها ثلاثا أو شهدا عند الأمة أن مولاها وهو المشتري أعتقها لا يسعها أن تدعه يجامعها وكما لا يسع للمرأة ذلك لا يسع للشاهدين أن يشهدا على أصل النكاح وإن كان الشاهد بالطلاق أو بما ذكرها واحدا عدلا لا يحل لشاهد النكاح ولا لشاهد شراء(2/299)
الجارية أن يمتنع من الشهادة الأولى فإن الشاهد الواحد لو شهد عند المرأة بالطلاق أو عند الأمة بالإعتاق لا يحل لها منع الزوج ول منع المولى من الجماع وكذا الشاهد لا يحل له الإمتناع من الشهادة ولو كان الطالب هو الذي أقر بقبض الدين أو أقر الزوج عن الشاهد بالطلاق أو أبر المولى بالإعتاق ثم دعاه إلى الشهادة على النكاح وعلى البيع وعلى أصل الدين فإنه يمتنع عن الشهادة ولا يحل له أن يشهد وذكر الناطفي رحمه الله تعالى إذا شهد عند شهود النكاح عدلان أو شهد عند الشهود شراء الجارية عدلان أن الزوج طلقها ثلاثا أو إن مشتري الجارية أعتق الجارية ففي هذين الحكمين لا يسع لشاهد النكاح ولا لشاهد شراء الجارية أن يشهد على النكاح وعلى شراء الجارية عند جحود المرأة النكاح وعند دعوى الجارية الحرية وإنكار الملك في العيون سوى بين النكاح والعتق والعفو وغير ذلك . ذكر في المنتقى إذا رأيت في يد رجل متاعا أو دارا ووقع في قلبك أنه له ثم رأيته بعد ذلك في يد غيره وسعك أن تشهد أنه للأول وإن لم يقع في قلبك حين رأيته أنه له لم يسع لك أن تشهد أنه له برؤيتك إياه في يده وإن رأيته في يده فوقع في قلبك أنه له ثم رأيته في يد غيره فأردت أن تشهد أنه له فشهد عندك شاهدا عدل أنه للذي في يد\ه اليوم كان هو أودعه الأول بحضرتهما لم يسعك أن تشهد أنه للأول وإن شهد به عدل واحد وسعك أن تشهد أنه للأول قال لأن عند شهادة الشاهدين يقع في <484> قلبه إنه ليس للأول فلا يحل له أن يشهد أنه للأول بخلاف ما إذا شهد به عدل واحد لأن بشهادة الواحد لا يزول ما كان في قلبك للأول فلا يحل لك أن تمنع عن الشهادة إلا أن يقع في قلبك أن هذا الواحد صادق فإذا وقع في قلبك ذلك لا يحل لك أ، تشهد أنه للأول .وذكر في المنتقى أنه إذا رأى شيئا في يد إنسان ووقع في قلبه أ،ه له حل له أن يشهد أنه له . وذكر في الجامع الصغير إذا رأى دارا أو متاعا في يد إنسان ثم رآه في يد غيره حل له أن يشهد أنه للأول ولم يذكر ووقع في قلبه أنه له ولم يذكر التصرف مع اليد .والصحيح ما ذكر في المنتقى لأن اليد محتملة وكذا التصرف فلا يحل له أن يشهد ما لم يقع في قلبه أنه له .ثم قال في المنتقى وكذلك كل أمر ظاهر تجوز فيه الشهادة بالسماع كالموت والنكاح والنسل إذا وقع في قلبك أنه حق ما سمعت من الخبر فشهد عندك عدلان بخلاف ما وقع في قلبك لم يسعك أن تشهد بما وقع في قلبك من الأمر إلا أن تستيقن أنهما كاذبان وإن شهد به عندك عدل واحد وسعك أن تشهد بما وقع في قلبك من الأمر الأول إلا أن يقع في قلبك أن هذا الواحد صادق فيما يشهد .إذا شهد الشهود بما تجوز به الشهادة بالسماع وقالوا لم نعاين ذلك ولكنه اشتهر عندنا جازت شهادتهم .ولو قال شهدنا بذلك لأنا سمعنا من الناس لا تقبل شهادتهم .ولو شهدوا بالملك وقالوا شهدنا لأنا رأيناه في يده لا تقبل شهادتهم .وإذا سمع الرجل موت إنسان وأراد أن يشهد على الموت قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن كان الموت مشهورا يقع في القلوب أنه حق كان له أن يشهد أن فلانا قد مات فإن لم يكن موته مشهورا وأخبره عدل أنه عاين موته أو شهد جنازته حل للسامع أن يشهد أن فلانا مات وإن شهد عند القاضي وأخبر أنه إنما شهد بذلك لأن فلانا أخبره لا يقبل القاضي شهادته وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى .ولا بأس للرجل أن يشهد بالنكاح المشهور وإن لم يحضر النكاح والاشتهار يكون بطريقين .أحدهما أ، يسمع من جماعة كثيرة لا يتصور اجتماعهم على الكذب وفي هذا لا تشترط العدالة ولا لفظة الشهادة .والثاني أن يشهد عنده عدلان بلفظة الشهادة .وإن لم يعاين الرجل موت إنسان ولكنه رأى أهله نعي إليهم وهم يصنعون به ما يصنع الناس بموتاهم لا يحل له أن يشهد بموته بذلك .إذا شهد رجلان أن زوج فلانة قتل أو مات وشهد آخران أنه حي كانت شهادة الموت والقتل أولى .ولو شهد اثنان أن زوج فلانة طلق امرأته والزوج غائب لا تقبل شهادتهما وإن شهدا عند المرأة حل لها أن تتزوج بزوج آخر بعد انقضاء العدة .ولو شهد عندها رجل عدل أنه ارتد والعياذ بالله لا يحل لها أن تتزود في رواية السير وفي رواية الاستحسان يحل لها أن تتزوج .وذكر في العيون إذا أخبر المرأة واحد بموت زوجها أو بردته أو بالطلاق حل لها أن تتزوج .ولو سمع من هذا الواحد رجل حل له أن يشهد قال لأن هذا من باب الدين فيثبت بخبر الواحد وإن لم يوجد لفظة الشهادة بخلاف النكاح والنسل .وإذا أخبر المرأة عد بموت زوجها الغائب وأخبرها اثنان بحياته إن كان الذي أخبر بالموت أخبر بمعاينة الموت أو أخبر أنه شهد جنازته حل لها أن تتزوج آخر .وإن كان اللذان أخبرا بحياته أرخا بتاريخ لاحق قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى شهادتهما أولى .ولا بأس للرجل أن يشهد بالنكاح المشهور وإن لم يحضر النكاح .فإن خرج قوم من أملاك قوم وأخبروا رجالا كانوا في الخارج أن فلانا تزوج فلانة(2/300)
على مهر كذا حل للسامعين أن يشهدوا على النكاح .وهل يحل لهم أن يشهدوا على المهر فيه روايتان عن محمد رحمه الله تعالى في رواية يحل لهم الشهادة على المهر كما يحل لهم على النكاح كذا ذكر في المنتقى والعيون لأن المهر تبع للنكاح فكان حكمه حكم النكاح ولكن لو قالوا سمعنا من الذين حضروا العقد أن المهر كان كذا لا تقبل شهادتهم وفي رواية لا تحل لهم الشهادة على المهر لأن المهر مال فلا تجوز فيه الشهادة بالتسامع والصحيح هو الأول .رجل زوج ابنته من رجل في بيت وفي بيت آخر قوم يسمعون التزويج ولم يشهدهم قالوا إن كان من بيت العقد إلى بيت السامعين كوة رأوا البنت والزوج جاز لهم أن يشهدوا وإن لم يروا لا يجوز وإن سمعوا كلامهم .ذكر الخصاف رحمه الله تعالى في أدب القاضي إذا سمع رجل إقرار رجل وراء الحجاب لا يحل له أ، يشهد ولو شهد وفسر لا يقبل القاضي شهادته .ولو أن رجلا دخل بيتا وعلم أنه ليس في البيت إلا رجل واحد ثم خرج وجلس على الباب وليس للبيت مسلك سوى هذا الباب فأقر الرجل الذي في داخل البيت بشيء وسمع الجالس وسع للجالس أن يشهد على إقرار الرجل بذلك .رجل تولى تزويج امرأة من رجل ثم مات الزوج فأنكر ورثته نكاحها يجوز للذي تولى العقد أن يشهد بالنكاح يشهد أن فلانا تزوج فلانة بمعر كذا ولا يذكر أنه باشر العقد .رجلان شهدا على إقرار امرأة لرجل بألف درهم أو غيره وشهدا أن رجلين سواهما فلانا وفلانا أشهداهما أنها فلانة بنت فلان الفلاني قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا أجيز ذلك وذكر في الفتاوى أنه لا يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى <485>حتى يشهد عند الشاهد جماعة أنها فلانة بنت فلان الفلاني وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف رحمهما الله تعالى يجوز ذلك . وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إذا سمعوا صوت امرأة من وراء الحجاب ورأوا شخصها وشهد عندهم رجلان عدلان أنها فلانة جاز لهم أن يشهدوا على إقرارها وإن لم يروا وجهها وأما إذا لم يروا شخصها لا يحل لهم أن يشهدوا على إقرارها وهو اختيار الفقيه أبي الليث رحمه الله تعالى وذكر هو رحمه الله تعالى في الفتاوى عن نصير بن يحيى أن ابنا لمحمد بن الحسن رحمه الله تعالى دخل على أبي سليمان الجوزجاني فسأله أبو سليمان عن هذه المسألة قال كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول لا يجوز له أن يشهد عليها حتى يشهد عنده جماعة أنها فلانة وكان أبو يوسف وأبو بكر الإسكاف رحمهما الله تعالى يقولان تجوز إذا شهد عنده عدلان أنها فلانة وعليه الفتوى . رجلان عدلان شهدا عند رجل أن فلانا هذا عدل هل يجوز للسامع أن يعدله إذا سئل عنه قال محمد رحمه الله تعالى إذا كان العدلان اللذان عدلاه يعرفان التعديل وسعه أن يعدله إلا أنه لا يخبر القاضي بشهادة العدلين فإن أخبر وقال شهد عندي شاهدان بذلك جاز أيضا في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنه يجيز تعديل الواحد أما عندي يشترط العدد في المعدل فإذا عدله رجل آخر معه جاز . الشاهد إذا كان يحفظ الإقرار ويعرف المقر ويعرف خطه إلا أنه لا يحفظ الوقت والمكان حل له أن يشهد . ولو نسي الشهادة وعرف أنه خطه لا يشهد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول صاحبيه رحمهما الله تعالى حلله أن يشهد . وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز له أن يشهد في قول أصحابنا رحمهم الله تعالى . وعن هذا قالوا الشاهد إذا كتب الشهادة ينبغي أن يعلمه بعلامة إذا رآه بعد ذلك يعرفه بتلك العلامة ويأمن بذلك عن التغيير والزيادة والنقصان فإذا رأى خطه وشهد وحكم الحاكم بشهادته قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا ينقض قضاؤه وإن كان الخط في يد المدعي لا يحل له أن يشهد هو المختار . رجلان شهدا أن الميت طلق امرأته ثلاثا وهو صاحب فراش وقالا أشهدنا في حياته وأمرنا بالكتمان فكتمناه لا تقبل شهادتهما لأنهما أقرا على أنفسهما بالفسق . رجل صب زيتا أو سمنا أو خلا لغيره بمعاينة الشهود وقال مات فيها فأرة كان القول قوله مع يمينه في إنكاره استهلاك الطاهر ولا يسع للشهود أن يشهدوا عليه أنه صب زيتا غير نجس .ولو أن رجلا عمد إلى طوابق لحم فاستهلكه بمعاينة الشهود ثم قال كانت ميتة لا يقبل قوله في ذلك ويسع للشهود أن يشهدوا عليه أنها كانت ذكية لأن في المسألة الأولى لا يعلم الشهود بعدم وقوع الفأرة فيها وفي المسألة الثانية يعلمون أنها كانت ذكية .رجل له شهادة على ملك دار بعينها لرجل إلا أنه لا يعرف حدودها جاز له أ، يسأل الثقات عن حدودها للشهادة لكن يشهد على إقرار المدعى عليه بالدار ولا يشهد بذكر الحدود على إقراره حتى لا بكون كاذبا لكنه يفسر الحدود من ذات نفسه فيجوز (فصل في الشهادة على الشهادة ) الشهادة على الشهادة جائزة في الأقارير والحقوق وأقضية القضاة وكتبهم وكل شيء إلا في الحدود والقصاص ولا تجوز الشهادة على شهادة رجل أو رجلين أقل من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عندنا .رجلان شهدا على شهادة رجلين أو على(2/301)
شهادة قوم جاز عندنا .وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز إلا أن يشهد رجلان على شهادة كل أصل فعنده لا تثبت شهادة أصلين إلا بشهادة أربع من الرجال وعندنا كما يثبت قول الواحد في مجلس القاضي بشهادة رجلين يثبت قول جماعة بشهادة شاهدين .وإذا شهد أصل على شهادة نفسه وعلى شهادة أصل آخر مع شاهد آخر لا تقبل شهادته على شهادة أصل آخر .ولو أن فرعين شهدا على شهادة أصل فخرس الشهود على شهادته أو عمى أو ارتد أو فسق أو ذهب عقله وصار بحال لا تجوز شهادته بطل الشهادة على شهادته .إذا شهد الفرع على شهادة أصل فردت شهادته بفسق الأصل لا تقبل شهادة أحدهما بعد ذلك . وتثبت عدالة الأصول بتعديل الفروع .فرعان شهدا على شهادة أصلين إن كان القاضي يعرف الأصول والفروع بالعدالة قضى بشهادتهم فإن عرف الأصول بالعدالة ولم يعرف الفروع يسأل عن الفروع وإن عرف الفروع بالعدالة ولم يعرف الأصول ذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن القاضي يسأل الفروع عن أصولهم ولا يقضي قبل السؤال فإن عدلا الأصول تثبت عدالة الأصول بشهادتهما في ظاهر الرواية وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يثبت عدالة الأصول بتعديل الفروع والصحيح ظاهر الرواية وإن قال الفرعان للقاضي لا نخبرك لا يقبل القاضي شهادتهما فإن قال المدعي أنها آتيك بمن يعدلهما أو يقول سل أنت عنهما غيرنا على قول محمد رحمه الله تعالى لا يلتفت إليهما ولا يقضي بشهادتهما وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قال الفرعان لا نخبرك فإن القاضي يسأل غير الفرعين عن الأصول .ولو قال الفرعان لا نعرف الأصل أعدل أم لا قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السعدي رحمه الله تعالى هذا وقول الفروع لا نخبرك سواء وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إذا قالا لا نعرفه أعدل أم لا <486>لا يرد القاضي شهادتهما ويسأل عن الأصول غيرهما وهو الصحيح لأن شاهد الأصل بقي مستورا . ولو قال الفرع للقاضي أنا أتهمه في الشهادة لا يقبل القاضي شهادة الفرع على شهادته . الشهادة على الشهادة لا تجوز إلا أن يكون المشهود له على شهادته مريضا في المصر لا يقدر أن يحضر لأداء الشهادة أو يكون ميتا أو غائبا غيبة السفر ثلاثة أيام ولياليها وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كان شاهد الأصل في موضع لو حضر لأداء الشهادة لا يبت في منزله جازت الشهادة على الشهادة وعن محمد رحمه الله تعالى في النوادر أنه تجوز الشهادة على الشهادة وإن كان الأصل صحيحا في المصر . رجل أشهد على شهادته رجلا وهناك رجل آخر يسمع ذلك ولم يقل له الشاهد أشهد على شهادتي لا يحل للسامع أن يشهد على شهادته فإن شهد وفسر للقاضي ذلك لا يقبل القاضي شهادته لأن الشهادة على الشهادة لا تجوز إلا أن يشهده الأصل على شهادته .وصورة الاشهاد أن يقول شاهد الأصل أشهد أ، لفلان على فلان ألف درهم فاشهد على شهادتي هذه فيذكر شاهد الأصل في الاشهاد الشهادة ثلاثا .وصورة الأداء من الفرع أن يقول أشهد أن فلانا شهد عندي بكذا وأشهدني على شهادته بذلك وأنا أشهد على شهادته بذلك فيذكر شاهد الفرع في أداء الشهادة الشهادة ستا قالوا ومنهم الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يكفيهم الأربع .وصورة ذلك أن يقول الفرع أمرني فلان أن أشهد على شهادته أن لفلان على فلان ألف درهم فأنا أشهد على شهادته بذلك .ولو قال شاهد الفرع أشهد أن فلانا أشهدني أن لفلان على فلان كذا لا يجوز ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى .ولو أن أصلين قالا لرجلين أشهدا أنا سمعنا فلانا يقر على نفسه لفلان بألف درهم فاشهد علينا بذلك فشهد الفرعان لا تقبل شهادة الفرعين لأن الشهادة على الشهادة نقل شهادة الأصول إلى مجلس القاضي ولم يوجد .وكذا لو قال الأصلان يشهد أن فلانا أقر أن لفلان عليه ألف درهم فاشهدا أنا يشهد بذلك أو قالا فاشهدا علينا أنا يشهد عليه بذلك أو قالا فاشهدا علينا بما شهدنا أو قالا لفلان على فلان ألف درهم فاشهدا أنا شهدنا عليه أو قالا فاشهدا بشهادتنا هذه عليه أو قالا فاشهدا على ما شهدنا وكذا لو قال الأصل للفرع أشهد أني أشهد على إقرار فلان بن فلان لفلان بن فلان بكذا درهما لا يصح الاشهاد في هذه الوجوه .رجل أشهد رجلا على شهادته ثم نهان أن يشهد على شهادته لا يجوز له نهيه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى حتى لو شهد على شهادته بعد النهي جازت شهادته .رجل أشهد رجلا على شهادته فإن كان الذي له المال والذي عليه المال حاضرين عند الاشهاد يقول أشهد أن فلان بن فلان هذا أقر عندي أن لفلان بن فلان هذا عليه ألف درهم كان الاشهاد صحيحا وإن كانت غائبين أو أحدهما حاضرا والآخر غائب أو ميت ينبغي له أن ينسب الغائب منهما أو الميت منهما إلى أبيه وجده وقبيلته وإلى ما يعرف به لأن مجلس الاشهاد بمنزلة مجلس القضاء فكما يشترط في أداء الشهادة الإعلام بأقصى الامكان يشترط في الاشهاد .ولو أن عشرة شهدوا على شهادة الواحد لا(2/302)
يقضي بشهادتهم حتى يشهد شاهد آخر لأن الثابت بشهادتهم شهادة واحد .ولو شهدوا على شهادة امرأة جازت شهادتهم ولا يقضي حتى تشهد امرأة أخرى مع رجل على ذلك .رجلان شهدا على شهادة جماعة من الرجال جازت شهادتهم ويقضي بها .ولو أن فروعا شهدوا على شهادة الأصول ثم حضر الأصول قبل القضاء لا يقضي بشهادة الفروع .وإذا شهد الفروع على شهادة الأصول وقالوا نحن نشهد على شهادة الأصول ولم يقولوا نحن يشهد على شهادتهم هذه لا تقبل شهادتهم .كافران شهدا على شهادة مسلمين لكافر على كافر لم تقبل شهادتهما وكذا لو شهدا على قضاء القاضي لكافر على كافر .وتجوز شهادة الرجل على شهادة أبيه وفي شهادته على قضاء أبيه روايتان والصحيح هو الجواز أيضا والله أعلم . (فصل في كتاب القاضي إلى القاضي ) رجل جاء إلى قاض وطلب منه الكتاب إلى قاضي مصر آخر في إثبات حق له على غائب فالمسألة على وجوه أما إن كان المدعى به دينا أو عقارا أو عروضا ففي الدين والعقار يجوز كتاب القاضي إلى القاضي في قولهم جميعا وفيما سوى ذلك من الرقيق والعروض لا يجوز في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية يجوز في العبيد الإباق دون الإماء وفي رواية يجوز في العبيد والجواري لا في العروض وعنه في رواية يجوز في العروض أيضا وبه أخذ القاضي الإمام المنتسب إلى اسبيجاب .وإذا أراد القاضي أن يكتب فإن كان القاضي يعرف المدعي بوجهه واسمه ونسبه يكتب في كتابه حضر مجلس قضائي في بلدة كذا وأنا مقيم بها نافذ القضاء من قبل فلان بن فلان كما هو الرسم فلان بن فلان الفلاني ويذكر حليته .وإن كان القاضي لا يعرفه وهو يقول أنا فلان بن فلان يسأله البينة أنه فلان بن فلان ويذكر في كتابه حضر رجل يزعم أنه فلان بن فلان ولم أعرفه فسألته البينة فجاء بشهود ويذكر أسماء الشهود وأنسابهم <487> وحلاهم ومساكنهم إن كتب ذلك كان أولى وإن لم يذكر أسماءهم وأنسابهم واكتفى بقوله فأقام شهودا عدولا عرفتهم بالعدالة أو سألت عنهم فعدلوا أو عرفوا بالعدالة جاز ذلك ثم يكتب فشهدوا أنه فلان بن فلان ويستقصي في تعريفه فإن ذكر قبيلته مع ذلك كان أبلغ وإن ترك ذلك لا يضر وإن ذكر اسمه واسم أبيه ولم يذكر الجد لا يتم التعريف في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويتم في قول صاحبيه رحمهما اله تعالى وكذا لو ذكر اسمه واسم أبيه ولم يذكر الجد ونسبه إلى القبيلة أو إلى الصناعة المعروفة كان على الاختلاف وإن ذكر اسمه ولم يذكر اسم الأب لكن نسبه إلى قبيلته أو فخذه فقال فلان التميمي أو ما أشبه ذلك لا يكون تعريفا في قولهم ثم يثبت من غير خصم أحضره ولا نائب عن خصم حضر معه وادعى أن له دارا في بلدة كذا في محلة كذا حدودها كذا في يد رجل يقال له فلان بن فلان يعرف المدعى عليه على وجه التمام وهو جاحد لدعوى المدعي هذا بحقه فإنه أثبت يده على هذه الدار بغير حق وسألني سماع دعواه هذه وقبول بينته على وفق دعواه هذه وأحضر شهودهم فلان بن فلان يذكر أسماء الشهود وأنسابهم وحلاهم ومساكنهم فشهد كل واحد من هؤلاء الشهود بعد دعوى المدعي هذا والاستشهاد منهم شهادة مستقيمة صحيحة متفقة اللفظ والمعنى كما هو الرسم فسألت عن الشهود فعدلوا وإن لم يكتب القاضي عدالة الشهود لا بأس به .ويكتب العنوان في الظاهر والباطن جميعها والاعتماد على عنوان الطن دون الظاهر حتى لو ترك عنوان الزاهر واكتفى بعنوان الباطن جاز وعلى العكس لا يجوز لأن عنوان الزاهر يخاف عليه التزوير والتغيير ويكتب الأسماء والأنساب في العنوانين جميعا فإن ترك ذلك في عنوان الباطن لا يصح .وصورة عنوان الباطن في زماننا أن يكتب قبل كتابة التسمية من جانب اليسار من فلان بن فلان بن فلان قاضي بلد كذا ثم يكتب توقيعه قبيل كتابة التسمية ويكتب في جانب اليمين فوق كتابة التسمية بسم الله الملك الحق المبين ونحو ذلك إلى القاضي فلان بن فلان قاضي بلد كذا وإلى كل من يصل إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم أدام الله توفيقه ولو فيقهم وإن كتب له إلى قاضي بلد كذا ولم يكن في البلدة إلا قاض واحد قال الشيخ الغمام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى يصح ذلك وإن كان في البلدة قاضيان لم يضح .ثم يكتب على ظهر الكتاب من قبل اليسار على الصدر من فلان ابن فلان قاضي بلد كذا ونواحيها ويكتب على الظهر من قبل اليمين بسم الله الملك الحق المبين إلى قاضي بلد كذا فلان بن فلان بن فلان وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم أدام الله توفيقه وتوفيقهم وإذا كتب الكتاب وكتب فيه دعوى المدعي وشهادة الشهود وأسماءهم وأنسابهم على الحق يكتب في آخر الكتاب ويقول القاضي فلان بن فلان قاضي بلد كذا كتب هذا الكتاب عني بأمري إن كان كتب الكتاب غيره وجرى الأمر على ما بين فيه مني وعندن وهو كما كتب فيه وهو معنون بعنوانين عنوان على ظاهره وعنوان في باطنه وهو مختوم بخاتمي ونقش خاتمي كذا وهو مكتوب على ثلاثة أنصاف من الكاغد وأوصاله(2/303)
كذا وهو موقع بتوقيعي وتوقيعي كذا كتب التوقيع على صدره وأشهدت عليه شهودا وهم فلان بن فلان وفلان بن فلان يذكر أسماءهم وأنسابهم وحلاهم وقرأت الكتاب عليهم وأعلمتهم بما فيه وختمت الكتاب بمحضر منهم وأشهدتهم على جميع ذلك وكتبت هذه الأسطر في آخره وهي كذا بخطي في تاريخ كذا ولا يكتب في آخر الكتاب إن شاء اله .وينبغي أن يكتب الكتاب نسختين نسخة في يد المدعي مختومة وأخرى عين تلك النسخة من غير زيادة ولا نقصان في يد الشهود لأن الشهادة بما في الكتاب شرط في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى والشهود لا يقدرون على ذلك إذا لم تكن النسخة في أيديهم وإذا جاء المدعي بالكتاب إلى القاضي المكتوب إليه فإن القاضي لا يأخذ الكتاب بغير محضر من الخصم فإذا أحضر خصمه وذكر دعواه أن أقر الخصم بذلك استغنى عن الكتاب وإن جحد فالقاضي يقول له لا بد لك من حجة فإن قال معي كتاب القاضي إليك قال أبو يوسف رحمه الله تعالى القاضي المكتوب إليه يأخذ الكتاب من غير بينة وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يأخذ قبل إقامة البينة فإذا شهد الشهود أنه كتاب القاضي فلان ابن فلان إليك وهو مختوم بخاتمه فحينئذ يقبل الكتاب ولا يفتح حتى يسأل القاضي من الشهود في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى عما في الكتاب ويقول هل قرئ عليكم وهل ختم بحضرتكم فإن قالوا لا أو قالوا قرئ علينا ولم يختم بحضرتنا أو على العكس لا يأخذ الكتاب وإن قالوا نعم قرئ علينا وختم بحضرتنا وأشهدنا بختمه يفتح الكتاب ولا يكتفي بقولهم ختم عندنا وبمشهدنا وإذا فتح الكتاب ينظر في الكتاب فإن كانت شهادتهم مخالفة لما في الكتاب رده وإن كانت موافقة فإن كان القاضي الكاتب كتب في كتابه عدالة الشهود أو عرفهم القاضي المكتوب إليه بالعدالة فقضى على الخصم بالحق وإن لم يكن ذلك سأل القاضي عن عدالة الشهود فإن عدلوا قضى بشهادتهم .ويشترط لصحة قبول <488> الكتاب حياة القاضي الكاتب والمكتوب إليه فإن القاضي ككاتب لو مات أو عزل قبل وصول الكتاب بطل كتابه كشاهد الأصل إذا مات قبل أن يشهد الفرع على شهادة الأصل وإنما تشترط حياة المكتوب إليه لأن القاضي الكاتب طلب الحكم مت المكتوب إليه وذلك لا يتصور بعد موته وعزله إلا أن يكون القاضي الكاتب كتب في آخر كتابه كتابي هذا إلى فلان القاضي وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم فحينئذ بموت المكتوب إليه وعزله لا يبطل الكتاب وإن عزل القاضي الكاتب أو مات بعد ما وصل الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه فإن القاضي المكتوب إليه يعمل بذلك لأن الموت والعزل ليس بجرح بخلاف ما إذا فسق الكاتب أو عمى أو صار بحال لا يجوز حكمه وشهادته فإن هنا القاضي المكتوب إليه لا يقبل كتابه لأن كتاب القاضي بمنزلة الشهادة فما يمنع القضاء بشهادته يمنع القضاء بكتابه .وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما اله تعالى إذا عمي الشاهد بعد أداء الشهادة قبل الحكم تبطل شهادته فيبطل كتابه وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى العمى كالموت لا يبطل الشهادة .ولو انكسر ختم القاضي قبل الوصول فإن المكتوب إليه يقبل الكتاب لأنه لو لم يقبل يحتاج إلى الكتاب مرة أخرى وربما ينكسر الثاني والثالث .وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان أثر الختم باقيا أو شيء من المنكسر يقبل وإلا فلا وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كان الكتاب منشورا يقبل فههنا أولى وإذا طعن الخصم في القاضي الكاتب أو في الشهود فقال إن الشهود الذين شهدوا عند القاضي الكاتب عبيد أو محدودون في قذف أو من أهل الذمة يسمع القاضي ذلك منه فإن أقام على ذلك شاهدين لا يقبل الكتاب وإن أقام شاهدا واحدا يتفحص القاضي المكتوب إليه فإن كان الأمر كما شهد هذا الواحد رد الكتاب وإلا قضى به .وإذا كتب القاضي لرجل يدعي دينا على غائب كتابا وختم الكتاب ثم جاء المدعي وقال فقدت الكتاب والتمس كتابا آخر فإن كلن القاضي يتهمه لا يكتب كتابا آخر وإن لم يتهمه كتب لكن يذكر في الكتاب الثاني إني كتبت إليك في هذه الحادثة كتابا في تاريخ كذا ثم جاءني فقال فقدت ذلك الكتاب وطلب مني فكتبت هذا الكتاب ويذكر التاريخ كيلا يأخذا الحق مرتين بكتابين ولو قال المدعي للقاضي بعد ما كتب له كتابا أن المدعى عليه انتقل من تلك البلدة إلى بلدة أخرى فاكتب لي كتابا إلى قاضي بلك البلدة يكتب ويذكر في كتابه كنت كتبت له إلى قاضي بلدة كذا في هذه الحادثة كتابا آخر ثم قال إن المدعى عليه انتقل من تلك البلدة إلى بلدة كذا وطلب مني هذا الكتاب احتياطا .إذا كتب القاضي كتابا وقال هذا من فلان لبن فلان إلى قاضي بلد كذا ولم يكتب اسم ذلك القاضي ولا اسم أبيه لا ينبغي للقاضي الذي يرد عليه الكتاب أن يقبل في قول أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف رحمهم الله تعالى الأول وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى آخرا يقبل يقبل بشرط أن يكون تاريخ الكتاب بعد ولاية القاضي الذي يرد عليه الكتاب وكذا لو كتب من فلان بن فلان إلى كل من يصل(2/304)
إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم جاز ويجب على كل من يصل إليه أن يقبل .كتاب القاضي إلى القاضي جائز في كل حق يدعيه من دين أو قرض أو غصب أو وديعة مجحودة أو مضاربة مجحودة أو ضيعة أو دار أو عقار في يد غائب أو شفعة وكذلك في النكاح .إذا قال الرجل إن فلانة بنت فلان بن فلان ببلد كذا زوجتي وإنها تجحد نكاحي وإن شهودي على النكاح ههنا ولا يمكنني الجمع بينها وبين شهودي فاكتب لي في هذا كتابا فإن القاضي يسمع شهادة شهوده ويكتب له .وكذا لو ادعت امرأة أنها امرأة فلان الغائب أو ادعى ولاء عتاقة أو ولاء موالاة لأنه يدعي حقا لازما في ذمة الغائب فكان بمنزلة دعوى الدين .وكذا لو ادعى نسبا بأن قال رجل إن فلان بن فلان بن فلان أبي وهو ينكر نسبي ولي بينة ههنا أنه أقر بأني ابنه أو أنه تزوج أمي وإني ولدت منه على فراشه ونسبت إليه فأقام على ذلك بينة فإنه يكتب له كتابا وكذا لو ادعى رجل أنه أبو فلان الغائب وأقام البينة وطلب منه الكتاب .ولو ادعى أنه أخو فلان الغائب أو ادعى أنه عمه وطلب الكتاب فإن القاضي لا يكتب إلا أن يدعي إرثا أو نفقة أو يدعي حق الحضانة والتربية في اللقيط .وفي الأب والابن تقبل البينة سواء كان ذلك في حياته أو بعد وفاته .ولو أن رجلا وامرأة ادعيا ابنا أو ابنة وقالا هو معروف النسب منا وهو في يد فلان بن فلان الغائب في يلد كذا وهو يسترقه وأقاما على ذلك بينة وطلبا في ذلك كتابا فإن القاضي يكتب في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن عنده يجوز الكتاب في العبيد وأما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإن كان يكتب في النسب إلا أن ههنا لا يكتب لأنه يدعي حق الانتزاع من الغائب فيكون هذا بمنزلة دعوى الملك وعندهما في العبيد والجواري لا يكتب فلا يكتب في دعوى نسب ولد هو في يد الغير فالحاصل أنه إذا كان في دعوى البنوة دعوى الاسترقاق لا يكتب في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إلا أن يدعي فيقول هو ابني غصبه فلان <489> الغائب متى يكتب في قولهم وفي الدار والعقار يكتب في قولهم سواء كانت الدار في البلد الذي فيه المدعى عليه أو في بلدة أخرى أو في بلده القاضي الكاتب فإن كانت في بلدة القاضي المكتوب إليه فإذا توجه الحكم يقضي القاضي المكتوب إليه ويأمر الخصم بتسليم الدار إليه وإن كانت في بلدة القاضي الكاتب فهو بالخيار إن شاء قضى وكتب إلى القاضي الكاتب قد جاءني كتابك مختوما بخاتمك ومعنونا بعنوانك جمعت بين المدعي والمدعى عليه فظهر حق المدعي وظهر أن المدعى عليه كان مانع الدار بغير حق فقضيت عليه ونفذت الحكم ولو كانت الدار في بلدي لسلمتها إليه فإذا لم تكن كتبت كتابي هذا إليك لتسلمها إليه . وينبغي أن يكون هذا الكتاب على رسم كتاب القاضي مختوما معنونا وعليه شهود قرأ الكتاب عليهم وختم بحضرتهم وأشهدهم في قول أبي حنيفة ويحمد رحمهما الله تعالى وإن كان قضى القاضي بذلك وأمر المدعى عليه حتى يبعث وكيلا فيسلمها إليه أو يؤخر الحكم ويكتب إلى القاضي الكاتب حتى يحككن القاضي الكاتب .وإذا مرض شهود الكتاب في الطريق أو بدا لهم الرجوع إلى وطنهم أو أرادوا السفر إلى بلدة أخرى فاشهدوا قوما على شهادتهم يجوز ذلك كما يجوز في غير كتاب القاضي .وتفسير اشهادهم أن يقولوا هذا كتاب قاضي بلد كذا فلان بن فلان إلى قاضي بلد كذا فلان بن فلان في دعوى المدعي هذا على غائب هو فلان بن فلان قرأه علينا وختمه بحضرتنا وأشهدنا عليهم فاشهدوا أنتم على شهادتنا هذه وكذا لو أشهد هذا الفريق فريقا آخر ثالثا ورابعا وعاشرا وإن كثر فإذا جاء المدعي بكتاب القاضي إلى القاضي المكتوب إليه وأحضر خصمه وشهد الشهود على كتاب القاضي وختمه بحضرة الخصم فتح الكتاب وقرأه على الخصم وفعل كل ما هو شرط القضاء بالكتاب إلا أنه لم يحكم حتى غاب الخصم إلى بلدة أخرى فطلب المدعي من هذا القاضي أن يكتب إلى القاضي الذي الخصم في بلده لا يكتب في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ويكتب في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى .وإن كان الخصم قد هرب قبل أن يوصل المدعي الكتاب إلى القاضي المكتوب إليه فقال المدعي للقاضي هذا كتاب قاضي بلد كذا إليك وهؤلاء شهودي على الكتاب فاسمع شهادتهم واكتب لي إلى قاضي بلد كذا كتابا فإن القاضي يكتب في قولهم وله الخياران شاء نسخ كتاب القاضي الأول في كتابه لأن الحجة على الحق كتاب القاضي الأول وإن شاء لم ينسخ ويحكى في كتابه الحجة على الحق ثم القاضي الثاني إذا ورد الكتاب إليه يجمع بين المدعي وخصمه ويفعل ما كان يفعله القاضي المكتوب إليه الأول لو كان الخصم في بلده وكذا القاضي الرابع والخامس والعاشر لأن كتاب القاضي بمنزلة الشهادة فكما تجوز الشهادة على الشهادة وإن كثرت جاز كتاب القاضي إلى القاضي .ولو أن رجلا جاء إلى قاضي الكوفة وقال إن لي على رجل يقال له فلان بن فلان بن فلان كذا كذا درهما وقد قيل إنه بالبصرة فاسمع شهودي عليه واكتب لي إلى قاضي(2/305)
البصرة فإن كان خصمي بها وإلا يكتب لي قاضي البصرة إلى قاضي فارس إن كان الخصم بفارس فإن قاضي الكوفة يسمع شهوده ويكتب له إلى قاضي البصرة لأن مثل هذا في الشهادة على الشهادة جائز فكذلك في كتاب القاضي .ولو كان المدعي قال لقاضي الكوفة اكتب لي إلي قاضي البصرة أو إلي قاضي فارس يكون في كتابك من فلان ابن فلان قاضي الكوفة إلى فلان بن فلان قاضي البصرة أو إلى فلان قاضي فارس إن أصبت خصمي بالبصرة دفعت الكتاب إلى قاضي البصرة وإن كان بفارس دفعت الكتاب إلى قاضي فارس يجوز ذلك في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يكتب القاضي الأول ويشهد الشهود أن كتابه هذا من فلان بن فلان بن فلان قاضي الكوفة إلى فلان بن فلان بن فلان قاضي البصرة أو إلى فلان بن فلان بن فلان قاضي فارس فأي القاضيين ورد عليه كتابي هذا أنفذه ويعمل به لأن عنده لو كتب القاضي كتابي هذا إلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين وحكامهم يجوز فهذا أولى وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يكتب القاضي على هذا الوجه ولو كتب لا يصح فكذلك هذا ولو أن <490> رجلا جاء بكتاب القاضي فقبل أن يسمع القاضي شهادة الشهود على الكتاب توارى الخصم في البلدة قيل على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يبعث القاضي مناديا ينادي على بابه ثلاثة أيام اخرج وإن لم تخرج نصبت عنك وكيلا وقضيت على الوكيل وعامة المشايخ رحمهم الله تعالى لم يصححوا هذا القول .القاضي إذا كتب للمدعي كتابا ثم حضر بلد المكتوب إليه قبل أن يقضي المكتوب إليه بكتابه لا يقضي بكتابه كما لو حضر شاهد الأصل قبل أن يقضي بشهادة الفرع .ويجوز للقاضي أن يكتب بعلمه الحاصل في القضاء في قولهم كما يجوز له أن يكتب بشهادة الشهود ولو كان رأي المكتوب إليه يخالف رأي الكاتب فيما كتب لا ينفذ كتابه والمعتبر في هذا رأي المكتوب إليه لا رأي الكاتب ولا يجوز كتاب عامل ولا كتاب قاضي رستاق وإنما يقبل كتاب القاضي المولى الذي يملك إقامة الجمعة .القاضي الكاتب إذا كتب في كتابه شهد بذلك شهود عدول عرفتهم وأثبت معرفتهم جاز كما يجوز في السجل وال إذا كتب كتابا وكتب في كتابه اسم المدعى عليه ونسبه على وجه الكمال فقال المدعى عليه لست أنا فلان بن فلان الفلاني وال المكتوب إليه لا يعرفه يقول القاضي للمدعي أقم البينة أنه فلان بن فلان بن فلان وإن قال المدعى عليه أنا فلان بن فلان بن فلان وفي هذا الحي والفخذ أو في هذا التجارة أو في هذه البلدة أو في هذا السوق رجل غيري بهذا الاسم يقول له القاضي أثبت ذلك فإن أثبت ذلك تندفع الخصومة كما لو علم القاضي مشاركا له في الاسم والنسب لأن حال وجود الشريك في الاسم والنسب لا يتعين هو للكتاب وإن لم يثبت ذلك يكون خصما ما لم يثبت المزاحم وإن أقام المدعى عليه البينة أنه كان باسمه ونسبه ههنا رجل آخر وقد مات ذلك الرجل لايقبل قوله لأنه لا حق له في إثبات حياة ذلك الميت وإن كان يعلم ما قاله المدعى عليه فإن كان يعلم بموت ذل كالرجل بعد تاريخ الكتاب لا يقبل كتاب القاضي وإن كان قبل ذلك قبل .وكذا لو كان لا يدري وقت موت ذلك الرجل وإن أقر المدعى عليه أنه فلان بن فلان وقال ليس لهذا علي شيء أو ادعى الايفاء أو الابراء يكون خصما ما لم يثبت ذلك .وإذا جاء المدعي بكتاب القاضي إلى القاضي المكتوب إليه وقد مات المدعى عليه فجاء المدعي بكتاب القاضي فأحضر المدعي بعض ورثة الميت أو وصيه وعرض الكتاب وأحضر شهوده فإن القاضي يسمع شهادة الشهود وينفذ الكتاب سواء كان تاريخ الكتاب بعد موت المطلوب أو قبله لأن وارث الميت والوصي قائم مقام المطلوب .وذكر الخصاف رحمه الله تعالى أن موت المطلوب لو كان قبل الكتاب كان الكتاب باطلا والخصاف رحمه الله تعالى سوى بين ما إذا كان الموت قبل الكتاب أو بعده رجل جاء إلى القاضي فقال كان لفلان ابن فلان علي ألف درهم وقد أبرأني منها أو أوفيته وإنه اليوم في بلد كذا وأنا أريد أن أذهب إلى تلك البلدة وأخاف أن يأخذني وينكر الاستيفاء أو الابراء فاسمع شهادة شهودي على ذلك واكتب لي فيه كتابا فإن القاضي لا يكتب في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ويكتب في قول محمد رحمه الله تعالى وأجمعوا على أن صاحب الدين لو كان حاضرا فقال المديون قضيته دينه أو أبرأني فاسأله أيها القاضي حتى لو أنكر أثبت ذلك بالبينة فإن القاضي لا يسأل وهذه المسألة حجة على محمد ومن هذا الجنس امرأة جاءت إلى القاضي وقالت طلقني فلان زوجي ثلاثا وتزوجت بآخر بقد انقضاء عدتي وإني أخاف أن ينكر الطلاق فاسأله أيها القاضي فإن أنكر أثبت بالبينة قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى يسأله القاضي ههنا اجماعا وهي حجة على أبي يوسف رحمه الله تعالى .ومنها رجل جاء إلى القاضي وقال إني اشتريت دارا في بلد كذا وكان فلان شفيع هذه الدار فسلم لي الشفعة وهو في بلدة كذا اليوم وإني لا آمن أن يطلب الشفعة وينكر التسليم فاسمع شهادة شهودي واكتب لي في ذلك(2/306)
فإن القاضي لا يكتب وقال محمد رحمه الله تعالى في هذه المسائل كلها يكتب احتياطا احترازا عن تضييع حقوق الناس .وأجمعوا على أن المديون أو المشتري أو المرأة لو قال إن صاحب الدين والشفيع والزوج قد بعرض لي فيما يدعي قبلي فاسمع شهودي فإن القاضي يسمع ويكتب له والله اعلم بالصواب
{تم الجزء الثاني من كتاب فتاوى قاضيخان ويليه الجرء الثالث أوله كتاب الوكالة }(2/307)
ج3/2> بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب الوكالة)
(فصل فيما يكون به وكيلا وما لا يكون) رجل قال لغيره أنت وكيلي في قبض هذا الدين يصير وكيلا وكذا لو قال أنت جريي وكذا لو قال: أنت وصيي في حياتي ولو قال أنت وصيي لا يكون وكيلا ولو قال أنت وكيلي في كل شيء يكون وكيلا يحفظ المال لا غير هو الصحيح وكذا لو قال: أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك يصير وكيلا في جميع التصرفات المالية كالبيع والشراء والهبة والصدقة اختلفوا في الإعتاق والطلاق والوقف قال بعضهم يملك ذلك لإطلاق لفظ التعميم وقال بعضهم لا يملك ذلك إلى إذا دل دليل بسابقة الكلام ونحوه بوبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وذكر الناطفي رحمه الله تعالى إذا قال أنت وكيلي في كل شيء جائز صنعك روى عن محمد رحمه الله تعالى أنه كيل في المعاوضات والإجارات والهبات والإعتاق وعن أي حنيفة رحمه الله تعالى أنه وكيل في المعاوضات لا في الهبات والإعتاق قال وعيه الفتوى وهذا قريب مما اختاره الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وفي فتاوى الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى رجل قال لغيره وكلتك في جميع أموري وأعمتك مقام نفسي لا تكون الوكالة عامة ولو قال وكلتك في جميع أموري يجوز بها التوكيل كانت الوكالة عامة تتناول البياعات والأنكحة وفي الوجه الأول إذا لم تكن عامة ينظر إن كان أمر الرجل مختلفا ليست له صناعة معروفة فالوكالة باطلة وإن كان
<ج3/3> الرجل تاجرا تجارة معروفة تنصرف الوكالة إليها وعن أسد بن عمر وأبي الليث الكبير رحمهما الله تعال رجل له عبيد فقال لرجل ما صنعت في عبيدي فهو جائز فأعتق الكل جاز وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يجوز وعليه الفتوى* رجل قال لغيره أجزت أن تبيع عبدي يصير وكيلا لو قال لغيره لا أنهاك عن طلاق امرأتي لا يكون وكيلا بالطلاق حتى لو طلق لا يقع ولو قال لعبده لا أنهاك عن التجارة لا يثير مأذونا في التجارة عند البعض وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى يصير مأذونا وهو الصحيح لأنه لو رآه يبيع ويشتري فسكت يصير مأذونا فهذا أولى رجل قال لامرأته شوتو وكسل ازجهت من حرجه خواهي يكن فقالت أكر وكيل نوام خويشتن رايسه طلاق دست يازداشتم فقال الزوم لم أرد به الطلاق كان القول قوله إذا لم يوجد ثم ما يدل على الطلاق وإن كان ذلك في حال مذاكرة الطلاق يقع الطلاق رجل قال لغيره اشتر عبدي من فلان فاشتراه إن علم فلان بذلك جاز باتفاق الروايات وإن لم يعلم فلان بذلك جاز في رواية الوكالة وفي الزيادات لا يجوز رجل قال لغيره اشتر جارية بألف درهم أو قال اشتر جارية لا يصير وكيلا ويكون ذلك مشورة ولو قال اشتر جارية بألف درهم لك على شرائك على درهم حينئذٍ يصير وكيلا ويكون للوكيل أجر مثله لا يزاد على درهم رجل قال لرجلين وكلت أحد كما يبيع عبدي هذا صح وأيهما باع جاز وكذا لو قال الرجل بع عبدي هذا أو هذا فباع أحدهما جاز وكذا لو كان لرجلين على رجل لكل واحد منهما ألف درهم فدفع المديون إلى رجل ألفا وقال اقض دين فلان أو فلان فقضى دين أحدهما جاز ويتحمل الجهالة اليسيرة في الوكالة ولا تبطل بالشروط الفاسدة أي شرط كان ولا يصح شرط الخيار فيها لأن شرط الخيار شرع في عقد لازم لا يحتمل الفسخ والوكالة غير لازمة ولا يصح الوكالة بالمباحات كالاحتطاب والاحتشاش والاستقاء واستخراج الجواهر من المعادن فما أصاب الوكيل شيئا من ذلك فهو له وكذا التوكيل بالتكري وإن وكل بالاستقراض إن أضاف الكيل الاستقراض إلى الموكل فقال إن فلانا يستقرض منك كذا أو قال أقرض فلانا كذا كان(3/1)
<ج3/ 4> القرض للموكل وإن لم يضف الاستقراض إلى الموكل يكون القرض للوكيل رجل قال لامرأة الغير إذا خلت الدار فأنت طالق فأجاز الزوج ذلك فدخلت بعد الإجازة طلقت وإن دخلت قبل الإجازة لم تطلق فإن عادت بعد الإجازة فدخلت طلقت لأن كلام الفضولي يصير يمينا عندا الإجازة فيعتبر الشرط بعده لا قبله وهذه المسألة دليل على أن التوكيل بالحلف بالطلاق ائو لأن ما لا يصح به التوكيل لا يصح به الإجازة السلطان إذا أكره رجلا بطلاق امرأته وقال وكلني بالطلاق فقال أنت وكيلي فطلق الوكيل فقال الرجل لم أرد به الطلاق لا يقبل قوله لأن قوله أنت وكيلي خرج جوابا لكلام القائل وكلني بالطلاق* المديون إذا دفع إلى صاحب الدين عينا فقال له بعه وخذ حقك منه فباعه وقبض الثمن وهلك في يده يهلك من مال المديون ما لم يحدث رب الدين فيها قبضا لنفسه ولو قال بعه بحقك فباعه وقبض الثمن يصير قابضا حقه حتى لو هلك بعد ذلك يهلك من مال القابض* امرأة قالت لزوجها اخلعني على ألف درهم غدا أو قال العبد لمولاه أعتقني على ألف درهم غدا ثم رجعت المرأة والعبد عن ذلك قبل مجيء الغد إن علم الولي والزوج برجوعهما صح رجوعهما ونهيهما لأن كلام المرأة والعبد توكيل وليس بإيجاب فإن الرجوع عن الإيجاب لا يتوقف على القبول والعلم كرجوع البائع عن إيجاب البيع قبل قبول المشتري يصح وإن لم يعلم به المشتري* رجل وكل رجلا يتقاضى دينه بالشام ليس له أن يتقاضى دينه بالكوفة لأن الوكالة مقيدة وإن وكل رجلا لخصومة في كل ضيعة له بخراسان فقدم الضيعة من خراسان إلى الكوفة كان للوكيل أن يخاصمه* ولو قال أنت وكيلي بكل دين لي بالكوفة فقدم ناس من خراسان إلى الكوفة للموكل عليهم دين كان للوكيل أن يخاصمهم بالكوفة* رجل له على رجل دين فوكل المديون يقبض الدين من نفسه أو من عبده لا يصح توكيله* ولو وكل المديون بإبراء نفسه عن الدين صح توكيله ولا يقتصر على المجلس* رجل قال لغيره بع عبدي غدا فباعه اليوم لا يجوز لأن التوكيل مضاف إلى الغد فلا يكون وكيلا قبله*
<ج3/ 5> وكذا لو قال أعتق عبدي غدا أو طلق امرأتي غدا لا يملكه اليوم* ولو قال بع عبدي اليوم أو قال اشتر لي عبدا اليوم أو قال أعتق عبدي اليوم ففعل ذلك غدا فيه روايتان بعضهم قالوا الصحيح أن الوكالة لا تبقى بعد اليوم وقال بعضهم تبقى وذكر اليوم للتعجيل لا لتوقيت الوكالة باليوم إلا إذا دل الدليل عليه* رجل قال لمديونه اشتر لي بما عليك جارية لا يصح التوكيل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى* ولو قال اشتر لي بما عليك جارية فلان أو قال هذه الجارية صح التوكيل عند الكل* وكذا لو قال أسلم ما عليك في كذا لا يصح التوكيل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويصح في قول صاحبيه رحمهما الله تعالى* ولو قال أسل مالي عليك إلى فلان في كذا صح في التوكيل عند الكل* رجل عليه دين لرجل فجاء رجل إلى المديون وقال ادفع لي ما لفلان عليك من الدين فإنه سيجيز قبضي وإنه ما وكلني بقبضه فدفع المديون إليه المال فضاع المال في يد القابض ثم جاء صاحب الدين وأجاز قبضه لا يصح إجازته* ولو كان للمديون في يد رجل وديعة فجاء المودع إلى صاحب الوديعة وقال له اجعل وديعتك قضاء لفلان من حقه الذي عليك فإنه سيجيز قبضي لذلك ففعل المديون ذلك وجعلها قضاء لفلان لديه وأمر المودع بقبضها لصاحب الدين ثم قدم الطالب وأجاز ذلك وقال صاحب الوديعة للمودع لا تدفعها إلى الطالب ولا تقبضها له صح نهيه إذا لم يكن المودع قبضها لصاحب الدين وإن كان المودع قبضها لصاحب الدين فقد صارت لصاحب الدين كان الطالب قبضها من المودع* رجل أودع رجلا ألفا ثم قال في غيبة المودع أمرت فلانا أن يقبض الألف التي هي وديعة لي عند فلان ولم يعلم المأمور بذلك إلا أنه قبض الألف من المودع فضاعت فلرب الوديعة الخياران إن شاء ضمن الدافع وإن شاء ضمن القابض* ولو كان المودع علم التوكيل والأمر ولم يعلم به المأمور فدفع المودع المال إلى المأمور فهو جائز ولا ضمان على أحدهما وإن لم يعلم أحدهما بالأمر فقال المأمور للمودع ادفع إليّ وديعة فلان ادفعها إلى صاحبها أو قال ادفعها إليّ يكون عندي لفلان فدفع فضاعت فلرب الوديعة أن يضمن أيهما شاء في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى*(3/2)
<ج3/ 6> رجل بعث رسولا إلى بزاز أن ابعث إلي بثوب كذا وكذا بثمن كذا وكذا فبعث إله البزاز مع رسوله أو مع غيره فضاع الثوب قبل أن يصل إلى الآمر وتصادقوا على ذلك وأقروا به فلا ضمان على الرسول في شيء* وإن بعث البزاز مع الرسول الآمر فالضمان على الآمر لأن رسوله قبض الثوب على المساومة وإن كان رسول رب الثوب معه فإذا وصل الثوب إلى الآمر يكون ضامنا كما لو أرسل رسولا إلى رجل وقال ابعث إلى بعشرة دراهم قرضا فقال نعم وبعث مع رسول الآمر فالآمر ضامن لها إذا أقر بأن رسوله قد قبضها وإن بعث بها مع غيره فلا ضمان على الآمر حتى يصل إليه* وكذلك رجل له على رجل دين فبعث إلى المديون رسولا أن ابعث إلي بالدين الذي لي عليك فإن بعث به مع رسول الآمر فهو من مال الآمر* ولو أن رجلا بعث إلى رجل بكتاب مع رسول أن ابعث إليّ ثوب كذا بثمن كذا ففعل وبعث به مع الذي أتاه بالكتاب لم يكن من مال الآمر حتى يصل إليه* وكذلك القرض والاقتضاء وفي هذا إنما الرسول رسول بالكتاب* رجل قال لآخر إن وكيلك حضرني وأدى رسالتك وقال إن المرسل يقل ابعث إليّ ثوب كذا بثمن كذا وبين ثمنه فبعثه وأنكر المرسل وصول الثوب إليه والوكيل يقول أوصلت قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن أقر المرسل بقبض الرسول الثوب منه وأنكر الوصول إليه يضمن المرسل قيمة الثوب وإن أنكر قبض الرسول فالقول قوله ولا ضمان عليه قيل له لماذا يضمن القيمة ولم يضمن الثمن وقبض الرسول كقبض المرسل قال لأن المرسل لم يبين الثمن للبائع وإنما يتم البيع إذا دفع الرسول الثوب إلى المرسل فإذا أنكر وصول الثوب إله صار كأنه أنكر وجوب البيع فكان عليه قيمته* وعنه أيضا رجل جاء برسالة من آخر إن يدفع إيه خمسمائة فقال لا أدفع حتى ألقى الآمر فيأمرني بنفسه ثم قال للرسول قد لقيته وأمرين بدفعها إليك ثم امتنع عن الأداء وقال نهاني عن الدفع بعد ذلك قال به أن يمتنع إلا أن يكون المال دينا عليه للآمر فلا يصدق في النهي بعد ذلك* رجل قال لغيره سلطتك على كذا فهو بمنزلة قوله وكلتك لأن التسليط من <ج3/ 7> ألفاظ التوكيل*
(فصل في التوكيل بالخصومة من غير رضا الخصم)
التوكيل بالخصومة لا يجوز عند أي حنيفة رحمه الله تعالى سواء كان التوكيل من قبل الطالب أو من قبل المطلوب وقال محمد والشافعي وأبو يوسف رحمهم الله تعالى يجوز ويستوي فيه الوضيع والشريف ولرجل والمرأة وبه أخذ أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى* وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح عندي أن القاضي إذا علم بالمدعي التعنت في إباء التوكيل يقبل ولا يلتفت إيه وإن علم من الموكل القصد إلى الإضرار بالمدعي ليشتغل الوكيل بالحيل والأباطيل والتلبيس لا يقبل منه التوكيل وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أن ذلك يقوض إلى رأي القاضي وهذا قريب من الأول وأجمعوا أن الموكل لو كان غائبا أدنى مدة السفر أو كان مريضا في المصر لا يقدر أن يمشي على قدميه إلى باب القاضي كان له أن يوكل مدعيا كان أو مدعي عليه وإن كان لا يستطيع أن يمشي على ظهر دابة أو ظهر إنسان فإن ازداد مرضه بذلك صح التوكيل وإن كان لا يزداد اختلفوا فيه قال بعضهم هو على الخلاف أيضا وقال بعضهم له أن يوكل وهو الصحيح وكما يجوز للمسافر أدنى مدة السفر أن يوكل بغير رضا الخصم يجوز لمن أراد أن يخرج إلى السفر لكن لا يصدق أنه يريد السفر ولكن القاضي ينظر إلى إربه وعدة سفره أو يسأله عمن يريد أن يخرج معه فيسأله عن رفقائه كما في فسخ الإدارة ويجوز للمرأة المخدرة أن توكل وهي التي لم تخالط الرجال بكرا كانت أو ثيبا كذا قال أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى ظاهر المذهب عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها على الاختلاف أيضا وعامة المشايخ رحمه الله تعالى أخذوا بما ذكر أبو بكر الرازي رحمه الله تعالى وعيه الفتوى وكذا إذا علم القاضي أ، الموكل عاجز عن البيان في الخصومة بنفسه يقبل منه التوكيل* ثم إنما لا يجوز بغير رضا الخصم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لم لا عذر(3/3)
<ج3/ 8> به إذا لم يكن الموكل حاضرا مجلس القضاء مع الوكيل* وإن وكل رجل رجلا واستثنى إقراره كما هو الرسم في زماننا أن يوكل على وجه لا يجوز إقراره على الموكل ولا صلحه ولا تعديل شهود شهدوا عليه صح هذا التوكيل وللخصم أن يرضى بهذا التوكيل عندهم إذا كان لا يجوز إقراره على الموكل فإن استثنى إقراره صح التوكيل موصلا كان الاستثناء أو مفصولا وقال بعضهم إن كان مفصولا لا يصح الاستثناء وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا استثنى إقراره لا يصح التوكيل فإذا أقر الوكيل أن الموكل استوفى دينه أو ما أشبه ذلك لا يصح إقراره على موكل لمكان الاستثناء إلا أنه يصير خارجا عن الوكالة* ولو وكله بالخصومة واستثنى الإنكار فقال على أنه لا يجوز إنكاره عليّ صح التوكيل عند محمد رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يصح* رجل وكل رجلا بالخصومة بطلب خصمه ثم أراد أن يعزله فإنه لا يملك عزله إلا بمحضر من الخصم لأن حق الخصم تعلق بالوكالة قالوا وكذا الرجل إذا وكل بطلاق امرأته بطلبها لا يملك عزله إلى بمحضر منها* وقال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح أنه يملك لأنه لا حق للمرأة في طلب الطلاق وطلب التوكيل بخلاف التوكيل بالخصومة* إذا وكل الرجل رجلا بطلاق امرأته أو غير ذلك وقال كلما عزلتك فأتن وكيلي فكلما يعزله يصير وكيلا لأنه علق الوكالة بالعزل والوكالة تقبل التعليق بالشرط أي شرط كان فإذا عزله يصير وكيلا وعلى هذا قالوا متولي الوقف إذا آجر أرض الوقف بأكثر من سنة أو ثلاث سنين على حسب ما اختلفوا وأراد الآجر مع المستأجر إبقاء الإجارة أكثر من سنة أو ثلاث سنين يكتب في صك الإجارة أن المتولي وكل فلانا بإجارة هذه الأرض على أنه متى أخرجه عن هذه الوكالة فهو وكيله بإجارة هذه الأرض سنة أخرى قال نصير ابن يحيى رحمه الله تعالى تجوز الوكالة بهذا الشرط وقال محمد بن سلمة رحمه الله تعالى لا تجوز لأن الكالة شرعت غير لازمة فلو جاز التوكيل بهذا الشرط لا يتمكن من إخراجه عن الوكالة فتصير لازمة* وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى إنما اختلف نصر بن يحيى ومحمد بن سلمة
<ج3/9 >رحمهما الله تعالى في جواز التوكيل بهذا الشرط قال محمد بت سلمة رحمه الله تعالى تفسير هذا الكلام إني كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت وكيلي بهذه الوكالة ولو صرح بذلك كان باطلا لأن الوكالة شرعت على وجه يرد عليها العزل وهو قصد بهذا أن لا يرد العزل على الوكالة وتفسير هذا الكلام عند يصير بن يحيى رحمه الله تعالى أنه متى أخرجه عن هذه الوكالة يصير وكيلا بوكالة مستقبلة تعلق لزومها بطلان الوكالة الأولى لو صرح بذلك كان جائزا ولا يكون مخالفا حكم الشرع إذا ثبت الاختلاف في هذه المسألة بينهما فمن أراد تصحيح هذه الوكالة عند الكل ينبغي أن تقول كلما أخرجتك عن هذه الوكالة فأنت وكيلي وكالة مستقبلة فتتجدد الوكالة مرة بعد أخرى وهذا في غير الوقف فأما في الوقف يمكنه أن يعزله لا تتجدد الوكالة مرة بعد أخرى ثم في غير الوقف إذا جازت الوكالة بهذا الشرط وأراد إخراجه عن الوكالة اختلفوا في لفظ الإخراج قال بعضهم يقول الموكل رجعت عن قولي ما أخرجتك عن هذه الوكالة فأنت وكيلي فيصح رجوعه ثم يقول بعد ذلك أخرجتك عن هذه الوكالة لأن الوكالات المعلقة بطلت بالرجوع فإذا عزل عن الوكالة المنجزة لا يصير وكيلا وإنما يذكر رجعت عن الوكالة المنجزة لا يصير وكيلا وإنما يذر رجعت عن الوكالات احترازا عن قول أبي يوسف رحمه الله تعالى فإن عنده العزل عن الوكالة المعلقة قبل وجود الشرط لا يصح وبه أخذ محمد بن سلمة رحمه الله تعالى يصح العزل عن الوكالة المعلقة قبل وجود الشرط وبه أخذ نصير بن يحيى رحمه الله تعالى والفتوى على قول محمد رحمه الله تعالى وقال بعضهم طريق الإخراج عن هذه الوكالة أن يقول عزلتك كلما وكلتك وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الأصح عندي أن يقول عزلتك عن هذه الوكالات فينصرف ذلك إلى المعلق والمنجز* رجل قدم رجلا إلى القاضي فقال إن لفلان بن فلان الفلاني على هذا ألف درهم وقد وكلني بالخصومة فيها وفي كل حق له وبقبضه وأقام البينة على ذلك جمة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا أقبل البينة على المال حتى يقيم البينة على الوكالة وإن أقام البينة على(3/4)