موسوعة الفتاوى الإسلامية
http://www.islammessage.com
الموضوع : فتاوى في اللحية
==============================================================
هل احلق اللحية بسبب العمل ؟
س- إذا اردت أن أعمل بعمل يقتضي مني حلق اللحية فماذا أعمل ؟
ج- يقول النبي ، صلى اله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح : إنما الطاعة في المعروف . ويقول عليه الصلاة والسلام : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
فعليك أن تتقي الله وأن لا توافق على هذا الشرط ، وأبواب الرزق كثيرة بحمد الله وليست مغلقة بل مفتوحة والله سبحانه وتعالى يقول : ومن يتق الله يجعل له مخرجا وأي عمل يشترط فيه معصية الله فلا توافق عليه وسواء كان هذا العمل في الجندية أو في غير ذلك من الأعمال فاترك ذلك العمل والتمس عملاً آخر بما أباحة الله – عز وجل – ولا تتعاون على الإثم والعدوان لأن الله يقول : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
نتمنى لك ولنا التوفيق بإذن الله .
والواجب عل ولاة الأمور وعلى جميع المسؤولين في الدول الإسلامية أن يتقوا الله وأن لا يلزموا الناس بما حرم الله عليهم وأن يحكموا شريعة الله في كل ما يأتونه ويأمرون به لأن الله يقول سبحانه : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فميا شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً .
ويقول الله سبحانه وتعالى : أفحكم الجاهليم يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .
ويقول جلا وعلا : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً .(1/1)
فالواجب طاعة الله ورسوله ، وما أشكل من أمور الناس يرد إلى الله ورسوله ، فما ذكر الله في كتابه وفي جميع الأمور ، عليهم أن يحكموا شرع الله ، وذلك – والله – هو طريق عزهم وطريق نجاتهم وهو طريق سلامتهم في الدنيا والآخرة ولن يبلغوا العز الكامل ورضاه الله التام إلا بطاعته سبحانه وتعالى واتباع شريعته . نسأل الله لنا ولهم التوفيق لما يرضيه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حدود اللحية الشرعية ( حكم حلقها ، حلق بعضها ، تقصيرها ، الاستهزاء بها ، صبغها بالسواد وحكم إعفاء الشارب وحلقه )
س- أرجو من فضيلتكم بيان حكم حلق اللحية ، أو أخذ شيء منها ، وما هي حدود اللحية الشرعية .
ج- حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أعفوا اللحى وحفوا الشوارب ) , ولأنه خروج عن هدى المرسلين إلى هدى المجوس والمشركين ، وحد اللحة كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين ، بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية ، وأخذ شيء منها داخل المعصية أيضا لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : أعفوا اللحى .. وأروخوا اللحى .. ووفروا اللحى .. وأوفوا اللحى .. وهذا يدل على أنه لا يجوز أخذ شيء منها ، لكن المعصاي تتفاوت ، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها ، لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها .
محمد بن صالح العثيمين
==============================================================
حكم حلق اللحية !!
س- ما حكم حلق اللحية ؟ !(1/2)
ج- قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( حفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) وعد من خصال الفطرة العشر قص الشارب وإعفاء اللحية . وكأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كث اللحية وقال تعالى عن هارون : ( يا بن أدم لا تاخذ بلحيتي ولا برأسي ) واللحية هي الشعر النابت على اللحيين والذقن .
فاللحيتان هي منبت الأسنان السفلي ، والذبن هو مجوع اللحيين ، وحيث جاءت هذه الأوامر الصحيحة فإن من واجب المسلم طاعة الله ورسوله ولا تتم الطاعة إلا بتمام الامتثال ، فمن حلق اللحية فقد عصى قوله النبي صى الله عليه وسلم : ( أعفوا اللحى – أوفو اللحى – وفروا اللحى – أرخو اللحى ) , فالحلق لها أو المقصر قد أخل بالطاعة ووقع في معصية فعليه التوبة والندم والله يتوب على من تاب والله أعلم .
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
==============================================================
عليك إعفاؤها وهم اثمون
س- أعفيت لحيتي والحمد لله ، والآن كلما واجهني أحد من أهلي أو معارفي استنكروا لحيتي ورموني بكلمات جارحة وطلبوا مني تقصيرها ، وأنا مصمم على إعفائها . هل يجوز تقصيرها أم أواظب على إعفائها وأضبرب بكلامهم عرض الحائط ؟(1/3)
ج- الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها طاعة لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وامتثالاً لأمره ، وأن تضرب بكلامهم عرض الحائط ، وأن تنكر عليهم كلامهم وتذكرهم بالله وأن هذا لايجوز لهم بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان ، لأنهم بهذا صاروا نواباً له يدعون إلى معاصي الله . نسأل الله العافية ، والرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفا المشركين ) ويقول : ( جزوا الشوارب وأرخو اللحى خالفوا المجوس ) , ويقول : ( وفروا اللحى ) فالواجب إرخاؤها وإعفائها وتوفير وعدم طاعة الفسقة الذين يدعون إلى قصها أو حلقها . نسأل الله السلامة .وهذا مصداق الحديث أنه يأتي في آخر الزمان شياطين يدعون إلى عصيان الله وإلى ارتكاب محارم الله ، وكذلك كما في حديث حذيفة لما سأله حذيفة – رضي الله عنه – عن الشر الذي يقع بعده ، صلى الله عليه وسلم ، ذكر أنه يقع بعد ذلك في آخر الأمة دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها ، قلت يا رسول الله صهفم لنا قال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا نسأل الله العافية . فهؤلاء وأضرابهم من جنس من ذكرهم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، من دعاة النار ، فلا يجوز للمؤمن أن يقبل كلامهم، ولا أن يميل إليهم ، بل يعصهم ويخالفهم في طاعة الله ورسوله والله المتسعان .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحية والاستهزاء بها وإنكارها
س- اللحية سنة من سنن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهناك أناس كثيرة منهم من يحلقها ومنههم من ينتفها ومنهم من يقصر منها ومنهم من يجحدها ومنهم من يقول إنها سنة يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها ومن السفهاء من يقولون لو أن اللحية فيها خير ما طلعت في مكان العانة قبحهم الله فما حكم كل واحد من هؤلاء المختلفين وما حكم من أنكر سنة من سنن النبي ، ،(1/4)
ج- قد دلت سنة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، الصحيحة على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وعلى تحريم حلقها وقصها كما في الصحيحين عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي ، صلى الله عليه وسلم , قال :( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين ) . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ) , وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وتحريم حلقها وقصها كما ذكرنا ومن زعم أن أعفاءها سنة يثاب فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة لأن الأصل في الأوامر الوجوب ، وفي النهي التحريم ولا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة إلا بحجة تدل على صرفها عن مظاهرها ، وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها .
وأما ما رواه الترمذي عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو حديث باطل لا صحة له عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لأن في إسناده رواياً متهماً بالكذب .
أما من استهزأ بها وشبهها بالعانة فهذا قد أتى منكراً عظيماً يوجب ردته عن الإسلام لأن السخرية بشيء مما دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله محمد ، صلى الله عليه وسلم ، تعتبر كفراً وردة عن الإسلام لقول الله عز وجل : (( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم )) ونسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والعافية من مضلات الفتن.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة
==============================================================
حلق اللحية من تغيير خلق الله
س- هل قوله : (( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله )) يدل على حلق اللحية ؟(1/5)
ج- نعم حلق اللحية يدخل في عموم ما ذكره الله تعالى في كتابه عن إغواء الشيطان كثيراً من الناس ، فإن حلقها تغيير لخلق الله ، وقد أمر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بإعفاء اللحية وإحفاء الشوارب .. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
==============================================================
حالق اللحية يتسحق التعزير
س- هل يؤأخذ الله سبحانه عز وجل حالق اللحية ويعاقبه لمخالفة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، لقوله : ( خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) , هل اللحية شرط في الإيمان الكامل للمسلم يؤاخذ الله عليها ويعاقب حالقها ؟
ج- حلق اللحية حرام وهو ينافي كمال الإيمان الواجب ، وحالقها يستحق التعزير في الدنيا والعذاب يوم القيامة إلا أن يتوب قبل موته فإن تاب توبة صادقة وأعفى لحيته تاب الله عليه لقول تعالى : (( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى )) وإن أصر على حلقها حتى توفي استحق العقاب وهو في مشيئة الله تعالى إن مات على الإيمان إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عاقبه وقد صدرت فتوى في تحريم حلقها مع الدليل .
اللجنة الدائمة
==============================================================
حكم حلق العارضين
س- ما حكم حلق اللحية ، وحكم حلق العارضين وترك اللحية والشارب ؟
ج- حلق اللحية لا يجوز لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح : ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين ) متفق على صحته .
وقوله ، صلى الله عليه وسلم : ( جزوا الشوارب وأرخو اللحى ، خالفوا المجوس ) اخرجه مسلم في صحيحه .
واللحية هي ما نبت على الخدين والذقن كما أوضح ذلك صاحب القاموس فالواجب ترك الشعر النابت على الخدين والذقن وعدم حلقه أو قصه .
أصلح الله حال المسلمين جميعاً .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز(1/6)
==============================================================
ما حكم الصلاة خلف حالق اللحية بل ويهزأ ممن ترك لحيته ويأمره بحلقها
س- ما حكم الصلاة خلف حالق اللحية بل ويهزأ ممن ترك لحيته ويأمره بحلقها ؟
ج- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد : لا يجوز الاستهزاء بمن أعفى لحيته لأنه أعفاها تنفيذاً لأمر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وينبغي نصح المستهزئ وإرشاده وبيان أن استهزاءه ممن أعفى لحيته جريمة عظيمة يخشى على صاحبها من الردة عن الإسلام لقوله سبحانه وتعالى : (( قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ))
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
==============================================================
حكم تخفيف اللحية
س- ما حكم قص اللحية أو تخفيفها ؟
ج- يحرم حلق اللحية أو تقصيرها أو أخذ شيء من جوانبها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قصوا الشوارب ووفروا اللحى ) .
واللحة اسم للشعر النابت على اللحيين والذقن دون ما نبت تحت الحنك أو على الوجنتين ونحو ذلك .
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
==============================================================
حكم صبغ اللحية بالسواد
س- ما حكم من صبغ لحيته بأشد صبغ أسود ، وهل يأثم من فعل ذلك أو لا ، وما الفرق بين حلقها وتسويدها ؟(1/7)
ج- تغيير الشيب بصبغ شعر الرأس واللحية بالحناء والكتم ونحوها جائز ، وتغييره بالصبغ الأسود لا يجوز وقد ورد بهذا الأحاديث الصحيحة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال جئ بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم , وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أذهبوا به إلى بعض نسائه فتغيره بشيء ( وجنبوه السواد ) )) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وفي رواية لأحمد قال صلى الله عليه وسلم : " لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه " تكرمه لأبي بكر فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة بياضاً فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( غيروها وجنوبه السواد ) , وقال صلى الله عليه وسلم : ( أن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم ) رواه أحمد وأبو دواود النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي ، وأما الفرق بين حلق اللحية وصبغ شيبها بالسواد فكلاهما ممنوع إلا أن حلق اللحية أشد منعاً من صبغها بالسواد .
والله الموفق ، وصلى الله علية محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
==============================================================
صبغ اللحية بالسواد لا يجوز
س- ما حكم صبغ اللحية باللون الأسود ، وما حكم من يفعل ذلك ؟
ج- لا يجوز صبغ الشيب ، سواء في الرأس أو اللحية ، بالصبغ الأسود لأنه ثبت عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الأحاديث الصحيحة النهي عن ذلك ، ويشرع تغييره بغير الأسود كالاحمر والاصفر ، وكالحناء والكتم مخلوطين لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد ) رواه مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وقوله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ) متفق على صحته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، والله ولي التوفيق .(1/8)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق الشارب
س- أرجو ذكر أحاديث قال فيها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن من حلق اللحية فهو فاسق وهل يجوز حلق الشارب نهائياً ؟
ج- حلق اللحية حرام وفاعله فاسق لمخالفته للأحاديث الأمرة بتوفيرها وإعفائها وسبق أن ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤال مماثل لهذا السؤال أجابت عنه بالفتوى الآتي نصها :
حلق اللحية حرام لما رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن ابي عمر رضي الله عنهما عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( خالفوا المشركين ، وفروا اللحى وأحفووا الشوارب ) , ولما رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم , أنه قال : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس ) , والإصرار على حلقها من الكبائر ، فيجب نصح حالقها والإنكار عليه، ويتأكد ذلك إذا كان في مركز قيادي ديني .
وأما حلق الشارب فلم يثبت عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه فيما نعلم ، إنما ثبت عنهم الحث على قصه وإحفائه ، وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمي والافتاء فتوى في ذلك رقم 1954 .
اللجنة الدائمة
==============================================================
حلق اللحية
حلق اللحية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :(1/9)
فقد اطلعت على ما نشر في جريدة السياسة بعددها 668 في 19 / 8 / 1404 هـ لكاتبه حمد السعيدان ، وقد نسب إلي هداه الله كلاما عن حلق اللحية تجرأ فيه بشيء لم أقله ، ومما ذكر أني قلت : أي فتوى تصدر باسمي يجب أن تكون ممهورة بخاتمي ومصدقة من وزارة الأوقاف الإسلامية . وهذا الكلام ظاهر البطلان لأني لم أشترط يوما ما تصديق وزارة الأوقاف الإسلامية على ما يصدر مني من الفتاوى . ثم استرسل في الكلام عن حلق اللحية وغيرها وزعم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى يقتضي بهذا العصر أن نحلق اللحى لأن المجوس واليهود والسيخ وغيرهم يطلقون اللحى ، وقال : ( وعليه يجب مخالفة هذه الفئات نحلق لحانا ) .
وقد قام رجال الأزهر بتطبيق هذا الحديث وهو مخالفة المشركين وغيرهم وحلقوا لحاهم ) إلى آخر ما قال . ولا شك أن هذا جرأة . من الكاتب وسوء أدب منه مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبيانه صلى الله عليه وسلم واضح وأمره واجب الامتثال والتنفيذ ويخشى على مخالفه من العاقبة السيئة ، كما قال تعالى : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وأمره صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية واضح ، وتنفيذه واجب إلى قيام الساعة سواء وفر الكفار لحاهم أم حلقوها ، وموافقتهم لنا في شيء من شرعنا كإعفاء اللحية لا يقتضي أن نخالف شرعنا ، كما أن دخولهم في الإسلام أمر واجب عليهم ومحبوب لنا ونحن مأمورون بدعوتهم إلى ذلك ولا يقتضي ذلك خروجنا من الإسلام إذا دخلوا فيه حتى نخالفهم ، بل علينا أن ندعوهم إلى دين الله وألا نتشبه بهم فيما خالفوا فيه شرع الله ، وهذا أمر معلوم عند جميع أهل العلم .(1/10)
وهذه الجرأة من الكاتب في حمل الحديث الشريف على وجوب حلقها؛ لأن بعض المشركين تركوا حلقها جرأة شنيعة في نشر الباطل والدعوة إليه ، ثم هي مخالفة للواقع فليس كل الكفار قد وفروا لحاهم بل فيهم من يعفيها وفيهم من يحلقها . ولو فرضنا أنهم كلهم أعفوها لم يجز لنا أن نخالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فنحلقها لمخالفتهم ، وهذا لا يقوله من له أدنى علم وبصيرة بشرع الله عز وجل ، ويلزم عليه لوازم باطلة ومنكرات كثيرة .
وأما ما ذكره عن شيوخ الأزهر من كونهم حلقوا لحاهم لما رأوا بعض الكفار قد أعفاها فهذا لو سلمنا صحته لا حجة فيه ، فإن مخالفة بعض المسلمين لما شرعه الله لا يحتج بها على ترك الشرع المطهر ، بل الواجب الإنكار على من خالف الشرع والتحذير من الاقتداء به ، لا أن يحتج بعمله على مخالفة الشرع . وكثير من العلماء قد خالفوا الشرع المطهر في مسائل كثيرة إما لجهل بالدليل ، وإما لأسباب أخرى ، ولا يجوز أن يكونوا حجة في جواز مخالفة ما علم من الشرع لكونهم لم يأخذوا به ، بل غاية ما هناك أن يعتذر عنهم بأن الشرع لم يبلغهم أو بلغهم من وجه لم يثبت لديهم أو لأعذار أخرى ، كما بسط ذلك الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الجليل : ( رفع الملام عن الأئمة الأعلام ) وقد أجاد فيه وأفاد وأوضح أعذار أهل العلم فيما خالفوا من الشرع فليراجع فإنه مفيد جدا لطالب الحق .(1/11)
وإني أنصح الكاتب ( حمد ) بأن يتقي الله ويحذر لمز الملتحين وسوء الظن بهم ، كما أنصحه بأن يحسن الظن بجميع إخوانه المسلمين الذين يحرصون على تطبيق الشريعة ويتتبعون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتأسون به في أقواله وأعماله ، وأن يحملهم على أحسن المحامل عملا بقول الله عز وجل في سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ومعنى قوله : وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ أي : لا يلمز بعضكم بعضا ، واللمز : العين ، ثم قال سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ الآية ، فأمر سبحانه باجتناب كثير من الظن وأخبر أن بعضه إثم وهو الظن الذي لا دليل عليه ولا أمارة شرعية ترشد إليه .(1/12)
ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث وهذا كله لا يمنع من نصيحة من أخطأ من أهل العلم أو الدعاة إلى الله في شيء ، من عمله أو دعوته أو سيرته ، بل يجب أن يوجه إلى الخير ويرشد إلى الحق بأسلوب حسن ، لا باللمز وسوء الظن والأسلوب العنيف ، فإن ذلك ينفر من الحق أكثر مما يدعو إليه ، ولهذا قال عز وجل لرسوليه موسى وهارون لما بعثهما إلى أكفر الخلق في زمانه : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى وأخبر الله عن نبيه صلى الله عليه وسلم بما جبله عليه من الرفق والحكمة واللين واللطف في الدعوة فقال سبحانه : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ الآية وأمره سبحانه أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقال عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وهذا الأمر ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم بل هو موجه إليه وإلى جميع علماء الأمة وإلى كل داع يدعو إلى حق ، لأن أوامر الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم لا تخصه بل تعم الأمة جميعا ، إلا ما قام الدليل على أنه خاص به ، ولقول الله سبحانه : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الآية ولقوله عز وجل : فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وقوله سبحانه : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ(1/13)
الْعَظِيمُ وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من يحرم الرفق يحرم الخير كله
وقال عليه الصلاة والسلام : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه وقال أيضا عليه الصلاة والسلام : إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف في أحاديث كثيرة تدل على أن الواجب على الدعاة إلى الله سبحانه والناصحين لعباده أن يتخيروا الأساليب المفيدة والعبارات التي ليس فيها عنف ولا تنفير من الحق ، والتي يرجى من ورائها انصياع من خالف الحق إلى قبوله والرضى به وإيثاره والرجوع عما هو عليه من الباطل ، وأن لا يسلك في دعوته المسالك التي تنفر من الحق ويدعو إلى رده وعدم قبوله .
وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه ، والثبات عليه ، والدعوة إليه على بصيرة ، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، ومن القول عليه سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق العارضين والذقن
س : ما حكم حلق العارضين وترك الذقن؟
جـ : اللحية عند أئمة اللغة هي ما نبت على الخدين والذقن . فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شعر الخدين بل يجب توفر ذلك مع الذقن لقول النبي صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق عليه ، وقوله عليه الصلاة والسلام : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين رواه البخاري في الصحيح . وقال ابن عمر رضي الله عنه إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بإحفاء الشوارب وإرخاء اللحى متفق على صحته ، وروى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس(1/14)
فيجب على المؤمنين توفير اللحية وقص الشارب كما أمر بذلك نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفي ذلك خير عظيم وإحياء للسنة مع التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره ، وفي ذلك ترك مشابهة المشركين والبعد عن مشابهة النساء والواجب على المؤمن أن لا يغتر بكثرة الحالقين وألا يتأسى بهم لكونهم قد خالفوا الشرع المطهر وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا الذي قال فيه جل وعلا : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال فيه سبحانه : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال فيه عز وجل : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ في آيات كثيرات يحث فيها سبحانه على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ويحذر فيها من معصية الله سبحانه ومعصية رسوله . والله الموفق .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
إجبار الطالب العسكري على حلق لحيته
إجبار الطالب العسكري على حلق لحيته
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده يا محب كتابك الكريم المؤرخ في 9 / 10 / 1988 م وصل وصلك الله بهداه وما تضمنه من الإفادة بأنك قد التحقت بالكلية الأكاديمية العربية للنقل البحري في جمهورية مصر العربية وأن النظام لديها يجبر الطالب على حلق لحيته . .(1/15)
وطلبك النصيحة والتوجيه حول الموضوع . إلخ كان معلوما ، وعليه نشكرك على حسن عنايتك وسؤالك عما يهمك من أمر دينك ، ونسأل الله لنا ولك الفقه في دينه والثبات عليه . ونفيدك بأنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين " متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس " وبناء على ذلك أوصيك بترك الكلية المذكورة والانتقال إلى غيرها إذا أجبرت على حلق لحيتك وسوف يجعل الله لك فرجا ومخرجا لقوله سبحانه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
وعليك أن تلتزم التقوى والتوبة من حلق لحيتك وألا تعود إلى ذلك ومن تاب تاب الله عليه ، لقوله سبحانه : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ونوصيك أيضا بالالتحاق بإحدى الجامعات السعودية كالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة أو جامعة الملك عبد العزيز في جدة أو جامعة أم القرى بمكة . أو غيرها من الجامعات والكليات الأخرى في المملكة . ونحن مستعدون لمساعدتك في ذلك إذا كتبت إلينا بذلك وأرفقت صورة من مؤهلاتك وتزكية من صاحب الفضيلة رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة الشيخ محمد علي عبد الرحيم .
هذا ونسأل الله لنا ولك وللمسلمين التوفيق لما يرضيه وحسن العاقبة وصلاح النية والعمل إنه سبحانه خير مسئول .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم من يساوي لحيته
س : ما حكم من يساوي لحيته يجعلها متساوية مع بعضها البعض ؟(1/16)
ج : الواجب إعفاء اللحية وتوفيرها وإرخائها وعدم التعرض لها بشيء ، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين " متفق على صحته عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وروى البخاري في صحيحه رحمة الله عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين " وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس " .
وهذه الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها وعلى وجوب قص الشوارب ، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر به .
وفي ذلك تأس به صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضي الله عنهم ومخالفة للمشركين وابتعادا عن مشابهتهم وعن مشابهة النساء ، وأما ما رواه الترمذي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو خبر باطل عند أهل العلم لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تشبث به بعض الناس ، وهو خبر لا يصح؛ لأن في إسناده عمر ابن هارون البلخي وهو متهم بالكذب .(1/17)
فلا يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم فإن السنة حاكمة على الجميع والله يقول جل وعلا : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ويقول سبحانه : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ويقول سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا والله ولي التوفيق .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رسالة : وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو قصها
وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو قصها
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه . أما بعد :
فقد نشرت صحيفة المدينة في عددها الصادر في 24 / 1 / 1415هـ مقالا للشيخ محمد بن علي الصابوني عفا الله عنا وعنه ، يتضمن ما نصه :
ومما يتعلق بالصورة والمظهر أن يهذب المسلم شعره ، ويقص أظافره ، ويتعاهد لحيته ، فلا يتركها شعثة مبعثرة ، دون تشذيب أو تهذيب ، ولا يتركها تطول بحيث تخيف الأطفال ، وتفزع الرجال ، فكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده ، فمن الشباب من يظن أن أخذ أي شيء من اللحية حرام ، فنراه يطلق لها العنان حتى تكاد تصل إلى سرته ، ويصبح في مظهره كأصحاب الكهف : لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا إلخ ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما .(1/18)
ولما كان في هذا الكلام مخالفة للسنة الصحيحة ، وإباحة لتشذيب اللحية وتقصيرها ، رأيت أن من الواجب التنبيه على ما تضمنه كلامه- وفقه الله- من الخطأ العظيم والمخالفة الصريحة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، في الصحيحين وغيرهما أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى وفي لفظ : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وفي رواية مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
ففي هذه الأحاديث الصحيحة الأمر الصريح بإعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها وقص الشوارب ؛ مخالفة للمشركين والمجوس والأصل في الأمر الوجوب فلا تجوز مخالفته إلا بدليل يدل على عدم الوجوب وليس هناك دليل على جواز قصها وتشذيبها وعدم إطالتها وقد قال الله عز وجل وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال سبحانه قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقال عز وجل وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى رواه البخاري في صحيحه ،
وقال صلى الله عليه وسلم : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم متفق عليه . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .(1/19)
وقد احتج الشيخ محمد المذكور على ما ذكره بما رواه الترمذي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ
من لحيته من طولهل وعرضها . وهذا الحديث ضعيف الإسناد لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو صح لكان حجة كافية في الموضوع ، ولكنه غير صحيح ؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي ، وهو متروك الحديث .
واحتج - أيضا - الشيخ على ما ذكره بفعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج ما زاد على القبضة . وهذا لا حجة فيه ، لأنه اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما ، والحجة في روايته لا في اجتهاده . وقد صرح العلماء رحمهم الله : أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الحجة ، وهي مقدمة على رأيه إذا خالف السنة .
فأرجو من صاحب المقال - الشيخ محمد - أن يتقي الله سبحانه ، وأن يتوب إليه مما كتب ، وأن يصدح بذلك في الصحيفة التي نشر فيها الخطأ . ومعلوم عند أهل العلم : أن الرجوع إلى الحق شرف لصاحبه ، وواجب عليه ، وخير له من التمادي في الخطأ .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياه وجميع المسلمين للفقه في الدين ، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا ، إنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
تربية اللحى وما يوافق الشرع الإسلامي منها
س : ألاحظ الاختلاف في إرخاء اللحى وإطلاقها ، فأي تربية اللحى توافق الشرع الإسلامي وما سار عليه السلف الصالح؟
ج : ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين خرجه الإمام البخاري في صحيحه ، والإمام مسلم في صحيحه ، وخرجه الأئمة الآخرون رحمة الله عليهم ، فهو حديث(1/20)
صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم ، ومعناه : أنه يجب على المؤمن قص شاربه ، وإرخاء لحيته ، وإعفائها ، وعدم أخذها لا حلقا ولا قصا
وقال صلى الله عليه وسلم قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين خرجه الإمام البخاري في صحيحه رحمه الله . وقال أيضا فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس خرجه الإمام مسلم في صحيحه .
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على أن الواجب على المسلمين : قص الشوارب وعدم إطالتها ، وتدل أيضا على : وجوب إرخاء اللحى وتوفيرها وإعفائها .
فالواجب على المسلمين طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله عز وجل : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ويقول عز شأنه : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى خرجه الإمام البخاري في صحيحه .
فالواجب العناية بطاعة الله ورسوله في كل شيء . من الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن(1/21)
المنكر ، وإعفاء اللحى ، وقص الشوارب ، وعدم إسبال الثياب ، وفي كل شيء مما جاء به الرسول . امتثالا للأوامر ، وتركا للنواهي ، وهذا هو طريق الجنة وطريق السعادة ، يقول الله سبحانه : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ويقول سبحانه : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
فالهداية والسلامة والنجاح في اتباعه صلى الله عليه وسلم ، وطاعة أوامره وترك نواهيه ، ويقول جل وعلا : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ فمن كان يحب الله ويحب رسوله عليه الصلاة والسلام فعليه : أن يتبع هذا الرسول العظيم ، فاتباعه والتمسك بما جاء به هو السبيل الوحيد لمحبة الله عز وجل ، كما أنه السبيل للمغفرة ودخول الجنة والنجاة من النار .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
أخذ الأجرة على حلق اللحى حرام
س : بعض أصحاب صالونات الحلاقة يحلقون لحى بعض الناس فما حكم المال الذي يأخذونه بسبب عملهم ؟
ج : حلق اللحى وقصها محرم ومنكر ظاهر ، لا يجوز للمسلم(1/22)
فعله ولا الإعانة عليه ، وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت ، يجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله منه وعدم العودة إليه ، والصدقة بما دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه في تحريم حلق اللحى ، فإن كان جاهلا فلا حرج عليه فيما سلف ، وعليه الحذر من ذلك مستقبلا ؛ لقول الله عز وجل في أكلة الربا : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
وفي الصحيحين ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح البخاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في إعفاء لحيته وتوفيرها ، وقص الشارب وإحفائه ، ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة وبارز ربه بالمعصية .
نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل ما فيه رضاه ، وأن يعينهم على طاعته وطاعة رسوله ، وأن يمن على من خالف أمر الله ورسوله بالتوبة النصوح إلى ربه ، والمبادرة إلى طاعته وامتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، إنه سميع قريب .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحى كاملا أو ناقصا والصباغ بالأسود(1/23)
س : يوجد بعض الإخوان يحلقون لحاهم كاملا وبعضهم يبقي قليلا في رأس الذقن ، وفيه من يصبغ بالصباغ الأسود ثم يقولون جميعا : إنه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة نهي ولا تحريم ولا خلافه لا في حلق اللحية ولا في صبغها بالسواد ، ولم يرد ما يثبت ذلك ، علما بأن منهم من يحلق ومنهم من يصبغ ، ويعتبرون أنفسهم على حق حسب أقوالهم ، نرجو من سماحتكم الجواب الكافي والشافي في هذه المسألة . أبناؤكم / ب . ح . أ ، م . ع . س ، ع . س . م .
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . وبعد :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وفي لفظ البخاري : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وروى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد
وفي السنن بإسناد صحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة رواه أبو داود ، والنسائي . وهذا وعيد شديد يفضي : أن هذا العمل من الكبائر .
نسأل الله أن يعيذنا جميعا من أسباب غضبه ، ومن طاعة الهوى والشيطان .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى الفتنة؟
س : إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة هل له ؟حلقها(1/24)
ج : ليس له ذلك ، بل عليه أن يتقي الله ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه ، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها ، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء وعدوان ، فإذا استقام على الطريق ، ودعا إلى الله باللسان ، ووجه الناس إلى الخير ، أو أقبل على شأنه ، وحافظ على الصلاة ، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له ، هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء ؛ فلهذا يتعرض لهم المسئولون .
فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء ، وأن يتقي الله ويرخي لحيته ، ويحافظ على الصلاة ، وينصح الإخوان ولكن بالرفق ، بالكلام الطيب ، لا بالتعدي على الناس ، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم ، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ، قال الله جل وعلا : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى وقال النبي
صلى الله عليه وسلم : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه ولا سيما في هذا العصر ، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة ، وليس عصر الشدة .
الناس أكثرهم في جهل ، في غفلة إيثار للدنيا ، فلا بد من الصبر ، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة ، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا .
ونسأل الله للجميع الهداية .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رسالة: نصيحة وتحذير من حلق اللحية
نصيحة وتحذير من حلق اللحية(1/25)
بسم الله ، والحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسوله وآله وصحبه . أما بعد : فقد نشرت صحيفة المدينة في عددها الصادر في يوم 16 \ 4 \ 1413 هـ كلمة بعنوان : ( حلاقة الشعر والذقن بالمجان ) ، بواسطة مندوبين من إدارة جمعية القارة التعاونية . ولا شك أن هذا العمل منكر ، ومجاهرة بالمعصية ، والدعوة إليها والإعانة عليها ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وقال عليه الصلاة والسلام : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وقال أيضا عليه الصلاة والسلام : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس وكلها أحاديث صحيحة .
فالواجب على كل مسلم امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم والحذر من مخالفته ، ومن التشبه بأعداء الله ورسوله ، والواجب على القائمين على الجمعية والقائمين على الصحيفة التوبة إلى الله سبحانه ، والحذر من مثل هذا العمل المنكر .
أصلح الله حال الجميع ، وأعاذنا وجميع المسلمين من طاعة الهوى والشيطان ، ومن المخالفة لما أمر الله به ورسوله ، إنه خير مسئول .
ولواجب النصح والتحذير جرى تحريره . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رسالة: نصيحة لمن يدعو لحلق الذقن
نصيحة لمن يدعو لحلق الذقن
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم رئيس تحرير جريدة عكاظ حفظه الله . سلام عليكم رحمة الله وبركاته . وبعده :
فقد نشر في العدد الصادر بتاريخ 18 شعبان سنة 1393 هـ من جريدتكم في صفحة ( مجتمعنا ) كلمة قصيرة بعنوان : ( الإهمال تدمير للحياة الزوجية ) ، وقد جاء فيها : ( وبالمثل قد يصيب الإهمال الرجل الزوج فلا يحلق ذقنه يوم العطلة فيبدو رثا مهلهلا
مكتئبا ) .(1/26)
وبما أن هذا قول منكر ، ودعوة إلى مخالفة السنة النبوية ، تنشر علنا في صحيفتكم - رأيت أن من الواجب الكتابة لكم؛ نصحا لكم وللمسلمين ، وحذرا من العقوبة .
ومعلوم لكل عاقل ذي بصيرة أن خير القرون قرن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن في ذلك القرن من يحلق ذقنه من الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وامتثالا لأمره حيث قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله عليه الصلاة والسلام :
قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، وحذرا من الوقوع في مخالفته صلى الله عليه وسلم ، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ، ولكنه التقليد الأعمى لأعداء الله ، والزهد في تعاليم الشريعة السمحة جعل الكثير من الناس يقع في استبدال الذي هو شر بالذي هو خير ، ولم يقتصر ذلك على وقوعه في المحذور بمفرده ، بل تعدى ذلك إلى نشر الدعوة إليه ، كما جاء في جريدتكم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا
فالواجب عليكم الحذر من نشر كل ما لا تقره الشريعة ، والحرص على نشر هديها وتعاليمها ، وأن تكون جريدتكم مفتاح هدى ودليل رشد ، ولم أعلم بما ذكر إلا في
5 / 1 / 1394 هـ؛ ولهذا تأخر التنبيه .
وفقنا الله وإياكم لما يرضيه ، وهدانا جميعا صراطه المستقيم ، وأعاذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
الإجابة الصريحة على المناقشة حول إعفاء اللحى وحلقها
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم فضيلة الشيخ م . د . ع . د .(1/27)
زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان آمين . سلام عليكم رحمة الله وبركاته أما بعد :
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 13 / 10 / 1394 هـ ، وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق ، وما تضمنه من الإفادة من أنه جرى بينك وبين بعض المدرسين من خريجي الأزهر مذاكرة في حكم إعفاء اللحى وحلقها وتقصيرها ، ولم يقتنع كل منكما بقول الآخر ، ورغبتكم في الإجابة الصريحة الشافية في هذا الموضوع - كان معلوما .
قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر بإعفاء اللحى وإرخائها من حديث ابن عمر في الصحيحين ، ومن حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ، وورد في ذلك أحاديث أخرى في غير الصحيحين ، وكلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها ، كما تدل على تحريم حلقها وتقصيرها؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب ، والأصل في النهي التحريم ، ولا يجوز لأحد أن يصرف النصوص عن أصلها وظاهرها إلا بحجة صحيحة يحسن الاعتماد عليها ، ولا حجة لمن أخرج هذه الأحاديث عن أصلها وظاهرها وقال : إنها لا تدل على الوجوب ، أو لا تدل على تحريم الحلق والتقصير .
أما الحديث الذي رواه الترمذي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو حديث باطل عند أهل العلم؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي ، وهو من المتهمين بالكذب عند أكثر أئمة الحديث ونقاده ، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في ( تهذيب التهذيب وتقريبه ) ، وكما ذكر ذلك الذهبي في ( الميزان ) .
وقد جمع أخونا العلامة الشيخ عبد الرحمن بن قاسم العاصي رحمه الله رسالة في هذه المسألة نشفع لكم نسختين منها ، وأرجو أن يكون فيها وفيما ذكرنا الكفاية والجواب الشافي لسؤالكم .(1/28)
وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم وسائر إخواننا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن ، إنه سميع قريب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق العارضين والذقن
ما حكم حلق العارضين وترك الذقن؟
اللحية عند أئمة اللغة : هي ما نبت على الخدين والذقن .
فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شعر الخدين ، بل يجب توفير ذلك مع الذقن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق عليه ، وقوله عليه الصلاة والسلام : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين رواه البخاري في الصحيح .
وقال ابن عمر رضي الله عنه : إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا بإحفاء الشوارب وإرخاء اللحى متفق على صحته ، وروى مسلم في الصحيح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس(1/29)
فيجب على المؤمنين توفير اللحية ، وقص الشارب ، كما أمر بذلك نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفي ذلك خير عظيم وإحياء للسنة ، مع التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره ، وفي ذلك ترك مشابهة المشركين ، والبعد عن مشابهة النساء . والواجب على المؤمن أن لا يغتر بكثرة الحالقين ، وألا يتأسى بهم؛ لكونهم قد خالفوا الشرع المطهر ، وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا ، الذي قال فيه جل وعلا : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال فيه سبحانه : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال عز وجل : وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ في آيات كثيرات يحث فيها سبحانه على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويحذر فيها من معصية الله سبحانه ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم . والله الموفق .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم إعفاء اللحية
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فقد سألني بعض الإخوان عن الأسئلة التالية :
1- هل تربية اللحية واجبة أو جائزة؟
2- هل حلقها ذنب أو إخلال بالدين؟
3- هل حلقها جائز مع تربية الشنب؟(1/30)
والجواب عن هذه الأسئلة : أن نقول : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحفوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس وخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح ، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يأخذ من شاربه فليس منا قال العلامة الكبير والحافظ الشهير أبو محمد ابن حزم : ( اتفق العلماء على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض ) . ا هـ .
والأحاديث في هذا الباب وكلام أهل العلم - فيما يتعلق بإحفاء الشوارب وتوفير اللحى وإكرامها وإرخائها - كثير لا يتيسر استقصاء الكثير منه في هذه الكلمة .
ومما تقدم من الأحاديث ، وما نقله ابن حزم من الإجماع يعلم الجواب عن الأسئلة الثلاثة .
وخلاصته : أن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوز تركه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، وأمره على الوجوب ، كما قال الله عز وجل : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
وهكذا قص الشارب واجب ، وإحفاؤه أفضل ، أما توفيره أو اتخاذ الشنبات فذلك لا يجوز . لأنه يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم قصوا الشوارب و : أحفوا الشوارب و : جزوا الشوارب و : من لم يأخذ من شاربه
فليس منا
وهذه الألفاظ الأربعة كلها جاءت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي اللفظ الأخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم : من لم يأخذ من شاربه فليس
منا وعيد شديد ، وتحذير أكيد ، وذلك يوجب للمسلم الحذر مما نهى الله عنه ورسوله ، والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به ورسوله .(1/31)
ومن ذلك يعلم أيضا أن إعفاء الشارب واتخاذ الشنبات ذنب من الذنوب ، ومعصية من المعاصي ، وهكذا حلق اللحية وتقصيرها من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ، ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته .
وفي الأحاديث المذكورة آنفا الدلالة على أن إطالة الشوارب وحلق اللحى وتقصيرها من مشابهة المجوس والمشركين . وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم
وأرجو أن يكون في هذا الجواب كفاية ومقنع .
والله ولي التوفيق . وصلى الله وسلم على نبينا معمد ، وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
وجوب إعفاء اللحية
سائل من المملكة المغربية ، أرسل سؤالا واحدا يقول فيه : هل يعد إعفاء اللحية من الأشياء التي يجب توافرها في المسلم؟
يجب على المسلم توفير لحيته ، وإعفاؤها ، وإرخاؤها؛ امتثالا لأمر سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين : محمد بن عبد الله ، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، من حديث ابن عمر رضي عنهما ، وقال صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس أخرجه مسلم في صحيحه ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .(1/32)
ومعلوم أن الخير كله في الدنيا والآخرة إنما يتحقق بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه ، وأن الشر كله في معصية الله ورسوله واتباع الهوى والشيطان ، قال تعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وقال تعالى : فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى وذم سبحانه المشركين لاتباعهم الظن والهوى ، فقال عز وجل في سورة النجم : إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى وقال صلى الله عليه وسلم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل : يا رسول الله ، ومن يأبى؟! قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى رواه البخاري في صحيحه .
والآيات والأحاديث في الأمر بطاعة الله ورسوله والنهي عن معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا . ونسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا لطاعة ربهم وتوحيده ، والإخلاص له ، واتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، والتمسك بما جاء به ، إنه سميع قريب .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
جواب مهم يتعلق بحكم حلق اللحى والمعاصي وهل تحبط بها الأعمال
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم رئيس تحرير جريدة عرب نيوز وفقه الله .
سلام عليكم رحمة الله وبركاته أما بعد : فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم عدد يوم الجمعة الموافق 24 / 2 / 1984 م صفحة ( 7 ) ، في الصفحة المخصصة للديانة جواب السؤال التالي الذي وردكم من : س . ر . خ - من جدة .(1/33)
وهذا نص السؤال : ما حكم الإسلام عن اللحية والشارب؟ هل يوجد عقاب معين بعد الوفاة للذي يحلق اللحية؟ هل حالق اللحية يفقد ثواب عبادته والأعمال الصالحة التي يأتي بها في حياته؟
فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة قاصرا وليس وافيا بالمطلوب .
والجواب الصحيح : أن يقال : إن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض من الشارع صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما صح عنه : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته . وروى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها ، وعدم التعرض لها بقص أو حلق ، وعلى وجوب قص الشارب ، ولم يرد في ذلك عقوبة معينة ، ولكن الواجب على المسلم : أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله ولو لم يرد في ذلك عقاب معين .
ويجوز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود؛ ردعا للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده .
وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : ( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) .
ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي ، ومن جملة ذلك حلق اللحى ، وإطالة الشوارب ، قال الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله سبحانه ، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع .(1/34)
وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك لا تحبط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها ، ولكنها تنقص الإيمان وتضعفه ، وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي ، كما قال الله سبحانه : وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وقال عز وجل : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
إجبار الطالب العسكري على حلق لحيته
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده :
يا محب ، كتابك الكريم المؤرخ في 9 / 10 / 1988 م وصل وصلك الله بهداه ، وما تضمنه من الإفادة : بأنك قد التحقت بالكلية الأكاديمية العربية للنقل البحري في جمهورية مصر العربية ، وأن النظام لديها يجبر الطالب على حلق لحيته . . وطلبك النصيحة والتوجيه حول الموضوع . . إلخ كان معلوما . وعليه نشكرك على حسن عنايتك وسؤالك عما يهمك من أمر دينك ، ونسأل الله لنا ولك الفقه في دينه ، والثبات عليه .
ونفيدك : بأنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
وبناء على ذلك أوصيك بترك الكلية المذكورة ، والانتقال إلى غيرها إذا أجبرت على حلق لحيتك ، وسوف يجعل الله لك فرجا ومخرجا؛ لقوله سبحانه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ(1/35)
وعليك أن تلتزم التقوى والتوبة من حلق لحيتك ، وألا تعود إلى ذلك ومن تاب تاب الله عليه؛ لقوله سبحانه : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى
ونوصيك أيضا بالالتحاق بإحدى الجامعات السعودية؛ كالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، أو جامعة الملك عبد العزيز في جدة ، أو جامعة أم القرى بمكة المكرمة ، أو غيرها من الجامعات والكليات الأخرى في المملكة .
ونحن مستعدون لمساعدتك في ذلك إذا كتبت إلينا بذلك ، وأرفقت صورة من مؤهلاتك وتزكية من صاحب الفضيلة رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة الشيخ محمد علي عبد الرحيم . هذا ونسأل الله لنا ولك وللمسلمين التوفيق لما يرضيه ، وحسن العاقبة ، وصلاح النية والعمل ، إنه سبحانه خير مسئول .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحية في حق العسكري وهل شرب الدخان من جنس حلق اللحية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم . . وفقه الله ، آمين . سلام عليكم رحمة الله وبركاته ، بعده : كتابكم المؤرخ 4 / 8 / 1395 هـ وصل وصلكم الله بهداه ، وما تضمنه من الأسئلة كان معلوما ، وهذا نصها وجوابها : الأول : ما حكم حلق اللحية في حق العسكري الذي يؤمر بذلك ، وما حكم من قال في حق المحلوق : أنه مخنث؟(1/36)
حلق اللحية لا يجوز ، وهكذا قصها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المشركين وقوله عليه الصلاة والسلام : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس والواجب على المسلم : طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء؛ لقول الله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ الآية ، وأولي الأمر : هم الأمراء والعلماء ، والواجب طاعتهم فيما يأمرون به ما لم يخالف الشرع ، فإذا خالف الشرع ما أمروا به لم تجب طاعتهم في ذلك الشيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف وقوله عليه الصلاة والسلام : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وحكومتنا بحمد الله لا تأمر الجندي ولا غيره بحلق اللحية ، وإنما يقع ذلك من بعض المسئولين وغيرهم ، فلا يجهز أن يطاعوا في ذلك ، والواجب أن يخاطبوا بالتي هي أحسن ، وأن يوضح لهم أن طاعة الله ورسوله مقدمة على طاعة غيرهما .
أما قول بعض الوعاظ : أن حالق لحيته مخنث ، فهذا كلام قاله بعض العلماء المتقدمين ، ومعناه المتشبه بالنساء؛ لأن التخنث هو : التشبه بالنساء ، وليس معناه أنه لوطي ، كما يظنه بعض العامة اليوم ، والذي ينبغي للواعظ وغيره أن يتجنب هذه العبارة؛ لأنها موهمة ، فإن ذكرها فالواجب بيان معناها حتى يتضح للسامعين مراده ، وحتى لا يقع بينه وبينهم ما لا تحمد عقباه ، ولأن المقصود من الوعظ والتذكير : هو إرشاد المستمعين وتوجيههم إلى الخير ، وليس المقصود تنفيرهم من الحق وإثارة غضبهم .
الثاني : ما حكم شرب الدخان ، وهل هو من جنس حلق اللحية؟(1/37)
ج : شرب الدخان من المحرمات؛ لكونه من الخبائث التي حرمها الله ، ولأنه يشتمل على أضرار كثيرة ، والدليل على تحريمه قوله تعالى : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ الآية ، وقوله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ الآية .
وقد فسر العلماء الطيبات بأنها : الأطعمة والأشربة المغذية النافعة التي لا ضرر فيها ، ومعلوم أن الدخان ليس بهذا الوصف ، بل هو من الخبائث الضارة المحرمة ، وهو أعظم من حلق اللحى من بعض الوجوه ، وحلق اللحى أعظم منه من وجوه أخر؛ لأن حلق اللحية معصية ظاهرة يراها الناس في وجه صاحبها ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها ، وقص الشوارب وإحفائها .
أما الدخان فقد يستتر به صاحبه ولا يطلع عليه الناس ، فليس مثل حلق اللحية ، لكنه أضر على البدن والعقل والمال من حلق اللحية ، ولأنه يؤذي من لم يعتده فهو منكر يضر صاحبه ويضر غيره برائحته الكريهة .
وبالجملة : فشرب الدخان وحلق اللحى كلاهما منكر ، ومضر بالمجتمع ، وسبب لفساد عظيم ، مع ما في ذلك من المخالفة الظاهرة للشريعة الإسلامية ، ومع ما في ذلك أيضا من المضار الاقتصادية ، ولأن ذلك أيضا قد يفضي إلى تأسي ذرية من يفعل ذلك وأهل بيته وأصدقائه به في هذه المعصية .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحية مضطرا من يعمل في الجيش
أنا في الجيش وأحلق لحيتي دائما ، وذلك غصب عني ، هل هذا حرام أم لا؟(1/38)
لا يجوز حلق اللحية . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرخائها في أحاديث صحيحة ، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن في إعفائها وإرخائها مخالفة للمجوس والمشركين ، وكان عليه الصلاة والسلام كث اللحية ، وطاعة الرسول واجبة علينا ، والتأسي به في أخلاقه وأفعاله من أفضل الأعمال؛ لأن الله سبحانه يقول :
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقال عز وجل : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال سبحانه : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
والتشبه بالكفار من أعظم المنكرات ، ومن أسباب الحشر معهم يوم القيامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم فإذا كنت في عمل تلزم فيه بحلق لحيتك فلا تطعهم في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإن ألزموك بحلقها فاترك هذا العمل الذي يجرك لفعل ما يغضب الله ، وأسباب الرزق الأخرى كثيرة ميسرة ولله الحمد ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . وفقك الله ، ويسر أمرك ، وثبتنا وإياك على دينه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رسالة حول وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو تقصيرها
وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو تقصيرها
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه . أما بعد :
فقد نشرت صحيفة المدينة في عددها الصادر في 24 / 1 / 1415 هـ مقالا للشيخ محمد بن علي الصابوني عفا الله عنا وعنه ، يتضمن ما نصه :(1/39)
ومما يتعلق بالصورة والمظهر : أن يهذب المسلم شعره ، ويقص أظافره ، ويتعاهد لحيته ، فلا يتركها شعثة مبعثرة ، دون تشذيب أو تهذيب ، ولا يتركها تطول بحيث تخيف الأطفال ، وتفزع الرجال ، فكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده ، فمن الشباب من يظن أن أخذ أي شيء من اللحية حرام ، فنراه يطلق لها العنان حتى تكاد تصل إلى سرته ، ويصبح في مظهره كأصحاب الكهف : لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ
رُعْبًا إلخ ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما .
ولما كان في هذا الكلام مخالفة للسنة الصحيحة ، وإباحة لتشذيب اللحية وتقصيرها ، رأيت أن من الواجب : التنبيه على ما تضمنه كلامه - وفقه الله- من الخطأ العظيم والمخالفة الصريحة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، في الصحيحين وغيرهما أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى وفي لفظ : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وفي رواية مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
ففي هذه الأحاديث الصحيحة الأمر الصريح بإعفاء اللحى ، وتوفيرها وإرخائها ، وقص الشوارب؛ مخالفة للمشركين والمجوس . والأصل في الأمر : الوجوب ، فلا تجوز مخالفته إلا بدليل يدل على عدم الوجوب ، وليس هناك دليل على جواز قصها وتشذيبها وعدم إطالتها .(1/40)
وقد قال الله عز وجل : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال سبحانه : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقال عز وجل : وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل : يا رسول الله ، ومن يأبى؟! قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى رواه البخاري في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم : ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم متفق عليه . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .
وقد احتج الشيخ محمد المذكور على ما ذكره : بما رواه الترمذي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها . وهذا الحديث ضعيف الإسناد لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو صح لكان حجة كافية في الموضوع ، ولكنه غير صحيح؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي ، وهو متروك الحديث .
واحتج - أيضا - الشيخ على ما ذكره بفعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج ما زاد على القبضة . وهذا لا حجة فيه؛ لأنه اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما ، والحجة في روايته لا في اجتهاده . وقد صرح العلماء رحمهم الله : أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الحجة ، وهي مقدمة على رأيه إذا خالف السنة .(1/41)
فأرجو من صاحب المقال - الشيخ محمد - أن يتقي الله سبحانه ، وأن يتوب إليه مما كتب ، وأن يصدح بذلك في الصحيفة التي نشر فيها الخطأ . ومعلوم عند أهل العلم : أن الرجوع إلى الحق شرف لصاحبه ، وواجب عليه ، وخير له من التمادي في الخطأ .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياه وجميع المسلمين للفقه في الدين ، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا ، أنه جواد كريم . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو قصها
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه . . وبعد :
فقد ورد إلي سؤال عن حكم حلق اللحية أو قصها ، وهل يكون من حلقها معتقدا حل ذلك كافرا؟ وهل يقتضي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ، أم لا يقتضي إلا استحباب الإعفاء؟
قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، ورواه البخاري في صحيحه بلفظ : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
وهذا اللفظ في الأحاديث المذكورة يقتضي وجوب إعفاء اللحى وإرخائها ، وتحريم حلقها وقصها؛ لأن الأصل في الأوامر : هو الوجوب ، والأصل في النواهي : هو التحريم ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك ، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم ، وقد قال الله سبحانه :(1/42)
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وقال عز وجل : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قال الإمام أحمد رحمه الله : ( الفتنة : الشرك ) ، لعله إذا رد بعض قوله - يعني : قول النبي صلى الله عليه وسلم - أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك ، ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على أن الأمر في هذه الأحاديث ونحوها للاستحباب .
أما الحديث الذي رواه الترمذي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها ، فهو حديث باطل عند أهل العلم؛ لأن في إسناده رجلا يدعى عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب ، وقد انفرد بهذا الحديث دون غيره من رواة الأخبار ، مع مخالفته للأحاديث الصحيحة .
فعلم بذلك أنه باطل لا يجوز التعويل عليه ولا الاحتجاج به في مخالفة السنة الصحيح ، والله المستعان .
ولا شك أن الحلق أشد في الإثم؛ لأنه استئصال للحية بالكلية ، ومبالغة في فعل المنكر ، والتشبه بالنساء ، أما القص والتخفيف فلا شك أن ذلك منكر ومخالف للأحاديث الصحيحة ، ولكنه دون الخلق .
أما حكم من فعل ذلك فهو عاص وليس بكافر ، ولو اعتقد الحل بناء على فهم خاطئ أو تقليد لبعض العلماء .(1/43)
والواجب أن ينصح ، ويحذر من هذا المنكر؛ لأن حكم اللحية في الجملة فيه خلاف بين أهل العلم هل يجب توفيرها أو يجوز قصها؟ أما الحلق فلا أعلم أن أحدا من أهل العلم قال بجوازه ، ولكن لا يلزم من ذلك كفر من ظن جوازه؛ لجهل ، أو تقليد ، بخلاف الأمور المحرمة المعلومة من الدين بالضرورة لظهور أدلتها ، فإن استباحتها كفر أكبر إذا كان المستبيح ممن عاش بين المسلمين ، فإن كان ممن عاش بين الكفرة أو في بادية بعيدة عن أهل العلم فإن مثله توضح له الأدلة ، فإذا أصر على الاستباحة كفر .
ومن أمثلة ذلك : الزنا ، والخمر ، ولحم الخنزير ، وأشباهها ، فإن هذه الأمور وأمثالها معلوم تحريمها من الدين بالضرورة ، وأدلتها ظاهرة في الكتاب والسنة فلا يلتفت إلى دعوى الجهل بها إذا كان من استحلها مثله لا يجهل ذلك كما تقدم .
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح ، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه ، وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن ، إنه سميع قريب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
هل يجوز تقصير اللحية أم أن الواجب إعفاؤها
أعفيت لحيتي والحمد لله؛ والآن كلما واجهني أحد من أهلي أو معارفي استنكروا لحيتي ورموني بكلمات جارحة وطلبوا مني تقصيرها ، وأنا مصمم على
إعفائها ، هل يجوز تقصيرها أم أواظب على إعفائها ، وأضرب بكلامهم عرض الحائط؟(1/44)
الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها؛ طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وامتثالا لأمره ، وأن تضرب بكلامهم عرض الحائط ، وأن تنكر عليهم كلامهم ، وتذكرهم بالله ، وأن هذا لا يجوز لهم ، بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان؛ لأنهم بهذا صاروا نوابا له يدعون إلى معاصي الله ، نسأل الله العافية ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين ويقول : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ويقول : وفروا اللحى فالواجب : إرخاؤها ، وإعفاؤها ، وتوفيرها ، وعدم طاعة كل من يدعو إلى قصها أو حلقها ، نسأل الله السلامة .
وهذا مصداق الحديث : أنه يأتي في آخر الزمان شياطين يدعون إلى عصيان الله وإلى ارتكاب محارمه وقد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنها لمتفق على صحته لما سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشر الذي يقع بعده صلى الله عليه وسلم ، ذكر له أنه يقع بعد ذلك في آخر الأمة دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله ، صفهم لنا؟ قال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا نسأل الله العافية . فهؤلاء وأضرابهم من جنس من ذكرهم السائل ، فالواجب الحذر منهم ، وعدها الاستجابة إلى ما يدعون إليه مما يخالف الشرع المطهر .
والله المستعان . وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
تربية اللحى وما يوافق الشرع الإسلامي منها
ألاحظ الاختلاف في إرخاء اللحى وإطلاقها ، فأي تربية اللحى توافق الشرع الإسلامي وما سار عليه السلف الصالح؟(1/45)
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين خرجه الإمام البخاري في صحيحه ، والإمام مسلم في صحيحه ، وخرجه الأئمة الآخرون رحمة الله عليهم ، فهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم ، ومعناه : أنه يجب على المؤمن قص شاربه ، وإرخاء لحيته ، وإعفائها ، وعدم أخذها لا حلقا ولا قصا .
وقال صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين أخرجه الإمام البخاري في صحيحه رحمه الله . وقال أيضا فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
وهذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على أن الواجب على المسلمين قص الشوارب ، وعدم إطالتها ، وتدل أيضا على وجوب إرخاء اللحى وتوفيرها وإعفائها .
فالواجب على المسلمين طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله عز وجل : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ويقول عز شأنه : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل : يا رسول الله ، ومن يأبى؟! قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى أخرجه الإمام البخاري في صحيحه .(1/46)
فالواجب العناية بطاعة الله ورسوله في كل شيء؛ من الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإعفاء اللحى ، وقص الشوارب ، وعدم إسبال الثياب ، وفي كل شيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ امتثالا للأوامر ، وتركا للنواهي ، وهذا هو طريق الجنة وطريق السعادة ، يقول الله سبحانه : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ويقول سبحانه : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
أخذ الأجرة على حلق اللحى حرام
بعض أصحاب صالونات الحلاقة يحلقون لحى بعض الناس ، فما حكم المال الذي يأخذونه بسبب عملهم؟(1/47)
حلق اللحى وقصها محرم ومنكر ظاهر ، لا يجوز للمسلم فعله ولا الإعانة عليه ، وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت ، يجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله منه ، وعدم العودة إليه ، والصدقة بما دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه في تحريم حلق اللحى ، فإن كان جاهلا فلا حرج عليه فيما سلف ، وعليه الحذر من ذلك مستقبلا؛ لقول الله عز وجل في أكلة الربا : فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
وفي الصحيحين ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وفي صحيح البخاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب ووفروا اللحى فخالفوا المشركين وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في إعفاء لحيته وتوفيرها ، وقص الشارب وإحفائه ، ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة وبارز ربه بالمعصية .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحى كاملا أو ناقصا والصباغ بالأسود
يوجد بعض الإخوان يحلقون لحاهم كاملا وبعضهم يبقي قليلا في رأس الذقن ، وفيه من يصبغ بالصباغ الأسود ثم يقولون جميعا : إنه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة نهي ولا تحريم ولا خلافه لا في حلق اللحية ولا في صبغها بالسواد ، ولم يرد ما يثبت ذلك ، علما بأن منهم من يحلق ، ومنهم من يصبغ ، ويعتبرون أنفسهم على حق حسب أقوالهم ، نرجو من سماحتكم الجواب الكافي والشافي في هذه المسألة . أبناؤكم : ب . ح . أ - م . ع . س - ع . س . م .(1/48)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . وبعد : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وفي لفظ البخاري : قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وروى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس وفي صحيح مسلم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد وفي السنن بإسناد صحيح ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة
الجنة رواه أبو داود ، والنسائي ، وهذا وعيد شديد ، يقضي أن هذا العمل من الكبائر . نسأل الله أن يعيذنا جميعا من أسباب غضبه ، ومن طاعة الهوى والشيطان .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى الفتنة
إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة ، هل له حلقها؟ .
ليس له ذلك ، بل عليه أن يتقي الله ، ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه ، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها ، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء وعدوان ، فإذا استقام على الطريق ، ودعا الله باللسان ، ووجه الناس إلى الخير ، وأقبل على شأنه ، وحافظ على الصلاة ، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له ، هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء؛ فلهذا يتعرض لهم المسئولون .(1/49)
فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء ، وأن يتقي الله ويرخي لحيته ، ويحافظ على الصلاة ، وينصح الإخوان ولكن بالرفق ، بالكلام الطيب ، لا بالتعدي على الناس ، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم ، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن ، قال الله عز وجل : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقال تعالى : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه ولا سيما في هذا العصر ، هذا العصر ، عصر الرفق والصبر والحكمة ، وليس عصر الشدة .
والناس أكثرهم في جهل ، في غفلة وإيثار للدنيا ، فلا بد من الصبر ، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة ، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا .
ونسأل الله للجميع الهداية .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم حلق اللحية لأسباب سياسية
رجل حلق لحيته لظروف سياسية ، وحين سألته قال : لا أستطيع أن أنطلق كداعية في هذا المكان والزمان إلا بحلق اللحية ، فهل يعذر في ذلك؟
لا يجوز للمسلم أن يحلق لحيته لأسباب سياسية ، أو ليمكن من الدعوة ، بل الواجب عليه إعفاؤها وتوفيرها؛ امتثالا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من الأحاديث ، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته .(1/50)
فإذا لم يتمكن من الدعوة إلا بحلقها انتقل إلى بلاد أخرى يتمكن من الدعوة فيها بغير حلق ، إذا كان لديه علم وبصيرة؛ عملا بالأدلة الشرعية في ذلك ، مثل قوله سبحانه : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الآية ، وقوله سبحانه : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي الآية .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من دل على خير فله مثل أجر فاعله أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود وجهادهم : ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق على صحته .
والآيات والأحاديث في وجوب الدعوة إلى الله وبيان فضلها كثيرة ، وحاجة المسلمين وغيرهم إليها شديدة؛ لأنها هي الوسيلة لتبصير الناس بدينهم وإرشادهم إلى أسباب النجاة ، ولأنها وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم بإحسان . والله ولي التوفيق .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم طاعة الوالد في حلق اللحية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم : م . ج . ب . ع وفقه الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فقد وصلني كتابك - وصلك الله بهداه - المتضمن : طلب الجواب عن سؤالين : أولهما : عن حكم طاعتك لوالدك في حلق اللحية .
فجوابا عن السؤال الأول :
أفيدك : بأنه لا يجوز لك طاعة والدك في حلق اللحية ، بل يجب توفيرها وإعفاؤها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا(1/51)
المشركين ولقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف وإعفاء اللحية واجب وليس بسنة حسب الاصطلاح الفقهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، والأصل في الأمر الوجوب ، وليس هناك صارف عنه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رد على سؤال عن حكم اللحية
عن حكم اللحية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
إلى حضرة الأخ المكرم . وفقه الله لما فيه رضاه . وزاده من العلم والإيمان وجعله مباركا أينما كان آمين . سلام عليكم رحمة الله وبركاته . أما بعد :
فأرجو أنكم والأولاد ومن لديكم من خواص المسئولين في خير وعافية ، أسبغ الله عليكم وافر نعمه ، ووفقنا وإياكم لشكرها ، إنه خير مسئول .
ثم أفيدكم : أن مندوبكم ذكر لي أنكم ترغبون أن أكتب لكم في موضوع اللحية .
وبناء على ذلك يسرني أن أخبركم : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته ، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم ، وثبت عنه في الصحيحين أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين وروى البخاري في صحيحه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وفروا اللحى وقصوا الشوارب خالفوا المشركين وفي صحيح مسلم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا
المجوس
فهذه الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها ، كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها ، وعلى تحريم حلقها أو قصها .(1/52)
وتعلمون حفظكم الله أن الواجب على المسلم : امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته أينما كان ، ومن أي جنس كان ، وعلى أي مستوى كان؛ لقوله سبحانه : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وقوله عز وجل : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وقول عز وجل : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ وقوله سبحانه : وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ والآيات في هذا الأمر كثيرة .
فالواجب عليكم العناية بتوفير اللحية وإعفائها وإرخائها ، ونصيحة من حولكم بذلك ، وأمرهم بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء ، وذلك هو طريق العزة والسعادة والنجاة والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة .
وفقكم الله لما في صلاح دينكم ودنياكم ، ولما فيه صلاح العباد والبلاد ، ونصر بكم دينه ، وأعانكم على كل خير ، إنه جواد كريم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
حكم من يساوي لحيته
ما حكم من يساوي لحيته يجعلها متساوية مع بعضها البعض؟
الواجب : إعفاء اللحية ، وتوفيرها ، وإرخاؤها ، وعدم التعرض لها بشيء؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين متفق على صحته ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وروى البخاري في صحيحه رحمة الله عليه ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(1/53)
قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين وروى مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس
وهذه الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها ، وعلى وجوب قص الشوارب . هذا هو المشروع ، وهذا هو الواجب الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر به ، وفي ذلك تأس به صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضي الله عنهم ، ومخالفة للمشركين ، وابتعاد عن مشابهتهم وعن مشابهة النساء .
وأما ما رواه الترمذي رحمه الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو خبر باطل عند أهل العلم لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تشبث به بعض الناس ، وهو خبر لا يصح؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب .
فلا يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل ، ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم ، فإن السنة حاكمة على الجميع ، والله يقول جل وعلا : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ويقول سبحانه : قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ويقول سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا والله ولي التوفيق .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
إعفاء اللحية
إعفاء اللحية(1/54)
إعفاء اللحية من سنن المرسلين السابقين واللاحقين، قال الله تعالى عن هارون أنه قال لأخيه شقيقه موسى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى إِنِّى خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِىۤ إِسْرٰۤءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى } وكان خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته، وكذلك كان خلفاؤه، وأصحابه، وأئمة الإسلام وعامتهم في غير العصور المتأخرة التي خالف فيها الكثير ما كان عليه نبيهم صلى الله عليه وسلم وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم، فهي هدي الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، وهي من الفطرة التي خلق الله الناس عليها كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، ولهذا كان القول الراجح تحريم حلقها كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها.
وأما كون الحكمة من إبقائها مخالفة اليهود وانتفت الاۤن فغير مسلَّم؛ لأن العلة ليست مخالفة اليهود فقط بل الثابت في الصحيحين خالفوا المشركين، وفي صحيح مسلم أيضاً خالفوا المجوس، ثم إن المخالفة لهؤلاء ليست وحدها هي العلة؛ بل هناك علة أخرى أو أكثر مثل موافقة هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام في إبقائها، ولزوم مقتضى الفطرة، وعدم تغيير خلق الله فيما لم يأذن به الله، فكل هذه علل موجبات لإبقائها وإعفائها مع مخالفة أعداء الله من المشركين والمجوس واليهود.
ثم إن ادعاء انتفائها غير مسلم، فإن أكثر أعداء الله اليوم من اليهود وغيرهم، يحلقون لحاهم، كما يعرف ذلك من له خبرة بأحوال الأمم وأعمالهم، ثم على فرض أن يكون أكثر هؤلاء اليوم يعفون لحاهم، فإن هذا لا يزيل مشروعية إعفائها؛ لأن تشبه أعداء الإسلام بما شرع لأهل الإسلام لا يسلبه الشرعية، بل ينبغي أن تزداد به تمسكاً حيث تشبهوا بنا فيه وصاروا تبعاً لنا، وأيدوا حسنه ورجعوا إلى مقتضى الفطرة.(1/55)
وأما كون بعض الدول الإسلامية يعتبرون اللحية تطرفاً دينياً، فإننا نسأل: ماذا يعنون بالتطرف؟
أيعنون التطرف إلى زاوية الانحراف؟ أم إلى زاوية التمسك والحفاظ على شعار المسلمين، وهدي النبيين، والمرسلين؟
فإن أرادوا الأول فاعتبارهم غير صحيح، وكيف يكون هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه وأصحابه، وسلف الأمة تطرفاً إلى زاوية الانحراف؟! ومن اعتبر ذلك تطرفاً إلى زاوية الانحراف فقد طعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه وصار هو المتطرف.
وإن أرادوا الثاني فنحن سنتمسك بديننا، ونحافظ على شعارنا، وهدي الأنبياء والرسل، وليعتبروه ما شاؤوا من تطرف أو توسط، فالحق لا ينقلب باطلاً باعتبار المفاهيم الخاطئة، كما لا ينقلب الماء الزلال زعافاً باعتبار فساد ذوق المريض.
وأما توهم التعرض للخطر بإعفاء اللحية، فهذا من الوساوس التي لا حقيقة لها، وإنما يلقيها الشيطان في القلب، ثم إن قدر لها حقيقة فالواجب على المسلم أن يصبر إذا أوذي في الله وأن لا يجعل فتنة الناس كعذاب الله.
أسأل الله أن يعيننا جميعاً على التمسك بشعائر الإسلام، وهدي خير الأنام، ظاهراً وباطناً، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وأن يهب لنا من لدنه رحمة، إنه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد بن صالح العثيمين
==============================================================
حكم حلق اللحية مضطرا لمن يعمل في الجيش
س : أنا في الجيش وأحلق لحيتي دائما ، وذلك غصب عني ، هل هذا حرام أم لا؟(1/56)
ج : لا يجوز حلق اللحية . لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرخائها في أحاديث صحيحة ، وأخبر صلى الله عليه وسلم : أن في إعفائها وإرخائها مخالفة للمجوس والمشركين ، وكان عليه الصلاة والسلام كث اللحية ، وطاعة الرسول واجبة علينا ، والتأسي به في أخلاقه وأفعاله من أفضل الأعمال ؛ لأن الله سبحانه يقول : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وقال عز وجل : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقال سبحانه : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
والتشبه بالكفار من أعظم المنكرات ، ومن أسباب الحشر معهم يوم القيامة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من تشبه بقوم فهو منهم فإذا كنت
في عمل تلزم فيه بحلق لحيتك فلا تطعهم في ذلك ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فإن ألزموك بحلقها فاترك هذا العمل الذي يجرك لفعل ما يغضب الله ، وأسباب الرزق الأخرى كثيرة ميسرة ولله الحمد ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
وفقك الله ويسر أمرك ، وثبتنا وإياك على دينه .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
رسالة : حكم طاعة الوالد في حلق اللحية والخروج للدعوة مع بعض الجماعات
حكم طاعة الوالد في حلق اللحية والخروج للدعوة مع بعض الجماعات
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز
إلى حضرة الأخ المكرم : م . ح . ب . ع وفقه الله
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
فقد وصلني كتابك - وصلك الله بهداه - المتضمن :
طلب الجواب عن سؤالين :
أولهما : عن حكم طاعتك لوالدك في حلق اللحية .
والآخر : عن حكم الخروج للدعوة مع بعض الجماعات التي تدعو إلى دين الله .
فجوابا عن السؤال الأول :(1/57)
أفيدك : بأنه لا يجوز لك طاعة والدك في حلق اللحية ، بل يجب توفيرها وإعفاؤها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين ولقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف
وإعفاء اللحية واجب وليس بسنة حسب الاصطلاح الفقهي . لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، والأصل في الأمر الوجوب ، وليس هناك
صارف عنه .
أما الجواب عن السؤال الثاني :
فلا حرج في الخروج للدعوة سواء كان الوقت معينا بأيام أو بشهور حسب استطاعة الدعاة إذا كانوا أهل بصيرة وعلم في العقيدة الصحيحة ، وأحكام الشريعة المطهرة . لأن تحديد الوقت يعينهم على التهيؤ لذلك بما يلزم من النفقة ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الدعاة إلى الله .
وفقك الله لكل خير وأعانك عليه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
==============================================================
قص الشارب مشروع، ولا يجوز تركه يطول، وأما حلق اللحية؛ فهو حرام
قال لي المدير بصوت واضح : لابدّ أن تحلق لحيتك وشاربك، وذلك شرط في قبولك في فنقد شهير وبراتب مغر جدًّا، وإنني فقير لا أملك شيئًا ولا أجد ما أعول به نفيس، وإنني أبحث عن عمل منذ مدة طويلة؛ ما رأي فضيلتكم ؟ هل أعمل بالفندق وأحلق لحيتي وشاربي؛ فوالله إنني محتاج جدًّا لهذه الوظيفة ؟
قص الشارب مشروع، ولا يجوز تركه يطول، وأما حلق اللحية؛ فهو حرام؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية وإرخائها وإكرامها وإرسالها (9) ، ونهيه عن التعرض لها بحلق أو قص أو نتف أو إزالة بأي وسيلة، ولما في ذلك من مشابهة المجوس والمشركين والفسقة والمجرمين .(1/58)
وتحصيل الوظيفة ليس عذرًا في حلق اللحية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والواجب الإنكار على من يشترط ذلك في بلاد المسلمين، ورفع أمره إلى ولاة الأمور وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لردعه عن ذلك وتأديبه .
وعلى كل حال؛ فالوظائف والأعمال ولله الحمد كثيرة، وطلب الرزق ميسر بدون معصية الله ورسوله، { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [ سورة الطلاق : آية 2، 3 ] .
صالح بن فوزان الفوزان
==============================================================
الواجب عليك الاستمرار في مناصحة والد زوجتك في ترك حلق اللحية وشرب الدخان
أنا رجل متزوج من إحدى الدول العربية، ولقد أرسلت زوجتي لوالديها لزيارتها، ولكن والدها يشرب الدخان ويحلق لحيته وكان لا يصلي، ولكنه الآن ولله الحمد يؤدي جميع الفرائض في المسجد، وكذلك أم زوجتي تجلس معنا متبرجة، ولقد نبهناها إلى الصلاة، وهي تصلي الآن؛ فما حكم ذلك ؟
الواجب عليك الاستمرار في مناصحة والد زوجتك في ترك حلق اللحية وشرب الدخان لأنهما محرمان ومعصية لله عز وجل ومنكر ظاهر، لكن عليك في مناصحتك له في تركهما باستعمال الحكمة والموعظة الحسنة، وكذلك والدة زوجتك، عليك بتعليمها الحجاب الشرعي، ونهيها عن السفور، لعل الله يهدي الجميع على يديك، ويكون لك في ذلك الأجر العظيم من الله تعالى .
صالح بن فوزان الفوزان
==============================================================
تم إنشاء هذا الملف باستخدام خاصية التصدير من موقع موسوعة الفتاوى الإسلامية بموقع رسالة الإسلام
http://www.islammessage.com
شكراً لكم ونسعد بزيارتكم مرة أخرى
للتواصل معنا
fatawa@islammessage.com
مع ملاحظة عدم استقبال الأسئلة في الفترة الحالية
تم تصدير الملف بتاريخ 29 / 11 / 2006 ميلادي(1/59)
سؤاله الآخر يقول ما حكم اللحية في الإسلام نريد من سيادتكم الأحاديث أو بعض الأحاديث التي وردت هنا وتأمر وماذا نفعل حيث أصبح كل ملتحي في المجتمع يُنظر له نظرة غريبة من قبل الناس ويضطهد أيضاً في بعض الأحيان وكي لا يقع الإنسان في حلقها كما يقع كثير من الشباب الذين يطلقونها نريد الطريق وفقكم الله ؟
الشيخ: اللحية في الإسلام هي من هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم عظيم اللحية وقال الله تعالى عن موسى وهارون قال هارون . . .
لموسى (يا ابن أمَّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) فهي من هدي المرسلين وهي أيضاً من سنن الفطرة كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عشر من الفطرة وذكر منها اللحية وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وإرخائها وهذا يدل على أن حلقها محرم لمخالفته الفطرة وللوقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وأما كون معفيها ومبقيها ينظر إليه نظرة استغراب واستنكار واستهانة فهذا من البلاء الذي يُبتلى به المرء على دينه هل يصبر عليه أو يراعي فيه غير الله وقد قال الله تعالى (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) والواجب على المسلم أن يصبر على طاعة الله وعن معصية الله وعن ما يناله من الأمور المؤذية في جانب الله تبارك وتعالى فنصيحتي للأخ أن يصبر ويحتسب وسوف تنفرج الأمور وسوف تكون العاقبة للمتقين.
ابن عثيمين
السؤال :
ما حكم حلق اللحية أو أخذ شيء منها ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله(1/60)
حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة والصريحة والأخبار ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) وفي رواية : ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) وفيه أحاديث أخرى بهذا المعنى ، وإعفاء اللحية تركها على حالها ، وتوفيرها إبقاءها وافرة من دون أن تحلق أو تنتف أو يقص منها شيء ، حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنه السابق وبحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) صححه الترمذي قال في الفروع وهذ الصيغة عند أصحابنا - يعني الحنابلة - تقتضي التحريم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة ؛ لأن مشابهتهم في الظاهر سبباً لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل وفي نفس الاعتقادات ، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى " الحديث ، وفي لفظ : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه الإمام أحمد . ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : " يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " يعني بذلك المتشبهين بالنساء ، ( وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية ) رواه مسلم عن جابر ، وفي رواية كثيف اللحية ، وفي اخرى كث اللحية والمعنى واحد ، ولا يجوز أخذ شيء منها لعموم أدلة المنع .
فتاوى اللجنة الدائمة 5/133
سؤال رقم 10397: الاستهزاء بمظاهر
السؤال:(1/61)
ما حكم الاستهزاء باللحية والثوب القصير وغيرها من مظاهر السنة المطهرة التي أُمرنا بها ؟ ورأي فضيلتكم في الذين إذا أُمروا بهذه العبادات أشار بيده إلى قلبه وقال ( التقوى هاهنا ) ؟.
الجواب:
الحمد لله
المستهزئ باللحية أو الثوب الموافق للسنة في الطول أو بغير ذلك من السنة يكفر إذا كان يعلم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يكون مستهزئاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله . ويكون في هذه الحالة معانداً للنبي عليه الصلاة والسلام ساخراً من سنته والذي يسخر من السنة ويستهزئ بما ثبت في السنة وهو يعلم ليس بمسلم .
قال تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 .
والذي يقول إذا دُعي لحكم شرعي التقوى في القلب ولا ينفذّ الحكم الشرعي فهذا كذاب أشِر فإن الإيمان قول وعمل وليس بالقلب فقط ويكون كلامه السابق موافقا لقول المرجئة المبتدعة الخبيثة التي تحصر الإيمان بالقلب دون الجوارح ثم لو كان القلب سليماً والإيمان فيه وافر لظهر ذلك على الأعمال يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599) ، ويقول أيضاً : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم (2564) .
وعلى أية حال فإن هذا القول من هؤلاء المعاندين الرافضين أتباع الحق وتنفيذ الأحكام الشرعية هو علامة على نقص إيمانهم ويريدون بذلك إيقاف الدعاة والناصحين عن دعوتهم ونصيحتهم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
سؤال رقم 12808: ليس في الدين قشور
السؤال:
ما حكم الشرع فيمن يقول إن حلق اللحية وتقصير الثوب قشور وليست أصولا في الدين أو فيمن يضحك ممن فعل هذه الأمور ؟.
الجواب:
الحمد لله(1/62)
هذا الكلام خطير ومنكر عظيم ، وليس في الدين قشور بل كله لب وصلاح وإصلاح ، وينقسم إلى أصول وفروع ، ومسألة اللحية وتقصير الثياب من الفروع لا من الأصول .
لكن لا يجوز أن يسمى شيء من أمور الدين قشورا ويخشى على من قال مثل هذا الكلام متنقصا ومستهزئا أن يرتد بذلك عن دينه لقول الله سبحانه : ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) الآية سورة التوبة / 65 ، 66.
والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بإعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها وقص الشوارب وإحفائها ، فالواجب طاعته وتعظيم أمره ونهيه في جميع الأمور .
وقد ذكر أبو محمد ابن حزم إجماع العلماء على أن إعفاء اللحية وقص الشارب أمر مفترض ولا شك أن السعادة والنجاة والعزة والكرامة والعاقبة الحميدة في طاعة الله ورسوله ، وأن الهلاك والخسران وسوء العاقبة في معصية الله ورسوله ، وهكذا رفع الملابس فوق الكعبين أمر مفترض لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار ) رواه البخاري في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل إزاره والمنان فيما أعطى والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم في صحيحه . وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء ) متفق عليه.(1/63)
فالواجب على الرجل المسلم أن يتقي الله وأن يرفع ملابسه سواء كانت قميصا أو إزارا أو سراويل أو بشتا وألا تنزل عن الكعبين ، والأفضل أن تكون ما بين نصف الساق إلى الكعب ، وإذا كان الإسبال عن خيلاء كان الإثم أكبر ، وإذا كان عن تساهل لاعن كبر فهو منكر وصاحبه آثم في أصح قولي العلماء ، لكن إثمه دون إثم المتكبر ، ولا شك أن الإسبال وسيلة إلى الكبر وإن زعم صاحبه انه لم يفعل ذلك تكبرا ، ولأن الوعيد في الأحاديث عام فلا يجوز التساهل بالأمر .
وأما قصة الصديق رضي الله عنه وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم : إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له النبي عليه الصلاة والسلام : ( إنك لست ممن يفعله خيلاء ) ، فهذا في حق من كانت حاله مثل حال الصديق في استرخاء الإزار من غير كبر وهو مع ذلك يتعاهده ويحرص على ضبطه فأما من أرخى ملابسه متعمدا فهذا يعمه الوعيد وليس مثل الصديق .
وفي إسبال الملابس مع ما تقدم من الوعيد إسراف وتعريض لها للأوساخ والنجاسة ، وتشبه بالنساء وكل ذلك يجب على المسلم أن يصون نفسه عنه . والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل .
فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 6 / 323 (www.islam-qa.com)
هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى الفتنة ؟
للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى
س : إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة هل له حلقها ؟(1/64)
ج : ليس له ذلك ، بل عليه أن يتقي الله ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه ، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها ، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء وعدوان ، فإذا استقام على الطريق ، ودعا إلى الله باللسان ، ووجه الناس إلى الخير ، أو أقبل على شأنه ، وحافظ على الصلاة ، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له ، هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء ؛ فلهذا يتعرض لهم المسئولون .
فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء ، وأن يتقي الله ويرخي لحيته ، ويحافظ على الصلاة ، وينصح الإخوان ولكن بالرفق ، بالكلام الطيب ، لا بالتعدي على الناس ، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم ، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن .
قال الله جل وعلا : (( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ))
وقال تعالى : (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ))
وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : (( فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه ] ولا سيما في هذا العصر ، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة ، وليس عصر الشدة .
الناس أكثرهم في جهل ، في غفلة إيثار للدنيا ، فلا بد من الصبر ، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة ، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا .
ونسأل الله للجميع الهداية .
نشرت في جريدة المسلمون في العدد ( 532 ) ليوم الجمعة الموافق 15 / 11 / 1415
عنوان الفتوى: عن حكم تقصير اللحية؟
إسم المفتي: محمد بن صالح العثيمين
رقم الفتوى: 52
نص السؤال: سُئل فضيلة الشيخ: عن حكم تقصير اللحية ؟(1/65)
نص الفتوى: فأجاب رحمه الله تعالى بقوله: القص من اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وفروا اللحى)، (أعفوا اللحى)، (أرخوا اللحى)... فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتباع هديه صلى الله عليه وسلم ، فلا يأخذن منها شيئاً ، فإن هدي الرسول ، عليه الصلاة والسلام، أن لا يأخذ من لحيته شيئاً، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله، ولقد قرأنا جميعاً قول الله تعالى عن هارون لموسى : (يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) (2) . وهذا دليل على أن لهارون لحية يمكن الإمساك بها ، وهو كذلك هدي خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن لحيته كانت عظيمة وكانت كثَّة ، فمن أراد أن يتبعه تمام الاتباع ويمتثل أمره تمام الامتثال ، فلا يأخذن من شعر لحيته شيئاً ، لا من طولها ولا من عرضها . وبعض الناس عند ابتداء نبات لحيته تكون شعراتها متفرقة فيقول : أنا أحلقها لتنبت جميعاً ، وهذا ليس بصواب ، لأنه قد يحلقها فيعصي بذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يموت قبل أن تنبت ، ولكن عليه أن يبقيها كما كانت ، وهي إذا تم نموها وخروجها كانت مجتمعة في شكل حسن . والله الموفق.(1/66)