عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ : قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، لا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلا وَقَفَ فَسَأَلَ ، وَلا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ ، قَالَ : ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ : سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً سُورَةً .
رواه النسائي ( 1132 ) وأبو داود ( 873 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود .
ومن الأذكار الخاصة بالركوع : قول " سبحان ربي العظيم " .
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ مَضَى ، فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ ، فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلا ، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ . رواه مسلم ( 772 ) .
ومن الأذكار الخاصة بالسجود قول : " سبحان ربي الأعلى " .(/2)
سبق في حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سجوده : ( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ) .
وروى أبو داود (869) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلاثًا ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلاثًا .
وهذه الزيادة : (وبحمده) قد اختلف أهل العلم في تصحيحها وتضعيفها ، أما راويها أبو داود فقد قال : وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة ، انفرد أهل مصر بإسنادها .
وكان الشيخ الألباني قد صححها في " صفة الصلاة " ( ص 146 ) ثم تراجع وضعفها في " ضعيف سنن أبي داود " ( 1 / 338 – 340 ) .
وردها ابن الصلاح وغيره كما في " التلخيص الحبير " ( 1 / 243 ) .
وذكر ابن قدامة في " المغني " ( 1 / 297 ) عن الإمام أحمد روايتين رواية بقبولها وأخرى بعدم قبولها ، وقد وجَّه رواية عدم القبول بأن الحديث بدون الزيادة أكثر وأشهر .
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْهُ فِيمَا حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَلا أَقُول بِحَمْدِهِ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 39678
قصة ماشطة ابنة فرعون:
أسأل عن صحة القصة التالية :
خلال المعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم وجد رائحة طيبة كرائحة المسك وعندما سأل عليه الصلاة والسلام عن ذلك ، أجابه جبرائيل عليه السلام أنه رائحة الوصيفة التي كانت تعمل في بيت فرعون ( زمن موسى عليه السلام ) . وهي امرأة كانت قد تركت دينها سراً لكن افتضح أمرها عندما سقط المشط من يدها وقالت " بسم الله " . وعندما سمع فرعون بذلك أحرقها هي وأبناءها . وقد قيل إن رضيعها كلمها في تلك اللحظة وطلب منها أن تحتفظ بهدوئها والتمسك بإيمانها . وبسبب إيمانها العظيم ، رفع الله مكانتها . هل هذه القصة صحيحة ؟ أم هل توجد قصص مقاربة ؟ وهل هذه القصة مأخوذة من مصادر نصرانية أو يهودية ؟.
الجواب:
الحمد لله
وردت قصة ماشطة ابنة فرعون كما يلي :(/1)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا ، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَقَالَ : هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا ، قَالَ : قُلْتُ : وَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَ : بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ يَوْمٍ ، إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ : أَبِي ؟ قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ ، قَالَتْ : أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ ! قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَدَعَاهَا فَقَالَ : يَا فُلانَةُ ؛ وَإِنَّ لَكِ رَبًّا غَيْرِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ وَأَوْلادُهَا فِيهَا ، قَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ ، وَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّهْ ؛ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : تَكَلَّمَ أَرْبَعَةُ صِغَارٍ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ .(/2)
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (1/309) ، والطبراني (12280) ، وابن حبان (2903) ، والحاكم (2/496) .
قال الذهبي في " العلو " (84) عن: " هذا حديث حسن الإسناد " ، وقال ابن كثير في " التفسير " (3/15) : " إسناده لا بأس به " ، وصحح إسناده العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند (4/295) ، وقال الأرنؤوط في تخريج المسند (5/30 – 31 رقم 2821) : " إسناده حسن ، فقد سمع حماد بن سلمة من عطاء قبل الاختلاط عند جمع من الأئمة " .
وبهذا يتبين أن هذه القصة صحيحة ثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم ، وليست مأخوذة من مصادر يهودية أو نصرانية .
( المِدْرَى ) : هي حديدة يسوَّى بها شعر الرَّأس .
( فأمَر ببَقَرة من نُحاس فأُحْمِيت ) : قال ابن الأثير في " النهاية " (1/145) : قال الحافظ أبو موسى : الذي يقَعُ لي في معناه أنه لا يريد شيئاً مَصُوغا على صورة البَقرة ، ولكنَّه ربَّمَا كانت قِدرا كبيرةً واسعة ، فسماها بقرة ، مأخوذا من التَّبقُّر : التوسع ، أو كان شيئاً يَسع بقَرة تامَّة بِتَوابِلِها فسمِّيت بذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 39686
لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر ؟:
هل أحست سارة بالغيرة من " هاجر " عندما ولدت إسماعيل ( عليه السلام ) ؟ إذا كان الجواب بنعم : فلماذا تشعر امرأة رفيعة المنزلة مثل " سارة " بالغيرة ؟ وهل كان شعورها بالغيرة هو السبب الذي من أجله أمِرَ إبراهيم ( عليه السلام ) بإرسال " هاجر " و " إسماعيل " ( عليه السلام ) إلى الصحراء ؟.
الجواب:
الحمد لله
غيرة المرأة من ضرائرها أمرٌ جُبلت عليه ، وهو غير مكتسب ، ولذا فإنها لا تؤاخذ عليه إلا أن تتعدى ، وتقع بسبب الغيرة فيما حرم الله عليها من ظلم أختها ، فتقع في غيبة أو نميمة أو تؤدي بها غيرتها إلى طلب طلاق ضرتها أو الكيد لها وما شابه ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء ، لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تلام ، وضابط ذلك ما ورد في الحديث عن جابر بن عتيك الأنصاري رفعه : ( إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ ) حسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" (7/80) - ، فالغيرة منهما – أي : من الزوج والزوجة - إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء ، فتعذر فيها ، ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل ، وعلى هذا يحمل ما جاء من السلف الصالح عن النساء في ذلك . " فتح الباري " ( 9 / 326 ) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
قال الطبري وغيره من العلماء : الغيرة مسامح للنساء فيها لا عقوبة عليهن فيها لما جُبِلن عليه من ذلك . " الآداب الشرعية " ( 1 / 248 ) .(/1)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله شرحاً لحديث كسر عائشة لإناء إحدى ضرائرها :
وقالوا : أي جميع من شرحوا الحديث : فِيهِ إِشَارَة إِلَى عَدَم مُؤَاخَذَة الْغَيْرَاء بِمَا يَصْدُر مِنْهَا ، لأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَة يَكُون عَقْلهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَب الَّذِي أَثَارَتْهُ الْغَيْرَة . وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لا بَأْس بِهِ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا : ( أَنَّ الْغَيْرَاء لا تُبْصِر أَسْفَل الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ ) . " فتح الباري " ( 9 / 325 ) .
وما وقع من فضليات النساء من الغيرة إنما هو مما لم يسلم منه أحد ، وهنَّ غير مؤاخذات عليه لأنه ليس في فعلهن تعدٍّ على شرع الله تعالى .
وما حصل من غيرة " سارة " من هاجر هو من هذا الباب ، فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمرٌ غير مستنكر ، مع أن الذي ذكره أهل العلم أن إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ويقال : إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك . " فتح الباري " ( 6 / 401 ) .
ويدل عليه قول هاجر : " يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له : أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا " - رواه البخاري ( 3184 ) - .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان : خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء ... رواه البخاري ( 3185 ) .
قال الحافظ :
قوله – أي : ابن عباس - : " لما كان بين إبراهيم وبين أهله " يعني : سارة " ما كان " يعني : من غيرة سارة لما ولدت هاجر إسماعيل . " فتح الباري " ( 6 / 407 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39687
متى ينوي الوضوء ؟:
متى ينوي المسلم إذا أراد الوضوء ؟ في البداية ؟ أم عند غسل الوجه ؟ أم يجوز أن ينوي في أي وقت أثناء وضوئه ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
النية شرط لجميع العبادات ، فلا تصح عبادة من العبادات –ومنها الوضوء- إلا بالنية .
قال النووي رحمه الله :
" النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُد , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) وَالإِخْلاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ .
وَمِنْ السُّنَّةِ : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) لأَنَّ لَفْظَةَ (إنَّمَا) لِلْحَصْرِ . وَالْمُرَادُ أَنَّ حُكْمَ الْعَمَلِ لا يَثْبُتُ إلا بِالنِّيَّةِ .
وَدَلِيلٌ آخَرُ : وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) وَهَذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ فَلا يَكُونُ لَهُ . . . إلخ " انتهى باختصار من "المجموع" (1/356) ، ونحوه في " المغني " (1/156) .
ثانياً :
ينبغي أن يعلم أن النية محلها القلب ، فلا يشرع التلفظ بها بلسانه .
انظر السؤال (13337) .
ثالثاً :
وأما وقت النية .
فالأكمل أن ينوي مع بداية الوضوء أو قبله بزمن يسير ، حتى تكون النية شاملة لجميع أجزاء الوضوء ، أما الواجب من ذلك فهو أن ينوي مع أول الواجبات .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/159) :(/1)
" وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ كُلِّهَا ; لأَنَّهَا شَرْطٌ لَهَا , فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فِي جَمِيعِهَا , فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدُّ بِهِ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ غَسْلِ كَفَّيْهِ , لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ مَسْنُونَ الطَّهَارَةِ وَمَفْرُوضَهَا . فَإِنْ غَسَلَ كَفَّيْهِ قَبْلَ النِّيَّةِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا . وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ . . . وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " (1/140) :
" والنية لها محلان :
الأول : تكون فيه سنة ، وهو قبل مسنون الطهارة إن وجد قبل واجب .
الثاني : تكون فيه واجبة عند أول الواجبات " انتهى .
وعلى هذا فالأكمل أن تكون النية قبل الشروع في الوضوء ، والواجب أن تكون مع أول الواجبات ، وقد اختلف العلماء في أول واجبات الوضوء ، فقيل : التسمية ، وقيل : المضمضة . وهو الصحيح ، وقيل : غسل الوجه .
انظر الأسئلة : (21241) ، (11497) .
ولكن إذا نوى مع أول الواجبات فلا يثاب على ما فعله قبل ذلك من سنن الوضوء كالتسمية وغسل الكفين ثلاثاً ، كما تقدم في كلام ابن قدامة رحمه الله .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه كان في أول الوضوء يغسل كفيه ثلاثا مع نية الوضوء ، ويسمي .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (10/98) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39689
أحكام تغيير النية في الصلاة بعد الشروع فيها:
هل يجوز تغيير نية الصلاة بعد الشروع فيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن تغيير النية في الصلاة ؟
فأجاب :
" تغيير النية إما أن يكون من معيَّن لمعيَّن ، أو من مطلق لمعيَّن : فهذا لا يصح ، وإذا كان من معيَّن لمطلق : فلا بأس .
مثال ذلك :
من معيَّن لمعيَّن : أراد أن ينتقل من سنة الضحى إلى راتبة الفجر التي يريد أن يقضيها ، كبَّر بنية أن يصلي ركعتي الضحى ، ثم ذكر أنه لم يصل راتبة الفجر فحولها إلى راتبة الفجر : فهنا لا يصح ؛ لأن راتبة الفجر ركعتان ينويهما من أول الصلاة .
كذلك أيضاً رجل دخل في صلاة العصر ، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فنواها الظهر : هذا أيضاً لا يصح ؛ لأن المعين لابد أن تكون نيته من أول الأمر .
وأما من مطلق لمعيَّن : فمثل أن يكون شخص يصلي صلاة مطلقة - نوافل - ثم ذكر أنه لم يصل الفجر ، أو لم يصل سنة الفجر فحوَّل هذه النية إلى صلاة الفجر أو إلى سنة الفجر : فهذا أيضاً لا يصح .
أما الانتقال من معيَّن لمطلق : فمثل أن يبدأ الصلاة على أنها راتبة الفجر ، وفي أثناء الصلاة تبين أنه قد صلاها : فهنا يتحول من النية الأولى إلى نية الصلاة فقط .
ومثال آخر : إنسان شرع في صلاة فريضة وحده ثم حضر جماعة ، فأراد أن يحول الفريضة إلى نافلة ليقتصر فيها على الركعتين (ثم يصلي الفريضة مع الجماعة) فهذا جائز ؛ لأنه حوَّل من معين إلى مطلق .
هذه القاعدة :
من معين لمعين : لا يصح . ومن مطلق لمعين : لا يصح . من معين لمطلق : يصح " انتهى
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 347 ) .
وسئل الشيخ – أيضاً - :
هل يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ؟
فأجاب :(/1)
" لا يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ، أو من مطلق إلى معيَّن ، وإنما يجوز تغيير النية من معيَّن إلى مطلق .
مثال الأول : من معيَّن إلى معيَّن ، تغير النية من صلاة الظهر إلى صلاة العصر ، ففي هذه الحالة تبطل صلاة الظهر ؛ لأنه تحول عنها ، ولا تنعقد صلاة العصر ؛ لأنه لم ينوها من أولها وحينئذ يلزمه قضاء الصلاتين .
ومثال الثاني : من مطلق إلى معيَّن : أن يشرع في صلاة نفل مطلق ثم يحول النية إلى نفل معين فيحولها إلى الراتبة ، يعنى أن رجلاً دخل في الصلاة بنية مطلقة ، ثم أراد أن يحولها إلى راتبة الظهر - مثلاً - فلا تجزئه عن الراتبة ، لأنه لم ينوها من أولها .
ومثال الثالث : من معيَّن إلى مطلق أن ينوي راتبة المغرب ثم بدا له أن يجعلها سنَّة مطلقة فهذا صحيح لا تبطل به الصلاة ؛ وذلك لأن نية الصلاة المعينة متضمنة لنية مطلق الصلاة ، فإذا ألغى التعيين بقي مطلق الصلاة لكن لا يجزئه ذلك عن الراتبة لأنه تحول عنها " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 348 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39730
اعتمرت عدة مرات ولم تكن تأخذ من شعرها فما الحكم ؟:
ما حكم من عملت عمرة أو أكثر ولكنها لم تقصر من شعرها ، وبعدها عملت أكثر من عمرة وقصرت ، فهل عليها شيء فيما مضى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة كالحلق أو التقصير فعليه عند العلماء فدية ( دم ) يذبح في مكة ويوزع على الفقراء
سئل الشيخ ابن عثيمين عمن اعتمر ولم يحلق أو لم يقصر ناسيا أو جاهلا فما حكم عمرته ؟
فأجاب :
العمرة صحيحة وإن لم يحلق أو يقصر ، وذلك لأن الحلق أو التقصير ليس من أركان العمرة ، وإنما هو من الواجبات ، وإذا تركه الإنسان ناسيا فإنه يحلق متى ذكر إلا إذا فات الأوان ، فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء ، ولا إثم عليه [في] هذه الحال ما دام ناسيا أو جاهلا . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/466) 1000
وسئل أيضاً عن رجل تحلل من عمرته بعد أن طاف وسعى ولم يحلق ولم يقصر ثم أحرم بالحج ، ماذا يلزمه ؟
فأجاب :
الظاهر أنه باق على تمتعه ، ولكنه يلزمه عن ترك الحلق أو التقصير فدية ، بناء على ما هو مشهور عند الفقهاء من أن ترك الواجب تلزم فيه الفدية فإذا كان موسرا قادرا وجب عليه أن يذبح فدية في مكة وتوزع كلها على الفقراء ، وإن لم يكن قادرا فلا شيء عليه ، أما النسك فهو تمتع ، لأن هذه هي نيته . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/468) 1004.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 39736
معنى تصفيد الشياطين في رمضان:
ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟ .
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي - المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين ، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟(/1)
فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . " انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ]
وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .
والله أعلم .
يراجع السؤال رقم ( 12653 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39742
هل تلزم الكفارة مع القضاء فيمن أخره بلا عذر:
أنا فتاة فاتني قضاء ما علي من صوم لبعض الأيام في السنوات الماضية من عمري فهل يجوز القضاء بالصوم فقط أم الصوم والكفارة وإذا كانت كفارة فما مقدارها ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يؤخر قضاء ما عليه من رمضان بلا عذر حتى يدخل رمضان آخر ، فإن فعل ذلك لحقه الإثم ، واختلف العلماء هل يلزمه مع القضاء كفارة بسبب هذا التأخير أم لا
والنصيحة للأخت السائلة أن تحرص على قضاء ما عليها من أيام أولا بأول ، حتى لا تتراكم عليها العبادات ، وتصبح ذمتها مشغولة ، ثم يصعب عليها حينئذ القضاء .
وبخصوص مسألة الكفارة ، فقد سبق بيان خلاف العلماء في هذه المسألة في السؤال رقم ( 26865 ، 21710 )
ومن السؤالين السابقين تعلمين أنه لا يجب عليك كفارة مع القضاء على القول الراجح ، وإنما عليك التوبة إلى الله عز وجل ، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك ، وإذا أخرجت الكفارة مع القضاء احتياطاً فلا بأس ومقدار الكفارة إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء .
راجع السؤال رقم : ( 43268 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 39744
حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن:
لدي محل أجهزة كهربائية ، فهل يجوز أن أبيع أجهزة التلفاز والفيديو وأجهزة ( البلايستيشن ) والاسطوانات الخاصة به ، مع العلم أنني لا أعرف لأي غرض ستستخدم هذه الأجهزة ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه الأجهزة من التلفاز والفيديو وغيرها - مما يستعمل في الخير والشر ، والطاعة والمعصية، لكن يغلب اليوم استعمالها في الشر، من رؤية النساء العاريات ، وسماع اللهو واللغو والباطل من الموسيقى وغيرها- . والواجب في مثل هذا أن يعمل الإنسان بما يغلب على ظنه .
فلا يجوز بيعها إلا لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في المباح.
أما من عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في الحرام ، فلا يجوز بيعها عليه ؛ لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2 .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو يغلب على الظن ذلك ، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين" اهـ
"فتاوى اللجنة الدائمة " (13/109) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ، ما نصه : أنا أعمل مهندس إلكترونيات ، ومن عملي إصلاح الراديو والتليفون والفيديو ومثل هذه الأجهزة ، فأرجو إفتائي عن الاستمرار في هذه الأعمال ، مع العلم أن ترك هذا العمل يفقدني كثيرا من الخبرة ومن مهنتي التي تعلمتها طوال حياتي ، وقد يقع علي ضرر خلال تركها .
فأجابت : " دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أنه يجب على المسلم أن يحرص على طيب كسبه، فينبغي لك أن تبحث عن عمل يكون الكسب فيه طيبا. وأما الكسب من العمل الذي ذكرته فهذا ليس بطيب؛ لأن هذه الآلات تستعمل غالبا في أمور محرمة" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/420) .(/1)
وأما (البلايستيشن ) وأقراصه ، فله الحكم السابق نفسه ، فيجوز بيعه على من غلب على الظن أن يستعمله استعمالاً مباحاً ، ويحرم بيعه على من غلب على الظن أنه يستعمله استعمالاً محرماً .
وكثير من الناس الآن يستعمله استعمالاً محرماً ، فبدلاً من أن يكون الترفيه شيئاً عارضاً يفعله الإنسان إذا احتاج إليه ، صار الترفيه هو الأصل عند كثير من الناس ، فينفق فيه كثيراً من عمره وماله وجهده ما بين اللعب بنحو هذه الألعاب ، والذهاب إلى النوادي وحمامات السباحة ، والسفر والجلوس مع الأصحاب ، والذهاب إلى المنتزهات ...إلخ .
وكثير ممن يستعمل البلايستيشن أو نحوه من الألعاب يضيع بسببه الصلوات ، وينشغل به عن كثير من مصالح دينه ودنياه ، مما يجعلنا نجزم بتحريمه على أمثال هؤلاء .
وأما من يقدر الأمور حق قدرها ، ويلعب بهذه الألعاب قليلاً من الوقت للترويح عن النفس ، ولا يضيع بسببها شيئاً من الواجبات ولا مصالح دينية أو دنيوية ، ومع خلو هذه الألعاب من المنكرات كالموسيقى وصور النساء العاريات ونحو ذلك فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
والأجدر بالمسلم أن يحرص على كسب المال الحلال الذي لا شبهة فيه ، وليتذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39770
حكم مباشرة الأجنبية فيما دون الفرج:
ما حكم مداعبة امرأة أجنبية دون الفرج ؟ وهل يعتبر زنى ؟ وكذلك الوطء من الدبر هل هو لواط ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا : من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .
والمتأمِّل في ما في السؤال يعلم أن العادة تمنع أن يصل الإنسان إلى مثل هذا الأمر المستشنع شرعا ، ثمَّ يستطيع بعد ذلك أن يكبح جماح نفسه ويتورَّع بها عن انتهاك هذه الحرمة المغلَّظة وعن الوقوع في تلك الفاحشة العظيمة التي لا يُقارن ما تسبِّبه من سخط وغضب ربَّاني وفساد في الدين والدنيا بما يتوهمه العاصي من تحصيل نزوة عارضة تعقبها حسرات لا تنتهي .(/1)
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } غافر / 19 . وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .
ويراجع في معرفة الحكم السؤال رقم 27259 .
ثانياً :
أما الوطء في الدبر فإذا كان مع رجل فهو " اللواط " الذي جاء ذمه في الكتاب والسنَّة .
والذي كان من أسباب هلاك أمة من الأمم هي قوم لوط نبي الله .
وأما الوطء للمرأة في دبرها : فإن كانت زوجة له : فإنه لا يحل له ذلك ويسمى هذا " اللوطية الصغرى " فكيف إذا كان وطئاً لامرأةٍ لا تحل له ؟ .
أ. ما جاء في اللوط :
قال ابن حزم :
فِعل قوم لوط من الكبائر الفواحش المحرمة : كلحم الخنزير , والميتة , والدم , والخمر , والزنى , وسائر المعاصي , مَن أحلَّه أو أحلَّ شيئاً مما ذكرنا : فهو كافر , مشركٌ حلال الدم والمال .
" المحلى " ( 12 / 389 ) .
وقال ابن قدامة :
أجمع أهل العلم على تحريم اللواط , وقد ذمه الله تعالى في كتابه , وعاب من فعله , وذمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : { ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط " .
" المغني " ( 9 / 59 ) .(/2)
ونقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية وعن غير إجماع الصحابة على قتل من يعمل عمل قوم لوط ، وأنهم إنما اختلفوا في كيفية قتله .
" زاد المعاد " ( 5 / 40 ) . ، ويُراجع في تفاصيل حكمه أيضا السؤال رقم 10050
ب. ما جاء في وطء المرأة في دبرها :
وأما وطء المرأة في دبرها فهو من كبائر الذنوب ، ولعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله.
روى أبو داود (2162) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود . وهذا اللعن لمن أتى امرأته في دبرها فكيف إذا كانت امرأة أجنبية عنه .
وروى الترمذي (135) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وإذا اتفق الرجل مع امرأته على الوطء في الدبر ولم ينتهيا بعد التعزير فُرِّق بينهما .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن :
رجل ينكح زوجته في دبرها ؟
فأجاب :(/3)
وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة , وهو قول جماهير السلف والخلف , بل هو " اللوطية الصغرى " ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله لا يستحي من الحق , لا تأتوا النساء في أدبارهن " ، وقد قال تعالى : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، والحرث هو موضع الولد , فإن الحرث محل الغرس والزرع ، وكانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها جاء الولد أحول , فأنزل الله هذه الآية , وأباح للرجل أن يأتي امرأته من جميع جهاتها , لكن في الفرج خاصة , ومن وطئها في الدبر وطاوعته , عزرا جميعا , فإن لم ينتهيا وإلا فُرق بينهما , كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجر به , والله أعلم .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 104 ، 105 ) .
أما الوطء للمرأة الأجنبية في دبرها فقد اختلف فيه العلماء هل هو زنى أم لواط ؟
انظر : المبسوط (9/77) . الفواكه الدواني (2/209) . مغنى المحتاج (5/443) الإنصاف (10/177) . الفروع (6/72) .
والذي اختاره الشيخ السعدي رحمه الله أن وطء المرأة الأجنبية في دبرها يعتبر زنى ، فإنه قال : والزنا هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر اهـ . منهج السالكين (ص 239) .
نسأل الله أن يسلَّمنا من الفواحش وأن يطهِّر قلوبنا من التفكير والهمِّ بها وأن يرزقنا الثبات على دينه وأمره .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 39799
يمتلك مقهى يختلط فيه الرجال بالنساء:
رجل يمتلك مقهى من النوع الممتاز ، يدخلها رواد مختلطون من الرجال والنساء ويشعر بعدم الارتياح إزاء هذا الاختلاط مخافة أن يكون ريع هذا المقهى يدخل في نطاق المحرمات أو الشبهات المنهي عنها شرعا ، رغم أنه قد فرض على العاملين فيه عدم بيع أي مواد محرمة شرعا بما في ذلك بيع السجائر وحرم على الرواد القيام بممارسات مخلة بالآداب الإسلامية ، ونريد إذا أمكن ذلك أن تتفضلوا بإنارة الطريق لنا في هذا المضمار وذلك بالاستشهاد ببعض الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية حتى تصفو النفس ويطمئن القلب ونجتنب الوقوع في المعصية ونلقى ربنا وهو راض عنا، ونرجو أن تكون الإجابة مستفيضة .
الجواب:
الحمد لله
قد أحسن هذا المالك بمنع بيع المواد المحرمة ، في مقهاه ، ومن ذلك منعه بيع السجائر، وكذلك منعه للممارسات المخلة بالآداب الإسلامية ، فجزاه الله خيرا .
لكن بقي عليه أن يمنع الاختلاط ؛ لما فيه من الشر والفساد والفتنة . وقد دل الكتاب والسنة على تحريم الاختلاط ، ومن ذلك :
قوله سبحانه : ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) الأحزاب/53
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : ( أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب ) .
وقال القرطبي رحمه الله : ( في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض ، أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة ).(/1)
وقال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32
فإذا جاء التحذير من الخضوع بالقول لئلا يطمع من في قلبه مرض، فكيف بجلوس الرجال مع النساء الكاسيات العاريات ، المائلات المميلات ، وتبادل الحديث فيما بينهم ، فهذه تتكلم ، وأخرى تضحك ، وثالثة تتمايل وتنظر، فأي فتنة أعظم من ذلك؟! وأي قلب عسى أن يسلم من المرض مع ذلك ؟!
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء . والأدلّة على ذلك ما يلي :
1. عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَأُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ" رواه البخاري رقم (793).
2. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ ) قَالَ نَافِعٌ : فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ" رواه أبو داود 462 وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) . رواه مسلم (664)(/2)
هذا من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط ، وأنه كلّما كان الرّجل أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكلما كانت المرأة أبعد عن صفوف الرّجال كان أفضل لها .
وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى .
4. وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ : ( اسْتَأْخِرْنَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ( تَسِرْن وسط الطريق ) عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ ) فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ . رواه أبو داود (5272) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر تفصيل الكلام على خطر الاختلاط ، في جواب السؤال رقم ( 1200 )
وإذا كان الاختلاط محرما ، فإن صاحب المقهى آثم بإقراره ، وسكوته عن إنكاره ، وبإعانة هؤلاء على المعصية بتوفير المكان لهم الذي يعصون الله تعالى فيه .
فالواجب عليه أن يتقي الله ولا يكون عوناً على نشر الفساد بين المؤمنين ، ويحرص على طيب مطعمه ، فإن ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4519
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ ( إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به )(/3)
فإن استطاع أن يمنع الاختلاط فهذا هو الواجب ، أو ليقصر المقهى على الرجال فقط ، وإلا فليبحث عن عمل آخر مباح ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 39818
تأخير الصلاة:
سؤالي عن وقت الصلاة ، فبدايتها تكون عند الأذان لكن متى يكون آخر وقتها ؟؟ وهل هناك فرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها للمصلي ؟ وما عقاب الاثنين ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لمعرفة أوقات الصلوات ابتداءً وانتهاءً يُراجع السؤال (9940)
أما ما سألت عنه من الفرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها فجوابه ما يلي :
أما انقضاء وقت الصلاة :
فهو أن يترك الصلاة حتى يخرج وقتها ولم يصل ، وهذا من كبائر الذنوب ، إلا لعذر شرعي كالنوم والنسيان .
قال في الموسوعة الفقهية (10/8) : " اتفق الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي " .
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله :
" أما الإنسان الذي يتعمد تأخيرها ( أي الصلاة ) إلى ما بعد الوقت ، أو يضبط الساعة إلى ما بعد الوقت حتى لا يقوم في الوقت ، فهذا متعمد للترك ، وقد أتى منكراً عظيماً عند جميع العلماء ، ولكن هل يكفر أو لا يكفر؟
فيه خلاف بين العلماء :
إذا كان لم يجحد وجوبها فالجمهور يرون أنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر .
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفرا أكبر يخرجه من الملة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الشرك و الكفر ترك الصلاة " رواه الإمام مسلم في صحيحه (82) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح ، ولأدلة أخرى .
وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين :
لقول التابعي الجليل : عبد الله بن شقيق العقيلي : ( لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ) اهـ .
وأما تأخير الصلاة فيطلق على معنيين :
الأول : تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها . وهو بمعنى انقضاء وقت الصلاة . وقد سبق بيان معناه وحكمه .(/1)
الثاني : تأخير الصلاة إلى آخر وقتها .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (10/6) .
والصلاة في آخر وقتها جائزة ، لما رواه مسلم (614) عن أَبِي مُوسَى الأشعري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ . . . فبين له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول وقت كل صلاة وآخره ثم قال : (الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ) .
لكن لو ترتب على تأخير الصلاة تضييع الصلاة جماعة فيصليها في آخر وقتها منفرداً ، كان ذلك حراماً من أجل ترك الصلاة جماعة . ما لم يكن معذوراً في ترك الصلاة مع الجماعة .
والأفضل هو فعل الصلاة في أول وقتها ، إلا صلاة العشاء ، وصلاة الظهر عند اشتداد الحر فالأفضل فعلهما قريباً من آخر الوقت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الأكمل أن تكون ( الصلاة ) على وقتها المطلوب شرعاً ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " ( رواه البخاري 527 ومسلم 85 ) ولم يقل ( الصلاة في أول وقتها ) ؛ وذلك لأن الصلوات منها ما يُسن تقديمه ، ومنها ما يُسن تأخيره ، فصلاة العشاء مثلاً يُسن تأخيرها إلى ثلث الليل ، ولهذا لو كانت امرأة في البيت وقالت أيهما أفضل لي ؟
أن أصلي صلاة العشاء من حين أذان العشاء أو أؤخرها إلى ثلث الليل ؟
قلنا : الأفضل أن تؤخرها إلى ثلث الليل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر ذات ليلة حتى قالوا : يا رسول لله رقد النساء والصبيان ، فخرج وصلى بهم وقال : " إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي "
فالأفضل للمرأة إذا كانت في بيتها أن تؤخرها .
وكذلك لو فرض أن رجالا ً محصورين ، يعني رجالاً معينين في سفر فقالوا : نؤخر صلاة العشاء أم نقدم ؟
فنقول الأفضل أن تؤخروا .
وكذلك لو أن جماعة خرجوا في نزهة وحان وقت العشاء فهل الأفضل أن يقدموا العشاء أو يؤخروها ؟(/2)
نقول : الأفضل أن يُؤخروها إلا إذا كان في ذلك مشقة .
وبقية الصلوات الأفضل فيها التقديم إلا لسبب ، فالفجر تُقدم ، والظهر تُقدم ، والعصر تُقدم ، والمغرب تُقدم ، إلا إذا كان هناك سبب .
فمن الأسباب : إذا اشتد الحر فإن الأفضل تأخير صلاة الظهر إلى أن يبرد الوقت ، يعني إلى قرب صلاة العصر ؛ لأنه يبرد الوقت إذا قرب وقت العصر ، فإذا اشتد الحر فإن الأفضل الإبراد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " رواه البخاري 537 ومسلم 615 .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقام بلال ليُؤذن فقال : " أبرد " ثم قام ليؤذن ، فقال: "أبرد" ، ثم قام ليؤذن ، فأَذِنَ له . البخاري ( 629 ) ومسلم ( 616 ) .
ومن الأسباب أيضاً أن يكون في آخر الوقت جماعة لا تحصل في أول الوقت ، فهنا التأخير أفضل ، كرجل أدركه الوقت وهو في البر وهو يعلم أنه سيصل إلى البلد ويدرك الجماعة في آخر الوقت فهل الأفضل أن يصلي من حين أن يُدركه الوقت أو أن يؤخر حتى يدرك الجماعة ؟
نقول : إن الأفضل أن تؤخر حتى تُدرك الجماعة ، بل قد نقول بوجوب التأخير هنا تحصيلاً للجماعة اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 287) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 39827
إذا شرع في صيام نفل ثم أفطر هل يلزمه قضاؤه:
رجل يريد صيام ستاً من شوال ، وفي أحد الأيام نوى أن يصومه لكنه أفطر بدون عذر ، ولم يتم صيامه فهل يقضى هذا اليوم بعد ما يصوم ست من شوال ويكون عدد الأيام التي صامها سبعاً أم يصوم ستاً من شوال فقط ؟ .
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء فيمن شرع في صيام نفل هل يجب عليه إتمامه أم لا ؟ على قولين :
القول الأول : أنه لا يلزم إتمام صيام النفل ، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة ، واستدلوا بما يلي :
1- عن عائشة أم المؤمنين قالت :( دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا : لا ، قال : فإني إذن صائم ، ثم أتانا يوما آخر فقلنا : يا رسول الله أهدي لنا حيس ، فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما ، فأكل ) رواه مسلم برقم 1154
2- عن أبي جحيفة قال : ( ..... فجاء أبو الدرداء فصنع له - أي لسلمان - طعاما ، فقال : كل فإني صائم ، قال سلمان : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال فأكل ..... فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان ) رواه البخاري برقم 1968
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما ، فلما وضع ، قال رجل : أنا صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعاك أخوك ، وتكلف لك ، أفطر فصم مكانه إن شئت ) رواه الدراقطني برقم 24 ، وحسنه الحافظ في الفتح 4 / 210
القول الثاني : أنه يلزم إتمام النفل ، فإن أفسده فعليه القضاء ، وهذا مذهب الحنفية ، واستدلوا على وجوب القضاء بما يلي :(/1)
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أهدي لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له يا رسول الله إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عليكما صوما مكانه يوما آخر ) رواه أبو داود 2457 ، والترمذي 735 ، وفي إسناده زميل ، قال في التقريب : مجهول ، وضعفه النووي في المجموع 6 / 396 ، وابن القيم في زاد المعاد 2 / 84 ، وضعفه الألباني .
2- في حديث عائشة السابق في مسلم ، زاد بعضهم : ( فلقد أصبحت صائماً فأكل ، وقال : أصوم يوما مكانه ) .
وأجيب بأن النسائي ضعف هذه الزيادة ، وقال : هي خطأ ، وكذا ضعفها الدار قطني والبيهقي .
والقول الأول هو الراجح لقوة أدلته ، ويؤيده ما ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت : ( يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة ؟ فقال لها : أكنت تقضين شيئا ، قالت لا ، قال : فلا يضرك إن كان تطوعا ) رواه أبو داود برقم 2456 ، وصححه الألباني .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر ، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال ( هل عندكم شيء ؟ ) فقالت : أهدي لنا حيس فقال : ( فأرينيه فلقد أصبحت صائما ). فأكل منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا في النفل ، وليس في الفرض . " انتهى من مجموع الفتاوى 20
وعليه فلا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته ، لأن المتطوع أمير نفسه ، وإنما أكمل صيام ست من شوال.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 39903
هل الكسب من محل الإنترنت حلال أم حرام ؟:
استفسار عن مكسب الإنترنت حلال أم حرام مع العلم أن هذا المحل هو الدخل الوحيد لعائلة مسلمة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الإنترنت يستخدم في الحلال والحرام ، والخير والشر ، فإذا أمكن ضبط المحل ومنع استعمال الإنترنت على الوجه المحرم ، فالكسب الناتج حينئذ حلال .
وإذا أهمل صاحب المحل في الإنكار على زبائنه ومنعِهم من الحرام ، كان آثما ، لعدم إنكاره المنكر، ولمعاونته لهم على الإثم والمعصية ، وكان الكسب الناتج حينئذ خبيثا محرما.
وانظر السؤال ( 34672 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 39923
يبحث عن المواقع السيئة ليراسل مراكز حجبها فهل أحسن أم أساء ؟:
كنت أتصفح الشبكة مستهدفا المواقع غير الأخلاقية وأرسلها بعد ذلك إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا ليقوموا بحجبها . فهل يحسب هذا العمل لصالحي أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
يُشكر للأخ السائل غيرته على المحارم ، وبغضه للمعصية ، وحبه لمحاربتها ، وتخليص الناس من شرورها ، لكننا لا ننصحه بتتبع مواقع الفساد من أجل التبليغ عنها لحجبها ؛ وذلك لأسباب كثيرة ، منها :
1. إخبار النبي صلى الله عليه وسلم وتحذيره من فتنة النساء ، ولا شك أن فتنة النساء العاريات وفي أوضاع مخلة أعظم .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) . رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) .
2. أن المسلم مأمور بالابتعاد عن أماكن الفتنة ، والفرار من مواضعها ، والبعد عن أهلها ، ولا شك أن تتبع هذه المواقع مخالف لكل هذا .
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ( أي فليبعد) فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ ، أَوْ لِمَا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ ) . رواه أبو داود ( 4319 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6301 ) .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
واحذر - رحمك الله - أن تتعرض لسبب لبلاء ، فبعيد أن يسلم مقارب الفتنة منها ، وكما أن الحذر مقرون بالنجاة : فالتعرض للفتنة مقرون بالعطب (الهلاك) ، وندر من يسلم من الفتنة مع مقاربتها ، على أنه لا يسلم من تفكر وتصور وهمٍّ .
" ذم الهوى " ( ص 126 ) .(/1)
3. أن المسلم مأمور بغض البصر عن المحرمات ، والتصفح للمواقع الإباحية وما فيها يخالف هذا الأمر .
قال الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 .
قال ابن كثير رحمه الله :
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع بصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا ، كما رواه مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 282 ) .
4. وقد ثبت النص الصحيح في النهي عن النظر إلى عورة الرجل من قبَل الرجل ، فما بالك بنظره إلى عورة المرأة ؟
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ ) . رواه مسلم ( 338 ) .
5. أن المسلم ليس له إلا النظرة الأولى ، وتكرار النظر في المواقع الفاسدة يخالف هذا .
عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : ( يَا عَلِيُّ ، لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى ، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ ) رواه الترمذي ( 2777 ) وأبو داود ( 2149 ) .
والحديث : حسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1903 )
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي . رواه مسلم ( 2159 ) .
قال النووي :(/2)
ومعنى " نظر الفجأة " : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا إثم عليه في أول ذلك ، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال ، فإن صرف في الحال فلا إثم عليه ، وإن استدام النظر أثم ، لهذا الحديث ، فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره مع قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا ) . . .
ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم .
" شرح مسلم " ( 14 / 139 ) .
6. أن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى نظر الحرام بـ " زنا العين " ، وهو بالإضافة لكونه حراماً من جهة التعدي في النظر فهو – أيضاً – كفرٌ بالنعمة التي وهبها الله للمسلم .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ) . رواه البخاري ( 5899 ) ومسلم ( 2657 ) .
قال النووي :
معنى الحديث : أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا فمنهم من يكون زناه حقيقيّاً بإدخال الفرج في الفرج الحرام ، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر الحرام ، أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله ، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده ، أو يقبلها ، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب ، فكل هذه أنواع من الزنا المجازي .
" والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذبه " معناه : أنه قد يحقق الزنا بالفرج وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك ، والله اعلم .(/3)
" شرح مسلم " ( 16 / 206 ) .
7. أن المواقع الإباحية من المتوقع أن تكون ( 8 ) مليارات ! فقد كانت حوالي نصف مليار عام 1998 م فكيف بها الآن ؟ فلو أعطى كل موقع نظرة واحدة ، فكيف سيكون حال قلبه ؟ وكم سيستغرق من الأوقات لتتبعها ؟ لذا لا يُشك أن مثل هذا الفعل سبب لهلاك القلب والبدن والوقت .
8. أن تتابع النظر إلى تلك المواقع الفاسدة والمثيرة قد يودي بصاحبها لتعلق القلب بهن فيستحكم العشق المحرم على قلبه فيفسده ، فيكون قد عرَّض نفسه لفتنة وهلاك بعد أن كان سالماً معافى .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
وقد يتعرض الإنسان لأسباب العشق فيعشق ، فإنه قد يرى الشخص فلا توجب رؤيته محبته فيديم النظر والمخالطة فيقع ما لم يكن في حسابه ، ومن الناس من توجب له الرؤية نوع محبة ، فيعرض عن المحبوب فيزول ذلك ، فإن داوم النظر نمت ، كالجنة (البستان) إذا زرعت فإنها إن أهملت يبست ، وإن سقيت نمت . " ذم الهوى " ( ص 237 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
وكلما تواصلت النظرات وتتابعت كلما زاد تعلق القلب وهيجانه ، مثل المياه تسقى بها الشجرة فإذا أكثر من المياه فإنها تفسد الشجرة ، وكذلك النظر إذا كرر وأعيد فإنه يفسد القلب لا محالة ، فإذا تعرض القلب لهذا البلاء فإنه يعرض عما أُمِرَ به ويخرج بصاحبه إلى المحن ، ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ، ويلقي القلب في التلف ، والسبب في هذا : أن الناظر الْتَذَّتْ عينُه بأول نظرة فطلبت المعاودة كأكل الطعام اللذيذ إذا تناول منه لقمة ، ولو أنه غض أولاً لاستراح قلبه وسلِم . " روضة المحبين " ( ص 94 ، 95 ) .
وقال رحمه الله :
إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق ، كما قال الله تعالى عن عشاق الصور : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72 .(/4)
فالنظرة كأس من خمر ، والعشق هو سكر ذلك الشراب ، وسكر العشق أعظم من سكر الخمر ؛ فإن سكران الخمر يفيق ، وسكران العشق قلما يفيق إلا وهو في عسكر الأموات . " روضة المحبين " ( ص 104 ) .
9. أن تتابع النظر إلى تلك المواقع الهابطة قد يؤدي بصاحبها إلى الوقوع في الحرام ، بل إلى تقليد ما يراه ، فالبداية النظر ، والنهاية الوقوع في المحظور .
قال ابن القيم :
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ، ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس و لا وتر " الجواب الكافي " ( ص 106 ) .
10. وفي تتابع النظر إلى تلك المواقع الفاسدة مضار أخرى من جوانب متعددة ، ومنها : موت الإحساس ؛ لأن " كثرة المساس تفقد الإحساس " – كما يقولون – فلن يعود هذا الأمر منكراً – بعد فترة – وستتعود على النظر ، وهو علامة على موت القلب وفقدان الحس الشرعي تجاه المعصية ، ومنها : تعريض النفس للتهمة ، فقد يراك أحدٌ دخلت هذه المواقع ، أو قد تُرى في جهازك من قبَل آخرين ، وفي هذا تعريض للنفس للتهمة .
وأخيرا . . .
الذي ينبغي الابتعاد عن تتبع مواقع الفساد هذه ، ولو من أجل التبليغ عنها ، فإن هذا السبب قد يُزيَّن في نفسه من أجل الوصول إلى ما بعده من منكرات .
وقد وجدت طرق فنية تغني المسلم عن تتبع مثل هذه المواقع ، كما أنه يوجد لجان مختصة في بعض الدوائر الحكومية أو الشركات تقوم بحجب هذه المواقع ، ولا شك أن ما تراه لجنة في موقع عمل ليس كمن يرى هذه المواقع وحيداً في بيته ، ففعله أدعى للوقوع فيما سبق ذكره من مفاسد .(/5)
وليس هذا الكلام عن خيال ولا وهم ولا توقع لمستحيل أو بعيد ، فكثيراً ما نسمع حكاية شاب مستقيم افتتن بمثل هذه المواقع ، فبدأ بالنظر ، ثم قتل وقته فيها .
وأنت – أخي الفاضل – في غنى عن هذا كله ، واسلم برأس مالك ، ولا تضيعه عليك ، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر كاملاً ، وأن يثبتك على الحق والهدى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 39947
قضت حاجتها في كأس في الحرم:
امرأة ذهبت إلى الحرم ودخلت موقع ماء زمزم وكانت لا تستطيع تحمل البول مما اضطرها إلى البول في " كوب " وقامت بإلقائه مع الماء الذي يجري من صنابير الماء ، فما الحكم في ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قضاء الحاجة في المسجد من المحرَّمات فكيف إذا كان في المسجد الحرام ؟ .
عن أنس بن مالك قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه مه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه ، دعوه ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ، قال : فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنَّه عليه .
رواه البخاري ( 217 ) ومسلم ( 285 ) .
والصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة وصاحوا بهذا الأعرابي ، وهموا للقيام بمنعه والإنكار عليه لئلا يُتم بوله ، فيؤخذ من ذلك أنه لا يجوز الإقرار على المنكر ، بل الواجب المبادرة بالإنكار على فاعل المنكر ، ولكن هذه المبادرة كانت ستؤدي إلى أمر أكبر ضرراً ولهذا نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، بل زجرهم عن أن ينهوا الأعرابي ويصيحوا به .
وهذا هو الأمر الأول الذي ينبغي التنبيه عليه في هذا السؤال ، وهو تحريم قضاء الحاجة في المساجد ، وهذا إذا كان سيبول على أرض المسجد ، أما إذا كان ذلك في إناء فذهب بعض العلماء إلى جوازه إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ومثال الحاجة أن يكون كبيراً في السن أو مريضاً لا يتحمل انحباس البول أو يشق عليه الخروج من المسجد بسبب مرض أو نحوه ، وهذا هو ظاهر الحال المسئول عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" :(/1)
الْبَوْل فِي قَارُورَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , مِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ اهـ .
ومال رحمه الله في موضع آخر إلى جوازه للحاجة فقال في "الفتاوى المصرية" :
وَالأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا إذَا فُعِلَ لِلْحَاجَةِ فَقَرِيبٌ اهـ .
ثانياً :
إذا أراد الإنسان قضاء حاجته فإنه ينبغي أن يتخلى بحيث لا يراه أحد فيطلع على سوء ته .
عن ابن عباس قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبيرٍ ، وإنه لكبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبرٍ واحدة ، قالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا .
رواه البخاري ( 213 ) و ( 5708 ) – واللفظ له - ومسلم ( 292 ) .
ومعنى " وما يعذبان في كبير " : أي : لا يشق عليهما تركه ، أو ليس بكبير عندهما .
ومعنى " وإنه لكبير " : أي : هو عند الله من الكبائر .
وهذا هو الأمر الثاني الذي ينبغي التنبيه عليه في هذا السؤال ، وهو وجوب ستر العورة عند قضاء الحاجة ، بل في كل حال ، فإذا كانت الأخت قد حرصت على هذا وفعلتْه : فلا حرج عليها إن شاء الله .
ثالثاً :
والأمر الثالث الذي ينبغي التنبيه عليه : هو تصريف هذا البول ، فلو كانت احتفظت به في شيء مأمون إلى أن تخرج به خارج الحرم ، أو في مكان لا يتصل بغيره من الطاهرات : لكان أفضل وأحسن ، وأما ما فعلتْه وهو وضع هذا البول في مكان تصريف ماء زمزم : فإنه قد يُخشى أن يلوِّث بعض الموجودين هناك عند الصنابير ، فإذا كان الماء يذهب بحيث يؤمن تلويث الناس به : فلا حرج في هذا الفعل ، وإن كان الفعل الأول هو الأصوب كما ذكرنا .(/2)
والحاصل أن ما فعلته هذه المرأة جائز لحاجتها إلى ذلك مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب عليها الاستتار عند قضاء الحاجة حتى لا تظهر عورتها ، وعدم أذية الناس وتلويثهم بهذه النجاسة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 39962
تفسير : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا):
قال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ما معنى : أمة وسطا ؟ وما المقصود بالشهادة على الناس ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 .
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية تبين أن المراد من قوله تعالى : ( أمة وسطاً ) أي : عدلاً خياراً . وأن المراد من الشهادة على الناس : الشهادة على الأمم يوم القيامة أن رسلهم قد بلغوهم رسالات الله . ولم تخرج كلمات المفسرين عن ذلك المعنى .
روى البخاري (4487) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُدْعَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ؛ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ أَوْ مَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ , قَالَ : فَيُقَالُ لِنُوحٍ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ , قَالَ : فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ : الْوَسَطُ الْعَدْلُ ) وزاد أحمد (10891) : ( قَالَ : فَيُدْعَوْنَ فَيَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلاغِ , قَالَ : ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ) .(/1)
وروى الإمام أحمد (1164) وابن ماجه (4284)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ , وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : لا فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ , فَيُقَالُ لَهُ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛ فَيُدْعَى مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ؛ فَيُقَالُ : وَمَا عِلْمُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا , فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ : يَقُولُ : عَدْلا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2448) .
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية :
" فمعنى ذلك : وكذلك جعلناكم أمة وسطاً عدولاً شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها , ويكون رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً عليكم بإيمانكم به , وبما جاءكم به من عندي " انتهى .
"جامع البيان " (2/8) .
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية :
" والوسط ههنا الخيار والأجود , كما يقال : قريش أوسط العرب نسباً وداراً أي : خيارها , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه , أي أشرفهم نسباً , ومنه : الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي صلاة العصر كما ثبت في الصحاح وغيرها . . .
( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )(/2)
قال : لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم ، لأن الجميع معترفون لكم بالفضل " انتهى باختصار .
"تفسير ابن كثير" (1/181) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومن فوائد الآية : فضل هذه الأمة على جميع الأمم ؛ لقوله تعالى : ( وسطاً ) .
ومنها : عدالة هذه الأمة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهيد قوله مقبول .
ومنها : أن هذه الأمة تشهد على الأمم يوم القيامة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهادة تكون في الدنيا ، والآخرة ؛ فإذا حشر الناس ، وسئل الرسل : هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم ؛ ثم تسأل الأمم : هل بُلِّغتم ؟ فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير ؛ ما جاءنا من أحد ؛ فيقال للرسول : من يشهد لك ؟ فيقول : ( محمد وأمته ) ؛ يُستشهدون يوم القيامة ، ويَشهدون ؛ فيكونون شهداء على الناس .
فإذا قال قائل : كيف تشهد وهي لم تر ؟
نقول : لكنها سمعت عمن خبره أصدق من المعاينة ، صلوات الله وسلامه عليه " انتهى .
"تفسير سورة البقرة" (2/115، 116) باختصار .
ونقل البغوي في تفسيره (1/122) عن الكلبي أنه قال : ( وَسَطاً ) : " يعني : أهل دين وسط ، بين الغلو والتقصير ، لأنهما مذمومان في الدين " .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 66) :
" أي : عدلا خيارا . وما عدا الوسط , فالأطراف داخلة تحت الخطر . فجعل الله هذه الأمة وسطا في كل أمور الدين . وسطا في الأنبياء , بين من غلا فيهم كالنصارى , وبين من جفاهم كاليهود , بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك .
ووسطا في الشريعة , لا تشديدات اليهود وآصارهم , ولا تهاون النصارى .(/3)
وفي باب الطهارة والمطاعم , لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بِيَعهم وكنائسهم , ولا يطهرهم الماء من النجاسات , وقد حرمت عليهم الطيبات , عقوبة لهم . ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا , ولا يحرمون شيئا , بل أباحوا ما دب ودرج . بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها . وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح , وحرم عليهم الخبائث من ذلك . فلهذه الأمة من الدين : أكمله , ومن الأخلاق : أجلها , ومن الأعمال : أفضلها . ووهبهم الله من العلم والحلم والعدل والإحسان , ما لم يهبه لأمة سواهم . فلذلك كانوا ( أُمَّةً وَسَطًا ) كاملين معتدلين , ليكونوا ( شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط , يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان , ولا يحكم عليهم غيرهم . فما شهدت له هذه الأمة بالقبول , فهو مقبول , وما شهدت له بالرد , فهو مردود .
فإن قيل : كيف يقبل حكمهم على غيرهم , والحال أن كل مختصمين , غير مقبول قول بعضهم على بعض ؟
قيل : إنما لم يقبل قول أحد المتخاصمين , لوجود التهمة . فأما إذا انتفت التهمة , وحصلت العدالة التامة , كما في هذه الأمة , فإنما المقصود الحكم بالعدل والحق . وشرط ذلك : العلم والعدل , وهما موجودان في هذه الأمة , فقبل قولها " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 40000
البيع بالتقسيط للآمر بالشراء:
عرض على المساهمة في مشروع بيع أجهزة منزلية بتقسيط وذلك بالصورة التالية :
نحن لا نملك محلا فيأتي الزبون ويقول أريد أجهزة معينة ( مثل أربع مكيفات ) فنشتري هذه الأجهزة وندفع ثمنها لمحل نتعامل معه في الشراء منه دائما ثم نبيعها للزبون الذي يريد شراءها بعد الاتفاق على ثمنها بتقسيط. ( مثلا: سعرها نقدا 1200ريالا فتباع عليه أقساط بـ 2000 ريالا ).
بعض المشترين يأخذها ليستخدمها ، وبعضهم يأخذها ليبعها على نفس المحل الذي نشتري منه وذلك لأن أفضل سعر يجده المشترى في هذا المحل . والآن نحن نقوم بهذه الطريقة حتى يصبح لدينا رأس مال يكفي لعمل محل لبيع الأجهزة مباشرة بالنقد والتقسيط .
هل طريقة البيع هذه صحيحة ؟ نرجو توضح ذلك لنا ولكثير من المسلمين الذين يمارسون هذه الطريقة في البيع .
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من أنك تشتري السلعة التي يرغب فيها الزبون شراء حقيقيا ، وتقبضها إليك ، ثم تبيعها عليه بثمن مقسط ، فلا حرج في ذلك ، ولو كان ثمنها بالتقسيط أعلى من ثمنها في البيع الحال .
ولا يضر كون المشتري منك ، يبيع السلعة على المحل الأول ، لأنه لا علاقة بينه وبين هذا المحل .
سئلت اللجنة الدائمة :
( اتفقنا أنا ورجل أن أشتري له سيارة فقلت له هي من المعرض ب( 50000 ) خمسين ألف ريال وإذا أحضرتها لك تدفع لي ( 60000 ) ستين ألف ريال فهل هذا حلال ؟ )
فأجابت :(/1)
( لا بأس ببيع سيارة أو غيرها من السلع ، إذا كان بيعك لها بعد شرائك لها وحيازتها في ملكك ، فيجوز أن تبيعها بثمن حال أو بثمن مؤجل أكثر من الحال ، سواء كان الثمن المؤجل مقسطا أو غير مقسط ؛ وذلك لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ ) البقرة/275 ، وقوله تعالى : ( يَا أَيُّها الذينَ آمَنوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًى فَاكتُبوه ) البقرة/282 ، وهذا يدخل فيه ثمن المبيع بالمؤجل ) .
أما بيع السلعة على من طلبها قبل شرائها وحيازتها فلا يجوز ، لما ثبت على النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : ( نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ) رواه أبو داود (3499) ، قال الشيخ الألباني : حسن لغيره .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ) رواه مسلم (1596) .
وقال _ صلى الله عليه وسلم _ ( لا تبع ما ليس عندك ) رواه أحمد وأبو داود ( 3503 ) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (7206) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما ( كنا نشتري الطعام جزافا ، فيبعث إلينا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا ) رواه البخاري ومسلم (1527)
وأما بيع العينة المحرم : هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على من باعها له بثمن أقل منه، وهذا غير حاصل هنا .
وانظر السؤال رقم ( 36408 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40005
حكم صلة الأم والإخوة من الرضاعة:
لدي أم من الرضاعة وإخوة ، فهل عليَّ أن أصلهم وأزورهم كما أزور أمي وإخوتي من النسب علماً أني كنت أزورهم ، ولكن قيل لي : إنه لا يلزمني ذلك ، وأنا محتار في ذلك .
الجواب:
الحمد لله
لا تشبه الأحكام الشرعية المتعلقة بالرضاع تلك المتعلقة بأحكام النسب ، فالرضاع لا يوجب النفقة ولا التوارث ولا ولاية النكاح . . . بخلاف النسب .
ويشتركان في تحريم النكاح ، وإباحة النظر ، والخلوة ، والمحرمية في السفر .
وهذا من حكمة الشرع ، ولا يمكن أن يجعل الشرع حقوق الأم من الرضاعة والتي ترضع الطفل خمس مرات بتلك التي حملت ووضعت وأرضعت وربَّت ، وكانت السبب المحسوس في وجود الولد ، وهل ما في قلب الأم من النسب مثل ما في قلب الأم من الرضاعة من حيث الشفقة والرحمة والحرص ؟
وقد أشارت الآيات القرآنية إلى ذلك كما قال تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان/14 ، وقال تعالى - بعد أن أمر الولد بالإحسان إلى الوالدين ونهاه عن أدنى ما يمكن أن يصدر عنه من عقوق لهما - : ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) .
لذا ذكر بعض العلماء أن على الابن من الرضاعة إكرام وتقدير أمه ووالده من الرضاعة ، وليس عليه البر والصلة التي تكون بين الولد ووالديه ، وبينه وبين رحِمِه .
وفي الباب بعض الأحاديث الضعيفة نذكرها للفائدة :
1. عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال : رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لحماً بالجعرانة إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه ، فجلست عليه ، فقلت : من هي ؟ فقالوا : هذه أمه التي أرضعته . رواه أبو داود ( 5144 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 1102 ) .(/1)
وقد بوَّب ابن حبان ( 10 / 44 ) على هذا الحديث بقوله " ذكر ما يستحب للمرء إكرام من أرضعته في صباه " .
2. عن عمر بن السائب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ، ثم أقبلت أمه من الرضاعة فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلستْ عليه ، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه . رواه أبو داود ( 5145 ) ، وضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1120 ) .
3. عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال : غرة عبدٍ أو أمة . رواه الترمذي ( 1153 ) والنسائي ( 3329 ) وأبو داود ( 2064 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 445 ) .
" غُرَّة " أي مملوك .
قال السيوطي في شرح النسائي (6/108) :
"المراد بـ " مذمة الرضاع " : الحق اللازم بسبب الرضاع ، فكأنه سأل : ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا ؟ ، وكانوا يستحبون أن يهبوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها" اهـ .
4. وذكر أهل السير أن النساء الأسرى من هوازن لما جُمعوا جاء خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك، فامنُن علينا منَّ الله عليك . وهذه الأحاديث الوارد فيها هو الإكرام والتقدير ، وهما من أخلاق الإسلام التي حثَّ عليها لعامة المسلمين . فكان هذا سبب إعتاقهم عن بكرة أبيهم . البداية والنهاية (4/419) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40023
إعطاء الفقير من الزكاة ليحج:
هل يجوز إعطاء الفقير من الزكاة لأداء فريضة الحج ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
واتفق العلماء على أن قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) المراد به الجهاد في سبيل الله.
ثم اختلفوا هل يشمل مع الجهاد الحج أم لا ؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه خاص بالجهاد ولا يشمل الحج ، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يدخل فيه الحج واستدل بما رواه أبو داود (1988) عن أُمِّ مَعْقَلٍ أنها قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا ( والبكر هو الفتي من الإبل ) قَالَ أَبُو مَعْقَلٍ صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عن ابن عمر أنه قال : أَمَا إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ . قال الحافظ : أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ .
انظر : المغني (9 / 328) والمجموع (6/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (105) :
ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطى ما يحج به اهـ يعني من الزكاة .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 38) :
( يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام ، ونفقتهم فيه ، لدخوله في عموم قوله تعالى : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) من آية مصارف الزكاة اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40054
استعمال الرسم والتصوير في تعليم الطب:
أدرس في كلية الطب ، وفيما يتعلق بدراستي فتواجهني بعض المشكلات وهي : 1/ تحتوي كتبي على صور للرجال والنساء ، هل دراسة مثل هذه الصور تتعارض مع الحجاب ؟ 2/ يجب علينا في الاختبارات رسم أجزاء معينة من جسد الجنس البشري وليس كل الجسد ، أعرف أن هنالك حديثا يقول بأن المصورين في النار ، ولكنني لست متأكدا إن كان ذلك مسموحا لأغراض تعليمية ؟ أرجو نصحي لأنني لا أريد أن أخالف الشريعة .
الجواب:
الحمد للّه
من المعلوم في شريعتنا أن الأصل في الرسم والتصوير لذوات الأرواح هو المنع والتحريم ، لما جاء في ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تنهى عنه وتحذر منه ، وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في العديد من الإجابات ، انظر منها جواب السؤال رقم (7222) .
ومن المعلوم في قواعد الفقه المتفق عليها أن الضرورات تبيح المحظورات ، وأن الحكم قد ينتقل من التحريم إلى الجواز إذا ترتب عليه تحقيق ضرورة من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها : الدين والنفس والبدن والعرض والمال .
ولما كان علم الطب من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها الناس ، حتى عده بعض العلماء من فروض الكفاية ، ترتب على ذلك تجويزُ بعضِ ما الأصلُ فيه التحريمُ والمنعُ لتحقيق هذه الفريضة الكفائية .
قال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (1/223) :
" وأما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب " انتهى .
بل نقل موفق الدين البغدادي في كتابه "الطب من الكتاب والسنة" (187) عن الإمام الشافعي أنه قال :
" لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب " انتهى .(/1)
والطبيب – وإن كان لا يعالج النساء إلا لحاجة – فهو معرض لعلاج كلا الجنسين ، فقد لا تتيسر المرأة الطبيبة في التخصص المعين أو البلد المعين ، كما أن علم الطب يعتمد أساسا على فهم طبيعة تركيب الجسم البشري ، وخصائص الأعضاء ، وتفصيلات الوظائف الحيوية لكل منها ، وبقدر ما يتحقق فهم ذلك يتحسن أداء علم الطب البشري ، وينجح في تخليص الناس من الآفات والأمراض .
ولذلك لا حرج على الطبيب من دراسة الرسومات التي تبين تشريح بدن الإنسان ، سواء كان ذلك للرجال أو النساء ، كما لا حرج إن شاء الله من استخدام الرسم في امتحان طلبة الطب والعلوم الحياتية ، كي يساعد ذلك على الفهم الدقيق ومعرفة مستوى إتقان الطالب لهذا العلم المهم .
وقد جاء في شريعتنا جواز مداواة النساء للرجال إذا وجدت الضرورة .
فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت : ( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَسقِي وَنُدَاوِي الجَرحَى وَنَرُدُّ القَتلَى إِلَى المَدِينَةِ ) رواه البخاري (2882) .
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث في "فتح الباري" (6/52) :
" فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة " انتهى .
كما جاء في شريعتنا ما يدل على جواز تصوير الصور والتماثيل للعب الأطفال ، لما يحتاجه الصغار من لهو ولعب وتعليم وتأديب . وانظر جواب السؤال رقم (9473) .
كما جاء في فتاوى العلماء ما يدل على جواز التصوير للحاجة من إخراج صور لمعرفة "هوية" الشخص ونحو ذلك ، انظر جواب السؤال : (34904) ، (39806)
وأما تصوير ورسم أجزاء من الجسم منفصلة ، كالرأس أو الصدر ، فيرى كثير من العلماء جوازه ، وانظر جواب السؤال رقم (13633) .
وجميع ما سبق يدل - من باب أولى - على جواز استعمال الرسوم والصور في دراسة علوم الطب وما يتعلق بها .
وقد سبق أيضا في موقعنا الفتوى بنحو ذلك في جواب السؤال رقم (10228) ، (13716) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40111
عمل الصالحات مع التهاون بالصلاوات:
كنت في سنوات ماضية غير منتظمة في أداء الصلاة فأصلي لأيام ثم أنقطع لأيام وأعود ثانية وكنت أكثر من الصدقات ابتغاء مرضاة الله وأصل رحمي ولا أبتغي غير وجه الله فهل ما قمت به مردود علي لعدم إتمام صلاتي أم قد يتقبله الله إن شاء سبحانه وتعالى .
الجواب:
الحمد لله
التهاون في فعل الصلاة جرم عظيم ، وتفريط بالغ في هذه الشعيرة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد توعد الله المتهاونين في أمر الصلاة المضيعين لها عن أوقاتها ، بقوله: ) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) مريم /59 ، 60
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر ، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم ، والمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها، مع الإكثار من النوافل رجاء أن يعفو الله عنك وأن يتقبل منك .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 6/50
السؤال : قبل أربع سنوات كنا في رحلة ترفيهية وأثناء هذه الرحلة تركت صلاة ( إما صلاة الظهر أو العصر ) لا أتذكر الآن ، علماً بأنني تركتها تهاوناً وتكاسلاً مني ، وأنا الآن نادم على ما ارتكبته من ذنب فأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة ، فماذا يجب علي وهل علي كفارة ؟
فأجابت اللجنة الدائمة :(/1)
عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة ولا قضاء عليك ، لأن ترك الصلاة المفروضة عمداً كفر أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » وقوله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " أخرجه مسلم في صحيحه ولا كفارة في ذلك سوى التوبة النصوح . انتهى
ثانياً :
الكافر لا ينفعه عند الله ما عمله من أعمال صالحة ، إلا إذا أسلم فإنه ينتفع بعمله الصالح ويكتب له ثوابه كما هو ظاهر ما في الصحيحين عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ" رواه البخاري 1436 ومسلم 123.
أتحنث : أي أتعبد
قال النووي رحمه الله :(/2)
ذَهَبَ اِبْن بَطَّالٍ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر وَمَاتَ عَلَى الإِسْلَام يُثَاب عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْخَيْر فِي حَال الْكُفْر , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ . قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر فَحَسُنَ إِسْلامُهُ كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ كُلّ حَسَنَة زَلَفهَا , وَمَحَا عَنْهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف , وَالسَّيِّئَة بِمِثْلِهَا إِلا أَنْ يَتَجَاوَز اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ) ذَكَرَهُ الدَّارَ قُطْنِيُّ فِي غَرِيب حَدِيث مَالِك , وَرَوَاهُ عَنْهُ مِنْ تِسْع طُرُق , وَثَبَتَ فِيهَا كُلّهَا أَنَّ الْكَافِر إِذَا حَسُنَ إِسْلامه يُكْتَب لَهُ فِي الإِسْلام كُلّ حَسَنَة عَمِلَهَا فِي الشِّرْك .
قَالَ اِبْن بَطَّال رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذِكْره الْحَدِيث : وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى عِبَاده بِمَا شَاءَ لا اِعْتِرَاض لِأَحَدٍ عَلَيْهِ قَالَ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْن حِزَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " أَسْلَمْت عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر " . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَأَمَّا قَوْل الْفُقَهَاء : ( لا يَصِحّ مِنْ الْكَافِر عِبَادَة , وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُعْتَدّ بِهَا ) : فَمُرَادهمْ أَنَّهُ لا يُعْتَدّ لَهُ بِهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا , وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّض لِثَوَابِ الآخِرَة . فَإِنْ أَقْدَمَ قَائِل عَلَى التَّصْرِيح بِأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ لا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الآخِرَة رُدَّ قَوْله بِهَذِهِ السُّنَّة الصَّحِيحَة اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40156
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها:
هل الأغنام التي لا ترعى بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية هل عليها زكاة أم أن الزكاة على الأغنام التي ترعى الأعشاب والنباتات البرية دون وجود مصاريف أعلاف ؟ آمل التوضيح .
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت سائمة ( أي ترعى النباتات البرية ، ولا يعلفها صاحبها ) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة فيها.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (1454) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ . . . وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ . . . الحديث .
فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة .
2- ما رواه النسائي (2444) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث ) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (791) .
فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها .
وحكم البقر حكم الإبل والغنم .
انظر الشرح الممتع (5/33) .(/1)
قال النووي في "المجموع"
"وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا , وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَيْسَتْ مَعْلُوفَةً , وَالسَّوْمُ الرَّعْيُ" اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ ، فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اهـ .
وذهب مالك إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير سائمة ، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد بالسائمة ، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما : ( فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ).
وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذا الحديث مطلق ، والأحاديث الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد .
وأيدوا هذا بقولهم :
وصف النماء والتكاثر والزيادة معتبر في زكاة بهيمة الأنعام ، والنماء ظاهر في السائمة فإنها لا كلفة في تربيتها ، أما المعلوفة فلها كلفة في تربيتها وقد يستغرق علفها نماءها ، فكان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن أسقط الزكاة فيها إلا أن تكون معدة للتجارة كمشروعات التسمين التي تشترى فيها الماشية ثم تُعلف وتباع ففيها زكاة التجارة .
انظر المغني (4/12) ، الموسوعة الفقهية (23/250) .
ولمعرفة كيفية حساب زكاة التجارة راجع السؤال رقم (10823)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/32) :(/2)
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ) مَوْضِعُ خِلافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لأَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَرْعَى . فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الإِبِلَ الْعَوَامِلَ وَالْبَقَرَ الْعَوَامِلَ وَالْكِبَاشَ الْمَعْلُوفَةَ فِيهَا الزَّكَاةُ . قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُمَا . وَأَمَّا الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ والأوزاعي وَغَيْرُهُمْ : فَلا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَهُمْ . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ : عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ . وَكَتَبَ بِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ . وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ) فَقَيَّدَهُ بِالسَّائِمَةِ ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ اهـ ..
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/205) :
"من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي الراعية" اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40157
يخشى إن أرجع أموالاً سرقها قبل الهداية أن يفتضح أمره ، فماذا يفعل ؟:
بفضل الله وبحمده أنه هداني إلى طريق الحق والخير ، راجياً الله أن يتم نعمته عليَّ وأن يهدي كل عاصٍ ، وأن يرد المسلمين إلى دينهم ردّاً جميلاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
علمت من أهل العلم أن التوبة لا تصح إلا إذا قمت بإرجاع الحقوق إلى أهلها .
وقد عملت في شركة من عشر سنوات تقريباً وسرقت مبلغاً من المال لا أذكر بالتحديد لكنه لا يزيد عن مائة دينار ، وإرجاع المبلغ الآن قد يسيء لي ولأسرتي لاسيما وأصحاب الشركة على علاقة بي وبأسرتي إلى الآن فماذا أفعل .
هل يمكن أن أتصرف بالمبلغ أو أوصله إليهم عن طريق البريد من غير أن أذكر اسمي ، فقط أكتب رسالة أن هذا المبلغ أخذ منكم بغير حق .
الجواب:
الحمد لله
نحمد الله سبحانه أن وفقك للتوبة ، ومن المعلوم أن المال هو فتنة هذه الأمة ، والتوفيق للتوبة من أخذ أموال الناس بغير حق أمر عظيم يستحق منك دوام الشكر لله على هذه النعمة .
ومن تمام توبتك هو إرجاع الحقوق إلى أهلها ، وقد أحسنتَ في سؤالكَ حول هذا الموضوع ، وقد تقدمت الإشارة إلى هذه المسألة في جوابنا على السؤال رقم ( 31234 ) ، وفيه بيان أنه لا يشترط على من أراد إرجاع الحقوق لأهلها أن يكشف عن نفسه وهويته ، إذ المقصود هو رجوع الحق إلى صاحبه ، وليس المقصود معرفة السارق .
لذلك أخي الفاضل : ابحث عن الطريقة المناسبة التي تحفظ لك كرامتك ويُرجع فيه الحق لأهله من غير أن تُحرج نفسك مع أصحاب الشركة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40163
ولدها يمارس العادة السرية يومياً فماذا تفعل ؟:
ابني الوحيد يعمل العادة السرية كثيراً ويصارحني بذلك ، نبهته أن هذا حرام ثم بدأت بحرمانه حتى الضرب ولكن دون فائدة .
تعبت كثيراً من مراقبته ... فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
تتحمل الأسرة في كثير من الأحيان مسئولية وقوع أبنائهم في المعاصي ؛ وذلك بسبب قلة التوجيه نحو الطاعة ، وتوفير سبل الوقوع في المعصية .
ونحن لا ندري عن حقيقة الأمر هنا ، إلا أنه من المتوقع أن تكون الظروف المحيطة بهذا الصبي هي التي جعلته يقع في المعصية ؛ فهو وحيد أبويه ، مما جعله مدلّلاً في الغالب ، وهذا التدليل ييسر سبل الوقوع في المعصية ، وعلاج هذه المشكلة يكون بعدة أمور :
1. التخفيف من التدليل الزائد ، والذي قد يفقد الولد الشعور بالرجولة ، ويحاول إظهارها بمثل هذه العادة أو بشرب الدخان – مثلاً - .
2. عدم توفير سبل الوقوع في المعصية وخاصة تلك التي تساهم في موت القلب مثل توفير أشرطة غنائية ليسمعها ، وقنوات فضائية ليراها .
3. الحرص على البعد عن نوم الولد وحده ، أو إغلاق الباب عليه عند النوم ، فالخلوة تساهم في التفكير في المعصية ، وتشجع على فعلها .
4. ربط الولد بالمسجد وبحلقاته العلمية ، وبالصحبة الصالحة ، وهذه من أعظم ما يعين العبد على صلاح قلبه ، وتقوية إيمانه .
5. توفير مكتبة سمعية ومرئية إسلامية نافعة ، تنمي فيه حب العبادة ، وتعلمه حسن الخلق ، وترهبه من الوقوع في المعصية .
6. تشجيعه على القراءة ، وخاصة الكتب المتعلقة بتراجم العلماء والأبطال المجاهدين ، فلعله أن يكتسب أخلاقهم ويحذو حذوهم ، ويفضل أن يشجع على كتابة تلخيص لما يقرأ ويسمع ويشاهد ويُعطى مكافأة تليق بحاله .
7. تشجيعه على حفظ القرآن ، والصيام ، ولا شك أن فيهما إعماراً للقلوب وإحياءً لها .(/1)
8. محاولة تنظيم الوقت بحيث يكون العمل في النهار ، والنوم في أول الليل ، فالسهر قد يجعله يديم التفكير في المعصية .
9. تبيين حكم الشرع في هذه العادة ، وأثرها الصحي على العقل والقلب والجوارح .
10. تجنب إهانته وضربه وإحراجه ؛ وليس بالضرب أو الإهانة أو الإحراج يكون ترك تلك المعصية وأخواتها ، بل بالتي هي أحسن ، وبالموعظة الحسنة .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40216
ما حكم أكل الدجاج الوطني لمن لا يعلم كيف ذكِّي ؟:
هل يجوز أكل الدجاج واللحوم الموجود بالمطاعم ، مع العلم أنني لا أعلم هل ذبح على الشريعة الإسلامية أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً أتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا : إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا ؟ َقَالَ : ( سَمُّوا أنتم ثم َكُلُوها ) . قلت : وكانوا حديثي عهد بكفر يعني إلى الآن جدد في الإسلام لا يدرون هل يسمون أو لا . فقال : سمّوا أنتم وكلوا . فأباح الأكل وإن كنا لا ندري هل سمَّى أو لا ، كذلك يباح الأكل وإن كنا لا ندري هل ذبح على طريقة سليمة أو غير سليمة ، لأن الفعل إذا صدر من أهله فالأصل أنه صحيح نافذ إلا بدليل ، فإن جاءنا لحم مذبوح من مسلم أو من يهودي أو نصراني ، لا نسأل عنه ، لا نقول : كيف ذبح ، ولا هل سمَّى عليه أو لا ؟ فهو حلال ما لم تقم بيِّنة على أنه حرام ، وهذا من تيسير الله ، وإلا كان مشكلة كلما قدّم لنا مذبوح نسأل : من الذي ذبح ؟ فلان ، هل يصلي أو لا يصلي ؟ هل سمَّى أو لا ؟ هل أنهر الدم أو لا ..إلخ ، لكن من تيسير الله سبحانه وتعالى أن الفعل الصادر من أهله الأصل فيه الصحة والنفاذ إلا بدليل .
انظر " أسئلة الباب المفتوح ج 1ص 77 " للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40217
تاب من التعامل مع البنوك الربوية ولا يدري أصل المال:
لدي صديق كان يتعامل مع البنوك الربوية ويأخذ قروضا وما إلي ذلك من المعاملات الربوية نسأل الله السلامة وقد من الله عليه بالهداية وأوقف جميع تعاملاته مع البنوك وهو الآن لا يدري ما هو أصل ماله ولا يستطيع الفصل بينه وبين القروض والفوائد ويريد أن يطهر نفسه وماله عن السنوات السابقة فما العمل في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله
على صديقك أن يراجع البنك ليعلم قدر الفوائد التي أضيفت إلى رأس ماله ، ثم يتخلص من هذه الفوائد بإنفاقها في أوجه الخير والبر . راجع السؤال رقم 292 و 2370
فإن لم يعلم قدرها بالتحديد ، فليخرج ما يغلب على ظنه أنه بقدر الفوائد التي أخذها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وأما ما أخذه من قروض ربوية ، قام بسدادها ، فهي ملك له . وتكفيه التوبة والندم على ما فعل والعزم على عدم العود إلى مثل هذه المعاملات المحرمة .
ونحمد الله أن وفقه وهداه وصرفه عن هذا التعامل المحرم ، ونسأله سبحانه أن يبارك له في ماله وأن يرزقه من فضله .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40225
هل تخلع السن الذهب من الميت ؟:
إذا توفي إنسان وكان أحد أسنانه من ذهب هل يترك هذا السن أو يخلع ؟ وإذا كان هذا الخلع يترتب عليه مضرة لبقية الأسنان فما الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : يجب أن نعلم أن السن الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند الحاجة إليه ، فلا يجوز أن يركبه أحد للزينة اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن التزيّن بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس . أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة .
ثانياً : إذا مات من عليه أسنان من ذهب فإن كان يمكن خلع السن بدون مُثلةٍ ( أي تمثيل به وهو تقطيع بعض أجزاء الميت ) خُلِع ؛ لأن ملكه انتقل إلى الورثة وإن كان لا يمكن خلعه إلا بمِثُلْة بحيث تسقط بقية الأسنان فإنه يبقى ويدفن معه .
ثم إن كان الوارث بالغاً عاقلاً رشيداً وسمح بذلك تُرك ولم يتعرض له ، وإلا فقد قال العلماء : إنه إذا ظن أن الميت بَلي حُفر القبر وأخذ السن لأن بقاءه إضاعة مال . وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين . الباب المفتوح ( /155) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40234
يأمر الطلاب بدفع مبلغ لإصلاح الفصل ويعطيهم درجات مشاركة:
يطلب المدرس منا مبلغا معينا(30) ريال ندفعه قبل الاختبار لتصليح الفصل ويترتب على ذلك زيادة في درجات المشاركة أو الاختبار إذا لم يكن هنالك نقص في المشاركة ويدعي أن ذلك حلال بحجة أن الزيادة لا تكون على ورقة الاختبار وإنما تكون في المجموع النهائي للدرجات وأن الفرصة متاحة للجميع وأن الدفع كان قبل الاختبار وأن الذي لا يستطيع دفع المبلغ فإنه يخففه عنه فإذا لم يستطع فإنه يعفيه من الدفع ويكون له ما لباقي الطلاب الذين دفعوا من الزيادة في الدرجات فهل عمله هذا صحيح ؟ والرجاء أن يكون الجواب بالتفصيل مع ذكر الأدلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
ليس للمدرس أن يأخذ من الطلاب شيئا ، ولو كان بقصد تصليح الفصل ، فإن ذلك ليس من مسئولية الطلاب ، وإنما هو من مسئولية المدرسة وهذا المال يشبه من بعض الوجوه المكوس المحرمة ، وانظر في تحريم المكوس السؤال رقم 39461
ودرجات المشاركة إنما تعطى للطالب على اجتهاده ونشاطه أثناء الدراسة ، لا على دفعه المال للمدرّس أو المدْرسة ، وكذلك درجة الاختبار ، تنبني على ما كتبه الطالب في ورقة الإجابة ، ولا علاقة لها بإصلاح الفصل أو تزيينه .
فإعطاء المدرس درجات للطلاب مقابل دفعهم المال ، مخالف لنظام التعليم ، مع ما فيه من ظلم الناس في أموالهم ، وتعريض الطلاب الفقراء للحرج في إخبارهم المدرس بعدم استطاعتهم دفع المبلغ كله أو بعضه .
فعلى المدرس أن يتقي الله تعالى ، وأن يعطي لكل طالب ما يستحقه من الدرجات حسب النظام التعليمي القائم ، وأن لا يسأل الطلاب شيئا من المال مهما قل .(/1)
وللمدرس أن يحث الطلاب على الإنفاق والتبرع لإصلاح الفصل أو لغير ذلك من الأنشطة الخيرية ، فإن ذلك يدخل في باب التعاون على البر والتقوى ، وفيه تعويد للطلاب على بذل الأموال وإنفاقها في وجوه الخير والبر ، على أن لا يكون لذلك علاقة بالدرجات التي يحصل عليها الطالب .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40241
شحن الجوال من كهرباء الحرم:
رأيت إحدى النساء في المسجد الحرم المكي تشحن جوالها من كهرباء الحرم هل فعلها جائز؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأحوط للمسلم أن لا يفعل ذلك ، وأن يسلك سبيل الورع، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) رواه الترمذي (2518) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعليه أنه يقوم بشحن جواله في منزله قبل ذهابه إلى الحرم حتى يستغني بذلك عن استعمال كهرباء الحرم .
لكن إذا احتاج المسلم إلى ذلك فإنه يُرجى أن لا يكون عليه في ذلك حرج إن شاء الله تعالى إذا كان المسؤولون عن الحرم لا يمنعون ذلك ، وليقتصر على ما يحتاج إليه فقط ولا يزيد ، حتى لا يمنع أحداً من إخوانه المسلمين من شحن جوالاتهم ، وقد يكونون محتاجين إلى ذلك مثل حاجته أو أشد .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40245
يتهرب من السداد للبنك العقاري بحجة أن له حقا في بيت المال:
بعض الناس لا يسدد للبنك العقاري بحجة أنه له حقا في بيت مال المسلمين والدولة لا تعطيه حقه فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ أرجو التكرم علي بالرد.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز التهرب من السداد للبنك العقاري ، لما في ذلك من الخيانة، والاعتداء على المال العام، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) النساء / 58 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم " رواه الترمذي 1352 وأبو داود 3594 وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقال أيضاً : " أما بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة ، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت" رواه البخاري (6578) ومسلم (1832).
وبيت مال المسلمين ملك للمسلمين جميعا ، وليس ملكا لفئة معينة من الناس ، والقائمون عليه إنما هم أمناء في حفظه وتحصيله وصرفه لأهله ، فلا يحل لأحد أن يعتدي عليه ، أو يأخذ منه ما لا يستحق . ولو فرض وجود من يغُل منه ويعتدي ، فإن ذلك لا يبيح مشاركته في هذا الذنب العظيم . ولو جاز نهب مال الدولة وسرقتها بحجة الأخذ من بيت المال ، لحصل الشر والفساد ، وعم الظلم والبغي ، ولباء الجميع باسم الخيانة .
فالحذر الحذر من الخيانة في المال العام ، فإن هذا ظلم واعتداء على المسلمين جميعا .(/1)
وأما قوله بأن الدولة لا تعطه حقه من بيت المال فهذا إن ثبت فإنه لا يبيح له أن ينقض العهد الذي قطعه على نفسه حين توقيع العقد مع البنك ، لأن نقض العهد من الخيانة وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذي آمنوا أوفوا بالعقود ) ، وقال تعالى : ( إن الله لا يحب الخائنين ) ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خيانة من خانك فكيف بخيانة من لم يخنك ؟!
قال صلى الله عليه وسلم : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك ) رواه الترمذي ( 1264 ) وأبو داود ( 3534 ) وقال الألباني حديث حسن صحيح السلسة الصحيحة ( 423 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40263
حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع:
ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسمى (بزناس) تقوم على نوع من التسويق وتتلخص فكرتها في أن يشتري الشخص منتجات الشركة ـ وهي عبارة عن برامج وموقع وبريد إلكتروني ـ بمبلغ 99 دولارا ويُعطى بعد الشراء الفرصة في أن يُسوِّق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة .
ثم يقوم هذا الشخص بإقناع شخصين آخرين بالانضمام للبرنامج ، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة ، ويكون لهما الحق أيضا في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك .
ثم يقوم كل واحد من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا . فستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم .
أما طريقة احتساب العمولات فتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال المشتري (المشترك) ومن يليه في شجرة المشتري عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحد من الاثنين الأولين عن اثنين ، وتبلغ العمولة 55 دولاراً . ويتم صرف العمولة في مقابل كل 9 أشخاص ( ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة" ).
ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للشجرة، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير .
إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر ، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم ( كما هو افتراض الشركة في موقعها ) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر ، ويستمر التضاعف في كل شهر
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج ، فمقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار ، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف المبلغ .
ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم .(/1)
السؤال : ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشرت بصورة واضحة وتعددت الأقوال فيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الكلام على مثل هذه المعاملات التي يسرع انتشارها ويكثر غموضها والتباسها على العامة ، ويشتد إغراؤها لا بد فيه من أمرين :
الأول : بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد الشرعية ، وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتها ونتائجها وتاريخها .
الثاني : علاج النفس وتوطينها على الأخذ بالحكم الشرعي وعدم التعلق بالشُّبه .
ونظراً لحاجة المسألة إلى إطالة النفس فيها فسنقدِّم بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا المقام وتفصيل للجواب .
الجواب المجمل على السؤال :
بالنظر إلى صورة هذه المعاملة ( بزناس ) وحقيقتها ، وما ذكره مندوبو هذه الشركة من معلومات وشروط عنها ، وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من أدلة وشروط للمنع منها أو إباحتها.
وبعرض كل هذا على نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة في أبواب المعاملات وأٌقوال العلماء يتبين أن هذه المعاملة محرّمة ، لعدة وجوه أهمها :
1. أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أموال الناس بالباطل وتحوي تغريراً وخداعاً للناس وإطماعاً لهم في المال واستغلالاً لغريزة حب الإكثار منه عندهم . وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة / 90 ، وقال : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) البقرة / 188 ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) مسلم ( 2137 ) وهذا التشبيه في الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا .(/2)
2. يتبيّن بعد النظر الفاحص أن إدخال السلعة ـ وهي البرامج والموقع والبريد ـ في هذه المعاملة لا يغيِّر من حكمها ، لوضوح كون هذه السلعة ليست مقصودة من قِبَل معظم المتهافتين على الشراء . وإذا ثبت هذا بالقرائن المذكورة في تفصيل الجواب فإن دخول السلعة بهذا الشكل لا يزيدها إلا حرمة لاشتمالها على التحايل المؤدِّي إلى معاملة محرمة من معاملات الميسر .
3. المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة من أوجه متعددة منها : اشتراط دفع مال للدخول فيها بخلاف السمسرة فإنه لا يشترط فيها ذلك ، وكذلك فإنه ليس المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حوافز شبكي . ولو سُلِّم جدلا بأنها سمسرة فإنها محرمة لاشتمالها على التغرير بالمشتري وتمنيته بالباطل وعدم نصحه وعليه فلا يصحُّ قول من أباحها على أنها سمسرة ، ولعل ذلك لأن المسألة لم تعرض لهم على حقيقتها ، أو لم يتصوَّروها تصوُّرا صحيحا .
وهذا الحكم منسحب في مجمله على كثير من المعاملات الموجودة الآن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الآن .
ومن أراد الاستزادة فليراجع تفاصيل النقاط في الجواب المفصَّل وما يسبقه من قواعد عامة .
الجواب المفصَّل :
قبل تفصيل الإجابة على هذا السؤال وتحقيقاً لأمر توطين النفس على قبول الحكم الشرعي لا بدَّ من التقديم ببعض القواعد الشرعية ونحوها التي تعين المسلم ـ المذعن لحكم الله ـ على التعامل باطمئنان وثقة وانشراح مع هذه المعاملة ومع أمثالها من المعاملات التي تفتقت عنها وستتفتق عنها عقول بعض أصحاب المشروعات التجارية ، لاسيما مع توفر خمسة عوامل رئيسية لانتشار مثل هذه المعاملات . هي :
1- ذيوع وسائل الاتصال والدعاية والإعلان .
2- سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها .
3- تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس ، بسبب الإغراق في الكماليات .
4- وجود أصل غريزة الطمع وحب المال في النفس البشرية .(/3)
5- ضعف التدين وقلة تحرِّي الحلال عند كثير من المسلمين .
وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مع هذه المعاملة وما ظهر وما سيظهر من مثيلاتها ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها :
1- فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على الإنسان في دينه وفي بركة ما عنده من مال وولد فينبغي الحذر والتحرِّي في حلِّ مصادره أشد التحري .
2- اتقاء الأمور المشتبهات ، قاعدة مقررة في الشريعة حتى لو لم يُسلِّم الإنسان بتحريم الأمر المشتبِه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم : ( الحلال بيِّن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) البخاري ( 52 ) مسلم ( 1599 ) .
3- ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه ، وما لا فلا تُتْبعه نفسَك ) رواه البخاري ( 138 ) مرفوعا ، أي لا تجعل نفسك تتعلق بالمال الذي ليس في يدك دفعاً لما يحصل في النفس من حزن وحسرة إذا لم تحصُل عليه . والنهي عن التعلُّق في هذا الحديث ورد في الكلام عن العطية وهي هدية مباحة في أصلها فكيف بالتعلُّق بالأموال المشتبهة ؟ بل كيف بالتعلُّق بالأموال المحرمة ؟ ، فلا بدَّ أن يكون أكثر أثرا سلبيا في النفس وأشد في المنع .
4- ( من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) رواه أحمد وصححه الألباني ، وهذا يعمُّ مَنْ تَرَك الحرام ومن ترك المشتبه فيه .
5- البَرَكة في المال وإن قلَّ أعظم وأولى بالبحث من كثرته من طريق محرم أو مشكوك فيه .
6- على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق في معرفة مقصده من مثل هذه المعاملات هل هو الرغبة في الوصول للمال والسلعة حيلة لإضعاف لوم النفس والناس، أم أن السلعة مقصودة أساسا ؟ وأن يعلم أن ما يخفيه من مقاصده معلوم عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، وأنه سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك .(/4)
7- الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وإخفاء بعض المعلومات عن المفتي لا يبيح الأخذ بفتواه ، ولا يعذر الآخذ بها ما دام يعلم أن المفتي لم تعرض عليه الصورة كاملة ، ولم يطَّلع على حقيقة المسألة .
8- ( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) رواه أحمد ( 17320 ) وقال الألباني في صحيح الترغيب 1734 حسن لغيره .
9- آكِل المال الحرام إذا كان معترفا بوقوعه في الحرمة أخف جرما ممن يأكله مستعملا الخديعة والتدليس والحيل ؛ لأن الثاني قد أضاف إلى أكله للحرام ذنبا آخر وهو مخادعة الله . قال ابن القيم : ( فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون ) إغاثة اللهفان 1/354 .
10- ما ثبت عند الإنسان تحريمه فعليه أن يقطع تعلُّق نفسه به وأسفه إذا فاته ورآه عند الآخرين وليحمد الله على أن سلَّمه ، وليسألْه سبحانه أن يبغِّض إليه الحرام مهما كثُر ويرزقه دوام اجتنابه ، وأن يعينه على مجاهدة نفسه لقطع هذا التعلُّق .
11- أحكام الشرع مبناها على تمام العلم والحكمة . وهي تراعي المصلحة العامة الكلِّية وإن كان فيها ما يُظن أنه إضرار ببعض المصالح الخاصة ، فعلى المسلم أن لا ينظر إلى ما يحصِّله هو من نفع مادي خاص ويُغفل ما ترمي إليه الشريعة من المصلحة الكلية العامة .
أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلاث نقاط :(/5)
أولا : هذه المعاملة بناءً على تكييفها الاقتصادي فيها مشابهة كبيرة بمعاملة ( التسلسل الهرمي ) أو ( التسويق الهرمي ) وإن كانت لا تماثلها من جميع الوجوه ، وأصل معاملات التسويق الهرمي يقوم على بناء نظام حوافز شبكي هرمي ، ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إلا إلى كسب المال بِغضِّ النظر عن حلِّ المصدر وحرمته . وبعرض هذا النظام على نصوص الشريعة وقواعدها يتبين تحريمه من عدة وجوه منها :
1. بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظراً لأنه لا بدَّ لهذا التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي ، وهو آخر من وصل إليهم التسلسل الهرمي ، وهؤلاء خاسرون قطعاً لمصلحة الطبقات الأعلى . ولا يمكن نموُّ الهرم إلا في وجود من يخسر لمصلحة المستويات العليا التي تجني عمولات خيالية ، وآخر طبقتين في كل فرع تكون الأولى منهما كاذبة تُمنِّي التي تليها بالربح ، والطبقة الأخيرة مستغفلة مخدوعة ستشتري ولن تجد من تبيعه ، وقد تقدم ذكر الآيات والأحاديث المشدِّدة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل .
2. بناؤه على الميسر وهو أن يدفع شخص مالاً مقابل أن يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله . وهذا هو واقع من يدخل في مثل هذه المعاملات ، وهذا من أهم وأوضح أسباب التحريم .
3. نظراً لاحتواء معاملات التسلسل الهرمي على تغرير وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعته وحرَّمته الأنظمة الغربية الكافرة ـ إذا كان في صورته الخالية من إدخال سلعة فيها ـ مع كونهم يبيحون الربا والقمار والميسر أصلاً ، وحذَّر عقلاؤهم منه ( انظر الموقع التالي والمواقع العديدة المرتبطة به http://skepdic.com/pyramid.html ) .
وبناء على ما سبق فإن معاملة بزناس التي ورد السؤال عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها للتسلسل الهرمي في أصل الأسباب التي يحرم من أجلها وهي الميسر وأكل المال بالباطل .(/6)
ثانيا : إدخال السلعة في هذه المعاملة لا ينقلها إلى الإباحة ولا يزيل أسباب التحريم بل هو أقرب إلى كونه سبباً في تشديد حرمتها . نظرا لكونه تحيُّلا للوصول إلى تمرير هذه المعاملة والإيهام بكون السلعة مقصودة " وتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة على المفسدة التي حُرِّمَت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله ورسوله " إغاثة اللهفان 1/354
ويظهر عدم تأثير السلعة في إباحة المعاملة من خلال الآتي :
1. أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق لا السلعة بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كانت موجودة قبل هذه الشركة بسنوات ولا تزال ، وبأسعار أقلَّ ! فما الذي جعل التكالب عليها بهذه الكثرة ، ومن هذه الشركة بالذات سوى قصد الدخل المتولد من الاشتراك فيها ؟؟.
2. الاحتجاج بأن المواد نافعة جدا وسهلة ولها تميُّز عن غيرها وتستحق أن يدفع فيها مائة دولار ، على التسليم به في بعض الخدمات إلا أن هذا الكلام مخدوش بأن هذه البرامج غير محفوظة الحقوق في الموقع عن الاستفادة الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يدفع المستفيد الجديد شيئاً ، بل الاشتراك الواحد يمكن أن يستعمله العشرات ويستفيدوا من كل ما في الموقع من خدمات . وهي غير محفوظة الحقوق إلا عن استغلالها من قبل شركات أخرى . فما الدافع لبذل المال فيها إلا الدخول في هذا التسويق الهرمي (الميسر) ؟.
3. وجود شرط ملجئ للدخول في هذا التسويق الهرمي وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر من قيمة مُماثله ؛ من أجل الحصول على العمولة الأكبر واستعمال موقع الشركة في الدعاية والتسويق . فبتأثير الإغراء يدفع الإنسان هذه الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عبر التسويق الذي هو قصده الأول ، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه شرعاً .(/7)
4. ذكر العمولات المغرية نظير التسويق هو دافع الناس للشراء والاشتراك ، بدليل عدم شرائهم ـ غالبا ـ إلا بذكرها . وبدليل إمكانية موافقة البعض على الشراء دون الإطلاع على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليها من حيث الأصل . وواقع الكثيرين من حيث عدم الاستفادة من أكثر البرامج يزيد تأكيد هذا ، بل البعض لم يستعمل شيئا من البرامج أصلا .
5. المبلغ المطلوب للاشتراك (99 دولارا) يوازي في بعض البلاد راتب شهر أو يزيد ، ويمتنع في عادة الناس دفع مثل هذا المبلغ نظير هذه البرامج إلا مع وجود قصد الربح المؤمَّل تحصيلُه ، ومع ذلك يكثر شراؤها بل قد يقترض الإنسان من أجلها .
6. من اشترى من أجل المنتج ( السلعة ) عندما يعلم بأن الشركة تصرِّح بأن ثلاثة أرباع ما دفعه سيُنفق على التسويق بدلا من شركات الإعلان فإن ذلك سيحفِّزه نفسيا للاشتراك في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة على القيمة فيدخل في عملية التسويق ، ثم ينساق وراءها ولا يتوقف عند تعويض خسارته ، بل يواصل العملية .
7. بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة ـ ووصلت عند بعضهم كما حدّث بنفسه إلى مائة مرة !! ـ مع العلم أن الشراء مرة واحدة كفيل باستفادة هذا المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقت ، وهذه الصورة لا يشك أحد في كونها ميسرا ، وفيها دليل واضح على أن قصد هذه المعاملة إنما هو هذا التعامل الميسري .
8. تلزم الشركة المشتركين لاستمرارهم في التسويق واستمرار العمولات المتضاعفة لهم بتجديد الاشتراك سنويا بنفس المبلغ ، زعما بأنها ستضيف خدمات جديدة ، وهذا التجديد ـ على التسليم بحصوله ـ عبارة عن شراء لمجهول بثمن معلوم ؛ إذ هذا المستحدث قد يكون قليلا أو يحوي برامج ليس للمشترك عناية بها ، وهذا الشراء محرّم لما فيه من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤثِّرة .(/8)
9. رجوع الإنسان إلى نفسه لمعرفة نيَّته وقصده من هذه المعاملة يسهِّل عليه إدراك أن المقصد هو الدخول في التسويق الهرمي خاصة مع وجود أكثر ما يحتاجه من البرامج والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقع أخرى ، مع إمكانية تركه لشراء ما لا يحتاجه من البرامج إما لسهولته عليه أو عدم اهتمامه به .
ثالثا : المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لاختلافها عنها في نقاط جوهرية تُغيِّر الحكم وتمنع إلحاقها بها ، ومن ذكر من المفتين أنها سمسرة فإنما أجاب على أسئلة لم يذكر فيها من التفاصيل التي تصوِّر له المسألة تصويراً صحيحاً مما يجعل فتواه غير منطبقة على الواقع ، ومن شروط صحة الحكم بناؤه على تصوُّرٍ صحيحٍ للمسألة ، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يُقلِّد من يعلم أن حكمه مبنيٌّ على تصوير ناقص للمسألة .
ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة :
1. أن السمسرة هي دلالة على سلعة أو منفعة مقصودةٍ لذاتها ستصل في النهاية إلى المستفيد حقيقةً لينتفع بها ، أما عملية التسويق الموجودة في هذه الشركة فهي بيع فرص تسويق على أشخاص ليبيعوها لغيرهم لتصل في النهاية إلى شخص أو أشخاص لا يجدون ما يؤمِّلونه من العقد .
2. أن السمسرة لا يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئاً من المال إذ ليس من مصلحة صاحب السلعة أن يعرقل السمسار بوضع شرط الدفع له أو الشراء منه ، أما هذا التسويق لمن كان قاصدا له فمن شرط الدخول فيه أو الحصول على مِيزاته دفعُ مبلغ ـ ضمن ثمن البرامج ـ ليكون مسوِّقاً ، وتجديد الدفع سنويا للاستمرار في التسويق .
3. السمسار يحرص على البحث عن أكثر الناس حاجة للسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحرص على البحث عن الأقدر على تسويق المعاملة، بِغَضِّ النظر عن حاجته .
4. السمسار لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحتاج إلى أن يستمر في تسويق السلعة حتى يكمل العدد ليحصل على العمولة .(/9)
5. في السمسرة يأخذ السمسار على قدر ما يسوِّقه من السلع ، أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من تُسوَّق لهم السلعة مباشرة أو بالتسبب ويكون بينهما من التفاوت في العمولات فرق كبير جدا بسبب ما يشترطونه من كيفية لاستحقاق العمولة ، وهذا يؤكد أن بناء شبكة التسويق الهرمي هو المقصود أصالةً لا ما يدَّعون من السلع .
وهذه الفروق الخمسة بين المعاملتين تدل على اختلاف حقيقتهما بما يمنع من إباحة معاملة بزناس قياسا على السمسرة ، لاسيما أن في معاملة بزناس أسباب واضحة للتحريم كما سبق .
6. لو فرضنا أنها سمسرة ـ وهذا غير صحيح ـ فإن الحرمة تدخلها من جهة أن هذا المسوِّق لا يمكن أن يُبيِّن لمن يعرض عليه أن هذه السلعة يوجد مثلها في غير هذه الشركة بربع المبلغ أو نصفه ، أو أنه قد لا يحتاج لبعضها ، فضلا عن أن يخبره بإمكان الاستفادة الشخصية الكاملة منها من الموقع عبر رقم المسوِّق الخاص دون التأثير عليه ودون دفع شيء ، ولا بد أن يركِّز معه على ذكر العمولة الكبيرة التي سيحصل عليها إذا اشترى وسوَّق .
7. من جعلها سمسرة وأباحها اشترط أن لا يكون في تسويقها مخادعة أو أن لا يمدحها بما ليس فيها ، وهذا غير متحقق عادة عند كثير من هؤلاء المسوِّقين لما سبق بيانه .
وبهذا التفصيل في الجواب يتبيَّن حرمة هذه المعاملة وحرمة مثيلاتها ، ونصيحتنا في هذا المقام لأصحاب هذه الشركة ومندوبيها أن يتقوا الله في البحث عن مصادر الرزق البعيدة عن الحرمة أو الشبهة ، وأن يتقوا الله في أموال إخوانهم المسلمين قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات والسيئات ، وليس هناك إلا جنة أو نار .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/10)
رقم 40269
زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل:
ما الحكم في زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟.
الجواب:
الحمد لله
إجهاض الحمل لا يجوز ، سواء نفخت فيه الروح أم لا ، غير أنه بعد نفخ الروح فيه تحريمه أشد .
ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ، ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه .
والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ، فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :(/1)
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا اهـ .
وقوله : (غُرَّةٌ عبدٌ أو أمةٌ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبد أو أمة ، ويقدرها العلماء بعشر دية أمه .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
وأما كفارة ذلك ، فحيث إن الحمل في الشهر الثاني أي قبل نفخ الروح فيه ، ولم يتم إسقاطه فلا تجب بذلك كفارة ، وإنما تجب التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40272
هل يأخذ مساعدة من الدولة بعد دفع رشوة للموظف المختص ؟:
أنا شاب من أسرة ضعيفة الحال وقد عرض علي في الآونة الأخيرة مبلغ مالي من جهة ضمانية في الدولة مع العلم أن هذه الدولة التي أنا أحد مواطنيها هي دولة ليست عادلة في توزيع الدخل على مواطنيها وقال لي الموظف المختص إنه يرغب في الحصول على جزء من هذا المبلغ ، وأنبه على حضرتكم أن هذا المبلغ يمثل حلا وحلا جذريا لمشاكلي المالية والمادية من ديون ومستحقات والتزامات عديدة أفيدونا أفادكم الله.
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت الشروط التي وضعتها هذه الجهة الضمانية منطبقة عليك ، وكان وصولك إلى هذا الحق لا يتم إلا بدفع مال إلى الموظف المختص ، فلا حرج عليك في ذلك ، ويكون الإثم على الموظف الذي أخذ ما لا يستحق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فأما إذا أهدى له هدية ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إني لأعطي أحدهم العطية فيخرج بها يتأبطها نارا . قيل : يا رسول الله , فلم تعطيهم ؟ قال : يأبوني إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل " ) انتهى من الفتاوى الكبرى 4/174
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : ( والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك , وأما من يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ، وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز . وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا ) فتاوى السبكي 1/204
ويجب التنبه إلى أنه لا يجوز أخذ المال من هذه الجهة الضمانية ولا غيرها إذا كان قرضاً ربوياً مهما قلت الفوائد المضافة إليه .
راجع السؤال رقم ( 9054 )(/1)
نسأل الله أن يرزقك من فضله ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40283
والداه يرفضان أن يرفع إزاره فهل يطيعهما ؟:
والداي لا يسمحان لي برفع إزاري ، فهل أطيعهما أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أمرنا الله تعالى ببر الوالدين في مواضع كثيرة في كتابه الكريم ، ومنها : قوله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } العنكبوت / 8 .
وأعلى الحقوق وأعظمها هو حق الله تبارك وتعالى ثم من بعده حق المخلوقين ، وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين ، ولهذا يقرن الله تعالى بين حقه وحق الوالدين في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، منها قوله تعالى { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً } الإسراء / 23 .
فطاعة الوالدين واجبة إلا إذا أمروا بمعصية فلا طاعة لهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل ) رواه البخاري ( 4340 ) ومسلم ( 1840 ) وأحمد ( 1098 ) واللفظ له ، وإسبال الإزار من كبائر الذنوب ، فلا طاعة لهما إذا أمرا به ، لكن يمكنك رفع إزارك إلى الحد الأدنى بحيث لا يلامس الكعبين ، فلا تكون عصيت ربك بهذا الفعل ، ولا تكون مخالفاً لرغبة والديك ، إذ ليس شرطاً في تقصير الإزار أن يكون إلى نصف الساق بل يحصل امتثال الشرع أن لا يلامس الإزار الكعبين .
فإن أصرا على إطالة ثوبك إلى ما دون الكعبين فتلطف معهما في العبارة وحاول أن تسايسهم وتداريهم ، ولكن لا تعصي الله من أجلهما في إسبال الثوب .
سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ :
ما حكم الإسبال ؟ وهل يجوز أن أطيع والدي إذا أرادوا مني إسبال ثيابي ؟.
فأجاب :(/1)
الإسبال محرم ، بل هو من كبائر الذنوب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، وذكر الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم المسبل ، فالمسبل عاص لله ومتعد لحدوده ، فواجب عليه أن يتوب إلى الله ، فإنه عوقب بأن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ، وعوقب بتوعده بالنار ، مما يدل على أن الإسبال من كبائر الذنوب مع أن الإسبال لا خير فيه ، ففيه إفساد للملبس وربما سبب تعثر للمسبل في مشيه كما قال عمر رضي الله عنه للشاب الذي رآه مسبلا - وقد عاد عمر في مرض موته - : " يا غلام ارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأطوع لربك " .
وأما طاعة الوالدين : فإن الوالدين لا يطاعان في معصية الله ، فلو أمراك بالإسبال فاعصهما لأن الإسبال من كبائر الذنوب ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
" فتاوى مجلة الدعوة " العدد : ( 1741 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40296
حديث موضوع في فضل قيام الليل ليلة السبت:
هناك حديث يقول : (من صلى ليلة السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد خمس وعشرين مرة ، حرم الله جسده عن النار) . هل هذا الحديث صحيح أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث موضوع ، ذكره الشوكاني رحمه الله في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 44) باللفظ المذكور في السؤال ، وقال : رواه الجوزقاني عن أنس مرفوعاً، وهو موضوع ، ورجال إسناده بين مجهول ومتروك اهـ .
وصلاة الليل مستحبة في جميع الأيام ، ولا يقف الترغيب فيها على هذا الحديث الموضوع .
قال الله تعالى : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة / 16-17 .
وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) سورة الذاريات / 15-18 .
روى الترمذي (3549) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ ) . حسنه الألباني في إرواء الغليل (452) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40299
هل يصلي المسافر قصرا في بيته أم جماعة في المسجد ؟:
إذا أقمت ببلد إقامة مؤقتة أثناء سفري فهل الأفضل أن أقصر الصلاة في بيتي أو أصليها جماعة في المسجد تامة ؟.
الجواب:
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة لا يجوز لمسلم تركها إلا لعذر ، وقد سبق ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة .
راجع السؤال رقم ( 8918 ) .
وعلى هذا ، فعليك أداء الصلاة جماعة في المسجد ، وإذا كان الإمام مقيماً (غير مسافر) فإنك تصلي معه الصلاة تامة غير مقصورة .
سئل الشيخ ابن باز : إذا سافر الإنسان إلى جدة مثلا ، فهل يحق له أن يصلي ويقصر أم لا بد أن يصلي مع الجماعة في المسجد ؟
فأجاب :
"إذا كان المسافر في الطريق فلا بأس ، أما إذا وصل البلد فلا يصلي وحده ، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم ، أما في الطريق إذا كان وحده وحضرت الصلاة فلا بأس أن يصلي في السفر وحده ويقصر الرباعية اثنتين" اهـ .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (12/297)
وسئل الشيخ ابن عثيمين متى وكيف تكون صلاة المسافر ؟
فأجاب :
"صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه , لقول عائشة رضي الله عنها : ( الصلاة أول ما فرضت ركعتين , فأقرت صلاة السفر , وأتمت صلاة الحضر) . رواه البخاري (1090) ومسلم(685) وفي رواية (وزيد في صلاة الحضر) .
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ) رواه البخاري (1081) ومسلم (693)(/1)
لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها, أم فاته شيء منها لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة , وعليكم السكينة والوقار, ولا تسرعوا, فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا ) . رواه البخاري (636) مسلم (602) . فعموم قوله : ( ما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا ) يشمل المسافرين الذين يصلون وراء الإمام الذي يصلي أربعاً وغيرهم .
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد , وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟! فقال : تلك السنة . رواه مسلم (688) وأحمد (1865)
ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر ؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ) النساء/102 . وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيداً أو يخاف فوت رفقته, لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة " اهـ .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/252)
وسئل أيضاً :
إذا كنت في سفر وسمعت النداء للصلاة فهل يجب علي أن أصلي في المسجد , ولو صليت في مكان إقامتي فهل في ذلك شيء ؟ إذا كانت مدة السفر أكثر من أربعة أيام متواصلة فهل أقصر الصلاة أم أتمها ؟(/2)
فأجاب قائلاً : إذا سمعت الأذان وأنت في محل الإقامة وجب عليك أن تحضر إلى المسجد , لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال للرجل الذي استأذنه في ترك الجماعة : ( أتسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب ) رواه مسلم (653) . وقال عليه الصلاة والسلام : ( من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر ) رواه الترمذي (217) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وليس هناك دليل يدل على تخصيص المسافر من هذا الحكم إلا إذا كان في ذهابك للمسجد تفويت مصلحة لك في السفر مثل أن تكون محتاجاً إلى الراحة والنوم فتريد أن تصلي في مقر إقامتك من أجل أن تنام , أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن يتأخر الإمام في الإقامة وأنت تريد أن تسافر وتخشى من فوات الرحلة عليك , وما أشبه ذلك .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/422) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40329
هل يجب على المرأة نقض شعر رأسها لغسل الجنابة ؟:
شعر رأسي طويل جدّاً ، وبعد كل مرة يحصل فيها جماع فأنا أغتسل غسلاً كاملاً ، فهل أغسل شعر رأسي كل مرة - لأني أجد صعوبة في ذلك خاصة إذا حدث ذلك في أيام متتابعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجب على المرأة أن تنقض شعر رأسها إن هي اغتسلت للجنابة ، ويجب مع هذا أن توصل الماء لجميع بدنها بما فيه شعرها وأصوله .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
بعض النساء لدينا يمشطن شعورهن - أي : يضفرنها - وعندما يغتسلن من الجنابة لا تفك المرأة ضفائرها ، فهل يصح غسلها ؟ مع العلم أن الماء لم يصل إلى كل منابت شعرها . أفيدونا أفادكم الله .
فأجاب :
إذا أفاضت المرأة على رأسها كفى ؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت : إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
فإذا حثت المرأة على رأسها الماء ثلاث حثيات كفاها ذلك ولا حاجة إلى نقضه ؛ لهذا الحديث الصحيح .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 182 ) .
وقال الشيخ ابن باز أيضاً :
أما الطهارة الكبرى : فلا بد أن تفيض عليه الماء ثلاث مرات ، ولا يكفي المسح ؛ لما ثبت في صحيح مسلم . . . ثم ذكر حديث أم سلمة المتقدم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 161 ) .
قال ابن القيم في " تهذيب السنن" :(/1)
حَدِيث أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَة أَنَّ تَنْقُض شَعْرهَا لِغُسْلِ الْجَنَابَة , وَهَذَا اِتِّفَاق مِنْ أَهْل الْعِلْم , إِلا مَا يُحْكَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالا تَنْقُضهُ , وَلا يُعْلَم لَهُمَا مُوَافِق . انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر ، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم : " تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا ، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً - أي : قطعة قماش فيها مسك - فَتَطَهَّرُ بِهَا ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ : وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا ؟ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! تَطَهَّرِينَ بِهَا ! فَقَالَتْ عَائِشَةُ لها : تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ . رواه البخاري ومسلم .
ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى ألا يصل الماء إلى أصوله، لما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها . . . ثم ذكر الحديث المتقدم.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 11 / 318 ، 319 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 34776 ) و ( 27065 ) و ( 9755 ) و ( 2648 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40336
العمل في شركة التأمين:
التأمين علي الحياة حلال أم حرام ؟ وحكم العاملين في شركات التأمين علي الحياة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
التأمين على الحياة من أنواع التأمين التجاري ، وهو محرم ؛ لما فيه من الجهالة والربا والميسر ، وأكل المال بالباطل . والعمل في شركات التأمين التجاري لا يجوز ؛ لأنه من التعاون على الإثم ، وقد نهى الله عن ذلك بقوله سبحانه : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة / 2 .
راجع السؤال رقم ( 8889 )
ثانياً :
الأجور والأموال التي اكتسبتها من العمل في تلك الشركة قبل علمك بالتحريم لا بأس من الانتفاع بها لقول الله تعالى : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة / 275 .
وأما ما أخذته من الشركة من أموال بعد علمك بالتحريم فعليك أن تتخلص منه لأنه مال محرم ، وتنفقه في أوجه الخير والبر .
راجع السؤال رقم ( 33852 ) و ( 2492 )
انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 15/8
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40356
اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده فهل يكون متمتعاً؟:
برجاء الإفادة في عمل عمرة في أشهر الحج مع نية الحج في نفس العام ، هل بالضرورة عند رجوعنا للحج أن نكون متمتعين وعلينا هدى أم لا ؟ مع العلم أننا ننوي الحج مفردين ، وإقامتنا في المدينة النبوية .
الجواب:
الحمد لله
المتمتع هو من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أحرم بالحج من عامه .
ومن شرط التمتع ألا يسافر من مكة بعد العمرة إلى بلده ، فإن سافر إلى بلده ثم رجع بالحج مفرداً فهو مفرد ، ولا يكون متمتعاً ، ولا يلزمه هدي ، لأنه أنشأ للحج سفراً جديداً ، وإذا أراد هذا الحاج أن يكون متمتعاً فإنه يحرم بعمرة من الميقات في سفره الثاني للحج .
أما إذا سافر من مكة بعد العمرة إلى غير بلده كما لو سافر إلى جدة ثم رجع محرماً بالحج ، فهو متمتع ، وسفره إلى جدة لا يبطل تمتعه ، لأنه لم يسافر إلى أهله .
سئل الشيخ ابن باز عن رجل أدى العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ، ثم عاد إلى مكة بنية الحج مفرداً ، هل يكون متمتعاً ويجب عليه الهدي .
فأجاب :(/1)
إذا أدى الإنسان العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع ، وليس عليه هدي ، لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً ، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وهو قول الجمهور ، والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً ، وأن عليه الهدي ، لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ، أما الجمهور فيقولون : إذا رجع إلى أهله ، وبعضهم يقول : إذا سافر مسافة قصر ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتع ، والأظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع ، ولا دم عليه ، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف وهو ليس من أهلهما ثم أحرم بالحج فهذا متمتع ، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً ، لأنه جاء لأدائهما جميعاً ، وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة ، وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح فعليه هدي التمتع ، ويسعى للحج كما سعى لعمرته اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (17/96).
وفي فتاوى الشيخ ابن باز أيضاً (17/98) :
وإن رجع محرماً بالعمرة - يعني في سفره الثاني- وحل منها ثم أقام حتى يحج فهذا متمتع ، وعمرته الأولى لا تجعله متمتعاً عند الجمهور ، ولكن صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة التي أداها ثم بقي في مكة حتى حج اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد ، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله ، فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداً ، فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذ ، لكن لو فعل ذلك تحيلاً على إسقاط الهدي فإنه لا يسقط ، لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يقتضي إسقاطه ، كما أن التحيل على المحرم لا يقتضي حله اهـ فتاوى أركان الإسلام (ص 524) .(/2)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40389
هل يبدأ بالست من شوال قبل القضاء إذا كان باقي الأيام لا يكفي:
هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطر من رمضان إذا كان ما تبقى من الشهر لا يكفي لصومهما معا ؟.
الجواب:
الحمد لله
صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح ، ويدل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، رواه مسلم (1164)
فقوله " ثم " حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، فيدل على أنه لا بد من إتمام صيام رمضان أولا ( أداءً وقضاءً ) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى يتحقق الأجر الوارد في الحديث .
ولأن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه : صام بعض رمضان ، ولا يقال صام رمضان .
لكن إذا حصل للإنسان عذر منعه من صيام ست من شوال في شوال بسبب القضاء ، كأن تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان ، فإن لها أن تصوم ستا من شوال في ذي القعدة ، لأنها معذورة ، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان ، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا عذر فلا يحصل له هذا الأجر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست ؟(/1)
فأجاب بقوله : " إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء ، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال ، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان ، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة ، ويكون لها أجر من صامها في شوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو ( أي صيامها للست في شوال) متعذر ، فصار لها الأجر . " انتهى مجموع الفتاوى 20/19 ، راجع الأسئلة ( 4082 ) ، ( 7863 )
يضاف إلى ذلك أن القضاء واجب في ذمة من أفطر لعذر بل هو جزء من هذا الركن من أركان الإسلام وعليه فتكون المبادرة إلى القيام به وإبراء الذمة منه مقدمة على فعل المستحب من حيث العموم . راجع السؤال ( 23429 ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40405
عندها إشكالات في حق المرأة في الإسلام:
أنا في حيرة من أمري ، فقد عشت سنين عمري أتعامل وأعامل على كوني إنساناً قبل أن أصنف إلى كوني أنثى [ وأمة ] الله قدر استطاعتي ، ومن هذا المنطلق أن مَن عمل خيراً من ذكر أو أنثى فله أجره ، ومن عمل إثما فعليه وزره ، ولكن بعد زواجي فوجئت بأحكام تخرجني من نطاق الإنسانية لأكون مجرد متاع للرجل ، فمثلا تلعنني الملائكة إن امتنعت عنه تحت أي ظرف ، في حين أنه ليس عليه أي وزر إن هو امتنع عن جماع زوجته ولو من باب الإضرار بها ، فهو له أجر صدقة إن جامعها وهو مستمتع بها وهي ليس لها أجر وإن لبَّت وهي كارهة ، وإذا أغضبني وأهانني أمام الناس وامتهن كرامتي يجب عليَّ مصالحته واسترضاؤه وإلا لعنتني الملائكة ، وأنا طبعاً لا يحق لي مخالفته في رأي ومراجعته ولا يغفر لي أي قدر من الانفعال ، كما أنكم أفتيتم بأن ثواب صلاة الجماعة هو خاص بالرجال من دون النساء فهل هذا ما شرعه الله لنا ؟ هل هذا هو قدر المرأة المسلمة إذا أحسنت وأدت ما عليها ؟ فإن هي تجنبت الإثم فليس لها أي فضل وإن أخلت كانت من الملعونين المطرودين من رحمة الله أنا وإبليس اللعين سواء .
أرجو الاهتمام بهذا السؤال لأنني أفتن في ديني ، وإن كان هذا هو شرع الله فسمعا وطاعة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الجواب:
الحمد لله
لم نزل متعجبين مما ورد في سؤال الأخت من ظنها ما ليس من دين الله منسوباً إليه ، واعتقادها لأحكام لم ينزل الله بها سلطاناً ، ومن ذلك قولها " ولكن بعد زواجي فوجئت بأحكام تخرجني من نطاق الإنسانية لأكون مجرد متاع للرجل " ! .
وسنرتب الكلام معها من خلال هذه النقاط :
أولاً :
أكرم الله تبارك وتعالى المرأة غاية الإكرام ، فقد أكرمها بنتاً وأمّاً وزوجة ، وجعل لها من الحقوق والفضل ووجوب البر ما ليس للرجل في كثير من الأحيان .(/1)
ولم ينزع الإسلام عنها إنسانيتها ، بل أعطاها حقها ورفع لها قدرها ، وقد كانت متاعاً وسلعة قبل أن يكرم الله الناس بالإسلام ، فقد كانت تورث كما يورث المتاع ، وكانت تُعلَّق فلا هي بالزوجة ولا هي بالمطلقة ، وكانت تمكث سنة كاملة بعد وفاة زوجها لا تمس ماء ولا تخرج من بيتها حتى إن الطير والبهيمة ليموتان من شمهما رائحتها ! وكانت تُحرَم من الميراث ، فضلاً عن وأدها وهي حيَّة ، وغير ذلك كثير .
فجاء الإسلام وحرَّم الوأد وجعله قتلاً للنفس وهو من كبائر الذنوب ، وحرَّم تعليقها بيمين أو تحريمها بظهار ، وأعطاها نصيبها من الميراث ، وجعل عدتها من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشراً تغتسل وتلبس الثياب وترى النساء والمحارم ، وأجاز لها البيع والشراء والتملك ، ورغَّبها في العلم والدعوة إلى الله تعالى ، وأمر بإكرامها زوجة ، وببرها أمّاً بل جعل حقها في البر ثلاثة أضعاف الأب ، وغير ذلك كثير ، وليس هذا مجال بسط ذلك ، إنما أردنا التنبيه والتذكير ، ويمكن مراجعة جواب السؤال رقم ( 21010 ) لترى المزيد .
ثانياً :
قالت الأخت السائلة : " فمثلا تلعنني الملائكة إن امتنعت عنه تحت أي ظرف " !
وهذا ليس بصحيح ، بل لا تلعن الملائكة الزوجة الممتنعة عن فراش زوجها إلا أن تكون غير معذورة ، فإن كانت معذورة بمرض أو حيض أو نفاس أو صوم واجب : فإنها لا تُلعن ، بل يأثم زوجها الذي يدعوها ويصر على دعوتها أو يكرهها وهو يعلم حالها .
وقد ورد في جواب السؤال ( 33597 ) في الموقع :
ليس للمرأة أن تمنع نفسها من زوجها ، بل يجب عليها أن تلبي طلبه كلما دعاها ما لم يضرها أو يشغلها عن واجب .
وفي سؤال رقم ( 9602 ) ورد :
قال ابن حزم :
وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا أو مريضة تتأذى بالجماع أو صائمة فرض فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة .
" المحلى " ( 10 / 40 ) .(/2)
وهذا اللعن مقيّد بما إذا بات غضباناً عليها ، أما إذا دعاها فأبت عليه ، ثم تنازل عن حقه فإنها لا يلحقها لعن .
ثالثاً :
وقالت الأخت السائلة : " في حين أنه ليس عليه أي وزر إن هو امتنع عن جماع زوجته ولو من باب الإضرار بها " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، فقد حرَّم الإسلام الإضرار بالآخرين ومنه إضرار الزوج بزوجته بمنعها من إرضاع ولدها أو بمنعها من حقها في الجماع والاستمتاع .
وقد ورد في جواب ( 10680 ) - في سياق بيان حقوق الزوجة على زوجها - :
عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فلأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438 ) .
وقد ورد في جواب السؤال ( 5971 ) :
لا يجوز للرجل أن يهجر امرأته إضراراً بها إلا إذا ظهر منها النشوز والعصيان ، ولكن لا يأثم إذا ترك الاضطجاع معها غير مُضارٍّ بها لأن الحاجة له وترجع إلى شهوته ولا يملك إثارة الشهوة فإن هجرها فهو آثم بذلك لأنه لا ضرر ولا ضرار ، والله أعلم .
رابعاً :
قالت الأخت السائلة : " ، فهو له أجر صدقة إن جامعها وهو مستمتع بها وهي ليس لها أجر وإن لبَّت وهي كارهة " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، بل تؤجر الزوجة على الجماع من وجهين :(/3)
الأول : من كونها شقيقة الرجل في الأحكام والأجور ، إلا ما استثناه النص ، قال تعالى : ( فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) أل عمران / 195 .
الثاني : أنها سبب أجر الزوج ، ومن كان سبباً في ثواب غيره : شاركه في الأجر دون أن ينقص من أجره شيء .
وعن أبي ذر أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بُضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر . رواه مسلم ( 1006 ) .
ومعنى البُضع : الجماع
فالزوجة مأجورة كما هو حال زوجها ، كما أنها تأثم على شهوتها لو وضعتها في الحرام كما هو حال زوجها .
قال النووي :
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة )(/4)
فِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَات تَصِير طَاعَات بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَات , فَالْجِمَاع يَكُون عِبَادَة إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاء حَقّ الزَّوْجَة وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ , أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ , أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَاف الزَّوْجَة وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنْ النَّظَر إِلَى حَرَام , أَوْ الْفِكْر فِيهِ , أَوْ الْهَمّ بِهِ , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِد الصَّالِحَة اهـ .
خامساً :
قالت الأخت السائلة : " وإذا أغضبني وأهانني أمام الناس وامتهن كرامتي يجب عليَّ مصالحته واسترضاؤه وإلا لعنتني الملائكة " !
وهذا ليس بصحيح ، فأما اللعن فإنما هو في امتناع الزوجة عن فراش زوجها من غير عذر مع مبيت زوجها وهو عليها غضبان – كما سبق بيانه - .
وأما إهانة الزوج لها وامتهان كرامتها : فهو آثم على فعله هذا ولا شك ، وقد أجاز لها الشرع أن تستوفي حقها بالرد عليه بقدر ظلمه لها .
قال تعالى : ( ولمن انتصر بعض ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) أي ليس عليهم إثم .
ولفظ ( مَنْ ) هنا عام فتدخل فيه المرأة أيضاً .
أو أن تصبر على قوله وظلمه وتحتسب الأجر عند الله لتأخذ الثواب الأكمل والأفضل والأعلى .
والواجب عليه : هو أن يصالحها ويسترضيها لا العكس ، فالذي ظلم هو الذي يجب عليه لتمام توبته أن يُرضي المظلوم بالاعتذار والكلام الحسن .
سادساً :
قالت الأخت الفاضلة : " وأنا طبعاً لا يحق لي مخالفته في رأي ومراجعته ولا يغفر لي أي قدر من الانفعال " !(/5)
وهذا ليس بصحيح ، فيجوز للمرأة أن تراجع زوجها وأن تخالفه في الرأي ، لكن ليس لها أن تمتنع عما يأمرها به – وإن كانت مخالفة له – إذا لم يأمرها بمعصية ، فلا طاعة لأحد في معصية الخالق ، وهذا إنما هو من منطلق القوامة الذي جعله الله تعالى للزوج في مقابل ما أوجب عليه من نفقة وحماية ورعاية ، قال تعالى : ( الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء
وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أن نساءهم كنَّ يراجعنهم في الأمر ، بل كان هذا فعل أمهات المؤمنين مع نبينا عليه الصلاة والسلام ، كما قال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم " وكنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار ، فصخبتُ على امرأتي ( أي : غضبت ) فراجعتني فأنكرتُ أن تراجعني قالت : ولم تنكر أن أراجعك ؟ فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ... " – رواه البخاري ( 4895 ) ومسلم ( 1479 ) .
قال الحافظ ابن حجر – في سياق فوائد الحديث - :
وفيه : أن شدة الوطأة على النساء مذموم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بسيرة الأنصار في نسائهم ، وترك سيرة قومه .
" فتح الباري " ( 9 / 291 ) .
أما ما ذكرته الأخت من أنه لا يغفر لها أي قدر من الانفعال ، فهذا لا يصح على إطلاقه إذ من الانفعالات ما لا يحاسب عليه الإنسان إذا لم يتكلم به أو يعمل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا ) ومنها ما لا يكون بقصد الإنسان التام إما بسبب شدة غضب أو نحوه مما هو خارج عن طاقة الإنسان ، وقد ورد في آخر سورة البقرة دعاء المؤمنين : ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) البقرة ، وثبت في السنة أن الله تعالى قد أجاب هذا الدعاء بقوله : ( قد فعلت ) .
سابعاً :(/6)
قالت الأخت السائلة : " كما أنكم أفتيتم بأن ثواب صلاة الجماعة هو خاص بالرجال من دون النساء " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، بل الذي قلنا – بناء على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم – أن أجر السبع وعشرين درجة خاص بالرجال لأنهم هم المخاطَبون بصلاة الجماعة دون النساء ، وصلاة الجماعة للنساء مستحبة ، ولكن لا تجزم بأنه لها أجر السبع وعشرين درجة ، ويجوز للمرأة أن تشهد الصلاة في المسجد ، ولا يحل للرجل أن يمنعها من الذهاب ، فإن ذهبت وصلَّت معهم : شاركتهم في أجر صلاة الجماعة .
ومع هذا فبناءً على الأحاديث الصحيحة فإنها لو صلَّت في بيتها : لأخذت ما هو أفضل من أجر صلاتها جماعة في المسجد .
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن " .
رواه أبو داود ( 567 ) وأحمد – واللفظ له - ( 5445 ) .
قال عبد العظيم آبادي :
" وبيوتهن خير لهن " : أي : صلاتهن في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في المساجد لو علمن ذلك , لكنهن لم يعلمن فيسألن الخروج إلى المساجد ويعتقدن أن أجرهن في المساجد أكثر . ووجه كون صلاتهن في البيوت أفضل : الأمن من الفتنة , ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة .
" عون المعبود " ( 2 / 193 ) .
ثامناً :
قالت الأخت السائلة : " هل هذا هو قدر المرأة المسلمة إذا أحسنت وأدت ما عليها ؟ فإن هي تجنبت الإثم فليس لها أي فضل وإن أخلت كانت من الملعونين المطرودين من رحمة الله أنا وإبليس اللعين سواء " !
وهذا من سوء الظن بالله ، وكلامكِ ليس بصحيح اطلاقاً .
قال الله تعالى : { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل / 97 .(/7)
وقال تعالى : { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب } آل عمران / 195 .
وقال تعالى : { إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماً } الأحزاب / 35 .
وأما ذكرته الأخت من أنها إذا أخلت كانت هي وإبليس سواء فهذا تشنيع لا محل له هنا ، وتشبيه غير مقبول إذ لعنة الله لإبليس اللعنة الأبدية التي لا تقبل فيها أي توبة ، لا تقارن بما يكون من اللعن في حق من كان مسلماً موحداً لله مذعناً له ووقع في بعض الكبائر .
وفي هذا القدر من الآيات البينات والكلام كفاية في بيان خطأ قولكِ ، ونسأل الله تعالى أن يفقهك في الدين ، وأن يثبتك على الخير والهدى .
كما لا يفوتنا في نهاية هذه الإجابة أن نحمد لهذه الأخت السائلة صراحتها في السؤال عما يقذفه الشيطان في قلبها من الإشكالات عن الأمور الشرعية التي لو كتمتها في نفسها لربما أفسدت عليها دينها وأورثتها من الوساوس ما يُنغص عليها عيشها ، وبمثل هذا السؤال يزول الإشكال ويندفع عن النفس الشك .
وإن كان ينبغي في طرح مثل هذه الأسئلة أن يكون بأسلوب أكثر ملائمة للسؤال عن حكمة الله في تشريعاته ، وأن يبتعد السائل عن كل ما يُشعر بروح الاعتراض على الحكم إذا عقول البشر تقصر عن إدراك عظيم حكمة الله وواسع فضله على خلقه .
ومما يحمد أيضاً للأخت السائلة رضاها وتسليمها بشرع الله ، وذلك في قولها ( وإن كان هذا هو شرع الله فسمعاً وطاعة ) ، وهكذا يجب أن يكون المؤمن .(/8)
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه ، وأن يلهمنا رشدنا .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/9)
رقم 40410
يريد أن يوقف مالاً لمن ليس له ذرية من المسلمين:
هل يصح أن أوقف جزءاً من المال لمن ليس له ذرية من أموات المسلمين ؟.
الجواب:
الحمد لله
" إذا قصدت إهداء أجر هذا الوقف لمن مات من المسلمين وليس له ذرية فلا بأس إن شاء " اهـ .
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40461
عليه كفارات يمين عديدة ، ولا يعرف كيف يتصرف:
عليّ كفارات يمين عديدة ، ولما أردت أن أكفِّر عنها لم أعرف كيف أتصرف ؟ فلا يوجد المسكين ولا الفقير ، فهل يجوز أن أكفِّر بنقود ؟ وكم أعطي كل فقير ، وهل يجوز أن أعطيها إلى لجان التبرعات للمجاهدين ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
كفارة اليمين : عتق رقبة مؤمنة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام ، والأصل في ذلك قوله تعالى : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) المائدة/89
ثانياً :
الأيمان إذا تعددت قبل الحنث – والمحلوف عليه واحد – فلا يجب إلا كفارة واحدة ، وأما إذا تعددت الأيمان والمحلوف عليه متغير ، وجب عن كل يمين كفارة خاصة به .
ثالثاً :
تصرف كفارة اليمين للمساكين كما ذكره الله جل وعلا ، ولا مانع من صرفها للمجاهدين في سبيل الله ، لأن الله ذكرهم من مصارف الزكاة ، وبخاصة إذا لم يوجد من الفقراء والمساكين من تصرف له .
رابعاً :
لا يجوز إخراج النقود عن كفارة اليمين ، لأنه خلاف النص الذي ذكره الله ، وما كان ربك نسيَّاً ، فلم يذكر أن النقود تصرف بدلاً عن الكفارة المنصوصة .
من فتاوى اللجنة الدائمة (23/27) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40512
أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها ؟:
كنت في الطائف وقررت أن أذهب إلى مكة لقضاء بعض الأيام هناك ، وفي اليوم المحدد فكرت في الإحرام للعمرة ، وبالفعل اغتسلت وقلت : " لبيك اللهم بعمرة لبيك اللهم لبيك " ثم قبل مغادرة المنزل طرأ لي ما جعلني أؤجل فكرة العمرة ، وحيث إني امرأة فإنه لا يتغير كثير من حالي حين الإحرام ، لذلك نسيت أني قد نطقت بالتلبية ، فنزلت مكة ولم أعتمر ، وقضيت هناك أياماً ثم رجعت إلى الطائف ليوم واحد ومنها أحرمت للعمرة ونزلت مكة واعتمرت ( ولم أتذكر أنني قد لبيت المرة الأولى إلا عندما لبيت عند الميقات في المرة الثانية ) ، فماذا عليَّ في ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على كل من أحرم بالعمرة والحج أن يتم نسكهما وإن كانا نفليْن ؛ لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، ومن نوى الإحرام وترك تتمة النسك لغير عذر شرعي وقع في المحظور .
قال علماء اللجنة الدائمة :(/1)
إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة ، وإن شاء ترك ذلك ، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام ، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه ، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي ؛ لقول الله سبحانه : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، وبهذا يتضح لك : أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك ، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه ؛ للآية الكريمة المذكورة ، إلا أن يكون قد اشترط ، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت : يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية ، قال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " متفق على صحته . فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 166 ، 167 ) .
وبناء على هذا ، فإن العمرة التي أديتها تقع عن العمرة التي أحرمت بها أولاً .
وأما محظورات الإحرام التي فعلتيها في تلك الأيام فإنها معفو عنها .
لأن الظاهر أنك كنت لا تعلمين تحريم فسخ نية العمرة بعد عقدها .
وقد سبق في إجابة السؤال ( 36522 ) أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أنه لا شيء عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة أحرمت بالعمرة ثم فسخت العمرة واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام ؟(/2)
فأجاب : هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت ، وعمرتها صحيحة لأنها وإن فسخت العمرة فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج ، والحج له خصائص عجيبة لا تكون في غيره ، فالحج إذا نويت إبطاله لم يبطل ، وغيره من العبادات إذا نويت إبطال بطل ، فلو أن الإنسان وهو صائم نوى إبطال صومه بطل صومه ، ولو أن المتوضئ أثناء وضوئه نوى إبطال الوضوء بطل الوضوء .
لو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها لم تبطل ، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج لم يبطل .
ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .
وعلى هذا نقول : إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية إلى أن أتمت العمرة ، ويكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .
وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه . اهـ من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40520
إيلاج الاصبع في الدبر:
هل يجوز للرجل مداعبة زوجته في دبرها بأصابعه ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) البقرة /187 .
وأما مداعبة الزوج لزوجته فهو واحد من أمرين :
إما أن يكون ذلك عن طريق ملامسة حلقة الدبر ، وإما أن يكون عن طريق إيلاج الإصبع في الاست .
فأما عن الملامسة لحلقة الدبر بالإصبع فلا حرج في ذلك ، ولكن البعد عن ذلك أولى لعدم الانسياق لما وراءه .
وأما عن إيلاج الإصبع في الدبر فيمنع ، وذلك لأمور :
1- الدبر هو محل النجاسة المغلظة .
2- من علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ، وكذلك إدخال الاصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة .
3- إن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة ، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم ، وتبلدت أذواقهم ، وجعلوا كل همهم إشباع شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا طهارة . فأراهم هواهم حسناً ما ليس بالحسن .(/1)
4- إن استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما هو أشنع وهو الوطء في الدبر، وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما يزينه له فإنه يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف ، ثم الانتقال به شيئاً فشيئاً حتى يوبقه ويقع في اللوطية الصغرى ( وطء المرأة في دبرها ) ، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال : " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " مسلم (4094)
5- إن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى عن غيره ، ولم ينه الله تعالى عن شيء إلا وفيه ضرر .
وليعلم السائل أنه من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا ( الوطء في الدبر ) حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .(/2)
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر / 19 ، وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .
انظر سؤال رقم ( 36722 ) .
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40525
استئذان الزوج في الحج:
هل يجوز للمرأة أن تحج ولو لم يأذن لها زوجها ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الحج فريضة عليها ومنعها زوجها منه فإنها تحج ولو لم يأذن زوجها ، ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من حج الفريضة ، أما إذا كان نافلة فإنها لا تحج إلا إذا أذن لها زوجها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/35) :
" وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام . وبهذا قال النخعي , وإسحاق , وأبو ثور , وأصحاب الرأي , وهو الصحيح من قولي الشافعي ، لأنه فرض , فلم يكن له منعها منه , كصوم رمضان , والصلوات الخمس . ويستحب أن تستأذنه في ذلك . نص عليه أحمد . فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه . فأما حج التطوع , فله منعها منه .
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها من الخروج إلى الحج التطوع . وذلك لأن حق الزوج واجب , فليس لها تفويته بما ليس بواجب " انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا منع الزوج زوجته فهل يأثم ؟
فأجاب :
" نعم ، يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه ، فهو آثم ، يعنى لو قالت : هذا مَحْرَمٌ ، هذا أخي يحج بي ، وأنا عندي نفقة ، ولا أريد منك قرشاً ، وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها ، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن ، إلا أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/115) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 40527
ممارسة رياضة كمال الأجسام:
ما حكم رياضة كمال الأجسام في الإسلام ؟ هل يجوز لنا أن نجعل أجسامنا ذات بنية كالمصارعين مادمنا لا نريها لأحد ونستفيد منها ؟.
الجواب:
الحمد لله
رياضة كمال الأجسام أو بناء الأجسام تهدف إلى إعداد الجسم القوي الصحيح ، وهو هدف مطلوب مرغوب فيه .
وقد اهتم الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً ، وشجع على أنواع من الرياضة يبنى بها الجسم ، وتحفظ بها الصحة، ويحصل بها الترويح والترفيه، كالسباحة ، والرماية ، وركوب الخيل ، والمبارزة ، والمصارعة.
إلا أن الإسلام عندما يقبل بالرياضة ويدعو لمزاولتها ، لا يجعلها غاية في نفسها، بل اعتبرها وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين ؛ إيماناً منه بأن القوة من أهم أسباب النصر والتمكين في مواجهة التحديات وفي تعبيد العقبات التي تقف في وجه الإسلام .
فإذا كان الغرض من الرياضة هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء فريضة الجهاد قادراً على إعلاء كلمة الله فالرياضة مطلوبة . قال تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " الأنفال/60 . وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) . رواه مسلم (6774) .
وإذا كان الغرض هو الترويح عن النفس ، والمحافظة على الصحة ، كانت الرياضة مباحة .
وإذا اشتملت على محرم كتضييع الصلاة ، أو كشف العورات أو اختلاط بالنساء ونحو ذلك كانت حراماً .
وقد دأب المشتغلون برياضة كمال الأجسام على كشف عوراتهم أثناء ممارسة اللعبة ، وهذا محرم من غير شك ، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، ولا يجوز له كشفها أمام غير زوجته ، كما لا يجوز له أن ينظر إلى عورة غيره .(/1)
والأصل في ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ما بين السرة والركبة عورة " . قال الألباني في "إرواء الغليل" (271) : حديث حسن .
فإن خلت الرياضة من هذه المحاذير فلا حرج في ممارستها .
وينبغي التنبه إلى أمرين :
الأول :
أن بعض من يتجه لمثل هذه الرياضة إنما يدفعه إلى ذلك إعجابه بالنفس ومحبته للتكبر والافتخار والاستطالة على الناس بحسن جسمه وقوة عضلاته . . . ودوافع أخرى سيئة ، وبعضها أقبح من بعض . والواجب على المؤمن التنزه عن ذلك وأن يتحلى بحسن الخلق والتواضع والعدل .
الثاني :
أن المبالغة والغلو في تحسين الجسم والاهتمام به ليست أمرا محموداً ، وإنما يحمد من ذلك ما يحفظ على المسلم صحته ، ويعينه على إقامة الدين والجهاد في سبيل الله وأداء العبادات التي تحتاج إلى قوة جسمية كالحج .
وأما الزيادة والغلو في ذلك فإن الغالب أنه يشغل المسلم عما هو أهم ، كما هو واقع من يمارس كثيرا من أنواع الرياضة الآن ، فإنك تراه يتدرب يومياً الساعات الطوال .
وماذا يستفيد المسلم إذا كان جسمه قوياً مفتول العضلات ، كالثور وقلبه خاوٍ من الإيمان ومن كل فضيلة ؟!
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه خيرنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة .
راجع السؤال رقم (22963) .
هذا وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40618
هل تكشف وجهها أمام زوج أختها ؟:
زوج أختي ينام عندنا في البيت أحيانا ويبقى أحيانا طوال النهار ، ولا أستطيع أن أغطي وجهي أمامه ، فهل أنا آثمة بهذا ؟ وما هو الحل ؟.
الجواب:
الحمد لله
زوج الأخت أجنبي عنكِ ، والواجب عليكِ تغطية وجهكِ عنه ، وعدم الخلوة به ، وكذلك هو يحرم عليه أن ينظر إليكِ ويخلو بكِ ، وللأسف يتهاون الناس في بيوتهم مع أقارب الزوج وأقارب الزوجة ، مع أن الشرع شدَّد في جهتهم أكثر من غيرهم لوجود الخلطة في البيوت معهم ، وثقة أهل البيت بهم .
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
والحمو : هو قريب الزوج .
وأنت تلاحظ أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من الحكم فجاء التشديد من جهته ، لأن دخوله البيت لا يُستغرب .
قال النووي :
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... وقال ابن الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب , كما يقال : الأسد الموت , أي لقاؤه مثل الموت ، وقال القاضي : معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ .(/1)
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
فننصح السائلة وغيرها بتقوى الله عز وجل والحرص على الحجاب أما الرجال الأجانب .
وللأهمية تُراجع الأسئلة ( 13728 ) و ( 6408 ) و ( 13261 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40651
هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين ؟:
أعمل في توكيل ملاحي وأقوم بخدمة السفن العابرة ، ومعظم هذه السفن أجنبية والعاملون بها غير مسلمين ، ويقوم صاحب الشركة ببيع لحم الخنزير لهذه السفن في بعض الأحيان ، ثم يقوم بتوزيع أرباح هذا البيع علينا نحن الموظفين ونحن نقبلها على اعتبار أن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم ، ولم يرد نص في القرآن ولا السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين ، وكذلك لأنه لا يصح أن نأخذ الخمر كقياس لأن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر، ولكن هناك من بدأ يشككنا في مدى حلال هذه النقود فهل هي حلال أم حرام ؟
وهل لأننا لا نشارك في البيع فإنه لا ضرر علينا من أخذ هذه الأرباح حيث إن صاحب العمل يعطيها لنا كصدقة ، فهل يحق لنا قبول الصدقة ونحن نعرف أصلها ؟؟ وهل ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أي حديث واضح وصريح ومؤكد يحرم فيه بيع لحم الخنزير لغير المسلمين ، حيث إن لحم الخنزير لم يحرم على أهل الكتاب .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لأحد أن يفتي في دين الله تعالى بغير علم ، ويجب أن يعلم خطورة فعله هذا ، والله تعالى حرم ذلك بقوله : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33(/1)
فلا يحل لأحد أن يقول : هذا حلال ، وهذا حرام ، وليس عنده دليل صحيح على ذلك ، قال الله تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) النحل/116
ثانياً :
بيع لحم الخنزير حرام سواء بيع لمسلم أو لكافر ، والأدلة على ذلك :
قول الله تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) الأنعام/145 ، وقد عَلَّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدةً عظيمةً ، فقال : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) رواه أبو داود ( 3488 ) وصححه الشيخ الألباني في " غاية المرام " ( 318 )
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) . فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : ( لا ، هو حرام ) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه . رواه البخاري ( 1212 ) ومسلم ( 1581 ) .
جملوه : أذابوه .
قال النووي :
وأما الميتة والخمر والخنزير : فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل واحد منها .
قال القاضي : تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه , ولا يحل أكل ثمنه , كما في الشحوم المذكورة في الحديث .
" شرح مسلم " ( 11 / 8 ) .
قال ابن رجب الحنبلي – بعد أن ساق أحاديث في تحريم بيع الخمر - :(/2)
فالحاصل من هذه الأحاديث كلها : أن ما حرم الله الانتفاع به فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) ، وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما ، وهو قسمان :
أحدهما : ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه ، كالأصنام ، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله وهو أعظم المعاصي على الإطلاق ، ويلتحق بذلك كتب الشرك والسحر والبدع والضلال ، وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة ، وكذلك شراء الجواري للغناء ...
والقسم الثاني : ما ينتفع به مع إتلاف عينه ، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرّماً : فإنه يحرم بيعه ، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها - كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به والخرز بشعر الخنزير عند قوم والانتفاع بشعره وجلده عند من يَرَى ذلك - ولكن لما كانت هذه غير مقصودة لم يعبأ بها وحرم البيع ، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير والميتة : أكلها ، ومن الخمر شربها ، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك ، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المعنى لما قيل له : أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا هو حرام ...
" جامع العلوم والحكَم " ( 1 / 415 ، 416 ) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم ؟
فأجابت : " لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها " اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (13/49)
ثالثاً :(/3)
وأما قول السائل : ( إن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم ، ولم يرد نص في القرآن ولا في السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين ) ، فغير صحيح ، فقد سبق أدلة القرآن والسنة وإجماع العلماء على تحريم بيع الخنزير ، والأدلة بعمومها تدل على تحريم بيعه على المسلمين والكفار ، لأن الأدلة دلت على تحريم بيعه تحريماً عاماً ، ولم تفرق بين المسلمين وغيرهم .
بل لو قيل : إن المقصود من تحريم بيعه هو بيعه على الكفار أصالةً لم يكن ذلك بعيداً ، لأن الأصل في المسلم أنه لن يشتري الخنزير ، وماذا يفعل به ، وهو يعلم أن الله حرَّمه ؟!
وكذلك قوله : ( إن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر ) غير صحيح .
لأنه لا يُشترط من تحريم الشيء أن يلعن الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَلَه ، بل يكفي أنه ينهى عنه ، أو يخبر أنه حرام . كما حرم بيع الخنزير
رابعاً :
وأما أخذكم هذه الأموال فالأجدر بكم بعد علمكم بأنه مال حرام التنزه والبعد عنه .
لاسيما وأخذكم هذا المال سيكون كالإقرار منكم لصاحب الشركة على هذا العمل ، والواجب عليكم نصحه ، والإنكار عليه ووعظه لترك هذا العمل المحرم ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
وأما ما أخذتم من هذه الأموال قبل علمكم بالتحريم ، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى ، قال الله تعالى في آيات تحريم الربا : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة/275
راجع السؤال رقم ( 2429 ) و ( 8196 )
نسأل الله تعالى أن يرزقكم حلالاً مباركاً فيه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 40664
ممارسة العادة السرية في رمضان دون إنزال:
عند ما كنت في سن المراهقة كنت استمني في بعض أيام نهار رمضان ولكني لا أدع السائل المنوي يخرج من الذكر بحجزي إياه ولكني ابلغ المتعة والشهوة.
فما حكم صيامي ، وكيف يمكنني التكفير عن هذا الذنب العظيم ، مع العلم أني لا أعرف عدد الأيام التي فعلت ذلك فيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا ، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تفصيل الأدلة في السؤال رقم ( 329 ) ، كما أن تلك العادة من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا ، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها .
ثم اعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء ، في عاجل دنياه ، وفي أخراه ، إن لم يتب ، أو يتداركه الله برحمته ، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية ( 23425 ، 8861 ، 45040 )
أما حكم المسألة الواردة في السؤال ، فإنه إذا مارست العادة السرية ولم يخرج المني لأي سبب من الأسباب لم يفسد الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، لأن المعتبر هو خروج المني ، فإذا خرج فسد الصوم ولزم القضاء ، وإن لم يخرج لم يفسد الصوم ، لكن يلزمك على كل حال التوبة إلى الله عز وجل ، والاستغفار من تضييع الصيام في مثل هذه الأمور .
وقد يخرج المني بعد فترة حتى إذا منعته من الخروج ، وحينئذ يفسد صيام ذلك اليوم ويلزمك القضاء ، فإن كنت لا تدري عدد الأيام التي أفسدتها ، فتحر ذلك ، حتى يغلب على ظنك أنك قضيت ما عليك من أيام .
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح زاد المستقنع :" وهل يمكن أن ينتقل - يعني المني - بلا خروج ؟
نعم يمكن ؛ وذلك بأن تفتر شهوته بعد انتقاله بسبب من الأسباب فلا يخرج المني .(/1)
ومثلوا بمثال آخر : بأن يمسك بذكره حتى لا يخرج المني ، وهذا وإن مثل به الفقهاء فإنه مضر جدا ، والفقهاء رحمهم الله يمثلون بالشيء للتصوير بقطع النظر عن ضرره أو عدم ضرره ، على أن الغالب في مثل هذا أن يخرج المني بعد إطلاق ذكره .
وقال بعض العلماء : لا غسل بالانتقال ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ، وهو الصواب ، والدليل على ذلك ما يلي :
1- حديث أم سلمة وفيه : " نعم ، إذا هي رأت الماء " ولم يقل : أو أحست بانتقاله ، ولو وجب الغسل بالانتقال لبينه صلى الله عليه وسلم لدعاء الحاجة لبيانه .
2- حديث أبي سعيد الخدري : " إنما الماء من الماء " ، وهنا لا يوجد ماء ، والحديث يدل على أنه إذا لم يكن ماء فلا ماء .
3- أن الأصل بقاء الطهارة ، وعدم موجب الغسل ، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل . " [ الشرح الممتع 1 / 280 ، وانظر الفروع 1 / 197 ، المبسوط 1 / 67 ، المغني 1 / 128 ، المجموع 2 / 159 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 4 / 99 ]
راجع الأسئلة رقم ( 38074 ، 2571 ) ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40695
كانت لا تقضي الصوم أيام حيضها من سنوات:
امرأة تبلغ من العمر خمسين عاما وكانت إذا حاضت في رمضان تفطر أيام حيضها ثم لا تقضي تلك الأيام جهلا منها بوجوب القضاء ثم علمت الآن وجوب القضاء فماذا تفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
عليها قضاء تلك الأيام ، والأحوط أن تطعم عن كل يوم مسكيناً .
سئل الشيخ ابن باز (15/184)
: " لي أخت مرّ عليها عدة أعوام لم تقض ما أفطرته في العادة الشهرية لسبب جهلها بالحكم سيما أن بعض العاميين قالوا لها ليس عليها قضاء في الإفطار ، فماذا عليها ؟
عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه ، وعليها أن تصوم ما أفطرت من أيام وتطعم عن كل يوم مسكيناً كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو نصف صاع مقداره كيلو ونصف ، ولا يسقط عنها ذلك بقول بعض الجاهلات لها أنه لا شيء عليها .
قالت عائشة رضي الله عنه : ( كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) . متفق عليه .
فإذا جاء رمضان الثاني قبل أن تقضي أثمت ، وعليها القضاء والتوبة وإطعام مسكين عن كل يوم إن كانت قادرة ، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام أجزأها الصوم مع التوبة وسقط عنها الإطعام ، وإن كانت لا تحصي الأيام التي عليها عملت بالظن ، وتصوم الأيام التي تظن أنها أفطرتها من رمضان ويكفيها ذلك ، ولقول الله عز وجل : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) " اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/151) عن امرأة كبيرة تبلغ من العمر ستين سنة ، وكانت جاهلة أحكام الحيض سنين عديدة مدة حيضها ، لم تقض صوم رمضان ظناً منها أنه لا يقضى حسبما سمعت من أفواه العامة . فأجابت :(/1)
عليها التوبة إلى الله من ذلك لأنها لم تسأل أهل العلم ، وعليها مع ذلك القضاء فتقضي ما تركته من الصيام حسب غلبة ظنها في عدد الأيام وتكفّر عن كل يوم تركته بإطعام مسكين نصف صام من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد إذا استطاعت الإطعام فإن كانت لا تستطيع الإطعام سقط عنها وكفاها قضاء الصوم . اهـ .
ولمعرفة حكم الإطعام يراجع السؤال رقم : ( 26865 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40752
حكم بيع أرقام هواتف وسيارات مميزة بأسعار باهظة:
ما هو الحكم في : شراء وبيع الأرقام ( أرقام الهواتف والسيارات ) ، وإذا اشترى أحدهم رقم لوحة سيارة ثم باعه فهل هذا المال حلال ؟.
الجواب:
الحمد لله
ينبغي لكل مسلم أن يعلم : أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير ، وهما مجاوزة الحد في إنفاق الأموال .
قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
وقال تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) الإسراء/26 ، 27 .
وليعلم كل مسلم أنه لن تزول قدمه إلى جنة ولا إلى نار حتى يسأله الله تعالى عن أشياء ، ومنها : عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه ما فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه ) . رواه الترمذي ( 2417 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " ( 126 ) .
وليُعلم بعد هذا : أن شراء أرقام هواتف الجوالات والسيارات المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في الحرام ، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه المجالات .
وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في حياتهم ومعيشتهم ، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه ، وآخرين لا يجدون لباساً يواري سوآتهم ، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم ، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم .(/1)
وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى لوحة سيارة تحمل الرقم ( 1 ) بما يعادل (2.18 مليون دولاراً ) ! وذلك في مزاد علني .
وفي المزاد نفسه بيعت اللوحة التي تحمل رقم 2 بما يعادل ( 1.11 ) مليون دولاراً !
وقال منظمو المزاد : إن حصيلة المزاد في اليوم الأول بلغت نحو ( 3.9 ) ملايين دولاراً !
وهكذا الأمر بالنسبة لأرقام الجوالات والتي بيع رقم منها بما يعادل ( 360 ألف دولاراً ) !
وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير .
والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم ، " ومن أبرز التعليقات التي قيلت حول هذا الموضع ما نشرته إحدى الصحف عن عريس تقدم يطلب يد إحدى الفتيات للزواج ويقول العريس لوالد الفتاة : " ما تحتاج تسأل عني شوف رقم سيارتي تعرفني " .
" ومن الملاحظ أن سعر الرقم المتميز يبلغ ضعف ثمن سيارة " رولزرويس " التي يتراوح سعرها في الإمارات بين مليون ومليون ونصف المليون درهم ، كما أنه ربما يبلغ خمسة أضعاف ثمن سيارة فخمة مثل " المرسيدس " ، أو عشرة أضعاف سعر سيارة شهيرة مثل " اللكزس " التي يفضلها الأثرياء " .
واعلم بعد هذا كم يمكن أن يُشترى من طعام وشراب ولباس بل وسيارات وهواتف لمن يحتاجها ؟ وكم شاب يمكن أن تعفه بالزواج ؟ وكم من سجين يمكن أن تطلِق سراحه بدينٍ سجن به ؟ وكم من تائه عن الصراط ومنحرف يمكن أن ترجعه إلى الصراط المستقيم فيما لو اشتري بها كتب أو وزعت بها أشرطة دينية ؟
الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة والاهتمام بتوافه الأمور ، والرقم المتميز ليس هو تقنية – كما في السيارات نفسها – يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان ، والرقم المتميز ليس هو تمتع بالنظر إليه – كبعض الطيور – بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال .(/2)
ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية – مثلاً – أو دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما ذكرناه .
وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس ثوب الشهرة .
" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله – وفي لفظ : " ثوب مذلة " - " زاد بعض الرواة :
" ثم تلهب فيه النار " . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن ماجه ( 3607 ) .
قال ابن القيم :
هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك ، فأذله ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . " زاد المعاد " ( 1 / 145 ، 146 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتكره الشهرة من الثياب ، وهو المترفع الخارج عن العادة ، والمتخفض الخارج عن العادة ؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة " ، وخيار الأمور أوساطها . " مجموع الفتاوى " ( 22 / 138 ) .
والخلاصة : أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة ، ولو جاز لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة .
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحافظ عليه ، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه ، وليعلم أنه مسئول عن هذا المال يوم القيامة : من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 40924
نصيحة إلى كاهنة تقرأ الفنجان:
امرأة تقوم بقراءة الفنجان وقد وضعت عنوانها في إحدى المجلات الساقطة . أرجو توجيه نصيحة إليها .
الجواب:
الحمد لله
السؤال فيه جانبان :
الأول : حكم هذا العمل
لا شك أن الكهانة والسحر والتنجيم من أعظم المنكرات ، ومن الإفساد في الأرض وأذية المسلمين بغير حق .
واختلف العلماء رحمهم الله تعالى : هل يكفر الكاهن ويخرج من الملة ، أم أنه كفر دون كفر ،
واستدل من قالوا بأنه يكفر بما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 9171 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (5942) .
ولأن هذا ادعاء لعلم الغيب ، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد كفر ، أن الله تعالى يقول : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن/25-26 . ويقول : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) النمل/65 .
الأمر الثاني : النصيحة لهذه المرأة التي تقوم بهذا العمل أن تتركه وتبتعد عنه وتتوب إلى الله تعالى ، إذ هذا الفعل من الكبائر الموبقات ، وأن تتقي الله في أذية المسلمين بهذا العمل الشنيع ، والله تعالى يقول : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) الأحزاب : 58 .
فعليها أن تتوب من هذا العمل إلى الله تعالى قبل أن ينزل بها ملك الموت بغتة ولات ساعة مندم ، وعليها أن تلجأ إلى ربها في جميع أمورها الذي بيده النفع والضر ، وألا يستجريها الشيطان في حبائله حتى يوقعها في الجحيم والعياذ بالله .(/1)
وفي عملها هذا فتنة لضعاف الدين من المسلمين ، والله تعالى يقول : ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ) البروج /10 .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" علم النجوم وما يسمى بالمطالع وقراءة الكفّ وقراءة الفنجان ومعرفة الخط ، وما أشبه ذلك مما يدّعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرّمها الله ورسوله ، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك ، لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به .
ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره ، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم ، طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظاً على دينه وعقيدته ، وحذراً من غضب الله عليه ، وابتعاداً عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة " اهـ .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( 2 / 120 – 122 ) .
وينبغي الإشارة هنا إلى أن ما تأخذه هذه المرأة من كسب بهذا العمل المحرّم الشنيع هو كسب محرم ، لما جاء في صحيح البخاري ( 2237 ) ومسلم ( 1567 ) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن .
والمراد بحلوان الكاهن : هو ما يعطاه على كهانته .
قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث ( 10 / 490 ) : " قال البغوي من أصحابنا والقاضي عياض : أجمع المسلمون على تحريم حلوان الكاهن ، لأنه عوض عن محرّم ولأنه أكل المال بالباطل " .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 40965
من أين يحرم من لم يمر على الميقات؟:
إذا لم يمر المحرم على شيء من المواقيت المعروفة فمن أين يحرم ؟.
الجواب:
الحمد لله
" إذا كان لا يمر بشيء من هذه المواقيت فإنه ينظر إلى حذو الميقات الأقرب إليه (فيحرم منه) ، إذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل ينظر أيهما أقرب إليه ، فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته ، ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا : يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً ، وإنها جَوْر عن طريقنا - يعني فيها ميول وبعد عن طريقنا - فقال رضي الله عنه : انظروا إلى حذوها من طريقكم . فأمرهم أن ينظروا إلى محاذاة قرن المنازل ويحرموا ، هكذا جاء في صحيح البخاري ، وفي حكم عمر رضي الله عنه - هذا فائدة جليلة ، وهي أن الذين يأتون عن طريق الطائرات وقد نووا الحج أو العمرة ويمرون بهذه المواقيت إما فوقها أو عن يمينها أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا هذه المواقيت ، ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة ، كما يفعله كثير من الناس ، فإن هذا خلاف ما حدده النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 . وقال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة/229 .
فعلى الإنسان إذا جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة أن يكون متهيئاً للإحرام في الطائرة ، فإذا حاذى أول ميقات يمر به وجب عليه أن يحرم ، أي أن ينوي الدخول في النسك ولا يؤخر هذا حتى يدخل في مطار جدة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/276) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41006
نصراني يسأل عن التوبة:
أنا مسيحي وأريد أن أسأل :
إذا قرر الرجل أن يتوب بعد حياة مليئة بالمعاصي والذنوب وعاهد الرب على التوبة، أعلم أن الإسلام يقول بأنه سيغفر له وسؤالي ما يلي :
ماذا حصل للذنوب التي فعلها فقد عصى الله ولا بد أن يتحمل شخص ما عقوبة هذه الذنوب فمن هو ما دام الرب سيغفر له كونه مؤمنا ؟
وكما رأينا في قصة آدم فقد كان هناك نوع من العقاب لذنبه .
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
بدايةً نشكر السائل على سؤاله .. ونسأل الله أن يمنَّ عليه بالهداية ..
أيها السائل : لقد خلقنا الله تعالى لغاية عظيمة وهي عبادته وحده لا شريك له ، قال تعالى :
{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } هذه هي الغاية .. عبادة الله وحده .
إذاً لم يخلقنا الله لنأكل ونشرب .. أو نلهو ونعلب .. أو نسعى وننصب .. بل خلقنا لنعبده ولا نكفره .. ونذكره ولا ننساه ..
هذه هي الغاية .. وما أجملها من غاية .. يوم يعيش الإنسان لعبادة ربه ومولاه .. وخدمة دينه وإقامة أمره .. فهو بجسمه على الأرض وقلبه مع الله والدار الآخرة .. هنا يدرك حقيقة هذه الدنيا .. ومدى حقارتها ودناءتها .. وأن ما بقي له فيها لا يستحق أن يضيعه في لذة عابرة وشهوة فانية .. فاللهم اهدنا بهداك .
ولما كانت العبادة تفتقر إلى إيضاحٍ وإرشاد .. أرسل الله رسله { مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل }... فمن أسلم فقد اهتدى .. ومن أعرض فقد خاب وخسر ..
قال الله تعالى : { قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } سورة الأنعام / 104 .
فإذا أسلم العبد فقد اختار لنفسه السعادة { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا } سورة الجن / 14 .(/1)
ولما كان الإنسان عرضة للخطأ والنسيان ، وكان وقوعه في الذنب وارداً ، شرع الله لعباده التوبة وفتح بابها إلى قيام الساعة ، ودعا عباده إلى التوبة النصوح فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار .. } التحريم / 8 وقال : { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } النور / 31 .
انظر السؤال 14289
واعلم بأن الذنوب على قسمين :
الأول: ما كان في حق الله تعالى ..
الثاني : ما كان في حق المخلوق ..
أما الأول :
وهو ماكان في حق الله .. كالزنا وشرب الخمر ، وترك الواجبات من صلاة وزكاة ونحو ذلك، فما كان من هذه الذنوب له عقوبة في الشريعة كالزنا وشرب الخمر، فأقيم الحد على فاعلها كان ذلك كفارة وتطهيرا له . ومن لم يقم عليه الحد ، لكنه تاب إلى الله تعالى ، فإن الله يتوب عليه، ويبدل سيئاته حسنات .
ومن لقي الله بهذه الذنوب دون توبة أو حد أقيم عليه ، فهو تحت مشيئة الله يوم القيامة ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .
روى البخاري (18) ومسلم (1709) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه : " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفي منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " فبايعناه على ذلك .
وفي رواية للبخاري (6416) : " ومن أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو كفارة له وطهور ".(/2)
قال الحافظ في الفتح (1/68) : ( ويستفاد من الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود وهو قول الجمهور...)
وروى أحمد (1365) عن على رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أذنب في الدنيا ذنبا فعوقب به فالله أعدل من أن يُثَنِّي عقوبته على عبده ، ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستر الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه "
والحديث حسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند . وحسن الحافظ نحوه من رواية الطبراني .
وقال تعالى : )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان / 68- 70 .
وقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ) النساء / 116 ، وهذه الآية في حق من لم يتب، فهو في مشيئة الله ، إلا أن يقع في الشرك ، فالشرك لا يغفر .
وأما القسم الثاني من الذنوب :
ما كان متعلقا بحقوق العباد كالاعتداء على أموالهم سرقة أو غصبا ونحو ذلك ، أو الوقوع في أعراضهم غيبا ونميمة ، أو التعدي على أبدانهم بالضرب ونحوه ، فهذا النوع من الذنوب يشترط في التوبة منه رد الحق إلى أهله ، أو مسامحتهم فيه .(/3)
ومن لم يفعل ذلك بقي عليه تبعة ذنبه إلى يوم القيامة ، ليؤخذ منه بقدر مظلمته ، من حسناته ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" رواه البخاري (2317) .
ومن هذا يُعلم أن القول بأن المذنب لابد أن يعاقب في الدنيا ، ، قول لا يدل عليه دليل ، لكن من عوقب فهو كفارة له ، ومن لم يعاقب ، ثم تاب من ذنبه ، فإن الله يتوب عليه.
وأعظم من هذا القول بطلانا قول من يقول : إن عقوبة الذنب قد يتحملها غير المذنب ، كما يقوله بعض الجهلة في حق آدم عليه السلام ، ويزعمون أن ذريته – بما فيهم الأنبياء - حملت خطيئته وذنبه حتى أنزل الله ابنه الوحيد ليصلب ويقتل ويرفع عن العالم إثم الخطيئة !! وهذا من الكذب والافتراء على الله وعلى أنبيائه ، ومن الظلم الذي تنزه عنه الشرائع ؛ لأن الله لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره قال تعالى : { ولاتزر وازرة وزر أخرى } فاطر / 18 ، وإن الله تعالى أرحم وأعدل من أن يعاقب الذرية على خطأ أبيهم ، مع أنه تاب منه وقبل الله توبته .
قال الله تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) البقرة / 36، 37 وقال سبحانه : ( فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) طه / 121، 122 .(/4)
فاجتمع في حق آدم عليه السلام أمران : أنه عوقب بذنبه ، وأنه تاب منه فقبل الله تعالى توبته، واصطفاه وأكرمه .
والحاصل أن من عاش حياة مليئة بالمعاصي والذنوب ، فما عليه إلا أن يرجع إلى ربه الرحيم الكريم فيستغفر ويتوب ، ليتوب الله عليه ، كما وعد بذلك سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر / 53 وهذا من التخفيف الذي جعله الله في هذه الشريعة السمحة ، وقد كُتب على بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم لتحصل توبتهم ، ثم رفع الله الآصار والأغلال عن هذه الأمة المرحومة ..
ختاماً نسأل الله تعالى أن يوفق السائل ويهديه ويشرح صدره للإسلام ليكون فردا من أفراد هذه الأمة المسلمة التي رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ نبينا ...
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 41031
حديث ضعيف في فضل قراءة آخر سورة الحشر:
أريد التأكد من صحة هذه الحديث: عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وان مات في ذلك اليوم مات شهيدا , ومن قالها حين يمسي كان له بتلك المنزلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن ، باب فيمن قرأ حرفا من القرآن ماله من الأجر رقم (2922) .
والإمام أحمد في مسنده رقم (19795)
وفي سنده خالد بن طهمان قال عنه ابن حجر: صدوق رمي بالتشيع ثم اختلط .
تقريب التهذيب (1644)
وضعفه الألباني رحمه الله ، انظر ضعيف أبو داود (2922)
وهناك الكثير من أذكار الصباح والمساء الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر بعضها في سؤال رقم ( 12173 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41090
كيفية تطهير نجاسة الكلب:
كيف يتم تطهير نجاسة الكلب ؟ وهل يجب أن يغسل سبع مرات أم تكفي مرة واحدة ؟.
الجواب:
الحمد لله
روى مسلم (279) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ) .
وروى مسلم (280) أيضاً : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ ) .
ففي هذين الحديثين بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كيفية تطهير نجاسة الكلب ، وهي غسل الإناء سبع مرات ، إحداهن بالتراب . وكلاهما واجب .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/73) :
" لا يختلف المذهب أن نجاسة الكلب يجب غسلها سبعاً ، إحداهن بالتراب ، وهو قول الشافعي " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/598) :
" وقد اختلف العلماء في ولوغ الكلب , فمذهبنا أنه ينجس ما ولغ فيه ، ويجب غسل إنائه سبع مرات إحداهن بالتراب , وبهذا قال أكثر العلماء . حكى ابن المنذر وجوب الغسل سبعا عن أبي هريرة وابن عباس وعروة بن الزبير وطاوس وعمرو بن دينار ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور . قال ابن المنذر : وبه أقول " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا كانت النجاسة على غير الأرض وهي نجاسة كلب ، فإنه لا بد لتطهيرها من سبع غسلات إحداها بالتراب " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/245) .
والأفضل أن تكون الغسلة الأولى هي التي بالتراب ، فإن جعل التراب في غيرها حصل المقصود ، وطهر المكان .
قال النووي في "المجموع" (2/598) :(/1)
" فالحاصل أنه يستحب جعل التراب في الأولى ، فإن لم يفعل ففي غير السابعة أولى ، فإن جعله في السابعة جاز , وقد جاء في روايات في الصحيح ( سبع مرات ) , وفي رواية : ( سبع مرات أولاهن بالتراب ) , وفي رواية : ( أخراهن بدل أولاهن ) , وفي رواية : ( سبع مرات السابعة بتراب ) , وفي رواية : ( سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب ) وقد روى البيهقي وغيره هذه الروايات كلها ، وفيه دليل على أن التقييد بالأولى وغيرها ليس للاشتراط , بل المراد إحداهن " انتهى .
" وغسله بالتراب له عدة طرق :
1- أن يغسل بالماء ثم نذر التراب عليه .
2- أن نذر التراب عليه ثم نتبعه الماء .
3- أن نخلط التراب بالماء ثم نغسل به الإناء " قاله الشيخ ابن عثيمين في "شرح بلوغ المرام" حديث رقم (14) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41098
حكم بيع المعادن ، وهي في مخازن الشركات الحافظة:
ما حكم شراء المعادن وبيعها بهذه الطريقة ؟
تقوم الشركة المالكة للمعدن بحفظه عند إحدى الشركات المتخصصة في هذا ، ويتم كتابة عقد إجارة بذلك . ثم إذا جاء شخص أو شركة أو بنك يشتري المعادن من الشركة المالكة فإنه يدفع الثمن وتبقى المعادن عند الشركة الحافظة كما هي ، وفقط يحولون عقد الإجارة على الحفظ باسم المشتري ، فهل هذا يعتبر حيازة وقبضاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أنه نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ) رواه أبو داود (3499) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال لحكيم بن حزام : ( لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) رواه الترمذي (1232) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وذكر العلماء رحمهم الله أن القبض يختلف باختلاف المبيع ، فقبض الذهب والفضة مثلاً يختلف عن قبض الأراضي والعقارات ، فيُفَرَّق في القبض بين ما يمكن نقله وما لا يمكن .
وهذه المعادن كأنه يتعذر نقلها لضخامة الكميات وحاجتها إلى شاحنات ومخازن ورافعات ... إلخ
فالحاجة أو الضرورة ماسة إلى بقائه عند الشركة الحافظة ، ولذلك أرى أنه لا مانع من بيعه بهذه الطريقة ، والاكتفاء بتغيير عقد الحفظ باسم المشتري .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41105
حكم العمل في شركة تبث قنوات فضائية:
أبعث إليكم هذه الرسالة بعد أن ضاق صدري من هذه الأزمة ، وهى : مكان العمل الذي أعمل فيه ، وهى : قناة فضائية من قنواتها قناة : اقرأ الدينية التي تعرض برامج دينية ، ولكن توجد قنوات مثل الموسيقى والأفلام العربية ، ماذا أفعل وأنا شاب بفضل الله سبحانه وتعالى ملتزم وملتحي أنفّذ سنة النّبي صلى الله علية وسلم ، وطبيعة عملي هو سنترال الشركة ، أقوم بالرد على التليفونات ثم أحولها إلى الموظف ، والعكس ، ومع ذلك أقوم بالبحث عن عمل آخر ، ولكني لم أجد ، وفي قلبي قلق من هذه الوظيفة وكلما أسمع حديث النبي صلى الله علية وسلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع من ضمنها : المال . أقلق من شأن ذلك فأرجو منكم النّصيحة.
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه خير دينك ودنياه ، ونسأل تعالى أن يرزقك رزقاً طيباً وأن يبارك لك فيه .
وعملك في هذه الشركة لا يجوز ، وهو كسب محرَّم ، فهي تدير قنوات الفجور والانحراف والضلال .
وقد نهى الله تعالى عن مباشرة الإثم ومخالطة الحرام ، ونهي أيضاً عن الإعانة عليه .
قال الله تعالى : ) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .(/1)
والمتأمل في أحوال هذه القنوات الهابطة ليعجب من جرأة هؤلاء على نشر الفاحشة ومحاربة الشرع والأخلاق الفاضلة ، وكل انحراف تسببه هذه القنوات أو فتنة لدين أحد أو تضليل : فإن للقائمين عليها والعاملين بها نصيب من إثم ذلك
قال الله تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل/25 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ... ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً " . رواه مسلم ( 2674 ) .
فالنصيحة لك هو ترك هذا العمل ، والبحث عن عمل آخر حلال طيب ، ولتصبر على ما ستلاقيه من تعب ونصَب ؛ فسلعة الله غالية ، وليس المهم هو العمل بل المهم هو أن يكون حلالاً ، واحذر أن ينبت جسدك من السحت ، واعلم أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها ، واقرأ هذا الحديث جيداً وتفكر فيه :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه ، إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ؛ فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته " – انظر " السلسلة الصحيحة " ( 2866 ) - .
واعلم أن الله تعالى قد أمر بالأكل من الطيبات ، وأخبر أن المال الحرام مما يمنع من استجابة الدعاء :(/2)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) ، وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذِّي بالحرام فأنَّى يستجاب لذلك " . رواه مسلم ( 1015 ) .
فاستعن بالله تعالى ، واحتسب الأجر من الله ، ونسأل الله لك التوفيق .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 41199
ضرب الزوجة:
بصراحة أنا مندهش من إجابتك على جميع الأسئلة بذكاء وفطنة، أنا حقاً أريد أن أعرف المزيد عن الإسلام ولكن في كل مرة أتعلم شيئاً جديداً أصبح مرتاباً ، وأريد أن أسأل ، هل صحيح أن القرآن يجيز للرجل أن يضرب أو يعض زوجته ؟ وإذا كان الجواب نعم فأرجو أن تشرح ذلك .
الجواب:
الحمد لله
يسعدنا كثيرا اطلاعك على موقعنا ، ورغبتك في التعرف على الإسلام ، ونسأل الله أن يهديك لما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة .
وليس في القرآن ما يؤخذ منه أن للرجل أن يعض زوجته .
1- وقد أمر القرآن بالإحسان إلى الزوجة ، وإكرامها ، ومعاشرتها بالمعروف، حتى عند انتفاء المحبة القلبية ، فقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء / 19 .
2- وبين أن للمرأة حقوقا على زوجها ، كما أن له حقوقا عليها ، فقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة / 228 ، والآية تدل على أن للرجل حقا زائدا ، نظير قوامته ومسئوليته في الإنفاق وغيره .
3- وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الزوجة وإكرامها ، بل جعل خير الناس من يحسن إلى أهله ، فقال : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
4- ومن جميل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الإحسان إلى الزوجة ، أن إطعام الزوج لزوجته ، ووضع اللقمة في فمها ، ينال به صدقة ، فقال : " وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 6352 ومسلم 1628(/1)
4- وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 1218
ومعنى " ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه " أي : لا يأذنّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة فالنهى يتناول جميع ذلك . انتهى كلام النووي .
وأفاد الحديث أن للرجل أن يضرب زوجته ضربا غير مبرح إذا وجد ما يدعو لذلك من مخالفتها وعصيانها .
وهذا كقوله تعالى: ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء / 34 .
فإذا تمردت المرأة على زوجها ، وعصت أمره ، سلك معها هذه الطرق الوعظ أو الهجر في المضجع ، أو الضرب ويشترط في الضرب أن يكون غير مبرح . قال الحسن البصري : يعني غير مؤثر.
وقال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه .
فليس الغرض إيذاء المرأة ولا إهانتها ، ولكن إشعارها بأنها مخطئة في حق زوجها ، وأن لزوجها الحق في إصلاحها وتقويمها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41620
مختصر عن حكم شركة بزناس:
عُرض عليَّ الاشتراك في معاملة بزناس وفي نفسي شيء منها بسبب ما فيها من غموض وأود أن أعرف هل تجوز لي المشاركة في هذا المعاملة أم لا .
الجواب:
الحمد لله
المشاركة في الشركة المذكورة وما شابهها من الشركات التي نشأت على منوالها لا يجوز لما في ذلك من المقامرة والميسر والتغرير بالمشتركين ، ودفع أشخاص إلى شراء ما لا يحتاجون ، وأكل للمال بالباطل ولما فيها من الجهالة والغرر ومجانبة العدل .
ولو سألنا بتجرد ما هو قصد أكثر الداخلين في المعاملة مع بزناس ؟ هل هو الاستفادة من البرامج الموجودة في القسم الأول من المعاملة ؟ أم الدخول في مسألة التسويق للكسب السريع والكبير والمغري في القسم الثاني ؟!
الجواب بلا ريب أن قصد الأكثرين هو الدخول في بند التسويق وبالتالي يكون مبلغ المائة الدولار الذي يدفع للتوصل إلى الحصول على حوافز التسويق هو ميسر ومقامرة ، فهو يدفع مائة دولار ثم لا يدري كم يحصل له في مقابل هذه المائة ، هل هو قليل أم كثير ، وهل هو عاجل أم متأخر .
ثم إن عرض العقد بهذه الطريقة فيه إغراء لأعداد من المغفلين بالدخول فيه على أمل أن تكون شجرته متعادلة الطريفين وطويلة .
وقد شكا إليّ أحدهم أنه تورّط بدفع مبلغ (40000) أربعين ألف ريال ليبرم عدداً كبيراً من العقود باسمه بأرقام دخول مختلفة ثم لم يجد عائداً يوفي به المال الذي اقترضه ودفعه لشركة بزناس .
وهذا التهافت الذي نجده من أعداد كبيرة من الشباب على الدخول في هذه الشركة بأمل الإثراء السريع يجعلنا نتوقف في صحة ما يحدث .. ثم لو كسب هؤلاء مكاسب كبيرة فإن ذلك على حساب غيرهم من المغفلين الذين سيؤتى بهم كزبائن في شجرة من قبلهم ، ولن يجدوا في النهاية من يأتون به لتطويل شجرتهم ، فكيف يرضى المؤمن أن يُثري على حساب أموال إخوانه المسلمين .(/1)
ولحل هذه القضية عمدت الشركة إلى حيلة تعيد بها أعداداً من هؤلاء المساكين إلى ماكينة العملية مرّة أخرى لتزداد مكاسبها وتتضاعف على حساب استنزاف أموال هؤلاء الناس وذلك بإعادة الاشتراك بمبلغ جديد بعد مرور سنة على العقد الأول وهكذا .
ويغلّفون هذه الخديعة بحلاوة وضع برامج جديدة وإصدارات جديدة للبرامج السابقة مع أن هذا التجديد غير مضبوط بعدد معيّن للبرامج أو التجديدات .
وللتفصيل أنظر الإجابة العلمية المفصَّلة لهذه المعاملة في السؤال رقم 40263 .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41625
عبارة طال عمرك وأطال الله بقاءك:
ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( طال عمرك ) ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء ، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً ، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا فلو قال أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك ." انتهى
مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/71 .
ومثله طال عمرك على الطاعة فهو جائز .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41629
عبارات : " جلالة " " صاحب الجلالة " " صاحب السمو " " أرجو آمل ":
هل يصح أن يقال لبعض الوجهاء هذه الألفاظ : " جلاله " ، " صاحب الجلالة " ، " صاحب السمو " ، " أرجو " ، " آمل " ؟ .
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" لا بأس بها إذا كان من قيلت فيه أهلا لذلك ، ولم يخش منه الترفع والإعجاب بالنفس ، وكذلك أرجو وآمل ."
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/69 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41633
هل يستحب صيام عشر ذي الحجة بما فيها يوم العيد:
قرأت في موقعكم عن فضل صيام يوم عرفة ولكنني قرأت أيضاً عن فضل صيام عشر ذي الحجة فهل هذا صحيح ؟ إذا كان صحيحاً فهل يمكن أن تؤكد لي إذا كنا نصوم 9 أيام أم 10 لأن اليوم العاشر هو يوم العيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
صيام تسع من ذي الحجة مستحب ، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر يعني عشر ذي الحجة ، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ فقال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري 969 ، وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين ) رواه الإمام أحمد 21829 ، وأبو داود 2437 ، وضعفه في نصب الراية 2 / 180 ، وصححه الألباني .
أما صيام يوم العيد فهو محرم ، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : ( نهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ) رواه البخاري برقم 1992 ، ومسلم برقم 827 ، وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم .
فالعمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من غيرها ، وأما الصيام فلا يصام فيها إلا تسع فقط ، واليوم العاشر هو يوم العيد يحرم صومه .
وعلى هذا ، فالمراد من ( فضل صيام عشر ذي الحجة ) صيام تسعة أيام فقط ، وإنما أطلق عليها أنها عشر على سبيل التغليب .
انظر شرح مسلم للنووي حديث رقم (1176) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41638
قول بعض العصاة " أنا حر في تصرفاتي ":
بعض العصاة إذا أنكرنا عليه معصيته قال (أنا حر في تصرفاتي) ؟ فهل هذه الكلمة صحيحة ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله ، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدَّعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى . "
مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/81 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41663
مات ولم يحج تفريطا فهل يحج عنه؟:
من مات ولم يحج وهو في الأربعين ، وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس ، وكان في كل سنة يقول : سوف أحج هذه السنة ، ومات وله ورثة هل يحج عنه ؟ وهل عليه شيء ؟.
الجواب:
الحمد لله
" اختلف العلماء في هذا ، فمنهم من قال : إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه ، ويكون كمن حج لنفسه ، ومنهم من قال : لا يحج عنه ، وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل . يعني لم تبرأ بها ذمته ، وهذا القول هو الحق ، لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر ، فكيف يذهب عنها ، ثم نلزمه إياها بعد الموت ، ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة ، كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ عن صاحبها ، وهذا هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" ، وبه أقول : إن من ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبداً ، لو حج عنه الناس ألف مرة ، أما الزكاة فمن العلماء من قال : إذا مات وأديت الزكاة عنه برأت الذمة ، ولكن القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة ، لكني أرى أن تخرج الزكاة من التركة ، لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة ، بخلاف الحج ، فلا يؤخذ من التركة ، لأنه لا يتعلق به حق إنسان ، والزكاة يتعلق بها حق الإنسان ، فتخرج الزكاة لمستحقيها ، ولكنها لا تجزئ عن صاحبها ، سوف يعذب بها عذاب من لم يزك ، نسأل الله العافية ، كذلك الصوم إذا علم أن هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه ، فإنه لا يقضى عنه ، لأنه تهاون وترك هذه العبادة ، التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر ، فلو قضي عنه لم ينفعه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) . فهذا فيمن لم يفرط ، وأما من ترك القضاء جهراً وجهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه "(/1)
انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/226) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41675
صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة:
كيف يضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في الصلاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة صفتان :
الأولى : أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد .
روى أبو داود (726) والنسائي (889) عن وَائِل بْن حُجْرٍ أنه قال : قُلْتُ : لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. . . إلخ الحديث .
صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال السندي في حاشية النسائي :
( ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ )
" ( الرُّسْغ ) هُوَ مَفْصِل بَيْن الْكَفّ وَالسَّاعِد ، وَالْمُرَاد أَنَّهُ وَضَعَ بِحَيْثُ صَارَ وَسَط كَفّه الْيُمْنَى عَلَى الرُّسْغ ، وَيَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون بَعْضهَا عَلَى الْكَفّ الْيُسْرَى ، وَالْبَعْض عَلَى السَّاعِد " انتهى .
الثانية : أن يقبض بيده اليمنى على اليسرى
روى النسائي (887) عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ قَائِمًا فِي الصَّلاةِ قَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ . صححه الألباني في صحيح النسائي .
قال الألباني رحمه الله في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (ص 68) :
" وكان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ، وأمر بذلك أصحابه ، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى ، وكان يضعهما على الصدر " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41682
الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح:
ما الحكم في العصابات أو الأفراد الذي يسرقون الناس ، ويخطفون النساء ويعتدون على الأعراض ، كل ذلك تحت تهديد السلاح ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه الجرائم التي يفعلها بعض من لا دين لهم ، جعل الشرع عقوبتها عقوبة شديدة ، وهي تعرف عند العلماء بـ " حد الحرابة " أو " قطاع الطريق " وهو المذكور في قول الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
ولمجلس هيئة كبار العلماء ببلاد الحرمين الشريفين برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قرار في شأن هذه الجرائم ، جاء فيه :
" لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من الأحكام الشرعية تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة ، وهي : الدين والنفس والعرض والعقل والمال ، وقدر تلك الأخطار العظيمة التي تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وما تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد .
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم وأعراضهم وعقولهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص ، وأن تنفيذ مقتضى آية الحرابة وما حَكَمَ به صلى الله عليه وسلم في المحاربين كفيلٌ بإشاعة الأمن والاطمئنان ، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين .(/1)
إذ قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي الصُّفَّةِ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ (أي أصابهم مرض) فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْغِنَا رِسْلا ( أي اطلب لنا لبناً ) فَقَالَ : مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلا أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَتَوْهَا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ ( الإبل ) فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيخُ ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ ، فَمَا تَرَجَّلَ النَّهَارُ ( أي ارتفع ) حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَمَا حَسَمَهُمْ ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا . قَالَ أَبُو قِلابَةَ : سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية :(/2)
أ ـ إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب الذي ذكره الله سبحانه في آية المائدة ، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض ، أو أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق ، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى .
قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه : رُفِعَ إلي قومٌ خرجوا محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين معه ، فاحتملوها ، ثم جد فيهم الطلب فأُخذوا وجيء بهم ، فسألت من كان ابتلاني الله به من المفتين فقالوا : ليسوا محاربين ! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في الفروج ! فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون ! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال ؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج . انتهى .
ب ـ يرى المجلس في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ )
أن ( أو ) للتخيير كما هو الظاهر من الآية الكريمة . وقول الأكثرين من المحققين من أهل العلم رحمهم الله .(/3)
ج ـ يرى المجلس بالأكثرية أن يتولى نواب الإمام ـ القضاة ـ إثبات نوع الجريمة والحكم فيها ، فإذا ثبت لديهم أنها من المحاربة لله ورسوله والسعي في الأرض فساداً فإنهم مخيرون في الحكم فيها بالقتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف أو النفي من الأرض ، بناءً على اجتهادهم ، مراعين واقع المجرم وظروف الجريمة وأثرها في المجتمع وما يحقق المصلحة العامة للإسلام والمسلمين إلا إذا كان المحارب قد قتل فإنه يتعين قتله حتماً كما حكاه ابن العربي المالكي إجماعاً ، وقال صاحب الإنصاف من الحنابلة : " لا نزاع فيه " انتهى من بحث لهيئة كبار العلماء بعنوان : "الحكم في السطو والاختطاف والمسكرات" (ص 192-194) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 41702
وجوب الحج على الفور:
هل يجوز للشخص القادر على الحج أن يؤخر الحج عدة سنوات ؟.
الجواب:
الحمد لله
من استطاع الحج وتوفرت فيه شروط وجوبه ، وجب عليه الحج على الفور ، ولا يجوز له تأخيره .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" :
" من وجب عليه الحج , وأمكنه فعله , وجب عليه على الفور , ولم يجز له تأخيره . وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 . والأمر على الفور ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه . وفي رواية أحمد وابن ماجه : ( فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ ) حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه " انتهى بتصرف .
ومعنى أن الأمر على الفور : أنه يجب على المكلف فعل المأمور به بمجرد التمكن من فعله ، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هل وجوب الحج على الفور أم علي التراخي ؟
فأجاب :
" الصحيح أنه واجب على الفور ، وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره ، وهكذا جميع الواجبات الشرعية ، إذا لم تُقيد بزمن أو سبب ، فإنها واجبة على الفور " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/13) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41703
السأم من الحياة:
أنا شاب مللت من العيش في هذه الدنيا الفانية ، وأصبح عندي شعور بالملل والسأم ، فهل من ناصر ، ولا ناصر إلا الله ؟! .
الجواب:
الحمد لله
أسباب الرغبة عن الدنيا وكراهيتها عديدة ، فمن الناس من يكره هذه الدنيا الفانية رغبة فيما عند الله من الأجر والثواب ، ومحبة للقاء الله تعالى ، ولهذا قال بعض السلف :" تحفة المؤمن الموت " ، فهو يكره الدنيا ، لتعلق قلبه بالآخرة ، وهو مع كراهيته للدنيا قائم بحق الله تعالى وحق عباده ، وساع في الخير قدر استطاعته ، على حد قوله تعالى ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) الحجر/99
ومن الناس من يكره الدنيا لا لأجل الآخرة ، بل لأنه يرى أن حظه فيها قليل ، وأن غيره خير منه ، ولا شك أن في هذا نوعا من التسخط على أقدار الله تعالى ، فالله تعالى هو معطي المنح ، ومقسم الأرزاق ، ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) الشورى/27(/1)
ومن الناس من يكره الدنيا لكثرة ما أصابه فيها من بلاء ونصب وتعب ، ولا شك أن هذا الصنف لم يعرف حقيقة الدنيا ، فالدنيا دار عمل وابتلاء ، ودار نصب وتعب ، لاسيما المؤمن الصالح ، فإنه يلاقي من أنواع البلاء ما يكفر الله به عنه من خطاياه ، ويرفع به من منزلته ، قال تعالى ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ) البلد/4 ، وقال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/2-3 ، وقال تعالى : ( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) آل عمران/197 وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/154-156
أخي الكريم .... من أي الأصناف السابقة أنت ؟؟!!!(/2)
تذكر أخي الحبيب كم ابتلي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد عاداه قومه ، ووقف في وجهه أقرب الناس إليه ، وشتمه بعض الناس ، وآذاه البعض الآخر ، وطرد من دياره ، وحوصر حصارا شديدا ، واجتمع الكفار على قلته واغتياله ، وماتت زوجته خديجة رضي الله عنها في أصعب المواقف وأحلك الظروف ، وكان يبيت الشهر والشهرين لا يأكل إلا الماء والتمر ، كل هذا وهو نبي الله ، ورسوله وأمينه على وحيه !! كل هذا وهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود !! كل هذا وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
فكيف بنا نحن المذنبين العاصين المقصرين ؟؟؟
أنصحك أخي الكريم بما يلي :
أولا : أكثر من دعاء الله عز وجل والتقرب إليه بأنواع العبادات ، من صلاة وزكاة وصيام وغير ذلك ، وابتهل إلى الله عز وجل أن يزيل ما نفسك ، وأن يشرح صدرك ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 ، وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) الأعراف/201
ثانيا : اعلم أن أقدار الله عز وجل لعبده المؤمن كلها خير ، وأنه مهما ضاق عليك أمر حياتك ، فعند الله خزائن السماوات والأرض ، فأصلح ما بينك وبين الله ، يكفك الله مؤنة الناس .
ثالثا : قد يكون كدرك وحزنك على أمر فاتك فلم تحصله ، وحينئذ عليك أن تعلم أنه كم من إنسان ألح في طلب شيء ، وهو لا يدري أن هلاكه فيه ، وكم من إنسان حزن على فوات أمور يريدها ، وهو لا يدري أنه لو حصلها لأضاع دينه ودنياه ، فارض بقضاء الله وقدره ، واستعن بالله ولا تعجز .
رابعاً : راجع فؤادك وقلبك وعلاقتك مع ربك بصورة أدق ، فالعبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه(/3)
خامسا : قد تكون لديك بعض المشاكل الشخصية أو العائلية ، وحل مثل تلك المشاكل أن ترتب الأولويات ، وأن تستعين بالله ثم بأهل الخبرة في حلها ، وفك معضلاتها .
سادساً : اعلم أن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، فقد ثبت في المسند من حديث مصعب بن سعد عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء ؟ قال : ( الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، يبتلى الرجل على حسب دينه ؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينة رقة خفف عنه ، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) مسند الإمام أحمد برقم 1481 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 992 .
سابعا : داوم على الاستغفار والعبادة ، فهو خير لك من كل حظوظ الدنيا مهما عظمت وكثرت ، كما أن فيه إزالة للهموم ، وقد جاء في بعض الآثار أنه من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب .
فاستدم طاعة الله عز وجل ، واعمل بقوله تعالى ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) وقوله تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) طه/131 ، وفقنا الله وإياك لصالح القول والعمل ، والله أعلم .
راجع الأسئلة ( 21515 ، 30901 ، 2554 )
وانظر كتاب علاج الهموم في قسم الكتب من موقعنا .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 41732
حكم الاستنابة في الحج والعمرة:
ما حكم الاستنابة في الحج أو العمرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
" توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يكون ذلك في فريضة .
والحال الثانية : أن يكون ذلك في نافلة ، فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر ، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله ، أو لكبر ونحو ذلك ، فإن كان يرجى زوال هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدى الحج بنفسه ، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في آداء النسك عنه ، لأنه هو المطالب به شخصياً . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ، ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات .(/1)
وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم : فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه ، أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة ، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل أحداً يصوم عنه ، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه ، فكذلك في الحج ، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير ، وإذا كان عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه ، إلا فيما وردت به السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله - أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة سواءً كان قادراً أو غير قادر .
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على الحج بأنفسهم ، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة ، اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج ، بناء على أنه يوكل من يحج عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/136) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :(/2)
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : حجي عن أبيك . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 41766
لا تجزئ أضحية الوالد عن ولده إذا كان يعيش في بيت مستقل:
هل تجزئ الأضحية من والدي عني وعن أهلي ، مع العلم أنني أعيش في بيت مستقل ؟.
الجواب:
الحمد لله
المشروع أن يضحي كل أهل بيت بأضحية عنهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : عن رجل متزوج ويسكن في مدينة غير المدينة التي يسكن فيها والده ، فهل تجزئ أضحية والده عنه وعن أولاده ؟
فأجاب :
" إذا كنت في بيت مستقل أيها السائل فإنه يشرع لك أن تضحي عنك وعن أهل بيتك ، ولا تكفي عنك أضحية والدك ، عنه وعن أهل بيته ، لأنك لست معهم في البيت ، بل أنت في بيت مستقل " انتهى .
وسئلت اللجنة الدائمة :
يوجد لدي أسرتان ، وكل أسرة ساكنة في بيت مستقل بها ، وكل بيت يبعد عن الآخر بحوالي (200 متر) ، وهي أسرتي وأسرة والدي ، مع العلم أن والدي على قيد الحياة . وسؤالي هو : هل يجوز لنا أن نضحي أنا ووالدي عن البيتين بضحية واحدة من الماعز أم لا ؟
فأجابت :
" المشروع أن يضحي أهل كل بيت بأضحية خاصة بهم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/406) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41784
حكم إدخال قناة المجد:
هل يجوز شراء جهاز الدش في بيتي لرؤية قناة المجد ؟ بغرض طلب العلم ؟علما بأنهم في هذه القناة علماء أجلاء يقومون بشرح بعض كتب العلم ؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا ؟.
الجواب:
الحمد لله
قناة المجد مشروع إسلامي ضخم الأهداف وهو خطوة كبيرة ومهمة على طريق الإعلام الإسلامي ، والذي ظهر لي إلى الآن من تتبع هذه القناة أن إدخالها إلى البيوت هو اجتهاد مقبول ، لا يُنْكَر على من فعله .
وأن فيها من الفوائد والإيجابيات أكبر بكثير من الأخطاء والملاحظات .
مع ملاحظة أن تكون وسيلة مشاهدة هذه القناة خالية من مشاهدة أي قنوات أخرى فيها محرمات .
ولعل ذلك يتحقق بتركيب الطبق الخاص بهذه القناة ، وأهمية التواصل مع هذه القناة في المناصحة لإزالة الأخطاء والارتقاء بالمستوى .
الشيخ محمد صالح المنجد .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41806
لديها طفل رضيع فهل يجب عليها الحج؟:
إذا كان للمرأة أولاد صغار ، منهم طفل رضيع يصعب عليها أخذه معها في الحج ، فهل يجب عليها الحج أو لها أن تؤجله ؟.
الجواب:
الحمد لله
" لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة قادمة ، أولاً : لأن كثيراً من العلماء يقولون : إن الحج ليس واجباً على الفور ، وأنه يجوز للإنسان أن يؤخره مع قدرته ، وثانياً : أن هذه محتاجة للبقاء من أجل رعاية أولادها ، ورعاية أولادها من الخير العظيم ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) فأقول : تنتظر إلى العام القادم ، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها ، ويقدر لها ما فيه الخير " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/66) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41833
كيف يكون حجك مقبولاً ؟:
ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
" الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً : أن ينوي بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص . وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة ، وكل عمل صالح فإنه لا يقبل إلا بهذين الشرطين الأساسيين : الإخلاص ، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم . لقول الله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة/5 . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه : الإخلاص ، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم . وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته : ( لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ ) .
ومنها : أن يكون الحج بمال حلال ، فإن الحج بمال حرام محرم ، لا يجوز ، بل قد قال بعض أهل العلم : إن الحج لا يصح في هذه الحالة ، ويقول بعضهم :
إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير
يعني حجت الإبل .
ومنها : أن يتجنب ما نهى الله عنه ، لقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .(/1)
فيتجنب ما حرم الله عليه تحريماً عاماً في الحج وغيره من الفسوق والعصيان ، والأقوال المحرمة ، والأفعال المحرمة ، والاستماع إلى آلات اللهو ونحو ذلك ، ويجتنب ما حرم الله عليه تحريماً خاصاً في الحج : كالرفث وهو إتيان النساء ، وحلق الرأس ، واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام . وبعبارة أعم : يجتنب جميع محظورات الإحرام .
وينبغي أيضاً للحاج أن يكون ليناً سهلاً كريماً في ماله وعمله ، وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع ، ويجب عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين ، سواء كان ذلك في المشاعر ، أو في الأسواق ، فيجتنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف ، وعند الازدحام في المسعى ، وعند الازدحام في الجمرات ، وغير ذلك . فهذه الأمور التي ينبغي على الحاج ، أو يجب للحاج أن يقوم بها ، ومن أقرب ما يحقق ذلك : أن يصحب الإنسان رجلاً من أهل العلم حتى يذكره بدينه ، وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل العلم ما كان موثوقاً قبل أن يذهب إلى الحج ، حتى يعبد الله على بصيرة " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "فتاوى ابن عثيمين" (21/20) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41869
شيوعي ملحد يدعي أن الصيام مضرّ !!:
أنا أعيش في روسيا وأدرس هناك ، ولدينا أكثر الأساتذة شيوعيون لا يؤمنون بوجود الخالق عز وجل ، أحدهم قال لنا كيف الله الذي عندكم يأمركم بترك الطعام و الشراب في النهار و هذا مضر بالصحة فما تنصحنا بالرد على هذا الشيوعي أذله الله .
الجواب:
الحمد لله
الصيام مع كونه - في الأساس - عبادة شرعية ، وفريضة إلهية ، فإنه مع ذلك من أنفع الأدوية ، وأنجع الوسائل لتقوية الصحة والبدن معا ، وهذا بشهادة الأطباء الكفرة ، فضلا عن المسلمين .
فالصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية ، وتقوية إرادة الصائم ، ورقة مشاعره ، وحبّه للخير ، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية ، وإحساسه بسمّو روحه وأفكاره . وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته ، وزيادة تحمّلها للمشاكل والاعباء ، ومما لا شك فيه أنّ ذلك ينعكس بصورة تلقائية على صحّة الإنسان .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر فالصوم يساهم في علاج الكثير من أمراض الجسم ، كأمراض الجهاز الهضمي ، مثل التهاب المعدة الحاد ، وتهيج القولون ، وأمراض الكبد ، وسوء الهضم ، وكذلك في علاج البدانة وتصلّب الشرايين ، وارتفاع ضغط الدّم ، وخناق الصدر ، والربو القصبي ، وغيرها.
وقد كتب الطّبيب السويسري بارسيلوس : ( إن فائدة الجوع في العلاج قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية ) ، أمّا الدكتور هيلب ، فكان يمنع مرضاه من الطّعام لبضعة أيام ، ثمّ يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة . وبشكل عام فإنّ الصوم يساهم في هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع . ثمّ إعادة ترميمها من جديد عند تناول الطّعام ، وهذا هو السبب الذي دعا بعض العلماء ومنهم باشوتين ، أن يعتبروا أنّ للصوم تأثيراً معيداً للشباب .(/1)
ويقول " توم برنز" من مدرسة كولومبيا للصحافة :" إنني أعتبر الصوم تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية ، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن ، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر ، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر ، فلم تكد تمضي عدة أيام من صيامي في منتجع "بولنج" الصحي حتى شعرت أني أمر بتجربة سمو روحي هائلة "
وطبيعي أن يسبب الصوم ضرراً ومشقة زائدة لبعض الناس في حالات معينة ، وقد أعفاهم الله تعالى من الصيام كالمريض والمسافر .
كما أنّ فوائد الصوم المثلى تكون بالالتزام بآدابه ، ومنها تأخير السحور ، وتعجيل الفطور ، وعدم الإسراف في الطّعام كمّاً وكيفاً ، وتجنّب الإسراف في تنويع الأطعمة .
وتقول دائرة المعارف البريطانية : " إن أكثر الأديان قد فرضت الصيام وأوجبته ، فهو يلازم النفوس حتى في غير أوقات الشعائر الدينية ، يقوم به بعض الأفراد استجابة للطبيعة البشرية "
وفي القرن العشرين ظهر عدد من الكتب الطبية في أمريكا وأوروبا تتحدث عن فوائد الصوم الطبي ، فكان هناك " التداوي بالصوم " لشلتون . وكتاب " الصوم الطبي : النظام الغذائي الأمثل " لآلان كوت ، و " الصوم أكسير الحياة " لهنرك تانر ، و " العودة إلى الحياة السليمة بالصوم الطبي " للوتزنر .
وفي الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب ، وذلك لأن 10 % من كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم ، وتنخفض هذه الكمية أثناء الصوم حيث لا توجد عملية هضم أثناء النهار ، وهذا يعني جهدا أقل وراحة أكبر لعضلة القلب .
كما أن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية ، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد ، مما يعمل على :
- زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية .(/2)
- التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في الجسم مثل مرض الصدفية .
- تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.
- مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة .
هذه بعض فوائد الصوم الصحية ، وبه تعلم أن ما يقول ذلك الشيوعي الملحد لا أساس له من الصحة .
مع أننا نصوم امتثالاً لأمر الله تعالى لنا بالصيام في قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183
ولو أمرنا الله تعالى بقتل أنفسنا لفعلنا ذلك إرضاء لربنا جل وعلا ، ولكننا نؤمن إيماناً جازماً أنه سبحانه لن يأمرنا إلا بما فيه مصلحتنا في الدنيا والآخرة
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 41881
هل يؤجل الحج من أجل الاختبارات؟:
من المعلوم أن اختبارات بعض الجامعات بعد الحج مباشرة ، فهل يجوز تأجيل الحج إلى العام القادم من أجل الاختبارات ؟.
الجواب:
الحمد لله
" القول الراجح من أقوال أهل العلم : أن الحج واجب على الفور ، وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا بعذر شرعي ، لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له ، فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت ويبقى الحج دينا في ذمته ، ولكن إذا كان حجه يؤثر عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة ، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه معه ويحج ، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً ، ويمكنه أن يؤخر سفره إلى الحج ، ثم يتعجل في أيام الرمي ، وبهذا لا يستغرق الحج إلا أياماً يسيرة لا تضره إن شاء الله .
فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ، ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً ، كما أن الإنسان إذا اعتمد على الله وتوكل عليه ، وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل فغن الله سييسر له الأمر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/63) بتصرف .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41897
حج المرأة عن الرجل:
هل يجوز للمرأة أن تحج عن أبيها ؟.
الجواب:
الحمد لله
نعم ، يجوز أن تحج المرأة عن الرجل .
روى البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
قال ابن حزم في "المحلى" (5/317) :
" وَجَائِزٌ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ , لأَمْرِ النَّبِيِّ عليه السلام الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا , وَأَمْرِهِ عليه السلام الرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ ; وَالرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ , وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَقَالَ تَعَالَى : ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) وَهَذَا خَيْرٌ , فَجَائِزٌ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ أَحَدٍ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/27) :
" يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , وَالْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , فِي الْحَجِّ , فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ . لا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا , إلا الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ , فَإِنَّهُ كَرِهَ حَجَّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : هَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا " انتهى .(/1)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ؟
فأجاب :
" يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ، ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ، والنيابة يقوم بها الرجال والنساء ، ولهذا سألت امرأة من خثعم النبي صلى الله عليه وسلم . . وذكر الحديث المتقدم ثم قال : فأذن لها أن تحج ، وهي امرأة عن رجل . ولكن لابد من المحرم في كل سفر ، سواء سفر الحج أو غيره ، وسواء سافرت المرأة لحجها عن نفسها ، أو لحجها عن غيرها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/247) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41899
السن الواجب مراعاته في الأضحية:
هل هناك سن معين للأضحية ؟ وهل يجوز ذبح البقر أضحية وعمره سنة ونصف ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء رحمهم الله على أن الشرع قد ورد بتحديد سِنٍّ في الأضحية لا يجوز ذبح أقل منه ، ومن ذبح أقل منه فلا تجزئ أضحيته .
انظر : "المجموع" (1/176) للنووي .
وقد وردت أحاديث تدل على ذلك :
فمنها : ما رواه البخاري (5556) ومسلم (1961) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ ) . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ . وفي رواية : (عَنَاقاً جَذَعَةً ) . وفي رواية للبخاري ( 5563) ( فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا ؟) قَالَ : ( اذْبَحْهَا ، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ ) وفي رواية : ( لا تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ ) . ثُمَّ قَالَ : ( مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ ) .
ففي هذا الحديث أن الجذعة من المعز لا تجزئ في الأضحية ، وسيأتي معنى الجذعة .
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" :
قَوْله : ( وَلَنْ تُجْزِئ عَنْ أَحَد بَعْدك ) وَهَذَا قَطْعًا يَنْفِي أَنْ تَكُون مُجْزِئَة عَنْ أَحَد بَعْده " انتهى .
ومنها : ما رواه مسلم (1963) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ ) .(/1)
ففي هذا الحديث أيضاً التصريح بأنه لا بد من ذبح مسنة ، إلا في الضأن فيجزئ الجذعة .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُسِنَّة هِيَ الثَّنِيَّة مِنْ كُلّ شَيْء مِنْ الإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم فَمَا فَوْقهَا , وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّهُ لا يَجُوز الْجَذَع مِنْ غَيْر الضَّأْن فِي حَال مِنْ الأَحْوَال " انتهى .
وقال الحافظ في "التلخيص" (4/285) :
" ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة , والإجماع على خلافه , فيجب تأويله بأن يحمل على الأفضل , وتقديره : المستحب ألا يذبحوا إلا مسنة " انتهى .
وكذا قال النووي في "شرح مسلم" .
وقال في "عون المعبود" :
" هذا التَّأْوِيل هُوَ الْمُتَعَيِّن " انتهى .
ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة والدالة على جواز الجذع من الضأن في الأضحية ، ومنها حديث عُقْبَة بْن عَامِر رضي الله عنه قال : ( ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِذَعٍ مِنْ الضَّأْن ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ (4382) . قَالَ الْحَافِظ سَنَده قَوِيّ وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (5/83) في ذكر شروط الأضحية :
" الشرط الثاني : أن تبلغ سن التضحية , بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز , وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن , فلا تجزئ التضحية بما دون الثنية من غير الضأن , ولا بما دون الجذعة من الضأن . . . وهذا الشرط متفق عليه بين الفقهاء , ولكنهم اختلفوا في تفسير الثنية والجذعة " انتهى .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" لا أعلم خلافاً أن الجذع من المعز ومن كل شيء يضحى به غير الضأن لا يجوز ، وإنما يجوز من ذلك كله الثني فصاعداً ، ويجوز الجذع من الضأن بالسنة المسنونة " انتهى من "ترتيب التمهيد" (10/267) .
قال النووي في "المجموع" (8/366) :(/2)
" أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني , ولا من الضأن إلا الجذع , وأنه يجزئ هذه المذكورات إلا ما حكاه بعض أصحابنا ابن عمر والزهري أنه قال : لا يجزئ الجذع من الضأن . وعن عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن " انتهى .
ثانياً :
وأما السن المشترط في الأضحية بالتحديد فقد اختلف في ذلك الأئمة :
فالجذع من الضأن : ما أتم ستة أشهر عند الحنفية والحنابلة ، وعند المالكية والشافعية ما أتم سنة .
والمسنة (الثني) من المعز : ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية والحنابلة ، وعند الشافعية ما أتم سنتين .
والمسنة من البقر : ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية والحنابلة ، وعند المالكية ما أتم ثلاث سنوات .
والمسنة من الإبل : ما أتم خمس سنوات عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة .
انظر : "بدائع الصنائع" (5/70) ، "البحر الرائق" (8/202) ، "التاج والإكليل" (4/363) ، "شرح مختصر خليل" (3/34) ، "المجموع" (8/365) ، "المغني" (13/368) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " أحكام الأضحية" :
" فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين ، والثني من البقر : ما تم له سنتان . والثني من الغنم : ما تم له سنة ، والجذع : ما تم له نصف سنة ، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ، ولا بما دون الجذع من الضأن " انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/377) :
" دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم ستة أشهر ، ومن المعز ما تم له سنة ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن الإبل ما تم له خمس سنين ، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحية ، وهذا هو المستيسر من الهدي ؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة يفسر بعضها بعضاً " انتهى .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/70) :(/3)
" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ; حتى لو ضحى بأقل من ذلك سِنًّا لا يجوز ، ولو ضحى بأكثر من ذلك سِنًّا يجوز ، ويكون أفضل , ولا يجوز في الأضحية حَمَل ولا جدي ولا عجل ولا فصيل ; لأن الشرع إنما ورد بالأسنان التي ذكرناها وهذه لا تسمى بها " انتهى .
فتبين بذلك أن ذبح البقر وهو دون السنتين لا يجزئ عن أحد من الأئمة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 41936
حكم التسمي بـ ( عبد الإله ):
ما حكم تسمية ( عبد الإله ) ؟ وهل هو من أسماء الله وصفاته ؟ الرجاء الإجابة ، مع التفصيل .
الجواب:
الحمد لله
أولا : من الآداب المستحبة في التسمية أن يُعَبَّد الاسم لله عز و جل ، سواء كان التعبيد للفظ الجلالة : عبد الله ، أو لغيره من أسماء الله الحسنى ، و إن كان أحب ذلك إلى الله : عبد الله ، وعبد الرحمن .
ثانيا : يحرم تعبيد الاسم لغير الله ، تعالى ؛ كأن يقال : عبد الرسول ، أو عبد النبي ، أو نحو ذلك . راجع إجابة السؤال رقم ( 7180 )
ثالثا : الإله في اللغة هو المعبود ، أو المستحق للألوهية والعبادة ، وإنما سميت الأوثان آلهة لأن المشركين يعبدونها من دون الله ، ويزعمون أنها تستحق ذلك [ انظر : اشتقاق أسماء الله ، لأبي القاسم الزجاجي ص 30 ، لسان العرب " أله " ] ، وقد قال بعض أهل العلم إن لفظ الجلالة "الله" أصل اشتقاقه الإله فحذفت الهمزة تخفيفا . وهو اختيار ابن القيم ، وغيره من أهل العلم .
رابعا : هل الإله من أسماء الله الحسنى ؛ فيجوز التعبيد له ، أم لا ؟
ورد اسم الإله ضمن أسماء الله الحسنى ، التي أحصتها بعض روايات حديث ( إن لله تسعة وتسعين اسما ) ، كما نجده عند البيهقي في الأسماء والصفات ، والحاكم . لكن ذكر الأسماء في هذا الحديث ليس من كلام النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عند أهل المعرفة بالحديث ، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن كثير ، وابن حجر ، وغيرهم من أهل العلم . [ انظر : أسماء الله الحسنى ، لعبد الله بن صالح الغصن ، ص 170-173] .(/1)
ولأجل عدم الاعتماد على الراويات التي فيها إحصاء الأسماء الحسنى، اجتهد كثير من أهل العلم في تتبع هذه الأسماء من الكتاب والسنة ؛ فممن ذكر الإله ضمن ما أحصاه من أسماء الله الحسنى : ابن منده ، وابن حزم ، وابن حجر ، وابن الوزير ، وابن عثيمين ، رحمهم الله جميعا . انظر المرجع السبق [352] .
وبناء على ذلك فالتسمي بعبد الإله مشروع ، لا بأس به ، إن شاء الله . ومع ذلك ، فالظاهر أن هذه التسمية لم تكن معروفة ، أو لم تكن شائعة ، قديما ؛ فلم نجده في أسماء الصحابة ، على ما يظهر من الإصابة لابن حجر ، ولم نره أيضا في أسماء الأعلام المترجمين ، بعد مراجعة فهارس السير للذهبي ، وطبقات الشافعية لابن السبكي ، ووفيات ابن خلكان ، والتهذيب لابن حجر ، وغيرها . وأول ما وقفنا عليه هو عبد الإله بن علي بن الحسين الهاشمي المولود سنة [1331-والمتوفى سنة 1377 ] ، على ما ذكره الزركلي في الأعلام ، وهو متأخر جدا ، كما لا يخفى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41949
مكانة الحج في الإسلام وشروط وجوبه:
ما هي مكانة الحج في الإسلام ؟ وعلى من يجب ؟.
الجواب:
الحمد لله
" الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ ْبَيْتِ الله الحرام ) وهو فرض بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإجماع المسلمين . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ) ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وهو من المعلوم من الدين بالضرورة ، فمن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون كافراً ، وأما من تركه تهاوناً فإنه على خطر عظيم ؛ لأن من العلماء من قال : إنه يكفر . وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولكن القول الراجح : أنه لا يكفر بترك الأعمال إلا الصلاة فقط ، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله - وهو من التابعين - : ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة ) فمن تهاون بالحج حتى مات فإنه لا يكفر على القول الراجح ، ولكنه على خطر .(/1)
فعلى المسلم أن يتقي الله ، وأن يبادر بأداء الحج إذا تمت شروط الوجوب في حقه ، لأن جميع الواجبات تجب المبادرة بها إلا بدليل ، فكيف تطيب نفس المسلم أن يترك الحج إلى بيت الله الحرام مع قدرته عليه ، وسهولة الوصول إليه ؟! وكيف يؤخره وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه ؟! فقد يكون عاجزاً بعد القدرة ، وقد يكون فقيراً بعد الغنى ، وقد يموت وقد وجب عليه الحج ، ثم يفرط الورثة في قضائه عنه .
أما شروط الوجوب فخمسة :
الشرط الأول : الإسلام ، وضده الكفر ، فالكافر لا يجب عليه الحج ، بل لو حج الكافر لم يقبل منه .
الشرط الثاني : البلوغ ، فمن لم يبلغ فلا حج عليه ، ولو حج صح حجه تطوعاً وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ، لأن حجة قبل البلوغ لا يسقط به الفرض .
الشرط الثالث : العقل ، وضده الجنون ، فالمجنون لا يجب عليه الحج ، ولا يحج عنه .
الشرط الرابع : الحرية ، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج ، ولو حج صح حجه تطوعاً ، وإذا عتق وجب عليه أن يؤدي الفريضة ، لأن حجة قبل أن يتحرر لا يجزئ عن الفرض .
وقال بعض العلماء : إذا حج الرقيق بإذن سيده أجزأه عن الفريضة ، وهذا القول هو الراجح .
الشرط الخامس : الاستطاعة بالمال والبدن ، ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة محرم ، فإن لم يكن لها محرم فلا حج عليها " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/9-11) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 41950
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج؟:
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج ؟.
الجواب:
الحمد لله
" أما إذا كان فرضاً فإنه لا يشترط رضاهما ولا إذنهما ، بل لو منعاه من الحج وهو فرض وجب عليه أن يحج ولا يطيعهما ، لقول الله : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/15. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ) .
أما إذا كان نفلاً فلينظر إلى المصلحة : إن كان أبوه وأمه لا يستطيعان الصبر عنه ، ولا أن يغيب عنهما فبقاؤه عندهما أولى ، لأن رجلاً استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال له : ( أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ؟) قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : ( فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ) . ففي الفريضة لا يطاعان ، والنافلة ينظر ما هو الأصلح " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/68) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 41957
شروط وجوب الحج:
ما هي شروط وجوب الحج ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذكر العلماء رحمهم الله شروط وجوب الحج ، والتي إذا توفرت في شخص وجب عليه الحج ، ولا يجب الحج بدونها ، وهي خمسة : الإسلام ، العقل ، البلوغ ، الحرية ، الاستطاعة .
1- الإسلام .
وهذا الشأن في جميع العبادات ، وذلك لأن العبادة لا تصح من الكافر ، لقول الله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ) التوبة/54 .
وفي حديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليم وسلم إلى اليمن : ( إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ ) متفق عليه .
فالكافر يؤمر أولاً بالدخول في الإسلام ، فإذا أسلم أمرناه بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر شرائع الإسلام .
2، 3 - العقل والبلوغ
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) . رواه أبو داود (4403) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فالصبي لا يجب عليه الحج ، لكن لو حج به وليه صح حجه وللصبي أجر الحج ، ولوليه أجر أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رفعت إليه امرأة صبيا وقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر . رواه مسلم .(/1)
4- الحرية . فلا يجب الحج على العبد لأنه مشغول بحق سيده .
5- الاستطاعة (القدرة)
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
وهذا يشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية .
أما الاستطاعة البدنية فمعناها أن يكون صحيح البدن ويتحمل مشقة السفر إلى بيت الله الحرام .
وأما الاستطاعة المالية فمعناها أن يملك النفقة التي توصله إلى بيت الله الحرام ذهاباً , وإياباً .
قالت اللجنة الدائمة (11/30) :
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها للحج أو العمرة اهـ .
ويشترط أن تكون النفقة التي توصله إلى البيت الحرام فاضلةً عن حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمراد بالديون حقوق الله كالكفارات وحقوق الآدميين .
فمن كان عليه دين ، وماله لا يتسع للحج وقضاء الدين فإنه يبدأ بقضاء الدين ولا يجب عليه الحج .
ويظن بعض الناس أن العلة هي عدم إذن الدائن ، فإذا استأذنه وأذن له فلا بأس .
وهذا الظن لا أصل له ، بل العلة هي انشغال الذمة ، ومعلوم أن الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال المدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، فكما أن الزكاة لا تجب على الفقير فكذلك الحج .(/2)
أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين ، فكيف بغيره ؟!
والمراد بالنفقات الشرعية : النفقات التي يقرها الشرع كالنفقة على نفسه وأهله ، من غير إسراف ولا تبذير ، فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء ، وليس عنده مال يحج به ، وجب عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها ، ويشتري سيارة تناسب حاله .
لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية ، بل هو إسراف ينهى الشرع عنه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
سئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة ، فهل يجب عليه الحج من رأس المال مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً ؟ فأجابت :
" إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة الشرعية ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) . وقال : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) " انتهى .
والمراد بالحاجات الأصلية : ما يحتاج إليه الإنسان في حياته كثيراً ، ويشق عليه الاستغناء عنه .
مثل : كتب العلم لطالب العلم ، فلا نقول له : بع كتبك وحج بثمنها ، لأنها من الحوائج الأصلية .
وكذلك السيارة التي يحتاج إليها ، لا نقول له بعها وحج بثمنها ، لكن لو كان عنده سيارتان وهو لا يحتاج إلا إلى واحدة فيجب عليه أن يبيع إحداهما ليحج بثمنها .(/3)
وكذلك الصانع لا يلزمه أن يبيع آلات الصنعة لأنه يحتاج إليها .
وكذلك السيارة التي يعمل عليها وينفق على نفسه وأهله من أجرتها ، لا يجب عليه بيعها ليحج .
ومن الحوائج الأصلية : الحاجة إلى النكاح .
فإذا احتاج إلى النكاح قدم النكاح على الحج وإلا قدم الحج .
انظر جواب السؤال (27120) .
إذاً فالمراد من الاستطاعة المالية أن يفضل عنده ما يكفيه للحج بعد قضاء الديون ، والنفقات الشرعية ، والحوائج الأصلية .
فمن كان مستطيعاً ببدنه وماله وجب عليه المبادرة بالحج .
ومن كان غير مستطيع ببدنه وماله ، أو كان مستطيعاً ببدنه ولكنه فقير لا مال له ، فلا يجب عليه الحج.
ومن كان مستطيعاً بماله ، غير أنه لا يستطيع ببدنه نظرنا :
فإن كان عجزه يرجى زواله كمريض يرجى شفاء مرضه فإنه ينتظر حتى يشفيه الله ثم يحج .
وإن كان عجزه لا يرجى زواله كمريض السرطان أو كبير السن الذي لا يستطيع الحج فهذا يجب عليه أن يقيم من يحج عنه ، ولا يسقط عنه الحج لعدم استطاعته ببدنه إذا كان مستطيعاً بماله .
والدليل على ذلك :
ما رواه البخاري (1513) أن امرأة قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها إن الحج فرض على أبيها مع أنه لا يستطيع الحج ببدنه . ويشترط لوجوب الحج على المرأة أن يكون لها محرم ولا يحل لها أن تسافر للحج فرضاً كان أو نفلاً إلا مع ذي محرم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1862) ومسلم (1341) .
والمحرم هو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة .(/4)
وزوج الأخت أو زوج الخالة أو العمة ليس من المحارم ، وبعض النساء تتساهل فتسافر مع أختها وزوج أختها ، أو مع خالتها وزوج خالتها ، وهذا حرام .
لأن زوج أختها ، أو زوج خالتها ليس من محارمها .
فلا يحل لها أن تسافر معه .
ويُخشى أن يكون حجها غير مبرور ، فإن الحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم ، وهذه آثمة في سفرها كله إلى أن تعود .
ويشترط في المحرم أن يكون عاقلاً بالغاً .
لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها والصبي والمجنون لا يحصل منهما ذلك .
فإذا لم يوجد للمرأة محرم ، أو وجد ولكن امتنع من السفر معها ، فلا يجب عليها الحج .
وليس من شروط الوجوب على المرأة إذن زوجها ، بل يجب عليها الحج إذا توفرت شروط الوجوب ولو لم يأذن الزوج .
قالت اللجنة الدائمة (11/20) :
حج الفريضة واجب إذا توفرت شروط الاستطاعة ، وليس منها إذن الزوج ، ولا يجوز له أن يمنعها ، بل يشرع له أن يتعاون معها في أداء هذا الواجب اهـ .
وهذا في حج الفريضة أما النافلة فنقل ابن المنذر الإجماع على أن الزوج له منع زوجته من حج النافلة ، لأن حق الزوج واجب عليها فلا تفوته بما لا يجب عليها . المغني (5/35) .
انظر الشرح الممتع (7/5-28) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 41978
ميقات أهل السودان والصومال وأثيوببيا:
من أين يحرم أهل أثيوبيا والصومال والسودان ؟
وما حكم من آتى منهما للحج أو العمرة بدون إحرام ثم أحرم بعد أيام وذهب إلى مكة مباشرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
ميقات أهل أثيوبيا والصومال إذا جاءوا من الجنوب فإنهم يحاذون يلملم التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن ، فيحرمون إذا حاذوها ، وإن جاءوا من شمال جدة فميقاتهم الجحفة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الشام ، وجعل الناس بدلاً منها رابغ ، لأنها خربت ، أما إذا جاءوا من بين ذلك قصداً إلى جدة فإن ميقاتهم جدة ، لأنهم يصلون إلى جدة قبل محاذات الميقاتين المذكورين ، وكذلك أهل السودان إذا جاءوا قصداً إلى جدة فميقاتهم جدة ، وإن جاءوا من الناحية الشمالية فإن ميقاتهم إذا حاذوا الجحفة أو رابغاً ، وإن جاءوا من الناحية الجنوبية فإن ميقاتهم إذا حاذوا يلملم ، فيكون ميقات أهل تلك البلاد مختلف بحسب الطريق الذي جاءوا منه . هذا إذا جاءوا للعمرة أو للحج .
أما من جاء للعمل وقد أدى فريضة العمرة والحج فإنه لا يجب أن يحرم ؛ لأن الحج والعمرة لا يجبان إلا مرة واحدة في العمر ، فإذا أداهما الإنسان لم يجبا عليه مرة أخرى ، اللهم إلا بنذر .
ومن قدم للحج أو للعمرة ولم يحرم إلا بعد أن جاوز الميقاتين وقد مر بأحدهما فإن أهل العلم يقولون : إن إحرامه صحيح ، ولكن عليه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء ؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الإحرام وهو كونه من الميقات ، فمن حصل له مثل ذلك فعليه ذبح الدم في مكة يوزع على الفقراء إن كان غنياً ، وإن كان فقيراً فليس عليه شيء ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
انظر : "فتاوى ابن عثيمين" (21/283، 284) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ميقات أهل السودان ، فأجاب :(/1)
" على حسب الطريق ، إن كان طريقهم يمر بميقات الجحفة لزمهم الإحرام إذا حاذوها ، وإن كان طريقهم لا يحاذي ميقاتاً قبل جدة فإنهم يحرمون منها ، إذا كانوا ممن أراد الحج والعمرة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (17/35) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42061
حكم دخول الحمام بالمصحف أو أشرطة القرآن:
ما حكم الدخول بالمصحف الحمام ؟ وهل يقاس عليه الأشرطة الإسلامية المسجل عليها القرآن الكريم ؟.
الجواب:
الحمد لله
الدخول بالمصحف إلى المرحاض والأماكن القذرة صرح العلماء بأنه حرام ، لأن ذلك ينافي احترام كلام الله سبحانه وتعالى ، إلا إذا خاف أن يسرق لو وضعه خارج المرحاض ، أو خاف أن ينساه فلا حرج أن يدخل به لضرورة حفظه .
أما الأشرطة فليست كالمصاحف ، لأن الأشرطة ليس فيها كتابة ، غاية ما هنالك أن ذبذبات معينة موجودة في الشريط إذا مرت بالجهاز المعين ظهر الصوت ، فلذلك يدخل بها ولا إشكال في ذلك .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "لقاءات الباب المفتوح" (3/439) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"أما دخول الحمام بالمصحف فلا يجوز إلا عند الضرورة ، إذا كنت تخشى عليه أن يسرق فلا بأس " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/30) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42072
هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة ؟:
أريد أن أسأل عن الزكاة لدي مكتبة بها قرطاسية وخدمات طالب : وقد قرأت أن الزكاة عن البضاعة متى ما حال عليها الحول ولكن هناك استفسار عن خدمات الطالب هل تدخل أجهزة التصوير في حساب الزكاة أم لا حيث أن قيمتها كبيرة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
"يجب عليك أن تزكي جميع المال الذي لديك من النقود ومن الأدوات المعروضة للبيع في القرطاسية بعد تمام الحول إذا بلغت قيمتها نصابا" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة: (9/313) .
ثانياً :
"والنصاب هو عشرون مثقالا من الذهب ، أي : خمسة وثمانون جراماً ، ومن الفضة مائة وأربعون مثقالا (أي : 595 جراماً) ، ويساوي بدراهم الفضة السعودية ستة وخمسين ريالا" اهـ "فتاوى العثيمين" (18/93) .
فإذا بلغت قيمة البضاعة المعروضة للبيع ، مع ما معك من نقود ورقية أحدَ النصابين : الذهب أو الفضة وجبت عليك الزكاة . "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/257) .
ثالثاً :
كيفية حساب الزكاة .
إذا حال الحول على النصاب فإنك تحسب ما معك من نقود ثم تضيف إليه قيمة البضاعة الموجودة بالقرطاسية ، ثم تخرج من المجموع ربع العشر أي : 2.5 بالمائة . وتعطيه لمستحقيه من الأصناف التي بينها الله تعالى في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة /60 .
ويكون تقدير البضاعة الموجودة بالقرطاسية بالثمن الذي تبيع به ، لا بالثمن الذي اشتريتها به.
البيع لا الشراء . راجع السؤال رقم (26236) .
رابعاً :
أما عن أجهزة التصوير فلا زكاة فيها إلا إذا كنت أعددتها للبيع .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :(/1)
"الشيء المعد للاستعمال ليس فيه زكاة ، معدات أو غيرها ، إذا كان معدًّا للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة ، والقاعدة أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى ، وما كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى" اهـ "فتاوى ابن باز" (14/184) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42106
حكم صيام أيام التشريق:
اعتدت أن أصوم كل خميس وصادف أنى صمت يوم الخميس الموافق 12 ذو الحجة وقد سمعت يوم الجمعة انه لا يجوز صيام أيام التشريق والخميس هو ثالث أيام التشريق . فهل على شئ أنى صمته؟؟ وهل فعلا لا يجوز صيام أيام التشريق أو فقط لا نصوم أول أيام العيد ؟؟.
الجواب:
الحمد لله
صيام يومي العيدين محرم ، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ) . رواه البخاري (1992) ، ومسلم (827) . وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم .
كما يحرم صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى ( الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر ، من شهر ذي الحجة ) لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ) رواه مسلم (1141) .
وروى أبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ . فَقَالَ : إِنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ عَمْرٌو : كُلْ فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا . قَالَ الإمام مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
لكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا : ( لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي ) رواه البخاري (1998) .(/1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما . وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها ، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ثم يواصل صومه " فتاوى رمضان ص 727
ويراجع في ذلك الأسئلة ( 21049 ، 36950 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42153
متى يشرع الاضطباع والرمل ؟:
طفت طواف الإفاضة يوم العيد بعد النفرة من مزدلفة مباشرة أي قبل رمي جمرة العقبة أو الحلق ، هل في هذا الطواف اضطباع على اعتبار أني لا زلت محرماً . وفقكم الله .
الجواب:
الحمد لله
لا يشرع الاضطباع والرمل إلا في طواف العمرة ، وطواف القدوم للمفرد والقارن .
أما فيما عدا ذلك فلا يشرعان ، فطواف الإفاضة لا رمل فيه اضطباع سواء طفته وأنت محرم أم غير محرم .
روى أبو داود (2001) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والاضطباع هو كشف المنكب الأيمن .
والرمل هو مقاربة الخطا مع إسراع المشي .
والاضطباع والرمل متلازمان ، فحيث شرع الرمل شرع الاضطباع ، وحيث لم يشرع الرمل لم يشرع الاضطباع .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/43) :
وَالاضْطِبَاعُ مُلازِمٌ لِلرَّمَلِ , فَحَيْثُ اسْتَحْبَبْنَا الرَّمَلَ فَكَذَا الاضْطِبَاعُ , وَحَيْثُ لَمْ نَسْتَحِبَّهُ فَكَذَا الاضْطِبَاعُ , وَحَيْثُ جَرَى خِلافٌ جَرَى فِي الرَّمَلِ وَالاضْطِبَاعِ جَمِيعًا , وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ اهـ.
وقَالَ أَيضاً : لَكِنْ يَفْتَرِقُ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الاضْطِبَاعَ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ , وَأَمَّا الرَّمَلُ إنَّمَا يُسَنُّ فِي الثَّلَاثِ الأُوَلِ وَيَمْشِي فِي الأَرْبَعِ الأَوَاخِرِ اهـ. "المجموع" (8/20) .
وذكر ابن قدامة في "المغني" (5/221) استحباب الرمل والاضطباع في طواف العمرة وفي طواف القدوم ثم قال :(/1)
وَلا يُسَنُّ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي طَوَافٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا رَمَلُوا وَاضْطَبَعُوا فِي ذَلِكَ اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/225) :
يسن الاضطباع في الأشواط كلها في طواف القدوم خاصة ، كما يشرع الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم للحاج والمعتمر اهـ .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
ويرمل في جميع الثلاثة الأُول من الطواف الأول ، وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم مكّة ، سواء كان معتمراً أو متمتعاً ، أو محرماً بالحج وحده ، أو قارناً بينه وبين العمرة ، ويمشي في الأربعة الباقية ، يبتدئ كل شوط مع مقاربة الخطى ، ويستحب له أن يضطبع في جميع هذا الطواف دون غيره اهـ . فتاوى ابن باز (16/60) .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42237
ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟:
ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟.
الجواب:
الحمد لله
ينبغي أن يعلم أن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته ، كما قال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات / 56 .
وخلق الله تعالى للإنسان وسخر له ما في السموات وما في الأرض لينتفع ويتمتع به ، وتقوم به مصالحه ، ويستعين به على عبادة الله تعالى .
قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) البقرة / 29 .
وقال : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان/20 .
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية /13.
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) إبراهيم /33 .
وهذه بعض الحكم والغايات من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض :
فالنباتات طعام للإنسان والحيوان ، قال تعالى : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ ) يونس /24 . وقال : ( فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ ) عبس /24-32 .(/1)
والنباتات تذكر الناس بزوال الدنيا
قال عز وجل : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يونس /24.
وضرب الله تعالى المثل للناس على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بما يشاهدونه من إحياء الأرض بعد موتها .
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فصلت /39 .
والنباتات يستخلص الإنسان منها الأدوية .
وأعظم ذلك الحبة السوداء التي قال فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنها شفاء من كل داء إلا السام وهو الموت . رواه البخاري (5687) .
والعسل –وأصله من رحيق الأزهار- قال الله تعالى فيه : (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) . النحل/69 .
والحيوانات طعام للإنسان .
قال الله تعالى : ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل /5 . وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل /14 .
والحيوانات وسيلة انتقال وزينة .
قال الله تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) النحل /8 .(/2)
ومن الحيوانات يعمل الإنسان الخيام التي يسكنها والثياب التي يلبسها . قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ) النحل /80 .
والخيل آلة الجهاد إلى قيام الساعة ، عليها يجاهد المسلمون ، فينتصرون ويغنمون ويثابون .
قال الله تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60.
وروى البخاري (2852) ومسلم (1873) عن عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ ) .
هذه بعض منافع الحيوانات والنباتات ، وفيها من الحكم والمنافع ما لا يعلمه إلا الله تعالى .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 42238
كيف يزكي الذهب المخلوط بالألماس:
إذا كان مع الذهب ألماس ونحوه فكيف تقدر زكاته ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " يقدر ذلك أهل الخبرة فيذهب بها إلى تجار الذهب أو الصاغة ، لينظروا هل يبلغ الذهب النصاب أو لا يبلغ ؟
فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه إلا أن يكون عندها من الذهب ما يكمل به النصاب، وتقدر قيمة الذهب الذي مع الماس، ثم تخرج زكاته وهي ربع العشر ."
مجموع الفتاوى 18/96
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42239
ساهمت في أرض فكيف أزكي الأسهم:
رجل ساهم في أرض تابعة لمؤسسة عقارية ببنودها وقيمتها ومضى عليها سنين كثيرة فكيف يجري زكاتها مع العلم أن مقدار مساهمته ثلاثون ألف ريال ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر ؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب ، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي ، ثم يؤدون الزكاة ، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً ، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثين ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف ، وعلى هذا تقاس السنوات التي ذكر السائل أنها قد بقيت ، فيخرج لكل سنة مقدار زكاتها ، ولكن إذا كانت هذه الأسهم لم تبع حتى الا?ن فإنها إذا بيعت يخرج زكاتها ، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتهاون ، بل يبيعها بما قدر الله ثم يخرج زكاتها ."
مجموع الفتاوى 18/226 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42321
حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى:
ما حكم إجهاض الجنين في الشهور الأولي (1/3) قبل بث الروح فيه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
قرر مجلس هيئة كبار العلماء ما يلي :
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة ( وهي الأربعون يوماً الثانية والثالثة ) حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره ، جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
4- بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهر لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلبا لعظمى المصلحتين .
الفتاوى الجامعة (3/1056)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42384
انتفاع الميت بالصدقة عنه:
مات أبي رحمه الله وأريد أن أصنع صدقة جارية على روحه علها تزيد في حسناته وترفع درجاته عند مليكه مثل بناء مسجد أو طباعة كتاب علم ينتفع به المسلمون لكن أحد الشيوخ أفتانا بعدم جدوى ذلك لأنها ليست من ماله وأن الصدقة الجارية لابد أن تكون من صنع المرء بنفسه في حياته وقبل وفاته وتستمر معه بعد وفاته فهل كلام الشيخ صحيح ؟
وإن لم يكن صحيحا فأفتوني وأشيروا عليّ بأفضل الطرق لنفع والدنا المتوفى . وجزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
اتفق أهل العلم على أن الدعاء والاستغفار والصدقة والحج تصل للميت .
أما الدعاء والاستغفار فلقول الله تعالى : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ).
وأما الصدقة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة : ( أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ولم توصي وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ) رواه البخاري برقم 1388 ، ومسلم برقم 1004 ، وثبت في البخاري عن سعد بن عبادة : ( أن أمه توفيت وهو غائب فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وأنا غائب فهل ينفعها إن تصدقت عنها فقال : نعم ، فقال : أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها ) رواه البخاري برقم 2756 .
وأما الحج فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سألته عن الحج : ( أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ، قالت : نعم قال : فدين الله أحق بالقضاء ) رواه البخاري برقم 6699 ، ومسلم برقم 1148 .
ومما سبق تعلم أن الصدقة عن الميت تنفعه ويصل إليه ثوابها .(/1)
وقد روي حديث ضعيف في الصلاة عن الميت ، وذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه ضعف هذا الحديث ثم قال :
لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ (يعني عن الميت) اخْتِلافٌ اهـ .
قال النووي :
قَوْله : ( لَيْسَ فِي الصَّدَقَة اِخْتِلافٌ ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لا يُحْتَجُّ بِهِ , وَلَكِنْ مَنْ أَرَادَ بِرَّ وَالِدَيْهِ فَلْيَتَصَدَّقْ عَنْهُمَا فَإِنَّ الصَّدَقَة تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ وَيَنْتَفِع بِهَا بِلا خِلَافٍ بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب . وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ الْبَصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي عَنْ بَعْض أَصْحَاب الْكَلام مِنْ أَنَّ الْمَيِّت لا يَلْحَقُهُ بَعْد مَوْته ثَوَاب فَهُوَ مَذْهَبٌ بَاطِلٌ قَطْعًا وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاع الأُمَّة فَلا اِلْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا الصَّلاة وَالصَّوْم فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّهُ لا يَصِلُ ثَوَابُهُمَا إِلَى الْمَيِّت إِلا إِذَا كَانَ الصَّوْم وَاجِبًا عَلَى الْمَيِّت فَقَضَاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ لا يَصِحّ وَأَصَحُّهُمَا عِنْد مُحَقِّقِي مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَصِحّ . وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن فَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لا يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّت وَقَالَ بَعْض أَصْحَابه : يَصِل ثَوَابهَا إِلَى الْمَيِّت . وَذَهَبَ جَمَاعَات مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ يَصِل إِلَى الْمَيِّت ثَوَاب جَمِيع الْعِبَادَات مِنْ الصَّلاة وَالصَّوْم الْقِرَاءَة وَغَيْر ذَلِكَ . . . ثم ذكر النووي أن الدُّعَاء(/2)
وَالصَّدَقَة وَالْحَجّ يصِلُ ثوابها إلى الميت بِالإِجْمَاعِ اهـ بتصرف .
وقال في تحفة المحتاج (7/72) :
"وينفع الميت صدقة عنه ومنها وقف لمصحف وغيره وحفر بئر وغرس شجر منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته" اهـ .
وأما أفضل الطرق لنفع والدك فعليك بالإكثار من الدعاء له ، قال الله تعالى : ( وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631).
أما بالنسبة للصدقة فمن أفضل ما تبذل فيه الصدقات الجهاد في سبيل الله وبناء المساجد ومساعدة طلبة العلم بطباعة الكتب أو إعطائهم الأموال التي يحتاجون إليها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 42401
عبارة " فلان المرحوم " " انتقل إلى رحمة الله " " تغمده الله برحمته ":
ما رأيكم في قول بعض الناس ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمة الله ) ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" قول ( فلان المرحوم ) أو ( تغمده الله برحمته ) لا بأس بها ، لأن قولهم ( المرحوم ) من باب التفاؤل والرجاء ، وليس من باب الخبر ، وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به .
وأما ( انتقل إلى رحمة الله ) فهو كذلك فيما يظهر لي أنه من باب التفاؤل ، وليس من باب الخبر ، لأن مثل هذا من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به .
.... ولا يقال " انتقل إلى الرفيق الأعلى " ."
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/85 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42475
جاءته صدقه من أموال ربوية فهل يحج بها ؟:
لم أحج الفريضة ، وقد أعطاني أحد الأشخاص مالاً لأحج به ، وهو معروف بأنه يتعامل بالربا ، فهل يجوز لي أن أحج بهذا المال ؟.
الجواب:
الحمد لله
" لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد المرابين أن يحج بما تصدق به عليه ، ولا حرج عليه أن يقبل ما أهدى إليه ، لأن ذنب الربا على صاحبه . أما الذي أخذه بطريق شرعي : بطريق الهبة ، بطريق الصدقة ( فلا ذنب عليه ) .
والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود ، وأكل طعام اليهود ، واشترى من اليهود ، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت .
نعم ، لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غَنَمِ رجلٍ ، وجاء وأهداها إليه ، فهنا تحرم ، لأنك تعرف أن هذه الشاة ليس ملكاً له ، أما إذا كان يتعامل الربا فإثمه على نفسه ، ومن أخذ منه بطريق شرعي فهو مباح له ، فنقول لهذه المرأة : لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/105) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42507
لا يجب الحج على من اعتمر في أشهر الحج:
قال لي أحد الأشخاص بأن الحج وجب عليَّ لأني اعتمرت قبل دخول شهر ذي الحجة ، مع أني حججت قبل عامين ، فهل ما قاله صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
ما قاله لك هذا الشخص غير صحيح ، لأن الحج لا يجب إلا مرة واحدة في العمر ، لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ) رواه أَبُو دَاوُد (1721) وصححه الألباني
وحيث إنك قد حججت قبل ذلك فلا يجب عليك الحج مرة أخرى .
وأشهر الحج ثلاثة وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ولعل هذا الشخص فهم من تسميتها أشهر الحج أن من اعتمر فيها وجب عليه الحج ، وهذا الفهم غير صحيح ، بل معنى كونها أشهر الحج أن الحج لابد أن يقع فيها لا قبلها ولا بعدها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل حج متمتعا ، ثم بعد أدائه للعمرة رجع إلى بلده ولم يحج، فهل عليه شيء ?
فأجاب :
لا شيء عليك لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة ثم بدا له أن لا يحج قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه إلا أن ينذر أن يحج هذا العام ، فإذا نذر وجب عليه الوفاء بنذره . اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (2/679) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42534
جهاد المنافقين:
لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين ، كلما سنحت لهم الفرصة ، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة ، أو التشكيك في مسلماتها ، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية ، فما واجبنا نحو هؤلاء ، وكيف نصون الأمة عن شرهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين ، ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة ، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين ، وأطلعوا رؤوس فتنتهم .
ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما قال الله تعالى في أمثالهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 .
ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم ، والحث على الغلظة عليهم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية ، وفيهم من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً :
( لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات ، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين ، والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين ، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين ؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح .(/1)
وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك ، بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ، وضررهم في الدين على كثير من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب ، ويجب على كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب ؛ فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم ، بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين ، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله به ورسوله ، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله ، فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد قال الله تعالى لنبيه
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) التوبة/73 ، وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين . والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم ، كما قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) آل عمران/110 .
قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [ البخاري 4557 بنحوه ] .
فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد ، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة ، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره ) .
[ مجموع الفتاوى 35/159-160] .
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
( الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه ، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم عليه بالأدلة النظرية العقلية ، إضافة إلى الأدلة الشرعية ، حتى يتبين بطلان ما هم عليه .(/2)
والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا ، بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام ، والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة ، يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة ، ولهذا قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) التوبة/73 .
ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار ، لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان ، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام ) .
[ فتاوى علماء البلد الحرام ص 1733 ].
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 42563
فتوى اللجنة الدائمة في الجمارك:
قرأت في كتاب ( الزواجر عن اقتراف الكبائر ) لابن حجر الهيتمي في حكم المكوس ، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، وأن أصحابها أشد الناس عذابا يوم القيامة ، وكثير من الدول يعتمد اقتصادها على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات وهذه الرسوم بالتالي يقوم التجار بإضافتها إلى ثمن البضاعة المباعة بالتجزئة للجمهور ، وبهذه الأموال المحصلة تقوم الدولة بمشروعاتها المختلفة لبناء مرافق الدولة . فأرجو توضيح حكم هذه الرسوم وحكم الجمارك والعمل بها وهل يعتبر نفس حكم المكوس أم لا يعتبر نفس الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
تحصيل الرسوم الجمركية من الواردات والصادرات من المكوس ، والمكوس حرام ، والعمل بها حرام ، ولو كانت ممن يصرفها ولاة الأمور في المشروعات المختلفة كبناء مرافق الدولة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ المكوس وتشديده فيه ، فقد ثبت في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في رجم الغامدية التي ولدت من الزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داوود وروى أحمد وأبو داوود والحاكم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) وصححه الحاكم .
وقد قال الذهبي في كتابه الكبائر : والمكاس داخل في عموم قوله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/42 .(/1)
والمكاس من أكبر أعوان الظلمة بل هو من الظلمة أنفسهم فإنه يأخذ ما لا يستحق ، واستدل على ذلك بحديث بريدة وحديث عقبة المتقدمين ثم قال : والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق وهو من اللصوص ، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه من جندي وشيخ وصاحب راية شركاء في الوزر آكلون للسحت والحرام . انتهى .
ولأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وقد قال تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) البقرة/188 .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته بمنى يوم العيد في حجة الوداع : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) .
فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع طرق الكسب الحرام ويسلك طرق الكسب الحلال وهي كثيرة ولله الحمد ومن يستغن يغنه الله ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3 وقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ) الطلاق/ 4
وبالله التوفيق
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 489 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42564
حكم بيع الملابس المحرمة للكفار:
أعمل في مجال تصدير الملابس إلى أمريكا والدول الأوربية , وأعيش في سيريلنكا ، وأغلب السكان من غير المسلمين ، وأزود المحلات التجارية بملابس نسائية محرمة في الإسلام ، مثل : التنورات القصيرة ، والبنطلونات الضيقة .
فهل دخلي حلال أم لا ، بسبب بيعي وشرائي لهذه الأنواع من الألبسة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أمر الله تعالى المؤمنين أن يتعاونوا بينهم على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان فقال : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، وفي القاعدة عند علماء الشرع " الوسائل لها أحكام المقاصد " فكل ما أدى إلى وجود الحرام وأوصل إليه فهو حرام
وبيع اللباس المحرم كالتنورة القصيرة والبنطلون الضيق وغيرهما مما تخرج به المرأة لا شك أنه محرَّم لأنه قد أدى إلى التبرج المحرَّم والذي تفتن به النساءُ الرجال .
ولأن الغالب على من يشتري هذه الملابس أنه يخرج بها للناس : فإن بيعها له إعانة على الإثم والعدوان ونشرِ الفاحشة والرذيلة بين الناس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
كل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية : فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم .
" شرح العمدة " ( 4 / 386 ) .
وحتى لو كان التصدير أو البيع للكافرات فإن الحكم لا يختلف ؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهو قول جمهور العلماء ، فكل ما يجب على المسلمين فعله يجب على الكفار ، وكل ما حرم على المسلمين حرم عليهم . وسيحاسبون على ذلك يوم القيامة ، ويزداد عذابهم .(/1)
ودليل ذلك قول الله تعالى عن أهل النار : ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ) المدثر/42–46 .
ووجه الدلالة : فأخبر الله تعالى أنه عاقبهم يوم القيامة ، وكانت عقوبتهم النار ، وأنهم لما سئلوا عما استحقوا لأجله العقاب ذكروا من جرائمهم ترك الصلاة ، وترك إطعام الطعام ، فدل على أنهم عوقبوا على ذلك مع أنهم كفار ، يكذبون بيوم الحساب .
وخلاصة الجواب :
أن بيع هذه الملابس لمن يغلب على الظن أنه يستعملها في معصية الله ، حرام ، سواء كان مشتريها من المسلمين أم من الكفار .
والله أعلم
وانظر جواب السؤال رقم ( 34674 ) ، وتجد في جواب السؤال رقم (3011 ) تفصيلاً مهمّاً لحديث قد يُفهم منه جواز بيع ما يحرم على المسلم إذا بيع لكافر .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42567
حكم الاشتراك في نظام التقاعد:
أعيش في بريطانيا وتخصم الحكومة مبلغاً محدداً من راتبي كل شهر لأجل التقاعد , ما حكم مثل هذا النوع من التقاعد ؟ كما يوجد هناك خيار آخر وهو طلب نظام تقاعد خاص في شركات خاصة ؟ .
كما أنهم يأخذون مبلغاً معيناً من المال كل شهر ويستثمرون هذا المال ويقومون بإعطائنا من هذا المال بعد التقاعد عند سن الستين أو الخامسة والستين ، ما حكم نظام التقاعد هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
الاشتراك في نظام التقاعد في الجهات غير الحكومية نوع من الميسر ، وذلك لأنه قد يشترك في هذا النظام عدة أشهر ثم يصاب بإعاقة أو يُتوفَّى، فيحصل هو أو ورثته على مال أكثر بكثير مما أُخذ منه ، وقد يدفع كثيراً من الأقساط ويكون ما أخذه منهم أقل مما دفعه ، وهذا هو الميسر . ولمزيد من التفصيل تراجع أسئلة التأمين بالموقع .
وإذا كانوا يستثمرون المال المستقطع في أشياء محرمة كصناعة الخمور أو الإقراض الربوي كان هذا سبباً آخر للتحريم لما في ذلك من إعانتهم على الإثم والعدوان .
وهذا إذا كان الاشتراك في هذا النظام اختياريّاً ، فلا يجوز المشاركة فيه ، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه .
وأما إذا كان الاشتراك إجباريّاً : فلا إثم عليك ، ولا يحل لك أن تأخذ أنت أو ورثتك أكثر مما أُخذ منك ، ولك أن تترك الباقي أو تأخذه وتوزعه في وجوه الخير .
وأما المشاركة في نظام التقاعد مع الجهات الحكومية فإنها قد لا تأخذ الحكم السابق من جهة أن الحكومة أو بيت المال مسئول عن الإنفاق مع الرعية إذا احتاجوا .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42573
حوار مع نصراني حول عقيدة الفداء عند النصارى:
لماذا يصر المسلون على إنكار أن المسيح قد جاء مخلصا لفدائنا ؟.
الجواب:
الحمد لله
تعد عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة . يقول الكاردينال الإنجليزي منينغ في كتابه : " كهنوت الأبدية " : ( لا تخفى أهمية هذا البحث الموجب للحيرة ، فإنه إذا لم تكن وفاة المسيح صلباً حقيقية ، فحينئذ يكون بناء عقيدة الكنيسة قد هدم من الأساس ، لأنه إذا لم يمت المسيح على الصليب ، لا توجد الذبيحة ، ولا النجاة ، ولا التثليث . . فبولس والحواريون وجميع الكنائس كلهم يدعون هذا ، أي أنه إذا لم يمت المسيح لا تكون قيامة أيضاً ) .
وهذا ما يقرره بولس :{ وإن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل كرازتنا ، وباطل أيضاً إيمانكم } [ كورنثوس 1/14-15] .
وعلى نحو ما تخبطوا في قولهم بالتثليث ، وما مفهومه ، وكيف يوفقون بينه وبين التوحيد الذي يقرره العهد القديم ، [ راجع السؤال رقم 12628 ] ، وعلى نحو تخبطهم أيضا في كل ما يتعلق بالصلب من تفصيلات ، وهو أصل قولهم بالفداء الذي يعتبرونه علة لهذا الصلب ، [ راجع أيضا سؤال رقم 12615 ] ، نقول : على نحو هذا الخبط الملازم لكل من حاد عن نور الوحي المنزل من عند الله ، كان تخبطهم في عقيدة الفداء .
فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .(/1)
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل ، وأنه خلال سني دعوته نهى تلاميذه عن دعوة غيرهم ، وعليه فالخلاص أيضاً يجب أن يكون خاصاً بهم ، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب{ (متى 15/22 - 26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع خطايانا ؟
إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18 .
وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .
فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .(/2)
وحين تكون هناك خطيئة ، سواء كانت مما اكتسبه العبد ، أو ورثه عن آدم ، أو من دونه من الآباء (؟!!) ، فلم لا يكون محو هذه الخطيئة بالتوبة ؟!
إن فرح أهل السماء بالتائب كفرح الراعي بخروفه الضائع إذا وجده ، والمرأة بدرهمها الضائع إذا عثرت عليه ، والأب بابنه الشارد إذا رجع :
{ هكذا يكون الفرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ، أكثر من الفرح بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة } [ لوقا 15/1-31 } .
ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر [ إشعيا 55/7 ]
إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛ فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ، أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 - 11 ] .
إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :
{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة إلى التوبة } [ متى 9/13 ]
و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .(/3)
هذا مع إيماننا بأن الله تعالى لو أمر بعض عباده بقتل أنفسهم توبة من خطاياهم ، لم يكن كثيرا عليهم ، ولم يكن منافيا لبره سبحانه ورحمته ، وقد أمر بذلك بني إسرائيل لما طلبوا أن يروا الله جهرة ، لكن حينئذ لا يقتل أحد عن أحد ، بل يقتل المرء عن إثم نفسه ، لا عن آثام غيره ، وقد كان ذلك من الإصر والأغلال التي وضعها الله عن هذه الأمة المرحومة .
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص التي تحمل كل إنسان مسئولية عمله ؛ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) فصلت /46 وقال : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر/38 .
وهكذا في كتابكم المقدس :
{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]
{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله } [ متى 16/27 ]
وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : { ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ] .
ومثله قوله : { يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون في ملكوته جميع المعاثر ، وفاعلي الإثم ، ويطرحونهم في أتون النار } [ متى 13/41-42 ] .
فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة .
والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص بالمسيح أو غيره :(/4)
{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [ يوحنا 5/28-29] .
{ متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسي مجده . . . ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته } [ متى 25/31 - 42 ] .
ويقول المسيح لهم : { أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم }( متى 23/33 ) .
ويلاحظ أدولف هرنك أن رسائل التلاميذ خلت من معتقد الخلاص بالفداء ، بل إنها جعلت الخلاص بالأعمال كما جاء في رسالة يعقوب { ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد : إنّ له إيماناً ، ولكن ليس له أعمال ، هل يقدر الإيمان أن يخلصه ؟ الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته . . الإيمان بدون أعمال ميت } [ يعقوب 2/14 – 20 وانظر :1/22 , 1/27 ] .
ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ، فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35 ] . ومثل هذا كثير في أقوال المسيح والحواريين .
وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13 .
والعجب أن بولس نفسه الذي أعلن نقض الناموس وعدم فائدة الأعمال ، وأن الخلاص إنما يكون بالإيمان ، هو ذاته أكد على أهمية العمل الصالح في مناسبات أخرى منها قوله : { إن الذي يزرعه الإنسان ، إياه يحصد أيضاً . . . فلا تفشل في عمل الخير لأننا سنحصده في وقته{ ( غلاطية 6/7) .
ويقول : {كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه} (كورنثوس (1) 3/8) .(/5)
[ انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا المسيح على الصليب ]
وهكذا ، فليس أمامك حيال هذا التناقض إلا أن تلغي فهمك وعقلك ، وتعلل نفسك بالأماني الكاذبة ، على نحو ما فعلت في عقيدة التثليث والتوحيد ، وهو ما ينصحك به "ج . ر . ستوت" في كتابه "المسيحية الأصلية" : ( لا أجسر أن أ تناول الموضوع ، قبل أن أعترف بصراحة بأن الكثير منه سوف يبقى سرا خفيا . . . ، ويا للعجب كيف أن عقولنا الضعيفة لا تدركه تماما ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه ينقشع الحجاب ، وتُحل كل الألغاز ، وترى المسيح كما هو !!
. . فكيف يمكن أن يكون الله حل في المسيح ، بينما يجعل المسيح خطية لأجلنا ، هذا ما لا أستطيع أن أجيب عنه ، ولكن الرسول عينه يضع هاتين الحقيقتين جنبا إلى جنب ، وأنا أقبل الفكرة تماما ، كما قبلت أن يسوع الناصري هو إنسان وإله في شخص واحد . . . وإن كنا لا نستطيع أن نحل هذا التناقض ، أو نفك رموز هذا السر ، فينبغي أن نقبل الحق كما أعلنه المسيح وتلاميذه ، بأنه احتمل خطايانا )
[ المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، نقلا عن د . سعود الخلف : اليهودية والنصرانية ص 238 ] .
ونعم ، سوف نرى نحن وأنتم المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وفي هذا اليوم الذي ينقشع فيه الحجاب يتبرأ ممن اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك لغز ولا أسرار :(/6)
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) ) سورة المائدة .
فهل من وقفة قبل فوات الأوان ، وعودة إلى كلمة سواء ، لا لغز فيها ولا حجاب :
( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/7)
رقم 42574
خطأ في الاتجاه إلى القبلة:
أخبرني بعض الجيران أن القبلة التي أصلي باتجاهها خطأ وغير موازية للقبلة في المسجد المجاور ، وبناء على هذا غيرت اتجاهي لمدة شهور ، منها رمضان الماضي ، ثم اكتشفت مرة أخرى أن القبلة الأولى هي الصحيحة . فما حكم الصلوات المؤداة في اتجاه القبلة الخاطئ ؟ أرجو الإجابة لأني حائرة ، و لكم جزيل الشكر .
الجواب:
الحمد لله
استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، والواجب على كل مصل أن يتحرى جهة القبلة في صلاته ، وأن يجتهد في ضبطها لصلاته ، إما عن طريق العلامات أو الآلات الدالة عليها ، إن كان يمكنه ذلك ، أو عن طريق خبر الثقات من أهل المكان ، الذين لهم معرفة بجهة القبلة .
والغالب على الحال التي ذكرتيها أن يكون الانحراف عن جهة القبلة يسيرا ، وهذا الانحراف اليسير هو الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك التردد والاضطراب من أهل المكان عادةً ؛ بحيث لا ينتبه الإنسان إلى ذلك الفرق بين الجهتين ؛ فإن كان الأمر كذلك ، يعني أن الانحراف عن القبلة كان يسيرا ، فإن هذا لا يضر ولا تبطل به الصلاة ؛ لأن الواجب على من كان بعيدا عن الكعبة أن يتجه إلى جهتها ، ولا يشترط في حقه أن يكون اتجاهه إلى عين الكعبة ، لما رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجة ( 1011 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ) [ صححه الألباني في الإرواء ] .
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام [ 1/260 ] : ( والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة ، لا العين في حق من تعذرت عليه العين ) .(/1)
ومن الأدلة على ذلك أيضا ، ما رواه البخاري ( 144 ) ومسلم ( 264 ) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلا غَائِطٍ ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة : ( هذا بيان لأن ما سوى التشريق والتغريب استقبال للقبلة أو استدبار لها ، و هذا خطاب لأهل المدينة ومن كان على سمتهم ... لأن ذلك اجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ قال عمر : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله إلا عند البيت ...وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : كيف يخطئ الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ما لم يتحر المشرق عمدا )
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وبهذا نعرف أن الأمر واسع ، فلو رأينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسامتة [ أي : محاذاة ] القبلة ، فإن ذلك لا يضر ، لأنه متجه إلى الجهة ، وهذا فرضه ) [ الشرح الممتع 2/273 ] .
وأما إن كان الانحراف عن جهة الكعبة كثيرا ؛ بحيث تكون صلاتك إلى غير الجهة التي فيها القبلة ، إما شرقا ، والقبلة غرب أو شمال ، مثلا ، فما دام الإنسان قد بنى عمله على قول من يعلم اهتمامهم بأمر الصلاة ، وتعظيمهم لقدرها ، وكان في ظنه أنهم أدرى منه باتجاه القبلة ، فلا شيء عليه ، وصلاته التي صلاها صحيحة ، حتى ولو كان مخطئا في اتجاهه الذي صلى إليه ؛ لأن الإنسان إذا اجتهد وتحرى ، فقد فعل ما يجب عليه ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن /16 .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة [ 6/314 ] : ( إذا اجتهد المصلي في تحري القبلة وصلى ، ثم تبين أن تحريه كان خطأ ، فصلاته صحيحة ) .(/2)
وفي فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله [ 10/421 ] : ( إذا اجتهد المؤمن في تحري القبلة ، حال كونه في الصحراء ، أو في البلاد التي تشتبه فيها القبلة ، ثم صلى باجتهاده ، وبعد ذلك ظهر أنه صلى إلى غير القبلة ، فإنه يعمل باجتهاده الأخير ، إذا ظهر له أنه أصح من اجتهاده الأول ، وصلاته الأولى صحيحة ؛ لأنه أداها عن اجتهاد وتحرٍ للحق ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 42804
لا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام في كفارة اليمين:
كانت عليَّ كفارة يمين ، فصمت ثلاثة أيام مع قدرتي على إطعام عشرة مساكين ، فهل ما فعلته صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام أو الكسوة أو العتق ، لأن الله سبحانه رتب إجزاء الصيام على عدم وجود الطعام أو الكسوة أو العتق ، فقال : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) المائدة/89
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23/13) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42822
صاحب مختبر تحليل يريد أن يعطي الأطباء نسبة ليرسلوا مرضاهم إليه:
هل يجوز لصاحب مختبر تحاليل طبية أن يتفق مع الأطباء على أن يحولوا مرضاهم إليه على أن يكون لهم نسبة على هذه التحاليل ؟
مع العلم أن هذه النسبة لن يتحملها المريض ، بل سيكون ثمن التحليل هو نفس ثمنه في المختبرات الأخرى .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لصاحب المختبر أن يعطي الطبيب الذي يحيل عليه المرضى للتحليل نسبة من المال لأن ذلك يعد من الرشوة المحرمة .
وبالله التوفيق
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 566) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42863
لا يجوز أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من يسخر من الدين الإسلامي:
هل يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من الدوائر شخصا يعتنق الشيوعية أو يسخر بالدين أويعتنق القومية ويعتبرها دينا ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو الدوائر الأخرى من علم أنه شيوعي أو يسخر بالدين الإسلامي أو اعتنق القومية أو اعتبرها دينا لأنه بانتخابه إياه رضيه ممثلا له وأعانه على تولي مركز يتمكن من الإفساد فيه ، ويعين فيه من يشايعه في مبدئه وعقيدته وقد يستغل ذلك المركز في إيذاء من يخالفه وحرمانه من حقوقه أو بعضها في تلك الدائرة أو غيرها بحكم مركزه وتبادل المنافع بينه وبين زملائه في الدوائر الأخرى ، ولما فيه من تشجيعه على استمراره على المبدأ الباطل وتنفيذه ما يريد .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 404) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42894
شركة أدوية تقدم رشوة للأطباء خوفاً من كساد منتجاتها:
أنا صيدلي أعمل بإحدى شركات الأدوية كمندوب دعاية لأدوية تلك الشركة وحيث إننا نقوم بإهداء الأطباء بالمستشفيات والمستوصفات الخاصة والعامة هدايا مثل قلم أو ساعة مكتوب عليها اسم المنتج أو اسم الشركة الموزعة وذلك حتى يقوم الطبيب بوصف هذا الدواء أو الأدوية التي نقوم بتوريدها للمرضى علما بأن معظم الشركات المنافسة تقوم بذلك وبكثرة ، حيث نجد أنفسنا مضطرين وإلا تعرضت المنتجات للكساد . وبهذا يكون المريض ضحية التنافس . فما حكم مثل هذا العمل ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا العمل لا يجوز ، ويعتبر رشوة محرمة لأنه يحمل الموظف على أن يحيف مع الشركة التي تهدي إليه ويترك الشركات الأخرى ، وهذا فيه أكل للمال بالباطل ، وفيه إضرار بالآخرين ، فالواجب تجنبه والتحذير منه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي .
نسأل الله العافية والسلامة . وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة (23/576) .
وهناك مفسدة أخرى أشار إليها السائل ، وهي :
أن هذا التصرف قد يضر بالمريض ، فقد يقدم الطبيب على كتابة هذا الدواء للمريض طمعاً في الهدية من الشركات المنتجة مع أن غيره قد يكون أنفع للمريض .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42909
يستلم بطاقة ويدفع لصاحبها ولخمسة أشخاص مبلغا.. في نظام هرمي:
استلمت بطاقة من صديق لي ويجب أن أدفع له 100$ مقابل هذه البطاقة وأدفع 100$ للشخص الذي أعطى البطاقة لصديقي وأدفع 100$ لخمسة أشخاص فعلوا نفس الشيء بالترتيب والشخص السادس يأخذ 800$ وتأخذ الشركة القائمة على هذا 800$ وتجري العملية بهذه الطريقة بحيث يحصل كل من يرسل البطاقة على 400$ وإذا أعطى 4 بطاقات لأربعة أشخاص وكل منهم أوصل البطاقة لشخص آخر يحصل الأول على 1600$ وهكذا ...
هل تجوز المشاركة في هذه المعاملة ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه المعاملة مشتملة على القمار وأكل أموال الناس بالباطل ، وكل منهما محرم تحريما ظاهرا ، كما قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/90، 91 .
وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 ووجه كون هذه المعاملة من القمار والميسر ، أن المشترك فيها يبذل مالاً في غير مقابل ، رجاء أن يحصّل أكثر منه ، فهو دائر بين الغُنم والغُرم ، وهذا حد الميسر .
ووجه كون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل واضح ، فإن هذه المعاملة لا يحصد مالها إلا القائمون عليها وفئة قليلة من المشاركين ، وتخرج الأغلبية بلا شيء غير الإثم والوزر .
ولهذا أطلق عليها في بعض البلدان الغربية : أهرامات الوهم ، أو بيع الهواء .(/1)
يقول الدكتور وائل غنيم مدير التسويق بشركة جواب لتقنيات البريد الإلكتروني :
( تقوم هذه الفكرة على منطق أشبه بالقمار ، حيث إن الجميع يضع أمواله على الطاولة ثم يجمعها من هو أجدرهم قدرة على الكلام وإقناع الآخرين ، وتلعب الأقدمية الدور الهائل في تحقيق الآلاف المؤلفة ، حيث إن مؤسس العمل ومن تبعه حتى درجة معينة من درجات الهرم - تختلف بحسب انتشار الشركة ودرجات الهرم - هم من يحققون المكاسب الرهيبة وهم هنا يمثلون دور المقامر الذي يكسب الرهان .. أو يجمع المال ، ولا يدخل في مكاسبهم الكبيرة ذكاؤهم الشديد فكل ما قاموا به هو إقناع عدة أشخاص وجلسوا جانبا يلاحظون ما سيقوم به أتباعهم وهكذا ، ويبقى أن الأول هو الأفضل .. والهرم ينقسم لعدة أدوار رئيسية :
أولا : ملوك أهرام الوهم وهم الذين كما ذكرت آنفا سيحققون المكاسب الوهمية بسبب أسبقيتهم ونسبتهم ضئيلة جدا .
ثانيا : تجار أهرام الوهم وهم من سيحققون مكاسب لكنها عادية جدا وليست التي بنوا عليها آمالهم ونسبتهم ضئيلة .
ثالثا: الناجون من مصيدة أهرامات الوهم وهم الذين لم يكسبوا ولم يخسروا فقد استطاعوا تحقيق المبلغ الذي دفعوه ونسبتهم معقولة .
رابعا ضحايا الوهم وهم أكثر من 80 بالمائة من مستخدمي هذا النظام وتزيد نسبتهم كلما زادت درجات الهرم .
وتقل نسبة القادرين على الإقناع كلما نزل الهرم لدرجات أعمق وهذا يشرح لنا أن تحقيق المكاسب الزائدة لن يكون إلا على أساس اشتراك المزيد من الخاسرين لأن الشركة بالأساس تربح .. وملوك وتجار الوهم يربحون .. ولا يتبقى في هذه المعادلة الرياضية سوى ضحايا الوهم .. الذين يتبرعون بأموالهم لملوك وتجار الوهم ).(/2)
ويقول ( في 5 يناير عام 2000 نشرت إدارة حماية المستهلك بإحدى الولايات الأمريكية تحذيرا من ناد اتخذ طريقة بطاقات الاشتراك كوسيلة لنشر أهرامات الوهم ، وقد حذرت إدارة الشئون التجارية بالولاية من هذه الأهرامات الوهمية وقد وضعت لها الصفات التالية : أنها تعد بالربح السريع والمؤكد أنها تظهر للجميع مدى نجاح الفكرة من خلال بعض العملاء الذين اشتركوا فيها ، أنها تقوم بلقاءات مباشرة تعمل فيها على ضغطك نفسيا بحيث لا تفكر وتشترك بمجرد انتهاء هذه اللقاءات ، وقد أكدت الإدارة أن أهرامات الوهم هي أكذوبة كبرى وأن أقل القليل من المشتركين هم الذين يفوزون فقط .
- أضافت الحكومة الكندية في قوانين الجرائم جزءا خاصا بتجريم كل فرد أو مجموعة تمارس نظام أهرامات الوهم ، وكانت الحكومة قد وصفت هذا النظام بأنه طريقة تقوم على أساس دفع مبلغ للاشتراك ضمن مجموعة وذلك في مقابل حضور محاضرات أو الحصول على مواد تعليمية حول هذا الموضوع ، وبعدها يتم مطالبة الضحية بمحاولة إقناع عدد معين من المستخدمين بالقيام بها . ويوضح موقع الشرطة الكندية أن ملايين الدولارات قد جمعت من المشتركين الذين خسروا أموالهم ، بينما فاز عدد قليل جدا بكمية هائلة من الأموال .
- نشر روبرت كارول صاحب كتاب : False Profits أو مكاسب خاطئة ، شرحا مبسطا يثبت للجميع أن طريقة أهرامات الوهم ليست سوى عملية نصب على نسبة كبيرة من المشتركين يفوز فيها رؤوس الهرم الذي غالبا ما يتمثل في صاحب الشركة ومن معه من مؤسسين .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن صور متعددة لهذه المعاملة ، فأفتت بتحريمها ، وأنها من نوع من أنوع الربا والقمار والميسر .(/3)
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/212) : ( إذا كان الأمر كما ذكر ؛ فهذه معاملة نوع من القمار والميسر الذي نهى عنه بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة/90 . اهـ .
وجاء فيها أيضاً (15/215) : ( هذه المعاملة لا تجوز ، بل هي المنكرات ، ومن أعظم كبائر الذنوب ؛ لما اشتملت عليه من ربا الفضل وربا النسيئة ، وكلامهما محرم بإجماع المسلمين ، ولما فيه من التلاعب بأموال الناس وأكلها بالباطل ، وهي بهذه المعنى في حكم الميسر – القمار – المحرم بالنص والإجماع ) . اهـ .
وجاء فيها أيضاً (15/218) : ( التعامل المذكور يشتمل على غرر فاحش ورباً ومقامرة ، وكلها من كبائر الذنوب ، التي توجب سخط الله وغضبه ) . اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 42919
معنى حديث : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ):
ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) ، وورد في حديث آخر : ( لا يذهب الليل والنهار حتى تُعْبد اللات والعزى ) ، وفي رواية : ( حتى تضطرب أليات نساء دوس عند ذي الخلصة )
والإشكال : أنه في الحديث الأول يفهم أن الشرك لا يقع في الجزيرة العربية والحديث الثاني يدل على أنه سيقع ؟.
الجواب:
الحمد لله
من الأمور المقررة عند أهل العلم أن الشرك واقع في هذه الأمة كما دلت على ذلك النصوص الصحيحة ، والواقع يؤيد ذلك .
وقد ارتد أكثر العرب بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكثير منهم رجع إلى عبادة الأوثان .
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبدون الأوثان ، ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك .
وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ... ) فللعلماء عليه أجوبة :
1- أن الشيطان قد أيس أن يجمع كل المصلين على الكفر .
واختار هذا القول العلامة ابن رجب الحنبلي . الدرر السنة (12/117)
2- أن هذا إخبار عما وقع في نفس الشيطان من اليأس لما رأى الفتوح ، ودخول الناس في دين الله أفواجاً ، فالحديث أخبر عن ظن الشيطان وتوقعه ، ثم كان الواقع بخلاف ذلك لحكمة يريدها الله عز وجل . واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . القول المفيد (1/211)
3- أن الشيطان أيس من المؤمنين كاملي الإيمان ، فلم يطمع فيهم الشيطان أن يعبدوه ، واختاره الألوسي . وانظر دعاوى المناوئين . (224)
4- أن ( أل ) في كلمة ( المصلون ) للعهد ، والمراد بهم الصحابة .(/1)
والأقوال كلها قريبة ، وأقربها الثاني ، والله أعلم .
انظر " أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين " (2/232-238) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42929
هل القيء نجس ؟:
إذا تقيأ الإنسان ، فهل هذا القيء نجس وينقض الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ذهب أكثر العلماء إلى نجاسة القيء .
جاء في الموسوعة الفقهية (34/87) :
" اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ، ولكل منهم تفصيله , وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ، ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة . واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس : من الغائط , والبول , والقيء , والدم , والمني ) " انتهى .
واستدلوا على نجاسته أيضا : بقياسه على الغائط ، لأنه قد ظهر فيه النتن والفساد .
وذهب بعض العلماء كابن حزم والشوكاني إلى طهارته ، لأن الأصل في الأشياء الطهارة ، وليس هناك دليل صحيح على نجاسته .
وقد أجابوا عن حديث عمار بأنه ضعيف .
قال النووي في "المجموع" (2/549) : حديث عمار هذا رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والدارقطني والبيهقي ، قال البيهقي : هو حديث باطل لا أصل له وبين ضعفه الدار قطني والبيهقي " انتهى .
وضعفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/33) .
وقال الشيخ الألباني في "تمام المنة" ( ص 53) معلقاً على قول صاحب "فقه السنة" إن من النجاسات القيء :
" قلت : لم يذكر المؤلف الدليل على ذلك اللهم إلا قوله : [ إنه متفق على نجاسته ] وهذه دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قيء المسلم ، وهو مذهب الإمام الشوكاني في "الدرر البهية" وصديق خان في شرحها ، حيث لم يذكرا في النجاسات قيء الآدمي مطلقاً ، وهو الحق ، ثم ذكرا أن في نجاسته خلافاً ورجحا الطهارة بقولهما : ( والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه ) وذكر نحوه الشوكاني أيضاً في السيل الجرار " انتهى .(/1)
وقد سئل الشيخ سليمان العلوان عن نجاسة القيء فقال : " الصحيح أنه طاهر مطلقاً ( يعني سواء كان متغيراً أم لا ) ، والاستقذار والاستحالة إلى روائح كريهة لا يعني النجاسة .
والأصل الجامع في هذا الباب طهارة كل الأعيان حتى يثبت الدليل على النجاسة ، والقيء لم يثبت دليل على نجاسته فهو طاهر " اهـ .
وانظر : "المجموع" (2/570) ، "المغني" (1/485) .
ثانياً :
وأما نقض الوضوء بالقيء ، فالصحيح من أقوال أهل العلم أن القيء لا ينقض الوضوء ، وانظر السؤال (2570) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 42958
وجد كافراً على الطريق فهل يوصله:
إذا وجد الإنسان شخصاً غير مسلم في الطريق وطلب إيصاله فما الحكم ؟ وهل يجوز الأكل مما مسته أيدي الكفار ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إذا وجدت شخصاً غير مسلم في الطريق فلا حرج عليك أن توصله معك في سيارتك لأن الله يقول : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة / 8 .
أما الأكل مما مسته أيدي الكفار فجائز ، لأن نجاسة الكافر نجاسة معنوية لا حسية ."
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/44 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42965
عبارة " استجرت برسول الله ":
ما رأيكم فيمن يقول " آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم " ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ، معتصما به .
وأما قوله ( واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز .
أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله } فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها ، فإذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك والله الموفق ."
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/70 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 42970
الدجال يخرج في آخر الزمان فلماذا حذر الأنبياء أقوامهم منه ومتى وأين سيخرج ؟:
لماذا حذر الأنبياء أقوامهم من الدجال مع أنه لا يخرج إلا في آخر الزمان ؟ ومتى يخرج الدجال ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أعظم فتنة على وجه الأرض منذ خلق آدم إلى قيام الساعة هي فتنة الدجال كما قال ذلك النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولهذا ما من نبي من نوح إلى محمد ، صلوات الله عليهم وسلامه ، إلا أنذر قومه به تنويهاً بشأنه ، وتعظيماً له ، وتحذيراً منه ، وإلا فإن الله يعلم أنه لن يخرج إلا في آخر الزمان ، ولكن أمر الرسل أن ينذروا قومهم إياه من أجل أن تتبين عظمته وفداحته ، وقد صح ذلك عن النبي ، عليه الصلاة والسلام، وقال : " إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم – صلوات الله وسلامه عليه يعني أكفيكم إياه - وإلا فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم " مسلم 5228
نِعْمَ الخليفة ربنا – جل وعلا - .
فهذا الدجال شأنه عظيم بل هو أعظم فتنة كما جاء في الحديث منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة ، فكان حريّاً بأن يُخَصّ من بين فتن المحيا بالتعوذ من فتنته في الصلاة " أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " .
وأما الدجال فهو مأخوذ من الدجل وهو التمويه ؛ لأن هذا مموه بل أعظم مموه وأشد الناس دجلاً .
ثانياً :
خروج المسيح الدجال من علامات الساعة ولكنه غير محدد ، لأنه لا يعلم متى تكون الساعة إلا الله فكذلك أشراطها ما نعلم منها إلا ما ظهر ، فوقت خروجه غير معلوم لنا لكننا نعلم أنه من أشراط الساعة .
ثالثاً :(/1)
وأما جهة خروجه فإنه يخرج من المشرق من جهة الفتن والشر كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " الفتنة هاهنا " وأشار إلى المشرق ( البخاري 3279 ، ومسلم 5167 ) ، فالمشرق منبع الشر والفتن ، يخرج من المشرق من خراسان مارّاً بأصفهان داخلاً الجزيرة من بين الشام والعراق ليس له هم إلا المدينة ، لأن فيها البشير النذير ، عليه الصلاة والسلام ، فيحب أن يقضي على أهل المدينة ، ولكنها محرمة عليه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : " على كل باب منها ملائكة يحفظونها " رواه البخاري 1880 ومسلم 2449 ، هذا الرجل يخرج بين الشام والعراق ، ويتبعه من يهود أصفهان سبعون ألفاً لأنهم جنوده ( رواه مسلم 5237 ) ، فاليهود من أخبث عباد الله وهو أضل عباد الله فيتبعونه ويؤوونه وينصرونه ، ويكونون مسالح له- أي جنوداً مجندين- هم وغيرهم ممن يتبعهم ، قال النبي ، عليه الصلاة والسلام : " يا عباد الله فاثبتوا يا عباد الله فاثبتوا " رواه مسلم 5228 ، يثبتنا عليه الصلاة والسلام ، لأن الأمر خطير وقال عليه الصلاة والسلام : "من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات " رواه أبو داود 3762 وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
يأتيه الإنسان ويقول : لن يضلني ولن أتأثر به ، ولكن لا يزال يلقي عليه من الشبهات حتى يتبعه والعياذ بالله ." نسأل الله أن يحفظنا بحفظه والحمد لله رب العالمين ...
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله .. 2/13 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43010
لا يصوم إلا شهر رمضان فقط ولا يصوم شيئاً من النوافل:
ما حكم من يصوم شهر رمضان فقط ، ولا يصوم المناسبات الأخرى ؟ هل يجوز لي أن أخرج الصدقة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على المسلم هو صوم شهر رمضان ، وما عداه من الأيام الفاضلة ، كيوم عرفة وعاشوراء وغيرهما لا يجب صومها إلا إذا نذرها ، وأما من غير نذر فلا يجب صومها .
وقد ثبت عن طلحة بن عبيد الله أنه قال : ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فقال هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان ، قال هل علي غيره ؟ قال لا إلا أن تطوع ، قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع ، فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق ) رواه البخاري (46) ، ومسلم (11)
وهذا يدل على أن الصوم الواجب هو صوم شهر رمضان ، وما عداه من الأيام الفاضلة ، ولا يأثم الإنسان بتركه .
قال النووي في شرح مسلم :
في هذا الحديث أنه لا يجب صوم عاشوراء ولا غيره سوى رمضان ، وهذا مجمع عليه .اهـ
، لكن لا ينبغي له أن يترك صيام الأيام الفاضلة ، كعاشوراء وعرفة وست من شوال ونحو ذلك ، لعظيم أجرها وفضلها ، ولأن صيام النافلة مكمل لما يحصل من النقص في صيام الفريضة .(/1)
وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله على ذلك ) رواه الترمذي برقم 413 ، والنسائي برقم 465 ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وهذا يدل على أن صيام النافلة يكمل ما حصل من نقص في صيام الفريضة .
أما سؤالك عن الصدقة فغير واضح ، لكن إن كان قصدك السؤال عن الصدقة على مثل ذلك الرجل ، فالجواب : نعم تجوز الصدقة عليه ، طالما أنه مسلم يصلي ، وتركه للصيام للنوافل - كما سبق - ليس فيه إثم ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43012
إن الله شديد العقاب:
أحد الأصدقاء يسمع الأغاني عندما اقدم إليه النصيحة يرد على ويقول إن الله غفور رحيم واخبره أن الله شديد العقاب... أريد دليل من السنة والقران إن الله شديد العقاب .
الجواب:
الحمد لله
مما يُشكر عليه السائل حرصه على هداية صديقه ، وهكذا الأصدقاء يتعاهدون إخوانهم بالنصح والتوجيه والإرشاد ، والحرص على الهداية دون اكتراث أو ملل ، لا يَدَعُون المداهنة سبيلاً إليهم ، قال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة/71
ثانياً : ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الغناء ، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة ، ونُقل ذلك عن ابن عباس وابن مسعود والشعبي والثوري وغيرهم من العلماء .
( انظر : سنن البيهقي 10 / 223 ، والمحلى 9 / 59 ، والمغني 14 / 160 )
ينظر سؤال رقم ( 5000 )
ثالثاً : الآيات والأحاديث في شدة عذاب الله كثيرة ، ويمكن تقسيمها هنا إلى قسمين :
1- ما يتعلق بالغناء مباشرة .
2- شدة عذاب الله عموماً .
أما القسم الأول فقد ورد فيه عدة أحاديث .
منها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنّة عند مصيبة ) رواه البزار والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ، وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص 51
واللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى .(/1)
ومنها : رواه الترمذي (2138) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُور ُ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وأما القسم الثاني : فمن القرآن قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون َ) التحريم/6 ، وقوله : ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَر َ) القمر/48 ، وقوله : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) البقرة/24 ، وقوله : ( إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) غافر/72 ، وقوله : ( وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ) إبراهيم/15–17 ، وقوله : ( إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم ) الدخان/ 43–49 ، وقوله : ( فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) الحج /19–22 وغيرها كثير .(/2)
ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام : ( يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) رواه مسلم 2842 ، وقوله : ( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم ، قالوا : والله إن كانت هذه لكافية ، قال : إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها ) رواه البخاري (3265) ، ومسلم (2843)
، وقوله : ( إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار ) رواه مسلم (2002) ، وقوله : ( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه ؟ ) رواه الترمذي 2585 ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5126 . وقوله : ( إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحداً أشدّ منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذاباً ) رواه البخاري 6562 ومسلم 213 . وقوله : ( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال له : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مرّ بك نعيمٌ قط ؟ فيقول : لا والله يا ربّ ) رواه مسلم 2707.
وقوله : ( لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون وفيهم رجلٌ من أهل النار فتنفّس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه ) رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب 3668 .
وقال ابن القيم في "الجواب الكافي" ص 53-68 :
"وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين . ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند .
وقال بعض العلماء : من قطع منك عضواً في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا .(/3)
وقيل للحسن : نراك طويل البكاء ! فقال : أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي .
وكان يقول : إن قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة ، يقول أحدهم : إني لأحسن الظن بربي ، وكذب ، لو أحسن الظن لأحسن العمل .
ثم ذكر رحمه الله بعض الأحاديث الدالة على شدة عقاب الله تعالى ثم قال :
والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا ، فلا ينبغي لمن نصح نفيه أن يتعامى عنها ، ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن" اهـ باختصار .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 43028
الحكمة من تحريم إتيان الزوجة في حال الحيض والنفاس:
ما الحكمة من تحريم إتيان الزوجة في حال الحيض والنفاس ؟ إذا كان سبب التحريم هو الدم لأنه نجس فهل يجوز الوطء بمانع مثل الواقي المطاطي ؟ .
الجواب:
الحمد لله
حرّم الله عز وجل على الرجال وطء زوجاتهم في الفرج في زمن الحيض .
وقد نص القرآن الكريم على علّة التحريم ، وهي كون المحيض أذى قال تعالى : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) البقرة / 222
والدراسات العلمية في هذا المجال كشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة ولكنهم لم يصلوا إلى التعرف على جميع الأذى الذي عناه النص القرآني .
يقول الدكتور محيي الدين العلبي : " يجب الامتناع عن جماع المرأة الحائض لأن جماعها يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي ، لأن عروق الرحم تكون محتقنة وسهلة التمزّق وسريعة العطب ، كما أن جدار المهبل سهل الخدش ، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرة مما يؤدي إلى التهاب الرحم أو يحدث التهاب في عضو الرجل بسبب الخدوش التي تحصل أثناء عملية الجماع ، كما أن جماع الحائض يسبب اشمئزازاً لدى الرجل وزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته ، مما قد يكون له تأثير على الرجل فيصاب بالعنة (البرود الجنسي )
ويقول الدكتور محمد البار متحدثاً على الأذى الذي في المحيض : يُقذف الغشاء المبطّن للرحم بأكمله أثناء الحيض .. ويكون الرحم متقرحاً نتيجة لذلك ، تماماً كما يكون الجلد مسلوخاً فهو معرّض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح .. ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً على الرحم .
لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم .(/1)
ويرى الدكتور البار أن الأذى لا يقتصر على ما ذكره من نمو الميكروبات في الرحم والمهبل الذي يصعب علاجه ، ولكن يتعداه إلى أشياء أخرى هي :
1. امتداد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها ، مما قد يؤدي إلى العقم أو إلى الحمل خارج الرحم ، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق .
2. امتداد الالتهاب إلى قناة مجرى البول ، فالمثانة فالحالبين فالكلى ، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة .
3. ازدياد الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان .
والمرأة الحائض كذلك تكون في حالة جسمية ونفسية لا تسمح لها بالجماع ، فإن حدث فإنه يؤذيها أذى شديداً ، ويصاحبه آلالام وأوجاع أثناء الحيض ـ يقول الدكتور البار ـ :
1. يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة إلى أخرى ، وأكثر النساء يصبن بآلام في الظهر وفي أسفل البطن ، وبعض النساء تكون آلامهن فوق الاحتمال مما يستدعي استعمال الأدوية والمسكنات .
2. تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته ..كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها أثناء الحيض .
3. تصاب بعض النساء بالصداع النصفى قرب بداية الحيض ، وتكون آلالام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء .
4. تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة ، بل إن كثيراً من النساء يكن عازفات تماماً عن الجماع أثناء الحيض . وتكون الأجهزة التناسيلة بأكملها في حالة شبه مرضية ، فالجماع في هذه الآونة ليس طبيعياً ولا يؤدي أي وظيفة ، بل على العكس يؤدي إلى الكثير من الأذى .
5. تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مئوية كاملة ، ومع انخفاض درجة الحرارة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم فيسبب الشعور بالدوخة والفتور والكسل .(/2)
ويذكر الدكتور البار أيضاً أن : الأذى لا يقتصر على الحائض في وطئها ، وإنما ينتقل إلى الرجل الذي وطئها أيضاً مما قد يسبب له التهابات في الجهاز التناسلي الذي قد يسبب عقماً نتيجة هذه الالتهابات . كما أن الآلام المبرحة التي يعانيها المريض من هذه الالتهابات تفوق ما قد ينتج عن ذلك الالتهاب من عقم .
إلى غير ذلك من المضار الكثيرة والتي لم يكشف عنها الآن ، وإنما عبّر عنها الله عز وجل بقوله : ( قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ، ولا تقربوهن حتى يطهرن ) فوصفه تعالى له بأنه ( أذى ) أذى للزوجة ، وأذى للزوج وغير ذلك من مضار كثيرة الله أعلم بها .
وبهذا يتبيّن أنه ليس المنع من وطء الزوجة في زمن الحيض من أجل الدم فقط . بل لأسباب كثيرة سبق ذكرها .
كما أن على المسلم أن يمتثل أمر الله عز وجل فإنه هو الخالق وهو أعلم بما يصلح العباد وما يضرهم ، وهو القائل ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) فحتى لو لم يتبيّن للشخص الحكمة من ذلك فإن عليه أن يسلّم لأمر الله الذي أمر أن يترك الرجل جماع أهله في هذه الفترة .
انظر : الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب د . عمر الأشقر .
توضيح الأحكام للبسام (1/362)
ومع ذلك فإنه يجوز للرجل أن يستمع بزوجته فيما دون الفرج .
يراجع سؤال رقم (36740 ) و (36722) (36864) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43065
ميقات أهل مكة في العمرة:
من أين يحرم أهل مكة للعمرة ؟ وإذا كان مصيفهم في الهدا ( وهو قبل الميقات ) أين يحرمون للعمرة أيضاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
أهل مكة يحرمون للعمرة من خارج الحرم كالتنعيم ، وإذا سكنوا في الهدا وقت الصيف فإنهم يحرمون للعمرة من مكانهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت : (.. ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة يهلون من مكة ) متفق عليه ، وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة لمَّا أرادت العمرة وهي في مكة أن تحرم من الحل . ( أي : خارج الحرم )
وبالله التوفيق
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/129) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43100
أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب:
كان مسئولاً عن دائرة حكومية ، ويأتيه بعض الموارد عن طريق غير مشروع ، ومن ثم هداه الله فماذا يعمل في تلك الأشياء التي أنفقها في غير وجهها ، مع العلم أنه لا يحصي عددها ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب عليه أن يرد ما أخذه من كل شخص إلى مستحقه إن وجد أو ورثته ، فإن تعذر من كل وجه ، فإنه يتصدق بالمال على نية صاحبه .
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/25 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43123
طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة:
كم هي أهمية الزوج بالنسبة لزوجته ؟ هل هو أهم من أخواتها ؟ لمن تجب طاعة الزوجة ؟ هل الزوج أهم من والدي الزوجة وأخواتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
قد دل القرآن والسنة على أن للزوج حقا مؤكدا على زوجته ، فهي مأمورة بطاعته ، وحسن معاشرته ، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها ، بل هو جنتها ونارها ، ومن ذلك: قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم ) النساء/34
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه " رواه البخاري (4899)
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ( فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات ) انتهى من آداب الزفاف ص 282
وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660(/1)
وروى ابن ماجة (1853) عن عبد الله بن أبي أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال ما هذا يا معاذ قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه " والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .
وروى أحمد (19025) والحاكم عن الحصين بن محصن : أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أذات زوج أنت ؟ قالت نعم قال : كيف أنت له ؟ قالت ما آلوه ( أي لا أقصّر في حقه ) إلا ما عجزت عنه . قال : " فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك " أي هو سبب دخولك الجنّة إن قمت بحقّه ، وسبب دخولك النار عن قصّرت في ذلك .
والحديث جود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم 1933
إذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين ، قدمت طاعة الزوج ، قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها . شرح منتهى الإرادات 3/47
وفي الإنصاف (8/362) : ( لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها . بل طاعة زوجها أحق ).
وقد ورد في ذلك حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال : أمه .
غير أنه حديث ضعيف ضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب" (1212) وأنكر على المنذري تحسينه .
والله أعلم .(/2)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43138
كيفية سؤال الميت في القبر:
هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويسأل .
فإن قال قائل : إن القبر ضيق فكيف يجلس ؟!
فالجواب :
أولاً :
أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدّق ، ولا يسأل كيف ؟ ولم ؟
لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك ، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله ، فيسلّم ويقول : الله أعلم بكيفية ذلك .
ثانياً :
أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان ، وتعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة ، وهاهو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب ، وجاء ، وسافر ، وكلم أناساً ، والتقى بأناس أحياء وأموات ، ويرى أن له بستاناً جميلاً ، أو داراً موحشة مظلمة ، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة ، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه لم يتغير ، حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً ، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً .
هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمنه البلاغ ، وعلينا التصديق والإذعان قال الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء / 65 "
مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/34 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43154
رد السلام على الكافر على ثلاثة أقسام:
إذا سلم الكافر على المسلم فهل يرد عليه ؟ وإذا مد يده للمصافحة فما الحكم ؟ وكذلك خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إذا سلم الكافر على المسلم سلاماً بيناً واضحاً فقال : السلام عليكم ، فإنك تقول : عليك السلام ، لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء / 86 ، أما إذا لم يكن بيناً واضحاً فإنك تقول : وعليك .
وكذلك لو كان سلامه واضحاً يقول فيه : السام عليكم يعني الموت فإنه يقال : وعليك .
فالأقسام ثلاثة :
الأول : أن يقول بلفظ صريح : " السام عليكم ". فيجاب : " وعليكم ".
الثاني : أن نشك هل قال : " السام " أو قال : "السلام" ، فيجاب : "وعليكم" .
الثالث : أن يقول بلفظ صريح : "السلام عليكم" . فيجاب : "عليكم السلام" ؛ لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ :(/1)
" فلو تحقق السامع أن الذي قال له : سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول : وعليك السلام أو يقتصر على قوله : وعليك ؟ فالذي تقتضيه الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له : وعليك السلام ، فإن هذا من باب العدل ، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان ، وقد قال تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) . فندب إلى الفضل ، وأوجب العدل ، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما ، فإنه صلى الله عليه وسلم ، إنما أمر بالاقتصار على قول الراد : وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم ، ثم قال ابن القيم : والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه . قال الله تعالى : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) المجادلة / 8 .
فإذا زال هذا السبب ، وقال الكتابي : سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه . أ.هـ أحكام أهل الذمة 200 /1.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليكم ، فقولوا : وعليك " . والسام هو الموت .
وإذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه .
وأما خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي فمكروه ، لكن ضع الكأس على الطاولة ولا حرج .
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/36 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43162
علاقة الزكاة بالنظام الاقتصادي والتكافل الاجتماعي:
هل الزكاة نظام اقتصادي إسلامي أو (نظام) للكفالة الاجتماعية ؟ إذا كان الجواب بلا، فما هو النظام الاقتصادي الإسلامي إذن ؟ وما هو نظام الكفالة الاجتماعية الإسلامي ؟ أهو الزكاة ؟ ومتى أستحق الحصول على معونات حكومية من دولة مسلمة أو كافرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يرد في النصوص الشرعية من كتاب أو سنة تعريفا للنظام الاقتصادي الإسلامي بل جاءت الشريعة ببيان كل ما يتعلق بحياة المسلم من خلال النصوص ومنها ما يتعلق بأحواله الاقتصادية .
ويمكن أن يعرَّف النظام الاقتصادي الإسلامي : بأنه مجموعة الأصول العامة الاقتصادية المستنبطة من القرآن والسنة ، والبناء الاقتصادي الذي يقام على أساس تلك الأصول .
أو يعرَّف بأنه النظام الذي يوجه النشاط الاقتصادي وينظمه وفقا لأصول الإسلام وسياسته في الاقتصاد .
ومن الأصول العامة التي جاءت بها الشريعة : حق الإنسان في التملك ، وحرمة الاعتداء على مال الغير ، وإباحة الانتفاع بما في الأرض ، وتحريم الربا والميسر والظلم .
ومن صور البناء الاقتصادي الذي يقوم على تلك الأسس : البيوع الجائزة ، والشركة ، والمضاربة ، والإجارة ، والمزارعة ، والاستثمار المباح بأشكاله المتنوعة .
وباعتبار أن الزكاة عبارة عن خروج المال من يد ، وانتقالها إلى يد أخرى تنتفع بها وتتصرف فيها ، وأن ذلك كله منضبط بالأصول العامة المستخرجة من القرآن والسنة ، فالزكاة جزء من النظام الاقتصادي الإسلامي ولا شك ، وفيها من النصوص الخاصة التي تبين أصناف الأموال الزكوية ، والقدر الواجب فيها ، وأهلها ، ومصارفها ، ما هو معروف مشهور .(/1)
وهي أيضا وسيلة من وسائل تحقيق الكفالة الاجتماعية ، وهذه الكفالة في الإسلام لا تقتصر على الزكاة بل تتحقق بأمور أخرى أيضا ، كالصدقة ، والوقف ، والفيء والغنيمة وعطايا بيت المال .
فالمجتمع الإسلامي ينهض بأفراده من الأغنياء والفقراء، فيحث الأغنياء على البذل والعطاء ، ويلزمهم بقدر واجبٍ زكاة لأموالهم ، ويحقق الكفاية للفقراء والمحتاجين والعاجزين عن العمل من الشيوخ والأرامل وغيرهم . ولهذا جعلت الشريعة الزكاة فرضا وركنا من أركان الإسلام وحثت على الصدقة والوقف والوصية ، وجعلت الفقراء مصرفا من مصارف الزكاة والكفارة والفدية ، ككفارة الظهار واليمين والصوم ، وفدية الحج ، حتى تضيق دائرة الفقر في المجتمع المسلم.
والإنسان يستحق المعونة من الدولة المسلمة في حال عجزه عن العمل والكسب ، وعدم من ينفق عليه من أب أو أم أو قريب ، والعجز عن الكسب قد يكون لصغر أو مرض أو كبر .
وتضع بعض الدول المسلمة أنظمة للمعونة ، وفق معايير مختلفة ، كالمعاش التقاعدي ، والنفقة على أولاد المتوفى إلى بلوغهم سن الرشد ، ونحو ذلك ، ولو كان لديهم مال خاص بهم .
وأما الدول الأخرى غير المسلمة ، فلها أنظمتها ومعاييرها الخاصة هي التي تحكم مسألة المعونة .
وينبغي للمسلم أن يحرص على الكسب الحلال من عمل يده ، وأن يكون المنفق المعطي ، لا الآخذ ولا السائل لاسيما إن كان السؤال للمال من دولة كافرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " واليد العلياء هي المنفقة واليد السفلى هي السائلة . رواه البخاري (5040) ومسلم (1034).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43166
هل يجب على الزوج إسعاد زوجته:
ما هي واجبات الزوج تجاه زوجته ؟ هل يجب أن يبقيها سعيدة أم لا ؟ زوجي لا يعاملني كما يعامل بقية أفراد عائلته ، يهتم بوالديه وإخوته ويهتم بسعادتهم أكثر مني ، أريده أن يهتم بي وبسعادتي كما يهتم بهم ، هل يمكن أن تعطيني سبباً لأخبره به حتى يحبني ويهتم بي أكثر .
الجواب:
الحمد لله
يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ، وأن يقوم بنفقتها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، لقول الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19
وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
وروى أحمد (20025) وأبو داود (2142) عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " أن تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت "
قال أبو داود : ولا تقبح : أن تقول قبحك الله .
والحديث قال عنه الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح .
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا ، في غير ما حديث ، ولهذا فعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته ، وأن يعطي كل ذي حق حقه ، فالبر بالوالدين وصلة الرحم لا يتعارضان مع الإحسان إلى الزوجة وإكرامها والاهتمام بها ، وخير ما تذكرينه به هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم معيار الخيرية في إكرام الأهل ، فمن أراد أن يكون من خيار المسلمين فليحسن إلى أهله . وذلك يشمل الإحسان إلى الزوجة والعيال والأقارب .(/1)
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك " رواه البخاري (56)
وينبغي أن تتلمسي أسباب تقصيره في معاملتك ، فربما كان هذا لتقصير منك في حقه ، من حيث الاهتمام به ، والتزين له ، والمسارعة في قضاء حوائجه .
وعليك بالمزيد من الصبر ، لما فيه من الخير الكثير والعاقبة الحميدة ، لقوله سبحانه : ( وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 ، وقوله : ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/90 ، وقوله : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/49
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43176
هل رؤية الله عز وجل في المنام جائزة؟:
هل رؤية الله عز وجل في المنام جائزة أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
رؤية الله تعالى في الدنيا يقظة غير ممكنة ، والدليل على ذلك أن موسى عليه السلام وهو من أفضل الرسل ، وهو أحد أولى العزم الخمسة (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) قال الله له : ( لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً ) ، اندك الجبل أمام موسى وهو يشاهد : ( وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ) . غشي عليه لأنه شاهد شيئاً لا تتحمله نفسه : ( فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الأعراف/143 . فتاب إلى الله من هذا السؤال ، لأنه سؤال ما لا يمكن ، والله عز وجل يقول : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف/55 .
فرؤية الله في الدنيا حال اليقظة لا يمكن حتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج لم ير ربه ، وقد سئل هل رأيت ربك ؟ قال : ( رأيت نوراً ) . وفي لفظ : ( نورٌ أنَّى أراه ) . يعني بيني وبينه حجب عظيمة من النور ، وقد جاء في الحديث في الصحيح أن الله عز وجل محتجب بالنور ، وذلك في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حجابه النور لو كشفه لأحرقته سبحات وجهه من انتهى إليه بصره من خلقه ) .
وسبحاته : بهاؤه وعظمته ، فلو كشف هذا النور الذي بينه وبين الخلق لاحترق الخلق جميعاً ، لأن بصره ينتهي إلى كل شيء ، فيحترق كل شيء بهذا النور العظيم ، وعلى هذا نقول : لا تمكن رؤية الله في الدنيا في اليقظة .(/1)
أما في المنام فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى ربه في المنام ، لكن هل غيره يمكن أن يراه ؟ يذكر أن الإمام أحمد رحمه الله رأى ربه ، وذكر بعض العلماء أن ذلك ممكن ، فالله أعلم ، لكن أخشى إن فتح الباب أن تدخل علينا شيوخ الصوفية وغيرهم فيقول أحدهم رأيت ربي البارحة ، وجلست أنا وإياه ، وتنادمنا وتناقشنا ، ثم يجيء من هذه الخزعبلات التي لا أصل لها ، فأرى أن سد هذا الباب هو الأولى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/418) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43191
من هم الولدان المخلدون ؟:
هل الولدان المخلدون هم أطفال المسلمين الذين ماتوا صغارا ؟؟ .
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى في شأن أهل الجنة : ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) الواقعة /17 وقال تعالى : ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ) الإنسان/19
قال ابن كثير رحمه الله : أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة ، مخلدون : أي : على حالة واحدة ، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها ؛ لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . قال ابن عباس رضي الله عنهما : غلمان لا يموتون .
قال ابن القيم رحمه الله : قال أبو عبيدة والفراء : مخلدون : لا يهرمون ولا يتغيرون ؛ قال : والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط : إنه لمخلد ، وإذا لم تذهب أسنانه من الكبر قيل : هو مخلد .
وقوله تعالى في وصفهم ، في سورة الإنسان : ( إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ) أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .
قال ابن القيم رحمه الله : وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما فيه من البياض وحسن الخلقة. وفي كونه منثورا فائدتان :
إحداهما : الدلالة على أنهم غير معطلين ، بل مبثوثون في خدمتهم وحوائجهم .
الثانية : أن اللؤلؤ إذا كان منثورا ، ولاسيما على بساط من ذهب أو حرير ، كان أحسن لمنظره وأبهى ، من كونه مجموعا في مكان واحد .
وقد اختلف العلماء فيمن يكون هؤلاء الولدان :
فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والحسن البصري أن المراد بالولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة .(/1)
وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال : أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة .
قال الحسن : لم يكن لهم حسنات يجزون بها ، ولا سيئات يعاقبون عليها ، فوضعوا في هذا الموضع .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا أصل لهذا القول . " مجموع الفتاوى " (4/279) .
وقال ابن القيم رحمه الله : وقد روى في ذلك حديث لا يثبت .
وقيل : إن هؤلاء الولدان أنشأهم الله لأهل الجنة ، يطوفون عليهم كما شاء ، من غير ولادة .
وهذا القول الأخير هو الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى . فقد سئل رحمه الله : عن الولدان : هل هم ولدان أهل الجنة ؟
فأجاب : الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة ; ليسوا بأبناء أهل الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة يكمل خلقهم كأهل الجنة ؛ على صورة آدم أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، في طول ستين ذراعا . وقد روي أيضا أن العرض سبعة أذرع .
انظر : مجموع الفتاوى : 4/312
واستظهر ابن القيم رحمه الله هذا القول أيضا . قال : والأشبه أن هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة ، كالحور العين ، خدما لهم وغلمانا ... ، وهؤلاء غير أولادهم ؛ فإن من تمام كرامة الله تعالى لهم أن يجعل أولادهم مخدومين معهم ، ولا يجعلهم غلمانا لهم .
راجع أيضا : السؤال رقم [ 6496 ] .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43207
يجوز للمرأة أن تعطي زكاة مالها لزوجها:
زوجتي لديها ذهب تجب فيه الزكاة ، زوجتي لا تعمل وليس لديها مصدر دخل ويجب أن أدفع عنها، وأنا علي ديون فهل يمكن أن تدفع لي زوجتي ما عليها من زكاة لكي أسدد ديوني ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجب على الزوج أن يدفع الزكاة عن زوجته ، لأن الزكاة إنما تجب على صاحب المال ، وليست الزكاة من النفقة الواجبة للزوجة على زوجها .
ثانيا :
أما إعطاء الزوجة زكاة مالها إلى زوجها فقد ذهب إلى جواز ذلك كثير من أهل العلم ، واستدلوا بما رواه البخاري (1462) ومسلم (1000) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر النساء بالصدقة ، جاءت زينب امرأة عبد الله ابن مسعود وقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ) .
قال الحافظ :
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الْمَرْأَةِ زَكَاتهَا إِلَى زَوْجِهَا , وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ .
وَيُؤَيِّدُ هذا أَنَّ تَرْكَ الاسْتِْفْصَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَة الْعُمُوم , فَلَمَّا ذُكِرَتْ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا عَنْ تَطَوُّعٍ وَلا وَاجِبٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ : تُجْزِئُ عَنْك فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا .(/1)
ومنع بعض العلماء إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها ، قالوا : لأنه سينفق عليها منها ، فكأنها أعطت الزكاة لنفسها ، وحملوا هذا الحديث على صدقة التطوع .
وأجاب اِبْن الْمُنَيِّرِ عن هذا فقال : وَجَوَابه أَنَّ اِحْتِمَالَ رُجُوع الصَّدَقَة إِلَيْهَا وَاقِع فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا اهـ بتصرف .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/168-169) :
الصواب جواز دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان من أهل الزكاة .
وربما يستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما : ( زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ ) فيمكن أن نقول : هذا يشمل الفريضة والنافلة ، وعلى كل حال إن كان في الحديث دليل فهو خير ، وإن قيل هو خاص بصدقة التطوع فإننا نقول في تقرير دفع الزكاة إلى الزوج : الزوج فقير ففيه الوصف الذي يستحق به من الزكاة ، فأين الدليل على المنع ؟ لأنه إذا وجد السبب ثبت الحكم إلا بدليل وليس هناك دليل لا من القرآن ولا من السنة على أن المرأة لا تدفع زكاتها لزوجها اهـ باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/62) :
هل يحل أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا ؟
فأجابت : يجوز أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا دفعا لفقره ، لعموم قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) . التوبة/60 اهـ .
ثالثاً :
ما سبق إنما هو في إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها ، وأما إعطاء الزوج زكاة ماله لزوجته فقد قال ابن المنذر : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لا يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43252
السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده:
أنا فتاة مسلمة والحمد لله وقرأت كثيرا وسمعت من العلماء عن حق الزوج على زوجته وكم هو عظيم سمعت أحاديث تشدد من عصيان المرأة لزوجها وإني لأمتثل لأمر الله ورسوله إذا تزوجت بإذن الله تعالى ولكن لدى استفسار إن جاز لي السؤال حيث هو استفسار يدور برأس الكثيرات ويخجلن من ذكره خوفا من اتهامهن بالجهل أو إنكار أمر الله ورسوله وهو ما هو فضل الزوج حتى يستحق كل هذا الحق علينا معشر النساء حتى إنه يفوق حق ؟.
الجواب:
الحمد لله
عظم حق الزوج على زوجته أمر قررته الشريعة ، كما في قوله سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
وقوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/34
وقوله صلى الله عليه وسلم "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه " رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .
إلى غير ذلك من النصوص .(/1)
والحكمة بينها الله تعالى بقوله : ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فهذا تفضيل قضاه الله عز وجل وحكم به ، لا يسأل سبحانه عما يفعل وهم يسألون ، ثم لما يقوم به الرجل من الإنفاق على أهله والسعي في طلب رزقهم .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/363) : ( وقوله : " وللرجال عليهن درجة " أي في الفضيلة في الخَلق والخُلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " ) . اهـ.
وقال أيضا (1/653) : ( يقول تعالى : "الرجال قوامون على النساء" أي الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ، " بما فضل الله بعضهم على بعض" أي لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا منصب القضاء وغير ذلك ، "وبما أنفقوا من أموالهم" أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها ، كما قال الله تعالى : " وللرجال عليهن درجة" الآية ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "الرجال قوامون على النساء" يعني أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله ) اهـ.(/2)
وقال البغوي في تفسيره (2/206) : ( بما فضل الله بعضهم على بعض ، يعني : الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ، وقيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " وقيل : بالجهاد ، وقيل : بالعبادات من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح أربعاً ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد ، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ، وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة ).
وقال البيضاوي في تفسيره (2/184): ( " الرجال قوامون على النساء " يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية ، وعلل ذلك بأمرين، وهبي وكسبي فقال : "بما فضل الله بعضهم على بعض" بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر ، والشهادة في مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها ، وزيادة السهم في الميراث وبأن الطلاق بيده . "وبما أنفقوا من أموالهم" في نكاحهن كالمهر والنفقة ) انتهى بتصرف يسير .
والحاصل أن الرجل أعطي القوامة لهذين السببين المذكورين في الآية ، وأحد السببين هبة من الله تعالى ، وهو تفضيل الله الرجال على النساء والآخر يناله الرجل بكسبه ، وهو إنفاقه المال على زوجته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43268
لا حرج من إعطاء الفدية كلها لمسكين واحد:
هل يجوز للعاجز عن الصوم أن يطعم مسكينا واحدا لمدة ثلاثين يوما أو يطعم ثلاثين مسكينا في يوم واحد ؟ .
الجواب:
الحمد لله
العاجز عن الصوم عجزا مستمرا يلزمه أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينا ، لقوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما :" ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " رواه البخاري (4505) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"كيفية الإطعام ، له كيفيتان :
الأولى : أن يصنع طعاما فيدعو إليه المساكين ، بحسب الأيام التي عليه ، كما كان أنس بن مالك يفعله رضي الله عنه لما كبر .
الكيفية الثانية : أن يطعمهم طعاما غير مطبوخ" اهـ الشرح الممتع (6/335) .
راجع السؤال (49944) .
وأما إطعام مسكين واحد لمدة ثلاثين يوما ، فقد نص كثير من أهل العلم على جوازه وهو مذهب الشافعية والحنابلة وجماعة من المالكية ، قال في الإنصاف (3/291) :" يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة " اهـ .
وانظر تحفة المحتاج 3 / 446 ، كشاف القناع 2 / 313 .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/198) :
" متى قال الأطباء أن هذا المرض الذي تشكو منه ، ولا تستطيع معه الصوم – لا يرجى شفاؤه ، فإن عليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره ، وإذا عشيت مسكيناً أو غديته بعدد الأيام التي عليك كفى ذلك" اهـ .
وبه تعلم أن إطعام مسكين واحد مدة الثلاثين يوما ، أو جمع ثلاثين مسكينا على طعام واحد ، جائز .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43270
حكم القول بان أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين:
هل يجوز أن يقول المسلم أن بعض الكفار أحسن خلقاً من بعض المسلمين ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إذا قال إن أخلاق الكفار أفضل من أخلاق المسلمين – بهذا الإطلاق - فهذا محرم لا شك في ذلك ، بل يستتاب صاحبه ، لأن رأس الأخلاق وأهمها الخلق مع الله تعالى ، والأدب معه وترك عبادة ما سواه ، وهذا متحقق في المسلمين دون الكافرين ، كما أن فيه تعميما على كل المسلمين ، ولا بد أن يكون منهم من هو قائم بأخلاق الإسلام ، وبشرع الله تعالى .
وإن فضل بعض أخلاق الكفار على أخلاق بعض المسلمين ، فهذا من الخطأ ، إذ يكفي الكفار سوء خلق ما فعلوه مع ربهم جل وعلا وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، فقد سبوا الله تعالى ، وادعوا له الولد ، وقدحوا في أنبيائه وكذبوهم ، فأي خلق يفيدهم مع الناس إذا كانت أخلاقهم مع ربهم جل وعلا من أسوأ الأخلاق .
ثم كيف نرى أخلاق عشرة أو مائة من الكفار ، ونحكم عليهم بأن أخلاقهم جيدة ، ونسينا أخلاق أكثرهم من اليهود والنصارى ، فكم غدروا بالمسلمين ، وكم أفسدوا ديارهم ، وكم فتنوهم عن دينهم ، وكم أضاعوا من ثرواتهم ، وكم مكروا وتربصوا وتجبروا وطغوا ....
إن خلق بعضهم الجيد لا يساوي شيئا أمام خلق أكثرهم القبيح ، فضلا على أن خلقهم هذا لا يقصدون منه نفس الخلق ، وإنما يقصدون منه نفع أنفسهم ، واستقامة أمورهم الدنيوية ، وتحصيل مصالحهم ، في أغلب أحوالهم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن سائل يعقد مقارنة أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماما ، فما رأيكم سماحة الشيخ ؟(/1)
فأجاب : " هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة ، هؤلاء يدعون الإسلام ، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من الكفار ، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله ، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم ، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين ، فهذه لمصلحتهم ؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم ، حتى يأخذوا الأموال وحتى ترغبوا فيهم .
فالواجب عليكم ألا تستقدموا إلا الطيبين من المسلمين ؛ وإذا رأيتم مسلمين غير مستقيمين فانصحوهم ووجهوهم فإن استقاموا وإلا فردُّوهم إلى بلادهم واستقدموا غيرهم ، وطالبوا الوكيل الذي يختار لكم أن يختار الناس الطيبين المعروفين بالأمانة ، المعروفين بالصلاة، المعروفين بالاستقامة؛ لا يستقدم من هبّ ودبّ .
وهذا لا شك أنه من خداع الشيطان، أن يقول لكم : إن هؤلاء الكفار أحسن من المسلمين ، أو أكثر أمانة ، أو كذا أو كذا ؛ كله لما يعلمه عدو الله وجنوده من الشر العظيم في استقدام الكفرة واستخدامهم بدل المسلمين ؛ فلهذا يرُغِّب فيهم ويزين لكم استقدامهم حتى تدعوا المسلمين ، وحتى تستقدموا أعداء الله ، إيثارا للدنيا على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد بلغني عن بعضهم أنه يقول : إن المسلمين يصلون ويعطلون الأعمال بالصلاة ، والكفار لا يصلون حتى يأتوا بأعمال أكثر ، وهذا أيضا من جنس ما قبله ، ومن البلاء العظيم ؛ أن يعيب المسلمين بالصلاة ويستقدم الكفار لأنهم لا يصلون ، فأين الإيمان ؟ وأين التقوى ؟ وأين خوف الله ؟ أن تعيب إخوانك المسلمين بالصلاة ! نسأل الله السلامة والعافية . " فتاوى نور على الدرب
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل ؟(/2)
فأجاب بقوله : هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم ، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام ، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب . أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرا ماديا فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم .
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمرا شرعيا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر .
أما ما زعم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حق من حقه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – { إن الشرك لظلم عظيم } . فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم ، وكفرهم ، وظلمهم فلا خير فيهم . مجموع الفتاوى 3
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها ، وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل الخراج فقال : لا يستعان بهم في شيء " الفتاوى الكبرى 5/539
وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك : " وتفضيل الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين فهو ردة وإلا فلا " 2/348
وراجع السؤال رقم ( 13350 ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43274
ظن أن التعجل من منى هو الخروج منها ولو لم يرمِ !:
تعجلنا في الحج وخرجنا من منى قبل الغروب حتى لا نتأخر لليوم الثالث وعدنا بعد الخروج ورمينا بعد الغروب فهل هذا العمل جائز ؟ وهل يشترط للمتعجل أن يرمي قبل غروب اليوم الثاني أم أن الرمي لا علاقة له والمهم هو الخروج قبل غروب الشمس ؟ وماذا علينا إن كنا قد أخطأنا ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الفهم لمعنى التعجل غير صحيح ، ولا يسمى الحاج متعجلاً إلا أن يخرج من " منى " قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق بعد أن يكون قد رمى الجمرات ، ومجرد خروجه من " منى " قبل الغروب لا يكون بذلك متعجلاً إذا لم يرمِ وخاصة أنه قد رجع إليها بعد الغروب ليرمي الجمرات .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا رمى الحاج جمرات اليوم الثاني عشر بعد الزوال ، ونفر إلى مكة أو غيرها قبل غروب الشمس لا يلزمه رمي جمرات اليوم الثالث عشر ، ولا يشرع في حقه . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 274 ) .
وفي تفسير قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ) البقرة/203 ، قال علماء اللجنة الدائمة :
وأما معنى ما ذكر من الآية : فمن تعجل بالنزول من منى بعد أن بات ليلتين بها عقب يوم النحر ، وبعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر : فلا إثم عليه ، ولا يجب عليه دم ؛ لأنه أدى ما وجب عليه ، ومن تأخر بمنى فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر : فلا إثم عليه ، بل مبيته بمنى هذه الليلة ورميه الجمرات في يومها أفضل وأعظم أجراً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 267 ) .(/1)
وقال الشيخ صالح الفوزان :
أقصر مدة للإقامة بمنى في أيام الحج هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر - يومان بعد العيد - وهذا هو التعجل ، والأكمل أن يبقى اليوم الثالث عشر ، وهذا هو التأخر ، قال تعالى : ( فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا َإِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ) البقرة/203 .
فالتعجل معناه : أن يخرج وينفر من منى بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر بعد الزوال من قبل غروب الشمس ،هذا التعجل ، وإذا أدركه الغروب ولم يرحل من منى فإنه يتعين عليه المبيت فيها ليلة الثالث عشر والرمي في اليوم الثالث عشر بعد الظهر ، والله أعلم . فتوى رقم ( 16386 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
حاج ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظانا أن هذا هو التعجيل وترك المبيت بمنى وطواف الوداع جاهلا ؟
فأجاب :(/2)
حجك صحيح ، لأنك لم تترك فيه ركنا ، من أركان الحج لكنك تركت فيه ثلاثة واجبات الواجب الأول : المبيت بمنى ليلة الثالث عشر ، والواجب الثاني : رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر ، والواجب الثالث : طواف الوداع ، والواجب عند أهل العلم إذا تركه الإنسان في الحج عليه دم ، يذبحه بمكة ويفرقه على الفقراء لكن ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لا يوجب الدم ، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواني الحجاج على هذا الخطأ الذي ارتكبه أخونا السائل ، فإن كثيرا من الحجاج يفهمون من قوله تعالى { فمن تعجل في يومين } أي خرج في اليوم الحادي عشر ، يعتبرون اليومين يوم العيد واليوم الحادي عشر ، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم ، لأن الله تعالى قال : { واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } والأيام المعدودات هي أيام التشريق وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر وعلى هذا فيكون قوله تعالى { فمن تعجل في يومين } أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي أن يصحح الإنسان مفهومه نحو هذه المسألة حتى لا يخطئ . " فتاوى الحج " ( السؤال رقم 40 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43289
عورة المرأة أمام أطفالها:
عندي طفل عمره 11 شهراً ، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه ، فهل يجوز ذلك ؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه ؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه ، أفيدوني أفادكم الله .
الجواب:
الحمد لله
الطفل إذا كان يعقل العورة ، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه ، أما إذا كان لا يعقل لصغره ، فإن هذا جائز ، ويظهر لي أن من عمره أحد عشر شهراً لا يعقل ، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني ، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه .
د. خالد بن علي المشيقح .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43307
نسيت أن تغتسل من الجنابة حتى غربت الشمس:
ما حكم الإسلام في امرأة نسيت أن تتطهر من الجنابة في يوم من أيام شهر رمضان ؟ مع ملاحظه أن الجماع قد حدث قبل أذان الفجر لكنها نسيت أن تتطهر قبل المغرب .
الجواب:
الحمد لله
إذا أصبح الصائم جنبا من احتلام أو جماع فلا شيء عليه ، طالما أن الجماع قد حصل قبل أذان الفجر ، ويدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كان يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم - أي احتلام - فيغتسل ويصوم ) رواه البخاري (1926) ، ومسلم (1109) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ] .
وعلى هذا فصيامك ذلك اليوم صحيح ، لكن كان الواجب عليك المبادرة إلى الاغتسال ، لأن عليك صلوات لا بد أن تُصَلِّى في وقتها ولا يجوز تأخيرها .
والصلاة في الإسلام شأنها عظيم ، فهي أعظم وآكد من الصيام والزكاة و الحجّ وسائر العبادات ، فينبغي أن يكون اهتمام المسلم بها على قدر منزلتها .
ولذلك فإن المتكاسل عن أداء الصلاة على خطر عظيم ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى خرج وقتها .
وورد في الترهيب من ترك الصلاة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) رواه البخاري (553)
وانظري لمعرفة شرحه السؤال رقم : ( 49698 )
فعلى السائلة أن تتوب إلى الله من تركها الصلاة وتكاسلها عن أدائها في وقتها ، والله تعالى يتوب على من تاب ، ويغفر لمن رجع إليه وأناب .
والله تعالى أعلم .
وانظري للمزيد من الفائدة السؤال رقم ( 21806 ) ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43322
من هم النواصب وما هو حكمهم:
أود أن تعريف المصطلحات التالية :
1- ما هو تعريف الناصبي ؟
2- وما هو حكمه ؟ هل مسلم أو كافر أو ضال أو مبتدع ؟
3- هل من بعض المصادر التي تكلمت عن النصب .. ؟.
الجواب:
الحمد لله
فالنصب لغة : إقامة الشيء ورَفعِهِ ، ومنه ناصِبَةُ الشرِّ والحرب . ( مختار الصحاح 1 / 275 )
وفي القاموس : " النواصب والناصبة وأهل النصب المتدينون بِبُغض علي - رضي الله عنه - ؛ لأنهم نصبوا له ، أي عادوه " .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " النواصب ، هم الذين ينصبون العداء لآل البيت ، ويقدحون فيهم ، ويسبونهم ، فهم على النقيض من الروافض " ( شرح الواسطية 2 / 283 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة :" ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة " (العقيدة الواسطية مجموع الفتاوى 3 / 154 )
فالنواصب هم الذين عادوا أهل البيت ، لاسيما عليّاً رضي الله عنه فمنهم من يسبُّه ومنهم من يفسِّقه ومنهم من يكفره ،كما أشار لذلك شيخ الإسلام (منهاج السنة7/339) .
ومن أشهر الطوائف التي تبنت منهج النصب الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه وكفروه ، وجمعوا إلى ذلك بدعا أخرى .
ولا شك أن النصب وبغض أهل البيت أو غيرهم من الصحابة بدعة من البدع العظيمة التي تؤدي للطعن في هذا الدين الذي نقل إلينا عن طريق الصحابة من أهل البيت وغيرهم .(/1)
أما تكفيرهم فهذا يختلف باختلاف نوع بغضهم للصحابة وبواعثه ، وخلاصة القول فيه أنه إن كان بغضهم لأمر دنيوي فلا يوقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمر ديني باعتبار كونهم أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهذا كفر ، وما تردد بين ذلك فهو محل خلاف في الجملة ، وراجع في تفصيل ذلك الأدلة والنقول الموجودة في السؤال ( 45563 ) .
أما حكم الخوارج ـ وهم ممن تبنى منهج الرفض ، وجمعوا إليه تكفير الصحابة وتكفير صاحب الكبيرة وغير ذلك من البدع ـ ، ففيه خلاف بين العلماء ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد ، وفى مذهب الشافعي أيضا نزاع في كفرهم ، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى
أحدهما : أنهم بغاة ، والثاني : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداء وقتل أسيرهم وإتباع مدبرهم ، ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد فإن تاب وإلا قتل "
( مجموع الفتاوى 28 / 518 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه أيضا للعلماء قولان مشهوران وهم روايتان عن أحمد ، والقولان في الخوارج والمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم ، والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها مخالفة لما جاء به الرسول كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار بالمسلمين هي كفر أيضا ، وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع . لكن تكفير الواحد المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه ، فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له وقد بسطت هذه القاعدة في ( قاعدة التكفير)" ( مجموع الفتاوى 28/500 ) ، والله أعلم .(/2)
وينبغي أن تعلم أخي السائل أن الروافض الذين يغلون في حق علي رضي الله عنه وآل البيت ويسبون الصحابة ويكفرونهم ، كثيرا ما يستخدمون في كتبهم التهمة بمنهج النصب في حق من خالفهم في باطلهم ويعنون بالناصبة أهل السنة والجماعة وذلك للتنفير منهم لمخالفتهم لهم في منهجهم الباطل ولموافقتهم لمنهج الحق . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين ويتكلمون بعلم وعدل ليسو من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب جميعا ويتولون السابقين والأولين كلهم ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها الله ... ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين فيعلمون أن لأبي بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيها أحد من الصحابة ... ) منهاج السنة2/71 .
وبناءً على هذا فلا بد من معرفة من يطلق هذا الوصف ومن الذين يعنيهم به حتى لا يقع المرء في رد الحق بسبب وصم المبطلين لأهل الحق بما ليس فيهم ؛ إذ من سمات أهل البدعة الوقيعة في أهل السنة ولمزهم بالأوصاف المنفرة . والعبرة بما وافق الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة مهما حاول أهل الباطل تشويهه .
ومن الكتب التي تكلمت عن النواصب وردت عليهم وعلى مقابليهم في البدعة الروافض كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية فيمكنك مراجعته أو مراجعة بعض مختصراته .
نسأل الله أن يلهمنا وإياك اتباع كتابه وسنة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم وأن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43355
لا ينتقض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بالنوم:
ما الدليل على أن النوم يبطل الوضوء ؟ وكيف يفسر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر بعد نومه بدون وضوء في حديث قيام الليل مع ابن عباس رضي الله عنه ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
أما الدليل على أن النوم ناقض للوضوء ، فقد ثبت في ذلك حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ ) رواه الترمذي (89) وحسنه الألباني , فذكر النوم من نواقض الوضوء .
وقد سبق في جواب السؤال (36889) بيان اختلاف العلماء في نقض الوضوء بالنوم ، وبيان أن الراجح : أن النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقاً ، أما النوم اليسير فلا ينقض الوضوء .
ثانياً :
وأما حديث ابن عباس الذي أشار إليه السائل فقد رواه البخاري (698) ومسلم (763) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ ، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ .
فقد نام النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام يصلي ولم يتوضأ ، وذكر أهل العلم أن هذا الحكم ( عدم نقض الوضوء بالنوم ) خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، فإذا حدث لشعر بذلك .
قال النووي :(/1)
"قَوْله : ( ثُمَّ اِضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) هَذَا مِنْ خَصَائِصه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَوْمه مُضْطَجِعًا لا يَنْقُض الْوُضُوء ; لأَنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَلا يَنَام قَلْبه , فَلَوْ خَرَجَ حَدَث لأَحَسَّ بِهِ ، بِخِلافِ غَيْره مِنْ النَّاس " انتهى .
وقال الحافظ :
" قَوْله : ( فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَام عَيْنه وَلا يَنَام قَلْبه فَلَوْ أَحْدَثَ لَعَلِمَ بِذَلِكَ , وَلِهَذَا كَانَ رُبَّمَا تَوَضَّأَ إِذَا قَامَ مِنْ النَّوْم وَرُبَّمَا لَمْ يَتَوَضَّأ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا مُنِعَ قَلْبه النَّوْم لِيَعِيَ الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيه فِي مَنَامه " انتهى .
وروى البخاري (3569) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تَنَامُ عَيْنِي ، وَلا يَنَامُ قَلْبِي ) . ورواه أحمد (7369) عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وانظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" للألباني (696) .
وروى ابن ماجه (474) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأُ . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال السندي في "حاشية ابن ماجه" :
" قَوْله ( حَتَّى يَنْفُخ ) هو الصوت الذي يُسْمَع مِنْ النَّائِم .(/2)
قَوْله ( فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأ ) لأَنَّهُ تَنَام عَيْنه وَلا يَنَام قَلْبه ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا فِي الصِّحَاح ، فَنَوْمه غَيْر نَاقِض ، لأَنَّ النَّوْم إِنَّمَا يَنْقَضِ الْوُضُوء لَمَّا خِيفَ عَلَى صَاحِبه مِنْ خُرُوج شَيْء مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْقِل ، وَلا يَتَحَقَّق ذَلِكَ فِيمَنْ لا يَنَام قَلْبه ، ثم قال : فلا يَنْبَغِي ذِكْر أَحَادِيث نَوْمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب أَصْلا ( يعني باب نقض الوضوء بالنوم ) إِلا مَعَ بَيَان أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْحُكْم ، فَلْيُتَأَمَّلْ " انتهى باختصار .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43479
بماذا يكون الجماع ؟:
يجب الاغتسال إذا حصل جماع ، لكن ما المراد بالجماع ؟ هل أي مداعبة تكون جماعاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
ليست كل مداعبة تكون جماعاً ، وإنما الجماع يكون بإدخال الحَشَفَة كاملة ( رأس الذكر ) في الفرج ، فإذا حصل هذا فقد حصل الجماع ، وإن لم يحصل إدخال ، أو أدخل بعض الحشفة وليس كلها ، فهذا لا يكون جماعاً ، وهذا ما دلت عليه الأحاديث :
فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ) رواه البخاري (291) ومسلم (525) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ثُمَّ جَهَدَهَا ) كناية عن إدخال الذكر في الفرج . قاله الحافظ في "الفتح" .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ) رواه مسلم (349) .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ غَيَّبْت ذَكَرَك فِي فَرْجهَا ، وَلَيْسَ الْمُرَاد حَقِيقَة الْمَسِّ ، وَذَلِكَ أَنَّ خِتَان الْمَرْأَة فِي أَعْلَى الْفَرْج ، وَلا يَمَسّهُ الذَّكَر فِي الْجِمَاع , وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانهَا وَلَمْ يُولِجْهُ (يُدخله) لَمْ يَجِب الْغُسْل , لا عَلَيْهِ وَلا عَلَيْهَا , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا ذَكَرْنَاهُ . وَالْمُرَاد بِالْمُمَاسَّةِ : الْمُحَاذَاة , وَكَذَلِكَ الرِّوَايَة الأُخْرَى : ( إِذَا اِلْتَقَى الْخِتَانَانِ ) أَيْ : تَحَاذَيَا " انتهى .(/1)
وقال في "المجموع" (2/150) :
" وجوب الغسل وجميع الأحكام المتعلقة بالجماع يشترط فيها تغييب الحشفة بكمالها في الفرج , ولا يشترط زيادة (على) الحشفة ، ولا يتعلق ببعض الحشفة وحده شيء من الأحكام " انتهى .
وقال الحافظ في "الفتح" :
" وَالْمُرَاد بِالْمَسِّ وَالالْتِقَاءِ : الْمُحَاذَاة ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَة التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظ : ( إِذَا جَاوَزَ ) وَلَيْسَ الْمُرَاد بِالْمَسِّ حَقِيقَته ; لأَنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ غَيْبَة الْحَشَفَة " انتهى .
وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ : " وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ "الْمُحَاذَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلاقَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلامَسَةِ" وَبِلَفْظِ "الإِلْصَاقِ" , وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ : الْمُحَاذَاةُ " انتهى .
وقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : " إِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْمُلاقَاةُ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من المعلوم أن موضع الختان فوق الحشفة مما يلي قصبة الذكر ، فإذا كان كذلك فلا يمس موضع ختان المرأة إلا بعد أن تلج الحشفة ، ولذلك اشترطنا في وجوب الغسل من الجماع أن يُغْيّب الحشفة ، وقد ورد في بعض ألفاظ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : ( إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ) " انتهى . رواه ابن ماجه (611) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/323) .
وعلى هذا ؛ فالمقصود من "مس الختان الختان" و "ملاقاة الختانين" : هو محاذاة موضع ختان الرجل لموضع ختان المرأة ، ويحصل ذلك بتغييب الحشفة كلها في الفرج ، فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حصل الجماع ووجب الغسل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43480
ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء ؟:
هل يجوز أن أخالط والد زوجي ، وأجالسه وأخلع حجابي أمامه وهو شخص كافر ؟ وما هو الحكم مع والدة زوجي ، هل يجوز أن أخلع حجابي أمامها ؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أعاملهما ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا حرج على المرأة المسلمة من مخالطة محارمها ، ومن يحرم عليها من الكفار إذا أمنت فتنتهم ، وكذا الأمر بالنسبة للكافرات من قريباتها أو الأجنبيات ممن تدعو الحاجة لمخالطتهن كأم الزوج ، والواجب على المرأة المسلمة دعوة هؤلاء بالتي هي أحسن ، ويكون ذلك بإظهار محاسن الأخلاق التي دعا إليها الشرع من حسن الكلام ولطف الأفعال ، على أن تلتزم بأحكام الإسلام مثل عدم ابتدائهم بالسلام ، وعدم المودة القلبية .
وأما بخصوص لباسها أمامهم فإن المرأة المسلمة يجوز لها أن تكشف أمام محارمها ونسائها ما جرت العادة عند أهل الشرع والأدب بكشفه كالوجه والرأس والرقبة والذراع وبعض الساق .
وسواء كانت النساء والمحارم مسلمين أم كفاراً فإن الحكم فيه لا يختلف .
ولا يجوز للمسلمة أن تلبس القصير أمامهم ، ولا الشفاف ، ولا الضيِّق الذي يحجم العورة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء حتى ولو لم ينظر إليها إلا نساء ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة كالخروج لهن في ثياب البذلة ( هي الثياب التي تلبسها وهي في عملها في البيت ) مكشوفة الوجه واليدين وأطراف القدمين ونحو ذلك وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن الريبة . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 288 ، 289 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :(/1)
وأما محارمهن في النظر ، فكنظر المرأة إلى المرأة ، بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء ، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك ، ولكن لا تجعل اللباس قصيرا ً ." مجموع الفتاوى " ( 12 / 276 ، 277 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 12371 ) و ( 6569 ) ففيه زيادة نقولات وتوضيح عن أهل العلم فيما تظهره وتمتنع عن إظهاره أمام النساء ومحارمها .
ثانياً :
ومن العلماء من فرَّق بين المرأة المسلمة والكافرة فمنع وضع الحجاب أما المرأة الكافرة ، وهذا القول مرجوح ، فقد كانت النساء اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها من الصحابيات ، ولم يُعلم منهن احتجاب عنهن .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجب الحجاب عن المرأة الكافرة ، أو تُعامل كما تُعامل المرأة المسلمة ؟ .
فأجابوا :
فيه قولان لأهل العلم ، والأرجح : عدم الوجوب ؛ لأن ذلك لم يُنقل عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن غيرهن من الصحابيات حين اجتماعهن بنساء اليهود في المدينة والنساء الوثنيات ، ولو كان واقعاً لنُقل كما نُقل ما هو أقل منه .
وقالوا :
لا مانع من كشف المرأة وجهها عند المرأة ، مسلمة كانت أو كانت كافرة ؛ لأنها لم تُؤمر بستر وجهها إلا عن الرجال الذين ليسوا من محارمها ، قال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) إلى قوله سبحانه { أَوْ نِسَائِهِنَّ } الآية ، فأمرها الله سبحانه بضرب الخمار على وجهها عن الرجال ما عدا المحارم المذكورين في الآية ، أو مَن بينها وبينهم رضاعة محرمة كما في الآية الأخرى .
والمراد بالنساء في الآية : جميع النساء المسلمات وغير المسلمات ، والله أعلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 287 ، 288 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :(/2)
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة ، خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين ؟ .
فأجاب :
هذا الأمر مبنيٌّ على اختلاف العلماء في تفسير قوله – تعالى - : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 ، فالضمير في قوله – تعالى - : { نِسَائِهِنَّ } ؛ اختلف فيه العلماء ؛ فمنهم من قال : إن المقصود ، الجنس ؛ أي جنس النساء عموماً . ومنهم من قال : إن المقصود بالضمير : الوصف ؛ أي : النساء المؤمنات فقط ، فعلى القول الأول يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجها أمام امرأة غير مسلمة ، وعلى القول الثاني لا يجوز ، ونحن نميل إلى الرأي الأول وهو الأقرب ؛ لأن المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة ، هذا إذا لم تكن هناك فتنة ، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجل فيجب توقي الفتنة حينئذ ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها ، كالرجلين أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " – جمع صلاح الدين محمود – ( ص 605 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43485
لبس البنت اللباس العاري والقصير:
ما حكم لبس البنت التي لم تبلغ الحلم البنطال واللبس العاري ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن حدود عورة الصغير والصغيرة مما لم يرد فيهما أدلة صريحة من الكتاب أو السنة ، والذي عليه أكثر الفقهاء أن الفتاة إذا بلغت حد الاشتهاء ، بأن كانت مشتهاة عند ذوى الطباع السليمة ، فعورتها كعورة البالغة ، وأما إذا لم تكن بلغت حد الاشتهاء فيجوز الترخص في حجابها حتى تبلغ هذا الحد .
قال الشيخ ابن عثيمين :" الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم ، ولا يجب عليها ستر وجهها ورقبتها ، ويديها ورجليها ، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك ، لكن إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر ، ويختلف هذا باختلاف النساء ، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب ، ومنهن من تكون بالعكس ."
وبالنسبة لإلباسها اللباس العاري فالأولى عدم تعويد البنت الصغيرة على مثل هذا اللباس ، فمن المهم أن تنشأ الطفلة على حب الفضيلة حتى تعتادها ، ولذلك جعل الإسلام للأطفال مرحلة تمهيدية ليتعلموا فيها الصلاة ، ولم يفجأهم بوجوبها ؛ لأن هذا يحتاج إلى تعود وتدرب.
والفتاة عند التاسعة ينبغي تدريبها ، وتعليمها ما يجب عليها حتى قبل البلوغ .
فليس من المعقول أن يكون الحد بين ستر العورة وتركها هي الليلة التي تبلغ فيها الطفلة مبلغ النساء بالحيض... فهذا لا يكون .
قال الشيخ ابن عثيمين :" أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يلبس ابنته هذا اللباس وهي صغيرة لأنها إذا اعتادته بقيت عليه وهان عليها أمره . أما لو تعودت الحشمة من صغرها بقيت على تلك الحال في كبرها والذي أنصح به أخواتنا المسلمات أن يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين وأن يعودن بناتهن على اللباس الساتر وعلى الحياء ، فإنه من الإيمان"..(/1)
"من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في مجلة الدعوة " العدد1709ص35 .
ومن المعلوم أن ما دون سبع سنين لا حكم لعورته ، لكن تعويد الصبيان والأطفال هذه الألبسة الخالعة القصيرة لا شك أن سيهون عليهم كشف العورة في المستقبل، بل ربما لا يستحي الإنسان إذا كشف فخذه لأنه كان يكشفه صغيرا ولا يهتم به .
فالذي ينبغي أن يمنع الأطفال وإن كانوا صغارا من مثل هذه الألبسة .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43504
يصلين إلى جهة أخرى غير القبلة مدة طويلة:
مجموعة من النساء استأجرن شقة وسألن عن القبلة فصلين حسب الجهة التي قيل لهم عليها ، ولكن تبين لهن أن القبلة خطأ فما الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا : إذا كان الانحراف يسيرا فلا تأثير له على القبلة.
ثانيا : من اجتهد قدر استطاعته في تحصيل القبلة سواء بالسؤال لأهل البلد والمكان الذي هو فيه بحيث يكون المسئول ظاهره الصدق أو غير ذلك فقد أدى الذي عليه فإن تبين خطؤه فيما بعد فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة .
جاء في كتاب المغني لابن قدامة رحمه الله :
( من صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم علم أنه قد أخطأ القبلة , لم يكن عليه إعادة، وجملته أن المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم بان له أنه صلى إلى غير جهة الكعبة يقينا , لم يلزمه الإعادة ، وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده . وبهذا قال مالك , وأبو حنيفة . والشافعي في أحد قوليه ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43532
تخريج حديث ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ) والحكم عليه:
سؤالي حول حديث : " ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسيا ، ثم تلا هذه الآية ( وما كان ربك نسيا ) " هذا الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 5 صفحة رقم 325 , وحسنه في صفحة رقم 14 في غاية المرام .
لكنه حسب موقع الدرر السنية قد قال عن هذا الحديث أشياء كثيرة فمثلا : " إسناده ضعيف جدا لكن معناه صحيح ثابت " و " إسناده صالح " و " إسناده صحيح " و " صحيح موقوفاً ويمكن تحسينه بشاهده مرفوعاً " و " في إسناده سيف بن هارون البرجمي ضعفه جماعة ووثقه أبو نعيم " و " ضعيف "
وقال عنه الشيخ أبو إسحاق الحويني على موقعه " ضعيف "
فما رأيكم في هذا الحديث ؟ وهل يصح لنا أن نحتج به ؟
وهل نترك الأحاديث التي تضارب فيها أقوال أهل العلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
روي هذا الحديث بألفاظ متقاربة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم :
1- عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :
( مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌُ ، وَمَا حَرَّمَ فَهوَ حَرَامٌ ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهُوَ عَفْوٌ ، فَاقبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَه ( وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيَّا ) أخرجه الدارقطني في سننه (2/137) والحاكم في المستدرك (2/406) (10/12) والطبراني في مسند الشاميين (3/209) من طرق عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
وهذا إسناد منقطع ، فإن الانقطاع ظاهر بين رجاء بن حيوة وأبي الدرداء ، إذ وفاة رجاء كانت سنة 112 هـ ، ووفاة أبي الدرداء سنة 32 هـ .
قال ابن حجر في ترجمة رجاء بن حيوة "تهذيب التهذيب" (3/229) : " روايته عن أبي الدرداء مرسلة " انتهى .(/1)
وقال الذهبي رحمه الله عن هذا الحديث : " إسناده منقطع " انتهى .
"المهذب في اختصار السنن الكبرى للبيهقي" (8/3975) .
وكذا قال المعلمي رحمه الله في "الأنوار الكاشفة" (301) .
2- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، بلفظ : ( سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَنِ السَّمنِ وَالجبنِ والفِراءِ فَقَالَ : الحَلالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِه ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهوَ مِمَّا عَفَا عَنهُ ) أخرجه الترمذي (1726) وابن ماجه (3367) والحاكم في المستدرك (4/129) ومن طريقه البيهقي في الكبرى (9/320)(10/12) ، وأخرجه الطبراني في الكبير (6/250) من طريق سيف بن هارون البرجمي عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان به .
قال المزي في "تهذيب الكمال" (8/255) : " فيه سيف بن هارون ، قال ابن معين : ليس بذاك وقال النسائي : ضعيف ، وقال الدارقطني : ضعيف متروك " انتهى .
وقال الترمذي : " وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله ، وكأن الحديث الموقوف أصح ، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال : ما أراه محفوظا ، روى سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان موقوفا ، قال البخاري : وسيف بن هارون مقارب الحديث " انتهى .
وقال ابن أبي حاتم في "علل الحديث" (2/10) :
" قال أبي : هذا خطأ ، رواه الثقات عن التيمي عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ليس فيه سلمان ، وهو الصحيح " انتهى .
وقال أحمد : منكر ، وأنكره ابن معين أيضا .
كذا نقله ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/69) .
وقال الشيخ الألباني في "التعليقات الرضية" (3/54) :
" إسناده ضعيف جدا ، ولكن معناه صحيح ثابت " انتهى .(/2)
3- عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا ، وَحَدَّ حُدُودًا فَلا تَعتدُوهَا ، وَحَرَّمَ أَشيَاءَ فَلا تَنتَهِكُوهَا ، وَسَكَتَ عَن أَشيَاءَ رَحمَةً لَكم مِن غَيرِ نِسيانٍ فَلا تَبحَثُوا عَنهَا )
رواه جماعة من أهل العلم كلهم من طريق داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة به .
واختلف على داود بن أبي هند :
فرواه حفص بن غياث موقوفا عليه كما عند البيهقي (10/12) وتابعه يزيد بن هارون على وقفه كما ذكره الدارقطني في "العلل" (6/324) .
ورواه علي بن مسهر مرفوعا عند البيهقي في الكبرى (10/12) وكذا إسحاق الأزرق عند الدارقطني (4/184) ومحمد بن فضيل كما ذكر ذلك الدارقطني في "العلل" (6/324) .
قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/68) :
" له علتان :
إحداها : أن مكحولا لم يصح له السماع عن أبي ثعلبة ، كذلك قال أبو شهر الدمشقي وأبو نعيم الحافظ وغيرهما .
الثانية: أنه اختلف في رفعه ووقفه على أبي ثعلبة ، ورواه بعضهم عن مكحول من قوله ، لكن قال الدارقطني "العلل" (6/324) : الأشبه بالصواب المرفوع ، قال : وهو أشهر " انتهى .
وقال ابن حجر : " رجاله ثقات إلا أنه منقطع " انتهى . "المطالب العالية" (3/271) .
وقال الذهبي : " منقطع " انتهى . "المهذب" (8/3976) .
وقال الألباني : " في إسناده انقطاع " انتهى . "تحقيق رياض الصالحين" (1841) .
والحاصل : أن أسانيد هذا الحديث لا تخلو من ضعف ، ولكن هل يمكن أن تتقوى بمجموعها ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى ذلك ، فقد حسن النووي حديث أبي ثعلبة كما في الأذكار (505) ، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين (1/221) وابن كثير في تفسيره (1/405) وقال الألباني في تحقيق الإيمان لابن تيمية (43) : حسن بشاهده .(/3)
وحسَّن الألباني حديث سلمان الفارسي في صحيح الترمذي (1726) وقال في المشكاة (4156) : صحيح موقوفا ، يمكن تحسينه بشاهده مرفوعا .
لكن ذهب آخرون إلى أن الضعف الشديد الذي في طرق هذا الحديث يمنع تقوية الحديث بمجموع طرقه ، فحديث أبي الدرداء انقطاعه بيِّن ظاهر ، وحديث سلمان الفارسي رفعه خطأ منكر ، وحديث أبي ثعلبة منقطع ومختلف في رفعه .
وقد صح هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما من كلامه . أخرجه أبو داود (3800) ، قال ابن كثير في إرشاد الفقيه (1/367) : إسناده صحيح .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود ومشكاة المصابيح (4074) .
كما أن معنى الحديث الإجمالي مقرر في قواعد الدين وأصوله ، ومحل استشهاد وقبول عند أهل العلم .
قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (4/185) : " معنى هذا الحديث ثابت في الصحيح " انتهى .
وقال أبو بكر بن السمعاني : " هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين وفروعه ، قال : وحكي عن بعضهم أنه قال : ليس في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث واحد أجمع بانفراده لأصول الدين وفروعه من حديث أبي ثعلبة " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (2/70) .
وللاستزادة من معنى الحديث وشرحه انظر : شرح ابن رجب على هذا الحديث في "جامع العلوم والحكم" شرح الحديث الثلاثون (2/68-87) .
ثانياً :(/4)
ينبغي التنبه إلى أن حكم بعض العلماء بالصحة أو الضعف على حديث معين ، قد يكون المقصود به طريقاً معينة من طرق الحديث وليس حكماً على الحديث بكل طرقه ، بمعنى أن العالم قد يحكم على إحدى الطرق بالضعف مثلا ، ثم يحكم في مكان آخر على طريق أخرى للحديث نفسه بالصحة ، وليس ذلك تناقضاً وإنما اختلفت الطريق المحكوم عليها ، وهذا هو الذي وقع من الشيخ الألباني في كلامه على الحديث الذي معنا ، أنه صححه من رواية أبي الدرداء ، وضعف إسناده من رواية سلمان الفارسي لكنه حسنه بشاهده أي هو حسن لغيره عنده ، وليس ذلك تناقضاً بل تفصيل يقتضيه علم الحديث .
والواجب على المسلم اتباع الحق فيما يظهر له بعد البحث والاجتهاد ، فإن لم يكن له وسع في الاجتهاد اكتفى بتقليد من يثق بعلمه وأمانته من أهل العلم المشهورين ، ولا يلتفت إلى غيره ، وهذا يعم المسائل الحديثية والفقهية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 43574
هل يقول المأموم ( سمع الله لمن حمده ) عند رفعه من الركوع ؟:
قرأت في إحدى الملصقات أن على الإمام والمأموم عند الانتهاء من الركوع أن يقولوا : ( سمع الله لمن حمده ) ثم بعد ذلك يقول المأمومون : ( اللهم ربنا لك الحمد ) ، وهذا بخلاف ما نشأنا عليه ، أن الإمام فقط هو الذي يقول : ( سمع الله لمن حمده ) فيرد المأمومون عند الرفع من الركوع : ( اللهم ربنا لك الحمد ) . فأفتونا مأجورين .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
التسميع ( وهو قول " سمع الله لمن حمده " ) عند الرفع من الركوع والتحميد عند الاستواء قائما ( وهو قول " ربنا لك الحمد " ) سنة مستحبة عند جمهور أهل العلم ، وذهب الحنابلة إلى وجوبها ، والصحيح القول بالوجوب .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/433) :
والدليل على ذلك ( يعني : الوجوب ) ما يلي :
أولا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك ، فلم يدع قول ( سمع الله لمن حمده ) في حال من الأحوال .
ثانيا : أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام .
ثالثا : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد ) " انتهى .
وقد سبق ذكر التسميع والتحميد في واجبات الصلاة في سؤال رقم (65847) .
ثانيا :
اتفق الفقهاء على أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد ، فيقول : ( سمع الله لمن حمده ) حين يرفع من الركوع ، فإذا استوى قائما قال : ( ربنا ولك الحمد ) .
وقد نقل الاتفاق : الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/240) ، وابن عبد البر في "الاستذكار" (2/178) .
وإن كان في "المغني" (1/548) ما يفيد أن هناك خلافاً في المسألة .
ولكنهم اختلفوا في الإمام والمأموم ما الذي يشرع لكل منهما :
أما الإمام :
فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يُسَمِّعُ فقط ، ولا يسن له أن يقول : ربنا لك الحمد .(/1)
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام يُسَمِّعُ ويَحمّد .
والراجح هو القول الثاني ؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه قَالَ : الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ ) .
رواه البخاري (795) ومسلم (392) .
وقد بيَّن الحافظ ابن حجر أن استحباب تحميد الإمام مستفاد من هذا الحديث ومن غيره .
انظر : "فتح الباري" (2/367) .
وأما المأموم :
فقد قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة بأن المأموم يقتصر على التحميد فقط ، ولا يقول ( سمع الله لمن حمده ) .
وخالفهم الشافعية والظاهرية ، فقالوا باستحباب التسميع والتحميد في حق المأموم ، وهو اختيار الألباني في "صفة الصلاة" (135) وللتوسع في أدلتهم انظر رسالة السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (1/35) .
والراجح – والله أعلم - هو قول الجمهور .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "لقاء الباب المفتوح" (1/320) :
" المؤتم إذا قال إمامه سمع الله لمن حمده لا يقول سمع الله لمن حمده ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جُعل الإمام لِيُؤتَمَّ به ، فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ) .(/2)
فقال ( إذا كبر فكبروا ) ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ) ، ففرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم بين التكبير وبين التسميع ، التكبير نقول كما يقول ، والتسميع لا نقول كما يقول ، لأن قوله ( إذا قال : سمع الله لمن حمده قولوا ربنا ولك الحمد ) بمنزلة قوله : إذا قال سمع الله لمن حمده فلا تقولوا سمع الله لمن حمده ولكن قولوا ربنا ولك الحمد ، بدليل السياق ، سياق الحديث الذي قال : ( إذا كبر فكبروا ) ، ومن قال مِن أهل العلم إنه يقول ( سمع الله لمن حمده ) ويقول ( ربنا ولك الحمد ) فقوله ضعيف ، وليس أحدٌ يقبل قولُه على الإطلاق ، ولا يُرَدُّ قولُه على الإطلاق ، حتى يُعرض على الكتاب والسنة ، ونحن إذا عرضناه على السنة وجدنا الأمر كما سمعت " انتهى .
وانظر : "المغني" (1/548) ، "الأم" (1/136) ، "المحلى" (1/35) ، "الموسوعة الفقهية" (27/93-94)
ويتبين بذلك أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فلا غرابة أن تكون بعض الملصقات قد قررت ما ذهب إليه بعض أهل العلم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43609
الحكمة من تشريع الزكاة:
هل هناك حكمة معينة من تشريع الزكاة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجب أن يُعلم أن الله تعالى لا يشرع شيئاً إلا وهو متضمن لأحسن الحكم ، ومحقق لأحسن المصالح ، فإن الله تعالى هو العليم ، الذي أحاط بكل شيء علماً ، الحكيم ، الذي لا يشرع شيئاً إلا لحكمة .
ثانياً :
وأما الحكمة من تشريع الزكاة ، فقد ذكر العلماء حكما كثيرة لذلك ، منها :
الأولى : إتمام إسلام العبد وإكماله ؛ لأنها أحد أركان الإسلام ، فإذا قام بها الإنسان تم إسلامه وكمل ، وهذا لا شك أنه غاية عظيمة لكل مسلم ، فكل مسلم مؤمن يسعى لإكمال دينه .
الثانية : أنها دليل على صدق إيمان المزكي ، وذلك أن المال محبوب للنفوس ، والمحبوب لا يبذل إلا ابتغاء محبوب مثله أو أكثر ، بل ابتغاء محبوب أكثر منه ، ولهذا سميت صدقة ؛ لأنها تدل على صدق طلب صاحبها لرضا الله عزّ وجل .
الثالثة : أنها تزكي أخلاق المزكي ، فتنتشله من زمرة البخلاء ، وتدخله في زمرة الكرماء ؛ لأنه إذا عود نفسه على البذل ، سواء بذل علم ، أو بذل مال ، أو بذل جاه ، صار ذلك البذل سجية له وطبيعة حتى إنه يتكدر ، إذا لم يكن ذلك اليوم قد بذل ما اعتاده ، كصاحب الصيد الذي اعتاد الصيد ، تجده إذا كان ذلك اليوم متأخراً عن الصيد يضيق صدره ، وكذلك الذي عود نفسه على الكرم ، يضيق صدره إذا فات يوم من الأيام لم يبذل فيه ماله أو جاهه أو منفعته .
الرابعة : أنها تشرح الصدر ، فالإنسان إذا بذل الشيء ، ولاسيما المال ، يجد في نفسه انشراحاً ، وهذا شيء مجرب ، ولكن بشرط أن يكون بذله بسخاء وطيب نفس ، لا أن يكون بذله وقلبه تابع له .(/1)
وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" أن البذل والكرم من أسباب انشراح الصدر ، لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس ، ويخرج المال من قلبه قبل أن يخرجه من يده ، أما من أخرج المال من يده ، لكنه في قرارة قلبه ، فلن ينتفع بهذا البذل .
الخامسة : أنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فكما أنك تحب أن يبذل لك المال الذي تسد به حاجتك ، فأنت تحب أن تعطيه أخاك ، فتكون بذلك كامل الإيمان .
السادسة : أنها من أسباب دخول الجنة ، فإن الجنة ( لمن أطاب الكلام ، وأفشى السلام ، وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام ) ، وكلنا يسعى إلى دخول الجنة .
السابعة : أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة ، فيعطف فيه القادر على العاجز ، والغني على المعسر ، فيصبح الإنسان يشعر بأن له إخواناً يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه ، قال تعالى : ( وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) القصص/77 . فتصبح الأمة الإسلامية وكأنها عائلة واحدة ، وهذا ما يعرف عند المتأخرين بالتكافل الاجتماعي ، والزكاة هي خير ما يكون لذلك ؛ لأن الإنسان يؤدي بها فريضة ، وينفع إخوانه .
الثامنة : أنها تطفئ حرارة ثورة الفقراء ؛ لأن الفقير قد يغيظه أن يجد هذا الرجل يركب ما شاء من المراكب ، ويسكن ما يشاء من القصور ، ويأكل ما يشتهي من الطعام ، وهو لا يركب إلا رجليه ، ولا ينام إلا على الأرض وما أشبه ذلك ، لا شك أنه يجد في نفسه شيئاً .
فإذا جاد الأغنياء على الفقراء كسروا ثورتهم وهدؤوا غضبهم ، وقالوا : لنا إخوان يعرفوننا في الشدة ، فيألفون الأغنياء ويحبونهم .
التاسعة : أنها تمنع الجرائم المالية مثل السرقات والنهب والسطو ، وما أشبه ذلك ؛ لأن الفقراء يأتيهم ما يسد شيئاً من حاجتهم ، ويعذرون الأغنياء بكونهم يعطونهم من مالهم ، فيرون أنهم محسنون إليهم فلا يعتدون عليهم .(/2)
العاشرة : النجاة من حر يوم القيامة ، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ( كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (4510) ، وقال في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) متفق عليه .
الحادية عشرة : أنها تلجئ الإنسان إلى معرفة حدود الله وشرائعه ؛ لأنه لن يؤدي زكاته إلا بعد أن يعرف أحكامها وأموالها وأنصباءها ومستحقيها ، وغير ذلك مما تدعو الحاجة إليه .
الثانية عشرة : أنها تزكي المال ، يعني تنمي المال حساً ومعنى ، فإذا تصدق الإنسان من ماله فإن ذلك يقيه الآفات ، وربما يفتح الله له زيادة رزق بسبب هذه الصدقة ، ولهذا جاء في الحديث : ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم (2588) ، وهذا شيء مشاهد أن الإنسان البخيل ربما يسلط على ماله ما يقضي عليه أو على أكثره باحتراق ، أو خسائر كثيرة ، أو أمراض تلجئه إلى العلاجات التي تستنزف منه أموالاً كثيرة .
الثالثة عشرة : أنها سبب لنزول الخيرات ، وفي الحديث : ( ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (5204) .
الرابعة عشرة : ( أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ) كما ثبت ذلك عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3759)
الخامسة عشرة : أنها تدفع ميتة السوء .
السادسة عشرة : أنها تتعالج ( أي تتصارع ) مع البلاء الذي ينزل من السماء فتمنع وصوله إلى الأرض .
السابعة عشرة : أنها تكفر الخطايا ، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (5136) .
انظر : "الشرح الممتع" (6/4-7) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43736
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى:
قرأت مقالاً لأحد الكُتَّاب يتضمن إباحة الغناء والموسيقى ، والرد على من يرى تحريم ذلك ، ويحث على إعادة بث أصوات المغنين والمطربين الميتين ، تخليداً لذكراهم ، وإبقاءً للفن الذي قاموا بعمله في حياتهم ، ولئلا يحرم الأحياء من الاستماع بسماع ذلك الفن ورؤيته ، وقال : ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ، ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح ، ثم قال : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها البعض في منع الغناء والموسيقى لا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض ، ثم ذكر آراء لبعض العلماء في إباحة الغناء .
الجواب:
الحمد لله
قد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بيان في الرد على هذا المقال ، ونصه :
قال علماء اللجنة الدائمة :
" للرد على هذه الشبهات تقرر اللجنة ما يلي :
أولاً : الأمور الشرعية لا يجوز الخوض فيها إلا من علماء الشريعة المختصين المؤهلين علمياً للبحث والتحقيق ، والكاتب (الذي كتب المقال) ليس من طلاب العلم الشرعي فلا يجوز له الخوض فيما ليس من اختصاصه ، ولهذا وقع في كثير من الجهالات ، القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، وهذا كسب للإثم ، وتضليل للقراء ، كما لا يجوز لوسائل الإعلام من الصحف والمجلات وغيرها أن تفسح المجال لمن ليس من أهل العلم الشرعي أن يخوض في الأحكام الشرعية ويكتب في غير اختصاصه حماية للمسلمين في عقائدهم وأخلاقهم .(/1)
ثانياً : الميت لا ينفعه بعد موته إلا ما دل عليه دليل شرعي ومن ذلك ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631) . وأما المعاصي ، التي عملها في حياته ومات وهو غير تائب منها – ومنها الأغاني – فإنه يعذب بها إلا أن يعفو الله عنه بمنه وكرمه . فلا يجوز بعثها وإحياؤها بعد موته لئلا يلحقه إثمها زيادة على إثم فعلها في حياته ، لأن ضررها يتعدى إلى غيره ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) رواه مسلم (1017) .
ثالثاً : وأما قوله : ( ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء ) والموسيقى فهذا من جهله بالقرآن . فإن الله تعالى قال : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لقمان/6 .
قال أكثر المفسرين : معنى (لَهْوَ الْحَدِيثِ ) في الآية الغناء .
وقال جماعة آخرون : كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك ، وهذا كله يصد عن سبيل الله ، ويسبب الضلال والإضلال .
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أنه قال في تفسير الآية : إنه والله الغناء . وقال : إنه ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .(/2)
وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب ، وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة ، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ( إغاثة اللهفان ) الكلام في حكم الأغاني وآلات اللهو .
رابعاً : قد كذب الكاتب على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نسب إليه أنه كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح ، فإن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للنساء خاصة فيما بينهن بضرب الدف والإنشاد المجرد من التطريب وذكر العشق والغرام والموسيقى وآلات اللهو مما تشمل عليه الأغاني الماجنة المعروفة الآن ، وإنما رخص بالإنشاد المجرد عن هذه الأوصاف القبيحة مع ضرب الدف خاصة دون الطبول وآلات المعازف لإعلان النكاح ، بل صح في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري أنه حرم المعازف بجميع أنواعها وتوعد عليها بأشد الوعيد ، كما في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ (أي جبل) يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا ، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )
والمعازف : الغناء وجميع آلاته .
فذم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم من يستحلون الحر وهو الزنا ، ويستحلون لبس الحرير للرجال ، وشرب الخمور ، ويستمعون الغناء وآت اللهو . وقرن ذلك مع الزنا والخمر ولبس الرجال للحرير مما يدل على شدة تحريم الغناء وتحريم آلات اللهو .(/3)
خامساً : وأما قوله : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها من منع الغناء والموسيقى ولا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض ـ فهذا من جهله بالسنة ، فالأدلة التي تحرم الغناء بعضها في القرآن ، وبعضها في صحيح البخاري ، كما سبق ذكره ، وبعضها في غيره من كتب السنة ، وقد اعتمدها العلماء السابقون واستدلوا بها على تحريم الغناء والموسيقى .
سادساً : ما ذكره عن بعض العلماء من رأي في إباحة الغناء فإنه رأي مردود بالأدلة التي تحرم ذلك ، والعبرة بما قام عليه الدليل لا بما خالفه ، فكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالواجب على هذا الكاتب أن يتوب إلى الله تعالى مما كتب ، ولا يقول على الله وعلى رسوله بغير علم ، فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في كتاب الله .
وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه " انتهى بتصرف يسير .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 43737
إمامهم ألثغ ، وبعض المأمومين يخفي أنه أقرأ:
إمامنا يبدل بعض الحروف ببعض ، وفينا من يحسن القراءة ويحفظ جزءاً كبيراً من القرآن.
فما حكم إمامة الموصوف ؟ وما حكم المأموم الأحسن حفظا وقراءة عند عدم الإفصاح عن إجادته وحفظه للقرآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال (50536) أن العلماء اختلفوا في حكم إمامة الألثغ ( وهو من يبدل بعض الحروف ببعض ) ، وأن الصحيح صحة إمامته ، لكن الأولى أن يقدم من يقرأ قراءة صحيحة .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إذا صَلَّى أُمِّيٌّ لا يَعرفُ الفاتحةَ بأُمِّيٍّ مثله ( والمراد بالأمي هنا من لا يحسن قراءة الفاتحة ) : فصلاتُه صحيحةٌ لمساواتِه له في النَّقْصِ ، ولو صَلَّى أُمِّيٌّ بقارئ ( والمراد بالقارئ من يحسن قراءة الفاتحة ) : فإنَّه لا يَصحُّ ، وهذا هو المذهبُ .
وتعليل ذلك : أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ ، فكيف يأتمُّ الأعلى بالأدنى .
والقول الثاني - وهو رواية عن أحمد - : أنه يَصحُّ أن يكون الأُمِّيُّ إماماً للقارئ ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها ؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن المخالفةِ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ ) ومراعاةً للخِلافِ .
" وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته "
أي : إنْ قَدِرَ الأُمِّيُّ على إصلاح اللَّحنِ الذي يُحيلُ المعنى ولم يُصلِحْهُ : فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ ، وإن لم يَقْدِرْ : فصلاتُه صحيحةٌ دون إمامتِه إلا بمثلِه .(/1)
ولكن الصحيحُ : أنَّها تصحُّ إمامتُه في هذه الحالِ ؛ لأنَّه معذورٌ لعجزِه عن إقامةِ الفاتحةِ ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقال : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ، ويوجد في بعضِ الباديةِ مَن لا يستطيعُ أنْ ينطِقَ بالفاتحة على وَجْهٍ صحيحٍ ، فرُبَّما تسمعُه يقرأ " أَهدنا " ولا يمكن أنْ يقرأَ إلا ما كان قد اعتادَه ، والعاجزُ عن إصلاح اللَّحنِ : صلاتُه صحيحةٌ ، وأما مَن كان قادراً : فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ ، إذا كان يُحيلُ المعنى .
" الشرح الممتع " ( 4 / 248 ، 249 ) .
ولا ينبغي تقديم من لا يحسن القراءة ولو كان حافظاً ، بل الذي يقدَّم في الإمامة هو من يحسن القراءة وذلك بإخراج الحروف من مخارجها ، ويكون مع ذلك على علم بفقه أحكام الصلاة .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " الأولى بالإِمامة الأقرأ العالم فقه صلاته " هل المرادُ بالأقرأ الأجودُ قِراءة ً، وهو الذي تكون قراءتُه تامَّةً ، يُخرِجُ الحروفَ مِن مخارِجِها ، ويأتي بها على أكملِ وجهٍ ، أو المرادُ بالأقرأ الأكثرُ قراءةً ؟
الجواب : المراد : الأجودُ قِراءةً ، أي : الذي يقرؤه قراءةً مجوَّدةً ، وليس المراد التجويد الذي يُعرف الآن بما فيه مِن الغنَّةِ والمدَّاتِ ونحوها ، فليس بشرطٍ أن يتغنَّى بالقرآن ، وأن يحسِّنَ به صوتَه ، وإن كان الأحسنُ صوتاً أَولى ، لكنه ليس بشرط .
وقوله : " العالم فقه صلاته " أي : الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ ، بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على الأحكامِ الشرعيَّةِ . . .
وهذا في ابتداء الإمامة ، أي : لو حَضَرَ جماعةٌ ، وأرادوا أن يقدِّموا أحدَهم ، أما إذا كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ فهو أَولى بكلِّ حالٍ ما دام لا يوجدُ فيه مانعٌ يمنعُ إمامتَه .
" الشرح الممتع " ( 4 / 205 ، 206 ) باختصار .
ثانيا :(/2)
لا ينبغي لمن يحسن القراءة أن يخفي نفسه ، ويقدم من لا يحسن القراءة ، فإن في ذلك مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ . . . الحديث ) رواه مسلم (673) .
قَوْلُهُ : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : بِمَعْنَى الأَمْرِ ، أَيْ : لِيَؤُمَّهُمْ .
وقال الحافظ في " الفتح" :
وَلا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيم الأَقْرَأ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُون عَارِفًا بِمَا يَتَعَيَّن مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَحْوَال الصَّلاة , فَأَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلا بِذَلِكَ فَلا يُقَدَّمُ اِتِّفَاقًا . انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 43739
هل يعق عن المولود الذي ولد ثم توفي مباشرة:
رزقني الله مولودة وتوفيت بعد ساعتين ، فهل أعقّ عنها ؟.
الجواب:
الحمد لله
تشرع لها العقيقة لعموم الأدلة الدالة على ذلك ، ومنها :
1- عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى " . رواه الترمذي ( 1515 ) والنسائي ( 4214 ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 396) .
2. عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل غلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ، ويحلق رأسه " . رواه الترمذي ( 1522 ) والنسائي ( 4220 ) وأبو داود ( 2838 ) . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 385 ) .
وإذا لم يكن من المناسب دعوة الناس للاجتماع على طعام العقيقة لأجل الوفاة فيكفيكم الصدقة منها والأكل منها والإهداء .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 43772
هل يفطر بسبب مشقة العمل ؟:
هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان ؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة .
الجواب:
الحمد لله
أفتى بعض العلماء بجواز الفطر لهؤلاء ، ثم أرسلت الفتوى للشيخين عبد الله بن محمد بن حميد ، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله للتعقيب عليها ، فقالا :
" الأصل وجوب صوم رمضان ، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين ، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين ، وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم ، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين وليسوا في معنى المرضى والمسافرين ، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا صائمين ، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب ، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام ، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب .
وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل – إن أمكن – ما يضطرهم إلى الفطر في نهار رمضان ، بأن يجعل العمل ليلاً أو توزع ساعات العمل في النهار بين العمال توزيعاً عادلاً يوفقون به بين العمل والصيام .
أما الفتوى المشار إليها فهي في قضية فردية أفتوا فيها باجتهادهم مشكورين إلا أنه فاتهم ذكر القيود التي ذكرنا ، والتي قررها المحققون من أهل العلم في كل مذهب ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير " انتهى .
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله ، رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس العام للإشراف الديني على المسجد الحرام .(/1)
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الرئيس العالم لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/245) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 43778
أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟:
أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟.
الجواب:
الحمد لله
كل واحد من هذين التفسيرين لعالم جليل من علماء أهل السنة ، ولا يزال العلماء ينصحون باقتنائهما ، ولكل واحدٍ منهما ميزات تجعل طالب العلم لا يستطيع تفضيل واحدٍ منهما على الآخر ، وهذه بعض اللمحات عن التفسيرين :
1. " تفسير الطبري "
- ولد الإمام محمد بن جرير الطبري عام 224 هـ وتوفي عام 310 هـ عن ستة وثمانين عاماً في إقليم طبرستان .
- سمى تفسيره " جامع البيان في تأويل آي القرآن " .
- قال أبو حامد الإسفرايني : لو سافر مسافر إلى الصين من أجل تحصيله ما كان ذلك كثيراً في حقه .
" طبقات المفسرين " للداودي ( 2 / 106 ) .
وقال ابن خزيمة : نظرت فيه من أوله إلى آخره ، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير.
" سير أعلام النبلاء " ( 14 / 273 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما التفاسير التي في أيدي الناس : فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري ؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين ، كمقاتل بن بكير والكلبي .
" مجموع الفتاوى " ( 13 / 358 ) .
وقال أيضاً في "مقدمة في أصول التفسير" (ص 39) عن تفسير ابن جرير :
من أجل التفاسير وأعظمها قدراً . انتهى .
- اعتمدَ أقوال ثلاث طبقات من طبقات مفسري السلف ، وهم الصحابة ، والتابعون ، وأتباع التابعين ، ويذكر أقوالهم بأسانيده إليهم ، وهذه ميزة عظيمة في كتابه ، لا توجد في كثير من كتب التفسير الموجودة بين أيدينا ، غير أن هذه الميزة لا تتناسب مع عامة المسلمين الذين ليس لديهم القدرة على البحث في الأسانيد ومعرفة الصحيح من الضعيف ، وإنما يريدون الوقوف على صحة السند أو ضعفه بكلام واضح بَيِّن مختصر .(/1)
- فإذا انتهى من عرضِ أقوالِهم : رجَّحَ ما يراه صوابًا ، ثمَّ يذكر مستندَه في الترجيحِ .
2. " تفسير ابن كثير "
- هو أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ، توفي في عام 774 هـ .
- سمى تفسيره " تفسير القرآن العظيم " .
- قال السيوطي رحمه الله في حق هذا التفسير : لم يؤلَّف على نمطه مثله .
" تذكرة الحفاظ " ( ص 534 ) .
- وتفسيره من التفسير بالمأثور – الآية والحديث - ، وشهرته تعقب شهرة الطبري عند المتأخرين .
- سهل العبارة ، جيد الصياغة ، ليس بالطويل الممل ، ولا بالقصير المخل .
- يفسِّر الآية بالآية ، ويسوق الآيات المتناسبة مع ما يفسره من الآيات ، ثم يسرد الأحاديث الواردة في موضوع الآية ، ويسوق بعض أسانيدها وبخاصة ما يرويه الإمام أحمد في مسنده ، وهو من حفظة المسند ، ويتكلم على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً– غالباً – وهي ميزة عظيمة في تفسيره ، ثم يذكر أقوال السلف من الصحابة والتابعين ، ويوفق بين الأقوال ، ويستبعد الخلاف الشاذ .
قال عنه محمد بن جعفر الكتاني : إنه مشحون بالأحاديث والآثار بأسانيد مخرجيها مع الكلام عليها صحةً وضعفاً .
" الرسالة المستطرفة " ( ص 195 ) .
- نبَّه على الموقف الشرعي من الروايات الإسرائيلية ، ونبَّه على بعضها خلال تفسيره لبعض الآيات .
والخلاصة :
أنه لا غنى لطالب العلم عن الكتابين ، وأنه عند المفاضلة بينهما : فإن تفسير ابن جرير لم يؤلَّف بعده مثله ، وهو زاد للعلماء وطلبة العلم ، لكنه لا يصلح لعامة الناس لعدم صلاحيتهم هم له ، وتفسير ابن كثير أقرب لأن يوصى به عوام الناس ، وفيه من الفوائد للعلماء وطلبة العلم الشيء الكثير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44018
هل النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِر في الإنجيل:
أرجو أن تخبرني أين ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ؟ وهل تم ذكر اسمه أم رمز له ؟ وما هي المراجع التي يمكن أن أستعملها لأثبت هذه المسألة ، وهل الكُتاب والمترجمون النصارى قد حرفوا ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى في كتابه : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف /6
وقال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف/157
فهاتان الآيتان تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة والإنجيل ، مهما أدعى اليهود والنصارى عدم ذلك ، فإن كلام الله تعالى أحسن حديثا ، وأصدق قيلا .
ومما وورد في الكتاب السابقة ما يلي :
أولا : جاء في التوراة في سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر الفقرات 18و19 : " يا موسى أني سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي فيه ويقول لهم ما أمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أنتقم منه ومن سبطه " ، وهذا النص موجود عندهم الآن ، فقوله :" من إخوانهم " ، لو كان منهم من بني إسرائيل لقال سأقيم لهم نبياً منهم قال من إخوتهم أي أبناء إسماعيل .(/1)
ثانيا : جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر الفقرات 16-17 : " إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، وان لي كلاماً كثيراً أريد قوله ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي " ، وهذا لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : قال ابن القيم رحمه الله : " قال في التوراة في السفر الخامس : - : " أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه ربوات الإظهار عن يمينه " وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من " سينا " : وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى ، ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت المقدس، و " ساعير " : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، وهذه بشارة بنبوة المسيح .
"وفاران " : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصبح ، ونبوة المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ونبوة خاتم الأنبياء باستعلاء الشمس ، وظهور ضوءها في الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء . فإن الله سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم ، وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة ( والتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا البلد الأمين " ا.هـ [ انظر هداية الحيارى ص 110 ، وما ذكره ابن القيم هو في العهد القديم سفر التثنية الإصحاح 33 فقرة 1 ](/2)
رابعا : ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه : ( البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة ) أن إنجيل برنابا في الباب 22 جاء فيه : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله " ، وجاء في سفر أشعيا : إني جعلت اسمك محمدا يا محمد ، يا قدوس الرب : اسمك موجود من الأبد ، وجاء في سفر أشعيا : " وما أعطيته لا أعطيه لغيره ، أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البرية ، ويوحدون على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية " انتهى .
وقد ذكر العلماء العديد من المواضع التي ذكر فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، مرة بذكر اسمه الصريح ، ومرة بذكر وصف لا ينطبق إلا عليه صلى الله عليه وسلم .
ويمكنك مراجعة العديد من النصوص في الوصلة التالية :
http://arabic.islamicweb.com/christianity/
واعلم أنه قد طرأ تغيير على الكتب الموجودة الآن من التوراة والإنجيل وحدث تغيير فيها ، وقد ذكر المؤرخون من غير المسلمين هذا الأمر ، لكن مع ذلك كله لازلنا نجد في التوراة والإنجيل التبشير بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر الشيخ رحمة الله الهندي أن النصارى كلما استطاعوا تحريف موضع حرفوه ، ولذلك تجد بعض العلماء القدامى يذكرون مواضع في التوراة والإنجيل ليست موجودة الآن ، لكن هناك مواضع أخرى لا زالت تبشر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه .
واعلم أنه لا بد من تسلح الإنسان بالعلم الصحيح الوافي عند مناقشة النصارى ، وهم وإن لم يكن لديهم حجج ، إلا إنه يسعون لبث الشبه في نفوس الناس ، ليستسلموا لها ، وليغيب الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .
ومن الكتب المفيدة في هذا السياق كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي ، وكتاب هداية الحيارى لابن القيم ، ومن قبله الجواب الصحيح لابن تيمية .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/3)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 44021
هل يُوصَى بختم العام بالاستغفار والصيام ؟:
مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية العام ، وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام ؛ فما حكم هذه الرسائل ؟ وهل صيام آخر يوم من السنة ، إذا وافق الاثنين أو الخميس بدعة.
الجواب:
الحمد لله
قد دلت السنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول ، في كل يوم مرتين : مرة بالليل ومرة بالنهار :
ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ )
قال النووي رحمه الله : الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار , وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل .
وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .(/1)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فيه : أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله ، وَاَللَّه أَعْلَم ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا – يعني صلاتي الصبح والعصر - ) " انتهى .
ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله عز وجل .
روى مسلم (2565 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ) .
ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة واحدة في شهر شعبان :
روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟!!
قَالَ : ( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) حسنه الألباني في صحيح الجامع .
فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض :
• العرض اليومي ، ويقع مرتين كل يوم .
• والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس .
• العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان .(/2)
قال ابن القيم رحمه الله : " عمل العام يرفع في شعبان ؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس ، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل ، وعمل الليل في آخره قبل النهار . فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام ، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل " انتهى باختصار من "حاشية سنن أبي داود" .
وقد دلت أحاديث عرض الأعمال على الله تعالى على الترغيب في الازدياد من الطاعات في أوقات العرض ، كما قال صلى الله عليه وسلم في صيام شعبان : ( فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) .
وفي سنن الترمذي (747) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" (949) .
وكان بعض التابعين يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ، ويقول : اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل !! [ ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ] .
ومما ذكرناه يتبين أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي ، أو بداية عام جديد ، بِطَيِّ الصُّحف ، وعرض الأعمال على الله عز وجل ، وإنما العرض بأنواعه التي أشرنا إليها ، قد حددت النصوص له أوقاتاً أخرى ، ودلت النصوص أيضا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الطاعات في هذه الأوقات .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن التذكير بنهاية العام في نهايته : " لا أصل لذلك ، وتخصيص نهايته بعبادة معينة كصيام بدعة منكرة " انتهى .
وأما صيام الاثنين أو الخميس ، إذا كان من عادة الإنسان ، أو كان يصومه لأجل ما ورد من الترغيب في صيامهما ، فلا يمنع منه موافقته لنهاية عام أو بدايته ، بشرط ألا يصومه لأجل هذه الموافقة ، أو ظنا منه أن صيامهما في هذه المناسبة له فضل خاص .
والله أعلم .(/3)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 44029
حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور:
ما حكمُ شراءِ الحلوياتِ أو المنتجاتِ التي عليها صورُ ذواتِ أرواحٍ ؟.
الجواب:
الحمد لله
شراء هذه الأشياء ، إن كان من أجل ما عليها من الصور فهو حرام ، لأنه اقتناء للصور ، وهو يمنع دخول الملائكة في البيت .
ولا شك أن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن كل سبب يمنع دخول الملائكة بيته .
لكن إذا كان الغالب على هذه الأشياء وجود الصور عليها ، بحيث يشق على المسلم أن يبحث عن منتجات لا صور عليها ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ، دفعاً للمشقة والحرج عن المسلم .
جاء في الموسوعة الفقهية (12/112) :
" للمالكيّة قولان في صناعة الصّور الّتي لا تتّخذ للإبقاء ، كالّتي تعمل من العجين ، وأشهرُ القولين المنع ، وكذا نقلهما العدويّ ، وقال : إنّ القول بالجواز هو لِأَصبغ ، ومثّل له بما يصنع من عجين أو قشرِ بطّيخ ، لأنّه إذا نشف تقطّع .
وعند الشّافعيّة : يحرم صنعُها ولا يحرمُ بيعُها . ولم نجد عند غيرهم نصّا في ذلك " انتهى .
ويقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (2/203) :
" ما عمَّت به البلوى الآن ، من وجودِ الصورِ في كلِّ شيءٍ إلا ما ندرَ ، فتوجدُ في أواني الأكل ، وفي الكراتين الحافظةِ للأطعمةِ ، وفي الكتب ، وفي الصحفِ ، فتوجد في كل شيء إلا ما شاء الله ، ويوجد أيضا صورٌ مما يؤكل : بسكوت على صورة سمك ، أو أرنب ؟(/1)
نقول : إن اقتناءَ الإنسان للصور ( بمعنى لأجل ما فيها من الصور ) لا شك أنَّه محرم ، أو كان يشتري المجلاتِ التي تنشر فيها الصورُ للصورِ ، فهذا حرام ، أما إذا كانت للعلمِ والفائدةِ والاطلاعِ على الأخبار ، فهذه أرجو ألا يكونَ بها بأس ، نظرًا للحرجِ والمشقة ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، فهذه الصورُ ليست مقصودةً للإنسان حالَ الشراء ، ولا تهمه ، كما أن مسألةَ الأواني والكراتينِ التي فيها أطعمةٌ وشبه ذلك ، قد يقال : إن فيها شيئًا من الامتهان ، فلا تكون من القسمِ المحرَّم " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44039
تكاليف الكفن والدفن والتغسيل:
إذا كان الميت فقيراً ، فمن الذي يجب عليه أن يدفع تكاليف تكفينه وتغسيله ودفنه . . . إلخ ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إذا كان الميت له مال فنفقات تجهيزه تكون من ماله ، ويكون هذا مقدماً على قضاء ديونه ، وتنفيذ وصيته إن كان أوصى بشيء ، وقبل الميراث ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة : ( وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ ) رواه البخاري (1851) ومسلم (1206) .
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/240) في الأحكام المستفادة من هذا الحديث :
" أن الكفن مقدم على الميراث ، وعلى الدَّين ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يكفن في ثوبيه ، ولم يسأل عن وارثه ، ولا عن دَيْن عليه ، ولو اختلف الحال لسأل .
وكما أن كسوته في الحياة مقدمة على قضاء دَيْنه ، فكذلك بعد الممات ، هذا كلام الجمهور ، وفيه خلاف شاذ لا يُعَوِّل عليه " انتهى .
وانظر : "المجموع" (5/147) ، "المغني" (3/457) .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" ( 2/330) : " ويكفن من جميع ماله قبل الدين والوصية والميراث , لأن هذا من أصول حوائج الميت ؛ فصار كنفقته في حال حياته " انتهى .
ثانياً :
وإذا لم يكن للميت مال وجب تكفينه على من تلزمه نفقته ( كأبيه وابنه والزوج ) , فإن لم يكن وجبت من بيت المال , فإن لم يكن وجب ذلك على عامة المسلمين .
انظر : " المجموع" (5/148-150) ، "بدائع الصنائع" (2/330) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/219) : " وإنما قُدم بيت مال المسلمين على عموم المسلمين ؛ لأنه لا منّة فيه على الميت ؛ بخلاف ما إذا كان من المسلمين ، فإن هذا الذي سوف يعطيه سيكون في قلبه منة عليه " انتهى .(/1)
وقال أيضاً : ( 5/217 ) : " ولكن لو فرض أن هناك جهة مسؤولة ملتزمة بذلك ، فلا حرج أن نكفنه منها إلا إذا أوصى الميت بعدم ذلك ، بأن قال : كفنوني من مالي ، فإنه لا يجوز أن نكفنه من الأكفان العامة ، سواء كانت من جهة حكومية ، أو من جهة خاصة " انتهى .
ثالثاً :
ولما كان الزوج يجب عليه النفقة على زوجته حال الحياة كان كفنها واجباً عليه .
وهو قول أبي حنيفة والشافعي ومالك , وقال أحمد : يجب في مالها .
انظر : "المجموع" (5/148-150) , "حاشية ابن عابدين" (3/101) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/219) تعليقاً على قول الجمهور : " وهذا القول أرجح إن كان موسراً " أي : غنياً .
وسئل الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : هل يجب على الزوج كفن الزوجة ؟
فأجاب :
" الصحيح أنه يجب على الزوج كفن امرأته ، موسرة كانت أو معسرة ، وهو من النفقة ، ومن المعاشرة بالمعروف ، ومما يعده الناس منكراً أنه إذا ماتت زوجة الغني المعسرة أنه لا يجب عليه كفنها " انتهى .
"الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة" (2/542) .
وأما الزوجة فلا يلزمها كفن زوجها ، لأنها لا يجب عليها أن تنفق عليه حال الحياة .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/330) : " ولا يجب على الزوجة كفن زوجها بالإجماع , كما لا يجب عليها كسوته في حال الحياة " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44594
نصيحة لمن يقدح في إخوانه المسلمين ويتهمهم بلا بيّنة:
شيخنا إني أحبكم في الله ، رجائي أن تجيبني كي ألجم أفواه الطاعنين في أهل العلم ، فهناك من يتهمكم بالتكفير والقطبية ـ كما يسمونها ـ ?.
الجواب:
الحمد لله
أحبك الله الذي أحببتنا فيه ، وجمعنا الله في مستقر رحمته ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
وبخصوص ما ورد في سؤالك ، فننصحك بالابتعاد عن كل من يتكلم في إخوانك المسلمين أو يقدح فيهم أو يتهمهم ويطعن في نياتهم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ) رواه أبو داود برقم 4880 ، وصححه الألباني
ثم إن عليك واجب النصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل ، وأن يكفوا عن مثل تلك الألقاب التي تفرق المسلمين ، وما كان من واجب النصيحة لبعض الأخطاء فإنها لا تكون بالتشهير والطعن في النيات ونحو ذلك .
أما مسألة التكفير ففيها تفصيل . فتكفير من كفره الله تعالى أو كفره رسوله صلى الله عليه وسلم واجب حتمي ، والله عز وجل قد كفر طوائف في كتابه ، كما قال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) ، وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) ، وتكفير من لم يكفره الله تعالى أو يكفره رسوله صلى الله عليه وسلم محرم .
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وكما لا يجوز أن نطلق الكفر على شخص معين حتى يتبين شروط التكفير في حقه ، يجب أن لا نجبن عن تكفير من كفره الله ورسوله ، ولكن يجب أن نفرق بين المعين وغير المعين " شرح كتاب التوحيد 2/271
وانظر سؤال ( 21576 ) ، والله أعلم(/1)
ثم إن كل من اتهم شخصاً بتهمة فعليه الدليل ( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
والمشكلة المنتشرة بين بعض المنتسبين إلى الدين هداهم الله أنهم يرمون الناس بتهم لا تعتبر أصلاً في الشرع من الأمور القادحة والمخلّة بالدين .
ثم لا يأتون على ذلك بدليل ويتابعون هوى أنفسهم ، فالنفس تحب أن تنصب نفسها حكماً على العباد تجرح وتعدل وترفع وتخفض وتنبز .
والواجب مخالفة هوى النفس في هذا وميزان الناس بميزان الشرع وتذكر حسناتهم والمناصحة لأخطائهم .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44633
القيء لا ينقض الوضوء:
هل الاستفراغ ينقض الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب بعض العلماء إلى أن القيء (وهو الاستفراغ) ينقض الوضوء ، منهم الإمامان أبو حنيفة وأحمد ، غير أن أحمد يشترط لنقض الوضوء أن يكون القيء كثيرا فاحشاً .
وذهب الإمام الشافعي إلى أن القيء لا ينقض الوضوء ، وهذا هو الصحيح ، لأنه ليس هناك دليل صحيح على نقض الوضوء بالقيء .
انظر : "المجموع" (2/63-65) ، "المغني" (1/247- 250) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل ما يخرج من غير السبيلين ينقض الوضوء ؟
فأجاب :
" الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء قلَّ أو كَثُر إلا البول والغائط ؛ وذلك أن الأصل عدم النقض ، فمن ادّعى خلاف الأصل فعليه الدليل ، وقد ثبتت طهارة الإنسان بمقتضى دليل شرعي ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي ، ونحن لا نخرج عما دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأننا متعبدون بشرع الله لا بأهوائنا ، فلا يسوغ لنا أن نلزم عباد الله بطهارة لم تجب ولا أن نرفع عنهم طهارة واجبة .
فإنْ قال قائل : قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ .
قلنا : هذا الحديث قد ضعًّفه أكثر أهل العلم ، ثم نقول : إن هذا مجرد فعل ، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب ، لأنه خالٍ من الأمر ، ثم إنه معارضٌ بحديث ـ وإن كان ضعيفاً ـ : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ . وهذا يدل على أن وضوءه من القيء ليس للوجوب .
وهذا القول هو الراجح ، أن الخارج من بقيه البدن لا ينقض الوضوء وإن كَثُرَ ، سواء كان قيئاً أو لعاباً أو دماً أو ماء جروح أو أي شيء آخر ، إلا أن يكون بولاً أو غائطاً مثل أن يفتح لخروجهما مكان من البدن فإن الوضوء ينتقض بخروجهما منه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/198) .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44676
مشاكل بسبب زوجات إخوتها:
أعاني من مشاكل عائلية وبالتحديد مع زوجات إخوتي ، مع العلم أنهن أخوات وبنات عمي يخلقن مشاكل بدون أي سبب ، مثال : الصغرى والمقيمة معنا لا تتحدث معنا إلا عندما نكلمها ونحن مللنا من هذه الحال ، كما يراودني شعور أنها لا تحبنا ، أما أختها وزوجة أخي الأكبر منذ أربع سنوات تغيرت علينا وأصبحت تأتي لزيارتنا كأنه واجب ، وقامت به بمعني تأتي دون أن تتكلم حتى عودت بناتها على هذه الطريقة وأخذن يسببن لنا مشاكل مع إخواننا حتى قررت أمي أن تقول لأخي الأكبر أن لا تدخل زوجته منزلنا حتى نتجنب مشاكلهن ، على العلم أننا لم نشعر بمعنى الحقد تجاههن فهل له علاقة بقطيعة الرحم أفيدونا جزاك الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله
فإن صلة الرحم واجب عظيم ، له منزلة كبيرة في دين الإسلام ، ويكفي ذلك قول الله تعالى في الحديث القدسي للرحم :" ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك " رواه البخاري ( 4552 ) ومسلم ( 2554 ) ، وقد بينا ذلك مفصلا في السؤال رقم ( 4631 )
إذا تبين هذا ، فإنه ينبغي عليكم أن تسددوا وتقاربوا قدر استطاعتكم ، فحاولوا التفاهم مع أخيكم بخصوص هذا الموضوع ، واشرحوا له ما يحصل بين زوجته وبين أمه وبينكم ، دون أن تتدخلوا في شؤون زوجته أو أن تجرحوا شعوره ، فإن هذا يعظم المشكلة ولا يحلها ، فإن لم يتيسر ذلك ، فحاولوا أن تحسنوا إلى زوجة أخيكم ، فإن الإنسان في العادة يأسره الإحسان ، ويقربه الود والعطاء .
فإن لم يفد الأمر ، فأخبروا أخاكم أن يقلل من زيارة زوجته لأمه ، فيأتي هو مرة بدونها ، ومرة معها ، حتى تعود المياه إلى مجاريها ، وأكثروا من دعاء الله عز وجل أن يصلح تلك الأحوال ، وأن يؤلف بين القلوب .(/1)
ويمكنكم أيضا أن تذكروا عند أمكم بعض ما تفعله زوجة أخيكم من محاسن ، وأن تغضوا الطرف عن المساويء لكي تصلحوا الأوضاع ، ولا تكونوا من الذين إذا رأوا عيبا سارعوا بنشره ، وإخبار الكل عنه ، فإن هذا من باب النميمة ، كما أنه يفسد الود ، ويقطع الرحم ، ويذهب الصفاء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44679
نذرت أن تحج ولم تحج الفريضة:
امرأة نذرت إن رزقها الله بمولود أن تحج ورزقها الله به فهل عليها الحج للنذر ؟ علماً بأنها لم تحج الفرض .
الجواب:
الحمد لله
" يجب أن يعلم أن النذر منهي عنه ، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ( إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ ) . ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن النذر حرام . فلماذا تنذر ؟ ولماذا تكلف نفسك ؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو على قريبك بالشفاء إلا إذا اشترط له شرطاً ؟ سبحان الله ! لا تنذر ، بل اسأل الله الشفاء والعافية ، فإن كان الله أراد أن يشفي شفى سواء نذرت أم لم تنذر ، فإذا فعلت ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ) وبناء على هذا نقول لهذه المرأة المذكورة : يجب أن تحجي . لكن تبدأ بحج الفريضة ، ثم تأتي بحج النذر وجوباً ، فإن لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة ، ذكرها الله في قوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) التوبة/75، 76 .
عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا ، وأن يكونوا من الصالحين ، أعطاهم الله ذلك ، ولكنهم بخلوا بالمال ، وأعرضوا عن الصلاح ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ ) إلى متى ؟ ( إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) إلى الموت ( بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ) التوبة/77.
والخلاصة :(/1)
احذروا النذر ، لا تنذروا فأنتم في عافية ، ولا تلزموا أنفسكم ما لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم ، فمن كان عنده مريض فليقل : اللهم اشفه ، ومن كان يريد الاختبار فليقل : اللهم نجحني ، لأن بعض الطلبة إذا كانت الدروس صعبة وخاف من السقوط يقول : لله عليَّ نذر إن نجحت لأفعل كذا وكذا . من الطاعات ، ثم إذا نجح أخذ يسأل ويجيء للعالم الفلاني يقول : خلصوني خلصوني ، ولكن لا مفر لا بد من الوفاء بالنذر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/54) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44738
هل يعطي صدقة التطوع لأهل البدع:
من المعلوم أن أغلبية سكان العراق شيعة هل يصح التبرع لهم عن طريق المؤسسات التي تدعو إلى التبرع لهم ، مع أنهم من الممكن أن يتقووا بهذه الأموال على أهل السنة .
الجواب:
الحمد لله
الحكم بأن أغلبية سكان العراق من الشيعة ليس دقيقا ، لأن الإحصاءات الموجودة بين أيدينا الآن أكثرها قديمة ، ولم تكن بتلك الدقة ، بل إن بعض الإحصاءات الحديثة أثبتت عكس ذلك بناء على استقراء أحوال المحافظات هناك .
وعلى كل حال فإذا كان الذي يدفع إلى الرافضة من الصدقة الواجبة أي الزكاة المفروضة فقد سبق بيان حكمه في السؤال رقم ( 1148 ) ، أما إذا كان ما يدفع هو من الصدقة المستحبة أي صدقة التطوع فقد نص أهل العلم على جواز دفع صدقة التطوع إلى الكافر .
قال في الأم : " قال الشافعي : ولا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة وليس له في الفريضة من الصدقة حق " الأم 2/65
وقال في المغني : " وكل من حرم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم ، يجوز دفع صدقة التطوع إليهم ولهم أخذها ، قال الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) . ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا " المغني 2/277
لكن إذا كان المال المتصدق به يستعان به على معصية أو أذية مسلم ، فلا يجوز دفعه لمسلم فضلا عن مبتدع أو كافر .
وبناء على ما سبق ، فإذا كنت متيقنا من أن تلك الأموال ستصل إلى أناس يتقوون بها على أذية المسلمين فلا يجوز دفعها ، ويمكنك البحث عن طرق أخرى لدفعها لأهلها ومن هم أحق بها ، والأولى أن يعطي المسلم زكاته لأهل الطاعة .(/1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات ص (103) : ولا ينبغي أن يعطي الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله ، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين ، كالفقراء والغارمين أو لمن يعاون المؤمنين . فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يعطي شيئاً حتى يتوب ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها . اهـ.
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44825
يسأل عن حديث أحب الأسماء إلى الله:
ما صحة حديث : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) ؟ وما هو نص الحديث ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحديث المشار إليه في السؤال صحيح ، رواه الإمام مسلم في صحيحه (2132) من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ) .
وروى أبو داود (4950) عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ ، وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وإنما كانت الأسماء المعبدة لله تعالى أحب إلى الله من غيرها ؛ لأن فيها إقرارا لله تعالى بوصفه اللائق به سبحانه ، والذي لا يليق بغيره ، وليس لأحد من الخلق فيه حق ولا نصيب ؛ وهو ألوهيته لخلقه سبحانه .
وفيها مع ذلك الإقرار إقرارٌ من العبد بوصفه اللائق به ، والذي لا يليق به غيره ، ولا يخرج عنه طرفة عين من حياته أو أقل ، وهو وصف العبودية لربه . فَصَدَق الاسم على مسماه ، وَشُرِّفَ المسمى بإضافته إلى عبودية ربه جل وعلا ، فحصلت الْفَضِيلَة لهذه الأسماء .
فالتعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية الخالصة ، والتعلق الذي بين الله وبين العبد إنما هو الرحمة التامة ، فبرحمته كان وجوده ، وكمال وجوده ، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتعبد له وحده ، محبة وخوفا ورجاء وإجلالا وتعظيما ، فيكون عبدًا لله .(/1)
وهذا هو مدلول ذلك الاسم : تعبيد صاحبه لما في اسم الله من معنى الإلهية ، التي يستحيل أن تكون لغيره .
ولما كانت رحمته تسبق غضبه ، وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب ، كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر ونحوها من الأسماء .
فإذا تضمن الاسم الإشارة إلى هذين المقامين ، مقام الألوهية ومقام العبودية ، أوجب تذكره الدائم مقام الذل للعبد بين يدي ربه ، واستدعى رحمة الرب سبحانه لبعده الفقير الذليل .
وذكر بعض أهل العلم أن في هذين الاسمين من الخصوصية أيضا : أَنَّهُ لَمْ يَقَع فِي الْقُرْآن إِضَافَة عَبْد إِلَى اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى غَيْرهمَا , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْد اللَّه يَدْعُوهُ ) وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ( وَعِبَاد الرَّحْمَن ) وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى ( قُلْ ادْعُوا اللَّه أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَن ) .
وإذا كان الطفل أول ما يعي ويعقل ، يطرق ذلك الاسم سمعه ، وقر في قلبه أنه عبد الله ، وأن الله هو سيده ومولاه الرحمن الرحيم ، وسهل تربيته على ذلك .
[ يمكن مراجعة : تحفة المودود بأحكام المولود ، لابن القيم ، وفتح الباري لابن حجر ، في شرحه لباب : أحب الأسماء إلى الله ، وحاشية السندي على ابن ماجة ] .
وفقنا الله وإياكم إلى عبوديته الخالصة ، وأدخلنا بمنه وكرمه في رحمته، وهو أرحم الراحمين .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44835
يدرس في جدة ويقيم في الرياض وينوي العمرة بعد الاختبارات فمن أين يحرم ؟:
أنا موظف في الرياض وأدرس منتسباً في جدة وأنوي العمرة من الرياض ، ولكن بعد الاختبارات ، فهل يجب عليَّ أن أذهب من جدة إلى " السيل الكبير " وأحرم للعمرة أو أني أحرم من جدة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على من مرَّ على الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم منه . راجع السؤال رقم ( 33798 ) و ( 36646 ) .
ولك أن تؤخر إحرامك بالعمرة حتى تنقضي مدة إقامتك في جدة ثم تعود إلى الميقات فتحرم منه ، ولا يجوز لك الإحرام من جدة .
سئلت اللجنة الدائمة عن طالب يدرس في مدينة جدة ، ويسكن في القنفذة تبعد عنها مسافة 350 كم ، وفي خلال يومي الخميس والجمعة يذهب إلى القنفذة ثم يعود إلى جدة فإذا أراد العمرة فمن أين يحرم ؟
فأجابت :
" إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/136)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل سافر من بلده إلى جدة ثم أراد العمرة فهل يحرم من جدة ؟
الجواب :
لا يخلو الأمر من حالين :
الحالة الأولى : أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة ، فإنه يحرم من جدة ولا حرج في ذلك ، لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حيث ذكر المواقيت قال : " وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " رواه البخاري (1524) ومسلم (1181)(/1)
الحالة الثانية : أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازما عليها فإنه يجب في هذه الحالة أن يحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة ؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه وقت المواقيت فقال : " هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلهن مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ "
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال فإن عليه عند أهل العلم فديةً دماً ، يذبحه في مكة ويتصدق به على الفقراء وعمرته صحيحة .
فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله فإنه يرجع إلى الميقات ويحرم منه ولا شيء عليه . والله أعلم . مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/291)
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضا عن مجموعة من الحجاج عقدوا العزم على الحج وهم من أهل الرياض وقد كلفوا للعمل في مطار جدة وبعضهم عقد نية الإفراد وبعضهم تمتع والآخرون بالقران لكنهم تجاوزوا الميقات ولم يحرموا حيث إن هناك زمنا طويلا بين بداية عملهم وبين موسم الحج بما يقارب الشهر فهل عليهم دم كلهم أو بعضهم حسب النية ؟
الجواب :
أما من أراد منهم التمتع فإن عدم إحرامه من الميقات خطأ مخالف للحكمة ؛ لأن الأولى به أن يحرم من الميقات ويأت بالعمرة ويخرج ، إلى جدة ، وأما من أراد القران والإفراد فصحيح أنه يشق عليه أن يجلس شهرا كاملا في إحرامه ، وإذا جاء وقت الحج خرجوا إلى الميقات الذي تجاوزوه وأحرموا منه ، فإن قُدِّرَ أن تَعَذَّر هذا ولم يتمكنوا من الذهاب إلى الميقات فلهم أن يحرموا من جدة ، وعليهم عند أهل العلم دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، والتمتع مثلهم ما دام إلى الآن لم يحرم فإذا أراد الإحرام بالعمرة فلا بد أن يذهب إلى السيل ( ميقات أهل الرياض ) ويحرم منه ويطوف ويسعى ويقصر ويحل . مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/291)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 44877
موقفنا من أحاديث فضائل الأعمال الضعيفة:
ما موقف العلماء من الحديث الضعيف سنده ، ولكن متن الحديث فيه حث على فضيلة أو دعاء . نريد إجابة على ذلك .
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال فذهب بعضهم إلى جواز العمل به ولكن بشروط ، وذهب آخرون إلى منع العمل به .
ولخص الحافظ ابن حجر رحمه الله شروط جواز العمل بالحديث الضعيف ، وهي :
1- أن يكون الضعف غير شديد ، فلا يعمل بحديث انفرد به أحدٌ من الكذابين أو المتهمين بالكذب أو من فحش غلطه .
2- أن يندرج تحت أصل معمول به .
3- ألا يعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
وليس معنى العمل بالحديث الضعيف أننا نستحب عبادة لمجرد ورود حديث ضعيف بها ، فإن هذا لم يقل به أحد من العلماء –كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية- بل المعنى أنه إذا ثبت استحباب عبادة معينة بدليل شرعي صحيح كقيام الليل مثلا ، ثم جاء حديث ضعيف في فضل قيام الليل فإنه لا بأس من العمل بهذا الحديث الضعيف حينئذ ، ومعنى العمل به روايته لترغيب الناس في هذه العبادة مع رجاء الفاعل لها أن ينال هذا الثواب الوارد في الحديث الضعيف ، لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه الحال لا يترتب عليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن حصل له هذا الثواب وإلا فلا ضرر عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى" ( 1 / 250 ) :(/1)
ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة ، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب ، وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروى حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً ، ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف ، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع .. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب ، ولكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا المجهول حاله اهـ .
وقال أبو بكر بن العربي بعدم جواز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .. انظر في ذلك تدريب الراوي ( 1/252 ) .
وهذا القول هو الذي اختاره العلامة الألباني رحمه الله ، وانظر مقدمة كتاب "صحيح الترغيب والترهيب" (1/47-67) .
وفيما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثبت عنه من الأحاديث في فضائل الأعمال وغيرها غُنية عن العمل بالحديث الضعيف .
فعلى المسلم أن يحرص على معرفة الحديث الصحيح من الضعيف ويكتفي بالعمل بالصحيح .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44878
بطلان ما يزعمون عن الكوكب العاشر:
ما رأيكم فيما يسمي الكوكب العاشر أو كوكب العذاب كما يسمي وأنه متوقع اقترابه يوم 15/5/2003 وأنه سيسبب دمار الأخضر واليابس . هناك من يؤكد صحة هذا الأمر وأنه ما ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الطارق .
أفيدونا يرحمكم الله حيث أن من يؤيد ذلك يدعون الناس لترك منازلهم والهجرة لأماكن أخرى إن أرادوا النجاة .
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ حامد العلي في موقعه على الإنترنت عن هذا الموضوع فقال : " يجب على المسلم أن يتقين ثلاثة أمور عندما يسمع مثل هذه الأخبار :
الأمر الأول : هو أن نهاية الحياة في الأرض لن تكون بحال من الأحوال إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن نهاية التاريخ لن تحصل قبل ظهور علامات الساعة الصغرى والكبرى كلها ، ومن ذلك أن يتصارع أهل الحق وهم أهل الإسلام مع أهل الشر والباطل ، وهم كل الذين يعادون دين الحق دين الإسلام ، ويسعون لإطفاء نوره وأن ثمة محطتين بارزتين في هذا الصراع ستقع قبل نهاية الحياة ، الأولي صراع أهل الإسلام مع أهل الصليب كما صح في الأحاديث التي ذكرت ملاحم آخر الزمان .
والمحطة الثانية هي صراع أهل الإسلام في وقت نزول عيسى عليه السلام مع الدجال وأتباعه من اليهود ، ثم يخرج يأجوج ومأجوج ، ويموتون موتة رجل واحد .
ثم يحكم أهل الإسلام الأرض ، ثم يموت كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بريح باردة تقبض أرواح المؤمنين ، ثم لا تلبث الساعة بعد ذلك أن تقوم وشيكا على شرار الخلق متفرقين على كوكب الأرض ، لأن الكون لا يخرب وعلى الأرض مؤمن ، فإن انعدم الإيمان خربت ، إذ الإيمان بالله سبب بقاء الحياة .
والحاصل أنه لا يجوز أن يعتقد المسلم أن نهاية الحياة ستكون بخلاف ما ذكر في النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .(/1)
الأمر الثاني : هو أنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الكواكب تهب النفع ، أو تدفع الضر ، أو يحصل بها الرزق أو هي التي تهب السعادة ، وتأتي بالشقاء ، وتوجه حياة البشر ونحو ذلك ، فهذه عقيدة شركية كان يعتقدها أهل الجاهلية وصح في الأحاديث أن من اعتقدها كفر ، وبهذا يعلم أن ما يزعمه كهان الأبراج كله كذب وكفر وشرك بالله تعالى .
فالكواكب ليست سوى أجرام مسخرة تسير بقدرة الله تعالى ، وتؤدي دورها في الكون ، وهذا لا يمنع أن يكون سيرها وفق نواميس أقام الله تعالى الكون عليها ، ويحصل بها تأثر فيما بينها ، ويترتب علي هذا التأثر ، حصول الكوارث والمصائب والزلازل ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أنه بسبب كون الكسوف يؤثر على الأرض قال صلى الله عليه وسلم ( آية يخوف الله بها عباده ) ا.هـ بمعنى أنها تدل على قرب حدوث أمر مقدر من الله تعالى فيه تخويف وتذكير من الله تعالى ، تذكير بقدرته البالغة ، وتذكير بنهاية الحياة ، وتذكير للإنسان أن لا يطغى وأن يتذكر دائما أنه على أرض الله التي لو شاء لزلزلها من تحت رجليه ، فلا يستطيع صرفا ولا نصرا .
ولهذا عادة ما تحدث الزلازل بعد الكسوفات ، وكذلك الأعصاير المدمرة ، نعوذ بالله من غضبه ، كما ذكر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من القمر لأن له تأثيرا وإلا لما استعاذ منه ، وإنما تأثيره من جنس تأثير المؤثرات الحسية التي خلقها الله وخلق تأثيراتها .
ومادام المسلم يعتقد أن ذلك يحصل كله بتقدير الله تعالى ، وأنها آيات يخوف الله بها عباده ، فلا ضير ، لكن يجب أن تكون معرفة علاقة سير الكواكب، والشمس ، بحركة سير الأرض ، وطبقات الأرض ، وحركة الرياح فيها ، مبينا على أسس علمية ، كما تكتشف علاقات قوانين الطبيعة مع بعضها ، والإسلام لم يحرم بل أمر باكتشاف قوانين الكون التي خلقها الله تعالى لتسييره .(/2)
الأمر الثالث : هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان ، على كلام علماء الطبيعة والفلك ، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا أو توقعات لا تلبث حتى يعلم خطؤها ، فلا يصح أن يجزم أحد من الناس بقوله : إن زوال أمريكا ، أو خروج المهدي ، أو تغيير النظام العالمي ، أو موازين القوى في العالم ، سيحدث بمرور كوكب يحدث تأثيرات كارثية على الأرض ، في هذا العام ، أو غيره .
ومن جزم بهذا فهو متخرص ، قائل بغير علم ، متهجم على الغيب بغير حق ، فأما إن كان الكلام في دائرة ذكر الإمكان ، وما يمكن أن يقع ، فما هو ممكن الوقوع كثير ، ولكن لا يعلم ما سيقع ، ومتى يقع إلا الله تعالى وحده .
هذا وقد أمرنا أن نجاهد أعداءها بما أوتينا من قوة ، وأن نسعى أن نتفوق عليهم ، أو أن نساويهم ، أو نقاربهم ، فيما يملكون من أسباب القوة المادية والمعنوية ، ولا نتكل على حصول الكوارث على أعداءنا .
وقد علمنا من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن نواجه الأعداء بتوكلنا على الله أولا ، ثم بما آتانا الله من إيمان عميق بعقيدتنا ، وعزيمة أكيدة على حقنا ، وصبر هائل على طريقنا ، وإصرار بغير حدود على رسالتنا ، وجهاد دؤوب يستمر عبر الأجيال حتى نصل إلى أهدافنا ، وهدفنا الأعلى وهو قيادة البشرية إلى الهدى والنور ، لتستمتع البشرية برسالة الرحمة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما فعل صلى الله عليه وسلم في حياته ، ولنا فيه الأسوة الحسنة .(/3)
وبعد هذا نقول إن كل ما ذكره هذا المتكلم عن كوكب ( نيبيرو ) لا قيمة له حتى يثبت بأسس علمية صحيحة ، إن هذا الكوكب سيحصل بمروره قرب الأرض تأثيرات كارثية ، ثم إذا ثبت ذلك ، فالواجب علينا أن نتمسك بالثوابت الثلاثة التي ذكرتها قبل قليل ، ثم اللجوء إلى الله تعالى ، والتوجه إليه بالدعاء أن يجنبنا البلاء ، وإذا وقع أن يرفعه عنا ، ويجعل عاقبته خيرا لنا ولأهل الإسلام
مع أن غالب الظن أن هذا الكلام على الكوكب المذكور ، كله تخرص ، لا أساس له من الصحة ، أو هو مبالغ فيه ، والاهتمام به ، ليس من الحكمة في شيء .
والله أعلم " ا.هـ
وقد مر التاريخ الذي ذكره السائل في سؤاله ، ولم يحدث شيء ، مما يؤكد أن هذا الكلام من باب الخرص والقول بلا علم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 44922
طبع كتاب لبنك فيه صور فما حكم المال ؟:
أنشأ شركة طباعة وتصميم وجاءه عقد مع بنك لطباعة كتاب ، ثم اكتشف أنه يجب وضع صور في هذا الكتاب والصور حرام ، وهناك مشكلة أخرى أنه علم أنه لا يجوز العمل مع شركة تتعامل بالربا وهذا البنك من هذا النوع ، قال لأخيه بأنه لا يريد هذا العقد ولكن ابن عمه نبهه إلى أنهم إذا توقفوا الآن يستطيع البنك أن يرفع قضية ضدهم بالمحكمة ويتضرروا منها، اضطروا لإتمام العمل وله عدة أسئلة : بعد فترة قصيرة سيستلم قيمة العقد فهل يجوز له أن يأخذ من هذا المال مصاريفه التي أنفقها أثناء هذا العقد ورواتب العمال وفواتير الكهرباء والماء والهاتف ؟ وماذا يفعل بالفائض من هذا المال هل يبني به مركزا إسلامياً أم يعطيه الفقراء أم في أمور الدعوة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان المقصود بقولك " والصور حرام " أي التصوير الفوتوغرافي ، فقد سبق بحث هذه المسألة في إجابة السؤال رقم ( 13633 ) ورقم ( 10668 ) ورقم ( 7918 ) .
ورسم ذوات الأرواح باليد محرم . وراجع السؤال (39806) .
ولم تذكر في السؤال شيئا عن المادة التي يحتويها هذا الكتاب ، فإن كان الكتاب دعاية لنشاط البنك الربوي فطباعته محرمة لما فيه من إعانة البنك على الربا ، وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، فلا يجوز أن تأخذ عليه مقابلاً البتّة ، وتصدّق بجميع مدخوله في وجوه الخير .
وإن كانت مادة الكتاب مباحة وليس في طباعة الكتاب ما يعين البنك على نشاطه المحرّم ، أو يعمل له دعاية مثلاً فأخرج من المال الذي تأخذه ما يطهره من أجرة طباعة الصور المحرّمة
ونسأل الله أن يعوضك خيرا ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 44945
إذا نزل المني بعد الغسل من الجنابة:
أنا شاب للأسف الشديد أحاول بقوة ترك العادة السرية ولكني أضعف أحيانا ويحدث أنه بعد الغسل يخرج سائل شفاف لزج فهل هو يوجب الغسل حتى لو كان منيا مع العلم أنه خرج بدون شهوة وهل يجوز إزالة النجاسة مع غسل الجنابة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من العادة السرية وأن تقلع عنها ؛ وأن تحذر عاقبة تكرار الذنب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) رواه الترمذي (3257) وابن ماجة (4234) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي برقم2654. ويمكنك مراجعة السؤال ( 329 ) ففيه بيان لكيفية الإقلاع عن هذه العادة السيئة .
ثانيا :
من اغتسل من احتلام أو جماع ثم خرج منه شيء بعد الغسل ، دون شهوة ، لم يلزمه إعادة الغسل ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( فصل : فأما إن احتلم , أو جامع , فأمنى , ثم اغتسل , ثم خرج منه مني , فالمشهور عن أحمد أنه لا غسل عليه , قال الخلال : تواترت الروايات عن أبي عبد الله ـ أي الإمام أحمد ـ , أنه ليس عليه إلا الوضوء , بال أو لم يبل , فعلى هذا استقر قوله . وروي ذلك عن علي وابن عباس وعطاء والزهري ومالك والليث والثوري وإسحاق , وقال سعيد بن جبير : لا غسل عليه إلا من شهوة .
وفيه رواية ثانية : إن خرج بعد البول , فلا غسل فيه , وإن خرج قبله اغتسل ، وهذا قول الأوزاعي وأبي حنيفة , ونقل ذلك عن الحسن ; لأنه بقية ماء خرج بالدفق والشهوة , فأوجب الغسل كالأول وبعد البول خرج بغير دفق وشهوة , ولا نعلم أنه بقية الأول ; لأنه لو كان بقيته لما تخلف بعد البول .(/1)
وقال القاضي : فيه رواية ثالثة , عليه الغسل بكل حال . وهو مذهب الشافعي ; لأن الاعتبار بخروجه كسائر الأحداث . وقال في موضع آخر : لا غسل عليه . رواية واحدة ; لأنه جنابة واحدة , فلم يجب به غسلان , كما لو خرج دفعة واحدة ...) انتهى من المغني 1/128
والصحيح أنه إذا خرج بغير شهوة لم يجب الغسل كما في الإنصاف 1/232، وكشاف القناع 1/141 ونصه : ( فإن خرج المني بعد الغسل من انتقاله ) لم يجب الغسل . ( أو ) خرج المني ( بعد غسله من جماع لم ينزل فيه ) بغير شهوة لم يجب الغسل ( أو خرجت بقية مني اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل ) لما روى سعيد عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل ؟ قال : يتوضأ وكذا ذكره الإمام أحمد عن علي ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا , كما لو خرج دفقة واحدة , ولأنه خارج لغير شهوة أشبه الخارج لبرد , وبه علل أحمد قال : لأن الشهوة ماضية , وإنما هو حدث أرجو أن يجزئه الوضوء) انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( قوله : " فإن خرج بعده لم يُعِده " أي : إذا اغتسل لهذا الذي انتقل ثم خرج مع الحركة ، فإنه لا يعيد الغسل . والدليل :
1- أن السبب واحد ، فلا يوجب غسلين .
2- أنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذة ، ولا يجب الغسل إلا إذا خرج بلذة .
لكن لو خرج مني جديد لشهوة طارئة فإنه يجب عليه الغسل بهذا السبب الثاني) انتهى من الشرح الممتع (1/281). وانظر السؤال رقم ( 12352 )
ثالثا :(/2)
المشروع في غسل الجنابة : إزالة ما لوث البدن من مني وغيره ، ثم الشروع في الاغتسال بالبدء بأعضاء الوضوء ، ثم إفاضة الماء على سائر الجسد ، لثبوت ذلك في صفة غسله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري (251) ومسلم (476) عن مَيْمُونَة رضي الله عنها قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلا فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ ثُمَّ غَسَلَهَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ يَنْفُضْ بِهَا"، وإن حصل منك إزالة لسيء من النجاسات أو غيرها فإن هذا لا يبطل الغسل لأن الواجب في الغسل تعميم الجسد بالماء ـ مع المضمضة والاستنشاق على الصحيح ـ مع نية الغسل ، وليس من شروط رفعه للحدث عدم ملامسة النجاسة في أثنائه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 44957
هل السب ينقض الوضوء ؟:
هل السب ينقض الوضوء ؟ .
الجواب:
الحمد لله
السب ليس من نواقض الوضوء ، ونواقض الوضوء أشياء محصورة ، وقد سبق بيانها في جواب السؤال (14321) .
لكن يستحب لمن فعل معصية أن يتوضأ ، لأن الوضوء يكفر الخطايا ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر الشيرازي في "المهذب" (2/73) مع "المجموع" ، وابن حزم في "المحلى" (1/241) آثاراً عن عائشة وابن مسعود وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم في الأمر بالوضوء من الكلام القبيح .
قال النووي في "المجموع" (2/72) :
" الصحيح أو الصواب استحباب الوضوء الشرعي من الكلام القبيح , كالغيبة والنميمة والكذب والقذف وقول الزور والفحش وأشباهها . والغرض منه تكفير الخطايا كما ثبت في الأحاديث ، ولا يجب شيء من ذلك .
قال ابن المنذر في كتابيه "الإشراف" و "الإجماع" : أجمع العلماء على أنه لا يجب الوضوء من الكلام القبيح , كالغيبة والقذف وقول الزور وغيرها . . . واحتج الشافعي ثم ابن المنذر ثم البيهقي وأصحابنا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال في حلفه باللات والعزى , فليقل : لا إله إلا الله , ومن قال لغيره : تعال أقامرك فليتصدق ) رواه البخاري ومسلم " انتهى بتصرف .
يعني : ولم يأمره بالوضوء .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (ص 15) :
" ويستحب الوضوء عقيب الذنب " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 44971
من صور الاستمتاع المستقذرة:
هل يجوز للزوج أن يدخل إصبعه في دبر زوجته ويحركه كأنه نكاح. سؤالي جاء من باب أن زوجي سأل إمام المسجد وأجاز له فعل ذلك. ولذلك أنا أسال أهل العلم من باب التأكد.
الجواب:
الحمد لله
يباح للرجل أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ، إذا اتقى الوطء في الحيض ، والوطء في الدبر ، لما روى مسلم (302) عن أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض . . . إلى آخر الآية) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه .
وروى الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجة (639) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى أحمد (9731) وأبو داود (2162) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ملعون من أتى امرأته في دبرها" والحديث حسنه شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند والألباني في صحيح أبي داود .
وأما وضع الإصبع في الدبر فأقل أحواله الكراهة ، لما فيه من مباشرة النجاسة والقذارة ، ولما قد يفضي إليه من الوقوع في الحرام البين الذي هو الوطء في الدبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ) . رواه البخاري (52) ومسلم (1599).(/1)
ومما يؤكد ما سبق من الكراهة ، أن العلماء عللوا حرمة الوطء في الدبر بوجود الأذى ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر) المغني 7/226
وإدخال الإصبع في الدبر تتحقق معه هذه العلة ولا شك .
وفيما أحل الله تعالى مما ليس فيه شبهة غنية وكفاية .
راجع السؤال رقم ( 40520 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44978
أشهدا الملائكة على عقد الزواج !!:
تعرفت على صديق لها في الجامعة وكلاهما متدينان ، وكانت تساعده في بداية الأمر وتطورت العلاقة بينهما حتى قبلها يوما ما وندما على هذا الفعل ، ولكنه عاد وقبلها مرة أخرى فقررا الزواج ، بسبب ظروفهما المالية والاجتماعية لم يتمكنا من الزواج ولكنهما تعاهدا على الزواج وعدم الخيانة والله يعلم نيتهما وكان هذا بحضور الملائكة كشهود ، أصبحا بعد هذا يمسكا أيدي بعضهما البعض ويقبلا بعضهما دون شعور بالذنب ثم أصبح بينهما جماع ، قرأت في هذا الموقع عن سؤال مشابه أن هذا يعتبر من الزنا فأخبرته بالأمر .
هل زواجهما صالحاً وهل يعتبر ما فعلاه من الزنا وهل يغفر الله لهما إن تابا ؟ نرجو النصيحة .
الجواب:
الحمد لله
فإن ما حصل بين ذلك الرجل وتلك المرأة - على ما هو مذكور في السؤال - هو من باب الزنا ولا شك ، فأين ولي المرأة في ذلك الزواج ، واعجب من زواج كانت الملائكة شهودا عليه ، وهم لم يروا أولئك الشهود !!!
إن الواجب عليهما أن يتوبا إلى الله عز وجل مما بدر منهما ، وأن يعلما أنهما قد ارتكبا كبيرة من كبائر الذنوب ، وإثما عظيما ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " [ رواه البخاري برقم 2343 ، ومسلم برقم 57 ] ، وللمزيد راجع السؤال رقم ( 11195 ، 21223 )(/1)
وإذا تاب العبد فرح الله بتوبته وتاب عليه وغفر له ذنبه ، كما قال تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68-70 وانظر السؤال رقم ( 27113 ، 624 ، 20949 ) .
وعليهما أن يقطعا علاقتهما مع بعضهما ، وألا يفتحا على أنفسهما أبواب الفتن والشبهات ، وإذا أرادا علاقة طيبة شرعية ، فليأتوا البيوت من أبوابها كما شرع الله عز وجل ، أو يتقوا الله ويصبروا عن محارمه ، فإن العبد يصبر على ألم الفراق ، لكن لا يصبر على حر النار ، فليبتعدا عن بعضهما البعض ، حتى لا يجرا أنفسهما إلى سخط الله وعقابه أو يعجلا بالزواج الشرعي الصحيح بعد توبتهما مما وقع منها من الزنى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 44980
هل ينتقض الوضوء بخروج الرطوبة من الفرج:
هل السائل الأبيض الذي يخرج من المرأة ينقض الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
الظاهر أن السائلة تقصد بسؤالها حكم رطوبة فرج المرأة ، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء ، وتحريرها في بيان مسألتين :
المسألة الأولى : هل تلك الرطوبة طاهرة أم نجسة ؟
القول الأول : أنها طاهرة ، وهو مذهب الشافعي وأحمد .
القول الثاني : أنها نجسة .
والراجح هو القول الأول ، لعدم الدليل على نجاسة تلك الرطوبة ، قال في المغني :" لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو من جماع ... وهو يلاقي رطوبة الفرج ، ولأننا لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة لحكمنا بنجاسة منيها " ا.هـ .
المسألة الثانية : هل تلك الرطوبة ناقضة للوضوء أم لا ؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين :(/1)
القول الأول : أنها ناقضة للوضوء ، وهذا مذهب الجمهور ، واستدلوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة ، وتلك الرطوبة أو السوائل ملحقة بالاستحاضة ، ففي صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : ( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ) قال - يعني هشام - : وقال أبي - يعني عروة بن الزبير - :( ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ) [ رواه البخاري برقم 228 ] قال الحافظ في الفتح في زيادة الأمر بالوضوء :" وادعى بعضهم أن هذا معلق ، وليس بصواب ، بل هو بالإسناد المذكور عن محمد عن أبي معاوية عن هشام ، وقد بين ذلك الترمذي في روايته ، وادعى آخر أن قوله : ثم توضيء من كلام عروة موقوفا عليه ، وفيه نظر ، لأنه لو كان كلامه لقال : ثم تتوضأ بصيغة الإخبار ، فلما أتى به بصيغة الأمر شاكله الأمر الذي في المرفوع وهو قوله : فاغسلي " ا.هـ [ الفتح 1 / 332 ، وانظر 1 / 409 ، وانظر الإرواء 1 / 146 ، 224 ]
القول الثاني : أنها غير ناقضة للوضوء ، وهو قول ابن حزم .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية قولان في المسألة كالمذهبين السابقين ، ففي الاختيارات ، اختار عدم النقض ، وفي مجموع الفتاوى اختار قول الجمهور .
انظر مجموع الفتاوى (21/221) ، والاختيارات ص27 .
وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين حكم المسألتين السابقتين فقال : ..(/2)
الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر، ولكنه ينقض الوضوء وإن كان طاهراً، لأنه لا يشترط للناقض للوضوء أن يكون نجساً، فها هي الريح تخرج من الدبر وليس لها جرم، ومع ذلك تنقض الوضوء، وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي على وضوء، فإنه ينقض الوضوء وعليها تجديده، فإن كان مستمراً، فإنه لا ينقض الوضوء، ولكن لا تتوضأ للصلاة إلا إذا دخل وقتها وتصلي في هذا الوقت الذي تتوضأ فيه فروضاً ونوافل وتقرأ القرآن وتفعل ما شاءت مما يباح لها، كما قال أهل العلم نحو هذا فيمن به سلس البول .
هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر، لا ينجس الثياب ولا البدن.
وأما حكمه من جهة الوضوء، فهو ناقض للوضوء، إلا أن يكون مستمراً عليها، فإن كان مستمراً فإنه ينقض الوضوء، لكن على المرأة أن لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.
أما إن كان متقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة، فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش الوقت، فإن خشيت خروج الوقت، فإنها تتوضأ وتتلجم (تتحفظ) وتصلي. ولا فرق بين القليل والكثير، لأنه كله خارج من السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره.
وأما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينقض الوضوء، فهذا لا أعلم له أصلاً إلا قولاً لابن حزم ـ رحمه الله ـ فإنه يقول : إن هذا لا ينقض الوضوء ، ولكنه لم يذكر لهذا دليلاً ، ولو كان له دليل من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة لكان حجة ، وعلى المرأة أن تتقي الله وتحرص على طهارتها ، فإن الصلاة لا تقبل بغير طهارة ولو صلت مائة مرة ، بل إن بعض العلماء يقول : إن الذي يصلي بلا طهارة يكفر لأن هذا من باب الاستهزاء بآيات الله سبحانه وتعالى .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/284-286)
للمزيد راجع السؤال رقم ( 7776 ) ( 13948 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45018
هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام:
الرجاء الإفتاء في هذه المسألة ، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما.. أدرس في كلية التجارة ويعمل والدي في السياحة ( قطاع خاص في إحدى المدن السياحية . وهو مهندس كهرباء يعمل في القرية بمنصب مدير إدارة هندسية مما يعنى أنه مسئول عن كل ما يتعلق بالكهرباء؛ ابتداء من مصابيح الإضاءة وانتهاء بمضخة المياه ، مرورا بثلاجات الخمرة وإضاءة صالات الرقص والتليفزيونات وما إلى ذلك وهو يتقاضى على هذا العمل راتباً كبيراً قدره أربعة آلاف جنيه ، أما أنا فكنت أعمل بجانب الدراسة في مطعم- حبا في العمل فقط لا للحاجة- وعندما أردت الاستقلال بنفسي وإنشاء مشروع صغير أديره لم أجد سوى أبي لآخذ منه ما أحتاج من مال .
ولشكي في مال أبي من حيث الحل والحرمة توجهت بشكوكي إلى أحد المشايخ المشهود لهم بأنهم من أهل السنة ، فأفتى لي بأن ماله مختلط ولا يجوز لي منه إلا الضروري كالأكل والشرب واللبس ومصاريف الدراسة ، أما ما أحتاجه كرأس مال لمشروعي فيجوز أخذه منه على سبيل القرض وقد كان والآن أبي يريد مساعدتي بدافع الأبوة فيقف معي في المحل وفى بعض الأوقات كنت أترك له المحل وأذهب لقضاء حاجات للمحل ولنفسي ، وهكذا بدأ أبى يتعلم عملي ويعمل بنفسه وهنا بدأت المشكلة الأولى .. وهى أنني كنت قد حسبت كل المبالغ التي كنت قد أخذتها من أبى حسابا دقيقا ، أما بعد وقوفه معي أصبح الأمر مختلطا فأبى ٌقد يخرج من جيبه مالا يضعه في درج المحل أو قد يشترى بضاعة للمحل من جيبه الخاص. وهذا يمكن بكثير من المجهود حصره ، أما ما لا يمكن حصره هو أنه قد يشتري طعاما للبيت ثم يجد المحل محتاجا له فيأتي ببعض ما اشتراه للبيت ويضعه في المحل, ويكون هذا دون علمي واستشارتي ودون أن يحسبه كم يتكلف علىّ لأرده .(/1)
أما المشكلة الثانية.. فأبى غير مقتنع بردي المال له فهو يعتبره مالي ومال إخوتي وأنه يعمل ويأت بهذا المال من أجلنا فهو لن يقبل رد المال أبدا
أما المشكلة الثالثة.. أنه غير مقتنع بحرمة ماله - إن كان حراما - فهو يرى أنه من (الضرورات التي تبيح المحظورات) فإن عمله الحكومي يتقاضى عنه ما يقل قليلا عن 400 جنيه - لاحظوا الفرق أكرمكم الله- .. ونحن أسرة مكونة من خمسة أفراد منهم اثنان يدرسون دراسة جامعية.. وهو يرى أن مال الدولة كله حرام فالدولة تتعامل بالقروض الربيوية وتأخذ الضرائب وتجيز العمل في تجارة الخمور، وبالتالي فلا أحد يعمل إلا وفى ماله جزء حرام... والسؤال الآن
1- ما حكم مال أبى ؟ وهل تنطبق عليه قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ؟ وإن كان كذلك هل يجوز لنا الحرام بالتبعية ؟
2- كيف أحسب ما أدخله أبى عندي من مال إن كان هو لا يستطيع حسابه ؟
3- كيف لي أن أرد له هذا المال –إن وجب الرد- إن كان هو رافضا أخذه ؟ وهل يجوز لي أن أصر على الرفض وأن أسدد ما علي من ديون لأصحابها ( رد المظالم ) ؟
4- ما الذي يجوز لي من مال أبي؟ وإذا مات هل يجوز لي أن أرث ماله ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن العمل في مجال السياحة على ما هو موجود في واقعنا الآن ، لاسيما في بلادكم ، تشوبه الكثير من المخالفات الشرعية ، من رعاية الاختلاط ، والتبرج ، وربما الخمور والمحرمات الأخرى ، وإذا كان الأمر كذلك ، كان جزء من مال أبيك محرما ، وهو ما يسمى عند العلماء بالمال المختلط .
وقد قرر أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام ، فإنه يجوز الأكل من ماله ، وتجوز سائر وجوه معاملته ، إلا أن التورع عن ذلك أولى .(/2)
أما احتجاج والدك بأن ذلك ضرورة ، فهو غير صحيح ، لأن أبواب الحلال كثيرة جدا ، وقد قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ، ولو فتح الإنسان على نفسه هذا الباب ، لولج كل أبواب الحرام بحجة الضرورة .
واعلم أن أكل الحرام له عواقب وخيمة ، لو لم يكن منها إلا الحرمان من إجابة الدعاء ، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ... ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له " رواه مسلم برقم 1015
ومال أبيك الذي اكتسبه عن طريق هذا العمل المحرّم يسمّيه العلماء مالاً محرّماً لكسبه ، أي أنه اكتسبه بطريق محرّم ، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا المال يكون حراماً على مكتسبه فقط ، وأما من أخذه منه بطريق مباح فلا يحرم عليه كما لو أعطاك والدك هدية أو نفقة وما أشبه ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه ، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب ، بخلاف ما كان محرما لعينه ، كالخمر والمغصوب ونحوهما ، وهذا القول وجيه قوي ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله ، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر ، وأجاب دعوة اليهودي ، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت ، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة : ( هو لها صدقة ولنا منها هدية ) " القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112
وقال الشيخ ابن عثيمين :(/3)
" وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش ، أو عن طريق الربا ، أو عن طريق الكذب ، وما أشبه ذلك ؛ وهذا محرم على مكتسبه ، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح ؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت ، ويأخذون الربا ، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " تفسير سورة البقرة 1/198
وعليه ، فلك أن ترث والدك ، وليس عليك أن تحسب ما أدخله عليك ، أو أن ترد ما أدخله عليك ، إلا أن التورع عن الأكل من ماله إن استطعت أولى .
والله أعلم .
للمزيد انظر ( أحكام القرآن لابن العربي 1 / 324 ، المجموع 9 / 430 ، الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي 2 / 233 ، كشاف القناع 3 / 496 ، سؤال رقم 21701 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45042
حكم بيع التورق:
في الآونة الأخيرة قام البنك الأهلي التجاري بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط ، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث ، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم : (التورق) مأخوذ من الورِق وهو الفضة ، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة .
و " جمهور العلماء على إباحتها ، لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله البيع ) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار .
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها ، وإما للانتفاع بثمنها .
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمهم الله تعالى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف ، والصحيح جوازها " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" وأما مسألة التورق فليست من الربا ، والصحيح حلها ، لعموم الأدلة ، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة ، أما من باعها على من اشراها منه ، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا ، وتسمى مسألة العينة ، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
انظر : "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال بجوازها بشروط معينة .
قال رحمه الله في رسالة المداينة : " القسم الخامس – أي من أقسام المداينة - : أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه ، فهذه هي مسألة التورق .(/1)
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها ، فمنهم من قال : إنها جائزة ؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح .
ومن العلماء من قال : إنها لا تجوز ؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا ، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" ( 5/801 ) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط :
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم ، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز ، كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره .
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض ، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها .
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول : بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك ، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم ، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا : كأنه دراهم بدراهم ، لا يصح . هذا كلام الإمام أحمد . وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين : بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة .
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم . فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس .
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال ؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى .(/2)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45051
إذا رجع المتعجل إلى منى ليلاً فهل لا يزال متعجلاً ؟:
رمينا الجمار في اليوم الثاني عشر ثم خرجنا من منى قبل غروب الشمس ونوينا التعجل ، ثم عدنا إلى منى ليلاً من أجل القيام ببعض الأعمال ، فهل نعتبر متعجلين أم يلزمنا المبيت والرمي ؟.
الجواب:
الحمد لله
بل تكونون متعجلين . ولا يلزمكم المبيت ولا الرمي بعد التعجل .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إذا خَرج الحاج من منى قبلَ غروب الشمس يومَ الثاني عشر بنية التعجل ، ولديه عملٌ في " منى " سيعودُ له بعد الغروب ، فهل يُعتبر مُتعجلاً ؟ .
فأجاب :
نعم ؛ يُعتبر متعجلاً لأنه أنهى الحج ، ونية رجوعه إلى منى لعملِه فيها لا يمنعُ التعجل ؛ لأنه إنما نوى الرجوعَ للعملِ المنُوطِ به لا للنسك .
" الحج والعمرة " ( السؤال رقم 10 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45146
حديث : ( اللهم أحيني مسكيناً ):
ما معنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكيناً) ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي (2352) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا ، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . وقَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
ورواه ابن ماجه (4126) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
وقد ضعفه كثير من أهل العلم ، وعلى فرض صحته فالمراد بالمسكنة هنا التواضع والإخبات ، وليس المراد قلة المال .
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/75) :
" فأمَّا الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ( اللهم أحيني مسكيناً . . . الحديث ) فإنَّه حديث ضعيف ، لا يثبت من جهة إسناده ، لأن فيه يزيد بن سنان أبا فروة الرَّهاويّ وهو ضعيف جداً ، والله أعلم .
وقد رواه التّرمذيّ من وجه آخر عن أنس . . . ثم قال : هذا حديث غريب .
قلت (ابن كثير) : وفي إسناده ضعف ، وفي متنه نكارة ، والله أعلم " انتهى .
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي "التَّلْخِيصِ" (3/109) بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ :
" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا , وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ " انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث فقال :(/1)
" هذا يُرْوَى ، لكنه ضعيف لا يثبت ، ومعناه : أحيني خاشعا متواضعا ، لكن اللفظ لم يثبت " انتهى . "مجموع الفتاوى" (18/357) .
وقال أيضاً (18/326) :
" هذا الحديث قد رواه الترمذي ، وقد ذكره أبو الفرج (ابن الجوزي) في الموضوعات ، وسواء صح لفظه أو لم يصح : فالمسكين المحمود هو المتواضع الخاشع لله ; ليس المراد بالمسكنة عدم المال ، بل قد يكون الرجل فقيراً من المال وهو جبار ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : ملك كذاب ، وفقير مختال ، وشيخ زان ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد ) فالمسكنة خلق في النفس ، وهو التواضع والخشوع واللين ضد الكبر . كما قال عيسى عليه السلام : ( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ) مريم/32 . ومنه قول الشاعر :
مساكين أهل الحب حتى قبورهم عليها تراب الذل بين المقابر
أي : أذلاء " انتهى .
وفي "لسان العرب" (13/216) :
" وأَصل المسكين في اللغة الخاضع ، وأَصل الفقير المحتاج .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أَحْيِني مِسْكيناً ) أَراد به التواضع والإِخْبات ، وأَن لا يكون من الجبارين المتكبرين . أي : خاضعاً لك يا رب ذليلاً غير متكبر ، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج " انتهى .
ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/109) عن البيهقي أنه قال عن هذا الحديث :
" وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45148
هل يجوز لعن أصحاب المعاصي ؟:
عندما يلعن رجل رجلاً آخر ولا تفتح لها أبواب السماء ، لأنه غير مستحق لها ترجع على الرجل الأول أم لا ؟ وهل يجوز لعن امرأة بحجة أنها غير متحجبة ؟.
الجواب:
الحمد لله
" اللعن ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده والترمذي في الجامع عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان والفاحش البذيء ) قال الترمذي : حديث حسن غريب . وثبت في الصحيحين من حديث ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن المؤمن كقتله )
وعلى هذا فإنه لا يجوز للمؤمن أن يلعن أحداً من إخوانه المسلمين إلا من لعنه الله في كتابه أو لعنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز لعن من ارتكب معصية لمعصيته ، كالمرأة غير المتحجبة ونحوها ، بل على المسلم أن يقوم بمناصحتها وحثّها على التحجّب بالأسلوب الطيب والدعوة الحسنة ، ومن لعن أحداً لا يستحق اللعن فقد ورد الوعيد الشديد في حقه ، وأن اللعنة ترجع إلى قائلها إن لم تجد مساغاً ، ويدل لذلك ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً ، فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن ، فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها ) رواه أبو داود في سننه . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى
فتاوى اللجنة الدائمة (26/67) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45152
هل يجوز أن يضحي ببهيمة خنثى ؟:
ما حكم الأضحية بذبيحة خنثى ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا مانع من التضحية بالخنثى ، إلا إذا كان ذلك يضر باللحم .
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضحية ، وهي : العور البيِّن ، والمرض البيِّن ، والعرج البيِّن ، والهزال الذي يزيل المخ .
ويقاس على هذه العيوب ما كان مثلها أو أشد ، كالعيماء والعاجزة عن المشي ، ومقطوعة اليد أو الرجل ... وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (36755) .
والذي يظهر أن الخنثى لا تلحق بهذه العيوب ، إلا إذا كان هذا يوجب نوعاً من الضرر في لحمها .
وقد سئل النووي رحمه الله عن التضحية ببقرة خنثى فأفتى بالجواز ، نقله عنه في "مواهب الجليل" (3/239) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45158
هل يبيع أشرطة لبعض الدعاة الذين يخالفون السنة أحياناً؟:
ما حكم فتح مكتبة إسلامية لبيع الكتب والأشرطة الإسلامية والمصاحف ؟ وفى حالة بيع أشرطة لبعض الشيوخ الذين يخطأ بعضهم في كثير من الأفعال والأقوال مثل عدم اللحية وطلب من العامة عدم إعفاء اللحية .
فما حكم بيع مثل هذه الأشرطة مع العلم أنها ساعدت الكثير في الالتزام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إن من محاسن أهل السنة والجماعة أن يعلمون الحق ويرحمون الخلق ، فهم يحبون الكلام بعلم وعدل ، ويكرهونه بظلم وجهل ، لأنهم اتبعوا كتاب الله سبحانه حينما أمرهم بالقيام على الناس بالقسط والشهادة عليهم بالعلم والحق .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ) النساء/135 ، وقال سبحانه : ( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ) النساء/58 ، وقال سبحانه : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ) الأنعام/152
والنفس البشرية لا تصل إلى هذا الحد إلا حين تقوم لله متجردة من كل حظ ، مستشعرة نظرة الله سبحانه إلى خفايا الضمير وذات الصدور . وفي الحديث : ( وإن المقسطين على منابر من نور ) رواه مسلم (2827)
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : ( أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا ) رواه النسائي (1305) وصححه الألباني في صحيح النسائي .(/1)
وإنك أخي السائل إذا تأملت المنهج الرباني الذي يرفع الله به الناس إلى قمة ضبط النفس والسماحة القول بالحق على النفس والوالدين والأقربين تدرك أن كثيراً من الدعاة الموجودين في ساحة الدعوة الإسلامية المعاصرة ممن لهم محاسن كثيرة وتأثير كبير في أوساط عامة الناس هم على خير فيما أحسنوا فيه ، وهم فيما قصروا فيه إما مجتهدون في إصابة الحق دائرون بين الأجر والأجرين ، أو مقصرون في بعض الجوانب ، يُرجى – إن شاء الله – أن تطغى محاسنهم على سيئاتهم ، خاصة من تأثر به الناس ، واستقاموا على أيديهم ، فحرمان الناس من دعوة هؤلاء مع عدم وجود البديل المؤثر منهج لا يقره الإسلام ، فإن من أعظم قواعد الشريعة تقليل المفاسد وتكثير المصالح .
والمصالح التي حصلت على أيدي هؤلاء من اهتداء الشباب وتحجب الفتيات والمحافظة على الصلوات مصالح عظيمة مقصودة وكثيرة
والمفاسد التي تذكر من كون بعض الدعاة مقصِّراً في بعض الجوانب ، فهذه لا يجوز أن تطغى على المصالح المذكورة ، خاصة وأنها مفاسد جزئية محصورة في الشخص ، وأما المصالح فهي عظيمة وكثيرة ولأمة من الناس .
ولهذا فإن بيع أشرطة هؤلاء الدعاة لا مانع منها ما دامت على منهج أهل السنة والجماعة .
ثم مَنْ أخطأ منهم في شيء فمنهج أهل السنة والجماعة هو نصحهم والاتصال بهم أو الكتابة إليهم .
ومن تأمل في الدعاة الذين يخطبون ويحاضرون ويُلقون الأحاديث المتلفزة والإذاعية وغيرها يجدهم أقساماً :
فمنهم من هو على طريقة السلف في المنهج والاعتدال والعمل ، فهؤلاء يُستمع إليهم ويُحث الناس على الاستماع إليهم .
ومنهم من هو مصيب في أقواله في الجملة مع تقصير في شيء من العمل ، فهذا يُستمع إليه كذلك لأن تقصيره على نفسه في الغالب .(/2)
ومنهم من يخالط صوابه أخطاء لكنه في الجملة على السنة لم يتبنّ بدعة ، ولم يدعو إليها ، فهذا لا ينفّر منه الناس بالكلية ، ولكنه تصوَّب أقواله ويُتكلّم فيما أخطأ فيه بالعدل والإنصاف ويُثنى عليه حسناته .
ومنهم من هو صاحب بدعة أو شرك ينشرها ويدعو إليها ، فهذا لا يُستمع إليه ويحذَّر منه ولا يُثنى على حسناته ، لأن في ذلك تزكية له ، وهو قد أتى من الكبائر بما هدم هذه الحسنات .
هذا من جهة الدعاة .
ومن جهة أخرى فإن هناك أناساً يتكلمون في الدعاة بحق . ومنهم من يتكلم بباطل .
وفي هؤلاء ظلمة مجحفون ، يبدِّعون من ليس بمبتدع ، وينفَّرون منه ويحذِّرون ، وهم بالتحذير أولى ؛ لأنهم جائرون وأهل بغي لا يُلتفت إلى تحذيراتهم لظلمهم .
ولذلك لا بد من العلم للتفريق بين المعصية والبدعة والخطأ والخلاف في أصول العقيدة .
ولنضرب بعض الأمثلة :
فلو وجد داعية يدعو إلى منهج السلف ، لكن فيه شدة خاطئة وغلظة ، فإنه يثنى على منهجه وينصح في شدته .
ولو وجد واعظ يستعمل الحديث الضعيف والمنكر ، ولكن في كلامه كثير من الحق والصواب ، يثنى على موعظته ، ويبيّن خطأ استدلاله واستشهاده بالمنكرات والموضوعات .
ولو وجد من يذكِّر الناس ويعلمهم الأخلاق والآداب والفضائل ، لكنه يحلق لحيته مثلاً ، ويجلس في مجالس الاختلاط فإنه يثنى على حسناته ويبيّن حكم مخالفته للسنة ، ولو دعا إلى ترك بعض السنة الواجبة أو المستحبة فيردّ عليه في ذلك أيضاً .
ولو وجد من يعلِّم الناس البدعة ويحثّهم على الشرك ، كالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم والأولياء الأموات والمقبورين ، ويحث على سؤالهم ودعائهم ، فهذا يحذَّر منه ويبيّن فساد عقيدته وشركه ، ولا يقال للناس أن يستمعوا لشيء من حديثه لخطره وضرره .(/3)
ولو وجد من خلط حقاً وباطلاً وسنة وبدعة ، فلا يحثّ الناس على الاستماع له ، لكن يبيّن خطؤه ، وينشر ما خالف فيه الحق ، إذا نشر الخطأ ويناصح ليتراجع على الملأ ، فإن لم يفعل أُعلن خطؤه على الملأ الذي أعلن فيه الخطأ .
وبالله التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45185
صرف الزكاة:
جمعية خيرية تقسط الزكاة على موظفيها وطلابها فإن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لديها مبالغ زكاة تم جمعها من المحسنين ، وقد اعتادت الجمعية على صرف مبالغ الزكاة على مستحقيها من طلاب الحلقات بين الحين والآخر أو بمعدّل شهرين في السنة .
وحيث أن بعض موظفي الجمعية أحوالهم المادية صعبة ورواتبهم لا تكفي المتطلبات المعيشية لأسرهم وبعضهم عليه التزامات وديون فقد قامت الجمعية بين حين وآخر بصرف مبالغ لهم من الزكاة وإبلاغهم بأنها من الزكاة ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة فقد رأت الجمعية صرف مبلغ ثابت من الزكاة شهرياً للموظف المستحقّ يقدّر بين 1500 و 2000 ريال ، فهل يجوز صرف مبلغ من الزكاة شهرياً بشكل ثابت لمن يستحقه من منسوبي الجمعية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا حرج أن تقوم الجمعية الخيرية بتوزيع الزكاة على مستحقيها ، نيابة عن أصحابها وللقائمين عليها ، الأجر والثواب إن شاء الله تعالى .
ثانيا :
يجوز دفع الزكاة إلى موظفي الجمعية وطلاب الحلقات إذا كانوا من أهل الزكاة ، كما لو كانوا فقراء أو مساكين ، ليس لديهم ما يكفيهم ، أو كانوا مدينين لا يجدون وفاء لديونهم ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
ثالثا :
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها ، إلا لمصلحة راجحةٍ ، مدةً يسيرة ، لعدم وجود المستحق ، أو لغيبة المال ، أو لانتظار قريب ونحو ذلك .(/1)
قال ابن قدامة رحمه الله : " إن أخرها - أي : الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة ، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً ، فلا بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290).
وسئلت اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام ، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان وهكذا ، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم وحملونا إياها ؟
فأجابت : " يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد المستحق " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/402) .
وعليه فإخراج الزكاة في صورة رواتب شهرية ، فيه تأخير لها عن وقت وجوبها ، فلا يجوز ذلك.
فإن دعت الحاجة إلى تقسيط الزكاة على الفقراء على دفعات ، فلا حرج في ذلك ، ولكن بشرط أن تكون الزكاة معجّلة ، أي أخرجها أصحابها قبل نهاية الحول ، فلا حرج من تقسيطها بشرط أن لا يتأخر إخراجها عن الحول .
وهذا يحتاج من الجمعية أن تنقع أصحاب الأموال بتعجيل زكاتهم حتى يتسنى للجمعية أن توزيعها شهرياً ، بما يتوافق مع مصلحة الفقراء والمحتاجين .
وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته في أول صفرٍ مثلا ، فإذا أخرج زكاته في وقتها ، أخرج زكاة السنة القادمة معها ، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة ، فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا ، فله أن يخرج الألف معجلة الآن ، وله أن يخرجها مقسطة على السنة حسب ما يرى ، فإذا جاء الحول ، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر منها شيئا .(/2)
قال ابن قدامة رحمه الله : " قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (2/290)
وسئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة ، في شكل رواتب للأسر الفقيرة ، في كل شهر ؟
فأجابت : " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وإعطائها الفقراء المستحقين شهريّاً ." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة (9/422)
وانظر السؤال رقم (52852)
والحاصل أنه لا يجوز للجمعية أن تخرج ما وُكلت في توزيعه من الزكاة على هيئة أقساط أو رواتب شهرية ، إلا إذا علمت أن المزكي قد عجّل زكاته ، ولها أن تُرغِّب أصحاب الأموال في ذلك ؛ ليتسنى لها إعالة الفقراء شهريا أو كل ثلاثة أشهر ، ونحو ذلك .
رابعاً :
إذا كان الشخص يأخذ من الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين والمدينين فإنه يجب عند إعطائه للزكاة التأكد من حاله ، هل هو مستحق أم لا ؟ فقد يكون فقيراً الآن ثم يغنيه الله تعالى من فضله ، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة ، فيجب التحري والتنبّه لذلك حتى تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية .
هذا ونسأل الله أن يجزي القائمين على الجمعيات الخيرية خير الجزاء ، وأن يعينهم ويسددهم ، ويوفقهم لكل خير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45191
حكم صبغ الشعر باللون الأحمر والأصفر:
هل يجوز صبغ شعر الرجل باللون الأحمر أو الأصفر وما الألوان الممنوعة, وبالنسبة للشباب الذين لم يشب شعرهم هل يجوز ذلك للزينة فقط لا غير وماذا عن الشاب لو استحضر نية الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصبغ رغم عدم وجود الشيب هل يؤجر على ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجوز صبغ الشعر بكل لون غير السواد ، ولا فرق في ذلك بين الشيخ والشاب ، ولا حرج في صبغ الشعر قبل وجود الشيب .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/168) السؤال التالي :
( رأيت بعض الناس يستعملون مواد تغير لون الشعر سواء تجعله أسود أو أحمر، ورأيتهم يستعملون مواد أخرى تجعل الشعر المجعد ناعما، فهل يجوز من ذلك شئ ، وهل الشباب مثل الشيوخ في الحكم ؟
فأجابت اللجنة : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد : تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه ، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد ، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء ، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة . أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد ".
وبالله التوفيق ) انتهى.
والحديث المذكور رواه مسلم (2102) .
ومما يدل أيضا على المنع من الصبغ بالسواد ، ما رواه أبو داود (4212) عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة " والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .(/1)
ويدل على جواز الخضاب بالأحمر والأصفر ما رواه أبو داود (4211) عن ابن عباس قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال ما أحسن هذا . قال فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال هذا أحسن من هذا ، ثم مر آخر قد خضب بالصفرة فقال هذا أحسن من هذا كل ه" والكلام في هذا الحديث عن تغيير الشيب بلون آخر لا عن مطلق الصبغ ولو من غير شيب .
والحديث قال عنه الألباني في مشكاة المصابيح : جيد.
ثانياً :
ينبغي التنبّه إلى القاعدة العامة في أمر الزينة وغيرها ، أنه يمنع منها ما كان فيه تشبه محرّم ، كالتشبه بالكفار أو الفسقة ، فإنه يحرم لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني .
ولهذا يُحتاج قبل الحكم بجواز صورة من صور الصبغ المسؤول عنها إلى التأكد من كونها ليست تقليداً للكفار أو الفسقة ، أو أحد من يظهرونهم للشباب باعتبارهم قدوات من المغنين واللاعبين ونحوهم .
كما أنه يمنع من الصبغ بما يُعد نوعاً من التميُّع والتشبّه بالنساء لنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا التشبّه ولعنه فاعله . (البخاري 5435)
ثالثا :
أما بالنسبة لصبغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لشعره فقد اختلف في كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خضب شعره أم لا ، قال ابن القيم رحمه الله : ( واختلف الصحابة في خضابه فقال أنس : لم يخضب ، وقال أبو هريرة : خضب ، وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال : رأيت شعر رسول الله مخضوبا ، قال حماد : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل قال : رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك مخضوب .(/2)
وقالت طائفة : كان رسول الله مما يكثر الطيبَ قد احمر شعره فكان يُظن مخضوبا ولم يخضب . وقال أبو رِمثة : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن لي فقال أهذا ابنك ؟ قلت نعم أشهد به فقال " لا تجني عليه ولا يجني عليك " قال ورأيت الشيب أحمر ، قال الترمذي : هذا أحسن شيء روي في هذا الباب وأفسره لأن الروايات الصحيحة أن النبي لم يبلغ الشيب . قال حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قيل لجابر بن سمرة أكان في رأس النبي شيب ؟ قال: لم يكن في رأسه شيب إلا شعرات في مفرق رأسه إذا ادهن وأراهنّ الدهن ) انتهى من زاد المعاد 1/169
رابعاً :
أما استحضار التأسي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصبغ مع عدم وجود شيب فقد علمت الخلاف القوي في إثبات صبغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ثم إن صبغ الشعر الوارد الأمر به في السنة ليس مقصوداً لذاته ، وإنما المقصود منه تغيير الشيب ، ومخالفة اليهود والنصارى في ذلك ، لحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غيّروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود ) رواه النسائي (4986) والترمذي (1674)
وعند مسلم (3924) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى الشيب في شعر والد أبي بكر قال : ( غيّروا هذا بشيء ) ، وعند البخاري (5448) : ( إن اليهود لا يصبغون فخالفوهم )
وعلى هذا فإن الصبغ من غير وجود شيب لا يُعدّ سنة ولا تأسياً لعدم وجود مقتضيه ولعدم تحقق المصلحة الشرعية الحاصلة بصبغ الشيب .
وأعلى درجاته أن يكون مباحاً ما لم يكن فيه تشبه أو ضرر صحي أو نحوه فيحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45200
حكم تقليد الكفار ومعنى " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ":
ما حكم الإسلام في مسألة تقليد الكفار في عاداتهم وتصرفاتهم ؟ وما ضوابط ذلك في الشريعة الإسلامية ؟ وهل كل تقليد لعمل من أعمال الكفار يعد تقليدا محرماً - علماً بأن هناك كثيرا من أعمال الكفار لا حرمة ولا ذم للشرع فيها ، ولا يقصد فاعلها مجرد التقليد للكفار ، وإنما وجدها حسنة ، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن " - ؟ .
أفيدونا أكرمكم الله ، مع تركيزي على أن تفصلوا لي في الإجابة ، وذكر الضوابط لهذه المسألة.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ليس المسلمون بحاجة لتقليد أحدٍ من الأمم في شعائر الدين والعبادات ، فقد أكمل الله تعالى دينه ، وأتمَّ نعمته ، ورضي لنا الإسلام ديناً ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3
وقد نهى الشرعُ المسلمين عن تقليد الكفار وبخاصة اليهود والنصارى ، وهذا النهي ليس عامّاً في كل أمورهم ، بل هو فيما كان من أمور دينهم وشعائرهم وخصائصهم التي يتميزون بها .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ) رواه البخاري ( 1397 ) ومسلم ( 4822 ) .
ففي هذا الحديث نهيٌ عن تقليد اليهود والنصارى ، وذم من اتبعهم وسلك مسلكهم ، وقد أكد الشرع هذا النهي ؛ وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم .(/1)
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ( 3512 ) وصححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 2691 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 237 ) .
والمقلِّد للكفار يشعر بعقدة النقص ، ويتحلى بالانهزامية والتردي ، لذا يسارع إلى سد نقصه بتقليد من يعظمه ، ولو وقف هؤلاء على عظمة تشريعات الإسلام ، وعرفوا فساد تلك الحضارة التي يركضون خلفها لعلموا أنهم على خطأ ، وأنهم تركوا ما هو كمال وحق إلى ما هو نقص وفساد .
ثانياً :
وأوجه تقليدهم التي نهينا عنها كثيرة :
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومن الأمور التي يجري تقليد الكفار فيها : تقليدهم في أمور العبادات، كتقليدهم في الأمور الشركية من البناء على القبور، وتشييد المشاهد عليها والغلو فيها. وقد قال صلى الله عليه وسلم " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " - البخاري ( 425 ) ، ومسلم ( 531 ) - ، وأخبر أنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه الصور ، وأنهم شرار الخلق - البخاري ( 417 ) ، ومسلم ( 528 ) - ، وقد وقع في هذه الأيام من الشرك الأكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص والعام ؛ وسبب ذلك : تقليد اليهود والنصارى .(/2)
ومن ذلك : تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد - كمولد الرسول صلى الله عليه وسلم - وأعياد موالد الرؤساء والملوك. وقد تسمى هذه الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع – كاليوم الوطني للبلاد ، ويوم الأم وأسبوع النظافة – وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدة على المسلمين من الكفار؛ وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى. وما عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار .
من خطبة " الحث على مخالفة الكفار "
وقد سبق في جواب السؤال رقم : ( 47060 ) النهي عن التشبه بالكفار في لباسهم الخاص بهم ، وفي ما اختصوا به من العادات كمشابهتهم في حلق اللحية .
ثالثاً :
وتحريم التشبه بالكفار إنما هو في عباداتهم وعاداتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها ، دون ما يصنعونه ويخترعونه مما يمكن أن يُستفاد منه ، فلا حرج على المسلمين من مشاركتهم في هذا ، بل ينبغي للمسلمين أن يكونوا السباقين إليه والمبدعين فيه .
قال الشيخ ابن عثيمين :
وإذا قيل " تَشَبُّهٌ بالكفار " فلا يعني ذلك أن لا نستعمل شيئاً من صنائعهم : فإن ذلك لا يقوله أحد ، وقد كان الناس في عهد النبي صلي الله عليه وسلم وبعده يلبسون ما يصنعه الكفار من اللباس ، ويستعملون ما يصنعونه من الأواني .
والتشبه بالكفار : هو التشبه بلباسهم ، وحلاهم ، وعاداتهم الخاصة ، وليس معناه أن لا نركب ما يركبون ، أو لا نلبس ما يلبسون ، لكن إذا كانوا يركبون على صفة معينة خاصة بهم فلا نركب على هذه الصفة ، وإذا كانوا يفصلون الثياب على صفة معينة خاصة بهم فلا نفصل على هذا التفصيل ، وإن كنا نركب مثل السيارة التي يركبونها ، ونفصل من نوع النسيج الذي يفصلون منه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 177 ) .
وقال :(/3)
مقياس التشبه أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشبَّه به ، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم ، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً ، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى ، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 198 ) .
وفي جواب على السؤال ( 21694 ) تجد تفصيلاً لحكم التشبه بالكفار وضوابطه ، وانظر تفصيلا – كذلك – في جواب السؤال رقم : ( 43160 ) .
رابعاً :
في حضارة غير المسلمين النافع والضار ، فلا نترك النافع منها ونأخذ الضار ، وقد لخَّص هذا الموقف الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – فقال :
إن الموقف من الحضارة الغربية ينحصر في أربعة أقسام لا خامس لها :
الأول : ترك الحضارة نافعها وضارها .
الثاني : أخذها كلها ضارها ونافعها .
الثالث : أخذ ضارها دون نافعها .
الرابع : أخذ نافعها وترك ضارها .
فنجد الثلاثة الأولى باطلة بلا شك ، وواحداً فيها صحيحاً بلا شك وهو الأخير .
" أضواء البيان " ( 4 / 382 ) .
خامساً :
وأما قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن " ، فليس المراد منه التحسين العقلي المخالف للشرع ، فقد قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " من استحسن فقد شرع " ، وليس المراد منه التحسين الذي يراه واحد من الناس دون عامتهم ، ، بل هذا الكلام يمكن حمله على أحد معنين ، كلاهما صحيح :
1- أن المراد بذلك العمل بالعرف الذي لا يخالف الشرع .
2- أن المراد بذلك حجية الإجماع ، فإذا أجمع المسلمون على استحسان شيء فهذا الإجماع حجة ، فيكون هذا الشيء حسناً في حكم الله تعالى ، وهذا قد يدل عليه قوله : " ما رآه المسلمون حسناً "
انظر المبسوط للسرخسي (12/138) ، الفروسية لابن القيم (ص298)(/4)
هذا إذا اعتبرنا كلام ابن مسعود رضي الله عنه عاماً في جميع المسلمين ، مع أنه قد يظهر من سياق كلامه أنه يعني بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهم . ونص كلامه : ( إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ) رواه أحمد ( 3418 ) وحسّنه الشيخ الألباني في " تخريج الطحاوية " ( 530 ) .
وعلى أي حال لا يصح الاستدلال بكلام ابن مسعود رضي الله عنه على استحسان ما حرمه الشرع كالتشبه بالمشركين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 45268
كيف تصلى صلاة النهار الرباعية ؟:
عن صلاة النافلة التي قبل الظهر وقبل العصر ، هل تصلى بأربع ركعات وتسليمة واحدة أم كل ركعتين بتسليمة ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأفضل في نافلة الليل والنهار أن تصلى ركعتين ركعتين ، بل ذهب بعض العلماء كالإمام أحمد إلى وجوب ذلك ، وأنها لا تصح إذا صلاها أكثر من ركعتين بتسليم واحد ، إلا الوتر لورود السنة الصحيحة بذلك .
وقد استدلوا على هذا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . رواه الترمذي ( 597 ) وأبو داود ( 1295 ) والنسائي ( 1666 ) وابن ماجه ( 1322 ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " تمام المنَّة " ( ص 240 ) .
ومعنى ( مثنى مثنى ) أي : ركعتين ركعتين . كذا فسره ابن عمر رضي الله عنهما
ففي صحيح مسلم عن عقبة بن حريث قال : قلت لابن عمر : ما معني مثنى مثنى ؟ قال : تسلم من كل ركعتين .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
قوله: " مثنى مثنى " يعني : اثنتين اثنتين فلا يُصلِّي أربعاً جميعاً ، وإنما يُصلِّي اثنتين اثنتين ، لما ثبت في " صحيح البخاري ومسلم " مِن حديث ابن عُمرَ أنَّ رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما ترى في صلاةِ اللَّيلِ ؟ قال : " مَثْنى مَثْنى ، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصّبحَ صَلَّى واحدةً فأوترت له ما قد صَلَّى " .
وأما " النَّهار " : فقد رواه أهل السُّنَن ، واختلف العلماءُ في تصحيحه :(/1)
والصَّحيح : أنَّه ثابتٌ كما صَحَّح ذلك البخاريُّ ، وعلى هذا : فتكون صلاةُ الليلِ وصلاةُ النَّهارِ كلتاهما مَثْنى مَثْنى يُسَلِّمُ مِن كُلِّ اثنتين ، ويُبْنَى على هذه القاعدة كُلُّ حديثٍ وَرَدَ بلفظ الأربع مِن غير أن يُصرِّحَ فيه بنفي التَّسليم ، أي : أنَّه إذا جاءك حديثٌ فيه أربع ؛ ولم يُصرِّحْ بنفي التَّسليم : فإنه يجب أنْ يُحملَ على أنَّه يُسَلِّمُ مِن كُلِّ رَكعتين ، لأنَّ هذه هي القاعدة ، والقاعدةُ تُحْمَلُ الجزئيات عليها ، فقول عائشة لما سُئلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان : " ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة ، يُصَلِّي أربعاً ، فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ " ، ظاهره : أنَّ الأربع بسلام واحد ، ولكن يُحمل هذا الظَّاهر على القاعدة العامَّة ، وهي أنَّ صلاة الليل مَثْنى مَثْنى ، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويُقال : إنها ذكرتْ أربعاً وحدها ، ثم أربعاً وحدها ؛ لأنَّه صَلَّى أربعاً ثم استراح ، بدليل " ثم " التي للترتيب والمهلة .
" الشرح الممتع " ( 4 / 76 ، 77 ) .
وحديث ابن عمر بوَّب عليه ابن خزيمة - في صحيحه ( 2 / 214 ) - بقوله " باب التسليم في كل ركعتين من صلاة التطوع صلاة الليل والنهار جميعا " ، وأعقبه بباب " باب ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أن تطوع النهار أربعاً لا مثنى " - وساق أدلة كثيرة على أن تطوع النهار ركعتين ركعتين - .
ويحمل حديث " رحم الله من صلى قبل العصر أربعاً " على ما سبق من كونها ركعتين ركعتين .
قال ابن حبان :(/2)
وقوله صلى الله عليه وسلم " أربعا " : أراد به : بتسليمتين ؛ لأن في خبر يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله الأزدي عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . " صحيح ابن حبان " ( 6 / 206 ) ، وقال مثل هذا - في ( 6 / 231 ) - في الأربع التي بعد صلاة الجمعة .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" المشروع للمسلم أن يصلي النافلة مثنى مثنى ليلاً ونهاراً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل مثنى مثنى ) متفق على صحته ، وفي رواية صحيحة : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) خرجها الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (11/390)
وانظر جواب السؤال رقم ( 1048 ) لمعرفة تفصيل صلوات الرواتب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45365
كيف همّ يوسف بامرأة العزيز مع أنه عفيف:
ما تفسير الآية : ( ولقد همّت به وهمّ بها ) في سورة يوسف ، مع أن يوسف عليه السلام " عفيف " وقد رفض الانصياع لنزوة امرأة العزيز ، فكيف يهمّ بها ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ ) يوسف/24
كان همها للمعصية ، أما يوسف عليه السلام فإنه لو لم ير برهان ربه لَهَمَّ بها - لطبع البشر - ولكنه لم يهم ؛ لوجود البرهان .
إذًا في الكلام تقديم وتأخير ، أي : لولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها .
قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله : ( ولقد همت به وهم بها ) قال أبو عبيد : هذا على التقديم والتأخير ؛ كأنه أراد : ولقد همت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.
القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 9/165 .
وقال الشنقيطي في أضواء البيان [ 3/58 ] .
" الجواب عنه من وجهين :
الأول : أن المراد بِهَمِّ يوسف خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوى ، وقال بعضهم : هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى ، وهذا لا معصية فيه ؛ لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف ، كما في الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك ) يعني ميل القلب . أبو داود ، السنن ، رقم الحديث 2134 .
ومثل هذا ميل الصائم إلى الماء البارد والطعام مع أن تقواه تمنعه من الشرب والأكل وهو صائم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له حسنة كاملة ) أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6491 ، ومسلم برقم 207 .
الجواب الثاني : أن يوسف عليه السلام لم يقع منه الهم أصلاً ، بل هو منفي عنه لوجود البرهان .(/1)
إلى أن قال : هذا الوجه الذي اختاره أبو حسان وغيره هو أجرى على قواعد اللغة العربية " اهـ .
ثم بدأ يستطرد الأدلة على ما رجحه ، وبناء على ما تقدم فإن معنى الآية والله أعلم أن يوسف عليه السلام لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، ولكنه لما رأى برهان ربه لم يهم بها ، ولم يحصل منه أصلاً .
وكذلك فإن مجرد الهم بالشيء دون فعله لا يعد خطيئة .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45433
غش الطلبة في الاختبارات حرام:
ما حكم غش الطلبة في اختبارات المدارس ؟.
الجواب:
الحمد لله
" حديث : (من غشنا فليس منا) صحيح ، وهو عام يشمل الغش في البيع والشراء ، وفي النصيحة وفي العهود والمواثيق ، وفي الأمانة وفي اختبار المدارس والمعاهد، ونحوها ، سواء كان نقلاً من الكتب أم أخذاً عن التلاميذ أم إعطاء لهم كلاماً أم عن طريق الكتابة وتناقلها بينهم .
وبالله التوفيق " اهـ
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/200) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45456
هل يسجد المصلي للسهو في صلاة النافلة:
هل يصح سجود السهو في الصلاة المستحبة كصلاة النافلة ؟.
الجواب:
الحمد لله
يشرع سجود السهو في الصلاة النافلة كمشروعيته في الصلاة المكتوبة سواء بسواء عندما يوجد سببه .
وإليه ذهب جمهور أهل العلم قديماً وحديثاً ، لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ) رواه مسلم (402)
ولأن جبر الصلاة وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل كما يحتاج إليه في الفريضة .
وذهب جماعة ، منهم ابن سيرين وقتادة وعطاء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أن التطوع لا سجود فيه .
والراجح ما ذهب إليه الجمهور .
قال البخاري رحمه الله في صحيحه : باب السهو في الفرض والتطوع ، وسجد ابن عباس رضي الله عنهما سجدتين بعد وتره . قال الحافظ في الفتح عن أثر ابن عباس ، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح . اهـ .
ووجه الاستدلال بفعل ابن عباس أن الوتر غير واجب وسجد ابن عباس فيه للسهو ، مما يدل على أن سجود السهو يكون في الفرض والنفل .
وقال الشيخ ابن عثيمين : سجود السهو سجدتان ، ويكون في الفرض والنفل إذا وجد سببه . اهـ . مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/68)
انظر كتاب سجود السهو في ضوء الكتاب والسنة المطهّرة . للشيخ عبد الله الطيّار .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45514
هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الجماع بدون أي غطاء ؟:
سمعت أن علاقة المواقعة بين الزوجين غير جائزة إذا مورست دون تغطية بملاءة أو بطانية ؛ لأن الملائكة الموجودين يخجلهم ويهينهم جسدا الزوجين العارييْن وهما في وضع المواقعة ، لذلك يجب على الزوجين تغطية جسديهما ببطانية خلال المواقعة ويجب ألا يكشفا عن جسديهما ، فهل هذا صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
التحريم حكم شرعي لا يصح أن ينسب إلى الشرع إلا بدليل شرعي ثابت من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وجمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية على جواز التجرد من الثياب حال الجماع بين الزوجين ، وقد ذهب الحنابلة إلى كراهة التجرد من الثياب وعدم الاستتار حال الجماع ، مستدلين لذلك بأحاديث ، لكن لا يصح منها شيء ، ومنها :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدُكم أهله فليستتر , فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت , فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيب ) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 63 ) ، والبزار وضعَّفه – كما في " نصب الراية " ( 4 / 247 ) - .
2. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله فليستتر , ولا يتجرد تجرد العيرين ) .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 196 ) والبيهقي – وضعَّفه - ( 7 / 193 ) ، وفيه : مندل بن علي ، وهو ضعيف .
ورواه ابن ماجه ( 1921 ) من حديث عتبة بن عبد الله السلمي , وقد ضعفه الألباني في " إرواء الغليل " ( 2009 ) .
3. عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله فليستر عليه وعلى أهله , ولا يتعريان تعري الحمير ) .(/1)
رواه الطبراني ( 8 / 164 ) ، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف كما في " مجمع الزوائد " ( 4 / 293 ) .
وإذا ثبت ضعف هذه الأحاديث فلا يصح الاستدلال بها على وجوب الاستتار ، والمنع من التعري أثناء الجماع ، والأصل : حل الاستمتاع بين الزوجين في النظر واللمس .
وقد استدل جمهور العلماء على الجواز بحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : ( احفظ عورتك إلا من زوجتك , أو ما ملكت يمينك ) قلت : يا رسول الله , أرأيت إن كان القوم بعضهم من بعض ؟ قال : ( إن استطعت ألا تريها أحدا فلا ترينها ) قلت : يا رسول الله , فإن كان أحدنا خاليا , قال : ( فالله أحق أن يستحيا منه من الناس ) .
رواه الترمذى (2794) وحسَّنه ، وابن ماجه ( 1920 ) , وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
واستدلوا أيضاً بحديث ضعيف ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والتعري , فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط , وحين يفضي الرجل إلى أهله , فاستحيوهم وأكرموهم ) .
رواه الترمذي ( 2800 ) ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط ، وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " ( 64 ) .
والخلاصة : أنه لم يصح حديث في النهي عن التعري والتجرد من الثياب حال جماع الزوجين ، وأن الأصل هو الحل ، وقد ثبت ما يؤيد هذا الأصل .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45518
متى يقال " الصلاة خير من النوم " في الأذان الأول أم الثاني ؟:
قد كشف أحد المشايخ عما يقال إنه حقيقة مذهلة أن لفظة " الصلاة خير من النوم " في أذان الفجر بدعة ؛ لأن بلالاً كان يورد هذه اللفظة في أذان التهجد ، غير أن ابن مكتوم كان ينادي لأذان الفجر ولم يكن يذكرها .
والدليل الثاني : أنه بمعنى هذه الكلمات فالمرء يحاول أن يقارن النوم بصلاة الفجر ، وهذا مما لا يجب ، فإذا كان مدرسي على حق فلماذا يعمل بذلك في مكة والمدينة ؟.
الجواب:
الحمد لله
ورد التثويب في أذان الفجر وهو قول : " الصلاة خير من النوم " في عدد من الأحاديث الصحيحة ، وقد ذُكر في بعضها التثويب في الأذان الأول مجملاً دون بيان ما هو المقصود بالأذان الأول ، هل هو الأذان الذي يكون قبل الفجر أم أنه هو أذان الفجر ذاته ، ومن هذه الأحاديث :
1- عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وكنت أقول في أذان الفجر الأول : " حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله " .
رواه أبو داود ( 500 ) والنسائي ( 647 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان في الأذان الأول بعد الفلاح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
أخرجه الطحاوي ( 1 / 82 ) بسند حسن كما قال الحافظ في " التلخيص " ( 3 / 169 ) .
" الثمر المستطاب " ( ص 131 ) .
وعلى هذه الأحاديث اعتمد من قال : إن التثويب في أذان الفجر يكون في الأذان الأول الذي يكون في آخر الليل ، والصحيح أنه يكون في الأذان الذي يكون بعد دخول وقت الصلاة . وذلك لأمور :(/1)
أ. أن لفظة " الأول " تعني الأول بالنسبة للإقامة ، وتكون الإقامة هي الأذان الثاني ، وقد ورد في السنة الصحيحة تسمية الإقامة أذاناً ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( بين كل أذانين صلاة ) رواه البخاري ( 598 ) ومسلم ( 838 ) .
وجاء في صحيح مسلم ( 739 ) تسمية الأذان الذي يكون بعد دخول الوقت بالأذان الأول ، وذلك فيما حدثته عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام فإذا كان عند النداء الأول قالت : وثب فأفاض عليه الماء ، وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة ثم صلى الركعتين ) .
والمقصود بالركعتين : سنة الفجر الراتبة . قاله النووي في "شرح مسلم" .
ب. جاء التصريح في بعض الأحاديث الصحيحة أن هذا التثويب يقال في " أذان صلاة الصبح " و " أذان الفجر " و " وصلاة الغداة " وهي ألفاظ تدل على أن التثويب يكون بعد دخول وقت الصلاة والآذان الذي يكون آخر الليل يكون قبل دخول وقت الصلاة ، ومن هذه الأحاديث :
1- عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله علِّمني سنة الأذان ، قال : فمسح مقدم رأسي وقال : تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ... فإن كان صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم , الصلاة خير من النوم .
وفي رواية أخرى نحو هذا الخبر وفيه : ( الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ) .
رواه أبو داود ( 501 ) والنسائي ( 633 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
وفي رواية أخرى عند أبي داود ( 504 ) من حديث أبي محذورة رضي الله عنه : ( وكان يقول في الفجر الصلاة خير من النوم ) وصححها الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ".(/2)
2- عن أنس رضي الله عنه قال : من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ( مرتين ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
أخرجه الدارقطني ( 90 ) وابن خزيمة في " صحيحه " والبيهقي في " سننه " ( 1 / 423 ) ، وقال : " إسناده صحيح " .
ثم أخرجه الدارقطني والطحاوي أيضا ( 1 / 82 ) من طريق هشيم عن ابن عون به بلفظ : ( كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم ) ( مرتين ) ، وهذا اللفظ رواه ابن السكن وصححه كما في " التلخيص " ( 3 / 148 ) .
" الثمر المستطاب " ( ص 132 ) .
ففي هذه الأحاديث : أن التثويب يكون في أذان صلاة الصبح .
والأذان الذي يكون للصلاة هو الذي يكون بعد دخول الوقت ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) متفق عليه .
وأما الأذان الذي يكون في آخر الليل فليس أذاناً لصلاة الصبح , وإنما هو ( ليرجع القائم ويوقظ النائم ) كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين . وبهذا يتبين أن التثويب في الأذان الذي يكون بعد دخول وقت الصلاة ليس بدعة بل هو السنة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما المانع من الإتيان بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في التثويب في الأذان الأول للفجر كما جاء في سنن النسائي وابن خزيمة والبيهقي ؟
فأجابوا :(/3)
" نعم ، ينبغي الإتيان بالتثويب في الأذان الأول للفجر امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وواضح من الحديث أنه الأذان الذي يكون عند طلوع الفجر الصادق ، وسمي أولاً بالنسبة للإقامة ، فإنها أذان شرعاً ، كما في حديث : ( بين كل أذانين صلاة ) ، وليس المراد بالأذان الأول ما ينادى به قبل ظهور الفجر الصادق ؛ فإنه شرع ليلاً ليستيقظ النائم ، وليرجع القائم ، وليس أذاناً للإعلام بالفجر ، ومن تدبر أحاديث التثويب لم يفهم منها إلا أن التثويب في أذان الإعلام بوقت الفجر لا الأذان الذي يكون ليلا قبيل الفجر " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 6 / 63 ) .
وانظر تفصيلاً علميّاً في الرد على من قال إن التثويب يكون في الأذان الذي قبل دخول وقت الصلاة للشيخ العثيمين رحمه الله في كتاب "الشرح الممتع" ( 2 / 61 – 64 ) .
وأما قول مدرسك : إنه بهذا يقارن المرء بين النوم وصلاة الفجر!
فهذا ليس بصحيح , لأن هذا اللفظ هو خبر بأن الصلاة خير من النوم , وفي ذلك حث للنائم أن يترك النوم ويقوم إلى ما هو خير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45525
ما هي الفرقة القاديانية ؟ وهل يجوز للمسلم التزوج منهم ؟:
أريد أن أعرف معلومات عن " الفقه الأحمدي " ؛ لأن أحد أصدقائي أخذ يحب فتاة أحمدية ، مع أني أخبرته أن فعله خطأ لكنه أصبح يحبها حبّاً شديداً الآن . أنا أريد الجواب لأقدمه إليه .
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 4060 ) بيان كفر هذه الطائفة المسماة " الأحمدية " أو " القاديانية " أتباع الميرزا غلام أحمد ، وفي الجواب تجد ذِكر عقائدهم الكفرية وأقوال العلماء فيهم .
وعليه : لا يجوز لمسلم أن يتزوج منهم ، ولا أن يزوِّجهم ؛ لأنهم كفار مرتدون ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 99) :(/1)
" أي ( وَلا تَنْكِحُوا ) النساء ( الْمُشْرِكَاتِ ) ما دمن على شركهن ( حَتَّى يُؤْمِنَّ ) لأن المؤمنة - ولو بلغت من الدمامة ما بلغت - خير من المشركة , ولو بلغت من الحسن ما بلغت , وهذه عامة في جميع النساء المشركات ، وخصصتها آية المائدة في إباحة نساء أهل الكتاب ، كما قال تعالى : ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) . . . ثم ذكر تعالى الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة , لمن خالفهما في الدين فقال : ( أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي : في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم , فمخالطهم على خطر منهم , والخطر ليس من الأخطار الدنيوية , إنما هو الشقاء الأبدي " انتهى .
وإذا كان صديقك هذا على علاقة محرمة فعليك أن تبين له حرمة هذه العلاقة ، وأنه لا يجوز لمسلم أن يختلي بأجنبية ولا أن يصافحها ولا أن يراسلها ، وأنه لا يستطيع أن ينهي هذه العلاقة بالزواج بسبب حرمة التزوج من المرتدات ، وليبحث عن صاحبة الدين التي تحفظ له دينه ، وتعينه على طاعة ربه ، ويأمنها على ولده وذريته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45528
الفوائد الطبية من ختان البنات:
أرجو أن توضح لي الفوائد الطبية من ختان البنات ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن الله تعالى كما خلق الخلق فإنه سبحانه تكفل بما يصلحهم في أمر دينهم ودنياهم فأرسل لهم الرسل وأنزل الكتب ليدل البشر على الخير ويحثهم عليه ويعرفهم الشرَّ ويحذرهم منه .
ولربما أمر الشرع بأمر أو نهى عن شيء لم تظهر للناس - أو لكثير منهم - حكمة الشرع من هذا الأمر أو النهي ، فحينئذ يجب أن نمتثل الأمر ونجتنب النهي ونتيقن أن في شرع الله الخير كل الخير ولو لم تظهر لنا الحكمة منه .
إن الختان من سنن الفطرة كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب ) رواه البخاري ( 5550 ) ومسلم ( 257 ) .
ولا شك أن سنن الفطرة كلها من الأمور التي ظهرت بعض حكمة الشرع المطهر فيها ، والختان كذلك ، ظهرت له الفوائد الجليلة التي تسترعي الانتباه لها ومعرفة حكمة الشرع منها.
وفي جواب السؤال رقم ( 9412 ) تكلمنا عن الختان ؛ كيفيته وأحكامه ، وفي جواب السؤال رقم ( 7073 ) بيَّنا فوائد الختان الصحية والشرعية عند الذكور .
والختان مشروع في حق الذكر والأنثى ، والصحيح أن ختان الذكور واجب وأنه من شعائر الإسلام ، وأن ختان النساء مستحب غير واجب .
وقد جاء في السنة ما يدل على مشروعية الختان للنساء فقد كان في المدينة امرأة تختن فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنهكي ؛ فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل ) رواه أبو داود ( 5271 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
ولم يشرع الختان للإناث عبثا ، بل له من الحكم والفوائد الشيء العظيم .
وفي ذكر بعض هذه الفوائد يقول الدكتور حامد الغوابي :(/1)
- " .... تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى إلتهاب المهبل أو الإحليل ، وقد رأيت حالات مرضية كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات .
- الختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ طوله 3 سنتيمترات عند انتصابه وهذا مزعج جدّاً للزوج ، وبخاصة عند الجماع .
- ومن فوائد الختان : منعه من ظهور ما يسمى بإنعاظ النساء وهو تضخم البظر بصورة مؤذية يكون معها آلام متكررة في نفس الموضع .
- الختان يمنع ما يسمى " نوبة البظر " ، وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى [ مرض نسائي ] .
- الختان يمنع الغلمة الشديدة التي تنتج عن تهيج البظر ويرافقها تخبط بالحركة ، وهو صعب المعالجة .
ثم يرد الدكتور الغوابي على من يدَّعي أن ختان البنات يؤدي إلى البرود الجنسي بقوله :
" إن البرود الجنسي له أسباب كثيرة ، وإن هذا الإدعاء ليس مبنيّاً على إحصائيات صحيحة بين المختتنات وغير المختتنات ، إلا أن يكون الختان فرعونيّاً وهو الذي يُستأصل فيه البظر بكامله ، وهذا بالفعل يؤدي إلى البرود الجنسي لكنه مخالف للختان الذي أمر به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لا تنهكي ) أي : لا تستأصلي ، وهذه وحدها آية تنطق عن نفسها ، فلم يكن الطب قد أظهر شيئا عن هذا العضو الحساس [ البظر ] ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه .
عن مجلة " لواء الإسلام " عدد 7 و 10 من مقالة بعنوان : " ختان البنات " .
وتقول الطبيبة النسائية ست البنات خالد في مقالة لها بعنوان : " ختان البنات رؤية صحية " :(/2)
الختان بالنسبة لنا في عالمنا الإسلامي قبل كل شيء هو امتثال للشرع لما فيه من إصابة الفطرة والاهتداء بالسنة التي حضت على فعلها ، وكلنا يعرف أبعاد شرعنا الحنيف وأن كل ما فيه لا بد أن يكون فيه الخير من جميع النواحي ، ومن بينها النواحي الصحية ، وإن لم تظهر فائدته في الحال فسوف تعرف في الأيام القادمة كما حدث بالنسبة لختان الذكور ، وعرف العالم فوائده وصار شائعا في جميع الأمم بالرغم من معارضة بعض الطوائف له .
ثم ذكرت الدكتورة بعض فوائد الختان الصحية للإناث فقالت :
- ذهاب الغلمة والشبق عند النساء ( وتعني شدة الشهوة والانشغال بها والإفراط فيها ) .
- منع الروائح الكريهة التي تنتج عن تراكم اللخن (النتن) تحت القلفة .
- انخفاض معدل التهابات المجاري البولية .
- انخفاض نسبة التهابات المجاري التناسلية .
عن كتاب : " الختان " للدكتور محمد علي البار .
وقد جاء في كتاب " العادات التي تؤثر على صحة النساء والأطفال " الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية في عام 1979م ما يأتي :
" إن الخفاض الأصلي للإناث هو استئصال لقلفة البظر وشبيه بختان الذكور ... وهذا النوع لم تذكر له أي آثار ضارة على الصحة " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45529
الحكمة مِن خَلْق البشر؟:
لما خُلق البشر ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من عظيم صفات الله تعالى " الحكمة " ، ومن أعظم أسمائه تعالى " الحكيم " ، وينبغي أن يُعلم أنه ما خلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنما يخلق لِحِكَمٍ بالغة عظيمة ، ومصالح راجحة عميمة ، عَلِمَها من عَلِمها ، وجَهِلها من جهلها ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم ، فبيَّن أنه لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلق السموات والأرض عبثاً ، فقال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) المؤمنون/115،116 ، وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) الأنبياء/16 ، وقال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) الدخان/38 ، 39 ، ويقول سبحانه وتعالى : ( حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/1 – 3 .
وكما أن ثبوت الحكمة في خلق البشر ثابت من ناحية الشرع , فهو ثابت – أيضاً - من ناحية العقل ، فلا يمكن لعاقل إلا أن يسلِّم أنه قد خلقت الأشياء لحكَمٍ ، والإنسان العاقل ينزه نفسه عن فعل أشياء في حياته دون حكمة ، فكيف بالله تعالى أحكم الحاكمين ؟!(/1)
ولذا أثبت المؤمنون العقلاء الحكمة لله تعالى في خلقه ، ونفاها الكفار ، قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/190 ، 191 ، وقال تعالى – في بيان موقف الكفار من حكمة خلقه - : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص/27 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السموات والأرض ، وأنه لم يخلقهما باطلاً ، أي : عبثاً ولعباً ، من غير فائدة ولا مصلحة .
( ذلك ظن الذين كفروا ) بربهم ، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله .
( فويل للذين كفروا من النار ) فإنها التي تأخذ الحق منهم ، وتبلغ منهم كل مبلغ ، وإنما خلق الله السموات والأرض بالحق وللحق ، فخلقهما ليعلم العباد كمال علمه وقدرته ، وسعة سلطانه ، وأنه تعالى وحده المعبود ، دون من لم يخلق مثقال ذرة من السموات والأرض ، وأن البعث حق ، وسيفصل الله بين أهل الخير والشر ، ولا يظن الجاهل بحكمة الله ، أن يسوي الله بينهما في حكمه ، ولهذا قال : ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) هذا غير لائق بحِكمَتنا وحُكْمنا " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 712 ) .
ثانياً :(/2)
ولم يخلق الله تعالى الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر ، فيكون بذلك كالبهائم ، وقد كرَّم الله تعالى الإنسان ، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ، ولكن أبى أكثر الناس إلا كفوراً فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم ، وصار كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا , وحياة هؤلاء كحياة البهائم , بل هم أضل ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) محمد/12 ، وقال تعالى : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) الحجر/3 , وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 . ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره ، ولله المثل الأعلى فإنه هو الذي خلق البشر ، وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس ، وهذا لا يجادل فيه أحد في أمور الدنيا ، ثم إن الناس كلهم يجزمون أن أعضاءهم خُلقت لحكمة ، فهذه العين للنظر ، وهذه الأذن للسمع ، وهكذا ، أفيُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقةً لحكمة ، ويكون هو بذاته مخلوقاً عبثاً ؟! أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه ؟!
ثالثاً :(/3)
وقد بيَّن الله تعالى أنه خلق السموات والأرض ، والحياة والموت للابتلاء والاختبار ، ليبتلي الناس , مَنْ يطيعه ليثيبه ، ومَنْ يعصيه ليعاقبه ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) هود/ 7 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .
وبهذا الابتلاء تظهر آثار أسماء الله تعالى وصفاته ، مثل اسم الله تعالى " الرحمن " ، و " الغفور " و " الحكيم " و " التوَّاب " و " الرحيم " وغيرها من أسمائه الحسنى .
ومن أعظم الأوامر التي خلق الله البشر من أجلها – وهو من أعظم الابتلاءات - : الأمر بتوحيده عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، وقد نصَّ الله تعالى على هذه الحكمة في خلق البشر فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إلا ليعبدون ، أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً ، وهذا اختيار ابن جرير ، وقال ابن جريج : إلا ليعرفون ، وقال الربيع بن أنس : إلا ليعبدون ، أي : إلا للعبادة " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :(/4)
" فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ، ومعرفته بأسمائه وصفاته ، وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ، فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار ، يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم ، ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : ( ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : ولئن قلتَ لهؤلاء ، وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به ، وقالوا : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ألا وهو الحق المبين " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 333 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 45535
هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟:
هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين ؟.
الجواب:
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي) إلى أن غسل القدمين أفضل ، قالوا : لأن غسل القدمين هو الأصل ، فكان أفضل .
انظر : "المجموع" (1/502) .
وذهب الإمام أحمد إلى أن المسح على الخفين أفضل ، واستدل بـ :
1- أنه أيسر ، و ( مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ) رواه البخاري (3560) ومسلم (2327) .
2- أنه رخصة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه أحمد (5832) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (564) .
3- أن في المسح على الخفين مخالفةً لأهل البدع الذين ينكرونه ، كالخوراج والروافض .
وقد كثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فعل كل منهما ، غسل القدمين ، والمسح على الخفين ، مما جعل بعض العلماء يقول : المسح والغسل سواء ، وهو ما اختاره ابن المنذر رحمه الله .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن الأفضل في حق كل واحد ما كان موافقاً للحال التي عليها قدمه ، فإن كان لابساً للخف فالأفضل المسح ، وإن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل الغسل ، ولا يلبس الخف من أجل أن يمسح عليه .(/1)
ويدل لهذا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل قدميه في الوضوء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا ) رواه البخاري (206) ومسلم (274) . فهذا يدل على أن المسح أفضل في حق من كان يلبس الخفين .
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (104) . فالأمر بالمسح يدل على أنه أفضل ، ولكنه في حق لابس الخف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وفصل الخطاب : أن الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال قدمه . فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان : غسلهما ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه , كما كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين , ويمسح قدميه إذا كان لابسا للخف " انتهى من "الإنصاف" (1/378) .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/199) :
" ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما ، وإن كانت مكشوفتين غسل القدمين ، ولم يلبس الخف ليمسح عليه ، وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل ، قاله شيخنا (يعني شيخ الإسلام ابن تيمية) " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45544
تكفي أضحية واحدة عن أهل البيت جميعاً:
أعيش أنا وزوجتي مع أبي ، فهل تجزئ أضحية واحدة عنا جميعاً أم علينا أضحيتان ؟.
الجواب:
الحمد لله
تكفيكم أضحية واحدة ، لأن السُّنَّة وردت بإجزاء الأضحية الواحدة عن الرجل وأهل بيته .
روى الترمذي (1505) عن عَطَاء بْن يَسَارٍ قال : سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا كانت زوجتي مع والدي في بيت واحد ، فهل يكفي في عيد الضحية ذبيحة واحدة عيداً لي ولوالدي أم لا ؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكرت من وجود والد وولده في بيت واحد كفى عنك وعن أبيك وزوجتك وزوجة أبيك وأهل بيتكما أضحية واحدة في أداء السُّنَّة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/404) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45545
صام ثم سافر إلى بلد تأخر عنهم في الصيام فهل يصوم واحدا وثلاثين يوماً؟:
إذا صمت في بلد ثم سافرت أثناء الشهر إلى بلد كان قد تأخر يوماً في دخول الشهر ، ففي آخر الشهر إذا صاموا ثلاثين يوماً ، فهل أصوم معهم وأكون قد صمت واحداً وثلاثين يوماً ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا سافر الإنسان من البلد التي صام فيها أول الشهر إلى بلد تأخر عندهم الفطر فإنه يبقى لا يفطر حتى يفطروا .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا من شرق آسيا ، عندنا الشهر الهجري يتأخر عن المملكة العربية السعودية بيوم ، وسأسافر إلى بلدي في رمضان ، وقد بدأت الصوم في المملكة ، وفي نهاية الشهر نكون قد صمنا واحدا وثلاثين يوماً ، فما حكم صيامنا ؟ وكم يوماً نصوم ؟
فأجاب :
" إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ) لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (15/155) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
ما حكم من صام في بلد مسلم ثم انتقل إلى بلد آخر تأخر أهله عن البلد الأول ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثلاثين يوماً أو العكس ؟
فأجاب بقوله :(/1)
إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار البلد الذي انتقل إليه فإنه يبقى معهم حتى يفطروا ؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ، وهذا وإن زاد عليه يوم ، أو أكثر فهو كما لو سافر إلى بلد تأخر فيه غروب الشمس ، فإنه يبقى صائماً حتى تغرب ، وإن زاد على اليوم المعتاد ساعتين ، أو ثلاثاً ، أو أكثر ، ولأنه إذا انتقل إلى البلد الثاني فإن الهلال لم ير فيه وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم ولا نفطر إلا لرؤيته ، فقال : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) .
وأما العكس : وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إلى بلد تقدم ثبوت الشهر فيه فإنه يفطر معهم ، ويقضي ما فاته من رمضان ، إن فاته يوم قضى يوماً ، وإن فاته يومان قضى يومين ، فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن كان الشهر تامًّا في البلدين ، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 24 ) .
وسئل أيضاًَ :
قد يقول قائل : لماذا قلتم يؤمر بصيام أكثر من ثلاثين يوماً في الأولى ويقضي في الثانية ؟
فأجاب بقوله :
يقضي في الثانية لأن الشهر لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً ، ويزيد على الثلاثين يوماً لأنه لم يُر الهلال ، وفي الأولى قلنا له : أفطر وإن لم تتم تسعة وعشرين يوماً ؛ لأن الهلال رؤي ، فإذا رؤي فلا بد من الفطر ، لا يمكن أن تصوم يوماً من شوال ، ولما كنت ناقصاً عن تسعة وعشرين لزمك أن تتم تسعة وعشرين بخلاف الثاني ، فإنك لا تزال في رمضان إذا قدمت إلى بلد ولم ير الهلال فيه فأنت في رمضان ، فكيف تفطر ؟ فيلزمك البقاء ، وإذا زاد عليك الشهر فهو كزيادة الساعات في اليوم . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 25 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 38101 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45567
مقالة باطلة : الدين أفيون الشعوب:
كثيراً ما نسمع هذه المقالة : الدين أفيون الشعوب ، فما معناها ؟ وهل هي مقالة صحيحة ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه مقالة نطق بها كارل ماركس اليهودي ، اخترع هذه المقالة يزعم بها أن الدين مُخَدِّرٌ ومُبَلِّدٌ للشعوب .
وكلامه مردود بالحق الحقيق بالقبول ، وهو أن الدين الصحيح الحنيف ملة إبراهيم الذي أمر الله خلقه بإقامته؛ دين يلهب القلوب والمشاعر ، مُحرك لجميع الأحاسيس والقوى ، دافع بها إلى الأمام ، لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع للظلم ، ومجاملة الأعداء ، والسكوت عن الباطل والفساد ، أو الجمود على طقوس وأوضاع ما أنزل الله بها من سلطان ، بل يوجب عليهم النهوض والاستعداد بكل قوة ، وتسخير كل دابة ومادة على وجه الأرض ، أو في جوفها أو أجوائها كيلا يغلبهم عدوهم في ذلك ، وأن يجعلوا جميع مواهبهم وطاقتهم في سبيل الله ، لإعلاء كلمته ، وقمع المفتري عليه ، والبراءة ممن جانب دينَه وتَنَكَّر حكمَ شريعته .
فهذا الدين الصحيح على العكس مما قاله هذا اليهودي وأتباعه وتلاميذه الذين ربوهم وأبرزوهم لمحاربة هذا الدين الصحيح ، الذي لا يُوقَف في وجوه أهله لو حملوه كما أنزل .
أما الأديان الأخرى المزعومة من لاهوتية وثنية فيصح أن يقال عنها بكلمة اليهودي ، لتقيد أهلها بالخرافات ، وتقييدهم العلم الفني والاختراع عن الانطلاق .
"الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" ص 80 لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45611
حكم الاقتداء بالإمام من خارج المسجد أو الصلاة خلف المذياع:
شاهدنا في شهر رمضان عبر التلفاز أن بعض الأشخاص يصلون التراويح مع إمام الحرم وهم في مساكنهم المجاور للحرم ، فما حكم ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
من أراد أن يصلي في مسجد جماعة فلا بد أن يسعى إلى المسجد ، فإذا اقتدى بالإمام من بيته فلا جماعة له ، ولو كان يرى الإمام أو المأمومين ، وقد فصَّل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في هذه المسألة تفصيلاً حسناً .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في شرحه كتاب زاد المستقنع :
قوله : " وكذا خارجه إن رأى الإِمام أو المأمومين " .
أي : وكذا يصحُّ اقتداءُ المأمومِ بالإِمامِ إذا كان خارجَ المسجدِ بشرطِ أنْ يَرى الإِمامَ أو المأمومين ، وظاهرُ كلام المؤلِّفِ : أنَّه لا يُشترط اتِّصالُ الصُّفوفِ ، فلو فُرِضَ أنَّ شخصاً جاراً للمسجد ، ويرى الإِمامَ أو المأمومين مِن شُبَّاكه ، وصَلَّى في بيتِه ، ومعه أحدٌ يزيل فَذِّيَّتَه ( أي يخرجه من كونه منفرداً ) فإنه يَصِحُّ اقتداؤه بهذا الإِمامِ ؛ لأنه يسمعُ التكبيرَ ويرى الإِمامَ أو المأمومين .
وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ : أنَّه لا بُدَّ أن يرى الإِمامَ أو المأمومين في جميع الصَّلاةِ ؛ لئلا يفوته الاقتداءُ ، والمذهبُ : يكفي أنْ يراهم ولو في بعضِ الصَّلاةِ .
إذاً ؛ إذا كان خارجَ المسجدِ فيُشترطُ لذلك شرطان :
الشرطُ الأول : سماعُ التكبيرِ .
الشرطُ الثاني : رؤيةُ الإِمامِ أو المأمومين ، إما في كُلِّ الصَّلاةِ على ظاهرِ كلامِ المؤلِّفِ ، أو في بعضِ الصَّلاةِ على المذهبِ .
وظاهرُ كلامِهِ : أنَّه لا يُشترط اتِّصال الصُّفوفِ فيما إذا كان المأمومُ خارجَ المسجدِ ، وهو المذهب .(/1)
والقول الثاني - وهو الذي مشى عليه صاحبُ " المقنع " - : أنَّه لا بُدَّ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ ، وأنَّه لا يَصِحُّ اقتداءُ مَن كان خارجَ المسجدِ إلا إذا كانت الصُّفوفُ متَّصلةً ؛ لأنَّ الواجبَ في الجماعةِ أن تكون مجتمعةً في الأفعالِ وهي متابعة المأمومِ للإِمام والمكان ، وإلا لقلنا : يَصِحُّ أن يكون إمامٌ ومأمومٌ واحد في المسجد ، ومأمومان في حجرة بينها وبين المسجد مسافة ، ومأمومان آخران في حجرة بينه وبين المسجدِ مسافة ، ومأمومان آخران بينهما وبين المسجد مسافة في حجرة ثالثة ، ولا شَكَّ أنَّ هذا توزيعٌ للجماعةِ ، ولاسيَّما على قولِ مَن يقول : إنَّه يجب أن تُصلَّى الجماعةُ في المساجد .
فالصَّوابُ في هذه المسألة : أنَّه لا بُدَّ في اقتداءِ مَن كان خارجَ المسجدِ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ ، فإنْ لم تكن متَّصِلة : فإنَّ الصَّلاة لا تَصِحُّ .
مثال ذلك : يوجد حولَ الحَرَمِ عَماراتٌ ، فيها شُقق يُصلِّي فيها الناسُ ، وهم يَرَون الإِمامَ أو المأمومين ، إما في الصَّلاةِ كلِّها ؛ أو في بعضِها ، فعلى كلامِ المؤلِّفِ : تكون الصَّلاةُ صحيحةً ، ونقول لهم : إذا سمعتم الإِقامة فلكم أنْ تبقوا في مكانِكم وتصلُّوا مع الإِمام ولا تأتوا إلى المسجدِ الحرام .
وعلى القول الثاني : لا تَصِحُّ الصَّلاةُ ؛ لأنَّ الصفوفَ غيرُ متَّصلةٍ ، وهذا القولُ هو الصَّحيحُ ، وبه يندفع ما أفتى به بعضُ المعاصرين مِن أنَّه يجوز الاقتداءُ بالإِمامِ خلفَ " المِذياعِ " ، وكَتَبَ في ذلك رسالةً سمَّاها : " الإقناع بصحَّةِ صلاةِ المأمومِ خلفَ المِذياع " ، ويلزمُ على هذا القول أن لا نصلِّيَ الجمعةَ في الجوامع بل نقتدي بإمام المسجدِ الحرامِ ؛ لأنَّ الجماعةَ فيه أكثرُ فيكون أفضلَ ، مع أنَّ الذي يصلِّي خلفَ " المِذياع " لا يرى فيه المأموم ولا الإِمامَ ، فإذا جاء " التلفاز " الذي ينقل الصَّلاة مباشرة يكون مِن بابِ أَولى .(/2)
ولكن هذا القولُ لا شَكَّ أنَّه قولٌ باطلٌ ؛ لأنه يؤدِّي إلى إبطالِ صلاةِ الجماعةِ أو الجُمعة ، وليس فيه اتِّصالَ الصُّفوفِ ، وهو بعيدٌ مِن مقصودِ الشَّارعِ بصلاةِ الجمعةِ والجماعةِ .
...
والذي يصلِّي خلفَ " المِذياع " يصلِّي خلفَ إمامٍ ليس بين يديه بل بينهما مسافات كبيرة ، وهو فتح باب للشر ؛ لأنَّ المتهاون في صلاةِ الجُمُعة يستطيع أن يقولَ : ما دامتِ الصَّلاةُ تَصِحُّ خلفَ " المِذياع " و " التلفاز " ، فأنا أريدُ أن أصلِّيَ في بيتي ، ومعيَ ابني أو أخي ، أو ما أشبه ذلك نكون صفَّاً .
فالرَّاجح : أنه لا يَصِحُّ اقتداءُ المأمومِ خارجَ المسجد إلا إذا اتَّصلتِ الصُّفوف ، فلا بُدَّ له مِن شرطين :
1. أن يَسمعَ التكبيرَ .
2. اتِّصال الصُّفوف .
أما اشتراطُ الرُّؤيةِ : ففيه نظر ، فما دام يَسمعُ التَّكبير والصُّفوف متَّصلة : فالاقتداء صحيح ، وعلى هذا ؛ إذا امتلأ المسجدُ واتَّصلتِ الصُّفوف وصَلَّى النَّاسُ بالأسواقِ وعلى عتبة الدَّكاكين : فلا بأس به .
" الشرح الممتع " ( 4 / 297 – 300 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45618
حكم الجهاد للمرأة:
سؤال مهم جدا حيرني ما هو حكم الجهاد للمرأة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الجهاد غير واجب على المرأة، قال ابن قدامة رحمه الله : ( ويشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط ; الإسلام , والبلوغ , والعقل , والحرية , والذكورية , والسلامة من الضرر , ووجود النفقة . فأما الإسلام والبلوغ والعقل , فهي شروط لوجوب سائر الفروع , ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد , والمجنون لا يتأتى منه الجهاد والصبي ضعيف البنية , وقد روى ابن عمر , قال : { عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة , فلم يجزني في المقاتلة } . متفق عليه . ......وأما الذكورية فتشترط ; لما روت عائشة , قالت { : يا رسول الله , هل على النساء جهاد ؟ فقال : جهاد لا قتال فيه ; الحج , والعمرة } . ولأنها ليست من أهل القتال ; لضعفها .. ) انتهى من المغني 9/163
وحديث عائشة رضي الله عنها رواه أحمد (25361) وابن ماجه ( 2901) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.
وهل تخرج المرأة لمساعدة المجاهدين ومداواة الجرحى ؟
قال السرخسي في شرح السير الكبير (1/184) : ( باب قتال النساء مع الرجال وشهودهن الحرب . قال : لا يعجبنا أن يقاتل النساء مع الرجال في الحرب ; لأنه ليس للمرأة بنية صالحة للقتال , كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله :" هاه , ما كانت هذه تقاتل". وربما يكون في قتالها كشف عورة المسلمين , فيفرح به المشركون وربما يكون ذلك سببا لجرأة المشركين على المسلمين , ويستدلون به على ضعف المسلمين فيقولون : احتاجوا إلى الاستعانة بالنساء على قتالنا , فليتحرز عن هذا , ولهذا المعنى لا يستحب لهم مباشرة القتال , إلا أن يضطر المسلمون إلى ذلك , فإنّ دفع فتنة المشركين عند تحقق الضرورة بما يقدر عليه المسلمون جائز بل واجب . واستدل عليه بقصة حنين.(/1)
وفي أواخر تلك القصة : " قالت أم سليم بنت ملحان , وكانت يومئذ تقاتل شادة على بطنها بثوب : يا رسول الله أرأيت هؤلاء الذين فروا منك وخذلوك , فلا تعف عنهم إن أمكنك الله منهم , فقال صلى الله عليه وسلم : يا أم سليم عافية الله أوسع , فأعادت ذلك ثلاث مرات , وفي كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : عافية الله أوسع " . وفي المغازي أنها قالت : ألا نقاتل يا رسول الله هؤلاء الفرارين فنقتلهم كما قاتلنا المشركين ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : عافية الله أوسع . وأية حاجة إلى قتال النساء أشد من هذه الحاجة حين فروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموه , وفي هذا بيان أنه لا بأس بقتالهن عند الضرورة ; لأن الرسول لم يمنعها في تلك الحالة , ولم ينقل أنه أذن للنساء في القتال في غير تلك الحالة .
قال : ولا بأس بأن يحضر منهن الحرب العجوز الكبيرة فتداوي الجرحى , وتسقي الماء , وتطبخ للغزاة إذا احتاجوا إلى ذلك , لحديث عبد الله بن قرط الأزدي قال : كانت نساء خالد بن الوليد ونساء أصحابه مشمرات , يحملن الماء للمجاهدين يرتجزن , وهو يقاتل الروم , والمراد العجائز , فالشواب يمنعن عن الخروج لخوف الفتنة , والحاجة ترتفع بخروج العجائز . وذكر عن أم مطاع , وكانت شهدت خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم قالت : رأيت أسلم ( وهي قبيلة من قبائل العرب ) حيث شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلقون من شدة الحال فندبهم إلى الجهاد فنهضوا . ولقد رأيت أسلم أول من انتهى إلى الحصن فما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى فتحه الله علينا.
ففي هذا بيان أنها كانت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يمنعها من ذلك فعرفنا أنه لا بأس للعجوز أن تخرج لإعانة المجاهدين بما يليق بها من العمل والله الموفق) انتهى.(/2)
وقال في كشاف القناع (3/62) : (( و ) يمنع ( نساء ) للافتتان بهن , مع أنهن لسن من أهل القتال , لاستيلاء الخور ( أي الضعف ) والجبن عليهن ; ولأنه لا يؤمن ظفر العدو بهن , فيستحلون منهن ما حرم الله تعالى قال بعضهم : ( إلا امرأة الأمير لحاجته ) لفعله صلى الله عليه وسلم . ( و ) إلا امرأة ( طاعنة في السن لمصلحة فقط كسقي الماء ومعالجة الجرحى ) لقول الربيع بنت معوذ : " كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي الماء ونخدمهم , ونرد الجرحى , والقتلى إلى المدينة " رواه البخاري وعن أنس معناه رواه مسلم ; ولأن الرجال يشتغلون بالحرب عن ذلك , فيكون معونة للمسلمين وتوفيرا في المقاتلة) .
وهذا كله ما لم يتعين الجهاد بأن دهم العدو بلد المسلمين، فإنه يجب الجهاد على كل قادر رجلاً كان أم امرأة ، فتخرج المرأة بغير إذن زوجها، قال الكاساني الحنفي رحمه الله : ( فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد , فهو فرض عين يفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه ; لقوله سبحانه وتعالى ( انفروا خفافا وثقالا ) قيل : نزلت في النفير . وقوله سبحانه وتعالى ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) ....) انتهى من بدائع الصنائع 7/98.
وجاء نحو هذا في الشرح الصغير من كتب المالكية (2/274) : أن الجهاد إذا تعيّن بأن هجم العدو على بلاد المسلمين فإنه يجب على كلّ قادر عليه من الرجال والنساء .
وخلاصة الجواب :
أن الجهاد لا يجب على المرأة في الأصل ، إلا إنه عند الضرورة ، كما لو هجم الكفار على بلاد المسلمين فإنه يجب عليها الجهاد ، وحينئذ عل حسب قدرتها واستطاعتها ، فإن كانت غير مستطيعة فلا يجب عليها لقول الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) سورة البقرة/286
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45632
هل تشهد على شيء لم يُطلب منها وقد ينفع المشهود عليه ؟:
أنا أعمل في مجال وحدث أن اعتدى أحد الإخوة بالسب على رئيسة القسم المباشر ، وكنت موجودة ومجموعة معي ، وطلبونا للإدلاء بالشهادة ، وسأشهد - إن شاء الله - بالحق ، هو - هداه الله - سبها علنيّاً وأمامها لعن والدها ولعنها ، وبعد ما خرج لما سحبوه للخارج ، قالت هي " أراويك – كلمة تهديد - يا كذا " لكن لم يسمعها ، ولم يقل إنها قالت " أراويك " لأنه لم يكن قريبا من المكتب وكنت أن قريبة فسمعت ، فهل أقول ذلك بالتحقيق ؟ وشكراً .
الجواب:
الحمد لله
هذه الكلمة هي كلمة تهديد ، وقد يكون المراد منها الشكوى عليه للتحقيق معه ، وهو ما حصل بالفعل ، ولا نراها مؤثرة لتقال أو لا تقال في التحقيق .
وإذا كانت قد أضافت إليها كلمات أخرى فيها سب وشتم وطعن في المعتدي عليها : فالذي يجب عليكم هو الشهادة بهذا ؛ لأنها قد تكون أخذت حقها بتلك الكلمات بل وزيادة ، فلا يجوز معاقبته على شيء قد استوفى صاحب الحق منه حقَّه ، لأن الرد بالسب على المتعدي نوع من أخذ الحق كما قال النووي في شرح قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالا فَعَلَى الْبَادِئ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُوم ) مسلم 4688 ( قَالُوا : وَإِذَا اِنْتَصَرَ الْمَسْبُوب اِسْتَوْفَى ظُلامَته , وَبَرِئَ الأَوَّل مِنْ حَقِّهِ , وَبَقِيَ عَلَيْهِ إِثْم الابْتِدَاء , أَوْ الإِثْم الْمُسْتَحَقّ لِلَّهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : يَرْتَفِع عَنْهُ جَمِيع الإِثْم بِالانْتِصَارِ مِنْهُ , وَيَكُون مَعْنَى عَلَى الْبَادِئ أَيْ عَلَيْهِ اللَّوْم وَالذَّمّ لا الإِثْم ).
وإذا كانت الكلمات المقالة فيه ليس فيها استيفاء الحق فإنه – على الأقل – قد يكون فيها استيفاء لبعض الحق ، وهو مما يرفع أو يخفف العقوبة عن الطرف المعتدي .(/1)
ودين الإسلام أمرنا بالعدل مع كل الناس ، قال تعالى : ( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) سورة المائدة /8
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45638
كيف يخبر الصغير عن معنى الشيعة:
لي ابن أخت ويبلغ من العمر 8 سنوات وفاجأني مرة إذ سألني قائلاًًًَ من هم الشيعة ؟ لم أدر ما أقول له إلا أني قلت له ستعرف بعد أن تكبر! ولكنه لم يرض بهذه الإجابة , وبعد أن قال له ابن أخي الصغير-عمره 10 سنوات- أنا سنة ، بادله قائلا : وأنا شيعة . فما هي الإجابة التي تتماشى مع سنه ويقتنع بها ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إذا سأل الطفل عن الشيعة قيل له هؤلاء أناس غير جيدين ، يعملون المعاصي والمخالفات ، ويسبون أصحاب نبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وزوجاته ، الذين هم أفضل الناس بعد الأنبياء ونحن لا نحبهم لأجل ذلك ، ولو فرض أنه رآهم في التلفاز يتمسحون بالقبور أو يحتفلون بعاشوراء ، قيل له : هذا الذي يعملونه لا يجوز ، ونحن لا نعبد إلا الله تعالى ، ولا نسجد لقبر ولا لغيره من المخلوقات ، ولا نضرب أنفسنا ولا أبناءنا ، وهكذا يفهم الطفل أن هؤلاء القوم غير مرضيين ، بل مخطئون منحرفون ، وعلى قدر انتباه الطفل وإدراكه تكون المعلومة الموجهة له .
ولتصحيح ما جرى ، يقال له : نحن سنّة ، أي نتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نبتدع في ديننا ، ولا نفعل كما يفعل هؤلاء ، ولو أمكن أن يشاهد الطفل شيئا من مخالفات الشيعة ، ليقترن التحذير منهم بالصورة الموضحة، كان حسنا، وبإمكانك الوقوف على شيء من ذلك من خلال المواقع الموثوقة التي تحذّر من الشيعة وتبيّن ضلالهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45643
أسئلة عن الحجر الأسود:
قرأت مقالة عن " الحجر الأسود " وأريد أن أتأكد من صحة الأحاديث والروايات هل هي صحيحة ويؤخذ بها أم أنها موضوعة جزاك الله كل خير ؟ والمقالة هي :
" صدِّق أو لا تصدق "
نعم ، هناك حجر واحد فقط على وجه الأرض يطفو فوق الماء ، إنه " الحجر الأسود " الموجود في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة في الحرم الشريف في مكة المكرمة ، قال جلال السيوطي : يقال إنه لما اشترى المطيع لله الحجر الأسود من أبي طاهر القرمطي جاء عبد الله بن عُكيم المحدث وقال : إن لنا في حجرنا آيتين : إنه يطفو على الماء ، ولا يحمو بالنار ، فأتى بحجر مضمخ بالطيب مغشي بالديباج ليوهموه بذلك ، فوضعوه في الماء فغرق ، ثم جعلوه في النار فكاد أن يتشقق ، ثم أتي بحجر آخر ففعل به ما فعل بما قبله فوقع له ما وقع له ، ثم أتي بالحجر الأسود فوضع في الماء فطفا ، ووضع في النار فلم يحم ، فقال عبد الله : هذا حجرنا ، فعند ذلك عجب أبو طاهر القرمطي وقال : من أين لكم ؟ فقال عبد الله : ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحجر الأسود يمين الله في أرضه يأتي يوم القيامة له لسان يشهد لمن قبَّله بحق أو باطل لا يغرق في الماء ولا يحمى بالنار ... " .
و " الحجر الأسود " هو الذي يبدأ منه الطواف في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة ، وأصله من يواقيت الجنة ، ولونه المغمور أبيض كلون المقام ، وهو موضع سكب العبرات ، واستجابة الدعاء ، ويُسن استلامه وتقبيله ، وهو يمين الله في الأرض بمعنى أنه مقام مصافحة العهد مع الله على التوبة ، ويشهد يوم القيامة لكل من استلمه ، ومن فاوضه فإنما يعاهد يد الرحمن ، ومسحه يحط الخطايا حطّاً ، وهو ملتقى شفاه الأنبياء والصالحين والحجاج والمعتمرين والزوار فسبحان الله العظيم .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(/1)
الحجر الأسود هو : الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج في غطاء من الفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً ونصف المتر .
وما ذُكر في المقال الوارد ضمن السؤال فيه حق عليه أدلة صحيحة ، وفيه ما لا أصل له .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 1902 ) أكثر ما ورد في السنة الصحيحة عن " الحجر الأسود " ، ومنه : أن الحجر الأسود أنزله الله تعالى إلى الأرض من الجنة ، وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ، وأنه يأتي يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق ، وأن استلامه أو تقبيله أو الإشارة إليه : هو أول ما يفعله من أراد الطواف سواء كان حاجا أو معتمراً أو متطوعاً ، وقد قبَّله النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبعه على ذلك أمته ، فإن عجز عن تقبيله فيستلمه بيده أو بشيء ويقبل هذا الشيء ، فإن عجز : أشار إليه بيده وكبَّر ، ومسح الحجر مما يكفِّر الله تعالى به الخطايا .
ثانياً :
وأما بخصوص سرقة القرامطة للحجر الأسود له ومكثه عندهم فترة كبيرة : فصحيح .
قال ابن كثير – في حوادث 278 هـ - :
وفيها تحركت القرامطة ، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ، وكانا يبيحان المحرمات .
ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل ، وأكثر ما يفسدون من جهة الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم ؛ لأنهم أقل الناس عقولاً ، ويقال لهم : الإسماعيلية ؛ لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق .
ويقال لهم : القرامطة ، قيل : نسبة إلى قرمط بن الأشعث البقار ، وقيل : إن رئيسهم كان في أول دعوته يأمر من اتبعه بخمسين صلاة في كل يوم وليلة ليشغلهم بذلك عما يريد تدبيره من المكيدة ...(/2)
والمقصود : أن هذه الطائفة تحركت في هذه السنة ، ثم استفحل أمرهم وتفاقم الحال بهم - كما سنذكره - حتى آل بهم الحال إلى أن دخلوا المسجد الحرام فسفكوا دم الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من موضعه ، وذهبوا به إلى بلادهم في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ثم لم يزل عندهم إلى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، فمكث غائباً عن موضعه من البيت ثنتين وعشرين سنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
" البداية والنهاية " ( 11 / 72 ، 73 ) .
ثالثاً :
وأما ما ذكر من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجه (2945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِي ، فَقَالَ : ( يَا عُمَرُ ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ ) . ولكنه حديث ضعيف ذكره الألباني في "إرواء الغليل" (1111) وقال: ضعيف جدا اهـ .
وأما حديث " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " فالجواب عنه : أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " هذا حديث لا يصح " .
" العلل لابن الجوزي " ( 2 / 575 ) ، وانظر " تلخيص العلل " للذهبي ( ص 191 ) ، وقال ابن العربي :حديث باطل فلا يلتفت إليه ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت ، وعلى هذا فلا حاجة للخوض في معناه " .
" مجموع الفتاوى " ( 6 / 397 ) .
وأما ما ذكرت من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد ورد في ذلك حديث عند ابن ماجة ولكنه حديث ضعيف لا يصح .
رابعاً :
وأما ما ذُكر من وصف الحجر الأسود بأنه " يطفو على الماء " ، وأنه " لا يحمو بالنار " و " استجابة الدعاء " : فمما لا أصل له في السنَّة .(/3)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45653
ماذا يفعل مع هذا المستأجر الذي لا يريد الخروج من البيت ؟:
نحن أسرة مات عائلهم ، وقد ترك لنا من ضمن الميراث عقاراً , وهذا العقار به أناس يسكنونه منذ فترة طويلة وصلت إلى 18 عاما وبإيجار قيمته 40 جنيها مصريّاً ، وهؤلاء السكان قد فتح الله عليهم بالخير الوفير حتى أصبح كل منهم يمتلك عقارا يخصه ، فمنهم من كتب هذا العقار باسم أبنائه ، ومنهم من كتبه باسم زوجته ، ونحن في أشد الحاجة لهذه الشقق ؛ فذهبت إليهم مستسمحاً في أن يتركوا الشقق ، وشرحت لهم الظروف ، فما وجدت منهم إلا الرفض ومنهم من طلب مني مبلغا من المال الباهظ نظير تركه للشقة ، فحاولت معهم عدة مرات ولكن دون جدوى والقانون عندنا في صالحهم ، وبعد ذلك طلبت منهم زيادة الإيجار حتى نستطيع سد حاجتنا المعيشية ولكن دون جدوى أيضا ، فماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
مثل هذا الإشكال الحاصل بين المؤجر والمستأجر سببه هو عدم الالتزام بشرع الله تعالى عند توقيع العقد وإنشائه ، ومما يخالف فيه الأكثرون ويسبب لهم متاعب ومشاكل هو عدم تحديد مدة لعقد الإيجار ؛ إذ إن في تحديد المدة قطعاً للنزاع وحفظاً لحقوق كلٍّ من الطرفين ، فيلتزم المؤجر بإبقاء المستأجر في العقار ، ويلتزم المستأجر بدفع الأجرة لصاحب العقار طيلة المدة ، ويُلزم بإنفاذ العقد ودفع الأجرة حتى لو لم يستعمله .
قال ابن قدامة :
ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز .
ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة , ولا بد من مشاهدته وتحديده , فإنه لا يصير معلوما إلا بذلك , ولا يجوز إطلاقه , ولا وصفه . وبهذا قال الشافعي . " المغني " ( 5 / 260 ) .(/1)
والصحيح أن المدة لا تتعين في فترة محدودة ، بل يمكن أن تستمر أشهراً أو عشرات السنين مادام ذلك برضاً من الطرفين .
قال ابن قدامة :
الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة . ولا خلاف في هذا نعلمه , لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه , المعرِّفة له , فوجب أن تكون معلومة , كعدد المكيلات فيما بيع بالكيل . " المغني " ( 5 / 251 ) .
وقال :
ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة , بل تجوز إجارة العين المدة التي تبقى فيها وإن كثرت . وهذا قول كافة أهل العلم . ....لقول الله تعالى إخبارا عن شعيب عليه السلام , أنه قال : { على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك } , وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم على نسخه دليل . " المغني " ( 5 / 253 ) .
ثانياً :
وأما بالنسبة لموت المستأجر أو المؤجر قبل انتهاء المدة : فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن العقد لا ينفسخ بموت واحد منهما ، وخالف فيه الحنفية وبعض التابعين فقالوا : إن العقد ينفسخ إلا برضا ورثة المؤجر ، وأن لهم المطالبة بإخلاء العقار المؤجَّر .
والصحيح هو قول الجمهور فالإيجار عقد لازم للطرفين خلال المدة .
وفي كتاب " الإجارة " من صحيح البخاري : قال البخاري - رحمه الله – مبوِّباً :
باب إذا استأجر أرضاً فمات أحدهما ، وقال ابن سيرين : ليس لأهله أن يخرجوه إلى تمام الأجل ، وقال الحكم والحسن وإياس بن معاوية : تمضى الإجارة إلى أجلها ، وقال ابن عمر : أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر فكان ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى
قال الحافظ ابن حجر :(/2)
قوله : " باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما " أي : هل تفسخ الإجارة أم لا ؟ والجمهور : على عدم الفسخ ، وذهب الكوفيون والليث إلى الفسخ , ....وقد اتفقوا على أن الإجارة لا تنفسخ بموت ناظر الوقف فكذلك هنا .
قوله : " وقال ابن سيرين : ليس لأهله " أي : أهل الميت .
" أن يخرجوه " أي : يخرجوا المستأجر ...
والغرض منه هنا الاستدلال على عدم فسخ الإجارة بموت أحد المتآجرين , وهو ظاهر في ذلك , وقد أشار إليه بقوله " ولم يذكر أن أبا بكر جدد الإجارة بعد النبي صلى الله عليه وسلم "
" فتح الباري " ( 4 / 463 ) .
ثالثاً :
وأما بالنسبة لما تصنعه مع المستأجرين الذين يرفضون الخروج ، فنوصيك بما يلي :
1. أن تبيِّن لهم عدم شرعية العقد بينكما بسبب عدم تحديد مدة العقد ، وقد سبق أن تحديد مدة الإجارة واجب من غير خلاف بين العلماء .
2. أن تعطيهم فرصة مناسبة ليخرجوا من العقار ، ويكون تحديد هذه المدة بمثابة تصحيح الخطأ السابق ويكون عقداً جديداً بمدة محددة .
3. أن تبيِّن لهم حال رفضهم الخروج أنهم بذلك مغتصبون آثمون ، وتبين لهم عاقبة الظلم وحكم المغتصبين .
4. أن توسط بعض العقلاء ممن يستطيعون التفاهم معهم ، أو ممن لهم عليهم كلمة من أقربائهم أو معارفهم . ولك أن تتفق معهم على دفع مال إليهم حتى يخرجوا من الشقة ، وهذا المال حرام عليهم يأكلون سحتاً ، أما بالنسبة لك فإذا لم يستطع المظلوم أخذ حقّه إلا بدفع مال للظالم جاز له ذلك .
راجع السؤال رقم ( 40272 )
5. فإن لم ينفع ذلك – أيضاً - : فأنت بين ثلاث خيارات : إما أن تدعوَ عليهم - ودعوة المظلوم مستجابة - وإما أن تعفو عنهم ، أو تترك أمرهم إلى الله ليأخذ لك حقك منهم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45666
لا ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن:
هل ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن ؟.
الجواب:
الحمد لله
خروج النجاسة من البدن لها ثلاثة أحوال :
الأولى :
أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من المخرج المعتاد ، فهذا ناقض للوضوء ، بأدلة الكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) المائدة/6 .
وروى الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
فذكر الغائط والبول والنوم من نواقض الوضوء .
الثانية :
أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من غير المخرج المعتاد ، كمن أجريت له عملية جراحية وصار يخرج منه الخارج من فتحة في بطنه – مثلاً ، فهذا ناقض للوضوء لأن الأدلة السابقة تدل على نقض الوضوء بخروج البول والغائط ، وعمومها يشمل خروجها من المخرج المعتاد أو غيره .
الثالثة :
أن تكون النجاسة الخارجة من البدن غير البول والغائط ، كالدم ، والقيء عند من قال بنجاسته من العلماء .
فهذا مما اختلف العلماء فيه ، فذهب بعضهم – كالإمام أبي حنيفة وأحمد على اختلاف بينهما في تفصيل ذلك – إلى أنه ناقض للوضوء .
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة : ( إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ ، فتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ ) .(/1)
قالوا : فَعَلَّلَ وجوبَ الوضوءِ بأنه دم عرق ، وكلُّ الدماء كذلك .
2- ما رواه الترمذي (87) عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ فَتَوَضَّأَ ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن خروج النجاسة من البدن لا ينقض الوضوء ، واحتجوا بأن الأصل عدم نقض الوضوء ، وليس هناك دليل صحيح يدل على نقض الوضوء بذلك .
قال النووي رحمه الله :
" وأحسن ما أعتقده في المسألة أن الأصل أن لا نقض حتى يثبت بالشرع ، ولم يثبت " انتهى .
وأجابوا عن أدلة من قالوا بالنقض بما يلي :
أما حديث المستحاضة ، فأجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك نفي كونه دم حيض ، أي ليس هذا الدم دم حيض وإنما هو دم عرق ، وإذا كان كذلك فإنك لا تتركين الصلاة ، بل تصلين ، غير أنك تتوضأين لكل صلاة .
قال النووي في "المجموع" : " لو صح – يعني حديث المستحاضة- لكان معناه إعلامها أن هذا الدم ليس حيضاً ، بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ، ولم يُرِدْ أن خروج الدم - من حيث كان - يوجب الوضوء " انتهى .
وأما حديث ثوبان ، فأجابه عنه بعدة أجوبه :
1- أنه ضعيف . قال النووي في "المجموع" " وأما الجواب عن احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه : أحسنها أنه ضعيف مضطرب , قاله البيهقي وغيره من الحفاظ " انتهى .
2- أنه –مع تقدير ثبوته وصحته- لا يدل على نقض الوضوء بخروج القيء ، لأنه مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فيدل على استحباب الوضوء من القيء ، لا على وجوبه .(/2)
مع أن الاستدلال بهذا الحديث مبني على أن القيء نجس ، وقد سبق في جواب السؤال (42929) ذكر اختلاف العلماء في ذلك ، وأن الراجح طهارته ، لأنه لا دليل على القول بنجاسته .
انظر : "المجموع" (2/63-65) ، "المغني" (1/233، 234) ، (1/247- 250) ، "الشرح الممتع" (1/185- 189) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45668
هل ما فعله للتعرف على صفات مخطوبته صحيح ؟:
لي ابنة خالة ، وتبدو أنها ذات دين وخلق ، ولكن لا أعلم كثيراً عن شخصيتها وفلسفتها في الحياة ونسبه التفاهم بيننا ، قد استعملت الإنترنت سبيلا للتعرف عليها مع التشدد في الالتزام بالآداب ، وخاصة أننا من عائلة محافظة ، والحمد لله توصلت إلى قرار الزواج منها إن شاء الله ، ولكن ذلك قد يستغرق سنتين أو أكثر حتى أتمكن من تأهيل نفسي ، فأنا لا أزال طالباً في آخر سنة من الجامعة .
والسؤال هو : هل ما قمت به جائز ، خاصة أنه استغرق حوالي سنة ؛ ولأن عادات الزواج عندنا لا تتيح للشخص التعرف على شخصية الآخر إلا بالخطبة ، ولو أنه بعد الخطبة اتضح أنه لا يمكن الاستمرار قد تولد بعض المشاكل وقطيعة الرحم ؟ وأشعر بضيق مما قمت به وأخشى أنه يعتبر معصية وخيانة ، وهل يجوز أن أتابع مراسلتها إلى أن أتقدم إلى خطبتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا تجوز المراسلة والمحادثة مع المرأة الأجنبية ، وإذا قصد الرجل الخطوبة فعليه أن يسلك الطريق الشرعية إلى ذلك ، وإذا كانت المرأة التي يود الاقتران بها من أقاربه فإن الأمر يكون أسهل بالنسبة له ، فإما أن يكون هو على علم بأحوالها أو يستطيع أن يعرف أحوالها وأخلاقها عن طريق النساء من أهله .
ولا يمكن أن يقف الرجل ولا المرأة على الأخلاق الحقيقية لكل واحد من الطرفين من خلال المراسلة والمحادثة قبل الزواج ؛ إذ لن يظهر من كل منهما إلا عذوبة العبارة وحسن المنطق والمجاملات .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :
إذا كان الرجل يقوم بعمل المراسلة مع المرأة الأجنبية وأصبحا متحابين هل يعتبر هذا العمل حراماً ؟ .
فأجاب :(/1)
لا يجوز هذا العمل ؛ لأنه يثير الشهوة بين الاثنين ، ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيرا ما تُحْدِثُ تلك المغازلة والمراسلة فتنًا وتغرس حب الزنى في القلب ، مما يوقع في الفواحش أو يسببها ، فننصح من أراد مصلحة نفسه حمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظا للدين والعرض ، والله الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ، 579 ) .
وقد سبق تحريم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة : ( 26890 ) و ( 10221 ) فلينظرا .
وقد أبيح للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة دون ما سوى ذلك من الخلوة والمصافحة ، ولك أن تعقد عليها وتؤخر الدخول ، ليكون لقاؤك معها شرعيّاً ، وتستطيع في هذه الفترة تركيز التعرف عليها أكثر وأكثر .
وفي جواب السؤال رقم ( 7492 ) كلام مهم لمثل هذه المسألة فلينظر .
وانظر جواب الأسئلة : ( 7757 ) و ( 2572 ) و ( 20069 ) لتعلم حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45672
هل تلبس الحجاب إذا كان أهلها سيتضررون بذلك ؟:
ما هو الحكم في مَن ترتدي الحجاب في بلد عربي يمنع ذلك بالقوة وإلحاق الضرر دينيّاً واجتماعيّاً ؟ هل عليها أن تثبت رغم تضرر أفراد عائلتها بطريقة غير مباشرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إنها والله الجريمة العظيمة والفعلة النكراء ، أن تُمنع المرأة المسلمة من ارتداء حجابها الذي أمرها الله به ، وتلزم قانوناً بكشف رأسها ووجهها لتخرج سافرة بين الناس .
والواجب على المسلم الالتزام بأحكام الشرع ، و " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وحجاب المرأة المسلمة من الواجبات التي يلزمها الطاعة فيها ، والضرر الذي تتصور المرأة وقوعه عليها أو على أهلها قد لا يكون له أصل ، وقد يكون الضرر غير بالغ ، ويمكن تحمله والصبر عليه ، وعليه : فيجب عليها البقاء على الالتزام بلباسها الشرعي .
فإن كان الضرر بالغاً ويقينيّاً أو بغلبة ظن راجح : فيمكن للمرأة نزع الحجاب حفاظاً على عرضها ودينها ، لكن يجب عليها الالتزام بأعلى قدر ممكن من الستر والحشمة ، ولا يجوز لها الخروج من المنزل على هذه الحال إلا في وقت الضرورة ، ولا يجوز الترخص في الخروج على هذه الحال للدراسة أو لشراء حاجيات يمكن أن يأتي بها غيرها ، بل نعني بالضرورة الخروج لعلاج لا يتيسر في البيت ، أو عمل شرعي لا يمكن تركه ، وما يشبههما .
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
في بعض البلدان قد تجبر المسلمة على خلع الحجاب بالأخص غطاء الرأس ، هل يجوز لها تنفيذ ذلك علما بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالفصل من العمل أو المدرسة ؟ .
فأجاب الشيخ :(/1)
هذا البلاء الذي يحدث في بعض البلدان هو من الأمور التي يمتحن بها العبد ، والله سبحانه وتعالى يقول { الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } العنكبوت / 1 – 3 .
فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة أولي الأمر في هذا الأمر المنكر ؛ لأن طاعة أولي الأمر في المنكر مرفوضة ، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء / 59 .
لو تأملت هذه الآية لوجدت أن الله قال : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ، ولم يكرر الفعل ثالثة مع أولي الأمر ، فدل على أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ، فإذا كان أمرهم مخالفا لطاعة الله ورسوله : فإنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله ، " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .
وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية من الأمور التي يجب الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر ، ونسأل الله لولاة أمورهم أن يهديهم إلي الحق ، ولا أظن هذا الإجبار إلا إذا خرجت المرأة من بيتها ، وأما في بيتها فلن يكون هذا الإجبار، وبإمكانها أن تبقى في بيتها حتى تسلم من هذا الأمر ، أما الدراسة التي تترتب عليها معصية فإنها لا تجوز ، بل عليها دراسة ما تحتاج إليه في دينها ودنياها ، وهذا يكفي ويمكنها ذلك في البيت غالبا .
" أسئلة تهم الأسرة المسلمة " ( ص 22 ، 23 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45676
ما هي كفارة اليمين بالتفصيل ؟:
الرجاء التفضل بتفصيل كفارة اليمين .
الجواب:
الحمد لله
كفارة اليمين بينها الله تعالى بقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 89 .
فيخير الإنسان بين ثلاثة أمور:
1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، فيعطي كل مسكين نصف صاع من غالب طعام البلد ، كالأرز ونحو ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا، وإذا كان يعتاد أكل الأرز مثلاً ومعه إدام وهو ما يسمى في كثير من البلدان ( الطبيخ ) فينبغي أن يعطيهم مع الأرز إداماً أو لحماً ، ولو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم كفى .
2- كسوة عشرة مساكين ، فيكسو كل مسكين كسوة تصلح لصلاته ، فللرجل قميص (ثوب) أو إزار ورداء ، وللمرأة ثوب سابغ وخمار .
3- تحرير رقبة مؤمنة .
فمن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام متتابعة .
وجمهور العلماء على أنه لا يجزئ إخراج الكفارة نقودا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " لا يُجْزِئُ في الكفارة إِخراج قيمة الطعام ولا الكسوة ، لأن الله ذكر الطعام فلا يحصل التكفير بغيره ، ولأن الله خَيَّرَ بين الثلاثة أشياء ولو جاز دفع القيمة لم يكن التَخْيِِيرُ منحصراً في هذه الثلاث ... " اهـ . المغني لابن قدامة 11/256(/1)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( على أن تكون الكفارة طعاما لا نقودا، لأن ذلك هو الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة، والواجب في ذلك نصف صاع من قوت البد ، من تمر أو بر أو غيرهما ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا ، وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك ، وهي قميص أو إزار ورداء ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/481
وقال الشيخ ابن عثيمين :
فإن لم يجد الإنسان لا رقبة ولا كسوة ولا طعاماً فإنه يصوم ثلاثة أيام ، وتكون متتابعة لا يفطر بينهما . اهـ .
فتاوى منار الإسلام ( 3/667 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45684
يجب طوف الوداع على أهل جدة:
نحن من جدة وبعد الحج ، قال بعض من معنا ليس على أهل جدة طواف وداع ، وتركنا طواف الوداع ، فماذا نفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
طواف الوداع واجب على من أراد السفر من مكة بعد تمام النسك ، لما رواه البخاري (1755) ومسلم (1328) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ ، إِلا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ .
قال الحافظ في الفتح :
" فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب طَوَاف الْوَدَاع لِلأَمْرِ الْمُؤَكَّد بِهِ وَلِلتَّعْبِيرِ فِي حَقّ الْحَائِض بِالتَّخْفِيفِ , وَالتَّخْفِيف لا يَكُون إِلا مِنْ أَمْر مُؤَكَّد " انتهى . ونحوه قاله النووي في "شرح مسلم" .
واختلف العلماء فيمن يجب عليه طواف الوداع ، فذهب بعضهم إلى أنه من سافر وتجاوز الميقات ، أما من دون الميقات فلا يجب عليه طواف الوداع .
انظر " "رد المحتار" (3/545) .
وذهب آخرون إلى أنه يجب على من سافر مسافة قصر (80 كم تقريباً) ، أما من دونها فلا يجب عليه .
وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه واجب على كل من سافر من مكة وخرج عنها .
قال النووي في "المجموع" (8/236) :
" ذكرنا عن البغوي أن طواف الوداع يتوجه على كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر . قال : ولو أراد دون مسافة القصر لا وداع عليه , والصحيح المشهور أنه يتوجه على من أراد مسافة القصر ودونها , سواء كانت مسافة بعيدة أم قريبة , لعموم الأحاديث " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/337) :(/1)
" ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي , لا وداع عليه . ومن كان منزله خارج الحرم , قريباً منه , فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت . وهذا قول أبي ثور وقياسُ قول مالك . لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) . ولأنه خارج من مكة , فلزمه التوديع , كالبعيد " انتهى بتصرف يسير .
فالقول بأن أهل جدة ليس عليهم طواف وداع قد قال به بعض أهل العلم ، غير أن الصحيح وجوبه عليهم ، وعلى هذا يكون على من تركه دم (شاة أو سُبْع بقرة) يذبح بمكة ويوزع على فقراء الحرم ، وهكذا كل من ترك واجباً من واجبات النسك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" من كان من أهل جدة فإنه يجب عليه أن لا يخرج من مكة حتى يودع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/353) .
وسئل الشيخ ابن باز عن جماعة من أهل جدة تركوا طواف الوداع ورجعوا إلى جدة .
فأجاب :
" الحج صحيح ، ولكن أسأتم في ترك الوداع ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الحاج بالوداع ، فقال : (لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) وهذا خطاب للحجاج يشمل أهل جدة وغيرهم ، فالواجب على جميع أهل البلدان – سواء في جدة أو الطائف وغيرهم – أن يودعوا البيت ، وقد تسامح بعض العلماء بالنسبة لمن منزله دون مسافة قصر كأهل بحرة وأشباههم ، قالوا : إنه لا وداع عليه ، والأحوط لكل من كان خارج الحرم أن يودع إذا انتهى حجه ، وأهل جدة بعيدون ، وهكذا أهل الطائف ، فالواجب عليهم أن يودعوا قبل أن يخرجوا ، لأنهم يشملهم الحديث ، وعليهم دم يذبح في مكة عن كل واحد منهم ترك طواف الوداع ، توزع على الفقراء ، شاة أو سُبْع بدنه أو سُبْع بقرة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/394) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/303) :(/2)
" إذا حججت فلا تسافر عقب حجك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع ، وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم ، ولا تأكل منه ، بل أطعمه الفقراء ، لأن طواف الوداع واجب بعد الحج ، لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) متفق على صحته ، وعليك التوبة إلى الله من خروجك إلى جدة قبل طواف الوداع " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45687
يستحي أن يرد المال لجاره لأنه زهيد جدا:
كنت صغيرا حوالي 11 أو 12 سنة على ما أتذكر، وفي ذهابي إلى المدرسة وأخذ وسيلة المواصلات وجدت أن مالي قد فقدته ولم يتبق معي غير مبلغ لم يكمل ثمن الأجرة ولم يكن معي 5 قروش مصرية لكي تكمل الأجرة وهي أصغر عملة مصرية فأعطاني شخص يسكن بجواري ولكني لا أعرفه شخصيا ولا هو يعرفني ، أعطاني ما يكمل الأجرة على أن يأتي إلى المنزل و يأخذ المبلغ بعد ذلك وفات من العمر الكثير الآن ولم يأخذ شيئا مني لأنه لم يأت وعمري الآن 18 عاما فهل هذا يعتبر دينا يجب رده أم لا علما بأني أخجل أن أذهب له وأعطه هذا المبلغ لأنه صغير جدا و بعد هذه المدة كلها من السنين .
الجواب:
الحمد لله
مثل هذا المبلغ الزهيد الغلب أن من يدفعه يدفعه على سبيل الهدية لا على سبيل القرض ، ولذلك لم يأت لأخذه ، وربما يكون أخبرك أنه سيأتي لأخذه دفعاً للحرج عنك ، حتى تقبل أخذ هذا المبلغ منه ولا ترده ، وعليك أن تقابل إحسانه بالإحسان فتكافئه عليه إما بهدية أو بدعاء أو نحو ذلك ، ومع ذلك فإنه بإمكانك ـ حتى تتغلب على مسألة الخجل ـ أن تذهب وتسلم عليه وتسأل عن أحواله ، وتخبره بأنك لا تنسى موقفه القديم ، وتشكره على ذلك ، مبينا أن هذا المبلغ باق في ذمتك ، ولم يمنعك من رده له إلا الحرج ، فإن أعفاك فالحمد لله ، وإلا فادفعه له. وهذا باب من أبواب الدعوة إلى الله ، يدرك منه المخاطب عظم شأن الحقوق ، وأهمية التحلل منها أو سدادها مهما بلغت .
زادك الله حرصاً وأمانة ، ووفقك لكل خير .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45691
هل إخراج قدر أكثر من الزكاة يحلل له الفوائد الربوية ؟:
تظهر الخلافات حول فوائد البنوك هل هي حرام أم حلال ؟ فهل إذا أخرجت زكاة أكبر من قيمة الزكاة المخصصة للفرد في رمضان وأكبر من قيمة الفوائد تكون هذه الفوائد حلالا لي أن أصرفها و تكون طاهرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
فوائد البنوك الربوية حرام باتفاق من يعتد به من أهل العلم ، وقد صدر في تحريمها قرارات عدة من الهيئات العلمية المعتبرة في العالم الإسلامي ، ومن ذلك قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1965م والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمسة وثلاثين دولة إسلامية، وجاء فيه : ( الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم ، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي ، وما يسمى بالقرض الإنتاجي ، لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين ) انتهى.
كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1985م ، وجاء فيه : ( أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد ، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً) انتهى.
وصدر كذلك قرار عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سنة 1986م ، ومما جاء فيه : ( كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعا ، لا يجوز أن ينتفع به المسلم ، مودِع المال لنفسه أو لأحد ممن يعوله في أي شأن من شؤونه . ويجب أن يصرف في المصالح العامة للمسلمين ، من مدارس ومستشفيات وغيرها . وليس هذا من باب الصدقة وإنما هو من باب التطهر من الحرام .(/1)
ولا يجوز بحال ترك هذه الفوائد للبنوك الربوية ، للتقوّي بها ، ويزداد الإثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج ، فإنها في العادة تصرفها إلى المؤسسات التنصيرية واليهودية ، وبهذا تغدو أموال المسلمين أسلحة لحرب المسلمين وإضلال أبنائهم عن عقيدتهم . علما بأنه لا يجوز أن يستمر في التعامل مع هذه البنوك الربوية بفائدة أو بغير فائدة) انتهى.
وانظر السؤال رقم : ( 12823) (20695 ) (292) (22392)
وبهذا يعلم أنه لا قيمة لما يثيره البعض من خلاف حول تحريم هذه الفوائد .
والفائدة الربوية مال خبيث ، لا تخرج منه الزكاة ولا الصدقة ، سواء صدقة الفطر من رمضان أو غيرها ، والواجب هو التخلص من هذه الفائدة بصرفها في مصالح المسلمين ، مع قطع التعامل مع البنك الربوي ما استطعت إلى ذلك سبيلا .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45696
من خصائصه صلى الله عليه وسلم : جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها:
قد سمعت أن هناك رأياً بإجماع الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر محرما لكل نساء المسلمين لما قد أمره الله في الكتاب ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) وبهذا قد حرم عليه الله كل النساء فهل أصبح بذلك محرما أي يجوز التكشف أمامه كأحد المحارم بالنسبة للنساء الأوائل من قبل بالطبع أو كان رسول الله بعد هذا الأمر يبيت في بيوت المسلمين لأنه محرم لنسائهم ؟ .
الجواب:
الحمد لله
ذهب كثير من أهل العلم إلى من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز خلوته بنساء أمته ونظره إليهن وإركابهن خلفه على الدابة .
قال الحطاب المالكي : "ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز خلوته بالأجنبية كما نقل الدماميني في حاشيته على البخاري في أول كتاب الجهاد في دخوله صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت ملحان وقال الشيخ جلال الدين في المباحات : واختص صلى الله عليه وسلم بإباحة النظر للأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن ( أي إركابهن خلفه ) " انتهى من مواهب الجليل 3/402
وقال البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب : ( أما هو – صلى الله عليه وسلم- فقد اختص بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن على الدابة خلفه ; لأنه مأمون لعصمته ; وهذا هو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية , وأما الجواب بأنها كانت محرمة من رضاع فرده الدمياطي بعدم ثبوته ) انتهى من حاشية البجيرمي 3/372(/1)
وقال الحافظ ابن حجر في شرح حديث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قالت : جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَالَ : ( دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ ) رواه البخاري (4750)
قال الحافظ : ( والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها ، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية ) انتهى من الفتح 9/203.
وقد اختار كثير من العلماء أن أم حرام كانت من محارم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل حكاه النووي اتفاقاً للعلماء .
وقال في مطالب أولي النهى (5/34) – من كتب الحنابلة- : ( وله أن يردف الأجنبية خلفه لقصة أسماء . وروى أبو داود عن امرأة من غفار : أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفها على حقيبته . وله أن يخلو بها لقصة أم حرام ) اهـ .(/2)
وحديث أسماء الذي أشار إليه رواه البخاري (4823) ومسلم (4050) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ( والفرسخ ثلاثة أميال ) فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ ( كلمة تقال للبعير لمن أراد أن ينيخه ) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
وأما حديث المرأة التي من غفار فقد رواه أبو داود (313) عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَتْ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ . . . الحديث . ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
والرحل ما يركب عليه على البعير ، وحقيبة الرحل زيادة تجعل في مؤخرة الرحل .(/3)
وليست هذه المسألة من المسائل التي أجمع عليها العلماء ، بل في كلام بعضهم تصريح بخلاف ذلك ، قال العراقي في "طرح التثريب" (5/167) في شأن دخول النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير: ( دخوله عليه الصلاة والسلام على ضباعة عيادة أو زيارة وصلة فإنها قريبته كما تقدم وفيه بيان تواضعه وصلته وتفقده صلى الله عليه وسلم ، وهو محمول على أن الخلوة هناك كانت منتفية فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يخلو بالأجنبيات ولا يصافحهن وإن كان لو فعل ذلك لم يلزم منه مفسدة لعصمته , لكنهم لم يعدوا ذلك من خصائصه فهو في ذلك كغيره في التحريم ) اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45713
حاصل على إعفاء جمركي فهل يحق لغيره شراء سلعة باسمه؟:
أنا ومجموعة من الإخوة نعمل بالسلك الدبلوماسي بإحدى الدول التي تعطينا إعفاء جمركيا ويأتي بعض أبناء تلك الدولة لشراء سلعة لهم باسمنا للحصول على الإعفاء مقابل مبلغ مالي يدفع لنا فهل هذا جائز ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا السؤال مشتمل على أمرين :
الأول : ما يسمى بالجمارك ، وهي الضرائب التي تؤخذ على الأمتعة والبضائع ، وأخذُ ذلك من المسلمين محرم تحريما شديدا ، وهو المَكس الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ صَاحِبَ الْمَكْسِ فِي النَّارِ ) رواه أحمد (16553) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3405) وانظر السؤال رقم ( 25758 )
ويشرع للإنسان أن يتخلص من هذه الرسوم المحرمة بكل وسيلة ممكنة لا يترتب عليها ضرر أو مفسدة أعظم ، ولو كان ذلك بالحيلة أو بدفع مبلغ للتخلص من الظلم الواقع عليه .
وإذا قال قائل : إن هذا من باب تنازل الإنسان عن حقه مقابل مال ، وهذا جائز ، ( وهو ما يعرف عند الفقهاء بالإسقاط أو الفراغ ، وقد أجاز المالكية الاعتياض عن حق الشفعة ، وأجاز الحنفية النزول عن الوظائف وإسقاط حق الحضانة مقابل مال . ينظر الموسوعة الفقهية الكويتية 4/243 ، 32/83 )
فالجواب : ليس هذا من هذا ، فإن الذين يسمحون بالإعفاء الجمركي لا يسمحون به إلا لأعضاء السلك أنفسهم ، ولا يسمحون لهم أن يستغلوا هذه الميزة في التكسب من وراء ذلك في بضائع لغيرهم ، ثم إن تمرير بضائع الغير مشتمل على نوع من الحيلة والخداع ، وهذا إذا جاز فإنما يجوز للحاجة ، ولا أن يربح من ورائه .
وفيما يلي بعض النصائح :
1- إن الواجب على هؤلاء العاملين في هذا السلك خدمة إخوانهم مجاناً ، لأنها من باب رفع الظلم عنهم ، وهذا واجب علي قدر الاستطاعة .(/1)
2- إذا كانوا لا يريدون تقديم هذه الخدمة مجاناً ، فلا يجوز لهم أخذ زيادة على أجرة المثل فيما يتكلفونه من شحن البضائع واستلامها وإنهاء الإجراءات أو السفر بها ونحو ذلك .
مع تنبيههم إلى أن الواجب عليهم الرفق بإخوانهم المسلمين ، وإحسان النيّة في ذلك ، ولا يكون همهم مجرد جمع الأموال .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45726
حكم السمسرة:
ما حكم السمسرة ؟ وهل المال الذي يأخذه السمسار حلال ؟.
الجواب:
الحمد لله
" السمسرة : هي التوسط بين البائع والمشتري , والسمسار هو : الذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطاً لإمضاء البيع , وهو المسمى الدلال , لأنه يدل المشتري على السلع , ويدل البائع على الأثمان " انتهى من "الموسوعة الفقهية" (10/151) .
والسمسرة يحتاج الناس إليها كثيراً ، فكثير من الناس لا يعرفون طرق المساومة في البيع والشراء ، وآخرون ليس عندهم قدرة على تمحيص ما يشترون ومعرفة عيوبه ، وآخرون ليس عندهم وقت لمباشرة البيع والشراء بأنفسهم .
ومن هنا كانت السمسرة عملاً نافعاً ، ينتفع به البائع والمشتري والسمسار .
ولا بد في السمسار من أن يكون خبيراً فيما يتوسط فيه بين البائع والمشتري ، حتى لا يضر واحداً منهما بدعواه العلم والخبرة وهو ليس كذلك .
ولا بد أن يكون بأميناً صادقاً ، لا يحابي أحدهما على حساب الآخر ، بل يبين عيوب السلعة ومميزاتها بأمانة وصدق ، ولا يغش البائع أو المشتري .
وقد نص جمع من الأئمة على جواز السمسرة ، وجواز أخذ الأجرة عليها .
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن أجر السمسار فقال : لا بأس بذلك . "المدونة" (3/466) .
وقال الإمام البخاري في صحيحه :
" بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ . وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ : بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ .
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ .(/1)
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ) " انتهى كلام الإمام البخاري .
وقال ابن قدامة في "المغني" (8/42) :
" ويجوز أن يستأجر سمسارا , يشتري له ثيابا , ورخص فيه ابن سيرين , وعطاء , والنخعي . . . ويجوز على مدة معلومة , مثل أن يستأجره عشرة أيام يشتري له فيها ; لأن المدة معلومة , والعمل معلوم . . . فإن عَيَّنَ العملَ دون الزمان , فجعل له من كل ألف درهم شيئاً معلوما , صح أيضا . .
وإن استأجره ليبيع له ثيابا بعينها , صح . وبه قال الشافعي ، لأنه عمل مباح , تجوز النيابة فيه , وهو معلوم , فجاز الاستئجار عليه كشراء الثياب " انتهى باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة عن صاحب مكتب تجاري يعمل وسيطاً لبعض الشركات في تسويق منتجاتها ، حيث ترسل له عينة يقوم بعرضها على التجار في الأسواق ، وبيعها لهم بسعر الشركة مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها مع الشركة . فهل يحقه في ذلك إثم ؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكر جاز لك أخذ تلك العمولة ، ولا إثم عليك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/125) .
وسئل الشيخ ابن باز عن حكم البحث لمستأجر عن محلٍ أو شقةٍ مقابل أجرة يدفعها لمن حقق له طلبه .
فأجاب :
" لا حرج في ذلك ، فهذه أجرة وتسمى السعي ، وعليك أن تجتهد في التماس المحل المناسب الذي يريد الشخص أن يستأجره ، فإذا ساعدته في ذلك والتمست له المكان المناسب ، وساعدته في الاتفاق مع المالك على الأجرة ، فكل هذا لا بأس به إن شاء الله بشرط ألا يكون هناك خيانة ولا خديعة ، بل على سبيل الأمانة والصدق ، فإذا صدقت وأديت الأمانة في التماس المطلوب من غير خداع ولا ظلم لا له ولا لصاحب العقار فأنت على خير إن شاء الله " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (19/358) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45730
الأدعية التي تقال في الوضوء:
ما هي الأدعية التي تقال على الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أول الوضوء وأخرى تقال بعده .
فأما ما يقال في أول الوضوء فلم يثبت فيه إلا التسمية بلفظ : ( بسم الله ) .
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ) روه الترمذي (25) . وقَالَ : وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ . قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا لَهُ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ انتهى كلام الترمذي .
والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسبق في إجابة السؤال (21241) أن هذا الحديث مما اختلف العلماء في صحته .
ونقل النووي في "المجموع" (1/385) عن البيهقي قوله :
" أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ" وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ " انتهى
وأما ما يقال بعده : فقد وردت فيه عدة أحاديث .
ومجموع ما ورد أنه يقول :(/1)
( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
روى مسلم (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) رواه مسلم (234) .
زاد الترمذي (55) : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .
وهذه الزيادة ضعفها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فإنه قال : " هذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث " انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/19) .
وقد صححها الألباني في صحيح الترمذي . وجزم ابن القيم في "زاد المعاد" بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
فقد رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة" والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وقد اختلف الرواة هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي سعيد رضي الله عنه ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :(/2)
" والسند صحيح بلا ريب ، إنما اختلف في رفع المتن ووقفه ، فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ ، فلذا حكم عليه بالخطأ ، وأما على طريق الشيخ المصنف (يعني النووي) تبعاً لابن الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم ، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع " انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/21) .
وقد صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (225) و"السلسلة الصحيحة" (2333) .
وانظر : "تمام المنة" (ص 94- 98) .
فهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تقال على الوضوء ، أما الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي في الأذكار (ص 30) :
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته ، ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ، وقوله : ( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ) في آخره ، وفي حديث آخر في "سنن النسائي" مما يقال بعد الوضوء أيضاً : ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/221) :(/3)
" لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء ، وما يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة ، مثل قولهم عند غسل الوجه : (اللهم بيض وجهي يوم تسود الوجوه) وقولهم : عند غسل اليدين : (اللهم أعطني كتابي بيميني ، ولا تعطني كتابي بشمالي ) إلى غير ذلك من الأدعية عند سائر أعضاء الوضوء " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45757
الاشتراك في الأضحية:
هل يجوز الاشتراك في الأضحية ، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر ، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها .
ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص في واحدة من البقر أو الإبل .
وقد ثبت اشتراك الصحابة رضي الله عنه في الهدي ، السبعة في بعير أو بقرة في الحج والعمرة .
روى مسلم (1318) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .
وفي رواية : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .
وروى أبو داود (2808) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْجَزُورُ - أي : البعير - عَنْ سَبْعَةٍ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" فِي هَذِهِ الأَحَادِيث دَلالَة لِجَوَازِ الِاشْتِرَاك فِي الْهَدْي , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّاة لا يَجُوز الاشْتِرَاك فِيهَا . وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيث أَنَّ الْبَدَنَة تُجْزِئ عَنْ سَبْعَة , وَالْبَقَرَة عَنْ سَبْعَة , وَتَقُوم كُلّ وَاحِدَة مَقَام سَبْع شِيَاه , حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى الْمُحْرِم سَبْعَة دِمَاء بِغَيْرِ جَزَاء الصَّيْد , وَذَبَحَ عَنْهَا بَدَنَة أَوْ بَقَرَة أَجْزَأَهُ عَنْ الْجَمِيع " انتهى باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة عن الاشتراك في الأضحية ، فأجابت :(/1)
" تجزئ البدنة والبقرة عن سبعة ، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين ، وسواء كان بينهم قرابة أو لا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة ، ولم يفصل ذلك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/401) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "أحكام الأضحية" :
" وتجزئ الواحدة من الغنم عن الشخص الواحد ، ويجزئ سُبْع البعير أو البقرة عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45768
له زوجتان ، فهل يذبح أضحيتين؟:
لي زوجتان ، كل منهما تسكن في بيت مستقل عن الأخرى ، فهل تكفيني أضحية واحدة أم لا بد من أضحيتين ؟.
الجواب:
الحمد لله
تكفيك أضحية واحدة ، فقد سبق في جواب السؤال (45916) أن أضحية واحدة تكفي الرجل وأهل بيته ولو كانوا مئة ، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وعن آله بشاة واحدة ، وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تسع من النساء .
قال القرطبي :
" لَمْ يُنْقَل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ كُلّ وَاحِدَة مِنْ نِسَائِهِ بِأُضْحِيَّةٍ مَعَ تَكْرَار سِنِي الضَّحَايَا ، وَمَعَ تَعَدُّدهنَّ , وَالْعَادَة تَقْضِي بِنَقْلِ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ ، كَمَا نُقِلَ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْجُزْئِيَّات , وَيُؤَيِّدهُ مَا أَخْرَجَهُ مَالِك وَابْن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق عَطَاء بْن يَسَار : سَأَلْت أَبَا أَيُّوب : كَيْف كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُل يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْل بَيْته , فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ ) انتهى من "فتح الباري" . والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وقد روى البخاري (7210) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ رضي الله عنه وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايِعْهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ صَغِيرٌ ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ ، وَدَعَا لَهُ ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ .
قال الحافظ :(/1)
" ( وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَة عَنْ جَمِيع أَهْله ) هُوَ عَبْد اللَّه بْن هِشَام الْمَذْكُور " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
يوجد لي بيتان يبعدان عن بعضها حوالي 15 كم ، وأريد أن أضحي . فهل أذبح عند كل بيت أضحية ، أم أذبحها في بيت واحد ؟
فأجابت :
" يجزئ عنك أضحية واحدة لبيتيك مادام أن صاحبها واحد ، وإن ذبحت في كل واحد من البيتين أضحية مستقلة فهو أفضل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/407) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45771
يجوز الاشتراك في الأضحية ولو كان بعضهم يريد اللحم؟:
هل يجوز الاشتراك في الأضحية ?، مع العلم أن بعض المشتركين لا ينوي الأضحية .
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (45757) أنه يجوز أن يشترك السبعة في البعير أو البقرة ، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها .
ويجوز الاشتراك في البقرة أو البعير ولو كان بعض المشتركين لا يريد الأضحية ، بل يريد اللحم ليأكله أو ليبيعه أو غير ذلك .
قال النووي في "المجموع" (8/372) :
" يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية , سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقين , أو بعضهم يريد اللحم ، فيجزئ عن المتقرب , وسواء أكان أضحية منذورة أم تطوعا , هذا مذهبنا وبه قال أحمد وجماهير العلماء " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (13/363) :
" وتجزئ البدنة عن سبعة , وكذلك البقرة ، وهذا قول أكثر أهل العلم . . ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على هذا ثم قال :
إذا ثبت هذا , فسواء كان المشتركون من أهل بيت , أو لم يكونوا , مفترضين أو متطوعين ، أو كان بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم ; لأن كل إنسان منهم إنما يجزئ عنه نصيبه , فلا تضره نية غيره " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45788
إذا مسح على الخفين ثم خلعها هل تبطل طهارته بذلك؟:
إذا مسح المتوضئ على الخفين أو الجوربين ثم خلعهما ، هل تبطل طهارته بذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم من توضأ ومسح على خفيه ثم خلعهما .
فقال بعض العلماء : يكفيه غسل قدميه ، ويتم بذلك وضوؤه .
وهذا القول ضعيف ، لأن الوضوء تجب فيه الموالاة ، أي لا يفصل بين غسل الأعضاء بزمن طويل ، بل يغسلها متتابعة متوالية .
ولذلك ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/367) أن هذا القول مبني على عدم وجوب الموالاة في الوضوء ، وهو ضعيف .
وقال آخرون : تبطل طهارته بذلك ، ويجب عليه إذا أراد أن يصلي أن يعيد الوضوء ، واحتجوا بأن المسح أقيم مقام الغسل ، فإذا زال الخف بطلت الطهارة في القدمين ، لأنها بذلك تكون غير مغسولة ولا ممسوح عليها ، وإذا بطلت الطهارة في القدمين بطلت كلها لأن الطهارة لا تتجزأ . وقد اختار هذا القول الشيخ ابن باز رحمه الله ، كما في "مجموع فتاواه" (10/113) .
وقال آخرون : لا تبطل طهارته بذلك حتى يحدث ، وقال بهذا القول جماعة من السلف منهم قتادة والحسن البصري وابن أبي ليلى ، ونصره ابن حزم في "المحلى" (1/105) واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن المنذر ، وقال النووي في "المجموع" (1/557) : وهو المختار الأقوى .
واستدل هؤلاء بعدة أدلة :
1- أن الطهارة لا تبطل إلا بالحدث ، وخلع الخفين ليس بحدث .
2- أن طهارة من مسح على الخفين قد ثبتت بدليل شرعي ، ولا يمكن الحكم عليها بالبطلان إلا بدليل شرعي ، وليس هناك من الأدلة ما يدل على انتقاض الطهارة بخلع النعلين .
3- القياس على حلق الشعر بعد الوضوء ، فإن من توضأ ومسح رأسه ثم حلق شعره ، فطهارته باقية لا تنتقض بذلك ، فكذلك من مسح على الخفين ثم خلعهما .
وقال الشيخ ابن عثيمين :(/1)
" إذا خلع الخف أو الجورب بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك ، فيصلي ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح " انتهى . من"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/193) .
انظر : "المغني" (1/366-386) ، "المحلى" (1/105) ، "الاختيارات" (ص 15) ، "الشرح الممتع" (1/180) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45804
خلود أهل النار في النار:
هل عذاب أهل النار في النار إلى ما لا نهاية له ؟ أم أنه سوف يأتي عليه وقت وينتهي ؟.
الجواب:
الحمد لله
بقاء أهل النار في النار معذبين لا نهاية له ، فهو بقاء إلى الأبد . وقد دل على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة .
سئل الشيخ ابن عثيمين : هل النار مؤبدة أو تفنى ؟
فأجاب :
"المتعيّن قطعاً أنها مؤبدة ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا القول ، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم ، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد الآبدين ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لأن الله تعالى ذكر تأبيد النار في ثلاثة مواضع في القرآن :
الأول : في سورة النساء في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
والثاني : في سورة الأحزاب : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً).
والثالث : في سورة الجن : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
ولو ذكر الله عز وجل التأبيد في موضع واحد لكفى ، فكيف وقد ذكره في ثلاثة مواضع ؟! ومن العجب أن فئة من العلماء ذهبوا إلى أن النار تفنى بناء على علل عليلة لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة فقالوا : إن "خالدين فيها أبداً" أي : ما دامت موجودة .(/1)
وكيف يصح هذا ؟! إذا كانوا خالدين فيها أبداً ، لزم أن تكون هي مؤبدة أنهم خالدون "فيها" فهم كائنون فيها ، وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً تخليدُه ، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً ، لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد الخلود ، والآية واضحة جداً . والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها ، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده ، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله ، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق العدول عنه" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/55-56) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة" :(/2)
"قامت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على أن النار لا تفنى ، وعلى تخليد الكافرين في النار ، وأنهم لا يخرجون منها ، قال الله تعالى : ) ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ) وقال : ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) ، وقال : ( وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) . وقال : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) , وقال : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) وقال : )إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ* وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُون) .(/3)
وقال : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) إلى أن قال : (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ). وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ* لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) . وقال : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) وقال : ( إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً) إلى أن قال : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً) .
إلى غير ذلك من الآيات التي يدل كل منها على تخليد الكفار في النار وعدم خروجهم منها وعدم فنائها ، فإذا اجتمعت كانت دلالتها على ذلك أقوى وأبعد عن التأويل" اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 45812
يتكون على طرف عينه مثل القشر، فما أثر ذلك على وضوئه:
أشكو منذ فترة تكرار إفرازات من ركن العين الداخلي في المنطقة بين العين والأنف ، عندما تجف تكون كقشر الشعر الصغير الحجم ، ويتكرر هذا على مدار اليوم حتى أنه أصبحت عادة عندي أن أتفحص عيني قبل كل وضوء أو أقوم بغسلها أو أولي عناية خاصة لعيني أثناء الوضوء ، إلا أنه في بعض الأحيان قد لا أقوم بهذا لأكتشف وجود هذه الإفرازات و لا أدري هل كانت موجودة قبل الوضوء ولم أرها أم حدثت بعده أم كانت مثلا ذرات رمل أو ما شابه ، أفيدوني أفادكم الله فإن هذا الأمر صار يؤرقني ؟ هل يجب علي الإعادة إذا ما وجدت مثل هذا؟ .
الجواب:
الحمد لله
طرف العين الذي يلي الأنف يسمى الموق ، وقد روى أحمد (22277) وأبو داود (134) وابن ماجة (444) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح مأقيه . والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود .
" قَالَ الأَزْهَرِيّ : أَجْمَعَ أَهْل اللُّغَة أَنَّ الْمُوقَ وَالَمَاق مُؤَخَّر الْعَيْن الَّذِي يَلِي الأَنْف . اِنْتَهَى . قَالَ الطِّيبِيُّ : إِنَّمَا مَسَحَهُمَا عَلَى الاسْتِحْبَاب مُبَالَغَة فِي الإِسْبَاغ , لأَنَّ الْعَيْن قَلَّمَا تَخْلُو مِنْ كُحْل وَغَيْره أَوْ رَمَص فَيَسِيل فَيَنْعَقِد عَلَى طَرْف الْعَيْن " انتهى من "عون المعبود" باختصار .
وصرح الشافعية بوجوب غسل الموق في الوضوء ، وإزالة ما عليه من إفرازات تمنع وصول الماء .
قال الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (1/168) : " ويجب غسل موقي العين قطعا , فإن كان عليه نحو رماص يمنع وصول الماء إلى المحل الواجب وجب إزالته وغسل ما تحته " انتهى .(/1)
وفي "أسنى المطالب" للشيخ زكريا الأنصاري في ذكر مندوبات الوضوء (1/43) : " وكذا الموق , وهو طرف العين الذي يلي الأنف يتعهده بالسبابة ، الأيمن باليمنى , والأيسر باليسرى , ومثله اللحاظ , وهو الطرف الآخر ومحل سن غسلهما إذا لم يكن فيهما رمص يمنع وصول الماء إلى محله , وإلا فغسلهما واجب ذكره في المجموع " انتهى .
ويرى بعض العلماء أن مثل هذا إذا كان يسيرا ، فإنه يعنى عنه ، ولا يضر الوضوء ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
قال المرداوي في "الإنصاف" : " فائدة : لو كان تحت أظفاره يسير وسخ , يمنع وصول الماء إلى ما تحته لم تصح طهارته . قاله ابن عقيل . . .
وقيل : تصح , وهو الصحيح , صححه في الرعاية الكبرى , وصاحب حواشي المقنع , وجزم به في الإفادات , وإليه ميل المصنف ( يعني : ابن قدامة ) واختاره الشيخ تقي الدين ... وألحق الشيخ تقي الدين كل يسيرٍ منع , حيث كان من البدن , كدم وعجين ونحوهما ، واختاره " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (1/174) بعد أن ذكر قول ابن عقيل بوجوب إزالة ما تحت الأظفار من وسخ ، وأن طهارته لا تصح إذا منع وصول الماء إلى ما تحته ، قال :
" ويحتمل أن لا يلزمه ذلك ; لأن هذا يستر عادة , فلو كان غسله واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم ; لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45815
المسافر هل يصلي مع الجماعة أربعا أم يصلي وحده ركعتين؟:
كنت مسافرا ثم وأنا بالرحلة نزلت لأصلي المغرب والعشاء جمعا وقصرا بأحد المساجد وبعد أن صليت المغرب وهممت بصلاة العشاء وجدت صلاة الجماعة للعشاء بالمسجد تقام فهل أصلي مع الجماعة 4ركعات أم أصلي منفردا حسب نيتي ركعتين وأكمل السفر ؟.
الجواب:
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة على الرجال في الحضر والسفر ، فإن وجدتَ جماعة مسافرين فصل معهم العشاء قصرا ، وإلا فصل مع الجماعة المقيمين أربعا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر ؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) النساء /102 .
وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيدا أو يخاف فوت رفقته , لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ، المجلد الخامس عشر ، سؤال رقم 1085
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45841
آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم:
ما هو آخر حديث نطق به الرسول صلي الله عليه وسلم قبل أن يودع عليه الصلاة والسلام الدنيا ؟.
الجواب:
الحمد لله
آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يودع الدنيا : ( اللهم الرفيق الأعلى ) وعلى ذلك بوب البخاري في كتاب المغازي من صحيحه ، باب : آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : وساق حديث عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى فَقُلْتُ إِذًا لا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ٌ) رواه البخاري (4463) ومسلم (2444)(/1)
وأما ما رواه أحمد (1691) من حديث أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ، صححه الألباني في الصحيحة برقم (1132) وما رواه أبو داود (5156) وابن ماجه (2698) من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ آخِرُ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ الصَّلاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ) صححه الألباني في صحيح أبي داود ، ونحو ذلك من الأحاديث فالمراد بها أن ذلك من آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أو أن ذلك آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ـ من الذي كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده . فهذه الأحاديث آخريتها نسبية ، وأما حديث عائشة فآخريته مطلقة .
انظر فيض القدرير للمناوي (5/250-251).
فائدة : قال السهيلي : الحكمة من اختتام كلام المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذه الكلمة ( اللهم الرفيق الأعلى ) كونها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب ، حتى يستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان ، لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع ، فلا يضره ، إذا كان قلبه عامرا بالذكر .
نقله الحافظ في الفتح (8/138) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45852
هل يعمل في الزراعة بقرض ربوي ؟:
رجو الإجابة عن السؤال فأنا في حيرة من أمري :
إذا وضعت لنا الدولة برنامجاً فلاحيّاً بالمساعدة بقرض ربوي ، وفي حالة المراقبة بعد انتهاء الموسم الفلاحي يمكن أن يقع إحدى الخيارات التالية :
1. إما أن لا أعاقب ولكنني أبقى بدون دخل ، علماً أني أعيل عائلتي ولدي تعاونية فلاحية لكني لا أملك رأس المال لفلاحتها .
2. وإما أن يكون الضرر هو أن أخسر مصاريف تكوين الملف الإجباري بين 80 و 800 ريال سعودي لكن لا أخذ القرض .
3. وإما أن يكون العقاب هو تجريدي من ملكية الأرض تحت مبدأ الأرض لمن يخدمه
أجيبوني مأجورين على أساس أني أعرف العقاب القانوني مسبقاً .
الجواب:
الحمد لله
الربا من كبائر الذنوب ، وقد جاء تحريمه في الكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين .
قال الله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) البقرة/275 ، وقال : ( .. وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ) البقرة/279 .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء " رواه مسلم ( 1598 ) .
وأنت غير ملزم بالدخول في برنامج الدولة ، وبالتالي فلستَ ملزماً بالحصول على قرض ربوي حتى تقوم بالزراعة .
وفي حال ضيق أمر الزراعة عليك وتحتم الحصول على قرض ربوي : فيمكنك البحث عن مصدر آخر للرزق ، والله تعالى يقول : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ) الطلاق/2 .
والضرر الذي يقع في الدنيا ، لا يعادل ضرر الآخرة ، وخسارة المال في الدنيا أهون من خسارة الدين .(/1)
وقد أمر الله تعالى المؤمنين بما أمر به المرسلين من تحري الحلال وأكل الطيبات فقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) المؤمنون/51 .
قال القرطبي :
سوَّى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام ، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى : ( إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) صلى الله على رسله وأنبيائه ، وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم ؟ .
" تفسير القرطبي " ( 12 / 128 ) .
وقد حثنا الشرع الحنيف على طلب الحلال وترك الحرام ، وأعلمنا ربنا تعالى أنه هو الرزاق ذو القوة المتين يزرق من يشاء بغير حساب .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تستبطئوا الرزق ، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب : أخذ الحلال ، وترك الحرام " .
رواه ابن حبان ( 8 / 32 ) والحاكم ( 2 / 4 ) . وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2607 ) .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45854
حكم السحب بالقرعة بعد شراء البضائع:
ما حكم المشاركة في مسابقات الحوافز التجارية بحيث يتم شراء عدد من العلب أو الأكياس لاستعمالها والانتفاع بها ثم إرسال قسيماتها للمنتج وبطريقة السحب بالقرعة يفوز الأوائل بمبلغ من المال ، فهل هو حلال أم حرام ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
الآن التجارات وكذلك الصناعات بدأت تُكْثِر السلع ، وأتخموا الناس منها ، وصارت البيوت كما تشاهدون الآن ، كل واحد عنده في بيته عدة أنواع من الأواني ، أو عدة أنواع من الألبسة ، والشركات - كما تعلمون - ماديَّة بحتة ، تجعل جوائز لمن يشتري منها ، فنقول : هذه لا بأس بها بشرطين :
الشرط الأول : أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي ، يعني : لم يرفع السعر من أجل الجائزة ، فإن رُفِعَ السِّعْر من أجل الجائزة : فهذا قمار ولا يحل .
الشرط الثاني : ألا يشتري الإنسان السلعة من أجل ترقّب الجائزة ، فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط ، وليس له غرض في السلعة : كان هذا من إضاعة المال ، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن ، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل على الجائزة ، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت ، وهذا لا يجوز ؛ لأن فيه إضاعة المال ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال .
" أسئلة الباب المفتوح " ( رقم 1162 ) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45855
بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا:
ما معنى هذا الحديث (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ) ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه مسلم (145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) .
قال السندي في حاشية ابن ماجه :
(غَرِيبًا) أَيْ لِقِلَّةِ أَهْله وَأَصْل الْغَرِيب الْبَعِيد مِنْ الْوَطَن ( وَسَيَعُودُ غَرِيبًا ) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُوم بِهِ وَيُعِين عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَهْله كَثِيرًا (فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ ، و"طُوبَى" تُفَسَّر بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَة فِيهَا . وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى أَنَّ نُصْرَة الإِسْلام وَالْقِيَام بِأَمْرِهِ يَصِير مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّب عَنْ الأَوْطَان وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّ الْغُرْبَة كَمَا كَانَ فِي أَوَّل الأَمْر اهـ .
ونقل النووي في شرح صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه قال في معنى الحديث :
"أَنَّ الإِسْلام بَدَأَ فِي آحَاد مِنْ النَّاس وَقِلَّة ، ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ ، ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالإِخْلال ، حَتَّى لا يَبْقَى إِلا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ " اهـ .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/170) :(/1)
"معنى الحديث أن الإسلام بدأ غريباً حينما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليه الناس إليه فلم يستجب له إلا الواحد بعد الواحد ، فكان حينذاك غريباً بغربة أهله ، لقلتهم وضعفهم مع كثرة خصومهم وقوتهم وطغيانهم وتسلطهم على المسلمين ، حتى هاجر من هاجر إلى الحبشة فراراً بدينه من الفتن وبنفسه من الأذى والاضطهاد والظلم والاستبداد ، وحتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى إلى المدينة بعد ما ناله من شدة الأذى ما ناله رجاء أن يهيئ الله له من يؤازره في دعوته ، ويقوم معه بنصر الإسلام وقد حقق الله رجاءه فأعز جنده ونصر عبده وقامت دولة الإسلام وانتشر بحول الله في أرجاء الأرض وجعل سبحانه كلمة الكفر هي السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، واستمر الأمر على ذلك زمناً طويلاً ، ثم بدأ التفرق والوهن ودب بين المسلمين الضعف والفشل شيئاً فشيئاً حتى عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، لكن ليس ذلك لقلتهم فإنهم يومئذ كثير، وإنما ذلك لعدم تمسكهم بدينهم واعتصامهم بكتاب ربهم وتنكبهم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من شاء الله فشغلهم بأنفسهم وبالإقبال على الدنيا فتنافسوا فيها كما تنافس من كان قبلهم وتناحروا فيما بينهم على إمارتها وتراثها ، فوجد أعداء الإسلام المداخل عليهم وتمكنوا من ديارهم ورقابهم فاستعمروها وأذلوا أهلها وساموهم سوء العذاب ، هذه هي غربة الإسلام التي عاد إليها كما بدأ بها.
وقد رأى جماعة – منهم الشيخ محمد رشيد رضا – أن في الحديث بشارة بنصرة الإسلام بعد غربته الثانية آخذين ذلك من التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلم "وسيعود غريباً كما بدأ " فكما كان بعد الغربة الأولى عز للمسلمين وانتشار للإسلام فكذا سيكون له بعد الغربة الثانية نصر وانتشار.(/2)
وهذا الرأي أظهر ، ويؤيده ما ثبت في أحاديث المهدي ونزول عيسى عليه السلام آخر الزمان من انتشار الإسلام وعزة المسلمين وقوتهم ودحض الكفر والكفرة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45862
سماع الدف الذي في طرفه حلقات معدنية:
هل يجوز للنساء في الأفراح سماع الدفوف التي تحتوي في أطرافها على حلقات معدنية ؟ وهل يجوز للنساء سماع أناشيد الأفراح بالدف في الأوقات العادية - أقصد في غير مناسبة الفرح ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 20406 ) و ( 9290 ) حكم الدف ، وأنه جائز للنساء دون الرجال ضرباً واستماعاً ، والدف المباح هو المفتوح من جهة دون الأخرى ، فإذا كان مغلقاً من جهتين أو مغلقاً من جهة مفتوحاً بفتحة ضيقة من الجهة الأخرى فإنه يلحق بالطبل ، والدف المباح هو ما كان خالياً من الحلقات المعدنية – الجلاجل ، وهي الصنوج : جمع صنج , وهي الحلق التي تجعل داخل الدف , والدوائر العراض التي تؤخذ من صفر وتوضع في خروق دائرة الدف - .
قال السفاريني :
فإذا كان الدف ذا صنوج فلا غرم عليك إذا ( كسرته ) لعدم إباحته , ومثل الصنوج الحلق والجلاجل , نص الإمام أحمد على عدم ضمانه .
وأما الدف العاري عن ذلك فيباح للنساء في غير النكاح .
" غذاء الألباب شرح منظومة الآداب " ( 1 / 243 ) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هناك نوع من الطبول يكون مغطى من جهة ، والجهة الثانية يكون معظمه مغطى إلا فتحة صغيرة ، فهل يلحق هذا بالدف ؟.
فأجاب :
هذا يلحق بالطبل ، وربما يكون أشد ؛ لأن هذا النوع يجعل الصوت يخرج من هذه الفتحة اليسيرة ويحصل له صفير وصوت أبلغ مما لو كان مختوماً كله أو مفتوحاً كله ، فلا يجوز أن تستعمل هذا فيما فيه الدف ، لأن الدف أهون بلا شك من هذا ، هذا يعطي صوتاً رناناً وسبباً للنشوة والطرب أكثر .
" لقاءات الباب المفتوح " ( السؤال رقم 1141 ) .(/1)
والأصل في المعازف التحريم ، وقد استُثني منها الدف في مناسبات معيّنة ، والدف المستثنى ما ليس فيه ما أضيف إليه من الجلاجل والحلقات المعدنية ، وقد سبق حكم المعازف وآلات اللهو في جواب على السؤال رقم ( 5000 ) فلينظر .
ثانياً :
الأحاديث الواردة في ضرب الدف جاءت في ثلاث مواطن : العيد ، والعرس ، وقدوم الغائب وما في معناه – ويمكن مطالعة الأدلة في جواب السؤال ( 20406 ) - .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45867
صفة مسح الرأس في الوضوء:
ما هي صفة مسح الرأس في الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
كيفية الغسل أو المسح في الوضوء ليست واجبة ، فالواجب هو حصول الغسل بالنسبة للأعضاء المغسولة ، وحصول المسح للأعضاء الممسوحة ، بأي كيفية كانت ، لكن لا شك أن اتباع الصفة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل .
انظر : "المغني" (1/171) .
ثانياً :
ورد مسح الرأس في الوضوء على صفتين :
الأولى :
أن يضع يديه بعد بلهما بالماء على مقدم الرأس ثم يمسح رأسه حتى قفاه ، ثم يعود بيديه إلى مقدم رأسه .
وقد ذكر النووي رحمه الله في "شرح مسلم" اتفاق العلماء على استحباب هذه الكيفية .
وقد ثبت ذلك في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري (185) ومسلم (235) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ( . . ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ ) .
وروى أبو داود (124) أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ لِلنَّاسِ كَمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ ، فَلَمَّا بَلَغَ رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَلَقَّاهَا بِشِمَالِهِ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ أَوْ كَادَ يَقْطُرُ ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ ، وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .(/1)
وروى أبو داود (122) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهذه الصفة تناسب من كان شعره قصيراً ، لا ينتفش بعود يديه إلى مقدم رأسه .
الصفة الثانية :
يمسح جميع رأسه ، ولكن باتجاه الشعر ، بحيث لا يغير الشعر عن هيئته .
وهذه الصفة تناسب من كان شعره طويلاً – رجلاً كان أو امرأة- بحيث يخشى انتفاشه بعود يديه .
روى أحمد (26484) وأبو داود (128) عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عِنْدَهَا ، فَمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ ، كُلَّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ ، لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
( مِنْ قَرْن الشَّعْر ) :
المراد بقرن الشعر هنا أعلى الرأس ، أي : يَبْتَدِئ الْمَسْح مِنْ الأَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ .
( كُلّ نَاحِيَة ) : أَيْ فِي كُلّ نَاحِيَة بِحَيْثُ يَسْتَوْعِب مَسْح جَمِيع الرَّأْس عَرْضًا وَطُولا .
( لِمُنْصَبِّ الشَّعْر ) : الْمَكَان الَّذِي يَنْحَدِر إِلَيْهِ وَهُوَ أَسْفَلَ الرَّأْس .
قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئ الْمَسْح بِأَعْلَى الرَّأْس إِلَى أَنْ يَنْتَهِي بِأَسْفَلِهِ يَفْعَل ذَلِكَ فِي كُلّ نَاحِيَة عَلَى حِدَتهَا . اِنْتَهَى .
( لا يُحَرِّك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته ) : الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا .(/2)
قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّة مَخْصُوصَة بِمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل , إِذْ لَوْ رَدَّ يَده عَلَيْهِ لِيَصِل الْمَاء إِلَى أُصُوله يَنْتَفِش وَيَتَضَرَّر صَاحِبه بِانْتِفَاشِهِ وَانْتِشَار بَعْضه .
وَرُوِيَ عَنْ الإمام أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ تَمْسَح الْمَرْأَة وَمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل كَشَعْرِهَا ؟ فَقَالَ : إِنْ شَاءَ مَسَحَ كَمَا رُوِيَ عَنْ الرُّبَيِّع ، وَذَكَرَ الْحَدِيث ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا ، وَوَضَعَ يَده عَلَى وَسَط رَأْسه ثُمَّ جَرَّهَا إِلَى مُقَدَّمه ، ثُمَّ رَفَعَهَا فَوَضَعَهَا حَيْثُ بَدَأَ مِنْهُ (يعني وضعها على وسط رأسه) ثُمَّ جَرّهَا إِلَى مُؤَخَّره .
ويحتمل أن يكون المراد بالقرن هنا مُقَدَّم الرَّأْس , أَيْ : اِبْتَدَأَ الْمَسْح مِنْ مُقَدَّم رَأْسه مُسْتَوْعِبًا جَمِيع جَوَانِبه إِلَى مُنْصَبّ شَعْره وَهُوَ مُؤَخَّر رَأْسه ، أي مسح رأسه مرة واحدة من مقدمه إلى مؤخره ، ولا يعود بيديه مرة أخرى ، لأنه بذلك لا يحرك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته ، وَقَدْ قَالَت الرُّبَيِّعِ رضي الله عنها : لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ .
انظر : "عون المعبود شرح سنن أبي داود" ، "نيل الأوطار" (1/189) ، "المغني" (1/178) .
والحاصل أن هذه الصفة يفعلها من يخشى انتفاش شعره ، فيمسح شعره إلى الجهة التي ينحدر إليها حتى لا يتغير عن هيئته .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 45871
حكم تغطية الوجه للمرأة وهي تصلي لاحتمال مرور أجانب:
هل يجب تغطية الوجه أثناء الصلاة في حال وجود أو توقع مرور الرجال ، كما يحدث في الحرم ، أم أنه لا حرج في كشف الوجه ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ صالح الفوزان :
المرأة في الصلاة كلها عورة فيجب عليها ستر جميع بدنها إلا وجهها إذا لم يكن عندها رجال غير محارم لها .
فإذا كانت خالية أو عندها رجال من محارمها : فإنها تكشف وجهها في الصلاة .
وأما إذا كانت بحضرة رجال غير محارم : فإنها تغطي وجهها في الصلاة وفي غيرها ؛ لأن الوجه عورة .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 315 ) .
وانظر : جواب السؤال رقم ( 21803 ) و ( 1046 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45880
هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر ؟:
مساحة الدول الإسلامية شاسعة ، ونجد أن هناك فرقاً بين دولة وأخرى ، في اللباس والعادات والتقاليد ، فمثلا نجد أنه في بعض الدول تلتزم فيها أخواتنا بالنقاب ، حيث إنهم يتبعون الفتوى القائلة إن النقاب واجب ، ولكن ذلك ليس منتشراً في دول أخرى ، والرأي الذي يأخذونه هناك أن النقاب ليس واجباً بل مستحب ، كذلك قيادة المرأة للسيارة ففي بعض الدول حرَّمها المشايخ لما لها من أضرار لو سمح بها ، بينما في دول أخرى- قيادة المرأة للسيارة أمر عادي جدّاً ، وله عشرات السنين .
فإلى أي مدى تكون هناك مرونة في الأحكام ؟ وهل ما يحدث صحيح أقصد أن الشيء يصبح واجباً في مناطق ومستحبّاً في مناطق أخرى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأحكام الشرعية نوعان :
الأول : ما دلت الأدلة الصحيحة على حكمه ، بقطع النظر عن العادات المختلفة أو ما يترتب عليه من مصالح أو مفاسد .
فهذا حكمه ثابت ولا يختلف من مكان إلى آخر ولا من شخص لآخر إلا إذا كان الإنسان مضطراً أو مريضاً أو معذوراً فإنه يسهل له الحكم حسب حاله على ما جاء به الشرع .
ومن هذا النوع : وجوب الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب العلم ، ..إلخ .
ومنه أيضاً : سترة المرأة المسلمة جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان ، فإن هذا الحكم واجب ولا يختلف من مكان إلى آخر .
وقد سبق في إجابة السؤال : ( 21134 ) و ( 13647 ) بيان الأدلة على هذا .
النوع الثاني : أحكام بنيت على أسباب معيّنة أو كان حكمها التحريم أو الإباحة أو الوجوب ـ مثلاً ـ بناء على ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد ، ولم ترد الأدلة الشرعية بحكم ثابت لها لا يختلف ، وقد يكون من هذا النوع قيادة المرأة للسيارة .
وقد أفتى العلماء بتحريمه لما يترتب عليه من مفاسد .(/1)
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين ، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
فقد كثر حديث الناس في صحيفة " الجزيرة " عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها السفور ، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) الأحزاب/33 الآية ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ(/2)
الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " ، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات ؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات - مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال سبحانه : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .(/3)
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم وفيه دخن ، قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 351 – 353 ) .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة ، وما رأيكم بالقول:
( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ )
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين :(/4)
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم . والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام/108 ، فنهى الله عن سب آلهة المشركين – مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم – مقدم على جلب المصالح . والدليل قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وقد حرم الله الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما .
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها :
1- نزع الحجاب : لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة ، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، أو جميلة الشعر ، أو جميلة القدمين . وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين .
وقد يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب ، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
والجواب على ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة ، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى ، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .(/5)
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم – والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة ، ولهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال ( أحيا من العذراء في خدرها ) ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3- ومن المفاسد : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها – كما أخبر بذلك النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم – لأن عاشقي القيادة يرون فيها متعة ، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ، لأنها وحدها في سيارتها ، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب ، فما بالك بالشابات ؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد وطوله ، وربما خارجه أيضاً .
5- ومن المفاسد : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها ، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة .
6- ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة : في الوقوف عند إشارات الطريق – في الوقوف عند محطات البنزين – في الوقوف عند نقطة التفتيش – في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث – في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء– في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق ، فتحتاج المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .(/6)
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع ، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر .
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة ، فإن المرأة – بطبيعتها – تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء ، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما عندها . ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة . وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .
أما قول السائل : وما رأيكم بالقول : ( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟ ).
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر ، وأحدهما أضر من الثاني من وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما .
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة ، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها .
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ، ويستظلون برايتنا . قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة .
ا.هـ كلام الشيخ ابن عثيمين
( وأما في البلاد التي يُسمح فيها بقيادة المرأة للسيارة فعلى المرأة المسلمة تجنّب ذلك ما أمكنها للأسباب السابق ذكرها .
وأما في حالات الضرورة كإسعاف مصاب أو فرار من مجرم فإنه لا حرج على المرأة المسلمة أن تستخدم السيارة في مثل هذه الحالات إذا لم تجد رجلاً تستنجد به .(/7)
وتبقى حالات أخرى مثل النساء اللاتي لا بد لهن من الخروج إلى العمل فليس لها زوج أو أب أو وليّ يكفيها ولا من المرتبات الحكومية ما يقوم بحاجتها ، ولم تجد عملاً يكفيها تقوم به في منزلها كبعض وظائف الإنترنت ، واضطرت إلى الخروج فإنها تستخدم أقل وسائل المواصلات خطراً عليها .
وقد تكون هناك مواصلات عامة خاصة بالنساء أو سائق يُستأجر لعدة نساء يوصلهن إلى العمل أو الجامعة ، وقد تكون سيارات الأجرة الخاصة ـ لمن قدرت عليها ماليا ـ أرحم لها من الحافلات العامة التي قد تتعرض فيها للإهانة والاعتداء فتستعمل سيارات الأجرة دون خلوة مع السائق .
وإذا اضطرت في النهاية إلى قيادة السيارة في حالات الحاجة الشديدة الماسة التي لا غنى عنها فإنها تسوقها بجلبابها الشرعي الكامل مع تقوى الله .
وقد تقدم ذكر حال الاضطرار
وتستعين بفتوى علماء بلدها الثقات ـ من غير المتساهلين ـ الذين يفقهون الشريعة ويعرفون وضع البلد .
وقد قال الله تعالى : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/6
نسأل الله السلامة والعافية وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/8)
رقم 45898
شركة للتسويق الهرمي تبيع أشرطة دعوية:
شركة نشاطها كـ " بزناس " , ولكنها تبيع مقابل الأموال أشرطة دعوية تهدي للخير , فكيف يكون الرد عليهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال : ( 40263 ) حرمة الاشتراك في نظام التسويق الهرمي مثل شركة " بزناس " ، وحتى لو كانت هذه الشركات تبيع بضاعة حقيقية لها قيمة ؛ لأنه ليس المقصود ذات البضاعة ، بل التسويق ، و " التسويق الهرمي " ، قائم على الغرر وأكل أموال الناس بالباطل .
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم :
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة ، وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ، وهكذا .
وقال أيضاً عن شركة " تسويق نت " وهي شركة تبيع منتجات حقيقية - :
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي " ، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته ، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق ، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج : فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى ، وأما المنتج فهو تبع ، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل ؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا ، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم ، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن ، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه ، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة ، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة ، وهكذا . اهـ .
انتهى(/1)
وللمزيد فلينظر جواب السؤال رقم : ( 46595 )
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45902
تعامل بطاقة الفيزا المحرمة وعليه مبالغ فهل يسددها؟:
لدي مطالبه مالية من البنك (5800) ريالا بسبب بطاقة فيزا قبل 5 سنوات ولم أسدد ما علي لأني علمت أنها حرام ولا أعلم بالضبط مقدار ما سحبته وهم يطالبوني بسداد المبلغ كاملا برغم أني لم أسحب أكثر من (3500) ريالا ، فهل أسدد أم لا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
ما دمت أنك تعلم بأنك لم تسحب أكثر من 3500 ريالاً فسدد لهم هذا المبلغ واقتصر عليه إن استطعت .
فإن لم تستطع ( كأن صرت مهدداً بالسجن ونحوه ) ففاوضهم في تقليل الزائد ما استطعت مع التوبة العظيمة من هذا العقد المحرم .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45905
هل يجوز للأب إجبار ابنته على العمل في مكان مختلط؟:
هل يمكن للوالد إجبار ابنته على العمل في وسط مختلط ؟.
الجواب:
الحمد لله
العمل في الأماكن المختلطة لا يسلم من الوقوع في الحرام ، نظرا أو خلوة أو ميلاً قلبياً ، ولهذا أفتى العلماء بتحريمه مراعاة لغالب الحال ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (12/156) :
( الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك .
وبناء على ذلك فليس للأب أن يجبر ابنته على العمل المختلط ، وإذا أجبرها على ذلك لم تجب طاعته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري 7257 ، ومسلم1840 .
وعلى البنت أن تبين لأبيها مخاطر العمل المختلط وحرمته ، وأن تذكره بواجبه في حفظ أهله ووقايتهم من النار ، وذلك بالأسلوب الحكيم والموعظة الحسنة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45908
الحيض لا يقطع التتابع في صوم الكفارة:
امرأة تكفر عن ّذنب بصيام شهرين متتابعين ، و تسأل عن الأيام التي ستفطر فيها بسبب العادة الشهرية فهل يجب عليها قضاؤها بعد انقضاء الشهرين أم ماذا ?.
الجواب:
الحمد لله
من لزمها صيام شهرين متتابعين ، وجاءها الحيض ، أفطرت ، ثم أكملت صومها ، وقضت أيام حيضها ، إجماعا .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وأجمع أهل العلم على أن الصائمة متتابعاً , إذا حاضت قبل إتمامه , تقضي إذا طهرت , وتبني، وذلك لأن الحيض لا يمكن التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس , وفيه تغرير بالصوم ) انتهى من المغني 8/21
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 45917
إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر دون محرم؟:
هل يجوز للمرأة أن تعيش بمفردها ؟ إذا كان يجوز لها السكن بمفردها فلماذا لا يجوز لها السفر بمفردها ؟.
الجواب:
الحمد لله
للمرأة أن تعيش بمفردها بشرط أن تأمن على نفسها ، وليست من أهل التهمة والريبة ، وأما سفرها بلا محرم ، فهو منهي عنه نهيا صريحا، كما في الحديث الذي رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ).
وهذا من تمام الحكمة ، فإن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارت وغيرها من وسائل النقل .
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام .
ولو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
ونحن نسلم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعلم أن فيه تمام الحكمة والرحمة، لأن الله تعالى لا يحرم على عباده إلا ما فيه مفسدة ومضرة لهم .(/1)
ولا يصح أن يقال السفر على إقامة المرأة في بيت بمفردها في بلدها ، لأن المخاطر في السفر أكثر منها في بلد الإقامة ، فإنها في بلدها لو حدث لها شيء أو احتاجت من يغيثها لوجدت من يساعدها ، ويخشى أهل الشر والفساد من الاعتداء عليها وهي في بلدها وبيتها ما لا يخشون في حال سفرها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 45918
حكم الاشتراك في التأمين الإلزامي للفرد والاختياري للعائلة:
أدرس في استراليا ويلزمون من جاء إلى هنا أن يقوم بإجراء تأمين فردي ولا يلزمونه بالنسبة إلى عائلته ، فيقوم بعض الشباب بالتأمين على نفسه وعلى أفراد عائلته لأن ذلك أوفر مادياً ، فهل هذا يجوز ؟.
الجواب:
الحمد لله
سألنا فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين
فقال : التأمين الإلزامي الذي لا مفرّ منه معذور من أُجبِر على المشاركة فيه ، وأما غير الإلزامي فلا تجوز المشاركة فيه ، ما دام من نوع التأمين التجاري ، وهو ميسر محرّم اهـ .
وقد سبق بيان حكم التأمين في السؤال رقم (8889) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46068
الأسباب المفصلة لعذاب القبر:
ما هي المعاصي التي يعذب بها أصحابها في القبور ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (45325) ذكر هذه الأسباب ، ونذكر هنا مجموعة من هذه المعاصي ، مقرونة بأدلتها من القرآن والسنة الصحيحة .
الشرك بالله والكفر به
قال الله تعالى عن آل فرعون : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/46 .
وقال تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام/93 .
وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم وغضب الله عليه فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم : ( أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ....) الأنعام/93 .
ومما يدل على أن الشرك سبب من أسباب عذاب القبر حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ :
بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ : مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا .(/1)
قَالَ : فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ .. فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ، فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ .. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ .. ( الحديث ) . رواه مسلم (2867)
فقوله في الحديث : ( ماتوا في الإشراك ) دليل على أن الشرك سبب في عذاب القبر .
النفاق سبب من أسباب عذاب القبر
والمنافقون أولى الناس بعذاب القبر ، كيف لا وهم أصحاب الدرك الأسفل من النار .
قال الله تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة/101 .
قال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى : ( سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ) : إحداهما في الدنيا ، والأخرى هي عذاب القبر .
وفي أحاديث سؤال الملكين وفتنة القبر ، ورد التصريح باسم المنافق ، أو المرتاب في كثير من الروايات ، كما في البخاري ( 1374 ) من حديث أنس رضي الله عنه : ( .. وأما الكافر والمنافق فيُقال له .. ) ، وفي الصحيحين من حديث أسماء رضي الله عنها : ( وأما المنافق أو المرتاب ) .
تغيير شرع الله تعالى ؛ بتحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم
والدليل على أن ذلك الإلحاد في شرع الله تعالى سبب من أسباب العذاب في القبر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ ) . رواه البخاري (4623) .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَجُرّ قُصْبه فِي النَّار ) وَهِيَ الأَمْعَاء .(/2)
والسائبة : هي ناقة أو بقرة أو شاة كانوا يسيبونها فلا تركب ولا تؤكل ولا يحمل عليها ، وكان بعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العرب من ولد إسماعيل وغيره ، الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، كانوا حنفاء على ملة إبراهيم ، إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة ، وهو عمرو بن لحي ، وهو أول من غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه " انتهى . "دقائق التفسير" (2/71) .
عدم الاستبراء من البول ، والمشي بين الناس بالنميمة
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ...الحديث . رواه البخاري (218) ومسلم (292) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه ) أخرجه الدارقطني ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1/152) .
الغيبة
وعلى ذلك ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الجنائز بقوله : " عذاب القبر من الغيبة والبول " .
ثم روى فيه حديث القبرين السابق مع أن لفظ البخاري ليس فيه ذكر الغيبة ، وإنما فيه النميمة ، لكنه جرى عَلَى عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث : ( وأما الآخر فيعذّب في الغيبة )
أخرجه أحمد (5/35) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 1/66 ) .
الكذب(/3)
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، قَالَ : ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
ثم قال عن هذا المعذب في آخر الحديث : ( إنه الرجل يغدو من بيته ، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .. ) رواه البخاري (7074) .
فيشرشر : أي يقطعه .
والشدق : جانب الفم .
هجر القرآن بعد تعلُّمه ، والنوم عن الصلاة المكتوبة
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ ، فَيَتَدَهْدَه الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
وفيه : ( والذي رأيته يُشْدَخ رأسُه فرجل علمه الله القُرْآن ، فنام عنه بالليل ، ولم يعمل به بالنهار ) .
(يثلغ رأسه) : أي يشدخه ويشقه .
(يتدهده) : أي يتدحرج .(/4)
وفي رواية : ( أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ ) رواه البخاري (7076) .
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الرواية أوضح من الأولى ؛ فإن ظاهر الأولى أنه يعذب على ترك قراءة القُرْآن بالليل ، وأما الأخرى فتدل على أنه يعذب على نومه عن الصلاة المكتوبة .
قال : ويحتمل أن يكون العذاب على مجموع الأمرين ؛ ترك القراءة ، وترك العمل .
قال ابن حجر : " قال ابن هبيرة : رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة ؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه ، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس " فتح الباري (3/251) .
أكل الربا
ففي حديث سمرة رضي الله عنه قَالَ : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا ) إلى أن قال : ( وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ) .
الزنا(/5)
ففي حديث سمرة رضي الله عنه : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، قَالَ : فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [ أي : صاحوا] قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلَاءِ ؟) وفي آخره : ( وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) .
أمر الناس بالبر ونسيان النفس
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( رأيت ليلة أسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ فقال : الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ؟! ) أخرجه أحمد (3/120 ) وصححه الألباني في الصحيحة (291) .
وعند البيهقي : ( أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم بمقاريض من نار ، كلما قرضت وفت ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون ، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به ) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (128) .
الإفطار في رمضان من غير عذر
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان ، فأخذا بضَبُعَيَّ ، وأتيا بي جبلاً فقالا لي : اصعد . فقلت : إني لا أطيقه . فقالا : إنا سنسهله لك . قال : فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل ، إذا أنا بأصوات شديدة ، فقلت : ما هذه الأصوات ؟ قال : هذا عواء أهل النار . ثم انْطُلِق بي ، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دماً ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هم الذين يفطرون قبل تحلة صومهم .(/6)
أخرجه ابن حبان والحاكم (1/290،210) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3951) .
الغلول من الغنائم :
دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي غل الثوب في بعض مغازيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه : ( والذي نفسي بيده إن الشملة [ ثوب ] التي أخذها يوم خيبر من المغانم ، لم تُصبها المقاسم ، لتشتعل عليه ناراً ) أخرجه البخاري (4234) ومسلم (115) .
والغلول : هو أخذ الغازي شيئاً من الغنيمة دون عرضه على ولي الأمر لقسمته .
جرّ الثوب خيلاء
يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بينما رجلٌ يجر إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة ) أخرجه البخاري (3485) ومسلم (2088) .
والتجلجل : أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق .
فالمعنى : يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً .
السرقة من الحُجَّاج
دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف .. وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا ، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ : إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ ) رواه مسلم (904) والمحجن : عصا معوجة الرأس .
حبس الحيوان وتعذيبه وعدم رحمته
ففي حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال النبي صلى الله عليه وسلم : (رَأَيْتُ فِيهَا [ أي النار ] صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ) رواه مسلم (904) .(/7)
قال البيهقي في كتابه "إثبات عذاب القبر" (ص 97) : " ورأى حين صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار ، ومن يعذب في السرقة ، والمرأة التي كانت تعذب في الهرة وقد صاروا في قبورهم رميماً في أعين أهل زمانه ، ولم ير من صلى معه من ذلك ما رأى " انتهى .
الدَّيْن
إن مما يضر الميت في قبره ما عليه من دين ، فعَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ قَالَ : مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَتَرَكَ وَلَدًا صِغَارًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ ، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ ) . قَالَ : فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ . قَالَ : ( أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ ) رواه أحمد (16776) وابن ماجه (2/82) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1550) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/8)
رقم 46088
أيما أفضل قراءة القرآن الجماعية أم الفردية ؟:
ما هي صورة مدارسة جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان للقرآن ؟ وهل يدل على أن الاجتماع أفضل من الانفراد على القرآن ؟ وهل هناك مزية لليل على النهار؟ نرجو التوضيح .
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" أولاً :
أما كيفية المدارسة فلا أعلم عن كيفيتها.
ثانياً :
وأما هل المستحب أن يجتمع الناس على القرآن أو أن يقرأ كل إنسان بمفرده ؟
فهذه ترجع إلى الإنسان نفسه ، إن كان إذا اجتمع إلى إخوانه لتدارس القرآن صار أخشع لقلبه ، وأنفع في العلم فالاجتماع أفضل ، يعني إذا كان الاجتماع صار هناك حضور قلب وخشوع وتدبر للقرآن ، وتساؤل فيما بينهم فهذا أفضل ، وإن كان الأمر بالعكس فالانفراد أفضل .
ثالثاًَ :
وأما مدارسة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام فهو من أجل تثبيت القرآن بقلب النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الفقرة الثالثة من السؤال وهي : هل هناك مزية لليل على النهار فهذا نعم ، لكن قد يكون للإنسان أعمال لا يستطيع معها أن يدرس القرآن في الليل ، فيجعل أكثر دراسته في النهار ، فالإنسان ينظر ما هو أنفع له ، لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام : « احرص على ما ينفعك » فما كان أنفع لك إذا لم يكن محظوراً شرعاً فهو أفضل "
انتهى مجموع الفتاوى 8/78 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46131
التعليق على ما انتشر في المنتديات باسم " وصية إبليس قبل اعتقاله ":
انتشر في كثير من المنتديات ما عرف باسم " رسالة إبليس " ، وهي مذيلة باسمه ! وفيها خطابات للناس ولشياطين الإنس ، فنرجو النظر فيها والتعليق عليها .
الجواب:
الحمد لله
قد وقفنا على تلك النشرة ، ورأيناها في كثير من المنتديات ، وتعرف باسم " وصية إبليس " أو " وصيتي قبل الاعتقال " أو " رسالة إبليس " وهي مذكورة على لسان الشيطان يخاطب فيها الناس قبل تصفيده في رمضان ، ويحث فيها شياطين الإنس على القيام بمهماته ، وسنذكر نص هذه الرسالة ، وما يتيسر من التعليق عليها .
نص الرسالة :
" يقول إبليس في الرسالة : أبعث إليكم بأشواقي وتحياتي قبل سويعات من الاعتقال الذي تأكد لي خبره وطار أمره .
ثلاثون يوماً بعيداً عنكم بعد أن كنت معكم على مدار العام ، ولعل عزائي أن فيكم من سيعوض غيابي ويسد فراغي من اللئام .
لا يخفاكم ما حدث في رمضان الماضي ، فعلى الرغم من كل الجهود الذي بذلتها معكم ،
وكل الأفكار التي صببتها في آذانكم : فقد رأينا الملايين من كل مكان يرتادون المساجد ،
والملايين يرتدين الحجاب ، وكنت أنا وقتها في معتقلي أكتوي بنار الغضب .
فهذا جهدُ عامٍ مع تلك الفتاة الضائعة يضيع في ليلة القدر ، وهذا الذي ما تركت كبيرة إلا وأوقعته فيها تنزل من عينه دمعة تطفئ غضب الرب عليه ، وتفتح باب التوبة إليه .
يا شياطين الإنس : في خضم غياب فارسكم أمامكم دور كبير ، فافعلوا ما تؤمرون ، أريدهم في رمضان لا يعرفون سوى السهر حتى الصباح في الخيام الرمضانية ،
والنوم حتى موعد وجبة الإفطار الشهية حتى تمتلأ بطونهم وكروشهم المتدليّة ،
ثم أتموا عليهم بنعمة البرامج التلفزيونية ، نريد رقصا ، نريد هجصا ،(/1)
نريد شهوة ، نريد نزوة ، نريد أفكاراً إبليسية ، ولا تنسوا حتى تكتمل التمثيلية : اختموا بثَّكم بالتلاوات القرآنية !
يا شياطين الإنس : أكثروا من اللقاءات مع الفنانات والراقصات ، وكل جميلة فتيّة ليحدثوهم عن روحانية رمضان وما يقمن به من نضال على عتبات المسارح والمراقص الهرمية ،
نريد الجميع أن يتحدث عن ذلك المسلسل اليومي ، والفيلم الأسبوعي ، والمسرحية النصف شهرية ، نريد مباريات كروية ، وأغان عربية ، وقنوات فضائية ، لا أريد أن أرى أحدكم يتوقف ولو لثانية ، فكما تعلمون وقتنا غال وأهدافنا دنيّة .
يا شياطين الإنس : أتريدون لهم أن يدخلوا الجنة التي حُرمنا حتى من شم رائحتها النديّة ؟
أتريدون أن تمرَّ عليهم لحظات توبة فيضيع كل ما بذلناه في عشرات السنين الضنيّة ، أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية ، لا وألف لا ، خبتم وخسرتم إذا فعلتم .
ستستبدلون بغيركم أيها الأباليس الغثائية ، ألا تريدون للجحيم سكاناً ؟ وللدرك الأسفل رعيّة ؟ أما من أحباب لسقر والشجرة الزقومية ؟ أين قلوبكم الميتة ؟ وعقولكم الشيطانية ؟
أما أنت يا حواء : فدورك في الأمة فعّال ، فأنت أقوى مخدّر للرجال ، أعلق عليك الآمال ، فأنت الجواب لكل سؤال ، نريد سهرة ، نريد رقصة وضحكة ، نريدها - باختصار - إثارة ومتعة ، اطرحي التراويح جانبا ، وانسَيْ ثواب القائمة ، ألا يكفي يا حبيبتي أنك صائمة ؟!
يا بني آدم أجمعين : اسمعوا لي فما أنا لكم إلا ناصح أمين ، لا تهتموا في رمضان إلا بكل لذيذ سمين ، ولتنسوا الصلاة لرب العالمين ، وإياكم وقراءة آيات الذكر الحكيم ؛ فإنه المنكر الأثيم في منطق سكان الجحيم ، رمضان سيتكرر سنين بعد سنين فتوبوا حينها لرب غفور رحيم ، أما الآن فامضوا وقتكم تسبحون بحمد بوش وبنيامين عليهم رحمة الأبالسة أجمعين .
التوقيع : إبليس اللعين " .
ولنا على هذه الرسالة ملاحظات ، ومنها :(/2)
1. أنها طريقة مبتدعة في الدعوة والوعظ ، فيمكن للداعية والواعظ أن يوصل رسائل للعصاة لترك معاصيهم ، وللطائعين للازدياد من طاعاتهم بغير تلك الرسالة السمجة الهزلية ، التي حويت أصنافا من الجهل والتكلف والهزل .
2. أن هذه الطريقة في الوعظ والتذكير تفتح الباب للكلام على لسان غير إبليس كالملائكة أو الأنبياء أو الشهداء أو الدجال أو الجنة أو النار وغيرها ، وهو مما يجعل الأمر فوضى ، ويفتح الباب لكل عابث بتوجيه تلك الرسائل على لسان من يشاء ، فتنقلب الدعوة إلى مباريات كتابية خيالية ، ويصير الوعظ تنافساً في اختيار الشخصية التي يتكلمون بلسان حالها .
3. ونحن نجزم أن كاتبها ليس عالما ولا طالب علم ، ولم نرَ هذه الرسالة إلا في منتديات يرتادها العامة ، ومن شروط الدعوة إلى الله أن يكون المتكلم صاحب علم يعرف ما يقول لأنه يوقع عن رب العالمين ، ويتكلم باسم الدين ، فلا يجوز أن يكون هذا المجال لكل صاحب خيال واسع .
4. وهذه الرسالة ليس فيها آية ولا حديث ، ففيها صرف الناس عن الوعظ بالقرآن ، وكأن الشرع المطهَّر ليس فيه ما يُخاطب به الناس من القوارع والزلازل من الآيات البينات والأحاديث الصحيحة الواضحات ، والأحكام الشرعية البيِّنة .
5. وفي الرسالة تعظيم للشيطان ؛ حيث جُعل هو المتكلم والناس تستمع وتنقل رسائله المذيلة بتوقيعه ! ولا شك أن في هذا تشريفاً لذلك المطرود من رحمة الله ، والذي شأنه أحقر من أن يكون صاحب رسائل ينقلها المسلمون في منتدياتهم وجوالاتهم ، ويمكن لأحد الدعاة أو طلبة العلم أن يكتب رسالة يوضح فيها حال الشيطان مع العصاة ، وحاله مع العبَّاد ، وأن يجعل بين الحالين مقارنة ، ويوضح ذلك بالآيات والأحاديث دون أن يجعل المتكلم هو الشيطان ، ويكون بذلك أدَّى الغرض الذي من أجله كُتبت هذه الرسالة .(/3)
6. وفي الرسالة جهل بالأحكام الشرعية ، وافتراء على الشرع ، ومنه قوله " أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية " ، وفي هذه الجملة جهل من وجهين : الأول : أن المعلوم أن مجرد إدراك ليلة القدر ليس فيه فضل ، وقد نصَّ الحديث الصحيح على فضل من قام ليلة القدر ، لا من أدركها ، والثاني : أن الفضل لمن قام ليلة القدر أنه يغفر له ما تقدم من ذنبه دون " البقية " أي : ما تأخر ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( 1802 ) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : وما تأخر .
7. وفي الرسالة بيان أن شياطين الجن جميعها تصفَّد وتسلسل ، والظاهر أن الذي يصفَّد هو مردتهم ، كما جاء في بعض الروايات الصحيحة ، وقد بيَّنا هذا في أجوبة كثيرة ، منها ( 39736 ) و ( 12653 ) و ( 14253 ) ، وفي بعض تلك الأجوبة أن تصفيد أولئك المردة لا يعني عدم وسوستهم ، وهو ما يقضي على الرسالة من أصلها .
والخلاصة :
أننا لا نرى جواز نشر هذه الرسالة ؛ لما فيها من مخالفات للشرع ؛ ولما فيها من سماجة وهزلية ، ونرى أن مثل هذه الأساليب فيها صرف للناس عن القرآن والسنة ، وأن نفعها المزعوم قد يتركز في الفكرة والأسلوب دون المعنى والمضمون .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 46241
هل يمنع المتسولين في المسجد ؟:
بعض المتسولين يسألون الناس في المساجد ، وبعض الأئمة يمنعونهم من السؤال ، فهل لديهم دليل على منعهم ، وهل يجوز إعطاؤهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
" لا أعلم بأسا في ذلك ، ولا أعلم حجة لمن منعه ، لكن إذا كان السائلون يتخطون رقاب الناس ، ويمشون بين الصفوف ، فينبغي منعهم ؛ لما في عملهم هذا من إيذاء المصلين ، وهكذا وقت خطبة الجمعة ، يجب أن يمنعوا لوجوب الإنصات عليهم وعلى غيرهم من المصلين ، ولأن سؤالهم في هذه الحال يشغل غيرهم عن استماع الخطبة " انتهى .
" فتاوى ابن باز " (14/320) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46314
استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب:
هل لا بد في تطهير نجاسة الكلب من الغسل بالتراب ؟ أو يمكن استعمال بدائل أخرى كالصابون ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال (41090) بيان كيفية تطهير نجاسة الكلب ، وأنه يجب أن تغسل سبعاً إحداهن بالتراب .
وقد اختلف العلماء هل يجب استعمال التراب أم يجوز أن يستعمل شيئاً آخر كالصابون أو غيره من المنظفات ؟
فمذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب استعمال التراب , ولا يجزئ استعمال غيره , لأن النبي صلى الله عليه وسلم عيَّنَه وأمر به .
ومذهب الإمام أحمد أنه يجوز أن يستعمل غير التراب كالصابون ونحوه .
انظر : "المجموع" (2/600) , "روضة الطالبين" (ص16) , "المغني" (1/74) , "الإنصاف" (2/248) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/139) :
" إذا ولغ الكلب في إناء ، فإنه كي يطهر هذا الإناء يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب , هذا عند الحنابلة والشافعية . . .
فإن جعل مكان التراب غيره من الأشنان ( منظف كانوا يستعملونه قديماً ) والصابون ونحوهما , أو غسله غسلة ثامنة , فالأصح أنه لا يجزئ , لأنه طهارة أمر فيها بالتراب تعبدا , ولذا لم يقم غيره مقامه .
ولبعض الحنابلة : يجوز العدول عن التراب إلى غيره عند عدم التراب , أو إفساد المحل المغسول به . فأما مع وجوده وعدم الضرر فلا . وهذا قول ابن حامد " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/292) عن القول بأنه يجزئ عن التراب غيره , قال :
" وهذا فيه نظر لما يلي :
1- أن الشارع نص على التراب , فالواجب اتباع النص .
2- أن السدر والأشنان كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يشر إليهما .
3- لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب .(/1)
4- أن التراب أحد الطهورين , لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم إذا عدم . وقال صلى الله عليه وسلم : ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) .
فالصحيح : أنه لا يجزئ عن استعمال التراب , لكن لو فرض عدم وجود التراب وهذا احتمال بعيد , فإن استعمال الأشنان , أو الصابون خير من عدمه " انتهى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46453
يعاني من كسل زملائه المسلمين في الدراسة فهل يعمل مع غير المسلمين؟:
أنا طالب بإحدى المدارس في الغرب ، والحمد لله أقضي جل وقتي مع المسلمين ، لكن أعاني من كسلي وكسل زملائي المسلمين هنا ، ولذلك بدأت بتفضيل العمل مع غير المسلمين هنا في مجال الدراسة فقط ، فهل هذا يعتبر موالاة للكفار ؟ وماهي شروط العمل معهم في هذه الحالة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن من أهم ما يؤثر في أخلاق الإنسان وطبائعه ، بل ودينه أيضاً : بيئته المحيطة به ، من أشخاص يتعاملون معه ويتعامل معهم ، ومكان يعيش فيه ويتردد عليه ، وتتردد معالمه على حسه ، بحيث يتأثر شعور الإنسان ، وتتكون قِيَمُه التي يؤمن بها ، وتتلون أخلاقه التي يتخلق بها بهذه المؤثرات المختلفة من حوله ، وأخطر ما في ذلك أن هذه العملية تتم من حيث لا يدري ، ولا يلقي لها بالاً ، ولأجل ذلك قالوا : الطبع لص ، يعني أنه ينقل مما حوله خفية ، من حيث لا يشعر به الإنسان .
ولأجل ما ذكرنا حدد الشرع للإنسان بيئته التي ينبغي أن يحرص على الحياة فيها ، من حيث اختيار الصديق الصالح ، والبيئة المسلمة التي يعيش فيها ، وحذره من الإقامة بين أظهر المشركين ، أومصادقتهم . [ راجع أسئلة الولاء والبراء في قسم العقيدة ] ، وانظر الأسئلة رقم (38284) ، (26118) ، (23325) .
وهذا إنما يمكن للمرء أن يتحراها ويتحكم فيها في حال السعة ، وأما حين يكون الإنسان في حال الضرورة ، أو ما يشبهها ، وليس في يده أمر الاختيار ، فهنا يكون الكلام عن تحصيل أقصى ما يستطيع من المصالح ، ودفع أقصى ما يمكنه من المفاسد . انظر للأهمية السؤال (13363)
وفيما يتعلق بسؤالك ، قبل أن تفكر في العمل مع غير المسلمين ، لِمَ لا تحاول أن تدفع الكسل عنك وعن إخوانك المسلمين ؟!(/1)
لِمَ لا تحاول أن تقدم ـ مع إخوانك ـ صورة طيبة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من جد واجتهاد ؟!
إن أخشى ما أخشاه أن تؤكد بذلك السلوك صورة الكسل والتهاون والضعف التي تُنْقل عن المسلمين ، ولعمر الله إنها شكوى قديمة ، اشتكاها عمر رضي الله عنه من قبل : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة !! راجع السؤال رقم (43270)
أما إن دار الأمر بين أن تعمل وتجد مع الكفار ، أو تنام وادعاً بين المسلمين ، فلتعمل ولتجتهد ، واحرص على دينك وأخلاقك التي تعلمتها من دينك ، وكن شحيحاً بدينك أشد من شحك بمالك ودمك ، وانتبه إلى :
1- لا تجعل أصدقاء عملك من النساء ، فأنت خبير بأحوالهن ، تعرف ما يترتب على صحبتهن والاختلاط بهن ، ثم فوق ذلك تعرف أن مثل هذه العلاقات مرفوضة في الشرع .
2- حاول أن تقلل من الأوقات التي تقضيها بينهم ، قدر المستطاع .
3- اقتصر في حدود هذه العلاقة على ما يتطلبه العمل والدراسة منك .
4- حاول أن تكون صورة صحيحة للمسلمين : في دينهم وأخلاقهم ، واربط كل خير عندك بما يأمرك به دينك .
5- اعلم أن استقامتك وحرصك على دينك من أسباب احترام الآخرين لك ، ومن يدري لعل منهم من يتأثر بك ، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46505
الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب:
أخ لنا أسلم حديثاً ، وكان في أيام جاهليته اكتسب مالاً كثيراً عن طريق تجارة المخدرات ، فحمل معه هذه الأموال الكثيرة وكوّن مكتبة عظيمة ، وتزوج بها ، وفي هذه الأيام الأخيرة أُخبر بأنه لا يجوز له أن يتصدق بهذه الأموال ، لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا الطيب ، فيسأل : ماذا يجب عليه أن يصنع في هذه الأموال ، وما صحة هذا الكلام ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي هداه إلى الإسلام ، ونسأل الله سبحانه أن يثبته ويوفقه إلى ما فيه خيره في الدنيا والآخرة .
ثانياً :
من فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من الذنوب والمعاصي ، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره ، وصار نقياً من الذنوب .
روى مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال : لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ . قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ : أَنْ يُغْفَرَ لِي . قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ .
( الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله ) أَيْ : يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره . قاله النووي في "شرح مسلم" .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل ما جاء في السؤال ، من اكتساب مال بسبب تجارة المخدرات قبل الإسلام ، فأجاب :(/1)
" نقول لهذا الأخ الذي منّ الله عليه بالإسلام بعد أن اكتسب مالاً حراماً : أبشر فإن هذا المال حلال له ، وليس عليه فيه إثم ، لا في إبقائه عنده ، ولا فيما تصدق به منه ، ولا فيما تزوج به منه ، لأن الله تعال قال في الكتاب العزيز : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ ) الأنفال/38 . أي : كل ما سلف ، وما هنا للعموم ، لأنها اسم موصول ، يعني كل ما تقدم فهو مغفور له . لكن المال الذي غصبه من صاحبه يرده عليه ، أما المال الذي اكتسبه عن طريق الرضا بين الناس وإن كان حراماً ، كالذي اكتسبه بالربا ، أو المخدرات أو غيرها ، فإنه حلال له إذا أسلم لقوله تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ، وكذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن العاص حين أسلم : ( أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ) .
وكثير من الكفار أسلموا وقد قتلوا من المسلمين ، ومع ذلك لم يؤاخذوا بما عملوا ، فأخبر هذا الأخ أن ماله حلال ، وليس فيه بأس ، وليتصدق منه ، وليتزوج به ، وأما ما قيل له إنه لا يجوز له أن يتصدق به ولا منه فليس لقوله أصل " انتهى .
"لقاءت الباب المفتوح" ( /373-374) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46515
حكم بيع التصريف:
ما حكم بيع التصريف ؟.
الجواب:
الحمد لله
صورة بيع التصريف : أن يشتري البضاعة ويتفق مع من باعها له أنه إن لم يتمكن من بيعها فإنه سيعيدها للبائع ، وما باعه منها يكون قد اشتراه .
وهذه الصورة من صور البيع قد صرح العلماء بمنعها ، لأن فيها جهالة وغررا ، فكل من البائع والمشتري لا يدري قدر الكمية التي سيشتريها ، وهل سيعيد كل البضاعة أو بعضها أو لا يعيد منها شيئاً ؟
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بَيْعِ الْغَرَرِ . رواه مسلم (1513) . وبيع الغرر هو كل بيع مجهول العاقبة .
قال ابن قدامة في "المغني" (6/325) :
" إذا اشترط إن نَفَقَ المبيع وإلا رده فهو شرط فاسد . وهل يفسد به البيع ؟ على روايتين ; قال القاضي : المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح . وهو قول الحسن , والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى , وأبي ثور . والثانية : البيع فاسد . وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأنه شرط فاسد , فأفسد البيع " انتهى بتصرف واختصار .
ومعنى (نفق المبيع) أي إن باعه ، وهو صورة البيع على التصريف .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بيع التصريف فقال :
" صورته أن يقول : بعت عليك هذه البضاعة فما تصرف منها فهو على بيعه ، ولما لم يتصرف فردّه إليَّ ، وهذه المعاملة حرام ، وذلك لأنها تؤدي إلى الجهل ولا بد ، إذ إن كل واحد من البائع والمشتري لا يدري ماذا سيتصرف من هذه البضاعة ، فتعود المسألة إلى الجهالة ، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ( نهى عن بيع الغرر ) وهذا لا شك من الغرر .(/1)
ولكن إذا كان لا بد أن يتصرف الطرفان هذا التصرف فليعط صاحب السلعة بضاعته إلى الطرف الآخر ليبيعها بالوكالة وليجعل له أجراً على وكالته فيحصل بذلك المقصود للطرفين ، فيكون هذا الثاني وكيلاً عن الأول بأجرة ولا بأس بذلك " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (3/183) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46529
هل الصلاة في البنطلون باطلة؟:
هل الصلاة في البنطلون باطلة ؟ لأنني سمعت من يقول ذلك ، لأن البنطلون يحدد حجم العورة .
الجواب:
الحمد لله
أمر الله تعالى من أراد الصلاة أن يتخذ زينته ، فقال : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
فالمصلي مأمور بالتزين للصلاة ، لا كما يفعله كثير من المسلمين – للأسف – يصلي بثياب النوم أو ثياب المهنة ، ولا يتجمل للصلاة ، فإن الله تعالى جميل يجب الجمال .
واعتبر العلماء أقل حد لأخذ الزينة هو ستر العورة ، ولذلك نصوا على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة ، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة .
ومقتضى قولهم : " ستر العورة " أن الواجب هو ستر العورة ، وأنه مهما حصل الستر صحت الصلاة ، ولو كان الثوب ضيقاً يحدد العورة .
وهذا ما نص عليه العلماء من المذاهب الفقهية المختلفة صراحةً . وها هي أقوالهم في ذلك :
أولا : المذهب الحنفي :
قال في "الدر المختار" (2/84) : " ولا يضر التصاقه وتشكله " اهـ . يعني : الثوب الذي يلبسه في الصلاة .
قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته على "الدر المختار" : " قوله : ( ولا يضر التصاقه ) أي : بالألية مثلا ، وعبارة "شرح المنية" : أما لو كان غليظا لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا ، فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة ، لحصول الستر " انتهى كلام ابن عابدين .
ثانيا : المذهب الشافعي :
قال النووي رحمه الله في المجموع (3/176) : " فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر ، وحكي الدارمي وصاحب البيان وجهاً أنه لا يصح إذا وصف الحجم ، وهو غلط ظاهر " انتهى كلام النووي .
ثالثاً : المذهب المالكي(/1)
قال في "الفواكه الدواني" (1/216) :
" ( وَيُجْزِئُ الرَّجُلَ الصَّلاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَوْنُهُ كَثِيفًا بِحَيْثُ لا يَصِفُ وَلا يَشِفُّ ، وَإِلا كُرِهَ وَكَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ جَسَدِهِ . فَإِنْ سَتَرَ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ مِمَّا يَصِفُ أَيْ يُحَدِّدُ الْعَوْرَةَ . . . كُرِهَتْ الصَّلاةُ فِيهِ مَعَ الإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ " انتهى باختصار .
فذكر كراهة الصلاة في الثوب الذي يحدد العورة ، لا التحريم .
وذكر في "حاشية الدسوقي" أن الصلاة في الثوب الواصف للعورة المحدد لها صحيحة ، ولكنها مكروهة كراهة تنزيهية ، ويستحب له أن يعيد إذا كان الوقت باقياً .
وقال في "بلغة السالك" (1/283) :
" ولا بد أن يكون الساتر كثيفا وهو ما لا يشف في بادئ الرأي , بأن لا يشف أصلا ، أو يشف بعد إمعان النظر , فإن كان يشف في بادئ النظر , فإن وجوده كالعدم ( يعني كأنه يصلي عرياناً ، لعدم حصول الستر ) وأما ما يشف بعد إمعان النظر فيعيد معه في الوقت كالواصف للعورة المحدد لها , لأن الصلاة به كراهة تنزيه على المعتمد " انتهى بتصرف .
رابعا : المذهب الحنبلي :
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (1/494) : " ولا يعتبر أن لا يصف حجم العضو ، لأنه لا يمكن التحرز عنه " انتهى . قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته علي "الروض المربع" تعليقاً على قول البهوتي السابق : " وِفَاقاً " اهـ . يعني : للأئمة الثلاثة : وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله ، أي أن مذهب الإمام أحمد في هذا موافق لمذاهب الأئمة الثلاثة .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/287) : " وإن كان يستر لونها ويصف الخِلْقَة جازت الصلاة ، لأن هذا لا يمكن التحرز منه " اهـ .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/471) :(/2)
" قال المجد ابن تيمية : يكره للمرأة الشد فوق ثيابها (بأن تلبس حزاماً أو نحوه فوق الثياب) , لئلا يحكي حجم أعضائها وبدنها . قال ابن تميم وغيره : ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل ومِنْطَقة (حزام) ونحوهما " انتهى بتصرف .
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/97) :
" الواجب من الثياب ما يستر العورة وإن كان الساتر ضيقا يحدد العورة " اهـ .
فهذه أقوال أهل العلم في الصلاة في الثوب الضيق الذي يحدد العورة ، وهي صريحة في صحة الصلاة .
ولا يعني ذلك دعوة الناس إلى لبس الضيق من الثياب ، بل اللباس الضيق لا ينبغي لبسه ، ولا الصلاة به ، لأنه ينافي الزينة المأمور بأخذها في الصلاة ، إنما الكلام هنا هل تصح الصلاة به أم لا ؟
وقد أفتى فضيلة الشيخ صالح الفوزان بصحة صلاة المرأة في الثوب الضيق الذي يحدد عورتها ، مع حصول الإثم بلبس هذا الثوب .
فقال :
" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها ، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء ، ولكن النساء أشدّ ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ .
أما الصلاة في حد ذاتها ؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس ؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة ؛ لوجود ستر العورة ، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق ؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس ، هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية : يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه ، ولا سيما المرأة ، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ ؛ يسترها ، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها ، ولا يلفت الأنظار إليها ، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا ، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/454) .
وقد قال بعض العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : "نساء كاسيات عاريات " : أنهن يلبسن الضيق من الثياب .
والله تعالى أعلم .(/3)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 46531
حديث موضوع في فضل سورة المزمل:
عرفت مؤخراً أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّنا على قراءة سورة الملك لتحمينا من عذاب القبر .
وقرأت كذلك أن قراءة سورة المزمل تسبب الغنى ، فهل هناك دليل من السنة على هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : ما قرأتيه عن فضل قراءة سورة المزمل فغير صحيح ، بل هو حديث موضوع لا يجوز العمل والاحتجاج به .
وأصله ما رُوِيَ عن زِرِّ بن حبيش عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين ، وقال : إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن . وهو يقرئك السلام . فقال أُبيّ : فقلت لمَّا قرأ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كما كانت لي خاصة ، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه ؟ قال : نعم يا أبيّ ، أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن . وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة .. إلى أن قال : ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة ..."
قال ابن الجوزي رحمه الله : وذكر في كل سورةٍ ثواب تاليها إلى آخر القرآن ... وهذا حديث في فضائل السور مصنوع بلا شك . الموضوعات (1/391)
وقال الشوكاني رحمه الله : رواه العقيلي عن أبي بن كعب مرفوعاً ، قال ابن المبارك : أظن الزنادقة وضعته .
ولهذا الحديث طرق كلها باطلة موضوعة ...ولا خلاف بين الحفاظ أن حديث أبيّ بن كعب هذا موضوع . وقد اغتر به جماعة من المفسرين فذكروه في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي والزمخشري . ولا جرم فليسوا من أهل هذا الشأن " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص264.
وهذا الحديث بطوله ذكره ابن عدي في الكامل (7/2588) ، والسيوطي في اللآلي المصنوعة (1/227) والذهبي في ترتيب الموضوعات (60) وغيرهم .(/1)
تنبيه : ولقد وضعت أحاديث كثيرة في فضائل سور القرآن وقصد واضعها ترغيب الناس في قراءة القرآن والعكوف عليه ، وزعموا أنهم بذلك محسنون . لكنهم أخطأؤوا فيما قصدوا إذ إنّ ذلك داخل ولا شك تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (10) ومسلم (4) ، ولا فرق بين الكذب عليه والكذب له .
ولقد تتبع مؤمل بن إسماعيل (ت:206) هذا الحديث حتى وصل إلى من اعترف بوضعه .
قال مؤمل : حدثني شيخ بهذا الحديث ، فقلت له : من حدثك بهذا ؟ قال : رجل بالمدائن ، وهو حيٌّ ، فسرت إليه ، فقلت : من حدثك بهذا ؟ قال : حدثني شيخ بواسط ، فسرت إليه . فقلت : من حدثك بهذا ؟ قال : شيخ بالبصرة ، فسرت إليه فقلت : من حدثك بهذا ؟ فقال : شيخ بعبادان . فسرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم المتصوفة ومعهم شيخ فقال : هذا الشيخ الذي حدثني ، فقلت : يا شيخ من حدثك بهذا : فقال : لم يحدثني أحد ، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ، ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن .
ومن ذلك حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في فضائل القرآن سورة سورة فقد سئل عنه واضعه وهو : نوح بن أبي مريم ، فقال : " رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذه الأحاديث حسبة "
انظر الموضوعات لابن الجوزي (1/394) ، شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (111)
وأما سورة الملك فقد سبق الكلام عن فضلها في السؤال رقم (26240) فليُراجع ..
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46547
هل الأفضل أن يكرر الحج عن نفسه أم يحج عن أقاربه؟:
هل الأفضل للإنسان تكرار الحج لنفسه تطوعاً أو ينوي ذلك لأحد أقاربه المتوفين أو الأحياء العاجزين عن الحج بعض السنين ؟ أي: سنة يحج لنفسه ، والحجة التي تليها ينويها لأحدهم .
الجواب:
الحمد لله
" الأفضل أن يحج عن نفسه ؛ لأنه الأصل ، ويدعو لنفسه ولغيره من الأقارب وسائر المسلمين ، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة فله أن يحج عنهما بعد حجه عن نفسه ، براً بهما ، وإحساناً إليهما عند العجز أو الموت ، على أن يحج أو يعتمر عن كل واحد على حدة ، وليس له جمعهما بعمرة (واحدة) ولا حج (واحد) " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/66) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : امرأة أرادت أن تحج عن والدتها وهي متوفاة ووالدتها قد حجت الفريضة ، فما هو الأفضل : أن تحج أو تدعو لها ؟
فأجاب :
" الأفضل أن تحج لنفسها ، وأن تدعو لأمها ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قال : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) لم يقل : ولد صالح يحج عنه أو يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يصلى عنه ، فإذا سألنا سائل : أيهما أفضل أن أصلي وأجعل الثواب لأبي ، أو أتصدق وأجعل الثواب لأبي ، أو أن أدعو لأبي ؟ قلنا : الأفضل أن تدعو لأبيك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منا ، وأنصح منا ، وأفصح منا ، ولم يقل : أو ولد صالح يعمل له ، بل قال : ولد صالح يدعو له ، هذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى
"فتاوى ابن عثيمين" (21/251) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46562
أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر ، فهل يلزمه الاغتسال ؟:
هل يتطلب تأخير الصلاة بدون عذر الغسل وذلك لأنه كما ورد في الموقع يخرج من الملة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن الصلاة عماد الدين .. وعنوان الفالحين .. وسعادة الصالحين .. كتبها الله على المؤمنين : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) المؤمنون/1-8
وهي أول ما يُحاسب عليها العبد يوم الدين . قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ) رواه الترمذي (413) وأبو داود (864) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والصلاة يمحو الله بها الخطايا والسيئات ، ويرفع الدرجات ، وهي آخر ما يضيع من الدين ، فإن ضاعت ضاع الدين كله . انظر السؤال ( 33694 )
أخي المسلم
حافظ على صلاتك قبل مماتك ... وصل قبل أن يُصلى عليك ..
فإن كنت محافظاً عليها فاستمر .. وإن كنت متهاوناً فيها فتب واستغفر قبل فوات الأوان .. فمن تاب تاب الله عليه .. ومن أقبل على الله أقبل الله إليه .(/1)
يقول الله في الحديث القدسي : ( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه البخاري (7405) ومسلم (2675)
فتب إلى الله توبة نصوحاً .. عسى الله أن يتوب عليك ..
ثانياً :
التهاون بالصلاة ، وتأخيرها عن وقتها من غير عذر من الكبائر . راجع السؤال ( 47123 ) .
بل ذهب بعض العلماء إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى خرج وقتها . راجع السؤال ( 39818 ) . وعلى هذا القول تنبني إجابة سؤالك ، وهو أمر من ترك صلاة بغير عذر حتى خرج وقتها بالاغتسال.
فإن اغتسال الكافر إذا أسلم مشروع ، ومثله المرتد إذا رجع إلى الإسلام .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/202) :
"إذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو مرتدًّا.
فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْر دِينِ الإسلام كاليهوديِّ والنَّصرانيِّ، والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.
والمرتَدُّ: من كان على دين الإسلام ثم ارتدَّ عنه ـ نسأل الله السَّلامة ـ كَمَنْ ترك الصَّلاة ، أو اعتقد أنَّ و شريكاً، أو دعا النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن يُغِيثَه من الشِّدَّةِ ، أو دعا غيره أن يُغِيثهَ في أمرٍ لا يمكن فيه الغَوْثُ .
والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك :
1ـ حديث قَيس بن عاصم أنَّه لمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّ يغتسل بماء ٍوسِدْر . رواه الترمذي (605) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي . والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.
2ـ أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمة أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْل.(/2)
وقال بعض العلماء : لا يَجِب الغُسْل بذلك ، واستدلَّ على ذلك بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمر عامٌّ مثل : مَنْ أسلم فَلْيَغْتَسِل ، كما قال : "من جاء مِنْكُم الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل" وما أكثر الصَّحابة الذين أسلموا، ولمْ يُنْقَل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمرهم بالغُسْلِ أو قال من أسلم فليغتسل، ولو كان واجباً لكان مشهوراً لحاجة النَّاس إليه.
وقد نقول : إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل ، لأنَّ أمْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ واحداً مِنَ الأمَّة بحُكمٍ ليس هناك معنى معقول لتخصيصه به أمْرٌ للأمة جميعاً ، إذ لا معنى لتخصيصه به. وأمْرُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لواحد لا يعني عدم أمْرِ غيره به .
وأما عدم النَّقل عن كلِّ واحد من الصَّحابة أنه اغتسل بعد إسلامه، فنقول : عدم النَّقل ، ليس نقلاً للعدم؛ لأنَّ الأصلَ العملُ بما أمر به النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ولا يلزم أن يُنقلَ العمل به من كلِّ واحد" اهـ .
وقال ابن قدامة في المغني :
إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ , سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا , أَوْ مُرْتَدًّا . . . وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ" اهـ .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31/206) :
"ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ إسْلامَ الْكَافِرِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ , فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ . . . وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْكَافِرِ الأَصْلِيِّ وَالْمُرْتَدِّ , فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْضًا إذَا أَسْلَمَ" اهـ .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 46588
حكم الاكتتاب في بنك البلاد:
ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد ؟.
الجواب:
الحمد لله
بنك البلاد لديه هيئة شرعية جيدة من أهل الفقه والتحري والتثبت ، وقد أعلن مراراً أنه يريد أن يكون بنكاً إسلامياً ، وأنظمته يجري كتابتها وصياغتها ، فإذا كانت موافقة للشريعة وكانت أعماله التي سيجريها عند فتحه موافقة للشريعة فلا حرج في المشاركة فيه ، وهذا لا يتم التأكد منه إلا بسؤال الثقات من أفراد هذه اللجنة الشرعية وبالممارسة التي ستحصل من البنك بعد افتتاحه .
فمن عرف جواز الأنظمة والممارسات جازت له المساهمة .
وقد أصدرت الهيئة الشرعية للبنك القرار التالي :
قرار الهيئة الشرعية لبنك البلاد: القرار ذو الرقم (100) بتاريخ 1/1/1426هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة) المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في بنك البلاد، وقرر ما يأتي :
أولاً : يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي: "بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي. ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي:(/1)
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية، وموافقتها عليه.
3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك ؛ للتأكد من موافقة الأعمال لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية .
4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته .
5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ.هـ.
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته.
ثانياً : يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو مطلوباتها، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام، والحقوق المعنوية وغير ذلك.(/2)
ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال : خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك ؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح ، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل ، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن .(/3)
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة ، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد
الشيخ أ.د. عبدالله بن موسى العمار
الشيخ د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د. يوسف بن عبدالله الشبيلي
الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 46595
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟:
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟ . أرجو الرد لما في ذلك من رد الشبه للجميع .
الجواب:
الحمد لله
هذه الشركة تشبه في عملها شركة " بزناس " ، وقد بيَّن أهل العلم حرمة الاشتراك في هذه الشركة ، وشركة " تسويق نت " لا تختلف عن بزناس إلا في كونها تبيع بضاعة لها قيمتها ، لكن ليس المقصود ذات البضاعة بل التسويق ، وتقوم هذه الشركات على ما يُسمَّى " التسويق الهرمي " .
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم :
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة ، وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ، وهكذا .
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج بالأسباب التالية :
1. أنه أكل للمال بالباطل .
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً .
أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح ، سواء توقف النمو أم لم يتوقف ، فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال ، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا ، والخاسرون هم الأغلبية الساحقة ، والرابحون هم القلة ، أي : أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق ، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن بتحريمه ، ويسمَّى هذا النمط عند الاقتصاديين : تعامل صفري ( zero-sum game ) ، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية .
الغرر(/1)
أصل الغرر المحرم : هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب ، ولذلك قال الفقهاء : الغرر هو التردد بين أمرين ، أغلبهما أخوفهما ، والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح الغالب عدم تحققها .
الخلاصة :
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي - ومنها البرنامج المذكور في السؤال - مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين ؛ لأن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية ، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة الأكثرية ، كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا من الهرم ، فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف البرنامج ، ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج ، بل هذا يجعله داخلاً ضمن الحيل المحرمة ، والعلم عند الله تعالى .
انتهى
وقال الشيخ – حفظه الله – عن شركة " تسويق نت " تحديداً - :
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي " ، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته ، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق ، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج : فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى ، وأما المنتج فهو تبع ، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل ؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا ، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم ، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن ، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه ، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة ، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة ، وهكذا .
انتهى
وانظر سؤال رقم ( 40263 ) ( 41620 )
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب(/2)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 46597
المرور بالحِجر أثناء الطواف:
بعض الناس أثناء الطواف يدخل من باب الحِجْر ، ولا يكمل الطواف من خارج الحِجر ، لاسيما في أوقات الزحام ، فهل يصح طوافهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمن – رحمه الله - :
" هذا خطأ عظيم جدًا ؛ أن بعض الناس يدخل في الطواف من باب الحجر ، ويخرج من الباب الثاني في أيام الزحام ، يرى أن هذا أقرب وأسهل وهذا خطأ عظيم؛ لأن الذي يفعل ذلك لا يعتبر طائفًا بالبيت ، والله تعالى يقول : ( وليطَّوفوا بالبيت العتيق ) الحج / 29 .
والنبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من وراء الحجر ، فإذا طاف الإنسان من داخل الحجر ، فإنه لا يعتبر طائفاً بالبيت ، فلا يصح طوافه ، وهذه مسألة خطيرة ، لاسيما إذا كان الطواف ركنا ، كطواف العمرة وطواف الإفاضة . ودواء ذلك أن نُبين للحجاج أنه لا يصح الطواف إلا بجميع البيت ، ومنه الحِجر .
تسمية الحجر بحجر إسماعيل :
وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيرًا من الناس يطلقون على هذا الحجر اسم ( حجر إسماعيل ) والحقيقة أن إسماعيل لا يعلم به ، وأنه ليس حجرًا له ، وإنما هذا الحجر حصل حين قصرت النفقة على قريش ، حين أرادوا بناء الكعبة ، فلم تَكفِ النفقة لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فأخرجوا منها هذا الجانب ، ، وسُمِّي حَطيمًا وحجرًا . فليس لإسماعيل فيه أي علم أو أي عمل .(/1)
وهناك بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره ، فتجده يطوف معه نساؤه ، ويكون قد وضع يده مع زميله لحماية النساء ، فتجده يطوف والكعبة خلف ظهره ، وزميله الآخر يطوف والكعبة بين يديه وهذا خطأ عظيم أيضا، لأن أهل العلم يقولون : من شرط صحة الطواف أن يجعل الكعبة عن يساره ، فإذا جعلها خلف ظهره ، أو جعلها أمامه ، أو جعلها يمينه وعكس الطواف، فكل هذا طواف لا يصح . والواجب على الإنسان أن يعتني بهذا الأمر، وأن يحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه.
ومن الناس من تجعل الكعبة خلف ظهره أو أمامه لبضع خطوات من أجل الزحام ، وهذا خطأ ، فالواجب على المرء أن يحتاط لدينه ، وأن يعرف حدود الله تعالى في العبادة قبل أن يتلبس بها ، حتى يعبد الله تعالى على بصيرة .
وإنك لتعجب أن الرجل إذا أراد أن يسافر إلى بلد يجهل طريقه ، فإنه لا يسافر إليها حتى يسأل ويبحث عن هذا الطريق ، وعن الطريق السهل ، ليصل إليها براحة وطمأنينة ، وبدون ضياع أو ضلال ، أما في أمور الدين ، فإن كثيرا من الناس- مع الأسف- يتلبس بالعبادة وهو لا يدري حدود الله تعالى فيها ، وهذا من القصور ، بل من التقصير ، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية ، وأن يجعلنا ممن يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله .
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46623
أسلمت حديثا وتشعر بقلق من المستقبل:
دخلت في دين الإسلام وأحاول أن أصلي كل يوم وأن أقرأ القرآن، لكني يسيطر عليّ دومًا قلق شديد من المستقبل خشية أن يحدث لي مكروه أو ما إلى ذلك ، وتنتابني هذه المشاعر في الليل بصفة خاصة. من فضلكم أخبروني ماذا أفعل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نهنئك على هذه النعمة العظيمة التي من الله عليك بها ، وهي نعمة الدخول في الإسلام، والتمتع بالصلاة وقراءة القرآن .
ثانيا :
عليك بالحرص على أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها المحددة لها شرعاً ، وهي خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن الصلاة صلة ومناجاة بين العبد وربه ، وهي أعظم فروض الإسلام وأركانه بعد الشهادتين ، وهي نور للعبد في حياته ، وفي قبره في الآخرة .
ولتحرصي على النوافل بعد أداء الفرائض ، فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) رواه البخاري (6502)
ثالثاً :
ما تشعرين به من القلق والتخوف من المستقبل ، أمر قد يصيب بعض الناس في مبدأ التزامهم وتمسكهم بالدين ، ولعل السر في ذلك : أن الشيطان يغيظه انتقال العبد إلى الهداية، وسلوكه طريق الرحمة، فيسعى جاهدا لصرفه عن ذلك ، كما أنه يوسوس له في جانب الله تعالى ما لا يليق ليحزنه ويقلقه ، وهذا بحمد الله لا يضر المؤمن. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين شكي إليه ما يجده بعض الصحابة من الوسوسة : ( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة ) رواه أحمد (2097) وأبو داود (4448) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وأصل الحديث في الصحيحين .(/1)
وعليك بالإكثار من قراءة القرآن ، وذكر الله تعالى ، فإن الإنسان لن يعصم نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله تعالى كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لاسيما الأذكار الواردة في المناسبات وأوقات معينة ، كأذكار الصباح والمساء ، والنوم والاستيقاظ ، والخروج والدخول إلى المنزل ، مع تطهير البيت مما يمنع دخول الملائكة كالكلب والصورة .
واعلمي أن المستقبل بيد الله تعالى، وما قدره الله سيكون، فخوفك أو قلقك منه لا يغيره ولا يبدله، فانشغلي بما يعود عليك بالنفع، وأحسني الظن بالله تعالى، فإن الله عند ظن عبده به، كما في الحديث القدسي: ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) رواه البخاري (7066) ومسلم (2675) وعند أحمد (16059) بإسناد صحيح : ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء )
فظني بالله تعالى أنه سيكرمك، ويرحمك، ويعطيك، ويسعدك في الدنيا والآخرة، لأنه يحب عباده الصالحين، ويكرم عباده المتقين، وأنت والحمد لله حديثة العهد بالإسلام ، قليلة الذنوب والآثام ، فأبشري بالحياة الهنيئة ، كما قال الله : )مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97
نسأل الله أن يوفقك ويذهب عنك ما تجدين من القلق والخوف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46667
هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة:
شاب مقدم على الزواج وليس معه ما يشترى به الشبكة , فاتفق مع خطيبته أن يحضروا الصايغ إلى المنزل إرضاءاً لأهلها ثم يرجع الشاب الشبكة للصايغ بعد الفرح بشهر على أن يدفع العريس للصايغ إيجار هذه الشبكة مدة هذا الشهر حسب تقدير الصايغ . فهل هذا يعتبر ربا أم ما وجه الحلال والحرام فيه علماً بأن الشاب متوقف زواجه على هذه الفتاة على هذه الشبكة بناءاً على رغبة أهلها أفادكم الله تعالى .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال ، وهو تأجير الحليّ من الذهب والفضة لتلبسه المرأة عند الزواج ثم يعاد بعد أسبوعين مثلاً مع دفع الأجرة فأجابت :
الأصل جواز تأجير الحلي من الذهب والفضة بأحد النقدين أو غيرهما بأجرة ومدة معلومتين ، يرد المستأجر الحلي بعد انتهاء مدة الإجارة ولا بأس بأخذ رهن في ذلك" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (15/79-80)
والنقدان هما الذهب والفضة أي : يجوز أن تدفع الأجرة ذهباً أو فضة أو غيرهما كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس الآن والله أعلم .
1- ثانياً : ينصح أولياء النساء بعدم المغالاة في المهور ، وعدم تكليف الزوج ما يثقل عليه من المهر والشبكة والأثاث..إلخ ، فهذه المغالاة مذمومة شرعاً . مع ما يترتب عليها من مفاسد وأضرار انظر السؤال رقم (12572) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46698
إهداء ثواب الذكر إلى أبويه:
هل لي أن أقول سبحان الله مائة مرة أو غير ذلك من الأذكار ، داعياً أن يكون ثواب ذلك لأبي أمي ؟ علماً أن أبي متوفى ، وأمي لا زالت على قيد الحياة .
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في جواز إهداء الثواب للموتى وهل يصلهم ذلك على قولين :
القول الأول : أن كل عمل صالح يهدى للميت فإنه يصله ، ومن ذلك قراءة القرآن والصوم والصلاة و غيرها من العبادات .
القول الثاني : أنه لا يصل إلى الميت شيء من الأعمال الصالحة إلا ما دل الدليل على أنه يصل . وهذا هو القول الراجح ، والدليل عليه قوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) النجم/39
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) أخرجه مسلم (1631) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وزوجته خديجة ، وثلاث من بناته ، ولم يرد أنه قرأ عن واحد منهم القرآن ، أو ضحى أو صام أو صلى عنهم ، ولم ينقل شيء من ذلك عن أحد من الصحابة ، ولو كان مشروعاً لسبقونا إليه .
أما ما دل الدليل على استثنائه ووصول ثوابه إلى الميت فهو : الحج ، والعمرة ، والصوم الواجب ، والصدقة ، والدعاء .(/1)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) : " ومن هذه الآية استنبط الشافعي ومن تبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ؛ لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء ، فأما الدعاء والصدقة ، فذاك مجمع على وصولها ومنصوصٌ من الشارع عليها " ا.هـ ( تفسير ابن كثير 4/ 258 ) .
ثم لو سلمنا بأن ثواب الأعمال الصالحة كلها يصل إلى الميت فإن أفضل ما ينفع الميت هو الدعاء ، فلماذا نترك ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمور أخرى لم يفعلها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه ؟! و الخير كل الخير في هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه لله عن إهداء ثواب قراءة القرآن والصدقة للأم ، سواء كانت حية أم ميتة ، فأجاب :(/2)
" أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت على قولين لأهل العلم ، والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي مُتْن في حياته عليه الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا ، فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا التطوع بالصوم عنهم ؛ لأن ذلك كله لا دليل عليه ، والأصل في العبادات التوقيف إلا ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته . أما الصدقة فتنفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ، فالحي لا شك أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه وهم أحياء ينتفعون بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ، وهكذا الحج عنهم إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: " حجي عنه" وجاءه رجل آخر فقال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر" فهذا يدل على أن الحج عن الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ، فالصدقة والدعاء والحج عن الميت أو العمرة عنه، وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم ، وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو عن صوم رمضان لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه" متفق على صحته ، ولأحاديثٍ أخرى في المعنى ، لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء عنه ولا إطعام ؛ لكونه معذورا اهـ . "مجموع(/3)
فتاوى ومقالات الشيح ابن باز" (4/348) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يتصدق الرجل بمال ويشرك معه غيره في الأجر ؟ فأجاب : يجوز أن يتصدق الشخص بالمال وينويها لأبيه وأمه وأخيه ، ومن شاء من المسلمين ، لأن الأجر كثير ، فالصدقة إذا كانت خالصة لله تعالى ومن كسب طيب تضاعف أضعافاً كثيرة ، كما قال اله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/261.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/249) .
وبما تقدم يتضح أن ما ذكرتَه من إهدائك أجرَ الذكرِ لوالديك لا يصح على القول الراجح ؛ سواء الحي منهما أو الميت ، وإنما الوصية لك بالإكثار من الدعاء لهما ، والصدقة عنهما , فإن الخير كل الخير في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 46720
اصطدمت سيارتان ومات ثلاثة أشخاص فما الواجب ؟:
ما الحكم فيمن حصل عليه حادث مروري وتوفى ثلاثة أشخاص في الحادث في السيارة التي صدمته ، وأن الحادث حصل بغير رضى الطرفين ؟.
الجواب:
الحمد لله
حوادث السيارات يرجع فيها إلى أهل الخبرة ، ممن عاين الحادث ، وعرف ملابساته ، ولا يكتفى فيها بهذا الوصف المجمل .
فإذا حكم أهل الخبرة بأن أحد الطرفين فَرَّط أو تعدى ، كما لو سار في الاتجاه المعاكس ، أو قطع الطريق على صاحبه ، أو أهمل في تغيير إطاراته القديمة مما أدى إلى انقلاب سيارته واصطدامه بالسيارة الأخرى ، فهذا المفرط هو الضامن لما هلك من النفوس وتلف من الأموال ، وقد يقع التفريط من الجانبين، فيضمن كل منهما ما تلف من الآخر من نفس أو مال على قدر تفريطه .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرارٌ بخصوص حوادث السير ومما جاء فيه :
( الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية ، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار ، سواء في البدن أم المال ، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر ، ولا يعفى من المسؤولية إلا في الحالات التالية :
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها ، وتعذر عليه الاحتراز منها ، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة .
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه ، فيتحمل الغير المسؤولية .
وجاء فيه : ( إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر ، كان على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال ) انتهى.(/1)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : ( وقع حادث اصطدام بين سيارتين وكان في السيارة المقابلة شخصان توفي أحدهما ، ونسبة الخطأ حسب تقرير الشرطة والمرور على صاحب السيارة الأولى 30 بالمائة ، وعلى صاحب السيارة الأخرى 70 بالمائة ، فالبنسبة للكفارة هل يصوم صاحب السيارة الأولى شهرين كاملين أم حسب نسبة الخطأ كما هو الحال في الدية ؟
فأجاب : إذا اشترك اثنان فأكثر في قتل الخطأ فعلى كل واحد كفارة مستقلة ؛ لأن الكفارات لا تتوزع كما نص عليه أهل العلم ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/360
وسئل الشيخ أيضا ما نصه: ( وقع لوالدي وكان يقود سيارة تصادم مع سيارة أخرى وقد توفي سائق السيارة الأخرى رحمه الله ، وقرر المرور بأن نسبة الخطأ كاملة على المتوفى ، وقد سمح أهل المتوفى بالدية جزاهم الله خيرا، وأسأل الآن: هل على والدي كفارة صيام شهرين متتابعين أم لا ؟
فأجاب : إذا كان الواقع هو ما ذكرته أيها السائل فليس على أبيك كفارة لأن الخطأ من غيره عليه ، فلا يسمى قاتلا ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/356
والغرض من نقل هذه الفتاوى أن تعلم ضرورة الوقوف على حكم أهل الخبرة ممن عاين الحادث أو عرف تفاصيله من أهله لتحديد من المخطئ ونسبة الخطأ .
وكون الحادث حصل بغير رضى من الطرفين لا يعني سقوط الدية والكفارة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46807
من عقوبات ترك الجهاد في سبيل الله:
هل هناك عقوبة معينة يستحقها من ترك الجهاد في سبيل الله ؟.
الجواب:
الحمد لله
ورد في الأمر بالجهاد في سبيل الله ، والترهيب من تركه الكثير من الآيات والأحاديث .
وإذا ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله ، وآثروا حياة الدعة والراحة ، وركنوا إلى الدنيا ، أصابهم الذل والهوان ، وفسدت أمورهم ، وعرضوا أنفسهم لمقت الله تعالى وغضبه . وتعرض الإسلام للضياع ، وطغيان الكفر عليه . ولذلك كان ترك الجهاد من كبائر الذنوب .
قال ابن حجر في "الزواجر" :
(الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة ترك الجهاد عند تعينه ، بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلماً وأمكن تخليصه منهم . وترك الناس الجهاد من أصله . وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين) اهـ .
ولذلك صار معلوما ومقررا عند الصحابة أنه لا يقعد عن الجهاد إذا كان فرض عين إلا ضعيف معذور أو منافق ، وهذا ما يحكيه كعب بن مالك رضي الله عنه حين تخلف عن تبوك : (فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ) . رواه البخاري (4066) ومسلم (4973) .
وقد بينت تلك الأدلة بعض ما يترتب عليه من عقوبات ، فمنها :
1- ترك الجهاد سبب للهلاك في الدنيا والآخرة .
أما في الدنيا فإن الجبان الرعديد يكون ذليلاً مستعبداً تابعا غير متبوع . وأما في الآخرة فترك الجهاد سبب لعذاب الله تعالى .(/1)
قال الله تعالى : (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 .
روى الترمذي (2972) عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ : كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا ، وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ . فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في "تحفة الأحوذي" :
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِلْقَاءِ الْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ هُوَ الإِقَامَةُ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ وَتَرْكُ الْجِهَادِ اهـ .(/2)
2- ترك الجهاد سبب للذل والهوان .
روى أبو داود (3462) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ولقد صدق رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فإن الناظر إلى أحوال المسلمين اليوم يرى أنهم قد فرطوا في دينهم تفريطا عظيما . . فأكلوا الربا ، وركنوا إلى الدنيا ، وتركوا الجهاد في سبيل الله . فماذا كانت النتيجة ؟!! ألزمهم الله الذل في أعناقهم ، فهم يلجأون إلى الشرق أو الغرب خاضعين ذليلين يطلبون منهم النصر على الأعداء ، وما عرف أولئك أن الذل لا يرفع عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
وصدق الله العظيم : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) النساء/138-139 .
3- وترك الجهاد سبب لنزول العذاب في الدنيا والآخرة .
روى أبو داود (2503) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ يُجَهِّزْ غَازِيًا ، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .(/3)
والقارعة هي الدَاهِيَة المُهْلِكَة التي تأتي فجأة , يقال : قَرَعَهُ أَمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأَة .
وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة/38-39 .
"وليس العذاب الذي يتهددهم هو عذاب الآخرة فقط ، بل عذاب الدنيا والآخرة ، عذاب الذل الذي يصيب القاعدين عن الجهاد ، عذاب الحرمان من الخيرات التي يستفيد منها العدو الكافر ويحرمها أهلها ، وهم مع ذلك كله يخسرون من النفوس والأموال أضعاف ما يخسرون في الجهاد ، ويقدمون على مذابح الذل أضعاف ما تتطلبه منهم الكرامة لو قدموا لها الفداء ، وما من أمة تركت الجهاد إلا ضرب الله عليها الذل فدفعت مرغمة صاغرة أضعاف ما كان يتطلبه منها جهاد الأعداء" اهـ . الظلال (3/1655) .
وقال السعدي رحمه الله ص (532) :
(يا أيها الذين آمنوا) ألا تعملون بمقتضى الإيمان ، ودواعي اليقين ، من المبادرة لأمر الله ، والمسارعة إلى رضاه ، وجهاد أعدائه لدينكم ، فـ ( مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض ) أي : تكاسلتم ، وملتم إلى الأرض والدعة والكون فيها .
( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) أي : ما حالكم إلا حال من رضي بالدنيا ، وسعي لها ، ولم يبال بالآخرة فأنه ما آمن بها .
( فما متاع الحياة الدنيا ) التي مالت بكم ، وقدمتموها على الآخرة ( إلا قليل ) أفليس قد جعل الله لكم عقولاً ، تزنون بها الأمور وأيها أحق بالإيثار ؟
أفليست الدنيا ـ من أولها إلى آخرها ـ لا نسبة لها في الآخرة .(/4)
فما مقدار عمر الإنسان القصير جداً من الدنيا ، حتى يجعله الغاية ، التي لا غاية وراءها فيجعل سعيه ، وكده وهمه وإرادته لا يتعدى الحياة الدنيا القصيرة المملوءة بالأكدار المشحونة بالأخطار .
فبأي رأي رأيتم إيثارها على الدار الآخرة ، الجامعة لكل نعيم التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وأنتم فيها خالدون . فوالله ما آثر الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه ، ولا من جزل رأيه ، ولا من عُدَّ من أولى الألباب ، ثم توعدهم على عدم النفير فقال :
(إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً )
في الدنيا والآخرة ، فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر الذنوب الموجبة لأشد العقاب ، لما فيه من المضار الشديدة فإن المتخلف قد عصى الله تعالى ، وارتكب لنهيه ، ولم يساعد على نصر دين الله ، ولا ذَبَّ عن كتاب الله وشرعه ، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم ، الذي يريد أن يستأصلهم ، ويمحق دينهم ، وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان ، بل ربما فَثّ في أعضاد من قاموا بجهاد أعداء الله ، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده الله بالوعيد الشديد ، فقال : (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً ) فإنه تعالى متكفل بنصرة دينه وإعلاء كلمته ، فسواء امتثلتم لأمر الله أو ألقيتموه وراءكم ظهرياً .
( والله على كل شيء قدير ) لا يعجزه شيء أراده ، ولا يغالبه أحد اهـ .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً . وأن يرفع عنهم الذل والهوان .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 46827
هل يجوز أن يخرج مالاً بدلاً من النذر أو العقيقة أو الوليمة ؟:
هل يجوز إنفاق مال عن النذر وعن العقيقة وعن الوليمة للزواج ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجزئ دفع المال في مقابلة ما لزمه بسبب نذره إلا إذا كان المنذور دفع مال قربة لله ، فإنه يجوز دفع المال كما نذر ، إلا أن ينذر جميع ماله فلا يلزمه إلا دفع الثلث منه ، وكذلك لا يجزئ دفع المال في العقيقة أو وليمة النكاح حيث إن السنة في العقيقة ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الجارية ، وكذلك وليمة الزواج السنة أن يولم الإنسان بعد زواجه ولو بشاة لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الرحمن بن عوف بعد زواجه : ( أولم ولو بشاة ) هذا هو السنة في ذلك ، وإنفاق المال في ذلك مخالف للسنة ، ولا أصل له ، ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم من بعده ، فينبغي للإنسان أن يتمسك بما صح في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويترك ما عداهما
وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 392 .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46836
حكم استبدال الأوراق النقدية الممزقة بنصف قيمتها:
الأوراق النقدية الممزقة التي لا يقبل الناس التعامل بها ، توجد بعض البنوك تستبدلها بنصف قيمتها ، فتأخذ منك ورقة فئة مائة ريال (ممزقة) وتعطيك خمسين ريالا . فما حكم هذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله فأفاد بما يلي :
القاعدة في استبدال الذهب بالذهب والفضة بالفضة أنه يجب التساوي مثلا بمثل ، ولا فرق بين المعيب والمكسر وغيره .
والأوراق النقدية الآن تقوم مقام الذهب والفضة في كونها صارت ثمناً للأشياء .
ولكن ... لا يمكن تطبيق جميع أحكام الذهب والفضة على الأوراق النقدية ، لأن الأوراق النقدية ليس لها قيمة ذاتية ، وإنما تكتسب قيمتها من اعتماد الدولة لها .
لهذا أقول :
لا مانع من استبدال الورقة الممزقة بنصف قيمتها ، لأنها فقدت قيمتها الآن (أي لما صارت ممزقة) .
الشيخ عبد الرحمن البراك .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46849
بلغ عشرين سنة .. ولم يختتن:
أنا شاب عمري 20 سنة وقد عملت عملية في صغري ولذلك السبب لم أختتن ، وبعد ذلك ذهبت إلى المستشفى فقال لي الطبيب إنه يجب في البداية أن أعمل عملية لوجود عيب خلقي في نفس المنطقة ثم الختان ، فمرت السنين ولم أعمل العملية الأولى وبالتالي لم أختتن .. وبلغت العشرين وأنا على هذه الحال .. وأنا أصلي في المسجد فما الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
ختان الرجل واجب في قول كثير من أهل العلم ، وهو من سنن الفطرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ وَالاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الآبَاطِ ) رواه البخاري (5441) ومسلم (377)
وروى البخاري (3107) ومسلم (4368) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً )
لكن صرح الفقهاء بأن الكبير إذا خاف على نفسه من الختان سقط عنه، قال ابن قدامة رحمه الله: ( فصل : فأما الختان فواجب على الرجال , ومكرمة في حق النساء , وليس بواجب عليهن . هذا قول كثير من أهل العلم . قال أحمد : الرجل أشد , وذلك أن الرجل إذا لم يختتن , فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة , ولا يُنقَّى ما ثَمَّ , والمرأة أهون .(/1)
قال أبو عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) : وكان ابن عباس يشدد في أمره , وروي عنه أنه لا حج له ولا صلاة , يعني : إذا لم يختتن , والحسن يرخص فيه يقول : إذا أسلم لا يبالي أن لا يختتن ويقول : أسلم الناس الأسود , والأبيض , لم يفتش أحد منهم , ولم يختتنوا . والدليل على وجوبه : أن ستر العورة واجب , فلولا أن الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ; ولأنه من شعار المسلمين , فكان واجبا , كسائر شعارهم .
وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه ; لأن الغسل والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه , فهذا أولى . وإن أمن على نفسه لزمه فعله , قال حنبل : سألت أبا عبد الله عن الذمي إذا أسلم , ترى له أن يطهر بالختانة ؟ قال : لا بد له من ذاك . قلت : وإن كان كبيرا أو كبيرة ؟ قال : أحب إلي أن يتطهر ; لأن الحديث : " اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة " , قال تعالى : ( ملة أبيكم إبراهيم ) انتهى من المغني 1/101.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/113) :
" الختان من سنن الفطرة ، وهو للذكور والإناث ، إلا أنه واجب في الذكور ، وسنة ومكرمة في حق النساء " اهـ.
ومع تقدم الطب أصبح الختان مأمونا غالبا ، فعليك أن تبادر بالختان أداء للواجب ، واقتداء بالأنبياء ، وحفاظا على الفطرة ، واحتياطا للعبادة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46857
هل يجوز دفع الزكاة إلى صندوق العائلة لمساعدة الفقراء:
لدي5000 جنيه وقد مر عليهم عام ونصف فما هي زكاة المال الواجبة علي ؟ وهل إذا بقى من المبلغ (5000) ومر عليه الحول تجب عليه زكاة مال ؟ لدينا في الأسرة جمعية باسم العائلة وادفع مبلغاً معيناً من المال لمساعدة فقراء العائلة وقد تأخرت في السداد فهل أسدد لهم من زكاة المال طالما أنها صدقة جارية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من ملك من النقود ما يبلغ نصاباً ، ومرّ عليه سنة هجرية وجبت عليه الزكاة .
ونصاب النقود يقدر بما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة ، أيهما أقل .
انظر الشرح الممتع (6/103-104) ، مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/248)
وعلى هذا ، فالمبلغ الذي معك (5000) جنيه ، يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة .
ثانياً :
أما القدر الواجب عليك إخراجه فهو ربع العشر ، أي 2.5 بالمائة ، وبالنسبة للمبلغ المسؤول عنه 5000 جنيه مقدار زكاته 125 جنيه .
ثالثاً :
إذا مرت سنة هجرية على ملك النصاب وجب إخراج الزكاة فوراً ، ولا يجوز تأخيرها انظر الشرح الممتع (6/186)
وعلى هذا فتأخيرك إخراج الزكاة نصف سنة بعد مرور الحول تقصير ، يجب عليك التوبة منه والمبادرة بإخراج الزكاة .
رابعاً :
قولك " ( وهل إذا بقي من المبلغ 5000 ومر عليه الحول تجب عليه زكاة مال )
فجوابه : كلّما مرّ الحول والنصاب موجود وجبت فيه الزكاة . فإذا نقص المال عن النصاب فلا تجب فيه الزكاة ، فإن كمل نصاباً مرّة أخرى وجبت فيه الزكاة وتبدأ حساب الحول من حين يبلغ النصاب .
خامساً :(/1)
وأما إعطاء الزكاة في صندوق العائلة ، فإن الزكاة لها مصارف ثمانية ، بيّنها الله تعالى بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 ، وإعطاء الزكاة للفقراء الأقارب أفضل من غيرهم لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ) رواه النسائي (2582) صححه الألباني في صحيح النسائي
فلا حرج من وضع الزكاة في صندوق العائلة ، على أن تخبر أمين الصندوق بأن هذه زكاة مال ، حتى ينفقها في مصارفها الشرعية المحددة في الآية السابقة ، وحتى يبادر بإخراجها فوراً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46876
أخوها له جرأة كبيرة على المعاصي فماذا تفعل معه ؟:
لي أخ أصغر مني يبلغ 20 عاما أعلم أنه يفعل كل المعاصي التي حرمها الله ، وأبي وأمي صالحان لكنهما لم يتمكنا من إصلاح حاله ، وأنا أخاف عليه وكلما حاولت مكالمته يصدمني بأنه ليس له هدف في الحياة ويتمنى أن يموت ويسأل دائما ولماذا ينصلح حالي ولمن ؟ ماذا افعل لأخي الوحيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
أسأل الله أن يمن على أخيك بالهداية والصلاح وأن يرده إليه رداً جميلاً ، وأن يعينك على دعوته وتوجيهه للخير وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتك ..
ثم اعلمي أيتها الأخت ـ وفقك الله ـ أن أمامك عددا من الوسائل التي يمكنك القيام بها لدعوة أخيك واستصلاحه ومن ذلك :
أولاً : الدعاء لأخيك بالهداية والصلاح بقلب صادق ، ويقين من الله بالإجابة ؛ مع الإلحاح والمداومة على ذلك ، واعلمي أن الله لا يخيب ظن من رجاه ، ولا يرد سائلاً دعاه بصدق وإخلاص .(/1)
ثانياً : توجيه النصيحة إليه واسلكي في ذلك أسلوب الحوار والإقناع العقلي ممزوجاً بأسلوب الترغيب بما أعد الله للمحسنين من الكرامة والجزاء الحسن الجميل ، والترهيب بما أوعد الله به المذنبين من العقوبة والنكال والعذاب الشديد ؛ وذلك بتذكيره بحقيقة هذه الحياة ، وأن الله تعالى ما خلق هذا الكون بأرضه وسمائه وبحاره وأنهاره ، وجباله وسهوله ووهاده وصحاراه ؛ إلا من أجلك أنت أيها الإنسان ، وماذا عسى أن تكون أيها المخلوق الضعيف في جنب هذه المخلوقات العظيمة الهائلة ؛ التي سخرها الله لك ، لتستقر حياتك ، وتتيسر سبل عيشك ، كما قال سبحانه : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) البقرة/29 ، وقال جل شأنه : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك/15 وقال سبحانه : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان/20 ، بل وفضلك على سائر هذه المخلوقات الأرضية جميعا ً كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء/70 فإذا علمت ذلك أيها المخلوق الضعيف ، وأن الله خلق كل هذه العوالم العظيمة وسخرها لراحتك في هذه الحياة ، فيتبادر إلى الذهن سؤال منطقي يسأله كل عاقل: فلماذا إذاً خلقني الله تعالى ؟ فيأتيك الجواب صريحاً واضحاً من خالقك ومولاك : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .(/2)
إذاً فالوظيفة التي من أجلها خلقت أيها الإنسان إنما هي : تحقيق العبودية لله الواحد الأحد ، وهذا جواب قولك لمن أنصلح ؟ فأنت تنصلح لله الذي خلقك فسواك فعدلك ، ووهب لك الحياة والقوة والصحة وما بك من نعمة فهي منه وحده ولو شاء لسلبها عنك في طرفة عين ، أفلا يستحق منك أن تشكره على هذه النعم التي لا تحصى ، وذلك بامتثال أمره واجتناب نهيه الذي هو حقيقة العبادة التي خلقت من أجلها .
وأما قولك لماذا أنصلح ؟ فقد بين الله سبحانه الحكمة من خلق الموت والحياة في هذه الدنيا ، حتى تعرف أيها الإنسان الحقيقة الكبرى التي من علمها لم يقر له قرار ولم يهدأ له بال حتى ينال مرضاة الله فيسعد في الجنة بلقياه فقال سبحانه: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/2 ، فإذا علمت ذلك وأن خالقك سبحانه يختبرك الآن في هذه الدار لينظر إلى عملك فيجازيك به يوم تلقاه إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، وأن العبد بعد موته لن يترك سدى بل سيجازى بعمله كما قال تعالى : ( أَيَحْسَبُ الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) القيامة/36 ، ولذا فأنت تجد أن الله سبحانه يكثر في كتابه من وصف ما أعده لعباده المحسنين في هذه الدار ، بأن لهم عنده في الآخرة جنة عرضها السماوات والأرض ، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ كما يكثر سبحانه من ذكر ما أعده للمسيء المفرط في حقه ، بأن له نارا تلظى ، لا يموت فيها ولا يحيى ، وأنه جعل فيها من أنواع النكال والعذاب ما يشيبُ الوليد سماعُه فضلا عن رؤيته ومعاينته نسأل الله لنا ولك السلامة منها ...
أفيليق بك بعد كل هذا أن تتجرأ على مخالفة أمره ، أو تعيش لغير الهدف الذي خلقت له ، وصدق والله القائل :
فلو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ونُسأل بعده عن كل شيء(/3)
ولا شك أن ما تشعر به من ضيق ونكد يدعوك إلى تمني الموت؛ إنما هو بسبب فقدك للشعور بهذا الهدف السامي والغاية النبيلة ، فإن أعظم وألذ شيء في هذا الوجود أن تكون عبداً لله على الحقيقة ، فإياك أن تعرض عن ربك ، وتبتعد عنه ؛ فإنك راجع إليه ، ولو طالت بك الحياة وامتد بك العمر كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ) الانشقاق/6
فاحذر أن تلقاه وأنت ممن أعرض عنه فيصدق فيك قوله جل شأنه : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) طه/124ـ127
فالبدار البدار بالعودة الصادقة والتوبة النصوح؛ لتجد رباً كريما يفرح بعبده إذا تاب ، ويرضى عنه إذا أناب ، بل ويفيض عليه من محبته ورحمته ما لا يخطر له على بال ، فماذا تنتظر؟! والله يقول : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) الذريات/50 . فإذا عرفت هذا فاعلم ـ وفقك الله لرضاه ـ أن الفوز بهذا النعيم العظيم ، والنجاة من ذلك العذاب الأليم ، والنجاح في هذا الامتحان الخطير ، لا يكون إلا على جسر من التعب والمشقة التي تحتاج إلى صبر وتحمل ومعاناة. لكنها مشقة سرعان ما تنقضي ، ومعاناة عن قريب تنتهي؛ ليعقبها راحة أبدية ونعيم سرمدي فما عسى أن تساوي مشقة ساعة ، ولحظة ألم ؛ إذا ما قورنت بنعيم الدهر ولذة الأبد.. نسأل الله تعالى أن يمن علينا جميعاً بفضله وجنته ...(/4)
وفي ختام هذه الكلمات أحب أن أتركك مع هذه الآيات العظيمة من كتاب الله تعالى والتي أنزلها على عبده محمد صلى الله عليه وسلم لتكون شفاء لقلوب المؤمنين ، ودواء لأمراضها ؛ فاقرأها قراءة تدبر وتأمل لعل الله أن يجعلها بلسماً وشفاءً لما تعانيه من ضيق وعناء :
قال ربنا جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت/30-32
وقال عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأحقاف/13ـ14
وقال جل شأنه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ) الحشر/18-20 ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تبين هذه الحقيقة العظيمة وتوضحها أعظم توضيح ، فعليك بالإقبال على كتاب الله لتجد فيه كل خير ، وتبتعد عن كل سوء وشر .
وأسأل الله أن يشرح صدرك للخير وأن يثبتك عليه حتى تلقاه ، وأن يصرف عنك السوء والشر إنه سميع قريب .
والله تعالى أعلى وأعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 46886
والدها متعلق بها تعلقاً محرَّماً فماذا تفعل ؟:
أنا فتاة عمري 19 سنة ووالدي منجذب لي جنسيّاً ، حاول إغوائي مرة وواجهته ولكنه لا زال يفعل ، أخبرت والدتي ولكنها تصرفت وكأنها لا تدري عن الموضوع مع أنه لدي شعور بأنها تدري ، أظن بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لأننا نعيش في بدل غربي ، وهو بلد جديد بالنسبة لنا ونعتمد ماليّاً على والدي ونريده بجانبنا .
أرجو أن تخبرني بطريقة التصرف مع والدي ، وكيف أعامله ، وهل أمتنع عن الكلام معه تماماً ؟.
الجواب:
الحمد لله
إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا – والله – من المبكيات ، فهل وصلت الحال بأن تنتكس الفطرة وتتلوث بالسوء من الوالد تجاه ابنته ؟!
وهذا الوالد لا شك أنه مريض بانحراف نفسي وجنسي ، وهو يحتاج للعلاج المكثف والسريع لقلبه وعقله ونفسه وجوارحه .
أما أنتِ فعليكِ أن تتخذي من التدابير ما يصعب على والدكِ فرصة أن يجد وقتا أو إمكانية للإغواء والتحرش ، فلا تكوني وحدكِ معه في البيت ، وأغلقي الباب عندما تكونين في غرفتك ، ولا تسمحي له بالدخول عليكِ وحده ، وهذا كله سيقلل من فرص التحرش ، أما وقف هذه الممارسة بالكلية : فلن يكون إلا بعلاج الأب أو فضحه ، وانتبهي أن عليكِ أن تستعدي لما يترتب على فضحه وكشف أمره من آثار عليكِ وعلى الأسرة كاملة ، لكن هذا خير من بقاء الأمر على ما هو عليه الآن .
ولا بدَّ لأمك أن تتقي الله تعالى ، وعدم مبالاتها لما يفعله زوجها أمر تحاسب عليه ، وهي تعتبر شريكة له في جرمه ؛ لأن بإمكانها أن تصده وتردعه عن فعله القبيح .
ويمكنكِ الاستعانة بأحد أقربائكِ الحكماء ليتدخل في الموضوع للحد من انحرافات هذا الأب المريض .(/1)
وهذه الأفعال القبيحة من الآباء لا شك أن لها أسباباً ، وأنه لا يمكن لأحدٍ أن يعالج مشكلة دون أن يقف على الأسباب ويعالجها ، وهذه الأسباب بعضها يرجع للأب وبعضها الآخر من البنت نفسها ، وأسباب أخرى تعود للبيئة المكانية والزمانية .
ومن الأسباب التي تؤدي بالأب لهذا الانحراف الخطير :
1. ضعف الإيمان ، وقلة الخوف من الله ، وانعدام مراقبة الله .
2. الإدمان على الخمور والمخدرات .
3. مرض عقلي أو نفسي .
4. مشاهدة المثيرات الجنسية في القنوات الفضائية ، ورؤية الصور الإباحية .
5. الفراغ والبطالة .
وأما الذي يكون من أسباب من البنت :
1. التساهل في اللباس ، فكثير من البنات يلبسن الضيق والقصير أمام آبائهن وأشقائهن ، وفي ذلك مخالفة للشرع بيِّنة ، وفيها استثارة لقبائح الشهوات الكامنة في النفوس المريضة والتي تستثيرها من قبلُ القنوات الفضائية والصور الإباحية .
2. التساهل في بعض الأفعال ، مثل التقبيل من الفم ، أو المماسة المثيرة ، أو النوم على سرير واحد أو في لحاف واحد مع أبيها أو أخيها ، وهو مخالف للشرع – أيضاً – ومثير لكوامن الشر .
وإذا أردنا العلاج لمثل هذه الأفعال المخالفة للفطرة والشرع ، فينبغي القضاء على تلك الأسباب التي تؤدي لمثل هذه الانتكاسات ، ويكون ذلك بـ :
1. العمل على نشر الفضيلة والأخلاق بين أفراد الأسرة ، وتقوية جانب الإيمان بالله ومراقبته والخوف منه ، وذلك بالحفاظ على الصلاة والطاعات ، والابتعاد عن المنهيات ومساوئ الأخلاق .
2. الابتعاد بالكلية عن رؤية وسماع وقراءة المثيرات من البرامج والقصص .
3. الابتعاد عن صحبة السوء ، والتي لا تدل أصحابها إلا على الشر والسوء .
4. ابتعاد البنت عن اللباس المخالف للشرع ، كلبس الضيق والقصير والشفاف ، والابتعاد عن المماسة المثيرة والتقبيل من الفم .
5. الحرص على المسكن الواسع والذي لا تكون فيه البنت مع والدها أو أشقائها في غرفة واحدة أو في لحاف واحد .(/2)
6. ينبغي للأم أن يكون له دورها في مثل هذه المشاكل وذلك بعدم الغفلة وعدم التساهل مع ما تراه أو تسمعه مما يخالف الشرع ولا تنتظر على الأمور حتى تسوء ولا يمكن إصلاحها ، بل عليها أن تكون متيقظة من أول الأمر ، فلا تسمح لابنتها في التساهل ، ولا لزوجها في أن يفعل ما يشاء .
7. وينبغي إعلام الأقرباء الحكماء بمثل هذه الأفعال لوضع الأمور في نصابها ، فإن لم ينفع هذا مع الأب فيجب عليكم تقديم شكوى للقضاء الشرعي والجهات الأمنية لكف شرِّه عنكم .
8. وعلى أختنا السائلة أن تتشدد في الأمر ولا تتراخى في علاجه ، وننصحها بالدعاء ولتتحرَّ أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل أن يهدي والدكِ وأن يكف شرَّه عنكِ .
9. ويحرم عليكِ التساهل مع أفعال والدك ويجب عليك دفعه بكل ما أوتيتِ من قوة ، وارفعي صوتك في طلب المساعدة ، ولو أدى هذا إلى فضيحته أو سجنه .
10. فإن لم تنفع تلك الحلول فلا ننصحكِ بالبقاء في البيت ، وننصحك بالسكن مع أخوات مستقيمات أو مع أقربائكِ ممن تتوفر عندهم الظروف الشرعيَّة لسكنك معهم .
ونسألك الله تعالى أن يفرج كربكِ ، وأن يزيل همَّك ، وأن يهدي والدكِ ، ويكف شره عنكم .
والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 46917
الحكمة من إمامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء في حادثة الإسراء:
ما العلة في إمامة النبي محمد للأنبياء في ليلة الإسراء و المعراج ، على ماذا يدل هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
العلة من تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بالأنبياء إماماً في المسجد الأقصى الذي هو دار الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام هي الدلالة على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم والرئيس المقدم كما نص على ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله عند أول تفسيره لسورة الإسراء، وقال أيضاً ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن إمامة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء : " ثم أُظْهِرَ شرفُه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له "
ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو مقدم الأنبياء وأفضلهم فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ) رواه مسلم ( 2278)
وقد التمس بعض العلماء حكمة أخرى من تقدمه عليه الصلاة والسلام إماماً للأنبياء فقال :
قوله في الحديث : ( فأممتهم ) فيه – والله أعلم – إشارة إلى تولي هذه الأمة أمر قيادة البشرية . "
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46921
هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم ؟:
سمعت ذات مرة من التلفاز أنه يجوز للفتاة أو المرأة الكشف عن وجهها في سبيل طلب العلم - لا أذكر على أي مذهب – وقال المتحدث : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " اختلاف فقهاء أمتي رحمة " .
وخاصة أنني أستصعب نقلتي النوعية من السفور إلى الحجاب والجلباب ، فدلني على الصواب لأتبعه .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
حديث " اختلاف أمتي رحمة " : حديث موضوع كما في " الأسرار المرفوعة " ( 506 ) ، و" تنزيه الشريعة " ( 2 / 402 ) .
وقال عنه الشيخ الألباني كما في " السلسلة الضعيفة والموضوعة "( حديث رقم 57 ) – :
لا أصل له ، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : " وليس بمعروف عند المحدِّثين ، ولم أقف له على سند صحيح ، ولا ضعيف ، ولا موضوع ، وأقرّه زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
انتهى
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب ، إلا إذا دعت لذلك ضرورة ، كالطبيب المعالج إذا عدمت الطبيبة وبشرط عدم الخلوة ، والخاطب للزواج ، والشهادة أمام القضاء ، ويقتصر فيما سبق على موضع الضرورة دون ما عداه .
وحجاب المرأة ونقابها ليس عائقاً أمام طلب العلم للمرأة ، ولا يصح أن تُجعل منافرة ومضادة بين الستر والعلم ، ولا بارك الله في علم لا يأتي إلا بمعصية وتهتك للمرأة ، وها هي المرأة المتحجبة والمتسترة قد بلغت أعلى المنازل في العلم ونيل الشهادات دون أن تختلط بالرجال أو أن تكشف عن وجهها ، وها نحن نرى كثيراً من الفاشلات في العلم لا يضعن على أجسادهن إلا القليل من الملابس ، فمتى كان التهتك يأتي بالعلم والحجاب يمنع منه ؟! .
وقد أحسن الشاعر بقوله :
ليس الحجاب بمانع تعليمها * فالعلم لم يرفع على الأزياء(/1)
أولم يسع تعليمهن بغير أن * يملأن بالأعطاف عين الرأي
وخمار الوجه فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه عورة .
وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، و ( 11774 ) .
فالقول بجواز كشف المرأة وجهها من أجل طلب العلم غير صحيح .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه ، وأن يجزيكِ خير الجزاء على سؤالكِ واستفساركِ ، والوصية لك أن تبتعدي عن مواطن الريبة والاختلاط ، ولكِ بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله " من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه " ، فاستعيني بالله تعالى واصبري ، وقد تركت النساءُ المسلماتُ الأوَلُ دينهن وأزواجهن وأوطانهن من أجل الدخول في الإسلام ، فهذه النقلة من السفور إلى الحجاب لا شيء مقابل ما فلعلتْه أولئك النسوة ، وثقي أنك ستكونين موضع ثقة وتشجيع أخواتكِ الفاضلات المتسترات ، وسيخففن عنكِ وطأة تلك النقلة ، ولا تلتفتي إلى المعوقات من أهل الشر والفساد نساء ورجالاً ، فهم لا يحبون لكِ الخير ، ولا يتمنوْن لك السعادة والثواب ، أو أنهم لا يعرفون الطريق الحقيقي للسعادة والثواب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 46962
قول بعض المأمومين نشهد وحقا عند ثناء الإمام على الله:
أحيانا نسمع من بعض المأمومين : " آمين ، نشهد ، سبحانك ، وغيرها " في دعاء القنوت ، فإن كان ذلك وارداً أوضحوا لنا متى تقال ؟.
الجواب:
الحمد لله
وردت السنة بأن الإمام إذا قنت في الصلاة فإن المأمومين يؤمنون على دعائه ، فيقولون : آمين ، وأما عند الثناء على الله فإن الأفضل هو سكوتهم اكتفاء بثناء الإمام على الله ، وأما قول بعض المأمومين : " نشهد " و " يا الله " ونحو ذلك ، فهذا لا أصل له .
قال الشيخ بكر أبو زيد :
" وقد حصل من الأغاليط والمحدَثات في الدعاء والذِّكر فيها ما يأتي :
...
45. جواب المأموم على مواطن الذكر من قنوت الإمام بلفظ : " حقّاً " أو " صدقت " أو " صدقاً وعدلاً " أو " أشهد " أو " حق " ونحو ذلك : كلها لا أصل لها .
"تصحيح الدعاء" ( ص419 – 423) مختصراً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 46992
نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة:
نرجو من فضيلتكم إعطاء نبذة عن الإمام أبي حنيفة وعن مذهبه حيث أنني أسمع البعض ينتقصون من مذهب الإمام وذلك لاعتماده في كثير من الأحيان على القياس والرأي .
الجواب:
الحمد لله
الإمام أبو حنيفة هو فقيه الملة عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت التيمي الكوفي ، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة ، وروى عن عطاء بن أبي رباح وهو أكبر شيخ له ، وعن الشعبي وغيرهم كثير .
وقد عني رحمه الله بطلب الآثار وارتحل في ذلك ، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك كما يقول الإمام الذهبي ، حتى قال :" وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه "
وكان الإمام فصيح اللسان عذب المنطق ، حتى وصفه تلميذه أبو يوسف بقوله :" كان أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة ، وأنبههم على ما يريد " ، وكان ورعا تقيا ، شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى ، عرضت عليه الدنيا والأموال العظيمة فنبذها وراء ظهره ، حتى ضُرب بالسياط ليقبل تولي القضاء أو بيت المال فأبى .
حدث عنه خلق كثير ، وتوفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومائة وله سبعون سنة . [ سير أعلام النبلاء 6 \ 390 – 403 ، أصول الدين عند الإمام أبي حنيفة ص 63 ](/1)
أما المذهب الحنفي فهو أحد المذاهب الأربعة المشهورة المتبوعة ، وهو أول المذاهب الفقهية ، حتى قيل :" الناس عالة في الفقه على أبي حنيفة " ، وأصل المذهب الحنفي وباقي المذاهب أن هؤلاء الأئمة - أعني أبا حنيفة ومالك والشافعي وأحمد - كانوا يجتهدون في فهم أدلة القرآن والسنة ، ويفتون الناس بحسب الدليل الذي وصل إليهم ، ثم أخذ أتباع أولئك الأئمة فتاوى الأئمة ونشروها وقاسوا عليها ، وقعدوا لها القواعد ، ووضعوا لها الضوابط والأصول ، حتى تكوَّن المذهب الفقهي ، فتكوَّن المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي وتكوّنت مذاهب أخرى كمذهب الأوزاعي وسفيان لكنه لم يُكتب لها الاستمرار .
وكما ترى فإن أساس تلك المذاهب الفقهية كان قائما على اتباع الكتاب والسنة .
أما الرأي والقياس الذي أخذ به الإمام أبو حنيفة ، فليس المراد به الهوى والتشهي ، وإنما هو الرأي المبني على الدليل أو القرائن أو متابعة الأصول العامة للشريعة ، وقد كان السلف يطلقون على الاجتهاد في المسائل المشكلة " رأيا " كما قال كثير منهم في تفسير آيات من كتاب الله : أقول فيها برأيي ، أي باجتهادي ، وليس المراد التشهي والهوى كما سبق .
وقد توسع الإمام أبو حنيفة في الأخذ بالرأي والقياس في غير الحدود والكفارات والتقديرات الشرعية ، والسبب في ذلك أنه أقل من غيره من الأئمة في رواية الحديث لتقدم عهده على عهد بقية الأئمة ، ولتشدده في رواية الحديث بسبب فشو الكذب في العراق في زمانه وكثرة الفتن .(/2)
ويجب ملاحظة أن المذهب الحنفي المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة ، ليس كل الأقوال والآراء التي فيه هي من كلام أبي حنيفة ، أو تصح أن تنسب إليه ، فعدد غير قليل من تلك الأقوال مخالف لنص الإمام أبي حنيفة نفسه ، وإنما جعل من مذهبه بناء على تقعيدات المذهب المستنبطة من نصوص أخرى للإمام ، كما أن المذهب الحنفي قد يعتمد رأي التلميذ كأبي يوسف ومحمد ، إضافة إلى أن المذهب يضم اجتهادات لتلاميذ الإمام ، قد تصبح فيما بعد هي المذهب ، وليس هذا خاصا بمذهب أبي حنيفة ، بل قل مثل ذلك في سائر المذاهب المشهورة .
فإن قيل : إذا كان مستند المذاهب الأربعة في الأصل الكتاب والسنة ، فلماذا وجدنا اختلافا في الآراء الفقهية بينها ؟
فالجواب : أن كل إمام كان يفتي بحسب ما وصل إليه من دليل ، فقد يصل إلى الإمام مالك حديث فيفتي به ، ولا يصل إلى الإمام أبي حنيفة ، فيفتي بخلافه ، والعكس صحيح ، كما إنه قد يصل إلى أبي حنيفة حديث ما بسند صحيح فيفتي به ، ويصل إلى الإمام الشافعي نفس الحديث لكن بسند آخر ضعيف فلا يفتي به ، ويفتي بأمر آخر مخالف للحديث بناء على ما أداه إليه اجتهاده ، ولأجل هذا حصل الخلاف بين الأئمة - وهذا باختصار - ، لكن المعول والمرجع في النهاية لهم جميعا إلى الكتاب والسنة .
ثم إن الإمام أبا حنيفة وغيره من الأئمة في حقيقة أمرهم وسيرتهم قد أخذوا بنصوص الكتاب والسنة ، وإن لم يفتوا بها ، وبيان ذلك أن كل الأئمة الأربعة قد نصوا على أنه إن صح حديث ما فهو مذهبهم ، وبه يأخذون ، وبه يفتون ، وعليه يستندون .(/3)
قال الإمام أبو حنيفة :" إذا صح الحديث فهو مذهبي "، وقال رحمه الله :" لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه " ، وفي رواية عنه :" حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي " ، زاد في رواية أخرى :" فإننا بشر ، نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا "، وقال رحمه الله :" إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي "
وقال الإمام مالك رحمه الله :" إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ، فانظروا في رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه " ، وقال رحمه الله :" ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم "
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :" ما من أخذ إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعزب عنه - أي تغيب - ، فمهما قلت من قول ، أو أصَّلت من أصل ، فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت ، فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي "
وقال الإمام أحمد :" لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا " ، وقال رحمه الله :" رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار - أي الأدلة الشرعية "
هذه نبذه يسيرة عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، ومذهبه ، وختاما : لا يسع المسلم إلا أن يعرف لهؤلاء فضلهم ، ومكانتهم ، على أن ذلك لا يدعوه إلى تقديم أقوالهم على كتاب الله ، وما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسم - ، فإن الأصل اتباع الكتاب والسنة لا أقوال الرجال ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسم - كما قال الإمام مالك رحمه الله .
ولمزيد من الفائدة انظر ( 5523 ، 13189 ، 23280 ، 21420 )
وانظر المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية لعمر الأشقر .
الإسلام سؤال وجواب(/4)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 46997
إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم:
أنا مسلم جديد وعلمت أنه لا يجوز تلاوة القرآن أثناء السجود . وكما تعلمون أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد . وسؤالي عن الأدعية المقتبسة من القرآن ، هل يجوز الدعاء بالأدعية القرآنية في السجود ؟ أم يعد هذا من التلاوة للقرآن المنهي عنها في السجود ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع أو السجود .
روى مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ – أي جدير وحقيق - أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) .
وروى مسلم (480) عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا .
وقد اتفق العلماء على كراهة قراءة القرآن في الركوع أو السجود .
انظر : "المجموع" (3/411) ، "المغني" (2/181) .
والحكمة من ذلك :
قيل : لأَنَّ أَفْضَل أَرْكَان الصَّلاة الْقِيَام وَأَفْضَل الأَذْكَار الْقُرْآن , فَجَعَلَ الأَفْضَل لِلأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْله فِي غَيْره لِئَلا يُوهِم اِسْتِوَائِهِ مَعَ بَقِيَّة الأَذْكَار . "عون المعبود" .
وقيل : لأن القرآن أشرف الكلام , إذ هو كلام الله , وحالة الركوع والسجود ذل وانخفاض من العبد , فمن الأدب أن لا يقرأ كلام الله في هاتين الحالتين . "مجموع الفتاوى" (5/338) .
ثانياً :(/1)
إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم كقوله تعالى : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) البقرة/201 ، فلا بأس به إذا قصد بذلك الدعاء لا قراءة القرآن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
قال الزركشي : " محل الكراهة ما إذا قصد بها القراءة , فإن قصد بها الدعاء والثناء فينبغي أن يكون كما لو قنت بآية من القرآن " انتهى .
والقنوت بآية من القرآن جائز بلا كراهة .
"تحفة المحتاج" (2/61) .
قال النووي في "الأذكار" (ص 59) :
" ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة " انتهى .
وهذا إذا قصد بالآية الدعاء .
انظر : "الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية" لابن علان (2/308) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : علمنا بأنه لا يجوز قراءة القرآن في السجود ، ولكن هناك بعض الآيات تشتمل على الدعاء مثل قوله تعالى : ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ) ، فما حكم الإتيان بمثل هذه الأدعية الواردة في القرآن في حالة السجود ؟
فأجابوا : " لا بأس بذلك إذا أتى بها على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة للقرآن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/443) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47029
هل تسافر بلا محرم لزيارة الوالدين ؟:
أعيش في بلاد الغربة منذ ثلاث سنوات ولم أزر بلدي منذ ذاك الوقت . عندي طفلان لم يرهما والديّ حتى الآن. ووالديّ يفتقدان لرؤية أطفالي كثيرًا . وزوجي لا يستطيع أن يأخذ إجازة من عمله. فهل يجوز لي في هذه الحالة السفر إلى والديّ دون محرم ؟ علمًا بأن هذا السفر فقط لأجل إدخال السرور على أبوي وإسعادهما .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك ما يلي :
1-عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا " . رواه البخاري ( 1862 ) .
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .(/1)
2-ومن المعقول أن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات وغيرها من وسائل النقل . وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام . وكذلك لو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك . فمن تمام الحكمة أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام بأمرها ولاسيما حيث يقع شيء من الأمور الضارة والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة .
قال النووي رحمه الله : ( فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم ) اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة عن جواز سفر المرأة للحج بدون محرم فأجابت بما يلي : " لا يجوز أن تسافر المرأة لحج أو غيره بدون محرم " فتاوى اللجنة الدائمة 11/97 .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47032
مسألة في الوصية والميراث:
عندي زوجة وابنان وأم وأخت وجدة ( أم أمي ). ولقد ربّانا جدُّنا ( أبو أمي وقد مات ) وكان هو العائل لنا منذ انفصالنا عن أبينا من 23 عامًا. ولم يتصل أبي بنا أبدًا خلال هذه المدة الطويلة . ولم يتول أبي الإنفاق علينا منذ هذا الانفصال . أملك بيتًا كانت أمي قد أهدتني جزءًا منه واستثمرت أنا مالي في جزء منه. والبيت الآن باسمي أنا ، ويشكّل 80 % من ثروتي . وبقية ثروتي المتواضعة عبارة عن أموال نقدية وأسهم. فكيف إذن ينبغي لي كتابة وصيتي الأخيرة في حدود الشريعة الإسلامية ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا : لا تجب كتابة الوصية المتعلقة بتقسيم تركة شخص ما في حياته ؛ لأن من شروط الإرث تحققَ موت المورث ، فإذا تحقق موته وجب تقسيم تركته بالقسمة الشرعية بين ورثته الأحياء ، وذلك لأن نصيبَ كل وارث محدد ومفروضٌ في الشريعة لقوله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء/7
والأفضل أن يترك التقسيم المبكر للتركة إلا إذا خشي المورث الفساد والجدال بين الورثة أو عدم تطبيق الحكم الشرعي في تقسيم تركته لكونه في بلاد تطبق القانون الوضعي لا الشرعي ، فحينئذ يمكنه كتابة ذلك مسبقا .
ثانيا : لو قُدِّر أن ممتلكاتك سوف ينحصر توزيعها على المذكورين في السؤال فقط وهم الابنان والزوجة والأم وأم الأم والأخت والأب ( ذكرت أن أباك حي فهو وإن انفصل عنكم ولم يؤد ما يجب عليه تجاهكم من إنفاق وغيره لكنه يرث منكم وترثونه ) ، فسوف يكون تقسيم التركة عليهم بما يلي :(/1)
الزوجة لها الثمن ، ولكل واحد من الأب والأم السُّدُس ، والابنان يأخذان الباقي من التركة بالسوية . ولا يجوز لك أن توصي لأحد هؤلاء شيئا زائدا عن نصيبه المفروض لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) . رواه الترمذي ( 2046 ) وصححه الألباني .
أما الأخت فهي محجوبة بالابنين والأب فلا ترث بوجودهم . وأما الجدة من جهة الأم فهي محجوبة بالأم ، فلا ترث .
ويجوز لك أن توصي لهما ( الأخت والجدة ) ببعض التركة الذي لا يتجاوز الثلث .
ثالثا : ذكرت في السؤال أن أمك أهدت لك جزءا من البيت ولم تذكر أنها أعطت أختك شيئا منها ، فإن لم تكن أعطيتها شيئا فقد مالت عن العدل في العطية والهبة بين الأولاد ، ولا يجوز للشخص أن يَهَبَ لبعض أولاده ويترك بعضهم ، أو يُفَضِّل بعضهم على بعض في الهبة ، بل يجب العدل بينهم ، لحديث النعمان بن بشير : أنّ أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، لمَّا نَحَلَهُ نِحْلَةً ( أي : أعطاه هدية ) لِيَشْهَدَ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مثل هذا ؟ فقال : لا . فقال : أرْجِعْه . ثم قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) رواه البخاري (2398) .
والعدل بين الأولاد يكون بأن يعطي الابن مثل حظ البنتين ، لأن هذه قسمة الله تعالى في الميراث ، ولا أعدل من قسمة الله .
وعلى هذا فإما أن تعطي أختك ثلث ما أخذته من والدتك ، أو تعيد الهدية لوالدتك . إلا إذا تنازلت الأخت عن حقها فلا بأس .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47048
هل العرش فوق السماء السابعة ؟:
أعرف أن الله فوق السماء والأرض والكل تحته . فهل هذا يعني أن العرش فوق السماء السابعة ؟ .
الجواب:
الحمد لله
مما لا شك فيه أن العرش فوق السماء السابعة بل هو أعلى المخلوقات كلها .
وقد دلت الأدلة الصريحة على ذلك .
فمن ذلك ما رواه البخاري ( 2581 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ " .
وقد تقرر عند جميع المسلمين ، أن الجنة فوق السماء السابعة ، فإذا كان العرش فوق الجنة لزم من ذلك أن يكون العرش فوق السماء السابعة .(/1)
ومما يشهد لهذا المعنى ويدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه ( 4136 ) عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأَنْصَارِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ... وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا " فهذا ظاهر جداً في أن العرش وحملته فوق جميع السماوات .
ومن ذلك مَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه ( 105 ) وفي كتاب التوحيد له (رقم 594 ) عَنْ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ : " بَيْن السَّمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن كُلّ سَمَاء مسيرة خَمْسمِائَةِ عَام . وَفِي رِوَايَة " وَغِلَظ كُلّ سَمَاء مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن السماء السَّابِعَة وَبَيْن الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام , وَالْعَرْش فَوْق الْمَاء وَاَللَّه فَوْق الْعَرْش وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ " وصححه الذهبي في العلو ( ص64 ) وابن القيم في اجتماع الحيوش الإسلامية ( ص 100 ) .
وما أخرجه الذهبي في كتاب العلو كما في مختصره ( 35 )عن عبد الله بن عمرو قال : جعل الله فوق السماء السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش " وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح.(/2)
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على أن العرش سقف المخلوقات وأعلاها .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/203) :
والعرش هو سقف المخلوقات وأعظمها اهـ بتصرف يسير .
وكذا قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/581) ، (25/1998) .
وقاله ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/9، 11) .
وقاله ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (1/311) .
انظر: ( مختصر العلو ـ للذهبي ، والتوحيد لابن خزيمة ، واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47057
تقسيم تركة الوالدين بين الأبناء والبنات ؟:
مال الوالدين سيتم تقسميه على أربع أبناء ذكور وبنت واحدة . فما نصيب كل فرد في الميراث طبقًا للشريعة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا مات أحد الوالدين و كلاهما وليس في ورثتهما سوى أربعة أبناء وبنت فقط فسوف يتم تقسيم التركة بينهم بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين ، أي يكون للبنت سهم واحد ولكل من الأبناء سهمان ، فتقسم التركة على تسعة ، للبنت منها سهم واحد ، والأسهم الثمانية المتبقية للأبناء الأربعة ، لكل واحد منهم سهمان ، وذلك بعد أخذ نفقة تجهيز الميت وتكفينه وقضاء ديون الله وديون العباد المستحقة عليه وإخراج الوصية إذا أوصى قبل موته .
والدليل على ذلك قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/11 .
مثال يوضح هذا التقسيم : لو قُدِّر بعد تكفين الميت وقضاء ديونه ووصيته أن مقدار التركة تسعة آلاف ( 9000 ) مثلا ، فيكون للبنت ألفٌ ( 1000 ) ، ولكل ابن ضعفَ نصيبها أي ألفين ( 2000 ) .
أما إذا وجد مع الأولاد ورثة آخرون كأبي المتوفى أو أمه أو جده أو جدته ، فيعطى هؤلاء نصيبهم ثم تقسم بقية التركة على الأبناء والبنت بالطريقة المذكورة .
تنبيه : في حال موت أحد الزوجين قبل الآخر فإن الحيَّ منهما يرث الميت . وفي الصورة المسئول عنها يكون نصيب الزوج إن ماتت الزوجة قبله الربع ، ويكون نصيب الزوجة إن مات الزوج قبلها الثُّمُن .
وللأولاد المتبقي من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين كما سبق بعد أن يأخذ الموجود من الزوجين نصيبه .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47059
يسأل عن رقية ليرزق بالولد:
تزوج أحد إخواني منذ 5 سنوات وحتى الآن لم يُرزق بولد. والسبب يعلمه الله القدير. وقد أجرى الزوجان كل الفحوصات الطبية اللازمة وأكدّ لهما الأطباء أن كل منهما صحيح ولا توجد أية أمراض والمسألة مسألة صبر حتى يأذن الله. لكن والديّ الزوج غير صابرين إطلاقًا ونصحا الزوجين أن يقوما بالآتي: "ينبغي لكما الصيام لمدة واحد وعشرين يومًا، وقراءة اسم الله المصوّر (ويعني الله خالق الوجه) سبع مرات مع نفخ هذه القراءة في كوب ماء ثم تفطران على هذا الماء بعد صيام الواحد وعشرين يومًا وبإذن الله سترزقان الولد". هل هذا العمل صحيح على ضوء القرآن والسنة ؟ إذا كان صحيحًا ، فأرجو أي دليل على ضوء الكتاب والسنة .
الجواب:
الحمد لله
فإن هذه الصورة التي نصح بها الزوجَ والداه ليست من الرقية الشرعية لعدم ثبوتها في القرآن ولا في السنة الصحيحة فيما نعلم ، ولذلك يجب على الزوجين ترك ذلك العمل واللجوء إلى ما هو مشروع من الرقية الشرعية والأدعية الثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة .
أما الدعاء بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض ومنها العقم فيجوز لعموم قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/180 ، ولثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رقى بعض الناس بقوله : ( أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ) رواه البخاري 5743 ، ومسلم 46،47،48 . (انظر فتاوى اللجنة الدائمة برقم 9120 في مجلة البحوث الإسلامية العدد 27/ الصفحة 64).(/1)
ولكن تحديد اسم من أسماء الله تعالى كتحديد اسم "المصور" بالدعاء لغرض الشفاء يحتاج إلى دليل وحيث لا يوجد ثمَّةَ دليل فالعمل بتحديد اسم من أسمائه تعالى للدعاء يعتبر غير مشروع . والمشروع في الدعاء أن يختار الداعي من الأسماء الحسنى ما يناسب مطلوبه ، كاسم الغفار للدعاء بالمغفرة ونحو ذلك .
وينبغي التنبه إلى أن قضية الإنجاب من عدمه تحت مشيئة الله عز وجل وقدرته ، وقد أخبر الله تبارك وتعالى عن ذلك في محكم كتابه بقوله : ( لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ) الشورى/49-50 . فالأمر مقدر من الله سبحانه وتعالى وحده .
فعلى الزوجين اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الذرية الصالحة ويلحان بالدعاء والذكر، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) الفرقان/74 .
وإذا كان هناك مرض قد تسبب في ذلك فلا بأس من التداوي بالأدوية المباحة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم) رواه أبو داود من حديث أسامة بن شريك برقم 3855 وصححه الألباني وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه ابن ماجة (3482) وصححه الألباني .(/2)
وأياً كان السبب في حصول مثل هذا الأمر ، فيجب على المسلم الاعتماد على الله سبحانه والتوكل عليه والصبر على قضائه وقدره ، ولا بد من التيقن أن في ذلك أجراً وخيرا عظيما بإذن الله تعالى ، ولا بد من التفكر والتدبر في أحوال الناس ومعايشهم ، فمن الناس من ابتلي بذرية سوء سببت لهم الشقاء والعناء في حياته ، والبعض الآخر ابتلي بذرية معاقة ولم يستطع الصبر على تحمل ذلك وتبعاته ، وقس على ذلك الكثير مما يعاني منه بعض الآباء من عقوق وقطيعة رحم ونحو ذلك ، فالله سبحانه لن يقدر للمؤمن إلا ما هو خير له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم برقم 2999 .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47062
حكم صناعة الرجل الآلي:
معلوم أنه في يوم القيامة سيأتي المصورون يقول لهم الله : " أحيوا ما خلقتم "، وهم أشد الناس عذابًا . أسال الآن عن حكم صنع أجهزة الإنسان الآلي ، ما هي الضوابط التي ينبغي اعتبارها عند صنع إنسان آلي ذي قدرات متعددة؟ مع العلم أنه يمكن صنعه على شكل غير شكل الإنسان ( مثل الذكاء الصناعي ، وكاميرا للرؤية ، ومستشعرات لمس الخ ) ؟ .
الجواب:
الحمد لله
صناعة الإنسان الآلي لا تخرج عن حكم التصوير ، وخلاصة ذلك أنه إذا صُمم جهاز آلي على صورة إنسان ، أو صورة أحد ذوات الأرواح ، فإن ذلك محرم ، ويدخل في الوعيد الشديد على المصورين الذين يضاهون خلق الله عز وجل فيقال لهم يوم القيامة : أحيوا ما خلقتم ، ويدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) رواه البخاري برقم 5606 ، ومسلم برقم 2109
أما إذا صمم جهازاً لا على هيئة ذوات الأرواح أو كان تصميمه غير مكتمل بحيث لا يصدق عليه أنه إنسان أو من ذوات الأرواح فلا حرج في ذلك .
واعلم أنه مهما بلغ الإنسان في الدقة والمهارة ، فلن يستطيع أن يصل إلى عشر معشار خلق الله عز وجل : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون/14
انظر الأسئلة ( 34522 ، 26841 ، 32730 ، 34839 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47072
أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمهات المؤمنين رضي الله عنهن:
كم عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وما أسماؤهن؟ أرجو الجواب بدليل واضح مع ذكر رقم الحديث واسم الكتاب ورقم الصفحة . حيث يوجد كثير من الخلط في هذا الموضوع .
الجواب:
الحمد لله
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما يلي :
1- خديجة بنت خويلد رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
وهي أول أزواجه عليه الصلاة والسلام ، وقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم .
عقد البخاري رحمه الله باباً في صحيحه فقال : بَاب تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وروى فيه حديثا عن عائشة رضي الله قَالَتْ : ( مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، هَلَكَتْ ( أي : ماتت ) قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا ) رواه البخاري ( 3815 ) .
2- سودة بنت زمعة بن قيس :
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من النبوة ، طبقات ابن سعد من طريق الواقدي 8/52-53 ، وابن كثير في البداية والنهاية 3/149 .
3- عائشة بنت أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال من السنة العاشرة من النبوة . ابن سعد 8/58-59 . قالت هي نفسها : ( تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين ) . رواه البخاري ( 3894 ) ومسلم ( 1422 ) . وروى البخاري ( 5077 ) أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا .(/1)
4- حفصة بنت عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ ( أي : مات زوجها خنيس ) وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ ، قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ ، فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ، قَالَ : سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ، فَقَالَ : قَدْ بَدَا لِي أَنْ لا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا . قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا . رواه البخاري ( 4005 ) .
5- زينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان على رأس واحد وثلاثين شهرا من الهجرة . طبقات ابن سعد 8/115 .
6- أم سلمة بنت أبي أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :(/2)
روى مسلم (918) عن أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي ، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ، إِلا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ) . قَالَتْ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وفي رواية : ( فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ : مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي فَقُلْتُهَا ، قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
7-جويرة بنت الحارث رضي الله عنها :
وقعت أسيرة في أيدي المسلمين في غزوة بني المصطلق ، وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يعينها في مكاتبتها لعتق رقبتها ، فعرض عليها قضاء كتابتها وزواجه بها فقبلت . فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها صداقها . فلما علم الناس بذلك أعتقوا مَنْ بأيديهم من السبي ( الأسرى ) إكراما لأصهار الرسول صلى الله عليه وسلم . فما كانت امرأة أعظم على قومها بركة منها . رواه ابن إسحاق بإسناد حسن ، سيرة ابن هشام 3/408-409 .
8- زينب بنت جحش رَضِيَ اللَّهُ عَنْها .
وفيها نزل قول الله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) الأحزاب/37 .(/3)
وبهذا كانت تفتخر على نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وتقول : ( زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ) رواه البخاري (7420) .
9- أم حبيبة بنت أبي سفيان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
روى أبو داود ( 2107 ) عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ، فَمَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ . صححه الألباني .
10- ميمونة بنت الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ . رواه البخاري (1837) ومسلم (1410) .
وقوله : (وهو محرم) وهم ، والصواب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها بعد أن تحلل من عمرة القضاء .
انظر : "زاد العاد" (1/113) ، "فتح الباري" حديث رقم (5114) .
11- صفية بنت حيي بن أخطب رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها بعد غزوة خيبر . رواه البخاري (371) .
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ، وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
وانظر : "زاد المعاد" (1/105-114) .(/4)
وقيل : ومن أزواجه ريحانة بنت عمرو النضرية ، وقيل : القرظية ، سبيت يوم غزوة بني قريظة ، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه فأعتقها وتزوجها ، ثم طلقها تطليقة ثم راجعها . طبقات ابن سعد عن الواقدي 8/130 .
وقيل : بل كانت أمَتَه ، وكان يطؤها بملك اليمين . ورجحه ابن القيم في "زاد المعاد" .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 47088
يزعم أن الزكاة لا تتكرر كلّ سنة:
هل الواجب إخراج الزكاة كل عام ؟ لقد اشتريت ذهبًا للادخار الشخصي ، وزنه حوالي 1 كيلوجرام فهل عليّ الزكاة بنسبة اثنين ونصف في المائة بعد مرور أول عام فقط أم يجب إخراج الزكاة عليه كل عام ؟ (الذهب هنا مثال) . وقد قال أحد أئمة الهند أن زكاة الأعيان تجب مرة واحدة فقط في العمر وليس كل عام . وعلى من ادعى أن الزكاة واجبة كل عام أن يأتي بالدليل من الكتاب والسنة .
فما مدى صحة هذا الكلام ؟ وما هو الدليل ؟.
الجواب:
الحمد لله
اتفق العلماء من السلف والخلف على أن الزكاة تتكرر بتكرر الأعوام على الأموال من الذهب والفضة ونحوها .
قال ابن حزم في مراتب الإجماع : " واتفقوا على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول حاشا الزروع والثمار ، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط " [ ص 38 ] ولم يتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بشيء في نقد مراتب الإجماع .
ودليل هذا الإجماع هو عمل الأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوما هذا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة وجامعي الزكاة إلى القبائل والبلدان ، ولم يكونوا يفرقون بين ما أدي زكاته العام الماضي وما لم يؤد ، بل كانوا يأخذون الزكاة على كل ما هو موجود بأيدي الناس من أموال زكوية .
قال ابن سيرين: " كان المصدق يجيء فأين ما رأى زرعا قائما أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة ." المدونة 1/361
وما قاله ذلك الشخص من أن زكاة الذهب لا تتكرر كل عام يدل على جهله ، والواجب أن يُعَلَّم ، وأن يرشد للصواب .
والواجب على المسلم أن لا يتعجل إلى الفتوى بمجرد قول ظهر له ، وعليه الرجوع إلى أقوال العلماء ، والأئمة ليعرف مواضع الإجماع فلا يشذّ عنها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47103
أعطاه والده أكثر مما دفعه فهل يعتبر هذا من الربا:
أحضر لوالدي أغراض البيت من جيبي الخاص ، مثلا 150 ريال ، وأنويها صدقه لكن أبي في بعض المرات يعطيني 200 ريال ، ويقول لا تدفع من جيبك ، فهل إذا أعطاني 200 ريال يعتبر ربا ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إن بر الوالدين من أعظم أسباب دخول الجنة ، ويا حَسرة ، ويا خُسران من أدرك أبويه ولم يجعل بره بهما سبباً في دخول الجنة ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم (2551) وانظر الأسئلة (22782 و 5326 )
ومن أبواب البر التي يحتسب الإنسان أجره فيها عند الله تعالى ، إنفاقه على والديه ، وصلتهما من ماله ، ولك بذلك أجر الصدقة إن شاء الله تعالى . قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري (55)
أما سؤالك ، فإنك إذا اشتريت لأبيك أغراضا بـ 150 ريالا، فأعطاك 200 ، فلا حرج في ذلك، وهو متبرع لك بالزائد عما دفعت ، ولا وجود للربا في هذه المسألة ، بل لا تكاد المراباة تُتصَور بين الابن وأبيه ، وكلاكما على خير إن شاء الله ، فأنت أردت التبرع له بقيمة الأغراض ، وهو تبرع لك بالمبلغ الزائد ، ونسأل الله لكما الأجر والمثوبة وأن يبارك لكما في مالكما .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47123
يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟:
أنا شاب مسلم بمؤمن بالله ورسله وكتبه والحمد لله ولكن بعض الوقت أكون متكاسلا عن الصلاة . أريد حلا أو طريقة لا تجعلني أتكاسل مع العلم أنني أريد ذلك ولكن مكر الشيطان شديد..
الجواب:
الحمد لله
من آمن بالله ورسله وكتبه حقا، وآمن بفرض الصلاة وأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، لم يُتصور منه ترك الصلاة أو التهاون في أدائها ، بل لن يجد حياته ولا أنسه ولا راحته إلا في أداء هذه الشعيرة العظيمة والمحافظة عليها .
وكلما زاد إيمان العبد زاد اهتمامه بما فرض الله عليه ، وذلك من إيمانه أيضا، ولهذا فإن الطريقة التي تجعلك من المحافظين على الصلاة تتلخص فيما يلي :
أولا :
أن تؤمن إيمانا راسخا بفرضيتها وأنها أعظم أركان الإسلام ، وأن تعلم أن تاركها متوعد بالوعيد الشديد ، كافر خارج عن الإسلام، في أصح قولي العلماء ؛ لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي
ثانيا :
أن تعلم أن تأخيرها عن وقتها كبيرة من كبائر الذنوب ؛ لقوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم .
وقوله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
ثالثا :(/1)
أن تحرص على أداء الصلوات في جماعة المسجد ، لا تفرط في واحدة منها ، مدركا أن الصلاة في الجامعة واجبة في أصح قولي العلماء ، لأدلة كثيرة ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " رواه ابن ماجه (793) والدار قطني والحاكم وصححه ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وروى مسلم (653) عن أبي هريرة قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة ؟ فقال نعم قال : فأجب ". إلى غير ذلك من الأدلة ، وانظر السؤال رقم ( 40113 )
رابعا :
أن ترجو بالمحافظة عليها دخولك في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ، فإن منهم " وشاب نشأ في عبادة ربه " ومنهم " رجل قلبه معلق في المساجد " البخاري (660) ومسلم (1031)
خامسا :
أن تحتسب الأجر الكبير المترتب على أدائها لاسيما مع الجماعة ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " البخاري (647) ومسلم (649) .
وروى مسلم (232) عن عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه ".
سادسا :(/2)
أن تقرأ عن فضل الصلاة ، وإثم تضييعها والتكاسل في أدائها ، وننصحك في هذا الخصوص بقراءة كتاب " الصلاة لماذا ؟ " للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم ، وسماع محاضرة : " لماذا لا تصلي ؟ " للشيخ محمد حسين يعقوب ، ففي ذلك نفع كبير لك إن شاء الله .
سابعاً :
تخيّر الأصدقاء الصالحين الذين يهتمون بالصلوات ويرعونها حقها ، والابتعاد عن ضدهم ، فإن القرين بالمقارن يقتدي .
ثامناً :
البعد عن الذنوب والمعاصي في جميع جوانب حياتك والتقيّد بالأحكام الشرعية فيما يتعلق بعلاقتك بغيرك لاسيما علاقتك بالنساء ، إذ المعاصي من أكثر ما يزهد العبد عن الطاعات ويقوي سطوة الشيطان عليه .
نسأل الله أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين ، وأصفيائه المقربين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47142
تعويض ميراث النساء بالهدايا:
ما قولكم في من يعوض ميراث النساء بالهدايا ؟.
الجواب:
الحمد لله
كان مال الميت في نظام الجاهلية الجائر ينتقل إلى الكبير من أبنائه ، فإن لم يكن فإلى أخيه أو عمه ، فلا يورثون الصغار ، ولا الإناث ، بحجة أن هؤلاء لا يَحْمُون الذِّمار ، ( والذِّمار : كل ما يجب على الإنسان أن يحميه ويدافع عنه من الأهل والعِرْضِ ، ونحو ذلك ) ولا يقاتلون ولا يحوزون المغانم .
كان هذا منطق الجاهلية الذي أصبح يحيك في صدور بعض من انتكست فطرته في هذا العصر ، وقد جاء الإسلام معلنا بطلان نظام الجاهلية في التوريث إجمالا بقوله تعالى :
( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء/7 ، ثم نزلت الآيات مبينة تفاصيل توزيع التركة بين النساء والرجال كل ذلك بعدل وحكمة من أحكم الحاكمين . [ انظر التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ص 17 ](/1)
ومنه تعلم أن حرمان النساء من الميراث دون سبب شرعي جريمة من الجرائم ، وعدوان على شريعة الله ، وتعد على حدوده سبحانه ، وقد قال تعالى بعد آيات المواريث ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13-14 ، وثبت في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) رواه مسلم (137)
وأما تعويض النساء عن حقهن في الميراث بالهدايا أو غير ذلك فلا يغني من الحق شيئا ، ولا يزال الإثم يلحق من فعل ذلك مهما قُدِّم ، حتى لو قدم لهن من الهدايا ما يفوق الميراث ، لأنه يُقَدَّمُ على أنه هدية ، ولم يقدم لهن حقهن الشرعي في الميراث .
ولو قدمه على أنه تعويض عن حقهن في الميراث لمن ينفعه ذلك أيضاً ، لأن الهدية شيء ، والبيع والمعاوضة شيء آخر ، فلا بد من انتقال حقهن في الميراث إليهن ، ولا بد من تمكنهن من التصرف فيه بإبقائه على ما هو عليه ، أو بيعه ، أو هبته ، أو غير ذلك مما يحق للمالك في ملكه .
وأما أن يبقى الميراث تحت تصرف الرجال ، فيضطر النساء – إلى بيعه إليهم – أو التنازل عنه بعوض عنه ، أو بغير عوض ، فلا يجوز ، بل هو غصب وظلم ، لقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29(/2)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ ) رواه ابن ماجة (2185) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7662)
وهكذا الحال لو كان الدافع إلى البيع الحياء من الرجال ، والحرص على رضاهم وودِّهم ، لعموم الأدلة السابقة .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
" فلا يصح – أي البيع – من المكره إلا بحق ، فلو أن سلطاناً جائراً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح ، لأنها صدرت عن غير تراض ، ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً أو خجلاً فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه مادمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك " اهـ الشرح الممتع (8/121)
ويشتد الإثم ويعظم إذا كانت المرأة المحرومة من الميراث يتيمة ، أي لم تبلغ فمات والدها ، وحرمت من الميراث ، لأن ذلك داخل في الاعتداء على حدود الله ، وهو داخل أيضا في أكل أموال اليتامى ، وقد قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) النساء/10 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47170
والدا النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أو في النار ؟:
أين والدا الرسول صلى الله عليه وسلم هل هما في الجنة أم في النار ؟ نرجو الإفادة بالحديث الشريف الدال على ذلك .
الجواب:
الحمد لله
ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يدل على أن أبويه في النار .
روى مسلم ( 203 ) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار .
(فَلَمَّا قَفَّى) أي انصرف .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْر فَهُوَ فِي النَّار , وَلا تَنْفَعهُ قَرَابَة الْمُقَرَّبِينَ ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الأَوْثَان فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّار , وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة , فَإِنَّ هَؤُلاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ الأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى وَسَلامه عَلَيْهِمْ اهـ .
وروى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي .
قال في "عون المعبود" :
( فَلَمْ يَأْذَن لِي ) : لأَنَّهَا كَافِرَة وَالاسْتِغْفَار لِلْكَافِرِينَ لا يَجُوز اهـ .
وقال النووي رحمه الله :
فِيهِ : النَّهْي عَنْ الاسْتِغْفَار لِلْكُفَّارِ اهـ .
وقال الشيخ بن باز رحمه الله :(/1)
" والنبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : ( إن أبي وأباك في النار ) قاله عن علم ، فهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ، كما قال الله سبحانه وتعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/1-4 . فلولا أن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم قد قامت عليه الحجة ؛ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه ما قاله ، فلعله بلغه ما يوجب عليه الحجة من جهة دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فإنهم كانوا على ملة إبراهيم حتى أحدثوا ما أحدثه عمرو بن لحي الخزاعي، وسار في الناس ما أحدثه عمرو ، من بث الأصنام ودعائها من دون الله ، فلعل عبد الله كان قد بلغه ما يدل على أن ما عليه قريش من عبادة الأصنام باطل فتابعهم ؛ فلهذا قامت عليه الحجة. وهكذا ما جاء في الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له ، فاستأذن أن يزورها فأذن له، فهو لم يؤذن له أن يستغفر لأمه ؛ فلعله لأنه بلغها ما يقيم عليها الحجة ، أو لأن أهل الجاهلية يعاملون معاملة الكفرة في أحكام الدنيا، فلا يدعى لهم ، ولا يستغفر لهم ؛ لأنهم في ظاهرهم كفار ، وظاهرهم مع الكفرة ، فيعاملون معاملة الكفرة وأمرهم إلى الله في الآخرة " اهـ . فتاوى "نور على الدرب" .
وقد ذهب السيوطي رحمه الله إلى نجاة أبوي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن الله تعالى أحياهما له بعد موتهما وآمنوا به .
وهذا القول أنكره عامة أهل العلم ، وحكموا بأن الأحاديث الواردة في ذلك موضوعة أو ضعيفة جداً .
قال في "عون المعبود" :(/2)
"وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب مُفْتَرًى , وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لا يَصِحّ بِحَالٍ لاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْجَوْزَقَانِيّ وَابْن شَاهِين وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة . وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة الْوَالِدَيْنِ الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَالْعَلامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الأَكْبَر وَفِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة , وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح (يعني حديث : إن أبي وأباك في النار) وَالشَّيْخ جَلال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ خَالَفَ الْحَفاظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الإِيمَان وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ , مِنْهَا رِسَالَة التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّة" اهـ .
وسُئِلَ شَّيْخ الإسلام رحمه الله تعالى :
هَلْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحْيَا لَهُ أَبَوَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَا عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ مَاتَا بَعْدَ ذَلِكَ ؟(/3)
فَأَجَابَ : لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ; بَلْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ . .. وَلا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مِنْ أَظْهَر الْمَوْضُوعَاتِ كَذِبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي الْحَدِيثِ ; لا فِي الصَّحِيحِ وَلا فِي السُّنَنِ وَلا فِي الْمَسَانِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفَةِ وَلا ذَكَرَهُ أَهْلُ كُتُبِ الْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَرْوُونَ الضَّعِيفَ مَعَ الصَّحِيحِ . لأَنَّ ظُهُورَ كَذِبِ ذَلِكَ لا يَخْفَى عَلَى مُتَدَيِّنٍ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا تَتَوَافَرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الأُمُورِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ جِهَةِ إحْيَاءِ الْمَوْتَى ، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَكَانَ نَقْلُ مِثْلِ هَذَا أَوْلَى مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الثِّقَاتِ عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . . .(/4)
ثُمَّ هَذَا خِلافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالإِجْمَاعِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/17، 18 . فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّهُ لا تَوْبَةَ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا . وَقَالَ تَعَالَى : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ سُنَّتَهُ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ لا يَنْفَعُ الإِيمَانُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ ; فَكَيْفَ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ . . . . ثم ذكر الحديثين الذين تقدما في أول الجواب اهـ . "مجموع الفتاوى" (4/325-327) . باختصار .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 47244
والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية:
أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات ( وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله ) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله ، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا ، ولكن عندي بعض المشاكل ؛ أولها : أني لا أجيد العمل التجاري .
وثاني المشاكل : أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة ، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح ، ودفاتر موسيقى ، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح ، وورق لعب وماكينة حلاقة ( أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين ).
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه ، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال ، حتى في حال كفرهما بالله تعالى ، قد سبق بيان ذلك في الأسئلة رقم : (22782) (5326) (5053) .
وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه ، وتستطيع أن تنفع فيه ، فكل ميسر لما خُلِق له ، ومن إصلاح الأعمال ، وأداء الأمانة فيها أن يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه ، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله ، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين ، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك ، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته ، فافعل استرضاءً لأبيك ، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه بوجودك فافعل " ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195 ، ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) البقرة/83(/1)
فإذا اجتهدت في ذلك ، ولم يكن فيه ما يقنع أباك ، فالرأي لك إن شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه الفترة ، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها ، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في ذلك ضرر عليك ، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق ، إن شاء الله ، راجع السؤال رقم (9594) و (47040)
قال رجل للإمام أحمد : لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها
قال تتخوف أن تتبعها نفسك ؟ [ يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة بالجارية إذا بعتها ] ؟ قال : نعم . قال : لا تبعها . قال : إنها تقول : لا أرضى عنك أو تبيعها .
قال : إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [ الآداب الشرعية لابن مفلح (1/448)
لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه ، واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله في محرم ، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً ، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور ، فهذا مما عمت به البلوى ، فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً ، وليست رسماً باليد ، فلا حرج في بيع الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها ، بل الدفتر ، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً ، كما يوجد كثيراً في مثل ذلك ، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد ، ولأن كثيراً من الناس يقصدون اقتناء هذه الصور .
أما بيع دفتر الموسيقى فحرام ، لأنه إعانة على المنكر ، وكذلك بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية ، أما إذا كان سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :(/2)
يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون والفيديو وبعض آلاف العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع ، ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق ؟ وما هو الواجب ؟
فأجاب :
هذا ليس من العقوق ، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك ، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام ، فإن اهتدى فهذا هو المطلوب ، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ليس عليك هداهم ..) وإذا قال لك اجلس في الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم ، بع الأشياء التي غالباً ما يفعل الناس به الشيء المباح ، كالراديو والمسجلات أو الفيديو والتليفزيون فلا تبعه ، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم
الباب المفتوح (1/192) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47357
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام:
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
الجواب:
الحمد لله
الإحرام من الميقات من واجبات الحج والعمرة ، فلا يجوز لأحد تجاوزُ الميقاتِ بدون إحرام وهو يريد أحد هذين النسكين ( الحج أو العمرة ) ، سواء أتى برا أم بحرا أم جوا .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم من تجاوز الميقات بدون إحرام فأجاب بقوله : " من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين : إما أن يكون مريدا للحج أو العمرة ، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك ، الحج أو العمرة ، فإن لم يفعل فقد ترك واجبا من واجبات النسك ، وعليه عند أهل العلم فدية ؛ دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج ولا العمرة ، فإنه لا شيء عليه ، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم قصرت ، وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات لكان الحج يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة ، وأن ما زاد فهو تطوع ، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم فيمن تجاوز الميقات بغير إحرام أي أنه إذا كان لا يريد الحج ولا العمرة ، فليس عليه شيء ، ولا يلزمه الإحرام من الميقات " . فقه العبادات ص 283 وفتاوى أركان الإسلام ص 513 .
وعلى هذا ، فكان الواجب عليك أن تعود إلى الميقات بعد هبوط الطائرة لتحرم منه ، فإن لم ترجع وأحرمت بعد مجاوزة الميقات فالواجب عليك عند أهل العلم أن تذبح شاة وتوزعها على الفقراء في مكة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47398
كيف يملأ الإنسان الفراغ:
أنا أعاني من مشكله الفراغ الشديد ، وبسبب الفراغ بدأت أصاب بحالة غريبة ، فقد بدأت عباداتي تقل بشكل ملحوظ ، ليس لسبب شيء يشغلني بل بسبب ما أصابني من اكتئاب ، فأنا أحفظ القرآن على يد محفظة ، ولكن مازلت في جزء عم ، وأحفظ المطلوب منى ، ويظل لدي وقت فراغ قاتل ولكي أتخلص من حالة الاكتئاب أفتح التلفزيون ، ولكن أنا أكرهه ولا أرغب في مشاهدته ، ولكني الآن أجلس أمامه أكثر من 10 ساعات ، هل تصدق 10 ساعات ؟ وأنا من كنت لا أجلس أمامه إلا قليلا لا أدري !! من فضلك انصحني ماذا أفعل لقتل الفراغ .
الجواب:
الحمد لله
نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده ، حتى أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى : ( وَالْعَصْرِ ) ، لأهمية هذا الوقت وبركته ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسم - : ( اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك ) انظر صحيح الجامع برقم (1077) .
ولما كان أكثر الناس جاهلين بقدر هذه النعمة ، غافلين عما يجب عليهم نحوها من عمارتها بشكر الله وطاعته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412)
والمغبون هو الخاسر في بيعه أو شرائه .(/1)
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : " ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُكَلَّفِ مَثَلا بِالتَّاجِرِ الَّذِي لَهُ رَأْس مَال , فَهُوَ يَبْتَغِي الرِّبْح مَعَ سَلامَة رَأْس الْمَال , فَطَرِيقه فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَحَرَّى فِيمَنْ يُعَامِلهُ وَيَلْزَم الصِّدْق وَالْحِذْق لِئَلا يُغْبَن , فَالصِّحَّة وَالْفَرَاغ رَأْس الْمَال , وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَامِل اللَّه بِالإِيمَانِ , وَمُجَاهَدَة النَّفْس وَعَدُوّ الدِّين , لِيَرْبَح خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَة وَقَرِيب مِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ( هَلْ أَدُلّكُمْ عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم ) الآيَات . وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِب مُطَاوَعَة النَّفْس وَمُعَامَلَة الشَّيْطَان لِئَلا يُضَيِّع رَأْس مَاله مَعَ الرِّبْح "
فتح الباري لابن حجر
وإذا كان الوقت بهذه المنزلة ، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون عنده وقت للفراغ ، لأنه يتقلب من طاعة إلى طاعة ، فإن لم يخرج من طاعة إلى أختها ، فإنه يخرج إلى المباح .
وينبغي أن يصلح فيه نيته ، ليكون له فيه أجر . كما قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأقوم وأنام ، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي " رواه البخاري (6923) ومسلم (1854)
والمشكلة التي تعاني منها الأخت سببها عدة أشياء :
أولا :
أنها لا تعرف قيمة الوقت ، وهذا حال أكثر الناس كما سبق ، بل الأدهى من ذلك أن هذه النعمة العظيمة ، بإهمالها ، والتفريط فيها ، صارت فراغاً مدمراً ، فاعتبرته عدواً لها ، فهي " تقتله " ولم تدر أنها تقتل نفسها .
ثانيا :(/2)
أنها تحس بالاكتئاب ، ولا شك أن إهدار الوقت ، وإضاعة الحياة تسبب اكتئابا شديدا لدى الإنسان ، لأنه يحس أنه مثل الدابة التي تأكل لتنام ، وتنام لتأكل ، ولهذا نرى كثيرا من أهل الكفر ينهون حياتهم بالانتحار ، بعد إصابتهم بالاكتئاب والأمراض المستعصية ، عافانا الله مما ابتلاهم به ، كما أن من أول وأهم أسباب الاكتئاب معصية الله عز وجل ، ولا شك أن إضاعة الوقت في النظر لجهاز التلفاز يؤدي بالإنسان إلى ارتكاب المعصية ، من النظر المحرم ، وسماع المحرم ، وتضييع الوقت ، وغير ذلك مما يسببه هذا الجهاز المفسد ، والفوائد التي تجنيها الأخت في جلوسها في حلقة تحفيظ القرآن الكريم تذهب كثير منها أو كلها بجلوسها أمام التلفاز ، فكما أن الحسنات يذهبن السيئات ، فذلك السيئات تضيع الحسنات .
[ يمكن الرجوع إلى قسم الكتب في الموقع ، ففي " علاج الهموم " تفصيل أكثر لأسباب الهموم وكيفية التغلب عليها ، وفي " أخطار تهدد البيوت " إشارة إلى بعض الآثار المدمرة لجهاز التلفاز .
ثالثا :
أنها تستسلم كثيرا لنفسها في مسألة الوقت ، فليس لديها من العزم ما يقويها على ملء وقتها بما هو مفيد .
ولحل مثل تلك المشكلة ، فإنه يجب على الأخت الفاضلة الحرص على النقاط التالية :
1. العبادات من الأذكار والأوراد والصلوات وتلاوة القرآن والصيام والتفكّر في آيات الله وآلائه .(/3)
2. بخصوص القرآن الكريم ، وقد أشارت السائلة إلى أنها تحفظ المطلوب منها ، ثم يبقى عندها من الفراغ ما تقتله بالتلفاز ، فلِمَ لا تحييه بذكر الله ، والاجتهاد في تلاوة القرآن ، والزيادة في القدر المحفوظ حتى تكمل حفظه ، قبل أن تنشغل بأعباء الحياة ، إن كل حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، إن كل آية هي رِفْعَة وزيادة ، هي رقي وكمال ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في الصحيحة (2240)
3. تبني قضية من قضايا المسلمات في البلد الذي تعيش فيه ، كالمساهمة في تدريس البنات المسلمات ودعم المشاريع الخيرية ونحو ذلك .
4. الرفقة الصالحة باجتماعاتها والجيرة الطيبة بزياراتها .
5. القراءة في الكتب الإسلامية خاصة والقصص المفيدة عامة .
6. الانخراط في مجال الدعوة والأنشطة النسائية ورياض الأطفال في المراكز الإسلامية.
7. سماع الأشرطة والمحاضرات وتلخيصها وتوزيع الملخّص على من يستفيد منه .
8. تعلم بعض العلوم الدنيوية المفيدة من طبخ وخياطة ونحو ذلك .
9. اتخاذ الكمبيوتر والبرامج المفيدة وهو حقل واسع وبحر كبير يأخذ وقتا طويلا ويُمكن استثماره في عمل كثير من الأشياء الطيبة والمفيدة ، وهذا يغني عن الجلوس أمام شاشة التلفاز التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتضر أكثر مما تنفع .
وينبغي عليك مطالعة بعض الكتب التي تتكلم عن أهمية الوقت وكيفية تنظيمه ، وسماع بعض المحاضرات النافعة في ذلك .
وفقنا الله وإياك لكل خير .
وللمزيد مراجعة الأسئلة ( 2267 ) ( 3619 ) ( 26869 ) ( 36546 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 47407
استخدام نغمات موسيقية في الهاتف الجوال:
هل استخدام التليفون المحمول الذي به نغمات فيه شبهة ، لأن هذه النغمات تعتبر موسيقى أم لا ؟ و بصراحة يمكن أن أتجنب هذه الشبهة باستخدام تليفون محمول يكون جرسه آية قرآنية.
الجواب:
الحمد لله
وضع نغمات الهاتف الجوال على الأصوات الموسيقية منكر ومحرم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ على تحريم المعازف حيث قال : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، رواه البخاري (5590)
وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع بحرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . مجموع الفتاوى (11/535 ) .
وآلات اللهو هي آلات الموسيقى .
ويمكن الاستغناء عن هذه النغمات المحرمة بضبط الهاتف على نغمة الجرس المعتادة أو غيرها مما لا يُعدّ من النغمات الموسيقية .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم النغمات الموسيقية في الجوال فأجابت : " لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من الأجهزة ، لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية ويُسْتَغْنَى عنها باستعمال الجرس العادي . وبالله التوفيق
مجلة الدعوة العدد 1795 ص 42 .(/1)
وقد ذكر السائل أنه يمكنه ضبط جرس هاتفه على آية قرآنية ، والأولى أن لا يفعل هذا ، فإنه يُخشى أن يكون في هذا نوع امتهان للقرآن الكريم ، فإن الله تعالى أنزل القرآن ليكون كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم ، فيُقرأ ، ويُرتَّل ، ويُتَدبر ، ويُعمَل بما فيه ، لا ليكون وسيلة تنبيه .
فيكفي السائل أن يجعل هاتفه على نغمة الجرس المعتادة .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47425
الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة والتعامل مع المبتدع:
ما هي الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة ؟ ماذا عن المبتدع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
ينبغي النظر في حال المدعو لأداء الصلاة أو غيرها من العبادات ، ومراعاة ما يلائمها من أساليب الترغيب ، أو الترهيب ، وإن كان الأصل العام في الشرع أن يجمع بينهما ، ثم إنه من الأهمية بمكان مراعاة أحوال المدعو في إقباله أو إدباره ، وتأثره بالموعظة أو انصرافه عنها .
ثانيا :
الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة تتلخص فيما يلي :
1- تذكيره بفرضية الصلاة وأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين
2- إعلامه ببعض فضائل الصلاة ؛ فهي خير ما فرضه الله على عباده ، وخير ما يتقرب به العبد إلى ربه ، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أمر دينه ، والصلوات الخمس كفارة لما بينهن ، ما لم تغش الكبائر ، وسجدة واحدة يرفع العبد بها درجة ، ويحط عنه بها خطيئة .. ، إلى آخر ما ورد في فضائل الصلاة ؛ فإن هذا من شأنه أن تسمح بها نفسه ، إن شاء الله ، ولعلها تصير قرة عينه ، كما كانت قرة عين النبي ، صلى الله عليه وسلم .
3- إعلامه بما ورد في شأن تاركها من الوعيد الشديد، واختلاف العلماء في كفره وردته ، وأن الإسلام لا يتيح لتارك الصلاة فرصة في العيش طليقا بين الناس ، إذ الواجب في شأنه أن يدعى للصلاة ، فإن أصر على الترك ، قتل مرتدا في مذهب أحمد ومن وافقه من السلف ، أو قتل حدا في مذهب مالك والشافعي ، أو حبس وسجن في مذهب أبي حنيفة ، أما أن يترك حرا طليقا ، فلا قائل بذلك من أهل العلم ، فيقال لتارك الصلاة : هل ترضى أن يختلف العلماء في شأنك ، بين الكفر والقتل والحبس ؟!
4- تذكيره بلقاء الله تعالى والموت والقبر ، وما يحدث لتارك الصلاة من سوء الخاتمة وعذاب القبر.(/1)
5- بيان أن تأخير الصلاة عن وقتها كبيرة من الكبائر ؛ ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59 ، قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم، وقال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 ).
6- بيان ما يترتب على القول بكفره من أمور عظيمة ، كبطلان نكاحه ، وحرمة بقائه ومعاشرته لزوجته ، وكونه لا يغسّل ولا يصلى عليه بعد وفاته . ومن النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم (82) ، وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) .
7- إهداؤه بعض الكتيبات والأشرطة التي تتناول موضوع الصلاة وعقوبة تاركها والمتهاون فيها .
8- هجره وزجره في حال إصراره على ترك الصلاة .
وأما المبتدع ، فيختلف التعامل معه حسب نوع بدعته ودرجتها ، والواجب نصحه ودعوته إلى الله ، وإقامة الحجة عليه ، وإزالة شبهته ، فإن أصر على بدعته هُجر وزجر إذا غلب على الظن أن ذلك ينفعه ، وينبغي التثبت أولا في الحكم على شخصٍ ما بأنه مبتدع ، والرجوع في ذلك إلى أهل العلم ، والتفريق بين البدعة وصاحبها ، فربما كان معذورا بجهل أو تأويل .
وانظر تفصيل ذلك في (حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد بن ناصر الغامدي).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47516
الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير:
من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.
الجواب:
الحمد لله
ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :
أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال تعالى :
( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ، وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) متفق عليه(/1)
كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم ؛ فمع أن من أصول إيماننا الإيمان بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :(/2)
( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه السلام ، فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح ، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم ، لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح بعد تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن يونا ، المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم ، ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور ، يكون من قدر إنجيل متى والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :(/3)
( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من أفعاله ومعجزاته )
ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة من الزمان . يقول ابن حزم :
( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....
فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .
وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .
وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من تبديله ) الفصل 2/4-5(/4)
وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات ، ثم ترجمت غير مرة ، على أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم ، واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 47554
حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة:
يقوم بتدريسنا في الجامعة شاب ، فهل يجوز لنا سؤاله والحديث معه في نطاق الدراسة ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في السؤال رقم ( 1200 ) بيان حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء ، وبيان ما فيه من مفاسد دينية ودنيوية .
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن الواجب عليك أيتها الأخت الفاضلة ألا تمكثي في مكان فيه اختلاط بين الرجال والنساء إلا لضرورة ، فإن كانت الجامعة للبنات ، وكان المدرسون من الرجال ، فالخطر أقل ، لكن لا يزال الأمر بأهل الأهواء والشهوات حتى يزيلوا كل حاجز بين الجنسين ، فنوصيك بتقوى الله عز وجل ، ومراقبه في السر والعلن .
يراجع السؤال ( 8827 )
أما حديث المرأة مع الرجل لأجل الحاجة فلا حرج فيه ، بشرط ألا يكون ذلك في خلوة ، ولو كانت هذه الخلوة في مكتب أو قاعة للدراسة لا يوجد غيركما ، مع التزام الحشمة والوقار ، والحجاب الشرعي ، ومراعاة التحدث بما فيه الحاجة دون زيادة أو خضوع بالقول ، مع أمن الفتنة ، فإن كانت المرأة تحس بشهوة أو تتحدث مع الرجل لمجرد الاستئناس ، أو كان الرجل كذلك ، كان الحديث بينهما محرما ، لما يفضي إليه من الفتنة والمعصية .
والله أعلم .
يراجع السؤال ( 1121 ، 10156 ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47565
أسباب الفتور وعلاجه:
ما هو الحل الأمثل للفتور في الإيمان بعد أن كان الشخص يتقي الله ثم أصابه فتور بحيث لم يعد يستطيع أن يقرأ القرآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
للفتور أسباب لا بدَّ قبل العلاج من الوقوف عليها ومعرفتها . ومعرفتها من طرق وعلاج الفتور .
ومن هذه الأسباب : ضعف الصلة بالله تعالى ، والتكاسل في الطاعة والعبادة ، وصحبة ضعيفي الهمة ، والانشغال بالدنيا وملذاتها ، وعدم التفكر في نهاية الدنيا ويعقبه ضعف الاستعداد للقاء الله تعالى .
وأما كيفية علاج المسلم لما يصيبه من فتور في الطاعة والعبادة ، فيكون بعدة أمور منها :
1. توثيق الصلة بربه تعالى ، وذلك عن طريق قراءة القرآن قراءة تفكر وتدبر ، واستشعار عظمة الله تعالى من عظمة كتابه ، والتفكر في عظيم أسمائه وصفاته وأفعاله تعالى .
2. المداومة على النوافل والاستمرار عليها ، وإن كانت قليلة فمن أكثر أسباب إصابة المسلم بالفتور هو الاندفاع بالطاعة والإكثار منها في أول الطريق ، ولم يكن هذا هديه صلى الله عليه وسلم ولا وصيته لأمته ، فقد وصفت عائشة رضي الله عنها عمله صلى الله عليه وسلم بأنه " ديمة " أي : دائم غير منقطع ، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ " ، فإذا أراد المسلم أن لا يصاب بالفتور فليحرص على العمل القليل الدائم فهو خير من كثير منقطع .
3. الحرص على الصحبة الصالحة النشيطة ، فصاحب الهمة يزيدك نشاطا ، والكسول لا يرضى بصحبة صاحب الهمة ، فابحث عن صحبة لها همم تسعى للحفظ وطلب العلم والدعوة إلى الله ، فمثل هؤلاء يحثونك على العبادة ويدلونك على الخير .(/1)
4. قراءة الكتب المتخصصة في سير أعلام أصحاب الهمة لتقف على نماذج صالحة في سيرك إلى الله ، ومن هذه الكتب " علو الهمة " للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم ، وكتاب " صلاح الأمة في علو الهمة " للشيخ سيد عفاني .
5. ونوصيك بالدعاء ، وخاصة في جوف الليل الآخر ، فما خاب من لجأ إلى ربه واستعان بمولاه ليثبته على الطاعة ويعينه على حسن أدائها .
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47569
هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء ؟:
هل الخمار فرض أم فضل ؟ وإن كان فرضاً هل هو فرض على المثيرات الجمال أم على كل نساء الإسلام ؟!.
الجواب:
الحمد لله
الخمار فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه عورة ، وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، وفي جواب السؤال رقم ( 11774 ) تجدين الأدلة التفصيلية في المسألة .
والأمر بالخمار عامٌّ لكل النساء ، ويدل للعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 .
وقد امتثلت نساء المهاجرين والأنصار لهذا الأمر :
قالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها .
رواه البخاري ( 4480 ) وأبو داود ( 4102 ) .
ومعنى " فاختمرن " أي : غطين وجوههن ، كما قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 8 / 490 ) .
وعن أم سلمة قالت : لما نزلت ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية . رواه أبو داود ( 4101 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
ومما لا شك فيه أن كثيراً من النساء من نساء المهاجرين والأنصار كنَّ يتمتعن بجمال مشهور ولم يفهم أحد أنه خاصٌّ بهنَّ دون من عداهنَّ .
فهذه الأحاديث فيها امتثال نساء المهاجرين والأنصار والأمر بستر وجوههن ، ولم يفهمن رضي الله عنهن أن الأمر خاص بالجميلات .
وقد جاءت أقوال العلماء تبين أن الحكم عام لجميع النساء .(/1)
ففي تفسير قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) قال الجصاص الحنفي رحمه الله :
في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن .
" أحكام القرآن " ( 5 / 245 ) .
وقال ابن جزي الكلبي المالكي - رحمه الله - :
كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن .
" التسهيل لعلوم التنزيل " ( 3 / 144 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز ، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره . " مجموع الفتاوى " ( 24 / 382 ) .
وقال السيوطي – رحمه الله - :
هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن . " عون المعبود " ( 11 / 106 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 13646 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47572
هل " مارية القبطية " من أمهات المؤمنين ؟:
إنه مما لا شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بنى بمارية القبطية والتي كانت ملك يمينه ، وأنجبت له ولده إبراهيم ، فهل يطلق على مارية القبطية لقب " أم المؤمنين " أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية ، وقد كانت مارية القبطيَّة نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها .
قال ابن سعد :
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية … وكانت حسنة الدِّين .
" الطبقات الكبرى " ( 1 / 134 – 135 ) .
وقال ابن عبد البر :
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت بالبقيع . " الاستيعاب " ( 4 / 1912 ) .
ومارية رضي الله عنها من إمائه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا من أزواجه وأمهات المؤمنين هن أزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال الله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/6 .
وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية .
قال ابن القيم :
قال أبو عبيدة : كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .
" زاد المعاد " ( 1 / 114 ) .
وانظر في أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمهات المؤمنين رضي الله عنهن – جواب السؤال رقم : ( 47072 )
والله أعلم .(/1)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47618
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟:
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ فِيْهِ : " جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق " ، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ – الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ : قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .(/1)
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجرٍ : " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ : قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121) فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .(/2)
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ : " تَنْبِيْهٌ : فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ سُوْرَةً سُوْرَةً ؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ ؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ، وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم ، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ، وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ " .ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535) عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .(/3)
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ : " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي : السُّيوطِيّ - وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " .اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ، ذَكَرَهَا الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ، 1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ، نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم ، وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي ظِلِّي ، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .(/4)
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 – 246) وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246) وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935) بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76) بَعْدَ ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ، كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .(/5)
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234): "أعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ .
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع . انظر : "صحيح سنن ابن ماجه" ، "صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/6)
رقم 47643
هل يجمع ويقصر مَن سافر وأقام يوماً واحداً ؟:
ذهبت مع والدي إلى سفر وأقمنا يوماً واحداً ثم رجعنا ، هل في هذا اليوم نجمع ونقصر أم نقصر من دون الجمع ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
اختلف أهل العلم – رحمهم الله – في المدة التي إن أقام فيها قصر صلاته وإن زاد عليها أتم على أقوال كثيرة ، والمذاهب الأربعة على أنه إذا كانت إقامة المسافر لا تزيد على ثلاثة أيام فله أن يترخص برخص السفر .
قال ابن رشد :
وأما اختلافهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا قام فيه في بلد أن يقصر : فاختلاف كثير ، حكى فيه أبو عمر – أي : ابن عبد البر - نحواً من أحد عشر قولاً ، إلا أن الأشهر منها هو ما عليه فقهاء الأمصار ولهم في ذلك ثلاثة أقوال :
أحدها : مذهب مالك والشافعي أنه إذا أزمع المسافر على إقامة أربعة أيام أتم .
والثاني : مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري أنه إذا أزمع على إقامة خمسة عشر يوماً أتم .
والثالث : مذهب أحمد وداود أنه إذا أزمع على أكثر من أربعة أيام أتم .
وسبب الخلاف : أنه أمر مسكوت عنه في الشرع والقياس على التحديد ضعيف عند الجميع ، ولذلك رام هؤلاء كلهم أن يستدلوا لمذهبهم من الأحوال التي نقلت عنه عليه الصلاة والسلام أنه أقام فيها مقصراً ، أو أنه جعل لها حكم المسافر .
" بداية المجتهد " ( 1 / 122 ، 123 ) .
وعلى هذا ، فالصورة المسئول عنها وهي إقامة المسافر يوماً واحداً لم يقع فيها خلاف بين الأئمة أنه يقصر الصلاة .
ثانياً :
أما الجمع : فإن كان سائراً على الطريق : فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الأيسر له .
وإن كان نازلاً ( كمن وصل إلى البلد الذي سافر إليه ، أو نزل بالطريق عدة ساعات ليستريح ) : فالأفضل أن لا يجمع ، وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .(/1)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وقوله : " في سفر قصر " ظاهر كلامه أنه يجوز الجمع للمسافر سواء كان نازلاً أم سائراً ، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء .
فمنهم من يقول : إنه لا يجوز الجمع للمسافر إلا إذا كان سائراً لا إذا كان نازلاً .
واستدل بحديث ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء إذا جَدَّ به السير " يعني : إذا كان سائراً .
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين الصلاتين في منى في حجة الوداع ؛ لأنه كان نازلاً ، وإلا فلا شك أنه في سفر؛ لأنه يقصر الصلاة ... .
والقول الثاني : أنه يجوز الجمع للمسافر ، سواء كان نازلاً أم سائراً .
واستدلوا لذلك بما يلي :
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك وهو نازل .
2. ظاهر حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيحين : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلاً في الأبطح في حجة الوداع ، وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأمَّ الناس فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين " قالوا : فظاهر هذا أنهما كانتا مجموعتين .
3. عموم حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم : " جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر " .
4. أنه إذا جاز الجمع للمطر ونحوه : فجوازه للسفر من باب أولى .
5. أن المسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها ، إما للعناء ، أو قلة الماء ، أو غير ذلك .
والصحيح : أن الجمع للمسافر جائز ، لكنه في حق السائر مستحب ، وفي حق النازل جائز غير مستحب ، إن جمع فلا بأس ، وإن ترك فهو أفضل .
" الشرح الممتع " ( 4 / 387 – 390 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 50312 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47652
صبغ الشعر باللون الأسود إذا لم يكن في ذلك غش ولا تدليس:
هل يجوز صبغ الشعر باللون الأسود إذا كان في الأصل أسود ؟ بمعنى أنا شعري أسود فغيرت لونه إلى احمر والآن أريد أن أصبغه باللون الأسود ؟ .
الجواب:
الحمد لله
صبغ الشعر باللون الأسود ورد فيه النهي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وذلك في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أبا قحافة والد أبي بكر رضي الله عنهما أُتِيَ به للنبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه ورأسه ثغامة من البياض فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السود ) رواه مسلم .
فصبغ الشعر بالسواد لا يشرع سواء كان الشعر أحمر أم أبيض وقد نص العلماء على أن العلة في النهي عن الصبغ بالسواد ما فيه من التدليس والخداع وإظهار الإنسان بغير حقيقته ، خاصة وأن الإنسان قد يُعرف عمره من لون شعره من سود وبياض واختلاط ، فصبغ الشعر باللون الأسود يعني أنه شاب وقد يكون كهلاً أو شيخاً كبيراً .
وبناء على هذه العلة ، إذا لم يكن في الشعر شيب ، ولم يكن في صبغه بالسواد تدليس كالصورة التي سألت عنها السائلة بأن يكون الشعر أسود ثم تغير لونه إلى الأحمر ، فهل يجوز صبغه بالسواد ؟
الأولى والأحوط اجتناب ذلك مراعاة للفظ الحديث وعملاً به ، لاسيما وهذه العلة المذكورة – وهي التدليس والغش – إنما هي علة مستنبطة ، استنبطها بعض العلماء ، ولم ينص عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ومما ينبغي التنبه له :(/1)
أن المرأة المسلمة تقدر أهمية الوقت ، وتعرف أن الدنيا مزرعة الآخرة لذا ، فلا ينبغي لها أن تمض كثيراً من وقتها أو أكثره في أمور الجسد والملبس والزينة على حساب وقت عبادتها وطاعتها وتربية أولادها والدعوة إلى دينها ، والإحسان إلى الناس ، وليس يعني ذلك أنها لا تتزين . لا بل تتزين بما أحل الله ولكن في حدود المعقول كماً وكيفاً ووقتاً .
ثم لا ينبغي لها أيضاً أن تتلقف كل جديد ، فلكما رأت موضة جديدة أخذتها وعملت بها ، فإن ذلك قد يوقها في التشبه بالكافرات والفاسقات ، فضلاً عن تضييع الأموال والأوقات التي كان بإمكانها الاستفادة منها هو أنفع لنفسها وأمتها .
والله تعالى المسؤول أن يلهمنا رشدنا ويوقفنا إلى الصواب في القول والعمل .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47664
حكم عمليات زرع الشعر في الرأس:
هل يجوز لي القيام بعملية زرع شعر الرأس ؟ مع العلم أن بي صلعاً , وهل هو حرام مثل الوصل أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
زرع الشعر : هو عبارة عن نقل بصيلات الشعر من منطقة إلى أخرى في رأس الشخص نفسه ، وحكمه : الجواز ؛ لأنه من إزالة العيب لا من تغيير خلْق الله عز وجل .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
تتم زراعة شعر المصاب بالصلع ، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب ، فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب :
نعم يجوز ؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله عز وجل ، ومن باب إزالة العيب ، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل ، فلا يكون من باب تغيير خلق الله ، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب ، ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره فمسحه الملك فردَّ الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً .
" فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 1185 ) .
والحديث الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله رواه البخاري ( 3277 ) ومسلم ( 2964 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 47672
هل تجب الهجرة على من أسلم في بلاد الكفار:
ما حكم من أسلم في بلاد الكفار هل يشمله حديث ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وتجب عليه الهجرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
من أسلم من أهل بلاد الكفر ولم يتمكن من إظهار دينه والقيام بشعائر عبادته، أو خاف على نفسه الفتنة في الدين، ولم يستطع حماية عرضه فإنه يجب عليه الهجرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين )
أما إن كان قادراً على إظهار دينه ، وإقامة الشعائر ، وقدر على الهجرة ، فإنه تستحب له الهجرة في هذه الحالة لا تجب .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتاب المغني : فتستحب له ليتمكن من جهادهم ( يعني الكفار ) ، وتكثير المسلمين ومعونتهم . اهـ
وأما إن كان قادراً على إظهار الدين ، وأمن الفتنة ، ويقوم بالدعوة إلى الله عز وجل وتعليم المسلمين أمر دينهم فإنه يبقى ولا يهاجر ؛ لأن بقاءه فيه مصلحة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث رضي الله عنه لما جاء عند النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وجلسوا عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم رأى اشتياقهم لأهليهم فأمرهم بالرجوع وتعليم من وراءهم فقال : ( ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ) رواه البخاري (6008) ومسلم (674) ، وروى البخاري (1452) ومسلم (1865) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ ، إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ لَشَدِيدٌ ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَهَلْ تُؤْتِي صَدَقَتَهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا .
قال النووي رحمه الله :(/1)
( لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا) مَعْنَاهُ : لَنْ يُنْقِصك مِنْ ثَوَاب أَعْمَالك شَيْئًا , حَيْثُ كُنْت , قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْمُرَاد بِالْبِحَارِ هُنَا الْقُرَى , وَالْعَرَب تُسَمِّي الْقُرَى الْبِحَار , وَالْقَرْيَة الْبُحَيْرَة . قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْمُرَاد بِالْهِجْرَةِ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا هَذَا الأَعْرَابِيّ مُلازَمَة الْمَدِينَة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْك أَهْله وَوَطَنه ، فَخَافَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا يَقْوَى لَهَا ، وَلا يَقُوم بِحُقُوقِهَا , وَأَنْ يَنْكُص عَلَى عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ شَأْن الْهِجْرَة الَّتِي سَأَلْت عَنْهَا لَشَدِيد وَلَكِنْ اِعْمَلْ بِالْخَيْرِ فِي وَطَنك ، وَحَيْثُ مَا كُنْت فَهُوَ يَنْفَعك , وَلا يُنْقِصك اللَّه مِنْهُ شَيْئًا اهـ .
فالهجرة تدور على القدرة على إظهار الشعائر الدينية والتعبد ، فإن لم يستطع وخشي الفتنة وجبت الهجرة ، وإن استطاع أن يظهر الشعائر وتمكن من الهجرة استحبت ، وإن تمكن من إظهار الشعائر وكان يقوم بالدعوة وتعليم المسلمين بقي والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم ، وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى..
وانظر السؤال رقم ( 13363 ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47721
حدود الاستمتاع بين الزوجين وحكم رضاع الرجل من زوجته:
هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع ؟.
الجواب:
الحمد لله
للزوج أن يستمتع بزوجته بما يشاء ، ولم يحرم عليه إلا الإيلاج في الدبر ، والجماع في الحيض والنفاس ، وما عدا ذلك فله أن يستمتع بزوجته بما يشاء كالتقبيل والمس والنظر وغير ذلك .
وحتى لو رضع من ثديها ، فهو داخل في الاستمتاع المباح ، ولا يقال بتأثير اللبن عليه ؛ لأن رضاع الكبير غير مؤثر في التحريم ، وإنما الرضاع المؤثر هو ما كان في الحولين .
قال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يستمتع من زوجته بجميع جسدها ، ما عدا الدبر والجماع في الحيض والنفاس والإحرام للحج والعمرة حتى يتحلل التحلل الكامل .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 19 / 351 ، 352 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يمص ثدي زوجته ، ولا يقع تحريم بوصول اللبن إلى المعدة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله الغديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
رضاع الكبير لا يؤثر ؛ لأن الرضاع المؤثر ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام ، وأما رضاع الكبير فلا يؤثر ، وعلى هذا فلو قدِّر أن أحداً رضع من زوجته أو شرب من لبنها : فإنه لا يكون ابناً لها . " فتاوى إسلامية " ( 3 / 338 ) .
وأما من جهة حل الاستمتاع في غير ما جاء النهي عنه : فإليك أقوال أهل العلم فيه :
قال ابن قدامة :
لا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر , فاختص التحريم به . " المغني " ( 7 / 226 ) .
وقال الكاساني :(/1)
من أحكام النكاح الصحيح حل النظر والمس من رأسها إلى قدميها حالة الحياة ; لأن الوطء فوق النظر والمس , فكان إحلاله إحلالا للمس والنظر من طريق الأولى . " بدائع الصنائع " ( 2 / 231 ) .
وقال ابن عابدين :
سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته وهي تمس فرجه ليتحرك عليها هل ترى بذلك بأسا ؟ قال : لا , وأرجو أن يعظم الأجر . " رد المحتار " ( 6 / 367 ) .
وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المباح بمنع الجماع للحائض في الفرج وإباحة ما عداه من جسدها ، وهو في غير الحائض أوضح في الإباحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله : " ويستمتعُ منها بما دُونه " أي : يستمتعُ الرَّجل من الحائض بما دون الفَرْج .
فيجوز أن يستمتعَ بما فوق الإزار وبما دون الإزار ، إلا أنَّه ينبغي أن تكون متَّزرة ؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كان يأمر عائشة رضي الله عنها أن تَتَّزِرَ فيباشرها وهي حائض ، وأَمْرُه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لها بأن تتَّزِرَ لئلا َّيَرى منها ما يكره من أثر الدَّم ، وإذا شاء أن يستمتع بها بين الفخذين مثلاً : فلا بأس .
فإن قيل : كيف تجيب عن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لما سُئِلَ ماذا يَحِلُّ للرَّجُل من امرأته وهي حائض قال : " لك ما فوق الإزار " ، وهذا يدلُّ على أن الاستمتاع يكون بما فوق الإزار ؟ .
فالجواب عن هذا بما يلي :
1. أنَّه على سبيل التنزُّه ، والبعد عن المحذور .
2. أنه يُحمَلُ على اختلاف الحال ، فقولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح " : هذا فيمن يملك نفسه ، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " لك ما فوق الإزار " : هذا فيمن لا يملك نفسه إما لقلِّة دينه أو قوَّة شهوته . " الشرح الممتع " ( 1 / 417 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47736
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة ؟:
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة أي : داخل الحرم ( للحاجة ) ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز أن يمكَّن الكفار من السكنى في جزيرة العرب ، وقد اختلف أهل العلم في تحديد الجزيرة ، لكنهم لم يختلفوا في كون المدينة النبوية منها .
قال ابن قدامة :
ولا يجوز لأحد منهم ( يعني : الكفار ) سكنى الحجاز ، وبهذا قال مالك , والشافعي ، إلا أن مالكا قال : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " ، وروى أبو داود بإسناده عن عمر أنه " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب , فلا أترك فيها إلا مسلما " قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وعن ابن عباس قال : " أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشياء , قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب , وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالث " رواه أبو داود . " المغني " ( 9 / 285 ، 286 ) .
ثانياً :
يجوز للكفار دخول المدينة للتجارة دون الإقامة ، ويُعطون وقتا كافياً ثم يؤمرون بالمغادرة .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ويجوز لهم دخول الحجاز للتجارة ; لأن النصارى كانوا يتجرون إلى المدينة في زمن عمر رضي الله عنه وأتاه شيخ بالمدينة , فقال : أنا الشيخ النصراني , وإن عاملك عَشَّرَني ( أي : أخذ مني العشر ) مرتين ، فقال عمر : وأنا الشيخ الحنيف ، وكتب له عمر : أن لا يُعَشِّروا في السنة إلا مرة ، ولا يؤذن لهم في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام - على ما روي عن عمر , رضي الله عنه - ثم ينتقل عنه ، وقال القاضي : يقيم أربعة أيام حد ما يتم المسافر الصلاة . " المغني " ( 9 / 286 ) .
ثالثاً :(/1)
ما ذكرناه في المدينة وحرمها لا ينطبق على الحرم المكي ، إذ الكفار ممنوعون من دخوله على كل حال .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 3 / 130 ، 131 ) :
يرى الجمهور , ومعهم محمد بن الحسن من الحنفية : أنه لا يجوز للكافر دخول الحرم المكي بحال ، ومذهب الحنفية أن ذلك جائز بصلح أو إذن .
وأما حرم المدينة فإنه لا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل متاع ، وأما ما عدا ذلك - من أرض العرب - فلا يدخله الكافر إلا بإذن أو صلح ، وللفقهاء في ذلك تفصيل ... انتهى
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47748
ما هي " اللمم " ؟ وما حكم تكرر وقوعها من المسلم العاصي ؟:
قال الله تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) .
عرفت أن اللمم هو صغائر الذنوب ، مثل النظرة والقبلة واللمسة ، وهذه الذنوب يغفرها الله ما اجتنبت الكبائر .
وسؤالي هو : هل معنى ذلك أنه لا يعاقَب العبد على فعل هذه الذنوب حتى في الدنيا إذا تاب منها ثم رجع لها مرة أخرى وهكذا يتوب ويرجع لا يجد العبد أي عقاب من الله على فعل هذه الذنوب ؟.
الجواب:
الحمد لله
سبق في جواب السؤال (22422) بيان اختلاف العلماء في معنى اللمم في قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) النجم/32 ، وأن جمهور العلماء على أن ( اللمم ) هو صغائر الذنوب .
وليس معنى ذلك أن يتساهل الإنسان في ارتكاب الصغائر ، بل الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة ، فتخرج بذلك عن كونها من اللمم .
قال النووي رحمه لله "في شرح مسلم" :
قَالَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه : وَالإِصْرَار عَلَى الصَّغِيرَة يَجْعَلهَا كَبِيرَة . وَرُوِيَ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس وَغَيْرهمَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : لا كَبِيرَة مَعَ اِسْتِغْفَارٍ ، وَلا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار .
مَعْنَاهُ : أَنَّ الْكَبِيرَة تُمْحَى بِالاسْتِغْفَارِ , وَالصَّغِيرَة تَصِير كَبِيرَة بِالإِصْرَارِ اهـ .
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (15/293) :(/1)
" فَإِنَّ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ صَارَ كَبِيرَةً ، وَقَدْ يَكُونُ الإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ الْفَوَاحِشِ ، فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعِشْقِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ فَسَادِ زِنَا لا إصْرَارَ عَلَيْهِ ; وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ : أَنْ لا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ . . . بَلْ قَدْ يَنْتَهِي النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالرَّجُلِ إلَى الشِّرْكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه ِ) البقرة/165 . . . وَالْعَاشِقُ الْمُتَيَّمُ يَصِيرُ عَبْدًا لِمَعْشُوقِهِ مُنْقَادًا لَهُ أَسِيرَ الْقَلْبِ لَهُ اهـ باختصار .
وقد حذرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التهاون في صغائر الذنوب ، فقال :
( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْه ) . رواه أحمد (22302) من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وقال الحافظ : إسناده حسن اهـ .
( وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ) هي الصغائر .(/2)
وروى أحمد (3803) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا : كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا ، فَأَجَّجُوا نَارًا ، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) . حسنه الألباني في صحيح الجامع (2687) .
وروى ابن ماجه (4243) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا عَائِشَةُ ، إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الأَعْمَالِ ، فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا ) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال الغزالي :
تواتر الصغائر عظيم التأثير في سواد القلب ، وهو كتواتر قطرات الماء على الحجر ، فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة ، مع لين الماء وصلابة الحجر اهـ .
ولقد أحسن من قال :
لا تحقرنَّ صغيرةً إنَّ الجبالَ من الحصى .
ثانياً :
إذا تاب العبد من ذنوبه ، فإنها تغفر له ، ولا يعاقب عليها ، لا في الدنيا ولا في الآخرة . ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (4250) . قال الحافظ : سنده حسن . وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال النووي :(/3)
أَجْمَع الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى قَبُول التَّوْبَة مَا لَمْ يُغَرْغِر , كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث . وَلِلتَّوْبَةِ ثَلاثَة أَرْكَان : أَنْ يُقْلِع عَنْ الْمَعْصِيَة ، وَيَنْدَم عَلَى فِعْلهَا ، وَيَعْزِم أَنْ لا يَعُود إِلَيْهَا .
فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ تَبْطُل تَوْبَته ، وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَر صَحَّتْ تَوْبَته . هَذَا مَذْهَب أَهْل الْحَقّ اهـ .
وقال أيضاً :
لَوْ تَكَرَّرَ الذَّنْب مِائَة مَرَّة أَوْ أَلْف مَرَّة أَوْ أَكْثَر , وَتَابَ فِي كُلّ مَرَّة , قُبِلَتْ تَوْبَته , وَسَقَطَتْ ذُنُوبه , وَلَوْ تَابَ عَنْ الْجَمِيع تَوْبَة وَاحِدَة بَعْد جَمِيعهَا صَحَّتْ تَوْبَته اهـ .
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ . ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ .
وفي رواية : (قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ) .
قال النووي رحمه الله :(/4)
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِي تَكَرَّرَ ذَنْبه : ( اِعْمَلْ مَا شِئْت فَقَدْ غَفَرْت لَك ) مَعْنَاهُ : مَا دُمْت تُذْنِب ثُمَّ تَتُوب غَفَرْت لَك اهـ .
وعلى كل حال : فرحمة الله واسعة وفضله عظيم ، ومن تاب : تاب الله عليه ، ولا ينبغي للمسلم أن يتجرأ على المعصية فقد لا يوفق للتوبة ، وما ذُكر في الحديث فهو لبيان سعة رحمة الله تعالى وعظيم فضله على عباده لا ليتجرأ الناس على ارتكاب المعاصي .
وانظر – للفائدة – جواب السؤال رقم : ( 9231 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 47756
ما هو الملتزَم ؟ وما هي كيفية الدعاء عنده ؟:
ما هو الملتزم ؟ وما كيفية الدعاء عنده ؟.
الجواب:
الحمد لله
الملتزم : هو من الكعبة المشرَّفة ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة ، ومعنى التزامه أي : وضع الداعي صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه ودعاء الله تعالى بما تيسر له مما يشاء .
وليس هناك دعاء معين يدعوه المسلم في ذلك المكان ، وله أن يلتزمه عند دخوله الكعبة ( إن تيسَّر له دخولها ) ، وله أن يفعله قبل طواف الوداع ، وله أن يفعله في أي وقت شاء ، وينبغي للداعي أن لا يضيِّق على غيره فيطيل الدعاء ، كما لا يجوز مزاحمة الناس وأذيتهم من أجله ، فإن رأى فسحة ومجالاً دعا وإلا فيكفيه الدعاء في الطواف وسجود الصلاة .
والذي جاء عن الصحابة – رضي الله عنهم – في الالتزام أصح مما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
عن عبد الرحمن بن صفوان قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت : لألبسن ثيابي ، وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم . رواه أبو داود ( 1898 ) وأحمد ( 15124 ) .
وفيه : يزيد بن أبي زياد ، ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم .(/1)
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى استلم الحجر ، وأقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . رواه أبو داود ( 1899 ) وابن ماجه ( 2962 ) . وفيه: المثنى بن الصباح ، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين الترمذي والنسائي وغيرهم. والحديثان يشهد كلٌّ منهما للآخر. وقد صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2138 )
وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " الملتزم بين الركن والباب " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وإنْ أحبَّ أنْ يأتيَ الملتزم - وهو ما بين الحجر الأسود والباب - فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك ، وله أنْ يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإنَّ هذا الالتزام لا فرق بين أنْ يكون حالَ الوداع أو غيره ، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة ، وإنْ شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس : اللهمَّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرتَ لي مِن خلقك وسيرتَني في بلادك حتى بلغتَني بنعمتِك إلى بيتِك وأعنتَني على أداء نسكي فإنْ كنتَ رضيتَ عني فازدَدْ عني رضا وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أنْ تنآى عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك ولا ببيتِك ولا راغبٍ عنك ولا عن بيتِك اللهمَّ فأصحبني العافيةَ في بدني والصحةَ في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتَني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير .
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً . " مجموع الفتاوى " ( 26 / 142 ، 143 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :(/2)
وهذه مسألة اختلف فيها العلماء مع أنها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( يعني لم ترد في حديث صحيح ، بناءً على تضعيف الأحاديث الواردة في هذا ) ، وإنما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ، فهل الالتزام سنة ؟ ومتى وقته ؟ وهل هو عند القدوم ، أو عند المغادرة ، أو في كل وقت ؟ .
وسبب الخلاف بين العلماء في هذا : أنه لم ترد فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن الصحابة – رضي الله عنهم – كانوا يفعلون ذلك عند القدوم .
والفقهاء قالوا : يفعله عند المغادرة فيلتزم في الملتزم ، وهو ما بين الركن الذي فيه الحجر والباب ...
وعلى هذا : فالالتزام لا بأس به ما لم يكن فيه أذية وضيق . " الشرح الممتع " ( 7 / 402 ، 403 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47760
هل تجب الزكاة في الأجرة المستلمة أو المستحقة ؟:
لدينا محل تجاري أجرناه بمبلغ مقداره 72 ألف سنوياً هل علينا زكاة ؟ علما أننا نستلم هذا الإيجار دفعة واحدة ، وننفقه قبل أن يحول عليه الحول .
الجواب:
الحمد لله
العقارات المعدة للتأجير لا زكاة فيها ، وإنما الزكاة في الأجرة التي تحصل فيها بشرطين :
الأول : أن تبلغ نصاباً .
الثاني : أن يحول عليها الحول .
ويبدأ الحول من حين العقد سواء قبض الأجر مقدماً في أول السنة أو مؤخراً في آخر السنة .
فإن قبضها في أول السنة ومر عليها الحول فعليه زكاتها ، أو زكاة ما بقي منها إن أنفق بعضها وبقي بعضها .
وإن قبضها في آخر السنة فعليه زكاتها ، لأن الحول يكون قد مرّ عليها من حين العقد .
قال ابن قدامة – رحمه الله – في المغني (4/271)
ولو أجّر داره سنتين بأربعين ديناراً ملك الأجرة من حين العقد ، وعليه زكاة جميعها إذا حال عليه الحول . اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز عن رجل أجّر عقاراً واستلم الأجرة مقدماً عن سنة ، وسدد بها بعض الديون ، فهل عليه زكاة في هذه الأجرة ؟
فأجاب :
" مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً وتسدد به الدين فإنه لا تجب فيه الزكاة لكونه لم يَحُل عليه الحول ، وهو في ملكك ، والاعتبار في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة ، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة ، وسددت بها الدين أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها " اهـ. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (14/177)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن العقارات المعدة للتأجير هل عليها زكاة ؟
فأجاب :
" لا زكاة عليه في هذه العقارات ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " ، وإنما الزكاة في أجرتها إذا تم عليها حول من حين العقد .(/1)
مثال ذلك : رجل أجر هذا البيت بعشرة آلاف ، واستلم عشرة آلاف بعد تمام السنة ، فتجب عليه الزكاة في العشرة ، لأنه تم لها حول من العقد ، ورجل آخر أجّر بيته بعشرة آلاف خمسة منها استلمها عند العقد وأنفقها خلال شهرين ، وخمسة منها عند نصف السنة ، فأخذها وأنفقها خلال شهرين ، ولما تمّت السنة لم يكن عنده شيء من الأجرة فلا زكاة عليه ، لأنه لم يتم عليها الحول ، ولا بد في وجوب الزكاة من تمام الحول " اهـ. فتاوى الشيخ ابن عثيمين (18/208) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47761
عليه زكاة عروض تجارة وليس عنده نقود:
شخص يملك قطعة أرض حال عليها الحول فوجبت فيها الزكاة لأنها من عروض التجارة ، كيف يخرج الزكاة عنها ؟ مع العلم أنه لا يملك من المال النقدي إلا القليل ، والقليل جدا .
الجواب:
الحمد لله
تجب الزكاة في عروض التجارة بالكتاب والسنة .
أما الكتاب ، فعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ ) البقرة/267.
قال مجاهد : ( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) التِّجَارَةُ .
وأما السنة فروى أبو داود (1562) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ .
والحديث في سنده مقال ، لكن بعض أهل العلم قد حسنه ، كابن عبد البر رحمه الله ، وهو ما اعتمده علماء اللجنة الدائمة للإفتاء .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة (9/331)
فما يعد للتجارة تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول .
وعلى هذا ، أخي السائل ، إن أرضك التي حال عليها الحول يجب إخراج زكاتها بأن تعرف قيمتها في نهاية الحول ، وتخرج ربع العشر فلو كانت قيمتها مثلاً مئة ألف دينار فيجب عليك زكاة 2.5% أي : ألفان ونصف ألف . . وهكذا .
فإن كان عندك نقود وجب إخراجها ، ولا يجوز تأخير إخراج الزكاة حتى تبيع الأرض ، أما إن كنت لا تملك نقوداً تخرجها زكاة ، فإنها تكون دين عليك تؤديه عند الميسرة ، فإن لم يتيسر حتى بعت الأرض وجب عليك إخراج الزكاة من ثمن الأرض لكل السنين التي وجبت فيها الزكاة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :(/1)
"الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة ، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال : ( أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع ) . ومراده بالصدقة هنا الزكاة" اهـ .
وقال أيضاً :
"إذا كانت الأرض ونحوها كالبيت والسيارة ونحو ذلك معدة للتجارة وجب أن تُزكى كل سنة بحسب قيمتها ، عند تمام الحول ، ولا يجوز تأخير ذلك ، إلا لمن عجز عن إخراج زكاتها ، لعدم وجود مال عنده سواها ، فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي زكاتها عن جميع السنوات ، كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول ، سواء كانت القيمة أكثر من الثمن أو أقل من الذي اشتريت به الأرض أو السيارة أو البيت" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/160، 161) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47764
يمنع زوجته من الظهور على أشقائه:
تزوج أخي منذ سنتين تقريبا ، وخلال هذه المدة منع زوجته من الظهور على إخوته ولو بالحجاب ولا التحدث معهم أثناء زيارة إخوته له ، وإلى الآن نحن لا نعرف شكلها ولا تكلمنا معها كلمة واحدة ، السؤال : هل هذا جائز شرعاً أم فيه شيء من التزمت ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على المرأة أن تستر بدنها كاملاً ومنه وجهها عن الرجال الأجانب عنها ، ويتحتم الحجاب أكثر على أقرباء زوجها من الأجانب ، وهو عكس ما يفعله أكثر الناس من المتساهلين في هذه الأيام ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض الصحابة استثناء أقرباء الزوج في الدخول على امرأته قال " الحمو الموت " ، فالواجب – إذن – هو الاحتياط أكثر من أقرباء الزوج – ومنهم إخوانه – لما يقع من تساهل في هذا الأمر .
وقد أحسن أخوكم بمنع امرأته من الظهور عليكم ، وقد أحسنت هي بالاستجابة لأمر الله وأمر زوجها ، وليس هذا من التزمت في شيء بل هو من الاستجابة لأمر الله تعالى ، ولا حاجة لإخوة الزوج في رؤية زوجة أخيهم فضلا عن الجلوس والحديث معها .
ومن أجاز من أهل العلم جلوس المرأة مع أقرباء زوجها فإنما أجازه بشرط عدم وجود ريبة في المجلس أو خلوة بينها وبين أحدهم أو حيث يوجد الغناء أو النظر المحرَّم من كلا الطرفين ، وهذه – للأسف – هي أكثر مجالس عامة الناس ، وفي حال خلو المجلس مما سبق من المنكرات والمحرمات مع التزام المرأة بحجابها الكامل فيجوز لها الجلوس والكلام بشرط أن لا تخضع بالقول إلا أن الأفضل والأكمل والأحوط أن لا تفعل ، وهو ما فعله أخوكم ، حتى تظل القلوب على نقائها وصفائها وخلوها من الطرق التي ينفذ من خلالها الشيطان .(/1)
ولا ينبغي أن يعكر فعل أخيكم على علاقتكم به ، وعلى علاقة نسائكم بزوجته ، فهما على خير ودين ، وينبغي لكم التقرب منهما والاستفادة من طريقتها في علاقتهما مع الناس ، واعلموا أن عتب الإخوة على أخيهم من عدم كشف امرأته عليهم أو عدم جلوسهم معها مما يوجب الريبة فيهم ، ولستم – إن شاء الله – من هذا النوع من الناس ، لكن قد يسوِّل الشيطان للمرء أمراً ويزينه له ، فيجعل المعروف عنده منكراً ، والمنكر عنده معروفاً ، ويجعل التستر والحياء تزمتا ، والتميع والانفلات ثقة وتقدما .
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا وجوارحنا ، وأن يجمع بينكم على خير ، وأن يؤلف بين قلوبكم ، وأن يجعلكم قدوة صالحة للناس .
وانظر جواب السؤال ( 21363 ) و ( 13261 ) – مهم – .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47779
يمتنع من تدريس الموسيقى للطلاب ، ويسأل عن راتبه:
لا أعلم كيف حصلت على بكالوريوس التربية الموسيقية !! لأنني لا أفقه شيئاً عن الموسيقى !! وبناءاً على شهادتي عينت مدرس للموسيقى في إحدى المدارس الحكومية. وبعد أن عرفت حكم الموسيقى فإني أحمد الله كثيراً على أنى لا أعرف كيف أشرحها للطلاب وبالتالي لا أجد ما أعلمهم سوى أنى أجعلهم في حصتي يعملون الواجبات المدرسية أو يذاكرون أي شيء آخر أو أرد على أسئلتهم الدينية أو أجعل بعضهم يقرأ القرآن وأشجعهم بأن الذي سيحفظ بعض الآيات سوف أعطيه جائزة .. وأحياناً (قليلة جداً) أتركهم لا يفعلون شيئاً...
و يوجد معي زميل آخر وهو أيضاً بفضل الله لا يشرح الموسيقى للطلاب و يتبع معهم نفس أسلوبي وقد حاولنا مع رؤسائنا تغيير المسمى الوظيفي لنا إلى تدريس أي نشاط آخر مباح. أو إلى الجانب الإداري ولكنهم رفضوا !؟ فهل نكون آثمين إذا بقينا على ما نحن عليه ؟ وما حكم المرتب ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم أخي السائل الكريم أن الموسيقي حرام الاشتغال بها والإجارة عليها ، وتعليمها .
فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون في آخر الزمان أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) رواه البخاري .
والحديث يدل دلالة واضحة على تحريم الحر هو الزنا، والحرير هو المعروف المحرم على الذكور دون الإناث، والخمر وهي معلومة ، والمعازف وهي آلات اللهو والموسيقي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (يستحلون) والاستحلال لا يكون إلا بعد التحريم .
وقد نص الفقهاء في كتاب البيع على تحريم بيع المعازف وآلات اللهو .(/1)
فالموسيقي العمل بها وتعلمها وتعليمها حرام ، والمال المكتسب منها حرام ، وجزاك الله خيراً على امتناعك من تعليم الطلبة هذا الأمر المحرم ، وأنك تعلمهم ما ينفعهم ، وتتركهم يعملون ما ينفعهم ، وحاول أخي السائل مع المسؤولين مرة بعد مرة إلى أن ينقلوك إلى عمل إداري أو إلى تدريس نشاط آخر ، ولا تمل وعاود مرة بعد مرة واستعن بالله من قبل ومن بعد فقم الليل وادعو الله عز وجل، وابتهل إليه أن يفتح قلوب هؤلاء المسؤولين فيستجيبوا لطلبك .
أما بالنسبة للراتب الذي تتقاضاه
فالأصل أنه حرام لأنه في مقابلة عمل محرم ، وهو تعليم الموسيقى .
ولكن نظراً إلى أنك لا تقوم بهذا العمل المحرم ، وتحاول نفع الطلاب وإفادتهم ، وذلك خير لك ولهم ، فنرجو أن لا يكون في أخذك هذا الراتب حرج إن شاء الله تعالى ، ويمكنك أن تنوي نية حسنة في حال بقائك في هذا المكان ، فوجودك أنفع للطلاب من عدمه ، لأنه سيأتيهم من المدرسين من لا يخاف الله ويعلمهم الموسيقى .
وفقك الله لما يحب ويرضى .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47819
كيفية صيام داود عليه السلام وكيف نوفق بينه وبين النهي عن صيام يوم الجمعة:
أريد معرفة كيفية صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ، حيث إن صومه - كما هو معروف - يصوم يوماً ويفطر يوماً كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن قد نُهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم ، فكيف يكون نصوم يوماً ونفطر يوماً ؟ وهل كان يوم الجمعة في عهد داود عليه الصلاة والسلام غير منهي عنه بالإفراد ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً : جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل الصيام صيام داود : كان يصوم يوماً ويفطر يوماً " .
ولا تتعارض هذه الأفضلية مع النهي عن صيام يوم الجمعة ؛ لأن النهي عن صيام الجمعة إنما هو فيمن خصَّه من بين الأيام ، والذي يصوم صيام داود عليه السلام ( يصوم يوماً ويفطر يوماً ) لم يتقصد يوم الجمعة بصيام .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - دليل على أن صوم يوم الجمعة أو السبت إذا صادف يوماً غير مقصود به التخصيص : فلا بأس به ، لأنه إذا صام يوماً ، وأفطر يوماً : فسوف يصادف الجمعة والسبت ، وبذلك يتبين أن صومهما ليس بحرام ، وإلا لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : صم يوماً ، وأفطر يوماً ، ما لم تصادف الجمعة والسبت .
" الشرح الممتع " ( 6 / 476 ) .
ثانياً : وأما سؤالك عن حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام في شريعة داود عليه السلام .
فلا نعلم شيئاً عن الأحكام العملية في شريعة داود عليه السلام من حيث النهي عن صيام الجمعة أو غيره ، والمعلوم أن لكل نبي شرعة ومنهاجاً ، وهم – عليهم الصلاة والسلام – عقائدهم واحدة وشرائعهم مختلفة .
قال الله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ) المائدة/48(/1)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والأنبياء إخوة لعَلاَّت ، أمهاتهم شتَّى ، ودينهم واحد " . رواه البخاري (3259) ومسلم (2365) .
ومعنى الحديث : أن دين الأنبياء واحد ، وهو توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة ، وإن تفرقت شرائعهم ، كمثل الإخوة الذين لهم أب واحد وأمهات شتى ( وهم الإخوة لعَلاّت ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47834
هل تقبل التوبة إذا لم يُقم الحد على الشخص ؟:
أنا عندي سؤال محيرني وأفكر فيه ، إذا أقدم شخص متزوج أو غير متزوج على الفواحش والكبائر من سرقة وغيبة وربا وغيره ودام عليها وقتاً طويلاً ، وثم عرف الله وتاب لله توبة نصوحاً خالصة لوجه الله تعالى واستسمح الذين اغتابهم ورد الذي سرق وتخلص من الربا والذي بينه وبين الله من زنا وشرب وتقصير في صلاة تاب منه ولم يعد إليه ولكنه لم يُحدَّ فهل الله تعالى يقبل توبته ويقبل عبادته مهما كثرت ذنوبه أو يمكن أن لا يقبل الله توبته وتكون عبادته مردودة ؟ وهل الله ينجيه من عذاب القبر ومن دخول النار ؟ وماذا عليه أن يعمل ليتلافى العذاب ويرضي الله سبحانه وتعالى ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم – أخي – أنه لا يجوز للمسلم أن يستعظم ذنبه الذي تاب منه ؛ لأن رحمة الله وعفوه ومغفرته أعظم من ذنوبه .
وما كان من الذنوب متعلقاً بالعباد فالواجب إرجاع الحقوق إلى أصحابها ، وما كان بين العبد وبين ربه تعالى فيكفي فيه التوبة والاستغفار والندم والعزم على عدم الرجوع إلى تلك الذنوب ، وليس من شرط التوبة أن يقام الحد على التائب ، فالستر بستر الله تعالى منها ، وتحقيق التوبة الصادقة خير من الاعتراف لإقامة الحد .
وهذا الشخص قد أحسن بتوبته وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، فلا يأتينه الشيطان من قبَل توبته ليفسدها عليه .
واعلم أن الله تعالى يبدل سيئات التائب حسنات ، فقال الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً . إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيماً . ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً ) الفرقان/68 – 71 .(/1)
والحدود التي بلغت السلطان هي التي يجب إقامتها ، وأما التي لم تبلغه : فإن الأفضل التوبة منها والاستتار بستر الله تعالى .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الحدود إذا بلغت الحاكم الشرعي وثبتت بالأدلة الكافية : وجب إقامتها ، ولا تسقط بالتوبة بالإجماع ، قد جاءت الغامدية إلى النبي صلى الله عليه وسلم طالبة إقامة الحد عليها بعد أن تابت ، وقال في حقها : " لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم " ، ومع ذلك قد أقام عليها الحد الشرعي ، وليس ذلك لغير السلطان .
أما إذا لم تبلغ العقوبة السلطان : فعلى العبد المسلم أن يستتر بستر الله ، ويتوب إلى الله توبة صادقة ، عسى الله أن يقبل منه .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 15 ) .
وقالوا – ردا على من رغب بإقامة الحد وشك في قبول التوبة من الزنا - :
إذا تاب الإنسان إلى ربه توبة صادقة خالصة : فإن الله سبحانه وتعالى قد وعد بأنه سيقبل توبة التائب ، بل ويعوضه حسنات ، وهذا من كرمه وجوده سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68 – 70 .
والتوبة من شروطها : الإقلاع عن الذنب ، والندم على ما تقدم منه ، والعزم على أن لا يعود إليه ، وإن كان حق من حقوق الآدميين : فيطلب منهم المسامحة .(/2)
وقد ثبت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه في بيعة النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ... فمن وفَّى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب منها شيئاً من ذلك فستره الله فهو إلى الله ، إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له " ، وقد حثَّ صلى الله عليه وسلم على التوبة الصادقة ، وقال في قصة ماعز " هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه " ، وروى مالك في " الموطأ " عن زيد بن أسلم وفيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله ، مَن أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله ، فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته : نُقِم عليه كتاب الله " .
فعليك بالتوبة الصادقة ، والمحافظة على الصلوات مع الجماعة ، والإكثار من الحسنات .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 44 ، 45 ) .
وللاستزادة يرجى النظر في أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 23485 ) و ( 20983 ) و ( 728 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47889
هل التاجر ملزم بحد معين في الربح؟:
هل هناك نسبة معينة في ربح التاجر ؟.
الجواب:
الحمد لله
ليست هناك نسبة معينة يلزم التاجر التقيد بها في ربح تجارته ، لكن إذا كان للسلعة سعر معروف في السوق ، فلا يجوز له أن يخدع المشتري ويبيعه بأزيد من السعر المعروف مستغلا جهله وعدم درايته . ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تلقوا الجَلَب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيدُه السوقَ فهو بالخيار ) رواه مسلم (1519).
والجَلَب : هو البضاعة المجلوبة من محل إلى غيره .
والمراد بالسيد هنا : صاحب الجلب ، وقد جعل الشارع له الخيار إذا أتى السوق ، لأن المتلقي غالبا ما يخدعه ويشتري منه بغير سعر السوق ، فإذا وجد الأمر كذلك ، كان له الخيار فإما أن يمض العقد ، وإما أن يفسخ . والشاهد من الحديث هو النهي عن تلقي هؤلاء التجار لما فيه من خديعتهم والشراء منهم بغير سعر السوق .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه : هل الأرباح محدودة في الدين الإسلامي ؛ إن كان كذلك فما هو الحد الأقصى ، أو غير محدودة فكيف تفسرون ذلك ؟
فأجابت : ( ليست الأرباح في التجارة محدودة ، بل تتبع أحوال العرض والطلب ، كثرة وقلة ، لكن يستحسن للمسلم تاجرا أو غيره أن يكون سهلا سمحا في بيعه وشرائه ، وألا ينتهز فرصة غفلة صاحبه فيغبنه ( أي : يخدعه ) في البيع والشراء ، بل يراعي حق الأخوة الإسلامية ) انتهى من فتاوى اللجنة 13/91 .
وسئلت أيضا : هل يجوز للتاجر أن يكسب أكثر من 10% من البضاعة ؟
فأجابت: ( كسب التاجر غير محدود بنسبة شرعا ، لكن لا يجوز للمسلم أن يخدع من يشتري منه ، فيبيعه بغير السعر المعروف في السوق ، ويشرع للمسلم ألا يغالي في الربح ، بل يكون سمحا إذا باع وإذا اشترى ؛ لحث النبي صلى الله عليه وسلم على السماحة في المعاملة ) انتهى من فتاوى اللجنة 13/92 .(/1)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47924
كفارة الزنى مع المتزوجة:
ما هي كفارة من زنى مع متزِوجة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الزنا كله شر وبلاء ، لكنه مع المتزوجة أعظم إثماً ، لما فيه من الاعتداء على الزوج بانتهاك عرضه . قال الله تعالى في شأن الزنا: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان ) رواه أبو داود (4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (2/138) : ( وعُلم من ذلك أيضا أن الزنا له مراتب : فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم ، وأعظم منه بأجنبية لها زوج ، وأعظم منه بمحرم ، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما ، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ، وزنا الحر والعالم لكمالهما أقبح من القن ( العبد ) والجاهل ) انتهى .(/1)
وكفارة الزنا مع المتزوجة وغيرها : هي التوبة الصادقة المشتملة على شروطها ، من الإقلاع عن هذه الجريمة إقلاعاً تاماً ، والندم على ما فات ، والعزم على عدم العودة إليها مطلقا . من فعل ذلك فقد تاب إلى الله تعالى ، ومن تاب تاب الله عليه ، وقبله ، وبدل سيئاته حسنات ، كما قال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 ، وقال : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70
وروى البخاري (4436) ومسلم (174) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا ، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَل : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) وَنَزَلَتْ : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ) .(/2)
فمن وقع في الزنا فليبادر بالتوبة إلى تعالى ، وليستتر بستره ، فلا يفضح نفسه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 663 ) .
وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 47951
هل يجوز أن يقول القائل عبارة " لكم تحياتي " ؟:
في نهاية الخطابات الرسمية بين الدوار الحكومية وبالأخص الخاتمة يذكر ( ولكم تحياتي ) أو ( ولكم تحياتنا ) وكما هو معروف بأن التحيات لله وحده لا شريك له ، فما رأيك بهذا ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج أن يقول الشخص لآخر : لك تحياتي أو مع تحياتنا ونحو ذلك من العبارات .
وأما التحيات التي هي لله وحده ، فهي التحيات الكاملة العامة ، كما في التشهد في الصلاة : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) .
وأما التحية الخاصة من رجل لآخر فلا بأس بها .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - عن هذه الألفاظ " أرجوك " ، " تحياتي " ، و " أنعم صباحاً " ، و " أنعم مساءً " ؟
فأجاب بقوله :
لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به .
وكذلك" تحياتي لك " ، و " لك منى التحية " ، وما أشبه ذلك لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء/86 ، وكذلك " أنعم صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي .
" المناهي اللفظية " ( السؤال الثامن ) .
وفي السؤال التاسع والعشرين سئل الشيخ أيضاً رحمه الله : عن عبارة " لكم تحياتنا " وعبارة " أهدي لكم تحياتي " ؟
فأجاب قائلاً :
عبارة " لكم تحياتنا " ، و " أهدي لكم تحياتي " ونحوهما من العبارات : لا بأس بها ، قال الله تعالى : ( إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء/86 .
والتحية من شخصٍ لآخر جائزة ، وأما التحيَّات المطلقة العامة فهي لله ، كما أن الحمد لله ، والشكر لله ، ومع هذا فيصح أن نقول " حمدتُ فلاناً على كذا " و " شكرتُه على كذا " ، قال الله تعالى ( أن اشكُر لي ولوالديك ) لقمان/14 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/1)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47971
وقعا في الزنا وتابا وتزوجا وتجزم بوقوع العذاب وتشويه أطفالهما:
لدي صديقة تعرفت على شخص منذ 6 سنوات والحمد لله تم الزواج ، ولكن قبل الزواج تم فعل الفاحشة ، وصديقتي نادمة جدّاً تبكي ليل نهار وتصلي الصلوات ، مع كل يوم صلاة استغفار ، وبعد الزواج ذهبوا للعمرة وينويان الحج ، ولكن زوجها يريد أطفالاً وهي خائفة أن تنجب طفلاً مشوهاً عقاباً من الله سبحانه وتعالى وتقول : إن من زنى يلاقي عذاباً في الدنيا والآخرة حتى لو تاب ، هل هذا صحيح ؟ وهل سيدخل النار ؟.
الجواب:
الحمد لله
نحمد الله تعالى على أن وفقهما للتوبة ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثيبهما وأن يثبتهما ، ولا شك أن ما فعلاه من الفاحشة سبب لعقاب الله تعالى في الدنيا والآخرة .
والتوبة الصادقة من هذا الفعل ، والندم على فعله ، والعزم على عدم العوْد إليه ، والبكاء على ما وقع من تفريط في جنب الله تعالى وهتك حرمات المسلمين : يُرجى أن يكون خيراً لهذا التائب وأن يكون سبباً في تبديل سيئاته حسنات .
ولا ينبغي لهذه الأخت أن يصل بها المقام في التوبة إلى حدِّ القنوط من رحمة الله ، فقد يدخل الشيطان عليها من هذا الباب ويصدها عن التوبة وفعل الخير .
فيحسن منها أن تندم وتبكي وتتوب وتستغفر تعظيماً لما وقع منها ومن زوجها من معصية ، ولكن لا يحسن منها القنوط من رحمة الله وظن السوء به تعالى .
وقد أعلمنا ربنا تعالى أنه يغفر الذنوب جميعاً مهما عظمت وكثرث لمن تاب منها ، ونهانا عن القنوط من رحمته ، فقال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .(/1)
وأعلمنا تعالى أنه يبدل السيئات حسنات لمن صدق في توبته ، ولو وقع منه الشرك والقتل والزنا ، وهي أعظم الذنوب ، فقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68 – 70 .
وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بتوبة عبده ، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وبه يُعلم خطأ القول : ( إن الزاني يعذَّب في الدنيا والآخرة ولو تاب ) وما سبق من الأدلة يدل على بطلان هذا القول ، بل يرغِّب الله تعالى عباده في التوبة ، ويثيبهم عليها إن فعلوا ، ولا يعاقبهم .
ولا داعي للخوف من الإنجاب ، ولا داعي للقلق .
واسألوا الله تعالى الذرية الصالحة ، واستعينوا بربكم تبارك وتعالى ، وأكثروا من الأعمال الصالحة ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لما فيه رضاه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 47996
حكم الأغاني الدينية ، وهل يأثم بسماع الأغاني في المحلات والحافلات ؟:
ما حكم الغناء ؟ وما هو حكم سماع الأغاني ؟ وإذا كان محرما , فما حكم الأغاني الدينية ؟
وما حكم سماع الأغاني بدون القصد (مثلا في ميكروباص أو محل)؟.
الجواب:
الحمد لله
الغناء إن كان مصحوبا بآلات الموسيقى ، فإنه يحرم فعله ، وسماعه ، سواء كان من رجل أو امرأة ، ولا يستثنى من ذلك إلا الغناء المصحوب بالدف من قبل النساء ، في العرس والعيد وقدوم الغائب ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم 5000 ، ورقم 20406 وأما الأغاني الدينية ، فإن صحبتها الموسيقى ، أو كانت من امرأة لرجال فهي محرمة . وتسميتها بالأغاني الدينية في هذه الحال هو من باب تسمية الشيء بغير اسمه تلبيساً وخداعاً حتى يقبله الناس ، إذ كيف تكون أغانٍ دينية وقد حرمها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟!
وإن خلت من الموسيقى ، وكانت من رجل ، وبكلام نافع مفيد جازت ، ولا ينبغي الإكثار من سماعها .
وقد أفتت اللجنة الدائمة بفتوى مفصلة في حكم الأناشيد الإسلامية ، وهذا نصها : ( صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذئ ساقط ، واشتمالها على ما لا خير فيه ، بل على ما فيه لهو وإثارة للهوى والغريزة الجنسية ، وعلى مجون وتكسر يغري سامعه بالشر . وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه .(/1)
ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من الحكم والمواعظ والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز العواطف الإسلامية ، وينفر من الشر ودواعيه ، لتبعث نفس من ينشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله وتنفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله ، لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمه ، وعادة يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعٍ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه ، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير ، وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه .
وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حزبا من القرآن يتلوه ، وَوِرْداً من الأذكار النبوية الثابتة فإن ذلك أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر وطمأنينة القلب ، قال الله تعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23 ، وقال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) الرعد/28، 29 .
وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب والسنة حفظا ودراسة وعملاً ، ومع ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل حفر الخندق وبناء المساجد ، وفي سيرهم إلى الجهاد ونحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، ويعيروه جل همهم وعنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم .(/2)
أما الطبل ونحوه من آلات الطرب فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك ، والله الهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 4/532 .
وأما سماع الأغاني أو الموسيقى من غير قصد ولا إصغاء ، كما لو سمعها الإنسان في محل ونحوه ، فلا إثم عليه ، فالمحرم هو الاستماع لا مجرد السماع ، وعليه أن يبذل النصح عن المنكر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( أما السماع دون قصد ولا إصغاء كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات ، ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك ، فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه ، وعليه أن ينصح وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ويسعى في التخلص مما يمكنه التخلص منه وسعه ، وفي حدود طاقته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ) انتهى ، نقلا عن فتاوى إسلامية 4/389 .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 48005
الدخول في شركة من يتعامل بالرشوة والربا:
شخص تاجر تقدم إليه رجل بملغ مالي لكي يتاجر به ، ولكن صاحب المبلغ يتعامل بالرشوة والربا ، فهل على هذا التاجر إثم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الذي يكتسب المال من وجوه محرمة كالربا والرشوة والسرقة والغش .. ونحو ذلك ، إذا كان ماله مختلطاً فيه الحلال والحرام صحّت معاملته بيعاً وشراءً ومشاركةً مع الكراهة ، وإن عُلم أن المال الذي يريد الاتجار فيه من عين الحرام ، لم تجز مشاركته ولا العمل معه فيه .
قال ابن قدامة في المغني (4/180) :
" وإذا اشترى ممن في ماله حرام وحلال , كالسلطان الظالم , والمرابي ; فإن علم أن المبيع من حلال ماله , فهو حلال , وإن علم أنه حرام , فهو حرام ... فإن لم يعلم من أيهما هو , كرهناه ؛ لاحتمال التحريم فيه , ولم يبطل البيع ; لإمكان الحلال , قَلَّ الحرام أو كَثُر . وهذا هو الشبهة , وبقدر قلة الحرام وكثرته , تكون كثرة الشبهة وقلتها " انتهى .
وجاء في حاشية قليوبي وعميرة (2/418) :
" وتصح الشركة وإن كرهت كشركة ذمي وآكل الربا ومن أكثر ماله حرام " انتهى .
وفي حاشية الدسوقي (3/277) :
" اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام : المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم ، خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك .
وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال : فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله ، وهو المعتمد ، خلافا لأصبغ المحرم لذلك .
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة ، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى .
ثانياً :(/1)
الواجب عليك قبل مشاركة من هذه حاله نصحه وترغيبه في التوبة والتخلص من المظالم ، والحرص على طيب الكسب ، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب ، وترهيبه من الاستمرار في أكل الحرام فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48008
هل يجوز الاحتفاظ بالطيور داخل القفص ؟:
هل يجوز الاحتفاظ بالطيور داخل القفص ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجوز الاحتفاظ بطيور الزينة ومثيلاتها في أقفاص خاصة من أجل منظرها أو صوتها ، بشرط تقديم الطعام والشراب لها .
وقد ثبت في الصحيحين – البخاري ( 5778 ) ومسلم ( 2150 ) - أنه كان لأخي أنس بن مالك لأمه يقال له " أبو عمير " كان له طائر وكان اسمه " النغير " فمات الطائر وحزن عليه الصبي ، فمازحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " يا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ " .
والنُّغَيْرُ : طائر صغير يشبه العصفور ، وقيل : هو البلبل .
وقد استُدل بهذا الحديث على جواز حبس الطائر ؛ لعدم إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أبي عمير . انظر " فتح الباري " ( 10 / 548 ) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما الحكم فيمن يجمع الطيور ويضعها في قفص وذلك لكي يتسلى بها أولاده ؟ .
فأجاب :
لا حرج في ذلك إذا أعد لها ما يلزم من الطعام والشراب ؛ لأن الأصل في مثل هذا الأمر الحل ، ولا دليل على خلاف ذلك فيما نعلم ، والله ولي التوفيق . " فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 1793 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :(/1)
بيع طيور الزينة - مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل - لأجل صوتها جائز ؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح ، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها ، بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها ، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : " قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ ، قَالَ : أَحْسِبُهُ فَطِيمًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ .... الحديث ، والنُّغَر نوع من الطيور ، قال الحافظ ابن حجر في شرحه " فتح الباري " في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال : وفيه ... جواز لعب الصغير بالطير ، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به ، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات ، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه ، وقص جناح الطير إذ لا يخلو طير أبي عمير من واحد منهما ، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم ، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دخلت امرأة النَّارَ في هرة حبستها لا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ " أخرجه البخاري في الصحيح ، وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية ، وبعضهم منع ذلك ، قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة ، بل هو من البطر والأشر ورقيق العيش ، وهو أيضاً سفه لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران ، وتأسف على التخلي في الفضاء ، كما في كتاب " الفروع وتصحيحه " للمرداوي ( 4 / 9 ) ، و " الإنصاف " ( 4 / 275 ) .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 38 – 40 ) .(/2)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 48953
هل يدخل في النهي عن الإسبال النساء أيضاً ؟:
قرأت حديث لبس السروال المسدل تحت الكعب ، فهل ينطبق هذا على النساء أيضاً ، أم أنه للرجال فقط .
الجواب:
الحمد لله
لا ينطبق ما ورد من الوعيد على الإسبال في حق الرجال على النساء ؛ لأن النساء أُمرن بستر أقدامهن ، وأبيح لهن إطالة ثيابهن بمقدار ذراع .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبراً ، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن ، قال : فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه " .
رواه الترمذي ( 1731 ) والنسائي ( 5336 ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } .
قال ابن حزم :
هذا نص على أن الرّجلين و الساقين ، مما يُخْفَى ، ولا يحلّ إبداؤه .
" المحلى " ( 3 / 216 ) .
قال القاضي عياض :
أجمع العلماء على أن هذا ممنوع في الرجال دون النساء .
" طرح التثريب " ( 8 / 173 ) .
قال النووي :
وأجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء , وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعا .
" شرح مسلم " ( 14 / 62 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز :
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم بين كل خير ودعا إلى كل خير وحذر من كل شر ، وقال عليه السلام " ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار " خرجه البخاري في صحيحه . فالإزار والسراويل والقميص والبشت كلها يجب ألا تنزل عن الكعبين فما نزل عن ذلك ففيه الوعيد المذكور في حق الرجال . أما النساء فعليهن أن يرخين الملابس حتى تستر أقدامهن ؛ لأنهن عورة؛ فلا يجوز للرجل أن يتشبه بالنساء في إرخاء الثياب ولا في غير ذلك .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 28 ) .(/1)
وقال – رحمه الله - :
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقا ، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر ، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ ، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة ،
أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 380 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48955
أحرمت بالعمرة من مكة فماذا عليها؟:
أنا من سكان مكة وأردت العمرة ولم أذهب للميقات لإصرار أخي أنه لا يلزم ذلك ، ولكن أنا أعلم بوجوب الميقات. ما الحكم ؟ وإذا كان عليّ دم عمرة وأردت إرساله لخارج المملكة فهل يجوز ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من كان بمكة وأراد أن يعتمر فإنه يجب عليه الخروج إلى الحل (خارج حدود الحرم) ليحرم بالعمرة ، ولا يجوز له أن يحرم بالعمرة من مكة ، فإن فعل ذلك فعليه عند جمهور العلماء دم أي : يذبح شاة في مكة ويوزعها على مساكين الحرم .
روى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . . . فذكرت الحديث وقالت : فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ .
وروى البخاري (1215) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ . فَقَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ ، فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ . (أَحْقَبَهَا) أي أركبها خلفه .
وفي رواية للبخاري ومسلم : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن : ( اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنْ الْحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ) .
قال النووي :(/1)
( اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ) فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّة وَأَرَادَ الْعُمْرَة فَمِيقَاته لَهَا أَدْنَى الْحِلّ , وَلا يَجُوز أَنْ يُحْرِم بِهَا مِنْ الْحَرَم . . .
قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ لِيَجْمَع فِي نُسُكه بَيْن الْحِلّ وَالْحَرَم , كَمَا أَنَّ الْحَاجّ يَجْمَع بَيْنهمَا فَإِنَّهُ يَقِف بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلّ , ثُمَّ يَدْخُل مَكَّة لِلطَّوَافِ وَغَيْره هَذَا تَفْصِيل مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَهَكَذَا قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى الْحِلّ , وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم وَلَمْ يَخْرُج لَزِمَهُ دَم . وَقَالَ عَطَاء : لا شَيْء عَلَيْهِ . وَقَالَ مَالِك : لا يُجْزِئهُ حَتَّى يَخْرُج إِلَى الْحِلّ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَقَالَ مَالِك : لا بُدّ مِنْ إِحْرَامه مِنْ التَّنْعِيم خَاصَّة . قَالُوا : وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِرِينَ مِنْ مَكَّة , وَهَذَا شَاذّ مَرْدُود , وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير أَنَّ جَمِيع جِهَات الْحِلّ سَوَاء , وَلا تَخْتَصّ بِالتَّنْعِيمِ . وَاَللَّه أَعْلَم اهـ .
وأما من كان بمكة وأراد أن يحرم بالحج فإنه يحرم من موضعه بمكة ولا يلزمه الخروج إلى الحل .(/2)
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ .
قال الحافظ :
( حَتَّى أَهْل مَكَّة مِنْ مَكَّة ) أَيْ لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْمِيقَات لِلإِحْرَامِ مِنْهُ بَلْ يُحْرِمُونَ مِنْ مَكَّة, وَهَذَا خَاصّ بِالْحَاجِّ . وَأَمَّا الْمُعْتَمِر فَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُج إِلَى أَدْنَى الْحِلّ. قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : لا أَعْلَم أَحَدًا جَعَلَ مَكَّة مِيقَاتًا لِلْعُمْرَةِ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مناسك الحج والعمرة" (ص 27) بعد أن ذكر المواقيت ، قال :
ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه فيحرم منه ، حتى أهل مكة يحرمون من مكة إلا في العمرة فيحرم من كان في الحرم من أدنى (أي أقرب) الحل اهـ . ثم استدل بحديث عائشة المتقدم مع أخيها عبد الرحمن .
ثانيا :
يجب ذبح الشاة بمكة وتوزيعها على مساكين الحرم ، ولا يجوز توزيعها خارج مكة . وذلك لقول الله تعالى في جزاء الصيد في الإحرام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) المائدة /95. وقوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .(/3)
وسئلت اللجنة الدائمة عن جماعة أحرموا بالعمرة من كدى (مكان بمكة) ولم يخرجوا إلى التنعيم .
فأجابت :
أخطأ هؤلاء الذين أحرموا بالعمرة من كدى ، لأن كدى ليست من الحل ، بل من الحرم ، وليست كالتنعيم ، ولا الجعرانة ، لأن كلا من التنعيم والجعرانة من الحل ، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ، ولم يعتمر من التنعيم ، وإنما أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب مع أخته عائشة لتحرم بالعمرة من التنعيم ، لأنها أقرب مكان من الحل إلى الحرم ، ولو كان الإحرام بالعمرة داخل حدود الحرم جائزا شرعا لأذن لعائشة أن تحرم من مكانها بالأبطح ، ولم يكلفها وأخاها الذهاب إلى التنعيم للإحرام منه بالعمرة ، لما في ذلك من المشقة دون حاجة وهم على سفر ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ، وقياس كدى على التنعيم والجعرانة غير صحيح ،لأن الإحرام من المواقيت تعبدي وعمرتهم صحيحة ، وعلى كل منهم ذبيحة لإحرامهم بالعمرة من الحرم اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (صـ 515) :
فيجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يهل منه ، ولا يتجاوزه ، فإن فعل وتجاوز وجب عليه أن يرجع ليحرم منه ، وإذا رجع وأحرم منه فلا فدية عليه ، فإن أحرم من مكانه ولم يرجع فعليه عند أهل العلم فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 48956
هل للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف؟:
هل من حق زوجها منعها من الاعتكاف ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها ، لأن اعتكافها في المسجد يفوت حق الزوج .
فإن أذن لها فله الرجوع في الإذن وإخراجها من الاعتكاف .
قال ابن قدامة (4/485) :
وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ إلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . . . فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ لَها , ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَها مِنْهُ بَعْدَ شُرُوعِها فِيهِ , فَلَه ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ . . . فَإِنْ كَانَ مَا أُذِنَ فِيهِ مَنْذُورًا , لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهُا مِنْهُ ; لأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ , وَيَجِبُ إتْمَامُهُ , فَيَصِيرُ كَالْحَجِّ إذَا أَحْرَمَت بِهِ اهـ بتصرف .
وقد دلت السنة على جواز منع الرجل امرأته من الاعتكاف إلا بإذنه .
روى البخاري (2033) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَإِنَّهُ أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ أَرَادَ الاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ وَأَمَرَ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَةُ فَقَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ وَتَرَكَ الاعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ .(/1)
وفي رواية للبخاري : ( فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَة فَأَذِنَ لَهَا , وَسَأَلَتْ حَفْصَة عَائِشَة أَنْ تَسْتَأْذِن لَهَا فَفَعَلَتْ ) .
قال النووي :
( نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَة فَقَالَ : الْبِرّ يُرِدْنَ ؟ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ )
( قُوِّضَ ) أَيْ : أُزِيلَ .
( الْبِرّ ) أَيْ : الطَّاعَة .
قَالَ الْقَاضِي : قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلام إِنْكَارًا لِفِعْلِهِنَّ , وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِبَعْضِهِنَّ فِي ذَلِكَ , كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ , قَالَ : وَسَبَب إِنْكَاره أَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُنَّ غَيْر مُخْلِصَات فِي الاعْتِكَاف , بَلْ أَرَدْنَ الْقُرْب مِنْهُ ; لِغَيْرَتِهِنَّ عَلَيْهِ , أَوْ لِغَيْرَتِهِ عَلَيْهِنَّ , فَكَرِهَ مُلازَمَتهنَّ الْمَسْجِد مَعَ أَنَّهُ يَجْمَع النَّاس وَيَحْضُرهُ الأَعْرَاب وَالْمُنَافِقُونَ , وَهُنَّ مُحْتَاجَات إِلَى الْخُرُوج وَالدُّخُول لِمَا يَعْرِض لَهُنَّ , فَيَبْتَذِلْنَ بِذَلِكَ , أَوْ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُنَّ عِنْده فِي الْمَسْجِد وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي مَنْزِله بِحُضُورِهِ مَعَ أَزْوَاجه , وَذَهَبَ الْمُهِمّ مِنْ مَقْصُود الاعْتِكَاف , وَهُوَ التَّخَلِّي عَنْ الأَزْوَاج وَمُتَعَلِّقَات الدُّنْيَا وَشِبْه ذَلِكَ ; أَوْ لأَنَّهُنَّ ضَيَّقْنَ الْمَسْجِد بِأَبْنِيَتِهِنَّ . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِصِحَّةِ اِعْتِكَاف النِّسَاء ; لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَذِنَ لَهُنَّ , وَإِنَّمَا مَنَعَهُنَّ بَعْد ذَلِكَ لِعَارِضٍ , وَفِيهِ أَنَّ لِلرَّجُلِ مَنْع زَوْجَته مِنْ الاعْتِكَاف بِغَيْرِ إِذْنه , وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة , فَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَهَلْ لَهُ مَنْعهَا بَعْد ذَلِكَ ؟ فِيهِ خِلاف لِلْعُلَمَاءِ ,(/2)
فَعِنْد الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد لَهُ مَنْعها وَإِخْرَاجهمَا مِنْ اِعْتِكَاف التَّطَوُّع اهـ .
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْرُهُ : فِي الْحَدِيث إِنَّ الْمَرْأَة لا تَعْتَكِف حَتَّى تَسْتَأْذِن زَوْجهَا وَأَنَّهَا إِذَا اِعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا , وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنَّ يَرْجِعَ فَيَمْنَعَهَا . وَعَنْ أَهْل الرَّأْي إِذَا أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَنَعَهَا أَثِمَ بِذَلِكَ وَامْتَنَعَتْ , وَعَنْ مَالِك لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ اهـ من "فتح الباري" .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 48961
اعتمرت ونسيت أن تقصر شعرها ثم اعتمرت مرة أخرى:
اعتمرت ونسيت أن أقصر شعري ثم ذهبت وأحرمت بعمرة جديدة وطفت وسعيت وقصرت شعري . فما حكم عمرتي الأولى والثانية وماذا يجب علي ؟.
الجواب:
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
إدخال العمرة على العمرة ليس عند فقهاء المسلمين ، فتكون العمرة الثانية لاغية ، وتقصيره يقع عن العمرة الأولى .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48963
حديث ضعيف في تحريم الإعانة على قتل مسلم:
يوجد حديث صحيح . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمه جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ) يعنى : لا تنزل رحمة الله على من ساعد الكافر فى قتل المسلم . هذا ما فهمته من الحديث . والرجاء التوضيح.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث رواه ابن ماجه ( 2620 ) والعقيلي في الضعفاء ( 457 ) والبيهقي في السنن (8/22) وهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال الإمام أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح .
بل حكم عليه أبو حاتم بأنه موضوع ، وأقرّه الذهبي ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/104) ، وقال ابن حبان : هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث الثقات .
وقال ابن حجر والمنذري: حديث ضعيف جداً . وقال الزيلعي : وهو حديث ضعيف .
وقد ذكره الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" وقال : ضعيف جداًّ .
ثانيا :
مع ضعف هذا الحديث فلا شك أن الإعانة على قتل المسلم بغير حق من الكبائر .
قَالَ العز بْن عَبْد السَّلَام رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه ( الْقَوَاعِد ) :(/1)
"إِذَا أَرَدْت مَعْرِفَة الْفَرْق بَيْن الصَّغِيرَة وَالْكَبِيرَة فَاعْرِضْ مَفْسَدَة الذَّنْب عَلَى مَفَاسِد الْكَبَائِر الْمَنْصُوص عَلَيْهَا ; فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ أَقَلّ مَفَاسِد الْكَبَائِر فَهِيَ مِنْ الصَّغَائِر , وَإِنْ سَاوَتْ أَدْنَى مَفَاسِد الْكَبَائِر أَوْ رَبَتْ عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ الْكَبَائِر فَمَنْ شَتَمَ الرَّبّ سُبْحَانه وَتَعَالَى , أَوْ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ اِسْتَهَانَ بِالرُّسُلِ , أَوْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ , أَوْ ضَمَّخَ الْكَعْبَة بِالْعَذِرَةِ , أَوْ أَلْقَى الْمُصْحَف فِي الْقَاذُورَات فَهِيَ مِنْ أَكْبَر الْكَبَائِر . وَلَمْ يُصَرِّح الشَّرْع بِأَنَّهُ كَبِيرَة . وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ اِمْرَأَة مُحْصَنَة لِمَنْ يَزْنِي بِهَا , أَوْ أَمْسَكَ مُسْلِمًا لِمَنْ يَقْتُلهُ , فَلَا شَكّ أَنَّ مَفْسَدَة ذَلِكَ أَعْظَم عَنْ مَفْسَدَة أَكْل مَال الْيَتِيم , مَعَ كَوْنه مِنْ الْكَبَائِر . وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّار عَلَى عَوْرَات الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمه أَنَّهُمْ يَسْتَأْصِلُونَ بِدَلَالَتِهِ , وَيَسْبُونَ حَرَمَهُمْ وَأَطْفَالهمْ , وَيَغْنَمُونَ أَمْوَالهمْ , فَإِنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى هَذِهِ الْمَفَاسِد أَعْظَم مِنْ تَوَلِّيهِ يَوْم الزَّحْف بِغَيْرِ عُذْر مَعَ كَوْنه مِنْ الْكَبَائِر . وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَبَ عَلَى إِنْسَان كَذِبًا يَعْلَم أَنَّهُ يُقْتَل بِسَبَبِهِ ; أَمَّا إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ كَذِبًا يُؤْخَذ مِنْهُ بِسَبَبِهِ تَمْرَة فَلَيْسَ كَذِبُهُ مِنْ الْكَبَائِر" اهـ .
وقد تصل إعانة الكافر على قتل المسلم في بعض الأحوال إلى الكفر . فقد ذكر أهل العلم أن من نواقض الإسلام : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين . راجع السؤال رقم (33691) .
ثالثاً:(/2)
لا يجوز لأحد أن يتساهل في نسبة الأحاديث إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) . رواه البخاري (1291) ومسلم (4) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه .
قال النووي :(/3)
"ضَبَطْنَاهُ : يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْكَاذِبِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْع وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي اللَّفْظَتَيْنِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الرِّوَايَة فِيهِ عِنْدنَا الْكَاذِبِينَ عَلَى الْجَمْع , وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدِيثُ سَمُرَةَ الْكَاذِبَيْنِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ عَلَى التَّثْنِيَة . . . وَذَكَرَ بَعْض الأَئِمَّة جَوَاز فَتْح الْيَاء فِي يُرَى وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ , فَأَمَّا مَنْ ضَمَّ الْيَاء فَمَعْنَاهُ يُظَنُّ , وَأَمَّا مَنْ فَتَحَهَا فَظَاهِرٌ وَمَعْنَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون بِمَعْنَى يَظُنُّ أَيْضًا . فَقَدْ حُكِيَ رَأَى بِمَعْنَى ظَنَّ . وَقُيِّدَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ ; لا يَأْثَم إِلا بِرِوَايَتِهِ مَا يَعْلَمهُ أَوْ يَظُنّهُ كَذِبًا , أَمَّا مَا لَا يَعْلَمهُ وَلَا يَظُنّهُ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي رِوَايَته وَإِنْ ظَنَّهُ غَيْرُهُ كَذِبًا , أَوْ عَلِمَهُ , وَأَمَّا فِقْهُ الْحَدِيثِ فَظَاهِرٌ فَفِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ" اهـ .
وإذا لم يكن عند الشخص القدرة العلمية التي يستطيع أن يعرف بها صحة الحديث أو ضعفه فالواجب عليه أن يسأل أهل العلم المختصين بهذا الشأن والرجوع إلى أقوال الأئمة والحفاظ المدونة في الكتب ، عملاً بقوله تعالى : ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل/43 .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 48965
إحياء ليلة القدر وحكم الاحتفال بها:
كيف يكون إحياء ليلة القدر؛ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء ، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ) . ولأحمد ومسلم : ( كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها ) .
ثانياً :
حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) . رواه الجماعة إلا ابن ماجه ، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام .
ثالثاً :
من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟) قال : ( قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) .
رابعاً :
أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها ، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر ؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا .
خامساً :
وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .(/1)
فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلا ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها.
وبالله التوفيق .
فتاوى اللجنة الدائمة (10/413) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48966
بدء إلقاء التحيّة على الكافر:
هل يجوز للمسلم أن يحي غير المسلم أولاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم السلام على غير المسلمين ، فأجاب بقوله :
البدء بالسلام على غير المسلمين محرّم ولا يجوز ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ) ، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم ، لعموم قوله تعالى : ( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها ) ، وكان اليهود يسلّمون على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليك يا محمد ، والسام بمعنى الموت . يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم "
فإذا سلّم غير المسلم على المسلم وقال : " السام عليكم " فإننا نقول : وعليكم " . وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وعليكم " دليل على أنهم إذا كانوا قد قالوا : السلام عليكم فإن عليهم السلام فكما قالوا نقول لهم ، ولهذا قال بعض أهل العلم : إن اليهودي أو النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح : " السلام عليكم " جاز أن نقول : عليكم السلام .
ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون ، لأن السلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين فيبدؤوهم بالسلام .(/1)
إذا فنقول في خلاصة الجواب : لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث يبدأ بتعظيم غير المسلم ، والمسلم أعلى مرتبة عند الله ـ عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلّ نفسه في هذا . أما إذا سلّموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلّموا .
وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحيّة مثل أهلاً وسهلاً ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيهم فهو كابتداء السلام عليهم "
( مجموع الفتاوى 3/33)
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها حينئذٍِ ، ولتكن بغير السلام ، كما لو قال له : أهلاً وسهلاً أو كيف حالك ونحو ذلك . لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (25/168) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/424) في ابتداء الكفار بالتحية :
( و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ) اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48970
استخدام هرمونات لزيادة المحاصيل الزراعية وتحسينها:
يقوم بعض المزارعين باستخدام هرمونات معينة لزيادة الإنتاج وتحسين النوعية وزيادة حجم الثمرة ، واستخدام هذه الهرمونات فيه ضرر على الإنسان وغير مصرح به رسميا من قبل وزارة الزراعة ، فما حكم ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
" هذا عمل محرم ؛ لأنه غش للمسلمين ، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) . وهذا العمل فيه مضارة للمسلمين ، ومن ضار مسلما ضار الله به ، وفاعله آثم ، وكسبه حرام ، وحري أن يعاقب فاعله لما عمله من الغش والإثم ، ولا يجوز لمن علم هذه الحال في هذه الأنواع من المنتجات أن يسوقها ويروجها ويبيعها ، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، والله تعالى يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) . المائدة/2.
فعلى المزارعين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله ، وأن يكونوا متعاونين على البر والتقوى مبتعدين عن أسباب الإثم والعدوان ، متطلبين الكسب الحلال والرزق المستطاب ، مجتنبين الكسب الحرام وألا يغتروا بزهرة الحياة الدنيا وجمع المال من أي طريق حلال أو حرام ، فحلالٌ قليلٌ خيرٌ من حرام كثير ، وعلى المسلمين تبليغ المسئولين عمن يفعل ذلك للأخذ على يده ؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب إنكاره ، وعلى المسلمين التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة لإخوانهم" اهـ .
من فتاوى اللجنة الدائمة . "مجلة البحوث الإسلامية" (61/100) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48972
صلاة العيد لا نداء لها ولا أذان ولا شيء:
هل من السنة أن ينادى لصلاة العيد بشيء مثل "الصلاة جامعة" كما في صلاة الكسوف ؟.
الجواب:
الحمد لله
روى مسلم (885) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ يَوْمَ الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ .
وروى البخاري (960) ومسلم (886) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالا : لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلا يَوْمَ الأَضْحَى . قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ : لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإِمَامُ ، وَلا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ ، وَلا إِقَامَةَ وَلا نِدَاءَ وَلا شَيْءَ ، لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقَامَةَ .
فهذا الحديث دليل على أنه لا أذان لصلاة العيد ولا إقامة ولا ينادى لها بشيء .
وذهب بعض العلماء إلى أنه ينادى لها بقول "الصلاة جامعة" قياساً على صلاة الكسوف .
وهو قياس في مقابلة حديث جابر المتقدم فلا يعتد به .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُنَادَى لَهَا : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ . وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ" اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
لا ينادى للعيد والاستسقاء ، وقاله طائفة من أصحابنا اهـ . نقله عنه في "الإنصاف" (1/428)
وقال ابن القيم في زاد المعاد :(/1)
"وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلَّى أَخَذَ فِي الصَّلَاةِ -أَيْ صَلاةِ الْعِيدِ- مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ , وَلا قَوْلِ : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ , وَالسُّنَّةُ أَنْ لا يُفْعَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اهـ .
وقال الصنعاني في "سبل السلام" عن القول بأنه يستحب أن ينادى للعيد "الصلاة جامعة" قال :
"إنه قول غَيْرُ صَحِيحٍ ; إذْ لا دَلِيلَ عَلَى الاسْتِحْبَابِ , وَلَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا تَرَكَهُ صلى الله عليه وسلم ; وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ , نَعَمْ ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَلاةِ الْكُسُوفِ لا غَيْرُ , وَلا يَصِحُّ فِيهِ الْقِيَاسُ ; لأَنَّ مَا وُجِدَ سَبَبُهُ فِي عَصْرِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَفِعْلُهُ بَعْدَ عَصْرِهِ بِدْعَةٌ , فَلا يَصِحُّ إثْبَاتُهُ بِقِيَاسٍ وَلا غَيْرِهِ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : هل لصلاة العيد أذان وإقامة ؟
فأجاب :
" صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة ، كما ثبتت بذلك السنة ، ولكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا : إنه ينادى لها "الصلاة جامعة" ، لكنه قول لا دليل له ، فهو ضعيف . ولا يصح قياسها على الكسوف ، لأن الكسوف يأتي من غير أن يشعر الناس به، بخلاف العيد فالسنة أن لا يؤذن لها ، ولا يقام لها ، ولا ينادى لها، "الصلاة جامعة" وإنما يخرج الناس ، فإذا حضر الإمام صلوا بلا أذان ولا إقامة، ثم من بعد ذلك الخطبة" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمن" (16/237) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48973
أقسام العبودية:
أقرأ في بعض الآيات ما يدل على أن عباد الرحمن هم المؤمنون فقط مثل قوله تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) الفرقان/63 ، وفي بعضها الآخر ما يدل على أن جميع الناس عباد الله كقوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 فكيف نجمع بين الآيتين ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :عبودية خاصة ، وعبودية عامة .
فالعبودية الخاصة هي :
عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19 ، وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى ، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه ، والناس يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل ، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1 ، وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) الإسراء/1 ، وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .(/1)
فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق ، وذلك لا يتأتى إلا بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .
وأما العبودية العامة :
فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه ، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 ، وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال . فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل والغلبة .
نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48974
دخل مع الإمام أثناء التكبيرات الزوائد:
إذا دخلت مع الإمام في صلاة العيد بعد أن بدأ في التكبير بعد تكبيرة الإحرام ، فهل أكبر ما فات مني بعد تكبير الإمام ؟.
الجواب:
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ما الحكم لو أدركت الإمام وهو يصلي العيد وكان يكبر التكبيرات الزوائد ، هل أقضي ما فاتني أم ماذا أعمل ؟
فأجاب : " إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات ، فكبر للإحرام أولاً ، ثم تابع الإمام فيما بقي ، ويسقط عنك ما مضى" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/245) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48976
لا تستحب مخالفة الطريق في شيء من الصلوات إلا صلاة العيد:
هل تستحب مخالفة الطريق في صلاة أخرى غير صلاة العيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . ومعنى مخالفة الطريق أنه يذهب من طريق ويعود من طريق آخر .
فهذا الحديث يدل على استحباب مخالفة الطريق في صلاة العيد .
قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (16/222) :
"ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن يخرج من طريق ويرجع من آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسن هذه السنة في غيرها من الصلوات ، لا الجمعة ولا غيرها، بل تختص بالعيد ، وبعض العلماء يرى أن ذلك مشروع في صلاة الجمعة ، لكن القاعدة : ( أن كل فعل وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فاتخاذه عبادة يكون بدعة من البدع )" اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48978
إذا صلى العشاء جمع تقديم مع المغرب فله أن يوتر بعدها مباشرة:
إذا جمعت بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم بسبب السفر ، فمتى أصلى صلاة الوتر ؟ هل أصليها بعد العشاء مباشرة أم أنتظر حتى يدخل وقت صلاة العشاء ؟.
الجواب:
الحمد لله
لك أن تصليها بعد صلاة العشاء مباشرة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/144)
يشرع الجمع بين الصلاتين للمسافر والمريض وللمقيم في الليلة المطيرة ، وله أن يوتر بعد صلاة العشاء المجموعة جمع تقديم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48979
يقصر المسافر الصلاة ولو لم يجد مشقة:
ما المعتبر في القصر وجود المشقة أو وجود السفر نفسه ؟؟ .
الجواب:
الحمد لله
المعتبر في قصر الصلاة هو السفر سواء وجدت المشقة أم لا .
وقد عَلَّق الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحكم (وهو قصر الصلاة) على السفر ، قال الله تعالى : ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً ) النساء/101.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ ) رواه النسائي (1420) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ ) . رواه النسائي (2275) . حسنه الألباني في صحيح النسائي .
ويدل على ذلك أيضاً : أنه لا يجوز للمقيم (غير المسافر) أن يقصر الصلاة ولو كان عليه مشقة في إتمامها ، مما يدل على أن الحكم إنما علق على السفر لا على المشقة .
سئلت اللجنة الدائمة : إذا سافر الإنسان في الطائرة مسافة بعيدة ، ولكنه يقطعها في ظرف ساعتين أو أقل من ذلك فهل هذا المسافر يقصر الصلاة ويفطر في رمضان أم لا ؟ وكذلك الإنسان يسافر في السيارة حوالي مائتي ميل أو أكثر في ظرف ساعتين ونصف مثلا ، وفي المساء يعود إلى بيته ، ويقصر الصلاة ، فهل هذا القصر جائز ، أم لا يجوز إلا إذا كانت مشقة وتعب في السفر ؟
فأجابت :(/1)
"قصر الصلاة في مثل ما ذكر من المسافة سنة ، والفطر في مثلها مرخص فيه للمسافر ، سواء قطعها في زمن كثير أم قليل ، ساعة أو أقل أو أكثر ، وسواء نالته مشقة أم لا ؛ لأن الشأن في السفر المشقة ، ولو لم تحصل بالفعل ، وذلك من فضل الله ورحمته سبحانه بعباده" اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (8/127).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48980
نسبة الملك والتدبير للمخلوقين:
هل يصح أن ينسب الملك والتدبير للمخلوق وهو من أفعال الربوبية التي يجب توحيد الله تعالى بها ؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب على العبد أن يعتقد انفراد الله تعالى بالملك ؛ وأنه لا يملك الخلق إلا خالقهم ؛ كما قال تعالى : ( ولله ملك السماوات والأرض ) آل عمران/19 ، وقال تعالى : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) المؤمنون/88 .
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله ؛ كقوله تعالى : ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) المؤمنون/6 ، وقال تعالى : ( أو ما ملكتم مفتاحه ) النور/61 ، فهذه الملكية تختلف عن ملك الله تعالى بعدة فروق منها :
1- أن ملك المخلوق ملكٌ محدود لا يشمل إلا شيئاً يسيراً من هذه المخلوقات ؛ فالإنسان يملك ما تحت يده ، ولا يملك ما تحت يد غيره .
2- وكذا هو ملك قاصر من حيث الوصف؛ فالإنسان لا يملك ما عنده تمام الملك ، ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعاً ، فمثلاً : لو أراد أن يحرق ماله ، أو يعذب حيوانه ؛ قلنا : لا يجوز ، أما الله - سبحانه ـ ، فهو يملك ذلك كله ملكاً عاماً شاملاً .
وأما إفراد الله بالتدبير : فهو أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر إلا الله وحده ؛ كما قال تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون . فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) يونس/31 .
وأما تدبير الإنسان فمحصور بما تحت يده ، ومحصور بما أذن له فيه شرعاً .
وعلى هذا ، لا بأس أن ينسب الملك والتدبير للإنسان ، وهذا الملك والتدبير قاصر ، وليس هو الملك والتدبير العام الشامل لكل شيء الذي لا يملكه إلا الله تعالى .
والله أعلم .
انظر ( القول المفيد 1 / 13 ) .(/1)
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48981
هل إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم رشوة:
يتهم بعض الناس الإسلام في قضية المؤلف قلوبهم بأنه رشوة وإغراء بالمال للدخول في الإسلام . فهل هذا صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أن إعطاء المال لتأليف القلوب ليس رشوة ؛ لأن الرشوة هي : المال الذي يدفعه الراشي لمن يعينه على إبطال حق أو إحقاق باطل ، أما إعطاء المال من أجل تأليف قلوب الناس للإسلام فهو لإعانتهم على الحق وترغيبهم فيه ، وهو الدخول في الإسلام فهو من قبيل الجهاد بالمال .
وقد جعل الله تعالى للمؤلفة قلوبهم سهمًا في الزكاة ، قال تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) التوبة /60
وهذا السهم يأخذه الحاكم ويصانع به من يرى أنه قريب من الإسلام ، وقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم أموالاً من غنائم غزوة حنين ، وقد أدى ذلك إلى إسلام قبائل بأكملها لهذا الأمر ، وهو أمر مستمر ، ورافد من روافد الدعوة ينبغي إحياؤه ؛ لأن الإنسان مجبول على حب من أحسن إليه :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 8/181 ، وابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث ص 359 ، والبوطي ، فقه السيرة ص 430
والموقف الصحيح للمسلم أنه إذا رأى نصًا ظاهرًا وصريحًا وصحيحًا في مسألة معينة ، سواء أكان ذلك يتماشى مع ثقافة العصر - الثقافة الغربية - أو لا يتماشى معها ، قال به دون وجل أو خوف سواء علم الحكمة من هذا التشريع أم لم يعلمها .
وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48984
ابتداء الشيعة بالسلام:
ما حكم ابتداء الشيعة بالسلام ؟ خاصة إذا كنت أخالطهم كثيرا مع أنهم لا يظهرون معتقدهم أو أي سب وما إلى ذلك.
الجواب:
الحمد لله
الكلام في التعامل مع الشيعة يختلف باختلاف الحال ، فالشيعة بدعتهم العقدية مختلفة ، فإن كانت مفسقةً كبدعة التشيّع لآل البيت فيجوز بدؤهم بالسلام لأنهم مسلمون قد اقترفوا أشياء من البدع والمعاصي لا تخرجهم من دائرة الإسلام ، وتجب نصيحتهم وتوجيههم إلى السنة والحق وتحذيرهم من البدع والمعاصي ، فإن استقاموا وقبلوا النصيحة فالحمد لله وهذا هو المطلوب .
أما إن أصروا على البدع فإنه ينبغي هجرهم حتى يتوبوا إلى الله ويتركوا البدع والمنكرات ، لأن هذا نوع من العقوبة لهم ، فإذا كان يحصل بهذا الهجر حصول معروف ، أو اندفاع منكر فهو مشروع ، وإن كان يحصل بهذا الهجر من الفساد ما يزيد على فساد بدعتهم فليس مشروعاً.
فلو رأيت أن عدم الهجر أصلح وأن الاختلاط بهم ونصيحتهم أكثر فائدة في الدين وأقرب إلى قبولهم الحق فلا مانع من ترك الهجر ، لأن المقصود من الهجر هو توجيههم إلى الخير وإشعارهم بعدم الرضا بما هم عليه من المنكر ليرجعوا عن ذلك .
فإذا كان الهجر يضر المصلحة الإسلامية ويزيدهم تمسّكاً بباطلهم ونفرة من أهل الحق كان تركه أصلح كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم هجر عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين لما كان ترك هجره أصلح للمسلمين .
وأما إذا كانت بدعتهم مكفّرة كسبّ الصحابة والغلو في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ودعاؤهم والاستغاثة بهم وطلبهم المدد ونحو ذلك ، أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب وغيره مما يوجب خروجهم من الإسلام ، فهنا لا يجوز بدؤهم بالسلام ولا مودتهم ولا أكل ذبائحهم ، بل يجب بغضهم والبراءة منهم حتى يؤمنوا بالله وحده . لأنهم حينئذ كفار مرتدون .(/1)
وانظر : ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام 28 / 216 – 217 ) و ( مجموع فتاوى ابن باز 4 / 262 – 263 ) .
وينبغي التنبيه هنا على أمر وهو أنه لا يجوز بدء الكافر بالتحية مطلقاً كقول ( أهلاً وسهلاً ) وما أشبهه ، لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً ، والمسلم أعلى مكانة عند الله ومرتبة ، فلا ينبغي بدؤهم بالسلام والتحية ، ولكن إذا قالوا لنا ذلك فإننا نقول لهم مثل ما قالوا ، لأن الإسلام دين عدل جاء لإعطاء كل ذي حق حقه .
"المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين" (1 / 48) .
وانظر السؤال (10843) .
وبالله التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48985
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟:
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في صفة المسجد الذي يجوز فيه الاعتكاف فذهب بعضهم إلى صحة الاعتكاف في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة ، عملا بعموم قوله تعالى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وذهب الإمام أحمد إلى أنه يشترط في المسجد أن تقام فيه صلاة الجماعة ، واستدل على ذلك بما يلي :
1- قول عائشة : ( لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ) رواه البيهقي ، وصححه الألباني في رسالة "قيام رمضان" .
2- وقال ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( لا اعْتِكَافَ إلا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ ) . "الموسوعة الفقهية" (5/212)
3- ولأنه إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة فإن ذلك يفضي إلى أحد أمرين :
الأول : إما ترك صلاة الجماعة ، ولا يجوز للرجل أن يترك صلاة الجماعة من غير عذر .
الثاني : وإما كثرة خروجه لأداء الصلاة في مسجد آخر وهذا منافٍ للاعتكاف .
انظر : "المغني" (4/461) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/312) :
"( ولا يصح –يعني الاعتكاف- إلا في مسجد يُجَمَّع فيه )
هل المراد الذي تقام فيه الجمعة ، أو تقام فيه الجماعة ؟
الجواب : المسجد الذي تقام فيه الجماعة ولا يشترط الذي تقام فيه الجمعة لأن المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعني الصحيح مثل أن يكون هذا المسجد قد هجره أهله أو نزحوا عنه اهـ
فلا يشترط أن يكون المسجد تقام فيه صلاة الجمعة ، لأنها لا تتكرر فلا يضر الخروج إليها ، بخلاف الصلوات الخمس فإنها تتكرر كل يوم وليلة .(/1)
وهذا الشرط –أي كون المسجد تقام فيه صلاة الجماعة– إنما هو إذا كان المعتكف رجلاً ، أما المرأة فيصح اعتكافها في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة ، لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ . وَلا يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ; لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا . وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/313) :
لو اعتكفت المرأة في مسجد لا تقام فيه الجماعة فلا حرج عليها لأنه لا يجب عليها أن تصلي مع الجماعة اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48987
هل الإسلام كان موجوداً قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟:
هل قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان هناك دين اسمه الإسلام ؟.
الجواب:
الحمد لله
لتعلم يا أخي أن الإسلام يطلق على معنيين :
معنى عام ، ومعنى خاص .
أما الإسلام بالمعنى العام فهو الاستسلام لله وحده ، وذلك يتضمن عبادته وحده ، وطاعته وحده .
فكل من آمن بالله تعالى ووحَّدَه وعبده بشريعة صحيحة غير منسوخة فهو مسلم .
قال شيخ الإسلام في "التدمرية" (ص : 168-170) :
" وهذا الدين هو دين الإسلام ، الذي لا يقبل الله ديناً غيره ، لا من الأولين ولا من الآخرين ، فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام ، قال تعالى عن نوح :
( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ* فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا(/1)
سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس /71-72 . وقال عن إبراهيم : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) البقرة /130-132 . وقال عن موسى : ( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس /84 . وقال في خبر المسيح : ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) المائدة/111 . وقال فيمن تقدم من الأنبياء : ( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ) المائدة/44 . وقال عن بلقيس أنها قالت : ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) النمل/44 . . .
وهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ، وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ، فإذا أمر في أول الأمر باستقبال الصخرة ، ثم أمر ثانياً باستقبال الكعبة ، كان كل من الفعلين حين أمر به داخلاً في دين الإسلام ، فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين ، وإنما تنوع بعض صور الفعل وهو وجهة المصليِّ ، فكذلك الرسل دينهم واحد ، وإن تنوعت الشرعة " اهـ باختصار .
وبهذا المعنى العام للإسلام يصح أن يقال : كان هناك دين اسمه الإسلام قبل بعثة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .(/2)
فجميع الأنبياء المرسلين مسلمون ، وأتباعهم على دينهم الصحيح قبل أن يحرف أن ينسخ هم مسلمون .
وكان قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجد أفراد قليلون من النصارى على الدين الصحيح الذي بعث الله به عيسى عليه السلام . ويدل لذلك ما رواه مسلم (2865) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : ( وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقَالَ : إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ . . . الحديث ) .
قال النووي رحمه الله :
" الْمَقْت : أَشَدّ الْبُغْض , وَالْمُرَاد بِهَذَا الْمَقْت وَالنَّظَر مَا قَبْل بَعْثَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَاد بِبَقَايَا أَهْل الْكِتَاب الْبَاقُونَ عَلَى التَّمَسُّك بِدِينِهِمْ الْحَقّ مِنْ غَيْر تَبْدِيل " اهـ . وأما الإسلام بالمعنى الخاص فهو الدين الذي بعث الله به رسوله محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وبهذا المعنى الخاص للإسلام لا يصح أن يقال كان هناك دين اسمه الإسلام قبل بعثة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال شيخ الإسلام في "التدمرية" (ص 173-174) :
" وقد تنازع الناس فيمن تقدم من أمة موسى وعيسى هل هم مسلمون أم لا ؟
وهو نزاع لفظي ، فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتضمن لشريعة القرآن ليس عليه إلا أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا ، وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبياً من الأنبياء فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء " اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب(/3)
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 48988
وقت غسل العيد:
متى يكون الاغتسال ليوم العيد ؟ لأنني إذا اغتسلت بعد الفجر فإن الوقت يكون ضيقاً جداً لأن المصلى الذي نصلي فيه العيد بعدي عن منزلي .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الاغتسال يوم العيد مستحب .
وقد روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل يوم العيد .
وروي الاغتسال يوم العيد كذلك عن بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب وسلمة بن الأكوع وابن عمر رضي الله عنهم .
قال النووي في المجموع :
وَأَسَانِيدُ الْجَمِيعِ ضَعِيفَةٌ بَاطِلَةٌ إلا أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ . . وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ (أي في إثبات استحبابه) أَثَرُ ابْنِ عُمَرَ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ اهـ .
وقال ابن القيم :
"فيه حديثان ضعيفان . . ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه" اهـ .
ثانياً :
وأما وقت الاغتسال للعيد .
فالأفضل أن يكون ذلك بعد صلاة الفجر ، ولو اغتسل قبل الفجر أجزأ نظراً لضيق الوقت والمشقة في كونه بعد صلاة الفجر ، مع حاجة الناس للانصراف إلى صلاة العيد وقد يكون المصلى بعيداً .
قال في المنتقى شرح موطأ الإمام مالك :
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ غُسْلُهُ مُتَّصِلا بِغُدُوِّهِ إلَى الْمُصَلَّى . قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُ أَوْقَاتِ الْغُسْلِ لِلْعِيدِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَوَاسِعٌ اهـ .
وفي شرح مختصر (2/102) خليل أن وقته من سدس الليل الأخير .
وقال ابن قدامة في "المغني" :(/1)
"وَوَقْتُ الْغُسْلِ (يعني للعيد) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي ظَاهِرِ كَلامِ الْخِرَقِيِّ , قَالَ الْقَاضِي , وَالآمِدِيُّ : إنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُصِبْ سُنَّةَ الاغْتِسَالِ ; لأَنَّهُ غُسْلُ الصَّلاةِ فِي الْيَوْمِ فَلَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ : الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ ; لأَنَّ زَمَنَ الْعِيدِ أَضْيَقُ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ , فَلَوْ وُقِفَ عَلَى الْفَجْرِ رُبَّمَا فَاتَ , وَلأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ , وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ فِي اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلاةِ , وَالأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ , لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلافِ , وَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي النَّظَافَةِ , لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلاةِ" اهـ .
قال النووي في المجموع :
وَفِي وَقْتِ صِحَّةِ هَذَا الْغُسْلِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ( أَحَدُهُمَا ) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الأُمِّ ( وَأَصَحُّهُمَا ) بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلِهِ . . .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ "الْمُجَرَّدِ" : نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي "الْبُوَيْطِيِّ" عَلَى صِحَّةِ الْغُسْلِ لِلْعِيدِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .
قال النووي : فَإِذَا قُلْنَا بِالأَصَحِّ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْلَ الْفَجْرِ , فَفِي ضَبْطِهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ ( أَصَحُّهَا ) وَأَشْهَرُهَا : يَصِحُّ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ , وَلا يَصِحُّ قَبْلَهُ ( وَالثَّانِي ) يَصِحُّ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ , وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ , وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ ( الثَّالِثُ ) أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ قُبَيْلَ الْفَجْرِ عِنْدَ السَّحَرِ , وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ اهـ باختصار .(/2)
وعلى هذا ، فلا بأس من الاغتسال للعيد قبل صلاة الفجر حتى يتمكن المسلم من الخروج لصلاة العيد .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 48990
حكم الأذان عن طريق المذياع ونحوه:
ما حكم الأذان بالراديو ، يعني : إذا أتى وقت الأذان نقوم بتشغيل المسجل أو الراديو على تسجيل للأذان أو صوت مؤذن يؤدي الأذان ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأذان من آلة التسجيل ، أو من المذياع ، أو من مكان واحد وإرساله عن طريق الأجهزة إلى باقي المساجد : فبدعة محدثة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل الأذان سنة للصلوات المفروضة ، وما حكمه بآلة التسجيل إن كان المؤذنون لا يتقنونه ؟ .
فأجابوا :
الأذان فرض كفاية بالإضافة إلى كونه إعلاماً بدخول وقت الصلاة ودعوة إليها ، فلا يكفي عن إنشائه عند دخول وقت الصلاة إعلانه مما سجل به من قبل ، وعلى المسلمين في كل جهة تقام فيها الصلاة أن يعيِّنوا من بينهم من يحسن أداءه عند دخول وقت الصلاة .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
وسئلوا :
قد سمعت من بعض الناس في الدول الإسلامية أنهم يسجلون بالشريط المذياع أذان الحرمين الشريفين ويضعون المذياع أمام المكبر ويؤذن بدل المؤذن ، فهل تجوز الصلاة ؟ مع ورود الدليل من الكتاب والسنة ، ومع تعليق بسيط ؟ .
فأجابوا :
إنه لا يكفي في الأذان المشروع للصلوات المفروضة أن يؤذن من الشريط المسجل عليه الأذان ، بل الواجب أن يؤذن المؤذن للصلاة بنفسه ؛ لما ثبت من أمره عليه الصلاة والسلام بالأذان ، والأصل في الأمر الوجوب .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 66 ، 67 ) .
وقد قرر " مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي برابطة العالم الإسلامي " ، الدورة التاسعة – في مكة المكرمة - من يوم السبت لعام 1406هـ ما يلي :(/1)
إن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة آلة التسجيل ، ونحوها : لا يجزئ ، ولا يجوز في أداء هذه العبادة ، ولا يحصل به الأذان المشروع ، وأنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقتٍ من أوقات الصلوات ، في كلّ مسجدٍ ، على ما توارثه المسلمون من عهد نبيّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الآن .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48994
سافر وترك الرمي في اليوم الثاني عشر:
كنت قد حجزت للسفر بعد الحج الساعة 4 عصراً من اليوم الثاني عشر ، وكنت أظن أنني سأتمكن من الرمي في هذا اليوم ، وخشيت إن رميت بعد الزوال يفوت مني موعد السفر فرميت صباحا وطفت للوداع وسافرت ، فماذا علي ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
لا يجوز الرمي قبل الزوال ، ولكن يمكن أن نسقط عنه الرمي في هذه الحال للضرورة، ونقول له : يلزمك فدية تذبحها في منى أو مكة ، أو توكل من يذبحها عنك ، وتوزع على الفقراء اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 564).
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48995
حوض الكوثر ونهر الكوثر:
ما هو الكوثر ؟ وهل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
الكوثر في لغة العرب وصف يدل على المبالغة في الكثرة
أما في الشرع فله معنيان :
المعنى الأول :
أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وهذا المعنى هو المراد في قوله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر/1 ، كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما روى مسلم في صحيحه ( 607 ) عن أنس رضي الله عنه قال : " بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ غفا إغفاءة , ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي سورة . فقرأ . بسم الله الرحمن الرحيم . ( إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها ) , ثم قال : أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير , وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة " الحديث .
وعند الترمذي (3284) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر والياقوت .. الحديث " وقال الترمذي : إنه حسن صحيح . وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي ( 3 / 135 ) .
المعنى الثاني :
أنه حوض عظيم ـ والحوض هو : مجمع الماء ـ يوضع في أرض المحشر يوم القيامة ترد عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا الحوض يأتيه ماؤه من نهر الكوثر الذي في الجنة ، ولذا يسمى حوض الكوثر والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه ( 4255 ) من حديث أبي ذر " أن الحوض يشخب ( يصب ) فيه ميزابان من الجنة " وظاهر الحديث أن الحوض بجانب الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها " كما قال ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح ( 11 / 466 ) . والله أعلم .
وأما هل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء أم لا ؟(/1)
فأما نهر الكوثر الذي يُصب من مائه في الحوض فإنه لم يُنقل نظيره لغير النبي صلى الله عليه وسلم وامتن الله عليه به في السورة فلا يبعد أنه خاص بنبينا صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء .
وأما حوض الكوثر فقد اشتهر عند العلماء اختصاص نبينا صلى الله عليه وسلم به وممن صرح بذلك القرطبي في المفهم . لكن أخرج الترمذي (2367) من حديث سمرة قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لكل نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ " وهذا الحديث جميع أسانيده ضعيفة ، لكن بعض العلماء حكم له بالقبول لكثرة أسانيده كما فعل الألباني في الصحيحة (1589 ) ، ومنهم من حكم عليه بالضعف . فإذا ثبت الحديث كان المختص بنبينا صلى الله عليه وسلم النهر دون الحوض ، وإن لم يثبت فلا يبعد أن يكون الحوض أيضا خاصاً به دون غيره . والله أعلم .
وقد ورد في السنة الصحيحة ذكر صفات النهر الذي في الجنة والحوض الذي في أرض المحشر فمن صفات نهر الكوثر الذي في الجنة :
ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "بينا أنا أسير في الجنة ، إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك قال : فضرب الملك بيده ، فإذا طينه أو طيبه مسك أزفر "
وفي المسند ( 12084 ) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري على ظهر الأرض ، حافتاه قباب اللؤلؤ ، ليس مسقوفاً فضربت بيدي إلى تربته ، فإذا تربته مسك أذفر ، وحصباؤه اللؤلؤ " وصححه الألباني في الصحيحة ( 2513 )(/2)
وفي رواية عنه في المسند أيضا ( 12828 ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَوْثَرِ فقَالَ : " ذاك نهر أعطانيه الله يعني في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر ( الإبل ) قال عمر إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَر " وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 3740 )
وأما صفات الحوض الذي في أرض المحشر فمنها :
ما رواه البخاري ( 6093 ) ومسلم ( 4244 ) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبدا "
وفي صحيح مسلم ( 4261 ) عن أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السماء " َو في رواية : " أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ "
وفيه أيضا ( 4256 ) عَنْ ثَوْبَاَن رضي الله عنه أن النبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ ؛ فَقَالَ : " أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ يَغُتُّ ( يصب ) فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنْ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالآخَرُ مِنْ وَرِق (فضة ) "(/3)
وأحاديث الحوض لا شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين صحابيا ، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أسماء رواة أحاديثه من الصحابة في الفتح ( 11/468 ) حتى قال القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم : " مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به أن الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي .. "
وأما عن موقع الحوض في أرض المحشر :
فقد اختلف العلماء في هذا : فمنهم من قال :إنه يكون بعد الصراط .
ومنهم من قال : إنه يكون قبل الصراط وهو قول الأكثر وهو الأرجح والله أعلم لأنه يؤخذ بعض من يرد عليه إلى النار ، فلو كان موقعه بعد الصراط لما استطاعوا الوصول إليه لأنهم يكونون قد سقطوا في النار والعياذ بالله .
وفي ختام هذا المبحث لابد من التنبيه على أمر في غاية الأهمية والخطورة وهو:
أنه ليس كل من انتمى للأمة المحمدية سينال نعمة وشرف الشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، ويده الشريفة ، بل قد صرحت الأحاديث أن هناك من رجال هذه الأمة من يذاد ويدفع عن الحوض دفعا شديدا ، نسأل الله العافية . فَمَن هؤلاء الذين سيشربون ومن أولئك الذين سيدفعون ؟(/4)
لقد أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا السؤال إجابة واضحة شافية حتى لا يبقى لمعتذر عذر ، ولا لمتقاعس حجة فقد روى مسلم في صحيحه ( 367 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : " السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا" قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَال :َ" أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ " فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : " أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ " قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا "
والغرّة : بيانض في وجه الفرس
والتحجيل : بياض في قوائمه
و( دهم بهم ) أي : أسود شديد خالص لا يخالطه لون آخر .(/5)
وفي البخاري ( 6528 ) ومسلم ( 4243 ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " أَنَا فَرَطُكُمْ ( أي : سابقكم ) عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ " قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلا يَقُولُ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فَيَقُول [ أي النبي صلى الله عليه وسلم ُ ] : " إِنَّهُمْ مِنِّي" فَيُقَالُ : إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : "سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي "
وعند البخاري في صحيحه ( 2194 ) ومسلم (4257) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَذُودَنَّ رِجَالا عَنْ حَوْضِي كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنْ الإِبِلِ عَنْ الْحَوْضِ "
قال القرطبي رحمه الله : " قال علماؤنا رحمهم الله أجمعين : فكل من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ، ولم يأذن به فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه ، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على أصناف أهوائها [ ومن نحا نحوهم أو سلك طريقهم ] وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع .. " التذكرة للقرطبي ( 306 )(/6)
فعلى العبد أن يجتهد في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته في أي شيء من هديه رجاء أن يمن الله عليه بالشرب من هذا الحوض المبارك ، وإلا فأي خزي وندامة أشد من خزي وندامة من يدفع من بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد بلغ به العطش مبلغا لا يطاق ولا يحتمل فيمنع من الشرب من ذاك الماء البارد الطيب ، ثم يزاد عليه العذاب والخزي والحسرة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالسحق والبعد والعياذ بالله ، فتصَوُّرُ هذا عذاب ، فكيف بمعاينته والتعرض له ؟!.
نسأل الله أن يمن علينا وعلى إخواننا المسلمين بالتوفيق لمتابعة السنة ومجانبة البدعة والمعصية ... آمين . والحمد لله رب العالمين .
يراجع ( القيامة الكبرى 257 – 262 ) و ( الجنة والنار 166 ، 167 ) للشيخ / عمر الأشقر و ( فتح الباري للحافظ ابن حجر 11 / 466 ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/7)
رقم 48996
زوجها سيطلقها وهي في أول الحمل فهل يجوز لها الإسقاط:
بيني وبين زوجي مشكلات كبيرة ونحن على وشك الانفصال ثم اكتشفت بأني حامل في الأربعين يوماً الأولى ، فهل يجوز لي أن أسقط الجنين دون إذن زوجي لأنه لا يرضى بذلك ، وما دمنا سننفصل فلماذا أبقى حاملاً ؟.
الجواب:
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
لا يجوز لها أن تسقطه دون إذنه لأن للزوج حقاًّ في الولد كما أن للزوجة حقاًّ فيه .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 48997
هل يصلي المسافر السنن ؟:
إذا كنت مسافرا وصليت مع الإمام في المسجد وأتممت الصلاة هل أصلي الراتبة أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
المسافر يصلي ما شاء من النوافل ، ولا يسن له ترك شيء من النوافل إلا السنة الراتبة القبلية والبعدية لصلاة الظهر ، والسنة الراتبة لصلاتي المغرب والعشاء .
أما ما عدا ذلك من السنن فإن المسافر يصليها ، فقد روى مسلم (680) من حديث أبي قتادة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى راتبة الفجر في السفر .
وثبت كذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضحى ثمان ركعات في مكة يوم فتح الله عليه مكة . رواه البخاري (357) ومسلم (336) .
وثبت كذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الوتر في السفر . رواه البخاري (1000) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"وأما الرواتب ، فإنني تأملت ما جاءت به السنة في النوافل ، وتبين لي أن راتبة الظهر ، والمغرب ، والعشاء لا تصلى ، وما عدا ذلك من النوافل فإنه يصلى مثل سنة الفجر ، وسنة الوتر ، وصلاة الليل ، وصلاة الضحى ، وتحية المسجد حتى النفل المطلق أيضا" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين . (15/258).(/1)
وقد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما على من صلى الراتبة في السفر ، روى البخاري (1102) ومسلم (689) . عن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَصَلَّى لَنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ رَحْلَهُ وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ ، فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ حَيْثُ صَلَّى ، فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا ، فَقَالَ : مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ ؟ قُلْتُ : يُسَبِّحُونَ (أي يصلون النافلة) قَالَ : لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لأَتْمَمْتُ صَلاتِي ، يَا ابْنَ أَخِي ، إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48998
أوقات النهي عن الصلاة:
ما هي أوقات النهي عن الصلاة خلال اليوم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أوقات النهي ثلاثة على سبيل الاختصار، وخمسة على سبيل البسط وهي :
من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح ، ويقدر هذا الوقت باثنتي عشرة دقيقة ، والاحتياط جعله ربع ساعة .
وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى تزول عن كبد السماء .
ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس .
وعند شروع الشمس في الغروب إلى أن يتم ذلك .
وأما على سبيل الاختصار فهي :
من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح .
وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول . ( والمعنى :
ومن صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس .
وقولنا : من طلوع الفجر، يعني منع التطوع بعد أذان الفجر إلا بسنة الفجر ، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة
وذهب الشافعية إلى أن النهي يتعلق بصلاة الفجر نفسها ، فلا يمنع التطوع بين الأذان والإقامة ،
وإنما يكون المنع بعد أداء فريضة الفجر .
وهذا هو الراجح ، لكن لا ينبغي للإنسان بعد طلوع الفجر أن يتطوع بغير ركعتي الفجر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد طلوع الفجر .
( انظر الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 4/160).
ويدل على ما سبق : ما رواه البخاري (547) ومسلم (1367) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال : ( شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ ) .(/1)
وروى البخاري (548) ومسلم (1371) عن ابْنُ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ )
وروى البخاري (551) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا صَلاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ )
وروى مسلم (1373) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ : ( ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا : حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ ).
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 48999
حكم الاعتكاف وأدلة مشروعيته:
ما حكم الاعتكاف ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب : فقوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/125
وقوله : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وأما السنة فأحاديث كثيرة منها حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ ) رواه البخاري (2026) ومسلم (1172) .
وأما الإجماع ، فنقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية الاعتكاف .
كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم .
انظر المجموع (6/404) ، والمغني (4/456) ، وشرح العمدة (2/711) .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) :
"لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار .
ثانيا : حكم الاعتكاف .
الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب ، إلا إذا كان نذرا فيجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) رواه البخاري (6696) .
ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . قَالَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ) (6697) .
وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53) :(/1)
"وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه" اهـ .
انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح . ص 31 .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49002
أقل زمن للاعتكاف:
ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟.
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف .
فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) .
قال النووي في المجموع (6/514) :
وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار .
واستدلوا على هذا بعدة أدلة :
1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة .
قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) .
2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة .
وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) :(/1)
"الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49003
ثواب الاعتكاف:
ما ثواب الاعتكاف ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الاعتكاف مشروع ، وهو قربة إلى الله جل وعلا . راجع السؤال رقم (48999) .
فإذا ثبت هذا ، فقد جاءت أحاديث كثيرة ترغب في التقرب إلى الله تعالى بنوافل العبادات ، وهذه الأحاديث بعمومها تشمل كل عبادة ومنها الاعتكاف .
فمن هذه الأحاديث : قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ) . رواه البخاري (6502) .
ثانيا :
وردت أحاديث في فضل الاعتكاف وبيان ثوابه إلا أنها كلها ضعيفة أو موضوعة .
قال أبو داود : قلت لأحمد (يعني الإمام أحمد بن حنبل) : تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا ، إلا شيئا ضعيفا اهـ . مسائل أبي داود (ص96) .
ومن هذه الأحاديث :
1- روى ابن ماجه (1781) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُعْتَكِفِ : ( هُوَ يَعْكِفُ الذُّنُوبَ ، وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا ) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه .
( يَعْكِفُ الذُّنُوب ) أي : يَمْنَع الذُّنُوب. قاله السندي .(/1)
2- روى الطبراني والحاكم والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين ) . ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (5345). والخافقان المشرق والمغرب .
3- روى الديلمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5442) .
4- روى البيهقي وضعفه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ) . ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" ". (518) وقال : موضوع .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49005
حكم بلع ريقه أو ريق غيره:
ما حكم بلع الإنسان للريق لأني أجد الكثير من الناس في رمضان يكثر من البصق تحرزا من بلع ريقه ، خاصة بعد المضمضة في الوضوء ، وما الحكم فيما لو كان هذا الريق من غيره كريق زوجته ، أفتونا جزاكم الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
شرائع الإسلام مبناها على اليسر وعلى دفع المشقات غير المعتادة يقول سبحانه في أثناء آيات الصيام ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقرة/185 ، ويقول تعالى ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6 ، ويقول ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج/78 ، ولهذا فإن ما يشق ولا يمكن التحرز منه عادة فإنه لا يؤثر على الصيام ومن ذلك ابتلاع الإنسان لريقه وهو صائم .
قال ابن قدامة :
( فَصْلٌ : وَمَا لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ , كَابْتِلاعِ الرِّيقِ لا يُفَطِّرُهُ , لأَنَّ اتِّقَاءَ ذَلِكَ يَشُقُّ , فَأَشْبَهَ غُبَارَ الطَّرِيقِ , وَغَرْبَلَةَ الدَّقِيقِ . فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ قَصْدًا لَمْ يُفَطِّرْهُ ; لأَنَّهُ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ مَعِدَتِهِ , أَشْبَهَ مَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ، فَإِنَّ الرِّيقَ لا يُفَطِّرُ إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ , وَإِنْ قَصَدَ ابْتِلاعَهُ , فَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَهُ ) . المغني 3/16
( ومثله َلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الأَصَحِّ , لأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ ) . حاشية قليوبي 2/73
ثانيا :
الواجب على الصائم بعد المضمضة :
قال النووي في " المجموع" (6/327) :(/1)
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ : إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ , وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين ( لا يجب التفل ولو بعد شرب الماء عند أذان الفجر ، فإنه لم يعهد من الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم أن الإنسان إذا شرب عند طلوع الفجر يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه ) الممتع 6/428
والذين يرون البصق بعد المضمضة لا يطالبون المتمضمض بأكثر من أن يبصق مرة واحدة بعد مجِّه للماء (إخراجه من فمه) وعلتهم في اشتراط البصق اخْتِلاطِ الْمَاءِ بِالْبُصَاقِ , فَلا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِّ , وَلا يشْتَرِطُون الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَصْقِ ; لأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ بَلَلٍ وَرُطُوبَةٍ , لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ . راجع الموسوعة الفقهية 28/ 63
لكن إن اختلط بالريق غيره مما يمكن التحرز منه فإنه يلزمه أن يلفظه ثم لا يضره ما بقي من آثار بعد أن يلفظه كالرائحة ونحوها وذلك مثل ما يبقى من الطعام بعد السحور وما يتفتت من السواك ومثل الدم الخارج من اللثة وراجع الأسئلة (37745) (37937) (12597)
وعليه فلا وجه للذين يكثرون البصق في رمضان إلا التحرز مما لا يشرع التحرز منه مما يجلب لهم جفاف الفم والعطش والمشقة في الصوم . كما يسبب لهم شيئا من الحرج ، لاسيما إذا كانوا في أماكن لا يتسنى لهم فيها البصق أو لا يحملون معهم شيئا من المناديل ونحوها ، وقد يكون مثل هذا حاملا لهم على تقليل الجلوس في المسجد للذكر وتلاوة القرآن ، فيخسرون هذه الفضائل في هذا الشهر العظيم .
ثالثا : أما فيما يتعلق ببلع ريق زوجته ، فقد قال ابن قدامة رحمه الله :(/2)
( أَوْ بَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ , أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ ابْتَلَعَهُ مِنْ غَيْرِ فَمِهِ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَلَعَ غَيْرَهُ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم { كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ , وَيَمَصُّ لِسَانَهَا . } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد 2386. قُلْنَا : قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ : هَذَا إسْنَادٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ ).
وممن ضعف زيادة (ويمص لسانها) أيضا الألباني في ضعيف سنن أبي داود . وذكر ابن قدامة توجيهين للحديث على فرض صحته :
الأول : أن المسألتين غير مرتبطتين ببعضها ، قال رحمه الله ( وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُقَبِّلُ فِي الصَّوْمِ , وَيَمُصُّ لِسَانَهَا فِي غَيْرِهِ ).
الثاني : أن الحديث ليس فيه دليل على ابتلاع الريق ، قال رحمه الله ( وَيَجُوزُ أَنْ يَمُصَّهُ , ثُمَّ لا يَبْتَلِعُهُ , وَلأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُ مَا عَلَى لِسَانِهَا مِنْ الْبَلَلِ إلَى فَمِهِ ) المغني 3/17
وعلى هذا فإذا لم يحصل من أحد الزوجين ابتلاع لريق الآخر فإن الصوم لا يفسد .
ولكن يبقى أن مص أحد الزوجين للسان الآخر داخل في عموم دواعي الوطء ( تحرم القبلة وغيرها من دواعي الوطء إن خشي من فساد صومه بالإنزال أما إن كان يأمن على نفسه فالصحيح أنه يجوز له من غير كراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يقبل وهو صائم ) البخاري 1927 مسلم 1106 ) الممتع 6/433 بتصرف .
إلا أنه ينبغي عليه أن يصون صومه عما يعرضه لشيء من النقص لاسيما وأن كل هذه المسائل تباح في كل ليالي رمضان . وراجع السؤالين (20032) و(14315).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49006
لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة:
سمعت حديثاً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ، فهل هذا الحديث صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البيهقي (4/315) عن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما : مررت على أناس عكوف بين دارك ، ودار أبي موسى ، ( يعني في المسجد ) وقد علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ) . فقال عبد اللّه بن مسعود : لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا .
صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2876) .
ثانياً :
وأما حكم المسألة فذهب جماهير العلماء إلى أن الاعتكاف لا يشترط له أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187.
ولفظ المساجد في الآية عام فيشمل كل المساجد ، إلا ما دل الدليل على عدم صحة الاعتكاف فيه كالمسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إذا كان المعتكف ممن تجب عليه صلاة الجماعة . انظر السؤال رقم : ( 48985 )
وقد أشار الإمام البخاري رحمه الله إلى الاستدلال بعموم الآية ، فقال :
"بَاب الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )" اهـ.
ولم يزل عمل المسلمين على الاعتكاف في مساجد بلدانهم . كما ذكره الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" (4/205) .(/1)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : عن حكم الاعتكاف في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وجزاكم الله خيراً ؟
فأجاب :
"الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى مشروع في وقته ، ولا يختص بالمساجد الثلاثة ، بل يكون فيها وفي غيرها من المساجد ، هذا قول أئمة المسلمين أصحاب المذاهب المتبوعة كالإمام أحمد ، ومالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله لقوله تعالى : ( وَلاَ تباشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ) ولفظ المساجد عام لجميع المساجد في أقطار الأرض ، وقد جاءت هذه الجملة في آخر آيات الصيام الشامل حكمها لجميع الأمة في جميع الأقطار ، فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم ، ولهذا ختمت هذه الأحكام المتحدة في السياق والخطاب بقوله تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) . ومن البعيد جداً أن يخاطب الله الأمة بخطاب لا يشمل إلا أقل القليل منهم ، أما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكمال ، يعني أن الاعتكاف الأكمل ما كان في هذه المساجد الثلاثة ، وذلك لشرفها وفضلها على غيرها . ومثل هذا التركيب كثير، ـ أعني أن النفي قد يراد به نفي الكمال ، لا نفي الحقيقة والصحة ـ مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة طعام ) وغيره . ولا شك أن الأصل في النفي أنه نفي للحقيقة الشرعية أو الحسية ، لكن إذا وجد دليل يمنع ذلك تعين الأخذ به ، كما في حديث حذيفة. هذا على تقدير سلامته من القوادح ، والله أعلم" اهـ .
"فتاوى الصيام" (ص 493) .(/2)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما صحة الحديث ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ؟
فأجاب :
يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد الذي يعتكف فيه إقامة الجماعة فيه ، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح الاعتكاف فيه ، إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها وفاء لنذره" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/444) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49007
الهدف الأساسي من الاعتكاف ، ولماذا ترك المسلمون تلك السنة ؟:
لماذا ترك المسلمون الاعتكاف ، مع أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما هو الهدف من الاعتكاف ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الاعتكاف من السنن المؤكدة التي واظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم .
وانظر الأدلة على مشروعيته في إجابة السؤال رقم (48999).
وقد اختفت هذه السنة من حياة المسلمين إلا من رحم ربي شأنها في ذلك شأن كثير من السنن التي أماتها المسلمون أو كادوا .
ولذلك أسباب ، منها :
1- ضعف الجانب الإيماني في كثير من النفوس .
2- الإقبال المتزايد على ملذات الحياة الدنيا وشهواتها ، والذي أدى إلى عدم القدرة على الابتعاد عنها ولو لفترة قليلة .
3- هوان الجنة في نفوس كثير من الناس ، وميلهم إلى الراحة والدعة ، فلا يريدون تحمل مشقة الاعتكاف ولو كان ذلك في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى .
ومن علم عظم قدر الجنة ونعيمها بذل في الحصول عليها النفس والنفيس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي وصححه الألباني (2450) .
4- اقتصار محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من النفوس على الجانب اللفظي دون العملي والذي يتمثل في تطبيق جوانب السنة المحمدية المتعددة ومنها الاعتكاف ، قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21. قال ابن كثير رحمه الله (3/756) : هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله اهـ .
وقد تعجب بعض السلف من ترك الناس للاعتكاف مع مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه .(/1)
قال اِبْن شِهَاب الزهري : عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ , تَرَكُوا الاعْتِكَاف , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ .
ثانياً :
الاعتكاف الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ، وهذه الأيام المعدودة تعتبر –بحق- بمثابة دورة تربوية مكثفة لها نتائجها الإيجابية الفورية في حياة الإنسان في أيام وليالي الاعتكاف ، ولها أثرها الإيجابي على حياة الإنسان فيما يستقبله من أيام خلال حياته التي يحياها إلى رمضان آخر .
فما أحوجنا معاشر المسلمين إلى إحياء هذه السنة وإقامتها على الوجه الصحيح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
فيا فوز المتمسكين بالسنة بعد غفلة الناس وفساد الأمة .
ثالثاً :
كان الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم التماس ليلة القدر .
روى مسلم (1167) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ (أي : خيمة صغيرة) عَلَى سُدَّتِهَا (أي : بابها) حَصِيرٌ . قَالَ : فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ ، فَدَنَوْا مِنْهُ ، فَقَالَ : إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي : إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ .
وفي هذا الحديث من الفوائد :(/2)
1- أن الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم إلتماس ليلة القدر ، والاستعداد لقيامها وإحيائها بالعبادة ، وذلك لعظم فضل هذه الليلة ، وقد قال الله تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/3.
2- اجتهاده صلى الله عليه وسلم في تحريها قبل معرفته بوقتها ، فبدأ بالعشر الأول ثم الأوسط ، ثم استمر معتكفاً حتى آخر الشهر حينما أُعلم أنها في العشر الأواخر ، وهي القمة في الاجتهاد طلباً لليلة القدر .
3- متابعة الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ إنهم بدأوا الاعتكاف واستمروا معه حتى نهاية الشهر ، وذلك لشدة تأسيهم به صلى الله عليه وسلم .
4- شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه ورحمته بهم ، فلعلمه بمشقة الاعتكاف خَيَّرهم في الاستمرار معه أو الخروج فقال : ( فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ) .
وللاعتكاف مقاصد أخرى ، منها :
1- الانقطاع عن الناس ما أمكن ، حتى يتم أُنسه بالله عز وجل .
2- إصلاح القلب بالإقبال على الله تبارك وتعالى بكليته .
3- الانقطاع التام للعبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة قرآن .
4- حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات .
5- التقلل من المباح من الأمور الدنيوية والزهد في كثير منها مع القدرة عليها .
انظر كتاب "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49009
حقيقة النفخ في الصور:
ما هو ( الصور ) المذكور في قوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) الزمر/68 ، وكيف يكون النفخ فيه ؟.
الجواب:
الحمد لله
الصور في لغة العرب هو : القرن ( يشبه البوق ) وقد سئل رسول الله عن الصور ففسره بما تعرفه العرب من كلامها كما في سنن الترمذي ( 3244 ) وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال أعرابي : يا رسول الله ما الصور ؟ قال : " قرن ينفخ فيه " وصححه الألباني في الصحيحة ( 1080 )
وأما الذي يَنفُخ فيه : فقد " اشتهر أنه إسرافيل عليه السلام ، ونقل بعض العلماء الإجماع على ذلك ، ووقع التصريح به في بعض الأحاديث " انظر( فتح الباري 11 / 368 )
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن صاحب الصور مستعد للنفخ فيه منذ أن خلقه الله تعالى كما في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش ، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1078 ) .
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن النفخ في الصور يكون مرتين : الأولى يحصل بها الصعق ، والثانية يحصل بها البعث مستدلين بقوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّه ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) الزمر/68 .(/1)
وبما ورد في الأحاديث الصحيحة التي ذكرت هاتين النفختين وما يترتب عليهما من آثار فقد روى البخاري ( 4651 ) ومسلم ( 2955 ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون . قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت قالوا أربعون شهرا ؟ قال : أبيت قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت . ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل . قال : وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة "
قال النووي : ومعنى قول أبي هريرة ( أبيت ) أي أبيت أن أجزم أن المراد أربعون يوماً أو سنة أو شهراً بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة . اهـ .
وفي صحيح مسلم ( 2940 ) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا قال :وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل ( شك الراوي ) فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " وقوله : ( أصغى ليتا ) : أصغى أي أمال ، والليت هو جانب العنق والمعنى فلا يبقى أحد إلا أمال عنقه ، ورفع عنقه ، وقوله :( يلوط حوض إبله ) : أي يطين ويصلح مجمع الماء الذي تشرب منه إبله . ( شرح النووي على مسلم 18 /76 )
ومن العلماء من قال : إنها ثلاث نفخات وزاد فيها نفخة الفزع وأنها تكون قبل نفخة الصعق ثم تليها نفخة الصعق مستندين على ما ورد في قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) النمل/87
ولكن لا يلزم من ذكر الصعق في آية والفزع في الأخرى أن لا يحصلا معا من النفخة الأولى بل هما متلازمان فإذا نفخ في الصور فزع الناس فزعاً صعقوا منه وماتوا .(/2)
واستدلوا أيضاً ببعض الأحاديث التي ورد فيها أن النفخات ثلاث .
لكن الحديث الذي استدلوا به هو حديث الصور الطويل ؛ وهو حديث ضعيف مضطرب كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله . والله أعلم . انظر التذكرة للقرطبي ( 184 ) وفتح الباري ( 11 / 369 ) .
فيستفاد مما سبق أن الله تعالى إذا أذن بموت الأحياء أمر ملك الصور أن ينفخ فيه ؛ فينفخ نفخة عظيمة تفزع جميع الخلائق فيصعقون منها ويهلكون ، ثم يمكثون على ذلك مدة قدرها أربعين من غير تحديد بسنة أو شهر أو يوم ـ الله أعلم بمقدارها ـ فتتحلل أجسادهم في هذه المدة ولا يبقى منها إلا عجب الذنب وهو العظم المستدير الذي في أصل الظهر ، ثم يرسل الله سحابا فتمطر مطرا فإذا أصاب الماء هذا العظم نبت منه الجسم كما ينبت النبات ويتركب الخلق من هذا العظم كما بدأ الله الخلق أول مرة يعيده وهو على كل شيء قدير ، ثم ينفخ في الصور نفخة البعث فتعود الأرواح إلى الأجساد فيخرجون من القبور سراعا إلى أرض المحشر نسأل الله رحمته ولطفه .
وبعد فالواجب على المسلم أن يستعد لهذه اللحظات الحاسمة بالمبادرة للأعمال الصالحة ، والمسارعة في الخيرات ، والبعد عن الأمور المنكرة ، و مجانبة السيئات .
وإذا كان أخشى الخلق لله وأتقاهم له يقول : " كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ .. "أخرجه الترمذي في السنن(2431 ) وغيره وصححه الألباني في السلسة ( 1079 )
فكيف بحالنا نحن المقصرين الضعفاء ؟! نسأل الله أن يجعلنا ممن لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون .. آمين . والله أعلم .
يراجع ( القيامة الكبرى للشيخ عمر الأشقر 33- 42 ) و ( أعلام السنة المنشورة 122 ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49010
الحكمة من مخالفة الطريق في صلاة العيد:
قرأت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يذهب إلى صلاة العيد من طريق ويعود من طريق آخر ، فما الحكمة من ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . ومعنى مخالفة الطريق أنه يذهب من طريق ويعود من طريق آخر .
والمؤمن مطلوب منه الاقتداء بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن لم يعلم الحكمة من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال الله تعالى : قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21. قال ابن كثير رحمه الله (3/756) : هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله اهـ .
وقد اختلف العلماء في الحكمة من ذلك على أقوال كثيرة .
قال الحافظ :
وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَال كَثِيرَة اِجْتَمَعَ لِي مِنْهَا أَكْثَر مِنْ عِشْرِينَ , وَقَدْ لَخَّصْتهَا وَبَيَّنْت الْوَاهِي مِنْهَا ، قَالَ الْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب الْمَالِكِيّ : ذُكِرَ فِي ذَلِكَ فَوَائِد بَعْضهَا قَرِيب وَأَكْثَرهَا دَعَاوَى فَارِغَة . اِنْتَهَى . فَمِنْ ذَلِكَ :
1- أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَد لَهُ الطَّرِيقَانِ ، وَقِيلَ : لِيَشْهَد لَهُ سُكَّانهمَا مِنْ الْجِنّ وَالإِنْس .
2- وَقِيلَ : لِيُسَوَّى بَيْنهمَا فِي مَزِيَّة الْفَضْل بِمُرُورِهِ أَوْ فِي التَّبَرُّك بِهِ .(/1)
3- وَقِيلَ لأَنَّ طَرِيقه لِلْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِين فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَة الشِّمَال فَرَجَعَ مِنْ غَيْرهَا . وَهَذَا يَحْتَاج إِلَى دَلِيل .
4- وَقِيلَ : لإِظْهَارِ شِعَائر الإِسْلام فِيهِمَا , وَقِيلَ : لإِظْهَارِ ذِكْر اللَّه .
5- وَقِيلَ : لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ الْيَهُود . وَقِيلَ : لِيُرْهِبهُمْ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ . وَرَجَّحَهُ اِبْن بَطَّال .
6- وَقِيلَ : حَذَرًا مِنْ كَيْد الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا , وَفِيهِ نَظَر .
7- وَقِيلَ : فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعُمّهُمْ فِي السُّرُور بِهِ ، أَوْ التَّبَرُّك بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالانْتِفَاع بِهِ فِي قَضَاء حَوَائِجهمْ فِي الاسْتِفْتَاء أَوْ التَّعَلُّم وَالاقْتِدَاء وَالاسْتِرْشَاد أَوْ الصَّدَقَة أَوْ السَّلام عَلَيْهِمْ وَغَيْر ذَلِكَ .
8- وَقِيلَ لِيَزُورَ أَقَارِبه ويَصِل رَحِمه .
9- وَقِيلَ : لِيَتَفَاءَل بِتَغَيُّرِ الْحَال إِلَى الْمَغْفِرَة وَالرِّضَا .
10- وَقِيلَ : كَانَ فِي ذَهَابه يَتَصَدَّق فَإِذَا رَجَعَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْء فَيَرْجِع فِي طَرِيق أُخْرَى لِئَلا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلهُ . وَهَذَا ضَعِيف جِدًّا مَعَ اِحْتِيَاجه إِلَى الدَّلِيل .
11- وَقِيلَ : كَانَ طَرِيقه الَّتِي يَتَوَجَّه مِنْهَا أَبْعَد مِنْ الَّتِي يرجع منهَا ، فَأَرَادَ تَكْثِير الأَجْر بِتَكْثِيرِ الْخَطَأ فِي الذَّهَاب ، وَأَمَّا فِي الرُّجُوع فَلِيُسْرِع إِلَى مَنْزِله . وَهَذَا اِخْتِيَار الرَّافِعِيّ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاج إِلَى دَلِيل ، وَبِأَنَّ أَجْر الْخُطَا يُكْتَب فِي الرُّجُوع أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيث أُبَيِّ بْن كَعْب عِنْد التِّرْمِذِيّ وَغَيْره .(/2)
12- وَقِيلَ : لأَنَّ الْمَلائِكَة تَقِف فِي الطُّرُقَات فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَد لَهُ فَرِيقَانِ مِنْهُمْ . اهـ كلام الحافظ باختصار .
وذكر ابن القيم في "زد المعاد" (1/449) بعض هذه الحكم ثم قال :
وقال ابن القيم :
والأصح أنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين : فإن قيل : ما الحكمة من مخالفة الطريق ؟
فالجواب: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ) . . . فهذه هي الحكمة . . . ثم ذكر بعض الحكم المتقدمة في كلام الحافظ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/222) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49011
هل الأفضل للمرأة أن تخرج إلى صلاة العيد أم تبقى في بيتها؟:
أعلم أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ، لكن سؤالي بالنسبة لصلاة العيد هل الأفضل للمرأة أن تخرج لصلاة العيد أم الأفضل أن تبقى في بيتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الأفضل للمرأة أن تخرج لصلاة العيد ، وبهذا أمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
روى البخاري (324) ومسلم (890) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ . قَالَ : لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا .
(الْعَوَاتِق) جَمْع عَاتِق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ , أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج .
(وَذَوَات الْخُدُور) هن الأبكار .
قال الحافظ :
فِيهِ اِسْتِحْبَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى شُهُودِ الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ كُنَّ شَوَابَّ أَمْ لا وَذَوَاتِ هَيْئَاتٍ أَمْ لا اهـ .
وقال الشوكاني :
وَالْحَدِيثُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ بِمَشْرُوعِيَّةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ وَالْحَائِضِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ كَانَ خُرُوجُهَا فِتْنَةً أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : أيهما أفضل للمرأة الخروج لصلاة العيد أم البقاء في البيت ؟
فأجاب :(/1)
" الأفضل خروجها إلى العيد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تخرج النساء لصلاة العيد ، حتى العواتق وذوات الخدور ـ يعني حتى النساء اللاتي ليس من عادتهن الخروج ـ أمرهن أن يخرجن إلا الحيض فقد أمرهن بالخروج واعتزال المصلى ـ مصلى العيد ـ فالحائض تخرج مع النساء إلى صلاة العيد ، لكن لا تدخل مصلى العيد ؛ لأن مصلى العيد مسجد ، والمسجد لا يجوز للحائض أن تمكث فيه ، فيجوز أن تمر فيه مثلاً ، أو أن تأخذ منه الحاجة، لكن لا تمكث فيه ، وعلى هذا فنقول : إن النساء في صلاة العيد مأمورات بالخروج ومشاركة الرجال في هذه الصلاة ، وفيما يحصل فيها من خير، وذكر ودعاء" اهـ .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/210) .
وقال أيضا :
" لكن يجب عليهن أن يخرجن تفلات ، غير متبرجات ولا متطيبات ، فيجمعن بين فعل السنة ، واجتناب الفتنة .
وما يحصل من بعض النساء من التبرج والتطيب ، فهو من جهلهن ، وتقصير ولاة أمورهن . وهذا لا يمنع الحكم الشرعي العام ، وهو أمر النساء بالخروج إلى صلاة العيد " اهـ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49012
ترك طواف الإفاضة:
تركت طواف الإفاضة ، وكنت أظن أن الطواف الأول يكفي عنه ، فماذا يلزمني ؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، فإذا تركه الإنسان فإن حجّه لم يتم ، لا بدّ أن يأتي به فيرجع ولو من بلده فيطوف طواف الإفاضة ، وفي هذه الحال ما دام لم يطف لا يجوز أن يستمتع بزوجته ، لأنه لم يتحلل التحلل الثاني ، إذ إنه لا يحل التحلل الثاني إلا بعد طواف الإفاضة والسعي إن كان متمتعاً ، أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى مع طواف القدوم اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 541) .
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/1)
رقم 49013
هل الأشياء السيئة التي تقع في الكون تحدث بإرادة الله ؟:
هل كل ما يقع في هذا الكون هو بإرادة الله تعالى ؟ وإذا كان كذلك فكيف تقع الأشياء التي لا يحبها الله في ملك الله وبإرادته ؟.
الجواب:
الحمد لله
اعلم وفقك الله تعالى أن بعض الناس قد ضل في باب القدر لأنهم ظنوا أن إرادة الله للفعل تقتضي محبته له فجرهم ذلك إلى القول بأن أفعال الشر تقع بغير إرادة الله ، فنسبوا إلى الله العجز والضعف حيث أثبتوا أنه يقع في ملكه ما لا يريد ، وبالتالي فقد يريد الشيء ولا يقع ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ ، والحق أنه لا تلازم بين ما يحبه الله ويريده شرعا ، وبين ما يقضيه ويريده ويقدره كوناً ويتضح ذلك بالنقاط التالية :
أولاً: إرادة الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة على قسمين :
القسم الأول :
الإرادة الكونية القدرية : وهي مرادفة للمشيئة ، وهذه الإرادة لا يخرج عن مرادها شيء ؛ فالكافر والمسلم تحت هذه الإرادة الكونية سواء ؛ فالطاعات ، والمعاصي ، كلها بمشيئة الرب ، وإرادته .
ومن أمثلتها قوله تعالى : ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ ) الرعد/11
وقوله : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) الأنعام/125
القسم الثاني :
الإرادة الشريعة الدينية : وهي مختصة بما يحبه الله ويرضاه .
ومن أمثلتها قوله ـ تعالى ـ : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ) البقرة/185
وقوله : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) النساء/27 ، وقوله ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) المائدة/6 .(/1)
ثانياً : الفرق بين الإرادتين :
بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فروق تميز كل واحدة منهما عن الأخرى ، ومن تلك الفروق ما يلي :
1ـ الإرادة الكونية تتعلق بما يحبه الله ويرضاه ، وبما لا يحبه ولا يرضاه .
أما الشرعية فلا تتعلق إلا بما يحبه الله ويرضاه فالإرادة الكونية مرادفة للمشيئة ، والإرادة الشرعية مرادفة للمحبة .
2ـ الإرادة الكونية قد تكون مقصودة لغيرها كخلق إبليس مثلاً ، وسائر الشرور ؛ لتحصل بسببها أمور كثيرة محبوبة لله تعالى كالتوبة ، والمجاهدة ، والاستغفار .
أما الإرادة الشرعية فمقصودة لذاتها ؛ فالله تعالى أراد الطاعة وأحبها ، وشرعها ورضيها لذاتها .
3ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها ؛ فالله إذا شاء شيئاً وقع ولا بد ، كإحياء أحد أو إماتته ، أو غير ذلك .
أما الإرادة الشرعية ـ كإرادة الإيمان من كل أحد ـ فلا يلزم وقوعها ، فقد تقع وقد لا تقع ، ولو كان لابد من وقوعها لأصبح الناس كلهم مسلمين .
4ـ الإرادة الكونية متعلقة بربوبية الله وخلقه ، أما الشرعية فمتعلقة بألوهيته وشرعه .
5ـ الإرادتان تجتمعان في حق المطيع ، فالذي أدى الصلاة ـ مثلاً ـ جمع بينهما ؛ وذلك لأن الصلاة محبوبة لله ، وقد أمر بها ورضيها وأحبها ، فهي شرعية من هذا الوجه ، وكونها وقعت دل على أن الله أرادها كوناً فهي كونية من هذا الوجه ؛ فمن هنا اجتمعت الإرادتان في حق المطيع .
وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي ، فكونها وقعت فهذا يدل على أن الله شاءها ؛ لأنه لا يقع شيء إلا بمشيئته ، وكونها غير محبوبة ولا مرضية لله دليل على أنها كونية لا شرعية .
وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر المأمور به ، وطاعة العاصي المطلوبة منه بدل معصيته ، فكونها محبوبة الله فهي شرعية ، وكونها لم تقع ـ مع أمر الله بها ومحبته لها ـ دليل على أنها شرعية فحسب ؛ إذ هي مرادة محبوبة لم تقع .(/2)
هذه بعض الفوارق بين الإرادتين ، فمن عرف الفرق بينهما سلم من شبهات كثيرة ، زلت بها أقدام ، وضلت بها أفهام ، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن العباد بهاتين العينين كان بصيراً ومن نظر إلى الشرع دون القدر أو العكس كان أعور .
ثالثاً : أفعال الله كلها خير وحكمة وعدل :
فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها هو ، وقد يُعْلم العباد أو بعضهم من حكمته ما يطلعهم عليه ، وقد يعجز العباد بعقولهم القاصرة عن إدراك كثير من الحكم الإلهية . والأمور العامة التي يفعلها سبحانه تكون لحكمة عامة ، ورحمة عامة كإرساله محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/107
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ " إنه سبحانه حكيم ، لا يفعل شيئاً عبثاً ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة ، وهي الغاية المقصودة بالفعل ، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فَعَل ، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل ، وقد دل كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا "
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد ) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/3)
رقم 49015
حكم قبول المقرِض هديةً من المقترض:
اقترض مني شخص مبلغاً من المال وأهداني هدية قبل أن يرد القرض إليّ ، فما حكم قبولي لهذه الهدية ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كان الشخص الذي اقترض منك قد جرت العادة قبل القرض أن يهدي لك هدية ، كما لو كان صاحبك أو قريبك ونحو ذلك فلا بأس بقبول الهدية حينئذ لأنها ليست بسبب القرض .
أما إذا كان هذا الشخص لم تجر العادة بأن يهدي لك فلا يجوز لك قبولها لأنها قد تكون بسبب القرض ، فإذا قبلتها تكون قد وقعت في الربا لأن القاعدة في القرض أن "كل قرض جَرَّ نفعاً فهو ربا" وهذا القرض قد جر لك نفعاً . ينظر السؤال (30842) ، (39505) .
وأيضاً : لأنه قد يكون دفعها إليك حتى تؤجل مطالبته بالدَّيْن ، وهذا أيضاً من الربا .
وقد دل على ذلك ما رواه ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ . قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ) . حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/159) .(/1)
ورَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَسْلَفَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ , فَأَهْدَى إلَيْهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ ثَمَرَةِ أَرْضِهِ , فَرَدَّهَا عَلَيْهِ , وَلَمْ يَقْبَلْهَا , فَأَتَاهُ أُبَيٍّ , فَقَالَ : لَقَدْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنِّي مِنْ أَطْيَبِهِمْ ثَمَرَةً , وَأَنَّهُ لا حَاجَةَ لَنَا , فَبِمَ مَنَعْتَ هَدِيَّتَنَا ؟ ثُمَّ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلَ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : فَكَانَ رَدُّ عُمَرَ لَمَّا تَوَهَّمَ أَنْ تَكُونَ هَدِيَّتُهُ بِسَبَبِ الْقَرْضِ , فَلَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ قَبِلَهَا , وَهَذَا فَصْلُ النِّزَاعِ فِي مَسْأَلَةِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ اهـ .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لِي : إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا . و (القَتّ) نبات تأكله البهائم .
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة ، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/136) : "وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِهِمْ (يعني الصحابة) كَأُبَيّ بن كعب وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ نَهَوْا الْمُقْرِضَ عَنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ , وَجَعَلُوا قَبُولَهَا رِبًا" اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/257) :(/2)
"وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهُمَا إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ التَّنْفِيسِ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ (أي تأخير السداد) , أَوْ لأَجْلِ رِشْوَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ , أَوْ لأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مَنْفَعَةٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ ; لأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرِّبَا أَوْ رِشْوَةٌ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لأَجْلِ عَادَةٍ جَارِيَةٍ بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ التَّدَايُنِ فَلا بَأْسَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِغَرَضٍ أَصْلا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ" اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى جواز أخذ المقرِض الهدية من المقترض غير أن الأفضل له أن يردها تورعاً ، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/136) : "وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَدْيُ أَصْحَابِهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ" اهـ .
فإن قلت :
هل يوجد حل آخر غير رد الهدية وغير الوقوع في الربا ؟
فالجواب : نعم ، إن أبيت إلا قبولها فأمامك أحد خيارين : إما أن تكافئه عليها بمثلها أو أكثر ، وإما أن تحتسبها من الدين ، فتسقط قيمة الهدية من الدين الذي على صاحبك .
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ فَأَهْدَى إلَيَّ هَدِيَّةً جَزْلَةً . قَالَ : رُدَّ إلَيْهِ هَدِيَّتَهُ ، أَوْ احْسبهَا لَهُ .
وروى سعيد بن منصور أيضاً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا يَبِيعُ السَّمَكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، فَأَهْدَى إلَيَّ سَمَكَةً قَوَّمْتهَا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا . فَقَالَ : خُذْ مِنْهُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ .
انظر : "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (6/159) .(/3)
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/61) :
"فإن قال قائل : ما دامت المسألة حراماً فلماذا لا يردها أصلاً ؟
قلنا : لأنه قد يمنعه الحياء والخجل وكسر قلب صاحبه من الرد ، فنقول : خذها وانو مكافأته عليها بمثلها أو أكثر ، أو احتسبها من دَيْنه ، وهذا لا بأس به" اهـ بتصرف .
وما سبق من التحريم إذا كانت الهدية قبل وفاء القرض ، فإذا كنت بعد الوفاء فلا بأس بقبولها .
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/59) :
"إذا أعطى هدية بعد الوفاء قليلة أو كثيرة فإن ذلك جائز" اهـ .
وانظر : "المغني" (6/437) ، "الشرح الممتع" (9/59-61) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/4)
رقم 49016
حقيقة العبودية لله تعالى:
قرأت في السؤال رقم (11804"> ) أن الغاية من خلق البشر هي أن يفردوا الله تعالى بالعبادة فهل توضح لي حقيقة العبادة ؟
الجواب:
الحمد لله
العبادة في اللغة : هي الخضوع والذل تقول العرب هذا طريق مُعَبَّدْ أي مُذَلَّلْ من كثرة وطئ الأقدام عليه .
أما في الشرع فالعبادة تطلق على شيئين :
الأول : فعل العبد كالذي يصلي أو يزكي ففعله هذا عبادة ويعرفها العلماء بقولهم :
هي طاعة الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه مع محبة الله وخوفه ورجائه .
الثاني : نفس المأمور به ولو لم يفعله أحد كالصلاة في حد ذاتها والزكاة ونحو ذلك فيعرفها العلماء بقولهم :
هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة .
وسميت هذه المأمورات عبادات لأن المكلفين يفعلونها خاضعين متذللين محبين لربهم جل وتعالى . فلا بد في عبادة الله من كمال محبته مع كمال الخضوع والذل له سبحانه .
وقد بين لنا ربنا أن الغاية العظمى والهدف الأسمى من خلق الجن والإنس هو أن يعبدوه وحده لا شريك له فقال جل شأنه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات/56
فكيف نحقق هذه الغاية ونصل إلى هذا الهدف ؟
كثير من الناس يظن أن العبادة لا تعدو أن تكون مجموعة من الشعائر التعبدية التي أمر الله أن تؤدى في أوقاتها المعلومة ـ كالصلاة والصيام والحج ، وبهذا ينتهي كل شيء ـ . وليس الأمر كما يظن هؤلاء .
فكم تستغرق الشعائر التعبدية من اليوم والليلة ؟ بل كم تستغرق من عمر الإنسان نفسه؟!(/1)
فأين بقية العمر إذن ؟ وأين بقية الطاقة ؟ وأين بقية الوقت ؟ أين تنفق وأين تذهب ؟ أتنفق في العبادة أم في غيرها ؟ وإن كانت ستنفق في غير العبادة فكيف تتحقق غاية الوجود الإنساني التي حصرتها الآية حصراً كاملاً في عبادة الله ؟ وكيف يتحقق قوله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) الأنعام/162 .
إن العبودية قضية كلية تهيمن على حياة المسلم فهو حين يسعى في الأرض لطلب الرزق يعبد الله لأن ربه يأمره بذلك في قوله : ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) الملك/15 ، وهو حين ينام فهو ينام ليتقوى على عبادة الله تعالى كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : " إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " أخرجه البخاري 4342 ، أي أنه يحتسب الأجر في نومه كما يحتسب الأجر في قيامه لِلَّيل ، بل إن المسلم لا يرضى إلا أن يكون تمتعه بالطعام والشراب والنكاح في ميزان حسناته كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ قالوا : نعم . قال : فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) أخرجه مسلم 1006(/2)
وطريق الوصول إلى هذه المرتبة العظيمة بأن يستحضر العبد ذكر ربه وهو يعمل في شتى مجالات الحياة فيسأل نفسه هل هو في الموضع الذي يرضي ربه عنه أم يسخطه عليه ؟ فإذا كان في موضع الرضى فليحمد الله وليزدد من الخير ، وإن كان على غير ذلك فليستغفر الله وليتب إليه كما هو حال عباد الله المتقين الذين وصفهم الله بقوله : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/ 135 ، 136 .
وهكذا كانت العبادة في حس سلفنا الصالح من الصحابة ومن بعدهم فلم يحصروها قط في إطار الشعائر التعبدية بحيث تصبح اللحظات التي يقومون فيها بأداء تلك الشعائر هي وحدها لحظات العبادة ، وتكون بقية حياتهم " خارج العبادة " إنما كان في حس أحدهم أن حياته كلها عبادة وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة يتزود فيها الإنسان بالطاقة الإيمانية التي تعينه على أداء بقية العبادات المطلوبة منه ، ولذلك كانوا يحتفون بها احتفاءً خاصاً كما يحتفي المسافر بالزاد الذي يعينه على الطريق وباللحظة التي يحصل فيها على الزاد .
لقد كانوا كما وصفهم ربهم : ( يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ) آل عمران/191 أي في جميع أحوالهم لقد كانوا يجمعون إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب وكانت عظمة الله وخشيته حاضرة في قلوبهم في كل عمل يعملونه ، أو قول يقولونه فإذا حدث وغفل أحدهم فزل أو أخطأ كان حاله كما وصف الله في الآيات التي سبق ذكرها من آل عمران .(/3)
ثم اعلم ـ وفقك الله ـ أن كل إنسان عابد بفطرته. أي أنه مجبول على العبادة ؛ فإما أن يكون عابدا لله وحده بلا شريك ، وإما أن يكون عابدا لشيء آخر غير الله ، معه أو من دونه ، كلاهما سواء ! وهذه العبادة هي التي يسميها الله سبحانه وتعالى " عبادة الشيطان " لأنه استجابة لدعوة الشيطان : ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 . ولا يستوي حياة الإنسان عابدا لله وعابدا للشيطان : ( أفمن يمشي مكباًّ على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ) الملك/22 .
( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ) الرعد/16 ، والشيطان يستدرج الإنسان في محاولة لإبعاده عن عبادة الله فتارة ينجح في إبعاده إبعاداً مؤقتاً كما يقع في المعصية " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن .. ) أخرجه البخاري (2475 ) ومسلم (57 ) ، وتارة يبعده إبعاداً كاملاً ينقطع فيه ما بين العبد وبين ربه فيشرك أو يكفر أو يلحد ـ والعياذ بالله ـ
وعبادة الشيطان هذه تارة تكون عبادة للهوى كما قال تعالى : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً ) الفرقان/43 ، فهذا العبد الذي يأتمر بأمر هواه فما رآه حسنا فعله وما رآه قبيحا تركه فهو مطيع لهوى نفسه يتبع ما تدعو إليه فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه.
وتارة تكون عبادة للدرهم والدينار كما قال صلى الله عليه وسلم : " تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ .. الحديث " رواه البخاري 2887
وهكذا كل من تعلق قلبه بشيء غير الله من أهواء نفسه فإن حصل له رضي وإن لم يحصل له سخط فهو عبد ما يهواه رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته .(/4)
ثم بقدر ما تستعبده هذه الشهوات أو بعضها بقدر ما تضعف عبوديته لربه سبحانه فإن استحكمت عبوديته لتلك الشهوات والأهواء حتى صدته عن الدين بالكلية فهو مشرك كافر ، وإن صدته تلك الأهواء والشهوات عن بعض ما يجب عليه أو زينت له فعل بعض ما يحرم عليه مما لا يخرج فاعله من الدين فقد نقص من عبوديته لربه وإيمانه به بقدر ما صُد عنه.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بكمال العبودية له سبحانه , وأن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب .
والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية لشيخ الإسلام ابن تيمية ).
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 49020
هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين:
أريد أن أعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين .
الجواب:
الحمد لله
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي العيدين في المصلى ، ولم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه صلى العيد في مسجده .
قَالَ الشَّافِعِيّ فِي الأُمّ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُج فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَهَكَذَا مَنْ بَعْده إِلا مِنْ عُذْر مَطَر وَنَحْوه , وَكَذَا عَامَّة أَهْل الْبُلْدَان إِلا أَهْل مَكَّة . اِنْتَهَى .
وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه ، فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له حُلَّة يلبسها للعيدين والجمعة .
(والحُلَّة ثوبان من جنس واحد) .
وكان يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وترا .
روى البخاري (953) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا .
وَقَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ : لا نَعْلَمُ فِي اِسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ اِخْتِلافًا . اِنْتَهَى .
والْحِكْمَةُ فِي الأَكْلِ قَبْلَ الصَّلاةِ أَنْ لا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ .
وقيل : مُبَادَرَةً إِلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بوجوب الفطر بعد وجوب الصوم .
فإن لم يجد المسلم تمراً أفطر على غيره ولو على ماء ، حتى يحصل له أصل السنة . وهي الإفطار قبل صلاة عيد الفطر .
وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته .(/1)
وروي عنه أنه كان يغتسل للعيدين ، قال ابن القيم : فيه حديثان ضعيفان . . ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه اهـ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج إلى صلاة العيد ماشيا ، ويرجع ماشياً .
روى ابن ماجه (1295) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ ، مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا . حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى الترمذي (530) عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا . حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قَالَ الترمذي : وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا . . . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَرْكَبَ إِلا مِنْ عُذْرٍ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة ، والسنة أنه لا يُفعل شيءٌ من ذلك .
ولم يكن يصلي في المصلى قبل صلاة العيد أو بعدها شيئاً .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، فيصلي ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الإحرام أو غيرها ، يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذُكر عن ابن مسعود أنه قال : يحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وكان ابن عمر مع تحريه لاتباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع كل تكبيرة .(/2)
وكان إذا أتم التكبير أخذ في القراءة فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ بعدها (ق والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى (اقتربت الساعة وانشق القمر) ، وربما قرأ فيهما (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) صح عنه هذا وهذا ، ولم يصح عنه غير ذلك ، فإذا فرغ من القراءة كبر وركع ثم إذا أكمل الركعة وقام من السجود ، وكبر خمسا متوالية ، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة ، فيكون التكبير أول ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع .
وقد روى الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة . قال الترمذي : سألت محمدا -يعني : البخاري- عن هذا الحديث فقال : ليس في الباب شيء أصح من هذا ، وبه أقول اهـ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أكمل الصلاة انصرف ، فقام مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ، وإن كان يريد أن يبعث بعثا بعثه ، أو يأمر بشيء أمر به .
ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يخرج منبر المدينة ، وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض قال جابر : شهدت مع رسول الله الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن . متفق عليه .
وقال أبو سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كان النبي يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول ما يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم . . الحديث رواه مسلم .(/3)
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير . وإنما روى ابن ماجه في سننه (1287) عن سَعْدٍ القَرَظ مُؤَذِّنِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ ) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه . ومع ضعف الحديث فإنه لا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفتتح خطبة العيد بالتكبير .
وقال في تمام المنة : "ومع أنه لا يدل على مشروعية افتتاح خطبة العيد بالتكبير ، فإن إسناده ضعيف ، فيه رجل ضعيف وآخر مجهول ، فلا يجوز الاحتجاج به على سنية التكبير في أثناء الخطبة" اهـ .
قال ابن القيم :
"وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء فقيل يفتتحان بالتكبير وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وقيل يفتتحان بالحمد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهو الصواب . . وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح خطبه كلها بالحمد لله اهـ .
ورخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة ، أو أن يذهب .
روى أبو داود (1155) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ : ( إِنَّا نَخْطُبُ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخالف الطريق يوم العيد ، فيذهب في طريق ويرجع في آخر .(/4)
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/5)
رقم 49021
حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة:
ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وما حكم المصافحة والمعانقة بعد صلاة العيد ؟.
الجواب:
الحمد لله
ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كان يهنئ بعضهم بعضاً بالعيد بقولهم : تقبل الله منا ومنكم .
فعن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . قال الحافظ : إسناده حسن .
وقَالَ الإمام أَحْمَدُ رحمه الله : وَلا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُل لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . نقله ابن قدامة في "المغني" .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/228) : هَلْ التَّهْنِئَةُ فِي الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ : " عِيدُك مُبَارَكٌ " وَمَا أَشْبَهَهُ , هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , أَمْ لا ؟ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , فَمَا الَّذِي يُقَالُ ؟
فأجاب :(/1)
"أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ , وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ , الأَئِمَّةُ , كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ : أَنَا لا أَبْتَدِئُ أَحَدًا , فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته , وَذَلِكَ لأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ , وَأَمَّا الابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا , وَلا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ , فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ , وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وهل لها صيغة معينة ؟
فأجاب :
"التهنئة بالعيد جائزة ، وليس لها تهنئة مخصوصة ، بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً" اهـ .
وقال أيضاً :
"التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الا?ن من الأمور العادية التي اعتادها الناس ، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام" اهـ .
وسئل رحمه الله تعالى : ما حكم المصافحة ، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد ؟
فأجاب :
"هذه الأشياء لا بأس بها ؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل ، وإنما يتخذونها على سبيل العادة ، والإكرام والاحترام ، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/208-210) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49022
وقت رمي الجمار:
أريد أن أعرف بالتحديد وقت رمي الجمار ، أوله وآخره .
الجواب:
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة يوم العيد يكون لأهل القدرة والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد ، ولغيرهم من الضعفاء ومن لا يستطيع مزاحمة الناس من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقّهم من آخر الليل ، وكانت أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ ترتقب غروب القمر ليلة العيد فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ، ورمت الجمرة ، أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد ، وإذا كان زحام أو كان بعيداً عن الجمرات وأحب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك ، ولكنه لا يؤخره إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر .
وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر ، واليوم الثاني عشر ، واليوم الثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زوال الشمس أي من انتصاف النهار عند دخول وقت الظهر ، ويستمر إلى الليل ، وإذا كان هناك مشقة من زحام وغيره فلا بأس أن يرمي بالليل إلى طلوع الفجر ، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر ، الثالث عشر قبل الزوال ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرم إلا بعد الزوال ، وقال للناس : " خذوا عني مناسككم " وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي ـ إلى هذا الوقت ـ مع أنه في شدّة الحر ، ويدع أول النهار مع أنه أبرد وأيسر ، دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت ، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرمي من حين تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر ، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل ، لأجل أن يصلي الصلاة ـ صلاة الظهر ـ في أوّل وقتها ، لأن الصلاة في أول وقتها أفضل ، والحاصل أن الأدلة تدل على أن الرمي في أيام التشريق لا يجوز قبل الزوال .(/1)
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 560) .
وقال أيضاً :
رمي جمرة العقبة يوم العيد ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الحادي عشر ويبتدئ من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناس .
وأما رميها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللتين معها يبتدئ الرمي من الزوال ( أول وقت صلاة الظهر ) وينتهي بطلوع الفجر من الليلة التي تلي اليوم إلا إذا كان في آخر أيام التشريق فإن الليل لا رمي فيه وهو ليلة الرابع عشر ، لأن أيام التشريق انتهت بغروب شمسها ، ومع ذلك فالرمي في النهار أفضل إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغشمهم ، وعدم مبالاة بعضهم ببعض إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه ، كما أنه لو رمى ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه ، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه المسألة ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه اهـ .
فتاوى أركان الإسلام (ص557-558) .
الإسلام سؤال وجواب
جميع الحقوق محفوظة لموقع الإسلام سؤال وجواب© 1997-2007(/2)
رقم 49023
مراتب الدين الإسلامي:
هل للدين الإسلامي مراتب ، وما هي مراتبه ؟.
الجواب:
الحمد لله
وبعد : فإن للدين الإسلامي ثلاث مراتب وهي : الإسلام ، والإيمان ، والإحسان . وكل مرتبة لها معنى ، ولها أركان .
فالمرتبة الأولى : الإسلام وهو لغة : الانقياد والإذعان .
وأما في الشرع : فيختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :
الحالة الأولى : أن يطلق مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فهو حينئذ يراد به الدين كله أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله ، كقوله تعالى : ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19 ، وقوله تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، وقوله : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) آل عمران/85 . ولذا عرفه بعض أهل العلم بقوله : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله .
الحالة الثانية : أن يطلق مقترنا بالإيمان فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) الحجرات/14(/1)
وفي صحيح البخاري ( 27 ) ومسلم ( 150 ) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "
فقوله صلى الله عليه وسلم : "أو مسلما " ؛ لما قال له سعد رضي الله عنه مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا : يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة .
والمرتبة الثانية : الإيمان وهو في اللغة : التصديق المستلزم للقبول والإذعان .
وفي الشرع : يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان أيضا :
الحالة الأولى : أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله كقوله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) البقرة /257 ، وقوله تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) المائدة/23(/2)
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون " أخرجه مسلم ( 114 ) . ولهذا أجمع السلف على أنه : " تصديق بالقلب ـ ويدخل فيه أعمال القلب ـ ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية "
ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطنا وظاهرا في قوله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) الأنفال/2-4
وقد فسر الله تعالى الإيمان بذلك كله في قوله تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة/177 ، وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كله في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري ( 53 ) ومسلم ( 17 ) فقال : " آمركم بالإيمان بالله وحده قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان ، وأن تؤدوا من المغنم الخمس " .
وقد جعل صلى الله عليه وسلم صيام رمضان إيمانا واحتسابا من الإيمان وكذا قيام ليلة القدر وكذا أداء الأمانة وكذا الجهاد والحج واتباع الجنائز وغير ذلك وفي صحيح البخاري ( 9) ومسلم ( 35 ) : " الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " والآيات والأحاديث في هذا الباب يطول ذكرها .(/3)