بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على رسوله محمد وآله أجمعين حمداً يقربنا إلى مرضاة الله تعالى وكرامته وصلاة تبلغنا إلى محبة الرسول وشفاعته حمداً يفتتح به كل مقال وصلاة ينال بها كل ما يطلب ويغتنم.
قال مولانا قاضي القضاة الإمام الأجل الكبير الأستاذ فخر الملة والدين محمود الأوزجندي قدس الله روحه: يقول العبد الضعيف الفقير إلى رحمة الله تعالى الغني سدده الله في القول والعمل عصمه من الطغيان والزلل: ذكرت في هذا الكتاب من المسائل التي يغلب وقوعها وتمس الحاجة إليها وتدور عليها واقعات الأمة ويقتصر عليها رغبات الفقهاء والأئمة وهي أنواع وأقسام فمنها ما هي مروية عن أصحابنا المتقدمين ومنها ما هي منقولة عن المشايخ المتأخرين رضوان الله عليهم أجمعين ورتبته ترتيب الكتب المعروفة وجعلت لكل جنس فصلاً وبينت لكل فرع أصلاً وفيما كثرت فيه الأقاويل من المتأخرين اقتصرت فيه على قول أو قولين وقدمت ما هو الأظهر وافتتحت بما هو الأشهر إجابة للطالبين وتيسيراً على الراغبين وعلى الله توكلت واستعصمته عن الخطأ فيما نويت وهو حسبي ونعم الوكيل وعليه أتوكل وبه أستعين.
فصل في رسم المفتي
المفتى في زماننا من أصحابنا إذا استفتي في مسألة وسئل عن واقعة إن كانت المسألة مروية عن أصحابنا في الروايات الظاهرة بلا خلاف بينهم فإنه يميل إليهم ويفتي بقولهم ولا يخالفهم برأيه وإن كان مجتهداً متقناً لأن الظاهر أن يكون الحق مع أصحابنا ولا يعدوهم واجتهاده لا يبلغ اجتهادهم ولا ينظر إلى قول من خالفهم ولا يقبل حجته لأنهم عرفوا الأدلة وميزوا بين ما صح ثبت وبين ضده فإن كانت المسألة مختلفاً فيها بين أصحابنا فإن كان مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى أحد صاحبيه يؤخذ بقولهما لوفور الشرائط واستجماع أدلة الصواب فيهما وإن خالف أبا حنيفة رحمه الله تعالى صاحباه في ذلك فإن كان اختلافهم اختلاف عصر وزمان كالقضاء بظاهر العدالة يأخذ بقول صاحبيه لتغير أحوال الناس وفي المزارعة والمعاملة ونحوهما يختار قولهما لاجتماع المتأخرين على ذلك وفيما سوى ذلك قال بعضهم يتخير المجتهد ويعمل بما أفضى إليه رأيه. وقال عبد الله بن المبارك: يأخذ بقول أبي حنيفة رحمه الله وتكلموا في المجتهد قال بعضهم: من سئل عن عشر مسائل فضلاً فيصيب في الثمانية ويخطئ في البقية فهو مجتهد. وقال بعضهم: لابد للاجتهاد من حفظ المبسوط ومعرفة الناسخ والمنسوخ والمحكم والمؤول والعلم بعادات الناس وعرفهم.
وإن كانت المسألة في غير ظاهر الرواية فإن كانت توافق أصول أصحابنا يعمل بها وإن لم يجد لها رواية عن أصحابنا واتفق فيها المتأخرون على شيء يعمل به وإن اختلفوا يجتهد ويفتى بما هو صواب عنده وإن كان المفتى مقلداً غير مجتهد يأخذ بقول من هو أفقه الناس عنده في مصر آخر يرجع إليه بالكتاب ويثبت في الجواب ولا يجازف خوفاً من الافتراء على الله تعالى بتحريم الحلال وضده والله الموفق للصواب.
كتاب الطهارة
فصل في الطهارة بالماء
الماء الذي يتوضأ به ثلاثة: الماء الجاري والماء الراكد وماء البئر وأقواها الماء الجاري إن كان قوي الجري يجوز الاغتسال فيه والوضوء منه ولا ينجس بوقوع النجاسة فيه ما لم ير أثر النجاسة فيه من لون أو طعم أو ريح.
(ماء النهر أو القناة) إذا احتمل عذرة فاغترف إنسان بقرب العذرة جاوز والماء طاهر مالم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة.
(ماء النهر) إذا انقطع من أعلاه لا يتغير حكم جريه بانقطاع الأعلى فيجوز التوضؤ بما يجري فيه.
(حفيرتان) يخرج الماء من إحداهما ويدخل في الأخرى فتوضأ إنسان فيما بينهما جاز وماء الحفيرة التي اجتمع فيها الماء فاسد الماء إذا جرى على الجيفة أن فيها إن كان الماء كثيراً إلا تستبين فيه الجيفة فالماء طاهر وإن تستبين لقلة الماء فالماء نجوس.
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى (ساقية) صغيرة وقع فيها كلب فجرى الماء على ظهر الكلب فتوضأ إنسان من أسفله لا بأس به ما لم يتغير لون الماء أو ريحه قال الفقيه أبو جعفر معناه عندنا إذا جرى الماء على الكلب وغمره في النهر وكان الماء غالباً عليه بحيث لا يرى إذا كان يستبين الطلب تحت الماء الذي يجري عليه ولا يجري في جانبيه ماله قوة الجريان فتوضأ إنسان من أسفله ينبغي أن لا يجوز ويكون نجساً. (سطح) عليه نجاسة جرى عليه المطر إن كان أكثر الماء يجري على النجاسة فالماء نجس وما أصاب الثوب من تقاطر يفسده قال محمد رحمه الله تعالى: إن كانت النجاسة في جانب واحد من السطح أو في جانبين فالماء الذي يجري على السطح طاهر وإن كانت النجاسة في ثلاثة جوانب فالماء نجس هذا إذا كانت النجاسة على السطح فإن كانت عند الميزاب أو فيه فالماء نجس ما دامت النجاسة فيه وإن زالت النجاسة بجريان الماء فما بعدها من الماء طاهر.(1/1)
(حوض صغير) يدخل الماء فيه من جانب ويخرج من جانب آخر قالوا إن كان أربعاً في أربع فما دونه يجوز فيه التوضؤ وإن كان فوق ذلك لا يجوز إلا في موضع دخول الماء وخروجه لأن في الوجه الأول ما يقع فيه من الماء المستعمل لا يستقر فيه بل يخرج كما دخل وإن كان جارياً في الوجه الثاني يستقر فيه الماء ولا يخرج إلا بعد زمان وكذا قالوا في عين ما هي سبع في سبع ينبع الماء من أسفلها ويخرج من منفذها لا يجوز فيه التوضؤ إلا في موضع خروج الماء منها والأصح أن التقدير غير لازم إنما الاعتماد على ما ذكرنا في المعنى فينظر فيه إن كان ما وقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته ولا يستقر فيه يجوز التوضؤ منه وإلا فلا.
وعن محمد رحمه الله تعالى في (كوزين) أحدهما طاهر والآخر نجس فصبا من فوق واختلط الماآن في الهواء يكون طاهراً.
(الماء الذي جريه ضعيف) لا تستبين فيه الحركة قال بعضهم إن كان بحال لو ألقى فيه تبنة لا تذهب من ساعتها لا يجوز فيه التوضؤ إلا أن يمكث بين كل غرفتين مقدار ما يغلب على ظنه ذهاب ما وقع فيه من الماء المستعمل وقال بعضهم إن كان بحيث لو رفع الماء لغسل عضو ينقطع جريه ثم يتصل قبل أن تعود إليه الغسالة يجوز فيه التوضؤ وإن كان ينقطع ولا يتصل قبل أن تعود إليه لا يتوضأ فيه إلا أن يمكث بين كل غرفتين مقدار ماقلنا وإن أراد التوضؤ يجعل وجهه فيه إلى مورد الماء ويجعل النهر بين قدميه إن كان صغيراً واختلفوا في كراهة البول في الماء الجاري والأصح هو الكراهة.
(نهر انهار حرفه) وانثلمت ضفته فصار بعض الماء يدخل في الثلمة ثم يخرج منها إلى النهر فهو على ماذكرنا في الحوض الصغير إن كان ما يقع فيها من الماء المستعمل لا يستقر جاز وإلا فلا.
(الجنب) إذا قام في المطر الشديد متجرداً بعدما تمضمض واستنشق حتى اغتسلت أعضاؤه جاز لأنه ماء جار.
فصل في الماء الراكد
يجوز التوضؤ والاغتسال في الحوض الكبير واختلفوا في حده قال بعضهم إذا كان الحوض بحال إذا اغتسل إنسان في جانب منه لا يضطرب الطرف الذي يقابله أي لا يرتفع ولا ينخفض فهو كبير وعامة المشايخ قالوا إن كان عشراً في عشر فهو كبير يعتبر فيه ذراع المساحة لا ذراع الكرباس هو الصحيح لأن ذراع المساحة بالممسوحات أليق واختلفوا في قدر عمقه قال بعضهم إن كان بحال لو رفع الماء بكفه لا ينحسر ما تحته من الأرض فهو عميق رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله وقال بعضهم إن كان بحال لو اغترف لا تصيب يده وجه الأرض فهو عميق.
(حوض) أعلاه عشر في عشر وأسفله أقل منه جاز فيه الوضوء يعتبر فيه وجه الماء فإن قل ماؤه وانتهى إلى موضع هو أقل من عشر لايجوز فيه الوضوء وإن كان الحوض مدور اختلفوا يف مقداره أنه كم يكون كبيراً وأقصى ماقيل فيه أن يكون حوله ثمانية وأربعون ذراعاً ولو كان الحوض مسقفاً وكونه أقل من عشرة أذرع ينظر إن كان الماء منفصلاً عن السقف جاز فيه الوضوء.
(حوض) كبير جمد ماؤه فثقب ووقعت فيه نجاسة ولم أثرها إن كان تحت الجمد غير ملتزق بالجمد جاز فيه الوضوء وإن كان ملتزقاً بالجمد لا وإن خرج الماء من الثقب وانبسط على وجه الجمد بقدر ما لو رفع الماء بكفه لا ينحسر ماتحته من الجمد جاز فيه الوضوء وإلا فلا وإن كان الماء في الثقب فكالماء في الطشت لا يجوز فيه الوضوء إلا أن يكون المثقب عشراً في عشر.
(حوض) كبير فيه مشرعة توضأ إنسان في المشرعة أو اغتسل إن كان الماء متصلاً بالألواح بمنزلة التابوت لا يجوز فيه الوضوء واتصال ماء المشرعة بالماء الخارج منها لا ينفع كحوض كبير تشعب منه حوض صغير فتوضأ إنسان في الحوض الصغير لا يجوز إن كان ماء الحوض الصغير متصلاً بماء الحوض الكبير وكذا لا يعتبر اتصال ماء المشرعة بما تحتها من الماء إذا كانت الألواح مشدودة.
(حوض) كبير وقعت فيه نجاسة إن كانت النجاسة مرئية كالعذرة ونحوها لا يجوز الوضوء في العذرة ولا الاغتسال في ذلك الموضع بل ينتحي إلى ناحية أخرى بينه وبين النجاسة أكثر من الحوض الصغير وإن كانت غير مرئية كالبول ونحوه على قول مشايخ العراق هي والمرئية سواء وقال مشايخنا ومشايخ بلخ جاز الوضوء في موضع النجاسة وأجمعوا على أنه لو توضأ إنسان في الحوض الكبير أو اغتسل كان لغيره أن يغتسل في موضع الاغتسال.
(غدير) عظيم يبس في الصيف وراثت الدواب فيه ثم دخل فيه الماء وامتلأ ينظر إن كانت النجاسة في موضع دخول الماء فالكل نجس وإن انجمد ذلك الماء كان نجساً لأن كل ما دخل فيه صار نجساً فلا يطهر بعد ذلك وإن لم تكن النجاسة في موضع دخول الماء واجتمع الماء في مكان طاهر وهو عشر في عشر ثم تعدى إلى موضع النجاسة كان الماء طاهراً والمنجمد منه طاهر مالم يظهر فيه أثر النجاسة وكذا الغدير إذا قلّ ماؤه فصار أربعاً في أربع ووقعت نجاسة ثم دخل الماء إلى أن صار الماء الجديد عشراً في عشر قبل أن يصل إلى النجس كان طاهراً.(1/2)
(حوض) صغير تنجس ماؤه فدخل الماء من جانب قال الفقيه أبو جعفر يصير طاهراً لأن الماء الجاري غلب على النجس فكان بمنزلة الماء الجاري وقال أبو بكر بن سعيد لا يطهر حتى يخرج منه ثلاث مرات مثل ما كان في الحوض من الماء النجس.
(خندق) طوله مائة ذراع أو أكثر في عرض ذراعين قال عامة المشايخ لا يجوز فيه الوضوء ولو بال فيه إنسان يتنجس من كل جانب عشرة أذرع وقال بعضهم يجوز فيه الوضوء إذا كان ماء الخندق كثيراً بحيث لو بسط يكون عشراً في عشر ويجوز التوضؤ في الحوض الكبير المنتن إذا لم تعلم نجاسته لأن تغير الرائحة قد يكون بطول المكث.
(إذا ورد الرجل ماء) فأخبره مسلم أنه نجس لا يجوز له أن يتوضأ بذلك الماء قالوا هذا إذا كان المخبر عدلاً فإن كان فاسقاً لا يصدق وفي المستور روايتان في رواية بمنزلة الفاسق وفي رواية بمنزلة العدل.
(حوض) صغير كرى رجل منه نهراً أو جرى فيه الماء وتوضأ ثم اجتمع ذلك الماء في مكان آخر فكرى منه رجل آخر نهراً وأجرى فيه الماء وتوضأ جاز وضوء الكل وتأويله إذا كان بين المكانين قليل مسافة.
(وفي مسألة) إذا كان بينهما قليل مسافة كان الماء الثاني طاهراً كذا قاله خلف بن أيوب ونصير بن يحيى وهذا لأنه إذا كان بين المكانين مسافة فالماء الذي استعمله الأول يرد عليه ماء جاز قبل اجتماعه في المكان الثاني فلا يظهر حكم الاستعمال أما إذا لم يكن بينهما مسافة فالماء الذي استعمله الأول قبل أن يرد عليه ماء جاز في المكان الثاني ويصير مستعملاً فلا يطهر بعد ذلك.
(الماء الطاهر) إذا كان في موضع هو عشر في عشر وقعت فيه نجاسة ثم اجتمع ذلك الماء في مكان هو أقل من عشر في عشر يكون طاهراً ولو كان الماء في مكان ضيق هو أقل من عشر في عشر ووقعت فيه نجاسة ثم انبسط ذلك الماء وصار عشراً في عشر كان نجساً والعبرة في هذ الوقت وقوع النجاسة.
(حوض) أعلاه ضيق وأسفله عشر في عشر وقعت فيه نجاسة فتنجس أعلاه ثم انتهى إلى موضع هو عشر في عشر يصير طاهراً ويجعل كأن النجاسة وقعت فيه في هذا الحال كالحوض المنجمد إذا كان الماء في ثقبه أقل من عشر في عشر يتنجس ما كان في الثقب فإن قل الماء وتسفل يطهر وقال بعضهم لايطهر بمنزله الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ثم انبسط وكان عشراً في عشر وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان الماء الذي ينجس في أعلى الحوض أكثر من الماء الذي في أسفله ووقع الماء النجس في الأسفل جملة كان نجساً ويصير النجس غالباً على الطاهر في وقت واحد وإن وقع الماء النجس في أسفل الحوض على التدريج والتفريق كان طاهراً كالغدير اليابس إذا كان فيه نجاسات وموضع دخول الماء طاهر فاجتمع الماء في مكان طاهر هو عشر في عشر ثم تعدى بعد ذلك إلى موضع النجاسة.
فصل في البئر
يحتاج إلى معرفة حكم البئر ومعرفة حكم الواقع فيها. الأول: قال مالك: البئر بمنزلة النهر الجاري لا يفسد ماؤه بوقوع النجاسة ما لم يتغير طعمه أو لونه أوريحه. وقال الشافعي رحمه الله: إذا بلغ ماؤه قلتين لا يفسده وقوع النجاسة وعندنا البئر بمنزلة الحوض الصغير يفسد بما يفسد به الحوض الصغير إلا أن يكون كبيراً عشراً في عشر.
(بئر بالوعة) جعلوها بئر ماء إن جعلت أوسع وأعمق مقدار ما لا تصل إليه النجاسة كان طاهراً وإن حفرت أعمق ولم تجعل أوسع من الأول فجوانبها نجس وقعرها طاهر.
(بئر) تنجس ماؤه فغار ثم عاد بعد ذلك الصحيح أنه طاهر ويكون ذلك بمنزلة النزح وكذا بئر وجب فيها نزح عشرين دلواً فنزح عشرة فلم يبق الماء ثم عاد بعد ذلك لا ينزح منه شيء وينبغي أن يكون بين البالوعة وبين بئر الماء مقدار ما لا تصل النجاسة إلى بئر الماء وقدر في الكتاب بخمسة أذرع أو سبعة وذلك غير لازم وإنما المعتبر عدم وصول النجاسة إليه وذلك يختلف بصلابة الأرض ورخاوتها.
فصل فيما يقع في البئر(1/3)
الواقع فيه أنواع منها ما لا يفسده ومنها ما يفسد جميع الماء ومنها ما يفسد البعض أما الأول: الآدمي الطاهر إذا انغمس في البئر لطلب الدلو أو للتبرد وليس على أعضائه نجاسة وخرج حياً فإنه لا يفسده والماء طاهر وطهور ولا ينزح منه شيء وكذا لو وقعت الشاة وخرجت حية إلا أن هنا ينزح عشرون دلواً لتسكين القلب لا للتطهير حتى لو لم ينزح وتوضأ جاز وذكر في الكتاب الأحسن أن ينزح منها دلاء ولم يقدر وعن محمد رحمه الله في كل موضع ينزح لا ينزح أقل من عشرين دلواً لأن الشرع لم يرد بنزح ما دون العشرين وكذا الحمار أو البغل إذا وقع في البئر وخرج حياً ولم يصب الماء فم الواقع فإن أصاب ينزح جميع الماء وكذا لو وقع في البئر ما يؤكل لحمه من الإبل والبقر والغنم والطيور والدجاجة المحبوسة وإن كانت مخلاة فوقعت في البئر وخرجت منه حية لا يتوضأ من ذلك البئر استحباباً احتياطاً وثقة، وإن توضأ جاز كما لو شربت من إناء وكذلك مكان البيت كالفأرة والهرة والحية إذا وقعت وخرجت حية عند أبي حنيفة ينزح منها دلاء عشرة أو أكثر لكراهة السؤر وإن لم ينزح وتوضأ جاز وكذا الصبي إذا أدخل يده في البئر أو في الإناء لا يتوضأ منه استحساناً ما لم ينزح وإن لم ينزح وتوضأ جاز.
(وأما ما يفسد ماء البئر ) فهو على نوعين أحدهما ينزح فيه كل الماء والثاني ينزح فيه البعض أما الأول إذا وقعت فيه قطرة من الخمر أو غيرها من الأشربة التي لا يحل شربها أو الدم أو البول بول الصبي والجارية فيه سواء وكذا بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه وكذا لو مات فيها شاة أو ما هو مثلها في الجثة كالظبي والآدمي أو مات فيه ما له دم سائل كالفأرة ونحوها إذا انتفخت أو تفسخت أو وقع فيها ذنب فأرة أو قطعة من لحم الميتة أو وقع فيها كلب أو خنزير مات أو لم يمت أصاب الماء فم الواقع أو لم يصب أما الخنزير فلأن عينه نجس والكلب كذلك ولهذا لو ابتل الكلب وانتفض فأصاب ثوباً أكثر من قدر الدرهم أفسده لأن مأواه النجاسات وسائر السباع بمنزلة الكلب وكذا لو اغتسل فيه طاهر أو توضأ لأن الماء المستعمل في إقامة القربة وإسقاط الفرض نجس في أظهر الروايات عن أبي حنيفة وكذا لو وقع المحدث أو الجنب في البئر لطلب الدلو وعلى أعضائه نجاسة أو لم يكن مستنجياً أو كان مستنجياً بالحجر فإنه ينزح كل الماء فإن لم يكن على أعضائه نجاسة فعن أبي حنيفة رحمه الله ثلاث روايات والأظهر أن يصير الماء نجساً ويخرج الرجل من الجنابة ثم يتنجس بالماء النجس حتى لو كان تمضمض واستنشق حل له قراءة القرآن ولو وقعت الحائض بعد انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الجنب فغن وقعت قبل انقطاع الدم وليس على أعضائها نجاسة فهي كالرجل الطاهر إذا انغمس للتبرد لأنها لا تخرج عن الحيض بهذا الوقوع فلا يصير الماء مستعملاً.
(ولو وقع في البئر خرقة أو خشبة نجسة) ينزح كل الماء (والروث وأخثاء البقر) بمنزلة البول (وعن محمد رحمه الله) التبنة والتبنتان عفو (وبول الهرة والفأرة وخرؤها نجس) في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب ( وخرء الخفاش) وبوله لايفسد الماء والثوب لتعذر الاحتراز عنه وذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف لتعذر الاحتراز عنه وبعر الإبل أو الغنم) إذا وقع في البئر لا يفسد ما لم يفحش والفاحش ما يستكثره الناس والقليل مايستقله وقيل إن كان لا يسلم كل دلو عن بعرة أو بعرتين فهو فاحش (وعن محمد) إن أخذ ربع وجه الماء فهو كثير ويستوي فيه الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في المصر كان ذلك أوفي المفازة وما يعلو من جوف الدابة ثم يعود حكمه حكم الروث والبعر (خرء) ما يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء إلا الدجاجة المخلاة وفي رواية البط والإوز بمنزلة الدجاجة وذرق سباع الطير يفسد الثوب إذا فحش ويفسد ماء الأواني ولا يفسد ماء البئر وموت الطيور ي الماء يفسد الماء يستوي فيه البري والبحري (موت) ما لا دم له كالسمك والسرطان والحية وكل ما يعيش في الماء لا يفسد ماء الأواني وغيره وموت مال لا دم له كالسمك ونحوه كما لا يفسد الماء لا يفسد غيره كالعصير ونحوه في رواية عن أبي يوسف وكذا الضعدع برية كانت أو بحرية فإن كانت الحية أو الضفدع عظيمة له دم سائل يفسد الماء وكذا الوزغة الكبيرة.
(جلد الآدمي أو لحمه) إذا وقع في الماء إن كان مقدار الظفر يفسده وإن كان دونه لا يفسده ولو سقط في الماء ظفره لا يفسد الماء.
(شعر الخنزير) إذا وقع في الماء يفسده لأنه نجس العين وشعر الآدمي طاهر في ظاهر الرواية إذا وقع في الماء القليل لا يفسد الماء وعلى قول من يقول بأنه نجس لا يفسد مالم يكن أكثر من قدر الدرهم.
(عرق الأتان) ولبنها يفسد الماء ولا يفسد الثوب ما لم يفحش بمنزلة سؤر الحمار.
(وعظم الميتة وصوفها) وشعرها وقرنها وظلفها وحافرها إذا يبس ولم يبق عليه دسومة لا يفسد الماء.(1/4)
(المحدث) إذا غسل أطراف أصابعه ولم يغسل عضواً تاماً أشار الحاكم رحمه الله تعالى أنه لايصير مستعملاً ما لم يغسل عضواً تاماً وكذا إذا غسل الطاهر شيئاً من غير أعضاء الوضوء كالجنب والفخذ إذا وقع في البئر فأرة أو فأرتان أو ثلاث فارات نزح منها عشرون دلو أو ثلاثون دلواً لأن الفأرة لا تكون فوق الجرذ ثم في الجرذين لا ينزح أكثر من عشرين أو ثلاثين وإن وقع عيها أربع فأرات فعلى قول أبي يوسف الأربع كالثالث وعلى قول محمد الأربع كالخمس وفي الخمس بنزح منها أربعون أو خمسون فكذلك في الأربع وإذ وجب نزح بعض الماء بعدد من الدلاء فالمعتبر في ذلك دلو هذه البئر إن جيء بدلو عظيم يسع فيها عشرين دلواً من دلوهم جاز لحصول المقصود وإذا نزح الماء وحكم بطهارة البئر يحكم بطهارة الدلو والرشاء بيعاً كمن غسل يده من نجاسة بقمقمة وحكم بطهارة اليد يحكم بطهارة عروة القمقمة وكذلك حب الخمر إذا صار خلا وحكم بطهارة ما فيه يحكم بطهارة الحب وفي كل موضع ينزح جميع الماء فأيسر الطرق في ذلك أن يجاء بقصبة ويرسل فيها ويجعل على رأس الماء علامة ثم ينزح منها دلاء ثم ينظركم انتقص فينزح الباقي بحساب ذلك ولا يجب نزح الطين لمكان الحرج وما ينزح من البئر لا يطين به المسجد احتياطاً.
(بئر) تنجس ماؤه فأرادوا نزح الماء اختلفوا فيه منهم من قال يعتبر الماء عند وقوع النجاسة حتى لو نزحوا ذلك القدر وبقي مقدار ذراع أو ذراعين يصير الماء طاهراً وطهوراً وثمرة ذلك تظهر في الرجل إذا أخذ في النزح فعيي فجاء من الغد ووجد الماء أكثر مما ترك فمنهم من قال ينزح جميع الماء فمنهم من قال ينزح جميع الماء ومنهم من قال ينزح مقدار الذي بقي عند الترك هو الصحيح.
(المرأة) إذا وصلت ذوائبها بشعر غيرها ثم غسلت ذلك الشعر لم يصر الماء مستعملاً وإن غسلت رأساً عليه شعر طويل يصير الماء مستعملاً بغسل الشعر لان النابت من الرأس تبع له مادام متصلاً به فيصير الماء مستعملاً بغسله بخلاف المسألة الأولى.
(عظم الفيل) إذا لم يكن عليه دسومة وغسل لا يفسد الماء القليل ويباح الانتفاع به في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. (عظم الإنسان) إذا وقع في الماء لا يفسده لأنه طاهر بجميع أجزائه وإنما لا يباح الانتفاع به كرامة له. (الميت المسلم) إذا غسل ووقع في الماء القليل لا يفسده والكافر يفسد وإن غسل غير مرة والسقط إذا استهل فحكمه حكم الكبير إن وقع في الماء بعد ما غسل لا يفسد وإن لم يستهل يفسد الماء وإن غسل غير مرة ولو وقع الشهيد في الماء القليل لا يفسده إلا إذا سال منه الدم (الهرة) إذا أكلت طعاماً فسقط من فمها شيء يكره أكله وكذا لو لحست عضواً لا يصلي قبل أن يغسل ذلك العضو وإن أكلت فأرة فشربت من إناء في فوره يفسده وإن شربت بعد ساعة لا يفسده (ولو وقعت) الهرة في جب ماء فأخرجت حية من ساعتها فتوضأ إنسان من ذلك الماء جاز.
(بئران ) وقعت في كل واحد منها هرة وماتت فأخرجت من البئر ونزح من إحداهما دلو وصب في الأخرى ينزح من الثانية جميع الماء كما لو وقع فيها شاة وماتت.
(بئر) وجب فيها نزح أربعين دلواً فنزحوا منها يوماً عشرين دلواً ويوماً عشرين جاز ولا يشترط النزح المتدارك وكذا الثوب إذا تنجس ووجب غسله ثلاث مرات فغسل يوماً مرة ويوماً مرتين جاز لحصول المقصود.
(بئر) وجد فيها فأرة ميتة إن كانت منتفخة تعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها وإن كانت غير منتفخة تعاد صلاة يوم وليلة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى (وكذا) لو رأى طائراً وقع في بئر وأخرج ميتاً بعد أيام ولا يدري أنه متى مات بعد الوقوع إن كان منتفخاً تعاد صلاة يوم وليلة.
(فأرة) ماتت في جب فوقعت قطرة من ذلك الماء في البئر فإنه ينزح من البئر عشرون دلواً أو ثلاثون كأن الفأرة وقعت في البئر وإن وقعت الفأرة في الجب وتفسخت ثم صب قطرة من ذلك الماء في البئر فإنه ينزح جميع الماء كأن الفأرة وقعت في البئر متفسخة.
(بيضة) سقطت من الدجاجة في مرقة أو ماء لا يفسد ذلك الماء وكذا السخلة إذا سقطت من أمها ووقعت في الماء مبتلة لا يفسد وكذا الأنفحة إذا خرجت من الشاة بعد موتها.
(إذا مات) العقرب أو القراد أو الخنفساء في الإناء لا يفسده وإن وقع فيها حلمة وماتت فيها ينزح منها دلاء ثم في رواية ينزح منها عشرون أو ثلاثون وفي رواية إن نزح أقل من عشر جاز.
(إذا وقع) في البئر سام أو برص ومات ينزح منها عشرون دلواً في ظاهر الرواية.
(الصفوة) والعصفور بمنزلة الفأرة لاستوائهما في الجثة والحمامة والورشان بمنزلة السنور ينزح منها أربعون دلواً أو خمسون وإن تفسخ شيء من ذلك ينزح جميع الماء والبط والإوز إن كان صغيراً فهز كالدجاجة ينزح منها أربعون أو خمسون فإن كان كبيراً فهو كالجمل العظيم ينزح كل الماء.(1/5)
(صب ماء الوضوء) في بئر عند أبي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه إن استنجى بذلك الماء فكذلك وإن لم يكن استنجى به على قول محمد لا يكون نجساً لكن ينزح منها عشرون دلواً ليصير الماء طهوراً.
(فأرة) ماتت في دهن تفسد الدهن فإن كان الدهن جامداً قوز ما حوله وينتفع بالباقي أكلاً وكل شيء وإن كان ذائباً لا ينتفع به في الأبدان إلا أن يغسل في قول أبي يوسف وطريق غسله يأتي بعد هذا.
(فأرة) وقعت في بئر وماتت ينزح منها عشرون دلواً فإن نزح منها دلو وصب في بئر طاهر كان حكم الثانية ما كان الأولى قبل نزح هذا الدلو وإن كان المصبوب هو الدلو الأول ينزح من الثانية عشرون دلواً فإن صب الدلو الثاني ينزح من البئر الثانية تسعة عشر وإن صب الدلو العاشر ينزح من الثانية أحد عشر هو الصحيح لأن الأولى كانت تطهر قبل نزح هذا الدلو بأحد عشر فكذا الثانية فلو نزح الدلو الأخير من البئر فما دام الدلو الأخير يف هواء البئر لا يحكم بطهارة ماء البئر حتى لا يجوز التوضؤ بماء البئر وإن نجى الدلو الأخير عن رأس البئر يحكم بطهارة ماء البئر.
(فأرة) ماتت في جب فصب ماء الجب في بئر ينزح الأكثر مما صب فيه ومن عشرين دلواً وعند أبي يوسف ينزح المصبوب وعشرون دلواً.
(الإناء كالبئر) في حكم البعرة والبعرتين فيما روي عن أبي حنيفة.
(رجل) نزح ماء بئر إنسان فيبس البئر لا يضمن شيئاً ولو صب ماء آنيته يضمن لأن ماء الآنية مملوك وماء البئر غير مملوك.
فصل في الحمام
دخول الحمام مشروع للرجال والنساء جميعاً خلافاً لما قاله بعض الناس روي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى وسلم دخل الحمام وتنور وخالد بن الوليد رضي لله عنه دخل حمام حمص لكن إنما يباح إذا يباح إذا لم يكن فيه إنسان كشف العورة (إذا خرج) من الحمام ولم يتوضأ ولم يغتسل خارج الحمام لا بأس به عند عامة العلماء واختلف المشايخ في الماء الذي صب على وجه الحمام وأصح ما قيل فيه وهو رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أن ذلك الماء طاهر ما لم علم إن فيه خبثاً حتى لو خرج إنسان من الحمام وقد أدخل رجليه في ذلك الماء ولم يغسلهما بعد الخروج وصلى جاز.
(ماء حوض الحمام) طاهر عندهم ما لم يعلم بوقوع النجاسة فيه فإن أدخل رجل يده في الحوض وعليها نجاسة إن كان الماء ساكناً لا يدخل فيه شيء من الأنبوب ولا يغترف الناس بالقصفة يتنجس ماء الحوض وإن كان الناس يغترفون من الحوض بقصاعهم ولا يدخل من الأنبوب ماء أو على العكس اختلفوا فيه وأكثرهم على أنه ينجس ماء الحوض وإن كان الناس يغترفون بقصاعهم ويدخل الماء من الأنبوب اختلفوا فيه وأكثرهم على أنه لا ينجس.
(البردى) إذا ألقى في الماء النجس في الابتداء على قول محمد لا يطهر أبداً حتى لو اتخذ منه شراك نعل كان نجساً وعلى قول أبي يوسف وعامة المشايخ يغسل ثلاث مرات ويعصر في كل مرة أو يجفف في كل مرة فيطهر وكذا النعل الجديد إذا أصابه ماء نجس فيشرب على قول محمد لا يطهر أبداً وعلى قول أبي يوسف إذا أدخله الماء الطاهر ثلاث مرات وجفف في كل مرة يطهر وينبغي لمن دخل الحمام أن يمكث مكثاً متعارفاً ويصب صباً متعارفاً من غير إسراف.
(حوض الحمام) إذا تنجس فدخل فيه الماء لا يطهر ما لم يخرج منه مثل ما كان فيه ثلاث مرات وقال بعضهم إذا خرج منه مثل ما كان فيه مرة واحدة يطهر لغلبة الماء الجاري عليه والأول أحوط.
فصل في الماء المستعمل(1/6)
اتفق أصحابنا رحمهم الله في الروايات الظاهرة على أن الماء المستعمل في البدن لا يبقى طهوراً واختلفوا في طهارته وفي السبب الذي يصير به الماء مستعملاً وفي الوقت الذي يأخذ الماء حكم الاستعمال أما السبب فاتفقوا على أن يصير مستعملاً إذا استعمله للطهارة واختلفوا في أنه هل يصير مستعملاً لسقوط الفرض إذا لم ينو ذلك أو قصد التبرد أو أخرج الدلو من البئر قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمها الله يصير مستعملاً وقال محمد رحمه الله في المشهور لا يصير مستعملاً وأما وقت ثبوت حكم الاستعمال اتفقوا على أنه ما دام على العضو لا يعطى له حكم الاستعمال وبعد الزوال عن العضو اختلفوا فيه قال بعضهم: يصير مستعملاً وإن كان في الهواء بعد بدليل أن المحدث إذا غسل ذراعيه فأمسك إنسان يده تحت ذراعيه وغسلهما بذلك الماء لايجوز مروي ذلك عن أصحابنا وكذا المحدث إذا غسل عضواً فقبل أن يجتمع الماء في المكان غسل به عضواً آخر لا يجوز إلا على قول أبي مطيع البلخي. وقال بعضهم: لا يصير مستعملاً ما لم يستقر في مكان ويسكن عن التحرك وأما الاختلاف في طهارة الماء المستعمل ونجاسته قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله في المشهور عنهما: هو نجس. وقال محمد رحمه الله: هو طاهر فإن أصاب ذلك الماء ثوباً إن كان ذلك ماء الاستنجاء وأصابه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز فيه الصلاة عندنا وإن لم يكن ذلك ماء الاستنجاء على قول أبي حنيفة وأبي يوسف لا يمنع ما لم يفحش والفاحش عند أبي حنيفة ما يستفحشه الناظر وقيل إن كان ربع الثوب فهو كثير وقال أبو يوسف: إن كان شبراً فهو كثير وفي رواية عن أبي يوسف يقدر بالربع قيل أراد به ربع الكم أو ربع الذيل لا ربع الكم أو ربع الذيل لا ربع جميع الثوب.
(المحدث أو الجنب) إذا أدخل يده في الإناء للاغتراف وليس عليها نجاسة لا يفسد الماء وكذا إذا وقع الكوز في الحب فأدخل يده في الحب إلى المرفق لإخراج الكوز لا يصير مستعملاً وكذا الجب إذا أدخل يده في البئر لطلب الدلو لا يصير الماء مستعملاً لمكان الضرورة.
(الجنب) إذا أخذ الماء بفيه لا يريد به المضمضمة لا يصير مستعملاً في قول محمد رحمه الله وكذا لو أخذ الماء بفيه وغسل أعضاء بذلك الماء أو أخذ الماء بفيه وملأ به الآنية كان طاهراً وطهوراً وقال أبو يوسف رحمه الله لا يبقى طهوراً وهو الصحيح إما لأنه صار مستعملاً بسقوط الفرض أو لأنه خالطة البزاق فلا يكون طهوراً ولو أدخل يده أو رجله في الإناء للتبرد يصير الماء مستعملاً لانعدام الضرورة ولو أدخل المحدث رأسه في الإناء يريد به المسح لا يصير الماء مستعملاً في قول أبي يوسف رحمه الله وقال إنما يتنجس الماء في كل شيء يغسل يريد به الغسل أما ما يمسح لا يصير الماء به مستعملاً وإن أراد به المسح وقال محمد رحمه الله إذا كان على ذراعيه جبائر فغمسها في الماء أو غمس رأسه في الإناء لا يجوز ويصير الماء مستعملاً.
(الجنب) إذا شرب الماء قبل أن يتمضمض هل ينوب عن المضمضة قالوا إن كان فقيهاً ينوب لأنه يمص الماء مصاً فلا يصل الماء إلى كل فمه وإن كان جاهلاً ينوب لأن الجاهل يعب الماء عباً فيصل الماء إلى كل الفم.
(انتضاح الغسالة) في الإناء إن كان قليلاً لا يفسد وحد القليل أن لا يستبين مواقع القطر في الماء كالطل وإن كان يستبين ذلك ويرى فهو كبير ولا بأس للمتوضئ والمغتسل أن يتمسح بالمنديل لأن النبي صلى الله عليه وعلى وسلم كان يفعل ذلك ومنهم من كره ذلك ومنهم من كره للمتوضئ دون المغتسل والصحيح ما قلنا إلا أنه ينبغي أن لا يبالغ ولا يستقصي فيبقى أهر الوضوء على أعضائه.
(غسالة الميت) من الماء الأول والثاني والثالث فاسدة وما يصيب ثوب الغاسل من ذلك قدر ما لا يمكن الاحتراز عن ذلك يكون عفواً والثوب الذي يمسح به الميت طاهراً اعتباراً بثوب الحي.
(استنجى) فأصاب الماء كمه أو ذيله إن أصابه الماء الأول أو الثاني أو الثالث يتنجس نجاسة غليظة فإن أصابه الماء الرابع يتنجس نجاسة الماء المستعمل ويكره شرب الماء المستعمل.
(المحدث) إذا توضأ في أرض المسجد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأن عندهما الماء المستعمل نجس وإن توضأ في إناء في المسجد جاز عندهم.
(ويكره) التجرد في المسجد (وكما) يصير الماء مستعملاً بإزالة الحدث والجنابة يصير مستعملاً بالغسل للأكل قبل الطعام وبعده وكذا لو اغتسل للإحرام أو للإسلام أو للوضوء على الوضوء وصلاة الجمعة وصلاة العيد وليلة عرفة وليلة القدر وكذا إذا اغتسلت المرأة لحيض أو نفاس أو غسل ميتاً ثم اغتسل فإن الماء يصير مستعملاً في هذه الوجوه لإقامة القربة ولو توضأ الطاهر لإزالة الطين أو العجين أو الدرن أو اغتسل الطاهر للتبرد لا يصير الماء مستعملاً في هذه الوجوه.
(الصبي العاقل) إذا توضأ أو اغتسل يريد به التطهير ينبغي أن يصير الماء مستعملاً لأنه نوى قربة معتبرة.
فصل فيما لا يجوز به التوضؤ(1/7)
لا يجوز التوضؤ بماء الفواكه وتسفير أن يدق التفاح أو السفرجل دقاً ناعماً ثم يعصره فيستخرج منه الماء وقال بعضهم تفسيره أن يدق التفاح أو السفرجل ويطبخ بالماء ثم بعصر فيستخرج منه الماء وفي الوجهين لا يجوز به التوضؤ لأنه ليس بماء مطلق ولا يجوز التوضؤ بماء البطيخ والقثاء والقند ولا بالماء الذي يسيل من الكرم في الربيع كذا ذكره شمس الأئمة الحلواني ولا بماء الورد والزعفران ولا بماء الصابون والحرض إذا ذهبت رقته وصار ثخيناً وإن بقيت رقته ولطافته جاز به التوضؤ وكذا لو طبخ بالماء ما يقصد به المبالغة في التنظيف كالسدر والحرض وإن تغير لونه ولكن لم تذهب رقته يجوز به التوضؤ وإن صار ثخيناً مثل السويق لا يجوز به التوضؤ ولو توضأ بماء السيل يجوز وإن خالطه التراب إذا كان الماء غالباً رقيقاً فراتاً كان أو أجاجاً وإن كان ثخيناً كالطين لا يجوز به التوضؤ وكذا التوضؤ بماء الزعفران وزردج العصفر يجوز إن كان رقيقاً والماء غالب فإن غلبته الحمرة وصار متماسكاً لا يجوز به التوضؤ أما عند أبي يوسف رحمه الله تعتبر الغلبة من حيث الأجزاء لا من حيث اللون هو الصحيح وعلى قول محمد رحمه الله تعتبر الغلبة بتغير الطعم واللون والريح ويجوز التوضؤ بالماء الذي ألقي فيه الحمص أو الباقلاء ليبتل وتغير لونه وطعمه ولكن لم تذهب رقته ولو طبخ فيه الحمص أو الباقلاء وريح الباقلاء يوجد منه لا يجوز به التوضؤ وذكر الناطقي إذا لم تذهب رقة الماء ولم يسلب منه اسم الماء جاز به الوضوء وكذا لو بل الخبز بالماء وبقي رقيقاً جاز به الوضوء فإن صار ثخيناً لا يجوز وكذا لو ألقي الزاج في الماء حتى اسود لكن لم تذهب رقته جاز به الوضوء ولو وقع الثلج في الماء وصار ثخيناً غليظاً لا يجوز به التوضؤ لأنه بمنزلة الحمد وإن لم يصر ثخيناً جاز ولو توضأ في الحوض انجمد ماؤه إلا أنه رقيق ينكسر بتحريك الماء جاز وضوؤه وإن كان الجمد على وجه الماء قطعاً قطعاً إن كان كبير لا يتحرك بتحريك الماء لا يجوز وإن كان قليلاً يتحرك بالتحريك يجوز بمنزلة ما لو كان على وجه الماء عود أو خشب يتحرك بتحريك الماء يجوز به التوضؤ وإلا فلا ولو توضأ بالثلج إن كان يذوب ويسيل الماء على أعضائه جاز وإلا فلا وإن بال جاهل في الماء الجاري ورجل أسفل منه يتوضأ إن لم يتغير لون يتغير لو الماء أو طعمه أو ريحه يجوز وإلا فلا وإن كان الماء راكداً إن كان قليلاً لا يجوز فيه التوضؤ أصلاً وإن كان كثيراً فقد مرت المسألة قبل هذا وكذا لو صب آنية الخمر في نهر عظيم ورجل أسفل منه يتوضأ أو يشرب جاز إن لم يظهر أثره في ذلك إذا كان على بدنه نجاسة فمسحها بخرقة مبلولة ثلاث مرات. (حكي) عن الفقيه أبي جعفر أنه قال يطهر إذا كان الماء متقاطراً على بدنه ولا يجوز التوضؤ بشيء من الأشربة ولا بغيرها من المائعات نحو الخل والمري إلا نبيذ التمر فإنه يجوز التوضؤ به عند عدم الماء المطلق في قول أبي حنيفة الأول ووجوده يمنع التميم في قوله وتفسير النبيذ أن <18> يلقي التمر في الماء فيأخذ الماء حلاوته ولا يصير نخيناً ولا سكراً فإن كان سكراً لا يحل شربه ولا يجوز به التوضؤ وإن طبخ أدنى طبخة الصحيح أنه لا يجوز به التوضؤ على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ يتيمم ولا يتوضأ بنبيذ التمر وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ الآخر وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجمع بينه وبين التيمم فإن كان معه سؤر الحمار ونبيذ التمر يتوضا بسؤر الحمار ويتيمم ولا يلتفت إلى نبيذ التمر لأن سؤر الحمار كان طهوراص في الأصل وإنما صار مشكلاص بشرب الحمار أما نبيذ التمر ما كان طهورا في الأصل وفي رواية يجمع بين الكل وما يحل شربه إذا أصاب ثوباص لا يفسده (الماء) إذا اختلط بالمخاط أو بالبزاق جاز به التوضؤ ويكره * (فصل في الأسآر)* سؤر طاهر لا كراهة فيه وهو سؤر ما يؤكل لحمه من الحيوان وسؤر الآدمي على أي صفة كان (وسؤر مكروه) وهو سؤر سواكن البيوت كالفأرة والحية والوزغة والهرة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ واختلف المشايخ في بول الهرة والفأرة منهم من جعله عفواص إذا أصاب ثوباص لا يفسده ومنهم من قدره بالكثير الفاحش والصحيح أنه مفسد وسؤر الدجاجة المخلاة مكروه وكذا سؤر سباع الطير (وسؤر نجس) وهو سؤر الخنزير والكلب وسباع الوحش كالاسد والفهد ونحو ذلك (وسؤر مشكوك) وهو سؤر الحمار والبغل واختلفوا في الشك قال بعضهم الشك في طهارته حتى لو وقع في الماء القليل يفسده وإن أصاب الثوب أو البدن لا يفسده (والصحيح)أن الشك في طهوريته وعرقهما طاهر في ظاهر الرواية لا يفسد الماء والثوب (وذكر) شمس الأئمة الحلواني أن عرقهما نجس وإنما جعل عفواص في الثوب والبدن لمكان الضرورة في طهارة لبن الأتان روايتان (وأما سؤر الفرس) فعن أَبِي حَنِيفَةَ فيه روايتان وأظهرهما أنه طاهر وطهور وهو قولهما ثم السؤر لطاهر بمنزلة الماء المطلق فإن استعمل الماء الكره مع(1/8)
القدرة على الماء المطلق صحت طهارته ويكره وفي المشكوك يجمع بينه وبين التيمم ولو اكتفى بأحدهما وصلى لا تجوز صلاته * (فصل في النجاسة التي تصيب الثوب أو الكف أو البدن أو الأرض) * (النجاسة نوعان) غليظة وخفيه (فالخفيفة) لا تمنع ما لم تفحش (والغليظة) إذ زادت على قدر <19> الدرهم تمنع جواز الصلاة واختلفوا في مقدار الدرهم أنه معتبر وزناً أو بسطاص الصحيح أنه في المستجسدة كالعذرة والروث ولحم الميتة يعتبر قد الدرهم وزناً وفي غير المستجسدة كالبول والخمر والدم يعتبر القدر بسطاً واختلفوا أيضاً فيا الدرهم الذي يقدر به (قال شمس الأئمة) السرخسي رَحِمَهُ اللهُ يعتبر فيه أكبر دراهم البلد إن كان في البلد دراهم مختلفة ثم النجاسة الغلظة ما لا شبهة في نجاستها ثبتت نجاستها بدليل مقطوع به كالخمر والم المسفوح ولحم الميتة وبول ما لا يؤكل لحمه وأما الروث وأخثاء البقر فعند أَبِي حَنِيفَةَ نجس نجاسة غليظة وعند صاحبيه نجاسة خفيفة لا فرق عندهما بين المأكول وغير المأكول وفي كل ما يعتبر فيه الفاحش فهو مقدر بالربع في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ وهو رواية عن أَبِي حَنِيفَةَ وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ شبر في شبر وفي رواية ذراع في ذراع (وبول ما يؤكل لحم) نجس في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ نجاسة خفيفة لتعارض الأدلة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ طاهر (العذرة) ونحو الكل ورجيع السباع نجس نجاسة غليظة (خرء) ما يؤكل لحمه من الطيور طاهر إلا ما له رائحة كريهة كخرء الدجاج والبط والإوز فهو نحس نجاسة غليظة (ذرق) سباع الطير كالبازي والدأة لا يفسد الثوب واختلف المشايخ في بول الهرة والفأرة إذا أصاب الثوب قال ببعضهم يفسد إذا زاد على قدر الدرهم وهو الظاهر وقال بعضهم لا يفسد أصلاً وقال بعضهم يفسد إذا فحش ويظهر أثر الضرورة في التخفيف لا في سلب النجاسة (دم) السك وما يعيش في الماء لا يفسد الثوب في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ يفسد إذا فحش دم الحلمة أو الوزغة يفسد الثوب والماء ودم البق أو البعوض أو البرغوث لا يفسد عندنا (الطحال والكبد) طاهران فبل الغسل حتى لو اطلى به وجه الخف وصلى جازت صلاته وما يبقى من الدم في عروق المذكاة بعد الذبح لا يفسد الثوب وإن فحش (وعن أَبِي يُوسُفَ) رَحِمَهُ اللهُ يفسد الثوب إذا فحش ولا يفسد القدر (الدم) الذي ظهر في رأس الجرح وانتفخ ولم يسل ليس ينجس في قول أَبِي يُوسُفَ وقال مُحَمَّد نجس (ماء ) الطابق نجس قياساص ولي بنجس <20> استحساناً وصوبته إذا أحرقت العذرة فأصاب ماء الطابق ثوب إنسان لا يفسده استحساناً ما لم يظهر أثر النجاسة فيه وكذا الاصطبل إذا كان حاراً وعلى كونه طابق أ بيت البالوعة إذا كان عليه طابق فعرق الطابق وتقاطر منه وكذا الحمام إذا أهريق فيه النجاسات فعرق حيطانها وكوتها وتقاطر وكذا لو كان في الاصطبل كوز معلق فيه ماء فترشح من أسفل الكوز في القياس يكون نجساص لأن البلة في أسفل الكوز صارت نجسة ببخار الاصطبل وفي الاستحسان لا يتنجس لأن الكوز طاهر والماء الذي فيه طاهر فما ترشح منه يكون طاهراص (إذا صلى) ومعه شعر الآدمي قد ذكرنا أنه تجوز صلاته ولو قلع إنسان سنه أو قطع أذنه ثم أعادهما إلى مكانهما وصلى أو صلى وسنه أو أذنه في كممه تجوز صلاته في ظاهر الرواية وكذا لو صلى وفي عنقه قلادة فيها سن كلب أو ذئب تجوز صلاته وما يطهر جلده بالدباغ يطهر لحمه بالذكاء ذكره شمس الأئمة الحلواني قيل يشترط أن تكون الذكاة من أهلها في محلها وهو ما بين اللبة واللحيين وقد سمى بحيث لو كان مأكولاً لا يحل أكله بتلك الذكاة (وذكر الناطفي) إذا صلى ومعه من لحم السباع كالثلعب ونحوه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وإن كان مذبوحاً ولو صلى ومعه لحم بازي قد ذبح جازت صلاته لأن سؤر الثعلب ونحوه نجس وما كان سؤره نجساً لا يطهر لحمه إلا بالذكاة إنما يطهر إذا لم يكن سؤره نجساً (وعن الفقيه أبي جعفر) إذا صلى ومعه لحم سباع الوحش قد ذبح لا تجوز صلاته ولو وقع في الماء أفسده وذكر الناطفي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ إذا صلى على جلد كلب أو ذئب قد ذبح جازت صلاته (الكلب) إذا أخذ عضو إنسان أو ثوبه بفيه أخذه في الغضب لا يفسده وإن أخذه في اللعب والمزاح يفسده لأنه في الوجه الأول يأخذ بسنه وسنه غير نجس وفي الوجه الثاني يأخذ بفيه ولعابه نجس إذا مشى كلب على ثلج فوضع إنسان رجله على ذلك الموضع إن كان الثلج رطباً بحيث لو وضع عليه شيء يبتل يصير الثلج نجساً فما يصيبه يكون نجساً وإن لم يكن رطباً لا يتنجس وقيل إنه لا يتنجس الثلج وهو محمول على الوجه الثاني وكذا الكلب إذا مشى في طين أو ردغة يتنجس الطين والردغة إذا صلى وهو حامل شهيداً عليه دمه جازت صلاته وإن <21> أصاب دم الشهيد ثوب إنسان أفسده (لعاب الفيل نجس) كلعاب الفهد والأسد إذا أصاب الثوب(1/9)
بخرطومه نجسه الثوب النجس إذا غسل ثلاثاً وعصر مرة لا يطهر إلا في رواية عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ فإن غسل ثلاثاً وعصر في كل مرة ثم تقاطر منه قطرة فأصابت شيئاً إن عصره في المرة الثالثة وبالغ فيه بحيث لو عصره لا يسل منه الماء فالكل طاهر وإلا فما تقاطر منه نجس فإذا أصاب شيئاً أفسده إذا غسل الثوب ثلاثاً وعصر في كل مرة وقوته أكثر من ذلك ولم يبالغ صيانة للثوب لا تجوز إذا نام الكلب على حصير المسجد إن كان يابساً لا يتنجس وإن كان رطباً ولم يظهر أثر النجاسة فيه فكذلك (إذا) رمى بعذرة في نهر فانتضح الماء من وقوعها فأصاب ثوباً إن ظهر أثر النجاسة فيه يصير نجساً وإلا فلا وكذلك لو بال الحمار في ماء جار فأصاب الرش ثوب إنسان لا يفسده ما لم يتيقن أنه بول وإن كان الماء راكداً فزاده على قدر الدرهم أفسده (الكلب) إذا خرج من الماء وانتفض فأصاب ثوب إنسان أفسده قيل إن كان ذلك من ماء المطر لا يفسده إلا إذا أاب المطر جلده وفي ظاهر الرواية أطلق ولم يفصل إذا صلى ومعه فأرةأو هرة أو حية تجوز صلاته وقد أساء وكذا كل ما يجوز التوضؤ بسؤرهوإن كان في كمه ثعلب أو جرو كلب لا جو صلاته لأن سؤره نجس لا يجوز به التوضؤ به (ولو صلى) ومعه جلد حية أو أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته وإن كانت مذبوحة لأن جلدها لا يحتمل الدباغة فلا تقام الذكاة مقام الدبغ وأما قميص الحية ذكر شمس الأئم الحلواني الصحيح أنه طاهر (إذا صلى) وفي كمه بيضة مذرة قد حال محها دماً جازت صلاته وكذا البيضة التي فيها فرخ ميت (البيضة) الرطبة أو السلخلة الرطبة إذا وقعت في ثوب لا تفسده في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ (امرأة) صلت ومعها صبي ميت إن لم يكن استهل فصلاتها فاسدة غسل أو لم يغسل وإن كان قد استهل ولم يغسل فكذلك وإن كان قد غسل جازت صلاته والمستحب أن لا يصلى على هذه الحالة (ثوب) أصابه عصير ومضى على ذلك أيام جازت الصلاة فيه عند علمائنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لأنه لا يصير خمراً في الثوب (امرأة) صلت ومعها دود القز جازت صلاتها لأنه ليس بنجس (ثوب) أصابت <22> النجاسة طرفاً منه فنسي ذلك الموضع فغسل منه طرفاً جازت الصلاة فيه (إذا قاء ملء الفم) ينبغي أن يغسل فاه فإن لم يغسله حتى صلى جازت صلاته لأنه يطهر بالبزاق عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ وكذا إذا شرب الخمر ثم صلى بعد زمان وكذا إذا أصاب النجاسة بعض أعضائه ولحسها بلسانه حتى ذهب أثرها وكذا السكين إذا تنجست فلحسها بلسانه أو مسحها بريقه وكذا الصبي إذا قاء على ثدي الأم ثم مض الثدي مراراً يطهر (إذا صلى) على ثوب محشو بطانته نجسة وظهارته طاهرة جازت صلاته في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ ويجعل كثوبين وعلى قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ لا تجوز ويجعل كثوب واحد ولو صلى على ثوب محشو بطانته طاهرة وظهارته كذلك وحشوه نجس جازت صلاته في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ وذكر في السير ما يدل على هذا وعلى قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ لا تجوز صلاته في الفصلين وقوله أقرب إلى الاحتياط (الأرض)أو الشجر إذا أصابته النجاسة فأصابها المطر ولم يبق لها أثر يصير طاهراً إذا صلى ومعه تكة من شعر الكلب جازت صلاته لأنه تبع (المرأة ) إذا اختضبت بحناء نجس فغسلت ذلك الموضع ثلاثاً بماء طاهر يطهر لأنها أتت بما في وسعها وينبغي أن لا يكون طاهراً مادام يخرج منه الماء الملون بلون الحناء (إذا كان) على بدن الرجل نفطة يبس ما تحتها من الرطوبة ولم تذهب الجلدة عنها فتوضأ وأمرّ الماء على الجلدة جازت وإن لم يصب الماء ما تحتها لأن الواجب غسل الظاهر دون الباطن (الحمار) إذا وقع في الملاحة وصار ملحاً كان الكل طاهراً حل أكله في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ وعلى قول أَبِي يُوسُفَ نجس وكذا العذرة إذا أحرقت وصارت رماداً والطين النجس إذا جعل منه الكوز أو القدر وطبخ به يكون طاهراً (الجلد المدبوغ) إذا أصابته النجاسة إن كان صلباً لا ينشف النجاسة لصلابته يطهر بالغسل في قولهم وإن كان ينشف النجاسة إن أمكن عصره يغسل ثلاثاً ويعصر في كل مرة فيطهر وإن كان لا يمكن عصره فعند أَبِي يُوسُفَ يغسل ثلاثاً ويجفف في كل مرة فيطهر وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ لا يطهر أبداً وعلى هذا الخلاف اللحم إذا طبخ بالخمر والحديد إذا موه بالماء النجس عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ لا يطهر أبداً وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ يغلى اللحم في الماء الطاهر ثلاثاً فيطهر والحديد يموه بالماء الطاهر ثلاثاً <23> ويبرد في كل مرة فيطهر وكذا الحصير من البردي إذا أصابته النجاسة وهو جديد لا يطهر عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ وعند أَبِي يُوسُفَ يغسل ثلاثاً ويجفف في كل مرة فيطهر وقد ذكرنا هذا في شراك النعل والبوريا من القصب يغسل ثلاثاً ويطهر بلا خلاف لأنه لا ينشف النجاسة (وعند مُحَمَّد رحمه الله) جلد الميتة إذا يبس ووقع في الماء لا يفسد(1/10)
ولو صلى معه جازت صلاته وإن كان أكثر من قدر الدرهم إذا دبغ بالرماد أو بالملح أو السبخة أو ما يمنعه من الفساد ويخرجه عن حد الأكل فهو دباغ (الخشب) إذا أصابته النجاسة فأصابه المطر بعد ذلك كان ذلك بمنزلة الغسل كالأرض إذا أصابتها النجاسة ثم أصابها المطر كان ذلك بمنزلة الغسل فإنه لم يصب المطر فالأرض تطهر بالجفاف إذا لم يبق أثر النجاسة واختلفوا في الشجر والكلأ مادام قائماً على الأرض يطهر بالجفاف وإن كان موضوعاً ينقل ويحول من مكان إلى مكان إن كانت النجاسة على الجانب الذي يلي الأرض جازت الصلاة عليها وإن كانت النجاسة على الجانب الذي قام عليه المصلي لا تجوز والبساط الذي بعض أطرافه نجس جازت الصلاة على الطاهر منه سواء كان يتحرك الطرف الآخر بتحرك المصلي أولاً يتحرك لأن البساط بمنزلة الأرض فيشتر فيه طهارة مكان المصلي بخلاف ما إذا صلى في ثوب وطرفه طاهر ورف منه نجس فلبسن الطرف الطاهر وألقي الطرف النجس على الأرض إن كان ما على الأرض يتحرك بتحركه لا تجوز صلاته إذا أراد أن يصلي على أرض عليها نجاسة فكبسها بالتراب ينظران كان التراب قليلاً بحيث لو استشمه يجد رائحة النجاسة لا يجوز وإن كان التراب كثيراً لا يجد ريح النجاسة يجوز (الحجر إذا أصابته النجاسة) إن كان حجراً يتشرب النجاسة كحجر الرحا يكون يبسه طهارته وإن كان لا يتشرب لا يطهر إلا بالغسل (اللبن إذا أصابته النجاسة) وهو غير مفروش لا يطهر بالجفاف لأنه ليس بأرض وإن كان مفروشاً وصلى عليه بعد الجفاف جازت صلاته لأنه صار كوجه الأرض فإن قلع بعد ذلك هل يعود نجساً فيه روايتان (إذا قام) <24> المصلي على مكان طاهر ثم تحول إلى مكان نجس ثم عاد إلى الأول إن لم يمكث على النجاسة مقدار ما يمكنه فيه أداء أدنى ركن جازت صلاتهوإلا فلا إذا صلى ومعه نافجة مسك إن كانت النافجة يابسة جازت صلاته لأنهما بمنزلة المدبوغة وإن كانت رطبة إن كانت نافجة دابة مذبوحة جازت صلاته لأنها طاهرة وإن لم تكن مذبوحة فصلاته فاسدة والمسك حلال على كل حال يؤكل في الطعام ويجعل في الأدوية ولا يقال إن المسك دم لأنها وإن كانت دماً فقد تغيرت فيصير طاهراً كرماد العذرة (الصب) إذا بال في التنور أو مسحت المرأة التنور بخرقة مبلولة بنجاسة ثم خبزت إن كانت النجاسة قد يبست ولم يبق بللها قبل إلصاق الخبز بالتنور لا يتنجس الخبز لأن النار لما أكلت البلة صارت كالأرض إذا يبست بالشمس وإن ألصقت الخبز بالتنور حال قيام البلة فالخبز نجس وقيل إن كان الخبز خبز حنطة أو شعير لا يتنج وإن كان الخبز خبز الأرز أو الجاورس يتنجس لأن ذلك ينشف (إذا صلى ومعه درهم) تنجس جانباه الصحيح أنه لا يمنع جواز الصلاة لأن الكل درهم واحد وإن صلى في ثوب ذي طاق واحد كالقميص ونحوه وعليه نجاسة أقل من قدر الدرهم قد نفذت النجاسة إلى الجانب الآخر فلو جمعا يكون أكثر من قدر الدرهم لا يمنع جواز الصلاة في قولهم وليس هذا كالنجاسة المتفرقة في ثوب واحد ولو كانت النجاسة على البساط أو الأرض تحت القدمين تجمع كما في ثوب واحد ولو صلى في ثوبين على كل واحد منهما نجاسة أقل من قدر الدرهم ولو جمعا يكون أكثر من قدر الدرهم فإنه يجمع بينهما ويمنع جواز الصلاة ولو صلى في ثوب ذي طاقين فأصابت النجاسة أحد الطاقين ونفذت إلى الآخر على قول أَبِي يُوسُفَ هو كثوب واحد لا يمنع جواز الصلاة وعلى قول مُحَمَّد يمنع وقيل إن كان مضروباً يمنع عندهم وقول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ أوسع وقول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ أحوط وفيما إذا كانت البطانة نجسة دون الظهارة أو كان الحشو نجساً الأحوط قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ (الماء) الذي يسيل من فم النائم طاهر هو الصحيح لأنه متولد من البلغم إذا جعل السرقين <25> في الطين وطين به شيء فيبس فوضع علي8ه منديل مبلول لا يتنجس (السرقين) الجاف أو التراب النجس إذا هبت به الريح فأصاب ثوباً لا يتنجس ما لم ير فيه أثر النجاسة ولو مر الريح على الجاسة وثمت ثوب مبلول معلق تصيبه الريح قيل بأنه يتنجس إذا أصلح مصارين شاة ميتة وصلى معها جازت صلاته وكذا لو أصلح المثانة ودبغها وجعل فيها اللبن أو السمن جاز وكذا الكرش وكل ما يمنع عن الفساد ويخرج عن حد الأكل فهو دباغكان ذلك بالتراب أو الشمس ونحوهما وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ الكرش لا يقبل الدباغ لأنه بمنزلة اللحم إذا أدخل المرارة في أصبعه لقرحة يكره ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ لأن عنده لا يباح التداوي ببول ما يؤكل لحمه (الخف) إذا أصابته النجاسة إن كانت النجاسة مستجدة كالعذرة والروث والمني يطهر بالحك إذا يبست وإن كانت النجاسة رطبة في ظاهر الرواية لا يطهر إلا بالغسل ون أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ إذا مسحها على وجه المبالغة بحيث لا يبقى لها أثر يطهر وعليه الفتوى لعموم البلوى وإن لم تكنالنجاسة مستجسدة كالخمر والبول لا يطهر إلا بالغسل وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ(1/11)
اللهُ إذا ألقى عليها تراباً فمسحها يطهر لأنها تصير في معنى المستجسدة وبه نأخذ (والثوب) لا يطهر غلا بالغسل وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إلا المني فإنه يطهر بالفرك وقيل مني المرأة لا يطهر بالترك لأنه رقيق بمنزلة البول وفي مجموعاتمجد الأئمة البخاري قال وفي فوائد الشيخ القاضي الإمام أبي علي النسفي إنه سئل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل عن مني المرأة إذا أصاب الثوب هل يطهر بالفرك كمني الرجل قال لا يطهل لأن مني الرجل في غلظة ومني المرأة رقيق أصفر كالبول فلا يطهر إلا بالغسل ثم قال مجد الأئمة قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعني أستاذه القاضي الصحيح أنه لا فرق بين مني المرأة ومني الرجل (والبدن) لا يطهر من جميع ذلك إلا بالغسل ولو مسح موضع الحجامة ثلاث مرات بثلاث خرق مبلولة قد مر قبل هذا أنه يجوز إذا كان الماء متقاطراً إذا أصاب الثوب مني ففرك وحكم بطهارته فأصابه ماء بعد ذلك الصحيح أنه لا يعود نجساً (والأرض) إذا أصابتها النجاسة فجفت وذهب أثرها ثم أصابها الماء <26> بعد ذلك الصحيح أنه لا يعود نجساً وكذا لو جفت الأرض وذهب أثر النجاسة ورش عليها الماء وجلس عليها لا بأس به (والتراب الطاهر) إذا جعل طيناً بالماء النجس أو على العكس الصحيح أن الطين نجس أيهما كان نجساً (خف) بطانة ساقه من الكرباس فدخل في جوفه ماء نجس فغسل الخف ودلكه باليد وملاه ثلاث مرات وإهراق الماء يصير طاهراً لأنه أتى بما هو الممكن (إذا ذبح شاة) ومسح السكين بصوفها يطهر إذا ذهب أثر الدم وكذا السيف إذا تنجس ومسحه بالتراب أو بالخرقة وذهب أثر الدم (ثوب) أصابته نجاسة رطبة فألقي عليها ثوباً وصلى إن كان ثوباً يمكن أن يجعل من عرضه ثوبين كالنهالي يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ وإن كان لا يمكن أن يجعل من عرضه ثوبين لا يجوز ولو ألقي عليها لبداً وصلى قال أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تجوز صلاته وقال الحلواني لا تجوز إلا أن يلقي على هذا الطرف الطرف الآخر فيصير بمنزلة ثوبين وإن كانت النجاسة يابسة جازت صلاته على كل حال لأنها لا تلتصق بالثوب الملقى عليها (إذا) نام الرجل على فراش أصابه مني ويبس فعرق الرجل وابتل الفراش من عرقه إن لم يظهر أثر البلل في جسده لا يتنجس بدنه وإن كان العرق كثيراً حتى ابتل الفراش ثم أصاب ذلك الفراش جسده فظهر أثره في جسده تنجس بدنه وكذا إذا غسل رجليه ومشى على ارض نجسة بغير مكعب فابتلت الأرض من بلل رجليه واسود وجه الأرض لكم لم يظهر أثر بلل الأرض في رجليه فصلى جازت صلاته وإن كان بلل الماء في الرجل كثيراً حتى مشى على رجل الأرض وابتل وجه الأرض فصارت طيناً ثم أصاب الطين رجله لا تجوز صلاته وقيل إن كانت النجاسة فيالأرض يابس فمر عليها برجل مبلولة لا تتنجس رجله وإن كانت النجاسة في الأرض ربة ورجله يابسة تتنجس الرجل (رجل)دخل مربطاً فأصاب رجله من الأرواث شيء فصلى قالوا لا بأس به ما لم يفحش لعموم البلوى وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ أنه رخص في الأرواث حين قدم الري لما رأى فيه من البلوى وإن أصاب الخف منه شيء يعتبر فيه قدر الربع والمراد من الربع ربع ما دون الكعبين لا ما فوقهما لأن ما فوقهما زيادة على الخف (إذا استنجى) الرجل <27> وجرى ماء الاستنجاء تحت رجله وهو متخفف إن لم يدخل ماء الاستنجاء في خفه لا بأس به ويطهر خفه تبعاً لطهارة موضع الاستنجاء كما قلنا في عروة القمقمة إذا أخذها بيد نجسة وغسل يده ثلاثاً إذا طهرت يده تطهر العروة تبعاً (الحصير من البردي) إذا تنجس إن كانت النجاسة رطبة يغسل بالماء ثلاثاً ويقوم على الحصير حتى يخرج الماء من أثقابه وإن كانت النجاسة يبست في الحصير تدلك حتى تلين النجاسة وتزول بالماء ولو كان الحصير من القصب فقد ذكرنا أنه يغسل ثلاثاً فيطهر (البساط النجس) إذا ألقي في الماء الجاري فجرى عليه الماء ليلة يطهر (الآجر) إذا تنجس وهو غير مفروش إن كان قديماً مستعملاً يغسل ثلاثاً فيطهر وإن كان جديداً يغسل ثلاثاً ويجفف في كل مرة (إذا) إذا تنجست اليد بدهن نجس فغسلها ثلاثاً من غير حرض وبقي أثر الدهن في يده على قياس قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ يطهر (إذا) امتخط الرجل في ثوب ورأى فيه أثر الدم لا ينجسه لأن كل ما لا يكون حدثاً لا يكون نجساً (إذا) وجد الشعير في بعر الغنم أو الإبل يغسل ثلاثاً ويؤكل وإن كان في إخثاء البقر لا يكون (إذا) أحرق الرجل رأس شاة وقد تلطخت بالدم ولم يغسله وطبخه في قدر جاز ولا يفسد المرق (اللحم) إذا كان عليه دم مسفوح كان نجساً وإن لم يكن من الدم المسفوح لا يكون نجساً (الطائر) إذا وقع في قدر ومات فيه إن وقع حال الغليان فالكل فاسد يهراق جميع ما كان فيه وإن وقع بعد ما سكن عن الغليان تصب المرقة ويغسل اللحم الذي كان فيه ويؤكل (إذا صب الطباخ) في القدر مكان الخل خمراً غلطاً فالكل نجس لا يطهر أبداً وما روي عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ أنه يغلى(1/12)
ثلاث مرات لا يؤخذ به وكذا الحنطة إذا طبخت بالخمر لا تطهر أبداً قال رَحِمَهُ اللهُ وعندي إذا صب فيه الخل وترك حتى صار الكل خلاً لا بأس به ولو صب الخمر على الحنطة تغسل ثلاثاً وتجفف في كل مرة (البعرة) إذا وقعت في المحلب عند الحلب فرمي بها من ساعته لا بأس به وإن تفتت البعرة في اللبن يصير نجساً لا يطهر بعد ذلك (إذا صلى على الدابة) وفي سرجه نجاسة إن كان ذلك من عرق الدابة لا بأس به لأنه مشكل فلا يمنع الجواز وإن كانت من دم أو عذرة أكثر من قدر الدرهم لا يجوز <28> (بعر الفأرة) إذا وقع في حنطة وطحنت الحنطة لا بأس بأكل الدقيق إلا أن يكون كثيراً يظهر أثره بتغير الطعم وغيره (خبز) وجد في خلاله بعر الفأرة إن كان البعر على صلابته يرمى البعر ويؤكل الخبز (خمر) صب في قدر الطعام ثم صب فيه الخل وصار حامضاً بحيث لا يمكن أكله لحموضيته وحموضيتها حموضة الخل لا بأس بأكلها وعلى هذا في جميع المسائل إذا صب في الخمر الخل وصار خلاً لا بأس بأكلها (فأرة) وقعت في خمر ثم استخرجت قبل التفتت ثم صارت خلاً لا بأس بأكله وإن تفسخت في الخمر ثم استخرجت ثم صار الخمر خلاً لا يحل أكله وكذا الكلب إذا ولغ في عصير ثم تخمر ثم تخلل لا يحل أكله لأن لعاب الكلب قائم فيه وإنه لا يصير خلاً الخمر إذا صب في ماء أو الماء صب في خمر ثم صار خلاً اختلفوا فيه قال بعضهم يحل أكله وكذلك خل أبكته (الخل النجس) إذا صب في خمر فصار خلاً يكون نجساً لأن النجس لم يتغير (دن) الخمر إذا غسل ثلاثاً إن كان عتيقاً مستعملاً يطهر وكذا لو صب فيه الخل يصير طاهراً (دن) العصير إذا غلا واشتد وقذف بالزبد وسكن عن الغليان وانتقص ثم صار خلاً إن ترك الخل فيه حتى طال مكثه وارتفع بخار الخل إلى رأس الدن يصير طاهراً في قول من يقول بتطهير النجاسة بما سوى الماء من المائعات وكذا الثوب الذي أصابه الخمر إذا غسل بالخل (الرغيف) إذا ألقي في الخمر ثم صار الخمر خلاً اختلفوا فيه والصحيح أنه طاهر إذا لم يبق فيه رائحة الخمر وكذا البصل إذا ألقي في الخمر ثم تخلل لأن ما فيه من أجزاء الخمر صار خلاً (التين النجس) إذا جعل في الطين إن كان التين قائماً ترى عينه كان نجساً إن كان كثيراً وإلا فلا (إذا) صلى في قميص من غير سراويل إن كانت الركبة والسرة مستورتين جازت صلاته وكذا لو كانت الركبة مستورة والسرة مكشوفة جازت وعلى العكس لا تجوز وكذا لو صلى على هذا الوجه في إزار واحد لأن السرة ليست بعورة في رواية الاستحسان وهذا على قول من يجعل الركبة عضواً كاملاً أما على قول من يجعل الركبة مع الفخذ عضواً واحداً تفسد صلاته لأن الركبة لا تبلغ ربع الجملة (الجنب) إذا دخل الحمام واتزر وصب الماء على جسد وخرج يحكم بطهارة الإزار وإن لم بعصره مروي ذلك عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ وإن لم يكن الرجل <29> مستنجياً فهو أفحش (إذا شرب قمحاً) ونام فسال من فمه شيء على وسادته إن كان لا يرى فيه عين الخمر ولا ريحه ينبغي أن يكون طاهراً في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ ويطهر الفم وكذا قاء الرجل وصلى فهو على هذا الوجه (الأرض) إذا تنجست ببول واحتاج الناس إلى غسلها فإن كانت رخوة يصب الماء عليها ثلاثاً تطهر وإن كانت صلبة قالوا يصب الماء عليها وتدلك ثم تنشف بصوف أو خرقة يفعل ذلك ثلاث مرات فتطهر وإن صب عليها ماء كثير حتى تفرقت النجاسة ولم يبق ريحها ولا لونها وتركت حتى جفت تطهر (إذا كانت النجاسة) تحت القدم أكثر من قدر الدرهم تمنع جواز الصلاة وإن كانت النجاسة تحت كل قدم أقل من قدر الدرهم ولو جمعت تصير أكثر من قدر الدرهم فإنها تجمع وتمنع الصلاة وكذا لو كانت النجاسة في موضع السجود أو في موضع الركبتين أو اليدين يعني يمنع جواز الصلاة قال ولا يجعل كأنه لم يضع العضو على النجاسة وهذا كما لو صلى رافعاً إحدى قدميه جازت صلاته ولو وضع القدم على النجاسة لا تجوز ولا يجعل كأنه لم يضع وتكره الصلاة في سبع مواضع في قوارع الطرق لأنه يصير غاصباً حق الغير وفي معاطن الإبل والمزبلة والمجزرة والمخرج والمغتسل والحمام لأن هذه المواضع لا تخلو عن النجاسة غالباً فإن غسل في الحمام موضعاً ليس فيه تماثيل وصلى فيه لا بأس به وكان واحد من الزهاد يفعل كذلك ولا بأس بالصلاة في موضع جلوس الحمامي لأنه لا نجاسة فيه ومنها الصلاة في المقبرة لأنه تشبه باليهود وإن كان فيها موضع أعد للصلاة فيه ليس فيه قبر ولا نجاسة لا بأس به ومنها الصلاة على سطح البيت وأراد به الكعبة لما فيه من ترك التعظيم ولا بأس بالصلاة والسجود على الحشيش والحصر والبواري والبسط ولو صلى على وجه الأرض وبسط كمه على الأرض لصيانة الوجه عن التراب <30> أو لدفع حر الأرض أو بردها فسجد على الكم لا بأس به ولو كانت الأرض نجسة فخلع نعليه وقام على نعليه جاز أما إذا كان النعل ظاهره وباطنه طاهراً فطاهر وإن كان ما يلي الأرض منه نجساً فكذلك وهو بمنزلة ثوب(1/13)
ذي طاقين أسفله نجس وقام على الطاهر وقد مر وإن كان الرجل في نعليه أو في مكعبه لا يجوز وكذا لو بسطكه على موضع النجاسة وسجد على كمه لا يجوز (ذباب المستراح) إذا جلس على ثوب لا يفسده إلا أن يغلب ويكثر وتجوز الصلاة على الثلج إن كان لبده ويستقر فيه الجبين لأنه بمنزلة الأرض وإن كان يغيب فيه الجبين ولا يستقر لا يجوز كما لو سجد على الهواء وكذا التبن والقطن المحلوج وكل ما لا تستقر فيه الجبهة كالدخن والجاورس ويجوز على الحنطة والشعير لأنه يستقر في الجبين ويجد حجم ما تحته ولو سجد على ظهر الميت إن كان على الميت لبد لا يحج حجم الميت جازت صلاته لأنه سجد على اللبد وإن كان يجد حجم الميت لا يجوز لأنه سجد على الميت ولا يصلي على طين وردغة لأن فيه تلطيخ الوجه والثوب وإن كانت الأرض ندية بحيث لو وضع جبهته عليها لا يتلطخ لا بأس به ولا بأس بالصلاة على العجلة إن كانت موضوعة على الأرض لأنها بمنزلة السرير وإن كانت في عنق الدابة وهي تسير أو لا تسير فهي صلاة على الدابة (إذا) صلى في ملك الغير فهو على وجهين إن كان لمسلم أو لكافر فإن كان لكافر فلا تجوز لأنه لا يرضى بصلة المسلم في أرضه وإن كانت لمسلم فإن كانت مزروعة أو مكروبة لا يصلي لأنه لا يرضى به صاحب الأرض وإن لم تكن مزروعة لا تضرها الصلاة لا بأس به لأن صاحب الأرض يرضى بذلك وإذا ابتلي بين أن يصلي في الطريق وبين أن يصلي في أرض غير مزروعة كانت الصلاة في الطريق أولى لأن له حقاً في الطريق ولا حق له في أرض الغير (المنيلة) إذا تنجست فأصابها المطر ثلاث مرات والشمس ثلاث مرات تطهر إذا فتق الرجل جبه فوجد فيها فأرة ميتة إن لم يكن للجبة ثقب يعيد كل صلاة صلى بها من حين لبسها وإن كان للجبة ثقب يعيد صلاة ثلاثة أيام ولياليها في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ وعندهما لا يعيد إلا أن يعلم الوقت الذي ماتت فيه كما قلنا في البئر ولو شرع في الصلاة وفي كمه فرخة <31>حية فلما فرغ من الصلاة نظر فيها فإذا هي ميتة إن لم يغلب على ظنها أنها ماتت في الصلاة لا تلزمه الإعادة وإن غلب على ظنه أنها ماتت في الصلاة لزمته الإعادة (إذا) شرع الرجل في الصلاة فرأى في ثوبه نجاسة أقل من الدرهم إن كان مقتدياً وعلم أنه لو قطع الصلاة وغسل النجاسة يدرك إمامه في الصلاة أو يدرك جماعة أخرى في موضع آخر فإنه يقطع الصلاة ويغسل الثوب لأنه قطع للإكمال وإن كان في آخر الوقت أو لا يدرك جماعة أخرى مضى على صلاته ولو رأى في ثوب إمامه نجاسة أقل من قدر الدرهم فإن كان من مذهب المقتدي أن النجاسة القليلة لا تمنع الصلاة ومذهب الإمام أنها تمنع فصلى الإمام وهو لا يعلم جازت صلاة المقتدي ولا تجوز صلاة الإمام وإن كان مذهبهما على العكس فحكمهما على العكس (إذا) رأى رجل في ثوب غيره نجاسة أكثر من قدر الدرهم إن كان في قلبه أنه لو أخبره بذلك يغسل النجاسة فإنه يخبره ولا يسعه أن لا يخبره وإن كان في قلبه أنه لا يلتفت إلى كلامه وسعه أن لا يخبره والأمر بالمعروف على هذا إذا انكشف ما بين السرة والعانة قدر الربع منع جواز الصلاة لأنه انكشاف ربع عضو كامل والمراد حول جميع البدن من ذلك الموضع (رجل) صلى في قميص واحد محلول الجيب جازت صلاته وإن كان بصره يقع على عورته في الركوع سواء كان عريض اللحية أو لم يكن وعورته لا تظهر في حقه إنما تظهر في حق الغير ولو وقع نظر المصلي على عورة الغير لا تفسد صلاته في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ ولو نظهر المصلي إلى فرج امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها ولو نظر إلى فرج أم امرأته حرمت عليه امرأته ولو نظر إلى فرج امرأته التي طلقها طلاقاً رجعياً يصير مراجعاً ولا تفسد صلاته في الوجوه كلها عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ (الدهن) النجس إذا أصاب ثوب إنسان أقل من قدر الدرهم ثم انبسط وصار أكثر من قدر الدرهم بعضهم اعتبر فيه وقت الإصابة وقالوا لا يمنع جواز الصلاة وإذا بسط الثوب الطاهر اليابس على أرض نجسة مبتلة وظهرت البلة في الثوب لكن لم يصر رطباً ولا يحال لو عصر يسيل منه شيء متقاطر لكن موضع الندوة يعرف من سائر المواضع الصحيح أنه لا يصير نجساً وكذا لو لف الثوب النجس في ثوب طاهر والنجس <32> رطب مبتل وظهرت ندوته في الثوب الطاهر لكن لم يصر بحال لو عصر يسيل منه شيء متقاطراً لا يصير نجساً.
باب الوضوء والغسل وفيه سبعة فصول:
فصل في صفة الوضوء وفصل فيما ينقضه وفصل في النوم وفصل في صفة الغسل وفصل فيما يوجبه وفصل في المسح على الخفين وفصل في الحيض.
[فصل في صفة الوضوء](1/14)
فرض الوضوء غسل الأعضاء المعروفة والوضوء أنواع ثلاث فرض وهو وضوء المحدث عند القيام إلى الصلاة وواجب وهو الوضوء للطواف إن طاف بالبيت بدونه جاز طوافه ويكون تاركاً للواجب ومندوب وذلك غير معدود. * [الوضوء المندوب] فمنها الوضوء للنوم إذا أراد النوم يستحب له أن يتوضأ ومنها المحافظة على الوضوء وتفسيره أن يتوضأ كلما أحدث ليكون على الوضوء في الأوقات كلها ومنها الوضوء بعد الغيبة وبعد إنشاد الشعر ومنها الوضوء على الوضوء ومنها الوضوء إذا ضحك إذا ضحك قهقهة ومنها الوضوء لغسل الميت. (وسنن الوضوء كثيرة) فمنها الاستنجاء إذا أراد أن يتوضأ بعد ما أحدث فإنه يغسل موضع النجاسة فإن ترك الاستنجاء واستنجى بالحجر أو المدر جاز ولا يعتبر فيه العدد إنما المعتبر فيه الإنقاء والاستنجاء بالماء بعد الاستنجاء بالحجر أدب عندنا ويغسل يديه واختلفوا أن يغسل يديه قبل الاستنجاء أو بعده والأصح أنه يغسلهما مرتين مرة قبل الاستنجاء ومرة بعد ويسمي واختلفوا أيضاً في وقت التسمية والأصح أنه يسمي مرتين مرة قبل كشف العورة ومرة بعد الفراغ من الاستنجاء وستر العورة ولا يسن الاستنجاء في حدث الريح والنوم وإن جاوزت النجاسة موضع الشرج إن كان المجاوز أكثر من قدر الدرهم يفترض غسلها بالماء وإن كان درهماً ما دونه لا يفترض غسلها بالماء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله فإن لم يغسل النجاسة وصلى جاز وينبغي أن يمشي خطوات ثم يستنجي وصورة الاستنجاء بالماء أن يرخي موضع الاستنجاء كل الإرخاء حتى يتم التنظيف ويستنجي بإصبع أو إصبعين وثلاثة ببطون الأصابع لا برؤوسها احترازاً عن الاستمتاع بالإصبع والمرأة في ذلك كالرجل إلا أنها تقعد متفرجة بين رجليها وتغسل ما ظهر منها ولا تدخل الإصبع في فرجها لما قلنا وفي الاستنجاء بالحجر يدبر بالحجر الأول ويقبل بالحجر الثاني ويدبره بالثالث إن كان في الصيف وفي الشتاء يقبل <33> الرجل بالحجر الأول ويدبر بالثاني ويقبل بالثالث لأن في الصيف خصيتيه متدليتين فلو أقبل بالأول تتلطخ خصيتاه فلا يقبل ولا كذلك في الشتاء والمرأة تفعل ما يفعل الرجل في الشتاء في الأوقات كلها فإن كان صائماً لا ينبغي أن يقوم عن موضع الاستنجاء حتى ينشّف ذلك الموضع بخرقة كيلا يصل الماء إلى باطنه فيفسد صومه ولا يتنفس في الاستنجاء لهذا والاستنجاء بالماء أفضل إن أمكنه ذلك من غير كشف العورة وإن احتاج إلى كشف العورة يستنجي بالحجر ولا يستنجي بالماء قالوا من كشف العورة للاستنجاء يصير فاسقاً ويبالغ في الاستنجاء في الشتاء فوق ما يبالغ في الصيف فإن استنجى في الشتاء بماء مسخن كان بمنزلة ما لو استنجى في الصيف إلا أن ثوابه لا يبلغ ثواب المستنجي بالماء البارد ويستنجي باليسرى فإن شلت يده اليسرى ولا يجد من يصب الماء عليه لا يستنجي إلا أن يقدر على الاستنجاء بالماء بيده اليمنى فأن كان على ضفة نهر جار وإن شلت يداه وعجز عن الوضوء والتيمم يمسح ذراعيه مع المرفقين على الأرض ووجهه على الحائط ولا يدع الصلاة وكذا قالو في المريض إذا لم يكن له امرأة وعجز عن الوضوء وله ابن أو أخ فإنه يوضيه إلا أنه لا يمس فرجه إلا من يحل له وطؤها والمرأة المريضة إن لم يكن لها زوج وعجزت عن الوضوء لها بنت أو أخت توضيها ويسقط عنها الاستنجاء (إذا أراد) المتوضئ أن يغسل يديه يأخذ الإناء بيده اليسرى ويصب على اليمنى بالإناء ثلاثاً ثم اليسرى وإن لم يكن معه إناء فإنه يغترف من التور بأصابع يده اليسرى مضمومة لا بالكف ثم يغسل وجهه يضع الماء على جبينه حتى ينحدر الماء إلى أسفل الذقن ولا يضع على خذه ولا على أنفه ولا يضرب على جبينه ضرباً عنيفاً ويغسل شعر الشارب والحاجبين وما كان من شعر اللحية على أصل الذقن ولا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعر إلا أن يكون الشعر قليلاً تبدو المنابت منه ولا يجب إيصال الماء إلى داخل العينين ومن الناس من قال لا يضم العينين كل الضم ولا يفتح كل الفتح حتى يصل الماء إلى أشفاره وجوانب عينيه فإن كان الرجل ملتحياً لا يجب غسل ما استرسل من الذقن وكذا لو جعل شعره ذؤابتين وشدهما حول رأسه أو أرسلهما <34> وكذا المحرم إذا تلبد رأسه فوصل الماء إلى أصول شعره كفاه كما في شعر اللحية ولا يسن تخليل اللحية في قول أبي حنيفة رحمه الله ويستحب أن يمسح ثلث اللحية أو ربعها وفي بعض الروايات كلها وهو الصحيح ويغسل الموضع المنكشف بين العذار والأذن في قول محمد رحمه الله وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله فإن أمر الماء على شعر الذقن ثم حلقه لا يجب عليه غسل الذقن وكذا لو حلق الحاجب أو الشارب أو مسح رأسه ثم حلق أو قلم أظافيره لا يلزمه الإعادة ولو كان به قرحة فارتفع جلدها وأطراف القرحة متصلة بالجلد إلا الطرف الذي كان يخرج منه القيح فغسل الجلدة ولم يصل الماء إلى ما تحت الجلدة جاز وضوءه لأن ما تحت الجلدة غير ظاهر فلا يفترض غسله إذا اغتسلت المرأة من الحيض والجنابة وفي(1/15)
أظفارها عجين أو الطيان أو الخباز أو الصباغ إذا توضأ أو اغتسل وفي أظفاره عجين أو طين أو ما أشبه ذلك اختلفوا فيه قال بعضهم يتم غسله ووضوءه لأن ذلك لا يمنع تمام الغسل والوضوء لأنه يتولد من ذلك الموضع وكذا الطعام إذا بقي في أسنانه وذكر الناطفي رحمه الله أن الطعام يمنع تمام الغسل إلا أن يخرج الطعام ويجري الماء على ذلك الموضع (الأقلف) إذا اغتسل من الجنابة ولم يصل الماء تحت الجلدة وغسل ما فضل من الجلدة على رأس الحشفة وما يخرج منه البول عن رأس الحشفة يخرج من الجنابة لأن ذلك خلقي وعن بعضهم أنه لا يخرج وكذا ما يكون على البدن يقال بالفارسية فلنباج لا يمنع تمام الغسل لأنه يتولد من البدن بمنزلة الدرن ولو كان على يديه خبز مصنوع قد جف ويبس واغتسل لا يخرج عن الجنابة حتى يدلك ذلك الموضع ويجري الماء تحته لأنه لا حرج فيه ولو كان على أعضاء وضوءه قرحة نحو الدمل عليها جلدة رقيقة فتوضأ وأمر الماء على ظاهر الجلدة ثم نزع الجلدة ولم يغسل ما تحتها وصلى جازت صلاته ولو كان في إصبعه خاتم إن كان واسعاً لا يحتاج إلى تحريكه وإن كان ضيقاً ولم يحركه روى الحسن عن أبي حنيفة وأبو سليمان عن أبي يوسف ومحمد رحمهم الله أنه يجوز وقال بعضهم في الضيق لا بد من التحريك ثم يمسح رأسه فرضاً <35> وسنة بماء واحد وقال الشافعي رحمه الله يمسح ثلاث مرات بثلاث مياه وعندنا لو فعل ذلك لا يكره ولكن لا يكون سنة ولا ندباً ومقدرا المفروض ربع الرأس بثلاثة أصابع فإن مسح بإصبع واحدة ظهراً وبطنهاً وجنباً ووقع ذلك في ثلاث مواضع جاز وإن مسح بإصبعين لا يجوز إلا أن يمسح بالإبهام والسبابة مفتوحتين يضعهما مع ما بينهما من الكف على رأسه فيجوز ويكون ذلك بمنزلة ثلاثة أصابع وإن مسح بثلاثة أصابع موضوعة غير ممدودة روى هشام عن أبي حنيفة وأبي يوسف وابن رستم عن محمد رحمهم الله أنه يجوز الاستيعاب في مسح الرأس سنة وصورة ذلك أن يضع أصابع يديه على مقدم رأسه وكفيه على فوديه ويمدهما إلى قفاه فيجوز وأشار بعضهم إلى طريق آخر احترازاً عن استعمال الماء المستعمل إلا أن ذلك لا يمكن إلا بكلفة ومشقة فيجوز الأول ولا يصير الماء مستعملاً ضرورة إقامة للسنة فإن مسح بثلاثة أصابع ممدودة غير أنه وقع على الشعر إن وقع على شعر تحته رأس جاز وإن وقع على شعر تحته جبهة أو رقبة غير الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس لا يجوز لأن ما على الرأس يكون من الرأس ولهذا لو حلف أن لا يضع يده على رأس فلان فوضع على شعر تحته رأس حنث ولو مسحت المرأة فوق الخمار إن وصل الماء إلى الشعر جاز وإلا فلا وقال بعضهم إن كان الخمار جديداً غير مغسول لا يجوز لأنه لا يقبل الماء وقال بعضهم إن ضربت يدها مبلولة فوق الخمار حتى يصل الماء إلى شعرها جاز والأفضل أن يمسح تحت الخمار ويمسح الأذنين بماء الرأس وإن لم يمسح على الرأس ومسح على الأذنين لا ينوب ذلك عن مسح الرأس ولم ينقل لنا أصحابنا إدخال الأصابع في صماخ الأذنين وعن أبي يوسف أنه كان يفعل ذلك وأما مسح الرقبة ليس بأدب ولا سنة وقال بعضهم هو سنة وعند اختلاف الأقاويل كان فعله أولى من تركه ولو غمس رأسه في إناء جاز عن المسح في قول أبي يوسف وقد مر قبل هذا ثم يغسل رجليه كما قال في الكتاب ويسمي عند غسل كل عضو ويقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أشهد أن محمداً عبده ورسوله ويشرب فضل وضوءه قائماً والغسل عن الجنابة والحيض والنفاس واحد بصورة واحدة يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثاً واختلفوا <36> أنه هل يمسح رأسه في الوضوء قبل الغسل قال بعضهم لا يمسح وقال بعضهم يمسح وهو الصحيح.
فصل فيما ينقض الوضوء(1/16)
الغائط ينقض الوضوء قل أو كثر وكذا البول والريح يخرج من الدبر وإن خرج الريح من الذكر أو من قبل المرأة لا ينقض والمفضاة إذا خرج من قبلها ريح قال الشيخ الإمام أبو حفص البخاري هو حدث وعن محمد رحمه الله تعالى أنه سئل عنه فقال إن كان ريحه يوجد فهو حدث وقيل إن كان مسموعاً أو منتناً فهو حدث وإلا فلا وقال الكرخي رحمه الله تعالى يستحب لها أن تتوضأ ولو خرجت الدودة من قبل المفضاة فهي بمنزلة الريح الذي يخرج من قبلها (الدود) إذا خرج من الدبر فهو حدث وإذا خرج من قبل المرأة أو الذكر فكذلك وكذلك الحصى ولو سقطت الدودة من الجرح لا ينقض (القيح) والدم والصديد إذا سال من الجرح نقض الوضوء وإن علا وانتفخ ولم يسل لا ينقض الوضوء ولو ألقى عليه تراباً أو رماداً أو مسحه بخرقة ثم وثم إن كان بحال لو تركه يسيل نقض الوضوء وإلا فلا والرعاف ينقض وكذا لو نزل الدم من الرأس إلى ما لان من الأنف ولم يظهر على الأرنبة نقض الوضوء ولو قاء ملء الفم طعاماً أو ماءً نقض الوضوء وإن لم يملأ لا ينقض واختلفوا في ملء الفم قال بعضهم ما لا يمكن إمساكه إلا بكلفة ومشقة يكون ملء الفم وقال بعضهم ما لا يمكن الكلام معه يكون ملء الفم وإن قاء مرتين أو مراراً ولو جمع يكون ملء الفم إن كان قبل سكون الغثيان يجمع وإن قاء دماً نقض الوضوء وإن لم يملأ الفم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله تعالى وإن قاء بلغماً ملء الفم لا ينقض الوضوء في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإن كان الرجل أغلف وخرج البول من إحليله وبقي في غائته نقض الوضوء وكذا لو خرج البول من الفرج الداخل للمرأة دون الخارج نقض الوضوء ولو نزل البول من المثانة إلى الإحليل ولم يظهر على رأس الإحليل ولو كان في بطنه جائفة فسقط منها دودة لا ينقض (المجبوب) إذا خرج منه ماء يشبه البول إن كان قادراً على إمساكه إن شاء أمسكه وإن شاء أرسله فهو بول ينقض وإن كان لا يقدر على إمساكه لا ينقض ما لم يسل (إذا) <37> تبين الخنثى أنه رجل فالفرج الآخر منه بمنزلة الجرح وإن تبين أنها إمرأة فالفرج الآخر منها بمنزلة الجرح لا ينقض الوضوء ما يخرج منه ما لم يسل ولو كان بذكر الرجل جرح له رأسان أحدهما ينزل منه ماء يسيل في مجرى البول والثاني يخرج منه ماء لا يسيل في مجرى البول فالأول بمنزلة الإحليل إذا ظهر البول على رأسه نفض الوضوء وإن لم يسل ولا وضوء في الثاني ما لم يسل (إذا) أدخل في إحليله قطنة وغيبها ثم خرجت أو أخرجها نقض الوضوء وإن كان طرفاً منه خارجاً لا ينقض الوضوء وإن أقطر في إحليله دهناً ثم عاد فلا وضوء عليه بخلاف ما لو احتقن بدهن ثم عاد ولو أدخل شيئاً في دبره وطرف منه خارج وأخرجه لا وضوء عليه قالوا تأويل هذا إذا لم تكن عليه بلة فإن كان نقض الوضوء وكذا لو حمل شيئاً وطرف منه خارج ثم خرج إن كان عليه بلة نقض الوضوء وإلا فلا وإن صب الدهن في أذنه ثم عاد بعد يوم إن خرج من أنفه وأذنه لا وضوء عليه وكذا الماء وإن خرج من الفم نقض الوضوء لأن ما يخرج من الفم لا يخرج إلا بعد الوصول إلى الجوف فإنه موضع النجاسة أما الأول ينزل من الدماغ والدماغ ليس موضع النجاسة وكذا السعوط إذا عاد من الأنف بعد أيام لا ينقض ولو احتشت المرأة في الفرج الخارج فابتل الجانب الداخل بطلت طهارتها لأن الفرج الخارج منها بمنزلة الإليتين يعتبر الخروج من الفرج الداخل فإن خرج البول من الفرج الداخل فابتل ما كان من الفرج الخارج ينقض الوضوء. (الدودة) إذا سقطت من الأذن أو الأنف لا تنقض الوضوء والغرب في العين بمنزلة الجرح فما يسيل منه ينقض الوضوء بخلاف الدمع. (رجل) يسيل الدم من أحد منخريه فتوضأ والدم سائل ثم احتبس من الدم وسال من المنخر الآخر نقض الوضوء ولو كان به جدري بعضها يسيل وبعضها ليس بسائل فتوضأ فسال الذي لم يكن سائلاً نقض الوضوء فإنه بمنزلة القروح لا بمنزلة جرح واحد إذا خاف الرجل خروج البول فحشا إحليله بقطنة ولولا القطنة لخرج منه البول فلا بأس به ولا ينتقض وضوءه حتى يظهر البول على القطنة وإن ابتل الطرف الداخل من القطنة وكذلك ما لم يبتل الطرف الظاهر منها. (المباشرة) الفاحشة تنقض الوضوء <38> استحساناً وتفسيرها أن يباشرها متجردين وانتشرت آلته ولاقى فرجه فرجها وقال محمد رحمه الله تعالى لا تنقض الوضوء ما لم يعلم بالخروج والإغماء ينقض الوضوء في الأحول كلها قل أو كثر وخروج المني لا عن شهوة بأن سقط من مكان مرتفع أو ما أشبه ذلك لا يوجب الغسل وينقض الوضوء والمذي ينقض الوضوء وهو ماء رقيق يخرج عند الشهوة وكذا الودي وهو ماء غليظ يخرج بعد البول إذا مصته العلقة وامتلأت من الدم نقض الوضوء لأنها لو شقت لخرج منها دم سائل والقراد بمنزلة البعوض والذباب لا ينقض الوضوء وإن كان كبيراً يخرج منها دم سائل فهو بمنزلة العلقة ولو بزق الرجل وفيه دم فإن كان الدم غالباً نقض الوضوء وإن كانا على السواء فكذلك استحساناً وإن عض شيئاً(1/17)
فرأى عليه دماً من أسنانه لا وضوء عليه وكذا الخلال لأنه ليس بسائل. (القهقهة) في صلاة لها ركوع وسجود تنقض الطهارة والصلاة فرضاً كانت أو نفلاً ولا تنقض الطهارة خارج الصلاة ولو قهقه في سجدة التلاوة أو في صلاة الجنازة يبطل ما كان فيها ولا تنتقض الطهارة (والضحك) يبطل الصلاة ولا يبطل الطهارة والتبسم لا يبطل الصلاة ولا الطهارة والقهقهة ضحك لها صوت مسموع بدت أسنانه أو لم بتد رواه الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى والضحك ما تبدو أسنانه وليس له صوت والقهقهة عامداً كان أو ناسياً تنقض الوضوء ولا تنقض طهارة الغسل وإن كان في الصلاة ويبطل التيمم كما يبطل الوضوء ولو صلى الفريضة بالإيماء بعذر وقهقه فيها انتقض الوضوء لأنها ذات ركوع وسجود وقام الإيماء مقام الركوع والسجود ولو صلى المكتوبة أو التطوع راكباً خارج المصر أو القرية وقهقه فيها انتقض وضوءه وإن كان في مصر أو قرية لا ينتقض في قول أبي حنيفة رضي الله عنه ولو صلى في المصر ركعة تطوعاً راكباً ثم خرج من المصر يريد السفر فقهقه لا وضوء عليه في قول أبي حنيفة ولو صلى راكباً وهو منهزم من العدو والدابة واقفة أو سائرة <39>أو تعدو به وهو يؤمئ إيماء إلى القبلة أو إلى غيرها ثم قهقه كان عليه الوضوء. (إذا) خرج الإمام من صلاته لا على وجه القطع بل على وجه الإفساد بأن قهقه أو أحدث متعمداً ثم قهقه المأموم لا ينتقض وضوء المأموم لأن الجزء الذي لاقته القهقهة والحدث العمد من صلاة الإمام قد فسد وبفساده فسد ذلك الجزء أيضاً من صلاة المأموم ولهذا لو كان المأموم مسبوقاً تفسد صلاة المسبوق فإذا فسدت صلاة المأموم لا تنتقض طهارته بالقهقهة ولو تكلم الإمام أو سلم متعمداً بعد التشهد ثم قهقه المأموم انتقضت طهارته لأن سلام الإمام وكلامه لا يخرج المقتدي من الصلاة في الصحيح من الجواب فإذا قهقه المقتدي في صلاته انتقضت طهارته ولهذا لو تكلم الإمام أو سلم عامداً بعد الفراغ من التشهد كان على المقتدي أن يسلم في أظهر الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله ولو قهقه الإمام أو أحدث متعمداً لا سلام على المقتدي ولو قهقه القوم بعد التشهد ثم الإمام تمت صلاتهم وانتقضت طهارتهم وكذا لو قهقه الإمام والقوم معاً تمت صلاة الكل وانتقضت طهارة المقتدي ولو سلم المقتدي قبل سلام الإمام بعد ما قعد قدر التشهد ثم قهقه لا وضوء عليه لأنه صح خروجه عن الصلاة قبل خروج الإمام فلا تنتقض طهارته ولو صلى فريضة عند طلوع الشمس أو عند غروبها سوى عصر يومه لم يكن داخلاً في الصلاة فلا تنتقض طهارته بالقهقهة ولو شرع في التطوع عند طلوع الشمس أو عند غروبها ثم قهقه كان عليه الوضوء. (مسافر) صلى ركعة من الظهر بغير قراءة أو صلاهما ثم قعد قدر التشهد ثم ضحك قهقهة كان عليه الوضوء في قول أبو حنيفة و أبو يوسف رحمهما الله تعالى لأن التحريمة باقية وكذا المقيم إذا صلى ركعة من الفجر بغير قراءة ثم قهقه وكذا الرجل إذا صلى من الفجر ركعة ثم طلعت الشمس ثم قهقه في قياس قول أبو حنيفة وكذا مصلي المكتوبة إذا تذكر فائتة ثم ضحك قهقهة وكذا الرجل إذا نوى إمامة النساء فجاءت امرأة وقامت بجانبه واقتدت به ثم قهقه كان عليه الوضوء قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذا إذا وقفت بجنب الإمام وكبرت بعد تكبيره فأما إذا كبرت مع <40> الإمام لا تنعقد تحريمة الإمام فلا تنتقض طهارة الإمام ولو وقعت المرأة بجانب إمام يؤمها ثم ضحكت قهقهة فيه روايتان في رواية لا وضوء عليها لأنها ليست في صلاة وفي رواية عليها الوضوء. * إذا سلم الإمام ثم تذكر أن عليه سجدة التلاوة ثم ضحك قهقهة كان عليه الوضوء في رواية كتاب الصلاة. * إذا شرع في ركعتين تطوعاً فصلى ركعة بغير قراءة وصلاهما ثم ضحك قهقهة في رواية كان عليه الوضوء. * مسافر صلى الظهر ركعتين وسلم ثم نوى الإقامة ثم ضحك قهقهة لا وضوء عليه ونية الإقامة بعد السلام تكون قطعاً للصلاة. * المصلي بالتحري إذا علم في الصلاة أنه صلى إلى غير جهة القبلة فمضى على صلاته بعد العلم فسدت صلاته * وإن ضحك قهقهة لا وضوء عليه في رواية * ماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه في الصلاة ثم قهقه لا وضوء عليه وكذا ماسح الجبيرة إذا برئ ثم قهقه لا وضوء عليه * الصحيح إذا افتتح المكتوبة قاعداً أو مضطجعاً ثم قهقه كان عليه الوضوء في رواية * وكذا القارئ إذا اقتدى بالأمي أو الأخرس أو الصحيح إذا اقتدى بالمومي ثم قهقه كان عليه الوضوء * وكذا المتوضئ إذا اقتدى بالمتيمم والمتوضئ يرى الماء والإمام لا يرى ثم ضحك المتوضئ كان عليه الوضوء * وكذا المقتدي إذا كان يعلم أن إمامه يصلي إلى غير القبلة والإمام لا يعلم فضحك المقتدي كان عليه الوضوء * وإن كان الإمام يعلم أنه افتتح الصلاة إلى غير القبلة فضحك المقتدي لا وضوء على المقتدي * وكذا لو كان المقتدي يعلم أن على الإمام فائتة والإمام لا يعلم فضحك المقتدي كان عليه الوضوء * رجل صلى بقوم فقعدوا قدر التشهد(1/18)
ولم يتشهدوا ثم ضحك الإمام ثم ضحك القوم فإن الإمام يعيد الوضوء ولا يعيد القوم في قول أبو حنيفة و أبو يوسف رحمهما الله تعالى * الأمي إذا تعلم سورة في الصلاة ثم قهقه روى عن أبي يوسف رحمه الله أن عليه الوضوء * العاري إذا صلى ركعة ثم وجد ثوباً ثم قهقه في رواية لا وضوء عليه لأنه لم يبق في الصلاة* وفي رواية عليه الوضوء وكذا الأمة إذا صلت بغير قناع ركعة ثم أعتقت وهي تعلم بالعتق ثم ضحكت قهقهة في رواية لا وضوء عليها * وفي رواية عليها الوضوء * رجل افتتح العصر خلف من يصلي الظهر والمقتدي كان لا يعلم كان <41> شارعاً في التطوع ويؤمر بالمضي وإن قهقه كان عليه الوضوء *رجل افتتح المكتوبة وعليه مكتوبة يومه وهو ذاكر لها أو كان في صلات العيد فزالت الشمس أو كان في الجمعة ودخل وقت العصر أو صلى ومقامه طاهر و موضع سجوده نجس ثم قهقه كان عليه الوضوء * إذا أحدث الرجل في الصلاة فتوضأ للبناء ثم قهقه كان عليه الوضوء.
فصل في النوم
تكلم العلماء في تفصيل أحوال النوم وهو على وجهين * الأول أن يكون في الصلاة والثاني أن يكون خارج الصلاة أما الأول فظاهر المذهب أن النوم في الصلاة لا يكون حدثاً نام قائماً أو راكعاً أو ساجداً إلا أن مضطجعاً أو متكئاً والاضطجاع على نوعين إن غلبت عيناه فنام ثم اضطجع في حال نومه فهو بمنزلة ما لو سبقه الحدث يتوضأ ويبني وإن تعمد النوم في الصلاة مضطجعاً فإنه يتوضأ ويستقبل* ومن عجز عن الصلاة قائماً أو قاعداً فصلى مضطجعاً فنام فيها ينقض وضوءه * ولو نام ساجداً في الصلاة ذكرنا أنه لا يكون حدثاً في ظاهر الرواية * فإن تعمد النوم في سجوده تنتقض طهارته وتفسد صلاته* ولو تعمد النوم في قيامه أو ركوعه لا تنتقض طهارته في قولهم* وأما الوجه الثاني إذا نام خارج الصلاة على هيئة الركوع و السجود قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله يكون حدثاً في ظاهر الرواية وقيل إن كان ساجداً على وجه السنة بأن كان رافعاً بطنه عن فخذيه مجافياً عضديه عن جنبيه بحيث يرى من خلفه عفرة إبطيه لا يكون حدثاً* وإن كان ساجداً على غير وجه السنة بأن ألصق بطنه بفخذيه وافترش بذراعيه كان حدثاً وإن كان قاعداً مستوياً إليتيه على الأرض مستوثقاً مسكته ولم يسند ظهره إلى شيء لا وضوء عليه* وإن نام قاعداً واضعاً إليتيه على عقبيه كما يفعله الكلب لا وضوء عليه في قول أبو يوسف رحمه الله * وقيل هو قول أبي حنيفة رحمه الله * وإن نام قاعداً مستوياً إليتيه على الأرض مستنداً إلى حائط أو إلى اسطوانة عن أبو حنيفة رحمه الله أنه لا وضوء عليه * وهكذا قال الفقيه أبو الليث رحمه الله * وإن نام متربعاً وقد أسند ظهره إلى شيء قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله لا يكون حدثاً * وقال الطحاوي <42> رحمه الله إن كان بحال لو أزيل السند يسقط فهو حدث وإلا فلا * وإن نام جالساً وهو كان يتمايل وربما يزول مقعده عن الأرض قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله ظاهر المذهب أنه لا يكون حدثاً وإن نام جالساً وسقط قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله ظاهر المذهب عن أبو حنيفة رحمه الله أنه إن انتبه قبل أن يزول مقعده عن الأرض لا ينتقض وضوءه * وإن انتبه بعدما زال مقعده عن الأرض انتقض وضوءه سقط أو لم يسقط وإن نام قاعداً متوركاً فهو بمزلة ما لو نام قاعداً وهو كان يتمايل وربما يزول مقعده عن الأرض * وحقيقة المعنى في ذلك أن المعتبر استرخاء المفاصل فإذا لم يسقط على وجهه ولم يقرب إلى السقوط حتى انتبه فقد انعدم الاستراخاء * وإن نام على رأس التنور وهو جالس قد أدلى رجليه كان حدثاً لأن ذلك سبب لاسترخاء المفاصل* وإن نام على ظهر الدابة في سرج أو اكاف لا ينتقض الوضوء وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال ويجري عنده * السكران إذا أفاق إن سكراناً لا يعرف الرجل من المرأة عليه الوضوء لأنه بمنزلة الإغماء. * مس الذكر أو المرأة لا ينقض الوضوء عندنا.
فصل فيما يوجب الغسل(1/19)
أسباب الغسل ثلاثة الجنابة والحيض والنفاس. * الجنابة تثبت بسببين أحدهما انفصال المني عن شهوة والثاني الإيلاج في الآدمي. *واختلفت عبارات السلف في الإيلاج الذي يتعلق به الجنابة. * عن محمد رحمه الله تعالى إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة يجب الغسل وعن أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا توارت الحشفة في قبل أو دبر الآدمي يجب الغسل على الفاعل والمفعول به وهو الصحيح فإن الإيلاج في الدبر يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به وإن لم يوجد فيه التقاء الختانين * والإيلاج في البهائم لا يوجب الغسل ما لم ينزل لأنه ناقص في قضاء الشهوة بمنزلة الاستمتاع بالكف فلا يوجب الغسل بدون الإنزال * والإيلاج في الميتة في منزلة الإيلاج في البهائم لمكان النقصان في قضاء الشهوة وكذا الإيلاج في الصغيرة التي لا يجامع مثلها لا يوجب الغسل في قول محمد رحمه الله تعالى بدون الإنزال * إذا أتى الرجل امرأته وهي عذارء أو جامعها فيما دون الفرج لا غسل عليه ما لم ينزل لأن قيام العذرة يمنع موارة الحشفة وبدونها لا يجب الغسل ما لم ينزل. * ولا غسل على المرأة أيضاً ما لم تنزل لانعدام السبب في حقها وهي موارة الحشفة. *وكذا إذا كانت ثيباً ولم تتوارى الحشفة * فإن خرج منه ودي أو مذي كان عليه الوضوء. *إذا جومعت المرأة فيما دون الفرج ووصل المني إلى رحمها وهي بكر أو ثيب لا غسل عليها لفقد السبب هو الإنزال أو موارة الحشفة حتى لو حبلت كان عليها الغسل لوجود الإنزال. *غلام ابن عشر سنين جامع امرأته البالغة عليها الغسل لوجود السبب وهو موارة الحشفة بعد توجه الخطاب ولا غسل على الغلام لانعدام الخطاب إلا أنه يؤمر بالغسل اعتياداً وتخلقاً كما يؤمر بالطهارة والصلاة *ولو كان الرجل بالغاً والمرأة صغيرة فالجواب على العكس. *وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به لموارة الحشفة. * وإذا اغتسلت المرأة بعد الجماع فخرج منها مني الزوج لا يلزمها إعادة الغسل في قولهم لأن الخارج إذا لم يكن مي المرأة كان بمنزلة الحدث. *المرأة إذا احتلمت ولم يخرج منها المني حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أنه قال ما لم يخرج المني من الفرج الداخل لا يلزمها الغسل في الأحوال كلها* وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وإليه أشار الحاكم الشهيد في المختصر فإنه قال * والمرأة في الاحتلام كالرجل وفي احتلام الرجل لا بد من خروج المني فكذا احتلام المرأة إلا أن الفرج الخارج منها بمنزلة الإليتين فيعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج *وقال بعضهم إذا وجدت المرأة لذة الإنزال كان عليها الغسل *ذكر في صلاة ابن عبد الله بن المبارك امرأة قالت معي جني يأتيني في النوم مراراً و أجد في نفسي ما أجد إذا جامعني زوجي قال لا غسل عليها وليس للرجل أن يجامع امرأته إذا كان الحجاب الذي بين القبل والدبر قد انقطع إلا أن يمكنه إتيانها في قبلها من غير تعد. *إذا احتلم الرجل وانفصل المني عن موضعه إلا أنه لم يظهر على رأس <44> الإحليل لا يلزمه الغسل لأن الجنابة تتعلق بخروج المني وهو الانتقال من موضع إلى موضع يلحقه حكم التطهير * وفي المرأة ذكرنا أنه يعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج. * إذا استيقظ الرجل من منامه وهو يتيقن بالاحتلام ولم ير شيئاً ولا يتذكر الإنزال لا غسل عليه * وإن انتبه ورأى على فراشه أو فخذه منياً كان عليه الغسل تذكر الاحتلام أو لم يتذكر * وإن رأى المذي يلزمه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تذكر الاحتلام أو لم يتذكر *وقال أبو يوسف رحمه الله إن تذكر الاحتلام يلزمه الغسل وإلا فلا. * وفي صلاة الأصل إذا استيقظ وعنده أنه لم يحتلم ووجد بللاً عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله. * الجنب إذا اغتسل قبل أن يبول وصلى جازت صلاته فإن خرج منه المني بعد ذلك كان عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافاً لأبي يوسف رحمه الله تعالى ولا يعيد ما صلى. *وعلى هذا الخلاف إذا استمتع بالكف فلما انفصل المني أخذ بإحليله حتى سكنت شهوته ثم خرج المني وكذا إذا جامع امرأته فيما دون الفرج أو احتلم فاستيقظ قبل خروج المني فأخذ بذكره حتى سكنت شهوته ثم خرج منه المني كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. *ولو اغتسل بعد ما بال ثم خرج منه مني أو مذي لا غسل عليه في قولهم. *إذا استيقظ الرجل من منامه فوجد على طرف إحليله مني أو مذي فإنه يغتسل إلا أن يكون قد انتشر ذكره قبل النوم فلما استيقظ وجد البلة فهاهنا لا غسل عليه لأنه إذا كان منتشراً قبل النوم فما وجد من البلة بعد الانتباه يكون من آثار ذلك الانتشار فلا يلزمه الغسل إلا أن يكون أكثر رأيه أنه مني فحينئذ يلزمه الغسل *أما إذا كان ذكره ساكناً حين نام يجعل تلك البلة منياً ويلزمه الغسل *قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون فلا بد من حفظها. * إذا(1/20)
نام الرجل قائماً أو قاعداً أو ماشياً فوجد مذياً كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى بمنزلة ما لو نام <45> مضطجعاً. *الرجل إذا صار مغمى عليه ثم أفاق فوجد مذياً قالوا لا غسل عليه *وكذا السكران إذا أفاق ثم وجد مذياً *وهذا ليس كالنوم لأن ما يراه النائم سببه ما يجده من اللذة والراحة التي تهيج منها الشهوة وأما الإغماء والسكر فليسا من أسباب الراحة. *إذا نام الرجل والمرأة في فراش واحد فلما استيقظا وجدا منياً بينهما وكل واحد منهما ينكر الاحتلام وأن يكون ذلك منيه قال الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الغسل عليهما احتياطاً *وقال غيره إن كان الماء غليظاً أبيضاً فهو من الرجل وإن رقيقاً أصفراً فمن المرأة *وقال بعضهم إن وقع طولاً فمن الرجل وإن كان مدوراً فمن المرأة. *وعلى الرجل ثمن ماء الاغتسال والوضوء للمرأة لأنه من الحوائج الدائرة فيكون بمنزلة المأكول والملبوس. * الكافر إذا أجنب ثم أسلم قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى عليه الغسل *قال ولو حاضت الكافرة ثم طهرت من حيضها ثم أسلمت لا غسل عليها وأشار إلى الفرق في السير الكبير قال لأن السبب في حق الجنب هو الجنابة والجنابة مما يستدام فكان لدوامهما حكم الابتداء فيصير كأنه أجنب بعد الإسلام *وقال بعضهم لا غسل عليهما * وفرق هذا القائل بين هذا وبين الكافر المحدث إذا أسلم ثم أراد أن يصلي كان عليه الوضوء قال لأن السبب في حق المحدث هو القيام للصلاة وذلك وجد بعد الإسلام بخلاف الحيض والجنابة فإن ثمة لم يوجد السبب بعد الإسلام *وهذه فصول أربعة الأول والثاني ما قلنا والثالث الصبي إذا بلغ بالاحتلام والرابع المرأة إن بلغت بالحيض بعضهم قالوا في المرأة إذا بلغت يجب الغسل وفي الصبي لا يجب *والأحوط وجوب الغسل في الفصول كلها. *المرأة إذا أجنبت ثم حاضت إن شائت اغتسلت وإن شائت أخرت الاغتسال لأنه لا فائدة في التعجيل فإنها كانت تخرج من الجنابة لا تخرج من الحيض وحكمهما واحد. إذا أمنى الرجل من غير شهوة وانتشار لا غسل عليه في قول أبو حنيفة و أبو يوسف رحمهما الله وإن بال الرجل فخرج منه مني إن كان <46> ذكره منتشراً كان عليه الغسل وإلا فلا. *الرجل إذا كان عزباً به شبق وفرط شهوة قالوا له أن يعالج بذكره لتسكين الشهوة ولا نقول هو مأجور فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال حسبت أن ينجو رأساً برأس. *الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب فالمستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به *واختلفوا في الحائض قال بعضهم هي والجنب سواء *وقال بعضهم لا يستحب هاهنا لأن بالغسل لا يزول نجاسة الحيض عن الفم واليد بخلاف الجنابة. * وينبغي للجنب أن يدخل إصبعه في سرته عند الاغتسال *وإن علم أنه يصل الماء من غير إدخال الإصبع أجزأه. *ومن احتلم وهو في المسجد يخرج من ساعته فإن كان في جوف الليل وخاف الخروج يستحب له أن يتيمم. *إذا توضأ المحدث أو اغتسل الجنب بعد البول ثم رأى على ذكره بللاً ولا يعلم أنه ماء أو بول فإنه يعيد الوضوء *وإن اعترض له ذلك في الصلاة والشيطان يوسوسه بذلك كثيراً وهو لا يتيقن بالنجاسة فإنه يمضي في صلاته ولا يلتفت إليه حتى يستيقن أنه بول وينبغي لمن ابتلي بذلك أن ينضح فرجه بالماء حتى إذا رأى بللاً يجعل ذلك من الماء لا من البول.<46>(فصل في المسح على الخفين): المسح على الخفين جائز عند عامة العلماء بآثار مشهورة قريبة من المتواتر وري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن والجماعة فقال السنة أن تحب الشيخين ولا تطعن في الختنين وتمسح على الخفين. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال من السنة أن تفضل الشيخين وتحب الخنتين وترى المسح على الخفين. وعن الكرخي رحمه الله تعالى من أنكر المسح على الخفين يخشى عليه الكفر وكل من أنكر ذلك من الصحابة رضى الله تعالى عنهم فقد رجع عنه قبل موته. والخف الذي يجوز عليه المسح ما يكون صالحاً لقطع المسافة والمشي المتتابع عادة ويستر الكعبين وما تحتهما. وصورة المسح على الخفين أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن ويضع أصابع يده اليسرى على مقدم خفه الأيسر ويمدها إلى الساق فوق الكعبين ويفرج بين أصابعه وإن بدأ من أصل الساق ومد إلى الأصابع جاز(1/21)
<47>ولا يسن فيه التكرار. وإن مسح برؤوس الأصابع والكف لا يجوز إلا أن يبلغ ما ابتل من الخف عند الوضع مقدار الواجب وذلك ثلاثة أصابع من أصغر أصابع اليد. وإن مسح بإصبع أو إصبعين لا يجوز. وإن مسح بالإبهام والسبابة إن كانتا مفتوحتين جاز لأن ما بينهما مقدار إصبع آخر وقد ذكرنا هذا في مسح الرأس وإن مسح بإصبع واحد ثم بلها فمسح الخف ثانياً وثالثاً إن مسح كل مرة غير الموضع الذي مسحه جاز كأنه مسح بثلاثة أصابع ويجوز المسح على الخف ببلل الغسل كانت البلة قاطرة أو لم تكن ولا يجوز ببلل بعد المسح وتفسيره إذا توضأ ثم مسح الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز ولو مسح برأسه ثم مسح الخف ببلة بقيت على الكف بعد المسح لا يجوز لأنه مسح الخف ببلة مستعملة بخلاف الأول ولا يمسح بعد مضي المدة ومدة المقيم يوم وليلة ومدة المسافر ثلاثة أيام ولياليها يعتبر المدة من وقت الحدث لا من وقت اللبس ولا من وقت المسح عندنا وتفسير ذلك أن المقيم إذا أحدث بعد طلوع الفجر فتوضأ ودام على وضوئه إلى الضحوة ولبس خفيه ثم أحدث بعد الزوال ولم يتوضأ حتى دخل وقت العصر ثم توضأ فإنه يمسح إلى ما بعد الزوال من الغد ويعتبر المدة من وقت الحدث بعد اللبس وإذا انقضت المدة وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه خاصة. وإن انقضت مدة المسح وهو محدث فإنه ينزع خفيه ويستقبل الوضوء. ولو نزع خفيه قبل انقضاء مدة المسح أو نزع إحدى الخفين وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه. وإن نزع بعض الخف فإن خرج أكثر العقب إلى الساق فهو بمنزلة ما لو خرج الكل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا خرج الأكثر ظهر القدم فهو كخروج الكل وهن محمد رحمه الله تعالى إذا بقي في الخف مقدار ثلاثة أصابع من ظهر القدم لا ينتقض مسحه. ولو كان صدر القدم في موضعه والعقب يخرج ويدخل لا ينتقض مسحه. إذا لبس مكعباً لا يرى من كعبيه أو قدميه إلا مقدار إصبع أو إصبعين جاز المسح وهو بمنزلة الخف الذي لا ساق له ولو لبس خفاً إن فتق خرزه أو أصابه شق يدخل فيه ثلاثة أصابع
<48>إذا أدخلت إلا أنه لا يرى شيء من قدميه جاز عليه المسح لأن المانع انكشاف ما يجب غسله ولم ينكشف وكذا إذا ظهر إصبع أو إصبعان. وكذا ولو كان طول الخرق أكثر من ثلاثة أصابع وانفتاحه أقل من ثلاثة أصابع جاز المسح عليه. وإن كان انفتاحه ثلاثة أصابع يظهر منه أطراف ثلاثة أصابع من أصغر أصابع الرجل لا يجوز لأن الثلاث أكثر القدم فإذا ظهر ذلك يجب غسله فيجب غسل الباقي هذا إذا كان الخرق في مقدم الخف في أعلى القدم أو في أسفله فإن كان الخرق في موضع العقب إن كان يخرج منه أقل من نصف العقب جاز عليه المسح وإن كان أكثر لا يجوز. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية أخرى يمسح حتى يبدو أكثر من نصف العقب ولو كان الرجل أعرج يمشي على صدر قدميه وقد ارتفع العقب عن موضع عقب الخف كان له أن يمسح ما لم يخرج قدمه إلى الساق ولو كان الخف واسعاً إذا رفع القدم حتى يخرج العقب وإذا وضع القدم عاد العقب إلى موضعه وهذا مما لا بأس به يجوز عليه المسح. ولو قطع رجله إن بقي من ظهر القدم مقدار ثلاثة أصابع فلبس عليها الخف إذا كان مسحه يقع على جميع الباقي وإن كان الذي بقي من ظهر القدم أقل من ثلاثة أصابع لا يجوز عليه المسح. وكذا لو بقي مما يلي العقب مقدار ثلاثة أصابع ولم يبق من قبل الأصابع مقدار ذلك لا يجوز المسح لأن محل المسح المقدم دون المؤخر. وكذا لو قطعت رجله من الكعب لا يمسح لأن غسل محل القطع واجب عندنا فيجب عليه غسل الرجل الأخرى. ولو لم يكن له إلا رجل واحدة فلبس عليها الخف جاز له أن يمسح. ولو ظهر من الخف الخنصر والوسطى والإبهام من كل إصبع منها شيء لا يجوز المسح ولو ظهر من الخرق الإبهام وهي مقدار ثلاثة أصابع من غيرها جاز عليها المسح يعتبر في هذا نفس الأصابع ويستوي فيه الصغير والكبير ولو كان في إحدى الخفين خرق قدر إصبع وفي الأخرى قدر إصبعين جاز المسح عليهما ولو كان في خف واحد خرق في مقدم الخف قدر إصبع وفي مؤخره مثل ذلك وفي جانبه مثل ذلك كل ذلك كان في الأسفل من الساق لا يجوز لأنه إذا جمع يصير(1/22)
<49>قدر ثلاثة أصابع وإن تفرق ذلك في الخفين لا يمنع المسح لأن ما في الخفين لا يخل في صلاحيتهما لقطع المسافة بخلاف النجاسة المتفرقة في الثوب فإنها تجمع كانت في ثوب أو ثوبين وكذا النجاسة تحت القدمين إذا كان تحت كل قدم من قدر الدرهم وعند الجمع يصير أكثر وكذا لو كانت النجاسة على الخف فإنها تجمع كانت في خف أو خفين لأن المائع ثمة استعمال النجاسة الكثيرة ولا يعتبر الخرق في الساق لأن عدم الساق لا يمنع المسح فالخرق أولى المرأة في المسح على الخفين بمنزلة الرجل لاستوائها في الحاجة. لابس الخف إذا احتاج إلى المسح فخاض الماء أو أصابه مطر وابتل جاز وكذا لو أمر غيره بأن يمسحه فمسحه جاز. المسافر إذا انقضت مدة مسحه وهو يخاف ذهاب الرجل من البرد جاز له أن يمسح لمكان الضرورة وإن كان لا يخاف على رجله ينزع خفيه ويغسل رجليه. ماسح الخف إذا أم الغاسل جاز بخلاف صاحب الجرح السائل إذا أم الصحيح. ماسح الخف إذا أحدث في الصلاة فانصرف ليتوضأ ثم انقضت مده مسحه قبل أن يتوضأ كان له أن يغسل رجليه ويبني على صلاته كالمصلي بالتيمم إذا أحدث في صلاته فانصرف ثم وجد ماء كان له أن يتوضأ ويبني على صلاته. ماسح الخف إذا كان مسافراً فأقام بعد ما استكمل مدة الإقامة فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه وإن أقام قبل استكمال مدة الإقامة يتم مدة الإقامة فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه لأنه لما انقضت مدة الإقامة ثبت حكم الحدث السابق في الرجل فيلزمه غسل رجليه ولا يلزمه غسل سائر الأعضاء وإن سافر قبل استكمال مدة الإقامة إن سافر بعد الحدث قبل المسح كان له أن يمسح مدة السفر ثلاثة أيام ولياليها. وإن سافر بعد الحدث وبعد المسح فكذلك عندنا. وشرط جواز المسح على الخف أن يكون لابس الخف على طهارة كاملة قبل الحدث سواء لبس خفيه بعدما توضأ وغسل رجليه أو غسل رجليه أولاً ثم لبس خفيه قبل الحدث أو غسل إحدى رجليه ولبس الخف عليها ثم غسل الرجل الأخرى ولبس الخف عليها ثم أكمل الطهارة قبل الحدث. رجل له خف
<50>واسع الساق إن بقي من قدمه خارج الساق في الخف مقدار ثلاثة أصابع سوى أصابع الرجل جاز مسحه وإن بقي من قدمه خارج الساق مقدار ثلاثة أصابع بعضها من القدم وبعضها من الأصابع لا يجوز المسح عليه حتى يكون مقدار ثلاثة أصابع كلها من القدم لا اعتبار للأصابع. ماسح الخف إذا دخل الماء خفه وابتل من رجله قدر ثلاثة أصابع أو أقل لا يبطل مسحه لأن هذا القدر لا يجزي عن غسل الرجل فلا يبطل به حكم المسح وإن ابتل جميع القدم وبلغ الماء الكعب بطل المسح يروى ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. ماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه في الصلاة ولم يجد ماء فإنه يمضي على صلاته لأنه لا فائدة في قطع الصلاة لأن حاجته بعد انقضاء المدة إلى غسل الرجلين. ولو قطع الصلاة وهو عاجز عن غسل الرجلين من التيمم فلهذا يمضي على صلاته ومن المشايخ من قال تفسد صلاته والأول أصح. المحدث إذا تيمم عند عدم الماء ولبس الخف ثم وجد ماء فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه لأن المتيمم عند وجود الماء يصير محدثاً بالحدث السابق. وكما يجوز المسح على الخف يجوز المسح على الجبائر إذا كان يضره المسح على الجراحة وإذا كان لا يضره المسح على الجراحة لا يجوز المسح على الجبائر. وكذا المفتصد قالوا هذا إذا كان الفصد والجراحة في موضع لرجل بالرباط أمكنه أن يشده بنفسه وإن كان لا يمكن جاز المسح على الجبيرة والرباط وإن كان لا يضره المسح على الجراحة. وإذا مسح على الجبيرة هل يشترط فيه الاستيعاب ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أنه لا يشترط فيه الاستيعاب. وإن مسح على الأكثر جاز وإن مسح على النصف وما دونه لا يجوز وبعضهم شرطوا الاستيعاب وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وللمفتصد أن يؤم غيره وقيل من غلبه الدم لا يؤم غيره لأنه يخاف خروج الدم وقيل لا يؤم على الفور ويؤم بعد زمان. صاحب الجرح السائل إذا منع خروج الدم بعلاج أو رباط لا يكون صاحب جرح سائل. والمفتصد ليس بصاحب جرح سائل لأنه يتمكن من منع الدم أو غيرها فلهذا كان له أن يؤم(1/23)
<51>غيره. رجل بإحدى رجليه قرحة فجعل عليها الجبيرة وغسل رجله الصحيحة ولبس الخف عليها ثم أحدث فإنه لا يمسح على الخف لأنه لو مسح على الخف يمسح على الجبيرة والمسح على الجبيرة كالغسل لما تحتها فيصير جامعاً بين الغسل والمسح ولو لبس الخف عليهما كان له أن يمسح لأنه لبس الخف عليهما بعد الغسل رجل بإحدى رجليه بثرة فغسل رجليه ولبس الخف عليهما ثم أحدث ومسح على الخفين وصلى صلاة فلما فرغ نزع الخف وجد البثرة قد انشقت وسال منها الدم وبطل مسحه وهو لا يعلم أنها متى انشقت قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ينظر إن كان رأس الجراحة قد يبس وكان الرجل قد لبس الخف عند طلوع الفجر ونزع الخف بعد العشاء الأخيرة فإنه لا يعيد الفجر ويعيد ما بعدها من الصلاة وإن نزع الخف ورأس الجراحة مبلول بالدم فإنه لا يعيد شيئاً من الصلاة. إذا مسح الخف ثم تقشرت الجلدة الظاهرة من الخف وبقيت الباطنة لا يلزمه إعادة المسح لأن الخف بحكم التركيب صار كشيء واحد فلا يلزمه إعادة المسح. صاحب الجبيرة إذا مسح على الجبيرة ولبس الخف عليها ثم أحدث ومسح على الخف ثم سقطت الجبيرة عن برء بطل المسح على الخف. رجل بإصبعه قرحة وأدخل المرارة في إصبعه وهي تجاوز موضع القرحة فتوضأ ومسح عليها جاز لمكان الضرورة وكذا ولو كان على يده أو رجله جراحة أو قرحة وجعل عليها الجبائر والجبائر تزيد على موضع القرحة والجراحة كان له أن يمسح عليها وكذلك المفتصد قيل هذا إذا مسح جميع المواضع الذي أخذته العصابة حكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله تعالى أنه كان لا يجيز المسح على عصابة المفتصد ويجيز على خرقة المفتصد وقال ما يأخذ العصابة يغسل وبعضهم جوز المسح على العصابة أيضاً وعليه الاعتماد إذا مسح على العصابة ثم سقطت العصابة فبدلها بالأخرى الأولى أن يعيد المسح على الثانية وإن لم يعد أجزه لأن المسح على الأولى بمنزلة الغسل ولهذا لا يتوقت بوقت فصار كما لو مسح رأسه ثم حلق بخلاف ما إذا مسح على الخف وسقط ولبس خفاً أخر لا يجوز له المسح على الثاني وإن مسح على الجوربين فهو على وجوه إن كان رقيقين غير
<52>منعلين لا يجوز المسح عليهما في قولهم وإن كانا ثخينين منعلين جاز المسح عليهما في قولهم ثم على رواية الحسن ينبغي أن يكون النعل إلى الكعبين وفي ظاهر الرواية إذا بلغ النعل إلى أسفل القدم جاز والثخين أن يقوم على الساق من غير شد ولا يسقط ولا ينشف وقال بعضهم لا ينشفان معنى قوله لا ينشفان أي لا يجاوز الماء القدم وقيل معنى قوله لا ينشفان أي لا ينشف الجورب الماء إلى نفسه كالأديم والصرم وإن كان ثخينين غير منعلين لا يجوز المسح عليهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول صاحبيه يجوز وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه رجع إلى قولهما قبل موته. يجوز المسح على الخف يكون من اللبد وإن لم يكن منعلاً لأنه يمكن قطع المسافة به وكذا على الخف الذي يقال له بالفارسية بيش بند وهو أن يكون مشقوقاً مشدوداً وما يقال بالفارسية جاروق إن كان يستر القدم ولا يرى من العقب ولا من ظهر القدم إلا قدر إصبع أو إصبعين جاز المسح عليه في قولهم وإن لم يكن كذلك فعلى قياس ظاهر الرواية وهو قول عامة المشايخ لا يجوز وبعضهم جوز ذلك لأن عوام الناس يسافرون به خصوصاً في بلاد المشرق ويجوز المسح على الجرموقين أما إذا لبسهما من غير خف فظاهر لأنهما في قطع المسافة بمنزلة الخف هذا إذا كان الجرموق من الأديم أو الصرم فإن كان من جلد يقال بالفارسية كشت فكذلك وإن كان من الكرباس لا يجوز المسح عليه وإن لبسهما على الخفين لا يخلو إن لبسهما بعد ما لبس الخفين أو أحدث ومسح على الخفين أو لبسهما بعد ما أحدث قبل أن يمسح على الخفين لا يجوز المسح على الجرموقين بالإجماع وإن لبس الجرموقين قبل أن يحدث ويمسح جاز المسح على الجرموقين عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وإن لبس الخفين فوق الخفين هو على هذه التفاصيل أيضاً وإن لبس الخفين وأحد الجرموق جاز له أن يمسح على الخف الذي لا جرموق عليه وعلى الجرموق ولو لبس الخفين ولبس عليهما الجرموقين ومسح على الجرموقين ثم نزع الجرموقين فإنه يعيد المسح على الخفين وإن نزع الجرموقين في ظاهر الرواية يمسح على الخف البادي وعلى الجرموق الباقي وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه(1/24)
<53>الله تعالى أنه يمسح على الخف البادي لا غير وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية ينزع الجرموق الباقي ويمسح على الخفين. (باب التيمم في الباب فصول) فصل في صورة التيمم فصل فيمن يجوز له التيمم فصل فيما يجوز به التيمم فصل فيما ينتقض به التيمم. أما صورة التيمم ما ذكر في الأصل قال يضع يديه على الصعيد وفي بعض الروايات يضرب يديه على الصعيد فاللفظ الأول أن يكون على وجه اللين والثاني أن يكون الوضع على وجه الشدة وهذا أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع ثم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقبل بها ويدبر وهو غير لازم إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ثم ينفضهما ويمسح بهما وجهه ثم يضرب يديه مرة أخرى على الأرض ثم ينفضهما ويمسح بهما وجهه ثم يضرب يديه مرة أخرى على الأرض ثم ينفضهما ثم يضع بطن كفه اليسرى على ظهر كفه اليمنى ويمد من رؤوس الأصابع إلى المرفق ويمسح المرافق ثم يدبرهما إلى بطن الساعد ويمدهما إلى الكف وهل يمسح الكف تكلموا فيه قال بعضهم لا يمسح لأنه مسح مرة حين ضرب يديه على الأرض ثم يضع بطن كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى ويفعل ما فعل باليمنى ولم يذكر في الكتاب تخليل الأصابع ولا بد منه ليتم الاستيعاب وإن تيمم بإصبع أو إصبعين لا يجوز لما قلنا في مسح الخف ومسح الرأس وإن مسح وجهه وذراعيه بضربة واحدة لا يجزيه ولو تمعك في التراب فأصاب التراب وجهه وكفيه وذراعيه جاز. ولو قام في مهب الريح أو هدم حائطاً فأصاب الغبار وجهه وذراعيه لم يجز حتى يمسح وينوي به التيمم وكذا لو ذر رجل على وجهه تراباً لم يجز فإن مسح ينوي به التيمم والغبار عليه جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى واستيعاب العضوين في التيمم شرط في ظاهر الرواية حتى لو لم يمسح ما بين الحاجبين والعينين ولم يحرك الخاتم إن كان ضيقاً وكذا المرأة السوار لم يجز وشرطه شيئان النية والعجز عن استعمال الماء أما النية إذا نوى به التطهير جاز ولا يشترط نية التيمم للجنابة والحدث وقال بعضهم لا بد من ذلك وعن محمد رحمه الله تعالى الجنب إذا تيمم يريد به الوضوء أجزأه عن الجنابة وإن تيمم لمطلق الصلاة والتطوع أو للمكتوبة جاز له أن يصلي بذلك التيمم أية صلاة كانت وكذا ولو تيمم لصلاة الجنازة أو لسجدة التلاوة وهو مسافر جاز له أداء الصلاة بذلك التيمم ولو تيمم لقراءة القرآن
<54>عن ظهر القلب أو عن المصحف أو لزيارة القبر أو لدفن الميت أو للأذان أو الإقامة أو لدخول المسجد أو لخروجه بأن دخل المسجد وهو متوضئ ثم أحدث أو لمس المصحف وصلى بذلك التيمم اختلفوا فيه قال عامة العلماء لا يجوز قال أبو بكر بن سعيد البلخي رحمه الله تعالى يجوز. ولو تيمم للسلام أو لرد السلام لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم ولو تيمم الكافر للإسلام وأسلم لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا لو تيمم يريد به تعليم الغير لا يجوز له أداء الصلاة بذلك التيمم في ظاهر الرواية. (فصل فيما يجوز له التيمم) ويجوز التيمم للحدث والجنابة والحيض عند عامة العلماء وهل يشترط لجوازه طلب الماء في العمرانات يشترط وفي الفلواة لا يشترط إلا أن يغلب على ظن المسافر أنه لو طلب الماء يجده لو أخبر بذلك فحينئذ يفترض عليه الطلب يميناً ويساراً على قدر غلوة ولا يبلغ ميلاً وكيلا يضر بنفسه أو أصحابه ومن خرج من المصر أو السواد للاحتطاب أو للاحتشاش أو لطلب الدابة فحضرته الصلاة فإن كان الماء قريباً منه لا يجوز له التيمم وإن خاف خروج الوقت اختلفوا في حد القرب قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أجمع أصحابنا رحمهم الله تعالى على أنه يجوز للمسافر أن يتيم إذا كان بينه وبين الماء ميل وإن كان أقل من ذلك لا يجوز إذا كان يعلم به المسافر وإن خاف خروج الوقت ولا يجوز للمقيم أن يتيمم إذا كان بينه وبين الماء ميل ولا شيء في الزيادة عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعن محمد رحمه الله تعالى أن يجوز إذا كان الماء على قدر ميلين وهو اختيار الفقيه أبي بكر بن الفضل رحمه الله تعالى ون الكرخي رحمه الله تعالى أنه قال إذا خرج المقيم من المصر أو من السواد للاحتطاب أو الاحتشاش فإن كان في موضع يسمع صوت أهل الماء فهو قريب وإن كان لا يسمع فهو بعيد وبه أخذ المشايخ رحمهم الله تعالى وإذا كان هذا في المقيم فما ظنك في المسافر وعن أبي جعفر رحمه الله تعالى إذا كان خارج المصر ولا يسمع أصوات إنسان أجزأه التيمم وقليل السفر وكثيره سواء في التيمم والصلاة على الدابة خارج المصر إنما الفرق بين القليل والكثير في ثلاثة في قصر الصلاة والإفطار والمسح على الخفين ولو كان مع المسافر ماء وهو يخاف على نفسه(1/25)
<55>العطش جاز له التيمم ولو كان رأى مع رفيقه ماء فإن كان في غالب ظنه أنه يعطيه لا يجوز له أن يتمم بل يسأله فإن لم يعطه بغير عوض يستام منه ولا يعجل بالتيمم فإن باعه بمثل الثمن أو بغبن يسير فإن كان معه مال زيادة على ما يحتاج إليه في الزاد لا يتيمم وإن باعه بثمن غال يجوز له التيمم واختلفوا في حد الغالي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان لا يبيع إلا بضعف القيمة فهو غال وقال بعضهم ما لا يدخل تحت تقويم المقومين فهو غال ويعتبر قيمة الماء في أقرب المواضع من الموضع الذي يعز فيه الماء ولو كان في رحله ماء زمزم وقد رصص رأس القمقمة يحمله للهدية أو ما أشبه ذلك وهو لا يخاف على نفسه العطش لا يجوز له التيمم قالوا الحيلة في ذلك أن يهبها من غير وبسلم قال مولانا رضي الله عنه هذا ليس صحيح عندي فإنه لو رأى مع غيره ماء يبيعه بمثل الثمن أو بغبن يسير يلزمه الشراء ولا يجوز له أن يتيمم فإذا تمكن من الرجوع في الهبة كيف يجوز له التيمم ولو رأى مع رفيقه ماء فتيمم قبل أن يسأل وصلى جاز وإن سأله بعد ذلك فأعطاه الماء يلزمه الإعادة وإن سأله فأبى ثم تيمم فصلى ثم أعطاه لا يلزمه إعادة الصلاة ولو كان معه سؤر حمار فإنه يجمع بينه وبين التيمم فإن توضأ بسؤر الحمار وصلى ثم تيمم وصلى تلك الصلاة الصحيح أنه لا يلزمه الإعادة وكذا لو بدأ بالتيمم وصلى ثم توضأ بسؤر الحمار وصلى لا يلزمه الإعادة ولو تيمم وصلى ثم أهراق سؤر الحمار يلزمه إعادة التيمم والصلاة لاحتمال أن سؤر الحمار كان طهوراً جماعة من المتيممين إذا رأوا ماء في صلاتهم قدر ما يكفي لأحدهم إن كان الماء مباحاً فسدت صلاتهم وإن كان مملوكاً كالرجل فقال المالك أبحت لكل واحد منكم أو قال من شاء منكم فليتوضأ فسدت صلاتهم وإن قال أبحت لكم جميعاً لم تفسد صلاتهم المسافر إذا شرع في الصلاة بالتيمم ثم جاء إنسان معه ماء فإنه يمضي في صلاته فإذا سلم فسأله إن منع جازت صلاته وإن أعطاه بطلت صلاته وعن محمد رحمه الله تعالى إذا رأى في الصلاة مع غيره ماء وفي غالب ظنه أنه يعطيه بطلت صلاته المتيمم إذا صلى بقوم متيممين ركعة فجاء رجل معه كوز من ماء يكفي لأحدهم فقال هو لفلان لرجل من القوم فسدت صلاة ذلك الرجل ويمضي القوم على صلاتهم فإذا فرغوا سألوه الماء إن أعطى الإمام
<56>توضأ الإمام ويستقبل الصلاة ويستقبل القوم معه وإن منع الإمام والقوم فصلاة الكل تامة فلو أن الذي جاء بالكوز قال للمتيممين قبل الشروع في الصلاة من شاء منكم فليتوضأ انتقض تيممهم وإن قال هو لكم أو هو بينكم لا ينتقض تيممهم قوم من المتيممين شرعوا في الصلاة فجاء رجل ومعه ماء يكفي لأحدهم فقال من يريد منكم الماء ينتقض تيممهم قوم من المتيممين منهم متيمم من الجنابة ومنهم متيمم للوضوء وإمامهم متوضئ فجاء رجل بكوز من ماء يكفي لأحدهم فقال هذا الكوز من الماء لمن شاء منكم فسدت صلاة المتيممين عن الحدث ولم تفسد صلاة المتيممين عن الجنابة لوجود القدرة على الماء لكل واحد من الفريق الأول دون الثاني ولو كان الإمام متيمماً للحدث فسدت صلاة الكل بفساد صلاة الإمام ولو كان الإمام متيمماً للجنابة والماء لا يكفي للجنابة فصلاة الإمام ومن خلفه من المتوضئين والمتيممين للجنابة تامة لعجزهم عن الطهارة بالماء وفسدت صلاة المتيمم للحدث لقدرتهم على الطهارة بالماء وإن كان الماء يكفي للجنابة فإن كان الإمام متوضئاً فصلاته وصلاة المتوضئين تامة وصلاة المتيممين فاسدة وإن كان الإمام متيمماً عن أي شيء كان فسدت صلاة الكل رجلان يصليان أحدهم عريان والآخر متيمم فجاء رجل وقال معي ماء فتوضأ به أيها المتيمم ومعي ثوب فخذ أيها العرينان فسدت صلاتهما كذا قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى متيمم مر على الماء وهو نائم ذكر في بعض الروايات أنه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينتقض تيممه وقيل ينبغي أن لا ينتقض عند الكل لأنه لو تيمم وبقربه ماء لا يعلم به يجوز تيممه عند الكل إنما الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى فيما إذا تيمم وفي رحله ماء لا يعلم به ثلاثة في السفر جنب وحائط وميت وثم ماء قدر ما يكفي لأحدهم فإن كان الماء ملكاً لأحدهم فهو أولى به وإن كان الماء له جميعاً لا يصرف إلى أحدهم ويباح التيمم للكل وإن كان الماء مباحاً كان الجنب أولى لأن غسله فريضة وغسل الميت سنة والرجل يصلح إماماً للمرأة فيغسل الجنب وتيمم المرأة ويمم الميت ولو كان الماء بين الأب والابن فالأب أولى به(1/26)
<57>لأن له حق تملك مال الابن ولو وهب لهم رجل ماء قدر ما يكفي لأحدهم قال الرجل أولى به لأن الميت ليس من أهل قبول الهبة والمرأة لا تصلح لإمام الرجل قال مولانا رضي الله تعالى عنه وهذا الجواب لا يستقيم على قول من يقول أن هبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تفيد الملك وإن اتصل بها القبض المسافر إذا انتهى إلى بئر وليس معه دلو كان له أن يتمم لعجزه عن استعمال الماء وكذا إذا كان معه دلو وليس معه رشاء قالوا هذا إذا لم يكن معه منديل يصلح لذلك فإن كان معه منديل يصلح لذلك لا يتمم ولو كان معه رفيقه دلو مملوك لرفيقه وقال له رفيقه انتظر حتى أستقي الماء ثم أدفعه إليك فالمستحب له أن ينتظر إلى آخر الوقت فإن تيمم ولم ينتظر جاز وكذا لو كان عرياناً ومع رفيقه ثوب فقال له انتظر حتى أصلي ثم أدفعه إليك يستحب له أن ينتظر إلى آخر الوقت فإن لم ينتظر وصلى عرياناً جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو كان مع رفيقه ماء يكفي لهما فقال انتظر حتى أفرغ من الصلاة ثم أدفعه إليك لزمه أن ينتظر وإن خاف خروج الوقت ولو يتمم ولم ينتظر لا يجوز فالأصل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن في المملوك لا تثب القدرة بالبذل والإباحة وفي الماء تثب القدرة بالإباحة المصلي بالتيمم إذا وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة لا يلزمه الإعادة ولو وجد في خلال الصلاة فسدت صلاته وكذا ولو وجدت بعد الفراغ من الأركان قبل التشهد وكذا ولو وجد بعد التشهد قبل السلام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن وجد بعد ما سلم تسليمة واحدة لم تفسد صلاته وكذا ولو وجد بعد ما سلم وعليه سهو إن وجد بعد ما عاد إلى سجود السهو فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وإن وجد قبل أن يعود لا تفسد عند الكل المصلي بالتيمم إذا أحدث في صلاته فانصرف ليتمم إلا أنه لم يجد تراباً فلم يتمم حتى وجد ماء ذكر بعض العلماء فيما جمع من الفتاوى أنه يتوضأ ويبني قال مولانا رضي الله تعالى عنه قد ذكرت المسئلة كذلك في فصل مسح الخف وذكر الحاكم الشهيد رحمه الله تعالى في المختصر أنه يتوضأ ويستقبل الصلاة وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى في
<58>شرح كتاب الصلاة فقال كان الشيخ الإمام اسماعيل الزاهد رحمه الله تعالى يقول وجد رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يتوضأ ويبني قال وهذا أقيس لمذهبه لأن اقتداء المتوضئ بالمتيمم يجوز عنده فكذلك بناء الوضوء على التيمم فيحتمل أن ما ذكره الحاكم الشهيد قول محمد رحمه الله تعالى. مسافر أجنب فشرع في الصلاة بالتيمم ثم سبقه الحدث فوجد ماء قدر ما يكفي للوضوء فإنه يتوضأ به ويبني ذكره البقالي في فتاواه قال وهذا قول آخر لمحمد رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى المصلي بالوضوء إذا سبقه الحدث فذهب ليتوضأ فلم يجد ماء فتيمم ثم قبل انصرافه إلى مقامه وجد الماء توضأ وبنى ولو انصرف إلى مقامه ثم وجد الماء توضأ وبنى ولو انصرف إلى مقامه ثم وجد الماء توضأ واستقبل استحساناً. الجنب إذا كان به جراحات في عامة جسده وهو لا يستطيع غسل الجراحات ويستطيع غسل ما بقي فإنه يتيمم ويصلي لأنه لو غسل غير موضع الجراحات ربما يصل الماء إلى جراحته فيضره لا جرم لو أمكنه أن يغسل غير موضع الجراحة ويمسح الجراحة بالماء إن كان لا يضره المسح أو يعصبها بخرقة ويمسح على الخرقة فعل وإن كان أكثر أعضائه صحيحاً فإن كانت الجراحة على رأسه وسائر جسده صحيح فإنه يدع الرأس ويغسل سائر الأعضاء ويمسح موضع الجراحة لأن للأكثر حكم الكل وكذا لو كان محدثاً به جراحات فإن كان أكثر أعضاء الوضوء جريحاً تيمم ولم يستعمل الماء وإن كان أكثر أعضائه صحيحاً غسل الصحيح ويمسح الجراحة إن أمكنه مسحه من غير ضرر حتى لو كانت الجراحة على رأسه ووجهه ويده وليس على رجليه جراحة يباح له التيمم وعلى عكسه لا يباح وقيل يعتبر الكثرة في الأعضاء حتى لو كان على رأسه ووجهه ويديه جراحة وليس على رجليه جراحة لا يباح له التيمم إذا لم يكن الأكثر من كل عضو جريحاً وإن استوى الجريح والصحيح تكلموا فيه قال بعضهم لا يسقط غسل الصحيح وهو الصحيح لأنه أحوط كما يباح التيمم عند خوف الهلاك أو تلف عضو يباح له التيمم عندنا إذا خاف زيادة المرض وإذا زال المرض المبيح للتيمم ينتقض تيممه الجنب الصحيح في المصر إذا خاف الهلاك من الاغتسال يباح له التيمم في قول أبي حنيفة(1/27)
<59>رحمه الله تعالى والمسافر إذا خاف الهلاك من الاغتسال جاز له التيمم في قولهم وأما المحدث في المصر إذا خاف الهلاك من التوضؤ اختلفوا فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى والصحيح أنه لا يباح له التيمم قال مشايخنا رحمهم الله تعالى في ديارنا لا يباح للمقيم أن يتيمم لأن في عرف ديارنا أجر الحمام يعطى بعد الخروج فيمكنه أن يدخل الحمام ويغتسل فيتعلل بالعسرة عند الخروج ومن به جدري أو حصبة يجوز له التيمم لأن الاغتسال يضره ومن لا يقدر على الوضوء إلا بمشقة لا يباح له التيمم المسافر إذا مر في الفلاة بماء موضوع في جب أو نحوه لا ينتقض تيممه وليس له أن يتوضأ منه لأنه وضع للشرب لا للوضوء والمباح في نوع لا يجوز استعماله في نوع آخر إلا أن يكون الماء كثيراً ويستدل لكثرته على أنه وضع للشرب والوضوء جميعاً فحينئذٍ يتوضأ ولا يتيمم وذكر القاضي البكر الإمام أبو علي النسفي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل أن الماء الموضوع للشرب يجوز منه التوضؤ والموضوع للوضوء لا يباح منه الشرب الأسير في دار الحرب إذا منعه الكافر عن الوضوء والصلاة يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد إذا خرج وكذا الرجل إذا قال له غيره إن توضأت حبستك أو قتلتك فإنه يصلي بالتيمم ثم يعيد بمنزلة المحبوس في المصر إذا لم يجد ماء ووجد تراباً نظيفاً فإنه يتيمم ثم يعيد ولو أن المحبوس إذا لم يجد ماء ولا تراباً نظيفاً لا يصلي في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وأجمعوا على أن الماشي لا يصلي وهو يمشي ولا السابح وهو يسبح ولا السائف وهو يضرب بالسيف وإن خاف خروج الوقت ولو جلس الرجل الطاهر في المكان النجس يصلي بالإيماء ثم يعيد كان ذلك في الحضر أو السفر قال محمد رحمه الله تعالى في السفر لا يعيد وفي الحضر يعيد المصلي بالتيمم إذا رأى سراباً وظن أنه ماء فانصرف ثم علم أنه كان سراباً فسدت صلاته جاوز موضع صلاته أو لم يجاوز (ومن هذا الجنس مسائل) إحداها هذه ومنها إذا رأى حمرة على ثوبه فظنها أنها نجاسة فانصرف ليغسلها ثم علم أنها لم تكن نجاسة ومنها إذا ظن أنه ترك مسح الرأس أو لم يتوضأ أصلاً فانصرف ثم علم أنه كان قد توضأ ومسح ومنها إذا ظن في الظهر أن لم يصل الفجر فانصرف ثم علم أنه
<60>قد صلاها ومنها ماسح الخف إذا ظن أنه انقضت مدة مسحه ثم علم أنها لم تنقض فسدت صلاته في هذه الوجوه بالاستدبار جاوز موضع صلاته أو لم يجاوز (ويفارق هذا الجنس مسئلتان) الأولى إذا ظن في صلاته أنه رعف فانصرف ثم علم أنه لم يرعف والثانية قوم صلوا بالجماعة فرأوا سواد وظنوه عدواً فانصرف بعضهم ليقوم بإزاء العدو ثم علموا أنه كان غباراً أو دواب إن جاوزوا موضع صلاتهم فسدت صلاتهم وإلا فلا المصلي بالتيمم إذا رأى سراباً كان أكبر رأيه أنه مباح له أن ينصرف وإن استوى الظنان لا يحل له قطع الصلاة وإذا فرغ من الصلاة إن ظهر أنه كان ماء يلزمه الإعادة وإلا فلا المتوضئ إذا اقتدى بالمتيمم ثم رأى المقتدي ماء ولم ير إمامه فسدت صلاة المقتدي ولم تفسد صلاة الإمام المتيمم إذا مر بالماء وهو نائم ينتقض تيممه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقيل لا ينتقض عند الكل كما لو كان يقظاناً فمر بموضع بقربه ماء ولم يعلم به مريض لا يضره الماء إلا أنه لا يقدر على استعمال الماء بنفسه إن لم يكن أحد هناك يعينه جاز له التيمم بالإتفاق وإن كان معه أحد يعينه على استعمال الماء إن كان المعين حراً أو امرأة جاز له التيمم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كان معه مملوك اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال بعضهم لا يجوز له التيمم وقيل إن كان المعين يعينه بغير بدل لا يجوز له التيمم عند الكل (ومن جنس هذا مسائل) إحداها هذه ومنها أنه إذا كان لا يقدر على التوجه إلى القبلة بنفسه وثم من يوجهه إلى القبلة ومنها إذا كان على فراش نجس لا يمكنه أن يتحول إلى مكان طاهر وثم أحد يحوله أجمعوا على أنه إذا عجز عن القيام بنفسه وثمة أحد يعينه فصلى قاعداً جاز وعلى هذا الخلاف الأعمى إذا وجد قائداً إلى الحج أو إلى الجمعة عند أبي حنيفة لا يلزمه الجمعة والحج المقعد إذا وجد من يحمله إلى صلاة الجمعة ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا جمعة عليه عند الكل وينبغي أن لا يكون عليه الحج ولا حضور الجماعات بلا خلاف وذكر القاضي الإمام أبو علي السغدي أن الكل على الخلاف المسافر إذا لم يكن على(1/28)
<61>طمع من الماء فإنه يتيمم ويصلي ليكون محرزاً ثواب الأداء في أول الوقت وإن كان على طمع من الماء يستحب له أن ينتظر لكن لا يفرط في التأخير حتى لا تقع الصلاة في وقت مكروه ولا يؤخر العصر إلى تغير الشمس مسافراً جنب ولم يجد ماء فتيمم وصلى ثم أحدث ثم وجد ماء يكفي للوضوء ولا يكفي للجنابة فإنه لا يتيمم مسافر أجنب فغسل رأسه ووجهه وذراعيه فلم يبق الماء فإنه يتيمم للجنابة لأنها باقية فإن تيمم وشرع في الصلاة ثم قهقه ثم وجد ماء يكفي للاغتسال فإنه يغسل به أعضاء وضوئه وما بقي من جسده لم يكن غسلها في المرة الأولى ولا يغسل فرجه فإنه لو أحدث حدثاً غير ضحك ثم وجد ماء يغسل به أعضاء وضوئه وما بقي من جسده لم يكن غسلها في المرة الأولى لانتقاض التيمم في أعضاء الوضوء برؤية الماء وقد ذكرنا قبل هذا أن الضحك في الصلاة ينقض طهارة الوضوء ولا ينقض طهارة الغسل ومن الناس من أجرى اللفظ على ظاهره أنها لا تنقض طهارة الغسل والصحيح أنها تنقض ويلزمه الوضوء عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يلزمه غسل ما غسل من أعضاء الوضوء أيضاً
(فصل فيما يجوز به التيمم) يجوز التيمم بكل ما كان من أجزاء الأرض كالتراب والرمل والجص والنورة والمغرة والسبخة والزرنيخ والمرداسيخ والإثمد والكحل والطين الأحمر والحجر الذي عليه غبار أو لم يكن بأن كان مغسولاً أو أملس مدقوقاً أو غير مدقوق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى إن كان الحجر مدقوقاً أو عليه غبار جاز به التيمم وإلا فلا ولو تيمم بأرض قد رش عليها الماء وبقي فيها ندوة جاز ويجوز التيمم بالآجر والحصى والكيزان والجباب والحيطان من المدر ولا يجوز بالغضارة إن كان وجهها مطلياً بالآنك فإن لم يكن مطلياً أو تيمم بظهرها جاز ولو تيمم بالخزف إن كان عليه غبار جاز وإن لم يكن عليه غبار فإن كان متخذاً من التراب الخالص ولم يجعل فيه شيء من الأدوية جاز وإن جعل فيه شيء من الأدوية ولم يكن عليه غبار لا يجوز ولو كان الرجل في طين طاهر لا يتيمم به لكن يلطخ به بعض ثيابه أو جسده ويترك حتى يجف ثم يتيمم به وقال الشيخ الكرخي رحمه الله
<62>تعالى يجوز التيمم بالطين وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أنه لا ينبغي أن يتيمم بالطين لأن فيه تلطيخ الوجه ولو فعل جاز ولو نفض ثوبه أو لبده أو سرجه فتيمم بغبار جاز ويجوز التيمم بالعقيق والزبرجد لأنهما من أجاز الأرض ولا يجوز بالآلئ لأنها خلقت من الماء ولا يجوز التيمم بالذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس والصفر وكل ما يذوب وينطبع ولا بالملح المائي واختلفوا في الجبلي والصحيح هو الجواز ولا يجوز بالرماد لأنه من أجزاء الشجر لا من أجزاء الأرض ولو تيمم بالثوب أو اللبد لا يجوز وإن ضرب يده عليه ولزق به تراب فتيمم به جاز وكذا ولو ضرب يده على حنظة أو شعير فلزق التراب أو الغبار بيده فتيمم بذلك جاز وإذا أحرقت الأرض بالنار إن اختلط بالرماد يعتبر به الغالب إن كانت الغلبة للتراب جاز به التيمم وإلا فلا وكذا التراب إذا خالطه ما ليس من أجزاء الأرض يعتبر به الغلبة الأرض إذا أصابتها النجاسة فيبست وذهب أثرها جازت الصلاة عليها ولا يجوز بها التيمم مسافر معه سؤر حمار وماء طاهر ولا يعرف أحدهما من الآخر قال محمد رحمه الله تعالى يتوضأ بهما ولا يتيمم المصلي بالتيمم إذا رأى سؤر الحمار فإنه يمضي إلى صلاته ولا يقطع بالشك ثم يعيد بسؤر الحمار ولو رأى نبيذ التمر فكذلك عند محمد رحمه الله تعالى وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى قطع صلاته ويصلي بنبيذ التمر واعتراض الردة على المتيمم لا يبطل حتى لو أسلم وصلى بذلك التيمم يجوز عندنا جنب تيمم للظهر وصلى ثم أحدث فحضرته العصر ومعه ماء يكفي للوضوء فإنه يتوضأ لأن الجنابة قد زالت بالتيمم فإذا أحدث بعد التيمم ومعه ماء يكفي للوضوء فإنه يتوضأ به فإن توضأ للعصر وصلى ثم مر بما وعلم به ولم يغتسل حتى حضرته المغرب وقد أحدث أو لم يحدث ومعه ماء قدر ما يتوضأ به لأنه لما مر بماء يكفي للاغتسال عاد جنباً فهذا جنب معه ماء لا يكفي للاغتسال فيتيمم إذا تيمم ثم شك في تيممه أنه أحدث أو لم يحدث فهو على تيممه ما لم يستيقن بالحدث كما إذا توضأ ثم شك بالحدث إذا تلا آية سجدة في العصر وليس معه ماء لا يجوز له التيمم لأنه لا يخاف فوتها يتوضأ بعد ذلك ثم يسجد إذا شهد الجنابة يوم(1/29)
<63>العيد مع الإمام وخاف الفوت واشتغل بالوضوء جاز له الشروع بالتيمم فإذا أحدث في صلاته جاز له البناء بالتيمم إذا كان الشروع بالوضوء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه لا يجوز البناء بالتيمم ولو أحدث في صلاة الجمعة لا يبني بالتيمم لأن الجمعة تفوت إلى خلف وهو الظهر ولا يتيمم السلطان لصلاة العيد ولا الولي لصلاة الجنازة رجل رأى التيمم إلى الرسغ أو الوتر ركعة واحدة وفعل ذلك زماناً ثم رأى الوتر ثلاثاً والتيمم إلى المرفق لا يعيد ما صلى قبل لأنه كان مجتهداً فيما فعل ولو لم يكن من أهل الرأي ففعل ذلك من غير أن يسأل أحد ثم سأل فأفتي أن التيمم إلى المرفق وأن الوتر ثلاثاً فإنه يعيد ما صلى لأنه ما كان مجتهداً فيه وإذا تيمم الرجل عن موضع تيمم عنه غيره جاز مسافر أحدث ومعه ثوب نجس فوجد ماء قدر ما يكفي للوضوء أو للنجاسة ولا يكفي لهما فإنه يغسل الثوب به ويصلي بالتيمم فإن توضأ بالماء وصلى في الثوب النجس جاز ويكون مسيئاً فيما فعل وإذا تيمم لصلاة الجنازة وصلى جاز له أن يصلي بذلك التيمم على جنازة أخرى قبل أن يقدر على الوضوء كما لو تيمم للمكتوبة وصلى كان له أن يصلي مكتوبة أخرى رجل أتى ماء من المياه أي حيا وطلب ماء فلم يجد وصلى بالتيمم فهو على وجهين إن رأى قوماً من أهله فلم يسألهم فصلى بالتيمم ثم سألهم فأخبروه بالماء لم يجز وإن سألهم فلم يخبروه أو لم ير قوماً من أهله جازت صلاته مسافر نسي الماء في رحله أو في رحله ماء ولم يعلم به فتيمم فصلى جاز الصلاة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمها الله تعالى وكذا ولو كان على شط نهر أو جنب بئر ولم يعلم به وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في هذين الفصلين روايتان ولو صلى عرياناً ومعه ثوب لا يعلم به ذكر الشيخ الكرخي رحمه الله تعالى أنه على هذا الخلاف المسافر إذا وجد ماء قدر ما يغسل به كل عضو مرة واحدة لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف على نفسه العطش أو على دابته ولو كان متيمماً فوجد ماء قدر ما يكفي كل عضو مرة واحدة فغسل بعض أعضائه ثلاثاً ثلاثاً فلم يبق الماء فإنه يعيد التيمم إذا أحدث الإمام في صلاة الجنازة قال الفقيه أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن استخلف متوضئاً ثم تيمم وصلى خلفه أجزأه في قولهم جميعاً وإن
<64>تيمم هذا الذي أحدث وأم الناس وأتم جازت صلاة الكل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وعلى قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى صلاة المتوضئين فاسدة وصلاة المتيممين جائزة وهذه المسئلة دليل على أن في صلاة الجنازة يجوز البناء والاستخلاف ويجوز فيها اقتداء المتوضئ بالمتيمم كما في غيرها من الصلاة إذا أراد أن يتيمم فضرب ضربة واحدة ثم أحدث فمسح بذلك التراب وجهه ثم ضرب ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين جاز المصلي بالتيمم إذا قال له نصراني خذ الماء فإنه يمضي على صلاته ولا يقطع لأن كلامه قد يكون على وجه الاستهزاء فلا يقطع بالشك فإذا فرغ من الصلاة سأله إن أعطاه أعاد الصلاة وإلا فلا إذا تيمم الرجل ثم أصاب بعض بدنه نجاسة أكثر من قدر الدرهم فإنه يمسحها بخرقة أو تراب ويصلي لأن المسح يقلل النجاسة وإن كان لا يستأصلها وإن صلى ولم يمسح جاز وهذا والاستنجاء بالحجر سواء إذا طهرت المسافرة من حيضها وأيامها أقل من عشرة فتيممت إن صلت بذلك التيمم حل للزوج أن يطأها عند الكل وإن لم تصل لا ذكر لها في الأصل واختلف فيه المشايخ رحمهم الله تعالى قال بعضهم يحل للزوج وطؤها قبل الصلاة عند محمد رحمه الله تعالى ولا يحل عندهما لأن عندهما لا ينقطع حق الرجعة قبل الصلاة وعلى قول محمد رحمه الله تعالى ينقطع و الأحوط أن لا يطأها المسافر إذا لم يجد الماء ووجد الثلج إن كان ذلك في مكان البرد وزمانه يجوز له التيمم لأن التوضؤ بالثلج لا يجوز إلا بشرط أن يسيل الماء على أعضائه ويتقاطر وذلك لا يتصور في زمان الشتاء فإذا عجز عن التوضؤ يباح له التيمم رجل لم يجد إلا سؤر الكلب فإنه يتيمم لأنه نجس فكان وجوده كعدمه جنب مر بمسجد فيه عين ماء لا يجد ماء غيره لا يباح له أن يدخل المسجد عندنا من غير تيمم قال الشافعي رحمه الله تعالى يباح له الاجتياز ولا يباح القعود ولو كان الرجل في المسجد فغلبه النوم واحتلم تكلم فيه قال بعضهم لا يباح له الخروج قبل التيمم وقال بعضهم يباح
(فصل في المسجد) تكره المضمضة والوضوء فيه إلا أن يكون ثمة موضع اتخذ لذلك لا يصلى فيه أو توضأ في إناء وقد مر قبل هذا ولا يبزق في المسجد لا فوق البواري ولا تحت الحصير لأنا أمرنا بتعظيم المسجد وصونه(1/30)
<65>عن النجاسة فيأخذ النخامة بثوبه ولا يلقيها في المسجد وإن اضطر إلى ذلك كان الإلقاء فوق الحصير أهون من الإلقاء تحت الحصير لأن البواري ليست للمسجد حقيقة وما تحتها مسجد حقيقة فإن لم يكن فيه بواري يدفنها في التراب أو تحت الحصير ولا يتركها على وجه الأرض ولا يبزق على أساطين المسجد ولا على حيطانه من الداخل إلى القبلة أو غيرها ويكره مسح الرجل من طين والردغة باسطوانة المسجد أو بحائطه ولو مسح بقطعة حصير ملقاة في المسجد لا يصلى عليها فالأولى أن يفعل ذلك وإن فعل فلا بأس به وإن مسح بتراب في المسجد إن كان ذلك التراب مجموعاً في ناحية غير منبسط لا بأس به وإن كان منبسطاً مفروشاً يكره لأنه بمنزلة أرض المسجد وإن مسح بخشبة موضوعة في المسجد لا بأس به لأن الخشبة ليست من المسجد وإن كان في المسجد عش خطاف لا بأس بأن يرمى بها تنزيهاً للمسجد ولا يحفر في المسجد بئر ماء لأنه لو حفر يدخل فيه النسوان والصبيان فيذهب حرمة المسجد ومهابته ولو كان البئر قديما يترك كبير زمزم وإن حفر في المسجد بئر فتلف فيه شيء إن حفر أهل المسجد أو رجل آخر بإذن أهله لا يضمن الحافر وإن حفر بغير إذن أهل المسجد يضمن المسجد ما تلف فيه سواء كان البئر يضر بالمسجد أو لا يضر كما لو حفر بئراً في ملك الغير بغير إذنه وكما لو علق رجل ليس من أهل المسجد قنديلاً أو بسط حصيراً فتلف به إنسان كان ضامناً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويكره غرس الشجر في المسجد لأنه يشبه البيعة ويشغل مكان الصلاة إلا أن يكون منفعة للمسجد بأن كانت الأرض نزة لا تستقر أساطينها فيغرس فيه الشجر لتقل النزة ولا بأس بأن يتخذ في المسجد بيت يوضع فيه الحصير ومتاع المسجد به جرت العادة من غير نكير ولا يجوز أن يتخذ في المسجد طريقاً يمر فيه من غير عذر فإن فعل بعذر جاز ويصلي في كل يوم تحية المسجد مرة واحدة لا في كل مرة ولو تعلق بثياب المصلي شيء من بردى المسجد أو حصيره فأخرجه ولم يتعمد ذلك لا يجب عليه الإعادة لأنه يسير لا يعتبر ويكره أن يخيط في المسجد لأنه أعد للعبادة دون الاكتساب وكذا الوراق والفقيه إذا كتب
<66>باجرة أو معلم إذا علم الصبيان باجرة. وإن فعلوا بغير أجر فلا بأس به وعن محمد بن سلمة رحمه الله تعالى إذا أقعد الرجل في المسجد خياطاً يخيط فيه ويحفظ المسجد عن الصبيان والدواب لا بأس به ولكن لا يدق الثوب دقاً فاحشاً يضر بالمسجد لأن فيه ضرورة ولا بأس بالجلوس في المسجد لغير الصلاة ولكن إذا تلف فيه شيء يضمن وقيل لا بأس للغريب أن ينام في المسجد ويكره الجلوس للمسجد للمصيبة ثلاثة أيام أو أقل وفي غير المسجد يرخص للرجال ثلاثة أيام والترك أولى ويكره اتخاذ الضيافة في المصيبة من التركة إن كان الوارث صغيراً أو كبيراً غائباً ولا بأس للمعتكف أن يبيع ويشتري في المسجد وتكلموا في صلاة الجنازة في المسجد الذي يقام فيه الجماعة قال عامة المشايخ يكرة إلا من عذر أو مطر ونحوه سواء كان الميت والقوم في المسجد أو كان القوم خارج المسجد أو كان الميت خارج المسجد والإمام والقوم في المسجد واختلفوا في وجه واحد ما إذا كان الميت والإمام وبعض القوم خارج المسجد وسائر الناس في المسجد قال بعضهم لا يكره لأن سبب الكراهة إدخال الميت في المسجد أو اختلاف المكانين بين الإمام وبين الميت وبعضهم كرهوا على كل حال لأن عادة السلف جرت لصلاة الجنازة بإعداد موضع على حدة فلو لم يكره ذلك لما أعدوا لها موضعاً على حدة مسجد بني على سور المدينة قالوا لا يصلى فيه لأن السور حق العامة وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كانت البلدة فتحت عنوة وبنوا مسجد بإذن الإمام جازت فيه الصلاة لأن للإمام أن يجعل الطريق مسجداً وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ذكر الناطفي رحمه الله تعالى في الواقعات إذا بني في أرض الخصب مسجد أو حمام أو حانوت لا بأس بالصلاة في المسجد ولا يستأجر الحانوت والحمام ويدخل الحانوت لشراء المتاع أما لصلاة في أرض الغير إن كان لذمي تكره لأنه يأبى ذلك ويتضرر به وإن كانت لمسلم فإن لم تكن مزروعة ولا مكروبة فلا بأس به لأن صاحبها لا يتضرر به وإن كانت مزروعة أو مكروبة فإن كان بينهما صداقة ومودة وكان صاحبها حسن الخلق يرضى بذلك لا بأس به إذا كان لمنزل(1/31)
<67>الرجل مسجدان يذهب إلى مكان أقدم فإن كان سواء يذهب إلى مكان أقرب إلى منزله وإن استويا فهو مخير وإن كان قوم أحدهما أكثر فإن كان فقيهاً يذهب إلى الذي قومه أقل ليكثر الجمع بسبب وإن لم يكن فقيهاً يذهب حيث أحب وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان هو ممن يؤم الناس فكذلك وإن كان ممن يقتدي بغيره يذهب إلى مكان إمامه أصلح وأفقه رجل صلى في المسجد الجامع لكثر الجمع لا يصلي في مسجد حيه فإنه يصلي في مسجد منزله فإن كان قوم أقل ولم يكن في مسجد منزله مؤذن فإنه يذهب إلى مسجد منزله ويؤذن فيه ويصلي وإن كان واحداً لأن لمسجد منزله حقاً عليه فيؤدي حقه مؤذن مسجد لا يحضر مسجده أحد قالوا يؤذن هو ويقيم ويصلي وحده فذلك أحب من أن يصلي في مسجد آخر رجل فاتته الجماعة في مسجد حيه فإن ذهب إلى مسجد أخر وصلى فيه بجماعة فهو حسن وإن صلى في مسجد حيه وحده فهو حسن وإن دخل منزله وصلى به بأهله فهو حسن وإن دخل مسجد ثم أقيم لمسجد أخر لا ينبغي أن يخرج منه حتى يصلي لما جاء في الأخبار عن النبي المختار عليه الصلاة والسلام إذا فات لأحدكم صلاة في مسجده فليصلها في مسجده ولا يتبع المساجد وقيل أن يدخل المسجد له الخيار على الوجه الذي قلنا هذا إذا كان الرجل من عرض الناس فأما إذا كان عالماً أو معروفاً يذهب إلى مسجده ويصلي فيه ويجب أن يكون الجواب على التفصيل إن كان الرجل ممن يحسن القراءة فكذلك وإن كان ممن يلحن في القراءة فالأفضل أن يطلب غيره ويقتدي به وإن فاتته التكبيرة الأولى في مسجد أو ركعة أو ركعتان فالأفضل أن يصلي في مسجده ولا يذهب إلى مسجد آخر لأنه صار محرز فضيلة الجماعة في مسجده فلا يترك حق مسجده ولو افتتح الصلاة ثم أقيم في مسجده قالوا بأنه يقطع الصلاة ويصلي بالجماعة ما لم يصل أكثر الصلاة ولو افتتح الصلاة في منزله ثم سمع الإقامة في مسجده أو في مسجده آخر فإنه يتم الصلاة إذا كان إمام الحي زانياً أو أكل ربا له أن يتحول إلى مسجد آخر رجل بنى مسجداً وجعله لله تعالى فهو أحق الناس بمرمته وعمارته وبسط البواري والحصر والقناديل
<68>والأذان والإقامة والإمامة إن كان أهلاً لذلك وإن لم يكن أهلاً فالرأي في ذلك إليه الجبانة ومصلى الجبانة لهما حكم المسجد عند أداء الصلاة حتى يصح الإقتداء وإن لم تكن الصفوف متصلة وليس لها حكم المسجد في حق المرور وحرمة الدخول للجنب وفناء المسجد له حكم المسجد حتى لو قام في فناء المسجد واقتدى بالإمام صح إقتدائه وإن لم تكن الصفوف متصلة و لا المسجد ملآناً إليه أشار محمد رحمه الله تعالى في باب صلاة الجمعة فقال صح الإقتداء في طاقات المسجد والسدة وإن لم تكن الصفوف متصلة ولا يصح في دار الصيارفة إلا إذا كانت الصفوف متصلة لأن الطاقات بالكوفة متصلة بالمسجد ليس بينها وبين المسجد طريق فلا يشترط فيها اتصال الصفوف فأما دار الصيارفة فمنفصلة عن المسجد بينها وبين المسجد طريق فيشترط فيها اتصال الصفوف فعلى هذا يصح الإقتداء لمن قام على الدكاكين التي تكون على باب المسجد لأنها من فناء المسجد متصلة بالمسجد رجل حفر بئراً في فناء المسجد أو هدم حائط المسجد فإنه يؤمر بالتسوية ولا يقضي بالنقصان وكذا لو حفر بئراً في فناء قوم يؤمر بالتسوية ولو هدم حائطاً لدار رجل ملكاً له أو حفر بئراً فيها يضمن النقصان قوم صلوا في الصحراء بجماعة ووسط الصفوف موضع مقدار حوض أو فارقين لم يقم فيه أحد جازت صلاتهم إن كانت الصفوف حوالي ذلك الموضع متصلة لأن الصفوف إذا كانت متصلة وراء ذلك الموضع يكون الكل في حكم مسجد واحد دار فيها مسجد إن كان الدار إذا أغلقت كان للمسجد جماعة ممن كان في الدار فهو في حكم مسجد جماعة يثبت فيه أحكام المسجد من حرمة البيع وحرمة الدخول للجنب إذا كانوا لا يمنعون الناس من الصلاة فيه وإن كانت الدار إن أغلقت لم يكن فيها جماعة إذا افتتح بابها كان لها جماعة فليس هذا مسجد جماعة وإن كانوا لا يمنعون الناس عن الصلاة فيه ولا بأس بأن يترك سراج المسجد في المسجد إلى ثلث الليل ولا يترك أكثر من ذلك إلا إذا شرط الواقف ذلك أو كان ذلك معتاداً في ذلك الموضع ويجوز أن يدرس الكتاب بضوئه قبل الصلاة وبعدها ما دام الناس يصلون فيه مسجد
<69>ليس له مؤذن وإمام معلوم يصلي فيه الناس فوجاً فوجاً بجماعة الأفضل أن يصلي فيه كل فريق بأذان وإقامة على حدة مسجد كبير مر رجل بين يدي المصلي في أي مقدر يكره المرور فيه ولا يكره حكى رجل عن أبي نصر محمد بن سلام أنه قدر بخمسين ذراعا ًفيما دون ذلك يكره وقال غيره في مقدار ما يكون بين الصف الأول والحائط الذي عليه المحراب يكره وفيما وراء ذلك لا يكره وبقية مسائل المسجد تأتي في كتاب الوقف إن شاء الله تعالى(1/32)
(كتاب الصلاة) باب الأذان الأذان سنة لأداء المكتوبة بالجماعة عرف ذلك بالسنة وإجماع الأمة وأنه من شعائر الإسلام حتى لو امتنع أهل مصر أو قرية أو محلة أجبرهم الإمام فإن لم يفعلوا قاتلهم وأهلية الأذان تعتمد معرفة القبلة والعلم بمواقيت الصلاة لأن السنة في الأذان استقبال القبلة ابتداءً وانتهاءً فيحتاج إلى معرفة القبلة والأذان شرع لإحضار الناس إلى المسجد لأداء الصلاة وإعلامهم بدخول وقت الصلاة وإباحة الإفطار وحرمة الأسحار فإذا لم يعرف الوقت يكون أذانه سبباً للفتنة قال رضي الله تعالى عنه فجعلت الباب على فصلين فصل في معرفة القبلة فصل في معرفة مواقيت الصلاة وذكرت مسائل اشتباه القبلة ومسائل الأذان بعدهما أما الأول اتفقوا على أن القبلة في حق من كان بمكة عين الكعبة ويلزمه التوجه إلى عينها ثم تعين لكل قوم منها مقام فلأهل الشام الركن الشامي ولأهل المدينة موضع الحطيم والميزاب ولأهل الهند ما بين الركن اليماني إلى الحجر ولأهل خراسان والمشرق الباب ومقام إبراهيم واختلفوا في قبلة من هو خارج عن مكة قال أبو عبد الله الجرجاني عليه التوجه إلى عين الكعبة وقال غيره من المشايخ عليه التوجه إلى جهة الكعبة وجهة الكعبة تعرف بالدليل والدليل في الأمصار والقرى المحاريب التي نصبها الصحابة والتابعون رضي الله تعالى عنهم فحين فتحوا العراق جعلوا قبلة أهلها ما بين المشرق والمغرب لذلك قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن كان بالعراق جعل المغرب عن يمينة والمشرق عن يساره وهكذا قال محمد رحمه الله تعالى وإنما قال لذلك لقول عمر رضي الله
<70>تعالى عنه إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة لأهل العراق وحين فتح خراسان جعلوا قبلة أهلها ما بين مغرب الصيف ومغرب الشتاء فعلينا اتباعهم واتباعهم في استقبال المحاريب المنصوبة فإن لم تكن فالسؤال عن الأهل أما في البحار والمفاوز فدليل القبلة النجوم لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال تعلموا من النجوم ما تهتدون به إلى القبلة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال في قبلة أهل الري اجعل الجدي على منكبك الأيمن واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيما سوى ذلك من الأمصار وقال بعضهم إذا جعلت بنات نعش الصغرى على أذنك اليمنى وانحرفت قليلاً إلى شمالك فتلك القبلة وقال بعضهم إذا جعلت الجدي خلف أذنك اليمنى فتلك القبلة عن عبد الله بن مبارك وأبي مطيع وأبي معاذ وسلم بن سالم وعلي بن يوسف رحمهم الله تعالى أنهم قالوا قبلتنا العقرب وعن بعضهم إذا كانت الشمس في برج الجوزاء ففي آخر وقت الظهر إذا استقبلت الشمس بوجهك فتلك القبلة عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أنه قال إذا قمت مستقبل المغارب في وقت العشاء الأخيرة يكون فوق رأسك نجمان مضيآن هما بموضع زوال الشمس من رأسك وهما متقابلان فالذي عن يمينك يقال له النسر الواقع والذي عن يسارك يقال له النسر الطائر وهو أسرعهما سقوطاً فإذا سقط الذي عن يمينك فبسقوطه يكون بحذاء منكبك الأيمن وإذا سقط النسر الطائر كان سقوط في وجهك بحذاء عينك اليمنى فالقبلة ما بينهما قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى قبلة بخارا هي على قبلتنا وعن القاضي الإمام صدر الإسلام ما هو قريب من هذا فإنه قال القبلة ما بين النسرين النسر الواقع هو الذي يسميه الناس في ديارنا سبايه وهو عند نضج العنب في ديارنا وقت العشاء الأخيرة يكون حذاء رؤوسنا وبين النسر الواقع والنسر الطائر قريب من عشرين ذراعاً في مرأى العين فإذا مر على رأسك تكون القبلة بينهما وعن الشيخ الإمام أبي منصور الماتريدي رحمه الله تعالى قال إذا أردت معرفة القبلة فانظر إلى مغرب الشمس في أطول أيام السنة واجعل لذلك علامة ثم انظر(1/33)
<71>إلى مغرب الشمس في أقصر أيام السنة واجعل لذلك علامة ثم دع الثلثين عن يمينك والثلث عن يسارك فالقبلة عند ذلك وهذه الأقاويل بعضها قريب من بعض وأقربها إلى المقصود قال الفقيه أبو جعفر والقاضي الإمام صدر الإسلام رحمهما لله تعالى رجل اشتبهت عليه القبلة فأخبره رجلان أن القبلة إلى هذا الجانب وهو يتحرى إلى جانب آخر فإن لم يكونا من أهل ذلك الموضع لم يلتف إلى كلامها لأنهما يقولان عن الاجتهاد فلا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وإن كانا من أهل ذلك الموضع فعليه أن يأخذ بقولهما ولا يجوز له أن يخالفها لأن أهل الموضع يكون أعرف بقبلته من غيره عادة فكان خبرهما عن علم رجل دخل في الصلاة بالتحري واجتهاده كان خطأ ولم يعلم بذلك ثم علم بالصلاة فحول وجهه إلى القبلة فجاء رجل قد علم بحاله الأول ودخل في صلاته فصلاة الأول جائزة وصلاة الداخل فاسدة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن يجوز صلاة الداخل أيضاً الأعمى إذا صلى ركعة إلى غير القبلة فجاء رجل فحوله إلى القبلة واقتدى به فهو على وجهين إن كان الأعمى حين افتتح الصلاة وجد من يسأله عن القبلة فلم يسأله فسدت صلاة الإمام والمقتدي وإن لم يجد الأعمى من يسأله جازت صلاة الإمام وفسدت صلاة المقتدي لأن المقتدي زعم أنه بنى صلاته على صلاة كان أولها إلى غير القبلة رجل صلى إلى غير القبلة متعمداً روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن يكفر وإن أصاب القبلة وبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وكذا إذا صلى في الثوب النجس أو بغير طهارة وبعض المشايخ قالوا إن فعل ذلك بتأويل قوله تعالى {فأينما تولوا فثم وجه الله} لا يكون كافراً وقال مشايخ بخارا منهم القاضي الإمام أبو علي السغدي وشمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إذا صلى إلى غير القبلة لا يكفر وكذا إذا صلى بالثوب النجس لأن الصلاة إلى غير القبلة جائزة حالة الاختيار وهو التطوع على الدابة ومن العلماء من جوز الصلاة في الثوب النجس فلا يحكم بكفره أما إذا صلى بغير الطهارة متعمداً فإنه يصير كافراً وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى يكون زنديقاً لأن أحداً لم يجوز الصلاة بغير طهارة فيكون استخفافاً بالله
<72>تعالى صلى في المسجد في ليلة مظلمة بالتحري ثم تبين أنه صلى بغير القبلة جازت صلاته لأنه ليس عليه أن يقرع أبواب الناس للسؤال عن القبلة ولا يعرف القبلة بمس الجدران والحيطان لأن الحوائط لو كانت منقوشة لا يمكنه تمييز المحراب من غيره وعسى يكون ثمة هامة تؤذيه فجاز له التحري المصلي إذا نوى مقام إبراهيم ولم ينو الكعبة تكلموا فيه قال الفقيه أبو أحمد العياضي إن لم يكن الرجل أتى مكة أجزأه لأن عنده المقام والبيت واحد وإن كان أتى مكة لا يجوز له لأنه عرف أن المقام غير البيت فلا تجوز صلاته إلا أن يريد به الجهة فحينئذ تجوز صلاته ولو نوى أن قبلته محراب مسجده لا تجوز صلاته لأن المحراب ليس بقبلة بل هو علامة وقوله وجهت وجهي للصلاة لا ينوب عن نية القبلة بعض مسائل النية يأتي في باب افتتاح الصلاة إن شاء الله تعالى وأما معرفة الأوقات فأول وقت الفجر حين يطلع الفجر المستطير الفجر فجران سمى العرب الأول كاذباً وهو البياض الذي يبدو كذنب السرحان ويعقبه ظلام لا يخرج به وقت العشاء ولا يثبت به شيء من أحكام النهار والثاني هو البياض الذي يستطير ويعترض في الأفق لا يزال يزداد حتى ينتشر سمي مستطيراً لذلك يثبت به أحكام النهار من حرمة الطعام والشراب للصائم وجواز أداء الفجر وآخر وقت الفجر حين تطلع الشمس وأما وقت الظهر اتفقوا على أن أول وقت الظهر حين تزول الشمس واختلفوا في آخر وقت الظهر قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى آخر وقت الظهر حين صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وقال صاحبهاه رحمهما الله تعالى حين صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وطريق معرفة الزوال وفيء الزوال أن تغرز خشبة مستوية في الأرض مستوية فما دام الظل في الانتقاص فالشمس في حد الارتفاع فإذا أخذ الظل في الازدياد علم أن الشمس قد زالت فاجعل على رأس الظل علامة فمن موضع العلامة إلى الخشبة يكون فيء الزوال فإذا زاد على ذلك وصارت الزيادة مثل ظل أصلي العود سوى فيء الزوال يخرج وقت الظهر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما إذا صارت الزيادة مثل العود سوى فيء(1/34)
<73> الزوال يخرج وقت الظهر وعن محمد رحمه الله تعالى أنه جعل لمعرفة زوال الشمس طريقاً آخر وهو أن يقوم الرجل مستقبل القبلة فما دامت الشمس على حاجبه الأيسر فالشمس وإذا صارت على حاجبة الأيمن علم أن الشمس قد زالت وأول وقت العصر حين يخرج وقت الظهر على الاختلاف وآخر وقتها حين تغرب الشمس ويكره التأخير إلى تغير الشمس واختلفوا في ذلك التغير قال بعضهم هو التغير في ضوء الشمس الذي على رأس الحيطان ورأس الجبال والأشجار وقال بعضهم هو التغير في قرصها وإنما يعرف التغير في قرصها أن ينظر إلى قرصها إن أمكنه أن ينظر إلى قرصها ولم تحر عيناه علم أن الشمس قد تغيرت وإن لم يمكنه النظر علم أن الشمس لم تتغير وأول وقت المغرب حين تغرب الشمس وآخرها حين يغيب الشفق وقال الشافعي رحمه الله تعالى وقتها مقدار ما يتمكن فيه من أداء ثلاث ركعات حتى لو تمكن بعد غروب الشمس من أداء ثلاث ركعات ولم يصل فيه ثم صلى بعده كان قاضياً لا مودياً وأول وقت العشاء حين يغيب الشفق لا خلاف فيه إنما اختلفوا في الشفق قال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى هي الحمرة وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى هو البياض الذي يلي الحمرة حتى لو صلى العشاء بعد ما غابت الحمرة ولم يغب البياض المعترض الذي يكون بعد الحمرة لا تجوز عنده ثم تأخير العشاء إلى ثلث الليل مستحب وإلى نصف الليل مستحب وإلى نصف الليل مباح وإلى آخر الليل مكروه والأفضل في صلاة الفجر التنوير عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى التغليس أفضل فعنده التعجيل بالأداء في أول الوقت في سائر الصلاة أفضل وقال الطحاوي رحمه الله تعالى في صلاة الفجر يبدأ بالتغليس ويختم بالتنوير إذا كان يريد إطالة القراءة وإن كان لا يريد فالتنوير أفضل أجمعوا على أن المستحب في صلاة الفجر بالمزدلفة هو التغليس وحد التنوير ما قال شمس الأئمة الحلواني والقاضي الإمام أبو علي النسفي رحمهما الله تعالى أنه يبدأ بالصلاة بعد انتشار البياض في وقت لو صلى الفجر بقراءة مسنونة ما بين أربعين آية إلى ستين آية أو أكثر ويرتل القراءة فإذا فرغ من الصلاة لو ظهر له سهو
<74>في طهارته يمكنه أن يتوضأ ويعيد الصلاة قبل طلوع الشمس كما فعل أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما ويؤخر الظهر في الصيف ويعجل في الشتاء ويؤخر العصر في الصيف والشتاء جميعاً ويعجل المغرب في الصيف والشتاء جميعاً ويعجل العشاء في الصيف ويؤخر في الشتاء إلى ثلث الليل لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله تعالى عنه أخر العشاء في الشتاء فإن الليل فيه طويل وعجل في الصيف فإن الليل فيه قصير هذا إذا كانت السماء مصيحة فإن كانت متغيمة يؤخر الفجر والظهر والمغرب ويعجل العصر والعشاء ووقت الوتر من حين يصلي العشاء إلى طلوع الفجر والأفضل أن يصليها في آخر الليل إذا كان يثق من نفسه أنه يستيقظ في آخر الليل وإن كان لا يثق فالأفضل أن يصليها في أول الليل وإن أوتر قبل العشاء متعمداً لا يجوز وإن صلى العشاء على غير وضوء ثم استيقظ في السحر فأوتر فلما فرغ من الوتر ذكر أنه صلى العشاء على غير وضوء فإنه يعيد العشاء ولا يعيد الوتر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويجوز قضاء الفوائت في أي وقت شاء إلا في التطوع ولا تجوز المكتوبة ولا صلاة الجنازة ولا سجدة التلاوة إذا طلعت الشمس حتى ترتفع وعند الانتصاف إلى أن تزول الشمس وعند احمرار الشمس إلى أن تغيب إلا عصر يومه فإنه يجوز أداؤها عند الغروب وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال يجوز التطوع عند انتصاف يوم الجمعة وتسعة أوقات يجوز فيها قضاء الفوائت وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة ولا يجوز فيها نفل لها سبب كالمنذور وركعتي الطواف وتحية المسجد أو لم يكن لها سبب بعد طلوع الفجر قبل صلاة الفجر لا يجوز إلا سنة الفجر وبعد الفريضة قبل طلوع الشمس وبعد صلاة العصر قبل التغير وبعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب وعند الخطبة يوم الجمعة وعند الإقامة يوم الجمعة وعند خطبة العيدين وعند خطبة الكسوف وعند خبطة الاستسقاء ويجوز التطوع قبل العصر واختلفوا في الوقت الذي يباح فيه الصلاة إذا طلعت الشمس قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ما دام الإنسان يقدر على(1/35)
<75>النظر إلى قرص الشمس فهي في الطلوع لا يباح فيه الصلاة وإذا عجز عن النظر يباح فيه الصلاة وذكر في الكتاب إذا طلعت الشمس لا يحل حتى ترتفع قدر رمح أو رمحين ويكره أداء النوافل في هذه الأوقات في سائر الأماكن وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يكره بمكة وإذا افتتح التطوع في الأوقات المكرهة فإنه يقطع ثم يقضي في ظاهر الرواية ولا يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت واحد بعذر ما إلا صلاة الظهر والعصر بعرفة والمغرب والعشاء بمزدلفة فإنه يؤخر الظهر ويعجل العشاء ويصليهما في وقت الظهر ويؤخر المغرب إلى وقت العشاء ويصليهما في وقت العشاء ويجوز عند الشافعي رحمه الله تعالى الجمع بين الصلاة بعذر السفر والمرض والمطر ولا يتطوع قبل المغرب ولا قبل صلاة العيدين في المشهور ويتطوع بعد صلاة العيد ما شاء وعن بعض الصحابة أنهم كانوا يتطوعون قبل صلاة العيد ولا يصلي يوم الجمعة إذا خرج الإمام للخطبة فإن افتتح الأربع قبل الجمعة ثم خرج الإمام ذكر في النوادر أنه إن كان صلى ركعة يضيف إليها أخرى ويخفف القراءة يقرأ بفاتحة الكتاب وشيء من السورة وبه أخذ المشايخ ولم يذكر في النوادر أنه لو صلى ركعتين وقعد على رأس الركعتين وقام إلى الثالثة ولم يقيدها بالسجدة حتى خرج الإمام واختلف فيه المشايخ قال بعضهم يعود إلى القعدة ويسلم وقال بعضهم يتمها أربعاً ويخفف القراءة وهكذا إذا شرع في الأربع قبل الظهر ثم أقيمت للظهر وإن كان في الركعة الأولى ولم يقيدها بالسجدة فإنه يتمها ركعتين وإذا سلم على رأس الركعتين حكى عن الشيخ الأمام أبي محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه قال يقضي أربعاً
(مسائل اشتباه القبلة) رجل صلى في الصحراء إلى جهة من غير شك ولا تحر إن تبين أنه أصاب القبلة أو كان أكبر رأيه ذلك أو لم يظهر من حاله شيء حتى ذهب عن ذلك الموضع فصلاته جائزة لأن فعل المسلم محمول على الصحة وكل من قام لأداء الصلاة ويجعل مستقبلاً للقبلة حتى يتبين خلافه وإن تبين أنه أخطأ فصلاته فاسدة وإن شك في القبلة فصلى إلى جهة من غير تحر إن تبين أنه أخطأ القبلة أو أكبر رأيه ذلك أ, لم يتبين من حاله شيء فصلاته فاسدة وإن
<76>تبين أنه أصاب فصلاته جائزة الاستقبال بالطريق الأولى ولو اشتبهت عليه القبلة فصلى ركعة بالتحري فتحول رأيه إلى جهة أخرى وصلى الثانية إلى تلك الجهة هكذا صلى أربع ركعات إلى أربع جهات روى عن محمد رحمه الله تعالى أنه يجوز ولو صلى ركعة بالتحري ثم تحول رأيه إلى جهة أخرى فصلى الركعة الثانية إلى الجهة الثانية ثم تحول رأيه إلى الجهة الأولى اختلف فيه المشايخ رحمهم الله تعالى منهم من قال يتم صلاته إلى الجهة الأولى ومنهم من قال يستقبل الصلاة رجل اشتبهت عليه القبلة بمكة ولم يكن بحضرته من يسأله فصلى بالتحري ثم ظهر أنه أخطأ حكى ابن رستم عن محمد رحمهما الله تعالى أنه لا إعادة عليه وكذا لو كان الاشتباه بالمدينة رجل دخل مسجداً لا محراب له وقبلته مشكلة فصلى بالتحري ثم ظهر أنه أخطأ كان عليه الإعادة لأنه كان قادراً على السؤال من الأهل فلا يجوز له التحري وإن تبين انه أصاب القبلة جازت صلاته لحصول المقصود وصارت هذه المسئلة بمنزلة ما لو شك في القبلة وصلى من غير تحر ثم إذا ظهر أنه أصاب القبلة تجوز صلاته
(مسائل الأذان) إذا أذن قبل الوقت يكره ويعاد في الوقت وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يكره في الفجر في النصف الأخير من الليل ولا يعاد ويكره الأذان مع الجنابة ولا يكره مع الحدث في رواية والإقامة تكره معهما جميعاً خمسة يكره أذانهم إذا أذنوا يعاد الصبي الذي لا يعقل والمرأة والمجنون والسكران والجنب ثلاثة لا يعاد أذانهم المحدث في ظاهر الرواية والقاعد إذا أذن يكره ولا يعاد وكذا الراكب في المصر والسافر إذا أذن راكباً لا يكره وينزل للإقامة ويجوز للمسافر أن يفتتح الأذان على الدابة وإن لم يكن وجهه إلى القبلة خمس خصال ولو وجدت في الأذان أو في الإقامة توجب الاستقبال إذا غشي على المؤذن في الأذان أو في الإقامة يستقبل غيره وكذا إذا مات المؤذن في الأذان أو في الإقامة وكذا إذا سبقه الحدث في الأذان أو في الإقامة فذهبا ليتوضأ يستقبل غيره أو يستقبل هو إذا رجع إذا حضر المؤذن في خلال الأذان أو في الإقامة وعجز عن الإتمام ولم يكن هناك من يلقنه يجب الاستقبال(1/36)
<78>وكذا إذا أذن أخرس في الأذان أو في الإقامة وعجز عن الإتمام يستقبل غيره وينبغي أو يؤذن على المئذنة أو خارج المسجد ولا يؤذن في المسجد جماعة من أهل المسجد أذنو في المسجد على وجه المخافتة بحيث لم يسمع غيرهم ثم حضر قوم من أهل المسجد ولم يعلموا ما صنع الفريق الأول فأذنوا على وجه الجهر والإعلان ثم علموا ما صنع الفريق الأول فلهم أن يصلوا بالجماعة على وجهها ولا عبرة للجماعة الأولى لأنها ما أقيمت على وجه السنة بإظهار الأذان والإقامة فلا يبطل حق الباقين ويكره أداء المكتوبة بالجماعة في المسجد بغير أذان وإقامة لما قلنا ولا يكره في البيوت والكرم وضياع القرى لأن أذان القرية والمصر أذان لهم فإن تركوا الأذان والإقامة جاز وإن أذنوا كان أولى وإن صلوا بجماعة في المفازة إن تركوا الأذان لا يكره قيل لا يترك الأذان أيضاً وليس لغير المكتوبة نحو الوتر وصلاة العيد وصلاة الجنازة وجماعة النساء أذان وإقامة ولا بأس بالتطريب في الأذان وهو تحسين الصوت من غير أن يتغير فإن تغير بلحن أو مد أو ما أشبه ذلك كره وكذلك قراءة القرآن وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إنما يكره ذلك فيما كان من الأذكار أما في قوله حي على الصلاة حي على الفلاح لا بأس فيه بإدخال مد ونحوه المؤذن إذا لم يكن عالماً بأوقات الصلاة قالوا لا يستحق ثواب المؤذنين ولا يحل للمؤذن ولا للإمام أن يأخذ على الأذان الإقامة أجراً فإن لم يشارطهم على شيء لكنهم عرفوا حاجته فجمعوا له في كل وقت شيئاً فهو أحسن يطيب له ذلك ولا يكون أجراً إذا أذن واحد بعد واحد على المنارة يوم الجمعة قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أن الموجب للسعي وترك التجارة هو الأذان الأول ليس للثاني من الحرمة ما يكون للأول ولا ينبغي للمؤذن أن يتكلم في الأذان أو في الإقامة أو يمشي لأنه شبيه بالصلاة فأن تكلم بكلام يسير لا يلزمه الاستقبال وإذا انتهى المؤذن في الإقامة إلى قوله قد قامت الصلاة له الخيار إن شاء أتمها في مكانه وإن شاء مشى إلى مكان الصلاة إماماً كان المؤذن أو لم يكن الأذان خمسة عشر كلمة وآخر الأذان عندنا لا إله إلا الله والإقامة سبعة عشر كلمة
<79>خمسة عشر منها كلمات الأذان وكلمتان منها قوله قد قامت الصلاة مرتين وأذان الفجر في بلادنا سبعة عشر كلمة خمسة عشر منها كلمات الأذان المعروفة وكلمتان قوله الصلاة خير من النوم مرتين وفي الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة وعرفة يؤذن للأولى ويقيم وللثانية لا يؤذن ويكره أن يؤذن في مسجدين ويصلي في أحدهما إذا قدم في أذانه وإقامته شيئاً بأن قال أولاً أشهد أن محمداً رسول الله ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فعليه أن يقول بعد كلمة الشهادة أشهد أن محمداً رسول الله مراعاة للنظم ولو أذن ومكث ساعة ثم أخذ في الإقامة فظن أنها أذان فصنع فيها ما يصنع في الأذان فقيل له هذه إقامة فإنه يستقبل الإقامة من أولها لأن السنة في الإقامة الحدر فإذا ترسل فقد ترك سنة الإقامة وصار كأنه أذن مرتين فإنه لا بأس به ويجوز أذان الأعرابي والأعمى وولد الزنا والعبد وغيرهم أولى ولا بأس بأن يؤذن رجل ويقيم غيره بأذان الأول ويكره إن لم يرض به الأول ومن سمع الأذان فعليه أن يجيب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يجب الأذان فلا صلاة له قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى تكلم الناس في الإجابة قال بعضهم هو الإجابة بالقدم لا باللسان حتى لو أجاب باللسان ولم يمش إلى المسجد لا يكون مجيباً ولو كان حاضراً في المسجد حين سمع الأذان فليس عليه الإجابة وقوله عليه الصلاة والسلام من قال مثل ما يقول المؤذن فله من الأجر كذا فهو كذلك إن قاله نال الثواب الموعود وإن لم يقل لم ينل الثواب الموعود فأما أن يأثم أو يكره له ذلك فلا وإذا أراد الجواب باللسان لنيل الثواب الموعود فكل ما هو ثناء وشهادة يقول ما قاله المؤ…ذن وعند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا بأس بالتثويب في سائر الصلوات الخمس في زماننا وتثويب كل بلدة ما تعارفه أهل تلك البلدة ويجوز تخصيص كل من كان مشغولاً بمصالح المسلمين بزيادة الإعلام ولا ترجيع في الأذان عندنا وصورة الترجيع أن يأتي بالشهادتين مرتين كما هو المعتاد ثم يأتي بهما مرتين إذا سلم الرجل على المؤذن في أذانه أو عطس الرجل وحمد الله تعالى أو سلم على المصلي(1/37)
<80> أو على من يقرأ القرآن أو على الإمام وقت الخطبة ففرغ المؤذن عن الأذان والمصلي عن الصلاة والقارئ عن القراءة هل يلزمهم رد السلام وتشميت العاطس ونحو ذلك روى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن السامع يرد السلام في نفسه ويشمته في قلبه ولا يلزمه شيء من ذلك إذا فرغ عما كان فيه وعن أبي محمد رحمه الله تعالى لا يفعل من ذلك شيئاً في الأذان والصلاة وقراءة القرآن وإذا فرغ عما كان فيه فإنه يرد السلام ويشمته إن كان حاضراً وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يفعل شيئاً من ذلك لا قبل الفراغ ولا بعده وهو الصحيح وأجمعوا على أن المتغوط لا يلزمه رد السلام لا في الحال ولا بعده لأن السلام حرام فلا يوجب الرد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في المجرد إذا عطس الإمام في الخطبة يحمد الله في نفسه ولا يجهر به وإن عطس غيره وحمد الله تعالى لم يشمته وعن محمد رحمه الله تعالى إذا عطس الإمام يحمد الله في نفسه ولا يحرك شفتيه وإذا فرغ من الخطبة يحمد الله بلسانه وإن عطس غيره وحمد الله تعالى فإنه لا يشمته ولو سلم على القاضي أوالمدرس قالوا لا يجب عليه الرد ولا يؤذن بالفارسية ولا بأذان آخر غير العربية فإن علم الناس أنه أذان قيل يجوز ويجوز السلام على من كان في الحمام إذا كان متزراً وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا سلم على المصلي فإن المصلي يرد السلام بعد الفراغ من الصلاة قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى تأويله إذا سلم على المصلي وهو لا يعلم أنه في الصلاة بأن رآه جالساً أو نحو ذلك وسلم عليه فها هنا يرد السلام بعد الفراغ وعلى هذا إذا سلم على المتغوط (باب افتتاح الصلاة) افتتاح الصلاة بعد تقديم طهارة البدن والثوب والمكان وستر العورة يتعلق باستقبال القبلة والنية والتحريمة أما اشتراط نية استقبال القبلة اختلفوا فيه قال بعضهم إن كان يصلي إلى المحراب لا يشترط وإن كان يصلي في الصحراء يشترط فإذا نوى القبلة أو الكعبة أو الجهة جاز أما نية الصلاة أمر لا بد منها والكلام في ذلك في مواضع الأول في أصل النية والثاني في وقتها والثالث في كيفيتها أما أصلها أن يقصد بقلبه فإن قصد
<81> بقلبه وذكر بلسانه كان أفضل وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا بد من الذكر باللسان وأما وقت النية أجمع علماؤنا على أن الأفضل أن تكون مقارنة للشروع ولا يكون شارعاً بنية متأخرة وعن الشيخ الكرخي رحمه الله تعالى أنه يجوز بنية متأخرة عن التحريمة واختلفوا على قوله أنه إلى متى يجوز قال بعضهم إلى انتهاء الثناء وقال بعضهم إلى التعوذ وقال بعضهم إلى أن يركع وقال بعضهم إلى أن يرفع رأسه من الركوع فإن نوى قبل الشروع روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه لو نوى عند الوضوء أنه يصلي الظهر والعصر مع الإمام ولم يشتغل بعد النية بما ليس من جنس الصلاة إلا أنه لما انتهى إلى مكان الصلاة لم تحضره النية جازت صلاته بتلك النية هكذا روي عن أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله تعالى وعن محمد بن سلمة رحمه الله تعالى إذا كان عند الشروع بحيث لو سئل أية صلاة يجبب على البديهة من غير تفكر فهي نية تامة جازت صلاته وإن احتاج إلى تأمل وتفكر لا تجوز وأما كيفية النية لا يخلو إما أن يكون منفرداً أو مقتدياً وكل ذلك على وجهين إما أن يكون مفترضاً أو متنفلاً مؤدياً أو قاضياً فالمتنفل تجوز صلاته بنية الصلاة وكذا التراويح وسائر السنن عند مشايخنا رحمهم الله تعالى وإن كان مفترضاً فإن كان منفرداً لا يكفيه نية الصلاة لأن الفرض مشروع كما أن النفل مشروع فلا يتعين الفرض ولا يكفيه نية الفرض أيضاً لأن الفرض أنواع فلا بد من التعيين فإن نوى فرض الوقت يجوز إلا في الجمعة لأن العلماء اختلفوا في فرض الوقت في هذا اليوم فلا جرم لو كان فرض الوقت عندما لجمعة يجوز وإن لم ينو فرض الوقت في غير الجمعة لا يجوز لأن هذا الوقت كما يقبل ظهر هذا اليوم يقبل ظهر يوم آخر وإن نوى ظهر الوقت أو عصر الوقت ولم ينو عدد الركعات جاز لأنه لما نوى الظهر فقد نوى أعداد الركعات هذا إذا كان يصلي في الوقت فإن صلى بعد خروج الوقت وهو لا يعم بخروج الوقت فنوى الظهر لا يجوز لما قلنا ولو نوى فرض الوقت لا يجوز أيضاً لأن بعد خروج وقت الظهر فرض الوقت يكون العصر فإذا نوى فرض(1/38)
<82> الوقت كان ناوياً للعصر وصلاة الظهر لا يجوز بنية العصر ولو كانت الفوائت كثيرة فاشتغل بالقضاء يحتاج إلى تعيين الظهر والعصر ونحوهما لأن بنية قضاء الفائتة لا يتعين البعض وينوي أيضاً ظهر يوم كذا وعصر يوم كذا لأن عند اجتماع الظهرين في الذمة لا يتعين إحداهما واختلاف الوقت بمنزلة اختلاف السبب واختلاف الصلاة وإذا أراد تسهيل الأمر ينوي أول ظهر عليه وآخر ظهر عليه فإذا نوى الأول فصلى فما يليه يصير أولاً وكذا لو نوى آخر ظهر عليه فصلى فما قبلها يصير آخراً فرق بين الصلاة وبين الصوم في الصوم لو كان عليه قضاء يومين فقضى يوماً ولم يعين يوماً جاز لأن في الصوم سبب واحد وهو الشهر وكان الواجب عليه إكمال العدد أما في الصلاة السبب مختلف وهو الوقت باختلاف السبب يختلف الواجب فلا بد من التعيين لا جرم لو كان عليه قضاء يومين من رمضانين يحتاج إلى التعيين وذكر في المنتقى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى رجل فاتته عصر يوم فقضى أربعاً عما كان عليه وهو يرى أن عليه الظهر لا يجوز بمنزلة ما لو صلى أربعاً قضاء عما عليه وقد جهل الصلاة التي عليه لم يجز حتى ينويها ويعينها ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى رجل فاتته صلاة من يوم وليلة واشتبه عليه أنها من أية صلاة كانت فإنه يصلي صلاة كل اليوم ليخرج عما عليه رجل افتتح المكتوبة وظن أنها تطوع فصلى على نية التطوع حتى فرغ فالصلاة هي المكتوبة لأن قرن النية بكل جزء من أجزاء الصلاة متعذر فيشترط قران النية بالجزء الأول وكذا لو شرع في التطوع فظن أنها مكتوبة كانت صلاته تطوعاً لما قلنا ولو كبر للتطوع ثم كبر به نوى الفرض يصير شارعاً في الفريضة وكذا المسبوق إذا قام إلى قضاء ما سبق فشك في صلاته فكبر ينوي به الاستقبال يصير خارجاً عما كان فيها لأن حكم صلاة المسبق يخالف حكم صلاة المنفرد لأنه يجوز الاقتداء بالمنفرد ولا يجوز بالمسبوق فكان بمنزلة الفرض مع التطوع وإذا أراد الرجل أن يصلي ظهر يومه وعنده إن وقت الظهر لم يخرج وقد خرج الوقت ونوى ظهر اليوم جاز لأنه لما خرج الوقت تقرر ظهر اليوم في ذمته فإذا نوى ظهر اليوم
<83> فقد نوى ما إلا أنه قضى ما عليه بنية الأداء وقضاء ما عليه بنية الأداء ألا ترى أن الأسير إذا اشتبه عليه رمضان فتحرى شهر أو صام فوقع صومه بعد رمضان جاز فهذا قضاء بنية الأداء وإن وقع صومه قبل رمضان لا يكون قضاء ولا يكون أداء هذا إذا كان منفرداً فإن كان إماماً فهو بمنزلة المنفرد ولو كان مقتدياً فالمقتدي ينوي ما ينوي المنفرد وينوي الاقتداء أيضاًً لأن الاقتداء لا يجوز بدون النية فإذا نوى الاقتداء ولم يعين الصلاة لا يجوز لأن الاقتداء بالإمام كما يكون في الفرض يكون في النفل وقال بعضهم يجوز وكذا لو قال نويت أن أصلي مع الإمام وذكر في باب الحدث إذا اقتدى بالإمام ينوي صلاة الإمام ولا يعلم أن الإمام في أية صلاة في الظهر أو في الجمعة أجزأه أيتهما كانت لأنه نوى الدخول في صلاة الإمام مقتدياً به فيصير شارعاً في صلاته ولو نوى الاقتداء بالإمام ولم ينو صلاة الإمام لكنه نوى الظهر فإذا هي الجمعة فإنه لا يجوز لأن اختلاف الفرضين يمنع الاقتداء ولو لم ينو الابتداء لكنه نوى صلاة الإمام أو نوى فرض الإمام لا يصح اقتداؤه إلا أن ينوي فرض الإمام مقتدياً به أو ينوي الشروع في صلاة الإمام لأنه لما نوى الشروع في صلاة الإمام صار كأنه نوى فرض الإمام مقتدياً به وقال بعضهم إذا نوى الشروع في صلاة الإمام لا يكون مقتدياً به وقال بعضهم إذا انتظر تكبيرة الإمام فكبر مع الإمام يجوز ويكون مقتدياً به والأحسن أن يقول نويت أن أصلي مع الإمام ما يصلي الإمام ولو نوى الجمعة ولم ينو الاقتداء بالإمام اختلفوا فيه بعضهم جوزوا ذلك لأن الجمعة لا تكون إلا مع الإمام ولو نوى الاقتداء بالإمام في صلاة الجمعة ونوى الظهر والجمعة جميعاً بعضهم جوزوا ذلك ورجحوا نية الجمعة بحكم الاقتداء ولو نوى الاقتداء بالإمام ولم يخطر بباله أن زيد أو عمرو جاز اقتداؤه ولو نوى الاقتداء بالإمام وهو يرى أنه زيد فإذا هو عمرو صح اقتداؤه لأن العبرة بما نوى لا لما رأى وهو قد نوى الاقتداء بالإمام ولو قال اقتديت بزيد أو نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو لا يصح اقتداؤه لأن العبرة لما نوى وهو نوى الاقتداء بزيد هذا كما هو في الصوم لو قال نويت أن أقضي صوم الخميس(1/39)
<84> فإذا عليه صوم يوم آخر لا يجوز ولو نوى قضاء ما عليه من الصوم وهو يرى أن صوم يوم الخميس فإذا عليه صوم يوم آخر جاز ولو نوى الشروع في صلاة الإمام والإمام لم يشرع بعد وهو يعلم بذلك يصير شارعاً في صلاة الإمام إذا شرع الإمام لأنه ما قصد الشروع في صلاة الإمام للحال إنما قصد الشروع في صلاة الإمام إذا شرع الإمام ولو نوى الشروع في صلاة الإمام على ظن أن الإمام قد شرع ولم يشرع الإمام بعد فقد اختلفوا فيه قال بعضهم لا يجوز ولو كان المقتدي يرى شخص الإمام قال اقتديت بهذا الإمام الذي هو عبد الله وظهر أنه جعفر جاز وكذا لو كان في آخر الصفوف ولا يرى شخص الإمام فقال اقتديت بالإمام الذي هو قائم في المحراب الذي هو عبد الله فإذا هو جعفر جاز أيضاً لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية وينبغي للمقتدي عند كثرة القوم أن لا يعين الإمام ولكن يقول اقتديت بالإمام القائم في هذا المحراب فما يصلي الإمام فأنا أصلي تلك فإذا نوى ذلك جاز وكذا في صلاة الجنازة لا ينبغي أن يعين الميت بأن نوى الصلاة على فلان الميت لأن المقتدي إذا كان بعيداً من الميت يحتمل أن يكون الميت غير ذلك ولكن ينوي الاقتداء مع الإمام في الصلاة على الميت الذي يصلي الإمام عليه المقتدي في النية يحتاج إلى أن ينوي أربعة أشياء ينوي الصلاة ويعين الصلاة وينوي الاقتداء وينوي القبلة والأفضل أن ينوي الاقتداء عند افتتاح الإمام الصلاة فإن نوى الاقتداء به حين وقف الإمام موقف الإمامة جاز عند أكثر المشايخ رحمهم الله تعالى والمنفرد يحتاج إلى ثلاث نيات نية الصلاة لله تعالى وتعيين أية الصلاة وينوي القبلة وفي نية الكعبة ينوي عرمة الكعبة لا البناء فإن نوى الصلاة ولم ينو الصلاة لله تعالى كان شارعاً في النفل لأن المسلم لا يصلي لغير الله تعالى ولو ترك نية أية صلاة لا يجوز في الفرض لما قلنا والإمام ينوي ما ينوي المنفرد لأنه منفرد في حق نفسه ولا يحتاج إلى الإمامة حتى لو نوى أن لا يؤم فلاناً واقتدى به جاز رجل لم يعرف أن الصلوات الخمس فرض على العباد إلا أنه كان يصلي في مواقيتها لا يجوز وعليه قضاؤها لأنه لم ينو الفرض فلا يجوز وكذا لو علم أن منها فريضة
<85> ومنها سنة ولم يعرف الفريضة من السنة ولم ينو الفريضة في الكل لا يجوز المكتوبات وإن نوى الفريضة في الكل لا يجوز وإن كان يعلم أن بعضها فريضة وبعضها سنة فصلى مع الإمام ونوى صلاة الإمام جازت وإن كان يعلم الفرائض من النوافل لكن لا يعلم ما في الصلاة من الفريضة والسنة جازت صلاته لأنه نوى الفرض في صلاته وإن أم هذا الرجل غيره وهو لا يعلم الفرائض من النوافل فصلى ونوى الفرض في الكل جازت صلاته أما صلاة القوم فكل صلاة ليست لها سنة قبلها كصلاة العصر والمغرب والعشاء يجوز صلاة القوم أيضاً وكل صلاة قبلها سنة كصلاة الفجر والظهر لا تجوز صلاة القوم وإذا تمت النية لمن أراد الافتتاح يكبر ويرفع يديه فيصير شارعاً في الصلاة واختلف الناس في وقت الرفع وكيفيته أما وقت الرفع فهو حالة التكبير مقارناً له بدايته عند بدايته وختمه عند ختمه وكيفيته ما قال أبو جعفر رحمه الله تعالى قال يقبض أولاً أصابعه ويضمها فإذا أراد التكبير ينشر أصابعه ولا يفرج بين أصابعه كل التفريج ولا يضمها كل الضم في السجود ويرفع يديه حذاء أذنيه ويمس طرف إبهاميه شحمة أذنيه وأصابعه فوق أذنيه والمرأة ترفع اليد كما يرفع الرجل في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله تعالى ترفع المرأة حذاء منكبيها ويروى في ذلك حديثاً وذلك أقرب إلى الستر ثم تكبيرة الافتتاح عندنا شرط وقال الشافعي رحمه الله تعالى ركن وثمرة الخلاف تظهر في بناء النفل على تحريمة الفرض عندنا يجوز وعنده لا يجوز فإن افتتح الصلاة بالتحميد أو بالتسبيح فقال سبحان الله أو قال الله أجل أو قال الله أعظم أو قال الله أو الرب ولم يزد أو قال لا إله إلا الله أو لا إله غيره أو تبارك الله يصير شارعاً في الصلاة وكذا لو قال اللهم يصير شارعاً عند الفقهاء ولو قال أستغفر الله أو قال اللهم اغفر لي لا يصير شارعاً بما تجرد ثناء ولو قال الكبير أو قال الأكبر قالا لا يصير شارعاً وهذا كله قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أما على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كان(1/40)
<86> يحسن التكبير لا يصير شارعاً إلا بلفظة التكبير ولو قال بالفارسية خداى برزك لست أو قال خداى بزرك أو قال بنام خداى بزرك يصير شارعاً في الصلاة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه لا يصير شارعاً إذا كان يحسن العربية وعلى هذا الخلاف إذا قرأ القرآن في الصلاة بالفارسية عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجوز وإن كان يحسن العربية وعندهما إذا كان يحسن العربية لا يجوز وتفسد صلاته كذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وعلى هذا الخلاف جميع أذكار الصلاة من التشهد والقنوت والدعاء وتسبيحات الركوع والسجود فإن قال بالفارسية يا رب بيامر زمرا إذا كان يحسن العربية تفسد صلاته وعنده لا تفسد وكذا كل ما ليس بعربية كالتركية والزنجية والحبشية والنبطية ويبنى على قراءة القرآن بالفارسية مسائل ثلاثة إحداها هذه والثانية إذا كتب تفسير القرآن بالفارسية عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يكره مسه للحائض والجنب وعلى قول صاحبيه في هذا مشتبه والصحيح أن قولهما كقوله لأنهما يأخذان بالاحتياط والثالثة الأمي إذا تعلم تفسير سورة من القرآن نحو الفاتحة وغيرها من الفارسية عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يخرج من أن يكون أمياً لا تجوز صلاته إلا بقراءة ما يعلم وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لأن قولهما فيمن لا يحسن العربية كقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وحكى شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى عن القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله تعالى في صلاة الجنازة لو دعا الإمام بالفارسية يجوز ويصح اقتداء الناس به في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن وعندهما إذا كان يحسن العربية لا يجوز أن يدعو بالفارسية ولا تجوز صلاته ولا صلاة القوم وإن كان لا يحسن العربية تجوز صلاته واقتداء من يحسن العربية باطل ويصير مصلياً وحده فعلى هذا في المكتوبة إذا كان الإمام لا يحسن العربية واقتدى به من يحسن العربية يجوز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما لا يجوز بمنزلة القارئ إذا اقتدى بالأمي ولو قرأ آية السجدة بالفارسية على
<87> قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجب عليه وعلى من سمعها السجدة علم السامع أنها آية السجدة أو لم يعلم وعلى التالي أن يخبر السامع أنها آية السجدة وعلى قولهما إن كان التالي يحسن العربية لم تكن تلاوة أصلاً وإن كان يحسن فهي تلاوة في حقه أما السامع إن علم أنها آية السجدة يلزمه السجدة وإلا فلا ويكبر المقتدي مع الإمام فإن قال المقتدي الله أكبر وقوله وقع قبل قول الإمام ذلك قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى الأصح أن لا يكون شارعاً عندهم وكذلك لو أدرك الإمام في الركوع فقال الله أكبر إلا أن قوله الله كان في قيامه وقوله أكبر في ركوعه لا يكون شارعاً في الصلاة وأجمعوا على أن المقتدي لو فرغ من قول الله قبل فراغ الإمام عن ذلك لا يكون شارعاً في الصلاة في أظهر الروايات وإذا فرغ من تكبيرة الافتتاح يأتي بالثناء يقول سبحانك اللهم إلخ إماماً كان أو مقتدياً أو منفرداً وإذا كبر المقتدي قبل تكبير الإمام هل يصير شارعاً في صلاة نفسه أشار في الأصل إلى أنه يصير شارعاً وفي رواية النوادر لا يصير شارعاً حتى لو ضحك قهقهة لا تنتقض طهارته قيل ما ذكر في الأصل قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وما ذكر في النوادر قول محمد رحمه الله تعالى ومحمد رحمه الله تعالى يجعل الاقتداء بمن ليس في الصلاة بمنزلة الاقتداء بالحائط أو الحمار وثمة لا يصير شارعاً وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول الحائط والحمار لا يصلح إماماً له أصلاً بخلاف الرجل وكما فرغ من التكبير يضع يده اليمنى على اليسرى تحت السرة وكذلك في تكبيرات العيدين وتكبيرات الجنازة والقنوت ويرسل في القومة بين الركوع والسجود ولا يقول وجهت وجهي للذي إلخ لا قبل الثناء ولا بعده وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا فرغ من التكبير يقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين وفي بعض الروايات وأنا من المسلمين وعند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لو قال ذلك قبل التكبير لإحضار القلب فهو حسن والأفضل في تكبيرة الافتتاح في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن يكون تكبير المقتدي مقارناً لتكبير الإمام وعلى(1/41)
<88> قول صاحبيه يكبر بعد تكبير الإمام فإن كبر مقارناً لتكبير الإمام لا يصير شارعاً في الصلاة في إحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وعل قول محمد رحمه الله تعالى يصير شارعاً واختلفوا في تسليم المقتدي عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يسلم بعد الإمام وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان في رواية يسلم بعد الإمام وفي رواية يسلم مقارناً الإمام قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى المختار أن ينتظر إذا سلم الإمام عن يمينه فيسلم المقتدي عن يمينه وإذا فرغ الإمام عن يساره يسلم المقتدي عن يساره فإن لم يكبر المقتدي مع الإمام وكير قبل فراغ الإمام من قراءة الفاتحة كان محرزاً ثواب تكبيرة الافتتاح ولا يقول في الثناء جل ثناؤك ولو أدرك المقتدي الإمام في الركوع فإنه يكبر للافتتاح قائماً ويترك الثناء ويكبر ويركع وإن أدرك الإمام في السجود فإنه يكبر للافتتاح قائماً ويأتي بالثناء ثم يكبر ويسجد وكذا لو أدرك الإماء في القعدة ولو أدرك الإمام بعدما اشتغل بالقراءة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل لا يأتي بالثناء يل يستمع وقال غيره يأتي بالثناء قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان الإمام يجهر بالقراءة لا يأتي بالثناء ولو كان يسر بالقراءة يأتي الثناء ولو أن المسبوق لم يأت بالثناء في أول الصلاة فقام إلى قضاء ما سبق ذكر في الكيسانيات أنه يأتي بالثناء عند محمد رحمه الله تعالى ولم يذكر فيه خلافاً وبعد الفراغ من الثناء يتعوذ إماماً كان أو منفرداً ولا يتعوذ إن كان مقتدياً في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى والمسبوق إذا قام إلى قضاء ما سبق قالوا إن تعوذ كان حسناً والمختار في التعوذ هو اللفظ المنقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى المختار قوله أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ليكون موافقاً لكتاب الله تعالى وهو قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يشرع في القراءة إماماً كان أو منفرداً وإن كان مقتدياً لا يقرأ وإن كان الإمام أمياً لا يصح اقتداء القارئ به والله أعلم (فصل فيمن يصح الإقتداء به وفيمن لا يصح) لا يصح الإقتداء بالمرأة
<89>ولا بالمجنون المطبق فإن كان يجن ويفسق يصح الإقتداء في زمان الإفاقة ولا يصح بالسكران وعلى قول أئمة بلخ رحمهم الله تعالى يصح الإقتداء بالصبيان في التراويح والسنن المطلقة ولا يصح إقتداء القارئ بالأمي ولا بالأخرس ولو صلى الأمي وحده وبجنبه قارئ يصلي تلك الصلاة لا يجوز صلاة الأمي وإن لم يكن القارئ في الصلاة جازت صلاة الأمي ولا يصح إقتداء الأمي بالأخرس ويصح إقتداء الأخرس بالأمي الأمي إذا اقتدى بالقارئ فتعلم سورة في وسط الصلاة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته لأن صلاته كانت بقراءة وقال غيره تفسد صلاته لأنه يقوى حاله ولا يصح اقتداء الكاسي بالعاري ولا اقتداء الصحيح بصاحب العذر ولا اقتداء المسافر بالمقيم بعد خروج الوقت ويصح اقتداء المقيم بالمسافر في الوقت وبعده وكذا المقيم إذا صلى ركعتين من العصر فغربت الشمس فجاء مسافر واقتدى به في هذا العصر لا يصح إقتداؤه ولا يصح اقتداء الراكع والساجد بالمومي وصح اقتداء القارئ بالقاعد الذي يركع ويسجد ولا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل وعلى القلب يجوز ولا يجوز اقتداء المفترض بالمفترض الآخر عند اختلاف الفرضين بأن كان أحدهما يصلي الظهر والآخر يصلي العصر وكذا صاحب الظهر إذا أم لأصحاب الجمعة والقوم يصلون الظهر وكذا ظهر الأمس وظهر اليوم لأنهما فرضان مختلفان واختلاف الزمانين بمنزلة اختلاف الفرضين يأتي ذلك بعد هذا إن شاء الله تعالى ولو نذر الرجل أن يصلي ركعتين ونذر الرجل الآخر أن يصلي ركعتين ثم اقتدى أحدهما بالآخر لا يجوز ولو نذر أن يصلي ركعتين فقال رجل آخر علي أن أصلي تيك الركعتين المنذورتين ثم اقتدى أحدهما بالآخر جاز ولو نذر الرجل أن يصلي ركعتين ورجل آخر حلف وقال والله لأصلين ركعتين فاقتدى الحالف بالناذر جاز ولو اقتدى الناذر بالحالف لا يصح ولو أن رجلين طاف كل واحد منهما أسبوعاً فاقتدى أحدهما بالآخر في ركعتين الطواف لا يصح اقتداؤه بمنزلة اقتداء الناذر بالناذر ولو حلف رجلان كل واحد منهما أن يصلي(1/42)
<90>ركعتين فاقتدى أحدهما بالآخر صح بمنزلة اقتداء المتطوع بالمتطوع ولو أن حنفي المذهب اقتدى في الوتر بمن يرى مذهب أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى صح اقتداؤه لأن كل واحد منهما يحتاج إلى نية الوتر فلم يختلف بينهما رجل شرع في ركعتين تطوعاً ثم أفسد فاقتدى أحدهما بالآخر في القضاء لا يجوز وكذا لو اقتدى أحدهما برجل يصلي منذورة ولو أن قوماً افتتحوا التطوع مع الإمام ثم أفسدوا فاقتدوا بالإمام في قضاء تلك الصلاة أو اقتدى بعض القوم بالبعض صح اقتداؤهم ويجوز اقتداء المتوضئ بالمتيمم في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى ويجوز اقتداء ماسح الخف بماسح الخف وكذا اقتداء الغاسل بالماسح وصاحب الجرح بمثله ولا يجوز اقتداء المسبوق في قضاء ما سبق بمثله ولا اقتداء اللاحق بمثله وإمامة المفتصد لغيره وقد مر هذا أنه إذا كان يأمن من خروج الدم يجوز وتجوز إمامة الأحدب للقائم بمنزلة اقتداء القائم بالقاعد ولا يصح اقتداء النازل بالراكب (إمامة الألثغ لغير الألثغ) ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل أنها تصح لأن ما يقول صارت لغة له وقال غيره لا تصح وصلاة الإمام في هذه المسائل جائزة إلا إذا كان الإمام أمياً واقتدى به القارئ فإن صلاة الأمي لا تجوز وكذا الأخرس إذا اقتدى به الأمي فإنه لا تجوز صلاة الأخرس أيضاً وفي كل موضع لا يجوز الاقتداء هل يصير المقتدي شارعاً في صلاة نفسه في رواية باب الحدث لا يصير شارعاً وكذا في رواية الزيادات حتى لو ضحك قهقهة لا تنتقض طهارته وفي رواية باب الأذان يصير شارعاً قيل ما ذكر في باب الحدث قول محمد رحمه الله تعالى وما ذكر في باب الأذان قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى بناء على أن فساد الجهة يوجب فساد التحريمة في قول محمد رحمه الله تعالى وعلى قولهما لا يوجب والقارئ إذا اقتدى بالأمي ذكر الكرخي أنه يصير شارعاً في الصلاة ثم إذا جاء أوان القراءة تفسد صلاته وقال غيره لا يصير شارعاً في الصلاة أصلاً مسافر شرع في قضاء
<91> الفائتة فجاء مقيم عليه تلك الفائتة واقتدى بالمسافر ثم سبق الإمام الحدث فذهب ليتوضأ وبقي المقيم منفرداً قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى فسدت صلاة المقيم لأنه خلى مكان الإمام من الإمام ولا يصير شارعاً هذا المقيم إماماً للمسافر لأنه لا يصلح إماماً للمسافر في قضاء الفائتة وأما صلاة المسافر ينظر إذا كان استخلف المقيم فسدت صلاته وإن لم يستخلف لأن استخلافه بمنزلة استخلاف المرأة نظير للمسئلة الرجل إذا أم نساء فسبقه الحدث فذهب ليتوضأ ولم يستخلف امرأة فسدت صلاة النساء ولم تفسد صلاة الرجل ولو أن الرجل الذي أم النساء أحدث ولم يستخلف واحدة منهن قبل خروج الإمام عن المسجد ذكر في النوادر أن صلاة الرجل لم تفسد لأنه لم يرض بإمامتها وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه قال تفسد صلاة الرجل ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى أن شيخنا كان يميل إلى هذا إمام سبقه الحدث في الصلاة فاقتدى به رجل قبل أن يخرج إلى المسجد حكى الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أنه يصح اقتداؤه وأشار محمد رحمه الله تعالى في الأصل إلى هذا ويصح الاقتداء بأهل الأهواء إلا الجمهية والقدرية والرافضي الغالي ومن يقول بخلق القرآن وفي بعض الروايات إلا الخطابية وكذا المشبهة لا تجوز الصلاة خلفهم أما من سواهم يجوز الاقتداء بهم ويكره وكذا الاقتداء بمن كان معروفاً بأكل الربا والفسق مروي ذلك عن أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى لا ينبغي للقوم أن يؤمهم صاحب خصومة في الدين فإن صلى رجل خلفه جاز قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يجوز أن يكون مراد أبي يوسف رحمه الله تعالى الذين يناظرون في دقائق الكلام وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى من طلب الدين بالخصومات فقد تزندق ومن طلب الماء بالكيماء فقد أفلس ومن طلب غريب الحديث فقد كذب وأما الاقتداء بشفعوي المذهب قالوا لا بأس به إذا لم يكن متعصباً ولا شاكاً في إيمانه ولا متحرفاً تحريفاً فاحشاً عن القبلة ولا شك أنه إذا جاوز المغارب كان فاحشاً وأن يكون متوضئاً من الخارج النجس من غير السبيلين(1/43)
<92> ولا يتوضأ بالماء القليل الذي وقعت فيه النجاسة الفاسق إذا كان يؤم وعجز القوم عن منعه تكلم الناس فيه قال بعضهم في صلاة الجمعة يقتدي به ولا يترك الجمعة بإمامته لأن في الجمعة لا يوجد غيره ومن شرائط السنة والجماعة أن يرى الصلاة خلف كل بر وفاجر وأما في غير الجمعة من المكتوبات بسبيل من أن يتحول إلى مسجد آخر ولا يأثم بذلك لأن قصده الصلاة خلف تقي وإذا صلى الرجل خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزاً ثوب الجماعة لما روينا من الحديث لكن لا ينال ثواب من صلى خلف تقي عالم قال عليه الصلاة والسلام من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي من الأنبياء رجلان هما في الفقه والصلاح سواء إلا أن أحدهما أقرأ فقدم أهل المسجد الآخر ولم يقدموا أقرأهما فقد أساؤا ولا يأثمون وكذا إذا قلد القضاء وهو من أهله وغيره أفضل منه وكذا الوالي أما الخليفة فليس لهم أن يولوا الخلافة إلا لأفضلهم وهذا في الخلفاء خاصة وعليه إجماع الأمة وإن اختار بعض القوم لهذا والبعض لهذا فالعبرة لاجتماع الأكثر رجل أم قوماً وهم له كارهون فإن كانت الكراهة لفساد فيه أو لأنهم أحق بالإمامة منه كره له ذلك وإن كان هو أحق بالإمامة لا يكره لأن الجاهل والفاسق يكره العالم والصالح رجل أم قوماً شهراً ثم قال كنت مجوسياً فإنه يجبر على الإسلام ولا يقبل قوله وصلاتهم جائزة وكذا لو قال صليت بكم المدة على غير وضوء وهو ماجن لا يقبل قوله وإن لم يكن كذلك واحتمل أنه قال ذلك على وجه التورع والإحتياط أعادوا صلاتهم العبد إذا قلد عمل ناحية فصلى بهم جازت صلاتهم ولو استقضى فقضى لا يجوز قضاؤه بمنزلة المحدود في القذف إذا صلى بالناس جازت صلاتهم ولو قضى أو شهد لا يجوز ويجوز إمامة الأعرابي والأعمى والعبد وولد الزنا وغيرهم أولى وقد مر في الأذان لا بأس للرجل أن يؤم الناس وعلى يديه تصاوير لأنها مستورة بالثياب وكذا لو صلى وبإصبع خاتم فيه صورة صغيرة أو صلى ومعه دراهم عليها تماثيل لأنها صغيرة المقتدي إذا رأى على ثوب الإمام نجاسة أقل من قدر الدرهم وعنده
<93> أنها مانعة جواز الصلاة وعند الإمام أنها لا تمنع جازت صلاة الإمام ولا تجوز صلاة المقتدي لأنه يعتقد فساد صلاة الإمام وفساد الإقتداء به ولو كان رأى الإمام أن النجاسة قليل تمنع إلا أنه لم يعلم بالنجاسة وفي رأي المقتدي أنها لا تمنع جازت صلاة المقتدي لأنه معتقد جواز صلاة الإمام وصحة الإقتداء به المتنفل إذا اقتدى بمفترض وأحدث الإمام وخرج من المسجد إن استخلف المتنفل فسدت صلاتهما وإن لم يستخلف جاز صلاة الإمام وفسدت صلاة المقتدي وهي ومسئلة النساء سواء وكذا المقيم إذا اقتدى بالمسافر بعد خروج الوقت فأحدث الإمام فهي على هذه الوجوه ويكره أن يكون الإمام في مكان أعلى من القوم وعلى العكس لا يكره ذكر في النوادر وعليه عامة المشايخ رحمهم الله تعالى والارتفاع المكروه يقدر بقامة الوسط ذكره الكرخي رحمه الله تعالى وإن كان بين الإمام والمقتدي طريق إن كان ضيقاً لا تمر فيه العجلة والأوقار لا يمنع الإقتداء وإن كان واسعاً تمر فيه العجلة والأوقار يمنع فإن قام المقتدي في عرض الطريق واقتدى بالإمام جاز ويكره أما الجواز لأنه إذا قام في الطريق لم يبق بينه وبين الإمام طريق تمر به العجلة فإن قام رجل آخر خلف المقتدي وراء الطريق واقتدى به لا يصح اقتداؤه لأن صلاة من قام على الطريق مكروه فصار في حق من خلفه وجوده كعدمه ولو كان على الطريق ثلاثة جازت صلاة من خلفهم لأن الثلاثة صف في بعض الروايات وعند اتصال الصفوف لا يبقى الطريق حائلاً وكذا إذا كان خلفه إثنان على قياس قول أبي يوسف رحمه الله تعالى تجوز صلاة من خلفهما وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا تجوز ولو قام الإمام في الطريق واصطف الناس خلفه في الطريق على طول الطريق إن لم يكن بين الإمام وبين من خلفه في الطريق مقدار ما تمر فيه العجلة جاز صلاتهم وكذا فيما بين الصف الأول والثاني إلى آخر الصفوف ولو كان بين الإمام وبين المقتدين نهر يجري فيه الزوارق يمنع الإقتداء لقوله عليه الصلاة والسلام ليس مع الإمام من كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء والنهر المطلق والطريق المطلق ما يكون كبيراً وحد الكبير ما قلنا وإن(1/44)
<94>كان بينهما حائطاً ذكر في الأصل أنه لا يمنع الإقتداء لما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها والناس بالمسجد يصلون بصلاته وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن الحائط يمنع الإقتداء لما روى عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال من كان بينه وبين الإمام نهر أو حائط أو طريق فليس معه قالوا ما ذكر في الأصل محمول ما إذا كان الحائط قصير السه مقدار العرجة بين الصفين ذراع أو ذراعان كما يكون بين المسجد الصيفي والشتوي وما ذكر في النوادر محمول على ما إذا كان الحائط من الحجر أو المدر أسه أوسع من العرجة بين الصفين فإذا كان الحائط كبيراً وعليه باب مفتوح أو نقب لو أراد الوصول إلى الإمام يمكنه ولا يشتبه حال الإمام بسماع أو رؤيا صح الإقتداء في قولهم وإن كان عليه باب مسدود عليه نقب صغير مثل البنجرة لو أراد الوصول إلى الإمام لا يمكنه لكن لا يشتبه عليه حال الإمام اختلفوا فيه ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى العبرة في هذه الاشتباه حال الإمام وعدم اشتباهه لا لتمكن من الوصول إلى الإمام لأن الإقتداء متابعة ومع الاشتباه لا يمكنه المتابعة والذي أصحح هذا الاختيار ما روينا أن رسول الله صلى الله عليه كان يصلى في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها والناس يصلون بصلاتهم ونحن نعلم أنهم ما كانوا يتمكنون من الوصول إليه في حجرة عائشة رضي الله تعالى عنها ولو قام على سطح المسجد واقتدى بإمام بالمسجد فهو على هذا التفصيل أيضاً إن كان للسطح باب في المسجد ولا يشتبه عليه حال الإمام صح الإقتداء في قولهم وإن لم يكن له باب في المسجد ولكن لا يشتبه عليه حال الإمام صح الإقتداء أيضاً وإن اشتبه عليه حال الإمام لا يصح وكذا لو قام بالمئذنة مقتدياً بإمام بالمسجد وإن قام على الجدار الذي يكون بين داره وبين المسجد ولم يشتبه عليه حال الإمام يصح الإقتداء وإن قام على سطح داره وداره متصلة بالمسجد لا يصح إقتداؤه وإن كان لا يشتبه عليه حال الإمام لأن بين المسجد وبين سطح الدار كثير التخلل فصار المكان مختلفاً أما في البيت مع المسجد لم يتخلل إلا الحائط فلم يختلف المكان عند اتحاد المكان يصح
<95>الإقتداء إلا إذا اشتبه عليه حال الإمام فلو قام خارج المسجد على دكان متصل بالمسجد فقد مر قبل هذا وكذا لو كان في المسجد الجامع نهر يجري إن كان صغيراً لا يمنع وإن كان كبيراً على التفسير الذي ذكرنا يمنع ولو صلى بالناس بالجبانة صلاة العيد جاز صلاتهم وإن كان بين الصفوف فضاء واتساع لأن الجبانة عند قضاء الصلاة لها حكم المسجد وإن اقتدى برجل في الصحراء بينه وبين الإمام مقدار ما لا يمكن الاصطفاف فيه صح الإقتداء وقال بعضهم إن كان بينه وبين الإمام أقل من ثلاثة أذرع لا يمنع الإقتداء قوم صلوا على ظهر ظلة في المسجد وتحتهم وقدامهم نساء أو طريق لا يجوز صلاتهم لأن الطريق وصف النساء مانع من الإقتداء وإن كنّ ثلاثاً في ظاهر الرواية لا تجوز صلاة ثلاثة من الرجال من كل صف إلى آخر الصفوف وتجوز صلاة الباقين وإن كن صفاً واحداً تفسد صلاة الكل وفي بعض الروايات إن كن ثلاثاً فهو صف حتى لا تجوز صلاة الكل وإن كان الذين فوق الظلة بحذائهم من تحتهم نساء جاز صلاة من كان على الظلة لأنه ليس بينهم وبين الإمام نساء ولا محاذاة ههنا لمكان الحائل فلا تفسد صلاتهم كرجل وامرأة صليا صلاة واحدة وبينهما حائط جازت صلاتهما الصلاة على الرفوف التي تكون في المسجد إن كان يجد مكاناً في صحن المسجد يكره وإن كان لا يجد لا يكره إذا ضاق المسجد على القوم لا بأس بأن يقوم الإمام في الطاق لمكان العذر وإن قام من غير عذر كره المقتدي إذا تقدم على إمامه لم تجز صلاته وإن كان المقتدي أطول من الإمام ورأسه عند السجود يقع قبل رأس الإمام جازت صلاته وكذا المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت إن كان قدامها بحذاء قدم الزوج لا تجوز صلاتهما بالجماعة وإن كان قدامها خلف قدم الزوج إلا أنها طويلة تقع رأس المرأة في السجود قبل رأس الزوج جازت صلاتهما لأن العبرة للقدم ألا ترى أن سيد الحرم إذا كان رجلاه خارج الحرم ورأسه في الحرم يحل أخذه وإن كان على العكس لا يحل وكذا إذا كان رأس الإمام وسجوده في الطاق وقدماه خارج الطاق لا يكره وإن كان قدماه في الطاق يكره إذا فرغ الإمام من التشهد فأراد أن يسلم فلما قال السلام(1/45)
<96> اقتدى به رجل قبل أن يقول عليكم لا يكون شارعاً في صلاة الإمام لأن قوله السلام كلام تام ألا ترى أن المصلي إذا أراد أن يسلم على غيره فقال السلام ثم تذكر أنه في الصلاة فسكت فإنه يكون خارجاً عن الصلاة إذا اقتدى بإمام لا يدري أنه مقيم أو مسافر قالوا لا يصح اقتداؤه لأن العلم بحال الإمام شرط أداء الصلاة بالجماعة وكذا تعين الإمام من المقتدي إذا أدرك الإمام في الركوع كعالم يكن شارعاً في الصلاة ألا أن يكون إلى القيام لأن محل تكبيرة الافتتاح هو القيام إذا انتهى إلى الإمام في الركوع فكبر يريد به تكبير الركوع إن كبر وهو قائم جازت صلاته ويكون تكبيره للافتتاح وإن كبر وهو راكع لم تجز لما ذكرنا أن محل تكبيرة الافتتاح هو القيام إذا صلى بالناس في المسجد الجامع في غير يوم الجمعة فقام صف خلف الإمام عند المقصورة وقام صف آخر في آخر المسجد تكلم الناس فيه ذكر الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله تعالى في واقعاته وقال أقرب الأقاويل إلى الصواب أن يقال إن كان الإمام في المقصورة والقوم بسراى خاصة يجوز وكذا لو كان الإمام بمسجد أنبار والناس بسراى خاصة يجوز ولو كان الإمام في المقصورة والقوم بمسجد منارة لا يجوز وكذا في سجدة التلاوة إذا قرأها مرتين مرة في هذا المكان ومرة في ذلك ففي كل موضع يصح الاقتداء لا يتكرر الوجوب وإذا صلوا على الدابة بجماعة جازت صلاة الإمام ومن كان معه على دابته ولا تجوز صلاة غيره في ظاهر الرواية إذا قام الإمام إلى الثالثة قبل أن يفرغ المقتدي من التشهد فإن المقتدي يتم التشهد ثم يقوم وكذا لو سلم الإمام قبل أن يفرغ المقتدي من التشهد فإنه يتم التشهد ولو سلم الإمام قبل أن يفرغ المقتدي من الدعاء الذي يكون بعد التشهد أو قبل أن يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يسلم مع الإمام بخلاف التشهد لأن قراءة التشهد واجبة ولهذا يلزمه السهو بتركه ساهياً بخلاف الدعاء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ولو تكلم الإمام قبل أن يفرغ المقتدي من التشهد فإنه يتم التشهد لأن الكلام بمنزلة السلام وإن أحدث الإمام متعمداً قبل أن يفرغ من التشهد فإنه لا يتم
<97>التشهد ولو رفع الإمام رأسه من الركوع أو السجود قبل أن يسبح المقتدي ثلاثاً تكلموا فيه والصحيح أنه يتابع الإمام لأن متابعة الإمام فرض فلا يتركها بالسنة وقال بعضهم يتم التسبيح ثلاثاً لأن من العلماء من لم يجوز الصلاة ما لم يسبح ثلاثاً ولو ركع الإمام في الوتر قبل أن يفرغ المقتدي من القنوت فإنه يتابع لأن القنوت ليس يؤقت ولا مقدر ولو ركع الإمام في الوتر ولم يقرأ المقتدي من القنوت شيئاً إن خاف فوت الركوع فإنه يركع وإن كان لا يخاف يقنت ثم يركع ولو فرغ المقتدي من التشهد قبل فراغ وذهب أو تكلم جازت صلاته لأن تمام الصلاة متعلق بالقعدة وقد تمت قعدة الإمام في حق المقتدي رجل نسي القنوت ولم يتذكر حتى رفع رأسه من الركوع فإن لا يقنت لأن هذه القومة بين الركوع والسجود ليس لها حكم القيام ويسجد للسهو في آخر الصلاة رجل صلى وحده فجاء قوم واقتدوا به بعد ما صلى الرجل ركعة أو ركعتين ثم سبق الإمام الحدث فتأخر واستخلف واحداً من القوم ولا يدري الإمام الثاني كم صلى الإمام الأول وكم بقي عليه ولا يعرف القوم أيضاً وقد خرج الإمام من المسجد قالوا إن كان الإمام سبقه الحدث وهو قائم فإن الثاني يصلي ركعة ويقعد قدر التشهد ثم يقوم ويتم صلاة نفسه ولا يتابعه القوم في ذلك ولكن يسكن القوم إلى أن يفرغ الإمام الثاني من الصلاة فإذا فرغ قام القوم ويتمون صلاتهم وحداناً لأن الأمر يحتمل أنه كان بقي على الإمام الأول آخر الركعات فحين صلى الثاني تلك الركعة يتم صلاة الإمام فلو اقتدوا به بعد ذلك فيما بقي من صلاة القوم تفسد صلاتهم ولا يشتغلون أيضاً بالقضاء وحداناً قبل أن يفرغ الثاني من صلاته لاحتمال أنه كان على الإمام الأول أكثر من ركعة واحدة فلو اشتغلوا بالقضاء قبل تمام صلاة الإمام الأول تفسد صلاتهم فكان الأقرب إلى الصواب ما قلنا رجل اقتدى بالإمام في المغرب ينوي التطوع فصلى الإمام أربع ركعات وقعد على رأس الثالثة وتابعه المقتدي في ذلك قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى تفسد صلاة المقتدي لأن الرابعة وجبت على المقتدي(1/46)
<98>بالشروع وعلى الإمام بالقيام إليها فصار كرجل أوجب على نفسه أربع ركعات بالنذر واقتدى فيهن بغيره فلا تجوز صلاة المقتدي المقتدي إذا أتى بالركوع والسجود قبل الإمام هذه المسئلة علىخمسة أوجه إما أن أتى بالركوع والسجود قبل الإمام أو بعد الإمام أو أتى بالركوع قبل الإمام وسجد مع الإمام أو أتى بالركوع مع الإمام وسجد قبله أو أتى بالركوع والسجود قبل الإمام ثم يدركه الإمام في آخرهما في الركعات كلها فإن أتى بالركوع والسجود قبل الإمام في الركعات كلها يجب عليه أن يصلي ركعة واحدة بغير قراءة ويتم صلاته لأن الركوع والسجود في الركعة الأولى قبل الإمام لم يقع معتبراً فلما فعل ذلك في الركعة الثانية انتقل الركوع والسجود إلى الركعة الأولى فتصير ركعة تامة وكذا الركوع والسجود في الركعة الثانية ينتقل إلى الثانية فتصير ركعتين وينتقل ما في الرابعة إلى الثالثة فتصير ثلاث ركعات بقيت الرابعة بغير ركوع وسجود فيصلي ركعة بغير قراءة يتم صلاته أما إذا ركع مع إمام وسجد قبله يجب عليه قضاء ركعتين لأنه لما ركع في الأولى مع الإمام اعتبر ركوعه فإذا سجد قبل الإمام لم تعتبر سجوده ثم لما ركع في الثانية مع الإمام وسجد قبله انتقلت السجدة من الثانية إلى الأولى فصارت ركعة وبطلت الركعة الثانية لأنها بقيت قياماً وركوعاً بلا سجود ثم لما ركع في الثالثة مع الإمام وسجد قبله لم تعتبر هذه السجدة فإذا فعل في الرابعة كذلك انتقلت السجدة من الرابعة إلى الثالثة وبطل الركوع في الرابعة فيصير في الحكم ركعتين فيجب عليه قضاء ركعتين بغير قراءة ويتم صلاته وأما إذا ركع قبل الإمام وسجد معه يجب عليه قضاء أربع ركعات بغير قراءة لأن السجود مع الإمام لا يعتبر إذا لم يتقدمه الركوع فيلزمه أربع ركعات وإن أدركه الإمام في الركوع والسجود أخرهما يجوز لأنه أتم بما هو الواجب لكنه يكره وإن ركع بعد الإمام وسجد بعده جازت صلاته وإذا صلى الإمام أربع ركعات وقعد على رأس الرابعة وقام إلى الخامسة ساهياً لا يتابعه المقتدي بل يمكث جالساً فإن عاد الإمام إلى القعدة ولم يقيد الخامسة بالسجدة وسلم سلم معه المعتدي وإن قيد
<99> الخامسة بالسجدة يسلم المقتدي ولا ينتظر الإمام فإن تكلم الإمام بعد ما قيد الخامسة بالسجدة لا يلزمه شيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى زفر رحمه الله تعالى يقضي ركعتين إذا زاد الإمام في صلاته سجدة لا يتابعه المقتدي لأنه خطأ إجماعاً ولا متابعة في الخطأ بخلاف ما إذا ترك الإمام القعدة الأولى في ذوات الأربع فإن المقتدي يتابعه ولا يقعد وكذا لو زاد في تكبيرات العيد يتابعه المقتدي في ذلك إلا إذا جاوز الإمام أقاويل الصحابة وسمع المقتدي التكبير من الإمام فحينئذ لا يتابعه ولو كبر في صلاة الجنازة خمساً ساهياً لا يتابعه المقتدي ولو أن الإمام لم يقعد على رأس الرابعة وقام إلى الخامسة بالسجدة فسدت صلاتهم جميعاً رجل انتهى إلى الإمام بعد ما ركع الإمام ورفع رأسه من الركوع فكبر المقتدي للافتتاح وركع وسجد سجدتين مع الإمام لم يكن المقتدي مدركاً تلك الركعة لما عرف ولا تفسد صلاته وكذا لو أدركه في السجدة الأولى فكبر وركع وسجد سجدتين لم تفسد صلاته بخلاف ما إذا أدرك الإمام بعد ما ركع وسجد سجدة واحدة ورفع رأسه من السجدة فاقتدي به الرجل وركع وسجد سجدتين حيث تفسد صلاته لأن المقتدي إذا شرع في صلاة الإمام بعد ما رفع الإمام رأسه من الركوع قبل أن يسجد أو بعد ما سجد ولم يرفع رأسه من السجدة كان عليه متابعة الإمام في السجدة وإن لم تكن السجدة محسوبة من صلاته فلم يوجد منه الازيادة ركوع فلم تفسد صلاته أما إذا شرع في صلاة الإمام بعد ما رفع الإمام رأسه من السجدة لم يكن عليه متابعة الإمام في السجدة فكان آتيا بزيادة ركوع وسجود وزيادة ركعة تامة في الصلاة موجبة فساداً الصلاة رجل أدرك الإمام في قيام الركعة الأولى وركع مع الإمام ولم يقدر على أن يسجد مع الإمام حتى قام الإمام إلى الثانية وركع المقتدي معه ثانياً وسجد أربع سجدات للركعتين جميعاً كانت السجدتان منها للركعة الأولى ويعيد الركعة الثانية كلها لأنه لما لم يسجد للركعة الأولى حتى ركع ثانياً فإذا سجد للركعة الأولى حتى ركع ثانياً فإذا سجد أربع سجدات فالسجدتان منها التحقتا بأحد الركوعين(1/47)
<100> فارتفض الركوع الآخر فإذا سجد سجدتين والسجدة بدون الركوع لا تعتبر كان عليه قضاء الركعة الثانية المقتدي إذا ركع مع الإمام فتذكر الإمام أنه ترك السورة فعاد إلى القيام والمقتدي كان في آخر الصفوف فظن أن الإمام انحط للسجود فسجد المقتدي سجدتين والإمام في القيام بعد تجوز صلاته مع الإمام ويكون مسبوقاً بركعة لأن الإمام لما عاد إلى القيام ارتفض الركوع الذي أتى به مع الإمام وصار كأنه لم يدرك مع الإمام من الركعة الأولى إلا سجدتين فكان عليه قضاء ركعة ولو كان المقتدي في ركوعه حتى قرأ الإمام السورة وأدرك المقتدي في الركوع جاز ولا يكون مسبوقاً بركعة لأن الإمام شاركه في الركوع وإن قل المقتدي إذا رفع رأسه من السجود قبل الإمام وأطال الإمام السجدة وظن المقتدي أن الإمام في السجدة الثانية فسجد ثانياً وكان الإمام في السجدة الأولى قالوا إن نوى متابعة الإمام أو نوى السجدة التي كان فيها الإمام أو نوى السجدة الأولى جاز وإن نوى المقتدي السجدة الثانية وكان الإمام في الأولى فرفع الإمام رأسه عن السجدة وانحط للسجدة الثانية فقبل أن يضع الإمام جبهته على الأرض للسجدة الثانية رفع المقتدي رأسه عن السجدة الثانية لا تجوز سجدة المقتدي وعليه إعادة تلك السجدة حتى لو لم يعد فسدت صلاته رجل أدرك الإمام في الركوع فإنه يركع ولا يأتي بالثناء في الركوع بل يأتي بالتسبيحات لأن الثناء سنة والتسبيح كذلك والتسبيحات في محلها فيأتي بالتسبيح ولو أدرك الإمام في الركوع في صلاة العيد فإنه يأتي بتكبيرات العيد في الركوع لأن التكبير واجب والتسبيح سنة والاشتغال بالواجب أولى الإمام إذا فرغ من الصلاة يستحب له أن يتحول إلى يمين القبلة وكذا لو أراد أن يتطوع بعد المكتوبة لا يصلي في مكان المكتوبة كيلا يشتبه على القوم ويستحب له أن يتحول إلى يمين القبلة ويصلي في يمين القبلة لأن لليمين فضلاً على اليسار ويمين القبلة ما يكون بحذاء يسار المستقبل ويسار القبلة ما يكون بحذاء يمين المستقبل
(فصل في المسبوق) رجلان سبقا ببعض الصلاة فقاما إلى قضاء ما سبقا واقتدى أحدهما بالآخر فسدت صلاة المقتدي قرأ أو لم يقرأ رجل اقتدي
<101>بالإمام في ذوات الأربعة فأحدث الإمام وقدم هذا الرجل والمقتدي لا يدري أن الإمام كم صلى وكم بقي عليه فإن المقتدي يصلي أربع ركعات ويقعد في كل ركعة احتياطاً إذا ظن الإمام أن عليه سهواً فسجد للسهو وتابعه المسبوق في ذلك ثم علم أن الإمام لم يكن عليه سهو فيه روايتان واختلف المشايخ لاختلاف الروايتين وأشهرهما أن صلاة المسبوق تفسد وقال الشيخ الإمام أبو حفص الكبير رحمه الله تعالى لا تفسد وإن لم يعلم أنه لم يكن سهو على الإمام لم تفسد صلاة المسبوق في قولهم الإمام إذا سبقه الحدث في ذوات الأربع واستخلف مسبوقاً بركعتين فإن المسبوق يصلي ركعتين ويقعد حتى يتم صلاة الإمام ثم يقوم لقضاء ما سبق ولو أن هذا المسبوق صلى ركعتين ولم يقعد فسدت صلاتهم كما لو اقتدى المقيم بالمسافر فأحدث المسافر واستخلف المقيم فصلى المقيم ركعتين ولم يقعد فسدت صلاتهم لأن الخليفة قائم مقام الأول ما لم يفرغ عن صلاة الأول والأول لو ترك هذه القعدة فسدت صلاته فكذا إذا ترك الثاني المسبوق بركعة إذا سلم مع الإمام ساهياً لا يلزمه سجود السهو لأنه مقتدٍ بعد وإن سلم بعد الإمام كان عليه السهو لأنه صار منفرداً المسبوق إذا شك في صلاته بعد ما قام إلى قضاء ما سبق أنه سبق بركعة أو ركعتين فكبر ينوي الاستقبال يصير خارجاً عن الصلاة وكذا المسبوق إذا سلم مع الإمام ناسياً فظن أن ذلك مفسد فكبر ونوى به الاستقبال يصير خارجاً عما كان فيه بخلاف المنفرد إذا شك فكبر ينوي الاستقبال فإنه لا يكون خارجاً لأن صلاة المسبوق تخالف صلاة المنفرد ألا ترى أنه يصح الإقتداء بالمنفرد ولا يصح بالمسبوق ومن كان في صلاة فكبر ينوي صلاة أخرى بأن كان في الفرض فكبر ينوي النفل أو على العكس فإنه يصير خارجاً عما كان فيه إمام صلى بقوم فسبقه الحدث واستخلف رجلاً فتذكر الثاني أنه لم يصل الفجر فسدت صلاة الأول والثاني والقوم ولو أن الإمام الذي سبقه الحدث وخرج من المسجد تذكر فائتة فسجدة صلاته خاصة لأنه لما خرج من المسجد صار كواحد من القوم وإن تذكر الإمام الأول فائتة قبل أن يخرج من المسجد فسدت صلاته وصلاة الثاني وصلاة القوم لأن(1/48)
<102>الإمام الأول ما دام في المسجد فكأنه قائم في المحراب فإذا فسدت صلاته فسدت صلاتهم جميعاً إذا تذكر الإمام فائتة بعد السلام وخلفه مسبوق قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا رواية لها في الكتب وعندي أن صلاة المسبوق لا تفسد كما لو ارتد الإمام بعد السلام وخلفه مسبوق رجل صلى بقوم بصلاة الفجر فسلم واحد من القوم بعد الفراغ من التشهد وأطال الإمام الدعاء وأخر السلام إلى أن طلعت الشمس فسدت صلاة الإمام ولا تفسد صلاة من سبقهم بالسلام وكذا لو تذكر الإمام سجدة تلاوة بعد سلام هذا الرجل فسجد الإمام للتلاوة بعد سلام هذا الرجل أو كانت الصلاة ظهر أو أدرك الإمام الجمعة لا تفسد صلاة من سلم إذا لم يدرك الجمعة وكذا المسبوق بركعة إذا قام لقضاء ركعة بعد سلام الإمام إذا تذكر الإمام سجدة تلاوة وسجد لها لا يفسد صلاة المسبوق إلا إذا تابعه في السجدة إذا صلى الإمام الظهر أربع ركعات وقعد على الرابعة وقام إلى الخامسة ساهياً فجاء إنسان واقتدى به في صلاة الظهر قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يصح اقتداء الرجل لأن الإمام ما يقيد الخامسة بالسجدة يكون في تحريمة تلك الصلاة إذا قام الإمام إلى الخامسة وتابعه المسبوق إن كان الإمام قعد على الرابعة فسدت صلاة المسبوق وإن لم يكن قعد لا تفسد صلاة المسبوق حتى يقيد الخامسة بالسجد فإذا قيدها بالسجدة فسدت صلاة الكل لأن الإمام إذا قعد على الرابعة تمت صلاته في حق المسبوق فلا تجوز للمسبوق متابعته وإن لم يكن قعد على رأس الرابعة يكون في حكم الصلاة الأولى ولهذا قالوا أن الإمام إذا لم يقعد على رأس الرابعة قام إلى الخامسة لا يسلم المقتدي ما لم يقيد الإمام الخامسة بالسجدة بخلاف ما إذا قعد الإمام على رأس الرابعة الإمام إذا لم يقعد في المغرب على رأس الثالثة وقام إلى الرابعة فتشهد المقتدي وسلم قبل أن يقيد الإمام الرابعة بالسجدة فسدت صلاته لما قلنا رجلان صليا في الصحراء وأتم أحدهما بالآخر وقام على يمين الإمام فجاء ثالث فجذب المؤتم إلى نفسه قبل أن يكبر للافتتاح حكي عن الشيخ الإمام أبي بكر بن الطلخان رحمه الله تعالى أنه لا تفسد
<103> صلاة المؤتم الذي جذبه الثالث إلى نفسه قبل التكبير أو بعده لأن الثالث لما توجه للصلاة وقام مقام الصلاة صار ذلك الموضع مسجداً لهم ويكون الثالث كالداخل في صلاتهما وقال غيرهم من المشايخ إذا جاء الثالث لا يجدب المؤتم إلى نفسه لكن يتقدم الإمام ويقوم في موضع سجوده فيصير الثالث مع من كان على يمين الإمام خلف الإمام لأن الإمام ما لم يجاوز موضع سجوده لا تفسد صلاته إذا اقتدى المتنفل بالمفترض فأحدث المفترض وخرج من المسجد فسدت صلاة الإمام ولا تفسد صلاة المتنفل رجل صلى المغرب في منزله فذهب واقتدى برجل يصلي المغرب تطوعاً فقام الإمام إلى الرابعة ناسياً ولم يقعد على الثالثة وتابعه المقتدي قالوا فسدت صلاة الإمام والمقتدي ولا يقال صلاة الإمام انقلبت نفلاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمها الله تعالى فينبغي أن لا تفسد صلاة المقتدي والجواب عنه أن صلاة الإمام وإن صارت نفلاً إلا أنها كانت فرضاً فصار في الحكم متنفلاً من تحريمة الفرض إلى تحريمة النفل ويصير كأنه صلى صلاتين بتحرمتين فيصير المقتدي مصلياً صلاة واحدة بإمامين من غير عذر الحدث فلا يجوز وكذا لو قعد الإمام على الثالثة حتى تمت المغرب للإمام لأن تحريمة الإمام في الرابعة كتحريمة على سجدة فإذا سلم يصير مصلياً ركعة واحدة المسبوق إذا سلم مع الإمام على ظن أن عليه أن يسلم مع الإمام فهو على سلام عمداً يمنع البناء مسافر صلى ركعة فجاء مسافر واقتدى به فأحدث الإمام واستخلف المسبوق وذهب الإمام للوضوء فنوى الإقامة والإمام الثاني نوى الإقامة أيضاً ثم جاء الأول كيف يفعل قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا حضر الإمام الأول يقتدي بالثاني فإذا صلى الإمام الثاني الركعة الثانية يعقد قدر التشهد ويستخلف رجلاً مسافراً من القوم أدرك أول الصلاة حتى يسلم بالقوم ثم يقوم الثاني فيصلي ثلاث ركعات والإمام الأول يصلي ركعتين بعد سلام الإمام الثاني ولا يتغير فرض القوم بنية الثاني المسبوق إذا بدأ بقضاء ما فاته قالوا يكره له ذلك لأنه خالف السنة ولا تفسد صلاته المسبوق إذا قعد مع الإمام كيف يفعل اختلفوا فيه والصحيح أنه يترسل في التشهد(1/49)
<104>حتى يفرغ من التشهد عند سلام الإمام وإذا خاف أنه لو انتظر سلام الإمام يمر الناس بين يديه كان له أن يقوم لقضاء ما سبق ولا ينتظر سلام الإمام المنفرد الذي عليه سهو والإمام لا يأتي بالدعاء في التشهد الذي يكون قبل سجود السهو المسبوق إذا أدرك الإمام في القراءة التي يجهر فيها الإمام لا يأتي بالثناء فإذا قام إلى قضاء ما سبق يأتي بالثناء ويتعوذ للقراءة وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يتعوذ عند الدخول في الصلاة وعند القراءة أيضاً المسبوق بركعتين إذا ترك القراءة في أحدهما فسدت صلاته رجلان اقتديا بالإمام بعد ما أدى الإمام بعض الصلاة ثم قاما يقضيان فنسي أحدهما أنه بكم سبق فنظر إلى صاحبه فقضى مقدار ما قضى صاحبه ولم يقتدي به يجوز صلاته مسافر اقتدى بالمقيم بعد ما صلى الإمام ثلاث ركعات وعليه سهو فسجد للسهو فتابعه المقتدي ثم قام وقضى ما سبق به يجوز صلاته
(فصل في مسائل الشك والاختلاف بين الإمام والقوم) مصلي المغرب إذا شك أنه في الركعة لأولى أم الثانية وهو قائم فإنه يتم تلك الركعة ويقعد ثم يقوم ويصلي ركعة ويقعد ثم يقوم ويصلي ركعة ويقعد ولو شك بعد السلام أنه صلى ثلاثاً أم أربعاً يحكم بالجواز بناء على الظاهر ولو شك بعد ما فرغ من التشهد روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يتم صلاته أيضاً ولا شيء عليه رجل صلى وحده أو إمام صلى بقوم فلما سلم أخبره رجل عدل أنك صليت الظهر ثلاث ركعات قالوا إن كان عند المصلي أنه صلى أربع ركعات لا يلتفت إلى قول المخبر ولو شك المصلي في قول المخبر أنه صادق أو كاذب روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يعيد صلاته احتياطاً وإن شك في قول رجلين عدلين يعيد صلاته وإن لم يكن المخبر عدلاً لا يقبل قوله ولو وقع الاختلاف بين الإمام والقوم فقال القوم صليت ثلاثاً وقال الإمام صليت أربعاً فإن كان الإمام على يقين لا يعيد الصلاة بقولهم وإن لم يكن على يقين أخذ بقولهم فإن اختلف القوم فقال بعضهم صلى ثلاثاً وقال بعضهم صلى أربعاً والإمام مع أحد الفريقين يؤخذ بقول الإمام وإن كان معه واحد لمكان فإن أعاد الإمام الصلاة وأعاد القوم معه مقتدين
<105>به صح اقتداؤهم لأن الإمام إن كان هو الصادق كان هذا اقتداء المتنفل وإن لم يكن صادقاً كان هذا اقتداء المفترض بالمفترض ولو استيقن واحد من القوم أنه صلى ثلاثاً واستيقن واحد أنه صلى أربعاً والإمام والقوم في شك ليس على الإمام والقوم شيء لأن قول المستيقن بالنقصان عارضه قول المستيقن بالتمام والظاهر بعد الفراغ هو التمام فلا يعاد وعلى المستيقن بالنقصان الإعادة لأن يقينه لا يبطل بيقين غيره ولو كان الإمام استيقن أنه صلى ثلاثاً كان عليه أن يعيد بالقوم لأنه تيقن بالنقصان ولا إعادة على الذي تيقن بالتمام لما قلنا ولو استيقن واحد من القوم بالنقصان وشك الإمام والقوم فإن كان ذلك في الوقت أعادوها احتياطاً وإن لم يعيدوا فلا شيء عليهم إلا إذا استيقن عدلان بالنقصان وأخبروا بذلك رجل صلى صلاة يوم وليلة ثم تذكر أنه ترك القراءة في ركعة واحدة ولا يدري من أية صلاة تركها قالوا يعيد صلاة الفجر والوتر لأنهما يفسدان بترك القراءة في ركعة واحدة ولو تذكر أنه ترك القراءة في الركعتين يعيد صلاة الفجر والمغرب والوتر ولو تذكر أنه ترك القراءة في الأربع يعيد صلاة الظهر والعصر والعشاء ولا يعيد الفجر والوتر والمغرب ولو اجتمع أهل قرية على ترك الوتر أدبهم الإمام وحبسهم فإن لم يمتنعوا قاتلهم وإن امتنعوا عن أداء السنن قال مشايخ بخارا يقاتلهم كما يقاتلهم على ترك الفرائض وعن عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى أنه قال لو أنكر أهل بلدة السواك قاتلهم كما يقاتل المرتدين إمام صلى المغرب فقال بعض القوم صليت ثلاثاً وقال بعضهم صليت ركعتين وكلا الفريقين عنده ثقة يؤخذ بقول الفريق الذي كان الإمام معهم فإن أعادوا مرة أخرى مع الإمام قالوا صلاة من يقول صلى الإمام ركعتين فاسدة لاحتمال أن الإمام كان متنفلاً في الثانية وصلاة الفريق الآخر والإمام جائزة ولو كان خلفه مسبوق فاقتدى به في الثانية لا تجوز صلاته رجل صلى الوتر فشك وهو قائم أنه كم صلى فإنه يأخذ بالأقل احتياطاً إن لم يقع تحريه على شيء ويقعد في كل ركعة احتياطاً ويقرأ في كل ركعة أما القنوت قال أئمة بلخ يقنت في الركعة(1/50)
<106>الأولى لا غير وعن الشيخ الإمام أبي حفص الكبير رحمه الله تعالى أنه يقنت في الركعة الثانية أيضاً وبه أخذ القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى وأجمعوا على المسبوق بركعتين إذا قنت مع الإمام في الركعة الثالثة لا يقنت مرة أخرى وعن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا يقنت مرة أخرى في مسئلة الشك وفرق القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى بين الشاك والمسبوق لأن قنوت المسبوق مع الإمام وقع في موضعه لأنه كان مأموراً به فلا يقنت مرة أخرى لأن تكرار القنوت ليس بمشروع أما في مسئلة الشك لم يتيقن بوقوع الأول في موضعه فيقنت مرة أخرى ولو أوتر فقرأ في الثالثة القنوت ولم يقرأ القرآن أو قرأ الفاتحة دون السورة فتذكر في الركوع فإنه يعود إلى القيام ويقرأ ويقنت ويركع لأنه لما عاد إلى القيام كما هو في حكم الفريضة فارتفض ركوعه ولو نسي القنوت فتذكر في الركوع فيه روايتان والصحيح أنه لا يقنت في الركوع ولا يعود إلى القيام فإن عاد إلى القيام وقنت ولم يعد الركوع لم تفسد صلاته لأن ركوعه قائم لم يرتفض ومن يقضي الصلاة يقضي الأوتار بقنوتها لأن قضاء الأوتار واجب ولا وتر بدون القنوت ومن لا يحسن القنوت يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة إلخ قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى يقول اللهم اغفر لي ويكرر ثلاثاً واختلفوا أنه هل يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في القنوت قال بعضهم لا يصلي واختلفوا أنه هل يجهر في القنوت أم يخافت ويتحمله الإمام عن المقتدي أو لا يتحمل لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الإمام يجهر بالقنوت ويتخير المؤتم إن شاء قرأ وإن شاء خافت الشيخ وقال أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى عندي أن يخفي الإمام وكذا المقتدي لأنه ذكر كسائر الأذكار وثناء الافتتاح وتكبيرات الركوع والسجود وبعضهم جعل القنوت بمنزلة القراءة يتحمله الإمام عن المقتدي ويجهر به مصلي الظهر إذا صلى ركعة بنية الظهر ثم شك في الثالثة أنه في التطوع ثم شك في
<107> الرابعة أنه في الظهر قالوا يكون في الظهر والشك ليس بشيء رجل صلى ركعتين ثم شك أنه مقيم أو مسافر فسلم في حالة الشك ثم علم أنه مقيم فإنه يعيد صلاة المقيمين لأن هذا سلام عمداً مصلي العصر إذا ترك سجدة واحدة ولا يدري أنه تركها من صلاة الظهر أو صلاة العصر الذي هو فيها فإنه يتحرى فإن لم يقع تحريه على شيء يتم العصر وسجد سجدة واحدة لاحتمال أنه تركها من العصر ثم يعتد الظهر احتياطاً ثم يعيد العصر وإن لم يعد فلا شيء عليه ولو توهم أنه كبر تكبيرة الافتتاح ثم تيقن أنه كبر جاز له المضي وإن أدى ركناً مصلي الفجر إذا شك في السجود أنه صلى ركعتين أم ثلاثاً قالوا إن كان في السجدة الأولى يمكنه إصلاح الصلاة لأنه إن كان صلى ركعتين كان عليه إتمام هذه الركعة لأنها ثانية فتجوز لو كانت ثالثة من وجه لا تفسد صلاته عند محمد رحمه الله تعالى لأنه لما تذكر في السجدة الأولى ارتفضت تلك السجدة أصلاً وصارت كأنها لم تكن كما لو سبقه الحدث في السجدة الأولى من الركعة الخامسة وهي مسئلة وإن كان هذا الشك في السجدة الثانية فسدت صلاته لاحتمال أنه قيد الثالثة بالسجدة الثانية وخلط المكتوبة بالنافلة قبل إكمال المكتوبة مفسد للمكتوبة ولو شك في صلاة الفجر في قيامه أنها الأولى من صلاته أم ثالثة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يمكنه إصلاح صلاته بأن يرفض ما هو من قيامه ويعود إلى القعدة فإن كانت هذه الركعة ثالثة فقد رفضها بالعود إلى القعدة وتمت صلاته ثم يقوم ويصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة بفتحة الكتاب وسورة ثم يتشهد ويسجد سجدتين للسهو لأن تلك الركعة إن كانت هي الأولى فلم يأت بشيء من صلاته سوى التكبير فيأتي بجميع أركانها ولا يقعد بينهما لأنه في حال يلزمه الركعتان وفي حال لا يلزمه شيء فلا يقعد فإذا شك ولم يدر أصلى ركعتين أم واحدة فإن شك في حالة القيام أمكنه إصلاح الصلاة بأن يتم هذه الركعة ويقعد قدر التشهد ثم يقوم ويصلي ركعة ويسجد للسهو في آخره بخلاف ما إذا شك أنها ثالثة أم الأولى فهناك لا يتم ركعة بل يعود ويقعد قدر التشهد لأن ثمة يحتمل أنها ثالثة فلو أمر بالمضي(1/51)
<108> فيها تفسد صلاته فلذلك أمر بالعود إلى القعدة فأما في الفصل الثاني شك أنه أدى الركعة الثانية أو لم يؤد فإما أن تكون هذه الركعة الركعة الأولى أم الركعة الثانية فكيفما كان لا تفسد صلاته بإتمام هذه الركعة فإذا أتمها يقعد قدر التشهد لاحتمال أنها ثانية ثم يقوم فيصلي ركعة أخرى وإن شك وهو ساجد إن شك أنها الركعة الأولى أم الثانية يمضي فيها سواء شك في السجدة الأولى أم في السجدة الثانية لأنها إن كانت الأولى لزمه المضي فيها وإن كانت ثانية يلزمه تكميلها وإذا رفع رأسه من السجدة الثانية يقعد قدر التشهد يقوم ويصلي بركعة ولو غلب على ظنه في الصلاة أنه أحدث أو لم يمسح تيقن بذلك لا شك له فيه ثم تيقن أنه قد مسح قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ينظر إن كان أدى ركناً حال ما كان متيقناً بالحدث وبعدم المسح فإنه يستقبل الصلاة وإن لم يؤد ركناً يمضي في صلاته ولو شك في صلاته أنه هل كبر للافتتاح أم لا وهل أحدث أم لا وهل أصابت النجاسة ثوبه أم لا وهل مسح رأسه أم لا إن كان ذلك أول مرة يستقبل الصلاة وإن كان يقع له مثل ذلك كثيراً جاز له المضي ولا يلزمه الوضوء ولا غسل الثوب الإمام إذا قام إلى الخامسة قبل أن يقعد على رأس الرابعة في ذوات الأربع ثم عاد الإمام إلى القعدة ولم يعد المقتدي وقيد الخامسة بالسجدة جازت صلاة الإمام واختلفوا في صلاة المقتدي والإعادة أحوط مسائل الرياء الإمام إذا علم بمجيء شخص إلى الصلاة فإن كان لا يعرفه فطول الركوع ليدرك الرجل تلك الركعة لا بأس به لأنه إعانة على الطاعة لكنه يطول بقدر ما لا يثقل على القوم بأن يزيد تسبيحة أو تسبيحتين على المعتاد لأن الزيادة على ذلك يصير سبباً في تفرق الجماعة وكذا لو طول القراءة في الركعة الأولى ليدرك القوم تلك الركعة لا بأس بأن يطول مقدار ما لا يكون سبباً لتقليل الجماعة وكذا لا بأس للمؤذن أن يؤخر الإقامة لإدراك القوم مع الاحتراز عن الرياء هذا إذا كان الإمام لا يعرف الشخص الذي يجيء إلى الصلاة فإن كان يعرفه لا يطول الركوع كيلا يشبه الميل والإشراك لغير الله تعالى في الصلاة وبعض مسائل الرياء
<109> يأتي في فصل القراءة إن شاء الله تعالى رجل دخل في صلاة الظهر ثم شك هل صلى الفجر أم لا فلما فرغ من الصلاة تيقن أنه لم يصل الفجر فإنه يصلي الفجر ثم يعيد الظهر لأنه لما استيقن بعد الفراغ من الصلاة أنه لم يصل الفجر صار كأنه كان مستيقناً في ذلك الوقت كالمصلي بالتيمم إذا رأى شيئاً فظن أنه سراب فلما فرغ من الصلاة ظهر كأنه كان ماء فإنه يتوضأ ويعيد وكذا لو تذكر يوم الجمعة وقت الخطبة أنه لم يصل الفجر فإنه يقوم ويصلي الفجر ولا يستمع الخطبة لأن لو لم يصل الفجر حتى يفرغ الإمام من الخطبة لا يمكنه قضاء الفجر مع الجمعة إذا شك في صلاة أنه هل أداها أم لا فإن كان في الوقت كان عليه أن يعيد وبعد خروج الوقت لا شيء عليه ولو شك في ركعة بعد الفراغ من الصلاة لا شيء عليه وفي الصلاة يلزمه أداؤها المسبوق إذا قعد مع الإمام قدر التشهد وخاف أنه لو انتظر سلام الإمام يمر الناس بين يديه كان له أن يقوم لقضاء ما سبق ولا ينتظر سلام الإمام ومقدار الموضع الذي يكره المرور في المسجد مر قبل هذا وفي الصحراء إذا لم يكن له سترة لا يكره المرور وراء موضع السجدة ولو كان بين يديه سترة يكره المرور بينه وبين السترة رجل صلى الظهر ثم تذكر أنه ترك من صلاته فرضاً واحداً قالوا يسجد سجدة واحدة ثم يقعد ثم يقوم ويصلي ركعة بسجدة واحدة ثم يقعد ثم يسجد سجدتي السهو هذا إذا علم أنه ترك فعلاً من أفعال الصلاة فإن ترك قراءة تفسد صلاته لاحتمال أنه صلى ركعة بقراءة وثلاث ركعات بغير قراءة رجل صلى الوتر ركعتين ثم ظن أنه في السنة فسلم على رأس الركعتين فسدت صلاته وكذا لو سلم في الظهر على رأس الركعتين على ظن أنه في الفجر (فصل في الترتيب وقضاء المتروكات) الأصل في أداء الوقتية مع تذكر الفائتة أن ينظر إلى الفوائت إن كانت ستاً فما فوقها تجوز السابعة الوقتية وفي رواية ابن سماحة رحمه الله تعالى إن كانت الفوائت خمساً تجوز السادسة مع تذكر الفوائت وإن كثرت الفوائت وسقط الترتيب ثم قضى بعض الفوائت وبقي خمس لا تجوز السادسة الوقتية فإن بقيت الفوائت ستاً جازت السابعة الوقتية ولو تذكر صلاة قد نسيها بعدما أدى الوقتية جازت الوقتية ولا يظهر الترتيب عند(1/52)
<110> النسيان وإذا تذكر يظهر الترتيب وإن تذكر بعد شهر لا تجوز الوقتية مع تذكر الفائتة إلا إذا كانت الفوائت ستاً أو أكثر وكذا لو تذكر في الصلاة فسدت صلاته وكما لا يظهر الترتيب مع النسيان لا يظهر عند ضيق الوقت وتفسير الضيق أن يكون الباقي من الوقت مقدار ما لا يسع فيه الوقتية والمتروكة جميعاً فإن كان يسع فيه المتروكة والوقتية جميعاً يكون واسعاً وإن كانت المتروكة أكثر من واحدة والوقت لا يسع جميع المتروكات مع الوقتية لكن يسع بعضها مع الوقتية لا تجوز له الوقتية ما لم يقض ذلك البعض الذي يسعه الوقت وتفسيره رجل لم يصل العشاء والوتر فتذكر في وقت الفجر وبقي من الوقت مقدار ما لا يسع فيه إلا خمس ركعات على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقضي الوتر ثم يصلي الفجر لأن عنده الوتر فرض فيمنع جواز الوقتية ثم يقضي العشاء بعد طلوع الشمس وكذا لو تذكر الوبر في صلاة الفجر فسدت فجره في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إلا إذا كان في الوقت ضيق بأن لم يبق من الوقت مقدار ما يسع فيه خمس ركعات قبل طلع الشمس وكذا لو تذكر في وقت العصر أنه لم يصل الفجر والظهر ولم يبق من الوقت إلا ما يسع فيه ثمان ركعات فإنه يقضي الظهر ثم يصلي العصر وإن كان لا يسع فيه إلا ست ركعات فإنه يصلي الفجر ثم يصلي العصر وإذا قضى الفائتة إن قضاها بجماعة فإن كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة يجهر فيها الإمام بالقراءة وإن قضاها وحده يخير بين الجهر والمخافتة والجهر أفضل كما في الوقت ويخافت فيما يخافت فيها حتماً وكذا الإمام ولو كثرت الفوائت وأراد أن يقضيها يراعي الترتيب في القضاء وتفسير ذلك أنه إذا قضى فائتة ثم فائتة فإن كان بين الأولى والثانية فوائت ست يجوز له قضاء الثانية وإن كان أقل من ست يجوز لا يجوز له قضاء الثانية ما لم يقض ما قبلها بيان هذا الأصل رجل ترك الصلاة شهراً ثم أراد أن يقضي المتروكات فقضى ثلاثين فجراً دفعة واحدة ثم ثلاثين ظهراً ثم ثلاثين عصراً هكذا فعل في جميع الصلاة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الفجر الأولى جائزة لأنه ليس قبلها
<111> متروكة بيقين والفجر من اليوم الثاني فاسدة لأن قبلها أربع متروكاً ظهر اليوم الأول وعصره ومغربه وعشاءه والفجر من اليوم الثالث جائزة لأن قبلها ثمان صلوات أربع من اليوم الأول وأربع من اليوم الثاني ثم بعدها من صلاة الفجر إلى آخر الشهر جائزة وأما صلاة الظهر فإن الظهر من اليوم الأول جائزة لأنه ليس قبلها متروكة وظهر اليوم الثاني فاسدة لأن قبلها ثلاث صلوات من اليوم الأول وصلاة الظهر من اليوم الثالث جائزة لأن قبلها ست صلوات متروكة ثلاثة من اليوم الأول وثلاثة من اليوم الثاني وما بعدها من صلاة الظهر إلى آخر الشهر جائزة وأما صلاة العصر متروكة من ذلك اليوم وصلاة العصر من اليوم الثاني فاسدة لأن عليه المغرب والعشاء من اليوم الأول وصلاة العصر من اليوم الثالث فاسدة لأن قبلها المغرب والعشاء من اليوم الثاني وصلاة العصر من اليوم الرابع جائزة لأن عليه قبلها ست صلوات من ثلاثة أيام وكذا كل عصر على آخر الشهر جائزة أما صلاة المغرب فالمغرب من اليوم الأول جائزة لأنه ليس قبلها متروكة وصلاة المغرب من اليوم الثاني فاسدة لأن قبلها صلاة متروكة وهي العشاء من اليوم الأول وصلاة المغرب من اليوم الثالث فاسدة لأن قبلها صلاتان العشاء من اليوم الأول والعشاء من اليوم الثاني وصلاة المغرب من اليوم الرابع فاسدة لأن قبلها ثلاث صلوات عشاء اليوم الأول وعشاء اليوم الثاني وعشاء اليوم الثاني وعشاء اليوم الثالث ومن اليوم الخامس كذلك لأن قبلها أربع صلوات ومن اليوم السادس كذلك لأن قبلها خمس صلوات وصلاة المغرب من اليوم السابع جائزة ثم ما بعدها من صلاة المغرب إلى آخر الشهر جائزة وأما صلاة العشاء كلها جائزة لأن ليس قبلها صلاة متروكة وعن محمد رحمه الله تعالى الترتيب إذا سقط بكثرة الفوائت هل يعود فيما بقي عليه شيء من الفوائت فيه روايتان كان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يختار رواية العود واختار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى رواية عدم العود رجل ترك صلاة ثم صلى بعدها خمس صلوات وهو ذاكر للمتروكة قال الشيخ(1/53)
<112>الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يقضي المتروكة ويعيد الخمس فإن لم يقض المتروكة حتى صلى السادسة جازت السادسة في قولهم ويقضي المتروكة واختلفوا في الخمس التي بعدها قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يعيد الخمس وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعيد وكذا لو ترك خمسة صلوات ثم صلى بعدها صلاة وهو ذاكر أنه لم يصل الخمس فإنه يصلي الخمس ويعيد السادسة في قولهم فإن لم يقص المتروكات ولم يعد السادسة حتى صلى السابعة وهو ذاكر لما فعل جازت السابعة في قولهم وعليه قضاء الخمس المتروكة واختلفوا في السادسة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يعيد السادسة وقالا يعيد السادسة أبو حنيفة رحمه الله تعالى فرق فقال قبل خروج وقت السادسة يعيد السادسة وبعد خروج وقتها لا يعيد لأن قبل خروج وقتها لا يعيد لأن قبل خروج وقت السادسة الفوائت خمس فلم يسقط الترتيب وأما بعد خروج السادسة لو جبت عليه إعادة السادسة كانت الفوائت ستاً فيسقط الترتيب فتسقط الإعادة رجل ترك صلاة يوم وليلة فصلى من الغد مع كل صلاة من الغد صلاة فالفوائت كلها جائزة قدمها أو أخرها أما الوقتيات إن بدأ بها لا تجوز وإن بدأ بالفوائت فالوقتيات كلها فاسدة إلا العشاء الأخيرة وإن كان عالماً فالعشاء فاسدة أيضاً وهذه المسئلة توافق قول من يقول إن الترتيب إذا سقط بكثرة الفوائت وبقيت الفوائت أقل من ست يعود الترتيب وقال بعضهم لا يعود هو المختار رجل ترك الظهر والعصر من يومين مختلفين ولا يدري آيتهما كانت الأولى فتحري ولم يقع تحريه على شيء فإنه يبدأ بآيتهما شاء فإن بدأ بالظهر فقضي الظهر ثم العصر قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعيد الظهر وقال صاحباه لا يعيد وبهذه المسئلة استدل الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى في الرجل إذا ترك صلاة فتذكر بعد شهر قال يلزمه الترتيب فلا تجوز له الوقتية المتروكة إلا إذا كانت المتروكة أكثر من خمس ووجه الاستدال أنه أوجب الترتيب في الظهر والعصر من يومين مختلفين وعسى أن تكون الصلوات بين الظهر والعصر من يومين مختلفين أكثر من ست صلوات
<113> وفي اليومين المتجاورين لو كانت الأولى هي الظهر مع ما بعدها إلى العصر من اليوم الثاني ست صلوات لكن لما كانت المتروكات أقل من ست لم يمنع الترتيب فكذا إذا تذكر صلاة نسيها قبل شهر يجب مراعاة الترتيب وعلى قول أكثر المشايخ لا يجب ويجوز أداء الوقتية قبل قضاء تلك المتروكة وهكذا روي عن أبي يوسف والطحاوي رحمهما الله تعالى وما قاله المشايخ رحمهم الله تعالى أحوط وقول غيره أوسع ولو ترك ثلاث صلوات الظهر والعصر والمغرب من ثلاثة أيام على قول أبي يوسف ومحمد رحمها الله تعالى يقضي ثلاث صلوات ولا يجب مراعاة الترتيب كما قالا في الظهر والعصر أنه يقضيهما ولا يعيد الأولى منهما واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال بعضهم يقضي سبع صلوات والفتوى على قولهما رجل افتتح العصر في آخر وقتها فلما صلى ركعتين غربت الشمس ثم تذكر أنه لم يصل الظهر فإنه يتم العصر ثم يقضي الظهر لأنه لو افتتح العصر في آخر وقتها مع تذكر الظهر يجوز فهذا أولى ولو افتتح العصر في أول الوقت وأطال القراءة فلما صلى ركعتين غربت الشمس ثم تذكر أنه لم يصل الظهر فكذلك ولو افتتح العصر في أول الوقت وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر فأطال حتى غربت الشمس لا يجوز عصره لأن شروعه في العصر في أول الوقت وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر لا يصح ولو افتتح العصر في أول وقتها وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر ثم احمرت الشمس فإنه يقطع العصر ثم يستقبلها مرة أخرى لأن شروعه لم يصح ولو تذكر في وقت العصر أنه لم يصل الظهر وهو متمكن من أداء الظهر قبل تغير الشمس إلا أن عصره أو بعد عصره يقع بعد التغير عندنا يلزمه الترتيب ولا يجوز أداء العصر قبل أداء الظهر وعلى قول الحسن رحمه الله تعالى لا يلزمه الترتيب إلا إذا تمكن من أداء الصلاة قبل التغير ولو ترك صلاة من يوم وليلة ولا يدري أية صلاة كانت اختلفوا فيه والأحوط ما روى محمد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يعيد صلاة يوم وليلة ولو نسي صلاتين من يومين لا يدريهما روى أبو سليمان عن محمد رحمها الله تعالى أنه يعيد صلاة يومين(1/54)
<114>رجل افتتح العصر وهو ذاكر أنه لم يصل الظهر أو صلاها على غير وضوء كان عليه قضاء الظهر وإعادة العصر فإن قضى الظهر ولم يعد العصر وصلى المغرب جاز المغرب وعليه إعادة العصر أما إعادة العصر فلأنه صلاها وعليه ظهر في علمه بيقين وأما جواز المغرب فلأنه صلاها وليس عليه صلاة قبلها بيقين قالوا هذا إذا لم يكن مجتهداً أو كان مجتهداً ورأى أن الترتيب واجب وإن كان مجتهداً لا يرى الترتيب لا يلزمه إعادة العصر وعن الحسن رحمه الله تعالى من لا يرى الترتيب فهو بمنزلة الناسي رجل ترك الظهر وصلى بعدها ست صلوات وهو ذاكر للمتروكة كان عليه قضاء المتروكة لا غير وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنه يقضي المتروكة وخمساً بعدها ولو صلى بعد المتروكة خمس صلوات ثم قضى المتروكة كان عليه إعادة الخمس التي صلاها في قولهم رجل صلى سنة كل يوم خمس صلوات في وقت الفجر قالوا صلاة الفجر من اليوم الأول جائزة وما سوى الفجر من ذلك اليوم فاسدة وكذا ما سوى الفجر من سائر الأيام لأنه صلاها قبل الوقت وصلاة الفجر من اليوم الثاني إن كان الرجل ممن يرى الترتيب لا تجوز لأن عليه قبلها من اليوم الأول أربع صلوات وصلاة الفجر من اليوم الثاني من كل يوم جائزة سواء كان الرجل يرى الترتيب أو لا يرى لكثرة الفوائت رجل ترك الصلاة شهراً أو سنة ثم اشتغل بأداء الصلاة في مواقيتها ثم ترك صلاة ثم صلى وقتية وهو ذاكر للمتروكة الحديثة ولما قبلها من الفوائت اختلفوا في جواز الوقتية قال بعضهم يجوز وهو الظاهر رجل مات وعليه صلوات وأوصى بأن يطعموا عنه لصلواته اتفق المشايخ على أنه يجب تنفيذ هذه الوصية من ثلث ماله ويعطى لكل مكتوبة نصف صاع من الحنطة وللوتر كذلك واختلفوا أنه هل يقوم الإطعام مقام الصلاة قال محمد بن مقاتل ومحمد بن سلمة رحمهما الله تعالى وقال البلخي رحمه الله تعالى لا يقوم وكذا قال علماؤنا رحمهم الله تعالى أن الطعام يقوم مقام صوم رمضان وصوم النذر غلام احتلم بعدما صلى العشاء ولم يستيقظ حتى طلع الفجر اختلفوا فيه قال بعضهم ليس عليه قضاء العشاء وقال بعضهم عليه إعادة العشاء
<115>وهو المختار وإن استيقظ قبل طلوع الفجر عليه قضاء العشاء إجماعاً وهذه واقعة محمد رحمه الله تعالى سأله أبا حنيفة رحمه الله تعالى فأجابه بما ذكرنا فأعاد العشاء رجل يقضي صلوات عمره مع أنه لم يفته شيء منها قال بعضهم يكره وبعضهم بأنه لا يكره لأنه أخذ باحتياط والصحيح أنه يجوز لكن لا يقضي بعد صلاة العصر ولا بعد صلاة الفجر لأنها نفل ظاهراً وقد فعل كثير من السلف رحمهم الله تعالى لشبهة
(فصل في الاستخلاف) من لم يصلح إماماً في الابتداء لا يصلح خليفة له إمام سبقه الحدث فقدم الإمام رجلاً والقوم رجلاً ونوى كل واحد منهما أن يكون إماماً فالإمام الذي قدمه الإمام لأنه ما دام في المسجد كان حق الاستخلاف له وإن تقدم رجل من غير تقديم أحد وقام مقام الإمام قبل أن يخرج الإمام عن المسجد جاز ولو خرج الإمام من المسجد قبل أن يصل هذا الرجل إلى المحراب ويقوم مقامه فسدت صلاة الرجل والقوم ولا تفسد صلاة الإمام الأول رجل صلى برجل فأحدثا وخرجا من المسجد معاً فسدت صلاة المقتدي دون صلاة الإمام إمام أحدث فقدم رجلاً من آخر الصفوف ثم خرج من المسجد فإن نوى الثاني أن يكون إماماً من ساعته ونوى أن يؤمهم في ذلك المكان جازت صلاة الخليفة وصلاة الإمام الأول ومن كان عن يمين الخليفة وعلى يساره في صفه ومن كان خلفه ولا تجوز من كان قبله من الصفوف لأنهم صاروا إماماً للإمام وإن نوى الثاني أن يكون إماماً إذا قام مقام الأول خرج الإمام الأول من المسجد قبل أن يصل الثاني إلى مقام الأول فسدت صلاتهم لأنه كما خرج الأول خلاء مكان الإمام عن الإمام فشرط جواز صلاة الخليفة والقوم أن يصل الخليفة إلى المحراب قبل أن يخرج الإمام من المسجد وإن نوى الثاني أن يكون إماماً من ساعته فقبل أن يصل إلى المحراب خرج الأول من المسجد لا تفسد صلاتهم لأنه ما خلا المسجد عن الإمام إذا أحدث واستخلف رجلاً من خارج المسجد والصفوف متصلة بصفوف المسجد لم يصح استخلافه وتفسد صلاة القوم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وفي فساد صلاة الإمام روايتان(1/55)
<116>والأصح هو الفساد إمام سبق الحدث واستخلف رجلاً واستخلف الخليفة غيره قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن كان الإمام لم يخرج عن المسجد ولم يأخذ الخليفة مكانه حتى استخلف غيره جاز ويصير كأن الثاني تقدم بنفسه أو قدمه الإمام الأول وإن كان غير ذلك لم يجز إمام توهم أنه رعف فاستخلف غيره فقبل أن يخرج الإمام عن المسجد ظهر أنه كان ماء ولم يكن دماً قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن كان الخليفة أدى ركناً من الصلاة لا يجوز للإمام أن يأخذ الإمامة مرة ثانية لكنه يقتدي بالخليفة لأن الخلافة تأكدت بأداء ركن وإن لم يؤد ركناً لكنها قام في المحراب قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى له أن يأخذ الإمامة مرة أخرى لأن المسجد كمكان واحد فيجعله كأنه لم يحول وجهه عن القبلة قال محمد رحمه الله تعالى لا يجوز لأنه حول وجهه عن القبلة بالشك لا بيقين الحدث فتفسد صلاة الكل عند محمد رحمه الله تعالى ولو ظن أنه شرع على غير وضوء ثم علم قبل الخروج أنه على الوضوء روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يستقبل الصلاة وإن ظن أنه أحدث فاستخلف رجلاً وخرج من المسجد ثم علم أنه لم يكن أحدث فسدت صلاة الكل هو الصحيح ظن الإمام أنه أحدث أو على غير وضوء فانصرف وقدم القوم رجلاً ثم استيقن بالطهارة فسدت صلات الكل خرج الإمام عن المسجد أو لم يخرج الإمام إذا صار مطالباً بالبول فذهب واستخلف غيره لا يصح الاستخلاف إنما يجوز الاستخلاف بعد خروج البول وكذا إذا أصابه وجع البطن أو المثانة أو غير ذلك وكذا لو عجز عن القيام بذلك السبب فقعد وصلى قاعداً لا يجوز إمام سبقه الحدث فاستخلف رجلاً وتقدم الخليفة ثم تكلم الإمام قبل أن يخرج عن المسجد أو أحدث متعمداً قالوا يضره ولا يضر غيره ولو جاء رجل في هذه الحالة فإنه يقتدي بالخليفة ولو بدا للأول أن يقعد في المسجد ولا يخرج كان الإمام هو الثاني ولو توضأ الأول في المسجد وخليفته قائم في المحراب ولم يؤد ركناً يتأخر الخليفة
<117>ويتقدم الإمام الأول وإن خرج من المسجد فتوضأ ثم رجع إلى المسجد وخليفته لم يؤد ركناً كان الإمام هو الثاني وإن نوى الثاني بعد ما تقدم إلى المحراب أن لا يخلف الأول ويصلي صلاة نفسه لم يفسد ذلك صلاة من اقتدى به رجل صلى في المسجد فأحدث وليس معه غيره فلم يخرج من المسجد حتى جاء رجل وكبر ينوي الدخول في صلاته ثم خرج الأول فإن الثاني يكون خليفة الأول عند أصحابنا رحمهم الله تعالى وكذا لو توضأ الأول في ناحية من المسجد ورجع ينبغي أن يقتدي بالثاني لأن الثاني صاراً إماماً له عينه أو لم يعينه إذا أحدث الإمام واستخلف رجلاً وخرج من المسجد ثم أحدث الثاني ثم جاء الأول بعد ما توضأ قبل أن يقوم الثاني مقام الأول فقدمه الثاني لا يجوز تقديمه ولو جاء الأول متوضئاً بعد ما قام الثاني مقام الأول فقدمه الثاني مقام الأول فقدمه الثاني لا يجوز تقديمه ولو جاء الأول متوضئاً بعد ما قام الثاني مقام الأول جاز للثاني أن يقدمه ظن الإمام أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث يستقبل الصلاة وإن علم قبل الخروج بنى على صلاته وقال محمد رحمه الله تعالى يستقبل ظن الإمام أنه أحدث فاستخلف رجلاً ثم أحدث ثم أحدث الأول متعمداً أو تكلم قبل أن يخرج من المسجد فسدت صلاة الكل كما لو فعل ذلك قبل أن يستخلف أحداً وإن أحدث غير متعمداً ولم يؤد الخليفة ركناً ينبغي أن يعيد الأول استخلافه حتى يجوز رجل صلى بقوم في الصحراء فأحدث وتقدم أحداً إن تقدم مقدار ما لو تأخر يخرج عن الصفوف فسدت صلاتهم يعتبر التقدم بالتأخر في حق هذا الحكم والبيت بمنزلة المسجد المقتدي إذا شك في إتمام وضوء إمامه تجوز صلاته ما لم يستيقن أن الإمام ترك عضواً من أعضاء وضوئه لأن الأحكام تبنى على الظاهر والظاهر هو الإتمام والله أعلم
(باب الحدث في الصلاة وما يكره فيها وما لا يكره) في الباب فصول أربعة فصل فيما يكره في الصلاة وفيما لا يكره وفصل فيما يوجب السهو وفيما لا يوجب وفصل فيما يقطع الصلاة وفصل فيما يمنع المضي ولا يمنع البناء أو الأول يكره عد الآي والتسبيح في الصلاة المكتوبة والتطوع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا بأس في المكتوبة(1/56)
<118> والتطوع قالوا إن غمر برؤس الأصابع لا يكره واختلف المشايخ في كراهة عد الآي والتسبيح خارج الصلاة ويكره أن يعبث بثوبه أو جسده أو لحيته وأن يكف ثوبه ولا بأس بأن ينتقض ثوبه كيلا يلتصق بجسده في الركوع ولا بأس بأن يمسح جبهته من التراب والحشيش بعد الفراغ من الصلاة وقبله إذا كان يضره ذلك ويشغله عن الصلاة وإن كان لا يضره ذلك يكره في وسط الصلاة ولا يكره قبل التشهد والسلام ولا بأس بأن يمسح العرق عن جبهته في الصلاة ويكره أن يشبك أصابعه ويفرقع وأن يضع يده على خاصرته وأن يلتفت يمنة ويسرة بأن يحول بعض وجهه عن القبلة فأما من ينظر بموق عينه ولا يحول وجهه لا بأس به ويكره أن يقعى في التشهد أو بين السجدتين وتفسيره أن يضع إليتيه على الأرض وينصب فخذيه وقيل تفسيره أن يضع إليتيه على الأرض وينصب يديه أمامه نصباً ويكره التربع لا من عذر بأن يفعل على وجهه التكبر وإن تربع في التطوع لا على وجه التكبر جاز ولا يفترش ذراعيه ولا يتثائب ولا يغطي فاه ولا أنفه إلا إذا غابه التثاؤب فحينئذ يضع يده على الفم ولا يتمطى ولا يغمض عينيه ولا يقلب الحصا إلا إذا كان لا يمكنه السجود فيسوي موضع سجوده مرة أو مرتين ولا بأس بقتل العقرب والحية الجني وغير الجني في الصلاة بعد الأعذار وقبله وقيل هذا إذا لم يحتج إلى المشي والمعالجة الكثيرة فسدت صلاته قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وإن احتاج إلى المعالجة لم تفسد صلاته ويكره أن يأخذ القملة ويقتلها لكن يدفنها تحت الحصير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وروي عنه أنه لو أخذ قملة أو برغوث فقتلها أو دفنها فقد أساء ولا يبزق في الصلاة ويكره ترك الطمأنينة في الركوع والسجود وهو أن لا يقيم صلبه ويكره الاعتجار وهو أن يشد رأسه بالمنديل ويترك رأسه وكذلك عقص الشعر وهو أن يجمع شعره على وسط الرأس ويشده وتكره القراءة في غير حالة القيام وكذلك سدل الثوب في الصلاة وهو أن يجعل الثوب على رأسه أو عاتقه ويرسل جانبيه أمامه على صدره وتكره الصلاة في إزار واحد
<119>من غير عذر ولا بأس بأن يصلي في ثوب واحد متوشحاً به ويكره لبسة الصماء وهو أن يجعل الثوب تحت الإبط الأيمن ويطرح جانبيه على عاتقه الأيسر قالوا ومن صلى في قباء ينبغي أن يدخل يديه في كميه ويشده بالمنطقة مخافة السدل ويكره أن يصلي وبين يديه أو فوق رأسه الصورة كبيرة تبدو للناظر من غير تكلف فإن كانت صغيرة أو ممحوة الرأس لا بأس به ولا بأس بالصلاة على الفرش والبسط واللبود والصلاة على الأرض أو على ما تنبته الأرض أفضل ويكره أن يطول الركعة الأولى على الثانية في التطوع ويكره تطويل الثانية على الأولى في جميع الصلاة ويكره تكرار السورة في ركعة واحدة في الفرائض ولا بأس بذلك في التطوع ويكره نزع القميص والقلنسوة ولبسهما ونزع الخف في الصلاة بعمل يسير ويكره أن يشم طيباً وأن يروح بثوبه أو بمروحة في الصلاة مرة أو مرتين ولا تفسد الصلاة ويكره الدخول في الصلاة وهو مطالب ببول أو غائط فإن افتتحها وذلك يشغله عن الصلاة قطعها وإن مضى عليها أجزأه وقد أساء وكذا لو أصابه بعد الافتتاح ويكره أن يحرف أصابع رجليه أو يديه عن القبلة في السجود وغيره وينبغي أن يكون منتهى بصره إلى موضع سجوده ولا يرفع رأسه إلى السماء ويكره أن يصلي خلف الصفوف إذا وجد في الصفوف فرجة ويكره المرور بين يدي المصلي ويدرأ المصلي المار بين يديه ولا يقاتله ويكره أن يصلي وبين يديه نيام أو قوم يتحدثون في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي رواية الجامع الصغير قالوا لا بأس بأن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث قالوا تأويل رواية الحسن إذا رفعوا أصواتهم بالحديث فربما يصير ذلك سبباً لقطع الصلاة ويكره أن يصلي وبين يديه تنور أو كانون فيه نار موقودة لأنه يشبه عبادة النار وإن كان بين يديه سراج أو قنديل لا يكره لأنه لا يشبه عبادة النار ولا بأس بأن يصلي وبين يديه أو فوق رأسه مصحف أو سيف معلق أو ما أشبه ذلك ويكره أن يصلي وهو يعتمد على حائط أو اسطوانة من
<120>غير عذر ولا بأس بذلك في التطوع ولا بأس أن يصلي وفي فيه دراهم أو دنانير لا تمنعه عن القراءة وإن منعته عن القراءة لا تجوز صلاته وكذا لو صلى وفي يديه مال يمسكه ويكره أن لا يضع يديه على ركبتيه في الركوع أو على الأرض في السجود من غير عذر وكذا أن يسجد رافعاً إحدى قدميه عن الأرض وإن رفعهما لا تجوز صلاته(1/57)
(فصل فيما يوجب السهو ومالا يوجب السهو) إذا صلى ولم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً قال إن كان ذلك أول ما سها يستقبل واختلفوا في تفسير ذلك قال بعضهم أول ما سها في هذه الصلاة وقال بعضهم أول ما سها في عمره وعليه أكثر المشايخ فإن لقي ذلك غيره مرة يتحرى ويأخذ بما ركن إليه قلبه فإن وقع تحريه على أنه صلى ركعة يضيف إليها أخرى إن كانت الصلاة ذات ركعتين ثم يقعد ويسلم ويسجد لسهوه فإن وقع تحريه على أنه صلى ركعتين يقعد ويسلم ويسجد لسهوه وإن لم يقع تحريه على شيء يأخذ بالأقل في صلاة الفجر يجعل كأنه صلى ركعتين فيقعد لاحتمال أنه صلى ركعتين ثم يصيف إليها ركعة أخرى ثم يقعد ويسلم ويسجد لسهوه
(وسجود السهو يتعلق بأشياء) منها إذا قعد فيما يقام فيه أو قام فيما يجلس فيه وهو إمام أو منفرد أراد بالقيام إذا استتم قائماً أو كان إلى القيام أقرب فإنه لا يعود إلى القعدة وإن لم يكن كذلك قعد ولا سهو عليه وفي رواية إذا قام على ركبته لينهض يقعد وعليه السهو يستوي فيه القعدة الأولى والثانية وعليه الاعتماد وإن رفع إليتيه عن الأرض وركبتاه على الأرض ما لم يرفعهما يقعد ولا سهو عليه فكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ومنها إذا جهر وهو إمام فيما يخافت فيه قل ذلك أو كثر أو خافت فيما يجهر فيه قل ذلك أو كثر في ظاهر الرواية وفي النوادر لا سهو عليه ما لم يخافت مقدار ما يتعلق به جواز الصلاة على الاختلاف وهو أية قصيرة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية الجهر والمخافته سواء وفي كل ذلك سهو وإن كانت كلمة ولا سهو على المنفرد في شيء من ذلك لأنه مخير بين الجهر والمخافته وروى أبو سليمان رحمه الله تعالى
<121>أن المنفرد إذا ظن أنه إمام فجهر كما يجهر الإمام يلزمه سجود السهو ومنها إذا ترك الفاتحة في الأوليين أو إحداهما أو ترك السورة في الأوليين أو إحداهما يلزمه السهو ومنها إذا قرأ في الأوليين أو في إحداهما الفاتحة ثم الفاتحة ثم السورة ولو قرأ الفاتحة ثم السورة ثم الفاتحة لا سهو عليه وقيل بأنه يلزمه السهو ولو ترك قراءة التشهد ناسياً في القعدة الأولى أو في الأخيرة وتذكر بعد السلام يلزمه السهو عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية لا سهو عليه وكذا لو ترك بعض التشهد ساهياً يلزمه السهو في ظاهر الرواية قالوا إن كان المصلي إماماً يأخذ بقول أبي يوسف رحمه الله تعالى وإن لم يكن يأخذ بقول محمد رحمه الله تعالى ومن عليه السهو يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام في القعدة الأولى وفي قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى وفي قول محمد رحمه الله تعالى في القعدة الثانية والأحوط أن يصلي في القعدتين ولا يلزمه السهو بتكرار التشهد في القعدة الثانية ولو بدأ بالسورة ساهياً فلما قرأ البعض تذكر فإنه يقرأ الفاتحة ثم السورة ويسجد للسهو وإن قرأ أكثر الفاتحة ونسي الباقي لا سهو عليه وإن بقي الأكثر فعليه السهو إماماً كان أو منفرداً وإن لم يقرأ الفاتحة في الشفع الثاني لا سهو عليه في ظاهر الرواية ولو قرأ الفاتحة أو آية من القرآن في القعدة أو في الركوع أو في السجود أو قرأ التشهد في الركوع أو في السجود كان عليه السهو ولو زاد في القعدة الأولى على التشهد وقال اللهم صل على محمد يلزمه السهو ولو قعد في الثانية قدر التشهد ونسي قراءة التشهد ثم تذكر وقرأ فيه روايتان عن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية لا سهو عليه إذا ترك القعدة الأولى من ذوات الأربع أو الثلاث يلزمه السهو ولو ترك في التطوع لا تفسد صلاته في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويلزمه السهو ولو ترك القنوت فذكر في القعدة الأولى أو بعدما قام من الركوع لا يقنت وعليه السهو ولو سها عن تكبيرات العيد يلزمه السهو ولو زاد في صلاته ركوعاً أو سجودا لا تفسد صلاته ويلزمه السهو ولو افتتح الصلاة ثم شك أنه هل كبر للافتتاح ثم تذكر أنه(1/58)
<122> كبر إن شغله التفكر عن أداء شيء من الصلاة كان عليه السهو وإلا فلا ولو شك في تكبيرة الافتتاح فأعاد التكبير والثناء ثم تذكر كان عليه السهو ولا تكون الثانية استقبالاً وقطعاً للأولى ولو افتتح الظهر ثم نسي فظن أنه في العصر فصلى ركعة أو أكثر ثم تذكر أنه كان في الظهر لا سهو عليه لأن تفكره لم يشغله عن أداء ركن ولو شك في ركوعه أو سجوده وطال تفكره كان عليه السهو ولو صلى وحده فسبقه الحدث فذهب ليتوضأ ثم شك أنه صلى ثلاثاً أو أربعاً وشغله ذلك عن وضوئه ساعة ثم استيقن فأتم وضوءه فعليه السهو لأنه في حرمة الصلاة وكان الشك في هذه الحالة بمنزلة الشك في حالة الأداء ولو شك في ذلك بعد ما سلم تسليمة واحدة ثم استيقن بإتمام الصلاة لا يلزمه السهو لأنه شك بعد الخروج من الصلاة وإن شك في ذلك بعد ما قعد قدر التشهد وشغله الشك عن السلام ثم تذكر فسلم كان عليه السهو وإن افتتح الصلاة فقرأ التشهد في قيامه قبل أن يشرع في قراءة الفاتحة عامداً أو ساهياً لا سهو عليه وإن جهر بالتعوذ أو بالتسمية أو بالتأمين لا سهو عليه وإن قرأ في الأوليين السورة ولم يقرأ فاتحة الكتاب له أن يقرأ الفاتحة في الشفع الثاني إن شاء وإن قرأها لا يكون قضاء وإن ترك السورة في الأوليين قضاها وعليه السهو قرأ في الأخريين أو لم يقرأ وإذا قرأها قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يجهر بقراءة السورة ولا يجهر بقراءة الفاتحة رجل صلى بقوم فلما صلى ركعتين وسجد السجدة الثانية شك أنه صلى ركعة أو ركعتين أو شك في الثالثة أو الرابعة فلحظ إلى من خلفه ليعلم أنهم إن قاموا قام وإن قعدوا قعد تعمد بذلك قالوا لا بأس به ولا سهو عليه ولا يجب السهو بترك رفع اليدين في تكبيرة الافتتاح ولا بترك ثناء الافتتاح والتعوذ والتأمين ولا بترك التسمية في الركعة الأولى ولا بترك سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد ولا بترك تكبيرات الركوع والسجود ولا بترك التسبيحات في الركوع والسجود ولا بترك رفع اليدين في تكبيرات العيدين وتكبيرات الافتتاح إذا قرأ والفاتحة إلا حرفاً أو قرأ أكثرها ثم أعادها ساهياً فهو بمنزلة ما لو قرأها مرتين ولو قرأ الفاتحة مرتين في الثالثة أو
<123>الرابعة ساهياً لا سهو عليه ولو لم يقرأ شيئاً من القرآن في الشفع الثاني ولم يسبح عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال إن كان متعمداً فقد أساء وإن كان ساهياً كان عليه سجود السهو وروي أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا حرج عليه في العمد ولا سجود في السهو وعليه الاعتماد ومن عليه سجود السهو في صلاة الفجر إذا لم يسجد حتى طلعت الشمس بعد ما قعد قدر التشهد سقط عنه سجود السهو وكذا لو سها في قضاء الفائتة فلم يسجد حتى احمرت الشمس وكذا في الجمعة إذا خرج وقتها وكل ما يمنع البناء إذا وجد بعد السلام يسقط السهو اقتدى بإمام سلم عليه سجود السهو إن سجد الإمام للسهو صح الإقتداء وإلا فلا وعند محمد رحمه الله تعالى يصح الاقتداء على كل حال إذا لم يسجد الإمام للسهو لا يسجد المقتدي إذا سلم المصلي عن يساره قبل السلام عن يمينه لا سهو عليه ويسلم عن يمينه إذا قعد على الرابعة قدر التشهد ثم تذكر بعد السلام أنه لم يتشهد قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعود ويتشهد وقال زفر والحسن رحمهما الله تعالى لا يتشهد إذا ترك صلاة الليل ناسياً فقضاها في النهار وأم فيها وخافت ساهياً كان عليه السهو وينبغي أن يجهر ليكون القضاء على وفق الأداء وإن أم ليلاً في صلاة النهار يخافت ولا يجهر فإن جهر ساهياً كان عليه السهو ولو أم في التطوع في الليل فخافت متعمداً فقد أساء وإن كان ساهياً فعليه السهو إذا لم يقرأ بشيء في الشفع الأول يقرأ في الشفع الثاني بفاتحة الكتاب ويجهر بهما في قولهم جميعاً ويسجد للسهو إذا أخر السجدة الصلبية أو سجدة التلاوة عن موضعها كان عليه السهو إذا سلم المسبوق ساهياً يلزمه السهو قيل هذا إذا سلم بعد الإمام فإن سلم مع الإمام لا سهو عليه المصلي إذا ركع ولم يرفع رأسه من الركوع حتى خر ساجداً ساهياً تجوز صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعليه السهو إذا زاد على التشهد الأول حرفاً ولم يتم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يلزمه السهو إذا صلى العصر خمساً وقعد في الرابعة(1/59)
<124> قدر للتشهد قالوا لا يضيف عليها أخرى لأن التنفل بعد العصر مكروه ولا سهو عليه لفوات محله لأنه أخر الصلاة وقد انتقل من العصر إلى التطوع ولم يتم التطوع وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يضيف إليها السادسة وعليه الاعتماد لأن التطوع بعد العصر إنما يكره إذا كان عن اختيار أما إذا لم يكن عن اختيار فلا يكره وكذا قالوا فيمن أراد أن يتطوع في آخر الليل فلما صلى ركعة طلع الفجر فالأفضل أن يتمها لما قلنا إذا بدأ بقراءة السورة في الركعة الأولى أو الثانية فقرأ حرفاً ساهياً كان عليه السهو إذا سلم بعد ما قعد قدر التشهد ولم يتشهد فإنه يتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو ثم يتشهد ثم يسلم إذا نسي التشهد في آخر الصلاة فسلم ثم تذكر واشتغل بقراءة التشهد فلما قرأ البعض سلم قبل إتمام التشهد فسدت صلاته في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن قعوده الأول أرتفض بالعود إلى قراءة التشهد فإذا سلم قبل إتمام التشهد تفسد صلاته وقال محمد رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته لأن قعود الأول ما أرتفض كله بالعود إلى قراءة التشهد وإنما أرتفض بقدر ما قرأ أو لم يرتفض أصلاً لأن محل قراءة التشهد العقدة فلا ضرورة إلى رفضها وعليه الفتوى وعن هذا اختلف المشايخ في مسئلة لا رواية فيها إذا نسي الفاتحة والسورة حتى ركع فتذكر في ركوعه فانتصب قائماً للقراءة ثم ندم فسجد ولم يعد الركوع قال بعضهم تفسد صلاته لأنه لما انتصب قائماً للقراءة أرتفض ركوعه فإذا لم يعد الركوع تفسد صلاته وقال بعضهم لا يرتفض كل الركوع أو لم يرتفض أصلاً لأن الرفض كان لأجل القراءة فإذا لم يقرأ صار كأن لم يكن إذا أراد أن يقرأ في صلاته سورة فأخطأ فقرأ سورة أخرى لا سهو عليه إذا شك في سجود السهو أنه سجد سجدة أو سجدتين وطال تفكر ثم تذكر لا سهو عليه المسبوق إذا لم يتابع الإمام في سجود السهو وسها فيما يقضي كفاه سجدتان وينتظم الثانية الأولى وإن لم يسه فيما فضي وفرغ عن صلاته سجد للسهو الذي كان مع الإمام استحساناً ولو تابع الإمام في سجود السهو ثم سها فيما
<125>يقضي فإنه يسجد لسهوه إمام سها في صلاته ثم أحدث فقدم غيره فسها الثاني أيضاً فسجد الثاني سجدتين كفاه ذلك إذا سلم الإمام وعليه سهو فقام المسبوق إلى قضاء ما سبق فقرأ وركع فلم يسجد وسجد الإمام للسهو يتابعه المسبوق في سجود السهو ويقعد معه مقدار التشهد لأن انفراده لم يتأكد لا جرم لو سجد لا يتابع الإمام لأن انفراده قد تأكد ثم إذا عاد إلى قضاء ما سبق قبل التقييد بالسجدة يعيد القيام والركوع لأن قيامه وركوعه قبل سجود الإمام للسهو أرتفض بالمتابعة فلا بد من الإعادة ولا ينبغي للمسبوق أن يقوم إلى قضاء ما سبق قبل سلام الإمام فإن قام قبل أن يفرغ الإمام من التشهد فالمسئلة على وجوه أما إن كان مسبوقاً بركعة أو بركعتين أو بثلاث فإن كان مسبوقاً بركعة إن وقع من قراءته بعد فراغ الإمام من التشهد مقدار ما يجوز به الصلاة جازت صلاته لو مضى على ذلك وإن لم يقع من قراءته مقدار ذلك بعد فراغ الإمام من التشهد فمضى على ذلك فسدت صلاته لأن قيامه وقراءته قبل فراغ الإمام من التشهد لم يعتبر فإذا مضى على ذلك فقد ترك من صلاته ركعة فلا يجوز وكذا لو كان مسبوقاً بركعتين لأنه ترك القراءة في إحداهما ولو كان مسبوقاً بثلاث ركعات كان عليه فرض القراءة في ركعتين وفرض القيام في ركعة فينظر إن كان قام بعد فراغ الإمام من التشهد أدنى قومة وقرأ في الأخريين ما تجوز به الصلاة جازت صلاته وإن ركع في الأولى قبل فراغ الأمام من التشهد ومضى على ذلك فسدت صلاته رجل صلى المغرب ركعتين وقعد قدر التشهد وظن أنه أتم الصلاة فسلم ثم قام وكبر ينوي السنة ثم تذكر أنه لم يتم المغرب بعدما سجد للسنة أو قبل ذلك فسدت المغرب لأنه انتقل إلى السنة قبل إكمال الفريضة ولو صلى المغرب ركعتين فسلم ثم تذكر فظن أن صلاته قد فسدت فقام وكبر للمغرب ثانياً وصلى ثلاثاً إن صلى ركعة وقعد قدر التشهد جازت المغرب وإلا فلا لأن نية المغرب ثانياً لم تصح فيبقى في الأولى فإذا صلى ركعة وقعد يتم الصلاة وإلا فلا وإن افتتح المغرب وصلى ركعة فظن أنه يكبر للافتتاح فافتتحها وصلى ثلاث ركعات جازت صلاته لأنه في المرة الثانية(1/60)
<126> قعد على الثانية وهي ثلاثة حقيقة ولو صلى المغرب ركعتين فظن أنه لم يفتتح وصلى ثلاث ركعات لا تجوز صلاته لأنه في الأولى فإذا لم يقعد على رأس الأولى في المرة الثانية فقد ترك القعدة على رأس الثالثة فتفسد صلاته إذا صلى الظهر أربعاً وتذكر بعد السلام أنه ترك منها سجدة فقام واستقبل الصلاة فصلى أربعاً وسلم وذهب فسدت صلاته لأن نية استقبال الظهر لم تصح لأنه كان في الأولى فصار خالطاً المكتوبة بالنافلة قبل إكمال المكتوبة فتفسد صلاته رجل صلى العشاء فسلم على رأس الركعتين على ظن أنها ترويحة أو سلم في الظهر على الركعتين على ظن أنها جمعة أو المقيم سلم على رأس الركعتين على ظن أنه مسافر يستقبل الصلاة ولو سلم على رأس الركعتين على ظن أنها رابعة فإنه يمضي على صلاته ويسجد لسهوه لأنه في المسائل الثلاث سلم مع علمه أنه صلى ركعتين فكان عامداً في السلام على رأس الركعتين فتبطل صلاته أما في المسئلة الرابعة سلم على رأس الركعتين على ظن أنه صلى أربعاً فكان ساهياً فلم يكن عامداً بالسلام على رأس الركعتين فلا تبطل صلاته وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يبني كما لو ظن أنه احدث فانصرف ثم علم أنه لم يحدث وعندهما كان له أن يبني على صلاته ما لم يخرج من المسجد وعند محمد رحمه الله تعالى لا يبني فكذلك في هذه المسئلة مصلي الأربع إذا رفع رأسه عن الركوع من الركعة الثالثة فتذكر أنه لم يسجد في الثانية إلا سجدة واحدة فإنه يسجد تلك السجدة ثم يتشهد للثانية ثم يسجد للثالثة سجدتين ثم يتم صلاته لأن عوده إلى السجدة المتروكة لا يرفض الركوع ويلزمه السهو لأنه أخر السجدة ي الركعة الثانية عن محلها وإن تذكر وهو راكع في الثالثة أنه ترك من الركعة الثانية سجدة فإنه يسجد السجدة المتروكة ويتشهد ثم يقوم فيصلي الثالثة والرابعة بركوعهما وسجودهما لأنه ما تذكر في الركوع والركوع قبل رفع الرأس مما يقبل الارتفاض فكان عوده للسجدة المتروكة رفضاً للركوع فير تفض بخلاف ما بعد التمام المصلي إذا سلم ناسياً وعليه سجدة التلاوة فسجدها ثم خرج عن الصلاة قبل أن يقعد قدر التشهد فسدت صلاته لأن
<127> العود في سجدة التلاوة يرفض القعدة في رواية كالعود إلى السجدة الصلبية يرفض القعدة باتفاق الروايات وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى أما العود إلى سجود السهو لا يرفض القعدة باتفاق الروايات إذا سلم الإمام وعليه سجدة التلاوة فتذكر في مكانه بعدما تفرق القوم فإنه يسجد للتلاوة ويقعد قدر التشهد فإن سجد للتلاوة ولم يقعد فسدت صلاته لارتفاض القعدة ولا تفسد صلاة القوم لانقطاع المتابعة المسافر إذا صلى ركعتين وسها فيهما وسجد للسهو ثم نوى الإقامة صحت نيته وينقلب فرضه أربعاً ولو صلى الرجل ركعتين تطوعاً وسها فيهما وسجد للسهو فأراد أن يبني عليهما ركعتين لا يبني من عليه السهو إذا سلم وهو يريد أن لا يسجد للسهو كان عليه أن يسجد ونيته باطلة رجل ترك من صلاته سجدة صلبية وسجدة للتلاوة فسلم وهو ذاكر أحدهما فسدت صلاته كانت المذكورة صلبية أو تلاوة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى كان ناسياً للتلاوة وذاكراً للصلبية فكذلك وإن كان على العكس لا تفسد صلاته ولو سلم وهو ذاكر أنه قعد قدر التشهد لكنه لم يقرأ التشهد ثم تذكر أن عليه سجدة للتلاوة لا يعود لأنه سلم عمد وصلاته تامة لأنه لم يترك ركناً وكذا لو سلم وهو ذاكر أن عليه سجدة التلاوة ثم تذكر أنه لم يتشهد فإنه لا يعود للتشهد ولا يسجد للتلاوة وصلاته تامة المصلي إذا نسي سجدة التلاوة في موضعها ثم تذكرها في الركوع أو في السجود أو في القعود فإنه يخر لها ساجداً ثم يعود إلى ما كان فيه فيعيده استحساناً وإن لم يعد جازت صلاته وإن أخرها إلى آخر صلاته أجزأه لأن الصلاة واحدة وإن كان إماماً وصلى ركعة وترك منها سجدة فصلى ركعة أخرى وسجد لها فتذكر المتروكة في السجود فإنه يرفع رأسه من السجود ويسجد المتروكة ثم يعيد ما كان فيها لأنها ارتفضت فيعيدها استحساناً فأما ما قبل ذلك إلى المتروكة هل تر تفض إن كان ما تخلل بين المتروكة وبين الذي تذكر فيها ركعة تامة لا تر تفض باتفاق الروايات فلا يلزمه إعادة ذلك وإن لم يكن ركعة تامة فكذلك في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه ير تفض إذا قرأ في الشفع(1/61)
<128> الثاني من الظهر أو العصر أو العشاء الفاتحة والسورة ساهياً لا سهو عليه قرأ في صلاة الجمعة سورة السجدة وسجد لها ثم قام وقرأ الفاتحة وقرأ تتجافى جنوبهم لا سهو عليه لأنه لم يقرأ الفاتحة مرتين على الولاء (فصل فيما يفسد الصلاة) المفسد للصلاة نوعان فعل وقول أما الأول إذا أحدث في صلاته من بول أو غائط أو ريح أو رعاف متعمداً فسدت صلاته وإن سبقه الحدث ولم يتعمد إن كان حدثاً موجبه الغسل فكذلك وإن كان موجبه الوضوء فإن كان بفعل الآدمي فكذلك وإن لم يكن بفعل الآدمي لا يفسد الصلاة بل يتوضأ ويبني إذا كان بدنه دمل أو جراحة أو بثرة فغمزها بيده عمداً فسدت صلاته لأنه تعمد الحدث وإن لم يغمزها لكنها انشقت بإصابة اليد أو الثوب في الركوع أو السجود وسال منه الدم فسدت صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تفسد صلاته ويمنع البناء كذا لو سقط من السقف حجر أو خشب على المصلي بمشي إنسان فأدماه وكذا لو دخل الشوك في رجل المصلي أو في وضع جبهته على الأرض في السجود فسال منه الدم من غير قصده فسدت صلاته عندهما وقيل تفسد عند الكل لأن الاحتراز عنه ممكن فإذا لم يحترز صار كأنه تعمد ذلك وكذا لو كان تحت شجرة فسقطت منها ثمرة فجرحته وإن لم يصبه الحدث لكنه فعل فعلاً ليس من أفعال الصلاة إن كان كثيراً له منه بد تفسد صلاته وإن كان يسيراً لا تفسد صلاته واختلفوا في القلة والكثرة قال بعضهم كل ما يقام باليدين فهو كثير وما يقام بيد واحدة فهو يسير ما لم يتكرر فعلى هذا القول المصلي إذا ضرب دابته مرة أو مرتين لا تفسد صلاته لأن الضرب يتم بيد واحدة وإن ضربها ثلاث مرات في ركعة واحدة تفسد صلاته ولو كان في صلاة الظهر أو النفل أربع ركعات فضربها في كل ركعة مرة أو مرتين لا تفسد صلاته وإن ضربها ثلاث مرات في ركعة واحدة تفسد صلاته وكذا لو انتقض من عمامته كور فسواه مرة أو مرتين لا تفسد لأن ذلك حصل بيد
<129> واحدة وإن تعمم فسدت صلاته لأنه لا يحصل بيد واحدة وكذا المرأة إذا تخمرت فسدت صلاتها لأن ذلك يحصل بفعلين بإدخال اليد في المغلق ثم تحريك المغلق وقت الفتح ثم إخراج المغلق من موضع الشد ولو شد السراويل تفسد صلاته لأنه يحتاج إلى استعمال اليدين وإن حل الأزرار لا تفسد لأنه يتم بيد واحدة من غير تكرار الفعل وكذا لو زر القميص تفسد ولو حل لا تفسد ولو رفع العمامة ووضعها على الأرض أو رفعها من الأرض ووضعها على الرأس لا تفسد لأنه يتم بيد واحدة من غير تكرار ولو نزع القميص لا تفسد ولو لبس القميص تفسد ولو تنعل أو خلع نعليه لا تفسد لأنه يحتاج إلى اليدين ولا إلى المعالجة ولو لبس الخفين فسدت صلاته لأنه لا يتم بيد واحدة ولو ألجم دابته أو أسرجها أو نزع السرج فسدت صلاته وإن أمسكها أو خلع اللجام لا تفسد ولو لبس قلنسوة أو بيضة أو نزعها لا تفسد وإن رمى طيراً لم تفسد صلاته قيل هذا إذا كان الحجر في يده أما إذا أخذ الحجر من الأرض ورمى طيراً تفسد صلاته ولو تروح بمروحة أو بكمه لا تفسد صلاته وقد مر قبل هذا وإن أكل أو شرب عامداً أو ناسياً فسدت صلاته لأنه ليس من أعمال الصلاة وهو كثير لأنه عمل اليد والفم والأسنان وإن ابتلع شيئاً بين أسنانه في الكتاب أنه لا تفسد الصلاة ولم يفصل قيل هذا إذا كان قليلاً فإن كان كثيراً يفسد الصلاة ثم اختلفوا في القلة والكثرة بعضهم قدروا القليل بما دون الحمصة وسوى بينها وبين الصوم وإن ضرب إنساناً بيده أو بسوط فسدت صلاته وإن تقلد سيفاً أو نزعه لا تفسد صلاته وكذا إذا تردى برداء أو حمل شيئاً خفيفاً يحمل بيد واحدة أو حمل صبياً أو ثوباً على عاتقه لم تفسد صلاته وإن كان ثقيلاً يتحمل بالأجر بمقابلته فسدت صلاته وإن دفع المار برأسه أو بيده لا تفسد صلاته وإن رمى بسهم فسدت صلاته لأنه كثير قالوا هذا إذا أخذ القوس والسهم ووضع(1/62)
<130> السهم على الوتر ورمى به فأما إذا كان القوس في يده والسهم على الوتر فرمى لا تفسد صلاته ولو ركب الدابة فسدت صلاته لأنه لا يتم إلا باليدين وإن نزل عن الدابة لم تفسد لأن النزول ممكن بدون استعمال اليدين بأن يجعل رجليه من جانب ويطرح نفسه على الأرض قالوا هذا يشكل بما إذا حمله غيره وضعه على السرج فإن صلاته تفسد ويمكن أن يجاب عن هذا فيقال إن فعل غيره انتقل إليه فصار كأنه هو الذي يركب بنفسه وهذا على قول من يقدر الكثير بعمل اليدين وهو اختيار الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى وقال بعضهم إن كان بحال لو رآه إنسان ليستيقن إنه ليس في صلاة فهو كثير وإن كان يشك إنه في الصلاة أو ليس في الصلاة فهو يسير وهذا اختيار العامة وقال بعضهم يفوض ذلك إلى رأي المصلي إن استفحشه واستكثره فهو كثير وإلا فلا قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا القول أقرب إلى مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنه في جنس هذا المسائل لا يقدر تقديراً بل يفوض ذلك إلى رأي المبتلى به ولو حول المصلي وجهه عن القبلة من غير عذر فسدت صلاته وكذا لو تقدم على الإمام من غير عذر ولو كان في الصحراء فتأخر عن موضع قيامه فسدت صلاته قال الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته ما لم يتأخر مقدار سجوده من خلفه وكذا عن يمينه أو عن يساره بقدر ما قلنا كما في وجه القبلة المرأة إذا ظنت أنها أحدثت فاستدبرت القبلة قالوا إن نزلت عن مصلاها فسدت صلاتها وليس البيت لها كالمسجد للرجل وقال القاضي أبو علي النسفي رحمه الله تعالى لا تفسد صلاتها والبيت لها كالمسجد للرجل ولو كان المقتدي على يمين الإمام فجاء ثالث واجتذب المؤتم إلى نفسه بعدما كبر الثالث أو قبله لم تفسد صلاة المؤتم وقال بعضهم إذا اجتذبه قبل التكبير تفسد محاذاة المرأة الرجل في صلاته مشتركة شركة التحريمة والأداء تفسد صلاة الرجل قلت محاذاة المرأة أو كثرت بالغة كانت المرأة أو صغيرة عاقلة من أهل الصلاة تثاب عليها اقتدت بإمام نوى إمامتها في
<131>الفريضة أو اقتدت متطوعة بالمفترض فإن قامت بجنب إمام نوى إمامتها وكبرت مع الإمام لم تنعقد تحريمة الإمام وهو الصحيح وإن تقدمت على الإمام و أتمت به لم تفسد صلاة الإمام وحد المحاذاة أن يحاذي عضو منها عضواً من الرجل حتى لو كانت المرأة على الظلة ورجل بحذائها أسفل منها أو خلفها إن كان يحاذي الرجل شيئاً منها تفسد صلاته ويصح اقتداء المرأة بالرجل في صلاة الجمعة وإن لم ينو إمامتها وكذا يصح اقتداء القارئ بالأمي من غير أن ينوي إمامته حتى تفسد صلاة الأمي المراهقة إذا صلت بغير قناع جاز وكذا الأمة البالغة إذا صلت بغير قناع جاز فإن أعتقت البالغة في خلال الصلاة فسترت من ساعتها جازت صلاتها والحر إذا افتتح الصلاة عارياً ثم وجد الثوب في خلال الصلاة تفسد صلاته ولا يبني إذا سبقه الحدث في الصلاة فمكث ساعة بعد الحدث ولم ينصرف فسدت صلاته
(وهذه جملة مسائل) إحداها هذه ومنها إذا أصاب الثوب أو البدن نجاسة أكثر من قدر الدرهم من غير حدثه ومنها إذا طرح المقتدي في الزحمة أمام الإمام أو في صف النساء أو في مكان نجس أو حولوه عن القبلة أو طرحوا إزاره أو سقط عن المصلي ثوبه وانكشفت عورته ففيما إذا تعمد ذلك فسدت صلاته قل ذلك أو كثر وإن لم يتعمد فإن سجد مع ذلك أو ركع فسدت صلاته علم بذلك أو لم يعلم وإن لم يؤد ركناً ومكث فإن كان بعذر لا تفسد في قولهم وإن وجد سبيلاً من التبعد عنها فمكث من غير عذر اختلفت الروايات فيه وظاهر الرواية عن محمد رحمه الله تعالى أن صلاته تفسد وقيل قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى في هذا كقول محمد رحمه الله تعالى وإن تنجس ثوبه أو بدنه بحدثه بأن رعف فأصاب الرعاف ثوبه أو بدنه إن كان قليلاً فصلى فيها جاز وإن كانت كثيرة وليس معه ثوب آخر فإنه ينصرف ويتوضأ ويغسل النجاسة ويبني على صلاته لأن الشرع جوز البناء على الرعاف مع أنه يصيب ذلك جسده وثوبه فلا يمنع البناء والمصلي إذا خاف سبق الحدث فانصرف فسبقه الحدث في الطريق لا يجوز له البناء في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله(1/63)
<132>تعالى ولو سبقه الحدث في الصلاة فانصرف ليتوضأ ثم أحدث متعمداً لا يجوز له البناء ولو قهقه في صلاته قبل التشهد تفسد صلاته كما لو أحدث متعمداً ولو قهقه بعد التشهد أو بعدما عاد إلى سجود السهو تنتفض طهارته ولا تفسد صلاته وبعدما عاد إلى سجدة التلاوة تنتقل طهارته وتفسد صلاته لما مر قبل هذا إذا أحدث الإمام فقدم محدثاً أو جنباً أو امرأة أو صبياً أو مجنوناً أو كافراً وخرج من المسجد فسدت صلاة الكل وإن لم يخرج الإمام من المسجد حتى قدم هؤلاء رجلاً يصلح للإمامة إن قدم المحدث أو الجنب متوضأ صح تقديمهما ولا يصح تقديم غيرهما الأمي إذا تعلم القرآن فسدت صلاته وكذا إذا قام القارئ بجنب الأمي يصلي صلاة الأمي تفسد صلاة الأمي وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إن تعلم الأمي بعدما قعد قدر التشهد لا تفسد صلاته وإن تعلم الأمي بعدما سلم وعليه سهو لا تفسد صلاته عند الكل ولو تعلم بعدما سلم ثم تذكر سجدة التلاوة فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو كانت السجدة الصلبية فسدة صلاته عند الكل ولو كان الأمي مقتدياً بالقارئ فتعلم القرآن في وسط الصلاة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته العاري إذا وجد الثوب في صلاته تفسد صلاته كذلك صاحب الجرح السائل إذا انقطع دمه أو خرج الوقت في خلال الصلاة والمتيمم إذا وجد الماء وماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه وصاحب الجبيرة إذا سقطت الجبيرة في الصلاة عن برء فسدت صلاته رجل صلى أربع ركعات تطوعاً ولم يقعد على الثانية لم تفسد صلاته استحساناً ولو صلى ست ركعات أو ثمان ركعات ولم يقعد إلا في آخرهن اختلف المشايخ فيه قال بعضهم تفسد صلاته قياساً واستحساناً وقال بعضهم هذا والأول سواء مصلي الجمعة إذا خرج وقتها فسدت صلاته وهو وما تقدم سواء المرأة إذا أرضعت ولدها في الصلاة تفسد صلاتها ولو جاء
<133> الصبي وارتضع من ثديها وهي كارهة فنزل لبنها فسدت صلاتها وإن مص مصة أو مصتين ولم ينزل لبنها لم تفسد صلاته وإن مص ثلاث مصات تفسد صلاتها نزل اللبن أو لم ينزل إذا قرأ المصلي من المصحف فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو نظر في المصحف أو المحراب فهم ولم يقرأ لم تفسد صلاته وهو الصحيح ولو قرأ من الإنجيل أو التوراة أو الزبور وهو يحسن القرآن أو لا يحسن فسدت صلاته وكذا لو أنشد شعراً فيه تسبيح أو تهليل فسدت صلاته ولو أغمي على المصلي أو جن فسدت صلاته وكانت المرأة في الصلاة فجامعها زوجها بين الفخذين فسدت صلاته وإن ينزل منها بلة وكذا لو قبلها بشهوة أو غير شهوة أو مسها بشهوة ولو نظر إلى فرج المطلقة طلاقاً رجعياً عن شهوة يصير مراجعاً ولا تفسد صلاته في رواية وكذا لو نظر المصلي إلى فرج امرأة بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها ولا تفسد صلاته في رواية ولو صلى الرجل في قميص محلول الجيب فوقع بصره في الركوع والسجود على فرجه ذكرنا أنه لا تفسد صلاته وفي رواية تفسد وهو اختيار الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ولو نظر إنسان من تحت القميص ورأى عورة المصلي لا تفسد صلاته ولو قبلت المصلي امرأة ولم يشتهها لم تفسد صلاته إذا نام المصلي مضطجعاً متعمداً فسدت صلاته ولو نعس في الصلاة ولم يتعمد فمال نفسه حتى اضطجع اختلفوا فيه قال بعضهم تنتقض طهارته ولا تفسد صلاته وله أن يتوضأ ويبني وقال بعضهم لا تفسد صلاته ولا تنتقض طهارته كما لو نام في السجود ولو نام في ركوعه أو سجوده إن لم يتعمد ذلك لا تفسد صلاته وإن تعمد فسدت في السجود ولا تفسد في الركوع ولو كتب على يده أو في الهواء أو في شيء لا يستبين لم تفسد صلاته وإن كتب على الأرض مستبيناً فسدت صلاته إذا كثر ولو مضغ علكاً فسدت صلاته إذا كثر ولو أخذ من الخارج سمسمة وابتلعها فسدت صلاته في رواية ولو كان في فيه اهليلجة فلاكها فسدت صلاته وإن لم يلكها فدخل في جوفه منها شيء يسير لم تفسد صلاته وكذا لو ابتلع دماً خرج من بين أسنانه لم تفسد صلاته إذا لم يكن ملء الفم وكذا لو قاء أقل من ملء(1/64)
<134> الفم فعاد إلى جوفه وهو لا يملك إمساكه لا تفسد صلاته ولو دهن رأسه ولحيته أو اكتحل أو جعل ماء الورد على رأسه فسدت صلاته قيل هذا إذا تناول القارورة فصب الدهن على يده ولو كان في يده فمسح برأسه أو بلحيته لم تفسد صلاته ولو سلم إنسان على المصلي فأشار برد السلام برأسه أو بيده أو إصبعه لا تفسد صلاته ولو صافح المصلي رجلاً يريد به التسليم فسدت صلاته ولو نتف شعرة أو شعرتين بمرة أو مرتين لا تفسد وإن نتف ثلاث مرات تفسد صلاته وكذا لو قتل القملة مراراً متداركاً فسدت صلاته ولو مشي في صلاته مقدار صف واحد لم تفسد صلاته ولو كان مقدار صفين إن مشي دفعة واحدة فسدت صلاته وإن مشى إلى صف ووقف ثم مشى إلى صف لا تفسد صلاته ولو رفع المصلي من مقامه ثم وضع من غير أن يحول عن القبلة لا تفسد صلاته ولو طلب من المصلي إنسان شيئاً فأومأ المصلي برأسه بنعم أو أراه إنسان درهماً وقال أجيد هو فأومأ برأسه بنعم لا تفسد صلاته ولو رفع المصلي الفتيلة في المسرجة لا تفسد صلاته ولو تفكر في صلاته فتذكر حديثاً أو شعراً أو أنشأ كلاماً مرتباً ولم يذكر ذلك بلسانه لم تفسد صلاته ولو انكشف ربع شعر المرأة أو ساقها في الصلاة فسدت صلاتها والمعتبر في إفساد الصلاة انكشاف ما فوق الأذنين لا ما تحتهما وهو الصحيح وفي حرمة النظر نسوي بنيهما هو الصحيح قال أبو يوسف رحمه الله تعالى ساقها ليس بعورة وذراعها كبطنها في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ذراعها ليس بعورة حتى لو صلت امرأة وذراعاها مكشوفتان جاز صلاتها وفي قدمها روايتان والصحيح أن انكشاف ربع القدم يمنع الصلاة والكف والوجه ليس بعورة وركبة الرجل والمرأة عورة وهو عضو على حدة وانكشاف ربعهما يمنع الصلاة وفي رواية الركبة مع الفخذ عضو واحد وكذا الذكر مع الخصيتين عضوان مختلفان في رواية وفي رواية عضو واحد إن انكشف ربعها جميعاً يمنع الصلاة والصحيح هو الأول المصلي إذا سبقه الحدث فذهب ليتوضأ فانكشفت عورته في الوضوء أو كشفها هو قال القاضي
<135>الإمام الأجل أبو علي النسفي رحمه الله تعالى إن لم يجد بداً من ذلك لم تفسد صلاته وإن وجد منه بد بأن تمكن من الاستنجاء وغسل موضع النجاسة تحت القميص فأبدا عورته فسدت صلاته وكذا المرأة إذا سبقها الحدث في الصلاة واحتاجت إلى البناء لها أن تكشف عورتها وأعضائها في الوضوء وتغسل إذا لم تجد بداً من ذلك وقال بعضهم المصلي إذا كشف العورة في وضوءه يستقبل الصلاة ولا يبني وكذا المرأة كما لو كشف العورة في الصلاة تفسد صلاته والصحيح هو الأول لأن جواز البناء للمرأة منصوص عليه مع أنها تكشف عورتها في الوضوء ظاهر أو ليس هذا كما لو كشف العورة في الصلاة ألا ترى أن من سبقه الحدث في الصلاة ينزع خفيه ويتوضأ ولو نزع خفيه في الصلاة تفسد صلاته وكذلك ماسح الخف إذا انقضت مدة مسحه في الصلاة تفسد صلاته ولو سبقه الحدث في الصلاة فذهب للوضوء ثم انقضت مدة مسحه كان له أن ينزع خفيه ويتوضأ ويبني ولو صلى رجل مكشوف الرأس وهو يجب عمامة إن كان على وجه التذلل والتضرع لا بأس به وإن كان على وجه التهاون يكره ولو صلى رافعاً كميه إلى المرفقين كره من سبق الحدث في الصلاة له أن يستقي الماء من البئر يتوضأ ويبني إذا لم يكن عنده ماء آخر وذكر الكرخي والقدوري رحمهما الله تعالى أن الاستقاء يمنع البناء ولو انتهى إلى نهر فيه ماء فإنه يستقبل الصلاة ولو سبقه الحدث في الصلاة فذهب يتوضأ فوجد الدلو منحرفاً فحرزه فإنه يستقبل الصلاة ولو سبقه الحدث وبقربه بئر فذهب إلى الماء قالوا إن كان مؤنة النزح والاستقاء أقل من مؤنة الذهاب إلى الماء فإنه يستقي وإلا يذهب إلى الماء المصلي إذا قاء ملء الفم تنتقض طهارته ولا تفسد صلاته وله أن يتوضأ ويبني وإن قاء أقل من ملء الفم لا تنتقض طهارته ولا تفسد صلاته وإن قاء ملء الفم ثم ابتلعها ولم يمجه وهو يقدر على أن يتجه تفسد صلاته وإن لم يكن ملء الفم لا تفسد صلاته في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وتفسد في قول محمد رحمه الله تعالى والأحوط قوله الإمام إذا حصر من القراءة فاستخلف غيره قبل أن يقرأ مقدار ما تجوز به الصلاة جاز في قول أبي حنيفة
<136>رحمه الله تعالى ولا تفسد صلاته(1/65)
(وأما المفسد من حيث القول) إذا تكلم في صلاته عامداً أو ناسياً أو نائماً يسيراً أو كثيراً قبل أن يقعد قدر التشهد فسدت صلاته وكذا إذا سلم على إنسان أو رد السلام ولو أراد أن يسلم على أحد ساهياً فقال السلام ثم علم فسكت تفسد صلاته ولو بكى في صلاته فإن سال دمعه من غير صوت لا تفسد صلاته وإن ارتفع صوته فحصل به حروف إن كان من ذكر الجنة والنار لم تفسد صلاته وإن كان من وجع أو مصيبة تفسد صلاته وكذا لو قال أف أو تف أو أنّ في صلاته فقال آه أو أوه تفسد صلاته إن كان من وجع أو مصيبة وإن كان به مرض لا يمكنه الامتناع عنه عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال لا يفسد صلاته لأن ما لا يمكنه الامتناع عنه يكون عفواً كما لو عطس وحصل به حروف أو تجشى أو تثاءب فارتفع صوته فحصل به حروف لم تفسد صلاته ولو لدغته عقرب أو أصابه وجع فقال بسم الله قال الشيخ الإمام الأجل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى تفسد صلاته ويكون بمنزلة الأنين وهكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقيل لا تفسد لأنه ليس من كلام الناس وإن تنحنح إن كان بعذر لا تفسد صلاته وإن كان بغير عذر تفسد صلاته ولو عطس رجل فقال المصلي يرحمك الله فسدت صلاته لأنه خاطبه ولو عطس المصلي فقال له رجل يرحمك الله فقال المصلي آمين فسدت صلاته لأنه أجابه ولو كان بجنب المصلي العاطس رجل آخر في صلاة فلما عطس المصلي فقال له رجل ليس في صلاة يرحمك الله فقال المصليان آمين فسدت صلاة العاطس لأنه أجابه ولا تفسد صلاة غير العاطس لأن تأمينه ليس بجواب ولو عطس المصلي فقال له رجل في الصلاة الحمد لله روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال لا تفسد صلاته وإن أراد به الجواب وإن قال يرحمك الله فسدت صلاته لأن الأول تحميد وليس بجواب ولو عطس المصلي ينبغي أن يسكت ولو قال الحمد لله لا تفسد صلاته لأن هذا ليس بخطاب من العاطس غيره ولو قال يرحمك الله فسدت صلاته وينبغي أن لا تفسد كما لو دعا بدعاء آخر المصلي إذا افتتح على من ليس في الصلاة إن أراد به قراءة القرآن لا تفسد صلاته عند الكل وإن أراد به تعليم ذلك الرجل
<137>تفسد صلاته لأنه ليس من أعمال الصلاة ثم هل تفسد صلاته للفتح مرة أو يشترط فيه التكرار فيه روايتان والأصح أن لا يشترط وإن فتح على المصلي رجل ليس في الصلاة فأخذ المصلي بفتحه لأنه تعلم وإن فتح المصلي على إمامه إن كان ذلك قبل أن يقرأ مقدار ما تجوز به الصلاة ولم ينتقل الإمام إلى آية أخرى جاز ولا تفسد صلاته أخذ الإمام بفتحه أو لم يأخذ وإن كان ذلك بعدما قرأ مقدار ما تجوز به الصلاة فإن انتقل الإمام إلى آية أخرى لا ينبغي له أن يفتح فإن فتح وأراد به التعليم فسدت صلاته وإن أخذ الإمام بفتحه تفسد صلاة الكل وإن قرأ الإمام مقدار ما تجوز به الصلاة إلا أنه توقف ولم ينتقل إلى آية أخرى حتى فتح المقتدي اختلفوا فيه والصحيح أنه لا تفسد صلاة الفاتح وإن أخذ الإمام بفتحه لا تفسد صلاتهم ولا ينبغي للمقتدي قبل الافتتاح ولا للإمام أن يلجأ المقتدي إلى الفتح لكنه يركع إن كان قرأ قدر ما تجوز به الصلاة أو ينتقل إلى آية أخرى المصلي إذا أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله أو أخبر بأمر عجيب فقال سبحان الله أو بخبر يهوله فقال لا إله إلا الله أو قال الله أكبر إن لم يرد به الجواب لم تفسد صلاته في قولهم جميعاً وإن أراد به الجواب فسدت صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقيل لو قال لا إله إلا الله أو قال وصلى الله علي محمد أو قال الله أكبر لا تفسد صلاته في قولهم و لو أخبر بمصيبة أو بخبر يسؤه فقال إنا لله وإنا إليه راجعون إن أراد به قراءة القرآن دون الجواب لا تفسد صلاته في قولهم وإن أراد به الجواب قال بعضهم تفسد صلاته عند الكل ولو كان بين يديه كتاب موضوع وعند رجل اسمه يحيى فقال يا يحيى خذ الكتاب بقوة أو رجل اسمه موسى فقال ما تلك بيمينك يا موسى أو كان في السفينة وابنه خارجاً عنه فقال يا بني اركب معنا إن قصد به قراءة القرآن لم تفسد صلاته بالإتفاق وإن قصد به الخطاب تفسد في قولهم ولو قال أنا ربكم الأعلى وأراد به الإخبار عن نفسه كما قال فرعون عليه اللعنة يصير كافراً وتبطل صلاته ولو قيل للمصلي من أين جئت فقال المصلي من وبئر معطلة وقصر مشيد(1/66)
<138>إن أراد به الجواب تفسد صلاته وإلا فلا ولو قرع الباب على المصلي أو نودي من الخارج فقال ومن دخله كان آمنا وأراد به الجواب والأذن بالدخول تفسد صلاته وإن سبح يريد به إعلامه أنه في الصلاة لا تفسد صلاته ولو قال رجل بين يدي المصلي أمع الله إله آخر فقال المصلي لا إله إلا الله إن أراد به الجواب تفسد صلاته ولو قال المصلي اللهم اغفر لي أو قال اللهم اغفر لوالدي أو قال للمؤمنين والمؤمنات لا تفسد صلاته ولو قال اللهم اغفر لأخي قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ولو قال اللهم اغفر لعمي أو لخالي تفسد صلاته ولو قال اللهم ارزقني جنتك أو رؤيتك لا تفسد ولو قال اقض ديني تفسد صلاته ولو رأى الهلال في الصلاة فقال ربي وربك الله تفسد صلاته وكذا لو لبى الحاج في صلاته تفسد صلاته ولو قال في الصلاة في أيام التشريق الله أكبر لا تفسد صلاته ولو أذن في الصلاة وأراد به الأذان فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته حتى يقول حي على الصلاة وحي على الفلاح وكذا إذا سمع الأذان في الصلاة فقال المصلي مثل ما قال المؤذن وأراد به جواب الأذان تفسد صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته حتى يقول حي على الصلاة حي على الفلاح ولو قال اللهم ارزقني دابة أو كرماً أو زوجني امرأة تفسد صلاته فالحاصل أنه إذا دعا في الصلاة بما جاء في الصلاة أو في القرآن أو في المأثور لا تفسد صلاته وإن لم يكن في القرآن ولا في المأثور لا يستحيل سؤاله من العباد تفسد صلاته وإن كان يستحيل سؤاله من العباد لا تفسد صلاته ولو قرأ الإمام آية الترغيب أو الترهيب فقال المقتدي صدق الله وبلغت رسله فقد أساء ولا تفسد صلاته ولو قرأ وركع وسجد وهو نائم تفسد صلاته وإذا جرى على لسان المصلي نعم فإن كان ذلك عادة له يجري على لسانه في غير الصلاة عادة فسدت صلاته لأنه من كلامه
<139>وإن لم يكن ذلك عادة له لا تفسد صلاته لأنه قرآن ولو قال بالفارسية آري فهو بمنزلة نعم إن كان ذلك عادة له تفسد صلاته وإلا فلا كما لو قرأ فالقرآن بالفارسية وهو يحسن العربي أو لا يحسن جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو سبقه الحدث في الصلاة فذهب للوضوء فقرأ القرآن في الذهاب أو في الرجوع تفسد صلاته وإن سبح لا تفسد صلاته إذا وسوسه الشيطان فقال لا حول ولا قوة إلا بالله إن كان ذلك في أمر الآخرة لم تفسد صلاته وإن كان من أمر الدنيا تفسد صلاته ومما يفسد الصلاة الخطأ في القراءة
(فصل في قراءة القرآن خطأ وفي الأحكام المتعلقة بالقراءة) المصلي إذا أخطأ في القراءة فذلك لا يخلو من وجوه أما أن يكون الخطأ في الإعراب أو بتخفيف المشدد أو بتشديد المخفف أو بترك المد في الممدود أو بإدخال المد في غيره أو بذكر حرف مكان حرف أو كلمة مكان كلمة أو آية مكان آية أو بالتقديم والتأخير أو بوصل المفصول أو ضده أو خطأ في النسبة أما الخطأ في الإعراب إذا لم يغير المعنى لا تفسد الصلاة عند الكل كما لو قرأ إن المؤمنين والمؤمنات أو قرأ ولم يجعل له عوجاً بالنصب أو قرأ الحمد لله رب العالمين بنصب الدال ونصب ميم الرحيم ونون الرحمن ونعبد بفتح الباء أو بكسر الباء فإن ذلك لا يفسد الصلاة لأن الخطأ في الإعراب مما لا يمكن الاحتراز عنه فيعذر ولهذا لو قال لرجل زنيت بالخفض أو قال لامرأة زنيت بنصب التاء يحد لأنه يفهم من الخطأ ما يفهم من الصواب وإن غير المعنى تغيراً فاحشاً بأن قرأ وعصى آدم ربه فغوى ورفع باء ربه أو قرأ البارئ المصور بنصب الواو أو قرأ إنما يخشى الله من عباده العلماء برفع الله ونصب العلماء أو قرأ نحن خلقنا بفتح القاف وجعلنا بفتح اللام وأنزلنا بفتح اللام ومن يغفر الذنوب إلا الله بنصب الله وما يعلم تأويله إلا الله بفتح الهاء ولا يغرنكم بالله الغرور بفتح الغين كسر الراء وأن الله برء من المشركين ورسوله بكسر لام الرسول وأنت خير المنزلين بفتح الزاء وما أشبه ذلك مما لو تعمد به يكفر إذا قرأ خطأ فسدت صلاته في قول المتقدمين واختلف المتأخرون في ذلك قال محمد بن(1/67)
<140>مقاتل وأبو نصر محمد بن سلام وأبو بكر بن سعيد البلخي والفقيه أبو جعفر الهندواني الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل والشيخ الإمام اسماعيل الزاهد وشمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته وما قاله المتقدمون أحوط لأنه لو تعمد يكون كفراً وما يكون كفر إلا يكون من القرآن وما قاله المتأخرون أوسع لأن الناس لا يميزون بين إعراب وإعراب فلا تفسد الصلاة وهذا على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ظاهر لأنه لا يعتبر الإعراب عرف ذلك في مسائل منها إذا قال الرجل لامرأته أنت واحدة ونوى به الطلاق عنده يقع الطلاق نصب الواحدة أو رفعها أو لم يعربها ومنها لو قال لغيره أنا قاتل أباك في قول محمد رحمه الله تعالى لا يلزمه شيء ويحمل على الوعد ولو قال أنا قاتل أبيك يكون إقرار في قول محمد رحمه الله تعالى على نفسه بالقتل وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يلزمه شيء في الوجهين ومنها لو قال لعبده رأسك رأس حر أو رأس حراً ورأس حر في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يسوي بين الكل ولا يعتق وفي قول محمد رحمه الله تعالى يعتق في الوجه الثالث ثم بعد هذا نذكر أكثر مسائل هذا الفضل على قول القاضي الإمام أبي بكر الزرنجري رحمه الله تعالى لأنه كان مشهوراً بعلم القراءة المصلي إذا قرأ إياك بكسر التاء فسدت صلاته في قول المتقدمين ولا تفسد عند المتأخرين ولو قرأ إن الله لا يخلف المعياد برفع الدال أو بكسر الدال لم تفسد صلاته عند الكل ولو قرأ ذلك كفارة إيمانكم بكسر الألف أو قرأ ولم يلبسوا إيمانهم بنصف الألف لم تفسد صلاته وأما لوجه الثاني إذا خفف المشدد قال القاضي الإمام لا تفسد صلاته بتخفيف المشدد إلا في قوله رب العالمين أو قرأ إياك نعبد بغير تشديد تفسد صلاته وعامة المشايخ على أن ترك المد والتشديد بمنزلة الخطأ في الإعراب لا تفسد الصلاة في قول المتأخرين ولو قرأ والقمر إذا تلاها أو قرأ أفعيينا بالتشديد لا تفسد الصلاة ولو قرأ وإياك نستعين بغير همزة لا تفسد الصلاة لأنه لا يغير المعنى وكذا لو قرأ اهدنا الصراط المستقيم وأظهر لام صراط المستقيم لا تفسد صلاته لأنه لا يغير المعنى وكذا
<141>لو قرأ صراط الذين بالألف واللام تفسد صلاته ولو قرأ إياك نعبد وأشبع ضم الدال حتى يصير واواً لم تفسد صلاته وكذا لو قرأ آمين بالتشديد لم تفسد صلاته وأما إذا أخطأ بذكر حرف مكان حرف في كلمة ولم يتغير المعنى بأن قرأ إن المسلمون إن الظالمون وما أشبه ذلك لم تفسد صلاته لأنه لا يغير المعنى لأنه لا يفهم من الخطأ ما يفهم بالصواب وكذا لو قرأ أياباً مكان أواباً لم تفسد صلاته وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى تفسد صلاته لأنه ليس في القرآن وإن ذكر حرفاً مكان حرفاً وغير المعنى فإن أمكن الفصل بين الحرفين من غير مشقة كالطاء مع الصاد فقرأ الطالحات مكان الصالحات تفسد صلاته عند الكل وإن كان لا يمكن الفصل بين الحرفين إلا بمشقة كالظاء مع الضاد والصاد مع السين والطاء مع التاء اختلف المشايخ فيه قال أكثرهم لا تفسد صلاته وعن أبي منصور العراقي كل كلمة فيها عين أو خاء أو قاف أو طاء أو تاء وفيها سين أو صاد فقرأ السين مكان الصاد أو الصاد مكان السين إذا قرأ التحيات لله بالطاء أو قرأ الدحيات لله بالدال قال القاضي الإمام رحمه الله تعالى لا تفسد صلاته ولو قرأ إذا جاء نسر الله بالسين أو قرأ ولا يغوث ويعوق ونصراً لا تفسد صلاته ولو قرأ السمد بالسين قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وعبد الواحد الشيباني لا تفسد صلاته ولو قرأ أساطير بالصاد لا تفسد صلاته ولو قرأ إلا ما اظطررتم بالظاء تفسد صلاته وكذا لو قرأ إلا ما اذطررتم بالذال مكان الضاد تفسد صلاته ولو قرأ بالتاء مع الضاد إلا ما اضتررتم لا تفسد صلاته ولو قرأ خاسئاً وهو حصير بالصاد لا تفسد صلاته وكذا ولو قرأ عسير بالعين مع السين لا تفسد صلاته ولو قرأ عصير بالعين مع الصاد تفسد صلاته ولو قرأ لن افسام لها بالسين تفسد صلاته ولو قرأ لا انفصال باللام لم تفسد صلاته ولو قرأ وعند الوجوه الدال تفسد صلاته ولو قرأ ألأنتم أشد رهبطاً بالطاء لم تفسد صلاته ولو قرأ(1/68)
<142> إلا من ختف الختفة بالتاء فيهما تفسد صلاته ولو قرأ يوم نبتش البتشة الكبرى بالتاء فيهما تفسد صلاته ولو قرأ في يوم ذي مسقبة بالقاف تفسد صلاته ولو قرأ ذوقوا مس سغر بالغين تفسد صلاته ولو قرأ ذلكم بأنه إذا دعى الله وعده بالعين لا تفسد صلاته ولو قرأ هم أظلم وأتغى لا تفسد صلاته ولو قرأ واتقى مكان وأطغى بالتاء والقاف تفسد صلاته وكذا لو قرأ وترى الجبار بالراء تفسد صلاته ولو قرأ تحسبها جامذة بالذال تفسد صلاته وكذا جامذة مقلوبة تفسد صلاته ولو قرأها خامدة بالخاء لا تفسد صلاته ولو قرأ فتنقلبوا خاسرين مكان خاسئين لا تفسد صلاته ولو قرأ فليعبدوا رب هذا البيت الذي قرأ التي فهي بمنزلة ما لو قرأ إياك نعبد وإياك نستعين ولو قرأ فظلتم تفكهون تفكحون بالحاء أو تفكعون بالعين تفسد صلاته ولو قرأ بل الساعة موعدهم موعذهم بالذال أو موعضهم بالضاد أو موعظهم بالظاء تفسد صلاته في الوجوه كلها ولو قرأ فهل عسيتم عصيتم بالصاد لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ فإن عصوك عسوك بالسين ولو قرأ ليعيض بهم الكفار بالضاد أو ليغيد بالذال لا تفسد صلاته ولو قرأ فيحفكم تبخلوا فيخفكم تبخلوا بالخاء لا تفسد صلاته ولو قرأ وربك يخلق ما يشاء ويختار قرأ ربك بالنصب لا تفسد صلاته ولو قرأ يلبسون ثياباً خذراً بالذال أو بالدال تفسد صلاته ولو قرأ إن هؤلاء يحبون العاجلة يكذبون العاجلة تفسد صلاته ولو قرأ يعوذون برجال يعودون برجال بالدال لا تفسد صلاته ولو قرأ استرق السمع قرأ بالغين استرغ بالغين تفسد صلاته ولو قرأ هذا ما لدي عتيد عنيد بالنون لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ كل كفار عتيد بالتاء لا تفسد صلاته ولو قرأ فسوف ينبئهم يبينهم الله من البيان لا تفسد صلاته ولو قرأ إلا النار إلا الناس تفسد صلاته ولو قرأ وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أهلكناهم تفسد صلاته ولو قرأ ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم قرأ الثاني بالنصب والأول بالكسر لا تفسد عند المتأخرين ولو قرأ
<143> كلا إذا بلغت التراقي بلقت بالقاف لا تفسد صلاته ولو قرأ ولا تكن بالخاء للخائنين خصيماً قرأ خسيماً بالسين تفسد صلاته وكذا لو قرأ خطيماً مكان خصيماً بالطاء ولو قرأ وما هو على الغيب بضنين بذنين بالذال لا تفسد صلاته ولو قرأ فأكثروا فيها الفساد فأرسلوا فيها الفساد لا تفسد صلاته ولو قرأ غير المغضوب قير المغضوب تفسد صلاته وكذا لو قرأ غير المغظوب بالظاء أو بالذال تفسد صلاته ولو قرأ الصرات بالتاء تفسد صلاته وعلى قول أبي منصور العراقي رحمه الله تعالى ولو قرأ الشيتان بالتاء لا تفسد صلاته ولو ترك الألف واللام في الرحمن الرحيم لا تفسد صلاته ولو قرأ هو الله أحت بالتاء تفسد صلاته ولو قرأ قل أن لم يره أحد أحت بالتاء تفسد صلاته ولو قرأ لم يكن له قرأ يكل له باللام لا تفسد صلاته ولو قرأ صددناكم سددناكم بالسين لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ لعلكم تصطلون لعلكم تسطلون بالسين لا تفسد صلاته ولو قرأ أم موسى فارعاً بالعين لا تفسد صلاته ولو قرأ اللهم صل بالسين لا تفسد صلاته ولو قرأ لا تأخذه سنة ولا نوم قرأ لا تأخذه ثنة بالثاء تفسد صلاته ولو قرأ لا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً بتراً بالتاء لا تفسد صلاته ولو قرأ إن هؤلاء متبر مدبر أو مدمر لا تفسد صلاته ولو قرأ وشروه بثمن بخس قرأ بثمن بخص لا تفسد صلاته ولو قرأ إنما هي زجرة قرأ الحاء تفسد صلاته ولو قرأ ونخل طلعها هضيم قرأ بالظاء أو بالذال تفسد صلاته ولو قرأ تلعها بالتاء لا تفسد صلاته ولو قرأ وأمطرنا عليهم مطراً قرأهما بالتاء تفسد ولو قرأ ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول قرأ واتبعنا النصب ورفع الرسول لا تفسد صلاته عند المتأخرين وكذا ولو قرأ فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك بنصب كاف كذب لا تفسد عند المتأخرين وكذا ولو قرأ كذب أصحاب الأيكة برفع الكاف إن الشيطان ينزغ بينهم قرأ ينزع بالعين لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ ولا أكثر من ذلك ولا أكبر بالباء لا تفسد صلاته ولو قرأ وعسى أن تكرهوا شيئاً قرأ وهو شر لكم وعسى أن تحبوا شيئاً قرأ وهو خير لكم لا تفسد(1/69)
<144>صلاته ولو قرأ إن الله بما تعلمون قرأ بالنصب أن الله لا تفسد صلاته ولو قرأ إلا عن موعدة وعدها إياه قرأ بالذال موعدة أو قرأ بالضاد موعضة تفسد صلاته ولو قرأ موعظة بالظاء لا تفسد صلاته ولو قرأ وما أنا بظلام للعبيد قرأ بذلام بالذال تفسد صلاته ولو قرأ للعبيذ بالذال أو بالظاء تفسد صلاته ولو قرأ قل موتوا بغيظكم بالضاد لا تفسد صلاته ولو قرأ فظاً غليظ الضاد أو قرأ غليظ القلب والضاد تفسد صلاته ولو قرأ خلصوا نجياً خلطوا نجياً الطاء لا تفسد صلاته ولو قرأ والإغلال التي كانت عليهم والأعناق التي كانت عليهم لا تفسد صلاته ولو قرأ بما كنتم تكفرون بما كنتم تكسبون لا تفسد صلاته ولو قرأ في البحر سرباً قرأ صرباً الصاد تفسد صلاته ولو قرأ نسباً نصباً بالصاد تفسد صلاته ولو قرأ إذ أوينا إلى الصخرة إلى السخرة بالسين تفسد صلاته ولو قرأ يبني اسرائيل اصرائيل بالصاد تفسد صلاته ولو قرأ فطرة الله التي فطر الناس عليها قرأهما بالتاء أو قرأ فاطر السموات بالتاء تفسد صلاته ولو قرأ ولقد فضلنا بعض النبيين فصلنا بالصاد لا تفسد صلاته ولو قرأ فضل الله فصل الله لا تفسد صلاته ولو قرأ نفصل الآيات بالسين فسدت صلاته ولو قرأ كتاب فصلت فضلت لا تفسد صلاته ولو قرأ ولا تقبلوا لهم شهادة قرأ لا تقتلوا لهم شهادة تفسد صلاته ولو قرأ ويدرأ عنها العذاب يذرأ بالذال تفسد صلاته ولو قرأ والطور وكتاب مسطور والتور بالتاء تفسد صلاته ولو قرأ مسطور مستور بالتاء لا تفسد صلاته ولو قرأ ومن يشاقق الرسول يساقق الرسول بالسين تفسد صلاته وكذا لو قرأ كنتم تشاقون تساقون تفسد صلاته ولو قرأ قطفا يخصفان بالسين فسدت صلاته إذا قرأ إنا أرسلنا عليهم ريحاً قرأ روحاً لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ تفسد الملائكة والروح قرأ والريح لا تفسد صلاته قرأ كأنما يساقون إلى الموت قرأ بالشين لم تفسد صلاته ومن الجبال جدد بيض قال بالذال جذذ لا تفسد صلاته ورتل القرآن ترتيلاً ترتيباً لا تفسد صلاته سورة أنزلناها قرأ الصاد لا تفسد صلاته وفي عقبه قرأ وفي عنقه لا تفسد صلاته فعال لما يرتد قرأ بالتاء ترتد لا تفسد صلاته
<145>ومن كل كرب قرأ ومن كل كلب لا تفسد صلاته ولا يغرنكم بالله الغرور قرأ بكسر الغرور تفسد صلاته سوط عذاب قرأ بالصاد صوط تفسد صلاته فرت من قسورة قرأ من قوصرة بالصاد أو بالسين تفسد صلاته فسحقاً لأصحاب السعير قرأ بالشين الشعير تفسد صلاته أو لم نعمر ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير قرأ بالضاد النضير لا تفسد صلاته ولو أن ربطنا قرأ بالتاء تفسد صلاته ولو أفصح مني لساناً قرأ بالسين أفسح لا تفسد صلاته بل عجبت ويسخرون قرأ ويسحرون بالحاء لا تفسد صلاته وإذا رأوا آية يستخسرون قرأ بالحاء لا تفسد صلاته ومن يزغ منهم عن أمرنا قرأ بالعين لا تفسد صلاته ولوطاً آتيناه قرأ بالتاء ولوتاً لا تفسد صلاته من القالين قرأ بالغين من الغالين لا تفسد صلاته من ينقضون قرأ بالصاد ينقصون لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ ينغضون بالغين لا تفسد صلاته فسينغضون إليك رؤسهم قرأ بالقاف فسينقضون لا تفسد صلاته وهم لا يستكبرون قرأ بالثاء يستكثرون لا تفسد صلاته وإن كنت لمن الساخرين قرأ بالحاء الساحرين لا تفسد صلاته لا يجاورونك قرأ بالزاء لا يجاوزونك لا تفسد صلاته ما ينطق عن الهوى قرأ بالتاء ينتق لا تفسد صلاته ليسأل الصادقين عن صدقهم قرأ السادقين عن سدقهم بالسين فيهما لا تفسد صلاته وكانوا يصرون قرأ بالسين يسرون لا تفسد صلاته ولا تكن كصاحب الحوت قرأ الحوط بالطاء لا تفسد صلاته وهو مكظوم قرأ بالذال أو بالصاد تفسد صلاته وما يأتيهم من رسول قرأ من رزق لا تفسد صلاته ألم يجدك يتيماً قرأ يجتك بالتاء تفسد صلاته وقولوا قولاً سديداً بالصاد قرأ صديداً تفسد صلاته وقل جاء الحق وزهق الباطل قرأ الباطن بالنون تفسد صلاته وكانت من القانتين فإذا هم يقطنون ومن يقنط من رحمة ربه قرأ بالتاء مكان الطاء أو بالطاء مكان التاء تفسد صلاته ومن يقنت منكن لله ورسوله قرأ بالطاء يقنط تفسد صلاته حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين قرأ من الجاهلين تفسد صلاته أيهم أقرب لكم قرأ أغرب تفسد صلاته خمط وأثل(1/70)
<146> قرأ وأتل تفسد صلاته فاكتبنا مع الشاهدين قرأها كتمنا بالميم لا تفسد صلاته وأوتيت من كل شيء قرأ من كل نفس لا تفسد صلاته ولا تستثنون قرأ ولا يستطثنون بالطاء لا تفسد صلاته وجوه يومئذ ناضرة قرأ بالظاء ناظرة إلى ربها ناظرة إلى ربها ناظرة قرأ بالضاد ناضرة لا تفسد صلاته ويتجنبها الأشقى قرأ الأتقى بالتاء قال إن وصل به الذي يصلى النار الكبرى تفسد صلاته وإن لم يصل بل وقف ثم ابتدأ بالذي يصلى النار الكبرى لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ وسيجنبها الأشقى الذي إن وصل به الذي يؤتي ماله يتزكى تفسد صلاته وإلا فلا ما ودعك ربك قرأ ما ودعك بغير تشديد وترك التشديد والرب أيضاً فإن ترك التشديد في ما ودعك لا تفسد الصلاة وفي الرب تفسد وما قلى قرأ بالغين وما على تفسد صلاته أسفل سافلين قرأ بالألف واللام السافلين لا تفسد صلاته حتى مطلع الفجر لما قال الفج انقطع نفسه فركع لم تفسد صلاته وإنه على ذلك لشهيد قرأ لشديد لا تفسد صلاته وكذا ولو قرأ وإنه لحب الخير لشديد لا تفسد صلاته وكذا لو قرأن وإنه لحب الخير لشديد قرأ لشهيد لا تفسد صلاته فالمغيرات صبحاً قرأ سبحاً بالسين تفسد صلاته فأثرن به نقعاً قرأ نفعاً تفسد صلاته ولسوف يعطيك ربك فترضى قرأ فترظى بالظاء تفسد صلاته فأما اليتيم فلا تقهر قرأن فلا تكهر لا تفسد صلاته لايلاف قريش قرأ لايلاف كريش لا تفسد صلاته كلا إذا بلغت التراقي قرأ التراغي قبل لا تفسد صلاته فالتقمه الحوت قرأ فالتقطه قيل لا تفسد هل أتاك حديث الغاشية قرأ العاشية تفسد صلاته وكذا لو قرأ والليل إذا يغشى قرأ يعشى تفسد صلاته وذللت قطوفها تذليلاً قرأ بالضاد ضللت تفسد ولو قرأ بالظاء ظللت لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ وذللناها بالضاد ضللناها تفسد صلاته ولو قرأ بالظاء لا تفسد صلاته فظلت أعناقهم قرأ بالذال أو بالضاد لم تفسد صلاته ألم يجدك يتيماً قرأ يزدك يتيماً لا تفسد صلاته يومئذ تحدث أخبارها قرأ أحبارها اختلفوا فيه قال بعضهم تفسد صلاته ناراً حامية قرأ خامية بالخاء تفسد صلاته وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر قرأ بالسين تفسد صلاته ألم يجعل كيدهم في تضليل قرأ بالذال في تذليل لا تفسد
<147>صلاته ولو قرأ بالظاء تفسد صلاته إنا أعطيناك الكوثر وعند الوصل يصير كالكوثر لا تفسد صلاته وإن تعمد ذلك فكذلك وكذا إياك نعبد وإياك نستعين يصير عند الوصل كأنه قرأ إياك نعبد وإياك نستعين فهو كذلك فصل لربك وانحر قرأ وانهر تفسد صلاته تبت يدا أبي لهب قرأ تبت أدا أبي لهب تفسد صلاته حمالة الحطب قرأ بالتاء حمالة الحتب تفسد صلاته رحلة الشتاء والصيف قرأ بالسين والصيف تفسد صلاته وكذا ولو قرأ الشطاء بالطاء كعصف قرأ كعفص تفسد صلاته يدع اليتيم قرأ بدع اليتيم غير مشدد لا تفسد صلاته ولو قرأ يدع اليتيم بتسكين الدال تفسد صلاته والله أعلم قل أعوذ برب الفلق قل أعوذ برب الناس ترك تشديد الرب اختلفوا فيه قال بعضهم لا تفسد ومن شر غاسق إذا وقب قرأ فاسق تفسد صلاته وكذا ولو قرأ وقب وجب ومن شر حاسد إذا حسد قرأ بالصاد حصد لا تفسد صلاته من الجنة والناس قرأ بالنصب من الجنة تفسد صلاته كيدهم في تضليل قرأ بالظاء قال بعضهم لا تصح إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات قرأ بالضاد أو بالظاء لأظقناك تفسد صلاته لتكونن من الغافلين قرأ من الغافرين بالراء تفسد صلاته لتكونن من الخاسرين قرأ من الشاكرين تفسد صلاته ومن يكتمها قرأ يكتبها بالباء تفسد صلاته إلا الظن وإن الظن قرأ بالضاد تفسد صلاته ذلكم أزكى لكم وأطهر قرأ وأظهر لا تفسد صلاته ولو قرأ بالضاد أو بالذال تفسد صلاته قال فرعون ذروني أقتل فقرأ بالرفع لا تفسد صلاته أذاعوا قرأ بالضاد لا تفسد صلاته آمنت طائفة قرأ بالطاء آمنط لا تفسد صلاته ولو قرأ بالتاء تائفة تفسد صلاته كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها قرأ بالذال تفسد صلاته حتى إذا فزع عن قلوبهم قرأ بالراء والغين فرغ لا تفسد صلاته وهو قراءة فمن يجير الكافرين من عذاب أليم قرأ فمن يزيد الكافرين لا تفسد صلاته فعموا وصموا كثير منهم قرأ بالسين وسموا تفسد صلاته نصر من الله وفتح قريب قرأ غريب بالغين لا تفسد صلاته لنسفعاً بالناصية ناصية قرأهما بالسين لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ لنصفعاً بالصاد لا تفسد صلاته كاذبة خاطئة قرأ كادبة بالدال(1/71)
<148> لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ خاطئة خاتئة بالتاء لا تفسد صلاته هل ترى من فطور قرأ طرى بالطاء وفتور بالتاء لا تفسد صلاته فسنيسره لليسرى قرأ للطسرى بالطاء تفسد صلاته فأما الزبد فيذهب جفاء قرأ فأما الذهب فيذهب جفاء تفسد صلاته أتوكأ عليها قرأ أتوكل عليها لا تفسد صلاته سلهم أيهم بذلك زعيم قرأ زنيم تفسد صلاته كيف ضربوا لك الأمثال قرأ كذبوا لك الأمثال لا تفسد صلاته يومئذ يصدر الناس قرأ بالسين والطاء يسطر الناس تفسد صلاته ولو قرأ بالسين والتاء اختلفوا فيه قال بعضهم لا تفسد صلاته وإذا مسه الخير قرأ الخر بطرح الياء لا تفسد صلاته لأنه حذف حرفاً واحداً وحذف الحرف الأخير لا يفسد صلاته وزرابي مبثوثة قرأ وزرابيب مبثوثة قال يعيد الصلاة فسقناه إلى بلد ميت فأنزلنا به الماء قرأ فأحيينا به الماء اختلفوا فيه قال بعضهم لا تفسد صلاته إني أريد أن أنكحك قرأ رب إني أريد أن أنكحك تفسد صلاته ما ننسخ من آية أو ننسها قرأ من آية أو نؤتها أو يؤتها لا تفسد صلاته ومن يضلل الله قرأ بالظاء لا تفسد صلاته الحمد لله قرأ برفع اللام الأول لا تفسد صلاته ثمانية أيام حسوماً قرأ حصوماً بالصاد قال أبو عصمة سعيد بن معاذ المروزي تفسد صلاته فسترضع له أخرى قرأ فستعرض لا تفسد صلاته والتين والزيتون قرأ بالطاء والطين تفسد صلاته لعلي أطلع إلى إله موسى قرأ بالتاء أتلع لا تفسد صلاته وابتغ فيما آتاك الله قرأ بالعين وابتع لا تفسد صلاته وزروع قرأ بالذال لا تفسد صلاته الذي فرض عليك القرآن قرأ بالظاء فرظ تفسد صلاته ولبناً خالصاً قرأ بالسين خالساً لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ سائغاً صائغاً بالصاد لا تفسد صلاته إنه كان بي حفياً قرأ خفياً لا تفسد صلاته وإنا لجميع حاذرون قرأ بالضاد حاضرون لا تفسد صلاته بكل ريع قرأ بكل ربع بالباء لا تفسد صلاته ولا تدرون أيهم أقرب قرأ بالذال لا تذرون تفسد صلاته ولولا أن تداركه نعمة قرأ بالذال تفسد صلاته قل كل متربص فتربصوا قرأ بالسين فيهما تفسد صلاته بعجل حينئذٍ قرأ بالدال حينئذ تفسد
<149> صلاته وإن كنت لمن الساخرين قرأ الساجدين تفسد صلاته وإليك نسعى ونحفد قرأ بالذال تفسد صلاته فسوف نؤتيه أجراً عظيماً قرأ نصليه أجراً عظيماً لا تفسد صلاته صحفاً منشرة قرأ سحفاً بالسين تفسد صلاته ما سبقكم بها من أحد قرأ سبغكم بالغين لا تفسد صلاته وقالوا أئذا ضللنا قرأ بالظاء ظللنا لا تفسد صلاته وهو قراءة فمن فرض فيهن الحج قرأ بالظاء فرظ أو بالذال تفسد صلاته وذروا ظاهر الإثم قرأ بالظاء وظروا أو بالضاد وضروا تفسد صلاته وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث قرأ بالضاد أو بالظاء مما ظرأ تفسد وتلذ الأعين قرأ بالضاد أو بالظاء تفسد صلاته فطاف عليها طائف قرأ بالتاء تائف تفسد صلاته لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير وقف عليه لا تفسد صلاته وقال الله لا تتخذوا وقف عليه ألا إنهم من إفكهم يقولون وقف عليه ثم تولوا عنه وقال معلم وقف عليه فحشر فنادى فقال وقف عليه إن وقف لانقطاع النفس في هذه المواضع لا تفسد صلاته من بعثنا من مرقدنا هذا وقف عليه قال هذا وقف حسن وما أنتم بمصرخي وقف عليه وابتدأ بقوله إني كفرت قالوا لو تعمد ذلك يكفر وتبطل صلاته قال في ضلال مبين وقف عليه وابتدأ بقوله اقتلوا يوسف لا يأثم ولا تفسد صلاته أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب الغبار قال الفقيه أبو الجعفر رحمه الله تعالى تفسد صلاته إذا قرأ الرحمن علم القرآن الشيطان علم القرآن وكذا لو قرأ اذكر في الكتاب إدريس اذكر في الكتاب إبليس تفسد صلاته وكذا لو قرأ إني أخف أن يمسك عذاب من الرحمن عذاب من الشيطان تفسد صلاته ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات قرأ من يكفر بالله تفسد صلاته هذا إذا قرأ موصولا وإن كان قرأ مفصولاً لا تفسد صلاته ولو قرأ وإن ربكم الرحمن قرأ وإن ربكم الشيطان تفسد صلاته وكذا لو قرأ قد تبين الرشد من الغي قرأ بالقاف من القي تفسد صلاته ولو قرأ يدخلون في دين الله يتخلون بالتاء تفسد صلاته أنعمت عليهم قرأ باللام ألعمت تفسد صلاته قرأ عيسى بن لقمان تفسد صلاته لأنه نسبه إلى الأب وليس له أب ولو قرأ(1/72)
<150> موسى بن مريم لا تفسد صلاته لأن كلاهما في الصلاة وليس فيه نسبة من لا أم له إلى الأم فلا تفسد صلاته ولو قرأ موسى بن عيسى لا تفسد صلاته في قول محمد وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وعليه العامة ولو قرأ عيسى بن عمران تفسد صلاته ولو قرأ موسى بن لقمان قال الفقيه أبو جعفر والقاضي الإمام الزرنجري رحمهما الله تعالى لا تفسد صلاته بخلاف ما لو نسب عيسى إلى الأب لأن عيسى لا أب له ولا كذلك موسى بن لقمان لأن موسى له أب إلا أنه أخطأ باسم الأب وموسى ولقمان كلاهما في القرآن فلا تفسد صلاته ولو قرأ عيسى بن سارة تفسد صلاته وكذا لو قرأ ومريم ابنة غيلان تفسد صلاته لأنه قرأ ما ليس في القرآن والله أعلم ولو أخطأ في القراءة ولم تكن المسئلة فيما ذكرنا من المسائل ينظر إن كان الخطأ في الإعراب فقد ذكرنا أنه إن لم يفحش لا تفسد صلاته عند الكل وكما لو قرأ إن المسلمين والمسلمات بنصب التاء وإن فحش بأن قرأ ما لو تعمد به يكفر فكذلك عند المتأخرين والإعادة أحوط وإن أخطأ بذكر حرف مكان حرف ولم يختلف المعنى والتي قرأها تكون في القرآن جازت صلاته عند الكل كما لو قرأ إن المسلمون إن الظالمون وإن لم يختلف المعنى لكن ما قرأ ليس في القرآن كما لو قرأ كونوا قيامين بالقسط ولا تذر على الأرض من الكافرين دياراً وقرأ الحي القيام فسدت صلاته في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وفي قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا تفسد وإن اختلف المعنى ولم تكن التي قرأها في القرآن نحو أن يقرأ فسحقاً لأصحاب الشعير تفسد صلاته عند الكل ولا يميز بين حرف وحرف بخلاف ما قاله منصور العراقي ولا يعتبر تعذر الفصل بين الحرفين ولا قرب المخارج كما قاله محمد بن سلمة رحمه الله تعالى إنما العبرة اتفاق المعنى في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولوجود المثل عند أبي يوسف رحمه الله تعالى ولو قرأ ظن أن لن يحول باللام مكان يحور قال أبو القاسم الصفار البلخي رحمه الله تعالى تفسد صلاته لأن التحويل والتحوير معناهما واحد ولو قرأ وفرش مرقوعة بالقاف اختلفوا قال بعضهم تفسد صلاته لأن المرقوع ثوب خلق ممزق
<151>وثياب أهل الجنة لا تكون كذلك وقال بعضهم لا تفسد صلاته لأن الرقعة عبارة عن نفس الشيء يقولون ثوب جيد الرقعة إذا كان أصله جيداً ولو قرأ أخذ برأس يحزه بالحاء والزاء قال بعضهم تفسد صلاته لأن الحز قطع والجر ليس بقطع وقال بعضهم لا تفسد لأن الحز هو التمييز قد يكون قطعاً وقد لا يكون فلو قرأ يحزه إليه كان معناه خصه بهذا الأخذ حيث أخذ برأسه ولم يأخذ برأس السامري وإن قرأ فعزرنا مكان فعززنا قال بعضهم تفسد صلاته لاختلاف المعنى لأن التعزير إهانة والتعزيز كرامة وقال بعضهم لا تفسد صلاته لأن في درء الحد والاكتفاء بما دون الحد كرامة قال الله تعالى {لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه} إن زاد حرفاً في كلمة فهو على وجهين إن لم يتغير المعنى ومثله يوجد في القرآن لا تفسد صلاته في قولهم كما لو قرأ وأمر بالعروف وانه على المنكر وإنه عن المنكر بزيادة الياء أو قرأ إن راددوه إليك بزيادة دال أو قرأ فحيوا بأحسن منها أو ردوها قرأ أو رددوها أو قرأ ومن يعص الله ورسوله يدخله ناراً الخالدة يدخلهم بزيادة ميم قال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى لا تفسد صلاته في قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا في قياس أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية وإن تغير المعنى بالزيادة بأن قرأ وليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى وإن سعيكم لشتى بزيادة واو أو قرأ يس والقرآن الحكيم وإنك لمن المرسلين بزيادة واو فسدت صلاته لأنه جعل جواب القسم قسماً فتفسد صلاته وإن نقص حرفاً عن كلمة إن لم يتغير المعنى لا تفسد صلاته في قولهم كما لو قرأ ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ولقد جاءهم بحذف التاء أو قرأ قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا بحذف الواو أو قرأ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء قرأ سبحان الذي بحذف الفاء وكذا كل ما جاء في القرآن بالواو والفاء وبدونهما إذا قرأ بغيرهما لم تفسد صلاته وإن حذف حذفاً أصلياً من كلمة فتغير المعنى تفسد صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمه الله تعالى كما لو قرأ ومما رزقناهم بحذف الزاي أو الياء أو قرأ وليقولوا درست بغير دال أو قرأ مما خلقنا أنعاماً بغير خاء أو قرأ وجعلنا ابن(1/73)
<152>مريم بحذف الجيم أو قرأ والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى بحذف الواو وعن ما خلق لأن الواو فيه واو قسم فإذا حذف حرف القسم يصير جواباً للقسم ويصير نفياً بعدما كان إثباتاً لو تعمد به يكفر فإذا جرى على لسانه سهواً أو خطأ تفسد صلاته قالوا على قياس قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا تفسد لأن المقروء مكتوب في القرآن ولو كان الكلمة ثلاثية فحذف حرفاً من أوليها أو وسطها كما لو قرأ قرآن عربياً قرآن ربياً بحذف العين أو عرياً بحذف الباء تفسد صلاته وإما لتغير المعنى أو لأنه صار لغواً في الكلام وكذا ولو حذف الحرف من الآخر نحو أن يقرأ ضرب الله مثلاً بحذف الباء فإن حذف على وجه الترخيم لا تفسد صلاته وشرطه أن يكون بعد النداء في أسماء الأعلام وأن لا يكون الاسم ثلاثياً بل يكون رباعياً أو خماسياً فيحذف الحرف الآخر كما لو قرأ يا مالك يا مال لأن الترخيم نوع من الفصاحة يقال يا حارث مكان يا حارثة ويا عائش مكان يا عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة يا عائش ومن قدم حرفاً على حرف في كلمة كما لو قرأ كعفص مأكول مكان كعصف أو قرأ فرت من قوصرة مكان قصورة أو قرأ والعصر إن الإنسان لفي سرخ مكان خسر تفسد صلاته لأن بالتقديم والتأخير يتغير المعنى وإن أخطأ بذكر كلمة مكان كلمة فإن كان بينهما مخالفة في المعنى والثانية لا يوجد مثلها في القرآن تفسد صلاته في قولهم كما لو قرأ إن الفجار لفي خيام أو قرأ إن الذين آمنوا وعملوا الطالحات مكان الصالحات وإن كان بينهما موافقة في المعنى إلا أن الثانية ليست في القرآن بأن قرأ طعام الفاجر مكان طعام الأيتام لا تفسد صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا لو قرأ إن إبراهيم لأباه حليم عن أبي يوسف رحمه الله تعالى روايتان وإن كانت الكلمة الثانية في القرآن فهو على وجهين إما إن كانت موافقة للأولى في المعنى أو مخالفة فإن كانت موافقة لا تفسد صلاته في قولهم كما لو قرأ الحليم مكان العليم أو ما أشبه ذلك وإن كانت مخالفة كما لو قرأ وعداً علينا إنا كنا غافلين مكان فاعلين أو قرأ الشيطان على العرش استوى وما أشبه ذلك أو ختم آية الرحمة
<153> بآية العذاب أو على العكس قال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى تفسد صلاته وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى فيه روايتان والصحيح هو الفساد لأنه أخبر بخلاف ما أخبر الله تعالى به ولو قرأ ألست بربكم قالوا نعم مكان بلى قالوا تفسد صلاته وكذا لو قرأ وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال نعم أو قرأ ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا نعم أو قرأ ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا نعم تفسد صلاته لأن بلى إذا ذكر عقيب النفي يراد به رد النفي والتصديق في الإثبات ونعم يكون تصديقاً في النفي يقول الرجل لغيره ألم أعطك كذا ألم أبعك هذا العبد بألف إن قال بلى يكون رداً للنفي وتصديقاً للإثبات معناه لا بل أعطيتني ولا بل بعتني فإن قال نعم يكون تصديقاً في النفي معناه ما بعتني ولا أعطتني فإذا اختلف المعنى اختلافاً فاحشاً تفسد صلاته وإن أراد أن يقرأ كلمة فجرى على لسانه شطر كلمة أخرى فرجع وقرأ الأولى أو ركع ولم يتم الشطر إن قرأ شطراً من كلمة لو أتمها لا تفسد صلاته لا تفسد صلاته بشطرها وإن ذكر شطراً من كلمة لو أتمها تفسد صلاته تفسد صلاته بشطرها وللشطر حكم الكل هو الصحيح وإن ذكر آية مكان آية إن وقف على الأولى وقفاً تاماً وابتدا بالثانية لا تفسد صلاته كما لو قرأ والتين والزيتون ووقف ثم ابتدأ لقد خلقنا الإنسان في كبد لا تفسد صلاته وكذا لو قرأ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ووقف ثم قرأ أولئك هم شر البرية وإن لم يقف وقرأ موصولاً إن لم تتغير الأولى بالثانية كما لو قرأ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جزاء الحسنى أو قرأ وجوه يومئذٍ عليها غبرة أولئك هم الكافرون حقاً لا تفسد صلاته وإن تغير المعنى بأن قرأ إن الأبرار لفي جحيم وإن الفجار لفي نعيم أو قرأ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم شر البرية أو قرأ وجوه يومئذٍ عليها غبرة أولئك هم المؤمنون حقاً تفسد صلاته لأنه أخبر بخلاف ما أخبر الله تعالى به وقال بعضهم لا تفسد(1/74)
<154>صلاته لعموم البلوى والأول أصح وإن ترك كلمة من آية إن لم يتغير المعنى كما لو قرأ وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وترك ذا لا تفسد صلاته لأنه يفهم به ما يفهم بدون الترك وكذا لو قرأ ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم وترك من أو قرأ جزاء سيئة مثلها ولم يذكر السيئة الثانية لا تفسد صلاته وإن تغير المعنى بترك الكلمة بأن قرأ فما لهم لا تؤمنون وترك لا أو قرأ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون وترك لا تفسد صلاته عند العامة لأنه أخبر بخلاف ما أخبر الله تعالى به لو اعتقد ذلك يكفر فإذا أخطأ تفسد صلاته وقيل لا تفسد لأن فيه بلوى وضروة والصحيح هو الأول وإن زاد كلمة في آية فهذا على وجهين أما إن كانت الزيادة تغير المعنى وهي موجودة في القرآن نحو أن يقرأ من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وكفر فلهم أجرهم عند ربهم تفسد صلاته أو قرأ والذين آمنوا بالله ورسله وكفروا أولئك سوف نؤتيهم أجورهم أو قرأ أما من أعطى واتقى وكفر وصدق بالحسنى أو قرأ وأما من بخل واستغنى آمن وكذب بالحسنى أو قرأ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا وآمنوا أولئك أصحاب النار لأنه لو تعمد ذلك كفر فإذا أخطأ تفسد صلاته وإن لم تكن الزيادة موجودة في القرآن ويتغير بها المعنى بأن قرأ وأما ثمود فهديناهم وعصيناهم فاستحبوا العمى على الهدى تفسد صلاته لأن تغير تغيراً فاحشاً لو تعمد ذلك يكفر فإذا أخطأ تفسد صلاته هو الأصل في جنس هذه المسائل وإن كانت الزيادة لا تغير المعنى بأن قرأ كلوا من ثمره إذا أثمر واستحصد أو قرأ فيهما فاكهة ونحل وتفاح ورمان لا تفسد صلاته لأنه ليس فيه تغير المعنى بل هذه زيادة تشبه القرآن وما يشبه القرآن لا يفسد الصلاة مروي ذلك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن ترك آية من سورة وقد قرأ مقدار ما تجوز به الصلاة جازت صلاته وإن وصل في غير موضعه أو فصل
<155>في غير موضعه فقد ذكرنا نحوه إن لم يتغير المعنى تغيراً فاحشاً بأن وقف على الشرط وابتدأ بالجزاء فقرأ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ووقف وقفاً تاماً ثم ابتدأ بأولئك هم خير البرية أو قرأ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ووقف عليه ثم ابتدأ بقوله فلنحيينه حياة طيبة أو فصل بين الوصف والموصوف بأن قرأ إن كان عبداً ووقف ثم ابتدأ بقوله شكوراً فمثل هذا لا يحسن ولا تفسد به الصلاة وكذا لو فصل بين قوله ألا بذكر الله تطمئن القلوب لا تفسد الصلاة وإن كان لا يحسن هذا الوقف لأن مواضع الوصل والفصل لا يعرفها إلا العلماء وإن تغير المعنى تغيراً فاحشاً نحو إن قرأ لا إله ويقف ثم يبتدأ بقوله إلا هو أو يقرأ وقالت اليهود ويقف ثم يبتدأ بقوله عزير ابن الله ونحو ذلك قال عامة العلماء رحمهم الله تعالى لا تفسد صلاته لما قلنا من المعنى وقال بعضهم تفسد وأما حكم التخفيف والتشديد فقد ذكرنا فيه قول القاضي الإمام الأجل رحمه الله تعالى ومن العلماء من قال ترك التشديد إذا كان يغير المعنى تغيراً فاحشاً كما لو قرأ وظللنا عليهم الغمام بالتخفيف أو قرأ إن النفس لأمارة بالسوء بدون التشديد أو شدد كاف إياك نعبد وإياك نستعين تفسد صلاته وينبغي أن لا تفسد لأنه لو زاد حرفاً لا يغير المعنى لا تفسد الصلاة فكذا إذا شدد وأما ترك المد إن لم يغير المعنى كما قوله إنا أنزلناه إنا أعطيناك لا تفسد صلاته وإن غير المعنى كما في قوله دعاء ونداء وجزاء وما أشبه ذلك اختلف المشايخ فيه حسب اختلافهم في ترك التشديد إذا غير المعنى وإن كان الرجل ممن لا يحسن بعض الحروف ينبغي أن يجهد ولا يعذر في ذلك فإن كان لا ينطلق لسانه في بعض الحروف إن لم يجد آية ليس فيها تلك الحروف تجوز صلاته ولا يؤم غيره كذا الرجل إذا كان لا يقف في مواضع الوقف أو يتنحنح عند القراءة لا يؤم غيره وإن وجد آية ليس فيها تلك الحروف فقرأها جازت صلاته عند الكل وإن قرأ الآية التي فيها تلك الحروف قال بعضهم لا تجوز صلاته لأنه ترك القراءة مع القدرة عليها بخلاف الأخرس إذا صلى وحده حيث تجوز صلاته وإن كان يقدر على أن يقتدي بغيره لأن ذلك قد يكون وقد لا يكون ولو قرأ في صلاته ما ليس في مصحف الإمام(1/75)
<156>نحو مصحف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما إن لم يكن معناه في مصحف الإمام لم يكن ولم يكن ذلك ذكراً ولا تهليلاً تفسد صلاته لأنه من كلام الناس وإن كان معناه ما كان في مصحف الإمام تجوز صلاته في قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولا تجوز في قياس قول أبي يوسف رحمه الله تعالى أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإنه تجوز قراءة القرآن بأي لفظ كان ومحمد رحمه الله تعالى يجوز بلفظ العربية ولا يجوز بغيرها ولا يقال كيف لا تجوز الصلاة بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ورسول الله صلى الله عليه رغبنا في قراءة القرآن بقراءته لأنا نقول إنما لا تجوز الصلاة بما كان في مصحفه الأول لأن ذلك قد انتسخ وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أخذ بقراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام في آخر عمره وأهل الكوفة أخذوا بقراءته الثانية وهي قراءة عاصم وإنما رغبنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في تلك القراءة كذا ذكره الطحاوي رحمه الله تعالى ولو قرأ القرآن في صلاته بألحان إن غير الكلمة تفسد صلاته لما عرف فإن كان ذلك في حرف المد واللين وهي الياء والألف والواو ولا يغير المعنى إلا إذا فحش وعند الشافعي رحمه الله تعالى الخطأ في غير الفاتحة لا يفسد الصلاة لأن عنده الكلام لا يقطع الصلاة إذا لم يكن عمداً وهذا ليس بعمد لأنه يريد قراءة القرآن وإنما تفسد الصلاة بالخطأ في الفاتحة لأن عنده لا تجوز الصلاة بدون الفاتحة وإن قرأ بالألحان في غير الصلاة اختلفوا في جوازه وعامة المشايخ رحمهم الله تعالى كرهوا ذلك وكرهوا الاستماع أيضاً لأنه تشبه بالفسقة لما يفعلونه في فسقهم وكذا الترجيع في الأذان وقد مر قبل هذا من المسائل التي تتعلق بقراءة القرآن سجدة التلاوة تجب على من تجب عليه الصلاة إذا قرأ آية السجدة أو سمعها ممن تجب عليه الصلاة أو لا تجب بحيض أو نفاس أو كفر أو صغر أو جنون ولا تجب إذا سمعها من طير وإن سمعها من نائم اختلفوا فيه والصحيح هو الوجوب ولو تلى بالفارسية تجب عليه وعلى من سمعها السجدة فهم السامع أو لم يفهم إذا أخبر السامع أنه قرأ آية السجدة ولو تهجى بالقرآن لا تجب السجدة ولو تهجى
<157>في الصلاة لا يقطع الصلاة لأنه قرأ الحروف التي في القرآن لكن لا ينوب عن القراءة لأنه لم يقرأ القرآن ولا تجب السجدة بكتابة القرآن لأنه لم يقرأ ولم يسمع ويشترط لأداء السجدة ما يشترط للصلاة من طهارة الثوب والبدن والمكان وستر العورة واستقبال القبلة ولا تجوز بالتيمم مع القدرة على الماء ويبطلها ما يبطل الصلاة من الكلام والحدث والضحك ولا تبطلها محاذاة المرأة وإن نوى أن يؤمها وإن ضحك فيها لا تبطل طهارته ولا يجوز أداؤها في الأوقات المكروهة إلا أن يقرأ في ذلك الوقت فإن قرأ في وقت مكروه وسجد في وقت مكروه آخر بأن قرأ عند طلوع الشمس وسجد عند الغروب اختلف الروايات فيه والظاهر أنه لا يجوز ولا يجوز أداؤها في موضع نجس وإن كان سجوده على موضع طاهر ولا يتكرر الوجوب بتكرار التلاوة سجد للأولى أو لم يسجد إلا إذا اختلف المجلس والمجلس واحد وإن طال أو أكل لقمة وشرب شربة أو قام ومشى خطوة أو خطوتين أو كان راكباً فنزل أو نازلاً فركب أو انتقل من زاوية البيت أو المسجد إلى زاوية أخرى إلا إذا كانت الدار كبيرة كدار السلطان وإن انتقل في المسجد الجامع من زاوية إلى زاوية لا يتكرر الوجوب وإن انتقل فيه من دار إلى دار ففي كل موضع يصح الاقتداء يجعل كمكان واحد لا يتكرر الوجوب ولو تلا آية السجدة ثم نام مضطجعاً أو أكل أو اشتغل بالتجارة ثم أعادها بتكرر الوجوب وسير السفينة لا يقطع المجلس بخلاف سير الدابة إذا لم يكن في الصلاة وإن قرأ على غصن آخر فأعادها اختلفوا فيه والصحيح أن يتكرر الوجوب وكذا لو قرأها مراراً في الدرس أو تسدية الثوب أو يدور حول الرحى والذي يسبح في حوض اختلفوا فيه قال محمد رحمه الله تعالى إن كان عرض الحوض وطوله مثل طول المسجد وعرضه لا يتكرر الوجوب والصحيح أن يتكرر راكبان كل واحد منها يصلي صلاة نفسه فقرأ أحدهما آية السجدة مرتين وسمع صاحبه وصاحبه قرأ آية سجدة أخرى مرة فسمعها الأول فعلى الأول سجدتان سجدة بقراءته يؤديها في الصلاة لأنه قرأ آية السجدة في الصلاة مرتين فلا يلزمه إلا سجدة وبعد الفراغ من الصلاة(1/76)
<158>يسجد سجدة بقراءة صاحبه لأن ما وجبت بقراءة صاحبه لا تكون صلاته فلا يؤديها في الصلاة وعلى الثاني سجدة واحدة بقراءة يؤديها بالصلاة وهل يتكرر الوجوب بما سمع من صاحبه ذكر بالنوادر يتكرر فيسجد سجدتين إذا فرغ من الصلاة لأن ما وجبت بقراءة صاحبه لا تكون صلاة وإنما يتكرر عليه الوجوب بقراءة صاحبه لأن مكان صاحبه مختلف حقيقة وإنما جعل متحداً لضرورة جواز الصلاة فلا يظهر الاتحاد في حق غيره وفي ظاهر الرواية لا يلزمه بقراءة صاحبه إلا سجدة وعليه الاعتماد لأنا إن نظرنا إلى مكان السامع فمكانه واحد وإن نظرنا إلى مكان التالي فمكان جعل كمكان واحد في حقه فيجعل كذلك في حق السامع أيضاً لأن السماع بناء على التلاوة وأجمعوا على أنه إذا اختلف مجلس السامع في غير الصلاة واتحد مجلس التالي يتكرر الوجوب على السامع بتكرر التلاوة أما إذا اختلف مجلس التالي دون السامع اختلفوا فيه قال بعضهم يتكرر الوجوب على السامع رجل تلا آية السجدة مراراً في الصلاة في ركعة واحدة لا يتكرر الوجوب وإن قرأ في مرتين في الركعتين في القياس لا يتكرر وبالقياس نأخذ المؤتم إذا قرأ آية السجدة فسمعها الإمام والقوم لا تجب السجدة لا في الصلاة ولا إذا فرغوا منها وقال محمد رحمه الله تعالى سجدوا إذا فرغوا من الصلاة فإن سمعها رجل ليس معهم في الصلاة ذكر في النوادر أن عليه أن يسجد قيل هو قول محمد رحمه الله تعالى وإن سمعوا ممن ليس معهم في الصلاة سجدوا إذا فرغوا من الصلاة فإذا سجدوا في الصلاة لم يجزهم ولم تفسد صلاتهم رجل قرأ آية السجدة وسجد ثم قام وشرع في الصلاة فقرأها مرة أخرى فإنه يسجد سجدة أخرى في الصلاة ولو قرأ آية السجدة خارج الصلاة ولم يسجد حتى شرع في الصلاة ثم قرأها مرة أخرى يسجد سجدة واحدة في الصلاة وتسقط عنه الأولى في ظاهر الرواية ولا تسقط في رواية النوادر ولو قرأ آية السجدة في الصلاة وسجدها ثم قرأها بعد السلام في مكانه مرة أخرى يسجد سجدة أخرى في ظاهر الرواية قيل هذا إذا سلم وتكلم ثم قرأ ولو قرأ آية السجدة في الصلاة ولم يسجد حتى سلم فقرأها مرة
<159>أخرى سجد سجدة واحدة وسقطت عنه الأولى رجل سمع آية السجدة من رجل فسمعها من رجل أخر في ذلك المكان ثم قرأها هو أجزأته سجدة واحدة وقيل على رواية النوادر لا تجزيه إلا عن قراءة ولو قرأ آية السجدة في الصلاة وسمعها أيضاً من رجل ليس في الصلاة قرأها معها أجزأته سجدة واحدة وإن سمعها من ذلك الرجل قبل قراءته أو بعده يسجد سجدة أخرى إذا فرغ وعلى ظاهر الرواية لا يسجد وإن سمع المصلي آية السجدة من رجل وقرأها هو فسجد ثم أحدث وذهب إلى البناء ثم عاد وسمعها من ذلك الرجل مرة أخرى قالوا يسجد سجدة أخرى إذا فرغ لاختلاف المكان حقيقة وقيل هذا على رواية النوادر وعلى هذا قالوا لو قرأ آية السجدة في الصلاة فسجد ثم أحدث ثم ذهب للبناء ثم عاد فأعادها فإنه يسجد سجدة أخرى ويستوي سماعه وتلاوته مرتين في وجوب السجدتين إذا قرأ الإمام سجدة وسجدها ثم اقتدى به رجل آخر لم يسجدها فيما يقضي وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا سجد المسبوق مع الإمام ثم قرأها فيما يقضي يسجد المصلي إذا قرأ آية السجدة على الدابة مراراً وخلفه رجل يسوق الدابة يسجد المصلي سجدة واحدة والسائق يسجد لكل مرة إذا قرأ المصلي على الدابة عشرة مرات ورجل آخر على الدابة قرأ كذلك وسمع كل واحد منهما تلاوة صاحبه كان على كل واحدة منهما سجدة لتلاوته وعشر سجدات لتلاوة صاحبه وهذا على رواية النوادر أما على ظاهر الرواية يكفيه سجدة واحدة لتلاوته رجل قرأ آية السجدة على الأرض ثم ركب ليس له أن يومئ بها ولو قرأها راكباً كان له أن يومئ بها قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا في راكب خارج المصر وإن كان المصر وأومأ لتلاوته لا يجزيه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو قرأها راكباً ثم نزل ثم ركب كان له أن يومئ بها لأنه أداها كما وجب رجل قرأ آية السجدة في الصلاة فإن كانت السجدة في آخر السورة أو قريباً من آخرها بعدها آية أو آيتان إلى آخر السورة فهو بالخيار إن شاء ركع بها ينوي للتلاوة وإن شاء سجد ثم يعود إلى القيام فيختم السورة وإن وصل بها سورة أخرى كان أفضل وإن لم يسجد للتلاوة على الفور حتى ختم(1/77)
<160>السورة ثم ركع وسجد للصلاة يسقط عنه سجدة التلاوة لأن بهذا القدر من القراءة لا ينقطع الفور ولو ركع لصلاة على الفور وسجد يسقط عنه سجدة التلاوة واختلفوا في الركوع قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى لا بد للركوع من النية حتى ينوب عن سجدة التلاوة نص عليه محمد رحمه الله تعالى وإن قرأ بعد السجدة ثلاث آيات وركع لسجدة التلاوة ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى أنه إذا قرأ بعد السجدة ثلاث آيات ينقطع الفور ولا ينوب الركوع عن السجدة وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى لا ينقطع ما لم يقرأ أكثر من ثلاث آيات وإذا سجد للتلاوة يكبر للانطاط وقال محمد رحمه الله تعالى يكبر للرفع أيضاً ويقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة وهو الصحيح وإذا ختم القرآن وسجد ثم افتتحها في مكانه فقرأ آية السجدة لا يسجد مرة أخرى إذا قرأ الإمام آية السجدة وبعض القوم كان في الرحبة فكبر الإمام للسجدة وحسب من كان في الرحبة أنه كبر للركوع فركعوا ثم قام الإمام من السجدة وكبر فظن القوم أنه رفع رأسه من الركوع فكبروا ورفعوا رؤسهم إن لم يزيدوا على ذلك لم تفسد صلاتهم لأنهم ما زادوا إلا ركوعاً وبزيادة الركوع لم تفسد الصلاة المصلي إذا قرأ آية السجدة في الصلاة فأراد أن يخر ساجداً فخر راكعاً فتذكر في ركوعه أنه نوى السجدة فخر ساجداً ثم رفع رأسه وأتم الصلاة أجزأه المصلي إذا سمع آية السجدة من غيره وسجد مع التالي إن قصد به اتباع التالي تفسد صلاته رجل سمع السجدة من غيره فالمستحب له أن يسجد مع التالي ولا يرفع رأسه قبله رجل قرأ آية السجدة في غير الصلاة فأراد أن يركع للسجدة في رواية يجوز ذلك مصلي التطوع إذا قرأ آية السجدة وسجد لها ثم فسدت صلاته وجب عليه قضاؤها لا يلزمه إعادة تلك السجدة وكذا المسلم إذا قرأ آية السجدة ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم لم تجب عليه تلك السجدة وكذا المرأة إذا قرأت آية السجدة في صلاتها فلم تسجدها حتى حاضت سقطت عنها
<161> السجدة رجل قرأ آية السجدة لا تلزمه السجدة بتحريك الشفتين وإنما تجب إذا صحح الحروف وحصل به صوت سمع هو أو غيره إذا قرب إذنه إلى فمه رجل سمع السجدة من قوم من كل واحد منهم حرفاً ليس عليه أن يسجد لأنه لم يسمعها من تال وكذا إذا رجل سجدة فسمعها رجل في الصلاة ليس عليه أن يسجد ومن قرأ آية السجدة عند نائم أو أصم يسمع لم يكن على النائم والأصم سجدة ولا سلام في سجدة التلاوة ولو سجد للتلاوة إلى غير القبلة جاهلاً قال في الكتاب يجزيه وأراد به إذا كان متحرياً ويكره أن يقرأ السورة ويدع آية السجدة وإن قرأ آية السجدة وحدها في غير الصلاة لا يكره والمستحب أن يقرأ معها آية أو آيتين ويكره للإمام أن يقرأ آية السجدة في الصلاة التي يخافت فيها إلا أن تكون السجدة في آخر السورة (مسائل كيفية القراءة وما يكره فيها ويستحب) ولا بأس بقراءة القرآن في الصلاة على التأليف عرف ذلك بفعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم والمستحب قراءة المفصل تيسيراً للأمر عليه وتخفيفاً على القوم أما القراءة في الفرائض بخواتيم السور روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يكره لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ في الفجر في السفر قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية ورسوا الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم وفي غريب الروايات عن أبي جعفر رحمه الله تعالى لا بأس بأن يقرأ من أول السورة أو من وسطها أو من آخرها وإن قرأ آخر السورة في ركعة يكره أن يقرأ آخر سورة أخرى في الركعة الثانية وقال بعضهم لا يكره وهو الصحيح وإن أراد أن يقرأ آخر السور في الركعتين أو سورة تامة فأكثرهما آية أفضلهما قراءة وإن أراد أن يقرأ آية طويلة مثل آية المداينة أو ثلاث آيات اختلفوا فيه والصحيح أن قراءة ثلاث آيات أولى وإذا بلغت الآيات مقدار قصير سور من القرآن فالمعتبر كثرة الآي لا كثرة الكلمات وعدد الحروف إذا أراد أن يقرأ القرآن في غير الصلاة فالمستحب له أن يكون على الطهارة مستقبلاً القبلة لابساً أحسن ثيابه(1/78)
<162> ليكون أتياً بالتعظيم على وجه الكمال ثم يتعوذ كما ذكرنا ويكفيه التعوذ مرة واحدة ولا يحتاج إلى التعوذ عند افتتاح كل سورة ثم يقول بسم الله الرحمن الرحيم والتسمية عندنا ليست من الفاتحة وما سورة النمل من القرآن عند الكل ولا يجوز للحائض والنفساء والجنب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم إذا قرأها قرآناً ويمنع من مسها ولا بأس لهؤلاء بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم على وجه التبرك لا على وجه قراءة القرآن وكذا إذا أخبر بخبر يسره فقال الحمد لله رب العالمين لأن هذا القدر يجري في كلام الناس واختلف العلماء في قراءة الفاتحة على وجه الثناء وتكره قراءة القرآن في موضع النجاسات كالمغتسل والمخرج والمسلخ وما أشبه ذلك وأما قراءة القرآن في الحمام إن لم يكن فيه أحد مكشوف العورة وكان الحمام طاهراً لا بأس بأن يرفع صوته بالقراءة وإن لم يكن كذلك فإن قرأ في نفسه ولا يرفع صوته لا بأس به ولا بأس بالتسبيح والتهليل وإن رفع صوته بذلك وأما قراءة الماشي والمحترف إن كان متنبهاً لا يشغله العمل والمشي جاز وإلا فلا وتكلموا في قراءة القرآن عند القبور قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يكره ومشايخنا رحمهم الله تعالى أخذوا بقول محمد رحمه الله تعالى واعتادوا إجلاس القارئ في المقابر وقراءة آية الكرسي والفاتحة وغير ذلك رجاء أن يؤنس الموتى وقراءة القرآن في المصحف أولى من القراءة عن ظهر القلب لما روى عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن نظراً ولأن فيه جمعاً بين العبادتين وهو النظر في المصحف وقراءة القرآن وتكلموا في قراءة القرآن في الفراش مضطجعاً والأولى أن يقرأ على وجه يكون أقرب إلى التعظيم ولا بأس بالتسبيح والتهليل مضطجعاً وكذا بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام رجل يقرأ القرآن وبجنبه رجل يكتب الفقه لا يمكنه أن يستمع كان الإثم على القارئ لأنه قرأ في موضع يشتغل الناس بأعمالهم ولا شيء على الكاتب ويكره تصغير المصحف وأن يكتب بقلم دقيق احترازاً عن الحقير إذا تخرق المصحف أو اسود
<163>وصار بحال لا يمكن أن يقرأ فيه يجعل في خرقة طاهرة مخافة أن تصيبه النجاسة ويكره كتابة القرآن على ما يفرش ويبسط وكتابته على الجدران والمحاريب غير مستحسن عند البعض ولا بأس بتذهيب المصحف وتفضيضه عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يكره ذلك وتكلموا في النقط والتعشير ومشايخنا رحمهم الله تعالى جوزوا ذلك ولا بأس بدفع المصحف واللوح إلى الصبيان من لا يباح له مس المصحف لا يكتب القرآن وإن كانت الصحيفة على الأرض لا يمسها بيده وهو قول محمد رحمه الله تعالى ولا بأس للحائض والجنب مس المصحف إذا كان في خريطة أو غلاف غير مشرز ويكره أن يأخذه بكمه في ظاهر الروايات ولا بأس بأن يأخذ كتب الفقه بكمه وإن كان لا يخلو عن آيات لتكرر الحاجة ولا بأس للحائض والجنب أن يعلم القرآن حرفاً حرفاً ولا يعلمه آية تامة ولا ينبغي للحائض والجنب أن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور لأن الكل كلام الله تعالى واختلفوا في قراءة القنوت والصحيح أنه لا يكره رجل تعلم من القرآن ما تجوز به الصلاة كان تعلم الباقي وتعلم الفقه والأحكام أولى له من صلاة التطوع رجل قرأ القرآن في غير الصلاة فلما انتهى إلى قوله يا أيها الذين آمنوا رفع رأسه وقال لبيك يا سيدي الأولى أن لا يفعل ولو فعل ذلك في الصلاة تفسد صلاته وهو الصحيح الحربي والذمي إذا طلب تعلم القرآن يعلم وكذا إذا طلب الفقه والأحكام رجاء أن يهتدي إلى الحق لكنه يمنع من مس المصحف إلا إذا اغتسل فلا يمنع بعد ذلك وتعلم المرأة القرآن من المرأة خير من تعلمها من الأعمى لأن نغمتها عورة وعلى المولى أن يعلم عبده من القرآن ما يحتاج إليه لأداء الصلاة رجل يقرأ القرآن ويلحن فيه وثمة رجل يسمع أن يعلم السامع أن لو لقنه الصواب لا يلحقه الوحشة كان عليه أن يعلمه وإن علم أنه لا يتعلم ويصير ذلك سبباً للخصومة والمنازعة لا بأس بأن يترك رجل قرأ القرآن كله في يوم واحد كان قراءة القرآن له أولى من سورة الإخلاص خمسة آلاف لما جاء في ختم القرآن ما لم يجيء في غيره قالوا ونبغي لحامل القرآن أن يختم في كل أربعين(1/79)
<164> يوماً مرة رجل قرأ في صلاته في الركعة الأولى المعوذتين قال بعضهم يقرأ في الثانية الفاتحة وشيئاً من البقرة يكون حالاً مرتحلاً وقال بعضهم يعيد قل أعوذ برب الناس في الركعة الثانية ولا يقرأ شيئاً من البقرة مراعاة للنظم والترتيب وتكلموا في الدعاء عند ختم القرآن في شهر رمضان وعند ختم القرآن بالجماعة واستحسنه المتأخرون فلا يمنع عن ذلك وقراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات عند ختم القرآن يستحسنه مشايخ العراق رحمهم الله تعالى إلا أن يكون الختم في المكتوبة فلا يكرر سورة الإخلاص ولا بأس بالخلوة والمجامعة في بيت فيه مصحف لأن بيت المسلمين لا تخلو عن ذلك (باب صلاة المسافر) إذا جاوز المقيم عمران مصره قاصداً مسير ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل أو مشي الأقدام يلزمه قصر الصلاة ويرخص له ترك الصيام أما شرط مجاوزة العمران لأن السفر فعل فلا يوجد بمجرد النية فيشترط قران النية بأدنى فعل بخلاف ما إذا نوى الإقامة حيث يصير مقيماً بمجرد النية لأن الإقامة ترك الفعل وترك الفعل لا يحتاج إلى الفعل وأما التقدير بمسيرة ثلاثة أيام ولياليها في ظاهر الرواية فلقوله عليه الصلاة والسلام يمسح المقيم يوماً وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها جوز المسح لكل مسافر ثلاثة أيام لإدخال الألف واللام في المسافر فكان ذلك تقدير الأدنى مدة السفر وإنما اعتبر مدة مشي الأقدام وسير الإبل لأنه الوسط وإنما ذكر الأيام والليالي لأن المسافر لا يرتحل في كل يوم وليلة إلا مرة يسير بالأيام ويستريح بالليالي وفي الجبل يعتبر ثلاثة أيام ولياليها في الجبل وإن كانت المسافة في السهل تقطع بما دونها وفي البحر ثلاثة أيام ولياليها في البحر بعد أن تكون الرياح مستوية غير غالبة ولا ساكنة وبعضهم قدر أدنى مدة السفر بثلاث مراحل وبعضهم قدرها بالفراسخ وبعضها قريب من بعض ويعتبر مجاوزة عمران المصر من الجانب الذي خرج ولا يعتبر محله أخرى بحذائه من الجانب الآخر فإن كانت من الجانب الذي خرج محله منفصلة عن المصر وفي القديم كانت متصلة بالمصر لا يقصر الصلاة حتى يجاوز تلك المحلة وهل يعتبر
<165> مجاوزة الفناء إن كان بين المصر وفنائه أقل من قدر غلوة ولم يكن بينهما مزرعة أو كانت المسافة بين المصر وفنائه قدر غلوة يعتبر مجاوزة عمران المصر ولا يعتبر في مجاوزة الفناء وكذلك إذا كان هذا الانفصال بين قريتين أو بين قرية ومصر وإن كانت القرى متصلة بربض المصر فالمعتبر مجاوزة القرى هو الصحيح وإن كانت القرية متصلة بفناء المصر لا بربض المصر يعتبر مجاوزة الفناء ولا يعتبر مجاوزة القرية الرجل إذا قصد طريقه وإلى مقصده طريقان أحدهما مسيرة ثلاثة أيام ولياليها والآخر دونها فسلك الأبعد كان مسافراً عندنا المسافر إذا جاوز عمران مصره فلما سار بعض الطريق تذكر شيئاً في وطنه فعزم الرجوع إلى الوطن لأجل ذلك إن كان ذلك وطناً أصلياً بأن كان مولده وسكن فيه أو لم يكن مولده ولكنه تأهل به وجعله داراً يصير مقيماً بمجرد العزم إلى الوطن لأنه رفض سفره قبل الاستحكام حيث لم يسر ثلاثة أيام ولياليها فيعود مقيماً يتم صلاته إلى الوطن وإذا خرج من هنا إلى السفر بعد ذلك يقصر الصلاة فإذا انتهى إلى مقصده إن كان ذلك وطناً أصلياً له وتفسيره ما قلنا يتم الصلاة لأنه صار مقيماً بمجرد الدخول على التفصيل الذي قلنا وإن لم يكن وطنه أصلياً فإنه يقصر الصلاة ما لم ينو الإقامة بها خمسة عشر يوماً ثم نية الإقامة لا تصح إلا في موضع الإقامة ممن يتمكن من الإقامة وموضع الإقامة العمران والبيوت المتخذة من الحجر والمد والخشب لا الخيام والأخبية والوبر الغزاة إذا دخلوا دار الحرب للمحاربة ونووا الإقامة لم تصح نيتهم وكذا إذا نزلوا في بعض بيوت الكفرة في ظاهر الرواية وكذا الرعاة إذا كانوا يطوفون في المغاور ولهم خيام وأخبية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إن نزلوا موضعاً كثير الماء والكلأ ونصبوا المحاير ونووا الإقامة خمسة عشر يوماً والماء والكلأ يكفيهم لتلك المدة صاروا مقيمين وكذا التراكمة والأعراب ومن دخل دار الحرب بأمان ونوى الإقامة في موضع الإقامة صحت نيته الكافر إذا أسلم في دار الحرب ولم يتعرضوا له فهو على إقامته وإن علم أهل الحرب إسلامه فهرب منهم يريد سفر ثلاثة أيام ولياليها تعتبر نيته وكذا الأسير في دار الحرب إذا انفلت منهم ووطن على الإقامة خمسة(1/80)
<166> عشر يوماً في غار أو نحوه لم يصر مقيماً الكوفي إذا نوى الإقامة بمكة ومنى خمسة عشر يوماً لم يكن مقيماً وإن لم يكن بينهما مسيرة سفر لأنه لم ينو الإقامة في أحدهما خمسة عشر يوماً وإن تأهل بهما كان كل واحد من الموضعين وطناً أصلياً له ومن كان مولياً عليه فالنية في السفر والإقامة نية من يلي عليه كالمرأة مع زوجها والعبد مع مولاه والجندي مع الأمير الذي يجري عليه والأمير مع الخليفة والأجير مع من استأجره الغريم إذا تعلق به صاحب دين في السفر فلزمه أو حبسه إن كان الغريم قادراً على قضاء ما عليه ومن قصده أن يقضي دينه قبل أن يمضي خمسة عشر يوماً فالنية في السفر والإقامة نية المديون وإن لم يكن قادراً قالمعتبر نية الحابس وحكم الأسير في دار الحرب كحكم العبد لا تعتبر نيته والرجل الذي يبعث إليه الوالي أو الخليفة ليؤتى به إليه فهو بمنزلة الأسير ولو كان العبد بين موليين في السفر فنوى أحد الموليين الإقامة دون الآخر قالوا إن كان بينهما مهايأة في الخدمة فإن العبد يصلي صلاة الإقامة إذا خدم المولى الذي نوى الإقامة وإذا خدم المولى الذي لم ينو الإقامة يصلي صلاة السفر وإذا نوى المولى الإقامة ولم يعلم العبد بذلك حتى صلى أياماً ركعتين ثم أخبره المولى كان عليه إعادة تلك الصلاة وكذا المرأة إذا أخبرها زوجها بنية الإقامة منذ أيام يلزمها إعادة الصلوات في ظاهر الرواية عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى العبد إذا أم مولاه في السفر ونوى المولى الإقامة صحت نيته حتى لو سلم العبد على رأس الركعتين كان عليهما إعادة تلك الصلاة وكذا العبد إذا كان مع المولى في السفر فباعه من مقيم والعبد كان في الصلاة ينقلب فرضه أربعاً حتى لو سلم على رأس الركعتين كان عليه الإعادة لأنه سلام عمد وقد صار العبد مقيماً تبعاً للمشتري إذا أم العبد مولاه ومعهما جماعة من المسافرين فلما صلى ركعتين نوى المولى الإقامة صحت نيته في حقه وفي حق عبده ولا يظهر في حق القوم في قول محمد رحمه الله تعالى فيصلي العبد ركعتين ويقدم واحداً من المسافرين ليسلم بالقوم ثم يقوم المولى والعبد ويتم كل واحد منهما صلاته أربعاً وهو نظير ما لو صلى مسافر بجماعة ومسافرين فلما صلى ركعة أحدث
<167> الإمام وقدم مقيماً فإنه لا ينقلب فرض القوم أربعاً فكذلك هاهنا ثم بماذا يعلم العبد أن المولى نوى الإقامة قال بعضهم يقوم المولى بإزاء العبد فينصب إصبعيه أولاً ويشير بإصبعه ثم ينصب أربعة أصابع يده ويشير بأصابعه الأربع الكافر المسافر إذا أسلم وبينه وبين مقصده أقل من ثلاثة أيام كان حكمه حكم المقيم وكذا الصبي إذا كان في سفره مع أبيه ثم بلغ الصبي وبينه وبين وطنه أقل من ثلاثة أيام كان مقيماً هكذا قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى وقال غيره من المشايخ إذا بلغ الصبي يصلي أربعاً وإذا أسلم الكافر يصلي ركعتين وقال بعضهم يصليان ركعتين فأما المسلم المسافر إذا ارتد والعياذ بالله ثم أسلم من ساعته وبينه وبين وطنه أقل من ثلاثة أيام يبقى مسافراً كمسلم تيمم ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم لا يبطل فكذا لا يبطل سفره وكذا المرأة إذا طلقها زوجها في السفر تطليقة بائنة أو ثلاثاً أ ورجعية وانقضت عدتها وبينها وبين وطنها أقل من ثلاثة أيام فأما قبل انقضاء العدة في الطلاق الرجعي كان حكمها حكم الزوج إذا كان الرجل مقيماً في أول الوقت فلم يصل حتى سافر في آخر الوقت كان عليه صلاة السفر وإن لم يبق من الوقت إلا قدر ما يسع فيه بعض الصلاة ألا يرى أنه لو مات أو أغمي عليه إغماء طويلاً أو جن جنوناً مطبقاً أو حاضت المرأة أو صارت نفساء في آخر الوقت يسقط كل الصلاة فإذا سافر يسقط بعد الصلاة لو كان مسافراً في أول الوقت إن صلى صلاة السفر ثم أقام في وقت لا يتغير فرضه وإن لم يصل حتى أقام في آخر الوقت ينقلب فرضه أربعاً وإن لم يبق من الوقت إلا قدر مايسع فيه بعض الصلاة كما لو بلغ الصبي في آخر الوقت أو أسلم الكافر أو طهرت الحائض أو النفساء ولم يبق من الوقت إلا قدر ما يسع فيه التحريمة أو أفاق المجنون أو المغمى عليه إذا عرض عليه شيء مما قليا في آخر الوقت تجب الصلاة فكذا الإقامة وإن أقام بعد الوقت صلاة السفر المسافر إذا نوى الإقامة بعدما سلم عليه سهو لم تصح نيته في هذه الصلاة لأنه نوى الإقامة بعد الخروج ويسقط عنه سجود السهو في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى(1/81)
<168> لأنه لو عاد إلى سجود السهو تصح نيته الإقامة فيه فينقلب فرضه أربعاً وتصير السجدة في خلال الصلاة فيبطل وقال محمد رحمه الله تعالى تصح نية الإقامة لأن عنده سلام من عليه السهو لا يخرجه عن حرمة الصلاة فصار كما لو نوى قبل السلام وإذا صحت نيته يتم الصلاة أربعاً ويسجد لسهوه بعد الفراغ وإن سجد لسهوه ثم نوى الإقامة تصح نيته وتصير صلاته أربعاً سواء سجد سجدتين أو سجدة واحدة ونوى الإقامة في السجدة لأنه لما سجد للسهو عادت حرمة صلاته فصار كما لو نوى الإقامة في الصلاة مسافر صلى ركعة بمسافرين فجاء مسافر واقتدى به ثم أحدث الإمام واستخلف هذا الرجل وخرج الإمام ليتوضأ ونوى الإقامة والإمام الثاني نوى الإقامة أيضاً ثم عاد الإمام الأول إلى الصلاة ماذا يفعل الإمام الأول والثاني قالوا يقتدي الإمام الأول بالثاني في الركعة الثانية فإذا قعد الإمام الثاني قدر التشهد يقوم ويستخلف رجلاً أدرك الأول الصلاة ليسلم بالقوم ثم يقوم الإمام الثاني ويصلي ثلاث ركعات والإمام الأول ركعتين لأنه لما صلى ركعتين خرج من الإمامة مسافر صلى الظهر ركعتين فقام إلى الثالثة ناسياً بعدما قعد قدر التشهد ثم تذكر ذلك في قيام الثالثة أو في ركوعها فإنه يقوم ويقعد وإن تذكر بعدما قيد الثالثة بالسجدة يتم صلاته أربعاً وكانت الثالثة والرابعة له سنة الظهر وإن لم يكن قعد على رأس الركعتين إن تذكر في قيام الثالثة يعود وإن لم يعد حتى قيدها بالسجدة فسدت صلاته ولو كان هذا المسافر ترك القراءة في الركعتين الأوليين أو في إحداهما ثم قام إلى الثالثة وقرأ قالوا في قياس قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى إذا نوى الإقامة في الثالثة تجوز صلاته ولو قرأ قي الثالثة وركع ثم نوى الإقامة في الركوع قالوا يجوز أيضاً مسافر أم قوماً في آخر وقت العصر فلما صلى ركعة غربت الشمس ثم جاء رجل واقتدى به صح اقتداؤه فإن سبق الإمام الحدث واستخلف هذا الرجل الذي اقتدى به فتذكر الخليفة أنه لم يصل الظهر فسدت صلاته لأن الوقت ليس بضيق عند شروعه ولو تذكر الفائتة بعد الغروب قبل الشروع لا يصح شروعه
<169> فإذا تذكر في خلال الصلاة تفسد صلاته وإن تذكر الأول أن لم يصل الظهر لم تفسد صلاته سبقه الحدث أو لم يسبقه لأن الوقت كان ضيقاً وقت شروعه ولو تذكر الفائتة في ذلك الوقت لا يمنعه الشروع فكذا إذا تذكر في خلال الصلاة رجل صلى الظهر في منزله وهو مقيم ثم خرج إلى السفر وصلى العصر في سفره في ذلك اليوم ثم تذكر أنه ترك شيئاً في منزله فرجع إلى منزله لأجل ذلك ثم تذكر أنه صلى الظهر والعصر بغير طهارة قالوا يجب عليه أن يصلي الظهر والعصر أربعاً لأن صلاة الظهر صارت كأنها لم تكن وصارت ديناً في الذمة في آخر وقت الظهر فصار في ذمته صلاة السفر أما صلاة العصر خرج وقتها وهو مقيم فتجب عليه مسافر صلى شهراًَ جميع الصلوات ركعتين قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يعيد ثلاثين مغرباً ولا يعيد غيرها وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يعيد ثلاثين مغرباً ويعيد صلاة العشاء والفجر والظهر والعصر بعد المغرب الأول مسافر أم قوماً مسافرين فأحدث فاستخلف مسافرً ونوى الثاني الإقامة لا يتغير فرض من خلفه من المسافرين ولو نوى الإمام الأول الإقامة بعدما قبل أن يخرج من المسجد صار فرضه وفرض القوم أربعاً فإن استخلف الأمام واحداً من القوم يتم الخليفة صلاة الإقامة مسافر صلى الظهر ركعتين فقام إلى الثالثة ناسياً أو متعمداً فجاء مسافر واقتدى به في تلك الحالة فصلاة الداخل موقوفة إن عاد الأمام إلى القعدة فسلم فصلاة الداخل تامة لأن الإمام في حرمة الصلاة حين اقتدى به وإن لم يعد ونوى الإقامة في قيام الثالثة ينقلب فرضه وفرض الداخل أربعاً وهو في حرمة الصلاة يتابعه الداخل ثم يقضي ما فاته وذلك ركعتين لأن صلاة المقتدي صارت أربعاً أيضاً مسافر أم قوماً مقيمين فلما صلى ركعتين نوى الإقامة لا لتحقيق الإقامة بل ليتم صلاة المقيمين لا يصير مقيماً ولا ينقلب فرضه أربعاً جماعة من المقيمين صلوا خلف مسافر لا قراءة عليهم فيما يقضون كذا ذكر الكرخي رحمه الله تعالى وكذلك السهو ولا يقتدي(1/82)
<170>أحدهم بالآخر أمير خرج مع جيشه في طلب العدو لا يعلم أين يدركهم فإنهم يصلون صلاة الإقامة في الذهاب وإن طالت المدة وكذا المكث في ذلك الموضغ أما في الرجوع إن كان مدة السفر يقصرون الصلاة وإلا فلا العبد إذا خرج مع مولاه ولا يعلم مسيرة المولى فإنه يسأله إن أخبره أنه يسير مدة السفر صلى صلاة المسافرين وإن كان دون ذلك صلى صلاة الإقامة وإن لم يخبره بذلك إن كان مقيماً قبل ذلك صلى صلاة الإقامة وإن كان مسافراً قبل ذلك صلى صلاة السفر لعدم المغير في حقه وكذا الأسير مع أسره وقيل المولى إذا نوى الإقامة فإنما تظهر نيته في حق العبد إذا تلفظ به أما إذا نوى الإقامة في نفسه ولم يتلفظ به ثم أخبره بذلك بعد زمان لا يظهر في حق العبد رجل خرج من بخارا إلى أموية اختلفوا فيه قال بعضهم يكون سفراً وهو الظاهر لأن الإبل لا تسير في أقل من ثلاثة أيام ومن كرمينية إلى بخارا ينبغي أن يكون كذلك كوفي قدمت عليه امرأته من خراسان حاجة عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنها تقصر الصلاة إلا أن تتوطن بذلك وكذا في حجة النفل إلا أن تكون يحبسها زوجها وللمسافر أن تيرك السنن عند البعض وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا يرخص له فر ترك السنن ولا في قصرها ولا تسافر المرأة بغير محرم ثلاثة أيام وما فوقها واختلفت الروايات فيما دون ذلك قال أبو يوسف رحمه الله تعالى أكره لها أن تسافر وهكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال الفقيه أبو جعفر اتفقت الروايات على الثلاث فأما دون الثلاث قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى هو أهون من ذلك ولا يكون عليها في ذلك ما يكون عليها في الثلاث وقال حماد رحمه الله تعالى لا بأس للمرأة أن تسافر مع قوم صالحين بغير محرم والصبي الذي لم يدرك ليس بمحرم وكذا المعتوه والشيخ الكبير الذي يعقل محرم والجارية التي لم تحض إذا كانت مشتهاة لا تسافر بغير محرم ويجوز التطوع على الدابة خارج المصر في قولهم ولا تجوز المكتوبة إلا من عذر ومن الأعذار أن يخاف من نزول الدابة على نفسه أو على دابته من سبع أو لص أو كان في طير وردغة لا يجد
<171>على الأرض موضعاً يابساً أو كانت الدابة جموحاً لو نزل لا يمكنه الركوب إلا بمعين أو كان شيخاً كبيراً لو نزل لا يمكنه أن يركب ولا يجد من يعينه فتجوز الصلاة على الدابة في هذه أحوال لقوله تعالى {فإن خفت فرجالاً أو ركباناً} ولا تلزمه الإعادة إذا قدر بمنزلة المريض إذا صلى بالإيماء على الدابة وإن كانت الدابة تسير وإن قدر على إيقاف الدابة لا يجوز الإيماء على الدابة إن كانت الدابة تسير وكما تسقط الأركان عن الراكب يسقط عنه الانحراف إلى القبلة الرجل إذا حمل امرأته من القرية إلى المصر كان لها أن تصلي على الدابة في الطريق إذا كانت لا تقدر على الركوب والنزول وكذا الرجل لو خاف أن يصلي قائماً يراه سبع أو عدو ولو صلى قاعداً لا يراه كان له أن يصلي قاعداً وكذا لو خاف أنه لو صلى قاعداً يراه سبع أو عدو جاز له أن يصلي مستلقياً إذا صلى على الدابة في محمل وهو يقدر على النزول لا يجوز له أن يصلي على الدابة إذا كانت الدابة واقفة إلا أن يكون المحمل على عيدان على الأرض وأما الصلاة على العجلة إن كان طرف العجلة على الدابة وهي تسير أو لا تسير فهي صلاة على الدابة تجوز حالة العذر ولا تجوز في غيرها وإن لم يكن طرف العجلة على الدابة جاز وهي بمنزلة الصلاة على السرير
(باب صلاة المريض) صلاة المريض ما يستطيع لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي الله تعالى عنه صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى الجنب تومئ إيماء فينظر إن قدر على القيام والركوع والسجود يصلي قائماً بركوع وسجود لا يجزيه إلا ذلك وإن عجز عن القيام وقدر على الركوع والسجود يصلي قاعداً بركوع وسجود لا يجزيه إلا ذلك وإن عجز عن الركوع والسجود وقدر على القعود يصلي قاعداً بإيماء ويجعل السجود أقل من الركوع وكذا لو عجز عن الركوع والسجود وقدر على القيام يصلي قاعداً بإيماء لأن القيام وسيلة للسجود فإن سقط المقصود سقطت الوسيلة وإن صلى قائماً بإيماء جاز عندنا والمستحب أن يصلي قاعداً بإيماء وقال زفر رحمه الله تعالى لا يجوز له ترك القيام إن قدر عليه ثم إنما يسقط عنه القيام إذا كان يزداد مرضه أو وجعه بالقيام فإن لم يكن(1/83)
<172>كذلك لكن يلحقه نوع مشقة لا يجوز له ترك القيام وإن قدر على بعض القيام دون إتمامه قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقوم قدر ما يقدر فإذا عجز يقعد حتى لو قدر على أن يكبر قائماً ولا يقدر أكثر من ذلك يكبر قائماً ثم يقعد فإن لم يقم خفت أن لا تجزيه صلاته وإن كان لا يقدر على القيام إلا متكئاً قالوا يقوم متكئاً لا يجزيه إلا ذلك ويجلس المريض في صلاته كيف شاء في رواية محمد عن أبي حنيفة وروي الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يتربع عند الافتتاح و عند الركوع يفترش رجله اليسرى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن يركع متربعاً الأحدب إذا كان قيامه ركوعاً يشير برأسه في الركوع لأن عاجز عما هو فوقه إذا عجز المريض عن الإيماء بالرأس في ظاهر الرواية يسقط عنه فرض الصلاة ولا يعتبر الإيماء بالعينين والحاجبين ثم إذا خف مرضه هل تلزمه الإعادة اختلفوا فيه قال بعضهم إن زاد عجزه على يوم وليلة لا يلزمه القضاء وإن كان دون ذلك يلزمه كما في الإغماء وقال بعضهم إن كان يعقل لا يسقط عنه الفرض والأول أصح لأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب ذكر محمد رحمه الله تعالى في النوادر من قطعت يداه من المرفقين وقدماه من الساقين لا صلاة عليه فثبت أن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب كل من لا يقدر على أداء ركن إلا بحدث يسقط عنه ذلك الركن ومن ابتلي بين أن يؤدي بعض الأركان مع الحدث أو بدون القراءة وبين أن يصلي بالإيماء تتعين عليه الصلاة بالإيماء لا يجزيه إلا ذلك لأن الصلاة بالإيماء أهون من الصلاة مع الحدث أو بدون القراءة لأن الأول يجوز حالة الاختيار وهو التطوع على الدابة والصلاة مع الحدث أو بدون القراءة لا يجوز إلا بعذر والمبتلى بين الشرين يتعين عليه أهونهما ولو كان صلى قائماً أو قاعداً سال جرحه وإن استلقى على قفاه لا يسيل فإنه يقوم ويركع ويسجد لأن الصلاة مع الحدث كما لا تجوز من غير عذر فمع الاستلقاء أيضاً لا تجوز من غير عذر فاستويا وترجح الأداء مع الحدث لما فيه من إحراز الأركان وعن محمد رحمه الله تعالى في النوادر أنه قال يصلي مضطجعاً يومئ إيماء
<173>مريض تحته ثياب نجسه إن كان لا يبسط شيئاً إلا ويتنجس من ساعته يصلي على حاله وكذا إذا لم يتنجس الثاني لكنه يلحقه زيادة مشقة بالتحويل مريض صلى جالساً فلما رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الرابعة ظن أنها ثالثة فقرأ وركع وسجد بالإيماء فسد صلاته لأنه انتقل إلى النافلة قبل إتمام المكتوبة ولو لم يكن في الرابعة لكن كان في الثالثة فظن أنها ثانية فأخذ في القراءة ثم علم أنها ثالثة لا يعود إلى التشهد بل يمضي في قراءة ويسجد للسهو في آخر الصلاة رجل له عبد مريض لا يقدر على الوضوء عن محمد رحمه الله تعالى يجب على المولى أن يوضئه لأنه ما دام في ملكه كان عليه تعاهده ميت عليه صلوات فائتة فقضاها الوارث عنه بأمره لا يجوز فرق بين هذا وبين الحج إذا حج الوارث عن الميت بأمره جاز والفرق أن الصلاة عبادة بدنية لا تعلق لها بالمال وتجب بدونه فلا تجزي فيها النيابة أما الحج وإن كان عبادة بدنية فلها تعلق بالمال لا تجب بدونه فالحق التسبيب فيها بالمباشرة كما في الزكاة قال وينام المريض في الصلاة على قفاه ورجلاه نحو القبلة وعند الشافعي رحمه الله تعالى ينام على جنبه الأيمن كما يوضع في اللحد وعند لو فعل ذلك يجوز والأول أولى لقوله صلى الله عليه وسلم يصلي المريض قائماً فإن لم يستطع فقاعداً فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه وعند النزع ينام على قفاه أيضاً لأنه أيسر لخروج الروح رجل صلى ركعة بقيام وركوع وسجود ثم مرض وصار إلى حالة الإيماء فسدت صلاته في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ذكره في النوادر لأن تحريمته انعقدت موجبة للركوع والسجود فلا تجوز بدونهما رجل صلى أربع ركعات جالساً فلما قعد في الركع الرابعة منها قرأ وركع قبل أن يتشهد قال هو بمنزلة القيام ويمضي لو كان حين رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية نوى القيام ولم يقرأ ثم علم قال يعود ويتشهد لأن بمجرد النية لا يصير قائماً المريض إذا عجز عن الإيماء فحرك رأسه عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال أنه تجوز صلاته وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا تجوز لأنه لم يوجد منه فعل(1/84)
<174>(باب صلاة الجمعة) الجمعة فريضة على الرجال الأحرار العاقلين المقيمين في الأمصار ولا يكون الموضع مصراً في ظاهر الرواية إلا أن يكون فيه مفت وقاض يقيم الحدود وينفذ الأحكام وبلغت أبنيته أبنية منى وكما يجوز أداء الجمعة في المصر يجوز أداؤها في فناء المصر وفناء المصر هو الموضع المعد لمصالح المصر المتصل به ومن كان مقيماً في عمران المصر وأطرافه وليس بين ذلك الموضع وبين المصر فرجة فعليه الجمعة ولو كان بين ذلك الموضع وبين عمران المصر فرجة المزارع والمراعي نحو القلع ببخارا لا جمعة على آهل ذلك الموضع وإن كان النداء يبلغهم والغلوة والميل والأميال ليس بشيء هكذا روى الفقيه أبو جعفر عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى العبد إذا قلد عمل ناحية فصلى بهم الجمعة جاز ولا تجوز الأنكحة بتزويجه ولا قضاياه لأن أهل القضاء من كان أهلاً للشهادة والعبد ليس بأهل للشهادة فلا يكون أهلاً للقضاء والمتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له من الخليفة أن كانت سيرته فيما بين الرعية سيرة الأمراء ويحكم فيما بينهم بحكم الولاية يجوز منه إقامة الجمعة وليس للقاضي أن يصلي الجمعة بالناس إذا لم يؤمر به ويجوز لصاحب الشرطة وإن لم يؤمر به وهذا في عرفهم وإلى المصر إذا مات فجاء يوم الجمعة إن صلى بهم الجمعة خليفة الميت أو صاحب الشرطة أو القاضي جاز لأنه فوض إليهم أمر العامة ولو اجتمع العامة على تقديم رجل لم يأمره القاضي ولا خليفة الميت لم يجز ولم يكن جمعة وإن لم يكن ثمة قاض ولا خليفة الميت فاجتمع العامة على تقديم رجل جاز لمكان الضرورة ولو مات الخليفة وله أمراء وولاة على الأشياء من أمور المسلمين كان لهم إقامة الجمعة لأنهم أقيموا لأمور المسلمين فكانوا على حالهم ما لم يعزلوا والجماعة شرط لصلاة الجمعة إلا أنها شرط للانعقاد لا للأداء ثم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يتم الانعقاد قبل التقييد بالسجدة وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يتم الانعقاد بمجرد الشروع وفائدة الخلاف إنما تظهر فيما إذا انفرد الناس عنه وبقي الإمام وأقل الجمع فيها ثلاثة سوى الإمام عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى
<175>ولا يشترط الإقامة ولا الحرية لا في الإمام ولا في المقتدي عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يشترط الإقامة والحرية في الإمام ولا في المقتدي عندنا ويشترط الذكورة والبلوغ والنصراني إذا مر على مصر ثم أسلم ليس له أن يصلي الجمعة بالناس حتى يؤمر بعد الإسلام وكذا الصبي إذا أمر ثم أدرك وكذا لو استقضى صبي أو نصراني ثم أسلم النصراني وأدرك الصبي لم يجز حكمهما ولو قيل للنصراني إذا أسلمت فصل بالناس أو اقض أو قيل للصبي إذا أدركت فصل بالناس أو اقض جاز لأن الفصل الأول حين أمر لم يكن أهلاً فلا يملك إلا بتقليد في المستقبل أما في الفصل الثاني أضاف التقليد إلى حالة الأهلية والتقليد يحتمل الإضافة فيصح تقليده وعن بعض المشايخ إذا أمر الصبي أو الذمي قبل يوم الجمعة وفوض إليه أمر الجمعة فأسلم الذمي وأدرك الصبي كان له أن يصلي الجمعة بالناس وعلى ما ذكرنا لا يجوز ذلك لأن التفويض باطل الإمام إذا أحدث بعدما صلى ركعة من الجمعة فتقدم واحد من القوم لا بتقديم أحد لا تجوز صلاتهم خلفه وإن قدمه واحد من أصحاب السلطان ممن فوض إليه أمر العامة يجوز وكذا إذا قدم القوم واحداً قبل أن يخرج الإمام عن المسجد جاز لإصلاح صلاتهم فإن تكلم الذي قدمه الجمع أو ضحك قهقهة فأمره غير أن يجمع بالناس لا يجوز لأن الإمام لم يفوض التقديم إلى القوم وإنما جاز تقديمهم لإصلاح صلاتهم فإذا خرج عن صلاة الإمام لم يبق إماماً فلا يصح أمره وليس على المقعد الجمعة ولا الحج ولا حضور الجماعات عند أصحابنا رحمهم الله تعالى وإن وجد حاملاً وكذا الأعمى قادر على السعي إلا أنه لا يهتدي فإذا وجد قائداً يلزمه كالصحيح إذا ضل الطريق أما المقعد عاجز عن السعي فلا يلزمه والشيخ الكبير الذي ضعف وعجز عن السعي لا تلزمه الجمعة كالمريض وللمولى أن يمنع عبده عن الجمعة والجماعات والعيدين وعلى المكاتب الجمعة وكذلك معتق البعض إذا كان يسعى والعبد الذي حضر مع مولاه باب المسجد لحفظ الدابة وليس على العبد المأذون ولا على العبد الذي يؤدي(1/85)
<176>الضريبة جمعة وقال الشيخ الإمام أبو حفص الكبير رحمه الله تعالى للمستأجر أن يمنع الأجير عن حضور الجمعة وقال أبو علي الدقاق رحمه الله تعالى ليس له أن يمنع الأجير في المصر عن حضور الجمعة لكن يسقط عنه الأجر بقدر اشتغاله بذلك إن كان بعيداً وإن كان قريباً لا يحط عنه شيء من الأجر وإن كان بعيداً واشتغل قد ربع النهار حط عنه ربع الأجر فإن قال الأجير حط عني الربع بمقدار اشتغالي بالصلاة لم يكن له ذلك وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وإلى المصر إذا اعتل وأمر رجلاً بأن يصلي الجعة بالناس وصلى هو الظهر في منزله ثم وجد خفة فخرج وخطب بنفسه وصلى بهم الجمعة أجزأته وأجزأهم الخليفة إذا سافر وهو في القرى ليس له أن يجمع بالناس ولو مر بمصر من آمصار ولايته فجمع بها وهو سافر جاز لأن صلاة غيره تجوز بإذنه فصلاته أولى الإمام إذا منع أهل مصر أن يجمعوا لم يجمعوا كما أن له أن يمصر موضعاً كان له أن ينهاهم قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى هذا إذا نهاهم مجتهداً بسبب من الأسباب أو أراد أن يخرج ذلك الموضع من أن يكون مصراً فأما إذا كان نهى متعنتاً أو إضراراً بهم فلهم أن يجتمعوا على رجل يصلي بهم الجمعة ولو أن إماماً مصر مصراً ثم نفر الناس بخوف عدو أو ما أشبه ذلك ثم عادوا إليه فإنهم لا يجمعون إلا بإذن مستأنف من الإمام إذا أراد الرجل أن يسافر يوم الجمعة لا بأس به إذا خرج من عمران المصر قبل خروج وقت الظهر لأن الجمعة إنما تجب في آخر الوقت وهو مسافر في آخر الوقت القروي إذا دخل المصر يوم الجمعة إن نوى أن يمكث ثمة يوم الجمعة تلزمه الجمعة وإن نوى أن يخرج من المصر في يومه ذلك قبل دخول وقت الصلاة أو بعد الدخول لا جمعة عليه لأن في الفصل الأول صار كواحد من أهل المصر في ذلك اليوم وفي الوجه الثاني لم يصر فلو صلى مع ذلك كان مأجوراً إذا قدم المسافر المصر يوم الجمعة على عزم أن لا يخرج يوم الجمعة ما لم ينو الإقامة خمسة عشر يوماً وتجوز الجمعة في موضعين في مصر واحد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ولا تجوز في ثلاث مواضع وهكذا روي عن روي عن محمد رحمه الله تعالى وروى أصحاب الأمالي
<177> عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز في المسجدين من مصر واحد إلا أن يكون بينهما نهر كبير فكان حكمه حكم مصرين فإن لم يكن بينهما نهر فالجمعة لمن سبق منهما فإن صلوا معاً فسدت صلاتهم جميعاً وعن محمد رحمه الله تعالى جواز الجمعة في ثلاث مواضع ومن لا تجب عليهم الجمعة من أهل القرى والبوادي لهم أن يصلوا الظهر بجماعة يوم الجمعة بأذان وإقامة والمسافرون إذا حضروا يوم الجمعة في مصر يصلون فرادي وكذلك أهل المصر إذ فاتتهم الجمعة وأهل السجن والموضى ويكره لهم الجماعة المقتدي إذا نام في صلاة الجمعة فلم ينتبه حتى خرج الوقت فسدت صلاته لأنه لو أتمها كان قضاء وقضاء الجمعة لا يجوز ولو انتبه بعد فراغ الإمام والوقت قائم أتمها جمعة لأنه أدي الجمعة في الوقت وإن خرج وقت الظهر قبل الفراغ عن الجمعة فسدت الجمعة وعليهم استقبال الظهر وكذا إذا خرج الوقت بعد ما قعد قدر التشهد قبل السلام في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى الإمام إذا عزل كان له أن يصلي الجمعة بالناس إلى أن يأتيه الكتاب بعزله أو يقدم عليه الأمير الثاني فإذا جاء الكتاب أو علم بقدوم الأمير فصلاته باطلة وإن صلى صاحب شرطة جاز لأن عماله على حالهم حتى يعزلوا رجل تذكر يوم الجمعة والإمام في الخطبة أنه لم يصل الفجر ولا يستمع الخطبة وقضى الفجر بعد ما تفوته الجمعة إذا تذكر في صلاة الجمعة أن عليه فجر يوم أو فائتة أخرى فهو على وجوه إن كانت الوقت بحال لو اشتغل بالفائتة يخرج الوقت يمضي في الجمعة عند الكل لأن الترتيب يسقط عند ضيق الوقت وإن كان في الوقت سعة بحيث يعلم أنه لو اشتغل بالفائتة لا تفوته الجمعة في قولهم ويقضى الفائتة وإن علم أنه لو اشتغل بالفائتة تفوته الجمعة لكن يمكنه أداء الظهر في آخر الوقت اختلفوا فيه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى بقطع الجمعة ويقضي الفائتة ويصلي الظهر في آخر الوقت وقال محمد رحمه الله تعالى ويمضي في الجمعة ولا يقطع إذا حضر لرجل يوم الجمعة والمسجد ملآن إن تخطى يؤذي الناس لا يتخطى وإن كان لا يؤذي(1/86)
<178>أحداً بأن لا يطأ ثوباً ولا جسداً لا بأس بأن يتخطى ويدنو من الإمام وذكر الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه لا بأس بالتخطي ما لم يأخذ الإمام في الخطبة ويكره إذا أخذ لأن للمسلم أن يتقدم ويدنو من المحراب إذا لم يكن الإمام في الخطبة ليتسع المكان على من يجيء بعده وينال فضل القرب من الإمام فإذا لم يفعل الأول فقد ضيع ذلك المكان من غير عذر فكان للذي جاء بعده أن يأخذ ذلك المكان أما من جاء والإمام يخطب فعليه أن يستقر في موضعه من المسجد لأن مشيه وتقدمه عمل في حالة الخطبة وروى هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا بأس بالتخطي ما لم يخرج الإمام أو لا يؤذي أحداً اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في فضل وهو أن الدنو من الإمام أفضل أم التباعد عنه قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الدنو أفضل وقال بعضهم التباعد أفضل كيلاً يستمع ما يقوله الخطيب في الخطبة من مدح الظلمة وغير ذلك رجل لم يستطع يوم الجمعة أن يسجد على الأرض من الزحام فإنه ينتظر حتى يقوم الناس فإذا رأى فرجة يسجد وإن سجد على ظهر الرجل أجزأه وإن وجد فرجة فسجد على ظهر رجل لم يجز وهذا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى قال الحسن رحمه الله تعالى لا يسجد على ظهر الرجل على كل حال رجل ركع ركوعين مع الإمام ولم يسجد حتى صلى الإمام ثم رأى فرحة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يسجد سجدتين للركعة الأولى ثم يصلي الركعة الثانية بغير قراءة وإن نوى حين يسجد للركعة الثانية بطلت نيته وكانت السجدة للأولى وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى هذا على إحدى الروايتين عن علمائنا رحمهم الله تعالى فأما على الرواية الأخرى السجدتان للثانية وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن ركع مع الإمام في الأولى ولم يسجد وركع معه في الثانية وسجد معه فالثانية تامة ويقضي الأولى بركوع وسجود إمام افتتح الجمعة ثم حضروا إلى آخر فإنه يمضي في صلاته لأن افتتاحه قد صح فكان بمنزل رجل أمره الإمام بأن يصلي الجمعة بالناس ثم حجر عليه إن حجر عليه قبل الدخول عمل بحجره وإلا فلا
<179>رجل اقتدى بالإمام يوم الجمعة ينوي صلاة الإمام وظن أن الإمام يصلي الجمعة فإذا كان الإمام يصلي الظهر جاز ظهره مع الإمام وإن نوى عند التكبير أن يصلي الجمعة مع الإمام فإذا كان الإمام يصلي الظهر لا يجوز ظهره مع الإمام لأن في الفصل الأول نوى صلاة الإمام وحسب أنها جمعة فصحت نيته وبطل حسبانه أما في الفصل الثاني نوى أنه يصلي الجمعة مع الإمام فإذا تبين أن الإمام كان يصلي الظهر ظهر أنه لم يصح اقتداؤه لمكان المغايرة إمام افتتح الجمعة فنفر الناس عنه وخرجوا من المسجد ثم جاؤا قبل أن يرفع رأسه من الركوع جاز ولو خطب الإمام وكبر والقوم قعود يتحدثون ثم جاء آخرون لم يجز كأنه خطب وحده حتى يكبر الأولون قبل أن يرفع رأسه من الركوع وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا كبر والقوم قعود لم يجز وقيل يجب أن يكبروا قبل أن يقرأ ثلاث آيات واعتبر في الأصل أن يكبر القوم قبل أن يرفع رأسه من الركوع وإذا كبر الإمام ومعه قوم متوضؤن فلم يكبروا معه حتى أحدثوا ثم جاء الآخرون وذهب الأولون جاز استحساناً ولو كانوا محدثين فكبر ثم جاء آخرون واستقبل التكبير الغسل يوم الجمعة سنة لما روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال من السنة الغسل يوم الجمعة واختلفوا أن الغسل للصلاة أم لليوم قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لليوم واحتج بهذا الحديث فإنه قال من السنة الغسل يوم الجمعة وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ليس الأمر كما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى والاغتسال للصلاة لا لليوم لإجماعهم على أنه لو اغتسل بعد الصلاة لا يعتبر ولو كان الاغتسال لليوم وجب أن يعتبر وإذا اغتسل بعد طلوع الفجر ثم أحدث وتوضأ وصلى لم تكن صلاة بغسل وإن لم يحدث حتى صلى كان صلاة بغسل وقال الحسن رحمه الله تعالى إن اغتسل قبل طلوع الفجر وصلى بذلك الغسل كان صلاة بغسل وإن أحدث وتوضأ وصلى لا يكون صلاة بغسل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر إذا اغتسل يوم الجمعة بعد طلوع الفجر ثم أحدث وتوضأ وشهد الجمعة قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يكون هذا كالذي شهد الجمعة على غسل وقال إن كان الغسل لليوم فهو غسل(1/87)
<180>تام له وإن كان للصلاة فإنه لم يشهد الصلاة على وجهه فإنما شهد الصلاة على وضوء وكذا لو اغتسل للإحرام فبال وتوضأ ثم أحرم كان إحرامه على وضوء إمام خطب يوم الجمعة وحده عن محمد رحمه الله تعالى لا يجوز إلا بحضرة الرجال وذكر أبو حنيفة رحمه الله تعالى في المجرد أنه يجوز وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لو كان هناك رجال فخطب ولا يخرج المنبر إلى الجبانة يوم العيد لأنه لم يخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد الخلفاء إلا أن يكون الإمام أمره بذلك إذا خطب الإمام يوم الجمعة وهو محدث أو جنب ثم اغتسل وصلى بالناس جاز ولو رجع إلى منزله وجامع أو تغدى ثم اغتسل وصلى بالناس لا يجوز إلا أن يعيد الخطبة إذا خطب الإمام يوم الجمعة فأحدث واستخلف من لم يشهد الخطبة لا يصح حتى لو أمر هذا الرجل رجلاً شهد الخطبة ليصلي الجمعة بالناس لا يجوز لأن التفويض إلى الأول لم يصح فلا يملك التفويض إلى غيره كما لو أمر صبياً أو معتوهاً أو كافراً أو امرأة فأمر هؤلاء رجلاً بذلك لا يجوز لأن التفويض الأول لم يصح فلا يصح الثاني وإن أحدث الإمام بعد الخطبة فاستخلف من شهد الخطبة إلا أنه محدث أو جنب فأمر الخليفة رجلاً طاهراً ليصلي بالناس جاز لأن التفويض إلى الأول كان جائزاً ولهذا لو اغتسل كان له أن يصلي فيملك التفويض إلى غيره بخلاف ما إذا استخلف رجلاً لم يشهد الخطبة لأن التفويض إليه لم يصح ولو أحدث الإمام في الصلاة فاستخلف رجلاً لم يشهد الخطبة جاز لأن الثاني بنى صلاته على تحريمة باشرها من استجمع شرائط الصلاة فكان الثاني قائماً مقام الأول ولهذا لو أحدث الثاني لم يشهد الخطبة في صلاته كان له أن يستخلف كذا لو أحدث هذا الثاني كان له أن يستخلف آخر لأن الثاني قائم مقام الأول فيملك ما يملكه الإمام الأول إذا أذن الإمام رجلاً بإقامة الجمعة كان ذلك إذناً له بالخطبة وكذا لو أذن له أن يخطب كان إذناً بإقامة الصلاة ولو قال اخطب لهم ولا تصل بهم أجزأه أن يصلي بهم إذا خطب الإمام يوم الجمعة فلما فرغ منها قدم عليه أمير آخر فتقدم وصلى بهم الجمعة لا يجوز لأنه لم يخطب
<181>ولم يسمع الخطبة فإن كان الأمير الثاني صلى خلف الأول ولم يعزله جازت الجمعة ولو عزله الأول انتقض حكم الخطبة الأولى فإن لم يحضر الثاني وصلى الأول الجمعة مع علمه بقدوم الثاني جازت الجمعة ما لم يجلس الثاني في مجلس الحكم أو يوجد منه ما يستدل به على عزل الأول إذا خطب الإمام يوم الجمعة قاعداً أو مضطجعاً جاز لأنه الخطبة ليست بصلاة ولهذا لم يشترط فيها الطهارة واستقبال القبلة إذا خطب الإمام يوم الجمعة وفرغ منها فذهب ذلك القوم وجاء قوم آخرون لم يشهدوا الخطبة فصلى بهم الجمعة جاز لأنه خطب والقوم حضور فتحقق الشرط وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر إذا جاز قوم آخرون ولم يرجع الأولون يصلي بهم أربعاً إلا أن يعيد الخطبة ويستحب للقوم أن يتوجهوا إلى الإمام عند الخطبة لما روى عن الزهري وعطاء رضي الله تعالى عنه أنهما قالا ثلاث من السنة وعدا من جملة ذلك استقبال الخطيب عند الخطبة وتكلم الناس في التسبيح والتهليل عند الخطبة قال بعضهم من كان بعيداً عن الإمام ولا يسمع الخطبة يجوز له التسبيح والتهليل أجمعوا على أن من لا يسمع الخطبة لا يتكلم بكلام الناس أما قراءة القرآن والتسبيح والذكر والتفقه قال بعضهم الاشتغال بقراءة القرآن وبذكر الله تعالى أفضل من الإنصات أفضل أما دراسة الفقه والنظر في كتب الفقه وكتابته من أصحابنا من كره ذلك ومنهم من قال لا بأس به إذا كان لا يسمع صوت الخطيب وهكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أما من كان قريباً إلى الإمام يسمع صوته اختلفوا فيه روي عن إبراهيم النخعي وإبراهيم بن مهاجر أنهما كانا يتكلمان وقت الخطبة فقيل لإبراهيم النخعي رحمه الله تعالى في ذلك فقال إني صليت الظهر في داري ثم رحت إلى الجمعة تقية ولذلك تأويلان أحدهما أن الناس في ذلك الزمان كانوا فريقين فريق منهم لا يصلي الجمعة لأنهم كانوا لا يرون الجائر سلطاناً وسلطانهم يومئذٍ كان جائزاً فإنما كانوا لا يصلون الجمعة لأجل ذلك وكان فريق منهم يترك الجمعة لأن السلطان كان يؤخر الجمعة عن وقتها في ذلك الزمان فكانوا يصلون الظهر في دارهم ثم يصلون مع الإمام ويجعلونها سبحة وقال بعضهم(1/88)
<182>ما دام الخطيب في حمد الله تعالى والثناء عليه والوعظ للناس فعليهم الاستماع والإنصات فإذا أخذ في مدح الظلمة والثناء عليهم فلا بأس بالكلام حينئذٍ قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى الصحيح عندنا أن من كان قريباً من الإمام يستمع ويسكت من أول الخطبة إلى آخرها واستماع الخطبة أفضل من رد السلام وتشميت العاطس والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وعن أبي يوسف وهذا قول الطحاوي رحمهما الله تعالى إذا قال الخطيب في الخطبة {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه } الآية يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام نفسه ومشايخنا رحمهم الله تعالى قالوا بأنه لا يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بل يستمع ويسكت لأن الاستماع فرض والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ممكنة بعد هذه الحالة وذكر في النوادر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا خطب الإمام يوم الجمعة ثم نزل وافتتح التطوع ركعتين خفيفتين أو طويلتين قال آمره بإعادة الخطبة وإن لم يعدها أجزأه وكذا لو افتتح الصلاة فأفسدها بأن لم يعقد على رأس الركعتين وصلى أربعاً فإنه يعيد الخطبة وإن لم يعدها أجزأه وكذا لو افتتح الجمعة ثم تذكر أن عليه فجر يومه فإنه يقضي الفائتة ويعيد الخطبة وإن لم يعدها أجزأه ويقرأ الإمام في الجمعة في كل ركعة بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء ويجهر بهما واختلفوا في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة وروي أنه كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقون وروي أنه كان يقرأ سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
(باب صلاة العيدين وتكبيرات أيام التشريق) لا يجب الخروج إلى صلاة العيد إلا على من يجب عليه الجمعة ويشترط للعيد ما يشترط للجمعة من المصر والسلطان والأذان العام إلا في شيئين أحدهما في الخطبة والخطبة في صلاة العيد تخالف الخطبة في الجمعة من وجهين أحدهما أن الجمعة لا تجوز بدون الخطبة وصلاة العيد تجوز بدونها والثاني أن في الجمعة تقدم الخطبة على الصلاة وفي العيدين تؤخر عن الصلاة فإن قدم الخطبة في صلاة العيد جاز أيضاً ولا تعاد الخطبة بعد الصلاة ويخطب في صلاة العيد
<183>خطبتين كما هو المعتاد ويجلس بينهما جلسة خفيفة ويكبر في الخطبة في العيدين وليس ذلك عدد في ظاهر الرواية لكن ينبغي أن لا يكون أكثر الخطبة التكبير ويكبر في عيد الأضحى أكثر مما يكبر في خطبة عيد الفطر فإن لم يسمعهم جاز ولا يضر تباعدهم رجل خطب يوم الجمعة بغير إذن الإمام والإمام حاضر لا يجوز ذلك واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في بناء المنبر في الجبانة قال بعضهم لا يكره كيلا يحتاج إلى إخراجه وقال بعضهم يكره ويخطب قائماً أو على دابته كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكبر من يذهب إلى العيد يوم الأضحى ويجهر بذلك ولا يكبر يوم الفطر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهل يكبر في أيام العشر في الأسواق قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى سمعت أن مشايخنا رحمهم الله تعالى يرون ذلك بدعة والسنة أن يخرج الإمام إلى الجبانة ويستخلف غيره ليصلي في المصر بالضعفاء والمرضى والأضرار ويصلي هو في الجبانة بالأقوياء والأصحاء وإن لم يستخلف أحداً كان له ذلك ولا تخرج الشواب من النساء في جميع الصلوات وأما العجائز قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى تخرج العجوز في العيدين والعشاء والفجر ولا تخرج في الجمعة والظهر والعصر والمغرب وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى للعجوز أن تخرج إلى الجماعات في جميع الصلوات وأجمعوا على أن العجوز لا تسافر بغير محرم ولا تخلو برجل شاباً كان أو شيخاً ولها أن تصافح الشيوخ ولا يخرج العبد إلى العيدين والجمعة بغير إذن المولى إذا أذن له مولاه اختلفوا فيه قال بعضهم له أن يتخلف ولا يخرج وقال بعضهم عليه أن يخرج إذا أذن المولى وإن لم يأذن له المولى لكن يعلم العبد أنه لو استأذنه يأذن له لا ينبغي أن يتخلف عن الجمعة والعيدين وإن علم أنه لو استأذنه يكره ويأبى فإنه لا يشهد الجمعة والعيدين وكذا المرأة إذا أرادت أن تصوم تطوعاً بغير إذن زوجها إن علمت أنها لو استأذنت زوجها يأذن لها كان لها أن تصوم ووقت صلاة العيد بعد ما ارتفعت الشمس قدر رمح أو رمحين إلى أن تزول والأفضل أن يعجل الأضحى ويؤخر الفطر وليس لصلاة العيد أذان وإقامة بخلاف الجمعة ولا يتطوع في الجبانة(1/89)
<184>قبل صلاة العيد وله أن يتطوع بعدها والأفضل أن يصلي أربع ركعات فإن تطوع في بيته قبل الخروج إلى المصلى اختلفوا فيه قال بعضهم يكره ومن خرج على الجبانة ولم يدرك الإمام في شيء من الصلاة إن شاء انصرف إلى بيته وإن شاء صلى ولم ينصرف والأفضل أن يصلي أربعاً فتكون له صلاة الضحى لما روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال من فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية والشمس وضحاها وفي الثالثة والليل إذا يغشى وفي الرابعة والضحى وروي في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعداً جميلاً وثواباً جزيلاً رجل أحدث في الجبانة قبل الصلاة إن خاف فوت الصلاة لو اشتغل بالوضوء كان له أن يصلي بالتيمم بلا خلاف وإن أحدث بعد الشروع كان له ذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ومن تكلم في صلاة العيد بعد ما صلى ركعة لا قضاء عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى سمعت في المسئلة خلافاً بين أبي حنيفة وصاحبيه على قول صاحبيه يلزمه القضاء بناء على مسئلة أخرى إذا أحدث في صلاة العيد ولم يجد ماء عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يتيمم لأن عنده إذا لم يجب عليه القضاء لو لم يتيمم تفوته الصلاة أصلاً وعندهما لو فاتته الصلاة يمكنه القضاء فلا يتيمم
(وأما كيفيه صلاة العيد) ما قاله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يكبر في العيدين تسع تكبيرات خمساً في الأولى وأربعاً في الثانية تكبيرة الافتتاح وتكبيرتا الركوع منها فتكون الزوائد ست تكبيرات في كل ركعة ثلاث تكبيرات زوائد ويوالي بين القراءتين يبدأ بالتكبير في الركعة الأولى وبالقراءة في الركعة الثانية وهو قول أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم وبه أخذ أصحابنا رحمهم الله تعالى لأن الجهر بالتكبير بدعة فلا يؤخذ إلا بما اتفق عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه في المشهور روايتان وفي رواية يكبر ثنتي عشرة تكبيرة الافتتاح وتكبيرتا الركوع منها فتكون الزوائد تسع تكبيرات خمس في الأولى وأربع في الثانية وفي رواية يكبر ثلاثاً عشرة ثلاث أصليات
<185>وعشر زوائد خمس في الأولى وخمس في الثانية ويبدأ بالتكبير في كل ركعة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه والأئمة في زماننا يكبرون على رأي ابن عباس رضي الله تعالى عنه لأن الخلفاء شرطوا عليهم ذلك وأخذوا بالرواية الأولى في عيد الأضحى بالثانية في عيد الفطر فأبو حنيفة رحمه الله تعالى سوى بين تكبيرات العيد وبين تكبيرات أيام التشريق فقال في تكبيرات أيام التشريق يبدأ بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويقطع بعد صلاة العصر من يوم النحر وأخذ بالأقل فيها وهما أخذا بالأكثر في تكبيرات أيام التشريق فقالا يبدأ بعد صلاة الفجر من يوم عرفة وبقطع بعد صلاة العصر من أخر أيام التشريق لقوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات وأراد به أيام التشريق ويرفع يديه مع كل تكبيرة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إلا في تكبيرات الركوع وإن صلى خلف إمام لا يرى رفع اليدين في التكبيرات يرفع المقتدي ويقرأ في العيدين في كل ركعة بفاتحة الكتاب وأي سورة شاء ويؤخر التكبيرات عن ثناء الافتتاح وإن أدرك الإمام التشهد أو بعد السلام في سجود السهو فإنه يصلي ركعتين ويكبر برأي نفسه فإن فاتت صلاة الفطر في اليوم الأول بعذر يصلي في اليوم الثاني وإن فاتت بغير عذر لا يصلي في اليوم الثاني فإن فاتت في اليوم الثاني فإن فاتت في اليوم الثاني فإن فاتت في اليوم الثاني فإن فاتت في اليوم الثاني بعذر أو بغير عذر لا يصلي بعد ذلك وأما عيد الأضحى إن فاتت في اليوم الأول بعذر أو بغير عذر يصلي في اليوم الثاني فإن فاتت في اليوم الثاني بعذر أو بغير عذر يصلي في اليوم الثالث فإن فاتت في اليوم الثالث بعذر أو بغير عذر لا يصلي بعد ذلك إمام صلى بالناس صلاة العيد يوم الفطر على غير وضوء وعلم بذلك قبل الزوال أعاد الصلاة وإن علم بعد الزوال خرج من الغد وصلى فإن لم يعلم حتى زالت الشمس من الغد لم يخرج وإن كان ذلك في عيد الأضحى فعلم بعد الزوال وقد ذبح الناس جاز ذبح من ذبح ويخرج من الغد ويصلي وكذا إن علم في اليوم الثاني صلى بالناس ما لم تزل الشمس وإن زالت الشمس يخرج من الغد ويصلي ما لم تزل فإن علم بعد ما زالت الشمس في(1/90)
<186>اليوم الثالث لا يصلي بعد ذلك وإن علم يوم النحر قبل الزوال نادى بالناس بالصلاة وجاز ذبح من ذبح قبل العلم ومن ذبح بعد العلم لا يجوز ذبحه حتى تزول الشمس ولا تصلى صلاة العيد راكباً كما لا تصلى الجمعة والمكتوبة بخلاف صلاة الجنازة لأنها ليست بصلاة من كل وجه هكذا قال بعض المشايخ رحمهم الله تعالى في الروايات الظاهرة إذا صلوا على جنازة ركباناً في القياس تجوز في الاستحسان لا تجوز والسهو في صلاة العيد وصلاة الجمعة والمكتوبة وصلاة التطوع سواء ومشايخنا رحمهم الله تعالى قالوا لا يسجد للسهو في العيدين و الجمعة كيلا يقع الناس في الفتنة
(باب في غسل الميت وما يتعلق به من الصلاة على الجنازة والتكفين وغير ذلك ) كلم مسلم مكلف قتل ظلماً ولم يجب عن دمه بدل هو مال ولم يرتث لم يغسل قتله أهل البغي أو قطاع الطريق أو أهل الحرب بسلاح أو غيره المسلم إذا قتل نفسه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يغسل ويصلى عليه إذا مات الإنسان لا بأس بأن يؤذن قرابته وإخوانه بموته ويكره النداء في الأسواق وكيفية الغسل أن يجرد الميت عندنا ويوضع على عورته خرقة قدر ذراع يستر من سرته إلى ركبته ويستر ركبتيه في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن النظر إلى عورة الميت حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت وفي ظاهر الرواية يوضع خرقة تستر السوأة وحدها ثم يغسل ما تحت الخرقة لكن لا يغسل السوأة ولا يمسها بيده بل يجعل في يده خرقة ويغسل سوأته بتلك الخرقة كيلا يمس عورته بغير خرقة كما لو ماتت المرأة بين جانب يمسها أجنبي بخرقة عند الضرورة ثم يوضأ وضوءه للصلاة إلا كان صغيراً لا يصلي فلا يوضأ ويبدأ بالميامين اعتباراً بما لو اغتسل في حياته ولا يمضمض ولا يستنشق ومن العلماء من قال يجعل الغاسل خرقة في أصبعه يمسح بها أسنانه ولهاته ولثته ويدخل في منخريه أيضاً وعليه الناس اليوم ثم يغسله كما هو المعروف السقط الذي لم تتم أعضاؤه لا يصلى عليه باتفاق الروايات واختلفوا في غسله والمختار أن يغسل ويدفن
<187>ملفوفاً في خرقة وإن سقط الغلام من بطن أمه يغسل ويكفن ولا يصلى عليه وفي تسميته كلام إذا جرى الماء على الميت وأصابه المطر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا ينوب عن الغسل لأنا أمرنا بالغسل وإصابة الماء ليس بغسل الغريق يغسل ثلاثاً في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وعن محمد رحمه الله تعالى في رواية إن نوى الغسل عند الإخراج من الماء يغسل مرتين وإن لم ينو يغسل ثلاثاُ وعنه في رواية يغسل مرة واحدة إذا غسل الميت ثم خرج منه نجاسة لا يعاد الغسل الصغير والصغيرة إذا لم يبلغا حد الشهوة يغسلهما الرجال والنساء لأنه ليس لأعضائهما حكم العورة وفي الأصل قال قبل أن يتكلم وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أكثر أن يغسلهما الأجنبي الخصي والمجبوب كالفحل وييمم باليد وأما الأجنبي فبخرقة على يده ويغض بصره عن ذراعيها وكذا الرجل في امرأته إلا غض البصر ولا فرق بين الشابة والعجوز رجل مات ولم يجدوا ماء فيمموه وصلوا عليه ثم وجدوا ماء غسل ويصلي عليه ثانياً في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وعنه في رواية يغسل ولا تعاد الصلاة بمنزلة جنب تيمم وصلى ثم وجد ماء بعد ذلك وعن محمد رحمه الله تعالى في ميت دفن قبل الغسل وأهالوا عليه التراب قال يصلي على قبره ولا ينبش وعن محمد رحمه الله تعالى في النوادر إذا كفن الميت وبقي منه عضو لم يغسل يغسل ذلك العضو وإن بقي إصبع أو نحو ذلك لا يغسل ميت غسله أهله من غير نية الغسل أجزأهم ذلك إذا مات الرجل وليس ثمة رجل تيممه أمته أو أمة غيره بغير ثوب الأمن يعتق بموته ولا تغسل الأمة مولاها وكذا أم الولد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى للحرمة والصائمة أن تغسل زوجها إذا مات الرجل عن امرأته فقبلت ابن الميت وارتدت والعياذ بالله أو وقعت المحرمية بينهما بسبب من الأسباب لم يجز لها أن تغسله إذا ظاهر الرجل من امرأته ثم مات عنها كان لها أن تغسله منكوحة الرجل إذا تزوجت بزوج ودخل بها حتى وجبت عليها العدة ثم فرق بينهما وردت إلى الزوج(1/91)
<188>الأول فمات عنها وهي في العدة عن نكاح فاسداً لم يكن لها أن تغسله وإن انقضت عدتها في حياته أو بعد وفاته كان لها أن تغسله رجل له امرأتان فقال أحداً كما طالق ثلاثاً ثم مات قبل أن يبين لم يكن لواحدة منهما أن تغسله ولهما الميراث وعليهما عدة الوفاة والطلاق إذا مات الرجل عن المرأة المجوسية لا تغسله فإن أسلمت كان لها أن تغسله إذا مات الرجل عن امرأته وأختها في عدته لم تغسله وإن انقضت عدة أختها كان لها أن تغسله إذا مات الرجل فأقامت امرأتان أختان كل واحدة منهما بينة أنه تزوجها دخل بها ولا يعلم أيتهما الأولى لم تغسله واحدة منهما وميراث أمرأة واحدة بينهما وينبغي أن يكون غاسل الميت على الطهارة ويكره أن يكون حائضاً أو جنباً ولا بأس بجلوس الحائض والجنب عنده وقت الموت امرأة ماتت والولد يضطرب في بطنها قال محمد رحمه الله تعالى يشق بطنها ويخرج الولد لا يسع إلا ذلك إذا عاش المجروح في المعركة يوماً غسل وإن عاش أقل من يوم لم يغسل في قول محمد رحمه الله تعالى وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا جرح الرجل فتحامل قليلاً ثم مات غسل إلا أن يسقط في الموضع الذي جرح فيه فيموت فلا يغسل ومن أوصى بوصية غسل قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى إنما تبطل الشهادة بالوصية إذا زادت الوصية على كلمتين أما الكلمة والكلمتان لا تبطل الشهادة ومن قتل في حالة الحرب بفعل نفسه بأن أصابه سيفه أو سهمه غسل في قول محمد رحمه الله تعالى ولا يغسل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ويغسل من قتل بالحجر ونحو ذلك في غير المحاربة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن هذا القتل يوجب الدية عتده ومن قتله السبع أو احترق بالنار أو تردى من جبل أو مات تحت هدم أو قتل بقصاص أو رجم أو قتله إنسان دافعاً عن نفسه أو ماله غسل ومن قتل ابنه أو قتلت المرأة زوجها ولها منه ولد لم يغسل لأن يغسل لأن قتله وقع موجباً للقصاص وإنما وجبت الدية لتعذر استيفاء القصاص وليس في غسل الميت استعمال القطن في الروايات الظاهرة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يجعل القطن المحلوج في منخريه وفمه وبعضهم
<189>قالوا يجعل في صماخ أذنيه أيضاً وقال بعضهم يجعل في دبره أيضاً وهو قبيح ويكفن كفن مثله وتفسيره أن ينظر إلى ثيابه في حياته لخروج الجمعة والعيدين فذلك كفن مثله أكثر ما يكفن فيه الرجل ثلاثة أثواب ليس فيها عمامة عندنا واستحسنها المتأخرون وهو مروي عن عمر رضي الله تعالى عنه وبه أخذ مالك رضي الله تعالى عنه وأدناه في الرجل ثوبان قميص ولفافة وكفن السنة للمرأة خمسة خماراً وإزاراً وقميص ولفافة وخرقة تربط فوق ثدييها وبطنها وكفن الكفاية لها ثلاثة قميص وإزار ولفافة فإن كان بالمال كثرة وبالورثة قلة فكفن السنة أولى وإن كان على العكس فكفن الكفاية أولى والمراهق في الكفن بمنزلة البالغ والطفل الذي لم يبلغ حد الشهوة فالأحسن أن يكفن فيما يكفن البالغ وإن كفن في ثوب واحد جاز ويقدم الكفن من التركة على سائر الحقوق فإن لم يترك مالاً فالكفن على من يجب عليه النفقة إلا الزوج في قول محمد رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يجب الكفن على الزوج وإن تركت مالاً وعليه والفتوى إذا نبش الميت وهو طري كفن ثانياً من جميع المال فإن كان قد قسم ماله فالكفن يكون على الوارث دون الغرماء وأصحاب الوصايا وإن لم تفضل التركة من الدين فإن لم يكن الغرماء قبضوا دينهم بدئ بالكفن وإن كانوا قبضوا ديونهم لا يسترد منهم شيئاً لزوال ملك الميت معتق الرجل إذا مات ولم يترك شيئاً وله خالة موسرة ومولاه الذي أعتقه قال محمد كفنه على خالته وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر إذا ماتت المرأة وتركت أباً وابناً فكفنها عليهما على قدر مواريثهما وإن لم يترك مالاً ولم يكن هناك أحد يجب عليه نفقته في حياته كان كفنه على الناس فإن لم يقدروا سألوا الناس وفرق بين هذا وبين الحي إذا لم يجد ثوباً يصلي فيه ليس على الناس أن يسألوا له ثوباً لأن الحي يقدر على السؤال بنفسه بخلاف الميت رجل مات في مسجد قوم فقام أحدهم وجمع الدراهم لتكفينه ففضل من ذلك شيء إن علم صاحب الفضل رده عليه وإن لم يعرف كفن به محتاجاً آخر وإن لم يقدر على صرفها إلى الكفن يتصدق بها على الفقراء رجل كفن ميتاً(1/92)
<190>من ماله ثم وجد الكفن في يد رجل كان له أن يأخذ منه لأنه ما زال عن ملكه إلى الميت وإن كان وهبه للورثة وكفنه الورثة فالورثة أحق به وكذا لو كف ميتاً فافترسه السبع كان الكفن له لأنه بقي على ملكه حي عريان وميت معهما ثوب واحد إن كان الثوب ملكاً للحي فله أن يلبسه ولا يكفن به الميت لأنه محتاج إليه وإن كان ملكاً للميت والحي وارثه يكفن فيه الميت ولا يلبسه لأن الكفن مقدم على الميراث من لا يجبر على النفقة في حياته كأولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات لا يجبر على الكفن ثوب الجنازة إذا تخرق ولم يبق صالحاً لما اتخذ له ليس للمولي أن يتصدق به بل يبيعه ويصرف ثمنه في ثمن ثوب آخر يجوز الاستئجار على حمل الجنازة وحفر القبور ولا يجوز على غسل الميت وبعض المشايخ رحمه الله تعالى جوزوا ذلك أيضاً ثم السنة في حمل الجنازة عندنا أن يحملها أربعة نفر من جوانبها الأربع يطوف كل واحد منهم على جوانبها الأربع يضع مقدمها على يمينه ثم مؤخرا على يمينه ثم مقدمها على يساره ثم مؤخرها على يساره روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه فعل كذلك ويكره أن يضعها على أصل العنق ويقوم بين العمودين ويسرع بالجنازة ويمشي بها عجلة ولا بطء كيلا يتحرك الميت والمشي خلف الجنازة أفضل ويجوز المشي أمامها ما لم يتباعد عن القوم ولا ينبغي أن يتقدم القوم كلهم ولا بأس بالركوب في الجنازة والمشي أفضل ويكره أن يتقدم الجنازة راكباً ويكره النوح والصياح وشق الجيوب ولا بأس بالبكاء بأن هطل الدمع فإن كانت مع الجنازة نائحة أو صائحة زجرت فإن لم تنزجر فلا بأس بالمشي معها ويكره رفع الصوت بالذكر فإن أراد أن يذكر الله يذكره في نفسه وعن أبراهيم رحمه الله تعالى كانوا يكرهون أن يقول الرجل وهو يمشي معها استغفروا له غفر الله لكن ولا يرجع عن الجنازة قبل الدفن بغير إذن أهلها وإذا كان القوم في المصلى فجيء بالجنازة قال بعضهم يقومون لها إذا رأوها قبل أن توضع الجنازة عن الأعناق وقال بعضهم لا يقومون وهو الصحيح فهذا شيء كان في الابتداء ثم نسخ اختلفت الروايات فيمن هو أحق بالصلاة على الميت ذكر في
<191>شرح الصلاة لشمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إمام الحي أولى من أبي الميت له أن يتقدم ويصلي من غير تقديم أحد وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى الأب ولا يتقدم إمام الحي إلا بإذن الأب وعند عدم إمام الحي أب الميت أولى من سائر العصبات وذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى السلطان أحق بالصلاة على الميت إذا حضر ثم إمام الحي ثم الوالي ولا يتقدم أحد غير السلطان غير إمام الحي إلا بإذن الولي وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى إذا حضر السلطان يقدم الأولياء فيصلي عليها وإن حضر والي المصر والقاضي فالوالي أولى أن يقدم عليها وإن لم يحضر القاضي ولا الوالي وحضر صاحب الشرطة أولى أن يتقدم وإن كان للوالي خليفة فسلم يحضر الخليفة فخليفته أولى بالتقديم من القاضي ومن صاحب الشرطة وإن لم يحضر الوالي ولا خليفته ولا القاضي ولا صاحب الشرطة وحضر الأولياء أن يقدموا إمام الحي وإن لم يحضر إمام الحي وحضر المؤذن فليس على الأولياء تقديمه وإن حضر الوالي أو خليفته والقاضي وصاحب الشرطة وإمام الحي والأولياء فأبى الأولياء أن يقدموا أحد من هؤلاء وأرادوا أن يتقدموا فلهم ذلك ولهم أن يقدموا من شاؤا ولا يتقدم أحد من هؤلاء إلا بإذنهم وهذا كله قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وبه أخذ الحسن رحمه الله تعالى مات الرجل وله إخوان لأب وأم فالأكبر أولى فإن أراد الأكبر أن يقدم غيرهما فللأصغر أن يمنعه فإن تقدم كل واحد منهما رجلاً آخر فالذي قدمه الأكبر أولى وكذا الابن الأكبر مع الأصغر كذلك ابنا العم عند عدم غيرهما وإن كان الأخ الأصغر وأم والأخ الأكبر لأب فالأصغر أولى وإن كان الأصغر قدم غيره ليس للأخ الأكبر أن يمنعه لأنه لاحق للأخ لأب مع الأخ لأب وأم فإن كان الأخ لأب وأم غائباً فكتب أن يتقدم فلان إن مات فلان فللأخ لأب أن يمنعه لأن الغائب بمنزلة المعدوم وحد الغيبة فيه أن لا يقدر على أن يقدم فيدرك الصلاة ولا ينتظر الناس قدومه وعن محمد رحمه الله تعالى امرأة ماتت(1/93)
<192>ولها أب وابن وزوج فالأب أحق بالصلاة عليها ثم الابن إن كان من غير الزوج فإن كان الابن من الزوج فالأب أحق ثم الزوج وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أمة ماتت وحضر جنازتها الزوج وابن المولى والمولى حاضر في المصر لم يحضر جنازتها فابن المولى أحق من الزوج عبد مات فاختصم في الصلاة عليه المولى وأب العبد وابنه وهما حران فالمولى أحق بالصلاة عليه وكذا المكاتب إذا مات من غير وفاء وإن ترك وفاء إن أديت كتابته به أو كان المال حاضر إلا يخاف عليه التلف فالابن أحق بالصلاة عليه ويكره أن يتقدم جده وهو أب المكاتب وإن كان المال غائباً فالمولى أحق بالصلاة عليه ولا ترفع الأيدي في تكبيرات الجنازة إلا في تكبيرة الافتتاح عند مشايخنا رحمهم الله تعالى وبعض مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى يرفع الأيدي رجل أدرك أول التكبير من صلاة الجنازة ولم يكبر حين يكبر الإمام كبر هو ولا ينتظر التكبيرة الثانية لأن محلها قائم فإن لم يكبر حتى كبر الإمام الثانية كبر الثانية مع الإمام ولم يكبر الأولى حتى سلم الإمام لأنه لو كبر للأولى كان قضاء والمقتدي لا يشتغل بقضاء ما سبق قبل فراغ الإمام وإن لم يكبر مع الإمام حتى كبر الإمام أربعاً كبر هو للافتتاح قبل أن يسلم الإمام ثم يكبر ثلاثاً قبل أن يرفع الجنازة متتابعاً لا دعاء فيها فإذا رفعت الجنازة من الأرض يقطع التكبير وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا لم يكبر حتى كبر الإمام أربعاً فاتته صلاة الجنازة وإن كبر مع الإمام التكبير الأولى ولم يكبر الثانية والثالثة يكبرهما ثم يكبر مع الإمام وإذا كبر الإمام على الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين فجاء رجل لا يكبر هذا الرجل حتى يكبر الإمام فكبر معه للافتتاح ويكون مسبوقاً بما كبر الإمام قبله بخلاف من كان حاضراً قائماً في الصف ولم يكبر للافتتاح مع الإمام تغافلاً أو كان في النية فإنه يكبر ولا ينتظر تكبيرة الإمام وإذا كبر الإمام في صلاة الجنازة خمساً عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان والمختار أن لا يتبعه في التكبيرة الخامسة وينتظر فإذا سلم سلم معه رجل كبر على جنازة امرأة فحضرت جنازة رجل فكبر ينويه ونوى أن لا يكبر على المرأة فقد خرج من صلاة المرأة إلى صلاة الرجل
<193> وإن كبر للثانية ينوي بها عليهما خارجاً عن صلاة المرأة إلى صلاة الرجل إلا أن ينوي بالصلاة عليه وحده بمنزلة ما لو شرع في فريضة فلما صلى بعضها كبر ينوي الفريضة والتطوع لا يكون خارجاً من الفريضة إلى التطوع وكذا لو كبر على جنازة فأتي بجنازة أخرى فإنه يمضي في الأولى ويستقبل الصلاة على الثانية فإن كبر فهو على هذه الوجوه إن نوى الأولى أو نواهما أو لم ينو شيئاً وصلاة الجنازة جاز على التطوع إذا صلى المريض على جنازة قاعداً وهو وليها والقوم خلفه قيام جاز وقال محمد رحمه الله تعالى لا يجوز ويدعو في صلاة الجنازة بالأدعية المعروفة ولا يقرأ بفاتحة الكتاب فإن قرأ بنية الثناء لا بأس به وإن قرأها بنية القراءة كره ذلك قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى من أصحابنا قال قراءة الفاتحة في الشفع الثاني من ذوات الأربع يكون على وجه الدعاء والثناء لا على وجه القراءة وعن محمد رحمه الله تعالى إذا اشترى الرقيق الصغار في دار الحرب فمات أحد منهم في دار الحرب لا يصلى عليه إذا ارتد الزوجان في دار فمات أحد منهم في دار الحرب لا يصلى عليه إذا ارتد الزوجان والمرأة حامل فوضعت الولد ثم مات الولد لا يصلى عليه وحكم الصلاة عليه يخالف حكم الميراث رجل مات في غير بلده فصلي عليه ثم جاء أهله وحملوه إلى منزله إن كانت الصلاة بإذن السلطان أو القاضي لا تعاد إذا صلى على جنازة عند غروب الشمس أو عند طلوعها أو عند الزوال لا يعاد بعد ذلك أهل البغي إذا قتلوا في الحرب لا يصلى عليهم وإن قتلوا بعدما وضع الحرب أوزارها يصلى عليهم وكذا قطاع الطريق إذا قتلوا في الحرب لا يصلى عليهم وإن أخذهم الإمام ثم قتلهم يصلى عليهم وحكم المقتولين لمعصية حكم قطاع الطريق والمكابرون في المصر بالليل بمنزلة قطاع الطريق والذي صلبه الإمام عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان روى أبو سليمان عنه أنه لا يصلى عليه ومن قتل مظلوماً يصلى عليه ولم يغسل ومن قتل ظلماً غسل ولا يصلى عليه رجل على صلاة جنازة والولي خلفه(1/94)
<194> لم يأمره بذلك إن تابعه يصلي معه لا يعيد الولي وإن لم يتابعه فإن كان المصلي سلطاناً أو الإمام الأعظم أو القاضي أو والي المصر أو إمام حيه ليس للولي أن يعيد في ظاهر الرواية وإن كان غيرهم فيه الإعادة جنازة تشاجر فيها قوم فقام رجل ليس بولي وصلى وتابعه بعض القوم في الصلاة عليها فصلاتهم تامة وإن أحب الأولياء أعادوا الصلاة ولا ينوي الإمام الميت في تسليمتي الجنازة بل ينوي من عن يمينه بالتسليمة الأولى ومن عن يساره بالتسليمة الثانية ويسلم بعد التكبيرة الرابعة ولا يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وإذا انتهت الجنازة إلى القبر كره الجلوس للقوم قبل أن توضع عن أعناق الرجال فإذا وضعت عن الأعناق جلسوا ويكره القيام والسنة في القبر عند اللحد فإن كانت الأرض رخوة فلا بأس بالشق وحكي عن الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادنا لرخاوة الأرض قال ولو اتخذ تابوت من حديد لا بأس به لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب ويطين الطبقة العليا مما يلي الميت ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد ويكره الأجر في اللحد إذا كان يلي الميت أما فيما وراء ذلك لا بأس به ويستحب اللبن والقصب وأن يكون مسنماً مرتفعاً من الأرض قدر شبر ويرش عليه الماء كيلا ينتشر بالريح وإن كتب عليه شيئاً أو وضع الأحجار لا بأس بذلك عند البعض ولا يجصص القبر لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التجصيص والتفضيض وعن البناء فوق القبر قالوا أراد البناء السفط الذي يجعل على القبر في ديارنا لما روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء وسفط ويدخل الميت القبر من قبل القبلة ويوضع في القبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة ومن الناس من قال يسل سلاً وتفسيره أن توضع الجنازة عند آخر القبر حتى يكون رأسه بإزاء موضع قدميه من القبر ثم يسل إلى القبر وعندنا توضع الجنازة على رأس اللحد من قبل القبلة ثم يوضع في اللحد وهذا أولى لأن إذا أخذ من قبل القبلة يكون وجوه الآخذين إلى القبلة وإذا وضعوا في القبر قالوا بسم الله وعلى ملة
<195>رسول الله وفي بعض الروايات بسم الله وفي الله وعلى ملة رسول الله ولا يسع اخراج الميت من القبر بعد ما دفن إلا إذا كانت الأرض مغصوبة وأخذت بالشفعة وإن وقع في القبر متاع فعلم بذلك بعدما أهالوا عليه التراب ينبش ويستحب في القتيل والميت دفنه في المكان الذي مات في مقابر أولئك القوم وإن نقل قبل الدفن إلى قدر ميل أو ميلين فلا بأس به كذا لو مات في غير بلده يستحب تركه فإن نقل إلى مصر آخر لا بأس به لما روي أن يعقوب صلوات الله عليه مات مصر ونقل إلى الشام وموسى عليه السلام نقل تابوت يوسف عليه السلام من حبس إلى الشام بعد زمان وسعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه مات في ضيعة على أربعة فراسخ من المدينة ونقل على أعناق الرجال إلى المدينة وبعد ما دفن لا يسع إخراجه بعد مدة طويلة أو قصيرة إلا بعذر والعذر ما قلنا قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وقول محمد في الكتاب لا بأس بأن ينقل الميت قدر ميل أو ميلين
(بيان أن النقل من بلد إلى بلد مكروه): امرأة مات ولدها في غير بلدها ودفن فأرادت نبش القبر وحمل الميت إلى بلدها ليس لها ذلك لما قلنا حامل ماتت وقد أتى على حملها تسعة أشهر وكان الولد يتحرك في بطنها فدفنت ولم يشق بطنها ثم رؤيت في المنام أنها تقول ولدت لا ينبش القبر لأن الظاهر أنها لو ولدت كان الولد ميتاً ولا يكسر عظام اليهود إذا وجدت في قبورهم لأن حرمة عظامهم كحرمة عظام المسلم لأنه لما حرم إيذاؤه في حياته تجب صيانته عن الكسر بعد موته ويكره القعود على القبر ولو وجد طريقاً في المقبرة وهو يظن أنه طريق أحدثوا لا يمشي في ذلك وإن لم يقع ذلك في ضميره لا بأس بأن يمشي فيه ويكره قلع الحطب والحشيش من المقبرة فإن كان يابساً لا بأس به لأنه مادام رطباً يسبح فيؤنس الميت وعلى هذا قالوا لا يستحب قلع الحشيش الرطب من غير حاجة إذا قتل المرتد يحفر له حفيرة يلقى فيها كالكلب ولا يدفع إلى من انتقل إلى دينهم ليدفنوه بخلاف اليهود والنصارى مات رجل في السفينة فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويلقى في البحر ولا بأس بأن يدفن اثنان أو ثلاثة
<196> أو خمسة في قبر واحد عند الضرورة ويجعل بين كل اثنين حاجز من التراب هكذا أمر رسول الله عليه السلام في بعض الغزوات.
(كتاب الصوم): قال مولانا رضى الله تعالى عنه جمعت في هذا الكتاب بين عبادتين اختص بهما شهر رمضان صيام النهار وقيام الليل وبدأت بالصوم لأنه أهم أما الصوم فهو مشتمل على فصول(1/95)
(الفصل الأول رؤية الهلال ومن يجب عليه الصوم ومن لا يجب) شهادة الواحد على هلال رمضان مقبولة إذا كان عدلاً مسلماً بالغاً عاقلاً حراً كان أو عبداً ذكراً كان أو أنثى وكذا شهادة الواحد على شهادة الواحد وشهادة المحدود في القذف بعد التوبة في ظاهر الرواية وقال الطحاوي رحمه الله تعالى لا تشترط العدالة في هذه الشهادة ومن المشايخ من قال أراد به المستور وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا تشترط الدعوى ولا لفظة الشهادة كما لا تشترط في سائر الاخبارات هذا إذا كان بالسماء علة فان كانت مصحية فشهدوا على رؤية الهلال في المصر لا يقبل إلا شهادة من يقع العلم بشهادتهم واختلفوا في تقدير ذلك عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قدره بخمسين كما في القسامة وعن محمد رحمه الله تعالى حتى يتواتر الخبر من كل جانب وهكذا روي أنه يقبل فيه شهادة أهل محلة وإن جاء الواحد من خارج المصر وشهد برؤية الهلال ثمة روي أنه يقبل شهادته وإليه أشار في الأصل وكذا ولو شهد برؤية الهلال في المصر على مكان مرتفع وأما هلال شوال فإن كان بالسماء علة لا يقبل إلا شهادة رجلين ورجل أو امرأتين ويشترط فيه الحرية وكما تشترط فيه الحرية والعدد ينبغي أن يشترط فيه لفظة الشهادة وأما الدعوى ينبغي أن لا تشترط فيها كما لا تشترط في عتق الأمة وطلاق الحرة عند الكل وعتق العبد في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وأما على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي أن تشترط الدعوى في هلال الفطر وهلال رمضان كما في عتق العبد عنده وفي الوقت على قول الفقيه
<197> أبي جعفر رحمه الله تعالى ولا تجوز فيه شهادة المحدود في القذف وإن تاب وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كانت السماء مصحية لا يقبل فيه إلا قول الجماعة كما في هلال رمضان وأما هلال ذي الحجة ذكر الحاكم رحمه الله تعالى أن هلال الأضحى كهلال الفطر وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في النوادر والشهادة على هلال الأضحى كالشهادة على هلال رمضان لما يتعلق بها من أمر ديني وهو ظهور وقت الحج وفي ظاهر الرواية هو كهلال الفطر لأن فيه منفعة الناس وهو التوسع بلحوم الأضاحي إذا رأي الإمام هلال شوال وحده لا ينبغي له أن يخرج ويأمر الناس بالخروج لمكان الاشتباه رجل رأي هلال شوال وحده وهو ممن تقبل شهادته أو لا تقبل فإنه ينوي الصوم ولا يفطر في الستر لمكان الاشتباه رجل رأي هلال الفطر فشهد ولم تقبل شهادته كان عليه أن يصوم فإن أفطر في ذلك اليوم كان عليه القضاء دون الكفارة وإن رأى هلال رمضان وحده فشهد ولم تقبل شهادته كان عليه أن يصوم فإن أفطر في ذلك اليوم كان عليه القضاء دون الكفارة وإن أفطر قبل أن يرد القاضي شهادته اختلفوا فيه والصحيح أنه لا تجب عليه الكفارة ومن رأى هلا رمضان في الرستاق وليس هناك وال ولا قاض فإن كان الرجل ثقة يصوم الناس بقوله وفي الفطر إن أخبر عدلان برؤية الهلال لا بأس بأن يفطروا وإذا صاموا ثلاثين يوماً بشهادة واحدٍ ولم يروا هلال شوال لم يفطروا حتى يصوموا يوماً آخر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأنهم لو أفطروا لأفطروا بشهادة واحدٍ وشهادة الواحد لا تصلح حجة في الفطر وإن كانوا صاموا بشهادة رجلين أفطروا إذا صاموا ثلاثين يوماً وعن القاضي الإمام علي السغدي أنهم لا يفطرون وإن صاموا بشهادة رجلين وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إنما تقبل شهادة رجلين على هلال شوال إذا أخبرا أنهما رأياه في غير البلد وإن كانت شهادتهما أنهما رأياه في البلد والبلد كثير الأهل لا يقبل فيها قول الواحد والاثنين وإنما يقبل قول جماعة لا يتصور اجتماعهم على الكذب عن محمد رحمه الله تعالى في النوادر إذا صام أهل مصر شهر رمضان على غير رؤية ثمانية وعشرين(1/96)
<198>ثم رأوا هلال شوال قالوا إن كان عدوا شعبان لرؤية ثلاثين يوماً وغم عليهم هلال رمضان قضوا يوماً واحداً وإن صاموا تسعة وعشرين يوماً ثم رأوا هلال شوال فلا قضاء عليهم لأنهم قد أكملوا الشهر ولو صام أهل بلدة ثلاثين يوماً للرؤية وأهل بلدة أخرى تسعة وعشرين يوماً للرؤية فعلم من صام تسعة وعشرين يوماً فعليهم قضاء يوم ولا عبرة لاختلاف المطالع وفي ظاهر الرواية وكذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وقال بعضهم يعتبر اختلاف المطالع أهل بلدة رأوا هلال رمضان فصاموا تسعة وعشرين يوماً فشهد جماعة في اليوم التاسع والعشرين أن أهل بلد كذا رأوا هلال رمضان في ليلة كذا قبلكم بيوم فصاموا وهذا اليوم يوم الثلاثين من رمضان فلم يروا الهلال في تلك الليلة والسماء مصحية لا يباح الفطر غداً ولا تترك التراويح في هذه الليلة لأن هذا الجماعة لم يشهدوا بالرؤية ولا على شهادة غيرهم وإنما حكوا رؤية غيرهم إذا شهد شاهدان عند قاض لم ير أهل بلده على أن قاضي بلد كذا شهد عنده شاهدان برؤية الهلال في ليلة كذا وقضى القاضي بشهادتهما جاز لهذا القاضي أن يقضي بشهادتهما لأن قضاء القاضي حجة ولو قضى القاضي بشهادة الواحد على هلال رمضان فصاموا ثلاثين يوماً ولم يروا الهلال والسماء مصحية وذكرنا أن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يفطرون وعن محمد رحمه الله أنهم يفطرون وبه أخذ نصير بن يحيى رحمه الله تعالى إذا شهد الشهود على هلال رمضان في اليوم التاسع والعشرين أنهم رأوا هلال رمضان قبل صومهم بيوم إن كانوا في هذا المصر ينبغي أن لا تقبل شهادتهم لأنهم تركوا الحسبة وما كان حقاً عليهم وإن جاؤوا من مكان بعيد جازت شهادتهم لانتفاء التهمة إذا رأوا الهلال نهاراً قبل الزوال أو بعده لا يصام به ولا يفطر وهي من الليلة المستقبلة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن رأوا الهلال بعد الزوال فكذلك وإن رأوا قبل الزوال فهو من الليلة الماضية وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية إن كان مجراه أمام الشمس والشمس تتلوه فهو الليلة الماضية وإن كان مجراه خلف الشمس فهو الليلة المستقبلة وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى
<199>إن غاب بعد الشفق فهو الليلة الماضية وإن غاب قبل الشفق فهو الليلة الآتية وعند رؤية الهلال يكره الإشارة إليه كما يفعله أهل الجاهلية شهر رمضان إذا جاء يوم الخميس ويوم عرفة جاء يوم الخميس أيضاً كان ذلك اليوم يوم عرفة لا يوم الأضحى حتى لا يجوز التضحية في هذا اليوم اعتماداً على قول علي رضي الله تعالى عنه يوم نحركم يوم صومكم لأن ذلك محتمل يحتمل أنه أراد به ذلك العام دون الأبد إذا أسلم الحربي في دار الحرب ولم يعلم إن عليه صوم شهر رمضان ثم علم بعد ذلك لم يكن عليه قضاء ما مضى ويلزمه الصوم في المستقبل وإنما يحصل العلم بإخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يشترط فيه العدالة والحرية والبلوغ وإن أسلم في دار الإسلام فعليه قضاء ما مضى بعد الإسلام علم بذلك أو لم يعلم إذا اشتبه على الأسير المسلم في دار الحرب شهر رمضان فتحرى شهراً وصامه إن وافق صومه شهر رمضان جاز وإن كان هذا الشهر قبل رمضان لا يجوز لأن الأداء لا يسبق الوجوب وإن صام شهراً بعد شهر رمضان جاز وقيل ينبغي أن لا يجوز لأن عليه القضاء وهو لم ينو القضاء ومشايخنا رحمهم الله تعالى قالوا هذا إذا نوى أن يصوم ما عليه من شهر رمضان حتى يجوز ذلك ثم هذا إنما يجوز إذا صام شهراً يوافق شهر رمضان في العدد وصلاحية الأيام للقضاء أما إذا وقع الصوم في شوال وشوال كان أنقص من رمضان بيوم يقضي يومين أيضاً يوماً لإتمام العدد ويوماً لمكان يوم العيد وإن وافق صومه شهر ذي الحجة وهو أنقص من رمضان بيوم يقضي خمسة أيام يوماً لنقصان العدد وأربعة أيام ليوم النحر وأيام التشريق رجل جن في رمضان ثم أفاق بعد سنين في رمضان في اليوم الآخر كان عليه قضاء الشهر الذي جن فيه وقضاء الشهر الذي أفاق فيه وليس عليه قضاء ما بين ذلك من السنين الماضية قالوا هذا إذا أفاق قبل الزوال أما إذا أفاق بعد الزوال يجعل كأنه لم يفق في هذا الشهر هذا إذا بلغ عاقلاً ثم جن أما إذا بلغ مجنوناً ثم أفاق في رمضان في بعض الشهر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن هذا والفصل الأول سواء يلزمه القضاء ويسوى بين الجنون الطارئ(1/97)
<200>و المقارن وعن محمد رحمه الله تعالى أن هنا لا يلزمه قضاء ما كان مجنوناً فيه كالصبي إذا بلغ في نصف الشهر والكافر إذا أسلم رجل جن في رمضان كله فليس عليه قضاء و إن أفاق شيئاً منه فعليه القضاء وإن أغمي عليه في رمضان كله فعليه قضاؤه وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى لا قضاء عليه في الإغماء كما في الجنون المستوعب وإن أغمي عليه في أول ليلة من رمضان عليه القضاء غير يوم تلك الليلة قالوا هذا إذا نوى الصوم في تلك الليلة قبل الإغماء ولم يذكر ذلك في الكتاب وجعله ناوياً تقديرا ًثم إنما يجعل ناوياً تقديراً إذا كان أهلاً تصح منه النية أما إذا لم يكن أهلاً في تلك الليلة بأن أغمي عليه في آخر يوم من شعبان ودام الإغماء عليه قضاء ذلك اليوم أيضاً. غلام بلغ في النصف من رمضان في نصف النهار أو نصراني أسلم فإنه لا يأكل بقية يومه ويلزمه صوم ما بقي من الشهر ولا يلزمه قضاء ما مضى وإن أكل في يومه لم يكن عليه قضاؤه فإن كان ذلك قبل الزوال ولم يكونا أكلا شيئاً فنويا الصوم قبل الزوال لا يجوز صومهما عن الفرض غير أن الصبي يكون صائماً عن التطوع لأنه كان أهلاً للتطوع في أول اليوم بخلاف الكافر وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز صوم الصبي عن الفرض وقيل جوابه في الكافر كذلك وإليه أشار في المنتقى وقيل في الكافر لا يحوز لأن الكفر في أول اليوم ينافي أصل الصوم أما الصبا في أول اليوم لا ينافي وجود أصل الصوم وكما يجعل وجود النية في أكثر اليوم بمنزلة الوجود في كل اليوم فكذا البلوغ في أكثر اليوم يجعل بمنزلة البلوغ في كل اليوم ثم في ظاهر الرواية فرق بين هذا وبين المجنون إذا أفاق في يوم من رمضان قبل الزوال ولم يكن أكل شيئاً فنوى الصوم جاز عن الفرض لأن الجنون إذا لم يستوعب يكون بمنزلة المرض لا يمنع الوجوب فكان وجود النية في أكثر اليوم كوجودها في الكل ولو أسلم النصراني في غير رمضان قبل الزوال ونوى صوم التطوع كان صائماً عند أبي يوسف رحمه الله تعالى حتى لو أفطر يلزمه القضاء خلافاً لزفر رحمه الله تعالى لأن ما قبل الزوال جعل بمنزلة أول النهار في حكم النية فكذا في حكم الأهلية.
(الفصل الثاني في النية) لا يصح
<201>الدخول في الصوم إلا بالنية عندنا وعند زفر رحمه الله تعالى إذا كان صحيحاً مقيماً في نهار رمضان يصح منه الصوم بدون النية ثم عندنا لا بد من النية لكل يوم وعند مالك رحمه الله تعالى يكفيه نية واحدة لجميع الشهر ويجوز الصوم بمطلق النية قبل الزوال وبنية صوم آخر عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يصح إلا بنية الفرض ونية من الليل وصوم التطوع لا يجوز بنية بعد الزوال عندنا والنذر المعين يصح بمطلق النية ونية التطوع وإذا نوى القضاء أو الكفارة في اليوم الذي نذر أن يصوم فيه كان صومه عما نوى وكل صوم ليس له وقت معين كالقضاء والنذر المطلق والكفارة لا يجوز بنية مطلقة المريض أو المسافر إذا نوى في رمضان عن واجب آخر كان صومه عما نوى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعند صاحبيه يكون عن رمضان وإن نوى التطوع في رمضان فعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان في رواية يقع عن التطوع وفي رواية عن رمضان ولو نوى قضاء رمضان والتطوع كان عن القضاء في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه أقوى وعند محمد رحمه الله تعالى يقع عن التطوع لأن النيتين قد تدافعتا فبقي مطلق النية فيقع عن التطوع ولأبي يوسف رحمه الله تعالى ما قلنا ولأن نية التطوع للتطوع غير محتاج إليها فلغت فبقيت نية القضاء فتقع عن القضاء ولو نوى قضاء رمضان وكفارة الظهار كان عن القضاء استحساناً وفي قياس يكون تطوعاً وهو قول محمد رحمه الله تعالى لأن النيتين قد تدافعتا فصار كأنه صام مطلقاً وجه الاستحسان أن القضاء أقوى لأنه حق الله تعالى وكفارة الظهار حق له فيترجح القضاء وعن محمد رحمه الله تعالى فيمن نذر صوم يوم بعينه فنوى النذر وكفارة اليمين يقع عن النذر. كل صوم لا يتأدى إلا بنية من الليل كالقضاء والنذر إن نوى مع طلوع الفجر جاز لأن الواجب قران النية بالصوم لا تقديمها. نية الفطر في النهار لا تفطر عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى. إذا وجب على إنسان قضاء يومين من رمضان واحد فأراد أنا يقضيهما ينوي أول يوم وجب عليه قضاؤه من هذا الرمضان وإن لم ينو ذلك أجزأه. وإن كانا من رمضانين ينوي رمضان ينوي رمضان الأول فإن لم ينو ذلك(1/98)
<202>اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه يجزئه إذا أفطر في رمضان متعمداً وهو فقير فصام أحدا وستين يوماً للقضاء للكفارة ولم يعين اليوم للقضاء جاز ذلك كذا ذكره الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى فصار كأنه نوى القضاء في اليوم الأول وستين يوماً عن الكفارة إذا نوى في رمضان قبل أن تغيب الشمس أن يصوم غداً فنام أو أغمي عليه أو غفل عن الصوم حتى زالت الشمس من الغد لم يكن صائماً في الغد إلا أن ينوي بعد غروب الشمس أن يصوم غداً إذا ارتد رجل عن الإسلام والعياذ بالله في أول اليوم من رمضان ثم رجع إلى الإسلام فنوى الصوم قبل الزوال فهو صائم وإن أفطر فعليه القضاء دون الكفارة مريض أو مسافر لم ينويا الصوم من الليل في شهر رمضان ثم نويا بعد طلوع الفجر قال أبي يوسف رحمه الله تعالى يجزهما وبه أخذ الحسن رحمه الله تعالى الصائم المتطوع إلى ارتد عن الإسلام ثم رجع إلى الإسلام قبل الزوال ونوى الصوم قال زفر رحمه الله تعالى لا يكون صائماً ولا قضاء عليه إن أفطر وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى يكون صائماً وعليه القضاء إذا أفطر رجل في شهر رمضان سنة تسعين ومائة فصام شهراً ينوي القضاء عن الشهر الذي عليه وهو يرى أنه من رمضان سنه إحدى وتسعين ومائة قال أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجزيه وإن صام شهراً ينوي القضاء عن رمضان سنة إحدى وتسعين ومائة وهو يرى أن أفطر ذلك قال لا يجزيه
(الفصل الثالث في العذر الذي يبح الإفطار في الأحكام المتعلقة به)
رجل يخاف إن لم يفطر عينه وجعاً أو حماه شدة كان له أن يفطر وكذا الحامل أو المرضع إذا خافت على نفسها أو ولدها وكذا الأمة إذا ضعفت عن الطبخ أو الخبز وغسل الثياب ونحو ذلك إن صارت بحال خافت على نفسها فأفطرت فعليها القضاء دون الكفارة وكذا إذا لدغته حية فأفطر لشرب الدواء قال إن كان ذلك الدواء ينفعه فلا بأس به وكذا الرجل إذا كان بإزاء العدو وهو يخاف الضعف على نفسه فله أن يفطر مقيماً كان أو مسافراً رجل لو صام في شهر رمضان لا يمكنه أن يصلي قائماً وإن لم يصم يمكنه أن يصلي قائماً فإنه يصوم ويصلي قاعداً جمعاً بين
<203>العبادتين رجل له حمى غب فأفطر على ظن أن يومه يوم المرض وما حم كان عليه الكفارة وكذا إذا أفطرت المرأة على ظن أن يومها يوم حيض فلم تحض في ذلك اليوم كان عليها الكفارة لوجود الإفطار في يوم ليس فيه شبة الإباحة قال مولانا رضي الله تعالى عنه هذا إذا نوى الصوم ثم أفطر بعد طلوع الفجر فإن لم ينو الصوم في ذلك اليوم كان عليه القضاء دون الكفارة المسافر إذا تذكر شيئاً قد نسيه في منزله فدخل منزله فأفطر ثم خرج قال عليه الكفارة قياساً لأنه مقيم عند الأكل حيث رفض سفره بالعود إلى منزله وبالقياس نأخذ الصائم المتطوع إذا دخل على بعض إخوانه فسأله أن يأكل لا بأس بأن يجيبه وإن كان صائماً عن قضاء رمضان كرد له أن يأكل رجل حلف بطلاق امرأته إن لم يفطر فلاناً فإن كان فلان متطوعاً يفطر لحق أخيه الحالف وإن كان صائماً عن القضاء لا يفطر رجل أفطر في رمضان لمرض كان عليه القضاء ولا تجزيه الفدية فإن مات قبل أن يبرأ لا شيء عليه لأنه لم يدرك عدة من أيام آخر وعليه أن يوصي بالفدية ويعتبر ذلك من ثلث ماله عندنا وإن لم يوص وتبرع الورثة عنه جاز ولا يلزمهم من غير إيصاء عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى إذا افطر المريض أياماً ثم صح أياماً ثم مات لزمه القضاء بقدر ما صح لأنه يقدر على القضاء إلا بقدر ما أدركه إذا وجب على الرجل القضاء بأن أفطر بعذر أو بغير عذر ولم يقض حتى عجز وصار شيخاً فانياً بحيث لا يرجى برؤه تجوز له الفدية وإنما تجوز له الفدية عن صوم هو أصل بنفسه وهو صوم رمضان عند وقوع اليأس عن القضاء يعطى لكل يوم نصف صاع من الحنطة ويجوز فيها ما يجوز في صدقة الفطر إلا أن في الفدية يجوز طعام الإباحة أكلتان مشبعتان ولا يجوز ذلك في صدقة الفطر ومن وجب عليه كفارة اليمين أو القتل إذا لم يجد ما يكفر به وهو شيخ كبير ولم يصم حتى صار شيخاً فانياً لأن الصوم هنا بدل عن غيره ولهذا لا يجوز المصير إلى الصوم إلا عند العجر عن التكفير بالمال والفدية لا تجوز إلا عن صوم هو أصل رجل نظر إلى صائم يأكل ناسياً فقال له أنت صائم وهذا شهر رمضان فقال لست بصائم وأكل ثم تذكر أنه كان صائماً(1/99)
<204> فسد صومه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه لم يكن ناسياً عند الأكل حيث أخبره بذلك ولا يفسد في قول زفر رحمه الله تعالى لأنه ناس ومن رأي صائماً يأكل ناسياً هل عليه أن يخبره بذلك قالوا إن كان شاباً يقدر على إتمام الصوم يخبره وإن كان شيخاً ضعيفاً لا يخبره لأن الشيخ لا يقدر على الإتمام فيتركه حتى يأكله ثم أخبره بذلك ولا تصوم المرأة تطوعاً إلا بإذن زوجها إن أمكنه وطؤها فله أن يفطرها وكذا المملوك إلا إذا كان غائباً ولا ضرر له في ذلك وإن أحرمت المرأة تطوعاً إلا بإذن زوجها قالوا له أن يحللها وكذا الأجير إن كان يضره في الخدمة وكذلك في الصلاة.
(الفصل الرابع فيما يكره للصائم وما لا يكره)
يكره مضغ العلك للصائم لأنه تعريض الصوم للفساد من غير ضرورة ولا يفسد صومه قيل هذا إذا كان أبيض مضغه غيره أما إذا كان لم يمضغه غيره أو كان أسود فسد صومه أما الأسود فلأنه يذوب فيصل إلى الجوف وأما إذا كان أبيض ولم يمضغه غيره فلأنه يتفتت واطلاق محمد رحمه الله تعالى في الكتاب دليل على أن الكل واحد ويكره للمرأة أن تمضغ لصبيها طعاماً إذا كان لها منه بد وكذا إذا ذاقت شيئاً بلسانها لأن فيه تعريض الصوم للفساد وقال بعضهم إن كان الزوج سيئ الخلق لا بأس للمرأة أن تذوق المرقة بلسانها ويكره للصائم أن يذوق العسل والدهن ليعرف الجيد من الرديء عند الشراء. ويستحب للصائم تعجيل الإفطار قبل طلوع النجوم وتأخير السجود ولو ورد الآثار في ذلك وفي يوم الغيم لا يستحب تعجيل الإفطار ولا يأكل حتى يغلب على ظنه غروب الشمس وإن أذن المؤذن للمغرب. ولا بأس بالسواك الرطب واليابس في الغداة والعشي عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى يكره في العشي وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى يكره المبلول بالماء لأن فيه إدخال الماء في الفم متغير ضرورة وفي ظاهر الرواية لا بأس بذلك لأن المقصد هو التطهير فكان بمنزلة المضمضة وأما الرطب الأخضر فلا بأس به عند الكل. الصائم إذا سافر نهاراً لا ينبغي له أن يفطر لأن الوجوب كان ثابتاً فلا يسقط بفعل باشره باختياره. إذا صبح المسافر صائماً فدخل أو مصراً آخر ينوي الإقامة كره له أن يفطر لأنه اجتمع
<205>حكم الإقامة والسفر في هذا اليوم فيترجح جهة الإقامة ولا بأس للصائم أن يقبل أو يباشر إذا أمن على نفسه ما سوى ذلك ولا يفسد صومه وعن سعيد بن جبير رضى الله تعالى عنه أنه يفسد صومه ولنا ما روي عن عائشة رضى الله عنها إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل وهو صائم وتكره القبلة والمباشرة إن لم يأمن على نفسه ما سوى ذلك وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه تكره المباشرة الفاحشة وهي أن يمس فرجه فرجها متجردين وعنه في رواية يكره المعانقة والمصافحة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن يكره أن يأخذ الماء بفيه ثم يمجه أو يصب الماء على رأسه أو يبل الثور ويتلفف به لأن فيه إظهار الضجر في العبادة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يكره أن يصب الماء على رأسه أو يبل الثوب ويتلفف به وهو والاستظلال سواء ولا بأس بالكحل للصائم وإن وجد طعمه في حلقه وكذا إذا دهن شاربه وكذا الحجامة لما روي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه احتجم وهو صائم ويكره أن يصوم يومين لا يفطر بينهما وكذا صوم الوصال وهو أن يصوم السنة ولا يفطر في الأيام المنهية والأفضل أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ويكره صوم الصمت وهو أن يصوم ولا يتكلم لأنه فعل المجوس ولا بأس بصوم يوم الجمعة عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لما روي عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه كان يصوم يوم الجمعة ولا يفطر ويكره صوم النيروز والمهرجان لأن فيه تعظيم أيام نهينا عن تعظيمها وإن وافق يوماً كان يصومه قبل ذلك لا بأس به ويستحب صوم أيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال صوم هذه الأيام صوم النبي القرشي كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يصوم هذه الأيام من كل شهر ويقول هو صيام الدهر ومن الناس من كره ذلك مخافة التوقيت والإلحاق بالواجب ولا بأس بصوم يوم عرفة كان في الحضر أو في السفر إذا كان يقوم عليه ويكره صوم يوم عرفة بعرفات وكذا صوم يوم التروية لأنه يعجزه عن أداء أفعال الحج ويكره للمسافر أن يصوم إذا أجهده الصوم لأنه فيه اهلاك النفس فإن لم يكن كذلك فالصوم للمسافر(1/100)
<206>أفضل عندنا إذا لم يكن رفقاؤه أو عامتهم مفطرين وإن كان رفقاؤه أو عامتهم مفطرين والنفقة مشتركة بينهم فالإفطار أفضل وأما صوم الستة بعد الفطر متتابعة منهم من يكره ذلك ومنهم من لا يكره وإن فرقها في شوال فهو أبعد عن الكراهة والتشبيه بالنصارى أقرب إلى الجواز. الأكل قبل الصلاة يوم الأضحى فيه روايتان والمختار أن لا يكره ويستحب الإمساك ويكره صوم العيدين وأيام التشريق إن صام فيها كان صائماً عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى ويستحب أن يصوم يوم عاشوراء بصوم يوماً قبله أو يوماً بعده ليكون مخالفاً لأهل الكتاب وإن صام شعبان ووصله برمضان فهو حسن وأما صوم يوم الشك وهو اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان أو من شعبان فإن نوى الصوم في هذا اليوم من رمضان كره لقوله عليه الصلاة و السلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ولقوله عليه الصلاة والسلام ولا تتقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين ولأن فيه تشبهاً بالروافض فإنهم يصومون يوماً قبل رمضان ويفطرون يوماً قبل الفطر فإن صام ثم ظهر أنه من رمضان أجزأه وإن ظهر أنه من شعبان كان تطوعاً وإن أفطر لا قضاء عليه لأنه في معنى المظنون وإن نوى واجباً آخر كره لما روينا فإن ظهر أنه من رمضان جاز إذا كان مسافراً فيقع صومه عما نوى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن ظهر أنه من شعبان اختلفوا فيه قال بعضهم يكون تطوعاً لأن الصوم في هذا اليوم منهي فلا يتأدى به الواجب وقال بعضهم يجوز صومه عما نوى لأنه أدى الواجب في يوم يجوز فيه التطوع بخلاف يوم العيد وأصل الكراهة لا يمنع الجواز كالصلاة في الأرض المغصوبة وإن لم يستبين لا يسقط الواجب عن ذمته لاحتمال أنه كان من رمضان وإن نوى التطوع يوم الشك اختلفوا في كراهته والصحيح أنه لا بأس بذلك لما روي عن على وعائشة رضى الله تعالى عنهما أنهما كانا يصومان يوم الشك وقوله عليه الصلاة والسلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم محمول على صوم الفرض فإن ظهر أنه من رمضان كان صائماً عنه وإن ظهر أنه
<207>من شعبان كان متطوعاً وإن أفطر كان عليه القضاء لأنه شرع ملتزماً بخلاف مسألة المظنون إن نوى أن يصوم عن رمضان إن كان غداً من رمضان وإن كان من شعبان فهو صائم عن القضاء أو عن واجب آخر فهو مكروه لأن كل واحد من النيتين مكروهة فإن ظهر أنه من رمضان كان صائماً عنه لأنه نوى الصوم على كل حال ونية الصوم تكفي لجواز الفرض وإن ظهر أنه من شعبان لا يسقط الواجب عن ذمته ويكون صائماً عن التطوع وإن أفطر لا قضاء عليه لأنه شرع في التطوع مسقطاً لا موجباً وإن نوى أن يصوم عن رمضان إن كان غداً من رمضان وإن كان غداً من شعبان فهو صائم عن التطوع كره أيضاً لأنه نوى الفرض من وجه الشك فإن ظهر أنه من رمضان جاز عن رمضان وقيل على قول محمد رحمه الله تعالى لا يكون صائماً كما لو شرع في الصلاة ينوي الظهر والتطوع لا يصير شارعاً في الصلاة في قول محمد رحمه الله تعالى وإن ظهر أنه من شعبان فأفطر ينبغي أن لا يلزمه القضاء وإن نوى أن يصوم عن رمضان إن كان غداً من رمضان وإن كان شعبان فقير صائم لم يكن صائماً لأنه لم ينو الصوم على كل حال وتكلموا في الأفضل في هذا اليوم إن وافق يوماً كان يصومه يوم الخميس أو يوم الجمعة فالصوم أفضل وإن لم يكن اختلفوا فيه قال محمد ابن سلمة رحمه الله تعالى الفطر أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم والاحتراز عن التشبه بالروافض وقال نصير بن يحيى رحمه الله تعالى الصوم أفضل لحديث على وعائشة رضى الله تعالى عنهما والصحيح ما روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه يصح يوم الشك متلوماً غير مفطر ولا عازم قال مولانا رضى الله تعالى عنه هذا إذا لم يكنن قاضياً أو مفتياً فإن كان فالأفضل له أن يصوم عن التطوع بنفسه وخاصته ويفتي العامة بالتلوم والانتظار إلى رقب الزوال مروي ذلك عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن المفتي يمكنه أن يصوم على وجه لا يدخل فيه الكراهة ولا كذلك غيره.(الفصل الخامس فيما لا يفسد الصوم) إذا أكل أو شرب أو جامع لا يفسد صومه استحساناً ولو كان مكروهاً أو خاطئاً فسد صومه قياساً واستحساناً إن ابتلع بزاقه الذي في فيه(1/101)
<208>أو المخاط الذي نزل من رأسه إلى الفم لا يفسد صومه وكذا إذا دخل الدخان أو الغبار أو ريح العطر أو الذباب حلقه لا يفسد صومه وكذا إذا ترطبت شفتاه ببزاقه عند الكلام أو نحوه فابتلع لا يفسد صومه وكذا إذ خرج الدم من بين أسنانه والبزاق غالب فابتلعه ولم يجد طعمه لا يفسد صومه وإن كانت الغلبة للدم فسد صومه وإن استويا فسد احتياطاً وإن داوى جائفة أو أمة إن داواهما بدواء يابس لا يفسد صومه عند الكل وإن داواهما بدواء رطب فسد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يفسد في قول صاحبيه رحمهما الله تعالى قيل لا فرق بين الرطب واليابس إذا وصل الجوف فسد صومه وإن لم يصل لا يفسد وذكر في الأصل أنه يفسد الصوم مطلقاً بناء على الغالب والغالب هو الوصول إلى الجوف وذكر الشرط في تفسير المجرد. إذا احتجم لا يفسد صومه عندنا خلافاً لمالك رحمه الله تعالى. الغيبة لا تفسد صومه وكذا الاحتلام وكذا إذا نظر إلى امرأة فأنزل أو تفكر فأمنى لا يفسد صومه لأن فساد الصوم في الجماع عرف نصاً والجماع قضاء الشهوة بمماسة العضو العضو ولم يوجد وكذا إذا جامع بهيمة ولم ينزل أو ميتة ولم ينزل وإن أنزل في هذه الوجوه كان عليه القضاء دون الكفارة لوجود قضاء الشهوة بصفة النقصان ومن الناس من قال لا يفسد صومه في الاستمتاع بالكف وهل يباح له أن يفعل ذلك في غير رمضان إن أراد الشهوة لا يباح وإن أراد تسكين الشهوة نرجو أن لا يكون إثماً ولو ابتلع سلكة وطرفها بيده أو خشبة وطرفها بيده أو أدخل أصبعه في دبره أو خرج بزاقه من الفم إلى الذقن ولم ينقطع فابتلعها لا يفسد صومه ولو كان بين أسنانه شيء فدخل حلقه وهو كاره أو متعمد لا يفسد صومه إذا كان دون الحمصة لأنه قليل فيجعل تبعاً للريق وإن كان قدر الحمصة فأكله متعمداً عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يفسد صومه ويلزمه القضاء دون الكفارة وقال زفر رحمه الله تعالى يلزمه القضاء والكفارة وفي نوادر هشام إذا ابتلع سمسمة كانت بين أسنانه لا يفسد صومه وإن تناولها من الخارج وابتلعها فسد صومه وتكلموا في وجوب
<209> الكفارة والمختار هو الوجوب هذا إذا ابتلعها فإن مضغها لا يفسد صومه لأنها تلتزق بأسنانه فلا يصل إلى جوفه شيء لو خاض الماء فدخل الماء أذنه لا يفسد صومه وإن صب الماء في أذنه اختلفوا فيه والصحيح هو الفساد لأنه وصل إلى الجوف بفعله فلا يعتبر فيه صلاح البدن وإن طعن برمح لا يفسد صومه وإن بقي الزج في جوفه لأنه لم يوجد منه الفعل ولإصلاح البدن ولو دخل السهم جوفه وخرج من الجانب الآخر لم يفسد صومه
(الفصل السادس فيما يفسد الصوم وهو على نوعين)(أحدهما) يوجب القضاء دون الكفارة (والثاني) يوجب القضاء والكفارة ويدخل فيه مسائل الطلوع والغروب أما ما يوجب القضاء دون الكفارة إذا جامع مكرهاً في نهار رمضان عليه القضاء دون الكفارة وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولاً عليه القضاء والكفارة لأن الجماع لا يكون إلا بانتشار الآلة وتلك أمارة الاختيار ثم رجع وقال لا كفارة عليه وهو قولهما لأن فساد الصوم يكون بالإيلاج وهو كان مكرهاً بالإيلاج وليس كل من ينتشر آلته يجامع وكذا إذا قبل امرأة بشهوة فأمنى أو مسها بشهوة فأمنى عليه القضاء دون الكفارة لوجود قضاء الشهوة بصفة النقصان والحيض والنفاس يفسدان الصوم فيوجب القضاء دون الكفارة لو أكل مكرهاً أو مخطئاً بأن تمضمض فوصل الماء جوفه فسد صومه وعليه القضاء دون الكفارة وقال بعضهم تمضمض حتى دخل الماء حلقه إن زاد في المضمضة على الثلاث ووصل الماء جوفه فسد صومه وقال ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى إن توضأ لصلاة المكتوبة لم يفسد صومه وإن توضأ للتطوع فسد صومه وقال بعضهم لا يفسد فيهما وعن الحسن وهو قول أصحابنا رحمهم الله تعالى إن كان ذاكراً صومه فسد صومه وإن كان ناسياً لا شيء عليه وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن صب الماء في حلقه لا يفسد صومه وإن أكره حتى أكل بنفسه فسد صومه وإن كان نائماً فصب الماء في حلقه فسد صومه عندنا خلافاً لزفر والشافعي رحمهما الله تعالى وكذا النائمة والمجنونة إذا جامعهما زوجهما(1/102)
<210>عليهما القضاء دون الكفارة وقال زفر رحمه الله تعالى لا يفسد صومهما لأنهما في معنى النسيان وإنا نقول بأنه حصل قضاء الشهوة على وجه لا يغلب وجوده ويؤمر وقوع مثله في القضاء فيفسد الصوم ولأن في الناسي العذر جاء من قبل من له الحق وهاهنا جاء من قبل العبد. إذا أولج رجل رجلاً فعليهما القضاء والغسل أنزل أو لم ينزل ولا كفارة فيه لأنه بمنزلة الجماع فيما دون الفرج وإن علمت المرأتان عمل الرجل من الجماع في رمضاء إن أنزلنا عليهما القضاء والغسل وإن لمن تنزلا غسل عليهما ولا قضاء إذا أولج قبل ما طلع الفجر فلما خشى الصبح أو أخرج وأمنى بعد الصبح لا قضاء عليه كما في الاحتلام وإن بدأ بالجماع ناسياً أو أولج قبل طلوع الفجر ثم طلع أو الناسي في اليوم بذكر إن نزع نفسه فيفوره لا يفسد صومه في الصحيح من الرواية وإن دام عليها حتى نزل ماؤه اختلف المشايخ فيه قال بعضهم عليه القضاء لأن الدوام على الفعل له حكم الابتداء ولا كفارة عليه لأن إدخال الفرج أو لا لم يكن على وجه التعدي وقال بعضهم إن مكث ولم يتعد بحركة لا كفارة عليه وإن حرك بنفسه بعد التذكر وبعد طلوع الفجر عليه القضاء والكفارة وهو نظير ما أولج لامرأته ثم قال لها إن جامعتك فأنت طالق فإن نزع لو لم يحرك حتى نزل ماؤه فانتزع لا يحنث وإن حرك نفسه يقع الطلاق ويصير مراجعاً بالحركة الثانية وكذا لو قال لأمته بعدما أولجها إن جامعتك فأنت حرة إن نزع نفسه على الفور لا تعتق وإن لم ينزع وحرك نفسه عتقت الجارية ووجب لها العقر ولا حد عليهما وإن لم يحرك لا يحنث ولا يعتق كذا هاهنا الحقنة توجب القضاء وإن وإن كان لبناً لا يثبت الرضاع وكذا السعوط والوجور والقطور في الأذان أما الحقنة والوجود فلأنه وصل إلى الجوف ما فيه صلاح البدن وفي القطور والسعوط لأنه وصل إلى الرأس ما فيه صلاح البدن وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في السعوط والوجور والحقنة الكفارة لأنه وصل إلى الجوف ما فيه صلاح البدن فكان يمنزلة الأكل والصحيح هو الأول لأن الكفارة موجب الإفطار صورة ومعنى ولم يوجد وإن أفطر في إحليله لا يفسد صومه في قول
<211>أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى عليه القضاء وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا صب في إحليله دهن فوصل إلى المثانة كان عليه القضاء واضطرب قول محمد رحمه الله تعالى قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى الخلاف فيما إذا وصل إلى المثانة أما مادام في قصبة الذكر لا يفسد صومه بالاتفاق لأبي حنيفة رحمه الله تعالى إن المثانة ليس لها منفذ وإنما يخرج البول منها بطريق الترشح وهذا الكلام يرجع إلى الطب ولو دخل دمعه أو عرق جبهته أو مد رعافه حلقه فسد صومه ومن الناس من قال لو فتح فاه فسقطت ثلجة أو مطر في فيه فابتلعه كان عليه القضاء. والصائم إذا قاء لا يفسد صومه لقوله عليه الصلاة والسلام من قاء فلا قضاء عليه فإن عاد إلى جوفه فهو على وجهين إن كان ملء الفم وأعاده فسد صومه في قولهم لأن ملء الفم له حكم الخارج فإعادته بمنزلة ابتداء الأكل وإن عاد بنفسه فسد صومه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه عاد إلى جوفه ما له حكم الخارج ولا يفسد صومه في قول محمد رحمه الله تعالى وهو الصحيح لأنه كما لا يمكن الاحتراز عن خروجه لا يمكن الاحتراز عن عوده فجعل عفواً وإن لم يكن ملء الفم فإن عاد لم يفسد صومه في قولهم عند محمد رحمه الله تعالى لعدم الفعل وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه ليس له حكم الخارج وإن عاده فسد صومه في قول محمد رحمه الله تعالى لوجود الفعل ولا يفسد في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن القليل ليس بخارج فلا يتصور إدخاله والصحيح في هذا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وإن تقيأ إن كان ملء الفم فسد صومه لقوله عليه الصلاة والسلام من تقيأ فعليه القضاء ولا كفارة عليه لأن فساد الصوم عرف نصاً بخلاف القياس فلا يظهر في حق الكفارة وإذا فسد صومه لا يتأتى فيه العود والإعادة وإن لم يكن ملء الفم فسد صومه عند محمد رحمه الله تعالى لظاهر النص وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يفسد صومه لأن مادون ملء الفم لا يسمى قيأ مطلقاً فإن عاد إلى جوفه لا يفسد صومه لأن ما دون ملء الفم ليس بخارج حكماً وإن(1/103)
<212>أعاده عن أبي يوسف رحمه الله تعالى فيه روايتان في رواية لا يفسد لأنه لا يوصف بالخروج فلا يوصف بالدخول وفي رواية يفسد صومه لأن فعله في الإخراج والإعادة قد كثر فصار ملحقاً بملء الفم وإن تقيأ ملء الفم بلغماً لا يفسد صومه خلافاً لأبي يوسف رحمه الله تعالى وهو بناء على الاختلاف في انتقاض الطهارة. صائم عمل عمل الإبريسم فأدخل الإبريسم في فيه فخرجت خضرة الصبغ أو صفرته أو حمرته واختلط بالريق فصار الريق أخضر أو أصفر أو أحمر فابتلعه وهو ذاكر صومه فسد صومه. إذا أكل الصائم ما لا يؤكل عادة كالحصاة والنواة وكالقطن والحشيش والتراب والكاغد والبزاق الذي جعله في كفه ثم ابتلعه والسفرجل إذا لم يكن مدركاً وهو غير مطبوخ والجوزة الرطبة والطين الذي يغسل به الرأس فسد صومه فإن كان يعتاد أكل هذا الطين فعليه القضاء والكفارة. النائم إذا شرب فسد صومه وليس هو كالناسي لأن النائم أو ذاهب العقل إذا ذبح لم تؤكل ذبيحته وتؤكل ذبيحة من نسي التسمية وإن أكل ميتة قد تدودت فسد صومه ولا كفارة عليه وإن لم تكن تدودت فعليه القضاء والكفارة جميعاً. (وأما ما يوجب القضاء والكفارة) إذا أصبح صائماً في رمضان فجامع امرأته متعمداً عليه القضاء والكفارة إذا توارت الحشفة أنزل أو لم ينزل وعلى المرأة مثل ما على الرجل إن كانت مطاوعة عندنا وللشافعي رحمه الله تعالى في وجوب الكفارة على المرأة قولان في قول لا تجب وفي قول تجب ثم قال إن كانت غنية يتحمل عنها الزوج كثمن ماء الاغتسال وإن كانت فقيرة تجب عليها ولا يحتمل عنها الزوج لأنها إذا كانت فقيرة كان عليها الصوم والصوم لا تجري فيه النيابة وإن كانت المرأة مكرهة عليها القضاء دون الكفارة وكذا إذا كانت مكرهة في الابتداء ثم طاوعته بعد ذلك لأنها طاوعته بعد فساد الصوم وإن جامعها في دبرها أو جامع أمته في دبرها متعمداً عليه القضاء والكفارة أنزل أو لم ينزل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وكذا إذا عمل عمل قوم لوط وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان في رواية كما قالا وبه أخذ المشايخ وفي رواية لا تلزمه الكفارة. الصائم إذا أكل متعمداً ما يتغذى به أو يداوى به الخبز والأطعمة والأشربة والأدهان والألبان عليه
<213> الكفارة عندنا وكذا إذا أكل هليلجة أو مسكاً أو كافوراً أو غالية أو زعفراناً وإن أخذ الهليلجة بفيه وجعل يمصها ولا يدخل عينها في جوفه لا يلزمه القضاء وإن جعل هذا بالفانيذ أو بالسكر يلزمه القضاء والكفارة وكذا إذا أكل شيئاً من أوراق الشجر مما يأكله الناس وكذا الخل والمري وماء العصفر وماء الزعفران وماء الباقلاء والبطيخ وماء القثاء والقثد وماء الزرجون والمطر والثلج والبرد إذا تعمد ذلك وكذا إذا أكل طيناً يؤكل للدواء كالطين الأرمني يجب القضاء والكفارة وفي الطين النيسابوري عن أبي جعفر الهندواني رحمه الله تعالى أنه قال يجب القضاء والكفارة وقال محمد بن الحسن رحمه الله تعالى في الرقيات الصائم إذا أكل الطين يجب عليه القضاء دون الكفارة إلا أن يكون من الطين الأرمني فإن فيه القضاء والكفارة لأنه يؤكل للدواء وأما الطين الذي يغلي فيؤكل عن محمد رحمه الله تعالى أنه قال لا أدري وكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قيل معنى قوله لا أدري أي لا أدري أنه يتداوى به أم لا وفي ظاهر الرواية تجب الكفارة لأنه يؤكل عادة وإن أكل دقيقاً في بعض الروايات عن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا تجب الكفارة وعن محمد رحمه الله تعالى تجب وفي بعض الروايات الخلاف على عكس هذا ولا تجب الكفارة بأكل العجين وفي دقيق الذرة إذا لته بالسمن يجب القضاء والكفارة وكذا إذا أكل الحنطة كما هي في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في صائم قضم الحنطة فأكلها عليه القضاء والكفارة ولو مضغ حبة الحنطة لا يفسد صومه لأنها تتلاشى بالمضغ كما قلنا في السمسمة وإن أكل حبة عنب إن مضغها فعليه القضاء والكفارة وإن ابتلعها إن لم يكن معها ثغروقها فعليه القضاء والكفارة بالاتفاق وإن كان معها ثغروقها اختلف المشايخ في وجوب الكفارة وفي اللوزة الرطبة والخوخة الرطبة كفارة لأنها تؤكل كما هي وأما الجوزة الرطبة إن ابتلعها عليه القضاء دون الكفارة لأنها لا تؤكل وإن مضغها فإن كان فيها اللب عليه القضاء والكفارة لأنه أكل ما يؤكل زيادة وإن لم يكن فيها لب عليه القضاء دون الكفارة والرطب واليابس فيه سواء واللوزة اليابسة بمنزلة الجوز(1/104)
<214>وكذا الفندق والفستق إن كانت رطبة فهي بمنزلة الجوز وإن كانت يابسة إن مضغها كان عليه الكفارة إذا كان فيها اللب لما قلنا في الجور وإن ابتلعها إن لم تكن مشقوقة الرأس فسد صومه فلا كفارة فيه عند الكل وإن كانت مشقوقة فكذلك عند عامة العلماء وقال بعضهم إن كانت مملوحة فيها الكفارة وإن لم تكن مملوحة لا كفارة فيها وإن ابتلع تفاحة روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أن عليه الكفارة لأن جميعها مأكول بخلاف قشر الجوز وفي قشر الرمانة وشحمها وابتلاع الرمانة والبيض القضاء دون الكفارة لأنها لا تؤكل كذلك وإن ابتلع بطيخة صغيرة أو حدجة صغيرة أو هليلجة روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أن عليه الكفارة وإن أكل شحماً غير مطبوخ اختلفوا في وجوب الكفارة والصحيح هو الوجوب لو أكل دماً في ظاهر الرواية عليه القضاء دون الكفارة لأنه مما يستقذره الطبع وفي بعض الروايات عليه القضاء والكفارة لأن بعض الناس يشربون الدم وإن أكل لحما ًغير مطبوخ عليه القضاء والكفارة إذا بقيت لقمة السحور في فيه فطلع الفجر ثم ابتلعها أو أخذ كسرة من الخبز يأكلها وهو ناسٍ فلما مضغها ذكر أن صائم فابتلعها مع ذكر الصوم اختلف المشايخ فيه على أربعة أقاويل قال بعضهم لا كفارة عليه وقال بعضهم عليه الكفارة وقال بعضهم إن ابتلعها لا كفارة عليه وإن أخرجها من فيه ثم عاده وابتلعها عليه الكفارة وقال بعضهم إن ابتلعها قبل أن يخرجها عليه الكفارة وإن أخرجها ثم أعادها لا كفارة عليه هو الصحيح إذا تسحر على يقين أن الفجر لم يطلع أو أفطر على يقين أن الشمس قد غربت فإذا الفجر طالع والشمس لم تغرب عليه القضاء فيهما لوجود المناقض ولا كفارة فيهما لمكان العذر وإن تسحر وهو شاك في طلوع الفجر فالمستحب له أن يدع الأكل فإن أكل وهو شاك فصومه تام وإن شك في غروب الشمس عليه أن يدع الأكل فإن أكل وهو شاك يلزمه القضاء واختلفوا في وجوب الكفارة وإن تسحر وأكبر رأيه أن الفجر طالع قال مشايخنا رحمهم الله تعالى عليه أن يقضي ذلك اليوم وإن أفطر وأكبر رأيه أن الشمس لم تغرب عليه القضاء والكفارة لأن النهار كان
<215>ثابتاً وقد انضم إليه أكبر رأيه فصار بمنزلة القين إذا شهد اثنان أن الشمس قد غابت وشهد آخران أن لم تغب فأفطر ثم ظهر أنها لم تغب عليه القضاء دون الكفارة بالاتفاق وإذا شهد اثنان على طلوع الفجر وشهد آخران أنه لم يطلع فأفطر ثم ظهر أنه كان قد طلع عليه القضاء والكفارة بالاتفاق وتقبل الشهادة على الإثبات ولا يعارضها الشهادة على النفي كما في حقوق العباد وإن شهد واحد على طلوع الفجر وشهد آخر أنه لم يطلع فأكل ثم ظهر أنه كان قد طلع لا تجب الكفارة لأن شهادة الواحد على الطلوع ليست بالحجة التامة بل هي شطر الحجة ولو دخل على رجل جماعة وهو يتسحر فقالوا الفجر طالع فقال الرجل إذا لم أصر صائماً وصرت مفطراً فأكل بعد ذلك ثم ظهر أن أكله الأول كان قبل طلوع الفجر وأكله الثاني كان بعد طلوع الفجر قال الحاكم أبو محمد رحمه الله تعالى إن كانوا جماعة صدقهم لا كفارة عليه وإن كان واحد عليه الكفارة عدلاً كان أو غير عدل لأن شهادة الواحد لا تقبل بمثل هذا إذا قال الرجل لامرأته انظري أن الفجر طالع أو غير طالع فنظرت فرجعت وقالت لم يطلع فجامعها زوجها ثم ظهر أن الفجر كان طالعاً اختلف المشايخ فيه قال بعضهم إن صدقها وهي ثقة لا كفارة عليه وقال بعضهم لا كفارة عليه مطلقاً وهو الصحيح لأنه على يقين من الليل شاك في النهار وعلى المرأة الكفارة إن أفطر مع العلم بالطلوع إذا أفطر في رمضان في يوم ولم يكفر حتى أفطر في يوم آخر كان عليه كفارة واحدة وإن أفطر في رمضان عليه لكل فطر كفارة وقال محمد رحمه الله تعالى يكفيه كفارة واحدة (الفصل السابع فيما يسقط الكفارة وما لا يسقط) المسافر إذا قدم مصر وهو صائم في رمضان فأفتي أن صومه لا يجزيه فأفطر بعد ذلك متعمداً لا كفارة عليه وإن لم يفت بذلك فكذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن قول بعض العلماء أن صوم المسافر لا يجوز أورث شبهة فيه وكذا لو أصبح المقيم صائماً ثم سافر فأفطر بعد ذلك لا كفارة عليه وكذا المرأة إذا أفطرت ثم حاضت والصحيح إذا أفطر ثم مرض مرضاً لا يستطيع معه الصوم تسقط الكفارة عندنا خلافاً(1/105)
<216>لزفر رحمه الله تعالى والأصل عندنا أنه إذا صار في آخر النهار على صفة لو كان عليها في أول النهار يباح له الإفطار تسقط عنه الكفارة وذكر في المنتقى أنه إذا أفطر في نهار رمضان متعمداً ثم أغمي عليه ساعة لا كفارة عليه ولو أفطر في أول النهار متعمداً ثم أكرهه السلطان على السفر لا تسقط عن الكفارة في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه تسقط عنه الكفارة ولو سافر باختياره لا تسقط عنه الكفارة إذا أكل أو شرب أو جامع ناسياً فظن أن ذلك فطره فأكل متعمداً لا كفارة عليه لأن صومه فسد قياساً فصار ذلك شبهة فإن كان بلغه الحديث وعلم أن صومه لا يفسد في النسيان عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنه لا كفارة عليه وهو الصحيح رجل زرعه القيء وهو ذاكر للصوم أو ناسٍ أو اغتسل فظن أن ذلك فطره بوصول الماء الجوف أو الدماغ من أصول الشعر متعمداً كان عليه القضاء والكفارة على كل حال وفي بعض الروايات فرق بين العالم والجاهل فأوجب الكفارة على العالم لا على الجاهل وكذا في الذي ذرعه القيء فأكل متعمداً عليه القضاء والكفارة وإن كان عالماً في قولهم وإن كان جاهلاً فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لأبي يوسف رحمه الله تعالى وقول محمد رحمه الله تعالى مضطرب وإن احتلم في نهار رمضان ثم أكل متعمداً كان عليه الكفارة وإن كان جاهلاً فكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية وعن محمد رحمه الله تعالى إن استفتى فقيهاً فأفتاه بالفطر ثم أكل بعد ذلك متعمداً لا كفارة عليه وهو الصحيح وإن احتجم فظن إن ذلك فطره أو اكتحل أو دهن شاربه فظن أن ذلك فطره فإن كان جاهلاً لم يسمع في ذلك حديثاً ولم يفت له أحد بالفطر فأفطر فعليه الكفارة لأن هذا شيء لا يكون مفطراً بحال وإن كان سمع في الحجامة حديثاً وعرف تأويله فكذلك وإن لم يعرف تأويله قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى عليه الكفارة كما لو كان عالماً وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا كفارة عليه ولو سأل هذا الجاهل مفتياً عن الحجامة فأفتى له بالفطر فأكل متعمداً بعد ذلك لا كفارة
<217>عليه وكذا الذي اكتحل أودهن نفسه أو شاربه ثم أكل متعمداً عليه الكفارة إلا إذا كان جاهلاً فاستفتى فأفتي له بالفطر فحينئذ لا يلزمه الكفارة. رجل اغتاب فظن إن ذلك فطره فأكل بعد ذلك متعمداً إن بلغه قوله عليه الصلاة والسلام الغيبة تفطر الصائم وقوله عليه الصلاة والسلام ثلاثة يفطرن الصائم وينفضن الوضوء الغيبة والنميمة والنظر إلى محاسن المرأة واعتمد على الحديث ولم يعرف تأويله قال بعضهم هذا وفصل الحجامة سواء في الوجوه كلها وعامة المشايخ قالوا عليه الكفارة على كل حال اعتمد حديثاً أو فتوى لأن العلماء أجمعوا على ترك العمل بظاهر الحديث وقالوا أراد به ذهاب الأجر وليس في هذا قول معتبر وهذا ظن ما استند إلى دليل فلا يورث شبهة وإن استاك فظن أن ذلك فطره فأكل بعده متعمداً عليه القضاء والكفارة عالماً كان أو جاهلاً لأن هذا شيء يعرفه الخاص والعام وإن أولج بهيمة أو ميتة ولم ينزل لا يفسد صومه ولا يلزم الغسل فإن ظن أن ذلك فطره فأكل بعد ذلك متعمداً إن كان جاهلاً عليه القضاء دون الكفارة وإن ابتلع سلكة ولم يفتها من يده أو أدخل خشبة في دبره ولم يفتها من يده أو أدخل أصبعه في دبره ثم أكل بعد ذلك متعمداً إن كان جاهلاً عليه القضاء دون الكفارة وإن كان عالماً فعليه القضاء والكفارة ولو نظر إلى محاسن المرأة فأنزل أو تفكر فأنزل فظن أن ذلك فطره فأكل متعمداً فهون بمنزلة القيء وقال بعضهم إن كان عالماً عليه القضاء والكفارة عند الكل وإن كان جاهلاً عليه القضاء دون الكفارة (فصل فيمن يجب عليه التشبه ومن لا يجب) غلام بلغ في رمضان في نصف النهار أو نصراني أسلم فإنه لا يأكل بقية يومه وكذا المرأة إذا طهرت من الحيض والنفاس بعد طلوع الفجر أو معه والمجنون إذا أفاق والمسافر إذا قدم مصره بعد الأكل والمقيم إذا تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم به والذي أكل وهو يرى أن الشمس قد غابت فظهر أنها لم تغب كل من صار على صفة في آخر النهار ولو كان عليها في أول النهار يلزمه الصوم كان عليه الإمساك في بقية اليوم عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وأجمعوا على أن من أفطر(1/106)
<218>خطأ بأن تمضمض ودخل الماء في حلقه أو أكل متعمداً أو مكرهاً أو أفطر يوم الشك ثم ظهر أنه من رمضان يلزمه التشبه وأجمعوا على أنه لا يجب التشبه على الحائض والنفساء في الحيض والنفاس وعلى المريض والمسافر (فصل في النذر بالصوم) رجل قال لله علي صوم هذه السنة فإنه يفطر يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ويقضي تلك الأيام وعليه كفارة اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولو قال لله علي صوم سنة ولم يعين يصوم سنة بالأهلة ويقضي خمساً وثلاثين يوماً لرمضان وخمسة أيام قضاء عن يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ولو قال لله علي صوم سنة متتابعة فهو كقوله صوم هذه السنة بعينها لا يلزمه قضاء شهر رمضان لأن السنة المتتابعة لا تخلو عن شهر رمضان ولو قال لله علي أن أصوم الشهر فعليه صوم بقية الشهر الذي و فيه ولو قال لله علي صوم هذه السنة يلزمه الصوم من حين حلف إلى أن تمضي السنة وليس عليه قضاء ما مضى قبل اليمين ولو قال لله علي صوم شهر فعليه صوم شهر كامل ولو قال لله علي صوم شوال وذي الحجة فصامهن بالأهلة وكان ذو القعدة وذو الحجة ثلاثين وشوال تسعاً وعشرين عليه صوم خمسة أيام يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق لأنه التزم صوم ثلاثة أشهر معينة وقد صام ما سوى هذه الأيام الخمسة ولو قال لله علي صوم ثلاثة أشهر فعين للصوم شوالاً وذا القعدة وذا الحجة وكان ذو القعدة وذو الحجة ثلاثين ثلاثين يوماً وشوال تسعة وعشرين عليه قضاء ستة أيام. رجل قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان شكراً لله تعالى وأراد به اليمين فقدم فلان في يوم من رمضان كان عليه كفارة اليمين ولا قضاء عليه لأنه لم يوجد شرط البر وهو الصوم بنية الشكر ولو قد فلان قبل أن ينوي به الشكر ولا ينوي يه عن رمضان بر في يمينه لوجود شرط البر وهو الصوم بنية الشكر ولو قدم فلان قبل أن ينوي فنوى به الشكر ولا ينوي به عن رمضان بر في يمينه لوجود شرط البر وهو صوم بنية شكر وأجزأه عن رمضان كما لو صام رمضان بنية التطوع فليس عليه قضاؤه وعن أبي جعفر رحمه الله تعالى لو قال لله علي صوم مثل شهر رمضان قال إن أراد مثله في الوجوب فله أن يفرق وإن أراد في التتابع فعليه
<219>أن يتابع و إن لم يكن له نية فله أن يصوم متفرقاً ومن نوى النذر يقيناً فعليه القضاء والكفارة وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى عليه القضاء دون الكفارة إن نوى النذر واليمين جميعاً وإن نوى اليمين تجب الكفارة دون القضاء ولو أراد أن يقول لله علي صوم يوم فجرى على لسانه صوم شهر مكان صوم يوم كان عليه صوم شهر وكذا إذا أراد شيئاً فجري على لسانه الطلاق أو العتاق أو النذر يلزمه الطلاق والعتاق أو النذر ولو نذر أن يصوم أبداً فضعف عن الصوم لاشتغاله بالمعيشة قال له أن يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع من الحنطة لأنه استيقن أنه لا يقدر على قضائه فإن لم يقدر على ذلك لعسرته يستغفر الله تعالى وإن لم يقدر لشدة الصيف وحره كان له أن يفطر وينتظر زمان الشتاء حتى يدرك فيقضي مكان لك يوم يوماً إذا لم يكن نذره بالأبد ولو أوجب على نفسه حججاً وعلم أنه لا يمكنه أن يحج ذلك القدر قبل موته ليس عليه أن يأمر غيره بأن يحج عنه وإن علق الصوم بشرط فصام قبله لا يجوز وإن أضافه إلى وقت فصام قبله جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف خلافاً لمحمد وزفر رحمهم الله تعالى إذا أوجبت المرأة على نفسها صوم سنة بعينها قضت أيام حيضها لأن تلك السنة قد تخلو عن أيام الحيض فصح الإيجاب ولو قالت لله علي أن أصوم يوم حيضي أو يوماً آكل فيه لا يصح النذر لأنها أضافت إلى وقت لا يتصوم فيه الصوم فلا يصح كما لو أضاف إلى الليل ولو قالت لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم فلان بعد ما أكلت أو بعد ما حاضت لا يجب شيء في قول محمد رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يجب القضاء وإن قدم بعد الزوال لا يلزمه شيء في قول محمد رحمه الله تعالى ولا رواية فيه عن غيره ولو نذرت بأن تصوم يوم كذا أو غداً فوافق يوم حيضها عليها القضاء عند أبي يوسف رحمه الله تعالى خلافاً لزفر رحمه الله تعالى وكذا إذا نذرت صوم الغد وهي حائض إذا أوجب على نفسه صوم شهر فمات قبل أن يمضي الشهر قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يلزمه صوم الشهر حتى يلزمه أن يوصي بذلك فيطعم عنه كل يوم نصف صاع من الحنطة ويستوي في ذلك إن كان الشهر بعينه(1/107)
<220>أو بغير عينه قال وقد نص على هذا في باب الاعتكاف إذا أوجب على نفسه اعتكاف فمات قبل أن يعتكف يلزمه أن يوصي بذلك فيطعم عنه بعد موته عن نفسه كل يوم نصف صاع من الحنطة وإذا ثبت هذا في الاعتكاف فكذلك في باب لاصوم وذكر بعض أصحابنا عن أبي حفص الفقيه رحمه الله تعالى قال هشام عن محمد رحمه الله تعالى في رجل أوجب على نفسه صوم شهر فمات من ساعته روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يلزمه ويلزمه أن يوصي به قال هشام قلت لمحمد رحمه الله تعالى فإن كان الشهر بعينه قال فكذلك عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال هشام فقلت له ما قولك فيه قال حتى أنظر رجل قال لله علي أن أصوم هذا اليوم أمس أو أمس هذا اليوم لزمه صوم اليوم ولو قال غد هذا اليوم أو هذا اليوم غد لرمه صوم أول الوقتين الذي تفوه به فإن كان أول الوقتين الذي تفوه به اليوم وقال ذلك بعد الزوال لا شيء عليه ولو نذر صوم الاثنين عليه ولو نذر صوم الاثنين والخميس فصام ذلك مرة كفاه إلا أن ينوي الأبد ولو أوجب صوم هذا اليوم شهراً صام ما تكرر منه في ثلاثين يوماً يعني إن كان ذلك اليوم يوم الخميس يصوم كل خميس حتى يمضي شهر فيكون الواجب صوم أربعة أيام أو خمسة أيام وكذا لو قال لله علي أن أصوم يوم الاثنين سنة كان عليه أن يصوم كل اثنين يمر به إلى سنة وعن الكرخي رحمه الله تعالى أنه قال يصوم ثلاثين يوماً لايلزمه صوم يوم إلا أن ينوي الأبد ولو قال لله علي أن أصوم كذا كذا يوماً يلزمه صوم أحد عشر يوماً ولو قال كذا وكذا يوماً يلزمه صوم أحد وعشرين يوماً ولو قال بضعة عشر يوماً فهو على ثلاثة عشر يوماً ولو قال دهراً فهون على ستة أشهر عندهما والدهر هو العمر كله ولو قال لله علي أن أصوم يومين متتابعين من أول الشهر وآخره كان عليه أن يصوم الخامس عشر والسادس عشر ولو قال لله علي أن أصوم جمعة إن أراد به أيام الجمعة يلزمه سبعة أيام وإن أراد به يوم الجمعة يلزمه يوم إن لم يكن له نية يلزمه سبعة أيام لأن الجمعة تذكر ويراد بها يوم الجمعة
<221>وتذكر ويراد بها أيام الجمعة وفي الثاني غلب استعمالها فينصرف المطلق إليه رجل قال لله علي أن أصوم عشرة أيام متتابعة فصامها متفرعة لم يجز ولو أوجب على نفسه متفرقاً فصامها متتابعة أجزأه مريض قال لله علي أن أصوم شهراً فمات أن يصح لايلزمه شيء وإن صح يوماً لزمه أن يوصي بجميع الشهر وقال محمد رحمه الله تعالى لزمه أن يوصي بقدر ما صح كالمريض إذا فاته صوم رمضان ثم صح ولهما إن وجوب النذر مضاف إلى وقت الصحة معنى فصار كأنه قال بعد الصحة لله علي أن أصوم شهراً ثم مات بخلاف قضاء رمضان لأنه مضاف إلى ادراك العدة فيتقدر بقدره (فصل في الاعتكاف) الاعتكاف سنة مشروعة يجب بالنذر والتعليق بالشرط والشروع فيه اعتباراً بسائر العبادات ولا يكون إلا بالصوم عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى ثم إنما يشترط الصوم في اعتكاف أوجب على نفسه فأما في النفل فالصوم فيه ليس بشرط في ظاهر الرواية وفي المجرد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه شرط وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد تصلى فيه الصلوات كلها وفي رواية لا يصح إلا في المسجد الجامع وفي رواية يصح في كل مسجد له أذان وإقامة وهو الصحيح لقول عمر لا اعتكاف إلا في مسجد له أذان وإقامة والاعتكاف في المسجد الحرام أفضل لأنه في الحرم وهو مأمن الخلق ومهبط الوحي ومنزل الرحمة ثم بعده مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أفضل المساجد بعد المسجد الحرام لأنه مكان عبادته في حياته وجوار روضته بعد وفاته ثم المسجد الجامع ما خلا المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجد بيت المقدس ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها يعني موضع صلاتها في بيتها وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا تعتكف إلا في مسجد حيها وعندنا لو اعتكفت في مسجد حيها جاز ويكره ولا يخرج المعتكف مر المسجد إلا لحاجة لازمة شرعية كالجمعة أو لحاجة طبيعية كالبول والغائط وإذا خرج لبول أو غائط لا يمكث في منزله بعد الفراغ من الطهور ويأتي الجمعة حين تزول الشمس فيصلي قبلها أربعاً وبعدها أربعاً(1/108)
<222>أو ستاً ولا يمكث أكثر من ذلك أما بعدها أربعاً أو ستاً لأن الآثار قد اختلفت بالسنة بعد الجمعة فكان هذا مبلغ سننها وقال أبو الحسن الكرخي رحمه الله تعالى يأتي الجمعة في مقدار ما يصلي قبلها أربعاً أو ستاً وبعدها أربعاً أما قبلها أربعاً أو ستاً أربع سنة الجمعة وركعتان تحية المسجد وعن محمد رحمه الله تعالى إذا كان منزله بعيداً من الجامع يخرج حين يرى أنه يبلغ الجامع عن النداء وإن كان خروجه قبل الزوال وهو الصحيح وإن قام في المسجد الجامع يوماً وليلة لا يفسد اعتكافه ويكره ذلك ولا يعود المعتكف مريضاً ولا يشهد جنازة ولو خرج المعتكف عن المسجد بغير عذر ساعة بطل اعتكافه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما لا يبطل حتى يكون أكثر من نصف يوم وعلى هذا الخلاف إذا خرج ساعة بعذر المرض لأن الخروج بعذر المرض لم يصر مستثنى عن الإيجاب لأنه خرج بغير عذر إلا أنه لم يأثم في الخروج بعذر المرض وكذا إذا خرج بغير عذر ناسياً فسد اعتكافه وإن كان ساعة في أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا إذا انهدم المسجد فانتقل إلى مسجد آخر أو أخرجه السلطان مكرهاً أو أخرجه الغريم ساعة فسد اعتكافه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإذا جامع المعتكف امرأته ليلاً أو نهاراً عامداً أو ناسياً فسد اعتكافه وإن كان الجماع ناسياً لا يفسد الصوم ويباح للمعتكف الأكل والشرب في النهار ناسياً لا يفسد اعتكافه وإن باشر فيما دون الفرج فأنزل فسد اعتكافه وإن لم ينزل لا يفسد ولو نظر فأنزل لا يفسد الصوم ويكره للمعتكف المباشرة الفاحشة وإن أمن على نفسه ما سوى ذلك ويباح للصائم إذا أمن على نفسه ما سوى ذلك لأن الاعتكاف مما يمتد ليلاً ونهاراً فإباحة الدواعي قد تصير سبباً للوقوع فيما هو محظور الاعتكاف وهو الجماع وأما الصوم لا يمتد ليلاً فإباحة الدواعي لا تصير سبباً للوقوع في الجماع الذي هو نقيض الصوم ولا بأس للمعتكف أن يبيع ويشتري أراد به الطعام وما لا بد له منه أما إذا أراد أن يأخذ متجراً فيكره له ذلك ولا
<223>صمت في الاعتكاف ولا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال ولا بأس للمعتكف أن ينام في المسجد أو يخرج رأسه من المسجد إلى بعض أهله ليغسله وإن غسله في المسجد في إناء لا بأس به لأنه ليس فيه تلويث المسجد وصعود المئذنة إن كان بابها في المسجد لا يفسد الاعتكاف وأن كان الباب خارج المسجد فكذلك في ظاهر الرواية قال بعضهم هذا في المؤذن لأن خروجه للأذان مستثنى عن الإيجاب أما في غير المؤذن يفسد الاعتكاف لأن الخروج من المسجد وإن كان ساعة يفسد الاعتكاف في قو أبي حنيفة رحمه الله تعالى والصحيح إن هذا قول الكل في حق الكل ويجوز اعتكاف التطوع أقل ممن يوم ولا يبطل بالخروج لعيادة المريض وفي رواية لا يجوز أقل من يوم ويبطل لعيادة مريض ولا بأس للمملوك بأن يعتكف بإذن سيده والمرأة بإذن زوجها لأن الإمنتاع لحق المولى والزوج فإن أذن لها الزوج بالاعتكاف لم يكن له أن يمنعها بعد ذلك وإن منعها لا يصح منعه والمولى إذا منع المملوك بعد الأذن صح منعه ويكون مسيئاً في ذلك وللمكاتب أن يعتكف بغير إذن المولى وليس للمولى أن يمنعه إذا أصبح صائماً عن التطوع ثم قال في بعض النهار لله علي أن أعتكف هذا اليوم لا يصح نذره في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان ذلك قبل الزوال فعليه أن يعتكف وكذا إذا أصبح مفطراً يعني غيرنا وللصوم ثم قال قبل الزوال لله علي أن أعتكف هذا اليوم يلزمه أن يعتكف بصومه وإن لم يفعل فعليه القضاء في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وكذا إذا أصبح المقيم غيرنا وللصوم في رمضان ثم نوى الصوم ثم أفطر لا كفارة عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا أحرم الرجل في اعتكاف بحجة لزمه الإحرام لأنه لا تنافي بينهما فيجمع بينهما إلا أن يخاف فوت الحج فيدع الاعتكاف لأن أمر الحج أهم لأن الحج لا يمكن قضاؤه في كل وقت بخلاف الاعتكاف والعمرة ثم يستقبل الاعتكاف لتركه التتابع بالخروج إذا أغمي على المعتكف أياماً أو أصابه لمم فعليه أن يستقبل الاعتكاف إذا برأ لفوات التتابع وإن صار معتوهاً ثم أفاق بعد سنين يجب عليه القضاء كمن جن وعليه(1/109)
<224>فوائت ثم أفاق بعد سنين وإذا أوجب على نفسه الاعتكاف ثم ارتد والعياذ بالله ثم أسلم سقط عنه الاعتكاف لأن النذر بالقربة قربة فيبطل بالردة كسائر القرب إذا قال لله علي أن أعتكف شهر بالأيام والليالي متتابعاً في ظاهر الرواية بخلاف ما إذا نذر أن يصوم شهراً فإنه لا يلزمه التتابع فإن نوى بالشهر الأيام دون الليالي لا تصح نيته وإن قال لله علي اعتكاف شهر بالنهار دون الليالي لزمه كما لو قال لله على اعتكاف ثلاثين يوماً لزمه اعتكاف ثلاثين يوماً بالليالي فإن قال نويت به الأيام دون الليالي صحت نيته وإن قال نويت الليالي يلزمه بالليالي والنهار رجل قال لله علي أن اعتكف ليلة ونوى اليوم يلزمه الاعتكاف وإن لم ينو لا شيء عليه وكذا لو نذر اعتكاف يوم قد أكل فيه لا يصح نذره ولا يلزمه شيء ومن نذر اعتكاف بيومهما في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يصح نذره و يلزمه اعتكاف ثلاثة أيام بالليالي ولو قال لله علي أن اعتكف يومين لزمه الاعتكاف بليلتيهما يدخل المسجد قبل غروب الشمس فيمكث تلك الليلة ويومها والليلة الثانية ويومها ويخرج بعد غروب الشمس وكذا هذا في الأيام الكثيرة ويدخل قبل غروب الشمس لأن ليلة كل يوم تتقدم عليه ولهذا يقام التراويح في الليلة التي أهل فيها الهلال من رمضان وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يلزمه اعتكاف يومين لا غير ولا يدخل فيه الليل أصلاً وعنه في رواية يدخل فيه الليلة المتوسطة ضرورة التتابع وفي رواية إذا نذر أن يعتكف شهر ألزمه الابتداء بالليل يدخل المسجد قبل غروب الشمس وإذا قال أياماً يبدأ بالنهار فيدخل المسجد قبل طلوع الفجر ومن نذر أن يعتكف رمضان صح نذره فإن اعتكف فيه أجزأه فإن صام رمضان ولم نعتكف عليه أن يعتكف شهراً آخر يصومه عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وهو احدى الروايتين عن أبي
<225>يوسف رحمه الله تعالى و في رواية أخرى عنه لا يلزمه القضاء و هو قول زفر رحمه الله تعالى فإن اعتكف في رمضان آخر قضاء لا يجوز عندنا خلافاً لزفر رحمه الله تعالى هذا إذا صام رمضان ولم يعتكف فإن لم يصم رمضان لعذر قضى الصوم في شهر آخر و اعتكف فيه جاز وإذا أوجب على نفسه اعتكافاً ولم يعتكف حتى مات يطعم عنه لكل يوم نصف صاع من الحنطة وقد ذكرناه وإن كان مريضاً وقت الإيجاب ولم يبرأ حتى مات فلا شيء عليه و إذا نذر باعتكاف أيام العيد قضاه في وقت آخر لأن الاعتكاف لا يكون إلا بالصوم والصوم في هذه الأيام حرام وإن نوى اليمين كفر عن يمينه لفوات البر وإن اعتكف فيه أجزأه وقد أساء لو نذر أن يعتكف رجباً فجعل شهراً قبله لا يجوز في قول أبي يوسف خلافاً لمحمد رحمه الله تعالى وعلى هذا الخلاف إذا نذر أن يحج سنة قبلها أو نذر أن يصلي ركعتين يوم الجمعة فصلاهما يوم الخميس وأجمعوا أنه لو قال لله علي أن أتصدق بدرهمين يوم الجمعة فتصدق بهما يوم الخميس أجزأه وكذا لو قال لله علي أن أصلي ركعتين في مسجد المدينة فصلاهما في مسجد آخر جاز وقال زفر رحمه الله تعالى إن كان هذا المكان دون ذلك المكان لم يجز وأجمعوا على أن النذر لو كان معلقاً بأن قال إذا قدم غائبي أو شفي الله مريضي فلاناً فلله علي أن أعتكف شهراً فجعل شهراً قبل ذلك لم يجز إ ذ اسكر المعتكف ليلاً لم يفسد اعتكافه لأنه تناول محظور الدين لا محظور الاعتكاف فلا يفسد اعتكافه كما لو أكل مال الغير إذا اعتكف الرجل من غير أن يوجب على نفسه ثم خرج من المسجد لا شيء عليه وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى عليه أن يعتكف يوماً إذا نذرت المرأة اعتكاف شهر ثم حاضت فإنها تصل تلك الأيام بالشهر ولا يلزمها الاستقبال إذا قال لله علي أن أعتكف رجب وقد مضى رجب وهو لا يعلم أنه قد مضى فلا شيء عليه يريد به إذا أوجب على نفسه اعتكاف رجب السنة التي هو فيها والأولى للرجل أن يعتكف من كل رمضان عشراً فلما كانت السنة التي قبص فيها اعتكف(1/110)
< 226>عشرين وروى أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف العشر الوسطى فلما فرغ من اعتكافه أتاه جبرائيل صلوات الله عليه و قال إن ما تطلب وراءك يعني ليلة القدر أخبره أن ما طلبت في العشر الآخر واستدل بعض الناس بهذا الخبر أن ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين وروى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال ليلة القدر في رمضان فلا يدرى أية الليلة هي وربما تتقدم وربما تتأخر وفي المشهور عنه ليلة القدر تدور في السنة قد تكون في رمضان وقد تكون في غير رمضان وروى عن أبي يوسف و محمد رحمهما الله تعالى أنهما قالا لا تتقدم ولا تتأخر ولكن لا يدرى أية ليلة هي وإنما يظهر هذا ا لاختلاف في رجل حلف و قال لامرأته في النصف من رمضان أنت طالق ليلة القدر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق ما لم يمض رمضان من السنة المستقبلة لاحتمال أن ليلة القدر قد مضت في النصف الأول من الشهر الذي حلف فيه و في السنة الثانية تكون في النصف الآخر فلا يقع الطلاق بالشك ما لم يمض رمضان من السنة الثانية وعلى قولهما إذا مضى النصف من شهر رمضان الثاني يقع الطلاق لأنها لو كانت في النصف الآخر من السنة الأولى فقد وقع الطلاق أيضاً في السنة الثانية بمضي النصف الأول وقال بعض الناس ليلة القدر أول ليلة من رمضان وقال الحسن رحمه الله تعالى ليلة سبعة عشر وقيل هي ليلة تسعة عشر وقال زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه هي ليلة أربع وعشرين وقال عكرمة ليلة خمس وعشرين وأكثر الأقاويل على أنها ليلة سبع وعشرين حكى عن أبي بكر ة الوراق رحمه الله تعالى أنه قال الله تعالى قسم كلمات هذه السورة على ليالي شهر رمضان فلما انتهى إلى السابع والعشرين أشار إليها فقال هي حتى مطلع الفجر وقيل ليلة القدر بلجة ساكنة لا حارة ولا قارة تطلع الشمس صبيحتها كأنها طست وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ورفع علمها عن هذه الأمة ليجتهدوا في إحياء الليالي ويكثروا الطاعة في طلبها رجاء أن يدركوها كما أخفى الله تعالى الساعة ليكونوا
< 227 >على خوف من قيامها بغتة (فصل في صدقة الفطر) صدقة الفطر لا تجب إلا على المسلم الغني وقال الشافعي رحمه الله تعالى تجب على العبد و يتحمل عنه المولى والغنى الذي هو شرط لوجوب صدقة الفطر أن يملك نصاباً أو مالاً قيمته قيمة نصاب فاضلاً عن مسكنه وثياب بدنه وأثاثه وفرسه وسلاحه ولا يعتبر فيه وصف النماء وما زاد على الواحدة و الدستجات الثلاثة من الثياب يعتبر في الغنى وكذا الزيادة على فرسين والزيادة على الواحدة من الدواب لغير الغازي من فرس أو حمار للدهقان وغيره وكذا الخادم وكتب الفقه لأهله ما زاد نسخته من رواية واحدة وفي التفسير والأحاديث ما زاد على الاثنين ومن المصاحف لمن يحسن القراءة ما زاد على الواحد وقيل كل من ذلك معتبر وكتب الطب والأدب والنحو ونحوهما كلها معتبرة في الغنى وللمزارع ما زاد على الثورين وآلة الحراثين ويعتبر الكرم والضيعة عن أبي يوسف وهلال رحمهما الله تعالى ولو اشترى قوت سنة يساوي نصاباً ففيه كلام والظاهر أنه لا يعد ذلك من الغنى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى يعتبر في وجوب صدقة الفطر أن يكفي ما وراء النفقة ونفقة عياله سنة وإذا كان له دار لا يسكنها ويؤاجرها أو لا يؤاجرها يعتبر قيمتها في الغنى و كذا إذا سكنها و فضل عن سكنها شيء يعتبر فيه قيمة الفاضل في النصاب ويتعلق بهذا النصاب أحكام وجوب صدقة الفطر والأضحية وحرمة وضع الزكاة فيه ووجوب نفقة الأقارب وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يشترط الغنى لوجوب صدقة الفطر فعنده تجب على
الفقير الذي له قوت يوم وتجب الصدقة على الصبي والمجنون إذا كان لهما مال عند أبي حنيفة و
أبي يوسف رحمهما الله تعالى وتجب على والدهما إذا كان غنياً وعن محمد رحمه الله تعالى في الكبير إذا بلغ مجنوناً فصدقة فطره على أبيه وإن بلغ مفيقاً ثم جن لا تجب على أبيه لأن ولاية الأب زالت ببلوغه ولا تعود بالجنون ولو كان للولد الصغير مال أدى عنه الأب من مال الصغير استحساناً في قول أبي يوسف وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى وكذا الوصي وقال محمد رحمه الله تعالى يؤدي من مال نفسه وإن أدى من مال الصغير ضمن وهو قول زفر رحمه الله(1/111)
<228>تعالى وأما الأضحية إن لم يكن للصغير مال لا يجب على الأب أن يضحي عنه وإن كان له مال يجب على الأب أن يضحي من ماله في ظاهر الرواية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا يجب وكذا الوصي فإن ضحى الأب من مال الصغير عند يسرته روى عن أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى أنه لا يضمن وقال محمد رحمه الله تعالى أنه يضمن اعتباراً بصدقة الفطر وليس على الأب أن يؤدي الصدقة عن مماليك ابنه الصغير من مال نفسه ويؤدي من مال الصغير إذا كان له مال وكذا المعتوه في قول أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا يؤدى لا من ماله ولا من مال الصغير و ليس على الجد أن يؤدي الصدقة عن أولاد ابنه المعسر إذا كان الأب حياً باتفاق الروايات وكذا لو كان الأب ميتاً في ظاهر الرواية لأن ولاية الجد تثبت بواسطة الأب فكانت ناقصة بعد وفاة الأب عدما حال حياته وعلى الرجل أن يؤدي صدقة الفطر عن نفسه وأولاده الصغار و لا يجب أن يؤدي الكبار وإخوانه الصغار ولا عن قرابته إن كانوا في عياله و لاعن والديه و إن كانا في عياله وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا كان الأب زمناً معسراً تجب على الابن ولا يخرج الرجل الصدقة عن زوجته وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا أدى عن زوجته أو عن أولاده جاز وإن لم يؤمر بذلك لأنه بمنزلة المأذون عنهم و عليه الفتوى ويؤدي عن مملوكه للخدمة مسلماً كان أو كافر وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا تجب عن مماليكه الكفار و لنا قوله عليه الصلاة والسلام أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير يهودي أو نصراني أو مجوسي نصف صاع من بر أو صاعاً من شعير أو تمر ولا تجب صدقة الفطر عن عبيده للتجارة عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وتجب عن أبويه وأمهات أولاده عندنا خلافاً لمالك رحمه الله تعالى ولا تجب عن مكاتبه ولا يؤدي المكاتب عن نفسه لعدم الملك له حقيقة فإذا عجز المكاتب ورد في الرق لا تجب على المولى زكاة السنين الماضية وصدقة الفطر إذا كان للخدمة لأن المكاتب إذا عجز وقد كان قبل ذلك
<229>للتجارة لم يعد إلى حالة التجارة حتى لا يجب عليه صدقة فطره في المستقبل و لا زكاة التجارة لأن الكتابة أبطلت صفة التجارة مع بقاء الملك فيه وصار كما لو وجه للخدمة ثم ترك الخدمة و لا يؤدى عن الآبق ولا عن المغصوب المجحود الذي لا بينة له وحلف الغاصب فإن عاد الآبق من الإباق أو رد المغصوب عليه بعدما مضى يوم الفطر كان عليه صدقة ما مضى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجب عليه صدقة ما مضى ذكره في المنتقي ولا يؤدي عن عبده المأسور ويؤدي عن المرهون إذا كان فيه وفاء وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي ليس على الراهن أن يؤدي صدقة الفطر حتى يفكه فإذا افتكه أعطى لما مضى لأن الرهن قبل الفكاك متردد بين أن يبقى للراهن بالفكاك وبين أن يصير المرتهن مستوفياً دينه من ماليته بالهلاك فصار كالبيع بشرط الخيار ويجب عليه صدقة فطر عبده المستأجر وعبده المأذون وإن كان على العبدين مستغرق ولا تجب صدقة الفطر عن عبيد عبده المأذون لأنه إن كان على العبد المأذون دين لا يملك المولى عبيده وإن لم يكن عليه دين كان العبيد للتجارة ولا تجب صدقة الفطر عن العبيد للتجارة وإن اشتراهم المأذون للخدمة تجب إن لم يكن على المأذون دين وإن كان عليه دين فعلى الاختلاف ولو كان العبد موصي بخدمته كانت صدقة الفطر على مالك الرقبة وذا العبد العارية والوديعة والعبد الجاني عمداً أو خطأ لأن الملك إنما يزول بالدفع إلى المجني عليه مقصوراً على الحال لا قبله والعبد لو كان مبيعاً بيعاً فاسداً فمر يوم الفطر قبل قبض المشتري ثم قبضه المشتري وأعتقه فالصدقة على البائع لأن الملك للبائع كان ثابتاً قبل القبض وإنما يثبت للمشتري عند القبض مقصوراً وكذا إذا مر يوم الفطر وهو مقبوض للمشتري ثم استرده البائع لأن حق البائع ما انقطع بالقبض لبقاء ولاية الاسترداد فكان يمنزلة بيع فيه خيار وإن لم يستره البائع وأعتقه المشتري لأن ملك المشتري تم بالإعتاق كما يتم بإسقاط الخيار في بيع فيه خيار وبالقبض في بيع لا خيار فيه إذا اشتري عبداً قبل يوم الفطر وفي البيع خيار لأحدهما فمضى يوم الفطر ثم تم البيع وانتقض فصدقة(1/112)
<230>الفطر على من يصير العبد له وكذلك زكاة التجارة إذا كان اشتراه للتجارة وعند زفر رحمه الله تعالى صدقة الفطر تجب على من كان العبد في ملكه يوم الفطر لوجود السبب في حقه يوم الفطر ولنا أن الملك متردد بين للبائع أو المشتري لأن الرد بخيار الشرط فسخ من كل وجه وقال الشافعي رحمه الله تعالى صدقة الفطر على من كان له الخيار فإن كان الخيار لهما فعلى البائع وإن لم يكن في البيع خيار ولم يقبضه المشتري حتى مضى يوم الفطر ثم قبضه بعد ذلك فالصدقة على المشتري لأن ملك المشتري تم بالقبض وإن مات قبل أن يقبضه المشتري فلا صدقة على واحد منهما وإن لم يمت ورد قبل القبض بعيب أو خيار رؤية فصدقة الفطر على البائع وإن رده بعد القبض بعيب أو بخيار رؤية فالصدقة على المشتري لأن السبب قد تم وهو الملك ووجبت بالصدقة فلا تسقط بانتقاض السبب بعد ذلك ولا تجب عن الحمل ولو قال لعبده إذا جاء يوم الفطر فأنت حر فجاء يوم الفطر عتق العبد ويدب عليه صدقة الفطر قبل العتق بلا فصل ولو كان العبد للتجارة يجب على المولى زكاة التجارة إذا تم الحول بانفجار الصبح من يوم الفطر إذا كان المماليك بين رجلين ليس عليهما صدقة الفطر لأنه لم يملك كل واحد منهما عبداً كاملا وذكر في بعض الروايات خلافاً بين أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تجب وعلى قولهما تجب بناء على أن قسمة الرقيق مبادلة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقسم قسمة واحدة إلا برضاهما فلا يكون الملك ثابتاً لكل واحد منهما قبل القسمة وعندهما إفراز يقسم القاضي جبراً قسمة فكان الملك ثابتاً قبل القسمة ولو كان العبد بين رجلين لا تجب الصدقة عليهما في قولهم جميعاً وقال الشافعي رحمه الله تعالى تجب الصدقة عليهما وإذا كان الابن لرجلين بأن جاءت الجارية بين رجلين بولد فادعياه أو ادعيا لقيطاً قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يجب على كل واحد منهما صدقة كاملة وقال محمد رحمه الله تعالى يجب عليهما صدقة واحدة ولا تجب صدقة الفطر على الكافر عن عبده المسلم وولده المسلم وتجب الصدقة على من
<231> يسقط عنه الصوم لمرض أو كبر ويؤدي صدقة الفطر عن نفسه حيث هو وعن عبيده حيث هم وفي زكاة المال مكان المال ويجوز أن يعطي الواجب عن واحد جماعة أو على العكس ثم عندنا الواجب نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وذكر في الجامع الصغير نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب أو صاع من تمر أو شعير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف و محمد رحمهما الله تعالى الزبيب بمنزلة الشعير وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز الدقيق والسويق ولو أدى منوين من الخبر لم يذكر في الكتاب واختلف المشايخ فيه بعضهم جوزوا ذلك وبعضهم لم يجوزوا إلا على اعتبار القيمة وهو الصحيح لأن الخبر موزون الحنطة مكيل فلا يجوز إلا باعتبار القيمة وأما الأقط فلا يجوز عندنا إلا باعتبار القيمة ولو أدى أقل من نصف صاع من الحنطة يساوي صاعاً من الشعير مكان صاع من الشعير لا يجوز والصاع ثمانية أرطال مما يستوي كيله وزنه نحو العدس والماش فإن كان يسع فيه ثمانية أرطال من العدس والماش فهو الصاع الذي يكال به الحنطة والشعير والتمر هذا إذا أعطى صدقة الفطر بالصاع فإن أعطى بالوزن منوين من الحنطة يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا يجوز لأن النص ورد بالصاع وهو مكيال يختلف وزن ما يدخل فيه فإن كانت الحنطة برية كان وزنها أكثر وكان المعتبر هو الكيل ولهما إن المختلفين في الصاع قدروا الصاع بالوزن بعضهم بثمانية أرطال وبعضهم بخمسة أرطال وثلث رطل فإن كان تقدير الصاع بالوزن يجوز الإعطاء بالوزن ويجوز أن يعطي فقراء أهل الذمة ويكره ولا يجوز صرفها إلى المستأمن ويجوز إلى زوجة الغني وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قضى لها بالنفقة لا يجوز عن أبي يوسف رحمه الله تعالى الدقيق أحب إلى من الحنطة لأنه أقرب إلى المقصود والدراهم أحب إلى من الكل وقال بعضهم الحنطة أحب من الدراهم وينبغي أن تكون الحنطة أولى إذا كان في موضع يشترون الأشياء بالحنطة كما يشترون بالدراهم ويجوز تعجيلها بيوم أو يومين وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية بسنة
<232> أو سنتين وقال بعضهم إذا مضى النصف من رمضان وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى لا يجوز تعجيلها وقال خلف بن أيوب العامري رحمه الله تعالى يجوز إذا دخل رمضان وهكذا ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى وهو الصحيح اعتبار تعجيل الزكاة بعد ملك النصاب ووقت وجوبها حال طلوع الفجر من يوم الفطر حتى إن من مات قبله لا صدقه عليه ومن أسلم قبله كان عليه صدقة الفطر وعند الشافعي رحمه الله تعالى تجب عند غروب الشمس لآخر يوم من رمضان أداؤها قبل صلاة العيد أفضل ولا تسقط بتأخر الأداء وإن افتقر لأنها متعلقة بالذمة دون المال بخلاف الزكاة والله أعلم.(1/113)
(باب التراويح) التروايح سنة مؤكدة للرجال والنساء توارثها الخلف عن السلف من لدن تاريخ رسول صلى الله عليه وسلم إلى يومنا وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها سنة لا ينبغي تركها وقال قوم من الروافض سنة للرجال دون النساء وقال قوم منهم أنه ليس بسنة أصلا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقامها في بعض الليالي ولم يواظب عليها ثم أحدثها عمر رضي الله تعالى عنه ولأهل السنة والجماعة ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن رمضان فرض الله تعالى عليكم صيامه وسننت لكم قيامه وقال صلى الله عليه وسلم في حديث سلمان رضي الله تعالى عنه فرض الله صيامه وسننت لكم قيامه وقد واظب عليها الخلفاء الراشدون رضي الله تعالى عنه وقال عليه الصلاة والسلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي وأقامها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم نحو عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنها خلف ذكوان وأم سلمة رضي الله تعالى عنها بجماعة النساء أمتها مولاتها أم الحسن البصري رضي الله تعالى عنها وكانت هي في صفهن وأثنى علي على رضي الله تعالى عنه ودعا له بالخير فقال نور الله مضجع عمر رضي الله تعالى عنه كما نور مساجدنا وإنما يواظب النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن تكتب علينا إليه أشار في حديث رواه عمر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت أنها سنة ويستجب أداؤها
<233> بالجماعة وقال مالك والشافعي رحمهما الله تعالى في القديم الانفراد أفضل كسائر السنن لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال من قدر أن يصلي في بيته كما يصلى مع الإمام في مسجده فالأفضل له أن يصلى في البيت والصحيح أن الجماعة أفضل لأن عمر رضي الله تعالى عنه أقامها بالجماعة بمحضر من كبار الصحابة وخيارهم رضي الله تعالى عنهم والظاهر منهم اختيار الأفضل وقال بعض العلماء إذا صلاها في البيت وحده وترك الجماعة كان مسيئاً تاركاً كاللسنة والحاصل أن الجماعة سنة على وجه الكفاية أن ترك أهل المسجد كلهم فقد أساءوا وتركوا السنة وإن أقيمت التراويح في المسجد بالجماعة وتخلف رجل من أحاد الناس وصلى في بيته يكون تاركاً للفضيلة ولا يكون مسيئاً ولا تاركاً للسنة وإن كان الرجل ممن يقتدي به ويكثر الجماعة بحضرته ونقل بغيبته لا ينبغي له أن يترك الجماعة لأن في تركه تقليل الجماعة وإن صلى بجماعة في البيت اختلف فيه المشايخ والصحيح أن للجماعة في البيت فضيلة وللجماعة في المسجد فضيلة أخرى فإذا صلى في البيت بجماعة فقد حاز فضيلة أدائها بالجماعة وترك الفضيلة الأخرى هكذا قاله القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى والصحيح أن أداءها بالجماعة في المسجد أفضل لأن فيه تكثيراً للجماعة وكذلك في المكتوبات ولو كان الفقيه قارئاً فالأفضل والأحسن له أن يصلي بقراءة نفسه ولا يقتدي بقراءة غيره ويكره للرجل أن يستأجر رجلاً يؤمه في بيته لأن الاستئجار للإمامة فاسد ولو أقاموا التراويح بإمامين فصلى كل إمام تسليمة بعضهم جوزوا ذلك والصحيح أنه لا يستحب وإنما يستحب أن يصلى كل إمام ترويحة ليكون موافقاً عمل أهل الحرمين فلما جاز التراويح بإمامين على هذا الوجه يجوز أن يصلي الفريضة أحدهما والآخر التراويح ولو صلى إمام واحد التراويح في مسجدين كل مسجد على وجه الكمال اختلف المشايخ فيه حكى عن أبي بكر الإسكاف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز قال أبو بكر سمعت أبا نصر أنه قال لا يجوز لأهل المسجدين جميعاً كما لو أذن المؤذن وأقام وصلى ثم أتى مسجداً آخر فأذن وأقام(1/114)
<234>وصلى معهم فإنه لا يكره وإنما يكره إذا أذن وأقام ولا يصلي معهم كذلك في التراويح ولو صلى التراويح مرتين في مسجد واحد يكره كما لو أذن وأقام مرتين في مسجد واحد واختار الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى قول أبي بكر رحمه الله تعالى وهذا إذا أم للناس مرتين فإن لم يكن إماماً وصلى التراويح في مسجد بجماعة ثم أدرك جماعة في مسجد آخر فدخل معهم وصلى لا بأس به كما لو صلى المكتوبة ثم أدرك الجماعة جاز أن يصلي معهم إلا الفجر والعصر. ثم مسائل التراويح يجمعها فصول نذكرها إن شاء الله تعالى (فصل في مقدار التراويح) مقدار التراويح عند أصحابنا والشافعي رحمه الله تعالى ما روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال القيام في شهر رمضان سنة لا ينبغي تركها يصلى أهل كل مسجد في مسجدهم كل ليلة سوى الوتر عشرين ركعة خمس ترويحات بعشر تسليمات يسلم في كل ركعتين وقال مالك رحمه الله تعالى أن يصلي ستاً وثلاثين ركعة سوى الوتر لما روى عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهما أنهما كانا يصليان سنة وثلاثين ولنا ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عشرين ركعة في شهر رمضان ثم كان يوتر بثلاث بعدها خص رمضان بالذكر فالظاهر أنه أراد به التراويح وهو المشهور من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين وما روى مالك رحمه الله تعالى غير مشهور وهو محمول على أنهما كانا يصليان بين كل ترويحة أربع ركعات فرادى فرادى كما هو مذهب أهل المدينة فإن صلوا بالجماعة ستاً وثلاثين كما قال مالك رحمه الله تعالى لا بأس به عند الشافعي رحمه الله تعالى وعندنا أن صلوا بالجماعة عشرين ركعة وما زاد على ذلك إلى ست وثلاثين فرادى فرادى فهو مستحب وإن صلوا الزيادة بالجماعة يكره بناء على أن التنقل بالجماعة غير التراويح مكروه عندنا وعنده ليس بمكروه وكلما صلى الإمام ترويحة ينتظر قاعداً بين الترويحتين مقدار ترويحة وينتظر بين الترويحة الخامسة والوتر مقدار ترويحة ثم يوتر هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإنما يستحب الانتظار كل ترويحتين لأن التراويح مأخوذ
<235>من الراحة فيفعل ما قلنا تحقيقة للاسم وهو في الانتظار مخير إن شاء سبح وإن شاء هلل وإن شاء صلى وإن شاء سكت أي ذلك فعل فهو حسن لقوله عليه الصلاة والسلام المنتظر للصلاة في الصلاة وأهل مكة يطوفون بالبيت بين كل ترويحتين أسبوعاً وأهل المدينة يصلون في ذلك أربع ركعات فصار تراويح أهل مكة مع الوتر ثلاثاً وعشرين وتراويح أهل المدينة مع ما يصلون بين الترويحات تسعاً وثلاثين فإن استراح على رأس خمس تسليمات ولم يسترح بين كل ترويحتين اختلفوا فيه قال بعضهم لا بأس به وقال بعضهم لا يستحب ذلك لأنه يخالف عمل أهل الحرمين وإن صلوا بين كل ترويحتين فرادى فرادى لا بأس به يستوي فيه الإمام وغيره
(فصل في وقت التراويح) اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في وقتها حكى عن الشيخ الإمام اسماعيل الزاهد وجماعة سواه رحمهم الله تعالى أن جميع الليل إلى طلوع الفجر وقت لها قبل العشاء وبعده قبل الوتر وبعده لأنها سميت قيام الليل فكان وقتها الليل وعامة مشايخ بخاري رحمهم الله تعالى قالوا وقتها ما بين العشاء والوتر إن صلوها قبل العشاء أو بعد الوتر لم يؤدها في وقتها ولا يكون تراويح لأن التراويح عرف بفعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم فكان وقتها ما صلوا بعد العشاء قبل الوتر وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى الصحيح أنه لو صلى التراويح قبل العشاء لا يجوز ولا يكون تراويح وإن صلوا بعد العشاء وبعد الوتر جاز ويكون تراويح لأنها تبع للعشاء بمنزلة السنة رجل دخل المسجد فوجد الناس يصلون التراويح وهو لم يصل العشاء فافتتح التراويح معهم ثم صلى العشاء يجوز ذلك على قول من يجوز التراويح قبل العشاء وإن وجدهم في الوتر وهو لم يصل العشاء فصلى الوتر معهم لا يجوز وتره في قولهم ولو صلى المكتوبة وعنده أنه قبل الوقت ثم ظهر أنه كان في الوقت قالوا لا يجوز ويخاف عليه في دينة ولو صلى إلى غير القبلة متعمداً فظهر أنه كان مستقبلاً للقبلة قال نصير بن يحيى رحمه الله تعالى يصير كافراً بالله تعالى إذا لم يتأول قوله تعالى {فأينما تولوا فثم وجه الله}
وأن تأول لا يصير كافراً ولا تجوز صلاته وإن أصاب القبلة ويستحب تأخير التراوح إلى ثلث(1/115)
<236>الليل والأفضل استيعاب أكثر الليل بالتراويح فإن آخر إلى ما بعد الليل قال بعضهم لا يستحب كما لا يستحب تأخير العشاء إلى نصف الليل وبعضهم قالوا لا بأس به وهو الصحيح ولو صلى العشاء في منزله ثم أتى المسجد فوجد الناس في الصلاة فظن أنهم في التراويح فصلى معهم ثم ظهر أنه كان عشاء جاز وعند البعض لأنه متنفل اقتدى بالمفترض. إذا فاتت التراويح لا تقضى بجماعة وهل تقضى بغير جماعة قال بعضهم تقضى في الغد ما لم يدخل وقت تراويح أخرى وقال بعضهم تقضى ما لم يمض شهر رمضان وقال بعضهم لا تقضى وهو الصحيح وذلك لأنها دون سنة المغرب والعشاء وتلك لا تقضى إذا فاتت بغير فريضة فكذا التراويح ولهذا لا تقضى بجماعة ولو جاز قضاؤها بعد الوقت لتقضى كما فاتت فإن قضاها وحده كان نفلاً مستحباً ولا يكون تراويح كسنة المغرب والعشاء وإن تذكر في الليل أنه فسد عليهم شفع من الليلة الماضية فأراد القضاء بنية التراويح يكره لأنه زيادة على التراويح بنية التراويح بخلاف التطوع بين التراويح فإن لا يكره لأنه لا يصلي بنية التراويح وأما سائر السنن إذا تركها بعذر فهو معذور إن تركها بغير عذر استخفافاً وتهاوناً يكون مسيئاً
(فصل في نية التراويح) إن نوى التراويح أو سنة الوقت أو قيام الليل في رمضان جاز كما لو نوى الصلاة أو صلاة التطوع اختلف المشايخ فيه حسب اختلافهم في سنن المكتوبات قال بعضهم يجوز أداء السنن بنية الصلاة أو بنية التطوع وقال بعضهم لا يجوز وهو الصحيح لأنها صلاة مخصوصة فيجب مراعاة الصفة للخروج عن العهدة وذلك بأن ينوي السنة أو ينوي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم كما في المكتوبة وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في سنة الفجر أنها لا تتأدى بنية التطوع وإنما تتأدى إذا نوى السنة أو نوى الصلاة متابعاً للنبي عليه الصلاة والسلام فعلى هذا إذا صلى التراويح مقتدياً بمن يصلى المكتوبة أو بمن يصلي نافلة أخرى غير التراويح اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يجوز وكذا لو كان الإمام يصلي التراويح فاقتدى به رجل ولم ينو التراويح ولا صلاة الإمام لا يجوز كما لو اقتدى
<237>برجل يصلي المكتوبة فنوى الاقتداء به ولم ينو المكتوبة ولا صلاة الإمام فإنه لا يجوز ولو اقتد بإمام يصلي التسليمة الثانية أو العاشرة والمقتدي نوى التسليمة الأولى أو الخامسة جاز لأن الصلاة واحدة وليس عليه أن ينوي التسليمة الأولي أو الثانية ألا يرى أنه لو نوى بعد التسليمة الأولى الثالثة جاز وكانت ثانية وكذا ولو اقتدى في الركعتين بعد الظهر بمن يؤدي الأربع قبل الظهر صح اقتداؤه فهذا أولى ولو حتى قام الإمام إلى التراويح جاز لأن التراويح في هذا الوقت سنة العشاء فلم يختلف صلاتهما ولو صلى العشاء والتراويح والوتر في منزله ثم أم قوماً آخرين في التراويح ونوى الإمامة كره ولا يكره للقوم ولوم لم ينو الإمامة أولاً وشرع في الصلاة فاقتدى به الناس في التراويح لم يكره لواحد منهما لو صلى من التراويح تسع تسليمات وشرع في الوتر فاقتدى به رجل في الوتر ثم علم الإمام أنه صلى تسع تسليمات لم يجر للمقتدي ما نوى لأنه نوى التراويح والإمام نوى الوتر ولو صلى التراويح والإمام نوى الوتر ولو صلى التراويح بنية الفوائت من صلاة الفجر لم تكن محسوبة عن التراويح وهذا بناء على أن التراويح لا تتأدى إلا بنية التراويح أو بنية السنة في هذا الوقت وهل يحتاج لكل شفع من التراويح أن ينوي التراويح قال بعضهم يحتاج لأن الكل بمنزلة صلاة واحدة.
(فصل في مقدار القراءة في التراويح) اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يقرأ في كل شفع مقدار ما يقرأ في صلاة المغرب لأن التطوع أخف من المكتوبة فيعتبر بأخف المكتوبات وهو المغرب وهذا ليس بصحيح لأن بهذا القدر لا يحصل الختم في التراويح والختم في التراويح مرة واحدة سنة وقال بعضهم يقرأ مقدار ما يقرأ في العشاء لأنها تبع للعشاء وقال بعضهم يقرأ في كل ركعة من عشرين آية إلى ثلاثين وقال بعضهم وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقرأ في كل ركعة عشر آيات وهو الصحيح لأن فيه تخفيفاً على الناس وبه تحصل السنة وهي الختم مرة واحدة لأن عدد ركعات التراويح في ثلاثين ليلة ستمائة وآيات القرآن(1/116)
<238> ستة آلاف وشيء فإذا قرأ كل ركعة عشر آيات يحصل الختم في التراويح والفضلية في الختم مرتين ينبغي للإمام وغيره إذا صلى التراويح وعاد إلى منزله وهو يقرأ القرآن أن يصلي عشرين ركعة في كل ركعة عشر آيات للفضيلة وهي الختم مرتين والزهاد وأهل الاجتهاد كانوا يختمون في كل عشر ليال وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه كان يختم في شهر رمضان إحدى وستين ختمة ثلاثين في الأيام وثلاثين في الليالي وواحدة في التراويح وعنه رحمه الله تعالى أنه صلى ثلاثين سنة الفجر بوضوء العشاء وإذا فسد الشفع من التراويح وقد قرأ فيه هل يعتد بما قرأ قال بعضهم لا يعتد ليحصل الختم في الصلوات الجائزة وقال بعضهم يعتد بتلك القراءة لأن المقصود هو القراءة ولا فساد في القراءة ولو عجل الختم له أن يفتتح من أول القرآن في بقية الشهر وإن ختم في التاسع عشر ثم جعل بعد ذلك يصلي العشاء من غير تراويح لا يكره لما ذكرنا أن المقصود هو الختم ويكره أن يعجل بختم القرآن في ليلة إحدى وعشرين أو قبلها إذا كان القوم يملون كلما رتل فهو أحسن وكذا لو قرأ الأنعام في ركعة واحدة كره إذا كان يمل القوم ولو قرأ بعض القرآن في سائر الصلوات بأن كان القوم يملون من القراءة في التراويح فلا بأس به لكن يكون لهم ثواب الصلاة لا ثواب الختم وقد ذكرنا أن السنة هي الختم في التراويح وعن أبي بكر الإسكاف رحمه الله تعالى أن سئل أيجعل الإمام للفريضة قراءة على حدة أو يخلط فيقرأ البعض في التراويح قال يميل إلى ما هو أخف على القوم وسئل أيضاً عن الإمام إذا فرغ من التشهد في التراويح أيزيد عليه أم يقتصر قال إن علم أنه لا يثقل على القوم يزيد من الصلوات والإستفغار وإن علم أنه يثقل على القوم لا يزيد وعن بعض المشايخ من لم يكن عارفاً بأهل زمانه فهو جاهل ويأتي بالثناء في كل شفع وإذا غلط في القراءة في التراويح فترك سورة أو آية وقرأ ما بعدها فالمستحب له أن يقرأ المتروكة ثم المقروء ليكون على الترتيب قالوا ولا ينبغي للقوم أن يقدموا في التراويح الخوشخوان ولكن يقدمون الدرستخو إن فإن الإمام إذا كان يقرأ بصوت حسن
<239>يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر وكذا لو كان الإمام لحاناً لا بأس بأن يترك مسجده وكذا لو كان غيره أخف قراءة من وأحسن والأفضل تعديل القراءة بين التسليمات فإن خالف لا بأس به أما في التسليمة الواحدة لا يستحب تطويل القراءة في الركعة الثانية كما لا يستحب في سائر الصلوات ولو طول الأولى الثانية في القراءة لا بأس به بل المختار ذلك عند محمد رحمه الله تعالى وعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى التسوية بين الركعتين كما في الظهر والعصر عندهما وحكى عن المشايخ رحمهم الله تعالى أنهم جعلوا القرآن على خمسمائة وأربعين ركوعاً علموا ذلك في المصاحف حتى يحصل الختم في ليلة السابع والعشرين لكثرة الأخبار التي تدل على أنها ليلة القدر وفي غير هذا البلد كانت المصاحف معلمة بعشر من الآيات وجعلوا ذلك ركوعاً ليقرأ في كل ركعة من التراويح القدر المسنون
(فصل في الشك في التراويح) إذا سلم الإمام في ترويحة فقال بعض القوم صلى ثلاث ركعات يأخذ الإمام بما كان عنده في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ولا يدع علمه بقول الغير وإن لم يكن الإمام على يقين يأخذ بقول من كان صادقاً عنده وكذا لو وقع الاختلاف بين الإمام وبين جميع القوم إن كان الإمام على يقين يعمل بما كان عنده وإن وقع الشك أنه صلى تسع تسليمات اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يصلون تسليمة أخرى لأن الزيادة على التراويح بالجماعة إنما يكره إذا تيقنوا بالزيادة ورأوا الزيادة تراويح وها هنا يصلون التسليمة الأخرى بنية إتمام التراويح فلا يكره كالمتطوع بعد العصر إنما يكره إذا شرع فيه مع العلم به أما إذا شرع في التطوع بنية العصر ثم علم أنه قد كان أدى العصر فإنه يتم صلاته ولا يكره كذا هذا وقال بعضهم يوترون ولا يصلون تسليمة أخرى احترازاً عن الزيادة على التراويح والصحيح أنهم يصلون تسليمة أخرى فرادى فرادى احتياطاً.
(فصل في السهو) إذا صلى الإمام أربع ركعات بتسليمة واحدة ولم يقعد في الثانية في القياس تفسد صلاته وهو محمد وزفر رحمهما الله تعالى ويلزمه قضاء هذه التسليمة(1/117)
<240> وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي الاستحسان وهو أظهر الروايتين عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا تفسد وإذا لم تفسد اختلفوا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى أنها تنوب عن تسليمة أو تسليمتين قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى تنوب عن تسليمتين لأن الأربع لما جاز وجب أن ينوب عن تسليمتين كمن أوجب على نفسه أن يصلي أربع ركعات بتسليمتين فصلى أربعاً بتسليمة واحدة ذكر في الأمالي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز فكذا هنا وكذا لو صلى الأربع قبل الظهر ولم يقعد على رأس الركعتين جاز استحساناً وقال الفقيه أبو جعفر والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمهما الله تعالى في التراويح تنوب الأربع عن تسليمة واحدة وهو الصحيح لأن القعدة على رأس الثانية فرض في التطوع فإذا تركها كان ينبغي أن تفسد صلاته أصلاً كما هو وجه القياس وإنما جاز استحساناً فأخذنا بالقياس وقلنا بفساد الشفع الأول وأخذنا بالاستحسان في حق بقاء التحريمة وإذا بقيت التحريمة وإذا بقيت التحريمة صح شروعه في الشفع الثاني وقد أتمها بالقعدة فجاز عن تسليمة واحدة وعن أبي بكر الإسكاف رحمه الله تعالى أن سئل عن رجل قام إلى الثالثة في التراويح ولم يقعد في الثانية قال إن تذكر في القيام ينبغي أن يعود ويقعد ويسلم ما لم يقيد الثالثة بالسجدة وإن تذكر بعدما رفع للثالثة وسجد فإن أضاف إليها ركعة أخرى فإن هذه الأربعة عن ترويحة واحدة يعني عن الركعتين وهذا الذي ذكرنا إذا صلى أربع ركعات ولم يقعد في الثانية وإن قعد على الثانية قدر التشهد اختلفوا فيه قال بعضهم لا يجوز إلا عن تسليمة واحدة وعلى قول العامة يجوز عن تسليمتين وهو الصحيح لأنه جمع المتفرق ولم يخل بشيء فيجوز كما لو أوجب على نفسه أن يصلي أربع ركعات بتسليمتين فصلى أربعاً بتسليمة واحدة وقعد في الثانية فإنه يجوز فكذا هنا وإن صلى ثلاث ركعات بتسليمة واحدة فهو على وجهين أما إن قعد في الثانية أو لم يقعد فإن قعد جاز عن تسليمة واحدة ويجب عليه قضاء ركعتين لأنه شرع في الشفع بعد إكمال الأول فإذا أفسد
<241>الشفع الثاني بترك الرابعة كان عليه قضاء ركعتين وإن لم يقعد في الثانية ساهياً أو عامداً لا شك إن في القياس وهو قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى تفسد صلاته ويلزمه قضاء ركعتين لا غير وأما في الاستحسان هل تفسد صلاته في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى اختلفوا فيه قال بعضهم تفسد ولا يجزيء عن شيء وقال بعضهم تجزيء عن تسليمة واحدة وعلى هذا الخلاف إذا تنفل بثلاث ركعات ولم يقعد في الثانية على قول الفريق الأول لا يجزيه وجه قول الفريق الثاني إن التطوع معتبر بالمكتوبة ولو صلى المغرب ثلاث ركعات ولم يقعد في الثانية يجوز فكذا التطوع يجوز عن تسليمة لأنه لم يضم الرابعة إلى الثالثة وجه من قال أنه لا يجوز عن شيء وهو الصحيح أنه ترك القعدة المشروعة وهي القعدة المشروعة وهي على رأس الثانية والقعدة على رأس الثالثة غير مشروعة في التطوع فصار كأنه لم يقعد أصلاً فلا يجوز بخلاف ما إذا صلى أربعاً ولم يقعد على رأس الرابعة مشروعة فجازت وإذا لم تجز الثلاث عن شيء على هذا القول يلزمه قضاء الركعتين الأولتين وهل يلزمه للثالثة شيء إن كان ساهياً لا شيء عليه لأنه مظنون وإن كان عامداً يلزمه ركعتان في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن عنده التحريمة لم تفسد فصح شروعه في الشفع الثاني وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يلزمه شيء لأنه شرع في الثالثة بتحريمة فاسدة قياساً وإنما يصح الشروع في الشفع الثاني عنده إذا قعد للشفع الثاني في موضعه وأما على قول الفريق الأول لما جاز الثلاث عن تسليمة واحدة هل يجب عليه شيء لأجل الثالثة إن كان ساهياً لا يجب عليه وإن كان عامداً يجب عليه ركعتان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن شروعه في الشفع الثاني قد صح وفسد الشفع الثاني بترك الرابعة فيلزمه ركعتان فعلى هذا إذا صلى التراويح عشر تسليمات كل تسليمة ثلاث ركعات ولم يقعد في كل ثلاث على رأس الثانية في القياس وهو قول محمد وزفر وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى عليه قضاء التراويح لا غير وأما في الاستحسان(1/118)
<242>في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى على قول لا يجوز ذلك عن التراويح وهل يلزمه للثالثة شيء على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يلزمه ساهياً كان أو عامداً وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كان ساهياً فكذلك وإن كان عامداً عليه مع التراويح عشرون ركعة أخرى لكل ثالثة قضاء ركعتين وعلى قول من قال يجوز عن التراويح في التراويح في قولهما هل يلزمه قضاء شيء آخر إن كان ساهياً لا يلزمه وإن كان عامداً فعليه قضاء عشرين ركعة ولو صلى ست ركعات أو ثمان ركعات أو عشر ركعات بتسليمة واحدة وقعد في كل ركعتين فالجواب فيه ما مر في الأربع إذا قعد على رأس الركعتين من قال يجوز ثمة عن تسليمة واحدة يقول هاهنا يجوز عن تسليمة واحدة وعلى قول العامة ثمة عن يجوز عن تسليمتين وهو الصحيح
هنا يجوز أيضاً كل ركعتين عن تسليمة واحدة وهو الصحيح هنا يجوز أيضاً كل ركعتين عن تسليمة واحدة وهو الصحيح وقال بعضهم في الزيادة على أربع ركعات خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهما الله تعالى إذا صلى ست ركعات بتسليمة واحدة ساهياً وقعد على كل ركعتين على قول صاحبيه يجوز عن تسليمتين لأن عندهما الزيادة على الأربع مكروهة فلا تنوب الزيادة عن التراويح وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجزيه عن ثلاث تسليمات وذلك ست ركعات لأن عنده إلى الست بتسليمة واحدة لا يكره باتفاق الروايات وإن صلى ثمان ركعات بتسليمة واحدة وقعد في كل ركعتين على قول صاحبيه رحمهما الله تعالى يجوز عن تسليمتين لأن ما زاد على الأربع مكروه عندهما وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية الجامع الصغير يجوز عن ثلاث تسلمات لأن الزيادة على الست مكروهة وفي رواية الأصل يجوز عن أربع تسليمات لأن على رواية الأصل إلى الثمان غير مكروه وما زاد على الثمان مكروه وإن صلى عشر ركعات بتسليمة واحدة وقعد في كل ركعتين عندهما يجوز عن أربع ركعات وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الرواية الشاذة يجوز عن خمس تسليمات وفي الروايات الظاهرة يجوز عن أربع تسليمات وفي الصحيح وهو قول العامة كل ركعتين يجوز عن تسليمة واحدة ولو صلى التراويح كلها بتسليمة واحدة عمداً إن قعد في
<243> كل ركعتين يجوز عن الكل على قول العامة وعند البعض يجوز عن تسليمة واحدة كما في الأربع وإن لم يقعد في كل ركعتين وقعد في آخرها في القياس وهو قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى تفسد صلاته ولا يجوز عن شيء وفي الاستحسان على القول الصحيح يجزيه عن تسليمة واحدة كما لو صلى أربعاً بتسليمة واحدة ولم يعقد في الثانية في الصحيح أنه ينوب عن تسليمة واحدة فكذا هنا إمام شرع في الوتر على ظن أنه أتم التراويح فلما صلى ركعتين تذكر أنه ترك تسليمة واحدة فسلم على رأس ركعتين لم يجز ذلك عن التراويح لأنه ما صلى بنية التراويح (فصل في إمامة الصبيان في التراويح) اختلفوا فيه قال مشايخ العراق وبعض مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى لا يجوز و قال بعضهم يجوز وعن نصير ابن يحيى رحمه الله تعالى أنه سأل عنها قال تجوز إذا كان ابن عشر سنين وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح أنه لا يجوز لأنه غير مخاطب و صلاته ليست بصلاة على الحقيقة فلا يجوز إمامته كإمامة المجنون وإن أم الصبيان يجوز لأن صلاة الإمام مثل صلاة المقتدي (فصل في أداء التراويح قاعداً) اتفقوا على أنه لا يستحب بغير عذر واختلفوا في الجواز قلا بعضهم لا يجوز بغير عذر واستدلوا بما روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لو صلى سنة الفجر قاعداً بغير عذر لا يجوز فكذا التراويح إذ كل واحد منهما سنة مؤكدة وقال بعضهم يجوز أداء التراويح قاعداً بغير عذر وفرقوا بين التراويح وبين سنة الفجر وهو الصحيح إلا أن ثوابه يكون على النصف من صلاة القائم ووجه الفرق أن سنة الفجر سنة مؤكدة لا خلاف فيها والتراويح في التأكيد دونها فلا يجوز التسوية بينهما فإن صلى الإمام التراويح قاعداً بعذر أو بغير عذر واقتدى به قوم قيام اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يصح اقتداء القائم بالقاعد في التراويح في قول محمد رحمه الله تعالى ويصح في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى كما في المكتوبة وقال بعضهم يصح اقتداء القائم بالقاعد في التراويح عند الكل وهو الصحيح لأنهم لو قعدوا صح اقتداؤهم فإذا قاموا كان أولى بالجواز وإذا صح اقتداء القائم بالقاعد اختلفوا فيما يستحب القوم قال بعضهم(1/119)
<244>المستحب للقوم أن يقعدوا احتراز عن صورة المخالفة وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى الحاصل أن الإمام إذا كان قاعداً يستحب القيام للقوم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى إلا من عذر وقال محمد رحمه الله تعالى يستحب لهم القعود وذكر أبو سليمن عن محمد رحمه الله تعالى أنه سئل عن الرجل إذا أم قاعداً في شهر رمضان أيقوم القوم قال نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ذكر قولهما خاصة قال بعض المشايخ رحمهم الله تعالى إنما ذكر قولهما لأن عنده لا يصح اقتداؤهم بالقاعد وقال بعضهم إنما ذكر قولهما لأن عنده المستحب للقوم أن يقعدوا ويكره للمقتدي أن يقعد في التراويح فإذا أراد الإمام أن يركع يقوم لأن فيه إظهار التكاسل في الصلاة والتشبه بالمنافقين قال الله تعالى {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} وكذا إذا غلبه النوم يكره له أن يصلى مع النوم بل ينصرف حتى يستيقظ لأن ي الصلاة من النوم تهاوناً وغفلة وترك التدبر وكذا لو صلى على السطح في شدة الحر لقوله تعالى {قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون} وكذا يكره أن يضع يده على الأرض تشبهاً بالمنافقين ويكره عد الركعات في التراويح لما فيه من إظهار الملالة وكذا يكره أن يقول عند الجوع والعطش ليت هذا لم يكتب علينا
(فصل في الوتر) اختلفوا أن أداء الوتر في رمضان بالجماعة أفضل أم الأداء في منزلة وحده الصحيح أن الجماعة أفضل لأن عمر ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه كان يؤمهم في الوتر ولأنه لما جاز الأداء بالجماعة كانت الجماعة أفضل اعتباراً بالمكتوبة وإذا قنت الإمام يقنت المقتدي أم يسكت روي أن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن بالخيار إن شاء قنت وإن شاء أمن وعنه في رواية أنه يقنت المقتدي إلى أن يبلغ إلى قوله إن عذابك الجد بالكفار ملحق حينئذ يسكت وعند محمد رحمه الله تعالى لا يقنت المقتدي ثم ماذا يصنع في رواية عنه يسكت وفي رواية يسكت إلى أن يبلغ الإمام موضع الدعاء حينئذٍ يؤمن واختلفوا أن الإمام يجهر بالقنوت أم لا يجهر في قول محمد رحمه الله تعالى يجهر في قول أبي يوسف
<245> رحمه الله تعالى وفي بعض الروايات الخلاف على العكس وقيل إن كان غالب القوم لا يعلمون دعاء القنوت يجهر الإمام ليتعلم القوم روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر به والصحابة رضي الله تعالى عنهم تعلموا دعاء القنوت من قراءته وإن كان القوم يعلمون أن القنوت لا يجهر الإمام لأن الأصل في الأذكار والدعاء هو الإخفاء واختلفوا أنه يرسل يديه في القنوت أم يعتمد سئل عنه محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى فقال في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يرفع يديه إذا كبر للقنوت ثم يرسلها في القنوت والمختار عند مشايخنا رحمهم الله تعالى أن يرفع يديه للتكبير ثم يعتمد في القنوت كما في القراءة وقد مر هذا فيما تقدم وإذا صلى على النبي عليه الصلاة والسلام في القنوت قالوا لا يصلي في القعدة الأخيرة وكذا لو صلى على النبي عليه الصلاة والسلام في القعدة الأولى ساهياً لا يصلي في القعدة الأخيرة ول كان الإمام يقنت في القومة بين الركوع والسجود والمقتدي لا يري ذلك تابع الإمام وكذا في سجود السهو قبل السلام وكذا في تكبيرات العيدين أما في تكبيرات صلاة الجنازة إذا كبر الإمام خمساً لا يتابعه المقتدي في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأن ذلك منسوخ وإذا قنت في الركعة الأولى أو الثانية ساهياً لا يقنت غير مشروع وإن شك أنه قنت في الثالثة أم لا يتحرى فإن لم يحضره رأي يقنت لاحتمال أنه لم يقنت ولو خلف من يقنت في صلاة الفجر منسوخ وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقنت
(كتاب الزكاة) الزكاة فرض على المخاطب إذا ملك نصاباً نامياً حولاً كاملاً والمال النامي نوعان السائمة ومال التجارة أما السائمة فهي الراعية التي تكتفي بالرعي يطلب منها العين وهو النسل واللبن فإذا علفها في مصر أو غير مصر فهي علوفة وليست بسائمة وإن كان يعلفها في بعض السنة فالعبرة لأكثر السنة فإن كانت راعية في نصف السنة لم تكن سائمة وإن كانت للتجارة فرعاها ستة أشهر أو أكثر ولم تكن سائمة إلا أن ينوي أن يجعلها سائمة بمنزلة عبد التجارة إذا أرادت أن يستخدمه سنين فيستخدمه فهو للتجارة على حاله إلا أن(1/120)
<246>ينوي أن يخرجه من التجارة ويجعله للخدمة وما يطلب منها المنفعة دون العين كالعوامل والحوامل فليست سائمة فإن أراد صاحب السائمة أن يستعملها أو يعلفها فلم يفعل حتى حال الحول كان فيها زكاة السائمة لأنها كانت سائمة فلا تخرج عن أن تكون سائمة بمجرد النية من غير فعل وكذا لو ورث سائمة فحال عليها الحول كان عليه زكاتها لأنها كانت سائمة فتبقى على ما كانت وإن لم ينو ولو اشترى سائمة للتجارة كان فيها زكاة التجارة لأنه طلب النماء من البدل لا من العين. وذكور السوائم وإناثها وذكورها مع إناثها في حكم الزكاة سواء والله أعلم (فصل في صدقة الإبل) ليس فيما دون خمس من الإبل السائمة زكاة وفي الخمس شاة وفي العشر شاتان وفي خمسة عشر ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهي التي طعنت في السنة الثانية وفي ست وثلاثين بنت لبون وهي التي طعنت في السنة الثالثة وفي ست وأربعين حقة وهي التي طعنت في السنة الرابعة وفي إحدى وستين جذعة وهي التي طعنت في السنة الخامسة وفي ستة وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين فإن زادت إلى مائة وعشرين تستأنف الفريضة فيجب في كل خمس من الزيادة شاة مع الواجب المتقدم ففي مائة وخمس وعشرين حقتان وشاة وفي مائة وثلاثين حقتان وشاتان وفي مائة وخمس وثلاثين حقتان وثلاث شياه كذا إلى مائة وخمس وأربعين فيجب فيها حقتان وبنت مخاض وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق فإذا زادت على مائة وخمسين تستأنف الفريضة فيجب في كل خمس من الزيادة شاة مع ما كان قبل ذلك إلى أن تبلغ الزيادة خمساً وعشرين فيجب فيها بنت مخاض مع الحقاق الثلاث التي كانت وفي ست وثلاثين من الزيادة بنت لبون وفي ست وأربعين حقنة فيجب في مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين ثم في كل خمسين حقة إن شاء أدى من المائتين أربع حقاق وإن شاء أدى خمس بنات لبون عن كل أربعين بنت لبون فإذا زادت على ذلك تستأنف الفريضة على نحو ما قلنا ويكون الخيار في جنس هذه المسائل وفي أداء القيمة عندنا لمن عليه الزكاة
<247>(فصل في صدقة البقر) ليس فيما دون الثلاثين من البقر صدقة وفي الثلاثين من البقر السائمة تبيع أو تبيعة وهي التي طعنت في السنة الثانية وفي أربعين من البقر مسنة وهي التي طعنت في السنة الثالثة وفي الزيادة على الأربعين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ثلاث روايات في رواية في إحدى وأربعين مسنة وربع عشر سنة أو مسنة وثلث عشر تبيع هكذا روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعنه لا شيء في الزيادة حتى يكون البقر خمسين فإذا خمسين ففيها مسنة وربع مسنة وروى أسد بن عمرو وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا شيء في الزيادة على الأربعين حق يبلغ ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان وبه أخذ أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى اتفقوا على إن فيما زاد على الستين الأوقاص تسع تسع ويجب في كل أربعين مسنة وتبيع وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاثة أتبعة وفي مائة مسنة وتبيعان وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع وفي مائة وعشرين إن شاء أدى ثلاث مسنات وإن شاء أدى أربعة أتبعة والجواميس بمنزلة البقر(فصل في صدقة الغنم) ليس فيما دون الأربعين من الغنم صدقة وفي أربعين شاة شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أربعمائة ففيها أربع شياه ثم في كل مائة ولا يؤخذ في زكاة الغنم في رواية الأصل إلا الثني وهو الذي طعن في السنة الثانية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى يجوز أخذ الجذع من الضأن كما يجوز في الأضحية والجذع من الضأن هو الذي مضى عليه أكثر السنة ولا يؤخذ من المعز إلا الثني في قولهم أخذ الذكر والأنثى فيه سواء وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز أخذ الذكر إلا أن يكون الكل ذكور أو لا يؤخذ في الزكاة إلا الوسط من أرفع أدونها ومن أدون أرفعها ولمن عليه الزكاة أن يدفع الأرفع ويسترد الفضل على الوسط أو يدفع الأدون ويرد الفضل إلى الوسط المتولد من الظبي والغنم إذا كان الأم من الغنم فهو من الغنم عندنا(1/121)
<248> يجب فيها الزكاة يعتبر فيها الأم كما يعتبر في الرق والحرية وكذا المتولد من البقر الأهلي والوحش (فصل في صدقة الحملان والفصلان والعجاجيل) لا تجب فيها الزكاة ولا ينعقد فيها النصاب عند أبي حنيفة و محمد رحمهما الله تعالى وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يجب في الصغار ما يجب في الكبار واختلفت الروايات عن أبي يوسف رحمه الله تعالى والمسئلة معروفة فإن كان في الصغار مسنة يجب فيها ما يجب في الكبار في قولهم إلا أن عندهما أن ما يجب فيها ما يجب في الكبار إذا كان العدد الواجب في الكبار موجوداً في الصغار فإن لم يكن يؤخذ الموجود لا غير وتفسيره رجل له مائة وتسعة عشر حملاً ومسنتان يجب فيها مسنتان في قولهم فإن لم يكن إلا مسنة واحدة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يؤخذ تلك المسنة لا غير وكذا لو حال الحول على ستين من العجاجيل ففيها تبيع واحد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يؤخذ ذلك التبيع لا غير وكذا لو حال الحول على ستة وسبعين فصيلاً فيها بنت لبون يؤخذ ذلك لا غير ويحتسب على الرجل في السائمة العمياء والعجفاء والصغيرة ولا يؤخذ منها شيء وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى ليس في الإبل والبقر والغنم العمي شيء لأنها ليست بسائمة وكذلك مقطوع القوائم ولا يؤخذ الربي والأكلية والماخض وفحل الغنم لأنها من الكرائم وقد نهينا عن أخذ ولا يؤخذ الهرم ولا ذات عوار بين إلا أن يشاء المصدق. رجلان بينهما ثمانون من الغنم كل شاة بينهما روى هشام عن محمد عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه قال عليهما شاتان ولو كان ثمانون بين أربعين رجلاً لرجل منهم من كل شاة نصفها والنصف الباقي بين تسع وثلاثين رجلاً ليس على صاحب الأربعين صدقة وهو قول محمد رحمه الله تعالى وهكذا روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال في الكتاب ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق وتفسير اللفظ الأول رجل له مائة وعشرون من الغنم ليس للساعي أن يجعل كل أربعين في مكان ويأخذ م كل أربعين شاة وتفسير اللفظ الثاني أن يكون بين رجلين أربعون شاة لكل واحد منهما عشرون ليس للمصدق
<249> أن يجمع بين الكل ويأخذ منهما شاة قال وما كان بين خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية قالوا أراد بذلك إذا كان بين رجلين إحدى وستون من الإبل لإحدهما ست وثلاثون وللآخر خمس وعشرون فأخذ المصدق منهما بنت مخاض وبنت لبون فإن كل واحد منهما يرجع على شريكه بحصة ما أخذ الساعي من ملكه زكاة شريكه (فصل في الخيل) الخيل السائمة إذا كانت ذكوراً وإناثاً يجب فيها الزكاة في قول أبي حينفة رحمه الله تعالى إن شاء أعطى عن كل فرس ديناراً وإن شاء قومها وأعطى ربع عشر قيمتها قالوا هذا في أفراس العرب لأنها تتفاوت فاحشاً أما في أفراسنا تقوم ويؤدي عن كل مائتي درهم خمسة دراهم وإن كان الكل إناثاً فعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان وإن كان الكل ذكوراً في ظاهر الرواية عنه لا يجب الصدقة وفي النوادر تجب وعلى قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى لا زكاة في الخيل قالوا والفتوى على قولهما وأجمعوا على أن الإمام لا يأخذ منهم صدقة الخيل جبراً (فصل في مال التجارة) مال التجارة نوعان أحدهما ما خلق ثمناً وهو الذهب والفضة وزكاة الذهب والفضة ونصابهما ما قال في الكتاب في كل مائتي درهم خمسة دراهم وفي كل عشرين مثقال ذهب نصف مثقال مضروباً كان أو لم يكن مصوغاً كان أو غير مصوغ حلياً كان للرجال أو للنساء عندنا تبراً كان أو سبيكة يعتبر في الذهب وزن المثاقيل وفي الدراهم والدراهم وزن سبعة وتفسيره أن يزن كل عشرة منها سبع مثاقيل وقيل في كل بلد يعتبر وزن ذلك البلد وعن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه كان يوجب في كل مائتي درهم تجارية وهي الغطارفة خمسة منها ويقول أنها أعز النقود في بلادنا يقوم بها الأشياء ويمتهر بها النساء ويشترى بها الخسيس والنفيس بمنزلة الدراهم في ذلك الزمان وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى وشمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وفيما سواهما من الدراهم لا يجب الزكاة عند الكل إلا أن يكون النصف من كل درهم فضة أو يبلغ قيمتها مائتي درهم أو عشرين مثقالاً فإن كان الغش غالباً فهي بمنزلة الفلوس(1/122)
<250>والفلوس بمنزلة الصفران نواها للتجارة وبلغت قيمتها مائتي درهم يجب فيها الزكاة وإلا فلا وغير الذهب والفضة من الأموال لا يكون للتجارة إلا بالنية ولو باع عرضاً كان للتجارة بعرض فإن الثاني يكون للتجارة وإن لم ينو لأن حكم البدل حكم الأصل وكذا لو كان العبد للتجارة فقتله عبد خطأ ودفع به فإن المدفوع يكون للتجارة ولو كان القتل عمداً فصولح من القصاص على القاتل لم يكن للقاتل للتجارة لأنه بدل عن القصاص لا عن المقتول ولو ورث مالاً ونواه للتجارة لا يكون للتجارة وإن ملك ما لا بهبة أو وصية ونوى التجارة عند قبول الهبة والوصية لم يكن للتجارة في قول محمد رحمه الله تعالى وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يكون للتجارة وعلى هذا الخلاف المهر وبدل الخلع ويدل الصلح عن دم العمد إن نوى للتجارة يكون للتجارة في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه لا يملكه إلا بالقبول والعقد فكان كسبياً وليس في الزيادة على مائتي درهم وعشرين مثقال ذهب زكاة في أبي حنيفة رحمه الله تعالى مالم تبلغ الزيادة أربعين درهماً أوٍٍٍٍٍِِِ أربع مثاقيل فحينذٍٍٍ يجب في الزيادة ربع عشرها ويكمل نصاب الفضة بنصاب الذهب ونصاب الذهب بالفضة وبعروض التجارة أيضاً إلا أن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يكمل نصاب الفضة بنصاب الذهب باعتبار القيمة وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى باعتبار الأجزاء وتفسير ذلك إذا ملك مائة درهم وخمسة مثاقيل ذهب قيمتها مائة درهم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى تجب الزكاة وعندهما لا تجب مالم يكن الذهب عشرة مثاقيل اشترى خادماً للخدمة وهو ينوي أن لو أصاب ربحاً فحال عليه الحول لا زكاة فيه وكذا لو اشترى جوالق بعشرة آلاف درهم ليؤاجرها من الناس فحال عليها الحول لا زكاة فيها لأنه اشتراها للعلة وعزمه أنه لو وجد ربحاً يبيعهاً لا يعتبر وكذا الجمال إذا اشترى إبلاً للكراء أو المكاري إذا اشترى حمرا للكراء ولو اشترى الصباغ عصفراً أو زعفراناً ليصبغ ثياب الناس بالأجر وحال عليها الحول كان عليها إذا بلغ نصاب لأن ما أخذ من الأجر يقابل بالعين وكذا كل من ابتاع عندنا ليعمل به ويبقى أثره في المعمول كالعصفر والدهن لدبغ الجلد فحال عليه
<251>الحول كان عليه الزكاة وإن لم يبق لذلك العين أثر في المعمول كالصابون والحرض لا زكاة فيه لأنه لا يبقى بعد العمل فكان الأجر مقابلاً بالمنفعة فلا يعد من مال التجارة وكذا النخاس إذا اشترى دواب للبيع لها جلالاً ومقاود فإن كان لا يدفع ذلك مع الدابة إلى المشتري لا زكاة فيها وإن كان يدفعها مع الدابة كان فيها الزكاة إذا حال عليها الحول وكذا العطار إذا اشترى قوارير ولو اشترى الرجل دار أو عبداً للتجارة ثم أجره يخرج من أن يكون للتجارة لأنه لما آجره فقد قصد المنفعة ولو اشترى قدوراً من صفر يمسكها أو يؤاجرها لا تجب فيها الزكاة كما لا تجب في بيوت الغلة ولو دخل من أرضه حنطة يبلغ قيمتها قيمة نصاب ونوى أن يمسكها ويبيعها فأمسكها حولاً لا تجب فيها الزكاة كما في الميراث ويعتبر في الزكاة كمال النصاب في طرفي الحول وعدم الانقطاع فيما بين ذلك ونقصان النصاب في خلال الحول عندنا لا يمنع وهلاك كل النصاب في خلال الحول يبطل حكم الحول. رجل له غنم للتجارة تساوي مائتي درهم فماتت قبل الحول فسلخها ودبغ جلدها حتى بلغ جلدها نصاباً فتم الحول كان عليه الزكاة ولو كان له عصير للتجارة فتخمر قبل الحول ثم صار خلاً يساوي نصاباً فتم الحول لا زكاة فيه قالوا لأن في الفصل الأول الصوف الذي يقي على ظهر الشاة متقوم فيبقى الحول ببقائه وفي الفصل الثاني هلك كل المال فبطل حكم الحول إلا أن هذا يخالف ما روى ابن سماعة عن محمد رحمه الله تعالى. رجل اشترى عصيراً بمائتي درهم فتخمر بعد ما مضت أربعة أشهر فلما مضت أربعة أشهر أو ثمانية أشهر إلا يوماً صارت خلاً يساوي مائتي درهم فتمت السنة كانعليه الزكاة لأنه عاد للتجارة على ما كان ولو تم الحول وهي خمر لا زكاة عليه. رجل آجر داره بعيد ونواه للتجارة كان للتجارة. رجل له عبد للتجارة إن قوم بالدراهم كانت قيمته أقل من مائتي درهم وإن قوم بالدنانير كانت قيمته أكثر من عشرين ديناراً قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان اشتراه بالدراهم يقوم بالدراهم وإن كان اشتراه بالدنانير يقوم الدنانير وإن كان اشتراه بمال غير الذهب والفضة يقوم بالنقد الغالب في المصر الذي هو فيه وإن كان المولى بعث عبده إلى مصر آخر لحاجة يعتبر قيمة العبد في(1/123)
<252> المصر الذي فيه العبد فإن كان العبد في المفازة يعتبر قيمته في أقرب الأمصار إلى ذلك الموضع وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا وجب عليه الزكاة في أحد الوجهين لو تجب في لوجه الآخر كان عليه الزكاة وما ذكرنا من قول أبي يوسف رحمه الله تعالى فذاك قوله الأول ولو اشترى أرض عشر أو خراج للتجارة لا يجب فيها الزكاة وكذا لو اشترى بذراً للتجارة وزرعها في أرض عشر استأجرها كان فيها العشر لا غير وعن محمد رحمه الله تعالى إذا اشترى للتجارة أرض عشر يجب الزكاة مع العشر أن زرع إذا اشترى عبداً للتجارة ينقرة فضة وزنها مائتا درهم وحال عليها الحول وهو لا يساوي مائتي درهم مضروبة قال محمد رحمه الله تعالى لا زكاة عليه حتى يساوي مائتي درهم مضروبة وكذا لو اشتراه بمائة وتسعين درهماً وذاك قيمته ثم صار يساوي مائتي درهم مضروبة قال محمد رحمه الله تعالى يعتبر الحول من حين صار يساوي مائتي درهم مضروبة فالحاصل إن في عين الذهب والفضة يعتبر الوزن وفي غير الذهب والفضة لا تجب الزكاة ما لم تبلغ قيمته مائتي درهم مضروبة هذا إذا كان المال عيناً فإن كان ديناً قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى رواية الأصل الديون ثلاثة دين قوى وهو بدل مال التجارة والفرض ودين وسط وهو بدل مال لم يكن للتجارة كثمن ثياب البذلة وعبد الخدمة ودار السكنى ودين ضعيف وهو بدل ما ليس بمال كالمهر والوصية وبدل الخلع والصلح عن دم العمد والدية ففي الدين القوي تجب الزكاة إذا حال الحول ويتراخى الأداء إلى أن يقبض أربعين درهماً وكلما قبض أربعين درهماً يلزمه درهم وفي الدين الوسط لا يجب الأداء ما لم يقبض مائتي درهم ولا يعتبر الحول بعد القبض ويعتد بما مضى من الحول قبل القبض في الصحيح من الرواية وفي الدين الضعيف لا تجب الزكاة ما لم يقبض مائتي درهم ويحل الحول بعد القبض وثمن السائمة بمنزلة ثمن عبد الخدمة . ولو ورث مائتي درهم ديناً على رجل وحال عليه الحول لا زكاة عليه حتى يقبض مائتي درهم ويعتد بما مضى من الحول قبل القبض وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية
<253>أخرى لا تجب حتى يحول الحول بعد القبض ولو ورث سائمة كان عليه الزكاة إذا حال الحول نوى أو لم ينو وعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى الديون كلها سواء تجب الزكاة قبل القبض وكلما قبض شيئاً يلزمه أداء زكاة ذلك القدر قل المقبوض أو كثر إلا دين الكتابة فإن في بدل الكتابة لا تجب الزكاة لما مضى من الحول قبل القبض وكذا لو كان بين رجلين عبد للتجارة وقيمته ألف درهم فأعتقه أحدهما وهو معسر واختار الآخر استسعاء العبد فقبض السعاية بعد سنين لا زكاة عليه ما لم يحل الحول عليه بعد القبض ولو تروج امرأة على إبل بغير عينها فقبضت خمساً من الإبل لا زكاة فيها في قولهم ما لم يحل الحول بعد القبض ولو تزوجها على إبل بعينها فكذا الجواب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يعتبر الحول بعد القبض وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تجب الزكاة بحكم الحول الماضي ولو تزوج امرأة على أربعين شاة سائمة فقبضت فحال عليها الحول ثم طلقها قبل الدخول بها كان عليها زكاة النصف الباقي ولو كان المهر عبداً فطلقها الزوج بعد يوم الفطر قبل الدخول بها كان عليها جميع الصدقة ولو تزوجها على مائتي درهم ودفع إليها ثم طلقها بعد الحول قبل الدخول كان عليها زكاة المائتين وفي دية المقتول إن قضى القاضي بالدية من الدراهم أو الدنانير وقبض ورثه المقتول بعد الحول على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تجب الزكاة مالم يحل الحول بعد القبض وإن قضى القاضي بالدية من الإبل لا زكاة في قولهم حتى يحول الحول بعد القبض كما لو تزوج امرأة على إبل بغير عينها وقبضت يعتبر الحول بعد القبض إذا آجر داره أو عبده بمائتي درهم لا تجب الزكاة ما لم يحل الحول بعد القبض في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإن كانت الدار والعبد للتجارة وقبض أربعين درهماً بعد الحول كان عليه درهم بحكم الحول الماضي قبل القبض لأن أجرة دار التجارة وعبد التجارة بمنزلة ثمن مال التجارة في الصحيح من الرواية وفي لإجارة المرسومة ببخارى إذا عجل الأجرة وبقي المال في يد الآجر سنين عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إنه قال إن(1/124)
<254>كانت الأجرة من الدراهم أو من الدنانير كان زكاتها على الآجر لأنه ملكها بالقبض وعند انفساخ الإجارة لا يلزمه رد عين المقبوض وإنما يلزمه رد غيرها فكان بمنزلة دين لحقه بعد الحول وقال الشيخ الإمام الزاهد علي بن محمد البزدوي ومجد الأئمة السرختكي رحمه الله تعالى أن زكاتها تجب على المستأجر أيضاً لأن الناس يعدون مال الإجارة ديناً على الآجر وفي بيع الوفاء المعهود بسمرقند تجب زكاة الثمرة على البائع وعلى قول الشيخ الإمام الزاهد على بن محمد البزدوي ومجد الأئمة السرختكي رحمه الله تعالى تجب على المشتري أيضاً وفيه نوع إشكال وهو أنه لو اعتبر ديناً عند الناس ينبغي أن لا تجب الزكاة على الآجر والبائع لأنه مشغول بالدين ولا تجب على المشتري والمستأجر أيضاً لأنه وإن اعتبر ديناً للمستأجر فليس بمنتفع في حقه لأنه يمكنه المطالبة قبل فسخ الإجارة ولا يملكه حقيقة فكان هذا بمنزلة الدين على الجاحد أو فوقه وثمة لا تجب الزكاة ما لم يحل الحول بعد القبض وإن كانت الأجرة عيناً وبقي القين في يد الآجر لأنه استحق عليه علين مال الزكاة. رجل له مائة درهم في يده ومائة درهم أخرى دين له على غيره فحال عليها الحول ذكر عصام رحمه الله تعالى أن عليه الزكاة وهو محمول على ما إذا كان الدين بدل مال التجارة ويكون المديون ملياً مقر بالدين. رجل له على رجل مائتا درهم فحال الحول إلا شهراً ثم استفاد ألفاً فتم الحول على المائتين لا تجب عليه زكاة الألف ما لم يأخذ من الدين أربعين درهماً فصاعداً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنه لا تجب عليه زكاة المائتين ما لم يقبض أربعين فإذا لم يجب عليه الأداء عن الأصل لا يجب عن الفائدة. رجل له دين على رجل وهبه من ثالث ووكله بقبضه وحال الحول ثم قبضه الموهوب له كانت الزكاة على الواهب لأن الموهوب له وكيل في القبض. الدين يمنع الزكاة إذا كان مطالباً من جهة العباد كالقرض وثمن المبيع وضمان المتلف وأرش الجراحة ومهر المرأة كان الدين عن المنقود أو من المكيل أو الموزون أو الثياب أو الحيوان وجب بنكاح أو خلع أو صلح عن دم
<255>عمد وهو حال أو أجل فإن كان المال فاضلاً عن الدين كان عليه زكاة الفاضل إذا بلغ النصاب وإن لحقه دين بعد وجوب الزكاة لا يسقط الزكاة ووجوب الزكاة في النصاب ودين الزكاة بأن استهلك النصاب بعد الحول لا يمنع الزكاة يستوي فيه المال الظاهر والباطن وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى نفس الزكاة في النصاب تمنع الزكاة ودين الزكاة لا يمنع. إذا ملك الرجل مائتي دراهم وخمسة دراهم فمضى عليها حولان قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى عليه عشرة دراهم لأن بمضي الحول الأول وجب عليه خمسة للمائتين ولا يجب عليه للخمسة الزائدة زكاة فيما دون الأربعين فمضى الحول الثاني وماله مائتان سوى الزكاة الأولى فتجب عليه خمسة أخرى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى عليه للسنة الأولى خمسة دراهم وثمن درهم لأن عندهما يجب الزكاة في الكسور فبقي ماله في السنة الثانية مائتان إلا ثمن درهم فلا يجب عليه في السنة الثانية شيء. ولو ملك الرجل ألف درهم ومضى عليها ثلاثة أحوال كان عليه للحول الأول خمسة وعشرون وللحول الثاني في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى عليه زكاة تسعمائة وستين لأن عنده لا تجب الزكاة فيما دون الأربعين وللحول الثالث زكاة تسعمائة وعشرين وذلك ثلاث وعشرون وعندهما تجب الزكاة في الكسور أيضاً فإن ضاع منهما ثمانمائة وبقي مائتان كان عليه خمسة دراهم لا غير كأنه لم يملك إلا مائتي درهم فكان عليه زكاة المائتين وإن ملك الرجل على رجل ثلثمائة درهم ومضى عليها ثلاثة أحوال ثم قبض منها مائتي درهم قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يزكي للسنة الأولى خمسة دراهم وللسنة الثانية أربعة دراهم عن مائة وستين ولا شيء عليه في الفضل لأنه دون الأربعين. هلاك النصاب بعد وجوب الزكاة يسقط الزكاة خلك بعد ما طلب الإمام أو الساعي أو قبله عند مشايخنا رحمهم الله تعالى وهل يأثم بتأخير الزكاة بعد التمكن ذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه يأثم وهكذا ذكر الحاكم الشهيد رحمه الله تعالى في المنتقى وعن محمد رحمه الله تعالى أن من أخر الزكاة من غير عذر لا يقبل شهادته وفرق محمد رحمه الله تعالى بين الحج وبين الزكاة فقال(1/125)
<256>لا يأثم بتأخير الحج ويأثم بتأخير الزكاة لأن في الزكاة حق الفقراء فيأثم بتأخير حقهم أما الحج خالص حق الله تعالى وروى هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يأثم بتأخير الزكاة ويأثم بتأخير الحج لأن الزكاة غير مؤقتة أما الحج فريضة يتعلق أداؤها بالوقت بمنزلة الصلاة وعسى لا يدرك الوقت في المستقبل. رجل ملك مائتي درهم فمضى عليه حولان على المائتين فاستهلك النصاب قبل أداء الزكاة ثم استفاد مائتي درهم وحال الحول على المستفاد لا تجب عليه زكاة المستفاد ولأن زكاة نصاب الأول دين في ذمته فمنع زكاة المستفاد ولو ملك نصاباً وتوج امرأة على مائتي درهم وحال الحول على المصاب لا تجب عليه الزكاة لأن وجوب المهر حقاً للمرأة مانع وجوب الزكاة ولو وجبت عليه كفارة يمين أو ظهار أو قتل لا يمنع الزكاة ولا يمنع الدين وجوب العشر والخراج ويمنع صدقة الفطر. مات من عليه الزكاة تسقط الزكاة ولا تصير ديناً في التركة إلا أنه لو أوصى بأداء الزكاة يجب تنفيذ الوصية من ثلث ماله والردة بمنزلة الموت ولو أخر زكاة المال حتى مرض يؤدي سراً من الورثة وإن لم يكن عنده مال وأراد أن يستقرض لأداء الزكاة فإن كان في أكبر رأيه أنه إذا استقرض وأدى الزكاة واجتهد لقضاء دينه يقدر على ذلك كان الأفضل له أن يستقرض فإن استقرض وأدى ولم يقدر على قضاء الدين حتى مات يرجى أن يقضي الله تعالى دينه في الآخرة وإن كان أكبر رأيه أنه إذا استقرض لا يقدر على قضاء الدين كان الأفضل له أن لا يستقرض لأن خصومة صاحب الدين أشد. رجل له عبد للتجارة وعلى العبد دين لا تجب عليه زكاة العبد بقدر الدين ولو كان العبد للخدمة كان على المولى صدقة فطره. رجل له ألف درهم فاغتصب من رجل ألفاً واغتصب منه رجل آخر هذه الألف وللغاصب الثاني أيضاً ألف درهم فاستهلك الثاني الغصب وحال الحول على مال الغاصبين ثم أبرأهما المغصوب منه كان على الغاصب الأول زكاة ألفه ولا زكاة على الغاصب الثاني لأن الأول إن ضمن الغصب للمغصوب
<257> منه كان له أن يرجع على الغاصب الثاني فلم يكن ماله مشغولاً بالدين أما الثاني ضمن الغصب فليس له أن يرجع بذلك على غيره فصار ماله مشغولاً بالدين قبل الإبراء فلا يكون سبباً للزكاة. رجل عليه ألف درهم لرجل وكفل بها رجل بغير إذنه وللأصيل والكفيل لكل واحد منهما ألف درهم فحال الحول على مالهما ثم أبرأهما منه صاحب الدين لا زكاة على واحد منهما لأن كل واحد منهما كان مطالباً بالدين فلا يرجع أحدهما بالدين على صاحبه. رجل التقط ألفاً وعرفها سنة ثم تصدق بها له ألف درهم فحال الحول على ألفه استحساناً لأن الدين ليس بواجب لاحتمال أن صاحب اللقطة يجيز الصدقة ولأنه ليس هنا أحد يطالبه من حيث الظاهر واستهلاك النصاب بعد وجوب الزكاة يوجب الضمان واستبدال مال التجارة بمال التجارة ليس باستهلاك وبغير مال التجارة استهلاك واستبدال السائمة بالسائمة استهلاك وإقراض النصاب بعد الحول ليس باستهلاك وإن نوى المال على المستقرض وكذا لو أعار الثوب للتجارة بعد الحول ولا تجب الزكاة على المجنون إذا كان مطبقاً وتجب على المغمى عليه وإن استوعب الإغماء حولاً كاملاً ولو جن في أول الحول كان عليه الزكاة لأن الجنون إذا لم يستوعب الشهر لا يمنع الصوم فإذا لم يستوعب السنة لا يمنع الزكاة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا بلغ الصبي مجنوناً ثم أفاق بعد سنين يعتبر الحول من يوم أفاق ولا يعتد بما مضى من الحول قبل الإفاقة وفي الذي جن في أول الحول ثم أفاق في السنة يعتد بما مضى من الحول والذي يجن ويفيق بمنزلة العاقل. رجل أودع ماله رجلاً لا يعرفه ثم وجده بعد سنين وأخذ ماله لا زكاة عليه ولو أودع رجلاً يعرفه ثم نسي سنين ثم تذكر بعد ذلك كان عليه زكاة ما مضى وإن سقط ماله في البحر ثم وصل إليه بعد سنين لا زكاة عليه لما مضى وكذا المغصوب المجحود إذا رده الغاصب بعد سنين وكذا المال الذي ذهب به العدو إلى دار الحرب ثم وصل إليه بعد سنين والعبد إذا أبق من مولاة ثم عاد إليه بعد سنين والمدفون في الفلاة إذا نسي مكانه وإن دفن في داره أو دار غيره ونسي مكانه(1/126)
<258>ثم وجده بعد سنين كان عليه زكاة ما مضى واختلف المشايخ في المدفون في الكرم أو الأرض إذا نسي مكانه والدين المجحود بمنزلة الساقط في البحر فإن كان القاضي يعلم بالدين روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أن نصاب وإن لم يكن القاضي علم بالدين وله بينة عادلة فلم يقمها حتى مضى السنون روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يكون نصاباً وأكثر المشايخ رحمهم الله تعالى على خلافه وفي الأصل لم يجعل الدين المجحود نصاباً ولم يفصل قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح جواب الكتاب إذ ليس كل قاض يعدل ولا كل بينة تعدل وفي الخصومة بين يدي القاضي ذل وكل واح لا يختار ذلك وإن كان المديون يقر في السر ويجحد في العلانية لم يكن نصاباً وإن كان المديون مقراً إلا أنه معسر فهو نصاب وإن كان على مفلس فلسه القاضي وهو مقر بكون نصاباً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الأول وإن كان مقراً فلما قدمه إلى القاضي جحده فقامت عليه البينة ومضى زمان في تعديل الشهود ثم عدلوا سقطت عن الزكاة من يوم جحد عند القاضي إلى أن عدل الشهود لأنه فيما كان مقراً قبل الخصومة ولو كان الدين على مليء مقر به وهرب المديون إلى مصر من الأمصار فعليه الزكاة فيما يقبض منه لأنه قادر على أن يطلب أو يبعث بذلك وكيلاً وإن لم يقدر على طلبه وعلى الوكيل فلا زكاة عليه وعلى ابن السبيل زكاة ماله لأنه قادر على التصرف بنائبه. رجل تزوج امرأة على ألف ودفع إليها ولم يعلم أنها أمة فحال الحول عندها ثم علم أنها أمة زوجت نفسها بغير إذن المولى ورد الألف على الزوج روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا زكاة على واحد منهما وكذلك رجل حلق لحية إنسان فقضى عليه بالدية ودفع الدية إليه فحال الحول ثم نبتت لحيته وردت الدية إليه لا زكاة على كل واحد منهما وكذلك رجل أقر لرجل بدين ألف درهم ثم دفع الألف إليه ثم تصادقا بعد الحول أنه لم يكن عليه دين لا زكاة على كل واحد منهما وكذلك رجل وهب لرجل ألفاً ودفع الألف ثم رجع في الهبة بعد الحول بقضاء واستردّ الألف لا زكاة على كل واحد منهما
<259>رجل اشترى عبداً للتجارة يساوي مائتي درهم بمائتي درهم ونقد الثمن ولم يقبض العبد حتى حال الحول فمات العبد عند البائع كان على البائع زكاة المائتين وكذلك على المشتري أما على البائع فلأنه يملك الثمن وحال الحول عليه عنده وأما على المشتري لأن العبد كان للتجارة وبموته عند البائع انفسخ البيع والمشتري أخذ عوض العبد مائتي درهم فإن كانت قيمة العبد مائة كان على البائع زكاة المائتين لأنه ملك الثمن ومضى عليه الحول عنده وبانفساخ البيع لحقه دين بعد الحول فلا تسقط عنه زكاة المائتين ولا زكاة على المشتري لأن الثمن زال عن ملكه إلى البائع فلم يملك المائتين حولاً كاملاً وبانفساخس البيع استفاد المائتين بعد الحول فلا تجب عليه الزكاة. رجل له على رجل ألف درهم دين وكفل بها رجل بأمر المديون أو بغير أمره وللأصيل والكفيل لكل واحد منهما ألف ردهم فحال الحول على مالهما لا زكاة على كل واحد منهما لأن كل واحد منهما كان مطالباً بالألف ولو اغتصب رجل ألفاً من رجل فجاء آخر واغتصب الألف من الغاصب واستهلكها ولكل واحد من الغاصبين ألف فحال الحول على مال الغاصبين كان على الغاصب الأول زكاة ألفه ولا زكاة على الغاصب الثاني لأن الأول لو ضمن الغصب يرجع على الغاصب الثاني أما الثاني لو ضمن لا يرجع على الأول وإنما فارق الغصب الكفالة وإن كان في الكفالة أمر إذا أدى الكفيل يرجع على الأصيل لأن في الغصب ليس له أن يطالبهما جميعاً بل إذا اختار تضمين أحدهما يبرأ الآخر أما في الكفالة له أن يطالبهما جميعاً فكان كل واحد منهما مطالباً بالألف. رجل له على رجل ألف درهم فحال الحول عليه ثم أبرأ المديون من الدين سقطت عنه الزكاة وكذلك رجل له ألف فحال عليه الحول فاستهلكها رجل ثم إن صاحب الألف أبرأ المستهلك سقطت عنه الزكاة وكذلك رجل أقرض ألفها رجلاً بعدما حال الحول ثم أبرأ المستقرض عن القرض سقطت عنه الزكاة وكذلك رجل عنده متاع للتجارة وحال عليه الحول فباعه من رجل ثم أبرأ المشتري عن الثمن سقطت عنه الزكاة لأن من عليه الزكاة له أن يبيع ماله بمال الزكاة ويقرضه بعد الحول إذا صار مال الزكاة ديناً(1/127)
<260>بسبب تملكه صار كأنه كان ديناً من الأصل وفي الدين ما لم يقبضه لا يلزمه الأداء فإذا سقطت عنه الزكاة. رجل له غنم سائمة اشتراها رجل ولم يقبضها حتى حال الحول ثم قبضها لا زكاة على المشتري فيما مضى ويستقبل حولاً بعد القبض لأنها كانت مضمونة على بائعة بالثمن وكذا السائمة إذا عصبها رجل والغاصب مقر بالغصب إلا أنه يمنعها من المالك ثم ردها على المالك بعد الحول لا زكاة على صاحب الغنم فيما مضى وكذا لو كانت السائمة رهناً عند رجل بألف وللراهن مائة ألف فحال على الرهن في يد المرتهن كان على الراهن زكاة ما كان عنده من المال إلا الألف التي هي دين عليه ولا زكاة عليه في غنم الراهن لأنها كانت مضمونة بالدين فرق بين الدراهم وبين السائمة الدراهم إذا كانت غصباً عند رجل والغاصب مقر بالغصب كان على صاحبها الزكاة إذا قبض وفي غصب السائمة ليس على صاحبها الزكاة وإن كان الغاصب مقراً. رجل له ألف درهم مضى عليها شهر ثم إن صاحب الألف أتلف الرجل متاعاً قيمته ألف ثم أبرأه صاحب المتاع عن ضمانة قال زفر رحمه الله تعالى يستقبل حولا بعد الإبراء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يستقبل حولاً بعد الإبراء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا حال عليها الحول منذ ملكها كان عليه زكاتها. (فصل في أداء الزكاة) أداء الزكاة على نوعين أداء بعد الوجوب وتعجيل الزكاة قبل الوجوب إذا أراد الرجل أداء الزكاة الواجبة قالوا الأفضل هو الإعلان والإظهار وفي التطوعات الأفضل هو الإخفاء والإسرار وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الأفضل لصاحب المال الظاهر أن يؤدي الزكاة إلى الفقراء بنفسه لأن هؤلاء لا يصنعون الزكاة مواضعها فأما الخراج فإنهم يضعونه مواضعه لأن موضع الخراج المقاتلة وهؤلاء مقاتلة لأنهم يحمون بيضة الإسلام وقال ويكره إخراج الصدقة إلى فقراء بلدة أخرى إلا أن يخرجها إلى أقربائه هكذا روى أبو سليمان عن عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى رجل بعث زكاة ماله إلى فقراء بلدة أخرى غير البلد الذي هو فيه قبل تمام الحول على المال في البلد الذي بعث إليه فإنه يجوز ذلك. رجل له مال في يد شريكه
<261> في غير المصر الذي هو فيه فإنه يصرف الزكاة إلى فقراء المصر الذي فيه المال دون المصر الذي هو فيه ولو كان مكان الزكاة وصية للفقراء فإنها تصرف إلى فقراء البلد الذي فيه الميت رجل له أخ قضى القاضي عليه بنفقته فكساه وأطعمه ينوى به الزكاة قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يجوز وقال محمد رحمه الله تعالى يجوز في الكسوة ولا يجوز في الإطعام وقول أبي يوسف رحمه الله تعالى خلاف ظاهر رواية. رجل أعطى رجلاً دراهم ليتصدق بها على الفقراء تطوعاً فلم يتصدق المأمور حتى نوى الآمر زكاة ماله من غير أن يتلفظ به ثم تصدق المأمور جازت عن الزكاة وكذا ولو أمره بأن يتصدق بها عن كفارة اليمين ثم نوى الزكاة وكذا لو أمره بأن يتصدق بها عن كفارة اليمين ثم نوى الزكاة ثم تصدق المأمور جازت عن الزكاة ولو قال إن دخلت هذه الدار فلله علي أن أتصدق بهذه المائة فدخل الدار وهو ينوي عند الدخول أن يتصدق بها عن الزكاة ثم تصدق بها لم يجزه عن الزكاة لأن في الفصل الأول يد الوكيل كيد الموكل ودفعه كدفع الموكل فإذا نوى الزكاة كان عما نوى أما في مسئلة الدخول وجب عليه التصدق عند الدخول باليمين السابقة فلا تصح رجوعه. رجلان دفع كل واحد منهما زكاة ماله إلى رجل منهما زكاة ماله إلى رجل ليؤدي عند فخلط مالهما ثم تصدق ضمن الوكيل مال الدافعين وكانت الصدقة عنه وكذا لو كان في يد رجل أوقاف مختلفة فخلط أموال الأوقاف وغلات الوقف كان ضامناً وكذا البياع والسمسار إذا خلط أموال الناس والطحان إذا خلط حنطة الناس إلا في موضع يكون الطحان مأذوناً بالخلط عرفاً. من عليه الزكاة إذا شك أنه هل أدى الزكاة أم لا قال ابن المبارك رحمه الله تعالى يؤدي الزكاة كما لو شك في أداء الصلاة في وقتها بخلاف ما لو شك في أداء الصلاة بعد خروج الوقت فإنه لا يلزمه الأداء من عليه الزكاة إذا كان يؤخر ليس للفقير أن يطالبه ولا أن يأخذ ماله بغير علمه فإن أخذ كان لصاحب المال أن يسترده إن كان قائماً في يده ويضمنه إن كان هالكاً فإن لم يكن في قرابته من عليه الزكاة أو قبيلته أحوج من هذا الرجل فكذلك ليس له أن يأخذ ماله وإن أخذ كان ضامناً في الحكم أما فيما بين الله تعالى يرجى أن يحل له أن يأخذ. رجل دفع زكاة ماله إلى(1/128)
<262> رجل وأمره بالأداء أعطى الوكيل ولد نفسه الكبير أو الصغير أو امرأته وهم محاويج جاز ولا يمسك لنفسه شيئاً. رجل أمر رجلاً بأن يؤدي عنه الزكاة من مال نفسه فأدى المأمور فإنه لا يرجع على الآمر مالم يشترط الرجوع وكذا لو قال لغيره هب لفلان درهماً أو قال الموهوب له لرجل عوض الواهب عن هبته من مالك ففعل المأمور ذلك لا يرجع على الآمر ولو قال لغيره أنفق على عيالي أو أنفق في بناء داري وليس بينهما خلطة لو يذكر الرجوع فأنفق المأمور قال شمس الأئمة رحمه الله تعالى يرجع على الآمر وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى لا يرجع بغير شرط والمديون إذا أمر رجلاً بقضاء دينه فقضى المأمور يرجع على الآمر بغير شرط وفي الجنايات والمؤن المالية إذا أمر غيره بأدائها عنه فأدى المأمور قال الشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام على بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى يرجع المأمور على الآمر بغير شرط وكذا في كل ما كان مطالباً من جهة العباد حساً قال رحمه الله تعالى ومن قسم الجنايات والمؤن بين الناس على السوية يكون مأجوراُ والرجل إذا أخذ السلطان ليصادره فقال الرجل خلصني أو الأسير في يد الكافر إذا أمر غيره بذلك فدفع المأمور مالاً وخلص الآمر اختلفوا فيه قال بعضهم لا يرجع المأمور في المسئلتين إلا بشرط الرجوع وقال بعضهم في الأسير يرجع وفي الذي أخذه السلطان لا يرجع إلا عند شرط الرجوع وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى يرجع في المسئلتين وإن لم يشترط الرجوع. عامل الخراج إذا أخذ الخراج من الأكار ورب الأرض غائب في ظاهر الرواية لا يرجع وذكر في الفتاوى لأبي الليث رحمه الله تعالى أنه يرجع ولو أخذ العامل الخراج من الخارج لا يرجع وعامل الجباية إذا أخذ الجباية من المستأجر إجارة طويلة أو ممن يسكن الدار أو الحانوت بالغلة قالوا هذا وما لو أخذ الخراج من الأكار سواء. رجل دفع زكاة ماله إلى رجل وأمره بالأداء ثم أدى الآمر بنفسه ثم الوكيل قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى يضمن الوكيل علم بأدائه أولم يعلم وقالا إن لم يعلم لا يضمن وإن علم ضمن وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه أن
<263>علم ضمن وإن لم يعلم لا يضمن. رجل وجب عليه زكاة المائتين فأفرز خمسة من ماله ثم ضاعت منه تلك الخمسة لا تسقط عنه الزكاة ولو مات صاحب المال بعد أن أفرز الخمسة كانت الخمسة ميراثاً عنه عن هشام رحمه الله تعالى قال سألت محمداً رحمه الله تعالى عن رجل قال ما تصدقت به إلى آخر السنة فقد نويت عن الزكاة ثم جعل يتصدق ولا تحضره النية قال لا يجزيه قلت فإن أخرج الدراهم وصرها في كمه وقال هذه من الزكاة فجعل يتصدق ولا تحضره النية قال أرجو أن يجزئه إذا هلكت الوديعة عند المودع فدفع القيمة إلى صاحبها وهو فقير لدفع الخصومة يريد به الزكاة لا يجزيه ويكره الاحتيال لمنع الزكاة وإبطال الشفعة في قول محمد رحمه الله تعالى خلافاً لأبي يوسف رحمه الله تعالى. رجل أدى خمسة من المائتين بعد الحول الفقير لأجل الزكاة ثم ظهر فيها درهم ستوقة لم تكن تلك الخمسة زكاة لنقصان النصاب وإن أراد يسترد الخمسة من الفقير ليس له ذلك لأنه لما ظهر أن الزكاة لم تكن واجبة ظهر أن الصدقة وقعت تطوعاً فإن رد الفقير باختياره كان ذلك هبة من الفقير حتى لو كان الفقير صغيراً لا يصح رده وإن دفع خمسة من المائتين بعد الحول إلى رجل وأمره بأن يتصدق بها عن الزكاة فلم يتصدق حتى وجد في ماله درهماً ستوقاً كان له أن يسترده من الوكيل رجل ظن أن ماله خمسمائة فأدى زكاة خمسمائة ثم ظهر إن ماله كان أربعمائة كان له أن يجعل الزيادة إن لم تقع زكاة أمكن جعلها تعجيلاً فتجعل تعجيلاً وكذا التاجر إذا مر على عامل الصدقة بمال فأخذ العامل منه أكثر من زكاة ماله على ظن أن ماله أكثر فظهر أنه كان أقل تجعل الزيادة للسنة الثانية وإن علم العامل مقدار ماله وأخذ منه الزيادة حوراً لا تحتسب الزيادة من الزكاة لأنه ما أخذ الزيادة على وجه الزكاة وإنما أخذها جوراً وظلماً (فصل في هبة الدين من المديون بنية الزكاة) إذا وهب الدين من المديون بعد الحول ينوي به الزكاة إن كان المديون غنياً لا يجوز ويضمن الواهب قدر الزكاة استحساناً وإن كان المديون فقيراً فوهب الدين ينوي به زكاة مال عين عند الواهب لا تسقط عنه زكاة ذلك المال وكذا(1/129)
<264>لو نوى به زكاة بدين آخر على غيره ولو وهب جميع الدين من المديون بنية الزكاة عن الدين في الاستحسان يكون مؤدياً وتسقط عنه الزكاة وكذا لو وهب كل الدين من المديون لم ينو به الزكاة كان مؤدياً زكاة هذا الدين استحساناً كما لو كان النصاب عيناً فوهب النصاب من الفقير بعد الحول ولم ينو شيئاً كان مؤدياً استحساناً إذا كان النصاب عيناً فتصدق بالنصاب على الفقير ولم ينو شيئاً كان مؤدياً واستحساناً وإن وهب من المديون خمسة من الدين ينوي به زكاة المائتين لا يجوز عن المائتين قياساً واستحساناً وهل تسقط عنه زكاة الخمسة وهو ثمن درهم في القياس لا تسقط وفي الاستحسان تسقط ولو وهب خمسة من المائتين ولم ينو شيئاً قال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا تسقط عنه زكاة الخمسة وكذا لو وهب من المديون مائة وخمسة وتسعين وبقي عليه خمسة لا يسقط عنه شيء من الزكاة في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ولو وهب من المديون مائة وستة وتسعين يسقط عنه من الزكاة درهم ويؤدي أربعة وعلى قول محمد رحمه الله تعالى عنه الزكاة ما وهب وإن وهب خمسة تسقط عنه زكاة الخمسة وهو ثمن درهم وإن وهب مائة تسقط زكاة المائة وإن وهب الكل ولم ينو شيئاً أو نوى التطوع تسقط عنه زكاة الكل (فصل في تعجيل الزكاة) يجوز تعجيل الزكاة بعد ملك النصاب ولا يجوز قبله وكما يجوز التعجيل بعد ملك نصاب واحد يجوز عن نصب كثيرة. رجل له مائة درهم فعجل منها خمسة وعشرين عنها وعما يستفيد في السنة فحال الحول ومعه ألف درهم لا يجوز عما عجل ولو ملك مائتي درهم فعجل منها خمسة وعشرين ثم هلك ما في يده إلا درهما ثم استفاد تمام ألف درهم يجزيه ما عجل في السنة الثانية لا يجوز. رجل له ألف بيض وألف سود فعجل خمسة وعشرين عن البيض فهلكت البيض قبل الحول أجزأه ما عجل عن السود وكذا لو عجل عن السود وكذا لو عجل عن السود فضاعت كان
<265> عن البيض ولو حال الحول وهما عنده ثم ضاع أحد المالين كان نصف ما عجل عما بقي وعليه تمام زكاة ما بقي وكذا لو أدى الزكاة عن أحد المالين بعد الحول كان الأداء عنهما وفي النوادر إذا عجل عن أحد المالين بعينه ثم خلك ذلك المال بعد الحول لا يجوز شيء من المعجل عن الباقي وعليه زكاة الباقي ولو كان عنده ألف درهم ومائة دينار فعجل عن الدنانير قبل الحول دينارين ونصفاً ثم ضاعت الدنانير قبل الحول وحال الحول على الدراهم جاز ما عجل عن الدراهم إذا كان يساوي خمسة وعشرين درهماً وكذا لو عجل خمسة وعشرين درهماً عن الدراهم قبل الحول ثم هلكت الدراهم جاز المعجل عن الدنانير بقيمته وإن لم يهلك أحدهما حتى حال الحول ثم هلك المال الذي عجل عنه كان المعجل عن المالين ولو حال الحول على ألف درهم ومائة دينار فأدى زكاة أحدهما بعينه كان المؤدى عن المالين ولو كان له خمسة من الإبل السائمة وأربعون من الغنم فعجل زكاة أحد الصنفين وحال الحول على الصنف الآخر لم يكن المعجل زكاة عن الباقي ولا يشبه هذا الدراهم والدنانير لأن في الدراهم والدنابير يكمل نصاب أحدهما بالآخر ويضم البعض إلى البعض فكانت جنساً واحداً بخلاف السوائم ولو كان له ألف سود وألف ببيض فعجل عن أحد المالين ثم استحق المال الذي عجل عنه قبل الحول لم يكن المعجل عن البافي وكذا لو استحق بعد الحول لأن في الاستحقاق عجل عما لم يملك فبطل تعجيله ولو زكى عن ألف درهم بعد الحول فضاعت الألف وله دين على رجل لم يكن المؤدى زكاة عن دينة ولو كان الأداء والهلاك قبل الحول أجزأه عن زكاة دينه. (فصل فيمن توضع فيه الزكاة) مصرف الزكاة ما ذكر الله تعالى في قوله {إنما الصدقات للفقراء} الآية والفقير عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى من ليس له نصاب وعنده ما يكفيه ولا يسأل الناس والمسكين هو الذي يسأل الناس ولا يجد قوتاً ولا يجل السؤال لمن كان عنده قوت يوم عند البعض وقال بعضهم لا يحل السؤال لمن كان كسوباً أو يملك خمسين درهما ويجوز صرف الزكاة إلى من لا يحل له السؤال إذا لم يملك نصاباً وإن كانت له كتب تساوي مائتي درهم إلا أنه(1/130)
<266> يحتاج إليها للتحفظ أو التدريس أو التصحيح يجوز صرف الزكاة إليه وكذا لو كان عنده من المصاحف وهو يحتاج إليه وإن كان لا يحتاج إليه وهو يساوي مائتي درهم لا يجوز صرف الزكاة إليه ولا له أخذ الزكاة وإن كان عنده طعام شهر وهو يساوي مائتي درهم يجوز صرف الزكاة إليه وإن كان أكثر من شهر لا يجوز وقال بعضهم يجوز وإن كان عنده طعام سنة وكذا لو كان له كسوة الشتاء تساوي مائتي درهم وهو لا يحتاج إليها في الصيف يجوز له أخذ الزكاة وكذا لو كان له حوانيت أو دار غلة تساوي ثلاثة آلاف درهم وغلتها لا تكفي لقوته وقوت عياله يجوز صرف الزكاة إليه في قول محمد رحمه الله تعالى ولو كان له ضيعة تساوي ثلاثة آلاف ولا يخرج منها ما يكفي له ولعياله اختلفوا فيه قال محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى يجوز له أخذ الزكاة ولو كان له دار فيها بستان والبستان يساوي مائتي درهم قالوا إن لم يكن في البستان ما فيه مرافق الدار من المطبخ والمغتسل وغير ذلك لا يجوز صرف الزكاة إليه وهو بمنزلة من له متاع للبيت وجواهر والذي له دين مؤجل على إنسان إذا احتاج إلى النفقة جاز له أن يأخذ من الزكاة قدر كفايته إلى حلول الجل وكذا المسافر الذي له مال في زكاة يجوز له أن يأخذ من الزكاة مقدار البلاغ إلى وطنه وإن كان الدين غير مؤجل فإن كان من عليه الدين معسراً يجوز له أخذ الزكاة في أصح الأقاويل لأنه بمنزلة ابن السبيل وإن كان المديون موسراً معترفاً لا يحل له أخذ الزكاة وكذا إذا كان جاحداً وله على الدين بينة عادلة وإن لم يكن له بينة عادلة لا يحل له أخذ الزكاة ما لم يرفع الأمر إلى القاضي فيحلفه فإذا حلفه وحلف بعد ذلك يحل له أخذ الزكاة وعلى هذا قالوا إن الدين المجحود إنما لا يكون نصاباً إذا حلفه القاضي وحلف أما قبل ذلك يكون نصاباً حتى لو قبض منه أربعين درهماً يلزمه أداء الزكاة ويجوز دفع الزكاة إلى فقيرة زوجها موسر في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فرض لها النفقة أو لم تفرض ولا يجوز إلى صغير والده غني فإن كان الابن كبير أجاز ولو دفع الزكاة إلى بنت غني يجوز في رواية عن أبي يوسف وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا ول رفع إلى فقير له ابن موسر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن كان
<267> في عيال الغني لا يجوز وإن لم يكن جاز ولا يجوز لمن عليه الزكاة أن يدفع زكاة ماله إلى عبده ولا إلى مدبره ولا إلى أم ولده ولا إلى مكاتبه علم بذلك أو لم يعلم ومعتق البعض عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى بمنزلة المكاتب ولا يجوز الدفع إلى عبد مولاة غني ولا إلى مدبره ولا إلى أم ولده فإن دفع وهو لا يعلم ثم علم أجزأه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويجوز الدفع إلى مكاتب غني علم بذلك أو لم يعلم ولا يجوز الدفع إلى بني هاشم ولا إلى مواليهم فإن دفع وهو لا يعلم ثم علم جاز وكما لا يجوز صرف الزكاة إليهم ولا إلى مواليهم لا يجوز صرف كفارة اليمين والظهار والقبل وعشر الأرض وجزاء الصيد وغلة الوقف وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية يجوز صرف غلة الوقف إذا كان الوقف عليهم بمنزلة الوقف على الأغنياء وإن كان الوقف على الفقراء ولم يسم بني هاشم لا يجوز صرفها إلى بني هاشم ولا يجوز صرفها إلى بني هاشم ومواليهم وبنو هاشم الذين لا تحل لهم الصدقة آل عباس وآل علي وآل عقيل وآل جعفر وولد الحرث بن عبد المطلب رضي الله عنه ولا يجوز دفع الزكاة إلى الغني فإن دفع الزكاة إلى الغني فإن دفع إلى شخص ظن أنه فقير فظهر أنه كان غنياً يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولو صرف إلى فقير ثم ظهر أنه صرف إلى أبيه أو ابنه جاز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى في رواية الأصل ولا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر حربياً كان أو ذمياً فإن صرف إلى شخص ظن أنه مسلم فظهر أنه كافر جاز في رواية الأصل وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز إذا دفع الزكاة إلى شخص وظن أنه فقير فإذا هو غني جاز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى دفع الزكاة إلى فقير مديون ليقضي بها دينه أفضل من الدفع إلى فقير آخر ولا يجوز الدفع إلى الغني وهو من يملك نصاباً كاملاً فاضلاً عن مسكنه وأثاثه ومركبه وسلاحه وخادمه الذي يحتاج إليه وثياب بدنه ولا يجوز دفع الزكاة إلى أولاده وأولاد أولاده من قبل الذكور والإناث وإن سفلوا ولا إلى والديه وأجداده وجداته وإن علوا من قبل الآباء أو الأمهات ويجوز إلى سائر قرابته(1/131)
<268> نحو الأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات لو دفع إلى أخته ولها على زوجها مهر يبلغ نصاباً إن كان الزوج ملياً مقراً لو طلبت لا يمنع عن الأداء لا يجوز صرف زكاته إليها وإن كان فقيراً أو غنياً إلا أنه لا يعطي لو طلبت جاز الصرف إليها ولو بنى مسجداً بنية الزكاة لا يجوز وكذا الحج و العمرة وإعتاق العبد وكذا لو قضى دين ميت أو حي بغير أمره وإن قضى دين فقير بأمره جاز ولو كفن ميتاً لا يجوز ولا يعطي الرجل زكاة ماله زوجته عند الكل وكذا المرأة إذا دفعت إلى زوجها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى ويجوز إعطاء النبهرجة عن الجياد والفضة عن المضروبة وإن كانت قيمة المصوغ أكثر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كان المدفوع أقل من الواجب لكنه يساوي الواجب في القيمة لا يجوز إلا عن قدره وإذا دفع الزكاة إلى الفقير لا يتم الدفع مالم يقبضها الفقير أو من له ولاية على الفقير نحو الأب والوصي يقبضان للصبي والمجنون أو من كان في عياله من الأقارب أو الأجانب الذين يعولونه والملتقط يقبض للقيط ولو دفع الزكاة إلى صبي لا يعقل أو مجنون فدفع الصبي إلى أبويه أو وصيه قالوا لا يجوز ولو قبض الصبي وهو مراهق جاز وكذا لو كان يعقل القبض بأن كان لا يرمي به ولا يخدع عنه ولو دفع إلى معتوه فقير جاز ولو دفع قوم إلى زكاة أموالهم إلى من يأخذ الزكاة لنفقة فقير فاجتمع عند الآخذ أكثر من مائتي درهم جاز قالوا كل من أعطى زكاته قبل أن يبلغ ما في يد الآخذ مائتي درهم جازت زكاته ومن أعطى بعدما اجتمع عند الآخذ مائتا ردهم لا يجوز إلا أن يكون الفقير مديوناً هذا إذا كان الآخذ أخذ الأموال بأمر الفقير فإن أخذ بغير أمره جازت زكاة الكل لأن الأخذ إذا لم يكن بأمر الفقير كان الآخذ وكيلاً عن الدافعين فما اجتمع عند الآخذ يكون مال الدافعين فجازت زكاة الكل كما دفع رجل مائتي درهم أو أكثر زكاة ماله إلى فقير واجد ويكره أن يعطي الفقير أكثر من مائتي درهم وإن أعطاه جاز عندنا هذا إذ1 لم يكن الفقير مديوناً فإن كان مديوناً فدفع إليه مقدار ما لو قضى به دينه دون المائتين لا بأس به وكذا
<269>لو لم يكن مديوناً لكن كان معيلاً جاز أن يعطي له مقدار ما لو وزع على عياله يصيب كل واحد منهم دون المائتين والدفع إلى الفقير واحد ما يغنيه عن السؤال في ذلك اليوم أفضل من التفريق على الفقراء ولو وضع الزكاة على كفه فانتهنها الفقير جاز ولو سقط ماله من يده فرفعه فقير فرضي به جاز إن كان يعرفه والمال قائم وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا نوى الرجل أن يعطي فقيراً واحد ليس عليه دين ألف درهم زكاة ماله فجاء المعطي بألف فوزنها مائة مائة كلما وزن مائة دفعا إليه قال يجزيه الألف من الزكاة إذا دفع الألف في مجلس واحد كان حاضراً في المجلس وإن كان الألف غائباً ونوى أن يعطي ألفاً فأتى بمائتي درهم فوزنها ثم بعث إلى ثمانمائة فوزنها له جاز المائتان من الزكاة والباقي تطوع. السلطان الجائر إذا أخذ صدقة الأموال الظاهرة اختلفوا فيه والصحيح ما قاله الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أنه تسقط الزكاة عن أربابها ولا يؤمر بالأداء ثانياً لأن له ولاية الأخذ فصح أخذه وإن لم يضع الصدقة في موضعها وإن أخذ الجبايات أو مالاً بطريق المصادرة ونوى صاحب المال عند الدفع الزكاة اختلفوا فيه قال بعضهم لا يصح وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح أنه يجوز دفع القيمة في الزكاة والنذر (فصل في النذر) رجل قال إن نجوت من هذا الغم فلله علي أن أتصدق بهذه الدراهم خبزاً ثم أراد أن يتصدق بالقيمة لا بالخبر جاز. رجل في يده دراهم فقال لله علي أن أتصدق بهذه الدراهم فلم يتصدق حتى هلكت سقط النذر وإن لم تهلك وتصدق بمثلها جاز أيضاً ولو قال كل منفعة تصل إلى من مالك فلله علي أن أتصدق بها فوهب له فلان شيئاً كان عليه أن يتصدق به كما لو أرسل النذر وإن لم يهب له شيئاً لكن أذن له أن يأكل من طعامه فليس عليه أن يتصدق بشيء لأن في الفصل الأول ملك الناذر ما أضيف إليه النذر فيلزمه الوفاء وأما في الفصل الثاني لم يملك الطعام فلا يلزم التصدق بشيء ولو قال إن فعلت كذا فمالي صدقة في المساكين وله ديون على الناس لا تدخل الديون في النذر ولو قال مالي صدقة على فقراء مكة فتصدق على فقراء(1/132)
<270>بلدة أخرى جاز لأن الصرف إلى الفقير صرف إلى الله تعالى فلم يختلف المستحق فيجوز كما لو نذر بصوم أو صلاة بمكة فصام وصلى ببلدة أخرى جاز عندنا ولو قال إن رزقني الله تعالى مائتي درهم فلله علي زكاتها عشرة فملك مائتي درهم كان عليه زكاة المائتين خمسة وبطل التزام الزيادة لأنه خلاف المشروع ولو قال إن فعلت كذا فألف درهم من مالي صدقة ففعل ذلك وهو لا يملك إلا مائتي درهم الصحيح أنه لا يلزمه التصدق إلا بما يملك لأن فيما لم يملك لم يكن النذر مضافاً إلى الملك ولا إلى سبب الملك فلا يصح كما لو قال مالي في المساكين صدقة وليس له مال لا يلزمه شيء. رجل قال كلما أكلت اللحم فلله علي أن أتصدق بدرهم فعليه بلك لقمة درهم لأن كل لقمة أكلة ولو قال كلما شربت الماء فعلي درهم كان عليه بكل نفس درهم ولا يلزمه بكل مصة درهم. رجل سقط عنه شيء فقال إن وجدته فلله علي أن أقف أرضي هذه على أبناء السبيل فوجده كان عليه الوفاء بالنذر فإن وقف على من يجوز له صرف الزكاة إليه من الأقارب أو الأجانب جاز (فصل في العشر والخراج) الأرض نوعان عشرية وخراجية فأرض العرب كلها عشرية وهي أرض تهامة والحجاز ومكة واليمن وطائف والعمان والبحرين قال محمد رحمه الله تعالى أرض العرب من عذيب إلى مكة وعدن أبين إلى أقصى حجر باليمن بمهرة وسواد العراق وما سقى من أنهار الأعاجم خراجية وحد السواد طولاً من تخوم الموصل إلى أرض عبادان وحده عرضاً من منقطع الجبل من أرض حلو إن إلى أقصى القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب وما سوى ذلك كل بلدة فتحت عنوة ولم يسلم أهلها ومنَّ عليهم فهي خراجية إن كان يصل إليها ماء الخراج وماء الخراج ماء الأنهار التي حفرتها الأعاجم والسيحون الجيحون والدجلة والفرات خراجية في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وكل بلدة فتحت صلحاً وقبلوا الجزية فهي أرض خراج وكل بلدة فتحت عنوة وقسمها الإمام بين الغانمين فهي عشرية وكل بلدة فتحت عنوة وأسلم أهلها قبل أن يحكم الإمام فيهم بشيء كان الإمام بالخيار فيها إن شاء قسمها بين
<271>الغانمين وتكون عشرية وإن شاء عليهم وبعد المنّ كان الإمام بالخيار إن شاء وضع العشر وإن شاء وضع الخراج إن كانت تسقي بماء الخراج وأرض الجبال التي لا يصل إليها الماء عشرية وما أحيي من الموات إن أحيي بماء الخراج فهي خراجية وما لا يبلغها ماء الخراج و أحيي ببئر أو قناة ينظر إلى ما حولها من الأراضي إن كان حولها أرض خراج فهي خراجية وإن كان حولها أرض عشر فهي عشرية وخراج الأرض نوعان خراج مقاسمة وهو أن يكون الواجب شيئاً من الخارج نحو الخمس والسدس وما أشبه ذلك وخراج وظيفة وهو أن يكون الواجب شيئاً في الذمة يتعلق بالتمكن من الانتفاع بالأرض في كل جريب يصلح للزراعة في كل سنة قفيز من الحنطة أو الشعير ودرهم القفيز ثمانية أرطال والدرهم عشرة بوزن سبعة وقد ذكرنا تفسيره والجريب ستون ذراعاً في ستين ذراعاً بذرعان الملك وذراع الملك يزيد على ذراع العامة بقبضة من قبضات الرجل الوسط وفي كل جريب يصلح للرطاب خمسة دراهم وفي جريب الكرم عشرة دراهم عرف ذلك بتوظيف عمال عمر رضى الله عنه وإجازته ما فعل عماله وفي أرض الزعفران والبستان بقدر ما يطيق أو إلى نصف الخارج مقدر بالطاقة ما يطيق أو إلى نصف الخارج مقدر بالطاقة والبستان كل أرض محوطة فيها أشجار متفرقة يمكن زراعة ما وسط الأشجار وليس في الأشجار التي تكون على المسناة شيء فإن كانت الأشجار ملتفة لا يمكن زراعة أرضها فهي كرم فإن كانت الأرض لا تطيق أن يكون الخراج خمسة دراهم بأن كان الخارج لا يبلغ عشرة دراهم يجوز النقصان عن ذلك حتى يصير الخراج مثل نصف وإن كانت الأرض تطيق الزيادة ففي كل بلدة فيها توظيف من الإمام لا يجوز تغييره ولا يزاد في قولهم وإن لم يكن فيها توظيف من الإمام على قول أبي يوسف وهو رواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى ليس للإمام أن يجعل الخراج أكثر من خمسة دراهم وعلى قول محمد رحمه الله تعالى له ذلك. أرض خراجها وظيفة اغتصبها غاصب فإن كان الغاصب جاحداً ولا بينة للمالك إن لم يزرعها الغاصب فلا خراج على أحد وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الزراعة فالخراج على الغاصب وإن كان الغاصب مقراً بالغصب أو كان(1/133)
<272>للمالك بينة ولم تنقصها الزراعة فالخراج على رب الأرض وإن نقصتها الزراعة عند أبي يوسف رحمه الله تعالى الخراج على رب الأرض قل النقصان أو كثر كأنه آجرها من الغاصب بضمان وعند محمد رحمه الله تعالى ينظر إلى الخراج والنقصان فأيهما كان أكثر كان ذلك على الغاصب إن كان النقصان أكثر من الخراج فمقدار الخراج يؤدي الغاصب إلى السلطان ويدفع الفضل إلى صاحب الأرض وإن كان الخراج أكثر يدفع الكل إلى السلطان وفي بيع الوفاء إذا قبض المشتري فالمشتري بمنزلة الغاصب وإن آجر أرضه الخراجية أو أعار كان الخراج على رب الأرض كما لو دفعها مزارعة إلا إذا كان كرماً أو رطاباً أو شجراً ملتفاً فإن إجارته وإعارته باطلة لأن هذه إجارة وقعت على استهلاك العين ولو آجر أرضه العشرية كان العشر على رب الأرض في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه على المستأجر وإن أعار أرضه العشرية فزرعها المستعير عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان وإن استأجر أو استعار أرضاً تصلح للزراعة فغرس المستأجر أو المستعير فيها كرماً أو جعل فيها رطاباً كان الخراج على المستأجر والمستعير في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأنها صارت كرماً فكان خراج الكرم على من جعلها كرماً. وإن غصب أرضاً عشرية وزرعها إن لم تنقصها الزراعة فلا عشر على رب الأرض وإن نقصتها الزراعة كان العشر على رب الأرض كأنه آجرها بالنقصان. باع أرضاً بيضاء خراجية اختلفوا فيه قال بعضهم إن بقي من السنة تسعون يوماً فالخراج على المشتري وإلا فعلى البائع وقال بعضهم إن بقي من السنة قدر ما يتمكن من الزراعة أي زرع ويبلغ الزرع مبلغاً تبلغ قيمته ضعف الخراج الواجب كان الخراج على المشتري وإلا فعلى البائع وقال بعضهم إن بقي من السنة ما يتمكن المشتري أن يزرع فيها الدخن ويدرك أو تبلغ مبلغاً تبلغ قيمته ضعف الخراج الواجب كان الخراج على المشتري واختاروا للفتوى القول الأول ولو اشترى أرض خراج ولم يكن في يد المشتري مقدار ما يتمكن فيه من الزراعة فأخذ السلطان الخراج من المشتري لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع لأنه ظلم
<273>ومن ظلم ليس له أن يظلم غيره. رجل باع أرضاً خراجية فباعها المشتري من غيره بعد شهر ثم باعها الثاني من غيره كذلك حتى مضت السنة ولو يمكن في ملك أحدهم ثلاثة أشهر لإخراج على أحد قالوا الصحيح في هذا أن ينظر المشتري الآخر إن بقي في يده ثلاثة أشهر كان الخراج عليه. رجل باع أرضاً فيها زرع لم يبلغ فباعها مع الزرع كان خراجها على المشتري على كل حال وإن باعها بعدما انعقد الحب وبلغ الزرع ذكر الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إن هذا بمنزلة ما لو باع أرضاً فارغاً وباع معها حنطة محصودة هذا الذي ذكرنا إذا كانوا يأخذون الخراج في آخر السنة فإن كانوا يأخذون في أول السنة على سبيل التعجيل فذلك محض ظلم لا يجب على البائع ولا على المشتري. رجل له قرية في أرض خراج له فيها بيوت ومنازل يستغلها أو لا يستغلها لا يجب فيها شيء وكذلك الرجل إذا كان له دار خطت في مصر من أمصار المسلمين جعلها بستاناً أو غرس فيها نخلاً وأخرجها عن منزلة ليس فيها شيء لأن ما بقي من الأرض تبع للدار وإن جعل كل الدار بستاناً فإن كان في أرض العشر ففيها العشر وإن كان في أرض الخراج ففيها الخراج. من عليه الخراج إذا منع الخراج سنين لا يؤخذ لما مضى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى. السلطان إذا جعل الخراج لصاحب الأرض وتركه عليه جاز في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى خلافاً لمحمد رحمه الله تعالى والفتوى على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كان صاحب الأرض من أخل الخراج وعلى هذا التسويغ للقضاء والفقهاء ولو جعل العشر لصاحب الأرض لا يجوز في قولهم السلطان إذا لم يطلب الخراج ممن هو عليه كان لصاحب الأرض أن يتصدق فإن تصدق بعد الطلب لا يحرج عن العهدة اشترى أرض خراج فجعلها دار أو بني فيها بناء كان عليه خراج الأرض كما لو عطلها وللسلطان أن يحبس غلة أرض الخراج حتى يأخذ الخراج وفي الخراج الوظيفة إذا هلك الخارج فإن هلك الأكثر قبل الحصاد بآفة سماوية لا يمكن دفعها كالحرق والغرق والبرد يسقط الخراج وإن هلك بما يمكن الاحتراز عنه كأكل الدواب ونحو ذلك لا يسقط لأنه هلك(1/134)
<274>بتقصيره وفي أرض العشر إذا هلك الخراج قبل الحصاد يسقط وإن هلك بعد الحصاد فما كان من نصيب رب الأرض يسقط وما كان من نصيب الأكار يبقى في ذمة رب الأرض لأن في نصيب الأكار الأرض بمنزلة المستأجر فكان العشر على صاحب الأرض وخراج المقاسمة بمنزلة العشر لأن الواجب شيء من الخارج وإنما يفارق العشر في المصرف هذا إذا هلك كل الخارج فإن هلك الأكثر وبقي البعض ينظر إلى ما بقي إن بقي مقدار ما يبلغ قفيزين ودرهمين يجب قفيز ودرهم ولا يسقط الخراج وإن بقي أقل من ذلك يجب نصف الخارج وإنما يسقط الخراج بهلاك الخارج إذا لم يبق من السنة مقدار ما يتمكن فيه من الزراعة وإن بقي لا يسقط الخراج ويجعل كأن الأول لم يكن وكذا الكرم إذا ذهب ثماره بآفة إن ذهب البعض وبقي البعض إذا بقي ما يبلغ عشرين درهماً أو أكثر يجب عليه عشرة دراهم وإن كان لا يبلغ عشرين درهماً يجب مقدار نصف ما بقي وكذلك الرطاب. السلطان إذا وهب لرجل خراج أرضه ذكر في السير أنه لا ينبغي له أن يقبل ومصرف خراج الأرض والجزية وما يؤخذ من نصارى بني تغلب للمقاتلة وذراريهم وكل ما يعود منفعته إلى عامة المسلمين نحو الكراع والسلاح والعدة للعدة وعمارة الجسور والقناطر وحفر أنهار العامة وبناء المساجد والنفقة عليها والقضاء والفقهاء. رجل غرس في أرض الخراج كرماً فما لم يثمر الكرم كان عليه خراج أرض الزرع وكذا لو غرس من الأشجار المثمرة كان عليه خراج الزرع إلى أن تثمر الأشجار ومن كان له أرض الزعفران فزرع فيها الحبوب كان عليه خراج الزعفران وكذا إذا قلع الكرم وزرع فيها الحبوب كان عليه خراج الكرم وإذا بلغ الكرم وأثمر إن كان قيمة الثمرة تبلغ عشرين درهماً أو أكثر كان عليه عشرة دراهم وإن كان أقل من عشرين درهماً كان عليه مقدار نصف الخارج فإن كان نصف الخارج لا يبلغ قفيزاً و درهماً لا ينقص عن قفيز ودرهم لأنه كان متمكناً من زراعة الأرض فلا ينقص عما كان وإن كان في أرضه أجمة فيها صيد كثير ليس عليه الخراج وإن كان في أرضه قصب أو طرفاء أو صنوبر
<275>أو خلاف أو شجر لا يثمر ينظر إن أمكنه أن يقطع ذلك ويجعلها مزرعة فلم يفعل كان عليه الخراج وإن كان لا يقدر على إصلاح ذلك لا يجب عليه الخراج وإن كان في أرض الخراج أرض يخرج منها ملح كثير أو قليل فكذلك وكذلك إن قدر أن يجعلها مزرعة ويصل إليها ماء الخراج كان عليه الخراج وإن كان لا يصل إليها ماء الخراج أو كان في الجبل ولم يصل إليها الماء لا يجب الخراج وإن كان في أرض الخراج قطعة أرض سبخة لا تصلح للزراعة أو لا يصل إليها الماء إن أمكنه إصلاحها فلم يصلح كان عليه خراجها وإن كان لا يمكن فلا خراج عليه والدين لا يمنع وجوب الخراج لأنه حق العباد فلا يمنع بالدين. إذا اشترى أرضاً ولم يقبضها أو قبضها ومنعه إنسان عن الزراعة لا يجب عليه خراجها لأن الخراج لا يجب بدون التمكن إذا عجز صاحب الأرض عن الزراعة ولم يجد ما ينفق في عمارتها يدفعها الإمام إلى غيره مزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع وتكون الغلة لصاحب الأرض يؤدي عنها الخراج وإن لم يجد من يستأجرها يبيعها فيكون الأجر لصاحب الأرض يؤدي عنه الخراج وإن لم يجد من يشتري يدفع إليه من بيت المال مقدار ما ينفق في عمارة الأرض قرضاً لأن الإمام مأمور بتثمير مال بيت المال بأي وجه يتهيأ له قالوا هذا في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يبيع ولا يؤاجر لأن ذلك حجر وعنده الحجر على الحر العاقل البالغ باطل وكذلك قرية فيها أراض مات أربابها أو غابوا عنها وعجز أهل القرية عن خراجها فأرادوا التسليم إلى السلطان فإن السلطان يفعل ما قلنا فإن أراد السلطان أن يأخذها لنفسه يبيعها من غيره ثم يشتري من المشتري قوم اشتروا ضيعة فيها كروم وأراض فاشترى أحدهم الكروم والآخر الأراضي فإن أرادوا قسمة الخراج قالوا إن كان خراج الكروم معلوماً وخراج الأراضي كذلك كان الحكم على ما كان قبل الشراء وإن لم يكن خراج الكروم معلوماً وكان خراج الضيعة جملة فإن علم أن الكروم كانت كروماً في الأصل(1/135)
<276>لا يعرف إلا كرماً وما لأراضي كذلك ينظر إلى خراج الكروم والأراضي فإذا عرف ذلك يقسم جملة خراج الضيعة عليهما على قدر حصتيهما. قرية خراج أرضها على التفاوت فطلب من كان خراج أرضه أكثر التسوية بينه وبين غيره قالوا إن كان لا يعلم أن الخراج في الابتداء كان على التساوي أم على التفاوت يترك على ما كان قبل ذلك ومن عليه الخراج أو العشر إذا مات يؤخذ ذلك من تركته وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية يسقط ذلك بالموت ويؤخذ الخراج عند بلوغ الغلة على اختلاف البلدان ولا يحل لصاحب الأرض أن يأكل الغلة حتى يؤدي الخراج (فصل في العشر) في كل ما تخرجه الأرض من الحنطة والشعير والدخن والأرز وأصناف الحبوب والبقول والرياحين والأوراد والرطاب وقصب السكر والذريرة والبطيخ والقثاء والخيار والباذنجان والعصفر وأشياء ذلك لها ثمرة باقية أو غير باقية يجب فيها العشر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قل أو كثر وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يجب العشر فيما لا يبقى من الثمار وفيما يبقى لا يجب ما لم يبلغ خمسة أوسق والوسق ستون صاعاً وإن كان شيئاً لا يوسق كالقطن والزعفران وأشباه ذلك قال محمد رحمه الله تعالى يعتبر فيه خمسة من أقصى المقادير نحو الأحمال في القطن كل حمل ثلثمائة من بالعراقي والأمناء في السكر والزعفران والإفراق في العسل وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعتبر فيه القيمة إن كانت قيمة الخارج مثل قيمة خمسة أوسق من أدنى الموسقات يجب فيه العشر وإلا فلا ولا يجب العشر في التين ولا في الحطب والحشيش والقنب والصنوبر والقصب الفارسي ولا في سعف النخل ولا في الطرفاء ولا في الدلب وشجر القطن والباذنجان ويجب في بزر القنب وبرز الصنوبر ولو جعل أرضه مشجرة أو مقصبة يقطعها ويبيعها في كل سنة كان فيه العشر وكذا ولو جعل فيها القت للدواب ولا يجب العشر فيما كان من الأدوية كالموز والهليلجة ولا في الكندر والصمغ ويجب العشر في العسل إذا كان في أرض العشر وكذا المنَّ إذا سقط على الشوك الأخضر في أرضه وقيل لا يجب فيه العشر لأن الأرض لا تعد لذلك ولهذا وسقط على الأشجار لا يجب العشر في الأراضي الموقوفة وأرض
<277> الصبيان والمجانين إن كانت عشرية وإن كانت خراجية ففيها الخراج وما يجمع من ثمار الأشجار التي ليست بمملوكة كأشجار الجيل يجب فيه العشر وما يستخرج من الجبال إن كان مما ينطبع كالذهب والفضة والصفر والنحاس والحديد يجب فيه الخمس وإن كان مما لا ينطبع كالزرنيخ والكحل والزاج والياقوت والفيروزج والزبرجد لا شيء فيه ولا شيء فيما يستخرج من البجر كالعنبر واللؤلؤ والسمك. رجل في داره شجرة مثمرة لا عشر فيه وإن كانت البلدة عشرية بخلاف ما إذا كانت في الأراضي ويصرف العشر إلى من يصرف إليه الزكاة. المسلم إذا وجد في داره معدن ذهب أو فضة لا شيء فيه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى فيه الخمس وإن وجد في داره ركاز فهو لصاحب الحطة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو لمن وجده وإن وجد في أرضه معدن ذهب أو فضة كان فيه الخمس في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وذكر في الأصل أنه لا شيء فيه. المسلم إذا أعار أرضه العشرية في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى على المستعيران كان المستعير مسلماً وإن كان كافراً فعلى رب الأرض وإن دفع أرضه العشرية مزارعة إن كان البذر من قبل العامل فعلى قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يكون العشر على صاحب الأرض كما في الإجارة وعندهما يكون على الزراع كما في الإجارة وإن كان البذر من قبل صاحب الأرض كان العشر على صاحب الأرض في قولهم وإن غصب أرضاً عشرية وزرعها إن نقصتها الزراعة كان العشر على صاحب الأرض في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن لم تنقصها الزراعة فعلى الغاصب في زرعه. (فصل في خراج الرأس) الجزية تؤخذ من الفقير المعتمل في كل سنة اثنى عشر درهما ومن وسط الحال ضعف ذلك أربعة وعشرون ومن الفائق في الغني ثمانية وأربعون وتكلموا في الفقير ووسط الحال والفائق قال بعضهم من لا يملك مائتي درهم فهو فقير ومن يملك مائتي درهم إلى عشرة آلاف فهو وسط الحال ومن يملك أكثر من عشرة آلاف إلى مالا يتناهى فهو فائق في الغنى والمعتمل هو الذي يقدر على العمل وإن كان لا يحسن الحرفة(1/136)
<278> ومن لا يقدر على العمل ولا يملك مالاً فهو من أهل المواساة لا يؤخذ منه شيء وتجب الجزية على مولى القرشي عندنا. الذمي إذا كان غنياً في بعض السنة فقيراً في البعض قالوا إن كان غنياً في أكثر السنة يؤخذ منه جزية الأغنياء وإن كان على العكس يؤخذ منه جزية الفقراء ولو كان غنياً في النصف فقيراً في النصف يؤخذ منه جزية وسط الحال ولو امتنع أهل الذمة عن أداء الجزية قاتلهم الإمام. الذمي إذا عجل الجزية لسنتين ثم أسلم ير عليه جزية سنة واحدة وإن أدى الجزية في أول السنة ثم أسلم في السنة لا يرد عليه شيء وهذا على قول من يقول بوجوب الجزية في أول السنة وهو الصحيح
(فصل في إحياء الموات) ذكر في شرب الأصل أرض الموات ما لا يعرف لها مالك وهو الصحيح وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أرض الموات أن يفتح الإمام بلدة عنوة ولم يقسم الأراضي بين الغانمين وتركها مهملة أو قسم البعض ولم يقسم البعض فما ترك ولم يقسم يكون مواتاً وعنه في رواية أخرى يقوم الرجل آخر العمران ويصبح صيحة وسطاً فإلى أن يبلغ صوته يكون العمران وما وراء ذلك يكون مواتاً إذا لم يكن مقبرة ولا فناء لأهل القرية وعن محمد رحمه الله تعالى يعتبر الصوت من دور القرية لا من الأراضي العامرة وقال أبو عبد الله الجرجاني رحمه الله تعالى يعتبر الصوت على قدر أذان الناس في العادة من غير أن يجهد نفسه هذا إذا لم يعرف أنها كانت مملوكة لكن لا يعرف المالك في الحال ذكر القاضي الإمام أبو علي السعدي وعن أستاذه لحاكم الإمام رحمهما الله تعالى أنه يجوز للإمام أن يدفعها إلى رجل ويأذن له بالإحياء فتصير لمن أحياها وفي نوادر هشام عن محمد رحمه الله تعالى الأراضي إذا كان لها آثار عمارة من مسناة ونحوها ولها أرباب لكن لا يعرفون أنه لا يسع لأحد أن يحييها وبتملكها أو يأخذ منها تراباً وفي رسالة أبي يوسف إلى هارون رحمه الله تعالى هي لمن أحياها وليس للإمام أن يخرجها من يده وعليه فيها خراجها وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى في القصور الجزية والنواويس الجزية إذا رفع الرجل منها التراب وألقاء في أرضه قال إن
<279> كانت قصوراً أو نواويش خربت قبل الإسلام فهي بمنزلة الموات لا بأس بذلك وإن كانت خربت بعد الإسلام وكان لها أرباب لكن لا يعرفون لا يسع لأحد أن يأخذ منها شيئاً لأنها بمنزلة دورهم وتفسير الأحياء عن محمد رحمه الله تعالى أحياء الأرض لا يكون بالسقي والكراب وإنما يكون باللقاء البذر والزراعة وفي ظاهر الرواية إذا حفر نهرها وكربها وسقاها يكون إحياء وإن كربها ولم يسق أو سقى ولم يكرب لا يكون إحياء وإن حوطها وسمها بحيث يعصم الماء يكون إحياء فأما التحجير لا يكون إحياء وصورة التحجير أن يجيء الرجل إلى أرض موات فيحظر عليها حظيرة ولا يعمرها ولا يحييها فإن فعل بها ذلك فهو أحق بها إلى ثلاث سنين فإن لم يحيها بعد ثلاث سنين فهو والناس فيه سواء لا يكون له حق بعد ثلاث سنين ويحرم التعرض لغيره قبل ثلاث سنين وروى ابن شجاع عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى إذا حفر للموات بئراً أو ساق إليها الماء أو أجرى إليها عيناً فقد أحيا وفي الفتاوي إنما يملك الموات بالأحياء بأحد الأشياء الثلاثة إما أن يبني أو يكرب أو يجري إليها الماء ومن أحيا أرضاً ميتة بغير إذن الإمام لا يملكها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه يملكها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه يملكها وذكر الناطفي رحمه الله تعالى القاضي في ولايته بمنزلة الإمام في ذلك. إذا أحيا رجل مواتاً ليس لها شرب وحفر لها من نهر العامة حافتها غير مملوكة وساق إليها ما يكفيها من الماء ينظر إن كان ذلك لا يضر بالعامة كان له ذلك وإن كان يضر بالعامة ليس له ذلك ولا للإمام إن يأذن له بذلك وكذلك ليس للإمام أن يزيد في النهر العظيم كوة أو كوتين إن كان يضر بالعامة وفي النهر الخاص المملوك ليس له أن يفعل ذلك أضر بصاحب النهر أو لم يضر لأن حافة النهر ملكه فلا يملك حفرها وشقها وفي نوادر ابن رستم للوالي أن يعطي من الطريق الجادة أحداً ليبني عليه إن كان لا يضر بالمسلمين وإن كان يضر فليس له ذلك وليس هذا إلا للخليفة قالوا وللسلطان أن يجعل ملك الرجل طريقاً عند الحاجة ولو بنى في أرض الموات بناء في بعضها أو زرع فيها زرعاً قليلاً كان ذلك إحياء لذلك البعض دون غيره إلا أن يكون ما عمر أكثر من النصف فيكون إحياء(1/137)
<280> الكل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى إذا كان الموات في وسط ما إحياء يكون إحياء للكل وإن كان الموات في ناحية لا يكون إحياء لها. بقي رجل في ملك رجل لا يعرف غارسها ليس لأحد أن يحتطبها بغير إذنه وكذا كل ما كان له ساق كالحشيش والشوك الأحمر ونحو ذلك وإن كان كلأ بأن لم يكن له ساق فلكل أحد أن يأخذها. وإن لم يكن موضع الشجر ملكاً لأحد لكنه ينسب إلى قرية أو إلى أهلها بأن كان فناء لهم فلا بأس بأن يحتطب ما لم يعلم أنه ملك وكذا الزرنيخ والكبريت والثمار في المروج والأدوية ولو كان أرض رجل مملحة فأخذ إنسان من ذلك الماء لاضمان عليه كما لو أخذ ما من حوض إنسان ولو صار الماء ملحاً فلا سبيل لأحد عليه ومن أخذه كان ضامناً لأنه لم يبق ماء بل صار من أجزاء الأرض وكذا النهر إذا انشق فجري الماء بطين واجتمع في أرض إنسان قدر ذراع أو أكثر لم يكن لأحد أن يأخذها من ذلك الطين وإن أخذ كان ضامناً لأن الطين بعدما ما اجتمع في ملكه صار من أجزاء ملكه وفي صيد الأصل إذا جاء السيل بالتراب الكثير واجتمع في أرض إنسان يكون لصاحب الأرض وكذا النحل إذا عسلت في أرض بخلاف الصيد إذا باضت أو أفرخت في أرض إنسان أو شجرة فإن ذلك لا يكون لصاحب الأرض والشجر وكذا الصيد إذا كنس في أرض إنسان وصار بحيث لا يستطيع البراح لا يصير ملكاً لصاحب الأرض وإنما يكون ملكاً لمن أخذه وكذا الصيد إذا رمى ووقع في أرض إنسان ولا يدري من رماه فإنه لا يكون لصاحب الأرض وإنما يكون لمن أخذه وكذا الصيد إذا ضرب صيداً آخر وألقاء في دار إنسان وكذا لو نصب فساطاً فتعلق بها صيد لا يكون لصاحب الفسطاط وإنما يكون لمن أخذه والسمك إذا اجمتع في حوض إنسان أو أجمته بغير احتياله لا يصير ملكاً له وكذلك ماء النهر أو المطر أو الثلج إذا اجتمع في ملك إنسان لا يصير ملكاً له إلا بالإحراز والرجل إذا كان له أرض وبجنب أرضه لرجل شجرة فنبت من عروق تلك الشجرة تالة في أرضه كأنت التالة لصاحب الشجرة ويؤمر بقلعها لأنها من أجزاء ملكه ولو أن رجلاً
<281>أحيا أرضاً كانت مقصبة فزرعها ثم جاء رجل وادعى أنه ملكه ردت عليه لأن الأرض بالخراب لا تزول عن ملك المالك فترد على المالك ويكون الزرع للزراع إلا أن مقدار البذر وأجرة الأجزاء وأشياء ذلك يطيب له ويتصدق بالزيادة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى كما لو غصب أرضاً فزرعها ولو أحيا أرضاً ميتة بإذن الإمام وزرعها بماء العشر ثم باعها مع الزرع قد أدرك فالعشر على البائع وإن كان الزرع بقلا فالعشر على المشتري. (كتاب الحج) الحج مرة واحدة فريضة عند استجماع الشرائط وشرائطه نوعان شرائط الأداء وهي الزمان والمكان والإحرام وشرائط وجوبه. منها اعتدال الحال بالعقل والبلوغ فلا يجب على الصبي ولو حج الصبي كان عليه حجة الإسلام إذا بلغ ولو خرج الصبي إلى الحج فبلغ في الطريق قبل الإحرام ثم أحرم وحج جاز عن حجة الإسلام وكذا لو جاوز الميقات بغير إحرام من مكة أجزاء عن حجة الإسلام ولم يكن عليه بمجاوزة الميقات بغير إحرام شيء لأنه لم يكن من أهل الحج ولا من أهل الإحرام عند المجاوزة ولو أحرم قبل أن يحتلم ثم احتلم قبل الوقوف عرفة وحج لا يجزيه عن حجة الإسلام ولو احتلم ثم رجع إلى الميقات بعد الاحتلام وجدد الإحرام بعد البلوغ قبل الوقوف بعرفة وحج يجزيه عن حجة الإسلام ولو أنه لم يجدد الإحرام بعد البلوغ ومضى في حجته لم يكن ذلك عن حجة الإسلام ولو بلغ الصبي فحضرته الوفاة وأوصى بأن يحج عنه حجة الإسلام جازت وصيته عندنا ويحج عنه وكذا النصراني إذا أسلم قبل الحج وأوصى بأن يحج عنه. ومن شرائط الوجوب الحرية فلا يجب على العبد ولو حج قبل العتق مع المولى لا يجوز عن حجة الإسلام وعليه حجة الإسلام إذا عتق ولو أعتق في الطريق قبل الإحرام فأحرم وحج أجزأه من حجة الإسلام ولو أحرم قبل العتق ثم جدد والإحرام بعد العتق وحج لا يجزيه ذلك عن حجة الإسلام بخلاف الصبي لأن إحرام الصبي لم يكن لازما فجعل كان لم يكن ولا كذلك أحرم العبد لأنه من أهل الالتزام فلا يعتبر تجديده والفقير إذا حج ماشياً ثم أيسر(1/138)
<282>فلا حج عليه. ومن الشرائط سلامة البدن عن الأمراض والعلل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فلا يجب على المقعد والمفلوج والزمن والأعمى وإن ملك الزاد والراحلة وقال صاحباه رحمهما الله تعالى سلامة البدن ليس بشرط فعندهما يجب الإحجاج على هؤلاء وإن عجزوا بأنفسهم وعنده لا يجب الإحجاج والأعمى إذا ملك الزاد والراحلة وإن لم يجد قائداً لا يلزمه الحج بنفسه في قولهم وهل يجب الإحجاج بالمال عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يجب وعندهما يجب وإن وجد قائداً عند أبي حنيفة لا يجب عليه الحج بنفسه كما لا يلزمه الجمعة وعن صاحبيه رحمهما الله تعالى فيه روايتان هما فرقا على إحدى الروايتين بين الحج والجمعة ليس بنادر بل هو غالب فيلزمه الجمعة ولا كذلك القائد إلى الحج والمقعد والمريض الذي عجز عن الحج إذا أمر رجلاً أن يحج هو عنه إن مات قبل أن يبرأ جاز ذلك في قولهم وإن برأ كان عليه إعادة الحج عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يجب. ومن الشرائط الاستطاعة وهي أن يملك مالاً فاضلاً عن مسكنه وفرشه وثياب بدنه وفرسه وسلاحه ونفقة عياله وأولاده الصغار مدة ذهابه وإيابه وإنكفى ذلك الفاضل للزاد والراحلة محملاً أو زاملة أو شق محمل كان عليه الحج ولا تثبت الاستطاعة بعقبة الآجر وهو أن يكتري رجلان يعيراً واحداً يتعاقبان في الركوب يركب أحدهما مرحلة أو فرسخاً ثم يركبه الآخر وكذا لو وجد ما يكتري مرحلة ويمشي مرحلة لم يكن موسراً وقال بعض العلماء إن كان الرجل تاجراً يعيش بالتجارة فملك مالاً مقدار ما ولو دفع منه الزاد والراحلة لذهابه وإيابه ونفقة عياله وأولاده من وقت خروجه إلى وقت رجوعه ويبقى له بعد رجوعه رأس مال التجارة التي كان يتجر بها كان عليه الحج وإلا فلا وإن كان محترفاً يشترط لوجوب الحج أن يملك الزاد والرحلة ذهاباً وإياباً ونفقة أولاده وعياله من وقت خروجه إلى رجوعه ويبقى له آلات حرفته كان عليه الحج وإلا فلا وإن كان صاحب ضيعة إن كان له من الضياع ما لو باع مقدار ما يكفى لزاده وراحلته ذاهباً وجائياً ونفقة عياله وأولاده ويبقى له من الضيعة قدر
<283>ما يعيش بغلة الباقي يفترض عليه الحج وإلا فلا وإن كان حراثاً أكاراً فملك ما لا يكفي للزاد والراحلة ذاهباً وجائياً ونفقة عياله وأولاده من وقت خروجه إلى رجوعه ويبقى له آلات الحراثين من البقر ونحو ذلك كان عليه الحج وإلا فلا هذا إن كان آفاقياً فإن كان مكياً أو كان ساكناً بقرب مكة كان عليه الحج وإن كان فقيراً لا يملك الزاد والراحلة وإن كان الآفاقي فقيراً وتبرع ولده بالزاد والراحلة لا يثبت به الاستطاعة عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وإن كان المترع أجنبياً له فيه قولان وقيل في الأجنبي عنده لا يثبت الاستطاعة قولاً واحداً وله في الولد وقولان. ومن الشرائط أمن الطريق حتى قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى لا أرى الحج فرضاً منذ عشرين سنة حين خرجت القرامطة وهكذا قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله تعالى في سنة ست وعشرين وثلثمائة قيل إنما كان ذلك لأن الحاج لا يتوصل إلى الحج إلا بالرشوة للقرامطة وغيرهم فتكون الطاعة سبباً للمعصية والطاعة إذا صارت سبباً للمعصية ترتفع الطاعة وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إن كان الغالب في الطريق السلامة يفترض الحج وإن كان الغالب هو الخوف والقطع لا يفترض ولو كان بينه وبين مكة يحر فهو كخوف الطريق والسيحون الجيحون والدجلة والفرات أنهار وليست ببحار ولا تثبت الاستطاعة للمرأة إذا كان بينها وبين مكة مسيرة سفر شابة كانت أو عجوزاً إلا بمحرم وهو الزوج أو من لا يجوز نكاحهاً له على التأبيد لرحم أو رضاع أو صهرية ويكون مأموناً عاقلاً بالغاً حراً كان أو عبداً كافراً كان أو مسلماً وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجوز لها المسافرة بغير محرم في رفقة لها فيها نساء ثقات ويجب عليها النفقة والراحلة في مالها للمحرم ليحج بها عند وجود المحرم كان عليها أن يخرج لحجة الإسلام وإن لم يأذن زوجها وفي النافلة لا تخرج بغير إذن الزوج وإن لم يكن لها محرم لا يجب عليها أن تتزوج للحج كما لا يجب على الفقير اكتساب المال لأجل الحج ولا تخرج المرأة إلى الحج في عدة الطلاق أو الموت وكذا ولو وجبت العدة في الطريق في مصر من الأمصار وبينها وبين مكة مسيرة سفر لا تخرج من ذلك المصر ما تنقض عدتها ومن له دار لا يسكنها أو ثياب لا يلبسها(1/139)
<284> كان عليه أن يبيع ويحج بثمنها إن كان بثمنها وفاء بالحج لأنه فاضل عن حاجته ولو كان له منزل يكفيه بعضه لا يلزمه بيع الفاضل لأجل الحج وتكلموا في أن سلامة البدن في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأمن الطريق ووجود المحرم للمرأة من شرائط الوجوب أو من شرائط الأداء فعلى قول من يجعلها من شرائط الوجوب إذا مات قبل الحج لا يلزمه الإحجاج بالمال وعلى قول من يجعلها من شرائط الأداء يلزمه الإحجاج بالمال إذا مات قبل الحج وإذا استجمعت الشرائط يجب الحج واختلفوا أنه يجب مضيقاً أو موسعاً في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وأصح الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجب على الفور حتى لا يباح له التأخير بعد الإمكان إلى العام الثاني وإن أخر كان آثماً وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يجب موسعاً وقد ذكرنا هذا الخلاف في الزكاة والنذور المطلقة وعن محمد رحمه الله تعالى من عليه الحج إذا فرط ولم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض الساعة فيحج وإن كان لا يقدر على قضاء الدين وإن مات قبل أن يقضي دينه قال أرجو أن لا يؤاخذ بذلك ولا يكون آثماً إذا كان من نيته قضاء الدين إذا قدر. الآفاقي ومن كان خارج الميقات إذا قصد مكة لحجة أو عمرة أو لحاجة أخرى لا يجاوز الميقات إلا محرماً. والمواقيت خمسة لأهل المدينة ذو الحليفة ولأهل الشام حجفة ولأهل النجد قرن ولأهل اليمن يلملم ولأهل العراق ذات عرق وميقات المكي ومن كان داخل الميقات للحج الحرم وللعمرة الحل يخرج إلى الحل فيحرم للعمرة عند التنعيم بقرب مسجد عائشة رضي الله تعالى عنها والأفضل للآفاقي أن يحرم من دويرة أهله ويكره أن يحرم بالحج قبل أشهر الحج وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة لأن الإحرام يطول فربما يقع في الحرام ولهذا قالوا يكره أن يحرم من دويرة أهله إذا كان بين منزله وبين مكة مسافة بعيدة وإن أحرم قبل أشهر الحج صح إحرامه عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى. وإذا أراد أن يحرم يتوضأ أو يغتسل والغسل أفضل وينزع المخيط والخف ويلبس ثوبين إزاراً ورداء جديدين أو غسيلين
<285>والجديد أفضل ويقصر شاربه بقلم أظفاره ويدهن بأي دهن شاء مطيباً أو غير مطيب. وأجمعوا على أنه يجوز التطيب قبل الإحرام بما لا يبقى عينه بعد الإحرام وإن بقيت رائحته وكذا التطيب بما يبقى عينه بعد الإحرام كالمسك والغالية عندنا لا يكره في الروايات الظاهرة ثم يصلي ركعتين ويقول بعد السلام اللهم إني الحج فيسره لي وتقبله مني ثم يلبي في دبر الصلاة أو بعدما استوت به راحلته والتلبية في دبر الصلاة عندنا أفضل وصورة التلبية أن يقول لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك وإن شاء قال أن الحمد لك بالنصب وإن شاء بالكسر وعن محمد رحمه الله تعالى الكسر أفضل وهو اختيار الكسائي رحمه الله تعالى لأن فيه تكثير الثناء وكما يجوز التلبية بالعربية يجوز بالفارسية والعربية أفضل ولو قال اللهم ولم يرد عليه قال الشيخ الإمام أبو بكر بن الفضل رحمه الله تعالى وهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الشروع في الصلاة من قال يصير به شارعاً في الصلاة يقول يصير به محرماً ولا يصير محرماً عندنا بمجرد النية ما لم يضم إليها التلبية أو يسوق الهدي ولو لبى ولم ينو لا يصير محرماً في الروايات الظاهرة ويكثر المحرم التلبية في أدبار الصلوات والأسحار وكلما لقي ركباناً أو علا شرقاً أو هبط وادياً ويرفع صوته بالتلبية ويتقي محظورات إحرامه وهي الرفث والفسوق والجدال والجماع وتعرض الصيد بأخذ أو إشارة أو دلالة أو إعانة ولا يلبس مخيطاً قباء أو قميصاً أو سراويل أو عمامة أو قلنسوة أو خفاً إلا أن يقطع الخف أسفل من الكعبين ولا يلبس مصبوغاً بعصفر أو زعفران إلا أن يكون غسيلاً لا ينفض أي لا يجد منها رائحة العصفر والزعفران ولا يغطي وجهه ولا رأسه عندنا ولا يأخذ شعراً ولا ظفراً والحرام من لبس المخيط هو اللبس المعتاد حتى لو اتزر بالقميص أو بالسراويل أو وضع القباء على كتفه وأدخل منكبيه ولا يدخل يديه لا بأس به ولا يشد بلسانه بالزر أو بالخلال لأن يشبه المخيط ولا بأس بأن يستظل بالفسطاط ولا يحك رأسه ولا يزيل التغث عن نفسه(1/140)
<286>ولا يقتل القمل وإذا حك رأسه يحكه برفق روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يحكه ببطون الأصابع كيلاً يؤذي شيئاً من هوام رأسه ولا يتناثر شعره وإن سقط في الوضوء ثلاث شعرات من لحيته يلزمه الصدقة بكف من طعام ولا يغسل رأسه ولحيته بالخطمي لأنه المحرم امرأته ولا يمسها بشهوة فإن فعل كان عليهما الدم وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إنما يجب الدم على المرأة بتقبيل الزوج إذا وجدت ما تجد عند وطء الزوج من اللذة وقضاء الشهوة ولا بأس للمرأة المحرمة أن تلبس المخيط من حرير كان أو من غيره وتلبس الحلي والخف وتكشف وجهها ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل وإن أرخت شيئاً على وجهها تجافي وجهها لا بأس به فدلت المسئلة على أنها لا تكشف وجهها على الأجانب من غير ضرورة ولو حمل المحرم على رأسه شئياً يلبسه الناس يكون لابساً وان كان لا يلبسه الناس كالإجانة ونحوها لا يكون لابساً ولا يمس طيباً بيده وإن كان لا يقصد به التطيب ويكره للمحرم شم الزعفران والثمار الطيبة ولا شيء عليه في ذلك ولا بأس بأن يكتحل بكحل ليس فيه طيب مرة أو مرتين عليه الدم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا بأس بأنه يشد الهميان والمنطقة على نفسه ولا يلبس الجوربين ولا يكره لبس الخز والقصب إذا لم يكن مخيطاً وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى لا ينبغي للمحرم أن يتوسد ثوباً مصبوغاً بالزعفران ولا ينام عليه ولو ادهن بسمن أو شحم لا شيء عليه ولو تطيب بزيت غير مطبوخ واستكثر كان عليه دم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى صدقة ولو داوى بالزيت شقوق رجله أو جرحه لا شيء عليه ولو جعل الملح الذي فيه طيب في طعام قد طبخ وتغير وأكله لا شيء عليه وإن لم يطبخ وريحه يوجد منه يكره ذلك ولا شيء فيه ولو جعل الزعفران غالباً فعليه الكفارة وإن كان الملح غالباً لا كفارة عليه
<287>ولو دخل بينا قد بخر واتصل بثوبه شيء من ذلك لا شيء عليه ولو شم ريحاً تطيب به قبل الإحرام لا بأس به ولو تطيب المريض للتداوي فعليه أي الكفارات شاء ولا بأس للمحرم أن يحتجم أو يفتصد أو يجبر الكسر أو يختتن لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام وكذا ولو اغتسل أو دخل الحمام وإن خضب رأسه بالوسمة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن عليه الدم والوسمة ليس بطيب (فصل فيما يوجب الكفارة والصدقة على الحاج) منها مجاوزة الميقات بغير إحرام الآفاقي إذا جاوز الميقات بغير إحرام حتى رجع إلى الميقات ولبى جاز حجه ويسقط عنه الدم الذي كان واجباً عليه بمجاوزة الميقات بغير إحرام عندنا وإن لم يرجع إلى الميقات حتى أحرم بحجة أو بعمرة ثم رجع إلى الميقات ولبى إن كان ذلك قبل أن يطوف بالبيت جاز حجه ويسقط عنه دم المجاورة وإن رجع إلى الميقات ولم يلب عند الميقات وحج بذلك الإحرام جاز حجه ولا يسقط عنه دم المجاوزة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى جاز حجه ويسقط عنه دم المجاوزة إذا رجع إلى الميقات محرماً لبى عند الميقات أو لم يلب ولو جاوز الآفاق الميقات بغير إحرام ثم أحرم وطاف بالبيت شوطاً أو شوطين لا يسقط عنه الدم الذي كان واجباً بالمجاوزة رجع إلى الميقات أو لم يرجع ولو جاوز الآفاقي الميقات بغير إحرام كان عليه حجة أو عمرة والمكي ومن كان منزله داخل الميقات لا يلزمه بدخول مكة بغير إحرام شيء ولو دخل الميقات لا يلزمه بدخول مكة بغير إحرام شيء ولو دخل الآفاقي مكة بغير إحرام ثم رجع إلى الميقات في تلك السنة وأحرم بحجة الإسلام سقط عنه ما كان واجباً بالمجاوزة ودخول مكة بغير إحرام عندنا وإن لم يخرج من مكة حتى مضت السنة ثم خرج إلى الميقات في السنة الثانية وأحرم بحجة الإسلام وحج يجزيه حجة الإسلام ولا يسقط عنه الدم الذي كان واجباً عليه في العام الأول (فصل فيما يجب على المحرم بارتكاب المحظور) وذلك أنواع منها ما يفسد الحج ويوجب الدم ومنها ما لا يفسد الحج ويوجب الدم ومنها ما يوجب الصدقة ومنها ما يكره ولا يوجب شيئاً أما الأول إذا جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة.(1/141)
<288>فسد حجه ويلزمه الدم يجوز فيها الشاة جامعها ناسياً أو عامداً أو عامداً عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى إن جامعها ناسياً لا يفسد وكذا المعتمر إذا جامع قبل الطواف فسد إحرامه وإذا فسد حجه بالجماع يمضي في الحجة الفاسدة ويفعل فيها ما يفعل في الجائزة ويجتنب عما يجتنب في الجائزة فإن جامعها مرة أخرى في غير ذلك المجلس قبل الوقوف بعرفة ولم يقصد به رفض الحجة الفاسدة يلزمه دم آخر بالجماع الثاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ولو نوى بالجماع الثاني رفض الحجة الفاسدة لا يلزمه بالجماع الثاني شيء ولو جامع امرأته بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجه وعليه جزور جامع ناسياً أو عامداً والوطء في الدبر بمنزلة الوطء في القبل في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وإحدى الروايتن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي رواية عنه الوطء في الدبر لا يفسد الحج وإذا وطيء البهيمة و أنزل كان عليه الدم ولا يفسد حجه وإن لم ينزل لا شيء عليه وإن جامع الحاج أو المعتمر فيما دون الفرج وأنزل أو لم ينزل لا يفسد إحرامه ولا حجه وعليه شاة والمرأة في الجماع بمنزلة الرجل وكذا إذا جومعت نائمة أو مكرهة أو جامعها صبي أو مجنون (فصل فيما يجب بلبس المخيط وإزالة التفث) إذا لبس المحرم ثوباً مخيطاً يوماً كان عليه الدم وإن كان أقل من يوم كان عليه الصدقة نصف صاع من بر وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا لبس لأكثر من يوم كان عليه دم وعن محمد رحمه الله تعالى إذا لبس يوماً إلا ساعة كان عليه من الدم بمقدار ما لبس وإن باشر ما فيه الدم بعذر بأن اضطر إلى تغطية الرأس لخوف الهلاك من البرد أو المرض أو لبس السلاح لأجل المقاتلة كان عليه ما نص الله تعالى عليه في كتابه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك أراد بالنسك الشاة وبالصيام ثلاثة أيام والإطعام طعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ولو طيب المحرم بعض الشارب أو بعض اللحية كان عليه صدقة ولو طيب عضواً كاملاً كالرأس والساق والفخذ عليه دم وفي النوادر إذا طيب مقدار ربع الرأس كان عليه الدم وفي أقل من ذلك عليه الصدقة ولو قص كل الأظافير أو أظافير يد واحدة أو رجل واحدة
<289>عليه الدم ولو قص أقل من يد فعليه الصدقة عندنا لكل ظفر نصف صاع في أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه رحمهما الله تعالى ولو قص خمسة أظافير من يدين أو رجلين عليه الصدقة وقال محمد رحمه الله تعالى عليه الدم ولو انكسر ظفر المحرم وصار بحال لا ينبت فأخذه لاشيء عليه ولو قلم أظافير يد واحدة في مجلس واحدة وأظافير من يد أخرى في مجلس آخر كان عليه كفارتان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى عليه كفارة واحدة. ما لم يكفر الأول وكذا إذا جامعها في مجلسين ولو قلم أظافير اليدين والرجلين في مجلس واحد كان عليه كفارة واحدة ولا يحلق المحرم رأسه فإن حلق كان عليه الدم حلق في الحرم أو في غيره في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى في غير الحرم لا شيء عليه ولو حلق موضع الحجامة كان عليه الدم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى كما في حلق الرقبة وقالا في حلق موضع الحجامة عليه الصدقة ولو أخذ المحرم شعر محرم آخر كان عليه الصدقة ولو حلق الحلال رأس محرم بأمره أو بغير أمره كانت الكفارة على المحرم ولا يرجع بذلك على الحالق وإذا لبس المخيط قبل الإحرام ثم أحرم ولم ينزع فهو بمنزلة ما لو لبس بعد الإحرام ويكره للمحرم أن يدخل تحت ستر الكعبة ولو عصب المحرم رأسه كان عليه الصدقة ولا بأس للمحرم أن يغطي أذنيه أو من لحيته ما دون الذقن ولا يمسك على أنفه بثوب ولا بأس بأن يضع يده على أنفه ولا يغطي فاه ولا ذقنه ولا عارضاً وفي حلق اللحية ونتفها دم حلقها هو أو غيره كما في حلق الرأس وفي حلق العانة دم إن كان الشعر كثيراً وفي الإبط إن كان كثير الشعر يعتبر فيه الربع لوجوب الدم وإلا فالأكثر وإن نتف من رأسه أو من أنفه أو لحيته شعرات فبكل شعرة كف من طعام ولو غطى رجل وجه المحرم وهو نائم كان عليه الدم وإن أخذ المحرم من شاربه يطعم مسكيناً ولو غسل المحرم بأشنان فيه طيب فإن كان من راه سماه أشناناً كان عليه الصدقة وإن كان سماه طيباً كان عليه الدم والصدقة في كل موضع نصف(1/142)
<290>صاع إلا في الجراد والقمل على ما يذكر في المحرم والمحرم إذا قلم أظافير غيره يضمن كما لو حلق رأسه وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يضمن في قلم الأظافير. (فصل فيما يجب بقتل الصيد والهوام) يحرم على المحرم صيد البر وهو الممتنع الوحشي بأصل الخلقة أما الإبل والبقر إذا ندّ وتوحش فليس بصيد وصيد البر ما كان مثواه وتوالده في البر وصيد البحر ما كان على العكس والضفدع ليس من حيوان البر ولا شيء في قتل الكلب العقور والذئب والعقرب والحدأة والغراب قالوا المستثنى هو الغراب الأبقع وما يأكل الجيف وأما ما يأكل الزرع فهو صيد ولا شيء في الحية والعقرب والفأرة والزنبور والنمل والسرطان والذباب والبق والبعوض والبرغوث والقراد وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى الأسد بمنزلة الكلب العقور والذئب وفي ظاهر الرواية السباع كلها صيد إلا الكلب والذئب ولا فرق في الكلب بين العقور وغيره وفي العقور روايتان والظاهر أنه من الصيود لا من الفواسق وفي السنور الوحشي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى روايتان ولا شيء في الدجاج والبط الذي يكون في المنازل وما يطير في الهواء صيد والحمام المسرول صيد وفي المطوقة روايتان والباشق والصقر والبازي صيد معلماً كان أو لم يكن وفي قتل الصيد لا فرق في وجوب الجزاء بين المباح والمملوك ولا شيء في هوام الأرض كالقنفذ والخنفساء ويجب الجزاء في الضب واليربوع وابن عرس وكذا في الفيل والقرد والخنزير قال زفر رحمه الله تعالى في القرد والخنزير لا يجب الجزاء وفي الجراد ثمرة وفي القملة الواحد صدقة يطعم ما شاء وفي القملتين أو ثلاث كف من الحنطة وفي العشر نصف صاع وكما لا يقتل القمل لا يدفعها إلى غيره ليقتل فإن فعل ذلك ضمن وكذا لو أشار إلى القمل أو ألقى ثوبه في الشمس ليهلك أو غسل ثوبه ليهلك ولو ألقى ثوبه في الشمس لا ليهلك القمل فهلك القمل لا شيء عليه وإن ابتدأه السبع فقتله المحرم لا شيء عليه إذا كسر المحرم بيض صيد أو شوى كان عليه قيمته إن لم تكن البيضة مدرة وإن خرج منها فرخ ميتاً كان عليه قيمته حياً ولو ضرب بطن ظبية فطرحت جنيناً ميتاً وماتت الظبية كان عليه ضمانهما ولو قتل ظبية حاملاً يضمن
<291>قيمتها حاملاً ولو عطب الظبي بفسطاط محرم أو حفر المحرم حفيرة للماء فوقع فيها صيد أو فزع الصيد من المحرم فاشتد فهلك لا شيء على المحرم ولو قتل المحرمان صيداً كا على كل واحد منهما جزاء كامل ويحل للمحرم أكل لحم صيد قتله حلال وإن كان فيها صنع المحرم لا يحل ولو اشترى المحرم من محرم صيداً فهلك عند الثاني يضمن البائع والمشتري كل واحد منهما قيمته ولو أحرم وفي قفصه صيد لا يجب عليه إرساله ولو قلع المحرم سن صيد أو نتف ريشه فعاد لا شيء عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى المحرم إذا ذبح صيداً لا يؤكل ولو اضطر إنسان في أكل ميتة وصيد ذبحه محرم يتناول أيهما شاء وما يضمن المحرم بحجة أو عمرة بارتكاب محظور كان على القارن ضعفه لأنه جنى على إحرامين وجزاء الصيد عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى قيمة الصيد يقومه الحكمان في الموضع الذي قبل إن كان يباع في ذلك المكان تعتبر قيمته في أقرب المواضع الذي قتل ثم القاتل في تلك القيمة بالخيار إن شاء اشترى بها هدياً ويذبح بمكة وإن شاء اشترى بتلك القيمة طعاماً يتصدق به على المساكين على كل مسكين نصف صاع من ذلك الطعام وإن شاء نظر إلى قيمة الصيد أنه كم يوجد بها من الطعام ثم يصوم لكل نصف صاع من بر يوماً وقال محمد والشافعي رحمهما الله تعالى إن كان الصيد مما لا مثل له من النعم الخيار فيه إلى الحكمين إذا حكما على القاتل بشيء من هذه الأشياء يتعين عليه ذلك وفيما له مثل من النعم لا خيار فيه للحكمين ويجب على القاتل مثل المقتول في النعامة بدنة وفي حمار الوحش بقرة وفي الضبع والظبي شاة وفي الأرنب عتاق وفي اليربوع جفرة ولا يجوز في جزاء الصيد صغار النعم الأعلى وجه الإطعام فإن بلغت قيمة المقتول جملاً أو عتاقاً لا يجوز الجمل والعناق في الهدي وإنما يجوز إذا بلغت قيمة المقتول قيمة الجذع
العظيم من الضأن أو الثني من غيره وإذا قتل المحرم سبعاً من سباع الوحش أو الطير كان عليه قيمته بالغة ما بلغت كما لو كان المقتول مما يؤكل لحمه وإنا نقول إن الضمان إنما وجب بسبب الإراقة لا بسبب إفساد اللحم فلا يلزمه إلا دم(1/143)
<292>بخلاف المأكول لأن ثمة أفسد اللحم فيجب عليه قيمته ما بلغت وفي الصيد المملوك تجب قيمته بالغة لأن ذلك ضمان الملك فتجب قيمته بالغة ما بلغت بخلاف الجزاء (فصل في كيفية أداء الحج) المحرم بالحج إذا ألقى محظورات إحرامه وقدم مكة فدخلها ليلاً أو نهاراً لا يضر. والمستحب أن يدخلها نهاراً وقال بعض الناس يكره دخولها ليلاً وإذا دخل المسجد الحرام وشاهد البيت يكبر ويهلل ويحمد الله تعالى ثم يبدأ بالحجر فيستقبله ويكبر رافعاً يديه كما يكبر للصلاة ثم يرسلهما ويستلم الحجر وتفسير ذلك أن يضع كفيه على الحجر ويقبل الحجر إن استطاع من غير أن يؤذي أحد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك والحكمة في تقبيل الحجر ما روى عن على رضي الله تعالى عنه أنه قال لما أخذ الله الميثاق على بني آدم من ذريته كتب بذلك كتاباً فجعله في جوف الحجر فيجيء يوم القيامة ويشهد لمن استلمه وإن لم يستطع استلام الحجر من غير أن يؤذي أحداً لا يستلمه لكن يستقبل الحجر ويشير بكفيه نحو الحجر ويكبر ويهلل ويحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقبل كفيه ثم يأخذ عن يمين الحجر ويطوف بالبيت طواف التحية يطوف بالبيت سبعة أشواط من وراء الحطيم من الحجر إلى الحجر شوط يرمل في الثلاثة الأول يعني يهز كتفيه ويرى من نفسه القوة والجلادة ويمشي على هينته في الأربع وكذا في كل طواف بعده سعي فإنه يرمل فيه وكلما مر بالحجر في الطواف يستلمه إن استطاع من غير أن يؤذي أحداً وإن لم يستطع يستقبل الحجر ويكبر ويهلل واستلام الركن اليماني مستحب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وليس بواجب ثم يصلي بعد الطواف ركعتين عند المقام أو حيثما تيسر له من المسجد وإن صلى في غير المسجد جاز وركعتا الطواف عندنا واجبة وإذا فرغ من الصلاة يعود إلى الحجر ويستلمه إن استطاع يستقبل الحجر ويكبر ويهلل وهذا الاستلام لافتتاح السعي بين الصفا والمروة فإن كان لا يريد بعد هذا الطواف السعي بين الصفا والمروة لا يعود إلى الحجر بعد ركعتين الطواف ثم يخرج إلى الصفا من أي باب شاء ويسعى بين الصفا والمروة والسعي بين الصفا والمروة عندنا واجب لو تركه يلزمه الدم وعند الشافعي رحمه الله تعالى ركن
<293>وصفة السعي أن يبدأ بالصفا فيصعد ويستقبل الكعبة ثم يكبر ثلاثاً ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى آخره يرفع بها صوته ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى بحاجته ثم ينزل من الصفا ويمشي إلى المروة على هينته حتى يصل إلى بطن الوادي ثم يسعى في بطن الوادي سعياً فإذا خرج من بطن الوادي يمشي على هينته حتى يصعد المروة فإذا صعدها يستقبل الكعبة ويكبر ويهلل يفعل بالمروة ما يفعل بالصفا يسعى كذلك سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط ومن المروة إلى الصفا شوط عند عامة العلماء رحمهم الله تعالى خلافاً لما قاله البعض فإذا فرغ من العس يدخل المسجد ويصلى ركعتين ثم يقيم بمكة حراماً إلى يوم التروية لا يحل له شيء من المحظورات فما دام بمكة يطوف بالبيت ما بدا له كل طواف سبعة أشواط ثم يروح مع الناس إلى منى يوم التروية بعد صلاة الفجر وطلوع الشمس ويبيت بمنى ويصلى تتمة صلاة الغجر يوم عرفة بغلس ثم يتوجه إلى عرفات فإذا انتهى إليه ينزل في أي موضع شاء وإن خرج منها قبل طلوع الشمس فهو جائز ولو صلى الظهر يوم التروية بمكة ثم خرج منها وبات بمنى لا بأس به وإن بات بمكة وخرج منها يوم عرفة إلى عرفات كان مخالفاً للسنة ولا يلزمه الدم فإذا زالت الشمس من يوم عرفة يتوضأ أو يغتسل والغسل أفضل ثم يصلى الظهر والعصر مع الإمام في وقت الظهر بأذان واحد وإقامتين يؤذن للظهر ويقيم ثم يقيم للعصر بعد الظهر وإن فاتته الجماعة صلى كل صلاة في وقتها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يجمع بين الصلاتين في وقت الظهر خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى ولو صلى الظهر وهو غير محرم بالحج ثم أحرم بالحج فيه روايتان عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية لا يحوز أداء العصر في وقت الظهر إلا أن يكون محرماً عند الظهر والعصر جميعاً وفي رواية يجوز أداء العصر في وقت الظهر إلا أن يكون محرماً عند أداء العصر وهو قولهما وعلى هذا قالوا ينبغي أن يكون محرماً بالحج عند أداء الصلاتين حتى لو كان محرماً بالعمرة عند أداء الظهر ومحرماً بالحج عند أداء العصر لا يجوز له أن يجمع لأن إحرام العمرة لا أثر له في جواز الجمع بين الصلاتين فكان وجوده كعدمه ولو صلى الظهر وحده لا يصلي العصر مع(1/144)
<294>الإمام في وقت الظهر عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لزفر رحمه الله تعالى ويكره التطوع بين الصلاتين لمن يجمع بينهما إماماً كان أو مأموماً فإن تطوع أعاد الأذان لأجل العصر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا يعيد وإذا فرغ الإمام من الصلاتين راح إلى الموقف والناس معه فإن تخلف واحد لحاجته لا بأس به ويقف في أي موضع شاء والأفضل لغير الإمام إن فرغ الإمام من الصلاتين راح إلى الموقف والناس معه فإن تخلف واحد لحاجته لا بأس به ويقف في أي موضع شاء والأفضل لغير الإمام أن يقف عند الإمام والأفضل للإمام أن يقف راكباً فإن وقف قائماً أو جالساً جاز ويكبر ويهلل ويدعو الله تعالى لحاجته ووقت الوقوف من حين تزول الشمس من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر لقوله صلى الله عليه وسلم من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاتته عرفة بليل فقد فاته الحج بين أن الوقت يبقى إلى طلوع الفجر من يوم النحر فإن وقف في شيء منه فقد أدرك الحج وإن وقف في غير هذا الوقت لا يكون مدركاً إلا إذا اشتبه على الناس هلال ذي الحجة وأكملوا ذا القعدة ثلاثين يوماً ثم تبين أن اليوم الذي وقف فيه كان يوم النحر جاز استحساناً والقياس أن لا يجوز كما لو تبين أن يومهم كان يوم التروية وعرفات كلها مواقف إلا بطن عرفة وإذا وقف يحمد الله عز وجل ويكبر ويهلل ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله لحاجته لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل كذلك رافعاً يديه كالمستطعم المسكين والذكر الذي جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روي عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدعاء في هذا الوقت فقال صلى الله عليه وسلم أكثر ما أدعو في هذا اليوم ودعاء الأنبياء قبلي عليهم السلام لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويمييت وهو أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يموت ذو الجلال والإكرام بيده الخير وهو على كل شيء قدير وعن على رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد قوله على كل شيء قدير اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي بصري نوراً وفي سمعي نوراً اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري اللهم إني أعوذ بك من وساوس الصدور وشتات الأمور وشدة القبر فإذا غربت الشمس من يوم
<295>عرفة أفاض الإمام معه على هينتهم نحو المزدلفة ويقال لها المشعر الحرام ويؤخرون المغرب فإذا أتوها ينزلون بها والنزول بقرب الجبل الذي يقال له قزح أفضل ثم يصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء في وقت العشاء بأذان وإقامة وفي أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى بأذان وإقامتين ولا يتطوع بين الفرضين كما لا يتطوع بين الظهر والعصر بعرفات فإذا انفجر الصبح يصلي الفجر بغلس ثم يقف ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويلبي ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى لحاجته. الوقوف بمزدلفة واجب عند العامة ولو ترك يلزمه الدم إلا إذا كان بعذر وقال مالك رحمه الله تعالى هو ركن كالوقوف بعرفة والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر والمستحب هو الوقوف عند جبل قزح ووقت هذا الوقوف ما بعد طلوع الفجر لا قبله لأن قبله ليلة النحر وإنها وقت الوقوف بعرفة على ما ذكرنا وليس في هذا الوقوف دعاء مؤقت وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه كان يقول اللهم إن هذا جمع أسألك أن ترزقني جوامع الخير كله فإنه لا يعطي ذلك غيرك اللهم رب المشعر الحرام ورب الشهر الحرام ورب الحلال والحرام ورب الخيرات العظام أسألك أن تبلغ روح محمد نبينا منا أفضل السلام اللهم أنت خير مطلوب وخير مرغوب ولك في كل وقت جائزة أسألك أن تجعل جائزتي في هذا اليوم أن تقبل توبتي وتتجاوز عن خطيئتي وأن تجمع على الهدى أمري واجعل التقوى من الدنيا همي ثم يمشي على هينته قبل طلوع الشمس إلى منى فإذا أتى منى يأتي جمرة العقبة فيرمها من بطن الوادي بسبع حصياة مثل حصى الخذف لا يكون أطول من النواة ويستقبل في الرمي جمرة العقبة يجعل منى عن يمينه والكعبة عن يساره ويقوم حيث يرمي موضع حصياته ويجوز الرمي بكل ما كان أجزاء الأرض عندنا كالطين والحجر والمدر وكيفية الرمي أن يضع إبهامه على وسط سبابته ويضع الحصاة على رأس إبهامه فيرميها كذلك ويكبر مع كل حصاة لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عند الرمي بسم الله والله أكبر رغماً للشيطان وحزبه ويقطع التلبية عند أول حصاة يرمي بها في الصحيح من الرواية ولا يرمي في ذلك(1/145)
<296>اليوم غيرها هكذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى الأفضل أن يكون هذا الرمي راكباً وما سواه ماشياً وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى الرمي كله راكباً أفضل ولا يقف بعد هذا الرمي حتى يأتي منزله هكذا روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقف بعد الرمي ولم يذكر الذبح بعد هذا الرمي قبل الحلق لأنه مفرد لا يلزمه الذبح ولا أضحية عليه لأنه مسافر فأما القارن والمتمتع يذبحان بعد الرمي قبل الحلق ثم يحلق أو يقصر لأنه جاء أوان الخروج عن الإحرام والخروج إنما يكون بالحلق أو التقصير والحلق أفضل لأنه مقدم على التقصير أن يقطع من رؤوس الشعر قدر أنملة ولا حلق على النساء فإذا حلق أو قصر حل له كل شيء إلا النساء ما لم يطف بالبيت وروي ذلك عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى يحل له الطيب وإن كان لا يحل له النساء والصحيح ما قلنا لأن الطيب داع إلى الجماع وإنما عرفنا حل الطيب بعد الحلق قبل طواف الزيارة بالأثر ثم يطوف بالبيت في يزمه ذلك طواف الزيارة إن استطاع أو من الغد أو بعد الغد ولا يؤخر عن ذلك لأن طواف الزيارة عندنا مؤقت بيوم النحر ويومين بعده والطواف في أول الوقت أفضل اعتباراً بالأضحية فإذا أخر عن وقته قضاه وكان عليه الدم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يلزمه الدم ويطوف بالبيت سبعة أشواط وراء الحطيم ويصلي بعد الطواف ركعتين فيحل له النساء وهذا الطواف يسمى طواف الزيارة وطواف الركن وطواف يوم النحر ولا يرمل في هذا الطواف ولا يسعى بعده بين الصفا والمروة لأن السعي بين الصفا والمروة لا يجب إلا مرة وقد سعى قبل طواف الزيارة فإن لم يكن رمل وسعى في الطواف الأول رمل وسعى في هذا الطواف ويسعى بعده بين الصفا والمروة ثم يرجع إلى منى ولا يبيت بمكة لما روي عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وعاد إلى منى فيقيم بمنى فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني من يوم النحر يرمي الثلاثة يبدأ بالذي تلي مسجد الخيف فيرمي بسبع حصيات مثل حصى
<297>الحذف ويقف حيث يقف الناس ويكبر مع كل حصاة ويحمد الله تعالى ويثني عليه ويهلل ويكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى لحاجته يجعل في ذلك بطن كفيه إلى السماء ثم يأتي جمرة الوسطى فيرميها بسبع حصيات كذلك يقف حيث يقف الناس ويفعل مثل ما فعل في الأول ولم يرو أنه بماذا يدعو بعد الرمي الأولى والوسطى في هذا اليوم وذكر ابن شجاع رحمه الله تعالى أن يقول اللهم اجعل لي حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يقول اللهم إليك أفضت ومن عذابك أشفقت وإليك رغبت ومنك رهبت فتقبل نسكي وارحم تضرعي واقبل توبتي واستجب دعوتي وعظم أجري وأعطني سؤلي ثم يأتي جمرة العقبة فيرمي من بطن الوادي سبعاً ويكبر مع كل حصاة ولا يقوم بعدها في المشهور فإذا كان من الغد وهو اليوم الثالث من النحر يرمي الجمار الثلاثة كذلك حتى تزول الشمس ثم ينفر إن أحب في يومه ذلك ويسقط عنه الرمي في اليوم الرابع لقوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وإن أحب أن يمكث هناك تلك الليلة فمكث حتى طلع الفجر لا يمكنه أن ينفر في هذا اليوم حتى يرمي بعد الزوال لذلك فيكون جملته سبعين حصاة سبعة في يوم الأضحى ثم بعد ذلك في كل يوم أحداً وعشرين في ثلاثة أيام وإن نفر قبل طلوع الفجر من اليوم الرابع لا يلزمه الدم في رواية وإن أقام حتى طلع الفجر من اليوم الرابع ويلزمه الرمي فيرمي قبل الزوال جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى ويبيت هذه الليالي بمنى ولا يبيت بمكة اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويكره أن يقدم الإنسان ثقله إلى مكة ويقيم بمنى حتى يرمي الجمار لأن ذلك يشغل قلبه فلا يرمي الجمار على وجهها ثم يأتي الأبطح فينزل به ساعة هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمى هذا الموضع أبطح ومحصباً وخيفاً ثم يطوف بالبيت سبعة أشواط طواف الصدر ولا يرمل فيها ويسمى هذا الطواف طوف الصدر وطواف الوداع وطواف الإفاضة وطواف آخر العهد بالبيت فإذا طاف يصلي ركعتين وهذا الطواف واجب إلا على أهل مكة ويسقط بعذر(1/146)
<298>فإذا طاف وصلى ركعتين تم حجه وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه إذا صلى بعد طواف الصدر ركعتين يأتي زمزم فيشرب من ماء زمزم ويصب على رأسه ثم يأتي الملتزم ويكبر ويهلل ويحمد الله تعالى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى لحاجته ويضع خده على حائط الكعبة ويتشبث بأستار الكعبة هكذا روي عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي عنهم أنهم كانوا يفعلون كذلك ووقت الرمي بعد طلوع الفجر من يوم النحر إلى غروب الشمس في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإن آخر إلى الليل رماه في الليل ولا شيء عليه وإن أخره إلى الغد رماه وعليه الدم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ثم لا يدخل وقت الرمي في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق حتى تزول الشمس في المشهور من الرواية وفي اليوم الثالث من أيام التشريق يجوز الرمي قبل الزوال في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يجوز وإن لم يرم الجمار كان عليه الدم لترك الواجب
(الواجبات التي يجب بها الدم على الحاج خمسة) السعي بين الصفا والمروة والوقوف بمزدلفة ورمي الجمار والحلق أو التقصير وطواف الصدر على الآفاقي وأول وقت طواف الزيارة عندنا بعد طلوع الفجر من يوم النحر وآخر وقته في رواية المبسوط آخر أيام النحر فإن أخر عنها لا شيء عليه عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى عليه الدم والطواف بالبيت ماشياً أفضل ولو طاف طواف الزيارة محدثاً أو جنباً خرج عن إحرامه يحل له النساء حتى لو جامع بعد ذلك لا يفسد حجه إلا أنه لو طاف محدثاً كان عليه شاة ون طاف جنباً كان عليه بدنة وإن طاف أكثر الطواف بأن طاف أربعة أشواط كذلك فهو كما لو طاف كل الطواف فإن أعاد الطواف بعد أيام النحر لا يسقط عنه الدم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه يسقط وإن طاف بالبيت تطوعاً على غير طهارة عن محمد رحمه الله تعالى أنه يلزمه الصدقة وقال بعض مشايخ العراق رحمهم الله تعالى يلزمه الدم وإن طاف للصدر على غير وضوء ذكر في النوادر عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه عليه الصدقة وذكر بعض الروايات أن عليه دماً وعلى قولهما
<299>عليه الصدقة ولو طاف للزيارة مكشوف العورة بقدر ما يمنع الصلاة جاز وعليه دم ولو طاف وعلى ثوبه نجاسة أكثر من قدر الدرهم لا شيء عليه ومن اجتاز بعرفات وهو نائم أو مغمى عليه أجزأه عن الوقوف وإن حدث به ذلك قبل الإحرام فأهل عنه أصحابه جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يجوز ولو أمر أصحابه قبل النوم أو الإغماء أن يحرموا عنه إذا نام أو أغمي عليه فأحرموا عنه جاز في قولهم حتى لو أفاق أو استيقظ من منامه فأتى الحج جاز ولو أحرم بالحج ثم أغمي عليه وطافوا به حول البيت على بعير وأوقفوه بعرفات ومزدلفة ووضعوا الأحجار في يده ورموا بها وسعوا به بين الصفا والمروة جاز وعن محمد رحمه الله تعالى في المحرم إذا أغمي عليه يمم إذا طيف به تشبيهاً بالمتوضئين وعنه أيضا ولو رمي عنه الأحجار ولم يحمل إلى موضع الرمي جاز والأفضل أن يرمي بالجمار بيده ولا يجوز أن يطاف عنه حتى يحمل إلى الطواف ويطاف به وكذا الوقوف بعرفة. إذا حج الرجل بأهله وولده الصغير قالوا يحرم عن الصغير من كان أقرب إليه حتى لو اجتمع والد وأخ يحرم عنه الوالد دون الأخ. إذا لم يطف الرجل طواف الزيارة وطواف الصدر هذه المسئلة على وجوه إن طاف أحدهما جنباً أو محدثاً فهو على وجوه أربعة إن طاف طواف الزيارة وطواف الصدر كلاهما على غير وضوء فإن طاف كلاهما جنباً ورجع إلى أهله كان عليه بدنة لطواف الزيارة وشاة لطواف الصدر ولو طاف كلاهما على غير وضوء فعليه لطواف الزيارة دم ولطواف الصدر صدقة في عامة الروايات وفي بعض الروايات دم والأول أصح وإن طاف للزيارة جنباً وطاف للصدر على غير وضوء يصير طواف الزيارة وعليه دم لترك طواف الصدر ودم للتأخير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن طاف طواف الزيارة على غير وضوء وطاف للصدر جنباً فعليه دماً في قولهم دم لطواف الزيارة ودم لطواف الصدر وإن ترك أحد الطوافين فهو على ثمانية أوجه إن ترك كلا الطوافين فهو حرام على الرجال والنساء أبداً وعليه أن يرجع ويطوف طواف الزيارة وطواف الصدر وعليه لتأخير طواف الزيارة دم في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا شيء عليه لتأخير طواف الصدر لأنه غير(1/147)
<300> مؤقت والثاني إذا ترك طواف الزيارة خاصة و طاف طواف الصدر فطواف الصدر يكون للزيارة وعليه لترك طواف الصدر دم وإن ترك طواف الصدر خاصة فعليه لتركه دم وإن ترك من طواف الزيارة أكثره بأن طاف ثلاثة أشواط وطاف طواف الصدر كانت الأربعة الأشواط من طواف الصدر لطواف الزيارة وعليه دم للتأخير في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ودم لتركه أربعة أشواط من طواف الصدر في قولهم وإن ترك من طواف الزيارة ثلاثة أشواط فعليه صدقة للتأخير وصدقة لترك الثلاثة من طواف الصدر وإن ترك من طواف الصدر أربعة أشواط كان عليه دم لأن ترك الأكثر كترك الكل وإن ترك الأقل كان عليه صدقة وإن ترك من كل واحد منهما أربعة أشواط صار الكل للزيارة وهو ستة أشواط و عليه لترك الباقي من طواف الزيارة دم ولترك طواف الصدر دم و إن طاف لكل واحد منهما أربعة أشواط فإن نقصان طواف الزيارة يجبر بطواف الصدر و عليه لتأخيره صدقة و لنقصان طواف الصدر صدقة وإن طاف للزيارة أربعة أشواط و لم يطف للصدر يجوز حجة عندنا وعليه شاتان شاة لنقصان تمكن في طواف الزيارة وشاة لترك الطواف الصدر ويبعث بهما فيذبحان في العام الثاني بمنى وكل طواف يوجد في وقته يكون عنه وإن نواه تطوعاً أو عن غيره مثاله المحرم بحجة إذا قدم مكة وطاف بها تطوعاً كان للقدوم وإن كان محرماً بعمرة فطوافه للعمرة وإن كان قارناً فطوافه أولاً يكون للعمرة ثم للحج وكذا لو طاف في وقت طواف الزيارة كان للزيارة وإن لم ينو ذلك ولا بد من النية ولا يعتبر الجهة حتى لو طاف بالبيت طالباً للغريم أو هارباً من العدو لا يعتبر طوافه بخلاف الوقوف بعرفة فإنه يكون واقفاً وإن لم ينو ولو طاف ثلاث مرات أو خمس مرات أو سبع مرات كل مرة سبعة أشواط وصلى بعد ذلك لكل أسبوع ركعتين جاز ولو طاف في الأوقات التي يكره فيها الصلاة نحو وقت طلوع الشمس وعند الاستواء وعند الغروب يجوز الطواف ولا يصلي إلا في الوقت الذي تحل فيه الصلاة. المرأة إذا حاضت في الحج إن حاضت قبل أن تحرم وانتهت إلى الميقات فإنها تغتسل وتحرم وإذا قدمت مكة وهي حائض تصنع كما يصنع الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت
<301> ولا تسعى بين الصفا والمروة وتشهد جميع المناسك ولا تحلق لكنها تقصر وإن حاضت يوم النحر قبل أن تطوف بالبيت فليس لها أن تنفر حتى تطهر وتطوف بالبيت وإن حاضت بعد ما رأت البيت وطافت جاز لها أن تنر وليس عليها طواف الصدر (فصل في العمرة) العمرة عندنا ليست واجبة ووقتها جميع السنة إلا خمسة أيام تكره فيها العمرة لغير القارن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا أحرم للعمرة يوم عرفة قبل الزوال لا يكره ويجوز تكرارها في السنة الواحدة عندنا ويجتنب المحرم بالعمرة ما يجتنب المحرم بالحج ويفعل في إحرامه وطوافه وسعيه بين الصفا والمروة ما يفعله الحاج وإذا
طاف وسعى وحلق يخرج من إحرام العمرة ويقطع التلبية كما استلم الحجر في أصح الروايات وركن العمرة شيئان الإحرام والطواف في البيت وواجبها شيئان السعي بين الصفا والمروة والحلق وليس عليه ما سوى ذلك من رمي الجمار والوقوف بعرفة وطواف التحية والصدر والبيتوتة بمنى والمزدلفة المحرم بالعمرة إذا أحرم بالحج إن أحرم قبل أن يطوف لعمرته يكون قارناً وكذا لو أحرم بعدما طاف لها شوط أو شوطين أو ثلاثاً وإن أحرم بعدما طاف لها أربعة أشواط كان ممتعاً رجل لبى بحجة فنوى بقلبه العمرة أو لبى بعمرة ونوى الحج أولى بهما جميعاً ونوى بأحدهما أولى بأحدهما ونوى كلاهما روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن العبرة لما نوى (فصل في القران) المحرمون أربعة المفرد بالحج والمفرد بالعمرة والقارن والممتع أما المفرد بالحج والعمرة فقد ذكرنا وأما القارن فالقارن من يجمع بين الحج والعمرة في الإحرام يقول لبيك بعمرة وحجة وإذا أراد الرجل القران يتأهب للإحرام كما يتأهب المفرد يتوضأ أو يغتسل ويصلي ركعتين ويقول بعد السلام اللهم إني أريد العمرة والحج ثم يلبي فيقول لبيك بعمرة وحجة معاً قدم محمد رحمه الله تعالى العمرة في الذكر لأنها مقدمة في كتاب الله تعالى قال الله عز وجل فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ثم يبدأ بأفعال العمرة فإذا دخل مكة يطوف في البيت لعمرته سبعة أشواط كما يطوف المفرد ويسعى بين الصفا والمروة ولا يحلق رأسه ولا يحل بل يخرج إلى(1/148)
<302> عرفات ويقف ثم يطوف بالبيت للحج ويسعى للصفا والمروة عندنا يطوف القارن طوافين ويسعى لهما سعيين أحدهما للعمرة والثاني للحج ثم يأتي بسائر ما يفعله المفرد بالحج فإذا رمى جمرة العقبة يوم النحر يذبح دم القران وهذا الدم نسك من المناسك يتوقت بأيام النحر ويباح له أن يتناول منه عندنا ويجوز فيه الشاة و الاشتراك في البقرة أفضل من البقرة كما في الأضحية وإن كان القارن ساق الهدى مع نفسه كان أفضل ثم يحلق أو يقصر فيتحلل وإن لم يطف القارن لعمرته حتى وقف بعرفات بعد الزوال عندنا يصير رافضاً لعمرته ولا قران لأهل مكة ومن كان في منزلة بين الميقات ومكة ولو أحرم بحجتين عند الميقات أو عند غيره لزمتاه جميعاً في قول أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله تعالى وكذا لو أحرم بعمرتين لزمتاه وقال محمد رحمه الله تعالى لا يلزمه إلا إحدى الحجتين وإحدى العمرتين وعلى هذا الخلاف إذا أحرم بحجة ووقف بعرفة ثم أحرم بحجة أخرى عندهما يلزمه الثانية أيضاً وعند محمد رحمه الله تعالى لا يلزمه الثانية وإذا صار محرماً لهما كيف يفعل قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا اشتغل بعمل إحداهما تر تفض الثانية فإذا فرغ من الأولى في فصل الحج يقضي الثانية في العام الثاني وفي فصل العمرة يقضي الثانية في ذلك العام لأن تكرار العمرة في سنة واحدة جائز بخلاف تكرار الحج وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى كما قال لبيك بحجتين أو قال لبيك بعمرتين يصير محرماً بهما جميعاً وترتفض إحداهما في مكانة قبل أن يشتغل بعمل إحداهما إذا قال لله علي أن أحج في هذا العام ثلاثين حجة لزمه الكل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى المكي إذا خرج إلى الميقات وأحرم بحجة وعمرة معاً فإنه يرفض العمرة في قولهم ولو طاف للعمرة شوطاً أو شوطين ثم أحرم بحجة فإنه يرفض الحجة ثم يقضيها بعد العمرة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقالا أنه يرفض العمرة ولو كان طاف لعمرته أربعة أشواط ثم أحرم بحجة فإنه يرفض الحجة باتفاق ويمضي في عمرته ثم يقضي الحج في عامه ذلك إن بقي وقت الحج عن محمد رحمه الله تعالى إن خرج الرجل إلى السفر يريد الحج فأحرم ولم تحضره النية قال هو حج قيل له
<303> فإن خرج ولا نية له ولم ينو شيئاً قال له أن يجعل له ما شاء ما لم يطف بالبيت فإذا
طاف بالبيت فهي عمرة وعن محمد رحمه الله تعالى رجل قال لله علي المشي إلى بيت الله ثلاثين سنة قال عليه ثلاثون حجة ولو قال على المشي إلى بيت الله ثلاثين شهراً أو قال أحد عشر
شهراً أو قال عشرة أشهر قال عليه عمرة واحدة وإنما استحسنت ذلك في السنين لمكان العرف رجل قال وهو بخراسان علي المشي إلى بيت الله إن كلمت فلاناً بالكوفة فكلم فلاناً بالكوفة قال عليه المشي إلى بيت الله من خراسان رجل قال أنا محرم بحجة إن فعلت كذا ففعل كان عليه حجة وكذا لو ذكر العمرة ولو قال أنا أهدي إلى بيت الله إن فعلت كذا ففعل لا يلزمه شيء إذا أحرم بشيء ونسيه يلزمه حجة وعمرة وإن أحرم بشيئين ونسيهما في الاستحسان يلزمه حجة وعمرة ويحمل أمره على القران رجل أوجب على نفسه الحج ماشياً قال إن شاء مشى وإن شاء ركب وإهراق دماً وقال في الجامع الصغير عليه الحج ماشياً وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن الحج راكباً أفضل من الحج ماشياً وفي ظاهر الرواية الحج ماشياً أفضل فعلى رواية الحسن إذا نذر أن يحج ماشياً فحج راكباً يخرج عن النذر وفي ظاهر الرواية يلزمه الحج ماشياً ثم اختلف الصحابة رضي الله عنهم أنه متى يركب قال بعضهم يركب إذا طاف للزيارة وقال مالك رحمه الله تعالى يركب بعدما طاف للصدر وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنه يركب بعدما وقف ثم اختلفوا أنه من أي موضع يلزمه المشي قال بعضهم من الميقات والصحيح أنه يمشي من بيته فإن ركب في الكل أراق دماً وإن ركب في الأقل فعليه بقدر ذلك من قيمة الشاة صدقة رجل قال علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو قال علي زيارة بيت الله يلزمه حجة أو عمرة ماشياً ولو قال علي الذهاب إلى بيت الله أو علي الخروج إلى بيت الله أو الخروج إلى الكعبة أو إلى بيت المقدس أو إلى المدينة لا يلزمه شيء ولو قال علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة لا يلزمه شيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو
يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى هذا وما لو قال علي المشي إلى بيت(1/149)
<304> الله سواء ولو قال علي المشي إلى المسجد الحرام ذكر في الأصل أنه على هذا الخلاف أيضاً رجل قال لله علي حجتان في هذه السنة كان عليه حجتان وكذا لو قال لله علي عشر حج في هذه السنة كان عليه عشر حجج في عشر سنين وكذا لو أوجب على نفسه مائة حجة لزمته قال علي الرازي رحمه الله تعالى عليه بقدر ما يعيش من السنين وهكذا روى عن محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ولو قال لله علي نصف حجة قال محمد رحمه الله تعالى يلزمه حجة كاملة وكذا لو قال لبيك بحجة لا أطوف بها طواف الزيارة ولا أوقف بعرفة يلزمه حجة كاملة إذا علق الحج بشرط ثم علقه بشرط آخر ووجد الشرطان تكفيه حجة واحدة إذا قال في اليمين الثانية فعلي ذلك الحج (فصل في التمتع) التمتع أفضل من الإفراد والقران أفضل من الكل وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية الإفراد أفضل من التمتع وقال الشافعي رحمه الله تعالى الإفراد أفضل من الكل الممتع عندنا من يأتي بأعمال العمرة أو يطوف أكثر طوافها في أشهر الحج ثم يأتي الحج ويحج من عامه ذلك قبل أن يلم بينهما إلماماً صحيحاً وإن أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج وطاف لها في أشهر الحج وحج في عامه ذلك عندنا يكون ممتعاً لأن أداء أفعال العمرة في أشهر الحج بمنزلة ابتداء الإحرام في أشهر الحج ولو اعتمر في أشهر الحج ثم أفسدها وأتمها على الفساد وحج من عامه ذلك لا يكون ممتعاً لأنه لم يتم العمرة ولو قضى العمرة الفاسدة وحج من عامه ذلك إن قضاها قبل أن يرجع إلى الميقات لا يكون ممتعاً في قولهم لأنه لم يتم العمرة ولو قضى الفاسدة بعدما رجع إلى الميقات يكون ممتعاً ولو لم يقض الفاسدة حتى إلى موضع لأهله المتعة والقران ثم عاد وقضى العمرة الفاسدة وحج من عامه ذلك قال أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يكون ممتعاً إلا أن يرجع إلى أهله ثم يعود محرماً بالعمرة ولو خرج إلى الميقات قبل أشهر الحج ثم رجع يكون محرماً قي قولهم وكما لا قران لأهل مكة ومن كان في معناهم لا متعة لهم ويجب الدم على القارن والمتمتع شكراً لما أنعم الله عليه بتيسير الجمع بين العبادتين إذا أحرم بالعمرة وطاف لها بعض الطواف في رمضان
<305>وبعضه في شوال ثم حج من عامه ذلك فإن كان أكثر الطواف العمرة في شوال كان ممتعاً وعليه دم المتعة وإن كان أكثر طوافها في رمضان لا يكون ممتعاً ولو طاف لها ثلاثة أشواط في شوال ثم رجع إلى أهله ثم عاد إلى مكة وطاف ما بقي وحج من عامه ذلك فإن كان أكثر الطواف في السفر الأول لا يكون ممتعاً لأنه قد ارتفع له نسكان في سفرين وإن كان أكثر الطواف في السفر الثاني يكون ممتعاً ولو طاف للعمرة على غير وضوء في رمضان ثم أعاد الطواف في شوال وحج من عامه ذلك لا يكون ممتعاً الممتع إذا لم يسق الهدى مع نفسه فلما فرغ من أفعال العمرة يتحلل وإن ساق هدى المتعة يبقى محرماً لم يفرغ من أفعال الحج
(فصل في فائت الحج) من فاته الوقوف بعرفة في وقت الوقوف فاته الحج و فائت الحج يتحلل عن إحرام الحج بعمل العمرة وعليه الحج من قابل ولا دم عليه عندنا لأنه لم يرتكب الجناية وقد أتى بأحد موجبي الإحرام فإن كان قارناً يطوف للعمرة ويسعى ثم يطوف طوافاً آخر لفوات الحج ويسعى ويحلق ويبطل عنه دم القران وليس على فائت الحج طواف الصدر
(فصل في الإحصار) المحصر هو المحرم بالعمرة أو الحج إذا منع عن الوصول إلى البيت لمرض أو عدو كافر أو مسلم وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا إحصار إلا بالعدو وحكمه أن يبعث بهدى واحد شاة أو بقرة أو بدنة أو يشترك في بدنة أو بقرة والبدنة أفضل ويجوز فيها ما يجوز في الأضحية فإن كان قارناً يبعث بهديين ويواعدهم أن ينحروا عنه في الحرم يوم النحر فإذا نحر حل له كل شيء وهذا الدم موقت بالحرم عندنا وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجوز في الموضع الذي أحصر وليس على المحصر حلق ولا تقصير ثم إن كان محرماً بالعمرة عليه قضاء العمرة إذا قدر وإن كان محرماً بحجة فعليه حجة وعمرة أما قضاء الحج فإن كان ذلك حجة الإسلام فعليه أداؤها وإن كان محرماً بحجة التطوع عليه قضاؤها لأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها وأما قضاء العمرة فلأنه لما عجز عن الحج بعد الشروع صار كفائت الحج وفائت الحج تلزمه العمرة فكان عليه قضاء العمرة إذا بعث المحصر بالهدي(1/150)
<306> إن شاء أقام في مكانه وإن شاء رجع ويجوز ذبح هدي الإحصار قبل يوم النحر في العمرة والحج جميعاً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يجوز في الحج المحصر إذا لم يجد الهدي فهو محرم إلى أن يجد أو يطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا لم يجد الهدي يقوم الهدي بالطعام ويتصدق به فإن لم يجد ذلك صام لكل نصف صاع يوماً ولا يكون الحاج بعد الوقوف بعرفة محصراً ولا يكون محصراً في الحرم إذا أمكنه الطواف في البيت وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كان بمكة عدو غالب يمنعه من الطواف فهو محصر ولو أحصر بعد الوقوف بمزدلفة ودم لترك الرمي ويطوف طواف الزيارة وعليه دم لتأخيره ودم لتأخير الحلق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ليس على أهل مكة حكم الإحصار اليوم لأنها دار الإسلام بخلاف زمن النبي صلى الله عليه وسلم وإذ أبعث بالهدى والحج جميعاً لزمه المضي في الحج وإن قدر على درك الحج دون الهدي لا يلزمه المضي استحساناً وهذا التقسيم يتأتى على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده يجوز ذبح دم الإحصار قبل يوم النحر فأما على قول صاحبيه رحمها الله تعالى لا يجوز الذبح فلا يتأتى في العمرة ولو كان الإحصار بالمرض فزال المرض فهو والأول سواء ولو سرقت نفقة الحج عن محمد رحمه الله تعالى قال إن قدر على المشي لا يكون محصراً وإن لم يقدر يكون محصراً فيجوز أن يلزمه ابتداء كالفقير إذا شرع في الحج تطوعاً يلزمه الإتمام وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن قدر على المشي للحال لكنه يخاف أن يعجز يكون محصراً القارن إذا أحصر فبعث بهدي واحد للتحلل عن الإحرامين لا يصح ولا يتحلل به لأن أوان الخروج عن الإحرامين في حقه واحد وبالهدي الواحد لا يتحلل عنهما وإن بعث بهديين لا يحتاج إلى أن يعين
<307>هذا للعمرة وهذا للحج المرأة إذا أحرمت بالحج تطوعاً فمنعها زوجها فهي محصرة وللزوج أن يحللها بما هو من محظورات الإحرام ولا يثبت التحلل ههنا بقول الزوج حللتك ولو أحرمت بحجة الإسلام وليس لها محرم فهي محصرة ولا تتحلل ههنا إلا بالهدي وإذا أحرم العبد أو الأمة بغير إذن المولى فللمولى أن يحللهما بغير هدي ويجب القضاء بعد العتق ولو أحرم بإذن المولى ثم أحصر لا يجب دم الإحصار على المولى ويجب على العبد بعد الإعتاق (فصل في الحج عن الميت) إذا حج عن الميت بأمره هل يسقط الحج عن المحجوج عنه اختلفوا فيه قال بعضهم لا يقع الحج عن المحجوج عنه ويكون له ثواب النفقة لا غير وقال بعضهم يقع عن المحجوج عنه وهو الصحيح لأن الآثار تدل عليه ولهذا تشترط النية عن المحجوج عنه ويذكر الحاج في التلبية فيقول اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله منى ومن فلان وسئل الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل عن هذا فقال ذاك معلق بمشيئة الله تعالى كما قال محمد رحمه الله تعالى قالوا وينبغي أن يكون الحاج رجلاً حج مرة. مريض أو شيخ دفع إلى رجل مالاً ليحج عنه حجة الإسلام أراد أن ما يفضل عن الحج من النفقة والثياب وغير ذلك يكون للمدفوع إليه قال ابن شجاع رحمه الله تعالى الحيلة في ذلك أن يقول دافع المال للمدفوع إليه وكلتك أن تهب الفضل من نفسك وتقبضه لنفسك فيهبه من نفسه وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا أمر غيره بأن يحج عنه ينبغي أن يفوض الأمر إلى المأمور فيقول حج عني بهذا المال كيف شئت إن شئت حجة وإن شئت حجة وعمرة وإن شئت قراناً والباقي من المال مني لك وصية كيلاً يضيق الأمر على الحاج ولا يجب عليه رد ما فضل إلى الورثة. رجل خرج إلى الحج ومات في الطريق وأوصى بأن يحج عنه إن فسر شيئاً فالأمر على ما فسر إلى مكة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يحج عنه من حيث مات وإن جاوز المأمور وهو الوصي المكان الذي مات فيه ثم أمر(1/151)
<308>رجلاً ليحج عنه ودفع إليه المال لا يجوز في قولهم ولو قال الميت للوصي ادفع المال إلى من يحج عني لم يكن للوصي أن يحج بنفسه ولو أوصى الميت أن يحج عنه ولم يرد كان للوصي أن يحج بنفسه فإن كان الوصي وارث الميت أو دفع المال إلى وارث الميت ليحج عن الميت فإن أجازت الورثة وهم كبار جاز وإن لم يجيزوا لا يجوز لأن هذا بمنزلة التبرع بالمال. المأمور بالحج إذا خرج قبل أيام الحج كان له أن ينفق من مال الميت إلى بغداد وإلى الكوفة وإلى المدينة وإلى مكة وإذا أقام ببلدة ينفق من مال نفسه حتى يجيء أوان الحج ثم يرتحل وينفق من مال الميت ليكون المأمور منفقاً من مال الميت الآمر في الطريق ويكون ضامناً لما أنفق من مال الميت في إقامته هذا إذا أقام ببلدة خمسة عشر يوماً لأنه مقيم وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله تعالى إذا أقام المأمور في بلدة ثلاثة أيام أو أقل وأنفق من مال الميت لا يضمن وإن أقام أكثر من ذلك ينفق من مال نفسه قالوا في زماننا وإن أقام أكثر من خمسة عشر يوماً تكون نفقته في مال الميت لأنه لا يتمكن من الخروج بدون القافلة لا تكون نفقته في مال الميت ولو أقام بمكة بعد أداء الحج فإن أقام إقامة معتادة كانت النفقة في مال الميت وإن لم تكن معتادة لم تكن في مال الميت ولو عزم على الإقامة زيادة على المعتاد ثم عزم على الخروج عادت نفقته في مال الميت إلا أن يكون اتخذ مكة داراً فلا تعود إذا أمر الرجل غيره بالحج لا يصح أمره إلا إذا كان عاجزاً عن الحج بنفسه عجزاً يدوم إلى الموت حتى لو قال الرجل لله علي ثلاثون حجة فأحج ثلاثين نفساً في سنة واحدة إن مات قبل أن يجيء وقت الحج جاز الكل لأنه لم يعرف قدرته بنفسه عند مجيء وقت الحج فجاز وإن جاء وقت الحج وهو يقدر بطلت حجة واحدة لأنه قدر بنفسه فانعدم شرط صحة الإحجاج عنها أما قبل ذلك لا يجوز الحج لتوهم وجود المحرم فإن بعث رجلاً دام عدم وجود المحرم إلى أن مات فذلك جائز كالمريض إذا أحج عنه
<309>رجلاً ودام المرض إلى أن مات هذا إذا كان الآمر عاجزاً عجزاً يرجى زواله كالمرض والحبس ونحو ذلك وإن كان لا يرجى زواله كالزمانة والعمى جاز أن يأمر غيره بالحج. المأمور بالحج إذا دخل مكة قبل أيام العشر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال تكون نفقته في ماله إلى أن يدخل أيام العشر. المأمور بالحج إذا استأجر خادماً ليخدمه قالوا ينبغي أن ينظر إن كان المأمور ممن يخدم نفسه فنفقة الخادم لا تكون في مال الآمر وإن كان لا يخدم نفسه فنفقة الخادم تكون في مال الآمر لأنه مأذون بذلك دلالة وللمأمور بالحج أن يدخل الحمام بقدر المتعارف ويعطي أجر الحارس من مال الآمر لأن ذلك من الرواتب لوه ا، يهتدي من مال الآمر وتفسيره أن يخلط دراهم النفقة مع الرفقة وله أن يودع المال استحساناً ولو ضاع مال النفقة بمكة أو بقرب منها ولم يبق مال النفقة فأنفق المأمور من مال نفسه كان له أن يرجع في مال الميت وإن فعل ذلك بغير قضاء لأنه لما أمره بالحج فقد أمره بأن ينفق عنه. المأمور بالحج إذا حج ماشياً وأمسك مؤنة لكراء كان ضامناً مال الميت ويكون الحج لنفسه لأن الأمر بالحج ينصرف إلى المتعارف والمتعارف هو الحج بالزاد والراحلة المأمور بالحج إذا ترك الطريق الأقرب واختار الأبعد بأن ترك البغدادي طريق الكوفة وذهب من طريق البصرة إن كان الحاج يسلك ذلك الطريق لا يضمن لأن الطريق الأبعد عسى يكون أيسر ذهاباً من الأقرب. إذا دفع الوصي المال إلى رجل وحج من قابل جاز عن الميت ولا يكون ضامناً مال الميت لأن ذكر السنة يكون للاستعجال دون التقييد كما لو وكل رجلاً بأن يعتق عبده غداً فأعتق أو باع بعد غد جاز إذا قطع الطريق على المأمور بالحج وقد أنفق بعض المال في الطريق فمضى على وجهه وحج إن مضى وأنفق من مال نفسه يكون متبرعاً ولا يسقط الحج عن الميت لأن سقوط الحج عن الميت إنما يكون بطريق التسبيب بإنفاق المال في الطريق وإن قطع عليه الطريق وبقي شيء في يده من مال الميت فرجع وأنفق على نفسه في الرجوع ولم يحج لا يكون ضامناً إذا لم تذهب القافلة المأمور بالحج إذا(1/152)
<310>رجع وقال منعت وقد أنفق من مال الميت في الرجوع وكذبه الوصي أو الوارث في المنع لا يصدق ويكون ضامناً للنفقة إلا أن يكون أمراً ظاهراً ليشهد على صدقه الحاج عن الميت إذا قال حججت عن الميت وكذبه الوارث أو الوصي كان القول قول الحاج لأنه يدعي الخروج عن المال الذي كان أمانة في يده ولا تقبل بينة الوارث أو الوصي أنه كان يوم النحر بالكوفة إلا إذا أقاموا البينة على إقراره أنه لم يحج ولو كان الحاج غريماً للميت أمر بأن يحج عن الميت بما عليه من الدين فقال حججت لا يصدق إلا بالبينة لأن يدعي قضاء الدين الحاج عن الميت إذا مات بعد الوقوف بعرفة جاز عن الميت لأنه أدى ركن الحج ولو لم يمت فرجع قبل طواف الزيارة فهو حرام على النساء ويعود بنفقة نفسه ويقضي ما بقي عليه لأنه صار جانباً في هذه الصورة, المأمور بالحج عن الميت إذا حج واعتمر إن اعتمر قبل الحج في أشهر الحج ثم حج من مكة عن الميت يكون مخالفاً في قولهم ولا يجوز ذلك عن حجة الإسلام عن نفسه وكذا لو حج ثم اعتمر كان مخالفاً عند العامة. الحاج عن الميت إذا كان مأموراً بالقران كان دم القران على الحاج لا في مال الميت والأصل فيه أن كل دم يجب على المأمور بالحج يكون على الحاج لا في مال الميت إلا دم الإحصار في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإن ذلك يكون في مال الميت في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه يكون على الحاج ولو أن رجلاً أمره رجلان أحدهما بالعمرة والآخر بالحج ولم يأمراه بالجمع فجمع كان مخالفاً ولو أمر بالجمع فجمع جاز ولا يكون ضامناً ولو أمر بالعمرة فاعتمر ثم حج بمال نفسه لا يكون مخالفاً ولو أمره رجلان كل واحد منهما بالحج فأحرم عنهما وحج كان ضامناً لهما وليس له أن يجعل الحج عن أحدهما ولو أحرم بالحج عن أبويه كان له أن يجعل عن أيهما شاء ولو أمره رجلان كل واحد منهما أن يحج عنه فأحرم بحجة عن أحدهما غير عين كان له أن يصرف إلى أيهما شاء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إذا عين قبل الاشتغال بالعمل فإما إذا عين بعد ذلك عين بعد الطواف لا يصح تعيينه الحاج عن الغير إن شاء قال لبيك عن فلان وإن شاء اكتفى بالتلبية الصحيح
<311>إذا أمر رجلان بأن يحج عنه ثم عجز لم تجزه حجة المأمور الميت إذا أوصى بأن يحج عنه بماله فتبرع عنه الوارث أو الأجنبي لا يجوز المأمور بالحج إذا أفسد الحج بالجماع يضمن ما كان أنفق من مال الميت إذا أوصى الرجل بأن يحج عنه فأحج الوارث رجلاً من مال نفسه ليرجع في مال الميت جاز لوه أن يرجع في مال الميت وكذا الزكاة والكفارة ولو فعل ذلك أجنبي لا يرجع ولو أوصى بأن يحج عنه فأحج الوارث من مال نفسه لا ليرجع عليه جاز للميت عن حجة الإسلام الحاج عن الميت إذا مرض في الطريق ليس له أن يدفع المال على غيره للحج عن الميت إلا إذا قبل له وقت الدفع اصنع ما شئت فحينئذٍِ كان له أن يدفع المال إلى غيره مرض أو لم يمرض إذا استأجر المحبوس رجلاً ليحج حجة الإسلام جازت الحجة عن المحبوس إذا مات في الحبس وللأجير أجر مثله في ظاهر الرواية. المأمور بالحج عن الميت إذا خلف بعض النفقة وحج ببقيتها جاز ويضمن ما خلف إذا خلط المأمور بالحج النفقة بمال نفسه قال في الكتاب يضمن فإن حج وأنفق جاز وبريء عن الضمان المأمور بالحج إذا لم يكفه مال الميت فأنفق من ماله ومال الميت قال فإن كان أكثر النفقة من مال الميت وكان مال الميت يكفي الكراء أو عامة النفقة فهو جائز لأنه لا يمكن الاحتراز عن القليل فيعفى القليل وإلا فهو ضامن.
(فصل في محظورات الحرم) صيد الحرم لا يحل قتله ولا تنفيره إلا ما يباح منه للمحرم وقد ذكرنا فإن قتله إنسان كان عليه قيمته يدخل الإطعام في جزائه ولا يدخل الصوم في الهدي روايتان المحرم إذا قتل صيد الحرم في القياس يلزمه قيمتان وفي الاستحسان لا يلزمه إلا ما يلزمه في قتل صيد الحل ولا يجب عليه لأجل الحرم شيء رجلان قتلا صيداً في الحرم بضربه كان على كل واحد منهما نصف قيمته وكذا قيمته وكذا لو قتله جماعة يقسم الغرم على عدد الرؤوس كما في ضمان الملك وأن ضربه أحدهما ثم ضربه الآخر كان على كل واحد منهما ما نقصه ضربه ثم غرم كل واحد منهما نصف قيمته مضروباً بضربتين ولو كان شريك الحلال محرماً كان على المحرم جميع القيمة كما لو قتله محرمان وعلى الحلال نصف القيمة كما لو كان شريكه(1/153)
<312>خلالا ولو كان شريك المحرم صبياً أو كافراً لا شيء على الصبي والكافر لأنهما لا يخاطبان بحق الشرع وعلى المحرم جزاء كامل حلال اصطاد صيداً في المحرم فقتله في يده حلال كان على كل واحد منهما جزاء كامل لاختلاف السبب ويرجع الآخذ على القاتل بما غرم لأنه أكد عليه ما كان على شرف السقوط بالإرسال فيرجع عليه كما في غاصب الغاصب حلال دل محرماً أو حلالا على صيد الحرم لا شيء على الدال عندنا ويضمن شجرة الحرم بالقطع كما يضمن صيده لأن شجر الحرم في الحرمة بمنزلة صيد الحرم. الحرام من الشجر ما ينبت في الحرم بنفسه مما لا ينبته الناس عادة كالشوك ونحوه وأما ما ينبته الناس عادة فلا ضمان عليه بقطعه وإن نبت بنفسه ولو أنبت إنسان في الحرم شجراً لا ينبته الناس عادة كالأراك وأم غيلان لا يحرم قطعه ولا ضمان فيه لأهل الحرم. ولو نبتت أم غيلان في أرض رجل فقطعها إنسان كان على القاطع قيمتان قيمة لصاحب الأرض لأن الشجر ملكه وقيمة أخرى لحق الحرم كما لو قتل صيداً مملوكاً في الحرم إذا قطع رجل شجرة الحرم وأدى قيمتها يكره له الانتفاع بها فإن انتفع بها لا شيء عليه لأنه ملك المقطوع بالضمان فلا يغرم بالانتفاع كما لو ذبح صيد الحرم وأدى الجزاء ثم أكل وإن غرس المقطوع فنبت فله أن يقطعه ويصنع به ما شاء ولو احتش حشيش الحرم كان عليه قيمته يتصدق بها ولا شيء عليه في اذخر الحرم لاستثناء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بأس يأخذ كمأة الحرم لأنها ليست من الشجر ولا من الحشيش والكلا ولا ضمان في قطع ما جف من شجر الحرم وشجرة الحرم ما كان أصله في الحرم ولا عبرة للغصن فإن كان بعض أصله في الحل وبعضه في الحرم لا يجوز أخذه ترجيحاً للحرمة ولو رمى طيراً على غصن شجرة يعتبر فيه مكان الطيران كان الصيد لو وقع يقع في الحرم فهو من صيد الحرم وإلا فلا ولو كان رأس الصيد في الحرم وقوائمه في الحل فهو صيداً لحل ولو كان على العكس فهو صيد الحرم وإن كان الصيد نائماً وقوائمه في الحل والباقي في الحرم لا يحل أخذه لأن إقراره في النوم لا يكون على القوائم وكما لا يحتش حشيش الحرم لا يرعى في قول أبي حنيفة
<313>ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا بأس بالرعي خلال أخذ صيداً من الحل وأدخله في الحرم كان عليه إرساله عندنا ولا يجوز بيعه ولو ذبحه كان عليه الجزاء ولو أرسل كلباً في الحل على صيد فدخل الصيد في الحرم فتبعه الكلب وأخذه لا يحل أكله كما لو ذبحه آدمي في الحرم ولا شيء على المرسل ولو رمى صيداً ووقع السهم به في الحرم قال محمد رحمه الله تعالى عليه الجزاء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيما أعلم ولو أرسل في الحرم كلباً على ذئب وأصاب صيداً أو نصب شبكة للذئب ووقع فيه صيد لا شيء عليه ولو أخرج ظبية من الحرم وأدى جزاءها فولدت أولاداً وماتت الأولاد ليس عليه ضمان الأولاد ولو ذبح هذا الصيد قبل التكفير أو بعده كره أكله تنزهاً ولو استعان بثمنه في الجزاء كان له ذلك ويجوز به الانتفاع للمشتري ولا بأس بإخراج حجارة الحرم وترابه إلى الحل
(فصل في المقطعات) دخول البيت حسن ولا بأس بالعمرة غداة عرفة إلى نصف النهار الأفضل أن يبدأ الحاج بمكة فإذا قضى نسكه يمر بالمدينة وإن بدأ بالمدينة جاز المحرم إذا اضطر إلى ميتة وصيد كانت الميتة أولى في قول أبي حنيفة محمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف والحسن رحمهما الله تعالى يذبح الصيد ولو كان الصيد مذبوحاً فالصيد أولى عند الكل ولو وجد صيداً وكلباً فالكلب لأن في الصيد ارتكاب المحظورين ولو وجد صيداً أو مال إنسان يذبح الصيد ولا يأخذ مال الغير ولو وجد صيداً ولحم آدمي كان ذبح الصيد أولى استحساناً وعن محمد رحمه الله تعالى الصيد أولى من لحم الخنزير وعن بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى من وجد طعام الغير لا تباح له الميتة وهكذا روي عن ابن سماعة وبشر رحمهما الله تعالى أن الغصب أولى من الميتة وبه أخذ الطحاوي رحمه الله تعالى وقال الكرخي رحمه الله تعالى هو بالخيار وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى الحج تطوعاً أعظم أجراً من الصدقة ثم الصدقة ثم العتق إذا أراد أن يحج بمال حلال فيه شبهة فإنه يستدين للحج ويقضي دينه من ماله وله أن يحج وعليه دين لا وفاء له وإن كان في ماله وفاء بالدين يقضي الدين ولا يحج ويكره(1/154)
<314>الخروج إلى الغزو والحج لمن عليه الدين وإن لم يكن عنده مال مالم يقض دينه إلا بإذن الغرماء فإن كان بالدين كفيل إن كان الكفيل بإذن الغريم لا يخرج إلا بإذنهما وإن كان كفيلاً بغير إذن الغريم لا يخرج إلا بإذن الطالب لوه أن يخرج بغير إذن الكفيل يكره الجوار بمكة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولا يستوفي في الحرم قصاص في نفس ويستوفي فيما دون النفس وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقطع السارق في الحرم خلافاً لهما ولو دخل الحربي لا يتعرض له ويمنع عنه الطعام والشراب في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويكره الحج على الحمار والجمل أفضل ولا بأس للمحرم أن يتزوج ويكره الخروج إلى الحج إذا كره أحد أبويه إن كان الوالد محتاجاً إلى خدمة الولد فإن كان مستغنياً عن خدمته فلا بأس والأجداد والجدات عند عدم الأبوين بمنزلة الأبوين رجل أوصى لرجل بألف درهم وبألف للمساكين وأوصى بأن يحج عنه بألف حجة الإسلام وثلث ماله يبلغ ألف درهم يقسم الثلث بين الكل أثلاثاً ثم ما أصاب المساكين يضم إلى حجة الإسلام حتى يتم الحج وما فضل من الحج يكون للمساكين لأن الحج فريضة والصدقة تطوع وكلاهما حق الله تعالى فتقدم الفريضة وإن كان عليه حج وزكاة وأوصى لإنسان يقسم الثلث بين الكل ثم ينظر إلى الحج والزكاة فيبدأ بما يبدأ به الميت ذكراً وإن كان عليه فريضة ونذراً أوجبه على نفسه يبدأ بالفريضة على كل حال وإن اجتمع تطوع وواجب أوجبه على نفسه يبدأ بالواجب قدم ذكره أو أخر وإن كان الكل تطوعاً أو كان الكل فريضة أو كان واجباً أوجبه على نفسه يبدأ بما بدأ به الميت وهي من مسائل الأصل. رجل مات وترك ابنين وأوصى بأن يحج عنه بثلثمائة وماله تسعمائة فأقر أحد الابنين بالوصية وجحد الآخر وأخذ كل واحد منهما أربعمائة وخمسين نصف ماله ودفع المقر إلى رجل مائة وخمسين يحج عن الميت بذلك ثم أقر الابن الآخر بالوصية فإن حج عن الميت بمائة وخمسين بأمر القاضي بأخذ المقر من الجاحد خمسة وسبعين لأن الحج إذا كان بأمر القاضي يجوز عن الميت فما فضل عن الوصية يكون للورثة وقد اتفقا
<315>على أنه فضل عن الحج مائة وخمسون وذلك الفاضل في يد الجاحد فيرجع المقر عليه بنصف ذلك وإن كان الحج عن الميت بمائة وخمسين بغير أمر القاضي حج عن الميت بعد اقرار الجاحد مرة أخرى بثلثمائة لأن الأول لم يجز عن الميت لأن الميت أوصى بأن يحج عنه بثلثمائة فما صرف إلى الحج الأول يجعل كالقائم فيحج مرة أخرى بثلثمائة
(فصل في الأدعية والأذكار) إذا أراد الرجل الخروج إلى الحج قالوا ينبغي أن يقضي ديونه ويرضي خصومه ويتوب من ذنوبه ويخرج إلى الحج خروج الخارج من الدنيا ويصلي ركعتين قبل أن يخرج من بيته ويقول في دبر الصلاة حين يخرج اللهم بك انتشرت وإليك توجهت وبك اعتصمت وعليك توكلت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي فاكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك ولا إله غيرك اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنوبي ووجهني للخير أينما توجهت اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكور وسوء المنظر في الأهل والمال فإذا خرج يقول بسم الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم توكلت على الله اللهم وفقني لما تحب وترضى واحفظني من الشيطان الرجيم ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين مرة مرة وإذا ركب الدابة يقول بسم الله والحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا بنبيه محمد عليه السلام الحمد لله الذي جعلني في خير أمة أخرجت للناس سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ويلبي عند إحرامه فإذا دخل الحرم يقول اللهم هذا البيت بيتك والحرم حرمك أمنك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ المستجير بك من النار فقني من عذابك يوم تبعث عبادك ووفقني لما تحب وترضى وحرم لحمي ودمي وشعري وبشري على النار وإذا رأى الكعبة يقول الله أكبر الله أكبر اللهم أنت السلام ومنك السلام حيناً ربنا بالسلام اللهم زد بيتك هذا تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابة وزد من حج واعتمر تعظيماً وتشريفاً ومهابة وتكريماً وإذا دخل المسجد الحرام يقول بسم الله السلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب(1/155)
<316>رحمتك السلام على ملائكة الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله بسم الله دخلت وعلى الله توكلت اللهم اهد قلبي وسدد لساني واقبل توبتي وثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة الله إن أسألك في مقامي هذا أن ترحمني وتقبل عثرتي وتضع عني وزري اللهم أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ثم يبدأ بالحجر ويستلمه ولا يبدأ بغيره لا أن يكون القوم في الصلاة فيدخل في الصلاة ويقول عند استلام الحجر بسم الله الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وما يعبدون من دون الله إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين لا إله إلا الله إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاء بعدك واتباعاً لسنة نبيك اللهم اغفر لي ذنوبي وطهر لي قلبي واشرح لي صدري ويسر لي أمري وعافني فيمن تعاف فإن لم يمكنه تقبيل الحجر يمس الحجر بيديه ثم يمسح بيديه وجهه وإن لم يقدر على استلام الحجر لزحمة يقوم بحذاء الحجر مستقبل الحجر ويرفع يديه ويقول عند استلام الحجر ويمسح وجهه بيديه وكلما يمر في الطواف بالركن اليماني يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وعند الركن العراقي يقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم نجني من حر جهنم ويقول تحت الميزاب اللهم أظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظل عرشك لا إله غيرك يا أرحم الراحمين وعند الركن الشامي يقول اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور برحمتك يا عزيز يا غفور ويقول في جميع طوافه اللهم إني أعوذ بك من الكفر والشك والشرك والنفاق والفقر والذل وسوء الأخلاق وبعد الطواف يصلي ركعتين عند المقام أو حيث ما تيسر يقرأ في الأولى قل يا آيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وإن قرأ غير ذلك جاز ثم يدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقول بعد ذلك اللهم وفقني لما تحب وترضى وجنبني عنا تكره وتسخط وثبتني
<317>على ملة نبيك وخليلك إبراهيم عليهما السلام ثم يخرج إلى الصفا فيصعد الصفار ويستقبل البيت ويرفع يديه ويكبر ثلاثاً ويقول بين كل تكبيرتين لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى آخره لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره المشركون والحمد لله رب العالمين الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله إلهاً واحداً أحداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولد اللهم اجعل هذا حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وعملاً مقبولاً وتجارة لن تبور برحمتك يا أرحم الراحمين وإذا نزل من الصفا يقول اللهم استعملني لسنتك وسنة نبيك وتوفني على ملتك وملة رسولك وأعذني من مضلات الفتن برحمتك ويقول في بطن الوادي في سعيه رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم واهدني للتي هي أقوم ونجني من حر جنهم فإنك تعلم ولا أعلم ثم يصعد المروة وينظر إلى البيت فيقول مثل ما قال على الصفا ويقول أيضاً على الصفا والمروة اللهم اعصمني على دينك وطواعيتك وطواعية رسولك وجنبني معاصيك اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعني منه حتى توفني عليه اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى اللهم اعني ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي واجعلني لك شاكراً ذاكراً واهباً أواهاً منيباً تقبل توبتي واغسل حوبتي واهد قلبي وسدد لساني فإذا كان يوم التروية وذهب إلى منى ودخل منى يقول هذا منى وهو مما دللتنا عليه من المناسك فمن علينا بجوامع الخيرات كما مننت على أوليائك وأهل طاعتك وإنما أنا عبدك وابن عبدك ناصيتي بيدك تفعل أبي يوسف رحمه الله تعالى ما أردت اللهم وإياك أدعو ومنك أرجو فبلغني صالح أملي واغفر لي ذنبي وقني عذاب النار وإذا توجه إلى عرفات يقول اللهم إليك توجهت وعليك توكلت وبك اعتمدت وإياك أردت أسألك أن تبارك لي في سفري وأن تقضي لي بعرفات حاجتي وأن تغفر لي ذنوبي يا أرحم الراحمين وإذا وقف بعرفات يكثر الثناء على الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار لنفسه والوالدين(1/156)
<318>وللمؤمنين والمؤمنات وليكن عامة دعائه في عرفات لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى آخره لا إله إلا الله لا نعبد إلا الله لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره المشركون اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم وأنت لا تخلف الميعاد اللهم هذا مقام المستجير العائذ بك من النار فأجرني من النار بعفوك وأدخلني الجنة برحمتك اللهم اهدني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى تقبضني وأنا عليه ووفقني لما فرضت على وأعني على طلب رضاك وأداء حقك واجعلني من أعظم عبادك نصيباً من خير تقسمه في هذه المعيشة بين عبادك الصالحين من نور تهدي به أو رحمة تنشرها أو رزق تبسطه أو ضر تكشفه أو بلاء تدفعه أو فتنة تصرفها اللهم آمن روعتي واستر عورتي واقلني من عثرتي واقض عني ديوني واغفر لي ولوالدي وقرابتي وأحبتي اللهم إنك دعوت إلى الحج ووعدت المغفرة على شهود مناسكك وقد أجبناك ولكل وقد جائزة فاجعل جائزتي من موقفي هذا أن تغفر لي ذنوبي وبوئني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وإذا أفاض من عرفات إلى المزدلفة يقول لا إله إلا الله الله أكبر الحمد لله الذي لم يتخذ ولد أو لم يكن له شريك في الملك اللهم إليك أفضت ومن عذابك أشفقت وإليك رغبت ومنك رهبت فاقبل نسكي وامح حوبتي وأعظم أجري وزودني علماً وحلماً وإذا أتى المزدلفة يقول اللهم رب المشعر الحرام ورب الركن والمقام ورب البلد الحرام ورب المسجد الحرام ورب الحل والحرام أسألك أن تبلغ روح محمد مني السلام أسألك بنور وجهك الكريم أن تغفر لي ذنوبي وترحمني وتجمع على الهدى أمري وتجعل على الهدى أمري وتجعل القوى زادي وذخري والجنة مآبي وهب لي رضاك عني في الدنيا والآخرة يا من هو خير كله أعطني من الخير كله واصرف عني الشر كله اللهم حرم لحمي وعظمي وشحمي وسائر جوارحي على النار برحمتك يا أرحم الراحمين وإذا رمى الجمار يكبر مع كل حصاة ويقول اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً وإذا وجه هديه للذبح يقول وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من
<319>المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم هذا منك ولك وإليك اللهم تقبله مني كما تقبلت من إبراهيم عليه السلام بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين ويقول عند الحلق اللهم بارك في نفسي واغفر لي ذنوبي واجعل لي بكل شعرة منها نوراً يوم القيامة ثم يرجع إلى مكة ويطوف طواف الصدر ويشرب من ماء زمزم فإنه دواء لكل داء وشفاء عن كل بلاء قال صلى الله عليه وسلم إن ماء زمزم لما يشرب يقول عند شرب الماء اللهم إني أسألك رزقاً واسعاً وعلما نافعاً وشفاء من كل داء يا أرحم الراحمين اللهم هذا غياث ولد إبراهيم خليلك فأغثني من كذا ويذكر ذلك وإذا وفق إلى الملتزم يلتزمه ويرفع يده اليمنى إلى عتبة الباب ويقول السائل ببابك يسألك من فضلك ومغفرتك ويرجو رحمتك ويكثر التضرع والدعاء ويقول عند وداع البيت اللهم لك حججت وبك آمنت وعليك توكلت ولك أسلمت وإياك أردت فتقبل نسكي واغفر لي ذنوبي وكفر عني سيآتي واستعملني في طاعتك أبداً ما أبقيتني وأعذني من النار اللهم إني أستودعك ديني وأمانتي وخواتيم عملي فاحفظها علي وعلى كل مؤمن ومؤمنة إنك سميع الدعاء اللهم لا تجعل هذا آخر العهد من بيتك وارزقني العود إليه وأحسن أوبتي حتى تبلغني أجلي واكفني مؤنتي ومؤنة عيالي وجميع خلقك آيبون تائبون عابدون ساجدون وللرب حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإذا أتى المدينة لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم يأتيها بالسكينة والوقار والهيبة والإجلال لأنها محل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ونزول الملائكة روي أنه ينزل في كل يوم سينوعن ألف ملك يحفون بالقبر إلى قيام الساعة وإذا دخل المدينة يقول اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الرياح وما ذرين أسألك خير هذه البلدة وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شر ما فيها وشر أهلها اللهم هذا حرم رسولك فاجعل دخولي فيه وقاية من النار وأماناً من العذاب وسوء الحساب وإذا دخل المسجد يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب(1/157)
<320>رحمتك اللهم اجعلني اليوم من أوجه من توجه إليك وأقرب من تقرب إليك وأنجح من دعاء وابتغى رضاك ثم يصلي ركعتين حيث شاء من المسجد وإن أراد الموضع الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه الصلاة بالناس يأتي المنبر وعن يساره تابوت موضوع فيصلي خلق التابوت فذلك مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا صلى ركعتين يقصد القبر على سكينة ووقار وفراغ قلب من أمور الدنيا ويذهب إلى موضع من وجه القبر وفي ذلك الموضع رخامة بيضاء مركبة في حائط القبر فيكون فوق رأسه قنديل كبير معلق فإذا وقف هناك فقد وقف عند وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته أشهد أنك رسول الله قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في أمر الله حتى قبضك الله تعالى حميداً محموداً فجزاك الله عن صغيرنا وكبيرنا خير الجزاء وصلى الله عليك أفضل الصلاة وأزكاها اللهم اجعل نبينا يوم القيامة أقرب النبيين وأعطه الدرجة والوسيلة وأوردنا حوضه واسقنا بكأسه وارزقنا شفاعته واجعلنا من رفقائه يوم القيامة اللهم لا تجعل هذا آخر العهد من قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وارزقنا العود إليه يا ذا الجلال والإكرام ويدعو لصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيقول السلام عليكما ويسأل حاجته ويكثر الصلاة بالمدينة ما دام فيها لما جاء في الآثار أن الصلاة الواحدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد قالوا ليس في هذه المواقف دعاء مؤقت فبأي دعاء دعا جاز وما ذكرنا من الأدعية بعضها مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضها عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين فالتبرك بها يكون أقرب إلى القبول وعليه بقراءة كتاب الله تعالى ما دام راكباً وبالتسبيح ما دام عاملاً وبالدعاء ما كان خالياً والحمد لله رب العالمين
(كتاب النكاح) قال رضي الله عنه أبواب النكاح ثمانية أبواب (الباب الأول فيما يتعلق به انعقاد النكاح) وأنه يشتمل على فصول ثلاثة (الفصل الأول في الألفاظ التي ينعقد بها النكاح) النكاح
<321>ينعقد بلفظ النكاح والتزويج كان على وجه الخبر عن الماضي نحو أن تقول المرأة زوجت نفسي منك بكذا بمحضر من الشهود فيقول الرجل قبلت أو يكون على وجه الاستقبال بأن يقول الرجل للمرأة أتزوجك على كذا فتقول المرأة قبلت أو يكون بلفظة الأمر بأن يقول الرجل للمرأة زوجي نفسك مني فتقول المرأة زوجت وكما ينعقد العقد بلفظة النكاح والتزويج ينعقد بما يكون تمليكاً في الأعيان عندنا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال كل ما يقيد ملك الرقبة في الأمة يفيد ملك النكاح في الحرة إذا قالت المرأة لرجل عند الشهود تصدقت بنفسي عليك ووهبت نفسي منك على وجه النكاح فيقول لرجل قبلت كان نكاحاً وكذا ولو قالت ملكت نفسي منك أو قال لها الرجل ملكي نفسك مني فقالت ملكت يكون نكاحاً ولو قالت بعت نفسي منك بكذا فقال اشتريت أو قبلت يكون نكاحاً في الصحيح من الجواب وكذا لو باع الأب ابنته بشهادة الشهود يكون نكاحاً وكذا لو قالت المرأة عرستك نفسي فقال قبلت ولو قالت أبحتك نفسي أو أعرتك أو أحللتك أو أقرضتك أو أودعتك أو رهنتك فقال قبلت لا يكون نكاحاً ويثبت به الشبهة ولو قالت آجرتك نفسي بكذا فقال قبلت أو استأجرت لا يكون نكاحاً وقال الكرخي رحمه الله تعالى يكون نكاحاً ولو قالت وهبت نفسي منك فقال الرجل أخذت قالوا لا يكون نكاحاً ولو قالت المرأة لرجل تزوجتك على آلف فقال الرجل أجزت فقالت المرأة قبلت قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يكون نكاحاً وعنه أيضاً إذا قال الرجل لأبي البنت زوجتني ابنتك فقال أبو الابنة زوجت أو قال نعم لا يكون نكاحاً إلا أن يقول الرجل بعد ذلك قبلت فرق بين هذا وبين ما إذا قال زوجني ابنتك فقال أبو البنت زوجت أو فعلت فإنه يكون نكاحاً قال لأن قوله زوجتني استخبار وليس بعقد بخلاف قوله وزوجني لأنه توكيل إذا طلب الرجل من امرأة زنا فقالت وهبت نفسي منك فقال الرجل قبلت لا يكون نكاحاً وهو بمنزلة ما لو قال أبو الابنة وهبتها منك لتخدمك فقال قبلت لا يكون نكاحاً وكذا لو قالت المرأة(1/158)
<322>فديت نفسي منك لم يكن نكاحاً وهو الصحيح رجل قال لغيره بالفارسية دختر خويش وامر ادادي فقال دادم لا يكون نكاحاً وكذا لو قال لامرأة مراباش أومر اباشيدي فقالت باشيدم لا يكون نكاحاً حتى يقول يذيرفتم ولو قال مرا باشيدي بزني فقالت باشيدم يكون نكاحاً. رجل قال أين زن منست بمحضر من الشهود فقالت المرأة أين شوي منست ولم يكن بينهما نكاح اختلف المشايخ فيه. ذكر البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه رجل وامرأة ليس بينهما نكاح اتفقا أن يقرا بالنكاح فأقرا لم يلزمهما قال لأن الإقرار إخبار عن أمر متقدم ولم يتقدم وكذلك في البيع إذا أقر البيع لم يكن ثم أجاز لم يجز وذكر في صلح الأصل رجل ادعى على امرأة نكاحاً فجحدت فصالحها على مائة درهم على أن تقر له بالنكاح فأقرت له بالنكاح جاز الإقرار قال لأنها تزعم أنها زوجت نفسها منه ابتداء بمائة درهم وهذا بخلاف ما إذا ادعت المرأة الخلع على زوجها فجحد ثم صالحها الزوج على مائة درهم على أن تتبرأ من الدعوى فإنه لا يجوز وذكر في النوازل رجل وامرأة أقرا بين يدي الشهود بالفارسية مازن وشوئيم لا ينعقد النكاح بينهما وكذا لو قال لامرأة هذه امرأتي وقالت هي هذا زوجي لا يكون نكاحاً وإن قال لهما الشهود رضيتما أو أجزتما فقالا رضينا أو أجزنا لم يكن نكاحاً لأن الإجازة تنفيذ للعقد وليست بإنشاء ولو قال الشهود جعلتما هذا نكاحاً فقالا نعم كان نكاحاً لأن الجعل عبارة عن الإنشاء وقال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن أقرا بعقد ماضٍ ولم يكن بينهما عقد لا يكون نكاحاً بخلاف ما إذا أقرا بعقد لم يكن لأن ذلك كذب محض وهو كما قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا قال الرجل لامرأته لست لي بامرأة ونوى به الطلاق يقع ويجعل كأنه قال لست لي بامرأة لأني قد طلقتك ولو قال لم أكن أتزوجها ونوى به الطلاق لا يقع لأن ذلك كذب محض لا يمكن تصحيحه. رجل قال للمبانة أو المختلعة راجعتك على كذا بمحضر من الشهود يكون نكاحاً وإن لم يذكر
<323>مالاً قالوا لم يكن نكاحاً وهكذا ذكر الحاكم رحمه الله تعالى وكذا لو قالت المبانة لزوجها رددت نفسي عليك وهو بمنزلة الرجعة وقال بعضهم إذا قال للمبانة أو للمختلعة راجعتك بمحضر من الشهود فقالت قبلت يكون نكاحاً ولو قال ذلك لأجنبية لم يكن بينهما نكاح بمحضر من الشهود فقالت المرأة رضيت لا يكون نكاحاً. رجل قال لآخر زوج ابنتك مني بألف درهم فقال أبو البنت بمحضر من الشهود ادفعها واذهب بها حيث شئت قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يكون ذلك نكاحاً. أبو الصغير إذا قال بين يدي الشهود اشهدوا أني قد زوجت فلانة بنت أحمد يريد به أبو الصغير من ابني فلان بمهر كذا وقال لأبيها أليس هكذا فقال أبوها هكذا ولم يزيدا على ذلك قالوا الأولى أن يجدد النكاح وإن لم يجددا جاز. امرأة وكلت رجلاً ليزوجها من نفسه فذهب الوكيل إلى جماعة من الشهود وقال اشهدوا أني قد تزوجت فلانة والشهود لم يعرفوا فلانة لم يجز هذا النكاح إلا أن يذكر اسمها واسم أبيها واسم جدها وهو كما لو قال تزوجت امرأة وكلتني ولو كانت المرأة حاضرة متنقبة فقال تزوجت هذه وقالت المرأة زوجت نفسي جاز لأنها معلومة بالإشارة أما الغائبة لا تعرف إلا بالاسم والنسب فإن كان الشهود يعرفون المرأة الغائبة وذكر الزوج اسمها لا غير جاز النكاح إذا علم الشهود أنه أراد تلك المرأة. وذكر الخصاف رحمه الله تعالى في الحيل رجل طلب من امرأة أن تجعل أمرها في النكاح في يده ليزوجها من نفسه على صداق كذا ففعلت فقال الوكيل بمحضر من الشهود زوجت نفسي امرأة جعلت أمرها في النكاح بيدي على كذا من الصداق وهو كفء للمرأة فإنه يجوز هذا النكاح وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذا على قول مشايخنا ومشايخ بلخ رحمهم الله لا يجوز ما لم يذكر اسمها ونسبها ثم قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى وإن خصافاً كان كبيراً في العلم يجوز الإقتداء به وذكر أيضاً الحاكم الشهيد في المنتقى كما قال الخصاف رحمه الله تعالى جاز به سميت في صغرها باسم فلما كبرت سميت باسم آخر قال لا تزوج باسمها الأول إذا صارت معروفة بالاسم(1/159)
<324> لو قال هب لي هذا العبد فقال وهبت ولو قال الواهب ابتداء وهبت منك هذا لا يجوز مالم يقل قبلت وكذا لو قال البائع للمشتري أقلني البيع فقال أقلت لا يجوز ما لم يقل البائع قبلت وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى تتم الإقالة وغن لم يقل قبلت وكذا لو قال الرجل تصدقت بهذا عليك على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يتم من غير قبول ول قال المديون لرب دينه أبرئني فقال أبرأت يتم الإبراء ولو قال صاحب الدين لميديونه ابتداء أبرأتك من الدين الذي لي عليك صح من غير قبول لكن لو رد المديون يبطل إبراؤه وإبراء الكفيل لا يرتد بالرد وكذا الوكالة لا تحتاج إلى القبول وتبطل بالرد والإقرار لا تحتاج إلى القبول ويبطل بالرد ولو وقف أرضاً على رجل ونسله فقال الموقوف عليه لا أقبل اختلفوا فيه قال هلال رحمه الله تعالى يبطل الوقف وقال الأنصاري رحمه الله تعالى يصح الوقف ولا يبطل بالرد. قبول و النكاح يكون في المجلس بمنزلة قبول البيع. رجل قال بحضرة الشاهدين تزوجت فلانة فبلغها بحضرة الشاهدين فقبلت لم يجز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولو أرسل الرجل وسولاً إليها أو كتب إليها كتاباً أني تزوجتك على كذا فقبلت بحضرة الشاهدين إن سمعا كلام الرسول أو قرأ الكتاب عليهما فقبلت جاز وإن لم يسمعا كلام الرسول أو لم يقرأ الكتاب عليهما فقبلت لا يجوز وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يجوز ذلك ولا ينعقد النكاح بلفظة المتعة وهي باطلة عندنا لا تفيد الحل خلافاً لابن عباس ومالك رضي الله تعالى عنهما وتفسيرها أن يقول الرحل لامرأته أتمتع بك بكذا من المال كذا مدة فرضيت فإنها لا تفيد الحل ولا يقع عليها طلاق ولا إيلاء ولا ظهار ولا يرث أحدهما من صاحبه وكذا لو قال تزوجتك متعة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الهارونيات ينعقد به النكاح ويلغو قوله متعة ولو قال تزوجتك شهراً فرضيت عندنا يكون متعة ولا يكون نكاحاً وقال زفر رحمه الله تعالى يصح النكاح ويبطل الشرط كما لو تزوجها بشرط أن يطلقها بعد شهر يجوز النكاح ويبطل الشرط وكما لو قال بعتك هذا بكذا تلجئه جاز البيع ويبطل الشرط وقال الحسن بن
<327>زياد رحمه الله تعالى إن ذكرا وقتاً يعيشان أكثر من ذلك يجوز النكاح لأنه تأبيد معنى وإن ذكرا وقتاً يعيشان أكثر من ذلك لا يصح لأنه توقيت وعندنا الكل سواء. رجل تزوج امرأة بلفظ العربية أو بلفظ لا يعرف معناه أو زوجت المرأة نفسها بذلك إن علما أن هذا لفظ ينعقد به النكاح يكون نكاحاً عند الكل وإن لم يعرفا معنى اللفظ ولم يعلما أن هذا لفظ ينعقد به النكاح فهذه جملة مسائل الطلاق والعتاق والتدبير والنكاح والخلع والإبراء عن الحقوق والبيع والتمليك فالطلاق والعتاق والتدبير واقع في الحكم ذكره في عتاق الأصل في باب التدبير وإذا غرف الجواب في الطلاق والعتاق ينبغي أن يكون النكاح كذلك لأن العلم بمضمون اللفظ إنما يعتبر لأجل القصد فلا يشترط فيما يستوي فيه الجد والهزل بخلاف البيع ونحو ذلك وأما في الخلع إذا لقن الرجل امرأته اختلعت نفسي منك بمهري ونفقة عدتي فقالت ذلك اختلفت المشايخ فيه قال بعضهم إذا لم تعرف معنى اللفظ أو لم تعلم أن هذا للفظ الخلع فيما بين الناس لا يصح الخلع وهو الصحيح قال مولانا رضي الله تعالى عنه ينبغي أن يقع الطلاق ولا يبرأ الزوج عن المهر ونفقة العدة كما لو خالع امرأته الصغيرة فقبلت فإنه يقع الطلاق ولا يسقط المهر والنفقة وكذا إذا لقنها أن تبريء زوجها عن المهر بالعربية وكذا المديون إذا لقن رب الدين لفظة الإبراء لا يبرأ. رجل قال لامرأة تزوجتك على كذا من الدراهم بمحضر من الشهود فقالت قبلت النكاح ولا أقبل المهر أو قال رجل لرجل زوجتك ابنتي على كذا فقال الزوج قبلت النكاح ولا أقبل المهر قالوا لا يصح النكاح وهو باطل ولو قال قبلت النكاح وسكت عن المهر يجوز النكاح بما سمى من المهر وذكر في المنتقى عبد تزوج امرأة على رقبته بغير إذن المولى فقال أجيز النكاح ولا أجيز على رقبته قال يجوز النكاح ولها الأقل من مهر المثل ومن قيمته يباع فيه وذكر في الجامع مثل ذلك فقال أمة تزوجت بغير إذن المولى على مائتي درهم فبلغ المولى فقال أجزت النكاح على خمسين ديناراً ورضي به الزوج جاز قالوا لأن كلام المولى ليس برد للنكاح بل هو رد للتسمية ورد التسمية لا يكون رداً للنكاح لأن النكاح(1/160)
<328>ينعقد بدون التسمية فجاز أن يبقى بدون التسمية رجل قال لامرأة بحضرة الشاهدين تزوجتك على كذا إن أجاز أو رضي فقالت قبلت لا يصح لأنه تعليق والنكاح لا يحتمل التعليق ولو قال تزوجتك على أني بالخيار يجوز النكاح ولا يصح الخيار لأنه لما علق النكاح بالشرط بل باشر النكاح وشرط الخيار فيبطل شرط الخيار. رجل تزوج امرأة على أنه مدني فإذا هو قروي يجوز النكاح إن كان كفأ ولا خيار لها. رجل طلب من امرأة نكاحاً بمحضر من الشهود فقالت المرأة لي زوج فقال الرجل ليس لك زوج فقالت المرأة إن لم يكن لي زوج فقد زوجت نفسي منك وقبل الزوج ولم يكن لها زوج قالوا يجوز هذا النكاح لأن التعليق بشرط كائن تنجيز. جنينان صغيران قال أب أحدهما لأب الآخر بمحضر من الشهود زوجت ابنتي هذه من ابنك هذا فقبل الآخر ثم ظهر أن الجارة كانت غلاماً والغلام كان جارية قال النكاح جائز وهو نظير ما ذكرنا إذا جعل لرجل في عقد النكاح نفسه محلاً للنكاح. ولا ينعقد النكاح بلفظة الإقالة ولا بلفظة الخلع والصلح ولا بلفظة البراءة ولو أضاف النكاح إلى نصف المرأة فيه روايتان والصحيح أنه لا يصح لاجتماع ما يوجب الحل والحرمة في ذات واحدة فتترجح الحرمة وينعقد النكاح بلفظ واحد إذا كان العاقد وليا للصغيرين بأن كان جداً لهما أو عمالهما فقال زوجت فلانة من فلان وكذا القاضي إذا قال زوجت هذه الصغيرة من هذا الصغير والمولى إذا زوج أمته من عبده الصغير والمتعق إذا زوج معتقته من معتقه الصغير وكذا لو كان الواحد وكيلاً من الجانبين أو ولياً من جانب أو ولياً من جانب وأصيلاً من جانب فيقول زوجت ابنة عمي فلان من نفسي أو يقول معتق الصغيرة زوجت هذه الصغيرة من نفسي أو كان وكيلاً من قبل المرأة فزوج موكلته من نفسه أو كانت المرأة وكيلاً لرجل فتقول زوجت نفسي فلاناً فإن في هذه المسائل ينعقد النكاح بلفظ واحد ويكون اللفظ الواحد إيجاباً و قبولاً وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى هذا إذا ذكر لفظاً هو أصل في ذلك
<329>أما إذا ذكر لفظاً هو نائب فيه لا يكتفى بلفظ واحد وصورة ذلك إذا زوج امرأة من نفسه بأن قال زوجت فلانة من نفسي لا يكتفى بلفظ واحد لأنه في التزويج نائب وإن قال تزوجت فلانة جاز لأنه في التزويج أصيل. عن أبي يوسف رحمه الله تعالى رجل قال لامرأة زوجيني نفسك على ألف فقالت لا أفعل إلا بألفين فقال الرجل اتق الله واخشي فقالت قد فعلت كان جائزاً وعن محمد رحمه الله تعالى مثل ذلك. وينعقد النكاح بلفظ الصبي موقوفاً على إجازة الولي إن كان عقداً يملكه الولي كما لو تزوج الصبي أمته ينعقد ويتوقف على إجازة الولي إذا قال الرجل لامرأة تزوجتك بألف إن رضي فلان قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في الأمالي إن كان فلان حاضراً في المجلس ورضي جاز استحساناً وإن كان غائباً لم يجز وإن رضي بعد ذلك (فصل في النكاح على شرط) رجل تزوج امرأة على أنها طالق أو على أن أمرها في الطلاق بيدها ذكر محمد رحمه الله تعالى في الجامع أنه يجوز النكاح والطلاق باطل ولا يكون الأمر بيدها وذكر في الفتاوى عن الحسن بن زياد إذا تزوج امرأة على أنها طالق إلى عشرة أيام أو على أن يكون الأمر بيدها بعد عشرة أيام أن النكاح جائز والطلاق باطل ولا تملك أمرها قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى هذا إذا بدأ الزوج فقال تزوجتك على أنك طالق وإن ابتدأت المرأة فقالت زوجت نفسي منك على أني طالق أو على أن يكون الأمر بيدي أطلق نفسي كلما شئت فقال الزوج قبلت جاز النكاح ويقع الطلاق ويكون الأمر بيدها لأن البداءة إذا كانت من الزوج كان الطلاق والتفويض قبل النكاح فلا يصح أما إذا كانت البداءة من قبل المرأة يصير التفويض بعد النكاح لأن الزوج لما قال بعد كلام المرأة قبلت والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال صار كأنه قال قبلت على أنك طالق أو على أن يكون الأمر بيدك فيصير مفوضاً بعد النكاح وكذا المولى إذا زوج أمته من عبده إن بدأ العبد فقال زوجني أمتك هذه على ألف على أن أمرها بيدك طلقها كلما شئت فزوجها منه يجوز النكاح ولا يكون الأمر بيد المولي ولو ابتدأ(1/161)
<330>المولى فقالا زوجتك أمتي على أن أمرها بيدي أطلقها كلما أريد فقال العبد قبلت جاز النكاح ويكون الأمر بيد المولى وعن هذا قالوا مطلقة الثلاث إذا أرادت أن تتزوج المحلل وتخاف أن لا يطلقها فالحيلة لها في ذلك أن تقول زوجت نفسي منك على أن أمري بيدي أطلق نفسي كلما أريد ثم يقبل الزوج فيكون الأمر بيدها بعد النكاح تطلق نفسها متى شاءت أو يقول المحلل تزوجتك على أنك طالق بعد ما تزوجتك إلى عشرة أيام أو على أن أمرك بيدك بعدما تزوجتك تطلقين نفسك كلما تريدين فتقول المرأة قبلت تطلق بعد عشرة أيام ويصير الأمر بيدا وكذا لو قال العبد لمولاه إذا تزوجتها فأمرها بيدك أبداً ثم تزوجها يكون الأمر بيد المولى ولا يمكنه إخراجه أبداً. امرأة طلقها زوجها فأرادت أن يتزوجها الزوج فقال الزوج لا أتزوجك حتى تهبيني مالك عليّ من المهر فوهبت مهرها على أن يتزوجها ثم أبى أن يتزوجها قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى الهبة باطلة وفى بالشرط أو لم يف لأنها جعلت المال عوضاً للزوج على نكاحها وفي النكاح لا يكون العوض على المرأة وقال الخلف رحمهم الله تعالى تصح الهبة تزوجها أو لم يتزوجها وسيأتي نظير هذا في كتاب الهبة وعن أبي القاسم الصفار رحمه الله تعالى إذا تزوج امرأة على أن يأتي بعبدها الآبق قال يجوز النكاح ولها مهر مثلها وعنه إذا تزوج امرأة أنها بكر فوجدها غير بكر كان عليه كل المهر لأن المهر لا يقابل البكارة لأنها لا تستحق بعقد النكاح. رجل تزوج أمة الغير على أن كل ولد تلد فهو حر صح النكاح والشرط لأنه لو لم يكن الشرط يكون الولد رقيقاً فكان الشرط مفيداً. رجل تزوج امرأة على ألفي درهم إن كانت جميلة وعلى ألف وإن كانت قبيحة قالوا يصح النكاح والشرطان عندهم حتى لو كانت جميلة كان المهر ألفي درهم وإن كانت قبيحة كان المهر ألفا لأنه لا خطر في التسمية لأنها إما أن تكون قبيحة أو جميلة بخلاف ما إذا تزوجها على ألف إن أقام بها وعلى ألفين إن أخرجها من بلدها فإن الشرط الثاني لا يصح عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن ثمة تعلقت التسمية بما لا يعرف وجوده وقت العقد فلا تصح التسمية
<331>إلا أن هذا المعنى يشكل بما لو تزوجها على ألف درهم إن لم يكن له امرأة وعلى ألفين إن كان له امرأة فإن ثمة لا يصح الشرط الثاني في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كان الشرط ثابتاً وقت العقد. امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فتزوجها رجل على قصد التحليل اختلفت الروايات فيه والحاصل أنها إذا تزوجت ومن قصدها التحليل إلا أنهما لم يشترطا ذلك حلت للأول وإن شرط الإحلال في القول وتزوجها على ذلك صح النكاح وتحل للأول في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما تعالى ويكره ذلك للأول والثاني وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يصح نكاح المحلل ولا تحل للأول وقال محمد رحمه الله تعالى يصح نكاح المحلل ولا تحل للأول ولو طلقها الزوج الثاني ثلاثاً قبل الدخول فتزوجت بثالث ودخل بها حلت للأول والثاني ولو كان الثاني مجبوباً فمكثت عنده حيناً ثم ولدت ولداً حلت للزوج الأول ويثبت نسب الولد من المجبوب ولو كانت المرأة صغيرة لا يجامع مثلها فتزوجها رجل ووطئها قال محمد رحمه الله تعالى إن أفضاها الزوج الثاني لا تحل للأول بهذا الوطء وإن لم يفضها حلت للأول. رجل تزوج امرأة على أن ينفق عليها في كل شهر مائة دينار قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى النكاح جائز ولها نفقة مثلها بالمعروف. رجل تزوج امرأة على ألف درهم على أن لا ترثه ولا يرثها جاز النكاح ويتوارثان وليس لها إلا ألف درهم كان مهر مثلها أقل من ذلك أو أكثر.
(فصل في شرائط النكاح) منها الشهادة عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى الشرط هو الإعلان دون الشهادة حتى لو تزوجها بحضرة الشهود وشرط الكتمان لا يجوز ولو تزوجها بغير شهود وشرط الإعلان جاز والشاهد فيه كل من يملك قبول النكاح لنفسه بنفسه فيصح بشهادة الفاسقين والأعممين والمحدودين ورجل وامرأتين ولا ينعقد بشهادة المرأتين بغير رجل ولا بشهادة العبدين والمجنونين والصبين والخنثيين إذا لم يكن معهما رجل ولا بشهادة النائمين إذا لم يسمعا كلام العاقدين ولا يصح نكاح المسلمين بشهادة الكافرين ويجوز نكاح المسلم الذمية بشهادة الذميين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله تعالى ويصح(1/162)
<332>نكاح أهل الذمة بشهادتهم ولا يصح النكاح ما لم يسمع كل واحد من العاقدين كلام صاحبه ويسمع الشاهدان كلامهما معاً فإن سمع أحد الشاهدين كلامهما ولم يسمع الشاهد الآخر لا يجوز فإن أعاد لفظة النكاح فسمع الذي لم يسمع العقد الأول ولم يسمع الأول العقد الثاني لا يجوز وكذا لو كان النكاح بحضرة رجلين أحدهما أصم فسمع السميع دون الأصم فصاح السميع في أذن الأصم أو صاح رجل آخر لا يجوز حتى يوجد سماعهما معاً وذكر القاضي الإمام أبو علي السغدي رحمه الله تعالى في شرح السيران النكاح يصح بحضرة الأصمين وإن لم يسمعا لأن الشرط حضرة الشهود دون السماع وعامة المشايخ قالوا لا يجوز وشرطوا السماع وذكر أيضاً القدوري رحمه الله تعالى شرط سماع الشاهدين فإن سمعا كلام العاقدين ولم يعرفا تفسيره قيل بأنه يصح والظاهر خلافه وعن محمد رحمه الله تعالى إذا تزوج امرأة بحضرة تركيين أو هنديين لم يعرفا كلام العاقدين قال إن أمكنهما أن يعبرا ما سمعا جاز وإلا فلا وفي المنتقى إذا تزوج امرأة بشهادة الشاهدين فسمع أحد الشاهدين ولم يسمع الآخر ثم أعاد على الذي لم يسمع قال النكاح جائز استحساناً إذا كان المجلس واحداً وإن اختلف المجلس لا يجوز قال الحاكم أبو الفضل رحمه الله تعالى حكي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز حتى يسمعا معاً ولا نص عن أصحابنا رحمهم الله تعالى في النكاح بشهادة الأخرسين إما على قول القاضي الإمام علي السغدي رحمه الله تعالى لا شك أنه ينعقد لأن عنده الشرط حضرة الشاهدين دون السماع وعلى قول غيره إذا كان يسمع كلام العاقدين ينبغي أن يصح وإن لم يكن أهلاً لأداء الشهادة إذا تزوج الرجل امرأة بشهادة ابنيه من غيرها أو بشهادة ابنيها من غيره يجوز وإن تزوجها بشهادة ابنيه منها في ظاهر الرواية يجوز وفي المنتقى أنه لا يجوز وإن تزوجها بشهادة ابنيه من غيرها ثم تجاحدا فشهد الابنان إن جحد الأب والمرأة تدعي جاز شهادة الابنين وإن ادعى الأب والمرأة تجحد لا تقبل شهادة ابنيه وإن كان النكاح بشهادة ابنيها من غيره
<333>ثم تجاحدا إن ادعت الأم لا تقبل شهادة ابنيها وإن جحدت والزوج يدعي جازت شهادة الابنين وإن كان النكاح بشهادة ابنيه منها فأيهما جحد لا تقبل شهادة الابنين وإذا زوج الرجل ابنته بشهادة ابنيه جاز النكاح فإن تجاحدا بعد ذلك وشهد الابنان عند جحود الزوج ودعوى الأب إن كانت صغيرة لا تقبل شهادتهما وإن كانت كبيرة إن ادعى الزوج وجحد الأب قبلت شهادتهما بالإجماع وإن ادعى الأب وجحد الزوج لا تقبل شهادتهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى تقبل ولو زوج ابنته الكبيرة بشهادة ابنيه فجحدت الرضا وادعى الأب لا تقبل شهادة الابنين على الرضا فالحاصل أن الشهادة لأختهما وعلى أختهما تجوز وشهادتهما على أبيهما فيما يجحد الأب مقبولة وإن شهدا لأبيهما فيما يدعي الأب فإن كان للأب فيه منفعة نحو أن يشهد بعقد له تتعلق حقوقه بالأب لا تقبل وإن لم يكن للأب فيه منفعة إلا أن الأب يدعي لا تقبل شهادة ابنيه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى قيل هو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصل المسئلة رجل قال لعبده إن كلمك فلان فأنت حر فشهد ابنا فلان أن أباهما كلم العبد فإن كان الأب يجحد جازت شهادتهما وإن كان الأب يدعي لا تقبل في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأنه يعتبر الدعوى وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لأنه يعتبر الدعوى وعلى قول محمد رحمه الله تعالى تقبل لأنه يعتبر منفعة الوالد لمنع قبول شهادة الولد. وشهادة الإنسان فيما باشره مردودة بالإجماع سواء باشره لنفسه أو لغيره وهو خصم في ذلك أو لم يكن فلا تجوز شهادة الوكيل بالنكاح والوكيل بالنكاح إذا زوج الموكلة بحضرة أبيها وشاهد آخر جاز النكاح وكذا لو زوجت المرأة نفسها بشهادة أبيها وشاهد آخر وكذا لو وكل الرجل رجلاً بأن يزوج ابنته الصغيرة فزوجها الوكيل جاز بحضرة الأب وشاهد آخر ولو ادعت المرأة النكاح على رجل وهو يجحد فأقامت شاهدين واختلفا في المهر فشهد أحدهما أنه تزوجها بألف وشهد الآخر أنه تزوجها بألف وخمسمائة والمرأة تدعي النكاح بألف وخمسمائة جازت شهادتهما ويقضي لها بألف ولو كان الزوج هو الذي يدعي والمرأة تجحد النكاح وشهد الشاهدان على هذا(1/163)
<334>الوجه لا تقبل شهادتهما ولا يقضي بالنكاح وإن اختلف الشاهدان في المكان أو في الزمان لا تقبل وإن ادعت المرأة على رجل نكاحاً فجحد فأقامت شاهدين يقضى بالنكاح وجحوده لا يكون طلاقاً ولو اختلف الزوجان فقال أحدهما كان النكاح بشهود وقال الآخر لم يكن بشهود فالقول قول من يدعي النكاح بشهود وكذا لو اختلفا في الصحة والفساد على غير هذا الوجه ولو ادعت المرأة أن أباها زوجها وهي بالغة لم ترض وادعى الزوج أن أباها زوجها في الصغر كان القول قول المرأة وإن أقامت المرأة البينة أنها كانت بنت عشرين سنة وقت النكاح وأما الزوج البينة أنها كانت بنت ثمان سنين كانت البينة بينة المرأة. إذا زوج الرجل ابنته بشهادة السكارى وسمعوا كلام العاقدين وعرفوا جاز النكاح وإن كانوا لا يذكرونه بعد زوال السكر. رجل تزوج امرأة بشهادة الله ورسوله كان باطلاً لقوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بشهود وكل نكاح يكون بشهادة الله وبعضهم جعلوا ذلك كفراً لأنه يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب وهو كفر رجل قال بين يدي الشهود تزوجت هذه المرأة التي في هذا البيت فقالت المرأة قبلت فسمع الشهود كلامها ولم يروا شخصها فإن لم يكن في البيت إلا امرأة واحدة جاز وإلا فلا وكذا لو وكلت المرأة رجلاً فسمع الشهود كلامها ولم يروا شخصها فهو على هذا الوجه وإذا اختلف الزوجان فقال الرجل تزوجتك وأنا صغير بغير إذن الولي وقالت المرأة تزوجتني بعد البلوغ كان القول قوله ويقول القاضي أتجيز هذا العقد فإن أجاز جاز وإن رد بطل وإن دخل بها بعد البلوغ كان ذلك إجازة. الوكيل بالنكاح إذا ادعى أنه أشهد عند العقد وأنكر الموكل كان القول قول الوكيل بالنكاح وتثبت الحرمة بإقرار الموكل بنكاح الوكيل بغير شهود. إذا شهد الرجل على امرأته أنها أمة فلان المدعي فإن كان أوفاها المهر جازت شهادته وإلا فلا. ومن شرائط النكاح الولي وهو شرط لصحة العقد في الصغار والمجانين والمماليك واختلفوا في العاقلة البالغة إذا زوجت نفسها روي أبو سليمان عن محمد رحمه الله تعالى أن نكاحها باطل وروى أبو حفص عنه رحمه الله تعالى أنه إن لم يكن لها
<335>ولي يجوز فإن كان لها ولي يتوقف على إجازة الولي إن أجز جاز وإن رد بطل سواء كان الزوج كفأ أو لم يكن إلا أنه إذا كان كفأ كان للقاضي أن يجدد النكاح ولا تحل لزوجها من غير تجديد وقال مالك والشافعي رحمها الله تعالى لا ينعقد النكاح بعبارة النساء زوجت نفسها أو أمتها أو توكلت عن غيرها وفي ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يجوز النكاح بكراً كانت أو ثيباً زوجت نفسها كفأ أو غير كفء لا إنه إذا لم يكن كفأ كان للأولياء حق الاعتراض وروي الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يجوز النكاح أن كان كفأ وإن لم يكن كفأ لا يجوز النكاح أصلاً واختلفت الروايات عن أبي يوسف رحمه الله تعالى والمختار في زماننا للفتوى رواية الحسن رحمه الله تعالى قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى رواية الحسن أقرب إلى الإحتياط إذ ليس كل ولي يحسن المرافعة إلى القاضي ولا كل قاض يعدل فكان الأحوط سد باب التزويج عليها من غير كفء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى الأحوط أن يجعل العقد موقوفاً على إجازة الولي إلا أن الزوج إذا لم يكن كفأ يصح فسخ الولي وإن كان كفأ لا يصح فسخه فإن كان الزوج طلقها قبل المرافعة إلى القاضي وهو كفء صح طلاقه عليها وكذا الإيلاء والظهار وإن مات أحدهما يتوارثان وعلى قول محمد رحمه الله تعالى إن طلقها زوجها قبل المرافعة إلى القاضي يكون متاركةً حتى لو أجاز الولي بعد ذلك نكاح المرأة لا تصح إجازته لكن لا تحرم المرأة بهذا الطلاق وإن طلقها هذا الرجل ثلاثاً كره له أن يتزوجها قبل التزويج بزوج آخر أجمعوا على أنها لو أقرت بالنكاح صح إقرارها. ومن شرائط النكاح رضا المرأة إذا كانت بالغة بكراً كانت أو ثيباً فلا يملك الولي إجبارها على النكاح عندنا فإن استأمرها الأب قبل النكاح فقال أزوجك ولم يذكر المهر ولا الزوج فسكتت لا يكون سكوتها رضا ولها أن ترد بعد ذلك وكذا لو قال لها أزوجك جيراني أو بني عمي وهم لا يحصون لأن الرضا بالمجهول لا يتحقق وإن ذكر الزوج والمهر في الاستثمار فسكتت كان شكوتها رضا وإن ذكر الزوج ولم يذكر المهر فسكتت قالوا إن وهبها من رجل ودخل نفذ نكاحه لأنها رضيت(1/164)
<336>بنكاح لا تسمية فيه والظاهر هو النكاح بمهر المثل والنكاح بلفظة الهبة يوجب مهر المثل وإن زوجها بمهر مسمى لا ينعقد نكاح الولي لأنها ما رضيت بتسمية الولي فلا ينعقد نكاح الولي إلا بإجازة مستقبلة وإن زوجها الولي بغير استثمار ثم أخبرها بعد النكاح فسكتت إن أخبرها بالنكاح ولم يذكر الزوج والمهر اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يكون رضا ما لو استأمرها قبل النكاح ولم يذكر الزوج والمهر وإن ذكر الزوج والمهر جميعاً فسكتت كان رضا وإن ذكر الزوج ولم يذكر المهر فهو على التفصيل الذي تقدم في الاستثمار قبل النكاح وإن ذكر المهر ولم يذكر الزوج فسكتت لم يكن السكوت رضا استأمرها قبل النكاح أو أخبرها بعد النكاح لأن الزوج أصل فجهالته تمنع الرضا وإن سمى الولي رجلاً في الاستثمار قبل النكاح فقالت غيره أحب إلى لم يكن ذلك إذناً وإن كان ذلك بعد النكاح لم يكن قولها غيره أحب إلي رد النكاح لأن هذا الكلام محتمل فلا يبطل به النكاح المنعقد وقبل النكاح وقع الشك في انعقاده فلا ينعقد بالشك. بكر زوجها وليها فبلغها الخبر فضحكت كان ذلك رضا لأن الضحك أمارة السرور وإن بكت اختلفوا فيه والصحيح أن البكاء إذا كان بخروج الدمع من غير صوت يكون والصياح لا يكون رضا وإن أخذها السعال أو العطاس قالت لا أرضي صح الرد لأن السكوت كان عن اضطرار ولو قال لها قبل النكاح إن فلاناً يخطبك فقالت لا تزوجني من فلان فإني لا أريده فزوجها فبلغها الخبر فسكتت جاز النكاح لأن الرد قبل النكاح لا يدل على الرد بعده لاحتمال تبدل الحال ولو قالت بعد النكاح قد كنت قلت إني لا أريد فلاناً ولم تزد على ذلك لا يجوز النكاح لأنها أخبرت بعد العقد أنها على الحالة الأولى لم يتبدل حالها. بالغة زوجها وليها فبلغها الخبر فقالت الخبر فقالت لا أريد الزوج أو قالت لا أريد فلاناً يكون رداً وقال بعضهم إن قالت لا أريد الزوج لا يكون رداً والصحيح هو الأول لأن قولها لا أريد الزوج رد لجميع الأزواج فيكون رد الفلان وغيره
<337>ولو زوجها الولي فردت ثم قال لها في مجل آخر أقواماً يخطبونك فقالت أنا راضية بما تفعل فزوجها الولي من الأول فأبت أن تجيز نكاحه كان لها ذلك لأن قولها أنا راضية ينصرف إلى غير الأول لأن تقدير كلامها كأنه قال لها إذا أبيت فلاناً فقد خطبك قوم آخرون فقالت أنا راضية بما تفعل سوى الأول وهذا كرجل طلق امرأته فقال لرجل كرهت صحبة فلانة فطلقتها فزوجني امرأة ترضاها لي فزوجه المطلقة لا يجوز ويكون الأمر على غيرها وكذا لو باع عبده ثم أمر إنساناً أن يشتري له عبداً فاشترى ذلك العبد لا يجوز فكذا هنا الولي إذا زوج البكر البالغة ثم اختلف الزوج والمرأة فقال الزوج بلغك النكاح فسكت فقالت لا بل رددت كان القول قولها عندنا كالمستعير إذا ادعى رد الوديعة وأنكر المعير كان القول قول المستعير لأنه ينكر وجوب الضمان على نفسه كذا هاهنا لأن الزوج يدعي لزوم العقد والمرأة تنكر فكان القول قولها وإن أقاما البينة كانت البينة بينة المرأة على الرد لأنها قامت على الإثبات صورة وبينة الزوج قامت على النفي وإن أقام الزوج بينة أنها أجازت العقد وأقامت المرأة بينة على الرد كانت البينة بينة الزوج لأنهما استويا في الإثبات صورة وبينة الزوج ترجحت بلزوم العقد ولا يمين عليها في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن كان الزوج دخل بها طوعاً لم تصدق في دعوى الرد وإن كان الزوج دخل بها طوعاً لم تصدق في دعوى الرد وإن كان دخل بها كرهاً صدقت في دعوى الرد. السكوت جعل رضاً في مسائل معدودة منها بكر زوجها وليها فعلمت بذلك فسكتت كان سكوتها رضاً منها ومنها إذا تواضع رجلان في السر أنا نظهر البيع علانية وهو بيننا تلجئة ثم قال أحدهما لصاحبه إنا قلنا في السر هكذا وقد بدا لي أن أجعله بيعاً صحيحاً فسكت الآخر ثم تبايعا كان البيع صحيحاً ومنها إذا أسر المشركون عبد الرجل ثم وقع في الغنيمة بعد ذلك وقسم ومولاه الأول حاضر فسكت ولم يطلب العبد بطل حقه في أخذ العبد ومنها المشتري إذا قبض المبيع قبل نقد الثمن والبائع يراه ولم يمنعه من القبض كان إذناً ومنها المولى إذا رأى عبده يبيع ويشتري ولم يمنعه فسكت يكون ذلك إذناً ومنها رجل اشترى عبداً على أنه(1/165)
<338>بالخيار ثلاثة أيام فرأى المشتري العبد يبيع ويشتري فسكت لزمه البيع وبطل خياره ون كان الخيار للبائع لا يبطل خياره ومنها الشفيع إذا علم بالبيع فسكت بطلت شفعته ومنها إذا بيع العبد وهو حاضر فسكت وفي بعض الروايات فإنقاد للبيع أو التسليم ثم قال أنا حر لا يقبل قوله ومنها رجل قال والله لا أنزل فلاناً في داري وفلان نازل فيها فسكت الحالف يحنث في يمينه ولو قال له الحالف أخرج فأبى أن يخرج فسكت الحالف بعد ذلك لا يحنث في يمينه ومنها امرأة ولدت ولداً فهنى الناس زوجها بالولد فسكت لزمه الولد حتى لا يملك نفيه بعد ذلك ومنها الموهوب له إذا قبض الموهوب في مجلس الهبة فسكت الواهب يكون ذلك إذناً بالقبض وتتم الهبة استحساناً وكذلك في البيع الفاسد على الرواية التي يعتبر القبض بإذن البائع لإفادة الملك إذا قبض بحضرة البائع والبائع يسكت صح قبضه ويفيد الملك ومنها أم ولد جاءت بولد فسكت المولى حتى مضى يوم أو يومان لزمه الولد ولا يصح نفيه بعد ذلك ولو زوجت المرأة نفسها من غير كفء فبلغ الولي فسكت الولي لم يكن رضاً فإن قبض مهرها وجهزها به كان رضاً وإن خاصم الزوج في المهر والنفقة في القياس لا يكون رضاً وفي الاستحسان يكون رضاً رجل زوج ابنته البكر البالغة من غير كفء فعلمت بذلك فسكتت قال بعضهم سكوتها لا يكون رضاً لأن على قول أبي حنيفة الأب ولي في نكاح من غير كفء ولو صغيرة يلزم العقد فإذا كانت كبيرة يتوقف على الرضا كما لو زوجها من كفء والجد عند عدم الأب في ذلك بمنزلة الأب أما غير الأب والجد ليس بولي في النكاح من غير كفء فلم يكن سكوتها رضاً كما لو زوجها الأجنبي من كفء فسكتت لا يكون سكوتها رضاً ولا بد من النطق. رجل قال لأجنبية إني أريد أن أزوجك من فلان فقالت بالفارسية توبه ذاني قال الفقية أبو الليث رحمه الله تعالى لا يكون ذلك إذناً وقال بعضهم قولها توبه داني وقولها تواداني في عرف بلادنا يكون إذناً وإن قالت ذلك إليك يكون توكيلاً في قولهم وذكر الناطفي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى عبداً استأذن مولاه في التزوج فقال المولى أنت أعلم لا يكون
<339>ذلك إذناً ولو قال ذلك إليك كان إذناً وتفويضاً. رجل تزوج امرأة بغير إذنها فبلغها الخبر فقالت باك نيست قال بعضهم يكون إجازة والأولى أن لا يكون إجازة. رجل زوج ابنته البالغة فلما بلغها الخبر لم تتكلم ثم سئلت في اليوم الثاني فقالت لا أرضى بما فعل أبي وتزوجت بآخر قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى إن لم تعلم الزوج أو لم تعلم الصداق فلما علمت بذلك ردت بطل نكاح الأب بكر زوجها وليها فقالت بعد سنة حين بلغني النكاح قلت لا أرضى كان القول قولها ولو قالت بلغني النكاح قبل سنة فرددت لا يقبل قولها ولو بلغها الخبر وعندها قوم فقالت قد رددت النكاح حين بلغني إلا أنهم لم يسمعوا ذلك مني لا يقبل قولها لأن القوم إذا لم يسمعوا ردها كان الثابت عندهم سكوتها فيثبت الرضا. صغيرة زوجها وليها غير الأب والجد فقالت بعد ما أدركت إني قد اخترت نفسي حين أدركت لا يقبل قولها بخلاف الفصل الأول لأن خيار البلوغ فسخ للنكاح النافذ فكانت مدعية إبطال الملك الثابت. رجل زوج ابنته البالغة ولم يعلم الرضا والرد حتى مات زوجها فقالت ورثة الزوج إنها زوجت بغير أمرها ولم تعلم بالنكاح ولم ترض فلا ميراث لها وقالت هي زوجني أبي بأمري كان القول قولها ولها الميراث وعليها العدة وإن قالت زوجني أبي يغير أمري فبلغني الخبر فرضيت لا مهر لها ولا ميراث لأنها أقرت أن العقد وقع غير نافذ فإذا ادعت النفاذ بعد ذلك لا يقبل قولها لمكان التهمة بكر زوجها ابن عمها من نفسه وهي بالغة فبلغها الخبر فسكتت ثم قالت لا أرضى كان لها ذلك لأن ابن العم كان أصيلاً في نفسه فضولياً في جانب المرأة فلم يتم العقد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فلا يعمل الرضا ولو استأمرها في التزويج من نفسه فسكتت ثم زوجها من نفسه جاز إجماعاً. رجل زوج رجلاً امرأة بغير إذنه فبلغه الخبر فقال نعم ما صنعت أو بارك لنا الله فيها أو قال أحسنت أو أصبت كان إجازة إلا إذا علم أنه أراد به الاستهزاء فحينئذ لا يكون إجازة هكذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله تعالى في شرح كتاب الإكراه عن أبي نصر بن سلام عن محمد بن سلمة رحمهما الله تعالى ولو قال لا بأس فإنه(1/166)
<340> لا يكون إجازة عن محمد بن سلمة قوله بئسما صنعت يكون إجازة وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى قوله نعم ما صنعت أو أحسنت أو أصبت يكون إجازة و بئسما صنعت يكون إجازة ولو قال أسأت قيل أنه إجازة ولو هنأه القوم فقبل التهنئة كان إجازة صبي تزوج بالغة فغاب فلما حضر تزوجت المرأة بزوج آخر وقد كان الصبي أجاز بعد بلوغه النكاح الذي باشره في الصغر فإن كانت المرأة تزوجت بزوج آخر قبل إجازة الصبي جاز النكاح الثاني لأنها تملك الفسخ قبل إجازة الصغير وإن كان النكاح الثاني بعد إجازة الصغير ينظر إن كان النكاح في الصغر بمهر المثل أو بما يتغابن الناس فيه لا يجوز النكاح الثاني لأنه كان موقوفاً فينفذ بإجازة الصبي بعد البلوغ وإن كان بمهر كثير لا يتغابن الناس فيه وللصغير أب أو جد فكذلك لأنهما يملكان النكاح عليه بمهر كثير فيتوقف عقد الصغير على إججازتهما فينفذ بالإجازة بعد البلوغ وإن لم يكن للصغير أب أو جد جاز الثاني من المرأة لأن عقد الصغير على هذا الوجه لم يتوقف فلا تلحقه الإجازة. رجل زوج ابنته الصغيرة من ابن كبير لرجل وقبل أبو الابن بغير أمر الابن ثم مات أبو الصغير قبل أن يجيز الابن الكبير بطل النكاح لأن أبا الصغيرة كن يملك فسخ هذا النكاح الموقوف وكان موته قبل النفاذ بمنزلة الفسخ كالمرأة إذا زوجت نفيها من رجل غائب وقبل عن الغائب فضولي كان للمرأة أن تفسخ ذلك النكاح وموتها قبل النفاذ يكون فسخاً فكذلك ههنا ولو أن رجلاً زوج ابنته البالغة من رجل غائب وقبل عن الزوج فضولي فمات أبو المرأة قبل إجازة الغائب لا يبطل نكاح الأب بموته لأن الأب لو أراد فسخ النكاح لا يملك في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لأنه فضولي فلا يبطل النكاح بموته رجل زوج ابنه البالغ امرأة بغير إذنه فجن الابن قبل الإجازة قالوا ينبغي للأب أن يقول أجزت النكاح على ابني لأن الأب يملك إنشاء النكاح عليه بعد الجنون فيملك الإجازة عبد تزوج امرأة بغير إذن المولى ثم امرأة ثم امرأة فبلغ المولى فأجاز الكل فإن لم يكن دخل بهن جاز نكاح الثالثة لأن الإقدام على نكاح الثالثة كان فسخاً لنكاح الأولى والثانية فتوقف نكاح الثالثة فينفذ بإجازة المولى وإن كان دخل بهن لا يصح نكاحهن لأن الإقدام على نكاح
<341>الثالثة في عدة الأولى والثانية لم يصح فلم يكن فسخاً لما قبلها فلا تصح إجازة المولى كما لو تزوجهن في عقد واحد وكذا الحر إذا تزوج عشر نسوة بغير إذنهن في عقود متفرقة فبلغهن فأجزن جميعاً جاز نكاح التاسعة والعاشرة لأنه لما تزوج الخامسة كان ذلك فسخاً لنكاح الأربع قبلها فإذا تزوج التاسعة كان ذلك فسخاً لنكاح الأربع قبلها فيتوقف نكاح التاسعة والعاشرة على إجازتها. أمة تزوجت بغير إذن المولى ثم باعها المولى فأجاز المشتري نكاحها إن كان الزوج دخل بها صحت إجازة المشتري وإن لم يكن دخل بها الزوج لا تصح إجازة المشتري لأنه إذا لم يكن دخل بها حلت للمشتري بملك اليمين والحل البات إذا طرأ على الحل الموقوف يبطله وأما إذا دخل بها الزوج تجب عليها العدة بهذا الدخول فلا يحل فرجها للمشتري فتصح إجازة المشتري وكذا الأمة إذا تزوجت بغير إذن المولى فمات المولى قبل الإجازة فأجاز الوارث نكاحها إن كان المورث أو الزوج دخل بها صحت إجازة الوارث لأنها لا تحل للوارث وإن كان لم يدخل بها المورث ولا الزوج لا تصح إجازة الوارث لأن الوارث ملكها بموت المورث وحلت له فبطل النكاح الموقوف أم ولد تزوجت بغير إذن المولى ثم أعتقها فإن لم يدخل بها الزوج قبل العتق لم يجز النكاح بموت المولى لأنه وجب عليها عدة العتق والعدة تمنع نفاذ النكاح وإن كان الزوج دخل بها قبل العتق جاز النكاح بموت المولى لأن قيام عدة الزوج يمنع وجوب عدة العتق وكذا المكاتبة إذا تزوجت بغير إذن المولى فمات المولى فأجاز الوارث نكاحها صحت إجازته لأنها لا تورث فينفذ النكاح بإجازة الوارث ولي الصغير والصغيرة إذا قال زوجت الصغير أو الصغيرة أمس لا يصدق إلا بالنية أو بتصديق الصغير بعد البلوغ في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا مولى العبد إذا أقر بالنكاح ووكيل المرأة ووكيل الرجل وقال صاحباه رحمهما الله تعالى يصدق ومولى الأمة يصدق بالإجماع واختلفوا في موضع الخلاف قيل الخلاف فيما إذا بلغ الصغير وأنكر النكاح فأقر المولى أما لو أقر الولي بالنكاح في الصغير صح إقراره والصحيح إن الخلاف فيما إذا أقرا في صغرهما فبلغا وأنكرا لم يصح إقرارهما(1/167)
<342>ولو أنكر العبد قبل العتق أو بعده لم يصح عليه إقرار المولى في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وسكوت البكر جعل رضا في استثمار الولي قبل النكاح وكذا إذا زوجها ثم أخبرها وكذا إذا زوجها ثم أخبرها وكذا إذا أرسل إليها رسولاً في الإستئمار أو في الإخبار ولا يشترط العدد ولا العدالة في الرسول فإن أخبرها فضولي لا بد من العدد والعدالة وسكوت الثيب لا يكون رضا ولو صارت ثيباً بالوثبة أو بمبالغة الاستنجاء أو بمرور الزمان كان سكوتها رضاً وكذا إذا صارت ثيباً بالزنا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو صارت ثيباً بالوطء في نكاح أو شبهة نكاح أو ملك يمين لا يكون سكوتها رضاً ولو دخلا بها زوجها ثم وقعت الفرقة بينهما فقالت لم يدخل بي تزوج كما تزوج الأبكار ولو زوجها الولي الأبعد فعلمت بذلك فسكتت لم يكن سكوتها رضاً إذا لم يكن الأقرب غائباً غيبة منقطعة ولو كان أبو البكر عبداً فزوجها الأخ الحر فعلمت به فسكتت كان سكوتها رضاً والقاضي عند عدم الأولياء بمنزلة الولي في ذلك الولي إذا زوج الثيب فرضيت بقلبها ولم تظهر الرضا بلسانها كان لها أن ترد بعد ذلك ولا يعتبر الرضا بالقلب وإنما المعتبر في الثيب الرضا باللسان أو الفعل الذي يدل على الرضا نحو التمكين من الوطء وطلب المهر وقبول المهر دون قبول الهدية وكذلك في حق الغلام وإذا سأل الشهود الجارية عن رضاها بالنكاح ولم ينظروا إلى وجهها فسكتت إن لم تنكر الجارية الرضا جاز النكاح فيما بينهم وبين ربهم وإن أنكرت الجارية الرضا لا يجوز لهم أن يشهدوا على رضاها حتى ينظروا إلى وجهها ويسألوها فتسكت إن كانت بكراً أو تتكلم إن كانت ثيباً الثيب إذا زوجت بغير أمرها بألف درهم فبلغها فقالت أجزت النكاح على خمسين ديناراً أو قالت أجزت النكاح على أن يزيد لي كذا أو قالت لا أجيز النكاح إلا بزيادة كذا لم يكن ذلك رداً ولا يبطل نكاحها حتى لو أجازت بعد ذلك صحت إجازتها ولو قالت لا أجيز النكاح ولكن زد لي يكون ذلك رداً الصبي المراهق إذا تزوج بغير إذن الأب امرأة ودخل بها فبلغ الخبر الأب فرد نكاحه قالوا لا يجب على الصبي حد ولا عقر أما الحد فلمكان الصبا وأما العقر فلأنها لما زوجت
<343>نفسها منه مع علمها أن نكاحه لا ينفذ فقد رضيت ببطلان حقها وإذا تزوجها بغير إذن المولى امرأة ثم قال للمرأة لا حاجة لي في النكاح بطل نكاحه ولو قال المولى لا أرضى ولا أجيز أو قال لم أرض ولم أجز أو قال أنا كاره ذكر في المنتقى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ذلك ردا لنكاح العبد وكذا لو قالت البكر ذلك ولو وصلا فقال لا أرضى ولكن رضيت جاز استحساناً رجل خطب بكراً من أبيها فقال الأب مرا كدخداي يسر ست هرجه كندرواست فزوج الابن أخته فبلغها الخبر فسكتت ثم زوجها الأب بعد ذلك من رجل آخر فبلغها فسكتت جاز نكاح الأب لأن الأخ ليس بولي فلم يكن سكوتها في نكاح الأخ رضا إذا تزوج الصغير أو الصغيرة بغير إذن الولي فبلغا لم يجز نكاحهما حتى يجيزا بعد البلوغ. والعبد أو الأمة إذا تزوج بغير إذن المولى ثم أعتقا جاز نكاحهما من غير إجازة. (فصل في نكاح المماليك) لا يجوز نكاح العبد والمكاتب والمكاتبة والمدبر والمدبرة وأم الولد بغير إذن السيد وكذلك معتق البعض على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويجوز نكاح المولى على العبد بغير إذنه وإن كان كبيراً كما يجوز نكاح الأمة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في رواية وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى لا يملك المولى إجبار العبد ولا يجوز تزويج المولى على المكاتب والمكاتبة إلا بإذنهما وإن كانا صغيرين ولو زوج المولى مكاتبته الصغيرة بغير إذنها فعتقت لا يبطل نكاح المولى لكن لا يجوز إلا بإجازة المولى وإن عجزت بطل نكاح المولى بعجزها ولو زوج مكاتبه الصغير امرأة بغير إذنها فعتق أو عجز لا يبطل نكاح المولى لكن لا يجوز إلا بإجازة المولى وما يجب للأمة والمدبرة وأم الولد من المهر بنكاح أو بدخول عن شبهة يكون للمولى ومهر المكاتبة ومعتقة البعض يكون لهما لا للمولى وإذا وجب المهر على المهر على العبد بنكاح بإذن المولى يباع فيه وما يجب على المكاتب والمدبر بسعيان في ذلك وما يجب على العبد بغير إذن المولى من ذلك يؤاخذ به بعد العتق وليس للرجل أن يزوج عبد ابنه ولا أن يزوج أمته والجد بمنزلة الأب وكذا الوصي والقاضي(1/168)
<344>والمفاوض في مال المفاوضة وأما شريك العنان والمضارب لا يملكان تزوج الأمة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذا العبد المأذون والمكاتب لا يملك تزويج الأمة والله أعلم بالصواب (فصل في فسخ عقد الفضولي) رجل زوج رجلاً امرأة بغير إذنه لم يكن لهذا العاقد أن يفسخ هذا العقد في قول محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الأول وفي قوله الآخر له أن يفسخ العقد (العاقدون في الفسخ أربعة) عاقد لا يملك الفسخ لا بالقول ولا بالفعل وهو الفضولي إذا زوج رجلاً امرأة بغير إذنه ثم قال فسخت لا ينفسخ وكذا لو زوجه الثاني ولا يكون فسخاً للأول وعاقد يفسخ بالقول ولا يفسخ بالفعل وهو الوكيل. رجل وكل رجلاً ليزوجه امرأة بعينها فزوجه تلك المرأة وخاطب عنها فضولي فإن هذا الوكيل يملك الفسخ بالقول ولو زوجه أخت تلك المرأة لا ينفسخ العقد الأول وعاقد يملك الفسخ بالفعل ولا يملك بالقول وصورته رجل زوج رجلاً امرأة بغير أمره ثم إن الزوج وكله أن يزوجه امرأة بغير عينها فزوجه أخت تلك المرأة ينفسخ نكاح الأولى ولو فسخ ذلك العقد بالقول لا يصح فسخه وعاقد يملك الفسخ بالقول والفعل جميعاً وصورته رجل وكل رجلاً ليزوجه امرأة بغير عينها فزوجه امرأة بغير عينها فزوجه امرأة وخاطب عنها فضولي فإن فسخ الوكيل هذا العقد صح فسخه ولو زوجه أخت تلك المرأة ينفسخ العقد الأول (فصل في الوكالة) رجل له ابن ولابنه ابنة فأكره الأب ابنة على أن يوكله في تزويج ابنته فقال الابن من ازتووا زفر زندي تو بيزارم هرجه خواهي بكن فذهب الأب وزوج ابنة الابن قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد ابن الفضل رحمه الله تعالى لا يصح هذا النكاح لمعان أحدها أنه لما قال هرجه خواهي بكن في تزويجها فكان الكلام محتملاً يحتمل أنه أراد بذلك الرد وإن كره الأب ولأنه لا يراد بهذا في حالة الغضب التوكيل ولأن مثل هذا الكلام لا يراد به التحقيق قال الله تعالى {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} عم قال لابنة أخيه الثيب إني أريد أن أزوجك من فلان فقالت يصلح فلما فارقها العم قالت لا أرضى ولم يعلم العم
<345> بذلك زوجها جاز نكاحه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنه كالوكيل فلا ينعزل قبل العلم بالغة وكلت رجلاً بتزويجها من فلان بألف درهم فزوجها الوكيل بخمسائة فلما أخبرت بذلك قالت لا يعجبني هذا لأجل نقصان المهر فقيل لها لا يكون لك منه إلا ما تريدين فقالت رضيت قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يجوز النكاح لأن قولها لا يعجبني ليس برد للنكاح فإذا رضيت بعد ذلك فقد صادقت إجازتها عقداً موقوفاً فصحت الإجازة رجل أمر رجلاً ليبيع غلاماً له بمائة دينار فباعه المأمور بألف درهم ثم قال للآمر بعت الغلام فقال المولى أجزت ذكر في المنتقى أنه يجوز البيع بألف درهم وكذلك هذا في النكاح ولو قال الآمر حين أخبره المأمور بالبيع قد أجزتك بما أمرتك به لم يجز بيع المأمور. رجل وكل رجلاً ليزوجه فلانة فتزوجها الوكيل صح نكاح الوكيل بخلاف الوكيل بشراء شيء بعينه إذا اشترى لنفسه صح ولا يكون مشترياً لنفسه لأن الوكيل بالشراء مع الموكل بمنزلة البائع مع المشتري كأنه اشتراه لنفسه ثم باعه من الموكل لأن ملك اليمين مما يقبل الانتقال عنه إلى غيره وهذا المعنى لا يمكن تحقيقه في الوكيل بالنكاح لأنه رسول وسفير والرسول يملك الشراء لنفسه فلو أن الوكيل أقام مع المرأة شهراً ودخل بها ثم طلقها وانقضت عدتها فزوجها من الموكل جاز له أن يزوجها إياه مريض كل لسانه فقال له رجل أكون وكيلاً في تزويج ابنتك فلانة فقال المريض بالفارسية آري آري ولم يزد على ذلك لم يصر وكيلاً لأن قوله آري محتمل يحتمل أن يكون توكيلاً في الحال ويحتمل أن يجعله وكيلاً في الزمان الثاني ويحتمل التأمل والتدبر آري أجعلك وكيلاً فلا يصير وكيلاً بالشك ولو وكل بأن يزوجه امرأة فزوجه الوكيل ابنة نفسه إن كانت الابنة صغيرة لا يجوز في قولهم وإن كانت كبيرة فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى يجوز ذلك ولو زوجه الوكيل أخته جاز في قولهم جميعاً والوكيل من قبل المرأة إذا زوجها من أبيه أو ابنه لا يجوز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الوكيل بالنكاح من قبل المرأة إذا زوجها ممن ليس بكفء لها قال بعضهم(1/169)
<346>يصح في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى وقال بعضهم لا يصح على قول الكل وهو الصحيح وإن كان كفأ إلا أنه أعمى أو مقعداً أو صبي أو معتوه فهو جائز وكذا إذا كان خصياً أو عنيناً ولو وكل رجلاً بأن يزوجه امرأة فزوجه امرأة عمياء أو شلاء أو رتقاء أو مجنونة أو صغيرة تجامع أو لا تجامع حرة أو أمة كفأ وليست كفأ بكفء له مسلمة أو كتابية جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو وكل رجلاً بأن يزوجه أمة فزوجه حرة لا يجوز وإن زوجه مكاتبة أو مدبرة أو أم ولد جاز لأنهن في النكاح كالأمة ولو وكل رجلاً ليزوجه امرأة فزوجه امرأة حلف الزوج بطلاقها إن تزوجها أو زوجه امرأة كان الموكل آلي منها أو كانت في عدة الموكل صح انكاحه الوكيل ولو زوجه الوكيل امرأة وهي في نكاح الغير أو في عدة الغير وهو يعلم بذلك أو لم يعلم فدخل بها الموكل ولم يعلم بذلك فرق بنهما وعليه الأقل من المسمى ومن مهر المثل لأن موجب الدخول في النكاح الفاسد الأقل من المسمى ومن مهر المثل ولا يرجع الزوج بذلك على الوكيل وكذا لو زوجه أم امرأته. رجل أرسل رجلاً ليخطب له امرأة بعينها فذهب الرسول وزوجها إياه جاز لأنه أمره بالخطبة وتمام الخطبة بالعقد ولو وكل رجلاً ليزوجه امرأة فزوجه امرأة ثم اختلف الزوج والوكيل فقال الزوج زوجتني هذه وقال الوكيل بل زوجتك هذه الأخرى كان القول قول الزوج إذا صدقته المرأة في ذلك لأنهما تصادقا على النكاح فيثبت النكاح بتصادقهما وهذه المسئلة دليل على أن النكاح يثبت بالتصادق ولو وكل رجلاً ليزوجه فلانة أو فلانة فأيتهما زوجه جاز ولا يبطل التوكيل بهذه الجهالة وإن زوجهما جميعاً في عقدة لم يجز واحد منهما كما لو وكل رجلاً أن يزوجه امرأة فزوجه امرأتين في عقدة ولو وكل رجلاً ليزوجه امرأة ثم وكل آخر بمثل ذلك فزوجه أحدهما امرأة والآخر أختها إن كانا على التعاقب جاز الأول وإن وقعا معاً بطلا إذا قال الرجل لغيره زوجني امرأة فإذا فعلت ذلك فأمرها بيدها فزوجه الوكيل امرأة ولم يشترط لها ذلك كان الأمر بيدها ولو قال زوجني امرأة واشترط لها على أني إذا تزوجتها فأمرها بيدها فزوجه امرأة لم يكن
<347> الأمر بيدها إلا أن يشترط الوكيل لأن الزوج ما شرط الأمر لها بنفسه بل فوض ذلك إلى الوكيل بخلاف الأول ولو وكلت المرأة رجلاً بالنكاح فشرط الوكيل على الزوج أنه إذا تزوجها يكون الأمر بيدها ثم زوجها منه جاز النكاح ولا يكون الأمر بيدها حين زوجها ولو وكل رجلاً أن يزوجه فلانة فإذا لها زوج فمات عنها أو طلقها وأنقضت عدتها ثم زوجها الوكيل إياه جاز ولو وكل رجلاً أن يزوجه فلانة ثم تزوجها الموكل ثم أبانها لم يكن للوكيل أن يزوجها إياه إذا وكلت المرأة رجلاً أن يزوجها فزوجها على مهر صحيح أو فاسد أو وهبها من رجل بالشهود أو تصدق بها على رجل فهو جائز فإن تزوجت المرأة قبل أن يزوجها الوكيل يخرج الوكيل من الوكالة امرأة لها زوج قالت لرجل إني أختلع من زوجي فإذا فعلت ذلك وانقضت عدتي فزوجني فلاناً جاز ذلك على ما قالت إذا وكلت المرأة أو الرجل رجلين بالتزويج أو بالخلع أو بالعتق على مال ففعل أحدهما لم يجز ولو وكل رجلين بطلاق أو عتاق بغير مال ففعل أحدهما جاز الوكيل بالنكاح كالرسول لا يملك قبض المهر للمرأة وكذلك ولي الكبيرة إلا الأب والجد فإنهما يملكان قبض مهر الكبيرة إذا كانت بكراً استحساناً إذا وكل رجلاً بأن يزوجه فلانة بألف درهم فزوجها إياه بألفين إن أجاز الزوج جاز وإن رج بطل وإن لم يعلم الزوج بذلك حتى دخل بها فالخيار باق إن أجاز كان عليه المسمى لا غير وإن رد بطل النكاح ويجب مهر المثل إن كان أقل من المسمى وإلا وجب المسمى وإن لم يرض الزوج بالزيادة فقال الوكيل أنا أغرم الزيادة وألزمكما النكاح لم يكن له ذلك امرأة وكلت رجلاً بالتصرف في أمورها فزوجها من نفسه لا يجوز لأنها لو وكلته بالنكاح لا يملك التزويج من نفسه فههنا أولى. رجل وكل رجلاً أن يزوجه امرأة نكاحاً فاسداً فزوجه امرأة نكاحاً جائزاً لم يجز لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح فلا يفيد شيئاً من أحكام النكاح ولهذا لو حلف أن لا يتزوج فتزوج نكاحاً فاسداً لا يحنث وهذا بخلاف البيع إذا وكله بالبيع الفاسد فباع بيعاً جائزاً جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن الفاسد يفيد حكم البيع وهو الملك ويدخل في يمين البيع فيحنث بالبيع الفاسد(1/170)
<348>امرأة وكلت رجلاً ليزوجها بأربعمائة درهم فزوجها الوكيل فأقامت مع الزوج سنة ثم زعم الزوج أن الوكيل زوجها منه بدينار فصدقه الوكيل في ذلك فإن كان الزوج مقراً أن المرأة لم توكله بدينار كانت المرأة بالخيار إن شاءت أجازت النكاح بدينار وليس لها غير ذلك وإن شاءت ردت النكاح ولها عليه مهر مثلها بالغاً ما بلغ بخلاف ما تقدم لأن ثم المرأة رضيت بالمسمى فإذا بطل النكاح ووجب العقر بالدخول لا يزاد علىما رضيت أما هنا المرأة ما رضيت بالمسمى في العقد فكان لها مهر المثل بالغاً ما بلغ وليس لها نفقة العدة لأن العدة لم تجب بحكم النكاح وإنما وجبت بالدخول عن شبهة فلا تجب فيها النفقة وإن كان الزوج يدعي التوكيل بدينار وهي تنكر فلذلك كان القول قولها مع اليمين وهذا أمر يحتاط فيه ينبغي أن يشهد على أمرها ويخبرها بعد العقد إذا خالف أمرها وكذا الولي إذا كانت بالغة يفعل ما يفعل الوكيل وكيل المرأة إذا زوجها أو الأب إذا زوج البالغة أو الصغيرة بمهر مسمى ثم إن الوكيل أو الأب أبرأ الزوج من كل المهر أو من بعضه وشرط الضمان على نفسه لم تصح الهبة والإبراء إلا أن تجيز المرأة إذا كانت بالغة وشرط الضمان باطل لأنه لو كفل عن المرأة وقال اكرزن رضاندهد وبستاند من ضامنم مرشوي راايخ زن بستاند فبطلان الكفالة ظاهر. رجل قال لآخر أن أخذ فلان ماله عليك من الدين فأنا ضامن بذلك أو أراد به الكفالة للمرأة فقال اكرزن توطلب كندمن ضامنم أوراكه ازمال خود بدهم وهذه كفالة للمرأة وهي غائبة فلا تصح في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إلا أن يقبلها حاضر للمرأة في المجلس والحيلة لها إن كانت كبيرة أن يقول الوكيل أو الولي أن المرأة أمرتني بالهبة والإبراء فإن أنكرت ذلك وأخذت منك بغير حق فأنا ضامن لك بذلك فيصح هذا الضمان وإن كانت المرأة صغيرة قالوا الحيلة في أن لا يكون الزوج مطالباً بالإجماع أن يقول الأب وقت عقد النكاح بالفارسية دخترخويش فلانة رابتو بزني دادم بد وهزاردرم بدانك بانصددرم ترابود فإنه يصح ذلك ويصير هذا الكلام للاستثناء كأنه قال
<349>زوجت ابنتي بألف درهم إلا خمسمائة فيصح ذلك عند الكل فكذلك الوكيل وحيلة أخرى أن يشتري أبو الصغير من زوجها بعد النكاح عرضاً قليل القيمة بمقدار ما يريد أن يحط من مهر الصغيرة عن زوجها فيصير الأب مستوفياً ذلك من مهرها بثمن أو بعرض رجل قال لغيره زوج ابنتي هذه رجلاً يرجع إلى علم ودين بمشورة فلان فزوجها رجلاً بهذه الصفة من غير مشورة فلان جاز لأن غرضه من المشورة أن يكون النكاح ممن كان بهذه الصفة فإذا حصل الغرض لا حاجة إلى المشورة (فصل في الكفاءة) الكفاءة معتبرة في النكاح خلافاً لمالك رحمه الله تعالى وسفيان وجماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وعن الكرخي رحمه الله تعالى انه أخذ بقولهم ثم الكفاءة تتعلق بخمسة منها لا خلاف فيها بيننا وهي النسب فقريش بعضهم أكفاء لبعض كيف كانوا حتى إن القرشي الذي ليس بهاشمي يكون كفأ للهاشمي وغير القرشي من العرب لا يكون كفأ للقرشي والعرض بعضهم أكفاء لبعض الأنصاري والمهاجري فيه سواء والموالي لا يكونون أكفاء للعرب ومنها الإسلام فالنصرانية واليهودية لا تكون كفأ للمسلم حتى أن المسلم إذا وكل رجلاً بالنكاح فزوجه يهودية أو نصرانية لا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لأن عندهما الوكالة تتقيد بالأكفاء ومن أسلم بنفسه وليس له أب في الإسلام لا يكون كفأ لمن له أب واحد في الإسلام ومن له أب واحد في الإسلام لا يكون كفأ لمن كان له أبوان في الإسلام ومن له أبوان ي الإسلام لا يكون كفأ لمن كان له عشرة آباء في الإسلام ومها الحرية فالممولك كيف كان لا يكون كفأ لحرة وكذا المعتق لا يكون كفأ للحرة الأصلية والمعتق أبوه لا يكون كفأ للمرأة الحرة التي لها أبوان في الحرية ومن له أبوان في الحرية يكون كفأ لمن كان له آباء في الحرية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى من أسلم بنفسه والمعتق إذا أحرز من الفضائل ما يقابل نسب الآخر يكون كفأ له ومنها الكفاءة في المال والثروة في ظاهر الرواية لا يعتبر ذلك فمن كان قادراً على المهر والنفقة يكون كفأ لذات أموال عظيمة ومن لا يقدر على المهر والنفقة لا يكون كفأ للفقير في ظاهر الرواية وعن الحسن عن أبي يوسف(1/171)
<350>رحمه الله تعالى يكون كفأ ولا تعتبر القدرة على المهر والنفقة وفي بعض الروايات تعتبر القدرة على النفقة دون المهر وعن بعض المشايخ رحمهم الله تعالى إذا زوج الصغيرة أخوها من صبي ليس له طاقة للمهر وأبوه غني وقبل النكاح أبو جاز لأن الصغير يعد غنياً في المهر بمال الأب ولا يعد غنياً في النفقة لأن الآباء يتحملون المهور الغالية ولا يتحملون النفقة الدارة أما من ليس له أب غني لا بد له من القدرة على المهر ثم اختلفوا في المهر قال بعضهم تعتبر القدرة على أداء كل المهر وقال بعضهم تعتبر القدرة على أداء نصف المهر وفي ديارنا تعتبر القدرة على أداء المعجل واختلفوا في النفقة أيضاً مع اعتبارها عند الكل قال بعضهم الشرط أن يملك نفقة سنة وقال بعضهم أن يملك نفقة شهر وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا قدر على إيفاء ما يعجل لها من المهر ويكسب كل يوم مقدار ما ينفق عليها يكون كفأ وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا قدر على إيفاء ما يعجل لها من المهر ونفقة شهر كان كفأ والأحسن في المحترفين ما قاله أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا ملك الرجل ألف درهم وعليه دين ألف درهم وتزوج امرأة بألف ومهر مثلها ألف قالوا لا يجوز ذلك لأنه قادر على أن يقضي دين المهر بالألف التي في يده ومما تتعلق به الكفاءة عن البعض الديانة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى الفاسق إذا كان معلناً يخرج سكراناً لا يكون كفأ للصالحة من بنات الصالحين وإن كان يسر ذلك ولا يعلن يكون كفأ وعن محمد رحمه الله تعالى إذا كان الفاسق محترماً معظماً عند الناس كأعوان السلطان وغيرهم يكون كفأ لبنات الصالحين وإن كان مستخفاً عند الناس لا يكون كفأ قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى لم ينقل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية في هذا شيء والصحيح أن عنده الفسق لا يمنع الكفاءة وقال بعض مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى الفاسق لا يكون كفأ لبنت الصالح معلنا كان الفاسق أو لم يكن وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ومنها الحرفة في ظاهر الرواية وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا تعتبر
<351>الحرفة ويكون البيطار كفأ للعطار في قول محمد وأبي يوسف رحمهما الله تعالى واحدى الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى صاحب الحرفة الدنيئة كالبيطار والحجامم والحائك والكناس والدباغ لا يكون كفأ للعطار والبزاز والصراف وهو الصحيح لأن الناس يستنكفون عنهم وقيل هذا اختلاف عصر وزمان في زمن أبي حنيفة رحمه الله تعالى كانوا لا يعدون الدناءة في الحرفة منقصة ويعدون ذلك في زمانهما والجمال لا يعد في الكفاءة واختلفوا في العقل قال بعضهم لا يعتبر وقال الشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى الفقيه يكون كفأ للعلوية لأن شرف الحسب فوق شرف النسب الذمية زوجت نفسها رجلاً لم يكن لوليها حق الفسخ إلا أن يكون أمراً ظاهراً بأن زوجت ابنة ملكهم أو خيرهم نفسها كناساً أو دباغاً منهم أو نقصت عن مهرها نقصاناً فاحشاً كان لأوليائها أن يطالبوه بالتبليغ إلى تمام مهر المثل أو بالفسخ إذا زوجت المرأة نفسها غير كفء كان للأولياء من العصبة حق الفسخ ولا يكون الفسخ لعدم الكفاءة إلا عند القاضي لأنه مجتهد فيه وكل واحد من الخصمين يتمسك بنوع دليل وبقول عالم فلا تنقطع الخصومة إلا بفصل من له ولاية عليهما كالفسخ بخيار البلوغ والرد بالعيب بعد القبض فلا يكون هذا الفسخ طلاقاً فإن كان قبل الدخول والخلوة يسقط كل المهر ولا عدة عليها وإن كان بعد الخلوة الصحيحة كان عليه كل المهر ونفقة العدة وإلى أن يفسخ القاضي العدة بينهما كان النكاح قائماً في حق جميع الأحكام من ملك الطلاق والظهار والإيلاء والتوارث إذا زوجت المرأة نفسها من غير كفء كان للأولياء حق الفسخ ما لم تلد منه ولا يبطل حق الولي بسكوته بعد ما علم وإن طال الزمان وإن قبض مهرها وجهزها بطل حقه وإن لم يقبض ولكن خاصم زوجها في بقية المهر والنفقة بطل حقه استحساناً إذا زوجت المرأة نفسها غير كفء ورضي به أحد الأولياء لم يكن لهذا الولي ولا لمن هو مثله أو دونه في الولاية حق الفسخ ويكون ذلك لمن فوقه وإن زوجها الولي غير كفء ودخل بها ثم بانت من زوجها بالطلاق ثم زوجت نفسها هذا الزوج بغير ولي كان للولي أن يفسخ وإن كان الطلاق رجعياً(1/172)
<352>لم يكن له أن يفسخ ولو زوجت نفسها غير كفء ودخل بها ثم فسخ القاضي العقد بينهما لخصومة الولي ثم تزوجها هذا الجل في العدة بغير ولي ثم فرق القاضي بينهما قبل الدخول كان على الزوج كل المهر الثاني وعليها عدة مستقبلة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد وزفر رحمهما الله تعالى لا مهر على الزوج وعليها بقية العدة الأولى عند محمد رحمه الله تعالى وقال زفر رحمه الله تعالى لا عدة عليها وهذه خمسة مسائل على هذا الخلاف منها هذه المسئلة ومنها إذا طلق الرجل امرأته المدخوله تطليقة بائنة ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول في النكاح الثاني عندهما عليه كل المهر وعلى قول زفر ومحمد رحمهما الله تعالى نصف المهر في النكاح الثاني ومنها إذا طلق امرأة بائنة بعد الدخول ثم تزوجها في العدة ثم ارتدت والعياذ بالله ثم أسلمت على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى عليه كل المهر وعلى قول محمد وزفر رحمهما الله تعالى لا يجب عليه المهر الثاني ومنها المنكوحة إذا كانت أمة وطلقها بعد الدخول تطليقة بائنة ثم تزوجها في العدة ثم أعتقت فاختارت نفسها قبل الدخول ومنا إذا طلق امرأته بعد الدخول تطليقة بائنة ثم تزوجها في العدة ثم وقعت الفرقة بينهما باللعان أوبخيار البلوغ عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى الدخول في النكاح الأول يجعل دخولاً في النكاح الثاني في حق تأكد المهر ووجوب العدة وعلى قول محمد وزفررحمهما الله تعالى الدخول في النكاح الأول لا يكون دخولاً في النكاح الثاني لا في حق المهر ولا في حق العدة إلا أن عند زفر رحمه الله تعالى تسقط عنها بقية العدة وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا تسقط وكذلك لو كان النكاح الأول فاسد أو دخل بها أو كان وطئها بشبهة ووجبت عليها العدة ثم تزوجها في العدة نكاحاً جائزاً ثم فارقها قبل الدخول ولو كان النكاح الأول جائزاً أو دخل بها وقعت الفرقة بينهما ثم تزوجها في العدة نكاحاً فاسداً ثم فرق بينهما قبل الدخول لا يجب المهر الثاني في قولهم ولو كان النكاح الثاني بعد انقضاء العدة ثم وقعت الفرقة بينهما قبل الدخول كان الجواب فيه عند الكل كما قال محمد وزفر رحمهما الله
<353> تعالى في الفصول المتقدمة رجل تزوج امرأة وانتسب إلى قبيلة ثم ظهر أنه من غيرهم فإن كان ما ذكر شراً مما ظهر وهو كفء لها بما ظهر بأن تزوج عربية على أنه عربي فظهر أنه قرشي أو ذكر أنه عجمي فإذا هو عربي كان العقد لازما ولو كان ما ظهر خيراً مما ذكر وليس بكفء لها بأن تزوج قرشية على أنه عجمي فإذا هو عربي كان النكاح لازما في حقها ويكون للأولياء حق الاعتراض وإن كان ما ظهر شراً مما ذكر وليس بكفء لها بما ظهر بأن تزوج عربية على أنه عربي فإذا هو عجمي كان لها حق الفسخ وإن رضيت كان للأولياء حق الفسخ وإن كان ما ظهر شراً مما ذكر وهو كفء لها بأن تزوج عربية على أنه قرشي فإذا هو عربي كان لها حق الفسخ عند أصحابنا الثلاثة رحمهم الله تعالى خلافاً لزفر رحمه الله تعالى وكذا لو تزوج امرأة على أنه فلان ابن فلان فإذا هو أخوه لأبيه أو عمه لأبيه كان لها حق الفسخ وإن كان كفأ لها رجل زوج ابنته الصغيرة من رجل ذكر أنه لا يشرب المسكر فوجده شريباً مدمناً فبلغت الصغيرة وقالت لا أرضى قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى إن لم يكن أبو البنت يشرب المسكر وكان غالب أهل بيته الصلاح فالنكاح باطل لأن والد الصغيرة لم يرض بعدم الكفاءة وإنما زوجها منه على ظن أنه كفء وذكر في الأصل امرأة زوجت نفسها رجلاً لم تعلم أنه حر أو عبد ظهر أنه أذن له في النكاح لا خيار لها ويكون الخيار للأولياء وإن زوجها الأولياء برضاها أو لم تعلموا أنه حر أو عبد ثم علموا أنه كان عبداً لا خيار لأحدهم وبمثله ولو ذكر أنه حر فزوجوها منه ثم ظهر أنه عبد كان لهم الخيار ودلت المسئلة على أن المرأة إذا زوجت نفسها رجلاً ولم يشترط لها الكفاءة ولم تعلم المرأة أنه كفء وليس بكفء ثم ظهر أنه غير كفء لا خيار لها وكذا الأولياء إذا زوجوها برضاها ولم يعلموا بعدم الكفاءة ثم علموا وإن شرط الكفاءة أو أخبر لهم بالكفاءة فزوجوها ثم ظهر أنه غير كفء كان لها الخيار والسكران إذا زوج بنته الصغيرة وقصر في مهر مثلها قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى ولو فعل الصاحي ذلك يجوز في قول أبي حنيفة(1/173)
<354> رحمه الله تعالى ولا يجوز في قول صاحبيه رحمهما الله تعالى أما السكران فليس من أهل الرأي والمشورة فلا ينفذ عقده على الصغيرة بأقل من مهر مثلها وإن زوجها الصاحي من غير كفء لا يجوز في قول صاحبيه واختلفوا في قول أبي حنيفة والظاهر الجواز وإن زوجها السكران من غير كفء لا يجوز عند الكل واختلفت الروايات عنهما في الأب والجد إذا زوجا الصغيرة بأقل من مهر المثل في رواية عنهما العقد فاسد وفي رواية عنهما العقد موقوف على إجازة الصغيرة بعد البلوغ وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال تفسد التسمية ويجوز العقد بمهر المثل امرأة زوجت نفسها غير كفء كان للولي أن يرفع الأمر إلى القاضي حتى يفسخ وإن لم يكن الولي ذا رحم محرم منها كابن العم ونحوه وقيل من لا يكون محرماً لا يكون له حق الاعتراض والصحيح هو الأول غير الأب والجد إذا زوج الصغيرة من رجل كان جد معتق قوم ولم يكن مسلماً وللصغيرة آباء أحرار مسلمون ثم أدركت الصغيرة فأجازت النكاح لم يكن له مجيز حال وقوعه فلم يتوقف فلا تلحقه الإجازة وكذا لو إنعدمت الكفاءة بسبب آخر لا ينعقد نكاح غير الأب والجد امرأة زوجت نفسها غير كفء قالوا لها أن تمنع نفسها ولا تمكنه من الوطء حتى يرضى الولي بهذا العقد لأن الظاهر من حال الولي أن لا يرضى فلو وطئها الزوج فعسى تحبل فيتعذر الفسخ ويلحقهم العار بنسبة من لا يكافؤهم والله أعلم (فصل في الأولياء) الأصل في اعتبار الولي قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وهو شرط جواز النكاح في الصغار والمماليك والمجانين والولاية تثبت بأسباب أقواها ملك اليمين لا يصح نكاح المملوك إلا بإذن المولى والمولى يملك إجبار عبده على النكاح عندنا وإجبار الأمة عند الكل والمملوك إذا كان بين رجلين لا يزوجه أحدهما ثم بعد ملك اليمين العصوبة لقوله عليه السلام النكاح إلى العصبات وأقرب العصبات إلى الصغير والصغيرة الأب ثم الجد أبو الأب وإن علا والابن من العصبة يزوج الأم المجنونة عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يزوجها
<355>إلا أن يكون الابن من عشيرتها واختلف أصحابنا في الأب والابن إذا اجتمعا قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى الابن أحق بتزوجها وقال محمد أحق لأنه يملك التصرف في المال والنفس والابن لا يملك التصرف في مالها وكذا ابن الابن وان سفل ثم الأخ لأب وأم ثم الأخ لأب ثم بنوهما على هذا الترتيب ثم عم الأب لأب وأم ثم عم الأب لأب ثم بنوهما على هذا الترتيب وما ذكرنا كله مذهب أصحابنا رحمهم الله تعالى وقال الشافعي رحمه الله تعالى ليس لغير الأب والجد تزويج الصغيرة والصغير وللولي تزويج الثيب الصغيرة عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وبعد العصبات من الأقارب الولاية عندنا لمولى العتاقة لأنه عصبة ثم عصبة مولى العتاقة وعند عدم العصبة كل قريب يرث الصغير والصغيرة من ذوي الأرحام يملك تزويج الصغير والصغيرة في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى لا ولاية لذوي الأرحام وقول أبي يوسف رحمه الله تعالى مضطرب والأقرب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الأم ثم البنت ثم بنت الابن ثم بنت البنت ثم بنت ابن الابن ثم بنت بنت البنت ثم الأخت لأب وأم ثم الأخت لأب ثم الأخ والأخت لأم ثم أولادهم ثم العمات والأخوال والخالات وأولادهم على هذا الترتيب فإذا اجتمع الجد الفاسد والأخت فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى الولاية للجد وبعد هؤلاء مولى الموالاة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لصاحبيه وما دام له قريب فالقاضي ليس بولي في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعند صاحبيه ما دام له عصبة فالقاضي ليس بولي ثم القاضي إنما يملك نكاح من يحتاج إلى الولي إذا كان ذلك في عهده ومنشوره وإن لم يكن ذلك في عهده ومنشوره لم يكن ولياً فإن زوجها القاضي ولم يأذن له السلطان بذلك ثم أذن له بذلك فأجاز القاضي ذلك النكاح جاز استحساناً كالعبد إذا تزوج بغير إذن المولى ثم أذن له المولى بالنكاح فأجاز ذلك النكاح جاز استحساناً والوصي لا يملك انكاح الصغير والصغيرة أوصى إليه الأب في ذلك أو لم يوص وروى هشام عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو قول مالك إن(1/174)
<356>أوصى إليه الأب جاز له تزويج الصغير والصغيرة وقال ابن أبي ليلى هو ولي في الوجهين ولو كان الصغير أو الصغيرة في حجر رجل يعولهما كالملتقط ونحوه فإنه لا يملك تزويجها ولا ولاية للصبي والمجنون ولا المملوك ولا الكافر على المسلم والفسق لا يمنع الولاية وإذا اجتمع للصغير والصغيرة وليان كالأخوين والعمين فأيهما زوج جاز عندنا وإن زوجاهما على التعاقب جاز الأول دون الثاني وإن زوجها كل واحد منهما من رجل آخر فوقعا أو لم يعلم أيهما أول بطل العقدان وقال مالك رحمه الله تعالى لا ينفرد أحد الوليين بالإنكاح كما لا ينفرد واحد من الموليين في العبد والأمة المعتقة وإن زوجها الأبعد والأقرب حاضر يتوقف على إجازة الأقرب وإن كان الأقرب غائباً غيبة منقطعة جاز نكاح الأبعد عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا غاب الأقرب تنتقل الولاية إلى السلطان والقاضي وقال زفر رحمه الله تعالى لا يزوجها أحد حتى يحضر الأقرب أو يزوجها وكيل الأقرب فإن زوجها وكيل الأقرب حيث هو اختلفوا في جواز نكاحه والظاهر هو الجواز وتكلموا في الغيبة المنقطعة بعضهم قدرها بانقطاع الخبر منه فهي منقطعة وأشار في الكتاب إلى أن أدنى مدة السفر يكفي للانقطاع وهو قول محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله تعالى وسفيان الثوري وأبي عصمة سعيد وابن معاذ المروزي رحمهم الله تعالى وعليه فتوى جماعة من المتأخرين منهم القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى قال هو من بخار إلى نسف غيبة منقطعة فإن كان الأقرب حيث هو جوالاً لا يوافق على أثره أو كان مفقوداً لا يعرف مكانه أو مختفياً في البلدة لا يوقف عليه قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي رحمه الله تعالى يكون هو بمنزلة الغائب غيبة منقطعة لأنه لما تعذر الوصول إليه والانتفاع برأيه كان بمنزلة الميت فإن كان زوجها إلا بعد ثم ظهر أنه كان مختفياً
<357>في المصر جاز نكاح الأبعد وإذا تزوج الرجل ابنه امرأة بأكثر من مهر مثلها أو زوج ابنته الصغيرة بأقل من مهر مثلها أو وضعها في غير كفء أو زوج ابنه الصغير أمة أو امرأة ليست كفء له جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمها الله تعالى لا يجوز إن فحش وأجمعوا على أنه لا يجوز ذلك من غير الأب والجد ولا من القاضي وإذا بلغ الصغير أو الصغيرة وقد زوجها الأب أو الجد لا خيار لهما ولهما خيار البلوغ في نكاح غير الأب والجد عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا خيار لهما وإذا بلغت وهي بكر فسكتت ساعة بطل خيارها فإن اختارت نفسها كما بلغت وأشهدت على ذلك صح فأما في الغلام والجارية التي هي ثيب لا يبطل خيار البلوغ بسكوتهما ولا يقتصر على المجلس وهي على خيارها ما لم تنص على الرضا أو تفعل ما يدل على الرضا نحو التمكين من الوطء وطلب النفقة وإن أكلت من طعامه أو خدمته كما كانت فهي على خيارها وخيار البلوغ يفارق خيار العتق من وجوه أحدها إن خيار العتق يبطل بالقيام عن المجلس وخيار البلوغ في الغلام لا يعتبر عذراً حتى أن الصغيرة إذا قالت لم أعلم بخيار البلوغ إنما سكت لأجل ذلك لا تعذر ويبطل خيارها والمعتقة إذا قالت ذلك عذرت ولا يبطل خيارها والمعتقة إذا قالت ذلك عذرت ولا يبطل خيارها وإن كان ذلك بعد زمان ومنها إن خيار العتق يثبت للأمة دون الغلام وخيار البلوغ يثبت لهما جميعاً ومنها أن خيار العتق لا يبطل بالسكوت وإن كانت بكراً وخيار البلوغ يبطل بسكوت بالبكر ومنها أن في خيرا العتق لا تتوقف الفرقة على القضاء بل تثبت بنفس الاختيار وفي خيار البلوغ لا تقع الفرقة ولا يبطل النكاح ما لم يفسخ القاضي العقد بينهما فإن كان ذلك قبل الدخول يسقط كل المهر سواء كان ذلك من قبل الرجل أو من قبل المرأة وبعد الدخول لا يسقط شيء من المهر وللصغيرة والصغير خيار البلوغ في إنكاح القاضي في أظهر الروايتين عن أبي حنيفة وهو قول محمد رحمهما الله تعالى وإذا زوج ابنته الصغيرة وضمن لها المهر عن زوجها صح(1/175)
<358>الضمان فإذا بلغت وأخذت الأب بالضمان لم يرجع الأب على الزوج إن كان الضمان بغير أمره ويرجع إن كان بأمره فإن كان ضمان الأب في مرض موته لم يصح وإن زوج الأب ابنه الصغير امرأة وضمن عنه المهر إن كان في صحة الأب جاز وإن أخذت المرأة المهر من الأب في القياس يرجع الأب على الصغير في ماله وفي الاستحسان لا يرجع ولو مات الأب وأخذت المرأة المهر من تركته فلسائر الورثة أن يرجعوا في نصيب الصغير بذلك عندنا خلافاً لزفر رحمه الله تعالى ولو كان الابن كبيراً وضمن عنه الأب بغير أمره في صحته ثم مات وأخذ الضمان من تركته لم ترجع ورثته بالإجماع ولو كان الأب ضمن المهر عن ولده الصغير في مرض موته لا يصح الضمان والمجانين كالصبيان في ذلك سواء وإذا ضمن عن ابنه الصغير وأدى كان متطوعاً إلا إذا أشهد عند الأداء أنه يؤدي ليرجع فحينئذٍ لا يكون متطوعاً ولا يزوج البكر البالغة أبوها على كره منها خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وفي الثيب لا يزوج بالإجماع وإن زوج البكر البالغة العاقلة أبوها وهو كافر أو عبد فرضيت باللسان جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد لا يجوز وإن سكتت لا يجوز بالإجماع وإذا بلغ الابن معتوهاً أو مجنوناً تبقى ولاية الأب عليه في ماله ونفسه وإذا بلغ عاقلاً ثم جن أو صار معتوهاً هل تعود ولاية الأب في المال والنفس اختلفوا فيه قال أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى لا تعود في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وتكون الولاية للسلطان وقال محمد رحمه الله تعالى تعود ولاية الأب في المال والنفس استحساناً وقال محمد بن إبراهيم الميداني رحمه الله تعالى عندنا تعود ولاية الأب وعلى قول زفر رحمه الله تعالى تثبت الولاية للسلطان وأما إذا جن الأب أو صار معتوهاً هل يكون للابن ولاية التصرف في ماله ونفسه فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الابن إذا جن امرأة جاءت إلى القاضي وقالت إني أريد أن أتزوج وليس لي ولي ولا يعرفني أحد فللقاضي أن يأذن لها بالنكاح ويقول أذنت لك أن تكوني قرشية ولا عربية ولا مملوكة ولا ذات زوج ولا في عدة الغير وكذلك لو كان لها ولي فأبى أن يزوجها
<359>كان للقاضي أن يأذن لها بالتزوج وإن لم يكن لها ولي وأرادت الاحتياط يرفع الأمر إلى القاضي حتى يزوجها القاضي بإذنها أو يأذن لها بالنكاح وإن كرهت أن ترفع الأمر إلى القاضي فطالبت أباها بالتزويج فزعم الأب أنه كان زوجها وهي صغيرة من رجل والرجل غائب فأقام الأب البينة على ذلك قالوا لا يلتفت إلى بينة لأنها قامت على غائب ليس عنه خصم حاضر وللأب أن يزوجها فإن أبى الأب ترفع الأمر إلى القاضي حتى يزوجها أو تعقد بنفسها قالوا ذلك أولى لها منم ترك النكاح لأن محمداً رحمه الله تعالى رجع إلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى في النكاح بغير ولي غير الأب والجد إذا زوج الصغير قالوا الأحوط أن يزوجها مرتين مرة بمهر مسمى ومرة بغير تسمية لوجهين أحدهما أنه لو كان في التسمية نقصان فاحش ولم يصح النكاح الأول يصح النكاح الثاني بمهر المثل والثاني أن الزوج لو حلف بطلاق امرأة يتزوجها بلفظة إن تزوجت امرأة أو بلفظة كل امرأة أتزوجها فهي طالقة فإذا تزوجها ينحل اليمين بالنكاح الأول ويقع عليها الطلاق فتحل بالنكاح الثاني وإن كان المزوج هو الأب أو الجد ينبغي أيضاً أن يباشر النكاح على هذا الوجه مرتين عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لما ذكرنا من الوجهين لأن عندهما الأب والجد لا يملكان النكاح بأقل من مهر المثل نقصاناً فاحشاً كما لا يملك غير الأب والجد عند الكل وأما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يملكان النكاح بأقل من مهر المثل فيباشر النكاح مرتين على هذا الوجه احتياطاً للوجه الثاني وإنما يباشر النكاح الثاني بغير قيمة لأن لو سمى المهر في النكاح الثاني وعند البعض إن الرجل إذا جدد النكاح في المنكوحة يلزمها مهران لأن ربما ترفع ذلك إلى القاضي يرى ذلك فيقضى بالمهرين الولي إذا جن مطبقاً تزول ولايته وإن كان يجن ويفيق لا ينفذ تصرفه في نفسه وماله في حالة جنونه وينفذ ذلك في حالة الإفاقة وتكلموا في الجنون المطبق قال أبو يوسف رحمه الله تعالى هو مقدر بأكثر السنة وقال محمد رحمه الله تعالى هو مقدر بالشهر في الصوم وفي الزكاة مقدر بالسنة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى
<360>
أنه رجع إلى قول محمد رحمه الله تعالى(1/176)
(باب في المحرمات)حرمة النكاح على نوعين مؤبدة وغير مؤبدة تثبت بالنسب وبالرضاع والصهرية أما المحرمات بالنسب ما نص الله تعالى في قوله حرمت عليكم أمهاتكم الآية الأم بالرشدة والزنية حرام وكذلك الجدة القربى والبعدى من قبل الأب أو الأم وكذلك البنت وأولاد البنت وإن سفلن وبنات الابن كذلك المخلوقة من ماء الزنا حرام عندنا وكذا الأخوات من أي جهة كن وبنات الأخوات وإن سفلن وكذلك بنات الأخ وإن سفلن وكذا العمات والخالات من الوجوه الثلاثة وعمات الأصول وخالاتهم أم العمة حرام وعمة العمة لأب وأم أو لأب كذلك وأما عمة العمة لام لا تحرم أما المحرمات بالرضاع فما يحرم من النسب يحرم بالرضاع وإنما يفارق الرضاع النسب في مسائل منها تحرم على الرجل أخت ولده من النسب ولا تحرم عليه أخت ولده من الرضاع ومنها أنه لا يحل للرجل أن يتزوج جدة ولده من النسب و تحل جدة ولده من الرضاع ومنها أنه لا يحل للرجل أ، يتزوج بأم أخيه أو أم أخته من النسب ويحل من الرضاع وسنذكر مسائل الرضاع ببعد هذا في باب على حدة إن شاء الله تعالى (وأما المحرمات بالصهرية ) الصهرية تثبت بالعقد الجائز وبالوطأ حلالاً كان أو عن شبهة أو زنا أما المحرمات بالعقد فمنكوحة الأب والجد من قبل الأب أو الأم وإن علا ومنكوحة الابن وابن الابن وابن البنت وإن سفل وأم المرأة وجدتها القربى والبعدى دخل بالمرأة أو لم يدخل وبنت المرأة وبنات أولادها وإن سفلن إن كان دخل بالمرأة وأما المحرمات بالوطأ الحلال فموطوأة الأب والجد وإن علا بملك اليمين موطوأة الأب وابن الابن وإن سفل وأم (فراغ) ولو الموطوأة وجدتها وإن علت وبنت الموطوأة وبنت أولادها كذلك وأما الموطوأة عن شبهة وهي الجارية المشتركة بينه وبين غيره إذا وطئها أحدهما يحرم عليه أصولها وفروعها وتحرم الموطوأة على أصول الواطئ وفروعه والزنا في القبل بمنزلة الوطأ الحلال في ذلك عندنا ووطء الصغيرة التي لا تشتهي لا يوجب حرمة المصاهرة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وطئها بملك اليمين أو بغير ملك وقال
<361> يوسف رحمه الله تعالى يوجب حرمة المصاهرة وتكلموا في المرأة التي تبلغ حد الشهوة قال بعضهم إذا بلغت تسع سنيين فقد بلغت حد الشهوة وابنة خمس سنين لم تبلغ أما ابنة ست أو سبع أو ثمان إن كانت عبلة ضخمة فقد بلغت حد الشهوة وإن لم تكن فإلى ثنتي عشرة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إن كانت ابنة خمس سنين وتشتهى مثلها فهي مشتهاة ولا توقيت فيه رواه عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي رواية عن أبي حنيفة إن وطئها ولم يفضها تثبت حرمة المصاهرة وإن أفضاها لا تثبت وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في النوادر إذا وطأ جارية هي بتن خمس سنين في الدبر وماتت ولا يدري أنها هل كانت تشتهي حرمت عليه أمها وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى ما دون سبع سنين لا تكون مشتهاة وعليه الفتوى الزوج المحلل إذا وطئ المرأة فأفضاها لا تحل للزوج الأول وأما المحرمة بدعوى الوطء إذا مسها أو قبلها بشهوة تثبت حرمة المصاهرة وإن أنكر الشهوة كان القول قوله إلا أن يكون ذلك مع انتشار الآلة والمباشرة عن شهوة بمنزلة القبلة وإن مسها وعليها ثوب صفيق لا تصل حرارة الممسوسة ولينها إلى يده لا تثبت الحرمة وإن كان الثوب رقيقاً تصل إليه حرارة الممسوسة ولينها تثبت الحرمة كما لو مس متجرداً وكذا لو مس أسفل الخف إلا إذا كان منعلاً لا يجد لين القدم ومس المرأة الرجل في الحرمة كمس الرجل المرأة ولو قبل الرجل أم امرأته تثبت الحرمة ما لم يظهر أنه قبلها بغير شهوة وفي المس ما لم يعلم أنه كان عن الشهوة لا تثبت الحرمة لان تقبيل النساء غالباً يكون عن شهوة والمعانقة بمنزلة التقبيل كذا ذكره الجامع الكبير ودليل الشهوة على قول أبي الحسن القمي رحمه الله تعالى انتشار الآلة عند ذلك إن لم يكن منتشراً قبل ذلك وإن كان منتشراً قبل ذلك فعلامة الشهوة زيادة الانتشار والشدة وفي الشيخ والعنين علامة الشهوة أن يتحرك قلبه بالاشتهاء إن لم يكن متحركاً قبل ذلك وإن كان متحركاً قبل ذلك فحد الشهوة أن يزداد التحرك والاشتهاء وقال عامة العلماء الشهوة أن يميل قلبه إليها ويشتهي أن يواقعها والنظر إلى الفرج عن الشهوة يثبت حرمة(1/177)
<362> المصاهرة وتكلموا في النظر إلى الموضع الذي يثبت الحرمة قال بعضهم هي النظر إلى منبت العانة وهو رواية عن محمد رحمه الله تعالى وقال بعضهم هو النظر إلى الشق وقال بعضهم هو النظر إلى داخل الفرج وهو رواية ابن رستم عن أبي يوسف رحمهما الله وعليه الفتوى حتى قالوا لو نظر إلى فرجها وهي قائمة لا تثبت حرمة المصاهرة وإنما يقع النظر في الداخل إذا كانت قاعدة متكئة ولو نظر إلى دبرها لا تثبت الحرمة ولو جامع الرجل رجلاً لا يحرم على الفاعل أم المفعول به وابنته وكذلك لو لاط امرأة لا يحرم عليه أمها وابنتها ولو مس امرأة بشهوة فأمنى أو نظر إلى فرجها فأمنى لا تثبت حرمة المصاهرة ولو مس شعر امرأة عن شهوة قالوا لا تثبت حرمة المصاهرة وذكر في الكنسائيات إنها تثبت وإذا فجر الرجل بامرأة ثم تاب يكون محرماً لأبتنها لأنه حرم عليه نكاح ابنتها على التأبيد وهذا دليل على أن المحرمية تثبت بالوطء الحرام وبما تثبت به حرمة المصاهرة ولو نظر إلى فرج امرأة عن شهوة وراء ستر رقيق أو زجاج يستبين فرجها تثبت حرمة المصاهرة ولو نظر في مرآة ورأى فيها فرج امرأة فنظر عن شهوة لا تحرم عليه أمها وابنتها لأنه لم يرى فرجها وإنما رأى عكس فرجها ولو كانت المرأة على شط حوض أو على قنطرة فنظر الرجل في الماء فرأى الرجل فرجها فنظر عن شهوة لا تثبت الحرمة ولو كانت المرأة في الماء فرأى الرجل فرجها من الخارج فنظر عن شهوة تثبت الحرمة إذا تزوج الرجل امرأة وخلا بها وهو صائم صوم رمضان أو محرم ثم طلقها روى هشام عن محمد رحمه الله تعالى أنه يحل له أن يتزوج بابنتها ولو نظر إلى غير الفرج من الأعضاء عن شهوة أ, نظر إلى الفرج لا عن شهوة لا تثبت الحرمة ولو (فراغ) الثلاث أركب امرأة أو أنزلها وبينهما ثوب صفيق لا تثبت الحرمة وكذا لو احتلم على امرأة لا تثبت الحرمة وكذا لو جامع ميتته لا تثبت الحرمة وإذا كانت المرأة مع ابنة مشتهاة لها في فراش فمد الرجل يده إلى امرأته ليجرها إلى فراشه ليجامعها فأصابت يد الرجل ابنة المرأة فقرصها بإصبعه على ظن أنها امرأته فإن وقعت يده على الابنة وهو يشتهي بها حرمت عليه امرأته وإن كان يظن أنها امرأته لوجود المس عن شهوة وإن اختلفا
<363> في الشهوة فالقول قول الزوج لأنه ينكر الحرمة وإذا نظر الرجل إلى فرج ابنته بغير شهوة فتمنى أن تكون له جارية مثلها فرقعت منه شهوته مع وقوع بصره قالوا إن كانت الشهوة وقعت على ابنته حرمت عليه امرأته وإن كانت الشهوة وقعت على التي تمناها لا تحرم لأن نظره في هذا الصورة إلى فرج الابنة لم يكن عن شهوة. امرأة لها زوج جدة يكون محرماً لها إن كان دخل بالجدة كانت الجدة من قبل الأب أو من قبل الأم وأما زوج بنتها وزوج بنت ولدها يكون محرماً لها دخل بهما أو لم يدخل لأن البنت لا تحرم بنفس نكاح الأم فلا تحرم بنفس نكاح الجدة أما الأم فتحرم بنفس نكاح البنت عندنا فتحرم بنفس نكاح بنت البنت وبنت الابن ولا بأس للمرأة أن تسافر مع ابن زوجها لأنه محرم ولكن لا يرفعها ولا يضعها مخافة أن يقع في قلبه شيء. صغيرة فزعت في المنام فهربت إلى فراش والدها عريانة وانتشر لها أبوها وهي بنت ثمان سنين قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أخشى أن تحرم والدتها على أبيها ووطء الصبي الذي يجامع مثله بمنزلة وطء البالغ في ذلك قالوا والصبي الذي يجامع مثله أن يجامع ويشتهي وتستحي النساء من مثله.
وأما المحرمات لا على سبيل التأبيد تسعة منها لزيادة على العدد المشروع والعدد والمشروع للأحرار وهو الأربع من الحرائر والإماء أما المملوك له أن يتزوج امرأتين لا غير عندنا وإذا تزوج الحر خمسة على التعاقب جاز نكاح الأربع الأول ولا يجوز نكاح الخامسة وإن تزوج خمسا في عقد فسد الكل وكذا العبد إذا تزوج ثلاث نسوة ولو تزوج الحربي خمساً ثم أسلموا إن تزوجهن على التعاقب جاز نكاح الأربع الأول ويفرق بينه وبين الخامسة عند الكل وإن تزوجهن جملة فرق بينه وبين الكل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وإن تزوج واحدة ثم أربعة جاز نكاح الواحدة لا غير وقال محمد وزفر والشافعي رحمهم الله تعالى له أن يختار منهن أربعة كيفما تزوج والحر إذا تزوج عشر نسوة على التعاقب جاز نكاح التاسعة والعاشرة لأنه لما تزوج الخامسة كان ذلك دليلا على فساد نكاح الأربع قبلها فلما تزوج التاسعة دل ذلك على فساد نكاح الأربع قبلها فيجوز نكاح التاسعة(1/178)
<364> والعاشرة.ومنها الجمع بين الأختين نكاحا حرتين كانتا أو أمتين إن تزوجهما جملة بطلا وإن تزوجهما على التعاقب صح الأول وبطل الثاني. ومنه الجمع بين الأختين وطأ إذا وطئ الرجل أخت امرأته بشبهة تجب العدة على الموطوأة وما لم تنقض عدتها لا يحل له أن يطأ المنكوحة ولو اشترى أمتين أختين ليس له أن يطأهما فإن وطء واحدة منهما لا يحل له وطأ الأخرى حتى يحرم فرج الموطوءة على نفسه بيع أو هبة أو صدقة أو كتابة أو عتق أو تزويج إن وطئهما ليس له أن يطأ واحدة منهما حتى يحرم فرج الأخرى كما قلنا وإن باع واحدة منهما أو زوج أو وهب ثم ردت المبيعة بعيب أو رجع في الهبة أو طلق المنكوحة زوجها وانقضت عدتها لم يطأ واحدة منهما حتى يحرم الأخرى على نفسه كما قلنا. ومنها الجمع بينهما وطأ حكما كما إذا ملك أخت منكوحة لم يطأ المملوكة ولو ملك جارية ووطئها ثم تزوج أختها جاز النكاح عندنا ولا يطأ واحدة منهما حتى يحرم المملوكة على نفسه بما قلنا ولو تزوج أختين معاً وفسد نكاحهما ثم فارقهما له أن يتزوج واحدة منهما للحال وإن تزوجهما في عقد وفسد نكاحهما ووطئهما كان عليهما العدة وما دامتا في العدة لا يجوز له نكاح أحدهما فإن انقضت أحدهما جاز أن يتزوج الأخرى ولو تزوج امرأة ثم نكح أختها جاز نكاح الأولى وبطل نكاح الثانية وإن وطئ الثانية لم يطأ الأولى حتى تنقضي عدة الثانية. ومنها إذا جمع بين الأختين في نكاح وعدة نكاح إذا تزوج امرأة وأختها في عدتها من طلاق بائن في نكاح صحيح أو في العدة من نكاح فاسد لا يصح عندنا ولو قال زوج المعتدة أخبرتني أن عدتها قد انقضت وذلك في مدة تنقضي في مثلها العدة كان له أن يتزوج باختها وأربع سواها عندنا خلافاً لزفر وخلافاً للشافعي رحمهما الله تعالى إن كان الطلاق رجعياً. ومنها الجمع بين الأختين نكاحاً وعدة عتاق صورتها إذا اعتق أم ولده كان عليها الاعتداد بثلاث حيض ولا يحل له أن يتزوج بأختها ولا بأربع سواها في عدتها عند زفر رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز كلاهما وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى(1/179)
<365>لا يجوز نكاح الأخت ويجوز نكاح الأربع. ومنها الجمع بين زواتي رحم محرم لا يجوز له أن يتزوج امرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنة أختها ولا على ابنة أخيها ولو تزوجهما معاً لا يصح نكاحهما قالوا كل امرأتين لو كانت إحداهما ذكر أو الأخرى أنثى حرم النكاح بينهما لا يجوز أن يجمع بينهما في النكاح إلا في مسئلة إذا جمع بين امرأة وبين أبنه زوج كان لها قبل ذلك فإنه يجوز ذلك. ومنها الجمع بين الحرة والأمة في النكاح إن نكحهما جملة صح نكاح الحرة وبطل نكاح الأمة وإن نكح الأمة ثم الحرة صح نكاحهما ولو نكح الحرة ثم الأمة لا يصح نكاح الأمة ولو تزوج الأمة حرة في عدته لا يجوز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى ولو جمع بين خمس حرائر وأربع إماء في عقد صح نكاح الإماء ولو تزوج حرة وأمة معاً والحرة في نكاح الغير أو في عدة الغير صح نكاح الأمة ولو تزوج أمة بغير إذن مولاها ثم تزوج حرة بطل نكاح الأمة لا تعمل فيه إجازة المولى بعد ذلك ولا يجوز للعبد أ ن تزوج أمة على حرة عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى وطول الحرة عندنا لا يمنع نكاح الأمة. ومن المحرمات الكافرة بكفر مخصوص لا تحل الوثنية للمسلم وتحل لكل كافر إلا المرتد ولا يجوز نكاح المرتدة لأحد والمجوسية لا تحل للمسلم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويجوز للمسلم نكاح اليهودية والنصرانية وإذا تزوج المسلم كتابية حربية في دار الحرب جاز ويكره فإن خرج بها إلى دار السلام بقيا على النكاح والمبيض إذا تزوج مبيضة بشهود وولي ثم أسلما جميعاً وتركا ما كانا يعتقدانه من النفاق في باطنهما وكان الزوج خلا بها أو لم يخل بها ثم إن المرأة تزوجت بزوج آخر بعد إسلامها قل إن تقع الفرقة بينها وبين زوجها الأول قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن كانا يظهران الإسلام ويعتقدان الكفر كان نكاحهما جائز ولا يجوز نكاح المرأة مع الزوج الثاني وإن كانا يظهران الكفر أو أحدهما كانا بمنزلة المرتدين لم يصح نكاحهما ويصح نكاح المرأة مع الثاني ويجوز للحر نكاح <366>الأمة الكتابية عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله تعالى ولا يجوز نكاح منكوحة الغير و معتدة الغير عند الكل ولو تزوج بمنكوحة الغير وهو لا يعلم أنها منكوحة الغير فوطئها تجب العدة وإن كان يعلم أنها منكوحة الغير فوطئها لا تجب العدة حتى لا يحرم على الزوج وطؤها والمهاجرة لا عدة عليها ولها أن تتزوج للحال في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى عليها العدة ولا يجوز نكاحها قبل انقضاء العدة ولو هاجر الزوج كان له أن يتزوج بأختها وأربع سواها وإن كانت المهاجرة حاملاً لا تتزوج في رواية محمد عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى إن بها أن تتزوج لكن لا يطؤها زوجها حتى تضع الحمل ويجوز نكاح الحامل من الزنا ولا يقربها زوجها حتى تلد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يجوز نكاحها وإذا رأى الرجل امرأة تزني فتزوجها جاز النكاح وللزوج أن يطأها من غير إستبراء وقال محمد رحمه الله تعالى لا أحب له أن يطأها من غير أن يستبرئها وإن تزوج الذمي كافرة معتدة من كافر جاز في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإن أسلما بقيا على النكاح وإن ترافعا الأمر إلى القاضي لا يبطل القاضي النكاح بينهما خلافاً لأبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى ولو كانت الكتابية في عدة المسلم لا يجوز للمسلم ولا للذمي أن يتزوجها حتى تنقضي عدتها والذمي إذا أبان امرأته الذمية فتزوجها مسلم أو ذمي من ساعته ذكر بعض المشايخ رحمهم الله تعالى أنه يجوز نكاحها ولا يباح وطؤها حتى يستبرئها بحيضة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول صاحبيه نكاحها باطل حتى تعتد بثلاث حيض وروى أصحاب الأمالي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا عدة عليها وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى اختلف المشايخ في وجوب العدة على الذمية في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال بعضهم لا عدة عليها وقال بعضهم تجب العدة إلا إنها ضعيفة لا تمنع النكاح كالإستبراء بين المسلمين بخلاف ما إذا كانت الذمية معتدة من مسلم لأن تلك العدة قوية(1/180)
<367>فتمنع النكاح.رجل وطئ امرأة أبيه حرمت على أبيه وكان على الأب كل المهران دخل بها فإن قال الابن علمت أنها عليّ حرام وتعمدت إفساد النكاح كان عليه الحد ولا يرجع الأب عليه بما غرم من المهر لأن وجوب الحد عليه يمنع وجوب الضمان وإن لم يعلم الابن بذلك ووطئها عن شبهة لا حد عليه وتحرم على أبيه ويجب المهر على الأب إن دخل بها ولا يرجع على الابن لأنه لم يتعمد الفساد وإن قبل امرأة أبيه عن شهوة حرمت على أبيه ويجب المهر على الأب إن كان دخل بها فإن قال الابن تعمدت إفساد النكاح رجع الأب عليه بما غرم من المهر وإن لم يتعمد الفساد لا يرجع ولا يحل للرجل أن يتزوج حرة طلقها ثلاثاً قبل إصابة الزوج الثاني ولا أمة طلقها ثنتين وكما لا يجوز له نكاحها لا يحل له وطؤها بملك اليمين
(فصل في إقرار أحد الزوجين بالحرمة وفساد النكاح بسبب النسب وبطلان النكاح بملك اليمين) المطلقة الثلاث إذا أتت الزوج الأول وقالت تزوجت بزوج آخر ودخل بي وطلقني وانقضت عدتي إن كانت ثقة ووقع عند الأول أنها صادقة وكان ذلك بعد مدة تنقضي فيها العدتان وذلك أربعة أشهر فصاعدا حل للزوج الأول أن يتزوجها و إن كان بعد مدة لا تنقضي فيها العدتان لا يحل وكذا لو أقرت المرأة بذلك وأنكر الزوج الثاني حل نكاحها للأول ولو أقر الزوج الثاني بذلك وأنكرت المرأة دخول الثاني لا يحل للأول وإن كان الأول تزوجها بعد مدة ولم تقل المرأة شيئاً ثم قالت تزوجني وكنت في عدة الثاني أو قالت كنت تزوجت بالزوج الثاني ولم يدخل بي قالوا إن كانت عالمة بشرائط الحل للأول لا يقبل قولها وللأول أن يمسكها وإن كانت جاهلة قبل قولها وكذا الرجل إذا تزوج امرأة كانت منكوحة الغير قد طلقها فقالت المرأة للثاني تزوجتني وأنا معتدة عن الأول قال الشيخ الإمام أبو بكر ابن الفضل رحمه الله تعالى إن كان بين نكاح الثاني وطلاق زوجها الأول شهران لا يقبل قولها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويكون إقدامها على النكاح إقراراً منها بانقضاء العدة وإن كان بين طلاق الأول ونكاح الثاني أقل من شهرين كان القول قولها ويفرق بينها وبين الثاني وهذا
<368>بخلاف ما إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ثم تزوجها بعد مدة فقالت تزوجتني قبل أن أتزوج بزوج آخر كان القول قولها ولا يكون إقدامها على نكاح الأول إقرارا منها بأنها تزوجت بزوج آخر لأن انقضاء العدة لا يعرف إلا بقولها فجعل أقدمها على النكاح بمنزلة إقرارها بانقضاء العدة ولا كذلك النكاح لأن الوقوف على نكاح الثاني ممكن فلم يجعل إقدامها إقراراً منها بوجود النكاح فإن كان الزوج الأول تزوجها بعد شهور ثم قال لها تزوجتك قبل إصابة الزوج الثاني أو تزوجتك قبل نكاح الثاني وقالت المرأة لا بل كان بعد ذلك كان القول قول المرأة ويفسد النكاح بإقرار الزوج ولها عليه نصف المسمى إن كان لم يدخل بها والكل إن كان دخل بها. إذا تزوج الرجل امرأة قد كان لها زوج طلقها فقال الزوج الثاني تزوجتك قبل انقضاء العدة وقالت المرأة قد كنت أسقطت بعد الطلاق سقطا استبان خلقه كان القول قول الزوج ويفرق بينهما ولو قالت المرأة قد كنت أسقطت قبل نكاحك بعد طلاق الأول سقطاً استبان خلقة وقال الزوج تزوجتك قبل انقضاء العدة كان القول قولها ويفرق بينهما ولها عليه المهر إن كان دخل بها ونصف المهر إن لم يدخل بها وفيا لوجه الأول يفرق بينهما ولا مهر على الزوج إن لم يكن دخل بها. امرأة تزوجت بزوج ودخل بها ثم قالت لم أكن رضيت بنكاح الأب وقد رددت نكاح الأب حين علمت وأقامت البينة على ذلك قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد ابن الفضل رحمه الله تعالى تقبل بينتها على رد النكاح وقال قاضي الإمام أبو على النسفي رحمه الله تعالى لا تقبل بينتها لأن التمكين بمنزلة الإقرار على جواز النكاح فكانت مكذبة ظاهراً. رجل تزوج امرأة ثم أقر أن فلاناً تزوجها وطلقها وانقضت عدتها ثم تزوجها وقالت المرأة هو زوجي على حاله لم يطلقني لم يفرق بينهما فإن حضر الغائب وأنكر الطلاق يقضى له بالمرأة ويفرق بينها وبين الآخر فإن أقر الأول بالنكاح والطلاق وانقضاء العدة وكذبته المرأة في الطلاق فالطلاق واقع وعليها العدة كأنه طلقها للحال ويفرق بينها وبين الآخر وإن صدقته المرأة في ذلك كانت المرأة للأخر وإن أنكرت ما أقر به الأول من(1/181)
<369>النكاح والطلاق كانت المرأة للآخر ولو تزوج امرأة ثم قال كان لها زوج قبلي طلقها وانقضت عدتها وقالت المرأة لم يطلقني وأنا امرأته وقال زوجها الأول طلقتك وانقضت عدتك كان القول قوله إذا تزوج الرجل امرأة وقالت المرأة تزوجتني بغير شهود أو في العدة أو كنت أمة فتزوجتني بغير إذن المولى أ, تزوجتني حال ما كنت مجوسية وأنكر الزوج ذلك وادعى النكاح الجائز كان القول قول الزوج ولو ادعى الزوج فساد النكاح بشيء مما ذكرنا فأنكرت المرأة وادعت الصحة فرق بينهما وله عليه نصف المهر إن كان لم يدخل بها والكل إن دخل بها.رجل أقر أن المرأة أمه أو أخته من الرضاع أو بنته ثم أراد أن يتزوجها وقال أوهمت أو أخطأت أو نسيت وصدقته المرأة فيما ادعى من النسيان والغلط كان له أن يتزوجها وإن ثبت الرجل على إقراره وقال هو حق كما قلت لم يكن له أن يتزوجها وإن كان إقراره بذلك بعدما تزوجها فرق بينهما إن ثبت على إقراره وكذا لو أقرت المرأة بذلك وأنكر الزوج ثم أكذبت المرأة نفسها وقالت أخطأت أو غلطت فتزوجها جاز النكاح وإن كان إقرارها بذلك بعد النكاح بقيا على النكاح ولو تزوج امرأة ثم قال بعد ذلك هي أختي أو بنتي أو أمي من الرضاع ثم قال أوهمت ليس الأمر كما قلت لا يفسد النكاح بينهما ولو ثبت على إقراره وقال هو حق كما قلت أو أشهد عليه شهود فرق بينهما فإن جحد بعد ذلك لا ينفعه جحوده وكذا لو قال هذه ابنتي أو أختي وليس لها نسب معروف ثم قال أوهمت صدق ولو قال لعبده أو لأمته هذا ابني أو ابنتي يعتق ولا يشترط الثبات على إقراره وكذا لو قال لامرأته هي ابنتي من النسب ولها نسب معروف لا يفرق بينهما وإن كان مثلها يولد لمثله وكذا لو قال هي أمي واه أم معروفه ولو قال هي ابنتي وليس لها نسب معروف ومثلها يولد لمثله وثبت على إقراره فرق بينهما وإن أقرت المرأة أنها ابنته ثبت النسب إن كان مثلها يولد لمثله وإن كان مثلها لا يولد لمثله لا يثبت النسب ولا يفرق بينهما وملك اليمين يمنع انعقاد نكاح المولى إذا تزوج الرجل أمته أو مكاتبته أو مدبرته أو أم ولده أو أمة يملك بعضها لم يكن ذلك نكاحا ولو تزوج أمة الغير ثم ملكها
<370>أو ملك بعضها بطل النكاح والمأذون والمدبر إذا اشتريا منكوحتهما لا يبطل النكاح وكذا المكاتب إذا اشترى منكوحة لا يفسد النكاح ولو اشترى المكاتب أمة فتزوجها لا يصح ولو اشترى الحر امرأته بشرط الخيار لا يبطل نكاحه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا المرأة إذا زوجت نفسها من عبدها أو المكاتب إذا تزوج مولاته لا يصح فإن وطئها كان عليه العقر وكذا الرجل إذا أنكح مكاتبته لا يصح فإن وطئها كان عليه العقر لأن النكاح إذا لم يعتبر كان بمنزلة العدم ولو عتق المكاتب بعدما تزوج مولاته لا ينقلب النكاح جائزاً ولو تزوج المكاتب ابنة المولى برضا المولى جاز فإن مات المولى لا يبطل النكاح بعد ذلك إن عتق المكاتب يتقرر النكاح وإن عجز ورد في الرق يبطل نكاح البنت ويسقط كل المهر إن كان قبل الدخول وإن كان بعد الدخول فبقدر حصتها من رقبة الزوج يسقط المهر وتبقى حصة غيرها من الورثة ولو تزوج المكاتب ابنة المولى بعد موت المولى لا ينعقد وإذا تزوج الرجل بجارية ولده جاز عندنا فإن ولدت منه أولاد اعتقوا على المولى لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية فإذا ملك المولى أخاه يعتق ولا تصير الجارية أم ولد للأب عندنا خلافاً لزفر رحمه الله تعالى وكذا لو ولدت منه أولاداً بنكاح فاسد أو بالوطأ عن شبهة ولو ولدت منه بفجور تصير الجارية أم ولد له ولو تزوج الابن جارية أبيه بإذن الأب جاز النكاح فإن ولدت منه ولداً كان الولد حراً لأن المولى ملك ابن أبنه ولا تصير الجارية أم الولد للابن لعدم الملك ولو كان الابن وطئها بغير نكاح أو شبهة نكاح لا يثبت النسب منه وإن ادعى الولد فإن صدقه الأب في أنه وطئها وإن الولد منه عتق على الأب بإقراره لأنه لو ملك أبنه من الزنا يعتق عليه فكذا إذا ملك ابن أبنه من الزنا فإن قال الابن علمت أنها لا تحل لي كان عليه الحد وإن قال ضننت أنها تحل لا يحد صغير وصغيرة بينهما شبهة الرضاع لا يعلم ذلك حقيقة قالوا لا بأس بالنكاح بينهما هذا إذا لم يخبر بذلك إنسان فإن أخبر بذلك عدل ثقة يؤخذ بقوله فلا يجوز النكاح بينهما وإن كان الخبر بعد النكاح وهما كبيران فلأحوط إن يفارقها روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه(1/182)
<371>وقال محمد رحمه الله تعالى يعتبر ستة أشهر من وقت الدخول وعليه الفتوى وفي النكاح الصحيح أجمعوا على أنه تعتبر المدة من وقت النكاح وقال بعضهم لا يشترط الدخول في النكاح الصحيح ولكن لا بد من الخلوة الصحيح رجل زنى بامرأة فحبلت منه فلما استبان حملها تزوجها الزاني ولم يطأها حتى ولدت قالوا إن لم تكن في عدة الغير جاز النكاح وعليها التوبة وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إن جاءت بولد لستة أشهر فصاعداً من وقت النكاح جاز النكاح ويثبت النسب وإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح لا يثبت النسب ولا يرث منه إلا أن يقول الرجل هذا الولد مني ولا يقول من الزنا. رجل اتهم بامرأة ظهر بها حبل فزوجها أبوها منه والزوج ينكر أن يكون الحبل منه جاز النكاح في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأن عندهما يجوز نكاح الحامل من الزنا لكن لا يحل للزوج وطئها حتى تضع حملها. رجل تزوج امرأة فجاءت بسقط استبان خلقه أو بعض خلقه قالوا إن جاءت لأربعة أشهر جاز النكاح وإن جاءت لأربعة أشهر إلا يوماً لا يجوز لأن الخلق لا يستبين في أقل من مائة وعشرين يوماً فإذا أسقطت استبان خلقه كان السقط من زوج قبله فلا يجوز النكاح وإن ولدت ولداً تاماً إن ولدت لستة أشهر من وقت النكاح يثبت النسب منه ويجوز نكاحها وإن لولدت لأقل من ذلك لا يجوز نكاحها في التام تعتبر الشهور بالأهلة وفي الناقص يعتبر بالأيام ولو كان النكاح في عشر من الشهر يعدلها عشرون يوماً من هذا الشهر وخمسة أشهر بالأهلة وعشرة أيام من الشهر السادس وكذلك في عدة الآيسة. رجل غاب عن امرأة
<372>وهي بكر أو ثيب فتزوجت بزوج آخر وولدت كل سنة ولداً قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الأولاد للأول ويجوز للأول دفع الزكاة إليهم وتجوز شهادتهم له ولا يجوز للزاني دفع الزكاة إلى ولده من الزنا وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه رجع عن هذا وقال لا تكون للأولاد للأول وإنما هم للثاني وعليه الفتوى ولا يجوز للزوج دفع الزكاة إلى ولد الملاعنة ولا تقبل شهادته له وذكر هشام رحمه الله تعالى في النوادر تجوز شهادة ولد الملاعنة للزوج. رجل تزوج امرأة فولدت ولداً لخمسة أشهر فقال الزوج الولد ولدي بسبب أوجب أن يكون الولد لي فقالت المرأة لا بل هو من الزنا في رواية القول قول الرجل وفي رواية القول قولها وإن جاءت بولد لأكثر من سنتين من وقت النكاح والمسألة بحاله كان القول قول الزوج وفي رواية الحسن رحمه الله تعالى القول قول المرأة أيضاً عبد تزوج أمة بإذن مولها ثم اشتراه رجل فادعى المشتري أنهما ولداه ومثلهما يولد لمثله فهما ولداه ويفسد النكاح بينهما وإن أنكرا ذلك وعن محمد رحمه الله تعالى رجل اشترى أمة فولدت منه ثم جاء رجل وأقام بينة أنها امرأته زوجها منه مولاها قال اجعلها امرأته واجعل الولد ولد الزوج لأنه صاحب فراش ويعتق الولد على المولى لدعواه أنه ولده رجل تزوج امرأة فجاءت بولد تام لأقل من ستة أشهر قال محمد رحمه الله تعالى النكاح فاسد في قولي وفي قول أبي يوسف رحمه الله تعالى.مجبوب تزوج امرأة فمكثت عنده زماناً ثم جاءت بولد قال أبو يوسف رحمه الله تعالى الولد ولده ويحلها ذلك لزوج كان قبله طلقها ثلاثاً. رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل الدخول وتزوج بابنتها فجاءت الأم بولد لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق فنفاه قال أبو يوسف رحمه الله تعالى بانت منه امرأته وله أن يتزوج الأم بعد ذلك ولا يمنعه عن ذلك زعمه أن نكاح البنت كان جائزاً. امرأة بلغها وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت بزوج وولدت ولداً ثم جاء الزوج الأول حياً كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أولاً الولد للأول ثم رجع وقال الولد للثاني. رجل طلق امرأته بائناً أو رجعياً فتزوجت(1/183)
<373>في العدة ثم ولدت لسنتين من طلاق الأول أو لستة أشهر أو أكثر من نكاح الثاني قال أبو يوسف رحمه الله تعالى الولد للأول بخلاف ما تقدم لأنا لو جعلناه للثاني لحكمنا بانقضاء العدة عن الزوج الأول فلا يحكم بمنزلة أم ولد أعتقها مولاها أو مات عنها ولزمتها العدة ثم تزوجت في العدة فجاءت بولد لسنتين من حين مات المولى أو اعتق ولستة أشهر منذ تزوجت فادعياه جميعاُ فإن الولد للمولى في قولهم لكان العدة التي كانت بخلاف أم ولد تزوجت بغير إذن المولى فولدت لستة أشهر فصاعداً من وقت النكاح فادعاه المولى والزوج فإن الولد يكون للزوج في قولهم جميعاً فلو طلقها طلاقاً رجعياً فتزوجت رجلاً في العدة ثم طلقها الزوج الثاني فجاءت بولد لسنتين وشهر من طلاق الأول ولستة أشهر فصاعداً من طلاق الثاني فإن الولد يكون للثاني لأنا لو جعلناه للأول لحكمنا بالرجعة. امرأة طلقها زوجها ثلاثاً وهي آيسة فأخبرت بعد شهور أن عدتها قد انقضت بالأشهر ثم جاءت بولد لأكثر من سنتين قال أبو يوسف رحمه الله تعالى تنقضي عدتها بالولادة ولا يكون الولد للزوج إلا أن يدعي. رجل تزوج امرأة وطلقها من ساعته فجاءت بولد على تمام ستة أشهر من وقت النكاح كان الولد ولده عندنا خلافاً لزفر رحمه الله تعالى وإن جاءت بالولد لأكثر من ستة أشهر من النكاح أو لأقل من ذلك لا يكون للزوج.امرأة قالت في عدة الوفاة لست بحامل ثم قالت من الغد أنا حامل كان القول قولها فإن قالت بعد أربعة أشهر وعشرة أيام لست بحامل ثم قالت أنا حامل لا يقبل قولها ألا أن تأتي بولد لأقل من ستة أشهر ومن موت زوجها فيقبل قولها ويبطل إقرارها بانقضاء العدة.رجل خالع امرأته بمهرها ونفقة عدتها وكل حق لها عليه فأقرت المرأة وقت الخلع وقالت أنا حائض غير حامل من زوجي ثم أقرت في الشهرين قبل أن تقر بانقضاء العدة وقالت أنا حامل من زوجي وأنكر الزوج الحمل لا تصح دعواها.رجل له جارية غير محصنة تخرج وتدخل ويعزل عنها المولى فجاءت بولد وأكبر ظن المولى أن الولد ليس منه كان في سعة من نفيه وإن كانت محصنة لا يسعه نفيه لأنه ربما يعزل فيقع الماء في الفرج الخارج ثم يدخل فلا يعتمد على العزل. جارية هربت من
<374>مولاها يوماً ثم وجدها ويطؤها ويعزل عنها فظهر بها حبلى وولدت بعد ستة أشهر منذ هربت ومات الولد فإن كانت الجارية هربت إلى متهم بها كان المولى في سعة من بيع الجارية وإن كانت الجارية عفيفة لم يظهر منها فجور لا ينبغي له أن يبيعها بل ينبغي أن يقر ويشهد أنها أم ولد له حتى لا تباع بعد موته لأن الغالب أن الولد يكون منه فيلزمه ذلك ديانة ولا يعتمد على العزل. رجل زوج أمته من رضيع ثم جاءت بولد فادعاه المولى أنه منه يثبت النسب لأنه أقر بنسب من ملكه وليس له نسب معلوم ولو كان الزوج مجبوباً لم يثبت النسب من المولى لأنه ثابت النسب من الزوج وعلى الزوج كل المهر لكان الدخول حكماً. رجل طلق امرأته طلاقاً رجعياً فولدت لأقل من سنتين بيوم فنفاه ثم ولدت ولداً آخر بعد سنتين بيوم فهما ابناه وتثبت الرجعة لأنهما توأمان خلقا من ماء واحد والولد الثاني من علوق بعد الطلاق فكان الأول كذلك والوطء بعد الطلاق رجعة رجل طلق امرأته طلاقاً بائناً بعد الدخول فخرج منها رأس الولد قبل سنتين ثم خرج الباقي بعد سنتين فإن الولد لا يكون من الزوج حتى يخرج أكثر الولد قبل سنتين. رجل تزوج صغيرة يجامع مثلها ولم تبلغ الحيض فدخل بها ثم طلقها تطليقة رجعية فقالت بعد شهر أنا حامل ينظر إن جاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الطلاق أو لأكثر من سنتين من وقت الطلاق أو لأقل من ستة أشهر من حين قالت أنا حامل كان الولد للزوج(باب في ذكر مسائل المهر) المهر لا يكون إلا من مال متقوم فإن سمى مالاً مجهول الجنس بأن تزوج امرأة على دابة أو ثوب كان لها مهر المثل بالغاً ما بلغ لأن التسمية لم تصح وكذا لو تزوجها على دار ولم يبين موضع الدار لو تزوج امرأة على عبد أو ثوب هروي صحت التسمية ولها الوسط من ذلك ولا يجب مهر المثل والزوج بالخيار إن شاء أعطاها الوسط من ذلك وإن شاء أعطاها قيمة الوسط ولو تزوجها على كر حنطة ولم يصف كان له الخيار إن شاء أعطى كراً وسطا وإن شاء أعطاها قيمة الوسط وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أن عيه الوسط بعينه ولو وصف الكر فقال وسطاً أو وردياً كان عليه(1/184)
<375>تسليم الكر ولو تزوج على ثوب موصوف خير الزوج في ظاهر الرواية إن شاء أعطاها ثوباً من ذلك النوع وإن شاء أعطاها القيمة ولو تزوج امرأة على خمسة دراهم يكمل لها عشرة دراهم لا يزاد عليها وإن كان مهر مثلها أكثر ولو تزوج على نصيبه من هذه الدار قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لها الخيار أن شاءت أخذت النصيب وإن شاءت مهر مثلها لا يزاد على قيمة الدار إن كان مهر مثلها أكثر وعلى قول صاحبيه رحمهما الله تعالى لها النصيب من الدار إن كان النصيب يساوي عشرة دراهم ولو زوج امرأة على ثوب قيمته ثمانية فلها الثوب ودرهمان فإن لم تقبض الثوب حتى بلغت قيمته عشرة دراهم فلها الثوب ودرهمان تعتبر قيمة الثوب يوم العقد ولو تزوج امرأة على تبر فضة وزنه عشرة ولا يساوي عشرة مضروبة كان لها ذلك ولا تجب الزيادة وفي سرقة مثلها لا يقطع مالم يبلغ قيمتها عشرة مضروبة يعتبر الوزن والقيمة جميعاً احتيالاً للدرء وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقطع في الدراهم الزيفة والبهرجه إذا زوج فيما بين الناس وفي الزكاة تجب في كل مائتي درهم زيوف خمسة منها ولو تزوج امرأة على ألف من دراهم البلد فكسدت قبل القبض فصار النقد غيرها قالوا إن كانت تلك الدراهم تروج لوجدت فلها تلك الدراهم لا غير وإن قلت قيمتها من الذهب وإن انقطعت تلك الدراهم فلا توجد أو صارت لا تزوج فيما بين الناس كان على الزوج قيمة تلك الدراهم قبل الكساد ولو كانت ثمناً فكسدت قبل القبض فسد البيع في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن هذا اختاروا في زماننا تسمية الدراهم والدنانير في المهور.رجل تزوج امرأة على قيمة هذا العبد أو على قيمة هذه الدار جاز النكاح بمهر مثلها لا تسمى مجهول الجنس. رجل تزوج امرأة على الألف الذي له على فلان جاز النكاح ولها الخيار إن شاءت أخذت الزوج بألف وإن شاءت اتبعت المديون وتأخذ الزوج حتى يوكلها بقبض الدين من المديون ولو تزوجها على أن أبر فلاناً مما له عليه من الدين برئ فلان ولها مهر مثلها على الزوج ولو تزوجها على الألف التي له على فلان إلى سنة فرضت ذلك فتزوجها على ذلك كان لها الخيار إن شاءت أخذت
<376>الزوج بالمال وإن شاءت اتبعت المديون فإن اختارت أخذ الزوج أخذته بالمال إلى سنة ولو تزوج امرأة على هذه العشرة الأثواب فإذا هي تسعة قال محمد رحمه الله تعالى لها التسعة وتمام مهر مثلها أكثر من قيمة التسعة وفي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لها التسعة لا غير إن كانت قيمة التسعة عشرة دراهم ولو كانت الثياب أحد عشر قال محمد رحمه الله تعالى يعطيها عشرة منها إي عشرة شاء وفي قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن كان مهر مثلها مثل العشرة إذا عزل أخسها يعزل الأخس ولها غير ذلك وإن كان مهر مثلها مثل العشرة الباقية إذا عزل الأجود يعزل الأجود ولها العشرة الباقية لا غير وإن كان مهر مثلها أكثر من قيمة الأثواب إذا عزل الأجود وأقل من قيمة الأثواب إذا عزل الأخس كان لها مهر المثل وهو بمنزلة ما لو تزوج امرأة على هذا العبد أو على هذا العبد وأحدهما أوكس والآخر أرفع والفتوى على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى. رجل تزوج امرأة على حنطة بعينها على أنها عشرة أكرار فإذا هي تسعة أكرار كان لها التسعة وكر آخر مثل التسعة ولو تزوج امرأة على قراح على أنها عشرة أجربة فإذا هي خمسة أجربة لها الخيار أن شاءت أخذت القراح كما هي وإن شاءت أخذت قيمة عشرة أجربة مثل هذا القراح. رجل قال لامرأة زوجيني نفسك على أربعة آلاف درهم على أن تدعي لوالدي ألف ولوالدتي ألف فقبلت جاز النكاح بألفي درهم سواء كان مهر مثلها أقل أو أكثر إذا كان الترك من قبل المرأة لشخص مسمى ويكون النكاح على الحاصل ولو تزوج امرأة على أربعمائة دينار على أن يعطيها بها أربعاً من الخدم بأعيانها فهو جائز وكذا لو زوجها يعطي أربعاً من الخدم كل خادم بمائة دينار أو تزوجها على أربعمائة دينار على أن يعطيها هذه الجارية بعينها بمائة وهذا البيت بمائة وعلى أن يحط عنه مائة وعلى أن مائة على ظهره صح هذا الشرط وكذا لو تزوجها على أربعمائة دينار على أن يعطي بكل مائة خادماً يجوز الشرط ولها أربع من الخدم الأوساط وكذا لو تزوجها على مائة درهم على أن يسوق بذلك إليها عشراً من الإبل الأوساط(1/185)
<377>فيجوز استحساناً والقياس بخلاف ذلك قال محمد رحمه الله تعالى أجيز في النكاح ما لا أجيز في البيع ولو تزوج امرأة على طلاق امرأة له أخرى أو على دم عمد له عليها أو على وليها أو على أن يعلمها القرآن أو على أن يحج بها كان لها مهر مثلها ولو تزوجها على حجة كان لها قيمة حجة وسط ولو تزوجها وهو حر على يخدمها سنة كان لها مهر مثلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وكذا لو تزوجها على لأن يرعى غنمها سنة أو يزرع أرضها سنة في رواية الأصل ولو تزوجها على خدمة حر آخر سنة ورضي ذلك الحر كان لها عين الخدمة ولو قال الرجل زوجتك ابنتي هذه على أن تزوجني ابنتك فلانة جاز النكاح ولكل واحد منهما مهر مثلها وكذا لو تزوجها على ثوب يساوي خمسين درهماً كان لها مهر المثل ولو تزوجها على هذا العبد فإذا هو حر أو على هذا الدن من الخل فإذا هو خمراً وعلى هذه الشاة فإذا هي خنزير أو على هذه الشاة الذكية فإذا هي ميتة كان لها مهر المثل ولو قال تزوجتك على هذا الحر فإذا هو عبد أو على هذا الخنزير فإذا هو شاة أو على هذه الشاة الميتة فإذا هي ذكية أو على هذا الخمر فإذا هو خل روى محمد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن لها مهر المثل وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أن لها الشار أليه وهو الصحيح ولو جمع بين مال وغير مال فقال تزوجتك على هذين العبدين فإذا أحدهما حر أو على هذين الدنين من الخل فإذا أحدهما خمر في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لها ما هو مال إن كان يساوي عشر دراهم وإن كان لا يساوى عشر دراهم يكمل لها عشرة كأنه سمى المال لا غير ولو أشار إلى كالن فقال تزوجتك على هذا العبد أو على هذا العبد وأحدهما أوكس الآخر أرفع فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن كان مهر المثل مثل الأوكس أو أقل منه فلها الأوكس وإن كان مهر المثل مثل الأرفع أو كان أكثر من الأرفع فلها الأرفع وإن كان أكثر من الأوكس وأقل من الأرفع كان لها مهر المثل لا يزاد على الأرفع ولا ينقص عن الأوكس وإن طلقها قبل الدخول بها كان لها نصف الأوكس على كل حال إلا أ، يكون نصف الأوكس أقل من
<378>المتعة فحينئذ تكون لها المتعة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لها الأوكس على كل حال إن كان يساوي عشر دراهم أو أكثر وعلى هذا الخلاف إن تزوجها على ألف درهم أو على ألفين فإن أعتقت المرأة أوكسهما قبل الطلاق فإن كان مهر مثلها مثل الأوكس أو أقل منه جاز عتقها في الأوكس وإن أعتقت الأرفع وكان مهر مثلها أكثر من قيمته جاز عتقها وإن كان أقل منه لم يجز ولا يجوز عتقها في الأرفع بعد الطلاق قبل الدخول على كل حال لو يجوز في الأوكس وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا أعتقت أحدهما قبل الطلاق أو بعده بطل عتقها وإن اعتقهما الزوج جميعاً جاز عتقه فيهما ويضمن قيمة أيهما شاء وإن أعتقتهما المرأة جميعاً قبل الطلاق أو بعده فأيهما صار لها عتيق ول تزوج امرأة على خادمة بعينها نكاحاً فاسداً ودفع الخادمة إليها فأعتقها قبل الدخول فالعتق باطل وإن أعتقتها بعد الدخول فالعتيق جائز ولو تزوج امرأة على ألف وعلى أن يطلق فلانة أو على ألف وعلى أن يعفو عن دم عمد له عليها أو على ألف وعلى أن يعتق أخاها إن وفى بالشرط كان لها الألف لا غير وإن لم يفي يكمل لها مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من الألف ولو تزوجها على أحد هذين العبدين أيهما شئت أنا دفعته إليك فإنه يعطيها أيهما شاء ولو كان هذا في الخلع تعكسه أيهما شاءت المرأة وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ول تزوجها على ألف إن أقام بها وعلى ألفين إن أخرجها من بلدها أو على ألف إن لم يكن لها امرأة وعلى ألفين إن كان له امرأة قال أبو حنيف ة رحمه الله تعالى الشرط الأول جائز إن وافق الشرط كان لها الألف لا غير وإن خالف كان لها مهر المثل لا يزاد على ألفين ولا ينقص (نقص) وينبغي عن ألف ولو تزوجها على ألف حالة أو ألفين إلى سنة إن كان مهر مثلها يبلغ ألفي درهم اختارت ما شاءت ولو تزوجها على هذا الزق من السمن فإذا لا شيء فيه كان لها مثل ذلك الزق سمناً إن كان يساوي عشرة وإن تزوجها على ما في الزق من السمن فإذا لا شيء فيه كان لها مهر المثل وكذا لو كان في الزق شيء آخر من خلاف الجنس ولو تزوج امرأة على جارية على أن له خدمتها ما عاش أو ما في بطنها له كانت الجارية وخدمتها(1/186)
<379>وما في بطنها للمرأة إن كان مهر مثلها مثل قيمة الخادم أو أكثر وأن كان مهر مثلها أقل من قيمة الخادم كان لها مهر المثل إلا أن يسلم الزوج الخادم إليها بإخباره بغير خدمة ولو تزوج امرأة على غنم بعينها على أن أصوافها لي كان له الصوف استحساناً ولو تزوج امرأة على ألف على أن لا يرثها ولا ترثه جاز النكاح بألف كان مهر مثلها أقل أو أكثر ولو قال لامرأة أتزوجك على أن أهب لك ألف درهم أو على أن أهب لك عبدي هذا فتزوجها على ذلك قال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن دفع إليها ما سمى فهو مهرها وإن أبى أن يدفع لا يجبر وكان عليه مهر مثلها ولا يزاد على ألف ولا على قيمة العبد وهو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو تزوج امرأة على عبد فإذا هو مدبر أو مكاتب أو أم ولد والمرأة تعلم بحال العبد أو لم تعلم كان لها قيمة العبد. رجل له على امرأة ألف درهم من ثمن بيع فتزوجها على أن أخر ذلك عنها سنة كان لها مهر المثل والتأخير باطل.رجل طلق امرأته طلاقاً رجعياً ثم راجعها وقال لها زدت في مهرك لم يصح لأنها مجهولة ولو قال راجعتك بهر ألف درهم إن قبلت جاز و إلا فلا لأن هذه زيادة في المهر فتتوقف على قبولها ولو تزوج امرأة بألف ثم جدد النكاح بألفي درهم اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام المعروف بجواهر زاده رحمه الله تعالى في كتاب النكاح أن على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يلزمه الألف الثانية ومهرها ألف درهم وعلى قول أبي يوسف يلزمه الألف الثانية وبعضهم ذكر الخلاف على عكس هذا إن على قولهما يلزمه الألف الثانية وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يلزمه وذكر عصام الدين رحمه الله تعالى أن عليها ألفين ولم يذكر فيه خلافاً وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى في شرح الحيل إذا جدد النكاح في المنكوحة وروى عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه يلزمه المهر الثاني ويكون زيادة في المهر وإليه أشار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في شرح النكاح قال مولانا رضي الله عنه وينبغي أن لا تلزمه الألف الثانية لأنها ليست بزيادة لفظاً فلو تبتت الزيادة إنما تثبت في ضمن النكاح فإذا لم يصح النكاح الثاني لم يثبت ما في ضمنه ولهذا لو باع شياً بألف ثم باعه بألف وخمسمائة
<380> كان البيع الثاني فسخاً للبيع الأول زيادة في الثمن والزيادة في المهر سواء ولو أمكن أن يجعل العقد الثاني زيادة يجعل البيع الثاني زيادة ولا يجعل فسخاً ولهذا لو كان النكاح الأول بألف و الثاني بألف لا يجعل لمال الثاني زيادة في المهر امرأة وهبت مهرها من زوجها ثم إن الزوج أقر بين يدي الشهود أن لها عليه كذا وكذا من المهر تكلموا في ذلك قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى يصح إقراه إذا قبلت ويحمل على أنه زاد في مهرها والزيادة في المهر بعد هبة المهر جائزة لكن لا بد من القبول لأن الزيادة في المهر لا تصح من غير قبول المرأة. رجل قال لامرأته أقررت بمهرك فأنت طالق ثم أراد أن يقر وهو صحيح فإن المرأة تبيع شيئاً من مهرها بمقدار ما يريد أن يقر لها من المهر بعد البراءة فيقر على نفسه لها بثمن المبيع فلا يحنث في يمينه فإن كان الزوج مريضاً لا حيلة له في ذلك. رجل قال لامرأته أبرئيني من مهرك حتى أهب لك فأبرأته وأبي الزوج أن يهب لها شيئاً قال نصير رحمه الله تعالى لا يبرأ الزوج عن المهر. رجل تزوج بامرأة بألف على أن كل الألف مؤجل إن كان الأجل معلوماً صح التأجيل وإن لم يكن لا يصح وإذا لم يصح التأجيل يؤمر الزوج بتعجيل قدر ما يتعارفه أهل البلدة فيؤخذ منه الباقي بعد الطلاق أو بعد الموت ولا يجبره القاضي على تسليم الباقي ولا يحبسه ولو أن أخاً وأختاً ورثا داراً من أبيهما فتزوج الأخ امرأة ببيت بعينه من تلك الدار ثم مات الأخ ولم ترض الأخت بذلك قالوا تقسم الدار بين ورثة الأخ والأخت فإن وقع البيت في نصيب الأخ كان البيت للمرأة بمهرها وإن وقع في نصيب الأخت فللمرأة قيمة البيت في تركة الزوج كما لو تزوج امرأة بعبد فستحق العبد من يد المرأة كان لها أن ترجع بقيمة العبد على الزوج وإن كان الأخ تزوج امرأة على مال ثم أعطاه بذلك المال بيتاً بعينه من تلك الدار والمسألة ب حالها بطل البيع ويبقى على الزوج المهر الذي تزوجها عليه. جماعة قالوا لرجل زوجناك فلانة بألف درهم على أن مائة منها لك ورضيت المرأة جاز النكاح بتسعمائة ويكون هذا بمنزلة الاستثناء. رجل تزوج امرأة نكاحاً فاسداً على خادمة بعينها فأعتقها قبل أن يدخل بها فالعتق باطل وإن أعتقها بعدما دخل به جاز العتق.(1/187)
<381> رجل تزوج امرأة على ثياب معلومة موصوفة الطول والعرض والرقعة إلى أجل معلوم فأعطاها قيمة الثياب كان لها أن لا تقبل القيمة ولو لم يكن لها أجل لم يمن لها أن تمتنع عن أخذ القيمة قال محمد رحمه الله تعالى وأصل هذا أن كل ما جاز السلم فيه فلها أن لا تأخذ إلا المسمى وما لم يجز فيه السلم كان للزوج أن يعطيها القيمة والسلم في الثياب جائز إذا كانت مؤجلة ولا يجوز بدون الأجل فله أن يعطيها القيمة إلا في المكيل والموزون فلها أن لا تأخذ القيمة وإن لم تكن مؤجلة لأن المكيل والموزون يصلح مهراً وثمناً من غير ذكر الأجل أما الثوب الموصوف وإن صلح مهراً إلا أن الثوب يتعين بالتعيين فكان بمنزلة العبد ومن تزوج امرأة على عبد بغير عينة كان له أن يعطي القيمة. رجل حلف أن لا يتزوج امرأة بأربعة دراهم فتزوج امرأة بأربعة دراهم وأكمل القاضي لها عشرة قال محمد رحمه الله تعالى لا يحنث في يمينه وكذا لو زادها الزوج بعد ذلك على مهرها. رجل قال لامرأة تزوجتك على ألف درهم فقالت ما زوجتك نفسي ثم قالت بعد ذلك زوجتك نفسي على ألف كان جائزاً.رجل قال تزوجت هذه وهي أمة له معروفة قال محمد رحمه الله تعالى لا يكون ذلك إقراراً بالعتق والنكاح باطل.رجل قال لامرأة أتزوجك على ناقة من إبلي هذه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لها مهر مثلها وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يعطيها ناقة من إبله ما شاء. رجل تزوج امرأة بألف على أن ينقدها ما تيسر له والبقية إلى سنة كان الألف كله إلى سنة إلا أن تقيم المرأة البينة أنه تيسر له منها شيء أو كلها فتأخذها. رجل تزوج امرأة على بيت وخادم قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لها ثمانون ديناراً قيمة الخادم أربعون وأربعون قيمة البيت وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يقدر بالأربعين ويعتبر فيه قيمة الغلاء والرخص والفتوى على قولهما إذا تزوج امرأة وسمى لها شيئاً وأشار إلى شيء والمشار إليه ليس من جنس المسمى قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إن كانا حلالين فلها مثل الذي سمى وإن كانا حرامين أو كان المشار إليه حراماً كان لها مهر المثل إذا كان مشكلاً وقت العقد لا يدري
<382>كما لو تزوج امرأة على هذا الدن من الخل فإذا هو طلاء فلها مثل الدن من الخل وإن كان فيه خمر فلها مهر المثل وإن كان المسمى حراماً والمشار إليه حلال اختلفت الروايات فيه عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى والصحيح ما روى أبو يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا أشار إلى حلال كان لها المشار إليه ولو قالت تزوجتك على الشاة التي في هذا البيت فإذا في البيت خنزير أو ليس فيه شيء كان لها شاة وسط وتبطل الإشارة. رجل زوج ابنته فقال اشهدوا أني زوجت فلانة من فلان بألف درهم على أن علي من مالي ألف درهم وعلي فلان يريد به الزوج ألف درهم فقال الزوج قبلت ذلك كان لها المهر كله على الزوج وهذا ضمان من الأب بألف درهم فإذا قبل الزوج ذلك صار كأنه أمره بالضمان عنه فإذا أخذت المرأة من أبيها أو من ميراثه ألفاً كان للأب أو لورثته أن يرجعوا بذلك على الزوج ولو قال اشهدوا أني زوجت ابنتي فلانة من فلان بألف ردهم من مالي فقال الزوج قبلت جاز النكاح ولا ضمان على الأب. رجل تزوج امرأة على عشرة دراهم وثوب ولم يصف الثوب كان لها عشرة دراهم ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم إلا أن تكون متعتها أكثر فيكون لها ذلك. امرأة قالت زوجتك نفسي على ألفي درهم ألف منهما تركت لله وللرحم فقال الزوج قبلت فالمهر ألف درهم. رجل زوج ابنته من رجل على أن أبرأ الزوج الأب من دينه الذي له عليه أو زوجت الابنة نفسها على أن أبرأ الزوج أباها عن دينه وهو كذا فالبراءة جائزة ولها مهر مثلها وكذا لو قالت علي أن تبرأه وذلك مهري. رجل تزوج امرأة على عبدها ذكر في النوادر أن لها مهر مثلها وليس هذا بمنزله ما لو تزوج امرأة على عبد الغير لأن ثمة لو أجاز صاحب العبد كان العبد مهراً وهو عبد المرأة لا يصير مهراً لها. إذا تزوج رجل امرأة بألف على أن ترد المرأة عليه ألفاً جاز النكاح ولها مهر مثلها كما لو تزوجها على أن لا مهر لها ولو تزوج امرأة على أن يهب الزوج لأبيها ألف درهم كان لها مهر المثل وهب لأبيها ألفاً أو لم يهب فإن وهب كان له أن يرجع بالهبة ولو تزوج امرأة على أن يهب لأبيها عنها ألف درهم فالألف مهرها فإن طلقها قبل الدخول بها وقد دفع الألف إلى الأب رجع عليها بنصف الألف(1/188)
<383>وهي الواهبة رجل زوج عبده امرأة بألف درهم ثم باعه منها بستعتمائة درهم بعد ما دخل العبد بها فإنها تأخذ التسعمائة بمهرها ويبطل النكاح ولا ترجع المرأة الباقية على العبد وإن عتق ولو كان على العبد لرجل آخر دين ألف درهم فأجاز الغريم بيع العبد من المرأة كانت التسعمئة بين الغريم وبين المرأة يضرب فيها الغريم بألف والمرأة بالألف ولا تتبعه المرأة بعد ذلك ويتبعه الغريم بما بقي من دينة إذا عتق رجل تزوج امرأة على حكمها جاز النكاح ولها ما حكمت بمقدار مهر المثل أو أقل وإن حكمت بأكثر من مهر مثلها لم يصح حكمها على الزوج ما لم يرض به ولو كان الحكم للزوج فحكم بمقدار مهر المثل أو أكثر جاز وإن حكم بأقل من مهر مثلها لم يصح حكمه إلا برضا المرأة وكان لها مهر مثلها وكذا لو شرطا في النكاح حكم رجل أجنبي فحكم بمقدار مهر المثل جاز حكمه وإن حكم بأكثر من ذلك لا يصح حكمه على الزوج وإن حكم بأقل من مهر المثل لا يلزمها حكمه وكان لها مهر المثل رجل قال لامرأة تزوجتك على دراهم ولم يذكر العدد كان لها مهر مثلها ولا يشبه هذا الخلع إذا تزوج امرأة على أقل من ألف ومهر مثلها ألفان كان لها ألف درهم لأن النقصان عن الألف لم يصح لمكان الجهالة فصار كأنه تزوجها على ألف وإن كان مهر مثلها أقل من عشرة قال محمد رحمه الله تعالى لها عشرة دراهم. رجل تزوج امرأة بألف على ألا ينفق عليها ومهر مثلها مئة كان لها الألف والنفقة إذا تزوج بذات رحم محرم لها نحو الأم والبنت والأخت والعمة والخالة أو تزوج بامرأة أبيه أو ابنه ودخل بها لا حد عليه في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعليه مهر مثلها بالغة ما بلغ وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إن علم أنها ذات رحم محرم منه عليه الحد ولا مهر عليه وإن لم يعلم كان عليه المهر ولا حد عليه إذا تزوج امرأة على ألف إلى سنة كان لها الألف بعد سنة وله أن يدخل بها قبل السنة وقبل أن يعطي شيئاً رحمهما الله تعالى وقال أبي يوسف رحمه الله تعالى أولا كما قال أبو حنيفة ومحمد رحمها الله تعالى ثم رجع وقال لها أن تمنع نفسها حتى يوفيها عشرة دراهم ثم رجع وقال
<384>لها أن تمنع نفسها حتى يوفيها كل المهر إظهاراً لخطر البضع وثبت على ذلك إذا تزوج امرأة وسمى لها شيئين أحدهما مالاً والآخر ليس بمال لكن لها فيه منفعة كطلاق الضرة وأن لا يخرجها من البلدة و نحو ذلك و لم يف بالشرط كان لها مهر المثل ومهر المثل معتبر بنساء عشيرتها من قبل الأب كالأخوات لأب والعمات عمات الأب من كانت مثلها في المال والجمال والسن والحسب والنسب والعصر في هذا البلد وقال ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى مهر المثل يعتبر بقوم الأم من الخالات ونحوهما وإذا وجب مهر المثل بحكم النكاح ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها المتعة(1/189)
(فصل في المتعة) المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة على قدر حال الرجل فإن كانت متعتها أكثر من نصف مهر مثلها كان لها المتعة لا يزاد على نصف مهر المثل عندنا وكذا لو تزوج امرأة ولم يسم لها مهراً ثم فرض لها الزوج أو القاضي مهراً ثم طلقها قبل الدخول بها كان لها المتعة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وأَبِي يُوسُفَ الآخر وقال أَبُو يُوسُفَ أولاً والشافعي رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لها نصف المفروض ولو تزوج امرأة ولم يسم لها مهراً وكفل رجل بمهر المثل جازت الكفالة كما تجوز الكفالة بالمسمى فإن دخل بها الزوج يؤخذ الكفيل بمهر المثل وإن طلقها قبل الدخول بها ووجبت المتعة لا يؤخذ الكفيل بالمتعة ولو أخذت المرأة بالمسمى أو بمهر المثل رهنا جاز فإن أخذت رهناً بالمسمى وهلك الرهن ثم طلقها قبل الدخول إن هلك الرهن قبل الطلاق يلزمها رد نصف المهر لأنها تصير مستوية مهرها بهلاك الرهن إذا كان بالرهن وفاء بالمهر وإن هلك الرهن بعدما طلقها قبل الدخول عندنا تصير مستوفية نصف المهر ويهلك النصف الباقي أمانة كما لو وهب المرتهن الدين من الراهن ثم هلك بالمسمى وإن كان رهناً بمهر المثل وهلك ثم طلقها قبل الدخول بها كان على المرأة قيمة الرهن يسقط عنها قدر المتعة وإن هلك بعد الطلاق إن هلك قبل أن تحدث المرأة حدثاً بالمتعة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى آخراً يهلك أمانة ولها <385>الممتعة على الزوج وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أولا وهو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يهلك بالمتعة ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء وأن أحدثت حبساً بالمتعة بعد الطلاق ثم هلك الرهن قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى آخر أهلك بمهر المثل فيلزمها رد مهر المثل وتنقص عنه المتعة وقال مُحَمَّد وهو قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى الأول يهلك بالمتعة ولا يرع أحدهما على صاحبه بشيء إذا وقعت الفرقة بين الزوجين قبل الدخول بها بفعل من قبل المرأة كالردة وتقبيل ابن الزوج وخيار البلوغ من قبل الغلام أو المرأة وخيار العتق إذا كانت المرأة أمة أو مكاتبة زوجها مولاها بإذنها وهي صغيرة أو كبيرة ثم عتقت واختارت نفسها يسقط كل المهر ولا يجب شيء وكذا لو كانت أمة فقتلها مولاها قبل الدخول بها عمداً أو خطأ يسقط كل المهر في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه لا يسقط شيء ولها كل المهر ولو قتلت الأمة نفسها عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان والصحيح أنه لا يسقط ولو أبقت في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تعالىلا صداق لها ما لم تحضر * ولو قتلت الحرة نفسها لا يسقط شيء من المهر عندنا خلافاً للشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والمجوسية إذا كانت في نكاح مجوسي فأسلم الزوج وأبت المرأة الإسلام يفرق بينهما ويسقط كل المهر *{فصل في حبس المرأة نفسها بالمهر}* إذا زوجت المرأة ولها مهر معلوم كان لها أن تحبس نفسها لاستيفاء المهر فإن كان في موضع يعجل البعض ويترك الباقي في الذمة إلى وقت الطلاق أو الموت كما هو عرف ديارنا كان لها أن تحبس نفسها لاستيفاء المعجل وهو الذي يقال بالفارسية دست بيمان وليس لها أن تطالبه بكل المهر فإن بينوا قدر المعجل يعجل ذلك وإن لم يبينوا شيئاً ينظر إلى المرأة وإلى المهر المذكور في العقد أنه كم يكون المعجل لمثل هذه المرأة من مثل هذا المهر فيجعل ذلك معجلاً ولا يقدر ذلك بالربع ولا بالخمس وإنما ينظر إلى المتعارف لأن الثابت عرفاً كالثابت شرطاً وإن شرطوا في العقد تعجل كل المهر تجعل الكل معجلاً ويترك العرف وإن كان البعض معجلاً وأداه كان له أن <386> يدخل بها لأن الدخول بعد أداء المعجل مشروط عرفاً فيعتبر بما لو كان مشروطاً نصاً وإن كان كل المهر مؤجلاً وشرط الدخول قبل أداء شيء كان له أن يدخل بها كما قال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فإن لم يدخل بها حتى حل الأجل كان له أن يدخل بها قبل إعطاء المهر ولو تزوج امرأة بمهر معجل كان لها أن تخرج في حوائجها بغير إذن الزوج ما لم تقبض مهرها وكذا لو كان البعض معجلاً كان لها أن تخرج قبل أداء المعجل وبعد أداء المعجل ليس لها أن تخرج إلا بإذن الزوج صغيرة تزوجت فذهبت إلى زوجها قبل قبض الصداق كان لمن له حق إمساكها قبل النكاح أن يردها إلى منزله ويمنعها من الزوج حتى يدفع الزوج مهرها إلى من له حق القبض لأن منع النفس بالصداق حق المرأة فلا يبطل ذلك بإبطال الصغيرة وكذا الرجل إذا زوج ابنة أخيه وهي صغيرة وسلمها إلى الزوج قبل قبض الصداق كان له أن يمنعها من الزوج لأن العم لا يملك تسليمها إلى الزوج قبل قبض الصداق فلم يصح تسليمها * إذا أراد الرجل أن ينقل المرأة من بلد غلى بلد بغير إذنها إن كان ذلك قبل إيفاء المهر لا يملك وله ذلك(1/190)
بعد إيفاء المهر في ظاهر الرواية وقال أبو القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يملك نقلها من بلد إلى بلد وإن أوفاها مهرها وبه أخذ الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الزمان قد فسد يخاف عليها من الضرر في الغربة ما لا يخاف عليها في عشيرتها وله أن يخرجها من المصر إلى القرية ومن القرية غلى المصر ومن القرية إلى القرية لأن النقل إلى ما دون السفر لا يعد غربة ويكون ذلك بمنزلة النقل من محلة إلى محلة * رجل زوج ابنته الصغيرة كان له أن يطالب الزوج بالمهر وليس له أن يطالبه بالنفقة إذا كانت لا تطيق الرجال ولا تحتمل الجماع لأن النفقة جزاء الاحتباس لحق الزوج والصغيرة التي هذه حالها لم تكن محبوسة لحق الزوج أما المهر بدل البضع وقد ملك بضعها فيطالب به * امرأة زوجت ابنتها الصغيرة وقبضت مهرها ثم أدركت الصغيرة وطلبت المهر من الزوج فإن كانت الأم وصية لم يكن لها أن تطلب المهر من الزوج لأنه برئ بدفع المهر إلى الأم وإن لم تكن وصية كانت لها أن تأخذ المهر من زوجها ثم الزوج يرجع بذلك على الأم لأن الأم <387> إذا لم تكن وصية لم يكن لها حق القبض ولا التصرف في مالها فكان الدفع إليها كالدفع إلى أجنبي وكذا الجواب فيما سوى الأب والجد أبي الأب والقاضي لأن غير هؤلاء لا يملك التصرف في مال الصغيرة ولا يملك قبض صداقها وإن كان عاقداً بحكم الولاية والوكالة * رجل زوج ابنته وهي بكر أو صغيرة وطلب مهرها من الزوج كان له ذلك إذا كان الزوج مقراً بالنكاح والمهر ومقراً بأنه لم يدخل بها وكان للأب أن يخاصم الزوج في المهر والنفقة ولا يشترط إحضار المرأة عندنا ولو وهب الزوج لها هبة وبعث إليها هدية لم يكن قبض الأب قبضاً لها وكان للزوج أن يأخذ ذلك من الأب وإن كانت المرأة بالغة ثيباً أو كانت بكراً وكان الزوج جاحداً لم يكن للأب أن يخاصم الزوج إلا بوكالتها فإن قال الزوج دخلت بها فليس لك أن تأخذ الصداق إلا بوكالتها وأنكر الوكالة وقال الأب لا بل هي بكر في منزلي ولا بينة للزوج وطلب من القاضي تحليف الأب على العلم بذلك عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ أنه يحلف لأن الأب لو أقر بذلك صح إقراره على نفسه وتبطل خصومته فيحلف وذكر الخصاف في أدب القاضي إنه لا يحلف لأنه لا يدعي على الأب شيئاً فلا يحلف الأب كالوكيل بقبض الدين إذا قال له الغريم إن الموكل قد أبرأني عن الدين أو قد أوفيته وأراد أن يلف الوكيل ليسله ذلك فإن قال الزوج إنه يأخذ الصداق ولا يسلم البنت فإن تصادقا أن البنت صغيرة لا تحتمل الجماع أمر الزوج بدفع الصداق إلى الأب ولا يلتفت إلى كلام الزوج وإن قال الأب هي كبيرة لا أعرف مكانها ولا أقدر على تسليمها ومع ذلك يريد أخذ الصداق من الزوج ليس له ذلك وإن قال الأب هي كبيرة في منزلي أنا آخذ صداقها وأجهزها به والزوج يطلب تسليم المرأة فإن القاضي يأمر الزوج بدفع الصداق إلى الأب لأن العادة جرت بتعجيل الصداق وتأخير تسليم المرأة والثابت عرفاً كالثابت شرطاً إلا أنه يأخذ من الأب كفيلاً بالمهر حتى لو سلم البنت إليه برئ الفيل وإن عجز عن تسليم البنت يتوصل الزوج إلى حقه بأخذ المال من الكفيل لأن الأب إذا كان عاجزاً عن تسليم البنت لا يكن له حق قبض الصداق إذا كانت كبيرة وإن كانت الخصومة بين <388> الأب والزوج في مصر والزوجة في مصر آخر كان عقد النكاح ثمة أو كان عقد النكاح في المصر الذي اختصما فيه ثم انتقلت المرأة إلى مصر آخر بأن كانت الخصومة بينهما بالكوفة والمرأة بالبصرة فقال الأب أنا آخذ الصداق ههنا وأسلمها إليه بالبصرة فإن القاضي يأمر الزوج حتى يدفع الصداق إلى الأب ثم يذهب إلى البصرة فيأخذها ثمة ولا يجب على الأب حمل المرأة إلى زوجها * رجل زوج بكراً بالغة برضاها بمهر مسم ثم أخذ بالمسمى ضيعة فأخبرت بذلك فردت أخذ الضيعة قالوا إن كان في موضع تعارفوا أخذ الضيعة بالمهر لم يصح ردها لأنه كان متعارفاً كان ذلك قبض المهر والأب يملك قبض صداق البكر وإن لم يكن متعارفاً لا يجوز اخذ الضيعة عليها لأنه اشترى الضيعة بمالها والأب لا يملك الشراء على البالغة وفي بلادنا أخذ الضيعة متعارف في الرساتيق لا في المصر وأخذ السود مكان البيض أو على العكس بمنزلة أخذ الضيعة لا يملك إذا لم يكن متعارفاً وفي الأتراك أخذ الدواب بالمسمى متعارف كأخذ الضيعة في الرساتيق هذا إذا كانت بالغة فإن كانت صغيرة فأخذ الأب بالمسمى ضيعة بأضعاف قيمتها إن لم يكن متعارفاً في ذلك الموضع لا يجوز فعل الأب عليها لأنه لا يملك الشراء عليها بأضعاف القيمة وإن كان ذلك متعارفاً جاز ويكون ذلك بمنزلة قبض المسمى * رجل قبض صداق ابنته ثم ادعى أنه رده على الزوج وصدقه الزوج وكذبته الابنة قالوا إن كانت بكراً لا يصدق الأب إلا ببينة لأنه يملك قبض صداق البكر فإذا برئ الزوج بقبضه لا يملك الرد عليه وإن كانت ثيباً كان القول قول الأب لأنه لا يملك قبض صداق البكر فإذا برئ الزوج بقبضه(1/191)
لا يملك الرد عليه وإن كانت ثيباً كان القول قول الأب لأنه لا يملك قبض صداق الثيب فإذا دفع الزوج إليه كان أمانة في يده والمودع إذا ادعى رد الوديعة كان القول قوله * رجل زوج ابنته الصغيرة فأدركت وقد دخل بها الزوج وطلبت مهرها من زوجها فقال الزوج دفعت إلى أبيك حال صغرك وصدقه الأب لا يصح إقرار الأب عليها لأنه لا يملك قبض الصداق في هذه الحالة فلا يملك الإقرار به ولها أن تأخذ المهر من زوجها فلا يرجع الزوج بذلك على الأب لأن الزوج أقر بقبض الأب في وقت كان للأب ولاية القبض فلا يرجع <389> عليه كالوكيل بقبض الدين إذا أقر بقبض الدين وصدقه المديون وكذبه الطالب ولو كان الأب حين قبض المهر من زوجها قال أخذ منك على أن أبرئك من ابنتي والمسألة بحالها كان للمرأة أن تأخذ المهر من الزوج ويرجع الزوج بذلك على الأب كالوكيل يقبض الدين إذا قال للمديون آخذ منك على أن أبرئك من فلان صاحب الدين ثم أنكر الطالب الوكالة وأخذ المال من المديون كان للمديون أن يرجع بذلك على الوكيل * امرأة سلمت نفسها إلى زوجها قبل استيفاء المهر ثم منعت نفسها لاستيفاء المهر كان لها ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ليس لها أن تمنعه من الوعاء واشتبهت الروايات عنهما في الامتناع عن المسافرة وعلى قول أبي القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لها أن تمنع عن المسافرة وإن استوفت مهرها وقد ذكرنا * امرأة ماتت فقال الزوج وهبت مهرها مني في صحتها وقالت الورثة لا بل وهبت في مرضها الذي ماتت فيه قال بعض مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى القول قول الزوج وذكر في وصايا الجامع الصغير ما يدل على أن يكون القول قول الورثة لأنهم أنكروا سقوط الدين ولأن الهبة حادث فيحال إلى اقرب الأوقات * امرأة طالبت زوجها بمهرها فقال الزوج مرة أوفيتها ومرة قال أديت إلى أبيها قالوا لا يكون متناقضاً لأن الأداء إلى الأب وهو يقبض للبنت بمنزلة الأداء إليها * امرأة أقرت أنها مدركة ووهبت مهرها من زوجها قالوا ينظر إلى قدّها فإن كان قدّها قدر المدركات صح إقرارها حتى لو قالت بعد ذلك ما كنت مدركة لم يقبل قولها وإن لم يكن قدّها قدر المدركات لا يصح إقرارها قال مولانا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه وينبغي للقاضي أن يحتاط في ذلك ويسألها عن سنها ويقول لها بماذا عرفت ذلك كما لو قال في غلام أقر بالبلوغ إن القاضي يسأله عنه وجهه ويحتاط في ذلك * رجل اشترى لامرأته متاعاً ودفع إليها أيضاً دراهم حتى اشترت متاعاً ثم اختلفا فقال الزوج هو من المهر وقالت المرأة هدية ذكر في الكتاب إن القول قول الزوج إلا في الطعام الذي يؤكل وفسروا ذلك وقالوا إن كان تمراً أو دقيقاً <390> أو عسلاً أو شيئاً يبقى كان القول فيه قول الزوج وإن كان مثل اللحم والخبز والشيِّ الذي لا يبقى لا يقبل فيه قول الزوج وقال أبو القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كل متاع لا يجب على الزوج شراؤه لها كان القول فيه فول الزوج إنه من المهر وما كان واجباً على الزوج مثل الدرع والخمار ومتاع البيت لا يقبل فيه قول الزوج فقيل له الزوج والملأة قال ليس على الزوج أن يهيئ لها أمر الخروج وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قول أبي القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى سن وبه نقول * رجل بعث إلى امرأته متاعاً وبعث أبو المرأة إلى الزوج متاعاً أيضاً ثم قال الزوج الذي بعثته كان صداقاً كان القول فيه قول الزوج مع يمينه فإن حلف إن كان المتاع قائماً كان للمرأة أن ترد المتاع لأنها لم ترض بكونه مهراً ويرجع على الزوج بما بقي من المهر وإن كان المتاع هالكاً إن كان شيئاً مثلياً ردت على الزوج مثل ذلك وإن لم يكن مثلياً لا ترجع على الزوج بما بقي من المهر وأما الذي بعث أبو المرأة إن كان هالكاً لا يرجع على الزوج بشيء وإن كان قائماً وكان الأب بعث ذلك من مال نفسه يسترده من الزوج لأنه هبة لغير ذي رحم محرم فكان له أن يرجع وإن بعث الأب ذلك من مال الابنة البالغة برضاها فلا رجوع فيه لأنه هبة من المرأة وأحد الزوجين إذا وهب من الآخر لا يرجع * رجل تزوج امرأة وبعث إليها هدايا وعوضت المرأة لذلك عوضاً وزفت إليه ثم فارقها فقال الزوج كنت بعثت ذلك عارية وأراد أن يسترد وأرادت المرأة استرداد العوض أيضاً قالوا القول للزوج في متاعه لأنه أنكر التمليك وللمرأة أن تسترد ما بعثت لأنها تزعم أنها بعثت عوضاً للهبة فإذا لم يكن ذلك هبة لم يكن ذلك عوضاً فكان لكل واحد منهما أن يسترد متاعه وقال أبو بكر الإسكاف إن صرحت حين بعثت أنها عوض فكذلك وإن لم تصرح بذلك لكنها حبست ونوت أن يكون عوضاً كان ذلك هبة منها وبطلت نيتها * رجل خطب ابنة رجل فقال أبو البنت بلي إن كنت تنقد المهر إلى ستة أشهر أو إلى سنة أزوجها منك ثم الرجل بعد ذلك بعث هدايا إلى بيت الأب ولم يقدر على أن ينقد المهر فلم يزوج(1/192)
<391> منه هل له أن يسترد ما بعث قالوا ما بعث للمهر وهو قائم أو هالك يسترد وكذا كل ما بعث هدية وهو قائم فأما الهالك والمستهلك فلا شيء له في ذلك امرأة لها مماليك قالت لزوجها أنفق عليهم من مهري ففعل فقالت لا أحسبه من مهري لأنك استخدمتهم قال أبو القاسم البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما أنفق عليهم بالمعروف يكون من المهر رجل زوج ابنته وسلمها إلى زوجها بجهاز ثم قال كان الجهاز عارية اختلفوا فيه قال بعضهم القول قول الأب لأن التمليك يستفاد من جهته فإذا أنكر التمليك كان القول قوله وقال بعضهم لا يقبل قوله إنه عارية وإن كان الأب من جملة من لا يجهز البنات بمثل ذلك قبل قوله فإن أراد الأب أن يكون له ولاية الاسترداد يشهد عند بعث الجهاز إنه عارية أو يجعل للجهاز نسخة ويكتب في ذلك إقرار البنت أنها عارية في يدها ويشهد على ذلك قالوا وتمام الاحتياط في ذلك أن يشتري الأب جميع ما في نسخته من البنت بثمن معلوم ثم إنها تبرئ الأب عن الثمن إن كانت بالغة لاحتمال أن الأب كان اشترى لها بعض ذلك في صغرها فكان الأحوط ما قلنا رجل خطب امرأة وهي تسكن في بيت أختها وزوج أختها لا يرضى بنكاح هذا الرجل إلا أن يدفع إليه دراهم فدفع الخاطب إليه دراهم وتزوجها كان للزوج أن يسترد ما دفع إليه لأنه رشوة * امرأة في عدة الغير جاء إليها رجل فقال أنا أنفق عليك ما دمت في العدة بشرط أن تزوجي نفسك مني إذا نقضت عدتك فرضيت وأنفق عليها في العدة فإنه يرجع عليها بما أنفق لأنه أنفق عليها بشرط فاسد وإن أنفق عليها من غير شرط لكن علم أنه أنفق عليها ليتزوجها اختلفوا في ذلك قال بعضهم يرجع عليها بما أنفق لأنه إذا علم بذلك كان بمنزلة الشرط وقال بعضهم لا يرجع لأنه أنفق على قصد التزوج لا على شرط التزويج قال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنهُ وينبغي أن يرجع لأنه إذا علم أنه لو لم يتزوجها لا ينفق عليها كان ذلك بمنزلة الشرط <392> كالمستقرض إذا أهدى إلى المقرض شيئاً لم يكن أهدى إليه قبض الإقراض كان حراماً وكذا القاضي لا يجيب الدعوة الخاصة ولا يقبل الهدية من رجل لو لم يكن قاضياً لا يهدى إليه ويكون ذلك بمنزلة الشرط وإن لم يكن مشروطاً لفظاً امرأة ادعت بعد وفاة زوجها أن لها عليه ألف درهم من المهر قبل قولها إلى تمام مهر مثلها في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عنده يحكم مهر المثل امرأة ماتت فاتخذت أمها مأتماً وبعث الزوج إلى أم المرأة بقرة فذبحت البقرة وأنفقتها في أيام المأتم ثم أراد الزوج أن يرجع بقيمة البقرة قالوا إن اتفقا أنه بعث إليها لتذبح وتطعم من اجتمع عندها في المأتم ولم يذكر القيمة لا يرجع لأنها استهلكت وأنفقت بإذنه من غير شرط الرجوع وإن اتفقا أنه بعث إليها وذكر القيمة كان له أن يرجع عليها لشأنهما اتفقا أنه شرط عليها الرجوع لأن القمة لا تذكر في الهدايا وإنما تذكر ليرجع فكان ذكر القيمة بمنزلة شرط الرجوع وإن اختلفا في ذكر القيمة كان القول قول أم المرأة مع يمينها لأن حاصل الاختلاف راجع إلى شرط الضمان لأن ذكر القيمة بمنزلة اشتراط الضمان قال مولانا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه وينبغي أن يون القول قول الزوج لأن أم المرأة تدعي الإذن بالاستهلاك بغير عوض وهو ينكر ذلك فيكون القول قوله كمن دفع إلى غيره دراهم فأنفقها فقال صاحب الدراهم أقرضتكها وقال القابض لا بل وهبتني كان القول قول صاحب الدراهم *{فصل في تكرار المهر}* المهر يتكرر بالعقد مرة وبالوطء مرة أخرى ومرة يتكرر بهما أما الثالث رجل زنى بامرأة فتزوجها وهو على بطنها كان عليه مهران مثل المثل بالزنا لأن أول الفعل كان حراماً إلا أن الفعل حق قضاء الشهوة كفعل واحد فإذا صارت حلالاً في آخره لم يجب الحد بأوله فصار آخر الفعل شبهة في أوله والفعل الحرام لا يخلو عن غرامة أو عقوبة فإذا انتفت العقوبة بقيت الغرامة فيجب مهر المثل ويجب المسمى بالعقد لأن المسمى يتأكد بالخلوة فبإتمام الوطء أولى وأما الثاني رجل قال لامرأة كلما تزوجتك فأنت طالق فتزوجها في يوم واحد ثلاث مرات ودخل بها في كل مرة فإنه يقع عليها طلاقان فيلزمه مهران ونصف <393> في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لأنه لما تزوجها أولاً وقع عليها طلاق واحد ولزمه نصف مهر بالطلاق قبل الدخول فإذا دخل بها وهذا دخول عن شبهة لأن على قول الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يقع الطلاق المعلق بالتزوج فتجب عليها العدة فإذا تزوجها ثانية وهي في العدة يقع عليها طلاق آخر وهذا طلاق يعقب الرجعة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لأن عندما إذا تزوج المعتدة ثم طلقها قبل الدخول كان ذلك طلاقاً بعد الدخول حكماً وإن كانت العدة بالدخول عن شبهة والطلاق بعد الدخول يعقب الرجعة ويوجب كمال المهر فيجب عليه المسمى في النكاح الثاني فيجتمع عليه مهران ونصف ولم يصح النكاح الثالث لأنها في(1/193)
عدته عن طلاق رجعي فلا يعتبر النكاح الثالث فلا يجب المهر الثالث قال مولانا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه وهذه المسألة نظير رواية فيما قلنا إذا جدد النكاح في المنكوحة لا يلزمه مهر الثاني ولا يجب عليه المهر بالدخول بعد النكاح الثالث لأنه وطئ المنكوحة ولو قال كلما تزوجتك فأنت طلاق بائن فتزوجها ثلاث مرات ودخل بها في كل مرة بانت منه بثلاث وعليه خمس مهور ونصف في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى نصف مهر بالنكاح الأول ومهر مثل بالدخول الأوّل ومثل ومهر بالنكاح الثاني ومهر مثل بالدخول الثاني لأنه وطئها عن شبهة ومهر بالنكاح الثالث لأن النكاح الثالث صادفها وهي مبانة فاعتبر النكاح الثالث ومهر مثل بالدخول الثالث لأنه دخول عن شبهة فيجتمع عليه خمس مهور ونصف وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب عليه أربع مهور ونصف مهر بالأنكحة الثلاث قبل الدخول وثلاث مهور بالوطء ثلاثاً عن شبهة وعلى هذا الخلاف إذا تزوج امرأة ودخل بها ثم طلقها بائناً ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها في النكاح الثاني كان عليه مهر بالنكاح الأوّل ومهر كامل بالنكاح الثاني لأن النكاح الثاني اتصل به الدخول في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وعليها استقبال العدة عندهما وعليه هذا الخلاف ولو لم يطلقها في النكاح الثاني حتى بانت من زوجها قبل <394> الدخول بفعل من قبلها كالردة ومطاوعة ابن الزوج عندهما يجب عليه مهر كامل وعلى هذا الخلاف إذا كانت أمة فأعتقت بعد النكاح الثاني واختارت نفسها قبل الدخول عندهما يجب عليه مهر كامل بالنكاح الثاني وعلى هذا الخلاف إذا تزوجت المرأة غير كفء ودخل بها فرفع الولي الأمر إلى القاضي وفرق بينهما فوجب المهر والعدة ثم تزوجها هذا الرجل بغير ولي وفرق القاضي بينهما قبل الدخول في النكاح الثاني يجب لها مهر كامل ويلزمها عدة مستقبلة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وعلى هذا أيضاً رجل تزوج صغيرة زوجها وليها ودخل بها فبلغت واختارت نفسها وفرق بينهما ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها عندهما عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وعلى هذا أيضاً رجل تزوج صغيرة ودخل بها ثم طلقها تطليقة بائنة ثم تزوجها في العدة فبلغت واختارت نفسها وفرق بينهما كان عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة وعلى هذا أيضاً رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم ارتدت والعياذ بالله ثم أسلمت فتزوجها في العدة ثم ارتدت قبل الدخول بها وعلى هذا أيضاً رجل تزوج أمة ودخل بها ثم عتقت اختارت نفسها ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول بها وعلى هذا أيضاً رجل تزوج امرأة نكاحاً فاسداً ودخل بها ففرق بينهما ثم تزوجها في العدة نكاحاً جائزاً ثم طلقها قبل الدخول بها كان عليه مهر كامل وعليها عدة مستقبلة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وأما ما يتكرر بالوطء رجل تزوج امرأة نكاحاً فاسداً ووطئها مراراً ثم فرق بينهما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه مهر واحد وإنما قال ذلك لأن الوطآت حصلت بشبهة واحدة وهي شبهة النكاح الفاسد ومنها إذا اشترى جارية ووطئها مراراً ثم استحقت كان عليه مهر واحد لأن الوطآت كانت بناء على سبب واحد وهو الملك من حيث الظاهر وإن استحق نصفها كان عليه نصف مهر للمستحق وفي الجارية بين رجلين إذا وطئ أحدهما مراراً كان عليه بكل وطء نصف مهر قال هشام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه حين وطئ كان يعلم أن نصفها ليس له رجل وطئ جارية ابنه مراراً كان عليه <395> مهر واحد لأن الكل كانت بشبهة واحدة وهي شبهة حق التملك ولو وطئ الابن جارية أبيه مراراً وادعى الشبهة كان عليه لكل وطء مهر لأنه يحتاج إلى دعوى الشبهة ولو وطئ الرجل مكاتبته مراراً كان عليه مهر واحد لأن سبب الكل واحد وهو قيام ملك اليمين ولو وطئ مكاتبة بينه وبين آخر مراراً كان عليه مهر واحد لأن سبب الكل واحد وهو قيام ملك اليمين ولو وطئ مكاتبة بينه وبين آخر مراراً كان عليه في النصف الذي لو بالوطآت نصف مهر واحد وفي النصف بكل وطء نصف مهر وذلك كله للمكاتبة * رجل وطئ امرأته مراراً ثم ظهر أنه كان حلف بطلاقها ووقع الطلاق كان عليه مهر واحد كما لو أتى جارية ووطئها مراراً ثم استحقت كان عليه مهر واحد غلام ابن أربع عشرة سنة جامع امرأة وهي نائمة لا تدري إن كانت ثيباً ليس عليه حد ولا عقر وإن كانت بكراً وافتضها يلزمه مهر مثلها وكذا لو كانت أمة إن كانت ثيباً لا شيء عليه وإن كانت بكراً وافتضها عليه مهرها وكذا المجنون رجل وقع على امرأته فلما خالطها طلقها وهو على تلك الحال ثم أتم جماعة بعد الطلاق وقضى حاجته ثم تنحى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو إحدى الروايتين عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس عليه حد ولا مهر لأن الكل فعل واحد فإذا كان أوله(1/194)
وآخره حلالاً لا يجب عليه الحد ولا المهر إذا أخرج ثم دخل بعد الطلاق أما إذا لم يفعل ذلك ولكنه عالج بعد الكلاق حتى أنزل فلا مهر عليه وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب المهر وإن لم يخرج ثم يدخل بعد الطلاق وعلى هذا الخلاف لو كان الطلاق رجعياً على قول مُحَمَّد وإحدى الروايتين عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يصير مراجعاً وفي رواية أخرى وهو قول زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصير مراجعاً وعلى هذا أيضاً إذا قال لأمته بعد التقاء الختانين أنت حرة ثم أتم جماعة لا عقر عليه في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إلا إذا أخرج بعد العتق ثم أدخل أخوان <395> تزوج أحدهما امرأة والآخر أمها فأدخلت كل واحدة منهما على غير زوجها فوطئها قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بانت عن كل واحد منهما امرأته وعلى كل واحد منهما لامرأته نصف مهرها وعليه للتي وطئها عقرها وليس لأحدهما لأن يتزوج امرأته بعد ذلك لأن امرأة كل واحد بنكاح البنت وكذا لو لم يكن بين الزوجين قرابة رجل وابنه تزوجاً أختين فأدخلت كل واحدة منهما على زوج صاحبتها فوطئها كان على كل واحد منهما عقر للتي وطئها لأنه وطئ عن شبهة وليس على كل واحد منهما مهر امرأته لأنها بانت قبل الدخول بفعل من قبلها وهو مطاوعتها رجل تزوج امرأة وابنه ابنتها فادخل كل واحدة منهما على زوج الأخرى فوطئها كان على الواطئ الأول نصف مهر امرأته لأنها بانت من زوجها قبل الدول بفعل من قبل الزوج وعليه جميع مهر الموطوءة ولا شيء على الواطئ الآخر لامرأته لأن امرأته بانت منه قبل الدخول بوطئ الأول بمطاوعتها وإن كان الوطء منهما معاً فلا شيء على واحد منهما لامرأته * رجل قال لامرأته قبل الدخول أنت طالق حين الخلو بك أو قال إذا خلوت بك فآنت طالق فخلا بها وجامعها كان عليه مهر ونصف مهر بالخلوة لأن المهر إنما يتأكد بالخلوة إذا وجد فيها مدة بقد على وطئها ولم توجد هنا وإن لم يدخل بها كان عليه نصف مهر *{فصل في الخلوة وتأكد المهر}* المهر يتأكد بثلاث بالوطء وموت احد الزوجين وبالخلوة الصحيحة والخلو الصحيحة أن يجتمعا في مكان ليس هناك مانع يمنعه من الوطء حساً أو شرعاً أو طبعاً إذا خلا بامرأته وأحدهما مريض لا يقدر على الجماع أو محرم بفرض أو نفل أو في صوم فرض أو صلاة فرض لا تصح الخلو وفي صوم القضاء والنذر والكفارة روايتان والأصح أنه لا يمنع الخلوة وصوم التطوع لا يمنع الخلوة في ظاهر الرواية وقيل بأنه يمنع بعد الزوال صلاة التطوع لا تمنع الخلوة والحيض والنفاس يمنع الخلوة لأنه يمنع شرعاً وطبعاً ولو كان معها نائم أو أعمى لا تصح الخلوة وقيل عند أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى <397> النائم لا يمنع الخلوة ولو كان معهما صغير لا يعقل أو مغمى عليه لا يمنع الخلوة وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المغمى عليه والمجنون يمنع وإن كان معهما صغير يعقل بأن أمكنه أن يعبر ما يكون بينهما لا تصح الخلوة ولو كان معهما أصم أو أخرس لا تصح الخلوة ولو كان معهما جارية أحدهما أو امرأة له أخرى كان مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول أولاً جارية الرجل لا تمنع الخلوة لأن له أن يجامعها بحضرة جاريته أو امرأة له أخرى ثم رجل وقال جارية أحدهما تمنع الخلوة وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وعلى هذا يكره الوطء بحضرة امرأة له أخرى ولو كان معهما كلب أحدهما حكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال كلب المرأة يمنع فإنه لا يتحمل أن تكون سيدته مستفرشة وعسى يعقره بخلاف كلب الرجل ولا تصح الخلوة في المسجد والحمام وقيل في الليل تصح الخلوة في المسجد كما في الحمام ولا تصح الخلوة في الطريق الجادة فإن حملها إلى الرستاق إلى فرسخ أو فرسخين وعدل بها عن الطريق كان خلوة في الظاهر ولو دخلت على الرجل امرأته ولم يعرفها أو دخل الرجل على امرأته فمكث ساعة ثم خرج ولم يعرفها اختلفوا فيه قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون خلوة ويصدق أنه لم يعرفها اختلفوا فيه قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ل ايكون خلوة ويصدق أنه لم يعرفها ولا تصح الخلوة في صحراء ليس بقربهما أحد إذا لم يأمنا بمرور إنسان وكذا لو خلا على سطح ليس بجوانبه ستر أو كان الستر رقيقاً أو قصيراً بحيث لو قام إنسان يقع بصره عليهما لا تصح الخلوة إذا خافا اطلاع الغير عليهما فإن أمنا عند ذلك صحت الخلوة ولو خلا بها في محمل عليهما ليلاً أو نهاراً إن أمكنه الوطء صحت الخلوة ولو خلا بها في بيت غير مسقف أو في كرم صحت الخلوة في الظاهر وكذا لو خلا بها وفي خيمة في مفازة صحت الخلوة كما في المحمل ولو نزل في طريق الحج في غيير خيمة وخلا بها لا تصح الخلوة وفي البيوتات الثالثة أو الأربعة واحد يعد(1/195)
واحد إذا خلا بامرأته في البيت القصوى إن كانت الأبواب مفتوحة من أراد أن يدخل عليهما يدخل من غير استئذان لا تصح الخلوة وكذا لو خلا بها في بيت من دار وللبيت باب مفتوح في الدار إذا أراد أن يدخل عليهما غيرهما من المحارم أو الأجانب يدخل لا تصح الخلوة ولو اجتمع مع امرأته في <398> الخان على رواق والناس قعود في سفل الخان لو نظروا إليهما يقع بصرهم عليهما لا تصح الخلوة مريض جيء بامرأته وأدخلت عليه في بيته وهو لا يشعر بها فخرجت بعد الصبح فأخبر الزوج بذلك فقال لم أشعر بها ثم طلقها وادعت المرأة أنه علم بذلك كان القول قول الزوج إنه لم يعلم وإن علم الزوج وهو يقدر على وطئها صحت الخلوة وكان عليه كل المهر خلوة العنين صحيحة وكذا خلوة المجبوب في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والرتق يمنع الخلوة لأنه يمنع الجماع وذكر في كتاب طلاق الأصل أن العدة تجب على الرتاق ولها نصف المهر ولا تصح خلوة الغلام الذي لا يجامع مثله ولا الخلوة بصغيرة لا تجامع مثلها وفي كل موضع صحت الخلوة لو طلقها لا يكون له حق الرجعة وبعد ما صحت الخلوة كان لها كل المهر وإن أقرت المرأة أنه لم يجامعها في ظاهر الرواية الكافر إذا خلا بامرأته مشركة فخلا بها لا تصح الخلوة وفي كل موضع فسدت الخلوة مع القدرة على الجماع حقيقة فطلقها كان عليها العدة استحساناً وإن كان عاجزاً عن الجماع حقيقة لا تجب العدة إذا قال إن تزوجت فلانة فخلوت بها فهي طالق فتزوجها وخلا بها كان لها نصف المهر وقد ذكرنا والله أعلم بالصواب *{فصل في اختلاف الزوجين في المهر ومتاع البيت}* إذا اختلف الزوجان في قدر المهر حال قيام النكاح عند أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يحكم مهر المثل فإن شهد لأحدهما كان القول قوله مع اليمين على دعوى الآخر فإن قال الزوج المهر ألف وقالت هي ألفان ومهر مثلها ألف أو اقل كان القول قوله مع اليمين بالله ما تزوجها بألفي درهم فإن نكل تثبت الزيادة وإن حلف لا تثبت وأيهما أقام البينة قضي له وإن أقاما جميعاً يقضى ببينتها وإن كان مهر مثلها ألفين أو أكثر كان القول قولهما مع اليمين بالله ما تزوجت بألف فإن نكلت ثبت الألف وإن حلفت فلها ألفان ألف بالتسمية لا خيار للزوج فيها وألف بحكم <399> وإن كان مهر مثلها ألفاً وخمسمائة تحالفا فإن نكل الزوج لزمه ألفان بطريق التسمية وإن نكلت هي يقضى بألف وإن حلفا جميعاً يقضى بألف وخمسمائة ألف بطريق التسمية وخمسمائة بحكم مهر المثل ويخير الزوج في الخمسمائة وأيهما أقام البينة قبلت بينته وإن أقاما البينة يقضى بألف وخمسمائة ألف بطريق التسمية وخمسمائة بطريق مهر المثل وإن اختلفا في المهر بعد الطلاق قبل الدخول عند أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يحكم بمتعة مثلها فأيهما شهدت له كان القول قوله مع يمينه على دعوى الآخر فإن كانت المتعة بينهما تحالا في جواب الجامع الكبير وفي جواب الجامع الصغير القول قول الزوج مع يمينه وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول الزوج في الوجوه كلها إلا أن يأتي بشيء مستنكر واختلف الناس في المستنكر قال الحسن بن زياد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المستنكر أن يكون مهر مثلها عشرة ألاف درهم والرجل يدعي النكاح بعشرة وقال سعيد بن معاذ المروزي المستنكر أن يقول الرجل تزوجتها بخمر أو خنزير وقال بعضهم المستنكر أن يدعي الزوج النكاح بما لا يتزوج مثلها به عادة وعليه الاعتماد وإن اختلفا في أصل التسمية أحدهما يدعي تسمية المهر والآخر ينكر كان القول قول المنكر ويقضى لا بمهر المثل وهذا وما لو اختلف الزوجان قيل الطلاق في الوجوه سواء وإن مات أحدهما واختلف الحي وورثة الميت فهذا وما لو اختلف الزوجان في حياتهما سواء وإن ماتا جميعاً واختلفت ورثتهما في قدر المسمى قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول ورثة الزوج قل أو كثر وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول ورثة الزوج غلا أن يأتوا بشيء مستنكر وقال مُحَمَّد رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى يحكم مهر المثل وإن وقع الاختلاف بين ورثتهما في اصل التسمية كان القول قول منكر التسمية ولا يقضى لها بشيء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقالا رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يقضى بمهر المثل وقالوا والفتوى على قولهما ولو تزوجها على عبد بعينه وهلك العبد قبل التسليم إليها واختلفا في قيمته كان القول للزوج وكذا لو تزوجها على ثوب بعينه فهلك الثوب قبل التسليم واختلفا في قيمة <400> الثوب كان القول قول الزوج وكذا لو تزوجها على إبريق فضة أو ذهب فهلك قبل التسليم واختلفا في وزنه كان القول قول الزوج في هذه المسائل وإن تزوجها على ثوب بعينه وقيمته عشرة فتغير السعر إلى ثمانية كان لها ثوب لا غير ولو كانت قيمة الثوب يوم العقد ثمانية وازداد السعر وصارت قيمته عشرة فلها ثوب ودرهمان(1/196)
ولو كانت قيمة الثوب مائة فانتقصت قيمته قبل التسليم صارت خمسة خيرت المرأة إن شاءت أخذت الثوب ناقصاً وإن شاءت أخذت قيمته يوم العقد ولو قالت المرأة تزوجتني على عبدك هذا وقال الرجل تزوجتك على أمتي هذه وهي أم المرأة وأقاما البينة فالبينة بينة المرأة لأن بينتها قامت على حق نفسها وبينة الزوج على حق الغير وتعتق الأمة على الزوج بإقراره ولو أقام الزوج البينة أنه تزوجها بمائة دينار وأقام أبو المرأة وهو عبد الزوج بينة أنه تزوجها على رقبته فالبينة بينة الأب فإن أقامت أمها وهي أمة الزوج مع ذلك بينة مع ذلك بينة أنه تزوج ابنتها على رقبتها فالبينة بينة الأب والأم ونصفهما جميعاً مهر لها ويسعى الولدان للزوج في نصف قيمتهما ولو لم يكن كذلك ولكن أقامت المرأة البينة أنه تزوجها بمائة دينار وأقام الزوج البينة أنه تزوجها بألف دينار فقضى القاضي ببينة المرأة فالنكاح بمائة دينار ثم إن أبا المرأة وهو عبد الزوج أقام البينة أنه تزوج المرأة على رقبته فإن القاضي يبطل القضاء الأول ويقضي بأن الأب هو المهر ولو كان الزوج يدعي أنه تزوجها على أبيها وصدقه الأب في ذلك وأقاما البينة وادعت المرأة أنه تزوجها على مائة دينار ولم تقم البينة فقضى القاضي ببينة الأب والزوج وجعل الأب صداقاً وأعتقه من مالها وجعل ولاءه لها ثم أقامت المرأة البينة إن كان تزوجها بمائة دينار كانت البينة بينة المرأة ويقضي القاضي لها على الزوج بمائة دينار ويجعل أباها حراً من مال الزوج وبطل الولاء الذي كان قضى به للمرأة لأن الأب كان حراً بإقرار الزوج قبل أن يقضي القاضي بعتقه وإنما قضى القاضي بالولاء دون العتق فكذلك بطل الولاء ببينة المرأة بعد ذلك والله أعلم بالصواب <401> {فصل في اختلاف الزوجين في متاع البيت} اختلف المشايخ في هذه المسألة على تسعة أقوال قال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إذا اختلف الزوجان في متاع موضوع في البيت الذي كانا يسكنان فيه حال قيام النكاح أو بعد ما وقعت الفرقة بفعل من الزوج أو من المرأة فما يكون للنساء عادة كالدرع والخمار والمغازل والصندوق وما أشبهه فهو للمرأة إلا أن يقيم الزوج البينة على ذلك وما يكون للرجال كالسلاح والقباء والقلنسوة والمنطقة والفرس ونحو ذلك فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة البينة على ذلك وما يكون للرجال والنساء كالعبد والخادم والفراش الشاة السنور فهو للرجل إلا أن تقيم المرأة البينة على ذلك وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمرأة جهاز مثلها والباقي للرجل ولو مات الرجل وبقيت المرأة ووقع الاختلاف بين المرأة ووارث الرجل فما يكون للرجال عادة كان القول فيه قول الوارث والباقي للمرأة وإن ماتت المرأة وبقي الرجل فما يكون للنساء فالقول في ذلك قول وارث المرأة والباقي وهو المشكل للحي منهما وهو الرجل قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الحكم بعد موت أحدهما هو الحكم في حياتهما وإن كان أحدهما حراً والآخر مملوكاً محجوراً كان أو مأذوناً أو مكاتباً كان المتاع كله للحر منهما أيهما كان وقال صاحباه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إن كان المملوك محجوراً فكذلك وإن كان مأذوناً أو مكاتباً فالجواب فيه كالجواب في الحرين ولو كان أحدهما مسلماً والآخر كافراً فهذا وما لو كانا مسلمين سواء ولو كان أحدهما صغيراً والآخر كبيراً أو كانا صغيرين ذكر في بعض الروايات أنهما سواء وذكر في البعض وقيد فقال لو كان الزوج بالغاً والمرأة غير بالغة إلا أنها بلغت مبلغ الجماع فهو وما لو كانا كبيرين سواء ولا فرق في هذه الوجوه بينهما إذا كان البيت الذي يسكنان فيه ملك الزوج أو ملك المرأة ولو كان غير الزوجة في عيال أحد بأن كان الابن في عيال الأب أو الأب في عيال الولد ونحو ذلك كان المتاع عند الاشتباه للذي يقول في قولهم كذا ذكره في الكيسانيات ونوادر ابن رستم ولو كان للرجل أربع نسوة فوقع الاختلاف في المتاع بينه وبينهن فإن كن في بيت واحد فما يصلح للنساء يكون بينهن وإن كانت <402> كل واحدة في بيت على حدة فما كان في بيت كل واحدة منهن يكون بينها وبين زوجها على الوجه الذي ذكرنا في الزوجين لا يشارك بعضهن بعضاً في ذلك لأنه لا يد لواحدة منهن على ما في بيت الأخرى فلا تستحق شيئاً من ذلك غلا ببينة ولو ادعت المرأة بمتاع إنها اشترته من زوجها كان المتاع للزوج وعليها البينة ولو مات الزوج فقال وارثه للمرأة قد كان والدي طلقك ثلاثاً في الصحة وأراد أن يأخذ المتاع من المرأة لا يقبل قوله إلا بالبينة ويكون المتاع لها في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عنده المشكل للحي منهما فيكون القول قولها مع يمينها بالله ما تعلم أنه طلقها فإن نكلت أو أقرت أن المشكل للوارث كما لو وقعت الخصومة بين الزوجين بعد الطلاق وإن كان طلقها في المرض ومات الزوج بعد انقضاء العدة كان المشكل لوارث الزوج لأنها صارت أجنبية ولم يبق(1/197)
لها يد وإن مات قبل انقضاء العدة كان المشكل للمرأة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنها ترث فلم تكن أجنبية وكان هذا بمنزلة ما لو مات الزوج قبل الطلاق وإن اختلف الزوجان في البيت الذي يسكنان فيه كل واحد يدعى أنه له كان القول في ذلك قول الزوج وإن أقامت المرأة البينة أو أقاما جميعاً يقضى ببينة المرأة لأنها خارجة معنى ولو كانت الدار في يد رجل أو امرأة وأقامت المرأة البينة أن الدار لها وأن الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن الدار له والمرأة مرأته تزوجها بألف درهم ودفع إليها ولم يقم بينة أنه حر فإنما يقضي بالدار والرجل للمرأة ولا نكاح بينهما لأن المرأة أقامت البينة على رق الرجل والرجل لم يقم البينة على الحرية فيقضي بالرق وإذا قضى بالرق بطلت بينة الرجل في الدار والنكاح ضرورة وإن كان الرجل أقام البينة أنه حر الأصل والمسألة بحالها يقضى بحرية الرجل وبنكاح المرأة ويقضى بالدار للمرأة لأنا لما قضينا بالنكاح صارح الرجل في الدار صاحب يد والمرأة خارجة فيقضى الدار لها كما لو اختلف الزوجان في دار في أيديهما كانت الدار للزج في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وإن أقاما البينة يقضى ببنية المرأة ولو اختلفا في متاع من متاع النساء وأقاما البينة يقضى به للزوج ولو اختلفا في هذا المتاع في النكاح فأقامت المرأة البينة أن المتاع لها وأن <403> الرجل عبدها وأقام الرجل البينة أن المتاع له وأنه تزوج المرأة بألف ونقدها فإنه يقضى بالرجل أنه عبد المرأة ويقضى لها بالمتاع أيضاً كما قلنا في الدار وإن أقام الرجل البينة أنه حر الأصل يقضى له بالحرية والمرأة والمتاع أيضاً لأنه في متاع النساء يحتاج إلى البينة وإن كان المتاع مشكلاً يكون للرجال والنساء يقضى بحريته ويقضى له بالمرأة أيضاً ويقضى بالمتاع للمرأة لأن بينة المرأة في المشكل أولى لأنها خارجة إذا غزلت المرأة قطن زوجها ثم اختلفا في الغل قبل الفرقة أو بعدها فالمسألة على وجوه أما إن أذن لها بالغزل أو نهى عن الغزل أو لم يأذن لها ولم ينه فإن أذن لها بالغزل إن قال اغزليه لي كان الغزل للزوج ولا أجر لها عليه لأنه لما أمر بالغزل ولم يذكر لها أجراً كان ذلك استعانة منها وإن ذكر لها أجراً إن سمى لها أجراً معلوماً أن لها ذكل لأنه استأجرها لعمل غير مستحق عليها بأجر معلوم وإن ذكر أجراً مجهولاً أو شرط أن يكون الغزل أو الكرباس لهما كان الغزل للزوج ولها أجر مثلها لأنه استأجرها ببعض ما يخرج م العمل فيكون في معنى قفيز الطحان وهو كما لو دفع غزلاً إلى حائك لينسجه بالنصف وإن اختلفا في الأجر فقالت المرأة غزلت بأجر وقال الزوج بغير أجر كان القول قول الزوج مع يمينه لأنه أنكر الإجارة والأجر ولو قال اغزليه لنفسك كان الغزل لها ولا شيء عليها لأنه تبرع عليها بالقطن وإن اختلفا فقال الزوج إنما أذنت لك لتغزليه لي وقال لا بل قلت اغزليه لنفسك كان القول قول الزوج لأن الإذن يستفاد من جهته فيكون القول قوله مع اليمين ولو قال لها غزليه ليكون الغزل لهما كان الغزل للزوج ولها أر المثل وقد ذكرنا ولو قال لها غزليه ولم يزد عليه كان الغزل للزوج لأن الظاهر من حاله أنه يرضى بالغزل له وإن نهاها عن الغزل فغزلت كان الغزل لها وعليها مثل ذلك القطن لزوجها لأنها غزلته غصباً فتضمن مثل ذلك القطن كمن غصب حنطة فطحنها كان الدقيق للغاصب وعليه مثل تلك الحنطة وإن اختلفا فقال صاحب القطن غزلتيه بإذني وقالت غزلته بغي إذنك كان القول قول صاحب القطن لأن المرأة تدعي تملك القطن وهو ينكر وإن حمل قطناً إلى بيته ولم يقل شيئاً <404> فغزلته إن كان الزوج يبيع القطن كان الغزل لها وعليها مثل ذلك القطن لأن الظاهر من حاله أنه كان يشتري القطن لأجل البيع وإن لم يكن يبيع القطن إن كان الزوج يدعي الإذن كان القول قوله لأن الظاهر من حال9ه أنه يحمل القطن إلى بيته لتغزل المرأة فكان الإذن ثابتاً دلالة كما لو طبخت طعاماً من اللحم الذي جاء به فإن الطعام يكون للزوج ولأن الزوج إذا كان يدعي الإذن والمرأة تدعي عليه تملك القطن وهو منكر وكذا لو اختلفا في الكرباس فقال الزوج للمرأة دفعت غلى الحائك بإذني لينسجه وقال دفعت بغير إذنك كان القول قول الزوج إذا غزلت المرأة قطن زوجها بإذنه وكانا يبيعان من ذلك الكرباس ويشتريان بالثمن أمتعة لحاجتهما واتخذا ببعض الكرباس ثياب البيت فجميع ما اتخذ من ذلك الكرباس وما اشترى من ثمنه للرجل لأن المرأة تعمل للرجل فيكون ذلك للرجل الأشياء اشترى لها وسمى عند الشراء أو علم عادة أنه اشترى لها ودفع إليها فيكون لها رجل كان يدفع إلى امرأته ما يحتاج إليه وكان يدفع إلى امرأته أنه ما يحتاج إليه وكان يدفع إليها أحياناً من الدراهم ويقول اشترى بها قطناً واغزلي فكانت تشتري وتغزل ثم تبيع وتشتري بها أمتعة للبيت كانت الأمتعة للمرأة لأنها اشترت من غير توكيل الزوج(1/198)
إياها بالشراء فكانت مشترية لنفسها والله أعلم {فصل في دعوى النكاح} امرأة ادعت على رجل أنه تزوجها فجحد فإنه يستحلف بالله ما هي بزوجة لي وإن كانت زوجة لي فهي طالق بائن أما الاستحلاف فلأن على قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يستحلف على النكاح والفتوى على قولهما واجمعوا على أنه يستحلف على النكاح بعد الطلاق البائن والموت لأجل المال وإنما يستحلف على هذا الوجه لأنها لو كانت صادقة لا يبطل النكاح بجحوده فإذا حلف تبقى معطلة وقال بعضهم يستحلف على النكاح فإذا حلف يقول القاضي فرقت بينكما * رجل تزوج امرأة بشهادة شاهدين فأنكرت المرأة وتزوجت غيره ومات الشهود ليس للزوج أن يستحلف المرأة في قولهم لأن الاستحلاف شرع لرجاء <405> النكول ولو أقرت المرأة بنكاح الأول لا يصح إقرارها على الزوج الثاني فلا يستحلف لكن يستحلف الزوج الثاني فإن حلف انقطعت الخصومة وإن نكل الزوج الثاني صار مقراً بنكاح الأول فحينئذ تستحلف المرأة فإن حلفت لا يثبت ونكاح الأول وإن نكلت يقضى بها للأول رجلان ادعيا نكاح امرأة وجحدت لهما فأيهما أقام البينة يقضى له فإن أقاما البينة وليست هي في يد أحدهما تبطل البينتان لأن النكاح حالة الحياة لا يحتمل الشركة وليس أحدهما أولى من الآخر وإن أقام كل واحد منهما البينة أنها له وكانت المرأة في يد أحدهما يقضى بها لصاحب اليد وكذا لو اقاما البينة وادعى أحدهما الدخول في شهد شهوده بالنكاح والدخول يقضى له وإن أقام كل واحد مهما البينة على النكاح والدخول لا يقضى لأحدهما وإن ادعيا النكاح ووقت أحدهما وشهد شهوده على النكاح والوقت فهو ألوى وإن وقت أحدهما ولم يؤقت الآخر غلا أن المرأة في يد الذي لم يؤقت يقضى لذي اليد وكذا لو وقت أحدهما ولم يؤقت الآخر إلا أن الذي لم يؤقت أقام البينة على النكاح والدخول كان هو أولى وإن وقتا وأحدهما أسبق فالأسبق أولى على كل حال وإن أقاما البينة على النكاح ولم يؤقتا فأقرت هي لأحدهما يقضى للمقر له وإن أقاما البينة على النكاح والمرأة تقر لأحدهما اختلفوا فيه قال بعضهم لا يقضى للمقر له لأن إقرار المرأة لأحدهما بمنزلة اليد ولو أقاما البينة وهي في يد أحدهما يقضى لصاحب اليد ولو كانت المرأة في يد أحدهما فشهد شهوده أنها امرأته أو شهدوا أنها منكوحته وحلاله وشهود الآخر شهدوا أنه تزوجها اختلفوا فيه قال بعضهم لا تقبل بينة ذي اليد لأن بينة ذي اليد إنما تترجح على بينة الخارج إذا شهدوا على السبب أما إذا شهدوا على هذا الوجه كان هذا بمنزلة مطلق الشهادة على مطلق الملك فلا تقبل بينة ذي اليد وقال بعضهم تقبل لأن شهادة الشهود إنها امرأته أو منكوحته وحلاله بمنزلة الشهادة على السبب لأن المرأة لا تصير منكوحته وحلاله إلا بسبب <406> معين وهو النكاح والحكم إذا تعلق بسبب معين كان ذكر الحكم وذكر السبب سواء بخلاف الملك لأن الملك يثبت بأسباب كثيرة وليس بعضها بأولى من البعض فلا يتعين السبب رجل ادعى نكاح امرأة وهي تجحد فشهد الشهود أنها امرأته وقى القاضي بها ثم جاء آخر وأقام البينة على مثل ذلك لا يلتفت إلى الثاني لأن القضاء صح ظاهراً فلا يبطل ما لم يظهر خطؤه بيقين وذلك بأن يؤقت الثاني وقتاً يكون قبل الأول ولو أن رجلين ادعيا نكاح امرأة وقد كان دخل بها أحدهما وهي في بيت الآخر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى صاحب البيت أولى ولو ادعى زيد وعمرو نكاح امرأة فقالت تزوجت زيداً بعدما تزوجت عمراً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقضى لزيد وعليه الفتوى ثم قال أَبُو يُوسُفَ رحمه الله تَعَالَى فإن سألها القاضي وقال من زوجك فقالت تزوجت زيداً بعدما تزوجت عمراً فإن القاضي يقضي بها لعمرو قال أستحسن ذلك في جواب المنطق وكذا في البيع وكذا لو قال رجل لأختين فاطمة وخديجة تزوجت فاطمة بعد خديجة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقضى بنكاح فاطمة ولو قالت امرأة تزوجت هذا الرجل أمس ثم قالت تزوجت هذا الرجل الآخر منذ سنة فهي للذي أقرت بنكاحه أمس ولو شهد الشهود على إقرارها لهما جميعاً وهي تجحد قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أسأل الشهود بأيهما بدأت أقضي به ولو قالت تزوجتهما جميعاً هذا أمس وهذا منذ سنة كانت امرأة صاحب الأمس ولو أن رجلين أقاما جميعاً البينة على نكاح امرأة بعد موتها يقضى لهما بميراث زوج واحد لأن حكم النكاح بعد الموت الميراث وهو يحتمل الشركة ولو مات احد المدعيين فأقرت المرأة أن نكاح الميت كان أولاً صح تصديقها رجل ادعى على امرأة أنها امرأته وأقام البينة على ذلك وادعت المرأة أنها امرأة هذا الرجل الآخر وذلك الرجل يجحد وأقامت البينة على ذلك قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تقبل بينة الزوج المدعي لأن الشهود لما شهدوا عليها بالنكاح فقد شهدوا على إقرارها أنها امرأته وإقرارها على نفسها أصدق من بينتها ألا(1/199)
ترى أن رجلاً <407> لو أقام البينة على رجل أنه اشترى منه ثوبه هذا وأقام صاحب الثوب البينة على رجل آخر أنه باعه منه وهو يجحد فإن البينة بينة المدعي على صاحب الثوب لما قلنا ولو قالت المرأة حين أقامت البينة على رجل أنها امرأته ادعاها ذلك الرجل كانت البينة بينة المرأة وذلك كامرأة أقام البينة عليها رجلان بالنكاح ولم يؤقتا فأيهما صدقته المرأة فهو زوجها امرأة قالت لرجل أنا امرأتك فقال مجيباً لها أنت طالق كان إقراراً بالنكاح وهي كالق ولو قالت لرجل ألا امرأتك فقال ما أنت لي بزوجة وأنت طالق فليس هذا بإقرار عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى امرأة قالت لرجل زوجتك نفسي فقال لها فأنت طالع يقع الطلاق وإن قال أنت طالق لا يقع شيء ولا يكون إقراراً بالنكاح ولو ادعى على امرأة نكاحاً وأقام البينة وأقامت أخت المرأة البينة أنها امرأته وأن أبهاها زوجها منه كانت البينة بينة الزوج صدقته المرأة المدعى عليها أم كذبته ولو ادعى على امرأة نكاحاً وأقام البينة وأقامت المرأة البينة أن أختها امرأة المدعي والرجل المدعي ينكر ذلك ويقول ما هي بزوجتي فإن القاضي يقي بنكاح الشاهدة أها امرأة المدعي ولا يقضي بنكاح الغائبة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو أقامات الشاهدة البينة على إقرار المدعي بنكاح الغائبة وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يتوقف القاضي ولا يقضي بنكاح الشاهدة فإن حضرت الغائبة وأقامت البينة على ما ادعت أختها يقضي بنكاحها إذا أقامت هي البينة ولا يقضي بنكاحها بتلك البينة التي أقامت الشاهدة ويفرق بين الزوج والشاهدة فإن أنكرت الغائبة نكاحها يقضي بنكاح الشاهدة ولو اقر الرجل بنكاح الغائبة يسأله القاضي هل كان بينك وبين الغائبة فرقة فإن قال لا يبطل نكاح الحاضرة ولو قال كنت طلقت الغائبة وأخبرتني بانقضاء عدتها وكذبته الشاهدة في طلاق الغائبة يقضي بنكاح الشاهدة فإن حضرت الغائبة وصدقته في النكاح وكذبته في الطلاق يقع الطلاق عليها من حين إقرار الزوج بطلاقها ولو ادعى نكاح امرأة وأقام البينة وادعت المرأة أنه تزوج بأمها أو ابنتها فهذا وما <408> لو ادعت نكاح الأخت سواء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو أقامت الشاهدة البينة أنه تزوج بأمها ودخل بها أو قبلها أو مسها عن شهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة فرق القاضي بين الشاهدة وبين المدعي ولا يقضى بنكاح الغائبة * رجل تزوج امرأة ثم أقر أن فلاناً كان زوجها طلقها وانقضت عدتها ثم تزوجتها فقالت المرأة هو زوجي على حاله لا يقبل قول المرأة ولا يفرق بينها وبين الزوج فإن حضر الغائب وأنكر الطلاق يقضى له بالمرأة ويفرق بين المرأة وزوجها الثاني وإن أقر الأول بالنكاح والطلاق وانقضاء العدة كما قال الزوج الثاني وكذبته المرأة في الطلاق وقع الطلاق عليها من الزوج الأول حين أقر الزوج الأول بالطلاق وعليها العدة من ذلك الوقت ويفرق بينها وبين الثاني وإن صدقته في جميع ما قال كانت امرأة الثاني ولو قال الزوج كان لها زوج قبلي فطلقها وانقضت عدتها ثم تزوجتها وقالت المرأة لم يطلقني ذلك الزوج كان القول قول الزوج ولا يقبل قول المرأة فإن حضر رجل وادعى أنه الزوج الذي أقر به الثاني وصدقته المرأة في ذلك وكذبه الزوج الثاني كان القول قول الزوج الثاني لأنه ما أقر بالنكاح المعلوم ههنا والله أعلم *{فصل في الشهادة على النكاح}* يجوز الاعتماد على الشهرة والتسامع لتحمل الشهادة في خمس مسائل أربع منها معروفة النسب والنكاح والموت والقضاء وواحدة منها ذكرها الخصاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو الدخلو من الزوج وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي أن الشهادة على أصل الوقف تجوز بالشهرة والتسامع ولا تجوز على شرائط الوقف وكما تجوز الشهادة على النكاح بالتسامع تجوز بالمهر أيضاً بالشهرة والتسامع ذكر الحاكم الشهيد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في المنتقى والإشهاد على نوعين عرفي وهو أن يسمع من قوم لا يتصور اجتماعهم على الكذب وشرعي وهو أن يشهد عند رجلان عدلان أو رجل وامرأتان بلفظ الشهادة من غير استشهاد ويقع في قلبه أن الأمر كذلك ولا يكتفى بشهادة الواحد عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا شهد واحد عدل بموت رجل وقال أنا عاينت موته <409> حل له أن يشهد على موته والصحيح أن الموت بمنزلة النكاح وغيره ولا يكتفى فيه بشهادة الواحد ولو رأى رجلاً وامرأة يسكنان في منزل وينبسط كل واحد منهما على صاحبه كما يكون بين الأزواج حله له أن يشهد على نكاحهما ولو قدم عليه رجل من بلدة وانتسب له وأقام عنده دهراً لم يسعه أن يشهد على نسبه حتى يلقي من أهل تلك البلدة رجلين عدلين ممن يعرفه ويشهد له على نسبه وإذا تحمل الشهادة والشهرة والتسامع فشهد عند القاضي وأيهم جازت شهادته وإن فسر وقال أشهد على النكاح أو على(1/200)
النسب لأني سمعت ذلك من قوم لا يصور اجتماعهم على الكذب لا تقبل شهادته كمن رأى داراً أو عيناً في يد رجل يتصرف فيه تصرف الملاك ووقع في قلبه أنه ملكه حل له أن يشهد على أنه ملكه فإن شهد وفسر فقال أشهد أنه له لأني رأيته في يده يتصرف فيه تصرف الملاك لا تقبل شهادته كذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولم يفصل بين الموت وغيره وفي بعض الروايات في الموت تقبل شهادته وإن فسر وإذا سمع الرجل نكاحاً أو موتاً أو نسباً ووقع في قلبه أنه حق ثم شهد عنده عدلان بخلاف ما وقع في قلبه أولاً لم يسعه أن يشهد بما وقع في قلبه أولاً وسعه أن يشهد بما وقع في قلبه أولاً إلا أن يقع في قلبه أن هذا الواحد صادق فيما يشهد وإن عاين رجل نكاح امرأة أو بيع جارية أو قتل عمد أو إقرار رجل على نفسه بمال ثم شهد عند الشاهد رجلان عدلان أن فلاناً طلق امرأته ثلاثاً بحضرتهما أو أن مشتري الجارية أعتق الجارة أو أقر بائع الجارية قبل البيع أنه أعتقها أو أن امرأة واحدة أرضعت الزوجين في صغرهما في الحولين ثم أن المرأة أنكرت النكاح وأنكرت الجارية ملك المشتري لا يسع الشاهد أن يشهد على نكاح المرأة ولا على بيع الجارية لأن الشاهدين لو شهدا عند المرأة بالطلقات الثلاث وعند الجارية يعتقها لا يجوز للمرأة ولا للجارية أن تدعه يجامعها فكذا لايحل للشاهدين أن يشهدا على النكاح والبيع وإن شهد عند الشاهد الذي عاين النكاح وبيع الجارية عدل واحد <410> بالطلقات الثلاث وعتق الجارية لا يحل للشاهد أن يمتنع عن الشهادة على البيع والنكاح *{فصل في العنين}* نكاح العنين جائز فإن علمت المرأة وقت النكاح أنه عنين لا يصل إلى النساء لا يكون لها حق الخصومة كما لو علم المشتري بالعيب وقت البيع وإن لم تعلم وقت النكاح وعلمت بعد ذلك كان لها حق الخصومة ولا يبطل حقها بترك الخصومة وإن طال الزمان ما لم ترض بذلك وكذا لو كان الرجل يصل إلى غيرها من النساء والجواري ولا يصل إليها كان لها حق الزوجية والخصومة وإذا خاصمته إلى القاضي فإن القاضي يسأل الزوج فإن قال قد وصلت إليها في هذا النكاح وأنكرت المرأة إن كانت ثيباً كان القول قوله وإن قالت أنا بكر فالقاضي يريها النساء والمرأة الواحدة تكفي والثنتان أحوطفإن قلن هي ثيب كان القول قول الزوج وإن قلن هي بكر كان القول قولهما في عدم الوصول إليها وإن شهد البعض بالبكارة والبعض بالثيابة يريها غيرهن فإذا ثبت عدم الوصول إليها أجله القاضي سنة طلب الرجل التأجيل أو لم يطلب ويشهد على التأجيل ويكتب لذلك تاريخاص وكذا لو أقر الزوج أنه لم يصل إليها أجله سنة وتكلموا أنه يؤله سنة قمرية أو شمسية قال الشيخ الإماما المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ملم يذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا في الكتاب وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر أنه يؤجله سنة شمسية بالأيام وهكذا قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي والناطفي رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى رجاء أن يوافقه العلاج في الأيام التي يقع التفاوت فيها بين الشمسية والقمرية ولا يكون هذا التأجيل إلا عند قاضي مصر أو مدينة فإن أجلته المرأة أو اجله غير القاضي لا يعتبر ذلك التأجيل ويحتسب على الرجل شهر رمضان وأيام حيضها وإن مرض أحدهما مرضاً شديداً لا يستطاع معه الجماع عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية يحتسب عليه ما دون السنة وإن كان يوماً وفي رواية ما يزاد على نصف الشهر لا يحتسب عليه ويعوض له لذلك عوضاً وما دون ذلك يحتسب وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحتسب الشهر وما دونه يحتسب وهو أصح الأقاويل ولو هربت المرأة من <411> زوجها لا تحتسب تلك الأيام على الزوج وإن غاب الزوج بحج أو عمرة يحتسب عليه ولو حبس الزوج فلم تأته المرأة لا يحتسب على الزوج وكذا لو حبسته المرأة بمهرها ولم تأته وإن أتته إلى السجن وثمة مكان يمكنه الخلوة والجماع يحتسب عليه وكذا لو حبست المرأة بحق وكان الزوج يصل إليها ويمكنه الخلوة والمبيعع معها يحتسب تلك المدة وإلا فلا وإن كانت المرأة محرمة بحجة الإسلام لا يحتسب على الرج حتى تفرغ وإن أحرمت بعد التأجيل لا يحتسب على الرجل ويعوض له عن تلك الأيام وإن كان الزوج مظاهراً منها أن كان قادراص على الإعتاق أجله القاضي سنة وإن كان عاجزاً عن الإعتاق أمهله القاضي شهرين للكفارة ثم يؤجل وإن ظاهر بعد التأجيل لا يلتفت إليه ويحتسب ذلك عليه وإذا مضت السنة فمات القاضي أو عزل قبل تخير المرأة وولي غيره فقدمته إلى القاضي الثاني وأقامت البينة أن فلاناً القاضي كان أجله في أمرها سنة وإن السنة قد مضت فإن القاضي الثاني يبني على الأول وإن مضت السنة من وقت التأجيل ولم تخاصمه زماناً لا يبطل حقها وإن طاوعته في المضاجعة في تلك الأيام فإن خاصمته إلى القاضي إن كانت ثيباً كان القول قوله وإن أقر الزوج أنه لم يصل(1/201)
إليها أو قالت أنا بكر فنظر إليها النساء وقلن إنها بكر خيرها القاضي فإن اختارت زوجها أو قامت عن مجلسها قبل الاختيار أو أقامها أعوان القاضي أو أقام القاضي عن مجلسه بطل حقها كما في خيار المخيرة فإن اختارت الفرقة في مجلسها يأمره القاضي بالتفريق ولاتقع الفرقة باختيارها فإن أبى الزوج أن يفرق يقول القاضي فرقت بينكما فيلزمه المهر وعليها العدة وإن طلب من القاضي أن يؤجله سنة أخرى لا يجيبه فإن أجلته المرأة سنة أخلى كان لها أن ترجع عن الأجل وكما يؤجل العينين ويؤجل الخصي سنة وكذا الشيخ الكبير وإن قال لا أرجو أن أصل إليها والغلام الذي هو ابن أربع عشرة سنة إذا لم يصل إلى امرأته وله امرأة أخرى يجامعها أو يجامع الجراية كان للمرأة أن تخاصمه ويؤجل سنة وكذا الخنثى إذا كان يبول من مبال الرجل يؤجل سنة ولو وجدت المرأة زوجها مريضاً لا يقدر على الجماع لا يؤجل <412> ما لم يصح وإن طال المرض والمعتوه إذا زوجه وليه امرأة فلم يصل إليها أجله القاضي سنة بحضرة الخصم عنه وتأجيل العنين لا يكون إلا عن قاضي مصر أو مدينة فلا يعتبر تأجيل المرأة ولا تأجيل غيرها * رجل تزوج امرأة ولم يصل ليها وفرق القاضي بينهما بعد مضي الأجل ثم تزوجها مرة أخلى لا خيرا لها ولو تزوج ووصل إليها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك وصار عنيناص لم يكن لها حق الخصومة ولو تزوج امرأة ووصها إليها ثم وقعت الفرقة بينهما ثم تزوجها ثم عجز عن الوطء بعد ذلك لها حق الخصومة ويؤجل كما يؤجل العنين ولو تزوج امرأة ولم يصل إليها وفرق القاضي بينهما بسبب العنة ثم تزوج هذا الرجل امرأة أخرى تعلم بحاله مع المرأة الأولى اختلفت الروايات فيه والصحيح أن للثانية حق الخصومة لأن الإنسان قد يعجز عن امرأة ولا يعجز عن غيرها ولو وجدت المرأة زوجها مجبوباً خيرها القاضي في الحال ولا يؤجل لأن الآلة المقطوعة لا تثبت فلا يقيد التأجيل فإن كان خلا بها فلها كل المهر وإن كان ذلك قبل الخلوة كان لها نصف المهر ولا عدة عليها وإن فرق القاضي بينهما بعد الخلوة ثم جاءت بالولد إلى سنتين يثبت النسب منه ولا يبطل تفريق القاضي وفي فصل العنين إذا فرق وهو يدعي الوصول إليها فجاءت بولد لأقل من سنتين يثبت النسب ويبطل تفريق القاضي وكذا لو شهد شاهدان بعد تفريق القاضي على إقرار المرأة قبل التفريق أنه وصل إليها يبطل تفريق القاضي ولو أقرت بعد التفريق أنه كان وصل إليها لم تصدق على إبطال تفريق القاضي ولو وجدت المرأة زوجها مجبوباً وهي رتقاء لا خيار لها ولو وجدت زوجها مجبوباً فأقامت معه زماناً وهو يضاجعها كانت على خيارها ولو قالت المرأة هو مجبوب والزوج ينكر فإن كان يعرف حقيقة حاله باللمس من غير نظر وراء الثوب ولا تكشف عورته وإن كان لا يعرف إلا بالنظر أمر القاضي أميناً لينظر إلى عورته فيخبره بحاله لأن النظر إلى العورة مباح عند الضرورة * رجل تزوج امرأة وكان يأتيها فيما دون الفرج حتى ينزل وتنزل المرأة ولا يصل إليها في فرجها وأقامت معه كذلك زماناً وهي بكر أو ثيب ثم خاصمته <413> إلى القاضي اجله القاضي سنة ويفعل ما قلنا زوج الأمة إذا كان مجبوباً أو عنيناً كان الخيار غلى المولى في ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وزفر رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فإن رضي المولى لاحق للأمة وإن لم يرض كانت الخصومة إليه كما في العزل وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تعلى الخيار إلى الأمة لا إلى المولى كما قال هو في العزل واختلفوا في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ذكر بعضهم قوله مع أَبِي يُوسُفَ كما في العزل عنده وبعضهم ذكروا قوله ههنا مع أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإذا فرق لقاضي في الجب والعنة كان طلاقاً بائناً *{فصل في الخيارات التي تتعلق بالنكاح}* الخيارات أنواع منها ما يثبت في جميع التصرفات وهو خيار إجازة عقد الفضولي وعند الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خيار عقد الإجارة لا يتصور لأن عنده عقد الفضولي لا يتوقف فلا يتصور الإجازة منه ومنها ما يثبت في التصرفات التي تحتمل الفسخ ولا يثبت فيما لا يحتمل الفسخ كالنكاح والطلاق والعتاق وهو خيار الرط إذا شرط الخيار في النكاح عندنا يصح النكاح ويبطل الشرط وعند الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى شرط الخيار يبطل النكاح ونمنها خيار الرؤية لا يثبت في النكاح لا في المرأة ولا في المهر ومنها خيار العيب وهو حق الفسخ بسبب العيب عندنا لا يثبت في النكاح فلا ترد المرأة بعيب ما وقال الشافعي له أن يرد المرأة بعيوب خمسة بالجنون والجذام والبرص والقرن والرتق له أن يفسخ النكاح ويرد المرأة إن رد قبل الدخول يسقط كل المهر وإن كان بعد الدخول لكان لها مهر المثل كما هو حكم الفسخ وإن وجدت المرأة بزوجها جنوناً أو جذاماً أو برصاً قال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس لها حق الفرقة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لها حق الفرقة وإن وجدت المرأة في(1/202)
مهرها عيباً لا ترد في اليسير وترد في الفاحش غلا أن يكون المهر مكيلاً أو موزوناً فترد في اليسير والفاحش وإن وجدت زوجها مجبوباً أو عنيناً لم يكن لها حق الفسخ وكان لها حق المطالبة بالإمساك بالمعروف أو التفريق بناء عليه ولهذا كانت الفرقة بسبب الجب والعنة طلاقاً () وأما الخيارات التي تتعلق بالنكاح أربعة خيار المخيرة وخيار <414> العتق وخيار الفسخ لعدم الكفاءة وخيار البلوغ أما الأول إذا قالا لامرأته اختاري أو اختاري نفسك ينوي به الطلاق فقالت اخترت نفسي يقع تطليقة بائنة وهذا الخيار يختص بجانب المرأة ولا يبطل بسكوتها بكراً كانت أو ثيباً بل يمتد إلى آخر المجلس غلا إذا ردت وقامت أو أعرضت والفرقة بهذا الخيار لا تحتاج إلى قضاء القاضي وأما خيار العتق للمنكوحة إذا كانت أمة أو مدبرة أو أم ولد فعتقت قبل الدخول وبعده كان لها حق الفسخ حراص كان الزوج أو عبداً عندنا وكذا المكاتبة الصغيرةأو الكبيرة إذا زوجها المولى برضاها فعتقت بالأداء أو أعتقها المولى كان لها خيار العتق عندنا وهذا الخيار بمنزلة خيار المخيرة عندنا من حيث أنه يختص بالمرأة ووقوع الفرقة منها لا يتوقف على القضاء ولا يبطل بالسكوت بل يمتد إلى آخر المجلس إلا إذا أبطلت الخيار بلسانها أو دلالة وإنما يفارق هذا الخيار خيار المخيرة من وجه واحد وهو إن الفرقة في خيار العتق لا تكون طلاقاً وفي خيرا المخيرة تكون طلاقاً وأما الخيار لعدم الكفاءة إذا زوجت المرأة نفسها غير كفء كان للأولياء من العصبة حق الفسخ وهذا التفريق لا يتم إلا بقضاء القاضي وقبل القضاء النكاح قائم بجميع أحكامه من الطلاق والظهار والتوارث وخيار المولى لا يبطل بسكوته ولا الامتناع عن المطالبة بالتفريق وإن طال الزمان ما لم تلد ويكون فسخاً لا طلاقاً حتى لو كان قبل الخلوة الصحيحة يسقط كل المهر وبعد الخلوة لا يسقط وعليه نفقة العدة وإن أجاز المولى بطل حقه وكذا إذا أخذ مهرها وإن زوجها الولي غير كفء ثم وقعت الفرقة بينهما ثم زوجت نفسها من هذا الزوج بغير ولي كان للولي أن يفرق بينهما ولو زوجها الولي غير كفء فطلقها الزوج طلاقاً رجعياً ثم راجعها لم يكن لهذا الولي أن يفرق بينهما ولو طلقها طلاقاً بائناً ثم تزوجها بغير إذن ولي كان للولي أن يفرق بينهما ورضا الولي بالعقد الأول يكون رضاً بالعقد الثاني ولو زوجها أحد الأولياء غير كفء لم يكن لهذا الولي ولا لمن دونه حق التفريق وأما خيرا البلوغ غير الأب والجد إذا زوج الصغير <415> والصغيرة كان لهما خيار البلوغ وإن زوجهما القاضي فعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الظاهر ثبوت الخيار في نكاح القاضي وكذا إذا زوج الصغيرة أمها عن أَبِي حَنِيفَةَ رحمه اله تَعَالَى في خيار البلوغ روايتان والظاهر ثبوته وأما المعتوهة إذا زوجها أخوها أو عملها ثم عقلت كان لها الخيار كالصغيرة إذا بلغت وإن زوجها الأب أو الجد لا خيار لها وإن زوجها ابنها لا رواية فيه عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قالوا ينبغي أن لا يكون لها الخيار كما لو زوجها الأب وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن لها الخيار والمولى إذا زوج أمته الصغيرة فعتقت ثم بلغت كان لها خيار العتق وهل يكون لها خيار البلوغ اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يكون لها خيار البلوغ لأن المولى يملك الرقبة والكسب جميعاً فكانت ولايته فوق ولاية الأب والحج ثم خيار البلوغ يفارق خيار العتق من وجوه منها أن خيار العتق يثبت للأنثى خاصة وخيار البلوغ يثبت للذكر والأنثى ومنها أن خيار العتق إذا ثبت للبكر لا يبطل بسكوتها بل يمتد إلى آخر المجلس وخيار البلوغ يبطل بسكوت البك روخيار البلوغ للثيب والغلام لا يبطل إلا بالإبطال نصاً فإن قال الغلام نقضت النكاح ونوى به الطلاق عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يكون طلاقاً وإن نوى ثلاثاً فصثلاث ومنها أن الفرقة بخيار العتق تثبت بقولها اخترت نفسي وفي خيار البلوغ لا تقع الفرقة ما لم يفرق القاضي بينهما وعند تفريق القاضي يسقط كل المهر إن كانت الفرقة قبل الدخول وإن كانت بعد الدخول كان لها المهر المسمى وخيار البلوغ إذا ثبت للثيب لا يبطل إلا بالإبطال نصاُ أو بالتمكين من الزوج أو لب المهر أو طلب فرق النفقة بخلاف خيار العتق وخيار المخيرة فإن ذلك يبطل بالقيام عن المجلس ومنها أن في خيار العتق إذا علمت بالنكاح والعتق ولم تعلم بالخيار كان له الخيار إذا علمته وتعذر بالجهل وفي خيار البلوغ إذا علمت بالزوج والمهر ولم تعلم بالخيار لا تعذر الجهل والفرقة بخيار البلوغ لا تكون طلاقاً كالفرقة بخيار العتق وخيار عدم الكفاءة فإن بلغت الثيب في جوف الليل ولم تقدر على الإشهاد قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما <416> رأت الدم تقول اخترت نفس ونقضت النكاح فإذا أصبحت تشهد وتقول رأيت الدم(1/203)
الساعة واخترت نفسي فقيل له أسيع لها ذلك قال نعم لأنها لو أخبرت نهار رأت الدم في الليل واختارت نفسها لا يقبل قولها ويبطل خيارها وروي عنه أنها لو قالت عند الشهود أو عند القاضي نقضت النكاح حين بلغت يقبل قولها فإن وقتت فقالت بلغت أمس واخترت نفسي لا يقبل قولها ولو قال لم أعلم بالنكاح إلا الآن واخترت نفسي قبل قولها ولو بلغت فقال الحمد لله اخترت نفسي كانت على خيارها ولو بلغت في مكان منقطع عن الناس فبعثت الجارية لتأتي بشهود تشهدهم بطل خيارها إلا أن يكون على الفوز وينبغي أن تقول في فور البلوغ اخترت نفسي ونقضت النكاح فإذا قالت ذلك لا يبطل حقها بالتأخير حتى يوجد التمكين وأما إذا ثبت لها خيار البلوغ والشفعة فتقول طلبت الحقين ثم تفسر وتبدأ في التفسير بالاختيار وقيل تطالب الشفعة وتبكي صراخاً فيكون البكاء بهذه الصفة رد النكاح مع طلب الشفعة على قول من يجعل البكاء بهذه الصفعة رداً للنكاح *{باب الرضاع}* الرضاع في إثبات حرمة المناكحة بمنزلة النسب والصهرية كما أن الحرمة بالنسب إذا ثبتت في الأمهات والبنات تتعدى إلى الحدات والنواقل فكذا إذا ثبتت بالرضاع تتعدى إلى أصول المرضعة وفروعها وأخواتها وأخواتها هذه الحرمة كما تثبت في جانب الأم تثبت في جانب الأب وهو الفحل الذي ينزل لبنها بوطئها وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الحرمة لا تثبت في جانب الأب والفقهاء يسمون هذه المسألة لبن الفحل فعندنا الفحل أبو الرضيع وأم الفحل جدته وأخواته عماته وأولاد الفحل أخواته لا يحل للرضيع أن يتزوج واحدة منهن ولا نكاح موطوءة الفحل ومنكوحته ولا للفحل نكاح موطوءة الرضيع ولا منكوحته ولو كان للفحل امرأتان حبلتا منه فأرضت كل واحدة منهما رضيعاً كان الرضيعان أخوين لأب وإن كان أحدهما بنتاً لا يجوز النكاح بينهما ولو كانا أنثيين لا يجوز الجمع بينهما في النكاح لرجل كما لا يجوز الجمع بين الأختين من النسب قليل الرضاع وكثيره سواء <417> عندنا وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يثبت الرضاع بما دون خمس رضعات في خمس رضعات في خمسة أوقات تكتفي الصغير بكل واحدة منهن وقال أصحاب الظواهر لا بد من ثلاث رضعات وكما يحصل الرضاع بالمص من الثدي يحصل بالصب والسعوط والوجور ولا يحصل بالأقطار في الأذن والإحليل والجائفة والآمة ولا بالحقنة في ظاهر الرواية وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحصل بالاحتقان ووقت الرضاع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مقدر بلاثين شهراً إذا ارتضع في هذه المدة تثبت الحرمة فطم على رأس الحولين أو لم يفطم ولو ارتضع بعد حولين ونصف لا تثبت الحرمة فطم أو لم يفطم قال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد والشافعي رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وقته مقدر بحولين إن ارتضع في الحولين تثبت الحرمة فطم أو لم يقطم وبعد الحولين لا تثبت فطم أو لم يفطم وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقته مقدر بثلاث سنين وأجمعوا على أن مدة الرضاع في استحقاق أجرة الرضاع على الأب مقدر بحولين حتى أن المطليقة إذا طالبته بعد الحولين بأجرة الرضاع فأبى الأب أن يعطي لا يجبر ويجبر في الحولين وروى الحسن عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إذا فطم الصبي في الحولين فتعود الصبي واكتفى بالطعام فأرضع لا تثبت حرمة الرضاع وفي ظاهر الرواية إذا أرضع في مدة الرضاع تثبت به الحرمة على كل حال * إذا مص الرجل ثدي امرأته وشرب لبنها لم تحرم عليه امرأته لما قلنا أنه لا رضاع بعد الفصال بكر لم تزوج قط نزل لها لبن فأرضعت صبياً صارت أماً للصبي وثبت جميع أحكام الرضاع بينهما حتى لو تزوجت البكر رجلاً ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها كان لهذا الزوج أن يتزوج الصبية وإن طلقها بعد الدخول لا يكون له أن يتزوجها لأنها صارت من الربائب التي دخل بأمها ويثبت الرضاع بلبن الميتة سواء حلب اللبن قبل الموت أو بعده وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يثبت الرضاع بلبن يحلب بعد الموت كما لاا تثبت حرمة المصاهرة بوطء الميتة وإذا نزل لرجل لبن فأرضع به صبياً لا تثبت به حرمة الرضاع * لا بأس للرجل أن يتزوج بمرضعة ولده وأخت ولده من الرضاع لأن نكاح أخت ولده من النسب جائز إذا لم تكن ولده موطوءته فإن الجارية إذا <418> كانت بين رجلين فجاءت بولد وادعياه ولك واحد من الشريكين ابنة من امرأة أخرى كان لكل واحد من الموليين أن يتزوج ابنة شريكه وإن كانت أخت ولده من النسب ونظائرها كثيرة إذا ارتضع الصبيان من لبن بهيمة لا تثبت به حرمة الرضاع بينهما وإذا جعل لبن المرأة في طعام فأطعم صبيين إن طبخ الطعام بأن طبخ لبنها أرز غلا تثبت الحرمة بينهما في قولهم جميعاً كان اللبن غالباً أو مغلوباً وإن لم يطبخ الطعام باللبن إن كان الطعام غالباً لا تثبت الحرمة به في قولهم قيل هذا إذا كان لا يتقاطر منه اللبن عند رفع اللقمة وإن كان يتقاطر تثبت الحرمة والأصح أنها لا تثبت وإن كان الطعام(1/204)
مغلوباً باللبن لا تثبت الحرمة عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه تثبت الحرمة كما لو اخلط لبن الآدمي بلبن الشاة ولبن الآدمي غالب تثبت الحرمة وكذا لو ثردت خبزاً في لبنها وتشرب الخبز اللبن أو لتت سويقاً بلبنها إن كان يوجد منه طعم اللبن تثبت الحرمة هذا إذا أكل الطعام لقمة لقمة فإن حسى حسواً تثبت الحرمة في قولهم وإن خلط لبن المرأة بالماء وسقى صبيين إن كان اللبن غالباً تثبت لحرمة في قولهم وإن كان اللبن مغلوباً لا تثبت وكذا لو جعل الدواء في لبن المرأة إن كان الدواء غالباً لا تثبت الحرمة عندنا وإن كان مغلوباً باللبن تثبت الحرمة ثم فسر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فقال إن لم يغير الدواء اللبن تثبت الحرمة وإن غير لا تثبت وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن غير طعم اللبن ولون لا يكون رضاعاً وإن غير أحدهما دون الآخر يكون رضاعاً وقيل على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا جعل في دواء أو خلط بالماء لا تثبت الحرمة على كل حال ولو خلط لبن المرأة بلبن امرأة أخرى فأوجر صبياً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهي روايته عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الرضاع من أكثرهما فإن استويا يكون منهما وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يثبت الرضاع منهما على كل حال امرأة لها لبن طلقها زوجها وتزوجت بزوج أخر فحبلت من الثاني وأرضعت صبياً قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الرضاع من الأول ما لم تلد من الثاني فإذا ولدت كان الرضاع من الثاني وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان في رواية إن عرفت نزول <419> اللبن من الحمل الثاني فالرضاع من الثاني وينقط حكم الأول وفي رواية إذا حبلت من الثاني ينقطع حكم الأول وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الرضاع منهما حتى تضع الحمل من الثاني إذا ولدت المرأة من زوجها ولداص فطلقها الزوج وتزوجت بآخر فأرضعت بلبن الأول ولداص وهي تحت الزوج الثاني فإن الرضاع يكون من الزوج الأول لأن نزول اللبن الأول كان مننه * رجل تزوج امرأة ولم تلد منه قط ثم نزل لها لبن فأرضعت صبياً كان الرضاع من المرأة دون زوجها حتى لا يحرم على الصبي أولاد هذا الرجل من غير هذه المرأة * رجل زنى بامرأة فولدت منه وأرضعت يهذا اللبن صغيرة لا يجوز لهذا الزاني ولا لأحد من آبائه وأولاده نكاح هذه الصبية وذكر في الدعوى رجل قال لمملوك هذا ابني من الزنا ثم اشتراه مع أمه عتق المملوك ولا تصير الجارية أم ولده * رجل تزوج امرأة فولدت منه ولداً فأرضعت صبياص كان لهذا الصبي أن يتزوج أولاد هذا الرجل من غير المرضعة * الرضاع الطارئ على النكاح بمنزلة السابق بيانه إذا تزوج صبية فطلقها ثم تزوج امرأة لها لبن فأرضعت تلك الصبية حرمت الكبيرة على زوجها لأنه صارت من أمهات نسائه وكذا لو تزوج رضيعة فأرضعتها أمه أو أخته أو ابنته حرمت الرضيعة على زوجها وكذا لو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأة واحدة معاً أو واحدة بع واحد بطل نكاحهما لأنه صار جامعاً بين الأختين ولكل واحد منهما نصف الصداق يرجع الزوج بذلك على المرضعة إن تعمدت الفساد عندنا والتعمد أن ترضعها من غير حاجة لها إلى الإرضاع بأن كانت شبعى ويقبل قولها أنها لم تتعمد الفساد وإن كانت مجنونة وهي امرأته لا يرجع عليها وللمجنونة نصف الصداق إن كان قبل الدخول وكذا لو أخذ الصبي ثدي الكبيرة وهي نائمة فارتضع فالنائمة بمنزلة المجنونة ولو أخذ رجل لبن الكبيرة فأوجر صبيتين يغرم الزوج لكل واحد منهما نصف الصداق ثم يرجع الزوج على الرجل إن تعمد الفساد وهو الصحيح ولو تزوج ثلاث رضيعات فجاءت امرأة وأرضعتهن على التعاقب أو أرضعت ثنتين ثم الثالثة حرمت الأوليان لأنه صار جامعاً بين الأختين في نكاح وبقيت <420> الثالثة امرأته لأنها صارت أختاً للأوليين بعدما فسد نكاح الأوليين فإن أرضعت واحدة منهن أولاً ثم الثنتين معاً حر من جميعاً لأن الأختية تثبت دفعة واحدة ولو تزوج صغيرة وكبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة بانتا جميعاً ولا مهر لكبيرة إن كان لم يدخل بها لأن الفرقة جاءت من قبلها وللصغير نصف المهر لأنها بانت بفعل الغير ثم يرجع الزوج بنصف مهر الصغيرة على الكبيرة إن تعمدت الفساد وإن لم تتعمد لا يرجع وله أن يتزوج الصغيرة بعد ذلك لأنها صارت ابنة امرأته ولم يدخل بها وليس له أن يتزوج الكبيرة على كل حال لأنها أم امرأته وإن كان دخل بالكبيرة لا يحل له أيضاً نكاح الصغيرة ولو تزوج كبيرة وثلاث رضيعات فأرضعتهن الكبيرة واحدة بعد واحدة أو أرضعت واحدة ثم ثنتين معاً حر من جميعاً أما الكبيرة والصغيرة الأولى لأنهما صارتا أماً وبنتاً وأما الباقيتان فلأنهما الباقيتان فأنهما صارتا أختين في نكاح واحد وإن أرضعت ثنتين معاً ثم الثالثة حرمت الكبيرة والأوليان ولا تحرم الثالثة لأنها صارت ابنة امرأته بعدما باتت امرأته قبل الدخول(1/205)
وإن تزوج صغيرتين وكبيرتين فأرضعت الكبيرتان صغيرة ثم صغيرة بانت الكبيرتان والصغيرة الأولى أما الكبلية الأولى فلأنها بإرضاع الأولى صارت أم امرأته فبطل نكاحها ونكاح الصغيرة الأولى لأنهما اجتمعا في نكاح واحد وأما الكبيرة الثانية فلأنها بإرضاع الصغيرة الأولى صارت أم امرأة كانت له فبطل نكاحها والصغيرة الثانية امرأته لأنها صارت ابنة امرأته التي بانت منه قبل الدخول وليس في نكاحه غيرها فلا تحرم * رجل زوج أم ولده من عبد صغير له فأرضعته من لبن السيد حرمت المرضعة على مولاها وعلى زوجها الصغير أما على المولى فلأنها صارت منكوحة ابنه فتحرم على المولى وتحرم على الزوج الصغير لأنها صارت موطوءة الأب ولأنها أمه * رجل وطئ امرأة بنكاح فاسد ثم تزوج صبية فأرضعتها أم الموطوءة بانت الصبية لأنها صارت أخت الموطوءة والموطوء في عدته فيبطل نكاح الصبية * رجل تزوج صبية ثم عمتها لا يصح نكاح العمة فإن أرضعت أما العمة الصبية <421> لا تحرم الصبية على زوجها لأن نكاح العمة لم يصح فلا يصير جاءها بين الأختين * رجل تزوج رضيعنين فجاءت امرأتان لهما لبن من رجل واحد فأرضعت أحدى المرأتين رضيعة وأرضعت المرأة الأخرى الرضيعة الثانية بانت الرضيعتان عن زوجهما لأنهما صارتا أختين تحت رجل واحد ففسد نكاحهما ولا ضمان على المرضعتين وإن تعمدتا الفساد لأن المفسد للنكاح الأختية والأختية حصلت بفعلها جملة فلم يكن الفساد حاصلاً بفعل أحداهما خاصة فلا يجب الضمان كرجل قال لامرأتين له في مرض موته ن دخلتما الدار أنتما طالقتان ثلاثاً فدخلتا بانتا ولا تحرمان عن الميراث لأن وقوع الطلاق حصل بصنعهما جملة لا بفعل إحداهما ولو كانت الكبيرتان لهما لبن من زوج الرضيعتين والمسألة بحالها ذكر في بعض المواضع أنه لا يجب الضمان على الكبيرتين لأن فساد النكاح لا يضاف إلى إحداهما خاصة وكان هذا الجواب وقع سهواً لأن سبب فساد نكاح الصغيرتين ههنا صيرورتهما ابنتين لزوجهما لا الأختية فكل كبيرة تفردت بإفساد نكاح الصغيرة التي أرضعتها * رجل تزوج امرأة فشهدت امرأة أنها أرضعتها لا تثبت الحرمة بقولها وإن كانت عدلة وإن تنزه كان أفضل وقال مالك رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تثبت الحرمة بشهادة امرأة واحدة لشأنها من باب الديانة فتثبت بقول الواحد كما لو اشتى لحماص فأخبره عدل أنه ذبيحة المجوسي يحرم عليه وأنا نقول هذه شهادة قامت على زوال ملك النكاح فلا تثب الحرمة كما لو قامت على الطلاق وإن شهد بذلك امرأتان أو رجل عدل فكذلك وكذا لو شهد أربع نسوة وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يفرق بينهما بشهادة الأربع وكما لا يفرق بينهما بعد النكاح لا تثبت الحرمة بشهادتهن فكذلك قبل النكاح وإن أراد الرجل أن يخطب امرأة فشهدت امرأة قبل النكاح أنها أرضعتهما كان على سعة من تكذبيها كما لو شهدت بعد النكاح ولو شهد رجلان عدلان أو رجل وامرأتان بعد النكاح عندهما لا يسعها المقام مع الزوج لأن هذه شهادة لو قامت عند القاضي يثبت الرضاع فكذا إذا قامت عندها إذا أقر الرجل <422> بامرأة أنها أخته من الرضاع ولم يصر على إقراره كان له أن يتزوجها وإن أصر لا يحل له أن يتزوج ولو أقر بعد النكاح بذلك ولم يصر على إقراره لا يفرق بينهم وإن أصر فرق بينهما وكذا إذا أقرت المرأة قبل النكاح ولم تصر على إقرارها كان لها أن تزوج نفسها منه فإن أقرت بذلك ولم تصر ولم تكذب نفسها حتى زوجت نفسها منه جاز نكاحها لأن النكاح قبل الإصرار وقبل الرجوع عن الإقاررا بمنزلة الرجوع عن إقرارها وقد مرت هذه الجملة في فصل المحرمات فإن قالت المرأة بعد النكاح كنت أقررت قبل النكاح أنه أخي من الرضاع وقد قلت أن ما أقررت به حق حين أقررت بذلك فلم يصح النكاح لا يفرق بينهما وبمثله لو أقر الزوج بعد النكاح وقال كنت أقررت قبل النكاح أنها أختي من الرضاع وقلت أنه حق فإن القاضي يفرق بينهما لأنالمرأة لو أقرت بعد النكاح إن الزوج أخوها من الرضاع وأصرت على ذلك لا يقبل قولها على الزوج ولا يفرق بينهما فكذلك إذا اسندت ذلك إلى ما قبل النكاح أما لزوج لو أقر بعد النكاح وأصر على إقراره فرق بينهما كذا إذا أسند إقراره إلى ما قبل النكاح والله أعلم *{فصل في الحضانة}* أحق الناس بحضانة الصغير حال قيام النكاح وبعد الفرقة الأم فإن مات الأم أو تزوجت قام الأم فإن مات أو تزوجت قام الأب فإن ماتت أو تزوجت فالأخت لأب وأم فإن ماتت أو تزوجت فابنة الأخت لأم لم تختلف الرواية في ترتيب هذه الجملة إنما اختلفت الرواية بعد هذا في الخالة والأخت لأب في رواية كتاب النكاح الأخت لأب ألوى من الخالة وفي رواية كتاب الطلاق الخالة أولى وبنات الأخوات أولى من بنات الأخوة وبنات الأخت لأب وأم أو لأم أولى من الخالات في قولهم واختلفت الروايات في بنت الأخت لأب مع الخالة والصحيح أن الخالة ألوى وأولى الخالات الخالة لأب وأم ثم الخالة لأم ثم الخالة لأب وبنات الإخوة أولى من العمات(1/206)
والترتيب في العمات على نحو ما قلنا في الخالات ولا حق للأمة وأم الولد في الحضانة وأهل الذمة وأم الولد في الحضانة وأهل الذمة في الحضانة بمنزلة أهل الإسلام ولا حق للمرتدة وإنما <423> يبطل حق الحضانة لهؤلاء النسوة بالتزوج إذا تزوجن بأجنبي فإن تزوجن بذي رحم محرم من الصغيرة كالجدة إذا كان زوجها جد الصغيرة أو الأم لو تزوجت بعم الصغير لا يبطل حقها والنساء أحق بالحضانة ما لم يستغن الصغيرة فإن استغنى بأن كان يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس وحده وفي رواية ويستنجئ وحده فالأب بالغلام أولى والأم بالجارية حتى تحيض وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حتى تبلغ حد الشهوة ومن لا ولد لها من النساء لا يبقى لها حق الحضانة بعد الاستغناء في الغلام والجارية وبعد ما استغنى الغلام وبلغت الجارية بالعصبة ألوى يقدم الأقرب فالأقرب ولا حق لابن العم في حضانة الجارية فإذا اختلف الزوجان فادعى الزوج أن الأم زوجت بزوج آخر وأنكرت المرأة كان القول قولها وإن أقرت أنها تزوجت بزوج آخر لك ادعت أن ذلك الزوج طلقها وعاد حقها في الحضانة فإن لم تعين الزوج كان القول قولها وإن عينت الزوج لا يقبل قلوها في دعوى الطلاق ولو اختلف الزوجان في سن الولد فقال الأم هو ابن ست سنين وأنا حق بإمساكه وقال الوالد هو ابن سبع سنين وأنا أحق به فإن القاضي لا يحلف أحدهما لكن ينظر إلى الصبي إن رآه يستغني عن الوالدة بأن كان يأكل وحده ويلبس وحده ويشرب وحده يدفعه إلى الأب وإلا فلا لأن القاضي لم يعجز عن الوقوف على ما يبطل حق الأم وهو الاستغناء وإذا خلع الرجل امرأته وله منها ابنة إحدى عشرة سنة فضمنتها الأم إلى نفسها أو أنها تخرج من بيتها في كل وقت وتترك البنت ضائعة كان للأب أن يأخذ البنت لأن للأب ولاية أخذ الجارية إذا بلغت حد الشهوة والاعتماد على هذه الرواية لفساد الزمان إذا بلغت إحدى عشرة سنة فقد بلغد حد الشهوة في قولهم صغيرة لها أب معسر وعمة موسرة أرادت العمة أن أن تربي الولد عن الأم والأم تأبى ذلك وتطالب الأب بالأجر ونفقة الولد اختلفوا فيه والصحيح أن يقال للأم إما أن تمسكي الولد بغير أجر وإما أن تدفعي إلى العمة وإذا امتنعت الأم عن إمساك الولد وليس لها زوج اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى تجبر الأم على إمساك الولد وقال <424> مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لا يجبر امرأة حلفت بالفارسية فقال أكرمن أمشب ابن يجه رادامرم فجاءت امرأة أخرى وجعلته في المهد وأمسكت الصبي إلا أن الحالفة أرضعته قالوا حنثت في يمينها لأن إمساك الرضيع يكون بالإرضاع خالة الصغيرة إذا أبت أن تمسك الصغيرة وتتعاهد قال الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى تجبر والصحيح أهها لا تجبر لأن الأم لا تجبر في الصحيح فالخالة أولى امرأة خرجت من منزلها وتركت صبيها في المهد فسقط المهد ومات الصبي لا شيء عليها لأنها لم تضيع فلا تضمن كما لو خرجت من منزلها فجاء طرار وطر ما في البيت لا ضمان عليها * إذا بلغت الجراية مبلغ النساء إن كانت بكراً كان للأب أن يضمها غلى نفسه وإن كانت ثيباً ليس له ذلك إلا إذا لم تكن مأمونة على نفسها والغلام إذا عقل واجتمع رأيه واستغنى عن الأب ليس للأب أن يضمه إلى نفسه إلا إذا لم يكن مأموناً على نفسه فكان له أن يضمه وليس عله نفقته إلا أن يتطوع *{باب النفقة}* النفقة تتعلق بأشياء منها الزوجية والاحتباس فتجب على الرجل نفقة امرأته المسلمة والذمية والفقيرة والغنية دخل بها أو لم يدخل كبيرة كانت المرأة أو صغيرة تجامع مثلها فإن كان لا تجامع لا نفقة لها والمنكوحة إذا كانت أمة إن بوأها المولى بيتاً فلها النفقة وإلا فلا وكذا المدبرة وأم الولد والمتبوأة أن يخلي بينها وبين زوجها ولا يستخدمها المولى وإن بوأها المولى بيتاً ثم بدا له أن يستخدمها كان له ذلك فإن بوأها بيتاً كانت تسير إلى المولى في أوقات وتخدمه من غير استخدامه لا تسقط نفقتها والمكاتبة إذا تزوجت بإذن المولى فهي كالحرة ولا تحتاج إلى التبوئة والعبد إذا تزوج بإذن مولاه كان عليه نفقة المرأة يباع في النفقة مرة بعد أخلى ولا نفقة للمريض إذا لم تزف إلى بيت زوجها فإن زفت قالوا لها النفقة وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا نفقة لها إن كانت لا تطيق الجماع وإن زفت المرأة إلى زوجها وهي صحيحة فمرضت في بيت الزوج مرضاً لا يحتمل الجماع إن كان بنى بها كان لها النفقة لأن المرأة لا تسلم عن المرض في عمرها وإن كان لم يدخل بها فمرضت مرضاً لا يحتمل <425> الجماع لا نفقة لها وإن أغمي عليها إغماء كثيراً فهو بمنزلة المرض وإن بنى بها في منزلها ثم مرضت مرضاً لا يحتمل الجماع وذهبت إلى منزل الزوج وهي مريضة على حالها كان له الخيار إن شاء أمسكها وعليه النفقة وإن شاء ردها إلى منزلها ولا نفقة عليه وكذا الصغيرة قالوا إنما تجب النفقة على(1/207)
الزوج للمرأة المريضة في بيته والصغيرة التي لا تجامع إذا كان يتمكن الزوج الانتفاع بها مع ذلك الوجه ما فإن كان لا يتمكن لا نفقة لها ولو مرضت المرأة في بيت زوجها بعد الدخول فانتقلت إلى دار أبيها قالوا إن كانت بحال يمكنها النقل إلى منزل الزوج بمحفة أو نحوها فلم تنتقل لا نفقة لها وإن كان لا يمكن نقلها فلها النفقة ويجب على الصغير نفقة امرأته الكبيرة فإن كانا صغيرين لا يطيقان الجماع لا نفقة لها وإن كانت كبيرة وليس للصغير مال لا يجب على الأب نفقة امرأة ولده ويستدين الأب عليه ثم يرجع بذلك على الابن عليه ثم يرجع بذلك على الابن إذا أيسر والنفقة الواجبة المأكول والملبوس والسكنى أما المأكول فالدقيق والماء والحطب والملح والدهن فإن قالت لا أطبخ ولا أخبز قال في الكتاب لا تجبر على الطبخ والخبز وعلى الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ أو يأتيها بمن يكفيها عمل الطبخ والخبز وفرق بين المرأة وخادمها وخادم المرأة إذا امتنعت عن الطبخ والخبز لا تجب لها النفقة على زوج المرأة لأن نفقة الخادم مقابلة بالخدمة فإذا لم يخدم لا تجب وأما نفقة المرأة فمقابلة بالاحتباس وقد احتبست بحق الزوج فكان لها النفقة على الزوج وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إذا امتنعت المرأة عن الطبخ والخبز إنما يجب على الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ إذا كانت المرأة من بنات الأشراف لا تخدم بنفسها في أهلها أو لم تكن من بنات الأشراف ولكن بها علة لا تقدر على الطبخ والخبز أما إذا لم تكن كذلك لا يجب على الزوج أن يأتيها بطعام مهيأ ولا تقدير في النفقة عندنا وإنما يجب عليها كفايتها بالمعروف وذلك يختلف باختلاف الأوقات والأماكن وكما يجب لها قدر الكفاية من الخبز فكذلك الإدام لأن الخبز لا يؤكل عادة إلا مأدوماً وقالوا في تأويل قوله تعالى: (من أوسط ماتطعمون أهليكم) أن أعلى ما يطعم الرجل أهله الخبز واللحم وأوسط ما يطعم الرجل أهله الخبز والزيت وأدنى ما يطعم أهله الخبز واللبن أما الدهن فلا بد منه خصوصاً في ديار الحر وهذا كله في عرفهم أما في عرفنا نفقة المرأة تختلف باختلاف الناس والأوقات ولا تقدر النفقة بالدراهم وقال الشافعي رحمه الله تعالى النفقة مقدرة على الموسر مدان وعلى وسط الحال مد ونصف وعلى المعسر مد واحد وهذا غير صحيح لأن الواجب الكفاية والكفاية تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات وأما الملبوس ذكر محمد رحمه الله تعالى قدر الكسوة بدرعين وخمارين وملحفة في كل سنة واختلفوا في تفسير الملحفة قال بعضهم هي الملاءة التي تلبسها المرأة عند الخروج وقال بعضهم هي غطاء الليل يلبس في الليل وذكر درعين وخمارين أراد به صيفيان وشتويان فالصيفي ما يكون رقيقاً يصلح في زمان الحر والشتوي ما يكون ثخيناً يصلح لدفع البرد ولم يذكر السراويل في الصيف ولا بد منه في الشتاء وهذا في عرفهم أما في ديارنا يجب السراويل وثياب أخر كالجبة والفراش الذي ينام عليه واللحاف وما يدفع به أذى الحر والبرد في الشتاء والصيف درع خز وجبة خز وخماراً بريسم ولم يذكر الخف والمكعب في النفقة لأن ذلك إنما يحتاج إليه للخروج وليس على الزوج تهيئة أسباب خروج المرأة ثم النفقة إنما تجب على قدر يسار الرجل وعسرته وقال بعض الناس يعتبر حال المرأة وقال الخصاف رحمه الله تعالى يعتبر حالهما وتفسير ذلك أن الرجل إذا كان من الأشراف أن يأكل الحواري والطير المشوي والباجات والمرأة فقيرة تأكل في أهلها خبز الشعير يطعمها الزوج خبز البر وباجة أو باجتين ولو كانا موسرين كان عليه نفقة الموسرين لا إسراف فيه ولو كانا معسرين كان عليه نفقة المعسرين لا تعتبر فيه وإن كانت المرأة موسرة والزوج معسراً يطعمها خبز البر باجة يتكلف لذلك والناشرة لا نفقة لها وهي التي خرجت عن منزل الزوج بغير إذنه بغير حق فإن كانت لم تسلم نفسها ومنعت نفسها لاستيفاء المهر إن كان المهر مؤجلاً أو وهبت مهرها ثم منعت نفسها كانت ناشزة وإن كانت سلمت نفسها ثم منعت لاستيفاء المهر لم تكن ناشزة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تكون ناشزة وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تكون ناشزة ولو كان الزوج ساكناً معها في منزلها فمنعت زوجها عن الدخول عليها كانت ناشزة إلا إذا منعت ليحولها إلى منزله أو يكتري لها منزلاً فحينئذ لا تكون ناشزة ولو كانت مقيمة في منزله ولم تمكنه من الوطء لا تكون ناشزة وإن غصبها غاصب وهرب بها كرهاً ثم عادت إليه لا يجب عليه نفقتها لما مضى وكذا إذا حبست ظلماً أو بحق ذكر في الأصل والجامع الكبير أنه لا يجب لها النفقة من غير تفصيل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف إن حبست بدين لا تقدر على أدائه تجب لها النفقة فإن كانت تقدر على الأداء ولم تؤد لا نفقة لها وهذا إذا كان الزوج لا يقدر على الوصول إليها في الحبس وإن وجد ثمة مكاناً يصل إليها قالوا يجب لها النفقة وإن خرجت إلى الحج مع محرم لا نفقة لها في قول(1/208)
محمد رحمه الله تعالى لها نفقة الإقامة لا نفقة السفر وإن حجت مع الزوج حجة الإسلام أو نفلاً كان لها نفقة الحضر لا نفقة السفر وتفسير ذلك أن ينظر لو كانت في الحضر يكفيها النفقة بدرهم وفي السفر لا يكفي إلا ربع دينار أو أكثر ينفق عليها في السفر بدرهم ولا يلزمه الزيادة وإن حبس الزوج بدين فإن لم تمتنع المرأة من إتيانها كان لها النفقة وإن حبس في سجن السلطان ظلماً اختلفوا فيه والصحيح أنها تستحق النفقة والرتقاء تستحق النفقة.
رجل تزوج بامرأة وأوفاها مهرها إلا أن الزوج يسكن في أرض الغضب أو في دار الغصب فامتنعت المرأة منه وخرجت من منزلة كان لها النفقة لأنها محقة وليست بناشزة.
رجل غاب عن امرأته وتزوجت امرأته بزوج آخر ودخل به الثاني فعاد الزوج الأول وفرق القاضي بينها وبين الزوج الثاني كان عليها العدة ولا نفقة لها في عدتها لا على الأول ولا على الثاني أما الثاني فلأن نكاحه كان فاسداً والنكاح الفاسد لا يوجب النفقة لا قبل الفرقة ولا بعدها في العدة وأما الزوج الأول فلأنها صارت ناشزة.
رجل طلق امرأته ثلاثاً بعد الدخول فتزوجت بزوج آخر قبل انقضاء العدة ودخل بها الثاني ثم فرق القاضي بينهما كان لها النفقة والسكنى على الزوج الأول في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى.
منكوحة الرجل إذا تزوجت بزوج ودخل بها الثاني فعلم القاضي بذلك وفرق بينهما ثم علم الزوج الأول فطلقها ثلاثاً وجبت عليها العدة عنهما ولا نفقة لها على أحد أما على الثاني لأن نكاحه كان فاسداً وأما على الأول لأنها صارت ناشزة على الزوج الأول في النكاح فسقطت نفقتها مادامت تعتد من الثاني فإذا سقطت عنه النفقة في النكاح لا تجب عليه العدة وكذا المرأة إذا ارتدت بعد الدخول والعياذ بالله وبانت من زوجها ووجبت عليها العدة لا يكون لها النفقة وكذا إذا طاوعت ابن الزوج أو قبلته أو فعلت ذلك في العدة عن طلاق رجعي سقطت النفقة ولو كانت العدة من طلاق بائن أو ثلاث تسقط.
ذكرنا المأكول والكسوة أما السكنى فحقها في البيت على حدة تأمن على متاعها ولا تستحي عن غيرها من عاشرة الزوج فإن كان للرجل والدة أو أخت أو ولد من غيرها في منزلها فقالت صيرني في منزل على حدة كان لها ذلك لأنها لا تأمن على متاعها وتستحي عن المعاشرة إذا كان البيت واحداً فإن كانت داراً فيها بيوت وأعطى لها بيتاً تغلق وتفتح لم يكن لها أن تطلب بيتاً آخر إذا لم يكن ثمة أحد من أحماء الزوج يؤذيها فإن لم يكن هناك أحد فشكت إلى القاضي أن الزوج يؤذيها ويضربها وسألت مسكناً بين قوم صالحين يعرفون إحسانه وإساءته إن علم القاضي أن الأمر كما قالت زجره القاضي عن ذلك ومنعه على من التعدي وإن لم يعلم القاضي ذلك نظر القاضي إن كان جيران الدار قوماً صالحين أقرها القاضي هناك وسأل عن جيرانها فإن أخبروا أن الأمر كما قالت المرأة زجره القاضي عن ذلك ومنعه من التعدي وإن ذكر الجيران أنه لا يؤذيها يتركها القاضي في تلك وإن لم يكن في جيرانه من يثق به أمره القاضي إن يسكنها بين قوم صالحين وإذا أراد الزوج أن يمنع أباها وأمها أو أحد من أهلها عن الدخول عليها في منزله اختلفوا فيه قال بعضهم له أن يمنع عن الدخول ولا يمنعهم عن النظر والتكلم والقيام على باب الدار والمرأة في الداخل ويمنع من النظر من لا يكون محرماً ويتهمه الزوج وقال بعضهم لا يمنع الأبوين من الدخول عليها للزيارة في كل جمعة وإنما يمنعهم عن الكينونة عندها وبه أخذ مشايخنا رحمها الله تعالى وعليه الفتوى وهل يمنع غير الأبوين عن الزيارة قال بعضهم له أن يمنع وقال بعضهم لا يمنع المحرم عن الزيارة في كل شهر وقال مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى في كل سنة وعليه الفتوى وكذا لو أرادت المرأة أن تخرج لزيارة المحارم كالخالة والعمة والأخت فهو على هذه الأقاويل وإن كان لها خادم يفرض عليه نفقة خادمها ولا تفرض لأكثر من خادم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تفرض نفقة خادمين قالوا إنما تفرض لها نفقة الخادم إذا كانت المرأة من بنات الأشراف ولم يأتها الزوج بطعام مهيأ وإن قال الزوج أنا أخدمك أو تخدمك جارية من الجواري الصحيح أن الزوج لا يملك إخراج خادم المرأة عن بيته ونفقة الخادم أدنى الكفاية لا تبلغ نفقة المرأة ويفرض لخادمها قميص وإزار كرباس وكساء كارحص وخف لأنها تحتاج إلى الخروج لمصالحها الخارجة من الرسالة إلى الأبوين ونحو ذلك ولا يفرض لخادمها الخمار لأن شعرها.
ذمي تزوج بمحارمه فطلبت النفقة فإن القاضي يقضي لها بالنفقة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يقضي ويجب على المعسر نفقة خادم المرأة ولا تستحق المرأة نفقة الخادم على زوجها إلا لم يكن لها خادم في ظاهر الرواية موسراً كان الزوج أو معسراً.(1/209)
امرأة طلبت من القاضي أن يفرض لها على زوجها النفقة إن كان الزوج صاحب مائدة وطعام كثير لا يفرض لها النفقة وإن لم يكن كذلك يفرض لها النفقة بالمعروف شهراً شهراً قال مشايخنا رحمهم الله تعالى ذلك يختلف باختلاف حال الزوج إن كان محترفاً يفرض عليه النفقة يوماً يوماً لأنه عسى لا يقدر على تعجيل نفقة الشهر دفعة واحدة وإن كان من التجار يفرض عليه شهراً فشهراً وإن كان من الدهاقين بفرض سنة فسنة ينظر إلى ما كان أيسر ويفرض الكسوة في السنة مرتين في كل في كل ستة أشهر كسوة وإذا قرض القاضي على الزوج لا تطالبه بنفقة ما مضى من الزمان قبل الفرض لان عندنا لا تصير النفقة ديناً إلا بالقضاء أو بالقاضي فإن كانت المرأة استدانت قبل الفرض وأنفقت على نفسها لا ترجع بذلك على الزوج وإن فرض لها القاضي أو صالحت زوجها من النفقة على شيء معلوم كل شهر فلم ينفق عليها حتى أنفقت من مال نفسها لو استدانت رجعت بذلك على الزوج أمرها القاضي بالاستدانة أو لم يأمر ولو صالحت زوجها من النفقة على ما لا يكفيها كان لها أن ترجع عن ذلك الصلح وتطلب الكفاية وإن فرض لها القاضي الكسوة لستة أشهر وأعطاها فضاعت الكسوة أو سرقت لا يقضي لها بكسوة أخرى ما لم يمض ستة أشهر وكذا لو لبست الكسوة لبساً معتاداً فتخرقت قبل مضي المدة ولو لبست لبساً معتاداً فتخرقت قبل الوقت قضى القاضي لها بكسوة أخرى وإن مضت المدة والكسوة قائمة إن لم تلبسها في تلك المدة يقضي لها بكسوة أخرى وكذا لو لبست تلك الكسوة ومعها ثوب آخر قضى القاضي بكسوة أخرى وإن لم تلبس معها ثوباً آخر فمضت المدة والكسوة قائمة لا يقضي بكسوة أخرى ما لم تتحرق تلك الكسوة وكذا النفقة على هذه التفاصيل إن هلكت أو سرقت أو أكلت وأسرقت ولم يبق قبل مضي المدة لا يقضي بنفقة أخرى وإن لم تسرف فلم تبق يقضي القاضي بالكسوة والنفقة على قدر يسار الرجل وقدرته فإن قال الرجل أنا معسر وعلي نفقة المعسرين كان القول قوله إلا أن تقيم المرأة البينة وفي ثمن المبيع والقرض إذا ادعى المديون أنه معسر لا يقبل قوله قالوا وكذلك في المهر والكفالة وقال بعض الناس يحكم الرأي فإن أقامت المرأة البينة أنه موسر قضي عليه بنفقة الموسرين وإن أقاما البينة كانت البينة بينة المرأة وإن لم تكن لها بينة وطلبت من القاضي إن يسأل عن حال الرجل لا يجب عليه السؤال وإن سأل كان حسناً وإن أخبره عدل أنه موسر لا يقبل القاضي ذلك وإ، أخبره عدلان أنه موسر قضى القاضي بنفقة الموسرين وإن لم يتلفظ بلفظ الشهادة ويشترط العدد والعدالة في هذا الخبر ولا يشترط فيه لفظة الشهادة وإن قالا سمعنا أنه موسر أو بلغنا ذلك لا يقبل القاضي ذلك ولو قضى القاضي على الزوج بنفقة المعسرين ثم أيسر فخاصمته إلى القاضي عليه بنفقة الموسرين لأن النفقة تجب ساعة فساعة وهو نظير ما لو شرع في صوم الكفارة ثم أيسر كان عليه التكفير بالمال وكذا لو فرض القاضي عليه النفقة بالدراهم وهي لا تكفيها فإن القاضي يزيد في النفقة ولو قضى القاضي عليه بالنفقة فغلا الطعام أو رخص فإن القاضي يغير ذلك الحكم ولو قالت المرأة أنه يريد السفر فخذ لي كفيلاً بالنفقة قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يجبره القاضي على إعطاء الكفيل كما لا يجير القاضي على إعطاء الكفيل بالدين المؤجل إذا خاف الطالب أن يغيب المديون قبل حلول الأجل وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه ياخذ من الزوج كفيلاً بالنفقة وهكذا عن محمد رحمه الله تعالى في بعض الروايات ثم عند أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية أن القاضي يسأل الزوج كم تغيب فإن قال شهراً يأخذ منه كفيلاً بنفقة شهراً يأخذ منه كفيلاً بنفقة شهر واحد وإن قال أغيب شهرين يأخذ كفيلاً بنفقة شهرين وكذا السنة وأما في الدين المؤجل قالوا على قياس ما روي عن أبي يوسف رحمه الله في النفقة لو أخذ كفيلاً كان حسناً وذكر في المنتقى له أن يأخذ كفيلاً بالدين المؤجل إذا أراد المطلوب أن يسافر قبل حلول الأجل وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إذا بقي من الأجل شيء قليل فأراد الغريم أن يسافر وسأل الطالب من القاضي أن يأخذ منه كفيلاً أو يمنعه من السفر فإن القاضي لا يجيبه إلى ذلك ولا يأخذ منه كفيلاً قال وهذا في قولهم جميعاً ولم يستحسن أبو يوسف رحمه الله تعالى في الدين المؤجل فكان هذا نفضاً عليه وإن كفل للمرأة رجل بنفقة كل شهر لم يكن كفيلاً إلا بنفقة شهر واحد وهو بمنزلة ما لو آجر داره كل شهر كانت الإجارة في شهر واحد حتى كان لصاحب الدار أن يخرجه من الدار إذا جاء رأس السنة الثاني وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا كفل بنفقة كل شهر كان على الأبد استحساناً وكذا لو قال رجل لامرأته تزوجي على أني ضامن بنفقتك كل شهر كان على الأبد ولو قال الكفيل كفلت لك عن زوجك بنفقة سنة كان كفيلاً بنفقة السنة وكذا لو قال كفلت لك بالنفقة لك بالنفقة أبداً أو ماعشت كان كفيلاً بالنفقة ما دامت في نكاحه وإذا كفل إنسان(1/210)
بنفقة شهر أو سنة فطلقها زوجها بائناً أو رجعياً يؤخذ الكفيل بنفقة العدة.
رجل خاصمته امرأة إلى القاضي في النفقة فقال أبو الزوج أنا أعطيك النفقة فأعطاها مائة درهم ثم طلقها الزوج لم يكن للأب أن يسترج منها ما أعطاها من النفقة لأن إعطاء الأب بمنزلة الابن ولو عجل الابن النفقة ثم طلقها لم يكن لها أن يسترد منها ما عجل إذا طلبت المرأة من القاضي أن يفرض لها النفقة ففرض وهو معسر فإن القاضي يأمرها بالاستدانة ثم ترجع على الزوج إذا أيسر ولا يحبسه في النفقة إذا علم أنه معسر وإن لم يعلم القاضي أنه معسر وسألت المرأة حبسه بالنفقة لا يحبسه القاضي في أول مرة لكن يأمره بالإنفاق ويخبره أنه يحبسه إن لم ينفق فإن عادت المرأة بعد ذلك مرتين أو ثلاثاً حبسه القاضي وكذا في دين آخر غير النفقة وإذا حبسه القاضي شهرين أو ثلاثة يسأل عنه وفي بعض المواضع ذكر أربعة أشهر والصحيح أنه ليس بمقدر بل هو مفوض إلى رأي القاضي إن كان في أكبر رأيه أنه لو كان له مال يضجر ويؤدي الدين يخلي سبيله ولا يمنع الطالب عن ملازمته بل للطالب أن يدور معه أينما دار ولا يقعده في مكان ولا يمنعه عن التصرف وإن كان غنياً لا يخرجه حتى يؤدي الدين والنفقة إلا برضا الطالب فإن كان له مال حاضر أخذ القاضي الدراهم والدنانير من ماله ويؤدي منها النفقة والدين لأن صاحب الحق لو ظفر بجنس حقه كان له أن يأخذ وكذا إذا ظفر بطعام في النفقة وإن كان الدين دراهم فوجد دنانير مديونه في القياس ليس له أن يأخذ وفي الاستحسان له أن يأخذ ولا يبيع القاضي عروضه في النفقة والدين في قول أبي حنيفة وقال صاحباه وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى للقاضي أن يبيع وإذا فرض القاضي النفقة للمرأة كل شهر فمضت أشهر ولم يوف حتى مات أحد الزوجين سقطت النفقة ولو كانت المرأة استدانت بعد الفرض بأمر القاضي ثم مات أحد الزوجين قبل القبض لا يسقط المستدانة ولو فرض لها القاضي النفقة ولم يأمرها بالاستدانة فاستدانت أو صالحت زوجها من النفقة كل شهر على شيء معلوم فاستدانت أو لم تستدن كان لها أن ترجع على الزوج بما فرض لها القاضي ما داما حيين وإذا مات أحدهما لم يكن له أن يرجع في تركة الميت وكما تسقط المفروضة بموت أحد الزوجين هل تسقط بالطلاق اختلفوا فيه قال بعضهم لا تسقط وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي وجدت رواية في السقوط وذكر البقالي أن على قول محمد تسقط ولا رواية فيه عن أبي يوسف رحمه الله تعالى وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى زاد الخصاف لسقوط النفقة المفروضة شيئاً آخر فقال تسقط بموته وبموتها وتسقط إذا طلقها وأبانها ولو فرض القاضي للمطلقة نفقة العدة فلم يأخذ حتى انقضت العدة ثم تسقط كما تسقط بالموت قال بعضهم لا تسقط وذكر شمس الأئمة الحلواني إذا فرض القاضي للمرأة نفقة العدة فلم تستوف حتى مات أحد الزوجين تسقط وكذا إذا انقضت عدتها قبل القبض.
القاضي إذا فرض للمرأة النفقة فقال الزوج استقرضي كل شهر كذا وأنفقي على نفسك ففعلت ليس لها أن ترجع على الزوج إلا أن يقول الزوج ترجع بذلك علي.(1/211)
امرأة جاءت إلى القاضي وقالت أنا فلانة بنت فلان بن فلان وأن زوجي فلان بن فلان فلان عال عني ولم يخلف لي نفقة وطلبت من القاضي أن يفرض لها النفقة فهذا على وجهين إما إن كان للغائب مال حاضر في منزله من جنس النفقة كالدراهم والدنانير أو الطعام أو الثياب التي تكون من جنس الكسوة والقاضي يعلم أنها منكوحة الغائب فإن القاضي يأمرها أن تنفق على نفسها بالمعروف من ذلك المال من غير سرف ولا تقتير بعدما يحلفها القاضي بالله ما استوفيت النفقة ولم يكن بينكما سبب يمنع النفقة كالنشوز وغيره ويأخذ منها كفيلاً لأنها لو ظفرت على مال الزوج بشيء من جنس النفقة كان لها أن تأخذ ذلك سراً أو جهراً وإن كره الزوج فكان أمر القاضي إعانة لها على استيفاء الحق ولم يكن قضاء إلا أنه يأخذ منها كفيلاً أو يحلفها نظر للغائب وإن كان القاضي لا يعلم نكاحها وليس للغائب مال حاضر فأقامت المرأة البينة على النكاح لا يقبل القاضي بينتها قال الحاكم الشهيد رحمه الله وهذا قول أبي يوسف الآخر وهو قول محمد رحمه الله تعالى وقال شمس الأئمة السرخسي لا تقبل بينة المرأة عندنا بالاتفاق وإنما تقبل عند زفر رحمه الله تعالى قال وفرق أبو يوسف رحمه الله تعالى بين ما إذا كان للغائب مال حاضر وبين ما إذا لم يكن إن كان له مال حاضر يقبل القاضي بينتها وإن لم يكن لا يقبل وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى قال مشايخنا رحمهم الله تعالى كما نظن أن بينة المرأة على الزوج لا تقبل عند أصحابنا إذا لم يكن له مال حاضر وتقبل عند زفر رحمه الله تعالى وإنما عرفنا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى في هذه المسألة كما هو قول زفر رحمه الله تعالى من الخصاف فقال تقبل بينة المرأة على قول أبي يوسف وزفر رحمهما الله تعالى في فرض النفقة على الغائب ولا تقبل في النكاح وليس في قبول البينة على هذا الوجه ضرر بالغائب فإن الغائب إذا حضر لو أقر بالنكاح كان له أن تأخذ النفقة المفروضة إن أنكر النكاح كان القول قوله وعليها إعادة البينة على النكاح ويجوز أن تقبل البينة في حكم دون حكم كما لو وكل رجلاً بنقل عياله او عبده إلى بلد فأقامت المرأة البينة على الطلاق والعبد على العتق تقبل هذه البينة في قصر يد الوكيل ولا تقبل في الطلاق والعتاق وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى في رواية إذا لك يعلم القاضي بالنكاح وليس للغائب مال حاضر فأقامت المرأة البينة على النكاح يقول لها القاضي إن كنت صادقة قد فرضت لك النفقة على الغائب وإن كنت كاذبة لم أفرض لك فإن كانت صادقة تستحق النفقة وإلا فلا والقضاة في زماننا يقبلون البينة على النكاح لفرض النفقة لأنه مجتهد فيه وللناس حاجة وعلى قول من يقبل هذه البينة لا تحتاج المرأة إلى إقامة البينة إن الغائب لم يخلف لها النفقة وكما لا يفرض القاضي على الغائب إذا لم يعلم بالنكاح في ظاهر الرواية لا يأمرها بالاستدانة وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول أو لا يأمرها بالاستدانة ثم رجع وعلى هذا لو كان للغائب وديعة في يد رجل من جنس النفقة أو دين على رجل فطلبت المرأة نفقتها من الوديعة أو الدين إن كان المودع والمديون مقراً بالوديعة والنكاح والدين يأمرهما بأداء النفقة نظراً للمرأة كما لو كان المال موضوعاً في بيته بعد ما يحلفها بالله ما استوفيت النفقة ويأخذ منها كفيلاً في قولهم وإن شاء ضمنها ومعنى هذا الضمان أن يقول لها لا أصدقك ولكني أقرضك فإن كنت صادقة فلا شيء عليك وإن كنت كاذبة استرد منك المال والوديعة أولى من الدين في البداءة بالإنفاق عليها وبعدما أمر القاضي المودع أو المديون إذا قال المودع دفعت المال إليها لأجل النفقة قبل قوله ولا يقبل قول المديون إلا ببينة ولو كان على الغائب دين آخر غير النفقة فأحضر صاحب الدين غريماً آخر للغائب أو مودعاً للغائب لا يأمر القاضي المودع والمديون بقضاء الدين وإن كان مقراً بالمال والدين ولو دفع المودع الوديعة إلى امرأة صاحب الوديعة لأجل النفقة أو إلى ولده أو إلى والديه إن دفع بأمر القاضي لا ضمان عليه وإن بغير أمر القاضي كان ضامناً كما لو قضى المودع بالوديعة ديناً لصاحب الوديعة فإنه يضمن ولو كان المودع أو المديون جاحداً للمال والنكاح فأقامت المرأة البينة على ما ادعت لم تقبل بينتها أما في المال فلأنها تثبت مالاً للغائب وإنها ليست بخصم عنه وأما إذا أقامت البينة على النكاح فلأنها تثبت النكاح على الغائب وليس عن الغائب خصم حاضر فلا تقبل البينة في قول أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه رحمهما الله تعالى ولو أن المرأة استدانت على زوجها الغائب يعني اشترت طعاماً بالنسيئة لتقضي الثمن من مال الغائب إن استدانت بغير أمر القاضي لا يلزم زوجها في قول أبي حنيفة الآخر وهو قول صاحبيه حتى لو حضر الغائب لا يكون لها أن ترجع على الغائب وإن استدانت بأمر القاضي رجعت بذلك على زوجها والمفقود في جميع ما ذكرنا بمنزلة غائب آخر ولا يباع على الغائب(1/212)
عروضه في النفقة وإذا بعث الرجل إلى امرأته بثوب فقال الزوج هو مهر أو قال هو من الكسوة وقالت المرأة هي صلة كان القول قول الزوج وكذا لو أعطاها دراهم فقال هي نفقة وقالت المرأة هي هدية كان القول قول الزوج وكذا لو كان على الرجل ديون مختلفة فأدى شيئاً وقال هو من دين كذا كان القول قوله لأنه هو المملك وكذلك الزوج إلا أن تقيم المرأة البينة أنه بعث إليها هدية وإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة الزوج وكذا لو أقام كل واحد منهما البينة على إقرار الآخر كانت البينة بينة المملك وكذلك لو اختلف الزوجان بعد فرض النفقة في مقدار المفروض أو فيما مضى من الزمان بعد فرض القاضي كان القول قول الزوج لأنه ينكر الزيادة والبينة بينة المرأة لأنها تثبت الزيادة.
رجل له عمامة واحدة لا يجبر على بيعها في النفقة لأنه لا يجبر على بيع ثياب البدن في سائر الديون فكذلك في النفقة ولا يباع على الزوج الحاضر عروضه في الدين والنفقة في أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن ذلك حجر وهو لا يرى الحجر وقال صاحباه رحمهما الله تعالى تباع عروضه في الدين والنفقة وإذا استعجلت المرأة نفقة مدة ثم ماتت قبل مضي تلك المدة ليس للزوج أن يسترد شيئاً من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى يسلم لورثتها حصة ما مضى من المدة ويرد الباقي على الزوج إن كان قائماً ومن تركتها إن لم يكن قائماً لأنه عجل النفقة لإسقاط الواجب وقد بطلت النفقة بالموت فيسترد المعجل لفوات الفرض كما لو أعطى لامرأة نفقة ليتزوجها فماتت كان له أن يسترد ذلك ولو أعطى النفقة للتي طلقها ثلاثاً في عدة المحلل ليتزوجها بعد انقضاء العدة فلم تزوج نفسها منه قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إن أعطاها دراهم كان له أن يرجع إلا أن يكون على وجه الصلة وقال غيره من المشايخ رحمهم الله تعالى إن أعطى النفقة وشرط فقال أنفق عليك على أن تتزوجيني فزوجت نفسها منه أو لم تزوج كان له أن يرجع عليها وإن لم يذكر ذلك إلا أنه عرف دلالة أنه ينفق لأجل ذلك قال بعضهم لا يرجع وقال الشيخ الإمام الأجل الأستاذ ظهير الدين رحمه الله تعالى يرجع بذلك على كل حال لأنه رشوة إلا أن ينص على الصلة.
امرأة لها زوج موسر يقال للابن أقرضه ويجبر عليها فإن أبى يفرض على النفقة.(1/213)
امرأة قالت لزوجها أنت بريء من نفقتي أبداً ما كنت امرأتك إن لم يكن فرض القاضي عليه النفقة كانت البراءة باطلة لأنها أبرأته قبل الوجوب وإن كان القاضي فرض عليه النفقة لكل شهر كذا <437> فقالت أنت بريء من نفقتي أبداً ما كنت امرأتك صحت البراءة من نفقة شهر واحد لا غير ولو أبرأته بعد مضي أهر صحت البراءة عما مضى دون ما بقي كما لو آجر داره كل شهر بكذا وكل سنة بكذا فمضى بعض السنة أو بعض الشهر صحت الإجارة من الشهر الأول ومن السنة الأولى وذكر في كتاب الصلح رجل طلق امرأته ثم صالحته من نفقة العدة على شيء أن كانت العدة بالشهور صح الصلح وأن كانت بالحيض لا يصح ولو صالحته المعتدة من سكناها على دراهم معلومة لا يصح في الوجهين لأن السكنى حق الله تَعَالَى فلا يصح إسقاط المرأة * رجل اتهم بامرأة فظهر بها حبل فزوجها أبوها منه وأبى الزوج أن ينفق عليها قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن أقر الزوج أن الحبل منه جاز النكاح في قولهم ويجبر على النفقة وأن لم يقر أن الحبل منه يجوز النكاح في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يجوز في قول أبي بوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يجبر على نفقتها في قولهم أما على قول أبي يسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلفساد النكاح وأما على قولهما لأنه لا يحل له وطؤها ما لم تضع حملها وهل يجب على الزوج ثمن ماء الاغتسال وماء الوضوء قال مشايخ بلخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى يجب وقد ذكرنا هذا في كتاب الصلاة * امرأة ماتت ولم تترك مالاً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كفنها على الزوج وعليه الفتوى فالأصل عنده أن كل من تجب عليه نفقته في حياته يجب عليه كفنه بعد وفاته وَمُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى استثنى الزوج من هذه الجملة ومن لا يجب عليه نفقته في حياته لا يجب عليه كفنه بعد وفاته في قولهم * رجل قال لغيره استدن على امرأتي وأنفق عليها كل شهر كذا فقال المأمور أنفقت وصدقته المرأة لا يرجع المأمور بذلك على الزوج إلا أن يكون القاضي فرض لها كل شهر عشرة دراهم فإذا أقرت المرأة أن المأمور أنفق عليها قبل قولها لأنها أخذت بقضاء القاضي أما في الوجه الأول أنما اخذت لتوجب على زوجها ديناً فلا يقبل قولها وكذا هذا في الولد الصغير * رجل قال لغيره أنفق على امرأتي أو على عيالي فأنفق المأمور بالمعروف قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمأمور أن يرجع على الآمر بما أنفق * العجز عن الأنفاق لا يوجب حق <438>الفراق وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لها أن تطلب من القاضي أن يفرق بينهما ويكون ذلك فسخاً وعلى هذا الخلاف إذا عجز عن إيفاء المهر المعجل قبل الدخول فأن فرق القاضي بينهما وهو شفعوي المذهب نفذ قضاؤه لأنه قضى في فصل مجتهد فيه ليس فيه نص ولا إجماع فينفذ قضاؤه عند الكل وأن كأن القاضي حنفياً لا ينبغي أن يقضي بخلاف مذهبه إلا إذا كأن مجتهداً ووقع اجتهاده على ذلك وأن قضى مخالفاً لرأيه من غير اجتهاد عن أَبِي حَنِيفَةَ في نفاذ قضائه روايتأن وكذا في كل فصل مجتهد فيه وأن لم يقض القاضي ولكنه أمر شفعوياً ليقضي بينهما في هذه الحادثة أن لم يكن القاضي مأذوناً بالاستخلاف أو كأن مأذوناً إلا أن القاضي أو المأمور أخذ في ذلك شيئاً لا ينفذ قضاؤه عند الكل لأن قضاء القاضي فيا ارتشى باطل عند الكل وأن لم يأخذ شيئاً ففرق المأمور جاز تفريقه وأن كأن الزوج غائباً فرفعت المرأة الأمر إلى القاضي وأقالمت المرأة البينة على أن زوجها الغائب عاجز عن النفقة وطلبت من القاضي أن يفرق بينهما فأن كأن القاضي حنفياً فقد ذكرنا وأن كأن شفعوياً وفرق بينهما قال مشايخ سمرقند رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى جاز تفريقه لأنه قضى في فصلين للتفريق بسبب العجز عن النفقة والقضاء على الغائب وكل واحد منهما مجتهد فيه وعندنا القضاء على الغائب لا يجوز لكن لو قضى ينفذ قضاؤه في أظهر الروايتين فجاز التفريق وقال الشيخ الإمام الأجل الاستاذ ظهير الدين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يصح هذا التفريق لأن القضاء على الغائب أنما يجوز عند الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينفذ في إحدى الروايتين عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا ثبت المشهود به وههنا لم يثبت المشهود به عند القاضي هو العجز لأن المال غادٍ ورائح فعسى يصير الغائب غنياً ولا يعلم به الشاهد لما بينهما من المسافة وكأن الشاهد مجازفاً في هذه الشهادة فإذا علم القاضي بذلك لا يجوز قضاؤه * رجل يسكن في أرض المملكة يريد به أرض السلطأن ويأخذ المال من السلطأن فقالت المرأة لا أقعد معك في أرض المملكة ولا آكل من مالك قالوا ليس لها ذلك وإثم ذلك يكون على زوجها ولو امتنعت المرأة عن <439> السكنى معه تصير ناشزة وقد ذكرنا قبل هذا أو الزوج إذا كأن يسكن في أرض الغصب فامتنعت منه لا تصير ناشزة ويكون(1/214)
لها النفقة على زوجها لأن الغصب حرام لا شبهة فيه بخلاف أرض السلطأن وماله *{فصل في القسم}* وما يجب على الأزواج للنساء العدل والتسوية بينهن فيما يملك وهو البيتوتة عندها للصحبة والمؤأنسة لا فيما لا يملك وهو الحب والجماع لأن الحب عمل القلب والجماع ينبني على النشاط وكل ذلك لا يتعلق باختياره إليه أشار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فقال هذا قسمي فيما أملك ولا تؤاخذني فيما لا أملك حراً وعبد تحته امرأتأن عليه أن يسوي بينهما فيكون عند كل واحدة منهما يوماً وليلة أو ثلاثة أيام ولياليها ثم الرأي في البداءة إليه * الثيب والبكر والمراهقة والبالغة والعاقلة والمجنونة والمسلمة والكتابية في القسم سواء وكذا الزوج الصحيح والمريض والمجبوب والخصي والعنين والبالغة والمراهق والمسلم والذمي * والجديدة والعتيقة في القسم سواء عندنا كانت الجديدة بكراً أو ثيباً إذا أقالم عند الجديدة ثلاثة أيام أو سبعة أيام يقيم عند الأولى كذلك وله أن يبدأ بالجديدة * قال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن كانت الجديدة بكراً يكون عندها سبعة أيام ثم يسوي بينهما بعد ذلك ويقيم عند كل واحدة منهما يوماً وليلة وأن كانت الجديدة ثيباً يقي عندها ثلاثة أيام ولياليها ثم يسوي بينهما ولو كانت تحت الرجل أمة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد فتزوج عليها حرة فللحرة يومأن وللأمة يوم وأن أقالم عند الأمة يوماً ثم أعتقت لم يقم عند الحرة الأخرى إلا يوماً ولو أقالم عند الحرة يوماً ثم أعتقت الأمة يتحول إلى المعتقة ولو أقالم عند إحدى امرأتيه زيادة بإذن الأخرى جاز وكأن لها أن ترجع عن ذلك ولا يكون الإذن لازماً ولو جعلت المرأة لزوجها جعلا على أن يزيد لها في القسم يوماً ففعل لم يجز ولها أن تسترد المال وكذا لو حطت عنه شيئاً من مهرها أو زاد لها الزوج في المهر أو جعل لها جعلاً على أن تجعل يومها لفلأنة فهو باطل ولو أمره القاضي بالقسم والتسوية فجار فرافعته إلى القاضي أو جعه القاضي عقوبة لارتكابه المحظور ويأمره بالعدل ولو أقالم عند إحدى امرأتيه شهراً قبل الخصومة أو <440>بعدها ثم خاًمته الأخرى في ذلك أمره القاضي بالتسوية بينهما في المستقبل وما مضى كأن هدراً وليس لها أن تطلب أن يقيم عندها مثل ذلك ولو كالن عنده امرأة طعنت في السن فأراد أن يستبدل بها شابة فطلبت القديمة أن يمسكها ويتزوج أخرى ويقيم عند الجديدة أياماً وعند الأولى يوماً فتزوج على هذا الشر جاز فيه نزل قوله تعالى وأن امرأة خافت من بعلها نشوزاً او إعراضاً الآية وإذا سافر مع إحدى امرأتيه بغير إقراع جاز عندنا والإقراع أفضل وقال الشافعي لا يجوز إلا بالغقراع فلو أنه سافر مع إجدى امرأتيه لما قدم طلبت التي لم يسافر معها أن يقيم عندها مل تلك المدة لم يكن لها ذلك وقال الشافعي رحمه الله تعالى أن سافر بغير إقراع يكون ذلك محسوباً عليه في حق الأخرى فيقيم عند الأخرى مثل تلك المدة ولو كأن للرجل امرأة واحدة وهو يقوم بالليل ويصوم بالنهار أو يشتغل بصحبة الإمام فتظلمت المرأة إلى القاضي أمره القاضي أن يبيت معها أياماً ويفطر لها أحيأناً وكأن أبو حنيفة رحمه اللبه تعالى أولاً يجعل لها يوماً وليلة وللزوج ثلاثة أيام ولياليها ثم يرجع فقالف يؤمر الزوج أن يراعيها فيؤنسها بصحبته أياماً وأحيأناً من غير أن يكون في ذلك شيء مؤقت وفي المنتقى إذا تزوج امرأة وله أمهات أولاد وسرارى فقال أكون عندهن وآتيها إذا بدا لي لم يكن له ذلك ويقال كن عندها في كل أربع من الأيام يوماً وليلة وكن في الثلاث البواقي عند من شئت ولو كأن عنده امرأتأن وله أمهات وأولاد وسرارى أقالم عند كل واحدة منهما يوماً وليلة ويق5يم في يومين وليلتين عند من شاء من السرارى ولو كأن عنده أربع نسوة أقالم عند كل واحدة منه يوماً وليلة ولم يكن عند السرارى إلا وقفة شبه المار ويكره للرجل أن يطأ امرأته وعندهما صبي يعقل أو أعمى أو ضرتها أو أمته أو أمتها رجل له امرأة وأمة فقالت المرأة لا أسكن وأمتك وطلبت بيتاً على حدة ليس لها ذلك والله أعلم * (فصل في نفقة العدة) * المعتدة عن الطلاق تستحق النفقة والسكنى كأن الطلاق رجعياً أو بائناً أو ثالثاً حاملاً كانت أو لم تكن وقال الشافعي رحمه الله تعالى المبتوتة لا تستحق النفقة وتستحق السكنى إلا إذا كانت حاملاً فتكون لها <441> النفقة وعندنا تستحق النفقة على كل حال والمبأنة بالخلع والإيلاء واللعأن وردة الزوج ومجامعة أمها في النفقة سوءا والأصل فيه أن الفرقة إذا وقعت من قبل الزوج بمباح أو محظور تستحق النفقة والسكنى وكذا إذا أقر الزوج أن نكاح امراته كأن فاسداً وكذبته المرأة وفرق القاضي بينهما بعد الدخول كأن لها النفقة والسكنى وأما إذا وقعت الفرقة قبل المرأة أن وقعت بفعل مباح كخيار البلوغ وخيار العتق وعد الكفاءة كأن لها النفقة والسكنى وأن وقعت بفعل محظور كالردة ومطاوعة ابن الزوج ليس لها النفقة ولها(1/215)
السكنى وأن اختلعت بمال ولم تذكر نفقة العدة كأن لها النفقة وأن اختلعت على نفقة العدة سقطت النفقة وأن اختلعت على نفقة العدة والسكنى تسقط نفقة العدة وكأن لها السكنى وأن اختلعت بشرط البارءة عن مؤنة السكنى بأن قالت اكترى بيتاً واعتدت فيه كأن عليها أن تكتري بيتاً وتعتد في وأن طلقت المرأة وهي في بيت كراء كأن الكراء على زوجها ما دامت في العهدة وأن أبرأته عن نفقة العدة بعد الخلع لا يصح الإبراء * المنكوحة إذا كانت امة قد بوأها المولى بيتاً فطلقت ثم أعتقت واختارت نفسها كأن لها النفقة فأن أخرجها المولى من بيته سقطت نفقتها فأن أعادها إلى بيته بعد ذلك عادت النفقة وأن لم يكن المولى بوأها بيتاً حال قيام النكاح فبوأها بعد الطلاق لا نفقة لها وغذا طلق الرجل امراته ووجبت النفقة فارتدت والعياذ بالله سقطت نفقتها فإن أسلمت عادت النفقة وأن ارتدت ولحقت بدار الحرب ثم عادت مسلمة إلى دجار الإسالم لم تعد النفقة والمنكوحة إذا ارتدت ثم اأسلمت لا يكون لها النفقة وأن طاوعت المعتدة ابن زوجها بعد الطلاق لا تسقط النفقة وأن طاوعت المعتدة ابن زوجها بعد الطلاق لا تسقط النفقة وأن طلقها وهي ناشزة فلها أن تعوزد إلى بيت زوجها وتأخذ النفقة فأن طالت العدة بارتفاع الحيض كأن لها النفقة إلى أن تصير آيسة وتنقضي عدتها بالاشهر وأن أنكرت المرأة أنقضاء العدة الحيض كأن القول قولها مع اليمين ولو أقالم الزوج البينة على إقالرها بأنقضاء العدة سقطت نفقتها ولو وجبت العدة على المرأة فادعت أنها حامل كأن لها النفقة مع وقت الطلاق إلى سنتين فأن مضت سنتأن ولم تلد وقالت كنت أظن أني حامل ولم أحض إلى هذه المدة وطلبت النفقة كأن لها النفقة وتعذر في ذلك لأن هذا مما يشتبه فكأن لها النفقة إلى أن تنقضي عدتها بالحيض أو تصير آيسة فتنقضي عدتها بالاشهر * أم الولد إذا أعتقت ووجبت لها العدة ليس لها النفقة وإذا خرج أحد الزوجين الحربيين مسلماً إلى دار الإسلام ثم خرج الآخر لا نفقة للمرأة * رجل كفل لامرأته عن زوجها نفقة كل شهر ابدأ ثم طلقها زوجها كأن للمرأة أن تطالب الكفيل بالنفقة لأن نفقة العدة بمنزلة نفقة النكاح * المعتدة إذا لم تخاصم في نفقة العدة حتى أنقضت عدتها لا نفقة لها وكذا لو كأن القاضي فرض لها نفقة العدة فلم تأخذ حتى مات أحدهما سقطت النفقة وأن لم يمت أحدهما وأنقضت العدة اختلفوا فيه قال شمس الأئمة الحلوأني رحمه الله تعالى تسقط النفقة ولو كأن الرجل غائباً فاستدأنت المعتدة ث قدم الغائب بعد أنقضاء العدة لم يكن ذلك على الرجل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى الآخر وقد ذرنا هذا في نفقة النكاح فكذا في نفقة العدة وإذا حبست المعتدة بحق عليها تسقط النفقة كما لو حبست المنكوحة وكما تستحق المعتدة نفقة العدة تستحق الكسوة وإذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول وهي صغيرة تجامع مثلها كأن عليها العدة بثلاثة أشهر ويكون لها النفقة وقال الشيخ الإمام أب بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أن لم تكن مراهقة كانت عدتها بثلاثة أشهر وًن كانت مراهقة لا تنقضي عدتها بالأشهر لاحتمال أنها حبلت بالوطء فينفق عليها ما لم يظهر فراغ رحمهما فًن حاضت استقبلت العدة بالحيض وينفق عليها بعد ذلك حتى تنقضي عدتها بالحيض المعتدة فإذا لم تلزم بيت العدة بل تسكن زأناً وتخرج زمأناً لا تستحق النفقة لأنها ناشزة المعتدة إذا ابت أن تطبخ فهي كالمنكوحة إذا كانت من بنات الأشراف أو بها علة لا تستطيع الطبخ والخبز كأن على الزوج أن يأتي بطعام مهيأ أو ياتي بمن يطبخ ويخبز وأن لم تكن من بنات الاشراف وليس بها علة فعلى الزوج أن يأتي بالدقيق ونحو ذلك المعتدة عن وفاة تكون نفقتها في مالها والمنكوحة نكاحاً فاسداً إذا فرق الاقضي بينهما بعد الدخول وجبت العدة ليس لهاالنفقة * رجل تزوج منكوحة الغية ودخل بها فأن كأن لا يعلم أنها منكوحة الغير كأن عليها العدة ولا نفقة لها وأن كأن يعلم أنها منكوحة الغير لا عدة عليها وفي النكاح بغير شهود إذا دخل بها كأن عليها العدة على كل حال وإذا دخل على معتدته لأج لالاطلاع هل يباح له ذلك فيه روايتأن وإذا دفع الرجل زكاة ماله إلى معتدته أو شهد لها بشيء لم يجز * رجل طلق امرأته ثلاثاً… وكتم فلما حاضت حيضتين دخل بها فحبلت ثم أقر بالطلاق كأن عليها النفقة ما لم تضع حملها والله أعلم * (فصل في حقوق الزوجية) * للزوج أن يمنع زوجته من الغزل وله أن يضر بها على أربعة منها ترك الزينة إذا أراد الزوج الزينة والثأنية ترك الإجابة إذا أراد الجماع وهي طاهرة والثالثة ترك الصلاة وفي بعض الروايات عن محمد رحمه الله تعالى ليس له أن يضربها على ترك وترك الغسل عن الجنابة والحيض بمنزلة ترك الصالة والرابعة الخروج عن منزله بغير إذنه بعد إيفاء المهر * رجل له امرأة لا تصلي كأن له أن يطلقها وأن لم يكن له مال يوفيها مهرها وحكي عن أبي حفص البخاري أنه قال أن لقي الله ومهرها في عنقه احب(1/216)
إلي من أن يطأ امرأة لا تصلي * رجل يريد أن يطلق امرأة بغير ذنب أن أوفاها المهر ونفقة العدة وسع له ذلك لأنه تسريح <443> بإحسان وإذا أرادت المرأة أن تخرج إلى مجلس العلم بغير إذن الزوج لم يكن لها ذلك فأن وقعت لها نازلة فسألت زوجها وهو عالم فأخبرها بذلك ليس لها أن تخرج بغير إذنه وأن كان الزوج جاهلاً وسأل عالماً عن ذلك فكذلك وأن امتنع الزوج عن السؤال كأن لها أن تخرج بغير إذنه لأن طلب العلم فيما يحتاج إليه فرض على كل مسلم ومسلم فيقدم على حق الزوج وأن لم يقع لها نازلة وأرادت أن تخرج على مجلس العلم لتتعلم مسائل الصلاة والوضوء فأن كأن الزوج يحفظ تلك المسائل ويذكر لها ذلك ليس لها أن تخرج بغير إذنه فأن كأن الزوج لا يحفظ المسائل فالأولى له أن يأذن لها بالخروج فأن لم يأذن فلا شيء عليه ولا يسع لها أن تخرج بغير إذنه ما لم يقع لها نازلة امرأة لها أب زمن ليس له من يقوم عليه وزوجها ينعها عن الخروج إليه وتعاهده كأن لها أن تعصي زوجها وتطيع الوالد مؤمناً كأن الوالد أو كافراً لأن القيام بتعاهد الوالد فرض عليها فيقدم على حق الزوج قالوا ليس للمراة أن تخرج بغير إذن الزوج إلا بأسباب معدودة منها إذا كانت في منزل يخاف السقوط عليها ومنها الخروج إلى مجلس العلم إذا وقعت لها نازلة ولم يكن الزوج فقيها ومنها الخروج إلى الحج الفرض إذا وجدت محرماً ويجوز للزوج أن يأذن لها بالخروج ولا يصير عاصياً بالإذن ومنها الخروج إلى زيارة الوالدين وتعزيتهما وعيادتهما وزيارة المحارم * المرأة إذا كانت قابلة فاستأذنت الزوج لرفع الولد وكذا إذا كانت تغسل الموتى وإلى مجلس العلم وإذا كأن عليها حق أولها على حق غيرها وليس لها أن تعطي شيئاً من بيته بغير إذنه ولا تصوم لغير فرض وليس عليها أن تعمل بيدها شيئاً لزوجها قضاء من الخبز والطبخ وكنس البيت وغير ذلك * رجل له أم شابة تخرج إلى الوليمة والمصيبة وليس لها زوج لم يكن للابن أن يمنعها ما لم يثبت عنده أنها تخرج للفساد فحينئذ يرفع الامر على القاضي فإذا أمره القاضي بالمنع كأن له أن يمنعها لأنه قام مقام القاضي وسئل بعض العلماء عن امرأة لها زوج لا يصلي والمرأة تأبى أن تكون معه قال ليس لها ذلك كرجل عليه دين لرجل وعلى رب الدين حقوق الله تعالى ن الزكاة والحج والعشر وهو لا يؤدي حقوق الشرع ليس للمديون أن يمتنع عن قضاء الدين ويقول أنه لا يؤدي حقوق الشرع فلا أؤدي حقه * رجل فاسق يتخذ الضيافة للفساق كأن للمرأة أن تخبز وتطبخ إلا أنها تنوي عند الطبخ والخبز أنهم ما داموا مشغولين بالأكل بمتنعون عن الشرب كمن جلس عند الفساق ينوي أنهم يمتنعون عن الفسق في تلك الساعة كأن له ذلك ويؤجر عليه والله أعلم * (فصل في المرأة التي لا تدري أنها منكوحة أو مطلقة) * شاهدأن شهدا على رجل أنه طلق امرأته ثلاثاً وهي تدعي الطلاق أو تنكر أو قالت لا أدري قبلت هذه الشهادة لأنها قالمت على حق الله تعالى فلا يشترط فيها الدعوى فأن عرفهما القاضي بالعدالة فرق بينها وبين <444> زوجها ويقضي لها بنفقة العدة والسكنى لأن المبتوتة تستحق نفقة العدة وأن لم يعرهما القاضي بالعدالة يسأل عن حالهما ويمنع الزوج عن الخلوة والدخول عليها عدلاً كالن الزوج أو فاسقالص ولا يخرجها عن منزله لأنها منكوحة أو معتدة لكن يجعل معها امرأة عدلة ثقة تمنع الزوج عن الدخول عليها فأن طلبت النفقة في مدة المسألة عن الشهود فرض لها القاضي نفقة العدة ادعت الطلاق أو لم تدع لأنها لو لم تكن مطلقة تصير ممنوعة عن الزوج فتسقط النفقة ولو كانت مطلقة كأن لها النفقة فلا تسقط النفقة بالشك فأن طالت المساةل عن الشهود ووجد منها ما تنقضي به العدة لم يعطها النفقة بعد ذلك لأنها كانت منكوحة فهي ممنوعة عن الزوج ولو كانت مطلقة فقد أنقضت عدتها وتيقنا سقوط النفقة فأن عدلت البينة بعد ذلك يقضي بالطلاق ويسلم لها ما أخذت وأن ردت البينة خلى القاضي بينها وبين زوجها وترد على الزوج ما أخذت من النفقة لأنه ظهر أنها اخذت النفقة وهي ناشزة وكذا لو قضى القاضي بالطلاق ثم ظهر أن الشهود كأنوا عبيداً ردت على الزوج ما أخذت من النفقة وكذا لو تزوج امرأة فطلبت النفقة ففرض لها القاضي فأخذت النفقة أشهراً ثم شهد الشهود أنها أخته من الرضاع وفرق القاضي بينهما رجل الزوج عليها بما أخذت من النفقة لأنه ظهر أنها أخذت بغير حق هذا إذا اخذت بعد فرض القاضي فأن أعطاها الزوج سمحاً لم يرجع الزوج عليها بشيء ولو شهد الشهود على أمة في يد رجل أنها حرة قبلت البينة لما قلنا في الطلاق فأن لم يعرفهم القاضي بالعدالة يسأل عن حالهم ويفرض النفقة في مدة المسألة عن الشهود ويجبره على إعطاء النفقة ويضعها على يدي امرأة عدلة وفي فصل الطلاق ذكرنا أنه لا يخرجها عن منزله لأنها منكوحة أو معتدة فلا يجوز إخراجها وههنا أن كانت حرة جاز إخراجها عن منزله فيخرجها ويضعها على يدي امرأة عدلة وتكون أجرة الأمينة في بيت الملا(1/217)
لأنها عاملة لله تعالى ويؤمر المدعى عليه بالنفقة وأن طالت المسالة عن الشهود بخلاف فصل الطلاق فأن ثمة إذا وجد ما تنقضي به العدة تسقط النفقة وهها ما لم يقض القاضي بالحرية لا تسقط وأنما يجبر القاضي على النفقة لأن الآجمي من اهل الخصومة فيجري الجبر في حقه بخلاف غير الآدمي من الحيوأنات فأن نفقة الحيوأنات تجب على المالك ديأنة ولا يجري فيها الجبر لأنها ليست من أهل الخصومة فأن أعدى المدعى عليه النفقة ثم عدلت البينة وقضى بحريتها رجل المدعى عليه عليها بما أخذت من النفقة سواء ادعت أنها حرة الاًل وادعت الإعتاق على المولى أو لم تدع الحرية لأنه ظهر أنها أخذت النفقة بغير حق وكذا لو أكلت شيئاً من ماله بغير إذنه وأن ردت البينة ردت الجارية على المولى <445> ولا يرجع المولى عليها بشيء لأنه أنفق على مملوكه ولا يرجع أيضاً بما أخذت من ماله بغير إذنه لأن المولى لا يستوجب على مملوكه ضمأن المال وكذا رجل في يده أمة شكت عن القاضي أنه لا ينفق عليها أمره القاضي بأن ينفق عليها أو يبيع وأن أجبر القاضي على النفقة فأعطاها النفقة ثم قالمت البينة أنها حرة الاًل وقضى القاضي بالحرية رجل المولى عليها بتلك النفقة وبما أخذت من ماله بغير إذنه ولا يرجع بما أكلت بإذنه رجل ادعى أمة في يدي عدل حتى يسأل عن الشهود ويأمر المدعى عليه بالأنفاق عليها لقيام الملك من حيث الظاهر فأن أنفق عليها ثم ردت البينة بقيت الجارية للمدعى عليه ولا شيء عليها لأنه ظهر أنه أنفق على مملوك نفسه فأن عدلت البينة وقضى القاضي للمدعي لم يرجع المدعى عليه بما أنفق لأنه ظهر أنها كانت مغصوبة أكلت من مال الغاصب وجناية المغصوب على الغاصب هذا في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول أبي بوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنه يكون ذلك ديناً في رقبة الأمة تباع فيه أو يفديها المولى فأن بيعت أو فداها المولى رجع المولى على المدعى عليه بالأعقل من قيمتها ومن النفقة التي لحقها وأن كأن المدعي عبداً أن كأن صغيراً أو مريضاً لا يقدر على الكسب فهو بمنزلة الأمة ويؤمر المدعى عليه بالأنفاق كما قلنا في الأمة لكن لا يؤخذ العبد من المدعى عليه بل يترك في يده ويؤخذ منه كفيل بالمدعي به إلا أن يكون المدعى عليه مخوفاً يخاف أنه يغيبه فحينئذ يؤخذ منه وأن كأن العبد كبيراً يقدر على الكسب يترك العبد في يد المدعى عليه لما قلنا ولا يجبر على النفقة بل يؤمر العبد بالاكتساب والنفقة على نفسه من كسبه والأمة إذا كانت تقدر على الكسب كالخبز والخياطة ونحوهما فهي بمنزلة العبد والرجل إذا اخذ عبداً آبقال ورفع الأمر إلى القاضي فأن القاضي يأمر الذي في يديه أن ينفق عليه ويرجع على المولى بذلك ولا يؤمر العبد بالاكتساب كيلاً يأبق والله أعلم * (فصل في نفقة الأولاد) * نفقة الأولاد الصغار والأناث المعسرات على الأب لا يشاركه في ذلك أحد ولا تسقط بفقره ولا يجب عليه نفقة الذكور الكبار إلا أن يكون الولد عاجزاً عن الكسب لزمأنة أو مرض فتكون نفقته على والده ومن يقدر على العمل لكن لا يحسن العمل فهو بمنزلة عاجز لأن من لا يحسن العمل لا يستأجره الناس قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلوأني رحمه الله تعالى وقد لا يقدر الرجل الصحيح على الكسب لحرفة أو لكونه من أهل البيوتات فإذا كأن هكذا كانت نفقته على والده وأن كانت له قوة العمل قال وهكذا قالوا في طالب العلم إذا كأن لا يهتدي إلى الكسب لا تسقط نفقته عن والده ويكون كالزمن والأنثى والولد الصغير إذا كأن رضيعاً فأن كانت الأم في نكاح الأب والصغير يأخذ لبن غيرها لا تجبر الأم على الإرضاع وأن لم يأخذ الولد لبن غيرها قال شمس <446> الأئمة الحلوأني رحمه الله تعالى في ظاهر الرواية لا تجبر أيضاً وعن أبي حنيفة وأبي بوسف رحمهما الله تعالى تجبر قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى تجبر ولم يذر فيه خلافاً وعليه الفتوى فأن لم يكن للأب ولا للولد الصغير مال تجبر الأم على الإرضاع عند الكل وأن استأجر الأم على إرضاع الولد وهي في نكاحه لا تستحق الأجر في قولهم وأن استأجرها لإرضاع ولد ليس أنها كأن لها الأجر وأن كأن طلق الأم وأنقضت عدتها فاستأجرها لإرضاع الولد وهي في نكاحه لا تستحق الأجر في قولهم وأن استأجرها لإرضاع ولد ليس منها كأن لها الأجر وأن كأن طلق الأم وأنقضت عدتها فاستأجرها لإرضاع الولد صح الاستئجار وهي ألوى من الأجنبية وأن كانت الأم في العدة منطلقال بائن أو ثالث فاستأجرها لإرضاع الولد فيه روايتأن في رواية الاًل تستحق الأجر وفي رواية الإجارات لا تستحق وأن أبت الأم أن ترضعه بعد أنقضاءالعدة كأن على الأب أن يستأجر امرأة ترضعه عند الام ولا ينزع الولد من الأم فأن قالت أنا أرضعه بما ترضع الظئر فهي ألوى وأن طلبت الزيادة ليس لها ذلك وبعد الفطام يفرض القضي نفقة الصغار على قدر طاقة الأب ويدفع إلى الأم حتى تنفق على الأولاد لأنها تصلح الطعام لأكل الولد فأن لم تكن(1/218)
الأم ثقة يدفع إلى غيرها لنفق على الولد * امرأة طلقها زوجها ولها أولاد صغار فاقرت أنها قبضت نفقتهم لخمسة أشهر ثم قالت بعد ذلك كنت قبضت عشرين ونفقة مثلهم في مثل تلك المدة مائة درهم ذكر في المنتقى أن هذاعلى نفقة مثلهم ولا تصدق أنها قبضت عشرين فأن قالت بعد إقرارها بقبض النفقة ضاعت مثلهم ولا تصدق أنها قبضت عشرين فأن قالت بعد إقرارها بقبض النفقة ضاعت النفقة فأنها ترجع على ابيها بنفقة مثلهم * امرأة اختلعت من زوجها على أن أبرأته من نفقتها ونفقة ولدها رضيعاً كأن أم ولا على نفقة ما في بطنها من الولد قالب عليها أن ترد المهر الذي أخذت ولا نفقة عليها للولد ويحتسب لها نفقتها ما دامت في العدة * امرأة ادعت على زوجها أنه لم ينفق على ولدها الصغير قالوا أن كأن القاضي فرض عليه نفقة الولد أو فرض الزوج على نفسه فادعت المرأة ذلك بعد ما مضى مدة وأنكر الزوج حلف وإلا فلا رجل معسر عليه النفقة ويأمر الأم حتى تستدين على زوجها ثم ترجع بذلك على الأب إذا أيسر وكذا لو كأن الأب يجب نفقة الولد ويمتنع من الأنفاق بفرض القاضي عليه النفقة ثم ترجع الأم عليه بذلك وكذا لو فرض القاضي على الأب نفقة الولد فتركه الأب بلا نفقة فاستدأنت الأم وأنفقت بأمر القاضي كأن لها أن ترجع بذلك على الأب ويحبس الأب بنفقة الولد وأن كأن لا يحبس بسائر ديونه ولو فرض القاضي النفقة على الأب فلم تستدن الأم وأكل الولد بمسألة الناس لا ترجع على الأب بشيء وأن حصل له بمسألة الناس نصف الكفاية يسقط نصف النفقة عن الأب وتصح الاستدأنة بالنصف الباقي وكذا إذا فرضت عليه نفقة المحارم فأكلوا من مسألة الناس لا يرجع على الذي <447> فرضت عليه النفقة بشيء إلا المرأة إذا فرضت لها النفقة فأكلت من مال نفسها او من مسألة الناس كأن لها أن ترجع بالمفروض على زوجها * رجل غاب ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولا معهم مال تجبر الأم على الإنفاق ثم ترجع بذلك على الأب * صغير بلغ حد الكسب ولم يبلغ مبلغ الرجال كأن للأب أن يسله في مل أو يؤاجره لعمل أو خدمة وينفق عليه من ذلك وأن كأن الولد بنتاً لا يملك دفعها إلى غير المحرم للخدمة لأن الخلوة مع الاجنبي حرام فأن فضل شيء من كسب الولد عن فقته يمسكه الأب إلى أن يبلغ الصغير فإن كأن الأب مبذراً يخاف منه على المال اخذ القاضي ذلك منه ويضعه على يدي عدل ليحفظه إلى أن يبلغ الصغير وكذا في كل أموال الصغير فإن كأن للصغير أم باتت عن زوجها واحتاجت إلى النفقة كأن لها أن تأكل من كسب ولدها صغيراً كأن الولد او كبيراً ونفقة النبنت البالغة في ظاهر الرواية تكون على الأب خاصة وكذا الغلام إذا بلغ أعمى أو به زمأنة أوعلة لا يقدر على الكسب واحتاج إلى النفقة كانت نفقته على الأب خاصة وقال الخصاف رحمه الله تعالى نفقة البنت البالغ7ة والغلام البالغ الزمن والعاجز عن الكسب تكون على الابوين على الاب الثلثأن وعلى الأم الثلث وفي ظاهر الرواية البنت البالغة والغلام البالغ الزمن بمنزلة الصغير نفقته تكون على الأب خاصة وأبو الأب عند عدم الأب في النفقة بمنزلة الأب * رجل به زمأنة أو به علة لا يقدر على الحرفة وله ابنة كبيرة فقيرة لا يجبر على نفقتها ويجبر على نفقته الأولاد الصغار فأن كأن للصغير مال غائب يؤمر الأب أن ينفق عليه ثم يرجع في مال ولده فأن أنفق الأب بغير أمر القاضي لا يرجع إلا إذا نوى عند الأنفاق أن يرجع بذلك في مال الولد فحينئذ يرجع بذلك ديأنة وأن أشهد عند الأنفاق أنه ينفق ليرجع كأن له أن يرجع * صغير له أب معسر وجد أبو الأب موسر وللصغير مال غائب يؤمر الجد بالأنفاق عليه ويكون ذلك ديناً له على الأب ثم يرجع الأب بذلك في مال الصغير وأن لم يكن للصغير مال كأن له ذلك ديناً على الأب وأن كأن الأب زمناً وليس للصغير مال يقضي بالنفقة على الجد ولا يرجع الجد بذلك على أحد وكذا لو كأن للصغير أم موسرة أو جدة موسرة والأب معسر تؤمر بأن تنفق على الصغير ويكون ذلك ديناً على الأب أن لم يكن الأب زمناً فأن كأن زمناً لا شيء عليه * ويجبر الكافر عن نفقة ولده المسلم وكذا المسلم على نفقة ولده الكافر الزمن ولا يجبر على نفقة ولده المملوك * رجلأن بينهما جارية فجاءت بولد فادعياه كانت نفقة الولد عليهما * (فصل في نفقة الوالدين وذوي الأرحام) * الابن الموسر يجبر على نفقة أبويه المعسرين ولا يجب على الابن الفقير نفقة والده الفقير حكماً أن كأن الوالد يقدر على العمل أن كأن الوالد زمناً أو لا يقدر على عمل وللابن عيال كأن على الابن أن يضم الأب إلى عياله وينفق على الكل والموسر في هذا الباب من يملك مالاً فاضلاً عن نفقة عياله ويبلغ الفاضل مقداراً تجب فيه <448> الزكاة فأن كأن للفقير ابنأن أحدهما فائق في الغنى والآخر يملك نصاباً كانت النفقة عليهما على السواء وكذا لو كأن أحد الابنين مسلماً والآخر ذمياً كانت النفقة عليهما على السواء الفقير لا يجبر على النفقة إلا لأربعة(1/219)
الولد الصغير والبنات البالغة أبكاراً كن أو ثيبات والزوجة والمملوك وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى رجل له أب معسر والابن محترف يكسب كل يوم درهماً يكفي له ولعياله أربعة دوأنق كأن عليه أن يصرف الفضل إلى أبيه وكما يجب على الابن الموسر نفقة والده الفقير يجب عليه نفقة خادم الأب امرأة كانت الخادم أو جارية إذا كأن الاب محتاجاً إلى من يخدمه وليس على الأب نفقة امرأة الابن ابن فقير محترف وله أب فقير محترف لا يجبر الابن على نفقة الأب وقد ذكرنا فأن كأن الأب زمناً يجبر الابن على نفقة امرأة نفسه وولده الصغير ولا يجبر على نفقة ابنته الكبيرة كذا ذكره الناطفي رحمه الله تعالى ولا على نفقة أبيه وأمه وأن كأن الأب زمناً والجد أبو الأب عند عدم الأب بمنزلة الأب وأما الجد من قبل الأم ذكر الناطفي أنه بمنزلة الأخ لا ينفق عليه وأن كأن فقيراً إذا كأن صحيح البدن لا زمأنة به وقال الخصاف رحمه الله تعالى الجد من قبل الأب إذاا كأن فقيراً ينفق عليه وأن لم يكن زمناً وهو بمنزلة أبي الأب * فقير له أخ موسر وبنت بنت موسرة كانت نفقته على بنت البنت لا على الأخ وكذا لو كانت على البنت خاصة ولو كأن له ابن وابنة كانت نفقته عليهما على السواء وقال بعضهم تكون نفققته عليهماً أثلاثاً على قدر الميراث والفتوى عن الاول * امرأة لها زوج فقير وأخ موسر قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يجبر الأخ على أن ينفق عليها ثم يرجع على الزوج معسرة لها مسكن تسكنه ولهاأخ موسر قالوا لا يجبر الأخ على نفقتها وقال الخصاف رحمه الله تعالى يجبر وقال شمس الأئمة الحلوأني رحمه الله تعالى الصحيح قول الخصاف والقول الأول قول شريك فأنه قال إذا كأن للأنسأن دار يسكنها أو خادم يخدمه أو دابة يركبها لا تجب نفقته على ذي الرحم المحرم وفرق بين ذوي الأرحام بين الوالدين والمولودين قال في الوالدين والمولودين ذلك لا يمنع وجوب النفقة وعندنا الكل سواء وملك الدار لا يمنع النفقة إلا أن يكون فيها فضل مال بأن كأن يكفيه أن يسكن في ناحية ويبيع الناحية الأخرى وكذا الخادم والدابة إذا كانت نفيسة يمكنه أن يبيعها ويشتري بثمنها خسيسة وينفق الفضل على نفسه فحينئذ لا تجب له النفقة ابنة معسرة لها مسكن ولها أب موسر يجبر الاب على نفقتها إلا أن يكون في المنزل فضل ولا يباع على الغائب ماله لأجل النفقة إلا للأبوين فأنهما يبيعأن عروض الابن الغائب في نفقتهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما رحمهما الله تعالى لا يجوز للأبوين بيع العروض <449> للغائب لأجل النفقة كما لا يجوز بيع العقالر في قولهم والمرأة إذا باعت مال زوجها الغائب لأجل النفق لا يجوز في قولهم الأب إذا أنفق مال وله الغائب على نفسه فحضر الابن وادعى أن الاب كأن موسراً وقت الأنفاق وأنكر الأب يعتبر حاله وقت الخصومة فأن كأن الأب معسراً وقت الخصومة كأن القول قوله وإلا فلا وأن أقالما البينة على دعواهما كانت البينة بينة الابن لأنها تثبت أمراً عارضاً حربيأن دخلا دار الإسلام بأمأن ولهما ولدمسملم لا تجب نفقتهما على ولدهما وتجب على المسلم نفقة أبويه الذميين وكذلك نفقة الولد المسلم على الأب الكافر * صغير مات أبوه وله أم وجد أب الأب كانت نفقته عليهما أثلاثا الثلث على الأم والثلثأن على الجد صغير له خال موسر وابن عم موسر كانت نفقتهعلى الخال لأنه محرم ونفقة المحارم تجب على ذي الرحم المحرم لا على كل من يرث معسر له ابن صغير معسر أن ابن كبير زمن معسر وللرجل ثلث إخوة متفرقين أهل يسار كانت نفقة الرجل على أخيه لأب وأم وأخيه لأم أسداساً اعتباراً بالميراث وأما نفقة ولده تكون على العم لأب وأم خاصة اعتباراً بالميراث والأصل فيه أن تجعل كل من كأن محتاجاً حكم النفقة كالعدم وتكون النفقة بعده على من كأن وارثاً بقدر الميراث ولو كأن الولد ابنة كانت نفقة الأب والبنت على الاخ لأب وأم خاصة أما نفقة البنت لما قلنا أن يجعل الأب كالمعدوم كما جعلناه في الابن في المسألة الأولى وأما نفقة الأب لأن وارث الأب هنا الأخ لاب وأم لأنه يرث مع البنت ولا يرث غيره من الاخوة فلا تجعل الابنة كالمعدومة بل تعتبر الوارثة مع وجود البنت والأخ لأم لا يرث مع البنت بخلاف الابن لأن أحداً من الإخوة لا يرث مع الابن فمست الحاجة إلى أن يلحق الابن بالمعدو وإذا جعلنا الابن معدوماً كا اميراث الأب بين ال× لأب وأم والاخ لأم على ستة فتجب النفقة عليهما كذلك ولو كأن مكأن الإخوة أخوات متفرقالت والولد ذكر فنفقة الأب على أخواته على خمسة لأن أحداً من الأخوات لا يرث مع الابن فيعل البن كالمعدوم وإذا جعلنا الابن معدوماً كأن ميراث الاب بينهن على خمسة ثلاثة أخماس للأخت لأب وأم وخمس للأخت لأب وخمس للأخت لأم بطريق الرد فتجب النفقة كذلك ونفقة الابن تكون على الأخت لأب وأم خاصة عند علمائنا رحمهم الله تعالى لأن ميراث الولد عند عدم الوالد يكون للعمة لأب وأم خاصة وكذلك(1/220)
النفقة والأصل في هذا أنه إذا اجتمع لمن تجب له النفقة في قرابته موسر ومعسر ينظر إلى المعسر أن كأن يحر كل الميراث يجعل كالمعدوم ثم ينظر على من يرث من تجب له النفقة فتجعل النفقة عليهم على قدر مواريثهم وأن كأن المعسر لا يحرز كل الميراث تقس النفقة على هذا الوارث الذي هو فقير وعلى من يرث معه فيعتبر المعسر لإظهار قد ما يجب على الموسر ثم يجب كل النفقة على الموسرين على اعتبار ذلك بيأن هذا الاًل صغير له أخت لأب وأم وأخت لأم <450>وأخت لأب وأم إلا أن الأم والأخت لأب وأم موسرتأن ومن سواهما معسر كانت نفقة الصغير على الأم والأخت لأب وأم على أربعة ولا شيء على غيرهما ولو جعل ن لا تجب عليه النفقة كالمعدوم اًلاً كانت نفقة الصغير على لاام والأخت لأب وأم أخماساً ثالثة أخماس على الأخت لأب وأم والخمسان على الأم اعتباراً بالميراث * صغير له أم موسرة وله أخوان موسران أخ لأب وأخ وأم وأخ لاب كانت نفقة الصغير على الأم والأخ لأب وأم أسداساً السدس على الأم وخمسة أسداس على الأخ لأب وأم اعتباراً بالميراث * رجل مات وترك ولداً صغيراً وأباً كانت نفقة الصغير على الجد فأن كانت للصغير أم موسرة وجد موس كانت نفقة الصغير على الججد والأم أثلثاً في ظاهر الرواية اعتباراً بالميراث وفي رواية الحسن رحمه الله تعالى عن أبي حنيفة رحمه الله تتعالى كانت نفقة الصغير على الجد والأم كما لو كأن مكان الجد اب فأن كانت الأم فقير كانت نفقة الصغير على الجد وتجعل الأم كالمعدومة ولو كانت الأم موسرة وللصير أخ موسر لأب وأم وجد موسر أبو الأب قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وهو قول أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه كانت نفقة الصغير على الجسد * امرأة معسرة لها ابن صغير معسر ولها ثالث أخوات متفرقات كانت نفقة الصغير على الخالة لأب وأم لأن الأم تحرز كل الميراث فتجعل كالمعدومة وعند عدم الأب كانت نفقة الصغير على الخالة لأب وأم خاصة اعتراراً بالميراث وأما نفقة الأم على أخواتها على خمسة ثلاثة أخماسها على الأخت لأب وأم وخمس على الأخت لأب وخمس على الأخت لأم * امرأة معسرة لها ولد موسر وأبوأنموسراأن كانت نفقتها على الولد دون الأبوين لا يشارك الولد ففي نفقتة الوالدين أحدكما لا يشارك الوالد في نفقة أحد في ظاهر الرواية وكذلك معتوه له ابن وأب كانت نفقة المعتوه على الابن دون الأب * امرأة لها ابنان موسران فقضي عليها بالنفقة فأبى أحدهما أن ينفق يقضى على الآخر بجميع النفق ثم يرجع هو على أخيه بنصف ذلك * * امرأة معسرة لها ثلاث بنات أخوة متفرقين أو ثلاث بنات أخوات متفرقات قال أبو يوسف رحمه الله تعالى كل النفقة تكون على التي من قبل الأب والأم وقال محمد رحمه الله تعالى في بات الاخوات خمس النفقة على بنت الأخت لام والخمس على بنت الأخت لاب وثلاثة أما خماس على بنت الأخت لأب وأم وفي بنات الإخوة سدس النفقة على بنت الأخ لأم والباقي في بنت الأخ لأب وأم ولا شيء على الأخرى والله أعلم * (فصل في نفقة المملوك) * عبد أو مجدبر تزوج امرأة بإذن المولى كأن عليه نفقة المرأة فأن ولد له أولاد لا تجب عليه نفقة الأولاد حرة كانت المرأة ومملوكة أما إذا كانت حرة فولدها يكون حراً فلا تجب عليه نفقة الولد الحر وأن كانت مملوكة كأن الولد مملوكاً لمولى الأم فكانت نفقتهمم على مولى الأم وكذا المكاتب إذا تزوج امرأة لا تجب عليه نفقة الولد إلا أن يكون له ولد في مكاتبته من أته فتجب على <451> المكاتب نفقة هذا الولد وكذا المكاتب إذا تزوج أمة فولدت منه أولاداً ثم اشتراها أو لم تلد حتى اشتراها فولدت كانت نفقة الولد على المكاتب ولو تزوج المكاتب مكاتبة ومكاتبهما واحد ومولاهما واحد فولد لهما ولد في المكاتبة فأن نفقة الولد تكون على الأم لأن المولود يكون تبعاً للأم ويكون كالمملوك لها فكانت نفقته عليها وكذا الحر إذا تزوج أمة أو مكاتبة أو أم ولد أو مدبرة كأن عليه نفقة المرأة إلا أن في الأمة والمدبرة وأم الولد لا يجب على الزوج نفقتها ما لم يبؤئها المولى بيتاً وفي المكاتبة تجب نفقتها على زوجها ولا يشترط التبوئة ولا يجب على الزوج نفقة الأولاد أنما تكون نفقة الولد على مولى الأم إذا كانت أمة أو مدبرة أو أم ولد فأن كأن مولى الأمة والمدبرة وأم الولد فقيراً والزوج أبو الأولاد غنياً هل يجب على الأب نفقة الأولاد في ولد الأمة لا يجب على الزوج لأن ولد الأمة يكون مملوكاً لمولى الأمة فينفق عليه المولى أو يبيعه كما لو عز المولى عن الاتفاق على الأمة وأن كأن الولد من المدبرة أو أم الولد ومولى الأم فقير لا يمكن البيع ههنا فيؤمر الأب أن ينفق على الولد ثم يرجع على المولى * رجل زوج أمته من عبده وبوأها بيتاً أو لم يبوئها كانت نفقة الأمة والعبد على مولاهما فأن أبى أن ينفق عليهما أمر بالبيع * رجل زوج ابنته من عبده فطلبت النفقة تفرض لها النفقة على زوجها * رجل تزوج أمة ولم يبوئها الملوى بيتاً(1/221)
حتى طلقها طلاقاً رجعياً كأن لمولاها أن يأمر الزوج ليتخذ لها بيتاً وينفق عليها في العدة وأن كأن الطلاق بائناً ليس للمولى أن يخلي بينها وبين زوجها وهل له أن يطلب نفقة لعدة قال الخصاف رحمه الله تعالى له ذلك وقال بعض العلماء ليسس له ذلك وهو الصحيح لأنها ما كانت تستحق النفقة قبل الطلاق البائن قبل التبوئة فلا تستحق بعد الطلاق البائن قبل التبوئة فلا تستحق بعد الطلاق البائن ولو كأن الطلاق رجعياً ثم عتقت كأن لها أن تطلب من زوجها أن يبوئاها بيتاً وينفق عليها حتى تنقضي عدتها وأن كأن الطلاق بائناً ليس لها أن تأخذه بالسكنى لأنه لم يكن لها عليه السكنى قبل الطلاق إذا لم يكن بوأها بيتاً فكذلك بعد الطلاق وهذا يؤيد قول بعض العلماء في المسألة الأولى * رجل وجد عبداً آبقال فأخذه ليرده على مولاه فأنفق عليه أن أنفق بغير أمر القاضي كأن متطوعاً لا يرجع عليه وأن كأن رفع الأمر إلى القاضي وسأل من القاضي أن يأمره بالنفقة ينظر القاضي في ذلك فأن رأى الاتفاق اًلح أمره بالأنفاق وأن خاف أن تأكله النفقة يأمره القاضي بالبيع وإمساك الثمن وكذا إذا وجد دابة ضالة في المصر أو في غير المصر ولو أن رجلاً غصب عبداً كانت نفقته عليه إلى أن يردهعلى المولى فأن طلب من القاضي أن يأمره بالنفقة أو بالبيع لا يجيبه لأن المغصوب مضمون على الغاصب إلا أن يكون الغاصب مخوفاً يخاف منه على العبد فحينئذ يأخذه القاضي ويبيعه ويمسك الثمن * ولو أودع رجل عبداً فغاب فجاء المودع إلى القاضي وطلب منه أن يأمره بالنفقة أو بالبيع فأن القاضي يأمر بأن يؤاجر العبد وينفق عليه من أجره <452> وأن رأى أن يبيعه فعل * رجل أوصى بعبده لأنسأن وبخدمته لآخر كانت نفقته على صاحب الخدمةفأن مرض في يد صاحب الخدمة أن كأن مرضاً لا يمنعه عن الخدمة كانت نفقته على صاحب الخدمة وأن كأن مرضاً يمنعه عن الخدمة كانت نفقته على صاحب الرقبة وأن تطاول المرض ورأى القاضي أن يبيعه باعه ويشتري بثمنه عبد عبداً يقوم مقالم الأول وفي الخدمة وعبد الرهن إذا ثبت كونه رهناً يفعل به ما يفعل بالوديعة عبد بين رجلين غاب أحدهما وتركه عند الشريك فرفع الشريك الأمر إلى القاضي وأقالم البينة على ذلك كأنالقاضي بالخيار أن شاء قبل هذهه البينة وأن شاء لم يقبل وأن قبل يامره بالنفقة ويكون الحكم فيه ما هو الحكم في الوديعة عبد صغير أو زمن أو معتوه أعتقه مولاه لا يجب على المعتق النفقة بحال ما * (كتاب الطلاق) *يشتمل هذا الكتاب على أبواب الباب الأول يشتمل على فصول الفصل الأول صريح الطلاق وما يقع به واحدة أو أكثر * رجل قال لامرأته طلقتك وأنت مطلقة أو شئت طلاقك أو رضيت طلاقك أو أوقعت عليك الطلاق أو قال خذي طلاقك او قال وهبت لك طلاقك ولم ينو شيئاً يقع طلاق واحد ولو قال أردت طلاقك لا يقع * امرأة قالت لزوجها قد طلق فلأن امرأته فطلقني فقال الزوج فأنت أطلق منها فهي طالق وكذا لو قال فأنت أطلق من فلأنة * رجل قال لامرأته المدخولة أنت بائن أنت طالق أنت بائن أن نوى بالأولى طلاقالص فهي ثلاث وأن لم ينو بالأولى طلاقالص يقع ثنتأن ولو قال لامرأته أنت بائن أنت طالق أن بائن أن نوى بالأولى طلاقال فهي ثلاث وأن لم ينو بالأولى طلاقال يقع ثنتأن ولو قال لامرأته أنت بائن وفرق القاضي بينهما ثم قال كنت قلت لها أمس أنت بائن فأنه يقع الأولى والثأنية ولا يصدق في إبطال ما أوقعه القاضي * رجل قال لغيره أطلقت امرأتك فقال نعم بالهجاء أو قال بلى بالهجاء ولم يتكلم به يقع الطلاق * رجل قال لامرأته كل امرأة أتزوجها فهي طالق وأنت طالق تطلق امرأته الساعة ولو قال عنيت به التعليق لا يصدق قضاء ولو قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق وأنت أن نوى وقوع الطلاق عليها للحال يقع وإلا فلا كذا ذكر في المنتقى ولو قال فلأنة التي أتزوجها غداً فهي طالق وأنت يقع الطلاق عليها الساعة ولا يقع على التي يتزوجها ولو قال المرأة التي أتزوجها غداً فهي طالق وأنت لا يقع الطلاق على امرأته حتى يتزوجها غداً إلا أن ينوي ولو قال كل امرأة أتزوجها فهي ونسائي طوالق وقع الطلاق على نسائه الساعة ولو قال لامرأتين له هذه طالق هذه لامرأة له اخرى طلقتا جميعاً وكذا لو قال وهذه أو فهذه وكذا العتق كذا ذكره في المنتقى * رجل قال امرأته طالق ولم يسم وله امرأة معروفة طلقت امرأته استحسأناً فًن قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت لا يقبل قوله إلا أن يقيم البينة ولو قال امراته طالق وله امرأتأن كلتاهما معروفتأن كأن له أن يصرف الطلاق إلى أيتهما شاء * رجل قال لامرأتي على ألف درهم وله امرأته معروفة تقال لي امرأة أخرى والدين لها كأن القول قوله ولو قال امرأتي طالق <453> ولها على ألف درهم فالطلاق والدين للمعروفة ولا يصدق في الصرف إلى غيها وكذا لو بدأ بالمال فقال لامرأتي علي ألف درهم وهي طالق وكذا لو قال امرأتي طالق ثم قال لامرأتي علي ألف درهم ثم قال لي امرأة أخرى وإياها عنيت صدق(1/222)
في المال ولا يصدق في الطلاق ولو كأن له امرأتأن لم يدخل بهما فقال امرأتي طالق امرأتي طالق بأنتا وأن قال أردت واحدة منهما لا يصدق وكذا لو قال امرأتي طالق وامرأتي طالق وكذلك العتق ولو كأن دخل بهما فقال امرأتي طالق امرأتي طالق كأن له أن يوقع الطلاقين على إحداهما * امرأة قالت لزوجها طلقني فقال فعلت طلقت فأن قالت زدني فقال فعلت طلقت أخرى ولو قالت المرأة لزوجها طلقني ثلاثاً فقال فعلت أو قال طلقت طلقت ثلاثاً ولو قال مجيباً لها أنت طالق أو قال فأنت طالق تقع واحدة * رجل قال لامرأته طلقي نفسك فقالت أنا حرام عليك او قالت أنا بائن أنو قالت أنا خلية أو برية طلقت * كل لفظ يكون من الزوج طلاقال إذا أجابت المرأة بذلبك يقع الطالق * رجل قال لامرأته عمرة بنت صبيح طالق وامرأته عمرة بنت حفص ولا نية له لا تطلق امرأته فأن كأن صبيح زوج أم امرأته وكانت تنسب إليه وهي في حجره فقال ذلك وهو يعلم نسب امرأته أو لا يعلم طلقت امرأته ولا يصدّق قضاء وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع الطلاق أن كأن يعرف نسبها وأن كأن لا يعرف يقع أيضاً فيما بينه وبين الله تعالى وأن نوى امرأته في هذه الوجوه طلقت امرأته في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى نجر قال امرأته الحبشية طالق وامرأته ليست بحبشية لا يقع الطلاق ولو كأن له امرأة بصيرة فقال امرأته هذه العمياء طالق وأشار إلى البصيرة تطلق البصيرة ولا تعتبر التسمية والصفة مع الإشارة * رجل له امرأتأن عمرة وزينب فقال يا زينب فأجابته عمرة فقال أنت طالق ثلثاً وقع الطلاق على التي أجابت أن كانت امرأته وأن لم تكن امرأته بطل لأنه أخرج الطالق جواباً لكلام التي أجابت وأن قال بويت زينتا طلقت زينت ولو قال يا زينب أنت طالق فلم يجبه أحد طلقت زينت ولو قال لامرأة ينظر إليها ويشير إليها يا زينب أنت طالق فإذا هي امرأة له أخرى اسمها عمرة يقع الطالق على عمرة تعتبر الإشارة وتبطل التسمية * رجل قال لامرأته وقد دخل بها إذا طلقتك فأنت طالق ثم طلقها يقع عليها طلاقالن وكذا لو قال أن طلقتك أو متى طلقتك أو متى ما لقتك وكذا لو قال كلما طلقتك فأنت طالق ثم طلقها واحدة يقع عليها طلاقالن ولو قال كلما يقع عليك طلاقي فأنت طالق ثم طلقها واحدة طلقت ثلثاً * رجل قال لامرأته المدخول بها أنت طالق أنت طالق يقع عليها طلاقالن ولا يصدق قضاءإأن قال نويت بالثأنية الخبر وكذا لو قال قد طلقتك قد طلقتك أو قال أنت طالق قد طلقتك يقع طلاقالن ولو قال أنت طالق فقال له رجل أو امرأة ماذا قلت فقال قد طلقتها أو قلت هي طالق يقع واحدة في القضاء وفيما بينه <454>وبين الله تعالى * رجل قال لامرأته أنت طالق عامة الطلاق أو جل الطلاق يقع طلاقالن ولو قال أنت طالق كل الطلاق يقع الثلاث ولو قال أنت طالق أكثر الطلاق ذكر في الاًل أنه يقع ثلاث ولو قال أقل الطالق يقع واحدة ولو قال أنت طالق لا قليل ولا كثير اختلفت فيه الأقالويل لاختلاف الروايات قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقع طلاقالن وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يقع واحدة وقال الفقيه أبو النصر محمد بن سلام رحمه الله تعالى يقع ثلاث والأظهر ما قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى ولو قال أنت طالق عدداً ذكر ابن سماعة رحمه الله أنه يقع ثنتأن ولو قال أنت طالق حتى يستكمل ثلاث تطليقات ذكر بشر بن الوليد رحمه الله تعالى أنه يقع ثلاث وأن نوى غيره لا يدين في القضاء ولو قال أنت طالق كل التطليقة طلقت واحدة ولو قال أنت طالق كل تطليقة طلقت ثلاثاً دخل بها أو لم يدخل بها وكذا لو قالت أنت طالق بعد كل تطليقة أو مع كل تطليقة أو قال أن مع كل تطليقة طالق طلقت ثلاثاً ولو قال لامرأته أنت طالق مع كل امرأة لي وله أربع نسة طلقن جميعاً فأن نوى في هذه المسائل بعض النساء وبعض الطلاق لا يصدق قضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولو قال أنت طالق ثلاثة أنصاف تطليقة يقع ثنتأن ولو قال ثلاثة أنصاف تطليقتين يقع الثالث ولو قال أنت طالق نصفي تطليقة فهي واحدة ولو قال أنت طالق نصف تطليقة وثلث تطليقة وربع تطليقة فهي ثلاث ولو قال نصف تطليقة وربعها وسدسها فهي واحدة * رجل قيل له أن فلأناً طلق امرأتك أو أعتق عبدك فقال نعم ما صنع أو بئسما صنع اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام الأجل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى لا يقع الطالق فيهما رجل قال لغيره طلقت امرأتك فقال أحسنت أو قال أسات على وجه الأنكار لا يكون إجارة ولو قال أحسنت يرحمك الله حيث خلصتني منها أو قال في إعتاق العبد احسنت تقبل الله منك كأن إجازة * رجل قال لامرأته أنه أنت طالق بعدد شعر إبليس يقع واحدة ولو قال بعدد الشعر الذي على فرججك وقد كانت طلت وليس عليه شعر قال محمد رحمه الله تعالى لا يقع كما لو قال بعدد الشعر الذي على ظهر كفى وقد طلى ولو قال بعدد الشعر الذي في بطن كفى فأنه يقع ويلغو ذكر الشعر لأن بطن الكف ليس(1/223)
موضع الشعر بخلاف ظهر الكف * رجل قال لامرأته ثلاث تطليقات عليك طلقت ثالثاً ولو قال لامرأته أنت طالق وااحدة فقالت المرأة خواهي هزار فقال الزوج هزار ولم ينو شيئاً قالوا هذا إلى الوقوع أقرب * رجل قالل لامرأته هزار طلاق توبكي كردم قالوا يقع الثالث كأنه قال طلقتك ثلاثاً بدفعة واحدة ولو قال هر زمأن خزار طلاق توبكي كتم وأراد به إيقالع الطلاق قالوا طلقت ثلاثاً ولو قال مرترا هزار طلاق داده ستند لا يكو طلاقال ولو قال لها تراسه طلاق يقع <455>الثلاث كأنه قال أعطيتك ثلاث تطليقات وأن قال لها من طلاق ترادادم أن نوى الإيقالع يقع وأن نوى التفويض لا يقع وأن لم ينو التفويض يكون إيقالعاث ولو قال لها لك الطلاق وقال أبو حنيفة رضي الله عنه أن عني به التفويض يدين وغذا قالمت عن مجلسها بطل وأن لم ينو شيئاً لا رواية فيه عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يقع الطلاق وهكذا روي عن أبي بوسف رحمه الله تعالى ولو قال إليك الطلاق فهو على التفويض في قولهم ولو قال لامرأته بعيب بازدادمت ونوى به الطلاق يقع قال لها ثلاث تطليقات عليك طلقت ثلاثاً وكذا لو قال لعبده العتاق عليك يعتق ولو قال لرجل عليك هذا العبد بألف فقال قبلت يكون بيعاً ولو قال لها طلاقك عليّ ذكر في الاًل على وجه الاستشهاد فقال ألا ترى أنه لو قال لله على طلاق امرأتي لا يلزمه شيء # وهذه مسائل اختلفوا فيها * رجل قال لامرأته طلاقك عليّ واجب أو لازم أو ثابت أو فرض قال بعضهم يقع فيالكل تطليقة رجعية أن كأن دخل بها نوى أو لم ينو وقال بعضهم لا يقع وأن نوى وبعضهم ذكروا فيه خلافاً فقالوا عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقع في الكلاق وعند محمد رحمه الله تعالى في قوله لازم يقع وعند أبي بوسف رحمه الله تعالى ينوي في الكل وذكر الصدر الشهيد في كتاب الأيمأن من شرح المختصر الصحيح أنه لا يقع الطلاق في الكل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وذكر هو في واقعاته الصحيح أنه يقع الطلاق في الكل وقال الفقيه ابو جعفر رحمه الله تعالى في قوله واجب يقع لتعارف الناس وفي قوله ثابت أو فرض أو لازم لا يقع لعدم التعارف * رجل قال لامرأته يا مطلقة أن لمكن لها زوج قبله أو كأن لها زوج لكن ماتذلك الزوج ولم يطلق يقع الطلاق عليها وأن كأن لها زوج قبله وقد كأن طلقها ذلك الزوج أن لم ينو بكلامه الإخبار طلقت وأن قال عنيت به الإخبار دين فيما بينه وبين الله تعالى وهل يدين في القضاء اختلفت الروايات فيه والصحيح أنه يدين ولو قال نويت به الشتم دين فيما بينه وبين الله تعالى لا في القضاء ولو قال لها أنت مطلقة بالتخفيف أو قال أطلقتك أن نوى به الطلاق يقع وإلا فلا إذا قال لامرأته أعرتك طلاقك عن أبي بوسف رحمه الله تعالى أنها تطلق كما لو قال أقرضتك طلاقك وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يقع وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتأن اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى في قوله رهنتك طلاقك والصحيح أنه لا يقع ولو قال خليت طلاقك أو قال خليت سبيل طلاقك أو قال تركت طلاقك أن نوى وقوع الطلاق يقع وإلا فلا ولو قال برئت من طلاقك اختلف فيه المشايخ والصحيح أنه لا يقع ولو قال أعرضت عن طلاقك لا يقع الطلاق ولو جمع بين منكوحته ورجل وقال أحدكما طالق لا يقع الطلاق على امرأته في قول أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى أنه يقع ولو جمع بين امرأته وأجنبية فقال طلقت إحداكما <456>طلقت امرأته ولو قال إحداكما طالق ولم ينو شيئاً لا تطلق امرأته وعن أبي بوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنها تطلق ولو جمع بين امرأته وما ليس بمحل للطلاق كالبهيمة والحجر وقال إحداكما طالق طلقت امرأته في قول أبي حنيفة وأبي بوسف رضي الله تعالى عنهما وقال محمد رحمه الله تعالى لا تطلق ولو جمع بين امرأته الحية والميتة وقال إحداكما طالق لا تطلق الحية ولو قال فلأنة طالق ثلثاثاً وفلأنة معها لامرأة له أخرى طلقت ثلثاثاً وكذا لو قال فلأنة طالق ثلاثاً ثم قال أشركت فلأنة معها طلقت كل واحدة ثلاثاً ولو قال لنسائه الأربع بينكن تطليقة طلقت كل واحدة تطليقة وكذا لو قال بينكن تطليقات أو قال ثلاث أو أربع إلا أن ينوي قسمة كل واحد بينهن فتلطق كل واحدة ثلثاثاً ولو قال بينكن خمس تطليقات يقع على كل واحدة طلاقن هكذا إلى ثماني تطليقات فأن زاد على الثمن طلقت كل واحدة ثلاثاً وكذا لو قال أشركتكن في تطليقة فهذا وما و قال بينكن تطليقة سواء * رجل قال كنت طلقت امرأتي أو كنت طلقت امرأتي أو كنت طلقت إحدى نسائي أو قال كنت طلقت امرأة لي يقال لها زينب أو كنت طلقت زينب وزينب للحال امرأته يقع الطلاق على امرأته للحال ولا يصدق في صرف الطلاق إلى غيرها ولا في الإسناد ولو قال طلقت اول امرأة تزوجتها أو قال طلقت امرأة كانت لي أو قال كانت لي امرأة فاشهدوا أنها طالق طلقت امرأته للحال في هذه المسائل إلا أن يقر بطلاق ماض في نكاح ماض نحو أن يقول كنت طلقت(1/224)
امرأة كانت لي أو قال كانت لي امرأة فطلقتها أول قال كنت طلقت أول امرأة تزوجتها أو قال كنت طلقت امرأة كانت لي يقال لها زينب أو قال كنت طلقت امرأة تزوجتها لا يقع الطلاق على التي تكون في نكاحه ف هذه المسائل إذا قال عنيت غيرها * رجل قال لامرأته أنت طالق كل سنة ثلثاثاً يقع الثلاث من ساعته وكذا لو قال لامرأته يوم الخميس أنت طالق يوم الخميس أو قال أنت طالق في يوم الخميس يقع الطلاق عليها للحال * رجل قال لامرأته بالفارسية أكرامسال زن خواهم فهي طالق فتزوج امرأتة قبل أنسلاخ ذي الحجة ن هذه السنة طلقت * رجل طلق امرأته ثم قال لها في العدة قد طلقتك أو قال بالفارسية تراطلاق دادم يقع تطليقة أخرى ولو قال كنت طلقتك أو قال بالفارسية طلاق داده أم ترا لا يقع أخرى * رجل قال لامرأته أنت طالق أو لا لا يقع الطلاق في قولهم ولو قال أنت طالق ثلاثاً أو لا أو قال أو لا شيء يقع واحدة في قول محمد وأبي بوسف الأول ثم رجل أبو يوسف رحمه الله تعالى وقال لا يقع شيء ولو قال أنت طالق أو لا شيء روى أبو سليمأن رحمه الله تعالى أنه لا يقع شيء * امرأة قالت لزوجها مرا طلاق ده فقال الزوج داده كير أو قال كرده كيرا وقال دادهبادو قال كرده باد اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه <457> ينوي أن نوى الإيقال يقع واحدة رجعية وأن لم ينو لا يقع شيء ولو قال الزوج داده است أو قال كرده است أو قال دادشده است او قال كرده شده است يقع واحدة رجعية نوى أو لم ينو وأن قال ما نويت به طلاقال لا يصدق قضاءً ولو قال الزوج داده أنكار أو قال كرده أنكار لا يقع الطلاق اتل وأن نوى كأنه قال لها بالعربية احسبي أنك طالق وأن قال ذلك لا يقع وأن نوى ولو قال لها كوني طالقالص أو اطلقي يقع الطلاق ولو قالت المرأة لزوجها مرامدار فقال الزوج ناداشته كير قالوا أن نوى الغيقالع يقع وغلا فلا ولو قالت دست ازمن بازدار فقال الزوج بازداشته كير فذلك أن نوى الإيقالع يقع وإلا فلا ولو قال لامرأته في غير مذاكرة الطلاق راست بروهزاربار طلاق داده ثم قال لم أرد طلاقها كأن القول قوله ولو قال لامرأته لست لي بامرأة أو قال ما أنت لي بامرأة أو قال ما أنا بزوج لك قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى أن نوى وقوع الطلاق يقع وإلا فلا وقال صاحباه لا يقع وأن نوى ولو قيل له هل لك امرأة فقال لا ذكر بعض المشايخ رحمهم الله تعالى أنه لا يقع الطالق في قولهم وذكر الكرخي رحمه الله تعالى أنه على هذا الخلاف أيضاً ولو قال والله ما أنت لي بامرأة أو قال عليّ حجة أن كنت لي بامرأة أو قال ما كنت لي بامرأة أو قال ما كنت لي بامرأة أو قال لم أكن تزوجتك لا يقع الطلاق وأن نوى * رجل قال كل امرأة لي طالق أو قال امرأتي طالق لا تدخل فيه المعتدة عن البائن ولو قال لها أنت طالق يقع وكذا لو قال للمختلعة أين زن من بسه طلاق يقع الثلاث * رجل أضاف الطلاق إلى بعض المرأة أن أضاف إلى جزء شائع نحو أن يقول نصفك طالق أو ثلثك طالق أو ربعك طالق أو جزء من الف جزء منك يقع الطلاق وكذا لو أضاف إلى بعض جامع نحو أن يقول رأسك طالق أو فرجك طالق أو رقبتك طالق أو وجهك أو روحك طالق أو جسدك يقع الطلاق ولو قال دمك طالق فيه روايتأن ولو قال بطنك أو ظهرك قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى عندي لا يقع الطلاق وأن أضاف إلى جزء معين ير جامع نحو أن يقول شعرك طالق أو صدرك أو فخذك أو رجلك أو يدك او دبرك وما أشبه ذلك لا يقع الطلاق ولو قال هذا الرأس طالق وأشار إلى رأس امراته الصحيح أنه يقع كما لو قال راسك هذا طالق و ولهذا لو قال لغيره بعت منك هذا الراس بألف درهم وأشار إلى رأس عبده فقال المشتري قبلت جاز البيع رجل قال لغيره أخبر امأتي بطلاقها أو بشرها بطلاقها أو احمل إليها طلاقها أو أخبرها أنها طالق أو قل لها أنها طالق طلقت للحال ولا يتوقف على وصول الخبر إليها ولا على قول المأمور ذلك ولو قال قل لها أنت طالق لا يقع الطلاق ما لم يقل لها لاملامور ذلك ولو قال اكتب لها طلاقها ينبغي أن يقع الطلاق للحال كما لو قال احمل إليها طلاقها وكما لو قال اكتب إلى امرأتي أنها طالق * رجل قال لامرأته أنت طالق مثل سخة دائق يقع واحدة ولو قال مثل سنجة دأنق ونصف <458> يقع تطليقتأن وكذا لو قال مثل درهمين يقع واحدة ولو قال مثل ثلاث دراهم يقع طلاقالن فالحاًل أنه إذا شبه الطلاق بما يوزن بسنجة واحدة يقع واحدة وأن شبه بما يوزن بسنجتين يقع تطليقالن وأن شبه بما يوزن بثلاث سنجات أو أكثر يقع الثلاث فالدأنق يوزن بسنجة واحدة وكذلك الدرهمأن ودأنق ونصف دأنق يوزن بسنجتين وكذا ثلاثة دراهم فعلى هذا يخرج هذا الجنس من المسائل إذا جمع بين امرأتي إحداهما صحيحة النكاح والأخرى فاسدة النكاح فقال غحداكما طالق لا تطلق صحيحة النكاح كما لو جمع بين منكوحة واجنبية وقال إحداكما طالق ولو كأن له امرأتأن اسم كل واحد منهما زينب وإحداهما صحية النكاح والأخرى فاسدة(1/225)
النكاح فقال زينب طالق طلقت صحيحة النكاح فأن قال عنيت به الأخرى لا يصدق قضاءً كما لو قال زينب طالق وامرأته زينب طلقت امرأته فأن قال عنيت زينب أجنبية لا يصدق قضاءً وكذا لو قال إحدى امرأتي طالق طلقت صحيحة النكاح ولو جمع بين صحيحة النكاح وفاسدة النكاح فقال طلقت إحداكما طلقت صحيحة النكاح كما لو جمع بين منكوحته وأجنبي فقال طلقت إحداكما طلقت منكوحته النائم إذا طلق امرأته فاخبر بذلك بعد أنتباه فقال أجزت ذلك الطلاق لا يقع وكذا الصبي إذا طلق امرأته أو طلقها أجنبي فأجاز بعد البلوغ * ولو قال النائم بعد الأنتباه أوقعت ذلك الطلاق أو قال جعلت ذلك الطلاق طلاقال يقع الطلاق وكذا الصبي إذا قال ذلك بعد البلوغ * رجل له امرأتأن فقالا لإحداهما أنت طالق أربعاً فقالت الثلاث تكفيني فقال الزوج أو قعت الزيادة على فلأنة لا يقع على لأنة شيء وكذا لو قال الزوج الثلاث لك والباقي لصاحبتك لا تطلق الاخرى * رجل قال امرأته أنت طالق واحدة أو اثنتين يقع واحدة ولفا يخير * رجل قال لامرأته قد طلقك الله أو قال لعبده أعتقك الله ذكر في الواقعأن ِأنه يقع نوى أو لم ينو وذكر في العيون والبقالي أن نوى يقع وإلا فلا إلا إذا سأله الغير وقال طلقتت امرأتك فقال طلقها الله فحينئذ يقع واكذا العتق * رجل قال لامرأته في غضب أو خصومة أي هزار طلاقه بروطلقت ثلاثاً وكذا لوق ال أي طلاق داده طلقت ولو قال أي سه طلقه طلقت ثلثاثاً ولو قال لها بالعربية اذهبي الف مرة ينوي الطلاق طلقت ثلاثاً * رجل طلق امرأته بعد الدخنول واحدة ثم قال بعد ذلك جعلت تلك التطليقة بائنة أو جعلتها ثلثاثاً اختلفت الروايات فيه والصحيح أن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعال يصير بائناً وثلثاً وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا يصير بائناً ولا ثلثاثاً وعلى قول أبي بوسف رحمه الله تعالى يصح جعلها بائناً لوا يصح جعلها ثلثاثاً ولو طلق امرأته بعد الدخول بها واحدة ثم قال في العدة ألزمت امرأتي ثلاث تطليقات بتلك التطليقة أو قال ألزمتها تطليقتين بتلك التطليقة فهو على ما قال وأن قال الزمتها ثلاثاً فهو ثلاث وأن قال ألزمتها <459> تطليقتين فهو اثنتأن ولو طلقها واحدة ثم راجعها ثم قال جعلت تلك التطليقة بائنة لا تصير بائنة لأنه لا يملك إبطال الرجعة ولو قال لا بعد الدخول إذا طلقتك واحدة فهي بائنة أو هي ثلاث فطلقها واحدة فأنه يملك الرجعة ولا يكون بائناً ولا ثلاثثاً لأنه قدم القول قبل نزول الطلاق ولو قال لها إذا دخلت الدار فأنت طالق ثم قال جعلت هذه التطليقة بائنة أو قال جعلتها ثلاثاً قال هذه المقالة قبل دخول الدار لا تلزمه هذه المقالة لأن التطليقة لم تقع عليها إذا قال لامرأته بعد الدخول ترايك طلاق ترايك طلاق ترايك طلاق يقع الثالث كما لو قال لها بالعربية أنت طالق أنت طالق أنت طالق فأنه يقع الثلث ولو قال لامرأته ترا طلاق أو قال دادمت طلاق ونوى الثلاث صحت نيته رجل قال لامرأته تراتلاغ فهذه خمسة ألفاظ إحداهما هذه والثأنية تراطلاغ موالثالثة تراتلاك والرابعة ترا طلاقك والخامسة ترا تلاغ نقل عن الشيخ أبي بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أنه يميز بين العالم والجاهل فقال إذا كأن عالماً لا يقع وأن أن جاهلاً يقع ثم رجل وقال يقع الطلا في هذه المسائل كلها ولا يفرق بين العالم والجاهل لأن العوام يزعمون الكل طلاقالص ولا يميزون ومن الناس من لا يحسن الكلام وقد يقصد الطلاق ويجري على لسأنه ذلك في الغضب والخصومة قيل له فأن كأن الرجل عربياً قال وأن أن عربياً فكذلك لأن من العرب من يذكر الكاف مكأن القالف فأن قال تعمدت ذلك كلياً يقع الطلاق لا يصدق قضاءاً ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن يشهد قبل التلفظ فيقول للشهود أن امرتي تطلب مني الطلاق وأنا لا أريد فأنا أتلفظ بهذا قطعاً لخصومتها ثم يتلفظ بذلك ويسمع الشهود ذلك فأن شهدوا بذلك عند القاضي فحينئذ لا يقضي القاضي بالطلاق وعن الشيخ الإمام هذا قال استفتيت عن تركي قال لامرأته ترا تلاق وفي التركية يقال للطحال تلاق وقال الزوج أردت الطحال وما أردت ب الطلاق فقلت يقع الطلاق ولا يصدق في القضاء فلأن هذا مما يجري على لسأن الناس خصوصاً في الغضب والخصومة فيكون الطلاق واقعاً ظاهراً ولايصدق قضاءً * رجل طلق امرأته أو أعتق عبده أو دبر بالعربية وهو لا يعلم أن كأن يعلم أنه هذا إيقالع الطلاق والعتاق ولكن لا يعرف معنى اللفظ يقع الطلاق والعتاق ويصح التدبير وأن كأن لا يعرف معنى اللفظ وأن كأن لا يعلم أن هذا طلاق أو عتاق إلا أن الرجل لقن أن يقول طلقت امرأتي أو امرأتي طالق فقال ذلك فكذلك الجواب يقع الطلاق والعتاق عن المهر وسيأتي جنس هذا في فصل الخلع أن شاء الله تعالى ولو قال لامرأته أنت طالق أن شاء الله وهو لا يعرف معنى قوله أن شاء الله لا يقع الطلاق لأن الطلاق مع الاستثناء باطل وعلم المرء وجهله فيه سواء قالوا هذا كسكوت البكر لما جعل رضاً شرعاً(1/226)
ولا يفرق بين العلم والجعل <460> وهذا الجواب ظاهر فيما إذا علم أن الاستثناء إذا اقترن بالطلاق يبطل الطلاق وأن لم يعلم ذلك فكذلك الجواب وأن كأن يعرف الاستثناء وقصد إيقالع الطلاق فجرى الاستثناء على لسأنه من غير قصد لا يقع الطلاق أيضاً وروي عن شداد بن حكيم أنه قال اختلفت أنا وخلف بن أيوب في هذه المسألة فقلت الاستثناء صحيح والطلاق باطل وقال خلف رحمه الله تعالى الاستثناء باطل والطلاق واقع قال خلف رحمه الله تعالى فرأيت أبا يوسف رحمه الله تعالى في المنام فقلت له اختلفت أنا وشداد في مسألة فقال لي أبو يوسف رحمه الله تعالى سل فسألته فقال يصح الاستثناء فقلت له لم قال ارأيت لو قال لها أنت طالق فجرى على لسأنه أو غير طالق أكأن يقع الطلاق قلت لا قال فهذه كذلك وروى هشام عن محمد رحمه الله تعالى رجل أراد أن يقول لله عليّ صوم يوم فجرى على لسأنه صوم شهر قال محمد رحمه اله تعالى عليه صوم شهر ولو أراد أن يقول شيئاً فجرى على لسأنه النذر أو الطلاق أو العتاق قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى في النذر يلزمه المنذور به بلا خلاف وفي الطلاق والعتاق يقع الطلاق والعتاق في قول محمد رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق فيما بينه وبين الله تعالى ويقع العتق وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقوع الطلاق والعتاق كما قال محمد رحمه الله تعالى ولو جرى على لسأنه كلمة كفر لا يكفر بلا خلاف * رجل قال لامرأته أنت طالق لونين طلقت اثنتين ولو قال أنت طالق ثلاثة ألوأن طلقت ثلاثاً إذا قال لامرأته أنت طالق أنت أو قال أنت طالق وأنت قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقع واحدة وقال محمد رحمه الله تعالى يقع اثنتأن ولو قال ذلك لامرأتين فقال أنت طالق أنت للمرأة الأخرى أو قال فأن أو قال وأنت يقع الطلاق عليهما امرأة قالت لزوجها طلقني فأبى فقال دادى فقال دادم أن كأن ف قوله دادم ادنى تثقيل لا يقع الطلاق * رجل قال لامرأته اذهبي ألف مة ينوي الطلاق طلقت ثلثاً ولو قال لامرأته المدخول بها أنت طالقف أنت طالق يقع اثنتأن وأن نوى التكرار صدق ديأنة لا قضاءً ولو قال ذلك فغير المدخلو بها تقع واحدة ولو قال لغير المدخول بها أنت طالق واحدة لا بل اثنتين طلقت واحدة * رجل قال لامرأته ترا طلاق أو قال طلاق ترافهي طالق ولا فرق بين التقديم والتأخير ولو قال بالفارسية دادمت يك طلاق وسكت ثم قال دو طلاق وسه طلاق طلقت ثلاثاً أن كأن ذلك بعد الدخول ولو قال ترايك طلاق وسكت ثم قال ودودوطلاق طلقت ثلثاً ولول قال دو طلاق بغير حرف العدو أن نوى العطف طلقت ثلاثثاً وأن لم ينو لا يقع إلا واحد * رجل قال لامرأته تراسه ذكر في النوازل أنها لا تطلق وقال الصدير الشهيد رحمه الله تعالى عندي أنها تطلق قال لامرأته أنت واحدة وهوى به الطلاق يقع واحدة أعرب الواحدة أو لم يعرب ولو قال لامرأته توبسه في حال مذاكرة الطلاق أو الغضب <461> طلقت ثلثاً ولو قال لها في غضب أو خصومة أي هزار طلاقه برّو طلقت ثلثاً وكذا لو قال أي سه طلاقه ولو قال أي طلاق داده يقع واحدة وإذا جرت الخصومة بينها وبين زوجها فقالمت لتخرج فقال الزوج سه طلاق يا خويشتن يبر قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى عن نوى الإيقال يقع وأن لم يكن له نية فكذلك لأنه إيقالع ظاهراً قالت المرأة لزوجها مرامدار فقال الزوج ناداشته كير ونوى الطلاق طلقت ولو قال مراسه طلاق ده فقال الزوج كفته كير قال الشيخ الإمام هذا لا يقع وأن نوى ولو قال لامرأته تراسه طلاق داده ستند لا يقع لأنه ذكر الإيقالع دون الوقوع رجل طلق امرأته فقيل له آشتي نميكني فقال مراشمي شايد لا يكون إقراراً بالثلاث * رجل طلق امراته تطليقتين ثم تزوجها ووفاها مهرها وأخرجها من منزله فقال له رجل لم تعيدها إلى منزلك وهي بعد امرأتك بتطليقة فقال الزوج دو طلاق خودشده است وابن طلاق ديكرشد قال الشيخ الإمام هذا أن أراد به الإيقالع يقع وأن أراد به الإخبار فهي امرأته فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء تقع أخرى * رجل قال لامرأته أنت طالق أكثر من واحدة وأقل من اثنتين قال الشيخ الإمام هذا القياس أن يقع اثنتأن لكن ذكر في اختلاف العلماء أنه يقع الثلاث * رجل قال إحدى امرأتي طالق وليس له إلا امرأة واحدة طلقت امرأته * قال لامرأته أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقال عنيت بالأولى الطلاق وبالثأنية والثالثة افهامها صدق ديأنة وفي القضاء طلقت ثلثاً * رجل قال لامرأته أنت طالق وقال عنيت به الطلاق عن الوثاق صدق ديأنة لا قضاء ولو قال ما عنيت به الطلاق عن النكاح لا يصدق اًلاً وأن صدقته المرأة في ذلك ل يلتفت إلى تصديقها ولو قال أنت طالق من عمل كذا طلقت قضاءاً * رجل قال له غيره ألك امرأة غير هذه فأجاب وقال كل امرأة لي طالق ذكر في النوازل أنه لا تطلق امرأته امرأة قالت لزوجها أتريد أن أطلق نفسي فقال الزوج نعم فقال المرأة طلقت نفسي قال(1/227)
الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى قوله نعم يحتمل الرد يعني طلقي أن استطعت ويحتمل التفويض فأيّ شيء نوى صحت نيته وكذا لو قال رجل لغيره أتريد أن أطلق امرأتك فقال خواهم أو قال هلا يدجه فهو على هذين الوجهين * رجل قال لغيره خواهي تازنت راطلاق كنم فقال الزوج خواهم فقال الرجل دادمشسه طلاق قال بعض المشايخ لا يقع شيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وجعل هذا بمنزلة ما لو قال لامرأته طلقي نفسك فقالت طلقت نفسي ثلثاً لا يق شيء في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولو قال ذلك الرجل دادمش طلاق يقع واحدة وأنما يصح هذا الجواب إذا أراد الزوج تفويض الطلاق إليه أما إذا أراد به الرد لا يقع الطلاق * رجل عرف أنه كأن مجنوناً فقالت له امرأته طلقتني البارحة فقال الزوج اًابني الجنون ولا يعرف ذلك إلا بقوله كأن القول قوله وطلاق المعتوه غير واقع كطلاق المجنون <462> وتكلموا في الفاًل بين المعنوه والمجنون قالوا المجنون من لا يستقيم كلامه وأفعاله إلا نادراً والعاقل ضده والمعتوه من يختلط كلامه وأفعاله فيكون ذلك غالباً وهذا غالباً فكأنا سواءاً وقال بعضهم المجنون من يفعل الأفعال القبيحة عن قصد والعاقل من يفعل ما يفعله المجأنين في الأايين لكن لا عن قصد وأنما يفعل عن ظن الصلاح والمعنوه من يفعل ما يفعل المجأنين في الأحايين لكن عن قصد يفعل ذلك مع ظهور وجه الفساد * رجل طلقال امرأته وهو صاحب برسام فلما صح قال قد لقت امرأتي ثم قال كنت أظن أن الطلاق في تلك الحالة كأن واقعاً قال مشايخنا رحمهم الله تعالى حين ما أقر بالطلاق أن ردّه إلى حالة البرسام وقال قد طلقت امرأتي في حالة البرسام فالطلاق غير واقع وأن لم يردّ إلى حالة البرسام فهو مأخوذ بذلك قضاءص وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى كذلك إذا لم يكن إقراره بذلك في حال مذاكرة الطلاق * رجل قال لامرأته أنت طالق كل يوم مرة وكل يومين مرتين يقع عليها في اليوم الأول واحدة وفياليوم الثايني ثلث أن كأن الطلاق يزيد على الثلاث * رجل قال لامرأته طلقتك آخر تطليقالك ذكر في المنتقى أنها تطلق ثلاثاً ولو قال أنت طالق آخر التطليقات لا يقع إلا واحدة * رجل قال لامرأته أنت طالق إلى سنة يقع الطلاق بعد سنة في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * رجل قال لامرأته في حال مذاكرة الطلاق هزار طلاق بذامنت دركردم طلقت ثلاثاً ولو قال ما نويت به إيقالع الطلاق كأن القول قوله مع يمينه * رجل وقعت الخصومة بينه وبين امرأته فقالت المرأة ضع ثلاث تطليقات ههنا وهناك ثلاث قصبات صغار مما يكون للحائك بلا غزل فأبأن الرجل باًبع رجل واحدة وقال هذا طلاقك ثم وثم حتى نحاها عن أماكنها ثم قال ادفعيه إلى الحائك لينسجه في ثوبك قالوا ينبغي أن لا تطلق امرأته لأنه جعل القصب طلاقال * رجل قال نساء العالم أو نساء الدنيا طوالق لا تطلق امرأته ولو قال نساء هذه البلدة أو هذه القرية طوالق وفيها امرأته طلقت وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى لو قال نساء بغداد طوالق وفيها امرأته لا تطلق وعن محمد رحمه الله تعالى تطلق * رجل قال لامرأته أنت طالق في قول الفقهاء أو في قول القضاء أو في قول المسلمين أو في القرأن أو في قول فلأن القاضي أو فلأن المفتي طلقت قضاءً ولا تطلق فيما بينه وبين الله تعالى ما ىلم ينو * رجل طلق امرأته واحدة أو اثنتين فنسي ولا يدري أنه طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً فقال وىمرأنشايدتا روى ديكرى نه نبيند ثم زعم أنه يحل له أن يتزوجها قالوا لا يصدق قضاءً * رجل قيل له أين فلأنة زن توهست فقال هست وهو يزعم أنه لم يسمع قوله سه طلاقه وأنما سمع أين زن توهست قالوا لا يصدق قضاءً * رجل قال لامرأته قولي أنا طالق لا يقع ما لم تقل ولو قال لغيره قل لها أنها طالق طلقت للحال * رجل قال <462> لامرأته أنت مني ثلاثاً أن نوى الطلاق طلقت ثلاثاً وأن قال لم أنو الطلاق أن كأن ذلك في حال مذاكرة الطلاق لم يصدق قضاءً وأن لخم يكن في حال مذاكرة الطلاق قالوا نخشى أن لا يصدق قضاءً امرأة قالت لزوجها طلقني فأشار إليها بثلاثة اًابع ونوى به ثلاثة اًابع ونوى به ثلاث تطليقات لا تطلق ما لم يتلفظ به وذكر في كتاب الطلاق إذا قال لامرأته أنت طالق وأشار إليها بثلاث اًابع ونهوى به الثلاث ولم يذكر بلسأنه فأنها تطلق واحدة * رجل رأى شخصاً وظن أنها عمرة فقال يا عمرة أنت طالق ولم يشر إلى هذا الشخص فإذا الشخص غير عمرة وامرأته ولو قيل لرجل أطلقت امرأتك فاق عدها مطلقة واحسبها مطلقة لا تطلق امرأته امرأة قالت لزوجها طلقني فقال لست لي بامرأة قالوا هذا جواب يقع به الطلاق ولا يحتاج إلى النية امرأة قالت لزوجها طلقني فقال لها أنت واحدة طلقت واحدة ن رجل طلق امرأته واحة أو اثنتين فدخلت عليه امرأته فقالت طلقتها ولم تحفظه حق أبيها وعاتبته في ذلك فقال الرجل هي ثأنية أو قال الزوج هذه ثالثة تقع أخرى ولو عاتبته ولم تذكر الطلاق فقال الزوج هذه المقالة لا(1/228)
تقع الزيادة غلا بالنية * رجل قال لامرأته أنت طال ونوى به الطلاق يقع الطلاق يقع الطلاق ولو قال أنت طاق لا يقع شيء وأن نوى لأن حذف آخر الكلاام معتاد في العرب وقال الفقيه أبو القالسم رحمه الله تعالى لو أن عجمياً قال ذلك بالفارسية وحذف الحرف الآخر لا يقع وأن نوى لأنه غير معتاد في العجم ولهذا قالوا لو قال لعبده توازا ولم يذكر الذال لا يعتق وأن نوى وقال الصدر الشهيد رحمه الله تعالى لا فرق بين العربية والفارسية إذا نوى صحت نيته وهذا كله إذا قال أنت طال لا بسكر اللام وأن قال بكسر اللام يقع الطلاق وأن لم ينو ويكون الإعراب قالئماً مقالم الحرف هذا إذا لم يكن في حال مذاكرة الطلاق ولا في حال الغضب وأن كأن ذلك في حال مذاكرة الطلاق أو في حالة الغضب يقع لطلاق وأن لم ينو ولو قال أنت طا وسكت أو أخذ أنسأن فمه لا يقع الطلاق وأن نوى لأن العادة ما جرت بحذف حرفين من الكلاق ولو قالت المرأة لزوجها طلقني فقثال دايم أن كأن ذلك في موضع يكون ذلك عرفهم يقع الطلاق امرأة قالت لزوجها كيف لا تطلقني فقال الزوج توخودسرتاباى طلاق كرده قالوا أن نوى الطلاق يقع وإلا فلا قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يقع الطلاق على كل حال لأن معنى كلامه أنت بجميع أجزائك مطلقة ولو قال ذلك يقع الطلاق وأن لم ينو كما لو قال أنت مطلقة * رجل أراد أن يقول لامرأته أنت طالق ثلاثاً فلما قال أنت طالق أخذ أنسأن فمه أو مات يقع واحدة ولو قال أنت طالق ثلاثاً وماتت المرأة بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثاً وماتت المرأة بعد قوله أنت طالق قبل قوله ثلاثاً يقع شيء وكذا لو قال أنت طالق واحدة فصادفها<464> قوله أنت طالق وهي حية وصادفها قوله واحدة وهي ميتة لا يقع شيء * رجل قال لامرأته وهبت لك تطليقك يكون تفويضاً أن طلقت نفسها في المجلس يقع وغلا فلا بخلاف قوله وهبت لك طلاقك فأنه يقع الطلاق وقد ذكرنا إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فقالت المرأة هب لي طلاقي فقال وهبت يريد به ترك الطلاق والإعراض عنه فهي امرأته * رجل قال لامرأته أنت طالق وأنا بالخيار ثلاثة أيام يقع الطلاق ويبطل الخيار * رجل سمى امرأته مطلقة فقال سميتك مطلقة لا يقع الطلاق عليها لا فيما بينه وبين الله ولا في القضاء * رجل قال لامرأته أنت طالق مثل الأساطين أو مثل الجبال أو مثل البحار يقع واحدة بائنة في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقع واحدة رجعية وهذا الجنس يأتي في فصل التشبيه عن شاء الله تعالى * رجل قال لامرأته قبل الدخول بها أنت طالق إحدى وعشرين طلقت ثلاثاً عندنا وقال زفر رحمه الله تعالى يقع واحدة ولو قال واحدة وعشرين أو واحدة وألفاً تقع واحدة في قولهم إلا في رواية عن أبي بوسف رحمه الله تعالى ولو قال أحد عشر طلقت ثلاثاً ولو قال واحدة وعشةر طلقت واحدة * رجل قال لامرأته المدخولة أنت طالق فقالت لا أكتفي بواحدة فقال دوكير أن نوى إثبات الطلاق طلقت ثلاثاً * رجل قال لامرأته أنت توني امراتي فأنت طالق ثلاثاً قالوا أن لم يطلقها تطليقة بائنة عند فراغه من اليمين طلقت ثلاثاً * رجل قال لامرأته أنت طال قمع كل شربة لم تطلاق حتى يشرب ولو قال أنت طالق مع كل تطليقة وكأن ذلك بعد الدخول طلقت للحال ثلاثاً * رجل له بنات ذوات أزواج فقال زوج واحدة منهن دخترترايك طلاق دادم يقع الطلاق على امرأته * رجل قال لامرأته ترايكي أو قال تراسه قال الصدر الشهيد رحمه الله تعالى طلقت ثثلاثاً ولو قال تويكي أو قال توسه قال أبو القالسم رحمه الله تعالى لا يقع الطلا ققال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل أن كأن ذلك في حال مذكرة الطلاق أو في حاللة الغضب يقع الطلاق وأن لم يكن لا يقع غلا بالبينة كما لو قال بالعربية أنت واحدة ولو قال أين زن كه مراست بسه قال أبو نصر الدبوسي رحمه الله تعالى لا يقفع وقال أبو بكر العياضي رحمه الله تعالى أن نوى الطلاق يكون طلاقالص ولو قال لامرأته أنت بثلاث قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أن نوى يقع * رجل قال لامرأته دست بازداشتمت بيك طلاق فقالت المرأة بازكوئ تاكواهأن بشنوند فقال الزود دست بازداشتمت بيك طلاق فلما افترقال قالت له أجنبية زن رادست بازداشتي فقال دست بازداشتمش بيك طلاق قالوا لو قال في المرة الثأنهية والثالثة دست بازداشتم يكون أنشاء <465>فتطلق ثلاثاً إلا إذا قال عنيت بالثأنية والثالثة الإخبار ولو قال دست بازاداشتيم يكون إخبارارً * رجل قال لامرأته توبسه طلاق باش أن إون طلاقال وإلا فلا لأن هذا الكلام محتمل يحتمل أنه أراد بذلك توبسه طلاق ملك مني فلا بد من النية وكذا لو قال أنت بثلاث تطليقات يحتمل ذلك أيضاً إلا أنه غلب استعماله في إيقالع الطلاق حتى لو ظهر ما يدل على أنه أراد به الملك لا يقع * رجل قال لامرأته أنت طالق كذا كذا طلقت ثلاثاً لأن كذا يستعمل في العدد وأقل(1/229)
عددين ليس بينهما حرف العطف أحد عشر فتطلق ثلاثاً * رجل قال لامرأته أنا أستنكف منك كالبزاق في الفم فقالت المرأة فأن كنت تستنكف عنها فارم بها فقال الزوج تف تف ورمى بالبزاق وقال رميت ونوى به الطلاق لا تلطق لأنه لو قالء ونوى به الطلاق لا تطلق فكذا إذا بزق ونوى به الطلاق * رجل قال لاه غيره تزوجت امرأة أخرى فقال نعم فقال له لم طلقت الأولى فقال بالفارسية ازبلات ترا ولم يكن تزوج امرأة أخرى ولا كأن طلق الأولى ولم يرد به الطلاق لا تطلق امرأته * امرأة قالت لزوجها طلقني ثلااثاً فقال الزوج اينك هزار طلاق لا تطلق ارمأته لأنه كلام محتمل * رجل قال لامرأته لا تخرجي من الدار بغير إذني فأني حلفت بالطلاق فخرجت بغير إذنه لا تطلق لأنه لم يذكر أنهحلف بطلاقها فلعله حلف بطلاقغيرها فكأن القول قوله * رجل له أربع نسوة فقال لواحدة أنت ثم أنت للمرأة الأخرى ثم أنت للمرأة الأخرى ثم أنت طالق للرابعة طلقت الرابعة لأنه جعل الطلاق نعتاً للرابعة * رجل قال طالق فقيله له من عنيت فقال امرأتي طلقت امرأته * رجل قال امرأة طالق أو قال طلقت امرأة ثلاثاً وزقال لم أعنن به امرأتي يصق ولو قال عمرة طالق وامرأته عمرة وقال لم أعن به امرأتي يدق ولو قال عمرة طالق وامرأته عمرة وقال لم أعن به امرأتي طلقت امرأته ولا يصدق قضاءاً وكذا لو قال بنت فلأن طالق ذكر اسم الأب ولم يذكر اسم المرأة وامرأته بنت فلأن وقال لم أعن به امرأتي لا يصجق قضاءً وتطلق امرأته كما لو ذكر اسم امرأته ولو قال عمرة طالق وامراته عمرة طلقت امرأته ولا يصدق قضاء\ص في صرف الطلاق عنها وكذا لو لم ينسبها إلى أبيها وأنما نسبها إلى أمها أو إلى ولدها تطلق المرأته وكذا لو أخذته أم امرأته وقالت لا أدعك تخرج إلى السفر حتى تطلق ابنتي فقال دخترتراسه طلاق وقال لم أنو امراتي طلقت امرأته قضاءً * رجل قال المرأته في الغضب ارتوزن من سه طلاق وحذف الياء لا تطلق ارمأته لأنه ما أضاف الطلاق إليها * رجل بين يديه امرأة متلففة فقيل له هذه المتلففة امرأتك ثم قيل له احلف بثلاث تطليقات أن لم تكن لك امرأة سوى هذه افحلف بثلاث تطليقات أن ليست له امرأة سوى هذه وكانت المرأة المتلففة أجنبية اختلفوا فيه والفتوى على أنه تطلق امرأته قضاءً وكذا لو تزوج امرأة ببلخ فذهبت المرأة بغير علمه إلى ترمذ ثم حلف أن كانت له امرأة بترمذ <466> فهي طالق طلقت امرأته * رجل أكل خبزاً وشرب خمراً ثم قال نأن خورديم ونبيذ خورديم زنأن ما بسه ثم قال له رجل بعدما سكت بسه طلاق فقال الرجل بسه طلاق لا تطلق امرأته لأنه لما فرغ عن الكلام وسكت ساعة كأن هذا ابتداءً كلام ليس فيه إضافة إلى شيء * رجل قال لمديونه امرأتك طالق أن لم تقض حقي اليوم فقال المديون ناعم ولم يرد به الجواب فقال له رب الدَّين قل نعم فقال نعم يريد به جوابه كانت اليمين لازمة له لأنه إذا لم يتخلل بينهما شيء طويل ولم يأخذ في كلام آخر كأن الكل كلاماً واحداً * رجل قال لغيره زن أزتوبسه طلاق كه اين كارنكرده فقال بهزار طلاق يكون جواباً حتى لو لم يكن هذا الشخص فعل ذلك الأمر لا يقع الطلاق * رجل قال له غيره هل لك امرأة إلا طالق فقال لا طلقت امرأته ولو قال نعم لا تطلق لأن في المسألة الأولى يكون قالئلاً لست امرأتي إلا طالقالص ولو قال ذلك طلقت امرأته وأما في المسألة الثأنية صار قالئلاً امرأتي غير طالق ولو قال كذلك لا تطلق * رجل حكى يمين رجل أن دخلت الدار فامراتي طالق فلما أنتهى الحاكي إلى ذكر الطلاق خطر بباله امرأته قالوا أن نوى عند ذكر الطلاق ترك الحكاية واستئناف الطلاق وكأن كلامه يصلح إيقالعاً للطلاق على امرأته يقع وأن لم ينو الاستئناف لا يقع ويكون كلامه محمولاً على الحكاية * رجل قال لامرأته أنت طالق وسكت ثم قال ثلاثاً" أن كأن سكوته لأنقطاع النفس تطلق ثلاثاً وأن لم يكن لأنقطاع النفس تقع واحدة لأن السكوت لأنقطاع النفس لا يفصل * رجل قال لامرأته أنت طالق وسكت فقيل له كم فقال ثلاثاً قال أبو يوسف رحمه الله خاصة فأن عنده إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ونوى الثلاث صحت نيته ويحتمل أن هذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى فأن عنده إذا طلق الرجل امرأته ثم قال جعلتها ثلاثاً يصير ثلاثاً * رج لقال لامرأته أنت طالق واحدة فقالت له هزار فقال هزار ينوي الإيقالع فهو على ما نوى * رجل قال لامرأته أنت طالق ما لا يقع عليك أو ما لا يجوز عليك طلقت واحدة وكذا لو قال أنت طالق ثلاثاً لا يقعن عليك أو لا يجزن طلقت ثلاثاً * رجل قال لامرأته أنت طالق في مكة وهما في غير مكة طلقت للحال وكذا لو قال أنت طالق في ثوب كذا وهي في ثوب آخر يقع للحال ولو قال أنت طالق في الليل والنهار طلقت واحدة ولو قال أنت طالق في الليل وفي النهار يقع اثنتأن ولو قال لامرأته في الليل أنت طالق في ليلك و نهارك طلقت للحال ولو قال لامرأته في الليل أنت طالق في نهارك وليلك طلقت غداً ولو قال أنت طالق(1/230)
غداً اليوم طلقت غداً ويبطل ذكر اليوم ولو قال أنت طالق اليوم غداً لقت في الحلا * والأصل فيه أنه إذا ذكر وقتين ليس بينهما حرف العطف يقع الطلاق في الوقت المذكور أولاً ويبطل ذكر الثأني ولو قال لها أنت طالق اليوم وإذا جاء غد يقع للحال واحدة فإذا جاء <467> غد وهي في العدة يقع أخرى * رجل قال في شعبأن أنت طالق في شعبأن أنت طالق في رمضأن تطلق حين تغرب الشمس من آخر يوم من شعبأن ولو قال أنت طالق في غد تطلق حين يطلع الفجر من الغد ولو قال أن طالق في الصيف أو في الشتاء أو في الخريف لا يقع الطلاق إلا في الوقت المذكور وتكلموا في معرفة هذه الأوقالت قال بعضهم الصيف ما لا يحتاج فيه إلى الحشو والوقود والشتاء ما يحتاج فيه على الحشو والوقود والربيع والخريف ما يحتاج فيه إلى الحشو لا إلى الوقود إلا أن الربيع يكون في آخر الشتاء والخريف يكون في آخر الصيف وقال بعضهم الصيف ما يكون فيه على الأشجار أوراق وثمار والربيع ما يكون فيه عليها الأوراق دون الثمار وكذا الخريف * رجل اشترى منكوحته لا يقع عليها الطلاق معلقال كأن أو منجزاً ما دامت مملوكة له وكذا لو كأن آلى منها ثم اشتراها ثم أنتهيت مدة الإيلاء لا يقع عليها الطلاق ولو أعتقها بعدما اشتراها وقع طلاقه عليها معلقالص كأن أو منجزاً ولو علق العبد طلاق امرأته الحرة بشرط أو قال لها أنت طالق للسنة ثم ملكت المرأة زوجها فطلقها أو وجد شر الطلاق المعلق أو جاء وقت السة يقع عليها الطلاق ما دامت في العدة * رجل قال لامرأته أنا منك طالق ونوى به الطلاق لا يقع ولو قال أنا منك بائن وأنا عليك حرام ونوى به الطلاق يقع * المرتد إذا لح بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع فأن عاد مسملماً وهي في العدة يقع والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب فطلقها زوجها ثم عادت إلى دار الإسلام مسلمة قبل الحيض عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقع طلاقه وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى يقع والله أعلم {فصل في الكنايات والمدلولات} الكناية ما يحتمل اللا ولا يكون الطلاق مذكوراً نصاً وهي ثلاثة أقسام والأحوال ثلاثثة حالة مطلقة وهي حالة الرضا وحالة مذاكرة الطلاق وهي أن تسأل المرأة طلاقها أو يسأل غيرها طلاقها وحالة الغضب والخصومة ففي حالة الرضى لا يقع الطلاق بشيء من الكنايات إلا بالنية ولو قال لم أعن به الطلاق كأن القول قوله وفي حالة مذاكرة الطلاق يقع الطلاق بثمأنية ألفاظ ولو قال لم أنو الطلاق لا يصدق قضاءً وهي قوله أنت خلية برية بتة بائن حرام اعتدى أمرك بيدك اختاري وفي حالة الغضب يقع الطلاق بثلاثة من هذه الثمأنية وإذا قال لم أنو الطلاق لا يصدق قضاءً لأنها تصلح للشتم فتحمل على الشتم في الغضب والخصومة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا قال لم أنو الطلاق لا يصدق كما لا يصدق في حالة مذاكرة الطلاق وعن أبي بوسف حرمه الله تعالى في الإملاء أنه الحق بهذه الخمسة أربعة أخرى لا ملك لي عليك لاا سبيل لي عليك خليت سبيلك الحقي بأهلك لو قال ذلك في حال مذاكرة الطلاق أو في الغضب وقال لم أنو <468> به الطلاق يصدق قضاءً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا يصدق فيما سوى ذلك من الكنايات نحو قوللك حبلك على غاربك تقنعي تخمري استتري قومي اخرجي اذهبي أنتقلي اتنطلقي تزوجي اغربي لا نكاح لي عليك وهبتك لا هلك قبل الاهل أو لم يقبل لا يقع الطلاق إلا بالنية وإذا قال لم أنو الطلاق كأن مصدقال وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى لو قال وهبتك لأهلك أو لأبيك أو لأمك أو للأزواج ونوى الطلاق يقع ولو قال وهبتك لخالك أو لأخيك أو لأختك أو لفلأن الأجنبي لا يقع الطلاق وأن نوى وكذا لو قال لا حادة لي فيك وعن محمد رحمه الله تعالى لو قال لها افلحي ونوى الطلاق يكون طلاقال ولو قال في حالة مذاكرة الطلاق فارقتك أو باينت كأو أبنتك أو أبنت منك أو لا سلطأن لي عليك أو سرحتك أو هوبتك لنفس أو تركت طلاقك أو خليت سبيل طلاقك أو سيبتتك أو أنت سائبة أو أنت حرة أو أنت أعلم بشأنك فقالت اخترت نفسي يقع الطلاق وأن قال لم أنو الطلاق لا يصدق قضاءً ولو قال لها لا نكاح بيني وبينك أو قال لم يبق بيني وبينك نكاح و قال فسخت تكاحك يقع الطلاق إذا نوى ولو قالت امرأة لزوجها است لي بزوج فقال الزوج صدقت ونوى به الطلاق يقع في قول أبي حنيفة رحه الله تعالى ولو قال لها تومراجيمى نباشى وكرر ذلك لا يكون طلاقال وكذا لو قال تومراكسنى نهء ولو قال لم يبق بيني وبينك عمل يقع الطق إذا وكذا لو قال أنا بريء من نكاحك يقع الطلاق إذا نوى وكذا لو قال أنا بريء من نكاحك يقع الطلاق إذا نوى ولو قال لا حاجة لي فيك ونوى الطلاق لا يقع وكذا لو قال مرابكار نيستي وكذا لو قال ما أريدك ولو قال لها ابعدي عني ونوى الط ق يقع ولو قال لها اذهبي فبيعي هذا الثوب أو اذهبي فتقنعي أو قومي فكلي ونوى الطلاق بقوله اذهبي وبقوله قومي لا يقع الطلاق ولو قال لها أربع طرق عليك مفتوحة(1/231)
ونوى الطلاق لا يقع غلا أن يقول أربع طرق عليك مفتوحة فخذي في أي طريق شئت فحينئذ يقع الطلاق إذا نوى ولو قال جهارراه برتوكشادم لا يقع الطلاق ما لم ينو ولو قال توبسه بارايدون وقال لم أنو الطلاق كأن القول قوله ولو قالت المرأة لزوجها طلقني فقال لا أفعل فقالت أن لم تطلقني أذهب وأتزوج فقال الزوج خواهي شوى كن وخواهي دوست لا يقع الطلا ق لأن هذا إظهار قلة المبالاة ظن الرجل أن نكاح امرأته وقع فاسداً فقال تركت هذا النكاح الذي بيني وبين امرأتي ثم ظهر أن نكاحهما كأن صحيحاً لا تطلق امرأته ولو قال لامرأته أنا بريء من طلاقك لا يكون طلاقال ولو قال برئت إليك من طلاقك يقع الطلاق ونوى أو لم ينو ولو قال أن بريء من ثلاث تطليقاتك قال بعضهم يقع الطلاق إذا نوى وقال بعضهم لا يكون طلاقال وأن نوى وهو الظاهر قالت له امرأته كرأن نخريده بعيب بازده فقال بازدادم قالوا لا يقع الطلاق ولو قال أب المرأة لزوجها كرأن نخريده ازمن بمن بازده قال بتو بازدادم يقع الطلاق إذا نوى كأنه قال لها ألحقي باهلك ولو قال لها <469> أنت السراح فهو كما لو قال لها أنت خلية قالت المرأة لزوجها طلقني فقال الزوج أن شئت ألف مرة لا يقع شيء ولو قال بيزارخ ازن وازخواسته عن نوى طلاقال يكون طلاقال وإلا فلا والواقع بالكنايات بائن عندنا إلا الواقع بثلاثة اعتدي استبرئي رحمك أنت واحدة فأنه يقع بها واحدة رجعية وأن نوى الثلاث بكالنايات تصح نيته إلا في أربعة اعتدي استبرئي رحمك أنت واحدة اختاري فقالت اخترت نفسي فأنه لا تصح نية الثلاث في هذه الأربعة ولا تصح نية الثنتين في الكنايات ولو أوقع الطلاق بالفارسية فقالت دست بازداشتمت ونوى الطلاق قال بعضهم هو تفسير قوله خليبت سبيلك لا يقع الطلاق ما لم ينو وغذا نوى يقع واحدة رجعية وقال بعضهم هو تفسير قوله طلقتك يقع الطلاق بلا نية وتكون رجعية وقال الفقيه أوب الليث والشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمهما الله تعالى تقع واحدة بائنة ولا يصدق أنه لم ينو الطلاق وعليه الفتوى ولو قال باي كشاده كردمت تقع واحدة رجعية في قولهم ولا يحتاج إلى النية لأنه تفسير قوله طلقتك ولو قال بيك طلاق دست بازدا شتمت يكون رجعياً ولا يصدق أنه لم ينو الطلاق ولو قال جنك بازداشتم إزتق ونوى الطلاق قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقع واحدة بائنة وقال غيره يقع واحدة رجعية والأول اًح وفي فتاوى النسفي لو قال لها ترابله كردم أورها كردم أودست بازداشتم أو قال تراهشتم لا يقع الطلاق ما لم ينو وكذا لو قال دست بازداشتمت أورها كرها كردمت ولو نوى الطلاق في قوله رها كردمت أوباله كردمت يقع واحدة بائنة وفي قوله رها كردمت أوباله كردمت يقع واحدة بائنة وفي قوله دست بازداشتمت يقع واحدة رجعية وأن قرن الطلاق بهذه الألفاظ نحو أن يقول دست بازداشتمت بيك طلاق يقع واحدة رجعية ويكون العمل للطلاق كما لو قال أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري نفسك بتطليقة فاختارت نفسها يقع واحدة رجعية ولو قال بهشم أو بهشتم اززني لا يقع الطلاق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأن كأن ذلك في ذكر طلاق أو خصومة وإذا نوى الطلاق يقع واحدة رجعية وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى أنه حين خالط العجم وجد هذا صريحاً في العجم فقال يقع الطلاق وأن لم ينو في أي حال كأن ولا يدين قضاء أنه عنى به الترك للخروج وأن نوى بائناً أو ثلاثاً فهو على ما نوى لأنه يحتم ذلك في لغتهم * رجل قال لمنكوحته الأمة أنت بائن ونوى الثنتين صحت نيته ولو قال ذلك لحرة طلقها واحدة ونوى الثنتين يقع واحدة * رجل قال لامرأته اعتدي اعتدي اعتدي وقال نويت بالكل تطليقة واحدة دين فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء تطلق ثلاثاً ولو قال عنيت بالأولى الطلاق ولم أعن بالباقيتين شيئاً طلقت ثلاثاً ولو قال لم اعن بالأولى شيئاً ونويت بالثأنية والثالثة الطلاق فهما تطليقتأن رجعيتنا ولو قال لم أعن بالأولى والثأنية شيئاً ونويت بالثالثة الطلاق فهي تطليقة رجعية ولو قال لم أعن بالأولى والثالثة شيئاً ونويت بالثأنية الطلاق وطلقت ثنتين ولو قال عنيت بالأولى الطلاق وبالباقيتين العدة صحت نيتسه ولو قال <470> عنيت بالأولى وبالثأنية الطلاق وبالثالثة العدة صحت نيته أيضاً ولو قال اعتدي وكرر ذلك مراراً وقال عنيت به الحيض يصدق قضاء ولو قال أنت طالق فاعتدي وقال عنيت به العدة صحت نيته وأن عنى به تطليقة أخرى أو لم ينو شيئاً فهي تطليقة أخرى وكذلك لو قال واعتدي أو قال اعتدي بغير حرف العطف وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى لو قال أنت طالق فاعتدي ولم ينو شيئاً فهي واحدة ولو قال واعتدي أو قال بغر حرف العطف يقع أخرى * رجل قال لامرأته في وسط النهار أنت طالق أول هذا اليوم وآخره فهي واحدة ولو قال آخر هذا اليوم وأوله طلقت ثنتين لأن الطلاق الواقع في أول اليوم يكون واقعاً في آخره فلا يقع إلا واحدة أما إذا بدأ بآخر اليوم والطلاق في آخر اليوم يكون(1/232)
واقعاً أوله فيقع طلاقالن وكذا لو قال أنت طالق غداً واليوم يقع طلاقالن ولو قال اليوم وغداً لا يقع إلا طلاق واحد ولو قال أنت طالق اليوم وأمس يقع طلاقالن ولو قال أنت طالق اليوم وبعد غد طلقت ثنتين في قول أبي حنيفة وأبي بوسف رحمهما الله تعالى * رجل قال لامرأته أنت طالق كألف أن نوى ثلاثاً فثلاث وأن لم ينو شيئاً فهي واحدة بائنة في قول أبي حنيفة وأبي بوسف الآخر رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى هي في القضاء ثلاث ولو قال أنت طالق واحدة كالف ونوى الثلاث أو لم ينو فهي واحدة بائنة في قولهم ولو قال أنت طالق كعدد الألف أو كعدد الثلاث فهي ثلاث في القضاء ولو قال أنت طالق كثلاث فهي ثلاث ولو قال أنت طالق حتى يتم ثلاث فهي ثلاث ولو قال حتى أكمل لك ثلاثاً أو حتى أوقع عليك ثلاثاً فهي واحدة ولو قال أنت طالق ملء البيت ولم ينو شيئاً فهي واحدة بائنة ولو قال أنت طالق مثل الجبل أو مثل حبة خردل فهي واحدة بائنة في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي قول أبي بوسف رحمه الله تعالى واحدة رجعية ولو قال مثل عظم الجبل أو كعظم الجبل أو شبه بصغير أو كبير فهي واحدة بائنة وأن نوى ثلاثاً فثلاث ولو قال أنت طالق هكذا وأشار باًبع واحدة فهي واحدة وأن أشار باًبعين فهي ثنتأن وأن أشار بثلاث فهي ثلاث والمعتبر فيه الاًابع المنشورة دون المضمومة فأن قال عنيت الكف أو المضموم لا يصدق قضاء ولو قال أنت طالق مثل هذا وأشار إلى ثلاثة اًابع ونوى ثلاثاً فثلاث وأن نوى واحدة * { فصل في طلاق من لا يعقل } * طلاق المكره واقع عندنا خلافاً للشافعي رحمه اله تعالى وكذا طلاق السكرأن من الخمر أو النبيذ وقال الكرخي والطحاوي وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى طلاق السكرأن غير واقع ولو أكره على شرب الخمر أو شرب الخمر لضرورة وسكر وطلق اختلفوا فيه والصحيح أنه كما لا يلزمه الحد لا يقع طلاقه ولا ينفذ تصرفه وعن محمد رحمه الله تعالى إذا شرب النبيذ ولم يوافقه فارتفع بخاره وصدع وزال عقله بالصداع لا بالشرب فطلق امرأته لا يقع ولو زال عقله <471> بالشرب أو ضرب هو على رأسه حتى زال عقله فطلق لا يقع طلاقه وأن شرب من الأشربة المتخذة من الحبوب والفواكه والعسل إذا طلق أو أعتق اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى الصحيح أنه كما لا يلزمه الحد لا ينفذ تصرفه وطلاق اللاعب والهازل واقع ومن زل عقله بالبنج أو لبن الرماك لا ينفذ طلاقه وعتاقه * { فصل في الطلاق بالكتابة } * الكتابة على نوعين مرسومة وغير مرسومة نعني بالمرسومة أن يكون مصدراً معنوناً مثل ما يكتب إلى غائب وغير المرسومة أن لا يكون مصدراً معنوناً وهو على وجهين مستبينة وغير مستبينة فالمستبينة ما يكتب على الصحيفة والحائط والأرض على وجه يمكن فهمه وقراءته وغير المستبينة ما يكتب على الهواء والماء وشيء لا يمكن فهمه وقراءته ففي غير المستبينة لا يقع الطلاق وأن نوى وأن كانت مستبينة لكنها غير مرسومة أن نوى الطلاق يقع وإلا فلا فأن كانت مرسومة يقع الطلاق نوى أو لم ينو ثم المرسومة لا يخلو إما أن أرسل الطلاق بأن كتب أما بعد فأنت طالق فلما كتب هذا وقع الطلاق وتلزمها العدة من وقت الكتابة وأن علق طلاقها بمجيء الكتاب بأن كتب إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق فأن لم يجئ إليها الكتاب لا يقع وأن كتب إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق وكتب بعد هذا حوائج فجاءها الكتاب وقرأت أو لم تقرأ يقع الطلاق وأن بدا له بعدما كتب فمحا الحوائج وترك إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق فجاءها الكتاب وقع الطلاق لأن قوله كتابي هذا غشارة على ما كتب قبل الطلاق وإذا وصال إليها ذلك وقع الطلاق وأن بدا له بع ما كتب فمحا إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق وترك الحوائج فوصل غليها ذلك لا يقع الطلاق لأن شرط وقوع الطلاق أن يصل إليها ما كتب قبل قوله هذا فإذا محا ذلك لم يصل غليها ما يتعلق به الطلاق هذا إذا كتب الحوائج بعد الطلاق فأن كتب الحوائج أو لا ثم كتب بعدها إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق ثم محا الحوائج قبل قوله إذا جاءك كتابي هذا ولم يصل غليها ذلك وأن محا قوله إذا جاءك كتابي هذا وترك ما قبله أو وصل إليها ذلك وقع الطلاق فالحاًل أن ما كتب قبل قوله كتابي هذا اًل وما بعده تبع والعبرة للاًل دون التبع ولأن الكتاب ينسب إلى المهم والمهم ما يبدأ بذكره ولو كتب الطلاق في وسط الكتاب وكتب قبله وبعده حوائج ثم محا الطلاق وبعث الكتاب غليها وقع الطلاق كأن الذي قبل الطلاق أقل أو أكثر وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى كذلك أن كأن ما قبل الطلاق أكثر وأن كأن الأكثر ما بعد الطلاق لا تطلق وأن كأن فصل الطلاق في آخر الكتاب فمحا ما قبل الطلاق أو محا أكثر ما قبل الطلاق من الكلمات وترك فصل الطلاق لا تطلق * رجل كتب إلى امرأته كل امرأة لي غيرك وغير فلأنة طالق ثم محا اسم فلأنة وبعث الكتاب إليها لا تطلق فلأنة ولو كتب إلى أمرأته أما بعد أنت طالق ثلاثاً أن(1/233)
شاء الله أن كأن موصولاً <472> بكتابته لا تطلق وأن كتب الطلاق ثم فتر فترة ثم كتب أن شاء الله تعالى طلقت امرأته لأن الكتاب من الغائب بمنزل الخطاب من الحاضر وفي الخطاب يعتبر الاستثناء موصولاً ولا يعتبر مفصولاً ولو كتب إلى امرأته إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق ووصل الكتاب إلى أبيها فأخذ الأب ومزق الكتاب ولم يدفعه إليها أن كأن الأب متصرفاً في جميع أمولاها وقع الطلاق لأن وصول الكتاب على الأب وهو تصرف في أمولها كوصول الكتاب إليها وأن لم يكن كذك لا يقع الطلاق ما لم يصل إليها وأن أخبرها الأب بوصول الكتاب غليه فأن دفع الأب الكتاب إليها وهو ممزق أن كأن يمكن فهمه وقراءته يقع الطلاق عليها وإلا فلا * رجل أكره بالضرب والحبس على أن يكتب طلاق امرأته فلأنة بنت فلأن ابن فلأن فكتب امرأته فلأنة بنت فلأن بن فلأن طالق لا تطلق امرأته لأن الكابة أقيمت مقالم العبارة باعتبار الحاجة ولا حاجة ههنا * الأخرس إذا كأن لا يكتب وله إشارة معروفة في التصرفات في القياس لا ينفذ شيء من تصرفاته من الطلاق والعتاق والبيع ونحوه كما لا ينفذ من المريض الذي ثقل لسأنه بمرض وهو قول مالك وابن أبي ليلى رحمهما الله تعالى وعندنا تثبت هذه التصرفات بإشارته المعهودة كما تثبت بكتابته لأنه لا يرجى منه العبارة فتقالم الإشارة مقالم العبارة كما تقالم الكتابة مقالم العبارة والله أعلم {باب التعليق} رجل قال لامرأته أتريدين أن أطلقك فقالت نعم فقاله لها أكرتوزن مني بك طلاق وسه طلاق وهزار طلاق قومي واخرجي من عندي وهو يزعم أنه لم يرد به الطلاق كأن القول قوله لأنه لم يضف الطلاق إليها * رجل قال لامرأته أكرتوبخاته مادرروي ترا طلاق فذهبت إلى باب دارها ولم تدخل اختلف المشايخ فيه والصحيح أنها لا تطلق لأنه يريدون بهذا المنع عن الدخول فلا تطلق بدونه *- رجل قال لامرأته أكرتوباسكي حرام كني فأنت طالق فأبأنها ثم جامعها في العدة قالوا على قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى تطلق امرأته وجعلوا هذا فرعاً لما لو قال لامرأته كل امرأته أتزوجها فهي طالق ثم أبأنها ثم تزوجها طلقت عندهما لعموم اللفظ ولا تطلق عند أبي بوسف رحمه الله تعالى وبهأخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى لأن الظاهر أنه لا يريدها بهذا اليمين * رجل قال لغيره زن وي أزوي بسه طلاق أكرتومهمأن من بنائي قال الفقيه أبو جعفر رحمه الل تعغالى في هذا تعليق صحيح كأنه قال أن لم تجئ إليّّ ضيفاً فامرأتي طالق وكذا لو أتهم امرأته برفع شيء فقال توازمن بسه طلاق أكرتواين نه برداشته أيولم تكن رفعت تطلق ثلاثاً لأنه تعليق الطلاق بعدم الرفع عرفاً رجل قال أكرمراجز فلأنة زن باشد هزار طلاق دادم او قال لأجنبية أكرجزازتوزن كنم أو قال اكرجزتومرازن باشد فهي طالق فتزوج امرأة ثم تزوج أخلى طلاق الأولى دون الثأنية لأنه إذا لم يقل هرزني له مراجزتوبود لا يدخل في هذا اليمين إلا امرأة واحدة فإذا تزوج الأولى حنث ووقع الطلاق وأنتهت اليمين فلا تطلق <473> الثأنية وكذا لو قال أكرمرا بدين جهأن رن بودسة طلاق فتزوج امرأة طلقت فأن تزوج أخرى لا تطلق الثأنية لأن هذا اليمين لم يتناول إلا امرأة واحدة * رجل قال لامرأته بوهزار طلاق كر فلأن كاركني وأراد به التعليق قالوا لا يتعلق ولا يكون تنجيزاً ولو قال كر فلأن كاركني هزار طلاق وأراد به التعليق كأن تعليقال وعند المتأخرين يتعلق في وجهين لأنه أنما جعل تعليقال في تقديم الشرط بإضمار الخطاب فيه فينبغي أن يجعل تعليقالص في تاخير الشرط وبإضمار الخطاب أيضاً * رجل قال أكرمن هزكز كشت كنم بهذه القرية فامرأتي طالق قالوا أن زرع فيها زرعاً أو فاليزا أو قطناً كأن حأنثاً وأن سقى زرعاً أو حصده لا يكون حأنثاً * وكذا إذا كرب ولم يبذر لا يحنث * ولو دفع إلى غيره مزارعة أو استأجر أجيراً فزرع أجيره أن كأن الحالف ممن يباشر ذلك بنفسه لا يحنث إلا أن يعني أن لا يأمر غيره بذلك فحينئذ يكون حأنثاً * وأن زرع غلامه أو أجيره الذي كأن يعمل له ذلك قبل اليمين حنث في يمينه إلا أن يعني عمله بنفسه * رجل قال لامرأته أنت طالق كماين كاردرده أم أو قال كماين كارنكرده أم وهو صادق فيما يقول اختلف المشايخ فيه قال عامتهم منهم الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى هذا تنجيز وليس بتعليق إلا أن يكون ذلك في موضع لا يكون تعليقهم إلا بهذا اللفظ وقال بعضهم هو تعليق والذي يصحح هذا القول ما روي عن أبي بوسف رحمه الله تعالى * رجل قال لامرأته أنت طالق أن دخلت الدار فهو يمين كأنه قال دخلت الدار أن لم أكن دخلته فامرأته طالق * وتفسير ذلك بالفارسية زن أوزى بطالق كه أين كاردره إسبت فأن كأن فعل ذلك الفعل لا يحنث وأن لم يكن فعل حنث في يمينه وفي عرفنا يستعمل هذا في التعليق فأن القاضي يححلف المدعى عليه بالله تعالى كه ترا أين مال دادني نيست بوى * رجل قال لامرأته أنت طالق لا دخل الدار فهو كقوله أنت(1/234)
طالق أن كنت دخلت * ولو قال أنت طالق دخلت الدار طلقت للحال لأنه لم يوجد منه ما يكون تعليقالص * رجل قال لامرأته أنت طالق لو دخلت الدار لأطلقك فهو حلف بطلاقها أن لم يطلقها إذا دخلت الدار كأنه قال إذا دخلت الدار أطلقك فأن لم أطلقك فأنت طالق فأن دخلت الدار يلزمه أن يطلقها فأن لم يطلقها حتى تموت المرأة أو يموت الزوج يقع الطلاق وهو بمنزلة ما لو قال أن دخلت الدار فعبدي حر أن لم أضربك * رجل قال لامرأته ادخلي الدار وأنت طالق فدخلت طلقت * وذا لو اقل ذلك لعبده لأن جواب الأمر بحرف الواو كجواب الشرط بحرف الفاء * ولهذا لو قال لعبده أدّ إليّ ألفاً وأنت حر كأن تعليقال بأداء الالف * رجل حلف بالفارسية وقال هر كاء كه من أين كاركنم فكذا * فهذه جملة ألفاظ الفارسية هر وقت وهو كاه وهر جه كاه وهر زمأن وهمي وهميشه وهر بارفي واحدة منها يتكرر الحنث بتكرار <474> الفعل في قولهم وهو قوله هربار كما لو قال بالعربية كلما دخلت الدار فامرأته طالق فدخل الدار مراراً يتكرر الطلاق بكرر الدخول وفيما سواها من ألفاظ هرزمأن وهركاه لا يتكرر الحنث بتكرار الفعل ولا يحنث إلا مرة واحدة كما لو قال متى دخلت الدار أو متى ما دخلت الدار فامرأته طالق فأن لا يحنث إلا مرة واحدة وقال بعضهم في قوله هر زمأن وهركاه يتكرر الحنث بتكرر الفعل لأن قوله هر تفسير قوله كل وكلما فيوجب الإحاطة والتعميم وقال بعضهم لا يتكرر الحنث إلا في قوله هربار وعليه الاعتماد * وذكر محمد بن مقالتل الرازي في ترجمة قوله هربار وهرزمأنوهركاه شبيه بكل مرة وبكلما فيحنث في كل مة * وقوله إكراره مثل قوله أن دخلت الدار ولو دخلت فلا يحنث إلا مرة واحدة قوله همي على وزن متى فلا يحنث به إلا مرة * وكذا قوله هميشه مثل قوله همي ومعناهما واحد كما أن متى ومتى ما واحد لا يحنث فيهما إلا مرة واحدة * رجل قال كلما قعدت عندك فامرأته طالق فقعد عنده ساعة طلقت ثلاثاً لأن الدوام على القعود وعلى كلم ما يستدام بمنزلة الأنشاء * ولو قال كلما ضربتك فأنت طالق فضربها بيديه جميعاً طلقت ثنتين وأن ضربها بكف واحد لا تطلق إلا واحدة وأن وقعت الاًابع متفرقة لأن في اليدين تكرار الضرب لأن الضرب بكل يد ضربة على حدة فكأن ذلك بمنزلة الضرب بضغث واجدة ند أما في الوجه الثأني لم تتكرر الضربة لأن الاًل في الضرب هو الكف والاًابع تابعة لها فلم يتعدد الضرب * رجل قال لامرأته كلما طلقتك فأنت طالق فطلقها واحدة يقع طلاقالن طلاق بالتعليق وطلاق بقوله كلما طلقتك فأنت طالق * ولو قال كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق فطلقها واحدة طلقت ثلاثاً * ولو قال إذا طلقتك واحدة فهي بائن أو قال فهي ثلاث فطلقها واحدة بعد الدخول طلقت واحدة رجعية في قوله فهي بائن * وكذا في قوله فهي ثلاث ولو قال إذا طلقتك فأنت طالق وإذا لم أطلقك فأنت طالق فلم يطلق حتى مات طلقت ثنتين في آخر جزء من أجزاء حياته لأنه لما لم يطلق صار حأنثاً في اليمين الثأنية فيقع عليها طلاق واحد وإذا حنث في اليمين الثأنية صار حأنثاً في اليمين الأولى فيقع عليها تطليقة أخرى * ولو قال أولاً إذا لم أطلقك فأنت طالق ثم قال وإذا طلقتك فأنت طالق فلم يطلق حتى مات
وقعت تطليقة واحدة باليمين الأولى وما يقع باليمين الأولى وهو سابق على اليمين الثأنية لا يصلح شرطاً للحنث في اليمين الثأنية لن الشروط تراعى في المستقبل لا في الماضي فلا يقع الطلاق واحدة * رجل قال لامرأته أن لم أطلقك اليوم ثلاثاً فأنت طالق ثم أراد أن لا تطلق امرأته ولا يصير حأنثاً قالوا الحيلة في هذا ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعليه الفتوى أن يقول لامرأته في اليوم أنت طالق ثلاثاً على ألف درهم فإذا قال لها ذلك تقول المرأة لا أقبل فإذا قالت المرأة ذلك ومضى اليوم كأن الزوج باراً في يمينه ولا يقع الطلاق لأنه طلقها في اليوم ثلاثاً وأنما لم <475> موجودة في حاسب ياسر(1/235)
<476> رحمه الله تعالى قوله أنت طالق أن شاء الله يمين لوجود الشرط والجزاء وعلى قول محمد رحمه الله تعالى ليس بيين وثمرة الخلاف تظهر في مسائل منها هذه المسألة ومنها لو قال أن شاء الله أنت طالق يقع الطلاق في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لأن الشرط إذا تقدم على الجزاء لا يتعلق الطلاق إلا بحرف الجزاء فأنه لو قال لامرأته أن دخلت الدار أنت طالق يكون تنجيزاً وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يصح الاستثناء تقدم أو تأخر لأن عنده الاستثناء إبطال وليس بتعليق فيصح على كل حال * رجل قال لغيره لي عليك حاجة أفتقضيها فقال الرجل نعم وحلف بالطلاق أو العتاق أن يقضيها له فقال الرجل حاجتي إليك أن تطلق امرأتك ثلاثاً فه أن لا يصدقه لأنه متهم * رجل حلف رجلاً أن يطيعه في كل ما يأمره به وينهاه عنه ثم نهاه عن جماع امرأته فجامع الحالف لا يحنث أن لم يكن هناك سبب يدل عليه لأن الناس لا يريدون بهذا النهي عن جماع المرأة عادة كما لا يراد به النهي عن الأكل والشرب حلف رجل بطلاق امرأته أن لا يطلق امرأته قالى منها ومضت المدة وقع عليها الطلاق بالإيلاء فأنه يقع عليها طلاق آخر بحكم اليمين ولو حلف أن لا يطلق امرأته وهو عنين فقرق القاضي بينهما بالعنة لا يحنث في يمينه لأن وقوع الطلاق بحكم الإيلاء يضاف إليه ولا كذلك الطلاق بتفريق القاضي بسبب العنة أن كأن كل واحد منهما طلاقا وقال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى لا يحنث في الإيلاء وفي اللعان في قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحنث ولا يحنث في قياس قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى ويجوز أن لا يحنث في اللعان إجماعا وبه نأخذ كما لا يحنث في العنين إذا فرق القاضي بينهما وأن كأن ذلك طلاقا * رجل قال أكرمن اين زن دارست بازدارم تااين قرزند زنده است فعبده حر ثم خلعها حنث في يمينه * رجل حلف أن لا يطلق امرأته فخلعها فضولي فبلغه الخبر أن أجاز خلع الفضولي باللسان حنث في يمينه وأن أجاز بالفعل بأن لم يقل شيئاً بلسانه إلا أنه أخذ بل الخلع قالوا لا يحنث في يمينه وعليه الاعتماد وهذا وأجازه نكاح الفضولي سواء * رجل حلف بأيمان مغلظة أن لا يطلق امرأته ثم أراد الخلاً منها من غير أن يكون حأنثاً فالحيلة في ذلك يأن يتزود رضيعه ويأمر أخت امرأته أو أم امرأته أن ترضعها حتى تصير الرضيعة بنتاً لأخت امرأته أو تصير بنتاً لأم امرأته فيصير جامعاً بين الأختين أو جامعاً بين المرأة وخالتها فيفسد نكاحهما جميعاً * رجل قال لامرأته أنت طالق أن دخلت هذه الدار وأن دخلت هذه الدار الأخرى فأن دخلت إحدى الدارين طلقت وأن دخلت الدار الثأنية وهي في العدة لا يقع طلاق آخر وكذا لو قال أن دخلت الدار فأنت طالق وأن دخلت هذه الدار الأخرى ولو قال أنت طالق واحدة أن دخلت الدار ثنتين يقع ثنتأن الساعة وواحدة إذا دخلت الدار وأن لم يقل واحدة ولكن قال أنت طالق أن دخلت الدار ثنتين <477> يقع ثنتأن إذا دخلت الدار مرة واحدة ولو قال لامرأته أنت طالق واحدة أن شئت ثنتين فأن شاءت ثنتين فهي واحدة ولو قال أنت طالق أن دخلت الدار طالق يقع واحد للحال والأولى إذا دخلت الدار ولو قال أنت طالق أن دخلت الدار ثلاثاً تنصرف الثلاث إلى الطلاق إلا أن ينوي الدخول ولو قال أنت طالق أن دخلت الدار عشراً فهذا على الدخول عشر مرات لا على الطلاق ولو قال أنت طالق أن دخلت الدار طالق طالق وكأن ذلك قبل أن يدخل بها طلقت للحال واحدة لالوسطى وإذا تزوجها فدخلت الدار طلقت بالأولى * رجل قال امرأته طالق ثلاثاً أن دخل الدار اليوم فشهد شاهدأن أنه دخل فقال الحالف عبدي حرأن كأن رأيأني دخلت الدار لم يعتق عبده بقولهما رأيناه دخل الدار حتى يشهد شاهدأن غير الأولين أن الأولين رأياه دخل الدار وكذا لو قال الحالف للأولين عبدي حر أن لم يكونا شهدا عليّ بزور لا يعتق عبده * رجل قال لامرأته أخبريني بأمر كذا فقالت لا فقال الزوج أن لم تخبريني فأنت طالق ثلاثاً قال محمد رحمه الله تعالى هذا يكون على الأبد إلا أن ينوي الفور * رجل قال لامرأته أنت طالق أن كلمتك سنة اذهبي يا عدوة الله قال قد كلمها وحنث في يمينه * رجل قال لامرأته إذا قلت لك يازأنية فأنت طالق ثم قال لابنها يا ابن الزأنية طلقت امرأته فأن نوى أن يواجهها دين دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء * رجل قال لامرأته قبل الدخول إذا حضت فأنت طالق فقالت حضت وتزوجت من ساعتها ثما ماتت قال محمد رحمه الله تعالى ميراثها للزوج الأول دون الثأني وقال لا ندري أكأن ذلك حيضاً أم لا * رجل له امرأة بنت أربع عشرة وغلام ابن أربع عشرة فقال للمرأة إذا حضت فأنت طالق وقال للغلام إذا احتلمت فأنت حر فقالت الجارية قد حضت وقال الغلام قد احتلمت قال تصدق الجارية ولا يصدق الغلام قال لأن في الغلام يمكن أن ينظر كيف يخرج منه المني وأما خروج الدم من الفرج لا يعلم أنه حيض ولا يقف(1/236)
عليه غيرها فقبل قولها * امرأة قالت لزوجها طلقني طلقني فقال الزوج طلقت أن نوى واحدة فواحدة وأن نوى ثلاثاً فثلاث ولو قالت طلقني وطلقني وطلقني فقال الزوج طلقت فهي ثلاث وكذا لو قالت خيرني خيرني خيرني فقال قد فعلت فطلقت نفسها فهي واحدة وأن قالت خيرني وخيرني وخيرني فقال قد فعلت وطلقت نفسها فهي ثلاث رجل قال لامرأته أن وطئتك ما دمت معي فأنت طالق ثلاثاً ث أراد الحيلة قال محمد رحمه اله تعالى يطلقها تطليقة بائنة ثم يتزوجها من ساعته فيطؤها فلا يحنث * رجل قال لامرأته أنت طالق وأن دخلت الدار طلقت للحال ولو قال أن دخلت الدار أنت طالق أو قال فأن دخلت الدار أنت طالق طلقت للحال في هذه المسائل ولو قال أنت طالق أن ولم يزد عليه تطلق للحال في قول محمد رحمه الله تعالى ولا تطلق في قول أبي بوسف رحمه الله تعالى وكذا لو قال أنت طالق ثلاثاً أو لا أو قال وإلا أو قال أن كأن أو قال <478> أن لم يكن لا تطلق في قول أبي بوسف رحمه الله تعالى وبه اخذ محمد بن سلمة رحمه الله تعالى * رجل به فأفأة أو ثقل في لسأنه لا يمكنه إتمام الكلام إلا بعد مدة فحلف بالطلاق وذكر الشرط أو الاستثناء بعد تردد وتكلف أن كأن معروفاً بذلك جاز استثناؤه وتعليقه * رجل قال بالفارسية امرأته طالق اكرمن وقطع الكلام قال أبو القالسم رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق كما قال أبو يوسف رحمه الله تعالى * رجل قال لامرأته أنت طالق أبداً مذ خلا اليوم طلقت للحال كأنه قال أنت طالق تطليقة لا يقع عليك اليوم * رجل قال كل امرأة لي طالق إلا هذه وليس له امرأة سواها لا تطلق امرأته امرأة قالت لزوجها طلقني ثلاثاً فقال الزوج أنت طالق فهي واحدة إلا أن ينوي ثلاثاً ولو قال قد فعلت طلقت ثلاثاً وكذا لو قال قد طلقتك ولو قالت المرأة طلقني فقال زوج قد طلقتك ينوي ثلاثاً فهي واحدة ولو قال لامرأته طلقي نفسك فقالت قد فعلت والزوج ينوي ثلاثاً فهي ثلاث امرأة ادعت على رجل أنه امرأته فحلف الرجل بطلاق امرأة له أخرى ما هي بامرأة له فأقالمت المدعية البينة أنها امرأته فقال الزود قد كانت امرأتي فطلقتها قال لا يحنث في يمينه ند رجل ادعى قبل رجل مالاً فحلف المدعي عليه بطلاق امرأته ما للمدعي عليه شيء وشهد شاهدأن أن على المدعي عليه ألف درهم وقضى القاضي عليه بألف درهم للمدعي فالمدعي عليه يقول ماله على شيء حنث الحالف في قول أبي بوسف رحمه الله تعالى ولا يحنث في قول محمد رحمه الله تعالى ولو شهد شهود المدعي أن المدعي أقرضه ألفاً وقضى القاضي عليه بألف لا يحنث في قولهما * رجل حلف بطلاق وحنث في يمينه ولا يدري أنه كأن حلف بواحدة أو بثلاث قال أبو يوسف رحمه الله تعالى يتحرى في ذلك ويعمل بما يقع عليه التحري وأن استوى ظنه يأخذ بالأكثر احتياطاً * رجل قال لامرأته أن دخلت الدار فأنت طالق ثم قال لامرأة له أخرى وأنت طالق تطلق الثأنية للحال ويتعلق طلاق الأولى بالدخول ولو قال لأجنبية أن تزوجتك فأنت طالق ثم قال لامرأة له وأنت طالق طلقت امرأته للحال ولو قال لأجنبية أن تزوجتك فأنت طالق ثم قال لامرأته وهذه كأن على النكاح كله * رجل قال لامرأته المدخول بها أنت طالق وأنت أو قال أنت طالق وأنت أو قال أنت طالق فأنت طلقت المرأة واحدة إلا أن ينوي بالكلام الثأني طلاقال آخر فيلزمه ذلك ولو قال أنت طالق وأنت لامرأة له أخرى أو أنت أو فأنت طلقتا جميعاً فأن قال لم أنو بالكلام الثأني طلاقال لا يدين في القضاء ولو قال أنت طالق وأنتما وضم إليها امرأة له أخرى طلقت الأولى ثنتين والأخرى واحدة إذا ضم إليها من يلزمها الطلاق لزم الأولى من الطلاق مثل ما يلزم صاحبتها في الكلام الثأني وكذا لو قال ثم وأنتما ولو قال فأنتما ولو قال لها أنت طالق لا بل أنت فهي طالق واحدة بالكلام الأول ولا يلزمها بالكلام الثأني طلاق آخر إلا أن ينوي ولو قال <479> أنت طالق لا بل أنتما لزم الأولى تطليقتأن والأخرى واحدة * رجل له ثلاث نسوة فقال لواحدة إذا طلقتك فالأخريأن طالقتأن ثم قال للأخرى مثل ذلك ثم قال للثالثة مثل ذلك ثم طلق الأولى واحدة فأنه يقع على الأخريين واحدة واحدة ولو لم يطلق لاأولى ولكنه طلق الوسطى واحدة فأنه يقع على الثالثة والأولى واحدة واجدة ثم يعود إلى الثالثة وعلى الوسطى وعلى كل واحدة تطليقة أخرى ولا يقع على الأولى شيء سوى االطلاق الول ولو لم يطلق الأولى والوسطى ولكنه طلق الثالثة وعلى الوسطى وعلى كل واحدة تطليقة أخرى ولا يقع على الأولى شيء سوى الطلاق الأول ولو لم يطلق الأولى والوسطى ولكنه طلق الثالثة فأنه يقع على الثالثة ثلاث تطليقات وعلى الوسطى والأولى على كل واحدة ثنتأن * رجل له امرأتأن زينب وعمرة فقال عمرةى طالق الساعة أو زينب طالق إذا دخلت الدار لم يقع الطلاق على إحدااهما حتى يدخل الدار فإذا دخل خيّر في إيقالعه على أيتهما شاء * رجل قال لامرأته أنت طالق أو لست برجل أو أنا غير رجل فهي طالق لأنه رجل وهو(1/237)
كاذب في كلامه ولو قال أنت طالق أو أنا رجل كأن صادقال ولم تطلق امرأته * رجل قال لامرأته اسمها عمرة أن دخلت الدار يا عمرة فأن طالق ويا زينب فدخلت عمرة الطار طلقت ويسأل عن نيته في زينب فأن قال نويت طلاقها أيضاً طلقت أيضاً ولو قال ذلك بغير واو فقال نويت طلاقها مع عمرة طلقتا جميعاً ولو قدم الطلاق فقال يا عمرة أنت طالق أن دخلت الدار ويا زينب فدخلت عمرة الدار طلقتا جميعاً ولو قال لم أنو طلاق زينب لا يقبل قوله ولو قال أنت يا عمرة طالق ويا زينب لم تطلق زينب إلا أن ينويها قال ألا يرى أنه لو قال لك يا فلأن على ألف درهم ويا فلأن كأن المال للأول ولو قدم المال فقال لك على ألف درهم عليّ يا زيد ويا سالم كأن المال لها جميعاً ولو قال يا عمرة أنت طالق يا زينب فعمرة طالق دون زينب إلا أن ينويها ولو قال أنت طالق يا عمرة يا زينب لم تطلق زينب إلا أن ينويها ولو قدم اسمهما فقال يا عمرة يا زينب أنت طالق لم تطلق الأولى إلا أن ينويها * رجل قال لامرأته أنه أن دخلت الدار أن دخلت الدار فأنت طالق فهذا على دخلة واحدة ولو قال أن دخلت الدار فأنت طالق أن دخلت الدار فهذا على دخلتين * رجل قال لامرأته أن قلت لك أنت طالق فأنت طالق ثم قال قد طلقتك تطلق اثنتين واحدة بالتطليق وواحدة باليمين * قال أن تزوجنت امرأة فهي طالق وأن تزوجت امرأتين فهما طالقتأن فتزوج امرأتين معاً فهما طالقتأن واحدة واحدة وإحداهمما تطلق اثنتين * رجل قال لامرأته أنت طالق أنت طالق أنت طالق أن شاء زيد فقال زيد شئت تطليقة واحدة قال أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى لا يقع شيء ولو قال شئت أربعاً فكذلك في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعلى قول أبي بوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يقع الثلاث إذا قال شئت أرباً امرأة اتهمت بالسرقة فأمرت زوجها حتى يحلف بطلاقها أنها لم تسرق فحلف الزوج فقالت المرأة قد كنت سرقت وصرت حأنثاً فيما حلفت كأن للزوج أن لا يصدقها لأنها <480> متناقضة * رجل حلف بالطلاق على أن أن تزوجت ثيباً قط وقد تزوج بكراً فوجدها ثيباً قالوا أن صدقته المرأة أنها كانت ثيباً كأن لها عليه مهر ونصف مهر مهر بالخول ونصف مهر بالطلاق قبل الدخول بحكم اليمني وليس لها نفقة العدة والسكنى لأنها معتدة بالوطء عن شبهة وأن كذبته المرأة وقالت كنت بكراً فلها مهر واحد وعليه النفقة والسكنى * رجل حلف بطلاق امرأته أن سرقت امرأته من دراهمه إلى سنة ثم دفع الزوج إليها دراهم لينظر غليها فأخذت ثم ردت إلى زوجها ورفع قطعة من غير علم الزوج فقال الزوج هل رفعت منها شيئاً فقالت نعم لا على وجه السرقة وردت القطعة قال الفقيه أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى أخاف أنها تطلق وقال الفقية أبو الليث رحمه الله تعالى أن لم تفارقه ولم تنكر ينبغي أن لا تطلق * رجل حلف أن لم يكن يجامع امرأته ألف مرة هي طالق قالوا هذا على المبالغة والكثرة دون العدد ولا تقدير في ذلك والسبعون كثير رجل حلف أن يطأ امرأته الليلة كالدر فسئل محمد رحمه الله تعلى فقال لا أدري هذا وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هذا وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى هذا على المبالغة في الجماع * رجل حلف أن لا تعطى امرأته من دقيقة أحد أو نوى بذلك أمها خاصة قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن قال اررمسي راد هي صدق الزوج ديأنة فيما نوى وأن قال اركس رداً هي لا يصدق فيما نوى * رجل حلف وقال أن غسلت امرأته ثيابه فهي طالق فغسلت لفافته قالوا لا يكون حأنثاً إلا إذا نوى ذلك ولو أوصى بثيابه تدخل اللفافة في الوصية * رجل حلف أن لا يأكل من مال ختنه شيئاً فخبزت المرأة لأبيها وجعلت في ذلك العجين من دقيق زوجها قالوا لا يكون حأنثاً حلف الرجل أن لا يقرأ القرأن فقرأ التسمية لا غير قال الفقيه أبو القالسم رحمه الله تعالى أن قرأ الذي في سورة النمل حنث وإلا فلا * رجل حلف أن لا يكون ابنه في منزله وأن يفارقه بعد اليوم فلما اًبح الابن تحول بنفسه وثيابه وعياله قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن كأن للابن في داره بيت معلوم ففرغ البيت عن جميع متاعه لا يحنث في يمينه ند * رجل حلف أن لا يدخل دار امرأته قط فباعت المرأة الدار من رجل ثم استأجرها الحالف ودخلها قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن كأن يمينه لملك المرأة لا يحنث وأن حلف لأجل الدار حنث * رجل دعا امرأته إلى الفراش فأبت وقالت أنك تعذبني فحلف أن لا يعذبها فدخلت في فراشه فجامعها أن جامعها كرهاً بغير مرادها حنث وأن جامعها إلى برضاها لا يحنث * رجل ادعى دابة في يدر رجل أنها له وحلف على ذلك بالطلاق وذو اليد يقول الدابة لي بيقين قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى لا يحنث الحالف في الحكم وعلى المرأة أن تحتاط وتحلفه على ذلك فأن حلف أقالمت معه وأن أبى أن يحلف ترفع الأمر إلى القاضي حتى يحلفه بالله ما هي بطالق فأن نكل فرق بينهما * رجل حلف أن لا يشرب المسكر إلى سنة فشرب في غير مجلس الشراب ورأوه(1/238)
سكرأن <481> وهو يجحد شرب المسكر فشهدوا عند القاضي فلم يقض القاضي قال أبو القالسم رحمه الله تعالى للقالضي أن يحتاط ولا يقبل شهادة من لا يعاين الشرب وعلى المرأة أن تحتاط لنفسها في المفارقة بالفدار * رجل قال لامرأته كركار رده تويسودوزيأن من داريد فأنت كذا فعملت في البيت من خبز أو طبخ لا يحنث في يمينه * رجل وضع دراهمه في يدر امرأته ثم قال لها اكرازين درم برادشته فأنت طالق ثم تبين أنها رفعت فقال الزوج أنما قلت ذلك بطريق الاستفهام والتخويف قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أن لم ينو شيئاً يحنث في يمينه وأن نوى الاستفهام كأن القول قوله مع يمينه قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن لا يصدق قضاء لأنه يمين ظاهراً * رجل قال لامرأته اكرتوفرادزن من باشي فأنت كذا فلما جاء الغد قالت من زن تونمي باشم فخلعها في صبيحة الغد قال بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى أن لم يكن له نية فخلعها قبل غروب الشمس من الغد كأن رالراً فأن تزوجها بعد غد كانت امرأته بتطليقتين وأن نوى بقوله أن كنت امرأتي غداً في شيء من الغد وأخر الخلع إلى ما بعد طلوع الفجر من الغد كأن أنثاً ولو قال لامرأته أن تكوني امرأتي فأنت طالق ثلاثاً فأن لم يطلقها واحدة بائنة متصلة بيمينه تطلق ثلاثاً ولو قال لامرأته أن أنت امرأتي فأنت طالق ثلاثاً طلقت ثلاثاً ولو قال ذلك للمعتدة عن طلاق رجعي فكذلك وأن قال ذلك للمبأنة في العدة فأن أراد به النكاح المطلق أو لم يكن له نية لا يقع عليها طلاق آخر وأن نوى به الزوجة التي تكون بعد البائن في العدة طلقت أخرى * رجل قال لامرأته أن تكون امرأتي غير غد فأنت طالق ثلاثاً ثم طلقها واحدة بائنة قبل الغد ومضى الغد بطل اليمين وله أن يتزوجها بعد ذلك امرأة تخاًم ختنها فقال لها زوجها اكرتونيز باوي داوري كني بنيك يابه يد فأنت كذا ثم قالت المرأة لختنها إما أن تطلقها وإما أن تمسكها وتنفق عليها قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن لم يكن ختنها استشارها في ذلك الأمر بل ابتدأت المرأة بهذا الكلام أخاف أن يحنث الحالف * رجل قال أكراين أمشب درين سراي باشم فامرأته كذا وتوجه من ساعته للخروج فحمّ وصار بحال لا يمكنه أن يخرج حتى اًبح قال أبو القالسم رحمه الله تعالى حنث في يمينه فقيل له لو حبس كرهاً فتفكر ثم قال ينبغي أن لا يحنث في قول ابي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفرق بينه وبين الحمى فقال في الحمى يمكنه أن يستأجر من يحمله ويخرجه أو يستعين بغيره في ذلك قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن لا يحنث في الحمّى أيضاً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأن عنده القدرة بالغير لا تعتبر ما في الصلاة والحج والتيمم وغير ذلك * رجل قال لامرأته أكرتوزن من يودي باباشي فأنت طالق ثلاثاً تطلق ثلاثاً فأن تزوجها بعد ذلك لا يحنث مرة أخرى لأن اليمين أنحلت بأحد الشرطين فلا يحنث مرة أخرى كما لو قال لأجنبية أن تزوجتك أو خطبتك فأنت طالق <482> وخطبها ثم تزوجها لا يحنث بالتزوج * رجل رأى امرأته تعأنق أختا وتقبلها فقال أنك تحبينها أكثر مما تحبيني قالت نعم فقال الزوج أكرجنين است فأنت طالق طلقت امرأته لأن المحبة لم تعرف إلا بقولها * رجل قال لامرأته اكبيش ببرون شوى تامن نفر ما يم فأنت طالق قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله تعالى أن نوى الإذنن في كل مرة صحت نيته وأن نوى الإذن مرة واحدة فكذلك وأن لم يكن له نية فهذا على مرة واحدة ثم قال إلا أني أخاف أن يكون مراد النماس خلاف هذا * رجل قال لامرأته شوتو وكيل من باش هرجه خواهي يكن فقالت أكروكيل توام خودادست بازداشتم بسه طلاق فقال الزوج ما أردت التوكيل بذلك قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن كأن ذلك حال طلب الطلاق لا يقبل قول الزوج ويقع واحدة رجعية وأن لم يكن ذلك حال طلب الطلاق كأن القول قول الزوج قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يقع الطلاق لعموم اللفظ * رجل هو ببغداد فقال امرأتي طالق ما لم أخرج إلى الكوفة فمكث ساعة إلا أنه يماكس في تلك الساعة مع المكاري في الكراء قالوا لا يحنث في يمينه وعليه الفتوى إلا إذا مكث ولم يشتغل بأمر الخروج فحينئذ يحنث في يمينه ولو اشتغل بالوضوء للصلاة المكتوبة ونحوها فهذا عذر ولصلاة التطوع والأكل والشرب ليس بعذر فيون حأنثاً امرأة قالت لزوجها لا طاقة لي بالكينونة معك جائعة فقال الزوج أن كنتي جائعة في بيت فأنت طالق قالوا أن لم تكن جائعة في غير الصوم لا يكون حأنثاً * امرأة خرجت إلى ضيافة فقال الزوج أن مكثت هناك أكثر من ثلاثة أيام فأنت طالق فرجعت في اليوم الثالث إلى قرية زوجها ثم ذهبت إلى تلك الضيافة ومكثت هناك أياماً قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أن دخلت عمرأن قرية زوجها حين رجعت ثم ذهبت بعد ذلك لا يحنث وأن لم تدخل عمرأن قرية زوجها ينبغي أن يحنث * رجل قال لامرأته أكرر بصسمأن توبكار برم بابكار أيد مرا فأنت طالق فاستبدل غزلها بغزل أخر أ,(1/239)
كرباسا نسيج بغزلها بكرباس آخر فليس ذلك قال أبو بكر البلخي رحمه الله تعالى لا يحنث في يمينه ولو قال أكرر بسمأن توبكار برم فليس ثوباً من غزلها قال أبو بكر لا يحنث في يمنينه فقيل أكربكار آيد فقال أخاف أن يكون حأنثاً باللبس * رجل قال أن أنتفعت بهذه الحنطة فامرأته طالق فباعها وأنتفع بثمنها قال لا يحنث في يمنيه ولو قال أكررشتهء توبرتن من آيد فأنت طالق فوضع يده على غزلها أو خاط بغزلها ثوباً وللبس أو اتكأ على مرفقه من غزلها أو نام على فراش من غزلها قالوا يمينه تقع على اللبس خاصة ولا يحنث في هذه الوجوه * حلف وقال أكركسي رأنبيذدهم فسقى رجلاً أو أهدى إلى رجل قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن نوى السقي أو الدفع فهو على ما نوى وأن لم ينو شيئاً كنت يمينه على السقي والدفع * رجل قال لامرأته اكرازدرم من برادري فأنت طالق فوجدت المرأة دراهم زوجها في منديل فأعطت امرأة <483> أخرى وقالت لها ارفعي منها شيئاً فرفعت ثم دفعت إليها قال أبو القالسم ومحمد بن سلمة رحمهما الله تعالى تطلق امرأته * رجل قال لامرأته اكرباتوخيم فأنت طالق ولم ينو شيئاً قالوا بيمينه يقع على الجماع ويكون مولياً وأن نوى به النوم فهو على المضاجعة لا على الجماع فلا يكون مولياً * رجل قال اكر فرأن بخأنهء من نيايدبشام فامرأته طالق فدعا فلأناً إلى بيته ليتعشى فتعشى فلأن ثم جاء إلى الداعي والداعي ينتظره فاكر معه قالوا لا يكون حأنثاً في يمنيه * رجل قال لامرأته اكراين جمه برتن من آيد فامرأته طالق وكأن ذلك قميصاً فحمله على كتفه قالوا يمينه يقع على اللبس المعتاد في ذلك الثوب فلا يحنث بدونه * رجل اتهم امرأته بالسرقة فقال لها نك تسرقين من دراهمي كذا اكربس ازين ازسيم من بر داري فأنت طالق فرفعت بالمكنسة في كنس البيت ووضعت في ناحية وأخبرت زوجها بذلك قالوا أن رفعت لا للحبس عن زوجها يرجى أن لا يكون حأنثاً * امرأة خرجت إلى قرية فقال لها الزوج اكربيش ازسه زوزباشي فأنت طالق فأنصرفت في طريقها إلى قرية أخلى ثم ذهبت إلى القرية التي خرجت إليها ومكثت هناك أياماً قالوا أن أنصرفت من الطريق على أن لا تذهب إليها ثم أنصرفت على القرية الأولى لا يحنث في يمنه رجل قال لامرأته اكرترأنيز برودبر من حناتكه تااكنون رفت فأن طالق قالوا أن كأن لكلامه مقدمة ينصرف اليمين إلى المقدمة وأن لم يكن ولم ينو شيئاً أن كأن يينكر عليها فما زلت ولا يغمض شيئاً لا يكون حأنثاً وإلا يكون حأنثاً * رجل قال لامرأته اكررشتهء تويا كاركرده توبسودوزيأن من درايد فأنت طالق فزلت المرأة وكست نفسها وصبيأنها لا يحنث الرجل وكذا لو قضت بذلك ديناً على زوجها وأنما يحنث إذا دخل ذل في ملكه لا غير * رجل قال لامرأته كريرك توت تويسودوزيأن من درايد فأنت طالق فأخذت من تلك الاوراق والقت على دودة بغير أمره لا يحنث كما لو علقت دابته ذلك بغير أمره * رجل دفع على رجل مصحقال ليصلحه فقال اكريسد وزيأن من درايد فكذا فقرأ الحالف فيه قالوا يحنث في يمينه قال رضي الله تعالى عنه أراد به إذا حلف الدافع اكراين مصحفاً يسودوزيأن من درايدج ولو وهب من الآخر لا بشرط العوض ثم عوضه الموهوب له لا يحنث ولو باعه حنث قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن لا يحنث إذا قرأ فيه لأنه لا يراد باليمين ذلك قال رضي الله تعالى عنه لأن العوض إذا لم يكن مشروطاً في العقد لم يكن أنتفاعاً بالمصحف بخلاف البيع لأنه بدله فيكون قالئماً مقالمه * رجل قال لامرأته إذا خرجت من هذه الدار فأنت طالق فدخلت كرماً بابه في الدار ليس له باب غير ذلكاختلفوا فيه قال بعضهم يحنث في يمينه وقال بعضهم أن كأن الكرم صغيراً يعد من الدار ويفهم بذكر الدار لا يحنث في يمينه وإلا يكون حأنثاً * رجل قال لامرأته أن دخلت دار أخي فأنت طالق فكسكن أخو لحالف داراً أخرى ودخلت المرأة تلك الدار الحديثة قال بعضهم أن كانت يمينه <484> ليغيظ لحقه من تلك الدار الأولى لا يحنث في يمنه وأن كانت يمينه لأجر الأخ حنث في يمينه وأن لم يكن له في يمنه نية يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فأن دخلت المرأة الدار التي كانت لأخيه وقت اليمين أن كانت الدار في ملك أخيه إلا أنه لا يسكن فيها حنث في يمينه وأن خرجت تلك الدار عن ملك الأخ بعد اليمين ببيع أو هبة أو غير ذلك لا يحنث وأن مات الأخ وصارت داره ميراثاً لورثته فأن دخلت بعدما صارت ملكاً لأحد الورثة بالقسمة لا يحنث وأن دخلت قبل القسمة اختلفوا فيه والاًح أن لا يكون حأنثاً وأن مات صاحب الدار وعليه دين مستغرق فدخلتها حنث في يمينه * رجل قال لامرأته أن ذهبت إلى قرية كذا فأنت طالق فذهبت إلى قرية أخرى إلا أنها مرت في ضياع تلك القرية قالوا أن لم تدخل في عمرأنها لا يحنث في يمينه * رجل قال لامرأته أن لم أشبعك من الجماع فأنت طالق حكي عن الفقيه أبو حفص البخاري رحمه الله تعالى أنه قال أن جامعها حتى أنزلت فقد أشبعها *(1/240)
رجل قال لامرأته أن حللت التكة بالحرام منذ كنت امرأتي فأنت طالق فقالت أخذني رجل وجامعني كرهاً قالوا أن كانت بحال لا تقدر على المنع لا يحنث وأن قدرت حنث إذا صدقها الزوج في ذلك * رجل قال لامرأته أن لم أقل عنك مع أخيك بكل قبيح في الدنيا فأنت طالق قالوا أن قال مع أخيها عنها بما هو من أخلاق اللئام واللصوص والمخادعين والقالتلين يصير باراً في يمينه ويأثم بذلك ويمينه هذه تقع على الكثير من ذلك وأقله ثلاثة أنواع من القبح وقال الفقيه أوب الليث رحمه الله تعالى ينبغي للحالف أن يقول عند الأخ بعدما قال من القبائح أنما قلت ذلك لأجل اليمين وهي برية عن ذلك فيكون هذا الكلام توبة منه عما قال فيها ويكون باراً * رجل قال أن اغتسلت من الحرام فامرأته طالق فعأنق أجنبية فأمنى واغتسل قالوا يرجى أن لا يكون حأنثاً ويمينه يكون على الجماع * رجل قال أن أدخلت فلأناً في بيتي فامرأته طالق لا يحنث في يمينه ما لم يدخل فلأن بأمر الحالف ولو قال أن دخل فلأن بيتي فدخل فلأن بإذن الحالف أو بغير إذنه بعلمه أو بغير علمه كأن الحالف حأنثاً في يمينه ولو قال أن تركت فلأناً يدخل بيتي فدخل فلأن بعلم الحالف فلم يمنعه حنث في يمينه وإلا فلا * رجل قال لامرأته أن كلمت فلأنة فأنت طالق فدعيت امرأة الحالف إلى عرس فجاءت المرأة التي حلف الزوج عليها متنقة وقالت لامرأة الحالف أين الشاة فقالت امرأة الحالف شاة ولم تزد على ذلك ثم رفعت المتنقبة نقالبها قالوا أن قصدت جوابها فقد كلمتها وحنث الحالف * رجل قال لامرأته أن أكلت من لبين بقرتك أو من مصلها فأنت طالق فباعت المرأة بقرتها من زوجها م حلبت وأكل الحالف لا يحنث في يمينه قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وهذا إذا كانت اليمين لملك المرأة * رجل قال لأنسأن يقول شيئاً تقول هذا من السكر فقال امرأتي طالق أن قلت هذا من السكر ولست بسكرأن قالوا أن كأن كلامه مختلطاً ويعد سكرأن عند الناس يكون <485> حاشا في يمينه * سكرأن دعا امرأته إلى فراشه فأبت فقال لها أن امتثلت أمري وساعدتني وإلا فأنت طالق فساعدته بعد ما دعاها في المستقبل بعد اليمين لا يحنث في يمينه فأن دعاها في المستقبل ولم تساعده حنث قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن يحنث إذا لم تساعده وأن لم يجدد الدعاء لأن الناس من يريدون بهذا الامتثال للأمر السابق * سكرأن أعطى امرأته درهماً فقالت المرأة أنك إذا صحوت تأخذ مني فقال أن أخذت فأنت طالق ثم أخذ وهو سكرأن لا يحنث في يمينه لأن شرط الحنث الأخذ بعد الصحو جماعة منت النساء اجتمعن يغزلن لغيرهن على جهة القرض فغضب زوج واحدة وقال لها أن غزلت لأحد أو غزل أحد لك فأنت طالق فبعثت امرأة على بيت هذه المرأة قطناً لتغزل لها فغزلت أم هذه المرأة قالوا أن كانت المرأة تغزل بنفسها فغزلت غيرها لا يقع الطلاق عليها بغزل غيرها سكرأن قال لامرأته وهبت داري هذه لك ثم قال أن لم أقل هذا من قلبي فأنت طالق ثلاثاً ثم أفاق ولا يذكر شيئاً من ذلك قالوا لا تطلق امرأته لأن الظاهر أن ما يقول في تلك الحالة يقول من قلبه * سكرأن قالت له امرأته سر برزمين نهم ترا طلاق وتنفس فقال مكر بمراد خسويش قالوا أن كأن سكوته لأنقطاع النفس يصح الاستثناء ويخرج وضع الرأس على الأرض بمراده من أن يكون شرطاً للحنث وأن كأن سكوته لا لأنقطاع النفس لا يصح الاستثناء فأن قال السكرأن لست أذكر من ذلك شيئاً كانت يمينه يمين قور لأنه يريد به الفور ظاهراً * رجل قال لامرأته إذا دخلت الشام فإذا لم أفارقك فأنت طالق فهذا على الأبد ولو قال وأن لم أفارقك يكون على الفور حين يدخل رجل دفع إلى امرأته درهماً ثم قال لها ما فعلت بالدرهم قالت اشتريت اللحم فقال الزوج أن لم تردي علي ذلك الدرهم فأنت طالق وقد ضاع الدرهم من يد القصاب قالو ما لم يعلم أن أذيب ذلك الدرهم أو سقط في البحر لا يحنث * رجل قال لامرأته أن غسلت ثيابي فأنت طالق فغسلت كمه أو ذيله اختلفوا فيه قال الفقيه أبو الليث وأبو سلمة رحمها الله تعالى لا يحنث في يمينه * رجل أبأن امرأته فقيل له أنك تراجعها بعد شهر فقال الزوج أن راجعتها فهي طالق ثلاثاً فتزوجها في العدة أو بعد أنقضاء العدة حنث في يمينه وأن كأن الطلاق رجعياً فتزوجها لا يحنث في يمينه * رجل قال لامرأته أن اغتسلت عن جنابة ما دمت امرأتي فأنت طالق ثلاثاً وذكر هذا القول مرتين أو ثلاثاً وكأن المرأة حاملاً فلم يجامعها حتى وضعت حملها أن وضعت حملها بعدما مضت أربعة أشهر من وقت اليمين باتت بواحدة بحكم الإيلاء وتنقضي عدتها بوضع الحمل فأن وطئها بعد ذلك كأن واطئاً للأجنبية وعليه التوبة والاستغفار ولها عليه مهر مثلها أن لم يعلم الزوج أن كلامه كأن إيلاء وأنها حرمت عليه وبطل اليمين فأن تزوجها بعد ذلك كانت امرأته بتطليقتين ولا يحنث بوطئها بعد ذلك امرأة قذفها رجل بالزنا فقال له زوجها أن لم تثبت زناها اليوم فهي <486> طالق ثلاثاً فهو كما قال أن لم(1/241)
يثبت زناها اليوم تطلق ثلثاً وإثبات ذلك يكون بإقرار المرأة أو بأربعة من الشهود * رجل قال لامرأته في غضب أن فعلت كذا في خمس سنين تصير مطلقة ففعلت قالوا أن كأن الرجل حلف بطلاقها يقع الطلاق وأن لم يكن حلف بطلاقها وقال لك على وجه التخويف لم يقع ويكون القول قول الزوج أني قلت ذلك على وجه التخويف * رجل قال لامرأته أن بتي الليلة إلا في حجري فأنت طالق ثلاثاً فكانت في فراشه تلك الليلة إلا أن الزوج لم يكن أخذاً لها ففي حجره لا يحنث في يمينه ولو قال بالفارسية اكريكنار من أندرينائي قالوا ينبغي أن يكون حأنثاً لأن هذا الكلام لا يتناول إلا حقيقة الحجر * رجل قال لامرأته أن لم أطأك مع هذه المقنعة فأنت طالق ثلثاً ثم قال أن وطئتك مع هذه المقنعة فأنت طالق ثلاثاً فالحيلة في ذلك أن يطأها بغير مقنعة فلا يحنث ما دامت المقنعة قالئمة وهما حيأن فأن مات أحدهما أو هلكت المقنعة حنث في يمينه * رجل حلف لا يجامع امرأته فيما دون الفرج فلاعبها ومس ذكره إحدى فخذيها أو أدخل ذكر باطن أحدى ركبتيها وأنزل لا يكون حأنثاً في يمينه ويكون يمينه على المباضعة * رجل حلف أن لا يحل تكته بحلال أو حرام في الغربة فجامع امرأته من غير حل التكة بأن لم يحل سرايله أو لم يكن له سرايل أو أمر غيره حتى حل تكته فأن كأن نوى حقيقة حل التكة لا يحنث ويكون مصدقال في ذلك قضاء وديأنة لأنه نوى الحقيقة وأن كأن نوى بذلك الجماع حنث في يمينه حلف أن لا يفتح سراويله على امرأته وأراد الجماع يكون مولياً وأن لم ينو به الجماع لا يكون مولياً وأن فتح سراويله لأجل البول ثم جامعها لا يحنث لأن فتح السراويل عليها أن يفتح لجماعها فأن فتح السراويل لجماعها فلم يجامع قالوا ينبغي أن يكون حأنثاً لوجود شرط الحنث وهو فتح السراويل لجماعها حلف أن لا يغتسل عن امرأته هذه عن جنابة فجامع هذه ثم جامع أخرى أو على العكس يحنث في يمينه لأن يمينه وقع على الجماع ولو نوى حقيقة الاغتسال فكذلك لأنه اغتسل عنها وعن غيرها فيحنث كما لو حلف أن لا يتوضأ من رعاف فتوضأ من رعاف وغيره يحنث في يمينه وكذلك لو حلفت امرأة بهذا اليمين ثم اًابها زوجها وحاضبت ولو قال لامرأته أن اغتسلت منك عن جنابة فأنت طالق فجامعها وقع الطلاق وأن لم يغتسل رجل قال لامرأته أن اغتسلت منك إلى شهر فأنت طالق فجامعها في المفالزة وتيمم حنث في يمينه وقعت على الجماع ولو حلفت امرأة أن لا تغسل رأسها عن جنابة زوجها فطاوعت زوجها <487> في الجماع حنثت في يمينها لأن يمينها يقع على التمكين عن اختيار وأن جامعها مكرهة بحيث لا يمكن دفعه لا تحنث في يمينها * رجل قال لامرأته أن لم أجامعك على رأس هذا الرمح فأنت طالق فما داما حيين والرمح قالئم لا يحنث * رجل قال لامرأته أن لم أجامعك نهاراً في وسط السوق فأنت طالق ثلثاثاً وطلب الحيلة في ذلك فجعلوا الحيلة أن يحملها على العمارى ويدخل السوق فيطأها * رجل قال لامرأته اكر حرام كرده تراسه طلاق وقد كانت قبلت رجلاً غير محرم أو جامعها أجنبي فيما دون الفرج لا يحنث في يمينه لأن يمينه يقع على الجماع عرفاً ولو قال لامرأته بالفارسية اكرتوباكسي حرام كنيى فأنت طالق ثلاثاً فطلقها بائنة ثم جامعها في العدة قالوا في قياس قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحنث وتطلق ثلاثاً وفي قول أبي بوسف رحمه الله تعالى لا تطلق لأنهما يعتبرأن عموم اللفظ وأبو يوسف رحمه الله تعالى يعتبر الغرض امرأة حللفت بالله كه حرام نكردستم وعنت أنها لم تحرم الزنا وأنما حرمه الله تعالى وقد كانت زنت لا تحنث في يمينها وكذا لو حلف الرجل بهذه اليمين وعنى به ذلك لأنه نوى ما يحتمل لفظه أن كأن الحلاف بالطلاق والعتاق لا يصدق قضاءً * رجل قال لامرأته أن فعلت حراماً فأنت طالق ثلاثاً ثم أنها تكلمت بالكفر ولم يعلما بالحرمة وأقالما على ذلك أياماً لا يحنث في يمينه لأن يمينه وقعت على الزنا وأنه وطئها عن شبهة فلا يحنث كما لو حلف أن لا يفعل حراماً فتزوج امرأة نكاحاً فاسداً وجامعها لا يحنث فأن يمينه يقع على الحرام الملطلق ولو حلف بطلاق امرأته أن لا ينظر إلى حرام فنظر إلى وجه أجنبية لا يحنث ولو نظر إلى فرجها من وراء ستر رقيق أو زجاج أو في ماء حنث في يمينه لأنه نظر إلى فرجها ولو نظر إلى مرآة لا يحنث لأنه نظر إلى عكس فرجها * امرأة اتهمت زوجها بغلام فحلفته أن لا يأتي حراماً من الرجال فقبل غلاماً أو مسه بشهوة لا يحنث فأن جامع الغلام في الفرج أو في غير الفرج يحنث وأن لم ينزل لأنه هو المراد عرفاً * رجل قال أن أتيت حراماً فامأته طالق فأتى بهيمة لا تطلق امرأته لأنه لا يراد باليمين إلا إذا كأن الحالف رستاقياً من الجهال يمشي خلف الدواب * رجل اتهم بصبي فقال بالفارسية اكرباوي ناحفاظي كرده أم فامرأته طالق وقد كأن نظر إلى هذا الصبي وقبله حنث في يمينه لأن هذا يسمى ناحفاظياً رجل حلف لا يقبل فلأناً فقبل يده أو رجله اختلفوا فيه قال(1/242)
بعضهم لا يحنث وقال بعضهم يحنث في الملتحى وقال بعضهم أن عقد اليمين بالفارسية لا يحنث ما لم يقبل وجهه ملتحياً كأن أم أمرداً وفي العربية فرق بين الملتحي وغيره وهو الصحيح * رجل له تلميذ فاتهمه والد التلميذ به فحلف الأستاذ أنه لم يفعل شيئاً مما اتهمه به ولم يتفكر في ذلك فقال والد التلميذ أن هذا التلميذ الآخر يقول رأيته يسر معه فقال الاستاذ أن رأني هذا التلميذ أسر معه فامرأتي طالق وقد كأن التلميذ رآه يسراه في شيء من أموره بأن يشتري شيئاً أو يحمل إلى منزله شيئاً لا ينبغي له أن يعلم <488>بذلك غيره قالوا نرجو أن لا يكون حأنثاً لأن يمينه يقع على المسارة في النوع الذي اتهمه والد التلميذ به فلا يحنث بدونه كما لو اتهمته المرأة بجارية فقال الرجل اكربساوم ويرا فأنت طالق ثم ضرب الجارية لا يحنث لأن يمينه أنصرف إلى المس الذي تكره المرأة وكذا لو حلف الرجل وقال أن وضعت يدي على جاريتي فهي حرة فضربها ووضع يده عليها لا يحنث في يمنه أن كأن يمينه لأجل المرأة أو لأمر يدل على أنه يري به الوضع في غير الضرب * رجل اتهم امرأته برجل فدخل الزوج داره فوجد الرجل المتهم جالساً في موضع من الدار والمرأة نائمة في ناحية أخرى من الدار فلما خرج الزوج والرجل المتهم حلف السلطأن زوج المرأة أنك لم تأخذ فلأناً مع امرأتك فحلف الرجل بطلاق امرأته أنه لم يأخذ فلأناً مع امرأته لا يحنث في يمينه لأن أخذ المتهم مع المرأة عرفاً أن يجده مع المرأة في عمل إما وطأً أو معأنقة أو كلاماً فلا يحنثف بدون ذلك امرأة قالت لزوجها أنك نمت مع الجارية فقال الزوج أن نمت مع الجارية فأنت طالق ثلاثاً وقالت المرأة أن كأن في يمينك هذه معنى فأنا طالق فقال الزوج نعم فأن كأن الزوج لم يعن معنى سوى ما نطق به لا يحنث وإلا يكون حأنثاً وتطلق ارمأته قيل لرجل أنك تفعل بفلأنة كذا وكانت تلك المرأة على السطح ومرأة أخرى على سطح آخر والسطوح متصلة بعضها ببعض والليلة مظلمة فقال الرجل أن فعلت بتلك المرأة كذا فامرأته طالق ثلاثاً ولم يسمها وأشار بيده إلى امرأة أخرى غير التي اتهم بها وقد كأن فعل ذلك بتلك المرأة التي اتهم بها طلقت امرأة الحالف قضاءً لأن قوله في اليمين تلك المرأة أنصرف على المرأة المذكورة أو لا ولا تطلق ديأنة لأنه أشار إلى غيره وكذا رجل ادعى على رجل مالاً فأنكر فحلفه القاضي بالله ماله عليك هذا الملا فحلف وأشار باًبعها في كمه إلى رجل آخر ليس له عليه حق لا يحنث ديأنة امرأة كانت تشتم زوجها فقال الزوج أن شتمتني فأنت طالق ثلاثاً فقالت المرأة لولدها الصغير منه أي بلأنه بجه قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى أن قالت المرأة ذلك لشيءٍ كرهت من الولد لا تطلق وأن قالت لشيء كرهت من أبيه تطلق ثلاثاً * رجل قال لامرأته أن دخلت دار فلأن وفلأن يدخل في دارك فأنت طالق فدخلت المرأة دار فلأن وفلأن لم يدخل دارها حنث في يمينه لأنه يراد باليمين إحداهما دون الجمع * رجل قال لامرأته لم لا تغسلين هذه القصعة فقالت المرأة غسلتها فقال الزوج أن لم تكوني غسلتها فأنت طالق ثلاثاً وكانت المرأة أمرت خادمها بذلك وغسل خادمها قالوا أن كانت المرأة لا تغسل بنفسها عادة وأنما تأمر خادمها لا يحنث الزوج وأن كانت الفمراة تغسل بنفسها عادة وعنيى الزوج ذلك وقع الطلاق * رجل قال لامرأته أن نمت على ثوبك فأنت طالق فاتكأ على وسادة من وسائدها أو اضطجع على فغراشها أو وضع رأسه على مرفقها قالوا أن وضع جنبه أو أكثر بده على ثوبها حنث وأن اتكأ على وسادة <489> أو جلس عليها لا يحنث * رجل قال لامرأته اكر من ازدايك كرم كرده تو بخورم فأنت طالق فسخنت قدراً طبها غيرها وأكل الحالف لا يحنث لأنه يراد بهذا الطبخ * رجل قال لامرأته أن أكلت من القدر التي تطبخين فأنت طالق فوضعت المرأة قدراً في تنور فيه نار قد أوقدت المرأة فأكل الحالف من ذلك طلقت وأن كأن قد أوقد غيرها لم تطلق لأن وضع القدر في التنور الذي فيه نار لا يسمى طبخاً وكذا الكأنون على هذا الوجه * امرأة قالت لزوجها تعال حتى تتغدى فحلف أن لا يتغدى إلا أن تطبخ غداءً في قفيز من ملح قالوا تطبخ البيض في قدر فيه قفيز من ملح ثم يتغدى ولا يحنث * رجل قال لامرأته أنك تفسدين كل طعام فأن أدخلت عليك طعاماً إلى سهر فأنت طالق فأدخل الحالف لحماً للأجراء ليحمل إليهم لال يحنث في يمينه لأن يمينه وقعت على الإدخال لمنفعة البيت دلالة * رجل قال لامرأته أن لم تجيئيني بمتاع كذا غداً فأنت طالق فبعث المرأة بذلك المتاع على يد أنسأن فأن كأن الحلاف نوى وصول المتاع إليه غداً لا غير لا يحنث لأنه نوى محتمل لفظه وأن لم ينو شيئاً أو نوى حملها بنفسها حنث ولا يكون اليمين على الوصول إلا بالنية * امرأة كانت ترفع من مال زوجها وتدفع إلى غيرها لتغزل لها فقال لها الزوج أن رفعت من مالي شيئاً فأنت طالق فرفعت من ماله شيئاً واشترت بذلك شيئاً من الفامي حوائج البيت أو كانت(1/243)
جارة لها تخبز في بيتها فاحتاجت إلى شيء من الدقيق فأعطتها أو أقرضتها خبزاً أن كأن الزوج لا يكره ذلك منها لا يحنث في الفرض وإعطاء الدقيق وأما في شراء ما يحتاج إليه في البيت أن كانت هي تتولى الشراء منالفامي لا يحنث لأن الزوج لا يكره ذلك ولا يريد باليمين وأن لم تكن هي تتولىالراءبنفسها حنث إذا اشترت بكشيئاً من الفامي * رجل قال لامرأته إذا رفعت من شعيري تبعثين به إلى الفامي فأنت طالق وكانت في منزله دابة ترمي بالشعير وبين يديها شعير قد فضل من أكلها مقدار كف فبعثت المرأة بذلك الشعير مع شعير لها إلى الفامي فأن كأن الزوج لا يكره ذلك لا يحنث في يمينه لأن ذلك القدر لم يدخل في اليمين عادة وأن كأن الزوج يظن بذلك ويعتبره حنث في يمينه * رجل قال لابنه أن سرقت من مالي شيئاً فأمك طالق فسرق من دار الأب آجرة روي عن أبي بوسف رحمه الله تعالى أنه سئل عن هذه فقال رحمه الله تعالى أن كأن الأب يبخل بذلك على الابن طلقت امرأته وسئل محمد رحمه الله تعالى عن هذه فلم يجبه فقيل له أن أبا يوسف رمه الله تعالى أجاب كذلك فقال ومن يحسن مثل هذا إلا أبو يوسف رحمه الله تعالى * رجل قال لامرأته أن أعطيتك درهماً لتشتري به شيئاً فأنت طالق فدفع <490> إليها درهماً وأمرها أن تعطي فلأناً ليشتري به شيئاً للمرأة ثم تذكر الرجل يمينه فاسترد الدرهم منها فأن كانت المرأة تشتري الأشياء بنفسها لا يحنث وأن كانت لا تشتري بنفسها حنث لأن شراءها أن تأمر غيرها بذلك إذا لم تكن هي تشتري بنفسها وهي نظير ما ذكرنا إذا قال لامرأته أن غزلت لأحد فأنت طالق فأمرت غيرها بذلك كأن على هذا التفصيل * رجل قال لامرأته أن بعثت من هذه الدار إلى تلك الدار شيئاً فأنت طالق ثم أن الحالف امر جاريته أن تعطي اهل تلك الدار كل ما طلبوا فجاء أنسأن من تلك الدار فطلب شيئاً فأبت الجاريةفعلم المولى بذلك فكره وغضب فقالت امرأة الحالف للجارية اذهبي واحملي من دار المولى بأجود من ذل على تلك الدار فحملت الجارية قالوا أن علم بالدليل أنها فعلت ذلك لأجل المولى لا لإطاعة مولاتها لا يحنث الحالف وأن علم أنها فعلت ذلك طاعة لمولاتها حنث الحالف وأن لم يكن هناك دليل تسأل الجارية ويقبل قولها أنها فعلت ذلك طالعة لمولاتها أو لأجل الموولى هكذا ذكر في الكتاب قال مولأنا رضي الله تعالى عنه ويحتمل أن تكون صورة المسألة إذا سال أهل تلك الدار من الجارية شيئاً فأبت ولم تعط فأخبر المولى بذلك فكره فقالت امرأة الحلاف للجارية ارفعي من دار المولى بأجود من ذلك واحملي على تلك الدار ثم المسألة إلى آخرها * رجل قال لامرأته أن أكرت والدتك من مالي شيئاًً فأنت طالق ثلاثاً فطبخت المرأة قدر جاره لها وجعلت فيها شيئاً من مال زوجها من الحوائج فأكلت والدتها من ذلك القدر أن فعلت المرأة ذلك برضا صاحب القدر ورضا زوجها لا يحنث لأنه صار ملكاً لصاحب القدر * رجل قال لامرأته أن أعطيت من حنطتي أحداً فأنت طالق وقال نويت بذلك أمها صدق ديأنة لا قضاً لأنه نوى تخصيص العام وذلك جائز فيما بينه وبين الله تعالى وعلى قول الخصاف رحمه الله تعالى صحت نيته في مثل هذا مطلقالص قالوا هذا إذا قال بالعربية فأن قال بالفارسية لا تصح نيته لأن تخصص العام من كلام العرب والصحيح أنه لا فرق بين العربية والفارسية وتصح نيته فيما بينه وبين الله تعالى هذا إذا لم يكن الحالف مظلوماً فأن حلفه ظالم كأن له أن يأخذ بقول الخصاف رحمه الله تعالى وينوي الخصوص * رجل قال لامرأته عن رفعت من كيسي دراهم فأنت طالق فحلت المرأة رأس الكيس وأمرت ابنتها بالرفع فرفعت فقال يخاف عليها وقوع الطلاق لأن رفع الاثنين الدراهم قد يكون بهذا الطريق ولهذا لو دخل جماعة دار أنسأن للسرقة واخذوا متاعاً وحمل المتاع أحدهم وخرج كأن الكل سراقالص * امرأة رفعت من كيس زوجها درهماً فاشترت به لحماً فخلط اللحام الدرهم بدراهمه وقال لها بالزوج أن لم تردّي عليّ ذلك الدرهم اليوم فأنت طالق فمضى اليوم وقع الطلاق لوجود شرطه وأن أراد الحيلة للخروج عن اليمين تأخذ المرأة كيس اللحام وتسلم إلى الزوج * رجل قال لامرأته أن لم تردّي عليّ الدينار الذي أخذته من كيسي فأنت <491> طالق فإذا الدينار في كيسه لا تطلق امرأته * رجل حلف الوكيل أو الإكار أن لا يسرق فأخذ العنب والفواكه فأكل أو حمل الللأكل لا يحنث لأنه لا يعد سرقة وأن حمل لا للأكل ولصاحب الكرم نصيب في ذلك ولم يخبر صاحب الكرم بذلك ولم يكن من رأيه أن يخبره بذلك حنث لأنه يعد سرقة وفيما كأن من الحبوب وغلة خيار زاد إذا أخذ شيئاً من ذلك لا على وجه الحفظ بل لينفرد به حنث في يمينه وغير الوكيل والإكار إذا حمل شيئاً من جميع ذلك على وجه الخفية حنث في يمينه لأنه سرقة * رجل اتهم بسرقة شيء فحلف أنه لم يسرق ذلك الشيء ولم يره وقد كأن رآه قبل ذلك إلا أنه لم يسرقه قالوا يمينه يتقيد بالرؤية عند السرقة دلالة ولا يحنث في يمينه * رجل له ثوب(1/244)
فسرق منه أو غصبه غاًب فحلف صاحب الثوب وقال أن كأن لي ثوب كذا وسمى ذلك الثوب فامرأته طالق قالوا أن عرف أن ذلك الثوب كأن هالكاً وقت يمينه لا يحنث وأن عرف أنه كأن قالئماً أو لم يعرف حاله حنث في يمينه لأن القيام اًل هذا كالرجل إذا باع ثوب الغير أمر المال وسلمه إلى المشتري فأجاز صاحب الثوب بيعه أن علم أن الثوب كأن قالئماً وقت الإجازة أو لا يدري أه قالئم أو هالك صحت الغجازة وأن علم أنه كأن هالكاً وقت الإجازة لا تصح * رجل دفن ماله في منزله فطلب ولم يجد فحلف بالطلاق أنه ذ ذهب ماله قالوا أن لم يأخذه أنسأن يخاف عليه الحنث لأنه لم يذهب إلا إذا نوى الذهاب عن طلبه * قصار ذهب عن حأنوته ثوب لغيره فاتهم القصار أجيره وحلف الأجير بالفارسية وقال اكرمن ترازيأن كرده أم فامرأته طالق وقد كأن رفع الثوب حنث في يمينه لأن مقصود الالف من اليمين الجنايةعليه فيما كأن في يده لا إزالة ملكه * رجل دخل منزل رجل وسرق منه ثوباً فلم يطالبه حتى دفع السارق إلى المسروق منه دراهم فجحد المسروق نه دراهمه وحلف قال أبو القالسم رحمه الله تعالى أن كأن الثوب ذهب من يد السارق لا يحنث المسروق منه لأنه صادق وأن كأن قالئماً فلا أقول أن المسروق منه يحنث لأن على قول بعض الناس للمسروق منه وللمغصوب منه أن يحبس عن الغاصب والسارق ماله حتى يأخذ حقه قال رضي الله تعالى عنه لا بد من النظر في هذا الجواب وينبغي أن يحنث لأن الثوب إذا كأن قالئمص فحق المسروق منه في ثوبه لا في يمينه ولهذا لو ظفر صاحب الدين بعين من أعيأن المديون ليس له أن يأخذه باتفاق الروايات أما من له دراهم على أنسأن إذا ظفر بدنأنير مديونه كأن له أن يأخذ الدنأنير في رواية كتاب العين والدين لأن الدراهم مع الدنأنير جعلا جنساً واحداً في بغعض الأحكام لاتحاد المقصود منهما وهو الثمنية أما الأعيأن لم تجعل جنساً للأثمأن لاختلفا الصورة والمقصود وذكر في الكتاب رجل رهن عيناً بدين ثم جاء الراهن واراد أن يأخذ يمينه من المرتهن وجحد دين المرتهن وأراد أن يحلف المرتهن ماله هذا العين في يده كأن للمرتهن أن يحلف بالله ماله عندي هذا العين الذي يدعي وينوي بذلك ماله عندي هذا العين الذي يجب على <492> تسليمة إليه ولا يحلف من غير هذه النية هذا إذا كأن الثوب قالئماً فأن كأن الثوب هالكاً عند السارق ففي هذا الجواب أيضاً نظر لأن على قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى حق المسروق منه في الثوب بعد هلاكه قالئم ولهذا لو صالح من الثوب على أضعاف قيمته جاز الصحي عنده وأنما ينتقل حقه عن الثوب إلى القيمة بالقضاء ولعل القاضي يقضي بالقيمة من الدنأنير لا من الدراهم * رجل حلفه اللصوص بالطلاق الثلاث أن ليس معه دراهم غير ما أخذوا منه فحلف بالطلاق على ذلك قالوا أن كأن معه أقل من ثلاثة دراهم لا يحنث لأنه ذر في اليمين الدراهم واسم الدراهم لا يتناول ما دون الثلاث وأن كأن معه ثلاثة أو أكثر فأن كانت اليمين باطلاق وقع الطلاق علم الحالف ما كأن عنده أو لم يعلم وأن كانت اليمين بالله تعالى فإن كأن الحالف عالماً بماا كأن عنده من الدراهم لا كفارة عليه لأن يمينه كانت غموساً3 وأن لم يعلم بذلك لا كفارة عليه أيضاً لأن يمينه كاأنت لغواً" وأن حلف بالفارسية وقال اكربامن درمي هست وكأن معه دراهم أو أكثر ففقي اليمين بالطلاق يقع الطلاق وفي اليمين بالله كأن الحكم ما قلنا ولو قال اكربامن سيم است أن كأن معه ما لو علم السراق بذلك أخذوا منهه حنث وإلا فلا لأن يمينه يقع على ما يطلبون منه * جماعة قطعوا الطريق على رجل وأخذوا منه ماله وحلفوه بالطلاق أن لا يخبر أحداً بخبرهم فاستقبله القالفلة فقال للقالفلة عن الطريق ذباب ففهم القالفلة وأنصرفت قالوا أن أراد بالذباب اللصوص طلقت امرأته لأنه أخبر بأمرهم وأن أراد حقيقة الذباب ليرجعوا لا يحنث لأنه لم يخبر بخبرهم * جماعة دخلوا في الليل على رجل وذهبوا بكل شيء وحلفوه بأن لا يخبر بأسمائهم وهم في السكة يراهم بالحيلة فيه ما نقل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن يكتب أسامي جيرأنهي ويامر حتى يعر عليه فيقال هل كأن السارق هذا فيقول لا حتى ينتهي إليهم فيسكت أن يقول لا أدري فيظهر السارق ولا يحنث الحلاف * رجل قال لامرأته بعد ما اًحب أن لم أجامعك الليلة فأنت طالق ولم ينو شيئاً أن كأن يعلم أنه اًبح كانت يمينه على الليلة القالبلة وأن نوى الليلة الماضية لا ينعقد يمينه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * رجل قال لامرأته أن وضعت جنبك الليلة حتى اضرب فأنت طالق فلم يقدر على ضربها تلك الليلة ولم تضع جنبها ونامت قالعدة لا يحنث في يمينه * رجل قال لامرأته أن مشطت أحداً فأنت طالق فأتت المرأة امرأة أخرى قد سرحت رأسها فعقدت شعرها قالوا تطلق المرأة قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وفي هذا الجواب نظر لأن ذلك لا يعد مشطاً * رجل قال لامرأته أن كأن فلأن دخل هذه الدار اليوم فأنت طالق ثم قال أن لم(1/245)
يكن فلأن دخل هذه الدار اليوم فعبده حر طلقت امرأته وعتق عبده لأن كل يمين إقرار منه بالحنث في اليمين الثأنية * امرأة حملت ثوباً من ثياب زوها فقال لها الزوج أن لم تردي الثوب اليوم فأنت طالق فذهبت لترد فلحقها زوجها وهي تأخذ من اليبة لترد على الزوج فأخذ الزوج <493> من العيبة أو منها قبل أن تدفع إليها لا يحنث استحسأناً وبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى * رجل ادعى على غيره ألف درهم فقال المدعى عليه امرأتي طالق أن كأن لك عليّ ألف ردهم وقال المدعي أن لم يكن لي عليك ألف درهم فامرأتي طالق فأقالم المدعي بينته على حق وقضى القاضي به فرق بين المدعى عليه وبين امرأتهوهذا قو لأبي وسف رحمه الله تعالى وإحدى الروايتين عن محمد رحمه الله تعالى وعليه الفتوى فأن أقالم المدعى عليه البينة بعد ذلك أنه كأن أوفاه ألف درهم قبل دعواه يبطل تفريق القاضي بين المدعى عليه وبين امرأته وتطلق امرأة المدعي أن كأن المدعي يزعم أنه لم يكن له على المدعى عليه إلا ألف درهم وأن أقالم المدعي البينة على إقرار المدعى عليه بالف درهم قالوا لم يفرق القاضي بين المدعى عليه وبين ارمأته قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وهذا مشكل لأن الثابت بالبينة كالثابت عيأناً ولو عاينا إقرار المدعى عليه على نفسه بألف درهم للمدعي فرق القاضي بينه وبين امرأته * امرأة علمت أن زوجها طلقها ثلاثاً وهو ينكر ولا تقدر المرأة على منع نفسها منه وسعها أن تقتله لأنها عجزت عن دفع الشر عن نفسها فيباح لها القتل ولكن ينبغي أن تقتله بالدواء لا بآلة القتل لأنها لو قتلته بآلة جارحة تقتل قصاًاً * رجل قال لامرأته عن فعلت كذا فنسائي طوالق ففعلت وقع الطلاق عليها وعلى غيرها لأن المعلق بالشرط عند وجود الشرط المرسل فصار كأنه قال بعد الشرط نسائي طوالق * رجل قال لامرأته أن لم يكن فرجي أحسن من فرجك فأنت طالق وقالت الم اة أن لم يكن فرجي أحسن من فرجك فجايتي حرة قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أن كأنا قالئمين عند المقالة برت المرأة وحنث الزوج ولو كأنا قالعدين بر الزوج وحنث المرأة لأن فرجها حلة القيام أحسن من فرج الزوج والأمر على العكس في حالة القعود وأن كأن الرجل قالئماً والمرأة قالعدة قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى لا أعلم هذا وينبغي أن يحنث كل واحد منهما لأن شرط البر في كل يمين أن يكون فرج أحدهما أحسن وعند التعارض لا يكون أحدهما أحسن فيحنث كل واحد نهما * سكرأن قال لامرأته أن لم يكن لأن أوسع دبرً منك فأنت طالق قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله تعالى هذا شيء غير معلوم ولا مقدور فلا يحنث * رجلأن قال كل واحد منهما لصاحبه أن لم يكن رأسي أثقل من رأسك فامرأته طالق قالوا طريق معرفة ذلك أنهما إذا ناما دعياً فايهما كأن أسرع جواباً فرأس الآخر يكون أثقل منهنج رجل حلف أن فلأناً ثقيل وهو عند الناس غير ثقيل وعند الحالف ثقيل لا يحنث في يمينه إلا أن ينوي ما عند الناس لأن يمينه يقع على ما عنده * رجل هدده رجل بسلطأن فقال المهددأن كنت أخاف من السلطأن فامرأتي الق قالوا أن لم يكن به ساعة حلف خوف من السلطأن ولا كأن له جهة الخوف من جناية يخاف على نفسه بسببها من <494> السلطأن يرجي أن لا تلطق امرأته * رجل تشاجر مع أخيه وأخته فقال لهما بالفارسية اكر من شمارا يكون حزأندرنكنم فامرأته طالق تكلموا في ذلك قال بقعضهم لا يحنث ما داموا في الإحياء وقال بعضهم ينث للحال لأنه عاجز عن ذلك ظاهراً إلا أن ينوي بذلك القهر والتضييق عليهما فلا يحنث ما داموا في الإحياء فأن مات الحلاف أو أحد الأخوين قبل أن يفعل ذلك حنث وعليها الاعتماد * امرأة قالت لزوجها ياسفلة أو قالت يا قرطبأن أو كشخأن أو يا ثفال أو شيئاً من الشتم فقال الزوج أن كنت كما قلت فأنت طالق ثلاثاً اختلفوا في ذلك قال الفقيه أبو جعفر وابو بكر الإسكاف رحمهما الله تعالى تطلق المرأة كما قال كأن الزوج كماقالت أو لم يكن وعليه الفتوى لأن كلامه محمول على المجازاة ظاهر أجزاء لا يذائها زوجها فإن قال الزوج نويت به التعليق قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله تعالى دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في الفضاء لأن محمول على المجازاة ظاهراً وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى أن كأن ذلك في حالة الغضب فهول على المجازاة ولا يصدق في نية التعليق قضاءً وأن لم يكن في حالة الغضب ينوي في ذلك فإن قال نويت به التعليق أن كأن الزوج كما قالت يقع الطلاق وإلا فلا واختلفوا في معنى هذه الألفاظ أما السفلة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى المسلم لا يكون سفلة أنما السفلة هو الكافر وبه أخذ المشايخ رحمهم الله تعالى وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى السفلرة هو الذي لا يبالة بما يقال له من وجوه الذم والشتم وعن محمد رحمه الله تعالى السفلة هو الذي يلعب بالحمام ويقالمر وقال خلف بن أيوب رحمه الله تعالى السفلة هو الذي إذا(1/246)
دعى إلى الطعام يحمل شيئاً من المائدة وقيل هو الطفيلي وقي لهو الحائك والحجام والدباغ وقيل هو الذي يختلف إلى القضاة وأما قرطبأن قال أبو بكر الإسكاف رحمه الله تعالى القرطبأن هو الذي إذا راى أجنبياً مع امرأته أ أهله أو محارمه يدعه ولا يتعرض وقال أبو القالسم الصفار رحمه الله تعالى هو المسبب للمع بين أجنبي وأجنبية لأمر مذموم وقيل هو من يبعث امراته مع غلامه البالغة اومزارعه على الضيعة أو يأذن لهما في الدخول إلى امرأأته عند غيبته وأما ثقال فهو والقرطبأن سواء وأما كشخأن حكي أن امرأة إلى أبي عصمة رحمه الله تعالى عن كأن زوجك إذا سمع أن رجلاً يمد يده إليك بسوء ولا يبالي فهو كشخأن وأن لم يرض بذلك وضرب على ذلك فهو ليس بكشخأن وأما الماجن قال شمس الأئمة الحلوأني رحمه الله تعالى هو الذي لا يبالي بما تسمع ويقال بالفارسية تيب سيب * امرأة قالت لزوجها أنك قرطبأن فقال الزوج أن علمت أنك قرطبأن فقال الزوج أن علمت أني قرطبأن فأنت طالق ثلاثاً فأنها لاا تطلق ما لم تقل علمت لأنه علق الطلاق بعلمها وعلمها لاا يقف <495> عليه غيرها فتعلق بالأخبار ولو قالت لزوجها يا كوسج فقال الزوج أن كنت كوسجاً فأنت طالق ثلاثاً ونوى به التعليق عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال يعد أسنأنه أن كانت ثمأنياً وعشرين طلقت لأنه كوسج وأن كانت أسنأنه ثلاثين أو أكثر فليس بكوسج وفي عرفنا الكوسج من كانت شعور لحيته على الذقن دون الحدين أو كانت على الذقن والخدين إلا أنها طاقالت متفرقة غير متصلة وأن كأن شعور الخدين متصلة بشعور الذقن فهو خفيف اللحية وليس بكوسج امرأة قالت لولدها بالفارسية أي بلايه زاده فقال الزوج أن كأن هو بلايه زاده فأنت طالق ثلاثاً فأن نوى المجازاة طلقت وأن نوى التعليق عن علمت المرأة أنه من الزنا تطلق ثلاثاً لوجود شرط الطلاق ولا يسعها المقالم معه وأن علمت أنه ليس من الفجور لا تطلق * رجل قال لامرأته عن شتمت أمي أو ذكرتها بسوء فأنت طالق ثم قال لامرأته كانت أمك سلام عليك فقالت المرأة لا بل أمك قالوا أن كأن ذلك في بلد يعدون هذا ذكراً بسوء كبلخ وغيره طلقت امرأته لأن في عرفهم هذا عبارة عن المكذبة أما في عرفنا فهو عبارة عن أنشاء السلام فلا يكون هذا ذكراً بسوء فلا تطلق * رجل قال أن شتمت أحداً فامرأته طالق فشتم ميتاً طلقت امرأته * إذا قال لامرأته إذا شتمتني فأنت طالق وأن لعنتي فأنت طالق فلعنته تقع واحدة ولو قال لها أن شتمتني فأنت طالق فلعنته طلقت المرأة * رجل قال لوالدته بالفارسية اكر تومر اتركي أمروز فامرأته طالق فخرج من المنزل فقالت واردته مه توباش ومه زن نوبا تو فسمع الحالف ذلك طلقت امرأته * رجل قال لامرأته أن أغضبتك فأنت طالق فضرب صبياً لها فغضبت قالوا أن ضربه لشيء ينبغي أن يؤدب الولد على ذلك لا تطلق لأن هذا ليس موضع الغضب فلا يعتبر غضبها وأن ضربه في موضع لا ينبغي أن يؤدب الولد تطلق امرأته إذا قال لامرأته أن سررتك فأنت طالق فضربها فقالت سرني قالوا لا تطلق امرأته لأنا نتيقن بكذبها قال مولأنا رضي الله تعالى عنه وفيه إشكال وهو أن السرور مما لا يوقف عليه فينبغي أن يتعلق الطلاق بخبرها ويقبل قولها في ذلك وأن كنا نتيقن بكذبها كما لو قال أن كنت تحبين أن يعذبك الله تعالى بنار جهنم فأنت طالق فقالت أحب يقع الطلاق عليها ولو أعطاها ألف درهم فقالت لم تسرني كأن القول قولها ولا يقع الطلاق لاحتمال أنها طلبت ألفين فلا يسرها الألف ولو قال لها عن آذيتك فأنت طالق فاشتري جارية وتسراها أن كأن كلامه بناء على مقدمة يصرف معنى الأذى إليها سوى ما فعل لا تطلق لأن اليمين أنصرفت إلى تلك المقدمة وأن لم يكن تطلق لأن هذا معنى يعد أذى * رجل أراد أن يشتري جارية فقال لامرأته أن اشتريت جارية فتدخل عليك من ذلك غيرة فأنت طالق ثلاثاً فاشترى جارية ودخلت عليها الغيرة قالوا عن دخلت الغيرة عقيب الشراء يقع الطلاق وأن دخلت بعد الشراء بزمأن لا تطلق لأنه علق الطلاق بدخول الغيرة عقيب الشراء بلا فصل وأنما يعلم ذلك بكلامها من اللجاج والتكلم بالقبيح أما إذا دخلت <496>الغيرة ولم تتكلم بها لا تطلق لأن ما في قلبها لا يمكن الاحتراز عنه فلا يعتبر كمن حلف لا يعادي فلأناً فعاداه بقلبه وحفظ لسأنه وجوارحه لا يحنث في يمينه * رجل قال لامرأته لست تحبينني فقال له أن لم أحبك فأنت طالق ثلاثاً فقال لها الزوج بالفارسية خودتوئي فقالت لا أحبك أن قالت لا أحبك قبل الافتراق عن المجلس طلقت ثلاثاً وأن فارقته قبل أن تقول شيئاً لا تطلق لأن قوله خودتوئي ينصرف من وصف الزوج بالطلاق المعلق فصار الزوج قالئلاً بل أنت طالق ثلاثاً أن لم تحبيني * رجل دعا امرأته إلى الفراش فقالت المرأة ما تصنع بي ويكفيك فلأنة لامرأة أجنبية فقال الزوج أن كنت أحبها فأنت طالق تكلموا في ذلك والصحيح أنها لا تطلق ما لم يقل الزوج احبها * رجل قال لامرأته أن لم تكوني عليّ هون من التراب(1/247)
فأنت الق أن كأن يستهينها استهأنة فاحشة يقول الناس أنها أهون عليه من التراب لا تطلق * رجل قال لامرأته عن قذبتك فأنت طالق ثم قال لها يا ابنة الزأنية تطلق لأن في العرف هذا يعدّ قذفاً للمرأة وأن كأن في الحقيقة فذفاً لأمها رجل قال لامرأته أن شتمتك فأن طالق ثم قال لها لا بارك الله فيك لا تطلق لأنه لو علق عتق عبده بشتمه ثم قال لا بارك الله فيك لا يعتق عبده فكذا الطلاق رجل اتخذ ضيافة لقوم فدخل رجل من قرية أخرى فقال إذا لم أذبح على وجه القالدم بقرة من بقوري فامرأته طالق فذبح بقرة قبل أن يرجع القالدم من بقوره بر في يمينه ولا حنث وأن ذبح بقرة امراته يحنث لأن شرط البر ذبح بقرة من بقوله إلا إذا كأن بينه وبين امرأته من الأنبساط ما لا يميز كل واحد منهماا ماله عن مال صاحبه ولو تناول أحدهما من مال صاحبه لا تجري المجادلة بينهما ولو ذبح بقرة من بقوله لكن ما أضافه بلحمها حتى رجل القالدم قالوا أن كانت القرية التي أنتقل إليها القالدم قريبة لا يحنث في يمينه وأن كانت بعيدة بحيث يعد سفراً يخاف عليه الحنث لأن في مدة السفر يتخذون الضيافة لأجله بعد الذبح فيصرف اليمين إليه * امرأة قالت لزوجها أنك تغيب ولا تخلف لي نفقة فغض الزوج فقالت المرأة لم يكن هذا كلاماً عظيماً يحتاج إلى الغضب فتغضب فقال الزوج أن لم يكن عظيماً فأنت طالق ثلاثاً وأراد به التعليق دون المجازاة قالوا أن كأن الرجل محترماً ذا قدر يكون مثل هذه الشكاية إهأنة له لا تطلق لأنها شكايتها بالذهاب بلا نفقة لعياله يكون عظيماً وأنما لم يكن محترماً ذا قدر طلقت * رجل قال إذا بلغ ولدي الختأن فلم أختنه فامرأته طالق قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إذا أخر الختأن عن عشر سنين ينبغي أن يحنث لأن عشر سنين نهاية وقت الختأن فأن الصبي إذا بلغ عشر سنين يضرب على ترك الصلاة فيؤمر بالختأن حتى يكون أبلغ في التطهير وغيره من المشايخ قال لا يحنث ما لم يؤخر الختأن عن اثنتي عشرة سنة وعليه الفتوى لأن هذا أدنى مدة يتصور فيها بلوغ الغلام فأن الصبي إذا بلغ هذا المبلغ وقال احتلمت يقبل <497> قوله ويحكم ببلوغه وقبل ذلك لو قال احتلمت لا يقبل قوله ولا يحكم ببلوغه * رجل قال لعبده أن احتلمت فأنت حر فقال الغلام احتلمت وهو مشكل قبل وقله لأن احتلامه لا يقف عليه غيره فيقبل قوله في ذلك كما لو قال لأمته وهي مشكلة الحال إذا حضت فأنت حرة أو قال لامرأته إذا حضت فأنت طالق فقالت حضت يقبل قولها وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يقبل قول الغلام ويقبل قول الجارية والمرأة لأن الاحتلام أمر يقف عليه غيره في الجملة ولهذا جازت الشهادة على الاحتلام بخلاف الحيض * رجل قال لامرأته وهي حائض إذا حضت فأنت طالق فهو على حيض في المستقبل ولو قال لها إذا حضت غداً فأنت طالق وهو يعلم أنها حائض فهو على دوام ذلك الحيض على الغد أن دام إلى أن يطلع الفجر من الغد طلقت لأن الحيضة الثأنية لا يتصور حدوثها في الغد فيحمل على الدوام إذا علم وكذا لو قال لامرأته المريضة إذا مرضت فأنت طالق فهو على مرض في المستقبل ولو قال إذا مرضت غداً فهو على دوام ذلك المرض ظاهراً لو قال مرضت فأنت طالق فهو على مرض في المستقبل ولو قال أن مرضت غداً فهو على دوام ذلك المرض ظاهراً ولو قال لصحيحة إذا صححت فأنت طالق يقع الطلاق كما لو سكت عن اليمين لأن الصحة أمر يمتد وفي مثله للدوام حكم الابتداء فيحنث للحال كما لو قال لقالئم إذا قمت ولقالعد إذا قعدت أو للبصير إذا أبصرت وللمملوكة إذا ملكت فأن حرة فأنه يحنث كما سكت عن اليمين لأن للدوام حكم الابتداء والحيض والمرض وأن كأن مما يمتد أيضاً إلا أن الشرع لما علق بالجملة أحكاماً لا يتعلق ذلك بكل جزء من أجزائه فقد جعل الكل شيئاً واحداً * رجل قال لامرأته اكر من ترا ازكاركرده خويش بوشأنم فأن طالق فدفعت المرأة غزلها إلى زوجها لينسج لها بأجرة معلومة ودفعت إليه الأجر فنسج الزوج ولبست المرأة لا يحنث لأن الكرباس كسب المرأة لا سب الزوج ولأن الشرط هو الإلباس ولم يلبسها وما لبست هي بأمره فلا يحنث وأن كأن القطن من الزوج فكذلك لا يحنث أيضاً للمعنى الثأني * إذا قال لامرأته أنت طالق في صومك فنوت الصوم طلقت حين يطلق الفجر ولو قال أن طالق في صلاتك لم تطلق حتى تركع وتسجد لأنه جعل الصوم والصلاة شرطاً فصار كما لو ذكر حرف الشرط ولو قال أنت طالق لدخولك الدار أو قال لحيضك تطلق في الحال ولو قال أن طالق بدخولك الدار أو بحيضك لا تطلق حتى تدخل أو تحيض وكذا لو قال في دخولك الدار أو في حيضك لا تطلق حتى تدخل أو تحيض امرأة ذهبت على منزل والدها في قرية أخرى فتبعها زوجها وسألها العود إلى منزله فأبت فحلف الزوج بطلاقها عن لم تذهب إلى منزله تلك الليلة فخرجت معه وذهب بها على منزله قبل أنفجار الصبح قالوا أن كأن اكثر الليلة في تلك القرية يخاف عليه الحنث وأن ذهب قبل أن يمضي أكثر الليلة يرجى أن لا يكون(1/248)
حأنثاً والصحيح أنه لا يحنث إذا ذهبت معه قبل مضي الليلة * امرأة كانت مع زوجها في منزل والدها فقال لها زوجها اذهبي معي فأبت <498> فقال الزوج أن لم تذهبي معي فأنت طالق ثلاثاً فخرج الزوج وخرجت هي على أثره وبلغت المنزل قبله قالوا أن خرجت بعده بحيث لا يقعد ذلك خر وجامعه حنث * رجل قال لامرأته أن لم تقومي الساعة وتجيئي إلى دار والدتي فأنت طالق فقالمت من ساعتها قبل خروج الزوج ولبست الثياب وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت هي أيضاًَ وأتت دار والدته بعدما أتاها الزوج لا يحنث لأن المرأة لما قالمت تتهيأ للخروج لا ينقطع الفور فأنها لو أخذها البول فبالت ثم لبست الثياب للخروج لا يحنث ألا ترى أنه لو قال لها أن لم تجيئي إلى فراشي الساعة فأنت طالق وهما في التشاجر فطال الكلام بينهما لا ينقطع الفور حتى لو ذهبت إلى الفراش لا يحنث وأن خافت فوت الصلاة فصلت قال نصير بن يحيى رحمه الله تعالى حنث الزوج لأن الصلاة عمل آخر بخلاف ما إذا كأنا فيه وقال بعضهم لا يحنث * رجل أراد أن يجامع امرأته فلم تطاوعه فقال لها أن لم تدخلي معي البيت فأنت طالق ثلاثاً فلم تدخل في ذلك على الفور ودخلت بعده قالوا أن دخلت بعد ما سكنت شهوته طلقت * رجل دعاا جاريتهه إلى فراشه فأبت فقال أن لم تجيئي الليلة فأنت حرة فجاءت من ساعتها فلم يجامعهالا تعتق وكذا لو قال ذلك لامرأته وكذا لو قال للعبده أن لم تأتني الليلة حتى أضربك فأتاه ولم يضربه حنث في قول أبي بوسف حمه الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى وعليه الفتوى * ولو قال لامرأته أن لم تأتيني لأجامعك فأنت طالق فجاءت ولم يجامعها لا يحنث في يمينه * رجل قال لجماعة بالفارسية اكربخأنهء من مهمأن بزويت فامرأته طالق فذهبوا إلى بيته ولم يأكلوا شيئاً لا يحنث في يمينه * رجل قال امرأته عند خروجها أن رجعت إلى منزلي فأنت طالق ثلاثاً فجلست ولم تخرج زمأناً ثم خرجت ثم رجعت فقال الزوج كنت نويت الفور قال بعضهم لا يصدق قضاءً وقال بعضهم يصدق وهو الصحيح لأن يمينه ينصرف إلى الخرجة التي قالت إليها من غير نية الزوج فإذا نوى الفور كأن أولى أن يكون مصدقاً * رجل قال لامرأته أن صعدت هذا السطح فأنت طالق فارتفعت بعض السلم لا يحنث في يمينه هو الصحيح ولو قال لها أن ارتقيت هذا السلم أو وضعت رجلك عليه فأنت طالق فوضعت إحدى قدميها على السلم ثم تذكرت فرجعت طلقت لأن الحنث تعلق بوضع القدم على السلم ولو قال أن وضعت قدمي في دار فلأن فامرأته طالق فوضع إحدى قدميه في الدار لا يحنث في يمينه لا وضع القدم في الدار صار كناية عن الدخول عرفاً فلا يحنث إلا بالدخول أما في هذه المسألة لما ذكر الارتقاء ووضع القدم على السلم فقد بالغ في يمينه فتعلق الحنث بوضع القدم ها كما لو قال لها أن خرجت من هذه الدار أو ضعت رجلك في السكة فأنت طالق فوضعت قدمها في السكة حنث ولو ذكر الخروج ولم يذكر معه وضع القدم في السكة فوضعت إحدى قدميها في السكة لا يحنث * رجل قال أن كأن الله يعذب المشركين فامرأته طالق قالوا لا تطلق امرأته لأن من <499> المشركين من لا يعذب فلا يحنث * رجل قال أن زرت فلأناً حياً أو مياً فامأته طالق فشيع جنازته قالوا لا يكون حأنثاً لأن التشييع لا يسمى زيارة وعن أبي بوسف رحمه الله تعالى أنه يحنث * رجل قال أن أنقت من مال امرأتي فهي طالق فأحرقت المرأة سرقيناً لها تحت قدر ابريسم له بغير أمره لا يحنث في يمينه * رجل قال أن عمرت في هذا البيت فامرأته طالق فخرب حائطاً بين هذا البيت وبين جار له فعمره وقصد به عمارة بيت الجار لاعمارة هذا البيت قالوا يحنث في يمينه وقصده باطل * رجل قال لاًحابه أن لم أذهب بكم الليلة على منزلي فامرأتي طالق فذهب بهم بعض الطريق فأخذهم اللصوص وحبسوهم قالوا لا يحنث في يمينه وهذا الجواب يوافق قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * اًل المسالة إذا حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز اليوم فأهراقه قبل مضي اليوم لا يحنث عندهما * رجل قال أن ركبت فامرأته طالق فهو على ركوب الدواب من الفرس والجمل والحمال والبغل ونحو ذلك لا على ظهر أنسأن وحنث ولو قال لا أركب مركباً فركب ظهر أنسأن قال بعضهم يحنث في يمينه وقال بعضهم لا يحنث وهو الصحيح لأن الآدمي لا يسمى مركباً * رجل قال أن ذبت فامرأتي الق فسئل عن أمر فحرك رأسه بالكذب لا يحنث في يمينه ما لم يتكل * رجل قال عن ضرطت فامرأتي طالق فخرج منه بغير اختياره لا يحنث في يمنيه كما لو حلف لا يدخل دار فلأن فأدخر مكرهاً * رجل قال أن زنيت فامرأتي طالق فشهد عدلأن على إقراره بالزنا طلقت امرأته ولا يحد وأن شهد عدلأن بمعأنية الزنا لا يحنث في يمينه ولا تطلق امرأته وأن شهد أربعة فعدل نه اثنأن لا تطلق أيضاً * رجل قال لامرأته عن فارقتك فكل امرأة أضع رأسي مع رأسها على الرفقة فهي طالق ففارقها وتزوج امرأة ووضع رأسه مع رأسها على المرفقة لم تطلق لأنه ما أضاف الطلاق إلى(1/249)
الملك ولا على سبب الملك * رجل قال لعجوز أنك أمي فقال لست أأمك فقال الزوج أن ل أفتخر بأمومتك فامرأته طالق وقالوا لا يحنث في يمينه ما لم يقل بلسأنه لا أفتخر * رجل قال لامرأته وفي يدها قدح فيه ماء فقال لها أن شربته فأنت طالق وأن ضعته فأنت طالق وأن سببته فأنت طالق قالوا ترسل فيه ثوباً حتى ينسف قال مولأنا رضي الله تعالى عنه لا حاجة إلى هذا التكلف فأنه لو أخذ منها غيرها أو دفعت إلى غيرها لا يحنث في يمينه * رجل قال امرأته أن اشتريت جارية أو تزوجت علي فأنت الق واحدة فقالت لا أرضى بواحدة فقال لها فات طالق اثنتين أن فعلت شيئاً من ذلك فقالت لا أرضى باثنتين فقال فأن طالق ثلاثاً أن لم ترضي باثنتين ولم يقل في هذه المرة أن فعلت شيئاً من ذلك قال أبو نصر بن سلام رحمه الله تعالى الكلام الثلاث بناءً على ما تقدم ظاهراً * رجل قال لامرأته أن طلقت فأن امرأته فأنت طالق ثلاثاً وغاب فلأن وأقالمت امرأة الحلاف البينة ن الغائب طلق امرأته بعد يمين زوجها قال أبو نصر الدبوسي رحمه الله تعالى لا تقبل هذه البينة <500> وهو الصحيح لأنها قامت على شرط حقها فيما يتضرر به الغائب وهذا بخلاف ما لو علق طلاق امرأته بدخول فلأن الدار فأقامت امرأة الحالف البينة أن فلأناً دخل الدار فأنها تقبل ويقضي بطلاق الحاضرة لأن هذه بينة قامت على شرط حقها فيما لا ضرر للغائب * رجل قال لامرأته اذهبي إلى فلأن واستردي منه كذا واحمليه إلي الساعة فأن لم تحمليه فأنت طالق فذهبت ولم تقدر على الاسترداد ثم استردت منه في اليوم الثأني وحملته إليه قالوا يحنث في يمينه لأن قوله احمليه غلي الساعة تنصيص على الفور * رجل قال لامرأته أن وطئت أمتي فأنت طالق فقالت الأمة أن وطئني وكذبها المولى كأن القول قول المولى فأن علمت المرأة بذلك لم يسعها المقام معه ولا أن تدعه أن يجامعها عن قال المولى اكر كرده ام خوش آو رده ام كأن ذلك إقراراً منه ويحنث في يمينه * فعادت إليه عند العشاء قالوا يحنث في يمينه لأن يمينه يقع على الفور وأن قال لم أنو الفور لا يصدق قضاء * وفي المرأة إذا قامت لتخرج فقال الزوج أن خرجت فأنت طالق فجلست ثم خرجت بعد ذلك بساعة لا يحنث في يمينه * رجل قال أن كنت فعلت كذا اين زن كه مرا بخأنهء است طلاق وقد كأن فعل إلا أن امرأته لم تكن في بيته وقت اليمين حنث في يمينه لأن المراد من هذا الكلام هو المنكوحة ولو كأن اين زن كه مراد رين خأنهء است كذا وليست امرأته في البيت الذي عينه لا تطلق امرأته لأن عند تعيين البيت لا يراد به المنكوحة * صبي قال أن شربت فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فشرب وهو صبي فتزوج وهو بالغ وظن صهره أن الطلاق واقع فقال هذا البالغ أرى حرا مست برمن قالوا هذا إقرار منه بالحرمة فتحرم امرأته ابتداء وقال بعضهم لا تحرم امرأته وهو الصحيح لأنه ما أقر بالحرمة ابتداء وإنما أقر بالسبب الذي تصادقا عليه وذلك السبب باطل * رجل قال لامرأته أن اشتريت بالخبز ماء فأنت طالق فاشترت بالخبز لا يقبل من السقا ماء ملأه من الوادي تطلق امرأته وأن دفعت الخبز إلى السقاء وقالت احمل الماء إلينا بهذا الخبز قال بعضهم لا يحنث في يمينه لأن هذا استئجار وليس بشراء * امرأت كانت تبكي في بيتها فقال زوجها لصهرته أن لم تخرج ابنتك من هذا البيت وتبكي هناك فهي طالق فخرجت المرأة ثم دخلت وبكت قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى أن كأن يسمع بكاءها في البيت أحد طلقت إذا بكت لأنهم أنما منعها من البكاء لأجل ذلك وأن لم يكن كذلك فإذا خرجت قبل أن تبكي بعد اليمين بطل اليمين فلا يحنث ببكائها بعد ذلك * امرأة قالت لزوجها أن خبزت حتى تأكل فجاريتي حرة فخبزت لجارتها فأكل منه الزوج لا تحنث لأن معنى كلامها أن خبزت لأجلك فإذا لم تخبز لأجله لا تحنث * رجل قال لامرأته أن دخلت دار فلأن بغير مرادي وهو أي فأنت طالق فأرادت أن تذهب إلى دار فلأن فقال لها توهمي شوبر من جه آيد هذا وعيد وليس بإذن فأن <501>
…(1/250)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الأيمان
<2> اليمين على نوعين يمين بالله تعالى ويمين بغيره أما اليمين بالله تعالى فهو ذكر اسم الله تعالى بحرف القسم مقروناً بالخبر * واليمن بغيره ذكر شرج صالح وجزاء صالح يحلف به وحكم اليمين بالله تعالى عند الحنث وجوب الكفارة وحكم اليمين بغيره عند الحنث لزوم المحلوف به وكلاهما قد يكون بالعربية وقد يكون بالفارسية وغيرها من الألسنة * أما الأوّل رجل قال والله والرحمن والرحيم لا أفعل كذا ففعل في الروايات الظاهرة تلزمه ثلاث كفارات ويتعدد اليمين بتعدد الاسم إذا لم يجعل الاسم الثّاني نعتاً للأول * وروى الحسن عن أي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليه كفارة واحدة وبه أخذ مشايخ سمرقند لأن الواو بسين الاسم الأوّل والثاني وبين الثّاني والثالث وواو القسم لا واو العطف فليم يتصل الثّاني بالأول ولا الثالث بالثاني فإذا ذكر الخبر عقيب الثّالث اقتصر الخبر على الثّالث فكان يميناً واحدة وأكثر المشايخ على ظاهر الرواية * ولو قال والله والرحمن لا أفعل كذا ففعل يلزمه كفارتان في قولهم * ولو قال والله والله لا أفعل كذا يتعدد اليمين في ظاهر الرواية وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن في الاسم الواحد لا يتعدد اليمين ويحمل الثّاني على التأكيد والتكرار * ولو قال والله لا أدخل هذه الدار ثمّ قال والله لا أدخل هذه الدار فدخلها مرة تلزمه كفارتان وكذا لو قال لامرأته والله لا أقربك ثمّ قال في مجلسه والله لا أقربك فقربها مرة يلزمه <3> كفارتان * وحكى عن الشَّيخ الإمام أبي بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال إذا قال الرجل والله لا أكلم فلاناً ثمّ قال مرة أخرى والله لا أكلم فلا ناً فكلمه مرة ينوي أن نوى بالثاني التكرار والتأكيد يلزمه كفارة واحدة وإن نوى به المبالغة أو لم ينو شيئاً يلزمه كفارتان * رجل قال والله والله لا أفعل كذا فهو يمين واحدة لأنه جعل الاسم الثّاني تبعاً للأول فكانت يميناً واحدة كما لو قال والله العزيز لا أفعل كذا * ولو قال بالله لا أفعل كذا وسكن الهاء أو نصبها أو رفعها يكون يميناً لأنه ذكر اسم الله تعالى بحر القسم والخطأ في الإعراب لا يمنع صحة اليمين * ولو قال الله لا أفعل كذا وسكن الهاء أو نصبها لا يكون يميناً لانعدام حرف القسم إلا أن يعربها بالكسر فيكون يميناً لأن الكسر يقتضي سبق حرف الخافض وهو حرف القسم وقيل يكون يميناً بدون الكسر ولو قال بله لا أفعل كذا قالوا لا يكون يميناً لأنه لم يذكر اسم الله تعالى إلا إذا أعربها بالكسر وقصد اليمين * ولو قال والرحمن لا أفعل كذا وأراد به سورة الرحمن روى بشر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون يميناً لأن الحق من أسماء الله تعالى * ولو قال حقاً لا أفعل كذا اختلفوا فيه قال بعضهم لا يكون يميناً والصحيح أنه إن أراد به اسم الله تعالى يكون يميناً * ولو قال بسم الله لا أفعل كذا يكون يميناً ولو قال بصفة الله لا أفعل كذا لا يكون يميناً لأن من صفاته ما يذكر في غيره فلا يكون ذكر الصفة كذكر الاسم ولو قال بحق الله لا أفعل كذا يكون يميناً لأن الناس يحلفون به ولو قال وحق الله لا أفعل كذا لا يكون يميناً في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وإحدى الروايتين عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أبي يوسف في رواية يكوني يميناً وهو قول الشّافعيّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال وعزة الله لا أفعل كذا يكون يميناً وكذا لو قال وجلال الله أو عظمته وكبريائه أو قال وملكوته وقدرته ونوى اليمين أو لم ينو يكون يميناً ولو قال وعلم الله لا أفعل كذا عندنا لا يكون يميناً وقيل إذا نوى اليمين يكون يميناً ولو قال ورحمة الله لا أفعل كذا لا يكون يميناً في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولو <4> قال وعذا بالله أو سخطه أو غضبه أو قال ورضاه الله وثوابه أو قال وعبادة الله لا يكون يميناً ولو قال وأمانة الله الله يكون يميناً وذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يكون يميناً وهو رواية عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال وعهد الله أو قال وذمة الله يكون يميناً ولو قال وسلطان الله لا أفعل كذا لا يكون يميناً وإن نوى به القدرة يكون يميناً ولو قال عليه لعنة الله أن فعل كذا وقال عليه عذاب الله أو قال أمانة الله أن فعل كذا لا يكون يميناً ولو قال أشهد أن لا أفعل كذا أو أشهد بالله أو قال أحلف أو أحلف بالله أو أقسم أو أقسم بالله أو أعزم أو أعزم بالله أو قال عليه عهد اله أن لا يفعل كذا أو قال عليه ذمة الله أن لا يفعل كذا يكون يميناً وكذا لو قال عليه يمين أو يمين الله أو عليه ايم الله أو أيمن الله أو قال لعمر الله أو قال عليه نذر أو قال عليه نذر الله أن لا يفعل كذا يكون يميناً ولو قال هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو بريء من الإسلام أو برئ من الله أن فعل كذا عندنا يكون يميناً وإذا فعل ذلك(2/1)
الفعل هل يصير كافراً فهو على وجهين أن حلف بهذه الألفاظ وعلق الكفر بأمر ماض وقال هو يهودي إن كان فعل كذا وقد كان فعل وهو عالم وقت اليمين أنه كاذب اختلفوا فيه قال بعضهم يصير كافراً لأن التعليق بالماضي تنجيز فيصير كأنه قال هو يهودي ونصراني وقال بعضهم لا يكفر ولا يلزمه الكفارة لأنها غموس وإن حلف بهذه الألفاظ على أم في المستقبل ثمّ فعل ذلك قال بعضهم لا يكفر ويلزمه الكفارة والصحيح ما قاله بعض المشايخ أنه ينظر إن كان في اعتقاد الحالف أنه لو حلف بذلك على أمر في الماضي يصير كافراً في الحال فيصير كافراً وإن حلف على أمر في المستقبل وفي اعتقاده أنه لو فعل ذلك يصير كافراً فإذا فعل ذلك يصير كافراً وإن لم يكن في اعتقاده ذلك لا يكفر سواء كانت اليمين على أمر في المستقبل أو في الماضي ولو قال الله يعلم أني ما فعلت كذا وهو يعلم أنه كاذب قال بعضهم يصير كافراً وقال بعضهم لا يصير كافراً وهو رواية عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه قصد به ترويج الكذب دو الكفر ولو قال عصيت الله إن فعلت كذا أو قال عصيت الله في كلّ ما افترض <5>على لا يكون يميناً ولو قال بحق الرسول أو بحق الإيمان أو بحق القرآن أو بحق المساجد أو بحق الصوم أو الصلاة لا يكون يميناً وكذا لو قال ودين الله أو طاعة الله أو حدوده أو شرائعه أو بالقرآن أو بالمصحف أو بسورة من القرآن أو بالكعبة أو بملائكته أو بأنبيائه أو بالصيام أو بالصلاة لا يكون يميناً ولو قال لا إله إلا الله لا أفعل كذا وقال سبحان الله أفعل كذا لا يكون يميناً إلا إذا نوى ولو قال واسم الله لا أفعل كذا يكون يميناً ولو قال الله علي أن لا أفعل كذا عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنها لا تكون يميناً إلا إذا نوى ولو قال إن دخلت الدار والله لا يكون يميناً ولو قال لا أدخل الدار ولو قال إن كنت فعلت كذا فهو بريء من القرآن وهو يعلم أنه كاذب ذكر في النوازل أنه يخاف عليه الردة والاعتماد في جنس هذه المسائل على ما ذكرنا أنه بنى الحكم على اعتقاده * رجل قال والله إن الأمر كذا وهو كاذب فهي غموس لا كفارة فيها وفي اليمين بالطلاق والعتاق والنذر وما أشبه ذلك إذا كان كاذباً يلزمه المحلوف عليه * رجل قال إن فعلت كذا فهو بريء من الله أو قال بريء من رسوله وحنث كان عليه الكفارة ولو قال إن فعلت كذا فهو بريء من الله ورسوله وحنث فهو يمين واحدة يلزمه كفارة واحدة ولو قال إن فعلت كذا فهو بريء من الله وبريء من رسوله فهما يمينان إن حنث يلزمه كفارتان ولو قال إن فعلت كذا فهو بريء من الله وبريء من رسوله والله ورسوله بريئان منه ففعل يلزمه أربع كفارات وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو قال هو يهودي إن فعل كذا وهو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان ولو قال هو يهودي هو نصراني إن فعل كذا ففعل فهو يمين واحدة ولو قال إن فعلت كذا فهو بريء من الكتب الأربعة ففعل فعليه كفارة واحدة لأنها يمين واحدة وكذا لو قال هو بريء من القرآن ولو قال إن فعلت كذا فهو بريء من التوراة وبريء من الإنجيل وبريء من الزبور وبريء من القرآن ففعل يلزمه أربع كفارات ولو قال إنا بريء عما في المصحف فهو يمين واحدة وكذا لو قال هو بريء من كلّ آية في المصحف فهي يمين واحدة ولو رفع كتاب الفِقْه أو دفتر الحساب فيه <6> مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم وقال أن بريء عما فيه إن فعلت كذا ففعل كان عليه الكفارة كما لو قال أن بريء من بسم الله الرحمن الرحيم ولو قال إن فعلت كذا فأنا بريء من القبلة أو بريء من الصلاة أو من صوم رمضان ففعل كان عليه الكفارة كما لو علق الكفر بالشرط وعن بعض المشايخ البراءة من القبلة لا تكون يميناً ولو قال أن بريء من المؤمنين قالوا يكون يميناً لأن البراءة من المؤمنين تكون لإنكار الإيمان ولو قال إن فعلت كذا فأنا بريء من الحجة التي حججت أو قال من الصلاة التي صليت ففعل لا يلزمه شيء ولو قال أنا بريء من القرآن الذي تعلمته يكون يميناً لأنه تبرأ من القرآن والتبرؤ عن القرآن يكون كفراً ولو قال عن فعلت كذا فأنا بريء من هذه الثلاثين يوماً يعين شهر رمضان قالوا إن أراد به البراءة عن فرضيتها يكون يميناً وإن أراد البراءة عن الأجر والثواب لا يكون يميناً وإن لم يكن له نية لا يكون يميناً بالشك والاحتياط في أن يكفر ولو قال لأفعلن كذا بحياة رأس فلان لا يكون يميناً ولو قال ما قَالَ اللهُ تَعَالَى: كذب إن فعلت كذا يكون يميناً لأنه علق تكذيب الله بالفعل وذلك بمنزلة تعليق الكفر بالشرط ولو قال إن فعلت كذا فاشهدوا على بالنصرانية تكون يميناً بمنزلة ما لو قال إن فعلت كذا فهو نصراني ولو قال ما فعلت من صوم أو صلاة لم يكن حقاً إن فعلت كذا يكون يميناً ولو قال اللهم أن عبدك أشهدك وأشه ملائكتك أن لا أفعل كذا ففعل لا يلزمه الكفارة لأنها ليست بيمين ولو قال إن فعلت كذا فلا إله لي في السماء يكون يميناً ولو قال الطالب الغالب إن(2/2)
فعلت كذا ففعل كان عليه الكفارة لأنه يمين عرفاً خصوصاً عند أهل بغداد فإنهم يحلفون به ولو قال هو يأكل الميتة أو يستحل الدم أو الخمر إن فعل كذا لا يكون يميناً ولو قال لله علي صوم أو صلاة أو حجة أو عمرة أو ما أشبه ذلك مما هو طاعة إن فعل كذا ففعل في ظاهر الرواية يلزمه الوفاء بما سمى ولا يخرج عن العهدة بالكفارة وقال الشّافعيّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو بالخيار إن شاء كفر وإن شاء وفى * عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه رجع في آخر حياته وقال هو بالخيار إن شاء فعل ما سمى وإن شاء كفر عن يمينه <7> وبه أخذ مشايخ بلخ وبعض مشايخ بخارا منهم الشَّيخ الإمام إسماعيل الزاهد شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا كان شرطاً لا يريد كونه فإن كان شرطاً يريد كونه لجلب منفعة أو دفع مضرة كالفرج من الشدة وقدوم الغائب وشفاء المريض يلزمه عين ما سمى * رجل له على الآخر يمين وعنده أنه لو حلفه بالله يحلف ولو حلفه بطلاق أو عتاق يقر ولا يحلف لم يكن له أن يحلفه إلا بالله فإن قال المدعي سوكند بخداي نخواهم لا يكون كفراً * اليمين بالله تعالى مما يحتمت التعليق نحو أن يقول إذا جاء غد فوالله لا أدخل هذه الدار ويحتمل التوقيت أيضاَ كاليمين بغير الله نحو أن يقول والله لا أدخل هذه الدار إلى سنة ينتهي اليمين بمضي السنة * رجل قال لغيره والله لا أكلمك يوماً ويوماً فهو كقوله والله لا أكلمك يومين ينتهي اليمين بمضي اليومين ولو قال والله لا أكلمك يوماً ويومين فهو كقوله والله لا أكلمك ثلاثة أيام ولو قال لا أكلمك يوماً ولا يومين ينتهي اليمين بمضي اليومين ولو قال والله لا أكلم فلاناً اليوم ولا غداً ولا بعد غد كان له أن يكلمه في الليالي لأنها أيمان ثلاثة ولو قال والله لا أكلم فلاناً غداً وبعد غد لا يكلمه في الليل لأنها يمين واحدة بمنزلة قوله لا أكلمه ثلاثة أيام فيدخل فيه الليالي ولو قال والله لا أكلمك كلّ يوم من أيام هذه الجمعة وكلمه في الجمعة مرة حنث ولو قال والله لا أكلمك في كلّ يوم من أيام هذه الجمعة وكلمه في كلّ يوم وترك كلامه في يوم من أيام الجمعة لا يحنث وإن كلمه في كلّ يوم لا يلزمه إلا كفارة واحدة.
} فصل في ألفاظ اليمين بالفارسية }
رجل قال سوكند هورم كه اين كا نكنم قال بعضهم لا يكون يميناً وقال بعضهم يكون يميناً ولو قال سوكند ميخورم كه اين كانكنم يكون يميناً لأن هذا الكلام يذكر للتحقيق دون الوعد كقول الرجل كواهي ميدهم ولو قال سوكند خورده أم فهو إخبار إن كان صادقاً وفعل يلزمه الكفارة وإلا فلا ولو قال سوكند خورم بطلاق كه اين كارنكنم لا يكون يميناً لأنه وعد وتخويف بخلاف اليمين بالله تعالى عند البعض فإنه يكون تحقيقاً ولو قال سوكند خورمي يكون يميناً بمنزلة قوله سوكند ميخروم ولو قال برمن سوكند است كه اين <8> كارنكنم فهو إخبار إن اقتصر على هذا فهو إقرار باليمين بالله تعالى وإن زاد على هذا فقال برمن سوكند است بطلاق يلزمه ذلك فإن قال قلت ذلك كذباً دفقاً لتعرض الجلساء عن ذلك لا يصدق قضاء ولو قال مرا سكوند خانه است كه اين كارنكنم فهو إقرار باليمين بالطلاق ولو قال بالله العظيم ينست كه اين كارنكنم يكون يميناً كما لو قال بالله العظيم الأعظم وهذه الزيادة تكون ببتأكيد فلا تصير فاصلاً ولو قال مصحف خداي مبست وي سوخته اكر اين كاركند لا يكون يميناً ولو قال ارخداي بيزارست واز لا إله إلا الله بيزار واز أشهد أن لا إله إلا الله بيزارست اكراين كاركند فهي أيمان ثلاثة ولو قال هراميد يكه نخدائ دارم نوميدم اكراين كاركنم يكون يميناً لأن اليأس من الله كفر وتعليق الكفر بالشرط يمين ولو قال مسلماني نكرده أم خدائرا اكراين كاربكنم ففعل قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن أراد بذلك أن الذي فعل من العبادة لم يكن حقاً يكون يميناً وإلا فلا ولو قال هرجه مسلماني كرده أم بكافران دادم اكراين كاركتم ففعل لا يصير كافراً ولا يلزمه الكفارة ولو قال هرجه خدائ كفت دروغ است اكراين كار بكنم قيل هذا لا يكون يميناً وهو الصحيح وقد ذكرنا هذا بالعربية فكذلك بالفارسية * رجل قال والله كه بافلان سخن نكويم يك روزد وروز ينتهي اليمين بمضي ثلاثة ايام ولو قال والله كه بافلان سخن نكويم نى يك روزني دوروز فهي يمين واحدة ينتهي بمضي اليومين * رجل قال بدر فنم خدائ كه فلان كارنكنم يكون يميناً كما لو قال نذرت أن لا افعل كذا ولو قال خدائر بيغا ميررا بذرفتم كه اين كارنكنم لا يكون يميناً لأن قوله بيغاميررا بذرفتم يكون يميناً فإذا تخلل بين ذكر الله تعالى وبين الشرط ما لا يكون يميناً يصير فاصلاً فلا يكون يميناً
فصل في عقد اليمين على فعل الغير(2/3)
رجل قال لآخر لتفعلن كذا وكذا ولم ينو استخلاف المخاطب ولا مباشرة اليمين على نفسه فلا شيء على واحد منهما إذا لم يفعل المخاطب ذلك وإن نوى القائل الحلف بذلك يكون حالفاً وكذا لو قال بالله لتفعلن كذا <9> وكذا ولو قال والله لتفعلن كذا وكذا ولم ينو شيئاً فهو الحالف وإن أراد الاستحلاف فهو استحلاف ولا شيء على واحد منهما ولو قال والله لتفعلن كذا وكذا غداً فقال الآخر نعم فهو على خمسة أوجه أحدها أن ينوي المبتدئ الحلف على نفسه والمجيب بقوله نعم يريد الحلف على نفسه وفي هذا الوجه كلّ واحد منهما يكون حالفاً إذا لم يفعل المخاطب ذلك حنثا جميعاً أما المبتدئ فظاهر وأما الآخر فقوله نعم يتضمن إعادة ما قبله فيصير كأنه قال والله لأفعلن كذا فإن لم يفعل حنثا جمياعً والوجه الثّاني أن يريد المبتدئ استحلاف المجيب والمجيب بقوله نعم يريد اليمين على نفسه وفي هذا الوجه يكون الحالف هو المجيب لا غير حتى لو فات الشرط يحنث المجيب لا غير والوجه الثّالث ان يريد المبتدئ استحلاف المجيب والمجيب بقوله نعم يريد الوعد في ذلك دون اليمين وفي هذا الوجه لا يكون أحدهما حالفاً والوجه الرّابع أن لا يكون لأحدهما نية اليمين وفي هذا الوجه يكون المبتدئ هو الحالف إن لم يفعل المخاطب ذلك حنث المبتدئ لا غير والوجه الخامس أن يريد المبتدئ استحلاف المجيب والمجيب بقوله نعم يريد الحلف وفي هذا الوجه لا يكون المجيب حالفاً لا غير ولو قال بالله لتفعلن كذا أو قال الله لتفعلن كذا فقال الآخر نعم وليس لأحدهما نية اليمين كان الحالف هو المجيب وقوله تالله مثل قوله والله في جميع ذلك وقوله بالله مثل قوله الله ولو قال الرجل لغيره أقسمت لتفعلن كذا أو قال أقسمت بالله أو قال أشهد أو قال أشهد بالله أو قال أحلف أو أحلف بالله لتفعلن كذا وقال في جميع ذلك أقسمت عليك أو أشهد عليك أو لم يقل عليك فالحالف في هذه الفصول الثلاثة هو المبتدئ ولا يمين على المجيب وإن نويا جميعياً أن يكون المجيب هو الحالف إلا أن يكون المبتدئ أراد الاستفهام بقوله أحلف ونحو ذلك فإن أراج ذلك فلا يمين على المبتدئ أيضاً * رجل قال لآخر عليك عهد الله إن فعلت كذا فقال الآخر نعم فلا شيء على القائل وإن نوى به اليمين ويكون هذا على استحلاف المجيب * رجل قال لامرأته إنك فعلت كذا وكذا فقالت لم أفعل فقال إن كنت فعلت فأنت طالق ثلاثاً فقالت المرأة إن كنت فعلت فأنا <10> طالق قالوا إن أراد به يمين المرأة لا تطلق المرأة * جماعة من الفساق اجتمعوا وكان يصفع بعضهم بعضاَ فقال واحد منهم من صفع بعد هذا صاحبه فامرأته طالق ثلاثاً فقال واحد منهم بالفارسية بعد ذلك هلا فصفعه رجل بعد قوله هلا ثمّ صفع هو صاحبه قالوا لا تطلق امرأة القائل هلا لأن هذا كلام فاسد ليس بيمين رجل أخذه السلطان وأراد أن يحلفه فقال له قل بايزد فقال الرجل بايزد ثمّ قال السلطان كه بزوزادينه بيائي فقال الرجل له بروزادينه بيايم فلم يأت الرجل يوم الجمعة قالوا لا يحنث عليه لأنه لما قال له قل بايزدوسكت صار فاصلاً فلا يصير يميناً بعد ذلك رجل قال عليّ المشي إلى بيت الله وكل مملوك لي حر وكل امرأة لي طالق إن دخلت هذه الدار فقال رجل آخر وعلى مثل ما جعلت على نفسك إن دخلت هذه الدار فدخل الثّاني الدار يلزمه المشي إلى بيت الله ولا يقع الطلاق والعتاق لأن إيجاب المشي على نفسه إلى بيت الله صحيح ولا كذلك إيجاب الطلاق والعتاق وقد ذكرنا ذلك في كتاب الطلاق.
فصل في عطف الشرط على اليمين(2/4)
رجل قال لجاره إن امرأتي كانت عندك البارحة فقال الجاران كانت امرأتك عندي البارحة فامرأتي طالق وسكت ساعة ثمّ قال بعد ذلك ولا غيرها ثمّ ظهر أنه كان عند الحالف امرأة أخرى قال نصير بن يحيى رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تطلق امرأة الخالف وقال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تطلق وإنما اختلفا لاختلاف أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى في إلحاق الشرط باليمين المعقود بعد السكوت قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصح وبه أخذ نصير بن يحيى وهذا القول أقرب إلى قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن المكاتبة عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصح إلحاق الشرط الفاسد بالبيع التام وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يصح إلحاق الشرط باليمين بعد السكوت وبه أخذ مُحَمَّد بن سلمة وعليه الفتوى لأن السكوت يمنع تعلق الجزاء بالشرط فيمنع إلحاق الشرط هذا إذا كان الشرط على الحالف وإن كان الشرط للحالف بأن كان فيه تخفيف على نفسه لا يصح إلحاق الشرط باليمين بعد السكوت في قولهم جميعاً * رجل قال لامرأته إن غسلت ثيابي <11> فعبدي حر فأمرت امرأته امرأة أخرى أن تغسل وقال الرجل وإن غسلت هي أيضاً ثمّ غسلت المأمورة لا يحنث الزوج لأنه لم يصح العطف وإلحاق الشرط وإن كان فيه تشديداً عليه * رجل قال لامرأته إن دخلت هذه الدار فأنت طالق وسكت سكتة ثمّ قال وهذه لامرأة أخرى يعني وإن دخلت الثانية فأنت طالق قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصح الشرط وأيتهما دخلت وقع الطلاق على الأولى لأنه شدد على نفسه وكذا لو قال للأولى أنت طالق إن دخلت هذه الدار وسكت ثمّ قال وإن دخلت هذه الدار لدار أخرى فدخلت المرأة الدار الأولى أو الثانية طلقت وكذا لو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار وسكت ثمّ قال وهذه لامرأة أخرى فدخلت الأولى طلقت الأولى والثانية وكذا العتق ولو قال أنت طالق إن دخلت هذه الدار وسكت ثمّ قال وهذه لدار أخرى فدخلت الدار الأولى طلقت فلا يصح عطف الثانية على الأولى لأنه تخفيف
{ فصل في تحليف الظلمة وفيما ينوي الحالف غير ما ينوي المستحلف }(2/5)
رجل حلف رجلا فحلف ونوى غير ما يريد المستحلف إن كانت اليمين بالطلاق والعتاق ونحو ذلك يعتبر نية الحالف إذا لم ينو الحالف خلاف الظاهر ظالماً كان الحالف أو مظلوماً وإن كانت اليمين بالله فإن كان الحالف مظلوماً كانت النية نية الحالف وإن كان الحالف ظالماً يريد بيمينه إبطال حق الغير يعتبر نية المستحلف وهو قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * رجل أخذه اللصوص فأخذوا أمواله وحلفوه أن لا يخبر أحداً بخبرهم فحلف فاستقبله غير فقال للغير على الطريق ذباب ففهم الغير كلامه وانصرفوا قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن نوى بالذباب نفس اللصوص حنث في يمينه وإن لم ينو ذلك وإنما نوى الكذب ليرجع الغير لا يحنث في يمينه لأنه ما أخبر عن حالهم * سلطان أخذ من رجل مالاً ظلماً وحلفه أن لا يخاصمه في المال الذي أخذ منه قالوا الحيلة في ذلك أن يخاصم عنه غيره بغير أمره وصاحب المال يذهب معهما حتى يصل إلى القاضي ويقول المظلوم للقاضي قد حلفني بذا وكذا حتى يفهم القاضي أن غيره لماذا يخاصمه وهو لا يخاصم بنفسه فيأمر <12> القاضي برد المال عليه * رجل حلفه أعوان السلطان أن لا يعمل غداً عملاً ما لم يأت فلاناً ويأخذ بيده فأصبح الحالف ولبس خفيه فدخل على ميت وحول رأس الميت من مكانه قبل أن يذهب قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أرجو أن لا يكون حانثاً ويمينه يكون على غير هذا العمل * رجل حلفه السلطان أن لا يشتري الطعام للبيع فاشترى الحالف طعاماً لنفقته ثمّ بدا له فباعه لا يحنث في يمينه لأنه ما اشترى للبيع * رجل خرج مع الأمير في سفر فحلفه الأمير أن لا يرجع إلا بإذنه فسقط ثوبه أو كيسه فرجع لذلك لا يحنث في يمينه لأن يمينه لم يقع على هذا الرجوع * رجل ساع يضر بالناس بالسعايات وفي الجنايات فحلف وقال اكربيش كسي رازياده ازده درم زيان كيم فامرأته طالق زن خويش رازيان كردزياده ازده درم * رجل قال إن دخل داري هذه أحد فعبدي حر فدخل هو بنفسه لا يحنث في يمينه لأنه معرفة فلا يدخل تحت النكرة وقال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وفي هذا الجواب نظر لأن المرأة صارت معرفة في الجزاء وكونها معرفة في الجزاء وكونها معرفة في الجزاء لا يمنع دخولها في النكرة التي هي في موضع الشرط ألا يرى أن الرجل إذا قال لامرأته إن دخل داري هذه أحد فأنت طالق فدخلت هي طلقت وإن صارت معرفة في الجزاء وكذا لو قال لامرأتين له إن حلفت بطلاق واحدة منكما فهذه طالق لإحداهما بعينها ثمّ حلف بطلاقها حنث في يمينه أما المعرفة في الشرط فلا تدخل تحت النكرة في الجزاء وفيما إذا قال إن دخل داري هذه أحد صار هو معرفة في الشرط والمعرفة في الشرط لا تدخل تحت النكرة في الجزاء هذا إذا قال الحالف اكربيش كسي رازيان كنم فإن قال اكربيش هيج كس رازيان كنم وزن خويش رازيان كرد ثمّ قال عنيت غيرها صدق فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق في القضاء لأن قوله هيج كس را عام فإذا نوى التخصيص لا يصدق قضاء في ظاهر الرواية وعلى <13> قول الخصاف نية التخصيص صحيح وجنس هذه المسائل يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى * السلطان إذا قال لرجل مال فسلان أمير نزديك تواست فأنكر فحلف بالطلاق ليس عندك مال فلان فحلف وكان عند الحالف أموال بعثتها امرأة فلان أميراليه والذي جاء بالمال زعم أن المال كان مال امرأة فلان ويجوز أن يكون مثل تلك الأموال لتلك المرأة ثمّ زعمت امرأة الأمير أن المال كان مال زوجها لا تطلق امرأة الحالف حتى يقر الحالف بذلك أو يقضي القاضي بذلك بالبينة بعد دعوى صحيحة فيصير الحالف حانثاً * رجل جلب عشرين شاة من بلد إلى بلد وأدخل جملة الغنيم في بلده غير أنه أظهر عشرة في حانوته فحلفه أمير الحظيرة أنه ما جاء إلا بعشرة أي في السوق وما ترك شيئاً في الخارج أي خارج السوق قالوا لا يحنث في يمينه لأنه نوى ما يحقله لفظه لكن لا يصدق قضاء * رجل أراد أن يحلف غيره ليس له أن يحلفه بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة من المشايخ من رخص ذلك وبه أفتى بعض مشايخ سمرقند صيانة لأموال الناس وحقوقهم ومشايخنا رحمهم الله تعالى لم يجوزوا فإن ألح المستفتي ينبغي للمفتي أن يفوض الأمر إلى رأي القاضي * رجل أكره امرأته على أن تهب مهرها منه فوهبت ثمّ أنكرت الهبة وأراد الزوج أن يحلفها قال بعضهم لها أن تحلف لأن الزوج يدعي عليها هبة جائزة وهي تنكر ذلك فتحلف والمختار للفتوى ما قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن المرأة تقول للحالك سله يدعي علي الهبة عن إكراه أو اختيار فإن ادعى الزوج الهبة عن اختيار حينئذ يحلف المرأة بالله ما وهبت بغير إكراه وتكون صادقة في يمينها وإلى هذا أشار في الحيل ومن هذا الجواب يعرف الجواب في جنس هذه المسائل إذا ادعى على إنسان مالاً وبه رهن عند صاحب المال فأراد صاحب المال أن يأخذ المال منه بغير رهن ولو ادعى المطلوب الرهن ويقر بالمال وبما لا يمكنه إثبات الرهن فيؤخذ(2/6)
بالمال فيقول المطلوب للقاضي سله يدعي علي ما لا به رهن أو ليس به رهن فإن قال ليس به رهن فحينئذ يحلف * السلطان إذا كان يطلب رجلاً ليأخذه بتهمة فأخذ رجلاً آخر وأراد أن <14>يحلف بالله ما تعلم أحداً من غرمائه ولا من أقربائه ليأخذ منهم شيئاً وهو يعلم لا يسعه أن يحلف لأن اليمين الكاذبة لا تباح عند الضرورة لكن ينبغي له أن يحلف ويذكر اسم ذلك الرجل الذي يطلبه السلطان وينوي غيره * رجل مات وعليه دين ووارثه يعلم بذلك فشهد عدلان عند الوارث أن أباك قد قضى دينه لا ينبغي لهذا الابن أن يحلف عند القاضي أن لا يعلم بأن له ديناً على أبيه لأن شهادتهما عنده لا تثبت قضاء الدِّين * رجل مات وخلف وارثاً وديناً على رجل فخاصم الوراث الغريم في الدِّين فحلف الغريم أنه ليس للمدعي عليه شيء قالوا إن كان لا يعلم الغريم بموت المورث نرجو أن لا يكون حانثاً وإن علم بموت المورث الصحيح أنه يحنث في يمينه أنه إذا علم يريد أن يحلفه ليس عليه شيء لا بطريق الأصالة ولا بطريق الوراثة وهو كاذب في ذلك * رجل قال لغيره كم أكلت من تمري فقال أكلت خمسة وحلف وقد كان أكل من تمره عشرة لا يكون حانثاً وكاذباً ولو كانت يمينه بطلاق أو عتاق لا يقع شيء وكذا لو قيل لرجل بكم اشتريت هذا العبد فقال بمائة وقد كان اشتراه بمائتين لا يكون كاذباً ولو حلف على ذلك بطلاق أو عتاق لا يلزمه شيء وهو نظير ما قال في الجامع إذا حلف أن لا يشتري هذا الثوب بعشرة فاشتراه باثني عشر حنث في يمينه لأنه اشتراه بعشرة وزيادة * رجل هرب في دار رجل فحلف صاحب الدار بأنه لا يدري أين هو وأراد بأنه لا يدري في أي مككان هو من داره لا يحنث في يمينه لأنه صادق فيما قال رجل كان على سطح مع جماعة فأراد أن يذهب فنعوه فوضع رجله على ناحية من السطح وقال إن بت الليلة وأكلت ههنا فامرأته طالق وأراد به موضع رجله فنام وأكل في غير ذلك الموضع من السطح لا تطلق امرأته ديانة وتطلق قضاء * السلطان إذا حلف رجلاً أنه لا يعلم بأمر كذا فحلف ثمّ تذكر أنه كان عالماً بذلك إلا أنه نسي وقت اليمين قالوا نرجو أن لا يكون حانثاً لأنه ما كان عالماً وقت اليمني * رجل حلف بطلاق امرأته أنه ليس في منزله الليلة مرقة وقد كان في منزله مرقة قالوا إن كانت المرقة قليلة بحيث لو علم بذلك لا يقول عندنا مرقة لا يحنث في يمينه وإن كانت كثيرة إلا أنها فاسدة بحيث لا يتناولها أحد لا يحنث في يمينه <15> أيضاً لأنه لا يراد باليمين هذه المرقة وإن كانت بحال يأكلها البعض دون البعض حنث في يمينه * رحل قال لابنه إن سرقت من داري شيئاَ فأمك طالق فسرق من داره آجرة أو لبنة أو نحو ذلك قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان الأب يبخل بذلك المقدار عن ابنه حنث في يمينه وإلا فلا وأجاب مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أولاً أنه يحنث في يمينه فلم بلغه جواب أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى استحسن قوله * رجل قال إن كان في بيته نار فامرأته طالق فإذا في بيته سراج قالوا ينظر إن كان حلف لأجل أن بعض جيرانه طلبوا منه النار للاصطلاء أو الخبز لا يحنث في يمينه لأن يمينه عند ذلك لا يقع على السراج وإن كان حلف لأجل أنهم طلبوا منه النار ليستوقدوا به حنث في يمينه وإن لم يكن ليمينه سبب ولم ينو شيئاً لا يحنث لأن السراج لا يسمى ناراً مطلقاً * لاجل زرع أرضه لامرأته قطناً ثمّ قال حلال بروي حرام اكاز غلة اين زمين نجانه ري درايد ثمّ إن امرأته رفعت من ذلك القطن على رأسها لتذهب إلى الحلاج ودخلت البيت والقطن على رأسها ثمّ خرجت حنث الحالف
{ فصل في اليمين بالصوم والصدق ونحو ذلك }(2/7)
رجل قال إن فعلت كذا فألف درهم من مالي صدقة ثمّ فعل وليس له إلا مائة درهم تكلموا فيه قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يلزمه الصدقة إلا بما كان عنده وهكذا روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كان عنده عروض أو خادم يساوي مائة فإنه يبيع ويتصدق وإن كان يساوي عشرة يتصدق بعشرة وإن لم يكن عنده شيء فلا شيء عليه كمن أوجب على نفسه ألف حجة يلزمه بقدر ما عاش في كلّ سنة حجة * رجل قال هزاردرم اذ مال من بدرو يشان داده وهو يريد أن يقول إن فعلت كذل فأمسك إنسان فمه قالوا يتصدق احتياطاً وإن كان ذلك طلاقاً أو عتاقاً لا يقع شيء * رجل قال إن كفلت كفالة بمال أو نفس فلله علي أن أتصدق بفلس ثمّ كفل بمال أو نفس يلزمه التصدق بفلس وإذا أراد الرجل أن يكفل لأحد ينبغي أن يقول إن كفلت فلله علي أن أتصدق بفلس فإذا طلبوا منه الكفالة يقول إن حلفت أن لا أكفل ولو اضطر إلى كفالة يكفل ويتصدق <16> بفلس * رجل قال مالي صدقة على فقراء مكة إن فعلت كذا فحنث وتصدق على فقراء بلخ أو بلدة أخرى جاز ويخرج عن النذر كما لو وجب عليه صوم أو صلاة بمكة فقضى ببلخ جاز * رجل قال إن نجوت من هذا الغم الذي أنا فيه فعلي أن أتصدق بعشرة دراهم خبزاً فتصدق بغير الخبز أو بثمن الخبز يجزيه * رجل قال إن زوجت ابنتي فألف درهم من مالي صدقة لكل مسكين درهم فزوج ابنته ودفق الألف جملة إلى مسكين واحد جاز * رجل قال إن برأت من مرضي هذا ذبحت شاة فبرأ لا يلزمه شيء إلا أن يقول إن برأت من كذا فلله علي أن أذبح شاة * رجل قال إن اتجرت برأس مالي وهي ألف درهم فرزقني الله تعالى فيها ربحاً أخرج حاجاً لله تعالى فاتجر فلم يفضل له كثير شيء قالوا بهذا النذر لا يلزمه شيء * رجل قال إن فعلت كذا فلله علي أن أضيف جماعة قربى فحنث لا يلزمه شيء ولو قال لله علي أن أطعم كذا وكذا يلزمه ذلك * رجل قال مالي هبة في المساكين لا يصح ذلك إلا أن ينوي الصدقة * ولو قال إن فعلت كذا فلله علي حج أو قال لله علي صوم سنة فحنث اختلف فيها فقهاء البلدة قال بعضهم يخرج عن العهدة بكفارة اليمين وقال بعضهم لا يخرج فإنه يأخذ بقول من هو أفقه الناس عنده والمستحب هو الوفاء بالنذر حتى يخرج عن العهدة في قولهم * رجل قال إن فعلت كذا فلله علي صوم سنة إلا الأيام التي أمرض فيها وكان به علة وقال عنيت به هذا العلة صدق في ذلك وليس عليه قضاء الأيام التي مرض فيها * رجل قال لله علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة إن فعلت كذا وحنث في القياس لا يلزمه شيء وفي الاستحسان يلزمه حجة أو عمرة وهو بالخيار في رواية الأصل إن شاء ركب وأهرق دماً وإن شاء مشى * ولو قال عليّ المشي إلى مدينة النّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أو على المسجد الأقصى لا يلزمه شيء * ولو قال عليّ المشي إلى الحرم أو على المسجد الحرام لا يلزمه شيء في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى <17> يلزمه حجة أو عمرة وعلى هذا الخلاف إذا قال عليّ المشي على الحجر الأسود أو إلى الحجر ولو قال على المشي إلى بيت الله تعالى ينوي بيت المقدس أو ينوي مسجد بيت المقدس أو مسجداً آخر لا يلزمه شيء ولو قال علي إحرام إن فعلت كذا فحنث يلزمه حجة أو عمرة في قولهم ولو قال أنا أحرم أو أنا محرم أو أهدي أو أمشي إلى بيت الله إن فعلت كذا فهو على وجوه ثلاثة إن نوى الإيجاب أو لم ينوي شيئاً يلزمه ما ذكر وإن نوى العدة لا يلزمه شيء ولو قال عليّ الطواف بالبيت أو السعي بين الصفا والمروة أو عليّ أن أقرأ القرآن إن فعلت كذا لا يلزمه شيء ولو قال عليّ المشي إلى الغزو وإن فعلت كذا ألزمه ذلك في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال علي ّ عشر حجج في هذا السنة قال مُحَمَّد رحمه الله تعلى ولو قال عليّ عشر حجج في هذه السنة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه عشر حجج في عشر سنين والله أعلم بالصواب
{ فصل في الكفارة }(2/8)
كفارة اليمين ما نص عليه تعالى في كتابه * من عليه كفارة اليمين إذا أعطى ثوباً خلقاً عن كفارة اليمين قالوا لا يجزيه عن القيمة لكن ينظر إن كان بحل يمكن الانتفاع به في نصف مدة الجديد لا يجوز وإن علم أنه ينتفع بالجديد ستة أشهر وبهذا الثواب أربعة أشهر أكثر مدة الجديد يجوز ولا يعتبر القيمة لأنه منصوص عليه كذا ذكره الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * إذا أعتق عبداً مريضاً يرجى ويخاف عليه جاز وإن كان لا يرجى لا يجوز لأنه ميت حكماً * رجل مات وعليه صلاة شهر أو نحو ذلك ولم يترك مالاً فاستقرض ورثته قفيز حنطة وتصدقوا على المسكين ثمّ المسكين تصدق بذلك على بعض ورثته ثمّ دفع الوارث إلى المسكين عن صلاة الميت فلم يزل يفعل ذلك حتى تم لكل يوم قفيز حنطة جاز ولا يعتبر عدد المساكين في هذا وإنما يعتبر ذلك في كفارة اليمين لا غير وهذا وصدقة الفطر سواء * رجل مات وعليه صلوات فإنه يعطي لكل صلاة نصف صاع من الحنطة وفي الصوم يعطي لكل يوم نصف صاع لأن صوم اليوم عبادة واحدة بمنزلة صلاة واحدة ولو أدى عن ست صلوات أحد عشر منا إلى مسكين وما إلى مسكين آخر أو أدى اثني عشر منا إلى أربعة وعشرين مسكيناً اختلفوا فيه قال بعضهم يجوز كما في صدقة الفطر إذا أدى <18> إلى مسكين منا ومنا إلى مسكين يجوز وبعضهم فرقوا بين الصلاة وصدقة الفطر فقالوا في الصلاة إذا أعطى إلى مسكين أقل من نصف صاع لا يجوز ما لم يؤد إلى كلّ مسكين نصف صاع كما في كفارة اليمين وفي كفارة الصلاة إذا أى الكل إلى مسكين واحد يجوز كما يجوز في صدقة الفطر ولا يعتبر عدد المساكين وفي كفارة اليمين يعتبر العدد إلا أن في كفارة الصلاة يعتبر القدر حتى لو أدى إلى مسكين واحد أقل من نصف صاع لا يجوز بخلاف صدقة الفطر وبعضهم جوزوا التفريق في الصلاة أيضاً كما في صدقة الفطر والصحيح هو الأوّل ولا يعطي كفارة اليمين أباه وإن علا ولا ولده وإن سفل وكذا الصدقة المنذورة * ولو أعطى في كفارة اليمين لكل مسكين ثلاثة أذرع من الكرباس لم يجوّزوا ذلك مالم يكن مقدار السروايل ولا يجوز السراويل عن البعض وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز السراويل لأنه يجوز فيه الصلاة وعند أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المعتبر في الكسوة ما يستر أكثر البدن فإن أعطى السروايل للمرأة لا يجوز عندهما * وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رحمهما اله تعالى أنه لا يجوز الإزار في كفارة اليمين في قولي وقول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو حلف لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس من غزلها سراويل يحنث في يمينه * إذا أعطى في كفارة اليمين عشرة مساكين كلّ مسكين مداً ثمّ استغنوا ثمّ افتقروا ثمّ أعاد عليهم مداً مداً عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز ذلك لأنهم لما استغنوا صاروا بحال لا يجوز صرف الكفارة إليهم فيبطل ما أدى كما لو أدى إلى مكاتب مداً ثمّ رد في الرق ثمّ كوتب ثانياً ثمّ أعطاه مداً لا يجوز ذلك * رجل أعطى كفارة يمينه امرأته وهو أمة لغيره ومولاها فقير لا يجوز ذلك لأن الصدقة تتم بقبولها لا بقبول المولى وهو ليست بمحل لأداء كفارته فلا يجوز كما لو أعطى أباه أو أمه وهما مملوكان لفقير لا يجوز ذلك * كلّ من لا يجوز صرف الزكاة إليه لا يجوز صرف الكفارة إليه * ومن له دار وخادم يجوز صرف الكفارة غليه كما يجوز صرف الزكاة إليه * إذا حنث الرجل وهو معسر ثمّ أيسر لا يجوز له الصوم وإن حنث وهو موسر ثمّ أعسر أجزأه الصوم * يعتبر في الكفارة <19> حاله عند الأداء * إذا صام المعسر يومين ثمّ أيسر لا يجوز له الصوم * الحانث إذا اختار التكفير بالاعتاق يجوز فيها من الرقاب ما يجوز في كفارة الظهار * وإن اختار الكسوة فقد بينا * وإن اختار الإطعام فهو على نوعين طعام تمليك وطعام إباحة فطعام التمليك أن يعطي عشرة مساكين كلّ مسكين نصف صاع من حنطة أو دقيق أو سويق أو صاعاً من شعير كما في صدقة الفطر فإن أعطى عشرة مساكين كلّ مسكين مداً مداً إن أعاد عليهم مدا مداً جاز وإن لم يعد يستقبل الطعام لأنه لا بد من مراعاة عدد المساكين ومقدارة الوظيفة ووظيفة كلّ مسكين نصف صاع * وكذا الرجل إذا أوصى أن يطعم عنه عشرة مساكين كفارة ليمينه فغدى الوصي عشرة مساكين فمات المساكين قبل أن يعشيهم يلزمه الاستقبال ولا يضمن الوصي * رجل أعطى كفارة يمينه مسكيناً واحداً خمسة أصوع لم يجز لأنه أخل بعدد المساكين إلا إذا أعطى مسكيناً واحداً في عشرة أيام فيقوم عدد الأيام مقام عدد المساكين فإن أعطى مسكيناً حنطة ومسكيناً شعيراً جاز في ظاهر الرواية * ولو أطعم خمسة مساكين وكسى خمسة مساكين فإن كان الطعام طعام تمليك جاز ويكون الأعلى منهما بدلاً من الأرخص أيهما كان أغلى وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز ذلك إلا أن ينوي أن يكون الأغلى بدلاً عن الارخص * وإن كان الطعام طعام إباحة إن كان الطعام أرخص جاز وإن كان أغلى لا يجوز لأن في(2/9)
الكسوة تمليكاً وليس في الإباحة تمليك فإذا كان الطعام أرخص جاز أن يجعل الكسوة بدلاً عن الطعام بخلاف ما إذا كان على العكس * وإن اختار التكفير بطعام الإباحة يجوز عندنا * وعام الإباحة أكلتان مشبعتان غداء وعشاء أو غداآن أو عشاآن أو عشاء وسحوراً والمستحب أن يكون غداء وعشاء بخبز وأدام وإن أعطاهم غداء وعشاء خبزاً بغير أدام جاز عندنا يعتبر فيه الإشباع دون مقدار الطعام * ولو قدم ثلاثة أرغفة بين يدي عشرة مساكين فأكلوا وشبعوا جاز يروى ذلك عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن كان واحد من العشرة غير شبعان اختلفوا فيه قال بعضهم إن أكل من ذلك مقدار ما أكل غيره جاز وقال بعضهم لا يجوز لأن الواجب <20> إشباع العشرة وإن غداهم وعشاهم وفيهم صبي فطيم لم يجز وعليه أن يطعم مسكيناً آخر مكانه * ولا يجوز التكفير بالصوم إلا لمن عجز عما سوى الصوم فلا يجوز لمن يملك ما هو منصوص عليه في الكفارة أو يملك ما هو فوق الكفاف والكفاف منزل يسكنه وثوب يلبسه ويستر عورته وقوت يومه ومن الناس من قال قوت شهر وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان له فضل عن المسكن والكسوة لا يجوز له التكفير بالصوم ولكن يشترط أن يكون الفضل قدر ما يصير به غنياً وإن كان له عبد وهو يحتاج إلى الخدمة لا يجوز له التكفير بالصوم لأنه قادر على الإعتاق * من ملك مالاً وعليه دين مثل ذلك ووجب عليه الكفارة فقضى دينه بذلك المال جاز له التكفير بالصوم وإن صام قل قضاء الدِّين اختلفوا فيه قال بعضهم يجوز له الصوم وقال بعضهم لا يجوز وفي الكتاب إشارة إلى القولين وإن كان له مال غائب أو دين على رجل وليس في يده ما يكفر عن يمينه جاز له الصوم قالوا هذا إذا لم يكن المال الغائب عبداً فإن كان عبداً يجوز في الكفارة لا يجوز له التكفير بالصوم لأنه قادر على الإعتاق * رجل مات وعليه كفارة يمين أو قتل تسقط عنه أما كفارة الظهار قال بعضهم تسقط أيضاً وقال بعضهم لا تسقط لأنها حق المرأة * رجل حلف أن لا يفعل كذا فنسي أنه كيف حلف بالله أو بالطلاق أو بالصوم قالوا لا شيء عليه إلا أن يتذكر والله أعلم
{فصل في يمين الفضولي اليمين مما يتوقف كالطلاق والعتاق وغير ذلك}(2/10)
رجل قال لامرأة الغير إن دخلت الدار فأنت طالق فأجاز الزوج ثمّ دخلت الدار طلقت لأن اليمين تصرف يملك الزوج مباشرته فيتوقف من الفضولي على إجازته * ولو دخلت قبل الإجازة لا تطلق عند الجازة فإن عادت ودخلت بعد الإجازة طلقت كذا ذكر في الجامع، وفي المنتقى إذا دخلت قبل الإجازة فقال الزوج أجزت الطلاق عليّ فهو جائز، ولو قال أجزت هذه اليمين عليّ لزمته اليمين ولا يقع الطلاق حتى تدخل بعد الإجازة * امرأة قالت جعلت أمري بيدي واخترت نفسي والزوج حاضر فأجاز أو كان غائباً فبلغه فأجاز صار الامر بيدها في مجلس علمها <21> بالإجازة ولا يصح اختيارها فإن اختارت نفسها بعد الإجازة يقع الطلاق بهذا الاختيار لا بالاختيار السابق لأن اختيارها نقسها مما لا يتوقف فلا ينفذ بالإجازة * ولو قالت جعلت أمري بيدي وطلقت نفسي فقال الزوج أجزت يقع للحال واحدة رجعية ويصير الأمر بيدها حتى لو طلقت نفسها في مجلس علمها يقع عليها تطليقة أخرى وهي بائنة بحكم التفويض ولو أن فضولياً قال لامرأة الغير جعلت أمرك بيدك فاختارت نفسها فبلغ الزوج فأجاز الزوج جميع ذلك لا يقع الطلاق ويصير الأمر بيدها، وفي المنتقى لو قال لامرأة الغير اختاري يعني الطلاق فاختارت نفسها أو قال لها أمرك بيدك فاختارت نفسها أو قال لها أمرك بيدك فاختارت نفسها أو قال لها أنت طالق إن شئت فقالت شئت فقال الزوج قد أجزت ذلك فهي طالق لأن قوله أجزت إجازة للأمرين جميعاً، ولو قال الزوج أجزت قول الفضولي أمرك بيدك وقوله اختاري لا يلزمه الطلاق إلا أن تختار نفسها بعد الإجازة * رجل قال إن دخل مُحَمَّد بن عبد الله هذه الدار فامرأة مُحَمَّد بن عبد الله الذي يدخل الدار طالق فقال مُحَمَّد بن علد الله اشهدوا عليّ بذلك ثمّ دخل الدار يلزمه الطلاق * رجل حلف مملوكه بالطلاق وعتق كلّ مملوك يملكه إلى كذا وبصدقة كلّ مال يملكه على كذا سنة عن هو سأله البيع أو شكاه وكتب ذلك في كتاب والمملوك حاضر يسمع ويفهم ما يقول المولى فلما فلاغ المولى عن ذلك فإن المملوك لمن حضر اشهدوا عليّ بذلك ثمّ سأله البيع أو شكر حنث ويلزمه كلّ ذلك * رجل حلف رجلاً على طلاق وعتاق وهدى وصدقه ومشى إلى بيت الله وقال الحالف لرجل آخر عليك هذه الإيمان فقال نعم يلزمه المشي والصدقة ولا يلزمه الطلاق والعتاق لأنه في الطلاق والعتاق بمنزلة من قال لله عليّ أن أعتق عبدي أو أطلق امرآتي فلا يجبر على الطلاق والعتاق ولكن ينبغي له أن يعتق، وإن قال الحالف لرجل آخر هذه الإيمان لازمة لك فقال نعم يلزمه الطلاق والعتاق أيضاً * رجل قال لآخر هل دخلت دار فلان أمس فقال نعم ولم يكن دخل فقال له السائل بالله لد دخلتها فقال نعم قال فهذا حالف، ولو قال له دخلت دار فلان أمس فقال لا وقد دخلها فقال بالله ما دخلتها فقال لا قال فهو <22> أيضاً حالف وهذا جواب لكلام السائل وكذا لو قال له فعبدك حر إن كنت دخلتها فقال لا فإن عبده حر إذا لم يكن له نية من قبل إن هذا جواب لم سأل عنه وبه حلفه وإن كان نوى بقوله لا أي ليس عبدي حر إلا بعتق عبده، وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل قال لغيره عليك عهد الله إن لم تفعل كذا فقال نعم لا شيء على القائل وإن نوى بها يميناً، ولو قال أقسم أو أقسم بالله أو أحلف أو أحلف بالله لتفعلن كذا فقال نعم قال هو على القائل الأول ولا يكون على قائل نعم شيء وإن نوى يميناً * رجل قال امرأة زيد طالق وعليه المشي إلى بيت الله إن دخل هذه الدار فقال زيد نعم فقد حلف بجميع ذلك لأنه تصديق، ولو قال زيد أجزت لا يكون حالفاً، ولو قال أجزت ذلك عليّ أو ألزمت نفسي ذلك إن دخلت الدار كان لازماً ولو قال امرأة زيد طالق فقال زيد أجزت أو رضيت يقع الطلاق * رجل قال إن بعت هذا العبد من زيد فهو حر فقال زيد أجزت أو رضيت ثمّ اشتراه لا يعتق لأنه أجاز يمين البائع وبيمين البائع لا يعتق العبد بعد البيع، ولو قال إن اشترى زيد مني هذا العبد فهو حر فقال زيد نعم ثمّ اشتراه عتق لأنه لما قال نعم صار كأنه قال إن اشتريته فهو حر فيعتق إذا اشتراه * رجل قال لغريمه امرأتك طالق إن لم تقض حقي فقال الغريم تعام ولم يرد جوابه فقال الطالب قل نعم فقال نعم وأراد به جوابه قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الغريم حالف لأن الكلام واحد ما لم يأخذ في كلام آخر أو يطول ذلك لا ينقطع ويكون موصولاً { فصل في اليمين المؤقتة } التوقيت مرة يكون بألفاظ التوقيت ومرة يكون بالتقييد بالوقت، وألفاظ التوقيت ما دام وما دمت وما لم وإلى وحتى وقبل * رجل قال إن فعلت كذا ما دمت ببخارا فامرأته طالق فخرج من بخارا ثمّ عاد وفعل ذلك لا يحنث في يمينه لأن يمينه كانت مؤقتة إلى غاية فلا تبقى بعد الغاية وكذا لو قال إن تزوجت امرأة ما دمت بالكوفة فهي طالق ففارق الكوفة ثمّ عاد إلها وتزوج لا تطلق لأنه تزوج بعد انتهاء اليمين، ولو حلف لا يشرب النبيذ ما دام ببخارا ففارق بخارا ثمّ عاد وشرب قال(2/11)
الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن فارق بخارا بنفسه لا غير ثمّ عاد وشرب لا يحنث إلا أن ينوي <23> لا يشرب ما دام ببخارا وطناً له فإن نوى ذلك ثمّ فارق بخارا ثمّ عاد وشرب حنث لبقاء وطنه بها * رجل قال لأبويه إن تزوجت امرأت ما دمتما حيين فهي طالق فتزوج امرأة في حياتهما طلقت فإن تزوج أخرى في حياتهما لا تطلق لأن كلمة إن لا توجب التكرار، ولو قال كلّ امرأة أتزوج ما دمتما حييين أو قال بالفارسية هرزني كه نجواهم تاان يشان زنده اند تطلق كلّ امرأة يتزوجها في حياتهما لأن كلمة كلّ توجب تعميم النساء، وإن مات أحد أبويه فتزوج مرأة تكلموا فيه، وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنها لا تطلق وتسقط اليمين بموت أحدهما وبه أخذ الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن شرط الحنث التزوج في حياتهما ولم يوجد ولو قال لامرأته والله لا أكلمك ما دام أبواك حيين فكلمها بعدما مات أحدهما لا يحنث لما قلنا، ولو قال كلّ امرأة أتزوجها حتى يموتا فتزوج امرأة بعد ما مات أحدهما طلقت لأن شرط الحنث ههنا التزوج قبل موتهما * رجل حلف أن لا يصطاد ما دام فلان في هذه البلدة وفلان أمير هذه البلدة فخرج الأمير إلى بلدة أخرى لأمر ما ثمّ اصطاد الحالف قبل عود الأمير على تلك البلدة أو بعد عوده لا يحنث لانتهاء اليمين بخروج الأمير * رجل قال لِأَمَتِهِ إن وطئتك ما دمت في هذه الحجرة فأنت حرة فتحولا من تلك الحجرة ووطئها في حجرة أخرى أو تحولا عن تلك الحجرة ولم يطأها حتى عاد إلى تلك الحجرة ووطئها فيها لا يعتق لأن اليمين انتهت بالتحول عن تلك الحجرة * رجل حلف أن لا يدخل هذه الدار ما دام فلان في تلك الدار فخرج فلان بأهله ثمّ عاد ودخل الحالف لا يحنث وكذا لو قال لامرأته إن دخلت دار فلان ما دام فلان فيها فأنت طالق فتحول فلان من تلك الدار زماناً ثمّ عاد ودخلت تلك الدار لا يحنث، وفي النوازل رجل قال لغيره والله لا أكلمك ما دمت في هذه الدار فاليمن على الكلام ما دام ساكناً فيها ولا يبطل اليمين إلا بانتقال يبطل به السكنى لأن معنى قوله ما دمت في هذه الدار ما سكنت في هذه الدار وما بقي في الدار من قصب أو وتد يكون ساكناً في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعلى قول صاحبيه لا يكون ساكناً بذلك والفتوى على قولهما والمسألة تأتي بعد هذا في موضعها إن شاء الله تعالى هذا إذا كان فلان ممن ينسب إليه الدار بالسكنى وإن لم يكن بأن كان فلان في عيال غيره أو كان ابناً كبيراً يسكن مع أبيه أو كانت امرأة تسكن في بيت زوجها فخرجت بنفسها وبقيت أقمشتها في تلك <24> الدار لا تبقى ساكنة، وهذا إذا كان اليمين بالعربية، وإن كانت بالفارسية فخرج بنفسه على عزم أن لا يعود لا يبقى ساكناً ببقاء الأمتعة على كلّ حال * رجل حلف أن لا يأكل من هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه ثمّ أكل الحالف ما بقي لا يحنث لأن شرط الحنث الأكل حال بقاء الكل في ملك فلان ولم يوجد * رجل حلف أن لا ينام على الفراش ما دام في الغربة فتزوج امرأة في بلد ونام على الفراش قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن تزوج على عزم أن يطلقها أو يذهب بها فهو في الغربة وإن لم يكن من عزمه ذلك فليس بغريب * رجل حلف أن لا يعمل عملاً ما لم يأت فلان فاليمين على العمل الذي كان يعمله في سائر الأيام لا على مطلق العمل من صلاة أو طهارة أو أكل أو نحو ذلك * رجل قال إن أكلت من خبز والدي مالم أتزوج فاطمة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فأكل من خبز والده شيءاً قبل أن يتوزد فاطمة ثمّ تزوج فاطمة طلقت لأنه علق بالأكل قبل نكاح فاطمة طلاق كلّ امرأة يتزوج فإذ أكل يصير قائلاً كلّ امرأة أتزوجها فهي طالق يدخل في اليمين فاطمة وغيرها، ولو قال كلّ جارية أشتريها مالم أشتر فلانة سمى جارية فهي حرة ثمّ غابت المحلوف عليها أو ماتت فاشترى جارية أخرى في الغيبة تعتق لوجود الشرط حال بقاء اليمين، وفي الموت لا تعتق في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما اللله تعالى لأن عندهما فوات المحلوف عليه يبطل اليمين * مديون قال لصاحب دينه والله لأقضين دينك إلى يوم الخميس فلم يقض حتى طلق الفجر من يوم الخميس حنث في يمينه لأنه جعل يوم الخميس غاية والغاية لا تدخل تحت المضروب له الغاية إذا لم تكن غاية إخراج، ولو قال لأقشين دينك إلى خمسة أيام لا يحنث ما لم تغرب الشمس من اليوم الخامس لأنه وقت اليمين بخمسة أيام وبدون اليوم الخامس لا تكو خمسة أيام فصار كأنه قال لأقضين دينك قبل مضي خمسة أيام، وكذا لو حلف أن لا يكلم فلاناً إلى عشرة أيام كان ياليوم العاشر داخلاً في اليمين وكذا لو قال لغيره لأجيئنك إلى عشرة أيام يدخل فيه اليوم العاشر، وكذا لو قال إن تزوجت امرأة إلى خمس سنين فهي طالق فتزوج امرأة في السنة الخامسة <25> طلقت لأن السنة الخامسة داخلة في اليمين، وكذا لو أجر داره إلى خمس سنين تدخل السنة(2/12)
الخامسة في الإجارة، ولو قال أكرمن امسال زن خواهم كانت اليمين على بقية السنة إلى انسلاخ ذي الحجة كما لو قال لأصومن هذه السنة كان عليه صوم بقية السنة التي هو فيها * رجل قال كلّ عبد أشتريه فهو حر إلى سنة فاشترى عبداً قبل السنة لا يعتق حتى يمشي عليه سنة بعد الشراء لأنه ذكر السنة بعد العتق فلا يعتق قبل السنة كما لو قال لامرأته أنت طالق إلى سنة عندنا يقع الطلاق بعد السنة * رجل قال كلّ عبد أشتريه إلى سنة فهو حر فاشترى عبداً قبل السنة عتق من ساعته لأنه ذكر السنة قبل العتق فكانت السنة غاية اليمين * رجل قال إن رزقني الله تعالى امرأة موافقة قبل وقوع الثلج علي أن أصوم كلّ خميس إن أراد به وقت وقوع الثلج لا نفس الوقوع فهو على وقت وقوع الثلج وكذا إذا لم يكن له نية ووقت وقوع الثلج هو اول الشهر الذي يقال بالفارسية أدر * وإن أراد به حقيقة الوقوع فهو على حقيقة الوقوع وذلك بأن يقع على الأرض من الثلج ما يحتاج الناس إلى كنسه وإن طار في الهواء ولم يستبن على الأرض أو استبان على الحشيش أو على رأس الجدران فذلك لا يعتبر والمرأة الموافقة هي العفيفة الراضية بما ينفق عليها زوجها باذلة نفسها إذا أراد الزوج التمتع بها فإن تزوج بمثل هذه قبل وقوع الثلج أو قبل وقت الوقوع يلزمه الوفاء بما التزم، ولو قال بالفارسية بافلان سخن تكويم تابرف برزمين نيايد ونوى الوقوع حقيقة لا وقت الوقوع فوقع الثلج في بلد آخر فتكلم الحالف يحنث لأن مراد الناس من هذا وقوع الثلج في البلد الذي فيه الحالف حتى لو كان في بلد لا يقع فيه الثلج يتأبد اليمين، ولو حلف لا يكلم فلاناً إلى الصيف أو إلى الشتاء أو الخريف أو الربيع إن كان الحالف من بلد لهم حساب يعرفون الصيف والشتاء بالحساب ينصرف اليمين إلى ذلك وإن لم يكن لهم حساب اختلف الناس في معرفة هذه الأوقات قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصيف ما يشتد فيه الحر على الدوام والشتاء ما يشتد فيه البرد على الدوام والربيع ما ينكسر في البرد على الدوام <26> والخريف ما ينكسر فيه الحر على لادوام وقال بعضهم الصيف ما يكون على الأشجار ثمار وأوراق والشتاء ما لا يكون على الأشجار ثمار وأوراق والخريف ما لا يبقى فيه الثمار ويبقى الأوراق والربيع ما يخرج فيه الأوراق ولا يخرج الثمار وهذا أقرب الأقاويل إلى الضبط والإحاطة وقلما يختلف باختلاف البلدان إلا أنه يتقدم في بعض ويتأخر في بعض، ولو حلف لا يدخل غلاناً إلى النيروز فهو على نيروز المسلمين لا على نيروز المجوس، ولو حلف لا يفعل كذا إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد والدياس ولم ينو شيئاً فهو على أول الحصاد ولادياس وعلى أول حاج يقدم إذا وجد ينتهي به اليمين لأن اليمين ينتهي بأول جزء من الغاية، ولو حلف ليقشين دين فلان إذا صلى الأولى ولم ينو شيئاً فله وقت الظهر إلى آخره لأن صلاة الأولى صلاة الظهر فصار كأنه قال إذا صلى الظهر ولو قال ذلك كان له وقت الظهر إلى آخره ولو قال إلى ليلة القدر فإن كان الحالف عامياً لا يعرف اختلاف العلماء فيه فيمينه ينصرف إلى ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان يكون بعد اليمين لأن ليلة القدر عند العامة هي ليلة السابع والعشرين من رمضان، وإن كان الحالف فقيهاً فعند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت يمينه في النصف من رمضان لا يفعل شرط الحنث ما لم يمض كلّ رمضان من السنة الثانية لأن عنده ليلة القدر تتقدم وتتأخر فعسى يكون ليلة القدر في السنة الأولى في النصف الأوّل من رمضان وفي السنة الثانية تكون في النصف الآخر من رمضان فلا ينتهي اليمين بيقين حتى يمضي كلّ رمضان من السنة الثانية وهو المختار للفتوى * رجل قال لغيره لا أخرج من البلد حتى أريك نفسي فأراه نفسه في مكان بعيد فإن عرفه فلان لا يحنث الحالف وكذا لو أراه من فوق حائط وقال أنا فلان لا يحنث وإن كان لا يصل إليه فلان لأنه قد أراه * رجل قال لامرأته إن وضعت جنبك الليلة حتى أضربك فأنت طالق فلم يقدر على ضربها في تلك الليلة ونامت جالسة ولم تضع جنبها لا يحنث الحالف لأنها لم تضع جنبها * رجل حلف لا ينام حتى يقرأ كذل وكذا فنام جالساً من غير قصد لا يحنث لأن هذا مما لا يمكن <27> الاحتراز عنه فيكون مستثنى عن اليمين * رجل قال لآخر إن مت فلم أضربك فكل مملوك لي فهو حر فمات الحالف ولم يضرب لم يعتق مماليكه لأنه حنث بعد الموت * رجل حلف لا يدخل هذه الدار حتى يدخلها فلان فدخلاها معاً لم يحنث الحالف وكذا لو حلف لا يشتري أمة حتى يشتري عبداً فاشترى عبداً وأمة في عقد واحد لا يحنث * وكذا لو قال لا أكلمك حتى تكلمني فوقع كلامهما معاً، وكذا لو حلف لا يصلي حتى يصلي فلان فافتتحا في الصلاة معه معاً وركعا وسجداً لم يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذلك جميع الأفعال وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في جميع ذلك * ولو قال إن كلمتك إلا أن تكلمني فكذلك ولو قال إن ابتدأتك(2/13)
بكلام فعبدي حر فالتقيا وسلم كلّ واحد منهما على صاحبه معاً لا يحنث عندهما، وكذا لو قال إن كلمتك قبل أن تكلمني فوقع كلامهما معاً لا يحنث في قولهما * رجل قال إن خرجت من هذه الدار حتى أكلم الذي هو فيها فامرأته طالق وليس في الدار رجل فخرج لا يحنث في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل قال لآخر والله لا أعطيك مالك حتى يقضي عليّ قاض فوكل وكيلاً فخاصمه إلى القاضي فقضى على وكيل الحالف فهو قضاء على الحال ولا يحنث بعد ذلك * رجل قال لغريمه والله لا أفارقك حتى أستوفي منك حقي ثمّ إنه اشترى من مديونه عبداً بذلك الدِّين قبل أن يفارقه ولم يقبض دينه حتى فارقه قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى على قول من لا يجعله حانثاً إذا وهب الدِّين منه قبل المفارقة وقبل المديون ثمّ فارقه لا يحنث وهو قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه فارقه وليس عليه شيء فههنا ينبغي أن لا يحنث لأن المديون حين باع العبد منه بدينه ملك ما في ذمته فلا يحنث الحالف وعلى قول من يجعله حانثاً في الهبة وهو قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً ههنا إذا فارقه قبل أن يقبض المبيع وإن لم يفارقه حتى مات العبد عند البائع ثمّ فارقه حنث ولو باع المديون عبد الغير بذلك الدِّين ثمّ فارقه الحالف بعد ما قبض العبد ثمّ إن المولى استحقه ولم يجز البيع لا يحنث الحالف لأن المديون ملك ما في ذمته بهذا البيع لأن ثمن المستحق مملوك ملكاً فاسداً فلا يحنث الحالف * فلو باع المديون <28> عبداً على أنه بالخيار فيه وقبضه الحالف لو فارقه حنث * ولو كان الدين على امرأة فحلف لا يفارقها حتى يستوفي حقه منها فتزوجه الحالف على ما كان له من الدين عليها فهو فهو استيفاء لما عليها من الدّين * ولو باع المديون بما عليه عبداً أو أمة فإذا هو مدبر أو مكاتب أو أم ولد أو كان المدبر وأم الولد لغير المديون لو فارقه الطالب بعدما قبضه لا يحنث الحالف * ولو وهب الطالب الألف من الغريم فقبلها منه أو أحال الطالب رجلاً له عليه مال بماله على مديونه أو أحال المطلوب الطالب على رجل وأبرأ الطالب المطلوب الأوّل لا يحنث الحالف في هذا كله * مديون قال لرب الدِّين والله لأقضين مالك اليوم فأعطاه ولم يقبل إن وضعه بحيث لو أراد أن يأخذه تناله يده يحنث * والمغصوب منه إذا حلف أن لا يقبض المغصوب من الغاصب فجاء به الغاصب وقال سلمته إليك فقال المغصوب منه لا أقبل لا يحنث ويبرأ الغاصب من ضمان الرد كما لو حلف الرجل أن لا يؤدي زكاة ماله فمر على عاشر فأخذ العاشر زكاة ماله لا يحنث الحالف وتسقط الزكاة * مديون قال لرب الدِّين إن لم أقضك مالك غداً فعبدي حر فغاب رب الدِّين قالوا يدفع الدِّين إلى القاضي فإذا دفع لا يحنث ويبرأ عن الدِّين لأن القاضي نصب ناظراً للمسلمين فيقبله القاضي نظراً للحالف وذكر الناطفي رحمه الله تعالى أن القاضي ينصب وكيلاً عن الغائب ويدفع المال إلى الوكيل * وقال بعضهم إذا غاب الطالب لا يحنث الحالف وإن لم يدفع إلى القاضي ولا إلى الوكيل وفي بعض الروايات يحنث الحالف والدفع إلى القاضي ليس بشيء والمختار هو الأوّل فإن كان في موضع لم يكن هناك قاض حنث الحالف * رجل حلف أن لا يأخذ ماله من غريمه اليوم وقد كان وكل وكيلاً بقبضه فقبض الوكيل بعد اليمين ذكر في المنتقى أنه لا يحنث في يمينه قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يحنث في يمينه كما لو وكل وكيلاً بالنكاح ثمّ حلف أن لا يتزوج فتزوج الوكيل حنث الحالف ولو لم يقبضه وكيله ولكن أحال رب الدِّين عليه رجلاً له على المحيل دين قبل اليمين فأخذ المحتال له من الغريم لا يحنث الحالف ولو أخذ الحالف من مديونه رهناً بالدين فهلك الرهن في يده لا يحنث * رجل حلف أن يؤخر عن فلان ماله عليه شهراً فسكت <29> عن التقاضي حتى مضى شهر لا يحنث وهو كما لو حلف الشفيع أن لا يسلم الشفعة فلم يخاصم حتى بطلت شفعته لا يحنث * وكذا لو أجر داره كلّ شهر ثمّ حلف أن لا يؤجر هذه الدار فتركها عند المستأجر شهوراً لا يحنث وإن كان يتقاضى أجر كلّ شهر بأجرة ما مضى وإن سأله أجر شهر لم يسكنه المستأجر فأعطاه المستأجر حنث لأنه إذا طلب الأجر وأعطاه يصير آجراً * وكذا لو أخذ الرجل ثوب امرأته وذهب به إلى الصباغ وأمره أن يصبغ فاتهمته امرأته في ذلك فقال الرجل إن صبغته فأنت طالق ثمّ صبغه الصباغ لا يحنث لأنه لم يأمر الصباغ بعد اليمين بأن يصبغ * رجل حلف أن لا يقبض دينه من غريمه اليوم فقبض من وكيله حنث وإن قبض من متبرع لا يحنث وكذا لو قبض من كفيله حنث إذا كانت الكفالة بأمره وكذا لو أحاله الغريم على رجل فأخذ الطالب من المحتال عليه حنث * وكذا لو أحال الطالب بعد اليمين رجلاً ليس له على المحيل دين فقبض المحتال له حنث الحالف لأن المحتال له وكيل ولو اشترى الطالب من الغريم شيئاً في يومه وقبض المبيع اليوم حنث وإن قبض المبيع غداً لا يحنث ولو حط(2/14)
الطالب بعض حقه وقبض البعض اليوم لا يحنث لأنه لم يقبض جميع ما عليه في اليوم ولو اشترى شيئاً منه بعد اليمين في يومه شراء فاسداً وقبضه فإن كانت قيمته مثل الدِّين أو أكثر حنث * وإن كانت قيمته أقل من الدِّين لا يحنث لأنه لم يقبض جميع حقه وكلمة ما للتعميم * وإن استهلك شيئاً من ماله اليوم فإن كان المستهلك شيئاً مثلياً لا يحنث الحالف لأنه يجب عليه مثله لا قيمته فلا يصير قصاصاً بدينه وإن لم يكن مثلياً فإن كانت قيمته مثل الدِّين أو أكثر حنث لأنه صار قابضاً بطريق المقاصة لكن يشترط أن يغصب أو لا ثمّ يستهلكه فإن استهلكه ولم يغصبه بأن أحرقه أو ما أشبه ذلك لا يحنث الحالف لأن شرط الحنث القبض فإذا غصب أولاً وجد القبض الموجب للضمان فيصير قابضاً دينه بذلك أما إذا استهلكه من غير غصب لم يوجد القبض حقيقة فلا يصير قابضاً دينه كرجلين لهما على رجل دين مشترك فغصب أحدهما من المديون ثوباً واستهلكه كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته من الدِّين * وإن أحرقه من غير غصب <30> لا يرجع عليه شريكه بشيء * رجل له على رجل ثمن مبيع فقال إن أخذت ثمن ذلك الشيء فامرأته طالق فأخذ مكان ذلك حنطة وقع الطلاق لأنه أخذ عوض الثمن وأخذ العوض كأخذ المعوض ولهذا لو كان له شريك في ذلك كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته * مديون حلف ليجهدن في قضاء ما عليه لفلان فإنه يبيع من متاعه ما كان القاضي يبيع عليه إذا رفع الأمر إلى القاضي * رجل حلف أن لا يفارق شريكه ففارقه شريكه لا يحنث * رجل حلف أن لا يفارق غريمه حتى ستوفي ماله عليه فقعد بحيث يراه ويحفظه فهو غير مفارق وكذا لو حال بينهما ستر أو أسطوانة من أساطين المسجد لا يكون مفارقاً وكذا لو قعد أحدهما داخل المسجد والآخر خارج المسجد والباب بينهما مفتوح بحيث يراه وإن توارى عنه بحائط المسجد والآخر خارج المسجد فقد فارقه وكذا لو كان بينهما باب مغلق إلا أن يكون المفتاح بيد الحالف إذا أدخله بيتاً وأغلق عليه وقعد على الباب فهذا لم يفارقه * وإن كان المحبوس هو الحالف والمحلوف عليه هو الذي أغلق الباب وأخذ المفتاح فقد حنث الحالف إذا كان الحالف هو الذي فارقه * مديون قال لرب الدّين إن لم أدفع إليك حقك قبل الجمعة فعبدي حر فمات الذي له الدّين قبل الجمعة لا يحنث الحالف في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن دفع إلى ورثته أو وصيه بر وإن لم يدفع حتى مضى يوم الجمعة حنث * رجل لزم مديونه فحلف الملزوم ليأتينه غداّ في فأتاه في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله فإن كان لزمه في منزله فحلف ليأتينه غداً فتحول الطالب من منزل آخر فأتى الحالف المنزل الذي كان فيه الطالب فلم يجده لا يبر حتى يأتي منزله الذي تحول إليه * فلو قال لغريمه والله لا أفارقك حتى تطيني حقي اليوم ونوى أن لا يترك لزومه حتى يعطي حقه فمضى اليوم ولم يفارقه ولم يعط حقه لا يحنث فإن فارقه بعد ما مضى اليوم حنث ولو قال والله لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي اليوم وهو ينوي أن لا يترك لزومه فمضى اليوم ثمّ فارقه لا يحنث ولو قال لغريمه والله لا أفارقك <31> حتى آخذ مالي عليك ففر منه الغريم لا يحنث * ولو كان قال لا تفارقني حنث ولو قال والله لا آخذ مالي عليك إلا ضربة وله عليه عشرة دراهم فجعل يزن درهماً درهماً ويعطيه بعد أن يكون في وزنها لا يحنث * وإن أخذ في عمل آخر في ذلك لامجلس فهو حانث ولو قال إن قبضت مالي على فلان شيئاً دون شيء فهو في المساكين يعين ماله على فلان فقبض منه تسعة فوهبها لرجل فأقبض الدراهم الباقية فإنه لما قبض التسعة حنث ووجب عليه التصدق بها فإذا وهبها يضمن مثلها ويلزمه التصدق بالدراهم الباقية أيضاً إذا قبض * ولو قال والله لا أراك تخرج من هذه الدار فطلب إليه فقال قد تركتك ثمّ أبى أن يخرج فإنه يحنث إذا قال تركتك ولو قال لغريمه إن لم ألازمك حتى تقضي حقي فامرأته طالق فامتنع عن الملازمة قبل قضاء الدّين حنث * وكذا لو قال إن لم أضربك حتى يدخل الليل أو يشفع لي فلان أو حتى تبكي أو حتى تصيح فامتنع عن الضرب قبل ذلك كان حانثاً * وكذا لو قال حتى تبول أو حتى تتغوط أو حتى تستغيث ولو قال إن لم أضربك بالسياط حتى تموت أو لم يقل بالسياط فهو على المبالغة في الضرب ولو قال إن لم أضربك بالسيف ضربة حتى تموت أو حتى أقتلك فهو على القتل ولو قال إن لم أخبر فلاناً بما صنعت حتى يضربك فامرأته طالق فأخبره بر في يمينه وإن لم يضربه وكذا لو قال إن لم أضربك حتى تضربني أو إن لم آتك حتى تغديني أو إن لم تأتني حتى أغديك * إذا ذكر فعلين كلاهما من واحد والأول مما لا يمتد يتعلق البر بوجودهما جميعاً * ولو قال إن لم آتك اليوم حتى أتغدى عندك فأتاه ولم يتغ عنده ثمّ تغدى عنده في يوم آخر من غير أن أتاه بر في يمينه
{فصل فيما يكون على الفور أو على الأبد}(2/15)
رجل قال لغيره إن فعلت كذا فلم أفعل كذا قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم يفعل ما قال على آثر الفعل المحلوف عليه حنث في يمينه ولو قال إن فعلت كذا ثمّ لم أفعل كذا فهو على الأبد * وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على الفور أيضاً * رجل قال لعبده إن قمت ولم أضربك فشرط البر الضرب قبل القيام إن قام قبل أن يضربه حنث ولو قال إن قمت فإن لم أضربك فقام ولم يضربه <32> لا يحنث حتى يموت أحدهما ولو قال إن قمت فلم أضربك فهذا على فور القيام * امرأة قالت لزوجها إن لم تحرم جاريتك على نفسك فأمكنتك من نفسي فمالي صدقة فمكنت قبل التحريم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تحنث حتى يموت الرجل أو الجارية قبل التحريم فهو على الأبد * رجل قال إن رأيت فلاناً فلم أضربه فرآه من قدر ميل أو أكثر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث لأنه لم يره * رجل قال لغيره إن لقيتك فلم أسلم عليك ينبغي أن يكون السّلام ساعة يلقاه فإن لم يفعل حنث * وكذا لو قال إن استعرتك دابتك فلم تعرني ينبغي أن يكون مع الفعل فإن نوى غير ذلك لا يدين في القضاء * وكذا لو قال إن دخلت هذه الدار فلم أفعل كذا ينبغي أن يفعل مع الدخول وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا قال لجاريته إن لم تجيئيني الليلة حتى أجامعك مرتين فأنت حرة فجاءته من ساعته فجامعها مرتين في موضعين لا تعتق وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا قال لجاريته إن لم تأتيني الليلة حتى أغشاك فأنت حرة فأتت في تلك الليلة فلم يغشها لا يحنث وكذا في الضرب وغيره وهو نظير ما ذكر في الزيادات إذا ذكر فعلين أحدهما منه والآخر من غيره وبينهما كلمة حتى وآخرهما لايصلح غاية للأول ويصلح جزاء له لا يشترط للبر وجود الثّاني * رجل قال لغيره إن بعثت إليك فلم تأتني فعبدي حر فبعث إليه فأتاه ثمّ بعث إليه ثانياً فلم يأته حنث ولا يبطل اليمين بالبر حتى يحنث مرة فحينئذ يبطل اليمين * وكذا لو قال إن بعثت إليّ فلم آتك أو قال إن زرتني فلم أزرك فهو على الأبد * رجل قال لامرأته إن لم تطلقي نفسك فعبدي حر قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على المجلس وهو أذن لها في الطلاق إذا طلقت نفسها في المجلس طلقت * وكذا لو قال لغيره إن لم تبع عبدي هذا فعبدي الآخر هذا حر فهو إذن له في البيع وهو على الأبد ولو قال لغيره إن دخلت دارك فلم أجلس فهو على الفور ولو قال إن دخلت الكوفة ولم أتزوج فعبدي حر فهو على أن يتزوج قبل الدخول * وإن قال فلم أتزوج فهذا على أن يتزوج حين يدخل ولو قال ثمّ لم أتزوج فهو على الأبد بعد الدخول * رجل قيل له تزوج لفلانة فقال إن تزوجت أبداً فعبدي حر <33> فتزوج غير فلانة حنث * رجل قال إن تركت أمس السماء فعبدي حر لا يحنث أبداً * رجل قال عبدي حر إن لم أمس السماء حنث من ساعته ولو قال إن لم أمس السماء غداً فامرأته طالق طلقت غداً في قياس قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تطلق الساعة * رجل افطر يوماً ثمّ قال والله لأصومن هذا اليوم لا يحنث في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى ويحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل حلف ليأتين فلاناً في أول شهر رمضان فأتاه لتمام خمسة عشر يوماً لا يحنث فإن كان الشهر تسعاً وعشرين يوماً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن أتاه قبل الزوال من اليوم الخامس عشر ينبغي أن لا يحنث وإن أتاه بعد الزوال من هذا اليوم حنث * رجل حلف ليزورن فلاناً غداً أو ليعودنه فأتى بابه فلم يأذن له فرجع ولم يصل إليه لا يحنث وإن أتى بابه ولم يستأذن حنث في يمينه حتى يصنع في ذلك اليوم ما يصنع الزائر والعائد من الاستئذان * رجل حلف لا يذهب إلى فلان فذهب يريده ثمّ تذكر يمينه فرجع فهو حانث والذهاب والخروج سواء ولو حلف لا يأتي فلاناً فهذا على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لم يلقه ولو حلف لا يلقاه أو لم يلقه ولو حلف لا يلقاه فأتى منزله لا يحنث حتى يلقاه * رجل قال لآخر إن رأيت فلاناً فلم أعلمك فعبد حر فرآه أول ما رآه إلى جنب الرجل الذي قال له لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يعتق عبده لأنه ليس هذا موضع الأعلام وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث ولو قال إن رأيت فلاناً فلم آتك به فعبدي حر والمسألة بحالها لا يعتق لأنه أتى جنبيه قبل أن يراه وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في بعض الروايات أنه يحنث * رجل قال إن لم أدخل الليلة المدينة ولم ألق فلاناً فامرأته طالق فدخل المدينة ولم يصادف فلانا في منزله ولم يلقه إلى أن أصبح قالوا إن كان عالماً وقت اليمين أنه غائب عن منزله حنث وإلا فلا وهو كما لو قال إن لم آكل هذا الرغيف اليوم فأكله غيره قبل غروب الشمس لا يحنث في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
{باب من الإيمان}(2/16)
أكثر مسائل الإيمان في هذا الباب والمسائل على نوعين أحدهما <34> ما يكون الشرط من العقود والثاني ما يكون من الأفعال والعقود أنواع ثلاثة منها ما يتعلق حقوقه بمن وقع له العقد لا بالعاقد كالنكاح والطلاق والعتاق والكتابة والخلع والصدقة ومنها ما يتعلق حقوقه بالعاقد إذا كان العاقد أهلاً لتعلق الحقوق به كالبيع والشراء والإجارة والقسمة ونحوها والفاصل بينهما أن كلّ ما جاز أن يثبت الحكم للعاقد ثمّ ينتقل من العاقد إلى غيره فهو من القسم الثّاني وكل ما لا يجوز أن يثبت الحكم للعاقد ثمّ ينتقل منه إلى غيره فهو من القسم الأوّل ومن العقود ما لا حقوق له أصلاً كالإعارة والإبراء والقضاء والاقتضاء فنذكر كلّ جنس في فصل على حدة إن شاء الله تعالى.
{فصل في التزويج}(2/17)
رجل حلف أن لا يتزوج فجن فزوجه أبوه لا يحنث ولو لم يجن ولكن وكل وكيلاً بالنكاح ففعل لوكيل حنث الحالف لأن النكاح عقد يتعلق حقوقه بمن وقع له العقد فكان العاقد سفيراً محضاً لا يستغني عن إضافة العقد إلى موكله فكان فعله كفعل الحالف إذا كان الحالف من أهل المباشرة والمجنون ليس من أهل المباشرة فلا يكون فعل الأب كفعل الحالف بخلاف الوكيل * وكذا لو كان التوكيل قبل اليمين وزوجه الوكيل بعد اليمين حنث الحالف لأن الوكالة غير لازمة فكان للدوام حكم الابتداء ولو زوج الحالف فضولي فإن كان عقد الفضولي قبل اليمين فأجاز الحالف بعد اليمين بالقول أو الفعل لا يحنث الحالف لأن عند الإجازة يستند النفاذ إلى حالة العقد فيصير الحالف متزوجاً قبل اليمين فلا يحنث وإن كان عقد الفضولي بعد اليمين لا يحنث ما لم يجز فإن أجاز بالقول حنث هو المختار وعند البعض لا يحنث وهو رواية عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعنه أنه لا يحنث بنكاح الوكيل أيضاً وإن أجاز بالفعل كسوق مهر أو ما أشبه ذلك روى ابن سماعة عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يحنث وعليه أكثر المشايخ منهم الشَّيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والشيخ الإمام إسماعيل الزاهد البخاري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال بعضهم يحنث والفتوى على قول الأكثر * ولو زوجه الفضولي نكاحاً فاسداً بعد اليمين فأجاز الحالف بالقول أو بالفعل لا يحنث <35> ولا ينحل اليمين حتى لو تزوج بعد ذلك نكاحاً جائزاً يحنث في يمينه لأن الحالف لو تزوج امرأة نكاحاً فاسداً لا يحنث فلا يحنث بالإجازة بطريق الأولى * وكذا لو وكل الحالف رجلاً بالنكاح فزوج الوكيل امرأة نكاحاً فاسداً لا يحنث الموكل * رجل قال لامرأة لا يحل له نكاحها إن تزوجتك فعبدي حر فتزوجها حنث في يمينه لأن يمينه تنصرف إلى ما يتصور فيها وهو النكاح الفاسد * وكذا لو حلف على امرأة الغير ومدخولته ليتزوجن هذه المرأة اليوم فتزوجها في ذلك اليوم بر في يمينه لأن يمينه تنصرف إلى صورة العقد * عبد حلف أن لا يتزوج فزوجه مولاه امرأة وهو كاره لذلك لا يحنث لأن لفظ النكاح وجد من المولى لا من العبد والعبد لم يرض بحكمه فلا يحنث في يمينه * ولو حلف الرجل أن لا يتزوج امرأة فأكره على النكاح فتزوج حنث في يمينه لأن الحالف أتى بلفظ النكاح إلا أنه لم يرض بحكمه والرضا ليس بشرط لصحة النكاح فيحنث في يمينه * ولو حلف الرجل أن لا يزوج ابنته الصغيرة أو أمته عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في إحدى الروايتين لا يحنث بالتوكيل ولا بالإجازة وعلى قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث بهما * وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى يحنث بهما * وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يحنث بالتوكيل في الصغيرة خاصة ولو حلف أن لا يزوج ابنته الكبيرة أو ابنه الكبير لا يحنث الأب إلا أن يباشر العقد بنفسه ولو حلف أن لا يزوج ابنة أخيه أو ابنة عمه فوكلت المرأة وكيلاً بالنكاح فزوجها الوكيل ثمّ قبض الولي الحالف مهرها أو طالب الزوج بذلك صح النكاح ولا يحنث الحالف وإن حلفت امرأة أن لا تتزوج فوكلت وكيلاً بالنكاح ففعل الوكيل حنث والمرأة بمنزلة الرجل في جميع ما ذكرنا * رجل حلف أن لا يتزوج من أهل هذه الدار وليس للدار أهل ثمّ سكنها قوم فتزوج منهم أو قال لا أتزوج من بنات فلان وليس لفلان بنت ثمّ ولدت له بنت فتزوجها الحالف لا يحنث في يمينه * إذا حلف أن لا يتزوتج من أهل الكوفة فتزوج امرأة من أهل الكوفة لم تكن ولدت قبل اليمين حنث الحالف في يمينه * وإذا حلف أن لا يتزوج بالكوفة ثمّ أراد أن يتزوج ذكر الخصاف رَحِمَهُ <36>اللهُ تَعَالَى في الحيل وقال يوكل الرجل وكيلاً والمرأة وكيلاً ثمّ يخرج الوكيلان من الكوفة ويعقدان النكاح خارج الكوفة فلا يحنث الحالف لأن المعتبر مكان العقد ومكان العقد مكان العاقد * رجل حلف أن لا يتزوج امرأة على أربعة دراهم فتزوج امرأة على أربعة وأكمل القاضي عشرة لا يحنث الحالف وكذا لو زاد الزوج بعد العقد على مهرها لا يحنث * رجل حلف أن لا يتزوج من نساء أهل البصرة فتزوج امرأة كانت ولدت بالبصرة ونشأت بالكوفة يحنث الحالف في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن وطنت بالكوفة لأن عنده المعتبر في هذا الولادة وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث وهو على الوطن * رجل حلف أن لا يتزوج امرأة كان لها زوتج قبله فطلق امرأته تطليقة بائنة ثمّ تزوجها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه لأن يمينه ينصرف إلى غيرها * ولو حلف أن لا يتزوج امرأة بالكوفة فتزوج امرأة بالكوفة هي في البصرة زوّجها منه فضولي بغير أمرها فأجازت هي في البصرة حنث الحالف ويعتبر في هذا مكان العقد وزمانه لا مكان الإجازة وزمانها ولو حلف أن لا يتزوج امرأة فتزوج صغيرة حنث في يمينه وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في(2/18)
رواية لا يحنث والمرأة في النكاح لا تتناول الصغيرة * رجل حلف أن لا يتزوج امرأة على وجه الأرض ونوى امرأة بعينها يدين فيما بينه وبين الله تعالى لا في القضاء وإن نوى كوفية أو بصرية لا يدين أصلاً * وكذا لو نوى امرأة عوراء أو امرأة كان أبوها يعمل كذا ولو نوى عربية أو حبشية دين فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى جنساً دون جنس والطلاق بمنزلة النكاح في جميع ما ذكرنا * إذا حلف لا يطلق فوكل بذلك فطلق الوكيل حنث * وكذا لو طلقها فضولي أو خلعها فأجاز بالقول حنث * وكذا لو قال لها أنت طالق إن شئت فشاءت أو قال لها اختاري فاختارت أو قال لها إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت أو آلى منها فمضت مدة الإيلاء عندنا يحنث في يمينه وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ولو كان الحالف عنيناً ففرق القاضي بينهما بعد الأجل على قول زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان ولو جن الحالف <37> فطلق امرأته لا يحنث ولو قال لها طلقي نفسك إن شئت أو قال إذا شءت أو قال لعبده أعتق نفسك إن شئت ثمّ حلف أن لا يطلق ولا يعتق فطلقت نفسها أو أعتق العبد نفسه حن الحالف وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ثمّ رجع * ولو قال لها أنت طالق إن شئت أو قال لعبده أنت حر إن شئت ثمّ حلف أن لا يطلق ولا يعتق فشاءت المرأة طلاقها وشاء العبد عتقه وقع الطلاق والعتاق ولا يحنث في يمينه وهه كما لو قال لها عن دخلت الدار فأنت طالق ثمّ حلف أن لا يطلق فدخلت الدار يقع الطلاق ولا يحنث الحالف * رجل حلف ليطلقن فلانة اليوم وفلانة أجنبية أو مطلقة ثلاثاً أو من لا يحل نكاحها فالبر في ذلك أن يطلقها بلسانه وأن كان لا يقع وفي النكاح الفاسد يقع على المشاركة وجملة المسائل التي يحنث الحالف فيها بالمباشرة والتوكيل ثمانية عشر النكاح والطلاق والعتاق بمال أو بغير مال والكتابة والإيداع والاستيداع والإعارة والاستعارة والهبة والصدقة الإقراض والاستقراض والضرب في العبد والخياطة والذبح والبناء والقضاء والاقتضاء * رجل حلف أن لا يصالح فلاناً من حق يدعيه فوكل الحالف رجلاً فصالح الوكيل يحنث عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه لا عهدة في الصلح وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان وفي لاصلح عن دم العمد يحنث الحالف بصلح الوكيل * ولو حلف أن لا يخاصم فلاناً فوكل بخصومته وكيلاً لا يحنث * ولو حلف لا يقضي فلاناً دينه فأمر غيره فقضاه حنث * وكذا لو حلف لا يقضي من فلان شيئاً فوكل ففعل الوكيل حنث * ولو حلف لا يهب لفلان هبة فوهب ولم يقبل أو قبل ولم يقبض حنث عندنا خلافاً لزفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذا لو وهب هبة غير مقسومة حنث عندنا * وكذا لو عمره أو نحله أو بعث بها غليه مع رسوله أو أمر غيره حتى وهب حنث الحالف ولا يحنث بالصدقة في يمين الهبة عندنا ولو حلف لا يهب فأعار لا يحنث ولو حلف أن لا يتصدق أو لا يقرض فلاناً فتصدق أو أقرض ولم يقبل فلان حنث في يمينه وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في القرض لا يحنث إذا لم يقبل * وقال في القرض إذا قال أقرضني فلان فلم أقبل أو قال ولم أقبل صدق وفي الهبة <38> لا يصدق وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما لايصدّق في الهبة لا يصدق في القرض ولو حلف لا يستقرض فاستقرض ولم يقرضه حنث في يمينه ولو حلف أن لا يهب عبده لفلان فوهبه غيره بغير أمره فأجاز الحالف حنث في يمينه كما يحنث إذا وكل غيره بالهبة ولو حلف لا يهب لفلان فوهبه على عوض حنث في يمينه * رجل قال إن وهب لي فلان هذا العبد فهو حر فقال فلان وهبته لك فقال الحالف قبلت وقبضه قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يعتق العبد لأن الهبة قبل القبول * رجل حلف أن لا يكاتب عبده فكاتبه غيره بغير أمره فأجاز الحالف حنث في يمينه كما يحنث بالتوكيل * رجل حلف أن لا يعتق عبده فأدى العبد مكاتبته يعتق فإن كانت الكتابة بعد اليمين حنث الحالف وإن كان قبل اليمين لا يحنث ولو حلف لا يسلم الشفعة فسكت ولم يخاصم حتى بطلت شفعته لا يحنث في يمينه * وإن وكل وكيلاً بالتسليم حنث في يمينه * وكذا لو حلف أن لا يأذن لعبده في التجارة فرآه يبيع ويشتري فسكت لا يحنث * وكذا البكر إذا حلفت أن لا تأذن في تزويجها فسكت عند الاستئمار لا تحنث * رجل حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه برّ الحالف * ولو حلف على حر ليضربنه فأمر غيره فضربه لا يبرأ إلا إذا كان الحالف سلكانا أو قاضياً لأن في العبد صح الأمر حتى سقط الضمان عن الضارب * وفي الحر لا يصح لأنه لا يحل له ضربه فلا يملك التفويض إلى غيره * رجل حلف لا يخيطن هذا الثوب أو لا يبنين هذه الدار فأمر غيره بذلك ففعل حنث الحالف سواء كان الحالف يحسن ذلك أو لا يحسن فإن نوى أن لا يلي ذلك بنفسه دين في القضاء * وفيما إذا حلف أن لا يطلق فأمر غيره وقال نويت أن لا أطلق بنفسي لا يدين في القضاء(2/19)
وهو الصحيح * ولو حلف الأب أن لا يضرب ولده الصغير فأمر غيره فضربه ينبغي أن يحنث الحالف لأن الأب يميك ضرب ولده الصغير فيملك التفويض إلى غيره ويكون بمنزلة القاضي والسلطان ذكر في الجامع الصغير أنه لا يحنث ولم يفصل بين الصغير والكبير * ولو حلف أن لا يجدد لِأَمَتِهِ ثوباً فأمر غيره فاشترى بمال المولى حنث * رجل حلف أن لا يعير ثوبه <39> من فلان فبعث فلان إلى الحالف وكيلاً واستعاره فأعاره الحالف حنث لأن الوكيل بالاستعارة سفير محض يحتاج إلى الإضافة إلى الموكل فكان بمنزلة الوكيل بالاستقراض * رجل حلف أن لا يستعير من فلان دابته فأردفه فلان على دابته لا يحنث لأنه لم يستعر والإعارة لا تتم إلا بالتسليم ولم يوجد * رجل حلف أن لا يأتمن فلاناً على شيء فأرى فلاناً درهماً وقال انظر إليه ولم يفارقه لا يحنث لأنه لم يأتمنه ولو دفع إليه دابته وقال أمسكها حتى أصلي يحنث في اليمين لأنه أتقنه * رجل قال لأخيه وهو شريكه إن شاركتك فحلال الله عليّ حرام من المال والمرأة ثمّ بدا لهما أن يشتركا قالوا إن كان للحالف ابن كبير ينبغي أن يدفع المال إلى ابنه مضاربة ويجعل لابنه شيئاً يسيراً من الربح فيأذن للابن أن يعمل فيه برأيه ثمّ إن الابن يشارك عمه فإذا عمل الابن مع العم كان للابن ما اشترط له الأب من الربح والفاضل على ذلك إلى النصف يكون للأب ولا يحنث الأب لأنه لم يشاركه المحلوف عليه * فإن كان المضارب حلف لا يشارك المحلوف عليه والمسألة بحالها يحنث المضارب ولو كان مكان الابن أجنبي فالجواب كذلك * رجل حلف أن لا يشارك فلاناً ثمّ إن الحالف دفع إلى رجل مالاً بضاعة وأمره أن يعمل فيه برأيه فشارك المدفوع اإليه المال الرجل الذي حلف رب المال أن لا يشاركه يحنث الحالف لأنه صار شريكاً للمحلوف عليه لأن المبضع لا حق له في الربح وكان العامل شريكاً لرب المال أما المضارب فله حق في الربح وكان المحلوف عليه شريكاً للمضارب فإن كان المبضع حلف أن لا يشارك أحداً فدفع المال شركة لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يعمل مع فلان شيئاً في قصارة ونحوها فعمل مع شريك فلان حنث ولو عمل مع عبده المأذون لا يحنث لأن كلّ واحد من الشريكين يرجع بالعهدة على صاحبه فيصير الحالف عاملاً مع المحلوف عليه حكماً فيحنث * وأما العبد المأذون لا يرجع بالعهدة على المولى فلا يصير الحالف شريكاً لمولاه ولو حلف الرجل أن لا يشارك فلاناً في هذه البلدة وعقد عقداً ثمّ خرجا عن البلدة وعقداً عقد الشركة ثمّ دخلا البلدة وعملاً فإن كان الحالف نوى في يمينه أن لا يعقد عقد الشركة <40> في البلدة لا يحنث * وإن نوى أن لا يعمل بشركة فلان حنث * وإن دفع أحدهما إلى صاحبه مضاربة فهذا والأول سواء لأن المضاربة شركة في عرفنا ولو حلف أن لا يشارك فلاناً فأخرجا الدراهم واشتركا حنث في يمينه قبل خلط المال * رجل حلف أن لا يشارك فلاناً فشاركه بمال ابنه الصغير لا يحنث في يمينه لأنه ليس بشريك للمحلوف عليه إنما الشريك هو الابن * رجل حلف رجلاً أن يطيعه في كلّ ما يأمره وينهاه عنه ثمّ نهى عن جماع المرأة فجامع لا يحنث لأنه لا يراد بهذه اليمين ذلك * رجل حلف أن لا يخدم فلاناً فخاط لفلان قميصاً بأجر لا يكون حانثاً لأن الخياطة بأجر لا تعد خدمة * وإن خاطه بغير أجر قالوا يخاف أن يكون حانثاً * قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن لا يحنث لأن خياطة الثوب عند الناس لا تعد خدمة * رجل حلف أن لا يعمل يوم الجمعة وعنده كرباس يريد أن يجعله قميصاً فحمله إلى الخياط يوم الجمعة وأمره أن يخيط له ثوباً لا يكون حانثاً لأن يمينه هذا يقع على ما كان يعمله في سائر الأيام * رجل قال إن عمرت في هذا البيت عمارة فامرأته طالق فخرب حائط بينه وبين جاره في هذا البيت فبنى الحائط وقصد عمارة بيت الجار كان حانثاً في يمينه لأن شرط الحنث العمارة في هذا البيت وقد وجد * رجل حلف أن لا يستعير من فلان شيئاً فاستعار منه حائطاً ليضع عليه جذوعاً كان حانثاً وإن استسقى من بئره أو دخل عليه فأضافه لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يعامل فلاناً في شيء فدفع إليه مالاً مضاربة لا يكون حانثاً لأن المعاملة على مباشرة ذلك الفعل بنفسه * رجل قال والله لا أشارك فلاناً ثمّ إنهما ورثا داراً أو عبداً لا يكون حانثاً لأنه لم يشاركه وإنما لزمه ذلك بغير اختياره * رجلان ورثا مالاً أو رقيقاً فقال أحدهما والله ما بيني وبين فلان شركة في شيء كان حانثاً ولو قال والله ما بين وبين فلان شركة ولم يقل في شيء لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يكسو فلاناً فأعطى فلاناً دراهم يشتري بها كسوة لا يكون حانثاً ولو حلف أن لا يكسو فلاناً فأرسل إليه قلنسوة أو خفين أو نعلين يكون حانثاً إلا أن ينوي أن لا يعطيه بيده * رجل حلف أن لا يستدين ديناً لا يحنث بالنكاح ويحنث بالقرض <41> والسلم ولو حلف أن لا يكون من أكرة فلان وهو من أكرته أو حلف أن لا يكون مزارعاً(2/20)
لفلان وأرضه في يده بالمزارعة وفلان غائب لا يمكنه نقض ما بينهما من ساعته يصير حانثاً في يمينه لوجود شرط الحنث وهو كونه من أكرة فلان ولو خرج في فور يمينه إلى رب الأرض وناقضه لا يكون حانثاً لأن ذلك القدر مستثنى عن اليمين عادة وإن كان رب الأرض خارج المصر فقام للخروج إليه فما دام مشتغلاً بالخروج من طلب الدابة ونحو ذلك لا يكون حانثاً وإن اشتغل بعمل آخر يصير حانثاً وهو كما لو حلف لا يسكن هذه الدار فقام للخروج فما دام في طلب المفتاح لا يكون حانثاً وإن اشتغل بعمل آخر حنث ولو منعه إنسان عن الخروج إلى رب الأرض لا يحنث في يمينه * وكذا لو كان صاحب الأرض في المصر فمنعه إنسان عن طلب صاحب الأرض لا يحنث ولو أن هذا المزارع حلف وقال إن لم أترك المزارعة بيني وبين فلان فمنعه إنسان عن الخروج إلى رب الأرض حنث في يمينه لأن شرط الحنث في هذا عدم ترك المزارعة والعدم يحصل بدون الاختيار وهو كما لو قال إن لم أخرج من هذه الدار اليوم فامرأته طالق فقيد ومنه عن الخروج حنث * وكذا لو قال الرجل لامرأته وهي في منزل والدها إن لم تحضري الليلة منزلي فأنت طالق فمنعها الوالد عن الحضور قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في يمينه وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث كما لو حلف أن لا يسكن هذه الدار فقام للخروج فإذا الباب مغلق فلم يقدر على الخروج أو قيد ولم يقدر على الخروج ثمّ تكلموا فيه قال بعضهم يحنث في الباب المغلق ولا يحنث في القيد والصحيح أنه لا يحنث فيهما والفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى سوّى بين ما إذا حلف أن لا يسكن هذه الدار وبين ما إذا حلف إن لم أخرج من هذه الدار وقال إذا منعه مانع لا يحنث في المسألتين والشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فرق وقال في قوله إن لم أخرج إذا منعه مانع حنث وفي قوله لا أسكن إذا منعه مانع عن الخروج لا يحنث والفتوى على قوله لأن في قوله لا أسكن شرط الحنث السكنى والفعل لا يتحقق بدون الاختيار وفي <42> قوله إن لم أخرج شرط الحنث عدم الخروج والعدم يتحقق بدون الاختيار * رجل قال لامرأته إن تكفلي بمال فأنت طالق فقالت اشهدو إن كفلت لفلان بماله على زوجي قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى الضمان باطل واليمين باقية وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الكفالة جائزة واليمين منتهية لأن عند إبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى شرط صحة الضمان إجازة المكفول له في المجلس فإذا لم يوجد لم يصح الضمان فيبقى اليمين وعلى قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ذاك ليس بشرط فلا يبقى اليمين * رجل قال إن كفلت لرجل بعدلية أو بنصف عدلية فامرأته طالق ثمّ كفل بعشرة دراهم غطريفية لا يحنث في يمينه لأن في الإيمان يعتبر اللفظ فلا يحنث كما لو حلف أن لا يهب لفلان درهماً فوهبه ديناراً لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يعمل لفلان وهو خراز فاشترى من صاحب الجكان آلات الخرز وخرز ثمّ باعه من المحلوف عليه لا يحنث في يمينه * رجل له مستغلات في أيدي الناس بالغلة فقال زن ىوى بسه طلاق اكر بيش وى آن غله خانه رابغله دهد فأخذت المرأة الغلات من الناس وأنفقت بعضها وأعطت بعضها الزوج لا يحنث في يمينه لأنه حلف على العقد ولم يعقد فكذا لو تركها في أيديهم واستوفى غلته كلّ مدة عند انقضائها * رجل قال اكربيش وى وكيلى فلان كنديا كد خدائي فلان كند فامرأته كذا اما اكركاري فرمايدش نكند فينصب الموكل وكيلاً آخر وجعل غيره كدخدائي ثمّ أمر الحالف أن يعمل له عملاً ففعل حنث الحالف لأنه عقد اليمين على أن لا يكون وكيلاً ومن عمل لغيره بأمره يكون وكيلاً فيكون حانثاً إلا إذا حلف أن لا يكون وكيلاً له في الأشياء التي كان وكيلاً فيها قبل ذلك
{مسائل اليمين على الترك}(2/21)
رجل آجر جاره سنة ثمّ قال للمستأجر والله لا أتركك في داري ثمّ قال له اخرج من داري يصير بارا * رجل حلف أن لا يدع فلاناً يدخل هذه الدار فإن كانت الدار للحالف فمنعه بالقول ولم يمنعه بالفعل حتى دخل حنث في يمينه فيكون شرط بره المنع بالقول والفعل بقدر ما يطيق وإن لم تكن الدار للحالف فمنعه بالقول دون الفعل حتى لو دخل لا يكون حانثاً * رجل حلف <43> بطلاق امرأته أن لا يدع فلاناً أن لا يدع فلاناً يمر على هذه القنطرة فمنعه بالقول يكون باراً لأنه لا يملك المنع بالفعل * رجل قال لابنه إن تركتك تعمل مع فلان فامرأته كذا فإن كان الابن بالغاً لا يقدر على منعه بالفعل فمنعه بالقول يكون باراً وإن كان الابن صغيراً كان شرط بره المنع بالقول والفعل جميعاً * رجل عاتبته امرأته في شرب الشراب فقال الزوج إن تركت شربها أبداً فأنت طالق وفي عزمه أن لا يترك شربها أبداً لا يكون حانثاً وإن كان لا يشرب في بعض الأوقات لأن العادة فيما بينهم الشرب في بعض الأوقات لا أن يشرب على الدوام فلا يراد باليمين ذلك وإنما يراد باليمين الترك من حيث العزم * رجل ادّعى أرضاَ في يد صهره وقال إن تركت هذه الدعوى حتى آخذها فامرأته كذا قالوا إن خاصمه في كلّ شهر مرة ولم يترك الخصومة شهراً كاملاً لا يكون حانثاً وجعلوا هذه المسألة فرعاً لمسألة معروفة * رجل حلف ليقضين حق فلان عاجلاً فقضاه فيما دو الشهر بر في يمينه * رجل لازم غريمه وقال والله لا أدعك تذهب حتى تعطيني حقي ثمّ نام فذهب الغريم لا يحنث إذا انتبه وتبعه حتى أعطاه حقه وإن انتبه ولم يتبعه وتركه الآن يصير حانثاً * رجل قال لغريمه والله لا أدع مالي عليك اليوم فقدمه إلى القاضي وحلفه فحلف بر في يمينه * وكذا لو أقر فحبسه بر في يمينه وغن لم يحبسه يلازمه إلىالليل وإن كان الدّين مؤجلاً لم يحل يقول له أعطني مالي فإذا قال ذلك يصير باراً ولو قال والله لا أدعه يخرج من الكوفة فخرج وهو لا يعلم ذلك لا يحنث وإن رآه يخرج فترك حنث وإن لازمه فلم يقدر عليه حتى ذهب لا يحنث ولو قال إن تركت فلاناً يدخل بيتي فامرأته كذا فدخل فلان ولم يعلم به الحالف لا يحنث وإن علم ولم يمنعه حنث ولو قال إن أدخلت فلاناً بيتي فامرأته كذا فشرط الحنث أن يدخل فلان بأمره * رجل قال لامرأته إن تركت هذا الصبي يخرج من باب الدار فأنت طالق فهرب منها أو قامت لتصلي فخرج الصبي لا يحنث في يمينه * رجل قال لغيره والله لا أرافقك فإن كان معه في محمل أو كان كريهما واحداً وقطارهما واحداً فهو مرافق وإن كان كريهما مختلفاً فليس بمرافق
{مسائل في السرقة والأخذ <44> وبالغصب}(2/22)
رجل حلف أن لا يأخذ من فلان ثوباً هروياً فأخذ منه جراباً مروياً وفيه ثوب هروي دسه المحلوف عليه ولم يعلم به الحالف يحنث في يمينه قضاه لوجود الأخذ وكذا لو حلف أن لا يأخذ من فلان درهماً فأخذ منه فلوساً في كيس جعل فيه المحلوف عليه درهماً ولم يعلم بذلك الحالف حنث في يمينه ولو قبض الحالف منه قفيز دقيق فيه درهم ولم يعلم به لا يحنث أصلاً لأن الدرهم قد يجعل في الفلوس عادة وتؤخذ معه فكان أخذ الفلوس أخذ الدرهم وأما الدرهم لا يجعل في الدقيق عادة ولا يؤخذ فيه فلم يكن أخذ الدقيق أخذ الدرهم * وكذا لو أخذ ثوباً فيه دراهم مصرورة ولم يعلم به الحالف لا يحنث كما في الدقيق وإن علم الحالف بذلك يحنث في هذه المسائل لأنه ملا علم فقد قصد أخذه * ولو حلف أن لا يأخذ من فلان درهماً هبة لا يحنث في جميع ذلك علم بالدرهم أو لم يعلم لأن شرط الحنث الأخذ بجهة الهبة والدافع لم يهب منه الدرهم فلا يحنث ولو حلف أن لا يأخذ درهماً فيما قلنا فهو بمنزلة لاهبة وكذا الصدقة * ولو حلف أن لا يشرب ماء فلان والماء كان يحبس في حانوت المحلوف عليه فاشترى كوزاً ووضعه في ذلك الحانوت فاستقى أجير المحلوف عليه بذلك الكوز ماء من النهر فوضعه في الحانوت ليلاً فلما أصبح الحالف دعا بالكوز فشرب الماء قالوا إن كان الحالف اشترى الكوز فوضعه في الحانوت ليستقي له الأجير بذلك الكوز ماء يرجى أن لا يكون حانثاً لأنه صار شارباً ماء نفسه * رجل أخذ من مال والده شيئاً فغضب الأب وقال إن كنت ترث من مالي غير ماأخذت فعليّ كذا ثمّ مات الأب فورث منه الابن لا يحنث الحالف لأنه لو كان حانثاً يكون حانثاً بعد الموت * رجل قال لوالديه والله لا آكل من مالكما فماتا فورث الحالف منهما مالاً لا يحنث لأنه أكل من مال نفسه ولو قال من مالكما بعد موتكما كان حانثاً وكان يمينه على أكل مالهما بطريق الإرث * امرأة قالت لوالديها في صحتها بعت منكما كلّ شيء لي بدرهم فقبلا ثمّ ماتت المرأة فحلف الأب أن ابنته لم تترك مالاً قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بيعها باطل فإن سلمت جميع ما كان لها إلى أبويها بحيث لم يبق في يديها شيء لا يحنث الأب وألا يكون حانثاً <45> * رجل دفن ماله في منزله ثمّ طلبه فلم يجده فحلف أنه ذهب ماله ثمّ وجده بعد ذلك قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يكن أخذ إنسان ذلك المال ثمّ أعاده أخاف أن يكون حانثاً إلا أن ينوي بذلك أنه طلبه فلم يجده * قصار ذهب من حانوته ثوب فقال لأجيره تومر ازيان كرده قال الأجير اكرترا زيان كرده أم فعلي كذا فتبين أن الأجير رفعه قال الفقيه أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخاف أن يكون حانثاً لأن يمينه يقع على ما في يد القصار دون ملكه * رجل حلف أنه لم يسرق من فلان شيئاً ولم يره وقد كان الحالف رآه قبل ذلك عند صاحب السرقة قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه لأن يمينه يقع على لانظر وقت السرقة * أكار أو وكيل حلف أن لا يسرق وهو يحمل العنب والفواكه المشتركة بينه وبين صاحب الكرم إلى بيته قالوا ما يحمل الأكار والوكيل للأكل لا يكون سرقة فأما كامان من الحبوب إذا أخذ شيئاً لينفرد به لا للحفظ فهو سرقة وغير الأكار والوكيل إذا أخذ شيئاً على وجه الخفية فهو سرقة وأما الأكار والوكيل إذا أخذ شيئاً لو رآه صاحبه لا يظن بذلك * قال لولده إن سرقت من مالي شيئاً فأمك طالق فسرق من داره آجرّة روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه سئل عن هذا فلم يجد شيئاً فسئل أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بعد ذلك فقال إن كان الحالف يبخل بذلك القدر يحنث فأخبر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بذلك الجواب فقال ومن يحسن مثل هذا الجواب إلا أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل غاب فرسه عن خان فقال اكر اين اسب من برده باسند فوالله لا أسكن هنا قالوا يرجع إلى الحالف إن نوى بقوله اينجا نباشم الحجرة أو الخان أو البلدة فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً ينصرف يمينه إلى الخان * امرأة لها ابن يسكن مع أجنبي فقال لها زوجها إن لم يأت ابنك فلان بيتنا ويسكن معنا فمتى أعطيته شيئاً قليلاً من مالي فأنت كذا فجاء الابن فسكن معهما سنة ثمّ غاب فقالت المرأة إن كنت أعطيت ابني شيئاً من مالك وحنثت في يمينك إن كذبها الزوج كان القول قوله وإن صدقها الزوج فإن كان أعطته <46> قبل أن يجيء الابن ويسكن معهما طلقت * سكران صحا فقال لأصحابه كان في جيبي خمسة وأربعون درهماً فأخذتموها مني فأنكروا فحلف وقال اكرا مرو وزد رجيب من جهل وينج رجهم بنوء است جهل غطريفي وبنج عدلي فامرأته كذا وقد كان في جيبه في ذلل اليوم أربعون عدلية وخمس غطارفة فأصاب في الإجمال وأخطأ في التفسير قالوا إن وصل التفسير حنث لأن الكل كلام واحد فإذا كان كاذباً في يمينه كان حانثاً وإن فصل التفسير لا يحنث لأن التفسير إذا لم يتصل بأول الكلام صار كأنه لم يفسر وإن كانت(2/23)
في جيبه غطارفة وعدليات لو ضمت قيمة العدليات إلى الغطارفة تصير أربعين غطريفياً فجمع وقال كردر جيب من جهل غطرفي سوده است جندين غطريفي وجندين عدلي فصدق في المبلغ وأخطأ في التفسير قالوا إن عنى عين الغطارفة كان حانثاً أصاب في التفسير أو أخطأ وصل أو فصل لأنه قال أربعون غطريفياً ولم يكن كذلك فصار حانثاً * رجل حلف أن لا يغصب فلاناً شيئاً ثمّ دخل الحالف على المحلوف عليه ليلاً فسرق متاعه ولم يعلم المحلوف عليه أو جاءه الحالف في صحراء وسرق رداءه من تحت رأسه ولم يعلم المحلوف عليه أو صرصرة دراهم في كمه أو دخل عليه ليلاً فكابره وضربه وأخرج متاعه وذهب به فإنه لا يكون غاصباً بل يكون سارقاً يقطع به * ولو قطع عليه الطريق فأخذ متاعه كرهاً يكون حانثاً في يمين الغصب ولو كان حلف أيضاً أن لا يقطع عليه الطريق يكون حانثاً في يمين القطع وهو حانث في يمين الغصب أيضاً لأن قاطع الطريق قاطع وغاصب * رجل قال إن وهب لي فلان عبده فامرأته طالق فوهب فلان فلم يقبل الحالف حنث الحالف * رجل عليه دين فحلف أن لا يدفع إلى فلان ماله أو لا يقضي إياه دينه أو لا ينقده إياه ثمّ أمر رجلاً حتى ضمن عنه ونقده الضامن بضمانه حنث الحالف لأن الضمان إذا كان بأمره كان له أن يرجع عليه فكان فعله كفعل الآمر * وكذا لو أحال الحالف صاحب دينه على رجل فأعطاه المحتال عليه حنث وإن كانت الكفالة والحوالة بغير أمر الحالف لا يحنث الحالف كما لو تبرع رجل بالأداء * وأما العقود التي يتعلق حقوقها بالعاقد فخمسة البيع والشراء <47> والإجارة والاستئجار والصلح عن المال * رجل حلف أن لا يشتري من فلان شيئاً فأسلم الحالف إليه في ثوب كان حانثاً لأن السلم بيع وكان الإسلام شراء * رجل حلف أن لا يشتري عبد فلان فأجر داره من فلان بعبده لا يحنث لأن الإجارة ليست ببيع مطلق * ولهذا لو أجر داره بدار لا يستحق الشفعة في الدار * رجل حلفه السلطان أن لا يشتري طعاماً للبيع فاشترى طعاماً للبيع فاشترى طعاماً لبيته ثمّ بدا له فباعه لا يحنث لأنه ما اشترى للبيع * هذا كما لو حلفت المرأة أن لا تخرج إلى بيت والدها فخرجت للمجلس ثمّ ذهبت إلى بيت والدها لا تحنث * رجل قال إن اشتريت بهذه الدراهم شيئاً فهذه الدراهم صدقة فاشترى بها شيئاً لزمه التصدق لأنه اشترى بها وبعد الشراء بقيت على ملكه لأنها لا تتعين بالبيع وكان له أن يدفع غيرها مكانها * رجل حلف أن لا يشتري لِأَمَتِهِ ثوباً جديداً فالجديد في العرف ما لايكون غسيلاً رجل حلف أن لا يشتري امرأة فاشترى جارية صغيرة لا يكون حانثاً * بخلاف ما لو حلف أن لا يتزوج امرأة فتزوج صغيرة كان حانثاً لأن النكاح لا يكون إلا في المرأة فلا يفيد ذكر المرأة وكان ذكرها وعدم ذكرها سواء ولا كذلك الشراء لأنه لا يختص بالمرأة فاعتبر ذكر المرأة * ولو حلف أن لا يشتري جارية فاشترى رضيعة أو عجوزة كان حانثاً * رجل حلف أن لا يشتري جارية فاشترى رضيعة أو عجوزة كان حانثاً * رجل حلف أن لا يشتري بقلاً فاشترى أرضاً بما فيها من الزرع والزرع بقل كان حانثاً لأن الزرع لا يدخل في بيع الأرض من غير ذكر فيصير مبيعاً مقصوداً بالذكر فيكون حانثاً كما لو حلف أن لا يشتري رطباً فاشترى نخلاً عليها رطب برطبه كان حانثاً * رجل حلف أن لا يبيع داره فتزوج امرأة على داره لا يحنث * وإن تزوجها بالدراهم ثمّ جعل الدار عوضاً عن الدراهم كان حانثاً * رجل حلف أن لا يبيع عبده أو ثوبه فأمر غيره فباعه المأمور لا يحنث الآمر لأن حقوق البيع تتعلق بالعاقد وحكم العقد واقع للآمر فلم يكن الحالف بائعاً من كلّ وجه فلا يحنث فإن كان الحالف من الإشراف لا يبيع بنفسه حنث لأن يمين مثله ينصرف إلى الأمر بالبيع وإن كان الحالف ممن يباشر العقد بنفسه مرة وفوض إلى غيره أخرى تعتبر الغلبة * رجل حلف أن لا يأكل لحماً يشتريه فلان فاشترى فلان سخلة <48>وذبحها فأكلها الحالف لا يحنث * رجل قال إن أجرت داري هذه فهي صدقة في المساكين ثمّ احتاج إلى الإجارة قالوا يبيعها الحالف من غيره ثمّ يوكل المشتري الحالف فيؤاجرها بعد القبض ثمّ يشتريها فيخرج ن يمينه بالإجارة على ملك المشتري * رجل حلف أن لا يشتري طعاماً فاشترى حنطة ذكر في الكتاب أنه يكون حانثاً * قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في عرفنا الحنطة لا تسمى طعاماً إنما الطعام هو المطبوخ فلا يحنث بشراء الحنطة * رجل حلف أن لا يدخل اراً اشتراها زيد فاشترى زيد داراً ثمّ إن الحالف اشتراها من زيد فدخلها لا يحنث ولو وهبها منه زيد فدخلها كان حانثاً لأن حكم الشراء يبقى بعد الهبة ولا يبقى بعد البيع * رجل قال إن لم أبع هذه الجارية اليوم فهي حرة فباعها على أنه بالخيار ثمّ فسخ البيع ومضى اليوم لا تعتق لأنه خرج عن يمينه بالبيع بشرط الخيار * رجل قال كلّ عبد أشتريه فهو حر فاشترى عبداً شراء فاسداً ولم يقبضه ثمّ اشتراه شراء جائزاً لا يعتق لأنه صار حانثاً(2/24)
بالشراء الفاسد فانحلت اليمين لا إلى جزاء لعدم الملك فلا يحنث بالشراء الثّاني مرة أخرى * رجل قال لجاريته إن لم أبعك إلى شهر فأنت حرة ثمّ ظهر بها منه حبل في الشهر حل له أن يطأها في الشهر ثمّ يبطل اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر ويحل له وطؤها بعد ذلك وعلى قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث ولا يحل له وطؤها لأنها صارت حرة * ولو قال لِأَمَتِهِ إن لم أبعك فأنت حرة فدبها أو ولدت منه قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تعتق * وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تعتق ثمّ رجع إلى قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل قال والله لا لأبيعن أم ولد فلان أو قال والله لأبيعن هذا الرجل الحر قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على البيع الفاسد إن باعه بيعاً فاسداً بر في يمينه * وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الرجل كذلك أما في المرأة الحرة وأم الولد فالبيع جائز متصوّر بعد الردة والسبي فلا يخرج عن اليمين بالبيع الفاسد * رجل باع عبداً من رجل وسلمه إلى المشتري ثمّ حلف البائع أن لا يشتريه من فلان ثمّ إن المشتري أقال البيع وقبل البائع لا يحنث <49> ولو كان الثمن ألف درهم فأقاله المشتري بمائة دينار حنث * وكذا لو أقاله بأكثر من الثمن الأوّل أو بأقل حنث هكذا ذكر في المنتقى قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون هذا الجواب قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أما على قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فالإقالة تكون بالثمن الأوّل على كلّ حال ويبطل ذكر الثمن الثّاني * رجل قال لِأَمَتِهِ إن بعت منك شيئاً فأنت حرة ثمّ باع نصفها من زوجها الذي ولدت منه أو باع نصفها من أبيها لا يقع عتق المولى عليها بحكم اليمن لأن الولادة من الزوج والنسب من الأب مقدم فلا يقع عتق المولى * وكذا لو قال إن اشتريت شيئاً من هذه الجارية فهي مدبرة ثمّ اشتراها هو وزوجها الذي ولدت منه فهي أم ولد لزوجها ولا يقع عليها تدبير المشتري كرجلين بينهما عبد دبره أحدهما وأعتقه الآخر كان العتق أولى * وكذا لو حلف أحد الرجلين بتدبيره إن اشتراه وحلف الآخر بعتقه إن اشتراه ثمّ اشترياه فالعتق أولى * رجل حلف أن لا يشتري اليوم شيئاً فاشترى عبداً بخمر أو خنزير وقبض أو لم يقبض حنث في يمينه لوجود البيع والشراء وهو تمليك المال بالمال فإن اشترى بميتة أو بدم لا يحنث ولو اشترى عبداً من فضولي يحنث في يمينه ولو اشترى مكاتباً أو مدبراً أو أم ولد لا يحنث في يمينه * وكذا لو حلف أن اليبيع اليوم فباع المدبر أو أم الولد أو المكاتب لا يحنث في يمينه ولو قضى القاضي بجواز بيع المجبر نفذ قضاؤه ويكون ذلك فسخاً للتدبير ولو باع على أنه بالخيار كان حانثاً في يمينه في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يكون حانثاً في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قضى القاضي بجواز بيع أم الولد لا ينفذ قضاؤه في أظهر الروايات والمكاتب إذا أجاز بيعه لا ينفذ في الصحيح من الرواية وعليه عامة المشايخ وإن بيع المكاتب برضاه جاز بيعه ويكون ذلك فسخاً للكتابة * رجل حلف أن لا يشتري لامرأته ثوباً فاشترى خماراً فأعطى النصف جاريته والنصف امرأته لا يكون حانثاً قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الخمار في عرفنا لا يسمى ثوباً * ولو حلف بالفارسية وقال اكرمن زن راجامه خرم فعليّ كذا فاشترى لها خماراً قال القاضي الإمام أبو <50> علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون حانثاً * رجل قال لامرأته إن اشتريت شيئاً فأنت طالق فاشترت الماء قالوا إن اشترت قربة أو آنية طلقت وإن دفعت الجرة إلى السقاء وخبزاً حتى يحمل لها لماء لا يقع الطلاق * رجل قال والله لا أبيع لفلان ثوباً فباع الحالف ثوباً للمحلوف عليه ليجيز صاحب الثوب حنث الحالف أجاز المحلوف عليه أو لم يجز * ولو باعه الحالف وهو لا يريد بذلك أن يكون البيع للمحلوف عليه وإنما يريد بيعه لنفسه لا يكون حانثاً * رجل قال لغيره إن بعت لك ثوباً فعبدي حر فهذا على أن يبيع ثوباً بأمر المحلوف عليه كان الثوب للمحلوف عليه أو لم يكن * ولو قال إن بعت ثوباً لك فهو على أن يبيع ثوباً مملوكاً للمحلوف عليه * رجل قال عن اشتريت اليوم شيئاً فهو صدقة فاشترى غرماً بجارية لزمه التصدق * رجل قال والله لا أشتري لفلان شيئاً فاشترى لابنه الصغير أو لعبده بأمره لا يحنث * رجل قال إن بعت غلامي واحداً من الناس فباعه من رجلين لا يحنث * رجل قال والله لا أشتري بهذه الدراهم إلا لحماً فاشترى ببعضها لحماً وببعضها غير لحم في القياس لا يكون حانثاً وفي الاستحسان يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من رمان اشتراه فلان فاشترى فلان مع غيره رماناً وأكل الحلف حنث ولو قال والله لا آكل من رمانة اشتراها فلان والمسألة بحالها لا يكون حانثاً *(2/25)
رجل حلف أن لا يشتري الذهب والفضة يدخل فيه التبر والمصوغ والدراهم والدنانير في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل في الدراهم والدنانير وأبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعتبر الحقيقة في جنس هذه المسائل ومحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعتبر فيه الشائع * ولو اشترى خاتم فضة حنث وكذا لو اشترى سيفاً محلى بفضة ولا يشبه الذهب والفضة ما سواهما إذا كان الذهب والفضة في سيف أو منطقة وقد اشتراه مع السيف إن كان الثمن ذهباً أو فضة وإن كان الثمن حنطة أو غير ذلك <51> لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يشتري حديداً يدخل فيه المعمول وغير المعمول والسلاح في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل فيه ما يسمى بائعه حداداً ولا يدخل فيه السلاح كالسيف والسكين والبيضة والدرع ولا تدخل فيه الإبر والمسال قالوا في عرف ديارنا لا يحنث في المسامير والأقفال والصفر والشبه بمنزلة الحديد * إذا حلف لا يشتري صفراً يدخل فيه المعمول وغيره والفلوس وغيرها في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل فيه الفلوس * ولو حلف أن لا يشتري حديداً فاشترى باباً بحديد أقل مما فيه ذكر في النوادر أنه لا يجوز وإن اشتراه بأكثر مما فيه جاز البيع ويكون حانثاً في يمينه * رجل حلف أن لا يشتري فصاً فاشترى خاتماً فيه فص كان حانثاً وإن كان ثمنه أقل من ثمن الحلقة * رجل حلف أن لا يشتري ياقوتة فاشترى خاتما فصه ياقوتة كان حانثاً * ولو حلف أن لا يشتري زجاجاً فاشترى خاتماً فصه من زجاج إن كان الفص لا يزيد على ثمن الحلقة لا يكون حانثاً وإن كان يزيد عليه كان حانثاً * ولو حلف أن لا يشتري لبناً أو آجراً أو طيناً فاشترى داراً مبنية بذلك لا يكون حانثاً ولو حلف أن لا يشتري حائطاً فاشترى داراً مبنية كان حانثاً استحساناً فمشتري الدار يكون مشترياً للجص والطين * رجل حلف أن لا يشتري نخلاً فاشترى أرضاً فيها شجر كان حانثاً لأن الشجر هكذا يشترى * ولو حلف أن لا يشتري صوفاً فاشترى شاة على ظهرها صوف لا يكون حانثاً وكذا لو اشتراها بلبن من جنسه في ظاهر الرواية هذا * وبيع الشاة باللحم سواء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يجوز على كلّ حال ولا يكون حانثاً في يمين أن لا يشتري لبناً * ولو حلف أن لا يشتري قصباً أو خوصاً فهو على غير المعمول حتى لا يحنث بشراء البواري والزنبيل ولو حلف أن لا يشتري لحماً فاشترى شاة حية لا يحنث في يمينه وكذا لو حلف أن لا يشتري جدياً فاشترى شاة حاملاً بجدي <52> لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يشتري صوفاً أو شعراً فهو على غير المعمول ولا يحنث بشراء المسح والجوارب * رجل حلف أن لا يشتري كتاناً فهو في عرفنا على ثوب الكتان * ولو حلف أن لا يشتري ألية فاشترى شاة مذبوحة كان حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يشتري رأساً ولو حلف أن لا يشتري شعيراً فاشترى حنطة فيها حبات شعير لا يحنث * ولو حلف أن لا يشتري بنفسجاً أو خطمياً ذكر في الكتاب أنه على الدهن دون الورق قالوا في عرفنا لا يحنث بشراء دهن البنفسج * ولو حلف أن لا يشتري صوفاً فاشترى إهاباً حنث في يمينه ولو أشار إلى شاة وقال لا أبيع هذا الصوف فباعها بدراهم حنث في يمينه * ولو حلف أن لا يشتري بزراً قالوا في عرفنا إذا اشترى دهن البزر لا يحنث وإنما يحنث بشراء البزر وجوب الكتاب على العكس بناء على عرفهم * رجل حلف أن لا يتوضأ بكوز فلان ولم ينو شيئاً فصب فلان عليه الماء من كوزه فتوضأ حنث في يمينه * رجل أراد أن يشتري ثوباً فقال البائع والله لا أبيعه بعشرة ثمّ باعه بتسعة لا يكون حانثاً ولو قال المشتري والله لا أشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشر كان حانثاً ولو قال البائع والله لا أبيعه إلا بعشرة فباعه بتسعة كان حانثاً وكذا لو باعه بدينار وخمسة دراهم ولو باعه بدينار وعشرة دراهم لا يكون حانثاً قياساً ويحنث استحساناً * رجل حلف أن لا يشتري الخبز فاشترى القطائف لا يكون حانثاً * رجل قال إن اشتريت بهذا الثوب شيئاً فهذا الثوب صدقة لا يلزمه شيء لأنه صار حانثاً بعد خروج الثوب عن ملكه * رجل حلف أن لا يشتري بيضاً فهو على بيض الدجاج في الشراء وفي الأكل على بيض الطير والرأس في الأكل والشراء على ما في الأسواق عادة * ولو حلف أن لا يشتري قميصاً فاشترى قميصاً مقطوعاً غير مخيط لا يكون حانثاً
{فصل في الأكل}(2/26)
رجل حلف أن لا يأكل من هذا اللبن فشربه لا يحنث وإنما يحنث إذا أثرد فيه وأكل ولو حلف أن لا يشرب فأثرد فيه وأكله لا يكون حانثاً فعلى هذا أكل السويق وغير ذلك مما يؤكل ويشرب قالوا هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية <53> فأكل أو شرب كان حانثاً وعليه الفتوى * ولو حلف أن لا يذوق اللبن فأكل أو شرب كان حانثاً في يمينه * رجل حلف أن لا يأكل طعاماً فهو على أكل كلّ مطعوم وهذا يخاف التوكيل بشراء الطعام * رجل حلف أن لا يأكل خبزاً فأكل خبز حنطة أو شعير كان حانثاً وإن أكل خبز الذرة والأرز إن كان الحالف في بلد خبزهم من الذرة والأرز كان حانثاً وإلا فلا * ولو أكل قرصاً وهو الذي يقال بالفارسية كليجه أو جوزينجا أو ميسرا وهو الذي يقال له بالفارسية نواله قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في جميع ذلك * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في الجوزينج لأنه لا يسمى خبزاً مطلقاً ويحنث فيما سوى ذلك من القرص والميسر والرقاق لأنه أكل ما هو خبز مطلقاً شيئاً آخر معه ولا يحنث بأكل ما يقال له نان زردالو * رجل حلف أن لا يأكل هذه الرمانة فمصها مصاً لا يكون حانثاً لأنه لم يأكل * رجل حلف أن لا يأكل هذا الرغيف فأكل وبقي منه شيء يسير حنث في يمينه فإن نوى كله صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق قضاه في إحدى الروايتين * رجل حلف أن لا يأكل حراماً فاضطر إلى ميتة فأكله تكلموا فيه قال بعضهم لا يكون حانثاً لأنه مستثنى من الحرام وقال بعضهم يكون حانثاً لأنه حرام إلا أنه رخص في أكلها * ولو حلف أن لا يأكل من مال فلان فاغتصب منه حنطة وطحنها وخبزها وأكلها أو اغتصب منه دقيقاً وخبزه وأكله حنث في يمينه وقيل بأنه لا يحنث * ولو قال والله لا آكل من طعام فلان واغتصبه منه والمسألة بحالها كان حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل لحم شاة فأكل لحم غنم كان حانثاً في جواب الجامع لأن الشاة اسم للجنس وفي الفتاوى لا يكون حانثاً سواء كان الحالف مصرياً أو قروياً وعليه الفتوى لأن جميع الناس يفرقون بينهما * رجل حلف أن لا يأكل هذا اللحم فأكله غير مطبوخ اختلفوا فيه قال أبو بكر الإسكاف لا يحنث في يمينه لأن اليمين ينصرف إلى الأكل المعتاد فلا يحنث كما لو حلف أن لا يأكل هذا الدقيق فأكل عجينة فإنه لا يكون حانثاً * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث بأكل اللحم وإن لم يكن مطبوخاً لأن اللحم قد يؤكل <54>بدون الطبخ إلا أنه غير معتاد والعادة لا تعتبر في المعين أما الدقيق لا يؤكل كذلك فانصرف اليمين إلى الخبز المتخذ منه * رجل اغترف من القدر بالمغرفة شيئاً ثمّ قال والله لا آكل من هذه القدر ثمّ أكل ما كان في المغرفة لا يكون حانثاً لأن يمينه وقع على ما في القدر * ولو حلف أن لا يشرب مع فلان فالشرط أن يضمهما مجلس واحد وأن اختلفت الآنية * رجل حلف أن لا يتغدى فالتغدي هو الأكل المترادف الذي يقصد به الشبع في وقت خاص وهو ما بعد طلوع الفجر إلى زوال الشمس بما يتغدى به عادة وغداء كلّ بلدة ما تعارفه أهل تلك البلدة * رجل حلف أن لا يأكل طعاماً فأكل دواء ليس له طعم أو كان مراً لا يكون حانثاً لأنه لا يسمى طعاماً وإن أكل دواء له حلاوة مثل الجلنجبين حنث في يمينه لأن له طعماً ويصلح غذاء * رجل حلف أن لا يأكل من طعام فلان فأكل من خله بطعام نفسه أو زيته أو ملحه كان حانثاً لأنه أكل من طعامه * رجل حلف أن لا يأكل ملحاً فأكل طعاماً إن لم يكن مالحاً لا يكون حانثاً وإن كان مالحاً كان حانثاً كما لو حلف أن لا يأكل الفلفل فأكل طعاماً فيه فلفل إن وجد طعمه حنث وإلا فلا * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ما لم يأكل عين الملح مع الخبز أو مع شيء آخر لأن عينه مأكول بخلاف الفلفل وعليه الفتوى فإن كان في يمينه ما يدل على أنه أراد به الطعام المالح فهو على ذلك * حلف أن لا يأكل خلاً فأكل العسل لا يكون حانثاً لأن العسل اسم للصافي والشهد اسم للمختلط * ولو حلف أن لا يأكل بقلاً فأكل بصلاً لا يكون حانثاً إلا إذا نواه * رجل حلف في رمضان أن لا يتعشى الليلة فأكل بعد مضي نصف الليل لا يكون حانثاً لأنه لم يتعش بل تسحر فلا <55> يكون حانثاً كما لو حلف أن لا يتغدى اليوم فأكل بعد انتصاف النهار لا يكون حانثاً * رجل قال لامرأته إن لم تتعشي الليلة فعبدي حر فلم تأكل إلا لقمة واحدة كان حانثاً لأن اللقمة الواحدة لا تكون عشاء * رجل حلف أن لا يأكل خبزاً اغتصبه حنث في يمينه فإن باع الغصب بشيء وأكل ذلك الشيء لا يحنث لأن الثّاني ليس بحرام مطلقاً وإن غصب حنطة فطحنها إن أعطاه مثله قبل أن يأكل لا يحنث في يمينه لأنه ملكها بأداء الضمان وإن أكلها قبل أداء الضمان وقبل قضاء القاضي عليه حنث في يمينه لأن الحرمة باقية ما لم يؤد الضمان وقالوا فيمن غصب طعاماً فأكله وقد كان حلف أن لا يأكل لا يحنث في قول أبي حنيفة(2/27)
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه استهلك بالمضغ فصار آكلاً مال نفسه ولا اعتماد على هذا لأن بالاستهلاك لا يملك المغصوب خصوصاً على أصل أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن عنده المغصوب بعد الهلاك باق على ملك المالك حتى لو صالح على أضعاف قيمته جاز ويكون ذلك صلحاً عن الغصب لا عن القيمة إذ لو كان صلحاً عن القيمة لا يجوز كما لو صالح بعد قضاء القاضي على أكثر من قيمته ولأنه لو صار مالكاً بالمضغ لا يتصور أكل مال الغير وقد قَالَ اللهُ تَعَالَى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وقال عليه السّلام كلّ لحم نبت من الحرام فالنار أولى به * رجل معه دراهم فحلف أن لا يأكلها فاشترى بها دنانير أو فلوساً ثمّ اشترى بالدنانير أو بالفلوس طعاماً فأكله قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً في يمينه وإن حلف أن لا يأكل هذه الدراهم أو الدنانير فاشترى بها عرضاَ ثمّ باع العرض بطعام فأكله لا يكون حانثاً وكذا لو اشترى بالدراهم شعيراً ثمّ اشترى بالشعير طعاماً فأكله لا يكون حانثاً * قال إذا حلف على ما لا يؤكل فاشترى به شيئاً مما يؤكل وأكله حنث وإن حلف على ما يؤكل أن لا يأكله فاشترى ما لا يؤكل فأكله لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من مال فلان ثمّ تناهدا فأكل الحالف لا يحنث في يمينه لأنه يعد آكلاً مال نفسه عرفاً * رجل حلف أن لا يأكل من هذا الطعام ما دام في ملكه فباع بعضه ثمّ أكل ما بقي ذكر نصير عن الحسن بن زياد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه <56> * قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهذا إنما يصح إذا حلف أن لا يأكل هذا الطعام وأما إذا حلف أن لا يأكل من هذا الطعام ينبغي أن يحنث * رجل حلف أن لا يأكل من مال فلان فمات المحلوف عليه فورثه الحالف وأكل قال نصير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه وقال غيره لا يكون حانثاً إذا لم يكن له وارث سواه أو قسموا الميراث لأنه أكل مال نفسه * رجل حلف أن لا يأكل من مال ابنه وبينهما حب من خل قال عصام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان الابن كبيراً يقاسمه ثمّ يأكل نصيب نفسه وإن كان صغيراً يبيع نصيبه من غيره ثمّ يقاسمه ويشتري نصيب الابن فيأكل قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن لا يحتاج إلى هذا التكليف وله أن يأكل قدر نصيب نفسه ويكون ذلك بمنزلة القسمة وأحد الشريكين في المكيل والموزون منفرد بالقسمة إذا كان أجنبياً فالأب أولى * رجل حلف أن لا يأكل هذا الشيء فأكل بعضه قال أبو بكر الإسكاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان الشيء يمكنه أن يأكله كله في مرة لا يحنث بأكل بعضه * وقال بعضهم إذا أكل بعض ما لا يمكن أكل كله في مجلسه يحنث في يمينه وهو الصحيح * حلف أن لا يأكل اللبن فطبخ به أرزاً فأكله قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه وإن لم يجعل فيه ماء وإن كان يرى عينه كما لو حلف أن لا يأكل هذا الخل فاتخذ به سكباجة وأكلها لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يأكل هذا اللبن فجعله جبناً وأكله لا يحنث في يمينه إلا أن ينوي أكل ما يتخذ منه وهو كما لو حلف أن لا يأكل من هذه الحنطة فأكل خبزها أو سويقها لا يحنث في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإنما يحنث بأكل الخبز في قول صاحبيه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عين الحنطة لا يؤكل عادة فانصرف اليمين إلى خبزها * رجل حلف أن لا يأكل السمن فأكل سويقاً ملتوتاً بالسمن ذكر في الأصل إن كان السمن مستبيناً بحيث يجد طعمه كان حانثاً في يمينه لأنه ليس بستهلك وذكر الحاكم في المختصر إن كان السمن مستبيناً بحيث لو عصر يسيل منه السمن حنث وإن لم يكن كذلك لا يحنث وإن وجد طعمه قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون الجواب في مسألة الأرز على هذا <57> التفصيل * ولو حلف أن لا يتناول هذا اللبن فخلطه بالماء أو بالخمر إن كان المحلوف عليه غالباً حنث في يمينه وإن كان مغلوباً لا يحنث لأن المغلوب في مقابلة الغالب كالمستهلك وإن استويا حنث استحساناً ثمّ ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الأصل ما يدل على أنه يعتبر الغلبة من حيث الأجزاء لا من حيث اللون والطعم جميعاً وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعتبر الغلبة من حيث اللون والطعم جميعاً غالباً أو مغلوباً وقيام أحدهما لا يكفي ولا يعتبر الغلبة من حيث الأجزاء * ولو حلف أن لا يشتري لبن هذه البقرة وخلطه بلبن بقرة أخرى فعند أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا وما لو خلطه بالماء سواء * وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الجنس لا يغلب الجنس فيحنث على كلّ حال * رجل حلف أن لا يأكل اللحم فأكله حراماً كان أو حلالاً نيئاً كان أو مطبوخاً أو مشوياً حنث في يمينه إلا السمك وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كلّ ما يسكن الماء لا يحنث بأكله والكبد والطحال وجميع ما كان في البطن كالكرش ونحوه لحم قيل هذا في بلد(2/28)
يباع ذلك مع اللحم وإن كان في بلد لا يباع مع اللحم كالكرش والأمعاء ونحو ذلك لا يكون لحماً والرأس والأكارع لحم في يمين الأكل وليس بلحم في يمين الشراء وشحم البطن ليس بلحم والألية ليست بلحم ولا شحم وشحم الظهر لحم إذا حلف أن لا يأكل شحماً فأكل شحم الظهر وهو اللحم السمين لا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويحنث عندهما * رجل حلف أن لا يشرب من دار فلان فأكل منها شيئاً قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في يمينه لأن المقصود من هذه اليمين الامتناع عن جميع المأكولات والمشروبات وقال غيره لا يحنث في يمينه إلا أن ينوي جميع المأكولات والمشروبات قال المصنف رحمه الله هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن قال بالفارسية ازخان فلان هيج جيز نخورم يتناول المأكول والمشروب * رجل وضع لقمة في فمه فقال رجل إن أكلتها فامرأته طالق فقال له آخر إن أحرجتها فعبدي حر قالوا يلقى بعضها ويأكل بعضها ولا يحنث أحدهما * رجل حلف أن لا يأكل هذه البيضة لا يحنث ما لم يأكل كلها * ولو حلف أن لا يأكل الخل الذي في هذه الخابية فأكل بعضها <58> حنث لأنه لا يمكن أكل كلها في مجلسه * رجل حلف أن لا يأكل من لبن هذه البقرة فأكل من مخيضها حنث وإن أكل مرقة اتحدت من مخيضها لا يحنث * رجل حلف أن لا يأكل أو حلف أن لا يشرب فذاق شيئاً بلسانه ولم يدخله جوفه لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يأكل طبيخاً إن نوى جميع المطبوخات فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً فهو على اللحم المطبوخ استحساناً قالوا هذا إذا طبخ اللحم بالماء أما القلية اليابسة فلا تسمى طبيخاً وإن طبخ اللحم بالماء فأكل المرقة مع الخبز ولم يأكل اللحم كان حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من هذه الحنطة إن نوى يأكلها حباً فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً فأكل من خبزها لا يحنث عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه رحمهما الله تعالى يحنث وإن أكل عين الحنطة هل يحنث عندهما فالصحيح أنه يحنث وإليه أشار في الجامع الصغير وإن أكل من سويقها لا يحنث عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وهو الظاهر من قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن حلف أن لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من خبزه حنث عندهم وإن أكل عين الدقيق اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث ولو حلف أن لا يأكل طعاماً فأكل خبزاً أو فاكهة أو غير ذلك مما يؤكل على وجه التطعم كان حانثاً وإن أكل ماله طعم لكن لا يؤكل على وجه التطعم كالسقمونيا ونح ذلك لا يحنث في يمينه * ولو حلف ليأكلن هذا الطعام إن لم يؤقته بوقت فهلك ذلك الطعام أو أكله غيره أو مات الحالف حنث في يمينه وإن وقته بوقت فقال ليأكلن هذا الطعام اليوم فمات الحالف قبل مضي اليوم لا يحنث بالإجماع وغن هلك ذلك الطعام قبل مضي اليوم لا يحنث قبل مضي اليوم بالإجماع حتى لا يلزمه الكفارة ولو عجلها لا يجوز وإذا مضى اليوم اختلفوا فيه قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يلزمه الكفارة وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه الكفارة وعلى هذا الخلاف إذا قال والله لأقضين دين فلان غداً فقضاه اليوم أو وهبه منه أو أبرأه عندهما لا يحنث وعند أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث ولو مات المطلوب لا يحنث بالإجماع وعلى هذا الخلاف لو كانت اليمين بطلاق <59>أو عتاق * رجل حلف أن لا يأكل الشواء فهو على اللحم إلا أن ينوي كلّ مشوي فإن أكل بيضة مشوية كان حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من طعام فلان والآنية له فاشترى الحالف منه الطعام أو وهبه فلان من غيره فاشترى الحالف من ذلك وأكل لا يحنث في يمينه ولو حلف أن يأكل من خبز فلان الخباز فأكل من خبزه بعد ما اشترى كان حانثاً في يمينه * رجل حلف أن لا يأكل من كسب فلان فاشترى شيئاً من فلان أو وهبه له فلان فأكل لا يحنث في يمينه ولو ورثه الحالف من المحلوف عليه فأكل كان حانثاً في يمينه * ولو حلف أن لا يأكل من مال أبيه فمات الأب فورثه الحالف وأكل لا يحنث الحالف وهو الصحيح قد ذكرنا * ولو حلف أن لا يأكل من ثمن غزل فلانة أو وهبت له فباعه وأكل ثمنه لا يكون حانثاً ولو باعت فلانة غزلها ودفعت إليه الثمن فأكل الحالف حنث في يمينه * رجل حلف أن لا يأكل شيئاً من أشياء والده فتناول في بيت والده كسرة خبز ملقاة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً وقال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت الكسرة بحال يعطى مثله للفقير كان حانثاً وإلا فلا * رجل حلف أن لا يأكل من كسب فلان فشرب من ماء الجمد الذي وضعه على الطريق قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخاف أن يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من جمد فلان فتناول من ماء جمده قالوا لا يكون حانثاً في يمينه قيل هذا في الشتاء أما في الصيف يحنث * رجل(2/29)
حلف أن لا يأكل شيئاً مما حمل فلان يعين أورده فلان فأكل من جمد حمله فلان قالوا يكون حانثاً * رجل حلف طائعاً أو مكرها أن لا يأكل كذا أو لا يشرب كذا ثمّ أكره في أكله حنث * وكذا لو أكله بعدما أغمي عليه أو جن وإن أوجر أو صب في حلقه مكرهاً لا يحنث في يمين الشرب * رجل قال والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً فذاق أحدهما كان حانثاً ولو قال والله لا أذوق طعاماً وشراباً فذاق أحدهما لا يحنث وقال أبو القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في يمينه لأن المراد من مثل هذا الكلام في العرف نفي كلّ واحد منهما وقال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن <60> الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينوي في ذلك فإن لم ينو شيئاً لا يحنث بأحدهما وعليه الفتوى * رجل حلف أن لا يأكل لحم البقر فأكل لحم الجاموس أو حلف أن لا يأكل لحم الجاموس فأكل لحم البقر قال بعضهم يكون حانثاً وقال بعضهم إن حلف أن لا يأكل لحم البقر فأكل لحم الجاموس حنث وإن حلف أن لا يأكل لحم الجاموس فأكل لحم البقر لا يحنث وهذا أصح من الاول قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينبغي أن لا يحنث في الفصلين جميعاً لأن الناس يفرقون بينهما وهو كما لو حلف أن لا يأكل لحم الشاة فأكل لحم المعز * رجل قال كلما أكلت اللحم فلله عليّ أن أتصدق بدرهم عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليه في كلّ لقمة درهماً وكذا لو قال كلما شربت الماء فعليّ درهم يلزمه بكل نفس درهم * رجل حلف أن لا يذوق الخمر فأكل خبزاً عجن بخمر قال شداد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه كما لو حلف أن لا يذوق الزيت فأكل خبزاً عجن بزيت لا يحنث * رجل قال إن أكلت من خبز والدي ما لم أتزوج فاطمة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق ثمّ تزوج امرأة يقال لها فاطمة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه الله تعلى طلقت التي تزوجها لأنها لم تصر معرفة فإنه لم يقل فاطمة هذه ولم ينسبها إلى الأب والجد وبدون ذلك لا يحصل التعريف فبقيت نكرة إلا إذا كان قبل ذلك ما يدل على التعريف * رجل حلف أن لا يأكل خبزاً فأكل ثريداً لا يحنث في يمينه لأنه لا يسمى خبزاً مطلقاً وكذا لو أكل لاكشة لا يحنث في يمينه * رجل حلق أن لا يأكل مرقة فأكل سبوس أب أولطه لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من شيء فلان فجعل فلفل فلان في قدر طبخت امرأته وأكل الحالف قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه لأن الفلفل هكذا يؤكل فيحنث إلا إذا كان بينهما سبب يدل على غير هذا * رجل حلف أن لا يأكل البطيخ فأكل من حدجة قالوا قالوا لا يحنث في يمينه منهم الشَّيخ الإمام أبو بكر بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهذا إذا كان بحال لا يسمى بطيخاً * رجل حلف أن لا يأكل من كرم فلان شيئاً هذه السنة قالوا يقع يمينه على اثني عشر شهراً قال المصنف رحمه الله تعلى وينبغي أن يكون على بقية السنة التي هو فيها كما لو حلف أن لا يكلم فلاناً هذه السنة أو قال لله عليّ أن أصوم هذه السنة إلا أن ينوي اثني عشر شهراً * رجل حلف أن <61> لا يأكل ربا فأكل عصيدة جعل فيها الرب قالوا لا يكون حانثاً في يمينه لأنه مغلوب مستهلك إلا أن يكون الرب قائماً بعينه على العصيدة * رجل حلف أن لا يأكل من هذا الدقيق فاتخذ منه خبيصاً قالوا يخاف أن يكون حانثاُ وخبز القطائف كذلك * رجل قال إن أكلت هذا الرغيف اليوم فامرأته طالق وإن لم يأكله اليوم فأمته حرة فأكل نصفه اليوم لا يحنث في الطلاق ولا في العتاق لأن الرغيف مما يؤكل في مجلس واحد فكان شرط الحنث أكل الكل أو ترك الكل ولم يوجد * رجل قال هذا الرغيف عليّ حرام فأكل بعضه ذكر في المجرد عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليه كفارة اليمين قال مشايخنا رحمهم الله تعالى الصحيح أنه لا يكون حانثاً لأن قوله هذا الرغيف عليّ حرام بمنزلة قوله هذا الرغيف عليّ حرام بمنزلة قوله والله لا آكل هذا الرغيف ولو قال هكذا لا يحنث بأكل البعض * رجل حلف أن لا يأكل من كسب فلان فأوصى إنسان لفلان بشيء فأكل الحالف منه حنث لأن الموصى له يملك الوصية بالقبول فكانت الوصية كسباً له وإن ورث فلان مالاً فأكل الحالف منه لا يحنث لأنه ملكه بغير صنعه فلا يكون كسباً ولو وهب المحلوف عليه للحالف طعاماً فقبل وقبض ثمّ أكل لا يحنث لأن الحالف أ:ل كسب نفسه * وكذا لو أوصى له المحلوف عليه لا يحنث لما قلنا وإن ورث الحالف من المحلوف عليه وأكله حنث لأن كسب المحلوف عليه انتقل إلى الحالف لا يصنعه فبقي كسباً للمحلوف عليه * حلف أن لا يأكل مما زرع فلان فباع فلان زرعه فأكل الحالف حنث * رجل حلف أن لا يأكل مما يجيء به فلان يعني من الطعام وغيره فدفع الحالف إلى المحلوف عليه لحماً ليطبخه فألقاه المحلوف عليه في قدر وألقى فيه قطعة من كرش فطبخ القدر فأكل الحالف من المرقة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أراه حانثاً إذا ألقى فيه(2/30)
المحلوف عليه ما لا يطبخ وحده وإن كان مثله يطبخ وحده ويكون له مرقة فأكل الحالف يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل لحم هذا الحمل فأكل بعدما صار كبشاً يحنث في الظاهر وذكر في المنتقى ما يدل على أنه لا يحنث * ولو حلف أن لا يأكل هذه الحدجة فأكلها بعدما تبطخت اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يكون حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل هذا العنب فأكله بعدما صار زبيباً أو <62> حلف أن لا يأكل هذا الرطب أو البسر فأكله بعدما صار تمراً لا يحنث في يمينه * وكذا لو حلف أن لا يأكل هذا الخبز فأكله بعدما تفتت لا يحنث لأنه لا يسمى خبزاً * حلف أن لا يأكل من هذا الكرم فأكل من عصيره أو خله أو ربه أو فلاتجه أو ما أشبه ذلك لا يكون حانثاً ولو أكل من عنبه أو زبيبه أو خوخه أو كمثراه يابساً أو غير يابس كان حانثاً لأن عين هذه الأشياء يخرج من الكرم من غير أن يتعلق حصوله يصنه للعبد فأما القسم الأوّل لا يخرج من الكرم من غير صنع * حلف أن لا يأكل من هذه المبطخة فأكل منها حدجة أو بطيخة كان حانثاً كما لو حلف أن لا يأكل من هذه الشجرة فأكل مما يخرج منها * حلف أن لا يأكل من طعام اشتراه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان مع غيره كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً اشتراه فلان أو لا يدخل داراً اشتراه فلان أو لا يسكن داراً اشتراها فلان فاشترى فلان مع غيره داراً أو ثوباً فليس الحالف أدوخل أو سكن لا يكون حانثاً لأن نصف الثوب لا يسمى ثوباً ونصف الدار كذلك بخلاف بعض الطعام * رجل قال ليأكلنّ هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو نحوها كان باراً وإن ترك ثلاث حبات كان حانثاً * وكذلك لو حلف ليأكلن هذا الرغيف فأكله إلا كسرة كان باراً إلا أن ينوي أن لا يترك شيئاً من الرمانة ولا شيئاً من الرغيف * رجل قال لامرأتين له أييكما أكلت هذه الرمانة فهي طالق فأكلتاها جميعاً لم تطلق واحدة منهما لأن شرط الحنث أن تأكل الواحدة جميع الرمانة * رجل حلف أن لا يأكل من خبز فلان فأكل من خبز بينه وبين غيره حنث ولو قال من رغيف فلان لا يحنث * رجل حلف أن لا يأكل جوز أو لوزاً أو فستقاً فأكل منه الرطب واليابس كان حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل خبيصاً يحنث بأكل اليابس والرطب ولو حلف أن لا يأكل تمراً فأكل قسبا لا يكون حانثاً لأن القسب هو اليابس من البسر ولو حلف أن لا يأكل تمراً فأكل حيساً كان حانثاً لأن الحيس تمر يجعل في اللبن حتى ينتفخ فيؤكل * وكذا لو أكل عصيدة تمر كان حانثاً لبقاء اسم التمر ولو حلف أن لا يأكل من هذا السمسم فأكل من دهنه لا يكون حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل من <63> هذا اللبن فأكل من أقطه أو مصله لا يكون حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل من هذه الدجاجة فأكل بيضها أو فرخها لا يكون حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل من هذه البيضة فأكل من فرخها لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يأكل غلة أرضه فأكل من ثمن الغلة كان حانثاً فإن نوى أن لا يأكل عين ما يخرج من الأرض كان مديناً في القضاء * رجل حلف أن لا يأكل الحنطة فأكل شعيراً فيها حبات حنطة حبة حبة كان حانثاُ وإن أكلها حفنة حفنة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون حانثاً إلا أن يكون الغلبة للحنطة * رجل حلف أن لا يأكل من طبيخ فلانة فسخنت له قدراً طبخها غيرها فأكل الحالف لا يكون حانثاً * حلف أن لا يأكل فاكهة فأكل من ثمار الأشجار كالتفاح والأجاص والخوخ والمشمش ونحوها كان حانثاً * وكذا التوت والبطيخ وأما العنب والرمان والرطب فليست من الفواكه في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه فاكهة وقيل الزبيب والتمر من الفواكه اليابسة وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اللوز والعناب فاكهة وكذا الجوز وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اليابس من الجوز لا يكون فاكهة والقثاء والخيار والجوز ونحو ذلك ليست بفاكهة وإن حلف أن لا يأكل فاكهة يابسة فأكل اللوز أو الجوز ذكر في الأصل أنه يكون حانثاً قالوا هذا في عرفهم أما في عرفنا لا يكون حانثاً * وعن مُحَمَّد إذا حلف أن لا يأكل من فاكهة العام فإن كان في أيام الفاكهة الرطبة فهو على الرطب ولا يحنث بأكل اليابس وإن كانت اليمين غير غير وقت الرطب فهو على اليابس استحساناً وبه أخذ الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو حلف أن لا يأكل إداماً ولم ينو شيئاً فأكل الخل واللبن والزبيب أو الثريد وما أشبه ذلك مما يلتزق بالخبز ويصطبغ به يحنث عند الكل وأما الجبن والبيض والسمك واللحم المطبوخ وأشباه ذلك ليس بأدام في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو رواية عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الأمالي هو أدام وبه أخذ الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى واختلف المتأخرون <64> في البطيخ والعنب قال بعضهم هو على الاختلاف أيضاَ وقال الشَّيخ(2/31)
الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو ليس بأدام عند الكل هو الصحيح * رجل حلف أن لا يأكل اليوم إلا رغيفاً مع الخل أو الزبيب أو الفلاتج الرجب أو اللبن لا يكون حانثاً لأن الاستثناء يقتضي المجانسة في المعنى المطلوب وهذه الأشياء لا تجانس الرغيف في المعنى المطلوب وهو الأكل * رجل حلف أن لا يأكل من طعام فلان فأكل من خله أو ملحه أو كامخه أو بصله أو ربته مع طعام نفسه كان حانثاً في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذلك في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل قال إن أكلت من مال ختني شيئاً فامرأته طالق فدفع إليه من عجين ختنه فجعله في عجين آخر وخبزه واكله لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يأكل من ملح فلان أو حلف أن لا يشرب من شرابه فأخذ ماء وملحاً للمحلوف عليه وجعلها في عجين وأكل من ذلك الخبز لا يحنث لأنه صار مستهلكاً * رجل حلف أن لا يأكل من لبن هاتين الشاتين فأكل من إحداهما أو قال لا آكل من لبين هذا الغنم فأكل من لبين شاة واحدة كان حانثاً * وكذا لو قال والله لا أشرب من ماء هذه الأنهار فشرب من ماء نهر واحد كان حانثاً ولو حلف أن لا يأكل هاتين البيضتين لا يحنث حتى يأكلهما * وكذا لو حلف ان لا يأكل هذه البيضة لا يحنث حتى يأكلها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كلّ شيء يأكله الرجل في مجلس واحد أو يشربه شربة واحدة فالحلف على جميعها لا يحنث بأكل البعض وكل شيء إذا حلف على الواحد منه يحنث في قليله * رجل قال لامرأتين له إن أكلتما هذين الرغيفين فعبده حر فأكلت كلّ واحدة منهما رغيفاً أو أكلت إحداهما الرغيفين إلا شيئاً وأكلت الأخرى الباقي عتق عبده * رجل حلف أن لا يأكل أرزاً فحسا من الأرز حسواً لا يكون حانثاً لأن لك ليس يأكل * قال إذا حلف على أكل ما يؤكل لا يحنث بالشرب وكذا لو كانت اليمين على العكس هذا إذا كان بالعربية وإن كان بالفارسية كان حانثاً لما قلنا * رجل حلف ليغدّين امرأته اليوم بألف درهم فاشترى رغيفاً بألف درهم وغداها كان باراً * رجل قال لغيره والله لا آكل من <65> طعامك شيئاً فإن أكلت منه شيئاً فهو عليّ حرام فأكل من طعامه لقمة حنث في اليمين الأولى إن عاد وأكل حنث في قوله فهو عليّ حرام ويلزمه كفارتان * رجل أكل شيئاً يسيراً فقال له رجل آخر تغديت فقال عبده حر إن كان تغدى قالوا لا يكون حانثاً حتى يأكل أكثر من نصف الشبع * حلف أن لايذوق في منزل فلان طعاماً ولا شراباً فذاق فيه شيئاً أدخله في فمه ولم يصل على جوفه كان حانثاً وهو على الذوق وإن كان قال له رجل تغدّ عندي اليوم فحلف أن لا يذوق في منزل فلان طعاماً ولا شراباً فإن هذا يكون على الأكل لا على الذوق * رجل قال الخمر علي حرام والخنزير علي حرام اختلفو فيه والصحيح أنه يكون يميناً وذكر الناطفي أنه إذا أكل من الخنزير لقمة وشرب من الخمر شربة يلزمه الكفارتان * رجل حلف أن لا يأكل حراماً فاشترى بدرهم الغصب طعاماً وأكل لا يكون حانثاً قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الحرام المطلق في اليمين ما هو حرام عند الكل بدليل لا شبهة فيه.
{ فصل في اليمين على الشرب }(2/32)
رجل حلف أن لا يشرب نبيذ زبيب فشرب نبيذ المشمش كان حانثاً لأنه زبيب * رجل حلف أن لايشرب هذا الماء فانجمد فأكله لا يكون حانثاً فإن ذاب وعاد ماء فشرب كان حانثاً * رجل حلف أن لا يشرب من قدح فلان فصب من قدح فلان على يديه وشرب لا يكون حانثاً لأن الشرب من القدح أن يضع فمه على القدح * رجل حلف ليشربن من وسط الدجلة فشرب من موضع لا يقع عليه اسم الشط وذلك مقدار الثلث أو الربع كان باراً * رجل حلف أن لا يشرب في ضيافة فلان أكثر من مرة فشرب في داره مرة وفي بستانه مرة قالوا عن كانت الضيافة واحدة كان حانثاً * رجل حلف أن لا يشرب ماء فشرب ماء القلية لا يكون حانثاً لأنه ليس بماء مطلق بمنزلة ماء القضبان * رجل حلف أن لا يشرب الخمر في هذه القرية فشرب في كرومها أو في ضياعها قالوا عن شرب في عمران القرية أو في كرم متصلة بالقرية كان حانثاً وإن شرب فيما لا يكون متصلاً بالعمران لا يكون حانثاً * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يشرب المسكر فصب <66> في حلقه ودخل جوفه قالوا إن دخل جوفه بغير فقله لا يكون حانثاً فإن شرب بعد ذلك كان حانثاً ولو صب في فيه فأمسكه ثمّ شربه بعد ذلك حنث * رجل عاتبته امرأته في شرب المسكر فقال إن تركت شربه فعليّ كذا فما دام يعزم أن لا يترك شربه إلا أنه لم يشرب لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يشرب شراباً يسكر منه فصب شراباً مسكراً في شراب لا يسكر فشرب منه إن كان المختلط بحال لو شرب منه يسكر كان حانثاً * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يشرب الخمر ما دام ببخارا فخرج إلى قصر المجوس ثمّ عاد وشرب قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن نوى بقوله ما دام ببخارا إقامة السكنى وكانت سكناه ببخارا كان حانثاً وإن نوى إقامته ببدنه فإذا خرج إلى قصر المجوس لا يبقى اليمين وإن لم بكن له نية فخرج بنفسه كفاه * رجل حلف أكرمن نبيذ خورم قال الشَّيخ الغمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على النيء لأن شارب الخمر عند الفسقة يسمى نبيذ خورم * ولو قال أكرمي خزرم قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا يقع على كلّ مسكر نياً كان أو لم يكن وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله تعالى في عرفنا اسم النبيذ يقع على كلّ مسكر من ماء العنب نيئاً كان أو مطبوخاً واسم في يقع على الخمر خاصة وسيكي يقع على كلّ مسكر من العنب أيضاً وعليه الفتوى * رجل حلف أن لا يشرب خمراً ولا مثلثاً ولا كذا وكذا من الأشربة فشرب واحداً منها كان حانثاً كما لو قال والله لا آكل خبزاً ولا لحماً فأكل أحدهما كان حانثاً * ولو عطف ولم يعد حرف النفي كما لو قال لا أشرب خمراً ومثلثاً وكذا فكذلك الجواب * رجل حلف أن لا يأكل من اللحم الذي يجيء به فلان فجاء به فلان بلحم فشواه ووضع تحته خبزاً أو جعله جوذاباً واكل الحالف من الجوذاب الذي أصابه دسم اللحم كان حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يأكل مما يجيء به فلان فجاء فلان بحمص فطبخه وأكل الحالف من تلك المرقة وفيه طعم الحمص كان حانثاً * رجل خاصمته امرأته من جهة شرب الخمر فحلف أن لا يشرب حراماً من هذا الجنس ثمّ قاء فأكل قيئه لا يكون حانثاً * رجل قال بالفارسية اكركس رانبيذ جهم فامرأته كذل فاليمين على ما نوى إن نوى السقي لا يحنث <67> بالاهداء وإن نوى الإهداء لا يحنث بالسقي وإن لم ينو شيئاً فإن دفع وسقى كان حانثاً في يمينه * رجل قال لعبده إن سقيت الحمار فأنت حر فذهب العبد بالحمار إلى الماء فلم يشرب عتق العبد لأنه سقاه وإن لم يشرب * حلف أن لا يشرب من هذا الماء العذب فصب في ماء مالح فغلب الماء فشرب به لا يحنث * وكذا لو حلف على الماء المالح فصبه على العذب * ولو حلف أن لا يشرب لبن المعز وأخذ لبن المعز وخلطه بلبن الضأن ولبن الضأن غالب فشربه لا يحنث * ولو حلف على معز بعينها أن لا يشرب لبنها فخلط لبنها بلبن ضأن ولبن الضأن غالب ثمّ شربه كان حانثاً بخلاف غير المعين * ولو حلف أن لا يشرب اللبن فخلط لبن النعم بالماء إن ظهر لون اللبن وطعمه كان حانثاً * ولو حلف أن لا يشرب من هذا الجب فأخذ الماء من الجب بإناء وشربه لا يحنث في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما لم يضع فاه على الحب قيل هذا إذا كان الحب ملآن فإن لم يكن فاغترف منه وشرب يحنث في قولهم * وكذا لو حلف أن لا يشرب من هذه البزر أو الجرة فإن كانت ملآنة فعند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون حانثاً ما لم يضع فمه عليها * وكذا لو حلف أن لا يشرب ماء زمزم فشرب ماء زمزم بأي وجه شرب كان حانثاً وإن صب ماء زمزم في ماء آخر يعتبر فيه الغالب * ولو حلف أن لا يشرب ماء السماء فاجتمع المطر في مكان فشرب كان حانثاً بأي وجه شرب ولو حلف أن لا يشرب من الفرات فشرب منه كرعاً كرعاً كان حانثاً في قولهم وإن أخذ الماء بآنية أو اغترف أو سقاه غيره لا يحنث في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو شرب من نهر يأخذ الماء من الفرات لا يحنث(2/33)
في قولهم ولو حلف أن لا يشرب من ماء الفرات فشرب من ماء الفرات بآنية أو بالاغتراف أو كرعاً أو شرب من نهر يأخذ الماء من الفرات كان حانثاً وإن شرب من نهر لا يأخذ الماء من الفرات وإنما يأخذ من واد آخر كالدجلة ونحوها لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يشرب ماء فراتاً أو من ماء فرات فشرب ماء عذباً من دجلة أو نحوها كان حانثاً * رجل حلف أن لا يشرب عصيراً فعصر حبة عنب أو عنقوداً في حلقه لا يكون حانثاً ولو عصره في كفه ثمّ حساه كان حانثاً ولو قال لا يدخل العصير في حلقي <68> كان حانثاً في الوجهين قال رضي الله تعالى عنه هذا في عرفهم أما في عرفنا ينبغي أن لا يكون حانثاً ماء العنب لا يسمى عصيراً في أول ما يعصر * رجل حلف أن لا يشرب الشراب ولم ينو شيئاً كان اليمين على الخمر قال رضي الله تعالى عنه في عرفنا يقع اليمين على كلّ مسكر * رجل قال لامرأته وفي يدها قدح من ماء إن شربت هذا الماء أو وضعته أو صببته أو أعطيته إنساناً فأنت طالق قالوا ترسل فيه ثوباً أو قطناً حتى تنشف الماء قال رضي الله تعلى عنه وهذا إذا قال في يمينه أو شيئاً منه فإن لم يقل أو شيئاً منه فشرب البعض وصب البعض لا يكون حانثاً * رجل عوتب على شرب الخمر فحلف أن لا يشرب مما يخرج من هذا الكرم فهو على شرب الخمر اعتبار المعاني كلا م الناس.
{ فصل في اللبس والكسوة والخياطة }(2/34)
رجل حلف أن لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس ثوباً من غزلها إن نوى عين الغزل لا يكون حانثاً لأنه نوى حقيقة كلامه فصحت نيته كما لو حلف أن لا يشرب الماء ونوى جميع المياه تصح نيته وإن نوى ما لا يمكن * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزلها فلبس ثوباً من غزلها وغزل غيرها لا يكون حانثاً وإن كان غزل غيرها جزءاً من مائه جزء سواء كان غزلها مختلطاً أو كان غزل كلّ واحد منهما في طرف وهذا كما لو حلف أن لا يلبس ثوب فلان فلبس ثوباً بين فلان وبين غيره لا يكون حانثاً ولو حلف أن لا يلبس من نسج فلان فلبس ثوباً نسجه فلان مع غيره كان حانثاً ولو قال ثوباً من نسج فلان فلبس ثوباً نسجه فلان مع غيره إن كان ينسجه واحد فنسجه اثنان لا يكون حانثاً وإن كان ثوباً لا ينسجه إلا اثنان فلبس كان حانثاً ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس ثوباً من غزل فلانة وغزل غيرها كان حانثاً وإن كان غزل فلانة خيطاً واحداً ولو حلف أن لا يلبس من نسج فلان فلبس ثوباً نسجه غلمان فلان إن كان فلان ينسج بنفسه لا يكون حانثاً وإن كان لا ينسج بنفسه يكون حانثاً ولو حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوباً خيط بغزل فلانة لا يكون حانثاً * وكذا لو لبس ثوباً فيه سلكة من غزلها ولو لبس تكة من غزلها حنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يحنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والفتوى على قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويكره لبس <69> التكة من الحرير في قولهما جميعاً لأنه مستعمل للحرير وإن لم يكن لابساً ولو كانت العروة أو الزر من غزلها لا يكون حانثاً في يمين اللبس ولا يكره * وكذا لو كانت اللبنة من غزلها لا يكون حانثاً * وكذا الزيق عند البعض والرقعة التي يقال لها بالفارسية سيان إذا كان من غزلها روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يكون حانثاً وإذا كان حانثاً في الرقعة كان حانثاً في اللبنة والزيق أيضاً لأنه لا يسمى لابساً * وكذا الرقعة التي تكون على الجيب ولو أخذ الحالف خرقة من غزلها قدر شبرين ووضع على عورته لا يكون حانثاً لأنه لا يسمى لابساً ولو لبس من غزلها قلنسوة أو شبكة يقال لها كلوته كان حانثاً * وكذا الجورب ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس من غزلها عمامة لا يكون حانثاً لأنها ليست بثوب حتى لا تجوز في الكفارة وإن لم يقل ثوباً فتعمم بغزلها كان حانثاً وقال بعض الناس إذا رفع قميصه بخرقة من غزلها لا يكون حانثاً سواء قال لا يلبس من غزلها أو قال لا ألبس ثوباً من غزلها ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزلها فلما بلغ الثوب السرة ولم يدخل يديه في كمه ورجلاه بعد تحت اللفاف كان حانثاً لأنه لابس ولو حلف لا يلبس السراويل أو الخفين فأدخل إحدى رجليه في السراويل أو لبس إحدى خفيه لا يكون حانثاً ولو حلف أن لا يلبس هذا الثوب فألقى عليه وهو نائم ثمّ رفع عنه وهو نائم قال البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون حانثاً وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يكون حانثاً قال الفقيه القياس ما قاله البلخي وبه نأخذ ون ألقى عليه وهو نائم فلما انتبه ألقاه من نفسه لا يكون حانثاً وإن تركه حتى استقر عليه كان حانثاً * ولو ألقى عليه وهو منتبه حنث علم بذلك أو لم يعلم كذا قاله أوب نصر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزلها فلبس مساء من غزلها كان حانثاً لأنه ثوب * ولو قال اكررشته توبتن من اندر آيد فأنت طالق فوضع يده على غزلها أو خاط به قميصاً لا يكون حانثاً حكى عن أبي مطيع رحمه الله تعالى أنه سئل عن هذا في آخر عمره فأشار برأسه أنه لا يقع الطلاق قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى هذا دليل على أن المفتي إذا سئل عن مسألة فحرك رأسه بالجواب بلا أو بنعم يؤخذ بذلك بخلاف<70> الوصية فإنه لا يؤخذ فيها بالإشارة كذلك في الشهادة لأن ذلك أمر يتعلق باللفظ * رجل حلف أن لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس ثوباً من غزلها وعلمه من غزل غيرها كان حانثاً لأن العلم تبع محض لا يعتبر * وكذا لو حلف ان لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوباً علمه من غزل فلانة لا يكون حانثاً وإن كان في الثوب شيء يسير غير العلم من غزلها كان حانثاً * وكذا لو لبس ثوباً علمه من الحرير لا يكره ذكر في النوادر ولم يقدر العلم بشيء وعلل فقال لأن العلم نبع محض * وكذا ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في شرح السير لأنه لا بأس بالعلم من الحرير ولم يقدر العلم بشيء وعلل فقال لأن العلم نبع * ولو لبس ثوباً لبنته من الحرير كره في ظاهر الرواية وفرق في ظاهر الرواية بين اللبنة وبين العلم في حكم الكراهة ووجهه هو أن ما هو المقصود من لبس الثوب وهو دفع الحر والبرد يتعلق تمامه باللبنة فلا تكون اللبنة تبعاً بخلاف العلم * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فنسج ثوب من غزلها وغزل غيرها إلا أن غزل غيرها في آخر الثوب أوفى أوله فقطع من(2/35)
الثوب ما هو من غزلها ولبسه فإن كان يبلغ أزرار أو رداء كان حانثاً وإن لم يبلغ ذلك لا يكون حانثاً * ولو حلفت امرأة أن لا تلبس من غزل نفسها ثوباً فلبست خماراً أو مقنعة لا تحنث في يمينها * وكذا العمامة لأن ذلك ليس بثوب ولهذا لا تجوز في الكفارة إلا أن تكون عمامة لو تلففت بها كانت أزراراً أو رداء أو بقطع من مثلهما قميص أو سراويل فحينئذ تكون حانثة لأن ذلك يجوز في الكفارة * حلف الرجل أن لا يجخل ثمن غزلها في سود زيانه فباع الحالف ثوباً من امرأته واشترى بثمن الثوب كسوة لولده الصغير قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اشترى بثمن الثوب لولده الصغير ثوباً يقضي بمثل ذلك الثوب حق الولد عليه كان حانثاً سواء اشترى ثوباً لولده بإذنها أو بغير إذنها لأنه قضى بثمن الثوب حقاً على نفسه وصار كأنه اشترى الثوب لنفسه فيحنث * وإن اشترى لولده أفضل مما يستحق عليه فإن اشترى بإذنها لا يكون حانثاً لأنه لما اشترى بإذنها صار مشترياً لها فإن اشترى بغير إذنها كان حانثاً لأنه صار مشترياً لنفسه <71> * ولو قال لامرأته اكرريسمان تومرابكارآيديا بسودوزيان من در آيد فكذا فباعت غزلها فاشترت بثمنه نقاعاً وسقت زوجها لا يكون حانثاً في يمينه لأنه لم يدخل عين الغزل ولا ثمنه في سود وزيانه لأن الدخول في سود وزيانه عبارة عن الكدخول في ملكه ولم يوجد * ولو قال اكرازرشته تويا كاركرده توبسودو زيان من درآيد فكذا فغزلت وألبست نفسها وصبيانها لا يحنث الزوج لأنه لم يدخل في ملكه شيء * وكذا لو قصت دينا على زوجها بغير إذنه أو عملت في البيت من الخبز والطبخ ونحو ذلك * رجل حلف أن لا يأكل ثمن غزلها ووهبت الثمن لابنها ثمّ وهب الابن للحالف فاشترى الحالف به شيئاً وأكل لا يحنث في يمينه وإن اشترت هي قبل أن تهب فأكل الحالف حنث لأن في هذا الوجه أكل عوض ملكها فكان آكلاً ثمن غزلها أما إذا وهبت لابنها ثمّ وهب الابن للحالف فقد اختلف الملك واختلاف الملك كاختلاف العين فلا يحنث * امرأة حلفت أن لا تلبس هذه المقنعة فاتخذ منها علم للغزاة ثمّ نقض ورد عليها فتقنعت حنثت في يمينها إلا أنها عادت مقنعة لا بصنعه حادثة فتحنث * كما لو حلف الرجل أن لا يجلس على هذا البساط فخيط حانباه وجعل خرجاً ثمّ نقض وعاد بساطاً فجلس عليه كان حانثاً * رجل قال لامرأته إن نمت على ثوبك فأنت تطالق فاتكأ على وسادتها وجلس عليها لا يكون حانثاً وإن اضطجع على فراشها أو وضع جنبه أو أكثر بدنه على ثوب من ثيابها كان حانثاً * ولو قال لها اكرمن ترابيو شانم ازكار كرده خويش فأنت طالق ثمّ إن المرأة دفعت إلى زوجها كرباساً لينسجه لها بأجر فأخذ الأجر ونسج فلبست لا يحنث لأن هذا مكسوب بالمرأة لا مكسوب الزوج وإن كان القطن من الزوج فكذلك لأن شرط لحنث إلا الباس ولم يوجد وكذا لو كان الثوب للرجل فلبست بغير أمره لا يكون حانثاً لعدم الإلباس * رجل سأل محمداً رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فقال إن حلفت بالطلاق أن لا ألبس من غزل امرأتي وكنت نائماً على ملائة فجاءت المرأة وألقت على قميصها وهو من غزلها وبسطت القميص عليّ قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخاف أن تكون حانثاً قالوا والصحيح أنه لا يكون حانثاً لأنه لم يلبس * رجل قال اكررشتةفلانة <72> مرابكارآيد فامرأته كذا فباع كرباسها واشترى به ثوباً آخر فلبسه قالوا لا يكون حانثاً لأن المراد من هذا لبس الثوب إلا إذا نوى أن لا يصرف إلى حاجته وإن اتخذ منه شبكة واصطاد بها الصحيح أنه يكون حانثاً لأنه استعمله فيما يليق به * رجل حلف أن لا يلبس من غزل امرأته فلبس قباء ظهارته من غزلها وبطانته من غزل غيرها كان حانثاً * وكذا لو لبس جورباً من غزلها * ولو لبس ثوباً سداه من غزلها أو لحمته من غزلها والباقي من غزل غيرها لو كانت اليمين على أن لا يلبس من غزلها كان حانثاً وإن كانت يمينه على أن لا يلبس ثوباً من غزلها لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يكسو عبده أو لا يجعل لغلامه ثوباً فأعاره ثوباً عشر سنين أو أعاره للسفر لا يكون حانثاً لأن الثوب لم يصر ملكاً للغلام ألا ترى أنه لو كاتبه كانت الثياب للمولى ولو كان للغلام لا يعود إلى المولى للكتابة * رجل حلف كه زن خويش راجمه نخرد فاشترى لها خماراً لا يكون حانثاً لأن الخمار لا يسمى جامه * ولو قال اكرترابيكي بشيز جيزي خرم فأنت طالق كذا فاشترى لها بالدرهم لا تطلق * امرأة تريد أن تقطع لزوجها قباء فقال الزوج بالفارسية اكراين قباءكه تومرامي برياكنون من بيوشم فأنت طالق فقطعت بعد ذلك بسنة فلبس طلقت لأنه ليس للفور * رجل قال لامرأته إن بعت غزلك فأنت طالق فباع غزلاً لأناس وفيه غزلها كان حانثاً وإن لم يعلم بذلك * رجل حلف أن لا يلبس ثوب فلان فوضع قباءه على كتفه كان حانثاً لأن الرداء هكذا يلبس وإن قال لا ألبس قباء فلان فوضع قباءه على كتفه ولم يدخل يديه في كمه ذكر في المناسك إذا فعل المحرم ذلك لا يكون لابساً(2/36)