رقم 69931
معنى تعذيب الميت ببكاء أهله عليه:
هل صحيح أن الميت يعذب بالبكاء عليه ؟ وما ذنب الميت حتى يعاقب على معصية فعلها غيره ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، قد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وليس هذا من عقوبة الميت بذنب غيره ، كما سيأتي .
وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه الأحاديث ، لظنها أنها تتعارض مع قوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
وهذه بعض الأحاديث الواردة في هذا ، مع بيان معناها الصحيح الذي لا يتعارض مع هذه الآية ، وجواب العلماء على اعتراض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
روى البخاري (1291) ومسلم (933) عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ ) زاد مسلم : ( يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
وروى البخاري (1292) ومسلم (927) عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ ) .
قال النووي : وَفِي رِوَايَة بِإِثْبَاتِ ( فِي قَبْره ) وَفِي رِوَايَة بِحَذْفِهِ اهـ .(/1)
وروى البخاري (1288) ومسلم (929) عن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : تُوُفِّيَتْ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا ، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا ، فَإِذَا صَوْت مِنْ الدَّار ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ : أَلا تَنْهَى عَنْ الْبُكَاءِ ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَدْ كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ : ....َلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ : وَا أَخَاهُ ! وَا صَاحِبَاهُ ! فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا صُهَيْبُ ، أَتَبْكِي عَلَيَّ ! وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقَالَتْ : رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) وَقَالَتْ : حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(/2)
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا .
وقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَتْ : إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُوني عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلا مُكَذَّبَيْنِ ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ .
قال الحافظ :
قَوْله : ( مَا قَالَ اِبْن عُمَر شَيْئًا ) َقَالَ الزَّيْن بْن الْمُنِير : سُكُوته لا يَدُلّ عَلَى الإِذْعَان فَلَعَلَّهُ كَرِهَ الْمُجَادَلَة فِي ذَلِكَ الْمَقَام .
وروى مسلم (927) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أَنَّ حَفْصَةَ بَكَتْ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ، فَقَالَ : مَهْلًا يَا بُنَيَّةُ ! أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ؟) .
فهذه الأحاديث رواها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة من الصحابة وهم عمر وابن عمر والمغيرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ، وفيها تعذيب الميت ببكاء أهله عليه .
مسائل : المسألة الأولى :
المراد بالبكاء في هذه الأحاديث .
اتفق العلماء على أنه ليس المراد من هذه الأحاديث مطلق البكاء ، بل المراد بالبكاء هنا النياحة ورفع الصوت .
قال النووي :
" وَأَجْمَعُوا كُلّهمْ عَلَى اِخْتِلَاف مَذَاهِبهمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْبُكَاءِ هُنَا الْبُكَاء بِصَوْتٍ وَنِيَاحَة لَا مُجَرَّد دَمْع الْعَيْن " انتهى .
المسألة الثانية :
أما رد عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها هذه الأحاديث ، فهو اجتهاد منها رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ، حيث ظنت أن عمر وابنه رضي الله عنهما قد وهما وأخطآ ، وأن هذه الأحاديث معارضة لقول الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) الأنعام/164 .(/3)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : " إِنْكَار عَائِشَة رضي الله عنها ذَلِكَ وَحُكْمهَا عَلَى الرَّاوِي بِالتَّخْطِئَةِ أَوْ النِّسْيَان أَوْ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضًا وَلَمْ يَسْمَع بَعْضًا بَعِيد , لأَنَّ الرُّوَاة لِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ الصَّحَابَة كَثِيرُونَ وَهُمْ جَازِمُونَ فَلا وَجْه لِلنَّفْيِ مَعَ إِمْكَان حَمْلِهِ عَلَى مَحْمَل صَحِيح " انتهى .
فإن قيل : كيف حلفت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها على أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل هذا مع ثبوته عنه ؟
فالجواب : أنها حلفت بناء على غلبة ظنها أن عمر وابنه عبد الله وهما رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، والحلف على غلبة الظن جائز . قاله النووي رحمه الله بمعناه .
المسألة الثالثة :
الجمع بين هذه الأحاديث وبين ما استدلت به عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها من قول الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) . وبيان أنه لا تعارض بينها .
اختلفت طريقة العلماء في توجيه الحديث وبيان عدم تعارضه مع الآية ، ولهم في ذلك طرق :
أَوَّلهَا : طَرِيقَة الْبُخَارِيّ
أنه يعذب بذلك إذا كان من سنته وطريقته وقد أقرّ عليه أهله في حياته فيعذب لذلك ، وإن لم يكن من طريقته فإنه لا يعذب . فإنه قال :
" بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ (أي من طريقته وعادته) "
قال الحافظ :(/4)
" فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّ الَّذِي يُعَذَّب بِبَعْضِ بُكَاء أَهْله مَنْ كَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ بِأَنْ تَكُون تِلْكَ طَرِيقَته إِلَخْ , وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّف ( فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّته ) أَيْ كَمَنْ كَانَ لا شُعُور عِنْده بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , أَوْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِأَنْ نَهَاهُمْ فَهَذَا لا مُؤَاخَذَة عَلَيْهِ بِفِعْلِ غَيْره , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ اِبْن الْمُبَارَك : إِذَا كَانَ يَنْهَاهُمْ فِي حَيَاته فَفَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْد وَفَاته لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْء " انتهى .
ثَانِيهَا :
وقد نسبه النووي إلى الْجُمْهُور وصححه ، حملوا الحديث عَلَى مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاح بَعْد مَوْته فَنُفِّذَتْ وَصِيَّته , فَهَذَا يُعَذَّب بِبُكَاءِ أَهْله عَلَيْهِ وَنَوْحهمْ ; لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ وَمَنْسُوب إِلَيْهِ , فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْله وَنَاحُوا مِنْ غَيْر وَصِيَّة مِنْهُ فَلَا يُعَذَّب لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
قَالُوا : وَكَانَ مِنْ عَادَة الْعَرَب الْوَصِيَّة بِذَلِكَ ، وَمِنْهُ قَوْل طَرَفَةَ بْن الْعَبْد :
إِذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْله وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْب يَا اِبْنَة مَعْبَدِ
قَالُوا : فَخَرَجَ الْحَدِيث مُطْلَقًا حَمْلا عَلَى مَا كَانَ مُعْتَادًا لَهُمْ .
ثَالِثهَا : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ أَوْصَى بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْح ، أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا .
فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّب بِهِمَا إِذْ لا صُنْع لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيط مِنْهُ . وَحَاصِل هَذَا الْقَوْل إِيجَاب الْوَصِيَّة بِتَرْكِهِمَا , وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا . وَهُوَ قَوْل دَاوُد وَطَائِفَة .(/5)
رَابِعهَا : وَقَالَتْ طَائِفَة : مَعْنَى الأَحَادِيث أَنَّهُمْ كَانُوا يَنُوحُونَ عَلَى الْمَيِّت وَيَنْدُبُونَهُ بِتَعْدِيدِ شَمَائِله وَمَحَاسِنه فِي زَعْمهمْ , وَتِلْكَ الشَّمَائِل قَبَائِح فِي الشَّرْع يُعَذَّب بِهَا .
فمَعْنَى قَوْله " يُعَذَّب بِبُكَاءِ أَهْله " أَيْ بِنَظِيرِ مَا يَبْكِيه أَهْله بِهِ .
وَهَذَا اِخْتِيَار اِبْن حَزْم وَطَائِفَة ,
فكانوا يَنْدُبُونَ الميت بِرِيَاسَتِهِ الَّتِي ظلم فِيهَا , وَشَجَاعَته الَّتِي صَرَفَهَا فِي غَيْر طَاعَة اللَّه , وَجُوده الَّذِي لَمْ يَضَعهُ فِي الْحَقّ , فَأَهْله يَبْكُونَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمَفَاخِر وَهُوَ يُعَذَّب بِذَلِكَ .
خَامِسهَا : مَعْنَى التَّعْذِيب تَوْبِيخ الْمَلائِكَة لَهُ بِمَا يَنْدُبهُ أَهْله بِهِ كَمَا رَوَى ابن ماجه (1594) عن أَسِيدُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ ، إِذَا قَالُوا : وَا عَضُدَاهُ ، وَا كَاسِيَاهُ ، وَا نَاصِرَاهُ ، وَا جَبَلَاهُ ، وَنَحْوَ هَذَا ، يُتَعْتَعُ –أي يقلق ويزعج ويجر بشدة- وَيُقَالُ : أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ )
قَالَ أَسِيدٌ : فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
قَالَ : وَيْحَكَ ! أُحَدِّثُكَ أَنَّ أَبَا مُوسَى حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَرَى أَنَّ أَبَا مُوسَى كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! أَوْ تَرَى أَنِّي كَذَبْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى ؟! حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .(/6)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (1003) بِلَفْظِ : ( مَا مِنْ مَيِّتٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِ فَيَقُولُ : وَا جَبَلاهْ وَا سَيِّدَاهْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إِلا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ -أَيْ : يَضْرِبَانِهِ وَيَدْفَعَانِهِ- أَهَكَذَا كُنْتَ ؟ ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ويشهد له ما رواه البخاري (4268) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي : وَا جَبَلاهْ وَا كَذَا وَا كَذَا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ : مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلا قِيلَ لِي : آنْتَ كَذَلِكَ ؟ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ .
سَادِسهَا : مَعْنَى التَّعْذِيب تَأَلُّم الْمَيِّت بِمَا يَقَع مِنْ أَهْله مِنْ النِّيَاحَة وَغَيْرهَا , وَهَذَا اِخْتِيَار أَبِي جَعْفَر الطَّبَرِيّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ , وَرَجَّحَهُ القاضي عِيَاض ، وَنَصَرَهُ شيخ الإسلام اِبْن تَيْمِيَة وَجَمَاعَة مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَاسْتَشْهَدُوا لَهُ بِحَدِيثِ قَيْلَة بِنْت مَخْرَمَة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاها عن البكاء على ابنها وقال : ( أَيُغْْلَبُ أَحَدكُمْ أَنْ يُصَاحِب صُوَيْحِبه فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا , وَإِذَا مَاتَ اِسْتَرْجَعَ , فَوَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدكُمْ لَيَبْكِي فَيَسْتَعْبِر إِلَيْهِ صُوَيْحِبه , فَيَا عِبَاد اللَّه , لا تَعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ ) قال الحافظ : إسناده حسن . وقال الهيثمي : رجاله ثقات .
وهذا القول الأخير هو أولى الأقوال التي قيلت في معنى الحديث .
وقد سئل شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (34/364) : هَلْ يَتَأَذَّى الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ؟
فَأَجَابَ :(/7)
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَالْعُلَمَاءِ .
وَالصَّوَابُ : أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نَطَقَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . . . ثم ذكر بعض هذه الأحاديث . ثم قال :
وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعْذِيبِ الإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لقوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ثُمَّ تَنَوَّعَتْ طُرُقُهُمْ فِي تِلْكَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ . فَمِنْهُمْ مَنْ غَلَّطَ الرُّوَاةَ لَهَا كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ , وَهَذِهِ طَرِيقَةُ عَائِشَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا .
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِهِ فَيُعَذَّبُ عَلَى إيصَائِهِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ , كالمزني وَغَيْرِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ ، فَيُعَذَّبُ عَلَى تَرْكِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ , وَهُوَ اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ , مِنْهُمْ جَدِّي أَبُو الْبَرَكَاتِ .
وَكُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ ضَعِيفَةٌ جِدًّا , وَالأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ الَّتِي يَرْوِيهَا مِثْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ لا تُرَدُّ بِمِثْلِ هَذَا .
وَاَلَّذِينَ أَقَرُّوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُقْتَضَاهُ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ عُقُوبَةِ الإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَأَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ , وَاعْتَقَدَ هَؤُلاءِ أَنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُ الإِنْسَانَ بِذَنْبِ غَيْرِهِ . . . .(/8)
واللَّه تعالى لا يُعَذِّبُ أَحَدًا فِي الآخِرَةِ إلا بِذَنْبِهِ ، ( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
وَأَمَّا تَعْذِيبُ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ، فَهُوَ لَمْ يَقُلْ : إنَّ الْمَيِّتَ يُعَاقَبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ , بَلْ قَالَ : ( يُعَذَّبُ ) وَالْعَذَابُ أَعَمُّ مِنْ الْعِقَابِ ، فَإِنَّ الْعَذَابَ هُوَ الأَلَمُ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تَأَلَّمَ بِسَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ عِقَابًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ , يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) فَسَمَّى السَّفَرَ عَذَابًا ، وَلَيْسَ هُوَ عِقَابًا عَلَى ذَنْبٍ , وَالإِنْسَانُ يُعَذَّبُ بِالأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي يَشْعُرُ بِهَا مِثْلَ الأَصْوَاتِ الْهَائِلَةِ وَالأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ وَالصُّوَرِ الْقَبِيحَةِ فَهُوَ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ هَذَا وَشَمِّ هَذَا وَرُؤْيَةِ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَمَلا لَهُ عُوقِبَ عَلَيْهِ , فَكَيْفَ يُنْكَرُ أَنْ يُعَذَّبَ الْمَيِّتُ بِالنِّيَاحَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النِّيَاحَةُ عَمَلا لَهُ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ ؟
ولا نحكم على كل من ناح عليه أهله أنه يعذب بذلك :
ثم قال شيخ الإسلام :
ثُمَّ النِّيَاحَةُ سَبَبُ الْعَذَابِ , وَقَدْ يَنْدَفِعُ حُكْمُ السَّبَبِ بِمَا يُعَارِضُهُ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَيِّتِ مِنْ قُوَّةِ الْكَرَامَةِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْعَذَابِ
وهذا العذاب الذي يحصل للمؤمن ببكاء أهله عليه ، من جملة الشدائد والأذى التي يكفر الله بها عن المؤمن من ذنوبه .
وأما الكافر فإنه يزداد بذلك عذابه ، فيجمع له بين ألم العقاب ، والتألم الحاصل له ببكاء أهله عليه .
ثم قال شيخ الإسلام :(/9)
وَمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرْزَخِ وَالْقِيَامَةِ مِنْ الأَلَمِ الَّتِي هِيَ عَذَابٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةَ يَشَاكُهَا إلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ؟
فأجاب :
" معناه أن الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يعلم بذلك ويتألم ، وليس المعنى أن الله يعاقبه بذلك لأن الله تعالى يقول : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) والعذاب لا يلزم أن يكون عقوبة ألم تر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن السفر قطعة من العذاب ) والسفر ليس بعقوبة ، لكن يتأذى به الإنسان ويتعب ، وهكذا الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يتألم ويتعب من ذلك ، وإن كان هذا ليس بعقوبة من الله عز وجل له ، وهذا التفسير للحديث تفسير واضح صريح ، ولا يرد عليه إشكال ، ولا يحتاج أن يقال : هذا فيمن أوصى بالنياحة ، أو فيمن كان عادة أهله النياحة ولم ينههم عند موته ، بل نقول : إن الإنسان يعذب بالشيء ولا يتضرر به " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/408) .
وانظر : "فتح الباري" (3/180- 185) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/10)
رقم 69933
هل للجن دور في إجهاض الجنين وتشويهه:
هل يستطيع الجن أن يؤثر على الجنين في بطن أمه من حيث إجهاضه أو تشويهه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
يجب أن تعلمي أن الله تعالى هو الذي يخلق الجنين في بطن أمه ، قال تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) الزمر/6 ، وهو الذي يصوره كيف يشاء ، قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/6 ، وهو الذي يقدر زمن بقائه فيه وخروجه منه ، قال تعالى : ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) الرعد/8 .
قال الشيخ الشنقيطي – بعد ذِكر الأقوال في تفسير الآية - :
" مرجع هذه الأقوال كلها إلى شيء واحد ، وهو أنه تعالى عالم بما تنقصه الأرحام وما تزيده ؛ لأن معنى " تغيض " : تنقص ، و " تزداد " أي : تأخذه زائداً ، فيشمل النقص المذكور : نقص العدد ، ونقص العضو من الجنين ، ونقص جسمه إذا حاضت عليه فتقلص ، ونقص مدة الحمل بأن تسقطه قبل أمد حمله المعتاد ، كما أن الازياد يشمل زيادة العضو ، وزيادة العدد ، وزيادة جسم الجنين إن لم تحض وهي حامل ، وزيادة أمد الحمل عن القدر المعتاد ، والله جل وعلا يعلم ذلك كله ، والآية تشمله كله " انتهى .
" أضواء البيان " ( 3 / 73 ) .
وبه تعلمي أن وجود ما يسمى " التابع " أو " التبيعة " في بطن الأم وأنه يسبب إجهاض أو تشويه الجنين أمرٌ لا صحة له ، وهو من خرافات العامة وأساطيرهم .
سئل علماء اللجنة الدائمة :(/1)
كنت قد تزوجت في الثامن من ذي الحجة 1403هـ والتي تزوجتها ابنة خالتي ، وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك 1405هـ رزقني الله بمولود سميته : " موسى " وفي شهر شعبان 1406هـ أسقطت زوجتي جنينا بعد شهره الثالث .
وفي ربيع الأول 1407هـ توفَّى الله ولدي " موسى " ، وكما قلت لكم : إن زوجتي ابنة خالتي ، وبعد وفاة ابني موسى جاءتني خالتي - والتي هي أم زوجتي - وقالت لي : إنها ذهبت إلى رجل عالم بالكتاب ، وقالت : إن هذا الرجل قال لها : إن مع زوجتي تابعة - أو تبيعة - من الجن تقتل أولادها حسداً وحقداً من عندها ، وأن هذا الرجل يمكنه أن يقطع دابر تلك التبيعة أو التابعة من الجن .
فرفضت ذلك ، وفي ثالث يوم من شهر شعبان الماضي 1407هـ رزقني الله بطفلة سميتها " مستورة " ولكن توفاها الله ثاني يوم ولادتها ، فجاءتني خالتي وقالت لي : أما قلت لك : تذهب إلى ذلك الرجل وتنتهي من ذلك الموضوع ، وأصرت أن نذهب إليه وكذلك أصر معها والدي على أن نذهب إلى ذلك الرجل الذي يقوم بإنهاء تلك التابعة أو التبيعة ، فطلبت منهم مهلة عسى الله سبحانه وتعالى أن يلهمني ، والحمد لله الذي هداني إلى أن أقوم بكتابة هذه الرسالة إليكم راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم في إفتائنا في هذا الموضوع ، علما بأن هذا الموضوع يسبب لي أرقاً دائماً .
فأجابوا :(/2)
" لقد أحسنتَ بامتناعك من الذهاب مع خالتك - أم زوجتك - إلى الرجل الذي يدعي علم الكتاب ؛ لأنه كاهن ، وأحسنت أيضا بسؤالك أهل العلم للتحقق من الصواب ، وعليك أن ترقي نفسك وزوجتك ومن ترزق من الأولاد بالرقية الشرعية ، فتقرأ على كل منهم فاتحة الكتاب والمعوذات الثلاث : " قل هو الله أحد " ، وسورة " الفلق " ، وسورة " الناس " تكرر المعوذات ( ثلاث مرات ) وتنفث عقب كل مرة في كفيك وتمسح بهما الوجه وما أقبل من البدن ، وتدعو بهذا الدعاء : " أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة " ، وننصحك بشراء كتاب " الأذكار النووية " للإمام النووي ، وكتاب " الكلم الطيب " لابن تيمية ، وكتاب " الوابل الصيب " لابن القيم ، فإن فيها كثيراً من الأذكار النافعة والرقى الشرعية " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 619 ، 620 ) .
وسئلوا أيضاً :
بعض الناس الذين لم يأت لهم أولاد يرشدهم بعض الناس إلى شراء تيس مثلا ، ويقول : لون التيس كذا ، كأن يقول : أسود – مثلاً - ، ويقول : اربطه في البيت عندك لمدة كذا ، ويقولون : السبب في عدم وجود أولاد هي جنية يسمونها بـ : التابعة ، فيزعمون أنه عند حالة وجود التيس في البيت يمنعها من دخول البيت وعند ذلك يحصل الحمل ، فما حكم هذا ؟
فأجابوا :
" لا يجوز ذلك وهو نوع من الكهانة ، ولا أساس لصحة ما ذكر ، بل هو كذب وافتراء " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 584 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 69937
حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟:
أريد أن أسأل إلى أي درجة تصل واجبات الزوج تجاه أهل زوجته ؟ سؤالي هذا لأنني عانيت مشكلة كبيرة مع زوجي نظراً إلى تعامله السيئ جدّاً مع أمي عندما قامت بزيارتنا ( نتيجة لمشاجرة حدثت بين حماتي وأمي ) وانتهت بأن زوجي طرد أمي أو ما شابه ، وأنا نتيجة إلى هذا اضطررت أن أغادر مع أمي البيت ضد رغبة زوجي في البقاء معه ( علما بأنني كنت أقطن في بلد آخر وسافرت مع أمي إلى بلادنا ) ومعاملة زوجي لي جيدة غير أنى غضبت من معاملته لها بهذا الشكل ، مع أنه تأسف لها في اليوم التالي , لكنها لم تسامحه ، فهل تصرفي كان صحيحاً ، أم أنني لم أطع زوجي كما وصى الله سبحانه وتعالى ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للزوج أن يصل أهل زوجته ، ويحسن إليهم ، فإن هذا من حسن معاشرة زوجته ، وفعله هذا يُدخل السرور إلى قلبها ، ويجعله محل احترامها وتقديرها ، ويزيد في المحبة والمودة بينهما .
قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير :
" أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (285) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
ثانياً :
وأما طرد زوجكِ لأمكِ من بيته فقد اعتذر عن ذلك ، وينبغي لمن اعتذر له أخوه أن يقبل اعتذاره ويتجاوز عن زلته .(/1)
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ، فالرجل لا يقدِّم أحداً على أمه في البرِّ ، والزوجة لا ينبغي لها أن تقدِّم أحداً على زوجها في الطاعة ؛ وذلك لعِظَم حقه عليها ، ومن عظم حق الرجل على المرأة أن الشرع كاد يأمرها بالسجود له لولا أنه لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد من البشر .
ولا يحق للزوج منع أهل زوجته من زيارة ابنتهم ، إلا إن كان يخشى منهم إفساداً لها أو تحريضاً على النشوز ، فله – حينئذٍ – منعهم .
ثالثاً :
وأنتِ قد أخطأتِ مرتين ووقعتِ في مخالفة الشرع فيهما ، أما الأولى فهي خروجكِ من البيت من غير إذن زوجك ، والثانية هي سفركِ من غير محرَم .
أما الخروج من البيت دون إذن الزوج فهو من المحرمات ، بل إن الله تعالى منع المرأة المطلقة رجعيّاً أن تخرج من بيتها فكيف إن لم تكن كذلك ؟! قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله , وقرأ قوله تعالى : ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/25 ، وقال عمر بن الخطاب : النكاح رق , فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، وفي الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ – أي : أسيرات- ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير , فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة " انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
قال ابن مفلح الحنبلي :(/2)
" ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة ، أو واجب شرعي " انتهى .
"الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
وأما سفر المرأة من غير محرم ، فهو حرام ، وقد جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي :
" فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفراً ، والله أعلم " انتهى بتصرف من "شرح مسلم" (9/103) .
والبريد : مسافة تقدر بنحو عشرين كيلو متر تقريباً .
ونرجو النظر في جواب السؤال ( 10680 ) ففيه بيان حقوق الزوج وحقوق الزوجة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 69944
معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ما معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أما " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " فمعناها - عند جمهور العلماء - : من الله تعالى : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدعاء ، وذهب آخرون – ومنهم أبو العالية من المتقدمين ، وابن القيم من المتأخرين ، وابن عثيمين من المعاصرين – إلى أن معنى " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " هو الثناء عليه في الملأ الأعلى ، ويكون دعاء الملائكة ودعاء المسلمين بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بأن يثني الله تعالى عليه في الملأ الأعلى ، وقد ألَّف ابن القيم – رحمه الله – كتاباً في هذه المسألة ، سمّاه " جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام " وقد توسع في بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحكامها ، وفوائدها ، فلينظره من أراد التوسع .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" قوله : " صلِّ على محمد " قيل : إنَّ الصَّلاةَ مِن الله : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدُّعاء .
فإذا قيل : صَلَّتْ عليه الملائكة ، يعني : استغفرت له .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الخطيبُ ، يعني : دعا له بالصلاة .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الله ، يعني : رحمه .
وهذا مشهورٌ بين أهل العلم ، لكن الصحيح خِلاف ذلك ، أن الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة ، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدُّعاء بالرحمة لكلِّ مؤمن ، واختلفوا : هل يُصلَّى على غير الأنبياء ؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة لم يكن بينهما فَرْقٌ ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه .(/1)
وأيضاً : فقد قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة157 ، فعطف " الرحمة " على " الصلوات " والعطفُ يقتضي المغايرة فتبيَّن بدلالة الآية الكريمة ، واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في موضع والرحمة في موضع : أن الصَّلاة ليست هي الرحمة .
وأحسن ما قيل فيها : ما ذكره أبو العالية رحمه الله أنَّ صلاةَ الله على نبيِّه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
فمعنى " اللَّهمَّ صَلِّ عليه " أي : أثنِ عليه في الملأ الأعلى ، أي : عند الملائكة المقرَّبين .
فإذا قال قائل : هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ ؛ لأن الصَّلاة في اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء : فالجواب على هذا : أن الصلاة أيضاً من الصِّلَة ، ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم الصِّلات ؛ لأن الثناء قد يكون أحياناً عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال ، فالذِّكرى الحسنة صِلَة عظيمة .
وعلى هذا فالقول الرَّاجح : أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني : الثناء عليه في الملأ الأعلى " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 163 ، 164 ) .
ثانياً :
وأما معنى " السلام عليه صلى الله عليه وسلم " : فهو الدعاء بسلامة بدنه – في حال حياته - ، وسلامة دينه صلى الله عليه وسلم ، وسلامة بدنه في قبره ، وسلامته يوم القيامة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " السلام عليك " : " السَّلام " قيل : إنَّ المراد بالسَّلامِ : اسمُ الله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ هو السَّلامُ " كما قال الله تعالى في كتابه : ( الملك القدوس السلام ) الحشر/23 ، وبناءً على هذا القول يكون المعنى : أنَّ الله على الرسول صلى الله عليه وسلم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك ، فكأننا نقول : اللَّهُ عليك ، أي : رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك ، وما أشبه ذلك .(/2)
وقيل : السلام : اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب/56 فمعنى التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم : أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة .
إذا قال قائل : قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ واضحاً ، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ وقد مات صلى الله عليه وسلم ؟
فالجواب : ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصوراً في حال الحياة ، فهناك أهوال يوم القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على الصِّراط : " اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات بمجرد موته .
إذاً ؛ ندعو للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّلامةِ من هول الموقف .
ونقول - أيضاً - : قد يكون بمعنى أعم ، أي : أنَّ السَّلامَ عليه يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين ؛ كما قال العلماءُ في قوله تعالى : ( فردوه إلى الله والرسول ) النساء/59 ، قالوا : إليه في حياته ، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته .
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب : لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها شيء من كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى يَسمعَ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .(/3)
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ، ويقولون : السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ، ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 149 ، 150 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 69948
الترغيب في الصدقة الجارية:
أريد كلمة فيها بيان ما المراد بالصدقة الجارية والترغيب فيها .
الجواب:
الحمد لله
فإن الله خلق الإنسان لعبادته ، قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56
وشرع له من العبادات ما ينال به الثواب والأجر الجزيل في الدنيا والآخرة .
ولم تقتصر هذه الأعمال والعبادات على الحياة الدنيا فقط ، بل شرع له من الأسباب ما تزداد به حسناته بعد مماته ، وهي الصدقات الجارية ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (3084) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :
"قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ , وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْثوَاب لَهُ, إِلا فِي هَذِهِ الأَشْيَاء الثَّلاثَة ; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه , وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة , وَهِيَ الْوَقْف " انتهى.
وروى ابن ماجه (224) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ) حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .(/1)
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد وفاة الإنسان ، ولذلك خصها كثير من العلماء بـ (الوقف) كمن بنى مسجداً ، لأنه يجري عليه ثوابه ما دام الوقف باقياً .
وأما ما لا يستمر ثوابه – كإطعام الفقراء والمساكين - فإنه لا يصح أن يسمى صدقة جارية ، وإن كان فيه ثواب عظيم ، إلا أنه لا يسمى صدقة جارية .
قال ابن حزم في المحلى (8/151) : " الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ , الْبَاقِي أَجْرُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (4/13) : الصدقة الجارية : كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته .
والذي يتصدق به الإنسان من ماله ، هو ماله الحقيقي الباقي له ، الذي ينتفع به .
فقد روى الترمذي (2470) أنهم ذبحوا شاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتصدقوا بها إلا كتفها، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ قَالَتْ عائشة : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلا كَتِفُهَا. قَالَ : بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
والمعنى : أن ما يأكله الإنسان هو الذي سيفنى ولا يبقى له ، وأما ما تصدق به فهو الباقي له عند الله ، ينتفع به يوم القيامة ، وفي هذا الحديث إشارة إلى قوله تعالى : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) النحل/96 .
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن كُلّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يوم القيامة ، يوم تُدْنَى الشمسُ من رؤوس العباد ، حَتَّى يحكم الله بين الناس . رواه أحمد (16882) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4510) .
فلتبادر يا أخي بالصدقة ، واحرص أن تكون صدقتك جارية ، حتى تنتفع بها بعد الممات .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 69950
هل يجوز تسمية ابنتي " هبة " وابني " رضا " ؟:
أرغب أن أسمي أبنائي إن شاء الله " هبة " للبنت و " رضا " للولد فما معنى هذين الاسمين ؟ وهل يجوز لي التسمية بهذين الاسمين ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يظهر مانع من التسمية بهذين الاسمين ، ولهما معانٍ مقبولة ، لا تخالف الشرع ، وهذه معاني هذين الاسمين :
الهبة : هي إعطاء الشيء بلا مقابل ، وهي بهذا المعنى تشبه الهدية . ومن أسماء الله تعالى الحسنى " الوهّاب " أي : كثير العطايا والهبات ، سبحانه وتعالى .
رضا : لها معانٍ ، منها :
1. ضد السَّخط .
2. المرْضي عنه .
3. القبول .
4. القناعة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 7180 ) ففيه آداب تسمية الأبناء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 69964
سؤال المرأة عن دين من تقدم لخطبتها ليس تعقيداً:
أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد ، عمري 25 سنة ، المشكلة هي أنني كلما تقدم لي أحد أطلب من أمي أن تسأل أهله بعض الأسئلة مثل هل يصلي ؟ هل يدخن ؟ هل هو ممن يهتم لأمور الغناء والتلفاز ؟ لأن الذين تقدموا لي لم يكونوا ملتزمين ، وأمي تقول لي : " أنتِ معقدة " ، فهي خائفة عليَّ أن يفتني الزواج بسبب شروطي .
هل أنا مخطئة ؟ وبماذا تنصحني ؟ أخاف أنني أحلم برجل صالح في زمن لا يتوفر فيه والله أعلم .
الجواب:
الحمد لله
لستِ مخطئة ولا معقدة ، بل قد أحسنتِ في سؤالكِ واستفساركِ عن دين وخلُق الخاطب ، وهذا هو الواجب – أصلاً – على أهلكِ أن يفعلوه ، فلا يحل لهم أن يقفوا ضد هذا الفعل منكِ ، بل عليهم تأييدك وتثبيتكِ عليه .
وقد أوصى الشرع بحسن اختيار الزوج والزوجة ، والقاسم المشترك في الاختيار هو الخلق والدين ، والمرأة أضعف من أن تثبت على دينها مع قليل الخلق والدين .
لذا فإن الوصية لأهلك في هذا أن يقفوا معكِ في هذا الأمر ، واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء ، ونسأل الله تعالى أن ييسر لكِ زوجاً صالحاً .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها .
فأجاب :(/1)
" أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلُق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي ، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلُق ؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف ، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان ، ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها ، تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك : فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة ، أو مَن عُرف بشرب الخمر - والعياذ بالله - ، أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ، ولاهم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين ، أما النسب فإن حصل فهذا أولى ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه ) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل " انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (2/702) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أيضاً : عن رجل خطب من رجل ابنته ، ولما سأل عنه إذا هو لا يصلي ، وأجاب المسئول عنه بقوله : يهديه الله ، فهل يزوج هذا ؟
فأجاب :(/2)
" أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي مع الجماعة : فهذا فاسق عاص لله ورسوله ، مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (23/222) : " اتفق العلماء على أنها – أي : صلاة الجماعة – من أوكد العبادات ، وأجل الطاعات ، وأعظم شعائر الإسلام " انتهى كلامه رحمه الله تعالى ، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز أن يتزوج بمسلمة لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه ، وإن كانوا أقل مالاً وحسباً كما جاء في الحديث : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) قالوا : يا رسول الله ، وإن كان فيه ؟ قال : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ثلاث مرات ، أخرجه الترمذي ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .(/3)
ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة ، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) ، وقال : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ . فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) ، أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام ، يجب أن يستتاب ، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا كانت توبته نصوحاً خالصةً لله ، وإلا قتل كافراً مرتداً ، ودفن في غير مقابر المسلمين من غير تغسيل ، ولا تكفين ، ولا صلاة عليه ، والدليل على كفره نصوص من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... – وساق أدلة كفر تارك الصلاة – ثم قال :(/4)
وحيث تبيَّن من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى : ( ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) ، وقال تعالى في المهاجرات : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، وأجمع المسلمون على ما دلَّت عليه هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافر ، وعلى هذا فإذا زوَّج الرجل من له ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه ، ولم تحل له المرأة بهذا العقد ؛ لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي : مردود عليه .
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزويجه من جديد ؟!
وخلاصة الجواب : أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك ويجوز تزويجه في هذه الحال ، لكن ذوي الدين والخلق أولى منه ،
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال إلا أن يتوب توبة صادقة ويصلي ويستقيم على دين الإسلام .
وأما ما ذكره السائل من أن والد المخطوبة سأل عنه فقال المسؤول عنه : يهديه الله . فإن المستقبل علمه عند الله تعالى وتدبيره بيده ، ولسنا مخاطبين إلا بما نعلمه في الحال الحاضرة ، وحال الخاطب الحاضرة حال كفر لا يجوز أن يزوج بمسلمة ، فنرجو الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الإسلام حتى يتمكن من الزواج بنساء المسلمين وما ذلك على الله بعزيز .(/5)
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 31) .
والخلاصة : أن عليك أن تصبري حتى ييسر الله لك زوجاً صالحاً ، وما تفعلينه من السؤال والاستفسار عن خلُق ودِين الخاطب أمر مشروع بل واجب عليك وعلى أوليائكِ ، وأن الخاطب إن كان لا يصلي فالعقد غير صحيح ؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الملة ، وشرب الدخان وحلق اللحية واستماع الغناء كل ذلك من المحرمات ، وهي أسباب شرعيَّة لرفض الخاطب إن كان يفعلها ويتصف بها .
نسأل الله لك التوفيق ، ونسأله أن يثبتكِ على طاعته ، ويرزقك زوجاً صالحاً ، وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 69965
هل يطيع والده ويحلق اللحى في محله ؟:
أنا أعمل في محل حلاقة ، وهذا المحل ملك لوالدي ، ولدي أخ منَّ الله عليه بالهداية ويعمل معي بالمحل وإنه الآن متزوج وإنه يرفض حلق اللحية للزبائن لأنه يرى أن هذا حرام شرعاً وأن المال الذي يأتي من حلق اللحية حرام , أنا أعزب أعيش مع والدي ، كنت أرفض حلق اللحية للزبائن أولاً ، لكن أبي ضغط عليَّ وأغلق المحل ، وليس لدي عمل آخر , إن أخي مصر على عدم حلق اللحية فلا يعاني ضغطاً من أبي لأنه في بيت آخر ، أنا مرتبط بتجهيز وأقساط فعدت لحلق اللحية وأنا أكرهها ليفتح أبي المحل ، فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
قد سبق في جواب السؤالين ( 1190 ) و ( 8196 ) حرمة حلق اللحية ، وحرمة الإعانة على حلقها ، سواء كان بفتح محل لحلق اللحى أم بغير ذلك .
وطاعة الوالدين وبرهما واجبة ، إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية الله ) رواه البخاري (6830) ومسلم (1840) .
وعليه : فلا يجوز فتح محل لحلق اللحية ، ويمكنك الاكتفاء بحلق وتقصير الشعر وحف الشوارب دون التعرض للحى الناس ، وفي هذا جمع بين الأمرين : فتح المحل وعدم الوقوع في الحرام .
وليعلم والدك أن تحصيل الرزق يجب أن يكون وفق الشرع ، وأن الله تعالى يبارك في المال الحلال القليل ، ويمحق المال الحرام الكثير ، وأنت لستَ مضطراً شرعاً للوقوع في هذه المعصية ، وطاعة والدك ليست ملزمة لكَ لما فيها من الأمر بالمعصية .(/1)
فاستعن بالله تعالى ولا تستجب لما يدعوك إليه والدك ، وابحث عن عمل آخر ، أو ابق في محلك من غير أن تحلق اللحى ، وسيجعل لك مخرجاً ، ويرزقك من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/2، 3 .
واقتد بأفعال خير القرون وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فما كانوا ليقدموا دنياهم على دينهم ، ولا نفع الدنيا على خير الآخرة ، وقد كانوا يسمعون الوحي ينهاهم عن الأمر الحبيب إلى نفوسهم فيسارعون إلى تركه ، وكانوا يسمعون الأمر الثقيل على نفوسهم فيسارعون إلى فعله ، وأهل المدينة كانوا أهل زرع ، وكان لهم نفع في بعض عقودهم ، فلما جاءهم النهي عن بعضها قال أحدهم : ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ كان لنا نافعاً وطواعية الله ورسوله أنفع لنا ) رواه البخاري ( 2214 ) ومسلم ( 1548 ) .
ولم يتردد الصحابة عندما حرمت الخمر عن الامتناع عن شربها والكأس في أيديهم ، ولم يؤخروا كسر الجرار بل سارعوا إلى ذلك ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كنتُ أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبيّ بن كعب شراباً من فضيخ - وهو تمر - فجاءهم آتٍ فقال : إن الخمر قد حرِّمت فقال أبو طلحة : يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها ، قال أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى انكسرت " رواه البخاري ( 6826 ) ومسلم ( 1980 ) .(/2)
وبمثل هذه الاستجابة سبق أولئك الكرام من جاء بعدهم ، والواجب على المسلم أن لا يتردد في ترك ما هو عليه من مخالفة للشرع ، وليعلم أن هذا مقتضى إيمانه الذي رضيه لنفسه ، قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 69973
هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي ؟:
تقدم الحكومة عندنا قرضا لشباب الخريجين عوضاً عن توظيفهم في الحكومة ، فهل هذا القرض حلال أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرده بزيادة فهو ربا محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده : فهو حرام , بغير خلاف ، قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك : أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى .
"المغني" (4/211) .
وقال ابن عبد البر : " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا , ولو كانت قبضة من علف , وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى .
"الكافي " (2/359) .
وعليه : فإذا كان القرض ربويّاً وذلك بأن يشترط إرجاع المبلغ المقترض بزيادة : فإنه لا يجوز لكم أخذ هذا المبلغ ؛ لأن العقد ربوي ، ولا يخفى عليكم أن الربا من كبائر الذنوب ، ويغنيكم الله عن هذا القرض وأشباهه .
أما إن كانت هذه القروض قروضاً حسنة ، وليست ربويَّة ، فيُرجع المقترض مثل ما أخذ من غير زيادة ، فلا حرج من أخذ هذا القرض والانتفاع به .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 70042
تسأل عن حقوق المرأة في الإسلام:
ما هي حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام ( من القرن الثامن إلى الثاني عشر) إن طرأ عليها تغييرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وأخبر أن الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ، وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد العناية بها في حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24 .(/1)
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ : قَالَ : وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ارْجِعْ فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ) .
إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام لذكرها .(/2)
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب .
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .(/3)
وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر بصلة الرحم ، وحث على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم- : ( مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ، فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
وبالجملة ؛ فالإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم . ولها حق التعليم ، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها .
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه ، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في الإسلام .
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق أو الفرس أو اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ، فقد اجتمع اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام .(/4)
وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب .
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة .
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها !
ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها والإحسان إليها وإكرامها ، والإنفاق عليها ؟!
ثانياً :
وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور ، فلا تغير فيها من حيث المبدأ والتأصيل النظري ، وأما من حيث التطبيق فالذي لا شك فيه أن العصر الذهبي للإسلام كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم ، ومن أحكام هذه الشريعة : بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة . وكلما ضعف التدين كلما حدث الخلل في أداء هذه الحقوق ، لكن لا تزال طائفة إلى يوم القيامة تتمسك يدينها ، وتطبق شريعة ربها ، وهؤلاء هم أولى الناس بتكريم المرأة وإيصال حقوقها إليها .
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم إلا أن المرأة تبقى لها مكانتها ومنزلتها ، أمّاً وبنتا وزوجة وأختا ، مع التسليم بوجود التقصير أو الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس ، وكل مسئول عن نفسه .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 70120
لا يشرع مسح العنق في الوضوء:
هل يستحب مسح العنق في الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يستحب مسح العنق في الوضوء ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عنقه في الوضوء ، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح ، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح على عنقه ; ولهذا لم يستحب ذلك جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبهم ، ومن استحبه فاعتمد فيه على أثر يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أو حديث يضعف نقله : أنه مسح رأسه حتى بلغ القَذَال . ومثل ذلك لا يصلح عمدة ، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث ، ومن ترك مسح العنق فوضوءه صحيح باتفاق العلماء " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21/127) .
وهذا الحديث : ( أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه حتى بلغ الْقَذَالَ ، وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا ) . رواه أبو داود (132) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .(/1)
وذكر النووي في "المجموع" (1/489) اختلاف أصحاب الشافعي رحمهم الله في مسح الرقبة في الوضوء ، ثم قال : هذا مختصر ما قالوه ، وحاصله أربعة أوجه : أحدها : يسن مسحه بماء جديد . والثاني : يستحب ولا يقال مسنون . والثالث : يستحب ببقية ماء الرأس والأذن . والرابع : لا يسن ولا يستحب . وهذا الرابع هو الصواب ، ولهذا لم يذكره الشافعي رضي الله عنه ، ولا أصحابنا المتقدمون ، ولم يذكره أيضا أكثر المصنفين , ولم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وثبت في صحيح مسلم وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) وفي رواية لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) وأما الحديث المروي عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ . فهو حديث ضعيف بالاتفاق . وأما قول الغزالي : إن مسح الرقبة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ ) فغلط ، لأن هذا موضوع ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
و(الْغُلِّ) هو القيد والسلاسل التي يكون في الرقبة . قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ ) الرعد/5 . وقال : ( وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبأ/33 .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
" ولم يصح عنه (صلى الله عليه وسلم) في مسح العنق حديث البتة " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :(/2)
" لا يستحب ولا يشرع مسح العنق ، وإنما المسح يكون للرأس والأذنين فقط ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/102) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70177
منع المسلم زوجته غير المسلمة من الاحتفال بأعيادها الدينية:
لماذا لا يسمح للفتاة الكاثوليكية المتزوجة من مسلم الاحتفال بأعيادها الدينية ؟ مع أنها متزوجة من مسلم وهي باقية على عقيدتها . هل يمكنها أن تتعبد حسب اعتقادها ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا رضيت الفتاة النصرانية بالزواج من مسلم ، فإنه ينبغي أن تعلم أمورا :
1- أن الزوجة مأمورة بطاعة زوجها ، في غير المعصية ، لا فرق في ذلك بين الزوجة المسلمة وغيرها ، فإذا أمرها زوجها بغير معصية لزمها طاعته . وقد جعل الله هذا الحق للرجل ، لأنه قوّام على الأسرة ومسئول عنها ، ولا تستقيم الحياة الأسرية إلا بأن تكون هناك كلمة مسموعة مطاعة من فرد من أفرادها ، لكن هذا لا يعني أن يتسلط الرجل أو يستغل هذا الحق للإساءة إلى زوجته وأولاده ، بل يجتهد في الصلاح والإصلاح ، والنصح والتشاور ، لكن لا تخلو الحياة من مواقف تحتاج إلى حسم ، وكلمة فاصلة ، لابد منها ، ومن الاستجابة لها . فينبغي للفتاة النصرانية أن تتفهم هذا المبدأ قبل إقدامها على الزواج من مسلم .
2- أن إباحة الإسلام الزواج من نصرانية أو يهودية ، يعني الزواج بها مع بقائها على دينها ، فليس للزوج أن يكرهها على الإسلام ، ولا أن يمنعها من عبادتها الخاصة بها ، لكن له الحق في منعها من الخروج من المنزل ، ولو كان خروجها للكنيسة ، لأنها مأمورة بطاعته ، وله الحق في منعها من إعلان المنكر في المنزل ، كنصب التماثيل ، وضرب الناقوس .
ومن ذلك : الاحتفال بالأعياد المبتدعة ، كعيد قيامة المسيح ، لأن ذلك منكر في الإسلام ، من جهتين : من جهة كونه بدعة لا أصل لها - ومثله الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعيد الأم - ، ومن جهة ما يتضمنه من الاعتقاد الفاسد ، من أن المسيح قتل وصلب وأدخل القبر ثم قام منه .(/1)
والحق أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب وإنما رفع إلى السماء حياًّ.
انظري السؤال (10277) ، (43148) .
والزوج ليس له أن يجبر زوجته النصرانية على ترك اعتقادها هذا ، ولكنه ينكر إشاعتها للمنكر وإظهارها له ، فيجب التفريق بين حقها في الاستمرار على دينها ، وبين إظهارها للمنكرات في بيته . ومثل هذا : ما لو كانت الزوجة مسلمة ، وتعتقد إباحة شيء ، وزوجها يعتقد تحريمه ، فإن له منعها منه ، لأنه قوّام الأسرة ، وعليه أن ينكر ما يعتقد أنه منكر .
3- الذي عليه جمهور أهل العلم أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، إضافة إلى مخاطبتهم بالإيمان ، وهذا يعني أنه يحرم عليهم ما يحرم على المسلمين من شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وإحداث البدع ، أو الاحتفال بها . وعلى الزوج أن يمنع زوجته من ارتكاب شيء من ذلك ، لعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم/6 ، ولا يستثنى من ذلك إلا اعتقادها وعبادتها المشروعة في دينها ، كصلاتها وصومها الواجب ، فإن الزوج لا يتعرض لها في ذلك ، وليس من دينها شرب الخمر ولا أكل الخنزير ولا الاحتفال بالأعياد المحدثة ، التي اخترعها الأحبار والرهبان .
قال ابن القيم رحمه الله : " وأما الخروج إلى الكنيسة والبيعة فله منعها منه ، نص عليه الإمام أحمد في الرجل تكون له المرأة النصرانية ، قال : لا يأذن لها في الخروج إلى عيد النصارى أو البيعة .
وقال في الرجل تكون له الجارية النصرانية تسأله الخروج إلى أعيادهم وكنائسهم وجموعهم : لا يأذن لها في ذلك ".
قال ابن القيم : " وإنما وجه ذلك أنه لا يعينها على أسباب الكفر وشعائره ولا يأذن لها فيه ".(/2)
وقال : " وليس له منعها من صيامها الذي تعتقد وجوبه وإن فوت عليه الاستمتاع في وقته ولا من صلاتها في بيته إلى الشرق وقد مكن النبي وفد نصارى نجران من صلاتهم في مسجده إلى قبلتهم " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/819- 823) .
وصلاة وفد نصارى نجران في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها ابن القيم رحمه الله أيضاً في "زاد المعاد" (3/629) قال المحقق : "رجاله ثقات ، لكنه منقطع " انتهى . يعني : أن سنده ضعيف .
وينظر السؤال (3320)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70216
الذهاب إلى المسجد ماشياً:
هل الذهاب إلى المسجد راكبا له ثواب الماشي ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم أنه قد ورد الأجر العظيم في المشي إلى المسجد , وأن أعظم المصلين أجراً أبعدهم منزلاً .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ , وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ , وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) رواه مسلم ( 251 ) .
وعنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ ) رواه مسلم (662 ) .
فهذا الحديث وما قبله دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد ؛ لحصول كثرة الخُطَا الذي من ثمرته حصول الثواب , وكثرتها تكون ببعد الدار , كما تكون بكثرة التردد إلى المسجد .(/1)
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ لا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ , فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ : لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ ؟ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ) رواه مسلم (663) .
فانظر أخي المسلم إلى هذا الثواب العظيم من الرب الكريم , حيث دل الحديث على إثبات الأجر في الخطا في الرجوع من الصلاة كما في الذهاب إليها , ولهذا آثر هذا الصحابي رضي الله عنه المشي على قدميه مع بعد داره عن المسجد .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً , وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً ) رواه مسلم (666) .
وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود (561) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في دليل الفاتحين (3/558-559) : " الظُّلَم : جمع ظلمة ، وهي تعم ظلمة العشاء والفجر . وفي الحديث : فضل المشي إلى الصلاة سواء كان المشي طويلاً أو قصيراً , وفضل المشي إليها للجماعات في ظلم الليل " انتهى .(/2)
وهذا الفضل ثابت ـ إن شاء الله ـ لمن صلى العشاء والفجر مع الجماعة , ولو كانت الطرق مضاءة . لأن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل .
فهذه الأحاديث وغيرها فيها حث للمسلم على أن يجتهد في إتيان المسجد ماشياً لا راكباً ولو كانت داره بعيدة , ما لم تكن مشقة أو عذر ككبر ونحوه , وألا يعوَّد نفسه ركوب السيارة , إذا كان المسجد تصله القدم بلا مشقة .
ومع هذه الفضائل العظيمة في المشي إلى المسجد من محو الخطايا ورفع الدرجات والأجر العظيم والنور التام يوم القيامة ؛ فإن هناك فوائد أخرى عظيمة تعود على البدن :
إن المشي إلى المسجد هو رياضة بحد ذاته , وفوائده لا تحصى ؛ وله دور كبير في تقوية الجسم وتنشيطه بإذن الله تعالى ؛ ليكون أهلاً لمقاومة الأمراض والآفات .
إن السعي إلى بيوت الله كل يوم في أوقات معلومة متقطعة يكفي لتمرين العضلات وتنشيط الأوصال وتحسين حالة الجسم , كما أن المشي إلى المساجد يساهم في الوقاية من الأمراض التي يسببها الخمول وكثرة الجلوس وعلى رأسها السمن ؛ لأن المشي يعمل على إذابة الشحوم والدهون .
كما أن المشي علاج لأمراض القلب حيث إنه يعطي القلب ـ بإذن الله ـ القدرة على العمل وتحمل الجهود , حيث تكون الدورة الدموية أكثر انتظاماً .
كما أن المشي إلى المسجد علاج للتعب الذهني والتفكير الطويل ؛ إذ إنه يعيد العقل إلى حالته الطبيعية , ويساعد على الاسترخاء العصبي والعضلي .
وبالجملة ففي المشي إلى بيوت الله تعالى من الفوائد الصحية الشيء الكثير مما أبان عنه الطب الحديث , وهي فوائد عاجلة ينعم الله تعالى بها على عبده المؤمن في الدنيا حيث لبى النداء وأجاب داعي الله , وهناك الأجر العظيم والنور التام في الدار الآخرة إن شاء الله .
انظر : " أحكام حضور المساجد" (60-62) لفضيلة الشيخ عبد الله الفوزان .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70219
هل يسمح لخالته النصرانية بالبقاء معه في السكن حتى يدعوها للإسلام ؟:
أنا أعمل وأعيش حاليا في أمريكا ، وأسأل ما إذا كان يحرم علي أن أسمح لخالتي غير المسلمة أن تعيش معي . المذكورة نصرانية وأنا أدعوها للإسلام لكن بعض كبار السن يكونون عنيدين. فما هو الدليل من الكتاب والسنة حول العيش هنا معهم ؟ وإذا كان علماء الأمة تناولوا هذه المسألة، فما هو قولهم فيما نواجهه في أمريكا وبريطانيا تحديدا أو غيرهما من البلدان غير الإسلامية ونحن نشكل أقلية في أماكن إقامتنا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يجوز لك السماح لخالتك ، بأن تبقى معك ؛ لأجل دعوتها إلى الإسلام وترغيبها فيه بالحكمة والموعظة الحسنة ، فإن رؤيتها لكم ، ومعاينتها لأخلاقكم وحسن تعاملكم ، قد تكون سببا لانشراح صدرها ، واطمئنان نفسها لهذا الدين العظيم ، وكثيرا ما تكون الأخلاق والمعاملة أبلغ بكثير من الأقوال والمواعظ . فاجتهد في ذلك ، فلأن يهديها الله على يديك خير لك من الدنيا وما فيها .
وينبغي أن تتحلى بالصبر والحلم ، وأن تقابل السيئة بالحسنة ، والخطأ بالعفو والصفح ، كما قال تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34
ومما يدل على جواز إبقاء الكافر بين المسلمين ، ليرى أخلاقهم ويتعرف على دينهم ، ما جاء في قصة ثُمامة بن أُثال ، وربطه في المسجد ثلاثة أيام ، بعد أن أسره المسلمون ، ثم عفى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم . وقصته في صحيح البخاري (4372) ومسلم (1764).
والخالة لها حق في صلة الرحم لقرابتها ، ولو كانت كافرة ، فقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ ) رواه البخاري (2700)(/1)
وروى الترمذي (3975) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ لا قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبِرَّهَا ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء : ( صِلِي أُمَّكِ ) رواه البخاري (2620) ومسلم (1003) ، وكانت أمها كافرة
ثانيا :
إقامة الإنسان في البلدان غير الإسلامية لا بد فيها من شرطين أساسين ، بينهما أهل العلم . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/2)
" الأول : أمن المقيم على دينه ، بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ ، وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم ، مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان ، قال الله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) المجادلة/22 . وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) المائدة/ 51 ، 52 ، وثبت في الصحيح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) رواه البخاري (6168)ومسلم (2641)
ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم ، لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ، .."
الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه ، بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع ، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ " انتهى من "شرح الأصول الثلاثة" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ضمن مجموع الفتاوى له (6/132).(/3)
ومن لم يتوفر فيه هذان الشرطان وجبت عليه الهجرة إلى ديار الإسلام ، إن كان قادرا على ذلك ، فإن عجز عن الهجرة ، فهو معذور ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) النساء/97- 99 ، وانظر "المغني" لابن قدامة (8/457) .
وانظر للأهمية سؤال رقم (22309)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 70256
تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب:
أنا امرأة مسلمة أعيش في دولة أجنبية مع زوجي لطلب العيش ، أرجو أن تذكروا الالتزامات والقواعد والواجبات التي يجب على المرأة المسلمة الالتزام بها وتحافظ عليها ؛ وذلك لكثرة عدد المسلمات في الدول الأجنبية .
الجواب:
الحمد لله
1. أول ما يجب عليكم هو ترك تلك الديار الكافرة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بَرِئ ممن أقام بين أظهر المشركين ، ولذلك فإنه يحرم عليكم البقاء في بلاد الكفر ، وخاصة أنكم فيها من أجل العمل ، وليس هذا من الأعذار الشرعية التي تجيز لكم البقاء فيها .
انظر السؤال (13363) و (27211) عن تحريم الإقامة في بلاد الكفر ، وشروط جواز ذلك في بعض الحالات .
2. وعليكم أن تختاروا من البلاد الإسلامية الأقرب إلى الستر والعفاف والاستقامة على الدين ، ومن المعلوم أن البلاد الإسلامية تتفاوت فيما بينها في هذه الأمور ، وليست كل البلاد يمكنكم الإقامة فيها – للأسف – بل يتبع هذا لجنسيتكم وقوانين البلد .
3. فإن لم يحصل منكم مغادرة لتلك البلاد : فعليكن بتقوى الله تعالى ، والاستقامة على أمره عز وجل في كل شئونكن ، وأول ذلك : الحرص على أسركن من التفكك والضياع في تلك البلاد التي تساهم في هذا ، فيجب عليكن الاهتمام بأولادكن ذكوراً وإناثاً وتربيتهم تربية إسلامية وربطهم بالتاريخ الإسلامي وتعليمهم الأحكام الشرعية ، وتقوية اللغة العربية عندهم .
4. يجب أن يكون مكان سكن الأسر المسلمة بعيداً عن أماكن الفجور والانحلال ، ولا بدَّ من اجتماع الأسر المسلمة المحافظة في مكان واحد من أجل أن يقوِّي أحدهم الآخر ، ويعين بعضهم بعضاً على طاعة الله تعالى ، ويساهمون بالتالي في حسن تربية أنفسهم وأبنائهم .(/1)
5. يحرم عليكن ترك الحبل على غاربه في علاقات أولادكم بأولاد الكفار ، ولا يجوز لكم تمكينهم من مشاهدة البرامج والأفلام الهابطة التي تدمر الأخلاق ، كما يجب الاهتمام بقراءاتهم ومراقبتها حتى لا تضل أفكارهم أو يفقدوا دينهم .
6. ينبغي أن يكون لكم في أسرتكم أوقات محددة ولو كانت قصيرة تلتقي فيها الأسرة جميعها لمتابعة بعضهم بعضا ، وللوقوف على مشاكل كل واحد من الأسرة قبل تفاقمها وصعوبة أو استحالة حلها .
7. كما يجب عليكن حسن اختيار الصحبة للأسر التي تختلطون بها ؛ خشية أن يكون لبعضهم تأثير سلبي على أفراد أسرتكم فتضيع جهودكم في التربية والتوجيه .
8. عليكن تبغيض هذه الحضارة وأخلاقها في نفوس أولادكم ، وإعلامهم بمخالفتها للشرائع والفطَر السليمة ، وضرب الأمثلة على ذلك ، وربطهم بالحضارة الإسلامية وأخلاقها ، وتنبيههم على أن بقاءكم في تلك الديار لن يطول .
9. وعليكن بكثرة زيارة البلد الله الحرام مكة المكرمة ، فاحرصوا على الحج كل عام ، وعلى العمرة أكثر من مرَّة في العام الواحد إن تيسر تقويةً لإيمانكم وتعليقاً لقلوب أولادكم بالإسلام والمسلمين ، وللأسف نرى تقصيراً واضحاً من الجاليات المسلمة في بلاد الكفر في هذا الجانب .
10. تكوين مكتبة إسلامية من كتب وأشرطة وأقراص إسلامية لربط أفراد الأسرة بدينهم ، وتسهيل الرجوع إلى معرفة الأحكام الشرعية ، وإغلاق طرق التضليل التي تساهم في تجهيلهم وإفسادهم ، وحبذا أن يكون لقناة " المجد " حضور في بيوتكم لما تقدمه من علم نافع ، ولحرصهم أن لا يكون فيها نساء ولا موسيقى ، وكذا ربطهم بالمواقع المفيدة في الإنترنت .(/2)
والحقيقة أن النصائح كثيرة ، وكثرتها إنما هو بسبب كثرة ما في تلك الديار الكافرة من ضلال وانحلال وتفسخ وتهتك ، وتحتاج كل جوانب الحياة لنصح وتوجيه وإرشاد ، ولكن ما قلناه أولاً يوفر كثيراً من النصائح وهو الخروج من تلك الديار إلى بلاد الإسلام ، ومن بقي في تلك الديار فليعلم أن الله تعالى سائله عن رعيته يوم القيامة ، فليعد للسؤال جواباً ، ونسأل الله تعالى أن يسهل لكم الخروج من تلك الديار ، وأن يثبتكم على الإسلام والهداية والتوفيق والرشاد ، وأن يصلح لكم ذريتكم ، ويجعلهم دعاة للإسلام .
ونرجو الرجوع إلى السؤال رقم ( 4237 ) : ففيه زيادة بيان حول المحافظة على الأبناء وأفكارهم في الغرب .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70265
درجة حديث ما يسمى " دعاء جبريل ":
فضل هذا الدعاء : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( نزل عليّ جبرائيل وأنا أصلي خلف المقام ، فلما فرغت من الصلاة دعوت الله تعالى وقلت : حبيبي علمني لأمتي شيئا إذا خرجت من الدنيا عنهم يدعون الله تعالى فيغفر لهم ، فقال جبريل : ومن أمتك يشهدون لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله ، ويصومون أيام الثلاثة البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر ، ثم يدعون الله بهذا الدعاء ، فإنه مكتوب حول العرش ، وأنا يا محمد بقوة هذا الدعاء أهبط وأصعد ، وملك الموت بهذا الدعاء يقبض أرواح المؤمنين ، وهذا الدعاء مكتوب على أستار الكعبة وأركانها ، ومن قرأ من أمتك هذا الدعاء يأمن عذاب القبر ، ويكون من آمناً يوم الفزع الأكبر ، ومن موت الفجّار ، وغناه عن خلقه ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وأنت شفيعه يوم القيامة يا محمد . . . .
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله الطاهرين سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت المؤمن المهيمن سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت المصور الرحيم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت السميع العليم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت الحي القيّوم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت البصير الصادق سبحانك ، أنت الله لا إله الله إلا أنت الواسع اللطيف سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت العليّ الكبير سبحانك . . .إلخ الدعاء .
هل ما كتب صحيح ؟ .
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث والذي يسمَّى " دعاء جبريل " لا أصل له في السنة الصحيحة ، بل ولا في الضعيفة ، وهو من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قرأ ألفاظ الحديث والدعاء لم يشك أنه من وضع الزنادقة ، ففي بيان بعض فضائل هذا الدعاء قوله : " ومَن كتبه على كفنه بتربة الحسين عليه السلام أمِنَ مِن عذاب القبر " ! .(/1)
وفي بعض ألفاظه ما يدل على حماقة قائله ، وظنه أنه قد ينطلي هذا الدعاء على حماة الدِّين ، فاسمع إليه يقول : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فحفظته ، وعلَّمته المؤمنين من شيعتنا وموالينا " !!
أما المبالغات في الأجور والثواب ، والأخطاء في النحو والإملاء : فحدِّث عن هذا ولا حرج ، ونص أوله : " اللهم صلِّ على محمد وآل محمد لا إله إلا الله بعدد ما هلَّله المهللون ، الله أكبر بعدد ما كبّره المكبرون ، الحمد لله الحمد لله بعدد ما حَمِدهُ الحامدون ، سبحان الله بعدد ما سبّحه المسبحون ، أستغفر الله أستغفر الله بعدد ما استغفره المستغفرون " .
وعلى كل حال : ففي صحيح السنَّة ما يغني عن مثل هذه الخرافات والضلالات ، والوصية للأخ السائل أن يقرأ كتاب " حصن المسلم " أو " صحيح الكلِم الطيب " ، وكذا ما ذكره الأئمة الثقات كالبخاري ومسلم في كتبهم في أبواب الأدعية ، ففيه الخير الكثير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70272
هل الهدية لا تُهدى ولا تُباع ؟:
هل يجوز بيع الهدية ؟ حيث إن هناك مقولة بأن الهدية لا تهدى ولا تباع ؟.
الجواب:
الحمد لله
المقولة المشهورة بين كثير من الناس : " الهدية لا تُهدى ولا تُباع " مقولة غير صحيحة ، ومخالفة للشرع ، بل من تملَّك هدية بطريق شرعي فإن له الحق في التصرف بها بيعاً وإجارة وإهداءً ووقفاً ، ولا حرج عليه في ذلك ، ومن منع شيئاً من ذلك لم يُصب ، وقد جاء في السنَّة النبوية الصحيحة ما يدل على هذا .
1- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَ حَرِيرٍ ، فَأَعْطَاهُ عَلِيًّا ، فَقَالَ : ( شَقِّقْهُ خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ ) .
رواه البخاري (2472) ومسلم – واللفظ له - (2071) .
" أُكَيْدِرَ دُومَةَ " : هو أكيدر بن عبد الملك الكندي ، واختلف في إسلامه والأكثر على أنه لم يُسلم .
" الخُمُر " : جمع خمار .
" الفواطم " : هن ثلاث : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفاطمة بنت أسد , وهي أم علي بن أبي طالب , وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب .
وفي الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أهدى ما أُهدي إليه ، وعليه : فهو يدل على بطلان من منع من إهداء الهدية .(/1)
2- وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ) فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ ) . رواه البخاري (906) ومسلم (2068) .
وفي الحديث نصٌّ على جواز بيع الهدية ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر في الهدية التي أهداه إياها : " تبيعها " .(/2)
3- وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : بِعْنِيهِ . قَالَ : هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : بِعْنِيهِ . فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) . رواه البخاري (2010) .
(بَكر) : ولد الناقة أول ما يُركب .
صعب : كثير النفور .
فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر : ( هُوَ لَكَ ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) يدل على أن من أهدي إليه شيء فقد صار ملكاً له ، يتصرف فيه كما يشاء ، بالبيع أو الهدية أو غير ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70274
هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟:
هل يجوز للدولة المسلمة في عصرنا الحاضر أن ترهق مواطنيها في عملية دفع فواتير الكهرباء والماء بحجة الترشيد والتقليل من استهلاك الطاقة ؟
أليس إنارة الشوارع والطرقات العامة يتنافى مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : ( ... وأطفئوا مصابيحكم ) .
يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه : ( لا يمنع المسلم أخاه المسلم من ثلاث : الماء ، والكلأ والنار ) .
ألا يجوز لنا أن نتحايل في دفع هذه الفواتير المرهقة ؟ وإذا كان لا يجوز هذا التحايل فكيف السبيل إلى تغيير نمط الحياة في الوقت الذي لا يعذر فيه رب الأسرة من أسرته وأقاربه وجيرانه ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجب على الحكومات والمسئولين أن يرفقوا بمواطنيهم ، وألا يحملوهم ما لا يستطيعون ، ولا يجوز للدولة احتكار السلع والخدمات الأساسية الضرورية التي لا يستغني الناس عنها ثم تبيعها لهم بأسعار مرتفعة .
ولتعلم الحكومات أنها ليست شركات استثمارية ، همها الربح من المواطنين ، وإنما واجبها الأعظم هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم ، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) رواه مسلم (1828) .
وليعلم هؤلاء أنهم موقوفون غداً بين يدي الله ، وحاسبون على أعمالهم ، ومجزيون عليها ، وسيسأل كل حاكم ومسئول وصاحب ولاية عن كل من تحت رعيته ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .(/1)
ورضي الله عن عمر ، كان يقول : لو عثرت بغلة بالعراق ( على أطراف الدولة الإسلامية يومئذ ) لسألني الله عنها يوم القيامة : لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يوم القيامة يا عمر !!
إلى هذا الحد سيكون السؤال يوم القيامة ، حتى عن الحيوانات ، فكيف بمئات الآلاف أو الملايين من الناس الذين وقع عليها الظلم ؟!
والعدل به قامت دولٌ ، وبالظلم انهارت دولٌ .
" ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ; ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة . ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع الظلم والإسلام . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم ) ; فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة ، وذلك أن العدل نظام كل شيء ; فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت ، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق ، ومتى لم تقم بعدل لم تقم ، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة "
"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/146) .
ثانيا ً:
على المسلم الصبر والاحتساب وألا يقابل الغش والظلم بمثله .
فلا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء ، ولا التحايل على عدم دفع الفواتير المستحقة ؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :(/2)
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
ثالثاً :
الاستدلال لما ذكرت بحديث : ( ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ وَالْكَلأُ وَالنَّارُ ) رواه ابن ماجة (2473) وفي رواية : ( الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ ) رواه ابن ماجه (2472) وصححهما الألباني في صحيح ابن ماجه ، هذا الاستدلال غير صحيح ، فإن هذه الأشياء إذا حيزت وجُمعت ، جاز بيعها ، كأن يباع الماء في قوارير مثلا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : " ولا يصح بيع نقع البئر " نقع البئر هو : ماؤه الذي نبع من الأرض ، فلا يجوز بيع هذا الماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ) ولأن هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان ؛ بل بقدرة الله عز وجل ، فقد يحفر الإنسان بئرا عميقا ولا يخرج الماء فليس من كده ولا فعله ، بل هو سبب ، فلذلك لا يملكه ، وإذا كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه ، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه يجوز بيعه ؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة " انتهى من "الشرح الممتع" (8/154) .(/3)
وكذلك الاستدلال بحديث الأمر بإطفاء المصابيح ، فإن ظاهره الاقتصار على المصابيح والسرج التي يمكن أن تكون سبباً في إحراق البيت ، ولفظ الحديث ما رواه أبو داود (5247) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا ، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ ، فَقَالَ : ( إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى مسلم (2012) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَطْفِئُوا السِّرَاجَ . . . فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ ) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء السرج قبل النوم إذا خيف من تركها أن تكون سببا في حصول حريق في البيت ، ولذلك ذكر العلماء كابن دقيق العيد والنووي والحافظ ابن حجر أن الإنسان إذا استوثق قبل نومه ، من عدم سقوط المصباح ، فلا حرج عليه حينئذ من النوم وترك المصباح موقداً .
انظر : "فتح الباري" (11/89) .
وقد يقال : إن إنارة الشوارع في الليل سبب لتقليل الجرائم والشرور ، وهذا أمر مشاهد معلوم .
رابعاً :
ينبغي لكل إنسان أن يقتصد في استعمال الكهرباء والماء ، وأن يكتفي بالقدر الذي يحتاجه ، دون إسراف ، لعموم الأدلة الناهية عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال ، دون مراعاة لما يقوله الأقارب والجيران ، ومن الملاحظ أن كثيرا من الناس يضيئون جميع غرف البيت دون حاجة لذلك ، أو يشغلون أجهزة التكييف أو السخانات بإسراف .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/4)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 70276
كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها ؟:
هل إبليس سوف يدخل النار ؟ وكيف يدخل النار وهو مخلوق من نار ؟ وهل هناك شيء يؤكد كيف سيعذب إبليس ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أمَّا أن إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها : فهذا مما لا شك فيه ، وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات ، ومنها :
1. قال تعالى : ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ... قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأعراف/12– 18 .
قال الطبري :
وهذا قسم من الله جلّ ثناؤه ، أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه : أن يملأ جهنم من جميعهم يعني : من كفرة بني آدم أتباع إبليس ، ومن إبليس وذرّيته " انتهى باختصار وتصرف يسير .
"تفسير الطبري" (8/139) .
2. وقال تعالى : ( قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحجر/32– 44 .
قال الشنقيطي رحمه الله :
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدم بيَّن فيها أن إبليس وجميع من تبعه كلهم في النار كما قال هنا : ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) .
"أضواء البيان" (3/131) .
3. وقال تعالى : ( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) ص/84، 85 .(/1)
4. وقال تعالى حاكياً قول الجن : ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) الجن/14، 15 .
ثانياً :
أما كيف يعذَّب إبليس في النار وقد خُلق من النار : فالجواب عنه :
أنه لا يلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا الآن ناراً ، كما أن الإنس خلقوا من تراب وليسوا الآن تراباً .
قال أبو الوفاء بن عقيل :
" أضاف الشياطين والجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار ، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين ، وليس الآدمي طيناً حقيقة ، لكنه كان طيناً ، كذلك الجان كان ناراً في الأصل " انتهى .
"لقط المرجان في أحكام الجان" (ص 33) بواسطة "عالم الجن والشياطين" (ص 58) .
وإذا كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منه يؤذيهم ، وإن دفنوا تحته ماتوا ، وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو ماتوا ، فكذلك ليس غريباً أن يكون الجن قد خلقوا من النار ، ويعذبون بنار جهنم .
والجن خلقهم الله تعالى من نار ، ولكنهم ليسوا الآن ناراً ، والأدلة على ذلك كثيرة ، منها :
1. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حتى وجدت برد لسانه على يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقا حتى يراه الناس ) رواه النسائي في "السنن الكبرى" ( 6 / 442 ) ، وصححه ابن حبان ( 6 / 115 ) .(/2)
2. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ثم قال : ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا ، فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ، قال : إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ، ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة . رواه مسلم ( 542 ) .
فمن هذين الحديثين يتبين لنا أن الجن الآن ليسوا ناراً ؛ ويدل على ذلك : ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم من برد لسان الشيطان ، كما في الحديث الأول ، وأن الشيطان لو كان باقيًا على ناريته ما احتاج أن يأتي بشهاب ليجعله في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما استطاع الولدان أن يلعبوا به .
3. ومن الأدلة – كذلك - : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) رواه البخاري ( 1933 ) ومسلم ( 2175 ) .
ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان ؛ لأن الشيطان داخله ، فتبين الفرق بين كون الشيطان ناراً وكونه مخلوقاً من نار .
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن يعذبه بنار جهنم ، فإن الله تعالى على كل شيء قدير ، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70278
هل تؤكل ذبيحة تارك الصلاة ؟:
أود أن أسال كيف نفعل لو كان أخي لا يصلى وهو في الشرع يعتبر كافراً ، فهل نأكل مما يذبح أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب عليكم نصح أخيكم بالمحافظة على الصلاة ، وأعلموه بحكم الله تعالى في تاركها ، وامنعوه من مباشرة الذبح لكم ، وليعلم سبب هذا المنع ، وهو أن تارك الصلاة يعتبر كافراً ، فلا تحل ذبيحته ، فلعل معرفته الحكم تؤثر فيه ، ويرجع إلى دينه ويقيم الصلاة ، وهذا خير له في دينه ودنياه ، وعاجله وآجله .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز الأكل من ذبائح تارك الصلاة عمداً - علما أنه إذا أخبر بذلك احتج بأنه كان ينطق بالشهادة ، كيف العمل إذا لم يوجد أي جزار يصلي ؟
فأجاب :
" الذي لا يصلي لا تؤكل ذبيحته ، هذا هو الصواب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما ، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ) أخرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فكل شيء سقط عموده لا يستقيم ولا يبقى ، ومتى سقط العمود سقط ما عليه .
وبذلك يعلم أن الذي لا يصلي لا دين له ، ولا تؤكل ذبيحته ، وإذا كنت في بلد ليس فيها جزار مسلم فاذبح لنفسك ، واستعمل يدك فيما ينفعك ، أو التمس جزارا مسلما ولو في بيته حتى يذبح لك ، وهذا بحمد الله ميسر فليس لك أن تتساهل في الأمر .(/1)
وعليك أن تنصح هذا الرجل بأن يتقي الله وأن يصلي ، وقوله : " إنه يكتفي بالشهادتين " غلط عظيم ، فالشهادتان لا بد معهما من حقهما ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) متفق على صحته .
فذكر الصلاة والزكاة مع الشهادتين ، وفي اللفظ الآخر : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الله ، فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ) والصلاة من حقها ، والزكاة من حقها .
فالواجب على المؤمن أن يتقي الله ، والواجب على كل من ينتسب إلى الإسلام أن يتقي الله ويصلي الصلوات الخمس ويحافظ عليها ، وهي عمود الإسلام ، وهي الركن الأعظم من أركان الإسلام بعد الشهادتين ، من ضيعها ضيع دينه ، ومن تركها خرج عن دينه ، نسأل الله العافية .
هذا هو الحق والصواب ، وقال بعض أهل العلم : إنه لا يكون كافرا كفرا أكبر ، بل يكون كفره كفرا أصغر ، ويكون عاصيا معصية عظيمة ، أعظم من الزنا ، وأعظم من السرقة ، وأعظم من شرب الخمر ، ولا يكون كافرا كفرا أكبر إلا إذا جحد وجوبها ، هكذا قال جمع من أهل العلم ، ولكن الصواب ما دل عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن مثل هذا يكون كافرا كفرا أكبر كما تقدم من الأحاديث في ذلك ؛ لأنه ضيع عمود الإسلام وهو الصلاة .
فلا ينبغي التساهل بهذا الأمر ، وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله : لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة .
فذكر إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة عندهم كافر ، نسأل الله العافية .(/2)
فالواجب الحذر ، والواجب المحافظة على هذه الفريضة العظيمة ، وعدم التساهل مع من تركها ، فلا تؤكل ذبيحته ، ولا يدعى لوليمة ، ولا تجاب دعوته ؛ بل يهجر حتى يتوب إلى الله وحتى يصلي ، نسأل الله الهداية للجميع " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/274– 276) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 1553 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70295
هل تشرع صلاة الحاجة ؟ وهل تنفع التجربة لفعلها ؟:
صلاة الحاجة باثنتي عشرة ركعة مع التشهد بين كل ركعتين وفي التشهد الأخير نثني على الله عز وجل ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسجد ونقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات ونقول عشر مرات " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، ثم نقول : " اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " ثم نسأل حاجتنا ونرفع رأسنا من السجود ونسلم يميناً و يساراً .
سؤالي هو :
قيل لي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في السجود وقد جربتها في أيام الدراسة والله سبحانه وتعالى استجاب دعائي وأنا لي حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وأريد أن أصليها فما هي نصيحتكم لي ؟.
الجواب:
الحمد لله
رويت " صلاة الحاجة " في أربعة أحاديث : اثنان منهما موضوعان ، والصلاة في أحدهما اثنتا عشرة ركعة ، وفي الآخر ركعتان ، والثالث ضعيف جدّاً ، والرابع ضعيف ، والصلاة فيهما ركعتان .
أما الأول : فهو الذي جاء في السؤال وهو من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين ، فإذا تشهدت من آخر صلاتك فأثنِ على الله ، وصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات ، وقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ، ثم قل : اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة ، ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ، ثم سلِّم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب لهم ) .(/1)
رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 63 ) من طريق عامر بن خداش عن عمرو بن هارون البلخي .
ونقل ابن الجوزي تكذيب عمرو البلخي عن ابن معين ، وقال : وقد صح النهي عن القراءة في السجود .
انظر : " الموضوعات " ( 2 / 63 ) و " ترتيب الموضوعات " للذهبي ( ص 167 ) .
وفي الدعاء بـ " معاقد العز من عرش الله " خلاف بين العلماء ، على حسب المقصود من هذا اللفظ الذي لم يرد في الشرع ، وقد منع الدعاء به بعض أهل العلم ، ومنهم الإمام أبو حنيفة ؛ لأنه من التوسل البدعي ، وأجازه آخرون لاعتقادهم أنه توسل بصفة من صفات الله عز وجل لا أنه يجوز عندهم التوسل بالمخلوقين .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" أقول : لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح ، رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال : " هذا حديث موضوع بلا شك " ، وأقره الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " ( 273 ) فلا يحتج به ، وإن كان قول القائل : " أسألك بمعاقد العز من عرشك " يعود إلى التوسل بصفة من صفات الله عز وجل : فهو توسل مشروع بأدلة أخرى ، تغني عن هذا الحديث الموضوع .
قال ابن الاثير رحمه الله : " أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أي : بالخصال التي استحق بها العرش العز ، أو بمواضع انعقادها منه ، وحقيقة معناه : بعز عرشك ، وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء " .
فعلى الوجه الأول من هذا الشرح وهو الخصال التي استحق بها العرش العز : يكون توسلاً بصفة من صفات الله تعالى فيكون جائزاً ، وأما على الوجه الثاني الذي هو مواضع انعقاد العز من العرش : فهو توسل بمخلوق فيكون غير جائز ، وعلى كلٍّ فالحديث لا يستحق زيادة في البحث والتأويل ؛ لعدم ثبوته ، فنكتفي بما سبق " انتهى كلام الألباني .
" التوسل أنواعه وأحكامه " ( ص 48 ، 49 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :(/2)
" هذا الحديث فيه من الغرابة كما ذكر السائل من أنه شرع قراءة الفاتحة في غير القيام في الركوع أو في السجود ، وتكرار ذلك ، وأيضًا في السؤال بمعاقد العز من العرش وغير ذلك ، وكلها أمور غريبة ، فالذي ينبغي للسائل أن لا يعمل بهذا الحديث ، وفي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا إشكال فيها ، وفيها من نوافل العبادات والصلوات والطاعات ما فيه الخير والكفاية إن شاء الله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً . رواه مسلم ( 480 ) .
وفي جواب السؤال رقم (34692) سبق ذكر الحديث وتضعيفه من جهة السند والمتن عن علماء اللجنة الدائمة فلينظر .
وأما الحديث الثاني الوارد في صلاة الحاجة فهو :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاءني جبريل عليه السلام بدعوات فقال : إذا نزل بك أمر من أمر دنياك فقدمهن ثم سل حاجتك : يا بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا صريخ المستصرخين ، يا غياث المستغيثين ، يا كاشف السوء ، يا أرحم الراحمين ، يا مجيب دعوة المضطرين ، يا إله العالمين ، بك أنزل حاجتي وأنت أعلم بها فاقضها ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) - ، وذكر الشيخ الألباني – رحمه الله – في " ضعيف الترغيب " ( 419 ) و " السلسلة الضعيفة " ( 5298 ) أنه موضوع .
وأما الحديث الثالث : فهو :(/3)
عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم ، لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) .
رواه الترمذي ( 479 ) وابن ماجه ( 1384 ) .
قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وفي إسناده مقال .
وذكر الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 416 ) وقال : حديث ضعيف جدّاً .
وقد سبق تضعيف الحديث في جواب السؤال رقم (10387) فلينظر .
وأما الحديث الرابع فهو :
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا علي ، ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك ؟ توضأ وصل ركعتين واحمد الله وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات ، ثم قل : اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) وضعفه الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 417 ) وقال : إسناده مظلم ، فيه من لا يُعرف ، وانظر " السلسلة الضعيفة "( 5287 ) .(/4)
والخلاصة : أنه لم يصح في هذه الصلاة حديث ، فلا يشرع للمسلم أن يصليها ، ويكفيه ما ورد في السنة الصحيحة من صلوات وأدعية وأذكار ثابتة .
ثانياً :
وأما قول السائلة إنها جربتها فوجدتها نافعة : فهذا قد قاله غيرها قبلها ، والشرع لا يثبت بمثل هذا .
قال الشوكاني رحمه الله :
" السنَّة لا تثبت بمجرد التجربة ، وقبول الدعاء لا يدل على أن سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير توسل بسنَّة ، وهو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجاً " انتهى باختصار .
" تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وأما ما ذكر من أن فلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ، وفلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ؛ هذا كله لا يدل على صحة الحديث ، فكون الإنسان يُجرِّب الشيء ويحصل له مقصوده لا يدل على صحة ما قيل فيه أو ما ورد فيه ؛ لأنه قد يصادف حصول هذا الشيء قضاءً وقدراً ، أو يصادف ابتلاءً وامتحاناً للفاعل ، فحصول الشيء لا يدل على صحة ما ورد به " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 70297
ما صحة حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ؟:
ما صحة الحديث القائل بإحياء أم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فآمنت به ثم ماتت ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يصح حديث في أن الله تعالى أحيا أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما آمنا به ثم ماتا ، بل الأحاديث الصحيحة الثابتة تدل على أنهما ماتا على الكفر ، وأنهما من أهل النار .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ) رواه مسلم (976) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ . رواه مسلم (203) .
ومما يدل على عدم صحة هذه الأحاديث : أن هذا الأمر لو وقع لاشتهر وانتشر ، لأنه يكون آية عظيمة من آيات الله تعالى ، فتتوفر الدواعي على نقلها .
وقد حكم أئمة العلم المحققون على هذه الأحاديث الواردة بأنها موضوعة مكذوبة .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : حجَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فمرَّ بي على عقبة الحجون وهو باكٍ حزين مغتم ، فبكيتُ لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إنه نزل فقال : يا حميراء استمسكي ، فاستند إلى البعير فمكث عني طويلاً ، ثم إنه عاد إليَّ وهو فرح مبتسم ، فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، نزلت من عندي وأنت حزين مغتم فبكيت لبكائك ، ثم إنك عدت إليّ وأنت فرح مبتسم ، فعَمَ ذا يا رسول الله ؟ فقال : ذهبت لقبر أمي آمنة فسألت الله أن يحييها فأحياها ، فآمنت بي وردها الله عز وجل .(/1)
رواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " والخطيب البغدادي في " السابق اللاحق " – كما قال السيوطي في " الحاوي " ( 2 / 440 ) - .
قال ابن الجوزي :
" هذا حديث موضوع بلا شك ، والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم ، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافراً لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة ، لا ؛ بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع ، ويكفي رد هذا الحديث قوله تعالى : ( فيمت وهو كافر ) وقوله في الصحيح : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ) وقد كان أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك ، قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر : هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون " انتهى .
"الموضوعات" (1/283) .
الحجون : موضع بمكة .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وأما الحديث الذي ذكره السهيلي وذكر أن في إسناده مجهولين إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يحيي أبويه ، فأحياهما وآمنا به : إنه حديث منكر جدّاً ، وإن كان ممكناً بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه " انتهى .
"البداية " (2/261) .
وقال ملا علي القاري عن هذا الحديث :
" موضوع ، كما قال ابن دحية ، وقد وضعت في هذه المسألة رسالة مستقلة " انتهى .
"الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص 83) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك ؟
فأجاب :(/2)
" لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث ; بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق ، وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر - يعني الخطيب - في كتابه "السابق واللاحق" وذكره أبو القاسم السهيلي في "شرح السيرة" بإسناد فيه مجاهيل ، وذكره أبو عبد الله القرطبي في "التذكرة" وأمثال هذه المواضع ، فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً ، كما نص عليه أهل العلم ، وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث ; لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة ، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير ، وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح ، لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين ، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين : من جهة إحياء الموتى ، ومن جهة الإيمان بعد الموت . فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره ، فلما لم يروه أحد من الثقات عُلِم أنه كذب .
ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع . قال الله تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) وقال : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار ) . فبين الله تعالى : أنه لا توبة لمن مات كافراً . وقال تعالى : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس ; فكيف بعد الموت ؟ ونحو ذلك من النصوص . . . " انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (4/325) .
وبعض أهل التصوف لم يستطع تصحيح هذه الأحاديث وفق القواعد الحديثية فصححها بالكشف !
يقول البيجوري :(/3)
" ولعل هذا الحديث - حديث إحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهما ثم موتهما- صح عند أهل الحقيقة بطريق الكشف " انتهى .
"جوهرة التوحيد" (ص 30) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رادّاً على مثل هذا :
" وعامة هؤلاء إذا خوطبوا ببيان فساد قولهم قالوا من جنس قول النصارى : هذا أمر فوق العقل ! ويقول بعضهم : يثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح العقل " انتهى باختصار .
"الجواب الصحيح" (2/92) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 70298
ما حكم الأذانين والإقامتين عند الجمع بين الصلاتين ؟:
ما حكم الأذانين والإقامتين عند الجمع بين الصلاتين ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في الأذان والإقامة للصلاتين المجموعتين ، والصحيح من تلك الأقوال أنه يؤذَّن أذان واحد للصلاتين ، ويقام إقامتان ، لكل صلاة إقامة .
وهذا قول الحنفية والحنابلة , وهو المعتمد عند الشافعية , وهو قول بعض المالكية .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (2/370) .
والدليل على ذلك : ما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، حيث صلَّى الظهر والعصر في عرفة جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ، وصلَّى المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين – أيضاً - .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في وصف حجة الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
( ثم أذَّن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ... حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ) رواه مسلم (1218) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
يقول بعض الفقهاء : تصلَّى صلاة المغرب والعشاء جمعاً في المطر بأذانين ، فما حكم ذلك ؟
فأجابوا :
" السنَّة أن الشخص يجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، إذا وُجد مسوغُ ذلك ؛ كالسفر والمرض والمطر في الحضر ، هذا هو الذي تدل عليه السنة الصحيحة الصريحة ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (8/142) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" فإذا جمع الإنسانُ أذَّن للأُولى ، وأقام لكلِّ فريضة ، هذا إن لم يكن في البلد ، أما إذا كان في البلد : فإنَّ أذان البلد يكفي ؛ وحينئذ يُقيم لكلِّ فريضة .(/1)
دليل ذلك : ما ثبت في " صحيح مسلم " من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أذَّن في عَرفة ، ثم أقام فصَلَّى الظُّهر ، ثم أقام فصلَّى العصر ، وكذلك في مُزدَلِفَة حيث أذَّن وأقام فصَلَّى المغرب ، ثم أقام فَصَلَّى العشاء " انتهى .
"الشرح الممتع" (2/78، 79) .
وأما حكم الأذان والإقامة فهما فرض كفاية ، فيكفي عن الجماعة أن يؤذن ويقيم أحدهم ، ولا يطلب ذلك من كل واحد من الجماعة ، وقد سبق في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنهم إذا كانوا في بلد قد أذن فيه المأذنون في المساجد كفاهم ذلك ، وأقاموا لكل صلاة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" والدَّليل على فرضيتهما – أي : الأذان والإقامة - : أَمْرُ النبي صلى الله عليه وسلم بهما في عِدَّة أحاديث ؛ وملازمته لهما في الحضر والسَّفر ؛ ولأنه لا يتمُّ العلم بالوقت إلا بهما غالباً ، ولتعيُّن المصلحة بهما ؛ لأنَّهما من شعائر الإسلام الظَّاهرة ... .
وهما واجبان على المقيمين والمسافرين ، ودليله : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث وصحبِه : ( إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّن لكم أحدُكُم ) متفق عليه ، وهم وافدون على الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام مسافرون إلى أهليهم ، فقد أمر الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُؤذِّن لهم أحدُهم ؛ ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَدَعِ الأذان ولا الإقامة حَضَراً ولا سَفَراً ، فكان يُؤذِّن في أسفاره ويأمر بلالاً أن يُؤذِّنَ .
فالصَّواب : وجوبُه على المقيمين والمسافرين ... فيؤذن لكل صلاة من الصلوات الخمس ، ما لم تُجمع الصَّلاة ؛ فإنه يكفي للصَّلاتين أذان واحد ، ولكن لا بُدَّ من الإقامة لكلِّ واحدة منهما .
"الشرح الممتع" (2/42– 46) باختصار وتصرف يسير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70314
مشكلة الحماس أول التوبة ثم الفتور بعدها:
عندما يتوب الإنسان يبدأ بداية قوية ويقول : إن الشيطان يأمرني بالتخفيف ، ويزيد من الطاعات ، ثم تبرد الهمة فيقول : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وتخف الطاعات حتى يعود كما كان .
وسؤالي : ما هي النصيحة ؟ هل يبدأ بداية قوية أم بالتدريج حتى يثبت عليه ويزيد عليه بعد مدة أو يأخذ بالمقولة " إذا هبت رياحك فاغتنمها " ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن نعمة الهداية والتوبة من أعظم نعَم الله تعالى على المسلم ، وتغيير حاله للأحسن مما يقرِّبه إلى الله تعالى أكثر ، وفي العادة يُقبل التائب على الطاعة إقبالاً عظيماً يحاول فيها تعويض ما فاته من العمر الذي قضاه في المعصية والضلال .
وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لكل صادق في توبته ، وقد ذكَره نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن ما يحصل بعده من برود وفتور في الهمة ، وهذا أمر طبيعي أيضاً ، لكن الخطر على صاحب هذه التوبة أن يكون فتوره وبروده في تناقص مستمر إلى أن يرجع إلى حاله الأول ، ولذا كان من الواجب الانتباه إلى هذا الأمر ، وعلى التائب الطائع إذا فترت همته أن يقف عند الاعتدال والتوسط ، والتزام السنة ؛ ليحافظ على رأس ماله ، ويحسن الانطلاق مرة أخرى إلى الطاعة بقوة ونشاط ؛ لأن الانطلاق من التوسط خير من الانطلاق من الصفر .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ ) . رواه ابن حبان في "صحيحه" (1/187) ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (56) .(/1)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فَلا تَعُدُّوهُ ) رواه الترمذي (2453) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (57) .
قال المباركفوري رحمه الله :
" قوله (إن لكل شيء شِرَّةً) أي : حرصا على الشيء ونشاطا ورغبة في الخير أو الشر .
(ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةً) أي : وهْناً وضعفاً وسكوناً .
(فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ) أي : جعل صاحب الشرة عملَه متوسطاً ، وتجنب طرفي إفراط الشرة وتفريط الفترة .
(فَارْجُوهُ) أي : ارجو الفلاح منه ؛ فإنه يمكنه الدوام على الوسط , وأحب الأعمال إلى الله أدومها .
(وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ) أي : اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وسار مشهوراً مشارا إليه .
(فَلا تَعُدُّوهُ) أي : لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيا , ولم يقل فلا ترجوه إشارة إلى أنه قد سقط ولم يمكنه تدارك ما فرط " انتهى .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 126 ) .
ولكي يتجنب المسلم الإفراط والتفريط فعليه بالقصد ، وهو التوسط ، فلا يبالغ في فعل العبادة والطاعة ؛ لئلا يملَّ فيترك ، ولا يتركها كسلاً وتهاوناً لئلا يستمرئ الترك فلا يرجع ، وكلا الأمرين ذميم ، ومن توسط في الأمر سلك ، ومن سلك وصل إلى ما يحبه الله ويرضاه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ . قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا ، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا ، وَرُوحُوا ، وَشَيْءٌ مِنْ الدُّلْجَةِ ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا ) . رواه البخاري (6098) .(/2)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( سددوا ) معناه : اقصدوا السداد أي : الصواب .
قوله " وقاربوا " أي : لا تُفْرِطُوا (أي تشددوا) فتُجهدوا أنفسكم في العبادة ، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فَتُفَرِّطُوا (أي تقصروا) .
قوله " واغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة " : والمراد بالغدو السير من أول النهار , وبالرواح السير من أول النصف الثاني من النهار , والدلجة : سير الليل ، يقال : سار دلجة من الليل أي ساعة ، فلذلك قال : ( شيء من الدلجة ) لعسر سير جميع الليل .
وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة , وعبر بما يدل على السير لأن العابد كالسائر إلى محل إقامته وهو الجنة .
قوله " والقصدَ القصدَ " أي : الزموا الطريق الوسط المعتدل , واللفظ الثاني للتأكيد " انتهى باختصار .
"فتح الباري" (11/297،) .
والخلاصة : ندعوك للتفكر في الأحاديث السابقة ، والتأمل في معناها ، واعلم أن التوبة بحاجة إلى شكر ، وأعظم الشكر أن تداوم على بقائها ، ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على العمل والطاعة ، واعلم أن ( أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) رواه البخاري ومسلم ، فلا تبدأ بقوة ولا تفتر بالمرَّة ، بل اقتصد في الطاعة ، وهذا في مقدورك ، وكلما رأيت من نفسك نشاطا فاجعله في طاعة الله ، وكلما رأيتَ فتوراً ومللاً فارجع إلى التوسط ، ونسأل الله أن ييسر أمرك ، ويهديك لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70317
قراءة القرآن جماعة وإهداء الأعمال للأموات والمولد النبوي:
نلتقي كل يوم أحد من كل آخر شهر مع مجموعة من الأخوات تصل إلى 30 أخت أو أكثر ، وتبدأ كل واحدة على حدة تقرأ حزبين أو ثلاثة إلى أن نختم القرآن الكريم في ساعة ونصف أو ساعتين ويقال لنا : إنها تحسب - إن شاء الله - ختمة لكل واحدة , هل هذا صحيح ؟ بعد ذلك نقوم بالدعاء وندعو الله بإيصال ثواب ما قرأناه إلى سائر المؤمنين الأحياء منهم والأموات فهل الثواب يصل إلى الأموات ? ويستدلون بقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ ْ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )
كذلك يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً يبدؤون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سرّاً ثم يقرؤون القرآن ، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم ، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات يعتبر بدعة ؟ كذلك عندنا دعاء طويل جدّاً طلب منَّا أن ندعو به وقت السحر , لمن استطاع ، اسمه : " دعاء الرابطة " , ويبدأ بالصلاة والسلام على سيدنا محمد وحزبه وسائر الأنبياء وأمهات المؤمنين والصحابيات والخلفاء الراشدين والتابعين وأولياء الله الصالحين ، مع ذكر كل أحد باسمه ، وهل صحيح أن ذكر كل هذه الأسماء سوف تجعل أصحابها يتعرفون علينا وينادوننا في الجنة ؟ فهل هذا الدعاء بدعة ؟ أنا أشعر أنه كذلك ، وأكثر الأخوات يعارضونني ، فهل أعاقب من الله إن كنت مخطئة ؟ وكيف أقنعهم إن كنت على صواب ؟ هذا الموضوع أصابني بأرق شديد وكلما تذكرت حديث رسول الله أن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " ازداد همي وحزني .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
ورد في السنة النبوية الصحيحة فضائل كثيرة للاجتماع على قراءة كتاب الله تعالى ، وحتى يحصِّل المسلم تلك الأجور فإنه ينبغي له أن يكون اجتماعه على القرآن شرعيّاً ، ومن الاجتماع الشرعي في قراءة القرآن أن يقرأه المجتمعون للمدارسة والتفسير وتعليم التلاوة ، ومن الاجتماع الشرعي أيضاً : أن يقرأ واحد منهم ويستمع الباقون من أجل التفكر والتدبر في الآيات ، وكلا الأمرين ورد في السنة النبوية .
وللمزيد : يراجع السؤال رقم ( 22722 ) ففيه بيان حكم الاجتماع لقراءة القرآن .
وأما أن يعدَّ ما تقرؤه المجموعة ختمة لكل واحد منهم : فهذا غير صحيح ؛ لأنه لم يختم كل واحد من المجتمعين القرآن كاملاً ، بل ولا استمع ، بل كلٌّ منهم قرأ شيئاً ، فليس له ثواب إلا على ما قرأه من القرآن .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" توزيع أجزاء من القرآن على من حضروا الاجتماع ليقرأ كل منهم لنفسه حزباً من القرآن لا يعتبر ذلك ختماً للقرآن من كل واحد منهم بالضرورة " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 480 ) .
ثانياً :
ولا يشرع الدعاء بعد قراءة القرآن جماعيّاً ، ولا يجوز الدعاء بإيصال أجر القراءة لأحدٍ من الأموات ، ولا الأحياء ، ولم يكن نبينا صلى الله عليه وسلم يفعله ، ولا أحدٌ من أصحابه رضي الله عنهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي ، علماً بأنهما أميان لا يقرآن ولا يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف القراءة والكتابة ولكن أريد إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآن لأكثر من شخص ؟
فأجاب :(/2)
لم يرد في الكتاب العزيز ، ولا في السنة المطهرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ما يدل على شرعية إهداء تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما ، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع به ، والاستفادة منه ، وتدبر معانيه والعمل بذلك ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، وقال تعالى : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء/90 ، وقال سبحانه : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/44 ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام : ( اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )
ومعنى غيايتان : أي سحابتين .
والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم ، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا يعتمد عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا : لا مانع من إهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات ، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم ، ولكن الصواب هو القول الأول ؛ للحديث المذكور ، وما جاء في معناه ، ولو كان إهداء التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح ، والعبادة لا يجوز فيها القياس ؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بنص من كلام الله عز وجل ، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، للحديث السابق وما جاء في معناه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 360 ، 361 ) .(/3)
وأما استدلالهم بحديث ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... ) فهو استدلال غير صحيح ، بل الحديث عند التأمل يدل على عدم مشروعية إهداء ثواب قراءة القرآن للأموات ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يدعو له ) ولم يقل : ( يقرأ القرآن ).
ثالثاً :
لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بحرف الصاد ، ولا بكلمة " صلعم " ! ومن كتب مثل هذا السؤال الطويل لا يعجزه كتابة الصلاة والسلام عليه كاملة .
وقد سبق بيان حكم كتابة هذين الاختصارين في جواب السؤال رقم (47976) فلينظر .
رابعاً :
الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ، وتخصيص عبادات معينة فيه كالتسبيح والتحميد والاعتكاف وقراءة القرآن والصيام بدعة لا يؤجر أصحابها على شيء منها ؛ لأنها مردودة .
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) رواه البخاري ( 2550 ) ومسلم ( 1718 ) .
وفي رواية لمسلم ( 1718 ) : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
قال الفاكهاني رحمه الله :
لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بدعة ، أحدثها البطالون ، وشهوةُ نفسٍ اغتنى بها الأكالون .
" المورد في عمل المولد " بواسطة كتاب " رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي " ( 1 / 8 ، 9 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :(/4)
ولو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته ؛ لأنه أنصح الناس ، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته واتباع شريعته ، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة ، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك ولم يفعله صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه لم يحتفلوا بهذا اليوم ، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم ، ثم التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم .
أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق ؟! لا والله ! ولن يقول هذا عاقل يعرف حال الصحابة وأتباعهم بإحسان . وإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بيوم المولد النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام ولا في عهد أتباعهم في الصدر الأول ، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين ، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها ، بل يجب إنكارها والتحذير منها ... .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 318 ، 319 )
خامساً :(/5)
لا يجوز لأحدٍ اختراع دعاء أو ذِكْر ونشره بين الناس ، والدعاء المسمى " دعاء الرابطة " دعاء بدعي ، واستحضار صور المدعو لهم ، واعتقاد أنهم سيعرفون الداعي به وينادونه في الجنة : كل ذلك أوهام وخيالات وخرافات صوفية لا أصل لها في دين الله تعالى ، وضوابط الشرع التي يستطيع المسلم تمييز السنَّة من البدعة ، والصواب من الخطأ : واضحة وبيِّنة ، وهي أن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل فلا يتقرب إلى الله تعالى بعبادةٍ إلا إذا دلّ الدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة على أنها مشروعة ، وأن الأصل في المسلم الاتباع لا الابتداع ، وأن البدعة مردودة على صاحبها ، وأن الله تعالى أكمل لنا الشريعة وأتم علينا النعمة ، فأي حاجة لمثل هذه البدع أن تكون في حياتنا مع بالغ تقصيرنا في الثابت الصحيح من الشرع ؟ !
وانظر – لمزيد بيان - جواب السؤالين : ( 27237 ) و ( 6745 ) .
ونرجو أن يكون ما ذُكِر كافياً لأولئك الأخوات للكف عن بدعهم تلك ، ونوصيهن بتقوى الله تعالى ، وحسن الاتباع ، وليعلمن أن الله تعالى لا يقبل العبادة المبتدعة ولو بلغ صاحبها ما بلغ من بذل الجهد والمال فيها ، و" اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
ونسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الأخوات لما فيه رضاه ، ونوصيك بحسن التبليغ ، وعدم المشاركة معهن ، والصبر على ما قد يصيبك جراء هذا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 70318
هل يأخذون دية ميتهم من شركة التأمين ؟:
تفرض الدولة في بلدنا تأمينا إجباريّاً على السيارات ، ولا يستفيد منه صاحب السيارة بشيء ، فإذا قامت هذه السيارة بضرب شخصٍ ما وأدى هذا الحادث لإصابته أو وفاته يقوم أهله برفع قضية على شركة التأمين ويؤدي هذا لتعويض أهل المصاب أو المتوفى ، وهذا التعويض لا يتأثر به صاحب السيارة سلباً أو إيجاباً ، فما الحكم في ذلك ؟ مع العلم أن أهل المتوفى يعفون عن صاحب السيارة والدولة تحكم بالقوانين الوضعية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
التأمين التجاري من العقود المحرمة ، وهو حرام بجميع صوره ، ولا يجوز لأحد أن يشترك فيه إلا أن يضطر لذلك كأن يكون مكرهاً ، وقد سبق بيان حكمه في جواب السؤال رقم
(8889 ) و ( 39474 ) فلينظرا .
ثانياً :
حرمة الاشتراك في التأمين لا تعني حرمة أخذ الحق من شركة التأمين إن التزمت بدفع الحق عمن وقع منه الحادث .
وعليه : فلا مانع من أخذ دية المقتول خطأً أو المصاب في الحادث من أي جهة أحيل عليها مستحقوها من قِبَل القاتل أو من القضاء ، سواء كانت شركة تأمين أو غيرها ؛ لأن مستحقي الدية أصحاب حق ، وهم غير مسؤولين عن حلِّ معاملة الطرف الآخر مع شركة تأمينه .
وقد سألنا فضيلة الشيخ ابن جبرين عن أخذ التعويض من شركة التأمين ، فأجاب : " يجوز ذلك ، لأن هذه الشركات التزمت أنها تتحمل ما يحدث من هذا الإنسان الذي أمَّن عندها ، ولا يتورع عن ذلك مادام أنهم ملتزمون بدفع التعويض ، ولا يبقى على من ارتكب الحادث - في حال حصول وفاة - إلا كفارة القتل الخطأ ، إذا كان الحادث بسبب خطأ منه " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 70320
حكم أكل لحم الخيل:
ما حكم أكل لحم الفرس ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب أكثر العلماء إلى جواز أكل الفرس ، للأحاديث الصحيحة في ذلك .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل ) رواه البخاري (3982) ومسلم (1941) .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( نحَرْنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه ) رواه البخاري (5191) ومسلم (1942) .
وعن جابر رضي الله عنه قال : ( سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا نأكل لحم الخيل ونشرب ألبانها ) رواه الدارقطني والبيهقي . قال النووي : بإسناد صحيح .
وذهب آخرون – ومنهم أبو حنيفة وصاحباه - إلى كراهة أكل لحم الفرس ، واستدلوا بآية وحديث .
أما الآية : فقوله تعالى : ( والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيرَ لِتَرْكبُوها وزِينَة ) ، قالوا : ولم يذكر الأكل منها , وذكر الأكل من الأنعام في الآية التي قبلها .
وأجاب العلماء عن ذلك بـ " أن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مقصورة على ذلك , وإنما خُص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل ، كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) فذكر اللحم لأنه معظم المقصود , وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه , قالوا : ولهذا سكت عن حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام : ( وتحمل أثقالكم ) ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل " انتهى بتصرف من "المجموع" .
وأما الحديث : فهو ما روي عن خالد بن الوليد أنه قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع ) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه .
وهذا الحديث ضعيف . ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .(/1)
"وقال الحافظ موسى بن هارون : هذا حديث ضعيف ، وقال البخاري : هذا الحديث فيه نظر , وقال البيهقي : هذا إسناد مضطرب , ومع اضطرابه هو مخالف لأحاديث الثقات , يعني في إباحة لحم الخيل , وقال الخطابي : في إسناده نظر , وقال أبو داود : هذا الحديث منسوخ , وقال النسائي : حديث الإباحة أصح ، قال : ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا , لأن قوله في الحديث الصحيح : " أذن في لحوم الخيل " دليل على ذلك " انتهى من "المجموع" (9/5– 7) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70363
حكم الانتحار والصلاة على المنتحر والدعاء له:
لدي ابنة خالة توفيت ومعظم الاحتمالات تبين أنها انتحرت ، فما حكم من ينتحر ؟ وما حالته عند ربه ؟ وماذا يفعل والداها ليخففا عنها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الانتحار من كبائر الذنوب ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) .
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 )
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على المنتحر ، عقوبةً له ، وزجراً لغيره أن يفعل فعله ، وأذن للناس أن يصلوا عليه ، فيسن لأهل العلم والفضل ترك الصلاة على المنتحر تأسيّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمَشاقص فلم يصل عليه ) رواه مسلم ( 978 ) .
قال النووي :
" المَشاقص : سهام عراض .(/1)
وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي , وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه , وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله , وصلت عليه الصحابة " انتهى .
" شرح مسلم " ( 7 / 47 ) .
ولا يعني هذا – إن ثبت انتحارها – أن تتركوا الدعاء لها بالرحمة والمغفرة ، بل هو متحتم عليكم لحاجتها له ، والانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة كما يظن بعض الناس ، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن شاء غفرها وإن شاء عذَّب بها ، فلا تتهاونوا بالدعاء لها ، وأخلصوا فيه ، فلعله يكون سببا لمغفرة الله لها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70367
الموظف إذا أعطاه المراجعون مالا بدون طلب منه فهل له أخذه ؟:
صديقي شاب ملتزم ابتلي بالعمل في وزارة المالية ، وهو في موقعه أثناء القيام بعمله يأتيه المراجعون وهو يعاجل خدمتهم وتيسير أمورهم ، فإذا بهم يصرون ويلحون بشدة على إعطائه شيئاً من المال ، وهو يرفض بشدة ، والمراجع يصر حتى ينتبه الناس ، والمراجع يقول : هذا مني عن طيب نفس ، وأحياناً يلقون المال أمامه ويخرجون ، وقد يشتد الأمر إلى الشجار بينهم ، فماذا يفعل ؟ هل يجوز له أخذ المال حلالاً طيباً أم أنه حرام عليه ؟ وماذا يفعل بهذا المال ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للموظف أن يأخذ ما يهدى إليه من أجل العمل ، لأن ذلك من الرشوة المحرمة ، ولو لم يقصد هو ذلك ؛ فإن المعطي – في الغالب – لا يعطيه إلا لأجل أن يسهل له الأمر أو يخصه بحسن معاملة في المرات القادمة .
وأما ما يهدى إلى الموظف لأجل قرابة أو صداقة ، لا لأجل عمله ، فهذا لا حرج فيه ، وينبغي له قبوله ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان ( يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا ) . رواه البخاري (2585) ومعنى (يثيب عليها ) : أي يجازي المهدي ويعطيه بدل هديته .(/1)
والفارق بين الهدية المحرمة ، والهدية الجائزة : أن ما كان لأجل عمل الإنسان ووظيفته ، فهو محرم ، فينظر الإنسان في حاله ، لو لم يكن في هذا العمل ، هل كان سيُهدى إليه أم لا ؟ وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ) فقد روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ عَلَى صَدَقَةٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أي بياض إبطيه .
فهذا الحديث الشريف يدل على تحريم ما يهدى للعمال ، لأجل عملهم ، وأن العامل يأتي يوم القيامة وهو يحمل ما أَخذ منها ، ولو كان بعيرا أو بقرة أو شاة ، عياذا بالله من ذلك .(/2)
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (23/548) ما نصه : " ما حكم الشرع فيمن أُعطي له مال وهو في عمله بدون طلب منه أو احتيال لأخذ ذلك المال ، مثال ذلك : العمدة أو شيخ الحارة ( الحي ) يأتيه الناس ليعطيهم شهادات ؛ لأنهم من سكان حارته ، ويعطونه فلوسا على ذلك ... فهل يجوز أخذ هذا ، وهل يعتبر هذا المال حلالا ، وهل يُستدل على جواز ذلك بحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر ، عن عمر رضي الله عنهم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : ( خذه ، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مُشْرفٍ ولا سائل فخذه فتموله ، فإن شئت تصدق به ، وما لا فلا تتبعه نفسك ) قال سالم : فكان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه ) متفق عليه .
الجواب : إذا كان الواقع ما ذكر فما يدفع لهذا العمدة حرام ؛ لأنه رشوة . ولا صلة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما بهذا الموضوع ؛ لأنه في حق من أُعطي شيئا من بيت مال المسلمين من والي المسلمين دون سؤال أو استشراف نفس " انتهى .
والحاصل أن على صديقك أن يرفض أخذ هذه الأموال مهما ألح أصحابها في بذلها ، وينبغي أن يفهمهم أن هذا لا يجوز له ؛ وفي هذا تطييب لخاطرهم ، وإشاعة لهذا الأمر الشرعي الذي جهله كثير من الناس .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70403
اضطرت للمس المصحف وهي حائض:
لقد مسست المصحف وقرأت منه وأنا حائض على امرأة فيها مس قد ثارت ولم يستطيع أحد أن يقرأ عليها لتهدئتها فلم يكن بينهم من يجود ويرتل غيري فاضطررت للقراءة ... فما الحكم في تصرفي هذا .. هل علي إثم ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لغير المتوضئ ( الحائض وغيرها ) أن يمس المصحف في قول جمهور العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ ) رواه مالك في الموطأ (468) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (122) .
وللحائض أن تقرأ القرآن من غير مس للمصحف على القول الراجح ، كما لو قرأت من حفظها ، أو أمسكت المصحف بحائل ، ولها أن تقرأ من المصحف المشتمل على تفسير ، كما هو مبين في جواب السؤال (2564) ، (60213) .
فكان عليك أن تتجنبي مس المصحف مباشرة ، وأن تمسكيه بشيء منفصل عنه كخرقة طاهرة أو تلبسي قفازا ، أو تقلبي أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك .
أما وقد حصل المحظور ، فما عليك إلا أن تستغفري الله تعالى ، وتتوبي إليه ، ونسأل الله أن يتجاوز عنك ، كما نسأله أن يتقبل منك ويثيبك على مساعدتك لأختك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 70425
هل لابد من الاحتلام حتى يثبت البلوغ ؟:
أنا شاب في السادسة عشر من عمري وقد ظهرت علي كل علامات البلوغ عدا خروج المني فهل هذا مرض أم هو طبيعي ؟ مع العلم أن غذائي الأساسي نباتي .
الجواب:
الحمد لله
البلوغ له علامات معروفة بالنسبة للذكر والأنثى ، فالذكر يحصل بلوغه بواحد من ثلاثة أشياء : خروج المني ، أو نبات شعر خشن حول القُبُل ، أو بتمام خمس عشرة سنة .
والأنثى يحصل بلوغها بهذه العلامات الثلاثة ، وتزيد علامة رابعة وهي الحيض .
ولا يشترط ظهور كل هذه العلامات ، بل تحقق علامة واحدة منها كافية للحكم على الشخص بأنه قد بلغ .
انظر الشرح الممتع (6/202)
وكونك بلغت السادسة عشرة ، فهذا دليل على بلوغك ، ولو لم يحصل إنزال للمني .
فاعلم أنك أصبحت مكلفا ، مسئولا عن أقوالك وأعمالك ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ ) رواه أبو داود (4402) والنسائي (3432) والترمذي (1423) وابن ماجه (2041) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقد سألنا أحد الأطباء عن حالتك فأفاد بأنها قد تكون أمراً مرضياً ، وقد تكون أمراً طبيعياً ، فعليك أن تراجع طبيباً مختصاً للوقوف على حقيقة الأمر .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 70427
الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارا:
ما حكم جلوس الرجال إلى جانب النساء في وسائل النقل مع العلم أنهم مضطرون لذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة ، محرم ؛ لما يترتب عليه من مفاسد عظيمة لا تخفى ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال (1200) .
ثانيا :
إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل المواصلات المختلطة ، فعليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع ، ويغض بصره عن الحرام ، ويتجنب الجلوس بجوار النساء ، مهما أمكنه ذلك ، ولو بالوقوف على قدميه ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وتجنبا للفتنة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( اتَّقُوا النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ) رواه مسلم (2742) .
وقوله : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) رواه البخاري (5096) ومسلم (2740).
وقد يتفادى الإنسان هذا الجلوس بتبديل مقعده ، ونحو ذلك ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
ثالثاً :
إذا اضطر الإنسان للركوب ولم يستطع تغيير المكان ، ولا تغيير السيارة ، ولا الوقوف على قدميه لكونه أشد زحاماً وملامسة للنساء ، فلا حرج عليه حينئذ من الجلوس بجوار امرأة على أن يبتعد عنها بقدر المستطاع .
وإذا خاف على نفسه الفتنة وبدأ الشيطان يوسوس له وأشغل فكره فالواجب عليه أن ينزل فورا مهما ترتب على ذلك من تأخير للعمل أو الدراسة ، لأنه ليس هناك أغلى على المرء من دينه ليحافظ عليه .(/1)
وقد سألنا فضيلة الشيخ ابن جبرين عن حكم الجلوس بجانب امرأة في وسيلة المواصلات ، فأجاز ذلك بقدر الضرورة وبقدر الحاجة إذا أُمنت المفسدة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70458
هل يجوز له بيع الكتب السياسية والروايات المسرحية ؟:
يوجد عندي العديد من الكتب غير الدينية ، وهي تشتمل على كتب سياسية , اقتصادية , تاريخية , والعديد من الروايات والمسرحيات العربية والعالمية ،هل يجوز بيع هذه الكتب والاستفادة من ثمنها في شراء كتب دينية أو في أعمال الخير والصدقة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الأصل في البيوع الحل والجواز لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة/275 ، قال الجصاص : وهو عام في إباحة سائر البيوع .
" أحكام القرآن " ( 2 / 189 ) .
هذا من حيث الأصل ، أما إن كان المبيع – أي : السلعة - محرمة أو أنها تستخدم غالبا في الحرام : فلا يجوز تداولها بيعاً وشراء ، وبناء عليه : فإن هذه الكتب المذكورة في سؤالك لا تخلو من حالين :
إما أن تكون كتباً نافعة مفيدة لقارئها ولو في غير علوم الدين كالتاريخ والسياسة والفيزياء والحاسوب ونحوها ولا تحتوي - بحسب علمك - على محرمات من كذب ، وإشاعة فاحشة ، وتلبيس على الناس : فهذه على الأصل المذكور ، وهو إباحة البيع وجوازه شرعاً ، وإذا جاز البيع : حلَّ لك استخدام المال الناتج عنه بحسب مصلحتك الدينية والدنيوية .
وأما إذا كانت هذه الكتب محرَّمة في نفسها أو ضارة لقارئها بحيث تشتمل على كذب ، وتزوير للواقع وللثوابت الدينية والشرعية ، وإفساد للأخلاق والدين والعقيدة ، وتغيير لمعاني الحياء عند المرأة ومعاني الرجولة عند الرجال - كما هو الحال في الكثير من الروايات والمسرحيات العربية منها والأجنبية - : فهذا النوع من الكتب يحرم بيعه ، بل يجب إتلافه ولا يحل الاستفادة من ثمنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله إذا حرَّم على قومٍ شيئاً حرَّم ثمنه ) رواه أحمد ( 2956 ) وصححه الألباني في " غاية المرام " ( 318 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 70469
هل تقاطع أهلها وهم يحاولون إضلالها ومحاربتها لاستقامتها ؟:
أنا متزوجة - والحمد لله - أعيش وزوجي ملتزمين بشرع الله، وأهلي غير ملتزمين بل ويحادوننا ويحاربون فينا التزامنا ( بما في ذلك نقابي وهدينا الظاهر ) ، وتعدى الأمر إلى تدخلهم في تفاصيل حياتي ، يريدون بذلك أن أتبعهم في كل شيء ، وبمجرد رفضي لتوجيهاتهم التي تخالف أوامر الله يزداد عداؤهم ومقاطعتهم لي في كثير من الأحيان خاصة أمي . الحاصل أني لا أرى فيهم إلا معولا يهدم في ديني والتزامي بل وحياتي الزوجية مؤثرين بذلك على زوجي مما أوصلنا في بعض الأحيان إلى حافة الطلاق ، لكن الله سلَّم ، وأنا الآن بعيدة عنهم لا أزورهم ولا أصل رحمهم - فراراً ونجاة بديني وحفاظا على أسرتي - وأمي تدعي بذلك أني قطعت رحمهم ، فهل عليَّ من إثم في ذلك ؟ علما بأن وجودي معهم يضطرني إلى سماع ما لا يرضي الله والذي يصل في بعض الأحيان لسب الله والدين والصحابة وكل مظاهر التدين والالتزام ، مع العلم : أني حاولت مراراً أن أصلح من شأنهم لكن دون جدوى.
الجواب:
الحمد لله
إنا لله و إنا إليه راجعون ، والله إنه مما يملأ القلب حسرة وأسى أن يكون في أسر المسلمين مثل هذه المعاناة الشديدة من أجل أن يحافظ المرء على دينه واستقامته ، فقد سمعنا كثيراً عن رجال ونساء مسلمين عانوا من أهاليهم النصارى أو الوثنيين ، أما أن تعاني المسلمة من أهلها الذين يزعمون أنهم مسلمون وتفر بدينها من بين أسرة تدعي الإسلام وتنتسب إليه فهذا والله مؤسف أشد الأسف .
أختنا :
نسأل الله لك ولزوجك الثبات على الدين والهداية والتوفيق ، وأن يقويكما على الحق وأن يرزقكما الصلاح ، وأن يرزقكما الذرية الصالحة .(/1)
قد روى مسلم في صحيحه ( 145 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود كما بدأ غريباً ، فطوبى للغرباء ) ، فإذا استغربك الناس من أجل دينك والتزامك فطوبى لك ، وإذا رأى المسلم أنه غريب بإسلامه حتى بين أهله فهذه بشرى له يزفها إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ( طوبى للغرباء ) .
ومما لا شك فيه : أن سب الرب والدين الواقع من أمك ومن غيرها من أهلك كفر أكبر مخرج من الملة ، يوجب الخلود في جهنم إن مات صاحبه عليه ولم يرجع إلى الإسلام .
لذا فإنه يجب عليك تجاه من وقع منه هذا من أهلك : دعوتهم بالحسنى إلى الكف عن هذا الكفر ، ووجوب الرجوع إلى الإسلام ، ويجب أن يعلموا حالهم وحكمهم في الشرع من كونهم مرتدين ، وقد حبطت أعمالهم .
واعلمي أن وقوع والدتك في الكفر لا يعني أنه تتوقف علاقتك بها ، بل يجب أن يزداد حرصك عليها خشية أن تموت على هذه الحال .
ويجب عليكِ برُّها والإحسان إليها ليس فقط وهي كافرة بل لو دعتك إلى الكفر وجاهدت نفسها في سبيل ذلك ، كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) العنكبوت / 8 ، وقال : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان / 15 .
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ ) رواه البخاري ( 2620 ) ومسلم ( 1003 ) .
ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها .(/2)
لكن هذا البر والإحسان لا يلزم منه مخالطتهم في مسكنهم ومشاركتهم في حياتهم حيث تكون المعاصي والموبقات وسب الله ورسوله ودينه ، إلا أن يكون في حضوركم توقف عن هذا الكفر وتلك المعاصي ، أما مع استمرارها واحتمال تأثركم بما تسمعون : فيحرم عليكم البقاء في تلك المجلس عندهم ، فإن تكرر ذلك منهم في كل زيارة فلا حرج عليك في عدم زيارتهم ، وليس في هذا عقوق ، بل هو واجب شرعي ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .
ولا تلتفتي لتخذيل أهلك لك ولزوجك بسبب التزامكما بأحكام الشرع في اللباس وغيره ؛ لأن هذا من كيد الشيطان .
قال علماء اللجنة الدائمة – حول مسألة قريبة من هذه - :
"طاعة الوالدين واجبة في المعروف ، وأما إذا أمرا بمعصية فلا طاعة لهما ؛ لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) ، فالتزمي بالحجاب وحاولي إقناعهما وتبيين الحكم لهما ، ولا تلقي بالاً لتهديداتهما ، واستعيني بالله سبحانه على ذلك ، ثم بالطيبين من أقاربك ينصحوهم ، لعل الله أن ينفعهما بذلك " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 1 / 541 ) .
والغريب أن والدتك يقع منها الكفر والفسوق والعصيان ، ثم نراها مهتمة بالعقوق ، واتهامك به ، وهذا تناقض يدل على جهل بالشرع واستهانة بأحكامه .
وبالجملة : فإنه يجب على المسلمة أن تحسن إلى أهلها ووالديها ، وأن تبذل وسعها في نصيحتهم بالمعروف والحكمة والموعظة الحسنة ، وأن تعتبر فترة انقطاعها عنهم - فراراً بدينها - فترة علاج مؤقتة ، فإن أحست من أهلها شيئاً من التغيير نحو الخير فلتبادر إلى وصلهم ، ولتأخذ بأيديهم إلى الخير .(/3)
ولا تنسي الدعاء لأمك وأهلك أن يهديهم الله ، ويرجعوا إلى دينهم الحق قبل فوات الأوان .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 70489
هل صيام رمضان لا يرفع إلا بزكاة الفطر؟:
هل صحيح أن صيام رمضان معلق بين السماء والأرض ، ولا يرفع إلا بزكاة الفطر ؟.
الجواب:
الحمد لله
ورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ضعيف .
عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لابن شاهين في "ترغيبه" والضياء عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر) .
وضعفه السيوطي ، وبين المناوي في "فيض القدير" سبب ضعفه فقال : "أورده ابن الجوزي في "الواهيات" وقال : لا يصح ، فيه محمد بن عبيد البصري مجهول " .
وضعفه الألباني في : سلسلة الأحاديث الضعيفة" (43) وقال : " ثم إن الحديث لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج صدقة الفطر ، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه ، ولا أعلم أحدا من أهل العلم يقول به .... والحديث ليس بصحيح " انتهى باختصار.
وإذا لم يصح الحديث ، فلا يستطيع أحد القول بأن صوم رمضان لا يقبل إلا بزكاة الفطر ، لأن هذا لا يمكن معرفته إلا من النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ثبت في سنن أبي داود (1609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود .
فهذا الحديث يبين الحكمة من زكاة الفطر ، وأنها تجبر النقص الحاصل في الصيام ، ولم يذكر أن الصيام لا يقبل إلا بزكاة الفطر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 70507
هل يتيمم أيام البرد الشديد من الجنابة ؟:
هل أستطيع أن أصلي وأنا على جنابة بالتيمم أيام البرد الشديد ، علما بأنه لا تتوفر لدي الإمكانيات التي تستوجب مني التطهر فوراً ، كما أنى مريض بالبرد الذي أصاب ظهري وهو يؤثر علي كثيراً ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ، فإن عجز عن استعمال الماء لكونه غير موجود ، أو وجده وكان في استعماله ضرر لمرضه ، أو لشدة البرد - وليس عنده ما يسخنه به - : فإنه يعدل عن الاغتسال بالماء إلى التيمم بالتراب ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) ففي الآية دليل على أن المريض الذي يضره استعمال الماء كأن يؤدي الاغتسال إلى الموت أو زيادة المرض أو تأخير شفائه أنه يتيمم , وقد بيَّن الله تعالى كيفية التيمم فقال : ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) وبيَّن حكمة هذا التشريع فقال : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 6 .(/1)
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) النساء/29، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً .
رواه أبو داود ( 334 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان لأجل برد أو غيره ، وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين .
" فتح الباري " ( 1 / 454 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد ، أو الشراء من جيرانك أو غير جيرانك : فالواجب عليك أن تعمل ذلك ؛ لأن الله يقول : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ) ، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء ، فإن عجزت وكان البرد شديداً ، وفيه خطر عليك ، ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك : فأنت معذور ، ويكفيك التيمم ؛ لقول الله تعالى : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ) وقوله سبحانه : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) .
والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء .
" مجموع فتاوى ابن باز" (10/199، 200) .
وعليك أن تغسل ما تستطيع غسله من بدنك , كأن تغسل اليدين والرجلين وما أشبه ذلك . إذا لم يكن في هذا ضرر عليك , ثم تتيمم .
ونسأل الله لك الشفاء العاجل ، وأن يجعل ما أصابك كفارة لك ورفعا لدرجاتك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70530
هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء؟:
هل ممكن عند الوضوء مسح جزء صغير من الرأس على أن يكون من الجزء الخلفي وليس الأمامي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أجمع المسلمون على وجوب مَسْح الرَّأْسِ في الوضوء ، لقول اللَّه تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/6 .
واتفق الفقهاء على أن الأفضل استيعاب الرأس بالمسح ، غير أنهم اختلفوا هل هذا الاستيعاب واجب أم لا ؟
فذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب مسح الرأس كله .
وذهب الحنفية والشَّافعية إلى أنه يكفي مسح بعض الرأس .
واستدل المالكية والحنابلة بعدة أدلة :
1- قَوْل اللَّهِ تَعَالَى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) وهذا يتناول جميع الرأس . وهذه الآية : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) كقوله تعالى فِي التَّيَمُّمِ : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) والوجه يجب استيعابه في التيمم فكذلك الرأس هنا .
انظر : "مجموع الفتاوى" (21/125) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" اختلف الفقهاء فيمن مسح بعض الرأس ، فقال مالك : الفرض مسح جميع الرأس ، وإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء من وجهه ، هذا هو المعروف من مذهب مالك ، وهو قول ابن علية ، قال ابن علية : قد أمر الله بمسح الرأس في الوضوء كما أمر مسح الوجه في التيمم ، وأمر بغسله في الوضوء ، وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسل بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم ، فكذلك مسح الرأس " انتهى .
" التمهيد " ( 20 / 114 ) .
2- واستدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم , فإنه لم يثبت عنه أنه اقتصر على مسح بعض الرأس .
واحتج الأحناف والشافعية بأدلة منها :(/1)
1ـ قوله تعالى ( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) قالوا : والباء للتبعيض ، فكأنه قال : ( وامسحوا بعض رؤوسكم ) .
وأجيب عن هذا : بأن الباء ليست للتبعيض ، وإنما هي للإلصاق ، ومعنى الإلصاق : أنه يجب أن يلتصق بالرأس شيء من الماء الذي يمسح به .
انظر : "مجموع الفتاوى" (21/123) .
2ـ ما رواه مسلم (247 ) عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله عنه : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ ) . قالوا : فاقتصر صلى الله عليه وسلم على مسح الناصية وهي مقدم الرأس .
وأجيب عن هذا : بأنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته ، وأكمل المسح على العمامة ، ومسح العمامة يقوم مقام مسح الرأس .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/193) : " لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ أَلْبَتَّةَ , وَلَكِنْ كَانَ إذَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ أَكْمَلَ عَلَى الْعِمَامَةِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين " إجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح على العمامة معه ، فلا يدلُّ على جواز المسح على الناصية فقط " انتهى من "الشرح الممتع" (1/178) .
وبهذا يظهر أن الراجح من القولين هو القول بوجوب مسح الرأس كله في الوضوء .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 5/227) : " الواجب مسح جميع الرأس في الوضوء ؛ لقوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) ولما أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ( ومَسَحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ ) , وفي لفظ لهما : ( بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه , ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ) " انتهى .(/2)
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/187) : " ولو مسح بناصيته فقط دون بقيَّة الرَّأس فإنَّه لا يجزئه ؛ لقوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم ) المائدة/6 ولم يقل : (ببعض رؤوسكم)" انتهى .
وأما صفة مسح الرأس فقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (45867) فلينظر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 70575
هل للأحفاد حق في ميراث جدهم ؟:
إذا ماتت الابنة قبل أبيها فهل يكون لأولادها الحق في الميراث الشرعي بدلا منها من أبيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الأحفاد إما أن يكونوا أولاداً لذكور أو يكونوا أولاداً لإناث .
أما أولاد الإناث فلا يرثون من جدهم ، سواء كانت أمهم حية أم ميتة .
وأما أولاد الذكور فإنهم يرثون من جدهم بشرط عدم وجود أحد من أبناء الجد ، سواء كان هذا الابن الموجود أباهم أو أحد أعمامهم ، فإن وجد من أبنائه الذكور أحد فإنهم لا يرثون ، سواء كان أبوهم حيا أم ميتاً .
انظر : "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" لفضيلة الشيخ صالح الفوزان (ص 65، 125) .
ولا يعلم في الشرع أبداً أن يأخذ الحفيد من جده نصيب أبيه الميت ، الذي لو فرض أنه كان حيا لأخذه !!!!
بل التركة توزع على الورثة الأحياء عند موت مورثهم ، فكيف نورث هذا الأب الذي مات قبل الجد ، ثم نأخذ هذا النصيب ونعطيه أولاده ؟! سبحانك هذا بهتان عظيم .
ويمكن لهؤلاء الأحفاد الذين لا يرثون لوجود أحد من أبناء جدهم أن يحصلوا على شيء من تركة جدهم بطريقين :
الطريق الأول : أن يوصي لهم الجد قبل وفاته بالثلث من تركته أو أقل ، وهذا في حال أن يكون له مال كثير ، وهذه الوصية أوجبها بعض العلماء واستحبها كثيرون .
ودليل هذا قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/180 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/1)
من فوائد الآية : وجوب الوصية للوالدين والأقربين لمن ترك مالاً كثيراً ؛ لقوله تعالى : ( كتب عليكم ) ؛ واختلف العلماء رحمهم الله هل هذا منسوخ بآيات المواريث أم هو محكم ، وآيات المواريث خَصَّصَتْ ؟ على قولين ؛ فأكثر العلماء على أنه منسوخ ؛ ولكن القول الراجح أنه ليس بمنسوخ ؛ لإمكان التخصيص ؛ فيقال : إن قوله تعالى : ( للوالدين والأقربين ) مخصوص بما إذا كانوا وارثين ؛ بمعنى أنهم إذا كانوا وارثين فلا وصية لهم اكتفاءً بما فرضه الله لهم من المواريث ؛ وتبقى الآية على عمومها فيمن سوى الوارث ...
ومنها : جواز الوصية بما شاء من المال ؛ لكن هذا مقيد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أتصدق بثلثي مالي ؟ قال : لا ؛ قال : فالشطر ؟ قال : لا ؛ قال : فالثلث ؟ قال : الثلث ؛ والثلث كثير ) متفق عليه ؛ وعلى هذا فلا يزاد في الوصية على ثلث المال ؛ فتكون الآية مقيدة بالحديث .
ومنها : أن الوصية الواجبة إنما تكون فيمن خلّف مالاً كثيراً ؛ لقوله تعالى : ( إن ترك خيراً ) ، فأما من ترك مالاً قليلاً : فالأفضل أن لا يوصي إذا كان له ورثة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ) متفق عليه .
" تفسير سورة البقرة " ( 2 / 306 ، 307 ) .
الطريق الثاني : أن يهب أعمامهم لهم من نصيبهم شيئاً يوزعونه عليهم .
أما أن يحسب نصيب والدهم ويُعطى لهم وهو ليس على قيد الحياة : فهذا لا يُعرف له أصل في الشرع ، ويسمى هذا في بعض الدول بـ " الوصية الواجبة " ، فيُعطون أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه – أي : جدهم - نصيب أبيهم بشرط ألا يزيد عن الثلث ، ويُعطون أولاد البنت نصيب أمهم بشرط ألا يزيد عن الثلث ، ولو لم يوص الجد لهم بشيء !!(/2)
وهذا مخالف للشرع ، وغير موجب للطاعة ؛ لأن فيه مشاركة لله تعالى في التشريع ، وتعديّاً على حقوق الورثة ، وقد نسبوا هذا القول لابن حزم رحمه الله ، وهو محض تقول عليه ؛ لأن ابن حزم قد أوجب الوصية للأقارب الذين لا يرثون ، وهذا يشمل العم والخال وجميع الأقارب ، وهم لا يجعلون لهؤلاء نصيباً في التركة ، وأيضاً : لم يوجب ابن حزم نسبة معينة أو نصيباً مفروضاً ، وهم قد فعلوا ذلك بإعطائهم نصيب أمهم أو أبيهم ، وأيضاً : فإن ابن حزم يرى أنهم يُعطوْن في حال أن يوصي الجد ، وهم يجعلون لهؤلاء الأحفاد نصيباً ولو لم يوص الجد ، فاختلف ما قاله ابن حزم عما نسبوه إليه ، فالواجب على القضاة أن لا يحكموا بمثل هذا ، وليعلموا أنهم بحكمهم هذا يخالفون شرع الله تعالى ، ويأخذون المال ممن جعله الله تعالى حقا له ، ويعطونه لمن لا يستحقه .
وفي هذا مضادة لحكم الله وشرعه ، وقد اعترض كثير من علماء الأزهر على " قانون " الوصية الواجبة ، وأفتوا بخلافه ، ونشرت أبحاث في مجلة الأزهر وغيرها في الرد على هذا القانون ، وبيان مخالفته للشرع .
وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :
هل يرث الأحفاد جدهم إذا كان والدهم قد توفي قبل الجد ؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فلماذا ؟
فأجاب :
الأحفاد هم أولاد البنين دون أولاد البنات ، فإذا مات أبوهم قبل أبيه لم يرثوا من الجد إن كان له ابن لصلبه أو بنون ؛ فإن الابن أقرب من ابن الابن ، فإن كان الجد ليس له بنون ولو واحداً وإنما له بنات : فللأحفاد ما بقي بعد ميراث البنات ، وكذا يرثون جدهم إن لم يكن له بنون ولا بنات فيقومون مقام أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين .
" مجلة الحرس الوطني " ( العدد 264 ، تاريخ 1 / 6 / 2004 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71161
من أحكام السقط:
تُوفيت ابنتِي داخلَ الرحمِ بعد حملِها مدةَ سبعةِ شهور ، هل كان يجبُ أن نعقَّ عنها ؟ حيثُ إنّه لم يتمّ العَقُّ عنها . هل كان يجبُ تسميتُها ؟ حيثُ لم تُسَمَّ .
لقد قامَ زوجي بغسلِها وتكفينِها والصلاةِ عليها ودفنِها فقط . هل ما تمَّ صحيحٌ ؟
لقد طلَّقَني زوجي .. هل أتمكنُ أنا من العَقِّ عنها إذا كانت واجبةً ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اعلمي – أختي السائلة – أنَّ الصبرَ على القضاءِ من مقاماتِ الصالحين ، وأنَّ الرضا بقدرِ الله سبحانَه من منازلِ المقربين ، وأنَّ خيرَ ما يستقبلُ العبدُ به البلاءَ أن يقولَ : الحمدُ لله ، إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون .
وخيرُ ما نبشرك به ، ما جاءَ عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ عنه :
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال :
( إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ ، قالَ اللهُ لمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فَيَقُولُ اللّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتًا فِيْ الجَنَّةِ , وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ ) .
رواه الترمذي (1021) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال النوويُّ رحمهُ الله :
" موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السقطُ ، واللهُ أعلم ".
"المجموع" (5/287) ، وانظر : "حاشية ابن عابدين" (2/228) .
وعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ :
( وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ ) رواه ابن ماجه (1609) وضعفه النووي في "الخلاصة" (2/1066) والبوصيري ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .(/1)
والسَّرَرُ: ما تقطعه القابلة من السرة . "النهاية" (3/99) .
وانظر السؤال رقم (5226) .
ثانيًا :
أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الطفلَ إذا عُرِفت حياتُه واستهلَّ – بصوتٍ – أنّه يُغَسَّلُ ويكفَّن ويُصَلى عليه .
نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة في "المغني" (2/328) والكاساني في "بدائع الصنائع" (1/302) .
قالَ النوويُّ في "المجموع" (5/210) : ويكونُ كفنُه ككفنِ البالغِ ثلاثةَ أثواب .
وأما من لم يستهل بصوت , فقد سبق من جواب السؤال (13198) و (13985) أن العبرة في ذلك بنفخ الروح فيه , ويكون ذلك بعد تمام أربعة أشهر من الحمل , فإن نفخت فيه الروح غسِّل وكفّن وصلى عليه , وإن لم تكن نفخت فيه الروح فلا يغسل ولا يصلى عليه .
انظر : "المغني" (2/328) ، "الإنصاف" (2/504) .
ثالثًا :
وأمَّا العقيقةِ عن السقط إذا بلغ أربعة أشهر , فقد اختلف العلماء في مشروعيتها , وسبق في جواب السؤال (12475) و (50106) اختيار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء والشيخ ابن عثيمين أنها مشروعة مستحبة , وفيهما أيضاً أنه يُسمَّى .
رابعًا :
الذي يؤمر بالعقيقة هو من تلزمه النفقة على المولود , وهو الأب إن كان موجوداً , فإن امتنع فلا حرج أن يفعلها غيره كالأم .
جاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/279) :
" ذهبَ الشّافعيّةُ إلى أنّ العقيقةَ تُطلبُ من الأصلِ الّذي تلزمُه نفقةُ المولودِ ، فيؤدّيها من مالِ نفسِه لا من مالِ المولود ، ولا يفعلُها من لا تلزمُه النّفقةُ إلاّ بإذنِ من تلزمُه .
وصرّحَ الحنابلةُ أنّه لا يَعقّ غيرُ أبٍ إلاّ إن تعذّرَ بموتٍ أو امتناعٍ ، فإن فعلَها غيرُ الأبِ لم تُكرَه ، ولكنّها لا تكون عقيقةً ، وإنّما عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ، لأنّه أولى بالمؤمنينَ من أنفسِهم " انتهى .
فإن كان الأبُ حيًا قادرًا ، فإنه ينصح بالعقيقةِ عن المولود ، فإن امتنعَ أو أذنَ للأمِّ بالعقيقةِ فيُشرَعُ لها ذلك .(/2)
والحاصل : أن ما فعله زوجك من غسلها وتكفينها والصلاة عليها صحيح مشروع ، ولكن يبقى عليكم تسميتها والعقيقة عنها .
واللهُ أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71169
يدخل الماء إلى أنفه في الوضوء عند غسل الوجه:
أثناء الوضوء أستنشق وأستنثر ثلاث مرات ولكني عندما أغسل وجهي يدخل بعض الماء في أنفي فأستنثره ، فهل هذا جائز أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا حرج عليك في إخراج الماء الذي قد يدخل إلى أنفك أثناء غسل الوجه ، بعد انتهائك من المضمضة والاستنشاق ، ولا يعدّ هذا زيادة على الثلاث الواردة في السنة ، لأن دخول الماء لم يكن بقصد منك .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الأفضل في غسل الوجه أن يبدأ من أعلاه ، فلعلك إذا فعلت ذلك لم يدخل الماء في أنفك .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/215) :
" قال الماوردي : صفة غسل الوجه المستحبة أن يأخذ الماء بيديه جميعا لأنه أمكن وأسبغ , ويبدأ بأعلى وجهه ثم يحدره ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا كان يفعل , ولأن أعلى الوجه أشرف لكونه موضع السجود , ولأنه أمكن فيجري الماء بطبعه ثم يمر يديه بالماء على وجهه حتى يستوعب جميع ما يؤمر بإيصال الماء إليه , فإن أوصل الماء على صفة أخرى أجزأه " انتهى .
وذكر أيضاً في "مواهب الجليل" (1/187) في صفة غسل الوجه : أنه يبدأ من أعلاه .
ثانياً :
قد دلت السنة على أن الاستنشاق والاستنثار يكون ثلاثا ، كما روى البخاري (186) ومسلم (235) – واللفظ له - عن عَبْد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه تَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . ( فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا ) .
فهذا الحديث يدل على أن السنة ألا يفصل بين المضمضمة والاستنشاق ، بل يمضمض ويستنشق من كف واحدة ، ثم يمضمض ويستنشق ، ثم يمضمض ويستنشق . خلافا لما يفعله كثير من الناس من الفصل بينهما ، فيمضمض ثلاث مرات ، ثم يستنشق ثلاثاً .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" :(/1)
" قَالَ أَصْحَابنَا : وَعَلَى أَيّ صِفَة وَصَلَ الْمَاء إِلَى الْفَم وَالأَنْف ، حَصَلَتْ الْمَضْمَضَة وَالاسْتِنْشَاق . وَفِي الأَفْضَل خَمْسَة أَوْجُهٍ : الأَوَّل : يَتَمَضْمَض وَيَسْتَنْشِق بِثَلاثِ غُرُفَات ، يَتَمَضْمَض مِنْ كُلّ وَاحِدَة ثُمَّ يَسْتَنْشِق مِنْهَا . . . وهذا الْوَجْه هوَ الصَّحِيح ، وَبِهِ جَاءَتْ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَغَيْرهمَا . وَأَمَّا حَدِيث الْفَصْل فَضَعِيف ، فَيَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَى الْجَمْع بِثَلاثِ غُرُفَات كَمَا ذَكَرْنَا ، لِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن زَيْد الْمَذْكُور فِي الْكِتَاب " انتهى بتصرف .
وأما الزيادة على الثلاث فمكروهة ، والأصل في ذلك ما رواه النسائي (140) وأبو داود (135) وابن ماجه (422) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلاثًا ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ : ( هَكَذَا الْوُضُوءُ ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي .
قال النووي رحمه الله في تتمة كلامه السابق :
" وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة الزِّيَادَة عَلَى الثَّلاث ، وَالْمُرَاد بِالثَّلاثِ الْمُسْتَوْعِبَة لِلْعُضْوِ ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَسْتَوْعِب الْعُضْو إِلا بِغرْفَتَيْنِ فَهِيَ غَسْلَة وَاحِدَة .(/2)
وَلَوْ شَكّ هَلْ غَسَلَ ثَلاثًا أَمْ اِثْنَتَيْنِ ؟ جَعَلَ ذَلِكَ اِثْنَتَيْنِ وَأَتَى بِثَالِثَةٍ , هَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِير مِنْ أَصْحَابنَا ، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ مِنْ أَصْحَابنَا : يَجْعَل ذَلِكَ ثَلاثًا وَلا يَزِيد عَلَيْهَا مَخَافَة مِنْ اِرْتِكَاب بِدْعَة بِالرَّابِعَةِ ، وَالأَوَّل هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد ، وَإِنَّمَا تَكُون الرَّابِعَة بِدْعَة وَمَكْرُوهَة إِذَا تَعَمَّدَ كَوْنهَا رَابِعَة ، وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
والحاصل أنه لا شيء عليك في إخراج الماء الذي يدخل إلى أنفك من غير قصد ، ولا يعد هذا زيادة في الوضوء ، لأنك لم تتعمد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71170
حكمُ الرسومِ المتحركة:
ما حكمُ الرسومِ المتحركةِ التي تُعرَضُ للأطفالِ ؟ وهل هي من التصويرِ المحرمِ شرعاً ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يخفى أنَّ الشريعةَ جاءت بتحريمِ تصويرِ ورسمِ ونحتِ كل ما فيه روحٌ من خلقِ اللهِ تعالى ، بل جاء التشديدُ والوعيدُ الشديد على من فعل ذلك .
كقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2109) .
وانظر جواب السؤال رقم (7222) (39806) .
وقد استثنت الشريعة من التحريم : الصور التي يلعب بها الأطفال .
فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت : ( قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّت رِيحٌ ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ ، لُعَب . فَقَالَ : مَا هَذا يَا عَائِشَةُ ؟ قَالَت : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ . فَقَال : مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن ؟ قَالت : فَرَسٌ . قَالَ : وَمَا هَذا الذي عَليه ؟ قَالَت : جَنَاحَانِ . قَالَ : فَرَسٌ لَه جَناحانِ ؟ ! قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ ! قَالَت : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه ) . رواه أبو داود (4932) وصححه العراقي في تخريج الإحياء (2/344) والألباني في "صحيح أبو داود" .
قالَ الحافظُ ابنُ حجر في "فتح الباري" (10/527) :
" واستُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب ، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور ، وبه جزمَ عياضٌ ، ونقله عن الجمهورِ ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن " انتهى .(/1)
وسُئلَ الشيخ ابن عثيمين : ما حكمُ صورِ الكرتونِ التي تخرج في التلفزيون ؟
فأجابَ :
" أمَّا صورُ الكرتونِ التي ذكرتم أنها تخرجُ في التلفزيون :
فإن كانت على شكلِ آدميٍّ : فحكمُ النظرِ فيها محلُّ ترددٍ ، هل يُلحقُ بالصورِ الحقيقية أو لا ؟
والأقربُ أنه لا يُلحَقُ بها .
وإن كانت على شكلِ غيرِ آدمي : فلا بأس بمشاهدتِها ، إذا لم يصحبها أمرٌ منكَرٌ ، من موسيقى أو نحوِها ، ولم تُلهِ عن واجبٍ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (2/سؤال رقم 333) .
ثانياً :
إن موضوعَ الرسومِ المتحركةِ وأفلام الكرتون من أخطرِ المواضيعِ التربويةِ وأعظمِها ، وذلك للأثرِ الهائلِ الذي تتركهُ تلك الأفلامُ في نفوسِ الناشئةِ من الأطفال ، ولأنها غدت مصدرَ التلقي والتربية الأول في كثير من دولِ العالمِ اليوم .
وفي هذه المرحلةِ يكونُ عقلُ الطفلِ وقلبُهُ كالصفحةِ البيضاء ، لا تمر بها عوارضُ إلا انتقشت عليها وثبتت .
يقولُ ابن القيّم رحمه الله في "تحفة المودود" (240) :
" ومما يحتاجُ إليهِ الطفلُ غايةَ الاحتياج الاعتناء بأمرِ خلْقهِ ، فإنهُ ينشأ على ما عوّدهُ المربي في صغره ، فيصعبُ عليه في كبرهِ تلافي ذلك ، وتصيرُ هذهِ الأخلاق صفاتٍ وهيئاتٍ راسخةً له ، فلو تحرّزَ منها غايةَ التحرزِ فضحته ولا بد يومًا ما " انتهى .
وهذه بعض الإيجابيات من مشاهدة الطفل لهذه البرامج :
1- تزوّد الطفل بمعلوماتٍ ثقافيةٍ كبيرة وبشكلٍ سهلٍ محبوب : فبعضُ أفلامِ الرسوم المتحركة تُسلِطُ الضوءَ على بيئاتٍ جغرافيةٍ معينة ، والبعضُ الآخر يسلطُ الضوءَ على قضايا علمية - كعمل أجهزةِ جسم الإنسان المختلفة - ، الأمر الذي يُكسِبُ الطفلَ معارفَ متقدمة في مرحلةٍ مبكرة .
2- تنميةُ خيالِ الطفل ، وتغذيةُ قدراتِهِ ، وتنميةُ الخيالِ من أكثر ما يساعدُ على نموّ العقل ، وتهيئتهِ للإبداع ، ويعلّمهُ أساليبَ مبتكرةً ومتعددةً في التفكيرِ والسلوك .(/2)
3- تعليم اللغةِ العربيةِ الفصحى والّتي غالباً لا يسمعُها الطفلُ في بيته ولا حتى في مدرسته ، ومن المعلومِ أنّ تقويمَ لسانِ الطفلِ على اللغةِ السليمةِ مقصدٌ من مقاصدِ العلمِ والتربية .
يقولُ ابنُ تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/207) :
" واعلم أنّ اعتيادَ اللغةِ يؤثرُ في العقلِ والخلقِ والدّين تأثيرًا قويًا بيّنًا ، ويؤثرُ أيضًا في مشابهةِ صدرِ هذه الأمةِ من الصحابةِ والتابعين ، ومشابهتهم تزيدُ العقلَ والدّينَ والخُلُق ، وأيضًا فإنّ نفسَ اللغة العربية من الدّين ، ومعرفتُها فرضٌ واجبٌ " انتهى .
4- تلبيةُ بعضِ الحاجاتِ والغرائزِ النفسيةِ النافعة : كالرحمة والمودة وبرِّ الوالدين والمنافسة والسعي للنجاح ومواجهة التحديات . . . . وغير ذلك كثير من المعاني الإيجابيةِ التي يُمكنُ غرسُها في ثنايا حلقاتِ أفلامِ الكرتون .
وهناك أيضاً مجموعة من السلبيات المترتبة على مشاهدة هذه البرامج :
1- السلبياتُ المترتبةُ على مشاهدةِ التلفاز بشكلٍ عام ، وهي سلبياتٌ كثيرة ، منها : الإضرارُ بصحةِ العينين ، وتعويد الكسل والخمول ، وتعويد التلقي وعدم المشاركة ، وبذلك تعيقُ النموَّ المعرفيّ الطبيعيّ ، وذلك أنّ العلمَ بالتعلمِ والبحثِ والطلب ، والتلفاز ينتقلُ بالمتابع منَ البحثِ إلى التلقي فقط ، كما أنّ في متابعةِ التلفازِ إضعافًا لروحِ المودةِ بينَ أفرادِ الأسرة ، وذلك حين ينشغلونَ بالمتابعةِ عن تبادلِ الحديثِ مع بعضهم البعض .
يقولُ ابن القيم في معرض الحديث عما يجب على الولي من التربية في "تحفة المودود" (241) :
" ويُجنبهُ الكسلَ والبطالةَ والدعةَ والراحةَ ، بلْ يأْخذهُ بأضدادها ، ولا يُريحهُ إلا بما يجمُ نفسَهُ وبدنه للشغلِ ، فإنّ الكسلَ والبطالةَ عواقبُ سوءٍ ، ومغبةُ ندمٍ ، وللجدّ والتعبِ عواقبُ حميدةٌ ، إمّا في الدنيا ، وإما في العُقبى ، وإمّا فيهما " انتهى .(/3)
2- تقديمُ مفاهيم عقدية وفكرية وعمليّة مخالفة للإسلام : وذلك حين تنغرسُ في بعضِ الأفلام مفاهيمُ الاختلاط والتبرجِ المحرّم ، وبعضُ أفلام الكرتون مثل ما يُعرَف بِ (توم و جيري) تحوي مفاهيمَ محرفةً عن الآخرة ، والجنة والنار والحساب ، كما أنّ بعضَها يحتوي قصصًا مشوَّهةً للأنبياءِ والرسل ، وبعضُها الآخر يحتوي على سخريةٍ من الإسلامِ والمسلمين ، وأفلامٌ أخرى (مثل ما يعرف بـ البوكيمون) تحوي عقائد لدياناتٍ شرقية وثنية . . . . وغير ذلك كثير , وإن لم تحملْ ما يخالف الإسلام مخالفة ظاهرة ، فهي تحملُ في طيّاتها ثقافة غربيةً غريبةً عن مجتمعاتِنا وديننا .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي في "قضية الأحداث" (6) :
" أمّا برامجُ الصغارِ وبعضُ برامجِ الكبار ، فإنها تَبثّ روحَ التربيةِ الغربية ، وتروّجُ التقاليدَ الغربية ، وتُرغّبُ بالحفلات والأنديةِ الغربيةِ " انتهى .
ومن التّأثر المقيت بهذه الثقافة ، اتخاذ القدوة المثالية الوهمية ، بدلاً من أن يكون القدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء الربانيين والمجاهدين ، فتجدُ الأطفالَ يقلّدون (الرجل الخارق Super man) و( الرجل الوطواط Bat man ) و (الرجل العنكبوت SPIDER MAN) ونحو ذلك من الشخصياتِ الوهمية التي لا وجود لها ، فتضيعُ القدوة في خضم القوةِ الخيالية المجردة من الإيمان .
انظر : "وسائل الإعلام والأطفال : وجهة نظر إسلامية" أبو الحسن صادق ، "مقال : أثر الرسوم المتحركة على الأطفال" نزار محمد عثمان .(/4)
بعد تبيّن هذه الإيجابيات والسلبيات ، يبدو الموقفُ الشرعيّ بعدَ ذلك واضحًا إن شاءَ الله تعالى ، فكلما وجدت السلبياتُ أكثر اقتربَ الحكمُ إلى التحريمِ أكثر ، وما أمكنَ فيه تجنبُّ هذه السلبيات اقتربَ إلى الجواز ، وهذا يدلنا على ضرورةِ السعي لإيجاد شركاتِ إنتاجٍ لأفلامِ الكرتونِ الإسلاميةِ ، بحيث تُغرَسُ فيها جميعُ الفضائل ، وتُنفَى عنها جميع المضار والرذائل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 71174
في خِصامٍ حادٍّ ، أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ ؟:
حينَما ازدادَ نقاشِي مع أحدِ أقاربي لفظت بقولِ : "أنا كفرت " ، ولطمتُ على وجهي ، مع العِلمِ أَنِّي نادمٌ على ما حدث ، فأريدُ التوجيهَ والإرشادَ ، وما حكمُ الدينِ في ذلك ؟ وهل عليَّ كفارة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون ، ونسألُ الله العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة ، ونسألُه حسنَ الختامِ والوفاةَ على الإيمان .
اعلم - أخي السائل - بأنَّك وقعتَ في أعظمِ ذنبٍ وأقبحِ معصيةٍ ، وهي معصيةُ الكفرِ والردَّةِ ، والعياذ بالله تعالى .
وهذه الكلمةُ التي ذكرتَ عن نفسِك ، صريحةٌ في الكفرِ والردةِ ، والعلماءُ يقولون :
عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى الكلمة) ، ولا يُسأل عن نيته ، كما قالَ تعالى :
( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) التوبة/65 .
فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم ، مع قولِهم : إنا تكلمنا من غيرِ اعتقاد ، بل كنَّا نخوض ونلعب .
قال ابنُ نُجَيم :
" إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند الكلِّ ، ولا اعتبارَ باعتقادِه " انتهى .
"البحر الرائق" (5/134) ، وانظر : "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص95) .
وقال الشيخُ ابنُ عثيمين :
" وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ ، مثلَ أن يقول : هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام ، أو من القرآنِ أو النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ ، نأخذه بقولِه هذا " انتهى .
"الشرح الممتع" (6/279) .(/1)
والردُّة أمرُها خطيرٌ وشأنُها عظيم ، فقد اختلفَ العلماءُ فيمن ارتدَّ ثم تاب ، هل يبقى له من ثوابِ أعمالِه السابقةِ شيءٌ ، أم تحبط كلُّها بالردة ؟
وقد سئلَ الشيخُ الفوزانُ السؤالَ التالي :
ما الحكمُ فيمن ارتدَّ عن الإسلامِ ثم عاد إليه ، هل يعيدُ ما فاتُه من أعمالٍ من أركانِ الإسلامِ ، كالحجِّ والصومِ والصلاةِ ، أم تكفي توبتُه وعودتُه إلى الإسلامِ ؟
فأجابَ :
" الصحيحُ من قولي العلماء : أن المرتدَّ إذا عادَ إلى الإسلامِ ، ودخلَ في الإسلامِ مرةً أخرى تائبًا منيبًا للهِ تعالى ، فإنه لا يعيدُ الأعمالَ التي أدَّاها قبلَ الردةِ ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى اشترطَ لحبوطِ الأعمالِ بالردَّةِ أن يموتَ الإنسانُ عليها .
قالَ تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .
فَشَرَطَ لحبوطِ الأعمالِ استمرارَ الإنسانِ على الردةِ حتى يموتَ الإنسانُ عليها ، فدلت الآيةُ بمفهومِها على أنَّ الإنسانَ لو تابَ فإنَّ أعمالَه التي أدَّاها قبلَ الردةِ تكونُ صحيحةً ومُجزيةً إن شاءَ الله تعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (5/429) .
وأما لطم الوجه فهو من أعمال الجاهلية التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله فقال : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ) رواه البخاري (1294) , وهذا يدل على أن لطم الخدود كبيرة من كبائر الذنوب .(/2)
وحيث قد ندمت على ما فعلت فنرجو من الله تعالى أن يقبل توبتك , فعليك أن تنطق الشهادتين لتدخل بذلك في الإسلام بعد أن خرجت منه , ولْتحسن العمل , وعليك بحفظ اللسان , فإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوى بها في النار سبعين خريفاً .
وأما الكفارة ، فليس هناك كفارة لما بدر منك إلا التوبة والندم والعزم على عدم العودة إلى ذلك .
ونسأل الله أن يتقبل توبتك , ويرزقك الاستقامة على دينه .
والله اعلم .
راجع الأسئلة التالية : (1079) (5733) (42505) .
واللهُ أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71177
كان يُصَلِّي نافلةً ، فصلّى خلفَه آخرون ، فقلبَ نِيَّتَه إلى فريضةٍ:
صلى أحد زملائي تحية المسجد بعد أن انتهت الصلاة المفروضة ، وهو لم يصلها لكي ينتظر زملاءه أن يفرغوا من الوضوء ويصلوا جماعةً ، وأتى أشخاصٌ آخرون صلوا وراءه ظنًّا منهم أنه يصلي المفروضة ، فنوى أن يصلي المفروضة وهو في الركعة الأولى .
فهل صلاته صحيحةٌ ؟ وصلاة الأشخاص الآخرين ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يصح تغيير النية من نفل إلى فرض ؛ لأن الواجب في صلاة الفريضة أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام , أو قبلها بزمن يسير .
قال النوويُّ رحمه الله "المجموع" (4/183-184) :
" قال الماوَرْدِيُّ : نقلُ الصلاةِ إلى صلاةٍ أقسامٌ :
أحدُها : نقلُ فرضٍ إلى فرض : فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثاني : نقلُ نفلٍ راتبٍ إلى نفلٍ راتبٍ : كَوِتْرٍ إلى سنةِ الفجر ، فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثالث : نقلُ نفلٍ إلى فرضٍ : فلا يحصل واحدٌ منهما. . . إلخ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجلٍ دخل في صلاة ثم تذكر أنه لم يصلِّ العشاء , فقلب النية إلى صلاة العشاء ، فهل يصح ذلك ؟
فأجاب :
" لا يصح . . لأن العبادة المعينة لابد أن ينويها من أولها قبل أن يدخل فيها , لأنه لو نوى من أثنائها لزم أن يكون الجزء السابق على النية الجديدة خاليان من نية الصلاة التي انتقل إليها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى ) . . . وعلى السائل أن يعيد صلاة العشاء " انتهى باختصار .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/443) .
وانظر جواب السؤال رقم (39689) .
ثانياً :(/1)
وأما حكم صلاة المأمومين , فهي صحيحة إن شاء الله تعالى , لأن صلاة الإمام وإن كانت لا تصح فريضة , إلا أنها تكون نافلة , لأنه قلب نيته جهلاً ، وظناً منه أن ذلك جائز , فيكون شبيهاً ممن دخل في الفريضة قبل وقتها وهو يظن دخول الوقت ؟ فإنها تكون نفلاً , وقد سبق في جواب السؤال (21764) أن صلاة المفترض خلف المتنقل صحيحة .
وعلى فرض أن صلاة الإمام تبطل بذلك , فلا يلزم من بطلان صلاة الإمام بطلان صلاة المأمومين .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ؟
فأجاب : " لا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ، لأن صلاة المأموم صحيحه ، والأصل بقاء الصحة ، ولا يمكن أن تبطل إلا بدليل صحيح ، فالإمام بطلت صلاته بمقتضى الدليل الصحيح ، ولكن المأموم دخل بأمر الله فلا يمكن أن تفسد صلاته إلا بأمر الله ، والقاعدة : ( أن من دخل في عبادة حسب ما أُمر به ، فإننا لا نبطلها إلا بدليل ) .
ويستثنى من ذلك ما يقوم به مقام المأموم مثل السترة ، فالسترة للإمام ستره لمن خلفه ، فإذا مرت امرأة بين الإمام وسترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأموم ، لأن هذه السترة مشتركة ، ولهذا لا نأمر المأموم أن يتخذ سترة ، بل لو اتخذ سترة لعد متنطعاً مبتدعاً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/450) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71178
هل يجبُ تعلُّمُ فقهِ البيوعِ والمعاملاتِ الماليةِ ؟:
هل تعلُّم فقهِ البيوعِ والمعاملاتِ الماليَّةِ واجبٌ ( فرضُ عينٍ ) على كل من تعاملَ بالبيعِ والشراء ، كالصيادلةِ ومندوبي شركاتِ الأدوية ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا علمَ المسلمُ أن المقصدَ والغايةَ من خلقه في الحياةِ الدنيا هو الالتزامُ بتكاليفِ اللهِ وشرعِه ، والتعبدُ للهِ سبحانه وتعالى بذلك ، علمَ أيضًا أنه يجبُ عليه تعلُّمُ أحكامِ شرع الله ، ومعرفةُ تكاليفِه ، وذلك أن ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ .
وجاء في الحديثِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ : ( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ ) . رواه ابن ماجه (224) وحسنه بكثرة طرقه وشواهده : المزي والزركشي والسيوطي والسخاوي والذهبي والمناوي والزرقاني ، وهو في "صحيح ابن ماجه" للألباني .
وقد نصَّ أهلُ العلمِ على صحَّةِ معنى هذا الحديثِ .
قال ابنُ عبدِ البرِّ رحمه الله :
" ولكنَّ معناه صحيحٌ عندهم ، وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافًا متقاربًا " انتهى .
"جامع بيان العلم" (1/53) .
وبنحوه قال النووي في "المنثورات" (ص287) ، وابن القيم في "مفتاح دار السعادة" ( 1/480) .
وقال ابن عبد البر أيضاً :
" قد أجمعَ العلماءُ على أنَّ من العلمِ ما هو فرضٌ متعيِّنٌ على كل امرئٍ في خاصَّتِه بنفسِه ، ومنهُ ما هو فرضٌ على الكفاية ، إذا قامَ به قائمٌ سقطَ فرضُه على أهلِ ذلك الموضع " انتهى .
"جامع بيان العلم وفضله" (1/56) .
وقد بيَّنَ العلماءُ رحمهم الله العلمَ الواجبَ وجوبًا عينيّاً ، وتكلموا في المقدارِ الذي هو فرضُ عينٍ على كل مسلمٍ تعلُّمُه , وذكروا أن منه : تعلم أحكام البيوع لمن يعمل بالتجارة , حتى لا يقع في الحرام أو الربا وهو لا يدري , وقد ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد ذلك .(/1)
قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه : لاْ يَبِعْ فِيْ سُوْقِنَا إِلاْ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِيْ الدِّيْنِ . رواه الترمذي (487) وقال: حسن غريب . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه : مَنِ اتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا ، ثُمَّ ارْتَطَمَ ، ثُمَّ ارْتَطَمَ . أي : وقع في الربا .
"مغني المحتاج" (2/22) .
قال ابنُ عبدِ البر :
" والذي يلزمُ الجميعَ فرضُه من ذلك :
ما لا يسعُ الإنسانَ جهلُه من جملةِ الفرائضِ المفترضةِ عليه :
نحو : الشهادةُ باللسانِ والإقرار بالقلبِ بأنَّ اللهَ وحدَه لا شريكَ له... وأنَّه لم يزل بصفاتِه وأسمائِه ، ليس لأوَّليتِه ابتداءٌ ، ولا لآخريَّتِه انقضاءٌ ، وهو على العرشِ استوى .
والشهادةُ بأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه ، وأنَّ البعثَ بعدِ الموتِ للمجازاةِ بالأعمالِ ، وأنَّ القرآنَ كلامُ الله ، وما فيه حقٌ .
وأنَّ الصلواتِ الخمسَ فرضٌ ، ويلزمُه من علمِها علمُ ما لا تتمُّ إلا به من طهارتِها وسائرِ أحكامِها .
وأنَّ صومَ رمضانَ فرضٌ ، ويلزمُه علمُ ما يُفسِدُ صومَه وما لا يتِمُّ إلا بِهِ .
وإن كان ذا مالٍ وقدرةٍ على الحجِّ ، لزمَه فرضًا أن يعرفَ ما تجبُ فيه الزكاةُ ، ومتى تجبُ ، وفي كم تجبُ ، ويلزمه أن يعلمَ بأن الحجَّ عليه فرضٌ مرةً واحدةً في دهرِه إن استطاعَ إليه سبيلًا .
إلى أشياءَ يلزمُه معرفةُ جُمَلِها ، ولا يُعذَرُ بجهلِها نحوُ : تحريمِ الزنا والربا ، وتحريمِ الخمرِ والخنزيرِ وأكلِ الميتةِ والأنجاسِ كلِّها ، والغصبِ والشهادةِ بالزورِ وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ ، وتحريمِ الظلمِ كلِّهِ ، وتحريمِ نكاحِ الأمهاتِ والأخواتِ ومن ذُكِرَ معهنَّ ، وتحريمِ قتلِ النفسِ المؤمنةِ بغيرِ حقٍ .
وما كان مثلَ هذا كلِّه مما قد نطقَ الكتابُ به ، واجتمعت الأمةُ عليه " انتهى .
"جامع بيان العلم" (1/57) .(/2)
وجاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/293) :
" قال ابنُ عابدين نقلاً عن العَلاميّ :
وفرضٌ على كلِّ مكلّفٍ ومكلّفةٍ بعدَ تعلّمِه علمَ الدينِ والهدايةِ ، تعلُّمُ علمِ الوضوءِ والغسلِ والصلاةِ الصومِ وعلم الزكاة لمن له نصاب ، والحجّ لمن وجب عليه .
والبيوعِ على التّجّارِ ليحترزوا عن الشّبهاتِ والمكروهاتِ في سائرِ المعاملاتِ ، وكذا أهلِ الحِرَفِ .
وكلُّ من اشتغلَ بشيءٍ يُفرَضُ عليه علمُه وحكمُه ليمتنعَ عن الحرامِ فيه .
وقالَ النوويُّ : وأمّا البيعُ والنّكاحُ وشبههُما - ممّا لا يجبُ أصلُه - فيحرُمُ الإقدامُ عليه إلاّ بعدَ معرفةِ شرطِه " انتهى .
وقال الغزاليُّ رحمه اللهُ :
" كما أنَّه لو كان هذا المسلمُ تاجرًا وقد شاعَ في البلدِ معاملةُ الربا ، وجبَ عليهِ تعلُّمُ الحذرِ من الربا ، وهذا هو الحقُّ في العلمِ الذي هو فرضُ عينٍ ، ومعناه العلمُ بكيفيةِ العملِ الواجب " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (1/33) .
وقالَ علي بن الحسن بن شقيق لابنِ المبارك :
ما الذي يسعُ المؤمنَ من تعليمِ العلمِ إلا أن يطلبَه ؟ وما الذي يجبُ عليه أن يتعلَّمَه ؟
قال : لا يسعُه أن يُقدِمَ على شيءٍ إلا بعلمٍ ، ولا يسعُه حتى يسألَ .
رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/56) .
وقال الغزاليُّ رحمه الله :
" كلُّ عبدٍ هو في مجاري أحوالِه في يومِه وليلتِه لا يخلو من وقائعَ في عبادتِه ومعاملاتِه عن تجددِ لوازمَ عليه ، فيلزمُه السؤالُ عن كلِّ ما يقعُ له من النوادرِ ، ويلزمُه المبادرةُ إلى تعلُّمِ ما يَتَوَقَّعُ وقوعَه على القربِ غالبًا " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (1/34) .
والنصيحةُ لِمَن يشتغلُ بالتجارةِ والبيعِ والشراء ، أن يقرأَ بعضَ الكتبِ المختصرةِ في فقهِ المعاملاتِ ، مثل : "الملخص الفقهي" للشيخ صالح الفوزان , وكتاب "ما لا يسعُ التاجرَ جهلُه" للأستاذين عبد الله المصلح وصلاح الصاوي .
واللهُ أعلم
وانظر سؤال رقم (20092) .(/3)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 71181
حكم تشريح الضفادع للأغراض العلميّة:
هل يجوز تشريح الضفادع بالنسبة لطلبة الكليات الذين يدرسون ذلك ؟
وقد يترتب على عدم تشريحها رسوب الطالب في المادة أو حرمانه من بعض الدرجات التي قد تمنعه من التفوق في الدراسة , فلا يتم تعينه معيداً في الكلية .
الجواب:
الحمد لله
الحكم في هذه المسألة يتطلّب النظر في أمرين مهمّين :
أولاً :
في حكم قتل الضفدع ، وكلام أهل العلم في ذلك .
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين :
الأول : الكراهة ، وهو مذهب المالكية ، وقولٌ لبعض الشافعية والحنابلة .
انظر : "التمهيد" (15/178) ، "شرح العمدة لابن تيمية" (3/148) .
الثاني : التحريم ، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ، وابن حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
انظر : "مشكل الآثار" للطحاوي (2/35) ، "المجموع" (9/29) ، "المغني" (9/338) ، "المحلى" (7/225) , "الفتاوى الكبرى" (2/139) .
والدليل على ذلك ما جاء عن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه : أنَّ طَبِيْبًا سَأَلَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَن ضِفْدَعٍ يَجْعلُها فِي دَوَاءٍ ؟ فَنَهَاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِها .
رواه أبو داود (5269 ) وصححه النووي في "المجموع" (9/34) .
وقد سبق اختيار هذا القول في الموقع ، في جواب السؤال (1919) , (10220) .
ثانياً :
إذا دعت الحاجة أو الضرورة لتشريح الضفدع فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى , فقد أجاز العلماء تشريح جثة المسلم لأغراض التحقيق الجنائيّ أوالطبّ الوقائي ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (11962) .
فمن باب أولى جواز تشريح الحيوانات – وهي أقل حرمةً من الإنسان – لأغراض البحث العلميّ إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
وقد سبق في الموقع ذكر فتوى مختصرة في ذلك ، انظر جواب السؤال رقم (8509) .(/1)
ومما ينبغي التنبه له : أن على الطالب أن يحسن إلى الحيوان الذي يقوم بتشريحه , فيقوم بتخديره تخديراً كاملاً , ثم يسرع في قتله بعد الانتهاء من التشريح , وذلك لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه ، فَلْيُرِحْ ذَبِيْحَتَه ) رواه مسلم (1955) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الحرم المكي" (1166) :
نحن ندرس في إحدى الجامعات بكلية العلوم قسم الأحياء ، وفي أثناء دراستنا نحتاج إلى تشريح بعض الحيوانات ، مثل الضفادع والفئران وغيرها ، لغرض التعليم والدراسة ، فما حكم هذا التشريح ؟
فأجاب :
" التشريح إذا دعت الضرورة إليه فلا بأس به ، ولكن يجب أن يعمل لهذه الحيوانات ما يجعلها لا تحسّ بالألم وقت التشريح ، وكذلك يجب أن يلاحظ أنّ الحيوانات التي تكون نجسةً بعد الموت فإنّه يجب التطهر منها " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71185
لم يكن في صدرِها حليبٌ ، فأطعمت طفلتَها زبدةً ، فماتت:
امرأةٌ ولدت بنتًا منذ أكثرَ من خمسينَ سنةً ، ولم يوجد في صدرِ هذه المرأةِ حليبٌ ، فكانت تعطي البنتَ الصغيرةَ ( زبدةً ) ، وبعدَ ستةِ أيامٍ تقريبًا ماتتِ الطفلةُ .
فهل على الأمِّ شيءٌ في ذلك ؟
حيثُ إنَّها تخشى أن تكونَ هي المتسببة في موتِها ( أي أنَّ الطفلةَ ماتت بسببِ الزبدةِ ) .
وهذه الأمُّ لا تعلمُ هل الزبدةُ تسببُ الوفاةَ ، ولو كانت تعلمُ أن الزبدةَ تسببُ الوفاةُ لما أعطتها ابنتَها .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الحكمُ الشرعيُّ في هذه المسألةِ يتوقفُ على سؤالِ أهلِ الخبرةِ من الأطباءِ المتخصِّصِين ، فإن قالوا : إن إطعام ( الزبدة ) للطفل حديث الولادة يؤدي إلى وفاته , كانت هذه الأم قد قتلت طفلتها قتلاً خطأ , وإن قالوا : إن ذلك لا يؤدي إلى الوفاة , فلا شيء على الأم , لأنها لم تتسبب في موت طفلتها , وإن تردد الأطباء وشكوا , هل هذا يؤدي إلى الوفاة أم لا ؟ فلا شيء على الأم أيضاً .
وعلى هذا , فلا بد من سؤال أهل العلم والخبرة .
قال الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ رحمَه الله :
" إذا كانت لم تتيقَّن أنَّها ماتت بسببِها فليس عليها شيءٌ ؛ لأنَّ الأصلَ براءةُ الذمَّةِ من الواجباتِ ، ولا يجوزُ أن تُشغَلَ إلا بِحُجَّةٍ لا شكَّ فيها " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (22/327) .
وإذا ثبت أن الزبدة هي سبب الوفاة فإن هذا القتل يعتبر قتلاً خطأ , لأن الأم لم تتعمد قتل ابنتها , ويترتب على القتل خطأً شيئان : الدية والكفارة .
وقد سبق في جواب السؤال (52809) أن الدية في القتل خطأ تجب على عاقلة القاتل , وليس على القاتل نفسه , وعاقلة القاتل هم عصبته كالأب والابن والإخوة والأعمام ونحوهم .(/1)
أما الكفارة فهي واجبة على القاتل نفسه , والكفارة هي تحرير رقبة مؤمنة , فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .
جاء في الموسوعة الفقهية (16/62) :
" لا خلافَ بين الفقهاءِ في أنَّ القتلَ الخطأَ هو ألاّ يقصدَ الضّربَ ولا القتلَ ، مثلُ أن يرمِيَ صيدًا أو هدفًا فيصيب إنسانًا ، أو ينقلبَ النائمُ على إنسانٍ فيقتلَه ، وموجبُه الديةُ على العاقلةِ والكفارةُ " انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (21/245 ، 248) :
" وديةُ الطفلةِ المقتولةِ خطأً بعدَ ولادتِها حيةً كديةِ المرأةِ ، وهي على النصفِ من ديةِ الذكرِ .
وعليها دفعُ الديةِ إلى الورثةِ " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71202
كيفَ يتوضّأُ ويصلِّي من بِهِ شَلَلٌ نِصْفِيٌّ ؟:
امرأةٌ مصابةٌ بشللٍ نصفي ، يصعبُ عليها الوضوء .
والسؤال : كيفَ تتوضأُ أو تتيمم ؟
هل يُجلَبُ لها ترابٌ ، أم ماذا ؟
هل تتيممُ بالجدار ( وليس عليه غبارٌ ) ، أم ماذا تفعل ؟
وكيف تكونُ صفةُ تيمُّمِها ؟
وما صفةُ صلاتِها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
المريضُ الذي لا يستطيع جلب الماءِ والوضوءَ به ، أو يعجزُ عن الحركةِ يُنظَرُ في حالِه :
فإن كان يجدُ مَن يُحضِرُ له الماء في وقتِ الصلاة ، ويساعدُه على وضوئِه ، فالوضوءُ واجبٌ في حقه .
وإن كان لا يجدُ من يعينُه على وضوئه ، فيُشرَع له التيممُ حينئذٍٍ , ويأخذُ حكم من عدمَ الماءَ ولم يجدْه .
وذلك لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يقولُ : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) .
وقال ابنُ قدامةَ رحمه الله في "المغني" (1/151) :
" ومَن كان مريضًا لا يقدرُ على الحركةِ ، ولا يجدُ من يناوله الماءَ ، فهو كالعادم ، لأنّه لا سبيلَ له إلى الماء ، فأشبَهَ مَن وجدَ بئرًا ليس له ما يُستقَي به منها .
وإن كانَ له من يناولُه الماءَ قبل خروجِ الوقتِ فهو كالواجد ؛ لأنّه بمنزلةِ من يجدُ ما يستقي به في الوقت .
وإن خافَ خروجَ الوقتِ قبلَ مجيئِه ، فقالَ ابنُ أبي موسى : له التيمم ، ولا إعادةَ عليه .
وهو قولُ الحسن ؛ لأنّه عادمٌ في الوقت ، فأشبَه العادمَ مطلقًا " انتهى .
وقالَ المَرداوِيُّ في "الإنصاف" (1/265) :
" لو عجَزَ المريضُ عن الحركةِ وعمَّن يُوَضِّيه ، فحُكمُه حكمُ العادم .
وإن خاف فوتَ الوقتِ إن انتظرَ من يُوَضّيه ، تيمَّمَ وصلّى ، ولا يعيدُ على الصحيحِ من المذهبِ " انتهى .(/1)
وقال شيخُ الإسلامِ في "شرح العمدة" (1/433-434) :
" فإن لم يمكِنْه (استعمالُ الماء) بأن يكونَ عاجزًا عن الحركةِ إلى الماء ، وليس له من يناولُه ، فهو كالعادم . وإن كان له من يناولُه في الوقتِ فهو واجدُه " انتهى .
وجاءَ في "الموسوعةِ الفقهية" (14/260) :
" يتيمّمُ العاجزُ الّذي لا قدرةَ له على استعمالِ الماءِ ولا يعيدُ كالمكره ، والمحبوسِ ، والمربوط بقربِ الماء ، والخائفِ من حيوانٍ ، أو إنسانٍ في السّفرِ والحضرِ ، لأنّه عادمٌ للماءِ حكمًا ، وقد قالَ رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إنّ الصّعيد الطّيّب طهور المسلم وإن لم يجد الماءَ عشرَ سنينَ ، فإذا وجدَ الماءَ فليمسّه بشرتَه ، فإنّ ذلك خير ) " انتهى .
وانظر سؤال رقم (20935) .
ثانيًا :
إذا كانَ يستطيعُ غسلَ بعضِ أعضاءِ الوضوء ، ويمنعُه مرضُه من غسلِ بقيتها ، فالواجبُ عليه أن يغسلَ ما استطاعَ من أعضاءِ الوضوء ، ويتيمَّمَ بدلًا عمَّا تركَه من غيرِ غسل .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم (67614) .
ثالثًا :
أما عن صفةِ التيمم :
فيقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (1/488) :
" والكيفيّةُ عندي التي توافقُ ظاهرَ السنة : أن تضربَ الأرضَ بيديك ضربةً واحدةً بلا تفريجٍ للأصابع ، وتمسحَ وجهَك بكفَّيْك ، ثم تمسحَ الكفينِ بعضَهما ببعض ، وبذلك يَتِمُّ التيممُ " انتهى.
وقد سبق بيانها بالتفصيل في سؤال رقم (21074) .
رابعًا :
إذا صلَّى المريضُ العاجزُ عن استعمالِ الماءِ بالتيممِ ، ثم تيسَّرَ له استعمال الماء بعدَ أن فرغَ من صلاتِه ، فلا تلزمُه الإعادة ، وذلك لأنَّه أدّى ما وجبَ عليه ، وفعل ما أُمِرَ به .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية في "شرح العمدة" (1/425) :(/2)
" لأنّ اللهَ إنما خاطبَ بصلاةٍ واحدةٍ ، يفعلُها بحسبِ الإمكان ، والشرطُ المعجوزُ عنه ساقطٌ بالعجز ، وفي قولِه صلى الله عليه وسلم : ( الصعيدُ الطيبُ طهورُ المسلم ) وقولِه : ( الترابُ كافيك ) دليلٌ على أنّه يقومُ مقامَ الماءِ مطلقًا " انتهى .
خامسًا :
التيمُّمُ بالضربِ على جدارِ المنزلِ ، اختلفَ فيه أهلُ العلم ، تبعًا لاختلافِهم في المرادِ من قولِ اللهِ تعالى : ( فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً ) النساء/43 ، والصحيح في معنى الآية : أن المراد بالصعيد هو وجه الأرض , سواء كان تراباً أم رملاً أم حجارة . . أم غير ذلك .
وعلى هذا : إذا كان الجدار غير مطليٍّ بشيء جاز التيمم منه سواء كان عليه غبار أو لا , لأنه من الصعيد , وإن كان مطلياً ( بخشب أو دهان ) فهذا الخشب أو الدهان ليس من الصعيد فلا يصح التيمم منه إلا إذا كان عليه غبار , لأن الغبار من الصعيد .
وانظر سؤال رقم (36774) .
سادسًا :
أما عن صفةِ صلاةِ المريضِ العاجزِ عن الحركة :
فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/208) :
" يأتي المريضُ أو المصابُ بالشّللِ بأركانِ الصّلاةِ الّتي يستطيعها عند جمهور الفقهاء ؛ لأنّ العاجزَ عن الفعلِ لا يكلّفُ به ، فإذا عجزَ عن القيامِ يصلي قاعدًا بركوعٍ وسجود ، فإن عجزَ عن ذلك صلَّى قاعدًا بالإيماء ، ويجعلُ السجودَ أخفضَ من الركوع ، فإن عجَزَ عن القعودِ يستلقي ويومئُ إيماءً ؛ لأن سقوطَ الركنِ لمكانِ العذرِ ، فيتقدرُ بقدرِ العُذر .
وروى عمرانُ بنُ حصين رضي الله عنه أنه قال : مرضتُ فعادَني رسولُ الله فقال : صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ، تومئُ إيماءً " انتهى .(/3)
وسئلَ الشيخُ صالحُ الفوزان : لي والدٌ مريضٌ مصابٌ بشللٍ في الجهةِ اليسرى من جسمِه ، حيثُ أصبحت عاطلةً تمامًا عن الحركة ، فلذلك لا يستطيعُ المشيَ ولا الحركةَ ولا قضاءَ الحاجةِ في الأماكنِ المخصصةِ لذلك بنفسه ، وهذا منذُ عشرِ سنوات ، ولكنَّه قبلَ ثلاثةِ أو أربعةِ أشهرٍ اشتدَّ عليه هذا المرضُ أكثر ، فهل يجوز له تركُ الصلاة لهذا السبب ، الذي به لا يستطيعُ التطهر للصلاةِ . أم لا ؟
فإن كان لا يجوزُ له ذلك فكيف العملُ في طهارتِه وفي صلاتِه ؟
وماذا يعملُ بما تركه من صلواتٍ فيما مضى في فترةِ مرضه ، لاعتقادِه أنه مادامَ كذلك فهو مُعفىً من الصلاة ؟
فأجابَ :
" المسلمُ لا تسقطُ عنه الصلاةُ مادام عقلُه ثابتًا ، ولكنَّه يصلِّي على حسبِ حالِه لقولِه تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ولقولِ النبي صلى الله عليه وسلم للمريض : ( صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) .
فيجبُ على والدِك الذي أصيبَ بهذا الشللِ إذا كان يستطيعُ الوضوءَ بأن يوضّئَ نفسَه بيدِه الصحيحة ، أو يوضئُه غيرُه ممَّن يعينُه على الوضوء ، فإنه يجبُ عليه ذلك .
وإذا كانَ لا يستطيعُ الوضوءَ بالماء فإنه يتيمَّم بالتراب .
وإذا كانَ لا يستطيعُ أن يتيممَ بنفسِه فيُيمّمُه غيرُه ، بأن يضربَ أحدَ أوليائِه أو الحاضرينَ عنده بيدَيه على التراب ، ويمسحَ بهما وجهَه ويديه وينويَ هو الطهارةَ بذلك ، ويصلي على حسبِ حالِه جالسًا أو على جنبِه ، ويومئُ برأسِه للركوعِ والسجودِ حسبَ الاستطاعة .
فإذا كان لا يستطيعُ الإيماءَ برأسِه لأجلِ الشللِ الذي فيه ، فإنه يومئُ بطرفه بالركوعِ والسجود .
وهكذا ، فالدينُ يسرٌ وللهِ الحمدُ ، لكن ليس معنى هذا أن يتركَ الصلاةَ نهائيًّا ، وإنما يصليها على حسبِ حاله كما ذكرنا ، ويجب عليه أن يقضيَ الصلواتِ التي تركها بحسب استطاعته " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (4/رقم 27)(/4)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 71203
إذا سافر أثناء الشهر إلى بلد اختلف عن بلده في الصيام ، فكيف يصوم ؟:
إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟.
الجواب:
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما ، فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر ، لكن إن نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً ، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) وقوله : ( إنما الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) . ومن حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ، فقال ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة :
المثال الأول : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم السبت ، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويلزمه قضاء يوم .(/1)
المثال الثاني : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً ، فيبقى صائماً معهم ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر ، ويشبه هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه إلا الساعة السابعة ، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
المثال الثالث : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويكون صومهم تسعة وعشرين يوماً ، وصومه ثلاثين يوماً .
المثال الرابع : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الاثنين عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ، ولا يلزمه قضاء يوم ؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً .
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح .(/2)
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع ، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/69) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71206
غطت طفلها بسجادة ثقيلة فمات:
توفي لوالدتي طفل صغير عمره حوالي أربعة أشهر وكانت قد غطته بزولية (سجادة ثقيلة) خوفاً عليه من البرد , وكان قريباً منها , فلا تدري أهي التي كانت سبب وفاته أم من الزولية ، فهل عليها شيء ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت غطت وجهه بسجّادة ثقيلة ، فعليها كفارة القتل الخطأ ، وتجب الدية على عاقلتها ( وهم العصبة ) لأن الظاهر أنه مات بسبب ذلك , وإن لم تكن غطت وجهه فلا شيء عليها ، ولا تجب الدية على أحد .
وقد سبق في جواب السؤال (52809) بيان أن الدية في القتل الخطأ تكون على عاقلة القاتل ، وليست على القاتل نفسه ، وفيه أيضاً بيان من هم العاقلة .
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/15) : " مسألة : في امرأة نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتا " ثم ذكر عن إبراهيم النخعي أنه قال في امرأة غطت وجه صبي لها فمات في نومه , فقال : تعتق رقبة .
قال ابن حزم : إن مات مِنْ فِعْلها ، مثل أن تجر اللحاف على وجهه ثم ينام فينقلب فيموت غما ، أو وقع ذراعها على فمه ، أو وقع ثديها على فمه ، أو رقدت عليه وهي لا تشعر فلا شك أنها قاتلته خطأ فعليها الكفارة ، وعلى عاقلتها الدية ، أو على بيت المال . وإن كان لم يمت من فعلها فلا شيء عليها في ذلك ، أو لا دية أصلا .
فإن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها ؟ فلا دية في ذلك ، ولا كفارة ؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه ، ثم على شك أمات من فعلها أم لا ؟ والأموال محرمة إلا بيقين ، والكفارة إيجاب شرع ، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع ، فلا يحل أن تُلزم غرامة ، ولا صياما ، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب ، وبالله تعالى التوفيق " انتهى .(/1)
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/373) فيمن غطت رضيعها بلحاف ثقيل (زولية) وكان مريضا ، فمات : " إذا كانت الزولية التي وضعتها أمه غطاء عليه قد غطت وجهه فإن عليها كفارة قتل الخطأ ، لأن الظاهر موته بسبب ذلك ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين ستين يوماً ، وإذا كانت مريضة فإنها تصوم بعد الشفاء من المرض " انتهى .
وجاء فيها أيضا (21/378) : " إذا كانت زوجتك وضعت اللحاف على وجه الطفل فنتج عن ذلك وفاته اختناقا فإن عليها الكفارة ... أما إذا لم تكن وضعت اللحاف على وجهه فليس عليها شيء ؛ لأنها لم تتسبب في وفاته " انتهى .
وجاء فيها أيضا (21/388) : " إذا كنتما لم تضعا الشرشف ( ما يجعل على السرير من فراش ) والبطانية أو أحدهما على وجهها ، وإنما هي بحركتها انغمرت بهما ، فليس عليكما شيء لأنكما لم تفرطا . أما إن كنتما وضعتما الشرشف والبطانية على وجهها فعلى كل واحد منكما كفارة قتل الخطأ ؛ لأنكما بذلك قد تسببتما في موتها ..." انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71213
الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان:
إذا استمنى الرجل أو قبل امرأته حتى أنزل المني ، ولكنه لم يجامع ، فهل يفسد صومه بهذا ، وماذا يجب عليه ، وهل لذلك كفارة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الاستمناء محرم ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (329) وهو في رمضان أشد تحريما .
ثانياً :
الاستمناء وكذلك مباشرة المرأة وتقبيلها حتى إنزال المني مفسد للصيام ، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم ، ويقضي يوماً مكان هذا اليوم الذي أفسده ، ولا تجب عليه كفارة ، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/363) : " وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا , وَلا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِهِ إلا أَنْ يُنْزِلَ , فَإِنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ " انتهى .
وقال أيضا (4/361) : " إذَا قَبَّلَ ( أي زوجته ) فَأَمْنَى فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُهُ " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى باختصار .
وقال في "بداية المجتهد" (1/382) : " كلهم يقولون : ـ يعني الأئمة ـ أن من قبل فأمنى فقد أفطر " انتهى .
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/296) :
" لا أعلم أحدا أرخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها ، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها " انتهى .(/1)
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 237) : " ولا يحل لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة ، لأن بعض الناس يكون سريع الإنزال فبمجرد ما يداعب المرأة ، أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل . فنقول لهذا الرجل : لا يحل لك أن تداعب امرأتك ما دمت تخشى أن تنزل " انتهى .
وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (6/234-235) :
" إذا طلب خروج المني بأي وسيلة ، سواء بيده ، أو بالتدلك على الأرض ، أو ما أشبه ذلك حتى أنزل ، فإنّ صومه يفسد بذلك ، وهذا ما عليه الأئمة الأربعة رحمهم الله مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد .
وأبى الظاهرية ذلك وقالوا : لا فطر بالاستمناء ولو أمنى ، لعدم الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك ، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
ولكن عندي والله أعلم أنه يمكن أن يستدل على أنه مفطر من وجهين :
الوجه الأول النص : فإن في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قال في الصائم : ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) والاستمناء شهوة ، وخروج المني شهوة ، والدليل على أن المني يطلق عليه اسم شهوة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) والذي يوضع هو المني .
الوجه الثاني : القياس ، فنقول : جاءت السنة بفطر الصائم بالاستقاء إذا قاء ، وبفطر المحتجم إذا احتجم وخرج منه الدم ، وكلا هذين يضعفان البدن .
أما خروج الطعام فواضحٌ أنه يضعف البدن ؛ لأن المعدة تبقى خالية فيجوع الإنسان ويعطش سريعاً .
وأما خروج الدم فظاهر أيضاً أنه يضعف البدن ، وخروج المني يحصل به ذلك فيفتر البدن بلا شك ، ولهذا أمر بالاغتسال ليعود النشاط إلى البدن ، فيكون هذا قياساً على الحجامة والقيء .(/2)
وعلى هذا نقول : إن المني إذا خرج بشهوة فهو مفطر للدليل والقياس " انتهى باختصار .
وبهذين الدليلين : قضاء الشهوة ، وإضعاف البدن ، استدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن الاستمناء مفسد للصيام . انظر "مجموع الفتاوى" (25/251) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمدا ذلك وخرج منه المني ، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة ، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الاستمناء لا يجوز لا في حال الصوم ولا في غيره ، وهو التي يسميها الناس العادة السرية " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/267) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (10/256) :
" الاستمناء في رمضان وغيره حرام ، لا يجوز فعله ؛ لقوله تعالى : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) ، وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه ، ولا كفارة ؛ لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71231
انقطعت الكهرباء أثناء صلاة الجمعة ولم يتمكنوا من متابعة الإمام:
كنا في صلاة الجمعة ، والمسجد عندنا مكون من عدة طوابق ، وفي الركعة الأولى انقطعت الكهرباء فلم يتمكن المأمومون الذين يصلون في الطابق الثاني والثالث من متابعة الإمام ، فصلوها ظهرا ، فهل ما فعلوه صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان ذلك قد وقع قبل الركوع في الركعة الأولى ، فما فعلوه صحيح ، وإذا وقع ذلك بعد الركوع مع الإمام فكان الواجب عليهم أن يتموها جمعة ، ركعتين .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن مثل هذه الواقعة فقال: "من أدرك ركعة من الجمعة ثم عرض عارض كانقطاع الكهرباء ونحوه ، فإنه يتمها جمعة منفرداً بمعنى أنه يصلي الركعة الثانية ثم يسلم ؛ لما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) . والركعة إنما تدرك بالركوع ، ومن لم يدرك الركوع مع الإمام فإنه غير مدرك للركعة ، وعلى هذا فإذا كان من ذكروا في السؤال لم يدركوا مع الإمام إلا تكبيرة الإحرام فقط فإنهم يصلونها ظهرا ً" اهـ .
"مجلة البحوث الإسلامية" (61/83) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 71236
موقف المؤمن من الابتلاء:
إذا أصيب المسلم بمصيبة في نفسه أو ماله أو غير كذلك ، كيف يكون تصرفه صحيحاً موافقا للشرع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد ، وهي علامة حب من الله له ؛ إذ هي كالدواء ، فإنَّه وإن كان مُرًّا إلا أنَّك تقدمه على مرارته لمن تحب - ولله المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح : ( إنَّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) رواه الترمذي ( 2396 ) وابن ماجه ( 4031 ) ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ونزول البلاء خيرٌ للمؤمن من أن يُدَّخر له العقاب في الآخرة ، وكيف لا وفيه تُرفع درجاته وتكفر سيئاته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) رواه الترمذي ( 2396 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقال الحسن البصري رحمه الله : لا تكرهوا البلايا الواقعة ، والنقمات الحادثة ، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك ، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك – أي : هلاكك - .
وقال الفضل بن سهل : إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها ، فهي تمحيص للذنوب ، وتعرّض لثواب الصبر ، وإيقاظ من الغفلة ، وتذكير بالنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة ، وحضّ على الصدقة .
والمؤمن يبحث في البلاء عن الأجر ، ولا سبيل إليه إلاَّ بالصبر ، ولا سبيل إلى الصبر إلاَّ بعزيمةٍ إيمانيةٍ وإرادةٍ قوية .(/1)
وليتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وعلى المسلم إذا أصابته مصيبة أن يسترجع ويدعو بما ورد .
فما أجمل تلك اللحظات التي يفر فيها العبد إلى ربه ويعلم أنه وحده هو مفرج الكرب ، وما أعظم الفرحة إذا نزل الفرج بعد الشدة ، قال الله تعالى : ( وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ) .
وروى مسلم (918) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله " إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " إلا أخلف الله له خيراً منها ) . قالت : فلما مات أبو سلمة قلت : أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟! أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إني قلتها فأخلف اللهُ لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم .
ثانياً :
وهناك أمور إذا تأملها من أصيب بمصيبة هانت عليه مصيبته وخفت .
وقد ذكر ابن القيم في كتابه القيم " زاد المعاد " (4/189–195) أموراً منها :
1- " أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه ، وادَّخر له إن صبر ورضي ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما هي .(/2)
2- أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب ، ولينظر يمنة فهل يرى إلا محنة ؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة ؟ وأنه لو فتَّش العالم لم ير فيهم إلا مبتلى ، إما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأن شرور الدنيا أحلام نوم ، أو كظل زائل ، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً ، وإن سرَّت يوماً ساءت دهراً ، وإن متَّعت قليلاً منعت طويلاً ، ولا سرته بيوم سروره إلا خبأت له يوم شرور ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : لكل فرحة ترحة ، وما مليء بيت فرحاً إلا مليء ترحاً . وقال ابن سيرين : ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء .
3- أن يعلم أن الجزع لا يردها – أي : المصيبة - بل يضاعفها ، وهو في الحقيقة من تزايد المرض .
4- أن يعلم أن فوات ثواب الصبر والتسليم وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة .
5- أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه ، ويسوء صديقه ، ويغضب ربه ، ويسر شيطانه ، ويحبط أجره ، ويضعف نفسه ، وإذا صبر واحتسب وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء عدوه ، وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه ، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم ، لا لطم الخدود ، وشق الجيوب ، والدعاء بالويل والثبور ، والسخط على المقدور .
6- أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه ويكفيه من ذلك " بيت الحمد " الذي يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه ، فلينظر أي المصيبتين أعظم : مصيبة العاجلة ، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد ، وفي الترمذي مرفوعاً : ( يود ناس يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء ) ، وقال بعض السلف : لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس .(/3)
7- أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكين ، وأرحم الراحمين ، وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ، ولا ليعذبه به ، ولا ليجتاحه ، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه وليسمع تضرعه وابتهاله ، وليراه طريحا ببابه ، لائذاً بجنابه ، مكسور القلب بين يديه ، رافعا قصص الشكوى إليه .
8- أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا ، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يفتقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء ، وحفظا لصحة عبوديته ، واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ، فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتلي بنعمائه ، كما قيل :
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
9- أن يعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة ، يقلبها الله سبحانه ، كذلك وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة ، ولأن ينتقل من مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك ، فإن خفي عليك هذا فانظر إلى قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : ( حُفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ) " انتهى باختصار .
ثالثاً :
كثير من الناس إذا أحسن تلقي البلاء علم أنه نعمة عليه ومنحة لا محنة
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " مصيبة تقبل بها على الله خير لك من نعمة تنسيك ذكر الله " .
وقال سفيان : " ما يكره العبد خير له مما يحب ، لأن ما يكرهه يهيجه للدعاء ، وما يحبه يلهيه " .
وكان ابن تيمية رحمه الله يعد سجنه نعمة عليه تسبب فيها أعداؤه .
قال ابن القيم : " وقال لي مرة – يعني شيخ الإسلام - ما يصنع أعدائي بي !! أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبسي خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .(/4)
وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ما عدل عندي شكر هده النعمة أو قال : ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحو هذا .
وكان يقول في سجوده وهو محبوس : اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ما شاء الله ، وقال لي مرة : المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى ، والمأسور من أسره هواه ، ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه قط ، مع كل ما كان فيه من ضيق العيش ، وخلاف الرفاهية والنعيم ، بل ضدها ، ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض ، أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً وقوة ويقينا وطمأنينة ، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فأتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها " انتهى .
"الوابل الصيب" (ص 110) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 71249
كان يسرق المال من والده ويريد أن يرده دون أن يخبره:
والدي عنده حقيبة يضع فيها أمواله في البيت فمنذ فترة فتحت حقيبته وأخذت فلوسا لأسدد بها ديونا كانت علي لأنني لا أعمل ، وكررت هذا عدة مرات حتى لاحظ والدي أن الفلوس تقل ولكنه لم يعلم من فعل ذلك وبعدها بفترة الحمد لله ربنا هداني والتزمت وعرفت أنني أخطأت عندما أخذت الفلوس بدون علم والدي , والآن قررت إن شاء الله عندما أشتغل أجمع المبلغ وأرجع المال الذي أخذته مرة أخرى وأضعه في حقيبته دون علمه .
السؤال : هل أضع المال في حقيبة والدي دون علمه لأنني أخشى غضب والدي علي لأنني أيضا سأشتغل مع والدي فأخشى ضياع ثقته في , فأرجوكم قولوا لي ماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أخذك المال من حقيبة والدك دون علمه ، عمل قبيح ، ومنكر ظاهر ، والحمد لله الذي وفقك للهداية والتوبة , ومن توبتك : أن تعيد إليه المال الذي أخذته منه .
وإذا كان إخباره بالأمر سيؤدي إلى غضبه أو عدم ثقته فيك ، فأرجع المال إليه بأي وسيلة ، من غير أن تخبره ، كأن تضع المال في حقيبته ، ونحو ذلك .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : منذ صغري إذا رأيت أبي وضع شيئا سواء من النقود أو أي انتفاع ، وأنا آخذ ، ولا يعرف أبي ذلك ، وبعد أن أصبحت كبيرا خفت الله وتركت كل هذا العمل ، والآن يجوز لي أن أعترف لأبي بذلك الفعل أم لا ؟
فأجابوا : " يجب عليك أن ترد ما أخذت من والدك من النقود وغيرها إلا إذا كان شيئا يسيرا للنفقة فلا حرج " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/352) .
وسئلوا أيضا (24/355) : إذا سرق إنسان مالا ثم أراد أن يتوب فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه ، فما حكم توبته ؟(/1)
فأجابوا : " إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته ، وندم على ما حصل منه ، وعزم على ألا يعود ، فتوبته صحيحة ، ولا يضره في توبته عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71267
نصاب الإبل والبقر والغنم:
كم نصاب الأنعام في الزكاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
بهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم ، ولا تجب الزكاة في بهيمة غيرها إلا أن تكون للتجارة .
1- ونصاب الإبل : خمس بإجماع العلماء ، وفيها شاة . ثم في عشر من الإبل شاتان ، وفي خمس عشرة : ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين : بنت مخاض ... إلخ الأنصبة الواردة في الحديث كما سيأتي .
وعليه ، فمن ملك أربعة من الإبل فأقل فلا زكاة عليه ، إلا أن يشاء .(/1)
والأصل في ذلك ما رواه البخاري (1454) عن أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما , كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ : فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ . إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلا أَرْبَعٌ مِنْ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ ...).
وبنت المخاض : هي التي أتمت سنة .
وبنت اللبون : هي التي أتمت سنتين .
والحقة : هي التي أتمت ثلاث سنين .
والجذعة : هي التي أتمت أربع سنين .(/2)
2- ونصاب البقر ثلاثون , في قول جمهور العلماء , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فِي ثَلاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ) رواه الترمذي (622) وابن ماجه (1804) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والتبيع : الذي له سنة ، ودخل في الثانية ، وقيل له ذلك لأنه يتبع أمه .
والمسنّة : التي لها سنتان ، وهي الثنية .
3- ونصاب الغنم أربعون شاة ، بإجماع العلماء , وفيها شاة واحدة ؛ لما جاء في حديث أنس السابق : ( وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا ) .
واشترط جمهور الفقهاء لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة ، وهي التي ترعى الكلأ المباح أكثر السنة ، وأما التي تُعْلَف فلا تجب فيها الزكاة إلا أن تكون للتجارة ، ودليل اشتراط السوم قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا ... )
انظر : "المغني" (2/230-243) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/202) : " أجمع العلماء على وجوب الزكاة في سائمة الإبل والبقر والغنم ، إذا بلغت نصاباً ، وأوله في الإبل خمس ، وأوله في البقر ثلاثون ، وأوله في الغنم أربعون . والسائمة هي الراعية للحشائش ونحوها ، ضد المعلوفة والعوامل التي يحمل عليها أصحابها .(/3)
واختلفوا في وجوبها في المعلوفة والعوامل ؛ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيهما لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون .. ) الحديث ، فقيَّد وجوبها في الإبل بكونها سائمة فلا تجب في المعلوفة ، وأما العوامل فلحديث علي رضي الله عنه : ( ليس في العوامل صدقة ) . وذهب مالك وجماعة إلى وجوب الزكاة في المعلوفة والعوامل أيضاً ..." انتهى .
وانظر السؤال ( 49041 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 71297
هل يجوز أن يقسم ماله بين ورثته في حياته ؟:
هل يجوز للرجل أن يقسم ماله في حياته بين ورثته ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم . يجوز ذلك بشرط ألا يقصد بهذا الإضرار ببعض الورثة ، فيمنع بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .
فإن الله عز وجل قسم الميراث بنفسه ، وتوعد من خرج عن هذه القسمة فقال : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13، 14
والأفضل ألا يفعل ذلك ، بل يُبقي ماله معه ، فإذا مات قُسّم على الورثة الموجودين حين وفاته حسب القسمة الشرعية ، والإنسان لا يدري من الذي سيموت أولاً حتى يقسم أمواله على ورثته ، وقد يطول به العمر ويحتاج إلى هذا المال .
قال في " الإنصاف " (7/142) : " لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده . على الصحيح من المذهب . وعنه: يكره . (يعني : عن الإمام أحمد قول آخر بالكراهة ) قال في الرعاية الكبرى : يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا أمكن أن يولد له " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" : " (16/463) : " ننصح والدك ألا يقسم ماله في حياته ، فربما احتاج إليه بعد ذلك " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 71301
حكم تسمية المسجد باسم شخص معين:
لمعروف أن تسمية المساجد بأسماء الأشخاص غير محبب ويعتبر مكروهاً ما رأيك في ذلك ؟ وإن كان صحيحاً ما رأيك في تسمية مسجد السيدة زينب باسمها , ومسجد الحسين , ومسجد أحمد الرفاعي باسمه ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما ذكرت من أن تسمية المساجد بأسماء الأشخاص مكروه قد قال به بعض العلماء , إلا أن جمهور العلماء على جواز ذلك بلا كراهة .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
" بَاب هَلْ يُقَال مَسْجِد بَنِي فُلان " ثم أورد حديث ابْنِ عُمَرَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ , وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ , وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا ) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :(/1)
" يُسْتَفَاد مِنْهُ جَوَازُ إِضَافَة الْمَسَاجِد إِلَى بَانِيهَا أَوْ الْمُصَلِّي فِيهَا , وَيَلْتَحِق بِهِ جَوَاز إِضَافَة أَعْمَال الْبِرّ إِلَى أَرْبَابهَا , وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّف (الإمام البخاري) التَّرْجَمَة بِلَفْظِ الاسْتِفْهَام لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ فِيهِ اِحْتِمَالا إِذْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَدْ عَلِمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ تَكُون هَذِهِ الإِضَافَة وَقَعَتْ فِي زَمَنه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مِمَّا حَدَثَ بَعْده , وَالأَوَّل أَظْهَر وَالْجُمْهُور عَلَى الْجَوَاز , وَالْمُخَالِف فِي ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه أَنْ يَقُول مَسْجِد بَنِي فُلان وَيَقُول مُصَلَّى بَنِي فُلان لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ) .
وَجَوَابه : أَنَّ الإِضَافَة فِي مِثْل هَذَا إِضَافَة تَمْيِيز لا مِلْك " انتهى .
وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" (4/277) :
" المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا ، فإنها قد نسبت إلى غيره تعريفا , فيقال : مسجد فلان " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/208) :
" ولا بأس أن يقال مسجد فلان ، ومسجد بني فلان على سبيل التعريف " انتهى .
وعلى هذا ؛ فلا حرج من تسمية المسجد باسم شخص معين لكونه هو الذي بناه أو يصلي فيه , وكذلك لا حرج من إطلاق اسم أحد علماء المسلمين أو أعلامهم على المسجد من باب التعريف فقط , لكن لا ينبغي : أن يسمى المسجد باسم من عُرِفَ بالبدعة ، لآن في ذلك تعظيماً له ، وإغراء للعوام أن يسلكوا طريقته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71303
هل يفتح محلاً للحجامة بأجرة؟:
هل يجوز أن أفتح محلاً للحجامة ، وآخذ من الناس أجرة على ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف الفقهاء في كسب الحجام ، هل هو مكروه ، أم مباح من غير كراهة ، وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلافهم في فَهْم الأحاديث الواردة في ذلك , فمما جاء في كراهية كسب الحجام :
1- قوله صلى الله عليه وسلم : ( كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) رواه مسلم (1568) .
2- وقوله صلى الله عليه وسلم : ( شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ ) رواه مسلم (1568).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ ) رواه أحمد (7635) والنسائي (4673) وابن ماجه (2165) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
ومما جاء في الرخصة في ذلك :
1 - ما رواه البخاري (2102) ومسلم (1577) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ ) .
2 - ما رواه البخاري (2103) ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الَّذِي حَجَمَهُ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ ) هذا لفظ البخاري ، وله أيضا (2278) : ( وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِه ) . وعند مسلم (1202) : ( وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ) .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى الجمع بين هذه الأحاديث بحمل النهي على الكراهة .(/1)
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويجوز أن يستأجر حجاما ليحجمه , وأجره مباح ، وهذا اختيار أبي الخطاب ، وهذا قول ابن عباس . وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي . وقال القاضي [أي : أبو يعلى من الحنابلة] : لا يباح أجر الحجام ، وذكر أن أحمد نص عليه في مواضع وقال : أُعطي شيئا من غير عقد ولا شرط فله أخذه ويصرفه في علف دوابه وطعمة عبيده ومؤنة صناعته ولا يحل له أكله ، وممن كره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كسب الحجام خبيث ) رواه مسلم وقال عن أجرة الحجام : ( أطعمه ناضحك ( أي : البعير ) ورقيقك ) رواه أحمد والترمذي (1277) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ويدل على أنه مباح وليس حراماً : ما روى ابن عباس قال : ( احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ولو علمه حراما لم يعطه ) متفق عليه . وفي لفظ : ( لو علمه خبيثا لم يعطه ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في كسب الحجام : ( أطعمه رقيقك ) دليل على إباحة كسبه ؛ إذ غير جائز أن يُطعم رقيقه ما يحرم أكله ، فإن الرقيق آدميون يحرم عليهم ما حرمه الله تعالى كما يحرم على الأحرار ، وتسميته كسبا خبيثا لا يلزم منه التحريم فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما .
وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيها لدناءة هذه الصناعة . وأمرُه صلى الله عليه وسلم بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة ، فيتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم " انتهى من "المغني" (6/133) باختصار وتصرف .
وعلى هذا فلا حرج عليك في فتح هذا المحل ، والأجرة المأخوذة من الناس على ذلك ليست حراماً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71323
حديث : ( من اعتمد على عقله ضل ):
معنى الحديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ , ومن اعتمد على عقله ضلَّ , ومن اعتمد على الله فلا يضل ) . فهل هذا يعني أن العقل لا يستخدم في الاجتهاد ؟ ومتى يستخدم العقل في الاجتهاد ؟.
الجواب:
الحمد لله
حديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ ومن اعتمد على عقله ضلَّ ومن اعتمد على الله فلا يضل )
لم نجده بعد الاطلاع والبحث منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ووجدناه في بعض الكتب منسوباً لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه .
والعقل في الإسلام له أهمية كبيرة ، وتكمن أهميته في أمور ، منها :
1. أنه شرط التكليف ، فمن شروط التكليف بالأوامر وترك النواهي أن يكون المكلَّف عاقلاً .
2. أن العقل هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها والاهتمام بها ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ، ومن تشريعات حفظ العقل في الإسلام تحريم شرب الخمر والمخدرات .
3. أن استعمال الإنسان لعقله استعمالاً صحيحاً يجعله يفهم الآيات والأحاديث على وجهها الصحيح ، وإذا كان كافراً فإن الله تعالى جعل في دينه من الحجج والبراهين ما لا يخفى على عاقل ، لكن من لم يستخدم عقله لم ينتفع بهذه الحجج والبراهين ، لذا سيندم هؤلاء يوم القيامة وسيتمنون لو أنهم استخدموا عقولهم على وجهها الصحيح ، قال تعالى : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ . فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10،11، وليس في الإسلام شيء يخالف العقل الصريح ، بل العقل موافق لما جاء في الشرع ، وإنما ضلَّ أقوام حكَّموا عقولهم هم في نصوص الشرع فضلوا وأضلوا ، أما من استعمل عقله ليفهم ما جاء من نصوص وفق قواعد السلف ومنهجهم فهو المجتهد المأجور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(/1)
" فيأخذ المسلمونَ جميعَ دينهم من الاعتقادات , والعبادات , وغير ذلك من كتاب الله , وسنَّةِ رسولِهِ , وما اتفق عليه سلف الأمّة وأئمتها ، وليس ذلك مخالفاً للعقل الصريح ؛ فإنّ ما خالف العقل الصريح فهو باطلٌ .
وليس في الكتاب والسنَّةِ والإجماع باطل ، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعضُ النَّاس , أو يفهمون منها معنى باطلاً , فالآفةُ منهم , لا من الكتاب والسُّنَّة ؛ فإن الله تعالى قال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدى وَرَحْمَة وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِين ) " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 490 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71330
هل لبس الساعة في اليمنى موافق للسنَّة ؟:
هناك من ينصحني بلبس الساعة في اليد اليمنى بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حض على التيمن . فهل هذا صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج في لبس الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى , ويختار الرجل في ذلك الأيسر له ، ولا يوصف شيء من ذلك بأنه مخالف للسنة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" لا حرج في لبس الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى ، كالخاتم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لبس الخاتم في اليمنى واليسرى " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 255 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" وضع الساعة في اليد اليمنى ليس أفضل من وضعها في اليد اليسرى ؛ لأن الساعة أشبه ما تكون بالخاتم ، فلا فرق بين أن تضع الساعة في اليمين أو اليسار ، لكن لا شك أن وضعها في اليسار أيسر للإنسان ، من ناحية التعبئة ، ومن ناحية النظر إليها أيضاً ، ثم هي أسلم في الغالب ؛ لأن اليمنى أكثر حركة فهي أخطر .
والأمر في هذا واسع ، فلا يقال : إن السنة أن تلبسها باليمين ؛ لأن السنة جاءت في اليمين واليسار في الخاتم ، والساعة أشبه شيء به " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 6 / 110 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 71345
الاستمتاع بالدبر:
يطلب مني زوجي أثناء فترة الحيض أن يحك رأس عضوه التناسلي المنتصب على حلقة دبري من أجل الاستمتاع حتى القذف ، فهل هذا جائز شرعا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرَجِ لقوله تعالى : ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) البقرة/222 ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلا النِّكَاحَ – يعني : الجماع-) رواه مسلم (455) ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
ثانيا :
إتيان المرأة في دبرها حرام ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) البقرة/222، يعني : في القبل ، وهو موضع الحرث ، ويؤيده قوله سبحانه : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم ) البقرة/223، والدبر ليس موضعاً للحرث .
وقد جاءت أحاديث تدل على تحريم إتيان المرأة في دبرها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ملعون من أتى امرأته في دبرها ) رواه أحمد وأبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر السؤال رقم (1103) .
ثالثاً :
ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة ، وبين الأليتين ، من غير إيلاج في دبر .
قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/257) :
" فأما التلذذ بغير إيلاج بين الأليتين فلا بأس " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (7/226) :
" ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر , فاختص التحريم به " انتهى .
وقال في "روض الطالب" :
" ما يملكه الزوج من الاستمتاع من زوجته :(/1)
ويملك الاستمتاع منها بما سوى حلقة دبرها ، ولو فيما بين الأليتين ، أما الاستمتاع بحلقة دبرها فحرام بالوطء خاصة ، لخبر : ( إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ) رواه الشافعي وصححه " انتهى .
قال في شرحه "أسنى المطالب" (3/185) :
" قوله : (أما الاستمتاع بحلقة دبرها . . . إلخ) كأن أولج فيه بعض الحشفة " انتهى .
الحشفة هي رأس الذكر .
وعليه ، فلا حرج من الاستمتاع المسئول عنه ، بشرط أن يأمن من إدخال الحشفة أو بعضها في الدبر ، فإنه حرام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 71346
البابية والبهائية ليسوا مسلمين:
ما هي أفكار وعقائد البهائية ؟ وما الفرق بينهم وبين سائر المسلمين ؟.
الجواب:
الحمد لله
البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
1- أسس البابية الميرزا على محمد رضا الشيرازي الذي تلقى العلوم الشيعية والصوفية منذ الصغر.
وفي سنة 1260هـ / 1844م أعلن الشيرازي هذا أنه الباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية ، وشجعه على ذلك أحد الجواسيس الروس .
ثم ادعى بعد ذلك أنه رسول كموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، بل ادعى أنه أفضل شأناً منهم .
وفي عام 1266 هـ ادعى حلول الإلهية فيه ، فحكم عليه بالإعدام .
2- قرة العين ، وهي امرأة فصيحة بليغة ، رافقت الشيرازي في تعلم العلوم الشيعية الشيخية ، وكانت إباحية فاجرة ، فطلقها زوجها ، وتبرأ منها أولادها .
عقدت مؤتمراً مع زعماء البابية بدشت بإيران أعلنت فيه نسخ الشريعة الإسلامية ، وتم إعدامها سنة 1268هـ 1852م .
البهائية :
قبل مقتل الشيرازي كان قد أوصى بخلافته للميرزا يحيى علي الملقب بـ ( صبح أزل ) ولكن نازعه أخوه حسين البهاء ، وبعد خلافات بينهما وفتن ، ومحاولة كل منهما قتل أخيه ، نُفي صبح أزل إلى جزيرة قبرص ، ومات بها سنة 1912 م .
ونُفي حسين البهاء إلى عكا بفلسطين ، وقتل بها على يد بعض أتباع أخيه عام 1892 م ودفن بها .
عقائد البهائية وأفكارها وشعائرها :
1- الإيمان بحلول الله في بعض خلقه، وأن الله قد حلَّ في "الباب" و"البهاء".
2- الإيمان بتناسخ الكائنات، وأن الثواب والعقاب يقع على الأرواح فقط.(/1)
3- الاعتقاد بأن جميع الأديان صحيحة، وأن التوراة والإنجيل غير محرَّفين، ويرون ضرورة توحيد جميع الأديان في دين واحد هو البهائية.
4- يعتقد البهائيون أن كتاب "الأقدس" الذي وضعه البهاء حسين ناسخ لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم .
5- يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزرادشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس.
6- يؤمنون - موافقة لليهود والنصارى - بصلب المسيح.
7- ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار .
8- يحرمون الحجاب على المرأة، ويحللون المتعة، ويدعون إلى شيوعية النساء والأموال.
من الواضح جدا أنه دين يسعى إلى هدم القيم والأخلاق والسعي نحو الإباحية والفسق .
9- يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
10- يؤولون القيامة بظهور البهاء، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين (حيث يوجد قبر البهاء) بدلاً من المسجد الحرام.
11- الصلاة عندهم تؤدى في اليوم ثلاث مرات ، كل صلاة ثلاث ركعات، صبحا وظهرا ومساء، والوضوء لها بماء الورد، وإن لم يوجد فيكتفون بالبسملة "بسم الله الأطهر الأطهر" خمس مرات .
12- لا يجوزون الصلاة جماعة إلا عند الصلاة على الميت.
يتضح هنا مدى سعيهم لتفرقة المسلمين بتحريمهم صلاة الجماعة .
13- يقدّس البهائيون العدد تسعة عشر، ويجعلون عدد أشهر السنة تسعة عشر شهرا، عدد كل شهر تسعة عشر يوما.
14- يصوم البهائيون شهرا بهائيا واحدا هو شهر العلا ويبدأ من 2 إلى 21 مارس وهو آخر الشهور البهائية، وفيه يجب الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب، ويعقب شهر صومهم عيد النيروز.
15- يحرم البهائيون الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الكفار الأعداء !! خدمةً للمصالح الاستعمارية . كما سيأتي .
وهذا يؤيد ما قيل عنها : إنها حركة تربت في حجر الاستعمار ، وما زالت تحظى بتأييده إلى الآن .(/2)
16- ينكرون أن محمداً - خاتم النبيين - مدعين استمرار الوحي بعده.
17- يبطلون الحج إلى مكة، ولهذا كان حجهم إلى حيث دفن البهاء في عكا بفلسطين.
18- لا يرون الاغتسال من الجنابة ولا تطهير النجاسة لأنهم يعتقدون أن من اعتقد بالبهائية فقد طهر.
19- والزكاة استبدلوها بنوع من الضريبة تقدر بـ 19% من رأس المال تدفع مرة واحدة.
تلك هي البهائية، وتلك بعض عقائدها، خليط غير متجانس من العقائد السماوية والأفكار الوثنية، أخرجها "البهاء" في قالب غريب، سماه وحياً وكتاباً مقدساً، فيالله أين عقول الخلق حين اتبعوه، وأين بصيرتهم حين قلدوه ؟!
علاقة البابية والبهائية بالاستعمار واليهود والنصارى :
1- أحد الجواسيس الروس هو الذي شجع علي الشيرازي على دعواه أنه الباب .
2- اشترك "البهاء" في محاولة اغتيال الملك " ناصر الدين" شاه إيران، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وكشف الفاعلون، ففر "البهاء" إلى سفارة روسيا التي قدمت له الحماية الكاملة، ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعد أن أخذت وعدا منها بعدم إعدامه .
3- لما نفي البهاء إلى عكا سنة 1285هـ /1868م ، لقي حفاوة بالغة من اليهود الذين أحاطوه بالرعاية، وأضحت عكا منذ ذلك التاريخ مقرا دائما للبهائية ومكانا مقدسا لهم.
4- يقف وراء هؤلاء بعض النصارى ، ففي إحدى الدول العربية التي للبهائيين وجود بها ، رئيس الحركة ومحاميها ، كلاهما نصراني .
5- أشارت الأنباء إلى أن السفير الإسرائيلي في إحدى الدول العربية ، قام بزيارة البهائيين في أحد معاقلهم ، والتقى بقياداتهم وطالبهم بضرورة المشاركة في النشاط السياسي عن طريق إنشاء جمعية أو حزب والترشيح للمجالس البرلمانية وممارسة الأنشطة الفاعلة في الحياة السياسية للتأثير على مراكز القرار، وقد وعدهم أيضًا بتقديم تسهيلات لهم لزيارة إسرائيل ليقوموا بالحج إلى قبر البهاء .(/3)
6- لهذه الطائفة عدة ممثلين وأعضاء في مكاتب وهيئات تابعة للأمم المتحدة ، يبلغ عددهم نحو سبعة أشخاص !!
ولهذا لا تعجب أيها القارئ أبداً إذا عرفت بعد كل هذا ، أن البهائيين يحرمون الجهاد ضد الأعداء ، ويوجبون على المسلمين أن يستسلموا للاستعمار والاحتلال ، وأن البهاء كان يدعو في كتبه إلى التجمع الصهيوني في أرض فلسطين .
الانتشار ومواقع النفوذ :
توجد الغالبية العظمى من البهائيين في إيران ، وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان ، وفلسطين ، ولهم وجود في مصر ، ولهم عدة محافل في إثيوبيا وأوغندا وزامبيا وجنوب إفريقيا وباكستان ، ولهم حضور في بعض الدول والمدن الغربية كلندن ، وفيينا وفرانكفورت وسيدني ، ويوجد في شيكاغو أكبر معبد لهم .
الحكم عليها وفتاوى العلماء فيها :
يظهر مما سبق أن البابية والبهائية من الفئات الضالة الخارجة عن الإسلام .
وقد صدرت العديد من الفتاوى من علماء المسلمين بتكفير هؤلاء ، وبيان خروجهم عن الإسلام ، ووجوب الحذر منهم .
فقد أصدر الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر سنة 1910 م بكفر البهائيين .
كما صدر حكم قضائي بتاريخ 30/6/1946 م من محكمة شرعية في مصر بطلاق وتفريق امرأة اعتنق زوجها البهائية لأنه مرتد عن الإسلام .
كما أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر في عام 1947 م فتوى بردة معتنقي البهائية .
بالإضافة إلى فتوى من دار الإفتاء المصرية عام 1939 م بارتداد البهائي .
وفتوى أخرى من "دار الإفتاء المصرية" عام 1968 م جاء فيها : " من اعتنق الدين البهائي يكون مرتدا عن الدين الإسلامي ، وحكم المرتد شرعاً أنه يستتاب ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت ، فإن تاب فيها ، وإلا قتل شرعاً " انتهى من "فتاوى دار الإفتاء" (6/2138) .(/4)
وفي عام 2003 م ، أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر . فتوى جاء فيها " إن هذا المذهب البهائي وأمثاله من نوعيات الأوبئة الفكرية الفتاكة التي يجب أن تجند الدولة كل إمكاناتها لمكافحته والقضاء عليه" .
وأكد الشيخ إبراهيم الفيومي أمين مجمع البحوث الإسلامية على أن البهائيين فرقة خارجة عن وعلى الإسلام وهي من أخطر القوى المعادية للإسلام وقد نشأت في حجر الاستعمار الصهيوني ولا تزال تلقى الرعاية والعناية من أعداء الإسلام . ولدى البهائية مشروع يسمى المشروع السياسي العدائي للأمة الإسلامية ، وغرضهم الأول ضرب الإسلام وزعزعة الاستقرار السياسي والديني في المجتمعات الإسلامية ، كما قاموا بإلغاء آيات كثيرة من القرآن اعتقاداً منهم بأن المسلمين قد حرفوها ، كما أبطلوا الحج وطالبوا بهدم الكعبة وتوزيع حطامها على بلاد العالم .
ولشيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق رحمه الله فتوى في تكفير البهائية وردتها عن الإسلام ، أقرها مجمع البحوث الإسلامية الحالي ، جاء فيها : " والبابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها وجمع شملها، بل وضُح أنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونحل ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا على الإسلام وباسم الدين " انتهى .
وقد نقلنا في جواب السؤال رقم (88689) فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في كفر هذه الطائفة ، وخروجها عن الإسلام ، وأنه لا يجوز أن يدفنوا في مقابر المسلمين .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 71359
ما هي السورة التي تعدل نصف القرآن ؟:
ما هي السورة التي تعدل نصف القران ؟.
الجواب:
الحمد لله
جاء في فضل بعض سور القرآن الكريم أحاديث كثيرة ، منها الصحيح ، وكثير منها ضعيف أو منكر ، ومن ذلك ما جاء في فضل سورة الزلزلة أنها تعدل نصف القرآن ، فقد ورد ذلك في أحاديث منكرة ، وهي :
الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذَا زُلْزِلَت تَعدِلُ نِصفَ القُرْآَنِ ) رواه الترمذي (2894) والحاكم (1/754)
وفي سنده يمان بن المغيرة العنزي ، قال فيه البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث ، وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يروي المناكير التي لا أصول لها فاستحق الترك . انظر "تهذيب التهذيب (4/452) "
وقد تفرد يمان بهذا الحديث ، دون جميع أصحاب عطاء ، ومثله لا يحتمل منه التفرد ، بل تفرده منكر ، والله أعلم .
وكلمة جماهير أهل العلم على تضعيف الحديث بسبب يمان بن المغيرة ، خلافا لمن صححه من أهل العلم . فقد ضعفه الترمذي حيث قال بعد أن أخرجه : غريب لا نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة ، وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" ) بقوله : هو من أحاديث الشيوخ وليس من أحاديث الأئمة ، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (8/687) ، والذهبي في تلخيص المستدرك ، والمناوي في "فيض القدير" (1/367) ، والشوكاني في الفتح الرباني (12/5930) ، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1342) : منكر .
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( مَن قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ عُدِلَت لَهُ بِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه الترمذي (2893)
وفي سنده الحسن بن سالم العجلي ، قال المزي : هو شيخ مجهول له حديث واحد ، وقال العقيلي : مجهول في النقل ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات .
انظر "تهذيب التهذيب" (1/396)(/1)
وقد اتفقت كلمة أهل العلم على تضعيف هذا الحديث أيضا ، فقد ضعفه الترمذي بقوله بعد إخراجه : غريب ، والعقيلي بقوله : "غير محفوظ" كما في "تهذيب التهذيب" (1/396) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/279) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/497) ، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/523) : منكر ، وكذا قال الألباني في "الضعيفة" (1342)
الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ فِي لَيلَةٍ كَانَت لَهُ بِعَدل ِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (691)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله "السلسلة الضعيفة" (1342) : : " أخرجه أبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (2/195) ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه عيسى بن ميمون المدني ، ضعفه الجماعة ، وقال أبو حاتم وغيره : متروك الحديث " انتهى .
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (3/268) : " في إسناده راو شديد الضعف " انتهى .
فيتبين بما سبق أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في كون سورة الزلزلة تعدل نصف القرآن ، ولكن يبدو أن بعض الأئمة من السلف كان يأخذ بهذه الأحاديث ، ويذهب في اجتهاده إلى أن ما في سورة الزلزلة من المعاني العظيمة تعدل نصف المقاصد التي جاء القرآن الكريم لتحقيقها .
جاء في "مصنف عبد الرزاق" (3/372) : عن معمر قال :
( سمعت رجلا يحدث أن إذا زلزلت تعدل شطر القرآن )
وعن جعفر عن هشام بن مسلم قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول :
( إذا زلزلت الأرض نصف القرآن ) .
وروى أبو عبيد عن الحسن البصري مرسلا :
( إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، والعاديات تعدل نصف القرآن )
انظر "الإتقان" للسيوطي (2/413)
وجاء عن عاصم بن أبي النجود الإمام المقرئ قوله :
( كان يقال : من قرأ إذا زلزلت فكأنما قرأ نصف القرآن )
قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/270) : رجاله ثقات .
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/367) :(/2)
" لأن المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ والمعاد ، و" إذا زلزلت " مقصورة على ذكر المعاد ، مستقلة ببيان أحواله ، فعادلت نصفه ، ذكره القاضي " انتهى .
فهو اجتهاد لبعض السلف ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعني أبدا أنها تعدل نصف القرآن في الأجر والمثوبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71400
تخريج حديث استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض روحه:
ما صحة هذا الحديث : ( دخل الملك جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ملك الموت بالباب ، ويستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن من أحد قبلك ، فقال له : ائذن له يا جبريل . ودخل ملك الموت وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى . فوقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم ( كما سيقف عند رأس كل واحد منا ) وقال : أيتها الروح الطيبة ، روح محمد بن عبد الله ، اخرجي إلى رضى من الله ورضوان ورب راضٍ غير غضبان ).
الجواب:
الحمد لله
في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أحداثٌ كثيرةٌ ، روى فيها الرواةُ الشيءَ الكثير ، ولكن خُلِطَ الصحيح فيه بالمكذوب ، وتساهل الكثيرون في ذكر ما ليس له أصل ، وما لم يأت إلا من طريق منكر متروك ، والذي يبتغي السلامة في هذا الباب عليه بالأحاديث الصحيحة ، إذ فيها الغنية والكفاية ، وفيها من وصف أحداث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه العبرة والعظة والحكمة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :
" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها ، ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم ، فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .(/1)
وبعد البحث في مرويات قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم نقف على الحديث الذي ذكره السائل بهذا اللفظ لكن رويت أحاديث في استئذان ملك الموت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ قريب مما ذكره السائل ، ولكنها أحاديث ضعيفة حكم عليها العلماء بالنكارة والوضع ، فمن ذلك :
حديث يرويه علي بن الحسين عن أبيه في قصة طويلة فيها ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبته له .
وهذه قصة رواها الطبراني في المعجم الكبير (3/129) وفي كتاب الدعاء (1/367) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/35) : فيه عبد الله بن ميمون القداح ، وهو ذاهب الحديث .
وكذلك حكم عليه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/560) والحافظ ابن حجر في "أجوبة بعض تلامذته" (1/87) وابن كثير في البداية والنهاية (5/290) وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5384) : موضوع .
وحديث آخر يرويه ابن عباس رضي الله عنها ، وفيه ذكر استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه .
رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/141) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/36) : وفيه المختار بن نافع وهو ضعيف .
وقال العراقي في تخريج الإحياء (4/560) : وفيه المختار بن نافع منكر الحديث .
وأما تخييره صلى الله عليه وسلم بين الموت والبقاء في الدنيا ، وكذلك قوله : ( بل الرفيق الأعلى ) فهذا ثابت عنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ، وقد سبق ذكره في جواب السؤال رقم (45841) فليرجع إليه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لقصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، ذكرت بعض كتب التاريخ أن ملك الموت أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه على شكل أعرابي ، ما صحة هذا الكلام ؟
فأجاب رحمه الله :(/2)
" هذا غير صحيح ...لم يأته ملك الموت ولم يستأذن منه ، بل خطب – صلى الله عليه وسلم – في آخر حياته خطبة وقال : ( إن عبدا خيَّره الله تعالى بين الخلد في الدنيا ما شاء الله ، وبين لقاء ربه ، فاختار لقاء ربه ) هكذا قال في آخر حياته ، فبكى أبو بكر ، فتعجب الناس كيف يبكي أبو بكر من هذه الكلمات ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو المُخيَّر ، وكان أبو بكر أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا الذي ورد ، أما أن ملك الموت جاء يستأذنه فهذا غير صحيح " انتهى . "لقاء الباب المفتوح" (2/340)
ومن أراد المزيد من الأحاديث الصحيحة في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فليرجع إلى كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (5/248) باب احتضاره ووفاته عليه الصلاة والسلام ، وكذلك كتاب "صحيح السيرة النبوية" تأليف إبراهيم العلي ، الباب السادس : مرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – ووفاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 71417
هل يدخل إلى المواقع باسم مستعار ؟:
أنا ممن يدخل برنامج البالتوك للدعوة إلى الله ، وسؤالي ما الحكم في دخول هذا البرنامج باسم مستعار من أجل الاستفادة والإفادة ؟ لأننا سمعنا من يقول : إن هذا لا يجوز ، وإنه يجب على الناس وخاصة الذي يدعو إلى الله أن يدخل باسمه الحقيقي ، ويشوه صورة الدعاة وأهل الخير في البالتوك بحجة أن أسماءهم مستعارة .. علما يا شيخ أن أغلب من يدخلون الغرف وخاصة الإسلامية يدخلونها بأسماء مستعارة تجنبا للمشاكل وخوفا من الرياء ونحو ذلك .. فهل كلام هذا الرجل صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
الذي يظهر أن هذا الفعل جائز ، ولا حرج فيه ، وذلك لما يلي :
1- أن عامة رواد هذه المواقع ، يعلمون أن هذا الاسم ليس حقيقيا ، وإنما هو رمز أو إشارة إلى الكاتب .
2- أن هذا لا يعد من الكذب ، لأن أصحاب هذه المواقع لا يشترطون أن يكون الدخول إليها بالاسم الحقيقي .
3- أنه لا مانع من أن يلقب الإنسان نفسه بلقب ، أو يكني نفسه بكنية ، فيقوم هذا اللقب أو الكنية مقام الاسم ، ولا يعد ذلك من الكذب .
4- قد يجلب الدخول بالاسم الحقيقي ضررا لبعض الأشخاص ، فيختار الدخول باسم مستعار أو بكنية ونحو ذلك .
5- قد يكون في إخفاء الاسم الحقيقي مصلحة كما لو كان لداعية معروف ، بحيث لو عُرف اسمه لأحجم أهل البدع عن مناظرته والكلام معه ، لما يعلمون من قوة حجته ، أو قد يتم حجبه من المسئولين عن الموقع ـ ونحو ذلك .
فلهذا لا حرج في الدخول إلى المواقع والمنتديات بأسماء مستعارة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72198
تحدثت مع رجال عبر الإنترنت ثم تابت من ذلك:
أرجو المساعدة فالأمر في غاية الأهمية !
أسلمت منذ 4 سنوات وتزوجت من 3 سنوات تقريباً ، وأنا لا أعيش مع زوجي لأننا تزوجنا سرّاً ، وأهله لا يعرفون عني شيئاً حتى الآن ، وأن لا تتاح لي فرصة رؤية زوجي بالعدد الذي أرغبه ، ولذلك فقد أصبحت أشعر بالوحدة ، ونتيجة لغبائي وأنانيتي وتعجلي فقد بدأت أتحدث إلى رجال من غير المحارم عبر شبكة الإنترنت !!! ( وأسأل الله أن يغفر لي ) ، لقد تحدثت مع عدد منهم ، وأخبرتهم أني لست متزوجة ، وأخبرت بعضهم أني مطلقة أو سأحصل على الطلاق في وقت قريب ، كما أني أعطيت أحدهم صورة قديمة أظهر فيها بدون حجاب ، حيث يظهر شعر رأسي ورقبتي ويداي !!!! حدث كل هذا قبل أشهر معدودة ، وقد تبت الآن من جرائمي ، كما أني بكيت خوفا من القبر ويوم الحساب ، أنا أخاف الله كثيراً ، وقد قطعت جميع العلاقات مع هؤلاء الأشخاص ، أنا لا أتحدث الآن إلى أي رجل عبر الإنترنت لأني أعلم أن الشيطان يغري الإنسان ، أنا أشعر بالخجل فعلا عما فعلت ، وأشعر بالكثير من الذنب لذلك ، أنا أحب زوجي وهو يحاول أن يخبر أهله بخصوصي إن شاء الله ، أنا لا أريد أن أخسره ، هل يجب عليَّ إخباره بما فعلت ؟ وماذا عن الصورة ؟ أنا أكره ما فعلت لكن ماذا لو أن الشاب لا يزال يحتفظ بها ؟ هل سأذهب للنار ؟ وفيما يتعلق بإخباري للناس أني كنت مطلقة ، أو أني سأطلق ، هل يؤثر ذلك على صحة زواجي ؟ أعلم أني أفسدت وحطمت حياتي ، لكني أرجو المساعدة ، فالله يعلم وحده مقاصدي ، أنا لا أريد أن أجرح أي شخص ، أو أن أرتكب الخطأ في حق الله ، أريد أن أعمل الأفضل لجميع الأشخاص ، وأريد أن أستر على نفسي ، فهل يمكنني ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
الحمد لله الذي هداكِ للإسلام ، وقد اختاركِ الله تعالى لتكوني من أتباع هذه الرسالة العظيمة ، وهذا أعظم أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة ، فعليكِ المداومة على تذكر هذه النعمة الجليلة التي حُرمها الكثير ، والقيام بشكر الله تعالى عليها بالقلب واللسان والجوارح .
ثانياً :
والحمد لله تعالى أن يسَّر لكِ الزواج من مسلم ، وإن كنَّا نودُّ أن يكون زواجاً ليس فيه بعدٌ من زوجك عنكِ ، وأن يعلم أهله عنه ، وبما أن لإخفاء زوجك هذا الأمر عن أهله وابتعاده عنك دوراً كبيراً فيما حصل معكِ فإن عليك المسارعة في إصلاح هذا الأمر ، وذلك بالطلب منه أن يجعل زواجكم علنيّاً ، وأن يسارع في إخبار أهله ، وأن يبقى إلى جانبك لإعانتك على طاعة الله تعالى ، وعليه أن يتقي الله تعالى فيكِ وأن لا يعرضكِ للفتن ، وليتنبه لهذه المسئولية الملقاة على عاتقه .
ثالثاً :
والحمد لله تعالى أن وفقكِ للتوبة والرجوع إليه قبل الانغماس في المعصية أو ارتكاب ما هو أشد منها ، والمعصية يزينها الشيطان في نفس فاعلها ، فإنْ تذكَّر عقوبة فِعلها وتذكَّر ما عند الله من الثواب على تركها ، وعلم ما أعدَّه الله في الآخرة للطائعين : علِم أن ما عند الله خير وأبقى ، وأن المعاصي مهما بلغ صاحبها في النشوة واللذة فهي إلى غمٍّ وهمٍّ ونكدٍ في الدنيا ، وإلى عقوبة في الدار الآخرة ، فاستمري على التوبة ، وعلى ندمك على ما فعلتِ ، واعزمي عزماً مؤكداً على عدم الرجوع إليها ، وافعلي الطاعات تعويضاً عما فات وتقرباً إلى الله لزيادة الثواب .
رابعاً :
لا بدَّ أن تغلقي أبواب الفتن التي جاءتك المعاصي من خلالها ، ونعني بذلك " تلك المحادثات " فعليك أن تبتعدي بالكلية عن تلك المحادثات الآثمة التي كانت مع الرجال ، فلا يحل لك دخول الغرف الصوتية لهم ولا مراسلتهم والحديث معهم ، وإن كانوا معك على " الماسنجر " فسارعي بشطب أسمائهم .(/2)
وإن خشيت أن يكون دخولك على الإنترنت سيجرك إلى محادثة هؤلاء فامتنعي كليةً عن الدخول على الإنترنت ، واكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة ، وقراءة الكتب النافعة ، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسكِ يدلونك على الخير ، ويمنعونك من السوء والشر .
ومن مقتضيات التوبة الصادقة التي يكون معها الندم والعزم على عدم الرجوع إليها أن تبتعدي عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة ، أو منتديات اللغو والفحش .
ولو أنك فرَّغتِ نفسكِ لسماع الأشرطة وقراءة الكتب النافعة ، وقراءة الأجوبة والمقالات من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد ، وسلامة المنهج لما كفتكِ حياتك كلها لو طالت ، فكيف تضيِّعين العمر فيما لا ينفع وبين يديك كنوز الخير من الكتب والمقالات والأشرطة ؟! وهي حجة عليك يوم القيامة إن فرطتِ فيها ، وليس لك أن تقولي إنني وحيدة ولا أعرف كيف أقضي وقتي ، وأنتِ بين بساتين الخير فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية ، فتنقلي بين تلك البساتين واحرصي على الخير لنفسك ، واعلمي أن العمر قصير ، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية ؟!
خامساً :(/3)
من عادة كثير من الرجال في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن انتقلوا إلى غيرهن ، وهذا ما أنقذك الله منه ، وهي نعمة لا تقدَّر بمال الدنيا ، وتحتاج منكِ إلى المداومة على شكره تعالى ، وكذلك يتركونهن إلى غيرهن إذا أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات ، وقد يخطر ببال كثير منهم أن ما حصل من محادثات لم يكن مع امرأة ، وأن الصورة ليست لواحدة بعينها ، بل قد تكون من أي محل تصوير أو من مجلة أو من جريدة ، فإذا قطعتِ الاتصال بهم نهائيّاً – وهذا ما وفقك الله لفعله - فإن الأمر سيكون على تلك الاحتمالات ، ولا داعي للاهتمام بالصورة والحرص على تحصيلها ، فقد تستخدم وسيلة ابتزاز كما حدث مع كثيرات ، فانسي الأمر تماماً وفوِّضي أمرك إلى الله تعالى ، فهو " ستِّير يحب الستر " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وفقك للإسلام والتوبة ، وهو الذي أنقذك ، فلم تقعي في براثن تلك الذئاب ، وهو الذي سيستر عليك ، وييسر لك أمرك ، بمشيئته سبحانه وتعالى ، وصور النساء اللاتي تُظهر أكثر مما في صورتك تملأ الشبكة – عياذاً بالله – فلن يبقى أحدٌ منهم حريصا على صورةٍ مثل تلك ، وبين يديه الآلاف غيرها .
سادساً :
وإياكِ أن تخبري زوجكِ بما حصل ، بل عليك أن تستتري بستر الله تعالى ، وقد يتسبب إخبارك له بعواقب وخيمة ، فدعي الأمر بينك وبين الله ، توبي إليه عز وجل ، واطلبي منه العفو والمغفرة ، وأكثري من فعل الطاعات ، واحرصي على أن يعلن زوجك زواجك لأهله ، واطلبي منه أن يبقى إلى جانبك ليعينك على طاعة الله ، ولا تفتحي على نفسكِ أبواباً مغلقة بإخباره عما حصل منكِ ، فليس هناك فائدة في إخباره ، بل قد يترتب عليه آثار ليست في مصلحتك ولا مصلحة بيتكِ .
سابعاً :(/4)
ليس في إخبارك لأحدٍ أنك " مطلَّقة " أو " أنك ستطلَّقين " أي أثر على صحة عقد زواجك ، فاطمئني ولا تقلقي ، ومثل هذه الكلمات قد يترتب عليها أمور أخرى لو قالها الزوج ، أما الزوجة فلا أثر لنطقها بتلك الكلمات على عقد الزواج ، فلا داعي للقلق من هذه الناحية ، وليس هناك حكم يترتب على قولك سوى أن عليك التوبة والاستغفار لأنه إخبار بغير الحقيقة .
ثامناً :
أنتِ لم تفسدي حياتك بل أصلحتيها بإسلامك أولاً ، وبتوبتك من تلك المعاصي ثانياً ، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم ، وأنه يقبل التوبة من عباده ، وأنه يبدل سيئات الصادقين في توبتهم حسنات ، وأنه تعالى قد يوفقك لصدقك في التوبة لأن تكوني أفضل حالاً وأقوى استقامة بعد ذلك الرجوع الصادق إليه عز وجل ، فلا يتطرق اليأس والقنوط إلى قلبك ، فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطَّاء ، وخير الخطائين التوَّابون ) وأنتِ من بنات آدم ، وقد أخطأتِ ، فكوني من خير الخطائين وهم التوابون ، ونرجو من الله تعالى أن يكون قد وفقك للتوبة النصوح ، وأن يتقبل منك .
واعلمي أن الله تعالى سيبدل سيئاتك حسنات لو أنك فعلتِ هذا ، واسمعي ماذا يقول ربنا عز وجل في هذا ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68– 70 .
والخلاصة :
استمري على توبتك ، وأغلقي أبواب الفتنة عليك ، واحرصي على الطاعة والصحبة الصالحة ، ولا تخبري زوجك بما حصل معك ، وثقي بالله تعالى أنه سيستر عليك لو أنك صدقتِ في توبتك .(/5)
ونرجو أن نكون قد أجبنا على تساؤلاتك ، وستجدين هذا الموقع نصيراً لك ، ودالاًّ لك على الخير ، إن شاء الله تعالى ، ونرجو أن نسمع عن تغير حالك إلى ما هو أحسن ، وأن نرى زوجك أعلن زواجك أمام أهله ، ونسأل الله تعالى أن يرزقك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وذرية طيبة .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 72203
ظاهر من امرأته ، وحلف أن لا يجامعها حتى يرضى:
حدث خلاف مع زوجتي وحلفت أن لا أجامعها إلا بعد أن أرضى وقلت إنها مثل أختي حتى أرضى ولم تكن عندي أي نية للطلاق أو غيره ولكن للتهديد ولكي تشعر بخطئها . وبعد أن هدأت الأنفس بعد عدة أيام جامعتها فهل علي أي ذنب ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا حلفت ألا تجامع زوجتك إلا بعد الرضى عنها ، ولم تجامعها فعلا حتى رضيت ، فلا شيء عليك في هذه اليمين لأنك لم تحنث .
ثانيا :
قولك لزوجتك : أنت مثل أختي حتى أرضى ، هو من الظهار الذي حرمه الله تعالى وسماه منكرا وزورا ، وإن كان لفظ " مثل أختي " ليس كلفظ : " ظهر أختي " لكن مع وجود نية الظهار ، أو مع وجود قرينة تدل على الظهار ، فهو ظهار . ومن القرينة : أن يقع ذلك حال الخصومة أو الغضب ، كما بين ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/6) . وأما إذا لم تكن نية ولا قرينة فإنه لا يكون ظهارا .
ثالثا :
قولك : " أنت مثل أختى حتى أرضى " ظهار مؤقت إلى حصول الرضى ، وعليه : فإن جامعت زوجتك قبل الرضى لزمتك كفارة الظهار ، وإن جامعتها بعد الرضى فلا شيء عليك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويصح الظهار مؤقتا ، مثل أن يقول : أنت علي كظهر أمي شهرا ، أو حتى ينسلخ شهر رمضان . فإذا مضى الوقت زال الظهار ، وحلّت المرأة بلا كفارة ، ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة . وهذا قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبي ثور ، وأحد قولي الشافعي . . . لحديث سلمة بن صخر ، وقوله : ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أصابها في الشهر ، فأمره بالكفارة . ولم [ينكر] عليه تقييده " انتهى من "المغني" (11/68) باختصار .(/1)
ومثّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للظهار المؤقت بقوله : " وهذا ربما يجري ويحصل من الإنسان أن يغضب من زوجته لإساءة عشرتها فيقول : أنت علي كظهر أمي كل هذا الأسبوع ، أو كل هذا الشهر ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا يصح ظهارا ، وليس معنى قولنا : " إنه يصح " أنه يحِل ، بل المعنى أنه ينعقد . فإذا مضت المدة التي وقّت بها الظهار وجامعها بعد مضي الوقت لا تجب الكفارة ؛ لأن المدة انتهت فزال حكم الظهار . فإن وطئ الزوج زوجته في الوقت الذي وقّت فيه الظهار وجبت عليه الكفارة ، وإن فرغ الوقت ووطئ بعد الفراغ زال الظهار " انتهى من "الشرح الممتع على زاد المستقنع" (5/593) باختصار .
رابعا :
الواجب عليك أن تستغفر الله تعالى وتتوب إليه من إقدامك على هذا المنكر ، قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) المجادلة/2 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72204
حكم قراءة القصص العاطفية ومشاهدة الأفلام الرومانسية:
هوايتي المفضلة هي قراءة القصص الأجنبية العاطفية التي أحيانا يكون بها وصف لبعض المشاهد الجنسية بالتفصيل بين البطل والبطلة. علما بأنني أصلي ومحجبة وأتقي الله كثيرا ولم يكن لي أي علاقة بأي شاب من قبل ولكني فتاة رومانسية وأحب سماع الموسيقى ومشاهدة الأفلام الرومانسية ولكن ما يقلقني هي الروايات .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
قراءة القصص والروايات العاطفية ، يترتب عليها مفاسد كثيرة ، لاسيما إذا كان القارئ أو القارئة في سن الشباب ، ومن هذه المفاسد : تحريك الشهوة ، وتهييج الغريزة ، وإفساح المجال للخيالات والأفكار الرديئة ، وتعلق القلب ببطل القصة أو بطلتها ، وشغل الوقت بما لا ينفع في دين ولا دنيا ، بل بما يضر غالبا ، وقد جاءت الشريعة بسد الأبواب المفضية إلى الحرام ، فأمرت بغض البصر ، ومنعت من الخلوة والخضوع بالقول ونحوه مما يهيج ويثير ويدعو إلى الفاحشة ، ولا شك أن قراءة هذه الروايات هو على الضد من ذلك تماما ، لما يدعو إليه من الرغبة في التعرف على الرجال والتعلق بهم وبصورهم وأشكالهم وأنماط مخاطباتهم مع الفتيات ، إضافة إلى عرض الصور الفاضحة للعشق والهيام واللقاء والحرام ، وما كان كذلك فلا شك في تحريمه .
ثانيا :
سماع الموسيقى محرم ؛ لأدلة كثيرة ، سبق ذكرها في جواب السؤال رقم (5000) ، ورقم (20406) .
ثالثا :(/1)
مشاهدة الأفلام الرومانسية ، يقال فيها ما قيل في قراءة الروايات العاطفية ، بل الأفلام أعظم ضررا ، وأكثر فسادا ، لما تشتمل عليه من تجسيد المعاني في صور وحركات ومواقف ، ولما فيها من رؤية العورات ، ومطالعة الفجور ، مع الموسيقى التي تصاحبها في عموم الأحوال ، وفيها من تهييج الشهوات ، وإثارة الغرائز ، والدعوة للفاحشة ، ما لا يخفى على عاقل . فمن العجب ألا تكوني قلقة بشأن مشاهدة هذه الأفلام .
والحاصل : أن ذلك كله ممنوع ، وأنه باب من أبواب الحرام والإثم ، وفاعله على خطر عظيم ، فقد النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ) رواه البخاري (6243) ومسلم (2657) ، وفي رواية لمسلم : ( كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ) فتأملي هذا الحديث العظيم ، وانظري في أمر الأفلام التي ذكرتِ ، فإن مشاهدتها تتضمن زنا العينين والأذنين والقلب الذي يهوى ويتمنى ، فنسأل الله السلامة والعافية .(/2)
واعلمي أن ترك الحرام واجب على الفور ، وأن الذنب بعد الذنب يظلم القلب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
واعلمي أيضا أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فبادري بالتوبة النصوح ، وأقلعي عن هذه المحرمات ، وانشغلي بما ينفعك في دينك ودنياك ، وأكثري من قراءة القرآن ، ومطالعة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيرة أمهات المؤمنين ، وسير الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، واستمعي للمحاضرات النافعة ، التي تذكرك بالله ، وترغبك في الدار الآخرة ، وتزهدك في الحرام .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72205
ذبيحة الجنب والحائض:
رجل ذبح ذبيحته بنفسه وهو جنب هل عليه إثم ؟ .
الجواب:
الحمد لله
ذبيحة الجنب والحائض حلال ، ولا إثم عليه في ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( وإن كان جنبا جاز أن يسمّي ويذبح ) .
وذلك أن الجنب له التسمية ولا يُمنع منها ؛ لأنه إنما يمنع من القرآن لا من الذكر ، ولهذا تشرع له التسمية عند اغتساله ، وليست الجنابة أعظم من الكفر ، والكافر يسمي ويذبح . وممن رَخص في ذبح الجنب : الحسن والحكم والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا منع من ذلك . وتباح ذبيحة الحائض ؛ لأنها في معنى الجنب " انتهى من "المغني" (11/61) . وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/74) : " نقل ابن المنذر الاتفاق [ على حل ] ذبيحة الجنب ، قال : وإذا دل القرآن على حل إباحة ذبيحة الكتابي مع أنه نجس ، فالذي نفت السنة عنه النجاسة أولى . قال : والحائض كالجنب " انتهى .
واستدل الفقهاء لذلك بما رواه البخاري (5501) عن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ ، فَأَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا فَقَالَ لأَهْلِهِ : لا تَأْكُلُوا حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ ، أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهَا .
(سَلْعٍ) : جبل معروف بالمدينة .
(أَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا) أي : شارفت على الموت .
قال في شرح المنتهى (3/417) : " ففيه إباحة ذبيحة المرأة والأمة والحائض والجنب ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عنها " انتهى .(/1)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72209
تسليم نصرانية تريد الإسلام إلى أهلها:
أسلمت طالبة في مدرستنا ، وأفصحت عن رغبتها في اعتناق الإسلام إلى مدير المدرسة فأسلمها إلى النصارى في القرية خوفا من تحمل مسؤوليتها أمام السلطات ، فما حكم ذلك المدير ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان أهل الطالبة المذكورة ، لو علموا بإسلامها منعوها من الإسلام ، واضطروها للبقاء على الكفر ، وكان تسليمها إليهم يعني احتمال تعرضها للأذى والفتنة ، فلا شك أن ما قام به مدير المدرسة منكر عظيم ، وإثم كبير ، لما قد يترتب على عمله هذا من الضرر لتلك الفتاة المسلمة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) رواه البخاري (2310) ومسلم (2580) .
ومعنى : (لا يُسلمه) : أي لا يلقيه إلى الهلكة ، ولا يتركه عند من يؤذيه ، بل ينصره ويدفع عنه . "فتح الباري" (5/97) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن يُنتقص فيه من عرضه , وينتهك فيه من حرمته , إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه , وينتهك فيه من حرمته , إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ) رواه أحمد (16415) وأبو داود (4884) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (5690) .
وهذا المدير إن كان عاجزا عن نصرتها وتأييدها ، فلا أقل من أن يدعها وشأنها ، دون أن يقع في هذا المنكر العظيم ، نسأل الله العافية .
أما إذا انضم إلى ذلك الإشارة عليها ألا تسلم ، فذلك الكفر الأكبر والخروج من الإسلام .(/1)
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله في "الإعلام بقواطع الإسلام" (ص 31) : " ومن المكفرات أيضا : أن يرضى بالكفر ولو ضمنا ، كأن يسأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة الإسلام فلم يفعل ، أو يقول له : اصبر حتى أفرغ من شغلي أو خطبتي لو كان خطيبا ، وكأن يشير عليه بأن لا يسلم ، وإن لم يكن طالبا للإسلام فيما يظهر " انتهى .
وقال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (10/65) : " والرضى بالكفر كفر ، حتى لو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه كلمة التوحيد فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو على مسلم بأن يرتد فهو كافر " انتهى .
والواجب على كل من علم بحال هذه الفتاة من المسلمين أن يسعى لرفع الظلم عنها وتمكينها من اعتناق الإسلام ، وأداء شعائره ، وإبلاغ السلطات بما يمكن أن يقع عليها من الأذى لصرفها عن الإسلام ، نسأل الله أن يوفقها ويثبتها على الحق ، ويصرف عنها السوء بما شاء ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72210
حكم الاتجار في العملات:
أبحث عن معلومات عن الاستثمار في العملات (FOREX Market) . كما هو الحال هذه الأيام ، فقد أصبح أمرا شائعا كثيرا أن يستثمر الناس في اليورو من أجل الربح . وهناك سمسار يتصل بي دائما كي أستثمر في الدولارات الأمريكية واليورو . فهل تجوز التجارة في العملات ؟.
الجواب:
الحمد لله
الاتجار بالعملات يجوز بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد ، فيجوز بيع اليورو بالدولار بشرط أن يقع الاستلام والتسليم في مجلس العقد ، وأما إذا اتفقت العملة كأن يبيع دولاراً بدولارين فهذا لا يجوز لأنه من ربا الفضل ، فلابد من التساوي والتقابض في مجلس العقد إذا اتحدت العملة ، ودليل ذلك ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "مجموع فتاوى ابن باز" (19/171– 174) :(/1)
" المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة ، لكن بشرط التقابض يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة ، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس ، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد ، فيقبض منه ويُقبضه في المجلس ، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد فلا بأس ، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز ، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز ، لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية ، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة ، أما إذا كانت من نوع واحد فلا بد من شرطين : التماثل والتقابض في المجلس ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ . . . ثم ذكر الحديث ) .
والعُمَل حكمها حكم ما ذكر ، إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس ، وإذا كانت نوعاً واحداً مثل دولارات بدولارات ، أو دنانير بدنانير فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل ، والله ولي التوفيق " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72212
مصابة بمرض نفسي ، فكيف تصوم وتصلي ؟:
ابنتي مصابه بمرض نفسي مزمن (وهو الاضطراب الوجداني) وفى رمضان الماضي لم تصم رمضان لأنها قد انتكست وصار وعيها ليس معها صرت أعانى منها أشهرا طويلة فماذا أفعل ؟
السؤال الثاني : البنت إذا نامت لا أستطيع إيقاظها لأي صلاة حتى تصحو هي للمشقة التي أعانى منها هل على الأم إثم ؟
والبنت عمرها 23 سنة ولها في المرض 4 سنوات تعاني وهي تصيبها انتكاسة مرتين في السنة ، دعواتكم لها بالشفاء .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفي ابنتك ويعافيها ويصلح حالها .
ثانيا :
إذا كان هذا المرض شديدا بحيث أفقدها وعيها خلال شهر رمضان ، فإنه لا يلزمها قضاء ولا كفارة ؛ لأنها لم تكن مكلفة بالصوم حينئذ .
وأما إذا كان المرض مجرد اكتئاب فقط ، ووعيها معها ، فلها حالتان :
الأولى : أن يكون مرضها يرجى شفاؤه حسب تقرير الأطباء ، فالواجب عليها قضاء ما فاتها ، حين يزول عنها المرض .
والثانية : أن يكون مرضها لا يرجى شفاؤه ، فلا يجب عليها الصيام ، وإنما تطعم عن كل يوم مسكينا .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال هل يقضي عنه أبناؤه ؟
فأجاب :
"ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء ، فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه ، فمثله مثل المجنون والمعتوه لا قضاء عليه ، إلا إذا كانت الإغماءة مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر ، فلا بأس بالقضاء احتياطا ، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه ، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/209) .
ثالثا :(/1)
إذا كانت ابنتك لا تستيقظ لأداء الصلاة في وقتها ، ولا تستطيعين إيقاظها ، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى ، ويجب عليها إذا استيقظت أن تقضي ما فاتها من الصلوات ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) رواه مسلم (684) .
وإن كان أداؤها لكل صلاة في وقتها يشق عليها ، فإن لها أن تجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا حسب الأيسر لها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والقصر سببه السفر خاصة ، لا يجوز في غير السفر. وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر ، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل ، وكذلك الجمع للمطر ونحوه ، وللمرض ونحوه ، ولغير ذلك من الأسباب ؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 293 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72214
حكم الصرافة والمتاجرة بالعملة:
ما الحكم في الصرافة للأوراق النقدية ؟ هل الربح الناتج عن بيع عملة نقدية بعملة نقدية أخرى حسب سعر السوق جائز ؟
أيضا ما الحكم إذا قمت على سبيل المثال بتحويل ألف ريال إلى اليورو ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى الدولار ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى ريال ، وأصبح معي ألف وعشرة ريالات اعتمادا على السعر العالمي لصرف العملات ؟.
الجواب:
الحمد لله
الاتجار في العملات على الصفة التي ذكرتها جائز ؛ بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد ، فيجوز بيع الريال باليورو بشرط أن يتم الاستلام والتسليم في مجلس العقد ، ويصح أيضاً تحويل اليورو إلى الدولار بعد ذلك بالشرط السابق ، وبالتالي فالربح الذي ينتج من هذا البيع هو ربح جائز ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/458) :
" يشترط لصرف العملات بعضها ببعض التقابض في مجلس العقد ، ولا يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72222
شراء طيور الزينة من أجل صوتها وألوانها:
هل يجوز شراء طيور الزينة من أجل التمتع بصوتها ، وألوانها ؟.
الجواب:
الحمد لله
" بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز ؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح , ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها , بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها , ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً , وكان لي أخ يقال له : أبو عمير – قال : أحسبه فطيماً - وكان إذا جاء قال : ( يا أبا عُمير ما فعل النُّغير ؟ ) نغر كان يلعب به ) الحديث . والنغر نوع من الطيور , قال الحافظ ابن حجر في شرحه ( فتح الباري ) في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال : وفيه . . جواز لعب الصغير بالطير , وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات , وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه , وقص جناح الطير إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما , وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم , وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها , لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) , وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية , وبعضهم منع من ذلك , قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة , بل هو من البطر والأشر ورقيق العيش , وهو أيضاً سفه ؛ لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران , وتأسف على التخلي في الفضاء , كما في كتاب "الفروع وتصحيحه" للمرداوي (4/9) , و"الإنصاف" (4/275) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/39) .(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72224
هل يجوز له أن يطعم الماشية قمحاً ؟:
شخص يريد إنشاء تربية مواشي لكن سيحتاج إلى القمح في إطعام الحيوانات لكي تدر اللبن وبعض الأشياء الأخرى ، هل يجوز ؟.
الجواب:
الحمد لله
ليس هناك ما يمنع شرعا من إطعام الماشية قمحاً ، والأصل في الأطعمة الإباحة حتى يدل الدليل على المنع ، كما هو مقرر في القواعد الفقهية المعروفة عند أهل العلم .
هذا من حيث الأصل ، أما إن كان هنالك ضرر واقع جراء إطعام المواشي قمحاً كأن يكون الناس بحاجة لهذا القمح من أجل حاجاتهم الأساسية ولا يوجد فائض من القمح لإطعام المواشي فعند ذلك يحرم من أجل الضرر الواقع على الناس ، وتطعم المواشي علفاً آخر غير القمح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72231
هل إلقاء السلام من الشخص الموجود على القادم بدعة:
لاحظت أن بعض المسلمين لا يلقون السلام عند وصولهم ، لذلك خطر لي أن أبادرهم أنا بإلقاء السلام ، وهو خلاف ما يجب أن يكون .
وسؤالي : هل أعد مبتدعا بذلك ( إلقائي السلام على الشخص الذي يصل ولا يلقي السلام ) ، وهل أعد عاصيا ؟
ثانيا : هل ألقي السلام ثانية لشخص وصل للتو إن لم يلق هو السلام .
الجواب:
الحمد لله
السنة أن يسلم الماشي على القاعد ، والراكب على الماشي ، والصغير على الكبير ، والداخل على أهل المكان ، لقوله تعالى : ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ) النور/61 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي , وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ , وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ ) رواه البخاري (6234) ومسلم (2160) ، وفي رواية للبخاري : (والمار على القاعد ) .
ومعلوم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ، وأما الرد فواجب .
وإذا لم يسلّم الداخل ، فسلّم من في البيت ، أو لم يسلّم الماشي ، فسلم القاعد ، فلا حرج في ذلك ، بل يكون قد فعل الخير ، وأتى بسنة السلام ، ووجب الرد على الآخر .
قال النووي رحمه الله : " اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنَّةٌ مستحبّة ليس بواجب ، وهو سنّةٌ على الكفاية ، فإن كان المسلِّم جماعة كفى عنهم تسليمُ واحد منهم ، ولو سلَّموا كلُّهم كان أفضل ... وأما ردّ السلام : فإن كان المسلَّم عليه واحداً تعيَّنَ عليه الردّ ، وإن كانوا جماعةً كان ردّ السلام فرضَ كفايةٍ عليهم ، فإن ردّ واحد منهم سقطَ الحرج عن الباقين ، وإن تركوه كلُّهم أثموا كلُّهم ، وإن ردّوا كلُّهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة ، كذا قاله أصحابنا ، وهو ظاهر حسن " انتهى من "الأذكار" ص (356) .(/1)
ثم قال رحمه الله : " بابٌ في آدابٍ ومسائلَ من السَّلام ، رُوينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على المَاشِي , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكثير ) وفي رواية للبخاري : ( يُسَلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبيرِ , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكَثِير ) .
قال أصحابُنا وغيرُهم من العلماء : هذا المذكور هو السنّة ، فلو خالفوا فسلَّم الماشي على الراكب ، أو الجالس عليهما لم يُكره ، صرّح به الإِمام أبو سعد المتولي وغيره . وعلى مقتضى هذا : لا يُكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل ، والكبير على الصغير " انتهى من "الأذكار" ص (369) .
ونقل الحافظ ابن حجر عن الْمَازِرِيّ قوله : " لَوْ اِبْتَدَأَ الْمَاشِي فَسَلَّمَ عَلَى الرَّاكِب لَمْ يَمْتَنِع لأَنَّهُ مُمْتَثِل لِلأَمْرِ بِإِظْهَارِ السَّلام وَإِفْشَائِهِ ، غَيْر أَنَّ مُرَاعَاة مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيث أَوْلَى ، وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الأَمْر عَلَى سَبِيل الاسْتِحْبَاب ، وَلا يَلْزَم مِنْ تَرْك الْمُسْتَحَبّ الْكَرَاهَة ، بَلْ يَكُون خِلاف الأَوْلَى ، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُور بِالابْتِدَاءِ فَبَدَأَهُ الآخَر كَانَ الْمَأْمُور تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالآخَر فَاعِلا لِلسُّنَّةِ ، إِلا إِنْ بَادَرَ فَيَكُون تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ أَيْضًا " انتهى من "فتح الباري" (11/17) .
وقوله : " إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب " أي لا ينبغي لمن في البيت مثلا أن يبادر بالسلام على الداخل ، بل يمهله حتى يسلّم هو ، فإن ترك السلام سَلَّمَ مَنْ في البيت .(/2)
والحاصل : أن إلقاءك السلام على من يدخل عليك ولا يسلّم ، ليس بدعة ولا معصية ، بل فيه إحياء للسنة ، وإشاعة للألفة والمحبة ، بشرط ألا تتسرع في ذلك ، بل تمهل الداخل حتى يسلم ، فإن لم يفعل ، ألقيت السلام حينئذ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72235
دخول الحمام بالجوال وفي شاشته لفظ الجلالة:
إذا كان لدى المسلم هاتف يظهر على شاشته عبارة : "الله أكبر" بالعربية ، فهل يجوز له دخول الحمام والهاتف معه ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل إلا لحاجة ، كالدراهم التي عليها اسم الله تعالى .
وصرح جماعة منهم بأنه إذا أخفى ما معه فلا حرج حينئذ .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى استحب وضعه ... فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر الله تعالى ، واحترز عليه من السقوط ، أو أدار فص الخاتم إلى باطن كفه فلا بأس . قال أحمد : الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ، ويدخل الخلاء . وقال عكرمة : اقلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه ، وبه قال إسحاق ، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين ، وقال أحمد في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم : أرجو أن لا يكون به بأس " انتهى من المغني (1/109) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله ؟
فأجاب : " يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة ، بل هي مخفية ومستورة " انتهى من "فتاوى الطهارة" ص (109) .
وعلى هذا ؛ فلا حرج من دخول الخلاء بالهاتف المحمول وعلى شاشته عبارة "الله أكبر" على أن يضعه في جيبه , بحيث لا يكون ظاهراً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72241
صُنع دمى من العجين لتدريب المعاقين ثم التخلص منها:
أنا أشتغل بمركز لإعانة المعاقين ذهنياً ، البعض منهم يشتكي من صعوبة في تحريك أصابعه . لذلك ، فمن المقرر تدريبهم على صنع أشكال ( غير ذات الأرواح ) بالصلصال ، ولكنه يصعب عليهم . لذلك عوضناه بالفارينة ( مثل الدقيق ) التي نبلها بالماء لتصبح طيعة في اليد . وبعد اللعب بها ، نتخلص منها . فهل يجوز ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج فيما ذكرت من صناعة الأشكال لغير ذوات الأرواح ، ولو كان ذلك من الفارينة أو الدقيق ، لغرض تدريب المعاقين ذهنيا على تحريك أصابعهم ، لكن الأولى الاستفادة من العجين بعد انتهاء التدريب ، ولو بتجفيفه وإعطائه لحيوان يأكله ، وذلك محافظة على النعمة ، وعدم إضاعتها . فإن تعذرت الاستفادة منه ، فلا حرج في إلقائه والتخلص منه ، وقد أفتى جماعة من أهل العلم بجواز استعمال بعض المطعومات في الشامبو ونحوه مما يغسل به الوجه ، ومعلوم أنه يذهب مع الماء ولا يستفاد منه بشيء آخر .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
إنني أرى في الأسواق نوعا من الشامبو ويدعي أصحاب البقالات أنه بالبيض ، ونوع آخر بالليمون ، فهل يجوز الاغتسال به ؟
فأجابوا :
" يجوز لك أن تغتسل بالشامبو مع الماء ولو كان مخلوطا بليمون أو بيض ، وتغتسل بالصابون والأشنان ونحو ذلك مع الماء ؛ لمساعدته على إزالة الأوساخ " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/108) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72242
أمر النبي صلى الله عليه وسلم هل يفيد الوجوب ؟:
هل كل ما يأمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض ؟ إن كان نعم ، فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث الذي معناه : (ما نهيتكم عنه فانتهوا ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) ؟ وإن كان لا ، فلماذا مثلا إطلاق اللحية فرض وليس سنة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الأوامر الواردة في الشرع على ثلاثة أنواع :
الأول : أن يقترن بالأمر قرائن تدل على أن المراد به الوجوب والفرضية , كقوله تعالى : ) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ َ) البقرة/43 فقد دلت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على أن الأمر بإقامة الصلوات الخمس للوجوب .
الثاني : أن يقترن بالأمر ما يدل على أنه ليس للوجوب , كقول الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ( 1183) : ( صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ , قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً ) .
فقوله : ( لمن شاء ) دليل على أن الأمر في قوله : ( صلوا قبل المغرب ) ليس للوجوب .
الثالث : أن يرد الأمر مجرداً عن القرائن , وهو ما يسميه العلماء بالأمر المطلق , فلم يقترن به ما يدل على أنه للوجوب أو غيره , وحكم هذا الأمر أنه يكون للوجوب .
ولذلك يقول العلماء : " الأمر المجرد عن القرائن يفيد الوجوب " .
وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة .
انظر : "شرح الكوكب المنير" (3/39) .
واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة ، من الكتاب والسنة .
أما أدلة القرآن فمنها :
1. قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .(/1)
فجعل الله جل وعلا أمرَه وأمرَ رسوله مانعاً من الاختيار ، وذلك دليل الوجوب اهـ "المذكرة" للشنقيطي (ص 191) .
2. وقوله عز وجل : ( فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63 .
فتوعد الله تعالى المخالفين لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالفتنة وهي الزيغ ، أو بالعذاب الأليم ، ولا يتوعد بذلك إلا على ترك واجب ، فدل على أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المطلق يقتضي الوجوب اهـ "شرح الورقات" للفوزان (ص 59) . وقال القرطبي (12/322) : بهذه الآية استدل الفقهاء على أن الأمر للوجوب اهـ .
3. ومن الأدلة على ذلك أيضا : قول الله سبحانه وتعالى منكراً على إبليس عدم سجوده بعد أمره بالسجود لآدم : ( مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ) الأعراف/12 . فَقَرَّعَ إبليسَ ووَبَّخَهُ على مخالفة الأمر اهـ "الشنقيطي" (ص 192) بمعناه .
4. وقوله سبحانه : ( أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) طه/93 . وقال عن الملائكة : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ) التحريم/6 . فهو دليل على أن مخالفة الأمر معصية اهـ "الشنقيطي" (ص 192) .
5. وقوله تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ ) المرسلات /48 . وهذا ذمٌّ لهم على ترك امتثال الأمر بالركوع ، وهو دليل الوجوب اهـ "الشنقيطي" (ص 191) .
وأما أدلة السنة على أن الأمر المطلق للوجوب ، فكثيرة :
منها :(/2)
1. قصة بريرة لما عتقت واختارت فسخ النكاح من زوجها وكان عبدا ، وكان زوجها يحبها ، وكان يمشي خلفها في طرق المدينة ودموعه تسيل على خده يترضاها لترجع إليه فلم تفعل ، فشفع له النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال لها : كما رواه أبو داود (2231) يَا بَرِيرَةُ ، اتَّقِي اللَّهَ ، فَإِنَّهُ زَوْجُكِ ، وَأَبُو وَلَدِكِ . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَأْمُرُنِي بِذَلِكَ ؟ قَالَ : لا ، إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ . قَالَتْ : لا حَاجَةَ لِي فِيهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود (1952) . ورواه البخاري (5283) بلفظ آخر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وإنما قالت : (أتأمرني ؟) لما استقر عند المسلمين أن طاعة أمره واجبة اهـ الفتاوى (1/317) .
2. ومن أدلة السنة أيضاً : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ ) رواه البخاري (887) ومسلم (252) .
قال الحافظ في الفتح : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الأَمْر لِلْوُجُوبِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدهمَا : أَنَّهُ نَفَى الأَمْر مَعَ ثُبُوت النَّدْبِيَّة , وَلَوْ كَانَ لِلنَّدْبِ لَمَا جَازَ النَّفْي .
ثَانِيهمَا : أَنَّهُ جَعَلَ الأَمْر مَشَقَّة عَلَيْهِمْ ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّق إِذَا كَانَ الأَمْر لِلْوُجُوبِ , إِذْ النَّدْب لا مَشَقَّة فِيهِ ، لأَنَّهُ جَائِز التَّرْك اهـ .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : وأمر الله ورسوله إذا أطلق كان مقتضاه الوجوب اهـ . الفتاوى (22/29) .
ثانياً :(/3)
لا تعارض بين هذه القاعدة : ( الأصل في الأمر أنه للوجوب ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) إذ غاية ما فيه أنه قيد امتثال الأمر بالاستطاعة ، وهذا من رحمة الشريعة وكمالها ، وليس هذا خاصا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل أمر الله تعالى مقيد بالاستطاعة كذلك ، كما قال سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 ، وقال : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) : هذا من قواعد الإسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم ، ويدخل فيها ما لا يحصى من الأحكام ، كالصلاة بأنواعها ، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها ، أتى بالباقي ، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل ، غسل الممكن ، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة ، فعل الممكن ، وإذا وجد ما يستر بعض عورته ، أو حفظ بعض الفاتحة ، أتى بالممكن ، وأشباه هذا غير منحصرة ، وهي مشهورة في كتب الفقه ، والمقصود التنبيه على أصل ذلك " انتهى باختصار .
وقد قال الله تعالى في الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام ، ومن أعظم فرائضه : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .
وبناء على ما سبق فإن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية وتوفيرها ، يدل على الوجوب والفرضية ، لأن الأصل في الأمر أنه يفيد الوجوب ، ولم توجد قرينة تصرفه عن ذلك ، وانظر تفصيل الكلام على مسألة إعفاء اللحية ، في جواب الأسئلة (1189) ، (8196) ، (48960) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/4)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 72249
حديث : " خير الأسماء ما عبّد وحمّد" لا يصح:
ما صحة حديث "خير الأسماء ما حمّد وعبّد" ؟ .
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث لا يصح ، ولا أصل له .
قال في "كشف الخفاء" (1/468) : " خير الأسماء ما حُمّد وعُبّد : قال النجم : لا يُعرف . .
وروي بلفظ : ( أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد ) قال السيوطي : لم أقف عليه " انتهى بتصرف .
وقال في "المقاصد الحسنة" (ص 87) : " وأما ما يذكر على الألسنة من : ( خير الأسماء ما حمد وما عبد ) فما علمته ) انتهى .
وقال الألباني رحمه الله : " (أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد ) : لا أصل له كما صرح به السيوطي وغيره " انتهى من "السلسلة الضعيفة" (1/595) رقم (411) .
وقد صح في فضل التعبيد لله ، والتسمي بعبد الله وعبد الرحمن : ما روى مسلم (2132) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72252
أسلم وأمه تريد منه الرجوع إلى النصرانية:
أنا طالب من اليونان وأبلغ من العمر 18 عاما . وقد أسلمت منذ أسبوعين . وأنا أصلي بشكل عادي خمس مرات في اليوم ، وأذهب للمسجد وأدرس القرآن . لكني واجهت بعض المشاكل منذ ذاك . صديقتي قبلت بذلك ونحن نخطط على الزواج في المستقبل . وكذلك فقد قبلت أختي بالأمر . لكن أمي هي المشكلة . فقد دب الفتور في علاقتها معي . فهي تريدني أن أعود للنصرانية مرة أخرى وهي لا تقبل بالإسلام على الإطلاق . لقد قالت لي إن النصارى سينظرون إليّ على أني خائن وسيقول المسلمون إني تابع لهم ، لأني ولدت نصرانيا . أنا لم أخبر أبي بأي شيء حتى الآن (فوالداي مطلقان) ، وذلك لأنه لن يقبل بذلك (فهو نصراني أيضا) ولأنه سيتشاجر مع والدتي . أفضل صديق عندي هو مسلم وقد ساعدني كثيرا ، لكن والدتي تظن أنه أجبرني على الإسلام ، وهذا غير صحيح . لقد درست الإسلام وأدركت أنه الدين الصحيح ، وذلك الذي دفعني لاعتناقه . ما هي نصيحتك للتعامل مع أهلي ؟ أنا لا أريد أن أخيب أملهما ، خصوصا والدتي ، لأنها عانت كثيرا بسبب الطلاق . وأشكرك على اهتمامك .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نهنئك ونبارك لك ، على هذه النعمة التي مَنَّ الله بها عليك ، فإنها والله أعظم النعم ، وإنه التوفيق الذي نسأل الله أن يدخلك به الجنة ، ويجمعك به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فهنيئا لك , ثم هنيئا لك ، أقبلت على الله في هذه السن التي أقبل في مثلها الأخيار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كمصعب بن عمير ، وعبد الله بن مسعود ، ومعاذ بن جبل ، وسعد بن معاذ . نهنئك لأن صحيفتك صارت بيضاء نقية ، لم تندس بالذنوب ، فقد محى الإسلام ما كان قبله ، وأنت الآن تستقبل عمرا جديدا ، وحياة سعيدة بإذن الله ، ونسأل الله أن يحفظك ، ويثبت قلبك ، ويهدي والديك وإخوانك وأحبابك .(/1)
ثانيا :
نحمد الله أنك بدأت طريق الهداية بالذهاب إلى المسجد ، ودراسة القرآن ، فإن هذا عنوان الخير ، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري (71) ومسلم (1037) . وعليك أن تبذل الجهد في حفظ القرآن وترتيله وقيام الليل به ، وتعلم أحكامه ، والعمل بما فيه ، فإن الجنة درجات ، وإن صاحب القرآن يقال له في الجنة : اقرأ وارتق ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها .
ثالثا :
إن الموقف الذي بدر من أمك تجاهك ، لا يُستغرب ، فإن معركتك الحقيقية مع الشيطان ، وهو لا يرضى بإسلامك ، ولا يحب لك الخير ، فلا شك أنه سيستعين بأقاربك ، ويوسوس لأهلك ، حتى يستخدمهم سلاحا ضدك ، ويمنعهم من اللحاق بك في موكب الإيمان الحق ، فلا تحزن ، ولا تيأس ، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، ليصرف كيده عنك ، وكن رفيقا رحيما بأمك ، فإنها لو ذاقت طعم الهداية ما وقفت في طريقك ، واستعن بالله تعالى في دعوتها ، ونصحها ، وأكثر من الدعاء لها بالهداية والرحمة ، فلعلك توافق ساعة إجابة ، فتقر عينك بإسلامهم وصلاحهم .
واعلم أنك لست وحدك في هذا الميدان ، فهناك آلاف الناس ممن وفقهم الله لمعرفة الحق ، واختيار الإسلام عن رضا وقناعة ، وكثير منهم لاقى معارضة وصدودا من أهله ، ثم شاء الله بالفتح ، وجاء بالفرج ، فأسلم البيت كله ، بل العائلة كلها ، وكان ذلك في ميزان حسنات الابن الموفق ، نسأل الله أن يجعلك من هؤلاء وأن يسعدك بإسلام أهلك جميعا .
واعلم أن وجود المعارضة من البيت هو اختبار وابتلاء للمسلم ، حتى يظهر صدق إسلامه ، وقوة إيمانه ، كما قال الله تعالى : ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/1- 3 .(/2)
ومن نماذج المؤمنين الصادقين الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، كان برّاً بأمه ، فلما أسلم امتنعت أمه عن الطعام والشراب ، حتى يرجع عن دينه ، فأبى رضي الله عنه ، وثبت على إسلامه ، ولم تجد أمه فائدة من إضرابها فعادت لطعامها وشرابها ، ومما ورد في ذلك قوله رضي الله عنه : ( يا أمّه , تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفسا ما تركت ديني هذا لشيء ، فإن شئت فكلي ، وإن شئت لا تأكلي . فأكلت ) .
انظر : "تفسير ابن كثير" (3/429) .
رابعا :
لقد عالج القرآن هذه المشكلة ، لأنها كثيرة الوقوع ، لا سيما في الجيل الأول الذي فارق الكفر ، واعتنق الإسلام ، ولاقى حربا شديدة من قبل الأهل والعشيرة وأقرب الناس ، قال الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/14- 15
فلا مجال لطاعة الوالدين في الكفر ، بل لا مجال لطاعتهما في المعصية ، ولكن هذا لا يمنع من الإحسان إليهما ، والقيام على شئونهما ، وبذل الغالي والنفيس في سبيل هدايتهما ، وهذا دليل على عظمة الإسلام ، وأنه دين الرحمة والمحبة ، لهذا يدعو أتباعه إلى هداية الناس وإدخالهم في النعمة التي دخلوا فيها .
خامسا :(/3)
من اختار طريق الهداية ، فلا يلتفت إلى كلام الآخرين ، ولا يتعجب من صدوره ، فإنه أمر متوقع ، وإلا فماذا سيقول عنك النصارى ؟ هل سيقولون : إنك اهتديت ، وعرفت الحق ، وآثرته على الأهل والأقارب ؟! الجواب : لا ، لن يقولوا ذلك ، فلا تلتفت لقولهم : خائن أو غير ذلك ، وانظر إليهم بعين الشفقة والحرص على هدايتهم ، وابذل الجهد حتى تتعلم وتصبح داعية تنتشلهم مما هم فيه من الضلال والانحراف .
وأما ظنُّ أمك أن المسلمين سيقولون : إنك تابع ؛ لأنك ولدت نصرانيا ، فهذا ليس صحيحا ، بل سنقول : إنك أخ لنا , اخترت الهداية ، ورجعت للفطرة التي ولدت عليها ، فلقد ولدت على الإسلام والتوحيد ، وعلماء النصارى يعلمون أن المولود يولد على الفطرة ، ولهذا يسارعون إلى تعميد الطفل ، ويعتقدون أنه إذا لم يعمّد سيكون مسلما ! وهذا دليل على أن الأصل هو الإسلام ، وأن الطفل لو ترك على أصله لكان مسلما .
وليس في الإسلام تبعية لأحد إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم , لأنه النبي الرسول الذي أمرنا باتباعه ، وما عدا ذلك فالإسلام يربي أتباعه على الحرية والانعتاق من تسلط الكهنوت والأحبار والرهبان ، ولا يحوج العبد إلى واسطة بينه وبين الله تعالى .
وأخيراً .. لقد قلت في سؤالك : إن صديقتك قبلت بإسلامك , وإنكما تخططان للزواج في المستقبل .
وهنا , لابد أن تعلم أن مِنْ حرص الإسلام على عفة أتباعه وطهارة قلوبهم أنه حرم على الرجال اتخاذ الصديقات , ولا يقر الإسلام علاقة بين رجل وامرأة من هذا القبيل إلا إذا كانت في نطاق الزوجية , فإن كانت صديقتك نصرانية , فعليك بدعوتها إلى الإسلام والحرص على هدايتها ففي ذلك خير كثير لكما إن شاء الله تعالى , فإن أبت فأخبرها أن الإسلام قد حرم هذه العلاقة التي بينكما , وأنك لن تقدم رضا أحد كائناً من كان على رضى الرحمن , فإما أن تتزوجا ( ويجوز للمسلم أن يتزوج نصرانية ) وإما أن تفترقا , إيثاراً لرضى الله سبحانه وتعالى .(/4)
وأهم ما نوصيك به هو الإحسان إلى أمك وأبيك وإخوانك وأقاربك ، والرفق بهم ، وتفهم ما يدور بمشاعرهم ، وسؤال الله الهداية لهم ، واختيار الوسائل الحكيمة لدعوتهم ، ومن ذلك : الكلمة الطيبة ، والهدية ، والزيارة ، ودعوتهم لزيارة المسجد ، وإعطاؤهم الكتيب والشريط النافع .
نسأل الله أن يحفظك ويرعاك ، ويوفقك لكل خير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 72255
كيف يمكن الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح ؟:
كيف يمكن الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح ؟
بعد صلاة الاستخارة والتي قمت بها بعد أن تقدم لي شخص ما ، حلمت أن أخت الخاطب كانت تلبسني جبة خضراء وكانت تقول لي بأن أخاها الخاطب لا يهدي إلا كل ما هو جميل ، فأرجو منكم أن تدلوني على معنى هذه الرؤية حتى أتمكن من الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح .
الجواب:
الحمد لله
هنا عدة أمور ينبغي التفطن لها :
أولاً :
بالنسبة للرؤيا التي رأيتِها ؛ فعليك بسؤال من يحسن ذلك ممن يوثق بدينه وعقيدته ليفسرها لك ، واحذري من الجهلة والمشعوذين .
ثانياً :
يظن كثير من الناس أنه يشترط في نتيجة الاستخارة ؛ أن يتبعها رؤيا منام ، أو راحة ملموسة في الصدر ، أو ما شابه ذلك ، مع أن الأمر ليس كذلك ، فلو لم يحدث شيء من ذلك ، وكان الإنسان قد استخار ، وبذل الأسباب الممكنة في معرفة الأصلح له ؛ من الاستشارة ، والتحري ، وسؤال أهل الخبرة ، ثم أقدم بعد ذلك ، فيرجى أن يكون هذا هو الخير له ، ولو لم ينشرح صدره ابتداء ، بل حتى لو فرض عدم توفيقه في هذا الأمر الذي أقدم عليه بعد الاستخارة ؛ فقد يكون فيه خير له لا يعلمه هو ، ويعلمه ربه عز وجل .
قال ابن الحاج المالكي :
" وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه ، أو يراه غيره له ، وهذا ليس بشيء ، لأن صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاستخارة والاستشارة ، لا بما يرى في المنام " انتهى .
"المدخل" (4/ 37) .
ثالثاً :(/1)
لو فرض أن تعبير الرؤيا كان يدل على خير ، فإن الرؤى الصالحة لا تعدو أن تكون مبشرات ، لكن لا يعتمد عليها ، بل ينبغي التحري والسؤال عن المتقدم للخطبة والتأكد من سلامة دينه وأخلاقه وغيرها مما يهمك التعرف عليه في شأنه ، فإذا تحققت من هذه الأمور ، فتكون الرؤيا الصالحة هي بمثابة التبشير ، والتفاؤل بالخير من هذا الإقدام .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير ، ويبارك لك فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72265
الحكمة من ابتلاء الأنبياء:
نعرف أن المصائب تكون بسبب الذنوب ، وأنها تكفر الذنوب ، لكن ما الحكمة من المصائب التي كانت تصيب الأنبياء ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من أسباب المصائب : الذنوب ، ولكنها ليست السبب الوحيد ، فقد يبتلي الله تعالى بعض عباده الذين لم يذنبوا ، لينالوا أجر الصابرين ، وترتفع بذلك درجاتهم ، كما قد يبتلي الله بعض الأطفال ، وهم لا ذنب لهم . وانظر لمعرفة الحكمة من حصول الابتلاءات جواب السؤال رقم (35914) .
ثانياً :
أشد الناس بلاء الأنبياء
روى الترمذي (2398) عَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ : الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143) .
وقد ذكر الله تعالى في كتابه صوراً من الابتلاء الذي تعرض له الأنبياء :
قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) البقرة/87 .
وقال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ) البقرة/91 .
وقال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) آل عمران/184 .(/1)
وقال تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ) الصف/5 .
وقال تعالى : ( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) التوبة/61 .
وابتلي إبراهيم عليه السلام بمعاداة أبيه وقومه له ، وبالإلقاء في النار .
قال الله تعالى : ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ ) الأنبياء/68-70 .
وابتلي بالأمر بذبح ابنه إسماعيل
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) الصافات/102-107 .
قال ابن القيم في الفوائد ص (42) :
" الطريق طريقٌ تعِب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضْجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذُبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب ... وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وأُخبر نبيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالابتلاء في أول يوم من النبوة :(/2)
قال ورقة بن نوفل : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا , لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ , لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ , وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ) رواه البخاري (4) .
ثالثاً :
وأما الحكمة في ابتلاء الأنبياء ؛ فقد قال ابن القيم في "بدائع الفوائد" (2/452) :
" فإنه سبحانه كما يحمي الأنبياء ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم :
1- ليستوجبوا كمال كرامته .
2- وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم .
3- ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد لهم من النكال العاجل والعقوبة الآجلة فيمحقهم بسبب بغيهم وعداوتهم فيعجل تطهير الأرض منهم .
فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم ، وله الحكمة البالغة ، والنعمة السابغة ، لا إله غيره ، ولا رب سواه " انتهى .
وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/299–301) :
" وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان . . . وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم ، فصورته صورة ابتلاء وامتحان ، وباطنه فيه الرحمة والنعمة ، فكم لله مِن نعمة جسيمة ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان .
فتأمل حال أبينا آدم صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة . . .(/3)
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها حتى أقر الله عينه ، وأغرق أهل الأرض بدعوته ، وجعل العالم بعده من ذريته ، وجعله خامس خمسة وهم أولو العزم الذين هم أفضل الرسل , وأمَر رسولَه ونبيه محمَّداً أن يصبر كصبره ، وأثنى عليه بالشكر فقال : ( إنه كان عبداً شكوراً ) فوصفه بكمال الصبر والشكر .
ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين من بني آدم ، وتأمل ما آلت إليه محنته وصبره وبذله نفسه لله ، وتأمل كيف آل به بذله لله نفسه ونصره دينه إلى أن اتخذه الله خليلاً لنفسه . . . وضاعف الله له النسل وبارك فيه وكثر حتى ملؤوا الدنيا ، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة ، وأخرج منهم محمَّداً صلى الله عليه وسلم وأمَره أن يتبع ملة أبيه إبراهيم . . .
ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته وفتونه من أول ولادته إلى منتهى أمره حتى كلَّمه الله تكليما ، وقرَّبه منه ، وكتب له التوراة بيده ، ورفعه إلى أعلى السموات ، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، فإنه رمى الألواح على الأرض حتى تكسرت ، وأخذ بلحية نبي الله هارون وجرَّه إليه ، ولطم وجه ملك الموت ففقأ عينه ، وخاصم ربه ليلة الإسراء في شأن رسول الله ، وربه يحبه على ذلك كله ، ولا سقط شيء منه من عينه ، ولا سقطت منزلته عنده ، بل هو الوجيه عند الله القريب ، ولولا ما تقدم له من السوابق وتحمل الشدائد والمحن العظام في الله ومقاسات الأمر الشديد بين فرعون وقومه ثم بنى إسرائيل وما آذوه به وما صبر عليهم لله : لم يكن ذلك .(/4)
ثم تأمل حال المسيح صلى الله عليه وسلم وصبره على قومه واحتماله في الله وما تحمله منهم حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم من أعدائه ، وقطَّعهم في الأرض ومزَّقهم كل ممزق وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر . . .
فإذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتأملت سيرتَه مع قومه وصبره في الله ، واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله ، وتلون الأحوال عليه مِن سِلْم وخوف ، وغنى وفقر ، وأمن وإقامة في وطنه وظعن عنه وتركه لله وقتل أحبابه وأوليائه بين يديه ، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى من القول والفعل والسحر والكذب والافتراء عليه والبهتان ، وهو مع ذلك كله صابر على أمر الله يدعو إلى الله فلم يؤذ نبي ما أوذي ، ولم يحتمل في الله ما احتمله ، ولم يعط نبي ما أعطيه ، فرفع الله له ذكره وقرن اسمه باسمه ، وجعله سيد الناس كلهم ، وجعله أقرب الخلق إليه وسيلة ، وأعظمهم عنده جاهاً ، وأسمعهم عنده شفاعة ، وكانت تلك المحن والابتلاء عين كرامته ، وهي مما زاده الله بها شرفا وفضلا ، وساقه بها إلى أعلى المقامات .
وهذا حال ورثته من بعده الأمثل فالأمثل كلٌّ له نصيب من المحنة ، يسوقه الله به إلى كماله بحسب متابعته له " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 72268
دفع الرشوة ليأخذ حقه:
لي أعمال مع بعض الدوائر الحكومية ، وإذا لم يأخذ الموظف رشوة فإنه يعطل أعمالي ، فهل يجوز لي أن أعطيه رشوة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الرشوة من كبائر الذنوب ، لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621) .
و"الراشي" هو معطي الرشوة ، و"المرتشي" هو آخذها .
فإذا استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة حرم عليه دفعها .
ثانياً :
إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ حقه إلا بدفع رشوة فقد نص العلماء رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي ، واستدلوا بما رواه أحمد (10739) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا ، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ ، قَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) صححه الألباني في صحيح الترغيب (844) .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام عليهم ، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم العطية ...الحديث )" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/174) .
وقال أيضا :(/1)
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ لا لِمَنْعِ الْحَقِّ ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا ( يعني : أخذه للرشوة حرام ) . . .
وَمِنْ ذَلِكَ : لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ شَاعِرٍ ; لِئَلا يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ فِي عِرْضِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا وَكَانَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ ظُلْمِهِ . . .
فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ أَوْ لِئَلا يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ وَالْكَذِبَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَظْلُومِ فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا " انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (29/252) .
وقال أيضا : (31/278) :
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : إنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمَهْدِيِّ وَالْمُهْدَى إلَيْهِ . وَهَذِهِ مِنْ الرَّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ) .
فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ : كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا عَلَى الآخِذِ وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ كَمَا ، كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إنِّي لأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ، قَالَ : يَأْبَوْنَ إلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) .(/2)
وَمِثْلُ ذَلِكَ : إعْطَاءُ مَنْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ ، فَإِعْطَاءُه جَائِزٌ لِلْمُعْطِي ، حَرَامٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ .
وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ : مِثْلُ أَنْ يَشْفَعَ لِرَجُلِ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ لِيَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً أَوْ يُوَصِّلَ إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا أَوْ يَسْتَخْدِمُهُ فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ - وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ - أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُرَّاءِ أَوْ النُّسَّاكِ أَوْ غَيْرِهِمْ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ . وَنَحْوَ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكُ مُحَرَّمٍ : فَهَذِهِ أَيْضًا لا يَجُوزُ فِيهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَيَجُوزُ لِلْمهْدِي أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالأَئِمَّةِ الأَكَابِرِ " انتهى بتصرف يسير .
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : " والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل ، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها , وأما من يعطيها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ، وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز " "فتاوى السبكي" (1/204) .
وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص 150) :
" القاعدة السابعة والعشرون : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ، ومهر البغي , وحلوان الكاهن والرشوة , وأجرة النائحة والزامر .
ويستثنى صور : منها : الرشوة للحاكم , ليصل إلى حقه , وفك الأسير ، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه " انتهى .
و"حلوان الكاهن" : ما يأخذه الكاهن مقابل كهانته .
وقال الحموي (حنفي ) في "غمز عيون البصائر" :(/3)
" القاعدة الرابعة عشرة : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، والرشوة ، وأجرة النائحة والزامر , إلا في مسائل :
1- الرشوة لخوفٍ على ماله أو نفسه .
وهذا في جانب الدافع أما في جانب المدفوع له فحرام " انتهى بتصرف .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" :
" وفي "الأشباه" لابن نجيم (حنفي) , ومثله في "المنثور" للزركشي (شافعي) : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه , كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة للحاكم إذا بذلها ليحكم له بغير الحق , إلا في مسائل : في الرشوة لخوفٍ على نفسه أو ماله أو لفك أسير أو لمن يخاف هجوه " انتهى .
وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي : " إذا تعينت الرشوة دون غيرها سبيلاً للوصول إلى الغرض جاز الدفع للضرورة ، ويحرم على الآخذ " انتهى .
والخلاصة : أنه يجوز لك دفع الرشوة ويكون التحريم على الموظف الذي يأخذها ، لكن بشرطين :
1- أن تدفعها لتأخذ حقك أو لتدفع بها الظلم عن نفسك ، أما إذا كنت تدفعها لتأخذ ما لا تستحق فهي حرام ، ومن كبائر الذنوب .
2- ألا يكون هناك وسيلة أخرى لأخذ حقك أو دفع الظلم عنك إلا بهذه الرشوة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72290
أحوال المأموم مع سجود السهو:
ما حكم اتباع الإمام في حالة سجود السهو ؟ وما حكم سجود السهو إذا كنت مأموما ؟ .
الجواب:
الحمد لله
يجب على المأموم أن يتبع إمامه في سجود السهو إذا كان قد أدرك معه جميع الركعات ، أي لم يكن مسبوقا ، وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ , فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا , وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ , وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ) رواه البخاري (722) ومسلم (414) .
أما المسبوق ، وهو من فاتته ركعة فأكثر ، فإنه يتابع إمامه إذا سجد قبل السلام ، ولا يتابعه إذا سجد بعد السلام لتعذر ذلك ؛ إذ المسبوق لا يمكن أن يسلم مع إمامه ، ولكن عليه أن يقضي ما فاته ويسلم ، ثم يسجد للسهو ويسلم .
هذا من حيث الإجمال ، وأما من حيث التفصيل : فيمكن تلخيص أحوال المأموم مع سجود السهو فيما يلي :
1- إذا أدرك المأموم جميع الصلاة مع إمامه ، فسها الإمام وسجد للسهو ، فإنه يلزمه متابعته ، سواء كان السجود قبل السلام أو بعده .
2- إذا كان المأموم مسبوقا ، وسها الإمام في الجزء الذي أدركه المأموم : ففيه تفصيل :
فإن سجد الإمام قبل السلام سجد معه المأموم ثم أتم صلاته ، ثم سجد للسهو مرة أخرى ؛ لأن سجوده الأول مع إمامه كان في غير موضعه ، فإن سجود السهو لا يكون في أثناء الصلاة ، بل يكون في آخر الصلاة , وإنما كان سجوده مع إمامه تبعا لإمامه فقط .
وإن سجد الإمام بعد السلام ، لم يسجد المسبوق معه ، بل يقوم ويتم صلاته ويسلم ، ثم يسجد للسهو ويسلم .
3- إذا كان المأموم مسبوقا ، وسها الإمام في الجزء الذي لم يدركه المأموم ، كما لو سها في الركعة الأولى ، والمأموم دخل في الركعة الثانية :(/1)
فإن سجد الإمام قبل السلام ، تابعه المأموم ، ثم أتم صلاته ، ولا يلزمه السجود مرة أخرى لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه .
وإن سجد الإمام بعد السلام : لم يتابعه المأموم ، ولم يلزمه السجود في نهاية الصلاة أيضا ؛ لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه ، لأن السهو وقع قبل أن يلتحق بإمامه في الصلاة .
وهذه الحالات كلها فيما إذا كان السهو من الإمام ، وأما سهو المأموم نفسه فله أحوال أيضا :
4- إذا سها المأموم في صلاته ، ولم يكن مسبوقا ، أي أدرك جميع الركعات مع إمامه ، كما لو نسي أن يقول : سبحان ربي العظيم في الركوع ، فإنه لا سجود عليه ؛ لأن الإمام يتحمله عنه ، لكن لو فرض أن المأموم سها سهوا تبطل معه إحدى الركعات كما لو ترك قراءة الفاتحة نسيانا ، فهنا لابد أن يقوم إذا سلم الإمام ويأتي بالركعة التي بطلت من أجل السهو ، ثم يتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام .
5- إذا سها المأموم في صلاته ، وكان مسبوقا ، فإنه يسجد للسهو ، سواء كان سهوه في حال كونه مع الإمام ، أو بعد القيام لقضاء ما فاته ؛ لأنه إذا سجد لم يحصل منه مخالفة لإمامه حيث إن الإمام قد انتهى من صلاته .
انظر : "رسالة في أحكام سجود السهو" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72300
طلب العلم على كِبَر:
هل يمكن طلب العلم الشرعي لمن بلغ عمره الخامسة والعشرين ولم يلتزم إلا من حوالي سنتين ونصف ولا يحفظ من القراًًن إلا ثلاثة أجزاء ؟
والمراد تعلمه هو معالي العلم بطريقة منهجية كما بينه مشايخنا الأفاضل كالشيخ ابن العثيمين في كتابه العلم ، وما أريده من تعلمي العلم هو رفع الجهل عن نفسي أولا وأن أعبد الله على علم ، ثم أحاول أن أرفع الجهل عمن حولى .
الجواب:
الحمد لله
اعلم أخي ـ وفقك الله ـ أن أعظم نعمة ينعمها الله على عبده أن يهديه من الضلال ، وينقذه من الغواية ، فإذا شرح الله صدر عبده لتعلم العلم الشرعي وتعليمه ، فقد أبلغ في الفضل وزاد في الإكرام ، فاستوجب ذلك من العبد مزيدا من الشكر لربه، والعمل بمرضاته .. ومن ذلك الاجتهاد في تحصيل العلم الموروث عن سيد الرسل صلى الله عليه وسلم ..
وأما ما ذكرته من بلوغك سن الخامسة والعشرين ؛ فأي شيء في ذلك ؟!
فعليك بالاجتهاد في حفظ كتاب الله ، وما تيسر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتون العلمية النافعة ، ودراسة كتب أهل العلم ، وقراءتها ، وملازمة الشيوخ الربانيين أصحاب الاعتقاد الصحيح والفهم المستقيم ، سائراً في ذلك على المنهجية التي حث عليه العلماء من أمثال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وغيره من أهل العلم والفضل .
وستجد في هذا الموقع ، وفي موقع "المختار الإسلامي" زاوية خاصة متعلقة بالعلم وطلبه ، فعليك بتصفحها ، فستجد فيها بإذن الله إجابات كثيرة عما قد يجول في خاطرك من أسئلة حول هذا الموضوع .
واعلم بأن طريق العلم طريق طويل ، لكنه يسير على من يسره الله عليه ، فشد من عزمك ، واستعن بربك ، ولا يصدنك ما انقضى من عمرك ، فلعل ما بقي خير وأبرك مما مضى بإذن الله .(/1)
واعلم أن كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعلموا العلم إلا والشيب يزين مفارقهم ، وقد مضى من عمرهم أكثر مما مضى من عمرك ، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا سادة العلماء وأئمة الدنيا ، وفيهم أسوة لكل مؤتس ، كما أن أخبار العز بن عبد السلام وابن حزم وغيرهم ممن طلبوا العلم كباراً ليست عنا ببعيدة .. فاستعن بالله ولا تعجز .
سائلين الله لك التوفيق والسداد
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72303
كفن الشهيد:
كيف يكفن الشهيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
السنة في الشهيد أن يدفن بثيابه التي قتل فيها .
انظر : "بدائع الصنائع" (2/368) , "مواهب الجليل" (2/294) , "المجموع" (5/229) , "المغني" (3/471) .
وقد ورد في ذلك عدة أحاديث ، منها :
1- روى أحمد (33144) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص 36) .
2- وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فِي صَدْرِهِ , أَوْ فِي حَلْقِهِ , فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ , قَالَ : وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أبو داود (3133) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وقال الحافظ في "التلخيص" (2/118) : إسناده صحيح على شرط مسلم .
3- وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لما قتل مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ يَتْرُكْ إِلا نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ , وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ , فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الإِذْخِرَ ) رواه البخاري (4047) ومسلم (940) .
وقد اختلف الفقهاء في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء في ثيابهم , هل هو على سبيل الاستحباب والأولوية , أم على سبيل الوجوب ؟ على قولين :
الأول : أنه على سبيل الاستحباب , قال به الشافعية وبعض الحنابلة .
قال النووي في "المجموع" (5/229) : " ثم وليه بالخيار إن شاء كفنه بما عليه , وإن شاء نزعه وكفنه بغيره , وتركه أفضل " انتهى .(/1)
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/471) : " وليس هذا بحتم , لكنه الأولى , وللولي أن ينزع عنه ثيابه ويكفنه بغيرها " انتهى .
واستدلوا على عدم الوجوب بما رواه أحمد (1421) عن الزبير أن أمه صفية ( وهي أخت حمزة ) أتت يوم أحد بثوبين وقالت : هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا , قَالَ : فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ قَتِيلٌ قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِحَمْزَةَ , قَالَ : فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ نُكَفِّنَ حَمْزَةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ لا كَفَنَ لَهُ , فَقُلْنَا : لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ وَلِلأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ , فَقَدَرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ مِنْ الآخَرِ فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي صَارَ لَهُ . وحسنه الألباني في أحكام الجنائز ( ص 62) .
القول الثاني : أن الأمر على سبيل الوجوب , وهو مذهب المالكية والحنابلة واختاره ابن القيم والشوكاني .
قال المرداوي في "الإنصاف" (6/94) : " والصحيح في المذهب أنه يجب دفنه في ثيابه التي قتل فيها " انتهى .
وقال الإمام مالك : " إن أراد وليه أن يزيد على ما عليه وقد حصل له ما يجزئ في الكفن لم يكن له ذلك , ولا يزاد عليه شيء " انتهى من "مواهب الجليل" (2/294) .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/50) :
" والظاهر أن الأمر بدفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب للوجوب " انتهى .
وأجابوا عن حديث حمزة :
بأنه كفن في كفن آخر لأن الكفار كانوا مثلوا به , وبقروا بطنه , واستخرجوا كبده , وأخذوا ثيابه , فلذلك كفن في كفن آخر . قاله ابن القيم في "زاد المعاد" (3/217) .(/2)
قال ابن رشد : " من عراه العدو لا رخصة في ترك تكفينه , بل ذلك لازم , كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء يوم أحد اثنان في ثوب " انتهى . نقلاً من "مواهب الجليل" (2/294) .
مسألة :
هل يزال ما عليه من الحديد والسلاح والفرو والخف والمنطقة والقلنسوة وغيرها ؟
أما الحديد والسلاح فاتفق العلماء على أنه يزال .
قال ابن القاسم في "المدونة" : " وينزع عنه الدرع والسيف وجميع السلاح " انتهى .
"مواهب الجليل" (2/294) .
وقال النووي في "المجموع" (5/229) : " وأجمع العلماء على أن الحديد والجلود ينزع عنه " انتهى .
والظاهر أن المراد بقوله رحمه الله : "والجلود" : السلاح وآلة الحرب ، لأنه قد ذكر الاختلاف في نزع الفرو والخف قبل ذلك بسطر واحد فقط ، فيكون المراد من الجلود هنا : السلاح ، كالجراب الذي يعلق فيه السيف ، أو ما يكون فيه السهام ، وما أشبه ذلك .
وقد استدلوا على ذلك بـ :
1- ما رواه أبو داود (3134) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) وضعفه الحافظ في التلخيص (2/118) ، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
2- ولكن يغني عن هذا الحديث الضعيف ما رواه أحمد (23144) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص 36) .
والحديد والسلاح ليست من الثياب ، فلا تدخل في هذا الحديث .
وانظر : "بدائع الصنائع" (2/368) , "المغني" (3/471) .
وأما الفرو والخف والقلنسوة والمنطقة (الحزام الذي يلبس على الوسط) فقد اختلف العلماء في نزعها على قولين :
الأول : لا يزال , وهو مذهب المالكية .(/3)
قال الحطاب في "مواهب الجليل" (2/294 ) : " قال ابن القاسم : ... ولا ينزع من عليه شيء من ثيابه , ولا فرو , ولا خف , ولا قلنسوة , قال مطرف : ولا خاتمه إلا أن يكون نفيس الفص , ولا منطقة إلا أن يكون لها خطر (أي : تكون ثمينة) " انتهى .
واستدلوا بقول الرَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شهداء أحد : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وهو عام في جميع الثياب .
القول الثاني : أنه يزال , وهو مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة .
واستدلوا بـ :
1- حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) وهو ضعيف كما تقدم .
2- ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ينزع من الشهيد الفرو والخف والقلنسوة .
وضعفه الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/50) .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/368-369) : " وهذا لأن ما يترك يترك ليكون كفناً , والكفن ما يلبس للستر , وهذه الأشياء تلبس إما للتجمل والزينة , أو لدفع البرد , أو لدفع معرة السلاح , ولا حاجة للميت إلى شيء من ذلك , فلم يكن شيء من ذلك كفناً , وبه تبين أن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم ( زملوهم بثيابهم ) الثياب التي يكفن بها وتلبس للستر " انتهى .
وانظر : "المجموع" (5/229) , "المغني" (3/471) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72307
تأتيها وساوس الشيطان إذا رأت ثبات أهل الكفر والباطل وتفانيهم في ذلك:
باختصار أنا اشتكي من القلق على ديني وعقيدتي ، أتمنى أن لا يحاسبني الله على سؤالي ولكني فعلا بحث عن الإجابة الشافية .
حين أرى النصارى واليهود أو حتى الفئات التي ضلت عن العقيدة الإسلامية الصحيحة حين ألحظ عليهم مدى تمسكهم باعتقادهم وتصديقهم به بل والراحة النفسية التي يشعرون بها أو - لا أدري إن كان حقيقيا- أسأل نفسي كيف يعرف المسلم أنه على العقيدة الصحيحة ؟ طالما أن الراحة النفسية موجودة لدى الجميع ، خاصة أنه بعلم النفس وارد أن ما تؤمن به فعليا هو ما يجعلك تطمئن إليه وتثق به ولو كان غير صحيح ؟ وما يحيرني خاصة الفئات الخاطئة التي تفرعت من الإسلام مثل الصوفية والشيعة ؟ أنا فقط بدأت أشعر بهذه الوساوس بعد أن أصبحت والحمد لله أقرب إلى ربي من قبل بعد ترك الأغاني ، وقيام الليل والنوافل والاستغفار.
الجواب:
الحمد لله
فقد أحسنتِ حينما أطلقتِ على هذه الخواطر التي تجول في نفسك بأنها وساوس ، ومعلوم أن الوسوسة من الشيطان ، والشيطان لا يحب من العبد أن يعود لخالقه تائباً نادما مقبلاً على الخير ، بل يحرص أن يصده عن دينه بسائر أنواع الفتن والشهوات ، فإذا أعجزته الحيل لجأ إلى الوسوسة والتشكيك ، ليشعره بالقلق وعدم الطمأنينة ، ولذا تجدين أنك لم تشعري بهذه الوساوس إلا بعد أن تركت بعض المعاصي التي كان يزينها لك ، فلما انتصرت عليه في هذا الميدان ، لجأ إلى أضعف حيله وهي الوسوسة ، وقد شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له أنه ينتابهم بعض الوساوس التي يكرهونها ولا يحبون التكلم بها ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ) رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس ( 5112 ) وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود .(/1)
فحيث عجز عن صدهم عن الخير لجأ إلى الوسوسة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو بغيره ، لا بد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/76 .
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاءه من الوسوسة أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى ، أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود و النصارى يقولون : لا نوسوس . قال : صدقوا ! وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ؟!! .
"مجموع الفتاوى" (22/608) .
لذا فعليك ألا تلتفتي لهذه الوساوس ، ولا تجعليها عائقاً عن مواصلة طريقك في السير إلى الله تعالى .
وأما ما ذكرتِه عن بعض الكفار وأهل البدع من أنهم يكونون في راحة نفسية ، فجميل منك أنك قلت في ثنايا سؤالك : ( لا أدري إن كان حقيقياً ) فإن كثيراً من هذه السعادات زائفة ، تكون في الظاهر بينما يبقى الباطن يشعر بفراغ وضيق قاتل ، لا يزيله إلا صدق العبد مع الله في عبوديته وتحقيق مرضاته .
وهنا ينبغي أن تنتبهي إلى عدة أمور :
الأول : أن مقياس العقيدة الصحيحة لا يعرف بالراحة النفسية أو عدمها ، وإنما تعرف العقيدة بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله على وفق ما التزمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأي أمر أشكل عليك فاعرضيه على كلام الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام صحابته ، فإن وجدت أصحاب رسول الله قائلين به فاعلمي أنه الحق ، وما سواه فهو باطل ، فإن عجزت عن ذلك فاسألي أهل العلم الذين يسيرون في علمهم وطريقتهم على منهج الصحابة والسلف الصالح ؛ فهذا هو المقياس الصحيح الوحيد .(/2)
وأما السعادة والراحة النفسية فهي نتيجة لصدق العبد في تحصيل رضى ربه ، ومتابعة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) النحل/97 .
الثاني : أن الشعور بالضيق والضنك أمر نسبي ، وهو يختلف من شخص لآخر ، وأحيانا يكون الإنسان يعيش في أشد حالات الضيق ولا يشعر بشيء من ذلك لأنه ميت القلب ، ألست ترين الأعمى يكون في أشد أنواع الظلمة ولا يشعر بالظلام ، وما ذلك إلا لأنه لا بصر عنده أصلاً ، فكذلك ميت القلب ، ليس عنده حياة أصلاً ليشعر بألم ضيق الصدر من عدمه ، وقديما قال الشاعر : ما لجرحٍ بميت إيلام
لكن الله عز وجل قال وقوله الحق : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه/124.
والضنك : قد فسر بعدة تفسيرات ، ففي تفسير ابن كثير رحمه الله ما ملخصه :
" أي : ضَنْك فِي الدُّنْيَا ، فَلا طُمَأْنِينَة لَهُ ، وَلا اِنْشِرَاح لِصَدْرِهِ ، بَلْ صَدْره ضَيِّق حَرَج لِضَلالِهِ ، وَإِنْ تَنَعَّمَ ظَاهِره وَلَبِسَ مَا شَاءَ وَأَكَلَ مَا شَاءَ وَسَكَنَ حَيْثُ شَاءَ فَإِنَّ قَلْبه مَا لَمْ يَخْلُص إِلَى الْيَقِين وَالْهُدَى فَهُوَ فِي قَلَق وَحِيرَة وَشَكّ ، فَلا يَزَال فِي رِيبه يَتَرَدَّد فَهَذَا مِنْ ضَنْك الْمَعِيشَة .
وَقَالَ الضَّحَّاك : هُوَ الْعَمَل السَّيِّئ وَالرِّزْق الْخَبِيث .
وعَنْ أَبِي سَعِيد فِي قَوْله : ( مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ : يُضَيِّق عَلَيْهِ قَبْره حَتَّى تَخْتَلِف أَضْلاعه فِيهِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ ( عَذَاب الْقَبْر ) إِسْنَاد جَيِّد " انتهى .(/3)
فلو فرض أن الكافر أو الفاجر عاش في هذه الدنيا في سعادة حتى لو كانت داخلية ، فإنه فاقد للطمأنينة والسكينة التي يتنعم بها المؤمنون الصادقون ، ثم إن ما ينتظره من العذاب في البرزخ وما بعده ضنك وأي ضنك ، نسأل الله أن يعيذنا وإياكِ من عذاب القبر ، وأن يثبتنا وإياكِ على الحق حتى نلقاه .
وختاماً : عليك بالاجتهاد في الطاعات وعمل الصالحات ، والابتعاد عن الوساوس الجالبة للهموم ، وعليك بتعلم العلم النافع ، فإنه يقيك بإذن الله من أنواع الفتن والشبهات .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72313
يعاني من كثرة التثاؤب داخل الصلاة فماذا يصنع ؟:
أنا أعاني من كثرة التثاؤب في الصلاة برغم أنه خارج الصلاة لا يأتيني ، أفيدوني - رعاكم الله - ؟.
الجواب:
الحمد لله
أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين ، وذكر تعالى أن من أعظم صفاتهم أنهم ( فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يسعى لإلهاء المصلي في صلاته ، وقد ابتلى الله المؤمنين بذلك ، ومن طرق إلهاء الشيطان للمصلي إشغاله لفكره ، ووسوسته له في صلاته ، ومنها : تسلطه عليه بالتثاؤب حتى يشغله بها عن صلاته ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التثاؤب من الشيطان ، وأَمرنا أن نرد التثاؤب ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، فإذا غلبنا التثاؤب فقد أَمرنا أن نضع أيدينا على أفواهنا ، وهذه هي نصوص الأحاديث مع بيان شرحها :
1. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ – [وفي رواية : فِي الصَّلاةِ] فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ ) رواه مسلم ( 2995 ) .
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال : " ها " ضحك الشيطان ) رواه البخاري (3115) ومسلم ( 2994 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال ابن بطال : إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة , أي : أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً ، لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه ، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب .(/1)
وقال ابن العربي : قد بينَّا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته , وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى المَلَك لأنه واسطته , قال : والتثاؤب من الامتلاء ، وينشأ عنه التكاسل ، وذلك بواسطة الشيطان , والعطاس من تقليل الغذاء ، وينشأ عنه النشاط ، وذلك بواسطة المَلَك .
وقال النووي : أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه , والمراد : التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك ، وهو التوسع في المأكل .
قوله : " فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع " أي : يأخذ في أسباب رده , وليس المراد به أنه يملك دفعه ، لأن الذي وقع لا يرد حقيقة , وقيل : معنى (إذا تثاءب) أي : إذا أراد أن يتثاءب ... .
قال شيخنا – أي : الحافظ العراقي - في " شرح الترمذي " : أكثر روايات الصحيحين فيها إطلاق التثاؤب , ووقع في الرواية الأخرى تقييده بحالة الصلاة ، فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد , وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته , ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد , ولا يلزم من ذلك أن لا يكره في غير حالة الصلاة .
ويؤيد كراهته مطلقا كونه من الشيطان , وبذلك صرح النووي , قال ابن العربي : ينبغي كظم التثاؤب في كل حالة , وإنما خص الصلاة لأنها أولى الأحوال بدفعه ، لما فيه من الخروج عن اعتدال الهيئة واعوجاج الخلقة ... .
وأما قوله في رواية مسلم : ( فإن الشيطان يدخل ) فيحتمل أن يراد به الدخول حقيقة , وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم لكنه لا يتمكن منه ما دام ذاكراً لله تعالى , والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة .
ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه ؛ لأن من شأن من دخل في شيء أن يكون متمكنا منه .
وأما الأمر بوضع اليد على الفم فيتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب فيغطى بالكف ونحوه ، وما إذا كان منطبقا حفظا له عن الانفتاح بسبب ذلك .(/2)
وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه مما يحصل ذلك المقصود , وإنما تتعين اليد إذا لم يرتد التثاؤب بدونها , ولا فرق في هذا الأمر بين المصلي وغيره , بل يتأكد في حال الصلاة كما تقدم ، ويستثنى ذلك من النهي عن وضع المصلي يده على فمه .
ومما يؤمر به المتثائب إذا كان في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى يذهب عنه لئلا يتغير نظم قراءته " انتهى .
" فتح الباري " ( 10 / 612 ) .
وقال النووي رحمه الله :
" وسواء كان التثاؤب في الصلاة أو خارجها : يستحب وضع اليد على الفم , وإنما يكره للمصلي وضع يده على فمه في الصلاة إذا لم يكن حاجة كالتثاؤب وشبهه " انتهى .
" الأذكار " ( ص 346 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
التثاؤب هو من الشيطان ، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وينبغي للإنسان إذا تثاءب سواء في الصلاة أم خارج الصلاة ينبغي له أن يكظم تثاؤبه ما استطاع ، فإن عجز : فليضع يده على فمه ، سواء في الصلاة أو في خارج الصلاة .
" فتاوى نور على الدرب " .
ومن أراد التخلص من التثاؤب في الصلاة فعليه بالدخول فيها بجد ونشاط وعزيمة قوية ، وليعلم أن الشيطان له عدو فليتخذه عدوا ، وليحاول رده ما استطاع ، فإن غلبه فليضع يده على فيه .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
أنا شاب متدين أبلغ من العمر 22 عاما أعاني من مشكلة أرجو من الله ثم منكم أن تساعدوني على التخلص منها وهي أنني حين أبدأ في الصلاة أبدأ في التثاؤب بغير قصد وهذه الحالة دائما تلازمني حتى عند قراءة آية الكرسي بالذات ولا أعرف سببا لذلك حيث إنني أتثاءب عشر مرات في الصلاة الواحدة أرجو إفادة ؟
فأجاب :
" التثاؤب من الشيطان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وكما يتسلط الشيطان على المصلي بإلقاء الوساوس في قلبه والهواجيس التي لا زمام لها ولا فائدة منها .(/3)
كذلك ربما يتسلط عليه في التثاؤب ، ويتثاءب كثيرا حتى يشغله عن صلاته ، فإذا وجد ذلك فليفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، يكظم ما استطاع ، فإن لم يستطع فليضع يده على فمه حتى لا يجعل للشيطان سبيلا عليه .
وليحرص على أن يقبل على الصلاة بنشاط وهمة وعزيمة صادقة ، وليسأل الله سبحانه وتعالى العافية مما يحدث له في صلاته ، وإذا سأل الله تعالى بصدق وفعل ما يستطيع من محاولة إزالة هذه المظاهر فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186 " انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72318
يرغب في معرفة أسماء الله تعالى وصفاته الواردة في الكتاب والسنة:
أنا - ولله الحمد والمنَّة - أحفظ أسماء الله الحسنى الـ 98 أرجو أن تصدقوا ما تقرؤون ، لأني لم أجد في أذكار الصباح والمساء التي أملك سوى 98 ، كذلك استفسرت من بعض زملائي بالعمل ممن أثق بفقههم فلم أجد عندهم الجواب القاطع ، لذا أرجو منكم التكرم بأن ترسلوا لي أسماء الله الحسنى كاملة ، وأن ترشدوني إلى صفات الله والتي لا تعد إحدى تلك الأسماء حتى أفيد غيري وأزيل هذا الخطأ الشائع .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن معرفة أسماء الله تعالى وصفاته لها أهمية كبرى في حياة المسلم ، فبها يتعرف المسلم على خالقه عز وجل ، وبهذه المعرفة يستطيع تحقيق أنواع التوحيد جميعها .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 4043 ) أهمية معرفة أسماء الله الحسنى فلينظر .
ثانياً :
أسماء الله تعالى ليست محصورة في عدد معيَّن ، وقد ورد نصٌّ صحيح فهم منه بعض الناس أن أسماء الله تعالى عددها ( 99 ) اسماً ، وهذا النص هو ما رواه البخاري ( 2736 ) ومسلم ( 2677 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
وقد نقل النووي رحمه الله اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى غير محصورة في هذا العدد ، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 41003 ) الدليل على نفي الحصر بهذا العدد ، مع أقوال أهل العلم في الرد على من فهم أن أسماء الله تعالى محصورة في هذا العدد .
وفي جواب السؤال رقم ( 48964 ) تجد تفصيلاً في معرفة الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله تعالى .
والحديث الوارد عند الترمذي في تعيين هذه التسعة والتسعين اسماً حديث ضعيف .(/1)
وقد ضعَّفه الإمام الترمذي رحمه الله نفسه ، وغيره .
قال الترمذي رحمه الله - عقب روايته للحديث - :
هذا حديث غريب - ( أي : ضعيف كما هو ظاهر كلامه هنا ) - حدثنا به غيرُ واحدٍ عن صفوان بن صالح ، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح ، وهو ثقةٌ عند أهل الحديث ، وقد روي هذا الحديث من غير وجهٍ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نعلمُ في كثيرِ شيءٍ من الروايات له إسنادٌ صحيح ذَكَرَ الأسماءَ إلا في هذا الحديث ، وقد روى " آدم بن أبي إياس " هذا الحديث بإسنادٍ غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم -وذكر فيه الأسماء - وليس له إسنادٌ صحيحٌ .
" سنن الترمذي " ( 5 / 530 – 532 ) .
وقد ضعَّف الحديث - كذلك - الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 4 / 172 ) ، ونقل تضعيفه عن ابنِ حزمٍ والبيهقى وغيرِهما .
وضعَّفه كذلك شيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " ( 22 / 482 ) .
وقد اجتهد كثير من العلماء في استخراج أسماء الله تعالى من الكتاب والسنة ، ومن هؤلاء العلماء : الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وذلك في كتابه " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " ، وقد ذكر في هذا الكتاب تعداد أسماء الله تعالى من الكتاب والسنة بحسب اجتهاده – رحمه الله – وتجد هذه الأسماء في كتابه تحت هذا الرابط :
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16821.shtml
ثالثاً :
وأما صفاته تعالى فهي أكثر من أن تحصر هنا – أيضاً – وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 39803 ) تفصيلٌ مفيدٌ في هذا الموضوع ، فلينظر .
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه السابق قواعد نافعة في صفات الله تعالى ، وتجدها تحت هذا الرابط :
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16822.shtml(/2)
أما من حيث الاجتهاد في حصرها بحسب الوارد في الكتاب والسنة : فقد اجتهد بعض العلماء والمحققين في حصر ما ورد في الكتاب والسنة من هذه الصفات ، ومن أحسن ما كتب في هذا : كتاب الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة " ، ويمكن لكم تصفح الكتاب من موقعه تحت هذا الرابط :
http://dorar.net/book_view.asp?book_id=2939
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72338
حكم جريمة الاغتصاب ؟:
ما حكم جريمة الاغتصاب شرعاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الاغتصاب هو أخذ الشيء ظلماً وقهراً ، وأصبح الآن مصطلحاً خاصا بالاعتداء على أعراض النساء قهراً .
وهي جريمة قبيحة محرمة في كافة الشرائع ، وعند جميع العقلاء وأصحاب الفطَر السوية ، وجميع النظم والقوانين الأرضية تقبح هذه الفعلة وتوقع عليها أشد العقوبات ، باستثناء بعض الدول التي ترفع العقوبة عن المغتصب إذا تزوج من ضحيته ! وهو يدل على انتكاس الفطرة واختلال العقل فضلاً عن قلة الدين أو انعدامه عند هؤلاء الذي ضادوا الله تعالى في التشريع ، ولا ندري أي مودة ورحمة ستكون بين الجلاد وضحيته ، وخاصة أن ألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ولا يمحوه الزمن - كما يقال - ولذا حاولتْ كثيرات من المغتَصبات الانتحار وحصل من عدد كثير منهن ما أردن ، وقد ثبت فشل هذه الزيجات ، ولم يصاحبها إلا الذل والهوان للمرأة .
وحري بهذا الشرع المطهَّر أن يكون له موقف واضح بيِّن من تحريم هذه الفعلة الشنيعة ، وإيقاع العقوبة الرادعة على مرتكبها .
وقد أغلق الإسلام الأبواب التي يدخل من خلالها المجرم لفعل جريمته ، وقد أظهرت دراسات غربية أن أكثر هؤلاء المغتصبين يكونون من أصحاب الجرائم ، ويفعلون فعلتهم تحت تأثير الخمور والمخدرات ، وأنهم يستغلون مشي ضحيتهم وحدها في أماكن منعزلة ، أو بقاءها في بيتها وحدها ، وكذلك بينت هذه الدراسات أن ما يشاهده المجرمون في وسائل الإعلام ، وما تخرج به المرأة من ألبسة شبه عارية ، كل ذلك يؤدي إلى وقوع هذه الجريمة النكراء .(/1)
وقد جاءت تشريعات الإسلام لتحفظ عرض المرأة وحياءها ، وتنهاها عن اللبس غير المحتشم ، وتنهاها عن السفر من غير محرم ، وتنهاها عن مصافحة الرجال الأجانب عنها ، ، وحث الشرع على المبادرة بزواج الشباب وتزويج الفتيات كل ذلك – وغيره كثير – يغلق الباب على المجرمين من افتراس ضحاياهم ، ولذلك لا نعجب إذا سمعنا أو قرأنا أن أكثر هذه الجرائم إنما تحدث في المجتمعات المنحلة ، والتي يريد أهلها من المسلمات أن يكنَّ مثلهن في التحضُّر والرقي ! ففي أمريكا – مثلاً – ذكرت منظمة العفو الدولية في تقرير لها بعنوان " أوقفوا العنف ضد المرأة " لعام 2004 أنه في كل 90 ثانية تُغتصب امرأة هناك ! فأي حياة يعيشها هؤلاء ؟! وأي رقي وحضارة يسعون لإدخال المسلمات فيها ؟!
ثانياً :
وأما عقوبة الاغتصاب في الشرع : فعلى المغتصب حد الزنا ، وهو الرجم إن كان محصناً ، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن .
ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة .
قال الإمام مالك رحمه الله :
" الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيبا : أنها إن كانت حرة : فعليه صداق مثلها , وإن كانت أمَة : فعليه ما نقص من ثمنها ، والعقوبة في ذلك على المغتصب ، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله " انتهى .
" الموطأ " ( 2 / 734 ) .
قال الشيخ سليمان الباجي رحمه الله :
" المستكرَهة ؛ إن كانت حرة : فلها صداق مثلها على من استكرهها ، وعليه الحد ، وبهذا قال الشافعي ، وهو مذهب الليث ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقال أبو حنيفة والثوري : عليه الحد دون الصداق .
والدليل على ما نقوله : أن الحد والصداق حقان : أحدهما لله ، والثاني للمخلوق ، فجاز أن يجتمعا كالقطع في السرقة وردها " انتهى .
" المنتقى شرح الموطأ " ( 5 / 268 ، 269 ) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :(/2)
" وقد أجمع العلماء على أن على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن شهدت البينة عليه بما يوجب الحد ، أو أقر بذلك ، فإن لم يكن : فعليه العقوبة (يعني : إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه ، وعدم وجود أربعة شهود ، فإن الحاكم يعاقبه وعزره العقوبة التي تردعه وأمثاله) ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها وغلبها على نفسها ، وذلك يعلم بصراخها ، واستغاثتها ، وصياحها " انتهى .
" الاستذكار " ( 7 / 146 )
ثالثاً :
وكون المغتصب عليه حد الزنا ، هذا ما لم يكن اغتصابه بتهديد السلاح ، فإن كان بتهديد السلاح فإنه يكون محارباً ، وينطبق عليه الحد المذكور في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
فيختار الحاكم من هذه العقوبات الأربعة المذكورة في الآية الكريمة ما يراه مناسباً ، ومحققاً للمصلحة وهي شيوع الأمن والأمان في المجتمع ، ورد المعتدين المفسدين .
وانظر السؤال رقم (41682) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72349
هل يشترط في السنة القبلية دخول وقت فريضتها ؟:
هل سنة الفجر تصلى بعد دخول وقت صلاة الصبح أم بعد الأذان - الذي هو قبل وقت الصلاة - ؟.
الجواب:
الحمد لله
السنَّة القبلية للصلاة لا يدخل وقتها إلا بدخول وقت الصلاة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/544) :
" كل سنة قبل الصلاة , فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة , وكل سنة بعدها , فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها " انتهى .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
دخلت المسجد في صلاة الصبح وصليت ركعتين ، وعند قيامي للركعة الثانية : قام المؤذن يؤذن للصلاة ، وقد نويت في صلاتي تلك أنها سنة الصبح ، حيث قمت من منزلي وهو يؤذن في بعض المساجد ، وعندما فرغت من صلاتي جلست أقرأ القرآن ، فقال لي شخص بجانبي : قم صل سنة الصبح ، فقلت له : إنني صليتها ، فقال : لا يجوز ذلك إلا أن تصلي مرة أخرى حيث المؤذن أذن وأنت تصلي ، أرجو إفادتي عن ذلك ؟
فأجاب :
" إذا كان المؤذن الذي أذن وأنت تصلي سنة الفجر قد أخَّر الأذان وصادف فعلك لها بعد طلوع الفجر : فقد أديت السنَّة ويكفي ذلك ولا حاجة أن تعيدها ، أما إذا كنت تشك في ذلك ولا تعلم هل المؤذن الذي أذن وأنت في الصلاة هل أذانه بعد الصبح أو عند طلوع الفجر : فالأحوط لك والأفضل أن تعيد الركعتين ، حتى تكون أديتهما بعد طلوع الفجر يقينا " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 369 ، 370 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل يُشترط للسنَّة الراتبة التي قبل الظهر وقبل الفجر دخول الوقت ؟
فأجاب :
" السنَّة الراتبة القبلية التي تكون قبل الصلاة لا بدَّ أن تكون بعد (دخول) الوقت ، فلو فُرض أن الإنسان صلاها قبل الوقت ظانّاً أن الوقت قد دخل ثم تبيَّن أنه لم يدخل : فليعُدها ، وتكون الأولى نفلاً مطلقاً لا راتبة " انتهى .(/1)
" لقاءات الباب المفتوح " ( السؤال رقم 590 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72364
هل تعطي زوجها توكيلاً بأموالها وهو لا يحسن التصرف في الأموال؟:
سؤالي عن أبي الذي كان يملك مالاً وفيراً ، وكنا نعيش حياة طبيعية ، أما الآن فلا يملك سوى الشقتين اللتين سجلهما باسم أمي ، وهو الآن أصبح عديم المسؤولية - للأسف - ومازال يحلم أو يعتقد أنه يمتلك المال ولا يفكر بالعمل أبداً ، وعمره 55 سنة ، وللأسف رغم اعتراضي لأمي لقد أعطته وكالة بالشقتين رغم أنها تعلم من هو أبي ، وعندما أقول لها لمَ فعلتِ ذلك ؟ تقول : " مالُه وهو حر به ، فماذا أفعل ؟ هل أقف في وجهه بعد أن وقف العالم كله من أهله والناس ضده وتركوه لأنه خسر الأموال ؟ فماذا يقول عني ؟ " معها حق ، لقد كان طيباً ولا يبخل عليها بشيء ولكن تقول " إن لم أفعل يطلقني ، كيف أقف في وجهه وهو من النوع العصبي ، صعب التفاهم معه " ما رأيكم هل أمي على صواب بهذا ؟ وهل عليها العمل وعدم الاعتماد عليه - رغم أنها لا تريد ، وتقول إنه سوف يعتمد عليها - ؟ والآن لقد باع إحداهما ويصرف المال يميناً وشمالاً على الناس وينسى أن له تسعة أبناء ، رغم أنها تذكره بنا لأنه يعيش ببلد ونعيش ببلد ، يتذكر للحظة ثم ينسى الهموم ويعود للأحلام ، بماذا تنصحون قبل أن يبيع الأخرى ونندم ؟ وهي وأبي الآن في شجارات قوية لتصرفاته اللامبالية ، وربما يؤدي للطلاق ، وأريد أن أعرف هل أبي مريض نفسيّاً أم ما حكايته ؟ وما العمل معه ؟ أنا محتارة ، ساعدوني ، فالأسرة تتدمر .
الجواب:
الحمد لله
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وصرفه في غير الوجه النافع .
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله كره لكم ثلاثاً : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال ) رواه البخاري ( 1407 ) ومسلم ( 593 ) .(/1)
وسوء التصرف في المال يعتبره أهل العلم فساداً , كما ترجم الإمام البخاري بابا في ذلك فقال : " باب ما يُنهى عن إضاعة المال , وقول الله تبارك وتعالى : ( والله لا يحب الفساد ) .
" فتح الباري " ( 5 / 68 ) .
وقد يكون الإنسان عاقلاً , ولكنه لا يحسن التصرف في المال , بل يضيعه وينفقه في غير منفعة , وهذا يسميه العلماء ( سفيهاً ) فلا يجوز إعطاؤه المال , بل يمنع من التصرف فيه , لقوله تعالى : ( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ) النساء/5 .
قال القرطبي رحمه الله :
" ودلت الآية على جواز الحجر على السفيه ؛ لأمر الله عز وجل بذلك في قوله : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) وقال : ( فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً ) ، فأثبت الولاية على السفيه كما أثبتها على الضعيف ، وكان معنى الضعيف راجعا إلى الصغير , ومعنى السفيه إلى الكبير البالغ " انتهى .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 30 ) .
وقال ابن حجر رحمه الله :
" قوله تعالى : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ........ ) الآية ، قال الطبري - بعد أن حكى أقوال المفسرين في المراد بالسفهاء - : " الصواب عندنا أنها عامة في حق كل سفيه صغيراً كان أو كبيرا , ذكراً كان أو أنثى ، والسفيه هو الذي يضيع المال ويفسده بسوء تدبيره " انتهى .
وقال - أيضاً - :
" والحَجر في الشرع : المنع من التصرف في المال ، فتارة يقع لمصلحة المحجور عليه ( الإنسان ) ، وتارة المحجور ( المال ) ، والجمهور على جواز الحجر على الكبير "انتهى .
" فتح الباري " ( 5 / 68 ) .
فإذا كان والدك لا يحسن التصرف في المال , بل يضيعه في غير منفعة فيجب الحجر عليه , ولا يجوز تمكينه من المال , وعلى أمك أن تلغي الوكالة التي أعطته إياها , حفاظاً على أموالكم من الضياع , وأنتم محتاجون إليها .(/2)
وعليكم بنصيحته وإعادته إلى رشده بالتذكرة والكلمة الطيبة والوعظ الذي يجعله يندم على ما فرط فيه من مال ، ويحافظ على ما بقي لديه منه .
وتذكيره بالأحاديث التي تزجره عن إضاعة المال , وتذكيره بأن الله حمَّله أمانة رعايتكم ، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ) رواه أبو داود ( 1692 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1965 ) .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي رحمه الله :
" قال الخطابي : يريد من يلزمه قوته ، والمعنى : كأنه قال للمتصدق : لا يتصدق بما لا فضل فيه عن قوت أهله يطلب به الأجر , فينقلب ذلك الأجر إثما إذا أنت ضيعتهم " انتهى .
" عون المعبود " ( 5 / 76 ) .
فإذا كان هذا في حق المتصدق فكيف بغيره ممن يضيع المال في غير منفعة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72366
يريد أسماء كتب متخصصة في حل مشكلات المجتمع:
أريد التخصص في حل مشاكل المجتمع - من الكتاب والسنة طبعاً - فما هي الكتب التي يجب دراستها ؟.
الجواب:
الحمد لله
مشكلات المجتمع كثيرة ، فمنها ما يتعلق بالأزواج ، وبالزوجات ، وبالشباب ، وبالبنات ، وبالمرأة ، وبالأسرة عموماً .
وقد أحسن الأخ السائل في سؤاله عن الكتب المتخصصة في حل هذه المشكلات وفق الكتاب والسنَّة ؛ لأنه لا خير في حلٍّ لا يستند إلى وحي الله تعالى الذي خلق الناس ويعلم ما يصلح لهم فدلَّهم عليه ، وحذَّرهم مما يضرهم .
ومن هذه الكتب التي تعتني بحل المشكلات – على تنوعها - :
1. " أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في حل المشكلات الاجتماعية " ، إبراهيم بن مبارك الجوير .
2. " أسرة بلا مشاكل " ، مازن عبد الكريم الفريح .
3. " أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي " ، عبد الله قادري الأهدل .
4. " واجبات المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة " ، الشيخ خالد العك .
5. " من أخطاء الزوجات " ، الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد .
6. " تربية الأبناء والبنات في ضوء الكتاب والسنة " ، الشيخ خالد العك .
7. " التقصير في تربية الأولاد ، المظاهر ، سبل الوقاية ، العلاج " ، الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد .
8. " علاج الهموم " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
9. " مشكلات وحلول " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
10. " أربعون نصيحة لإصلاح البيوت " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
11. " خمسون حالة نفسية " الدكتور محمد الصغير .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72384
سرقة الكهرباء من الدولة بحجة أنها لا تعطي المواطن حقه:
ما حكم سرقة الكهرباء من الدولة ؟ مع العلم أن الدولة لا تعطي حق المواطن في كل شيء .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز سرقة الكهرباء من الدولة ، سواء كان ذلك بالتلاعب بعداد الكهرباء ، أو بالتحايل على عدم دفع الفواتير المستحقة ، أو بأي وسيلة أخرى ؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
وكون الدولة لا تعطي المواطن حقه لا يبيح له سرقة المال العام ، فإن هذه الموارد من كهرباء وغيرها ملك لعامة المسلمين ، فالسرقة منها اعتداء على المال العام ، وليس اعتداء على الحكومة أو مسئوليها فقط .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وقد سبق الجواب عن بعض الشبه التي يحتج بها من يبيح سرقة الكهرباء من الدولة ، انظر جواب السؤال رقم (70274) .(/1)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72397
أمه تسيء إليه بعد زواجه:
منذ سنة تزوجت من جارتي ويعلم الله أن البنت التي تزوجتها قمة في الأخلاق والأدب والاحترام ولقد سكنت مع أهلي في نفس الشقة وعدد أفراد أسرتي 5 شباب وبنت عمرها 17 سنة ، ومنذ أن تزوجت وحال أمي تغير تغيراً كاملاً ، إذ بها تنهال علي بالشتائم ، وتكيل لي السب أمام زوجتي ، وأمام إخوتي ، علماً بأنني الأكبر في إخوتي ، وتهينني لأتفه الأمور ، إذا حاولت أن أتحدث مع إخوتي تأتي وتقلب علي أي شيء أمامي ، وتسبني وتطردني من البيت عدة مرات ، لا أدري لماذا هذا التغير الذي حصل من أمي العزيزة ! رغم أنني لا أبخل عليهم بأي شيء ، ولست من النوعية التي تفضل زوجته على أهله ، ولكن أمي تتعامل معي بحساسية زائدة . أرجو أن توضحوا لي الأمور لأنني غير قادر على السكن بالإيجار ، لأن المرتب بالكاد يكفيني . أرجو أن تفيدوني أفادكم الله .
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يوفقك لبر والدتك والإحسان إليها ، وأن يصلح حالها ، ويؤلف بينكما على طاعته ومرضاته .
وما تعاني منه قد يكون مرده إلى شعور والدتك بالغيرة ، أو بفقدانك بعد الزواج ، واستيلاء غيرها عليك ، وهذا الشعور يلحق بعض الأمهات بعد زواج أبنائها ، وهو شعور خاطئ ، ينبغي أن تسعى هي للتخلص منه .
وينبغي أن تعينها لتعود إلى سابق حالها ، وذلك بأمور :
1- أن تجتهد في الإحسان إليها ، وإكرامها ، والاهتمام بها ، وإشعارها بأنك لا تزال كما كنت حفيا بها ، حريصا على تلبية رغباتها .
2- تجنب الثناء على زوجتك أو الاهتمام بها أمام والدتك ، مع إعطاء الزوجة حقها من الإحسان والإكرام ، لكن بعيدا عن نظر الأم ، إلى أن تتحسن حالتها ، وتدرك الأمور على طبيعتها .
3- ترغيب الزوجة في التقرب من الأم ، بالكلام والاهتمام والإهداء ونحو ذلك .(/1)
4- الصبر على ما يصدر منها من سب وشتم وطرد ، فإنك مأمور ببرها ، ولا يجوز لك أن تقابل إساءتها بمثلها ، فإن صبرت على ذلك ، فأبشر بالفرج ، فإن العاقبة للصابرين ، وإن النصر مع الصبر ، وإن مع العسر يسرا ، وقد قال الله تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34 . فكلما أساءت إليك بادر أنت بالتلطف والإكرام والإحسان ، فإن ذلك كفيل بأن يذهب ما في نفسها إن شاء الله .
5- الدعاء لها بالتوفيق والهداية والاستقامة وصلاح البال والحال ، فإنها أحق الناس بدعائك وإحسانك ، وإنك مهما قدمت لن تجزيها على معروفها وسابق إحسانها .
6- احرص أن تكون قدوة صالحة لإخوانك ، فيأخذوا عنك الطريقة الحسنة في معالجة هذه المشكلة ، التي قد تحدث لهم بعد زواجهم ، فلتكن مثالا للصبر والإحسان والبر ، واحذر أن يستدرجك الشيطان للتأفف أو التضجر أو الإنكار عليها أو توبيخها فإنك لن تجني من وراء ذلك خيرا ، قال الله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/23 .
7- ينبغي أن تناقش المشكلة مع أحد إخوانك ، فربما خفيت عليك بعض الجوانب ، أو بدر منك ما أغضب والدتك دون أن تشعر ، فمعرفة السبب تسهل عليك طريق المعالجة .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72400
ما صح من الأحاديث في وصف منكر ونكير:
ماذا عن سؤال الملكين منكر ونكير في القبر وماذا عن شكلهما ، وهل الحديث الخاص بهما للنبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيح ، وأن شكلهما يجران أشعارهما وأعينهم كالبرق وأصواتهم كالرعد ويضربان القبر بأنيابهما ، ويقولان : من ربك ؟ وما دينك : وما النبي الذي بعث فيكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
صح في صفة الملكين المُوكّلين بسؤال الميت ، أنهما أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر : النكير .
فقد روى الترمذي (1071) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ ، فَيَقُولَانِ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ : هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَيَقُولانِ : قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ، ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : نَمْ ، فَيَقُولُ : أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ ، فَيَقُولَانِ : نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ .(/1)
وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ : سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي . فَيَقُولَانِ : قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ : الْتَئِمِي عَلَيْهِ ، فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ ، فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وأما حديث عمر رضي الله عنه الذي أشرت إليه ، فقد رُوي من طرق ضعيفة ، منها ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (6738) مرسلا عن عمرو بن دينار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ( كيف بك يا عمر بفتاني القبر إذا أتياك يحفران الأرض بأنيابهما ، ويطآن في أشعارهما ، أعينهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، معهما مزربة لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها . قال عمر : وأنا على ما أنا عليه اليوم ؟ قال : وأنت على ما أنت عليه اليوم . قال : إذاً أكفيكهما إن شاء الله ) .
قال العراقي في تخريج الإحياء (4/223) : " أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور هكذا مرسلا ورجاله ثقات . قال البيهقي في الاعتقاد : رويناه من وجه صحيح عن عطاء بن يسار مرسلا .
قلت : ووصله ابن بطة في الإبانة من حديث ابن عباس ، ورواه البيهقي في الاعتقاد من حديث عمر وقال غريب بهذا الإسناد تفرد به مفضل ، ولأحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن عمر فقال عمر : أترد إلينا عقولنا ؟ فقال " نعم كهيئتكم اليوم " فقال عمر : بفيه الحجر " انتهى .
وقال الأستاذ فريح بن صالح البهلال ، في تحقيق "الاعتقاد" للبيهقي ، (ص 254) بعد أن أشار إلى الطرق الضعيفة : " ولعله بهذه الطرق والشواهد يكون إسناده حسنا " انتهى .
ثانيا :
الأسئلة التي يوجهها الملكان للميت في قبره هي : من ربك ؟ وما دينك ؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟
وانظر السؤال رقم (10403) ، ورقم (22203) .
والله أعلم .(/2)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72404
العمل في شركة تبيع الذهب بالدين:
أعمل في شركة كبيرة لصياغة وتجارة الذهب وطبيعة عملي كمندوب مبيعات ، لكن هذه الشركة تقوم ببيع الذهب بالدَّيْن ، ولكن تثبيت سعر الذهب عند الدفع (سعر السوق عند الدفع) أي أن الزبون الذي يأخذ 1كيلو من الذهب يكون مدينا بكيلو بالإضافة للأجور ، وعندما يدفع إما أن يدفع كيلو ذهب سبائك بالإضافة للأجور أو نقدا سعر الكيلو وقت الدفع + الأجور ، كما أننا نبيع الذهب المصاغ وهو يحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب ، علما أنه ظاهر للعيان ويعرف الزبون بهذا الأمر , فما حكم البيع وما حكم عملي في هذه الشركة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك ، وأن يجزيك خيرا على سؤالك وتحريك للرزق الحلال .
ثانيا :
اشتمل سؤالك على أربع مسائل :
المسألة الأولى :
بيع الذهب مؤجلا أو بالدين ، وصورتها كما ذكرت ، أن يأخذ الزبون الذهب ، ثم يدفع بعد ذلك ذهبا مثله ، أو نقودا ، أو ذهبا ونقودا ، وكل ذلك لا يجوز ؛ لأن من شرط بيع الذهب بالذهب أو بالنقود أن يكون يدا بيد ، ولا يجوز تأخير شيء من البدلين عن مجلس العقد ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ ، مِثْلا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
فبيع الذهب بالذهب : لا بد فيه من شرطين : التساوي في المقدار ، والتقابض في مجلس العقد .(/1)
وبيع الذهب بالفضة أو بما يقوم مقامها كالنقود ، لا بد فيه من شرط وهو التقابض في مجلس العقد ، وأما تأخير السداد عن المجلس فربا نسيئة محرم ، وقد يكون ربا فضل أيضا إذا كان سيدفع ذهبا أكثر ، أو ذهبا مساويا مع نقود زائدة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر ، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة ، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين فهل هذا جائز أو لا ؟
فأجابوا : " إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز ، بل هو حرام ؛ لما فيه من ربا النسأ . وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/466) .
وانظر السؤال رقم (22869) ، ورقم (65919) لمزيد الفائدة .
المسألة الثانية :
وأما بيع الذهب بذهب مع دفع أجرة للتصنيع فهذا حرام ، والواجب في بيع الذهب بالذهب التقابض في مجلس العقد ، والتماثل في الوزن ، بقطع النظر عن صناعة كل صنف .
وانظر جواب السؤال (74994) .
المسألة الثالثة :
بيع الذهب المحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب : وهذا فيه تفصيل :
فإن كان يباع بفضة أو بنقود ورقية ، فلا حرج في ذلك ، ما دام أنه ظاهر للعيان والمشتري يعلم ذلك ، كما ذكرت .
وإن كان يباع بذهب ، فلابد من فصل الفصوص حتى يعلم قدر الذهب الذي فيه ، ويتحقق من مساواة الذهب للذهب .
وانظر جواب السؤال رقم (36762)
المسألة الرابعة :
حكم العمل في هذه الشركة : وهو مبني على ما سبق ، فحيث كانت الشركة تتعامل بالربا ولا تتقيد بأحكام الشرع ، فلا يجوز العمل فيها ، لما في ذلك من ارتكاب الحرام أو الإعانة عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع ؟(/2)
فأجاب : " العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة ، محرم لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، ولقوله : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140 .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه ، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص 392) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72413
ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك ؟:
من ربح جائزة من بنك وكان حسابه " توفير " وبدون فائدة والجائزة هي سيارة , هل حلال أم حرام ؟ وماذا يفعل من ربح وكيف يتصرف بهذه السيارة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا كان البنك ربويا ، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة ، كأن يخاف على ماله ، ولا يوجد بنك إسلامي ، أو محل لحفظ النقود في بلده ، فيجوز الإيداع حينئذ بلا فوائد .
جاء في قرار مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة سنة 1406 هـ ما يلي : " يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج ؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي ، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب ، ويستغني بالحلال عن الحرام " انتهى . نقلا عن "حكم ودائع البنوك" للدكتور علي السالوس ص (136) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/346) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية ، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع ، بسرقة أو غصب أو نحوهما ، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا ، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها ؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين " انتهى .
ثانيا :(/1)
تلجأ بعض البنوك والمؤسسات الربوية إلى الحيلة ، ليروج أمرها على الناس ، فلا تعلن عن فوائد ربوية ، وإنما تضع جوائز ، يتم السحب عليها أو تُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر ، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى بشهادات الادخار أو الاستثمار ، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالا ، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله ، وإنما هي فوائد الربا ، يوزعها بهذه الطريقة ، بدلا من توزيعها على جميع العملاء ، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر .
قال الدكتور علي السالوس في كتابه : "معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام" ص (38) : " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة ، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن ، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد ، فجاء إلى مجموع الربا ، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين ، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة ! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات ، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا . فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيبَ مجموعةٍ كبيرة غيره ، والثاني ذهب نصيبه لغيره ، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون ، يخرج هذا فرحا بما أصاب ، ويحزن ذلك لما فاته ، وهكذا في انتظار مرة تالية ، أليس هذا هو القمار ؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا ! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين ، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها ؟ " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : بعض البنوك التجارية تقوم بوضع جوائز مثل : سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله ، وتعمل قرعة بين زبائن البنك ، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن . فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية ؟(/2)
فأجابوا : " إذا كان الأمر كما ذكر ، فإن هذه الجوائز غير جائزة ؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية ، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/196) .
ثالثا :
إذا تقرر أن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين الفائدة الربوية ، فإن من أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر ، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة ، قال تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين ، ومن ذلك : إنشاء الطرق , وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء ..." انتهى .
رابعاً :
الأموال التي تودع في البنوك , ويسمونها "ودائع" أو "حساب جاري" أو غير ذلك من الأسماء , هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك , وإذا كان الأمر كذلك , فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض , فقد أجمع العلماء على أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436) :
" وكل قرض شرط فيه أن يزيده , فهو حرام , بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك , أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن مسعود , أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72441
هل يصلي خلف من يجهل عقيدته وفي الولاية متصوفة وشيعة ؟:
أنا لا أصلي الجمعة مع الجماعة حيث إنني مبتعث لدولة أجنبية المسلمون في هذه الولاية قلة وفيهم الشيعة والمتصوفون , وأنا لا أعلم عن حال الإمام إن كان مسلما سنيا أو لا , فما حكم تركي للصلاة معهم ؟ مع العلم بأن المسجد بعيد ولا أسمع الأذان .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
صلاة الجماعة واجبة على من سمع الأذان ، فإذا كان بيتك بعيداً عن المسجد بحيث لا تسمع الأذان إذا رفع المؤذن صوته من غير مكبر للصوت ، مع سكون الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع فلا يجب عليك حضور صلاة الجماعة في المسجد .
وقد سبق بيان هذا في السؤال رقم (21969) ، والسؤال رقم (20655) .
وأما صلاة الجمعة فقد أجمع العلماء على أنها واجبة على كل من كان في المدينة من الرجال ، سواء سمع النداء أو لا ، ومهما تباعدت أطراف المدينة .
وانظر بيان هذا في جواب السؤال : ( 39054 ) .
ثانياً :
ما دام الإمام مسلما في الظاهر ، فلا يجوز ترك الجمعة والجماعة خلفه لاحتمال كونه شيعيا أو صوفيا ، إلا أن تمكن إقامة الجمعة والجماعة – من غير فتنة - خلف غيره ممن هو معروف بالاستقامة وصحة المنهج ، فالصلاة خلف هذا أولى وأفضل .
والأصل إحسان الظن بالمسلم ، وعدم القدح في دينه ومنهجه بغير قادح معلوم ، كما أن القول الراجح صحة الصلاة خلف كل من حكمنا بإسلامه ، ما لم يقع في أمور مكفرة ، كاعتقاد تحريف القرآن الكريم ، أو تكفير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو دعاء الأموات والاستغاثة بهم ، فهذا لا يصلى خلفه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الصلاة خلف المرازقة وعن بدعتهم ؟(/1)
فأجاب : " يجوز للرجل أن يصلى الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين ، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ، ولا أن يمتحنه فيقول : ماذا تعتقد ؟ بل يصلى خلف مستور الحال ، ولو صلى خلف من يعلم أنه فاسق أو مبتدع ففي صحة صلاته قولان مشهوران في مذهب أحمد ومالك ، ومذهبُ الشافعي وأبى حنيفة الصحة .
... ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته ، أو فاسق ظاهر الفسق ، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين ، والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك ، فان المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف ، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبى حنيفة وغيرهم .
ولهذا قالوا في العقائد : إنه يصلى الجمعة والعيد خلف كل إمام برا كان أو فاجرا ، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه الجماعات ، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده وإن كان الإمام فاسقا ، هذا مذهب جماهير العلماء ، أحمد بن حنبل والشافعى وغيرهما ، بل الجماعة واجبة على الأعيان في ظاهر مذهب أحمد . ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة ...(/2)
والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها ، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الأئمة الفجار ، ولا يعيدون ، كما كان ابن عمر يصلى خلف الحجاج ، وابن مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة ، وكان يشرب الخمر ... والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته ، لكن إنما كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب ، ومن ذلك أن من أظهر بدعة أو فجورا لا يُرتّب إماما للمسلمين ، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب ، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسنا ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه ، وصلى خلف غيره أثّر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه ، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان فيه مصلحة ، ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة ، وأما إذا كان ترك الصلاة يفوّت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يَترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/351- 356) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : ما حكم أكل اللحوم عندما يكون الذابح مجهول العقيدة والصلاة وراءه ؟
فأجابوا : " إذا كان المسلم ظاهرا ، مجهول الحال بالنسبة لعقيدته ، ولم يعلم عنه انحراف في عقيدته صحت الصلاة وراءه وأكلت ذبيحته " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/365) .
وجاء فيها أيضا (7/353) : " وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح الصلاة خلفهم .
وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مع الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر " انتهى .(/3)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم المقيم في بلد أهله متمسكون بالبدعة ، هل يصح له أن يصلي معهم صلاة الجمعة والجماعة ، أو يصلي وحده ، أو تسقط عنه الجمعة ؟ وإذا كان أهل السنة ببلد أقل من اثني عشر فهل تصح لهم الجمعة أم لا ؟
فأجاب : " إنّ إقامة صلاة الجمعة واجبة خلف كل إمام بر أو فاجر ، فإذا كان الإمام في الجمعة لا تخرجه بدعته عن الإسلام فإنه يصلى خلفه ، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم " انتهى ... " ثم نقل كلام شيخ الإسلام السابق ، إلى أن قال : " وأما السؤال الثاني : فجوابه أن يقال : هذه المسألة فيها خلاف مشهور بين أهل العلم ، والصواب في ذلك : جواز إقامة الجمعة بثلاثة فأكثر إذا كانوا مستوطنين في قرية لا تقام فيها الجمعة ، أما اشتراط أربعين أو اثني عشر أو أقل أو أكثر لإقامة الجمعة فليس عليه دليل يعتمد عليه فيما نعلم ، وإنما الواجب أن تقام في جماعة وأقلها ثلاثة وهو قول جماعة من أهل العلم ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب كما تقدم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (4/303) .
هذا وينبغي أن تتعاون مع الجالية الموجودة في هذه البلاد ، لدعوتهم إلى الله تعالى ، وتصحيح عقائدهم ، وإرشاد ضالهم ، بالحكمة بالموعظة الحسنة ، والسعي لأن تكون إمامة الصلاة في أفضلهم وأتقاهم .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72443
يأتي الناس إلى منزل جده المتوفى ويتبركون بمائه فماذا يفعل ؟:
صديقي كان جده من الأشخاص المعروف عنهم قدرته على إخراج الجن ، وأعتقد والله أعلم بأنه لا يقوم بالتعامل معهم طبقا للشريعة الإسلامية ؛ لأنه وحسب ما قال لي صديقي بأن جده كان لا يصلي ، والآن وبعد وفاة جده يأتي الناس إلى محل سكن هذا الجد تبركاً ببركته ، وبجانب هذا البيت توجد حنفية يأتيها الناس ليأخذوا منها الماء بحجة أنها ماء مبارك ، ويقومون بوضع مال جنب هذه الحنفية .
والسؤال هو : بماذا تنصحون صديقي ؟ هل يقوم بتكسير هده الحنفية أم ماذا ؟ وهل المال الذي يجده بجانب هذه الحنفية حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز التبرك بآثار غير الأنبياء ، سواء كان المتبرك بهم صالحين أو طالحين ، نسأل الله العافية ، لكن تبرك الناس بمن لا يصلي ، دليل على شدة الجهل وعظم الغفلة ، ومدى حاجة الناس إلى تعلم العقيدة الصحيحة المنقذة من الضلال .
والدليل على عدم جواز التبرك بآثار غير الأنبياء : أنه لم ينقل عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بأبي بكر أو عمر أو غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه .(/1)
قال الشاطبي رحمه الله : " الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه ، إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فهو كان خليفته ، ولم يُفعل به شيء من ذلك ، ولا عمر رضي الله عنهما ، وهو كان أفضل الأمة بعده ، ثم كذلك عثمان ، ثم علي ، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة ، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبرِّكا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها ، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسِّيَر التي اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء كلها " انتهى من "الاعتصام" (1/482) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولا أحد يُتبرك بآثاره إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، أما غيره فلا يتبرك بآثاره ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يتبرك بآثاره في حياته ، وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار ، كما كان عند أم سلمة رضي الله عنها جُلجُل من فضة فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم يستشفي بها المرضى ، فإذا جاء مريض صبت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم أعطته الماء ، لكن غير النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه ، أو بعرقه ، أو بثوبه ، أو بغير ذلك ، بل هذا حرام ونوع من الشرك " انتهى من "مجموع الفتاوى" (2/107).
ثانيا :
الواجب على صديقك أمران :
الأول : أن ينبه الناس ويحذرهم من هذا التبرك الممنوع ، إذا كان يحسن ذلك ويستطيعه ، وإلا فينبغي أن يستعين بأهل العلم ، ليرشد الناس إلى الحق ، ويدلهم على الصواب ، ويحذرهم من الاعتقادات الفاسدة التي توقعهم في الشرك والبدعة .(/2)
الثاني : أن يتخلص من هذه الحنفية ، بإزالتها أو قطع الماء عنها ونحو ذلك ، وله أسوة في عمر رضي الله عنه ، حين قطع شجرة الحديبية لما بلغه أن قوما يصلون عندها .
قال الشاطبي رحمه الله : " وقال ابن وضاح : سمعت عيسى بن يونس مفتي أهل طرسوس يقول : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقطعها ؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها ، فخاف عليهم الفتنة " انتهى من "الاعتصام" (1/448) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة فيصلون عندها فتوعدهم ، ثم أمر بقطعها فقطعت " انتهى من "فتح الباري" (7/513) .
ثالثا :
ما أخذه من هذا المال ، فلا حرج عليه فيه ؛ لأنه مال بذله أصحابه عن رضى ، ولا مالك له ، فجاز له أخذه . لكن لا يجوز له إقرار المنكر ليأخذ المال ، بل يلزمه كما سبق : البيان وإزالة هذا المنكر .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/227) فيما يتعلق بالاستفادة من الأشياء المنذورة للأولياء والصالحين ، ما نصه : " ... وأما إن كان المنذور للأولياء والصالحين غير الذبائح ، من خبز وتمر وحمص وحلوى ونحو ذلك مما لا يتوقف حل أكله على الذبح أو النحر ، فينبغي ترك توزيعه على الناس لما في ذلك من ترويج البدع والتعاون على انتشارها والمشاركة في مظاهر الشرك وإقرارها ، لكنها في حكم الأموال التي أعرض عنها أهلها وتركوها لمن شاء أخذها ، فمن أخذ شيئا منها فلا حرج عليه " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72448
مضطرة للتعليم المختلط فهل لها أن تشرح وتحاور أمام الذكور؟:
أنا طالبة جامعية أدرس في جامعة مختلطة وأنا مجبرة على ذلك . يطلب بعض المدرسين منا المشاركة في الحوار والشرح بوجود الذكور من الشباب داخل المحاضرة . فما رأيكم بهذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تعمل أو تدرس في جامعة مختلطة ، لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى على أحد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في السؤال رقم (1200) .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156) : " الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " انتهى .
ولا تجب طاعة الوالدين في الدراسة المختلطة ؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية , إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) .
ثانيا :
يجوز للمرأة أن تتكلم بحضرة الرجال الأجانب للحاجة ، بشرط أن يكون كلامها فصلا جادا ، لا خضوع فيه ، ولا فتنة ، ولا إثارة ، فصوتها ليس عورة على الصحيح من قولي العلماء ؛ فقد كان النساء يكلمن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه ، وكن يكلمن الصحابة في حاجتهن ، ولم ينكر ذلك عليهن . وإنما نهين عن الخضوع بالقول ، كما قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32 .(/1)
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : " أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا ، وكلامهن فصلا ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ، مثل كلام المريبات والمومسات ، فنهاهن عن مثل هذا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" من فقه الشافعية (4/210) : " وصوت المرأة ليس بعورة ، ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة ، وندب تشويهه إذا قُرع بابها فلا تجيب بصوت رخيم ، بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (5/15) : " وصوتها - أي : الأجنبية - ليس بعورة ، قال في الفروع وغيره : على الأصح , ويحرم التلذذ بسماعه , ولو كان بقراءةٍ ، خشية الفتنة " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/202) : " صوت المرأة نفسه ليس بعورة ، لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث ، وخضوع في القول ، فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛ لقوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) " انتهى .
هذا هو الأصل والضابط في كلام المرأة مع الرجال ، ولكن من ابتليت بالدراسة في جامعة مختلطة ، فإن عليها أن تقلل الشر ما أمكن ، فلا تتحاور مع الرجال ، ولا تعطي مجالا للحديث معها أو التعرف عليها ، ولو أدى ذلك إلى نقص درجتها أو تقديرها ، فإن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح . وعليها أن تتستر بالستر الكامل ، حتى لا يرى منها وجه ولا كف ، ولتقلل من الحضور ما أمكنها ذلك ، حتى يجعل الله لها مخرجا وفرجا .
وراجعي السؤال رقم (8827) ، ورقم (47554) .
نسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72505
حكم شراء بساتين المِشمِش قبل نضجها:
ما حكم الشريعة في شراء بساتين المشمش قبل النضج ، حيث يتسارع التجار إلى شرائها من الفلاحين وهى ما زالت غير ناضجة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها ، بإجماع العلماء ، لثبوت النهي عن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ( نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَارِ حَتََّّى يَبدُوَ صَلَاحُهَا ، نَهَى البَائِعَ وَالمُبتَاعَ – أي المشتري -) رواه البخاري (2194) ومسلم (1534) .
ومن باب أولى : لا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها ، وهذا أيضاً أجمع العلماء على تحريمه .
وحكمة النّهي عن بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه هي خوف تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، فإنه يكثر تعرض الثمرة للآفات قبل بدو صلاحها ، وقد ثبت في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَرَأَيتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثّمَرَةَ ، بِمَ يَأخُذُ أَحَدُكُم مَالَ أَخِيهِ ؟ ) رواه البخاري (1488) ومسلم (1555) .
والمراد ببدو الصلاح أول ظهوره وبدايته ، بحيث تكون الثمرة صالحة للأكل ، وليس المراد كمال النضج ، ولذلك جاء في الحديث : ( حتى يبدو صلاحها ) ولم يقل : ( حتى يتم صلاحها ) .
وروى مسلم (1536) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَطعَمَ ) وفي رواية : ( حَتَّى تَطِيبَ ) .
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (11/150) :
" بدو الصلاح يرجع إلى تغير صفة في الثمرة ، وذلك يختلف باختلاف الأجناس ، وهو على اختلافه راجع إلى شيء واحد مشترك بينها ، وهو طيب الأكل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/33) :(/1)
" الضابط يدور على إمكان أكلها واستساغته ؛ لأنه إذا وصل إلى هذا الحد أمكن الانتفاع به ، وقبل ذلك لا يمكن الانتفاع به إلا على كره ، وهو أيضا إذا وصل هذه الحال من النضج قَلَّت فيه الآفات والعاهات " انتهى .
وبدو صلاح المشمش الوارد في السؤال : نص العلماء على أنه يكون ببداية اصفراره مع حلاوته .
انظر : "المجموع" (11/151) .
ثانياً :
لكن هذا الحكم – وهو تحريم بيع الثمار قبل بدو صلاحها – قد استُثني منه عدة صور ، يجوز فيها بيع الثمار ولو لم يبدُ صلاحها .
الأولى : أن يبيع الثّمرة مع الشّجر ، فهذا جائز ، سواء كان الثمر قد بدا صلاحه أم لا ، ولا يختلف في ذلك الفقهاء ، لأنّ بيع الثّمر هنا تابع للشّجر ، والقاعدة عند العلماء : " أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل " .
الثانية : أن يبيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها بشرط أن يقطعها المشتري في الحال ، ولا ينتظر نضجها ، فهذا البيع صحيح بالإجماع ، وعلّله العلماء بأنّ المنع من البيع قبل بدوّ الصّلاح ، إنّما كان خوفاً من تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، وهذا مأمون فيما يقطع في الحال .
ويتصور اشتراط القطع في الحال في بعض الثمار التي يستفاد منها قبل النضج ، كما لو كانت صالحة لتكون علفاً للبهائم مثلاً ، ونحو ذلك من أوجه الانتفاع بها .
ثالثاً :
إذا كان البستان واحدا ، فلا يشترط أن يبدو الصلاح في كل شجرة من شجر البستان ، بل يعتبر كل نوع على حدة ، فيكفي أن يبدو الصلاح في شجرة واحدة من كل نوع .
فمثلاً : إذا كان البستان فيه أنواع من التمر كالبرحي والسكري مثلا ، فلا يعتبر بدو الصلاح في البرحي كافياً لبيع السكري ، ولكن لا بد من بدو الصلاح في كل نوع ، ولو في نخلة واحدة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/31) :
" صلاح بعض الشجرة صلاح لها كلها ولسائر النوع الذي في البستان " انتهى .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (9/190-194) .(/2)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72516
تفسير قوله تعالى ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ ):
ما المقصود بقوله تعالى : ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ ) الآية 92 من سورة يونس ؟ .
الجواب:
الحمد لله
هذه الآية من سورة يونس جاءت في معرض الحديث عن موقف من مواقف الطاغية فرعون تجاه نبي الله موسى عليه السلام ومن آمن معه من بني إسرائيل ، وذلك حين سار موسى عليه السلام بالمؤمنين في هجرتهم إلى الأرض المباركة ، فلحقه فرعون وجنوده ليردوهم ويفتنوهم ، وفي طريق الهجرة الطويل اعترضهم البحر جميعا ، فأكرم الله نبيه موسى ومن معه من المؤمنين بأن جعل البحر لهم يابسا يمشون فوقه ، فعبروه أمام أعين أعدائهم ، وهم ينظرون!!
فما كان من عدو الله فرعون إلا أن استخفه الطغيان ، وأهوى به الطيش والحمق ، فركب البحر خلف موسى ومن معه ، ليكون هلاكه ومن معه بالغرق في نفس البحر الذي جاوزه موسى ومن معه من المؤمنين !!
فلما أحاط الموت بالطاغية من كل مكان ، وتقاذفته لجج البحر وأمواجه ، وأيقن أن الغرق مصيره لا محالة ، قال : ( قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ، وهيهات هيهات ، قد فات وقت التوبة ، ومضى زمان الإنابة والإيمان حين حل الموت ، وذهب عن الخبيث كل قوة وحيلة !!(/1)
ولا شك أن موت هذا الطاغية المسرف في الطغيان في مثل هذا الموقف العظيم من أعظم الآيات التي تبين عاقبة العناد والظلم والاستكبار ، لذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن يثبت هذه الآية ويؤكدَها ، ويرفعَ عنها أي شك أو لبس أو إشاعات ، فقضى أن تظهر جثة فرعون هامدة باردة على الشاطئ ، يراها قومه ومن كان يعبده ، فيكون ذلك أبلغ في إقامة العظة والعبرة عليهم . قال الله تعالى : ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )
يقول ابن كثير رحمه الله : ( قال ابن عباس وغيره من السلف : إن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون ، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويا بلا روح ، وعليه درعه المعروفة ، على نجوة من الأرض ، وهو المكان المرتفع ، ليتحققوا موته وهلاكه ، ولهذا قال تعالى : ( فاليوم ننجيك ) أي : نرفعك على مكان بارز من الأرض ، ( ببدنك ) قال مجاهد : بجسدك ، وقال الحسن : بجسم لا روح فيه ، وقال عبد الله بن شداد : سويا صحيحا : أي لم يتمزق ، ليتحققوه ويعرفوه ، وقال أبو صخر : بدرعك . وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها كما تقدم والله أعلم .
وقوله : " لتكون لمن خلفك آية " أي : لتكون لبني إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك ، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كلِّ دابةٍ بيده ، وأنه لا يقوم لغضبه شيء ) تفسير ابن كثير (2/565) . بتصرف .
وكذلك كان ، فقد رأى بنو إسرائيل فرعون ميتا رأي العين ، فكان آية لمن رآه حينها ، وكان آية لكل من سمع بقصة هلاكه ممن بعدهم !!(/2)
وليس في الآية ما يدل على أن بدنه سيبقى محفوظا إلى يوم القيامة ، كما يتوهم بعض الناس ، فإن ذلك من تحميل القرآن ما لا يحتمل ، إذ لو كان المقصود بقاء جسد فرعون آية لجميع الناس بعده ، يرونه ميتا ويعاينون جثته ، لبقيت جثته معروفة ظاهرة لكل " من خلفه " ، ممن سمع بقصته ، حتى تتم العبرة ، وتظهر الآية ، ويصدق الوعد ؛ فأين ذهبت قصته عن الناس ، حتى عفا أثرها ، وزال ذكرها قرونا متطاولة ، قبل أن يدعي أهل الآثار أنهم اكتشفوا جثة فرعون الذي مات غرقا ؟!!
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ( ومعنى قوله تعالى : ( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) أي : لتكون لبني إسرائيل دليلاً على موتك وهلاكك ، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كل دابَّة بيده ، لا يقدر أحد على التخلُّص من عقوبته ، ولو كان ذا سُلطة ومكانة بين الناس .
ولا يلزم من هذا أن تبقى جثَّةُ فرعون إلى هذا الزَّمان ، كما يظنُّهُ الجُهَّالُ ؛ لأن الغرض من إظهار بدنه من البحر معرفةُ هلاكه وتحقُّقُ ذلك لمن شكَّ فيه من بني إسرائيل ، وهذا الغرض قد انتهى ، وجسم فرعون كغيره من الأجسام ، يأتي عليه الفناء ، ولا يبقى منه إلا ما يبقى من غيره ، وهو عَجْب الذَّنَبِ ، الذي منه يُرَكَّبُ خلقُ الإنسان يوم القيامة ؛ كما في الحديث ؛ فليس لجسم فرعون ميزةٌ على غيره من الأجسام . والله أعلم ) "المنتقى من فتاوى الفوزان" (1/سؤال رقم 132) .
ولكن يقال هنا : إن حصل وظهرت جثة فرعون من جديد ، وثبت بكلام أهل الخبرة بالتاريخ والآثار أنها الجثة التي ذكر الله في كتابه ، فإنما يكون ذلك إشارة إلى صدق ما أخبر به القرآن من نجاة بدن فرعون .(/3)
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله : ( ومن دقائق القرآن قوله تعالى : " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً " ، وهي عبارة لم يأت مثلها فيما كتب من أخبار فرعون ؛ وإنها لمن الإعجاز العلمي في القرآن ، إذ كانت الآية منطبقةً على الواقع التاريخي ) التحرير والتنوير (1/2065) .
والخلاصة : أن بدن فرعون نَجَا يومها من الضياع أو التحلل ، ولا يعني ذلك لزوم بقائه محفوظا إلى يوم القيامة ، فمن ثبت عنده من أهل العلم بالآثار والتاريخ أن بدن فرعون ما زال محفوظا اليوم ، وهو الذي يُعرَض في بعض المتاحف ، فلا يجوز أن يَدَّعِيَ أن هذا الحفظ إنما هو معجزة من الله للناس جميعا ، وإنما هو فقط تصديقٌ تاريخي جاء موافَقَةً لما في القرآن الكريم ، وذلك هو الإعجاز .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 72571
توفيت ولها بنت وأخ:
توفيت سيدة لها تركة ولها ابنة وأخ فما نصيب كل منهما ؟.
الجواب:
الحمد لله
البنت لها النصف ، لقول الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء/11
ولم يبيّن السائل حال هذا الأخ ، هل هو أخ شقيق أو أخ من الأب فقط أو من الأم فقط ؟
فإن كان شقيقاً أو من الأب فقط فله باقي التركة بعد أخذ البنت نصيبها (النصف) وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا ، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6773) ومسلم (1615) .
وهذا الأخ هو أقرب رجل ذكر من أقاربها ، فله الباقي بعد أخذ البنت نصيبها .
أما إذا كان هذا الأخ أخاً من الأم فقط ، فيختلف تقسيم التركة .
يكون للبنت النصف كما سبق ، ويسقط هذا الأخ من الأم ، فلا يستحق شيئاً من الميراث ، لأن الأخ من الأم لا يرث شيئاً مع وجود أحد من الأولاد ( ذكوراً كانوا أم إناثاً ) لقول الله تعالى : (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ) يعني من الأم ( فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ ) النساء/12 . فلا يرث الأخ من الأم إلا إذا كان الميت كلالة .
والكلالة : الذي لا والد له ولا ولد . أي : لا أب له ولا جدّ ولا ابن ولا بنت .
وقد أجمع العلماء على أن الإخوة من الأم لا يرثون شيئاً إذا وجد أحد من الأولاد (ذكوراً أم إناثاً ) – نقله ابن قدامة في "المغني" (9/7) .(/1)
فعلى هذا ، يكون للبنت النصف كما سبق ، ثم إن وُجد أحد من العصبة كالأعمام وأبنائهم فالباقي بعد نصيب البنت لأقرب رجل منهم ، فإن لم يوجد فإن هذا الباقي يُردّ على البنت ، فتأخذ التركة كلها .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72793
قسم ماله قبل موته وأعطى بعض الأولاد دون بعض:
قام والدي بتقسيم كل ما يملك وهو المنزل الذي نشأنا فيه وتمليكه لثلاثة من أولاده دون الآخرين وأقصد أختين وأخ وأنا .
وإخواني بارك الله فيهم ولهم ميسورو الحال ، وأنا وأخي نعمل بالأجر خارج بلادنا ، وأخواتي متزوجات ، وعندما حصل التقسيم والتمليك كنا خارج البلاد ، وما زلنا لم نغصب والدينا ، والدليل أنهم يدعون لنا ويؤكدون عفوهم عنا . هل يجوز لوالدي منح ولد وحرمان الآخر في شيء كهذا ؟ وبماذا تنصحنا أن نقول لوالدنا ؟ لأننا سمعنا بأن هذا الفعل منافٍ للشريعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الذي فعله والدك هو إعطاء لبعض أولاده دون الآخرين ، وليس قسمة لأمواله بين ورثته في حياته ، لأنه لم يعط جميع الورثة ، وإنما خص بعض أولاده .
وتخصيص بعض الأولاد بالعطية من غير سبب يبيح ذلك حرام .
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة على مثل ذلك ، وسماه جورا ، وذلك فيما رواه البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ، فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ لَا قَالَ : ( فَارْجِعْهُ ) . ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما .(/1)
ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ ( يعني : أمه ) لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ .
وفي رواية للبخاري أيضا (2650) : ( لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ) .
وفي رواية لمسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ : انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي ، فَقَالَ : أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ) ثُمَّ قَالَ : ( أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً ) قَالَ : بَلَى . قَالَ : ( فَلا إِذًا )
ثانياً :
على من وقع في هذا الجور أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرجع في عطيته تلك ، أو يعطي سائر أولاده مثله . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فارجعه )(/2)
قال ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فضل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر . قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق . وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/387).
وإذا رضي من مُنِعوا من العطية بذلك وطابت نفوسهم ، فلا حرج على الوالد في تخصيص بعض أولاده بها ، لأن الحق كان لإخوتهم وقد رضوا بإسقاطه ، مع أن الأفضل أنه لا يفعل ذلك حتى مع رضاهم .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث ، ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين ، ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم ، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من الوالد ، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال ، وأطيب للقلوب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته " انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " (20/51)
ثالثاً :
سبق في جواب السؤال رقم (36872) أنه لا حرج في تفضيل بعض الأولاد بالعطية إذا كان هناك سبب يقتضي ذلك كحاجته وفقره أو كونه طالب علم ونحو ذلك . فإن كان هناك سبب شرعي لتخصيص والدكم هؤلاء بالعطية فلا حرج عليه ، وإن لم يكن هناك سبب شرعي ولم ترضوا بذلك فالواجب عليه رد هذه العطية والعدل بينكم .
رابعاً : وعليكم إذا لم ترضوا بذلك أن تناصحوا أباكم بلطف ولين وتبيّنوا له أن الواجب عليه العدل بينكم ، وقد تحتاجون إلى بيان ذلك له بالأدلة الشرعية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (67652)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72831
هل يرشي الشرطي لئلا يعطيه مخالفة على تكلمه بالجوال في السيارة ؟:
في بلادنا إذا تكلمت بالهاتف النقال أثناء قيادة السيارة يخالفك شرطي المرور بمخالفة قدرها 500 دينار ، فهل تعطي رشوة لإعفائك منها إذا كان معك مال أو لم يكن لديك مال مع العلم إذا لم يكن لديك مال فستسجن فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
جاءت الشرائع الربانية بحفظ الضرورات الخمس : الدين والعقل والنفس والمال والعرض ، ومما لا شك فيه أن الالتزام بقواعد السير وأنظمة المرور مما يساهم في الحفاظ على النفس والمال ، وعليه : فإن الشريعة الإسلامية تُلزم المسلمين بالالتزام بهذه القواعد والأنظمة ، وخاصة أنه ليس فيها ما يخالف الشرع ، إنما هي للحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم .
وليست مخالفة هذه القواعد والأنظمة مما يعود ضرره على السائق وحده ، بل إنه يتعدى ذلك إلى غيره من الناس ، فالحوادث التي تحصل في الطرق نتيجة مخالفة تلك القواعد والأنظمة يكون فيها – غالباً – أطراف متعددة ، وهذا يزيد من مسئولية المخالف ويشغل ذمته بأحكام متعددة كالدية والصيام وتعويض الضرر وغيرها .
وتعزير المخالف بدفع الغرامة المالية جائز شرعاً ، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة ، وابن فرحون من المالكية ، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية " أدلة كثيرة على جواز التعزير بالمال ، ونقل كلام شيخ الإسلام فيه ، ورد على من قال بنسخه .
وفي " حاشيته على تهذيب سنن أبي داود " ( 4 / 319 ) قال :
" وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة وعَمِل بها الخلفاء بعده " انتهى(/1)
وينبغي أن تكون الغرامة معقولةً بحيث تحصل المصلحة المقصودة منها ، وهي ردع الناس عن هذه المخالفة ، ولا بأس بأن تكون مرتفعة بحسب طبيعة المخالفة وقوة أثرها على النفس والآخرين .
وانظر هذه المسألة في جواب السؤال رقم (21900) .
ومما لا شك فيه أن استعمال السائق للجوال أثناء قيادة السيارة مما يسبب حوادث قد تؤدي إلى إزهاق أرواح ، فضلاً عن إتلاف أموال .
وقد تنادى العقلاء في كل أرجاء الأرض إلى ضرورة التشديد في العقوبة لمنع استعمال الجوال أثناء القيادة ، وقد قامت أبحاث ميدانية في " بريطانيا " تبيَّن بها أن التأثير السلبي لاستعمال الجوال يفوق ما تحدثه الخمور من تأثير على قدرة السائق في التحكم بالسيارة !
وهذه الأبحاث بيَّنت أن قائد السيارة الذي يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل تحكماً بالقيادة بنسبة ثلاثين بالمائة بالمقارنة بمن يقودها وهو في حالة السكر !! أما بالمقارنة مع الشخص العادي فإن تحكم من يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل بنسبة خمسين بالمائة !
بل إن بعض الخبراء يقولون : إن استعمال السائقين للجوال أثناء قيادة سياراتهم حتى ولو كان عن طريق سماعات الأذن فإنه يضاعف احتمالات وقوع حوادث بنسبة 400 بالمائة !
وانظر تفصيل ذلك في " جريدة الوطن " القطرية ، الأربعاء 20 / 7 / 2005 .
والخلاصة : أن استعمال الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة سبب رئيس لحصول الحوادث ، فترتيب عقوبة على هذه المخالفة سواء كانت بتغريم مال ، أو السجن له ما يبرره ، وعليه : لا يجوز لك دفع رشوة للشرطي حتى لا يوقع عليك هذه العقوبة ، لأنك أنت المقصّر والمتعدي ، إلا إذا كان الشرطيّ ظالماً ، بحيث ادَّعى عليك شيئاً لم تفعله ، فلا حرج في هذه الحالة إذا لم تستطع التخلص من ظلمه إلا بدفع رشوة له أو لغيره ، وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (72268)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72839
وظيفته : التأكد من ضبط الشركة للسجلات ومنها سجلات القروض الربوية:
أعمل في شركة صناعية ؛ ومن ضمن مهام عملي التأكد بأن إدارات الشركة تقوم بضبط وثائقها وسجلاتها، فإن كان في ضبطهم تقصير رفعت فيهم تقريرا يلزمهم بضبطها ، ومن ضمن تلك الإدارات إدارة المالية المسئولة عن تمويل مشاريع الشركة بالقروض الربوية وأخذ فوائد على مبالغ المبيعات المودعة في البنوك . فما هو حكم العمل بهذه الشركة ؟ وما حكم عملي بالذات ؟ علما بأني قد أستطيع تجنب الذهاب إلى إدارة المالية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا كان عملك لا يتضمن التعامل بالربا أو إقراره أو المعاونة عليه ، أو التعامل بغير الربا من المحرمات ، فهو عمل مباح ، لا حرج عليك في الاستمرار فيه ، ولو كانت الشركة تقترض أو تودع بالربا ، إلا أن الأفضل ترك ذلك والعمل في شركة نقية بعيدة عن هذا المنكر العظيم ؛ لما تقرر عند أهل العلم من كراهة التعامل بالبيع أو الإجارة أو غيرها مع من في ماله حرام .
ثانيا :
لا تجوز كتابة الربا أو توثيقه ، وفاعل ذلك ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
ومتابعة هذه الوثائق والإشراف عليها محرم ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ، وإقرار المنكر ، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .(/1)
فالواجب عليك أن تنصح المسئولين في هذه الشركة بترك هذا المنكر العظيم ، فإن استجابوا فالحمد لله ، وإلا فعليك أن تتجنب الرقابة على سجلات الربا ووثائقه ، والبعد عن كل ما فيه إعانة على المعصية أو إقرار لها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 72848
استخدام أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل في صيانة الأجهزة وتهيئتها:
أرغب بفتح محل لصيانة الحاسب الآلي ومن المعلوم أنه توجد أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل لتركيبها على الحاسبات بعد تهيئتها فهل يجوز استخدام هذه الأقراص لتركيبها في أجهزة الزبائن بعد التهيئة ? وهل ما أحصله من مال من الزبون لقاء ما سبق يعتبر حلالا أم حراماً ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز نسخ الأقراص التي لم يأذن أصحابها في نسخها ، وذلك مراعاةً لحق الاختراع وهو حق معتبر لا يجوز الاعتداء عليه ، والتزاما بالشرط الذي تعاقد عليه المتعاقدان .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز : " لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سبق إلى مباح فهو أحقّ به ) ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم . والله أعلم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذه المسألة ما يلي :
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف ، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس ، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا " انتهى.
وبناء على ذلك : فلا يجوز نسخ الأقراص الخاصة بأنظمة التشغيل وغيرها ، ما لم يأذن أصحابها بذلك .
لكن إذا كانت هذه الأقراص لشركة من دولة محاربة للمسلمين فلا حرج في نسخها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 72868
هل يجوز لمن فاتته بعض الطاعات أن يلزم نفسه بعبادات معينة ؟:
هل إذا قيدت لنفسي عدداً ما من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كعقاب لأي معصية أو تفريط ، كل حسب حجمه من قبيل محاسبة النفس ، ومن باب ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
مثال ذلك : إذا فاتني ترديد الأذان أو السنة الراتبة أو الضحى مثلاً فالعقاب من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً إذا فاتني تكبيرة الإحرام مثلاً فخمساً إذا فاتني الخشوع أو جلسة الإشراق أو الذكر ( المقيد أو المطلق ) فسبعاً إذا فاتني قيام الليل أو ورد القرآن أو درس العلم ، فعشراً إذا فاتني الفرض ، فمائة ، وهكذا هل يعد ذلك بدعة ؟ وإذا كان ذلك كذلك فما البديل ؟.
الجواب:
الحمد لله
قد ذكر الله تعالى في كتابه " النفس اللوامة " ، وهي النفس التي تلوم صاحبها إن قصَّر في طاعة ، وتلومه إن فعل محذوراً .
وقد وقع لكثير من السلف أن فاتهم خير فلاموا أنفسهم ، ورأوا أن يهذبوا تلك النفوس بمزيد من الطاعة والعبادة ، ومنهم من وقع في محذور ففعل الأمر نفسه .
ومن خلال النظر في فعلهم يتبين لنا أنهم لم يخالفوا الشرع في ذلك ، فبعضهم من الصحابة ، وفعل ذلك في عهد التنزيل ، وبعضهم من أئمة العلم والفتوى وقد رأوا أن ذلك غير مخالف لشرع الله تعالى .
وبالتأمل في تهذيبهم لأنفسهم بطاعة وعبادة نجد أنهم لم يقعوا فيما وقع فيه غيرهم من غير أهل العلم من أهل السنة ، فهم لم يُحِّملوا أنفسهم فوق طاقتهم ، ولم يتسببوا في أذى أو ضرر أبدانهم بحرق أو كسر ، وكان فعلهم أشبه بنذر التبرر ، وهو أن يلزم المسلم نفسه بعبادة لم يأمره الله تعالى بها ، دون أن يكون ذلك معلَّقاً بشفاء أو نجاح أو غيرهما .
ومن أمثلة ذلك :(/1)
1. ما رواه الإمام أحمد ( 18930 ) – وحسنه شعيب الأرناؤط ( 4 / 323 ) - في قصة صلح الحديبية ، ومراجعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في بنود الصلح ، وعلمه بأنه لم يكن له أن يفعل ذلك ، فقد قال رضي الله عنه : ( ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ ، مخافة من كلامي الذي تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيراً ) .
2. ما رواه البخاري ( 5725 ) عن عائشة رضي الله عنها من نذرها أن لا تكلم عبد الله بن الزبير ، وقد شفع له المِسوَر بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود ، فأدخلاه عليها – وهي خالته – فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي ، وما زالا بها حتى كلمته ، وأعتقت في نذرها أربعين رقبة .
3. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاةٌ في جماعة أحيا تلك الليلة .
4. وفاتت ابنَ أبي ربيعة ركعتا سنة الفجر فأعتق رقبة .
5. وقال حرملة : سمعت عبد الله بن وهب يقول : نذرتُ أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوماً ، فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم ، فمِن حب الدراهم تركت الغيبة .
قال الذهبي – معلقاً - : هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة العلم النافع .
" سير أعلام النبلاء " ( 9 / 228 ) .
6. وعن عبد الله بن عون أن أمه نادته فأجابها فعَلا صوتُه صوتَها ، فأعتق رقبتين .
" سير أعلام النبلاء " ( 6 / 366 ) .
وقد ذكرنا فوائد أخر في هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 27082 ) فلينظر .(/2)
ونرى أنه لا ينبغي تحديد عدد معين من الذكر لكل عبادة مما ذكر في السؤال والالتزام بهذا العدد دائما ، وأما تحديد ذلك لمرة فلا بأس ، وهو يشبه من نذر صوم عدد معين من الأيام أو الصدقة بمبلغ معين ، وأما جعل ذلك فعلاً مستمراً : فالظاهر عدم جوازه ، وينبغي لك الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال ، ولا يكون ذلك مقيداً بالتقصير في طاعة من الطاعات .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72880
هل يأكل من مال أبيه ومصدره من مقهى فيه أمور محرمة:
ما حكم المال الذي يتم ربحه من المقهى ، وأود هنا أن أشرح لكم بعض الأمور وهي :
1- استخدام الدش ولا يستخدم إلا في مشاهدة أغاني الفيديو كليب ومباريات الكرة
2-ألعاب الدومينو- النرد ويلعبها الزبائن على أن يدفع الخاسر ثمن المشروبات كلها وحده أو يدفع نقود للفائز ، ويكون للمقهى جزء من هذه النقود .
3- شرب الشيشة بشكل كبير .
4- جلوس الشباب لينظروا للنساء في الطريق اللائي معظمهن متبرجات .
5- المزاح القبيح بين الجالسين على المقهى مع بعضهم باستخدام ألفاظ قذرة .
والسؤال الآن : هل المال العائد من المقهى من الأموال المختلطة ؟ وهل لي أن آكل من هذا المال ؟ وأنا لا أجد عملاً ، مع العلم أن المقهى ملك لأبي وهو الذي يديره .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
استعمال الدش على الوجه المذكور ، وشرب الشيشة ولعب القمار ، وتبادل الألفاظ القذرة والنظر إلى النساء المتبرجات ، كل ذلك من المحرمات الظاهرة ، والإثم على من اقترفها أو أعان عليها ، أو أقرها ولم ينكرها ، ولا شك أن فتح المقهى الذي تمارس فيه هذه الرذائل محرم ، وما يأتي من المال في مقابل هذه الأعمال أو التمكين منها محرم أيضا ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
وقوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140.(/1)
قال القرطبي رحمه الله : " قوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر . ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء .
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية " انتهى .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) رواه أحمد وأبو داود (3026 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5107)
وانظر في تحريم اللعب بالنرد السؤال رقم (14095) ورقم (22305)
وكون الخاسر في هذه الألعاب يدفع نقوداً للفائز أو ثمن المشروبات هو من القمار ولا شك ، وانظر السؤال رقم (20962)
ثانيا :
إذا كان لوالدك مورد ماليٌّ آخر ، أو كان في المقهى ما يباح بيعه ، كالشاي والقهوة ونحو ذلك ، فمال أبيك مختلط ، اختلط فيه الحلال بالحرام ، ولا حرج عليك في الأكل من هذا المال ما دمت محتاجا ، والورع ترك ذلك .
جاء في "حاشية الدسوقي" (3/277) : " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام : المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله ... وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال : فالمعتمد كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله .
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة ، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى.(/2)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان مكسب الوالد حراماً ، فإن الواجب نصحه ، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، أو تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام ، فإذا لم يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة ، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/452 ) .
وراجع السؤال رقم (45018) و (21701)
نسأل الله تعالى أن يهدي والدك ، ويصلح حاله ، وأن يرزقك رزقا حلالا مباركا فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 72995
محتارة في الاختيار بين شخصين للزواج من أحدهما:
لقد قمت بزيارة إلى أهلي ، وفي زيارتي كنت أقيم في بيت خالي ، وقد أعجب ابن خالي بي في هذه الفترة ، وقد طلبني للزواج ، ولكن ما زال غير مؤهل للزواج من الناحية المادية ، ولكن هذا الشاب محترم ومؤدب ، وفي الوقت نفسه هناك شاب كنت أعرفه من خلال دراستي في الجامعة ، وكانت نيته طلب الزواج ، وهو قادر على تحمل المسؤولية الزوجية من جميع نواحيها ، ولكن ابن خالي متيَّم بي وأنا أحترمه وأكن له المودة والحب ، ولكن لا أعرف إن كان حب الزوج أو القرابة ؛ وذلك لأن أقاربي لا يسكنون في نفس البلاد التي أقيم فيها ، وأنا أفتقر للعطف الاجتماعي في حياتي الاجتماعية وهناك قلة العلاقات الأسرية بين أهلي الموجودين في محيطي ، فما العمل ؟
وأريد أن أوجه لكم ملاحظة : أن كلا الشابين طموح ويحب التقدم والتنوير .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يحسن بنا أن ننبهكِ أولاً إلى ما نعلمه مخالفاً للشرع مما ورد في سؤالك ، وهما أمران :
الأول : الدراسة المختلطة ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس في جامعة مختلطة ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى على أحد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في السؤال رقم ( 1200 ) .
وقد جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 156 ) :
" الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " . انتهى .(/1)
وإنك وإن كنتِ قد أنهيت الدراسة – كما يظهر من كلامك – فإن الواجب عليك التوبة والاستغفار عن تلك المخالفة الشرعية ، وبخاصة أن بعض محاذير تلك الدراسة المختلطة قد وقع معكِ ، وهو تعرفك على شاب أجنبي عنك ، والخلطة معه ومع غيره من الأجانب على مقاعد الدراسة .
وانظري أجوبة الأسئلة رقم : ( 8827 ) و ( 47554 )
والثاني : الاختلاط في سكنك في بيت خالك ، وقد ظهر أثر هذا الاختلاط في كون ابن خالك قد أعجب بك – على حد قولك – بل وأنه " متيَّم بك " ! ووصفك له بأنه " محترم ومؤدب " وأنك تكنين له " المودة والحب " ! ، وكل هذا يؤكد حكمة الشرع في منع الاختلاط حتى بين الأقارب ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد لا تخفى .
ولا مانع للمرأة أن تزور أقاربها وأن تقيم عندهم ، لكن ينبغي لها الالتزام بالشروط الشرعية من عدم جواز الخلوة بأحد من أقاربها الأجانب عنها ، وغض البصر من كلا الطرفين .
وانظري جواب السؤالين ( 60244 ) و ( 13261 ) ففيهما فوائد مهمة .
ثانياً :
وأما بالنسبة لاختيارك زوج المستقبل : فإنه لا بدَّ من توافر مواصفات مهمة في الزوج حتى تكون حياة الزوجة معه هنيئة طيبة ، ويمكنك الوقوف على هذه المواصفات في جواب السؤال رقم ( 5202 ) ، ومن رأيته – بالتعاون مع أهلك – صالحاً لك – ولو كان غير هذين الرجلين – فلا تترددي في الموافقة على الزواج منه .
وننبهك إلى ضرورة الاستخارة قبل الموافقة على أحدٍ ممن يتقدم للزواج منك ، وتجدين تفصيل حكمها وكيفيتها وفوائدها في جواب السؤال رقم ( 2217 ) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن ينعم عليك بزوج صالح وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 73003
من هم القَصَّاصُون ؟:
من هم القُصَّاصُ الذين يعتبرون من التالفين الضعفاء ، الذين يعيبهم أنهم قَصَّاصُون ؟ هل هم أي شخص يعظ الناس ويذكر القَصَص ؟ أم هناك تفصيل في المسألة ؟.
الجواب:
الحمد لله
القَصُّ هو فن مخاطبة العامة ووعظهم بالاعتماد على القصة .
يقول ابن الجوزي رحمه الله :
" القاص هو الذي يتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها...
والتذكير هو تعريف الخلق نِعَمَ الله عز وجل عليهم ، وحثهم على شكره ، وتحذيرهم من مخالفته .
وأما الوعظ فهو تخويف يرق له القلب..
وقد صار اسم القاصِّ عامًّا للأحوال الثلاثة " انتهى .
"القُصَّاص والمذكرون" (157-159) .
والقصص والوعظ محمود وممدوح من حيث الأصل ؛ وذلك أن الله تعالى يقول :
( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف/176
وقال تعالى : ( وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) النساء/63 .
وقال تعالى : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) الذاريات/55 .
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُذكِّرُ الناس ويعظهم ، ويقص عليهم من أنباء الأمم السابقة ما فيه العبرة والموعظة .
فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :
( وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ ، وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ ) . رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدث الناس عن قصة الثلاثة نفر الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار ، فسألوا الله بأعمالهم الصالحة أن يفرجها عنهم حتى انفرجت . رواه البخاري (2215) ومسلم ( 2743) .(/1)
وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الناس بالله تعالى ، ويقرؤون عليهم القرآن والحديث ، ويدعونهم إلى الاعتبار والادكار بأحوال الماضين .
فعن أبي وائل قال : ( كَانَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَن ، لَوَدِدتُ أَنَّك ذَكَّرتَنَا كُلَّ يَومٍ ، قَالَ : أَمَا إِنَّه يَمنَعُنِي مِن ذَلك أَنِّي أَكرَه أَن أُمِلَّكم ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَينَا ) . رواه البخاري (70) ومسلم (2821) .
فمن سار على هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فوعظ الناس وذكرهم بالله تعالى على علم وبصيرة ، ولم يَتَقَحَّم أبوابَ الكذب والرياء والمبالغة والجهل ، فذلك لا سبيل إلى الإنكار عليه ، بل هو مأجور مشكور .
قال الإمام أحمد : إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً .
وسئل الأوزاعي عن القوم يجتمعون فيأمرون رجلا فيقص عليهم فقال : إذا كان ذلك يوما بعد الأيام فليس به بأس .
وروى الخلال عن أبي بكر المروذي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : يعجبني أمر القصاص لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر ، قلت له : فترى الذهاب إليهم ؟ قال : إي لعمري إذا كان صدوقا .
قال : وجاء رجل إلى الإمام أحمد فشكا له الوسوسة فقال : عليك بالقاص ، ما أنفع مجالستهم .
ولكن لما دخل في باب الوعظ والقص والتذكير من يتقحم ما لا علم له به ، فيكذب في الحديث أو يزيد وينقص ، أو يظهر عليه حب الظهور والسمعة ، أو يكون سيئ السيرة والعمل ، لما كان ذلك : اضطر الأئمة من أهل العلم إلى التحذير من أمثال هؤلاء والتنفير منهم .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول : ما أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت .(/2)
وعن أم الدرداء أنها بعثت إلى رجلين من الناس : قل لهما فليتقيا الله تعالى وتكون موعظتهما للناس لنفسهما .
وعن شعبة بن الحجاج أنه دنا منه شاب فسأل عن حديث فقال له : أقاص أنت ؟ فقال : نعم ، قال : اذهب فإنا لا نحدث القصاص ، فقال له : لم ؟ قال : يأخذون الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا ! أي أنهم يزيدون في الحديث .
وسئل سفيان الثوري : نستقبل القصاص بوجوهنا ؟ فقال : ولوا البدع ظهوركم .
انظر الآثار السابقة في "الآداب الشرعية" (2/82-89) .
وقال ابن الجوزي : "معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري من القصاص" انتهى .
"القصاص" (308)
فالحاصل : أن القص ليس مذموما لذاته ، وإنما لما قد يختلط به من الكذب والمبالغة والجرأة على الدين .
يقول ابن الجوزي : " والقُصَّاصُ لا يُذَمون من حيث هذا الاسم ، وإنما ذُم القُصَّاصُ لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القَصَصِ دون ذكر العلم المفيد ، ثم غالبُهم يُخَلِّط فيما يورده ، وربما اعتمد على ما أكثره محال " انتهى .
"تلبيس إبليس" (134) .
وقال الإمام أحمد : " القصاص الذي يذكر الجنة والنار والتخويف وله نية وصدق الحديث ، فأما هؤلاء الذين أحدثوا من وضع الأخبار والأحاديث فلا أراه " انتهى .
"الآداب الشرعية" (2/85) .
وبذلك تعلم أن وصف الراوي بأنه من القُصَّاص لا يَلزم منه توثيقا له ولا تجريجا ، فقد كان من القصاص الرواة الثقات ، كما كان منهم الضعفاء ، وهذه بعض الأمثلة :
سعيد بن حسان المخزومي : قاص أهل مكة ، قال ابن معين وأبو داود والنسائي : ثقة .
"تهذيب التهذيب" (4/15) .
عائذ الله بن عبد الله بن عمرو : قال مكحول : ما رأيت أعلم منه ، وقال الزهري : كان قاص أهل الشام وقاضيهم . "تهذيب التهذيب" (5/74) .
ثابت بن أسلم البناني : قال أحمد : ثابت يتثبت في الحديث ، وكان يقص ، وقتادة كان يقص . "تهذيب التهذيب" (2/3) .(/3)
قال ابن الجوزي : وقد بلغنا عن حماد بن سلمة أنه قال : كنت أسمع أن القصاص لا يحفظون الحديث ، فكنت أقلب الأحاديث على ثابت ، أجعل أنسا لابن أبي ليلى ، وأجعل ابن أبي ليلى لأنس ، أشوشها عليه ، فيجيء بها على الاستواء " انتهى . يعني : أنه اختبره فوجده حافظاً للحديث .
"القصاص" (260) .
وممن كان يقص من الضعفاء :
أحمد بن عبد الله بن عياض المكي : له مناكير ، قال أبو حاتم : كان يقص .
"ميزان الاعتدال" (1/248) .
دراج أبو السمح : قال أحمد : أحاديثه مناكير ولَيَّنَه ، وقال ابن يونس : كان يقص بمصر . "ميزان الاعتدال" (3/40) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 73296
الاشتراك في برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية للراجحي:
ما حكم "برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية" في بنك الراجحي؟ .
الجواب:
الحمد لله
بعد الاطلاع على " برنامج وطني لتمويل أو تقسيط الأسهم" من خلال موقع شركة الراجحي المصرفية ، تبين أنه يقوم على المرابحة في الأسهم ، بحيث تشتري الشركة (البنك) الأسهم التي يريدها العميل ، ثم تبيعها عليه بالأقساط ، والعميل له الحرية في اختيار الأسهم التي يرغب في شرائها .
ومما جاء في النشرة التعريفية : " ... والذي يعطي العميل الفرصة لامتلاك أسهم الشركات التي يرغبها وبالكمية المطلوبة ومن ثم يقوم بسدادها بأقساط مريحة ".
ومعلوم أن الأسهم منها ما هو نقي ، ومنها ما هو مختلط ، والشركة تتعامل بالنوعين ، والذي نعتمده في هذا الموقع هو تحريم التعامل في الأسهم المختلطة .
وعليه فلا حرج من الدخول في برنامج وطني لتقسيط الأسهم ، بشرط شراء أسهم شركات نقية ، لا مختلطة .
قال الدكتور محمد بن سعود العصيمي فيما يخص سؤالك :
" وأما شراء أسهم نقية من الراجحي بالأجل على أن تسددها بعد ذلك بربح فلا بأس به.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 73412
مس الجنُّ للإنس والأحكام المترتبة على المس:
هل يمكن أن يمس الجن الناس ؟ إذا كان ذلك ممكنا ، فكيف يمكن أن يتحمل الإنسان المسؤولية عن أعماله عند التلبس يوم القيامة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نعم ، يمكن للجن أن يصيب الإنس بمس ، وقد ذكره الله تعالى في كتابه , في قوله : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) البقرة/275 .
وانظر جواب الأسئلة (11447) و ( 42073 ) و ( 39214 ) و ( 1819 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، قال الله تعالى : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) البقرة /275، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 24 / 276 ، 277 ) .
ثانياً :
المس نوع من المرض , فإذا كان الإنسان مع وجود هذا المرض عاقلاً وله اختيار فهو مؤاخذ بأقواله وأفعاله , أما إذا غلب عليه هذا المرض بحيث أفقده عقله واختياره فهو كالمجنون لا تكليف عليه . ولهذا يطلق في اللغة "المس" على "الجنون" انظر : "لسان العرب" (6/217) .
غير أنه إذا اعتدى على أحد وقت جنونه , وأتلف ماله – مثلاً - فإنه يضمن هذا المال لصاحبه .
وانظر : "زاد العاد" (4/66-71) .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 16 / 106 ) :(/1)
" أجمع الفقهاء على أن الجنون كالإغماء والنوم , بل هو أشد منهما في فوات الاختيار وتبطل عبارات المغمى عليه , والنائم في التصرفات القولية , كالطلاق , والإسلام , والردة , والبيع , والشراء وغيرها من التصرفات القولية , فبطلانها بالجنون أولى ; لأن المجنون عديم العقل والتمييز والأهلية , واستدلوا لذلك بقوله عليه الصلاة والسلام : ( رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ : عن النائمِ حتى يستيقظَ ، وعَن الصبِيِّ حَتى يَحتلمَ ، وعَن المجنونِ حتى يَعْقل ) - رواه أهل السنن بإسناد صحيح - ، ومثل ذلك كل تصرف قولي لما فيه من الضرر " انتهى .
وفي ( 16 / 107 ) :
" وأما بالنسبة لحقوق العباد كالضمان ونحوه : فلا يسقط ; لأنه ليس تكليفا له , بل هو تكليف للولي بأداء الحق المالي المستحق في مال المجنون , فإذا وقعت منه جرائم , أخذ بها ماليا لا بدنيا , وإذا أتلف مال إنسان وهو مجنون وجب عليه الضمان , وإذا قتل فلا قصاص وتجب دية القتيل " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 74974
يرعى عمته ويقوم على شئونها فهل لها أن تهبه دون باقي إخوته ؟:
لي عمة كبيرة في السن تملك قدراً من المال والعقار ورثتها عن والدها ، ومنذ ما يقارب من خمسة عشر سنة قامت بتوكيلي رسميّاً في إدارة أموالها وممتلكاتها وكان ذلك بموافقة والدي ، والجدير بالذكر أن عمتي قد عاشت حياة محافظة جدّاً ، ولا تعرف الكتابة أو القراءة ولا تستطيع تدبير أمورها دون مساعدتي لها .
وطوال الفترة التي كنت وكيلا عنها كانت تعاملني وكأني ولدها الوحيد وكنت المتصرف في مالها والقائم على إدارة شئونها المعيشية والمرضية وغيره دون بقية إخوتي الاثني عشر الآخرين الذين لا يصلونها إلا في المناسبات الاجتماعية أو الدينية.
توفى والدي فأصبحت أنا وإخوتي الوارثين الشرعيين الوحيدين لها وقد استأذنتها بدون علم إخوتي أو موافقتهم في تسجيل أغلب ممتلكاتها من العقار والمال لي شخصيّاً والبعض الآخر لإحدى أخواتي وابنها الذي هو في الحقيقة زوج ابنتي لكونه يساعدني في تدبير حال معيشتها ، وقد وافقتْ على ذلك وقمت بالتسجيل لنفسي ولأختي وابنها ، إلا أن إخوتي الآخرين اكتشفوا ذلك مؤخراً وبدأ الجميع في توجيه اللوم لي واتهامي بالتعمد في الإضرار بالعمة وبهم من جراء هذه الفعلة واستغلال عدم أهلية العمة وعدم إدراكها بأمور الحياة وعدم معرفتها لقيمة أملاكها وإساءة استخدام الوكالة التي في حوزتي ، إضافة إلى اتهامي بارتكاب مخالفة لحكم الله ورسوله .
فهل يعتبر ذلك تعديّاً على حكم الشرع الشريف فيما قمت به من عملية الهبة ، علما أنها تمت بعلم عمتي وموافقتها عليها ؟
وهل يجوز لإخواني الآخرين الاعتراض على هذه الهبة ؟
أرجو منكم نصحي بما يجنبني التعدي على حدود الله إن كنت مخطأً لتدارك تصحيح ما قمت به والاستغفار منه قبل فوات الأوان.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
قيامك على شئون عمتك ورعايتك لها من الأعمال الصالحة التي تقربك إلى الله وتزيد في أجورك وتثقِّل موازينك ، لكن ذلك مشروط باحتساب عملك لوجه الله تعالى ، ولا حرج من أخذك أجرة المثل مقابل تلك الرعاية والعناية .
ولا يحل لك أخذ ما يزيد على هذا بالإحراج أو بالحيلة , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 1459 ) .
كما لا يحل لك - ولا لها – قصد الإضرار بالورثة ، سواء كان ذلك بالهبة أو الوقف في حال الحياة أو وصية بعد الموت لغير وارث ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه "
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" وأما إن قصد المضارة بالوصية لأجنبي بالثلث فإنه يأثم بقصده المضارة ، وهل ترد وصيته إذا ثبت بإقراره أم لا ؟ حكى ابن عطية رواية عن مالك : أنها ترد ، وقيل : إنه قياس مذهب أحمد " انتهى .
" جامع العلوم الحِكَم " ( 1 / 305 ) .
وقال الشيخ صدِّيق حسن خان رحمه الله :
" ومن وقف شيئا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا , لأن ذلك مما لم يأذن به الله سبحانه , بل لم يأذن إلا بما كان صدقة جارية ينتفع بها صاحبها , لا بما كان إثما جاريا , وعقابا مستمرا , وقد نهى الله تعالى عن الضرار في كتابه العزيز عموما وخصوصا , ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عموما , كحديث : ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ) " انتهى .
" الروضة الندية " ( 2 / 154 ) .
ثانياً :(/2)
جاء في سؤالك قولك عن إخوتك فيما أنكروه عليك " واستغلال عدم أهلية العمة " ! فإذا كان ما قالوه صحيحاً وأن عمتك ليست أهلاً للتصرف في المال , كما لو كانت غير عاقلة , أو كانت سفيهة تضيع الأموال : فإن ما قامت به من هبتك أموالها باطل شرعاً ولا يحل لك تملكه ؛ لعدم أهليتها في التصرف في أموالها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" جميع الأقوال والعقود مشروطة بوجود التمييز والعقل ، فمن لا تمييز له ولا عقل : ليس لكلامه في الشرع اعتبار أصلا , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد , وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب ) فإذا كان القلب قد زال عقله الذي به يتكلم ويتصرف فكيف يجوز أن يجعل له أمر ونهي أو إثبات ملك أو إزالته ، وهذا معلوم بالعقل مع تقرير الشارع له ... .
العقود وغيرها من التصرفات مشروطة بالقصود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ) ، وقد قررت هذه القاعدة في كتاب " بيان الدليل على بطلان التحليل " وقررت أن كل لفظ بغير قصد من المتكلم لسهو وسبق لسان وعدم عقل : فإنه لا يترتب عليه حكم " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 33 / 107 ) .
ثالثاً :
أما إذا كانت عمتك عاقلة رشيدة فإن تصرفها في أموالها بالهبة أو الصدقة أو غير ذلك : صحيح .
قال الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله في حكم مطابق لمسألتنا :
" يجوز للزوج في صحته وحياته أن يهدي زوجته ما يشاء مقابل صبرها أو حسن خدمتها أو ما دخل عليه لها من مال أو صداق إذا لم يفعله إضراراً بالورثة الآخرين ، ولا يتحدد ذلك بربع المال ولا غيره .
وهكذا بالنسبة للزوجة ، لها أن تعطي زوجها ما شاءت من مالها أو صداقها ؛ لقوله تعالى : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) .
ولا يجوز ذلك في حال المرض ؛ لكونه يُعتبر وصية لوارث " انتهى .(/3)
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 29 ) .
وليعلم إخوتك أنه لا يجب على العمة أن تعدل في العطية بين أولاد أخيها ، والعدل في العطية إنما يجب إذا كانت العطية للأولاد , أما غيرهم فلا يجب العدل بينهم في العطية .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" يجوز للإنسان أن يفضِّل بعض ورثته على بعض إذا كان هذا التفضيل في حال صحته إلا في أولاده فإنه لا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 30 ) .
وخلاصة الجواب :
إذا كانت عمتك عاقلة رشيدة ووهبتك هذه الأموال بمحض إرادتها ورضاها من غير إجبار منك أو احتيال , ولم تُرِدْ بذلك الإضرار بالورثة , فهذه الهبة صحيحة , وليست مخالفة للشرع .
أما إذا كانت غير رشيدة أو كانت الهبة بدون رضاها , أو أرادت الإضرار بالورثة , فهذه الهبة حرام ولا تصح , وأموالها ما زالت باقية في ملكها .
ولك في هذه الحالة أن تأخذ منها أجرة مقابل خدمتك لها وإدارتك لأموالها , على أن تكون هذه الأجرة على قدر العمل وليس مبالغاً فيها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 74976
يريد الدخول في الإسلام ويتزوج بمسلمة:
أنا شاب هندوسي وأحب فتاة مسلمة . لقد كنا صديقين حميمين دائما، وقد درسنا في كلية واحدة. لقد تحولت مشاعر كل واحد منا تجاه الآخر للحب لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها للزواج بي .
أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة ، ولطيفة ، ومحبة ، وذكية ، وتقية . أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام ، وهو الدين الذي كنت دائما مولعا به . كيف أفعل ( للدخول في الإسلام ) ؟ سأقبل بجميع المعتقدات الإسلامية وسأبقى وفيا لله ولزوجة المستقبل .
أرجو أن ترشدني ، فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه . سأنتظر ردك بفارغ الصبر وبعده سأذهب لأتحدث مع والد المذكورة حول الموضوع .
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله الذي جعل فيك الرغبة للدخول في دين الإسلام ونشكرك على السؤال عن كيفية الدخول في دين الله الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من اتبعه ، قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85 , الدخول في الإسلام عملية سهلة جدا وليس فيها أي تعقيد وكلّ ما عليك أن تفعله هو النطق بالشهادتين وهما مفتاح الدين وملخصّه وأساسه فتقول : أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أنّ محمدا رسول الله , ثمّ تغتسل وتنوي الطهارة للصلاة وتمارس شعائر دين الإسلام وأعظمها الصلاة التي تربط العبد بربه .
ونريد أن نبيّن هنا بعض الأمور:
1- أما قولك ( أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام )(/1)
أنّه بالرغم من أنّ دخولك في الإسلام قد يكون الباعث عليه رغبتك في الزواج من امرأة مسلمة في هذه المرحلة إلا أنك إذا أسلمت وتعلّمت المزيد عن هذا الدّين ومارسته واقعا في حياتك فسيحسن إسلامك وتصفو النيّة وتصبح إخلاصا لله واقتناعا تاما بصحّة هذا الدّين وأنّه لا يزكّي النفس ويُطّهرها إلا هو .
2- قولك ( كنا صديقين حميمين دائما ، وقد درسنا في كلية واحدة ) .
اعلم وفقك الله للخير أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام : فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (440) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/159) : " والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع , وخيرها بعكسه , وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك , والله أعلم " انتهى .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .
وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة .
" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 868 ) .(/2)
3- أما قولك ( لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها للزواج بي )
نحن نشكر لك هذا العمل الرائع الذي ينبئ عن حسن خلقك وعلى رجحان عقلك .
4- أما قولك ( أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة ، ولطيفة ، ومحبة ، وذكية ، وتقية )
وهذا منك يدل على حرصك على الزوجة التي تصلح أن تكون قدوة لأبنائك وتسعى على إراحتك ، والأخلاق السامية التي ذكرت بعضا منها فإن الشرع قد جعل بعض الصفات من دواعي النكاح وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .
ففي هذا الحديث دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام : الدين والخلق .
5- أما قولك ( فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه )
هذا منك من باب الإنصاف لهذا الدين العظيم الذي جاء رحمة للعالمين .
ومن فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من الذنوب والمعاصي ، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره ، وصار نقياً من الذنوب قال تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38 .
وروى مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال : لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ . قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ : أَنْ يُغْفَرَ لِي . قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ .(/3)
( الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله ) أَيْ : يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره . قاله النووي في "شرح مسلم" .
أخيرا : وإننا نتفاءل كثيرا بمستقبل سعيد لك لأنّ بداياتك التي تحدّثت عنها في سؤالك جيدة وتبعث على التفاؤل وخصوصا عندما نتدبّر جميعا قول الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ) الأنعام/125 ، فنسأل الله أن يشرح صدرك لهذا الدين ويرزقك الدخول فيه ولا شكّ أنّ ذلك سيكون خبرا سعيداً للمرأة المسلمة التي ستتزوجها لأنها تعلم أنه لا يمكنها الزواج منك إلا بعد إسلامك كما هي شريعة رب العالمين ، ونرحب بك في هذا الموقع سائلا وقارئا ومتعاونا معنا على الخير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 74978
حكم الصلاة في مقر العمل:
أنا شخص أعمل في برج الفيصلية في الرياض ، وحين دخول وقت الصلاة يكون هناك تسجيل عبر سماعات المبنى إيذاناً بموعدها ، ولدي بعض الزملاء الذين يؤدون صلاة الظهر في مكاتبهم محتجين بعدة أسباب هي :
1- أنهم لا يسمعون أذان المسجد وإنما هذا تسجيل وليس أذاناً .
2- أنهم يؤدونها جماعة وبذلك حققوا شرط الجماعة .
3- أن البرج لا يوجد به مصلى خاص به - مع العلم بأن هناك مسجداً قريباً من الدور الأرضي- لكنهم يقولون : إن هذا المسجد ليس تابعاً للمبنى لذا فهو بعيد .
سؤالي هو :
ما حكم صلاتهم في مكاتبهم ؟ وكيف أرد على حججهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : الأصل أن الصلاة تكون في المساجد ، ولهذا بنيت ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر ) رواه الترمذي (217) وابن ماجه (793) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (793) .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام لابن أم مكتوم رضي الله عنه : ( أتسمع النداء ؟ ) قال : نعم . قال : ( أجب ) رواه مسلم (653) .
وهذا الحديث يدل على أن الواجب على من سمع النداء أن يجيب ، فيصلي جماعة في المسجد.
والمراد بسماع النداء : أن يسمع صوت المؤذن إذا رفع صوته بالأذان من غير مكبر للصوت.
فمن كان قريباً من المسجد بحيث يسمع النداء وجبت عليه صلاة الجماعة في المسجد ، ومن كان بعيداً لم يجب عليه الحضور إلى المسجد .
وانظر جواب السؤال (20655) .
ثانياً :
أما قولهم : ( إنهم يؤدونها جماعة وبذلك حققوا شرط الجماعة ) .
فينبغي أن يعلموا أن الواجب عليهم أمران :
الأول : أن يصلوا جماعة .
الثاني : أن تكون هذه الجماعة في المسجد .
فلا بد من تحقيق الأمرين معاً ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال المشار إليه آنفاً .
وانظر جواب السؤال (72398)(/1)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل الصلاة في المساجد , ولا بأس أن يصلي أهل المكاتب في مكاتبهم إذا كان خروجهم إلى المسجد يؤدي إلى تعطل العمل , أو يؤدي إلى تلاعب بعض الموظفين الذين يخرجون للصلاة ويتأخرون , وإذا كان المسجد بعيداً أيضاً جاز لهم الصلاة في مكان عملهم .
فالمهم : إذا كان هناك مصلحة , أو حاجة إلى أن يصلوا في مكاتبهم فلا حرج " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/68) .
وخلاصة الجواب :
أن الواجب على هؤلاء أن يصلوا في المسجد ما دام المسجد قريباً ، ولا يجوز لهم أن يصلوا في مكاتبهم ، إلا من عذر كما لو خيف أن يكون ذلك سببا لتفريط الموظفين ونحو ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 74991
الإغماء ينقض الوضوء:
هل الإغماء من نواقض الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، أجمع العلماء على أن الإغماء من نواقض الوضوء ، ولو كان يسيراً .
فمن أغمي عليه حتى زال شعوره ، ولو لحظة انتقض وضوؤه .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/234) :
" زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر وما أشبهه من الأدوية المزيلة للعقل , ينقض الوضوء يسيره وكثيره إجماعا , قال ابن المنذر : أجمع العلماء على وجوب الوضوء على المغمى عليه .
ولأن هؤلاء حسهم أبعد من حس النائم , بدليل أنهم لا ينتبهون بالانتباه , ففي إيجاب الوضوء على النائم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/25) :
" أجمعت الأمة على انتقاض الوضوء بالجنون وبالإغماء , وقد نقل الإجماع فيه ابن المنذر وآخرون
واتفق أصحابنا على أن من زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو سكر بخمر أو نبيذ أو غيرهما , أو شرب دواء للحاجة أو غيرها فزال عقله انتقض وضوءه . . .
قال أصحابنا : والسكر الناقض هو الذي لا يبقى معه شعور , دون أوائل النشوة , وقال أصحابنا : ولا فرق في كل ذلك بين القاعد ممكنا مقعده وغيره , ولا بين قليله وكثيره " انتهى .
وسُئل الشيخ ابن عثيمين : هل ينتقض الوضوء بالإغماء ؟
فأجاب : " نعم ، ينتقض الوضوء بالإغماء ، لأن الإغماء أشدُّ من النوم ، والنوم يَنقض الوضوء إذا كان مستغرقاً ، بحيث لا يدري النائم لو خرج منه شيء ، أمّا النوم اليسير الذي لو أحدث النائم لأحسُّ بنفسه ، فإن هذا النوم لا ينقض الوضوء ، سواء من مُضطجع أو قاعد متكئ أو قاعد غير متكئ ، أو أي حال من الأحوال ، ما دام لو أحدث أحسَّ بنفسه ، فإنه نومه لا ينقض الوضوء ، فالإغماء أشد من النوم فإذا أُغمي على الإنسان ، فإنه يجب عليه الوضوء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/200) .(/1)
وسئل الشيخ بن باز رحمه الله : ما حكم وضوء الذين يعيشون لحظات غيبوبة ؟
فأجاب :
" هذا فيه تفصيل : إذا كان شيء يسير لا يزيل الوعي ولا يمنع الإحساس بوجود الحدث فلا يضر ، كالناعس الذي لا يستغرق في نومه ، بل يسمع الحركة ، فهذا لا يضره حتى يعلم أنه خرج منه شيء ، هكذا إذا كانت الغيبوبة لا تمنع الإحساس ، أما إن كانت الغيبوبة تمنع شعوره بالذي يخرج منه ؛ كالسكران ، أو المصاب بمرض أفقده شعوره حتى صار في غيبوبة - فهذا ينتقض وضوءه كالإغماء ، كذلك المصابون بالصرع " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (10/145) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75003
هل يشتري بضائع مباحة من مؤسسة تبيع خموراً؟:
في بلادنا مؤسسات حكومية تبيع مخلفات الأصناف من مواد غذائية ومنزلية وأقمشة وألبسة ومواد تنظيف إضافة لذلك الخمور - والعياذ بالله - ولكن قسم مبيع الخمور خارج المبنى الرئيسي وبمنعزل عن كافة الأصناف ، علماً أن أسعار تلك المؤسسات أدنى بكثير من أسعار السوق .
سؤالي :
هل يجوز التعامل مع هذه المؤسسات أو ما شابه ذلك - وخاصة ذوي الدخل المحدود - ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لقد حرم الله تعالى شرب الخمر ، وحرم تصنيعها وبيعها وشراءها ، ولو كان البيع لغير المسلمين .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : ( إنَّ الله وَرَسولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيْتَة والخِنْزِير وَالأَصْنَام ) .
رواه البخاري ( 1212 ) ومسلم ( 1581 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم ؟
فأجابوا :
" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم ( لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها ) " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 49 ) .
وأما ما ورد في السؤال من شراء بضائع أخرى ممن يبيع الخمر , فلا حرج فيه ، وقد قال الله تعالى ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة/275 .
ولم يزل المسلمون يشترون المباح ممن يبيعه من الكفار والفساق مع كونهم يبيعون الحرام في أماكن أخرى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتري من اليهود ، وهم أكلة الربا ، وأكلة أموال الناس بالباطل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75005
هل تخرج من صلاة الجماعة بسبب بكاء ولدها ؟:
كنت في صلاة جماعة في المسجد وبكت ابنتي وأحضروها لي من خارج المسجد وهي تبكي بصوت عالٍ فاضطررت أن أقطع الصلاة .
فما حكم فعلي هذا ؟ وهل أثمت ؟ علماً أن مصلى النساء خلف الرجال مباشرة فلا يفصل بيننا سوى حاجز ، فإن استمررت في الصلاة قد يزعج بكاؤها المصلين .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء على أن قطع الصلاة المفروضة عمداً من غير عذرٍ شرعي بعد الشروع فيها محرم .
والأعذار الشرعية التي تبيح قطع الصلاة منها ما جاءت به السنَّة النبويَّة ، ويقاس عليها ما هو مثلها أو أولى .
ومن تلك الأعذار المبيحة لقطع الصلاة - فريضة كانت أو نافلة - : قتل الحية ، وخوف ضياع ماله ، أو إغاثة ملهوف ، أو إنقاذ غريق ، أو إطفاء حريق ، أو تحذير غافل مما قد يضره .
وقد سبق ذكر هذه الأعذار في جواب السؤال ( 65682 ) و ( 3878 ) .
ثانياً :
فإن بكى الطفل وتعذَّر إسكاته من قبَل أبيه أو أمه في صلاة الجماعة : فيجوز أن يقطعا الصلاة لإسكاته خشيةً أن يكون بكاؤه من ضرر أصابه ؛ وخشيةً من تضييع الصلاة على أهلها بالتشويش عليهم .
فإن أمكن إسكاته بحركة يسيرة مع عدم الانحراف عن جهة القبلة فتفعل المرأة ذلك وترجع لصلاتها ، فيمكنها – مثلا – الرجوع للخلف لحملِه مع عدم قطعها للصلاة ، فإن لم تتمكن من إسكاته إلا بقطع الصلاة بالكلية فعلت ذلك ولا حرج عليها إن شاء الله تعالى .
جاء في "مطالب أولي النهى" (1/641) :
" ويسن للإمام تخفيف الصلاة إذا عرض لبعض مأمومين في أثناء الصلاة ما يقتضي خروجه منها كسماع بكاء صبي , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها , فأسمع بكاء الصبي , فأتجوز فيها مخافة أن أشق على أمه ) رواه أبو داود " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :(/1)
هل يجوز قطع الصلاة عندما يرى المصلي دابة مقبلة عليه مثل العقرب وخلافها من الدواب السامة ؟ وكذلك عند الصلاة في الحرم هل يجوز قطع الصلاة حتى يتم اللحاق بولده أو ابنته التي كادت تضيع منه ؟
فأجابوا :
" إن تيسر له التخلص من العقرب ونحوها بغير قطع الصلاة فلا يقطعها ، وإلا قطعها ، وكذلك الحال في ولده إن تيسر له المحافظة على ولده دون قطع الصلاة فعل ، وإلا قطعها " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 8 / 36 ، 37 )
ولينظر جواب السؤال رقم ( 26230 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75007
حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام ؟:
أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية ، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية ، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله ؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم ؟.
الجواب:
الحمد لله
الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث حالات :
الأولى :
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه .
الثانية :
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً محرماً , أي : ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه الثياب حرام , لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي تشتريها .
فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها , وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها استعمالاً محرماً .
فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال المشترية .
وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب ، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها .
الثالثة :(/1)
أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة/275 , والواجب على من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.
وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق :
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار ؟
فأجابوا :
" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :
ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء ؟ علماً بأن غالبية من يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله ؟
فأجابوا :
" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم حالهن ؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة /2 " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/105) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :(/2)
ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير منها , والتنانير النسائية القصيرة ؟
فأجابوا :
" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك ؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب : من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة , ويجمع ذلك كله : إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية ؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية " .(/3)
فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * يرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق/3,2 , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) التوبة/71 , وقال عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ) , قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , والنصح لكل مسلم . متفق على صحته . ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم : " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر . . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/109) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 75040
حكم التأخر في دفع الفواتير مع ترتب فوائد ربوية:
ما الحكم في دفع الفواتير الشهرية المستحق دفعها في تاريخ معين بعد هذا التاريخ مع العلم أنه يحسب على هذا المبلغ فوائد ربوية ( وفى حالة دفع جزء من المبلغ تحسب الفوائد على الجزء المتبقي منه ) إذا لم يتم دفعها قبل هذا التاريخ ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الواجب على من ترتب عليه فواتير مستحقة أن لا يتأخر في تسديدها إذا كان يترتب على التأخير غرامة ؛ لأن الغرامة هنا ربا ، وهو ربا الجاهلية ، ويسمى " ربا النسيئة " وكان يقول صاحب المال للدائن : " إما أن تقضي وإما أن تُربي " .
والمتأخر في التسديد وهو قادر على الدفع مساهم في هذا الربا ، والإثم على كلا الطرفين .
وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم (1597) .
وآكل الربا هو آخذه .
ومؤكله هو معطيه .
أما إن كان قد تأخر في السداد وهو لا يعلم بالأمر ، أو تأخر لظرف قاهر : فإن الإثم على الشركة التي فرضت هذه الغرامة الربوية .
والواجب على هذه الشركات والمؤسسات أن تلغي هذه الغرامة الربوية ، ويمكنها إنذارهم أو قطع الخدمات عنهم بدلاً من تلك الغرامات الربوية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 75056
تنازل عن حقٍّ ماليٍّ له فهل له الرجوع عن تنازله ؟:
إذا سامح شخص شخصاً آخر على أمور مالية ، فهل له بعد ذلك أن يقول له إنه غير مسامحه ؟.
الجواب:
الحمد لله
من كان له حق عند غيره – سواء كان حقاًّ مالياً أم غيره – ثم تنازل عنه ، فقد برئت ذمة الطرف الثاني ، ولا يجوز للأول أن يرجع ويطالب بحقه السابق ، أو يقول : إنه غير مسامحه.
قال ابن قدامة في "المغني" (8/250) :
" وإذا كان له في ذمة إنسان دين , فوهبه له , أو أبرأه منه , أو أحله منه , صح , وبرئت ذمة الغريم منه . . . وإن قال : تصدقت به عليك . صح . . . وإن قال : عفوت لك عنه . صح . . . وإن قال : أسقطته عنك . صح . . . وإن قال : ملكتك إياه . صح ; لأنه بمنزلة هبته إياه " انتهى باختصار .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (1/144) :
" اتفق العلماء على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله لأنه إسقاط , والساقط لا يعود ، كما تنص على ذلك القاعدة المشهورة " انتهى بتصرف يسير .
وقال في "الغرر البهية" (3/392) :
" يمتنع الرجوع في هبة الدين ، لأنه لا بقاء له " انتهى بتصرف .
يعني : لأنه تبرأ منه ذمة المدين ، فلا يعود مرة أخرى .
وفي "تحفة المحتاج" (6/310) :
" هبة الدين لا رجوع فيه جزماً " انتهى .
وإسقاط الحق بمنزلة الهبة ، وقد حَرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الرجوع في الهبة ، فقال : ( العَائِد في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ ) رواه البخاري ( 2589 ) ، (6975) ومسلم ( 1622 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :(/1)
" قوله : ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ ) أي : لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أنْ نتصف بصفةٍ ذميمةٍ ، يشابهنا فيها أخسُّ الحيوانات ، في أخسِّ أحوالها ، قال الله سبحانه وتعالى: ( لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى ) النحل/60 ، ولعلَّ هذا أبلغ في الزجر عن ذلك وأدلُّ على التحريم ، مما لو قال مثلاً : ( لا تعودوا في الهبة ) " انتهى .
" فتح الباري " ( 5 / 294 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75057
من هم الأرحام الواجب صلتهم ؟:
لقد وصى الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بصلة الأرحام .
سؤالي هو :
من هم الأرحام الذين يجب صلتهم ؟ هل هم من جهة الأب أم الأم أم الزوجة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حدّ الرحم التي يجب وصلها إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن حد الرحم هو : الرحِم المَحرَم .
والقول الثاني : أنهم الرحم من ذوي الميراث .
والقول الثالث : أنهم الأقارب من النسب سواء كانوا يرثون أم لا .
والصحيح من أقوال أهل العلم هو القول الثالث ، وهو : أن الرحم هم الأقارب من النسب – لا من الرضاع – من جهة الأب والأم .
أما أقارب الزوجة فليسوا أرحاماً للزوج , وأقارب الزوج ليسوا أرحاماً للزوجة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
من هم الأرحام وذوو القربى حيث يقول البعض إن أقارب الزوجة ليسوا من الأرحام ؟
فأجاب :
" الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك ، وهم المعنيون بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال والأحزاب : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) الأنفال/75 ، والأحزاب/6 .
وأقربهم : الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم ما تناسلوا ، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم ، والأعمام والعمات وأولادهم ، والأخوال والخالات وأولادهم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سأله سائل قائلاً: من أبر يا رسول الله ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أباك ، ثم الأقرب فالأقرب ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، والأحاديث في ذلك كثيرة .
أما أقارب الزوجة : فليسوا أرحاماً لزوجها إذا لم يكونوا من قرابته ، ولكنهم أرحام لأولاده منها ، وبالله التوفيق " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 195 ) .(/1)
فأقارب كل واحد من الزوجين ليسوا أرحاماً للأخر , ومع ذلك فينبغي الإحسان إليهم , لأن ذلك من حسن العشرة بين الزوجين , ومن أسباب زيادة الألفة والمحبة .
ثانياً :
وصلة الرحم تكون بأمور متعددة ، منها : الزيارة ، والصدقة ، والإحسان إليهم , وعيادة المرضى ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وغير ذلك .
قال النووي رحمه الله :
" صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول ؛ فتارة تكون بالمال ، وتارة تكون بالخدمة ، وتارة تكون بالزيارة ، والسلام ، وغير ذلك " انتهى .
" شرح مسلم " ( 2 / 201 ) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
" وصلة الأقارب بما جرى به العرف واتّبعه الناس ؛ لأنه لم يبيّن في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين ... بل أطلق ؛ ولذلك يرجع فيها للعرف ، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة ، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة " انتهى .
" شرح رياض الصالحين " ( 5 / 215 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75072
تاب من الذهاب إلى النوادي الليلة وعليه فاتورة حساب فماذا يفعل؟:
إذا قام شخص بالذهاب إلى نادي ليلي ولم يدفع الحساب – الفاتورة - حيث إنه خرج من هذا المكان فجأة نتيجة حدوث " هوشة " في هذا المكان فماذا يفعل الآن وقد تاب ولم يعد يذهب إلى تلك الأماكن الآن إطلاقاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، ونسأل الله أن تكون توبة صادقة ، يحصل بها الندم على ما فعلتَ ، وتعزم بها على عدم العوْدة له .
ولو كان الحق الذي في ذمتك مباح الكسب كشرائك لطعام أو استئجارك لمنزل لوجب عليك رد الثمن والمال المترتب في ذمتك لأصحابه ، لكن لمَّا كان ما فعلتَه محرماً لم يكن لصاحب النادي الليلي الحق في مالك ، وليس لك أن تنتفع بالمال الذي ترتب عليك .
لذا فإن الواجب عليك أن تتصدق بهذا المال الذي في ذمتك للناس .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 4642 ) عن الشيخ ابن عثيمين أنه أفتى بذلك من حلق لحيته – وهو أمر محرم – ولم يدفع للحلاق ثمن حلاقته .
وهذا الأمر تفعله إذا لم يترتب عليك ضرر ، فإن علموا بك ورفعوا أمرك للمحكمة ، وألزموك بالدفع لهم : فادفع لهم وهم الذين يأثمون بالأخذ منك ، ولا يلزمك التصدق إن دفعت لهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 75093
هل تدل استقامة المبتدع على صلاح عمله وعقيدته ؟:
هل يدل استقامة ومحافظة المبتدع على الطاعات والصلوات كاملةً في جماعة على صلاح عمله وعقيدته ؟ وما شأنُه عند الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن الموقف الواجب هو رد وإنكار كل بدعة محدثة ، وبيان خروجها عن القصد والاستقامة ، وعدم التهاون في ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم (1718) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (12/16) :
" قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود ، ومعناه : فهو باطل غير معتد به ، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات ، وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به " انتهى .
ولا يجوز أن يؤثر على الموقف الشرعي من البدعة ما يظهر على فاعلها من الصلاح والاجتهاد في العبادة أو حسن الخلق ، إذ لا يلزم من ذلك صلاح عقيدته وعمله ،
أولاً : لأننا لا نعلم بماذا يختم له ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) متفق عليه .
ثانياً : قد يوفق المسلم لباب من أبواب الخير ، ويحرم من أبوابٍ أُخَر ، ويدلك على ذلك أدلة كثيرة ، منها :
1- عَن سَهلٍ بنِ سعدٍ السَّاعديِّ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ التَقَى هُوَ وَالمُشرِكُونَ فَاقتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسكَرِه ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسكَرِهِم ، وَفِي أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لا يَدَعُ لَهُم شَاذَّةً إِلا اتبعَها يَضرِبُها بِسَيفِهِ ، فَقَالُوا : مَا أَجزَأَ مِنَّا اليَومَ أَحَدٌ كَمَا أَجزَأَ فُلان .(/1)
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّه مِن أَهْلِ النَّارِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ : أَنَا صَاحِبُهُ أَبَدًا . قَالَ : فَخَرَجَ مَعَهُ ، كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا أَسرَعَ أَسرَعَ مَعَهُ ، قَالَ : فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرحًا شَدِيدًا ، فَاستعجَلَ المَوتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرضِ وَذُبَابَهُ بَينَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيفِهِ فَقَتَلَ نَفسَهُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَشهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ الذِي ذَكَرتَ آنِفًا أَنَّه مِن أَهلِ النَّارِ فَأَعظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ ، فَقُلتُ أَنَا لَكُم بِهِ ، فَخَرَجتُ فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرحًا شَدِيدًا ، فَاستَعجَلَ المَوتَ ، فَوَضَعَ نَصلَ سَيفِهِ بِالأَرضِ وَذُبَابَه بَينَ ثَديَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيهِ فَقَتَلَ نَفسَه ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِندَ ذَلكَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ النَّارِ فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهلِ الجَنّةِ ) . رواه البخاري (2898) ومسلم (112) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (2/126) :
" فيه التحذير من الاغترار بالأعمال " انتهى .(/2)
2- عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيهِ رَجُلٌ استشهِدَ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَه نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ : قَاتَلتُ فِيكَ حَتَّى استُشهِدتُ ، قَالَ : كَذَبتَ ، وَلكِنَّكَ قَاتَلتَ لأَن يُقَالَ جَرِيء ، فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرآنَ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَه نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ : تَعَلّمتُ العِلمَ وَعَلَّمتُه وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ ، قَالَ : كَذَبتَ ، وَلكِنَّكَ تَعَلَّمتَ العِلمَ لِيُقَال عَالِمٌ ، وَقَرَأتَ القُرآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ ، فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ ، وَأَعطَاهُ مِن أَصنَافِ المَالِ كُلِّهِ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَه نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ : مَا تَرَكتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أَن يُنفَقَ فِيهَا إِلا أَنفَقتُ فِيهَا لَكَ . قَالَ : كَذَبتَ ، وَلَكِنَّكَ فَعَلتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ ، فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ ثُمَّ أُلقِيَ فِي النَّارِ ) . رواه مسلم (1905)
فهذا مثال آخر يتبين فيه كيف أن صلاح الظاهر لا يلزم منه القبول عند الله تعالى .(/3)
3- وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بظهور فرقة الخوارج ، وهم من أهل البدع وأمرنا بقتالهم ، وأخبرنا أيضاً باجتهادهم في العبادة . فقال : ( يَخرُجُ فِيْ هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُم مَعَ صَلَاتِهِم ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاْ يُجَاوِزُ حُلوقَهَم أَوْ حَنَاجِرَهُم ، يَمرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرّمِيَّةِ ) رواه البخاري (6931) ومسلم (1064) .
فوصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في العبادة حتى إن الصحابة يحقرون صلاتهم إذا ما قورنت بصلاة هؤلاء ، ومع ذلك أخبر أنهم يمرقون ، أي : يخرجون من الدين .
وقد يقع الرجل في البدعة بسبب اجتهادٍ أخطأ فيه ، ولم يتعمد ارتكاب المخالفة وفعل البدعة ، فنرجو من الله تعالى أن يغفر له ، ويعفو عنه .
قال الذهبي رحمه الله :
" إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعُلمَ تحرِّيه للحق ، واتسع علمه وظهر ذكاؤه ، وعُرفَ صلاحُه وورعه واتباعه ، يُغفَرُ له زَلَلُه ، ولا نُضلِّلُه ونطرحه وننسى محاسنَه ، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له التوبة من ذلك " انتهى .
"سير أعلام النبلاء" (5/271) .
والمؤمن قد يجتمع فيه خير وشر ، فيحمد على ما معه من الخير ، ويذم على ما معه من الشر ، بعد نصحه ووعظه وإرشاده .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 75099
كيف يدعو صاحبه إلى السنة والجماعة ؟:
كيف لي أن أدعوَ أخًا لي مسلما ، ولكنه صوفي ، أَحسنَ إليَّ كثيرًا ، يداوم على حضور دروس العلماء ، ومع عدم وجود ناصر من العلماء ممن قد يساندوني في ذلك ، مع علمكم بصعوبة الإقناع للصوفيين ، وخصوصًا في الوسط ذاته ، ومع العلم أنه يتهم السلفيين بأنهم تكفيريون ، وغير ذلك ؟ .
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على حرصك ومتابعتك لأخيك في أمور الدين ، ولا شك أن من أكبر نعم الله على العبد أن يجعل قلبه حيًا نابضًا بالدعوة إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
والداعية إلى الله يحتاج في دعوته إلى العلم والبصيرة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" تأمل أيها الشاب المسلم الواعي الداعي إلى الله قوله تعالى ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108 .
أي : على بصيرة فيما تدعو إليه ، وعلى بصيرة بحال المدعو ، وعلى بصيرة في كيفية الدعوة ، إذًا هناك شروط يجب مراعاتها ، منها :
أولاً : أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه ، بأن يكون عالمًا بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه ؛ لأنه قد يدعو إلى شيء يظن أنه واجب وهو في الشرع غير واجب ، فيلزم عباد الله بما لم يلزمهم به الله ، وقد يدعو إلى ترك شيء يظن أنه محرم ، وهو في دين الله غير محرم ، فيحرم على عباد الله ما أحله الله لهم .
ثانيًا : أن يكون على بصيرة بحال المدعو : لا بد أن تعلم حال المدعو ، ما مستواه العلمي ؟ وما مستواه الجدلي ؟ حتى تتأهب له فتناقشه وتجادله ؛ لأنك إذا دخلت مع مثل هذا في جدال ، وكان الأمر عليك لقوة جدله ، صار في هذا نكبة عظيمة على الحق وأنت سببها ، ولا تظن أن صاحب الباطل يخفق في كل حال .(/1)
ثالثًا : أن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة ، فأحث إخواني الدعاة على استعمال الحكمة والتأني ، وهم يعلمون أن الله تعالى يقول : ( يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) البقرة/269 " انتهى .
"فتاوى الحرم المكي" (ص/1063- 1066 بتصرف) .
وانظر سؤال رقم (2023) .
وينبغي هنا أن تتنبه إلى بعض الأمور :
أولاً :
لا تستعمل أسلوب التعميم ، كأن تحكم على التصوف في أصل فكرته بالبدعة والضلال ، أو تحكم على جميع المتصوفة بالضلال ، بل عليك بالاحتراز في الكلام ، كأن تقول له مثلاً : من فعل كذا أو قال كذا من الصوفية أو غيرهم فقد وقع في البدعة ، أو نحو ذلك من العبارات .
ولم يحكم العلماء على التصوف جميعه بالضلال ، بل قسموا التصوف إلى أقسام ، ثم بينوا ما يوافق السنة منها وما يخالفها .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم :
" المتصوفة على قسمين : متصوفة سُنِّيِّين ، ومتصوفة بدعِيِّين ، ومقتصدوهم ليس فيهم إلا القليل من البدعة ، وبعضهم عنده الشيء الكثير ، وجعلوا التصوف نافذة إلى وحدة الوجود " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن إبراهيم" (1/ رقم 192) .
وإن كان الغالب على الصوفية الآن الوقوع في البدع والضلالات .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم (4983) (47431) (20375) .
فيمكنك أن تدخل له من هذا المدخل ، ثم تحاكم التصوف الذي يلتزمه صاحبك إلى الكتاب والسنة ، فإن كان حقا فالحمد لله ، وإن كان باطلاً رجع عنه إن شاء الله .
ثانيًا :(/2)
وأما اتهامه للسلفيين بأنهم تكفيريون ، فهي تهمة سمعناها كثيراً ، وتكفير من قام الدليل على تكفيره ليس عيباً ولا خطأً ، بل العيب والخطأ هو عدم تكفير من دل الدليل على تكفيره ، ونحن لا ننكر أن بعض من ينتسب إلى السلفيين قد تساهل في إطلاق لفظ الكفر ، ولكن ليس هذا هو منهج أهل السنة والجماعة ، فأهل السنة لا يكفرون أحدا بمجرد معصية فعلها ، ولو كانت كبيرة ، بل لابد من قيام الدليل الشرعي على أن هذا الفعل كفر ، ثم توفر الشروط وانتفاء الموانع حتى يحكم على الشخص بأنه كافر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مذهب أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أهل القبلة بمجرد الذنوب ، ولا بمجرد التأويل ، بل الشخص الواحد إذا كانت له حسنات وسيئات فأمره إلى الله " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (27/478) .
وقال رحمه الله :
" وليس لأحد أن يُكفِّر أحداً من المسلمين ، وإن أخطأ وغلط ، حتى تقام عليه الحجة ، وتبين له المحجة ، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك ، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة ، وإزالة الشبهة " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (12/466) .
وبيّن رحمه الله أن أهل السنة لا يكفرون المخالف لهم ، وإن كان مخالفهم يكفرهم - أحيانًا - قال رحمه الله :
" وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة ، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة ، ويعدلون على من خرج منها ، ولو ظلمهم ، كما قال تعالى ( كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة/8 .
ويرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم ، لا يقصدون لهم الشر...، فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم ، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم ؛ لأن الكفر حكم شرعي " انتهى .
"الرد على البكري" (ص/256 – 258) .
ثالثًا :(/3)
إن لم يكن عندك من العلم ما يكفي لإقناعه ، والإجابة عن الشبهات التي يحملها ، فيمكنك إيصال الحق له عن طريق الكتاب النافع ، والشريط المقنع ، أو عن طريق زيارة أهل العلم في بلدكم أو في غيرها من البلاد ، للسماع منهم وسؤالهم ، وقد باتت وسائل الخير متيسرة لجميع الناس هذه الأيام – والحمد لله - ، ولا تحتقرن شيئًا من ذلك ، فلعل شريطًا تهديه إليه يكون سببًا في هدايته .
رابعًا :
لا تيأس من دعوته وهدايته ، ولو طال الزمن ، فكم من الناس تاب ورجع إلى الحق بعد سنوات من دعوته وتذكيره .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 75307
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون:
هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير ، مع أنه غير مكلف ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون ، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) . فالزكاة واجبة في المال ، فهي عبادة مالية تجب متى توفرت شروطها ، كملك النصاب ، ومرور الحول .
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن : ( أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) رواه البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني ، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال .
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : ( أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي . وقد ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه ، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال : إسناده صحيح . وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" .
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله ، كما لا تجب عليه سائر العبادات ؛ كالصلاة والصيام ، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة الفطر .(/1)
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي فلأنهما عبادات بدنية ، وبدن الصبي لا يتحملها ، أما الزكاة فهي حق مالي ، والحقوق المالية تجب على الصبي ، كما لو أتلف مال إنسان ، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله ، وكنفقة الأقارب ، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك .
وقالوا أيضا : ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي ، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود ، فكما وجبت الزكاة عليه في الزروع تجب عليه في سائر الأموال ، ولا فرق .
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما ، كلما حال عليه الحول ، ولا ينتظر بلوغ الصبي .
قال ابن قدامة في المغني :
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون , فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى .
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ، ويجب على الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ، ونفقة الأقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى .
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا أنه لا يخرجها حتى يبلغ ، وكلاهما ضعيف لا يصح . ضعفهما النووي في المجموع (5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما ، فهل تجب في هذه الأموال زكاة ؟ وإن كان كذلك فمن يخرجها ؟
فأجاب :(/2)
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، وعلى ولي الأيتام أن يخرجها في وقتها . . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم ، لأنها بموته دخلت ملكهم ، والله ولي التوفيق " انتهى .
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ؟
فأجابوا :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ، وهذا قول علي وابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر ، ويجب على الولي إخراجها ، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة ، ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له : ( أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه الجماعة ، ولفظة : (الأغنياء) تشمل : الصغير والمجنون ، كما شملهما لفظ الفقراء ، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة ) وهو مرسل . وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم ، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته . وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في الشرح الممتع (6/14) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 75341
هل يستطيع أحد أن يحيي الموتى ؟!:
هل يمكن أحداً أن يحيي ميِّتا ؟
الجواب:
الحمد لله
مِن أصول الاعتقاد الصحيح : الإيمان بأن الله تعالى هو وحده الذي يحيي ويميت , ومن ادَّعى أن غير الله تعالى قادر على الإحياء والإماتة فقد كفر ، بل إن المشركين في جاهليتهم لم يعتقدوا ذلك في أصنامهم وآلهتهم .
قال الله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) البقرة/28 .
وقال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الحج/6 .
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ) الحج/66 .
وقد بيَّن الله تعالى عجز الآلهة المزعومة عن الخلق والرزق والإحياء والإماتة .
قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/40 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :(/1)
" فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ( هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يدلّ دلالة واضحة على أن شركاءهم ليس واحد منهم يقدر أن يفعل شيئًا من ذلك المذكور في الآية ، ومنه الحياة المعبّر عنها بـ : ( خَلَقَكُمْ ) ، والموت المعبّر عنه بقوله : ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) ، والنشور المعبّر بقوله : ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وبيَّن أنهم لا يملكون نشوراً بقوله : ( أَمِ اتَّخَذُواْ آلِهَةً مّنَ الاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) ، وبيّن أنهم لا يملكون حياة ولا نشوراً في قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُل اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ، وبيَّن أنه وحده الذي بيده الموت والحياة في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلا ً) ، وقوله تعالى : ( وَلَن يُؤَخّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّر ) ، وقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .
وهذا الذي ذكرنا من بيان هذه الآيات بعضها لبعض معلوم بالضرورة من الدّين " انتهى .
" أضواء البيان " ( 6 / 271 ) .
وقد كان من آيات عيسى ابن مريم عليه السلام البينات أنه يحيي الموتى بإذن الله ، ولم يكن عيسى عليه السلام قادراً على ذلك إلا أن يشاء ربه تبارك وتعالى .(/2)
قال تعالى : ( وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) آل عمران/49 .
وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ) المائدة/110 .
وأما ما وقع من المجادل لإبراهيم عليه السلام بأنه قادر على الإحياء والإماتة فهذا من أسخف الادعاءات , وأبطلها , ولهذا لما ناظره إبراهيم عليه السلام انقطع ذلك الكافر , وثبت بطلان دعواه .
قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/258 .
فلا يستطيع أحدٌ من البشر أن يدَّعي أنه قادر على إحياء الموتى ، ومن ادعى ذلك فها هم الموتى من الرسل والأنبياء والعظماء فليحيهم إن كان صادقاً في دعواه !
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 75394
الصوم في شهر رجب:
هل ورد فضل معين للصيام في شهر رجب ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , والأشهر الحرم هي : رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم .
وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ) .
وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين :
1- لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو .
2- لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها .
ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال : ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , مع أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها , إلا أنه في هذه الأشهر أشد تحريماً .
قال السعدي رحمه الله (ص 373) :
" ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثني عشر شهرا , وأن اللّه تعالى بَيَّن أنه جعلها مقادير للعباد , وأن تعمر بطاعته , ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها , وتقييضها لمصالح العباد , فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها .
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم , وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها خصوصاً ، مع النهي عن الظلم كل وقت , لزيادة تحريمها , وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها " انتهى .(/1)
ثانياً :
وأما صوم شهر رجب , فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم شيء منه حديث صحيح .
فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها : لا أصل له في الشرع .
غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم ( ورجب من الأشهر الحرم ) فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ) رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس , أما تخصيص رجب بالصيام فلا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/290) :
" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات . . .
وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم : وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا " انتهى باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى " انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .
وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص11) :
" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معين , ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة " انتهى .
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/383) :
" وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور , إلا أنه من الأشهر الحرم , ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه , وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام يوم السابع والعشرين من رجب وقيام ليلته .(/2)
فأجاب :
" صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة , وكل بدعة ضلالة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/440) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 75408
أسلما بعد طلاقهما ولهما طفلة ، فما هي حقوق كل منهما ؟:
رجل وامرأة كانا كافرين ، وعلمت المرأة أنها حامل ، وطلب منها الرجل أن تجهض حملها ، فرفضت ولم تأبه باقتراحاته ، إلى أن وضعت مولودها ، وكانت طفلة ، ثم أسلم الرجل والمرأة سويًا ، لكنهما كانا قد تطلقا .
هل ما يزال للأب حقوقٌ تزيد على ما للأم ، مع أنه أوضح بجلاء أنه لا يرغب في أن تولد هذه الطفلة في المقام الأول ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن هداكما لدين الحق . وهذه أعظم نعم الله تعالى على عبده ، إذ بها يسعد في الدنيا والآخرة ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكما إلى ما يحب ويرضى ويرزقكما الاستقامة والثبات على دينه .
ثانياً :
لقد أحسنت برفضك إجهاض الحمل ، وذلك أن إجهاض الحمل معصية ، سواء كان ذلك قبل نفخ الروح أو بعده ، وإن كان الإثم يعظم بعد نفخ الروح .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم (40269) (42321) .
ثالثاً :
إذا طلق الرجل زوجته ، وتم الانفصال وبينهما طفل ، فالمقرر في الشريعة أن حق الأم في حضانة هذا الطفل أعظم من حق الأب ، ما لم يكن هناك مانع كزواجها أو قلة دينها أو تقصيرها في الرعاية .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم (8189) (20705) (21516) .
رابعاً :
وإساءة الأب بطلب إجهاض الحمل لا يسقط حقه الثابت له ، كحق النسب والرعاية والإنفاق والتسمية والزيارة أثناء فترة حضانة أمها لها ، كما له حق حضانتها إذا وجد مانع من حضانة الأم كالزواج .
ونرجو أن يكون قد غفر الله له بإسلامه ، فإن الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب .
خامساً :
قول السائلة : "هل ما يزال للأب حقوق تزيد عن ما للأم ؟"(/1)
فليُعلم أن حقوق الأب ليست أكثر من حقوق الأم دائما ، بل حقها مقدم عليه في الحضانة كما سبق ، وحقها مقدم عليه أيضا في البر ، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ . رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : الْحَثّ عَلَى بِرّ الأَقَارِب , وَأَنَّ الأُمّ أَحَقّهمْ بِذَلِكَ , ثُمَّ بَعْدهَا الأَب , ثُمَّ الأَقْرَب فَالأَقْرَب . قَالَ الْعُلَمَاء : وَسَبَب تَقْدِيم الأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ , وَشَفَقَتهَا , وَخِدْمَتهَا , وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله , ثُمَّ وَضْعه , ثُمَّ إِرْضَاعه , ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه , وَغَيْر ذَلِكَ . وَنَقَلَ الْحَارِث الْمُحَاسِبِيّ إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الأُمّ تُفَضَّل فِي الْبِرّ عَلَى الأَب , وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض خِلافًا فِي ذَلِكَ , فَقَالَ الْجُمْهُور بِتَفْضِيلِهَا , وَقَالَ بَعْضهمْ : يَكُون بِرّهمَا سَوَاء . قَالَ : وَنَسَبَ بَعْضهمْ هَذَا إِلَى مَالِك , وَالصَّوَاب الأَوَّل لِصَرِيحِ هَذِهِ الأَحَادِيث فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُور " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75410
حكم بناء المسجد أو ملحقاته من مالٍ حرام:
هل يجوز أن يُبنى مسجد أو ( ملحقات مسجد ) في ساحة الحي السكني الملاصق للمسجد ، ليستخدم في أغراض متعددة ، كصلاة الجماعة في رمضان ، وصلاة العيدين ، وما إلى ذلك ، من تبرعاتٍ مصدرُها محرم ، مع أن إدارة المسجد على علمٍ بذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
المال الحرام إما أن يكون محرما لعينه ، وإما أن يكون محرماً لكسبه .
فالمحرم لعينه كالمال المغصوب والمسروق ، فهذا لا يحل لأحد الانتفاع به وهو يعلم أنه مسروق من فلان ، بل يحب رده إلى صاحبه .
وطريقة التوبة من غصب هذا المال : أن يرد إلى صاحبه ، ولا يجزئ الغاصب التبرع به لبناء مسجد وهو يقدر على رده إلى صاحبه .
لكن إن تعذر رده إلى صاحبه ، ( كالمال الذي تغتصبه بعض الحكومات الظالمة من الناس ) فلا حرج في إنفاقه في مصالح المسلمين العامة ، ومنها بناء المساجد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "السياسة الشرعية" (ص 35) :
" إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها ككثير من الأموال السلطانية (أي التي غصبها السلطان) ; فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك : من الإعانة على البر والتقوى ; إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال - إذا لم يمكن معرفة أصحابها وردها عليهم ولا على ورثتهم - أن يصرفها - مع التوبة إن كان هو الظالم - إلى مصالح المسلمين . هذا هو قول جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد وهو منقول عن غير واحد من الصحابة وعلى ذلك دلت الأدلة الشرعية . . .
وإن كان غيره قد أخذها فعليه هو أن يفعل بها ذلك " انتهى .(/1)
وأما المحرم لكسبه فهو الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم كبيع الخمر ، أو التعامل بالربا ، أو أجرة الغناء والزنا ونحو ذلك ، فهذا المال حرام على من اكتسبه فقط ، أما إذا أخذه منه شخص آخر بطريق مباح فلا حرج في ذلك ، كما لو تبرع به لبناء مسجد ، أو دفعه أجرة لعامل عنده ، أو أنفق منه على زوجته وأولاده ، فلا يحرم على هؤلاء الانتفاع به ، وإنما يحرم على من اكتسبه بطريق محرم فقط .
وطريقة التوبة من هذا المال المحرم : التخلص منه ، وإنفاقه في وجوه البر ومنها بناء المساجد .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/330) :
" قال الغزالي : إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه - فإن كان له مالك معين - وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد ، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء . . . وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام ؟
فأجاب :
" الصلاة فيه جائزة ولا حرج فيها ؛ لأن الذي بناه من مال حرام ربما يكون أراد في بنائه أن يتخلص من المال الحرام الذي اكتسبه ، وحينئذٍ يكون بناؤه لهذا المسجد حلالاً إذا قصد به التخلص من المال الحرام ، وإن كان التخلص من المال الحرام لا يتعين ببناء المساجد ، بل إذا بذله الإنسان في مشروع خيري حصلت به البراءة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/ سؤال رقم 304) وانظر "الشرح الممتع" (4/344) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75443
يوصل زبائنه إلى أماكن معصية ويأخذ عمولة من أصحابها:
أسكن في ألمانيا ولدي صديق يعمل سائق تاكسي ، وقال : في كثير من الأحيان تأتينا طلبية تطلب إيصاله إلى أماكن دعارة ، وعند الوصول إلى المكان وأخذ الأجرة من المستأجر للتاكسي ، صديقنا صاحب التاكسي له الخيار أن ينزل ويأخذ من صاحب محل الدعارة بقشيش ( إكرامية أو عمولة ) وهي قيمة مرتفعة لا تقل على 30 يورو ، وإذا صديقنا صاحب التاكسي أنزل الراكب وانصرف لا يأخذ شيئاً .
السؤال :
هل يجوز له أخذ هذا المبلغ ( بقشيش ، أو إكرامية أو عمولة ) ولا يتركه لهم على أن يعطيه لصالح المسلمين ولا ينتفع به قياساً على أخذ الفوائد من البنوك الربوية وصرفها فيما ينفع المسلمين وليس لشخصه ؟.
الجواب:
الحمد لله
كان الواجب أن يكون السؤال عن حكم إيصال هؤلاء العصاة إلى أماكن المعصية ، لا أن يكون السؤال عن حكم عمولة توصيلهم إلى أماكن الفواحش والمنكرات ، وإنما حكم هذه العمولة تابع لحكم توصيلهم .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 10398 ) تحريم توصيل العصاة إلى أماكن يعصون الله فيها ، فيحرم على هذا السائق أن يوصل أحداً إلى مكان يجزم أو يغلب على ظنه أنه مكان معصية كأماكن الزنا والحانات والمسابح وغيرها .
وإذا فعل وأوصل أحداً إلى تلك الأماكن فإنه يكون شريكاً في آثامهم وجرائمهم ، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .(/1)
وإذا فعله مع علمه فليسارع إلى التوبة والاستغفار والندم والعزم على عدم العود ، ولا يلتفت لتلك الأموال الخبيثة التي يدفعها أصحاب تلك الأماكن الفاجرة ، والفقراء في غنى عنها ، وهذه الأماكن التي يُعصى الله تعالى فيها يجب على المسلم أن ينكر على أهلها ؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 49 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فكيف يوجب عليه الشرع إنكار المنكر وهو يترجل من سيارته ويدخل لتلك الأماكن ليأخذ عمولة توصيل صاحب فاحشة ومنكرات ليفعلها عندهم ؟! فلا هو بالذي غيَّر المنكر بيده ولا بلسانه ولا حتى بقلبه ، وهذا أمرٌ خطير على صاحبه .
قال النووي رحمه الله :
" وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليغيره ) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة ، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ... .
واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضَيِّع أكثرُه من أزمان متطاولة , ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدّاً ، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه ، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح ، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أو شك أن يعمهم الله تعالى بعقابه ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) " انتهى .
" شرح مسلم " ( 2 / 22 – 24 ) باختصار .
ولا يحل لمسلم أن يتعمد فعل المحرم ليأخذ أموالهم ويصرفها في مصالح المسلمين ، بخلاف من تاب من الربا أو الكسب الحرام فإن توبة مثل هؤلاء تقتضي صرف تلك الأموال في وجوه الخير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 75525
شبهات وجوابها حول وجوب إعفاء اللحية:
أفتى العديد من علماء المسلمين بأن توفير اللحية واجب على كل مسلم . والحكمة من ذلك عدم التشبه بالكفار كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث شريف . ولكن الجميع يلاحظ على شاشات التلفاز أن الكثير من اليهود يعفون اللحى ، فألا يسقط هذا حكمة إعفاء اللحى وتحول الأمر إلى سنة فقط ؟ كذلك ألم يكن أمر مخالفة الكفار بإطلاق اللحية سببه اختلاط المسلمين بهم في عصر الفتوحات الإسلامية فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يميزنا عنهم وقد سقط هذا الشيء الآن بسبب سيادة الإسلام في أرضنا العربية ولله الحمد... فهل هذا يحول الأمر إلى سنة أيضاً ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سبق بيان أدلة تحريم حلق اللحية في جواب السؤال (1189) .
ثانيا :
وأما القول بأن العلة من وجوب إعفاء اللحية هي مخالفة المشركين ، وقد زالت هذه العلة الآن ، وعليه فلا يجب إعفاء اللحية .
فالجواب على هذا القول بما يلي :
1- القول بزوال العلة الآن ، قول مخالف للواقع ، لأنه يقال : أيهما أكثر في المشركين : من يحلقون لحاهم أم من يعفونها ؟ لا شك أن الأكثر هم الذين يحلقون لحاهم .
2- وأيضاً : ليست العلة الوحيدة هي مخالفة المشركين ، حتى يقال بزوال الحكم إذا زالت العلة ، بل هناك علل أخرى ، منها : أن في حلق اللحية تشبهاً بالنساء ، وتغييراً لخلق الله . وأن إعفاءها من سنن الفطرة ، وسنن المرسلين .
فعلى فرض أن علة " مخالفة المشركين " قد زالت يبقى الحكم مشروعاً كما هو بالعلل الأخرى .
وقد سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عما يقوله بعض الناس من أن علة إعفاء اللحى مخالفة المجوس والنصارى كما في الحديث ، وهي علة ليست بقائمة الآن ، لأنهم يعفون لحاهم ؟
فأجاب :
" جوابنا على هذا من وجوه :(/1)
الوجه الأول : أن إعفاء اللحية ليس من أجل المخالفة فحسب ، بل هو من الفطرة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، فإن إعفاء اللحي من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها ، واستقباح ما سواها .
الوجه الثاني : أن اليهود والنصارى والمجوس الآن ليسوا يعفون لحاهم كلهم ، ولا ربعهم ، بل أكثرهم يحلقون لحاهم كما هو مشاهد وواقع .
الوجه الثالث : أن الحكم إذا ثبت شرعاً من أجل معنى زال وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام فإنه يبقى ولو زال السبب ، ألا ترى إلى الرَّمَل في الطواف كان سببه أن يُظهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجَلَد والقوة أمام المشركين الذين قالوا إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حُمَّى يثرب ، ومع ذلك فقد زالت هذه العلة ، وبقى الحكم ، حيث رَمَل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع .
فالحاصل : أن الواجب على المؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يقول سمعنا وأطعنا ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور/51 .
ولا يكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا أو يلتمسوا العلل الواهية والأعذار التي لا أصل لها ، فإن هذا شأن من لم يكن مستسلما ًغاية الاستسلام لأمر الله ورسوله يقول الله عز وجلّ : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/ 36 .
ويقول تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65 .(/2)
ولا أدري عن الذي يقول مثل هذا الكلام هل يستطيع أن يواجه به ربه يوم القيامة ، فعلينا أن نسمع ونطيع وأن نمتثل أمر الله ورسوله على كل حال " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/129_130) .
وقال رحمه الله أيضا : " إعفاء اللحية من سنن المرسلين ، قال الله تعالى عن هارون أنه قال لأخيه موسى : ( قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى إِنِّى خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى? إِسْرا?ءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى ) طه / 94 .
وكان خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته ، وكذلك كان خلفاؤه ، وأصحابه ، وأئمة الإسلام وعامتهم في غير العصور المتأخرة التي خالف فيها الكثير ما كان عليه نبيهم صلى الله عليه وسلم وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم ، فهي هدي الأنبياء والمرسلين وأتباعهم ، وهي من الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، ولهذا كان القول الراجح تحريم حلقها كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها .
وأما كون الحكمة من إبقائها مخالفة اليهود ، وانتفت الا?ن فغير مسلَّم ؛ لأن العلة ليست مخالفة اليهود فقط .
بل الثابت في الصحيحين : ( خالفوا المشركين ) وفي صحيح مسلم : أيضاً ( خالفوا المجوس ) ، ثم إن المخالفة لهؤلاء ليست وحدها هي العلة ؛ بل هناك علة أخرى أو أكثر ،
مثل : موافقة هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام في إبقائها .
ولزوم مقتضى الفطرة .
وعدم تغيير خلق الله فيما لم يأذن به الله .
فكل هذه علل موجبات لإبقائها وإعفائها مع مخالفة أعداء الله من المشركين والمجوس واليهود .(/3)
ثم إن ادعاء انتفائها غير مسلم ، فإن أكثر أعداء الله اليوم من اليهود وغيرهم ، يحلقون لحاهم ، كما يعرف ذلك من له خبرة بأحوال الأمم وأعمالهم ، ثم على فرض أن يكون أكثر هؤلاء اليوم يعفون لحاهم ، فإن هذا لا يزيل مشروعية إعفائها ؛ لأن تشبه أعداء الإسلام بما شُرع لأهل الإسلام لا يسلبه الشرعية ، بل ينبغي أن تزداد به تمسكاً حيث تشبهوا بنا فيه وصاروا تبعاً لنا ، وأيدوا حسنه ورجعوا إلى مقتضى الفطرة " انتهى .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (16/46_47) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 75568
أضاعت صندوق وقفٍ كان في عهدتها فهل تضمنه ؟:
ما حكم التصرف بالوقف مما يؤدي إلى ضياعه دون قصد ؟ فقد وضع صندوق للتبرعات في مسجد الجامعة وقفاً لمن أراد الانتفاع به في جمع التبرعات لمن يحتاجها ومن ثم إعادته إلى المسجد مرة أخرى ، وقد استخدمت هذا الصندوق للغرض الذي وقف له ، ثم ضاع مني دون أن أجده فما عليَّ الآن ؟ هل يجب عليَّ ضمان هذا الصندوق ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان هذا الصندوق قد ضاع منك من غير تفريط أو تقصير في حفظه فلا ضمان عليك ، أما إذا كنت قصرت في حفظه فعليك ضمانه ، وضمان الأموال التي كانت فيه ، إن كان فيه أموال . لأنك كنت مؤتمنة على هذا الصندوق ، والأمين لا يضمنه إلا بالتعدي أو التفريط . جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 258 ، 259 ) :
" المشهور تقسيم اليد إلى قسمين : يد أمانة ، ويد ضمان .
ويد الأمانة : حيازة الشّيء أو المال ، نيابةً لا تملّكاً ، كيد الوديع ، والمستعير ، والمستأجر ، والشّريك ، والمضارب ، وناظر الوقف ، والوصيّ .
ويد الضمان : حيازة المال للتّملّك أو لمصلحة الحائز ، كيد المشتري والقابض على سوم الشّراء ، والمرتهن ، والغاصب والمالك ، والمقترض .
وحكم يد الأمانة ، أنّ واضع اليد أمانةً ، لا يضمن ما هو تحت يده ، إلاّ بالتّعدّي أو التّقصير ، كالوديع .
وحكم يد الضّمان ، أنّ واضع اليد على المال ، على وجه التّملّك أو الانتفاع به لمصلحة نفسه ، يضمنه في كلّ حال ، حتّى لو هلك بآفة سماويّة ، أو عجز عن ردّه إلى صاحبه ، كما يضمنه بالتّلف والإتلاف .(/1)
فالمالك ضامن لما يملكه وهو تحت يده ، فإذا انتقلت اليد إلى غيره بعقد البيع ، أو بإذنه ، كالمقبوض على سوم الشّراء ، أو بغير إذنه كالمغصوب ، فالضّمان في ذلك على ذي اليد ، ولو انتقلت اليد إلى غيره ، بعقد وديعة أو عاريّة ، فالضّمان - أيضاً - على المالك " انتهى .
وعليه : فما دمت قد استعملت الصندوق فيما أوقف عليه ، ولم يحصل منك تعدٍّ ولا تقصير ولا إهمال في حفظه والعناية به : فلا يلزمك ضمانه ، ولو فعلت وأتيت بغيره أو أحسن منه فهو أطيب لك وأبعد لك عن الشبهة والقيل والقال فيك ، وهو صندوقٌ لجمع التبرعات لا يكلفك كثيراً ولك فيه أجر ، فاحرصي على الإتيان بصندوق آخر من غير إلزام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75612
ما هو الجاثوم ؟:
كثيرا ً ما نسمع عن " الجاثوم " وأنه من جني يجثم على صدر الإنسان حين يكون تاركاًً للصلاة أو غيرها ، هل يوجد أي شيء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك ؟ أم أنه من الخرافات والأساطير ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الجاثوم هو الكابوس الذي يقع على الإنسان في نومه .
قال ابن منظور :
" الجثام " و " الجاثوم " : الكابوس ، يجثم على الإنسان ، ... ويقال للذي يقع على الإنسان وهو نائم " جاثوم " .
" لسان العرب " ( 12 / 83 ) .
وقال – أيضاً - :
والكابوس : ما يقع على النائم بالليل ، ويقال : هو مقدمة الصرع ، قال بعض اللغويين : ولا أحسبه عربيا إنما هو النِّيدلان ، وهو الباروك ، والجاثوم .
" لسان العرب " ( 6 / 190 ) .
ثانياً :
قد يكون " الجاثوم " بسببٍ عضوي مادي ، كتأثير طعام أو دواء ، وقد يكون بسببِ تسلط الجن ، ويكون علاج الأول بالحجامة والفصد وتخفيف الطعام وغيرها ، ويكون علاج الثاني بالقرآن والأذكار الشرعية .
قال ابن سينا في كتابه الطبي " القانون " :
" فصل في الكابوس :
ويسمى الخانق ، وقد يسمى بالعربية الجاثوم ، والنيدلان .
الكابوس مرض يحسّ فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه ، ويعصره ويضيق نفسه ، فينقطع صوته وحركته ، ويكاد يختنق لانسداد المسام ، وإذا تقضى عنه انتبه دفعة ، وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث : إما الصرع ، وإما السكتة ، وإما المانيا ؛ وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ، ولم يكن من أسباب أخرى غير مادية " انتهى .
وهكذا يقول الأطباء المعاصرون ، فقد قسَّم الدكتور حسَّان شمسي باشا الكوابيس إلى قسمين : الكوابيس العارضة ، والكوابيس المتكررة ، وجعل الأول لأسباب مادية ، والثاني بسبب تسلط الجن .
وقال في كتابه " النوم والأرق والأحلام " :
" 1) الكوابيس العارضة :
تحدث لسببين :(/1)
أ- تحيز بخارات في مجرى النفس تتراقى إلى الدماغ أو تنصب منه دفعة حين الدخول في النوم ؛ فيشعر المصاب بثقل في الحركة والكلام أو شعور بالفزع ، وهو مقدمة الصرع العضوي ، ويحدث أيضا عند التعرض للضغوط النفسية .
ب- تعاطي أدوية يمكن أن تسبب الكوابيس وهي :
1. الرزربين .
2. حصرات بيتا .
3. ليفودبا .
4. مضادات الهمود .
5. بعد التوقف عن استعمال الأدوية المهدئة ، كالفاليوم .
2) الكوابيس المتكررة : وهذا النوع من الكوابيس يدل على تسلط وإيذاء الأرواح الخبيثة للإنسان " انتهى .
والخلاصة : أن الجاثوم هو الكابوس ، وليس هو خرافة ولا أسطورة ، بل هو حقيقة واقعة ، وقد يكون لأسباب مادية ، وقد يكون من تسلط الجن .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75631
هل يترك دراسته بالأزهر ؟:
أنا من بلد تركمنستان خرجت من بلدي لطلب العلم ، إلى مصر ، والآن أنا أدرس في معاهد الأزهر ، لكن في الأزهر فساد كثير وأنا لا أريد هذا . أنا أريد عقيدة صحيحة ، والآن أنا أريد أسافر إلى السعودية في وقت العمرة وهذا الطريق سهل بالنسبة لي ، وبعد العمرة أريد أن أبقى في السعودية بدون إقامة وأطلب العلم ، وأقدم الأوراق لجامعات وأنتظر حتى يخرج نتيجة من الجامعات ، هل هذا يجوز أم لا بدون إقامة في السعودية ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أخي الكريم نهنئك على هذه الهمة العالية في طلب العلم ونربط على يديك ونحفزك على تعلم العقيدة الصحيحة ونصرتها ، عقيدة أهل السنة والجماعة .
ثانياً :
لا نشجعك أبداً بعد تحملك عناء السفر وحصولك على فرصة الدراسة في الأزهر التي يسرها الله لك لأمر مظنون قد يحصل وقد لا يحصل .
والعاقل لا يترك شيئاً إلا لما هو خير منه ، فلا تترك الخير الذي في يديك لأمر مشكوك فيه .
نعم ، في الأزهر أشياء تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة ، ولكن ليس كل أساتذة الأزهر كذلك ، بل فيهم من هو من أهل السنة والجماعة ، فاجتهد أن تستفيد منهم ، وأن تتتلمذ على أيديهم ، ولو خارج المعهد والدراسة النظامية .
وهناك من الدعاة وطلبة العلم في مصر من ليسوا مدرسين ولا أساتذة في الأزهر ، ولكنهم معروفون بالحرص على تعلم السنة واتباعها ، فاحرص على صحبتهم وحضور مجالسهم .
ثالثاً :
لو أتيت إلى بلاد الحرمين بهذه الطريقة التي ذكرت فلن تستطيع أن تقدم أوراقك لأي جهة فضلاً عن أن تنتظر قبولاً لأنك ستكون مطارداً من الجهات الأمنية لمخالفتك لنظام الإقامة .(/1)
ويمكنك مراسلة الجامعات التي تريدها وأنت بمصر من غير أن تضيع الفرصة التي بين يديك ، فإن وجدت قبولاً فتستطيع وقتها أن تقارن بين الأصلح لك ، مع استخارة الله عز وجل ، واستشارة بعض إخوانك وأساتذتك .
نسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 75879
شهود الجماعة في مسجد تتكشف فيه النساء في الوضوء:
في بلدنا المسلم وبمعظم المساجد عندنا ، عندما أخرج للصلاة بالمسجد أرى بعض النساء بالمسجد يدخلن معي ويقمن بخلع أحذيتهن أمام الرجال وكذلك عند الوضوء يقمن بتشمير أرجلهن وأيديهن ويقفن بجوار الرجال للوضوء ، ماذا أفعل ؟ أأصلي بالبيت أم أترك المسجد ؟ وخاصة أننا نحن الشباب نعاني من الشهوة بشدة .
الجواب:
الحمد لله :
شهود الجماعة مع المسلمين واجب ، كما بينا في إجابات عديدة ؛ فانظر رقم (8918 ، و 120 ) ، فلتحرص ـ أخي الكريم ـ على الجماعة في المسجد الذي يؤذن لها فيه .
ولتحرص على الوضوء في منزلك أو مكان عملك ، وإن اضطررت للوضوء في المسجد فعليك بغض بصرك وتحري البعد عن أماكن تواجد النساء، فإن الله تعالى يقول : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) النور/30. كما نوصي المرأة المؤمنة أن تتقي الله في قدومها للمسجد ، وأن تعلم أنها أتت لبقعة هي من أشرف بقاع الأرض لتؤدي عبادة من أعظم العبادات؛ فلا يليق بها أن تعصي ربها بكشف ما أمرها بتغطيته ، كما لا يصلح لها مزاحمة الرجال في أماكن وضوئهم ، وإذا لم تجد مكانا تتوضأ فيه فلتصل في منزلها فهو خير لها وأعظم لأجرها ، كما في سنن أبي داود (570) وغيره ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .(/1)
قال في عون المعبود : ( صَلَاة الْمَرْأَة فِي بَيْتهَا ) : أَيْ الدَّاخِلَانِيّ لِكَمَالِ سِتْرهَا ( أَفْضَل مِنْ صَلَاتهَا فِي حُجْرَتهَا ) : أَيْ صَحْن الدَّار . قَالَ اِبْن الْمَلَك : أَرَادَ بِالْحُجْرَةِ مَا تَكُون أَبْوَاب الْبُيُوت إِلَيْهَا وَهِيَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْبَيْت ( وَصَلَاتهَا فِي مَخْدَعهَا ) : هُوَ الْبَيْت الصَّغِير الَّذِي يَكُون دَاخِل الْبَيْت الْكَبِير يُحْفَظ فِيهِ الْأَمْتِعَة النَّفِيسَة , مِنْ الْخَدْع وَهُوَ إِخْفَاء الشَّيْء أَيْ فِي خِزَانَتهَا ( أَفْضَل مِنْ صَلَاتهَا فِي بَيْتهَا ) لِأَنَّ مَبْنَى أَمْرهَا عَلَى التَّسَتُّر .
وفي سنن الترمذي (1173) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ ) .
زاد ابن خزيمة (1686) والطبراني (9481) : ( وإنها لا تكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيتها ) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2688)
ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تؤذي المسلمين بكشف ما أوجب الله عليها ستره من اليدين والرجلين ، والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/59
وليس لها أن تزاحم الرجال في أماكنهم ، ولا أن تؤذيهم بمخالطتهم على وجه لا يجوز ، أو يوقعهم في الحرج .(/2)
روى أبو داود (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ ، فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ :
( اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ [ يعني : أن يمشين في وسطه ] ؛ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ .
فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وإذا كان هذا في حال المشي في الطريق ، الذي تكون المرأة فيه كاملة الحجاب ، شادَّة عليها ثيابها ، فكيف بحال الوضوء ، والتشمير عن السوق والأذرع ؟!!
والخلاصة : أنه ينبغي عليك أن تتجنب مواطن الفتنة والاختلاط ، ما استطعت إلى ذلك سبيلا ، واختر لنفسك أبعد المساجد عن أن تطرقها النساء ، أو تكشف فيها عن شيء من عوراتهن ، واجتهد في أن تتوضأ في بيتك ، بعداً عن أماكن الفتنة .
والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 76052
الزنا الذي يوجب الحد:
قرأت في أحد مواقع الإفتاء عن شاب مارس مع فتاة جميع الأعمال الزوجية إلا الإدخال فقط ، فما حكم ذلك في الدين ؟ وهل عليه حد الزنا ؟ وهل يعتبر أنه زنا بها ؟ وهل زواجه منها يعتبر تكفيرا له ؟ وما عليه فعله كي يتوب ؟ وكان الرد في هذا الموقع أو ما فهمته أنا منه أنه يعتبر زانيا لأن الإقدام على فعل الجرم كفاعله .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يشترط في الزنا الذي يوجب الحد أن يتم الإيلاج ، وهو إدخال حشفة الذكر في الفرج ، فلو لم يدخلها أو أدخل بعضها فليس عليه الحد . جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/23) في بيان شروط حد الزنا المتفق عليها بين الفقهاء : " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنا إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا " انتهى .
ثانيا :
مقدمات الزنا من اللمس والتقبيل ووضع الفرج على الفرج من غير إيلاج ، لا تأخذ حكم الزنا ، ولا يحد فاعلها حد الزنا ولكنه يعزر ويؤدب ؛ لارتكابه حراما ومنكرا بينا ، ولما قد تفضي إليه هذه الأعمال من الوقوع في الزنا الحقيقي ، وقد سمى الشرع هذه الأعمال زنا ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (6243) ومسلم (2657) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ).(/1)
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله : " سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق زِنًا لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ , وَلِذَلِكَ قَالَ ( وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ وَيُكَذِّبهُ )" انتهى نقلا عن "فتح الباري".
وراجع السؤال رقم (81995) .
ثالثا :
الواجب على من صدرت منه هذه الأعمال أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة ، وذلك بالإقلاع عنها ، والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها ، وترك الأسباب والوسائل التي تفضي إلى ذلك كالخلوة والنظر والمصافحة .
وأما الزواج من هذه الفتاة ، فإن كانت عفيفة لم تقترف الزنا ، أو ألمت بذلك ثم تابت إلى الله تعالى فلا حرج في الزواج منها ، ولم نقف على دليل يفيد أن هذا الزواج يكفّر تلك المعصية ، بل الذي يكفرها هو التوبة إلى الله ، وإصلاح العمل ، قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82.
رابعا :
لا يصح إطلاق القول بأن الإقدام على فعل الجرم كفعله ، بل هذا فيه تفصيل :
فمن هم بالمنكر ثم تركه ، كان مأجورا مثابا ، كما في الحديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : قَالَ : إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ) رواه البخاري (6491) ومسلم (131) .(/2)
وإن همّ بالمنكر وعزم عليه وشرع في فعله ، أو سعى في تحصيله ، لكن لم يتمكن منه ، لأمر خارج عنه ، فهو مأزور غير مأجور ، كما دل عليه حديث : ( إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ ) رواه البخاري (31) ومسلم (2888).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وبهذا ينفصل النزاع في مؤاخذة العبد بالهمة ، فمن الناس من قال : يؤاخذ بها إذا كانت عزما ، ومنهم من قال : لا يؤاخذ بها ، والتحقيق أن الهمة إذا صارت عزما فلابد أن يقترن بها قول أو فعل ؛ فإن الإرادة مع القدرة تستلزم وجود المقدور .
والذين قالوا يؤاخذ بها احتجوا بقوله : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار ) الحديث ، وهذا لا حجة فيه [أي على المؤاخذة بمجرد الهم]؛ فإنه ذكر ذلك في رجلين اقتتلا كل منهما يريد قتل الآخر وهذا ليس عزما مجردا ، بل هو عزم مع فعل المقدور لكنه عاجز عن إتمام مراده ، وهذا يؤاخذ باتفاق المسلمين ، فمن اجتهد على شرب الخمر وسعى في ذلك بقوله وعمله ، ثم عجز فإنه آثم باتفاق المسلمين ، وهو كالشارب وإن لم يقع منه شرب . وكذلك من اجتهد على الزنا والسرقة ونحو ذلك بقوله وعمله ، ثم عجز فهو آثم كالفاعل ، ومثل ذلك في قتل النفس وغيره " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/122).
وهذا إنما هو في حصول الإثم واستحقاقا العقوبة في الآخرة ، أما العقوبة المترتبة على فعل المعصية في الدنيا ، كالحد المترتب على الزنا ، فإنه لا يعاقب به إلا من زنى حقيقة ، لا من سعى في الزنى ثم عجز عنه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 76060
متى يجب على الرجل حد الزنا ؟:
متى يحق على العبد حد الزنا هل يحق إذا التمس الختانان ، وهل يحق إذا تم الجماع من الخارج أي يلقى الرجل منيه خارج الرحم كما يفعل البعض ممن لا يريد الإنجاب أم أنه لا يحق إلا إذا تم الجماع التام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يشترط لإقامة حد الزنا أن يتم الإيلاج ، وهو إدخال حشفة الذكر في الفرج ، وحينئذ يلتقي الختانان ، أي موضع ختان الرجل مع ختان الأنثى ، فإذا تم الإيلاج فقد وقع الزنى الذي يوجب الحد ، سواء أنزل الرجل أو لم ينزل ، أو أولج ثم أنزل في الخارج ، وسواء انتشر ذكره وانتصب أو لم يحصل ذلك .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/23) في بيان شروط حد الزنا المتفق عليها بين الفقهاء : " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنا إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا " انتهى .
ثانياً :
وليس معنى ذلك أن يتهاون الإنسان في فعل المحرمات ما دام لم يصل إلى الزنى ! وإنما المراد فقط بيان الزنى الذي يجب به الحد ، أما خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ولمسها وتقبيلها فلا شك أن ذلك حرام ، يحب على المسلم أن يتركه خوفاً من عقاب الله تعالى العاجل في الدنيا ، قبل عقاب الآخرة .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 76324
تعرف عليها ثم اتفق معها على أن تكون أمة له!!:
لقد تعرفت منذ حوالي 6 شهور عن طريق صديقة لي على شخص مسافر لإكمال دراسته وكانت وسيلة الاتصال بيننا الإنترنت وكانت طبيعة الكلام بيننا عادية كأخ وأخت وكان ينصحني في أمور الدين ومنذ حوالي شهر ونصف طلب مني الارتباط وقال إنه سوف يتقدم لي بمجرد إنهاء دراسته بعد سنتين لكنني فوجئت به يوما يعرض علي موضوعا لم أعرفه من قبل ليحل كلامنا لبعض ولا تكون هناك حرمانية في كلامنا كشخصين مرتبطين وهو أن أقول له وهبتك روحي كامرأة حرة مسلمة ليست لأحد من الرجال وأن يقول قبلت وأخبرني أنه بذلك أصبح حليلة له ولا يوجد أي حرمانية في كلامنا بل نصبح كزوج وزوجته وقد سمى لي هذا بأنه ملك اليمين وقال لي إنه سأل متخصصين في هذا الموضوع وأجازوه لكني في ريبة من هذا الموضوع وقد حاولت أن أسال كثيرا إن كان هذا صحيحا أو لا ؟ وهل يوجد ملك يمين في عصرنا هذا أو لا ؟ أنا محتارة حقا وأرجو الإفادة .
الجواب:
الحمد لله
اعلمي – وفقك الله – أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا تحذيراً شديداً من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج ، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت ، وما ذلك إلا درءاً للفتنة ، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة ، وانتهاك حرمات الله ، والعياذ بالله أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة .
وأنت – وفقك الله – أخطأت بادئ الأمر حين أقمت علاقة تعارف وصداقة مع شاب لا يمت لك بصلة .(/1)
أما قولكِ (وهبتك روحي ..........) فهذا خطأ ، أولاً : لأنه لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك وأحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه الترمذي ( 1101 ) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1 / 318 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ) رواه الترمذي ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) وصححه الألباني في إرواء الغليل ( 1840 ) .
ثانياً : ولأنه لا يحل لامرأة أن تهب نفسها لرجل ، ولا تكون بذلك حلالاً له ، فقد كان هذا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقط ، وليس لأحد من أمته أن يفعل ذلك ، قال الله تعالى : ( وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) الأحزاب/50 .
أما قوله ( بأنه ملك اليمين ) فهذا خطأ أيضاً ، لأن الحرة المسلمة لا يمكن أن تصير أمة مملوكة ، بل ملك اليمين ( الأمة ) تكون من دولة كافرة محاربة للمسلمين إذا تم للمسلمين الاستيلاء عليها .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : " وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم " انتهى باختصار من "أضواء البيان" ( 3 / 387 ) .(/2)
وأخيراً نحب أن نقول لك : إن الزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع ، وعضُّ أصابع الندم ، كما أنَّ الشاب الذي يظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عنه عبر الشات والهاتف ، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب ، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين ، فننصحكِ بالتوبة إلى الله والرجوع إليه والابتعاد عن هذا الشاب ، فهو أسلم لك . قبل أن تندمي وقت لا ينفع الندم ، ولك عبرة في قصص كثيرة وأحداث مؤلمة كانت بدايته محادثة ومكالمة هاتفية ، ثم كانت نهايتها الشقاء والندم .
وللفائدة انظري إلى الأسئلة التالية : ( 26067) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 76408
يشتكي من سوء معاملة والدته:
مشكلتي أن أمي لا تحبنا – نحن أولادها – لا نجتمع معها إلا وتسبنا وتشتمنا وتحاول أن تعتدي علينا بالضرب ، ماذا أفعل ؟ هل أقاطعها ؟ أنا أزورها بعد فترات متباعدة لعل قلبها يلين ، لكن بلا فائدة ، ما إن تراني حتى تبدأ في السب والشتم والطرد من البيت ، وتفعل نفس الشيء مع إخوتي كيف نصل إلى رضاها ؟ حاولنا الكثير والكثير فماذا نفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر ، لقول الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/14،15 .
فأمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك - أمر أن يصاحبهما في الدنيا معروفا .
وطاعة الوالدين واجبة على الولد فيما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على الولد ، أما ما لا منفعة لهما فيه ، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه طاعتهما حينئذ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الاختيارات " ( ص 114) : ( ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ، ولا ضرر عليه ) انتهى .
وأما هجرك لها فلا ينبغي ، فإنها أمك وحقها عليك عظيم ، ويمكنك مواصلتها عن طريق الهاتف ، أو زيارتها بين الحين والآخر ، وتحتسب ما يصيبك منها في هذه الزيارة من السب والشتم ونحو ذلك ، كل ذلك تبتغي بذلك مرضاة الله .(/1)
ولكن تقليلا للشر والضرر الحاصل عليك من زيارتها يمكنك مباعدة ما بين الزيارتين ، ولكن تتعاهدها بالهاتف إن أمكن أو السؤال عن أحوالها فربما تحتاج إليك أو تقع في ضائقة ما .
فإذا فعلت ذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى من تقليل زيارتها ولا تكون عاقا لها ، لأنها - وهي صاحبة الحق في بِرِّك لها – لا تريد منك زيارتها ، ولا تطالبك بذلك .
وأنت لم تقلل من زيارتها إلا اجتنابا لما يلحقك من الضرر منها .
وللفائدة ينظر جواب السؤالين رقم (2621) ، ( 3044) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يهدي والداتك ، ويصلح أحوالكم .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 76418
كيفية توزيع التركة على الأولاد:
توفي الوالد وترك بيتا باسمه وقام أحد الأبناء ببناء بيت على مساحة الأرض كاملة ولم يساهم في بناء البيت أحد من الأبناء وهم أحياء مع العلم أن الزوجة توفيت قبل الزوج والأجداد توفيا قبل الوالدين بمدة طويلة ونريد الآن والورثة الذكور عددهم(3)والبنات(2)كيف يتم توزيع التركة بينهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما تركه الوالد والوالدة من ممتلكات ( البيت وغيره ) تقسم عليكم حسب القسمة الشرعية ، للذكر ضعف الأنثى .
فتقسم التركة إلى ثمانية أجزاء متساوية ، يكون لكل ابن منها جزءان ، ولكل بنت جزء واحد ، لقول الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) النساء/11 .
وأما البيت الذي بناه أخوكم على الأرض ، فإن كان قد بناه لكم على سبيل الهدية والمنحة فهو لكم ، وإن كان قد بناه على أنه ملك له فهو له ، ولكن تبقى الأرض لكم تقسم عليكم جميعاً كما سبق ، للذكر مثل حظ الأنثيين .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 77225
حديث ( كل التجار يدخلون النار إلا المتقين ):
هل هذا الحديث صحيح ( كل التجار يدخلون النار إلا المتقين ) ؟
الجواب:
الحمد لله
لم نقف على هذا الحديث ، وبهذا اللفظ ، في شيء من كتب السنة ، ولكن قد ورد في السنة الصحيحة ما يشبهه ، فمن ذلك :
عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ التُجَّارَ يُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ فُجَّارًا ، إِلَّا مَن اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ )
أخرجه الترمذي (1210) والدارمي (2/247) وابن ماجه (2146) وابن حبان (11/276)
قال الترمذي : حسن صحيح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي .
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (994)
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/336) :
" ( إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ ) بأن لم يرتكب كبيرة ولا صغيرة ، مِن غِشٍّ وخيانة ، أي : أَحسَنَ إلى الناس في تجارته ، أو قام بطاعة الله وعبادته ، ( وَصَدَقَ ) أي : في يمينه وسائر كلامه .
قال القاضي : لمَّا كان من دَيدَنِ التجار التدليس في المعاملات ، والتهالُكُ على ترويج السلع بما تيسر لهم من الأيمان الكاذبة ونحوها ، حكم عليهم بالفجور ، واستثنى منهم من اتقى المحارم ، وبرَّ في يمينه ، وصدق في حديثه .
وإلى هذا ذهب الشارحون ، وحملوا الفجور على اللغو والحلف ، كذا في المرقاة " انتهى .
كما جاء في السنة الصحيحة ما يدل على سبب وصف التجار بالفجور ، وهو ما يتلبَّسُونَ به من الحلف الكاذب وإخلاف الوعد .
عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ التُجَّارَ هُمُ الفُجَّارَ ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ أَوَ لَيسَ قَد أَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلِكِنَّهُم يُحَدِّثُونَ فَيَكذِبُونَ ، وَيَحلِفُونَ فَيَأثَمُونَ )(/1)
رواه أحمد (3/428) والحاكم (2/8) وقال صحيح الإسناد ، وصححه محققو المسند . والألباني في "السلسلة الصحيحة" (366)
وإلا فإن التجارة من أفضل أنواع المكاسب لمن بَرَّ وصدق ، فإن التاجر الصدوق الأمين له من الأجر الشيء العظيم .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ )
رواه الترمذي (1209) وقال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وقال ابن تيمية كما في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (1/163) : إسناده جيد .
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" (2/79) :
" وجه الجمع بين هذه الأخبار تفصيل الأحوال : فنقول :
لسنا نقول التجارةُ أفضل مطلقا من كل شيء ، ولكنّ التجارة إما أن تُطلَبَ بها الكفاية أو الزيادة على الكفاية .
فإن طَلب منها الزيادة على الكفاية ، لاستكثار المال وادخاره ، لا ليُصرَف إلى الخيرات والصدقات ، فهي مذمومة ؛ لأنه إقبال على الدنيا التي حبها رأس كل خطيئة ، فإن كان مع ذلك ظالما خائنا فهو ظلم وفسق .
فأما إذا طلب بها الكفاية لنفسه وأولاده ، فالتجارة تعففا عن السؤال أفضل " انتهى .
وانظر سؤال رقم (21575)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 77243
السنة النبوية الصحيحة وحي من الله:
أولا : أعتذر عن إثارة مثل هذا السؤال ، ولكي لا أترك مجالا للشك في نيتي ، أقول : إنني أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ، وإنني راض تمام الرضى بالله عز وجل ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا . أسأل عن السنة ، لأنه توجد روايات كثيرة لحديث واحد ، فمثلا نجد في صحيح البخاري حديثا ما بأسلوب مخالف لما هو عليه في صحيح مسلم ، فلماذا لا تكون السنة مثل القرآن العظيم ؟ ما الفرق بين السنة المطهرة والقرآن العظيم ؟ هل السنة النبوية الشريفة هي من الوحي الذي يتنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أم هي من أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم ؟ هل هي من خصائص النبوة أم ماذا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا بد أن يستقر في عقل وقلب كل مسلم أن السنة - وهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير - هي أحد قسمي الوحي الإلهي الذي أُنزِل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقسم الآخر من الوحي هو القرآن الكريم .
قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِن هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىْ ) النجم/3-4
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ وَمِثلَهُ مَعَهُ ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَان عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ ، فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ ، وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ )
رواه الترمذي (2664) وقال : حسن غريب من هذا الوجه ، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2870)
وهذا ما فهمه السلف الصالح رضوان الله عليهم من ديننا الحنيف :(/1)
يقول حسان بن عطية "الكفاية" للخطيب (12) :
" كان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن " انتهى .
رواه الدامي في سننه (588) والخطيب في الكفاية (12) ، وعزاه الحافظ في الفتح (13/291) إلى البيهقي ، قال : " بسند صحيح " .
وأهمية السنة في كونها مبيِّنةً لكتاب الله وشارحةً له أوَّلًا ، ثم من كونها تزيد على ما في كتاب الله بعض الأحكام .
يقول الله تعالى : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/44
يقول ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/190) :
" البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين :
الأول : بيان المجمل في الكتاب العزيز ، كالصلوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر الأحكام .
الثاني : زيادة حكم على حكم الكتاب ، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها " انتهى .
ثانيا :
لما كانت السنة القسمَ الثانيَ من أقسام الوحي ، كان لا بد من حفظ الله تعالى لها ، ليحفظَ بها الدين من التحريف أو النقص أو الضياع .
يقول ابن حزم رحمه الله "الإحكام" (1/95) :
" قال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9
وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) الأنبياء/45
فأخبر تعالى أن كلام نبيه صلى الله عليه وسلم كله وحي ، والوحي بلا خلاف ذِكْرٌ ، والذكر محفوظ بنصِّ القرآن ، فصح بذلك أن كلامه صلى الله عليه وسلم كله محفوظ بحفظ الله عز وجل ، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء ، إذ ما حَفِظَ الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء ، فهو منقول إلينا كله ، فلله الحجة علينا أبدا " انتهى .
ثالثا :(/2)
وإذا ثبت أن السنة من الوحي الإلهي ، لا بد من التنبه إلى أن الفرق بينها وبين القرآن يكمن في أمر واحد فقط ، وهو أن القرآن كلام الله تعالى ، نزل بلفظه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أما السنة فقد لا تكون من كلامه تعالى ، بل من وحيه فقط ، ثم لا يلزم أن تأتي بلفظها ، بل بالمعنى والمضمون .
ومِن فَهْمِ هذا الفرق ، يظهر أن العبرة في نقل السنة هو المعنى والمضمون ، وليس ذات الألفاظ التي نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم ، والشريعة الإسلامية إنما حُفظت بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم كاملا ، وبحفظه سبحانه للسنة النبوية في مُجمَلِها ، ومعناها ، وما بيَّنَتهُ من كتاب الله ، وليس في ألفاظها وحروفها .
ومع ذلك فإن علماء هذه الأمة على مدى القرون السالفة ، قد قاموا بحفظ الشريعة والسنة ، ونقلوا لنا ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم كما قالها ، وميزوا ما فيها من الصواب والخطأ ، والحق والباطل .
وما يراه السائل الكريم من تعدد الروايات للحديث الواحد لا يعني أبدا التقصير في حفظ السنة ونقلها ، وإنما اختلفت الروايات لأسباب عديدة ، إذا تبينت ظهر الجواب واضحا ، فيقال :
رابعا :
أسباب تعدد الروايات :
1- تعدد الحادثة :
يقول ابن حزم رحمه الله في "الإحكام" (1/134) :
" وليس اختلاف الروايات عيبا في الحديث إذا كان المعنى واحدا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صحَّ عنه أنه إذا كان يُحَدِّث بحديثٍ كَرَّرَه ثلاث مرات ، فينقل كل إنسان بحسب ما سمع ، فليس هذا الاختلاف في الروايات مما يوهن الحديث إذا كان المعنى واحدا " انتهى .
2- الرواية بالمعنى :
وهو أكثر ما يسبب تعدد الروايات للحديث الواحد ، فإن المهم في نقل الحديث أداء مضمونه ومحتواه ، أما ألفاظه فليست تعبديةً كالقرآن .(/3)
مثاله : حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) : فقد روي بلفظ ( العمل بالنية ) ولفظ ( إنما الأعمال بالنية ) وآخر ( الأعمال بالنية ) ، وهذا التعدد سببه الرواية بالمعنى ، فإن مخرج الحديث واحد ، وهو يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة عن عمر رضي الله عنه ، والملاحظ أن المعنى الذي يفهم من هذه الجمل واحد ، فأي ضرر في تعدد الروايات حينئذ ؟!
ولكي يطمئن العلماء أكثر إلى أن الراوي نقل المعنى الصحيح للحديث ، كانوا لا يقبلون الرواية بالمعنى إلا من عالم باللغة العربية ، ثم يقارنون رواية الراوي برواية غيره من الثقات ، فيتبين لهم الخطأ في النقل إن وقع ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ليس هذا محلها .
3- اختصار الراوي للحديث :
أي أن يكون الراوي حافظا للحديث كله ، ولكن يكتفي بذكر جزء منه في حال ، ويذكره كاملا في حال أخرى .
مثاله : روايات حديث أبي هريرة في قصة نسيان النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين من صلاة الظهر ، فكلها جاءت عن أبي هريرة ، وهي قصة واحدة ، وذلك يدل على أن اختلاف الروايات سببه اختصار بعض الرواة . انظر صحيح البخاري (714) (715) (1229)
4- الخطأ :
فقد يقع من أحد الرواة الخطأ ، فيروي الحديث على غير وجهه الذي يرويه الآخرون ، ويمكن معرفة الخطأ بمقارنة الروايات بعضها ببعض ، وهو ما قام به أهل العلم في كتب السنة والتخريج .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الجواب الصحيح" (3/39) :(/4)
" ولكن هذه الأمة حفظ الله تعالى لها ما أنزله ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9 ، فما في تفسير القرآن أو نقل الحديث أو تفسيره من غلط ، فإن الله يقيم له من الأمة من يبيِّنُه ، ويذكر الدليل على غلط الغالط وكذب الكاذب ، فإن هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة ، ولا يزال فيها طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة ، إذ كانوا آخر الأمم ، فلا نبي بعد نبيهم ، ولا كتاب بعد كتابهم ، وكانت الأمم قبلهم إذا بدَّلوا وغيَّروا بعث الله نبيا يبين لهم ويأمرهم وينهاهم ، ولم يكن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي ، وقد ضمن الله أن يحفظ ما أنزله من الذكر " انتهى .
والسنة ، على الوجه الذي ذكرناه أولا ، من كونها وحيا من عند الله تعالى : يبين للناس ما نُزِّل إليهم في كتاب الله تعالى ، ويعلمهم من الأحكام ما يحتاجونه في دينهم ، ولو يأت تفصيله ، أو أصله في كتاب الله تعالى ، نقول : السنة على هذا الوجه هي من خصائص النبوة ؛ فهذه الوظيفة هي من أجل وظائف النبوة ، وما زال الناس يرون السنة على هذا الوجه ، بما تحمله الكتب ، أو الروايات الشفهية من اختلاف في بعض الألفاظ ، أو تعدد لسياقات الحديث ، ولم يكن في ذلك ما يدعو للتشكك في منزلتها ، أو القلق من حفظها ، أو التردد والخلاف في حجيتها وحاجة الناس إليها ، على كثرة ما اختلف الناس وتنازعوا في المسائل العلمية والعملية.
يقول العلامة الشيخ عبد الغني عبد الخالق ـ رحمه الله ـ :
" لا نجد في كتب الغزالي والآمدي والبزدوي ، وجميع من اتبع طرقهم في التأليف من الأصوليين ، تصريحا ولا تلويحا بأن في هذه المسألة خلافا ، وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم ، وتتبعوا الاختلافات ، حتى الشاذة منها ، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء"(/5)
ثم نقل عن صاحب المُسَلَّم ، وشارحه : " أن حجية الكتاب والسنة والإجماع والقياس : من علم الكلام ، لكن تعرض الأصولي لحجية الإجماع والقياس ، لأنهما كثر التشغيب فيهما من الحمقى ، من الخوارج والروافض ( خذلهم الله تعالى ) ، وأما حجية الكتاب والسنة : فمتفق عليها عند الأمة ، ممن يدعي التدين كافة ، فلا حاجة إلى الذكر " انتهى .
انظر : حجية السنة ( 248-249) .
وانظر : إجابة السؤال (93111)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 77430
محل سجود السهو ، وماذا يقول فيه ؟:
أود السؤال عن كيفية سجود السهو في حالة النقص أو الزيادة في الصلاة ، وعندما يكون سجود السهو بعد التسليم ، هل يعيد المصلي التشهد أم لا ؟
وهل يقول في سجود السهو ( سبحان ربي الأعلى ) ثلاثا ؟ أم هناك أذكار أخرى تقال في سجود السهو ؟
وهل إذا نسي المصلي التشهد الأول وجب عليه سجود السهو أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
في محل سجود السهو ، هل هو قبل السلام أو بعده ، خلاف كبير بين أهل العلم ، والأظهر من أقوالهم : أن الزيادة في الصلاة سهوا تقتضي السجود بعد السلام ، والنقص يقتضي السجود قبل السلام ، وأما عند الشك ففيه تفصيل : فإذا ترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد بعد السلام ، وإن لم يترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد قبل السلام ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12527) .
ثانيا :
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (7/8) :
" التشهد الأول في الصلاة واجب من واجباتها في أصح قولي العلماء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ويقول : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، ولما تركه سهوا سجد للسهو ، فمن تركه عمدا بطلت صلاته ، ومن تركه سهوا جبره بسجود السهو قبل السلام " انتهى .
ثالثا :
لا يشرع إعادة التشهد بعد سجود السهو سواء كان السجود قبل السلام أم بعده ، وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم (7895) .
رابعا :
سجود السهو يؤدى كما يؤدى سجود الصلاة ، فيسجد على سبعة أعظم كسجود الصلاة ، ويذكر الله بالذكر المعروف ( سبحان ربي الأعلى ) ، ويقول بين السجدتين ( رب اغفر لي رب اغفر لي ) ، وليس هناك ذكر خاص بسجود السهو ، هذا ما يقرره أهل العلم .
يقول المرداوي في "الإنصاف" (2/159) :
" سجود السهو وما يقول فيه وبعد الرفع منه كسجود الصلاة " انتهى .
وقال الرملي في "نهاية المحتاج" (2/88) :(/1)
" وكيفيتهما ( يعني سجدتي السهو ) كسجود الصلاة في واجباته ومندوباته كوضع الجبهة والطمأنينة والافتراش في الجلوس بينهما " انتهى باختصار .
وبعض الفقهاء يستحب أن يقول في سجود السهو ( سبحان من لا يسهو ولا ينام ) ، ولكن لا دليل عليه ، فالمشروع هو الاقتصار على ما يذكر في سجود الصلاة ، ولا يعتاد ذكرا غيره .
وقد سبق نقل أقوال أخرى لأهل العلم في سؤال رقم (39399) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78210
حكم المال الذي يأخذه محامٍ يدافع عن تجار مخدرات:
عندنا شخصان قد ضبط بحوزتهم مخدرات وحشيش ، ثم قام أحد المحامين بإخراجهم وتبرئتهم من هذا الجرم علماً أن هذه الجريمة واضحة وضوح الشمس والتهمة ثابتة وقاطعة جدّاً بحقهم .
السؤال :
ما حكم هذه الأموال التي حصل عليها هذا المحامي لقاء إخراجهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق بيان حكم ممارسة مهنة " المحاماة " في فتوى في جواب السؤال رقم ( 9496 ) ، وذكرنا هناك تحريم حماية الشر والدفاع عن أهله من قبَل المحامين ، وأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان ، والله تعالى حرَّم هذا التعاون فقال : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وعليه : فالواجب على المحامي الذي دافع عن أولئك التجار الأشرار الذين يعيثون في الأرض فساداً ببيع المخدرات المحرمة أن يتوب إلى الله تعالى من فعله ، وعليه أن يبادر لنصح أولئك الأشرار لا أن يسلك طريق تخليصهم من العقوبات المستحقة لهم ، ويجب عليه أن يتراجع أمام القضاء عن تلك المرافعة الآثمة إن كان في الوقت متسع ، وأن لا يقبل الاستمرار معهم إن استؤنف الحكم ضدهم .
وأما تلك الأموال التي أخذها منهم : فهي أموال محرمة ؛ لأنه أخذها مقابل عمل محرم ، لذا فالواجب عليه مع التوبة والاستغفار والعزم على عدم العود لهذا الفعل : الواجب عليه أن يبادر إلى التخلص من تلك الأموال ، وتصريفها في وجوه الخير ، وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ، وليعلم أنه يطهر بذلك أمواله الحلال ؛ لأن بقاء المال الحرام في يده قد يتسبب في إهلاك الأموال الحلال التي يملكها ، ولا يجوز له إرجاعها لأولئك التجار ، ونسأل الله أن يعوضه خيراً منها .(/1)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78223
هل يجوز لها الاستماع للموسيقى أثناء التمارين الرياضية ؟:
أنا أقوم بممارسة تمارين رياضية في صالة مخصصة للنساء فقط ، وقد حصل لدي الكثير من المشاكل الصحية والنفسية . ومع ممارسة الرياضة - بالإضافة إلى قراءة القرآن والأدعية - تحسنت حالتي كثيراً عن ما كنت أعانيه سابقا .
السؤال :
هل يجوز ممارسة الرياضة ( أي روبت ) علماً بأنهم يضعون الموسيقي لممارسة تمارين الرياضة بإيقاع معين حسب ما تقوم بتدريبنا المدربة أم ماذا أفعل ؟ إنني في حيرة من أمري هذا وأنا أحب الرياضة ولا يوجد قاعة أو مدربة تقوم بتدريب بدون موسيقى .
الجواب:
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تمارس التمارين الرياضية ، إذا كان ذلك في مكان مخصص للنساء لا يطلع عليهن فيه الرجال ، على أن يكون ذلك بقدر محدود ، بحيث لا يشغل عن شيء واجب ، فلا يؤدي إلى تضيع الصلاة ، أو تأخيرها عن وقتها ، أو تضيع غيرها من الواجبات .
ومن الأمور المحرمة التي قد تقترن بالألعاب الرياضية من بعض الصالات : استعمال الموسيقى وسماعها ، وقد روى البخاري عن أبي مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه قال : قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ )
الحرَ : الزنا .
ومن الحديث يتبين حكم المعازف ، وأنها حرام ، واقترانها بالمحرمات الأخرى : الحرير والخمر والزنا مما يؤكد حرمتها .
ولا خلاف بين الأئمة الأربعة على حرمة المعازف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :(/1)
" فمن فعل هذه الملاهي على وجه الديانة والتقرب فلا ريب في ضلالته وجهالته ، وأما إذا فعلها على وجه التمتع والتلعب : فمذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ؛ فقد ثبت في " صحيح البخاري " وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير .
والمعازف هي الملاهي كما ذكر ذلك أهل اللغة جمع معزفة ، وهي الآلة التي يعزف بها أي يصوَّت بها ، ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة فى آلات اللهو نزاعاً " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 576 ، 577 ) .
وفي الموسيقى إتلاف للقلب ، وإشغال للنفوس عن الحق ، وإنبات للنفاق في القلب ، ولا يمكن لها أن تكون مهدئة للأعصاب ، ولا يمكن أن تكون علاجاً .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" الموسيقى وغيرها من آلات اللهو كلها شر وبلاء ، ولكنها مما يزين الشيطان التلذذ به والدعوة إليه حتى يشغل النفوس عن الحق بالباطل ، وحتى يلهيها عما أحب الله إلى ما كره الله وحرم فالموسيقى والعود وسائر أنواع الملاهي كلها منكر ولا يجوز الاستماع إليها ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) والحر هو : الفرج الحرام - يعني الزنا - والمعازف هي : الأغاني وآلات الطرب " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 436 ) .
وقال الشيخ – أيضاً - :(/2)
" أما العلاج بالموسيقى فلا أصل له بل هو من عمل السفهاء ، فالموسيقى ليست بعلاج ولكنها داء ، وهي من آلات الملاهي ، فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق ، وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة ، أما العلاج بالموسيقى وغيرها من آلات الطرب فهو مما يعودهم الباطل ويزيدهم مرضا إلى مرضهم ، ويثقل عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 9 / 429 ) .
وينظر – للاستزادة – جواب الأسئلة : ( 43736 ) و ( 5000 ) و ( 5011 )
وعلى هذا فعليكِ أن تنصحي هؤلاء ، وتبيني لهم تحريم سماع الموسيقى في الإسلام وأنه لا داعي لهذا المحرم ، وهناك الكثير من هذه الصالات يراعون ذلك ، ويمتنعون عن تشغيل الموسيقى ، مما زاد إقبال الناس عليهم ، فإن لم يستجيبوا - فعلى الأقل - لا يستعملونها فترة وجودكِ في الصالة ، حتى لا تكوين مشاركة لهم في المعصية ، وساكتة عن منكر يجب إنكاره .
فإن لم يمكن فلا بد من تركك هذه الصالة ، فإما أن تبحثي عن غيرها ، وإما أن تنظري حلاَّ آخر كما لو أمكن أن تشتري بعض الأجهزة ، وتمارسين عليها الرياضة في البيت ، فذلك خير لك .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78255
حكم ثقب أذن الأنثى للحلي:
عندي زميلتي في العمل تسأل عن حكم ثقب أذن البنت من أجل وضع الحليّ حلال ؟ وإذا كان حلالاً هل يجوز ثقب الأذن من أعلى الأذن وليس من الأسفل ؟!.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
العمل المختلط بين الرجال والنساء محرَّم وله آثاره السيئة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 50398 ) و ( 6666 ) و ( 39799 ) ، وانظر جواب السؤال رقم ( 27304 ) ففيه : بيان حكم مخاطبة النساء في العمل .
وقد ذكرنا هذا تعليقاً على قولك أخي السائل " زميلتي في العمل " ، ونقلك لسؤالها وأنه قد دار بينكما أحاديث يوجب علينا نصحك ونصحها قبل الإجابة على أصل سؤالك بأن يبحث كل منكما عن عمل غير مختلط ، وفيما أحلناك عليه من إجابات ما يغني عن تكرار الكلام في موضوع الاختلاط في العمل بين الرجال والنساء .
ثانياً :
وأما بالنسبة لثقب أذن الأنثى : فقد وقع الخلاف في حكمه بين العلماء ، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز هذا الفعل ، وذهب الشافعية – ووافقهم : ابن الجوزي وابن عقيل الحنبليان - إلى المنع منه ، ولم يستدلوا على المنع بشيء من النصوص ، بل قالوا إنه مؤلم ، وإن الزينة في الأذن ليست ضرورة ولا مهمة حتى يباح إيلام الأنثى من أجلها .
وبالتأمل في نصوص السنة النبوية وواقع الصحابيات رضي الله عنهن يتبين أن القول الراجح هو القول الأول وهو القول بالإباحة ، ومن النصوص التي تدل على ذلك :(/1)
1. عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ - وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلا إِقَامَةً - ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلالٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ .
رواه البخاري ( 4951 ) ومسلم ( 884 ) .
وفي رواية أخرى عندهما :
" فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا " .
والخُرص : حلي الأذن ، والسِّخاب : حلي العنق والصدر .
2. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ... قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ... قَالَتْ عَائِشَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ .
رواه البخاري ( 4893 ) ومسلم ( 2448 ) .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله أبو زرع من ملء أذن أم زرع بالحلي حتى ثقل وتحرك .
وبالنسبة لثقب الأذن من الأعلى : فالظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الثقب من أسفل أو من أعلى على أن يكون هذا متعارفاً عليه في بيئتها ، وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تظهر هذا الحلي الذي تلبسه في يدها أو أذنها أو عنقها .
سُئل الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله - :
عن حكم ثقب أذن البنت أو أنفها من أجل الزينة ؟ .
فأجاب :(/2)
الصحيح : أن ثقب الأذن لا بأس به ؛ لأن هذا من المقاصد التي يتوصل بها إلى التحلي المباح ، وقد ثبت أن نساء الصحابة كان لهن أخراص يلبسنها في آذانهن ، وهذا التعذيب تعذيب بسيط ، وإذا ثقب في حال الصغر صار برؤه سريعاً .
وأما ثقب الأنف : فإنني لا أذكر فيه لأهل العلم كلاماً ، ولكنه فيه مُثلة وتشويه للخلقة فيما نرى ، ولعل غيرنا لا يرى ذلك ، فإذا كانت المرأة في بلد يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملاً فلا بأس بثقب الأنف لتعليق الحلية عليه .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 69 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
لا بأس بثقب أذن الجارية لوضع الحلي في أذنها ، ومازال هذا العمل يفعله الكثير من الناس ، حتى كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن النساء كن يلبسن الحلي في آذانهن وغيرها من غير نكير .
وأما كونه يؤلم الجارية : فالمقصود بهذا مصلحتها ؛ لأنها بحاجة إلى الحلي ، وبحاجة إلى التزين ؛ فثقب الأذن لهذا الغرض مباح ومرخص فيه لأجل الحاجة ، كما أنه يجوز جراحتها للحاجة وكيها للحاجة والتداوي ، كذلك يجوز خرق أو ثقب أذنها لوضع الحلي فيه ؛ لأنه من حاجتها ، مع أنه شيء لا يؤلم كثيراً ، ولا يؤثر عليها كثيراً .
" فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 324 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78329
علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى:
ما هي علامات يوم القيامة الصغرى والكبرى ؟.
الجواب:
الحمد لله
علامات يوم القيامة وأشراطها هي التي تسبق وقوع القيامة وتدل على قرب حصولها ، وقد اصطُلح على تقسيمها إلى صغرى وكبرى ، والصغرى – في الغالب - تتقدم حصول القيامة بمدة طويلة ، ومنها ما وقع وانقضى - وقد يتكرر وقوعه - ومنها ما ظهر ولا يزال يظهر ويتتابع ، ومنها ما لم يقع إلى الآن ، ولكنه سيقع كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
وأما الكبرى : فهي أمور عظيمة يدل ظهورها على قرب القيامة وبقاء زمن قصير لوقوع ذلك اليوم العظيم .
وعلامات الساعة الصغرى كثيرة ، وقد جاءت في أحاديث صحيحة كثيرة ، وسنذكرها في سياق واحد دون ذِكر أحاديثها ؛ لأن المقام لا يتسع ، ونحيل من أراد التوسع في هذا الموضوع مع معرفة أدلة هذه العلامات لكتب موثوقة متخصصة ، ومنها " القيامة الصغرى " للشيخ عمر سليمان الأشقر ، وكتاب " أشراط الساعة " للشيخ يوسف الوابل .
فمن أشراط الساعة الصغرى :
1. بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .
2. موته صلى الله عليه وسلم .
3. فتح بيت المقدس .
4. طاعون " عمواس " وهي بلدة في فلسطين .
5. استفاضة المال والاستغناء عن الصدقة .
6. ظهور الفتن ، ومن الفتن التي حدثت في أوائل عهد الإسلام : مقتل عثمان رضي الله عنه ، وموقعة الجمل وصفين ، وظهور الخوارج ، وموقعة الحرة ، وفتنة القول بخلق القرآن .
7. ظهور مدَّعي النبوة ، ومنهم " مسيلمة الكذاب " و " الأسود العنسي " .(/1)
8. ظهور نار الحجاز ، وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع الهجري في عام 654 هـ ، وكانت ناراً عظيمة ، وقد توسع العلماء الذين عاصروا ظهورها ومن بعدهم في وصفها ، قال النووي : " خرجت في زماننا نار في المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة ، وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة ، وتواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان ، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة " .
9. ضياع الأمانة ، ومن مظاهر تضييع الأمانة إسناد أمور الناس إلى غير أهلها القادرين على تسييرها .
10. قبض العلم وظهور الجهل ، ويكون قبض العلم بقبض العلماء ، كما جاء في الصحيحين .
11. انتشار الزنا .
12. انتشار الربا .
13. ظهور المعازف .
14. كثرة شرب الخمر .
15. تطاول رعاء الشاة في البنيان .
16. ولادة الأمة لربتها ، كما ثبت ذلك في الصحيحين ، وفي معنى هذا الحديث أقوال لأهل العلم ، واختار ابن حجر : أنه يكثر العقوق في الأولاد فيعامِل الولدُ أمَّه معاملة السيد أمَته من الإهانة والسب .
17. كثرة القتل .
18. كثرة الزلازل .
19. ظهور الخسف والمسخ والقذف .
20. ظهور الكاسيات العاريات .
21. صدق رؤيا المؤمن .
22. كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق .
23. كثرة النساء .
24. رجوع أرض العرب مروجاً وأنهاراً .
25. انكشاف الفرات عن جبل من ذهب .
26. كلام السباع والجمادات الإنس .
27. كثرة الروم وقتالهم للمسلمين .
28. فتح القسطنطينية .
وأما أشراط القيامة الكبرى : فهي التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن أسيد وهي عشر علامات : الدجال ، ونزول عيسى بن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاث خسوفات : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، والدخان ، وطلوع الشمس من مغربها ، والدابة ، والنار التي تسوق الناس إلى محشرهم ، وهذه العلامات يكون خروجها متتابعا ، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإن الأخرى على إثرها .(/2)
روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ : مَا تَذَاكَرُونَ ؟ قَالُوا : نَذْكُرُ السَّاعَةَ ، قَالَ : إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ .
وليس هناك نص صحيح صريح في ترتيب هذه العلامات ، وإنما يستفاد ترتيب بعضها من جملة نصوص .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
هل أشراط الساعة الكبرى تأتي بالترتيب ؟
فأجاب :
" أشراط الساعة الكبرى بعضها مرتب ومعلوم ، وبعضها غير مرتب ولا يعلم ترتيبه ، فمما جاء مرتباً نزول عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج ، والدجال فإن الدجال يبعث ثم ينزل عيسى بن مريم فيقتله ثم يخرج مأجوج ومأجوج .
وقد رتب السفاريني رحمه الله في عقيدته هذه الأشراط ، لكن بعض هذا الترتيب تطمئن إليه النفس ، وبعضها ليس كذلك ، والترتيب لا يهمنا ، وإنما يهمنا أن للساعة علامات عظيمة إذا وقعت فإن الساعة تكون قد قربت ، وقد جعل الله للساعة أشراطاً ؛ لأنها حدث هام يحتاج الناس إلى تنبيههم لقرب حدوثه " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 2 / السؤال رقم 137 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78375
المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام:
ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية : حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه ، ونظرة آثمة ، وسفر بلا محرم ، وخروج المرأة من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية .
ومن ذلك : حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو في محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك .
وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32 . راجع سؤال رقم (10221) .
والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة ، عن طريق النت هي باب من أبواب الفتنة والشر ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ، ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك . راجع سؤال رقم (34841) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :(/1)
" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها ، ويغريها به . وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى .
"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .
ثانياً :
الصائم مأمور بتقوى الله تعالى ، وفعل ما أمر ، واجتناب ما نهى عنه .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود تحقيق تقوى الله تعالى ( لعلكم تتقون ) ، وتهذيب النفس ، والتخلي عن رذائل الأعمال ، وسفاسف الأخلاق ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ) رواه الحاكم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (50063) بيان أثر المعاصي على الصوم وأنها قد تذهب ثوابه بالكلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78376
حكم سب الشيطان في نهار رمضان:
ما حكم من يسب الشيطان في نهار رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا ينبغي للمؤمن أن يعود لسانه على السب والشتم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والصائم مأمور بحسن الخلق أكثر من غيره ، ولذلك يتأكد عليه ترك السب ، ولو كان محقاً ، ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصائم أن لا يقابل العدوان بمثله ، بل إذا سبه أحد أو قاتله ، فيقول : إني صائم ، إني صائم ، متفق عليه .
مع أن من رد العدوان بالمثل جائز ، قال تعالى : ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ) البقرة/194 .
ولكن الصائم مأمور بفضائل الأعمال ، والكف عن مساوئها أكثر من غيره .
والمؤمن إذا أصابه نزغ من الشيطان وشيء من وسوسته ، فإنه لا ينتفع من سبه بشيء ، بل المشروع له أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .
قال تعالى : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) فصلت/36 . وعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ ، فَقُلْتُ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ . فَقَالَ : ( لا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ ، وَيَقُولُ : بِقُوَّتِي ! وَلَكِنْ قُلْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ ، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ ) رواه أحمد (20068) وأبو داود (4982) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78416
هل يجوز الإفطار قبل سماع الأذان ؟:
هل يجوز الأكل قبل الأذان بثواني مع العلم أني لا أسمع الأذان والمنطقة شيعية يؤذنون بعد أذاننا ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا غربت الشمس فقد حل للصائم أن يفطر ، سواء أذن المؤذن أم لم يؤذن ، فالعبرة بغروب الشمس ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) رواه البخاري (1954) ومسلم (1100) .
قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : " فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي تَأْخِيرهمْ الْفِطْر إِلَى ظُهُور النُّجُوم " انتهى من "فتح الباري" .
وبعض المؤذنين قد يتأخر في الأذان بعد غروب الشمس بفترة ، فلا عبرة بأذانه ، وفعله هذا مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي حثنا على المبادرة بالإفطار بعد غروب الشمس ، فقال : ( لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ) رواه البخاري (1957) ومسلم (1098) .
ويجوز للصائم أن يفطر إذا غلب على ظنه غروب الشمس ولا يشترط حصول اليقين ، بل يكفي غلبة الظن .
فإذا غلب على ظن الصائم أن الشمس قد غربت ، فأفطر ، فلا شيء عليه .
ولا يجوز له أن يفطر وهو شاك في غروبها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/1)
" وسن تعجيل فطر أي : المبادرة به إذا غربت الشمس ، فالمعتبر غروب الشمس ، لا الأذان ، لاسيما في الوقت الحاضر حيث يعتمد الناس على التقويم ، ثم يعتبرون التقويم بساعاتهم ، وساعاتهم قد تتغير بتقديم أو تأخير ، فلو غربت الشمس ، وأنت تشاهدها ، والناس لم يؤذنوا بعد ، فلك أن تفطر ، ولو أذنوا وأنت تشاهدها لم تغرب ، فليس لك أن تفطر ؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال : ( إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق ، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب ، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ) .
ولا يضر بقاء النور القوي ، فبعض الناس يقول : نبقى حتى يغيب القرص ويبدأ الظلام بعض الشيء فلا عبرة بهذا ، بل انظر إلى هذا القرص متى غاب أعلاه فقد غربت الشمس ، وسن الفطر .
ودليل سنية المبادرة : قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) ، وبهذا نعرف أن الذين يؤخرون الفطر إلى أن تشتبك النجوم كالرافضة أنهم ليسوا بخير .
فإن قال قائل : هل لي أن أفطر بغلبة الظن ، بمعنى أنه إذا غلب على ظني أن الشمس غربت ، فهل لي أن أفطر ؟
فالجواب : نعم ، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، ثم طلعت الشمس ) ومعلوم أنهم لم يفطروا عن علم ، لأنهم لو أفطروا عن علم ما طلعت الشمس ، لكن أفطروا بناءً على غلبة الظن أنها غابت ، ثم انجلى الغيم فطلعت الشمس " انتهى .
"الشرح الممتع" (6/267) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78438
ابتلاع بقايا الطعام في فمه أثناء النهار:
عندما يستيقظ الشخص في الصباح وهو صائم وكانت في فمه بقايا من سحوره فما الحكم إذا ابتلعه ؟.
الجواب:
الحمد لله
لاشك أن الأكل من مفسدات الصيام ، قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187.
ومعلوم عند المسلمين أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وسائر المفطرات . "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (25/219) .
والأكل هو إيصال جامد إلى المعدة عن طريق الفم .
انظر : "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
ولا يشترط في هذا الأكل أن يكون نافعاً أو كثيراً ، بل لو ابتلع شيئا لا ينتفع به ( خرزة مثلا ) أو ابتلع شيئا قليلا ، فإنه يكون قد أفطر وأفسد صيامه .
وابتلاع بقايا الطعام التي تكون بين الأسنان يعتبر أكلا فيكون مفسدا للصيام .
وهذا إذا ابتلعها الصائم مختاراً .
بحيث تمكن من إخراجها ولكنه ابتلعها عمدا ، أما إذا سبقت إلى حلقه وابتلعها ولم يتمكن من إخراجها فلا حرج عليه وصيامه صحيح ، لأنه يشترط في جميع مفسدات الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً ، فإن فعلها مكرهاً بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22981) .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/260) :
" ومن أصبح بين أسنانه طعام ; لم يخل من حالين :
أحدهما : أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه , فازدرده (أي ابتلعه) , فإنه لا يفطر به ; لأنه لا يمكن التحرز منه , فأشبه الريق , قال ابن المنذر : أجمع على ذلك أهل العلم .(/1)
الثاني : أن يكون كثيرا يمكن لفظه , فإن لفظه فلا شيء عليه , وإن ازدرده عامدا , فسد صومه في قول أكثر أهل العلم ، لأنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره , ذاكرا لصومه , فأفطر به , كما لو ابتدأ الأكل " انتهى بتصرف يسير .
وخلاصة الجواب :
أنه إذا تمكن من إخراجها ولكنه لم يفعل وابتلعها فقد أفسد صيامه ، وإذا ابتلعها بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78454
هل يتناول فيتامينات بعد السحور ؟:
لقد وَصف لي الطبيب نوعاً من الفيتامينات حيث أتناول حبة كل يوم ، فهل يجوز تناولها بعد السحور في رمضان ؟.
الجواب:
الحمد لله
أباح الله تعالى للمسلمين أن يأكلوا ويشربوا إلى طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر حرم الطعام والشراب ، ولا فرق بين كون المُتناول طعاماً أو دواء ، قال الله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187 .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ) ثُمَّ قَالَ – أي : ابن عمر - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ : أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ . رواه البخاري ( 592 ) ومسلم ( 1092 ) .
وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ ) . رواه البخاري ( 6802 ) ومسلم ( 1093 ) .
وعليه : فيجوز لك أخذ الدواء بعد السحور إذا كان ذلك قبل طلوع الفجر ، بلا حرج ، وبقاء أثر الطعام والدواء على الجسم في نهار رمضان أحد بركات السحور ، ولذا شرع تأخيره حتى يتقوى المسلم على صيام نهار رمضان .
ونسأل الله تعالى لكم العافية في الدين والدنيا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 78459
أنواع أدوية الربو وحكم تناولها في نهار رمضان:
تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف ، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها ، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز ، هل هذه تعتبر من المفطرات ؟.
الجواب:
الحمد لله
أدوية مرض " الربو " كثيرة ، ومنها ما يفطِّر ومنها ما لا يفطِّر ، ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات : البخاخ ، والأكسجين ، والتبخير ، والكبسولات .
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين ، وهو ليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما ، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بعدم الفطر باستعمال هذا الدواء ، وهو ما يفتي به الشيخ ابن عثيمين وعامة علمائنا .
وانظر جواب السؤال رقم ( 37650 ) لتقف على فتاواهم .
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً ، وعليه : فيمكن استعماله أثناء الصيام دون أي حرج .
وأما التبخير : فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء - وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم ، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز ، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء ، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم ، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم .
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي ، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه ، وعليه : فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه .(/1)
وأما الكبسولات : فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة ، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات لتحرير جرعة الدواء ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم .
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام ، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
بعض الناس مصاب بالربو ويحتاج إلى استعمال البخاخة أثناء صيامه ، فما حكم ذلك ؟ .
فأجاب :
" اختناق النفس المعروف بالربو يصيب بعض الناس ، نسأل الله لنا ولهم العافية ، فيستعمل دوائين ، دواء يسمى ( كبسولات ) يستعملها فهذه تفطر ؛ لأنه دواء ذو جرم يدخل إلى المعدة ، ولا يستعمله الصائم في رمضان إلا في حالة الضرورة ، وإذا استعمله في حال الضرورة فإنه يكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه ، ويقضي يوماً بدله ، وإذا قدر أن هذا المرض مستمر دائماً معه فإنه يكون كالشيخ الكبير ، عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً ، ولا يجب عليه الصوم .
والنوع الثاني : من دواء الربو غاز ليس فيه إلا هواء يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس بسهولة : فهذا لا يفطر ولا يفسد الصوم ، وللصائم أن يستعمله ، وصومه صحيح " انتهى .
( 19 / السؤال رقم 159 ) .
وسئل الشيخ رحمه الله :
شخص به مرض الربو ولا يستطيع قراءة القرآن إلا باستعمال الأكسجين ، فهل يستعمله في نهار رمضان ؟
فأجاب :
" إذا كان استعماله للأكسجين ليس بضروري : فالأحسن أن لا يستعمله ، والصائم لا يلزمه أن يقرأ القرآن حتى نقول : إنه يستعمله ليقرأ القرآن ، لكن بعض المصابين بهذا المرض يقول : إنني لا أستطيع أن أدع استعماله ، وإذا لم أستعمله أخشى على نفسي ويختنق نفسي ، فنقول : لا بأس أن تستعمل هذا الأكسجين ؛ لأنه حسبما بلغنا لا يصل إلى المعدة ، وإنما يصل إلى أفواه العروق التي تتفتح ليسهل النفس ، وإذا كان كذلك فلا حرج فيه .(/2)
لكنَّ هناك نوعاً من الحبوب يعطى لأصحاب الربو ، وهي عبارة عن كبسولة فيها دقيق ... ، فهذا لا يجوز استعماله في الصيام الواجب ؛ لأنه إذا اختلط بالريق وصل إلى المعدة ، وحينئذ يكون مفطراً فإذا كان الإنسان مضطراً إلى استعماله فإنه يفطر ويقضي بعد ذلك ، فإن كان مضطراً إليه في جميع الوقت فإنه يفطر ويفدي فيطعم عن كل يوم مسكيناً ، والله أعلم " انتهى باختصار .
( 19 / السؤال رقم 163 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78479
إذا بلع بعض أجزاء جِلده فهل يفطر ؟:
هل إذا أكلت قطعة من جلدي صغيرة أصغر من ربع الظفر فهل هذا سيفطرني ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للصائم أن يُدخل إلى جوفه شيئا من أكل أو شراب أو دواء ، والأكل هو إدخال جامد إلى المعدة عن طريق الفم ، ولو كان ضارا أو غير نافع كحصاة أو ظفر أو جلدة أو غير ذلك , وهذا قول الأئمة الأربعة لا يعرف بينهم خلاف .
انظر : "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
قال الشيرازي الشافعي رحمه الله :
" ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل وما لا يؤكل , فإن استف تراباً أو ابتلع حصاةً أو درهماً أو ديناراً : بطل صومه ؛ لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف , وهذا ما أمسك ; ولهذا يقال : فلان يأكل الطين ويأكل الحجر " انتهى .
وعلق النووي رحمه الله عليه فقال :
" قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : إذا ابتلع الصائم ما لا يؤكل في العادة كدرهم ودينار أو تراب أو حصاة ، أو حشيشاً أو حديداً أو خيطاً أو غير ذلك : أفطر بلا خلاف عندنا ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف " انتهى .
" المجموع " ( 6 / 340 ) .
وعليه ، فابتلاع هذه القطعة من الجلد يعتبر مفسدا للصيام ، لكن من ابتلعها من غير قصد منه ولا تعمد ، فصيامه صحيح ولا شيء عليه .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك : فلا يجوز ابتلاع الدم ، وعليه إخراجه ، فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده : فلا شيء عليه ، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 254 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 78546
هل يجوز أن يتعالج عند من يزعم أنه يتعامل مع طبيب من الجن المسلم ؟:
إذا تعالجت عند رجل عنده أطباء مسلمون من الجن ، فهل يفسد صومي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز الاستعانة بالجن في العلاج أو غيره ، ولا يجوز الذهاب لمن يزعم ذلك .
ولا ينبغي لمسلم أن يغتر بنجاح علاج أحد ورؤية أثر ذلك في الواقع ، فها هو الدجال يقول للسماء أمطري فتمطر ، وللأرض أخرجي كنوزك فتخرج ، فهل يغتر المسلم به ويصدقه في دعواه ؟! فقد يكون فتنة واستدراجاً من الله تعالى لهم ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله عن حكم استخدام الجن من المسلمين في العلاج إذا لزم الأمر ؟
فأجاب :
" لا ينبغي للمريض استخدام الجن في العلاج ولا يسألهم ، بل يسأل الأطباء المعروفين ، وأما اللجوء إلى الجن فلا ؛ لأنه وسيلة إلى عبادتهم وتصديقهم ؛ لأن في الجن من هو كافر ، ومن هو مسلم ، ومن هو مبتدع ، ولا تعرَف أحوالُهم ، فلا ينبغي الاعتماد عليهم ، ولا يسألون ، ولو تمثلوا لك ، بل عليك أن تسأل أهل العلم والطب من الإنس ، وقد ذم الله المشركين بقوله تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) الجن/6 ؛ ولأنه وسيلة للاعتقاد فيهم والشرك ، وهو وسيلة لطلب النفع منهم والاستعانة بهم ، وذلك كله من الشرك " انتهى .
" مجلة الدعوة " ( العدد 1602 ، ربيع الأول 1418 هـ ، ص 34 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" لا يستعان بالجان ، لا المسلم منهم ولا الذي يقول إنه مسلم ؛ لأنه قد يقول مسلم وهو كذاب من أجل أن يتدخل مع الإنس ، فيُسد هذا الباب من أصله ، ولا يجوز الاستعانة بالجن ولو قالوا إنهم مسلمون ؛ لأن هذا يفتح الباب .(/1)
والاستعانة بالغائب لا تجوز سواء كان جنيّاً أو غير جني ، وسواء كان مسلماً أو غير مسلم ، إنما يستعان بالحاضر الذي يقدر على الإعانة ، كما قال تعالى عن موسى : ( ... فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ... ) القصص/15 ، هذا حاضر ويقدر على الإغاثة فلا مانع من هذا في الأمور العادية " انتهى .
" السحر والشعوذة " ( ص 86 ، 87 ) .
ثانياً :
وأما الصوم فصحيح إن شاء الله ولا يفسد بذلك ، وإن كان ثواب الصيام يقل وقد ينعدم بالكلية بارتكاب المعاصي ، وانظر جواب السؤال رقم (50063) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78578
إمامهم يترك صلاة المغرب في المسجد ليفطر في بيته !:
نحن في منطقه لا يصلي فيها الإمام صلاه المغرب ؛ وذلك لأنه يذهب للإفطار ، فما الحكم هل نأثم ؟ أم نصليها في البيت وتحسب جماعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجب على المسلم أن يتقي الله تعالى ويؤدي الصلوات الخمس جماعة في المسجد ، إلا إذا كان معذوراً بنوم أو مرض أو نحو ذلك .
انظر السؤال رقم (8918) .
وبخاصة صلاة المغرب في رمضان حيث يكثر التفريط فيها من عامة المصلين ، ويجب على الإمام أن يكون على رأس المصلين في هذه الصلاة لسبب آخر غير وجوب الجماعة عليه ، وهو أداء الأمانة التي أوكلت له ، أو الوظيفة التي ائتمن عليها .
وإذا كان هذا الإمام مفرطا في صلاة المغرب جماعة في المسجد ، فإن هذا لا يعني أنكم تأثمون أو يجوز لكم أن تصلوا في البيت ، بل يجب عليكم أداءها جماعة في المسجد ، ولو لم يحضر الإمام ، فإن كل إنسان يحاسب على عمله ، فإن أساء هو فعليكم أن تحسنوا أنتم وتتجنبوا إساءته ، محافظة على هذه الشعيرة التي هي من أركان الإسلام .(/1)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى ، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ . رواه مسلم ( 654 ) .
وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :
فلا أرخّص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر .
" الأم " (1/277)
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
ومن تأمل السنَّة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر , وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار .
ثم قال ابن القيم :
فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر .
" كتاب الصلاة " ( ص 166 ) .
ثانياً :
وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل هدي ؛ حيث كان يفطر على رطب ، فإن لم يجد فعلى تمر ، فإن لم يجد شرب الماء ثم قام ليصلي المغرب .(/2)
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ ) رواه الترمذي ( 632 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
فما يفعله هذا الإمام مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فعليكم بمناصحته لعله يرجع إلى الصواب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78591
صام قبل البلوغ ونسي قضاء بعض الأيام فهل يقضيها بعد بلوغه ؟:
عندما كنت في أول متوسط - وكان عمري آنذاك 13 عاماً - أفطرت ثلاثة أيام ونسيتها ولم أتذكرها إلا هذه السنة ، عمري الآن 16 سنة ، علماً بأني لم أبلغ ، فهل أقضي بالصوم فقط أم عليَّ شيء آخر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يكلَّف الصبي بالواجبات الشرعية إلا بعد بلوغه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ) رواه أبو داود (4399) . وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " ، وما يفعله الصبي من طاعات واجبة أو مستحبة قبل البلوغ فإنه يثاب عليها ، فمن حجَّ وهو صبي أو صام أو صلَّى كُتب له أجر ذلك كله ، ولكن الحج لا يجزئه عن حجة الإسلام ، فعليه بعد البلوغ أن يحج حجة أخرى .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ : ( مَنْ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ : أَلِهَذَا حَجٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِ أَجْرٌ ) رواه مسلم ( 1336 ) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الاسلام بل يقع تطوعا ، وهذا الحديث صريح فيه " انتهى .
" شرح النووي " ( 9 / 99 ) .
وقال الخطابي :(/1)
إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى بلغ ويدرك مدرك الرجال ، وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى ، ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر .
انظر : " عون المعبود " ( 5 / 110 ) .
ولا يؤمر بقضاء ما أفطره وهو صبي ، ولا يؤمر بقضاء ما تركه من صلوات .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
فأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه : فلا قضاء عليه ، وسواء كان قد صامه أو أفطره ، هذا قول عامة أهل العلم " المغني " ( 3 / 94 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" صيام الصبي ليس بواجب عليه ، ولكن على ولي أمره أن يأمره به ليعتاده ، وهو – أي الصيام في حق الصبي الذي لم يبلغ – سنَّة ، له أجر في الصوم ، وليس عليه وزر إذا تركه " انتهى .
" فقه العبادات " ( ص 186 ) .
وعلى هذا ، فلا يلزمك قضاء هذه الأيام الثلاثة التي أفطرتها ، لأن الصوم لم يكن واجباً عليك ، وإن أردت قضاءها فلا حرج عليك ، وتقضي بالصوم فقط ، يوماً مكان يوم ، وليس عليك شيء آخر .
ثانياً :
قولك في السؤال : "إن عمرك الآن 16 سنة ولم تبلغ"
بل أنت الآن بالغ ! لأن البلوغ يحصل بإحدى ثلاث علامات ـ بالنسبة للذكر ـ
1- إنزال المني
2- إنبات الشعر الخشن حول العانة .
3- بلوغ خمسة عشر سنة .
وتزيد الأنثى علامة رابعة وهي نزول الحيض .
فمتى وجدت إحدى هذه العلامات ثبت البلوغ ، ولا يشترط وجود كل هذه العلامات .
وانظر جواب السؤال رقم (70425) .
وبما أن عمرك 16 سنة فإنك تعتبر بالغاً ، فاعمل لذلك ، فقد انتهى زمن الصغر وعدم التكليف ، فإن الملائكة تكتب على كل شخص بالغ ما يفعله من خير أو شر ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) الزلزلة/8 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78592
أسرة تريد التنزه ثم العمرة فهل تعطى من الزكاة ؟!:
عائلة متوسطة الحال تريد السفر في الإجازة الصيفية للتنزه في الطائف ومن ثم النزول إلى مكة لأداء العمرة وليس لديها ما يكفيها لهذه الرحلة ، فما حكم إعطائهم من الزكاة ؟ ولماذا ؟ وإن جاز فما مقدار ما يعطونه ؟.
الجواب:
الحمد لله
بيَّن الله تعالى مصارف الزكاة في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
وقد سبق بيان هؤلاء في جواب السؤال رقم ( 6977 ) .
والفقير والمسكين إنما يعطى من الزكاة ما يكفيه وأهله الذين ينفق عليهم النفقات الشرعية التي لا إسراف فيها ولا تبذير ولا تضييع للأموال .
والمقصود بهذه النفقات الشرعية :
الحاجات الأساسية التي يحتاج إليها الفقير ، كالمسكن والملبس والطعام والشراب والعلاج ....ونحو ذلك .
وليس السفر للتنزه من الحاجات الأساسية التي يعطى الفقير من الزكاة من أجلها .
وعلى هذا فلا يجوز أن يعطى هؤلاء من الزكاة بحجة أنهم فقراء .
وكذلك لا يعطون من الزكاة من سهم ( ابن السبيل ) لأن ابن السبيل هو الذي سافر بالفعل ، ثم لم يكف ما معه من الأموال لبلوغه مقصده ، فإنه يعطى من الزكاة ما يبلغه مقصده ، أما هؤلاء فهم في بلادهم ولم يسافروا ، فلا يوصفون بأنهم أبناء سبيل .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (35889) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 78593
هل يعطى من يتطوع للجهاد في سبيل الله من الزكاة ؟:
هل يعطى من يتطوع للجهاد في سبيل الله من الزكاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
بيَّن الله تعالى مصارف الزكاة بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
وقد سبق بيان هؤلاء في جواب السؤال رقم ( 6977 ) ، وبيَّنا أن مصرف " في سبيل الله " هو في الجهاد في سبيل الله ، وألحق بعض العلماء الحج لحديث ورد في ذلك .
قال ابن كثير رحمه الله :
وأما ( في سبيل الله ) فمنهم الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان ، وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق والحج من سبيل الله للحديث .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 367 ) .
وبيَّنا في جواب السؤال رقم ( 7853 ) جواز دفع الزكاة لأهل الشيشان .
وليعلم أن قوله تعالى ( في سبيل الله ) ليست عامة في كل وجوه الخير ، بل هي في الجهاد في سبيل الله .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فأما تخصيصه بالجهاد في سبيل الله فلا شك فيه ، خلافاً لمن قال : إن المراد في سبيل الله كل عمل برٍ وخير ، فهو على هذا التفسير كل ما أريد به وجه الله ، فيشمل بناء المساجد ، وإصلاح الطرق ، وبناء المدارس ، وطبع الكتب ، وغير ذلك مما يقرب إلى الله عزّ وجل ؛ لأن ما يوصل إلى الله من أعمال البر لا حصر له .
ولكن هذا القول ضعيف ؛ لأننا لو فسرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقاً ، والحصر هو : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ...) التوبة/ 60 الآية ، وهذا وجه لفظي .(/1)
أما الوجه المعنوي فلو جعلنا الآية عامة في كل ما يقرب إلى الله عزّ وجل لحرم من الزكاة من تيقن أنه من أهلها ؛ لأن الناس إذا علموا أن زكاتهم إذا بني بها مسجد أجزأت بادروا إليه لبقاء نفعه إلى يوم القيامة .
فالصواب : أنها خاصة بالجهاد في سبيل الله .
وأما قول المؤلف إنهم الغزاة ، وتخصيصه بالغزاة ، ففيه نظر .
والصواب : أنه يشمل الغزاة وأسلحتهم ، وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله ، حتى الأدلاء الذين يدلون على مواقع الجهاد لهم نصيب من الزكاة ؛ لأن الله قال : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ولم يقل : للمجاهدين ، فدل على أن المراد : كل ما يتعلق بالجهاد ؛ لأن ذلك من الجهاد في سبيل الله .
وهل يجوز أن يُشترى من الزكاة أسلحة للقتال في سبيل الله ؟
على رأي المؤلف : لا يجوز، وإنما تعطى المجاهد .
وعلى القول الصحيح : يجوز أن يُشترى بها أسلحة يقاتل بها في سبيل الله ، لا سيما وأنه معطوف على مجرور بـ " في " الدالة على الظرفية دون التمليك ، بل هي نفسها مجرورة بـ " في " ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .
وعلى هذا فيكون القول الراجح : أن قوله : ( َفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) يعم الغزاة وما يحتاجون إليه من سلاح وغيره .
" الشرح الممتع " ( 6 / 241 ، 242 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78597
زنى بامرأة فهل له أن يتزوج بابنتها ؟:
أنا رجل أبلغ من العمر ثلاثون عاماً ، وقد أغواني الشيطان وزنيت بامرأة ، وبفضل الله عليَّ ورحمته تبت إلى الله توبة نصوحا لعل الله يتقبلها منى ، وأنا إلى الآن لم أتزوج ، وقد قررت الزواج ، وقامت أمي بترشيح فتاة ما ، ولكن هذه الفتاه هي ابنة المرأة التي سبق وزنيت بها ( مع العلم بأن واقعة الزنا كانت منذ سنتين وأن هذه الابنة تبلغ من العمر الآن عشرون عاما) ، ولذلك أرجو الإفادة إن كان هذا الزواج محرَّما أم لا ؟ وأرجو من سيادتكم توضيح الأمر باستفاضة تامة.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ، واحرص على أن تكون توبة صادقة ؛ لأن جريمة الزنا إثمها عظيم ، ويترتب عليها مفاسد كثيرة ، والزاني المحصن يستحق الرجم حتى الموت ، وليس في الحدود ما هو أعظم من هذا ؛ وذلك لقبح هذه الجريمة وشناعتها .
والنصيحة لك ألاّ تنكِح هذه الفتاة ، لا لأن نكاحها محرم ، بل لأنك بهذا النكاح ستكون قريباً من أمها التي زنيت بها ، والقرب منها فيه تذكير لك بتلك الفاحشة الشنيعة ، ولعل الشيطان أن يوسوس لك ثانية ، ويزين لك المعصية فتقع فيها ، والبُعد عن مواطن الفاحشة والمعصية من تمام التوبة ، ويدل على ذلك حديث الذي قتل مائة نفس ، فإن العالِم دلَّه على ترك قريته لأن أهلها كانوا أهل شر وفساد , وهذا من تمام التوبة .
أما من حيث جواز نكاح تلك الفتاة : فقد وقع في هذه المسألة خلاف بين العلماء ، فالشافعي ومالك - في إحدى الروايتين عنه - يبيحون ذلك ، وأبو حنيفة وأحمد ومالك - في الرواية الأخرى - يحرمون هذا النكاح ، والراجح هو القول الأول .
قال ابن عبد البر :(/1)
واختلفوا في الرجل يزني بالمرأة هل يحل له نكاح ابنتها وأمها ، وكذلك لو زنا بالمرأة هل ينكحها ابنه أو ينكحها أبوه ، وهل الزنى في ذلك كله يحرم ما يحرم النكاح الصحيح أو النكاح الفاسد أم لا ؟
فقال مالك في " موطئه " : إن الزنى بالمرأة لا يحرم على من زنا بها نكاح ابنتها ولا نكاح أمها ، ومن زنا بأم امرأته لم تحرم عليه امرأته بل يقتل ولا يحرِّم الزنى شيئا بحرمة النكاح الحلال .
وهو قول ابن شهاب الزهري وربيعة ، وإليه ذهب الليث بن سعد والشافعي وأبو ثور وداود ، وروي ذلك عن ابن عباس وقال في ذلك : " لا يحرم الحرام الحلال " ... .
وذكر ابن القاسم عن مالك خلاف ما في " الموطأ " ، فقال : من زنا بأم امرأته فارق امرأته وهو عنده في حكم من نكح أم امرأته ودخل بها .
وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي كلهم يقولون : من زنا بأم امرأته حرمت عليه امرأته .
قال سحنون : أصحاب مالك كلهم يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما في " الموطأ " ...
والله عز وجل إنما حرم على المسلم تزوج أم امرأته وابنتها وكذلك إذا ملكت يمينه امرأة فوطئها بملك اليمين حرمت عليه أمها وابنتها
وكذلك ما وطىء أبوه بالنكاح وملك اليمين وما وطىء ابنه بذلك فدل على المعنى في ذلك الوطء الحلال ، والله المستعان
وقد أجمع هؤلاء الفقهاء - أهل الفتوى بالأمصار المسلمين - أنه لا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنا بها إذا استبرأها فنكاح أمها وابنتها أحرى ، وبالله التوفيق .
" الاستذكار " ( 5 / 463 ، 464 ) باختصار .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :(/2)
" القول الراجح : أن أم المزني بها ليست حراماً على الزاني ، وأن بنت المزني بها ليست حراماً على الزاني ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) النساء/24 ، وفي قراءة أخرى : ( وأَحَلَّ لَكُم ما وَرَاء ذَلِكُم ) بالبناء للفاعل ، ولم يذكر الله عزّ وجل أم المزني بها وبنتها في المحرمات ، وإنما قال : ( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) النساء/23 ، ومعلوم أن المزني بها ليست من نسائه قطعاً ؛ لأن نساءه زوجاته ، فإذا لم تكن من نسائه فإنه لا يصح أن يلحق السفاح بالنكاح الصحيح ، فإذا تاب من الزنا جاز له أن يتزوج أم المزني بها وبنتها " انتهى
" الشرح الممتع " ( 7 / 38 ، 39 ) .
والخلاصة : أن المسألة محل خلاف بين العلماء ، وأن الراجح جواز نكاح بنت المزني بها إذا لم تكن مخلقة من مائه ، والنصيحة لك : أن لا تتزوج لسببين :
احتياطاً ، لأنها محرمة عليك عند كثير من العلماء .
وحتى لا يكون زواجك بها سبباً للقرب من أمها والاتصال بها ، مما قد يكون سبباً لعودتك إلى المعصية التي تبت منها .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78737
تسببت مشاكله مع خاله في رسوبه فهل يطالبه بتعويض مالي ؟:
أنا شاب عمري ( 24 ) طبيب ، مشكلتي بدأت منذ خمس سنوات مع خالي ( 45 ) ، حيث كان عمري ( 19 ) سنة حيث كان يأتي إلى بيتنا كل يوم ولمدة ساعات بدون إذن أو استئذان ( لمدة عامين متتاليين ) لغرض قضاء وقت فراغه ، وكان يحدث المشاكل والشجار بين أبي وأمي ، وكان هو سبب التوتر في العائلة ، وكلما كنت أقول لأمي لماذا لا نطرده ؟ كانت تقول : لا يجوز ذلك ، إلى أن وصل غضبي إلى أن أترك الامتحان في تلك السنة ، ورسوبي في تلك السنة ، احتجاجا على تصرفات خالي في بيتنا ، ذهب خالي ، ولكن المشاكل النفسية وذكريات ترك الامتحان ذلك اليوم لا تغادرني إلى اليوم ، وكلما أرى خالي في المناسبات ينتابني غضب شديد .
السؤال :
بماذا تنصحونني ؟ وهل لي أن أطالب بتعويض مالي من خالي - ولو يسيراً - لرد اعتباري على المشاكل النفسية الذي أصبت به لتعود العلاقة بيننا وخصوصا أني لا أريد أن أقطع صلة الرحم ؟ وما هو موقف الشريعة من هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله(/1)
ننصحك بنسيان الموضوع القديم الذي بينك وبين خالك ، ونرى أنك أعطيت الأمر أكثر مما يستحق ، وكون خالك يدخل البيت من غير استئذان لا يحل له ، ولو كان داخلاً لبيت أخته ، فالاستئذان في حقه واجب ، ورضى والدك بزيارة خالك لبيته هو المعتبر ، وقد رضي بذلك بدليل استمرار زيارته طيلة هذه المدة ، وتركك للامتحان في تلك السنة ورسوبك فيها أنت تتحمل تبعاته ، فلا يخلو بيت من بيوت المسلمين – في الغالب – من مشاكل ، والعاقل هو الذي يحسن التصرف إزاءها ، ويحرص على حلها ، أو التقليل منها ، ولا نرى لتصرفك في ترك الدراسة للامتحان أي وجه ، فتتحمل أنت تبعاته ، ولا ينبغي لك دوام التفكير فيما مضى فتُسبب الآلام النفسية لك ولأهلك ، فانس ذلك الأمر ، وأقبل على عملك ، واستعن بالله ، وداوم على صلة الرحم ، ونصح المخطئ ، ولا تلتفت إلى ما يزينه لك الشيطان من رفع قضية على خالك وأخذ تعويض مالي منه ، فبالإضافة إلى أن القضية قد تكون فاشلة في المحاكم ، فإنها ستسبب شرخاً وتصدعاً في أسرتكم نربأ بك أن تكون سببه ، وينبغي أن يكون جانب الرحمة غالباً على جانب الغضب والانتقام ، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك ، وأن يجمع بينك وبين أسرتك جميعاً على خير .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 78833
هل للرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة:
هل يجوز النوم مع أختي في غرفة واحدة وكلا منا علي سرير منفرد ومتقابل أثناء الصوم بحيث قد نرى بعضنا بعض.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج على الرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة ، كل منهما على فراشه ، إذا أُمن الاطلاع على شيء من عورتهما ، ولا فرق في ذلك بين حال الصوم وغيره .
وعورة المرأة بالنسبة لأخيها وعامة محارمها : جميع بدنها إلا ما يظهر غالبا ، كالرقبة والرأس والكفين والقدمين والساقين ، قال في "كشاف القناع" (5/11) : " ( و ) لرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ( ذات محارمه ) قال القاضي على هذه الرواية : يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى .
وعورته بالنبسة لها : ما بين السرة إلى الركبة .
قال في "كشاف القناع" (5/15) : " ( وللمرأة مع الرجل ) نظر ما فوق السرة وتحت الركبة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : ( اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك ) ، وقالت عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ) متفق عليه ، ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد مضى إلى النساء فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة ؛ ولأنهن لو منعن من النظر لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء لئلا ينظرون إليهم " انتهى .
فيجب أن يحتاط كل منهما عند نومه ، فيلبس ما يستر عورته ، ويحفظه من الانكشاف .(/1)
ولما كان النوم مظنة انكشاف العورة ، وثوران الشهوة جاءت الشريعة الكاملة المطهرة بالأمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع . كما روى أبو داود (418) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ )
وروى الدارقطني والحاكم عن سبرة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم و إذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة ) والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم 418
وقد فسر أهل العلم التفريق في المضاجع بأمرين :
الأول : التفريق بين فرشهم ، وهذا هو ظاهر الحديث الثاني .
الثاني : ألا يناما متجردين على فراش واحد ، فإن ناما بثيابهما من غير ملاصقة جاز ذلك عند أمن الفتنة .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله : " التفريق في المضاجع يصدق بطريقين : أن يكون لكل منهما فراش ، وأن يكونا في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين ، وينبغي الاكتفاء بالثاني ; لأنه لا دليل على حمل الحديث على الأول وحده . قال الزركشي حمله عليه هو الظاهر بل هو الصواب للحديث السابق : ( فرقوا بين فرشهم ) مع تأييده بالمعنى وهو خوف المحذور " انتهى من "أسنى المطالب" (3/113).
وقال في "كشاف القناع" (5/18) : " ( وإذا بلغ الإخوة عشر سنين ذكورا كانوا أو إناثا , أو إناثا وذكورا فرق وليُّهم بينهم في المضاجع فيجعل لكل واحد منهم فراشا وحده ) لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وفرقوا بينهم في المضاجع ) أي حيث كانوا ينامون متجردين كما في المستوعب والرعاية " انتهى.(/2)
وقال ابن مفلح رحمه الله : " ومن بلغ من الصبيان عشرا منع من النوم مع أخته ومع محرم غيرها متجردين ذكره في المستوعب والرعاية ، وهذا والله أعلم على رواية عن أحمد واختارها أبو بكر. والمنصوص واختاره أكثر أصحابنا وجوب التفريق في ابن سبع فأكثر ، وأن له عورة يجب حفظها ، والمسألة مشهورة مذكورة في كتاب الجنائز " انتهى من "الآداب الشرعية" (3/538).
وإنما ذكرنا هذا للفائدة ، ولئلا يُظن أن الحديث يقتضي عدم نوم الأخ مع أخته في غرفة واحدة ، وإن كان هذا هو الأولى لمن تيسر له ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 78842
يتاجر في بهيمة الأنعام وبعضها لا يحول عليه الحول فكيف يزكيها ؟:
أنا لدي نوع من الماعز نادر وهو الماعز الشامي وهو نوع غالي الثمن حيث يصل أقيام بعضها إلى أكثر من 50000 ريال أربيها وأبيع من إنتاجها وأشتري وأبيع فيها بحيث بعضها لا يحول عليه الحول وتربيتها مكلفة من علف وعلاج وهي في حوش بحيث لا تسرح لتأكل من نبات الأرض ، عليه أرجو الإفادة هل تجب عليها الزكاة ؟ وكيف تحتسب ؟ هل تعتبر بهيمة أنعام أم عروض تجارة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تجب الزكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت سائمة ( أي : تأكل من حشيش الأرض مجاناً ) ، الحولَ كله أو أكثره ، وأما إذا كانت معلوفة ، يتكلف صاحبها علفها فإنه لا زكاة فيها ، إلا إذا نوى بها صاحبها التجارة – ورد كما في سؤالك - ففيها زكاة عروض التجارة .
فهذه الماعز التي عندك ، لا تجب فيها زكاة بهيمة الأنعام وإنما تجب فيها زكاة عروض التجارة .
وانظر هذا مبينا في السؤال رقم ( 40156 )
ثانيا :
وينبغي التنبه إلى أن بعض الناس يخطئ في تحديد بداية الحول ، ويظنه من اللحظة التي اشترى فيها عروض التجارة ، وليس ذلك صحيحا ، بل حول عروض التجارة هو تكملة لحول النقود التي اشتريت بها إذا كانت النقود قد بلغت نصاباً .
ومعنى ذلك : أن من اشترى عروض تجارة - كالماعز المعلوفة وغيرها –بذهب أو فضة أو نقود تبلغ النصاب ، فإن حول تجارته يبدأ من حين ملك الذهب أو الفضة أو النقود . وكذلك لو اشترى الماعز مثلا بعروض تجارة كانت عنده ، وهذه العروض تبلغ النصاب ، مثل أن يشتري الماعز بسيارة يتجر فيها ، فإن حول الماعز هو تكملة حول السيارة
والعلة في ذلك : أن وضع التجارة للتقلب والاستبدال بنقد أو عروض , فلو لم يُبن حول بعضها على بعض بطلت زكاة التجارة .(/1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله موضحا هذه المسألة : " فلو اشترى عرْضاً بنصاب من أثمان ، كرجل عنده مائتا درهم ، وفي أثناء الحول اشترى بها عرضاً ، فلا يستأنف الحول بل يبني على الأول ؛ لأن العروض يبنى الحول فيها على الأول .
مثال آخر : عنده ألف ريال ملكها في رمضان ، وفي شعبان من السنة الثانية اشترى عرضاً ، فجاء رمضان فيزكي العروض ؛ لأن العروض تبنى على زكاة الأثمان في الحول .
وكذلك أيضاً لو اشترى عرْضاً بنصاب من عروض ، أي عرْضاً بدل عرْض .
مثاله: رجل عنده سيارة ، وفي أثناء الحول أبدلها بسيارةٍ أخرى للتجارة ، فيبني على حول الأولى ؛ لأن المقصود القيمة ، واختلاف العينين ليس مقصوداً ، ولم يشتر السيارة الثانية ليستعملها ، ولكن يريدها للتجارة " انتهى من "الشرح الممتع" .
وبناء على ذلك ؛ فلو أنك ملكت عشرة آلاف مثلا في شهر رمضان ، ثم اشتريت بها ماعزا في شهر ذي الحجة ، وصرت تبيع فيها أو في نتاجها ، وتشتري غيرها ، فإن حول زكاتك يكون في شهر رمضان ، وعليك أن تقوّم ما لديك من الماعز كل سنة ، في رمضان ، ثم تضيف إليها ما عندك من نقود ، ثم تخرج زكاة الجميع ربع العشر . وهكذا يستمر حول زكاتك في رمضان إلا إذا انقطع النصاب أثناء الحول ، كأن يبيع الإنسان ما لديه في شهر صفر مثلا ، ويضع ثمنه في أرض أو بيت للسكنى ، ثم يرزقه الله مالا في شهر رجب فيشتري به ماعزا للتجارة ، فإن حول تجارته يبدأ من شهر رجب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 79059
لديه نصاب المال وراتبه لا يكفيه فهل تجوز له الزكاة ؟:
أنا وإخواني لنا ورث من والدي ونحن ست إخوة وأمنا و3 أخوات ولم تقسم التركة وأنا متخرج من الجامعة ولدي عمل وراتبه قليل وأنا متزوج ولي بنت وولد وأنا حاليا مديون في سيارة فهل أخرج نصيبي من الزكاة وأدفعه لغيري وآخذ زكاة إخواني ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا ملكت نصابا من المال ، وحال عليه الحول ، وجب عليك إخراج زكاته .
والنصاب هو 85 جراماً من الذهب ، أو 595 جراماً من الفضة أو ما يعادل قيمة أحدهما من الأوراق النقدية .
ثانيا :
إذا كان راتبك لا يكفيك ، أو كنت مدينا ، وليس عندك ما تسدد به دينك ، فأنت من أهل الزكاة ، قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60 .
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من لم يجد ما يكفيه فهو فقير أو مسكين يستحق الزكاة ، ولو كان عنده نصاب من المال .(/1)
قال ابن قدامة رحمه الله وهو يذكر معنى الغنى المانع من أخذ الزكاة : " والرواية الثانية ( يعني عن الإمام أحمد ) أن الغنى ما تحصل به الكفاية , فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة , وإن لم يملك شيئا , وإن كان محتاجا حلت له الصدقة , وإن ملك نصابا ، وهذا قول مالك والشافعي , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة بن المخارق : ( لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : قد أصابت فلانا فاقة , فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش , أو سدادا من عيش ) رواه مسلم . فمدّ إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد , ولأن الحاجة هي الفقر , فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص " انتهى من "المغني" (2/277) باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من هو الفقير الذي يستحق الزكاة ؟
فأجاب : " الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة ، ويختلف بحسب الزمان والمكان ، فربما ألف ريال في زمن ، أو مكان تعتبر غنى ، وفي زمن أو مكان آخر لا تعتبر غنى لغلاء المعيشة ونحو ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/339).
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً : من وجبت عليه الزكاة لوجود النصاب ، ولكنه فقير فهل تحل له الزكاة ؟
فأجاب: " ليس كل من تجب عليه الزكاة لا تحل له الزكاة ، فيكون هو يُزَكِّي ويُزَكَّى عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/340).
ثالثاً :
ما ذكرته في سؤالك من وجود إرث من والدك لم يتم تقسيمه ، ينظر فيه ، فإن كان أخذك له يرفع عنك صفة الفقر والمسكنة ، ويمكنك من سداد دينك ، فلست من أهل الزكاة ، ولا حرج عليك في المطالبة بتقسيم التركة .(/2)
فمثلاً : إذا كانت التركة عقاراً زائداً عن حاجتك يمكنك بيعه والاستفادة من ثمنه في النفقة وقضاء الدَّيْن ، فهذا واجب عليك ولا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لأنك لست فقيراً أو مسكيناً .
أما إذا كان عقاراً تسكنه ، أو تؤجره لتستفيد من أجرته في النفقه فلا يلزمك بيعه ، ولا يرتفع عنك وصف الفقر مع ملكك إياه .
رابعاً :
لا حرج عليك أن تأخذ من زكاة إخوتك لقضاء ما عليك من الدين ، لأن قضاءهم للدَّيْن الذي عليك ليس واجباً عليهم .
وأما أن تأخذ من زكاتهم من أجل النفقة ، فإن كنت ترث منهم في حالة وفاتهم فلا يجوز أن تأخذ من زكاتهم لأنهم يجب عليهم أن ينفقوا عليك ، وإن كنت لا ترث منهم فلا حرج عليك من أخذ الزكاة منهم لأنهم لا يجب عليهم أن ينفقوا عليك في هذه الحالة ، وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال (50640) .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 79067
الحكم في من سب دين رجل مسلم:
هل تجب الكفارة على من سب مسلما .كالقول لمسلم : لعن دين أمك ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سب الدين أو الملة أو الإسلام كفر أكبر ، بإجماع أهل العلم ، يُستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل ، عياذا بالله من ذلك . وانظر السؤال رقم (42505) ، (65551)
وأما سب دينِ شخصٍ مسلمٍ معين ، كقوله : يلعن دينك ، أو دين أمك – والحال أن أمّه مسلمة - فظاهره سب الدين أيضا ، وهو كفر كما سبق ، وأبدى بعض أهل العلم احتمالا ، وهو أن يكون مراده حالة الشخص وتدينه ، وهذا قد يؤخذ من القرائن المحيطة ، فحينئذ يعزر ويؤدب ، وبكل حال فإنه يستتاب ويراجع .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/139) : " اتفق الفقهاء على أن من سب ملة الإسلام أو دين المسلمين يكون كافرا , أما من شتم دين مسلم ، فقد قال الحنفية كما جاء في جامع الفصولين : ينبغي أن يكفر من شتم دين مسلم , ولكن يمكن التأويل بأن المراد أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغي أن لا يكفر حينئذ " انتهى .
وقال الشيخ عليش المالكي : " وفيه أيضا [أي البرزلي] نزلت مسألة وهي أن رجلا كان يزدري الصلاة وربما ازدرى المصلين وشهد عليه ملأ كثير من الناس منهم من زكي ومنهم من لم يزك ، فمن حمله على الازدراء بالمصلين لقلة اعتقاده فيهم فهو من سباب المسلم فيلزمه الأدب على قدر اجتهاد الحاكم ، ومن يحمله على ازدراء العبادة فالأصوب أنه ردة لإظهاره إياه وشهرته به كهذه المسألة المذكورة ، لا زندقة ويجرى على أحكام المرتد ا هـ .(/1)
قلت : يؤخذ من هذا الحكم فيمن سب الدين أو الملة أو المذهب وهو يقع كثيرا من بعض سفلة العوام كالحمّارة والجمّالة والخدامين وربما وقع من غيرهم وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهو كافر قطعا ، ثم إن أظهر ذلك فهو مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وإن لم يظهره فهو زنديق يقتل ولو تاب .
وإن قصد حالة شخص وتديّنه فهو سب المسلم ففيه الأدب باجتهاد الحاكم ، ويفرق بين القصدين بالإقرار والقرائن ، وبعضهم يجعل القصد الثاني كالأول في الحكم ، ففي البدر عن بهرام في مبحث الردة : إذا قال تارك الصلاة لمن قال له صل : إذا دخلت الجنة فأغلق الباب خلفك ، فإن أراد أن الصلاة لا تأثير لها في الدين فقد ارتد اتفاقا ، وإن أراد أن صلاة القائل لا تأثير لها لكونها لم تنهه عن الفحشاء والمنكر ففي ردته قولان ا هـ . ومن المعلوم أن من الدين والملة القرآن العزيز ، وسبه كفر كما ذكره البرزلي في مواضع " انتهى من "فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك" (2/346).
والاحتمال الذي ذكره ، ربما وقع نادرا ، وإلا فالأصل أن لعن دين الشخص هو لعن للإسلام ، ولا يقدم على هذا إلا متهور مجترئ على حدود الله ، مقتحم لهذه المهلكة العظيمة ، ولندرة هذا الاحتمال فإن الشيخ عليش رحمه الله لم يذكره في موضع آخر ، حيث سئل ما نصه : " ( ما قولكم ) في رجل لعن دين آخر ، وفي آخر لعن مذهبه ، وفي آخر قال له : يلعن مذهبك مذهب القطط ، هل يرتدون أفيدوا الجواب .(/2)
فأجبت بما نصه : الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، نعم قد ارتدوا بذلك ، واستحقوا القتل إن لم يتوبوا اتفاقا ؛ لأن سب الدين أو المذهب لا يقع إلا من كافر ، ولأنه أشد من الاستخفاف به الموجب للكفر ، ولأنه داخل في القسم الثاني المتقدم عن ابن عبد السلام والقرافي وابن رشد وغيرهم ، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم ". انتهى من "فتح العلي المالك" (2/355).
ثانيا :
كفارة السب ، سواء كان سبا للدين أو للشخص ، هي التوبة النصوح ، فمن تاب تاب الله عليه ، إلا أن الساب يستحق التعزير والتأديب . سئل النووي رحمه الله : " ماذا يجب على من يقول للمسلم : يا كلب ، أو يا خنزير ، ونحوه من الألفاظ القبيحة هل يأثم ؟.
فأجاب : الحمد لله ، يأثم ويعزر ، وعليه التوبة . والله أعلم ". انتهى من "فتاوى النووي" ص 224
وانظر السؤال رقم (42505) ففيه تفصيل الكلام في توبة من سب الدين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 79122
هل صلاة النساء بجوار الرجال مع الفاصل صحيحة ؟:
يوجد في بلدنا مسجد يصلي فيه النساء بجوار الرجال لكن يفصل بينهما جدار فهل هذا العمل صحيح أو لابد أن يصلي النساء خلف الرجال ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا صلت المرأة بمحاذاة الرجل وكان بينهما حائل من جدار أو فرجة يمكن أن يقوم فيها مصلٍ ، فالصلاة صحيحة عند عامة أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة . وإنما وقع الخلاف بينهم فيما إذا صلت إلى جنبه بلا حائل ، فذهب الحنفية إلى أنها تُبطل صلاة ثلاثة من الرجال ، واحد عن يمينها ، وآخر عن يسارها ، وثالث خلفها ، بشروط ذكروها ، وحاصلها : أن تكون المرأة مشتهاة ، وهي من بلغت سبع سنين ، أو كانت تصلح للجماع ، على خلاف في المذهب ، وأن تدخل مع الرجل في صلاة مطلقة أي لها ركوع وسجود ، ويشتركان في التحريمة والأداء ، وأن يكون الإمام قد نوى إمامتها أو إمامة النساء بصفة عامة ، في تفاصيل أخر ، تعرف بالرجوع إلى كتبهم . ينظر : "المبسوط" (1/183) ، "بدائع الصنائع" (1/239) ، "تبيين الحقائق" (1/136- 139).(/1)
قال النووي رحمه الله تعالى مبينا الخلاف في المسألة وملخصا مذهب الحنفية : " إذا صلى الرجل وبجنبه امرأة لم تبطل صلاته ولا صلاتها سواء كان إماما أو مأموما ، هذا مذهبنا وبه قال مالك والأكثرون , وقال أبو حنيفة : إن لم تكن المرأة في صلاة أو كانت في صلاة غير مشاركة له في صلاته صحت صلاته وصلاتها , فإن كانت في صلاة يشاركها فيها - ولا تكون مشاركة له عند أبي حنيفة إلا إذا نوى الإمام إمامة النساء - فإذا شاركته فإن وقفت بجنب رجل بطلت صلاة من إلى جنبيْها , ولا تبطل صلاتها ولا صلاة من يلي الذي يليها ; لأن بينه وبينها حاجزا , وإن كانت في صف بين يديه ( يعني : أمامه ) بطلت صلاة من يحاذيها من ورائها , ولم تبطل صلاة من يحاذي محاذيها ; لأن دونه حاجزا ، فإن صف نساء خلف الإمام وخلفهن صف رجال بطلت صلاة الصف الذي يليهن , قال : وكان القياس أن لا تبطل صلاة من وراء هذا الصف من الصفوف بسبب الحاجز , ولكن نقول تبطل صفوف الرجال وراءه , ولو كانت مائة صف استحسانا , فإن وقفت بجنب الإمام بطلت صلاة الإمام ; لأنها إلى جنبه ومذهبه أنها إذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأمومين أيضا , وتبطل [ صلاتها ] أيضا ; لأنها من جملة المأمومين .
وهذا المذهب ضعيف الحجة ، ظاهر التحكم والتمسك بتفصيل لا أصل له , وعمدتنا أن الأصل أن الصلاة صحيحة حتى يرد دليل صحيح شرعي في البطلان , وليس لهم ذلك ... وقاس أصحابنا على وقوفها في صلاة الجنازة فإنها لا تبطل عندهم , والله أعلم بالصواب وله الحمد والنعمة والمنة , وبه التوفيق والهداية والعصمة" انتهى من المجموع (3/331) باختصار يسير.
أما مع وجود الحائل فقد اتفق الأحناف مع الجمهور على أنه لا تبطل صلاة واحد منهما ، كما في "تبيين الحقائق" (1/138)
ثانيا :(/2)
لا شك أن السنة أن تكون صفوف النساء خلف الرجال ، كما كان الحال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى البخاري (380) ومسلم (658) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ قَالَ أَنَسٌ : فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ ) .
قال الحافظ في الفتح : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: ... َتَأْخِير النِّسَاء عَنْ صُفُوف الرِّجَال , وَقِيَام الْمَرْأَة صَفًّا وَحْدهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اِمْرَأَة غَيْرهَا " انتهى .
لكن إذا حصل ما ذكرتَ من كونهن يحاذين الرجال ، فالصلاة صحيحة والحمد لله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 79141
تعليق الهلال والنجمة المضاءة بالكهرباء على واجهات المباني في رمضان:
ظهرت عندنا في الأردن عادة جديدة وانتشرت كثيراً ، وهي تعليق الهلال والنجمة المضاءة بالكهرباء على واجهات المباني والشرفات ، احتفالا بشهر رمضان المبارك ، وطيلة الشهر ، فهل يجوز ذلك أم فيه إسراف وتقليد لشجرة الميلاد التي يزينها النصارى شهر ديسمبر ؟ وهل جهل الناس يعذرهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا نرى حرجاً من إظهار الزينة بالفوانيس وغيرها ابتهاجاً بدخول الشهر المبارك شهر رمضان ، لكن ينبغي مراعاة عدة أمور ، منها :
1. عدم اعتقاد أنها عبادة ، بل هي من الأمور العادية المباحة .
2. عدم الإسراف في شراء هذه الزينة بأثمان باهظة .
3. أن لا يوجد في هذه الزينة صور لذوات الأرواح ، أو أن يكون فيها معازف.
4. تجنيب المساجد مثل هذه الزينة ، لأن ذلك يشغل المصلين .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
تجري عادة في بعض المساجد في أيام الفطر وفي غيرها من أيام المناسبات الدينية هي تزيين المساجد بأنواع وألوان مختلفة من الكهرباء ، والزهور ، هل يجيز الإسلام هذه الأعمال أو لا ؟ وما دليل الجواز والمنع ؟ .
فأجابوا :(/1)
" المساجد بيوت الله ، وهي خير بقاع الأرض ، أذن الله تعالى أن ترفع وتعظَّم بتوحيد الله وذكره وإقام الصلاة فيها ، ويتعلم الناس بها شئون دينهم وإرشادهم إلى ما فيه سعادتهم ، وصلاحهم في الدنيا والآخرة بتطهيرها من الرجس والأوثان والأعمال الشركية والبدع والخرافات ، ومن الأوساخ والأقذار والنجاسات ، وبصيانتها من اللهو واللعب والصخب وارتفاع الأصوات ، ولو كان نشد ضالة وسؤالاً عن ضائع ، ونحو ذلك مما يجعلها كالطرق العامة وأسواق التجارة ، وبالمنع من الدفن فيها ، ومن بنائها على القبور ، ومن تعليق الصور بها أو رسمها بجدرانها إلى أمثال ذلك مما يكون ذريعة إلى الشرك ، ويشغل بال من يعبد الله فيها ، ويتنافى مع ما بنيت من أجله ، وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، كما هو معروف في سيرته وعمله ، وبيَّنه لأمته ليسلكوا منهجه ويهتدوا بهديه في احترام المساجد وعمارتها بما فيه رفع لها من إقامة شعائر الإسلام بها ، مقتدين في ذلك بالرسول الأمين صلى الله عليه وسلم ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عظَّم المساجد بإنارتها ، ووضع الزهور عليها في الأعياد والمناسبات ، ولم يعرف ذلك أيضاً من الخلفاء الراشدين ، ولا الأئمة المهتدين من القرون الأولى التي شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خير القرون ، مع تقدم الناس ، وكثرة أموالهم ، وأخذهم من الحضارة بنصيب وافر ، وتوفر أنواع الزينة ، وألوانها في القرون الثلاثة الأولى ، والخير كل الخير في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم ، وهدي خلفائه الراشدين ، ومن سلك سبيلهم من أئمة الدِّين بعدهم .(/2)
ثم إن في إيقاد السرج عليها ، أو تعليق لمبات الكهرباء فوقها ، أو حولها ، أو فوق مناراتها ، وتعليق الرايات والأعلام ، ووضع الزهور عليها في الأعياد والمناسبات تزييناً وإعظاماً لها : تشبهاً بالكفار فيما يصنعون ببيَعِهم وكنائسهم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم في أعيادهم وعبادتهم " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 20 ، 21 ) .
وإذا كانت الإضاءة التي في المسجد كافية لتنويره لم يكن للزيادة التي لا فائدة فيها فائدة مشروعة ، وينبغي صرف ذلك في غيره .
" مجموع فتاوى ابن تيمية " ( 31 / 206 ) .
ثانياً :
وننبه إلى أن " اتخاذ الهلال أو النجمة شعاراً للمسلمين : لا أصل له في الشرع ، ولم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين بل ولا في عهد بني أمية ، وإنما حدث بعد ذلك ... وعلى كلٍّ فالشعارات والرايات لابد وأن تكون موافقة للشرع ، وحيث إنه ليس هناك دليل على مشروعيتها : فالأحرى ترك ذلك ، وليس الهلال ولا النجمة شعاراً للمسلمين ، ولو اتخذه بعض المسلمين " .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم ( 1528 ) فلينظر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 79202
نزول الدم بسبب عملية هل يمنع الصيام ؟:
أنا ولدت قبل أكثر من شهرين ، ولم ينقطع دم النفاس إلى الآن ، فاكتشفت طبيبة السونار وجود قطعة من مشيمة الطفل ، فقمت بعملية لإزالتها ، وهذا بعد مرور الأسبوع الأول من رمضان ، وأنا لم أصم إلا بعد العملية ، رغم أن الدم لم ينقطع ، فماذا أفعل الآن ؟ وهل صومي صحيح ؟ وهل يمكن الجماع الآن والدم قليل جدّاً الآن بعد العملية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أقصى مدة للنفاس هي أربعون يوماً ، وبعدها تكون المرأة طاهراً ، تصلي وتصوم ويأتيها زوجها ولو نزل الدم ، وهذا الدم النازل بعد الأربعين يكون نزيفا وليس نفاساً .
وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم (10488) .
وعلى هذا ، فصومك بعد إجراء العملية صحيح ، ولو كان الدم نازلاً .
وعليك قضاء الأسبوع الأول من رمضان الذي لم تصوميه .
وأما الصلوات التي تركتيها بعد الأربعين يوماً ، فلا يلزمك قضاؤها إن شاء الله تعالى .
وانظري جواب السؤال رقم (45648) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 79636
هل يجوز للموظف أن يقرأ القرآن في ساعات العمل:
ما حكم قراءة الموظف القرآن الكريم أثناء ساعات العمل الرسمية وعلى حساب العمل ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان ذلك على حساب العمل - كما ورد في السؤال - فلا يجوز ، لأن الموظف تم التعاقد
بينه وبين جهة العمل على أن يقوم بالعمل الموكل إليه ، مع الالتزام بساعات العمل اليومية
فإن أخل بساعات العمل ، أو بالعمل نفسه كان ذلك محرماً ، لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : : ( المسلمون على شروطهم ) رواه أبو داود ( 3594 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
أما إذا كانت قراءته للقرآن لا تؤثر على قيامه بالعمل ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا قام الموظف بأداء عمله المكلف به وأراد أن يستفيد من وقت الدوام بقراءة القرآن ، أو قراءة شيء مفيد ، أو حتى أراد أن ينعس ليرتاح قليلا ، فهل عليه شيء من ذلك ؟
فأجاب : " ليس عليه شيء مادام قائما بالعمل الذي وكل إليه ، أما إذا كان يفرط أو ينقص من أداء عمله ، فإن ذلك حرام عليه ولا يجوز ، وأما النعاس فلا رخصة له فيه لأنه لا يملك نفسه فقد ينام عن عمله من حيث لا يشعر " انتهى نقلا عن "فتاوى الحقوق" جمع خالد الجريسي ص 59 .
انظر جواب السؤال رقم (9374)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 79681
إذا أحرم بالحج أو العمرة عن شخصين:
هل يجوز أن أجمع في نية العمرة أن تكون لوالدي معا حيث إنهما متوفَّيان أم يجب أن تكون لكل واحد على حدة ؟.
الجواب:
الحمد لله
النسك – حجا كان أو عمرة – لا يقع إلا عن شخص واحد ، فليس لك أن تجعل العمرة عن والديك ، بل تجعل لكل منهما عمرة ، والأولى أن تقدم عمرة الأم ؛ لما لها من مزيد الحق والبر ، إلا إن كانت عمرتها نفلا ، وعمرة أبيك واجبة ؛ لعدم أدائه للعمرة في حياته ، فتقدم العمرة عن الأب حينئذ .
قال في "كشاف القناع" (2/377) : " ويستحب أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين , زاد بعضهم : إن لم يحجا ، ونص الإمام أحمد على أنه يقدم أمه ; لأنها أحق بالبر , ويقدم واجب أبيه على نفلها " انتهى .
ومن أحرم بحج أو عمرة عن شخصين ، وقع النسك عن نفسه .
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (2/137) : " ولو استأجر رجلان رجلا يحج عن أبويهما , فأهلّ بالحج عنهما معا كان مبطلا لإجارته , وكان الحج عن نفسه , لا عن واحد منهما , ولو نوى الحج عن نفسه وعنهما أو عن أحدهما كان عن نفسه وبطلت إجارته " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/97) : " فإن استنابه اثنان في نسك , فأحرم به عنهما , وقع عن نفسه دونهما ; لأنه لا يمكن وقوعه عنهما , وليس أحدهما بأولى من صاحبه . وإن أحرم عن نفسه وغيره , وقع عن نفسه ; لأنه إذا وقع عن نفسه ولم ينوها , فمع نيته أولى " انتهى .(/1)
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (7/126) : " قال أصحابنا : لو استأجر رجلان رجلا يحج عنهما , فأحرم عنهما معا انعقد إحرامه لنفسه تطوعا , ولا ينعقد لواحد منهما ; لأن الإحرام لا ينعقد عن اثنين , وليس أحدهما أولى من الآخر , ولو أحرم عن أحدهما وعن نفسه معا انعقد إحرامه عن نفسه ; لأن الإحرام عن اثنين لا يجوز , وهو أولى من غيره فانعقد , هكذا نص عليه الشافعي في الأم وتابعه الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والأصحاب " انتهى .
نسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 81093
من أفطر رمضان كله هل يقضي 30 يوما أو بعدد أيام الشهر ؟:
زوجتي في شهر رمضان كانت نفساء ولم تصم أي يوم وسوف تقضيه إن شاء الله فيما بعد. سؤالي هل تقضي عدد الأيام التي صامها الناس في هذا الشهر فقط ، بمعني أن الشهر كان 29يوما أو 28 يوما ولم يكتمل 30 يوما فهل يكون القضاء كما صام الناس أم يجب عليها صيام 30 يوم على أي حال ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا لم يصم المسلم شهر رمضان كله ، لعذرٍ من سفرٍ أو مرضٍ أو نفاسٍ ، فإنه يقضيه بعدد أيامه ، لقوله تعالى : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184، فإن كان رمضان تاما قضى ثلاثين يوما ، وإن كان تسعة وعشرين يوما قضاه كذلك ، ولا يمكن أن يكون الشهر الهلالي ثمانية وعشرين يوما .
وذهب بعض العلماء إلى أنه يلزمه أن يصوم ثلاثين يوماً ، أو يصوم شهراً هلالياً .
قال في "الإنصاف" (3/333) : " من فاته رمضان كاملا , سواء كان تاما أو ناقصا , لعذر كالأسير و ونحوه : قضى عدد أيامه مطلقا , كأعداد الصلوات ، على الصحيح من المذهب .
وعند القاضي : إن قضى شهرا هلاليا أجزأه . سواء كان تاما أو ناقصا , وإن لم يقض شهرا صام ثلاثين يوما .
فعلى القول الأول : من صام من أول شهرٍ كاملٍ , أو من أثناء شهرٍ , تسعةً وعشرين يوما . وكان رمضان الفائت ناقصا : أجزأه عنه , اعتبارا بعدد الأيام , وعلى القول الثاني : يقضي يوما تكميلا للشهر بالهلال , أو العدد ثلاثين يوما " انتهى باختصار .(/1)
وقال في "منح الجليل" (2/152) : " فمن أفطر رمضان كله وكان ثلاثين ، وقضاه في شهر بالهلال وكان تسعة وعشرين : صام يوما آخر , وبالعكس فلا يلزمه صوم اليوم الأخير؛ لقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر ) هذا هو المشهور . وقال ابن وهب : إن صام بالهلال كفاه ما صامه ولو كان تسعة وعشرين ورمضان ثلاثين " انتهى .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (28/75) .
والحاصل أن على زوجتك قضاء عدد أيام الشهر ، ولو كان تسعة وعشرين يوماً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 81149
الفرق بين قوله تعالى : (من إملاق ) وقوله : ( خشية إملاق ):
ما الفرق بين الآيتين : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) الأنعام/151 ، ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء/31 ؟.
الجواب:
الحمد لله
الإملاق هو الفقر ، وقد كان من عادة أهل الجاهلية أنهم يئدون بناتهم إما لوجود الفقر ، أو خشية وقوعه في المستقبل ، فنهاهم الله تعالى عن الأمرين ، فالآية الأولى ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) الأنعام /151 ، واردة على السبب الأول ، أي : لا تقتلوا أولادكم لفقركم الحاصل فإن الله متكفل برزقكم ورزقهم ، والآية الثانية : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ) الإسراء/31 ، واردة على السبب الثاني ، أي : لا تقتلوا أولادكم خشية أن تفتقروا أو يفتقروا بعدكم ، فإن الله يرزقهم ويرزقكم .
قال ابن كثير رحمه الله : " وقوله تعالى : ( من إملاق ) قال ابن عباس : هو الفقر ، أي : لا تقتلوهم من فقركم الحاصل . وقال في سورة الإسراء : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) أي : لا تقتلوهم خوفاً من الفقر في الأجل ( يعني في المستقبل ) ، ولهذا قال هناك : ( نحن نرزقهم وإياكم ) فبدأ برزقهم للاهتمام بهم ، أي لا تخافوا من فقركم بسبب رزقهم فهو على الله ، وأما في هذه الآية فلما كان الفقر حاصلاً قال : ( نحن نرزقكم وإياهم ) لأنه الأهم ههنا ، والله أعلم " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 81160
تعريف بموطأ الإمام مالك:
ما عدد أحاديث ( موطأ ) الإمام مالك ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا بيان موجز حول كتاب موطأ الإمام مالك نسأل الله أن ينفع به :
أولا :
الموطأ : هو واحد من دواوين الإسلام العظيمة ، وكتبه الجليلة ، يشتمل على جملة من الأحاديث المرفوعة ، والآثار الموقوفة من كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم ، ثم هو أيضا يتضمن جملة من اجتهادات المصنف وفتاواه .
وقد سمي الموطأ بهذا الاسم لأن مؤلفه وطَّأَهُ للناس ، بمعنى أنه : هذَّبَه ومهَّدَه لهم .
ونُقِل عن مالك رحمه الله أنه قال : عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة ، فكلهم واطَأَنِي عليه ، فسميته الموطأ .
ثانيا :
سبب تأليفه : ذكر ابن عبد البر رحمه الله ، في كتاب الاستذكار (1/168) أن أبا جعفر المنصور قال للإمام مالك : ( يا مالك ! اصنع للناس كتابا أحْمِلُهم عليه ، فما أحد اليوم أعلم منك !! ) فاستجاب الإمام مالك لطلبه ، ولكنه رفض أن يُلزِم الناس جميعا به .
ثالثا :
مكث الإمام مالك أربعين سنة يقرأ الموطَّأَ على الناس ، فيزيد فيه وينقص ويُهذِّب ، فكان التلاميذ يسمعونه منه أو يقرؤونه عليه خلال ذلك ، فتعددت روايات الموطأ واختلفت بسبب ما قام به الإمام من تعديل على كتابه ، فبعض تلاميذه رواه عنه قبل التعديل ، وبعضهم أثناءه ، وبعضهم رواه في آخر عمره ، وبعضهم رواه كاملا ، وآخرون رووه ناقصا ، فاشتُهِرت عدة روايات للموطأ ، أهمها :
رواية يحيى بن يحيى المصمودي الليثي (234هـ) : وهي أشهر رواية عن الإمام مالك ، وعليها بنى أغلب العلماء شروحاتهم .
رواية أبي مصعب الزهري : تمتاز بما فيها من الزيادات ، وبأنها آخر رواية نقلت عن مالك ، وهي متداولة بين أهل العلم .(/1)
رواية عبد الله بن مسلمة القعنبي (221هـ) : وهي أكبر روايات الموطأ وعبد الله من أثبت الناس في الموطأ عند ابن معين والنسائي وابن المديني .
رواية محمد بن الحسن الشيباني .
رواية عبد الله بن سلمة الفهري المصري .
وغيرها كثير . [ تكلم الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله عن رواة الموطأ ، وذكر تعريفا بأربعة عشر نسخة من نسخه ، في مقدمته للطبعة التي حققها من الموطأ ص 6-16 ] .
وهذه الروايات تختلف فيما بينها في ترتيب الكتب والأبواب ، وفي عدد الأحاديث المرفوعة والمرسلة والموقوفة والبلاغات ، كما تختلف في كثير من ألفاظ الأحاديث اختلافا كبيرا .
رابعا :
عدد أحاديث الموطأ يختلف باختلاف الروايات ، كما يختلف بحسب اختلاف طريقة العدّ ، وذلك أن بعض أهل العلم يعد كل أثر من كلام الصحابة أو التابعين حديثا مستقلا ، وبعضهم لا يعتبره ضمن العدد ، لذلك نكتفي بذكر العدد الذي جاء في بعض الطبعات المحققة للموطأ ، وهي :
رواية يحيى الليثي : ( وهي الرواية الأشهر ، والمقصودة عند إطلاق الموطأ ) : رقمها ترقيما كاملا الشيخ خليل شيحا ، فبلغ عدد الأحاديث بترقيمه (1942) حديثا ، تشمل المرفوع والموقوف .
وأما رواية أبي مصعب الزهري : فقد رقمت في طبعة مؤسسة الرسالة ، فبلغ عدد أحاديثها (3069) حديثا ، وقد شمل الترقيم كل شيء حتى أقوال الإمام مالك ، لهذا السبب كان العدد كبيرا .
خامسا :
شرطه في كتابه من أوثق الشروط وأشدها ، فقد كان يسلك منهج التحري والتوخي وانتقاء الصحيح .
قال الشافعي رحمه الله : ما في الأرض بعد كتاب الله أكثر صوابا من موطأ مالك بن أنس .
وعن الربيع قال : سمعت الشافعي يقول : كان مالك إذا شك في الحديث طرحه كله .
وقال سفيان بن عيينة : رحم الله مالكا ، ما كان أشد انتقاده للرجال .
"الاستذكار" (1/166) "التمهيد" (1/68)(/2)
لذلك تجد أن أكثر أسانيد مالك الموصولة في الدرجة العليا من الصحيح ، ومن أجل هذا استوعب الشيخان البخاري ومسلم أكثر حديثه في كتابيهما .
تنبيه : إنما قال الإمام الشافعي رحمه الله كلامه المنقول سابقا ، قبل أن يكتب البخاري ومسلم كتابيهما ، كما نبه عليه الحافظ ابن كثير رحمه الله في اختصار علوم الحديث ص (24-25)
سادسا :
اتبع مالك في موطئه طريقة المؤلفين في عصره ، فمزج الحديث بأقوال الصحابة والتابعين والآراء الفقهية ، حتى بلغت آثار الصحابة : 613 أثرا ، وأقوال التابعين : 285 قولا .
يقدم في الباب الحديث المرفوع ثم يتبعه بالآثار وأحيانا يذكر عمل أهل المدينة ، فكتابه كتاب فقه وحديث في وقت واحد ، وليس كتابَ جمع للروايات فقط ، لذلك تجد بعض الأبواب تخلو من المرويات ، وإنما يسوق فيها أقوال الفقهاء وعمل أهل المدينة واجتهاداته ، ومن ذلك :
باب ما لا زكاة فيه من الثمار ، وباب صيام الذي يقتل خطأ ..وغيرها .
ونجد أيضا أنه اقتصر على كتب الفقه والأدب وعمل اليوم والليلة ، وليس في كتابه شيء في التوحيد أو الزهد أو البعث والنشور والقصص والتفسير .
[ انظر : الفكر المنهجي عند المحدثين ، د همام سعيد ص (111-118) ، مناهج المحدثين ، د ياسر الشمالي ص(285) فما بعده ، مقدمة تحقيق الموطأ ، ط فؤاد عبد الباقي ] .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 81169
ظنت أن الدم النازل مع السقط دم نفاس فأفطرت:
في يوم من رمضان ذهبت إلى المستشفى لإسقاط الحمل الذي لم يتم 3 أشهر تناولت بعض الأدوية وبعد الإجهاض أكلت بعض الأكل ظنا مني أنه جائز لي أن آكل . لكن بعد الرجوع إلى البيت بحثت عبر الإنترنت وعلمت أنه يجب علي الصوم وكذلك الصلاة لأن ذلك الدم دم فساد فقضيت ذالك اليوم بعد خروج رمضان . هل يكفي ما فعلته أم ماذا يجب علي القيام به ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سبق بيان حكم الإجهاض المتعمد في جواب السؤال رقم (42321) فراجعيه .
كما سبق بيان الأحكام المترتبة على سقوط الجنين في مراحله المختلفة في جواب السؤال رقم (12475) .
ثانيا :
إذا أسقطت المرأة جنينها ولم يتبين فيه خلق الإنسان كالرأس والأطراف ، فالدم النازل معه دم فساد ، لا يمنع الصلاة والصوم ، وإن تبين فيه خلق إنسان فهو دم نفاس ، وأقل مدة يتبين فيها خلق الإنسان هي واحد وثمانون يوما ، كما هو مبين في الجواب رقم (37784)
ثالثا :
إذا أفطرت ظنا منك أن الدم النازل هو دم نفاس ، ثم تبين أنه دم فساد ، وقضيت الصوم والصلاة ، فلا شيء عليك ، وإن لم تكوني قضيت صلاة ذلك اليوم فبادري بقضائها .
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
سؤال رقم 81621
حكم صوم يوم السبت:
ما حكم صوم يوم السبت في غير شهر رمضان وماذا لو صادف يوم عرفة ؟.
الجواب:
الحمد لله
يكره إفراد يوم السبت بالصيام ؛ لما روى الترمذي (744) وأبو داود (2421) وابن ماجه (1726) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ ) صححه الألباني في "الإرواء" (960) وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ " انتهى .
و ( لحاء عنبة ) هي القشرة تكون على الحبة من العنب .
( فليمضغه ) وهذا تأكيد بالإفطار .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/52) : " قال أصحابنا : يكره إفراد يوم السبت بالصوم ... والمكروه إفراده , فإن صام معه غيره ; لم يكره ; لحديث أبي هريرة وجويرية . وإن وافق صوما لإنسان , لم يكره " انتهى .
ومراده بحديث أبي هريرة : ما رواه البخاري (1985) ومسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه ).(/1)
وحديث جويرية : هو ما رواه البخاري (1986) عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ ، فَقَالَ : ( أَصُمْتِ أَمْسِ ؟ قَالَتْ : لا . قَالَ : تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا ؟ قَالَتْ : لا . قَالَ : فَأَفْطِرِي ) .
فهذا الحديث والذي قبله يدلان دلالة صريحة على جواز صوم يوم السبت في غير رمضان ، لمن صام الجمعة قبله .
وثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كان َيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا )
وهذا لا بد أن يوافق السبت منفرداً في بعض صومه ، فيؤخذ منه أنه إذا وافق صوم السبت عادةً له كيوم عرفة أو عاشوراء ، فلا بأس بصومه ، ولو كان منفرداً .
وقد ذكر الحافظ في الفتح أنه يستثنى من النهي عن صوم يوم الجمعة من له عادة بصوم يوم معين ، كعرفة ، فوافق الجمعة . فمثله يوم السبت ، وقد سبق كلام ابن قدامة في هذا .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال :
الحال الأولى : أن يكون في فرضٍ كرمضان أداء ، أو قضاءٍ ، وكصيام الكفارة ، وبدل هدي التمتع ، ونحو ذلك ، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية .
الحال الثانية : أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ ) قالت : لا ، قال : ( أتصومين غدا ؟ ) قالت : لا ، قال : ( فأفطري ) . فقوله : ( أتصومين غدا ؟ ) يدل على جواز صومه مع الجمعة .
الحال الثالثة : أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان ، وتسع ذي الحجة فلا بأس ، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت ، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها .(/2)
الحال الرابعة : أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين : ( إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه ) ، وهذا مثله .
الحال الخامسة : أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم ، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (20/57).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 81685
الوضوء مع وجود طلاء الشفاه:
هل يعتبر طلاء الشفاه حائلا للوضوء ؟ والطلاء عموما إذا توضأنا يخف لكن لا يزول ؟ وهل تعاد الصلوات السابقة ؟
الجواب:
الحمد لله
يشترط لصحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة ، من طلاء وغيره ، لكن إن بقي لونه أو أثره بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها ، دون أن يثبت ، صح الوضوء .
قال النووي في "المجموع" (1/492) : " إذا كان على بعض أعضائه شمع أو عجين أو حناء وأشباه ذلك فمنع وصول الماء إلى شيء من العضو لم تصح طهارته سواء أكثر ذلك أم قل .
ولو بقي على اليد وغيرها أثر الحناء ولونه ، دون عينه ، أو أثر دهن مائع بحيث يمس الماء بشرة العضو ويجري عليها لكن لا يثبت : صحت طهارته " انتهى .
وعليه فينبغي أن تزيلي طلاء الشفاه قبل الوضوء ، بحيث لا يبقى جرمه الذي يمنع وصول الماء ، أما بقاء اللون والأثر الدهني فلا يضر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 81692
هل شرب أحد الصحابة دم النبي صلى الله عليه وسلم ؟:
هل صَحَّ أنه لما احتجم النبي صلى الله عليه وسلم .. أنَّ أحد الصحابة شرب الدم ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( سَرَت فِيكَ النُّبُوَّة ) ؟
ذكرته إحدى الطالبات في حديثنا عن نجاسة الدم وحرمة شربه .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الدم المسفوح من المحرمات النجسة ، وقد جاء الدليل من الكتاب والسنة والإجماع على ذلك .
يقول الله تعالى : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الأنعام/145
قال الطبري رحمه الله "جامع البيان" (8/53) :
" الرجس : النجس والنتن " انتهى .
أما السنة : فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت :
( جَاءَت امرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت : إِحدَانَا يُصِيبُ ثَوبَهَا مِن دَمِ الحَيضَةِ كَيفَ تَصنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقرُصُهُ بِالمَاءِ ثُمَّ تَنضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ )
رواه البخاري (227) ومسلم (291)
وقد بوب عليه البخاري ( باب غسل الدم ) ، كما بوب عليه النووي ( باب نجاسة الدم وكيفية غسله )
وأما الإجماع :
فقال النووي رحمه الله : " الدم نجس ، وهو بإجماع المسلمين " انتهى .
ونقله أيضا القرطبي في تفسيره (2/210) وابن رشد في بداية المجتهد (1/79)
ثانيا :(/1)
جاء في بعض الأحاديث أن بعض الصحابة رضي الله عنهم شربوا دم النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي بعض الروايات أنه أقرهم على ذلك ، وفي بعضها أنه أنكر عليهم ، ولم أجد في شيء من الروايات اللفظ المذكور في السؤال : ( سرت فيك النبوة ) ، ونذكر هنا هذه الأحاديث وحكم العلماء عليها :
1- عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه :
( أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحتَجِمُ ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : يَا عَبدَ اللَّهِ اذهَب بِهَذَا الدَّمِ فَأَهرِقهُ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَدٌ .
فَلَمَّا بَرَزَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ .
فَقَالَ : يَا عَبدَ اللَّهِ مَا صَنَعتَ ؟
قَالَ : جَعَلتُهُ فِي أَخفَى مَكَانٍ ظَنَنتُ أَنَّهُ يَخفَى عَلَى النَّاسِ .
قَالَ : لَعَلَّكَ شَرِبتَهُ .
قَالَ : نَعَم .
قَالَ : وَلِمَ شَرِبتَ الدَّمَ ؟! وَيلٌ لِلنَّاسِ مِنكَ وَوَيلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ )
رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/414) ، والبزار في مسنده (6/169) ، والحاكم في المستدرك (3/638) ، والبيهقي في السنن الكبرى (7/67) ، ولكن بلفظ : ( ما تلقى أمتك منك ! ) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/163)
جميعهم من طريق هنيد بن القاسم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به .
وهنيد بن القاسم : ترجمته في "التاريخ الكبير" (8/249) وفي "الجرح والتعديل" (9/121) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/515) ولم يعرف روى عنه إلا موسى بن إسماعيل .
ومثل هذا الراوي يعتبر في عداد المجاهيل ، ولكن يحسن حديثه إن تابعه أو شهد له ما يقويه ، وقد جاء عن بعض أهل العلم ما يدل على توثيقه وقبول حديثه :
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/30) :
" وفي إسناده الهنيد بن القاسم ، ولا بأس به ، لكنه ليس بالمشهور بالعلم " انتهى .(/2)
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/366) :
" ما علمت في هنيد بن القاسم جرحة " انتهى .
وللحديث طريق أخرى رواها الدارقطني (1/228) ، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/162) من طريق :
محمد بن حميد ثنا علي بن مجاهد ثنا رباح النوبي أبو محمد مولى آل الزبير عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها : أنها ذكرت قصة شرب عبد الله بن الزبير ابنها دم النبي صلى الله عليه وسلم أمام الحجاج ، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم له : لا تمسك النار .
قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" (1/31) :
" وفيه علي بن مجاهد وهو ضعيف " انتهى .
وعلي بن مجاهد هذا هو الكابلي ، كذبه يحي بن الضريس ، ويحي بن معين ، كما في الميزان ، وقال فيه الحافظ في التقريب : " متروك ، من التاسعة ، وليس في شيوخ أحمد أضعف منه "
وفيه أيضا رباح النوبي ، قال الحافظ : " لينه بعضهم ، ولا يُدْرَى من هو " [ لسان الميزان 2/443] .
وبهما أعله العظيم آبادي في التعليق المغني ، قال (1/425) : ( قوله : " علي بن مجاهد ، حدثنا رباح النوبي " ، هما ضعيفان لا يحتج بهما ) .
وفيه أيضا : محمد بن حميد الرازي ، وهو ضعيف ، كما في التقريب وغيره .
كما رواه في جزء الغطريف ـ كما قال ابن حجر في الإصابة (4/93) والتلخيص الحبير (1/32) ) ـ ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/162) :
عن أبي خليفة الفضل بن الحباب نا عبد الرحمن بن المبارك نا سعد أبو عاصم مولى سليمان بن علي عن كيسان مولى عبد الله بن الزبير قال أخبرني سلمان الفارسي... وذكر القصة ، وفيها قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن الزبير : لا تمسك النار إلا قسم اليمين .
فيظهر من مجموع هذه الروايات أن قصة شرب عبد الله بن الزبير دم النبي صلى الله عليه وسلم لها أصل ، والله أعلم .
2- سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن بُرَيه بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده قال :(/3)
( احتجم النبي صلى الله عليه و سلم ثم قال لي : خذ هذا الدم فادفنه من الدواب والطير ، أو قال : الناس والدواب . قال : فتغيبت به فشربته . قال : ثم سألني فأخبرته أني شربته ، فضحك )
رواه البخاري في التاريخ الكبير (4/209) ، وابن عدي في الكامل (2/64) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/67) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/81)
كلهم من طريق ابن أبي فديك عن بُرَيه بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده .
قال ابن كثير في "الفصول في السيرة" (300) :
" فإنه حديث ضعيف لحال بُريه هذا ، واسمه إبراهيم ؛ فإنه ضعيف جدا " انتهى .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله "السلسلة الضعيفة" (1074) :
" وهذا سند ضعيف ، وله علتان :
الأولى : عمر بن سفينة ، قال الذهبي في "الميزان" : لا يعرف ، وقال أبو زرعة : صدوق ، وقال البخاري : إسناده مجهول .
وأورده العقيلي في الضعفاء (282) وقال : " حديث غير محفوظ ولا يعرف إلا به "
والأخرى : ابنه بُرَيه – مصغرا - ، واسمه إبراهيم ، أورده العقيلي أيضا (61) وقال : لا يتابع على حديثه . وقال ابن عدي في "الكامل" (2/64) : له أحاديث يسيرة غير ما ذكرت ، ولم أجد للمتلكمين في الرجال لأحد منهم فيه كلاما ، وأحاديثه لا يتابعه عليها الثقات ، وأرجو أنه لا بأس به "
وقال الذهبي في الميزان : ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به . وقال أيضا : وتفرد بُرَيه عن أبيه بمناكير "
والحديث ضعفه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" ، وسكت عليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" فلم يُجِد " انتهى كلام الألباني .
3- سالم أبو هند الحجام رضي الله عنه .
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/30) :
" رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من حديث سالم أبي هند الحجام قال :
حجمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغت شربته ، فقلت : يا رسول الله شربته . فقال : ويحك يا سالم ، أما علمت أن الدم حرام ! لا تَعُد )(/4)
وفي إسناده أبو الحجاف ، وفيه مقال " انتهى .
4- غلام لبعض قريش .
عن نافع أبي هرمز عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
( حجم النبيَّ صلى الله عليه وسلم غلامٌ لبعض قريش ، فلما فرغ من حجامته أخذ الدم ، فذهب به من وراء الحائط ، فنظر يمينا وشمالا ، فلما لم ير أحدا تحسى دمه حتى فرغ ، ثم أقبل ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه ، فقال : ويحك ما صنعت بالدم ؟ قلت : غيبته من وراء الحائط . قال : أين غيبته ؟ قلت : يا رسول الله ! نفست على دمك أن أهريقه في الأرض ، فهو في بطني . قال : اذهب فقد أحرزت نفسك من النار )
ذكره ابن حبان في المجروحين (3/59) في ترجمة نافع أبي هرمز وقال : روى عن عطاء نسخة موضوعة ، وذكر منها هذا الحديث .
5- مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما .
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/31) :
" وفي الباب حديث مرسل أخرجه سعيد بن منصور (2/221) من طريق عمر بن السائب أنه بلغه أن مالكا والد أبي سعيد الخدري لما جرح النبي صلى الله عليه وسلم مص جرحه حتى أنقاه ولاح أبيض ، فقيل له : مُجَّهُ . فقال : لا والله لا أمُجُّهُ أبدا . ثم أدبر فقاتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا . فاستشهد " انتهى .
الخلاصة أن أصح ما ورد في شرب الصحابة بعض دم النبي صلى الله عليه وسلم ، هو ما جاء من شرب عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، على ما مر من الكلام في سنده ، ولم يصح عن أحد غيره .
ثالثا :
فكيف يوفق العلماء بين ما تقرر من نجاسة الدم ، وبين شرب عبد الله بن الزبير دم النبي صلى الله عليه وسلم الشريف ؟(/5)
قالوا : ذلك من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بها في الحكم عن سائر الأمة ، وهي خصوصيات كثيرة جمعها أهل العلم في مجلدات ، مثل الإمام السيوطي في كتابه "الخصائص الكبرى" ، فقد نص بعض أهل العلم على طهارة دمه الشريف صلى الله عليه وسلم اعتمادا على قصة عبد الله بن الزبير .
انظر الشفا (1/55) ومغني المحتاج (1/233) وتبين الحقائق (4/51) وإن كان نقل في المجموع (1/288) عن جمهور الشافعية القول بنجاسة دم النبي صلى الله عليه وسلم كسائر الدماء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 81772
إذا أجنب مرتين كفاه غسل واحد:
ما هو حكم الاغتسال عندما يقوم الشخص بإنزال المني مرتين متتاليتين في أوقات مختلفة علما أنه لم يغتسل في المرة الأولى هل يقوم بالغسل مرتين أم تكفي مرة واحدة عنها كلها ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا أنزل الرجل المني مرتين أو أكثر في أوقات مختلفة ، ثم اغتسل غسلا واحدا كفاه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه ، ثم يغتسل غسلا واحدا ، كما روى مسلم (309) عَنْ أَنَس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ .
وقد قرر الفقهاء أنه لو اجتمعت أسباب توجب الغسل كالجماع مرات ، أو التقاء الختانين مع الإنزال ، أو الجنابة مع الحيض ، فإنه يكفيه غسل واحد بالإجماع .
قال النووي رحمه الله : " إذا أحدث أحداثا متفقة أو مختلفة ، كفاه وضوء واحد بالإجماع ، وكذا لو أجنب مرات ، بجماع امرأة واحدة ، أو نسوة ، أو احتلام ، أو بالمجموع ، كفاه غسل بالإجماع . وممن نقل الإجماع فيه أبو محمد بن حزم والله أعلم " انتهى من "المجموع" (1/487) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 81774
ما يترتب على نزول المذي:
كل ما قال لي زوجي احبك أو همس لي بذلك اشعر ببلل فلست أدري هل هذا هو المني ؟ وهل يستوجب الغسل ؟ وهل هذا هو البلل الذي يأتي مع الشهوة...على الرغم أن إحساسي بالفرح والنشوة عندما يقولها لي يختلف عن شعوري باللذة عند ذروة الجماع... أفتوني يرحمكم الله لأن زوجي دائما يناديني احبك..وفى كل مرة اشعر بالبلل ..فهل يتوجب على في كل مرة الغسل ؟ أنا حائرة من أمري...إذا يتوجب على الغسل في كل صلاة !!!.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : الظاهر أن هذا البلل الذي تشعرين به هو المذي وليس المني الذي يوجب خروجه الاغتسال .
وعلى هذا ، فلا يجب عليك الاغتسال لخروجه ، ولكن فقط عليك الوضوء ، لأن خروج المذي ناقض للوضوء ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المذي : ( فيه الوضوء ) رواه البخاري ومسلم .
وقد نقل ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (1/168) إجماع العلماء على أن خروج المذي ناقض للوضوء .
ثانياً : يجب التنبه إلى أن المذي نجس ، فيجب غسل الموضع الذي أصابه المذي من البدن ، وأما الثياب فقد خفف الشرع في تطهيرها دفعاً للمشقة ، فيكفي أن تأخذي كفاً وترشيه على الموضع الذي أصابه المذي ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن كيفية تطهير الثوب من المذي : ( يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح ( أي : ترش ) بها ثوبك حيث تُرى ( أي : تظن ) أنه أصابه ) رواه الترمذي (115) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد سبق بيان الفرق بين المذي والمني والأحكام المترتبة عليهما في جواب السؤال (2458) فارجعي إليه إن أردت الاستزادة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 81874
السيئات قد تُحبِطُ الحسنات:
ما هي الأعمال السيئة التي يفعلها العبد فتحبط أعماله الصالحة وتردها ، وتُمحَى بسببها من صحيفة الأعمال ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
من الأصول المقررة عند أهل السنة والجماعة أن الأعمال لا تُقبل مع الكفر ، ولا يبطلها كلَّها غيرُ الكفر .
دل عليه قوله تعالى : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ، وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة/53-54
قال ابن تيمية رحمه الله :
" ولا يحبط الأعمال غير الكفر ؛ لأن من مات على الإيمان فإنه لا بد أن يدخل الجنة ، ويخرج من النار إن دخلها ، ولو حبط عمله كله لم يدخل الجنة قط ، ولأن الأعمال إنما يحبطها ما ينافيها ، ولا ينافي الأعمال مطلقًا إلا الكفر ، وهذا معروف من أصول السنة " انتهى . "الصارم المسلول" (ص/55)
وقد خالف أهل البدعة من الخوارج والمعتزلة والمرجئة ، فغلا الخوارج والمعتزلة وقالوا : إن الكبائر تمحو وتبطل جميع الحسنات والطاعات ، وعاكستهم المرجئة فقالوا : إن حسنة الإيمان تمحو جميع السيئات .
ثانيا :
لما تبين أنه لا يمكن أن يحبط الحسنات كلها إلا ما يناقض الإيمان مناقضة تامة وهو الكفر ، فهل يمكن أن يحبط شيء من المعاصي بعض الحسنات ويمحوها ؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (10/638) :
" فإذا كانت السيئاتُ لا تحبط جميع الحسناتِ ، فهل تحبط بقدرها ، وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر ؟
فيه قولان للمنتسبين الى السنة ، منهم من ينكره ، ومنهم من يثبته " انتهى .(/1)
القول الأول : أن السيئات لا تبطل الحسنات ، بل الحسنات هي التي تمحو السيئات ، وذلك بفضل الله سبحانه وكرمه وإحسانه .
يقول القرطبي رحمه الله تعالى "الجامع لأحكام القرآن" (3/295) :
" والعقيدة أن السيئاتِ لا تبطل الحسناتِ ولا تحبطها " انتهى .
القول الثاني : أن المعاصي والبدع تحبط أجر ما يقابلها من الحسنات على سبيل الجزاء ، نسبه شيخ الإسلام ابن تيمية لأكثر أهل السنة . انظر "مجموع الفتاوى" (10/322)
وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ، وقال في مدارج السالكين (1/278) :
" وقد نص أحمد على هذا في رواية فقال : ينبغي للعبد أن يتزوج إذا خاف على نفسه ، فيستدين ويتزوج ؛ لا يقع في محظور فيحبط عمله " انتهى .
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الإيمان من صحيحه :
بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ ؛ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ : مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ ، وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ ، وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) .
وترجم الإمام مسلم ـ أيضا ـ بَاب مَخَافَةِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ .
قال الإمام ابن رجب رحمه الله :(/2)
وتبويب البخاري لهذا الباب يناسب أن يذكر فيه حبوط الأعمال الصالحة ببعض الذنوب ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) الحجرات2.
قال الإمام أحمد حدثنا الحسن بن موسى قال : ثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ما يرى هؤلاء أن أعمالا تحبط أعمالا ، والله عز وجل يقول { لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ } إلى قوله { أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ } .
ومما يدل على هذا - أيضا - قول الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى } الآية [ البقرة : 264 ]، وقال { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَاب } الآية [ البقرة : 266] .
وفي صحيح البخاري " أن عمر سأل الناس عنها فقالوا : الله أعلم فقال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل ، قال عمر : لأي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل ، قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم يبعث الله إليه الشيطان فيعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله .
وقال عطاء الخراساني : هو الرجل يختم له بشرك أو عمل كبيرة فيحبط عمله كله .
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ترك صلاة العصر حبط عمله " [ رواه البخاري (553)] .
وفي " الصحيح " - أيضا - أن رجلا قال : والله لا يغفر الله لفلان فقال الله : " من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ، قد غفرت لفلان وأحبطت عملك " [ مسلم (2621)] .
وقالت عائشة رضي الله عنها : أبلغي زيدا أنه أحبط جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب . [ رواه الدارقطني (3/52) والبيهقي (5/330) ] .(/3)
وهذا يدل على أن بعض السيئات تحبط بعض الحسنات ، ثم تعود بالتوبة منها . وخرج ابن أبي حاتم في " تفسيره " من رواية أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل صالح ، فأنزل الله عز وجل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } [ محمد : 33 ] فخافوا الكبائر بعد أن تحبط الأعمال .
وبإسناده ، عن الحسن في قوله { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال : بالمعاصي . وعن معمر ، عن الزهري في قوله تعالى { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم } قال الكبائر .
وبإسناده ، عن قتادة في هذه الآية قال : من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سيء فليفعل ولا قوة إلا بالله ؛ فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال: خواتيمها ...
قال ابن رجب رحمه الله : والآثار عن السلف في حبوط الأعمال بالكبيرة كثيرة جدا يطول استقصاؤها . حتى قال حذيفة قذف المحصنة يهدم عمل مائة سنة . ..
وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة . وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .
وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك . نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان وخلدوا بها في النار . وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك . [ شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري (206-210) باختصار ] .
قال ابن القيم رحمه الله : " ومحبطات الأعمال ومفسداتها أكثر من أن تحصر وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه " [ الوابل الصيب (18) ] .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/4)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 81915
كيف يتصرف في المال الحرام بعد التوبة مع حاجته له ؟:
أعمل محاسبا بدولة عربية منذ سنوات وعلمت خلالها أن عملي هذا حرام وأني من كتبة الربا ، حيث إنني أقوم بإثبات الفوائد البنكية المطلوبة من شركتي للبنك نظير اقتراض الشركة من البنك وهذا العمل دائما ينغص علي حياتي . والآن أريد أن أعود لبلدي وكل ما أملكه لأبدأ حياتي من جديد مع أسرتي من المتوفر من هذا الراتب !! فماذا أفعل ؟ والبعض قال لي بأنه ينبغي أن أتوب وأتصرف في كل هذا المال ولا أستفيد منه !! .. وآخر قال لي لابد من التوبة مع الاستفادة من المال مع كثرة الصدقة مع العلم بأنه ليس لي أي مصدر رزق ولا رأس مال أبدأ به حياتي غير هذا المال ولا يمكن بأن أتوظف بوظيفة حكومية لصعوبة ذلك .. أفدني وجزيت خيراً ماذا أفعل لأبدأ حياتي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
العمل في مجال تسجيل الربا أو حسابه ، أو كتابة خطاباته ، أو نحو ذلك مما فيه إعانة عليه ، لا يجوز ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ، قال الله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ، وشاهديه ، وقال : هم سواء . رواه مسلم (1598) من حديث جابر رضي الله عنه .
فالواجب ترك العمل في هذا المجال والاقتصار على الأعمال المباحة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وانظر جواب السؤال رقم (21113)
ثانيا :
من اكتسب مالاً بطريق محرم ، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة وشهادة الزور ، والأجرة على كتابة الربا ، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة ، ثم تاب إلى الله تعالى وندم على ما فعل ،(/1)
فإن كان قد أنفق المال ، فلا شيء عليه ، وإن كان المال في يده ، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجه الخير ، وإذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة ، ويتخلص من الباقي .
قال ابن القيم رحمه الله : " إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض ، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده . فقالت طائفة : يرده إلى مالكه ؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح .
وقالت طائفة : بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389).
وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/778) وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة إنما يكون : " بالتصدق به ، فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته ، ويتصدق بالباقي " انتهى .
وقال شيخ الإسلام : " فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار ، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم ، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل ، أعطي ما يكون له رأس مال " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308).
وينظر تفصيل هذه المسألة في : "الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة" ، للدكتور عبد الله بن محمد السعيدي (2/779- 874).
ثالثا :
يستفاد من الكلام السابق لشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن التائب إن كان محتاجا فإنه يأخذ من المال قدر حاجته ، وله أن يستثمر شيئا منه يجعله رأس مال في تجارة أو صناعة .
رابعا :
حيث إن عملك منه ما هو مباح ، ومنه ما هو محرم ، فاجتهد في تقدير نسبة الحرام ، وتخلص مما يقابلها من المال الذي في يدك ؛ فإن شق عليك التقدير ، فتخلص من نصفه ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما ، جعل ذلك نصفين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/307) .(/2)
نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون على ما فيه صلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة ، وكن موقنا بأن الله هو الرزاق الرحيم الكريم الذي لا يتخلى عن عبده التائب المنيب إليه ، بل يفتح عليه ، ويوسع في رزقه ، ويبارك في ماله ، ويفيض عليه من رحماته ، لأنه يحب توبته ، ويفرح بندمه ، ويقابل الإحسان بعظيم الإحسان ، قال جل شأنه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 . وقال سبحانه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 81952
هل يتخلص من الفائدة الربوية بإعطائها لأخيه المدين ؟:
أودعت مبلغا من المال في البنك بفائدة وأريد التطهر من هذه الفائدة بإعطائها لشقيقي الذي يعول نفسه وأسرته علما بأنه مدين لبعض أصدقائه بمبلغ من المال والذي اقترضه لشراء قطعة أرض لبناء مسكن لأسرته علما بأن مسكنه الحالي لا يسعه هو وأسرته فمسكنه يتكون من غرفتين فقط , وعدد أسرته سبعة أفراد ، فهل يجوز لي ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إيداع الأموال في البنك بفائدة عمل محرم تحريما شديدا ، وهو من كبائر الذنوب ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278-279 .
ولا يجوز الإيداع في البنك الربوي إلا عند الخوف على المال من السرقة ونحوها ، إذا لم توجد وسيلة لحفظه إلا بوضعه في البنك ، ويكتفى حينئذ بوضعه في الحساب الجاري بلا فائدة ، لأن الضرورات تبيح المحظورات ، والضرورة تقدر بقدرها .
ثانيا :
من ابتلي بالوقوع في الربا فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ، بالإقلاع عن الذنب ، والندم على ما فات ، والعزم على عدم العود إليه ، والتخلص من الفائدة المحرمة ، بصرفها في أوجه الخير ، وليس له أن ينتفع بها لنفسه أو لمن تجب نفقته عليه .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : " أما ما أعطاك البنك من الربح : فلا ترده على البنك ولا تأكله ، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم " انتهى من " فتاوى إسلامية " (2 / 407) .
ثالثا :(/1)
يجوز لك أن تتخلص من الفائدة الربوية بدفعها لأخيك المحتاج ، بشرط أن تكون نفقة غير واجبة عليك ، حتى لا يكون ذلك تحايلاً على انتفاعك بها وصيانة لمالك الذي تبذله في النفقة .
وتجب نفقة الأخ على أخيه بثلاثة شروط :
الاول : أن يكون المُنفِق وارثاً للمنفق عليه في حال موته .
أما إذا كان الأخ لا يرث أخاه ؛ لوجود الأب أو ولدٍ ذكرٍ له ، فلا تجب نفقته عليه .
الثاني : أن يكون الأخ المنفَق عليه محتاجا عاجزا عن كسب ما يغنيه .
الثالث : أن يكون لدى المنفق فاضل عن حاجته وحاجة زوجته وأولاده . فإذا توفرت هذه الشروط وجب نفقة الأخ على أخيه .
وانظر جواب السؤال ( 6026 ) .
رابعاً : لا حرج أن تتخلص من هذه الفائدة بإعطائها لأخيك لقضاء دينه ، ولو كانت نفقته
واجبة عليك ، لأنه لا يجب على الإنسان أن يسد دين قريبه مطلقا ، أبا أو أخا أو غيرهما ، ولهذا كان القول الراجح في مسألة الزكاة أنه يجوز صرفها للوالدين والإخوة لقضاء ديونهم ، كما اختاره شيخ الإسلام وغيره .
ينظر : "الاختيارات الفقهية" ص 104
وانظر للفائدة جواب السؤال رقم ( 39175 )
والحاصل : أنه يجوز لك إعطاء الفائدة الربوية لأخيك ليسد بها دينه ، سواء كانت نفقته واجبة عليك أو غير واجبة .
وأما إعطاؤه الفائدة لينفق منها على نفسه وأهله لا ليسدد الدَّين ، فيجوز بشرط أن تكون نفقته غير واجبة عليك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 81966
مسبوق نسي وسلَّم مع الإمام ، فهل يسجد للسهو بعد أن يأتي بما عليه ؟:
فاتتني الركعة الأولى من العصر ، وعندما سلم الإمام سلمت معه بالغلط ، فهل يجب سجود السهو بعد أن آتي بهذه الركعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، عليك أن تسجد للسهو بعد أن تتم صلاتك ، وذلك لأن المأموم إذا سها لا سجود عليه إلا إذا كان مسبوقاً .
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (4/63) :
" إذا سها خلف الإمام تحمل الإمام سهوه ، ولا يسجد واحد منهما بلا خلاف ، قال الشيخ أبو حامد : وبهذا قال جميع العلماء إلا مكحولا ، فإنه قال : يسجد المأموم لسهو نفسه " انتهى .
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما جُعِل الإمام ليؤتمّ به ، فلا تختلفوا عليه ) رواه البخاري (722) ومسلم (414)
وسجود المأموم للسهو فيه مخالفة للإمام .
أما إذا كان مسبوقاً فإنه يسجد للسهو إذا أتمّ صلاته ، لأنه سيتمها منفرداً ، فلا يكون في سجوده مخالفة للإمام .
ثانيا :
قال النووي رحمه الله "المجموع" (4/64) :
" ولو كان مسبوقا فسها بعد سلام الإمام ، لم يتحمل عنه الإمام ؛ لانقطاع القدوة " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (8/206) :
" إذا سلم المسبوق بعد سلام الإمام سهوا ، بنى على صلاته ويسجد للسهو " انتهى .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله " :
" إذا كان مسبوقا وسها بما يقضيه فإن عليه السجود للسهو " انتهى .
" فتاوى السعدي" (157)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (14/رقم698) :
" إذا سها المأموم في صلاته وكان مسبوقا وجب عليه أن يسجد للسهو إذا كان سهوه مما يوجب السجود " انتهى .
ومن ذلك ما إذا سلم المسبوق بعد سلام إمامه سهوا ، فإن الواجب عليه أن يقوم فيأتي بما عليه ، ثم يسجد للسهو .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 81968
يلاحظ تغيراً في حال خطيبته ويطلب النصح:
أتابع موقعكم منذ فترة ، أنا خاطب بنتاً في أمريكا منذ 3 سنوات ، وهي 18 سنة الآن ، وقد تواصلنا عن بعد لفترة وتفاهمنا في كثير من الأمور ، ولكن الآن بدأت تظهر بعض المشاكل بسبب تصرفاتها الشخصية ، فمثلا هي ارتدت الحجاب ( مع أني أعلم أن هذا أمر ديني جيد ) لكن كنت أحب أن تقول لي مسبقا لأشاركها هذا الأمر ، وهى متقلبة المزاج ، ولم أشعر أني قريب منها ، ولم أجرحها . البارحة قالت لي إن أحد أصدقائها القدامى بدء يلاحظها ، وأن قلبها يخفق إذا نظر إليها ! وتقول إن هذا ليس بالأمر الجديد ، وأنها اختارتني أنا لأكون زوجا لها من عمق قلبها ( نحن على وشك الزواج ) وأنها تدعو الله ليريها الطريق ، أنا أصدقها ، ولكني محتار لماذا يحدث هذا الآن ، مع أنها كانت أعقل من هذا عندما كانت في فترة طفولتها ( 15 سنة وأنا كنت 24 عند الخطوبة ) الشيطان لم يؤثر عليها بهذا الشكل من قبل ؟ لماذا الآن ؟ كان من الممكن أن أرسل هذه الرسالة لجهات استشارية أخرى لكني أريد استشارة الإسلام ؟
الجواب:
الحمد لله
لا بد أن ندرك –أولاً- حقيقة مهمة لعلها من أهم أسرار نجاح المسلم في حياته وعلاقاته المتنوعة ؛ لأنها حقيقة تتعلق بالنفس البشرية التي يجب أن نحسن فهمها والتعامل معها ، وسيساعد ذلك – إن شاء الله – على تجاوز كثير من المشاكل .
يجب أن نعلم جميعا أن النفس البشرية خلقها الله تعالى وشأنُها التقلب والتغير ، فهي في أصل تكوينها تقلبت في مراحل الخلق من التراب إلى الطين ثم الصلصال ، وكذا في رحم الأم من النطفة إلى العلقة ثم المضغة وهكذا ، كما أن الله سبحانه وتعالى أودع فيها من أسرار الخلق والروح ما هيأها لتتنازعها نوازع الخير والشر ، ونوازع السعادة والشقاء .(/1)
عَنْ أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنْظُرُ مَا هُوَ ، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ ) رواه مسلم ( 2611 ) .
يقول المناوي - في شرح هذا الحديث - :
"أي : لا يملك دفع الوسوسة عنه ، أو لا يتقوى بعضه ببعض ، ولا يكون له قوة وثبات ، بل يكون متزلزل الأمر ، متغير الحال ، مضطرب القال ، معرضا للآفات ، والتمالُك : التماسُك" انتهى .
"فيض القدير" ( 5 / 379 ) .
والعاقل هو الذي يسعى جهده في التزام الخير والسعادة والنجاح ، والامتناع – قدر المستطاع – عن الميل مع تقلبات النفس المختلفة .
وفي هذا السياق أيضا ينبغي أن تفهم طبيعة العلاقات بين البشر .
فإن كل صديق أو زوج أو قريب يحرص غاية الحرص على إنجاح علاقته مع قرينه ، ويسعى دائماً في تحسينها والبلوغ بها الغاية المرجوة ، إلا أن كثيراً من الناس لا يتنبه للطبيعة المتقلبة للنفس البشرية ، وأنها لا تملك أن تدفع عن نفسها التغير الذي يصيبها بالفتور أحياناً ، والتقصير أحياناً أخرى ، فتجد الزوج أو الصديق أو القريب يغفل عن السؤال - أحياناً - عن حال زوجه وصديقه ، أو يفتر عن إبداء مستوى الاهتمام المطلوب تجاه قرينه ، فينعكس ذلك على الطرف الآخر بالسلب والشك والاتهام ، والحقيقة أن ذلك إنما هو في السياق الطبيعي المتوقع من كل نفس وكل قلب .
وإذا كانت النفس تتقلب في علاقتها بالله تعالى ما بين إقبال وشيء من الإدبار ، فكيف نريد أن يكون شأنها في علاقتها بالبشر ؟!(/2)
نعم ، النفوس العظيمة ، والقلوب الكبيرة هي التي تحافظ على سويتها في علاقتها بالناس جميعاً ، فلا تكاد تقع لها هفوة ولا زلة ولا تقصير ، وتجدها تلبي جميع الحاجات العاطفية التي يطالبها به من حوله من الأهل والأصدقاء والأقرباء ، ولكن ليس من الواقعية أن ننتظر من جميع الناس هذا المستوى الراقي في التعامل ، كما أنه لا يتخلق أحد بذلك إلا بعد مجاهدة عظيمة للنفس يسعى من خلالها في تعليمها وتقويمها لتصل إلى ذلك المستوى .
فلا بد أن يتنبه كل زوج وكل صديق وقريب ، فلا يظنن إن هو رأى إدباراً من زوجه أو صديقه أن يأخذ ذلك على أنه تحول في العلاقة ، أو تغير يقتضي منه اتخاذ موقف معين ، ولا بد أن يحاول حفظ مشاعره من التأثر بسبب ذلك ، ولا يأخذه إلا في إطار العفو الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى به .
بل لا يجوز للعاقل أن يطالب الناس – زوجة أو صديقا أو قريبا – كي يكونوا له كما يحب ويشتهي في جميع الأحوال والظروف ، فإنه نفسه لا يملك أن يكون لهم كذلك ، فكيف يطالبهم بما يدرك صعوبته ، ومن لم يدرك هذه الحقيقة فشل في علاقاته ، وأخفق في حياته الاجتماعية ، وناقض الفطرة البشرية التي خلق الله الناس عليها .
قال أبو الدرداء رضي الله عنه : ( إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك ، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى ) .
وكما قيل في الحكمة : ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذراً ، فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك ، فتقول لقلبك : ما أقساك ! يعتذر إليك أخوك سبعين عذراً فلا تقبله ، فأنت المعيب لا أخوك .(/3)
والحقيقة أن ما ذكرته – أخي السائل - في شأن مخطوبتك إنما هو رصيد في صالحها ، فلبسها الحجاب – ولو بغير مشورتك – يدل على أنها تقدِّم طاعة الله تعالى على طاعة كل إنسان ، وهذا أول ما يجب أن تحمدها عليه ، إذ قد اختارت الالتزام بأمر الله والمبادرة إلى ذلك قبل مشورة أي إنسان ، ولم يخطر في بالها فور استقرار قلبها على هذه الطاعة إلا أن تبادر إلى الامتثال ، فلا يجوز لك أن تجد في نفسك عليها ، بل يجب أن تشجعها وتشكرها على هذه المبادئ العظيمة التي تحملها .
كما أن مصارحتها لك بما تجده في نفسها عند رؤية صديق قديم لها دليل آخر على أمانتها وصدقها وخوفها من الله تعالى ، حيث اختارت أن تصارحك بما تخفيه الفتيات عادة كي تبرئ ذمتها أمام الله ، وكي تأخذ بيدها للتخلص من تلك المشاعر القديمة التي لا تملك الآن دفعها ، ولكنها – ولا شك – تملك السير في علاجها وتجاوزها .
فهل ترى من الصواب – أخي السائل – أن تأخذ هذه الأخلاق الحميدة مأخذ الشك والتردد ؟
ألا ترى معي أن خصلة الصدق التي تتحلى بها هي من أهم العوامل لنجاح الحياة الزوجية ؟
ثم لا بد أن تراعي هذا الطول الذي استغرقته فترة الخطوبة – ثلاث سنوات حتى الآن – فكيف لا تريد أن يتخللها المد والجزر في مدى التفاهم والتوافق ، زيادة على أنها ما زالت في عمر صغير ، والفتاة في مثل سنها تتعرض لكثير من التغيرات بسبب عوامل نفسية وأخرى جسمية وأيضا اجتماعية ، وهذه كلها أسباب تفسر لك ما تجده اليوم منها .
فالنصيحة لك أن تتخذ الحكمة في تعاملك ، ولا ترخ الحبل لنفسك فيسيطر الشك والتردد عليها ، فالأمر أهون من ذلك ، ولتسعَ أنت إلى التأثير عليها بخلقك ولطفك وعلو تفكيرك عن الخوض في مضائق ليس لها نهاية ، ولا تفرِّط في خطيبتك إذ تبدو عليها أمارات الأمانة والديانة إن شاء الله تعالى ، واسْعَ في تعجيل الزواج ، ففي ذلك حلٌّ – إن شاء الله – لكل هذه الخواطر التي ذكرت .(/4)
وأود التنبيه أخيراً إلى أننا في موقعنا نشير وننصح بما نراه أقرب إلى الحق والعدل إن شاء الله تعالى ، وهو ما يؤدي إليه اجتهادنا في فهم أحكام الإسلام وتعاليمه ، وفهم السؤال الذي يُعرض علينا ، فإن أصبنا فذلك بتوفيق من الله تعالى ، وإن أخطأنا فنسأله سبحانه العفو والمغفرة ، والإسلام بريء من هذا الخطأ .
فنسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 81995
من قبل امرأة أجنبية هل يعتبر زانيا ؟:
قبلتني امرأة فاستجبت لها ، وأخذنا في اللمس والتقبيل ، وما إن طلبت مني أن ألج فيها رفضت خوفا من عقوبة الزاني عند الله . فهل أنا بذلك أكون زانيا ؟ لقد أدخلت أصبعي فقط .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ما قمت به من تقبيل هذه المرأة ولمسها عمل محرم قبيح ، يلزمك التوبة منه بالندم على فعله ، والعزم على عدم العود إليه ، كما يلزمك البعد عن أسباب الفتنة ، من الاختلاط والخلوة والنظر المحرم ، وأن تحمد الله تعالى أن عصمك من الوقوع في كبيرة الزنا التي رتب الله عليها الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة ، ومن ذلك : أن أوجب الحد على الزاني برجمه حتى الموت إن كان محصنا ، وبجلده مائة جلدة إن كان غير محصن .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الزنا من الأسباب التي يعذب بها العصاة في قبورهم ، وأخبرنا عن هول هذا العذاب ، فانظره في جواب السؤال (8829) .
وما أجرأ هذه المرأة على حدود الله ، تدعو للحرام ، وتطلب المنكر ، وتخوض في الإثم ، دون خوف أو وجل ، فما أعظم نعمة الله عليك أن وقفت عند هذا الحد ، وكان في قلبك بقية إيمان منعتك من المنكر الأعظم .
ثانيا :(/1)
لا شك أن الزنا الذي يعاقب صاحبه بما ذكرنا هو الإيلاج ، إدخال الفرج في الفرج ، وأما مقدمات الزنى من اللمس والتقبيل وإدخال الإصبع في الفرج ، فإنها مع تحريمها وشناعتها وكون المجترئ عليها قد يعاقب بالوقوع فيما وراءها ، إلا أن صاحبها لا يحد حد الزاني ولا يعاقب عقوبته ، بل يعزر ويؤدب . وأما التسمية ، فإن الشرع سمى هذه الأعمال زنى ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (6243) ومسلم (2657) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ) .
وفي رواية لمسلم : ( فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ).
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله : " سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق زِنًا لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ , وَلِذَلِكَ قَالَ ( وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ وَيُكَذِّبهُ ) " انتهى نقلا عن "فتح الباري".
فبادر بالتوبة إلى الله تعالى ، واقطع الصلة بهذه المرأة التي قد تسلبك إيمانك وعفتك ، وتجعلك في عداد الفاسقين الفاجرين ، نسأل الله السلامة والعافية ، واحذر خطوات الشيطان ، فإن الأمر يبدأ بالنظرة ، وقد ينتهي بالفاحشة ، عافانا الله وإياك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82010
فرق بين الحب وبين العلاقة المحرمة:
أنا آنسة 24 سنة ، بصراحة أنا أحببت حبّاً طاهراً خالٍ من اللقاءات والمواعيد , حبّاً طاهراً لإنسان طاهر ملتزم ، واعدني الزواج ، وطلب مني أن أنتظره لأن ظروفه صعبة ، أنا لا أنكر أنه اتصل بي أكثر من مرة ، لكنني طلبت منه أن لا يتصل بي ؛ لأني غير راضية عن ذلك ، مع أني أحبه ، لكنى شعرت أن الحب بدء يسير في الطريق الخطأ , فوافقني الرأي ، واحترم رأيي , هو يراسلني بين حين وآخر برسائل على الإنترنت حتى أعرف أخباره , أنا وهو على علاقة منذ سنة ، ولكن هو ظروفه صعبة جدّاً , على فكرة هذا الشخص أنا أعرفه عائليّاً وأعرف عائلته وعائلتي على علاقة متينة ، أشهد أني أحبه في الله ، وواثقة من أنه يبادلني ذات الشعور ، ولكن المشكلة أن بابي بدء يُطرق حتى وصل عدد العرسان المتقدمين لي 8 ، ولكني أرفض في كل مرة لأني وعدته أن أنتظره ، أنا الآن حائرة هل ما أفعله حلال أو حرام ؟ علما بأني أصلي الفروض والسنن والنوافل والحمد لله , وأقيم الليل فأخاف أن تضيع حسناتي بما أفعل ؟ هل الحب الطاهر العفيف حرام ؟ وهل حبي حلال أم أنه حرام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
بداية أسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة ، وأسأله سبحانه أن يكثر من أمثالك من الفتيات اللاتي يحرصن على العفاف والطهارة ، ويلتزمن حدود الله في جميع شؤونهن ، ومن أهم ذلك العلاقات العاطفية التي تساهل فيها كثير من الناس ، فضيعوا حدود الله ، وانتهكوا محارمه ، فابتلاهم الله بالمشاكل التي نقرؤها ونسمعها مما فيه العبرة لكل مسلم ، بل وكل عاقل .(/1)
ثم اعلمي أن المراسلات والاتصالات بين الجنسين باب من أبواب الفتنة ، والشريعة مليئة بما يدل على وجوب الحذر من الوقوع في حبائل الشيطان في هذا الباب ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى شابا ينظر إلى فتاة نظراً مجرَّداً لوى عنقه كي يصرف بصره عنها ، ثم قال : ( رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنْ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ) رواه الترمذي ( 885 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
لذلك فقد أحسنتِ حين قطعتِ الاتصال بهذا الشاب ، ونرجو أن تنقطع المراسلة أيضاً ؛ لأن المراسلة من أعظم أبواب الفساد التي فتحت على الناس في هذه الأزمان ، وقد سبق بيان ذلك في العديد من الإجابات ، وانظري إجابات الأسئلة : ( 34841 ) و ( 45668 ) .
ولا يعني هذا حرمة ميل الرجل أو المرأة نحو شخص معين يختاره كي يكون زوجا له ، يشعر بالمحبة والمودة نحوه ، ويعقد العزم على الارتباط به إذا ما تيسر الأمر ، فإن المحبة أمر قلبي ، تُقذف في قلب المرء بأسباب معلومة أو غير معلومة ، إلا أنها إذا كانت بسبب الاختلاط أو النظر أو المحادثة المحرمة أصبحت هي أيضا محرمة ، وأما إذا كانت بسبب معرفة سابقة أو قرابة أو سماع عن ذلك الشخص ولم يملك الإنسان دفعها : فلا حرج حينئذٍ من هذه المحبة ، بشرط أن تُلتزم فيها حدود الله .
قال ابن القيم رحمه الله :
"إذا حصل العشق بسبب غير محظور : لم يُلَم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له : فهذا لا يلام على ذلك ، وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره ، على أن عليه مدافعته وصرفه " انتهى.
" روضة المحبين " ( ص 147 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/2)
"قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها ، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه ، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل ينبغي أن يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخير هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل : فهذا محل فتنة " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 26 / السؤال رقم 13 ) .
والنصيحة لك بضرورة الانقطاع عن مراسلة هذا الشاب ، وإخباره بأن عليه التقدم لخطبتك من ولي أمرك إن كان يريد الزواج فعلا ، ولا يتخذ الظروف المادية أو غيرها عائقاً ومانعاً ، فالأمر يسير إن شاء الله ، ومن يرضى بالقليل يغنه الله من فضله وسعته ، وليكن تقدمه إليك لإقامة العقد الشرعي على الأقل ، وإن تأخر الدخول فلا بأس ، أما أن يبقى الأمر معلقا على نية المواعدة على الزواج ، ثم تستمر المراسلة بينكما على ذلك ، فهذا – بحكم الشرع والواقع والتجربة المتواترة – طريق خاطئ وباب إثم وفساد ، وتأكدي أنك لن تنالي السعادة إلا بطاعة الله سبحانه ، والتقيد بحدود شرعه ، وأن في الطرق المباحة غنية وكفاية عن الوسائل المحرمة ، ولكننا نضيق على أنفسنا فيضيق الشيطان علينا .
وتأخرك في الزواج فيه ضرر بالغ عليكِ ، وقد يتأخر بك السن ولا تتحسن ظروف ذلك الشاب ، فلا تتزوجينه ولا تتزوجي غيره ، فاحذري من التأخر فليس فيه إلا الضرر ، واعلمي أنه قد يكون في أحد من المتقدمين إليك من الدين والاستقامة أكثر من ذلك الشاب ، وقد يصير بينكما من الحب والمودة أضعاف ما بينك وبين ذلك الشاب .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب(/3)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82011
الاستدانة من أجل الدخول في المساهمات:
ما رأيكم فيمن يستدين من أجل الدخول في المساهمات ؟
الجواب:
الحمد لله
لا ينبغي للإنسان أن يتوسع في الاستدانة ، بل ينبغي أن لا يستدين إلا لحاجة أو ضرورة .
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين ، روى البخاري (833) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ . [والمغرم هو الدين] فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ ! فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو بقضاء الدين :
فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ ، وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ ) رواه البخاري (4888) .
ومن خطورة الدين : أن الشهيد الذي مات في سبيل الله في المعركة ، لا يغفر له الدين .
روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْن) .(/1)
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ : ( سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ ! فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ ؟ فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ أُحْيِيَ ، ثُمَّ قُتِلَ ، ثُمَّ أُحْيِيَ ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ ) حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367) .
فلهذه الأدلة - وغيرها – ينبغي للإنسان ألا يتوسع في الديون ، فيقترض لحاجة ، ولغير حاجة ، أو يقترض مبالغ كبيرة من أجل الدخول بها في تجارة ، ولا يدري قد لا يوفق في هذه التجارة ، فماذا سيكون تصرفه ؟ وكيف يمكنه أن يسدد مبالغ كبيرة من راتبه الذي لا يكاد يكفيه ؟!
ولهذا ، فعلى العاقل أن يقنع بما رزقه الله من الرزق الحلال ، ولا ينظر إلى من هو فوقه في أمور الدنيا والمال ، وإنما ينظر إلى من هو تحته ، وأقل منه مالاً ، فإن كان راتبه لا يكفيه ، فليبحث عن عمل آخر ، يرزقه الله تعالى منه ما يكفيه ، أما أن يخاطر ويقترض ما يعجز عن تسديده ، فهذا مما لا ينبغي .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ما حكم المساهمة مع الشركات ؟ وما حكم الاقتراض لشراء الأسهم؟(/2)
فأجاب : "وضع الأسهم في الشركات فيه نظر، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية، أو شبه أجنبية ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام، ومن كبائر الذنوب؛ لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر.
وأما استدانة الشخص ليضع ما استدانه في هذه الأسهم فإنه من السفه، سواء استدان ذلك بطريق شرعي كالقرض، أو بطريق ربوي صريح، أو بطريق ربوي بحيلة يخادع بها ربه والمؤمنين، وذلك لأنه لا يدري هل يستطيع الوفاء في المستقبل أم لا، فكيف يشغل ذمته بهذا الدين، وإذا كان الله تعالى يقول: ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ولم يرشد هؤلاء المعدمين إلى الاستقراض مع أن الحاجة إلى النكاح أشد من الحاجة إلى كثرة المال، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد من لم يستطع الباءة إلى ذلك، ولم يرشد من لم يجد خاتماً من حديد يجعله مهراً إلى ذلك، فإذا كان هذا ، دل على أن الشارع لا يحب أن يشغل المرء ذمته بالديون، فليحذر العاقل الحريص على دينه وسمعته من التورط في الديون " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/195) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82029
الوقوف بعرفة لا تشترط له الطهارة:
ماذا يفعل الحاج إذا خرجت منه ريح وهو متوجه إلى الطّواف أو عرفات ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ذهب جمهور العلماء إلى أن الطواف لا يصح من غير طهارة ، وقد سبق بيان اختلاف العلماء في ذلك في جواب السؤال رقم (34695) ، فمن انتقض وضوؤه وهو متوجه للطواف فإنه يذهب ويتوضأ ثم يشرع في طوافه . هذا هو الأولى والأحوط بلا شك .
ثانيا :
أما الوقوف بعرفات فلا تشترط له الطهارة ، فلا حرج على الحاج أن يقف بعرفات وهو غير متوضئ ، ولا يلزمه الوضوء إلا عند إرادة الصلاة ، وقد اتفق العلماء على أنه يصح وقوف الحائض والجنب .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/140) : " قال ابن المنذر : أجمع العلماء على أنه يصح وقوف غير الطاهر من الرجال والنساء كالجنب والحائض وغيرهما " انتهى .
غير أنه يستحب أن يقف طاهراً من الحدثين : الأكبر والأصغر ، لأنه سيذكر الله تعالى ، ويستحب الوضوء عند ذكر الله تعالى .
وانظر : كشاف القناع" (2/494)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82033
أعلن ردّته فراراً من الكفارة ثم تاب وندم !!:
سأبدأ بطرح سؤالي مباشرة , والذي يؤرقني منذ مدة. عندما كنت في الخامسة عشر من عمري وفي إحدى ساعات نهار شهر رمضان المبارك استمنيت . وبعدها تداركت نفسي وصرت أبحث عن حكم الذنب الذي اقترفته , اعتقدت أن علي كفارة جماع , ولأني لا أستطيع لها جهدا فقلت لنفسي سأصبح كافرا, والعياذ بالله, ثم اسلم من جديد وبهذا سيغفر الله لي وتسقط عني الكفارة . وفعلا وكالمخبول قلت أنا الآن كافر وسأسلم غدا . والآن عمري ثلاثين سنة ولازلت أفكر في تلك الحادثة , وكلما أتذكرها أستغفر الله وأشهد أن لا إله إلا هو وأن محمدا عبده ورسوله. طوال عمري أصوم وصلي وإلى الآن والحمد لله. ولكن هل يجب إقامة الحد علي , وهو القتل, حتى يقبل الله توبتي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم يزل الشيطان يزيِّن للإنسان الباطل ويستدرجه من حيث لا يشعر حتى يوقعه في أقبح القبائح وأكبر الكبائر ( الشرك بالله ) وهو يظن أنه بذلك يحسن إلى نفسه ، وكيف يفر إنسان من صيام شهرين متتابعين إلى الكفر بالله العظيم الذي حرم الله تعالى الجنة على من لقيه به!!
إن مثل من يفعل ذلك كمثل المستجير من الرمضاء بالنار ، فَرَّ من شيء فوقع فيما هو أقبح منه وأشد .
هذا ، مع أن هذه الحيلة لا تنفعه في إسقاط ما وجب عليه ، لأنه حيلة محرمة ، بل هي أعظم المحرمات على الإطلاق ، والقاعدة عند العلماء : ( أن الحيلة لا تسقط واجباً ولا تبيح محرّماً)
وهل يضمن الإنسان أنه إذا أقدم على هذا الذنب العظيم أن الله سيهمله حتى يتوب ويرجع ، أفلا يمكن أن تكون آخر لحظات حياته هي تلك التي أعلن فيها كفره والعياذ بالله . فيكون ممن حبطت أعماله في الدنيا والآخرة ، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .(/1)
أفلا يخشى أن يعاقبه الله تعالى على هذه الفعلة الشنيعة فيحول بينه وبين التوبة والرجوع إلى الإسلام ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) الصف/5 .
والحاصل " أن الذي أقدمت عليه أمر عظيم تقشعرّ منه جلود الذين آمنوا ، والحمد لله الذي وفقك للتوبة ، ونرجو أن يكون الله تعالى قد قبِل توبتك وغفر لك ذنبك .
ومن تمام توبتك الإكثار من الأعمال الصالحة من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والاستغفار وتعلُّم العلم وتعليمه والصدقة . والدعوة إلى الله .. إلخ وأبواب الطاعات كثيرة ، فاجتهد فيها يغفر الله لك . قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82.
ثانياً :
عقوبة المرتد عن الإسلام هي القتل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) رواه البخاري (3017)
وجمهور العلماء ( منهم الحنفية والشافعية والحنابلة ) على أن هذه العقوبة تسقط عمن تاب ورجع إلى الإسلام ، وهو الموافق لحالتك .
وانظر : " المغني" (9/18) ، و "شرح مسلم للنووي" (12/208)
ثالثاً :
وأما حكم الاستمناء في نهار رمضان فهو مفسد للصيام والواجب عليك هو قضاء هذا اليوم فقط ، وليس كفارة الجماع ، وقد سبق في جواب السؤال (50632) أن الكفارة في إفساد الصيام لا تجب إلا بالجماع .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82077
القدر المجزئ في الحلق والتقصير في النسك:
أنهيت نسك العمرة في رمضان .. وقمت بقص شعري .. مرة من الأمام ومرة من الخلف ومن اليمين والشمال ...هل تكون العمرة صحيحة أم ماذا ؟؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا خلاف بين الفقهاء في أفضلية حلق جميع الرأس على التقصير ، لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، ودعا للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة واحدة .
انظر : الموسوعة الفقهية (18/98).
واختلفوا في أقل ما يجزئ من الحلق أو التقصير: فذهب المالكية والحنابلة إلى أنه لا يجزئ حلق بعض الرأس , لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، فكان تفسيرا لمطلق الأمر بالحلق . فوجب الرجوع إليه .
وذهب الحنفية إلى أن المجزئ حلق ربع الرأس , فإن حلق أقل من ربع الرأس لم يجزئه .
وقال الشافعية : أقل ما يجزئ ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا من شعر الرأس .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره ، وكذلك المرأة . نص عليه [ أي الإمام أحمد ] ، وبه قال مالك . وعن أحمد , يجزئه البعض ... وقال الشافعي : يجزئه التقصير من ثلاث شعرات . واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير ; لتناول اللفظ له . ولنا قول الله تعالى : ( مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ ) وهذا عام في جميعه ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، تفسيرا لمطلق الأمر به ، فيجب الرجوع إليه " انتهى .
وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/181) : " ومن حلق رأسه أو قصره فليعم بذلك رأسه كله ، ولا يجزيه الاقتصار على بعضه " انتهى .
ولاشك أن هذا القول هو الأحوط وأنه لا ينبغي الاقتصار على أخذ شعر من الأمام ومن الخلف واليمين والشمال كما فعلت .
ثانيا :
من أخذ من بعض شعره فقط ، يُنظر في حاله :(/1)
فإن كان فعل ذلك اتباعا لمن أفتاه من أهل العلم بذلك ، فلا شيء عليه .
وإن كان فعل ذلك من نفسه ، ففعله غير مجزئ ، وهو باقٍ على إحرامه لم يتحلل منه ، فيلزمه الآن أن ينزع ثيابه ( المخيطة ) ، وأن يحلق أو يقصر من جميع رأسه ، وبهذا يكون قد تحلل ، ولا شيء عليه في المحظورات التي ارتكبها في تلك المدة ؛ لجهله .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ أجاب: " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة ، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ، فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول : ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل/43 ، وبعض العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من "اللقاء الشهري" رقم 10 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82103
صبغ الشعر بغير السواد:
هل يجوز صبغ الشعر بالألوان مثل الأزرق والأحمر؟ وهل هذا تشبه؟
الجواب:
الحمد لله
يجوز للمرأة أن تصبغ شعرها بغير السواد ، ما لم يكن في ذلك تشبه بالكافرات ، كأن تختص كافرة أو جماعة من الكافرات بطريقة معينة لصبغ الشعر أو قصه ، فلا يجوز التشبه بهن حينئذ .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز صبغ أجزاء من الشعر كأطرافه مثلا أو أعلاه فقط ؟
فأجاب : "صبغ الشعر إن كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه حيث أمر بتغيير الشيب وتجنيبه السواد قال : ( غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد ) صحيح مسلم (5476) ، وورد في ذلك أيضاً وعيد على من فعل هذا [ وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام ، لا يريحون رائحة الجنة ) رواه أبو داود ( 4212 ) والنسائي ( 8/138 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 8153 ) ] وهو يدل على تحريم تغيير الشعر بالسواد ، أما بغيره مِن الألوان : فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء الكافرات أو الفاجرات ، فيحرم من هذه الناحية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) [ رواه أبو داود ( 4031 ) وصححه الألباني في إرواء الغليل 5/109] " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/120).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82138
هل يجوز تغيير اسم الزوجة ونسبتها لزوجها ؟:
بحكم أن مناهج التوحيد التي تدرَّس في المملكة العربية السعودية تتبع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، بعد حصولي على الشهادة الثانوية توجهت لإتمام دراستي في مدينة غربية ، وعندما دخلت في مناقشة دينية مع مسلمات عن تحريم نسبة الزوجة إلى زوجها وفوجئت بالرد الذي يقول : أنتم وهابيون ( تتبعون الشيخ محمد بن عبد الوهاب ) وهو منهج غير صحيح ، ما حكم هذا الرد ؟ وما هو الدليل في السنة الذي يخص ذكر الزوجة بالتحديد في مسألة نسب الزوجة إلى زوجها - إن وجد - ؟ مع العلم أنني اطلعت على الأسئلة التي تخص النسب وجميع الأدلة المرافقة للأجوبة ، لكنني آمل الحصول على حديث يخص الزوجة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
مناهج التوحيد التي تدرَّس في مدارس المملكة العربية السعودية لا تتبع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، بل هي تتبع القرآن والسنة وإجماع سلف هذه الأمة ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب تابع لهذا أيضاً ، وهو من المجددين المصلحين الذين دعوا الأمة إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة والاقتداء بالسلف الصالح رضي الله عنهم ، ولم يأت رحمه الله بشيء جديد من عند نفسه ، وإنما دعا إلى الكتاب والسنة ، شأنه في ذلك شأن كل مجدد من مجدد هذه الأمة .
وأما الوصف بـ " وهابي " فهو وصف أطلقه أعداء دعوة الحق ، ومنهج أهل السنة على كل
من دعا إلى التوحيد الصافي ونبذ البدع والخرافات يريدون بذلك تنفير الناس عن دعوته .
ولعلكم تجدون تفصيل أوفى في جواب السؤال رقم ( 36616 ) .
ثانياً :
لا يجوز للمسلم – فضلا عن المسلمة – الدراسة في بلاد الكفر ؛ لما في ذلك من الوقوع في النهي عن الإقامة بين أظهر المشركين ؛ ولما في ذلك من تعريض النفس للشبهات والشهوات ، وبخاصة إن كانوا صغار السن ، وليس عندهم علم شرعي ، فهم عرضة لفتن القلوب والعقول .(/1)
وقد بيَّنا هذا في أكثر من جواب ، فانظروا – مثلاً - جواب السؤال رقم ( 13342 ) و ( 70256 ) و ( 27211 ) .
ثالثاً :
لا يوجد في السنة النبوية ما يدل على أن الزوجة تُنسب لزوجها ، بل هذا أمر حادث لا تقره الشريعة ، وهؤلاء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الناس نسباً ، ولم تُنسب إحداهنَّ لاسمه صلى الله عليه وسلم ، بل كلُّ واحدة منهن نسبت لأبيها ولو كان كافراً ، وهؤلاء زوجات الصحابة – رضي الله عنهن –ومن بعدهن لم يغيرن نسبهن
وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم ( 1942 ) حكم الانتساب إلى غير الأب .
وبيَّنا في جواب السؤال رقم ( 6241 ) السبب في أنّ الزوجة لا تُضاف إلى نسَب زوجها ، وهو جواب مفصل يحسن الرجوع إليه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82152
كم كانت عدد الركعات في صلاة التراويح على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة . هل هذا صحيح أم ضعيف ؟ أو لا أصل له ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
جاء الأمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصلاة العشرين ركعة عن أربعة من التابعين ، وهذه رواياتهم :
1- عن السائب بن يزيد أنه قال : ( أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ جَمَعَ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ عَلَى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وَعَلَى تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى إِحدَى وَعِشرِينَ رَكعَةً ، يَقرَؤُونَ بِالمِئِينَ ، وَيَنصَرِفُونَ عِندَ فُرُوعِ الفَجرِ )
رواه عن السائب جماعة من الرواة : ومنهم من يذكر ( العشرين ) أو ( إحدى وعشرين ) أو ( ثلاث وعشرين ) وهم :
محمد بن يوسف ابن أخت السائب عن السائب : كما عند عبد الرزاق في "المصنف" (4/260) من رواية داود بن قيس وغيره عنه .
ويزيد بن خصيفة : أخرجه ابن الجعد في "المسند" (1/413) ، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/496)
والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب : أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4/261)
فهذه روايات صحيحة من رواة ثقات عن السائب بن يزيد ، وفيها ذكر العشرين ركعة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والزيادة في رواية ( إحدى وعشرين ) أو ( ثلاث وعشرين ) إنما هو باعتبار القيام مع الوتر .
2- عن يزيد بن رومان قال : ( كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلاثٍ وَعِشرِينَ رَكعةً )
رواه عنه مالك في "الموطأ" (1/115) ، وقال النووي في "المجموع" (4/33) : " مرسل ، فإن يزيد بن رومان لم يدرك عمر " انتهى .
3- عن يحيى بن سعيد القطان : ( أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أَمَرَ رَجُلا يُصَلِّي بِهِم عِشرِينَ رَكعَةً )(/1)
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/163) عن وكيع عن مالك به ، ولكن يحيى بن سعيد لم يدرك عمر .
4- عن عبد العزيز بن رفيع قال : ( كَانَ أُبَيُّ بنُ كَعبٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِالمَدِينَةِ عِشرِينَ رَكعَةً ، وَيُوتِرُ بِثَلاثٍ )
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/163) .
وبمجموع هذه الروايات يتبين أن العشرين ركعة كانت هي السنة الغالبة على التراويح في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ومثل صلاة التراويح أمر مشهور يتناقله الجيل وعامة الناس ، ورواية يزيد بن رومان ويحيى القطان يعتبر بهما وإن كانا لم يدركا عمر ، فإنهما ولا شك تلقياه عن مجموع الناس الذين أدركوهم ، وذلك أمر لا يحتاج إلى رجل يسنده ، فإن المدينة كلها تسنده .
قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه (3/169) :
" وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ .
وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَكَذَا أَدْرَكْتُ بِبَلَدِنَا بِمَكَّةَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً .
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/69) :
" وروي عشرون ركعة عن علي ، وشتير بن شكل ، وابن أبي مليكة ، والحارث الهمداني ، وأبي البختري ، وهو قول جمهور العلماء ، وبه قال الكوفيون والشافعي وأكثر الفقهاء ، وهو الصحيح عن أبي بن كعب ، من غير خلاف من الصحابة ، وقال عطاء : أدركت الناس وهم يصلون ثلاثا وعشرين ركعة بالوتر " انتهى .
وانظر ذلك مسندا في "مصنف ابن أبي شيبة" (2/163)
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (23/112) :(/2)
" ثبت أن أُبَىَّ بن كعب كان يقوم بالناس عشرين ركعة فى قيام رمضان ، ويوتر بثلاث ، فرأى كثير من العلماء أن ذلك هو السنة ؛ لأنه أقامه بين المهاجرين والانصار ولم ينكره منكر ، واستحب آخرون تسعة وثلاثين ركعة ، بناء على أنه عمل أهل المدينة القديم " انتهى .
أما ما جاء من رواية الإمام مالك ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد في "الموطأ" (1/115) وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (2/162) بلفظ : ( إحدى عشرة ركعة ) فهو محمول على أنه كان في بداية الأمر ، ثم خُفِّفَ بعدُ على الناس ، فزاد عمر الركعات إلى عشرين ليخفف على الناس القراءة في القيام .
قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/68) :
" إلا أنه يحتمل أن يكون القيام في أول ما عمل به عمر بإحدى عشرة ركعة ، ثم خفف عليهم طول القيام ، ونقلهم إلى إحدى وعشرين ركعة ، يخففون فيها القراءة ويزيدون في الركوع والسجود ، إلا أن الأغلب عندي في إحدى عشرة ركعة الوهم ، والله أعلم " انتهى .
ويقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/113) :
" وأُبَىٌّ بن كعب لما قام بهم وهم جماعة واحدة لم يمكن أن يطيل بهم القيام ، فكثر الركعات ليكون ذلك عوضا عن طول القيام ، وجعلوا ذلك ضعف عدد ركعاته ، فإنه كان يقوم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ، ثم بعد ذلك كأن الناس بالمدينة ضعفوا عن طول القيام ، فكثروا الركعات ، حتى بلغت تسعا وثلاثين " انتهى .
ثانيا :
صلاة الليل الباب فيها واسع ، وهي غير محصورة بعدد ، فمن شاء قامها بإحدى عشرة ركعة ، ومن شاء زاد أو نقص ، وكذلك صلاة التراويح في رمضان .
يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (23/113) :
" وقال طائفة : قد ثبت فى الصحيح عن عائشة ( أن النبى لم يكن يزيد فى رمضان ولا غيره على ثلاث عشرة ركعة ) واضطرب قوم فى هذا الأصل ؛ لما ظنوه من معارضة الحديث الصحيح لما ثبت من سنة الخلفاء الراشدين وعمل المسلمين .(/3)
والصواب أن ذلك جميعه حسن ، كما قد نص على ذلك الامام أحمد رضى الله عنه ، وأنه لا يتوقت فى قيام رمضان عدد ، فان النبى لم يوقت فيها عددا " انتهى .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "مجموع الفتاوى" (11/322) :
" وثبت عن عمر رضي لله عنه أنه أمر من عين من الصحابة أن يصلي إحدى عشرة ، وثبت عنهم أنهم صلوا بأمره ثلاثا وعشرين ، وهذا يدل على التوسعة في ذلك ، وأن الأمر عند الصحابة واسع ، كما دل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : ( صلاة الليل مثنى مثنى ) " انتهى
وانظر جواب السؤال رقم (9036) (38021)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82184
هل يجوز أن تشتري أرضًا كي تدفن فيها حين تموت ؟:
هل يجوز أن يشتري الإنسان مساحة أرض ، حتى إذا مات يدفن فيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحكم في ذلك تابع للمقصد الدافع لشراء الأرض وتخصيصها للدفن فيها :
فإن كانت إنما تريد تهيئة مدفن كريم لها ، لما تراه من امتهان المقبرة التي في بلدتها ، أو لما تراه من دفن جماعي في مكان واحد – كما يحصل في بعض الدول الإسلامية - ، أو كانت تريد وقف الأرض للدفن فيها ، لها ولغيرها من الناس ، ونحو ذلك من الأعذار والمقاصد الشرعية ، فحينئذ لا حرج عليها في شراء قطعة الأرض هذه ، والوصية بالدفن فيها ، فإن مقصدها معتبر شرعا ، والقاعدة الفقهية تقول : ( الأمور بمقاصدها ) .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " لا بأس أن يشتري الرجل موضع قبره ، ويوصي أن يدفن فيه ، فعل ذلك عثمان بن عفان ، وعائشة ، وعمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنهم " .
[ المغني 3/443 ] ، وانظر : أحكام المقابر في الشريعة ، د عبد الله السحيباني (23-28).
فإن لم يكن لها أي مقصد من الأمور السابقة ، وإنما أرادت أن تتميز بقبرها ، وتختص بمكانها دون الناس ، فهذا مقصد غير معتبر شرعا ، وليس في الكتاب والسنة ما يدل على شرعية مثل هذا الفعل ، بل جاء في مقاصد الشريعة وكلام أهل العلم ما يدل على كراهته ، ومن ذلك:
1- أن الفقهاء نصوا على استحباب الدفن في المقابر العامة ، كي يصيب الميت من دعاء زوارها من المؤمنين ، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يدفن من مات من أصحابه في مقبرة البقيع .
جاء في الموسوعة الفقهية (21/9) :(/1)
" المقبرة أفضل مكان للدفن ، وذلك للاتباع ، ولنيل دعاء الطارقين ، وفي أفضل مقبرة بالبلد أولى ، ويكره الدفن في الدار ولو كان الميت صغيرا ، وقال ابن عابدين : وكذلك الدفن في مدفن خاص كما يفعله من يبني مدرسة ونحوها ، ويبني له بقربه مدفنا " انتهى .
انظر "رد المحتار" (2/235) ، "المجموع" (5/245) ، "مغني المحتاج" (2/52)
2- ثم إن الدفن في أرض يملكها المتوفى يضر الورثة ، حيث سيمنعهم ذلك من التصرف فيها ، وقد كان له في مقابر المسلمين كفاية .
جاء في كتاب "الفروع" لابن مفلح الحنبلي (2/278) :
" ولو وصى بدفنه في ملكه دُفِنَ مع المسلمين ؛ لأنه يضر الورثة " انتهى .
3- كما أن الوصية بالدفن في أرض خاصة قد تكون ذريعة فيما يستقبل من الزمان إلى العبث بهذا القبر ، فإن المقبرة العامة متميزة عند جميع الناس ، لا يمكن أن يعتدي عليها أحد بالبناء عليها أو الحفر ونحو ذلك ، فسيمنعه الناس كلهم من إيذاء أمواتهم ، أما الأرض الخاصة فإنها عرضة للتعدي ، وعرضة لأطماع الناس لأخذ الأرض ونبش القبر وغير ذلك .
4- الدفن في الأرض الخاصة قد يؤدي إلى تعظيم القبر وتقديسه ، فيظن الناس له خصوصية عن دون القبور ، أو أنه قبر أحد الأولياء ونحو ذلك ، فيرتكبون عنده أنواع الشرك أو التبرك المحرم ، وذلك بسبب التميز عن الناس بالمدفن .
5- وأخيرا يخشى أن يكون الباعث على الوصية بالمدفن الخاص هو الكبر والأنفة عن مساواة الناس في مدافنهم ، كما يظهر في قبور بعض الملوك والأمراء ، حيث يجعلون لأنفسهم مدافن خاصة ، ومعلوم أن الكبر من أعظم الذنوب ، والعادة أن الموت يكسر كل متكبر ومتجبر ، فلا ينبغي للمسلم أن يتشبه بالمتكبرين وعاداتهم .
يتبين مما سبق أن شراء أرض والوصية بالدفن فيها لغير مقصد شرعي خلاف الأولى ، وأن الأولى هو الدفن مع جماعة المسلمين ، والتعرض لبركة دعاء الصالحين من المسلمين .(/2)
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" (1/559) :
" لا يلزم تنفيذ الوصية إذا أوصى الميت أن لا يدفن إلا في مكان معين ، بل يدفن مع المسلمين ، إذ إن الأرض كلها سواء ، وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا مات منهم ميت في أي مكان دفنوه ، فهذه الوصية لا يلزم تنفيذها ، لأنه ليس فيها مقصود شرعي " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82187
السفر إلى البلاد التي تنتشر فيه المنكرات:
ما حكم السفر إلى البلاد العربية الإسلامية ، والتي تنتشر فيها المنكرات والمحرمات حيث إن كثيراً من المتزوجين حديثاً يسافرون إليها لقضاء نزهة أو ما يسمى (شهر العسل) وما الذي يجب على من سافر إليها ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال (67587) بيان أن ما يسميه الناس "شهر العسل" : من العادات المنكرة التي انتشرت في أوساط المسلمين ، ويترتب عليه أضرار تعود على الزوجين معاً .
ثانياً :
وأما السفر إلى البلاد التي تنتشر فيها المنكرات والمحرمات فهو محرم ولا يجوز إلا للحاجة أو الضرورة ، وليس السفر من أجل السياحة والترفيه من الضرورة التي تبيح فعل هذا المحرم .
والسفر إلى هذه البلاد التي تنتشر فيها المعاصي والمنكرات ، سواء كانت دولاً إسلامية أو غير إسلامية فيه أخطار ومحظورات كثيرة ، منها :
1- الجلوس في أماكن اللهو والمعصية كشرب الخمور ولعب القمار ودخول الملاهي والمراقص وعدم الإنكار على أهلها ، وهذا فعل لمحرم وترك لواجب يأثم به المسلم .
2- نزع الحياء وخدشه بما يراه من مشاهد فاتنة ومناظر مخجلة وتصرفات بهيمية في تلك الدول .
وقد ذكر فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين مجموعة من هذه المفاسد والمخالفات الشرعية في جوابه لما سئل عن ظاهرة سفر العائلات لدول عربية أو غربية .
فأجاب :(/1)
" قد وردت أحاديث كثيرة في تحريم التصوير . . . وهي عامة في كل التصوير منقوشة أو منحوتة أو مرسومة أو مجسدة أو لا ظل لها ، وورد الأمر بطمس الصور وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ، وحيث وُجدت ضرورة في هذه الأزمنة لضبط الحدود والحقوق فقد رخص المشايخ والعلماء في الأشياء الضرورية : كالحفائظ والجوازات ، ونحوها لمن أراد السفر لعلاج ، أو دراسة ضرورية أو نحوهما ، فله أن يصوّر في الجواز لعدم التمكن إلا بذلك ، فأما سفر السياحة والفرجة فليس من الضروري ، فأرى أنه لا يباح لأجله التصوير ، سيما السفر بالنساء والعوائل لأجل النزهة والتمشية فإنه يترتب عليه مفاسد كثيرة ، أولها : التصوير للمحارم بحيث يكشف عليهن رجال في الحدود ومداخل الدول مع تحريم كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب .
وثانيها : أن هذه الأسفار لا فائدة فيها أصلاً ، بل هي إضاعة للوقت الثمين وذهاب للعمر في غير فائدة ، وادّعاء أن هذه من باب الاطلاع ومعرفة أحوال البلاد وما تحويه من المنافع ونحوها غير صحيح ، فإن المسافرين لها لا يجعلون سفرهم للعبرة والموعظة والتذكر ، وإنما يجعلونه لتسريح الأفكار وتقليب الأنظار .
وثالثها : ما في هذه الأسفار من إضاعة المال الذي ينفقه مثل هؤلاء وينتفع به قوم كُفّار هم أعداء للإسلام يقوون به على دعم الكفر والدعاية للأديان الباطلة وحرب الإسلام والمسلمين .
ورابعها : توسّعهم في المباحات التي تشغل عن الطاعات وربما تناول الكثير من المكروهات وقد تجرّهم إلى المحرمات فكثيراً ما نسمع أن أولئك المسافرين يقصدون الإباحية ، فيقعون في الزنا وشرب الخمور وسماع الأغاني وحضور مواضع الرقص والطرب ويصرفون في ذلك أموالاً طائلة في مقابلة تناول المحرّمات أو المكروهات ونفع أهل الكفر وحرب المسلمين .(/2)
وخامسها : وقوع نساء المؤمنين في مخالفة الشرع حيث إن المرأة المسلمة تخلع جلباب الحياء وتكشف وجهها ورأسها وتبدي زينتها وتقلّد نساء الكفر بحجة أنها لا تقدر على التستر بين نساء متبرجات فتقع في المعصية ، وتتشبه بالكافرات أو العاصيات ولا يقدر وليها على ردعها .
وسادسها : أن في السفر إلى تلك البلاد لغير ضرورة وسيلة إلى فعل المعاصي أو احتقار المسلمين وازدرائهم بحيث يسب التعاليم الإسلامية ويُعظم قدر الكفار في القلوب ، فننصح المسلم أن يحفظ نفسه وعقله ونساءه وأمواله ودينه ودنياه وأن لا يسافر إلا لضرورة شديدة .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على محمّد وآله وصحبه وسلم " انتهى .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان مجموعة أسئلة عن سفر الشباب بعد الزواج أو في الإجازات بزوجاتهم ، وموقف أولياء أمور الفتيات من سفرهن مع أزواجهن ، وهذه بعض تلك الأسئلة وجوابه عليها :
السؤال الأول : إذا علم الأب أن ابنه سيسافر للخارج بعد زواجه فهل يجب عليه وجوباً أن يمنعه ؟ وما الدليل على ذلك ؟
الجواب : يجب على الأب أن يمنع ابنه من السفر إلى الخارج إذا كان سفره لمجرد النزهة إذا كان يقدر على منعه لما في السفر من الضرر على دينه وعلى نفسه . وإن كان لا يستطيع منعه ، فعليه بمناصحته وعدم إمداده بالمال لأن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان .
السؤال الثاني : إذا علم والد الزوجة أن زوج ابنته سيسافر بها بعد الزواج مباشرة للخارج فهل يجب عليه أن يمنعها ؟ وهل تجب عليها طاعة والدها بعدم السفر أم طاعة زوجها بالسفر للخارج للنزهة والترفيه ؟!
الجواب : لأبي الزوجة أن يمنعها من السفر إلى الخارج مع زوجها إذا كان السفر لمجرد النزهة ، وعلى الزوجة أن لا تطيع زوجها في ذلك السفر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ثالثاً :(/3)
وأما الواجب على من سافر إلى تلك البلاد ، إذا كان سفره لضرورة تبيح ذلك كالعلاج ونحوه ، فقد قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان :
" ونصيحتي لمن يسافرون للخارج ممن يجوز لهم السفر شرعًا أن يتقوا الله ويحافظوا على دينهم ويظهروه ويعتزوا به ويدعوا إليه ويبلغوه للناس ، وأن يكونوا قدوة صالحة يمثلون المسلمين تمثيلاً صحيحًا ، وأن لا يبقوا في بلاد الكفار أكثر من الحاجة الضرورية " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82201
هل يجوز له قتل السحرة دون إذن ولي الأمر ؟:
ينتشر في بلادنا السحرة ، ويؤذون الناس ويضرونهم ، فهل يجوز قتلهم حتى نريح الناس من شرهم ؟
مع العلم أن حكومتنا ترخص لهم في العمل وتأخذ منهم الضرائب .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا ثبت أن هذا الشخص يعمل بالسحر فالواجب قتله ؛ دفعاً لضرره وشره عن الناس ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (13941) .
والواجب على من ولاه الله أمر العباد أن يحكم فيهم بما أنزل الله ، قال تعالى : ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ ) المائدة /49 ، وقال : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة/44 ، وفي آية أخرى قال : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) المائدة /45 ، وفي آية ثالثة : ( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) المائدة /47 .
ولا يجوز أبدا إسقاط العقوبة الشرعية وإلغاؤها ، وأقبح من ذلك وأشنع إقرار هذا العمل المحرم والترخيص للساحر أن يعمل بسحره مقابل دفعه الضرائب !! .
فهذا تضييع وخيانة للأمانة التي سيسأل عنها الحاكم يوم القيامة ، يوم يعض على يديه ندماً ، ولكن بعد فوات الأوان ، قال تعالى : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً ) الفرقان /27-29
ثانياً :(/1)
إذا كان الحاكم لا يفعل ما وجب عليه من إقامة العقوبات الشرعية ، فليس لأحد من عامة المسلمين أن يفعل ذلك ؛ لأن العقوبة تحتاج أولاً إلى إثبات أن هذا الشخص يستحق هذه العقوبة ، ثم تحتاج ثانياً إلى قوة لتنفيذها .
ولو فتح الباب للناس في إقامة العقوبات الشرعية لعَمَّت الفوضى في المجتمع ، ولم يأمن أحد على نفسه وماله .
قال علماء اللجنة الدائمة :
والذي يتولى إثبات السحر وتلك العقوبة : هو الحاكم المتولي شؤون المسلمين ؛ درءاً للمفسدة ؛ وسداً لباب الفوضى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 552 ) .
وقد نقلنا في جواب السؤال رقم (13941) عن الشيخ سليمان العلوان قوله :
وحين يثبت وصف السحر على شخص ما : فإنه يقتل وجوباً ، فقد ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة ، ولكن ليس لآحاد الناس إقامة الحدود دون أمر السلطان أو من يقوم مقامه ؛ لأنه يترتب على إقامة الحدود دون ولاة الأمور فساد وزعزعة للأمن وذهاب هيبة السلطان . انتهى .
وقد ذكرنا مسألة اشتراط السلطان في إقامة الحدود في جواب السؤال رقم ( 8980 ) ونقلنا هناك اتفاق العلماء على ذلك .
وعليك تحذير الناس من هذا الساحر ، ومن الذهاب إليه ، وبيان أن هذا الفعل قد يصل بصاحبه إلى الكفر والخروج من الإسلام .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82219
يكافئ صديقه ويشجعه على حفظ القرآن:
لدي صديق أكافئه لتشجيعه على حفظ القرآن سؤالي هو: هل لي ثواب في ذلك ؟ .
الجواب:
الحمد لله
حفظ القرآن قربة من أعظم القربات ، لما فيها من قراءة كلام الله ، وترديده ، والانشغال به ، ومعلوم أن قراءة حرف من كتاب الله بعشر حسنات ، كما روى الترمذي (2910) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ ، وَلامٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى مسلم (804) عن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا ، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ) قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ .(/1)
وروى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/281) برقم 2240 ، وقال بعده :
" واعلم أن المراد بقوله : ( صاحب القرآن ) حافظه عن ظهر قلب ، على حد قوله صلى الله عليه وسلم : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) . أي : أحفظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن ، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى ، وليس للدنيا والدرهم والدينار ، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أكثر منافقي أمتي قراؤها ) " انتهى .
ثانيا :
من أعان على حفظ القرآن ، وشجع عليه بالمكافأة وغيرها ، فهو على خير عظيم ، ويرجى له ثواب مثل ثواب الحافظ والقارئ ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم (2674)
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) رواه مسلم (1893).
وعند الترمذي (2670) : ( إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فنسأل الله تعالى أن يثيبك ويوفقك ، ويوفقك صاحبك إلى حفظ كتابه الكريم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82277
رسم خرائط إنشائية لمن يبني بالقروض الربوية:
أنا مهندس مدني أعمل في مكتب هندسي وعملي هو رسم الخرائط الإنشائية مع الإشراف عليها سواء الناتجة من القروض الربوية أو غير ذلك فهل عملي هذا يدخل فيه الربا أم لا ؟ لأن الدولة التي نحن فيها فتحت القروض الربوية بشكل مفاجئ لذلك فهذه القروض كثيرة جدا فهل عملي هذا ربوي على أساس أنني مساهم بالرسم ، وهل كل من يبيع الإسمنت ومن يبيع الرمل ومن يبيع الحصى والحديد وكل العمال المساهمين يدخلون في الربا ؟ الرجاء الإجابة فأنا خائف جدا فهذا العمل يؤرقني .
الجواب:
الحمد لله
إذا كان عملك هو رسم الخرائط والإشراف عليها ، فهو عمل جائز بشرط ألا ترسم خرائط لأبنية معدة للمنكر ، كبنوك الربا ، وصالات الخمر والقمار ونحو ذلك من أماكن المعاصي والفسق ؛ لما في رسم الخرائط حينئذ من الإعانة على المعصية والتكثير لأبنية الفساد . وانظر السؤال رقم (82551) .
وأما رسم الخرائط لبناءٍ مباح ، كبيت للسكنى مثلا ، فلا حرج فيه ، ولو كان صاحبه سيبنيه من مال اقترضه بالربا ، لأنك لم تعنه على المعصية – وهي الاقتراض بالربا – وإنما قمت له بعمل مباح وأخذت أجرة عملك .(/1)
وقد كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من يعمل بالأجرة عند بعض اليهود في أعمال مباحة كسقي الزرع ونحوه ، ومعلوم أن اليهود يغلب عليهم التعامل بالربا وأكل أموال الناس بالباطل ، كما قال الله : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ) النساء/160، 161. بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود بالبيع والشراء ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام كان اشتراه منه . رواه البخاري (2916) .
وبهذا يعلم أيضا أن بيع الإسمنت والرمل والحصى جائز لمن يبني به بناء مباحا ، ولو كان المالك ممن يتعامل بالربا .
ونشكر لك حرصك وتحريك للحلال .
ونسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ، ويغنينا بفضله عمن سواه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82278
يترك صلاة الجماعة خشية تأخر شفاء قدمه:
أنا شاب والحمد لله أحافظ على صلاة الجماعة ، لكن أحيانا عندما أصاب في قدمي وأضع على قدمي ضمادا ، لا أذهب إلى الصلاة ؛ خوفا من تفاقم الإصابة من خلال السير على الأقدام ذهابا ًوعودة ، فأصلي في المنزل ؛ لأنه إذا تفاقمت ستزيد فترة الراحة وعدم الذهاب للمسجد .. فما حكم ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
نبارك لك حرصك على صلاة الجماعة ، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على طاعته ، وأن يتقبل منا ومنك .
نعم ، المرض من أعذار التخلف عن صلاة الجماعة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (27/187) :
" وهو المرض الذي يشق معه الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة .
قال ابن المنذر : لا أعلم خلافا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا مرض تخلف عن المسجد ، وقال : مُرُوا أبا بكر فليصل بالناس " انتهى .
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على أن المريض إذا خشي أن يتأخر شفاؤه فإنه يُعذر ويُخَفَّفُ عليه في العبادة ، سواء كانت صلاة أو صياما أو طهارة ونحو ذلك .
انظر: "الإنصاف" (2/305) و "الموسوعة الفقهية" (14/258) .
والمعتبر في ذلك كلام الطبيب الثقة ، أو معرفة ذلك بالتجربة والخبرة .
فإذا كان كثرة المشي يؤخر الشفاء فلا حرج عليك في ترك صلاة الجماعة في المسجد ، وبما أنك محافظ عليها فسيكون لك ثواب الجماعة إن شاء الله تعالى ، لحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً ) رواه البخاري ( 2834) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82281
معنى قول الله ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ):
ما معنى كلمة ( يأتي ) في الآية : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره )؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة/109.
بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن كثيرا من أهل الكتاب يودون الكفر والردة لأهل الإسلام ، كراهية وبغضا وحسدا ، مع أنهم يعلمون الحق ويوقنون به ، ومع ذلك فقد أمر الله تعالى المؤمنين بالعفو والصفح عنهم ، وذلك لحكم كثيرة منها : الرغبة في هدايتهم وإيضاح الحق لهم ، ومنها انشغال المسلمين بالحرب مع كفار قريش ، فاقتضت الحكمة أن يقتصروا على مواجهة عدو واحد . وبين الله تعالى أن هذا العفو والصفح ممتد إلى غاية وأمد ، وهي أن يأتي أمر من الله للمسلمين يبيح لهم القتال .
فيأتي هنا بمعنى : يجيء ويصدر وينزل ، أي ينزل عليهم أمر الله تعالى .
وقد جاء الأمر من الله تعالى بعد ذلك بقتالهم ، كما قال ابن عباس وقتادة والربيع وغيرهم .(/1)
قال الطبري رحمه الله في تفسيره : (1/534) : " ( فاعفوا ) فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وخطأ في رأي أشاروا به عليكم في دينكم ، إرادة صدكم عنه ، ومحاولة ارتدادكم بعد إيمانكم ، وعما سلف منهم من قولهم لنبيكم صلى الله عليه وسلم : اسمع غير مسمع وراعنا لَيَّاً بألسنتهم وطعنا في الدين ، واصفحوا عما كان منهم من جهل في ذلك حتى يأتي الله بأمره ، فيحدث لكم من أمره فيكم ما يشاء ، ويقضي فيهم ما يريد . فقضى فيهم تعالى ذكره ، وأتى بأمره ، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين به : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) التوبة/29.
ثم روى عن الربيع في قوله : ( فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره ) ، قال : اعفوا عن أهل الكتاب حتى يحدث الله أمرًا . فأحدث الله بعد فقال : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى وهم صاغرون ) " انتهى .
وقال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير" (1/132) : " قوله تعالى : ( حتى يأتي الله بأمره ) قال ابن عباس : فجاء الله بأمره في النضير بالجلاء والنفي ، وفي قريظة بالقتل والسبي " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82287
له صديق رافضي هل يبقى على صحبته ؟:
عندي صديق من أهل السنة والجماعة ، لديه صديق شيعي ، أريد أن أستفسر عن حكم مصاحبة أهل المذاهب المخالفة ، مع العلم أنه نصحه - كما قال لي - باعتناق مذهب الفرقة الناجية ، ولكن دون فائدة ، فما حكم مصاحبتهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب عليك أن تنصح صاحبك بالابتعاد عن مصاحبة أهل البدع ، وخاصة البدع المغلظة كالشيعة الروافض لما في مصاحبتهم من خطر على دين المسلم ودنياه ، أما الخطر على دينه فهو بما يلقيه هذا الرافضي من شبهات تشكك المسلم في دينه ، وأما الخطر الدنيوي فهو ما يكنه الرافضي من عداء وبغض لأهل السنة والسعي في إيذائه بكل ما يستطيع .
وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تحث على حسن اختيار الصاحب ، وذلك لما له من تأثير على خلق ودين صاحبه ، ومن هذه الأحاديث :
1. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه عنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ ) .
رواه الترمذي ( 2395 ) وأبو داود ( 4832 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
2. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) .
رواه الترمذي ( 2378 ) وأبو داود ( 4833 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
قال الخطابي رحمه الله :
" لا تخالل إلا من رضيت دينه وأمانته ؛ فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه ، فلا تغرر بدينك ولا تخاطر بنفسك فتخالل من ليس مرضيّاً في دينه ومذهبه " انتهى .
" العزلة " ( ص 141 ) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :(/1)
" وهذا معناه – والله أعلم – أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه ، والدين العادة ، فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة ... .
والمعنى في ذلك : ألا يخالط الإنسان من يحمله على غير ما يحمد من الأفعال والمذاهب ، وأما من يؤمن منه ذلك فلا حرج في صحبته " انتهى .
" بهجة المجالس " ( 2 / 751 ) .
وأما كلام السلف في التحذير من صحبة أهل البدع فكثير ، ومنه :
1. ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية عن أبي يوسف تلميذ أبي حنيفة : قال :
لا ينبغي لأحد من أهل السنة والجماعة أن يخالط أحداً من أهل الأهواء حتى يصاحبه ويكون خاصته ؛ مخافة أن يستزله أو يستزل غيره بصحبه هذا .
" مجموع الفتاوى " ( 16 / 475 ) .
2. قال أبو داود السجستاني رحمه الله :
قلت لأبي عبد الله - أحمد بن حنبل - : أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه ؟ قال : لا ، أو تعلمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة ، فإن ترك كلامه فكلِّمه ، وإلا فألحقه به .
" طبقات الحنابلة " ( 1 / 160 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82292
العمل في بناء وتشطيب الفنادق والقرى السياحية:
أنا مهندس معماري أعمل في مجال تشطيب الفنادق الفاخرة والقرى السياحية ( من الداخل مثل الأبواب –السيراميك-الرخام- الفرش-الحوائط-الحمامات ) مثلا تحتوى القرية السياحية على 48 فيلا غير المبنى الرئيسي ومبنيين ملحقين والحدائق إلخ.. ولكن لا أشطب الأماكن الحرام مثل الخمارات أو الديسكو وما إلى ذلك فهل هذا العمل حلال أم حرام ؟ وإذا ذهبت بنية التعلم -مع العلم أنا حديث التخرج وهذا العمل يحتاج إلي فترة تدريب وخبرة - وأنا لا أمتلك التدريب أو الخبرة ) وأخذ راتب في هذه الحالة حلال أم حرام ؟ وهل هناك فرق إذا كان الفندق في المدينة ، أو في مكان سياحي ، كشرم الشيخ وما إلى ذلك ؟ مثال : إذا كان هناك شقة يوجد بها غرفة للخمر فهل أشطب الشقة بدون الغرفة أم لا أشطب الشقة أصلا ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق أن بينا حكم المشاركة في بناء القرى السياحية ، التي تشتمل على الاختلاط والتبرج والفساد والخمور ، وأن ذلك لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم والعدوان ، انظر جواب السؤال رقم (47513)
وهذا هو الأصل الذي تنبني عليه هذه المسائل ، أنَّ كل ما كان فيه إعانة على الإثم والمعصية ، فهو محرم ، فلا يجوز العمل في تشطيب أو بناء صالة ديسكو أو مكان لشرب الخمر ، أو صالة قمار ، أو مرقص ، والمشارك في ذلك مشارك في الإثم والمعصية ، وكذلك لا يجوز بيع أو تأجير ما يستعمل في المعصية .
والذي يظهر أن هناك فرقا بين الفنادق المقامة في المدينة ، وتلك التي تقام في القرى السياحية ، فإن فنادق المدينة تتخذ عادة للسكنى والنزول بها للراحة ، ولا يقصد بها المعصية في الغالب ، بخلاف الفنادق المنشأة في القرى السياحية ، فإن الظاهر من حال المسافرين إليها أنهم سافروا إليها من أجل ما يوجد في هذا المكان من فساد وانحلال .(/1)
وكذلك إذا كانت الشقة مشتملة على غرفة أعدت للاستعمال في الحرام ، كشرب الخمر ، فلا يجوز الإعانة على بناء أو تشطيب هذه الغرفة ، ويجوز في الباقي ؛ لأن الإجارة إذا كانت على منفعة مباحة ، فهي جائزة ، وإذا كانت على منفعة محرمة فهي محرمة .
وينبغي أن تعلم أيها الأخ الكريم أن أبواب الرزق الحلال كثيرة ، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، فأيقن بذلك ، وابحث عن مرضاة الله تعالى في كل عمل ، واتق الشبهات يسلم لك دينك وعرضك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82293
الحج على نفقة إحدى الدوائر الحكومية:
أنا شاب أملك من المال ما يكفيني والحمد لله وقد وجدت فرصة للعمل أثناء الحج مع أداء هذه الفريضة العظيمة على حساب إحدى الدوائر الحكومية . هل تجوز حجتي أم لا ؟ مع العلم أن هذه أول مرة لي في الحج .
الجواب:
الحمد لله
يجوز للإنسان أن يحج على نفقة غيره ، سواء كان حج فريضة أو نافلةً ، كما يجوز له أن يعمل ويتجر ويتكسّب أثناء الحج . وقد أخرج الطبري في تفسيره بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) البقرة/198
قال : ( لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده ) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة ما الحكم فيمن يحج من نفقات الحاكم ؟
بمعنى : إذا أراد حاكم من الحكام بأن يعطي رعاياه مبلغاً من المال وقال لهم : حجوا بهذا المال ، فهل يجوز لهم بأن يحجوا به أم لا ؟ وإذا حجوا به فهل تسقط عنهم حجة الإسلام ؟ مع ذكر الدليل لما تقولون .
فأجابوا : " يجوز لهم ذلك ، وحجهم صحيح ؛ لعموم الأدلة " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (11/36) .
انظر جواب السؤال رقم (36841)
ونسأل الله أن يتقبل منا ومنك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82334
حكم الإجهاض وطلاق الحامل والتضييق على الزوجة لتتنازل عن حقها:
ما حكم الدين في : زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟ وهل يجوز تطليق الزوجة وهى حامل ؟ وما الحكم أيضاً في إجبار الزوجة في التنازل عن حقوقها قبل طلاقها ؟
الجواب:
الحمد لله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز سواء نفخت في الروح أم لا ، غير أنه بعد نفخ الروح فيه تحريمه أشد ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه . والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .(/1)
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا .
وقوله (غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبدٍ أو أمة ٍ . ويقدرها العلماء بعشر دية الأم .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
ثانياً :
وأما طلاق الحامل فهو طلاق سنة ، وقد انتشر بين كثير من العامة أنه مخالف للسنة ، وقولهم لا أصل له ولا دليل عليه .
وقد روى مسلم ( 1471 ) قصة طلاق ابن عمر لامرأته وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( مُرْه فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً ) .
قال ابن عبد البر :
وأما الحامل فلا خلاف بين العلماء أن طلاقها للسنة من أول الحمل إلى آخره لأن عدتها أن تضع حملها وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه أمره أن يطلقها طاهرا أو حاملا ولم يخص أول الحمل من آخره .
" التمهيد " ( 15 / 80 ) .(/2)
وقد ذكرنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في حكم طلاق الحامل في جواب السؤال رقم ( 12287 ) .
ثالثاً :
لا يحل للزوج أن يأخذ شيئًا من مال زوجته شيئاً إلا إذا طابت به نفسها ومنه مال مهرها إلا إن جاءت بفاحشة مبينة ؛ لقول الله عز وجل : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا ) [ النساء / 4 ] ؛ ولقوله عز وجل : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] .
قال ابن قدامة :
وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من قِبَلها ، وحكى ابن المنذر عن النعمان أنه قال : إذا جاء الظلم والنشوز من قِبَله وخالعتْه : فهو جائز ماض وهو آثم لا يحل له ما صنع ولا يجبر على رد ما أخذه !
قال ابن المنذر : وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله ، وخلاف الخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم .
" المغني " ( 3 / 137 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 32/283 ) :
فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيِّق عليها حتى تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضربها لأجل ذلك ، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة : كان له أن يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبيَّن لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه : فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه . اهـ .
ومعنى الفاحشة المبينة المذكورة في قوله تعالى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النساء / 19 ] الزنا وعدم الفقه ، وسوء العشرة ، كالكلام الفاحش وأذيتها لزوجها .
انظر تفسير السعدي ص242ـ .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب(/3)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82356
فتاة تسأل عن حكم العمل في صالة قمار:
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة ، ووجدت عملاً في كازينو فما حكم العمل في الكازينو ومعنى كازينو هي صالة قمار ، وهى منتشرة جدا ببلدنا ، حيث يوجد بكل فندق كبير صالة يعمل فيها مجموعة من الموظفين برواتب كثيرة جداً .
والعمل بالصالة متنوع :
1- الرسبشن : وهو الذي يقوم بأخذ صورة من الهوية الخاصة بالمقامر وعمل بعض الحجوزات وتقفيل الشهر بالحسابات فقط
2- ثم هناك آخرون يتعلمون القمار ويلعبون مع الزبائن لحساب الشركة ، وهناك المشرفون على هؤلاء ، وهناك العاملون في البار الذين يقدمون الطعام والشراب والخمور للزبائن ، وهناك الأمن وعمال النظافة والعلاقات العامة المختصون بإحضار الزبائن .
أريد أن أعرف ما حكم عمل هؤلاء؟ مع مراعاة الظروف الاقتصادية التي نعيش فيها ومراعاة العدد الهائل المشتغل بها من شباب وشابات وارتفاع المرتبات .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يشك مسلم في أن الله قد حرم الخمر والميسر ، وجعل ذلك من كبائر الذنوب قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/90 - 91.
ثانياً :
إذا حرم الله تعالى شيئاً حرم التعاون عليه ، والمساعدة على فعله بأي طريقة كان هذا التعاون أو تلك المساعدة . قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .(/1)
والقاعدة عند علماء الشرع " الوسائل لها أحكام المقاصد " فكل ما أدى إلى وجود الحرام وأوصل إليه فهو حرام.
ثالثاً :
لا يجوز للمسلم أن يوجد في مكان يُعصى الله تعالى فيه إلا مضطراً أو مكرهاً على ذلك ، والواجب عليه أن ينكر ذلك المنكر ويغيره ويزيله، فإن لم يستطع وجب عليه مغادرة المكان ، فالأصل في المسلم أن يهجر أماكن المعصية ويبتعد عنها ، لا أن يساعد أهلها على معصية الله ، فالبقاء في مثل هذه الأماكن يتنافى مع الأمر للمسلم بتغيير المنكر حين يراه ، ويتنافى مع الأمر بهجر أماكن السوء والمعصية .
قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : ( قوله تعالى: " فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره" أي غير الكفر. " إنكم إذا مثلهم " فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل "إنكم إذا مثلهم" فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون الخمر ، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم فحمل عليه الأدب ( أي : ضربه تأديباً له ) وقرأ هذه الآية : ( إنكم إذا مثلهم ) أي إن الرضا بالمعصية معصية " انتهى من تفسير القرطبي " ( 5 / 418).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الإنكار بالقلب فرض على كل واحد ، وهو بغض المنكر وكراهيته ، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان "(/2)
" الدرر السنية في الأجوبة النجدية " ( 16 / 142) .
ثم إنه يخشى على من عمل في هذه الأماكن أن يضعف إيمانه ، وأن تذهب الغيرة من قلبه ، وربما دعاه الشيطان إلى مقارفة المعصية ، وقد قال الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/21 .
رابعاً :
بناءً على ما سبق ، لا يجوز لمسلم أن يعمل في هذه الصالة ؛ لأنه بذلك يكون معينا على معصية الله وراضياً بها أو في حكم الراضي عنها ، وذلك يشمل كل من يعمل في تلك الصالة، فيشمل من يلعب مع الزبائن أو يعلمهم أو يقوم بحراستهم أو خدمتهم أو يستقبلهم وغير ذلك من الوظائف ، ولا يغتر المسلم بما يأخذه من مال فإنه مسئول يوم القيامة عن ماله من أين اكتسبه ( أخذه ) وفيما أنفقه .
وأغلى شئ عند المسلم دينه فيجب المحافظة عليه ولا يكون ممن باع دينه بمتاع حقير من الدينا سيزول عما قريب .
وهذا الحكم وهو تحريم العمل في تلك الصالات ، في حقك أنت أيتها السائلة أشدّ تحريماً ، هل تعرفين لماذا ؟
لأنك امرأة !!! وقدرتك على التحمل والمقاومة أقل من الرجل ، وطمع الفاسدين فيك أكثر . وكيف تأمن فتاة في عمرك على نفسها إذا وجدت بين هؤلاء المنحرفين في تلك الصالات بما يشوبها من خمر وسُكْر وشهوات ؟!
فنوجو منك أيتها السائلة أن تخضعي لداعي الشرع والعقل ، فلا تقربي تلك الأماكن ، حفاظاً عليك وعلى أغلى ما تملكين .(/3)
وتذكري قول الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2- 3 وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه الألباني ، ولا تنسي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها عاجلاً أم آجلاً .
نسأل الله تعالى أن يعينك على ترك هذه الوظيفة طيبة بذلك نفسك وأن يخلف لك خيرا منها وأن يفتح عليك من خزائن جوده ، وجزيل عطائه وأن يغنينا وإياك بحلاله عن حرامه وبفضله سبحانه عمن سواه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82361
حوار مع نصراني : عيسى عبد الله ورسوله:
لماذا يصعب على المسلمين أن يؤمنوا بأن عيسى هو ابن الرب الوحيد ، مع أنه في الإنجيل ابن الله ، ويقول عن الله : أبي ؟
الجواب:
الحمد لله
قد سبق لنا بيان أن الإنجيل الذي نؤمن به ، بل ولا يصح لأحد إسلامه حتى يؤمن به ، ليس هو الإنجيل الذي يوجد بين أيدي النصارى اليوم ، فالإنجيل الذي نؤمن به هو الذي جاء به عيسى عليه السلام من عند الله تعالى ، وأما الذي بين أيدي النصارى اليوم ، فشيء آخر ، لا يدعون هم أن عيسى هو الذي جاء به أو كتبه . [ راجع السؤال رقم 47516 ]
فإذا كان الأمر كذلك فإن ما يدعيه النصارى من أن الإنجيل يصرح بأن عيسى ابن الله ، وأن الله أباه ، تعالى الله أن يكون له ولد أو صاحبة ، ليس شيء منه حجة علينا ، لأننا نؤمن بأن ذلك من وضع البشر ، وليس من دين عيسى عليه السلام ، ولا من دين غيره من الرسل الكرام في شيء .
ومع أننا نؤمن أن الأناجيل الموجودة اليوم بين أيدي الناس ، والتي يؤمن بها النصارى ، قد دخلها التحريف والتبديل ، ولا يزال يدخلها بين الفينة والفينة ، بحيث لم يبق أي منها على الصورة التي نزل بها الإنجيل من عند الله ، فإننا نشير هنا إلى أن أشد هذه الأناجيل تصريحا بالتثليث ، وإقرارا لألوهية المسيح عليه السلام ، حتى صار مرجع النصارى في الاستدلال لهذه الفرية ، هو إنجيل يوحنا . وهذا الإنجيل قد اكتنف تأليفه من الشك عند جمع من محققي النصارى أنفسهم ، ما لم يكتنف بقية هذه الأناجيل التي يؤمنون بها ، وهو شك قديم ، يرجع إلى القرن الثاني الميلادي ، وفي تأريخهم هم أيضا .
يقول الأستاذ استادلين : ( إن كافة إنجيل يوحنا تصنيف طالب من طلبة مدرسة الإسكندرية ، ولقد كانت فرقة الوجين ، في القرن الثاني تنكر هذا الإنجيل وجميع ما أسند إلى يوحنا )(/1)
وجاء في دائرة المعارف البريطانية ما نصه : ( أما إنجيل يوحنا فإنه ، لا مرية ولا شك ، كتاب مزور ، أراد صاحبه مضاهاة اثنين من الحواريين بعضهما لبعض ، وهما القديسان يوحنا ومتى .
وقد ادعى هذا الكاتب الممرور في متن الكتاب أنه هو الحواري الذي يحبه المسيح ، فأخذت الكنيسة هذه الجملة على علاتها ، وجزمت بأن الكاتب هو يوحنا الحواري ، ووضعت اسمه على الكتاب نصا ، مع أن صاحبه غير يوحنا يقينا ، ولا يخرج هذا الكتاب عن كونه مثل بعض كتب التوارة التي لا رابطة بينها وبين من نسبت إليه ، وإنا لنرأف بالذين يبذلون منتهى جهدهم ليربطوا ، ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي ، الذي ألف هذا الكتاب في الجيل الثاني ، بالحواري يوحنا الصياد الجليل ، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى ، لخبطهم على غير هدى ) [ نقلا عن محاضرات في النصرانية ، للشيخ محمد أبو زهرة ] .
بل الأعجب من طعن من طعن منهم في نسبة هذا الإنجيل ، أنهم يقرون أن هذا الإنجيل قد كتب خصيصا لأجل إثبات هذه الفرية ، فرية ألوهية المسيح ، والتي أهملتها بقية الأناجيل ، إلى وقت كتابة هذا الإنجيل , على الأقل . يقول يوسف الخوري : ( إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها . والسبب أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح ، فطلبوا منه إثباته ، وذكر ما أهمله متى ومرقس ولوقا في أناجيلهم ) . [ المصدر السابق ص 64 ] .
على أنه ، وبغض النظر عن الطعن في نسبة هذه الأناجيل عامة ، وإنجيل يوحنا خاصة ، فإن العبارات التي استندوا إليها من هذه الأناجيل لا تسعفهم فيما يحاولون ، وإنما هي خيوط العنكبوت يتعلقون بها ، كما ذكر الله تعالى عنهم وعن أمثالهم : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت: 41) .(/2)
إن الكتاب المقدس الذي يُذْكر فيه أن المسيح ابن الله ، هو نفس الكتاب المقدس الذي ينتهي بآدم عليه السلام إلى هذا النسب ، نسب البنوة إلى الله :
{ وكان يسوع في نحو الثلاثين من العمر عندما بدأ رسالته ، وكان الناس يحسبونه ابن يوسف ، بن هالي .... بن شيث ، بن آدم ، ابن الله } [ لوقا : 3/23-38] .
وهو نفس الكتاب الذي ينسب هذا الوصف لإسرائيل :
{ ... تقول لفرعون : هكذا يقول الرب ؛ إسرائيل ابني البكر } [ سفر الخروج : 4/22] ونحوه في [ سفر هوشع : 11/1] .
وهكذا يقول عن سليمان ، عليه السلام :
{ .. وقال لي إن سليمان ابنك هو يبني بيتي ودياري ، لأني اخترته لي ابنا ، وأنا أكون له أبا } [ سفر الخروج : 28/6] .
فهل كان آدم و إسرائيل وسليمان بنين آخرين لله ، قبل المسيح عليه السلام ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ؟!!
بل في إنجيل يوحنا نفسه بيان للمراد بهذه البنوة ، بحيث تشمل كل الصالحين من عباد الله ، ولا يبقى لعيسى أولغيره من الأنبياء اختصاص بها :
{ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطان أن يصيروا أولاد الله ؛ أي المؤمنون باسمه } [ يوحنا : 1/3]
ونحو هذا في إنجيل متى :
{ طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله ، طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناءَ الله يُدْعَون }
[ متى : 5/8-9 ] .
فهذه البنوة المزعومة في لغة الكتاب المقدس ، هي بنوة مجازية تعني العبد الصالح ، دون أن تعطيه شيئا من الخصوصية في خلقه ، أو نسبته إلى الله عز وجل . ولهذا يقول يوحنا :
{ انظروا أية نصيحة أعطانا الأب حتى ندعى أبناء الله } . [ الرسالة الأولى : 3/1] .
ولهذا أيضا كتبت البنوة بين آدم وربه ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، كتبت بالألف ، بينما كتبت بين كل ابن وأبيه الحقيقي بلا ألف ، على قاعدتها ، إشارة إلى أن هذه البنوة المزعومة ، حتى عند من وضعها ، ليست على ما يظن الناس من معاني الأبوة واالبنوة .(/3)
ويبقى نظير وصف البنوة لعيسى عليه السلام ، ما افتروه على رب العالمين من أبوته للمسيح عليه السلام ؛ فإن هذه الأبوة ـ أيضا ـ ليست خاصة بالمسيح في لغة الإنجيل :
{... قال لها يسوع : لا تلمسيني ، لأني لم أصعد بعد إلى أبي ، ولكن اذهبي إلى إخوتي ، وقولي لهم : إني أصعد إلى أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم } [ يوحنا : 20/17-18] .
ففي نص واحد جمع لهم بين اشتراكهم معه في أبوة الله لهم ، واشتراكه معهم في إلوهية الله للجميع !!
فليقولوا إن شاؤوا : إن الجميع أبناء الله وأحباؤه ، كما حكى الله عن أسلافهم ، وحينئذ فلا خصوصية للمسيح حتى يعبدوه من دون الله تعالى ، أو فليتحكموا ويتعصبوا على غير هدى ، ولا كتاب منير ؛ فهذا لا يعجز عنه أحد ، وأحلاهما مر !!
فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض ، رب العالمين ، على ما من علينا من نعمة الإسلام .
اللهم اهدنا صراطك المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ، غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82366
حكم العمل في مجال معالجة الصور بالتجميل وتغيير الخلقة:
من المعروف أن التصوير الفوتوغرافي عليه الكثير من الشبهات ، أريد معرفة ما حكم معالجة الصور عن طريق برنامج الفوتوشوب ، يقوم هذا البرنامج بتجميل صورة الشخص وتغير بعضاً من ملامحه ، ووصلت الفتنة بأن تأتي بعض الفتيات ويقمن بطلب تغيير لون العيون أو حتى ترقيق الحاجبين ، وكذالك محو أي عيب في الوجه وتغير تسريحة الشعر ! .
أريد من حضرتكم توضيح حكم الشرع في هذه الأعمال ، وأود تفصيل كامل عن مصدر الإفتاء حتى أوضح للبعض من الناس كل البراهين والدلائل .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء المعاصرون في حكم التصوير الفوتوغرافي ، وسبق في جواب السؤال رقم (10668) ، (12786) أن الراجح تحريمه .
ثانياً : بعض العلماء الذين ذهبوا إلى إباحته وعدم تحريمه اشترطوا لذلك عدة شروط :
1- أن يكون الغرض من الصورة مباحاً ، كجواز السفر ، والرخصة وما أشبه ذلك .
2- ألا يتدخل المصِّور في الصورة بتعديل أو تجميل .
3- ألا تكون صورة محرمة كصورة امرأة متبرجة ونحو ذلك .
وواضح أن هذه الشروط لا تنطبق على ما هو موجود بالسؤال ، وبهذا يبّين أن هذا الفعل المسئول عنه حرام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/1)
" الصور الفوتوغرافية الذي نرى فيها ؛ أن هذه الآلة التي تخرج الصورة فوراً ، وليس للإنسان في الصورة أي عمل ، نرى أن هذا ليس من باب التصوير ، وإنما هو من باب نقل صورة صورها الله – عز وجل – بواسطة هذه الآلة ، فهي انطباع لا فعل للعبد فيه من حيث التصوير ، والأحاديث الواردة إنما هي في التصوير الذي يكون بفعل العبد ويضاهي به خلق الله ، ويتبين لك ذلك جيداً بما لو كتب لك شخص رسالة فصورتها في الآلة الفوتوغرافية ، فإن هذه الصورة التي تخرج ليست هي من فعل الذي أدار الآلة وحركها ، فإن هذا الذي حرك الآلة ربما يكون لا يعرف الكتابة أصلاً ، والناس يعرفون أن هذا كتابة الأول، والثاني ليس له أي فعل فيها ، ولكن إذا صور هذا التصوير الفوتوغرافي لغرض محرم ، فإنه يكون حراماً تحريم الوسائل " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 2 / السؤال رقم 318 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82386
إعطاء الهدية لمعلم القرآن:
هل يعد ما أقدمه إلى معلمة القرآن في المسجد من هدية يعد من الرشوة علما بأنه للتعيلم فقط لا من أجل الشهادة والعلامات لكن من باب الاحترام والتقدير فقط لا غير. وهي تقول : أخشى على نفسي من هذا الباب ولا تقبل من الدارسات شيئا . فما حكم الشرع في الموضوع ؟.
الجواب:
الحمد لله
الهدية لمعلم القرآن فيها تفصيل حاصله ما يلي :
أولا : إن كان المعلم يدرس جماعة من الطلاب ، ويمنحهم الشهادات والعلامات ( الدرجات ) ، فلا يجوز له قبول الهدية من أحدهم ، لما يفضي إليه ذلك غالبا من ميل القلب إليه ، وتفضيله على غيره ، وإفساد قلوب الآخرين عليه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الطالبات تهدي لمعلمتها هدية في المناسبات ، فمنهن من تدرّسها الآن ، ومنهن من لا تدرّسها ولكن من المحتمل أن تدرسها في الأعوام المقبلة ، ومنهن لا احتمال أن تدرسها كالتي تخرجت . فما الحكم في هذه الحالات ؟
فأجاب :
الحالة الثالثة لا بأس بها ، أما الحالات الأخرى فلا يجوز . حتى ولو كانت هدية لولادة أو غيرها ، لأن هذه الهدية تؤدي إلى استمالة قلب المعلمة .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله عن معلمة في مدارس تحفيظ القرآن التابعة للجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لا تأخذ مقابل تدريسها أجرة ، في نهاية العام الدراسي وبعد توزيعها الشهادات على الطالبات قد يقدمن لها هدية عبارة عن ذهب أو غيره ما حكم قبولها لهذه الهدية ؟ ورفضها للهدية يكسر نفس الطالبات ويحز في نفوسهن خاصة وأنها قد قدمت لهن الهدايا.
فأجاب : إن كانت الطالبة قد أنهت الدراسة وسوف تغادر هذه المدرسة فتنتفي الرشوة هنا ، أما إذا كانت العلاقة المدرسية ستبقى بينهما فيخشى أن هذه الهدية تسبب ميل المعلمة إلى هذه الطالبة والتغاضي عن أخطائها وعدم العدل بينها وبين غيرها .
ثانيا :(/1)
إذا لم يكن هناك عدد من الطلاب تجري بينهم المنافسة ، ويتطلب تحقيق العدل بينهم ، كأن يكون المعلم يدرّس طالبا بمفرده ، فقد اختلف أهل العلم في إهداء الطالب إليه حينئذ ، فمنهم من منعه استدلالا بحديث القوس ، وهو ما رواه أبو داود (3416) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : عَلَّمْتُ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ ، فَأَهْدَى إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا ، فَقُلْتُ : لَيْسَتْ بِمَالٍ ، وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لآتِيَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلأَسْأَلَنَّهُ ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ أَهْدَى إِلَيَّ قَوْسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَرْمِي عَنْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَالَ : إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا ). وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ومنهم من أجازها إذا كانت عن طيب نفس من الطالب ، واستدلوا بما يفيد جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن ، كقوله صلى الله عليه وسلم في قصة اللديغ : ( إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ ) رواه البخاري (5737) ، وإذا جازت الأجرة فالهدية من باب أولى .
وحملوا حديث عبادة المتقدم ( حديث القوس ) على أنه كان في وقت حاجة الناس إلى من يعلمهم القرآن ، حتى لا تتم المتاجرة بتعليم القرآن ، فيُحْرم منه فقراء المسلمين ، وقد يؤيد ذلك أن الحديث وارد في تعليم أناس من أهل الصفة ، وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس ، فهم يستحقّون أن يعطوا المال لا أن يؤخذ منهم .
قال ابن مفلح رحمه الله في "الآداب الشرعية" (1/298) : " قال أصحابنا في المعلم : إن أُعطي شيئا بلا شرط جاز , وإنه ظاهر كلام أحمد , وكرهه بعض العلماء لحديث القوسين".(/2)
وفي "حاشية قليوبي وعميرة" (4/304) : " الإهداء للمفتي والمعلمِ ولو لقرآنٍ والواعظِ يندب قبوله إن كان لمحض وجه الله تعالى , وإلا فالأولى عدمه ، بل يحرم إن لم يعلم أنه عن طيب نفس " انتهى .
وانظري في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن جواب السؤال رقم (20100)
وبناء على ما سبق ، فإن هذه المعلمة قد أخذت بالأفضل ، وأحسنت في عدم قبول الهدية من الطالبات ، فجزاها الله خيرا ، وحقَّ لها أن تخشى على نفسها من قبول الهدية ، فإن النفس مجبولة على التعلق بمن أحسن إليها ، وهذا قد يدعو إلى الإيثار والتفضيل ، شعر الإنسان أو لم يشعر .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون على حفظ كتابه والعمل بما فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82392
سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم:
ما حكم الإسلام في سفر المرأة لطلب العلم بغير محرم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
دلت الأدلة الصحيحة الصريحة على أن المرأة ليس لها أن تسافر إلا مع محرم ، وهذا من كمال الشريعة وعظمتها ، ومحافظتها على الأعراض ، وتكريمها للمرأة ، واهتمامها بها ، والحرص على صيانتها وحفظها ووقايتها من أسباب الفتنة والانحراف ، سواء كانت الفتنة لها أو بها .
ومن هذه الأدلة : ما رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
وبناء على ذلك فلا يجوز للمرأة أن تسافر لطلب العلم بغير محرم ، وعليها أن تحصّل العلم الواجب عليها بالطرق الكثيرة المتاحة ، كالاستماع للأشرطة ، وسؤال أهل العلم عن طريق الهاتف ، ونحو ذلك مما يسره الله تعالى في هذه الأزمنة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل خروج المرأة لتعلم الطب إذا كان واجبا أو جائزا ، إذا كانت سترتكب في سبيله هذه الأشياء مهما حاولت تلافيها :
أ - الاختلاط مع الرجال : في الكلام مع المريض - معلم الطب - في المواصلات العامة.
ب - السفر من بلد مثل السودان إلى مصر ، ولو كانت تسافر بطائرة ، أي لمدة ساعات وليست لمدة ثلاثة أيام.
ج- هل يجوز لها الإقامة بمفردها بدون محرم من أجل تعلم الطب ، وإذا كانت إقامة في وسط جماعة من النساء مع الظروف السابقة.
فأجابت :(/1)
أولا : " إذا كان خروجها لتعلم الطب ينشأ عنه اختلاطها بالرجال في التعليم أو في ركوب المواصلات اختلاطا تحدث منه فتنة فلا يجوز لها ذلك ؛ لأن حفظها لعرضها فرض عين ، وتعلمها الطب فرض كفاية ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية . وأما مجرد الكلام مع المريض أو معلم الطب فليس بمحرم ، وإنما المحرم أن تخضع بالقول لمن تخاطبه وتلين له الكلام ، فيطمع فيها من في قلبه مرض الفسوق والنفاق ، وليس هذا خاصا بتعلم الطب .
ثانيا : إذا كان معها محرم في سفرها لتعلم الطب ، أو لتعليمه ، أو لعلاج مريض جاز. وإذا لم يكن معها في سفرها لذلك زوج أو محرم كان حراما ، ولو كان السفر بالطائرة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، ولما تقدم من إيثار مصلحة المحافظة على الأعراض على مصلحة تعلم الطب أو تعليمه ... إلخ .
ثالثا : إذا كانت إقامتها بدون محرم مع جماعة مأمونة من النساء من أجل تعلم الطب أو تعليمه ، أو مباشرة علاج النساء جاز ، وإن خشيت الفتنة من عدم وجود زوج أو محرم معها في غربتها لم يجز. وإن كانت تباشر علاج رجال لم يجز إلا لضرورة مع عدم الخلوة " انتهى من "فتاوى الجنة الدائمة" (12/178) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82394
حاضت أثناء صومها شهرين متتابعين فهل ينقطع التتابع ؟:
أريد أن أعرف كيف يمكن لامرأة أفطرت متعمدة أن تصوم شهرين متتابعين دون أي انقطاع ؟ فما قولكم وهي تحيض كل شهر 7 أيام هل ستفطر هذه الأيام ثم تكمل بعدها مباشرة أم ماذا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
صيام رمضان فريضة عظيمة فرضها الله على عباده المؤمنين بقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 ، فيجب على كل مسلم بالغ عاقل أن يصومه ، إلا من له عذر شرعي ، كالمريض والمسافر ، فإنه يرخص لهما في الفطر ، ويقضيان ، وإلا الحائض والنفساء فإنه يجب عليهما الفطر ، ويقضيان أيضا .
ومن أفطر في رمضان بغير عذر فقد أتى كبيرة من الكبائر ، ولزمته التوبة إلى الله تعالى ، وهل يلزمه قضاء اليوم الذي أفطر فيه ؟
في ذلك تفصيل : فإن نوى الصوم ثم أفطر خلال اليوم من غير عذر ، فإنه يلزمه القضاء . وإن لم ينو الصوم من الأصل ، فالراجح أنه لا يلزمه القضاء .(/1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر ، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة " أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أُخِّرَت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها " ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ؛ ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي : فعلها قبل دخول الوقت - لم تُقبل منه ، فكذلك إذا فعلها بعده لم تُقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" ( 19 / السؤال رقم 45).
ثانيا :
من أفطر في رمضان بغير عذر ، إن كان فطره بالجماع فإنه يلزمه مع القضاء الكفارة ، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة إذا كانت مطاوعة في الجماع ، وأما المكرهة فلا تلزمها الكفارة .
وإن كان الفطر بغير الجماع ، بل بالأكل والشرب ونحوه ، فقد اختلف الفقهاء في لزوم الكفارة حينئذ ، والراجح أنها لا تلزمه .
لأنه لم يدل دليل على إيجاب الكفارة على من أفطر بها ، ولا يصح قياسها على الجماع .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولأنه لا نص في إيجاب الكفارة بهذا ولا إجماع , ولا يصح قياسه على الجماع " انتهى من "المغني" (3/22).(/2)
ثالثا :
إذا وجب على المرأة صيام شهرين متتابعين ، فشرعت في الصوم ثم جاءها الحيض ، فإنه لا ينقطع تتابع صومها ، فتفطر ، ثم تقضي أيام الحيض ، ثم تكمل الشهرين ؛ لأن الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم ، ولا عمل لها فيه ، وهذا مجمع عليه بين أهل العلم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعاً ، إذا حاضت قبل إتمامه , تقضي إذا طهرت , وتبني ( يعني : تكمل على ما مضى ) ، وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس , وفيه تغرير بالصوم ". انتهى من "المغني" (8/21).
وعليه فلو كان صومها للكفارة في شهري المحرم وصفر مثلا ، وكان حيضها سبعة أيام في كل منهما ، فإنها تفطر أيام الحيض ، وتصوم بعدها مباشرة ، وتواصل صيام أربعة عشر يوما من شهر جمادى الأولى ، عوضا عن أيام الحيض .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82402
حكم العمل في مجال السياحة ؟:
هل العمل بالسياحة حلال أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
السياحة الآن تعني التبرج والاختلاط والخمور والحفلات الماجنة ولعب القمار والشواطئ التي تُكشف فيها العورات ، وفي بعض البلدان يضاف إلى ما سبق زيارة مساكن الكفار الذين نهينا عن الذهاب إليها وزيارتها إلا أن نكون باكين ، وهذا كله مخالف للشرع داخل في التعاون على الإثم والعدوان ، ومسبب للكسب الحرام .
قال الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ إِلا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ ) رواه البخاري ( 423 ) ، (3380) ومسلم ( 2980 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" أن يصيبكم " أي : خشية أن يصيبكم , ووجه هذه الخشية : أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار , فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه , وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك ، والتفكر أيضا في مقابلة أولئك نعمة الله بالكفر وإهمالهم إعمال عقولهم فيما يوجب الإيمان به والطاعة له , فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتبارا بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال , ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه , فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم .
" فتح الباري " ( 1 / 531 ) .(/1)
ولو فرض أن السياحة في بلدك أو مؤسستك لا تدل السياح على أماكن الحرام ولا تعينهم عليه : فإنه يجوز لك العمل معهم .
فالذي يجب عليك فعله إن كنت تعمل في مؤسسات سياحية تقوم على نشر المنكرات والدلالة عليها : أن تبادر إلى الخروج من العمل بعد نصح القائمين عليه بتقوى الله واجتناب الحرام ، وإن كنتَ لم تعمل بعدُ فلا تعمل معهم ، واعلم أن ما عند الله خير وأبقى ، ولا تُنبت جسدك وجسد أبنائك بالحرام ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ . وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2- 3 ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ تَرَكَ شَيْئاً لله عوَّضَه الله خَيْراً مِنْه ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82444
يعيش في دولة أجنبية ولا يتيسر ذبح شرعي فهل له رخصة في الذبح غير الشرعي ؟:
أنا في دولة أجنبية لغرض الدراسة لمدة سنة ونصف ، ولا يوجد لديهم ذبح حلال ، فهل يصح لي الأكل أم لا ؟ مع ملاحظة أن الذبح ممنوع.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا كانت الدراسة متوفرة في بلاد المسلمين فلا يجوز لك السفر إلى بلاد الكفر من أجلها ، ويحرم عليك الإقامة بين الكفار إلا لضرورة علاج أو تجارة أو دعوة أو دراسة لا تتوفر في بلاد المسلمين ولا يُستغنى عنها ، مع ضرورة الانتباه إلى أن تكون ظروف الدراسة شرعية من حيث عدم الاختلاط ، ولعل هذا أن يكون نادراً بل معدوماً في تلك البلاد التي تدعو إلى نزع الحياء عن المرأة وتساهم في تدمير الأخلاق ونشر الأمراض الفتاكة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 13342 ) و ( 27211 ) .
ثانياً :
لا يجوز لك إن ذهبت إلى هناك أن تأكل من ذبيحة لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية ، ولستَ معذوراً في كونك لا تجد ذبحاً شرعيّاً ؛ لأنه يمكنك الأكل من المأكولات البحرية ، كما يمكنك تناول غير اللحوم من المعلبات والبقوليات ، ويمكنك البحث بجدية عن مراكز إسلامية توفر للمسلمين اللحوم الحلال .
وانظر جواب السؤال رقم (10339) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82460
أحبت شابا في الشات ويرغب بالزواج منها وترغب بالمشورة:
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً ، أحببت شاباً على الشات ، والآن طلب مني أن يأتي ليخطبني من أهلي ، فهل حرام أني كلمته من الأول ؟ وماذا أفعل ؟ أوافق على طلبه أم لا ؟ مع العلم أنه شاب محترم جدّا جدّا جدّا ، وأنا متأكدة من هذا .
الجواب:
الحمد لله
نعم ، لقد وقعتِ أنت والشاب فيما حرَّم الله ، ولم يكن يباح لكِ التعرف عليه ، ولا محادثته ، ولا مراسلته ، وقد بيَّنا حكم هذا الفعل في فتاوى متعددة ، فانظري أجوبة الأسئلة :
(78375) و (34841) و (23349) .
ومن جهة أخرى لا ننصحكِ بالتزوج منه ، فالزواج الذي مبدؤه الإنترنت ثبت فشله ؛ وذلك لسببين رئيسين :
الأول : أنه ابتدأ بمعصية الله تعالى ؛ وذلك من خلال المراسلة والمحادثة وتبادل الصور ، وما مكان مبدؤه المعصية فلن يكون مؤسَّساًِ على طاعة الله ولن يبارك فيه .
والثاني : أنه مسبِّب لفقدان ثقة كل طرف بالآخر ، فكيف للزوج أن يثق بزوجته التي تعرَّف عليها بالإنترنت وكان أجنبيّاً فحادثتْه وراسلتْه ، كيف له أن يضمن عدم وقوعها في الأمر نفسه مع غيره ؟! وهي كذلك كيف لها أن تثق به وقد تعرَّف عليها من خلال الإنترنت وفعل ما لا يحل له ، فكيف ستضمن أنه لن يعيد الكرة مع غيرها ؟! .
قال الشيخ عبد الله المنيع حفظه الله :(/1)
" هذه العلاقة علاقة آثمة ، ولو كانت عن طريق المراسلة ، والزواج شيء يقدِّره الله تعالى ويهيِّئه ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) الطلاق/3،4 ، فيجب على هذه الأخت أن تتقي الله تعالى في عفافها وحشمتها وكرامتها ، وأن تطلب الخير من مصادره الشرعية ، وأن تدرك أن الرجل الذي سمح لنفسه بمراسلة فتاة أجنبية منه يبث لها الوجد والحب : سيسمح لنفسه مرة أخرى وثالثة ورابعة بمراسلة فتيات أخريات يلعب عليهن ، وفضلاً عن ذلك سيحتقر هذه الفتاة التي تجاوزت الحدَّ في كرامتها وحشمتها ، وعرَّضت عفافها للخطر ، ولن يسمح لنفسه أن تكون أمّاً لأولاده ، إلا أن تكون رجولته ناقصة ، والله المستعان " انتهى
" مجموع فتاوى وبحوث " ( 4 / 286 ، 287 ) .
والحياة الزوجية إن كانت خالية من الثقة بين الطرفين فهي محكوم عليها بالفشل ، ولا يزال الشيطان يعيد تلك الذكريات الحميمة المحرمة في مخيلة كل واحد منهما ، ولا يزال الشيطان يدفعهما لإعادة الكرة ، وما المانع وقد فَعلاها من قبل ؟!
لذا : فالواجب عليكِ الآن قطع هذه العلاقة بالكلية ، والتوبة إلى الله من هذا الفعل المحرم ، وعدم العودة إلى إقامة علاقات مع رجال أجانب عنك .
والواجب عليكِ أيضاً ترك التفكير بخطبة هذا الشاب والزواج منه ، ومثل هذه العلاقات محكوم عليها بالفشل لما بيناه سابقاً ، وهو غير مرضي الدين والخلق فكيف لكِ ولأهلك الموافقة عليه زوجاً وهو لا يتصف بهما حتى يكون زوجاً صالحاً يقيم بيته على طاعة الله تعالى ، ويربي أبناءه وبناته على الحشمة والحياء والعفاف ؟!
هذا الذي نراه ، ومن التجارب الكثيرة التي وقفنا عليها فإننا قد قدمنا لك خير ما نعلم ، ونصحناكِ بما هو خير لدينك ودنياك .(/2)
فعليك بالتوبة الصادقة ، وقطع العلاقات المحرمة ، وداومي على الأعمال الصالحة ، وأشغلي وقتك بالنافع والمفيد ، ونسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً وذرية طيبة .
وانظري جواب السؤال رقم ( 21933 ) .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82497
حكم دفع الإكرامية والبقشيش للسباك والنجار وموظف الهاتف:
ما حكم إعطاء إكرامية لسباك أو نجار أو موظف في مصلحة التليفونات بعد قضاء مهمته سواء طلب هو أو أعطيته من نفسي دون أن يطلب مع العلم بأنه يأخذ مرتبا شهريا من المصلحة التي يعمل بها والتي ترسله لي ؟ .
الجواب:
الحمد لله
هذه المسألة من المسائل المهمة التي عمت بها البلوى في هذه الأزمنة ، حتى أصبح كثير من العمال لا يتورع عن سؤال ما يسمونه بالإكرامية ، ومنهم من يراها حقا واجبا له ، ومنهم من ينازع في قدرها إذا أعطيت له ، مع ما يصحب ذلك من التهاون في أداء العمل عند الشعور بفقدان الإكرامية أو ضعفها ، والنشاط في العمل عند من يبذل أكثر .
ومن تأمل ذلك وجد أن هناك مفاسد عدة تترتب على دفع هذه الإكراميات ، ويمكن تلخيصها فيما يلي :(/1)
1- أن العامل إذا كان يتقاضى أجرا من الجهة التي أرسلته ، فلا وجه لإعطاء الهدية له ، بل ظاهر السنة تحريمه ، فقد روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي أَسْدٍ يُقَالُ لَهُ ابن اللُّتْبِيَّة عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ : هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت الشاة .
فالفارق بين الهدية المحرمة ، والهدية الجائزة : أن ما كان لأجل عمل الإنسان ووظيفته ، فهو محرم ، وضابطه أن ينظر الإنسان في حاله ، لو لم يكن في هذا العمل ، هل كان سيُهدى إليه ؟ وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ).
2- أن هذه الإكرامية تدعو العامل إلى محاباة الدافع ، حتى قد يعطيه ما ليس من حقه ، مما يعود بالضرر على صاحب العمل .
3- أنها تفسد قلب العامل على الآخرين الذين لا يدفعون له شيئاً ، فلا يحسن العمل لهم ، ويقصر في إكماله .(/2)
4- أنها تجرئ العامل على السؤال والطلب ، وتعوده على انتظار الإكرامية واستشراف نفسه لها ، فهي عادة سيئة ، ينبغي القضاء عليها ومحاربتها ، لأن الإسلام يدعو إلى عزة النفس وسموها وارتفاعها عن التطلع إلى ما في يد الآخرين ، بل يحرّم المسألة إلا عند الضرورة ، ولا يرضى أن تتحول هذه الشريحة الكبيرة من الأمة إلى متسولين ، ولو كان تسولا مغلفا باسم الإكرامية أو العمولة .
وهذه المفاسد تعارضها مصلحة الإحسان إلى العامل والتصدق عليه إذا كان فقيراً ، أو إجابة سؤاله كراهة رد السائل .
والقاعدة المقررة عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وعليه فلا يجوز دفع ما يسمى بالإكرامية ، إلا في صورة ضيقة تخلو من هذه المفاسد ، كأن يكون العامل قد فرغ من عمله ، ولا يُتوقع أن يقوم بعمل آخر للدافع ، فتنتفي شبهة الرشوة والمحاباة ، فيجوز إعطاء شيء له من باب الإكرام أو المساعدة ، على ما أفتى به بعض أهل العلم كما سيأتي ، والأولى عدم ذلك ؛ لأن مفسدة تعويده على الطلب والتطلع موجودة ، وكذلك مفسدة إفساد قلبه على من لا يدفع .
ومن كلام أهل العلم في هذه المسألة :(/3)
1- ما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (23/548) : ما حكم الشرع فيمن أُعطي له مال وهو في عمله بدون طلب منه أو احتيال لأخذ ذلك المال ، مثال ذلك : العمدة أو شيخ الحارة ( الحي ) يأتيه الناس ليعطيهم شهادات ؛ لأنهم من سكان حارته ، ويعطونه فلوسا على ذلك ... فهل يجوز أخذ هذا ، وهل يعتبر هذا المال حلالا ؟ وهل يُستدل على جواز ذلك بحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر ، عن عمر رضي الله عنهم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : ( خذه ، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مُشْرفٍ ولا سائل فخذه فتموله ، فإن شئت تصدق به ، وما لا فلا تتبعه نفسك ) قال سالم : فكان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه متفق عليه .
الجواب : إذا كان الواقع ما ذكر فما يدفع لهذا العمدة حرام ؛ لأنه رشوة . ولا صلة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما بهذا الموضوع ؛ لأنه في حق من أُعطي شيئا من بيت مال المسلمين من والي المسلمين دون سؤال أو استشراف نفس " انتهى .
2- وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : لدينا قصر أفراح ، وفيه طباخون ، وبعض الطباخين يطلب إكرامية بالإضافة إلى راتبه ؛ فهل يجوز إعطاء العامل مبلغًا من المال إكرامية؛ حيث إنه تعود أخذه من الناس ؟
فأجاب : " إذا كان هناك عامل من العمال له راتب وله أجر مقطوع من صاحب العمل ؛ فلا يجوز لأحد أن يعطيه ؛ لأن هذا يفسده على الآخرين ؛ لأن بعض الناس فقراء لا يستطيعون إعطاءهم ؛ فهذا العمل سنة سيئة " انتهى من "المنتقى في فتاوى الشيخ الفوزان" ج 3 سؤال رقم (233).
3- وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : ما حكم إعطاء عامل المطعم زيادة علماً أن بعض الفواتير بها بقشيش ؟(/4)
فأجاب : " لا يجوز إعطاء العامل هذه الزيادة لأنها تعتبر رشوة منك للعامل حتى يعطيك من الخدمة أو الطعام أكثر مما يعطي غيرك ممن لا يدفع له هذه الزيادة ، وليس للعامل أن يخص أحداً بمزيد خدمة ، وعليه أن يعامل الناس معاملة واحدة . لكن .. إذا انتفت من هذه الزيادة شبهة الرشوة أو المحاباة فإنه لا حرج فيها حينئذ .
كما لو قصدت بها الإحسان إلى هذا العامل الضعيف المحتاج وأنت لن تتردد على هذا المطعم ". انتهى من السؤال رقم ( 21605)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 82500
والداها يرفضان الفرح الإسلامي فماذا تفعل ؟:
ما حكم الفرح الإسلامي إذا لم يوافق الوالدان فهل لي الحق أن أعارضهم أم أرضى بما يقولون وأتنازل عنه ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
المقصود بالفرح الإسلامي : الحفل المنضبط بأحكام الشرع ، بحيث يخلو من منكرات الاختلاط وتبرج النساء أمام الرجال ، واستعمال الموسيقى والغناء الماجن ، ونحو ذلك مما حرم الله تعالى ، وهذه المحرمات –للأسف- منتشرة في أفراح كثير من المسلمين اليوم إلا من رحم الله تعالى . فالمشروع في العرس إدخال الفرح والسرور على العروسين وعلى أهلهما والمهنئين لهما ، بما لا يغضب الله عز وجل ، كاستعمال الدف بين النساء ، وغناء بعضهن لبعض بالكلام النافع الخالي من الإثم ، فقد روى البخاري (5163) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا عَائِشَةُ ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ ؟ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ ).
وروى ابن ماجه (1900) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَهْدَيْتُمْ الْفَتَاةَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ: أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي ؟ قَالَتْ : لَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ ، فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ : أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ ). والحديث حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1995) .(/1)
وروى النسائي (3369) وابن ماجه (1896) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
فحفلات الزواج في الإسلام : حفلات تجمع بين إدخال الفرح والسرور على الحاضرين ، والتزام العفة والصيانة والبعد عن المحرمات.
فالنساء يحتفلن بالزواج بمعزل عن الرجال ، يفعلن كل ما من شأنه أن يدخل السرور على الزوجة ومَنْ حولها ، من لهو ومرح وغناء مصحوب بالدف ، وأكل وشرب وغير ذلك مما يختلف باختلاف العادات والأعراف ، إذا كان داخلا في دائرة المباح.
وكذلك الرجال ، يجتمعون في مكان خاص بهم ، يتبادلون التهنئة ، ويدعون للزوجين بالبركة ، ويسن أن يصنع الزوج وليمة يأكل منها الحاضرون ، من غير إسراف ولا تبذير.
فالغرض من حفلة الزواج إعلانه وإظهاره ، وتمييزه عن السفاح المحرم ، وإدخال السرور على الزوجين وأهاليهما وأصدقائهما ، مع تحقيق العبودية لله تعالى في ذلك كله .
ثانيا :(/2)
إذا رفض الوالدان التقيد بأحكام الشرع في حفلة الزواج ، وأصرا على إدخال شيء من المنكرات فيها ، كالسماح بالاختلاط أو التبرج ، أو جلب مغنية أو راقصة تفعل ذلك أمام الرجال ، فعليك أن تنصحي لهما ، وأن تبيني حكم الشرع في هذه المنكرات ، وأن تذكريهما بأن الزواج نعمة من الله تعالى ، ينبغي أن تشكر ، وشكرها بالطاعة لا بالمعصية ، وأن الزواج الذي يبدأ بالمعصية حري ألا يوفق أهله ، فإن استجابا فالحمد لله ، وإن أصرا على موقفهما ، فاعتزلي موضع المنكر ، وأعلني كراهتك له ، وبراءتك منه ، قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : " دل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية" انتهى باختصار.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49).
ولمزيد الفائدة راجعي جواب الأسئلة : (11446) و (7577).
وليس لك أن ترضي بالمنكر ، ولا أن تتنازلي عن موقفك من التمسك والالتزام بأحكام الشرع في العرس وغيره ، لتكوني من الفائزين السعداء في الدنيا والآخرة .(/3)
نسأل الله لك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82507
تغسل من الحيض ثم ترى الكدرة:
أنا فتاة لدي إفرازات مستمرة وهي ذات لون أصفر. وأنا من الفتيات اللاتي لا يوجد عندهن علامة طهر ولا أعرف كيف تكون علامة طهري في هذه الحالة . فدورتي تكون 7 أيام أي ( الدم الصريح يكون 7 أيام ) وما بعده ينزل من كدرة وصفرة فسؤالي هنا عندما تختفي الكدرة وتبقي الصفرة هل هذه الصفرة تابعة للدورة أم هي تابعة للإفرازات الصفراء المستمرة فأحيانا الكدرة تختفي يوما وتبقي الإفرازات الصفراء فأغتسل وأصلي وبعدها تنزل الكدرة من جديد ولو مرة في اليوم فأبقى في حيرة كبيرة من أمري هل أعيد الغسل أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الإفرازات المستمرة التي تخرج من المرأة ، طاهرة على الراجح من قولي العلماء ، لكنها تنقض الوضوء ، وتعامل صاحبتها معاملة من به سلس بول ، فتتوضأ لكل صلاة ، وتصلي ما شاءت من الفرض والنفل . وتفصيل ذلك تجدينه في جواب السؤال رقم (50404)
ثانيا :
تعرف المرأة الطهر بإحدى علامتين :
الأولى : نزول القصة البيضاء .
والثانية : حصول الجفاف التام ، بحيث لو احتشت بقطنة خرجت نظيفة ، ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة .
وقال الباجي في "المنتقى" : " وَالْمُعْتَادُ فِي الطُّهْرِ أَمْرَانِ : الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ ، وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ .
وَالْأَمْرُ الثَّانِي : الْجُفُوفُ ، وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ الْقُطْنَ أَوْ الْخِرْقَةَ فِي قُبُلِهَا فَيَخْرُجَ ذَلِكَ جَافًّا لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ ، وَعَادَةُ النِّسَاءِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ ، فَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ ، وَمِنْهُنَّ مَنْ عَادَتُهَا أَنْ تَرَى الْجَفَافَ " انتهى باختصار .
ثالثا :
الصفرة أو الكدرة إذا اتصلت بالحيض فهي من الحيض ، وإذا جاءت بعد تحقق الطهر ، فلا يلتفت لها .(/1)
قال البخاري رحمه الله في صحيحه : " بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ ".
والدُّرْجة : هو الوعاء التي تضع المرأة طيبها ومتاعها ، والكرسف : القطن ، والصفرة : الماء الأصفر .
ودم الحيض غالبا ما يتغير لونه في آخر مدة الحيض ، فيخف لونه ، وقد تتبعه صفرة أو كدرة . وأثر عائشة رضي الله عنها يشير إلى هذا ، ويدل على أن الصفرة المتصلة بالحيض تعد حيضا .
والأصل أن تعتبري هذه الصفرة من الحيض ، لا من الإفرازات ، ما دمت لم تتحققي من علامة الطهر ، لا سيما وأنت ترين الكدرة بعد اغتسالك ، فهذا مما يرجح أنها من الحيض .
وأما إذا تحقق الطهر بنزول القصة البيضاء أو بالنقاء التام ، فإنه لا يلتفت إلى الصفرة والكدرة حينئذ ، وهذا ما دل عليه قول أم عطية رضي الله عنها: ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا ) رواه البخاري (320) وأبو داود (307) واللفظ له .
وانظري السؤال رقم (5595) ورقم (50059)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82515
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط !!:
أنا آنسة أسكن وحدي ، أعمل في نزل في الاستقبال ، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
ثانيا :
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب ، خوفا من أن تطردي من عملك ، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا ، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم ، وهو شعار المؤمنة ، ورمز حيائها وعفتها ، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد ، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته ، قال تعالى : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى ، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب ، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
فالبسي حجابك ، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال ، ويعوضك الله خيرا ، فإن الأمر كله بيده ، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس .(/1)
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم ، مهما كانت الأسباب ، ولو كان ذلك على الورق كما قلت ، فإن النكاح جده جد ، وهزله جد ، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض ، بل هناك نكاح لازم ، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح ، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه .
قال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221.
وقال : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) ).
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق : طاعة الله تعالى ، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله ، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب ، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له ، نسأل الله العافية .
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .(/2)
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم ، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة ، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك ، ونحن لا نعلم أين يكون الخير ، ففوضي أمرك إلى الله تعالى ، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ، فإن الموعد غدا ، يوم يفوز الفائزون ، ويخسر الخاسرون ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة ، متعها الله بالذرية والمال ، تساق غدا إلى النار !
وكم من امرأة لم تنل مالا ، ولم تسعد بزوج ، هي في أعلا جنان الخلد !
فالله الله في الإيمان ، والطاعة ، والعفة ، فإن الدنيا عرض زائل ، ومتعة فانية ، ولذة منقضية ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82517
تنظيف حفاظات الطفل لا ينقض الوضوء:
هل يبطل الوضوء إذا قمت بتنظيف بول الطفل وحفاظاته ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يبطل الوضوء بتنظيف بول الطفل وحفاظته ، وذلك لأن مس النجاسة لا ينقض الوضوء ، لكن يجب غسل النجاسة عند إرادة الصلاة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" :
" لا ينتقض الوضوء بغسل النجاسة على بدن المتوضئ أو غيره " انتهى .
"مجلة البحوث الإسلامية" (22/62) .
وفي "فتاوى الشيخ ابن باز" (10/139) :
" ملامسة الأدوات الصحية وبلاط الحمام حافية كل ذلك لا ينقض الوضوء ، لكن إذا كان في البلاط نجاسة ووطئتها المرأة أو الرجل فهذا لا ينقض الوضوء ، لكن على كل منهما أن يغسل رجله إذا وطئها وهي رطبة ، أو في رجله رطوبة .
وملامسة ملابس الطفل المبتلة بالبول لا تنقض الوضوء ، ولكن على من لمسها وهي رطبة أن يغسل يده ، وهكذا لو كانت يابسة ويده رطبة فإنه يغسل يده " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز أيضاً (10/141) :
" أما مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فلا ينقض الوضوء ، ولكن يغسل ما أصابه" انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المرأة إذا وضأت طفلها وهي طاهرة هل يجب عليها أن تتوضأ ؟
فأجاب :
" إذا وضأت المرأة طفلها أو طفلتها ومست الفرج فإنه لا يجب عليها الوضوء ، وإنما تغسل يديها فقط، لأن مس الفرج لغير شهوة لا يجب الوضوء، ومعلوم أن المرأة التي تغسل أولادها لا يخطر ببالها الشهوة ، فهي إذا وضأت الطفل أو الطفلة فإنما تغسل يديها فقط من النجاسة التي أصابتها ولا يجب عليها أن تتوضأ " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/203) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82536
الصلاة في الطائرة مع العجز عن القيام واستقبال القبلة:
أنا من الإمارات ذهبت للعمرة في رمضان بالطائرة وفي أثناء رجوعي إلى بلدي كان وقت الرحلة قبيل الفجر وفي وقت محدد أعلن طاقم الطائرة أنه يجب علينا الإمساك فقد دخل الفجر، فاحترت أين سأصلي فستشرق الشمس قبل الهبوط فليس هناك مكان للصلاة عدا الممرات وهذا قد يكون محرجا لي كامرأة وأيضا كنت بحاجة لدورة المياه (قد أمسكت الريح) ولكن نظراً للزحمة لم أتمكن من دخوله، وفجأة لمحت في الأفق الشفق البرتقالي فسارعت بالتكبير وأنا جالسة على مقعدي وأغلب ظني أن القبلة كانت خلفي لأننا نتجه شرقا والقبلة خلفنا غربا وكنت على وضوء؟ فهل صلاتي صحيحة أم لا وماذا علي؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
القيام واستقبال القبلة في الفريضة ركنان من أركانها ، لا تصح بدونهما إلا من عذر ، ومن الأعذار التي ذكرها أهل العلم في هذا الباب من صلى في الطائرة وعجز عن القيام أو استقبال القبلة ، إذا خشي خروج الوقت ، وكانت الصلاة مما لا تجمع إلى ما قبلها أو ما بعدها .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل مسافر بالطائرة ولا يعرف اتجاه القبلة علماً بأن الجميع لم يعرفوا الاتجاه فصلى ولم يعلم أهو في اتجاه القبلة في صلاته أم لا ؟ فهل الصلاة في مثل هذه الحالة صحيحة ؟.(/1)
فأجاب : " الراكب في الطائرة إن كان يريد أن يصلي صلاة نفل فإنه يُصلي حيث كان وجهه ولا يلزمه أن يستقبل القبلة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على راحلته حيثما اتجهت به إذا كان في سفر ، وأما الفريضة فلا بد من استقبال القبلة ولا بد من الركوع والسجود إذا أمكن وعلى هذا فإن من تمكن من هذا في الطائرة فليصل في الطائرة وإن كانت الصلاة التي حضرت وهو في الطائرة مما يُجمع إلى ما بعده كما لو حضرت صلاة الظهر فإنه يؤخرها حتى يجمعها مع العصر أو حضرت صلاة المغرب وهو في الطائرة يؤخرها حتى يجمعها مع العشاء . ويجب عليه أن يسأل المضيفين عن اتجاه القبلة إذا كان في طائرة ليس فيها علامة القبلة فإن لم يفعل فصلاته غير صحيحة " انتهى نقلا عن "مجلة الدعوة" العدد 1757 ص 45.
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا كنت مسافراً في طائرة وحان وقت الصلاة أيجوز نصلي في الطائرة أم لا ؟
فأجابت : "إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوات وقت الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات ، فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر الاستطاعة ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة ، لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) رواه مسلم (1337).
أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها ، أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر ، وصلاة المغرب مع العشاء ، أو علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما ، فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز أدائها في الطائرة ، لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة ، كما تقدم ، وهو الصواب " انتهى . "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/120) .
وسئلت أيضا (8/126) : هل تجوز الصلاة بالطائرة جالساً، مع القدرة على الوقوف، خجلاً؟(/2)
فأجابت : "لا يجوز أن يصلي قاعداً في الطائرة ولا غيرها إذا كان يقدر على القيام؛ لعموم قوله تعالى: ( وقوموا لله قانتين ) ، وحديث عمران بن حصين المخرج في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب ). زاد النسائي بإسناد صحيح : ( فإن لم تستطع فمستلقياً ) " انتهى .
ثانياً :
الطهارة شرط لصحة الصلاة ، وقد صليتِ على وضوء ، فصلاتك صحيحة إن شاء الله ، غير أنه تكره الصلاة وهو ممسك للبول أو الغائط أو الريح ، إذا كان ذلك شديدا ، لأنه سيؤثر على خشوعه وحضور قلبه في الصلاة ، ولكنها صحيحة إن شاء الله .
وبناء على ما سبق فخلاصة الجواب : إن كان تركك للقيام واستقبال القبلة ، لعجزك عنهما ، فصلاتك صحيحة ، وإن كان يمكنك القيام أو الاستقبال وتركت ذلك فصلاتك غير صحيحة ويلزمك إعادتها الآن .
نسأل الله أن يتقبل عمرتك وأن يجزيك خيرا على حرصك وسؤالك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82551
بيع برامج محاسبة لمن يبيع كتبا مخالفة لعقيدة أهل السنة:
نحن شركة نعمل في مجال عمل وبيع البرامج ( محاسبة ومستودعات .. ) أمامنا عرض لبيع برنامج المخزون والمبيعات لمكتبة وقرطاسية لأحد أهل البدع الذين يسبون أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوجاته ، وهو سيبيع الكتب الخاصة بمذهبهم وما فيها من مخالفات شرعية فهل يجوز ذلك ؟ وهل علينا أي إثم ؟ وهل إذا بعنا له فهل نحن نساعده على نشر عقيدته الفاسدة ؟ رغم أنها تباع فقط في أوساط أتباعهم ، ونحن مجرد مساعدين على ترتيب وتقارير المبيعات مع العلم أننا سوف نقوم بإخراج صدقة كبيرة من مبلغ المبيعات لهذا السبب .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لكم بيع هذه البرامج لمن علمتم أنه يستعين بها على المعصية ، كبيعها للبنوك الربوية ، أو لمن يستعملها في بيع الكتب المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2.
وقرر الفقهاء أنه لا يجوز بيع أو تأجير ما عُلم أنه يستعمل في المعصية :
قال ابن قدامة رحمه الله : " وجملة ذلك ; أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم " ثم قال :" وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة , وأشباه ذلك . فهذا حرام , والعقد باطل " انتهى من "المغني" (4/154).(/1)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك ، كمذهب أحمد وغيره , أو ظن ، وهو أحد القولين ، يؤيده أن الأصحاب قالوا : لو ظن المؤجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوها لم يجز له أن يؤجره تلك الدار , ولم تصح الإجارة , والبيع والإجارة سواء " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/388).
قال أيضا - رحمه الله - في "شرح العمدة" ( 4/386) : " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية ، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (9/213) : " ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء عُلم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز "
انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية".
وليعلم السائل الكريم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، كما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن ما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085)
وقال الله عز وجل : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3 .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82559
المدرس يطلب منهم الصلاة على النبي 300 مرة قبل الدرس:
أحضر درسا في تعلم أحكام التلاوة .. إلا أن الشيخ يطلب من جميع الحاضرين أن " يصلوا على النبي عليه الصلاة والسلام " 300 مرة ( سرا ) قبل البدء بالدرس .. ويقول إن الصلاة على النبي سبب في القرب منه يوم القيامة وذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال " أكثركم صلاة علي أقربكم مني يوم القيامة " فهل يجوز المشاركة معهم في مثل ذلك ؟ وإلا فهل يجوز لي أن أسر بذكر آخر كالاستغفار ونحو ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد قبل الدرس ، ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه ولا التابعين لهم بإحسان ، وما كان كذلك فهو من البدع والمحدثات ، التي نهانا عنها ، وحذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه الترمذي (2600) و أبو داود (3991 ) وابن ماجة (42) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2549) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
ووجه كون هذا العمل من البدع والمحدثات : أن العبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ، ووقتها ، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والذكر قد يكون مشروعا في أصله ، لكن تصحبه كيفية ، أو تقييدٌ بمكانٍ ، أو زمانٍ ، أو عدد يُدخله في عداد المحدثات .(/1)
ويدل على ذلك ما رواه الدارمي (204) عن عمرو بن سلمة قَالَ : كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِد ،ِ فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَال : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ ؟ قُلْنَا : لا . فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَج ،َ فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ،ِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ، قَال :َ فَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاه .ُ قَال :َ رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاةَ ، فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُل ،ٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى ، فَيَقُول :ُ كَبِّرُوا مِائَة ،ً فَيُكَبِّرُونَ مِائَة ،ً فَيَقُول :ُ هَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَة ،ً وَيَقُول :ُ سَبِّحُوا مِائَة ،ً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً . قَال :َ فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَال :َ مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِك ،َ وَانْتِظَارَ أَمْرِك .َ قَال :َ أَفَلا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِم ،ْ فَقَال :َ مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيح .َ قَال :َ فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ! هَؤُلاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى(/2)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلالَةٍ . قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ . قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ .
فتأمل هذا الموقف من أبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ، وانظر إنكارهما لهذه الكيفية التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها أصحابه ، وإن كان أصل الذكر مشروعاً ممدوحاً مرغباً فيه .
وقد نبه أهل العلم على أن تخصيص العبادة بزمان أو مكان ، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع والمحدثات ، وتسمى حينئذ بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة من حيث وصفها .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .(/3)
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة من أجلّ العبادات ، وقربة من أعظم القربات ، لكن التزامها قبل كل درس للتلاوة ، وبهذا العدد المخصوص ، أمر لم يرد ، فكان بدعة محدثة ، ولو كان صاحبها يريد الخير ، فكم من مريد للخير لا يصيبه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .
والواجب نصح هذا المعلم وبيان أن ما يفعله ليس من السنة ، بل بدعة ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن لم يستجب وأمكن تعلم التلاوة على غيره من أهل الاتباع ، فإنه يترك زجرا له ، وحذرا من تسرب البدعة إلى قلب الدارس على يديه .
رزقنا الله وإياكم حب السنة ، والدفاع عنه ، وحب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأطهار الأخيار .
وانظر السؤال رقم ( 20005) و ( 21902 ) و ( 22457 ) للفائدة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82607
حكم الاشتراك في العقيقة:
هل يجوز أن يعق لمولود توأم (ولد وبنت) بعجل واحد أو بقرة واحدة لهما الاثنين معا بدلا عن ثلاثة شياه لهم ؟؟ وإذا كانت الإجابة نعم فما هي مواصفاتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
السنة أن يُعق عن الغلام بشاتين ، وعن الجارية بشاة واحدة ؛ لقول الرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) رواه أبو داود (2842) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وجمهور العلماء على أنه يجزئ فيها الغنم والإبل والبقر ، لكن اختلفوا هل تأخذ حكم الأضحية ، فيصح الاشتراك في بقرة أو بعير ؟
والأقرب : أنه لا يصح فيها الاشتراك ، وهو مذهب المالكية والحنابلة .
وانظر : "الموسوعة الفقهية" (30/279)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " العقيقة لا يجزئ فيها الاشتراك ، فلا يجزئ البعير عن اثنين ، ولا البقرة عن اثنين ، ولا تجزئ عن ثلاثة ولا عن أربعة من باب أولى . ووجه ذلك :
أولا : أنه لم يرد التشريك فيها ، والعبادات مبنية على التوقيف .
ثانيا : أنها فداء ، والفداء لا يتبعض ؛ فهي عن فداء عن النفس ، فإذا كانت فداء عن النفس فلا بد أن تكون نفسا ، والتعليل الأول لا شك أنه الأصوب ، لأنه لو ورد التشريك فيها بطل التعليل الثاني ، فيكون مبنى الحكم على عدم ورود ذلك " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82613
توضيح قوله تعالى ( إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان ):
ورد في قصة سليمان وملكة سبأ في سورة النمل الآية التالية : ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
أنا أفهم أن المعنى : أنها ظلمت نفسها بالكفر ، وأنها أسلمت بعد أن تبين لها الحق ، ولكن لفظ الآية ، وعدم وجود علامة وقف بعد كلمة ( نفسي ) ، توحي بعكس هذا المعنى ، وهو أنها ظلمت نفسها بالإسلام - ومعاذ اللّه - ، فهل من توضيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
يقول تعالى في سورة النمل : ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ، قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ، قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) . النمل/44
يحكي سبحانه وتعالى في هذه الآية المفاجأة الكبيرة التي كان أعدها سليمان عليه السلام لملكة سبأ ، وكانت قصرا من البلور ، أقيمت أرضيته فوق الماء ، فوقفت الملكة مدهوشة أمام هذه العجائب التي يعجز عن مثلها البشر ، فرجعت إلى الله ، وناجته معترفة بظلمها لنفسها فيما سلف من عبادة غيره ، معلنة إسلامها مع سليمان لله رب العالمين .
هذا هو فهم سياق القصة ، وهو أيضا ما تقتضيه قواعد اللغة العربية .
فإن قولها ( ظَلَمْتُ نَفْسِي ) جملة فعلية في محل رفع خبر ( إِنِّي )
ثم جاء حرف العطف ( الواو ) ليعطف جملة على جملة ، فقالت ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ )
انظر "إعراب القرآن وبيانه" محيي الدين درويش (7/216) ، "الجدول في إعراب القرآن" لمحمود صافي (9/415)
والتقدير : وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين .
وهذا هو التقدير الصحيح ؛ لأن النحاة يقولون : إن حرف العطف إنما جيء به لاختصار التكرار في الجملة .(/1)
يقول ابن عقيل في "شرح ألفية ابن مالك" (2/208) :
" العطف على نية تكرار العامل " انتهى .
فبدل أن تقول : جاء زيد وجاء عمرو ، تختصر فتقول : جاء زيد وعمرو .
وكذلك الحال في عطف الجمل التي لها محل من الإعراب :
فبدل أن تقول : إن الله يعلم ما أنتم عليه ، وإن الله سيحاسبكم عليه .
تختصر فتقول : إن الله يعلم ما أنتم عليه وسيحاسبكم عليه .
فالواجب فهم الآية الكريمة على هذه القاعدة ، فيكون تقدير الآية :
( إني ظلمت نفسي ، وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين )
ولا يلزم لغة - إذا كان العطف بين الجمل - أن تشترك في المعنى ، بل قد يكون المعنى متضادا .
يقول الأستاذ عباس حسن في "النحو الوافي" (3/557) :
" والعطف بالواو إذا كان المعطوف غير مفرد ، قد يفيد مطلق التشريك ، نحو : نبت الورد ونبت القصب ، أو لا يفيد ، نحو : حضرت الطيارة ولم تحضر السيارة " انتهى .
فحين يعطف الله تعالى قول ملكة سبأ ( وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ ) لا يجوز أن تفهم على أنها توضيح للمعطوف عليه أو بيان له ، من حيث أصل اللغة ، فكيف حين يكون بين المعنيين تضاد ظاهر .
والسياق يبين أن الملكة اعترفت بظلمها نفسها حين كانت تعبد الشمس من دون الله ، فتابت من ذلك الشرك ، وأسلمت وجهها ، ووحدت عبادتها لله رب العالمين .
وبهذا يكون المعنى سليما ، وينتفي التوهم الذي يظنه السائل في الآية .
قد يكون لإشكال السائل وجه – من حيث قواعد النحو - إذا كان سياق الكلام :
( إني ظلمت نفسي : أسلمت مع سليمان ) بحذف حرف العطف ، على أن الجملة الثانية بدل من الجملة الأولى ، كقوله تعالى :
( وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً : يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً ) الفرقان/68-69
فإن مضاعفة العذاب هي بيان وتوضيح للإثم الذي يلقاه مرتكب الكبائر .(/2)
كما قد يكون لهذا الإشكال وجه – من حيث قواعد اللغة – لو كان حرف العطف هو الفاء ، فكان الكلام : إني ظلمت نفسي فأسلمت مع سليمان .
فإن الفاء تفيد – كثيرا – مع الترتيب ( التسبب ) ، أي الدلالة على السببية في عطف الجمل ، نحو : رمى الصياد الطائر فقتله . انظر "النحو الوافي" (3/574)
أَمَا وقد جاء السياق القرآني على الوجه البَيِّنِ الجَلِيِّ :
( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
فليس لإشكال السائل أي محل من الفهم الصحيح للسياق ، وقواعد النحو العربي .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82627
متى تكون تكبيرات الانتقال في الصلاة ؟:
عندما يصلي الإمام , فمتى يكبر مثلا للركوع هل يكبر قبل أن يركع أم أثناء الركوع أم بعد الركوع ؟.
الجواب:
الحمد لله
المشروع لكل مصلٍّ ( الإمام والمأموم والمنفرد ) أن يكون تكبيره للركوع مقارنا لحركته ، فيبدأ التكبير حال انحنائه ، ويختمه قبل أن يصل إلى حد الركوع ؛ فيقع تكبيره بين الركنين ، القيام والركوع .
وقد دلت السنة على أن التكبير يقارن الحركة المقصودة من ركوع ، وسجود ، وقيام منه ، كما في الصحيحين عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ، ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا ، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ ) رواه البخاري (789) ومسلم (392) .
فهذا الحديث ظاهرٌ في أن التكبير للركوع يكون أثناء انحنائه إلى الركوع ، وتكبير السجود أثناء نزوله إلى السجود ، وتكبير الرفع من السجود أثناء رفعه ...... وهكذا ، ذكره النووي في "شرح مسلم" ، وذكر أنه مذهب جمهور العلماء .(/1)
ومن الفقهاء من شدد في ذلك ، ورأى أنه لو بدأ المصلي التكبير وهو قائم قبل أن ينحني ، أو أكمله بعد وصوله إلى الركوع أن ذلك لا يجزئه ، ويكون تاركا للتكبير ؛ لأنه أتى به في غير موضعه ، وعلى القول بوجوب التكبير : تبطل صلاته إن تعمد ذلك ، وإن فعله سهوا لزمه السجود للسهو ، والصحيح أنه يعفى عن ذلك دفعاً للمشقة .
قال المرداوي في "الإنصاف" (2/59) : " قال المجد وغيره : ينبغي أن يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال , وانتهاؤه مع انتهائه . فإن كمّله في جزء منه أجزأه [ أي إذا أوقعه بين الركنين دون أن يبسطه ويمده ] ; لأنه لا يخرج به عن محله بلا نزاع .
وإن شرع فيه قبله , أو كمّله بعده , فوقع بعضه خارجا عنه , فهو كتركه ; لأنه لم يكمله في محله ، فأشبه من تمم قراءته راكعا , أو أخذ في التشهد قبل قعوده .
ويحتمل أن يعفى عن ذلك ; لأن التحرز منه يعسر , والسهو به يكثر , ففي الإبطال به أو السجود له مشقة . " انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قال الفقهاء رحمهم الله : لو بدأ بالتكبير قبل أن يهوي ، أو أتمه بعد أن يصل إلى الركوع ؛ فإنه لا يجزئه . لأنهم يقولون : إن هذا تكبير في الانتقال فمحله ما بين الركنين ، فإن أدخله في الركن الأول لم يصح ، وإن أدخله في الركن الثاني لم يصح ؛ لأنه مكان لا يشرع فيه هذا الذكر ، فالقيام لا يشرع فيه التكبير ، والركوع لا يشرع فيه التكبير ، إنما التكبير بين القيام والركوع .
ولا شك أن هذا القول له وجهة من النظر ؛ لأن التكبير علامة على الانتقال ؛ فينبغي أن يكون في حال الانتقال .
ولكن القول بأنه إن كمله بعد وصول الركوع ، أو بدأ به قبل الانحناء يبطل الصلاة فيه مشقة على الناس ، لأنك لو تأملت أحوال الناس اليوم لوجدت كثيرا من الناس لا يعملون بهذا ، فمنهم من يكبر قبل أن يتحرك بالهوي ، ومنهم من يصل إلى الركوع قبل أن يكمل .(/2)
والغريب أن بعض الأئمة الجهال اجتهد اجتهادا خاطئا وقال : لا أكبر حتى أصل إلى الركوع ، قال : لأنني لو كبرت قبل أن أصل إلى الركوع لسابقني المأمومون ، فيهوون قبل أن أصل إلى الركوع ، وربما وصلوا إلى الركوع قبل أن أصل إليه ، وهذا من غرائب الاجتهاد ؛ أن تفسد عبادتك على قول بعض العلماء ؛ لتصحيح عبادة غيرك ؛ الذي ليس مأمورا بأن يسابقك ، بل أمر بمتابعتك .
ولهذا نقول : هذا اجتهاد في غير محله ، ونسمي المجتهد هذا الاجتهاد : "جاهلا جهلا مركبا" ؛ لأنه جهل ، وجهل أنه جاهل .
إذا ؛ نقول : كبر من حين أن تهوي ، واحرص على أن ينتهي قبل أن تصل إلى الركوع ، ولكن لو وصلت إلى الركوع قبل أن تنتهي فلا حرج عليك .
فالصواب : أنه إذا ابتدأ التكبير قبل الهوي إلى الركوع ، وأتمه بعده فلا حرج ، ولو ابتدأه حين الهوي ، وأتمه بعد وصوله إلى الركوع فلا حرج ، لكن الأفضل أن يكون فيما بين الركنين بحسب الإمكان . وهكذا يقال في : "سمع الله لمن حمده " وجميع تكبيرات الانتقال . أما لو لم يبتدئ إلا بعد الوصول إلى الركن الذي يليه ، فإنه لا يعتد به " انتهى من "الشرح الممتع".
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82643
حديث تميم الداري عن المسيح الدجال:
ما حقيقة أن جماعة من المسلمين كانوا على سفر ، فالتقوا برجل سألهم عن الزمان وعن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، فرجع وقال إن هذا ليس زمن خروجه ، فقيل إنه الدجال ؟.
الجواب:
الحمد لله
القصة التي ذكرتها جاءت في حديث مشهور ، يعرف بـ ( حديث الجسّاسة ) ، وهو حديث عظيم ، فيه علم من أعلام النبوة ، فأترك لك فرصة الاستفادة والاستمتاع بقراءته .
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت :
( سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي ، مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يُنَادِي ( الصَّلاَةَ جَامِعَةً ). فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكُنْتُ فِى صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِى تَلِى ظُهُورَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ « لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاَّهُ » . ثُمَّ قَالَ « أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ » ؟
قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ :(/1)
« إِنِّى وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلاَ لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيماً الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ ، وَحَدَّثَنِى حَدِيثاً وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ ، حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ ، فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْراً فِى الْبَحْرِ ، ثُمَّ أَرْفَئُوا ( أي : التجؤوا ) إِلَى جَزِيرَةٍ فِى الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَجَلَسُوا فِى أَقْرُبِ السَّفِينَةِ ( وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم ، الجمع قوارب والواحد قارب ) فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ ( أي : غليظ الشعر ) كَثِيرُ الشَّعَرِ ، لاَ يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقَالُوا : وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ ( قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال ) . قَالُوا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ؟ قَالَتْ : أَيُّهَا الْقَوْمُ ! انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ . قَالَ لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلاً فَرِقْنَا ( أي خفنا ) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعاً حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقاً ، وَأَشَدُّهُ وِثَاقاً ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ ، قُلْنَا : وَيْلَكَ مَا أَنْتَ ؟ قَالَ : قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي ، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ ، رَكِبْنَا فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ ، فَصَادَفْنَا(/2)
الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ ( أي هاج ) ، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْراً ، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ ، فَجَلَسْنَا فِى أَقْرُبِهَا ، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لاَ يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ ، فَقُلْنَا : وَيْلَكِ مَا أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ . قُلْنَا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ؟ قَالَتِ : اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِاْلأَشْوَاقِ . فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعاً ، وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً ، فَقَالَ : أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ . قُلْنَا : عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ قَالَ : أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ ؟ قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ . قَالَ : أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لاَ تُثْمِرَ . قَالَ : أَخْبِرُونِى عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ ؟ قُلْنَا : عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ قَالَ : هَلْ فِيهَا مَاءٌ ؟ قَالُوا : هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ . قَالَ : أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ . قَالَ : أَخْبِرُونِى عَنْ عَيْنِ زُغَرَ ؟ ( وهي بلدة تقع في الجانب القبلي من الشام ) قَالُوا : عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ قَالَ : هَلْ فِى الْعَيْنِ مَاءٌ ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ ؟ قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ ، هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا . قَالَ : أَخْبِرُونِى عَنْ نَبِىِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ ؟ قَالُوا : قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ . قَالَ : أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ . قَالَ : كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ(/3)
وَأَطَاعُوهُ ، قَالَ لَهُمْ : قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟ قُلْنَا نَعَمْ . قَالَ : أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ ، وَإِنِّى مُخْبِرُكُمْ عَنِّي ، إِنِّى أَنَا الْمَسِيحُ ، وَإِنِّى أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِى فِى الْخُرُوجِ ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِى الأَرْضِ فَلاَ أَدَعَ قَرْيَةً إِلاَّ هَبَطْتُهَا فِى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا ، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِداً مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِى مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتاً يَصُدُّنِى عَنْهَا ، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلاَئِكَةً يَحْرُسُونَهَا . قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِى الْمِنْبَرِ - : « هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ » . يَعْنِى الْمَدِينَةَ « أَلاَ هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ ؟ » . فَقَالَ النَّاسُ :نَعَمْ .
« فَإِنَّهُ أَعْجَبنِى حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، أَلاَ إِنَّهُ فِى بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ما هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ » ( قال القاضي : لفظة ( ما هو ) زائدة ، صلة للكلام ، ليست بنافية ، والمراد إثبات أنه فى جهات المشرق ) وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ . قَالَتْ فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم )(/4)
رواه مسلم في صحيحه برقم (2942) ، فهو حديث صحيح ، رواه أهل العلم في كتبهم ، من طريقين عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها ، وقال الترمذي رحمه الله "الجامع الصحيح" (2253) : " هذا حديث صحيح غريب " انتهى . وقال ابن عبد البر "الاستذكار" (7/338) : " ثابت صحيح من جهة الإسناد والنقل " انتهى .
وللاستزادة انظر الأرقام التالية (8301) (8806) (32665)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 82658
كيف يصلي المسافر ؟:
أنا مسافر إلى الخارج لشهر وأريد معرفة أسهل طريقة لأداء الصلاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا كنت عازما على البقاء في البلد الذي ستسافر إليه أكثر من أربعة أيام ، فإنك تكون في حكم المقيم من لحظة دخولك إليه ، فيلزمك ما يلزم المقيم من إتمام الصلاة ولا يجوز لك قصرها .
فتقصر الصلاة أثناء الرحلة ، فإذا وصلت البلد أتممت الصلاة لأنك في حكم المقيم .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/99) : " السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً عرفاً ، ومقداره على سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً، فمن سافر لقطع هذه المسافة فأكثر فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن ، والجمع والقصر ، والفطر في رمضان . وهذا المسافر إذا نوى الإقامة ببلد أكثر من أربعة أيام فإنه لا يترخص برخص السفر ، وإذا نوى الإقامة أربعة أيام فما دونها فإنه يترخص برخص السفر . والمسافر الذي يقيم ببلد ولكنه لا يدري متى تنقضي حاجته ولم يحدد زمناً معيناً للإقامة فإنه يترخص برخص السفر ولو طالت المدة ، ولا فرق بين السفر في البر والبحر " انتهى .
ثانيا :
أما جمع الصلاة ، فيجوز للمسافر أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، جمع تقديم أو تأخير حسب الأيسر له ، والأفضل أنه لا يفعل ذلك إلا إذا كان عليه مشقة في فعل كل صلاة في وقتها .
وعلى هذا ، فلك أن تجمع بين الصلاتين أثناء الرحلة ، فإذا وصلت إلى البلد الذي تنوي الإقامة به شهراً فإنك تصلي كل صلاة في وقتها .
وانظر جواب السؤال رقم (49885) .
ثالثا :
اعلم أن صلاة الجماعة واجبة على المسافر كغيره ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال
رقم (40299) ، فاحرص على الصلاة جماعة في المسجد .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82662
تشك في صحة صلاتها وصيامها:
أخجل أن أطرح سؤالي من شدة قبح ما كنت أفعله ولا أحب حتى ذكره .
في الحقيقة أنني قبل عدة سنوات كنت أفعل أمرين قبيحين : الأول : هو أنني كنت مع إحدى قريباتي نداعب بعضنا واستمرينا على فعل هذا الأمر لمدة وبعد ذلك توقفنا .
والأمر الثاني : أنني كنت أعامل ابن جيراننا الصغير معاملة قاسية كنت أضربه مرات ومرات وأجعله يقبلني أو يلامس شيئا من أعضائي..لا أحب حتى تذكر هذه الأمور لأنني أشعر كم أنا سيئة وأنا نادمة جداً على فعل هذا الأمور .
ولي عدة أسئلة :
1- هل علي صيام تلك الأيام التي قمت فيها بتلك الأمور مع أنني لم أكن أعلم أنها تبطل صيامي وصلاتي ؟
2- وهل علي أن أعيد أيضا الصلوات ؟
3- أنا لا أتذكر إذا نزل شيء مني أم لا ؟
4- أنا في حيرة وشك ولا أتذكر إذا فعلت هذه الأمور في رمضان أم لا ؟
5- إذا وجب علي الصيام كيف أستطيع تقدير تلك الأيام لأنني حاولت جاهدة تقديرها ولكنني لا أتذكر متى فعلت تلك الأمور بالضبط .
6- متى تحاسب البنت على صيامها ؟ هل بعد بلوغها ؟ أقصد هل بعد أن تأتيها الدورة الشهرية أول مرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك إلى التوبة من هذه الأفعال المحرمة ، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك .
ثانيا :
لا يجب عليك قضاء شيء من الصلوات أو الصيام ، وذلك للأسباب التالية :
1- أنك لم تكوني تعلمين أن ذلك يفسد الصيام والصلاة ، والإنسان إذا فعل شيئا من المحرمات جاهلا فإنه يكون معذوراً ، ولا يستحق العقاب على هذا الذنب ، قال الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/5 ، والجهل نوع من الخطأ ، لأن الجاهل لم يتعمد ارتكاب المعصية والمخالفة .
انظري جواب السؤال (50017) ، (45648)(/1)
2- أنك لا تتيقنين نزول شيء منك ، والمسلم إذا فعل عبادة من العبادات فالأصل أنه يُحكم بصحتها ، ما لم يتيقن أنها كانت غير صحيحة ، أما مجرد الشك فلا يبطل العبادة بعد فعلها .
ثالثا :
أما تكليف البنت بالصيام وغيره من الأحكام الشرعية ، فيثبت ببلوغ البنت ، وبلوغها يحصل إذا وجد أحد أربع علامات وهي :
1. بلوغ خمس عشرة سنة .
2. نبات الشعر الخشن حول القبل .
3. نزول المني .
4. نزول الحيض .
ولا يشترط اجتماع كل هذه العلامات ، ولكن يكفي علامة واحدة فقط ، لثبوت البلوغ .
وانظري جواب السؤال (21246)
ونسأل الله تعالى أن يوفقك ِ لكل خير ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82667
من نذر ذبيحة للمساكين هل له أن يأكل منها ؟:
نذرت منذ أكثر من عام أن أذبح لله وأن أعطي من هذا الذبح للأهل والأقارب والمساكين ، واقترب المال معي على أن يكتمل فهل يصح لي أن أفي بالنذر في أيام عيد الأضحى ؟ وهل يجوز لي أن أعطي من هذا الذبح لأسرتي الصغيرة ؟ وما هي شروط صحة النذر وقبوله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
هذا النذر يندرج ضمن نذر الطاعة والقربة ، فيجب الوفاء به ، سواء كان مطلقا أو معلقا على شرط ، والمطلق كأن يقول الإنسان نذرت أو لله علي أن أذبح شاة مثلا وأعطيها للفقراء أو لأقاربي .
والمعلق على شرط كأن يقول : إن شفاني الله أو نجحت أو أخذت راتبا أو حصلت على مبلغ كذا أن أذبح ذبيحة أوزعها إلخ .
وإنما وجب الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعص الله فلا يعصيه ) رواه البخاري (6318) .
وما دمت لم تعيني وقتا للوفاء بنذرك ، فإنه يجوز لك الوفاء به في كل وقت ، في أيام عيد الأضحى وغيرها .
لكن لو أردت أن تُضحِّي هذا العام ، فإن الذبيحة ( النذر ) لا تغني عن الأضحية ، ولو ذبحت في أيام عيد الأضحى .
ثانيا :
من نذر ذبيحة تعطى لأهله وأقاربه وللمساكين ، دخل في ذلك أسرته الصغيرة ، كزوجه وأولاده ؛ لأنهم من أهله ، إلا أن ينوي إخراجهم ، فيكون الأمر على ما نوى .
وأما الناذر فليس له أن يأكل من نذره ، فإن أكل ضمن قيمته للمساكين ، أي يخرج قيمة ما أكل ويعطيها للمساكين .
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على أنه لا يأكل من النذر .
انظر "حاشية ابن عابدين" (2/616) ، و "المغني" (3/288) .
ومما علل به الفقهاء منع الأكل من النذر أن الذبيحة إذا نذرت للمساكين مثلا فقد تعينت لهم ، فليس له أن يصرف شيئا منها عنهم . انظر : المنتقى للباجي (2/318).(/1)
وفي "الموسوعة الفقهية" (6/117) : " وفي النذر لا يجوز للناذر الأكل من نذره ؛ لأنه صدقة , ولا يجوز الأكل من الصدقة , وهذا في الجملة , لأن الأضحية المنذورة فيها خلاف .
وكذلك النذر المطلق الذي لم يعين للمساكين - لا بلفظ ولا بنية - يجوز الأكل منه عند المالكية وبعض الشافعية " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82669
الإيداع في البنك الربوي لضرورة حفظ المال:
قرأت بعض إجاباتكم حول الربا ووجدت تناقضا تركني في حيرة من أمري قلتم لمن يريد أن يؤجر مبنى لبنك ربوي إن هذا حرام قطعا وقلتم للذي يودع أمواله في البنوك الربوية خوفا على ضياعها هذا عمل جائز علما أنه هو الآخر سيدخل في إطار موكل الربا وفي إطار التعاون علي الإثم والعدوان أرجو أن توضحوا لي فأنا أضع أموالي في بنك ربوي فلا يوجد في بلدي بنوك إسلامية ولا أستطيع أن أحكم هل هذا المال حلال أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
تأجير المحل أو البيت لمن يتخذه للمعصية ، لا يجوز ، ومن ذلك تأجير المبنى للبنك الربوي ؛ لأنه من الإعانة الواضحة على الإثم والعدوان ، لأن صاحب المبنى يعلم أن البنك قد استأجر هذا المكان ليتعامل فيه معاملات محرمة ، كالربا وغيره .
قال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" : (2/358) : " ولا تصح إجارة دار لتعمل كنيسة أو بيعة أو صومعة راهب أو لبيع خمر أو القمار ونحوه .
سواء شرط ذلك في العقد أو علم بقرينة ; لأنه فِعلٌ محرمٌ فلم تجز الإجارة عليه " انتهى باختصار .
ثانيا :
الإيداع في البنك الربوي محرم ، سواء كان بفائدة أو بدون بفائدة ؛ لأن البنك سيأخذ هذه الأموال ويقرضها بالربا .
إلا أن أهل العلم استثنوا حالة خاصة وهي ما إذا خاف الإنسان على ماله ولم يجد مكانا آمنا يحفظ فيه ماله ، فإنه يجوز له الإيداع في البنك الربوي ، من باب أن الضرورات تبيح المحظورات ، وحينئذ يلزمه أن يودع في الحساب الجاري من غير فائدة لأن الضرورة تقدّر بقدرها ، وهو مضطر إلى حفظ ماله ، وليس مضطراً للتعامل بالربا .
وانظر لمعرفة شروط وضع الأموال في البنوك الربوية السؤال رقم (22392)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82702
تعرفت على شخص عن طريق الهاتف ووعدها بالزواج:
أريد معرفة الذي أفعله حلال أم حرام ؟ وهو أنني أعرف شخصا عن طريق الهاتف ووعدني بالزواج ولكن الظروف حكمت بتأجيل هذا الوعد ولكن مازلنا على اتصال ويقول هو إنه يعرفني تماما وشافني ولكن أنا لم أره أبدا. وأريد أوضح أيضا أن هذا الشخص أصغر مني بالعمر بسنتين . السؤال هل حلال أبقى على اتصال معه أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نشكر لك سؤالك وحرصك على معرفة الحلال من الحرام في هذه الأمور التي تساهل فيها كثير من الناس ، ونحمد الله أن جعل في قلبك يقظة إيمانية هي السر في خوفك من هذه العلاقة الهاتفية ، فإن القلوب الحية هي التي تشعر بخطر المعصية ، وتؤثِّر فيها الجراحة ، وأما القلوب الميتة ، فإنها غافلة لا تحس ولا تتألم ، كما قيل : فما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( الإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) رواه مسلم (2553).
ثانيا :
كلام المرأة مع الرجل عن طريق الهاتف أو غيره ، إذا كان يدعو للفتنة لها أو بها ، فهو محرم ، ومن ذلك الكلام في الأمور العاطفية من الحب والغرام والتعلق ، والوصف ، والوعد باللقاء ونحو ذلك ، فإن هذا مقدمة الفاحشة ، وهو من خطوات الشيطان لاصطياد العفيفات الغافلات ، فلا يزال الذئب يلين الكلام ، وينسج الخيال ، ويكثر الوعود ، ويحلف الأيمان ، حتى تقع المرأة فريسة بين يديه ، فيا لله كم من أعراض انتهكت ، وكم من محارم اقترفت ، وكم من مصائب وآهات وآلام ، والخطوة الأولى كانت اتصالا عن طريق الهاتف .(/1)
وأكثر هؤلاء الذئاب كذابون مخادعون ، لا يعرفون معنى للحب الحقيقي ، ولا يطمعون في زواج شريف ، ولكنهم يسعون للرذيلة ، ويسارعون في إرضاء الشيطان ، وقد صرح بعضهم أنه يفعل ذلك تارة للعبث ، وتارة لحب السيطرة والإغواء ، وتارة للفخر بأنه أوقع فلانة وفلانة ، والله المستعان .
فيا أيتها الأخت المسلمة الحذر الحذر ، والنجاة النجاة ، فإن من أعز ما تملك المرأة شرفها وحياءها وعفتها ، وهذا الذئب اللئيم لا يتورع عن ذكر فريسته بين المجالس وأنه قال لها كذا ، وفعل بها كذا ، حتى يغدو ذكرها على لسان الفسقة مستباحا ، وربما استدرجها للقاء ، أو سجل صوتها ، أو أخذ صورتها ، فجعل ذلك مادة للابتزاز والتخويف والتوصل إلى ما هو أعظم ، عافاك الله وصانك من كل سوء .
وهذا الذي نذكره ليس كلاما يراد منه تخويفك ، ولكنه إشارة إلى عشرات القصص الواقعية التي وقعت في هذا الزمان ، مع انتشار الهواتف ومواقع الشات ، وهي قصص محزنة مخجلة ، تدل على مدى قسوة هؤلاء العابثين ، ومدى ضعف المرأة أمام استدراجهم ومكرهم ، وتدل أبين دلالة على عظمة قول ربنا سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، فإن الكلمة في الهاتف قد تكون خطوة من خطوات الشيطان ، وهكذا النظرة ، والابتسامة ، ولين الكلام ، يتلقفها من في قلبه مرض ، ويبني عليها جبالا من الأوهام والظنون والخيالات ، تُنتج طمعاً وسعياً ومكراً وتدبيراً في الباطل ، قال الله تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32(/2)
ونحن نسأل أختنا– صانها الله وحفظها – هل تخلو مكالمة هاتفية بين شاب وشابة من الخضوع بالقول ، والضحك وترقيق الكلام وتزيينه ؟! كيف وهما يتحدثان عن الزواج والرغبة في الوصال ؟ فكيف لا تكون الفتنة ، وكيف لا يكون التعلق ، وكيف لا يطمع القلب المريض ؟!
إن زعم هؤلاء الماكرين أنهم يريدون الزواج زعم كاذب ، فإن طريق الزواج معروف ، وبابه مفتوح ، وهم لا يجهلونه ، ولكنهم يفرون منه ، ويبتعدون عنه ، ويلجئون إلى حيل الشيطان وخدعه . ثم إن رغبة شخصٍ ما في امرأةٍ ما لا يعني أنه يصلح لها زوجا ، فربما كان دونها في كل شيء ، في السن والعلم والمنزلة والمال ، مما يعني رفضه وعدم قبوله في غالب الأحوال ، فكيف تصبح مجرد الرغبة من شخصٍ مجهول مسوغاً للتعرف على الفتاة والاسترسال معها والحديث إليها ومواعدتها بالزواج ؟! وكيف ترضى العاقلة أن تتعلق بمجهول الهوية والحال ، يمنّيها بالزواج ، وتنتظر منه القدوم ، وربما كان لا يصلح ، بل ربما لو رأته لآثرت العنوسة على الزواج منه .
فبادري إلى قطع هذه العلاقة ، والندم عليها ، وسؤال الله المغفرة والصفح ، واشتغلي بما ينفعك في أمور دينك ودنياك ، واعلمي أن الزوج الصالح رزق يسوقه الله تعالى إلى المرأة الصالحة ، وقد وعد سبحانه أهل طاعته بالمزيد من فضله فقال : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97
فأكثري من الطاعة والإنابة ، وسدي كل باب للفتنة ، وكوني شامة نقية لا يطمع فيها طامع ، ولا يرتع حول حماها راتع .
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82709
تتنفل بعد صلاة الصبح وقيل لها إن هذا خروج من الملة !!:
كنت كثيراً ما أصلي بعد صلاة الصبح بنصف ساعة بعد قراءة القرآن أحس بأنني أريد الصلاة لله ولكن تفاجأت عندما كنت أتحدث إلى صديقتي بأنها تقول لا يجوز الصلاة بعد صلاة الفجر فهذا خروج عن الملة فهل هذا صحيح ؟ وكيف وأنا أصلى لله وضحوا لي ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : من أفضل العبادات التي يقوم بها المسلم ويتقرب بها إلى الله : الصلاة ، حيث قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصلاة خير موضوع ، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر ) رواه الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3870) .
إلا أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهانا عن صلاة النفل في بعض الأوقات .
وتجدين تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم (20013)
ومن هذه الأوقات : من بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع ، وهو ما يقارب خمس عشرة دقيقة بعد طلوع الشمس .
ففي صحيح مسلم (832) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمرو بن عبسة رضي الله عنه : ( صل صلاة الصبح ، ثم أَقْصِرْ عَنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ ) ، والصلاة التي نهي عنها في هذه الأوقات هي صلاة النافلة التي لا سبب لها ، ويسميها العلماء : " النفل المطلق " ، كتلك التي ورد السؤال عنها . رجل قام بعد صلاة الصبح يصلي تطوعاً لله ، فهذه الصلاة منهي عنها .
أما الصلاة التي لها سبب كتحية المسجد أو سنة الوضوء ، أو ركعتي الطواف ، ونحو ذلك فأنها تفعل متى وجد سببها ، ولو كان ذلك في وقت من أوقات النهي . وانظر جواب السؤال (306)
ثانياً :(/1)
وأما قول صديقتك : إن الصلاة في هذا الوقت خروج من الملة ، فهذا قول باطل ، وهو من القول على الله بلا علم ، ولا يجوز لأحد أن يقول في دين الله ما لا يعلم ، قال الله سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33. فالواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى .
فصلاة النفل في هذا الوقت منهي عنها ، وفاعلها معرض للإثم ، لفعله ما نهى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لكن ذلك ليس كفرا كما زعمت صديقتك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82718
حكم الاشتراك في القنوات الرياضية فقط:
ما حكم الاشتراك في القنوات المخصصة الرياضية فقط في البيوت وذلك لأني لا أريد أن أكون ممن يرتدون المقاهي ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
من يقرأ سؤالك أيها الأخ الكريم يفهم أنه لابد لك من أحد أمرين : إما مشاهدة الرياضة في المقاهي ، وإما مشاهدتها في البيت ، وأن فكرة البعد عن مشاهدتها بالكلية ليست واردة لديك ، وهذا مما يبعث على الأسى والحزن ، أن ينشغل شباب الأمة بمشاهدة المباريات ، ومتابعة الفرق الرياضية ، وتعظيم أهل اللهو والغفلة ، بينما تزداد الأمة تأخرا وتخلفا في شتى المجالات .
وهذا المسلك ينتج عن عدة أسباب :
الأول : عدم إدراك قيمة العمر والوقت ، وإلا فلو أدرك الإنسان شرف زمانه وأهمية عمره لضنّ به أن يضيع في غير فائدة .
الثاني : عدم الانشغال بشيء جاد ، من علم أو حرفة أو تجارة ، بل يظن كثير من الطلاب أنه إن ذاكر دروسه ، فقد أدى ما عليه ، وفاته أنه – كغيره من المكلفين – ينبغي أن يسارع في الخيرات ، وأن يملأ الصحائف بالحسنات ، بل يتأكد هذا في حقه لأنه في سن الشباب والقوة وفراغ البال .
الثالث : عدم وجود الصحبة الصالحة التي تعين على طاعة الله .
فهذه من أهم أسباب الغفلة ، والموفق من سعى إلى العلاج والتدارك قبل فوات الأوان .
ثانيا :
ينبغي أن تسأل نفسك عدة أسئلة تعينك على اتخاذ الموقف الصحيح في هذه القضية ، ومنها :
1- ماذا لو توقفت عن مشاهدة جميع المباريات ؟ ماذا يكون ؟ ملل ، ضيق ، حسرة ، إلى متى ؟ يوم أو أيام ، ثم تقوى النفس المطمئنة ، وتضعف النفس الأمارة بالسوء ، فتحلو الأيام ، وتزداد حلاوة كلما استزدت من أغذية الإيمان من العلم والذكر والطاعة . وإن في النفس وحشة لا يذيبها إلا ذكر الله ، وفي النفس ظمأ لا يرويه إلا الصلة بالله .(/1)
2- ما الفائدة من مشاهدة هذه الألعاب خلال سنة وسنوات ؟ متعة ، إتقان للعب ، قتل للوقت ، مجاراة للأصحاب ، ثم ماذا ؟ وهل هذه أهداف يسعى لتحقيقها المسلم العاقل ؟!
أما المتعة فعما قريب تزول ، وتبقى بعدها الحسرة والندم على إضاعة الوقت .
وأما إتقان اللعب ، فدعوى لا حقيقة لها ، فكم أفادك ما شاهدته من قبل ؟ وكم أفاد غيرك ، وهل يشرفك أن تكتب عند الله لاعبا ؟!
وأما قتل الوقت ، فمتى أصبح الوقت عدوك حتى تسعى في قتله ؟! إن الوقت هو أنفاسك ، هو عمرك ، هو لحظات عيشك ، يمكن أن تملأه بآلاف وملايين الحسنات ، وحسبك أن قول : سبحان الله وبحمده مرة ، تغرس لك بها نخلة في الجنة ، فكم من بساتين أضعتها ، وكم من حسنات أهدرتها ؟! وأما مجاراة الأصحاب ، ففتش في أصحابك وانظر أيهم سيدخل قبرك معك ؟! وأيهم سيعينك يوم الموقف ؟! والله يقول : ( الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف/67 ، ويقول : ( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) عبس/34- 37 ، ويقول سبحانه : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا) الفرقان/27- 29 .(/2)
3- هل مشاهدة المباريات ، ومتابعة القنوات الخاصة بها تخلو من ارتكاب الحرام ؟ كما تدعي النفس الأمارة بالسوء . أم أن الحرام قد يدخل على قلبك من رؤية المذيعات ، أو رؤية اللاعبات ، أو رؤية بعض المشاهدات ، ممن تسلط عليهن الكاميرا مرات ومرات ، فلم يخدع الإنسان نفسه ؟ ثم هذه الساعة تلو الساعة ، تضيع بلا فائدة ، ألا تشعر معها بالحياء من الله ؟ ألا تقوم عنها وقد اشتكى القلب من ظلمتها وخلوها من ذكر الله ؟ وهؤلاء اللاعبون تحفظ أسماءهم ، وتلهث وراءهم ، وتتعصب لأنديتهم ، وتتابع أخبارهم ، وربما كان بعضهم ممن لا يؤمن بالله ، ألست تخجل من ذلك ؟ ولو سئلت عن سيرة عشرة من الصحابة ما أجدت ، فما أعظم المصيبة ! وما أشد البلاء !
ثم هل تأمن على نفسك أن تدمن المشاهدة ، وأن يتدرج بك الشيطان حتى تشاهد قنوات أخرى ؟ وشواهد الأحوال تنبئك عن أناس ضحك عليهم الشيطان ، حين اتبعوا خطواته ، وزين لهم الاقتصار على مشاهدة الرياضة ، ثم لم يزل يعدهم ويمنّيهم حتى شاهدوا كل شيء ، فلا تسل عن حيرتهم ، ولا عن ضياعهم ، ولا تسل عن صلاتهم وقيامهم ، ولا تسل عن وردهم وذكرهم . والمعصوم من عصمه الله .
فالله الله في نفسك ، حاسبها قبل أن تحاسب ، وزن أعمالك قبل أن توزن عليك ، واحذر خطوات الشيطان ، فإن الأمر يبدأ صغيرا ، فما يلبث أن يصير كالجبل ، ينوء الإنسان بحمله ، وإذا اجتمعت الذنوب على العبد أهلكته .(/3)
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/21 . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا ، كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا ، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) رواه أحمد من حديث ابن مسعود ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2687) .
لهذا أيها الأخ الكريم نوصيك بتقوى الله تعالى والثبات على طاعته ، والحذر من معصيته ، والبعد عن هذه القنوات التي إن سلمت فيها من اقتراف الحرام ، حرمتك من الأجر العظيم ، والثواب الكبير ، وأنزلت رتبتك من المراتب العالية إلى ما دونها .
واعتبر بما قاله ابن القيم رحمه الله عن نفسه : " وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في شيء من المباح : هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة ، أو نحو هذا من الكلام . فالعارف يترك كثيرا من المباح إبقاء على صيانته ، ولاسيما إذا كان ذلك المباح برزخا بين الحلال والحرام " انتهى من "مدارج السالكين" (2/26).
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 82724
يريد الزواج وأمه تعارض ذلك لصغر سنه:
عمري 19 سنة . أريد أن أتزوج . ولكن أمي لا تريد لأنها تظن بأنه غير وقت الزواج . هل يجوز لرجل في الإسلام أن يتزوج بدون موافقة والديه ؟ وبدون أن يخبرهما حتى تتحسن الأمور إن شاء الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يجوز للرجل أن يتزوج بدون موافقة والديه ، بخلاف المرأة فإنه يشترط لصحة نكاحها موافقة وليها . لكن من البر وحسن المعاملة استئذان الوالدين وأخذ موافقتهما ، وذلك أدعى لحصول الوئام والاتفاق وجمع الشمل .
ثانيا :
ينبغي أن تبين لأمك مدى حاجتك للزواج ، وأن تسعى لإقناعها ، والحصول على رضاها ، فإن استجابت فالحمد لله ، وإن أصرت على موقفها ، فلا حرج عليك في الزواج من الفتاة التي تريد إذا كانت صالحة متدينة .
ومن الأخطاء الشائعة رفض الوالدين تزويج أبنائهم بحجة الدراسة أو صغر السن ، وعدم إدراكهما لما يعانيه الشاب في زمان انتشرت فيه الفتن ، وكثرت فيه المغريات ، وربما أدى رفضهما إلى انحراف الأبناء ، وسلوكهم طرق الغواية والشر ، ولهذا ننصح الآباء والأمهات بإعانة أبنائهم وبناتهم على الزواج ، وتيسير ذلك والتشجيع عليه ؛ امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400).
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن يريد الزواج مع رفض والده ، فأجاب :(/1)
" هذا السؤال يقتضي أن نوجه نصيحتين ؛ النصيحة الأولى لوالدك حيث أصرَّ على منعك من الزواج بهذه المرأة التي وصفتَها بأنها ذات خلق ودين ، فإن الواجب عليه أن يأذن لك في تزوجها إلا أن يكون لديه سبب شرعي يعلمه ويبينه حتى تقتنع أنت وتطمئن نفسك ، وعليه أن يقدِّر هذا الأمر في نفسه لو كان أبوه منعه من أن يتزوج امرأة أعجبته في دينها وأخلاقها ، أفلا يرى أن ذلك فيه شيء من الغضاضة وكبت حريته ؟ فإذا كان هو لا يرضى أن يقع من والده عليه مثل هذا فكيف يرضى أن يقع منه على ولده مثل هذا ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .
فلا يحل لأبيك أن يمنعك من التزوج بهذه المرأة بدون سبب شرعي ، وإذا كان هناك سبب شرعي فليبينه لك حتى تكون على بصيرة .
أما النصيحة التي أوجهها إليك أيها السائل : فأنا أقول : إذا كان يمكنك أن تعدل عن هذه المرأة إلى امرأة أخرى : فإرضاءً لأبيك وحثّاً على لمِّ الشمل وعدم الفرقة فافعل .
وإذا كان لا يمكنك بحيث يكون قلبك متعلقا بها وتخشى أيضا أنك لو خطبت امرأة أخرى أن يمنعك أبوك من زواجك بها – لأن بعض الناس قد يكون في قلبه غيرة أو حسد ولو لأبنائه فيمنعهم مما يريدون – أقول : إذا كنتَ تخشى هذا ولا تتمكن من الصبر عن هذه المرأة التي تعلَّق بها قلبك : فلا حرج عليك أن تتزوجها ولو كره والدك ، ولعله بعد الزواج يقتنع بما حصل ويزول ما في قلبه ، ونسأل الله أن يقدر لك ما فيه خير الأمرين " انتهى من " فتاوى إسلامية " ( 4/193) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82740
كانت تمارس العادة السرية أثناء الصوم جهلا:
أرسل إليكم برسالة خاصة بصديقتي فهي في حاجة لمن يدلها . وهى طفلة صغيرة تعرضت لاعتداء من أحد أصدقاء أبيها كان يأتي لينتظره وكان يجبرها على معاشرته وهي طفلة عمرها 5 سنوات كان تظن ذلك شيئاً جديداً . ولكن لا بد أنه شخص شاذ ، أدى ذلك أنها كانت تفعل ذلك أثناء عمرها كله وهى لا تعرف شيئاً . فهل ذلك ما يسمى العادة السرية ، وكان يأتيها هذه الحاجة أثناء الصيام وكانت تفعله فهي وقتها تكون مقيدة تريد أن تفعل ما تعودت علية طول العمر فهل صيام تلك الأيام لا يصح ؟ وهل الكفارة أن تصوم فقط ؟ حيث إنها لم تكن تعرف شيئاً اسمه العادة السرية . ادعوا لها بالشفاء
السؤال :
1-كيف تكفر عن هذا الذنب في الصيام
2- كيف تشفى من هذا الشيء
3- إنها تقرا القرآن قبل النوم وترى نفسها بحاجة لفعل ذلك مع العلم أن سنها 34 ولم تتزوج .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يغفر لصديقتك وأن يتجاوز عنها ، وأن يعافيها من هذا الداء ، وأن يرزقها الزوج الصالح والذرية الصالحة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه .
ثانيا :
ما فعله صديق والدها ، جرم عظيم وجناية كبيرة في حق هذه الطفلة ، وهو شذوذ قبيح ، وظلم بيّن للأب وابنته ، نسأل الله العافية ، ولا إثم عليها فيما جرى لها ؛ لعدم تكليفها آنذاك .
ومثل هذه المآسي يأخذ العاقل منها عبرة ، فيجب على الرجل أن ينظر في أصدقائه الذين يأتمنهم على أسراره وأهل بيته ، فقد يبدو بعضهم في صورة الصديق الناصح الأمين ، وهو في حقيقة الأمر شيطان من شياطين الإنس ، وقد نصحنا بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله : ( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ ) رواه الترمذي (2395) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ثالثا :(/1)
المقصود بالعادة السرية أو الاستمناء : العبث بالأعضاء وإثارة الشهوة حتى يتم إنزال المنيّ ، سواء كان ذلك باليد أو بغيرها ، وهي عادة قبيحة وفعل محرَّم ، وسبق بيان أدلة تحريمها في السؤال رقم (329) ، وفيه أيضاً إرشاد للعلاج من هذا الداء .
رابعا :
إذا مارس الصائم العادة السرية أثناء صومه ، وخرج منه المني ، فسد صومه في قول جمهور العلماء ، لكن إن كان يجهل أن ذلك مفسد للصيام ، فهل يفسد صومه ويجب عليه القضاء ؟
فيه خلاف بين الفقهاء ، ورجح جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، أنه لا يفسد صومه ، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وتجدين ذلك مفصلا في الجواب رقم (50017)
وينبغي لهذه الأخت أن تكثر من الاستغفار وفعل الطاعات ، وتجنب المحرمات ، ولزوم الاستقامة ، لعل الله أن يتجاوز عنها ، كما وعد سبحانه بقوله : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
خامسا :
الزواج – كغيره من أمور العبد – يجري بقدر الله تعالى ، ولا يُدرى أين الخير ، في تأخره أم في تعجله ؟ وعلى الإنسان أن يرضى ويسّلم ويتخذ الأسباب الجالبة للرزق والفرج ، ومنها الدعاء والإنابة والطاعة ، وراجعي السؤال رقم (21234)
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82761
إذا احتاج الأب للمال فهل يأخذ من مال ابنه المكتسب من مقهى ؟:
هل يمكن لأمي وأبي اللذين في أمس الحاجة إلى المال أن يأخذاه من عند أخي الذي يمتلك مقهى يتم فيها لعب الورق وتناول الشيشة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
للأب أن يأخذ من مال ولده ، ما احتاج إليه ، إذا كان لا يضر بالابن .
وذلك لما روى ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/142) من حديث جابر ، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) . والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وهذا الأخذ مشروط بشروط بينها الفقهاء ، قال ابن قدامة رحمه الله : " ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين :
أحدهما : أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر . نص عليه أحمد ، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه ، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى . وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف , فأخذها , وأنفقها في سبيل الله , وقال للزوج : جهز امرأتك .
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه " انتهى من "المغني" (5/395) .(/1)
وقد ورد ما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط حاجة الأب ، وهو ما رواه الحاكم ( 2 / 284 ) والبيهقي ( 7 / 480 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم هبة الله لكم { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور } فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ).
فإذا احتاج الأب للمال فله أن يأخذ من مال ولده ، فينفق على نفسه وعلى من يعول ، بشرط ألا يضر بالابن وألا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته ، كسيارته التي يركبها ونحو ذلك . وانظر السؤال رقم (9594)
ثانيا :
شرب الشيشة محرم ، والمال المكتسب منه محرم كذلك ، لكن إذا كان في المقهى ما يباح أكله أو شربه ، كالشاي والقهوة وما شابه ذلك ، فالمال الذي يجنيه أخوك من المقهى يُعدّ مالا مختلطا ، اجتمع فيه الحلال والحرام ، وما كان كذلك فإنه يجوز للغير أن يأكل منه ، وأن يتعامل مع صاحبه بالبيع والشراء وقبول الهبة ونحو ذلك ، وإن كان الورع ترك معاملته والأخذ من ماله ، لكن حيث كان الأب محتاجا لهذا المال فلا حرج عليه في الأخذ منه ، مع نصح الابن بتقوى الله تعالى ، وترك التعامل بالحرام .
قال الدسوقي رحمه الله : " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام ، المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله ، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد ، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى من "حاشية الدسوقي" (3/277) باختصار . وانظر السؤال رقم (45018) .
وانظر في حكم لعب الورق السؤال رقم (12567) ورقم (321) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82763
مصابة بالوسواس وتشك في عبادتها:
أنا إنسانة شديدة الوساوس بشكل لا يتصوره عقل بشر في الصيام ، وعندما أكون صائمة في رمضان تأتيني الوساوس في كل وقت أن صيامي خاطئ . فمثلا تأتيني الوساوس قبل الفجر وبعده ، وأحيانا قبل المغرب على أتفه سبب ، ومن ثم أصوم ذلك اليوم ولكن أنوي أن أعيده ، وعندما انتهى رمضان قلت في نفسي سأقضي القضاء فقط ، لأن تلك الأيام صمتها . ولكن جاءت الوساوس مرة أخرى بأن ما قلت سأعيده يجب إعادته لأنني نويت إعادته والآن لا أدري أأعيدها أم أسال الله عز وجل قبولها ؟ بالإضافة أنني جاءتني بعد القصة البيضاء صفرة في رجب وشعبان ورمضان ثم بعد ذلك لم تعد تأتيني بعد القصة البيضاء أي صفرة أو كدرة وهذا كان له كبير الأثر في المعاونة على الوساوس ، هذا وتضيع علي الأيام بعد رمضان بسبب الوساوس فهذا لم أنوي وهذا أدخلت نيتين وهذا دخل شيء في حلقي وهذا وذاك حتى يقرب رمضان الآخر وأنا لم أقض وأنا في حالة لا يعلم بها إلا الله عز وجل أرجو الإفادة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك من هذه الوساوس ؛ لأن الوسوسة نوع من المرض يتوصل الشيطان من خلاله إلى إدخال الهم والحزن على المؤمن، ونوصيك بالصبر ، والفزع واللجوء إلى الله تعالى وسؤاله العفو والعافية فإنه سميع قريب مجيب ، جل وعلا .
واعلمي أن خير علاج للوسوسة هو الإعراض عنها ، وعدم الالتفات إليها .
وانظري جواب السؤال رقم (62839) و (25778) .
ثانياً:
صيامك صحيح ، ولا يلزمك إعادة شئ منه ، ولو كنت نويت الإعادة ، لأنها ـ كما تعلمين وساوس ـ لا حقيقة لها . وانظري السؤال رقم (39684)
ثالثاً:(/1)
نزول الصفرة أو الكدرة بعد القصة البيضاء لا يكون حيضاً ؛ لقول أم عطية رضي الله عنها : ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً ) رواه البخاري ( 326 ) وأبو داود ( 307 ) واللفظ له .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82786
كراهية التسمي بـ ملَك:
رزقنا الله ببنت وسميناها "ملك" فهل هناك كراهية في التسمي بهذا الاسم فما حكم الشرع في هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
تكره التسمية بملك أو ملاكٍ ، فالذي ينبغي هو العدول عن هذا الاسم وتغييره إلى اسم حسن لا كراهة فيه شرعاً .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن التسمي بهذه الأسماء : أبرار – ملاك – إيمان – جبريل ؟
فأجاب : " لا يتسمى بأسماء أبرار وملاك وإيمان وجبريل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (3/67) .
وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله عن تسمية البنت بـ ملاك فقال : " الأولى تركه ، وذلك لأمرين :
1 - أن المراد بملاك الملَك ، وفي هذا مبالغة في تسمية المسمى بهذا الاسم .
2 - أنه اسم معروف عند النصارى ، وهم الذين يعبرون عن الملَك بـ ( ملاك ) ، والأسماء الحسنة التي لا شبهة فيها كثيرة ، فيستغنى بها عما فيه إشكال ، وشبهة " انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم (11228)
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله : " أما تسمية النساء بأسماء الملائكة ؛ فظاهر الحرمة ؛ لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم . وقريب من هذا تسمية البنت : ملاك ، مَلَكة ، ومَلَك ". انتهى من "معجم المناهي اللفظية" ص 565
وبناء على ذلك فإنه ينبغي أن تسعى في تغيير هذا الاسم إن أمكن ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 82799
هل يعمل طباعا في مكتب محاماة يدافع عن المجرمين ؟:
هل العمل كطباع في مكتب محاماة وعلمي بأن المستشارين يدافعون عن مجرمين وأنا أطبع هذه المذكرات على الكمبيوتر فهل علي إثم في ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
العمل في المحاماة يكون جائزا ويكون حراما ، بحسب القضية والحال ، فإن كانت المحاماة لنصرة مظلوم ، واسترداد حق ، فهي جائزة ، بل مستحبة ، وإن كانت لنصرة باطل أو إعانة على ظلم ، أو اعتمدت على كذب وزور فهي حرام . وراجع السؤال رقم (9496) .
وينبني على ذلك حكم العمل في مكاتب المحاماة ، في الطباعة وغيرها ، لأنها من جملة ما يستعان به في المحاماة ، فحيث كانت المحاماة جائزة ، كانت الوسائل المعينة عليها جائزة أيضا ، والعكس بالعكس ؛ قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
فإذا علمتَ أن المستشارين يدافعون عن مجرمين ، وطُلب منك طباعة مذكراتهم ، لم يجز لك ذلك ؛ لأنه إعانة على الإثم ، وإقرار للمنكر ، ومشاركة فيه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
والدفاع عن المجرم والتستر عليه ونصرته جريمة عامةٌ وخاصة ، عامة في حق الأمة ؛ لما لانتشار المجرمين وبعدهم عن العقاب من آثار سيئة لا تخفى ، وخاصةٌ في حق المجني عليه إن تعلقت القضية بشخص معين .
وكل إعانة على الظلم والجريمة محرمة ، سواء كان بإعداد المادة أو طباعتها أو الدفاع عنهم أو غير ذلك .(/1)
والواجب عليك هو نصح هؤلاء ، والامتناع عن المشاركة في طباعة ما تعلم أنه دفاع عن باطل ، فإن استجيب لك فالحمد لله ، وإلا فابحث عن عمل آخر ، تسلم فيه من الإثم ، وتنال منه رزقا حلالا .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82857
هل النطق بالشهادتين كافٍ لدخول الجنة ؟:
هل صحيح أنه إذا كانت عائلة الشخص تؤمن أنه " لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسوله " فإن ذلك يكون كافياً لدخول المذكور الجنة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
ليس الإسلام هو النطق بالشهادتين فقط ، بل لا بدَّ من تحقيق شروطٍ في هاتين الشهادتين حتى يكون الناطق بهما مسلماً حقّاً ، وأركان الإسلام : الاعتقاد والنطق والعمل .
عن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ) . رواه البخاري ( 3252 ) ومسلم ( 28 ) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله - :
قوله ( من شهد أن لا إله إلا الله ) أي : من تكلم بها عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً ، فلابدَّ في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها كما قال الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ الله ) .
وقوله ( إِلاَّ من شهد بالحق وهم يعلمون ) أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه : من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل : قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح : فغير نافع بالإجماع .(/1)
قال القرطبي في " المفهم على صحيح مسلم " : " باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين ، بل لابدَّ من استيقان القلب " هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كافٍ في الإيمان ، وأحاديث هذا الباب تدل على فساده ، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها ؛ ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق ، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح ، وهو باطل قطعاً ا.هـ
وفي هذا الحديث ما يدل على هذا وهو قوله : ( من شهد ) فإن الشهادة لا تصح إلا إذا كانت عن علم ويقين وإخلاص وصدق .
" فتح المجيد " ( ص 36 )
وشروط " شهادة أن لا إله إلا الله " سبعة شروط ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ؛ وهي على سبيل الإجمال :
الأول : العلم المنافي للجهل ، الثاني : اليقين المنافي للشك ، الثالث : القبول المنافي للرد ، الرابع : الانقيادُ المنافي للترك ، الخامس : الإخلاص المنافي للشرك ، السادس : الصدق المنافي للكذب ، السابع : المحبة المنافية لضدها ، وهو البغضاء .
وشروط " شهادة أن محمَّداً رسول الله " هي نفسها شروط " شهادة أن لا إله إلا الله " ، وهي مذكورة بأدلتها في جواب السؤالين ( 9104 ) و ( 12295 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82859
هل ورد حديث صحيح في ختان الإناث:
هل يوجد دليل كحديث صحيح ينص أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر أو سمح لزوجاته أو بناته بالختان بأي شكل أو صفة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم حديثا فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته أو بناته بالختان ، لكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أرشد امرأة كانت تختن بالمدينة ، إلى صفة الختان المحمود ، وذلك فيما روى أبو داود (5271) والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في الشعب عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ ) . والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وفي رواية : ( أشِِمِّي ولا تنهكي ) . والإشمام : أخذ اليسير في الختان ، والنهك : المبالغة في القطع .
ويدل عليه أيضا : عموم الأدلة الواردة في الختان ، كما في البخاري (5891) ومسلم (257)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الآبَاطِ ) ، وهذا عام في حق الرجال والنساء ، إلا ما كان من خصائص الرجال ، كالشارب .
وفي صحيح مسلم (349) من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ) .
وفي رواية الترمذي (109) وغيره : ( إذا التقى الختانان .. )
وترجم عليه البخاري في صحيحه .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : الْمُرَاد بِهَذِهِ التَّثْنِيَةِ خِتَان الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ .(/1)
وختان الأنثى يكون بقطع شيء من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول ، والسنّة أن لا تُقطع كلّها بل جزء منها . "الموسوعة الفقهية" (19/28).
وقد ذهب إلى وجوب ختان النساء الشافعية ، والحنابلة في المشهور من المذهب ، وغيرهم .
وذهب كثير من أهل العلم إلى أنه ليس واجبا في حق النساء ، وإنما هو سنة ومكرمة في حقهن .
غير أننا ننبه هنا إلى أن له فوائد طبية ، ينبغي الانتباه إليها ، بغض النظر عن اختلاف العلماء في وجوبه أو استحبابه . وقد سبق الإشارة إليها في الجواب رقم (45528)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82868
طهرت من النفاس قبل الأربعين لكنها لم تصل فهل يلزمها القضاء؟:
أنا امرأة لي أسبوعان من النفاس ، لي سبعة أيام لم أر دما ولكني لم أصلّ بعد لنسياني ذلك برغم أني أعرف أن المرأة تصلي أثناء الطهارة ولكن لم أفكر بهذا فقد قلت لنفسي سوف أصلي بعد الأربعين. فهل علي قضاء تلك الأيام السبعة أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ليس لأقل النفاس حد ، فقد تطهر المرأة من النفاس بعد يوم أو يومين من الولادة ، ومتى طهرت المرأة من نفاسها وجب عليها الاغتسال والصلاة ، ولو كان ذلك قبل مرور أربعين يوماً .
قال الترمذي رحمه الله : " و َقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي " انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/458) : " إذا رأت المرأة النفساء الطهر قبل تمام الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولزوجها جماعها " انتهى .
ثانيا :
حيث إنك تركت الصلاة مدة سبعة أيام ، مع علمك أن المرأة إذا طهرت لزمتها الصلاة ، فإنه يجب عليك قضاء ما فاتك ، وصفة القضاء أن تصلي خمس صلوات عن اليوم الأول : ( الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ) ثم خمس صلوات عن اليوم الثاني ، وهكذا حتى تقضي سبعة أيام . وهذا القضاء واجب على الفور ولا يجوز تأخيره ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَلِكَ ( وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )) رواه البخاري (597) ومسلم (684).(/1)
وإذا كان عليك مشقة في قضاء تلك الصلوات جميعاًَ في وقت واحد ، فإنك تصلين بعضها ثم ترتاحين ثم تصلين بعضها وهكذا حتى تتميها كلها ، ولو استغرق ذلك عدة أيام ، دفعاً للحرج والمشقة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82873
لديه مقهى إنترنت ويسأل عن كسبه:
أنا شاب مسلم والحمد لله ، لدي محل تجاري للإنترنت ، ولا أدري هل كل ما أكسب منه فيه شبهة أم ما ذا ؟ مع العلم بأني أريد أن أتزوج منه وأحج ، إن شاء الله .
الجواب:
الحمد لله
محل الإنترنت إذا أمكن ضبطه ومنع المنكر منه ، فلا حرج في فتحه ، والمكسب الناتج منه حلال . وأما إذا لم يمكن ضبطه ، ولا التحكم فيه ، بل صار رواده يستعملونه فيما حرم الله ، من مطالعة الفساد ، واقتراف الرذائل ، كما هو الغالب على حال هذه المحلات وروادها ، فلا يجوز فتحه ، والكسب الناتج عنه محرم ، وحينئذ يتعين عليك تحويل المحل إلى مشروع آخر ، تسلم فيه من الإثم ، وتجني منه الربح الحلال ، الذي يكون عونا لك على الطاعة ، من الحج والزواج وغيره .
وانظر جواب السؤال رقم (34672) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء سؤالا مفصلا عن مقاهي الإنترنت ، يحسن إيراده هنا بنصه :
" س : مما يدور عنه الحديث الآن عن مقاهي الإنترنت التي انتشرت في الآونة الأخيرة ، وبأعداد كبيرة ، ما حكم الاستثمار والتجارة في هذه المقاهي ؟ مع وجود بعض المضار والمحرمات الموضحة بالصور التالية :
الصورة الأولى : الانترنت يؤجر المستخدم جهاز الكمبيوتر بالساعة ، مع أننا لا نعلم عن ما سوف يستعمل المستخدم الإنترنت ، هناك عدة برامج ومواقع كثيرة يستطيع أن يتصفحها المستخدم ، منها ما هو النافع والضار ، ومن المواقع ما تستطيع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية التحكم فيه وإلغاء الموقع ، ولكن يوجد بعض المستخدمين من يستطيع الدخول للمواقع الممنوعة والمغلقة .
ملاحظة : لا نستطيع التحكم على البرنامج إلا بإلغاء الخدمة .(/1)
الصورة الثانية : هناك ما يسمى ببرنامج الميكروسوف شات ، وهو للمحادثة والمراسلة ، يتم من خلاله تحدث المستخدمين مع العبارات والألفاظ البذيئة والفاحشة ، ويمكن من خلاله إرسال واستقبال بعض الصور والأفلام الخليعة ، ومن الممكن أن يتحكم في إرسال الصور والأفلام واستقبالها فقط ، ولكن يوجد من يستطيع أن يكسر التحكم بطرق ملتوية .
الجواب :
إذا كان هذه الأجهزة يتم لمستخدمها التوصل إلى أمور منكرة باطلة ، تضر بالعقيدة الإسلامية أو يتم من خلالها الاطلاع على الصور الفاتنة والأفلام الماجنة ، والأخبار الساقطة ، أو حصول المحادثات المريبة ، أو الألعاب المحرمة ، ولا يمكن لصاحب المحل أن يمنع هذه المنكرات ، ولا أن يضبط تلك الأجهزة ، فإنه ـ والحال ما ذكر ـ يحرم الاتجار بها ، لأن ذلك من الإعانة على الإثم والمحرمات ، والله جل وعلا قال في كتابه العزيز : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2
وبالله التوفيق " انتهى من " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/284).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 82886
العمل في فندق كأمين مخزن وبه خمور:
أعمل أمين مخازن في أحد الفنادق ، وهذه المخازن بها خمور ، علماً بأنني لم أتناولها أبدا !! هل عملي هذا حلال أم حرام ؟
وهل يتغير الحكم إن كنت لا أجد عملا غيره وأنا متزوج ؟.
الجواب:
الحمد لله
" الخمر أم الخبائث " ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم [ رواه الطبراني في الأوسط ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع ] .
فلا يجوز شربها ، ولا حملها ، ولا بيعها ، ولا شراؤها ، ولا الإعانة عليها بأي وجه من الوجوه ، كتقييدها في الدفاتر ، أو تسجيلها في الحاسب ونحو ذلك ، لما جاء فيها من الوعيد ، واللعن ، كما روى أبو داود (3674) وابن ماجه (3380) عن ابْنِ عُمَرَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ). وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ورواه الترمذي (1295) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ).
ولا شك أن عملك في المخازن التي فيها الخمور ، يقتضي حفظها ، وتسجيلها وتقييدها ، مع السكوت على منكر حملها ونقلها بين الحين والآخر .
وبناء على ذلك ، فلا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل ؛ لما فيه من المعاونة على الإثم والعداون ، وترك إنكار المنكر .(/1)
قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
ومعلوم أن الإنكار بالقلب يشترط له مفارقة محل المنكر ، كما دل عليه قوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140
قال القرطبي رحمه الله : " قوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر. ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية ( إنكم إذا مثلهم ) أي إن الرضا بالمعصية معصية ، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم . وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ولكنه إلزام شَبَهٍ بحكم الظاهر من المقارنة كما قال : فكل قرين بالمقارن يقتدي " انتهى .(/2)
وعليك أن تبحث عن عمل آخر مباح ، وأن توقن بأن الرزق من عند الله ، وأن الله لا يضيع عبده المؤمن ، وإياك أن يحملك ضيق العيش ، وسوء الحال ، وتأخر الفرج حينا من الزمان أن تطلب الرزق بمعصية الله تعالى .
روى ابن ماجة في سننه (2144) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ؛ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
واعلم ـ أيها الأخ الكريم ـ أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . كما روى الإمام أحمد (22565) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءِ قَالا : أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا : هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ؟!
قَالَ : نَعَمْ ؛ سَمِعْتُهُ يَقُولُ :
( إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ ) قال الأروناؤط : إسناده صحيح . وصححه الألباني في السلسلة الضعيفة ، تحت الحديث رقم (5) .
ومهما لاقيْتَ من ضيق في العيش فإنه أهون من رؤية هذا المنكر العظيم ، والعمل في هذه الأماكن التي قد تحل بها اللعنة ، وكسب المال الخبيث الذي لا خير فيه لك ولا لأهلك ، فبادر وعجل بالخروج من هذا البلاء .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ، وأن يرزقك من فضله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 82972
حديث موضوع في فضل التقاط الطعام الملقى على الأرض:
هناك حديث ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : "من التقط لقمة وقعت منه على الأرض أثناء الطعام فسوف يهبه الله أطفالاً رائعين جدًا " . فهل هذا الحديث صحيح ومن الكتب المحققة ؟ وإن كان صحيحًا فما التفسير العلمي لهذا الحديث ( أقصد ما العلاقة بين التقاط الطعام والأطفال الرائعين ؟ )
الجواب:
أولا :
جاءت الشريعة المطهرة باحترام النعم ، وشكر المنن ، وتقدير الخير الذي يسخره سبحانه وتعالى للناس .
والطعام من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان ، جعل فيه حياته وقوته ، كما جعل فيه لذته ، ولذلك أمر بالحمد بعد تناوله ، والشكر على إحسانه به .
يقول الله عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة/172
وقال سبحانه :
( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) النحل/114
وقال سبحانه :
(لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ) يس/35
ولا شك أن من شكر نعمة الطعام احترامها وعدم إلقائها ، ورفعها عن مواضع الإهانة والقذارة ، وحفظها عن ما يفسدها .
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/191) :
" حسن الجوار لنعم الله من تعظيمها ، وتعظيمها من شكرها ، والرمي بها من الاستخفاف بها ، وذلك من الكفران ، والكَفور ممقوت مسلوب ، ولهذا قالوا : الشكر قيد للنعمة الموجودة ، وصيد للنعمة المفقودة . وقالوا : كفران النعم بوار ، فاستدع شاردها بالشكر ، واستدم هاربها بكرم الجوار .(/1)
فارتباط النعم بشكرها ، وزوالها في كفرها ، فمن عظَّمَها فقد شكرها ، ومن استخف بها فقد حقرها وعرضها للزوال ، ولهذا قالوا : لا زوال للنعمة إذا شكرت ، ولا بقاء لها إذا كفرت .
قال ابن الحاج : كان العارف المرجاني إذا جاءه القمح لم يترك أحدا من فقراء الزاوية ذلك اليوم يعمل عملا حتى يلتقطوا جميع ما سقط من الحب على الباب أو بالطريق .
قال : فينبغي للإنسان إذا وجد خبزا أو غيره مما له حرمة ، مما يؤكل ، أن يرفعه من موضع المهنة إلى محل طاهر يصونه فيه ، لكن لا يُقَبِّلُهُ ولا يرفعه فوق رأسه كما تفعله العامة ؛ فإنه بدعة .
قال : وهذا الباب مجرَّب ، فمن عظَّم الله بتعظيم نعمه لطف به وأكرمه ، وإن وقع بالناس شدة جعل له فرجا ومخرجا " انتهى .
وقد جاءت النصوص تأمر برفع الطعام الساقط على الأرض :
فعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ، ثُمَّ ليَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ) رواه مسلم (2033)
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَامًا لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ ، قَالَ وَقَالَ : إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ ، قَالَ : فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمْ الْبَرَكَةُ ) رواه مسلم (2034)
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (13/206) :(/2)
" معناه والله أعلم : أن الطعام الذى يحضره الإنسان فيه بركة ، ولا يُدرى أن تلك البركة فيما أكله ، أو فيما بقي على أصابعه ، أو في ما بقي في أسفل القصعة ، أو فى اللقمة الساقطة ، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصل البركة ، وأصل البركة الزيادة وثبوت الخير والإمتاع به ، والمراد هنا والله أعلم : ما يحصل به التغذية ، وتسلم عاقبته من أذى ، ويُقَوِّي على طاعة الله تعالى وغير ذلك " انتهى .
وقد نص الفقهاء في كتبهم على هذا الأدب العظيم ، حتى قال ابن حزم في "المحلى" (6/117) بوجوبه ، وانظر : المبسوط (30/268) ، حاشية تحفة المحتاج (7/438) ، الإنصاف (8/327) ، الموسوعة الفقهية (6/121) .
كما ذكروا لهذا الأدب حكما عديدة ، وفوائد كثيرة ، منها :
1- امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم وسنته .
2- التواضع وعدم التكبر .
3- احترام نعم الله تعالى وتعظيمها وشكرها وعدم الاستخفاف بها .
4- تحصيل البركة التي قد تكون في اللقمة الساقطة .
5- حرمان الشيطان من ذلك الطعام ، حتى قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (13/204) :
" فان وقعت على موضع نجس فلا بد من غسلها إن أمكن ، فإن تعذر أطعمها حيوانا ولايتركها للشيطان " انتهى .
6- الاقتصاد وعدم الإسراف .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (1/459) :
" من آداب الأكل أن الإنسان إذا سقطت لقمة على الأرض فإنه لا يدعها ؛ لأن الشيطان يحضر الإنسان في جميع شئونه ...
والإنسان إذا فعل هذا امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وتواضعا لله عز وجل ، وحرمانا للشيطان من أكلها ، حصل على هذه الفوائد الثلاثة : الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والتواضع ، وحرمان الشيطان من أكلها " انتهى .(/3)
ويغفل كثير من الناس عن هذا الأدب أثناء تناول الطعام على السفر ، فيظنون أنه أدب خاص بما إذا سقط الطعام على الأرض ، ولكنه أدب ينبغي الامتثال به حتى على السفر ، فإذا سقطت اللقمة من الصحن على السفرة فعليه أن يرفعها .
سئل الشيخ ابن عثيمين في "لقاءات الباب المفتوح" (31/سؤال رقم 25) :
" الطعام الذي يسقط على السفرة هل يدخل في حديث إماطة الأذى ؟
فأجاب :
نعم . الطعام الذي يسقط على السفرة داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا سقطت لقمة أحدكم ، فليأخذها وليمط ما بها من أذى ، ولا يدعها للشيطان ) " انتهى .
ثانيا :
ما يتناقله بعض الناس من مبالغات في هذا الموضوع هو من الأخبار الكاذبة ، فقد روى بعض الوضاعين فضائل لمن يرفع اللقمة الساقطة على الأرض ، ونسبوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بريء منه .
يقول الإمام السخاوي رحمه الله في "المقاصد الحسنة" (627) :
" حديث ( من أكل ما يسقط من الخِوان والقَصعةِ أمِن من الفقر والبرص والجذام ، وصُرِفَ عن ولده الحُمقُ ) أبو الشيخ في الثواب عن جابر به مرفوعا .
وعن الحجَّاجِ بن علاط مرفوعا أيضا بلفظ :
( أُعطِيَ سعةً من الرزق ، ووُقِيَ الحمقَ في ولده ، وَوَلَدِ ولده )
والديلمي من طريق الرشيد عن آبائه عن ابن عباس رفعه :
( من أكل ما يسقط من المائدة خرج ولده صباح الوجوه ، ونفى عنه الفقر )
وأخرجه الخطيب في ترجمة عبد الصمد الهاشمي ثم ضعفه .
وأورده الغزالي في الإحياء بلفظ : ( عاش في سعة ، وعوفي في ولده )
وفي الباب عن أنس أورده الخطيب في ترجمة يونس من المؤتلف ، وفيه قصة لهدبة بن خالد مع المأمون ، وعن أبي هريرة .
وكلها مناكير " انتهى .
ومن الأحاديث المكذوبة في هذا الموضوع :
( أكرموا الخبز ، فإنه من بركات السماء والأرض ، من أكل ما يسقط من السفرة غُفر له )
وانظر "الموضوعات" (2/289- 292) ، "تنزيه الشريعة" (322) ، "كشف الخفاء" (2/230)(/4)
فالواجب تحذير الناس من هذه الأحاديث ، وبيان بطلانها وكذبها ، ونفيُ الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال والقربات .
ثالثا :
مما ينبغي التنبيه عليه ما يفعله بعض الناس حين يرفع الطعام الساقط على الأرض فتجده يقبله ويضعه على جبهته ، فما حكم ذلك ؟
جاء في "الموسوعة الفقهية" (13/133-134) :
" صرّح الشّافعيّة بجواز تقبيل الخبز ، وقالوا : إنّه بدعة مباحة أو حسنة ، لأنّه لا دليل على التّحريم ولا الكراهة ، لأنّ المكروه ما ورد عنه نهي ، أو كان فيه خلاف قويّ ، ولم يرد في ذلك نهي ، فإن قصد بذلك إكرامه لأجل الأحاديث الواردة في إكرامه فحسن ، ودوسه مكروه كراهة شديدة ، بل مجرّد إلقائه في الأرض من غير دوس مكروه .
وقال صاحب الدّرّ من الحنفيّة مؤيّداً قول الشّافعيّة في جواز تقبيل الخبز : وقواعدنا لا تأباه .
أمّا الحنابلة فقالوا : لا يشرع تقبيل الخبز ولا الجمادات إلا ما استثناه الشّرع " انتهى .
قال ابن مفلح : ( وهو ظاهر كلام الشيخ تقي الدين ؛ فإنه ذكر أنه لا يشرع تقبيل الجمادات ، إلا ما استثناه الشرع ) الآداب الشرعية (3/231) .
وإلى المنع ذهب المالكية أيضا . قالوا : ( وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَكَذَا الْخُبْزُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَهُ ـ أي الخبز ـ مَكْرُوهٌ [ الخرشي على خليل ( 2/326) الفواكه الدواني (1/356) ]
وقد سبق نص ابن الحاج على أن تقبيل الخبز بدعة .
والأظهر ـ والله أعلم ـ ما ذهب إليه المالكية والحنابلة من المنع ، لقول عمر رضي الله عنه ، لمّا قبل الحجر : ( لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ ) رواه البخاري (1610) ومسلم (1270) .
قال الحافظ ابن حجر : " قال شيخنا [ يعني : العراقي ] في شرح الترمذي : فيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/5)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 82994
عورة المرأة أمام النساء والمحارم:
ما حدود العورة بين الأخت وأخيها ؟ وما العورة بين البنت وأمها أو أختها ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين ، قال الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 .
فأباح الله تعالى للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها ( زوجها ) ومحارمها ، والمقصود بالزينة مواضعها ، فالخاتم موضعه الكف ، والسوار موضعه الذراع ، والقرط موضعه الأذن ، والقلادة موضعها العنق والصدر ، والخلخال موضعه الساق .
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره : " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم ، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع ...فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع ، وهي مواضع الزينة الباطنة ؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين ، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة . وروي عن ابن مسعود والزبير : القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه ، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج " انتهى .(/1)
وقال البغوي رحمه الله : " قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم ، وأراد بها الزينة الخفية ، وهما زينتان خفية وظاهرة ، فالخفية : مثل الخلخال ، والخضاب في الرِّجْل ، والسوار في المعصم ، والقرط والقلائد ، فلا يجوز لها إظهارها ، ولا للأجنبي النظر إليها ، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" (5/11) : " ولرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه . قال القاضي على هذه الرواية : يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى .
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة ، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها ، قال القرطبي رحمه الله : " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر ، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها . وتختلف مراتب ما يُبدى لهم ، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى .
ثانيا :
المقرر عند الفقهاء أن عورة المرأة مع المرأة هي ما بين السرة والركبة ، سواء كانت المرأة أما أو أختا أو أجنبية عنها ، فلا يحل لامرأة أن تنظر من أختها إلى ما بين السرة والركبة إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة كالمداواة ونحوها .
وهذا لا يعني أن المرأة تجلس بين النساء كاشفة عن جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة ، فإن هذا لا تفعله إلا المتهتكات المستهترات ، أو الفاسقات الماجنات ، فلا ينبغي أن يساء فهم
قول الفقهاء : " العورة ما بين السرة والركبة " فإن كلامهم ليس فيه أن هذا هو لباس المرأة ، الذي تداوم عليه ، وتظهر به بين أخواتها وقريناتها ، فإن هذا لا يقره عقل ، ولا تدعو إليه فطرة .(/2)
بل لباسها مع أخواتها وبنات جنسها ينبغي أن يكون ساترا سابغا ، يدل على حيائها ووقارها ، فلا يبدو منه إلا ما يظهر عند الشغل والخدمة ، كالرأس والعنق والذراعين والقدمين ، على نحو ما ذكرنا في مسألة المحارم .
وللجنة الدائمة للإفتاء فتوى في بيان ما يجوز للمرأة كشفه أمام محارمها وأمام النساء ، سبق أن نقلناها في جواب السؤال رقم (34745) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 83006
هل يحج قبل أن يسدد فاتورة الكهرباء والهاتف ؟:
إذا صدرت فاتورة مثل فاتورة جوال أو كهرباء وغيره هل يلزم بتسديدها قبل الحج ؟.
الجواب:
الحمد لله
ينبغي للإنسان أن يسدد ديونه قبل سفره – سواء كان سفره إلى الحج أم غيره – أو يترك من الأموال ما يكفي لسدادها ، حتى تبرأ ذمته ، ولا يكون مطالباً عند الله بشيء من حقوق العباد .
وأما السفر إلى الحج لمن عليه دين ، فيقال إن الديون على ثلاثة أنواع :
الأول : دين غير مؤجل وجاء وقت سداده ويطالب به أصحابه ، فيجب سداده ، ولا يجوز تأخيره لأجل الحج أو غيره ، لأن ذلك يدخل في المَطْل المحرم .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ومسلم (1564) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه النسائي (4689) وأبو داود (3628) وابن ماجه (2427) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
و( لَيُّ الْوَاجِدِ ) بمعنى ( مطل الغني ) وهو مماطلة الغني القادر على سداد الدين وتأخيره للسداد من غير عذر .
والمقصود بحل عرضه : أن يقال: مطلني فلان، أو يا ظالم يا معتدي ، وعقوبته : حبسه .
ولو فرض أن سداد هذا الدين يؤدي إلى عدم الحج ، فإنه يجب السداد ، ولا إثم في ترك الحج حينئذ ؛ لأنه لا يجب إلا على المستطيع له ماديا وبدنيا .
الثاني : دين يتسامح فيه أهله ، ويرضون بتأخيره ، ويأذنون لصاحبه في الحج ، وهذا لا إشكال فيه ، لكن الأفضل هو السداد ؛ حتى تبرأ الذمة ؛ لأن الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال للمدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .(/1)
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين ، فكيف بغيره ؟!
الثالث : دين مؤجل ، لم يحن وقته في زمن الحج ، فهذا لا يمنع المدين من الحج ، إلا إن علم أن بذله المال في الحج سيمنعه من سداد الدين ، إما لقرب موعد السداد ، أو لقلة ذات اليد ونحو ذلك ، فهذا إن حج كان مفرطا متهاونا في أداء ما عليه من حق .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/46) : " من شروط الحج : الاستطاعة ، ومن الاستطاعة : الاستطاعة المالية . ومن كان عليه دَيْن مطالبٌ به بحيث أن أهل الدَّين يمنعون الشخص عن الحج إلا بعد وفاء ديونهم فإنه لا يحُجّ ، لأنه غير مستطيع ، وإذا لم يطالبوه ويعلم منهم التَّسامح فإنه يجوز الحج ويكون صحيحاً . ويجوز الحج كذلك إذا كان الدَّين غير محدد الوقت للقضاء بميعادٍ معيَّن ، ويكون قضاؤه متى تيسر ، وقد يكون الحج سبب خيرٍ لأداء الدين . والله أعلم " انتهى .
والذي يظهر أن فاتورة الكهرباء والهاتف ونحو ذلك هي من الدين المؤجل ، وذلك لأنهم يحددون فترة تسدد فيها الفاتورة ، قد تكون قريبة من الشهر ، فإن استطاع الإنسان أن يحج ثم إذا رجع سدَّد الفاتورة ، فلا حرج عليه ، أما إذا كان وقت السداد ينتهي قبل رجوعه من الحج ، فليبدأ أولاً بسداد الفاتورة ، ثم إن بقي معه مال يكفي للحج ، فالحمد لله ، وإن لم يكف فإنه يؤجل الحج إلى أن ييسر الله له .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83008
هل يحج أم يفي بوعده لأخيه ويعطيه المال ؟:
قبل فترة من الزمن طلب مني أخي نقودا فوعدته بإعطائه الذي أملك وبعد ذلك بأسبوعين اتصل علي خالي وطلب سلفة هو الآخر وقمت بإعطائه المال الذي طلبه ولم أستطع رده لأن له جميلا سابقا ، طبعا المال الذي وهبته هو جزء من المال الذي وعدت به أخي .
السؤال : أني نويت الحج فما أفعل : هل أخلف الوعد مع أخي علما بأنه محتاج له وأحج به ؟ هل أعطيه المال وأستلف للحج ؟ طبعا لا يجوز ، أم هل يتم تأجيل الحج الى السنة القادمة بمشيئة الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نشكر لك حسن صنيعك وصلتك للرحم ومساعدتك لأقاربك بالمال ، ونسأل الله تعالى
أن يجزيك خيراً .
ثانيا :
يجوز للإنسان أن يقترض ليتمكن من الحج ، إذا كان واثقاً من قدرته على الوفاء ، كما لو كان موظفاً وله راتب ، ويعلم أن راتبه يكفيه لقضاء الدين ، أو كان صاحب تجارة ونحو ذلك .
قال في "مواهب الجليل" (2/531) :
" وفي منسك ابن جماعة الكبير : " وإن اقترض للحج مالا حلالا في ذمته وله وفاء به ورضي المقرض فلا بأس به " انتهى .
وبهذا أفتت اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمه الله .
انظر : " فتاوى اللجنة الدائمة " (11/41) ، " فتاوى الشيخ ابن باز " (16/393) .
فإذا فعلت ذلك فإنك تكون قد جمعت بين جميع المصالح : حججت ، وأحسنت إلى أخيك ، ووفيت بما وعدته به .
ثالثا :
أما إذا لم تجد من يقرضك فإنك تحاول النظر في المصالح وتقدم الأهم منها ، وتقدم أيضاً المصلحة التي لا تحتمل التأخير على تلك التي يمكن تأخيرها .
فتنظر في الحج : هل هو واجب عليك ؟ أم سبق لك أن حججت الفريضة ، وتريد أن تحج النافلة .
وتنظر في حاجة أخيك : هل هي حاجة ماسة أم لا ؟ وهل يمكن تأجيلها شهراً أو شهرين أم لا ؟ وهل يمكنك أن تقضي له جزءً من حاجته الآن وتؤجل الباقي أم لا ؟ .........إلخ .(/1)
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83009
إذا صلى بعض المأمومين خارج المسجد وانقطع التيار الكهربائي:
أتيت إلى المسجد متأخرا لصلاة العشاء ، ولم يكن داخل المسجد مكان للصلاة فصلينا خارج المسجد ، وفي الركعة الأخيرة انقطع التيار الكهربائي وانقطع صوت الميكروفون عنا ولم نسمع الإمام ، ماذا نفعل في هذه الحالة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان بعض المأمومين خارج المسجد ، وتعذر اقتداؤهم بالإمام لانقطاع التيار الكهربائي ، فإن المشروع في هذه الحال أن يقوم أحد المأمومين القريبين من باب المسجد بالجهر بالتكبير حتى يسمع من بخَارج المسجد ، ويمكنهم متابعة الإمام في الصلاة ، فإن لم يفعل فإنهم يخيرون بين أحد أمرين : إما أن يتموا صلاتهم فرادى ، وإما أن يقدموا أحدهم يتم بهم الصلاة جماعة ، وهذا هو الأولى ، حتى لا يقع المصلون في الاضطراب والارتباك الحاصل بسبب انقطاع صوت الإمام .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : صلى جماعة في قبو مسجد ( الطابق الأرضي ) صلاة الجمعة ، وأثناء الصلاة انقطع التيار الكهربائي ، وأصبح المأمومون لا يسمعون الإمام ، فتقدم أحد المأمومين وأكمل بهم الصلاة . فما حكم صلاة هؤلاء علما أنه أكمل بهم الصلاة على أنها جمعة؟ وما الحكم فيما لو لم يتقدم أحد ، هل يكمل كل فرد منهم صلاته وحده ؟ وإذا كان يجوز ذلك هل يكملها على أنها ظهر أو على أنها جمعة ، حيث إنه استمع إلى الخطيب وافتتح الصلاة مع الإمام وصلى معه ركعة ؟(/1)
فأجاب : إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل ، فصلاة الجميع صحيحة ؛ لأن من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولو لم يتقدم لهم أحد فصلى كل واحد بنفسه الركعة الأخيرة أجزأه ذلك ، كالمسبوق بركعة يصلي مع الإمام ما أدرك ثم يقضي الركعة الثانية لنفسه ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (12/331) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83025
تشك في طهارتها لطواف الإفاضة فماذا يلزمها الآن ؟:
أحرمت بالحج وعند صباح اليوم الذي كنت سأقوم بطواف الإفاضة فيه استيقظت وشكيت بأني احتلمت ولكنى لم أكن متأكدة وأديت طواف الإفاضة بهذا الشك ، أرجوكم أفتوني ماذا علي أن أفعل بالتحديد علما بأني مقيمة الآن بجده وعندما أحرمت بالحج أحرمت من مصر مع العلم أني لا أستطيع أن أعود وأحرم من مصر مرة أخرى أخشى ألا يكون حجي صحيحا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الطهارة - الكبرى والصغرى - شرط لصحة الطواف عند جمهور العلماء ، فمن طاف جنبا أو محدثا لم يصح طوافه ، وإذا كان هذا الطواف هو طواف الإفاضة ، فإن الحاج يظل على إحرامه ، فلا يكون متحللا التحلل الأكبر ، فيُحظر عليه الجماع ، ولا يتحلل من حجه حتى يأتي بالطواف .
ثانيا :
من شك في كونه جنبا ولم يتقين من ذلك ، فإنه لا يلزمه الغسل ؛ لأن الأصل الطهارة ، وعليه فطوافك صحيح ما دمت لم تتيقني من الاحتلام برؤية المني . ولا داعي حينئذ للقلق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83029
متى يكون الشخص موسوسا ؟:
متى يكون الشخص مبتلى بالوسواس وهل يمكنه الحكم على نفسه بالوسواس ؟ أرجو أن تفسروا هذه الفقرة في سؤال رقم (62839) " بل إن المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به ، عند بعض أهل العلم ، ما لم يقصد الطلاق ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد ، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة ، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طلاق في إغلاق ) . فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة ، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق ) انتهى ، نقلا عن : فتاوى إسلامية 3/277 " كيف يكون هذا الوسواس ؟.
الجواب:
الحمد لله
الوسوسة نوع من المرض ، عافانا الله وإياك منه ، وهي من تسلط الشيطان على الإنسان ليُدْخِل عليه الهم والحزن والكرب والضيق .
والوسوسة أنواع ، فمن ذلك : الوسوسة في الطلاق ، فيظن الموسوس أنه طلق زوجته ، ويحدِّث نفسه بالطلاق ، ويعتريه الشك هل تلفظ بالطلاق أم لا ؟ هل طلق أو لا ، ويبقى في حيرة من أمره ، مع أنه لا يريد طلاق زوجته ولا يرغب في ذلك .
وبعضهم إذا تكلم بكلمة معينة أو لم يَرُدَّ على زوجته ، ظن أن الطلاق يقع بذلك ، وأن هذا كناية عن الطلاق ، وكل هذا وهم لا حقيقة له ، وربما شعر أن الكلمات خرجت من فمه وأنه سمعها . فمثل هذا المبتلى حتى لو فرض أنه تكلم بكلام مسموع ، فما دام أنه موسوس ، ولم يُرِد الطلاق إرادة حقيقية ، فلا يقع طلاقه ، هذا معنى كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله المنقول في الجواب السابق .(/1)
ومن الناس من يوسوس في الطهارة ، فكلما توضأ أعاد الوضوء ظنا منه أنه لم يغسل أحد الأعضاء ، أو أن وضوءه قد انتقض ، أو أنه إن لم يُعد الوضوء سيظل في شك بقية يومه ، وهكذا يسيطر عليه شعور قوي يدعوه إلى إعادة الطهارة ، ولا تهدأ نفسه حتى يفعل . وقد ذكرنا في أجوبة عدة أن علاج الوسوسة يكون بتقوية الإيمان بالأعمال الصالحة والأذكار النافعة ، مع عدم الالتفات للوسوسة والاستجابة لها .
وانظر في ذلك : السؤال رقم (62839) ، ورقم (39684)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83032
قيام الرجل بتحفيظ القرآن لنساء من وراء حجاب:
هل يجوز للرجل أن يحفظ مجموعة من النساء في المنزل مع العلم بحضور زوجة أحد هؤلاء النساء معه ووجود ستارة بين المحفظ وهؤلاء النساء أرجو الإفادة وبيان السند والأدلة الشرعية.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الأولى والأسلم أن تبحث هؤلاء الأخوات عن امرأة تتولى تحفيظهن القرآن ، في المنزل أو المسجد ؛ لما في ذلك من البعد عن الفتنة وأسبابها ، فإن لم يتيسر ذلك ، وأمكن الاكتفاء بالحفظ عن طريق المسجل والكمبيوتر ، مع تعاون هؤلاء الأخوات على أمر المراجعة والمتابعة ، فهذا حسن ، وهو أولى من الجلوس إلى رجل يحفظهنّ .
ثانيا :
إذا دعت الحاجة إلى قيام رجل بتدريسهن وتعليمهن ، إما لعدم وجود المعلمة ، أو لكونه مجودا متقنا ، يعلمهن أحكام التلاوة ، فلا حرج في ذلك إذا روعيت الضوابط التالية :
1- أن يكون تدريسه لهن من وراء حجاب .
2- أن لا يكون خضوع بالقول من إحداهن .
3- أن يكون الكلام مع المحفظ على قدر الحاجة فقط .
4- أن ينسحب المحفظ من هذا العمل إذا شعر بميل قلبه أو تلذذه بصوت إحداهن .
5- ينبغي أن يكون المعلم كبير السن ، متزوجا ، معروفا بالصلاح والاستقامة .
وينبغي التنبه إلى أن صوت المرأة ليس عورة على الراجح من قولي العلماء ، بشرط ألا تلين وتخضع بالقول .
قال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (5/15) : " وصوتها - أي الأجنبية - ليس بعورة ، قال في الفروع وغيره : على الأصح ، ويحرم التلذذ بسماعه ولو كان بقراءةٍ ، خشية الفتنة " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" من فقه الشافعية (4/210) : " وصوت المرأة ليس بعورة , ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة " انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (12/156) : "(/1)
أولا : الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك .
ثانيا :
لا يجوز للرجل أن يعلم المرأة وهي ليست متحجبة ، ولا يجوز أن يعلمها خاليا بها ولو كانت بحجاب شرعي ، والمرأة عند الرجل الأجنبي عنها كلها عورة ، أما ستر الرأس وإظهار الوجه فليس بحجاب كامل .
ثالثا :
لا حرج في تعليم الرجل المرأة من وراء حجاب في مدارس خاصة بالنساء ، لا اختلاط فيها بين الطلاب والطالبات ، ولا المعلم والمتعلمات.
وإن احتجن للتفاهم معه ؛ فيكون عبر شبكات الاتصال المغلقة ، وهي معروفة ومتيسرة ، أو عبر الهاتف ، لكن يجب أن يحذر الطالبات من الخضوع بالقول بتحسين الكلام وتليينه " انتهى.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83035
تحريم التأمين التجاري بجميع صوره:
سمعت أن التأمين حرام كان ذلك تعاونيا أو غيره ماذا أفعل وقد أمنت على سيارتي ورخصة قيادتي وفي نيتي التأمين على الصحة والحياة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
التأمين ينقسم إلى تجاري وتعاوني ، وبينهما فروق موضحة في جواب السؤال رقم (36955) ، والتأمين التعاوني جائز إذا التُزمت فيه الضوابط المذكورة في الجوابين السابقين ، لكنه نادر الوجود ، وقد ادعت بعض الشركات أنها تلتزم بالتأمين التعاوني والواقع أن ما تقوم به لا يخرج عن التأمين التجاري .
ثانيا :
من أجبر وألزم بالتأمين على الرخصة أو السيارة ، من قبل الدولة ، فلا حرج عليه في التأمين حينئذ ، ويقتصر على ما يدفع الضرر عنه ، فليس له أن يؤمن تأمينا شاملا ، مع وجود التأمين ضد الغير ؛ لأن من قواعد الشريعة أن الضرورة تقدّر بقدرها . وانظر جواب السؤال رقم (45918) .
ثالثا :
لا يجوز التأمين الصحي ولا التأمين على الحياة ، وراجع السؤال رقم (10805)، (39474) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83038
الأقطاب والأبدال في الفكر الصوفي:
سمعت وقرأت عن ما يسمى بالأبدال والأقطاب وغيرهم ، هل هم فعلا موجودون بيننا ؟
وهل حديث ( لا تسبوا أهل الشام ؛ فإن فيهم الأبدال ) صحيح أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الولاية عند أهل السنة هي التي عرَّفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، حيث قال تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ، الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ، لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/62-64
فأعلنت الآية أن ولي الله هو المؤمن التقي ، الذي يحب الله وينصره ، ويسير في مرضاته ، ويحفظ حدوده ، ويقيم شريعته ودينه ، وهو عبد من عباد الله ، لا يخرج عن قهره وسلطانه ، بل لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، ولا يعلم ما قدر الله له ، فهذا هو ولي الله عند أهل السنة .
وطريق الولاية للعبد هو أن يقوم بأداء الفرائض ، ثم يتدرج في أداء النوافل حتى يحبه الله تعالى ، فإذا أحبه كان وليا حقا له جل وعلا ، وقد جاء في الحديث الصحيح :
( إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبدًا دَعَا جِبرِيلَ فَقَالَ : إِنِّي أُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبَّهُ . قَالَ : فَيُحِبُّهُ جِبرِيلُ . ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهلُ السَّمَاءِ ، قَالَ : ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القبُولُ فِي الأَرضِ ) رواه مسلم (2637)
ثانيا :(/1)
أما الولاية في عرف التصوف البدعي فلها معنى آخر يختلف عما عند أهل السنة ، فولي الله عندهم من اختاره الله ، ولو لم يكن فيه من مواصفات الصلاح والتقوى ما يؤهله لحب الله له ، إذ الولاية عندهم نوع من الوهب الإلهي دون سبب ، وبغير حكمة ، لذلك كانوا يعتقدون في بعض الظلمة والفسقة والمجانين وأهل الفجور أنهم من الأولياء بمجرد أن يظهر على أيديهم من خوارق العادات ، مثل : ضرب الجسم بالسكاكين ، واللعب بالحيات والنار وأمثال ذلك ، حتى عَدُّوا في أوليائهم من يشرب الخمر ويزني ، ويقولون : الولي الصادق لا تضره معصية أبدا .
ولم يكتفوا بهذا في تعريف الولاية ، بل يقررون أن الولي يتصرف في الأكوان ، ويقول للشيء كن فيكون ، وكل ولي عندهم قد وكَّله الله بتصريف جانب من جوانب الخلق ، فأربعة أولياء يمسكون العالم من جوانبه الأربعة ، ويسمون الأوتاد ، وسبعة أولياء آخرون كل منهم في قارة من قارات الأرض السبع ، ويسمون الأبدال ( لكونهم إذا مات واحد منهم كان الآخر بدله ) ، وعدد آخر من الأولياء في كل إقليم ، في مصر ثلاثون أو أربعون ، وفي الشام كذلك ، والعراق وهكذا ، وكل واحد منهم قد أوكل إليه التصريف في شيء ما ، وفوقهم جميعا ولي واحد يسمى القطب الأكبر أو الغوث ، وهو الذي يدبر شأن الملك كله ، وهكذا أسسوا لهم دولة في الباطن تحكم وتنفذ وتتحكم في شؤون الناس على منوال الدولة السياسية ، وهذه الدولة يترأسها القطب أو الغوث ، يليه الإمامان ( وهما الوزيران ) ، ثم الأوتاد الأربعة ، ثم الأبدال السبعة .(/2)
هذه هي الولاية الصوفية ، وهي لا تمت من قريب أو بعيد للولاية الإسلامية القرآنية ، فالولي في الإسلام عبد هداه الله ووفقه وسار في مرضاة ربه حسب شريعته ، وهو يخشى على نفسه من النفاق وسوء العاقبة ، ولا يعلم هل يقبل الله عمله أو لا ، وأما الولي الصوفي فقد أعطوه من خصائص الربوبية ما يتصرف به في جانب من جوانب الكون ، ولا يلتزم بما شاء من شريعة الله ، ويدخل الملائكة تحت مشيئته .
وأصل فكرة الولاية الصوفية مأخوذة من الفلسفة الإغريقية القديمة التي تقوم على فكرة تعدد الآلهة ، وكان أول من وضع فكرة الولاية الصوفية في أواخر القرن الثالث الهجري هو محمد بن علي بن الحسن الترمذي ، الذي يسمونه ( الحكيم ) - وهو غير الإمام صاحب السنن المشهورة بسنن الترمذي - ثم بعد ذلك اشتهرت أقوالهم ، وأصبحت كتب أئمتهم مليئة بهذه الأفكار والمصطلحات ، ولو ذهبنا ننقل أقوالهم وأباطيلهم لطال بنا المقام ، وحتى لا يظن أحد أننا نتجنى عليهم ، فهذه أسماء بعض مراجعهم ، وستجد أن ما ذكرناه أقل بكثير من شناعة أفكارهم ، انظر "الفتوحات المكية" لابن عربي (2/537،455) ، كتاب "اليواقيت والجواهر" لعبد الوهاب الشعراني (2/79) ، "المعجم الصوفي" لسعاد الحكيم (189-191، 909-913) ، وانظر من مراجع أهل السنة "الفكر الصوفي" للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق (343-383)
ثالثا :
الحديث الذي ذكره السائل الكريم حديث ضعيف ، لا يصح بوجه من الوجوه ، ولم يرد من طريق صحيحة ذكر شيء من مراتب الولاية عند الصوفية .
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في "المنار المنيف" (136) :
" أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقرب ما فيها ( لا تسبوا أهل الشام ؛ فإن فيهم البدلاء ، كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر ) ذكره أحمد ، ولا يصح أيضا ، فإنه منقطع " انتهى .(/3)
( وانظر تفصيل الأحاديث المروية في ذلك وبيان نكارتها في "المقالات القصار" لأبي محمد الألفي (69-81) )
وقد سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
عن الحديث المروى فى الأبدال ، هل هو صحيح أم مقطوع ، وهل الأبدال مخصوصون بالشام أم حيث تكون شعائر الاسلام قائمة بالكتاب والسنة يكون بها الأبدال ، بالشام وغيره من الأقاليم ، وهل صحيح أن الولى يكون قاعدا فى جماعة ويغيب جسده ، وما قول السادة العلماء فى هذه الاسماء التى تسمى بها أقوام من المنسوبين إلى الدين والفضيلة ، ويقولون هذا غوث الأغواث ، وهذا قطب الأقطاب ، وهذا قطب العالم ، وهذا القطب الكبير ، وهذا خاتم الأولياء ؟
فأجاب رحمه الله :
" أما الاسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة ، مثل الغوث الذي بمكة ، والأوتاد الأربعة ، والأقطاب السبعة ، والأبدال الأربعين ، والنجباء الثلاثمائة ، فهذه أسماء ليست موجودة فى كتاب الله تعالى ، ولا هي أيضا مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف يحمل عليه ، إلا لفظ الأبدال ، فقد روي فيهم حديث شامى منقطع الإسناد عن على بن أبى طالب رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :(/4)
( إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال الأربعين رجلا ، كلما مات رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ) ، ولا توجد هذه الأسماء فى كلام السلف كما هي على هذا الترتيب ، ولا هي مأثورة على هذا الترتيب والمعانى عن المشائخ المقبولين عند الأمة قبولا عاما ، وإنما توجد على هذه الصورة عن بعض المتوسطين من المشائخ ، وقد قالها إما آثرا لها عن غيره ، أو ذاكرا ، فأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله ، فهو غياث المستغيثين ، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره ، ولا بملك مقرب ، ولا نبى مرسل ، ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم ونزول الرحمة إلى الثلاثمائة ، والثلاثمائة إلى السبعين ، والسبعون إلى الأربعين ، والأربعون إلى السبعة ، والسبعة إلى الأربعة ، والأربعة إلى الغوث ، فهو كاذب ضال مشرك ، فقد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله :
( وإذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون إلا إياه ) وقال سبحانه وتعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ) فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحُجَّاب وهو القائل تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) ، وقد علم المسلمون كلهم أنه لم يكن عامة المسلمين ولا مشايخهم المعروفون يرفعون إلى الله حوائجهم ، لا ظاهرا ولا باطنا ، بهذه الوسائط والحجاب ، فتعالى الله عن تشبيهه بالمخلوقين من الملوك وسائر ما يقوله الظالمون علوا كبيرا ، وهذا من جنس دعوى الرافضة أنه لا بد فى كل زمان من إمام معصوم يكون حجة الله على المكلفين ، لا يتم الإيمان إلا به ، بل هذا الترتيب والأعداد تشبه من بعض الوجوه ترتيب الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم فى السابق والتالي والناطق والأساس والجسد وغير ذلك من الترتيب الذى ما نزل الله به من سلطان .(/5)
وأما الأوتاد فقد يوجد فى كلام البعض أنه يقول : فلان من الأوتاد ، يعني بذلك أن الله تعالى يثبت به الإيمان والدين فى قلوب من يهديهم الله به ، كما يثبت الأرض بأوتادها ، وهذا المعنى ثابت لكل من كان بهذه الصفة من العلماء ، فكل من حصل به تثبيت العلم والإيمان في جمهور الناس كان بمنزلة الأوتاد العظيمة والجبال الكبيرة ، ومن كان بدونه كان بحسبه ، وليس ذلك محصورا فى أربعة ولا أقل ولا أكثر ، بل جعل هؤلاء أربعة مضاهاة بقول المنجمين فى أوتاد الأرض .
واما القطب فيوجد أيضا فى كلامهم : ( فلان من الأقطاب ) ، أو ( فلان قطب ) فكل من دار عليه أمر من أمور الدين أو الدنيا باطنا أو ظاهرا فهو قطب ذلك الأمر ومداره ، ولا اختصاص لهذا المعنى بسبعة ولا أقل ولا أكثر ، لكن الممدوح من ذلك من كان مدارا لصلاح الدنيا والدين ، دون مجرد صلاح الدنيا ، فهذا هو القطب فى عرفهم .
وكذلك لفظ البدل ، جاء فى كلام كثير منهم .
فأما الحديث المرفوع فالأشبه أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الإيمان كان بالحجاز وباليمن قبل فتوح الشام ، وكانت الشام والعراق دار كفر ، ثم لما كان فى خلافة علي رضي الله عنه ، قد ثبت عنه عليه السلام أنه قال : ( تمرق مارقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ) ، فكان علي وأصحابه أولى بالحق ممن قاتلهم من أهل الشام ، ومعلوم أن الذين كانوا مع علي رضي الله عنه من الصحابة ، مثل : عمار بن ياسر ، وسهل بن حنيف ونحوهما ، كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية ، فكيف يعتقد مع هذا أن الأبدال جميعهم ، الذين هم أفضل الخلق ، كانوا في أهل الشام ، هذا باطل قطعا ، وإن كان قد ورد فى الشام وأهله فضائل معروفة ، فقد جعل الله لكل شىء قدرا ، والكلام يجب أن يكون بالعلم والقسط .(/6)
والذين تكلموا باسم ( البدل ) فسروه بمعان ، منها : أنهم أبدال الأنبياء ، ومنها : أنه كلما مات منهم رجل أبدل الله تعالى مكانه رجلا ، ومنها : أنهم أبدلوا السيئات من أخلاقهم وأعمالهم وعقائدهم بحسنات ، وهذه الصفات كلها لا تختص بأربعين ، ولا بأقل ولا بأكثر ، ولا تحصر بأهل بقعة من الأرض " انتهى باختصار من مجموع فتاوى ابن تيمية (11/433-444)
رابعا :
جاء في كلام بعض السلف ، وبعض أهل العلم المتأخرين إطلاق لفظ : ( فلان من الأبدال ) ، ومن ذلك ما جاء في "التاريخ الكبير" للبخاري (7/127) في ترجمة فروة بن مجالد : " وكانوا لا يشكّون في أنه من الأبدال " انتهى ، وقال الإمام أحمد كما في "العلل" للدارقطني (6/29) : " إن كان من الأبدال في العراق أحد ، فأبو إسحاق إبراهيم بن هانئ " انتهى .
ولا يعنون به ما يريده المتصوفة في اصطلاحهم الباطني البدعي ، وإنما يريدون المعنى اللغوي ، فمن قيل فيه ذلك من أهل العلم فهو من ورثة الأنبياء بما معه من العلم الشرعي ، فكأنه بدل عنهم في تبليغ الوحي وتعليمه الناس .
يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" (4/97) :
" وأما أهل العلم فكانوا يقولون هم الأبدال ؛ لأنهم أبدال الأنبياء ، وقائمون مقامهم حقيقة ، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة ، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه ، هذا في العلم والمقال ، وهذا في العبادة والحال ، وهذا في الأمرين جميعا ، وكانوا يقولون هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة ، الظاهرون على الحق ، لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله وكفى بالله شهيدا " انتهى .
وانظر سؤال رقم (10527)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/7)
رقم 83048
هل تلزمها زيارة زوجة أحد أقاربها ؟:
أنا إنسانه أخاف الله - ولله الحمد - وأرجو منكم إفادتي في سؤالي هذا ؛ لأني شديدة الحرص إذا كان يلزمني شيء أم لا ، من باب خشيتي من خالقي.. هناك امراة من إحدى زوجات الأقارب ، وساكنة في نفس المحافظة ، وبما أنها زوجة أحد أقاربنا فهي تعتبر منا ، ولكن في يوم من الأيام ، حدثت مشكلة ، ولم أكن أحمل في قلبي عليها شيئا ، وأتمنى لها كل خير لها ولأولادها وزوجها ، وفي كل مناسبة سواء كانت فرحا أو عيدا أو جمعة عند الأقارب أهنئها وأسلم عليها ، ولكن هي لا تزورني في بيتي ولا أزورها...هل يلحقني إثم ؟ هل أعتبر قاطعة رحم ؟ وماذا توصوني ؟
الجواب:
الحمد لله
أسأل الله أن يجزيك على حرصك على البعد عن الآثام خير الجزاء ، والله سبحانه وتعالى يحب العبد التقي ، الذي يراقبه في السر والعلن ، ويحاسب نفسه في جميع أموره ، فلا يهنأ حتى يطمئن قلبه أنه لم يعص الله ، ولم يقع في سخطه وغضبه .
أما ما ذكرتِ من شأن خلافِكِ مع زوجة أحد أقاربك ، فقد قمتِ بالخطوة الأولى الصحيحة حين سلمت عليها وهنئتها بكل مناسبة تمر عليكم ، وينبغي إتمام الخير والمعروف بزيارتها ولو مرة ، حتى لا يبقى في النفس شيء من الضغينة والكراهية ، وتقطعين بذلك سبيل الشيطان عليكما ، واحرصي على البعد عن كل ما يثير الخلاف والشقاق بينكما ، إذ لا يجوز للمسلم أن يخاصم أخاه في أمور الدنيا التافهة ، حتى يُستحب لمن ظُلم أن يعفو ويغفر ، فكيف بخلاف يبدو أنه في أمور شكلية عادية !!
وزوجة القريب ليست من الأرحام ، ولكن صلة هذا القريب - إن كان من الأرحام - تقتضي زيارة زوجته ، والسؤال عن حالها ، والاهتمام بأمرها .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (26/127) :(/1)
" أمر الشرع المطهر بغرس المحبة بين المسلمين ، وحثهم على التواد والتراحم والتواصل بينهم حتى تستقيم أمورهم ، وتصفو نفوسهم ، ويكونوا يدا واحدة على من سواهم ، وقد حذرهم من العداوة والبغضاء ، كما نهاهم عن الهجران والقطيعة بينهم ، وجعل الهجر ما فوق الثلاث محرما .
ففي الصحيحين وغيرهما عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أَخَاهُ فَوقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلتَقِيَانِ فَيُعرِضُ هَذَا وَيُعرِضُ هَذَا ، وَخَيرُهُمَا الذِي يَبدَأُ بِالسَّلَامِ ) .
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إِيَّاكُم وَسُوءَ ذَاتِ البَينِ ، فَإِنَّها الحَالِقَةُ ) أي تحلق الدين .
والواجب على المسلم إذا وقع بينه وبين أخيه شحناء أن يذهب إليه ، ويسلم عليه ، ويتلطف له في إصلاح ذات بينهما ، فإن في ذلك أجرا عظيما ، وسلامة من الإثم " انتهى .
والحاصل : أنك لا تعتبرين قاطعة رحم بهذا ، وعليك السعي في إزالة ما بينكما من شحناء .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83056
مات وترك زوجة وابنين وثلاث بنات:
توفي أخي الشقيق وترك وراءه زوجة ، وأما ، وولدين قصرا ، وثلاث بنات . واحدة بلغت الرشد - وقمت ببيع ممتلكات له وبلغت القيمة (190000) ريال أقوم بالصرف منها على أولاده وزوجته وسددت منها ديونه قرابة ثمانية أشهر حتى نزل لهم راتبه التقاعدي والآن أريد إعطاء كل وريث ورثه ونصيبه ، ويبقى منها تقريبا 160 ألف تقريبا . فكم نصيب كل منهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : لا فرق في الميراث بين الصغير والكبير ، فالأولاد الصغار لهم نصيبهم من الميراث كالكبير سواء بسواء .
لكن الصغير لا يعطى المال بيده ، وإنما يعطى لوليه الذي يتولى الإنفاق عليه ، ويرجع في تحديده إلى المحكمة المختصة بذلك ؛ حفاظاً على أموال اليتامى .
ثانياً :
إذا كان الورثة من ذكرت فللزوجة الثمن ؛ لقول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم ) النساء /12 .
وللأم السدس ؛ لقول الله تعالى : ( وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) النساء /11 .
وللأولاد الباقي ، للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ لقول الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) النساء /11 .
ثالثاً : وأما قسمة التركة المسئول عنها ، فإنها تقسم إلى أربعة وعشرين ( 24) جزءاً متساوياً ، يكون للزوجة منها ثلاثة أجزاء ، وللأم أربعة ، والباقي ( 17 جزءاً ) يقسم على الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83065
إذا مات وترك والدا وأولادا فكيف توزع التركة ؟:
إذا عملت وجمعت رأس مال وتوفاني الله ووالدي عايش فهل تعود التركة لوالدي أو إلى أولادي أنا ?.
الجواب:
الحمد لله
إذا مات الإنسان وله والد حي وأبناء ذكور ، أو ذكور وإناث ، فالوالد له سدس التركة ، وللزوجة الثمن إن وجدت ، ثم الباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين .
وأما إن كان الأولاد إناثا فقط ، بنتا أو أكثر ، فإن الزوجة تأخذ الثمن – إن وجدت – ثم تأخذ البنت أو البنات ما فرض الله لهن : النصف للواحدة ، والثلثين للبنتين فأكثر ، ثم يأخذ الأب السدس مضافاً إليه الباقي من التركة بعد أن تأخذ الزوجة والبنات نصيبهن .
وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) النساء/11
قال ابن قدامة رحمه الله :
للأب ثلاثة أحوال في الميراث :
الحال الأولى : يرث فيها بالفرض ، وهي مع الابن أو ابن الابن ، فليس له إلا السدس والباقي للابن ومن معه . لا نعلم في هذا خلافا ، وذلك لقول الله تعالى : ( وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ) النساء / 11 .(/1)
الحال الثانية : يرث فيها بالتعصيب المجرد ، وهي مع غير الولد ( والولد يشمل الذكر والأنثى ) ، فيأخذ المال إن انفرد . وإن كان معه ذو فرض ، كزوج ، أو أم ، أو جدة ، فلذي الفرض فرضه ، وباقي المال له ، لقول الله تعالى : ( فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ ) النساء / 11 . فأضاف الميراث إليهما ، ثم جعل للأم الثلث ، فكان الباقي للأب .
الحال الثالثة : يجتمع له الأمران : الفرض والتعصيب ، وهي مع إناث الولد ، أو ولد الابن ( يعني مع البنت أو بنت الابن ) ، فله السدس ، لقوله تعالى : ( لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ ) .
وللأب السدس مع البنت بالإجماع ، ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب ، لما روى ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ) . متفق عليه .
والأب أولى رجل بعد الابن وابنه . وأجمع أهل العلم على هذا كله ، فليس فيه بحمد الله اختلاف نعلمه " انتهى من "المغني" (6/169) باختصار وتصرف يسير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83074
هل يقترض بالربا لأجل الزواج ؟:
قد مضى على خطوبتي سنة وسبعة أشهر ومن قبلها علاقة أمضيت فيها سنة وسبعة شهور ولم أستطع حتى الآن توفير المهر وقليل من المصروف فوضعي والله على شفا حفرة من العذاب وبسبب المسؤولية الزائدة على كاهلي وبسبب عدم وجود أي مصدر اعتمد عليه سوى رحمة الله عز وجل لم يبق لي إلا اللجوء إلى قرض الزواج لأن وضعي لم يعد يحتمل ولأن كلام الناس أصبح يبرق ويرعد في سمائي ما بين الحين والآخر وبالمناسبة علاقتي بتلك الفتاة لم يحدث فيها إلا ما يرضي الله ورسوله والله على ما أقول شهيد وأعلم أنني كبير على رأس عائلة مؤلفة من ستة بنات وذكرين وقد تكلفت بتدريس أخي في الجامعة .
الجواب:
الحمد لله
إذا كان القرض المسئول عنه قرضا حسنا يُسدد من غير زيادة ، فلا حرج عليك في أخذه ، ويعينك الله على سداده ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ ) رواه الترمذي (1655) والنسائي (3120) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ ) رواه البخاري (2387) .
وإن كان قرضا ربويا ، يرد مع الزيادة ، فلا يجوز لك أخذه ، لا لأجل الزواج ولا لغيره ؛ لما جاء في الربا من الوعيد الشديد ، وانظر لمعرفة ذلك جواب السؤال رقم (6847) و (9054)
وكيف تبدأ حياتك الزوجية بالحرام ؟ وكيف يكون التوفيق والسداد والمتعامل بالربا متوعد باللعن ، مأذون بالحرب من الله ورسوله ؟!(/1)
فما عليك إلا أن تصبر وتحتسب ، وتنتظر الفرج من الله تعالى ، وتبذل الأسباب في تحصيل الرزق الحلال ، وألا تلتفت إلى كلام الناس .
ومن أسباب الرزق الحلال أن تشتري سلعة – كسيارة أو شقة مثلا – بالتقسيط ، ثم تبيعها نقداً لغير من اشتريتها منه ، ولو كان أقل من الثمن المقسط ، حتى يتوفر لك المال ، وهذا ما يسمى بالتورق ، وهو جائز عند جمهور العلماء .
وانظر جواب السؤال رقم (45042)
وقد أخطأت في إقامة علاقةٍ مع هذه الفتاة ، مهما زعمت أنها خالية من الإثم ، لأنه على فرض ذلك ، ففيها مضرة على الفتاة من جهة ربطها وتعليقها هذه المدة الطويلة ، والحال أنك لا تملك تكاليف الزواج ، فنسأل الله أن يعفو عنك ، وأن يرزقك من فضله ما يعينك على طاعته ومرضاته .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عمن عقد النكاح ولم يستطع توفير المهر هل له أن يقترض من البنك الربوي ؟
فأجابت : " لا يجوز لك هذا القرض ، وليس ما ذكرت من حاجتك إلى المهر مبررا لأخذك قرضا بنسبة ربوية من البنك أو غيره ، وعليك تقوى الله ، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا . نسأل الله أن ييسر أمرك ، ويفرج كربك ، ويغنيك عن الحرام بالحلال " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/387).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83092
هل من السنة أن يقول عند مفارقة صاحبه : لا إله إلا الله ؟:
من العرف السائد بين بعض الناس حين يجتمعون ثم يفترقون أن يقول الطرف الأول عند الافتراق : لا إله إلا الله ، ثم يرد عليه الآخر : محمد رسول الله ، فهل هذا الأمر في السنة ؟ وإن لم يكن فهل هو بدعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا نعلم حديثا صحيحا أو ضعيفا ينص على هذا الذكر عند الافتراق أو ختم المجلس ، ولهذا فالمداومة عليه أو اعتقاد أنه ذكر مشروع في هذه المناسبة ، بدعة مردودة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
وقد نص أهل العلم على أن تخصيص العبادة بزمان أو مكان ، أو تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع والمحدثات ، وتسمى حينئذ بدعة إضافية ، فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة من حيث وصفها ، والعبادة لابد أن تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ، ووقتها ، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع في كتابه أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
وراجع جواب السؤال رقم (82559) .
ثانيا :(/1)
يشرع في ختام المجلس أن يقال ما رواه أبو داود (4859) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ) وَقَالَ : ( كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
كما يشرع للمتلاقيين أن يقرأ أحدهما عند الانصراف سورة العصر ؛ لما روى الطبراني في الأوسط (5124) عن أبي مدينة الدارمي رضي الله عنه وكانت له صحبه قال : ( كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ) ثم يسلم أحدهما على الآخر) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم 2648 .
فانظر كيف أعرض الناس عن السنة الثابتة ، لأجل ما أحدثوا من البدع ، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما أحدث قوم بدعة إلا رُفع من السنة مثلها ) رواه أحمد (16522) . وقال الحافظ في "الفتح" (13/253) : إسناده جيد .
رزقنا الله وإياك اتباع السنة واجتناب البدعة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83110
إذا أحدث الإمام أو تذكر الحدث في الصلاة جاز له الاستخلاف:
إمام صلى بالناس وأثناء الصلاة تذكر أنه لم يكن متوضئاً أصلاً ، فقطع الصلاة واستخلف أحد المصلين ، وكان قد صلى بهم ركعة فجاء هذا الخليفة وبنى على صلاة الإمام ، ثم ذهب الإمام وتوضأ وأعاد الصلاة ، فهل تصرف هذا الإمام صحيح علماً بأنه مقلد للمذهب الشافعي ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما قام به الإمام من الخروج من الصلاة واستخلاف أحد المأمومين ، وبناء الخليفة على صلاة الإمام ، كل ذلك عمل صحيح .
والقول بجواز الاستخلاف في هذه الحالة هو قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد .
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : إذا خرج الإمام عن الصلاة بحدثٍ تعمّده أو سبَقه أو نسيه أو بسبب آخر , أو بلا سبب ففي جواز الاستخلاف قولان مشهوران : الصحيح الجديد : جوازه للحديث الصحيح ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ذهب ليصلح بين بني عمرو بن عوف وصلى أبو بكر بالناس فحضر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أثناء الصلاة فاستأخر أبو بكر واستخلف النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى باختصار من المجموع" (4/138) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/243) : " إذا ذكر الإمام في أثناء الصلاة أنه محدث وجب عليه الانصراف ويستخلف من يكمل بهم الصلاة ، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بعد أن شرع في صلاة الصبح تناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه ، فصلى بهم صلاة خفيفة ( رواه البخاري ) .
وهذا بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ، فإن لم يفعل وانصرف – أي : لم يستخلف – فللمأمومين الخيار بين أن يقدموا واحداً منهم يكمل بهم الصلاة ، أو يتموها فرادى " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83121
فضل الصحابة رضوان الله عليهم:
أرجو توضيحاً في فضل الصحابة ، وما هي مميزاتهم عن غيرهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعتقاد عدالةِ الصحابة وفضلهم هو مذهبُ أهلِ السنة والجماعة ، وذلك لما أثنى اللهُ تعالى عليهم في كتابه ، ونطقت به السنَّةُ النبويةُ في مدحهم ، وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات مما يدل دلالة واضحة على أن الله تعالى حباهم من الفضائل ، وخصهم من كريم الخصال ، ما نالوا به ذلك الشرف العالي ، وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده ، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ، ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/ 124 .
قال ابن القيم رحمه الله : " فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم " طريق الهجرتين ، ص (171) .
وقال تعالى : ( وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) الأنعام/53 .
قال الشيخ السعدي رحمه الله : " الذين يعرفون النعمة ، ويقرون بها ، ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح ، فيضع فضله ومنته عليهم ، دون من ليس بشاكر . فإن الله تعالى حكيم ، لا يضع فضله ، عند من ليس له أهل . "
وكما جاءت الآيات والأحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم ، جاءت أيضا بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المنازل الرفيعة ، ومن ذلك قوله تعالى :(/1)
( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الفتح/29
ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة ، ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب ، وصدق الإيمان ، وتلك – والله - شهادة عظيمة من رب العباد ، لا يمكن أن ينالها بَشَر بعد انقطاع الوحي .
اسمع قوله سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح/18
قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :
" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .
وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810) .(/2)
وقد وعد الله المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم ، وأحَلَّ عليهم رضوانه في آيات تتلى إلى يوم القيامة ، فهل يعقل أن يكون ذلك لمن لا يستحق الفضل !؟
يقول سبحانه وتعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/100
وقد شهد لهم بالفضل سيد البشر وإمام الرسل والأنبياء ، فقد كان شاهدا عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم ، ويقف على صدق عزائمهم ، فأرسل صلى الله عليه وسلم كلمات باقيات في شرف أصحابه وحبه لهم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540)
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)
يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :
" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .(/3)
ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه :
" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى
رواه أحمد في "المسند" (1/379) وقال المحققون : إسناده حسن .
وسبق التوسع أيضا في تقرير ذلك في جواب السؤال رقم (13713) (45563)
ثانيا :
لا بدَّ أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهبُ أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشرٌ يجوزُ عليهم ما يجوز على غيرهم .
وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرفِ الصحبة وفضلِها مُغْتَفَرٌ ومَعْفُوٌّ عن صاحبه ، والحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات ، ومقامُ أَحَدِ الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء .
يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ، ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ ، لكن هم كما قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ) الاحقاف/16 الآية ، وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها " [ مجموع الفتاوي 4/434 ] .
وقد قرر ذلك الكتاب والسنة في أكثر من موقف :(/4)
فقد تجاوزَ الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم أُحُدٍ من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) آل عمران/155
ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهَمَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ : اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم ) رواه البخاري ومسلم (2494)
وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب ، ثم عفا الله تعالى عنهم ، وغفرها لهم ، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف ، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، أخبار لا ينسخها شيء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 83154
حكم الصلاة في ثوب فيه صورة حيوان أو إنسان:
ما هو حكم الصلاة بالملابس التي تحمل صور بعض الحيوانات التي هي شعارات للشركة المصنعة مثل النمر أو التمساح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان ؛ لما روى البخاري (3226) ومسلم (2106) عن أبي طَلْحَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ ) .
انظر : "مطالب أولي النهى" (1/353)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان ؟
فأجاب : لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان ، ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان ، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ). ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون ، وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها ، سواء كان قد وضعها على الجدار ، أو وضعها في ألبوم ، أو في غير ذلك ، لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم . والله أعلم " انتهى .
وسئل رحمه الله : عن حكم إلباس الصبي الثياب التي فيها صور لذوات الأرواح ؟
فأجاب : " يقول أهل العلم : إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير ، وما كان فيه صورة فإلباسه الكبير حرام ، فيكون إلباسه الصغير حراما أيضا ، وهو كذلك ، والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب وهذه الأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي ، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلا إلى إيصالها إلى هذه البلاد وتهوين أمرها بينهم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/333).
ثانيا :(/1)
تصح الصلاة في الثوب المشتمل على صورة إنسان أو حيوان ، مع الإثم .
وسئل علماء اللجنة الدائمة هل تجوز الصلاة في ثوب فيه صورة إنسان ، أو صور حيوانات ، وهل يجوز دخول بيت الخلاء بثوب فيه اسم الله ؟
فأجابت : لا يجوز له أن يصلي في ملابس فيها صور ذوات الأرواح من إنسان أو طيور أو أنعام أو غيرها من ذوات الأرواح ، ولا يجوز للمسلم لبسها في غير الصلاة ، وتصح صلاة من صلى في ثوب فيه صور مع الإثم في حق من علم الحكم الشرعي ، ولا يجوز كتابة اسم الله على الثوب ، وكره دخول بيت الخلاء به إلا لحاجة لما في ذلك من امتهان اسمه تعالى " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/179)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم صلاة من صلى وعلى ملابسه صور ذوات أرواح منسوجة أو مطبوعة ؟
فأجاب : " إذا كان جاهلا فلا شيء عليه ، وإن كان عالما فإن صلاته صحيحة مع الإثم على أصح قولي العلماء رحمهم الله ، ومن العلماء من يقول : صلاته تبطل ، لأنه صلى في ثوب محرم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/360).
وبناء على ذلك فإنه يلزمك نزع صورة النمر أو التمساح من ملابسك ، أو طمس صورتهما بإزالة الرأس أو تسويده بلون أو خيط ونحوه مما يخفيه ، فإن صليت به مع بقاء الصورة فالصلاة صحيحة مع الإثم .
وانظر جواب السؤال رقم (3332)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83191
هل يحج حج الفريضة أم يزوج ابنه بهذا المال:
إذا كان هناك رجل يريد أن يحج حج الفريضة ( لأول مرة ) وكان لديه ابن أعزب في عمر الزواج ، وكان لدى هذا الرجل مبلغ من المال يكفي فقط لأن يحج أو يزوج ابنه ، في هذه الحالة أيهما أولى : أن يقوم بأداء فريضة الحج ؟ أم يقوم بتزويج ابنه ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يلزم الرجل أن يزوج ولده إذا كان الولد محتاجاً إلى الزواج ، وعاجزاً عن تكاليفه ، في أصح قولي العلماء ؛ لأن الحاجة إلى النكاح قد لا تقل عن الحاجة إلى الأكل والشرب ، فتدخل في النفقة الواجبة .
قال المرداوي في "الإنصاف" (9/204) : " يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه من الآباء والأجداد والأبناء وأبنائهم وغيرهم , ممن تجب عليه نفقتهم . وهذا الصحيح من المذهب - يعني مذهب الإمام أحمد - " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب ، ولذلك قال أهل العلم : إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك ، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به ، لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له : تزوج من عرق جبينك . وهذا غير جائز ، وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه ، سوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من " فتاوى أركان الإسلام" ( ص440-441 ) .
ثانيا :
إذا تعارض حج الوالد مع زواج الابن ، لكون المال الذي يملكه الأب لا يكفي إلا لأحدهما ، فإنه ينظر في نكاح الابن هل يجب الآن أم يمكن تأخيره ؟ فإن كان الابن محتاجا للنكاح ويخشى على نفسه الوقوع في الحرام ، فإن زواجه مقدم على حجه هو لنفسه ، ومقدم على حج أبيه كذلك لأمرين :(/1)
الأول : أن إعفافه وصيانته عن الوقوع في الحرام أمر واجب لا يحتمل التأخير ، أما الحج فيمكن تأخيره إلى أن ييسر الله له .
والثاني : أن الحج لا يجب على الأب إلا إذا ملك مالا فائضاً عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته ، وقد لزمه هنا تزويج ابنه حتى لا يقع في الحرام .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) : " وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي المشقة ) , قَدَّمَ التَّزْوِيجَ – يعني : على الحج - لأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ , وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ . وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ الْوَاجِبِ " انتهى.
وانظر أيضاً : "المجموع" (7/71) للنووي .
وانظر السؤال رقم (27120) .
أما إن كان الولد لا يحتاج إلى النكاح أو لا يخاف على نفسه الوقوع في الحرام لو أخر النكاح ، فإنه لا يلزم تزويجه الآن ، وعليه فيكون الحج واجبا على الأب ؛ لأنه ملك مالا فائضا عن نفقته ونفقة من يعول ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 97 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83227
الاستثمار في صناديق بنك البلاد:
ما حكم الاستثمار في صناديق بنك البلاد الاستثمارية : المرابح والسيف وأصايل ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
سبق بيان حكم الاكتتاب في بنك البلاد ، في جواب السؤال رقم (46588)
ثانيا :
بالتعرف على نظام الصناديق المذكورة من خلال الموقع الرسمي لبنك البلاد تبين ما يلي :
1- أن الصندوق المرابح يقوم على استثمار الأموال المودَعة في عمليات المرابحة التجارية التي تشتمل على شراء مختلف أنواع السلع الرائجة - ما عدا الذهب والفضة - ثم بيعها بسعر أعلى من سعر شرائها لتحقيق الربح ، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية .
2- أن صندوق أصايل يقوم على استثمار الأموال في أسهم الشركات السعودية النقية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- أن صندوق السيف يقوم على استثمار الأموال في الأسهم الكويتية المنتقاة وفقاً للضوابط الشرعية المعتمَدة من قِبَل مؤشر " جلوبل " الإسلامي .
وصرح الدكتور يوسف الشبيلي أحد أعضاء هيئة الرقابة بالبنك ، بأن صندوق أصايل والسيف المتعلقين بالأسهم ، لا تستثمر فيهما الأموال بشركاتٍ تقترض أو تودع بالربا ، وأن صندوق المرابح خاص بالمتاجرة بالسلع الدولية المباحة بطريقة البيع الآجل . انتهى ، نقلا عن موقع الدكتور الشبيلي .
وإذا كان الأمر على ما ذُكر ، فلا حرج في الاستثمار في هذه الصناديق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83242
هل يلزمها إعادة الإناء لأصحاب الشقة المفروشة ؟:
كنت مستأجرةً شقة مفروشة وقمت بإهداء الطعام لأحد المعارف لنا في إناء من أواني الشقة ، ولا أذكر أنه أرجع لي الإناء ، والعرف عندنا أنه يجب على المرء أن يعيد الإناء الذي أهدي فيه الطعام ! وأنا الآن قد تركت الشقة ، فهل علي أنا أم على معارفي إرجاع الإناء ، أو تعويض ثمنه لأصحاب الشقة المفروشة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
استئجار الشقق المفروشة داخلٌ تحت أحكام عقد الإجارة التي بينها الفقهاء في كتبهم .
" هذا العقد يتكرر في حياة الناس في مختلف مصالحهم وتعاملهم اليومي والشهري والسنوي ، فهو جدير بالتعرف على أحكامه ، إذ ما مِن تعامُلٍ يجري بين الناس في مختلف الأمكنة والأزمنة ، إلا وهو محكوم بشريعة الإسلام ، وفق ضوابط شرعية ترعى المصالح وترفع المضار " انتهى من "الملخص الفقهي" (2/114)
ومن أحكام الإجارة التي بيّنها العلماء : أنه يجوز للمستأجر أن يعير ما استأجره ، كما في "مغني المحتاج" (3/315) ويستعمله ثم يردّه .
وعلى هذا لا حرج عليك في إعارة هذا الإناء لمعارفك .
ثانيا :
الشقة المستأجرة أو غيرها مما يستأجره الناس أمانة في يد المستأجِر ، ومعنى ذلك : أنه لا يضمن ما يتلف فيها بغير تعد ولا تقصير .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (1/27) :
" ولا خلاف في أن العين المستأجَرةَ أمانة في يد المستأجِر ، فلو هلكت دون اعتداء منه أو مخالفة المأذون فيه إلى ما هو أشد ، أو دون تقصير في الصيانة والحفظ ، فلا ضمان عليه " انتهى .
انظر "بدائع الصنائع" (4/210) ، "المغني" (5/311)
فإذا ذهبت العين المستأجرة بتقصير أو تعدٍّ من المستأجِر فإنه يضمن مثلها إن كان لها مثل ، أو قيمتها إن لم يكن لها مثل .(/1)
والذي يظهر من سؤال الأخت السائلة أنها كانت مقصِّرَةً في متابعة الإناء الذي أعارته معارفها ، فكان عليها أن تطلبه من الذين استعاروه ، فلما لم يحصل ذلك كان التقصير واقعا ، والواجب عليها حينئذ ضمان الإناء لأصحاب الشقة المفروشة ، فإما أن تتابع معارفها الذين أخذوا الإناء فتأخذه منهم وتعطيه أصحاب الشقة ، أو تشتري لهم بدله مماثلا له ، فإن لم يوجد تدفع لهم قيمته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83262
هل اللغة العربية هي لغة أهل الجنة:
نريد أن نعرف ما هي لغة أهل الجنة وهل هي العربية ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يرد في القرآن أو في السنة الصحيحة – فيما نعلم - بيان اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة ، والوارد في ذلك حديث لا يصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وبعض الآثار .
فقد روى الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحبوا العرب لثلاث لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي ) .
وهذا الحديث حكم عليه ابن الجوزي بالوضع ، وقال الذهبي : أظن الحديث موضوعا ، وقال الألباني في السلسة الضعيفة (رقم 160) : موضوع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكذلك روى أبو جعفر محمد بن عبد الله الحافظ الكوفي المعروف بمطين حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي حدثنا يحيى بن زيد الأشعري حدثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحب العرب لثلاث : لأنه عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي ) قال الحافظ السلفي : هذا حديث حسن . فما أدري أراد حسن إسناده على طريقة المحدثين ، أو حسن متنه على الاصطلاح العام ، وأبو الفرج بن الجوزي ذكر هذا الحديث في الموضوعات ، وقال : قال الثعلبي : لا أصل له ، وقال ابن حبان : يحيى بن زيد يروي المقلوبات عن الأثبات ، فبطل الاحتجاج به ، والله أعلم " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/158) .
وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا عربي ، والقرآن عربي ، ولسان أهل الجنة عربي ) .
قال الألباني في السلسلة الضعيفة رقم 161 : موضوع .(/1)
والحاصل أنه لم يرد دليل صحيح يبين اللغة التي يتكلم بها أهل الجنة ، ولهذا يتعين السكوت عن هذه المسألة وعدم الخوض فيها وتفويض علمها إلى الله تعالى ؛ والانشغال بما يترتب عليه عمل ينفع في تلك الدار .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بماذا يخاطب الناس يوم البعث ؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب ؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية وأن لسان أهل الجنة العربية ؟
فأجاب : " الحمد لله رب العالمين لا يُعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ ، ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا ؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك ولا رسوله عليه الصلاة والسلام ، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهنميين ، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي ، ولا نعلم نزاعا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم ، بل كلهم يكفون عن ذلك لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول ... ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين ، فقال ناس : يتخاطبون بالعربية ، وقال آخرون : إلا أهل النار فإنهم يجيبون بالفارسية ، وهى لغتهم في النار . وقال آخرون : يتخاطبون بالسريانية لأنها لغة آدم وعنها تفرعت اللغات . وقال آخرون : إلا أهل الجنة فإنهم يتكلمون بالعربية . وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها لا من طريق عقلٍ ولا نقل بل هي دعاوى عارية عن الأدلة والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/299).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83274
عليها زكاة متراكمة ، فهل تدفعها لأخيها على هيئة مرتبات شهرية ؟:
لقد فاتت أكثر من خمس سنوات لم أخرج فيها الزكاة على المال الذي ادخرته طوال هذه السنوات بقصد شراء منزل أو أرض أو أدفعه في مشروع يرجع علي بالنفع أنا وأسرتي ، فكرت الآن أن أدفع حق الله وأعطي ما يلزمني دفعه في الزكاة وحسبت القدر الذي يجب علي دفعه ، غير أنني احترت لمن أعطيها ولمن الأسبقية ؟ مع العلم أن لي أخا يعمل وليس فقيرا ولكن أجرته لا تكفيه في نفقاته اليومية وفي تسديد حاجيات أبنائه على حسب قوله ، ففكرت في طريقة أعطيه إياها لكي لا يخسر المال في حاجيات ثانوية تطلبها منه زوجته وأبناؤه كما جرت العادة وبهذا لن أكون قد بلغت هدف مساعدتي إياه بإعطائه الزكاة ، فقررت إعطاءه قدرا من المال شهريا حتى أستوفي ما علي دفعه . هذا سيسمح لي من جهة أخرى أن أحتفظ بالمال الذي ادخرته لتحقيق ما كنت أنوي فعله عند توفير هذا المال وبعد سنوات من المحنة والصعوبات لجمعه. سؤالي هو: هل هذه الطريقة لدفع الزكاة صحيحة خصوصا وأنني بعد ما قمت بحساب الوقت الذي ستستغرقه العملية كلها لا يتعدى العام .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
يجوز دفع الزكاة إلى الأخ إن كان فقيرا أو مسكينا أو عليه دين لا يجد وفاء له ، وحد الفقير : من لا دخل له ، أو له دخل لا يكفيه . فإن كان أخوك لا يكفيه دخله لتوفير حاجاته وحاجات أولاده من غير إسراف ، فيجوز دفع الزكاة إليه ، وينبغي الحذر من المحاباة في شأن هذه الفريضة العظيمة ، وراجعي السؤال رقم (21810) .
ثانيا :
يجب إخراج الزكاة فورا عند حلول الحول ، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر أو مصلحة راجحة ، كعدم وجود المستحق أو غيبة المال أو انتظار قريب مستحق لها ، فيجوز تأخيرها حينئذ مدة يسيرة .(/1)
قال ابن قدامة رحمه الله : " إن أخرها – أي : الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة ، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً ، فلا بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290).
وعلى هذا ، فتأخيرك الزكاة هذه السنوات الخمس خطأ ، والحمد لله الذي وفقك لتدارك الأمر وعزمت على إخراجها ، ونسأله تعالى أن يتوب عليك ويتقبل منك .
وإذا كان لا بد من تقسيط الزكاة لأخيك ، لأنك تخشين إذا أخذها دفعة واحدة أن ينفقها ويبقى باقي السنة لا مال له ، فلك أن تخبريه بأن له عندك مالاً قدره كذا وكذا وهذا المال سيكون أمانة له عندك تعطيها له كل شهر كذا ، فإن رضي بذلك ، فالحمد لله ، وإن لم يرض ، فلا يجوز تأخير الزكاة ، فتعطيه قدر حاجته من هذا المال ثم تعطي الباقي لغيره .
ولكن يجب التنبه إلى أن المال إذا صار أمانة عندك فيجب عليك حفظه , ولا يجوز لك الانتفاع به ، لأنه ليس ملكاً لك في الحقيقة ، وإنما صار ملكاً لأخيك وأنت مأمورة بحفظه له .
ثالثاً :
بالنسبة للأعوام القادمة ، التي لم تجب زكاتها بعد ، لك أن تخرجيها مقدماً على هيئة أقساط لأخيك أو لغيره ، لكن بشرط إذا انتهى العام تحسبين زكاتك ، فإن كنت أخرجتها فالحمد لله ، وإن كان بقي عليك شيء منها ، أخرجته فوراً ، ولا يجوز تأخيرها ، وإن كنت أخرجت زيادة ، فهي تطوع منك إلا إذا كنت نويت أنها تكون عن العام التالي .
وانظر لبيان ذلك جواب السؤال رقم (45185)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83283
كيف يقتسمون أجرة بيت ورثوه معاً ؟:
هل يكون المال المحصّل عن طريق تأجير بيت ورثه إخوان وأخوات أيضا خاضعا لقاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا ترك الميت أولاداً وبناتٍ ، فإننا نبدأ بالأب والأم والزوج أو الزوجة ، فيأخذ هؤلاء نصيبهم ، ثم يقسم الباقي من التركة على الأولاد كما أمر الله تعالى ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، قال تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ) النساء/11 .
وكذلك لو ورثه إخوانه وأخواته الأشقاء ، أو من جهة الأب ، فإن حقهم من التركة يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، قال تعالى : ( وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ) النساء/176 .
وهذا مجمع عليه بين أهل العلم .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وأما قوله تعالى في آخر سورة النساء ( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) فلم يختلف علماء المسلمين قديما وحديثا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا ، فدل إجماعهم على أن الأخوة المذكورين في هذه الآية هم إخوة المتوفى لأبيه وأمه [ الأشقاء ] أو لأبيه " انتهى من "التمهيد" (5/200) . وينظر : " المغني " (6 /162) ،
" فتاوى اللجنة الدائمة " (16 /530)
وأما الإخوة لأم فإنهم يرثون بالسوية لا فرق بين ذكرهم وأنثاهم ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ) النساء/12 .(/1)
والكلالة : من لا والد له ولا ولد . فالأخ من جهة الأم يرث بهذا الشرط : ألا يكون للميت أصل ولا فرع وارث ، ونصيبه : السدس . فإن كانوا أكثر من واحد ، ذكورا ، أو إناثا ، أو ذكورا وإناثا ، فلهم الثلث ، يقتسمونه بالسوية .
ثانياً :
وأما الأجرة المأخوذة من تأجير بيت ورثوه معاً ، فهذه الأجرة تقسم عليهم حسب ما يملكه كل واحد منهم في البيت ، وحيث إنهم يمتلكون " للذكر مثل حظ الأنثيين " فتقسم الأجرة أيضاً كذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83386
إذا قال لزوجته : يا ماما أو يا أختي أو أنت أمي أو أختي:
ما الحكم في أن يقول الزوج لزوجته : يا ماما ؟ هل هذا حرام أو هل يجعل الزوجة محرمة عليه ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قول الرجل لزوجته أنت أمي أو أختي أو يا ماما يحتمل أن يكون ظهارا ، وألا يكون ، بحسب نيته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق عليه .
والغالب أن الزوج يقول مثل هذه الكلمات على سبيل التلطف والتوقير ، فلا يكون ظهارا ، ولا تحرم الزوجة بذلك على زوجها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/6) : " وإن قال : أنت علي كأمي . أو : مثل أمي . ونوى به الظهار , فهو ظهار , في قول عامة العلماء ، وإن نوى به الكرامة والتوقير فليس بظهار . . .
وهكذا لو قال : أنت أمي , أو : امرأتي أمي " انتهى باختصار .
وسئلت "اللجنة الدائمة" : يقول بعض الناس لزوجته : أنا أخوك وأنت أختي ، فما الحكم ؟
فأجابت : " إذا قال الزوج لزوجته : أنا أخوك أو أنت أختي ، أو أنت أمي أو كأمي ، أو أنت مني كأمي أو كأختي ، فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار ، فليس ما حصل منه ظهارا ، ولا يلزمه شيء .
وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار أو قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها ، فهي ظهار ، وهو محرم ، وتلزمه التوبة وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/274).
ثانياً :(/1)
كره بعض العلماء أن يقول الرجل لامرأته : يا أمي أو يا أختي ، لما روى أبو داود (2210) أَنَّ رَجُلا قَالَ لامْرَأَتِهِ : يَا أُخَيَّةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُخْتُكَ هِيَ ! فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ ) .
والصواب : أنه لا كراهة في ذلك ، وهذا الحديث لا يصح ، فقد ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للرجل أن يقول لزوجته يا أختي بقصد المحبة فقط , أو يا أمي بقصد المحبة فقط .
فأجاب :
" نعم , يجوز له أن يقول لها يا أختي , أو يا أمي , وما أشبه ذلك من الكلمات التي توجب المودة والمحبة , وإن كان بعض أهل العلم كره أن يخاطب الرجل زوجته بمثل هذه العبارات , ولكن لا وجه للكراهة , وذلك لأن الأعمال بالنيات , وهذا الرجل لم ينو بهذه الكلمات أنها أخته بالتحريم والمحرمية , وإنما أراد أن يتودد إليها ويتحبب إليها , وكل شيء يكون سبباً للمودة بين الزوجين , سواء كان من الزوج أو الزوجة فإنه أمر مطلوب " انتهى .
"فتاوى برنامج نور على الدرب" .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83390
صديقه يكثر اللعن !!:
عندي صديق كثير اللعن وحجته قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : ( العنوهن فإنهم ملعونات ) ويشهد الله أني نصحته ولكن دون جدوى فما هي نصيحتكم له ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
اللعن يقع على وجهين :
الأول : لعن الكفار وأصحاب المعاصي على وجه العموم ، وهذا جائز دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة .
والثاني : لعن الكافر أو الفاسق المعين ، ممن لم يرد النص بلعنه ، وهذا مختلف فيه بين أهل العلم ، والراجح منعه ، وانظر بيان ذلك في الجواب رقم (36674) .
ثانيا :
الإكثار من اللعن مذموم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ ) رواه الترمذي (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
واللعان : كثير اللعن .
وروى الترمذي أيضا (2019) عَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ لَعَّانًا ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن كثرة اللعن من أسباب دخول النار ، كما روى البخاري (304) ومسلم (80) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ، فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ ! فَقُلْنَ : وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ) الحديث .
وروى مسلم (2599) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ : ( إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ) .(/1)
وروى مسلم أيضا (2597) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا ).
وروى مسلم (2598) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّعَّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
وإذا كان الأمر على ما في هذه الأحاديث الشريفة ، فكيف يرضى المسلم لنفسه هذه المنزلة ؟! أن تفوته مرتبة الصديقية والشهادة والشفاعة يوم القيامة !(/2)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " ( لا يَنْبَغِي لِصِدِّيقِ أَنْ يَكُون لَعَّانًا وَلا يَكُون اللَّعَّانُونَ شُهَدَاء وَلا شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة ) فِيهِ الزَّجْر عَنْ اللَّعْن ، وَأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لا يَكُون فِيهِ هَذِهِ الصِّفَات الْجَمِيلَة ، لأَنَّ اللَّعْنَة فِي الدُّعَاء يُرَاد بِهَا الإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى ، وَلَيْسَ الدُّعَاء بِهَذَا مِنْ أَخْلَاق الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ بَيْنهمْ وَالتَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى ، وَجَعَلَهُمْ كَالْبُنْيَانِ يَشُدّ بَعْضه بَعْضًا ، وَكَالْجَسَدِ الْوَاحِد ، وَأَنَّ الْمُؤْمِن يُحِبّ لأَخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ ، فَمَنْ دَعَا عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِم بِاللَّعْنَةِ ، وَهِيَ الإِبْعَاد مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى . فَهُوَ مِنْ نِهَايَة الْمُقَاطَعَة وَالتَّدَابُر ، وَهَذَا غَايَة مَا يَوَدّهُ الْمُسْلِم لِلْكَافِرِ ، وَيَدْعُو عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح : ( لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ ) لأَنَّ الْقَاتِل يَقْطَعهُ عَنْ مَنَافِع الدُّنْيَا ، وَهَذَا يَقْطَعهُ عَنْ نَعِيم الآخِرَة وَرَحْمَة اللَّه تَعَالَى . وَقِيلَ : مَعْنَى ( لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ ) فِي الإِثْم ، وَهَذَا أَظْهَر " انتهى .
ثالثا :
ما جاء في النصوص من لعن بعض أهل المعاصي كلعن السارق وشارب الخمر وآكل الربا ، محمول عند جمهور أهل العلم على غير المعيّن ، وأما المعين فلا يجوز لعنه ؛ للأحاديث في النهي عن اللعن ، ولما في ذلك من السب والأذى وما قد يؤدي إليه من التقنيط من رحمة الله .(/3)
ومن ذلك الحديث المسئول عنه ، وقد رواه الطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات ) حسنه الألباني في "الثمر المستطاب" (1/317) و "جلباب المرأة المسلمة" ( ص 125) .
فهذا محمول على اللعن العام كما سبق .
فينبغي أن تواصل النصح لأخيك ، حتى يترك هذا العمل ؛ لأنه إن لم يكن محرما ، كما هو قول الجمهور ، فأقل أحواله أنه يكون مشتبها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599) واللفظ له .
ثم إن المؤمن ينبغي أن يكون حريصا على هداية الخلق ، مشفقا عليهم ، ساعيا في دعوتهم وإنقاذهم ، واللعن لا يوصل إلى شيء من ذلك ، بل لو بلغ المدعو لزاده نفورا وإحجاما وكرها وبغضا . وما أجمل أن يُعّود الإنسان نفسه على الدعاء الصالح للناس كأن يقول : الله اهده ، اللهم أصلح حاله ، اللهم خذ بيده ، ونحو ذلك مما فيه نفع الداعي والمدعو له . والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن ، فمن الذي يضمن لنفسه العصمة ، فإذا عوفيت فاحمد الله ، وأرجو لإخوانك مثل ما أنت فيه من الخير ، وتذكر قول الله تعالى : ( كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ) النساء/94 .(/4)
وأين هذا الأخ من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلاءٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلاكَ بِهِ ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا إِلا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ ) رواه الترمذي (3431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي . فهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه سنته وسيرته ، القولية والعملية ، فتمسك بها تكن من المفلحين الناجين .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 83423
فوائد شرب أبوال الإبل:
أرجو من فضيلتكم تزويدي بالجواب العلمي - إن توصل العلم له - وذلك بشأن الحديث الصحيح عن شرب أبوال الإبل - عافاكم الله -.
الجواب:
الحمد لله
الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح ، وفيه أن قوماً جاءوا المدينة النبوية فمرضوا فأشار عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بالشرب من ألبان الإبل وأبوالها ، فصحوا وسمنوا ، وفي القصة أنهم ارتدوا وقتلوا الراعي ، ثم أدركهم المسلمون وقتلوهم .
رواه البخاري ( 2855 ) ومسلم ( 1671 ) .
وأما عن فوائد أبوال وألبان الإبل الصحية فهي كثيرة ، وهي معلومة عند المتقدمين من أهل العلم بالطب ، وقد أثبتتها الأبحاث العلمية الحديثة .
قال ابن القيم رحمه الله :
قال صاحب القانون – أي : الطبيب ابن سينا - :
" وأنفع الأبوال : بول الجمل الأعرابي وهو النجيب " انتهى .
" زاد المعاد " ( 4 / 47 ، 48 ) .
وقد جاء في جريدة " الاتحاد " الإماراتية العدد 11172 ، الأحد 6 محرم 1427 هـ ، 5 فبراير 2006 م :
" أهم ما تربى الإبل من أجله أيضا حليبها ، وله تأثير ( فعَّال ) في علاج كثير من الأمراض ، ومنها ( التهابات الكبد الوبائية ، والجهاز الهضمي بشكل عام وأنواع من السرطان وأمراض أخرى " •
وقد جاء في بحث قامت به الدكتورة " أحلام العوضي " نشر في مجلة " الدعوة " في عددها 1938 ، 25 صفر 1425هـ 15 أبريل 2004 م ، حول الأمراض التي يمكن علاجها بحليب الإبل ، وذلك من واقع التجربة : أن هناك فوائد جمة لحليب الإبل ، وهنا بعض ما جاء في بحث الدكتورة " أحلام " :(/1)
" أبوال الإبل ناجعة في علاج الأمراض الجلدية كالسعفة - التينيا- ، والدمامل ، والجروح التي تظهر في جسم الإنسان وشعره ، والقروح اليابسة والرطبة ، ولأبوال الإبل فائدة ثابتة في إطالة الشعر ولمعانه وتكثيفه ، كما يزيل القشرة من الرأس ، وأيضا لألبانها علاج ناجع لمرض الكبد الوبائي ، حتى لو وصل إلى المراحل المتأخرة والتي يعجز الطب عن علاجها "
انتهى
وجاء في صحيفة " الجزيرة السعودية " العدد 10132 ، الأحد ، ربيع الأول 1421 ، نقلاً عن كتاب " الإبل أسرار وإعجاز " تأليف : ضرمان بن عبد العزيز آل ضرمان ، وسند بن مطلق السبيعي ، ما يأتي :
" أما أبوال الإبل فقد أشار الكتاب إلى أن لها استعمالات متعددة مفيدة للإنسان دلت على ذلك النصوص النبوية الشريفة ، وأكَّدها العلم الحديث ، ... وقد أثبتت التجارب العلمية بأن بول الإبل له تأثير قاتل على الميكروبات المسببة لكثير من الأمراض .
ومن استعمالات أبوال الإبل : أن بعض النساء يستخدمنها في غسل شعورهن لإطالتها وإكسابها الشقرة واللمعان ، كما أن بول الإبل ناجع في علاج ورم الكبد وبعض الأمراض ، مثل الدمامل ، والجروح التي تظهر في الجسم ، ووجع الأسنان وغسل العيون " انتهى .
وقال الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمود إدريس :(/2)
وأبيِّن في هذا الصدد ما ينفع بول الإبل في علاجه من الأمراض ، قال ابن سينا في " قانونه " : ( أنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو " النجيب " ) ، وبول الإبل يفيد في علاج مرض " الحزاز " – الحزاز : قيل : إنه وجع في القلب من غيظ ونحوه - ، وقد استخدمت أبوال الإبل وخاصة بول الناقة البكر كمادة مطهرة لغسل الجروح ، والقروح ، ولنمو الشعر ، وتقويته ، وتكاثره ، ومنع تساقطه ، وكذا لمعالجة مرض القرع ، والقشرة ، وفي رسالة الماجستير المقدمة من مهندس تكنولوجيا الكيمياء التطبيقية " محمد أوهاج محمد " ، التي أجيزت من قسم الكيمياء التطبيقية بجامعة " الجزيرة " بالسودان ، واعتمدت من عمادة الشئون العلمية والدراسات العليا بالجامعة في نوفمبر 1998م بعنوان : ( دراسة في المكونات الكيميائية وبعض الاستخدامات الطبية لبول الإبل العربية ) ، يقول محمد أوهاج :
إن التحاليل المخبرية تدل على أن بول الجمل يحتوي على تركيز عالٍ من : البوتاسيوم ، والبولينا ، والبروتينات الزلالية ، والأزمولارتي ، وكميات قليلة من حامض اليوريك ، والصوديوم ، والكرياتين .
وأوضح في هذا البحث أن ما دعاه إلى تقصي خصائص بول الإبل العلاجية هو ما رآه من سلوك بعض أفراد قبيلة يشربون هذا البول حينما يصابون باضطرابات هضمية ، واستعان ببعض الأطباء لدراسة بول الإبل ؛ حيث أتوا بمجموعة من المرضى ووصفوا لهم هذا البول لمدة شهرين ، فصحت أبدانهم مما كانوا يعانون منه ، وهذا يثبت فائدة بول الإبل في علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي .
كما أثبت أن لهذا البول فائدة في منع تساقط الشعر ، ويقول :(/3)
إن بول الإبل يعمل كمدر بطيء مقارنة بمادة " الفيروسمايد " ، ولكن لا يخل بملح البوتاسيوم والأملاح الأخرى التي تؤثر فيها المدرات الأخرى ، إذ إن بول الإبل يحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم والبروتينات ، كما أنه أثبت فعالية ضد بعض أنواع البكتيريا والفيروسات ، وقد تحسن حال خمس وعشرين مريضاً استخدموا بول الإبل من الاستسقاء ، مع عدم اضطراب نسبة البوتاسيوم ، واثنان منهم شفوا من آلام الكبد ، وتحسنت وظيفة الكبد إلى معدلها الطبيعي ، كما تحسن الشكل النسيجي للكبد ، ومن الأدوية التي تستخدم في علاج الجلطة الدموية مجموعة تسمى FIBRINOLTICS ، تقوم آلية عمل هذه المجموعة على تحويل مادة في الجسم من صورتها غير النشطة PLASMINOGEN إلى الصورة النشطة PLASMIN، وذلك من أجل أن تتحلل المادة المسببة للتجلط FIBRIN أحد أعضاء هذه المجموعة هو UROKINASE الذي يستخرج من خلايا الكلى أو من البول كما يدل الاسم (12 ) (URO) .
وقد كشف عميد كلية المختبرات الطبية بجامعة الجزيرة السودانية البروفسير " أحمد عبد الله أحمداني " عن تجربة علمية باستخدام بول الإبل لعلاج أمراض الاستسقاء وأورام الكبد ، فأثبتت نجاحها لعلاج المرضى المصابين بتلك الأمراض ، وقال في ندوة نظمتها جامعة " الجزيرة " :
إن التجربة بدأت بإعطاء كل مريض يوميّاً جرعة محسوبة من بول الإبل مخلوطاً بلبنها حتى يكون مستساغاً ، وبعد خمسة عشر يوماً من بداية التجربة انخفضت بطون أفراد العينة وعادت لوضعها الطبيعي ، وشفوا تماماً من الاستسقاء .(/4)
وذكر أنه جرى تشخيص لأكباد المرضى قبل بداية الدراسة بالموجات الصوتية ، وتم اكتشاف أن كبد خمسة عشر مريضاً من خمس وعشرين في حالة تشمع ، وبعضهم كان مصاباً بتليف الكبد بسبب مرض البلهارسيا ، وقد استجاب جميع المرضى للعلاج باستخدام بول الإبل ، وبعض أفراد العينة من المرضى استمروا برغبتهم في شرب جرعات بول الإبل يوميّاً لمدة شهرين آخرين ، وبعد نهاية تلك الفترة أثبت التشخيص شفاءهم جميعاً من تليف الكبد ، وقال :
إن بول الإبل يحتوي على كمية كبيرة من البوتاسيوم ، كما يحتوي على زلال ومغنسيوم ، إذ إن الإبل لا تشرب في فصل الصيف سوى أربع مرات فقط ومرة واحدة في الشتاء ، وهذا يجعلها تحتفظ بالماء في جسمها لاحتفاظه بمادة الصوديوم ، إذ إن الصوديوم يجعلها لا تدر البول كثيراً ؛ لأنه يرجع الماء إلى الجسم .
وأوضح أن مرض الاستسقاء ينتج عن نقص في الزلال ، أو في البوتاسيوم ، وبول الإبل غني بهما .
وأشار إلى أن أفضل أنواع الإبل التي يمكن استخدام بولها في العلاج هي الإبل البكرية .
وقد أشرفت الدكتورة " أحلام العوضي " المتخصصة في الميكروبيولوجيا بالمملكة العربية السعودية على بعض الرسائل العلمية امتداداً لاكتشافاتها في مجال التداوي بأبوال الإبل ، ومنها رسالتا " عواطف الجديبي " ، و " منال القطان " ، ومن خلال إشرافها على رسالة الباحثة " منال القطان " نجحت في تأكيد فعالية مستحضر تم إعداده من بول الإبل ، وهو أول مضاد حيوي يصنع بهذه الطريقة على مستوى العالم ، ومن مزايا المستحضر كما تقول الدكتورة أحلام :
إنه غير مكلف ، ويسهل تصنيعه ، ويعالج الأمراض الجلدية : كالإكزيما ، والحساسية ، والجروح ، والحروق ، وحب الشباب ، وإصابات الأظافر ، والسرطان ، والتهاب الكبد الوبائي ، وحالات الاستسقاء ، بلا أضرار جانبية ، وقالت :(/5)
إن بول الإبل يحتوي على عدد من العوامل العلاجية كمضادات حيوية ( البكتيريا المتواجدة به والملوحة واليوريا ) ، فالإبل تحتوي على جهاز مناعي مهيأ بقدرة عالية على محاربة الفطريات والبكتريا والفيروسات ، وذلك عن طريق احتوائه على أجسام مضادة ، كما يستخدم في علاج الجلطة الدموية ، ويستخرج منه FIBRINOLYTICS ، والعلاج من الاستسقاء ( الذي ينتج عن نقص في الزلال أو البوتاسيوم ، حيث إن بول الإبل غني بهما ) ، كما أن في بول الإبل علاجاً لأوجاع البطن وخاصة المعدة والأمعاء ، وأمراض الربو وضيق التنفس ، وانخفاض نسبة السكر في المرضى بدرجة ملحوظة ، وعلاج الضعف الجنسي ، ويساعد على تنمية العظام عند الأطفال ، ويقوي عضلة القلب ، ويستخدم كمادة مطهرة لغسل الجروح والقروح ، وخاصة بول الناقة البكر ، ولنمو الشعر وتقويته وتكاثره ومنع تساقطه ، ولمعالجة مرض القرع والقشرة ، كما يستخدم بول الإبل في مكافحة الأمراض بسلالات بكتيرية معزولة منه ، وقد عولجت به فتاة كانت تعاني من التهاب خلف الأذن يصاحبه صديد وسوائل تصب منها ، مع وجود شقوق وجروح مؤلمة ، كما عولجت به فتاة لم تكن تستطيع فرد أصابع كفيها بسبب كثرة التشققات والجروح ، وكان وجهها يميل إلى السواد من شدة البثور ، وتقول الدكتورة أحلام :
إن أبوال الإبل تستخدم أيضاً في علاج الجهاز الهضمي ، ومعالجة بعض حالات السرطان ، وأشارت إلى أن الأبحاث التي أجرتها هي على أبوال الإبل أثبتت فاعليتها في القضاء على الأحياء الدقيقة كالفطريات والخمائر والبكتريا .
وأجرت الدكتورة " رحمة العلياني " من المملكة العربية السعودية أيضاً تجارب على أرانب مصابة ببكتريا القولون ، حيث تم معالجة كل مجموعة من الأرانب المصابة بداوء مختلف ، بما في ذلك بول الإبل ، وقد لوحظ تراجع حالة الأرانب المصابة التي استخدم في علاجها الأدوية الأخرى باستثناء بول الإبل الذي حقق تحسناً واضحاً .(/6)
" مجلة الجندي المسلم " العدد 118 ، 20 ذو القعدة 1425 هـ ، 1 / 1 / 2005 م .
وقد دعانا الله تعالى إلى التأمل في خلق الإبل بقوله : ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ ) الغاشية/17 ، وهذا التأمل ليس قاصراً على شكل الجمل الظاهري ، بل ولا أجهزة جسمه الداخلية ، بل يشمل أيضاً ما نحن بصدد الكلام عنه ، وهو فوائد أبوال وألبان الإبل . ولا تزال الأبحاث العلمية الحديثة تبين لنا كثيراً من عجائب هذا المخلوق .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/7)
رقم 83424
هل زواجي مقدَّر ؟ وهل الطاعة والمعصية تغيران القدَر ؟:
هل قدَّر الله سبحانه لكل شخص من تكون زوجته ؟ وهل للمعصية والطاعة دور في تغيير القدر ؟ .
أنا أحب فتاة ذات دين وخلق ، ولكن هي لا تحبني ، فهل يجوز لي أن أدعو الله بأن يحببها فيَّ ويجعلها زوجتي في المستقبل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .
والإيمان بالقدر من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان أحدٍ إلا به ، ولا يصح الإيمان بالقدر إلا أن يؤمن المسلم بمراتب القدر الأربع وهي :
1. الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .
2. الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ ، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .
3. الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة ؛ فلا يكون في هذا الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .
4. الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق صفاتهم وأفعالهم .
وانظر تفصيل هذا في أجوبة الأسئلة ( 49004 ) و ( 34732 ) .
وهذا التفصيل يبين لك أن الله تعالى قدَّر في الأزل من يكون أهلك ، ومن تكون زوجتك ، ومن يكون أبناؤك ، وكل ما كان ويكون في الكون فهو بتقدير الله تعالى ، قال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .
ثانياً :(/1)
لا يعني هذا أن الإنسان يكون في الدنيا بلا إرادة ، كما لا يعني هذا أن لا يسعى الإنسان في أسباب سعادته وعافيته ، فكل شيء جعل الله له سبباً ، فمن أراد الولد فلا بدَّ له من الزواج ، ومن أراد السعادة في الآخرة فلا بدَّ أن يسعى لها سعيها ، وأن يأخذ في طريق الهداية ، ومن أراد المال والغنى فلا بدَّ أن يسعى للكد والتعب .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ .. ) متفق عليه .
ولم يُطلع الله تعالى أحداً على تفصيل ما سيحصل له من خير أو شر ، لذا فإن كل أحدٍ يسعى لجلب الخير لنفسه ودفع الأذى عن نفسه ، ولا يكون عاقلاً من يسير في طريق سريع عكس الاتجاه ثم يقول " لن يحصل معي إلا ما كُتب لي أو عليَّ " ولا يجلس أحدٌ في بيته ثم يقول " لن يأتيني إلا ما قدِّر لي من رزق " و لا يأكل أحد طعاماً فاسداً ثم يقول " لن يصيبني إلا ما كتب الله لي أو عليَّ " وهذه الأمور لو فعلها أحدٌ وقالها لعدَّ من المجانين ، وهو كذلك .(/2)
وفي خصوص الزواج فإن المسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثَّه على التزوج بذات الدِّين ، وهذا يقتضي منه البحث والتحري عن صاحبة الدِّين ، ولا يقول عاقل إنني لن أسعى في هذا ؛ لأنه لو عرض عليه امرأة مجنونة أو دميمة أو كبيرة في السن أو ذات أخلاق سيئة فإنه لن يقبل بها زوجة ! ولن يدَّعي أنه سيتزوج بأول من يراها أو أول من تُعرض عليه ، وهذا يؤكد ما قلناه من أنه سيعرض عن بعض النساء ، ويتأمل في أخريات ويتردد في بعضهن وهكذا ، ولو اختار ، بعد النظر والتأمل والاستشارة والاستخارة ، امرأة تناسبه فليعلم أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فليجعل رجاءه في ربه عز وجل أن يهيئ له من أمره رشدا ، وأن يقدر له أرشد الأمور بالنسبة إليه ، وأحبها إلى رب العزة تبارك وتعالى .
ثم عليه ، إذا وقع الأمر ، وقدر له ربه عطاءً أو منعا ، على ما وافق هواه أو خالفه ، أن يحسن الظن بربه عز وجل ، ويعلم أن الله لا تعالى لا يقضي لعبده المؤمن الصبار الشكور إلا قضاء الخير . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم ( 2999) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 1804 ) .
ثالثاً :(/3)
أما بالنسبة لأثر الطاعة والمعصية على تغيير القدَر ، فلتعلم أن أما ما كان في اللوح المحفوظ فإنه لن يتغير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( رُفعت الأَقْلاَم وَجَفَّت الصُّحُف ) - رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - ، وأما ما في أيدي الملائكة من صحف فإن الله تعالى قد يأمر ملائكته بتغييرها لطاعة يفعلها المسلم أو معصية يرتكبها ، ولا يكون في النهاية إلا ما كُتب أزلاً ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد/39 .
وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على القيام ببعض الطاعات التي لها أثر في زيادة عمر الإنسان ، كصلة الرحِم ، وأخبر أن الدعاء يرد القضاء ، وهذا معناه : أن الله تعالى علَم أولاً أن عبده فلان سيأتي بهذه الطاعات فقدَّر له عمراً مديداً أو بركة في الرزق ، والعكس كذلك فقد يرتكب الإنسان معصية يُحرم بسببها الرزق ، ويكون الله تعالى قد علَم ذلك أزلاً فقدَّره وكتبه بحسب علمه ، ولم يجبر الله تعالى أحداً على طاعة ولا معصية .
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث واحد :
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلا الْبِرُّ وَلا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ) . رواه ابن ماجه ( 4022 ) .
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ( رقم 33 ) :
سألت شيخنا أبا الفضل العراقي – رحمه الله – عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث حسن . انتهى
وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) رواه البخاري ( 5640 ) ومسلم ( 2557 ) .(/4)
وروى الطبري بإسناده ، عن أبي عثمان النهدي : أن عمر بن الخطاب قال وهو يطوف بالبيت ويبكي : اللهم إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب فاجعله سعادة ومغفرة
وكان أبو وائل شقيق بن سلمة التابعي مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات : اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . [ تفسير الطبري 7/398]
وانظر جواب السؤال رقم : ( 43021 ) .
رابعاً :
حبُّك للفتاة ذات الخلق والدِّين يوجب عليك الحذر من أن تقع في مخالفات شرعية كمراسلتها أو محادثتها أو الخلوة بها ، ولا ننصحك أن تدعو الله تعالى أن يحببها بك ، بل ننصحك بالدعاء أن يرزقك الله تعالى زوجة صالحة ، وإذا رأيتَ من تنطبق عليها مواصفات المرأة الصالحة فتقدَّم لها واخطبها ، ولا داعي لتعيين امرأة بعينها فقد تبادلك المحبة ثم تقعان في مخالفات شرعية ، وقد لا يتيسر لكما أمر الزواج ، فدعاء الله تعالى بأن ييسر لك زوجة صالحة خير لك فيما نرى .
على أننا نصدقك ـ أخانا الكريم ـ القول ، ونرى أن التعلق بهذه الفتاة هو مشكلة فراغ بالنسبة ؛ ونعني بالفراغ هنا أنك لم تشغل نفسك بمهمات الأمور ، فملأ الشيطان قلبك شغلا بما فيه المضرة عليك في نفسك ودينك ، أو بما يفوت عليك مصالحك .
روى ابن الجوزي عن ابن عائشة قال : قلت لطبيب كان موصوفا بالحذق : ما العشق ؟
قال شغل قلب فارغ !! [ ذم الهوى 290] .
وإلا ، فقل لي بربك يا أخي ، هل أنت جاد في البحث عن زوجة مناسبة ، في هذه الفترة ؟!
وإذا كنت جادا في ذلك البحث ، فهل أنت جاد في إمضاء الزواج الآن ؟!
وإذا كنت جادا في إمضاء الزواج الآن ، فهل ظروفك ملائمة لذلك الجِد (!!) منك ؟!!(/5)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ : خَطَبْتُ امْرَأَةً ، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا ، فَقِيلَ لَهُ : أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!!
فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ) رواه ابن ماجة (1864) وصححه الألباني .
فانظر ـ يا أخي ـ كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الإذن بالنظر على إرادة النكاح .
قال العلماء : وهذا مستثنى من النهي عن النظر إلى المرأة الأجنبية ، ولذلك إنما يسوغ حيث تدعو إليه الحاجة ، ويرجو أن يتم زواجه الذي يريد .
قال ابن القطان رحمه الله : " لو كان خاطب المرأة عالما أنها لا تتزوجه ، وأن وليها لا يجيبه ، لم يجز له النظر ، وإن كان قد خطب [ يعني : وإن كان يطلب خِطبتها ] ؛ لأنه إنما أبيح له النظر ليكون سببا للنكاح ، فإذا كان على يقين من امتناعه ، بقي النظر على أصله من المنع ) [ النظر في أحكام النظر 391] .
ومعلوم أن إرادة النكاح ممن لا يقدر على مؤنته ، أو لا تساعده عليه ظروفه في وقته الراهن ، نوع من العبث وإضاعة الزمان ، وشغل القلب بما لا ينفع ، بل بما يضر .
وحين تكون جادا ، فاستعن بالله تعالى ، واسأله التوفيق في أمرك ، فإن بقيت على حالها ، واستخرت ربك في شأنها ، فامض في خطبتك ، وإلا ، فالنساء سواها كثير ؛ فاظفر منهن بذات الدين ؛ تربت يداك !!
نسأل الله تعالى أن يهديك لما فيه رضاه ، وأن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يرزقك زوجة صالحة وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 83473
حجت قبل استقامتها فهل تعيد الحج ؟:
أنا كنت قد أديت فريضة الحج قبل أن ألتزم دينيا بسنوات وقبل أن أرتدي الحجاب . الحمد لله قد أصبحت الآن على قدر من الالتزام وأرتدي الحجاب والنقاب . هل علي تأدية فريضة الحج أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك ، وأخذ بيدك إلى طاعته ومرضاته ، ونسأله سبحانه لنا ولك الثبات حتى نلقاه .
ثانيا :
حجك الماضي يكفيك عن حجة الإسلام ، ولا يلزمك إعادته ، حتى لو كنت مقصرة في التزامك وتمسكك بالدين وارتداء الحجاب ، إلا إذا كنت في تلك الفترة تتركين الصلاة ، واستمر تركك لها أثناء الحج أيضا ، فحينئذ لا يعتدّ بحجك ، لأن ترك الصلاة كفر ، ولا يصح الحج مع وجود الكفر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال ؟
فأجاب : " ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة ، موجب للخلود في النار ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وقول السلف رحمهم الله ، وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) .
وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول ، وذلك لأنه وقع من كافر ، والكافر لا تصح منه العبادات ؛ لقوله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/45) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83570
إذا جامع ولم ينزل وجب الغسل:
في حال حصول جماع ولم يتم القذف (خروج المني) هل يجب على كلاهما الاستحمام ؟ وفي حال لم يصلا للشهوة هل يجوز استعمالهما العادة السرية ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
إذا حصل الجماع بإدخال الحشفة (رأس الذكر) في الفرج ، فقد وجب الغسل على الرجل والمرأة ، وإن لم ينزل المني ، لما روى البخاري (291) ومسلم (348) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ ) زاد مسلم ( وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ).
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/131) : " واتفق الفقهاء على وجوب الغسل في هذه المسألة , إلا ما حكي عن داود أنه قال : لا يجب " انتهى .
ثانيا :
يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته ، وللمرأة أن تستمتع بزوجها ، كيفيما شاءا ، إذا اتقيا الحيضة والدبر ، ومن ذلك أن يستمني بيدها ، أو تستمني بيده ، فهذا داخل في الاستمتاع المأذون فيه بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) المؤمنون/5،6 .
وأما أن يستمني الرجل بيده ، أو المرأة بيدها ، فهذا اعتداء محرم ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (329) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83581
نصحه ولم يستجب فهل يقاطعه ؟:
أنا شاب ملتزم ، ولي أخ في الله أحبه فيه ، رأيته عند إشارة المرور صدفة وقد ارتفع صوت الأغاني من سيارته ، فناصحته بطريقة مباشرة دون أن أذكر له أني رأيته ، فأبدى اعتذاره وتوبته ، وقام - كما يقول - بإزالة الأغاني من سيارته ومن جهاز الحاسب كذلك ولله الحمد ، ولكن بعد أيام أراه يشارك في بعض المنتديات بمشاركة ماجنة ويكتب اسم الأغنية ، وقد عرفته بلقبه الذي يكنى به ورمزه ، كما أنه في بعض الأحيان يصرح بمحادثته في الإنترنت لقريبات له لسن محارم له .
فهل لي أن أقاطعه ، أو أجاريه على ظاهره ، علماً بأن النصيحة يقابلها بالقبول دون أن يعمل بها ، وعلما بأن ظاهره الالتزام ، وقد عرفه أصحابه بذلك ، إلا أني أعلم عنه ما لا يعرفون ؟.
الجواب:
الحمد لله
الذي يعصي الله تعالى إما أن يكون مظهراً لمعصيته أو يكون مستتراً بها ، فإن كان مظهراً لها فإنه يُهجر ـ ولو طالت المدة ـ إن كان الهجر يردعه عن معصيته ، أو يحمله على التقلل منها .
وإن كان مستتراً بها وقدِّر لك أن تراها فيُنكر عليه سرّاً ويُنصح ويُستر عليه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه .
ورأى محمد بن المنكدر رجلا واقفا مع امرأة يكلمها ، فقال : ( إن الله يراكما ، سترنا الله وإياكما !! ) .
وفي مثل هذه الحالة يشرع لك أيضا أن تهجره وحدك ، إن كان ذلك الهجر يؤثر فيه ، ولا يترتب عليه مفسدة أكبر ؛ كأن يجاهر بالمعصية ، بعدما كان مستترا بها ، أو يزيد منها بعد إقلال ، أو أن يفعل معصية أخرى هي أشد مما هجرته من أجله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :(/1)
فمن أظهر المنكر وجب عليه الإنكار وأن يهجر ويذم على ذلك ، فهذا معنى قولهم " من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له " ، بخلاف من كان مستتراً بذنبه مستخفياً فإن هذا يُستر عليه ، لكن ينصح سرّاً ، ويَهجره مَن عرف حاله حتى يتوب ويَذكر أمره على وجه النصيحة .
" مجموع الفتاوى " ( 28 / 220 ) .
وبوَّب البخاري رحمه الله على حديث كعب بن مالك وقصة تخلفه عن تبوك بقوله :
" قوله باب ما يجوز من الهجران لمن عصى " .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" قوله باب ما يجوز من الهجران لمن عصى " : أراد بهذه الترجمة بيان الهجران الجائز ؛ لأن عموم النهي مخصوص بمن لم يكن لهجره سبب مشروع ، فتبين هنا السبب المسوِّغ للهجر وهو لمن صدرت منه معصية ، فيسوغ لمن اطَّلع عليها منه هجره عليها ليكف عنها .
" فتح الباري " ( 10 / 497 ) .
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ قَالَ : فَنَهَاهُ ، وَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ ، وَقَالَ : إِنَّهَا لا تَصِيدُ صَيْدًا وَلا تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ، قَالَ : فَعَادَ ، فَقَالَ : أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا . رواه البخاري ( 5162 ) ومسلم ( 1954 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنَّة مع العلم ، وأنه يجوز هجرانه دائماً ، والنهى عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا ، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائماً ، وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له ، كحديث كعب بن مالك ، وغيره . " شرح مسلم " ( 13 / 106 ) .(/2)
فالواجب عليك ـ أخي الكريم ـ تجاه صاحبك النصح والتذكير والوعظ والتخويف بالآخرة ، فإن استجاب فالحمد لله ولك أجره ، وإن استمر على معصيته مستتراً متخفيّاً ، فإنه يستحق الهجر منك إن رأيتَ أن هجره أنفع له ، فإن لم يكن هجرك نافعاً له فلا نرى لك هجره ، بل نرى مداومة مصاحبتك له عسى أن ينتفع بذلك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم ؛ فان المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله ، فان كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضى هجره إلى ضعف الشر وخفيته : كان مشروعا ، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك ، بل يزيد الشر ، والهاجر ضعيف ، بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته : لم يشرع الهجر ، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر .
والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين . " مجموع الفتاوى " ( 28 / 206 ) .
وننبهك ـ أخيرا ـ إلى أنه من الممكن أن تنصحه وتدله على الخير ، من غير أن تواجهه بما فعل ، وبخصوص مشاركاته في المنتديات ، فمن الممكن أيضا أن تنصحه ، وتكتب له مشاركة ، أو ترسل له على بريده ، إن أمكنك ، من غير أن تعرفه بشخصك ، إن كان ذلك يقلل من مجاهرته بالمعصية ، وارتكابه لها .
هدانا الله وإياك لما يحبه ويرضى ، وجعلنا جميعا مفاتيح للخير ، مغاليق للشر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 83590
هل يعطي عامل الهواتف إكرامية مع أنه يأخذ راتباً ؟:
ما حكم الإكرامية لمن أدى خدمة لي مثل موظف تليفونات أصلح لي التليفون مع العلم بأنه يأخذ مرتباً ثابتاً من عمله ، فهل يجوز لي أن أعطيه إكرامية أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز أن تُعطى إكرامية أو هدية لعاملٍ يأخذ على عمله راتباً . ودليل ذلك ما رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي ، قَالَ : فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ : مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لا ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ )
قال النووي – رحمه الله - :
" في هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام ، ولهذا ذكر في الحديث عقوبته وحمله ما أُهدي إليه يوم القيامة ، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه وأنها بسبب الولاية ، بخلاف الهدية لغير العامل ، فإنها مستحبة ، وحكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية أنه يرده إلى مُهْديه ، فإن تعذر : فإلى بيت المال " .
" شرح مسلم " ( 6 / 462 ) .(/1)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ ) . ومعنى الحديث : من جعلناه على عمل وأعطيناه على ذلك مالاً ، فلا يحل له أن يأخذ شيئاً بعد ذلك ، فإن أخذ فهو غلول ، والغلول هو الخيانة في الغنيمة وفي مال بيت مال المسلمين .
رواه أبو داود ( 2943 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
ففي هذين الحديث دليل على أنه لا يجوز لمن كان موظفاً يأخذ راتباً من دائرته أن يقبل مالاً أو هدية من أحدٍ بسبب وظيفته ، فإن فعل كان غلولاً .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : نحن موظفون حكوميون تأتينا في رمضان إكراميات وزكوات من بعض رجال الأعمال ، ولا نستطيع التفرقة بين الزكوات والإكراميات لعدم علمنا بذلك .
والسؤال : إذا أخذنا هذه الأموال ونحن في غنى عنها وأنفقناها على الأرامل والأيتام والفقراء ما الحكم ؟ وإذا أنفقنا منها على أسرنا وأكلنا منها ، ما الحكم ؟
فأجاب :
" هدايا العمال من الغلول ، يعني : إذا كان الإنسان في وظيفة حكومية وأهدى إليه أحد ممن له صلة بهذه المعاملة فإنه من الغلول ، ولا يحل له أن يأخذ من هذا شيئاً ولو بطيب نفس منه .
مثال ذلك : لنفرض أن لك معاملة في دائرة ما ، وأهديت لمدير هذه الدائرة ، أو لموظفيها هدية فإنه يحرم عليهم قبولها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن اللُّتْبيَّة على الصدقة فلما رجع قال هذا أهدي إلي وهذا لكم ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وقال : ( ما بال الرجل منكم نستعمله على العمل فيأتي ويقول : هذا لكم ، وهذا أهدي إلي ، فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا )(/2)
فلا يحل لأحد موظف في دائرة من دوائر الحكومة أن يقبل الهدية في معاملة تتعلق بهذه الدائرة ، ولأننا لو فتحنا هذا الباب وقلنا : يجوز للموظف قبول هذه الهدية : لكنا قد فتحنا باب الرشوة ، والرشوة خطيرة جداً وهي من كبائر الذنوب ، فالواجب على الموظفين إذا أهدي لهم هدية فيما يتعلق بعملهم أن يردوا هذه الهدية ، ولا يحل لهم أن يقبلوها ، سواء جاءتهم باسم هدية ، أو باسم الصدقة ، أو باسم الزكاة ، ولاسيما إذا كانوا أغنياء ، فإن الزكاة لا تحل لهم كما هو معلوم " .
" فتاوى الشيخ العثيمين " ( 18 / السؤال رقم 270 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 83599
استعار أشرطة محاضرات ولا يستطيع الوصول إلى أصحابها:
لدي أشرطة محاضرات كنت قد استعرتها منذ سنوات من أناس وهي لازالت معي حتى الآن وبعضهم قد يتيسر الوصول إليه وبعضهم لا يتيسر الوصول إليه فماذا أفعل الآن في هذه الأشرطة علماً بأني لا أتوقع أن يحزنوا أو يكون في خاطرهم شيء إن علموا بهذا ... أفتونا مأجورين .
الجواب:
الحمد لله
من استعار من غيره شيئا ، لزمه رده إليه ، سواء كان قليلا أو كثيرا ، عظيما أو حقيرا ؛ أداءً للأمانة كما أمر الله تعالى بقوله : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء/58 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ ) رواه الترمذي (1264) وأبو داود (3534) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فالواجب رد هذه الأشرطة إلى أصحابها ، أو الاتصال عليهم وطلب السماح منهم ، فإن لم يمكن الوصول أو التعرف على بعضهم ، فتصدق بما لهم عندك ، على أنك متى وجدتهم خيرتهم بين أمرين : إما أن يكون لهم ثواب الصدقة ، وإما أن يكون لك ثوابها وتعطيهم بدل أشرطتهم .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله : عن رجل عنده رهون كثيرة , لا يعرف أصحابها , فقال : إذا أيست من معرفتهم , ومعرفة ورثتهم , فأرى أن تباع ويتصدق بثمنها , فإن عرف بعد أربابها , خيرهم بين الأجر أو يغرم لهم . المغني (4/264) .(/1)
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " المال إذا تعذر معرفة مالكه ، صرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء كمالك وأحمد وغيرهما ؛ فإذا كان بيد الإنسان غصوب [ يعني : أموال مغصوبة ] أو عوارٍ [ جمع عارية : وهي ما يستعيره الإنسان من غيره ] ، أو ودائع أو رهون ، قد يئس من معرفة أصحابها ، فإنه يتصدق بها عنهم ، أو يصرفها في مصالح المسلمين ، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين ، المصالح الشرعية ...
وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن ، فخرج فلم يجد البائع ، فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول : اللهم عن رب الجارية ؛ فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فهو لي ، وعلي له مثله يوم القيامة !!
وكذلك أفتى بعض التابعين من غل من الغنيمة ( أي : أخذ منها من غير حق ) وتاب بعد تفرقهم ، أن يتصدق بذلك عنهم ، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام " مجموع الفتاوى (29/321) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/406) فيمن عنده أمانة لغيره : " إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور ، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعد صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع ، فإن رضي فبها ، وإلا فادفع له المبلغ ، ولك الأجر إن شاء الله ".
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83621
تريد نصائح وتوجيهات لتناظر النصارى:
يوجد في الجامعة التي أدرس فيها هناك نسبة نصارى ليست باليسيرة في جامعتي , وقد وصل بهم الحد إلى أن صار بعضهم من دعاة التبشير والتنصير ، وهم في بلاد الإسلام ، وبين أظهر المسلمين !!
حتى إن إحداهن كانت تحضر معها الإنجيل ، وكتابا آخر عن ( الإيمان ) ، وعليه صورة مريم العذراء عليها السلام ، وكانت ترغِّب البنات في قراءته وتشوقهم إليه !
ثم تبين لي ـ فيما بعد ـ من كلامي معها أنها نشيطة في الكنيسة ، وأنها تدرس الأطفال فيها!
والآن أنا حائرة في كيفية التعامل معها ، ومع مثيلاتها ؛ فهل أقطعها وأحذر زميلاتي منها ، أو أحاول أن أناظرها وأناقشها في معتقداتها ؟
علما بأنني حاولت ـ مرة ـ أن أستخرج بعض ما عندها ، لأعرف كيف أناقشها ، فوجدتها على وعي تام بمسائل النقاش ، وكأنها قد تلقنت ماذا يجب أن تقول ، وتتسلح به فيما معاملتها ومناقشتها للمسلمين !! ولم يكن عندي من العلم ما أرد به عليها ، أو يمكنني من الاسترسال معها في النقاش .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نشكر لكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ غيرتِك على دين الله تعالى ، وعلى الاهتمام بالدعوة إلى الله ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات .
ثانياً :
لا ننصحك بمحاورة زميلاتك من النصارى ، أو مجادلة أحد منهم ، لأنكِ ذكرتِ أن عندهم من الشُّبَه ما تعجزين عن رده ، وذكرتِ أنك في أول طريق طلب العلم ، وهذا يجعلنا نؤكد على هذه النصيحة في حقك وحق من كان مثلك ؛ فالجدال إنما ( يقصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة أو على المواطن التي المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة ) [ فتح القدير ، للشوكاني 1/527] .(/1)
وهذه المصلحة التي ترجى من مجادلة أهل الكتاب ، أو غيرهم من أصناف أهل الشرك بالله ، أو أهل الأهواء والبدع ، لا تتم إلا بأن يقوم بهذه المناظرة من هو أهلها ممن كان عنده من العلم بدينه ودين المخالف ما يمكنه من مناظرته ، ثم يتزين بأدب الشرع لنا في ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولما كان أتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل ، كان كلام أهل الإسلام والسنة مع الكفار وأهل البدع ، بالعلم والعدل ، لا بالظن وما تهوى الأنفس . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( القضاة ثلاثة : قاضيان في النار ، وقاض في الجنة ؛ رجل علم الحق وقضى به ، فهو في الجنة ، ورجل علم الحق وقضى بخلافه ، فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهل ، فهو في النار ) رواه أبو داود وغيره ، [ صححه الألباني في صحيح الجامع ] ؛ فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال والدماء والأعراض ، إذا لم يكن عالما عادلا ، كان في النار ، فكيف بمن يحكم في الملل والأديان ، وأصول الإيمان والمعارف الإلهية والمعالم الكلية ، بلا علم ولا عدل كحال أهل البدع والأهواء .. " [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/107-108] .(/2)
ولأجل ما ذكره شيخ الإسلام هنا من أدب الجدل ، قال الله تعالى : ( وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) العنكبوت/46 قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره : " ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب ، إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل ، أو بغير قاعدة مرضية ، وأن لا يجادلوا ، إلا بالتي هي أحسن ، بحسن خلق ولطف ولين كلام ، ودعوة إلى الحق وتحسينه ، ورد الباطل وتهجينه ، بأقرب طريق موصل لذلك . وأن لا يكون القصد منها ، مجرد المجادلة والمغالبة ، وحب العلو ، بل يكون القصد بيان الحق ، وهداية الخلق . " اهـ . [ تفسير السعدي 743]
ثم عليكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تلتفتي لنفسك وطلب العلم ، وقبل أن يعرف المسلم ما عند غيره ، يجب أن يعرف ما في دينه من أحكام ، فابحثي عن أخوات من طالبات العلم وابدئي معهن في تعلم دينك ، ويمكنك أن تستعيني ـ أيضا ـ بأشرطة علماء أهل السنة الداعين إلى منهج السلف الصالح ، لاسيما إذا لم يتيسر لك من يعلمك .
ولتكن عنايتك الأولى بمعرفة ما يصحح لك عقيدتك ، وعبادتك ، واهتمي بالوقوف على معاني كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
هذه هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن تبدئي بها ، ودعي نقاش النصارى وغيرهم من أهل الانحراف والضلال للمتخصصين ، فهم أقدر على مواجهتهم وتبيين زيفهم ، ولا يزال في الأمة الإسلامية – ولله الحمد – من يقوم بهذا الواجب .
وإذا رأيتِ من يمكن أن يتأثر بدعوات التنصير من أخواتك المسلمات : فيجب عليك تحذيرهن من مصاحبة أولئك الكافرات والسماع لهن ، ويمكنك تزويدهن بكتب وأشرطة تبين الإسلام الصحيح ، وتحذِّر من المذاهب والأديان الباطلة .(/3)
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن ييسر لك العلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 83720
هل للطبيبة أن تسافر مع حملة الحج دون محرم ؟:
أعلم أن حج المرأة بغير محرم غير جائز , وقد سافرت العام الماضي مع إحدى الحملات للحج مع وجود المحرم . هذا العام لا يتوفر لدي محرم ليسافر معي , والحملة ملزمة بسفر طبيبة معها , علما بأنه لا يوجد وقت الآن حتى تجد الحملة طبيبة أخرى . أفيدوني ماذا أفعل أثابكم الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
وأما حج النافلة ، فتمنع المرأة من السفر إليه بلا محرم عند أكثر العلماء ، بل حكى بعضهم اتفاق العلماء على ذلك .
وكون الحملة ملزمة بسفر طبيبة معها ، والوقت لا يتسع للبحث عن طبيبة أخرى ، كل ذلك لا يبيح لك السفر معهم بلا محرم ، وكيف يتقرب العبد إلى ربه بالحج أو بمساعدة الآخرين ، عن طريق المعصية ؟!
نسأل الله لك التوفيق والثبات والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 83724
أشغلها العشق وأثَّر عليها فهل تراجع طبيبا نفسيّاً ؟:
أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري ، وإني مولعة بشخص ، ولكنني أعرف أن هذا الحب حرام في الدين الإسلامي ، وأعرف أنه لا يحبني ، ولكن لا جدوى من نسيان هذا للمرض حتى أنني عندما فكرت في نسيانه واجهتني مشاكل البحث عن حب جديد ، وقد بدأت أفكر في المتزوج والعازب والصديق وابن العم ... الخ ، حتى وقعت في الكثير من عدم الثقة بنفسي ، والتفكير الكبير في هذا الموضوع قد بدأ يقلقني حتى أصبحت أفكر أن هناك سحراً وأريد أن أذهب إلى شيخ ولكن مترددة قليلا ، ولا أعرف ماذا أفعل ، والآن أريد أن أذهب إلى الطبيب النفسي ، فهل هذا حرام وأنه لجوء إلى غير الله تعالى ؟ ولكن لا أعرف أيضا ما حل هذه المشكلة.
الجواب:
الحمد لله
ليست قضيتك ـ أيتها السائلة الكريمة ـ قضية سحر ونفث ، حتى تحتاجي إلى الذهاب إلى راق يرقيك ، وليست قضية مرض نفسي أو عصبي ، حتى تحتاجي إلى الذهاب إلى الطبيب ؛ إنما قضيتك قضية قلب أصابه مس من الشيطان ووسواسه ، وألقى فيه جمارا من العشق الحرام ، وأنت رحت تشعلين جذوة الشهوة بسهام النظر المسمومة ، والخيالات الفاسدة ، والأماني الكاذبة ، حتى وصل بك الحال إلى ما ترين من المرض !!
قال ابن القيم رحمه الله : فصل : في هديه صلى الله عليه وسلم في علاج العشق
( هذا مرض من أمراض القلب ، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه ، وإذا تمكن واستحكم عز على الأطباء دواؤه وأعيى العليل داؤه .. )(/1)
ثم قال : ( وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى ، المعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه ؛ فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه ، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ؛ ولهذا قال تعالى في حق يوسف : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف/24 ، فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته ؛ فصرف المسبب صرف لسببه ، ولهذا قال بعض السلف : العشق حركة قلب فارغ .. ) زاد المعاد (4/265، 268) .
فاعلمي أيتها السائلة ، صانك الله عن أسباب غضبه ، أن أصل هذا الداء يبدأ من النظرة المحرمة ، التي هي رسول البلاء ، وبريد الداء إلى القلب ، ثم القلب يسرح في خيالاته ، حتى يصل إلى تمني الحرام أو تخيله ، كما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ) رواه البخاري (6243) ومسلم (2657)
وحينئذ ، فالواجب عليك سد الطريق الموصلة إلى هذا الداء ، والبعد عن أماكن البلاء والعدوى ، ولهذا أمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور/ 30-31 .(/2)
وأعظم ما يعين العبد على حفظ فرجه ، أن يجعله فيما أحل الله له ، فيتزوج ، إن كان ذلك ميسورا له ، وقد تعلق قلبه بإنسان معين ، يمكنه الزواج منه . كما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لمْ يُر للمتحابيْن مثل النكاح ) - رواه ابن ماجة ( 1847 ) وصححه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجه "
وإن كان له تعلق بأمر الزواج ، من أجل تحصيل العفة ، وإحصان الفرج ، من غير أن يكون تعلقه بإنسان معين ، فهذا يكون أسهل له ، ويمكنك ـ حينئذ ـ أن تسعي في التعجيل بأمر زواجك ، وتذليل العقبات التي تحول دونه ، ولا حرج عليك ولا عيب في السعي في تحصيل العفة ، وإحصان نفسك ، ويمكنك أن تستعيني في تحصيل ذلك بمن تثقين منه من أخت ، أو قريبة صالحة ، أو والدة تتفهم أمرك .
وحتى يتم لك ذلك ، فاشغلي قلبك وبدنك بطاعة الله تعالى ، وضيقي مداخل الشيطان إلى قلبك ، ولا تتركي له فرصة من غفلة ، أو فكرة شاردة . قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (1905) ومسلم (1400)
والباءة : أعباء الزواج وتبعاته , وقوله وجاء : مراده أن الزواج يقطع الشهوة .
ثم اعلمي أن من أنفع الدواء ، وأرجى الأسباب لمن ابتلي بذلك : صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ، وأن يطرح نفسه بين يديه على بابه ، مستغيثا به متضرعا متذللا مستكينا ؛ فمتى وفق لذلك فقد قرع باب التوفيق ، فليعف وليكتم ..
قال صلى الله عليه وسلم : ( .. وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ ) رواه البخاري (6470) ومسلم (1053) .(/3)
وأنتِ يا أختنا السائلة تعلمين أن الطرف الآخر لا يبادلك الشعور نفسه ، وتعلمين أنه لا مصير لك للزواج منه ، فما تفعلينه حرام ، وسفه في العقل ، وأنتِ لا تزالين في مقتبل عمرك ، والطريق أمامك سهل يسير أن تنعمي بحبٍّ شرعي من زوج صالح ، فلا تُشغلي نفسك بما حرَّم الله عليكِ .
وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم ( 21677 ) ما هو الأحسن في علاج القلق ، وفيه وصايا مهمة ، لا بدَّ من أن تتأمليها ، وفيه بيان جواز العلاج عند الطبيب النفسي ، مع أننا لا نرى لكِ ذلك ؛ لأن داءكِ معروف وأنت سببه ، وعلاجك هو بما ذكرناه لك ونصحناك به .
وذكرنا في جواب السؤال رقم ( 10254 ) مسألة امرأة متعلقة بشاب في المدرسة وتريد حلاًّ ، فانظري – كذلك – في جوابها ، ولعلك أن تستفيدي .
ونسأل الله تعالى أن يحبب إليكِ الإيمان وأن يزينه في قلبك ، وأن يكرِّه إليكِ الكفرَ والفسوق العصيان ، وأن يهديك لأحسن الأقوال والأفعال ، وأن ييسر لكِ زوجاً صالحاً وذرية طيبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 83731
نقد قصة موضوعة ، والتحذير من القصَّاص الجهلة:
نرجو الإفادة في صحة هذه الرواية ( سمعتها من أحد الوعاظ ) استيقظ الساعة الرابعة والثلث ليجهز نفسه لأداء صلاة الفجر , قام وتوضأ ولبس ثوبه وتهيأ للخروج من المنزل والذهاب إلى المسجد , كان معتاداً على ذلك فمنذ صغره اعتاد أن يصلي صلواته جماعة في المسجد حتى صلاة الفجر , خرج من منزله وأخذ طريقه إلى المسجد , وبينما هو في طريقه إليه تعثّر وسقط وتمزّق جزء من ثوبه , فعاد إلى المنزل يغيّر ثوبه ويلبس ثوباً آخر , لم يغضب ولم يسب ولم يلعن ، فقط عاد إلى منزله وغيَّر ثوبه بكل بساطة , ثم عاد مرة أخرى يسلك طريق المسجد وإذ به يتعثّر مرة أخرى ويسقط وانقطع جزء من هذا الثوب أيضاً , عاد إلى منزله وقام بتغيير ثوبه , لقد تمزّق كلا ثوبيه ومع ذلك لم يعقه ذلك عن رغبته في أداء الصلاة جماعة في المسجد , عاد مرة أخرى يأخذ طريقه إلى المسجد ، وإذا به يتعثر للمرة الثالثة , ولكن شعر فجأة أنه لم يسقط ، وأن هناك أحداً أسنده ومنعه من أن يسقط على الأرض , تعجب الرجل ونظر حوله فلم يجد أحداً , وقف حائراً لحظة ثم أكمل طريقه إلى المسجد ، وإذا به يسمع صوتاً يقول له أتدري من أنا ؟ فقال الرجل : لا ، فرد الصوت : أنا الذي منعك من السقوط , فأعقبه الرجل وقال : فمن أنت ؟ فأجاب : أنا الشيطان ، فسأله الرجل : ما دمتَ الشيطان لم منعتني من السقوط ؟ فرد الشيطان : في المرة الأولى عندما تعثرت وعدت إلى منزلك وغيَّرت ثوبك غفر الله لك كل ذنبك ، وفي المرة الثانية عندما تعثرت وعدت إلى منزلك وغيَّرت ثوبك غفر الله لأهل بيتك , وعندما تعثرت في المرة الثالثة خفت أن تعود إلى المنزل وتغير ثوبك فيغفر الله لأهل حيّك , فأسندتك ومنعتك السقوط ! .(/1)
ما يحيرني في القصة أنه هل يمكن للشيطان أن يكلم الإنسان وأن يمسك يده ويمنعه من السقوط كما ورد في القصة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هذه القصة لا أصل لها في كتب السنة والحديث والتاريخ ، وهي مخالفة للشرع مخالفة صريحة ، وذلك من وجوه :
1. المحادثة بين الرجل والشيطان ، فمن الممكن أن يوسوس الشيطان للإنسان ، وهو على هيئته الحقيقية ، وأما أن يكلمه فهذا غير ممكن ، إلا أن يكون الشيطان متشكلا على هيئة البشر.
2. قول الشيطان إنه أسند الرجل عندما تعثَّر ، وهذا الأمر لا يصدَّق وليس في مقدور الشيطان أن يفعله ، وقد جعل الله تعالى الملائكة حافظة وحارسة للإنسان من ضرر الجن وأذيته ؛ لأنهم يروننا ولا نراهم ، قال تعالى : ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ) الرعد/11 ، وواضح من القصة المكذوبة أن الشيطان له قدرة على حفظ الإنسان مما يمكن أن يؤذيه ، أو أن الشيطان قادر على المنع من قدر الله تعالى .
3. والأخطر في القصة المكذوبة هو في قول الشيطان إن الله تعالى في المرة الأولى غفر للإنسان كل ذنبه ، وأنه في المرة الثانية غفر الله لأهل بيته ، وزعْمه أنه لو سقط في المرة الثالثة لغفر الله لأهل حيِّه ! وهذا كله من الكذب على الله تعالى وادعاء علم الغيب ، وليس جرح المجاهد في المعركة مع الكفار بموجب لمثل هذه الفضائل ، فكيف تُجعل للذاهب للمسجد ، وهي ليست لمن تعثر وسقط في الدعوة إلى الله أو في طريقه لصلة الرحم وغيرها من الطاعات ، فكيف تُجعل هذه الفضائل لمن سقط في ذهابه للمسجد ؟! .(/2)
ثم إنه ليس في السقوط والتعثر شيء يوجب هذه الفضائل ، وقد سقط وتعثر وجرح كثير من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأتِ حرف في السنة في مثل هذه الفضائل بل ولا في جزء منها ، ولا يغفر الله تعالى لأهل البيت أو الحي أو المدينة لفعل واحد من الصالحين أو طاعته ، فضلاً عن سقوط لا يقرِّب إلى الله وليس هو طاعة في نفسه ، ولو كان أحدٌ ينتفع بفعل غيره لانتفع والد إبراهيم عليه السلام بنبوة ابنه ، ولانتفع ابن نوح بنبوة أبيه ، ولانتفع أبو طالب بنبوة ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم من أين علم الشيطان بذلك كله حتى أخبر هذا الرجل ، وهل يملك الشيطان أن يمنع رحمة أرادها الله تعالى بأحد من عباده ؟
كلا ؛ قال الله تعالى : ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فاطر/2
ثانياً :
لا شك أن هذه القصص المكذوبة الباطلة هي مما يروج عند من لم يفهم دينه ، ولا يعرف توحيد ربه تعالى ، ويروجها أساطين الكذب من الخرافيين المفترين على شرع الله تعالى ، وقد توعد الله تعالى هؤلاء الكاذبين بأشد الوعيد ، فقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
والواجب على الخطباء والمدرسين أن ينزهوا أنفسهم أن يكونوا من القصَّاص الذين يقصون على العامة ما يخالف الشرع والعقل ، وقد حذَّر سلف هذه الأمة من هؤلاء القصَّاص أشد التحذير لما فيه كثير من قصصهم من آثار سيئة على العامة ولما فيها من مضادة لشرع الله .(/3)
وقد جاء في حديث حسَّنه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1681 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لمَّا هَلَكُوا قَصُّوا ) .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله - :
قال في " النهاية " : ( لما هلكوا قصوا ) : أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل ، فكان ذلك سبب هلاكهم ، أو بالعكس : لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص .
وقال الألباني – معقِّباً - :
ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وعاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرف الناس بدينهم ، فيحملهم ذلك على العمل الصالح ؛ لما فعلوا ذلك هلكوا .
" السلسلة الصحيحة " ( 4 / 246 ) .
وهذا هو حال القصَّاص : الاهتمام بالحكايات والخرافات ، وسردها على العامة ، دون الفقه والعلم ، ويسمع العامي كثيراً ولا يفقه حكماً ولا يستفيد علماً .
قال ابن الجوزي في " تلبيس إبليس " ( ص 150 ) :
والقصاص لا يُذمون من حيث هذا الاسم لأن الله عز وجل قال : ( نَحْنُ نَقصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَص ) وقال : ( فَاقْصُص القَصَص ) .
وإنما ذُمَّ القصاص لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القصص دون ذكر العلم المفيد ، ثم غالبهم يخلط فيما يورد وربما اعتمد على ما أكثره محال .
انتهى
وعن أبي قلابة عبد الله بن زيد قال : ( ما أمات العلم إلا القصاص ، يجالس الرجلُ الرجلَ سنةً فلا يتعلق منه شيء ، و يجلس إلى العلم فلا يقوم حتى يتعلق منه شيء ) .
" حلية الأولياء " ( 2 / 287 ) .
وكم أحدث هؤلاء القصاص من آثار سيئة على العامة ، وسردهم لتلك الخرافات جعلت لهم منزلة عند العامة الذين يصدِّقون كل ما يسمعون حتى أصبحوا مقدَّمين على العلماء وطلبة العلم .
قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :
ومن آفاتهم : أن يحدِّثوا كثيراً من العوام بما لا تبلغه عقولهم , فيقعوا في الاعتقادات السيئة , هذا لو كان صحيحاً , فكيف إذا كان باطلاً ؟! .(/4)
" تحذير الخواص " للسيوطي ( ص 180 ) نقلاً عن " الباعث على الخلاص " للعراقي .
يقول ابن الجوزي :
والقاص يروي للعوام الأحاديث المنكرة , ويذكر لهم ما لو شم ريح العلم ما ذكره , فيخرج العوام من عنده يتدارسون الباطل ، فإذا أنكر عليهم عالم قالوا : قد سمعنا هذا بـ " أخبرنا " و " حدثنا " ، فكم قد أفسد القصاص من الخلق بالأحاديث الموضوعة , كم لون قد اصفر من الجوع , وكم هائم على وجهة بالسياحة ، وكم مانع نفسه ما قد أبيح , وكم تارك رواية العلم زعماً منه مخالفة النفس في هواها ، وكم موتم أولاده [ يعني : جعلهم يتامى ] بالزهد وهو حي ، وكم معرض عن زوجته لا يوفيها حقها ؛ فهي لا أيم ولا ذات بعل " اهـ . الموضوعات " ( 1 / 32 ) .
ومن هنا جاء الذم لهؤلاء القصاص في كلام كثير من السلف :
قال ميمون بن مهران - رحمه الله - :
القاص ينتظر المقت من الله ، والمستمع ينتظر الرحمة .
قال الألباني رحمه الله - تحت حديث رقم ( 4070 ) من " السلسلة الضعيفة " - :
رواه ابن المبارك في كتابه " الزهد " بسندٍ صحيحٍ .
وقال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - :
أكذب الناس القُصَّاص والُّسوَّال ، وما أحوج الناس إلى قاص صدوق ؛ لأنهم يذكرون الموت وعذاب القبر ، قيل له : أكنت تَحضر مجالسهم ؟ قال : لا .
" الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلي ( 2 / 82 ) .
فنسأل الله أن يصلح أحوال الأئمة والخطباء ، وأن يهديهم لما فيه صلاحهم وإصلاح غيرهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 83736
نصرانية تسأل : لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس ؟:
سؤال من زوجتي المسيحية : لماذا لا يحل للمرأة المسلمة الزواج من أهل الكتاب - المسيحيين واليهود - بينما هو محلَّل للرجل المسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من أسماء الله تعالى التي نؤمن بها ، ولا نظن أن أحدا ممن يعتقد أن له ربا يشك فيها ، أنه سبحانه الحكيم ، وبهذا أثنت عليه الملائكة المكرمون ، لما علموا حكمته في أمره لهم بالسجود لآدم : ( قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) البقرة/32 وبهذا ـ أيضا ـ شهد لنفسه سبحانه ، وشهدت له ملائكته ، وشهد له أهل العلم به سبحانه : ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/18.
وبذلك قامت حجته سبحانه على خلقه . قال الله تعالى : ( قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأنعام/149 ومعلوم ـ من ذلك ـ أن الحكيم لا يفعل ما يفعل عبثا ، ولا يضع شيئا في غير موضعه ، ولا يأمر بأمر إلا وهو أحسن لخلقه من غيره ، كما قال سبحانه : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر/23.(/1)
وهذا كما أنه مقتضى اسمه الحكيم ، فهو كذلك مقتضى تفرده بالخلق سبحانه ، فمنطقي أن من صنع شيئا هو أعلم بما يصلحه ويلائمه من غيره ؛ فكيف بالخالق العليم : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14 . وأما عن هذه الحكمة التي تسألين عنها ، فعلك أيتها السائلة على علم بأن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى ، ولذلك نسخ كل دين سواه ، كما قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) التوبة/33 . وقال تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا ) النساء/141 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإسلام يعلو ولا يُعلَى ) رواه الدارقطني وغيره ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته ، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته ، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه ، أو التأثير فيها بغية ذلك ، وهو ما لا يرضاه الإسلام .
وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه ، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية ، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم .
وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .(/2)
ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم ، تتزوج برجل يؤمن بنبيها ، بل وبسائر أنبياء الله ، ولا يكون مسلماً إلا بهذا ، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم ، قال تعالى : ( آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) البقرة/285 ، في حين أن الكتابي - من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء ، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به ؟!
على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية ، وإن كان مباحا في الشرع ، لما يرجى من وراءه من المصلحة ، وما فيه من التخفيف على العباد ، فإنه " مستثقل مذموم " كما قال الإمام مالك رحمه الله [ تفسير القرطبي 3/67 ] .
وبعد ، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب ، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار ، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب ، كما أباح لنا التزوج من نسائهم ، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد ، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم ، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم .
وأخيرا ؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى ، ولا شاذا تفرد به الإسلام ، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة ؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية ، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة ، والعكس بالعكس !
وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن " اختلاف الدين مانع من الزواج " .(/3)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 83754
حكم الحديث المعلق:
ما المقصود بالأحاديث المعلقة ؟ وما هو الصحيح منها سواء في البخاري أو في مسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الحديث المعلق هو ما حذف من بداية إسناده ( أي من جهة المحدث المصنف – صاحب الكتاب-) راو واحد فأكثر .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله "نزهة النظر" (108-109) :
" ومن صور المعلق :
أن يحذف جميع السند ، ويقال مثلا : قال رسول لله صلى الله عليه وسلم .
ومنها : أن يحذف كل السند ولا يبقى إلا اسم الصحابي أو اسم الصحابي والتابعي.
ومنها : أن يحذف من حدَّثَه ويضيفه إلى من فوقه " انتهى بتصرف .
ثانيا :
كل حديث يذكر في الكتب محذوف الإسناد ، ويرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، دون عزو إلى شيء من كتب السنة ، فهو حديث معلق ، فإن كان الحديث موصولا بالأسانيد في كتب السنة ، أو كان المصنف الذي علقه قد وصله في مكان آخر من كتبه ، فيظهر حينئذ أن تعليق من علقه إنما كان لأجل الاختصار ، ووصفه بالتعليق لا يعني الحكم عليه بالضعف ، وليس هو محل خلاف وبحث عند أهل العلم .
تجد ذلك كثيرا ظاهرا في صحيح الإمام البخاري :
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله "النكت" (1/325) :
" إن ضاق مخرج الحديث ولم يكن له إلا إسناد واحد ، واشتمل على أحكام واحتاج إلى تكريرها ، فإنه والحالة هذه إما أن يختصر المتن أو يختصر الإسناد " انتهى .
ويقول السيوطي في "تدريب الراوي" (1/117) :
" وأكثر ما في البخاري من ذلك موصول في موضع آخر من كتابه ، وإنما أورده معلقا اختصارا ومجانبة للتكرار " انتهى .
ثالثا :
للحكم على الحديث المعلق فإنه لا بد – كما هو الحال عند الحكم على أي حديث – من جمع طرق الحديث والبحث عن أسانيده ؛ ولا يخلو حكمه بعد ذلك من الحالات التالية :(/1)
1- إن لم نقف له على سند في أي كتاب : فحينئذ فالأصل الحكم بالضعف على الحديث ؛ وذلك للجهل بحال الرواة المحذوفين من السند ، فقد يكون منهم الضعيف أو الكذاب .
مثاله : ما علقه الحافظ ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَا مِن مُسلِمٍ يَمُرُّ عَلَى قَبرِ أَخِيهِ كَانَ يَعرِفُهُ فِي الدُّنيَا ، فَيُسَلِّمُ عَلَيهِ ، إِلا رَدَّ اللَّهُ عَلَيهِ رُوحَهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيهِ السَّلامَ )
فقد بحث أهل العلم عن هذا الحديث المعلق فلم يجدوه مسندا في كتاب ، وكل من يذكره ينقله عن تعليق الحافظ ابن عبد البر ، فهو في الأصل حديث ضعيف ، إلا أن بعض أهل العلم صححه تبعا للحافظ ابن عبد البر الذي علقه وصححه .
2- إذا وجدنا للحديث سندا موصولا في كتاب آخر من كتب السنة ، فإننا حينئذ ننظر في السند ، ونحكم عليه بحسب قواعد أهل العلم في نقد الأحاديث ، كما أنه يمكن الاستعانة للحكم على الحديث المعلق بما فهمه العلماء من مناهج كتب السنة ، وهذا بيان ذلك :
رابعا :
لبعض الأئمة مناهج في ذكر الحديث المعلق ، وهذه المناهج إما أن ينص عليها الإمام نفسه ، أو يعرفها من بعده من أهل العلم من خلال دراسة كتابه واستقراء أحاديثه .
ومن كلام أهل العلم في منهج البخاري في التعليق ، نستطيع تقسيم معلقاته ( والتي تصل إلى مائة وستين حديثا معلقا ) إلى قسمين :
الأول : ما علقه بصيغة الجزم ، مثل قال ، رَوَى ونحو ذلك :
فحكم هذه المعلقات هو الصحة أو الحسن ، لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك إلا وقد صح عنده ، بل منها ما هو على شرطه وإنما علقه لأنه أخذه مذاكرة أو إجازة .
ويستثني العلماء من هذه القاعدة حديثا واحدا فقط ، وهو ما علقه في كتاب الزكاة (2/525) :
( وقال طاوس : قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن : ائتوني بعرض ثياب : خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة ، أهون عليكم ، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة )(/2)
قالوا : فهذا إسناده إلى طاوس صحيح ، إلا أن طاوسا لم يسمع من معاذ .
الثاني : ما علقه بصيغة التمريض : مثل : رُوِيَ ، يُذكَر ونحوها .
فهذا قد يكون فيه الصحيح ، وقد يكون فيه الحسن ، ويكون علقها لأنه رواها بالمعنى .
كما قد يكون فيه الضعيف ضعفا يسيرا : وقد يبين ضعفه بقوله عقبه : ( لم يصح ) .
( ملخصا من كتاب "النكت" للحافظ ابن حجر (1/325-343) ، "تدريب الراوي" للسيوطي (1/117-121)
أما صحيح مسلم :
فإن جميع ما فيه من المعلقات يصل فقط إلى خمسة أحاديث ، يرويها الإمام مسلم مسندة متصلة من طريق ، ثم يعلقها عقبه من طريق أخرى غير الطريق التي أسندها ، لغرض علمي يريده الإمام مسلم ، وقد جمعها الشيخ رشيد الدين العطار في رسالة مطبوعة ، وبين وصلها وأسانيدها الصحيحة .
وليس في صحيح مسلم – بعد المقدمة – حديث معلق لم يصله من طريق أخرى إلا حديث واحد : قال مسلم في حديث رقم (369) :
وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبدالرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول : : أقبلت أنا وعبدالرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث ابن الصمة الأنصاري ، فقال أبو الجهم :
( أَقبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن نَحوِ بِئرِ جَمَلٍ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، فَلَم يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَيهِ حَتَّى أَقبَلَ عَلَى الجِدَارِ ، فَمَسَحَ وَجهَهُ وَيَدَيهِ ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيهِ السَّلامَ ) وانظر "النكت" للحافظ ابن حجر (1/346-353)
وقد وجد هذا الحديث مسندا متصلا من طريق الليث بن سعد أيضا عند البخاري في صحيحه (337) وأبو داود (329) وغيرهما .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 83762
لديها مال يكفي للحج ولا تجد محرما:
أنا آنسة من المغرب أبلغ من العمر 35 سنة ، توفر لدي قدر من المال (لا أظن أني سأملك مثله يوما ما)، بعد تفكير طويل لم أجد خيرا من صرفه في الذهاب إلى بيت الله الحرام ، لأداء فريضة الحج علما أني أتشوق لزيارة ذلك المقام ، هذه هي أمنيتي في الحياة وأتمنى أن لا يحرمني الله من هذا الأمل , المشكلة هي أنني لا أتوفر على محرم ، أخي لا يمكنه الذهاب نظرا لضائقته المالية وكذلك والدي . أرجو منكم أن ترشدوني وتجدوا لي حلا لهذه المشكلة .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون محرم ، ولو كان سفرها للحج الواجب أو العمرة الواجبة ، لما روى البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا ، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .
فلهذا الحديث وغيره من الأحاديث التي تدل على تحريم سفر المرأة بلا محرم ذهب جماعة من العلماء إلى أن وجود المحرم شرط لوجوب الحج على المرأة ، فإذا لم تجدي محرما يسافر معك ، فالحج غير واجب عليك ، وأنت معذورة ، مأجورة على نيتك إن شاء الله .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن امرأة موسرة , لم يكن لها محرم , هل يجب عليها الحج ؟ فقال : لا .
"المغني" (3/97) .(/1)
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : إن لي مشكلة أريد أن أجد لها حلاً من عند الله الرحيم بعباده ، وهي خاصة بأمر تأديتي لفريضة الحج . فأنا امرأة في الخمسين من عمري ، وأريد من فترة سنتين أن أسافر لأداء فريضة الحج ، والذي يعوق سفري هو أنني ليس لي محرم لكي يسافر معي ، فزوجي لا هم له سوى الأموال والدنيا ولا ينوي السفر للحج ، اللهم إلا إن كانت منحة من الشركة التي يعمل بها ، وهذا أمر لن يتأتى له إلا حينما يأتي دوره وأخاف أن يأتيني الأجل وأكون مقصرة في ذلك ، وقد ملكت الزاد والراحلة ... خلاصة الأمر : أن محارمي جميعاً لا يستطيعون السفر معي لمشاغلهم ، وعدم إمكانية السفر .
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك ما دمت على هذه الحال ؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك ، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته.
واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر ، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك ، ويهيئ لك سبيل الحج مع زوج أو محرم " انتهى باختصار .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/95) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83829
حكم العتاقة أو قراءة القرآن للأموات:
والدي توفي وكان مريضا في الأربع سنين الأخيرة من عمره ، توفي من شهر من الآن وعمره 52 سنة وكان مريضا بجلطة لا يستطيع التحرك أو المشي ومرض السكر والضغط أريد أن أعرف هل يوجد له عتاقة صلاة ؟ بعض المشايخ يقولون هذا ، بمعنى قراءة القرءان عليه عن طريق المشايخ ، هم الذين يفعلون ذلك . وبعض الآراء تخالف . أنا أريد الجواب عن هذا السؤال . وهل عليه كفارة عن أيامه الأخيرة أم لا بسبب مرضه الخطير أم له عتاقة صلاة كما يقال ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
" قراءة القرآن عبادة من العبادات البدنية المحضة ، لا يجوز أخذ الأجرة على قراءته للميت ، ولا يجوز دفعها لمن يقرأ ، وليس فيها ثواب ، والحالة هذه ، ويأثم آخذ الأجرة ودافعها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة، وقد قال العلماء : إن القارئ لأجل المال لا ثواب له ، فأي شيء يهدى إلى الميت؟ " انتهى.(/1)
والأصل في ذلك : أن العبادات مبنية على الحظر ، فلا تفعل عبادة إلا إذا دل الدليل الشرعي على مشروعيتها ، قال تعالى : ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ، وفي رواية : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، أي : مردود على صاحبه ، وهذا العمل – وهو استئجار من يقرأ القرآن للميت - لا نعلم أنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، والخير كله في اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، مع حسن القصد ، قال تعالى : ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) ، وقال تعالى : ( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ، والشر كله بمخالفة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف القصد بالعمل لغير وجه الله "
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة".
فهذه العتاقة لا أصل لها في الشرع ، وهي بدعة مذمومة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أرشدنا إليها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، وما كان كذلك فلا ينبغي لمؤمن أن يفعله .
ثانيا :
المشروع هو الدعاء للميت ، والصدقة عنه ، كما روى مسلم (1631) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) .(/2)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاء يَصِل ثَوَابه إِلَى الْمَيِّت , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة ....وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن وَجَعْل ثَوَابهَا لِلْمَيِّتِ وَالصَّلاة عَنْهُ وَنَحْوهمَا فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا لا تَلْحَق الْمَيِّت " انتهى باختصار .
وانظر السؤال رقم (12652)
فأكثر من الدعاء لوالدك ، وتصدق عنه بما تستطيع ، وإن كان لم يحج أو لم يعتمر ، وأمكن أن تحج وتعتمر عنه فافعل ، فهذا مما ينفعه بإذن الله .
ومن البر بالأب الميت : إكرام صديقه ، وصلة الرحم المتصلة به .
والمرض يجعله الله كفارة لعبده المؤمن ، كما يكون سببا لرفع درجته وعلو منزلته إن هو صبر واحتسب ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري (5642) ومسلم (2573) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
نسأل الله أن يرحم أموات المسلمين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 83837
معرفة أحوال الطقس هل تدخل في التنجيم أو ادعاء علم الغيب ؟:
هناك بعض مواقع أحوال الطقس على الإنترنت تعرض أحوال الطقس المتوقعة مابين 5-10 أيام فهل يجوز لي مشاهدتها ؟ أنا سألت هذا السؤال لأنني أخاف أنهم يدعون علم الغيب أو ينجمون وأنه يحرم علي مشاهدتها .
الجواب:
الحمد لله
معرفة أحوال الطقس لا تدخل في التنجيم أو ادعاء علم الغيب ، وإنما تبنى على أمور حسية وتجارب ، ونظر في سنن الله الكونية . وكذلك معرفة أوقات الكسوف والخسوف ، أو توقع هبوب الرياح ، أو نزول الأمطار .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " قد يعرف وقت خسوف القمر وكسوف الشمس عن طريق حساب سير الكواكب ، ويعرف به كذلك كون ذلك كليا أو جزئيا ، ولا غرابة في ذلك ؛ لأنه ليس من الأمور الغيبية بالنسبة لكل أحد ، بل غيبي بالنسبة لمن لا يعرف علم حساب سير الكواكب ، وليس بغيبي بالنسبة لمن يعرف ذلك العلم ، ولا ينافي ذلك كون الكسوف أو الخسوف آية من آيات الله تعالى التي يخوف بها عباده ليرجعوا إلى ربهم ويستقيموا على طاعته "
وجاء فيها أيضاً :
" معرفة الطقس أو توقع هبوب رياح أو عواصف أو توقع نشوء سحاب أو نزول مطر في جهة مبني على معرفة سنن الله الكونية، فقد يحصل ظن لا علم لمن كان لديه خبرة بهذه السنن عن طريق نظريات علمية أو تجارب عادية عامة فيتوقع ذلك ويخبر به عن ظن لا علم فيصيب تارة ويخطئ أخرى " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة".(/1)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب ؛ فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء ، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر ؛ فهذا ليس من الكهانة لأنه يدرك بالحساب ، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20من برج الميزان مثلا في الساعة كذا و كذا ؛ فهذا ليس من علم الغيب ، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب ؛ فكل شيء يدرك بالحساب ، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلا لا يعتبر من علم الغيب ، ولا من الكهانة .
وهل من الكهانة ما يخبر به الآن من أحوال الطقس في خلال أربع وعشرين ساعة أو ما أشبه ذلك ؟
الجواب : لا ؛ لأنه أيضا يستند إلى أمور حسية ، وهي تكيف الجو ؛ لأن الجو يتكيف على صفة معينة تعرف بالموازين الدقيقة عندهم ؛ فيكون صالحا لأن يمطر ، أو لا يمطر ، ونظير ذلك في العلم البدائي إذا رأينا تجمع الغيوم والرعد والبرق وثقل السحاب ، نقول : يوشك أن ينزل المطر .
فالمهم أن ما استند إلى شيء محسوس ؛ فليس من علم الغيب ، وإن كان بعض العامة يظنون أن هذه الأمور من علم الغيب ، ويقولون : إن التصديق بها تصديق بالكهانة .
" انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد".
وينظر : "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/424) فيما يتعلق بمعرفة أهل التقاويم والحساب لأوقات الكسوف والخسوف ، وأول الربيع ، وأول الشتاء ونحو ذلك مما يعرف بالحساب ، ولا يدخل في علم الغيب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83887
حكم إمامة المدين في الصلاة:
هل يجوز لمن عليه الدين أن يؤم بالناس في الصلاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز لمن عليه دين أن يؤم الناس في الصلاة ، إذا كان صالحا للإمامة ؛ لعدم الدليل على منع أو كراهة إمامة المدين ، إلا إذا كان مدينا مماطلا ، يستطيع سداد الدين ، لكنه يؤخره ويتهرب ويراوغ ، فإنه محكوم بفسقه ، وفي إمامة الفاسق خلاف .
والدليل على تحريم المطل : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ) رواه النسائي (4689) وأبوداود (3628) وابن ماجه (2427) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
واللي : هو الامتناع والمماطلة في سداد الدين ، والمقصود بحل عرضه : أن يقال: مطلني فلان ، أو يا ظالم يا معتدي ، وعقوبته : حبسه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ) رواه البخاري (2287) ومسلم (1564) .
قال الشوكاني رحمه الله : " وقد اختلف هل المطل مع الغنى كبيرة أم لا ؟ وقد ذهب الجمهور إلى أنه موجب للفسق واختلفوا هل يفسق بمرة أو يشترط التكرار ؟ وهل يعتبر الطلب من المستحق أم لا ؟ " انتهى من "نيل الأوطار" (5/282).
وممن عده من الكبائر : ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر " (1/414).
ومن الفقهاء من نص على أن المماطل ترد شهادته ، كما في "الشرح الكبير على متن خليل" (4/181)
ثانيا :
سبق في جواب السؤال رقم (13465) بيان اختلاف العلماء في صحة إمامة الفاسق ، غير أنهم اتفقوا على كراهة الصلاة خلفه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق ، لكن اختلفوا في صحتها فقيل : لا تصح ، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما . وقيل : بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما ، ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/309).(/1)
والحاصل : أن الرجل إذا كان فقيراً ليس عنده ما يقضي به الدَّين فلا يقدح ذلك في دينه ولا عدالته ولا يصح أن يكون ذلك سبباً لمنعه من الإمامة في الصلاة .
أما إذا كان قادراً على سداد الدَّين ولكنه يؤخر سداده بلا عذر ويماطل فإنه لا ينبغي أن يتولى إمامة المسلمين في الصلاة .
وانظر جواب السؤال رقم (47884)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 83997
ترك الصلاة سبب كل ضيق:
أنا فتاة عمري 23 سنة ، الصراحة أنا لا أصلي ، وإن قمت للصلاة لا أصلي كل الفروض ، والصراحة أنا أستمع للأغاني ، ولكن - والله شاهد - أن هذا الموضوع يسبب لي حالة نفسية ، أريد الصلاة ، وأريد أن أطيع الله ، وأنا أخافه ، أنا أعتز بكوني مسلمة ، وربي هو الله وحده لا شريك له ، وأحب الحبيب المصطفى وسيرته ، وأتأثر عند سماع قصصه ، الحمد لله ، أكرمني الله عز وجل بأن ذهبت إلى العمرة هذه السنة ، وكنت فرحة لهذا ، ولكني أحس أني جاحدة ، أو لا فرق بيني وبين الكافرين لأني لا أصلي ، حاولت كثيراً أن أداوم على الصلاة ، لكن لا أدري لماذا يحدث معي هذا ، مع العلم أني كنت لفترة طويلة جدّاً لا أصلي أبداً ، وأحس أيضاً أني أجهل أموراً كثيرة بالدِّين ، وأشعر أيضاً أن الله لن يتقبل مني أي عمل كان : صلاة أو زكاة أو عمرة أو غير ذلك من أمور الدين الإسلامي ، وأن مثواي لا محالة النار ، أحتاج إلى من يأخذ بيدي ، ينصحني ، ينتشلني من حالة الضياع التي أنا فيها ، أكره كوني على هذه الحالة !!
وفوق كل هذا هناك مشكلة أخرى ، وهي أني أشعر أني لم أصم أياما من رمضان ، وأنا لا أعاني من أي شيء ، أي لا يوجد هناك مانع من الصوم !!
والصراحة أني لست متأكدة إن كانت أياما من رمضان أو كانت من أيام شوال الستة ، فعندنا عادة في منزلنا أن نصوم هذه الأيام الست كل سنة ، فاختلطت الأمور علي ، وهذه المشكلة حدثت لي في الفتره التي كنت فيها بعيدة عن الله ، وأنا أعلم أنه من أفطر رمضان بدون سبب لا يقبل الله له صوما ، وعليه كفارة ، فماذا أفعل ؟
أرجوك ساعدني وأفدني ، أرجوك ، أنا يائسة جدّاً ، جعله الله في ميزان حسناتك إن شاء الله ، وجزاك عن المسلمين جميعاً خيراً .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
لا بد – أختي الفاضلة – أن تُحَدِّدِي أولا مكان المشكلة ثم تنطلقي في العلاج ، وإن طلبتِ منَّا المساعدة في تحديدها فسنقول لكِ : المشكلة في نفسك أنتِ وليس في شيءٍ آخر ! ولن تكون المساعدة التي يقدمها لك الآخرون نافعة حتى تأخذي أنتِ بنفسكِ إلى النجاة .
والمشاعر التي بثثتِيها في سؤالك تدل على أن مقومات الاستقامة والصلاح موجودةٌ فيك ، فإن المؤمن هو الذي يحاسب نفسه ويعاتبها ، ويبدو أنك تقومين بذلك .
والمؤمن يخاف تقصيره وذنوبه ، ويراها كأنها جبل يوشك أن يقع عليه ، ويظهر أنك تشعرين بذلك أيضا .
والمؤمن يرتفع بإسلامه وإيمانه ، ويعتز بانتسابه إلى هذا الدين العظيم ، ويحب نبيه الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم ، ورسالتك تنضح بذلك ؟!!
إذاً فكيف اجتمعت هذه الصفات مع التقصير في أعظم واجبات الدين ، وهي الصلاة ؟!
ليس عندنا تفسير لذلك سوى سوء إدارة النفس وضعف التحكم فيها ، وإلا فأداء الصلاة لا يستغرق جهدا ولا وقتا ، ما هي إلا دقائق يخلو فيها المرء بربه ، يناجيه بحاجته ، ويبث إليه ثقل الدنيا ، ويشكو إليه شوقه إليه وإلى رحمته .
فإذا كانت أنفسنا لا تحتمل الالتزام بهذه الدقائق المعدودة ، فلا أظننا ننجح في حياتنا أبدا ، فإن قيادة النفس تحتاج إلى شيء من العزم والحزم ، ونحن المسلمين لم يكلفنا ربنا فوق طاقتنا ، بل لم يكلفنا ما يشق علينا ، وهو سبحانه يحب أن يتوب علينا ويخفف عنا .
قال سبحانه وتعالى : ( يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185(/2)
وقال سبحانه : ( يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً . يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ) النساء/26-28
والصلاة رحمة فرضها الله علينا من جوده وكرمه ، من حافظ عليها وقام بحق القيام بها : رأى فضل الله تعالى علينا حين كتبها علينا ، وعرف أن الإنسان المحروم هو الذي حرم نفسه لذة الصلة بالله سبحانه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( الصَّلَاةُ خَيرٌ مَوضُوعٌ ، فَمَنِ استَطَاعَ أَن يَستَكثِرَ فَلْيَستَكثِرْ )
رواه الطبراني ( 1 / 84 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 390 ) .
وانظري كيف عقب الله تعالى آيات فرض الطهارة للصلاة بقوله :
( مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6 .
والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، الذي تحبينه وتحبين سيرته كان يقول :
( جُعِلَت قُرَّةُ عَينِي فِي الصَّلَاةِ ) رواه النسائي ( 3940 ) وحسنه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 3 / 116 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .
فكيف يرضى المؤمن لنفسه أن تفوته تلك الخيرات والبركات ؟.
قال ابن القيم - رحمه الله - :(/3)
فواأسفاه وواحسرتاه كيف ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة ، وخرج من الدنيا كما دخل إليها ، وما ذاق أطيب ما فيها ، بل عاش فيها عيش البهائم ، وانتقل منها انتقال المفاليس ، فكانت حياته عجزاً ، وموته كمداً ، ومعاده حسرة وأسفاً ، اللهم فلك الحمد ، وإليك المشتكى ، وأنت المستعان ، وبك المستغاث ، وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك .
" طريق الهجرتين " ( ص 327 ) .
ولا أذكر لك هذا الكلام لأزيد اليأس الذي تشعرين به ، إنما كي تسعي جاهدة للتخلص منه ، فهو لم يصبك إلا لعجزك عن أداء أسهل الفرائض ، فعرفتِ أنكِ عن سواها أعجز .
ويجب أن لا تجعلي في حياتك مجالاً لليأس في جنب الله ؛ ويجب أن تعلمي أنه سبحانه يكره القنطين : ( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) الحجر/56 ، ويحب عباده المستبشرين برحمته وفضله ، ومن سعة كرمه أنه يغفر السيئات ، ويصفح عن الزلات ، بل قال سبحانه وتعالى : ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً . وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/70-71 ، وقد قال بعض الحكماء : " لا يأتي بالأمل إلا العمل " ، ولن يخرجك من حالة اليأس التي أوقعك الشيطان فيها إلا البدء بالعمل ، ومحاولة الالتزام بالاستقامة ،
ولو تخللها في البداية بعض النقص .
قال الله تعالى : ( وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ؛ فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه ، والإياس : يوجب له التثاقل والتباطؤ ، وأولى ما رجا العباد ، فضل الله وإحسانه ، ورحمته ، وروحه .(/4)
" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " ؛ فإنهم ـ لكفرهم ـ يستبعدون رحمته ، ورحمته بعيدة منهم ، فلا تتشبهوا بالكافرين . ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد ، يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه ." تفسير ابن سعدي .
وأول ما يجب أن تبدئي به أن توجدي في نفسك همّاً كبيراً وحرصا عظيما للمحافظة على الصلاة ، كما هو الهم الذي تستشعرينه لأمور الدنيا الأخرى من طعام وشراب ودراسة وزواج ونحو ذلك ، فإن كل عمل يسبقه اهتمام وتفكر ، وقد كان بعض السلف يجاهد نفسه على الإكثار من نوافل الصلاة مجاهدة عظيمة ، حتى قال ثابت البناني رحمه الله : كَابَدتُ الصلاة [ يعني : قيام الليل ] عشرين سنة ، واستمتعت بها عشرين سنة .
ولا يكفي هذا الفكر والاهتمام حتى يقوم بموازاته فكر واهتمام بوسائل المحافظة على الصلاة ، وكيف تحتالين على نفسك حتى تلتزم بما فرض الله تعالى ، والإنسان يملك قدرة كبيرة في حسن اختيار الأساليب التي تعينه على ما يريد .
احرصي أن تقومي مباشرة إذا سمعت صوت المؤذن بالتكبير ، واستشعري أنه سبحانه أكبر من كل الدنيا التي أنت منشغلة بها ، ثم اعمدي إلى محرابك لتصلي ما كتب الله لك ، ولا تنسي أن تقولي الدعاء الذي علمنا إياه نبينا صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة : ( اللهم أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْنِ عِبادتِك ) .
وقد ذكرتِ أنكم أهل بيت حريصون على صيام الست من شوال ، وهذه أمارة صلاح وإحسان تعينك على أداء الصلاة في وقتها ، حين ترين الوالدة والإخوة يقيمونها في وقتها ، واحمدي الله تعالى على ذلك ، فكم من شكاوى تأتي من أبناء يضربهم أهلهم على ترك الصلاة وخلع الحجاب ، وأنت قد أكرمك الله تعالى بالأهل الذين يعينونك على تقوى الله تعالى .
صاحبي الفتيات المصليات المستقيمات ، واطلبي منهن العون على الصلاة ، وتذكيرك بها ، والتواصي عليها ، وقد يكون ذلك خير معين لك .(/5)
وأخيرا احذري المعاصي ، فهي أساس كل داء ، والمعصية تأتي بأختها وهكذا حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه ، فتثقل العبد عن صلاته ، وتحرمه من نورها وبركتها ، نسأل الله السلامة .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
المعاصي تزرع أمثالها ، وتولد بعضها بعضا ، حتى يعِزَّ على العبد مفارقتُها والخروج منها ، كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها .
" الجواب الكافي " ( ص 36 ) .
ثانيا :
أما سؤالك عن صيام رمضان ، وأنك تشكين في تركك صيام أيام منه من غير عذر ، فنقول لك : لا تلتفتي لهذه الشكوك ، إذ يبدو أن الغالب على ظنك أنك أديت تلك العبادة في وقتها مع أسرتكِ ، وغلبة الظن كافية لبراءة الذمة ، ولا عبرة بالشك بعد ذلك .
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 143 ) :
الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يلتفت إليه ؛ لأن الظاهر سلامة العبادة .
انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - :
إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة : فإنه لا يلتفت إليه ، ما لم يتيقن الأمر .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 14 / السؤال رقم 746 ) .
ثم إن ترك الصيام بغير عذر لا يوجب القضاء ولا الكفارة ، وإنما يوجب التوبة والاستغفار ، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 50067 ) .
أسأل الله تعالى أن يكتب لك أجرك ، وأن يثبت قلبك على الحق والدين ، وأن يعيذك من الشيطان الرجيم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 83999
تعمل في شركة مملوكة لجهات متعددة منها بنوك ربوية:
أعمل في شركة رأسمالها تملكه 5 جهات مختلفة ( منهم بنكان ربويان ) ، هذه الشركة التي أسستها الأطراف السابقة تملك قطعة أرض وتقوم بإدخال المرافق لها من صرف وكهرباء ومياه وتقوم بتقسيمها وبيعها للمستثمرين . عملية البيع إما فوري أو بالتقسيط مع حساب فوائد سنوية ثابتة تبلغ 7% سنويا علما بأن عملية البيع قد تتوقف أحيانا . وعملي في هذه الشركة في قسم السكرتارية ( عمل إداري ) ولقد كنت أقوم بالإنفاق والادخار من مرتبي خلال مدة عملي في الشركة والتي بلغت 5 سنوات دون علم مني بأن هذه الأموال قد تكون بها شبهة وهذه المدخرات في بنك إسلامي . فهل عملي في هذه الشركة ذات المال المختلط حلال أم حرام ؟ وما حكم ما قمت بادخاره وكيف أتصرف فيه ؟ وهل إذا كانت مكروهة فقط تدخل نار جهنم أو أتعذب بسببها ؟ أفيدوني وأنقذوني مما أنا فيه من حيرة وعذاب .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
العمل عند أصحاب الأموال المختلطة ، مكروه ، عند جمهور العلماء ، ولا يحرم إلا إذا كان العمل نفسه محرما أو فيه إعانة على ما هو محرم ، كالعمل في البنك الربوي نفسه .
والمكروه ليس محرماً ، فلا يأثم فاعله ، وإن كان الأولى بالمسلم تركه واجتنابه ، والبحث عن عمل مباح نقيّ .
ثانيا :
البيع بالتقسيط جائز ، لكن ينتبه إلى أمرين :
الأول : أن يخلو العقد من اشتراط غرامة عند التأخر في السداد ، لأن هذا اشتراط للربا ، ولا يجوز اعتماد هذا الشرط ولا التوقيع عليه .(/1)
الثاني : أن يكون التقسيط من الشركة المالكة للسلعة مباشرة ، دون وساطة من أحد البنوك الربوية ، وذلك أن دخول البنك الربوي في هذه الصفقة معناه أن يدفع المبلغ كاملا نيابة عن المشتري ، ثم يتولى استلام الأقساط ، وحقيقة هذا العقد أنه قرض ربوي ، فالبنك يقرض العميل مائة مثلا ، ويدفعها نيابة عنه إلى البائع ، ثم يستردها مائة وعشرين مقسطة ، وهذا ربا محرم ، كما لا يخفى .
ثالثا :
إذا كانت الشركة تبيع الأرض بيعا مباحا– دون وساطة بنك ربوي – فعملك جائز ، وراتبك الذي تأخذينه مباح ، غير أن الأولى لك أن تبحثي عن عمل نقيّ ، كما سبق .
وإن كانت الشركة تبيع بيعا محرما ، كأن تكون ممن يشترط غرامة التأخير، أو تدخل البنك في عملية التقسيط ، فينظر هنا إلى طبيعة عملك : فإن كان فيه إعانة على هذا الحرام ، كتابة أو تسجيلا أو تدقيقا ونحوه ، فعملك محرم ، والراتب الناتج عنه محرم ، وما أخذت منه قبل علمك بالتحريم فهو لك تنتفعين به ولا يلزمك التصدق به .
وما كان بعد علمك بالتحريم فإنك تتخلصين منه بالصدقة به ، مع وجوب ترك هذا العمل .
وإن كان عملك منه ما هو مباح ومنه ما هو حرام ، فإنك تجتهدين في تقدير نسبة الحرام والتخلص مما يقابلها من الراتب ، وراجعي السؤال رقم (81915)
وإن لم يكن في عملك إعانة على الحرام ، بل أنت في قسم لا صلة له بالبيع المقسط مثلا ، فنرجو أن لا يكون عليك حرج في هذا العمل .
ونسأل الله لك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 84018
دراسة العلوم الشرعية للحصول على الشهادة والوظيفة:
ما القول فيمن نال الشهادة الجامعية في علوم الشريعة ونيته الوظيفة فهل يكون داخلا في حديث الوعيد أم أن التوبة تمحو عنه ذلك ؟ وهل بحصوله على الوظيفة بهذه الشهادة يصبح كسبه منها حراما ؟.
الجواب:
الحمد لله
ينبغي للإنسان أن يحسن النية في طلب العلم ، فيطلبه ابتغاء مرضاة الله تعالى ، وينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ، وإذا سعى للحصول على شهادة من أجل الوظيفة ، فلا حرج في ذلك ، وينوي الاستعانة بهذه الوظيفة على طاعة الله تعالى ، وخدمة المسلمين .
أما إذا كانت نيته محصورة في الوظيفة من أجل الراتب أو المنصب ونحو ذلك من أمور الدنيا ، ولم ينو الاستعانة على طاعة الله ولا نفع المسلمين ، ولا غير ذلك من النيات الصالحة ، فهو على خطر عظيم ، ويدخل في الوعيد الشديد الوارد في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله عز وجل ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني ريحها . رواه أبو داود ( 3664) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعليه أن يصحح نيته ، ويتوب إلى الله تعالى فإن التوبة تمحو ما سبق من الإثم ، فقد قال النبي صلى الله عليه : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) . رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وأما الكسب الناشئ عن الوظيفة بهذه الشهادة ، فالذي يظهر أنه لا حرج فيه ، مادام العمل الذي يقوم به مباحاً .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز الدراسة الدينية من أجل الشهادة ؟
فأجابت : لا بأس أن يدرس لأخذ الشهادة ، وعليه أن يجاهد نفسه في إصلاح النية حتى تكون الدراسة لله وحده ، وأن يكون أخذ الشهادة ليستعين بها على طاعة الله ورسوله ، وخدمة المسلمين " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/103).(/1)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يتحرج بعض طلبة العلم الشرعي عند قصدهم العلم والشهادة فكيف يتخلص طالب العلم من هذا الحرج ؟
فأجاب : " يجاب على ذلك بأمور :
أحدها : أن لا يقصدوا بذلك الشهادة لذاتها ، بل يتخذون هذه الشهادات وسيلة للعمل في الحقول النافعة للخلق ؛ لأن الأعمال في الوقت الحاضر مبنية على الشهادات ، والناس غالبا لا يستطيعون الوصول إلى منفعة الخلق إلا بهذه الوسيلة وبذلك تكون النية سليمة .
الثاني : أن من أراد العلم قد لا يجده إلا في هذه الكليات فيدخل فيها بنية طلب العلم ولا يؤثر عليه ما يحصل له من الشهادة فيما بعد .
الثالث : أن الإنسان إذا أراد بعمله الحسنيين حسنى الدنيا ، وحسنى الآخرة فلا شيء عليه في ذلك ؛ لأن الله يقول : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 -3 ، وهذا ترغيب في التقوي بأمر دنيوي .
فإن قيل : من أراد بعمله الدنيا كيف يقال بأنه مخلص ؟
فالجواب : أنه أخلص العبادة ولم يرد بها الخلق إطلاقا فلم يقصد مراءاة الناس ومدحهم على عبادته بل قصد أمرا ماديا من ثمرات العبادة ، فليس كالمرائي الذي يتقرب إلى الناس بما يتقرب به إلى الله ويريد أن يمدحوه به ، لكنه بإرادة هذا الأمر المادي نقص إخلاصه فصار معه نوع من الشرك وصارت منزلته دون منزلة من أراد الآخرة إرادة محضة .(/2)
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على أن بعض الناس عندما يتكلمون على فوائد العبادات يحولونها إلى فوائد دنيوية ؛ فمثلا يقولون في الصلاة رياضة وإفادة للأعصاب ، وفي الصيام فائدة لإزالة الفضلات وترتيب الوجبات ، والمفروض ألا تجعل الفوائد الدنيوية هي الأصل ؛ لأن ذلك يؤدي إلى إضعاف الإخلاص والغفلة عن إرادة الآخرة ، ولذلك بين الله تعالى في كتابه حكمة الصوم - مثلا أنه سبب للتقوى ، فالفوائد الدينية هي الأصل ، والدنيوية ثانوية ، وعندما نتكلم عند عامة الناس فإننا نخاطبهم بالنواحي الدينية ، وعندما نتكلم عند ممن لا يقتنع إلا بشيء مادي فإننا نخاطبه بالنواحي الدينية والدنيوية ولكل مقام مقال " انتهى من كتاب "العلم" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 84073
حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية:
إذا زنى رجل بامرأة ، تقوم القبائل بتعويض أهل البنت بمال يقدره العرف القبلي ، علما أن هذا المال يشاركه في دفعه قبيلته ، ما حكم المشاركة في دفع هذا المبلغ إن كنت من قبيلة الفاعل ، وما حكم أخذ هذا المال إن كنت من قبيلة البنت. علما أنّ هذا البلد يحكمه نصراني ولا يحكم فيه بما أنزل الله ، ولذلك تلجأ القبائل للحكم القبلي مع ما فيه من حكم بغير ما أنزل الله .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
هذا التعويض المالي له صورتان :
الأولى : أن يكون خاصا بحالة الإكراه على الزنا ، فيُلزم الزاني بدفع المهر للمزني بها المكرهة على ذلك ، أو بدفع المهر مع أرش البكارة – إن كانت بكرا - ، عند من يقول بذلك ، وأرش البكارة هو الفرق بين مهر البكر والثيب .
على أن يكون هذا المال واجبا على الزاني ، مع إقامة الحد عليه ، ويعطى للمزني بها ، التي ثبت إكراهها على الزنا .
وإذا كان الأمر كذلك ، فهذا لا إشكال فيه ، بل هو من تحكيم الشرع ، ولو وافق العادة والعرف .
ولو فرض أنهم عجزوا عن إقامة الحد ، واستطاعوا إلزام الزاني بدفع المهر للمكرهة ، لكان هذا سائغا ، فإن مالا يدرك كله لا يُترك جُلّه ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ).
وأما إلزام القبيلة بدفع المهر أو المشاركة فيه ، فلا وجه له ، بل هو واجب في مال الزاني كما سبق ، ومساعدته في دفعه يعني تسهيل القضية وترويج الزنا . ويأتي بيان الخلاف في وجوب المهر والأرش .(/1)
الصورة الثانية : أن يكون ذلك نظاما متبعا في جميع حالات الزنى ، لا فرق بين من أكرهت عليه ، ومن طاوعت فيه ، وتلزم القبيلة بمشاركة الزاني في دفع هذا التعويض ، ويعد ذلك حكما عاما ترجع إليه القبائل فيما بينها ، فهذا تنظيم وتقنين لمهور البغايا ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) رواه مسلم (1568)
وقال : ( لا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ ) رواه النسائي (4293)(/2)
ومن البين أن هذا الحكم القبلي ، أو ما يسمى بالسلوم ، هو من أحكام الجاهلية ، التي لا يجوز الحكم بها ، ولا التحاكم إليها ، ولا الإعانة عليها ؛ لقوله تعالى : ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/49 ، 50 ، وقوله : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة/44 ، وقوله : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) النساء/60 ، وقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء/65. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه من أحكام الجاهلية .
وقد حكم الله تعالى وشرَع أن يجلد الزاني إذا كان بكرا ، ويرجم إن كان ثيبا ، رجلا كان أو امرأة ، فكل حكم يخالف هذا فهو من أحكام الجاهلية ، التي يجب البراءة منها ، والسعي في إبطالها .
وقد نص أهل العلم على أن التحاكم إلى سلوم البادية ، وأعراف القبائل المخالفة للشريعة المحمدية ، أن ذلك من الكفر .(/3)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : " (السادس) [أي من أنواع الكفر الأكبر في مسألة تحكيم القوانين] : ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها " سلومهم " يتوارثون ذلك منهم ويحكمون به ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع ، بناء على أحكام الجاهلية ، و إعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله فلا حول ولا قوة إلا بالله " انتهى من رسالة "تحكيم القوانين".
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في رسالة له بعنوان : " حكم التحاكم إلى العادات والأعراف القبلية
من عبد العزيز بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين ، وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . . . أما بعد .
فالداعي لهذا هو الإجابة عن أمور سأل عنها بعض الإخوة الناصحين في المملكة ؛ حيث ذكر أنه يوجد في قبيلته ، وفي قبائل أخرى عادات قبلية سيئة ما أنزل الله بها من سلطان منها : -
ترك التحاكم إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، إلى عادات قبلية وأعراف جاهلية .
ومنها كتمان الشهادة ، وعدم أدائها حمية وتعصبا ، أو الشهادة زورا وبهتانا ، حمية وعصبية أيضا . إلى غير ذلك من الأسباب التي قد تدعو بعض الناس إلى مخالفة الشرع المطهر .
ولوجوب النصيحة لله ولعباده أقول وبالله التوفيق :(/4)
يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء ، لا إلى القوانين الوضعية والأعراف والعادات القبلية . قال الله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا وقال تعالى : أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) .
فيجب على كل مسلم أن لا يقدم حكم غير الله على حكم الله ورسوله كائنا من كان ، فكما أن العبادة لله وحده ، فكذلك الحكم له وحده ، كما قال سبحانه : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ ) .
فالتحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم المنكرات ، وأقبح السيئات ، وفي كفر صاحبه تفصيل ، قال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ؛ فلا إيمان لمن لم يحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أصول الدين وفروعه ، وفي كل الحقوق ، فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله ، فقد تحاكم إلى الطاغوت.(/5)
وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ، ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها في الدين ، وما أنزل الله بها من سلطان . . بل يجب عليهم أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية ، ولا مانع من الإصلاح بين المتنازعين بما لا يخالف الشرع المطهر ، بشرط الرضا وعدم الإجبار . . لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما ) ، كما يجب على القبائل جميعا ألا يرضوا إلا بحكم الله ورسوله .... " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (5/142).
وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء" ما نصه : " س : ما الحكم إذا تخاصم اثنان مثلا وتحاكما إلى الأحكام العرفية ، فمثلا يضع كل منهما معدالا ، كما يسمونه ، ويرضون من مشايخ القبائل من يحكم بينهما ، ويجلسان بين يديه ، ويبث كل منهما دعواه ضد الآخر ، فإذا كانت القضية بسيطة حكم فيها بذبيحة على المخطئ يذبحها لخصمه ، وإذا كانت القضية كبيرة حكم فيها (بجنبية) أي : كانوا في القدم يضربونه على رأسه بآلة حادة حتى يسيل دمه ، ولكن اليوم تقدر (الجنبية بدراهم) ويسمون هذا : صلحا ، وهذا الشيء منتشر بين القبائل ويسمونه : مذهبا ، بمعنى : إذا لم ترض بفعلهم هذا فيقولون عنك : (قاطع المذهب) ، فما الحكم في هذا يا فضيلة الشيخ ؟
ج : يجب على المسلمين أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية ، لا إلى الأحكام العرفية ، ولا إلى القوانين الوضعية ، وما ذكرته ليس صلحا في الحقيقة ، وإنما هو تحاكم إلى مبادئ وقواعد عرفية ; ولذا يسمونها : مذهبا ، ويقولون لمن لم يرض بالحكم بمقتضاها : إنه قاطع المذهب، وتسميته صلحا لا يخرجه عن حقيقته من أنه تحاكم إلى الطاغوت ، ثم الحكم الذي عينوه من الذبح أو الضرب بآلة حادة على الرأس حتى يسيل منه الدم ليس حكما شرعيا .(/6)
وعلى هذا يجب على مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بهذه الطريقة ، ويجب على المسلمين ألا يتحاكموا إليهم ، إذا لم يعدلوا عنها إلى الحكم بالشرع ، واليوم -ولله الحمد- قد نصب ولي الأمر قضاة يحكمون بين الناس ، ويفصلون في خصوماتهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويحلون مشكلاتهم بما لا يتنافى مع شرع الله تعالى، فلا عذر لأحد في التحاكم إلى الطاغوت بعد إقامة من يتحاكم إليه من علماء الإسلام ويحكم بحكم الله سبحانه .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، انتهى .
وإذا كان الأمر كذلك : فلا يجوز لك أن تشارك في هذا الحكم ، ولا في دفع المال ، أو أخذه ، بل يجب أن تبرأ من ذلك ، كما يجب أن تنصح لهؤلاء ، وتبين لهم خطر ما هم عليه من تحكيم غير الشرع ، وأنه لا عذر لهم في ذلك ، ولو كان حاكمهم نصرانيا لا يطبق أحكام الله ، وعليهم أن يتناصحوا فيما بينهم ويسعوا إلى تطبيق أحكام الشريعة قدر استطاعتهم ، وما عجزوا عن تطبيقه فلا يجوز لهم إحداث حكمٍ فيه ، مهما رأوا فيه من المصلحة ، وإلا كانوا مشرّعين آثمين مبتغين في الإسلام سنة الجاهلية .
ثانيا :
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المرأة إذا أكرهت على الزنا ، فإن الزاني يلزم بمهر مثلها .
فإن كانت بكرا ، فهل لها مع المهر أرش البكارة ؟
ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء ، وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، لكن المذهب المعتمد عند الحنابلة هو عدم وجوب أرش البكارة ، وإنما تأخذ المكرهة على الزنا مهر المثل فقط .
ونبه المالكية على أن هذا المهر لا تتحمله العاقلة ، لأن الزنى من باب العمد ، لا الخطأ .
وخالف الحنفية فلم يوجبوا مهرا للمكرهة على الزنا ، بكرا كانت أو ثيبا .
وهو رواية عن أحمد رحمه الله ، اختارها شيخ الإسلام ، وقال عن المهر : إنه خبيث .
ثالثا :(/7)
لو أكرهها على الزنا ، فأفضاها ، فإنه يلزمه المهر ، مع الضمان ، واختلف في تقديره ، فالحنفية والحنابلة على أنه ثلث الدية ، والمالكية على أن فيه حكومة عدل ، والشافعية على أن فيه الدية كاملة ، ووافقهم الحنفية فيما إذا أفضاها فلم تمسك البول .
وينظر : "المبسوط (9/53) ، المنتقى للباجي (7/77) ، التاج والإكليل (8/342) ، مغني المحتاج (4/75) ، المغني (7/209) ، (8/373) ، الإنصاف (8/306- 308) ، الموسوعة الفقهية (5/297) ، (21/95) ".
والإفضاء : إزالة الحاجز بين مخرج البول ومحل الجماع .
والحاصل : أن دفع المهر للمكرهة على الزنا ، أو دفع المهر وأرش البكارة ، للبكر المكرهة على الزنا ، إنما يكون في مال الزاني ، ولا تتحمله العاقلة ، ويذهب للمرأة المزني بها ، وليس إلى عاقلتها ، وأما المطاوعة على الزنى فلا شيء لها .
وهذا كله بعد ثبوت الزنا وإقامة الحد . وبهذا يظهر الفرق بين ما ورد في الشرع ، وبين ما يحكّم من العادات والأعراف القبلية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/8)
رقم 84089
تحب شخصا وطلب منها الخروج معه فماذا تعمل ؟:
أنا أطلب منك المساعدة أنا أحب شابا وطلب مني أن أخرج معه ولكني لا أعرف ما أقوله أنا محتارة أرجو المساعدة .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يسرنا كثيراً طلبك المساعدة في هذا الأمر ، قبل أن تقدمي عليه ، ونحن لا نرضى لك إلا ما نرضاه لبناتنا وأخواتنا ، حافظي على أثمن ما تملكين ، وإياك أن يخدعك الشيطان بمسمى الحب تارة أو التسلية أخرى .
ابنتي ... يسرنا كثيراً محافظتك على الصلاة ، والتزامك بالحجاب ، وتخلقك بالعفة والحياء ، وتمسكك بتعاليم الدين الذي جاء ليعلي من شأن الإنسان ويزكي نفسه ويطهرها .
ويسوؤنا كثيراً أن تكوني بخلاف ذلك ، يسوؤنا أن يجرك الشيطان إلى هلاكك ، فتكوني كالذبيحة تساق إلى موتها وهي لا تشعر !!
ابنتي .. إنه كلام جد وليس بالهزل ، قد سلك في هذا الطريق كثيرات غيرك ، وكانت النهاية تعيسة ، وندمن .
ولكن .. بعد فوات الأوان ، وقت لا ينفع الندم ، ولعلك تجدين في هذا الموقع قصصاً كثيرة في هذا ، لك فيها عبرة ، وإياك أن تكوني أنت عبرة لغيرك .
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها ، ولو كان في نيتهما الزواج ، لأن الله تعالى حرم الخلوة بالأجنبية ، ومصافحتها والنظر إليها – إلا لحاجة كالخطبة والشهادة – وحرم عليها أن تتبرج بالزينة ، وأن تكشف عن عورتها أمام الرجال الأجانب عنها ، وأن تخرج متعطرة بينهم ، وأن تخضع بالقول لهم ، وهذه المحرمات معلومة بأدلة الكتاب والسنة ، وليس فيها استثناء لمن عزم على الزواج ، بل ولا لمن خطب بالفعل ؛ لأن الخاطب يظل أجنبيا عن المرأة حتى يعقد النكاح عليها .(/1)
1- فمما جاء في تحريم الخلوة بالأجنبية ولو كانت مع خاطبها : ما رواه البخاري (3006) ومسلم (1341) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أَلا ، لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
2- ومما جاء في تحريم نظر الرجل إلى المرأة : قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 .
وروى مسلم (2159) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي .
و ( نظر الفجأة ) هو أن تقع عينه على المرأة من غير قصد ، كما لو كان ينظر إلى الطريق ونحو ذلك .
وأما المرأة فلها أن تنظر إلى الرجل من غير شهوة ، إذا أمنت الفتنة ، وأما مع الشهوة أو خوف الفتنة فلا يجوز .
3- ومما جاء في تحريم مصافحة المرأة الأجنبية : قوله صلى الله عليه وسلم : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5045) ، والإثم هنا على الرجل والمرأة سواء .(/2)
4- ومما جاء في تحريم تبرج المرأة ، وإظهارها لزينتها أمام الرجال الأجانب عنها : ما روى مسلم (2128) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) .
والبخت : نوع من الإبل طويلة الأعناق .
5- ومما جاء في تحريم خروجها متعطرة بحيث يشم الرجال الأجانب ريحها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) رواه النسائي (5126) وأبو داود (4173) والترمذي (2786) وحسنه الألباني في صحيح النسائي .
6- ومما جاء في تحريم الخضوع بالقول قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32 ، وإذا كان هذا في حق أمهات المؤمنين الطاهرات ، فإن غيرهن من باب أولى .
ثالثاً :
إن ما يسمى بالحب بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، لا يخلو من محرم من هذه المحرمات ، إن لم تجتمع كلها ، وما هو أزيد منها ، عافانا الله وإياك من كل سوء .(/3)
فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى ، والحذر من غضبه وانتقامه ، وقطع هذه العلاقة مع الشاب فوراً ، فلا تفكري في اللقاء به ، ولا تستجيبي لطلبه في الخروج معك ، بل ينبغي أن تقطعي الاتصال معه تماما ، فإن بداية الشر هو تعلق قلبك به ، وهذا من استدراج الشيطان لك ، أنك نظرت إليه أو تكلمت معه حتى دخل حبه في قلبك ، فلا تزيدي الأمر شرا وبلاء بالكلام أو الخروج معه .
واعلمي أن أكثر المصائب إنما تبدأ بخطوات يسيرة ، ثم يقع ما لم يكن في الحسبان ، وكم من امرأة وثقت في نفسها ثقة زائدة ، وأن ذلك الشاب لن ينال منها أي شيء ، ثم كانت النتيجة أنها خسرت كل شيء ! ثم تخلّى عنها ذلك الذئب الذي كان يعدها ويمنيها بالزواج ، لأنها لم تعد صالحة له ، وهيهات أن يثق بها وقد سمحت لنفسها أن تتعلق برجل أجنبي عنها .
ونحن إذ نقول ذلك لك ، فإنما نقوله من باب النصح وإرادة الخير لك ، نسأل الله أن يحفظك من كل سوء ومكروه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 84102
الحب الذي ينتهي بالزواج هل هو حرام ؟:
هل الحب الذي ينتهي بزواج حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : العلاقة التي تنشأ بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، ويسميها الناس " الحب " هي مجموعة من المحرمات والمحاذير الشرعية والأخلاقية .
ولا يستريب عاقل في تحريم هذه العلاقة ، ففيها : خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ، ونظره إليها ، واللمس والتقبيل ، والكلام المليء بالحب والإعجاب مما يثير الغرائز ويحرّك الشهوات . وقد تصل هذه العلاقة إلى ما هو أعظم من ذلك . كما هو واقع ومشاهد الآن .
وقد ذكرنا جملة من هذه المحرمات في جواب السؤال رقم (84089) فليراجع .
ثانياً :
أثبتت الدراسات فشل أكثر الزيجات المبنية على علاقة حبٍّ مسبق بين الرجل والمرأة ، بينما نجحت أكثر الزيجات التي لم تُبْنَ على تلك العلاقة المحرمة في الغالب ، والتي يسميها الناس "الزواج التقليدي" .
ففي دراسة ميدانية لأستاذ الاجتماع الفرنسي سول جور دون كانت النتيجة :
"الزواج يحقق نجاحاً أكبر إذا لم يكن طرفاه قد وقعا في الحب قبل الزواج".
وفي دراسة أخرى لأستاذ الاجتماع إسماعيل عبد الباري على 1500 أسرة كانت النتيجة أن أكثر من 75 % من حالات الزواج عن حب انتهت بالطلاق ، بينما كانت تلك النسبة أقل من 5% في الزيجات التقليدية – يعني : التي لم تكن عن حبٍّ سابق .
ويمكن ذكر أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه النتيجة :
1- الاندفاع العاطفي يعمي عن رؤية العيوب ومواجهتها ، كما قيل : "وعين الرضا عن كل عيب كليلة" . وقد يكون في أحد الطرفين أو كلاهما من العيوب ما يجعله غير مناسب للطرف آخر ، وإنما تظهر تلك العيوب بعد الزواج .(/1)
2- العاشقان يظنان أن الحياة رحلة حب لا نهاية لها ، ولذلك نراهم لا يتحدثان إلا عن الحب والأحلام .. إلخ ، أما المشكلات الحياتية وطرق مواجهتها ، فلا نصيب لها من حديثهم ، ويتحطم هذا الظن بعد الزواج ، حيث يصطدمان بمشكلات الحياة ومسؤولياتها .
3- العاشقان لم يعتادا على الحوار والمناقشة وإنما اعتادا على التضحية والتنازل عن الرغبة ، إرضاءً للطرف الآخر ، بل كثيراً ما يحصل بينهما خلاف لأن كل طرف منهما يريد أن يتنازل هو ليرضي الطرف الآخر ! بينما يكون الأمر على عكس ذلك بعد الزواج ، وكثيراً ما تنتهي مناقشاتهم بمشكلة ، لأن كل واحد منهما اعتاد على موافقة الطرف الآخر على رأيه من غير نقاش .
4- الصورة التي يظهر بها كل واحد من العشيقين للآخر ليست هي صورته الحقيقية ، فالرفق واللين والتفاني لإرضاء الآخر .. هي الصورة التي يحاول كل واحد من الطرفين إظهارها في فترة ما يسمى بـ "الحب" ، ولا يستطيع الاستمرار على هذه الصورة طول حياته ، فتظهر صورته الحقيقية بعد الزواج ، وتظهر معها المشكلات.
5- فترة الحب مبنية غالباً على الأحلام والمبالغات التي لا تتناسب مع الواقع بعد الزواج . فالعاشق يَعِدها بأنه سيأتي لها بقطعة من القمر ، ولن يرضى إلا أن تكون أسعد إنسانة في الدنيا كلها .. إلخ . وفي المقابل .. هي ستعيش معه في غرفة واحدة ، وعلى الأرض وليس لها أية طلبات أو رغبات ما دامت قد فازت به هو ، وأن ذلك يكفيها !! كما قال قائلهم على لسان أحد العاشقين : "عش العصفورة يكفينا" ، و "لقمة صغيرة تكفينا" و "أطعمني جبنة وزيتونة" !!! وهذا كلام عاطفي مبالغ فيه . ولذلك سرعان ما ينساه الطرفان أو يتناسياه بعد الزواج ، فالمرأة تشتكي من بُخل زوجها ، وعدم تلبيته لرغباتها ، والزوج يتأفف من كثرة الطلبات والنفقات .(/2)
فلهذه الأسباب - وغيرها - لا نعجب إذا صرّح كل واحد من الطرفين بعد الزواج بأنه خُدِع ، وأنه تعجل , ويندم الرجل على أنه لم يتزوج فلانة التي أشار بها عليه أبوه ، وتندم المرأة على أنها لم تتزوج بفلان الذي وافق أهلها عليها ، غير أنهم ردوه تحقيقاً لرغبتها !
فتكون النتيجة تلك النسبة العالية جداً من نِسب الطلاق لزيجات كان يظن أهلها أنهم سيكونون مثالاً لأسعد الزيجات في الدنيا !!!
ثالثاً :
وهذه الأسباب السابق ذكرها أسباب حسية ظاهرة ، يشهد الواقع بصحتها ، إلا أننا ينبغي ألا نُهمل السبب الرئيس لفشل تلك الزيجات ، وهو أنها أقيمت على معصية الله – فالإسلام لا يمكن أن يقرّ تلك العلاقة الآثمة ، ولو كانت بهدف الزواج - ، فكان العقاب الرباني العادل لأهلها بالمرصاد . قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ) طه/124 . المعيشة الضيقة المؤلمة نتيجة لمعصية الله والإعراض عن وحيه .
وقال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الأعراف/96 ، فالبركة من الله جزاء على الإيمان والتقوى ، فإذا عدم الإيمان والتقوى أو قلّ ، قلّت البركة أو انعدمت .
وقال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 ، فالحياة الطيبة ثمرة الإيمان والعمل الصالح .
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ _ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) التوبة/109 .(/3)
فعلى من كان زواجه على هذا الأساس المحرم أن يسارع بالتوبة والاستغفار ، ويستأنف حياة صالحة قوامها الإيمان والتقوى والعمل الصالح .
وراجعي جواب السؤال (23420) ففيه زيادة فائدة .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 84124
بين النفاق والمداراة:
1. أود معرفة الخط الفاصل بين النفاق والمجاملة ؛ ذلك أني ألمس في الكثير من الأحيان ازدواجية في سلوك الناس وتصرفاتهم تبعا للمصلحة والأهواء ، ويقال : إن الأمر مجرد مجاملة فهل هذا صحيح ؟
2. وهل يمكن أن يشوب الصداقة الحقة بعض النفاق ؛ ذلك أن لي صديقة لم تحمل لي من الود ما كنت اعتقده ، كانت لها مكانة في قلبي لا ينازعها عليها أحد ، واكتشفت أخيرا أن مكانتي لديها لا تساوي شيئا مطلقا ، وسلوكها معي لسنوات تحكمه الأقنعة الزائفة ، كنت أعتقد ، وكان الكل يجزم قطعا ، أن الصداقة بيننا قوية ، وإلى الآن لست أدري كيف لي أن أتبرأ من هذه الصداقة بعد أن علمت بحقيقتها .
3. فهل سلوك هذه الصديقة يعد نفاقا ؟
4. وما جزاء نفاق الأصدقاء ؟
الجواب:
الحمد لله
كثيراً ما يخلط بعض الناس بين مفاهيم النفاق والمداراة والمداهنة ، وسبب ذلك غياب معاني الأخوة والصحبة الصادقة في الذهن والواقع ، فلم تعد قلوبهم تفرق بين الحق والباطل ، وبين الإحسان والإساءة .
أولاً :
إذا أُطلق لفظ النفاق فإنه يستوحي معانيَ الشر كلها ، ولم يكن النفاق يوما محمودا ولو من وجه ما ، ويعرِّفُه علماء السلوك بأنه إظهار الخير للتوصل إلى الشر المضمر .
فالمنافق لا يبتغي الخير أبدا ، وإنما يسعى للإضرار بالناس وخيانتهم وجلب الشر لهم ، ويتوصل إلى ذلك بإظهار الخير والصلاح ، ويلبَسُ لَبوس الحب والمودة .
يقول سبحانه وتعالى في التحذير من صحبة المنافقين :(/1)