فتاوى الأزهر
المصدر : موقع وزارة الأوقاف المصرية
http://www.islamic-council.com
ضمان الحج عن الغير
المفتي
محمد عبده .
محرم 1319 هجرية
المبادئ
الحاج عن الغير إن قطع عليه الطريق وبقى شىء فى يده من مال الميت فرجع وأنفق على نفسه فى الرجوع ولم يحج لا يكون ضامنا إذا لم تذهب القافلة
السؤال
رجل أمر بالحج عن الغير فقصد الحج حتى إذا قارب الوصول إلى أرض الحجاز حصل له مانع سماوى مثل اصطدام السفينة لشعب فى البحر بحيث أحصر مدة إلى أن نقل إلى سفينة أخرى أوصلته إلى أرض الحجاز بعد ميعاده ووجد الحج قد فاته قبل إحرامه ثم رجع إلى وطنه فهل يضمن ما صرفه فى الرجوع أم يحسب من بدل الحج المأمور به لداعى إحصاره بالعارض السماوى
الجواب
قالوا إن الحاج عن الغير إن قطع عليه الطريق وبقى شىء فى يده من مال الميت فرجع وأنفق على نفسه فى الرجوع ولم يحج لا يكون ضامنا إذا لم تذهب القافلة وهو صريح فى عدم الضمان فى حادثتنا فإن الحج فاته بسبب إحصاره فى الطريق على غير اختياره وذلك بمثابة قطع الطريق عليه وعدم ذهاب القافلة فما أنفقه فى الرجوع لا ضمان عليه فيه لأنه منع عن الحج بما طرأ عليه من الإحصار الذى أوجب الفوات متى كان ذلك المنع أمرا ظاهرا يشهد على صدقه ذلك لوجوب نفقته على آمره بالحج - ألا ترى أنه لو استؤجر رجل ليذهب لموضع كذا ويدعو فلانا بأجر مسمى فذهب للموضع فلم يجد فلانا فإنه يجب الأجر بالذهاب إجماعا كما ذكره الإتقانى وغيره فيستأنس به كما قلنا واللّه أعلم
---
هل يؤجل الحج لخوف الطريق
المفتي
محمد بخيت .
رمضان 1334 هجرية - يوليو 1916 م
المبادئ
يجوز تأخير الحج عند غلبة الخوف من الطريق وعدم غلبة السلامة منه إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة
السؤال
بخطاب وزارة الداخلية بتاريخ 17 يوليو سنة 1916 قامت الحرب وصار السفر إلى الحجاز لتأدية فريضة الحج صعبا وطريقه غير مأمون فما حكم الشرع الشريف فى ذلك
الجواب(1/1)
اطلعنا على خطاب دولتكم الذى جاء فيه أنه لما قامت الحرب الأوروبية الحالية وصار السفر إلى الحجاز صعبا وطريقه غير مأمون وأخذ دولتكم رأينا فى ذلك .
أجبنا بأنه عند غلبة الخوف فى الطريق وعدم غلبة السلامة يكون الطريق غير مأمون ويجوز تأخير الحج إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة وتزول غلبة الخوف .
وبناء على ذلك قد وضعت النصائح الكافية فى المنشور الذى أصدرته الحكومة فى العام الماضى لإرشاد الحجاج المصريين عن ذلك، وحيث إنه لا يزال يتعذر القطع بأن دعائم الأمن فى بلاد الحجاز قد استتبت تمام الاستتباب فضلا عن أن طرق النقل بحرا بين القطر المصرى والحجاز معدومة فعلا .
وتريدون دولتكم الإفادة عما نراه موافقا للشرع الشريف فى مثل هذه الحالة .
ونفيد أنه حيث كان الحال ما ذكر فيجوز للمصريين تأخير الحج إلى أن يصير الطريق مأمونا وتغلب السلامة وتزول غلبة الخوف .
هذا ما يقتضيه الحكم الشرعى وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
---
الحج عن الغير بأمره
المفتي
عبد المجيد سليم .
ذو القعدة 1354 هجرية - فبراير 1936 م
المبادئ
1- إذا وجب الحج على شخص فأمره غيره بالحج عنه لعجزه عن أداء الفريضة بنفسه وكانت نفقة ذلك كلها أو أكثرها على الآمر ومن ماله ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع عند الحنفية فى جواز ذلك وسقوط الحج به عن الآمر .
2- لا يشترط فى جواز الحج عن الغير أن يكون عجزه لا يرجى زواله عند الحنفية بل يجوز ولو كان يرجى زواله غير أنهم اشترطوا فى سقوط حج الفرض عن الآمر استمرار عجزه إلى وفاته فإذا برئ المريض وتمكن من الحج بنفسه وجبت عليه الإعادة إذا كان عجزه من الممكن البرء منه غالبا أما إذا كان لا يرجى زواله غالبا كأن كان لزمانه أو عمى فإنه سقط الفرض ولا تجب الإعادة ولو زال ذلك .(1/2)
3- لا يشترط فى جواز ذلك عند الحنفية أن يكون المأمور قد حج عن نفسه حجة الفرض غير أن الأفضل عندهم أن يكون قد حج عن نفسه ليكون عالما بمناسك الحج .
4- إذا وجب الحج على المأمور بتحقق قدرته مطلقا ولم يحج عن نفسه أولا .
يكون حجه عن الغير مكروها كراهة تحريمية لأنه بتحقق قدرته تعين عليه الحج عن نفسه فى أول سنى الإمكان فيكون آثما بالترك .
5- ما ورد عن الرسول صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه أولا محمول على ما إذا كان حجه عن نفسه قد وجب عليه .
6- لكل من الآمر والمأمور ثواب على فعله بلا شك
السؤال
ما قولكم دام فضلكم فى المسألة الآتية شخص موسر يبلغ من العمر زهاء الستين ويرغب فى تأدية فريضة الحج .
ولكن صحته لا تمكنه من ذلك . ويريد أن ينيب عنه نجله متكفلا له بكافة نفقات الحج والزيارة فهل يصح هذا شرعا على هذا الوجه أو لا يصح .
ولمن يكون أجر الحج وثواب الزيارة
الجواب
الحمد للّه وحده والصلاة والسلام على من لا نبى بعده .
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأنه إذا وجب الحج على شخص فحج عنه غيره بأمره وكان الآمر عاجزا عن أداء فريضة الحاج بنفسه وكانت نفقة الحج من مال الآمر كلها أو أكثرها .
ونوى المأمور الحج عن الآمر واستوفى بقية الشروط التى ذكرها فقهاء الحنفية فى حج الفرض عن الغير فلا نزاع حينئذ بين فقهاء الحنفية فى أنه يسقط الفرض عن الآمر .
ولكن اختلفوا فى أنه هل يقع الحج المفروض عن الآمر أو يقع عن المأمور نفلا وللأمر ثواب النفقة كالنفل .
فالظاهر من المذهب أنه يقع الحج المفروض عن الآخر وهو الصحيح لما يشهد بذلك من الآثار من السنة .
ولا يشترط أن يكون العجز لا يرجى زواله عند الحنفية .
بل يجوز الحج عن الغير لعجز يرجى زواله .(1/3)
كعجز لمرض يرجى البرء منه . غير أنه لا كلام عندهم فى أنه يشترط فى سقوط الفرض عن الآمر بهذا الحج وعدم وجوب الإعادة عليه استمرار العجز إلى الموت فإذا برئ المريض وتمكن من الحج وجب عليه الإعادة .
أما إذا كان العجز لا يجرى زواله بأن كان لزمانة أو عمى مثلا فإنه يسقط الفرض عن الآمر ولا تجب عليه الإعادة إن زال هذا العجز على ما قالوا إنه الحق .
ولا يشترط عند الحنفية أيضا أن يكون الحاج عن غيره قد حج عن نفسه حجة الإسلام نعم قالوا إن الأفضل احجاج الحر العالم بالمناسك الذى حج عن نفسه .
ومقتضى النظر كما قال صاحب الفتح إن حج الضرورة ( وهو من لم يحج عن نفسه ) عن غيره إن كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم لأنه يتعين عليه والحالة هذه فى أول سنى الإمكان فيأثم بتركه، وعلى هذا يحمل ما ورد عن النبى صلى اللّه عليه وسلم من أمره من كان يحج عن غيره أن يحج عن نفسه ثم يحج عن غيره هذا ولا شك أن للآمر ثوابا على هذا الحج .
ولكن هل للمأمور ثواب أيضا .
قال ابن عابدين وعلى القول بوقوع الحج عن الآمر لا يخلو المأمور من الثواب .
بل ذكر العلامة نحو عن مناسك القاضى حج الإنسان عن غيره أفضل من حجه على نفسه بعد أن أدى فرض الحج لأنه نفعه متعد وهو أفضل من القاصر تأمل .
انتهت عبارة ابن عابدين ومما قلنا ظهر الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر به واللّه سبحانه وتعالى أعلم
---
حج المرأة
المفتي
عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1361 هجرية - نوفمبر 1942 م
المبادئ
1- لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو ذو رحم محرم لها بالغ عاقل ولا يحل لها أن تحج بدون ذلك .
2- إذا سافرت بلا زوج أو رحم محرم لها كانت آثمة مرتكبة لما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه من سفرها بدون ذلك وكانت أيضا مرتكبة لمعصية مخالفتها لزوجها الذى فرضت عليها طاعته فى غير معصية
السؤال(1/4)
أنا سيدة مصرية مسلمة ومتعلمة ومتزوجة من رجل رجعى وأود الحج ولكن زوجى يمنعنى عن أداء هذه الفريضة بمفردى دونه مع ملازمتى لإحدى قريباتى نظرا لعدم سنوح فرصة له لترك أعماله لأنه ليس له معين سوى اللّه .
فهل إذا خالفته وصممت على أداء الفريضة قهرا عنه بمفردى فهل هذا يعد مخالفة لأصول الدين .
وهل أعاقب على ذلك من اللّه .
أرجو إفادتى
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد أنه لا يجب الحج على السيدة المذكورة إلا إذا كان معها زوجها أم محرم لها بالغ عاقل ولا يحل لها أن تحج بدون زوجها أو محرمها لحديث البخارى ومسلم - لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها محرم - زاد مسلم فى رواية - أو زوج - ولقوله عليه الصلاة والسلام - لا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم معها - رواه الترمذى وغيره .
وعن أبى هريرة عن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال - لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم عليها - وغير ذلك من الأحاديث التى وردت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ومن هذا علم أن السيدة إذا سافرت من غير زوجها أو محرم لها كانت آثمة مرتكبة ما نهى عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من السفر بدون زوج أو محرم ومرتكبة أيضا معصية أخرى هى مخالفتها لزوجها الذى فرض اللّه على الزوجة طاعته فى غير معصية والذى جعل حقه على المرأة أوجب من حق أبيها عليها كما تدل على ذلك أحاديث كثيرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
ويكفينا أن نذكر منها ما رواه الترمذى عن أبى هريرة أن النبى صلى اللّه عليه وسلم قال ( لو كنت أمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) .
وبهذا علم الجواب عن السؤال واللّه سبحانه وتعالى أعلم
---
الحج بطريق القرعة
المفتي
عبد المجيد سليم .
صفر 1363 هجرية - يناير 1944 م
المبادئ(1/5)
الحج بطريق القرعة جائز شرعا لأن كل عضو من أعضاء الجمعية يودع مبلغا شهريا مع إذنها بإقراضه لمن يحج به فهو تعاون على البر
السؤال
تراضى أعضاء جمعية الدعاية للحج على أن يدفع كل منهم ثلاثين قرشا شهريا لنية الحج وفى نهاية كل عام يجرى اقتراع ليحج من بينهم عدد يتناسب والمبلغ المجموع ويعتبر ما يستلمه العضو من مال الحج وديعة يسددها على أقساط شهرية عند العودة مع العلم بأن بملغ الثلاثين قرشا الذى يدفع شهريا يعتبر كوديعة لدى الجمعية بحيث يكون للدافع أن يسترد ما دفعه فى أى وقت شاء .
وهذه الفكرة نشأت بعد صدور قانون الجمعية فهو لا يتناولها وإن كان لا يتنافى معها
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن الذى يظهر من السنة ومن عمل الصحابة ومما جرى عليه الإمام أحمد فى مسائل القرعة جواز هذا العمل شرعا لأن حاصله إيداع كل عضو من أعضاء الجمعية المبلغ المذكور شهريا مع إذنها بأن تقرضه لمن يحج به فهو تعاون على البر على أن تكون القرعة وسيلة لاختيار من يحج تطييبا لنفوس أعضاء الجمعية وقد ورد العمل بالقرعة فى مثل هذا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعن بعض الصحابة رضوان اللّه عليهم وقاس عليه الإمام أحمد رحمه اللّه نظائر له .
وما معنا مثل ذلك .
ومن أراد الوقوف على هذه النصوص التى اعتمدنا فليرجع إلى مبحث القرعة من كتاب الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن القيم وإلى ما قاله أيضا فى كتابه بدائع الفوائد من الجزء الثالث ص 261 وما بعدها .
واللّه أعلم
---
الحج أفضل من التبرع للمجاهدين بنفقته
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
رمضان 1367 هجرية - يوليو 1948 م
المبادئ
أداء فريضة الحج أفضل من التبرع للمجاهدين بنفقته لفرضية الحج فور التمكن من أدائه ولأن الجهاد فرض كفاية وفرض العين مقدم على فرض الكفاية
السؤال
هل أداء الحج أفضل أو التبرع للمجاهدين بنفقة الحج
الجواب(1/6)
اطلعنا على السؤال المتضمن أن تأدية فريضة الحج أفضل أو التبرع للمجاهدين بنفقة الحج والجواب أن الحج فرض عين على كل من استطاع إليه سبيلا لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وهو فرض على الفور فى أول وقت يتمكن فيه الإنسان من أدائه .
كما ذهب إليه الإمام أبو يوسف من الحنفية وهو أصح الروايات عن أبى حنيفة ومالك وأحمد والجهاد إذا لم يدع إليه ولى الأمر جميع القادرين عليه كما هو واقع الآن فرض كفاية متى قام به البعض سقط عن الباقين وإذا تركه الجميع أثموا وفرض العين مقدم على فرض الكفاية فإذا لم يكن لدى مريد الحج ما يسع القيام به والتبرع للمجاهدين قدم أداء الحج على التبرع للمجاهدين .
واللّه تعالى أعلم
---
حكم اقامة الأنثى بدون محرم
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
ذى الحجة 1367 هجرية - أكتوبر 1948 م
المبادئ
يحرم شرعا ترك الأنثى بدون وجود أحد من المحارم حفاظا على العرض والدين وصونا من العبث والإغراء والفتنة
السؤال
شخص يريد السفر إلى بلد بعيد لأمر يتعلق بوظيفته وقد يغيب فيه أكثر من شهر وله بنت بكر بالغ سنها 18 سنة وتسكن معه بالمنزل ويضطر لتركها وحدها لأنها طالبة ويقوم بمساعدتها فى دروسها بعض المدرسين الفضلاء وإن لم يكونوا من أقربائها ولا يريد السفر قبل أن تطمئن نفسه .
وإذا أخذها معه فاتتها الفائدة وإذا تركها فإنه يخاف حديث الناس وليس فى البلد الذى يقيم به أحد من محارمها .
فما الرأى - أيضحى بفائدته أم يضحى بفائدة إبنته
الجواب
إن ترك ابنة السائل البالغة وحدها بدون وجود أحد من محارمها معها أثناء سفره البعيد ذريعة قريبة إلى شر مستطير ومفسدة عظمى وخاصة فى هذا الزمن ومناف لما أوجبه الشارع من المحافظة على العرض بما يصونه من العبث والإغراء بالفتنة فيحرم شرعا تركها كذلك .
ومفسدته أعظم من مصلحة بقائها للدارسة وحدها هذه المدة .(1/7)
فإذا تحتم سفرك للبلد البعيد ولم يتيسر وجود الرحم المحرم كما ذكر فعليك استصحابها معك محافظة على العرض والدين .
واللّه يتولى هداك
---
عدم جواز منع الصغار من السفر مع أمهاتهم للحج
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
شعبان 1368 هجرية - يونية 1949 م
المبادئ
1- حج النساء بدون زوج أو محرم موافق لبعض المذاهب والأقوال .
2- مذهب الحنفية عدم الجواز بدون زوج أو محرم .
3- مذهب الشافعية عدم جواز ذلك بدون زوج أو محرم أو جمع من النساء الثقات إلا لضرورة قاهرة .
4- لا يجوز منع سفر الأطفال مع أمهاتهم لإفضائه إلى منع الأمهات أنفسهن من السفر فى الحالات التى لا يجوز شرعا منعهن فيها من الحج
السؤال
من وزارة الداخلية بما يأتى اعتاد بعض الحجاج المصرين فى مواسم الحج الماضية أن يستصحبوا معهم أطفالا تقل أعمارهم عن عشر سنوات وهؤلاء الأطفال فضلا عن المتاعب التى يسببونها لذويهم يشغلون بالبواخر وغيرها من وسائل النقل أماكن لأشخاص بالغين مكلفين بأداء الفريضة وفى سفرهم وهم لا يكسبون ثواب الفريضة وتعطيل للبالغين عن أدائها كما لوحظ أن كثيرا من السيدات والآنسات يسافرن للحجاز دون أن يكون معهن رحم محرم فنرجو التفضل بالإفادة عن رأى فضيلتكم فى هاتين الحالتين .
وهل من الجائز شرعا منع سفر الأطفال الذين تقل سنهم عن العشر سنوات والسيدة أو الآنسة التى لا يرافقها رحم محرم كما نرجو أن يصلنا رد فضيلتكم فى أقرب فرصة لإمكان إصدار التعليمات اللازمة فى هذا الصدد فى موسم الحج الحالى وأفتينا بما نصه
الجواب(1/8)
ورد إلينا كتاب الوزارة المؤرخ 10 شعبان سنة 1368 هجرية بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا منع السيدات والآنسات اللاتى لا يرافقهن زوج ولا محرم ومنع سفر الأطفال الذين تقل أسنانهم عن عشر سنوات للأقطار الحجازية للأسباب المذكورة به ونفيد أولا أن الأئمة قد اختلفوا فى اشتراط الزوج أو المحرم فى السفر البعيد فذهب الحنفية إلى أنه يشترط فى سفر المرأة إلى الحج شابة كانت أم عجوزا أن تكون مع زوج أو محرم بالغين عاقلين مأمونين فإن لم يوجد لها زوج ولا محرم لا يجب عليها الحج لأنها تعد غير مستطيعة ولا يجوز لها هذا السفر والمحرم هو من لا يجوز له زواجها على التأبيد بسبب قرابة أو مصاهرة أو رضاع والسفر البعيد هنا ما كانت مسافته بالسير المعتاد ثلاثة أيام ولياليها وقيل يوما واحدا ولا عبرة بالسفر الآن بالطائرة بل المعتبر شرعا تقدير المسافة بالسير المعتاد وذهب الشافعية إلى أنه لا يجب الحج على المرأة إذا لم تكن مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات فإذا وجدت أى واحد من هذه الثلاثة لزمها الحج وإن لم تجد شيئا منها لم يجب عليها الحج وهذا فى حج الفريضة أما الحج النفل فالصحيح عندهم أنه لا يجوز إلا مع الزوج أو المحرم لعدم الضرورة فيه - ونقل الشوكانى عن الإمام أحمد أنه لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرما ومثله الزوج وأن اشتراط المحرم أو الزوج فى الحج مذهب آل البيت وأبى حنيفة وإسحق والشافعى فى أحد قوليه .
ونقل عن مالك وأحمد فى رواية أخرى أنه لا يشترط الزوج أو المحرم فى سفر الفريضة ورجح ابن حزم فى المحلى عدم وجوب الزوج أو المحرم فى سفر الحج، فإذا لم تجد واحدا منهما تحج ولا شىء عليها وقد فرق بعض الفقهاء بين الشابة والعجوز فاشترط وجود الزوج أو المحرم مع الشابة دون العجوز والجمهور على عدم الفرق بينهما .(1/9)
ثانيا بالنسبة لسفر الأطفال المذكورين مع أمهاتهم فالمنصوص عليه فى مذهب الحنفية أن عبادة الصبى ومنها الحج تصح منه وإن لم تجب عليه وله ثوابها وقيل ينتفع بها والده أيضا .
وعند الحنابلة كما فى المغنى أن حج الصبى صحيح فإن كان مميزا أحرم بإذن وليه وإن لم يكن مميزا أحرم عنه وليه فيصير محرما بذلك وبه قال مالك والشافعى .
وعن ابن عباس رفقت امرأة صبيا - فقالت يا رسول اللّه ألهذا حج قال نعم ولك أجر - .
وعن جابر قال - خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حجاجا ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم وكان ابن عمر يفعل ذلك - .
وروى أن أبا بكر طاف بابنه فى خرقة وبه قال عطاء والزهرى ومالك والشافعى وإسحاق وابن المنذر كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى الرمى عن الصبى الذى لا يقدر على الرمى وقال أحمد يرمى عنه أبوه أو وليه ونفقته فى مال وليه .
ومن هذا يعلم ان حج الصبى الذى لم يبلغ الحلم صحيح وإن لم يجب عليه والخلاصة أولا أن ما يجرى عليه العمل الآن بالديار المصرية من حج النساء بدون زوج أو محرم موافق لبعض المذاهب والأقوال وأن مذهب الحنفية عدم جواز سفرهن للحج بدون زوج أو محرم ومذهب الشافعية عدم جواز حج الفريضة بدون زوج أو محرم أو جمع من النساء الثقات ولا يعدل عن ذلك إلا لضرورة قاهرة فإذا اقتضت الضرورة العدول عنه فيؤخذ بمذهب الحنفية ولكن فى الشابات دون العجائز ويؤخذ بالنسبة للعجائر بمذهب من يرى جواز سفرهن بدون زوج أو محرم .(1/10)
ولما كان سن الشباب غير منضبط فلا مانع من تحديده بسن الخمسين لأنه فى الغالب هو الحد الفاصل بين من تشتهى ومن لا تشتهى ومن الممكن إثباته بشهادات الميلاد ونحوها ويرجح ذلك أن القول بمنع سفر المرأة وحدها ملحوظ فيه درء الفتنة وإثارة الشهوة والقول بالتفرقة بين الشابة والعجوز ملحوظ فيه اشتهاء الأولى دون الثانية ولا مانع شرعا من الأخذ بمذهب فى حالة والأخذ بمذهب آخر فى حالة أخرى كما اتبع فى قوانين الوقف والوصية والميراث .
ثالثا - لا يجوز منع سفر الأطفال المذكورين مع أمهاتهم لإفضائه حتما إلى منع الأمهات أنفسهن من السفر فى الحالات التى لا يجوز شرعا منعهن فيها من الحج والمصلحة فى إبقاء ما كان على ما كان بالنسبة لسفر هؤلاء الأطفال على أنه إذا أريد تخفيف الضغط على بواخر السفر فلا مانع من ترتيب الطلبات على أساس ترجيح من يريد أداء الفريضة على من يريد الحج تطوعا بحيث إنه إذا اتسعت البواخر للجميع لا يمنع أحد وإذا ضاقت فيؤثر المفترض على المتنقل .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
واللّه تعالى أعلم
---
حاجات الأولاد مقدمة على حج التطوع
المفتي
علام نصار .
7 سبتمبر 1950 م
المبادئ
مصالح وحاجات الأولاد من زواج ونفقة وتعليم مقدمة على التطوع بالحج
السؤال
من الأستاذ أ أ م على صفحات الأهرام قال 1 - سيدة سبق لها أن أدت فريضة الحج مرة، لكنها تريد أن تحج مرة أخرى، مع أن ظروف معيشتها تقتضى مراعاة العذارى من بناتها وهن فى سن الزواج، وهى تقتر عليهن فى الرزق، وتريد أن تضيع فى الحج ما ادخرته من ثمن جهازهن فما حكم الشرع فيها .(1/11)
2 - سيدة سبق لها أن أدت فريضة الحج، وهى أم أولاد صغار فى سن التربية والتعليم قد يبلغون الثمانية أو العشرة، ومرتب زوجها لا يكاد يكفى لمعيشتهم الضرورية، فلا يمضى من الشهر أيام حتى يمدون أيديهم للاستدانة، وهى الآن تريد أن تحج مرة أخرى من ثمن نصف بيت لديها تبيعه لتدفع تكاليف الحج وتحرم أولادها معاشهم ورزقهم وتعليمهم فما حكم الشرع فيها
الجواب
إن الحج ليس فريضة عليهما بعد الحجة الأولى بل يكون تطوعا ونافلة فى التقرب إلى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى فى توجيه عبادة إلى الخير على أساس تقديم الأهم والأنفع تقتضى بأن تقدم هاتان السيدتان وأمثالهما مصالح وحاجات بناتهما وأولادهما فى الزواج والنفقة والتعليم على التطوع بالحج فى المرة الثانية، وأن الله تعالى ينظر إلى نفقة الأولاد فى مثل هذه الحالة على أنها عبادة أفضل من التطوع بالحج فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك أولاده فريسة للجهل والفقر وبناته بلا زواج يعفهن أسأل الله سبحانه أن يوفق المسلمين إلى فهم دينهم على الوجه الصحيح حتى تصلح أحوالهم
---
الحج بمال مسروق أو موهوب أو مقترض
المفتي
حسن مأمون .
21 محرم 1375 هجرية - 8 سبتمبر 1955 م
المبادئ
1 - الحج الفرض بمال حرام أو مسروق يسقط به الفرض ولكنه غير مقبول .
2 - لا تنافى بين سقوط الفرض به وعدم قبوله لأنه لا يلزم من الصحة القبول، كما فى الصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه .
3 - الحج بالمال الموهوب لا خلاف فى جوازه فرضا كان الحج أو نفلا ، لأن الموهوب له يملك المال الموهوب له بالهبة بقبضه .
والحج بالمال المقترض جائز ومثله مثل الحج بالمال الموهوب
السؤال
ما حكم فريضة الحج بالمال المسروق والمال الموهوب والمال المقترض على أن يقوم الحاج بسداد هذا الدين بعد عودته من الحج
الجواب(1/12)
بأن الحج فريضة على كل مسلم مكلف استطاع إليه سبيلا، فمتى أداه المكلف بشروطه وأركانه صح شرعا وسقط عنه سواء أداه بمال حلال أو حرام، غير أنه إذا كان أداؤه بمال حرام كان حجه صحيحا ولكنه غير مقبول، ومعنى ذلك أنه لا يعاقب عقاب تارك الحج ولكن لا يقبل منه ولا يثاب عليه لأنه أداه بمال حرام، ولا تنافى بين سقوط الفرض عنه وعدم قبوله لأنه لا يلزم من الصحة القبول، وصار كالصائم الذى يغتاب الناس فإنه يسقط عنه فرض الصوم لأدائه بأركانه وشروطه ولكنه لا يقبل منه ولا يثاب عليه لارتكابه معصية الغيبة، ومن هذا يعلم أن الحج بالمال المسروق أو بأى مال حرام يسقط به الفرض ولكنه غير مقبول عند الله تعالى .
أما الحج بالمال الموهوب وهو الشطر الثانى من السؤال .
فإنه لا خلاف فى جوازه فرضا كان الحج أو نفلا، لأن الموهوب له يثبت له ملك أموال الهبة ملكا صحيحا بمجرد القبض، ويكون له حق التصرف فيها بسائر أنواع التصرفات ويترتب عليه ما يترتب على الحاج بالمال الحلال من صحة الحج وتحصيل الثواب المدخر عند الله لمن أدى هذه الفريضة أما أداء الفريضة بالمال المقترض على أن يقوم بسداد هذا الدين بعد عودته من حجه كما جاء بالشطر الأخير من السؤال، فإن الحكم لا يختلف عما قررناه فى الحج بالمال الموهوب من صحة الحج لأداء الفعل بشروطه وأركانه وتحصيل الثواب المترتب عليه .
ولا حرج عليه فى الاستعانة إذا كان قادرا على الوفاء بدينه، أما إذا كان أكبر رأيه أنه لو استقرض ما يكفيه للحج لا يقدر على قضائه، فإن الأفضل له فى هذه الحالة عدمه، لأنهم نصوا على ذلك فى الزكاة، وإذا كان هذا فى الزكاة التى تعلق بها حق الفقراء ففى الحج أولى ( راجع حاشية ابن عابدين فى أول كتاب الحج ) والله أعلم
---
انابة القادر على الحج بنفسه غيره فى الحج عنه
المفتي
حسن مأمون .
28 شوال 1377 هجرية - 17 مايو 1958 م
المبادئ(1/13)
1 - إنابة القادر على الحج الفرض بنفسه الغير فى الأداء عنه غير جائزة شرعا .
2 - أداء النائب عنه ذلك غير مسقط للفرض عنه .
3 - عجز الأصيل صحيا مع قدرته ماليا يجيز له إنابة غيره فى أدائه ويسقط به الفرض عنه إذا أداه النائب بشرط استمرار عجزه صحيا عن أدائه بنفسه حتى الموت، فإن برىء من مرضه وصار قادرا عليه بنفسه لزمه إعادة الحج من جديد .
4 - لابد فى الإنابة من نية النائب أنه يحج عن الأصيل وأن تكون أكثر نفقات الحج من مال الأصيل .
5 - الحج النفل تقبل فيه الإنابة ولو مع القدرة على الأداء بنفسه
السؤال
فى رجل يعمل نجارا بالرياض وينوى أداء فريضة الحج هذا العام، ويرغب فى تكليف آخر للحج عن والدته وطلب السائل الإفادة عما إذا كان هذا جائز أو الشروط الواجب مراعاتها
الجواب
إنه إذا كانت والدة السائل لا تزال على قيد الحياة وهى مستطيعة وقادرة على الحج بنفسها ولم تحج الحج المفروض، فإنه لا يجوز لها شرعا أن تنيب عنها غيرها فى أدائه بل يجب عليها أن تؤديه بنفسها، ولو أحجت عنها غيرها لا يسقط عنها الفرض لاستطاعة الحج وقت الإنابة .
أما إذا كان الحج واجبا عليها لتوافر شروطه ولكنها تعجز عن أدائه بنفسها بعد القدرة عليه لمرض ونحوه فلها أن تنيب عنها غيرها، فإذا أدى النائب الحج سقط الفرض عن المحجوج عنه فى ظاهر الرواية، ويشترط لجواز النيابة عن العاجز فى الحج المفروض دوام العجز إلى الموت لأن الحج فريضة العمر حتى تلزم الإعادة بزوال العذر كما يشترط نية الحج عن الآمر وكون أكثر النفقة وهى ما يحتاج إليه فى الحج من طعام وشراب وثياب إحرام وركوب حسب المتعارف من مال الآمر، والأفضل أن يكون النائب قد أدى أولا حجة الإسلام عن نفسه .(1/14)
أما حج النفل فإنه يقبل فيه الإنابة ولو مع القدرة وأما إذا كانت والدة السائل قد توفيت قبل أداء فريضة الحج مع استطاعة السبيل إليه فإنه يجوز لابنها أن ينيب من يحج عنها ويرجى أن يجزئها كما ذكر أبو حنيفة، والجواز ثابت بما روى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن أمى ماتت ولم تحج أفأحج عنها قال نعم ويشترط لجواز هذه النيابة أن تكون نفقة المأمور بالحج من مال الآمر المتبرع، وهى ما يحتاج إليه فى الحج من مصاريف السفر برا وبحرا والطعام والشراب وثياب الإحرام والمسكن وأن ينوى النائب الحج عن المتوفى .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم
---
حج بمال مقترض بفائدة
المفتي
أحمد هريدى .
9 جمادى الآخر 1382 هجرية - 6 نوفمبر 1962 م
المبادئ
1 - لا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها .
2 - لا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله، فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج
السؤال
عما إذا كان يجوز للموظف أن يحج من المال الذى يقترض من البنك بضمان المرتب بفوائد 3 % فى المائة ويسدد على أقساط أم لا يجوز، وإن جاز شرعا فهل يعتبر هذا المال حلالا والحج منه مقبولا ويثاب عليه أم يسقط الفريضة فقط باعتبار الفائدة الربوية فى المال المذكور
الجواب
المقرر شرعا أن الحج فرض على كل مسلم حر بالغ عاقل صحيح إذا قدر على الزاد والراحلة فاضلا عن المسكن ومالا بد له منه وعن نفقة عياله إلى حين عودته، وأنه يكره الحج لمديون إن لم يكن له مال يقضى به إلا أن يأذن الغريم له، ويشترط أن تكون النفقة من حلال فلا يقبل الحج بالنفقة الحرام مع أنه يسقط الفرض معها وإن كانت مغصوبة، ولا تنافى بين سقوط فريضة الحج وعدم قبوله، فلا يثاب لعدم القبول ولا يعاقب فى الآخرة عقاب تارك الحج ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال
---
الحج عن الغير
المفتي
أحمد هريدى .
18 فبراير 1965 م
المبادئ(1/15)
1 - يجوز الحج عن الغير إذا كان مريضا عاجزا عن حج الفرض ويقع الحج عن الآمر .
2 - من وجب عليه الحج الفرض فمات قبل أدائه، فإن كان قد أوصى بأدائه من ماله فلا يسقط عنه الحج إلا بأدائه الذى يكون من ثلث ماله .
وإن كان لم يوص بذلك يكون آثما بتأخير الفرض عن وقته فى إمكان أدائه فى الجملة، ويسقط عنه فى حق أحكام الدنيا بمعنى أنه لا يلزم الوارث به من تركته لأنه عبادة وهى تسقط بالموت فى حق أحكام الدنيا لكن لو أداه الوارث عنه يجزئه ذلك .
3 - يشترط لجواز الإنابة فى الحج أن تكون نفقته على الآمر أو المتوفى عند الإيصاء به أو على المتبرع به فى حالة عدم الإيصاء به
السؤال
من السيد / م خ ع بطلبه المتضمن : 1 - أن سيدة ثرية لا تسمح لها حالتها الصحية بأداء فريضة الحج .
فهل لها أن تنيب عنها شخصا يؤدى عنها فريضة الحج . 2 - إذا حج الزوج نيابة عن زوجته من مالها الخاص فهل تسقط عنها الفريضة .
3 - رجل مسلم صالح يؤدى جميع ما فرضه عليه الدين الحنيف توفى قبل أن يتمكن من أداء فريضة الحج .
فهل يجوز أن يحج عنه من ماله شخص آخر وما هى الشروط الواجب توافرها فى ذلك الشخص الذى يحج عن الغير
الجواب
نص فى مذهب الحنفية على أنه يجوز للمريض العاجز عجزا دائما عن حج الفرض أن ينيب من يحج عنه ويقع الحج عن الآمر - المحجوج عنه - فى ظاهر هذا المذهب، وعلى أن من وجب عليه الحج إذا مات قبل أدائه فلا يخلو إما أن يكون قد مات من غير وصية بالحج عنه، وإما أن يكون قد مات عن وصية به، فإن مات عن وصية به فلا يسقط الحج عنه ويجب أن يحج عنه، لأن الوصية بالحج قد صحت، ويحج عنه من ثلث تركته سواء قيد الوصية بالثلث بأن يحج عنه بثلث ماله أو أطلق بأن أوصى بأن يحج عنه .(1/16)
وإن مات من غير وصية بالحج عنه يأثم بتفويته الفرض عن وقته مع إمكان الأداء فى الجملة ولكنه يسقط عنه فى حق أحكام الدنيا حتى لا يلزم الوارث الحج عنه من تركته لأنه عبادة، والعبادات تسقط بموت من عليه العبادة سواء كانت بدينة أو مالية فى حق أحكام الدنيا، لكن يجوز الحج عن الميت الذى لم يؤد فريضة الإسلام مع استطاعته السبيل إليه ويرجى أن يجزئه ذلك إن شاء الله تعالى كذا ذكره أو حنيفة رضى الله تعالى عنه .
والجواز ثابت بما روى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله إن أمى قد ماتت ولم تحج أفأحج عنها قال - نعم - وفعل الولد ذلك مندوب إليه جدا .
لما أخرج الدار قطنى عن ابن عباس رضى الله عنهما عنه عليه الصلاة والسلام قال - من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار - وأخرج أيضا عن جابر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - من حج عن أبيه أو أمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج - .
وأخرج أيضا عن زيد بن أرقم قال .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه ومنهما واستبشرت أرواحهما وكتب عند الله برا - .
هذا ويشترط لجواز هذه النيابة أن تكون نفقة المأمور بالحج - النائب - فى مال العاجز أو فى مال الميت إذا كان قد أوصى بالحج وفى مال المتبرع إذا لم يكن قد أوصى - والنفقة ما يحتاج إليه فى الحج من مصاريف السفر برا وبحرا والطعام والشراب وثياب الإحرام والمسكن حسب المعتاد، وأن ينوى النائب الحج عن العاجز أو عن الميت .
والأفضل أن يكون النائب قد أدى أولا حجة الإسلام عن نفسه خروجا من خلاف العلماء فى ذلك .
وسواء أكان العاجز عن الحج أو الميت أحد الزوجين والنائب الزوج الآخر أو غيره .(1/17)
وطبقا لما سبق إيضاحه إذا كان عجز السيدة الثرية عجزا دائما عن أداء الحج بنفسها بأن كان عجزها لكبر أو مرض يعجزها عن الحركة ولا يرجى شفاؤه جاز الحج عنها أما إذا كان عجزها غير دائم بأن كان مرضها مرضا يرجى زواله فلا تسقط عنها فريضة الحج بحج الغير عنها، ويجب عليها عند زوال العجز أداء فريضة الحج بنفسها، وأما حج الزوج عن زوجته من مالها فإن كانت الزوجة عاجزة عجزا دائما كما سبق بيانه وأنابته قبل الحج بالحج عنها فإن حجه يجزىء عنها، أما إذا لم تكن عاجزة أو لم تنبه فى الحج عنها قبل أدائه فلا يسقط الفرض عنها ويجب عليها الحج بنفسها .
وأما من توفى قبل أدائه فلا يسقط الفرض عنها ويجب عليها الحج بنفسها .
وأما من توفى أدائه الحج وكان مستطيعا فإنه يحج عنه إذا كان قد أوصى به، وإن لم يوص به فيجوز الحج عنه من وارثه أو من متبرع ويرجى أن يجزىء عنه إن شاء الله كما سبق بيانه .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال
---
تعجيل الحج الفرض
المفتي
أحمد هريدى .
1 يناير 1966 م
المبادئ
1 - الحج فرض عين على كل مسلم ومسلمة مرة فى العمر متى تحققت شروطه، ويأثم من فرض عليه بالتأخير لو مات ولم يحج .
2 - جهاز بنات الابن ليس واجبا على الجد شرعا
السؤال
من السيد / أ ر ص بطلبه المتضمن أنه يبلغ من العمر 65 عاما، ويرغب فى تأدية فريضة الحج هذا العام هو وزوجته وأنه يقوم بتربية حفيداتهما الثلاث - بنات ابنهما المتوفى سنة 1952، وسنهن على التوالى 18 ، 16، 14 سنة، وليس لديهما سوى المبلغ الذى يفى بنفقات حجهما ويخشى أنهما لو أديا فريضة الحج هذا العام لعجز عن تدبير المبلغ الذى يلزم لتجهيز إحدى حفيداته لو تقدم أحد لخطبتها فضلا عن كلهن .
وطلب السائل بيان أيهما أفضل - تأدية فريضة الحج هو وزوجته أو الاحتفاظ بالمبلغ الذى لديهما للاستعانة به فى تجهيز حفيداته إذا خطبن
الجواب(1/18)
الحج فريضة عين على كل مسلم ومسلمة مرة فى العمر متى تحققت شروطه ومنها نفقة ذهابه وإيابه .
لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 97 ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ( بنى الإسلام على خمس ) ومن جملتها الحج ويأثم بتأخيره بعد تحقق شروطه لو مات ولم يحج بإجماع الفقهاء .
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا ) أما تجهيز بنات الابن فليس بواجب عليه شرعا .
وعلى ذلك فلا يكون هناك وجه للمفاضلة بين الواجب وهو الحج وغير الواجب وهو تجهيز البنات ويجب على السائل هو وزوجته المبادرة إلى الحج خصوصا وأنهما قادران الآن، والحج واجب عليهما وربما لو أخراه إلى أعوام قادمة ووافتهما المنية يكونان آثمين ومحاسبين على تركهما ما وجب عليهما وجوبا عينيا .
ومما ذكر يعلم الجواب عما .
جاء بالسؤال
---
الاحرام بالحج مع لبس المخيط
المفتي
أحمد هريدى .
2 ذو القعدة 1389 هجرية - 10 يناير 1970 م
المبادئ
1 - ترك المخيط من واجبات الإحرام عند الحنفية وليس شرطا فى صحته .
2 - يصح الإحرام مع لبس المخيط مع العذر أو عدمه .
3 - ترك المحرم للواجب إن كان بعذر يوجب الكفارة، وهو مخير فيها بين ذبح شاة أو التصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو صوم ثلاثة أيام .
4 - إذا زال عذره فلبس المخيط مع ذلك تجب عليه كفارة لا تخيير له فيها، وهى ذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل منها، وكذلك لبس المخيط ابتداء بلا عذر .
5 - الصوم أو الإطعام فى الكفارة يكون فى أى مكان .
أما الذبح فلا بد وأن يكون فى الحرم لأنه نسك
السؤال
فى رجل عزم بمشيئة الله تعالى على تأدية فريضة الحج هذا العام، إلا أنه مريض ولا يستطيع ارتداء زى الإحرام، ويمكنه تأدية الفريضة فى حالة ارتدائه الملابس العادية، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى
الجواب(1/19)
المنصوص عليه فى الفقه الحنفى أنه يصح الإحرام مع لبس المخيط سواء كان ذلك بعذر أو بغيره، لأن التجرد من المخيط من واجبات الإحرام لا من شروط صحته، فإذا تركه المحرم وأحرم بلباس مخيط كأن أحرم وهو مرتد ملابسه العادية فإما أن يكون فعله هذا بعذر أو بغير عذر، فإن كان بعذر بأن كانت عنده ضرورة دعته إلى لبس المخيط كمرض ونحوه مثلا وجب عليه كفارة يتخير فيها بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام، سواء لبس ثوبا واحدا مخيطا أو كان لباسه كله مخيطا ولو دام على ذلك أياما، أو كان يلبس المخيط ليلا للبرد مثلا وينزعه نهارا، فإن زال عذره ولبس المخيط مع هذا فإنه يكون عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل هو منها، وكذلك إذا لبس المخيط ابتداء من غير عذر هذا والصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم يجزيه فى أى موضع شاء لأنه عبادة فى كل مكان وكذلك التصدق على المساكين، أما النسك وهو ذبح الشاة فيختص بالحرم .
والسائل يقول إنه مريض ويضره لبس الإحرام، فيسوغ له والحلة هذه أن يلبس المخيط وعليه كفارة يتخير فيها على الوجه المشار إليه، فإن زال بعذره واستمر على لبس المخيط أو عاد ولبسه بعد زوال العذر فإنه تجب عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها من غير أن يأكل منها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم
---
التبرع بنفقات الحج لتجهيز المحاربين
المفتي
محمد خاطر .
25 صفر 1391 هجرية - 21 أبريل 1971 م
المبادئ
1 - يجوز شرعا بل قد يجب أن يتبرع أى مسلم بأى مبلغ لتجهيز المحاربين للدفاع عن الوطن العربى ويكون له ثواب المجاهد والمحارب .
2 - التبرع للمحاربين لا يسقط فريضة الحج لأن الحج فرض عين
السؤال(1/20)
من رياسة الجمهورية العربية المتحدة ( مكتب الرئيس للشئون الداخلية ) الخاص برسالة السيد المهندس ص م أ المتضمنة أنه يبدى فيها رغبته فى التبرع بمبلغ 150 جنيها لإعداد وتجهيز محارب للدفاع عن الوطن العربى، وأن هذا المبلغ هو قيمة نفقاته لأداء فريضة الحج التى لم يتمكن من أدائها لعدم فوزه عن طريق القرعة .
وطلب فيها معرفة مدى شرعية هذه الرغبة
الجواب
الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل وإن ترك الجهاد الكل أثموا، فإن هجم العدو كان الجهاد فرض عين على الجميع .
وقد حث الله سبحانه وتعالى على الجهاد فقال فى كتابه الكريم { انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله } التوبة 41 ، كما حث عليه رسوله الكريم فعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لغدوة أو روحة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ) متفق عليه، وعن أبى عيسى الحارثى قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من اغبرت قدماه فى سبيل الله حرمه الله على النار ) رواه البخارى وأحمد وغير ذلك من الأحاديث كثير .
والجهاد كما يكون بالنفس يكون بالمال .
عن زيد بن خالد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من جهز غازيا فى سبيل الله فقد غزا ومن خلفه فى أهله بخير فقد غزا ) متفق عليه .
وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم ) رواه أحمد وأبو داود والنسائى .(1/21)
ومما ذكر يتبين أنه يجوز شرعا بل قد يجب أن يتبرع أى مسلم بأى مبلغ لتجهيز المحاربين للدفاع عن الوطن العربى ويكون له ثواب المجاهد والمحارب، إلا أن هذا التبرع من السائل لا يسقط عنه فريضة الحج ، لأن الحج فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل صحيح قادر على الزاد والراحلة، وهو فريضة محكمة ثبتت فرضيته بالكتاب فى قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وبالسنة لأن النبى عليه السلام قيل له الحج فى كل عام أم مرة واحدة فقال ( لا بل مرة واحدة فما زاد فهو تطوع ) .
والحج عبادة بدنية ومالية ولذا لا تجزئ فيه النيابة إلا للعاجز عنه بشرط دوام العجز إلى الموت لأنه فرض العمر .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
جواز الحج بالأعضاء التعويضية
المفتي
محمد خاطر .
8 صفر 1398 هجرية - 17 يناير 1978 م
المبادئ
1 - المقرر فى فقه الحنفية .
( ا ) من لبس المخيط أو المحيط لعذر فهو مخير بين ذبح شاة أو التصدق على ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام .
( ب ) اللبس الذى تجب فيه الفدية فى غير حالة العذر والتخيير بين الأشياء الثلاثة فى حالة العذر هو اللبس المعتاد .
2 - لبس الجهاز الصناعى فى الساق أمر غير معتاد وقد اقتضته الضرورة، فلا حرج شرعا على استعماله فى مناسك الحج ومن ثم فلا فدية ولا تخيير .
3 - لبس الحذاء الكاوتشوك فى الحج كاستعمال المحيط لعذر إن غطى الكعبين فهو مخير بين الأشياء الثلاثة السابقة وإلا فلا شىء عليه فى استعماله شرعا
السؤال
من السيد / ع م ك بطلبه المتضمن أن السائل يرغب فى أداء فريضة الحج هذا العام، وأنه يستخدم جهازا صناعيا فى ساقه اليسرى، إذ أن ساقه هذه بها ما يشبه الشلل، ويجد مشقة كبيرة فى السير بدونه بمعنى أنه لا يستطيع السير حافى القدمين كما تتطلب مناسك الحج .
ويطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى استخدامه هذا الجهاز أثناء قيامه بمناسك الحج .(1/22)
فهل يجوز له شرعا استخدام هذا الجهاز فى المناسك أم أنه لا يجوز .
وإذا كان غير جائز شرعا استخدام هذا الجهاز . فهل يجوز له شرعا أن يستخدم بدله حذاء كاوتشوك .
وهل إذا استخدم هذا الحذاء تجب عليه شرعا الفدية .
وما هى الفدية المقررة شرعا فى هذه الحالة
الجواب
الظاهر من السؤال أن السائل يجد حرجا ومشقة كبرى إذا سار على قدمه اليسرى بدون الجهاز الصناعى الذى يستخدمه فى السير لضعف ساقه اليسرى وإصابتها بما يشبه الشلل .
وبما أن المقرر فى فقه الحنفية أن من لبس المخيط أو المحيط لعذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة، وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من طعام لكل مسكين نصف صاع، وإن شاء صام ثلاثة أيام لقوله تعالى { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، فكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكر، والآية نزلت فى المعذور - ثم الصوم يجزئه فى أى موضع شاء لأنه عبادة فى كل مكان - وكذلك الصدقة لما بينا - أما النسك فيختص بالحرم بالاتفاق لأن الإراقة لم تعرف إلا فى زمان أو مكان وهذا لم يختص بزمان فتعين اختصاصه بالمكان ( هداية ) كما قرر فقهاء الحنفية أيضا أن اللبس الذى يجب فيه الفدية فى غير حالة العذر والتخيير بين الأشياء الثلاث فى حالة العذر إنما هو اللبس المعتاد فقد قالوا ( ولو ارتدى ) أى ألقى على منكبيه كالرداء ولم يلبسه ( أو اتشح بالقميص ) الاتشاح أن يدخل ثوبه تحت يده اليمنى ويلقيه على منكبه الأيسر ( أو اتزر ) أى شد على وسطه السراويل فلا بأس به لعدم اللبس المعتاد ( وكذا ) لا بأس ( لو أدخل منكبيه فى القباء ولم يدخل يديه فى كميه ) خلافا لزفر ( مجمع الأنهر ) وعلى ذلك فإن اللبس إذا تم بطريق غير معتاد وعلى وجه غير مألوف ومخالف لما جرى عليه العرف فلا تجب فدية ولا تخيير على من لبس على هذا الوجه .(1/23)
وتأسيسا على ذلك ففى الحادثة موضوع السؤال نقول للسائل إن لبس الجهاز فى ساقك غير معتاد وقد اقتضته ضرورة فلا حرج عليك شرعا فى استعماله فى مناسك الحج ولا تجب عليك فدية ولا تخيير أما لبس الحذاء الكاوتشوك فإذا كان الحذاء يغطى الكعبين فهو كلبس المحيط لعذر وأنت مخير بين الأمور الثلاثة .
ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام على الوجه السابق شرحه فى بداية الجواب .
وإن كان الحذاء لا يغطى الكعبين فلا شىء عليك فى استعماله شرعا .
ومن هذا يعلم الجواب إذا كان الحال كما ورد بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
الحج بمال فيه شبهة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
9 جمادى الآخرة 1400 هجرية - 24 أبريل 1980 م
المبادئ
1- فقهاء الإسلام متفقون على أنه إذا لم يكن للمكلف مال لم يلزمه الحج .
وإن وهب له أجنبى مالا يحج منه لم يلزمه قبوله إجماعا .
2 - من تكلف للحج وهو لا يلزمه وأمكنه ذلك من غير ضرر بنفسه ولا بغيره استحب له الحج، لما فى ذلك من إظهار الطاعة والمبادرة لأداء الفرائض .
3 - فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى على أن الحج بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام يقع صحيحا، وتسقط به الفريضة ،وإن كان على الحاج إثم إنفاقه فى طاعة الله .
4 - فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل على أن الحج بالمال الحرام أو المغصوب لا يسقط الفريضة .
5 - الإعانة التى تصرفها جمعية تيسير الحج لأعضائها إذا خلت مواردها من الشبهات المحرمة فهى مشروعة، وإلا فإن الحج لا يكون خالص المثوبة وإن سقط الفرض، بل مذهب الإمام أحمد أنه لا يسقط الحج بالمال الحرام وأنه لا ثواب له
السؤال
من السيد المهندس / وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات ورئيس جمعية تيسير الحج للعاملين به .(1/24)
قال إن عدد أعضائها الآن خمسة وتسعون عضوا، وأن من أهم ما تهدف إليه تيسير الحج للعاملين المشتركين وأسرهم، حيث تقوم الجمعية بصرف مجموع مدخرات العضو الذى تصيبه القرعة لفترة خمس سنوات، ويقوم العضو بسداد ماتم صرفه مقدما على أقساط شهرية قدرها جنيهان، وأن حصيلة الأقساط الشهرية للأعضاء تضيق عن الوفاء بنفقات سفرهم، وأنه يوجد بالجهاز صندوق للخدمات الطبية والرعاية الاجتماعية وهو صندوق تأمينى تعاونى لا يرمى إلى الكسب، وموارد هذا الصندوق تتكون وفقا للمادة 13 من لائحة إنشائه من : أولا - ما يسدده العاملون بالجهاز من رسوم وتكاليف علاج وفقا للائحة الأساسية للصندوق .
ثانيا - الإعانة التى تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز .
ثالثا - ريع استثمار أمواله وهى مودعة حاليا ببنك ناصر الاجتماعى .
رابعا - ما يقرر مجلس الإدارة قبوله من الهبات والتبرعات .
خامسا - حصيلة الجزاءات المنصوص عليها للائحة العاملين بالجهاز .
سادسا - القروض التى يحصل عليها من البنوك .
وأن مجلس إدارة جمعية تيسير الحج بالجهاز طلب إعانة من هذا الصندوق لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم إعانة مضافة إلى مدخراتهم ويسأل المجلس عن مدى شرعية هذه الإعانة، وهل تنقص من ثواب فريضة الحج خاصة أنه سيتم صرفها لكافة الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج ولن يقتصر الصرف على غير القادرين
الجواب
إن الله سبحانه قال فى فريضة الحج { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، والاستطاعة أن يكون المسلم مستطيعا ببدنه واجدا من ماله ما يبلغه الحج فاضلا عن نفقة من تلزمه نفقته لحين عودته .
وقد اتفق فقهاء الإسلام على أنه إذا لم يكن للمكلف مال لم يلزمه الحج وإن وهب له أجنبى مالا ليحج به لم يلزمه قبوله إجماعا .(1/25)
ونص الفقهاء كذلك على أن من تكلف للحج وهو لا يلزمه وأمكنه ذلك من غير ضرر بنفسه ولا بغيره استحق له الحج، لما فى هذا من إظهار الطاعة لله سبحانه والمبادرة لأداء الفرائض .
وفى شأن مصدر نفقات الحج، وهل يجوز أن يؤدى بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام قال فقهاء مذاهب الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى إن الحج بمال حرام أو مغصوب أو فيه شبهة الحرام يقع صحيحا وتسقط به الفريضة، وإن كان على الحاج بالمال الحرام إثم إنفاقه فى طاعة الله، لأن الله سبحانه طيب يقبل الطيب كما تشير إلى ذلك الآية الكريمة { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } البقرة 267 ، ولكن فقهاء مذهب الإمام أحمد بن حنبل قالوا فى هذا الموضع إن الحج بالمال الحرام أو المغصوب لا يسقط الفريضة .
لما كان ذلك وكانت جمعية تيسير الحج بالجهاز المركزى للمحاسبات قد طلبت إعانة من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز، لإمكان تيسير الحج للعاملين بمنحهم الإعانة بالإضافة إلى مدخراتهم، تعيد النظر فى مصادر تمويل هذا الصندوق المبينة بالمادة 13 من لائحته والمشار إليها بالسؤال على الوجه السابق ومدى انطباق وصف المال الحلال شرعا عليها .
ولما كان البادى من هذه الموارد أن ما يخلص منها من كل شبه الحرام هو الإعانة التى تخصص للصندوق سنويا من موازنة الجهاز، وما يقبله مجلس الإدارة من الهبات والتبرعات .
أما باقى الموارد فتشوبه الحرمات .
وإذا كان ذلك تكون الإعانة التى قد تصرف لجمعية تيسير الحج من صندوق الخدمات الطبية بالجهاز مشروعة فى نطاق هذا المال الحلال الذى لا تبدو فيه شبهات محرمة إذا تقررت من ذات الإعانة المخصصة للصندوق من موازنة الجهاز ومن الهبات والتبرعات التى يقرر مجلس الإدارة قبولها بشرط ألا تضر هذه الإعانة أو تستتبع الإخلال بالأهداف الأصلية لصندوق الخدمات الطبية باعتبار أن خدماته للجميع أعم وأشمل .(1/26)
أما إذا تقررت الإعانة من جملة موارد الصندوق وفى بعضها شبهة الحرام، فإنه وفاقا لنصوص الفقهاء المشار إليها لا يكون الحج خالص المثوبة وإن سقط الفرض، بل إن مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يسقط الحج بالمال الحرام ولا ثواب له .
هذا وإذا كان الانتفاع بخدمات هذا الصندوق الاجتماعية تتم طبقا لما يقرره مجلس إدارته الذى يختص بتحديد أنواع الأنشطة الاجتماعية، فإذا تقررت من هذا المجلس الإعانة لجمعية تيسير الحج من هذين الموردين اللذين ابتعدت عنهما شبهة الحرام كان صرفها لكافة الأعضاء الراغبين فى أداء الحج جائزا شرعا بشرط اعتبار أن الجميع منتفعون أصلا بمال هذا الصندوق دون تمييز .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
أعمال الحج والعمرة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
17 شوال 1400 هجرية - 27 أغسطس 1980 م
المبادئ
1- على من نوى الحج إخلاص التوبة، ورد المظالم .
2 - ملابس الإحرام للرجال والنساء .
3 - من الاستطاعة المشروطة القدرة على تحمل نفقات السفر .
4 - ما يفعله المتوجه للمدينة للزيارة، وإحرامه، وإحرام المسافرين بالطائرات والبواخر .
5 - جملة ما يحرم فعله بعد الإحرام، وما يجب على المحرم بارتكاب شىء من المحظورات .
6 - جملة ما يجوز للمحرم فعله .
7 - ما يتعين فعله على المحرم عند دخول مكة وما يتبع ذلك .
8 - ما يجب على من أحرم بالحج فقط .
أو بالحج والعمرة معا عند دخول مكة .
9 - المتمتع وما يفعله للاحرام بالحج من مكة .
10 - الوقوف بعرفة وموعده وما يجزىء فى الوقوف .
11 - جمع فريضتى الظهر والعصر قصرا جمع تقديم ووقته ومكانه .
12 - التوجه للمزدلفة، موعده، جمع المغرب والعشاء جمع تأخير التقاط الحصيات .
13 - جمرة العقبة وموعد رميها، وما يفعل بعدها من التحلل ومداه وطواف الإفاضة .
14 - رمى باقى الجمرات ومواعيدها، وتسميتها، وجواز الإنابة فيها .(1/27)
15 - حكم المرأة إذا فاجأها الحيض أو النفاس، قبل طواف الإفاضة، وتعذر بقائها حتى ارتفاعه .
16 - طواف الوداع مشروع، واختلاف الفقهاء فى حكمه .
17 - آداب زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم
السؤال
كثير من الناس يسألون عن الأعمال المتعلقة بالحج والعمرة وماذا يفعلون
الجواب
نحمدك الله ونستعينك ونستهديك الخير والتوفيق فى القول والعمل، ونصلى ونسلم على رسولك الأمين محمد خاتم الأنبياء والمرسلين .
وبعد فهذه ورقة عمل أضعها بين يدى من كتب الله لهم حج بيته الحرام وأداء الركن الخامس فى الإسلام، يسترشدون بها فى تأدية المناسك فى يسر الإسلام وسماحته امتثالا لقول الله سبحانه { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، أبتغى بها ثواب الله تعالى ورضوانه، وصالح الدعاء فى مواطن القبول والإجابة من وفد الحجاج والعمار الذين تفضل الله عليهم فأعطاهم سؤالهم .
ربنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وارحمنا، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
الحج - قصد مكة لأداء عبادة الطواف، وسائر المناسك استجابة لأمر الله وابتغاء مرضاته .
وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفرض معلوم من الدين بالضرورة .
قال الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وقال سبحانه { وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات } الحج 27 ، 28 ، وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه فيما رواه البخارى وأحمد والنسائى وابن ماجه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) .
وروى الطبرانى فى الأوسط عن عبد الله بن جراد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن ) .(1/28)
وروى النسائى وابن ماجه وغيرهما من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم ) .
وفى فضل الإنفاق فى الحج روى أحمد والبيهقى وغيرهم عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( النفقة فى الحج كالنفقة فى سبيل الله الدرهم بسبعمائة ضعف ) .
وهو فرض على كل مسلمة ومسلم بالغ عاقل مستطيع، ويستحب المبادرة بأداء هذه الفريضة متى توافرت الاستطاعة .
نصائح وتوجيهات .
1 - على كل مسلمة ومسلم دعاه الله لحج بيته وعمرته أن يخلص التوبة إلى الله سبحانه، ويسأله غفران ذنوبه ليبدأ عهدا جديدا مع ربه، ويعقد معه صلحا لا يحنث فيه .
2 - من علامات الإخلاص أن يعد نفقة الحج من أطيب كسبه وحلاله، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، ومن حج من مال غير حلال ولبى ( لبيك اللهم لبيك .
قال الله سبحانه له - كما جاء فى الحديث الشريف - لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك ) .
3 - من مظاهر التوبة وصدق الإخلاص فيها أن تطهر المسلمة والمسلم نفسه ويخلص رقبته من المظالم وحقوق الغير، فيرد المظالم إلى أصحابها متى استطاع إلى ذلك سبيلا، ويتوب إلى الله ويستغفره فيما عجز عن رده وأن يصل أرحامه ويبر والديه ويترضى إخوانه وجيرانه .
4 - من الاستطاعة المشروطة لوجوب الحج القدرة على تحمل أعباء السفر ومشقاته، فلا عليك أيها المسلم إذا قعد بك عجزك الجسدى عن الحج، فإن الحج مفروض على القادر المستطيع .
5 - حافظ على نظافتك فى الملبس والمأكل والمشرب وعلى نظافة الأماكن الشريفة التى تتردد عليها، لأن الإسلام دين النظافة، ألا ترى أنك لا تدخل الصلاة إلا بعد النظافة بالوضوء أو الاغتسال .
6 - لا تكلف نفسك فوق طاقتها فى المال أو الجهد الجسدى واحرص على راحة غيرك، كما تحرص على راحة نفسك وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به - كما جاء فى الحديث الشريف .(1/29)
7 - قال تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ، { ولا تقتلوا أنفسكم } النساء 29 ، فلا تعرض نفسك للخطر بالصعود إلى قمم الجبال، أو الدأب على السهر ولو فى العبادة فإن خير الأعمال أدومها وإن قل .
8- احرص على التواجد فى الحرم أكبر وقت ممكن ،والنظر إلى الكعبة ،وقراءة القرآن الكريم ،والطواف حول البيت كلما وجدت القدرة على ذلك .
9 - عليك أن تخبر أقرب الناس إليك بمبا لك أو عليك، وحث الأبناء والبنات والأهل والإخوان على تقوى الله والتمسك بآداب الدين والمحافظة على أداء فرائضه .
ها أنت أيها الحاج قد هيأت نفسك لبدء الرحلة المباركة، وقد أعددت ما يلزم لها ومن هذا اللازم .
ملابس الإحرام .
( أ ) إزار - وهو ثوب من قماش تلفه على وسطك تستر به جسدك ما بين سرتك إلى ما دون ركبتك وخيره الجديد الأبيض الذى لا يشف عن العورة ( بشكير ) .
( ب ) رداء - وهو ثوب كذلك تستر به ما فوق سرتك إلى كتفيك فيما عدا رأسك ووجهك وخيره أيضا الجديد الأبيض ( بشكير ) .
واحذر أن تلبس فى مدة الإحرام فانلة أو جوربا أو جلبابا أو شيئا مما اعتدت لبسه من الثياب المفصلة المخيطة إلا إذا كنت مضطرا فلك أن تلبس ذلك مع الفدية .
فقد قال الله تعالى { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، ( ج ) نعل تلبسه فى رجليك يظهر منه الكعب من كل رجل والمراد بالكعب هنا العظم المرتفع بظاهر القدم .
كل هذا للحاج الرجل، أما للمرأة الحاجة فتلبس ملابسها المعتادة الساترة لجميع جسدها من شعر رأسها حتى قدميها ولا تكشف إلا وجهها وعليها ألا تزاحم الرجال، وأن تكون ملابسها واسعة لا تبرز تفاصيل الجسد وتلفت النظر والمستحب الأبيض .
متى تحدد موعد السفر بحمد الله ووسيلته .(1/30)
فإذا كنت متوجها إلى المدينة المنورة أولا فلا تحرم ولا تلبس ملابس الإحرام، بل تبقى بملابسك العادية إلى أن تتم زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنتهى إقامتك بالمدينة .
وعندما تشرع فى التوجه منها إلى مكة فإن عليك أن تحرم بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا حسبما تريد من المدينة ذاتها أو من ميقاتها ( ذى الحليفة ) وهو المكان المعروف الآن ( بآبار على ) قرب المدينة فى الطريق منها إلى مكة أو من رابغ .
وإذا كانت ممن يسافرون فى الأفواج المتأخرة الذاهبة من جدة إلى مكة مباشرة، فلك أن تنوى الحج والعمرة معا وتسمى ( قارنا ) أى جامعا بينهما ولك أن تحرم بالعمرة فقط، أو أن تحرم بالحج فقط .
فإذا ركبت الباخرة واقتربت بك من الميقات وهو ( الجحفة ) قرب رابغ بالنسبة للمصريين وأهل الشام فتهيأ للإحرام بحلق شعرك وقص أظافرك ثم اغتسل فى الباخرة استعدادا للإحرام وهو غسل للنظافة لا للفريضة ،أو توضأ إن لم يتيسر لك الاغتسال وضع على جسدك شيئا من الرائحة الطيبة المباحة والبس ملابس الإحرام الموصوفة آنفا ومتى لبست ثياب الإحرام على هذا الوجه أى بعد التطهر بالاغتسال أو الوضوء، صل ركعتين سنة وانو فى قلبك عقب الفراغ من أدائهما ما تريد من العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا إذا نويت القران بينهما وقل اللهم إنى نويت ( كذا ) فيسره لى وتقبله منى .
ثم قل ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك .
إن الحمد والنعمة لك والملك .
لا شريك لك ) وبهذا القول بعد تلك النية تصير محرما بما نويت وقصدت ( العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا ) لأن هذه التلبية بمثابة تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة .(1/31)
ومتى صرت محرما على هذا الوجه فلا تفعل، بل ولا تقترب مما صار محرما عليك بهذا الإحرام وهو تغطية الرأس، وحلق الشعر أو شده من أى جزء من الجسد، ولا تقص الأظافر ولا تستخدم الطيب والروائح العطرية، ولا تخالط زوجتك أو تفعل معها دواعى المخالطة كاللمس والتقبيل بالشهوة ولا تلبس أى مخيط ولا تتعرض لصيد البر الوحشى أو لشجر الحرم، وإذا فعل المحرم واحدا من هذه المحظورات قبل رمى جمرة العقبة فى عاشر ذى الحجة صح حجه وصحت عمرته ولكن عليه أن يذبح شاة أو يطعم ستة مساكين أو يصوم ثلاثة أيام، أما الجماع قبل رمى جمرة العقبة ( التحلل الأول ) فإنه يفسد الحج وعلى من فعل ذلك أن يعيد الحج مرة أخرى فى عام قادم ويحرم على المرأة تغطية الوجه واليدين .
ومحظور على المسلمة وعلى المسلم المخاصمة والجدال بالباطل مع الرفقة لقول الله سبحانه { فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج } البقرة 197 ، وإذا كنت مسافرا بالطائرة فاستعد بالإحرام وأنت فى بيتك أو فى المطار أو فى داخل الطائرة والبس ملابس الإحرام إن لم يكن بك عذر مانع من لبسها ثم انو ما تريد من عمرة أو حج ولب بالعبارة السابقة بعد ارتداء ملابس الإحرام أو عند استقرارك فى الطائرة أو عقب تحركها وذلك كما تقدم متى كنت متوجها إلى مكة مباشرة من جدة أما إذا كنت متوجها إلى المدينة أولا فكن عاديا فى كل شىء .
ومتى أحرمت ونويت ولبيت - كما سبق - صار محظور عليك الوقوع فى شىء من تلك المحظورات .
ما يباح للمحرم .
بعد الإحرام يباح الاغتسال وتغيير ملابس الإحرام واستعمال الصابون للتنظيف ولو كانت له رائحة .
وللمرأة غسل شعرها ونقضه وامتشاطه فقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها فى ذلك بقوله ( انقضى رأسك وامتشطى ) رواه مسلم .(1/32)
ويباح أيضا - الحجامة وفقء الدمل ونزع الضرس وقطع العرق وحك الرأس والجسد دون شد الشعر، ويباح النظر فى المرآة والتداوى أما شم الروائح الطيبة فدائر بين الكراهة والتحريم ومن ثم يستحب أن يمتنع الحج عن استعمالها قصدا أما ما يحدث من الجلوس أو المرور فى مكان طيب الرائحة فلا كراهة فيه ولا تحريم .
ويباح التظلل بمظلة أو خيمة أو سقف والاكتحال والخضاب بالحناء للتداوى لا للزينة ويباح قتل الذباب والنمل والقراد والغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور وكل ما من شأنه الأذى .
أما حشرات جسد الآدمى كالبرغوث والقمل فللمحرم إلقاؤها وله قتلها ولا شىء عليه وإن كان إلقاؤها أهون من قتلها، وإذا احتلم المحرم أو فكر أو نظر فأنزل فلا شىء عليه عند الشافعية .
ها أنت أيها الحاج أو المعتمر على مشارف مكة محرما، فمتى دخلتها بعون الله وتوفيقه اطمئن أولا على أمتعتك فى مكان إقامتك، ثم اغتسل إن استطعت أو توضأ ثم توجه إلى البيت الحرام لتطوف طواف العمرة إن نويتها أو طواف القدوم إن كنت قد نويت الحج وكبر وهلل عند رؤية الكعبة المشرفة وقل ( الحمد لله الذى بلغنى بيته الحرام، اللهم افتح لى أبواب رحمتك ومغفرتك، اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام ) ثم ادع بما يفتح الله به عليك فالدعاء فى هذا المقام مقبول بإذن الله .
وإذا لم تحفظ شيئا من الأدعية المأثورة فادع بما شئت وبما يمليه عليك قلبك ولا تشغل نفسك بالقراءة من كتاب غير القرآن فهو الذى تقرؤه وتكثر من تلاوته .(1/33)
ثم اقصد إلى مكان الطواف لتبدأه وأنت متطهر، واستقبل الكعبة المشرفة تجاه الحجر الأسود واجعله على يمينك لتمر أمامه بكل بدنك، واستقبله بوجهك وصدرك، وارفع يديك حين استقباله كما ترفعها فى تكبيرة الإحرام للدخول فى الصلاة ناويا الطواف مكبرا مهللا معلنا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اجعل الكعبة على يسارك مبتدئا من قبالة الحجر الأسود، وسر فى المطاف مع الطائفين حتى تتم سبعة أشواط بادئا بالحجر الأسود ومنتهيا إليه فى كل شوط، ولا تشتغل فى الطواف بغير ذكر الله والاستغفار والدعاء وقراءة ما تحفظ من القرآن مع الخضوع والتذلل لله ومن أفضل الدعاء ما جاء فى القرآن الكريم كقوله تعالى { ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } البقرة 201 ، ولا ترفع صوتك ولا تؤذ غيرك واستشعر الإخلاص فالله يقول { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } الأعراف ، ركعتا الطواف .
فإذا فرغت من أشواط الطواف السبعة .
فتوجه إلى المكان المعروف بمقام إبراهيم وصل فيه منفردا ركعتين خفيفتين ناويا بهما سنة الطواف أو صلهما فى أى مكان فى المسجد إن لم تجد متسعا فى مقام إبراهيم وادع الله بما تشاء وما يفتح به عليك، ثم توجه إلى الملتزم وهو المكان الذى بين باب الكعبة والحجر الأسود، وإذا استطعت الوصول إليه فضع صدرك عليه مادا ذراعيك متعلقا بأستار الكعبة، واسأل الله من فضله لنفسك ولغيرك فان الدعاء هنا مرجو الإجابة إن شاء الله .
اشرب من ماء زمزم .
ثم توجه إلى صنابير مياه زمزم واشرب منها ما استطعت، فإن ماءها لما شرب له كما فى الحديث الشريف .
السعى بين الصفا والمروة .(1/34)
ثم ارجع بعد شربك من ماء زمزم أو بعد وقوفك بالملتزم واسع بين الصفا والمروة بادئا بما بدأ الله تعالى به فى قوله { إن الصفا والمروة من شعائر الله } البقرة 158 ، ومتى صعدت إلى الصفا فهلل وكبر واستقبل الكعبة المشرفة وصل على النبى المصطفى، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك ،ثم ابدأ أشواط السعى سيرا عاديا من الصفا إلى المروة فى المسار المعد لذلك مراعيا النظام والابتعاد عن الإيذاء، وأسرع قليلا فى سيرك بين الميلين الأخضرين ( فى المسعى علامة تدل عليهما ) وهذا الإسراع هو ما يسمى ( هرولة ) وهى خاصة بالرجال دون النساء، فإذا بلغت المروة قف عليها قليلا مكبرا مهللا مصليا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم ،جاعلا الكعبة تجاه وجهك داعيا الله بما تشاء من خيرى الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد، ثم تابع الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار وردد ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الموطن ( رب اغفر وارحم واعف عما تعلم أنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدنى السبيل الأقوم ) .
وبانتهائك من أشواط السعى السبعة تكون قد أتممت العمرة التى نويتها حين الإحرام .(1/35)
وبعدها احلق رأسك بالموسى أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء، وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلا كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورا عليه، فليبس ما شاء ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى، ومتى تمتعت على هذا الوجه بالتحلل من إحرام العمرة قبل الإحرام بالحج فقد وجب عليك ذبح هدى امتثالا لقول الله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام } البقرة 196 ، وهذا الهدى يجوز ذبحه بمكة عقب الانتهاء من التحلل من العمرة كما يجوز ذبحه بمنى فى يوم العيد أو فى أيام التشريق التالية له أو فى مكة بعد عودتك من منى، ولك أن تأكل منه .
أما من أحرم بالحج فقط أو كان محرما قارنا بين الحج والعمرة ، فإن عليه حين وصوله إلى مكة محرما وبعد أن يضع متاعه ويطمئن على مكان إقامته أن يطوف بالكعبة طواف القدوم سبعة أشواط، وله أن يسعى بين الصفا والمروة، حسبما تقدم، وله تأجيل السعى إلى ما بعد طواف الإفاضة ولا يتحلل من إحرامه، بل يظل محرما حتى يؤدى مناسك الحج والعمرة ويقف على عرفات، ثم يبدأ التحلل الأول ثم الأخير بطواف الإفاضة .
إعادة الإحرام للحج .
إذا كنت متمتعا ففى اليوم الثامن من شهر ذى الحجة ويسمى ( يوم التروية ) تهيأ للإحرام بالحج على نحو ما سبق بيانه فى الإحرام حين بدء الرحلة، والبس ملابس الإحرام الموصوفة على الطهارة غسلا أو وضوءا ثم صل ركعتين بالمسجد الحرام إن استطعت وانو الحج وقل إن شئت - اللهم إنى أردت الحج فيسره لى وتقبله منى .(1/36)
ثم قل ( لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ومتى قلت ذلك بعد تلك النية صرت محرما بالحج ورددها كلما استطعت فى سيرك ووقوفك وجلوسك وارفع بها صوتك دون إيذاء لغيرك والمرأة تلبى فى سرها ، وداوم عليها وأنت فى الطريق إلى منى وإلى عرفات وفى عرفات وحين الإفاضة من عرفة إلى المزدلفة وفى هذه الأخيرة وعند وصولك إلى منى يوم النحر ولا تقطعها حتى تبدأ فى رمى جمرة العقبة .
الحج عرفة .
ثم استعد للوقوف بعرفة يوم التاسع من ذى الحجة، لأن هذا الوقوف هو الركن الأعظم للحج كما جاء فى الحديث الشريف ( الحج عرفة ) فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج ويتحقق هذا الوقوف بوجود الحاج وحضوره أى لحظة ولو مقدار سجدتين واقفا أو جالسا أو ماشيا أو راكبا فى أى وقت من بعد ظهر يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، والأفضل الجمع بين جزء من النهار فى آخره وأول جزء من ليلة العاشر منه أى قبيل غروب شمس يوم التاسع إلى ما بعد الغروب بقليل ويحسن أن تكون على طهارة، وأفضل الدعاء على عرفة ما جاء فى الحديث الشريف ( أفضل الدعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى - لا إله إلا الله وحدث لا شريك له .
له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير ) واخشع وتذلل لربك نادما على ذنبك وخطاياك راجيا عفوه طامعا فى رحمته ورضوانه متمثلا يوم الحشر الأكبر فإن عرفة صورة منه فقد حشر فيه الخلق من كل جوانب الأرض حجاجا .
الصلاة بمسجد نمرة .
صل الظهر والعصر يوم التاسع مقصورتين ( ركعتين ) مجموعتين جمع تقديم أى صلهما فى وقت الظهر مع الإمام فى مسجد نمرة إذا استطعت ولا تفصل بينهما بنافلة، وإلا فصلهما حيث كنت فى خيمتك كلا منهما فى وقتها أو جمعا فى وقت الظهر .
إلى مزدلفة .(1/37)
وعقب غروب شمس يوم التاسع يتوجه الحجيج إلى مزدلفة وعند الوصول إليها يؤدى الحاج فرض المغرب وفرض العشاء جمع تأخير فى وقت العشاء ولك أن تبيت بمزدلفة حتى تصلى بها الصبح ثم تتوجه إلى منى وهذا متوقف على استطاعة المبيت بمزدلفة وكلها موقف وهى المشعر الحرام .
وفيها أكثر من الذكر والدعاء والاستغفار والطلب من الله واجمع من أرضها الحصيات التى سترمى بها جمرة العقبة صباح يوم النحر بمنى وهى سبع حصيات كل واحدة منها فى حجم حبة الفول، ولك أن تجمعها من أى مكان غير مزدلفة، ولك أن تجمع جميع حصيات الرمى فى الأيام الثلاثة ومجموعها 49 حصاة سبع منها لجمرة العقبة يوم النحر وإحدى وعشرون للجمرات الثلاث فى ثانى أيام العيد ومثلها فى ثالث أيامه ومن بقى بمنى إلى رابع أيام العيد فعليه رمى الجمرات الثلاث كل واحدة بسبع حصيات كما فعل فى اليومين الثانى والثالث .
الذهاب إلى منى .
بعد المبيت وصلاة الفجر فى منى اقصد إلى جمرة العقبة وارمها بالحصيات السبع، واحدة بعد الأخرى على التوالى وارم بقوة وقل - بسم الله والله أكبر رغما للشيطان وحزبه، اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا .
واقطع التلبية التى التزمتها منذ أحرمت ، وإياك ورمى هذه الجمرات أو غيرها بالحجارة الكبيرة أو العصى أو الزجاج أو الأحذية كما يفعل بعض الناس لأن كل هذا مخالف للسنة الشريفة ،ولك أن تؤجل الرمى لآخر النهار ولا حرج عليك .
الإنابة فى الرمى .
إذا عجز الحاج عن الرمى بنفسه لمرض أو لعذر مانع فى وقته جاز أن يوكل غيره فى الرمى عنه بعد رمى الوكيل لنفسه .
التحلل من إحرام الحج .(1/38)
بعد رمى جمرة العقبة هذه يحلق الحاج رأسه أو يقصر من شعره وتقصر الحاجة من أطراف شعرها ولا تحلق وبهذا الحلق أو التقصير يحصل التحلل من إحرام الحج ويحل ما كان محرما ما عدا الاتصال الجنسى بين الزوجين فإن هذا لا يحل إلا بعد طواف الإفاضة الذى قال الله فى شأنه { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 ، طواف الإفاضة .
بعد رمى جمرة العقبة والتحلل بالحلق أو التقصير يذهب الحاج إلى مكة للطواف بالكعبة سبعة أشواط هى طواف الفرض ويسمى طواف الإفاضة أو طواف الزيارة وقد سبق بيان أحكام الطواف، ثم يصلى ركعتين فى مقام إبراهيم ويشرب من ماء زمزم ويسعى بين الصفا والمروة على ما تقدم بيانه .
المبيت بمنى ورمى باقى الجمرات .
بعد طواف الإفاضة عد إلى منى فى نفس اليوم وبت فيها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ،ويجوز أن تبقى فى مكة ثم تتم الليلة بمنى كما يجوز أن تستمر فى منى وتتم الليل بمكة، ولك ألا تبيت بمنى وإن كره ذلك لغير عذر ومن الأعذار عدم تيسر مكان المبيت ولكن يلزمك إذا لم تبت فى منى أن تحضر إليها لرمى الجمرات .
أماكن رمى الجمرات الثلاث ووقته .
الصغرى وهى القريبة من مسجد الخيف ثم الوسطى وهى التى تليها وعلى مقربة منها ثم العقبة وهى الأخيرة ارم هذه الجمرات فى كل من يومى ثانى وثالث أيام العيد كل واحدة بسبع حصيات كما فعلت حين رميت جمرة العقبة فى يوم العيد .
ووقت رمى هذه الجمرات من الزوال إلى الغروب وبعد الغروب أيضا ولكن الأفضل عقب الزوال لموافقة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى كان هذا ميسورا دون حرج .
وقد أجاز الرمى قبل الظهر عطاء وطاووس وغيرهما من الفقهاء .
وأجاز الرافعى من الشافعية رمى هذه الجمرات من الفجر وهذا كله موافق لإحدى الروايات عن الإمام أبى حنيفة .(1/39)
قال تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، وقال سبحانه { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، حيض المرأة قبل طواف الإفاضة .
للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها التخلف حتى انقطاعه أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف، أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الإمام الشافعى القائل إن النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد .
وأجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية .
وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها ثم إن النفساء حكمها كالحائض فى هذا الموضع .
طواف الوداع .
اسمه يدل على الغرض منه لأنه توديع للبيت الحرام وهو آخر ما يفعله الحاج قبيل سفره من مكة بعد انتهاء المناسك وقد اتفق العلماء على أنه مشروع متى فعله الحاج سافر بعده فورا ثم اختلف العلماء فى حكم هذا الطواف هل هو واجب أو سنة بالأول قال فقهاء الأحناف والحنابلة ورواية عن الشافعى وبالقول الآخر قال مالك وداود وابن المنذر وهو أحد قول الشافعى .
يستحب تعجيل العودة .
فيما رواه الدار قطنى عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله فإنه أعظم لأجره ) .
زيارة المدينة المنورة .(1/40)
إذا لم تكن أيها الحاج قد بدأت هذه الرحلة المباركة بزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن السنة وقد فرغت من مناسك الحج أن تقوم بها فإنه من أعظم الطاعات وأفضل القربات وفى فضلها أحاديث شريفة كثيرة، ولتقصد من الزيارة الصلاة فى حرمه الآمن تحصيلا للثواب فقد ورد فى الحديث الشريف عن صاحب هذا الحرم صلى الله عليه وسلم ( صلاة فى مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ) رواه أحمد فى مسنده عن عبدالله بن الزبير .
خطة هذه الزيارة وآدبها .
يسن للزائر - بعد أن يطمئن على أمتعته ومحل إقامته - أن يغتسل يلبس أحسن ثيابه ويتطيب وإذا لم يتيسر الاغتسال اكتفى بالوضوء .
ثم يتوجه إلى الحرم النبوى متواضعا فى سكينة ووقار فإذا دخل من باب المسجد قصد إلى الروضة الشريفة وهى بين القبر الشريف والمنبر النبوى، وصلى فيها ركعتين تحية المسجد - ويدعو الله مجتهدا فى الدعاء لأنه فى روضة من رياض الجنة وفى مهبط الرحمة وموطن الإجابة إن شاء الله .
فإذا انتهى الزائر من تحية المسجد والجلوس فى الروضة الشريفة ، توجه إلى قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، ووقف قبالة موضع الرأس الشريف فى أدب واحترام، ويسلم على الرسول فى صوت خفيض ، ويقول السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبى السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين، أشهد أنك بلغت الرسالة - وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت فى الله حق جهاده .
ثم يصلى الزائر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبلغ إليه سلامنا وسلام من أوصوه .
ثم يترك هذا الموضع إلى اليمين قليلا بما يساوى ذراعا ( أقل من المتر ) ليجد نفسه واقفا قبالة رأس الصديق أبى بكر رضى الله عنه، فيسلم عليه بقوله السلام عليك يا خليفة رسول الله ، السلام عليك يا صاحب رسول الله فى الغار، السلام عليك يا أمينه فى الأسرار جزاك الله عنا أفضل ما جزى إماما عن أمة نبيه .(1/41)
ثم يتجاوز مكانه إلى اليمين قدر ذراع أيضا ليجد نفسه واقفا قبالة رأس عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا مظهر الإسلام السلام عليك يا مكسر الأصنام ، جزاك الله عنا أفضل الجزاء .
وبعد هذا يستقبل الزائر القبلة ويدعو بما شاء لنفسه ولوالديه وأهله ولمن أوصاه بالدعاء شاملا جميع المسلمين .
وينبغى للزائر ألا يلمس حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقبل الحواجز ولا الحيطان ولا يطوف حولها، لأن هذا منهى عنه فى أحاديث وفيرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام .
وينبغى للزائر كذلك أن يغتنم مدة وجوده فى المدينة فيصلى فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، وعليه أن يكثر من النوافل فى الروضة الشريفة، وأن يكثر من تلاوة القرآن الكريم فيها ومن الدعاء والاستغفار والتسبيح .
ومن المستحب زيارة أهل البقيع حيث دفن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والصالحين، كما يزور شهداء أحد وقبر سيد الشهداء الحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء أول مسجد بناه الرسول .
وفى ختام الإقامة بالمدينة لا تفارقها أيها الزائر إلا بعد أن تصلى ركعتين فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وتزور الرسول وصاحبيه، وتسأل الله تيسير العودة لهذه الزيارة وتكرارها .
خلاصة .
1- إذا أردت العمرة فقط أو الحج فقط أو هما معا فلا تجاوز الميقات إلا محرما بالشروط المتقدمة .
2 - للمحرم أن يلبس النظارة وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشد على وسطه الحزام ونحوه .
وللمرأة أن تلبس الحلى المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرج، وإن كان الأولى البعد عن الألوان الملفتة والزينة والاكتفاء ببعض الثياب .
3 - لا بأس باستخدام الصابون ولو كانت له رائحة لأنه ليس من الطيب المحظور .(1/42)
4 - الممنوع على الرجال لبس المخيط المفصل على البدن والثياب التى تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز .
5 - للحاج بعد الإحرام إصلاح الإزار والرداء وجمع قطعها على بعض للارتداء وتشبيكها لستر العورة ولا يعتبر مخيطا ولا محيطا .
6 - الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنفساء عند الإحرام أن تأتى بكل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ورمى الجمرات وما إليهما، لكنها لا تطوف ولا تسعى لأنها ممنوعة من الدخول فى المسجد .
إلا فى طواف الإفاضة إذا ضاق وقتها عن المكث فى مكة إلى أن ينقطع دمها، فلها أن تغسل الموضع وتعصبه حتى لا يسقط الدم وتطوف حسبما تقدم بيان وجهه .
وليس لها ذلك فى طواف الوداع، إذ لو فاجأها الحيض فيه أو قبله تركته وسافرت مع فوجها ولا شىء عليها .
7 - كشف الكتف الأيمن للرجال فى الإحرام لا محل له وهو مندوب فقط للرجال عند بدء طواف بعده سعى، ولو تركه المحرم فى طوافه فى شىء فى تركه .
8 - تحية البيت الحرام الطواف لمن أراده عند دخوله، ومن لم يرده فليصل ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس والأولى الطواف للمستطيع .
9 - يكره للرجال المزاحمة على استلام الحجر الأسود، ويحرم هذا على النساء منعا من التصاقهن بالرجال .
10 -إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعى فصل مع الإمام جماعة لتحصيل ثوابها، ثم أكمل الطواف والسعى من حيث توقفت، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعى أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه .
11 - الوضوء شرط فى طواف الركن للحج أو العمرة وليس شرطا فى السعى ولكن الأفضل أن يكون الساعى متوضئا .(1/43)
12 - كل من لزمه هدى قران أو تمتع أو جزاء، إذا لم يجده أو لم يجد ثمنه، أو كان محتاجا إلى ثمنه فى ضرورات سفره أو احتياجا شرعيا لنفقته فى حجه وجب عليه بديله وهو صوم ثلاثة أيام متتابعة فى الحج بعد إحرامه له لا يتجاوز بها يوم عرفة والأولى ألا يصوم يوم عرفه .
ثم سبعة أيام متتابعة بعد رجوعه إلى وطنه وإذا فاته صوم الثلاثة فى الحج أو عجز عنها هناك صام العشرة جميعا بعد العودة إلى أهله .
13- إذا دخلت المرأة مكة محرمة بالعمرة فقط ثم فاجأها المحيض وخشيت امتداده وفوات وقت الإحرام بالحج ( يوم الثامن من ذى الحجة ) أحرمت بالحج وصارت قارنة، وعليها دم القران .
14- لا حرج فى المرور بين يدى المصلين فى الحرم وصلاة النفل جائزة فيه فى كل وقت بمعنى أنها غير ممنوعة فى الأوقات المكروهة .
والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم واغفر لنا، ربنا إنك الغفور الرحيم .
وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن تبع دينه ووالاه
---
فائدة أموال جماعة الحج فى البنك
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
12 محرم 1402 هجرية - 9 نوفمبر 1981 م
المبادئ
1- الزيادة التى تحصل عليها جماعة الحج من البنك بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة ومن كبائر المحرمات .
2 - لا يحل أخذ هذه الفائدة بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة
السؤال
بالطلب المقدم من جماعة الحج التعاونى الذى تلتمس فيه حكم الدين فى أموال الجمعية التى تتجمع طول العام بصفة اشتراكات شهرية، وتودعها الجمعية أولا بأول فى أحد البنوك بصفة أمانة بدون فائدة .(1/44)
وقد طلب أعضاء الجماعة أن تحصل الجمعية على فائدة مقابل هذه المبالغ للاستفادة منها فى أعمال الخير، كترميم المساجد وتصليح دورات المياه وغير ذلك من الأعمال الخيرية، ولكن الجماعة ترفض الحصول على أى فائدة من البنك المودع به أموال الجماعة، وتطلب الجماعة الإفادة عما إذا كان يجوز الحصول على الفائدة للاستفادة بها فى أوجه الخير الموضحة أعلاه أم لا يجوز الحصول عليها وبيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
جرى اصطلاح فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الربا هو زيادة مال بلا مقابل فى معاوضة مال بمال .
وقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا بالآيات الكثيرة فى القرآن الكريم .
وكان من آخرها نزولا على ما صح عن ابن عباس رضى الله عنهما قول الله سبحانه وتعالى { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم } البقرة 275 ، 276 ، ومحرم كذلك بما ورد فى الحديث الشريف الذى رواه البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة .
والبر بالبر . والشعير بالشعير .
والتمر بالتمر . والملح بالملح . مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطى فيه سواء ) .
ولما كان مقتضى هذه النصوص أن كل زيادة مشروطة فى القرض قدرا وزمنا تعتبر من ربا الزيادة المحرم قطعا .
كانت الزيادة التى تحصل عليها الجمعية بوصفها فائدة محددة قدرا وزمنا على ودائعها من باب ربا الزيادة، والتعامل بالربا أخذا وعطاء من كبائر المحرمات فى الإسلام .(1/45)
فلا يحل أخذ فائدة من البنك على أموال جماعة الحج المودعة لديه بحجة صرفها فى وجوه الخير، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة والله طيب لا يقبل إلا طيبا كما ورد فى الحديث الشريف .
والله سبحانه وتعالى يقول { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد } البقرة 267 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
---
تأجيل الهدى غير جائز
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
16 ذو القعدة 1398 هجرية - 18 أكتوبر 1978 م
المبادئ
1- من حج قارنا أو متمتعا وجب عليه أداء الفدية ( الهدى ) فى أوقات الحج بمنى ولا يجوز له تأجيلها لحين عودته إلى بلده .
2 - إن عجز عن ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله
السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل قد اعتزم أداء فريضة الحج والعمرة ومنها الفدية .
ويطلب الإفادة بالحكم الشرعى عما إذا كان يجوز له تأجيل الفدية لحين عودته إلى بلده ليقوم بتوزيعها على فقرائها وهم كثيرون
الجواب
يظهر من السؤال أن السائل يريد أداء الفريضة قارنا الحج والعمرة معا .
أو متمتعا بالعمرة إلى الحج فإذا كان كذلك فإنه يجب عليه أداء الفدية الهدى فى أوقات الحج بمنى .
ولا يجوز له تأجيلها لحين عودته إلى بلده .
فإن كان عاجزا عن شراء ما يفدى به فعليه صيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده ، لقوله تعالى { فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة } البقرة 196 ، الخ الآية، ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم
---
مكانة الحج فى الإسلام
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
11 ربيع الآخر 1399 هجرية - 10 مارس 1979 م
المبادئ
1- الحج فريضة وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ولا يجب إلا مرة فى العمر .(1/46)
2 - يشترط لوجوب الحج .
الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة على خلاف فى تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام .
3 - نفقات الحج يجب أن تكون من مال حلال طيب .
فإن الله لا يقبل إلا طيبا .
4 - يجزىء الحج بطريق جهة العمل التى تتبرع بنفقاته كلها أو بعضها لصيرورة المال المتبرع به ملكا للحاج فكأنه حج بماله .
5 - القرعة من الطرق المشروعة فى الإسلام لاختيار أمر من اثنين لم يتبين أيهما الأولى، ويجوز الخروج للحج عن طريقها بمعرفة الجهات المسئولة أو جهات العمل .
6 - لا تجوز الاستدانة للحج لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية .
7 - ليس للزوج منع زوجته من فريضة الحج متى تيسر لها السفر مع محرم أو رفقه ثقة .
8 - تفترق العمرة عن الحج فى أن الأخير من أركانه الوقوف بعرفة وله وقت معين، أما العمرة فليس لها وقت معين وليس لها وقوف بعرفة وهناك فروق أخرى فى المذاهب .
9 - الإنابة فى الحج غير جائزة عند المالكية مطلقا، ويرى فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى أن الحج مما تقبل فيه الإنابة بشروط .
10 - أركان الحج اثنان عند الحنفية وأربعة عند باقى المذاهب الأربعة وزاد عليها الشافعية ركنين، وللإحرام ميقات مكانى يختلف باختلاف الجهات، على تفصيل فى كل ذلك بالمذاهب .
11 - إذا فقد الحاج الماء أثناء الرحلة تيمم لكل صلاة، ولو وجده وكان فى حاجة إليه للشرب له ولرفاقه، أو لحيوان محترم حرم عليه الوضوء به
السؤال
بعثت إلينا إحدى الصحف اليومية تسأل عن هذه الموضوعات .
السؤال الأول - ما مكانة الحج فى الإسلام
الجواب
قال الله تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين .(1/47)
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 96، 97 ، وهذه الفريضة من أركان الإسلام الخمسة التى بينها الرسول صلوات الله وسلامه عليه فى حديث ( بنى الإسلام على خمس )، وقد فرض مرة واحدة فى العمر على كل مسلم ومسلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت صلى الله عليه وسلم حتى قالها ثلاثا ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ) .
والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسما دوريا يلتقى فيه المسلمون كل عام على أصفى العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله .
وعبادات الإسلام وشعائره تهدف كلها إلى خير المسلمين فى الدنيا والآخرة، ومن هنا كان الحج عبادة يتقرب بها المسلمون إلى خالقهم فتصفوا نفوسهم وتشف قلوبهم فيلتقون على المودة ويربط الإيمان والإسلام بينهم رغم تباعد الأقطار واختلاف الديار إذ أن من أهداف الإسلام جمع الكلمة وتوجيه المسلمين إلى التدارس فيما يعينهم من شئون الحياة ومشاكلها اقتصادية وسياسية واجتماعية .
والقرآن والسنة يرشدان المسلم إلى أن يجعل حجه لله وحجه امتثالا لأمره وأداء لحقه ووفاء لعهده وتصديقا بكتابه .
ومن أجل هذا وجب على الحاج أن يخلص النية لربه فيما يقصد إليه، وألا يبتغى بحجة إلا وجه الله تعالى .
ومن مظاهر الإخلاص فى الحج وحسن النية أن يرد ما عليه من حقوق لأصحابها إن استطاع والتوبة إلى الله بإخلاص مع الاستغفار، وتسليم الأمر إليه إن عجز عن الرد، وأن يترضى أهله ويصل رحمه ويبر والديه قال تعالى { وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب } البقرة 197 ، السؤال الثانى - ما هى شروط وجوب الحج .(1/48)
الجواب - يشترط لوجوب الحج الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة .
ويستدل الفقهاء على اشتراط البلوغ والحرية بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( أيما صبى حج ثم بلغ فعليه حجة الإسلام وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة الإسلام ) .
السؤال الثالث - ما مدى الاستطاعة الموجبة للحج .
الجواب - دلت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن فريضة الحج إنما تلزم المستطيع ولا تجب على غيره .
وقد اختلف الفقهاء فى تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام فقال فقهاء المذهب الحنفى الاستطاعة هى القدرة على الزاد والراحلة بشرط أن يكونا فاضلين عن حاجياته الأصلية كالدين الذى عليه للغير والمسكن والملبس وما يلزمه لعمله أو حرفته من أدوات، وأن يكونا كذلك زائدين عن نفقة من يلزمه الإنفاق عليهم مدة غيبته وإلى أن يعود، والمعتد فى كل ذلك ما يليق بالشخص عادة وعرفا وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، ثم اشتراط ما تقدم إنما هو بالنسبة لمن كان بعيدا عن مكة مسيرة ثلاثة أيام فأكثر أما من كان قريبا منها فإن الحج واجب عليه، وإن لم يقدر على الراحلة متى قدر على المشى وعلى باقى النفقات التى يعبر عنها الفقهاء بالزاد .
كما يشترط فقهاء الحنفية كذلك لوجوب الأداء سلامة البدن فلا يجب أداء الحج على مقعد أو مشلول أو من يعجز عن تحمل مشقات السفر وعنائه، كما لا يجب على أحد من هؤلاء تكليف غيرهم بالحج عنهم .
أما الأعمى الذى يقدر على الزاد والراحلة فإن وجد قائدا للطريق وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه وإن لم يجد قائدا فلا يجب عليه الحج بنفسه أو بإنابة الغير عنه .
كما يشترط أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة سواء كان السفر برا أو بحرا أو جوا .
وقال فقهاء المالكية إن الاستطاعة هى إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكانا عاديا سواء كان ماشيا أو راكبا بشرط ألا يلحقه مشقة عظيمة وإلا فلا يجب عليه الحج .(1/49)
ويرى فقهاء الحنابلة أن الاستطاعة فى الحج هى القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، وبشرط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم ومسكن وخادم ونفقته ونفقة عياله على الدوام .
وقال فقهاء الشافعية الاستطاعة بالنفس تتحقق بالقدرة على الزاد والراحلة، وأن تكون نفقات الحج فاضلة عن دين ولو لم يحل أجله، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه المناسب وآلات صناعته ومهنته وأمن الطريق .
السؤال الرابع - ما هى الشروط الواجب توافرها فى نفقات الحج .
الجواب - يجب أن تكون نفقات الحج من مال حلال طيب فإن الله لا يقبل إلا طيبا .
وليكن معلوما أن من حج بمال غير حلال ثم قال - لبيك اللهم لبيك قال الله عز وجل له - كما ورد فى الحديث الشريف - لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما فى يديك .
السؤال الخامس - هل يجزىء الحج الذى يتم بطريق جهة العمل حيث تتحمل جميع النفقات أو بعضها .
الجواب - مادامت جهة العمل متبرعة بنفقات الحج كلها أو بعضها أجزأت وتمت حجة الإسلام، لأنه بتبرع هذه الجهة بالنفقات صار المتبرع له مالكا لها، فكأنه حج بماله وفقا لما قرر الفقهاء فى ملكية الصدقة والزكاة .
السؤال السادس - هل يجوز الخروج للحج بطريق القرعة التى تتم بمعرفة الجهات المسئولة أو جهات العمل .
الجواب - القرعة من الطرق المشروعة فى الإسلام لاختيار أمر من اثنين يتبين أيهما الأولى، وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارا لاختيار من تسافر معه من نسائه فى الغزو وغيره .
فإذا اقتضت الظروف الاقتصادية عن العدد المقرر، فإن للجهات المسئولة إجراء القرعة لاختيار المسافرين للحج من بين المتقدمين، وكذلك الحال بالنسبة لجهات العمل .
السؤال السابع - هل تجوز الاستدانة للحج .
الجواب - عن عبد الله بن أبى أوفى قال ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال - لا ) .(1/50)
ومن أجل هذا قال الفقهاء إن قضاء الدين من الحوائج الأصلية وبهذا الاعتبار آكد من الحج بل ومن الزكاة وقالوا إن احتاج المسلم إلى الزواج وخاف العنت وخشى على نفسه الوقوع فى المحرم قدم التزوج لأنه بهذا الاعتبار واجب كالنفقة، وإن لم يخف قدم الحج لأن الزواج فى هذه الحالة تطوع .
السؤال الثامن - ومتى يجب على المسلمة الحج، وهل للزوج منع زوجته من أداء هذه الفريضة .
الجواب - وجوب أداء فريضة الحج على المرأة المسلمة إذا استطاعت بحد الاستطاعة سالف الذكر وبشرط وجود زوجها معها فى سفر الحج أو محرم من النسب أو المصاهرة أو الرضاع لا فرق فى هذا بين الشابة ومن تقدم بها السن إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك فيجب عليها أداء الحج وأن لم يكن معها محرم ولا زوج وبشرط أن يكون المحرم فى حالة وجوده عاقلا بالغا مأمونا، وألا تكون معتدة فعلا من طلاق أو وفاة وهذا مذهب الحنفية .
أما المالكية فقالوا إنه إذا لم يسافر معها زوجها أو محرم لها فيجوز سفرها مع رفقة مأمونين عليها وإلا لم يجب عليها أداء الحج ولو توفرت القدرة المالية بل وشرط المالكية أن يكون ركوب المرأة ميسورا لها إذا كانت المسافة بعيدة وقال فقهاء الحنابلة إن الحج لا يجب أداؤه على المرأة إلا إذا كان معها زوجها أو أحد محارمها .
ويرى فقهاء الشافعية أنه إذا لم يتيسر للمرأة خروج زوجها معها أو أحد محارمها فإن لها أن تحج مع نسوة يوثق بهن ( اثنان فأكثر ) ولو وجدت امرأة واحدة فلا يجب عليها الحج وإن جاز لها أن تحج معها حجة الفريضة، بل أجازوا لها أن تخرج لحج الفريضة وحدها عند الأمن، أما فى النفل فلا يجوز الخروج مع النسوة ولو كثرن .
وإذا لم تجد المرأة رجلا محرما أو زوجا يخرج معها للحج إلا بأجرة لزمتها إن كانت قادرة عليها .(1/51)
وليس للزوج منع زوجته من فريضة الحج متى تيسر لها السفر مع محرم لها أو رفقة ثقة على ما تقدم بيانه فى مذهبى المالكية والشافعية، لأن حج الفريضة من الواجبات ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وله منعها من حج التطوع كما له منعها من صوم وصلاة النفل .
السؤال التاسع - ما الفرق بين الحج والعمرة .
الجواب - العمرة فرض فى العمر مرة فورا فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وفرض كذلك على التراخى فى مذهب الإمام الشافعى، وسنة مؤكدة لدى فقهاء المذهبين الحنفى والمالكى، وتفترق العمرة عن الحج فى أن الأخير من أركانه الوقوف بعرفة وللحج وقت معين هو أول شهر شوال حتى فجر العاشر من ذى الحجة، أما العمرة فليس لها وقت معين ولا تفوت وليس فيها وقوف بعرفات، ولا نزول بمزدلفة ومنى، ولا مبيت بها وليس فيها رمى جمار، ولا جمع بين صلاتين بسبب الحج عند الأئمة الثلاثة ولا بسبب سفر عند الشافعى ولا خطبة فيها، وليس فيها طواف قدوم وتفارق الحج فوق هذا عند فقهاء المذهب الحنفى بأنه لا تجب بدنة بفسادها ولا بطوافها جنبا بخلاف الحج، وإنما تجب بذلك شاة فى العمرة وكذلك ليس فيها طواف وداع كما فى الحج .
السؤال العاشر - هل تجوز الإنابة فى الحج .
الجواب - قال فقهاء المالكية إن الحج لا تجوز فيه الإنابة سواء فى حال الصحة أو المرض، وإن الإجارة عليه فاسدة، وإن الوصية بالحج مكروهة ويرى فقهاء المذاهب الثلاثة الأخرى أن الحج مما تقبل فيه الإنابة فمن عجز عن الحج بنفسه وجب عليه أن ينيب غيره ليحج عنه بشروط منها أن يكون المنيب عاجزا عجزا مستمرا إلى الموت عادة كالمريض الذى لا يرجى شفاؤه وكالأعمى والزمن ولا تجوز الإجارة على الحج وهذا فقه المذهب الحنفى، وكذلك فى مذهب الإمام الشافعى غير أنه يجيز الاستئجار على الحج بشرط معرفة العاقدين لأعمال الحج فرضا ونفلا وفى الجملة كذلك مذهب الحنابلة ، ويشترط أن يكون النائب قد أدى فرض الحج .(1/52)
السؤال الحادى عشر - ما هى أركان الحج ومن أين يحرم الحاج .
الجواب - أركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة الإحرام وطواف الزيارة أو الإفاضة والسعى بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب .
أما فى مذهب الإمام أبى حنيفة فإن للحج ركنين فقط هى الوقوف بعرفة وأربعة أشواط من طواف الزيارة، أما الثلاثة الباقية فواجب، وأما الإحرام فهو من شروط صحة الحج والسعى بين الصفا والمروة من الواجبات، وزاد الشافعية ركنين على الأربعة سالفة الذكر هما إزالة الشعر بشرط أن يزال ثلاث شعرات من الرأس لا من غيره بعد الوقوف بعرفة وبعد انتصاف ليلة النحر فى الحج وترتيب معظم الأركان الخمسة بأن يقدم الإحرام ثم الوقوف بعرفة ثم الحلق .
والإحرام نية الدخول فى الحج والعمرة، ولا يشترط فى تحققه اقترانه بتلبية أو غيرها فى مذهب الشافعية والحنابلة .
وعند المالكية يتحقق بالنية فقط، ويسن اقترانه بقول كالتلبية أو التهليل أو فعل متعلق بالحج، وعند الحنفية يتحقق الإحرام بالنية مقرونة بالتلبية أو ما يقوم مقامها كالذكر مثلا .
وللإحرام ميقات مكانى يختلف باختلاف الجهات .
فأهل مصر والشام والمغرب إحرامهم الآن من المكان المسمى ( رابغ ) عند محاذاته إذا كان السفر بحرا .
وسكان العراق وسائر بلاد المشرق ميقاتهم ( ذات عرق ) وأهل المدينة ميقاتهم ( ذو الحليفة ) وميقات أهل اليمن والهند ( يلملم ) وأهل نجد ( قرن ) ومن جاوز هذه المواقيت دون إحرام وجب عليه الرجوع إليها والإحرام منها فإن لم يرجع لزمه الهدى .(1/53)
ومن أراد الإحرام كان عليه أن يتحلى بالصبر وسعة الصدر وأن يتجاوز عن هفوات الناس وأن يصون عينه ولسانه وجميع أعضاء جسمه عن الهفوات التى تغضب الله وتؤذى الناس امتثالا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وإذا كان السفر بالطائرة فعليه الإحرام من بيته، وإذا كان بالباخرة فالإحرام من الميقات سالف الذكر، ويسن قبله الاغتسال والوضوء ولبس ملابس الإحرام المكونة من قطعتين .
الأولى يغطى بها النصف الأسفل من الجسد والأخرى يغطى بها الجزء الأعلى مع كشف الرأس وهذا للرجل ( أما السيدة فإنها تلبس ملابسها العادية وتكشف وجهها، ويستحب بعد الإحرام صلاة ركعتين سنة الإحرام، وقد يكون الإحرام بالعمرة فقط أو بالحج فقط أو بهما معا، ويرفع الحاج صوته بالتلبية، ومتى تم الإحرام فإنه يحرم لبس المخيط للرجل، وكذلك تغطية الرأس، كما تحرم المعاشرة الزوجية، والتعرض لصيد البر الوحشى أو لشجر الحرم، والحلق وقص شىء من الشعر والأظافر واستعمال العطور .
السؤال الثانى عشر - ما حكم فقد الماء أثناء رحلة الحج .
الجواب - إذا فقد الماء تيمم الحاج لوقت كل صلاة، ولو وجد الماء وكان فى حاجة إليه للشرب سواء له ولرفقائه أو لحيوان محترم يحرم عليه الوضوء لأن حياة النفوس آكد ولا بديل للشرب، أما الماء فبديله للوضوء والاغتسال التيمم .
وهذا يكون بضربتين على التراب الطاهر .
إحداهما لمسح الوجه والأخرى لمسح اليدين إلى المرفقين .
ولا تلزمه الإعادة ولو وجد الماء بعد الصلاة بالتيمم. السؤال الثالث عشر - هل يجوز الحج عن المتوفى قريبا أو غير قريب .(1/54)
الجواب - روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة من الأبرار ) وقوله ( من حج عن ميت كتبت للميت حجة وللحاج سبع ) وفى رواية ( وللحاج براءة من النار ) ويشترط فيمن يحج عن الغير حيا أو ميتا أن يكون قد حج لنفسه الفريضة والله سبحانه أعلم .
بالصواب
---
حج وزكاة دين
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
25 جمادى الأولى 1399 هجرية - 22 أبريل 1979 م
المبادئ
1- من أحرم بالحج والعمرة قارنا ولم يؤد أركان الحج وجب عليه الإحرام به فى وقته من ميقاته وأداء أركانه وشروطه .
2 - متى بلغ الدين نصابا وتحققت شروط زكاته، وجبت الزكاة فيما يقبضه منه عند الصاحبين قليلا كان أو كثيرا .
3 - فى حالة عدم القبض تخرج الزكاة احتياطا عن جميع السنوات التى ظل فيها فى ذمة المدين على ما هو المختار من مذهب الشافعية
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / ف أ أ - العراقى الجنسية - المقيم بالقاهرة - المتضمن أن السائل وقعت منه الأمور التالية : 1- نوى الحج والعمرة قارنا - وقد طاف وسعى للعمرة صباحا - وبعد الزوال طاف وسعى للحج .
2 - وفى السنة التالية أحرم السائل للحج والعمرة قارنا، وطاف وسعى للعمرة ولم يطف ولم يسع للحج حتى الآن .
3 - للسائل أموال ومبالغ نقدية فى ذمة أخيه، وهذه المبالغ مضمونة وغير مجحودة .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى الأمور الثلاثة .
وهل يجب عليه شرعا نسك قرانه الأول وقرانه الثانى أم لا وإذا كان يجب عليه نسك لكل منهما فما الحكم الشرعى فى ذلك - وهل تجب عليه الزكاة فى المسألة الثالثة فى المبلغ الذى بذمة أخيه .
ومن أى تاريخ تجب الزكاة فيه
الجواب
عن الحج الظاهر من السؤال أن السائل أحرم بالحج والعمرة قارنا ولم يؤد أركان الحج فى المرتين، وإذا كان الأمر كذلك وجب عليه أن يحرم بالحج فى وقته من ميقاته بمراعاة أداء أركانه وشروطه .(1/55)
عن الزكاة عن الدين فإنه إذا بلغ الدين نصابا يساوى 20 مثقالا ذهبا تزن الآن 85 جراما أو مائتى درهم من الفضة تزن الآن 595 جراما، وحال عليه الحول، وكان فائضا عن الحوائج الأصلية للدائن وعمن تجب عليه نفقته وكان المدين مقرا بهذا الدين فإنه وفقا لقول الإمامين أبى يوسف ومحمد يؤدى زكاة ما يقبضه من هذا الدين قليلا كان المقبوض أو كثيرا متى كانت جملة الدين مستحقا فيها الزكاة .
وإذا لم يقبض شيئا فمن باب الاحتياط فى الدين أختار ما قال به فقهاء مذهب الشافعى إخراج الزكاة عن الدين عن جميع السنوات التى ظل فيها فى ذمة المدين .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
الاستطاعة الصحية والحج عن الغير
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
13 رمضان 1399 هجرية - 6 أغسطس 1979 م
المبادئ
1- من لا يتحمل السفر لكبر سنه واعتلال صحته لا يعتبر مستطيعا بدنيا للحج، إلا إذا كانت لديه استطاعة مالية فعندئذ تجب عليه إنابة الغير للحج عنه .
2 - الاقتراض للحج غير جائز شرعا، ولا يعتبر الإنسان مستطيعا برأس ماله فى التجارة، ولا يتبرع غير ولده بنفقات الحج .
3 - تبرع الابن بالحج نيابة عن أبيه جائز بشرط الإحرام وأداء المناسك جميعها بوصفه نائبا عنه، فإن كانت نفقات الحج ستكون دينا له على أبيه وهو غير مستطيع فالحج بهذه الوسيلة غير واجب على الأب .
4 - للأب بيع ما يستغنى عنه فى نفقته ونفقة من يعوله إلى ولده الذى يحج عنه بما يقابل نفقات الحج من عقار أو أرض زراعية بيعا صحيحا يعلنه لجميع أولاده .
5 - حج الابن عن والدته المتوفاة يعتبر من قبيل التبرع، ولا يلزم والده بنفقاته إلا إذا كان لها تركة وأوصت بالحج عنها، فتكون نفقات الحج من تركتها فى حدود الثلث
السؤال(1/56)
بالطلب المقدم من السيد / م أ م المتضمن أن للسائل ابنا يعمل مدرسا بالمملكة العربية السعودية، وأن ابنه هذا يريد أن يدعوه لتأدية فريضة الحج والعمرة هذا العام وأن حالة السائل الصحية لا تسمح له بتحمل مشاق السفر والقيام بشعائر الحج .
وهو يريد بيان حكم الشرع فيما إذا كان يجوز لابنه هذا أن ينوب عنه ويقوم بشعائر الحج نيابة عنه، مع الإحاطة بأن هذا الابن سبق له أن أدى فريضة الحج عن نفسه - وهل يكون ما ينفقه فى قيامه بالحج عنه يعتبر دينا على السائل يتعين عليه القيام بسداده لابنه المذكور أم لا وبيان الصيغة التى يقولها أثناء قيامه بتأدية شعائر الحج عن السائل
الجواب
إن الحج إلى بيت الله الحرام من فرائض الإسلام الخمسة تجب على كل مسلم ومسلمة مستطيع امتثالا لقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين } آل عمران 97 ، ومن شروط وجوب الحج الاستطاعة - ومما تتحقق به أن يكون المكلف صحيح البدن، فإن عجز عن الحج لشيخوخة أو زمانة أو مرض لا يرجى شفاؤه لزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال ، أى يملك ما يكفيه مما يصح به بدنه ويكفى من يعول كفاية فاضلة عن حوائجه الأصلية من مطعم وملبس ومسكن ومركب وآلة حرفة حتى يؤدى الفرض ويعود .
والإنابة فى الحج أجازها فقهاء مذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة بشروط محددة فى كل مذهب .
ولم يجزها فقهاء المذهب المالكى - ومما يشترط فيمن يحج عن غيره عند من أجاز ذلك، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه، وأن يحرم بحجة واحدة ناويا الأصل فى إحرامه وتلبيته وفى كل مناسك الحج وللنائب الإحرام عن الميقات الذى يوجد فيه فى أشهر الحج، ولا يشترط الإحرام من ميقات المحجوج عنه .
وفى الاقتراض للحج روى البيهقى بسنده عن عبد الله بن أبى أوفى ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج قال لا ) .(1/57)
ولا يعتبر مستطيعا ماليا برأسماله فى التجارة لأنه محتاج إليه للنفقة - ولا يتبرع غير ولده بنفقات الحج، وعلى ذلك ففى واقعة السؤال مادام السائل لا يتحمل مشاق السفر بسبب كبر سنه واعتلال صحته فلا يعتبر مستطيعا بدنيا للحج إلا إذا كانت لديه الاستطاعة المالية، عندئذ تجب عليه إنابة الغير للحج عنه كما هو فقه المذاهب الثلاثة غير المالكية .
وإذا كان ابن السائل المقيم فى المملكة السعودية متبرعا بالحج نيابة عنه جاز ذلك بشرط الإحرام وأداء المناسك جميعها بوصفه نائبا عن والده، وينوى ذلك ويظهره فى كل مناسك الحج .
أما إذا كانت نفقات الحج ستكون دينا على السائل لابنه وهو غير مستطيع ماليا فالحج بهذه الوسيلة غير واجب عليه إذا كان فى حاجة لعقاراته وأرضه الزراعية للسكن والاستغلال للمعيشة لأنها حينئذ بمثابة رأس مال التجارة - وإذا كان مستغنيا عنها فى نفقته ونفقة من يعوله فله أن يبيع إلى ولده الذى يحج عنه ما يقابل نفقات الحج من عقار أو أرض زراعية بيعا صحيحا يعلنه لجميع أولاده حتى لا يوقع بينهم البغضاء بسبب اختصاص واحد منهم بشىء من أمواله دون الآخرين .
وأما حج ابن السائل عن والدته المتوفاة فهو على سبيل التبرع .
ولا يلزم السائل بنفقاته إلا إذ كان لها تركة وأوصت بالحج عنها فعندئذ لمن يحج عنها أن يقتضى نفقات الحج من تركتها فى حدود الثلث وبهذا علم جواب السائل .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
حج المرأة وهى فى عدة الوفاة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
8 ذو القعدة 1401 هجرية - 6 سبتمبر 1981 م
المبادئ
1- الحج فرض على المستطيع من الرجال، وعلى المستطيعة من النساء مع خلاف بين الفقهاء فى حقيقة الاستطاعة .
2 - من أذن لها زوجها فى السفر إلى الحج، ثم توفى بعد أن سددت رسومه وأخرجتها القرعة كانت فى حالة اضطرار، وكان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى فى الحج .(1/58)
وجاز لها السفر لأداء فريضة الحج لاسيما وقد دخلت فى مقدماته فى حياة الزوج وبإذنه
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / ع ح م وقد جاء به أن امرأة توفى زوجها من مدة قريبة، وماتزال فى عدة الوفاة للآن وكانت قبل وفاته قد تقدمت بطلب لأداء فريضة الحج بموافقة الزوج كتابيا على سفرها لأداء هذه الفريضة، وقد أخرجتها القرعة ضمن المقبولين للسفر فى موسم العام الحالى سنة 1401 هجرية ، وسددت الرسوم المطلوبة .
والسؤال ما حكم الشرع فى سفرها، وهى فى عدة الوفاة، إلى أداء فريضة الحج، مع الاعتبارات السابقة
الجواب
إن الحج من فرائض الإسلام، التى فرضها الله سبحانه وتعالى على المستطيع من الرجال وعلى المستطيعة من النساء، ففى القرآن الكريم قول الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وهو من العبادات الأساسية .
ففى السنة الشريفة قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى بيان حقيقة الإسلام والإيمان ( شرح صحيح مسلم للنووى على هامش ارشاد السارى بشرح صحيح البخارى الجزء الأول، الطبعة السادسة بالمطبعة الأميرية ببولاق سنة 1304 هجرية فى كتاب الأيمان ص 185، 219 فى باب السؤال عن أركان الإسلام ) ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ووجوب الحج مشروط بالاستطاعة، كما هو صريح القرآن والسنة وبإجماع المسلمين، غير أن الفقهاء اختلفوا فى حقيقتها وفى شروطها بوجه عام .
كما اختلفوا فيها بالنسبة للمرأة .(1/59)
ففى مذهب الإمام أبى حنيفة إن من الاستطاعة أن يكون معها زوجها، أو محرم لها من النسب، أو من المصاهرة، أو من الرضاع، إذا كان بينها وبين مكة سفر ثلاثة أيام فأكثر، أما إذا كانت مسافة السفر دون هذه المدة، وتوافرت لها باقى عناصر الاستطاعة كان عليها أداء الحج ولو بغير زوج ولا محرم، ولا فرق فى كل هذا بين الشابة والمسنة، ويشترط فى المحرم أن يكون بالغا، عاقلا، مأمونا ( الاختيار شرح المختار ج - 1 ص 139 - 140 طبعة الحلبى لسنة 1355 هجرية - 1936 م ) وفى فقه الإمام مالك إنه لا يشترط لسفر المرأة أن تكون مع زوجها، أو مع محرم، وأنه يجوز لها السفر لأداء هذه الفريضة، إذا وجدت رفقة مأمونة ( بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 ص 189 و 190 طبعة الحلبى ) وفى فقه الإمام الشافعى إنه إذا لم يتيسر للمرأة الخروج للحج مع زوجها أو أحد محارمها ،كان لها أن تحج مع رفقة مأمونة ، فيهم جمع من النساء موثوق بهن ( اثنتان فأكثر ) ويجوز مع امرأة واحدة فى حج الفرض، بل صرح فقهاء المذهب للمرأة أن تخرج وحدها عند الأمن فى حج الفريضة، أما فى حج النفل، فليس لها الخروج مع نسوة، ولو كثرن، ولا تسافر فى النفل إلا مع زوج أو ذى رحم لأنه سفر غير واجب ( المجموع للنووى شرح المهذب للشيرازى ج - 7 ص 86 و 87 ومعه فتح العزيز للرافعى شرح الوجيز ص 22 و 23 ) وفى فقه الإمام أحمد بن حنبل إنه يشترط لوجوب الحج فورا على المرأة مع باقى عناصر الاستطاعة أن يسافر معها زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح كالرضاع والمصاهرة ( الروض المربع للبهوتى شرح زاد المستنقع للحجاوى ص 194 طبعة دار المعارف ) ومن ثم يكون عناصر الاستطاعة أن تسافر لأداء فريضة الحج، دون اشتراط أن تكون بصحبة زوجها أو محرم لها، وإنما تكفى رفقة مأمونة مطلقا كما هو فقه الإمام مالك، أو رفقة مأمونة فيها جمع من النساء الثقات، كما فى فقه الإمام الشافعى، وامرأة واحدة تكفى، بل وعند(1/60)
الأمن والأمان تخرج وحدها فى حج الفرض .
ذلك شأن المرأة المتزوجة، والتى ليست ذات زوج .
أما المعتدة من طلاق بائن أو من وفاة فقد جرى فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، على أن كلا منهما تقضيان مدة العدة فى البيت الذى كانت تقيم فيه وقت وقوع الفرقة بالموت أو بالطلاق البائن، ولا يحل للمطلقة الخروج منه إلا للضرورة، ويحل للمتوفى عنها زوجها الخروج نهارا لقضاء حوائجها ويحرم عليها الخروج ليلا خوف الفساد ودرءا للقيل والقال .
ونص فقهاء هذا المذهب على أنه إن انتهت الزوجية بوفاة الزوج، أو بطلاقه إياها بائنا وهى مسافرة، فإن كان بينها وبين مصرها ( محل إقامتها ) مدة سفر، أى ثلاثة أيام فأكثر، رجعت إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها، أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها، ولم يجيزوا للمعتدة من وفاة أو طلاق السفر للحاج أو غيره إلا فى نطاق هذه القاعدة ( آخر باب العدة فى الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج - 2 ص 979 وما بعدها وذات الموضع فى كتب فقه المذاهب الأخرى ) وفقه مذهب الإمام مالك جاءت عبارته وسكنت المعتدة مطلقة أو متوفى عنها زوجها على ما كانت تسكن مع زوجها فى حياته صيفا وشتاء، ورجعت إن نقلها منه مطلقها، أو مات من مرضه ورجعت وجوبا لتعتد بمنزلها إن بقى شىء من العدة لو كانت قد خرجت لحجة الإسلام إن كان بعدها عن منزلها أربعة أيام فأقل، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر، كما لو دخلت فى الإحرام ( الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقى ج - 2 ص 548 و 549 باب العدة والتاج والاكليل للمواق مع مواهب الجليل للحطاب ج - 4 ص 162 و 163 فى باب العدة ) وفى كتاب الأم المروى عن الإمام الشافعى فى باب العدة - تحت عنوان مقام المتوفى عنها زوجها والمطلقة فى بيتها .(1/61)
دلت السنة على أن على المتوفى عنها زوجها، أن تمكث فى بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله إلى أن قال وإن أذن لها بالسفر فخرجت، أو خرج بها مسافرا إلى حج، أو بلد من البلدان فمات عنها، أو طلقها طلاقا لا يملك الرجعة فسواء، ولها الخيار فى أن تمضى فى سفرها ذاهبة أو جائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن ينقضى سفرها ( ج - 5 طبعة الأميرية ببولاق 1322 هجرية ص 208 و 210 ) وفى مختصر المازنى تحت ذات العنوان السابق ولو خرج مسافرا بها أو أذن لها فى الحج، فزايلت منزله فمات أو طلقها ثلاثا فسواء .
لها الخيار فى أن تمضى لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضى سفرها ( هامش المرجع السابق ص 32، ومثله فى تحفة المحتاج وحواشيها ج - 8 ص 264 و 265، وفى حاشية البيجرمى على شرح منهج الطلاب ج - 4 ص 91 ، وفى حاشية البيجرمى على تحفة الحبيب شرح الخطيب ج - 4 ص 51 و 53 ) وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل قال ابن قدامة فى المغنى ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها لزمتها العدة فى منزلها وإن فاتها الحج، لأن العدة فى المنزل تفوت ولابدل لها والحج يمكن الإتيان به فى غير هذا العام .
وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها فيه نظرت فإن كان وقت الحج متسعا لا تخاف فواته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد فى منزلها، لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فواتها الحج لزمها المضى فيه، وبهذا قال الشافعى وقال أبو حنيفة يلزمها المقام وإن فاتها الحج، لأنها معتدة فلم يجز لها أن تنشىء سفرا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها .(1/62)
ولنا أنهما عبادتان استوتا فى الوجوب وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، كما لو مات زوجها بعد أن سفرها إليه ( ج - 9 من المغنى مع الشرح الكبير ص 185 طبعة المنار ) ونقل ابن هبيرة الحنبلى فى كتابه الإفصاح عن معانى الصحاح فى باب العدة أن الفقهاء اختلفوا فى المتوفى عنها زوجها وهى فى الحج .
فقال أو حنيفة تلزمها الإقامة على كل حال إن كانت فى بلد أو ما يقاربه، وقال مالك والشافعى وأحمد إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( ص 364 و 365 طبعة المطبعة الحلبية بحلب لسنة 1366 هجرية - 1947 م ) لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن السيدة المسئول عنها قد أذن لها زوجها فى السفر للحاج ثم توفى وأنها ما تزال فى عدة وفاته وأنها إن قعدت للعدة فى منزله فاتها الحج، مع أنها قد سددت رسومه ومصروفاته بعد أن أخرجتها القرعة، وأنه لم يسبق لها أداء هذه الفريضة وكان معلوما بالعلم العام أن السفر للحج فى عصرنا، قد اقتضت مصلحة الدولة العامة تقييده بقيود، وتحديد عدد المسافرين بالقرعة، وقد يتعذر على هذه السيدة أداء هذه الفريضة فيما بعد بسبب تلك القيود .
وإذا كان هذا حال المسئول عنها، وهو حال اضطرار واعتذار وسنوح فرصة قلما يتيسر الحصول عليها، لاسيما وقد أذنت لها سلطات الدولة بالسفر للحج، كان ذلك بمثابة وفاة الزوج وهى فى الحج فعلا يجرى عليه ما قال به ابن قدامة ( المرجعان السابقان ) واحتج له بالحجة القوية المقبولة فى النص الآنف .(1/63)
وما نقله ابن هبيرة عن الأئمة مالك والشافعى وأحمد من أنه إذا خافت فوات الحج إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضى فيه ( المرجعان السابقان ) لما كان ذلك كان جائزا للسيدة المسئول عنها السفر لأداء فريضة الحج، وإن كانت فى عدة وفاة زوجها، لأن الحج آكد باعتباره أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم فوجب تقديمه ، لاسيما وقد دخلت فى مقدماته فى حياة الزوج وبإذنه، وذلك تخريجا على تلك النصوص من فقه الأئمة مالك والشافعى وأحمد .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
مفاجأة الحيض للمرأة أثناء الحج
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
9 صفر 1402 هجرية - 15 ديسمبر 1981 م
المبادئ
1- يجوز لمن فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه إنابة غيرها فيه، على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه، وأن ينوى الطواف عنها مؤديا طوافها بكل شروطه .
2 - يجوز لها استعمال دواء لوقف الحيض، فإن توقف لها أن تغتسل وتطوف .
3 - إذا كان دم الحيض غير مستمر طوال أيام الحيض، يجوز لها الطواف أيام انقطاعه عملا بقول فى مذهب الشافعية القائل ( النقاء فى أيام الحيض طهر ) وهذا موافق لرأى الإمامين مالك وأحمد .
4 - لا يجوز للحائض والنفساء دخول المسجد الحرام، فإن دخلت ثم طافت أثمت وصح الطواف وعليها ذبح بدنه .
5 - ترتيب رمى الجمرات أيام التشريق شرط بالنسبة للمكان عند الأئمة الثلاثة .
فإن لم يرتب الرامى أعاد . ويرى الحنفية أن الترتيب ليس شرطا ولكنه سنة، فإذا لم يرتب أعاد فإن لم يعد أجزأه ذلك متى فات الوقت .
6 - من شرط الاستطاعة بالنسبة للمرأة أن تكون مع محرم لها أو مع زوجها .
وأجاز الشافعية خروجها لذلك مع جمع من النسوة يوثق بهن وزاد المالكية أن تكون مع رفقة مأمونة، فإذا فقد هذا الشرط لا يجب عليها الحج لعدم الاستطاعة .
7 - إذا توفر الأمن للمرأة جاز أن تحج وحدها عند بعض الشافعية ويكون حجها صحيحا ولا شىء فيه
السؤال(1/64)
بالطلب المقدم من السيد / م ع ح المدرس بمكة المكرمة - قال إنه يطلب بيان حكم الشرع فى المسائل الآتية : 1- امرأة حاضت قبل طواف الإفاضة ( وهو ركن ) وليس لديها وقت لأنها مرتبطة بأفواج ومواعيد الطائرات .
وليس لديها ما تعيش عليه إن هى تأخرت عن الفوج، وليس لديها ثمن بدنة - فماذا تصنع - أتطوف وهى حائض أم تنيب عنها من يطوف بدلا منها .
2 - رمى الحاج الجمرات أيام التشريق بعكس ترتيبها، وكان موكلا فى هذا عن آخرين، فبدلا من أن يرمى ابتداء من الجمرة التى تلى مسجد الخيف، رمى ابتداء من الجمرة تجاه مكة .
3 - ما حكم المرأة التى حضرت إلى الحج مع أفواج السياحة أو المؤسسات وليس معها زوج أو محرم، علما بأن هذه هى الفرصة الوحيدة التى سنحت لها من سنوات بعد أن فشلت فى الحج بالقرعة .
البعض يقول إنها آثمة .
4 - بعض الحجاج يكونون قارنين أو متمتعين وبالطبع عليهم هدى وقد لا يكون فى الاستطاعة تدبير ثمنه فيستدين أو يقتر على نفسه
الجواب
عن السؤال الأول - جاء فى كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير الشافعى فى الفصل التاسع فى الرمى من كتاب الحج ( إن العاجز عن الرمى بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه، لأن الأنابة جائزة فى أصل الحج فكذلك فى أبعاضه وكما أن الإنابة فى الحج إنما تجوز عند العلة التى لا يرجى زوالها فكذلك الإنابة فى الرمى، لكن النظر هنا إلى دوامها إلى آخر وقت الرمى .
وكما أن النائب فى أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد حجة عن نفسه، فالنائب فى الرمى لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه ) .
وتخريجا على هذا يجوز للمرأة إذا فاجأها الحيض قبل طواف الإفاضة ،ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه أن تنيب غيرها فى هذا الطواف على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه، وأن ينوى الطواف عنها نائبا مؤديا طوافها بكل شروطه، أو أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .(1/65)
أو إذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيام مدته عندئذ يكون لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الإمام الشافعى القائل إن - النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول أيضا يوافق مذهب الإمامين مالك وأحمد .
هذا وقد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية ( ج - 7 تبع المجموع للنووى ص 400 وما بعدها .
ج - 1 ص 296 و 297 وفى باب الحج ج - 2 ص 283 ) للحائض دخول المسجد للطواف بعد إحكام الشد والعصب وبعد الغسل .
حتى لا يسقط منها ما يؤذى الناس ويلوث المسجد ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها - مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر - من الأعذار الشرعية، وقد أفتى كل من الإمام ابن تيمية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الإفاضة إذا اضطرت للسفر مع صحبتها، بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض حتى لا ينزل منها شىء منه فى المسجد وقت الطواف .
هذا وفى فقه مذهب أبى حنيفة ( حاشية رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار فى باب الحيض فى مسائل المتحيرة ) أن الحائض والنفساء لا يحل لها دخول المسجد، وإن دخلت ثم طافت أثمت وصح الطواف، وعليها ذبح بدنه، وفى موضع آخر وتطوف الركن ثم تعيده .
لما كان ذلك فللمرأة الحاجة التى يفاجئها الحيض والنفاس ويحول بينها وبين طواف الإفاضة مع تعذر البقاء بمكة حتى ارتفاع عذرها أن تسلك أى طريق من هذه الطرق التى قال بها الفقهاء .
عن السؤال الثانى - جاء فى المرجع السابق ( ص 404 و 405 من كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير مع المجموع للنووى ج - 7 ) إنه يشترط فى رمى أيام التشريق الترتيب فى المكان، وهو أن يرمى أولا إلى الجمرة التى تلى مسجد الخيف وهى أقرب الجمرات من منى وأبعدها من مكة، ثم إلى الجمرة الوسطى، ثم إلى الجمرة الصغرى وهى جمرة العقبة .
فلا يعتد برمى الثانية قبل تمام الأولى ولا بالثالثة قبل تمام الأولتين .(1/66)
وعن أبى حنيفة رحمه الله لو نكسها، ( أى فعلها على غير ترتيبها ) أعاد فإن لم يفعل أجزأه، لما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم ( من قدم نسكا بين يدى نسك فلا حرج ) .
ولأنها مناسك متكررة فى أمكنة متفرقة فى وقت واحد ليس بعضها تابعا لبعض، فلم يشترط الترتيب فيها كالرمى4 والذبح ( المغنى لابن قدامة ج - 3 ص 477 مع الشرح الكبير، الدر المختار وحاشية رد المحتار لابن عابدين فى كتاب الحج ج - 2 ص 284 و 385 و 389 ) لما كان ذلك فإذا كان وقت الرمى باقيا فالأولى إعادته مع الترتيب .
اتباعا لفقه الأئمة الثلاثة وباعتباره عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كان الوقت قد فات أو ضاق لمواعيد الارتحال الجماعية أجزأه ما فعل اتباعا لقول فقه الإمام أبى حنيفة الذى يرى الترتيب سنة لا يترتب على مخالفتها شىء إعمالا للحديث السابق .
عن السؤال الثالث - تكاد كلمة الفقهاء تكون قد توافقت على أن من الاستطاعة فى الحج بالنسبة للمرأة أن تكون مع زوجها أو محرم لها غير أن بعضهم كالشافعية أجازوا خروجها للحج مع نسوة يوثق بهن ( اثنان فأكثر ) وأضاف فقه المالكية أو رفقه مأمونة .
واتفقوا جميعا على أنه إذا فقدت هذه الشروط كلها فلا يجب الحج على المرأة لعدم الاستطاعة .
وفى فقه الإمام الشافعى أيضا يجوز للمرأة أن تؤدى فريضة الحج مع امرأة واحدة .
وأجازوا للمرأة أن تخرج وحدها لأداء هذه الفريضة عند الأمن .(1/67)
وهذا ما نميل للإخذ به فى حق المرأة المسئول عنها ويكون حجها بحالتها هذه صحيحا شرعا ولا إثم عليها ، لاسيما مع ما جاء بالسؤال من أن هذه هى الفرصة الوحيدة التى سنحت لها منذ سنوات بعد أن فشلت فى الخروج للحج بالقرعة - وهذا يتمشى مع قول الله سبحانه فى التيسير { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } البقرة 185 ، عن السؤال الرابع - شرع الحج على المستطيع { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } آل عمران 97 ، وجاءت السنة الشريفة مبينة ومؤكدة على هذه الاستطاعة، فأوضحت أن للحاج أن يفرد الإحرام بالحج فقط أو يقرن فى الإحرام الحج والعمرة معا، أو يحرم بالعمرة ثم يحل من إحرامه ثم يحرم بالحج وهو التمتع، وعلى هذين الأخيرين تجب الفدية .
ولكل مسلم ومسلمة اختيار ما فى وسعه وقدرته .
فمن قدر عليه رزقه كان له أن يحرم بالحج فقط حتى لا يثقل بنفقات الفدية فإذا اتسع وقته للإحرام بالعمرة أداها بعد أن يتم جميع مناسك الحج، وعندئذ لا هدى عليه وجوبا، ذلك هدى الله وقوله فى القرآن { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
---
التصرف فى الأضحية
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
التاريخ 11/10/1948 م
المبادئ
يجوز أن يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر منها
السؤال
عن كيفية التصرف فى الأضحية شرعا
الجواب
رفع الينا سؤال عن كيفية التصرف فى الأضحية والجواب أنه يجوز عند الأئمة الأربعة أن يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر منها .
وأفضل عند الحنفية أن يتخذ الثلث ضيافة لأقرابائه وأصدقائه ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث، ويندب لمن كان له عيال يحتاجون إلى التوسعة ألا يتصدق منها إلى غيرهم لأن أنفاقه عليهم صدقة .
والأفضل عند الحنابلة أن يجعل أضحيته أثلاثا كما تقدم وعن الشافعية أن يتصدق بها كلها ودون ذلك عنهم فى الفضل أن يأكل ثلثها ويتصدق بثلثها ويهدى ثلثها .(1/68)
والأفضل عند المالكية أن يجمع بين الأكل منها والتصدق والاهداء بدون تحديد بالثلث ولا غيره وأوجب الشافعية وابن حزم التصدق ببعض الأضحية ولو قليلا والله أعلم .
ے
---
مكان وزمان ذبح الهدى فى الحج
المفتي
حسن مأمون .
19 ذو القعدة سنة 1376 هجرية - 17 يونيه سنة 1957 م
المبادئ
1 - يجوز ذبح دم التطوع قبل أيام النحر وذبحه فيها أفضل أما دم المتعة والقرأن فلا يجوز ذبحهما إلا فى أيام النحر .
2 - لا يجوز ذبح جميع الهدايا إلا فى الحرم وفى أى موضع شاء منه ولا يختص بمنى .
3 - يجوز للمهدى أن يأكل عند الحنفية من هدى المتعة والقرأن والتطوع .
ولا يجوز الأكل عند الشافعية إلا من دم التطوع كما يجوز للمهدى أن يتصدق بالهدى على فقير الحرم وغيره من الفقراء .
4 - يقوم مقام المتصدق - نائبه بالحرم - نيابة عند كالمطوف ويكون ذلك مجزيا ومسقطا للطلب
السؤال
من السيد / ف أ ك طلب بيان حكم ما يأتى أولا - مكان وزمان ذبح الهدى فى الحج سواء كان هدى قران أو تمتع أو تطوع وما ترتب على ذلك من المخالفة .
ثانيا - الهدى بجميع أنواعه يأخذه المطوفون يأكلون منه ما يأكلون ويتصدقون بما يتصدقون فهل فى هذه الحالة يصيب المرمى فيسقط الطلب أولا .
ثالثا - حكم النزول فى منى وزمانه ومقدار هذا الزمن وما يترتب على مخالفة ذلك
الجواب
أولا - الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم من النعم ليتقرب به أبلا أو بقرا .
أو غنما وأقله شاه وهى جائزة فى كل شىء الا فى موضوعين من طاف طواف الزيارة جنبا ومن جامع بعد الوقوف بعرفه فانه لا يجوز فيها إلا الابل والهدى أنواع منها هدى التطوع وهى المتعة وهدى القرأن - وهدى التطوع يجوز ذبحه قبل يوم النحر وذبحه يوم النحر أفضل لأن القربى فى التطوعات باعتبار أنها هدايا وذلك بتحقيق تبليغها إلى الحرم فاذا وجد ذلك جاز ذبحها فى غير يوم النحر وفى ايام النحر أفضل لأن معنى القربة فى اراقة الدم فيها أظهر .(1/69)
أما دم المتعة والقرأن فيختص ذبحه بأيام النحر لقوله تعالى { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .
ثم ليقضوا تفثهم } وقضاء التفث يختص بيوم النحر ولأنه دم نسك فيختص بيوم النحر كالأضحية - ولا يجوز ذبح جميع الهدايا إلا فى الحرم لقوله تعالى فى جزاء الصيد { هديا بالغ الكعبة } فصار أصلا فى كل دم هو كفارة ولقوله تعالى فى دم الاحصار { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله } وقوله تعالى فى الهدايا مطلقا { ثم محلها إلى البيت العتيق } ولأن الهدى اسم لما يهدى إلى مكان فالاضافة ثابتة فى مفهومه وهو الحرم بالاجماع - ويجوز الذبح فى أى موضع شاء من الحرم ولا يختص بمنى ومن الناس من قال لا يجوز الا بمنى والصحيح ما قلنا قال عليه السلام ( كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر ) رواه أبو داود وابن ماجه من حديث جابر ثم قال صاحب الفتح فتحصل ان الدماء قسمان ما يختص بالزمان والمكان وما يختص بالمكان فقط .
ويتضح مما سبق من النصوص أنه يجوز ذبح دم التطوع قبل أيام النحر وذبحه فيها أفضل - أما دم المتعة والقرأن فلا يجوز ذبحهما إلا فى أيام النحر ويتعين ذبح الثلاثة فى الحرم ومنه منى .
ثانيا - ويجوز للمهدى أن يأكل استحبابا عند الحنفية من دم المتعة والقرأن والتطوع - ولا يجوز له ذلك عند الشافعية إلا من دم التطوع ولا يجوز له الأكل من غيرها لأنها عندهم دماء كفارات ولو أكل منها ضمن خلافا لمالك - ويجوز له أن يتصدق بالهدى على فقير الحرم وغيره من الفقراء المستحقين لأن الصدقة قربة منقولة والصدقة على كل فقير قربة خلافا للشافعى - ويقوم مقام تصدق المهدى بنفسه تصدق وكيله أو نائبه بالحرم الهدى على الفقراء نيابة عنه كالمطوفين مثلا وغيرهم ويكون ذلك مجزيا ومسقطا للطلب عن المهدى .(1/70)
ثالثا - وفى يوم التروية وهم اليوم الثامن من ذى الحجة يخرج الحاج من مكة بعد صلاة فجر هذا اليوم إلى منى حيث يقيم بها حتى يصلى فجر يوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذى الحجة ويمكث بها إلى طلوع الشمس ثم يتوجه الى عرفات فيقف بها ثم يعود إلى منى ثانية يوم النحر قبل طلوع الشمس فيبدأ برمى جمرة العقبة من بطن الوادى بسبع حصيات كحصى الخزف يكبر مع كل حصاة وتقطع التلبية بأولها ويقف عندها ثم يذبح أن أحب دم التطوع ثم يحلق وهو أفضل أو يقصر وقد حل له كل شىء من محظورات الاحراف غير النساء على خلاف فى ذلك بين المذاهب - ثم يذهب من يومه وهو يوم النحر أن استطاع أو الغد أو بعده إلى مكة فيطوف للزيارة سبعة أشواط وهو ركن فى الحج والنزول بمنى على الوجه السابق من سنن الحج وتاركه يكون مسيئا .
والله أعلم
---
الحج فى الملابس العادية لعذر
المفتي
أحمد هريدى .
2 ذو القعدة لسنة 1389 هجرية - 10 يناير 1970 م
المبادئ
1 - التجرد من المخيط من واجبات الاحرام ويصح الاحرام بدونه سواء كان ذلك بعذر أو بغيره .
2 - أذا لم يتجرد المحرم من المخيط وكان ذلك بعذر خير بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام .
3 - أذا لم يتجرد المحرم من الخيط وكان ذلك بغير عذر لا يخير فى الكفارة وعليه ذبح شاة .
4 - الصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم والتصدق على المساكين يجزيه فى أى موضع شاء أما الذبح فيختص بالحرم
السؤال
من السيد / م أ أ بطلبه المتضمن أنه عزم بمشيئة الله تعالى على تأدية فريضة الحج هذا العام إلا أنه مريض ولا يستطيع ارتداء زى الاحرام ويمكنه تأدية الفريضة فى حالة ارتدائه الملابس العادية .
وطلب السائل الافادة عن الحكم الشرعى
الجواب(1/71)
المنصوص عليه فى الفقه الحنفى أنه يصح الاحرام مع لبس المخيط - وان كان ذلك بعذر أو بغيره لأن التجرد عن المخيط من واجبات الاحرام لا من شروط صحته فاذا تركه المحرم وأحرم بلباس مخيط كان أحرم وهو مرتد ملابسه العادية .
فاما أن يكون فعله هذا بعذر أو بغير عذر .
فان كان بعذر بأن كانت عنده ضرورة دعته إلى لبس المخيط كمرض ونحوه مثلا وجب عليه كفارة يتخير فيها بين أن يذبح شاة أو يتصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام أو يصوم ثلاثة أيام سواء لبس ثوبا واحدا أو كان لباسه كله مخيطا ولو دام على ذلك أياما أو كان يلبس المخيط ليلا للبرد مثلا وينزعه نهارا .
فان زال عذره ولبس المخيط مع هذا فانه يكون عليه كفارة لا يتخير فيها بل يذبح شاة يتصدق بلحمها ولا يأكل هو منها كذلك اذا لبس المخيط ابتداء من غير عذر هذا والصوم فى الكفارة التى يتخير فيها المحرم يجزيه فى أى موضع شاء لأنه عادة فى كل مكان وكذلك التصدق على المساكين .
أما النسك وهو ذبح الشاة فيختص بالحرم .
والسائل يقول أنه مريض ويضره لبس الاحرام فيسوع له والحالة هذه أن يلبس المخيط وعليه كفارة يتخير فيها على الوجه المشار اليه فان زال عذره واستمر على لبس المخيط أو عاد ولبسه بعد زوال العذر فانه تجب عليه كفارة لايتخير فيها بل يذبح شاة ويتصدق بلحمها من غير أن يأكل منها .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم
---
مجاوزة الميقات دون احرام ورمى الجمرات
المفتي
محمد خاطر .
14 محرم سنة 1393 هجرية - 17 فبراير سنة 1973 م
المبادئ
1 - من جاوز الميقات دون احرام وهو يريد الحج أو العمرة لزمه دم .
2 - من ترك رمى الجمار كلها أو يوما واحدا منها أو ترك رمى جمرة العقبة يوم النحر عليه ذبح شاة فى الحرم وان ترك أقل من ذلك تصدق لكل حصاة بنصف صاع من بر فى أى مكان
السؤال(1/72)
من السيد / أ ى ع بطلبه المتضمن ان السائل قد أدى فريضة الحج هو وزوجته فى العام الماضى إلا أنه قد وقعت منهما الأخطاء الآتية .
1 - كان السائل وزوجته عازمين على الذهاب إلى المدينة والاحرام منها حيث أنها الميقات الشرعى لهما - ولكنهما عندما وصلا إلى جدة منعا من الذهاب إلى المدينة لأن ميعاد الحج قد حان .
2 - عندما قام السائل وزوجته برمى جمرة العقبة الكبرى رمياها من الخلف لأنهما رأيا الحجاج يرمونها من الخلف - ولما ذهبا إلى مكة للطواف والسعى وجدا الحجاج يرمون جمرة العقبة من الامام لا من الخلف كما رميا سابقا .
3 - وعندما ذهب السائل وزوجته ثانى يوم لرمى جمار العقبة الثانية كان هناك زحام شديد أدى إلى وقوع بعض الحصى من يده ويد زوجته فرميا بعض الحصى وسقط بعضه من أيديهما ولم يستطيعا اتمام الرجم - نتيجة لذلك .
طلب السائل بيان الحكم الشرعى فيما وقع منه ومن زوجته من أخطاء وما هو الواجب عليهما شرعا حتى يجبرا ما حدث منهما من نقص فى أفعال حجهما
الجواب
1 - عن السؤال الأول - المقرر فى فقه الحنفية ان من جاوز الميقات وهو يريد الحج والعمرة غير محرم فلا يخلو أما أن يكون قد أحرم داخل الميقات أو عاد إلى الميقات ثم أحرم .
فان أحرم داخل الميقات ينظر ان خاف فوت الحج متى عاد فانه لا يعود يمضى فى احرامه ولزمه دم .
وان كان لايخاف فوت الحج فانه يعود الى الميقات واذا عاد إلى الميقات فلا يخلو أما ان يكون حلالا أو محرما فان عاد حلالا ثم أحرم سقط عنه الدم وان عاد إلى الميقات محرما قال أبو حنيفة رحمه الله ان لبى سقط عند الدم وان لم يلب لا يسقط .
وعند الصاحبين محمد وأبى يوسف يسقط فى الوجهين - وفى الحادثة موضوع الاستفتاء الظاهر ان المستفتى وزوجته احرما داخل الميقات ولكنهما خافا فوت الحج متى عادا إلى الميقات ليحرما منه .(1/73)
فيكون الواجب عليهما فى هذه الحالة ألا يعودا ويمضيا فى احرامهما ويلزم كلا منهما دم لعدم احرامهما من الميقات أى أنه يجب على كل منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحما .
2 - عن السؤال الثانى - لا مخالفة شرعا فى رمى الجمار من الخلف بل الرمى جائز شرعا عن أية صورة .
فقد جاء فى كتاب مجمع الأنهر فى فقه الحنفية فى الجزء الأول بالصحيفة 280 ما نصه ( ولكن المختار عند مشايخ بخارى انه يرمى كيف يشاء ) .
3 - عن السؤال الثالث - المقرر فى فقه الحنفية ان من ترك رمى الجمار كلها أو يوما واحدا أو جمرة العقبة يوم النحر فعليه شاة - ومعناه أنه تركها حتى غربت الشمس من آخر أيام التشريق لأنه ترك واجبا من جنس واحد وان لم تغرب الشمس يرمها على الترتيب لكنه يجب الدم لتأخيرها عند أبى حنيفة خلافا لصاحبيه محمد وأبى يوسف .
وترك رمى يوم واحد عبادة مقصودة وكذلك جمرة العقبة يوم النحر فتجب شاة .
وان ترك أقلها تصدق لكل حصاة بنصف صاع من بر ( قمح ) والصاع قدحان وثلث قدح بالكيل المصرى - إلا أن يبلغ قيمة المتصدق عنه قيمة شاة ففى هذه الحالة ينقص ما شاء من قيمة الشاة .
وفى الحادثة موضوع الاستفتاء لو كان المستفتى وزوجته قد تركا رمى يوم كامل من الجمار فانه يجب على كل منهما شاة يذبحها فى الحرم ويتصدق بلحمها .
ولو كان المتروك أقل من ذلك تصدق كل من المستفتى وزوجته عن كل حصاة تركت بنصف صاع من بر إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة فينقص كل منهما فى هذه الحالة ما شاء عن قيمة الشاة وهذا التصدق جائز فى كل مكان لأنه عبادة فى كل مكان .
وعلى هذا فيكون حج كل من المستفتى وزوجته صحيحا شرعا ويجب على كل منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الأولى وهى تجاوزهما الميقات غير محرمين .(1/74)
ولاشىء عليهما فى رمى جمرة العقبة الكبيرة من الخلف ويجب على لك منهما ذبح شاة فى الحرم والتصدق بلحمها عن المخالفة الثالثة ان كان المتروك رمى جمار كل يوم - أو التصدق بنصف صاع من بر فى أى مكان عن كل حصاة تركها كل منهما إلا أن يبلغ قيمة المتروك المتصدق عنه قيمة شاة ففى هذه الحالة ينقص كل منهما ما شاء من قيمة الشاة كما قررنا سابقا .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم
---
طواف الافاضة والمبيت بمنى
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
19 ذو القعدة سنة 1402 هجرية - 7 سبتمبر سنة 1982 م
المبادئ
1 - طواف الافاضة ركن من أركان الحج وهو سبعة أشواط غير أن الأحناف يرون أن الركن أربعة أشواط فقط والثلاثة الباقية واجبة .
2 - يدخل وقت طواف الافاضة بطلوع فجر يوم النحر عند الحنفية والمالكية - ويدخل وقته بنصف ليلة النحر عند الشافعية والحنابلة .
3 - لا آخر لوقت طواف الافاضة وفعله يوم النحر أفضل .
4 - الموالاة بين أشواط الطواف شرط عند الامامين مالك وأحمد .
فان فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون يسيرا ولو لغير عذر أو كثيرا لعذر .
5 - يرى الحنفية والشافعية أن الموالاة بين أشواط الطواف سنة فلو فرق تفريقا كثيرا بغير عذر لا يبطل طوافه ويبنى على ما مضى منه .
6 - المبيت بمنى لرمى الجمرات سنة عند الأئمة ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ويجوز أن يبقى بمكة إلى منتصف الليل ثم يتم الليل بمنى كما يجوز أن يستمر بمنى إلى مثل ذلك ويتم الليل بمكة - ثم يعود لرمى الجمرات فى وقتها
السؤال
من السيد / أ م م بطلبه المتضمن أنه أثناء تأديته لفريضة الحج وأداء مناسكه طاف طواف الافاضة ظهر يوم النحر ثلاثة أشواط وبعدها شعر بالتعب والاعياء فلم يتمكن من اتمام الأشواط السبعة ثم عاد ليلا فى نفس اليوم وأتم الأشواط الباقية ويسأل عن حكم ذلك شرعا .(1/75)
ومتضمن كذلك أنه لم يبت بمنى بعد رجوعه من عرفة فما حكم ذلك شرعا ويسأل أيضا عن حكم فوائد البنوك وهل يجوز أخذها واعطاؤها للفقراء والمساكين
الجواب
من أركان الحج طواف الزيارة المسمى بطواف الافاضة وهو مجمع على ركنيته قال تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } وهو سبعة أشواط غير أن الأحناف يرون أن الركن أربعة أشواط والثلاثة الباقية واجب ويدخل وقت هذا الركن بطلوع فجر يوم النحر عند الحنفيين ومالك .
وقال الشافعى وأحمد يدخل وقته بنصف ليلة النحر ولا آخر لوقته وفعله يوم النحر أفضل لحديث ابن عمر رضى الله عنهما ان النبى صلى الله عليه وسلم ( أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى ) أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والبهيقى - فيسن للحاج النزول من منى إلى مكة يوم النحر لطواف الركن وشروط هذا الطواف الطهارة من الحدث والنجس وستر العورة، والنية والطواف لجميع البيت سبعة أشواط وداخل المسجد ووراء حجر اسماعيل ومحاذات الحجر الأسود بجميع بدنه والترتيب وهو أن يطوف على يمينه والموالاة وبالنظر إلى الشرط الأخير وهو المولاة بين الأشواف السبعة قال بذلك مالك وأحمد فان فرق بين أجزائه استأنف إلا أن يكون التفريق يسيرا ولو لغير عذر أوكثيرا لعذر وقال الحنفيون الموالاة بين أجزاء الطواف سنة وهو الصحيح عند الشافعى وعلى ذلك فلو فرق تفريقا كثيرا بغير عذر لا يبطل طوافه بل يبنى على ما مضى منه .
على ذلك فان ما فعله السائل من تفريق بين أجزاء الطواف لتعبه وشدة الحرارة ثم استئنافه الطواف وتكملته صحيح ولا شىء فيه .(1/76)
أماب النسبة للمبيت بمنى لرمى الجمرات فهو سنة عند الأئمة فللحاج أن يبيت بها بعد الطواف والسعى أو بعد الطواف ان لم يكن عليه سعى يبيت بها ليلة الحادى عشر والثانى عشر من ذى الحجة ويجوز أن يبقى بمكة الى منتصف الليل ثم يتم الليل بمنى كما يجوز أن يستمر بمنى الى مثل ذلك وينم الليل بمكة أعنى يجوز للحاج أن يجمع بين منى ومكة فى كل ليلة يطلب فيها المبيت بمنى وله ألا يبيت بمنى وأن كره ذلك لكن يلزمه ان لم يبت بها أن يجىء اليها لرمى الجمرات فى وقته من أيام التشريق لأن المبيت بها لذلك وعلى ذلك فليس على الحاج السائل شىء فى عدمه مبيته بمنى .
أما بالنسبة للسؤال الثالث - وهو فوائد البنوك فقط اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الفائدة المحددة التى تعطيها البنوك على الايداع أو الاقتراض من قبيل ربا الزيادة المحرمة شرعا فلا يباح للسائل أن ينتفع بها وله أن أخذها أن يوزعها على الفقراء والمساكين تخلصا منها ولكن لا يثاب عليها لأنه مال حرام والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيبا والا تركها للبنك ليتولى صرفها حسبما يرى والله سبحانه وتعالى أعلم
---
لبس المخيط فى الحج لعذر
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
26 ذو القعدة سنة 1402 هجرية - 14 سبتمبر سنة 1982 م
المبادئ
1 - لبس المخيط أو المحيط من الأمور المحظورة على المحرم بالحج أو العمرة .
2 - لبس المخيط أو المحيط لغير عذر وجب ذبح شاة ولبسها لعذر يوجب على المحرم اما ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين .
3 - ذبح الفدية لا يختص بزمان أو مكان فله أن يذبحه فى أى مكان أو زمان إلا اذا نوى به الهدى فانه يذبح بمنى أو مكة
السؤال
من السيد الأستاذ / ع ق م المحامى بطلبه المتضمن أنه قد عزم على أداء فريضة الحج ولكنه لا يمكنه خلع ملابسه المخيطة لئلا يصاب باحتقان فى الأنف والزور والحلق المصحوب بالرشح والزكام الذى ينتهى باحتقان فى الشعب الهوائية .(1/77)
ويسأل هل يجوز له أداء الفريضة مرتيدا ملابسه العادية وان جاز ذلك فهل تلزمه فدية أم لا
الجواب
قال تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } وقال تعالى { إن مع العسر يسرا } فحمدا لله الذى جعل بيته العتيق مثابة للناس وأمنا وجعل حجه ركنا من أركان الإسلام لمن استطاع اليه سبيلا وجعل للحج مناسك يجب على المحرم الالتزام بها وجعل له محظورات يجب الابتعاد عنها ورتب جزاء على من خالفها والمحظورات فى الحج أنواع فمنها ما يفسده ومنها ما يترتب عليه هدى أو فدية قال الفقهاء الأمور المحظورة على المحرم منها ما يوجب الفدية على التخيير ومنها ما يوجبها على الترتيب فالذى يوجبها على التخيير أمور ذكروها منها لبس المخيط أو المحيط وهى الثياب المفصلة على البدن والتى تحيط به وتستمسك بنفسها كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز والجلباب ونحو ذلك فيحرم على المحرم لبس ذلك مدة الاحرام فان لبس المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتب وان لبسه لعذر كان تيقن أو غلب على ظنه باختبار طبيب مسلم أمين باصابته بضرر أو مرض اذا خلع ملابسه العادية لزمته الفدية على التخيير .
والفدية على التخيير هى اما أن يذبح شاة سنها ستة أشهر ان كانت من الضأن وسنة ان كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا النسك بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأى زمان ومكان شاء إلا اذا نوى به الهدى فانه يذبح بمنى أو مكة .
واما أن يصوم ثلاثة أيام . واما أن يطعم ستة مساكين لكل واحد منهم مد من بر ونصف صاع ( مدان ) من تمر أو زبيب أو شعير أو أقسط وأن لبس المحرم المخيط لغير عذر لزمته الفدية على الترتيب فيلزمه ذبح شاة تجزىء فى الأضحية .
وعلى ذلك ففى واقعة السؤال مادام السائل قد عزم على الحج وسوف يظل مرتديا ملابسه العادية المخيطة لمرضه فان ذلك يعد ضرورة تبيح له هذا المحظور وعلى ذلك تلزمه الفدية على التخيير المذكور .(1/78)
والله تعالى نسأل أن يهدينا سواء السبيل وان يتقبل من حجاج بيته الحرام وأن يجعل أداء هذا الركن العظيم خالصا لوجهه الكريم والله سبحانه وتعالى أعلم
---
حج ووصية اختيارية
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
29 محرم سنة 1402 هجرية - 15 نوفمبر سنة 1982 م
المبادئ
1 - الحج فرض على الفور متى توافرت شروط وجوبه .
2 - كل من توافرت فيه شروط وجوب الحج ثم آخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثما بالتأخير عند فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة .
3 - فقهاء الشافعية يقولون هو فرض على التراخى ان أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر لا يكون عاصيا بالتأخير بشرط أن لا يخاف فواته وأن يكون التأخير مقرونا بالعزم على الفعل فيما بعد .
4 - يجوز الوصية بالثلث الوارث وغيره وتنفذ من غير اجازة الورثة فان زادت الوصية عن الثلث فلا تنفذ فى الزيادة الا باجازة الورثة
السؤال
من السيد / م أ م بطلبه المتضمن أنه متزوج من حوالى عشرين سنة من سيدة من أقربائه كانت زوجة لرجل سابق توفى عنها وترك ثلاثة أولاد قصر هم ( ذكران وأنثى ) وفور زواجه بها ضم الأولاد الثلاثة اليه فى عيشة واحدة .
وأخذ يرعاهم ويصرف عليهم حتى كبرو وحصل كل منهم على شهادة البكالوريوس .
وقام بتزويج البنت وكذلك الولدين واستقل كل منهم فى معيشة خاصة .
وقال أنه لم ينجب أطفالا على الاطلاق . وأنه يبلغ من العمر الآن حوالى سبعة وستون سنة ويمتلك بعض الأطيان الزراعية وله رغبتان هما .
أولا - يريد أن يقوم هو وزوجته بآداء فريضة الحج أو العمرة أو الأثنين معا برغم ما سوف يعانيه من ارهاق نظرا لبتر ساقه اليسرى حيث استعاض عنها بساق صناعية .
ويقول هل يعتبر أداء فريضة الحج وهو قادر عليها ماليا فريضة واجبة عليه وعلى زوجته وما حكم أداء العمرة بالنسبة له .
ثانيا - يريد أن يوصى بثلث ما يملك من الأطيان الزراعية إلى أولاد زوجته المذكورين والى احدى جهات البر بنسب معينة .(1/79)
ويقول ما حكم الشرع فى الايصاء لهم وحدهم . وهل يكون الايصاء لهم قربة إلى الله أم يلزم ان يكون الايصاء مقصورا على جهة من جهات البر حتى تكون قربى إلى الله
الجواب
عن السؤال الأول - الحج فرض على الفور متى توافرت شروط وجوبه ومنها القدرة على نفقات الحج والاتيان بأركانه .
فكل من توافرت فيه شروطه وجوبه ثم أخره عن أول عام استطاع فيه يكون آثما بالتأخير عند فقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة .
وقال فقهاء الشافعية هو فرض على التراخى أن أخره عن أول عام قدر فيه إلى عام آخر لا يكون عاصيا بالتأخير .
ولكن بشرطين الأول أن لا يخاف فواته اما لكبر سنه وعجزه عن الوصول واما لضياع ماله فان خاف فواته لشىء من هذا وجب عليه أن يفعله فورا وكان عاصيا بالتأخير .
الثانى أن يكون التأخير مقرونا بالعزم على الفعل فيما بعد فلو لم يعزم كان آثما .
وعلى ذلك فاذا كان السائل يستيطع أداء الحج وهو على هذه الحالة وجب عليه أداؤه فورا بدون تأخير فلو أخره كان آثما حيث أنه قادر ماليا .
فاذا كان لا يستطيع ذلك بسبب هذه العاهة وجب عله أن ينيب غيره فى أداء هذه الفريضة وأن يتحمل مصاريف الحج من ماله الخاص .
وأن ينوى النائب الحج عنه والأفضل أن يكون النائب قد أدى فريضة الحج عن نفسه وهذا اذا كان عجز هذا السائل عجزا كاملا لا يستطيع معه أداء أركان الحج بنفسه .
أما أداء العمرة فهو سنة وليست واجبة على السائل بل يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها .
أما زوجته فاذا كانت قادرة ماليا على الحج وجب عليها أن تحج من مالها الخاص ويجوز أن يتبرع هو بأداء هذه النفقات ويسقط بذلك عنها الفرض .
وعن السؤال الثانى - نصت المادة 37 من قانون الوصية رقم 71 سنة 46 على جواز الوصية بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير أجازة الورثة .
وعلى ذلك يجوز للسائل أن يوصى لأولاد زوجته بثلث التركة أويوصى لهم ولجهات البر بما يوزاى ثلث التركة وذلك حسب رغبته .(1/80)
وينفذ ذلك دون توقف على اجازة الورثة مادام فى حدود ثلث التركة .
أما اذا زادت الوصية عن الثلث فتنفذ فى الثلث ويتوقف الباقى على اجازة الورثة فان أجازوها نفذت بشرط أن يكونوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بسؤال السائل . والله سبحانه وتعالى أعلم
---
مخالفة التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
19 ربيع الآخر سنة 1403 هجرية - 2 فبراير سنة 1983 م
المبادئ
1 - رمى الجمار من الواجبات التى تجبر بدم باتفاق .
2 - مخالفة التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار توجب دما غير مقيد بزمن أو مكان والحج صحيح
السؤال
من السيد / م ع م بطلبه المتضمن أنه يعمل مدرسا بالسعودية وذهب وزوجته لأداء مناسك الحج هذا العام - وبعد أداء مناسك الحج عاد إلى محل اقامته ثانى أيام العيد الأضحى وبعد أن قام برمى الجمار عنه وعن زوجته فرمى عن نفسه 49 مرة ومثلها لزوجته سبعا يوم العيد ، 42 ثانى أيام العيد ويسأل عن حكم الشرع فى رميه وفى عودته ثانى أيام العيد وهل حجه صحيح وماذا يلزمه
الجواب
قال الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } وقال { وأتموا الحج والعمرة لله } وقال { الحج أشهر معلومات } ومناسك الحج منها الأركان التى لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن ورمى الجمار من الواجبات التى تجبر بدم باتفاق والجمار التى ترمى ثلاث بمنى الصغرى التى لتى مسجد الخيف والوسطى بينها وبين جمرة العقبة والكبرى وهى العقبة وأيام الرمى أربعة يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده أما يوم النحر فترمى فيه جمرة العقبة بسبع حصيات كل حصاة فى حجم حبة الفول .(1/81)
وأما أيام التشريق الثلاثة وهى الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر من ذوى الحجة ترمى فيها الجمرات الثلاث الأولى والوسطى والعقبة - ولابد من الترتيب بين الجمرات فى الرمى فيبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى فيرمى كل واحدة سبع مرات فى الحادى عشر من ذى الحجة ثانى أيام العيد - ومثلها فى الثانى عشر والثالث عشر ثالث ورابع أيام العيد فيكون مجموع الرمى سبعين منها سبع ترمى بها جمرة العقبة يوم العيد واحدى وعشرون ترمى بها الجمار الثلاث ثانى ايام العيد واحدى وعشرون ترمى بها ثالث أيام العيد واحدى وعشرون ترمى بها رابع أيام العيد، هذا لمن يتم ولم يتعجل أما من تعجل وأراد الخروج من منى إلى مكة فى اليوم الثانى من ايام التشريق وهو ثالث أيام العيد فانه يرمى جمرة العقبة سبعا يوم النحر، واحدى وعشرين لليوم الثانى واحدى وعشرين لليوم الثالث فمجموعها لمن تعجل تسع وأربعون حصاة .
قال تعالى { واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } البقرة 203 ، ومن هذا تبين أن السائل قد خالف التوقيت الشرعى المحدد لرمى الجمار حيث عمل برمى ثالث أيام العيد فرمى جمراته مع جمرات اليوم الثانى فلا هو أتم وتأخر لرابع أيام العيد ولا هو تعجل وبقى لثالث أيام العيد ويكون بذلك قد ترك رمى اليوم الثالث فيلزمه على ذلك دمان عنه وعن زوجته فعليه أن يذبح شاتين سن كل منهما ستة أشهر على الأقل ان كانت من الضأن وسنة ان كانت من المعز ولا يختص ذبح هذا الهدى بزمان وحج السائل صحيح ويلزمه الدمان المذكوران .
فنسأل الله تعالى القبول والاخلاص .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
ترك طواف الوداع فى الحج
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
26 ربيع الآخر سنة 1403 هجرية - 9 فبراير سنة 1983 م
المبادئ
1 - طواف الوداع واجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة لغير الحائض والمكى .(1/82)
2 - من تركه ولم يتمكن من أدائه لزمه دم غير مقيد بزمن أو مكان
السؤال
من السيد / م ج د الاذاعى بالمملكة العربية السعودية بطلبه المتضمن سؤاله عن صديق له بالسعودية قد أدى مناسك الحج ولكنه نسى طواف الوداع ولما تذكره لم يتيسر له الطواف لشدة الزحام ولوجود زوجته وأولاده بعيدا عن بيت الله الحرام فلم يستطع تركهم والعودة لتأدية طواف الوداع .
فما الحكم الشرعى
الجواب
قال الله سبحانه وتعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( خذوا عنى مناسككم ) ومناسك الحج منها الأركان التى لا يصح الحج بدونها ومنها الواجبات والسنن وطواف الوداع بفتح الواو ويسمى طواف الصدر بفتحتين وطواف آخر عهد بالبيت وهو الطواف عند ارادة السفر من مكة وهو واجب عند الحنفية والشافعية والحنابلة لغير الحائض والمكى أى من هو مقيم بمكة فلا يجب على من كان داخلها ولا على الحائض ودليل ذلك حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال أمر الناس أن يكون أخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض .
أخرجه الشيخان . ومن نسيه ولم يتمكن من أدائه لزمه دم سنها ستة أشهر على الأقل أن كان من الضأن وسنة ان كان من المعز ولا يختص ذبحه بزمان أو مكان فله أن يذبحه بأى زمان أو مكان شاء .
بشرط ألا يكون المسئول عنه مقيما بمكة فان كان مقيما بها فلا يجب عليه طواف الوداع وبالتالى فلا يجب عليه بتركة فداء .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
التوكيل فى شراء الهدى وذبحه
المفتي
محمد مجاهد .
11 ذوالقعدة سنة 1406 هجرية - 17 يوليو سنة 1986 م
المبادئ
1 - أقل ما يجزىء فى الهدى عن الواحد شاه .
وتجزىء الناقة أو البقرة عن سبعة لكل واحد منهم سبعها اذا كان الجميع يريدون الفدية .
2 - نص فقهاء المذهب الحنفى على أنه يندب لصاحب الهدى أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقرأن فقط ويستحب أن يجعله أثلاثا ثلث يأكله وثلث يتصدق به وثلث يهديه .(1/83)
3 - لا يجوز بيع شىء من لحم الهدى ولا اعطاء الجزار أجره منه فان فعل ذلك تصدق بقيمته .
4 - أراقة الدم فى الأضحية والهدى نوع من أنواع القرب وشعيرة من شعائر الإسلام
السؤال
من السيد / سكرتير جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب لطلبه المتضمن أن حكومة المملكة العربية السعودية استحدثت نظاما لذبح الهدى من الغنم وسلخه وتجميده آليا .
ومؤدى هذا النظام أن يتقدم الحاج إلى أحد البنوك ويدفع له ثمن الهدى .
ويتسلم منه استمارة يتقدم بها إلى مذبح آلى ثم ينصرف .
وتعنى هذه الطريقة أن الحاج يوكل ادارة هذا المذبح فى ذبح هديه والتصرف بتجميده وارساله إلى بعض الدول الإسلامية النامية باعتبارها صدقات وهدايا الحجيج اليها .
ويحدث هذا دون أن يكون بامكان الحاج الحصول على أى شىء من هديه ليأكله .
وأن من نشاط جمعية تيسير الحج للعاملين بالمقاولين العرب تنظيم بعثة للحج سنويا قوامها حوالى ثلاثمائة حاج .
وهم منذ سفرهم إلى عودتهم يحيون حياة جماعية فى كل شىء وأن من بين تنظيماتهم فى الحج تشكيل لجنة الهدى تتلقى رغبات وتوكيلات الأعضاء فى شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية أيضا فهل يجوز لهذه اللجنة تسليم المذبح الآلى المذكور جزءا من الهدى لهذه المجموعة - يعادل نسبة الهدايا والصدقات من هديها ويخصص الباقى لأكل المجموعة .
واذا جاز هذا التصرف فهل توجد نسبة محددة من الهدى تخصص للهدايا والصدقات وأخرى للأكل
الجواب
ان الهدى اسم لما يهدى إلى الحرم ويذبح فيه .
وهو من الابل والبقر والغنم وأقل ما يجزىء عن الواحد شاة .
وتجزىء الناقة أو البقرة عن سبعة بشرط أن يكون لكل واحد منهم سبعها اذا كان كل واحد من الشركاء يريد الفدية وينقسم الهدى الى ثلاثة أقسام الأول - واجب لعمل فى الحج والعمرة كهدى التمتع والقرأن .
وكالهدى اللازم لترك واجب من الواجبات . والثانى - هدى منذور وهو واجب بالنذر .(1/84)
والثالث - هدى تطوع وهو ما تبرع به المحرم .
وقد نص فقهاء المذهب الحنفى على أنه يندب لصاحب الهدى أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقرأن - فقط - اذا بلغ الهدى محله .
لأنه دم نسك فيجوز الأكل منه بمنزلة الأضحية . وحيث جاز له الأكل منه فيستحب أن يجعله أثلاثا .
فيأكل الثلث. ويتصدق بالثلث .
ويهدى الثلث. قال تعالى { وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق .
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .
ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 27، 28 ،29 ، وقال { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون .
لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين } الحج 36 ، 37 ، وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم ساق مائة بدنة فى حجة الوداع ذبح منها ثلاثا وستين بيده .
وذبح على رضى الله عنه الباقى . ثم أمر أن يؤخذ بضعة من كل بدنة فوضعت فى قدر ثم أكلا من لحمها وحسوا من مرقها ، وروى أنس رضى الله عنه أنه كان قارنا هذا وقد نص الفقهاء أيضا على أن على المهدى أن يتصدق بجلدها وليس له بيع شىء من لحومها وان كان مما يجوز الأكل منه .
فان باع شيئا أو أعطى الجزار أجره منها فعليه أن يتصدق بقيمته لأن القربة انتقلت الى بدله .
فالاقتصار على الأكل والاطعام الوارد فى قوله تعالى { فكلوا منها وأطعموا } دلالة على أنه لا يجوز بيع شىء من الهدايا أو استبداله بالنقود .
ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه ( تصدق بجلالها وخطمها ولا تعط الجزار منها ) .(1/85)
فاذا لم يجز اعطاء الجازر أجرته منها فأولى إلا يجوز بيع شىء منها فالهدى من شعائر الله تجب المحافظة عليها .
ألا وان للشعائر فى نظر الإسلام مكانه الفروض المقدسة .
وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء فى ذبائح الحج .
ولم نر لواحد منهم خلافا فى ذلك .
نزولا على حكم الآيات الصريحة الواضحة وتحقيقا للغرض المقصود .
وهو التقرب إلى الله باراقة الدم . فآيات القرآن الكريم الواردة فى سورة البقرة والمائدة والحج التى تضمن النص على الهدى والأحاديث الصحيحة الواردة فى الأضحية والهدى تقرر أن اراقة الدم نوع من أنواع القرب إلى الله سبحانه وتعالى وأنها شعيرة من شعائر الإسلام التى اعتبرها مظهرا من مظاهره العامة .
ولله سبحانه أن يتبعد عباده بما يشاء بما يدركون من حكمته وبما لا يدركون فيجب علينا اتباع أمر الله الحكيم، سواء أفهمنا معنى حكمته فى تشريعه أو لم نفهمها فطريق التقوى انما هو فى تعظيم شعائر الله والالتزام بما شرعه من الأحكام ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب ) ومما سبق يتضح أن هذه القربة لا تقوم ولا تتحقق إلا بذبح الحيوان واراقة دمه .
كما أراد الله تعالى .
وأن الله قد امتن على عباده فأباح لهم اذا نحروا هداياهم أن يأكلوا منها وأن يتصدقوا على الفقراء السائل منهم وغير السائل .
قال تعالى { فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } أى فاذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها فكلوا منها وأطعموا المحتاج .
واذ كان ذلك، فانه لا يجوز مطلقا للجنة الهدى - المشار اليها - والتى تتلقى توكيلات أعضاء بعثة الحج فى شراء الهدى ونحره والتصرف فيه بطريقة جماعية - أن تفكر فى استقطاع جزء مهما قل من قيمة هدى البعثة وتخصيصه لأكلها .
اقامة لهذا الجزء المستقطع من ثمن الهدايا مقام الأكل منها بعد نحرها فى محلها اذ ذاك هو المراد من السؤال .
ذلك أن الفقهاء جميعا يعتبرون التعبد فى هذه المسألة باراقة الدماء .(1/86)
ولم يكن فى كلام واحد منهم ما يشير إلى جواز استبدالها بالنقود وما تريد أن تفعله اللجنة هو بعينه استبدال الهدى بالنقود وذلك كما وضح غير جائز شرعا وانما الجائز هو الأكل من الهدى بعد نحره فى محله وأننا لو أبحنا لأنفسنا هذا النحو من التفكير والتغيير فى مثل هذه الأحكام .
لأنفتح علينا باب التفكير فى التخلى عن الأعداد والكيفيات التى طلبت فى كثير من العبادات، وبذلك ينفتح باب الشر على مصراعيه ولا يقف ضرره عند حد الأضاحى وفدية الحج .
بل يتعدى إلى كل تشريع شرعه رب العالمين والله أعلم
---
العمرة أفضل أم التصدق على الفقراء
المفتي
عبد اللطيف حمزة .
17 جمادى الأول سنة 1405 هجرية - 7 فبراير سنة 1985 م
المبادئ
1 - العمرة مطلوبة فى العمر مرة ويستحب تكرارها تطوعا .
2 - قضاء مصالح وحاجات المسلمين المعدمين أولى من العمرة .
3 - اذا استطاع المسلم أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة فلا مانع شرعا
السؤال
من السيد / أ ع ج بطلبه المتضمن أنه بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما وقام بأداء فريضة الحج عام 78 وحج مرة عام 1979 م ومنذ هذا يقوم كل عام بأداء العمرة مع زوجته ويجد فى هذه الرحلة راحة نفسية ويقول أنه قام بتربية جميع أولاده وتخرجوا من جميع الكليات وينوى هذا العام أن يؤدى العمرة كسابق عهده ولكن بمناقشة مع عالم جليل امام وخطيب مسجد فى بور سعيد أفاده بأن أداءه لهذه العمرة ليس لها أى معنى وخير له أن يصرف تكاليفها على أناس فقراء وأرسل الينا بعد أن ختم سؤاله بقوله أننى بهذه الرحلة استعيد نشاطى من عناء العمل طول العام حيث أنه يعمل بالتجارة فضلا عن العبادة فى الأماكن المقدسة .
فما حكم الشرع هل يذهب لأداء العمرة فضلا وتطوعا كل عام أم ينفق تكاليفها على الفقرا
الجواب(1/87)
قال تعالى { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا } البقرة 125 ، وقال صلى الله عليه وسلم ( الحج مرة فمن زاد فتطوع ) وقال صلوات الله وسلامه عليه ( العمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة ) متفق عليه ومعنى الآية الكريمة السابقة ان الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون اليه شوقا بعد الذهاب عنه أى ان الله جعله محلا تشتاق اليه الأرواح تحن اليه لا تقضى منه وطرا ولو ترددت اليه كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء ابراهيم عليه السلام فى قوله { فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم } إلى أن قال { ربنا وتقبل دعاء } فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات .
ومعنى الحديث الأول أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة فى العمر فمن زاد فتطوع ونافلة فى التقرب إلى الله وذلك العمرة مطلوبة فى العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهى فى رمضان أفضل لمن أرادها دون حج ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثانى ( العمرة إلى العمرة إلخ ) لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا .
وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مرات .
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين فقد روى مسلم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يستر عبد عبدا فى الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة .(1/88)
وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه وعن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ) الحديث رواه مسلم وقال الله تعالى { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } الحج 77 ، مما سبق يتبين ان الحج والعمرة ليسا واجبين على السائل بعد أداء الحج والعمرة الأولين بل يكونان تطوعا ونافلة فى التقرب الى الله، وقواعد الشريعة وحكمة الله تعالى فى توجيه عباده الى فعل الخير على أساس تقديم الأهم والأصلح وذلك يقتضى بأن يقدم السائل وأمثاله مصالح وحاجات اخواته المسلمين المعدمين الذين هم فى مسيس الحاجة إلى مايؤويهم وما يستعينون به على قضاء حوائجهم الضرورية فليس لله حاجة فى الطواف ببيته من شخص يترك أخوانه البائسين فريسة للفقر والجهل والمرض لأن المسلمين جميعا يجب أن يكونوا يدا واحدة يتعاونون على البر والتقوى .
واذا تألم عضو من جماعة المسلمين يجب على أخواته المسلمين أن يتجاوبوا معه ليزيلوا آلامه أو يخففوا عنه وأننا نرى أنه من الأولى بالأخ السائل مادام قد وفقه الله وأدى حجة الإسلام مرة فأولى به أن يوجه ما يفيض عن حاجته إلى أوجه الخير والانفاق على الفقراء والمساكين فنسأل الله تعالى أن يضاعف له الأجر والثواب، فان يسر الله عليه واستطاع أن ينفق فى وجوه الخير والبر وعنده ما يستطيع به الذهاب لأداء العمرة مرة بعد مرة فلا مانع شرعا .(1/89)
وفقنا الله تعالى إلى فهم ديننا على الوجه الصحيح والهمنا الرشد والقبول والله سبحانه وتعالى أعلم
---
تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة
المفتي
محمد مجاهد .
20 ربيع الأول سنة 1406 هجرية - 3 ديسمبر سنة 1985 م
المبادئ
1 - تغطية الرأس للمحرم بالحج أو بالعمرة من محظورات الاحرام .
2 - من غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمالة أو غير ملاصق كالقرطاس لزمته الفدية .
3 - تغطية الرأس ان كان لعذر وجبت الفدية على التخيير .
ويكون ذلك بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو طعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير ويجوز اخراج القيمة
السؤال
من السيد / أ م ب بطلبه المتضمن أنه قد تم قبوله فى قرعة الحج هذا العام وأنه لا يستطيع أن يكشف رأسه أثناء الاحرام لأصابته بضربة شمس أثرت على صحته كما أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فما حكم ذلك شرعا
الجواب
ان تغطية الرأس بالنسبة للمحرم بحج أو عمرة من محظورات الاحرام أى محرمات بسبب الاحرام، فمن غطى رأسه من الرجال بغطاء ملاصق كالعمامة أو غير ملاصق كالقرطاس لزمته الفدية .
قال تعالى { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } البقرة 196 ، هذا النص الكريم وان كان خاصا بالحلق إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على الحاق تغطية الرأس وتقليم الأظافر والطيب ولبس المخيط به وأوجبوا فيها الفداء .
والفدية فى هذه المحظورات واجب، على التخير فمن ارتكب محظورا منها لزمته الفدية وكان مخيرا فيها اما بذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قمح أو صاع من تمر أو شعير أو زبيب والصاع قدحان وثلث بالكيل المصرى وذلك عند أبى حنيفة وهو ما نميل للأخذ به فى هذا ويجوز اخراج قيمة ما وجب وتوزيعها على فقراء الحرم اذا تيسر ذلك أما ان استظل بثوب أو استظل بشمسية فلا بأس بذلك .(1/90)
ولا حرمة فيه لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت بلالا وأسامة أحدهما مع النبى صلى الله عليه وسلم آخذا بخطام ناقته والآخر رافعا ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة .
رواه مسلم وأبو داود والنسائى .
وعلى ذلك فنقول للسائل أنه يمكنه اتقاء الحر الشديد الذى لا يطيقه بمظلة بنحو شمسية أو ثوب يستظل به ولا يغطيه فان كان لابد من غطاء رأسه بطاقية أو بعمامة كما ذكر لزمته الفدية وهى كما سبق على التخير أما أن يذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يتصدق باطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أما وقد ذكر السائل أن حالته المالية لا تسمح بعمل فداء فيجوز له ان يصوم ثلاثة أيام لتبرأ ذمته فان عجز عن الفدية بصيام أو صدقة أو نسك ظلت ذمته مشغولة بهذه الفدية التى أوجبها الله على التخيير تيسيرا على عباده حتى يتيسر له أداء واحدة منها فان عجز حتى مات فأمره مفوض إلى الله .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
حج من لم يؤد طواف الوداع وطواف الافاضة
المفتي
محمد مجاهد .
20 ربيع الآخر سنة 1406 هجرية - أول يناير سنة 1986 م
المبادئ
1 - طواف الافاضة ركن من أركان الحج عند فقهاء المذاهب الأربعة لا يتم الحج إلا به .
2 - اختلف الفقهاء فى حكم من أخر طواف الافاضة حتى انتهت أيام النحر والراجح أنه يجب عليه أداؤه ويلزمه بالتأخير دم وحجه صحيح .
3 - طواف الوداع واجب من واجبات الحج ويجب بتركه دم وان كان بعذر سقط ولا يلزم شىء بتركه
السؤال
من السيد / ح م د بطلبه المتضمن استفساره عن حكم الدين فيمن حج بيت الله ولم يؤد طواف الوداع والافاضة لظروف مرضية وعدم معرفته بأنه ركن من أركان الحج
الجواب
قال تعالى { إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين .(1/91)
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غنى عن العالمين } آل عمران 96 ، 97 ، وقال تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، والحج هجرة إلى الله تعالى استجابة لدعوته وموسم دورى يلتقى فيه المسلمون كل عام أصفى العلاقات وأنقاها ليشهدوا منافع لهم على أكرم بقعة شرفها الله .
ولهذه الفريضة أركان لابد من أدائها كاملة لقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } البقرة 196 ، والركن شرعا ما يتوقف عليه وجود الشىء واعتباره وهو داخل فى حقيقته .
وأركان الحج لدى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة أربعة هى الاحرام وطواف الزيارة أو الافاضة، والسعى بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة لو نقص واحد منها بطل الحج باتفاق هذه المذاهب وزاد الشافعية ركنين على الأربعة هما ( الحلق والتقصير بعد الوقوف بعرفة وترتيب معظم الأركان الخمسة .
أما فى مذهب الامام أبى حنيفة فان للحج ركنين فقط هما الوقوف بعرفة ،وأربعة أشواط من طواف الزيارة ( الافاضة ) .
وبهذا يبين أن طواف الافاضة أو الزيارة ركن من أركان الحج عند فقهاء المذاهب الأربعة باتفاق والدليل على فرضيته من الكتاب قوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } الحج 29 ، ومن السنة ما روى أن أم المؤمنين صفية حجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فحاضت فقال النبى صلى الله ( أحابستنا هى قالوا انها قد أفاضت - قال فلا أذن ) متفق عليه .
أى ليست حابسة لأنها قد طافت للافاضة - فدل الحديث على أن هذا الطواف ركن لا يصح الحج بدونه .(1/92)
وقد أجمع العلماء على فرضيته - وقال الكاسانى ( أجتمعت الأمة على أنه ركن ) ولابد من الاتيان به ماشيا للقادر على المشى ومحمولا اذا كان عاجزا عن المشى ومن شروط هذا الطواف أن يقع فى الوقت المحدد له حيث يبدأ من فجر يوم النحر عند الأحناف والمالكية ومن بعد منتصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبله عند الشافعية والحنابلة .
أما آخر وقته فقد وقع فيه خلاف بيه الفقهاء فقال بعضهم يجب أداؤه أيام النحر فلو أخره عنها صح ولزمه دم لتأخيه - وقال بعضهم لا يجب عليه شىء اذا أخره الى آخره ذى الحجة أما لو خرج ذو الحجة صح الطواف ولزمه دم - وقال البعض الآخر لا يلزمه بالتأخير شىء مهما كان التأخير لكن لا يقرب النساء حتى يأتى به والجميع يجيز التأخير والخلاف فى وجوب الدم وعدمه .
والراجح هو رأى من رأى وجوب أداء طواف الافاضة أيام النحر لأن أعمال الحج تنتهى بانتهاء أيام النحر لقوله تعالى { الحج أشهر معلومات } فتأخيره عنها اساءة يلزم بسببها دم إلا اذا كان التأخير لمرض شديد تعذر معه أداء هذا الركن فاننا نرى تيسيرا على المريض عم الزامه بدم جزاء التأخير وقوله تعالى { الحج أشهر معلومات } دليل على التأقيت وطواف الافاضة هذا لا يتم الحج إلا به فلابد أن ينتهى بانتهاء أيام الحج ومما ينبغى التنبيه اليه أن طواف الافاضة لا يسقط أبدا - بل يجب الاتيان به مهما تأخر ومهما مضت الأيام والشهور بشرط أن يكون محبوسا عن النساء حتى يطوف طواف الافاضة فان كان قد جامع النساء فقد وجبت عليه شاة .
أما طواف الوداع فهو واجب من واجبات الحج عند جمهور الفقهاء ويجب بتركه دم الا لعذر فانه يسقط ولا اثم عليه .
وعلى ذلك نقول للسائل أنه يلزمك الاحرام والذهاب لأداء طواف الافاضة لأنه ركن من أركان الحج ولا يتم الحج إلا به ولا يسقط مهما تأخرت ولا عذر لك بجهلك أنه ركن من أركان الحج .
أما طواف الوداع فانه سقط لمرضك فلا اثم عليك ولا يلزمك شئ بتركه .(1/93)
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
نزول الدم على المرأة أثناء طواف الافاضة
المفتي
محمد مجاهد .
أول جمادى الثانى سنة 1406 هجرية - 10 فبراير سنة 1986 م
المبادئ
1 - يرى جمهور الفقهاء أنه يشترط لصحة الطواف مطلقا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر والنقاء من الحيض والنفاس .
ويرى فقهاء الأحناف أن الطهارة واجبة فى الطواف فيصح طواف الحائض والنفساء ويلزمها دم .
2 - يجوز للمرأة اذا فاجأها الحيض قبل الطواف أصلا أو فى أثنائه ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه فلها أن تنيب غيرها على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه كما يجوز لها أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .
3 - اذا كان الدم ينزل فى بعض الأيام وينقطع فى البعض الآخر جاز لها أن تطوف فى أيام الانقطاع .
4 - أجاز بعض الفقهاء للحائض أن تطوف طواف الافاضة اذا اضطرت للسفر مع رفقتها بشرط أن تعصب موضوع خروج الحيض ولا فدية عليها
السؤال
من السيد / م م ش بطلبه المتضمن أن زوجته قبل سفرها للحج معه تناولت علاجا باستشارة الطبيب لرفع الدورة الشهرية حتى لا تفاجئها أثناء حجها إلا أنه فى اليوم السابع والثامن من ذى الحجة لاحظت آثار دم خفيف فاغتسلت وقامت بأداء الصلاة ولم تشاهد الدم مرة أخرى حتى قامت بأداء مناسك الحج ما عدا طواف الافاضة وهى فى طهر كامل حيث أنها طافت طواف الافاضة فى اليوم الأول من أيام التشريق - وأثناء طوافها شعرت بآلام وتقلصات وبعد أن أكملت الطواف وجدت بعض الدم الخفيف بدأ ينزل عليها .(1/94)
فغادرت الحرم وذهبت إلى الطبيب حيث وصف لها حبوبا وحقنا رفعت الدم ثم اغتسلت بعد أن تيقنت من توقف نزول الدم وذهب إلى الحرم مرة أخرى وطافت طواف افاضة آخر لشكها فى الطواف الأول وقبل الطواف وضعت قطعة القطن داخل مجرى نزول الدم حرصا على عدم التلوث بشىء اذا نزل وبعد الطواف وجدت ان القطنة نظيفة تماما - وبعد التوجه إلى المطار للعودة فى صباح اليوم التالى وجدت أن آثار الدم فى القطنة من الداخل ونظرا لظروف السفر والعمل لم يتمكن من البقاء فى مكة وذكر فى طلبه ان زوجته حتى تاريخ الطلب وهى لم تتحلل التحلل الأكبر أى لم يجامعها حتى يعرف الحكم الشرعى فى الطواف الأول هل هو صحيح أم لا وفى حالة عدم صحة ماذا يجب عليها وهل الطواف الثانى صحيح أم لا وهل اذا لم يكن صحيحا يلزمها الذهاب لأداء طواف الافاضة مرة أخرى
الجواب
ان من شروط صحة الطواف مطلقا الطهارة من الحدثين الأصغر والأكثر والنقاء من الحيض والنفاس وهذه الطهارة شرط لصحة الطواف عند جمهور الفقهاء فلو لم تحقق هذه الطهارة كان الطواف باطلا واستدلوا بحديث ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( الطواف بالبيت صلاة فأقلوا فيه الكلام ) واذا كان الطواف صلاة فالصلاة لابد فيها من الطهارة من الأحداث والأنجاس فكذلك الطواف .
وقال الأحناف أن الطهارة فى الطواف واجبة فيصح طواف غير الطاهر كالحائض والنفساء والجنب ويلزم لذلك دم مستدلين بقوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } ووجه الاستدلال أن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا ولم يقيده بشرط الطهارة وهذا نص قطعى .
أما الحديث الذى استدل به الجمهور فهو خبر آحاد يفيد غلبة الظن وخبر الآحاد لن يقيد نص القرآن وأجابوا عن الحديث بأن المعنى على التشبيه أى الطواف كالصلاة والتشبيه يصح بأى وجه مشترك بينهما كالثواب أو الفرضية فلا يقتضى فرضية الطهارة وبناء على ذلك قالوا ان طواف المحدث صحيح إلا أنه يجب فيه دم .(1/95)
وقد ورد فى كتاب فتح العزيز للرافعى الكبير الشافعى فى الفصل التاسع فى الرمى من كتاب الحج أن العاجز عن الرمى بنفسه لمرض أو حبس ينيب غيره ليرمى عنه لأن الانابة جائزة فى أصل الحج، فكذلك فى أبعاضه وكما ان الانابة فى الحج انما تجوز عند العلة التى لا يرجى زوالها فكذلك الانابة فى الرمى لكن النظر هنا الى دوامها إلى آخر وقت الرمى وكما أن النائب فى أصل الحج لا يحج عن المنيب إلا بعد الحج عن نفسه فالنائب فى الرمى كذلك لا يرمى عن المنيب إلا بعد أن يرمى عن نفسه وتخريجا على ذلك فانه يجوز للمرأة اذا فاجأها الحيض قبل الطواف أصلا أو فى أثنائه ولم يمكنها البقاء فى مكة إلى حين انقطاعه فلها أن تنيب غيرها على أن يطوف عنها بعد طوافه عن نفسه وأن ينوى الطواف عنها .
ويجوز لها أن تستعمل دواء لوقفه وتغتسل وتطوف .
أو اذا كان الدم لا يستمر نزوله طوال أيام الحيض بل ينقطع فى بعض أيامه عندئذ يجوز لها أن تطوف فى أيام الانقطاع عملا بأحد قولى الامام الشافعى أن النقاء فى أيام انقطاع الحيض طهر - وهذا القول يوافق مذهب الامامين مالك وأحمد - هذا قد أجاز بعض فقهاء الحنابلة والشافعية للحائض دخول المسجد للطواف بعد أحكام الشد والعصب وبعد الغسل ولا فدية عليها فى هذه الحال باعتبار حيضها مع ضيق الوقف والاضطرار للسفر، مع الاعذار الشرعية .
وقد أفتى كل من الامام ابن تيعية وابن القيم بصحة طواف الحائض طواف الافاضة اذا اضطرت للسفر مع رفقتها بشرط أن تعصب موضع خروج دم الحيض .
لما كان ذلك يتضح لنا مما ورد فى الطلب أن طواف الافاضة الأول لزوجة السائل والحال التى ذكرت صحيح عند بعض الفقهاء أما وقد طافت طواف الافاضة مرة أخرى بعد أن وضعت قطنا فى مجرى نزول الدم لشكها فى صحة الطواف فى المرة الأولى فصحيح أيضا ولا شىء عليها وهو مؤكد لصحة الطواف فى المرة الأولى حيث تبين عدم نزول الدم به .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
حكم الأضحية
المفتي(1/96)
عبد المجيد سليم .
ذى القعدة 1361 هجرية - ديسمبر 1942 م
المبادئ
1 - لا يجب على الفقير أن يضحى عن أولاده الفقراء ولا عن أولاده الصغار الأغنياء من ماله أو من مالهم .
2 - إذا ضحى الوالد عن نفسه وعن أهل بيته الذى منهم أولاده بشاة فقد أصاب السنة
السؤال
لرجل ثلاثة أولاد كان والدهم يضحى كل سنة بكبش عن كل فرد منهم وبعد ارتفاع ثمن اللحوم فهل تحتم الشريعة التضحية بكبش لكل شخص منهم أو يجوز الاكتفاء بكبش واحد
الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه ذهب أو حنيفة إلى أن الأضحية واجبة على الغنى، والرواية الظاهرة عنه أنه لا يجب على الغنى أن يضحى عن أولاده الفقراء الذين لا مال لهم .
واختلف المشايخ فيما إذا كان الأولاد أغنياء وهم صغار هل يجب على الأب أن يضحى عنهم من مالهم بمعنى أنه يضحى عن كل ولد غنى منهم بأضحية من مال الولد أم لا والأصح المعتمد فى المذهب أنه لا يجب أن يضحى عنهم وعلى هذا لا يجب على الأب أن يضحى عن أولاده سواء أكانوا أغنياء أم فقراء من ماله ولا من مالهم .
وقال أصحاب الإمام الشافعى إن التضحية سنة الكفاية فى حق أهل البيت الواحد فإذا ضحى أحدهم أقيمت هذه السنة فى حق أهل البيت الواحد جميعا .
وقد روى ابن ماجه والترمذى عن عطاء بن يسار قال سألت أبا أيوب الأنصارى كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( كان الرجل فى عهد النبى عليه الصلاة والسلام يضحى بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما نرى ) وقد روى هذا الحديث الإمام مالك فى الموطأ عن عبد اللّه بن طبار أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب الأنصارى أخبره - قال كنا نضحى بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس فصارت مباهاة - قال الإمام النووى فى شرح المهذب ص 384 من الجزء الثامن ما نصه هذا حديث صحيح .(1/97)
والصحيح أن هذه الصيغة تقتضى أنه حديث مرفوع انتهى هذا والحق كما قال الشوكانى أن الشاة الواحدة تجزىء عن أهل البيت الواحد .
وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة .
ومن هذا يعلم أنه إذا ضحى والدهم عن نفسه وعن أهل بيته الذين منهم أولاده بشاة فقد أقام السنة .
واللّه تعالى أعلم
---
ذبح الماشية فى البيوت والمقابر
المفتي
بكرى الصدفى .
29 شوال 1324 هجرية
المبادئ
1- ذبح الماشية فى المقابر على وجه الكفارة ليس من الدين فى شىء .
2 - يجوز ذبح الماشية فى أى مكان فيما عدا المقابر على أنها كفارة .
3 - تكليف الناس بذبح المواشى فى سلخانات معينة فيه حرج على الناس وهو مدفوع شرعا .
4 - التساهل مع أفراد الناس موافق للقواعد الشرعية فيما عدا الجزارين فى هذا الأمر ولا ضرر فى ذلك لقلتها ولأن أربابها إنما يختارون الحيوانات السليمة الخالية من الأمراض
السؤال
بإفادة من نظارة الحقانية وصورتها عن بيان الحكم الشرعى فى مكاتبة مصلحة الصحة وها هى صورتها .(1/98)
لا يخفى على سعادتكم أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1893 التى عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 28 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد فى أيام عيد الأضحى الأربعة ذبح الحيوانات فى البيوت اتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أيضا أنه فى كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح فى المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها وفى هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات فى المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك أيضا - فاقتضى تحريرة لسعادتكم بأمل التكرم بأخذ رأى صاحب الفضيلة مفتى الديار المصرية عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانات العمومية وما هى حتى تذكر فى المشروع المنوه عنه
الجواب(1/99)
علم ما تضمنته إفادة مصلحة الصحة بتاريخ 11 شوال سنة 1324 و27 نوفمبر سنة 1906 نمرة 141 من أنه بمقتضى المادة الأولى من لائحة السلخانات ومحلات الجزارة الصادرة بتارخ 27 نوفمبر سنة 1883 التى عدلت بالقرار الصادر بتاريخ 27 يونية سنة 1899 يجوز للأفراد فى أيام عيد الأضحى ذبح الحيوانات فى البيوت إتباعا للسنة الدينية ولكن قد تلاحظ أنه فى كثير من الأحيان جارى إخراج حيوانات تصحب بعض مشاهد الموتى وتذبح فى المقابر (كفارة) وحيث إنه جارى الآن تحضير مشروع لتعديل المادة الأولى المشار إليها فى هذه الحالة يهم الوقوف عما إذا كان ذبح هذه الحيوانات فى المقابر من الفروض الدينية من عدمه حتى إذا كانت من الفروض الدينية يضاف لمشروع تعديل المادة المشار إليها ما يجيز ذلك ايضا إلى آخر ما تضمنته تلك الإفادة من إرادة الاستفتاء من هذا الطرف عن ذلك وعما إذا كانت توجد فروض دينية أخرى تحتم على الأفراد ذبح الحيوانات خارجا عن السلخانة العمومية وما هى حتى تذكر فى المشروع المنوه عنه .
والإفادة عن ذلك أن ذبح تلك الحيوانات فى المقابر على وجه ما ذكر ليست من الدين فى شىء وأما ما عدا ذلك وما عدا الأضاحى مما تذبحه أفراد الناس من مطلق المنذورات والصدقات وغيرها فهى وإن لم يتعين لها مكان مخصوص شرعا لكن فى تكليف أفراد الناس بذبحها فى السلخانات العمومية نوع حرج والحرج مدفوع بالنص وفى الحديث الصحيح ( لا ضرر ولا ضرار ) فالموافق للقواعد الشرعية التساهل مع أفراد الناس ( غير الجزارين ) الذين يذبحون فى منازلهم المنذورات والصدقات ونحوها لأنه لا ضرر فى ذلك لقلتها ولأن أربابها إنما يختارون من الحيوانات السليم الذى لا مرض به وبذا لزمت الإفادة ومن طيه إفادة الصحة بادية الذكر
---
حكم التصدق بثمن الأضحية
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
18 ذى الحجة 1366 هجرية - 22 من أكتوبر 1947 م
المبادئ(1/100)
1 - ذبح الأضحيات من القربات المشروعة فى أيام النحر تيسيرا على الفقراء ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك والحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال كثيرة ويحتاج للتوسعة عليهم ويجب إطعام الفقراء منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم .
2 - لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح وعليهم الاقتصار على القدر المطلوب شرعا ويطعموا أكثره الفقراء والمساكين .
3 - التصدق بثمنها على الفقراء لا يجزىء عنها عند الحنفية وظاهر مذهب الشافعى لأن المقصود شرعا التعبد بإراقة الدم، والتصدق بما يوازى من صدقات أخرى لم يقل به أحد من الأئمة والمختار للفتوى الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله
السؤال
من وزارة التجارة والصناعة قالت إن الاتحاد العام قد شكا للوزارة أنه بسبب قفل الأسواق فى الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذر جلب الحيوانات المعدة للذبح بالعدد الكافى للوفاء بحاجة المستهلكين وطالب بحظر الذبح ثلاثة أيام فى الأسبوع لإزالة عوامل ارتفاع الأسعار وقد يكون من المفيد صرف الناس عن الاسراف فى ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عنها بما يساوى ثمنها فى الصدقات الأخرى .
فهل يجوز شرعا استبدال الأضحة بالصدقة بما يوازى ثمنها من الصدقات تيسيرا على الطبقات الفقيرة وصرفا للناس عن الإسراف
الجواب
اطلعنا على كتاب سعادتكم المؤرخ بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعا الاستعاضة عن ذبح الأضاحى بالتصدق، بما يساوى ثمنها صرفا للناس عن الإسراف فى ذبحها حتى يتسنى الموازنة بين العرض والطلب وفى ذلك عمل على خفض أسعار اللحوم تيسيرا على الفقراء .
ونفيد أن ذبح الأضحيات من القربات المشروعة فى أيام النحر ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك .
وعند الحنفية ما لم يكن المضحى ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم .(1/101)
ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية وقدره بعضهم بالثلثين والأفضل عندهم إعطاءها كلها لهم فهى من باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم فى هذا العيد .
إلا أنه ينبغى الآن تحقيقا بموازنة العرض والطلب وعملا على خفض الأسعار أن لا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح التى جرت عادتهم بالإسراف فى ذبحها وأن يقتصروا على القدر المطلوب شرعا ويطعموه أو يطعموا أكثره الفقراء والمساكين برا بهم وأحسانا .
أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزىء عن الأضحية لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذى حرموه أكثر أيام العام .
والمشهور الراجح فى مذهب مالك وهو المروى عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن .
وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل كما فى شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب .
وأما التصدق بما يوازى الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة .
والذى أراه الأخذ بقول الجمهور لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك .
ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحى سيؤدى حتما على توالى الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية والإخلال بالتعبد بها وبالتأسى برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى فعلها والإخلال بحكمة تشريعها كما سيؤدى فى المستقبل وفى الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحى كسادا فاحشا يضر المنتجين وكثيرا من التجار .
على أنه إذا أبيح التصدق بأثمانها وتزاحم الفقراء على أبواب القصابين لشراء اللحوم بما أخذوه من الأثمان لم يتحقق الغرض الذى تهدف إليه الوزارة لأن شراء الأضاحى وشراء الفقراء اللحوم سواء فى النتيجة والأثر .
وإن لم يشتروا بها اللحوم حرموا المتعة بها فى هذا الموسم .
وقد قصد الشارع الحكيم برهم فيه بما يتمتع به الأغنياء لأغراض سامية تتعلق بنظام الجماعة وعلاقة الفقراء بالأغنياء .(1/102)
ومن هذا على إحياء هذه الشعيرة الدينية الاجتماعية مع حث الأغنياء على عدم الإسراف فى الذبائح فوق الحاجة للضرورة .
واللّه سبحانه وتعالى أعلم
---
حكم أكل اللحوم والطيور والدواجن المستوردة
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
16 ربيع الأول 1401 هجرية - 23 يناير 1981 م
المبادئ
1 - الذكاة شرعا عبارة عن إنهار الدم وفرى الأوداج فى المذبوح .
والنحر فى المنحور . والعقر فى غير المقدور عليه . 2 - إذا ثبت قطعا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بالطريقة التى قررها الإسلام، وإنما تضرب على رأسها بحديدة ثقيلة أو يفرغ فى رأسها محتوى مدس مميت، أو تصعق بتيار الكهرباء ثم تلقى فى ماء مغلى تلفظ فيه أنفاسها، فإنها تدخل فى نطاق المنخنقة والموقوذة المحرمة بنص القرآن الكريم .
3 - ما جاء ببعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح السابق بيانها لا يكفى بذاته لرفع الحل الثابت أصلا .
4 - لابد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التى لا تستعمل سوى هذه الطرق .
5 - على الجهات المعنية أن تتثبت بمعرفة الطب الشرعى أو البيطرى إذا كان هذا مجديا - فى الطريقة التى يتم بها إنهاء حياة الحيوان فى البلاد الموردة .
وهل يتم بطريق الذبح الشرعى أو بطريقة تخالف أحكام الإسلام أو تتحرى بواسطة مبعوث موثوق به .
6 - إلى أن يثبت الأمر قطعا يكون الإعمال للقواعد الشرعية .
الأصل فى الأشياء الإباحة .
اليقين لا يزول بالشك
السؤال(1/103)
بناء على ما نشرته مجلة الاعتصام - العدد الأول - السنة الرابعة والأربعون - المحرم 1401 هجرية - ديسمبر 1980 بعنوان حكم الإسلام فى الطيور واللحوم المستوردة ، وقد جاء فى المقال الذى حرره فضيلة الشيخ عبد اللطيف مشتهرى - أن المجلة أحالت إليه الاستفسارات الواردة إليها فى هذا الشأن، وأنة رأى إثارته ليكون موضع بحث السادة العلماء وبخاصة ( لجنة الفتوى بالأزهر ) ( والمفتى ) وقد ساق فضيلته فى مستهل المقال القواعد الشرعية التالية المستقرة على السند الصحيح من القرآن والسنة .
1 - الأصل فى كل الأشياء الإباحة قال تعالى { هو الذى خلق لكم ما فى الأرض جميعا } البقرة 29 ، فلا يمكن رفع هذا الأصل، إلا بيقين مثله حتى نحرم المباح، أى أن اليقين لا يرفع بالشك ويترتب على هذه القاعدة أن (أ) مجهول الأصل فى المطعومات المباحة حلال وفى السوائل المباحة طاهر .
(ب) الضرورات تبيح المحظورات أو إذا ضاق الأمر اتسع .
(ج) ما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم .
(د) حل ذبائح أهل الكتاب ومصاهرتهم بنص القرآن، إذا ذبحت على الطريقة الشرعية، لأن تحريم الميتة والدم وأخواتهما ثابت بالنص الذى لم يخصص .
(هاء) ما روى أن قوما سألوه صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرون أسموا عليه أم لا .
فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا الله أنتم وكلوا ) وإن قال القرطبى إن هذا الحديث مرسل عن هشام عن عروة عن أبيه، لم يختلف عليه فى إرساله .(1/104)
أخرجه الدار قطنى وغيره . ثم استطرد المقال إلى أنه إذا أخبرنا عدول ثقات ليس لهم هدف إلا ما يصلح الناس وتواطؤهم على الكذب بعيد، فهم من العلماء الحريصين على خير الآمة، إذا أخبرونا عن شىء يحرمه الإسلام شاهدوه بأعينهم على الطبيعة فى موطنه وصدقهم فى هذا أفراد وجماعات وجمعيات دينية ومراكز ثقافية إسلامية فى نفس الموطن أعتقد أن تحريم هذا الشىء يجب أن يكون محل نظر واعتبار ، يفيد الشبهة إن لم يفد الحرام .
ثم ساق نبذا من كتاب الذكاة فى الإسلام وذبائح أهل الكتاب .
والأوروبيين حديثا لمؤلفه الأستاذ صالح على العود التونسى، المقيم فى فرنسا .
ومما نقل عنه : 1 - إن إزهاق روح الحيوان تجرى هناك كالآتى - تضرب جبهة الحيوان بمحتوى مسدس فيهوى إلى الأرض ثم يسلخ .
2 - إن المؤلف زار مسلخين بضواحى باريس ورأى بعينيه ما يعملون لم يكن هناك ذبح أو نحر ولا إعمال سكين فى حلقوم ولا غيره، وإنما تخذف جبهة الحيوان بحديدة قدر الأنملة من مسدس فيموت ويتم سلخه، أما الدجاج فيصعقونه بالتيار الكهربائى بمسه فى أعلى لسانه فتزهق أرواحه، ثم يمر على آلة تقوم بنزع ريشه، وأخر ما اخترعوه سنة 1970 تدويخ الدجاج والطيور بمدوخ كهربائى أوتوماتيكى .
3 - جميعة الشباب المسلم فى الدانمرك وجهت نداء قالت فيه إن الدجاج فى الدانمرك لا يذبح على الطريقة الإسلامية المشروعة .
4 - أصدر المجلس الأعلى العالمى للمساجد بمكة المكرمة فى دورته الرابعة توصية بمنع استيراد اللحوم المذبوحة فى الخارج ، وإبلاغ الشركات المصدرة بذلك، وطالب أيضا بمنع استيراد المأكولات والمعلبات والحلويات والمشروبات التى علم أن فيها شيئا من دهن الخنزير والخمور .
5 - نقل عن مجلة النهضة الإسلامية العدد 117 مثل ذلك .(1/105)
وأضاف أن الدجاج والطيور التى تقتل بطريق التدويخ الكهربائى توضع فى مغطس ضخم حار جدا محرق يعمل بالبخار حتى يلفظ الدجاج فيه آخر أنفاسه، ثم تشطف بآلة أخرى وتصدر إلى دول الشرق الأوسط ويكتب على العبوات ذبح على الطريقة الإسلامية .
وأضاف أن بعض المسلمين الذين يدرسون أو يعملون فى ألمانيا الغربية والبرازيل أخبروا أنهم زاروا المصانع والمسالخ وشاهدوا كيف تموت الأبقار والطيور وأنها كلها تموت بالضرب على رءوسها بقضبان من الحديد أو بالمسدسات وقد قيد هذا الموضوع برقم 364 سنة 1980 بدار الإفتاء
الجواب
إنه يخلص من هذا المقال - على نحو ما جاء به - أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لم تذبح بالطريقة المقررة فى الشريعة الإسلامية، وإنما تضرب على رأسها أو يفرغ فى الرأس حشو مسدس مميت أو تصعق بالكهرباء، ثم تلقى فى ماء يغلى وأنها على هذا الوجه تكون ميتة .
وإذ كانت الميتة المحرمة بنص القرآن الكريم، هى ما فارقته الروح من غير ذكاة مما يذبح، أو ما مات حكما من الحيوان حتف أنفه من غير قتل بذكاة، أو مقتولا بغير ذكاة .
وإذ كانت الموقوذة - وهى التى ترمى او تضرب بالخشب أو بالحديد أو بالحجر حتى تموت - محرمة بنص القرآن الكريم فى آية { حرمت عليكم الميتة والدم } المائدة 3 ، حيث جاءت الموقوذة من المحرمات فيها، والوقذ شدة الضرب - قال قتادة كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ويأكلونه .
وقال الضحاك كانوا يضربون الأنعام بالخشب لآلهتهم حتى يقتلوها فيأكلوها، وفى صحيح مسلم عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول الله فإنى أرمى بالمعراض ( المعراض سهم يصيب بعرض عوده دون حده ) الصيد فاصيب .
فقال إذا رميت المعراض ( خزق السهم نفذ فى الرمية والمعنى نفذ وأسال الدم، لأنه ربما قتل ولا يجوز فخزقه فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله ) وفى رواية ( فإنه وقيذ ) .(1/106)
( الجامع لأحكام القرآن للقرطبى 6 ص 48 ) وإذ كان الفقهاء قد اتفقوا على أنه تصح تذكية الحيوان الحى غير الميئوس من بقائه، فإن كان الحيوان قد أصابه ما يوئس من بقائه مثل أن يكون موقوذا أو منخنقا فقد اختلفوا فى استباحته بالذكاة .
ففى فقه الإمام أبى حنيفة وإن علمت حياتها وإن قلت وقت الذبح أكلت مطلقا بكل حال .
وفى إحدى روايتين عن الإمام مالك وأظهر الروايتين عن الإمام أحمد، متى علم بمستمر العادة أنه لا يعيش حرم أكله ولا تصح تذكيته، وفى الرواية الأخرى عن الإمام مالك أن الذكاة تبيح منه ما وجد فيه حياة مستقرة وينافى الحياة عنده أن يندق عنقه أو دماغه .
وفى فقه الإمام الشافعى أنه متى كانت فيه حياة مستقرة تصح تذكيته وبها يحل أكله باتفاق فقهاء المذهب .
والذكاة فى كلام العرب الذبح، فمعنى { ذكيتم } المائدة 3 ، فى الآية الكريمة أدركتم ذكاته على التمام، إذ يقال ذكيت الذبيحة أذكيها، مشتقة من التطيب، فالحيوان إذا أسيل دمه فقد طيب .
والذكاة فى الشرع عبارة عن انهار الدم وفرى الأوداج فى المذبوح والنحر فى المنحور والعقر فى غير المقدور عليه ، واختلف العلماء فيما يقع به الذكاة، والذى جرى عليه جمهور العلماء أن كل ما أنهر الدم وأفرى الأوداج فهو آلة للذبح ما عدا الظفر والسن إذا كانا غير منزوعين، لأن الذبح بهما قائمين فى الجسد من باب الخنق .
كما اختلفوا فى العروق التى يتم الذبح بقطعها بعد الاتفاق على أن كماله بقطع أربعة هى الحلقوم والمرىء والودجان .
واتفقوا كذلك على أن موضع الذبح الاختيارى، بين مبدأ الحلق إلى مبدأ الصدر .(1/107)
وإذ كان ذلك كان الذبح الاختيارى الذى يحل به لحم الحيوان المباح أكله فى شريعة الإسلام هو ما كان فى رقبة الحيوان فيما بين الحلق والصدر، وأن يكون بآلة ذات حد تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها، سواء كانت هذه الآلة من الحديد أو الحجر على هيئة سكين أو سيف أو بلطة أو كانت من الخشب بهذه الهيئة أيضا، لقول النبى عليه الصلاة والسلام ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا ) ( متفق عليه ) لما كان ذلك فإذا ثبت قطعا أن اللحوم والدواجن والطيور المستوردة لا تذبح بهذه الطريقة التى قررها الإسلام، وإنما تضرب على رأسها بحديدة ثقيلة، أو يفرغ فى رأسها محتوى مسدس مميت أو تصعق بتيار الكهرباء ثم تلقى فى ماء مغلى تلفظ فيه أنفاسها - إذا ثبت هذا - دخلت فى نطاق المنخنقة والموقوذة المحرمة بنص الآية الكريمة ( الآية 3 من سورة المائدة ) وما ساقه المقال نقلا عن بعض الكتب والنشرات عن طريقة الذبح، لا يكفى بذاته لرفع الحل الثابت أصلا بعموم نص الآية الكريمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، فضلا عن أنه ليس فى المقال ما يدل حتما على أن المطروح فى أسواقنا من اللحوم والدواجن والطيور مستوردا من تلك البلاد التى وصف طرق الذبح فيها من نقل عنهم ولابد أن يثبت أن الاستيراد من هذه البلاد التى لا تستعمل سوى هذه الطرق، ومع هذا فإن الطب - فيما أعلم - يستطيع أستجلاء هذا الأمر وبيان ما إذا كانت هذه اللحوم والطيور والدواجن المستوردة، قد أزهقت أرواحها بالصعق الكهرباء والإلقاء فى الماء المغلى أو البخار، أو بالضرب على رأسها حتى تهوى ميتة، أو بإفراغ محتوى المسدس المميت فى رأسها كذلك .(1/108)
فإذا كان الطب البيطرى أو الشرعى يستطيع علميا بيان هذا على وجه الثبوت، كان على القائمين بأمر هذه السلع، استظهار حالها بهذا الطريق أو بغيرها من الطرق المجدية، لأن الحلال والحرام من أمور الإسلام التى قطع فيها بالنصوص الواضحة، فكما قال الله سبحانه { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، قال سبحانه قبل هذا { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب } المائدة 3 ، وقد جاء فى أحكام القرآن ( ج - 2 ص 555 ) لابن عربى فى تفسيره للآية الأولى فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وهى حرام بالنص .
وهذا يدل على أنه متى تأكدنا أن الحيوان قد أزهقت روحه بالخنق أو حطم الرأس أو الوقذ كان ميتة ومحرما بالنص .
والصعق بالكهرباء حتى الموت من باب الخنق، فلا يحل ما انتهت حياته بهذا الطريق .
أما إذا كانت كهربة الحيوان، لا تؤثر على حياته، بمعنى أنه يبقى فيه حياة مستقرة ثم يذبح كان لحمه حلالا فى رأى جمهور الفقهاء، أو أى حياة وإن قلت فى مذهب الإمام أبى حنيفة .
وعملية الكهرباء فى ذاتها إذا كان الغرض منها فقط إضعاف مقاومة الحيوان والوصول إلى التغلب عليه وإمكان ذبحه جائزة ولا بأس بها، وإن لم يكن الغرض منها هذا، أصبحت نوعا من تعذيب الحيوان قبل ذبحه، وهو مكروة، دون تأثير فى حله إذا ذبح بالطريقة الشرعية، حال وجوده فى حياة مستقرة، أما إذا مات صعقا بالكهرباء فهو ميتة غير مباحة ومحرمة قطعا .(1/109)
وإذ كان ذلك كان الفيصل فى هذا الأمر المثار، هو أن يثبت على وجه قاطع أن اللحوم والواجن والطيور المستوردة المتداولة فى أسواقنا قد ذبحت بواحد من الطرق التى تصيرها من المحرمات المعدودات فى آية المائدة، لا سيما، لاالمقال لم يقطع بأن الاستيراد لهذه اللحوم من تلك البلاد التى نقل عن الكتب والنشرات اتباعها هذه الطرق غير المشروعة فى الإسلام لتذكية الحيوان، ومن ثم كان على الجهات المعنية أن تتثبت فعلا ، بمعرفة الطب الشرعى أو البيطرى إذا كان هذا مجديا فى استظهار الطريقة التى يتم بها إنهاء حياة الحيوان فى البلاد الموردة، وهل يتم بطريق الذبح بالشروط الإسلامية، أو بطريقة مميتة تخالف أحكام الإسلام أو التحقق من هذا بمعرفة بعوث موثوق بها إلى الجهات التى تستورد منها اللحوم والطيور والدجاج المعروض فى الأسواق، تتحرى هذه البعوث الأمر وتستوثق منه .
أو بتكليف البعثات التجارية المصرية فى البلاد الموردة لاستكشاف الأمر والتحقق من واقع الذبح، إذ لا يكفى للفصل فى هذا بالتحريم مجرد الخبر، وإلى أن يثبت الأمر قطعا يكون الإعمال للقواعد الشرعية ومنها ما سبق فى افتتاح المقال من أن الأصل فى الأشياء الإباحة ، وأن اليقين لا يزول بالشك .
امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أخرجه البزار والطبرانى من حديث أبى الدرداء بسند حسن ( ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا ) .
وحديث أبى ثعلبة الذى رواه الطبرانى ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهوكوها وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تبحثوا عنها ) وفى لفظ ( وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم فاقبلوها ) .(1/110)
وروى الترمذى وابن ماجه من حديث سلمان ( أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التى يصنعها غير المسلمين فقال الحلال ما أحل الله فى كتابه، والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه ) .
وثبت فى الصحيحين ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها) ( الأشباه والظائر للسيوطى - تحقيق المرحوم فضيلة الشيخ محمد حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م - ص 60 فى باب الأصل فى الأشباه الاباحة حتى يدل على الدليل على التحريم ) والله سبحانه وتعالى أعلم بالموضوع (1313) استقبال الذابح للقبلة عند الذبح .
المفتى : فضيلة الشيخ جاد الحق على جاد الحق .
13 جمادى الأولى 1401 هجرية - 19 مارس 1981 م .
المبادئ :
توجه الذابح بالذبيحة عند ذبحها نحو القبلة مختلف فيه بين الفقهاء والأولى التوجه متى تيسر للذابح ذلك .
سئل :
بكتاب مديرية الشئون البيطرية بمحافظة القاهرة المتضمن أنه بمناسبة إنشاء المجرز الآلى لمحافظة القاهرة بمنطقة البساتين، وإعداد الرسومات التنفيذية لهذه المشروع، وحرص المسئولين على أن تتم عملية الذبح طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية .
وأن المديرية لذلك تطلب بيان الحكم الشرعى فيما إذا كان يجب أن يكون الذابح والحيوان عند ذبحه موجها نحو القبلة الشريفة أو عدم وجوب هذا الشرط حتى تتمكن الإدارة من العمل بما يطابق الشريعة الإسلامية عند إعداد الرسومات التفيذية لهذا المشروع .
أجاب :
إن ابن قدامة ( المغنى ج - 141 ص 46 مع الشرح الكبير ) نقل عن ابن عمر وابن سيرين وعطاء الثورى والشافعى وأصحاب الرأى أنه يستحب أن يستقبل الذابح بذبيحته القبلة، وأن ابن عمر وابن سيرين قالا بكراهة أكل ما ذبح إلى غير جهة القبلة .
ونقل النووى فى المجموع ( ج - 9 ص 83 ) استحباب توجيه الذبيحة إلى القبلة، لأنه لابد لها من جهة فكانت جهة القبلة أولى .(1/111)
ونقل ابن رشد فى بداية المجتهد ( ج - 1 ص 359 ) اختلاف الفقهاء فى هذا فقال إن قوما استحبوا ذلك وقوما أجازوا ذلك وقوما أوجبوه وقوما كرهوا ألا يستقبل بها القبلة .
وإذ كان ذلك فإذا كان توجه الذابح بالذبيحة وقت ذبحها نحو القبلة أمرا ميسورا، ويمكن العمل عليه فى الرسومات المقترحة كان أولى خروجا من اختلاف الفقهاء المنوه عنه - وبعدا بالمسلمين عن تناول ذبيحة مكروهة، امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى { كلوا من طيبات ما رزقناكم } البقرة 57 ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذى عن الحسن بن على رضى الله عنهما قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) والله سبحانه وتعالى أعلم
---
ما ذبح على الشريعة اليهودية
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
12 شوال 1401 هجرية - أغسطس 1981 م
المبادئ
1 - مأكول اللحم من الحيوان البرى المقدور عليه لا يحل أكله بدون ذكاة .
2 - الذكاة الشرعية هى الذبح أو النحر بآلة حادة مما يجرى الدم ويفرى الأوداج ويقطع العروق بين الرأس والصدر .
3 - التثبت قبل الحكم بالتحريم واجب .
4 - ذبيحة أهل الكتاب يحل أكلها للمسلمين إلا إذا ثبت قطعا أنها أميتت بطريقة تجعلها محرمة شرعا وعلى المسئولين التثبت من الذبح أو النحر بأى طريق يؤدى إلى ذلك .
5 - من باب الاحتياط للحلال والحرام .
نقترح مطالبة الجهة الموردة ببيان طريق الذبح، وألا يكتفى فى الشهادة بأن الذبح قد تم حسب الشريعة اليهودية
السؤال
بكتاب الهيئة العامة للرقابة على الصادرات الواردات وقد جاء به إن الهيئة تلقت استفسارا من فرعها بالعريش عن مدى الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة الواردة من إسرائيل والتى تفيد أن الذبح قد تم حسب الشريعة اليهودية والمقبولة فى الشريعة الإسلامية .(1/112)
وأن الهيئة ترجو الإفادة عن الرأى الشرعى فى الذبح بصفة عامة على الشريعة اليهودية، ومدى موافقتها للشريعة الإسلامية، حتى يتسنى إذاعة هذا الرأى على فروع الهيئة
الجواب
إن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه الكريم { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب } المائدة 3 ، وقال { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } المائدة 5 ، وقد اتفق علماء الإسلام على أنه لا يحل شىء من الحيوان المأكول البرى المقدور عليه بدون ذكاة ( أى ذبح ) لقوله سبحانه فى آية المحرمات السابقة { إلا ما ذكيتم } فقد استثنى الله سبحانه وتعالى الحيوان المذكى من المحرم والاستثناء من التحريم إباحة ، والذكاة الشرعية التى يحل بها الحيوان البرى المقدور عليه هى أن يذبح الحيوان أو ينحر بآلة حادة مما ينهر الدم ويفرى الأوداج، أى يفجر دم الحيوان ويقطع عروقه من الرقبة بين الرأس والصدر، فيموت الحيوان إثرها، وأكمل الذبح أن يقطع الحلقوم والمرئ ( وهما مجرى الطعام والشراب والنفس ) وأن يطقع معهما الودجان ( وهما عرقان غليظان بجانبى الحلقوم والمرئ ) .
والذبح معروف بالفطرة والعادة لكل الناس، وقد أقر الإسلام بيسره وسماحته وبساطته ما جرت به عادة الناس وأعرافهم، وأقرته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية فى ذبح الأضحية .
ومن ثم فما اثاره بعض الفقهاء من أنه هل من الواجب فى الذبح قطع الأربعة ( الحلقوم والمرئ والودجين ) وهل يجب فى المقطوع قطع الكل أو الأكثر، وهل يشترط فى القطع ألا تقطع الجوزة إلى جهة البدن، بل إنما تقطع إلى جهة الرأس، وهل إن قطعت من جهة العنق حل أكلها أم .(1/113)
لا وهل من شرط الذكاة ألا يرفع الذابح يده عن الذبيحة حتى تتم الذكاة أم لا كل هذه التساؤلات خاض فيها الفقهاء، دون اعتماد على نص صريح باشتراطها، والذى ينبغى مراعاته، هو انهار دم الحيوان من موضع الذبح المعروف عادة وعرفا بقطع تلك العروق كلها أو أكثرها للحديث الشريف الصحيح ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ) ( رواه البخارى وغيره ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ) ( رواه مسلم عن شداد بن أوس ) وما رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا ذبح أحدكم فليجهز ) .
( رواه ابن ماجة ) هذا وقد قال أهل اللغة إن كل ذبح ذكاة، وإن معنى الذكية فى قوله تعالى { إلا ما ذكيتم } أى ما أدركتم وفيها بقية تشخب معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح الذى أدركت ذكاته .
ذبائح أهل الكتاب - اليهود والنصارى هم أهل الكتاب، لأنهم فى الأصل أهل توحيد ، وقد جاء حكم الله فى الآية بإباحة طعامهم للمسلمين، وإباحة طعام المسلمين لهم فى قوله سبحانه { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } المائدة 5 ، ومعنى هذه الآية على وجه الإجمال والله أعلم أن طعام الذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى حل لكم بمقتضى الأصل، لم يحرمه الله، وطعامكم كذلك حل لهم فلا بأس أن تأكلوا من اللحوم التى ذكوا حيواناتها، أو التى صادوها ولكم أن تطعموهم مما تذكون ومما تصطادون .
وكلمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب } عامة تشمل كل طعام لهم ، فتصدق على الذبائح والأطعمة المصنوعة من مواد مباحة، فكل ذلك حلال لنا، ما لم يكن محرما لذاته، كالميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، فهذه لا يجوز أكلها بالإجماع سواء كانت طعام مسلم أو كتابى .
( هل يشترط أن تكون ذبائحهم مذكاة بآلة حادة، وفى الحلق ) .(1/114)
لقد اشترط أكثر فقهاء المسلمين لحل ذبائح أهل الكتاب أن يكون الذبح على الوجه الذى ورد به الإسلام، وقال بعض فقهاء المالكية إن كانت ذبائحهم وسائر أطعمتهم، مما يعتبرونه مذكى عندهم حل لنا أكله، وإن لم تكن ذكاته عندنا ذكاة صحيحة، وما لا يرونه مذكى عندهم لا يحل لنا، ثم استدرك هذا الفريق فقال فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم الرأس، فالجواب أن هذه ميتة وحرام بالنص، فلا نأكلها نحن كالخنزير، فإنه حلال ومن طعامهم، وهو حرام علينا، فهذه أمثلة والله أعلم ( أحكام القرآن لابن العربى المجد الثانى ص 553 - 556 طبعة دار المعرفة ) وفى فقه الإمام أبى حنيفة إنما تؤكل ذبيحة الكتابى إذا لم يشهد ذبحه ولم يسمع منه شىء أو سمع وشهد منه تسمية الله تعالى وحده، وقد روى عن الإمام على بن أبى طالب حين سئل عن ذبائح أهل الكتاب قوله ( قد أحل الله ذبائحهم وهو يعلم ما يقولون ) ( بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج - 5 ص 45 و 46 ) وفى فقه الإمام الشافعى ( نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملى ج - 8 ص 107، والاقناع بحاشية البيجرمى ج - 4 ص 56 ) .
أنه لو أخبر فاسق أو كتابى أنه ذكى هذه الشاة قبلناه لأنه من أهل الذكاة .
وما تشير إليه هذه النصوص الفقهية يمكن تجميعه فى القاعدة التى قررها الفقهاء وهى أن ( ما غاب عنا لا نسأل عنه ) .
إذ أنه ليس على المسلم أن يسأل عما غاب عنه، كيف كانت ذكاته وهل استوفت شروطها أم لا وهل ذكر اسم الله على الذبيحة أم لم يذكر بل إن كل ما غاب عنا مما ذبحه مسلم ( أيا كان جاهلا أو فاسقا ) أو كتابى ، حل أكله .
والأصل فى هذا الحديث الذى رواه البخارى أن قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا إن قوما يأتوننا باللحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا الله عليه أنتم وكلوا ) .(1/115)
فقد قال الفقهاء إن فى هذا الحديث دليلا على أن التصرفات والأفعال تحمل على حال الصحة والسلامة حتى يقوم دليل على الفساد والبطلان .
لما كان ذلك كان الأصل العام المقرر من الله فى القرآن الكريم فى آيتى ( 3 و 5 ) سورة المائدة أن هناك محرمات استثنى فيها المذكى وأن هناك إباحة لطعام أهل الكتاب، اليهود والنصارى، ومن طعامهم الذبائح، والارتباط بين حكمى الآيتين قائم، فلابد أن نحرم من ذبائحهم ما يعتبر بحكم القرآن ميتة أو منخنقة أو موقوذة أو متردية أو نطيحة، أو انتهت حياتهم بأحد هذه الأسباب ولم تدرك بالذكاة، وكان مع هذا علينا أن نرعى وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الشأن ونعمل بها، فقد أخرج البزار والطبرانى من حديث أبى الدرداء بسند حسن ( ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا ) وما أخرجه الطبرانى من حديث أبى ثعلبة ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) وفى لفظ ( وسكت عن كثير من غير نسيان فلا تتكلفوها، رحمة لكم، فاقبلوها ) .
وقد روى الترمذى وابن ماجه من حديث سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الجبن والسمن والفراء التى يصنعها غير المسلمين فقال ( الحلال ما أحل الله فى كتابه والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه ) ( الأشباه والنظائر للسيوطى تحقيق المرحوم الشيخ حامد الفقى سنة 1356 هجرية - 1938 م ص 60 فى باب الأصل فى الأشياء الاباحة حتى يدل الدليل على التحريم ) إذ أن هذه الأحاديث تدل صراحة على أنه لا ينبغى أن نسارع إلى تحريم شىء لم يحرمه الله صراحة، ولابد أن نتثبت قبل التحريم وأن نرجع الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .(1/116)
وإذا كان الله ورسوله قد بينا للمسلمين الحلال والحرام على هذا النحو الذى لا شبهة فيه .
كان الحكم الشرعى العام أن ذبائح اليهود والنصارى حل للمسلمين بنص القرآن الكريم وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا فقد ثبت فى الصحيحين ( المرجع السابق ) ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة ( المزادة وعاء من جلد من طبقة أو طبقتين أو ثلاث يحمل فيه الماء - المصباح وتاج العروس فى مادة زود ) امرأة مشركة، ولم يسألها عن دباغها ولا عن غسلها ) .
وللخبر المشهور من حديث ( الروض النضير ج - 3 ص 167 وما بعدها ) أنس رضى الله عنه ( أن يهودية أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل منها ) أى دون أن يسأل عن طريق ذبحها، أو يتحقق من آلة الذبح .
لما كان ذلك ونزولا على ما صرح به الفقهاء من قبول خبر المسلم الفاسق أو الجاهل وخبر الكتابى فى حل الذبيحة، باعتبار أن كلا منهم أهل للذكاة بنص القرآن والسنة، على ما سلف بيان سنده - يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن واللحوم التى تستورد من بلاد يقوم بالذبح فيها كتابيون ( اليهود والنصارى ) .
وذلك ما لم يظهر من فحص رسائل الدواجن واللحوم المستوردة أنها لم تذبح، وإنما أميتت بالصعق بالكهرباء، أو بالقذف بالماء المغلى أو فى البخار أو بالضرب على الرأس أو بإفراغ محتوى المسدس المميت فى رأسها، أو متى ظهر أنها قد أزهقت أرواحها بطريق من هذه الطرق وأمثالها .
أصحبت ميتة محرمة، لأنها بهذا تدخل فى نطاق آية المحرمات ( الآية الثالثة ) فى سورة المائدة .(1/117)
ولما كان الحلال والحرام من أمور الإسلام التى قطع فيها كل من القرآن والسنة بالنصوص الواضحة التى يجب العمل بها جميعا، كان على المسئولين عن الرقابة على الواردات من اللحوم والدواجن المذبوحة، بل والمعلبة، التثبت مما إذا كانت قد ذبحت، أو أزهقت روحها بطريق جعلها من تلك المحرمات، وأن تطالب الجهة الموردة بوضوح الشهادة وذلك بتحديد طريق الذبح ومكانه، بأن يكون بآلة حادة وفيما بين الرأس والصدر، وليس بالصعق أو الخنق وأمثالهما على ما سبق بيانه .
ذلك لأنه اليهود بوصف عام أصحاب كتاب سماوى شرع الذبح تحليلا لأكل الحيوانات المسخرة للإنسان، ومثلهم النصارى باعتبارهم من أهل الكتاب أيضا، غير أنه يشترط أن تكون اللحوم مما أباح الإسلام تناولها .
وإذا كان ما تقدم وترتيبا عليه، ومراعاة تلك القيود، يجوز الاعتداد بشهادات الذبح المرافقة لرسائل الدواجن المجمدة المسئول عنها، ما لم يظهر من الفحص أنها لم تذبح وإنما أزهقت روحها بطريق آخر كالصعق أو الخنق، وأنه من باب الاحتياط للحلال والحرام .
أقترح أن تطالب الجهة الموردة ببيان طريق الذبح وألا يكتفى فى الشهادة بأن الذبح تم حسب الشريعة اليهودية .
هذا، وان الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع والعمل أمانة، والرقابة على أقوات الناس وأطعمتهم أمانة قال تعالى { فليؤد الذى اؤتمن أمانته وليتق الله ربه } البقرة 283 ، والله سبحانه وتعالى أعلم
---
ذبائح اليهود والنصارى
المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
3 محرم 1402 هجرية - 31 أكتوبر 1981 م
المبادئ
1 - المقصود بطعام الذين أوتوا الكتاب فى القرآن ذبائحهم .
2 - عدم ذكر اسم الله تعالى عند الذبح لا يحرم أكل الذبيحة ما دام الذابح كتابيا .
3 - متى ثبت قطعا عدم الذبح للحيوان وجب الامتناع عن أكل لحمه شرعا
السؤال(1/118)
بالطلب المقدم من السيد / ع م أ - لندن بانجلترا وقد جاء به أن السائل قرأ تفسيرا لقول الله سبحانه فى القرآن الكريم فى سورة المائدة { اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } إلى آخر الآية الكريمة .
وهذا التفسير باللغة الإنكليزية لمؤلفه المفسر محمد أحمد المنشور فى 1979 بلندن بانجلترا، وقد قال فى صحيفة 110 تفسيرا لهذه الآية ما ترجمته اليوم أحل لكم الطيبات من الرزق كما يحل لكم أن تأكلوا، كما أن ذبيحة اليهود والمسيحيين مسموح لكم بها، وطعامكم مسموح حل لهم، ويجوز لكم الزواج بالحرائر المؤمنات، وكذا من حرائر اليهود والمسيحيات على أن تعطوهن المهور ) .
والسؤال هو هل يجوز للمسلم أن يأكل من ذبيحة اليهود والنصارى كما فسرها الأخ - محمد أحمد فى تفسيره هذا باللغة الإنجليزية مع العلم بأن ذبيحتهم لم يذكر اسم الله عليها، كما أن المسيحيين لا يذبحون البهيمة إلا بعد حنقها أو كتم أنفاسها نتيجة ضربة بما يشبه المسدس
الجواب
إن جمهور المفسرين للقرآن والفقهاء قد قالوا بمثل ما جاء فى هذا التفسير المترجم، إذ قالوا ان المراد من كلمة { وطعام الذين أوتوا الكتاب } المائدة 5 ، فى هذه الآية الذبائح أو اللحوم لأنها هى التى كانت موضع الشك - أما باقى أنواع المأكولات فقد كانت حلالا بحكم الأصل، وهو الإباحة والحل .
فقد نقل ابن جرير وابن المنذر والبيهقى وغيرهم عن ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير قوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب } أى ذبائحهم .
وما جاء بالسؤال من أن اليهود والنصارى لا يسمون على الذبائح وقت الذبح باسم الله تعالى، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا حسبما رواه الدار قطنى قال ان قوما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن لحم يأتيهم من ناس لا يدرى أسموا الله عليه أم لا فقال عليه الصلاة والسلام ( سموا الله أنتم وكلوا ) .(1/119)
كما حفلت كتب السنة والسيرة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل من ذبائح اليهود دون أن يسأل هل سموا الله عند الذبح أم لا وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم، وما جاء بالسؤال من أن النصارى لا يذبحون وإنما يميتون الحيوان بالخنق أو بضرب الرأس بنحو المسدس، فإنه إذا تبين أن الحيوان مخنوق وأنه لم يذبح من المحل المعروف بقطع الأربعة العروق ( الودجين والمرئ والحلقوم ) أو أكثرها كان على المسلم الامتناع عن أكل لحمه، لأنه يدخل بهذا الاعتبار فى الآية الأخرى فى سورة المائدة { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق } المائدة 3 ، لما كان هذا هو ما نقله المفسرون والفقهاء وأصحاب كتب السنة تفسيرا لهذه الآية وهو موافق للترجمة الواردة فى السؤال كان ما قال به ذلك المفسر فى ترجمته على هذا الوجه الوارد بالسؤال صوابا لا خروج فيه على حكم الإسلام .
والله سبحانه وتعالى أعلم
---
اللحوم المستوردة من الخارج
المفتي
حسن مأمون .
10 ذو القعدة 1374 هجرية - 30 يونية 1955 م
المبادئ
يحل أكل اللحوم المستوردة من الخارج متى ثبتت ذكاتها بآلة ذبح شرعية، وكان الذابح من أهل الكتب السماوية وإلا فلا
السؤال
هل من الجائز شرعا أكل اللحوم المستوردة من الخارج
الجواب
بأن فتوانا التى أشرتم إليها فيه خاصة بماشية ذكيت بآلة ذبح شرعية ( سكين ) بواسطة أهل كتاب كما جاء فى تقرير وزارة التموين المرافق بطلب هذه الفتوى والمرفق به شهادة رسمية مصدق عليها من الجهات التى لها حق التصديق بأن الذبح كان بسكين بهذا النص .(1/120)
فهى فتوى عن حكم الشريعة فى حيوان يحل أكله للمسلمين وذكى بآلة ذبح شرعية بمعرفة أهل الكتاب وليست الفتوى عامة لكل ما يذبح بواسطتهم وبأى آلة ولو لم تكن آلة ذبح شرعية ، فهى خاصة بما ذكرنا فلا تشمل غيرها من الذبائح التى يذبحونها بطرائق أخرى قد لا تكون شرعية ولعل منها الطريقة التى شاهدتها بنفسك فهذه لا تناولها فتوانا هدانا الله وإياكم سواء السبيل
---
الذبح بالكهرباء
المفتي
حسن مأمون .
28 ذو الحجة 1374 هجرية - 17 أغسطس 1955 م
المبادئ
1 - اشترط الفقهاء فى حل الذبيحة شروطا منها ما يتعلق بآلة الذبح، ومنها ما يتعلق بالذابح نفسه، ومنها ما يتعلق بموضوع الذبح .
كما اشترطوا فى الآلة أن تكون حادة تقطع بحدها لا بثقلها، وألا تكون سنا ولا ظفرا، ويسن الذبح بسكين حاد، كما اشترطوا فى الذبح القدرة عليه وأن يكون مسلما أو من أهل الكتب السماوية، والتسمية عند الذبح، لكن إن نسى التسمية عنده فإنها تحل .
2 - إذا لم تعلم حال الذابح بالنسبة للتسمية وعدمها وذكر الله سبحانه أو غيره فالذبيحة حلال .
3 - ما ذكر اسم غير الله تعالى عليه عند ذبحه كانت ذبيحته محرمة شرعا عند الجمهور إذا علم ذلك أو شوهد، ولا فرق فى ذلك بين أن يكون الذابح مسلما أو كتابيا .
4 - السكين المتحركة بآلة كهربائية إذا كانت تقطع العروق الواجب قطعها فى موضع الذبح وكان مدير الآلة الكهربائية ممن توافرت فيه شروط الذابح حلت الذبيحة .
5 - إذا كانت الآلة الكهربائية تصعق أو تخنق أو تميت بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط الواجبة فلا تحل ذبيحتها
السؤال
من الجمعية العربية ص ب ( 91 ) كامولى أوغندة أفريقية الشرقية قالت هل الذبح بالآلة الكهربائية المستعملة فى كثير من البلاد اليوم جائز شرعا، وهل فيه تذكية شرعية يترتب عليها جواز أكل المذبوح وبيعه للمسلمين
الجواب(1/121)
بأن الله تعالى جعل الذكاة ( الذبح ) شرطا لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا، وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط منها ما يتعلق بآلة الذبح، ومنها ما يتعلق بمن يتولى الذبح، ومنها ما يتعقل بموضع الذبح، أما الآلة التى تذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين - الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها - الثانى ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان فى شىء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا .
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا مالم يكن سنا أو ظفرا ) وإن كان يسن الذبح بسكين حاد .
أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا ولا يعلم فى هذا خلاف - لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } المائدة 5 ، أى ذبائحهم .
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب .
واختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة فى عمد ولا سهو وبه قال الإمام الشافعى .
والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو ، وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أولا فذبيحته حلال .
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التى يذبحها المسلم والكتابى وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح، وقد روى عن عائشة رضى الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكروا اسم الله عليه أو لم يذكروا - فقال ( سموا أنتم وكلوا ) أخرجه البخارى .(1/122)
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا، لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها فى كتابه .
وذهب جمهور العلماء إلى حرمة ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به - لقوله تعالى { إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } البقرة 173 ، سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا - أما موضع الذبح فقد شرطوا أن يكون بين الحلق والصدر مع قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين عند الحنفية .
وقال المالكية لا بد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء .
وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء .
ولما كان السائل لم يذكر بالسؤال طريقة الذبح بالآلة الكهربائية التى يريد معرفة الحكم الشرعى فى تذكيتها، وهل تحل أو لا تحل فنفيد بأنه إذا توافرت الشروط المذكورة فى الذابح وهو يدير الآلة وكان الآلة بها سكين تقطع العروق الواجب قطعها فى موضح الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين فى يد الذابح وحل أكل ذبيحتها .
وإذا لم تتوافر تلك الشروط فلا تحل ذبيحتها، وذلك بأن كانت الآلة تصعق أو تخنق أو تميت بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله تعالى أعلم
---
ذبيحة أهل الكتاب
المفتي
أحمد هريدى .
9 جمادى الثانية 1382 هجرية - 6 نوفمبر 1962 م
المبادئ
1 - نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية .
2 - اختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
( ا ) عن الإمام أحمد أنها غير واجبة لا فى حالة التذكر ولا فى حالة السهو .
وبه قال الإمام الشافعى . ( ب ) المشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو .(1/123)
3 - إذا لم تعلم حال الذابح هل سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أو لا فذبيحته حلال .
4 - ماذكر عليه اسم غير الله روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا .
وذهب جمهور العلماء إلى تحريمه . 5 - اشترط الفقهاء فى أداة الذبح أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها وألا تكون سنا ولا ظفرا .
6 - موضع الذبح اشترط الفقهاء فى الحالات الاختيارية أن يكون بين الحلقوم والصدر .
ويرى الحنفية قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين ويرى المالكية ضرورة قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء
السؤال
بالطلب المقدم من السيد / م م ع من متشيجان جنوب شيكاغو ولاية الينوى بالولايات المتحدة الأمريكية المتضمن أن معظم المسلمين فى الولايات المتحدة الأمريكية فى حيرة بشأن أكل اللحم وأن الناس هناك لا يذبحون باسم الله وأن لليهود مذبحا ( سلخانة ) ويذبحون كما يذبح المسلمون .
وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى ذلك
الجواب
جعل الله تعالى الذكاة ( الذبح ) لحل أكل الحيوان إذا كان مما يحل أكله شرعا - وقد اشترط الفقهاء لحل الذبيحة عدة شروط .
منها ما يتعلق بمن يتولى الذبح .
ومنها ما يتعلق بموضع الذبح .
ومنها ما يتعلق بأداة الذبح . 1 - أما من يتولى الذبح فقد نص الفقهاء على أن ذبيحة من أطاق الذبح من المسلمين وأهل الكتاب حلال إذا سموا أو نسوا التسمية، فكل من أمكنه الذبح من المسلمين وأهل الكتاب إذا ذبح حل أكل ذبيحته رجلا كان أو امرأة بالغا أو صبيا - ولا يعلم فى هذه خلاف .
لقوله تعالى { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } أى ذبائحهم .
ولا فرق بين العدل والفاسق من المسلمين وأهل الكتاب .
وقد اختلف الفقهاء فى اشتراط التسمية باسم الله على الذبيحة عند ذبحها .
فعن الإمام أحمد أنها تسمية غير واجبة لا فى حالة التذكر ولا فى حالة السهو .(1/124)
وبه قال الإمام الشافعى . والمشهور من مذهب الإمام أحمد وغيره من أئمة المذاهب أنها شرط مع التذكر وتسقط بالسهو .
وإذا لم تعلم حال الذابح إن كان قد سمى باسم الله أو لم يسم أو ذكر اسم غير الله أو لا فذبيحته حلال .
لأن الله تعالى أباح لنا أكل الذبيحة التى يذبحها المسلم والكتابى .
وقد علم أننا لا نقف على كل ذابح . وقد روى عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أنهم قالوا يا رسول الله إن القوم حديثو عهد بشرك يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر اسم الله عليه أو لم يذكر فقال صلى الله عليه وسلم ( سموا أنتم وكلوا ) أخرجه البخارى .
أما ما ذكر عليه اسم غير الله فقد روى عن بعض الفقهاء حل أكله إذا كان الذابح كتابيا .
لأنه ذبح لدينه وكانت هذه ديانتهم قبل نزول القرآن وأحلها فى كتابه .
وذهب جمهور العلماء إلى تحريم ما ذبح على غير اسم الله إذا شوهد ذلك أو علم به لقوله تعالى { إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } سواء أكان الذابح مسلما أو كتابيا .
2 - أما الأداة التى يذبح بها فقد اشترط الفقهاء فيها شرطين الأول أن تكون محددة تقطع أو تخزق بحدها لا بثقلها .
الثانى ألا تكون سنا ولا ظفرا فإذا اجتمع هذان الشرطان فى شىء حل الذبح به سواء أكان حديدا أو حجرا أو خشبا .
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفر ) وإن كان يسن الذبح بسكين حاد .
وإن كان الذبح بآلة كهربائية فإنه إذا توافرت الشروط المذكورة وهو يدير الآلة وكانت الآلة سكينا تقطع العروق الواجب قطعها فى موضع الذبح المبين اعتبرت الآلة كالسكين فى يد الذابح وحل أكل ذبيحتها، وإذا لم تتوافر تلك الشروط بأن كانت الآلة تصعق أو تميت أو تخنق بأى طريقة أخرى غير مستوفية للشروط السابق ذكرها فلا تحل ذبيحتها .(1/125)
3 - أما موضع الذبح فقد اشترطوا فى الحالات الاختيارية أن يكون بين الحلقوم والصدر مع قطع الحلقوم والمرىء وأحد الودجين عند الحنفية وقال المالكية لابد من قطع الحلقوم والودجين ولا يشترط قطع المرىء وقال الشافعية والحنابلة لابد من قطع الحلقوم والمرىء .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله سبحانه وتعالى أعلم(1/126)