بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد .
فقد يسر الله _ بفضله سبحانه_ قراءة كتاب :((الشرح الممتع )) لفضيلة الشيخ العلامة : محمد بن صالح العثيمين _ رحمه الله _ لاستخراج ترجيحات الشيخ ، والأدلة التي استدل بها ، لما حباه الله من قوة علمية لا تخفى على أحد ، ولما يتميز به الشيخ من أسلوب متميزٍ وممتعٍ في عرض المسائل وشرحها . وكنت أثناء القراءة ألحظ _ كغيري من طلبة العلم _ حرص الشيخ _رحمه الله _ على ذكر بعض التوجيهات والفوائد التربوية النافعة كلما سنحت فرصة ومناسبة لها ، فقمت بجمعها وتدوينها ، ثم أشار علي بعض الفضلاء بإخراجها ونشرها ليعم نفعها ، نظراً لمكانة الشيخ في قلوب محبيه من العامة وطلبة العلم خاصة ، سائلاً المولى القدير أن يتغمد الشيخ بواسع رحمته ، ويسكنه فسيح جناته . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
مرضي بن مشوح العنزي
الاثنين 10 / 4 / 1430 هـ
murdi100@hotmail.com
1/ طالب العلم يجب عليه أن يتلقَّى المسائل بدلائلها، وهذا هو الذي يُنجيه عند الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله سيقول له يوم القيامة: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:65] ، ولن يقول: ماذا أجبتم المؤلِّفَ الفلاني. (1/16).
- - -
2/ المسائل النادرة لا ينبغي للإنسان أن يشغل بها نفسه. (1/21).
- - -(1/1)
3/ استنبط بعض العلماء من قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا *وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء:105] ، أنَّه ينبغي للإِنسان إذا نزلت به حادثةٌ، سواءٌ إِفتاء أو حكم قضائيٌّ، أن يُكْثِرَ من الاستغفار ؛ لأنَّ الله قال: {لِتَحْكُمَ} ثم قال: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} وهذا ليس ببعيد؛ لأنَّ الذُّنوب تمنع من رؤية الحقِّ، قال تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] . (1/23).
- - -
4/ يجب أن نعرف أن منع العباد مما لم يدلَّ الشرعُ على منعه كالتَّرخيص لهم فيما دَلَّ الشَّرع على منعه؛ لأن الله جعلهما سواء فقال: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [النحل:116] بل قد يقول قائل: إن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام؛ لأن الأصلَ الحِلُّ، والله عزّ وجل يحبُّ التَّيسير لعباده. (1/37).
- - -
5/ بعض أهل العلم مشغوفٌ بالإِغراب في تصوير المسائل، ومثل هذا الأولى تركه؛ لأنه قد يُعاب على الفقهاء أن يصوِّروا مثل هذه الصُّور النَّادرة، (1) التي قد تكون مستحيلة. (1/140).
- - -
6/الإِخلاصُ لُبُّ الإِسلام وخلاصة الدِّين، وهو الذي يجب على الإِنسان أن يهتمَّ به. (1/194).
- - -
7/ الاحتياط بابٌ واسعٌ، ولكن ما هو الاحتياط؟ هل هو بلزوم الأيسر؟ أو بلزوم الأشدِّ؟ أو بلزوم ما اقتضته الشَّريعة؟ الأخير هو الاحتياط. (1/265).
- - -
__________
(1) ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ هذا الكلام بعد ذكره لقول بعضُ الفقهاء: المصلِّيَ لو حمل قِرْبَة فُساءٍ هل تصحُّ صلاته؟(1/2)
8/ أيُّ إِنسان أتى بدليل فيجب علينا أن نتَّبع الدَّليل، وإذا لم يكن هناك دليلٌ فلا يسوغ أن نُلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، لأنَّ أهل العلم مسؤولون أمام الله، ومؤتمنون على الشَّريعة. (1/266).
- - -
9/ فرضُ شيء على عباد الله من غير دليل تطمئنُّ إليه النَّفس أمرٌ صعب، لأن فرض ما ليس بفرض كتحريم ما ليس بحرام. (1/298).
- - -
10/ الغالب أنَّنا نفعل العبادة على أننا ملزَمون بها، فننويها لتصحيح العمل، وهذا نَقْصٌ. (1/358).
- - -
11/ من هذا الحديث (1) يتبيَّن لنا فائدة مهمّة جدًّا وهي أن موافقة السُّنَّة أفضل من كَثْرة العَمل. (1/407).
- - -
12/ إن قيل: كيف تخالف الجمهور؟ فالجواب: أن الله تعالى أمر عند التَّنازع بالرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، دون اعتبار الكثرة من أحد الجانبين. (1/432).
- - -
13/ ما وافق الكتاب والسُّنَّة أخذناه، وما خالفهما تركناه، وقلنا: غفر الله لقائله. (1/464).
- - -
14/ هذا (2) شيءٌ نفسيٌّ لا يتعلَّق به حكمٌ شرعيٌّ، فقد يَكره الإِنسان الشيءَ كراهةً نفسيَّةً، ولا يُلام إِذا تجنَّبَه، كما كَرِهَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أكل الضَّبِّ مع أنَّه حلالٌ. (1/505).
- - -
15/ العقل يقتضي أنَّ من أحسن إليك فإنَّك تُقابله بالامتثال والطَّاعة إذا أمرك، ويرى العقلُ أنَّ من أقبح القبائح أن تُنابذَ من أحسن إليك بالاستكبار عن طاعته وتكذيب خبره. (2/12).
- - -
__________
(1) حديث قصَّة الرَّجُلين اللذين تَيمَّمَا ثم صَلَّيَا، ثم وَجَدَا الماءَ في الوقت، فأمَّا أحدُهما فلم يُعِدِ الصَّلاة، وأمَّا الآخر فتوضَّأ وأعاد، فَقَدِما على النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فأخبراه الخبرَ؛ فقال للذي لم يُعِدْ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ»، وقال للذي أعاد: «لك الأجْرُ مَرَّتين».
(2) كراهة جماع المستحاضة مع رؤية الدم.(1/3)
16/ هذه المسألة ـ أعني العذر بالجهل ـ مهمَّةٌ تحتاج إلى تثبُّتٍ حتى لا نُكفِّر من لم يَدُلَّ الدَّليل على كفره. (2/25).
- - -
17/ الأُخُوَّة في الدِّين لا تنتفي بالمعاصي وإن عَظُمَتْ. (2/29).
- - -
18/ حَقِّقْ قبل أن تُنَمِّقَ. (2/32).
- - -
19/ عدم السَّداد في العمل يأتي من اختلال أحد الوصفين: القوَّة والأمانة. وإذا وُجِدَ ضعيفٌ أمينٌ؛ وقويٌّ غيرُ أمين؛ أيُّهما يقدم؟
فالجواب: أنَّ الصَّحيح حسب ما يقتضيه العمل، فبعض الأعمال تكون مراعاة الأمانة فيه أَولى، وبعضها تكون مراعاة القوَّة أولى، فمثلاً القوَّة في الإمارة قد تكون أولى بالمراعاة، والأمانة في القضاء قد تكون أولى بالمراعاة. (2/51).
- - -
20/ قوله: «ثم أفضلُهُمَا في دينه وعقلِهِ» (1) ... قوله: «وعَقْلِهِ» المراد: حُسن التَّرتيب، فيستطيع أن يرتِّبَ نفسه، ويجاري النَّاس بتحمُّلِهم في أذاهم. (2/53).
- - -
21/ قَلَّ أن تجد رجلاً يُجْمِعُ النَّاسُ عليه. (2/54).
- - -
22/ القرعةُ يحصُل بها تَمييز المشتبه وتَبْيين المجمل عند تساوي الحقوق. (2/54).
- - -
23/ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم تَرَكَ بناءَ الكعبة على قواعد إبراهيم خوفاً من الفتنة. (2/57).
- - -
24/ ينبغي أن يُروَّض النَّاسُ بتعليمهم بوجوه العبادة الواردة، فإذا اطمأنت قلوبُهم وارتاحت نفوسُهم؛ قام بتطبيقها عمليّاً؛ ليحصُل المقصود بعمل السُّنَّة من غير تشويش وفتنة. (2/57).
- - -
25/ كلُّ إنسان لا يستطيع أن يتحوَّل من حال إلى حال، سواء من معصية إلى طاعة، أو من طاعة إلى أفضل منها إلا بالله عزّ وجل. (2/85).
- - -
26/ كم نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلابل، كما قاله الإمام أحمد. (2/164).
- - -
27/ الإنسان إذا شاركه غيرُه في عيبه خَفَّ عليه. (2/188).
- - -
__________
(1) فيما إذا تَشَاحَّ في الأذان اثْنَانِ.(1/4)
28/ التشبّه بهم [أي: الكفار] في الظَّاهر يجرُّ إلى التشبّه بهم في الباطن. . . فإن قال قائل: أنا لم أقصد التشبُّهَ؟ قلنا: إن التشبُّهَ لا يفتقر إلى نيَّة؛ لأن التشبُّهَ: المشابهة في الشَّكلِ والصُّورة، فإذا حصلت، فهو تشبُّه سواء نويت أم لم تنوِ، لكن إن نويت صار أشَدَّ وأعظم. (2/196).
- - -
29/ كما يجب علينا التورُّعُ في إدخال ما ظاهر اللفظ عدم دخوله فيه، يجب علينا أيضاً التورُّعُ في منع ما لا يتبيَّن لنا دخوله في اللفظ؛ لأن هذا إيجاب وهذا سلب، فكما نتورَّعُ في الإيجاب نتورَّع أيضاً في السَّلب، وكذلك كما يجب أن نتورَّعَ في السَّلب يجب أن نتورَّعَ في الإيجاب. (2/202).
- - -
30/ كلُّ شيء يغيظ الكافر فإنه يُرضي الله عزّ وجل، وكلُّ شيء فيه إكرام للكافر فإنه يُغضبُ الله عزّ وجل. (2/218).
- - -
31/الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وهم أشدُّ الناس حرصاً على التزام حدود الله؛ لم يكونوا يسألون رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عن الأمر إذا ورد عليهم؛ هل هو للاستحباب أو للوجوب؟ ولا عن النَّهي؛ هل هو للتنزيه أو التحريم؟ بل يمتثلون الأمر؛ ويجتنبون النَّهيَ دون سؤال، ولا ريب أن هذا أكمل في التعبُّد والامتثال. (2/247).
- - -
32/ الصَّبيُّ لا تحتقره، فالشيء ينطبع في قلبه. (3/18).
- - -
33/ الله عزّ وجل حكيم قد يبتلي الإِنسان بالذنب ليُصلح حالَه، كما يبتلي الإِنسانَ بالجوع لتستقيم صحَّته. (3/51و52).
- - -
34/ إذا قرأته [أي: القرآن] وقلبُك حاضرٌ حصل لك من معرفة المعاني والانتفاعِ بالقرآن ما لم يحصُلْ لك إذا قرأته وأنت غافل، وجرّبْ تجدْ. (3/53).
- - -
35/ إنَّ هديَ الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ ألا تُحدِّثَ النَّاسَ بحديث لا تبلغه عقولُهم. (3/83).
- - -
36/ ينبغي لطالب العِلم أن يكون معلِّماً مربيًّا، والشيءُ الذي يُخشى منه الفتنة؛ وليس أمراً لازماً لا بُدَّ منه؛ ينبغي له أن يتجنَّبه. (3/84).
- - -(1/5)
37/ لا ينبغي للإِنسان أن يفعل سُنَّة يؤذي بها غيره. (3/90).
- - -
38/ ينبغي لنا أن تسجد قلوبُنا قبل أن تسجدَ جوارحنا؛ بأن يشعر الإنسان بهذا الذُّلِّ والتَّطامن والتواضع لله عزَّ وجلَّ، حتى يدرك لذَّةَ السُّجود وحلاوته، ويعرف أنَّه أقرب ما يكون إلى الله.
وهذا المعنى قد يغفل عنه أصحابُ الظَّواهر الذين يريدون أن يُجمِّلُوا الطاعات بظاهرها، وهم يُحمدون على هذا، ولا شَكَّ أنَّنا مأمورون أن نُجَمِّلَ الطاعات بظواهرها، بتمام الاتِّباعِ وكماله، لكن هناك شيءٌ آخر يَغْفُلُ عنه كثيرٌ من الناس؛ ويعتني به أربابُ السُّلوكِ، وهو تكميل الباطن؛ بحيث يركعُ القلبُ قبل رُكوع البدن، ويسجد قبل سجودِ البدن، ولكن قد يُقصِّر أربابُ السُّلوكِ الذين يعتنون بالبواطن في إصلاح الظواهر؛ فتجدهم يُخِلُّون كثيراً في إصلاح الظواهر، والكمال هو إصلاح الأمرين جميعاً، والعنايةُ بكمالهما جميعاً؛ بكمال البواطن وكمال الظواهر.
وإنِّي والله، وأشهد الله، أننا لو أقمنا الصَّلاةَ كما ينبغي؛ لكُنَّا كُلَّما خرجنا من صلاة؛ نخرج بإيمان جديد قوي؛ لأن الله يقول: {اتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} الآية [العنكبوت: 45] .
لكن؛ نسألُ اللهَ أن يعاملنا بعفوه؛ ندخل فيها بقلب ونخرج بقلب، هو القلب الأول؛ لأننا لا نأتي بما ينبغي أن نأتيَ به مِن خضوع القلب وحضوره؛ وشعوره بهذه التنقُّلات؛ التي هي رياض متنوِّعة وأفعال مختلفة، وأقوال هي ما بين قراءة كلام الله عزَّ وجلَّ، وذكره وتعظيمه، وتكبيره ودعائه، والثناء عليه، ووصفه بأكمل الصفات «التحيات لله والصلوات... إلخ»، فهي رياض عظيمة، لكن فينا قصور مِن جهة مراعاة هذه الأسرار. (3/118و119).
- - -(1/6)
39/ ينبغي للإنسان إذا سأل العافية في هذا المكان (1) أو غيره أن يستحضر أن يسأل الله العافية: عافية البدن، وعافية الدِّين. (3/131و132).
- - -
40/ الدُّعاء مناجاة لله عزّ وجل، وأحبُّ شيء للمؤمن هو الله عزّ وجل، ولا شكَّ أنَّ كثرةَ المناجاة مع الحبيب مما تزيد الحُبَّ. (3/132).
- - -
41/ كان عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يحبُّ أن يُيسِّرَ على نفسِه في العبادة، وكذلك يحبُّ أن ييسر الإنسان على نفسه في العبادة. (3/136).
- - -
42/ المؤمن يُوقن بخبر الله أشدَّ مما يراه في عينه مِن قَبوله والإيمان به. (3/185).
- - -
43/ تأمل قوله: «هاه... هاه...» كأنه كان يعلم شيئاً فنسيه، وما أشدَّ الحسرة في شيء علمتَه ثم نسيتَه؛ لأن الجاهل لم يكسب شيئاً، لكن النَّاسي كسب الشيء فخسره، والنتيجة يقول: لا أدري مَنْ ربِّي، ما ديني، مَنْ نبيي. فهذه فتنة عظيمة؛ أسألُ الله أن ينجِّيني وإيَّاكم منها. (3/186).
- - -
44/ إذا تأملت؛ وجدت أن هذا الدِّينَ تامٌّ كامل؛ لا يمكن أن تكون مسألة يَحتاجُ النَّاسُ إليها إلى يوم القيامة إلا وُجِدَ لها أصلٌ. (3/195و196).
- - -
45/ الله تعالى قال في كتابه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] والله لو نتأمَّل هذه الكلمة {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فلا يوجد شيء ناقص في الدِّين أبداً، فهو كامل مِن كلِّ وَجْهٍ، لكن النقص فينا، إما قصور في عقولنا، أو في أفهامنا أو في عُلُومنا، أو في إرادات تكون غير منضبطة، فمِن النَّاسِ من يريد أن ينصر قوله فيَعْمَى عن الحقِّ؛ نسأل الله العافية.
__________
(1) أي: الجلسة بين السَّجدتين.(1/7)
فلو نظرنا بعلم وفَهْمٍ وعَقْلٍ وحُسْنِ نية لوجدنا أن الدِّينَ ولله الحمدُ لا يحتاج إلى مكمِّل، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة إلا وُجِدَ حَلُّها في الكتاب والسُّنَّة، لكن لما كَثُرَ الهوى، وغلب على كثير من النَّاسِ صار بعض الناس يَعْمَى عليه الحقُّ، ويَخْفَى عليه، وتجدهم إذا نزلت فيهم الحادثة التي لم تكن معروفة مِن قبل بعينها، وإن كان جنسها معروفاً يختلفون فيها أكثر من أصابعهم، وإذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة؛ لأنَّ الهوى غلب على النَّاسِ الآن، وإلا فلو كان القصد سليماً والفهم صافياً والعلم واسعاً والعقل راجحاً لما حصل هذا. (3/196).
- - -
46/ ينبغي لطَلَبةِ العِلم أن يُنبِّهوا النَّاسَ، ولكن بالرفق، لأنَّ العامة إذا أُنكِرَ عليهم ما اعتادوه نفروا، فإذا أُتوا بالحكمة واللِّين قَبِلوا. (3/204).
- - -
47/ يجب على الإنسان الذي يفعل ... العبادات المتنوِّعة أن يكون على يقين منها، فإن شكَّ رَجَعَ إلى ما يتيقَّنُه. (3/217).
- - -
48/ استُحبَّ للإنسان أن يختِمَ عملَه بالاستغفار، وأن يختِمَ عُمُرَه بالاستغفار. (3/221).
- - -
49/ ليس من الأدب أن تبصُق بين يديك، والله تعالى قِبَلَ وجهك.
ولو أنك فعلت هذا أمام عامَّة النَّاس لعُدَّ هذا سوء أدب، فكيف بين ملك الملوك عَزَّ وجلَّ جَبَّار السماوات والأرض؟! (3/296).
- - -
50/ ينبغي للإنسان أن يزيل عن ثيابه الأذى والوسخ. (3/273).
- - -
51/ قال العلماء: ينبغي للإنسان أن ينظر في المرآة. ولا أدري هل نحن ننظر في المرآة أم لا؟... مِن الناس مَن يُفْرِط في النَّظر إلى المرآة ويبالغ ويغلو ... ومِن الناس مَن يُفرِّط فتمضي المدَّة ما نَظَرَ في المرآة أبداً، والاعتدال خير. (3/274).
- - -(1/8)
52/ يجب في الجهاد وفي العِلم تصحيحُ النِّيَّةِ؛ وإخلاصُها لله عزّ وجل، وهو شرطٌ شديدٌ؛ أعني: إخلاصَ النِّيَّة، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: شَرْطُ النِّيَّةِ شَديد؛ لكنه حُبِّبَ إليَّ فجمعتُه. (4/7).
- - -
53/ ليس كلُّ مَنْ عَلِمَ عَمِلَ، وليس كلُّ مَنْ عَمِلَ يكون عملُه عن عِلْمٍ وتمامٍ، فالتَّوفيقُ أن تعلَمَ وتعمَلَ. (4/22).
- - -
54/ يجبُ علينا أنْ نُلاحِظَ دائماً قلوبَنَا، وننظُرَ: هل هي مريضةٌ أو صحيحةٌ؟ وهل صَدِئتْ أو هي نظيفةٌ؟ فإذا كنت تنظِّفُ قلبَكَ دائماً في معاملتِكِ مع الله، وفي معاملتِكِ مع الخَلْقِ؛ حَصَّلتَ خيراً كثيراً، وإلا؛ فإنَّكَ سوف تَغْفُلُ، وتَفْقِدُ الصِّلةَ بالله، وحينئذٍ يَصْعُبُ عليكَ التراجعُ.
فحافظْ على أنْ تُفتِّشَ قلبَكَ دائماً، فقد يكون فيه مَرَضُ شُبْهةٍ أو مَرَضُ شهوةٍ، وكلُّ شيءٍ ولله الحمدُ له دَواءٌ، فالقرآن دواءٌ للشُّبُهاتِ والشَّهواتِ، فالترغيبُ في الجَنَّةِ والتحذيرُ مِن النَّارِ دواءُ الشَّهواتِ.
وأيضاً: إذا خِفْتَ أنْ تميلَ إلى الشَّهواتِ في الدُّنيا التي فيها المُتْعَةُ؛ فتذكَّرْ مُتْعَةَ الآخرة. (4/22).
- - -
55/ أما دواءُ القُلوبِ مِن أمراضِ الشُّبُهَاتِ؛ فالقُرآنُ كلُّه بيانٌ وفُرقانٌ تزولُ به جميعُ الشُّبهاتِ، فكتابُ الله كلُّه مملوءٌ بالعِلْمِ والبيانِ الذي يزولُ به داءُ الشُّبهاتِ، ومملوءٌ بالتَّرغيبِ والتَّرهيبِ الذي يَزولُ به داءُ الشَّهواتِ، ولكنَّنا في غَفْلةٍ عن هذا الكتاب العزيز؛ الذي كلُّه خيرٌ، وكذلك ما في السُّنَّةِ المطهَّرَةِ الثابتةِ عن رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم. (4/23).
- - -
56/ قضاءَ الله الذي هو فِعْلُه كلُّه خير. وإنْ كان المقضيُّ شرًّا؛ لأنه لا يُراد إلا لحكمةٍ عظيمةٍ. (4/27).
- - -(1/9)
57/ إذا كان إماماً فلا ينبغي أن يطيلَ الدُّعاء بحيث يشقُّ على مَن وراءَه أو يملُّهم، إلا أن يكونوا جماعة محصورةً يرغبون ذلك. (4/39).
- - -
58/ تيسيرنا على مَنْ ولاَّنا اللهُ عليه أَولى وأحسنُ. (4/52).
- - -
59/ ينبغي للإنسان أن لا يُشدِّدَ على النَّاس في أمرٍ واسع. (4/53).
- - -
60/ لو فرضنا أننا في بَلدٍ لا يعرفون إلا ثلاثاً وعِشرين رَكعةً، فليس مِن الحكمة أنْ نجابههم، فنصلِّي إحدى عشرة ركعة مِن أوَّلِ ليلة، وإنما نُصلِّي ثلاثاً وعشرين رَكعةً، ثم نتحدَّث إليهم بما جاءت به السُّنَّة، وأنَّ الأفضلَ إحدى عشرة، ثم يُقال: ما ترون؟ هل يقتصر على هذا العدد مع الطُّمأنينة وإطالةِ الرُّكوع والسُّجود نوعاً ما؛ لنتمكَّن مِن الدُّعاء، ونُكثِرَ مِن الذِّكْرِ، أو أنْ نبقى على حالنا؟ فحينئذٍ سوف يوافقون، أو يخالفون، أو يختلفون. فلا تخلو الحال مِن واحد مِن ثلاثة أمور.
فإذا رأى أنَّ الأكثرَ على عدم الموافقة، بقي على ما هو عليه؛ لأنَّ الأمرَ واسع، وما دام الأمرُ فيه التأليف فهو خير، لكن لا ييأس؛ يعيد الكَرَّة مَرَّة ثانية، فإن أبوا وأصرُّوا على الثلاث والعشرين يستعمل معهم ما يراه مِن الحِكمة في إقناعهم. (4/54و55).
- - -
61/ يجب على طَلَبَةِ العِلم خاصَّة، وعلى النَّاس عامَّة أن يَحْرِصُوا على الاتفاق مهما أمكن؛ لأن مُنْيَةَ أهل الفِسقِ وأهلِ الإلحاد أنْ يختلفَ أصحابُ الخير، لأنه لا يوجد سلاحٌ أشدُّ فتكاً مِن الاختلاف. (4/63).
- - -
62/ ما دام أنَّ بعضَ الأئمة قالوا بها (1) ولها مَسَاغ أو اجتهاد، وليكن مخطئاً: ما دام أنه ليس محرَّماً؛ فلماذا نُخْرِجُ أو نُسفِّهُ أو نُخَطِّىءُ أو نبدِّعُ مَنْ فَعَلَ شيئاً نحن لا نراه؟ وما دام أنَّ الأمر ليس إليك، ولكن إمامك يفعلها؛ فلا مانع مِن فِعْلِها. (4/64).
- - -
__________
(1) أي: الختمة بعد انتهاء قراءة القرآن.(1/10)
63/ الإنسانَ مهما بلغ في العلم فلا يسلم من الخطأ. (4/72).
- - -
64/ الجهل المركَّب ضرره عظيم، فإن الجاهل المركَّب يرى أنه على حقٍّ فهو يمدُّ يداً طويلة، وربما يعتقد أنه أعلمُ من الإمام أحمد وابن تيمية. (4/78).
- - -
65/ لو كان الإنسان لا يؤمن بالشيء حتى يعرف حكمته؛ لقلنا: إنك ممن اتَّبعَ هواه، فلا تمتثل إلا حيث ظهرَ لك أنَّ الامتثال خير. (4/115).
- - -
66/ الواجبُ على المسلمِ أن يكون مبايناً للمشركين في كُلِّ شيء؛ لأنه مسلمٌ. (4/116).
- - -
67/ ليتنا كُلَّما فعلنا فِعْلاً مشروعاً نستشعرُ أننا نقتدي برسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم وبأصحابِهِ الكرام، فإنَّ الإنسانَ لا شَكَّ سيجِدُ دُفعةً قويةً في قلبِهِ تجعلُه ينضمُّ إلى سِلْكِ السَّلفِ الصَّالحِ، فيكون سلفيًّا عقيدةً وعملاً، وسُلوكاً ومنهجاً. (4/137).
- - -
68/ يؤسفنا كثيراً؛ أنْ نجدَ في الأمةِ الإسلاميةِ فِئةً تختلفُ في أمورٍ يسوغُ فيها الخلافُ، فتجعل الخلافَ فيها سبباً لاختلاف القلوبِ، فالخِلافُ في الأمةِ موجودٌ في عهد الصَّحابةِ، ومع ذلك بقيت قلوبُهم متَّفقةٌ، فالواجب على الشبابِ خاصَّة، وعلى كلِّ المستقيمين أن يكونوا يداً واحدة، ومظهراً واحداً؛ لأنَّ لهم أعداء يتربَّصونَ بهم الدَّوائر.
ونعلم جميعاً أنَّ التفرُّقَ أعظمُ سلاحٍ يفتِّتُ الأمةَ ويفرِّقُ كلمتَها. (4/159).
- - -
69/ أنا أرى أنَّ الرَّجُلَ إذا خالفَكَ بمقتضى الدليلِ عنده لا بمقتضى العنادِ أنَّه ينبغي أن تزداد محبَّةً له؛ لأنَّ الذي يخالفُكَ بمقتضى الدَّليلِ لم يصانعْك ولم يحابِك، بل صار صريحاً مثلما أنك صريحٌ، أما الرَّجُلُ المعاندُ فإنَّه لم يرد الحقَّ. (4/159).
- - -(1/11)
70/ لا يحلُّ لنا أن نُسنِدَ حكماً في شريعةِ الله إلى دليلٍ ضعيفٍ؛ لأنَّ هذا مِن القولِ على اللهِ بما نعلم أنه لا يصحُّ عن اللهِ، وليس بلا عِلْمٍ، بل أشدُّ؛ لأننا إذا أثبتنا حكماً في حديثٍ ضعيفٍ، فهذا أشدُّ مِن القولِ على اللهِ بلا عِلْمٍ لأنَّنا أثبتنا ما نعلمُ أنَّه لا يصحُّ. (4/173).
- - -
71/ «إذا جاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعقِلٍ» كما يقول المَثَلُ. (4/176).
- - -
72/ لا ينبغي للإِمام أنْ يطيعَ بعضَ المأمومين في مخالفة السُّنَّةِ، لأنَّ اتِّباعَ السُّنَّةِ رحمة. (4/194).
- - -
73/ غالباً ما يكون القولُ الوسطُ هو الرَّاجح؛ لأنَّه يأخذُ بدليلِ هؤلاءِ ودليلِ هؤلاء. (4/265).
- - -
74/ الصَّغيرَ عادةً لا يَنسى ما فُعِلَ به. (4/280).
- - -
75/ مِن أهدافِ الإِسلامِ بُعْدُ النساءِ عن الرِّجال، وأنَّ المبدأ الإِسلاميَّ هو عَزْلُ الرِّجالِ عن النساءِ، خلاف المبدأ الغربيِّ الكافرِ الذي يريد أن يختلِطَ النساءُ بالرِّجالِ، والذي انخدعَ به كثيرٌ مِن المسلمين اليوم، وصاروا لا يبالون باختلاطِ المرأةِ مع الرِّجالِ، بل يَرَون أنَّ هذه هي الديمقراطية والتقدُّم، وفي الحقيقة أنَّها التأخُّر؛ لأنَّ اختلاطَ المرأةِ بالرِّجال هو إشباعٌ لرغبةِ الرَّجُلِ على حسابِ المرأةِ، فأين الديمقراطية كما يزعمون؟! (4/348).
- - -
76/ كثيراً من الناس لا تعرف أخلاقه ولا حسن سيرته إلا إذا سافرت معه ... ولكن الأسفار الطويلة هي التي تبيّن الرجال. (4/348).
- - -
77/ افعل ما يكون هو السنة، فإن ذلك أصلح لقلبك حتى وإن كان يجوز لك خلافه. (4/361).
- - -
78/ نحن لا نعرف الحق بكثرة الرجال، وإنما نعرف الحق بموافقة الكتاب والسنّة. (4/379).
- - -
79/ لا يمكن أن نلغي ما علق الشارع الحكم عليه، ونعتبر شيئاً آخر. (5/23).
- - -
80/ ينبغي لمن يؤلف أن لا يحيل إلا على شيء معلوم سابق، فلا يحيل على شيء لم يأت بعد. (5/28).(1/12)
- - -
81/ من حسن التربية والتعليم أن يذكر المعلم الأصول، ثم يفرع عليها التفريعات، وإن كانت نادرة الوقوع أو فرضية الوقوع. (5/34).
- - -
82/ الإنسان ينبغي أن يكون واسع الأفق ... فالمسائل الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينبغي للإنسان أن يكون فيها عنيفاً بحيث يضلل غيره. (5/42).
- - -
83/ مراعاة الناس في أمر ليس بحرام هو مما جاءت به الشريعة. (5/56).
- - -
84/ لا شك أن تأثر السامع إذا رأى المتكلم أكثر من تأثره وهو لا يراه، وهذا أمرٌ مشاهد. (5/60).
- - -
85/ إن المسلمين لم يفتحوا البلدان إلا بعد أن فتحوا القلوب أولاً بالدعوة إلى الإسلام، وبيان محاسنه بالقول وبالفعل. (5/63).
- - -
86/ إذا كان أعداؤنا أكثر منا بكثير وأقوى منا فإن استعمال السيف يعتبر تهوراً. (5/63و64).
- - -
87/ كل شيء يوجب أن يفهم الناس منه خلاف حقيقة الواقع فإنه ينبغي تجنبه. (5/66).
- - -
88/ الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ سئل عن مسألة من مسائل العلم، فقال للسائل: «انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله»، وهذه كلمة عظيمة، ولا شك أن الإمام أحمد إنما يريد ما لم يرد فيه التفضيل، أما ما ورد فيه التفضيل فالقول ما قال الله ورسوله. (5/79).
- - -
89/ الإنسان العاقل الموفق يعرف كيف يتصرف في العبادات غير الواجبة، فيقارن، ويوازن بين المصالح، ويفعل ما هو أصلح. (5/79و80).
- - -
90/ اتباع العرف في اللباس هو السنة ما لم يكن حراماً؛ لأنّا نعلم أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم إنما لبس ما يلبسه الناس، والإنسان لو خالف ما يلبسه الناس لكانت ثيابه ثياب شهرة. (5/88).
- - -
91/ الإنسان إذا لم يكن في قلبه محبة للسبق إلى الخير بقي في كسلٍ دائماً. (5/90).
- - -
92/ ينبغي للإنسان كلما سنحت له الفرصة في العبادة أن يفعل، ويتقدم إليها، حتى لا يعوّد نفسه الكسل، وحتى لا يؤخّره الله عز وجل. (5/90).
- - -(1/13)
93/ من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سبباً للفرقة والشتات، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق، وأن كل واحد منهم إذا خالفه أخوه في مسألة اجتهادية ليس فيها نص قاطع ذهب ينفر عنه ويسبّه ويتكلم فيه، وهذه محنة أفرح من يفرح بها أعداء هذه اليقظة؛ لأنهم يقولون: سقينا بدعوة غيرنا، جعل الله بأسهم بينهم، حتى أصبح بعض الناس يبغض أخاه في الدين، أكثر مما يبغض الفاسق والعياذ بالله، وهذا لا شك أنه ضرر، وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا ضرر هذا علينا جميعاً، وهل جاءك وحي من الله أن قولك هو الصواب؟ وإذا لم يأته وحي أن قوله هو الصواب، فما الذي يدريه؟ لعل قول صاحبه هو الصواب، وهو على ضلال، هذا هو الواقع، والآن ليس أحد من الناس يأتيه الوحي، فالكتاب والسنّة بين أيدينا، وإذا كان الأمر قابلاً للاجتهاد، فليعذر أحدنا أخاه فيما اجتهد فيه. (5/137و138).
- - -
94/ لا بأس من النقاش المفيد الهادئ بين الإخوة، وأُفضِّل أن يكون النقاش بين المختلفين في غير حضور الآخرين؛ لأن الآخرين قد يحملون في نفوسهم من هذا النقاش ما لا يحمله المتناقشان، فربما يؤول الأمر بينهما إلى الاتفاق، لكن الآخرين الذين حضروا مثلاً قد يكون في قلوبهم شيء يحمل حتى بعد اتفاق هؤلاء، فيجري الشيطان بينهم بالعداوة، وحينئذٍ نبقى في بلائنا، فأقول: جزى الله الإمام أحمد خيراً على هذه الطريقة الحسنة: (أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل، فإن الأمر يكون واسعاً كله جائز). (5/138).
- - -(1/14)
95/ السنن الميتة أي المهجورة ينبغي لطلبة العلم أن يحيوها، لكن إذا خافوا استنكار الناس لها، فليمهدوا لها أولاً، لا سيما إذا كان طالب العلم صغيراً لا يُهْتَمُّ بكلامه وينتقد، فهنا ينبغي أن يمهد أولاً؛ لأجل أن يروّض أفكار الناس على قبول هذا الشيء. (5/145).
- - -
96/ إذا كنا نطلب الخير من الله فلا بد أن ندع التشاحن فيما بيننا. (5/206).
- - -
97/ عليك أن تجاهد نفسك ولو أهنتها في الظاهر، فإنك تعزها في الحقيقة؛ لأن من تواضع لله رفعه، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
وجرّب تجد أنك إذا فعلت هذا الشيء وعفوت، وأصلحت ما بينك وبين إخوانك تجد أنك تعيش في راحة وطمأنينة وانشراح صدر وسرور قلب، لكن إذا كان في قلبك حقد عليهم أو عداوة فإنك تجد نفسك في غاية ما يكون من الغم والهم، ويأتيك الشيطان بكل احتمالات يحتملها كلامه، أي لو احتمل كلامه الخير والشر قال لك الشيطان: احمله على الشر.
مع أن المشروع أن يحمل الإِنسان كلام إخوانه على الخير ما وجد له محملاً.
فمتى وجدت محملاً للخير فاحمله على الخير، سواء في الأقوال أو في الأفعال، ولا تحمله على الشر. (5/207).
- - -
98/ الذي يجب على المؤمن إذا رأى من أخيه ما يحتمل الخير أو الشر أن يحمله على الخير ما لم توجد قرائن قوية تمنع حمله على الخير، فهذا شيء آخر، فلو صدر مثل هذا من رجل معروف بالسوء ومعروف بالفساد فلا بأس أن تحمله على ما يحتمله كلامه، أما رجل مستور ولم يعلم عنه الشر، فإذا وجد في كلامه، أو في فعاله ما يحتمل الخير والشر فاحمله على الخير حتى تستريح.
وربما يصاب هذا الرجل الذي يتبع عورات الناس وأخطاءهم القولية والفعلية بأن يسلط الله عليه من يتابعه هو بنفسه، ومن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته. (5/208).
- - -(1/15)
99/ الصدقة إحسان إلى الغير، والإحسان سبب للرحمة لقول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]. (5/209).
- - -
100/ إذا دعا المضطر ربه ـ عز وجل ـ فإنه يجيب دعاءه، ولو كان مشركاً. (5/214).
- - -
101/ ينبغي للإنسان أن يتذكر حاله ونهايته في هذه الدنيا، وليست هذه النهاية نهاية، بل وراءها غاية أعظم منها، وهي الآخرة، فينبغي للإنسان أن يتذكر دائماً الموت لا على أساس الفراق للأحباب والمألوف؛ لأن هذه نظرة قاصرة، ولكن على أساس فراق العمل والحرث للآخرة. (5/231).
- - -
102/ عيادةُ المريض مَعَ كونها من أداء الحقوق على المسلم لأخيه ففيها جلب مودة وألفة لا يتصورها إلا من مرض ثم عاده إخوانه، فإنه يجد من المحبة لهؤلاء الذين عادوه شيئاً كثيراً، فتجده يتذوقها، ويتحدث بها كثيراً، ففيها مع الأجر تثبيتُ الألفةِ بين المسلمين. (5/239).
- - -
103/ خطأ ما يفعله بعض الناس اليوم يؤخرون الميت حتى يأتي أقاربه، وأحياناً يكون أقاربه خارج المملكة في أوربا أو غيرها، فينتظرون به يوماً، أو يوماً وليلة من أجل حضور الأقارب، وهذا في الحقيقة جناية على الميت. (5/259).
- - -
104/ إطالة الدعاء تدل على محبة الداعي؛ لأن الإِنسان إذا أحب شيئاً أحب طول مناجاته، فأنت متصل بالله في الدعاء، فتطويلك الدعاء وبسطك له دليل على محبتك لمناجاة الله ـ عز وجل ـ. (5/320).
- - -
105/ مع الأسف أن الناس إذا عملوا عملاً ولم ينبهوا عليه صار هذا العمل البدعي سنة عندهم، وصاحوا بمن ينكر عليهم. (5/375).
- - -
106/ أوصي نفسي وإياكم أن نسأل الله دائماً الثبات على الإيمان وأن تخافوا؛ لأن تحت أرجلكم مزالق، فإذا لم يثبتكم الله ـ عز وجل ـ وقعتم في الهلاك. (5/388).
- - -
107/ إنما جاز هذا الإحداد لغير الزوجة لإعطاء النفوس بعض الشيء مما يهوِّن عليها المصيبة. (5/393).
- - -(1/16)
108/ إن من جملة الأدب والتربية بالنسبة للصبيان أنه إذا أراد أن يبكي أن يترك يبكي مدة قصيرة من أجل أن يرتاح؛ لأنه يخرج ما في قلبه، لكن لو أسكتّه صار عنده كبت وانقباض نفسي. (5/393).
- - -
109/ المحبوب لا يبذل إلا ابتغاء محبوب مثله أو أكثر، بل ابتغاء محبوب أكثر منه. (6/7).
- - -
110/ الذي عود نفسه على الكرم، يضيق صدره إذا فات يوم من الأيام لم يبذل فيه ماله أو جاهه أو منفعته. (6/7).
- - -
111/ الإنسان إذا بذل الشيء، ولا سيما المال، يجد في نفسه انشراحاً، وهذا شيء مجرب، ولكن بشرط أن يكون بذله بسخاء وطيب نفس، لا أن يكون بذله وقلبه تابع له. (6/8).
- - -
112/ مسألة لا بد أن نتفطن لها وهي: أن موافقة العادات في غير المحرم هي السنة. (6/108و109).
- - -
113/ قاعدة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ليست على إطلاقها، بل يكون ذلك عند التساوي أو رجحان المفاسد، أما إذا رجحت المصالح فإنه تغتفر المفاسد بجانب تلك المصالح. (6/115).
- - -
114/ النفع المتعدي فيه خير حتى لو لم ينو. (6/173).
- - -
115/ على العبد أن يتقي الله ما استطاع، ويعمل جهده في تحري معرفة الحق في الكتاب والسنة، فإذا ظهر له الحق منهما وجب عليه العمل به، وألاَّ يقدم عليهما قول أحد من الناس كائناً من كان، ولا قياساً من الأقيسة، أي قياس كان، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة، فإنهما الصراط المستقيم، والميزان العدل القويم. (6/293).
- - -
116/ المال محبوب إلى النفس، فلا يبذل المال المحبوب إلى النفس إلا لشيء أحب منه. (6/300).
- - -
117/ القوة والأمانة شرطان أساسيان في العمل. (6/315).
- - -
118/ قوة القول ليست بالأكثرية، بل تعود إلى ما دل عليه الشرع. (6/383).
- - -(1/17)
119/ الخلاف إن كان له حظ من النظر بأن كانت النصوص تحتمله، فإنه يراعى جانب الخلاف هنا، لا من أجل أن فلاناً خالف، ولكن من أجل أن النصوص تحتمله، فيكون تجنبه من باب الاحتياط. (6/422و423).
- - -
120/ ينبغي للإنسان أن يبعد عن نفسه مسألة الرياء في العبادات؛ لأن مسألة الرياء إذا انفتحت للإنسان لعب به الشيطان حتى إنه يقول له لا تطمئن في الصلاة وأنت تصلي أمام الناس لئلا تكون مرائياً، وحتى يقول له لا تتقدم للمسجد لأنهم يقولون إنك مراءٍ، ويقول لا تنفق لأنهم يقولون مراءٍ، وأيضاً أنه إذا اتبع السنة قد يكون قدوة لغيره، فمثلاً لو دعاك أحد لغداء في أيام البيض، وقلت: إني صائم حصل بذلك تمام العذر لأخيك فعذرك وربما يقوده ذلك إلى أن يصوم فيقتدى بك، فالمهم أن باب الرياء ينبغي للإنسان ألا يكون على باله إطلاقاً، والله ـ سبحانه ـ مدح الذين ينفقون أموالهم سراً وعلانية حسب الحال قد يكون السر أفضل وقد تكون العلانية أفضل. (6/432و433).
- - -
121/ إذا جاءنا طالب علم، وقال: إنني إذا صمت قصرت عن طلب العلم وصار عندي خورٌ وضعف وتعب، وإذا لم أصم نشطت على العلم، فهل الأفضل في أن أصوم يوماً وأفطر يوماً؛ لأنه أفضل الصيام، أو أن أقوم بطلب العلم؛ نقول: الأفضل أن تقوم بطلب العلم.
وإذا جاءنا رجل عابد ليس له شغل، لا قيام على عائلة، ولا طلب علم، وقال: ما الأفضل لي، أن أصوم يوماً وأفطر يوماً، أو لا أصوم؟ نقول: الأفضل أن تصوم يوماً وتفطر يوماً، فالمهم أن التفاضل في العبادات وتمييز بعضها عن بعض وتفضيل بعضها على بعض، أمر ينبغي التفطن له؛ لأن بعض الناس قد يلازم طاعة معينة ويترك طاعات أهم منها وأنفع. (6/473).
- - -(1/18)
122/ نأخذ من هذا (1) فائدة، وهي: أن الإنسان ينبغي ألا يقيس نفسه في مستقبله على حاضره، فقد يكون الإنسان في أول العبادة نشيطاً يرى أنه قادر، ثم بعد ذلك يلحقه الملل، أو يلحقهُ ضعف وتعب، ثم يندم، لهذا ينبغي للإنسان أن يكون عمله قصداً. (6/475).
- - -
123/ ينبغي للإنسان، أن ينظر للمستقبل، كما ينظر للحاضر. (6/476).
- - -
124/ هذه (2) آفة يلجأ إليها بعض العلماء، وسبب هذه الآفة أن الإنسان يعتقد قبل أن يستدل، وهذا خطأ، والواجب أن تجعل اعتقادك تابعاً للدليل، فتستدل أولاً، ثم تحكم ثانياً. (6/478).
- - -
125/ تَقَصُّد التعبِ في العبادة ليس بمشروع لقوله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147] ، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة؟
الجواب الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب والمشقة كان القيام بها مع التعب والمشقة أعظم أجراً. (6/484).
- - -
126/ أولئك الذين يعتكفون في المساجد، ثم يأتي إليهم أصحابهم، ويتحدثون بأحاديث لا فائدة منها، فهؤلاء لم يأتوا بروح الاعتكاف. (6/500و501).
- - -
__________
(1) حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وفيه: قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك لا تدري لعلك يطول بك عمر)). قال: فصرت إلى الذي قال لي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كبرت وددت أني كنت قبلت رخصة نبي الله صلى الله عليه وسلم.
(2) وهي قوله: كان فقهاؤنا ـ رحمهم الله ـ يرون أنه إذا كان ليلة الثلاثين، وحال ما يمنع رؤيته من غيم أو قتر يجب صومه، حملوا الشك على ما إذا كانت السماء صحواً.(1/19)
127/ ينبغي ألا يكون الإنسان منا كلاً، يجلس إلى أهله لا يكلمهم، ولا يتحدث إليهم، إن كان طالب علم فكتابه معه، وإن كان عابداً يقرأ القرآن أو يذكر الله ولا يتكلم، ثم إذا سُئل لماذا لا يتكلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
نقول له: النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فليقل خيراً» والخير إما أن يكون في ذات الكلام، أو في غيره مما يؤدي إليه الكلام، ولا شك أنك إذا تكلمت مع أهلك، أو مع أصحابك بكلام مباح في الأصل وقصدك إدخال الأنس والسرور عليهم، صار هذا خيراً لغيره، وقد يكون خيراً لذاته أيضاً مثل أن يلقي عليهم مسألة فقهية أو قصة يعتبرون بها، أو نحو ذلك، فالمهم أن تجتنب ما لا يعنيك. (6/530).
- - -
128/ إذا رأيتم ما يعجبكم من الدنيا من قصور، أو سيارات، أو بنين، أو زوجات، أو غيرها فقولوا: «لبيك إن العيش عيش الآخرة». (7/70).
- - -
129/ ينبغي لك أن تستشعر وأنت تقول: «لبيك» نداء الله ـ عزّ وجل ـ لك، وإجابتك إياه، لا مجرد كلمات تقال. (7/106).
- - -
130/ هنا (1) يجب أن نفهم إذا أردنا أن نذكر شيئاً، فإن المحافظة على لفظ القرآن والسنة أولى؛ لأنها دليل وحكم، فالكاتب والمؤلف ينبغي له أن يحافظ على لفظ الكتاب والسنة. (7/115).
- - -
131/ كثيرٌ من الإخوة المفتين كلما أتاهم إنسان يستفتيهم في مثل هذا الذي فيه التخيير، (2) قالوا: عليك دم، فيذهب العامي وهو لا يدري ويتكلف بشراء الدم، وربما يستدين لذلك، لكن لو قيل له: أنت بالخيار: عليك دم، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام لهان عليه الأمر، والواجب أن يبين للناس الحكم الشرعي. (7/121).
- - -
__________
(1) عند قول المؤلف: «حلق الشعر»، ولم يقل المؤلف: إزالة الشعر مع أنه أعم، اتباعاً للفظ القرآن.
(2) أي: من محظورات الإحرام.(1/20)
132/ نحن ينقصنا في علمنا أننا لا نطبق ما علمناه على سلوكنا، وأكثر ما عندنا أننا نعرف الحكم الشرعي، أما أن نطبق، فهذا قليل ـ نسأل الله أن يعاملنا بعفوه ـ وفائدة العلم هو التطبيق العملي، بحيث يظهر أثر العلم على صفحات وجه الإنسان، وسلوكه، وأخلاقه، وعبادته، ووقاره، وخشيته وغير ذلك، وهذا هو المهم... فالأمور النظرية ليست هي المقصودة في العلم ـ اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ـ فالعلم فائدته الانتفاع.
وكم من عامي جاهل تجد عنده من الخشوع لله ـ عزّ وجل ـ، ومراقبة الله، وحسن السيرة، والسلوك، والعبادة، أكثر بكثير مما عند طالب العلم. (7/166).
- - -
133/ من باب التربية والتوجيه ينبغي ألا تخرج عما كان عليه جمهور العلماء بالنسبة للإفتاء العام، أما بالنسبة للعلم كعلمٍ نظري، فلا بد أن يبين الحق، وكذلك لو فرض أن شخصاً معيناً استفتاك في مسألة ترى فيها خلاف ما يراه جمهور الفقهاء، فلا بأس أن تفتيه ما دمت تثق أن الرجل عنده احترام لشرع الله، فهنا يفرق بين الفتوى العامة والفتوى الخاصة وبين العلم النظري والعلم التربوي، وقد كان بعض أهل العلم يفتي في بعض المسائل سراً كمسألة الطلاق الثلاث كجد شيخ الإسلام أبي البركات، وهذه طريقة العلماء الربانيين الذين يربون الناس حتى يلتزموا بشريعة الله. (7/186و187).
- - -
134/ قاعدة ينبغي أن تكون على بال طالب العلم: «أن الإيجاب بلا دليل كالتحريم بلا دليل». (7/189).
- - -
135/ ما كان فيه مشقة شديدة ولم يظهر فيها النص ظهوراً بيناً، فإنه لا ينبغي أن نلزم الناس به، بل نتبع ما هو الأسهل والأيسر؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] . (7/263).
- - -(1/21)
136/ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يضع للحكام منهجاً لو ساروا عليه لأفلحوا، وهو أن يكون أقاربهم وحاشيتهم عندهم كسائر الناس. (1) (7/288).
- - -
137/ ينبغي أن نحافظ على الأدعية النبوية حتى وإن وجدنا أدعية مسجعة ربما تلين القلب. (7/294).
- - -
138/ في مراعاة النبي صلّى الله عليه وسلّم ناقته في السير دليل على حسن رعايته حتى للبهائم وأنه ينبغي الاقتداء به في ذلك. (7/302).
- - -
139/ يجب أن ننبه العوام وبعض طلبة العلم الذين علمهم قاصر، أن هذه الكفارات والفداءات ليس معناها أن الإنسان مخير بين أن يفعل المعصية أو يترك الواجب ويفعل هذه الفدية، بل إذا فات الأمر ولم يمكن تداركه فالفدية. (7/369).
- - -
140/ اعلم أن كل ما ذكرناه فإنه مبني على ما نعلمه من الأدلة، ومع هذا لو أن إنساناً اطلع على دليل يخالف ما قررناه فالواجب اتباع الدليل، لكن هذا جهد المقل ـ نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ـ. (7/374).
- - -
141/ ينبغي للإنسان أن يكون فهمه واسعاً، وأن يعرف مقاصد الشريعة، وأن لا يجعل الوسائل مقاصد، فإنه بذلك يضل، ويبدع أناساً كثيرين من أهل العلم المحققين. (7/381).
- - -
142/ الأمور التي ليس فيها نص، والأمر قد انقضى وانتهى، لا حرج على الإنسان أن يراعي أحوال المستفتي، فلا يشق عليه في أمر لم يجد فيه نصاً. (7/406).
- - -
143/ إيجاب ما لم يجب كإسقاط ما وجب أو أشد؛ لأن إسقاط ما يجب تخفيف، وإيجاب ما لم يجب تشديد، والموافق للإسلام التخفيف. (7/407).
- - -
144/ إن كان الخلاف له حظ من النظر، أي: من الدليل فإننا نراعيه، لا لكونه خلافاً، ولكن لما يقترن به من الدليل الموجب للشبهة. (7/464).
- - -
__________
(1) أورد الشيخ ـ رحمه الله ـ هذا الكلام بعد قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب». وقوله: «وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».(1/22)
145/ يجب أن يختار الإنسان لولده الاسم الذي لا يعيَّر به عند الكبر، ولا يؤذى به. (7/495).
- - -
146/ الذي ينبغي أن يُختار الأسماء الموجودة في عرفه والتي يألفها الناس، وليس فيها محظور شرعي. (7/497).
- - -
147/ جهاد المنافقين بالعلم، فالواجب علينا أن نتسلح بالعلم أمام المنافقين الذين يوردون الشبهات على دين الله؛ ليصدوا عن سبيل الله، فإذا لم يكن لدى الإنسان علم فإنه ربما تكثر عليه الشبهات والشهوات والبدع ولا يستطيع أن يردها. (8/6).
- - -
148/ الذي ينبغي للأب أن يشجع أولاده من بنين أو بنات على فعل كل خير. (8/13).
- - -
149/ المعصية سبب الهزيمة، ولا أدلَّ على ذلك من جيش هُزم بمعصية، مع أنه أفضل جيش مشى على الأرض منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة، وهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وقائدهم محمد صلّى الله عليه وسلّم في غزوة أحد، قال الله تعالى فيهم: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152] ، أي: حصلت الهزيمة بسبب هذه المعصية، وهي معصية واحدة، مع أنها معصية كان فيها نوع من التأويل. (8/21).
- - -
150/ من اعتقد حل شيء مختلف فيه فإنه لا يلزم بحكم من يرى تحريمه. (8/67).
- - -
151/ لا ينبغي لذوي المروءة أن يجلسوا مع الذين يشربون الدخان ولو كانوا يعتقدون حله؛ لأن هذا دناءة. (8/68).
- - -
152/ اعلم أنه كلما احتال الإنسان على محرم لم يزدد إلا خبثاً، فالمحرم خبيث، فإذا احتلت عليه صار أخبث؛ لأنك جمعت بين حقيقة المحرم وبين خداع الرب ـ عزّ وجل ـ والله ـ سبحانه وتعالى ـ لا تخفى عليه خافية. (8/213).
- - -(1/23)
153/ مسألة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها وهي أن الحقوق التي يذكرها الفقهاء ـ رحمهم الله ـ أنها حق للإنسان أو ليست حقّاً هم يذكرونها على سبيل البيان، لكن ينبغي لطالب العلم تربيةً للعالَم أن يقول: الأفضل كذا إذا رأى أن هذا الشرط يبعد عن الخصومة والنزاع، فلا تكن فقيهاً كالقاضي بل كن فقيهاً مربيّاً. (9/19).
- - -
154/ المسائل إذا لم يتبين فيها الدليل من الجانبين، فهل نراعي الأحوط أو نأخذ بالرخصة؟ قد يقال إن مراعاة الأحوط أحسن لا سيما إذا كان هذا الأحوط هو الذي يكون فيه الحكم إذا رفعت القضية إلى المحكمة؛ لأنك إذا صححت هذا الشيء، والحكم المشهور بين الناس خلاف ما صححت يؤدي إلى مفاسد في المستقبل. (9/77).
- - -
155/ القاضي إذا دعاه أحد من أهل البلد التي هو قاض فيها فإنه يجيبه. (9/115).
- - -
156/ {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] ، فأما بدون إصلاح فعدم العفو هو الخير والصلاح. (9/128).
- - -
157/ المعاملات الممنوعة ـ كما قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ وقوله صحيح ـ مبناها على ثلاثة أشياء: الظلم، والغرر، والميسر، فإذا وجدت معاملة تشتمل على واحد من هذه الأمور الثلاثة فاعلم أن الشرع لا يقرها، وأما ما عدا ذلك مما ينفع الناس، وييسر أحوالهم فاستعن بالله وأفتِ بحله، حتى يتبين لك التحريم، وأنت إذا أفتيت بحل ما لم يتبين تحريمه، فأنت على حق؛ لأن الأصل في المعاملات الحل. (9/134).
- - -
158/ مسألة ينبغي للإنسان أن يسير عليها في حياته، وقد نبهنا عليها، وهي أن يبدأ الإنسان بالأهم، وذكرنا هذا في حديث عتبان بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما جاء إليه قال: أين تريد أن تصلي؟ وقد صنع له طعاماً ولكنه لم يبدأ بالطعام؛ لأنه إنما جاء ليصلي في مكان يتخذه عتبان مصلى. وذكرنا ـ أيضاً ـ أنه لما بال الصبي في حجره دعا بماء فأتبعه إياه. فالإنسان لا يفرط. (9/157).(1/24)
- - -
159/ العجب أن بعض الناس ـ نسأل الله لنا ولهم الهداية ـ تكون عليهم الديون ويقومون بإكرام الناس ودعوتهم كما يفعل الغني، هذا خطأ! وهو آثم في ذلك؛ لأن قضاء الدين واجب، ومثل هذه الأمور مستحبة وليست بواجبة؛ لكن أكثر الناس لا يعقلون هذا الأمر ويستهينون بأمر الدَّيْن، مع أن أمر الدَّيْن عظيم جدّاً. (9/279).
- - -
160/ من رجح قولاً على قول فلا بد من أمرين:
الأول: بيان دليل الرجحان.
والثاني: والإجابة على أدلة الخصوم. (9/316).
- - -
161/ عامِلْ الناسَ بما تحب أن يعاملوك به، لا تغشهم ولا تخدعْهم. (9/362).
- - -
162/ متى شككنا في ملك الشيء فخذوا بالسلامة، وكان الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لا يعدل بالسلامة شيئاً. (9/386).
- - -
163/ ولتعلم أن العلماء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
الأول: علماء دولة.
الثاني: علماء أمة.
الثالث: علماء ملة.
علماء الدولة هم الذين ينظرون ماذا تريد الدولة فيلتمسون له أدلة متشابهة، فيتبعون ما تشابه من الأدلة إرضاءً للدولة ...
علماء الأمة ليس لهم دخل في الدولة، لكن ينظرون ما يصلح للأمة والعامة، ويقولون: العامة مثل الذر إن عارضناهم أكلونا، لكن نرى ماذا يكون أصلح ...
علماء الملة هم الذين لا يريدون إلا أن يكون دين الله هو الأعلى وكلمته هي العليا، ولا يبالون بدولة ولا بعوام ... (9/463-465).
- - -
164/ الإنسان يجب أن ينظر إلى الأمور بمقياس الشرع والعقل لا بمقياس العاطفة العمياء؛ لأنه ما ضرَّ المسلمين حتى في عهد الصحابة ـ رضي الله عنه ـ إلا هذا، العاطفة العمياء، ما الذي أوجب للخوارج أن يخرجوا إلا العاطفة العمياء، ودعواهم أن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قد خان وأنه يجب أن يقاتَل، وأنه كفر برضاه بالتحكيم وما أشبه ذلك. (10/60).
- - -(1/25)
165/ بعض الناس ينطلق من العاطفة ثم يوجب على المسلمين ما لا يجب، وكذلك بالعكس بعض الناس ينطلق من منطلق التأخر بمعنى أنه يقول: هذا غير واجب والدين يسر وما أشبه ذلك، وينفلت الزمام، كل هذا خطأ، فالواجب الوسط، والوسط هو الحق.
وإذا تأملت خلاف العلماء وتأملت تصرفات الناس، وجدت أن الصواب يكون غالباً في الوسط. (10/197).
- - -
166/ ينبغي للذين يكتبون الوثائق للناس أن يكون لديهم دراية وعلم بالألفاظ ودلالاتها الشرعية. (11/39).
- - -
167/ قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس لنا مثل السوء» ، هذه الجملة مفيدة جداً في الذين يمثلون أصوات الحيوان مثلاً، فيقال: ليس لنا مثل السوء، هكذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم فلا يجوز التمثيل بالحيوانات. (11/87و88).
- - -
168/ ليُعلم أن من أسباب تحصيل العلم أن يعرف الإنسان الفروق بين المسائل المشتبهة. (11/133).
- - -
169/ كثير من الإخوان يقول: من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، فينقلون الآية إلى هذا الحديث؛ والأليق بالإنسان والأكمل في الأدب أن يتمشى على ما جاء به الحديث، لأن كونه يضع لفظاً مكان اللفظ النبوي شبه اعتراض على الرسول صلّى الله عليه وسلّم كأنه قال: لماذا لم تقل الذي في الآية؟
وهذه المسألة لا يتفطن لها إلا القليل من الناس، فالشيء الذي جاءت به السنة يقال كما جاءت به السنة، ولا يستبدل كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم بغيره أبداً، حتى لو كان من القرآن. (12/34).
- - -(1/26)
170/ هذا أمر ينبغي للإنسان أن يسلكه في أقواله وتصرفاته، فمتى دار الأمر بين السلامة والخطر فالأولى السلامة، وذكر عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه كان لا يعدل بالسلامة شيئاً، ولعل هذا مأخوذ من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، يعني إذا لم يتبين لك الخير فيما تقول فوظيفتك السكوت، وجرب تجد، كم من إنسان أخرج كلمة، فقال: ليتني لم أخرجها، لكن لو كان مالكاً لها في قلبه يكون له التحكم، ويصبر حتى إذا وجد أنه لا بد من الكلام تكلم، وكذلك التصرفات إذا دار الأمر بين أن تفعل أو لا تفعل، ولم يترجح عندك أن الإقدام خير، فإن الأولى الانتظار والتأني حتى يتبين، وما أحسن حال الإنسان إذا استعمل ذلك، فإنه يجد الراحة العظيمة. (12/59).
- - -
171/ يجب على طلبة العلم أن يحذروا من عضل الأولياء، وأن يبينوا للناس أن العاضل لا كرامة له، بل قال العلماء: إذا تكرر عضله فإنه يصبح فاسقاً لا تقبل شهادته، ولا ولايته، ولا أي عمل تشترط فيه العدالة، فإن ذهب طلبة العلم لنشر مثل هذه المعلومات بين الناس، فإن الناس قد يستنكرونها لأول مرة، ويقول الأخ: كيف أزوج وأبي موجود؟! لكن إذا تكرر ذلك ثم صار هناك أخ شجاع وزوَّج مع وجود أبيه الذي عضل، تتابع الناس، فالناس يحتاجون إلى فتح الباب فقط. (12/88).
- - -
172/ إذا شُك في الأمر فإنه يسلك فيه طريق الاحتياط. (12/126).
- - -
173/ الإنسان يأخذ درساً في أن لا يكون مبالغاً في الأمور، فلا يظن أن الأحوال تدوم، بل يكون عنده احتياط وتحفظ، ولهذا ورد في بعض الآثار: «أبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما»، وهذا صحيح، لا تغالِ في الأمور، ونزِّل الأمور منازلها، واحسب للمستقبل حسابه حتى تكون حكيماً فيما تفعل وفيما تقول. (12/211).
- - -(1/27)
174/ لا ينبغي للإنسان أن يتديَّن إلا عند الضرورة القصوى، لا قرضاً، ولا ما يسمونه ديناً مؤجلاً. (12/272).
- - -
175/ ما يفعله بعض الإخوة المستقيمين الغيورين على دينهم من هجر أهل المعاصي مطلقاً فغلط، ومخالف للسنة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» ، وفاعل المعصية أخ لك مهما فعل من الكبائر، إلا إذا كفر، وعلى هذا فلا يجوز هجر أهل المعاصي إلا لوجود المصلحة. (12/324).
- - -
176/ لاَحِظْ أن الإنسان إذا أشعر نفسه أنه متبع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ... فسيكون في قلبه محبة للرسول عليه الصلاة والسلام، كما أنه إذا عود نفسه على الإخلاص لله ـ تعالى ـ فسيكون الإخلاص دأبه في كل شيء. (12/327).
- - -
177/ الإنسان ينبغي له أن يكف ألسنة الناس عن نفسه. (12/336).
- - -
178/ كل ما يكرهه الإنسان بقلبه لا يمكن أن يبقى فيه إلا مكرهاً. (12/341).
- - -
179/ نحن لا يضرنا في الوقت الحاضر إلا الأفهام الخاطئة!. (12/363).
- - -
180/ اعلم أن معاملتك لزوجتك يجب أن تقدر كأن رجلاً زوجاً لابنتك، كيف يعاملها؟ فهل ترضى أن يعاملها بالجفاء والقسوة؟ الجواب: لا، إذاً لا ترضى أن تعامل بنت الناس بما لا ترضى أن تعَامَل به ابنتك، وهذه قاعدة ينبغي أن يعرفها كل إنسان. (12/381).
- - -
181/ المرأة كما هو معلوم ناقصة عقل ودين، وقريبة العاطفة، كلمة منك تبعدها عنك بُعد الثريا، وكلمة تدنيها منك حتى تكون إلى جنبك، فلهذا ينبغي للإنسان أن يراعي هذه الأحوال بينه وبين زوجته. (12/385).
- - -
182/ ينبغي للإنسان أن لا يغضب على كل شيء؛ لأنه لا بد أن يكون هناك قصور، حتى الإنسان في نفسه مقصر، وليس صحيحاً أنه كامل من كل وجه، فهي ـ أيضاً ـ أولى بالتقصير. (12/385).
- - -(1/28)
183/ يجب على الإنسان أن يقيس المساوئ بالمحاسن، فبعض الزوجات إذا مرض زوجها قد لا تنام الليل، وتطيعه في أشياء كثيرة، ثم إذا فارقها فمتى يجد زوجة؟! وإذا وجد يمكن أن تكون أسوأ من الأولى، لهذا على الإنسان أن يقدر الأمور حتى يكون سيره مع أهله على الوجه الأكمل، والإنسان إذا عود نفسه حسن الأخلاق انضبط، وبذلك يستريح. (12/385).
- - -
184/ من المهم في القاضي أن يكون عارفاً بأحوال الناس الذين يقضي بينهم. (12/446).
- - -
185/ الحقيقة أن الذي أخَّرنا ليس هو الإسلام ولكن تخلفنا عن الإسلام، وتعطيلنا لتوجيهات الإسلام. (13/6).
- - -
186/ لو أننا أنزلنا القرآن في قلوبنا منزلة الشيء المحبوب المرغوب، وفي أعمالنا منزلة المنهاج الذي نسير عليه ما غلبتنا قوة في الأرض، لكن بالتخلف حصل ما حصل. (13/6).
- - -
187/ الواجب علينا نحن طلبة العلم أن نكرس جهودنا ضد هذا السيل الجارف، الذي ينادي بتسوية المرأة بالرجل، والذي حقيقته هدم أخلاق المرأة وفساد الأسرة، وانطلاق المرأة في الشوارع متبرجة متبهية بأحسن جمال وثياب والعياذ بالله، حتى تتفكك الأسرة. (13/6و7).
- - -
188/ إذا مشى على هذا برهة من الزمن بناء على أن هذا القول هو الصواب، ثم تبين له أن الصواب في خلافه فلا مانع أن يرجع، بل يجب أن يرجع إذا تبين له الحق. (13/51).
- - -
189/ يجب على طالب العلم إذا بان له الحق أن يرجع إليه، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أحياناً يفتي ثم يأتيه الوحي فيرجع عما أفتى به. (13/52).
- - -(1/29)
190/ يجب على طالب العلم الذي يريد أن يكون نافعاً لنفسه ولأمته، أن يحقق هذه المسألة تحقيقاً بيناً، ويقرأ كلام أهل العلم فيها، وألا يكون عنده اتجاه إلى قول معين من الأقوال، بل إذا راجع خلاف أهل العلم يكون متجرداً، ويقف بين أقوال أهل العلم موقف الحَكَم، الذي لا يفضل أحداً على أحد؛ لأننا رأينا مشكلة فيمن اعتقد ثم استدل بناءً على اعتقاده، فتجده يميل إلى ما يعتقد، ثم يتمحل في إثبات ما يريد أن يثبته، ويتعسف في رد ما يريد أن يرده، وهذه مشكلة وقلَّ من يَسْلَم منها إلا من شاء الله. (13/54).
- - -
191/ الذي ينبغي بين الزوجين أن يفعل كل منهما ما يجلب مودة الآخر، لتبقى العشرة طيبة. (13/168).
- - -
192/ كنت أتهيب القول بهذا؛ (1) لأن الذين أمامنا دائماً يقولون: هذا قول الجمهور، وبعضهم يقول: إجماع، لكني وجدت خلافاً في هذه المسألة، وما دامت المسألة ليست إجماعاً، فالواجب النظر في الأدلة، وإن قلَّ القائل. (13/191).
- - -
193/ إذا كان في المسألة إجماع، فلا قول لأحد مع وجود الإجماع. (13/192).
- - -
194/ غالب أقوال أهل العلم إذا تأملتها تجد أن القول الوسط يكون هو الصواب ... ولو تأملت الخلاف بين الناس سواء فيما يتعلق بالعقائد، أو فيما يتعلق بالأعمال وجدت أن القول الوسط في الغالب هو الصواب. (13/207).
- - -
195/ ما دام عندنا دليل واضح فلا حاجة إلى المناقشة في دليل خفي؛ لأن من آداب المناظرة أنه إذا كان هناك دليل واضح فإننا لا نلجأ إلى المشتبه الذي يحتمل الجدال، ولهذا فإن إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال للذي أنكر الرب: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}، هذا فيه تلبيس ليس بصحيح، فقال له إبراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: 258] وهذا ليس فيه جدال. (13/395).
- - -
__________
(1) أن الرجعة تصح معلقة بشرط.(1/30)
196/ أنا أدعو إلى معرفة الفوارق والجوامع؛ لأن من أهم ما يكون أن يعرف الإنسان الفروق بين مسائل العلم، والوجوه التي تجتمع فيه، حتى يميز ويفرق. (14/23).
- - -
197/ المسائل الخلافية التي ليس فيها دليل واضح يفصل بين الأقوال، ينبغي أن يعطى الحاكم فيها سعةً في الحكم بما يرى أنه أصلح للخلق؛ لأن هذه المسائل ما دام أن فيها سعة في أقوال المجتهدين من أهل العلم، والناس يحتاجون إلى سياسة تصلحهم، فلا حرج على القاضي إذا اختار أحد الأقوال لإصلاح الخلق.
ولذلك يذكر عن بعض السلف أنه قال لابنه مرة: افعل كذا وكذا في حكم من الأحكام، فلم يفعل، فقال الوالد: افعل وإلاّ أفتيتك بقول فلان، وهو قول أصعب وأشق.
فهذه المسائل التي مصدرها الاجتهاد، وليس فيها نص يلزم الإنسان بأن يأخذ به فلينظر إلى ما يصلح الخلق. (14/28).
- - -
198/ العاطفة إذا خلت من التعقل جرفت بالإنسان؛ لأن العاطفة عاصفة، فلهذا يجب على الإنسان أن يحكم العقل في أموره قبل العاطفة، وإلاّ عصفت به عاطفته حتى أودت به إلى الهلاك. (14/59).
- - -
199/ القانون الدولي العام هو قانون الله ـ عزّ وجل ـ، وليس لأحد من عباد الله أن يُقنِّن في عباد الله ما ليس في شريعة الله، فالحكم لله ـ عزّ وجل ـ وحده. (14/112).
- - -
200/ ينبغي لطلبة العلم أن يوجهوا الناس دائماً في كل مناسبة إلى أن التعزيرات، والتأديبات، والحدود التي أمر الشرع بها، أنها رحمة بالخلق. (14/318).
- - -
201/ الإنسان حينما ينظر في الأحكام الشرعية وفي فتاويه، أو فيما يقول يجب أن ينظر أولاً كيف يقابل الله ـ عزّ وجل ـ بما قال قبل كل شيء؛ لأنه مسؤول. (14/329).
- - -(1/31)
202/ المهم أن نعرف الفرق بين القول والقائل، والفعل والفاعل؛ لأن هناك أناساً من أهل العلم الفضلاء قالوا أقوالاً مبتدعة، لا شك أنها ضلال، ومع ذلك لا يمكن أن نصفهم أنهم ضلاّل؛ لأنهم مهتدون من وجه، وضالون من وجه آخر؛ مهتدون من حيث الاجتهاد، وطلب الحق؛ لأنا نعرفهم أئمة في الدين، يريدون الحق، ويبحثون عنه، لكن لم يوفقوا له، فهم من هذه الناحية مأجورون مثابون عند الله عزّ وجل، لكن من ناحية إصابة الحق هم مخطئون ضالون عن الحق، فلا يطلق عليهم الضلال، ولا تطلق عليهم الهداية، بل يقال: إنهم مهتدون من جهة الاجتهاد في طلب الحق، ولكنهم ضالون من جهة إصابته. (14/451).
- - -
203/ الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال: «سموا أنتم وكلوا» كأنه يشير إلى نقدٍ لاذع لهم، كأنه يقول: لستم مكلفين بفعل غيركم، والذبح ليس فعلكم بل فعل الغير، وأنتم غير مسؤولين عنه، ولكنكم مسؤولون عما تفعلون أنتم. (15/84).
- - -
204/ كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة (1) ، أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل، يفرقون بين الشيء إذا وقع، وبين الشيء قبل وقوعه، فيقولون: قبل الوقوع نأخذ بالأحوط، وبعد الوقوع نأخذ بالأحوط أيضاً، وهو عدم إفساد العبادة، أو عدم التغريم، أو ما أشبه ذلك. (15/166).
- - -
205/ قاعدة: أنه لا يلزمني السؤال عن وجود المانع، لكن يلزمني السؤال عن تحقق الشرط؛ لأن المانع الأصل عدمه، والشرط الأصل عدمه، ولهذا أتحقق من وجوده، وهذه مسألة في الحقيقة يحتاج إليها طالب العلم عند الفتوى، فنقول: السؤال عن وجود المانع ليس بواجب، والسؤال عن وجود الشرط واجب؛ لأن الأصل فيهما العدم. (15/232).
- - -
__________
(1) مسألة: اشتراط الإيمان في الرقبة المعتقة في كفارة اليمين.(1/32)
206/ بعض الناس عالم، لكن لا يعلم أحوال الناس ومتطلبات العصر، فتجده يريد أن يفرض ما يعلمه دون النظر إلى الواقع، وهذا خطأ، بل الواجب على العالم أن يكون مع علمه مربياً، بمعنى أنه ينظر إلى الواقع ليطبقه على الأصول الشرعية. (15/238).
- - -
207/ لا يمكن أن تحدث أي حادثة إلى يوم القيامة إلا وفيها حَلٌّ في الدين الإسلامي، علمه من علمه، وجهله من جهله، لكن الذي يفوتنا إما القصور وإما التقصير، أما أن توجد حادثة إلى يوم القيامة لا يوجد لها حل في الشريعة! فهذا مستحيل؛ لأن الله جعل هذا الدين باقياً إلى قيام الساعة، فلا بد أن يكون فيه حلول لمشاكل العالم، وإلا ما صح أن يكون ديناً، أو شريعة إلى يوم القيامة. (15/239).
- - -
208/ إذا أبطلت منكراً فاذكر ما يحل محله من المعروف، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا}، هذا منكر، والبديل: {وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [البقرة: 104] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ لمن جاءه بالتمر الجيد الذي كان يأخذ الصاع منه بالصاعين، والصاعين بالثلاثة ـ قال: «لا تفعل» ، وفي رواية: «عينُ الربا» رده، ثم أرشده قال: بع التمر الجمع ـ أي: الرديء ـ بالدراهم، ثم اشتر «بالدراهم جنيباً» ـ يعني تمراً طيباً ـ فهكذا ينبغي للداعية إذا سد على الناس باب الشر أن يفتح بدله من أبواب الخير، حتى لا يقع الناس في حيرة. (15/241).
- - -
209/ [شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر]
أولاً: أن تكون الأمة أو الطائفة التي يقيمها الإمام للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لها علم بأن هذا معروف وهذا منكر...
ثانياً: أن يكون لديها علم بأن هذا الرجل ترك المعروف أو فعل المنكر...
ثالثاً: لا بد أن يكون عند الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر حكمة، بأن يدفع الأشر بالشر، والشر بالخير...
رابعاً: استعمال الرفق... (15/243و244).
- - -(1/33)
210/ غيرتنا تأبى إلا أن نعنف ونستعمل العنف، ونظن أن هذا هو الذي يحل المشكلة! ولكن الأعلم منا والأنصح محمداً رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول ـ وهو صادق بار ـ: «إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» . (15/245).
- - -
211/ الواقع يزيدك إيماناً بأن الرفق خير من العنف، لكن ـ الله يعفو عنا ـ فالحقيقة أننا أحياناً تأخذنا الغيرة، ونعجز أن نملك أنفسنا، فنعنف ونغضب وتتوتر أعصابنا، ولكن الأولى لنا أن نهدأ وننظر. (15/246).
- - -
212/ هذه المسألة تخفى على كثير من الناس، يظنون أنك إذا كرهت المنكر بقلبك فاجلس مع أهله! وهذا خطأ؛ لأن الله ـ عزّ وجل ـ يقول: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَىءُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، ثم قال تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا} يعني إن قعدتم {مَثَلُهُمْ} [النساء: 140] فالمُنكِر بالقلب ما يقعد، وهل يُعقل أن إنساناً يكره شيئاً ويجلس عند من يفعله؟! ما يعقل أبداً. (15/246).
- - -
213/ جميع الأعمال تنبني على هذين الركنين: القوة على أداء العمل، والأمانة في أداء العمل، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: 26]. (15/259).
- - -
214/ المقلد ... لا يجوز له أن يفتي، وإنما إذا أراد أن يفتي، ودعت الضرورة لسؤاله، قول: قال الإمام أحمد، أو صاحب الكافي، أو صاحب الإقناع، فينسب القول إلى قائله. (15/282).
- - -
215/ جميع الأخلاق والصفات الغريزية يمكن أن تتغير بالاكتساب. (15/290).
- - -
216/ معنى قوله: «لا تغضب» أي: لا تعوِّد نفسك الغضب. (15/291).
- - -(1/34)
217/ إذا كان الإنسان حليماً في موضع الحلم، وأخاذاً بالعقوبة في موضع الأخذ، فهذا هو الكمال، ولهذا قال ربنا ـ عزّ وجل ـ: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة:98] . (15/292).
- - -
218/ إذا كان التأني يفوِّت الفرصة فلا ينبغي أن يتأنى في بعض الأحوال، لأنه سيضيع الحزم. (15/292).
- - -
219/ الواجب أن يحشر الناس كلهم بقدر الاستطاعة على قول واحد، وهو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، أما أن نظهر الفرقة بين الناس بالفِرَق وتعدد المذاهب فهذا أمر لا ينبغي. (15/298).
- - -
220/ الموظف لا يشتغل بما يشغله عن وظيفته. (15/353).
- - -
221/ إذا ورد خلاف بين العلماء، وتوسط أحد من الناس بتفصيل يوافق هؤلاء من وجه ويوافق الآخرين من وجه، فإن هذا ليس خرقاً للإجماع، ولا خروجاً عن أقوال أهل العلم. (15/502).(1/35)