سؤال رقم 49794- الحامل والمرضع تفطران وتقضيان ولا يجزئهما الإطعام
قرأت أنه يجوز للحامل والمرضع ترك الصيام مع الإطعام بدون قضاء , ويستدل له بما ورد عن ابن عمر في ذلك , ما صحة هذا ؟ أفيدونا بالدليل بارك الله فيكم .
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا على عدة أقوال :
القول الأول : عليهما القضاء فقط ، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة
رحمه الله . وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
القول الثاني : إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط ، وإن
خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو مذهب الإمامين
الشافعي وأحمد . وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما .
القول الثالث : عليهما الإطعام فقط ، ولا قضاء عليهما . وقال به
من الصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وحكاه ابن قدامة في المغني (3/37) عن
ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما.
روى أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ
الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ
يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ
إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا
وَأَطْعَمَتَا. قال النووي : إسناده حسن .
وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ : وَكَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى : أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا
تُطِيقُهُ فَعَلَيْك الْفِدَاءُ , وَلا قَضَاءَ عَلَيْك , وَصَحَّحَ الدَّارَ
قُطْنِيُّ إسْنَادَهُ . قاله الحافظ في "التلخيص" .
وقد حكى الجصاص في " أحكام القرآن" اختلاف الصحابة في هذه
المسألة فقال :
" اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ;
فَقَالَ عَلِيٌّ : : عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلا فِدْيَةَ
عَلَيْهِمَا . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ بِلا قَضَاءٍ .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ " اهـ .
واستدل من قالوا بأن عليهما القضاء فقط بعدة أدلة :
1- ما رواه النسائي (2274) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ
نِصْفَ الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمَ ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ) . صححه
الألباني في صحيح النسائي. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحامل والمرضع
كالمسافر ، والمسافر يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع . انظر : "أحكام
القرآن" للجصاص .
2- القياس على المريض ، فكما أن المريض يفطر ويقضي فكذلك الحامل
والمرضع .
انظر : المغني (3/37) ، "المجموع" (6/273) .
وقد اختار هذا القول جماعة من العلماء .
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/225) :
"الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض ، إذا شق عليهما الصوم شرع
لهما الفطر ، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك ، كالمريض ، وذهب بعض أهل العلم
إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم : إطعام مسكين ، وهو قول ضعيف مرجوح ، والصواب
أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض ؛ لقول الله عز وجل : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ
مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 "
اهـ .
وقال أيضا في مجموع الفتاوى (15/227) :
"الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء وما يروى عن ابن
عباس وابن عمر أن على الحامل والمرضع الإطعام هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية ،
والله سبحانه يقول : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
والحامل والمرضع تلحقان بالمريض وليستا في حكم الشيخ الكبير
العاجز بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتا ذلك ولو تأخر القضاء " اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/220) :
" إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من صوم رمضان أفطرت وعليها
القضاء فقط ، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه
مضرة ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
وكذا المرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعت ولدها في رمضان ، أو
خافت على ولدها إن صامت ولم ترضعه أفطرت وعليها القضاء فقط " اهـ .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" أيضا (10/226) :
" أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من
الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من
النفاس . . . ولا يجزئها الإطعام عن الصيام ، بل لا بد من الصيام ويكفيها عن
الإطعام " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/220) بعد أن ذكر
اختلاف العلماء في حكم المسألة ، واختار أن عليهما القضاء فقط ، قال :
" وهذا القول أرجح الأقوال عندي ، لأن غاية ما يكون أنهما
كالمريض والمسافر فيلزمهما القضاء فقط " اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
49985
حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/7464)
سؤال رقم 49985- حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
ما حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب ؟.
الحمد لله
من شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة اليمين فلا يجوز له
الإفطار من غير عذر ، كمرض أو سفر .
فإن أفطر -بعذر أو من غير عذر- وجب عليه قضاء هذا اليوم فيصوم
يوماً مكانه ، ولا كفارة عليه ، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان .
راجع السؤال ( 49750 ) .
وإن كان فطره من غير عذر وجب عليه التوبة إلى الله من هذا الفعل
المحرم .
قال ابن قدامة (4/412) :
"وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ , كَقَضَاءِ رَمَضَان , أَوْ نَذْرٍ
، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ ; لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي
هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ" اهـ باختصار .
قال النووي في " المجموع" (6/383) :
"لَوْ جَامَعَ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ
نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلا كَفَّارَةَ ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ , وَقَالَ
قَتَادَةُ : تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ قَضَاءِ رَمَضَانَ: اهـ .
وانظر : المغني (4/378) .
سئل الشيخ ابن باز (15/355) في مجموع الفتاوى :
كنت في أحد الأيام صائمة صوم قضاء وبعد صلاة الظهر أحسست بالجوع
فأكلت وشربت متعمدة غير ناسية ولا جاهلة ؛ فما حكم فعلي هذا ؟
فأجاب :
" الواجب عليك إكمال الصيام ، ولا يجوز الإفطار إذا كان الصوم
فريضة كقضاء رمضان وصوم النذر ، وعليك التوبة مما فعلت ، ومن تاب تاب الله عليه"
اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى(20/451) :
سبق أن صمت في السنوات الماضية لقضاء دين علي فأفطرت متعمدة وبعد
ذلك قضيت ذلك الصيام بيوم واحد، ولا أدري هل سيُقضى بيوم واحد كما فعلت ؟ أم بصيام
شهرين متتابعين؟ وهل تلزمني الكفارة؟ أرجو الإفادة .
فأجاب :
" إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان ، وكفارة اليمين ،
وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل ، وما أشبه ذلك من الصيام
الواجب ، فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي ، وهكذا كل من شرع في شيء واجب
فإنه يلزمه إتمامه ، ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه ، وهذه المرأة التي
شرعت في القضاء ثم أفطرت في يوم من الأيام بلا عذر ، وقضت ذلك اليوم ، ليس عليها
شيء بعد ذلك ، لأن القضاء إنما يكون يوماً بيوم ، ولكن عليها أن تتوب وتستغفر الله
عز وجل لما وقع منها من قطع الصوم الواجب بلا عذر" اهـ .
*****
5000
حكم الموسيقى والغناء والرقص
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/7465)
سؤال رقم 5000- حكم الموسيقى والغناء والرقص
دائما أسمع بأن الموسيقى والرقص والغناء محرمة في الإسلام.
السؤال : ذهبت لموقع على الإنترنت وأسمه xxx وهناك الكثير من المقالات تقول بأن "الموسيقى والغناء والرقص حلال في الإسلام ما دام الجنسين ليسا مختلطين وليس هناك خمر"
حتى أنهم حاولوا إثبات هذا بذكرهم حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه وافق على هذا.
أنا الآن متشككة فهل يمكن أن توضح لي حكم الموسيقى والرقص والغناء في الإسلام .
جزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
"المعازف" جمع معزفة، وهي آلات الملاهي ( فتح الباري 10/55 ) ، وهي الآلة التي يعزف بها ( المجموع 11/577 ) ، ونقل القرطبي رحمه الله عن الجوهري رحمه الله أن المعازف الغناء ، والذي في صحاحه : آلات اللهو . وقيل : أصوات الملاهي . وفي حواشي الدمياطي رحمه الله : المعازف بالدفوف وغيرها مما يضرب به ( فتح الباري 10/55 ) .
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :
قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل ( تفسير الطبري 21/40 ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير 3/451 ) ، وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا ( تفسير السعدي 6/150 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ،
فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259
وقال تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "
عن مجاهد رحمه الله قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان .
وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون "
قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة . تفسير ابن كثير .
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " حسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، ( رواه البخاري تعليقا برقم 5590 ، ووصله الطبراني والبيهقي ، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . ( المجموع 11/535 ) ، وقال ابن القيم رحمه الله : ( وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة ) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم .
عن نافع رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " صحيح أبي داود ؛ وقد زعم قزم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم ، إذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه ، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك ! فيجاب : بأنه لم يكن يستمع ، وإنما كان يسمع ، وهناك فرق بين السامع والمستمع ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك ) المجموع 10 / 78 ؛ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ، فأبيح للحاجة . ( المغني 10 / 173 ) ( ولعل السماع المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك رحمه الله والله أعلم ) .
أقوال أئمة الإسلام :
قال القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل ، وقال الحسن رحمه الله : إن كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . الجامع للقيرواني ص 262-263 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) المجموع 11/576 ، قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . الصحيحة 1/145 .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض ) إغاثة اللهفان 1/425 .
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم . ( الجامع للقيرواني 262 ) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق ( تفسير القرطبي 14/55 ) ، قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله . ( الكافي ) .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) ( إغاثة اللهفان 1/425 ) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ، وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) ( كفاية الأخيار 2/128 ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق ) ( إغاثة اللهفان ) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : ( الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته ) ( المغني 10/173 ) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا يحضر ) ( الكافي 3/118 ) .(1/7466)
قال الطبري رحمه الله : ( فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسواد الأعظم " ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ) ( تفسير القرطبي 14/56 ) . وقد كان لفظ الكراهة يستخدم لمعنى الحرمة في القرون المتقدمة ثم غلب عليه معنى التنزيه ، ويحمل هذا على التحريم لقوله : والمنع منه ، فإنه لا يمنع عن أمر غير محرم ، ولذكره الحديثين وفيهما الزجر الشديد ، والقرطبي رحمه الله هو الذي نقل هذا الأثر ، وهو القائل بعد هذا : ( قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) ، قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة ) الإعلام.
وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لا يجوز صنع آلات الملاهي ) ( المجموع 22/140 ) ، وقال رحمه الله : ( آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد ) ( المجموع 28/113 ) ، وقال : ( الوجه السادس : أنه ذكر ابن المنذر اتفاق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح فقال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية ، كره ذلك الشعبي والنخعي ومالك وقال أبو ثور والنعمان - أبو حنيفة رحمه الله - ويعقوب ومحمد - تلميذي أبي حنيفة رحمهم الله - : لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح وبه نقول ) وقال : ( والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) ( مجموع الفتاوى 10/417 ) .
وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - . ( المصنف 5/395 ) .
وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) ( شرح السنة 8/28 ) .
استثناء حق
ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني
رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . ( غريب الحديث 3/64 ) - فينبغي لبعضهم الخروج بالحجاب الشرعي - .
استثناء باطل
استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور ؛ أولها : انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو باطل ، ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك ، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز التشبه بهم ، لاسيما في ما حرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما كالموسيقى . ( الصحيحة 1/145 ) .
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) صحيح
استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .
واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ) ( مدارج السالكين 1/493 ) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . ( تلبيس إبليس 229 ) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) ( فتح الباري 2/442-443 )
وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا !!
قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .
( وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما عرف علم الحديث ، وابن حزم ، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )
وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !
قال الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .
وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ، وقد سبق الرد على ذلك ، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) ، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا ) ( إغاثة اللهفان ) .(1/7467)
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!
قال ابن القيم رحمه الله : ( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به ) ( مدارج السالكين 1/485 ) . قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ، ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) ( مجموع الفتاوى 11/557 وما بعده ) .
ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ، وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم .
خاتمة
لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا ، وأنه ليس في هذه المسألة قولان ، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع ، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء ، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب ، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع ! - ، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة ، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة ! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها .
فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال ، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه ، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين ، ويطير وسواس قوم موسوسين ، ويفضح كل معرض عن الوحي ، متتبع للرخص ، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم ، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه - ، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
وللاستزادة .. يمكن مراجعة :
كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم
وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50005
حكم صيام المرضع والحامل
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/7468)
سؤال رقم 50005- حكم صيام المرضع والحامل
هل يجوز لزوجتي التي ترضع ابني البالغ من العمر عشرة أشهر الإفطار في شهر رمضان ؟ .
الحمد لله
المرضع ومثلها الحامل لها حالان :
الأولى :
أن لا تتأثر بالصيام ، فلا يشق عليها الصيام ولا يُخشى منه على
ولدها ، فيجب عليها الصيام ، ولا يجوز لها أن تفطر .
الثانية :
أن تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويشق عليها ، فلها أن تفطر
وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها .
وفي هذه الحال الأفضل لها الفطر ، ويكره لها الصيام ، بل ذكر بعض
أهل العلم أنها إذا كانت تخشى على ولدها وجب عليها الإفطار وحرم الصوم .
قال المرداوي في الإنصاف" (7/382) :
"يُكْرَهُ لَهَا الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ . . . وَذَكَرَ
ابْنُ عَقِيلٍ : إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ , حَالَ
الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ , وَإن لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ" اهـ
. باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص161) :
إذا أفطرت الحامل أو المرضع بدون عذر وهي قوية ونشيطة ولا تتأثر
بالصيام فما حكم ذلك ؟
فأجاب :
لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطرا في نهار رمضان إلا للعذر، فإذا
أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم ، لقول الله تعالى في المريض : ( وَمَن كَانَ
مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . وهما بمعنى المريض
وإذا كان عذرهما الخوف على الولد فعليهما مع القضاء عند بعض أهل العلم إطعام مسكين
لكل يوم من البر (القمح) ، أو الرز، أو التمر، أو غيرها من قوت الا?دميين ، وقال
بعض العلماء: ليس عليهما سوى القضاء على كل حال ؛ لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل
من الكتاب والسنة ، والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها ، وهذا مذهب أبي
حنيفة رحمه الله ، وهو قوي اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أيضاً في فتاوى الصيام
(ص162) :
عن الحامل إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وأفطرت فما
الحكم ؟
فأجاب :
جوابنا على هذا أن نقول : الحامل لا تخلو من حالين :
إحداهما : أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على
جنينها ، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم ؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام .
والحال الثانية : أن تكون الحامل غير متحملة للصيام : إما لثقل
الحمل عليها ، أو لضعفها في جسمها ، أو لغير ذلك ، وفي هذه الحال تفطر ، لاسيما إذا
كان الضرر على جنينها ، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ . وإذا أفطرت فإنها كغيرها
ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها ، فإذا وضعت وجب عليها
قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس ، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر
وهو عذر الإرضاع ، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف
الطويلة النهار ، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها
بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما
فاتك من الصوم اهـ .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/224) :
أما الحامل والمرضع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث
أنس بن مالك الكعبي عن أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح أنه رخص لهما في الإفطار
وجعلهما كالمسافر . فعلم بذلك أنهما تفطران وتقضيان كالمسافر ، وذكر أهل العلم أنه
ليس لهما الإفطار إلا إذا شق عليهما الصوم كالمريض ، أو خافتا على ولديهما والله
أعلم اهـ .
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/226) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من
الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من
النفاس" اهـ .
*****
50063
هل التبرج مبطل للصوم ؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الصوم >(1/7469)
سؤال رقم 50063- هل التبرج مبطل للصوم ؟
هل التبرج مبطل للصوم ؟.
الحمد لله
أولاً :
شرع الله تعالى الصيام لحكم عظيمة ، ومن أهم هذه الحكم والمصالح
المترتبة على الصيام تحقيق تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
والتقوى هي امتثال ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه .
فالصائم مأمور بفعل الطاعات ، منهي عن فعل المحرمات نهيا مؤكدا ،
فإن المعاصي قبيحة من كل أحد وهي من الصائم أشد قبحا ، ولهذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ
فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري
(6057) . راجع السؤال رقم ( 37989 )
، ( 37658 )
وروى ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من
اللغو والرفث ) . وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1082) .
قال عُمَر بْن الْخَطَّابِ وعَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنهما : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَحْدَهُ ; وَلَكِنَّهُ
مِنْ الْكَذِبِ , وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ .
وقَالَ جَابِرٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إذَا صُمْت فَلْيَصُمْ
سَمْعُكَ , وَبَصَرُكَ , وَلِسَانُكَ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمَأْثَمِ , وَدَعْ أَذَى
الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ , وَلا
تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صَوْمِكَ سَوَاءً .
وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا
صُمْت فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت . فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِهِ
دَخَلَ (يعني بيته) فَلَمْ يَخْرُجْ إلا إلَى صَلاةٍ .
وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم إذَا
صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا : نُطَهِّرُ صِيَامَنَا .
انظر : "المحلى" (4/305)
وقال بعض العلماء :
يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِعَيْنَيْهِ فَلا
يَنْظُرُ إلَى مَا لا يَحِلُّ ، وَبِسَمْعِهِ فَلا يَسْمَعُ مَا لَا يَحِلُّ ،
وَبِلِسَانِهِ فَلا يَنْطِقُ بِفُحْشٍ وَلا يَشْتُمُ وَلا يَكْذِبُ وَلا يَغْتَبْ
اهـ .
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذا الشهر الكريم الذي تسلسل فيه
الشياطين ، وتفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، وينادي مناد يا باغي
الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، فينتهز المؤمن هذا الشهر ليكون أقرب إلى الله ،
فيتوب توبة نصوحا من كل ذنوبه ومعاصيه ، ويعاهد الله تعالى على الاستقامة على دينه
وشرعه .
ثانيا :
والمعاصي ( ومنها تبرج المرأة وإظهارها زينتها ومفاتنها للرجال
الأجانب عنها ) تنقص ثواب الصيام فكلما كثرت معاصيه وعظمت نقص ثواب صيامه ، وقد
يزول ثوابه بالكلية ، فيكون قد منع نفسه من الطعام والشراب وسائر المفطرات وقد أضاع
ثواب ذلك بمعصيته لله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ
لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) . وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه .
قال السبكي في فتاويه (1/221-226) :
هَلْ يَنْقُصُ الصَّوْمُ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ
الْمَعَاصِي أَوْ لا ؟ وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْقُصُ وَمَا
أَظُنُّ فِي ذَلِكَ خِلافًا . . .
وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الصَّوْمِ قَدْ تَكُونُ
بِاقْتِرَانِ طَاعَاتٍ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَلاةٍ
وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتٍ . فَكُلُّ ذَلِكَ
يَزِيدُهُ كَمَالا وَمَطْلُوبٌ فِيهِ اهـ . باختصار .
ثالثا :
وأما إفساد الصيام بالمعاصي (ومنها تبرج المرأة) فإن الصيام لا
يفسد بذلك بل يكون صحيحا مسقطا للفرض عن الصائم ، ولا يؤمر بقضائه ، ولكن ينقص ثواب
الصيام بفعل المعصية ، وقد يذهب ثوابه بالكلية كما سبق .
قال النووي في "المجموع" (6/398) :
( يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُنَزِّهَ صَوْمَهُ عَنْ
الْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ ) مَعْنَاهُ يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي
حَقِّ الصَّائِمِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْحَدِيثِ , وَإِلا فَغَيْرُ الصَّائِمِ
يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَيُؤْمَرُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ , وَالتَّنَزُّهُ
التَّبَاعُدُ , فَلَوْ اغْتَابَ فِي صَوْمِهِ عَصَى وَلَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ
عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ
كَافَّةً إلا الأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ : يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِالْغِيبَةِ وَيَجِبُ
قَضَاؤُهُ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص358) : هل تحدث المرء
بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه ؟
فأجاب :
"إذا قرأنا قول الله عز وجل: ( يا أَ
يُّهَا ا لَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ا لصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ا لَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي
التقوى ، والتقوى هي ترك المحرمات، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك
المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور ، والعمل به ،
والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) . وعلى هذا يتأكد على الصائم اجتناب
المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ، ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا
يبيع بيعاً محرماً ، ويجتنب جميع المحرمات . وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل
فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ، ولكن المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين
يوم صومهم وفطرهم ، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش
وغيره ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام ، ولكن تنقص من
أجره ، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم" اهـ .
*****
08/1426
50075
حكم صلاة الجماعة للمريض ولمن لا يتحكم بالنجاسة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >
سؤال رقم 50075: حكم صلاة الجماعة للمريض ولمن لا يتحكم بالنجاسة
لي زميل عمل عملية استئصال فتحة الشرج - تغيير مجرى فتحة الشرج وفتح فتحة من الجنب - لوجود ورم ، سؤالي هو : الفتحة الجديدة لا يتحكم في الإخراج أو الريح هل يجوز له الصلاة في المسجد أو في البيت ؟.
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يعافيه وأن يشفيه ، كما نسأله تعالى أن يلهمه
الصبر ويؤجره على ما ابتلاه به .
وهذه الحالة المرضية لا يستطيع المريض فيها أن يتحكم بإخراج
الغائط ، بل يخرج الغائط عبر فتحة الشرج المصطنعة على هيئة سلس مستمر ، وحكمه حكم
من به سلس دائم .
وعليه : فيجوز لمن ابتلي بهذا أن يجمع بين الصلاتين إن شقَّ عليه
أداء كل صلاة في وقتها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
والصواب أن الجمع لا يختص بالسفر الطويل بل يجمع للمطر ويجمع
للمرض كما جاءت بذلك السنة في جمع المستحاضة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها
بالجمع في حديثين . " الفتاوى الكبرى " ( 1 / 49 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة في حكم امرأة لا تتحكم بالبول من مرض
أصابها :
إذا كان الأمر كما ذكر : فإنها تصلِّي على حسب حالها ، ولا مانع
من جمعها الظهر والعصر في وقت أحدهما ، وهكذا المغرب والعشاء ؛ لعموم أدلة يسر
الشريعة على أن يكون وضوؤها للظهر والعصر بعد دخول الوقت ، وهكذا المغرب والعشاء
يكون وضوؤها لهما بعد دخول الوقت .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 8 / 85 ) .
ثانياً :
ولا تسقط الجماعة في المسجد عن مثل هذا المريض إلا أن يكون في
ذهابه تلويث للمسجد أو ظهور ريح كريهة من الفتحة الجديدة ؛ لما في ذلك من أذية
المصلين .
- أما الرائحة الكريهة : فخروجها من الإنسان عذر له في سقوط وجوب
صلاة الجماعة ، بل لا يحل له المجيء إلى المسجد وإيذاء الملائكة والمصلين بهذه
الرائحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إذا كان فيه بَخَرٌ : أي : رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ ، أو في
الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين ، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه . "
الشرح الممتع " ( 4 / 323 ) .
وقد نُهي آكل البصل والثوم عن حضور جماعة المسجد لما لهما من
رائحة كريهة ، ويلحق بذلك أيضاً : رائحة الدخان والسجائر الخبيثة المحرمة
روى مسلم (564) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ
وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ
تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ) .
وإذا كان من عادة هذا المريض أن يصلي في المسجد جماعة : فإنه
يكتب له أجرها ولو صلى في بيته .
قال الشيخ ابن عثيمين :
المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن
يصلِّي مع الجماعةِ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ
كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً " . " الشرح الممتع " ( 4 / 323
) .
وأما تلويث المسجد بالنجاسات فهو محرَّم ، وقد أمرنا بتنظيف
المساجد وتطييبها .
روى البخاري (221) ومسلم (284)عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ
فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ
أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ
فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ ) وفي رواية لمسلم (285) : ( ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ هَذِهِ
الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلا الْقَذَرِ ، إِنَّمَا
هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم :
"يَحْرُم إِدْخَال النَّجَاسَة إِلَى الْمَسْجِد , وَأَمَّا مَنْ
عَلَى بَدَنه نَجَاسَة فَإِنْ خَافَ تَنْجِيس الْمَسْجِد لَمْ يَجُزْ لَهُ
الدُّخُول , فَإِنْ أَمِنَ ذَلِكَ جَازَ" اهـ .
*****
50180
ما هي المشقة التي تجيز صلاة الفريضة قاعداً؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/7470)
سؤال رقم 50180- ما هي المشقة التي تجيز صلاة الفريضة قاعداً؟
متى يجوز للمريض أن يصلي قاعداً ، لأنه يمكن أن يتحمل القيام ، ولكن بمشقة شديدة جداً ؟.
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال ( 50684 )
أن القيام ركن في صلاة الفريضة ، فلا تصح صلاة من صلى قاعداً وهو قادر على القيام ،
وأن هذا الركن كغيره من الواجبات يسقط مع العذر .
قال النووي في المجموع (4/201) :
" أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ
فِي الْفَرِيضَةِ صَلاهَا قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ عَلَيْهِ , قَالَ أَصْحَابُنَا :
وَلا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ , لأَنَّهُ مَعْذُورٌ
, وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : ( إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ
صَحِيحًا مُقِيمًا ) " انتهى .
وضابط العذر الذي يسقط القيام ، ويجيز صلاة الفريضة قاعدا :
1- أن يعجز عن القيام .
2- أن يزيد به المرض .
3- أن يتأخر به الشفاء .
4- أن يشق عليه مشقة شديدة تذهب الخشوع ، فإن كانت المشقة أقل من
ذلك لم يجز له القعود .
روى البخاري (1117) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاةِ ، فَقَالَ : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ
تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .
قال الحافظ :
" قَوْله : ( فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ
قَالَ لا يَنْتَقِل الْمَرِيض إِلَى الْقُعُود إِلا بَعْد عَدَم الْقُدْرَة عَلَى
الْقِيَام , وَقَدْ حَكَاهُ عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ , وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد
وَإِسْحَاق : لا يُشْتَرَط الْعَدَم بَلْ وُجُود الْمَشَقَّة , وَالْمَعْرُوف عِنْد
الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمُرَاد بِنَفْيِ الاسْتِطَاعَة وُجُود الْمَشَقَّة
الشَّدِيدَة بِالْقِيَامِ , أَوْ خَوْف زِيَادَة الْمَرَض , أَوْ الْهَلاك , وَلا
يُكْتَفَى بِأَدْنَى مَشَقَّة . وَمِنْ الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة دَوَرَان الرَّأْس
فِي حَقّ رَاكِب السَّفِينَة وَخَوْف الْغَرَق لَوْ صَلَّى قَائِمًا فِيهَا . . . .
وَيَدُلّ لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد
الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ : ( يُصَلِّي قَائِمًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة
فَجَالِسًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة صَلَّى نَائِمًا ) " ا نتهى من فتح
الباري .
وحديث ابن عباس الذي ذكره الحافظ ، ذكره الهيثمي في "مجمع
الزوائد" (2897) وقال :
" رواه الطبراني في الأوسط وقال : لم يروه عن ابن جريج إلا حلس
بن محمد الضبعي ، قلت (الهيثمي) : ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات " انتهى .
وقال ابن قدامة في المغني (1/443) :
" وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ , إلا أَنَّهُ يَخْشَى زِيَادَةَ
مَرَضِهِ بِهِ , أَوْ تَبَاطُؤَ بُرْئِهِ , أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً
شَدِيدَةً , فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا . وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ
وَإِسْحَاقُ . . . لقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) . وَتَكْلِيفُ الْقِيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَرَجٌ ,
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى جَالِسًا لَمَّا جُحِشَ (أي جُرح)
شِقُّهُ الأَيْمَنُ , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ
بِالْكُلِّيَّةِ ; لَكِنْ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ سَقَطَ عَنْهُ " انتهى .
وقال النووي في المجموع (4/201) :
" قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلا يُشْتَرَطُ فِي الْعَجْزِ أَنْ لا
يَتَأَتَّى الْقِيَامُ ، وَلا يَكْفِي أَدْنَى مَشَقَّةٍ ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ
الْمَشَقَّةُ الظَّاهِرَةُ , فَإِذَا خَافَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً أَوْ زِيَادَةَ
مَرَضٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ الْغَرَقَ أَوْ
دَوَرَانَ الرَّأْسِ صَلَّى قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ , وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ
: الَّذِي أَرَاهُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ مَشَقَّةٌ
تُذْهِبُ خُشُوعَهُ ، لأَنَّ الْخُشُوعَ مَقْصُودُ الصَّلاةِ " انتهى .
وهذا الذي اختاره إمام الحرمين هو الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين ،
فإنه قال :
" الضابط للمشقة : ما زال به الخشوع ، والخشوع هو حضور
القلب والطمأنينة ، فإذا كان إذا قام قلق قلقاً عظيماً ولم يطمئن وتجده يتمنى أن
يصل إلى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله : فهذا شق عليه القيام ، فيصلي قاعداً " انتهى من "الشرح الممتع" (4/326) .
*****
50282
إذا حاضت قبل الغروب ولو بلحظة بطل صومها ووجب عليها القضاء
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/7471)
سؤال رقم 50282- إذا حاضت قبل الغروب ولو بلحظة بطل صومها ووجب عليها القضاء
هل لو جاءت الدورة الشهرية أثناء الصيام هل أتم اليوم صائمة أم لا ؟.
الحمد لله
إذا حاضت المرأة أثناء الصيام فسد صومها ، ولو كان نزول الدم قبل
المغرب بلحظة ، ووجب عليها قضاؤه إن كان صومها واجباً ، ويحرم عليها الاستمرار في
الصيام وهي حائض .
قال النووي رحمه الله في المجموع (2/386) :
أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى
الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ , وَعَلَى أَنَّهُ لا يَصِحُّ صَوْمُهَا . . .
وَأَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا
, نَقَلَ الإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ
وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ اهـ باختصار .
وقال ابن قدامة في " المغني" (4/397) :
" أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ
وَالنُّفَسَاءَ لا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ , وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ
, وَيَقْضِيَانِ , وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ ,
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ : ( كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ , وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّلاةِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَالأَمْرُ إنَّمَا هُوَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( أَلَيْسَ
إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ , فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ
دِينِهَا ) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ سَوَاءٌ ; لأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ
هُوَ دَمُ الْحَيْضِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ . وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ
مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ , سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ
أَوْ فِي آخِرِهِ , وَمَتَى نَوَتْ الْحَائِضُ الصَّوْمَ , وَأَمْسَكَتْ , مَعَ
عِلْمِهَا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ , أَثِمَتْ , وَلَمْ يُجْزِئْهَا" اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" (ص 28)
:
" وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة
، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً .
أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد
الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/155) عن امرأة صامت وقبل غروب الشمس
وقبل الأذان بفترة قصيرة جاءها الحيض هل يبطل صومها ؟
فأجابت : إذا كان الحيض أتاها قبل الغروب بطل الصيام وتقضيه ،
وإن كان بعد الغروب فالصيام صحيح ولا قضاء عليها اهـ .
*****
50312
هل يأخذ أحكام المسافر من نوى الإقامة 3 أيام ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/7472)
سؤال رقم 50312- هل يأخذ أحكام المسافر من نوى الإقامة 3 أيام ؟
سأسافر إلى العمرة وذلك لمدة محددة ( 3أيام ) ، فهل ينطبق عليَّ أحكام المسافر بجواز قصر الصلاة أثناء إقامتي في مكة ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في المدة التي إذا أقامها المسافر في بلد فله أن
يقصر ، يقول الشيخ ابن عثيمين:
وهذه المسألة من مسائل الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على
عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلهذا
اضطربت فيها أقوال أهل العلم، فأقوال المذاهب المتبوعة هي:
أولاً : مذهب الحنابلة رحمهم الله أنه إذا نوى إقامة أكثر من
أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه ولزمه الإِتمام .
ثانياً : مذهب الشافعي ومالك : إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر
فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ، ويوم الخروج وعلى هذا تكون
الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة أيام بينها .
ثالثاً : مذهب أبي حنيفة : إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً
أتم ، وإن نوى دونها قصر. اهـ . الشرح الممتع (4/545)
فتبين أن أقوال المذاهب المتبوعة متفقة على جواز قصر الصلاة لمن
نوى الإقامة ثلاثة أيام فأقل . وانظر المجموع (3/171) ، بداية المجتهد
(1/168)
يقول الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث العلاء بن الحضرمي عن النبي –
صلى الله عليه وسلم – قال : ( ثلاث للمهاجر بعد الصَّدَر ) رواه البخاري
(3933) ومسلم (1352)
( بعد الصَّدَر أي بعد الرجوع من منى ، وفقه هذا الحديث أن
الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج
أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها ، ويستنبط من ذلك أن إقامة
ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر ) . اهـ فتح الباري (7/267)
فإذا كانت إقامتك لا تزيد على ثلاثة أيام فلك أن تترخص برخص
السفر عند المذاهب الأربعة .
والله أعلم
وانظر سؤال رقم ( 21091 ).
*****
5032
هل يجب الوضوء بعد الغسل للطهارة
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/7473)
سؤال رقم 5032- هل يجب الوضوء بعد الغسل للطهارة
السؤال : هل من الضروري أن أتوضأ بعد الاستحمام ؟
الجواب:
الحمد لله
إن كنت تعني بالاستحمام الاغتسال فالجواب كالتالي :
روى البخاري في الصحيح 248 عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ، ثم يفيض على جلده كله .
قال الحافظ في الفتح 1/248 .. وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصيل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى ..
وقال الحافظ أيضا 1/362 : واستدل به البخاري أيضا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة ، وعلى أن من توضأ بنية الغسل ثم أكمل باقي أعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث .
قال ابن قدامة في المغني 1/217 وَلِغُسْلِ الْجَنَابَةِ صِفَتَانِ : صِفَةُ إجْزَاءٍ , وَصِفَةُ كَمَالٍ , فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا صِفَةُ الْكَمَالِ . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : الْكَامِلُ يَأْتِي فِيهِ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ النِّيَّةِ , وَالتَّسْمِيَةِ , وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلاثًا , وَغَسْلِ مَا بِهِ مِنْ أَذًى , وَالْوُضُوءِ , وَيُحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا يُروِّي بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ , وَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ , وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ , وَيَدْلُكُ بَدَنَهُ بِيَدِهِ , وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِ غُسْلِهِ فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَلِّلَ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بِمَاءٍ قَبْلَ إفَاضَتِهِ عَلَيْهِ . قَالَ أَحْمَدُ : الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ , وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْهَا , قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا , وَتَوَضَّأَ وُضُوءهُ لِلصَّلاةِ , ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ بِيَدِهِ , حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ : ( وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضُوءَ الْجَنَابَةِ , فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ , فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا , ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ , فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ أَوْ الْحَائِطَ , مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا , ثُمَّ تَمَضْمَضَ , وَاسْتَنْشَقَ , وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ , ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ , ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ
رِجْلَيْهِ , فَأَتَيْته بِالْمِنْدِيلِ , فَلَمْ يُرِدْهَا , وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَثِيرٌ مِنْ الْخِصَالِ الْمُسَمَّاةِ , وَأَمَّا الْبِدَايَةُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ فَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ , وَفِي حَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوِ الْحِلابِ , فَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ , ثُمَّ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ , ثُمَّ الأَيْسَرِ , ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَأَمَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ الْغُسْلِ , فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَوْضِعِهِ ; فَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَغْسِلَهُمَا بَعْدَ الْوُضُوءِ ; لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ . وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : الْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ . وَفِيهِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ . .. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
قال : ( وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزاه بعد أن يتمضمض واستنشق وينوى به الغسل والوضوء وكان تاركاً للاختيار ) .
هذا المذكور صفة الإجزاء والأول هو المختار ولذلك قال وكان تاركاً الاختيار يعني إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه الأفضل والأولى وقوله وينوي به الغسل والوضوء يعني أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى : لا يجزئه الغسل عن الوضوء حتى يأتي قبل الغسل أو بعده وهو أحد قولي الشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ولأن الجنابة والحدث وجدا منه فوجبت لهما الطهارتان كما لو كانا منفردين .
ولنا قوله الله تعالى : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } النساء:43 جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها ولأنهما عبادتان من جنس واحد فتدخل الصغرى في الكبرى كالعمرة في الحج .
قال ابن عبد البر : المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده فقد أدى ما عليه لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة دون الوضوء بقوله : { وإن كنتم جنباً فاطهروا } وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه أعون على الغسل وأهذب فيه .. والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50404
حكم الإفرازات التي تخرج من رحم المرأة
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/7474)
سؤال رقم 50404- حكم الإفرازات التي تخرج من رحم المرأة
أجد فجأة على ملابسي الداخلية إفرازات شفافة لا أحس بنزولها ، هل تجوز الصلاة بذلك ؟ وإذا كانت لا تجوز هل يجب إعادة الوضوء وتغيير الملابس ؟.
الحمد لله
الكلام على هذه الإفرازات في مسألتين :
الأولى : هل هي طاهرة أو نجسة ؟
فمذهب أبي حنيفة وأحمد وإحدى الروايتين عن الشافعي –وصححها
النووي- أنها طاهرة .
واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين ، رحم الله الجميع .
قال في الشرح الممتع (1/392) :
"وإذا كانت –يعني هذه الإفرازات- من مسك الذكر فهي طاهرة ، لأنها
ليست من فضلات الطعام والشراب ، فليست بولاً ، والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل
على ذلك ، ولأنه لا يلزمه إذا جامع أهله أن يغسل ذكره ، ولا ثيابه إذا تلوثت به ،
ولو كانت نجسة للزم من ذلك أن ينجس المني ، لأنه يتلوث بها" اهـ .
وانظر : "المجموع" (1/406) ، "المغني" (2/88) .
وعلى هذا ، فلا يجب غسل الثياب أو تغييرها إذا أصابتها تلك
الرطوبة .
المسألة الثانية : هل ينتقض الوضوء بخروج هذه الإفرازات أو لا ؟
فالذي ذهب إليه أكثر العلماء أنها تنقض الوضوء .
وهو الذي اختاره الشيخ ابن عثيمين ، حتى قال :
"الذي ينسب عني غير هذا القول غير صادق ، والظاهر أنه فهم من
قولي إنه طاهر أنه لا ينقض الوضوء" اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (11/287) .
وقال أيضاً (11/285) :
"أما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينتقض الوضوء فهذا لا أعلم له
أصلا إلا قول ابن حزم" اهـ .
لكن . . إذا كانت هذه الرطوبة تنزل من المرأة باستمرار ، فإنها
تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ولا يضرها نزول هذه الرطوبة بعد ذلك ، ولو كانت في
الصلاة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"إذا كانت الرطوبة المذكورة مستمرة في غالب الأوقات فعلى كل
واحدة ممن تجد هذه الرطوبة الوضوء لكل صلاة إذا دخل الوقت ، كالمستحاضة ، وكصاحب
السلس في البول ، أما إذا كانت الرطوبة تعرض في بعض الأحيان –وليست مستمرة- فإن
حكمها حكم البول متى وُجدت انتقضت الطهاة ولو في الصلاة" اهـ .
مجموع فتاوى ابن باز (10/130) .
راجع السؤال رقم ( 37752 ) .
والله أعلم .
*****
50536
حكم إمامة الألثغ
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/7475)
سؤال رقم 50536- حكم إمامة الألثغ
إمامنا ينطق الطاء ضاداً . فما حكم إمامته ؟.
الحمد لله
الذي يبدل حرفا بحرف ، يسمى (الألثغ) .
وله أحوال :
الأولى :
أن تكون لثغته يسيرة ، بحيث ينطق بأصل الحرف ، ولكنه يخل بكماله
، فهذه اللثغة لا تضر ، وله أن يصلي إماما .
قال في "تحفة المنهاج" (2/285) :
" لا تَضُرُّ لُثْغَةٌ يَسِيرَةٌ بِأَنْ لَمْ تَمْنَعْ أَصْلَ
مَخْرَجِهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَافٍ " انتهى .
ونقل المرداوي في "الإنصاف" (2/271) عن الْآمِدِيّ قوله : "
يَسِيرُ ذَلِكَ – يعني اللُثْغَةٌ - لا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ , وَيَمْنَعُ كَثِيرُهُ
" انتهى .
الثانية :
أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفاً بحرف ، ويستطيع تصحيح
نطقه ولكنه لم يفعل ، فهذا لا تصح صلاته ولا إمامته ، إن كان هذا الحرف في الفاتحة
.
قال النووي في المجموع (4/359) :
" تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاةِ بِجَمِيعِ
حُرُوفِهَا وَتَشْدِيدَاتِهَا . . . فَلَوْ أَسْقَطَ حَرْفًا مِنْهَا أَوْ خَفَّفَ
مُشَدَّدًا أَوْ أَبْدَلَ حَرْفًا بِحَرْفٍ مَعَ صِحَّةِ لِسَانِهِ لَمْ تَصِحَّ
قِرَاءَتُهُ " انتهى .
وقال أيضاً (4/166) :
" وَالأَلْثَغُ إنْ كَانَ تَمَكَّنَ مِنْ التَّعَلُّمِ
فَصَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ بَاطِلَةٌ , فَلا يَجُوزُ الاقْتِدَاءُ بِهِ بِلا خِلافٍ
" اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" (2/15) :
" وَمَنْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ ; لِعَجْزِهِ
عَنْهُ , أَوْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ , كَالأَلْثَغِ الَّذِي يَجْعَلُ الرَّاءَ
غَيْنًا . . . إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ
يَفْعَلْ , لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ , وَلا صَلاةُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ " انتهى باختصار .
الثالثة :
أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفاً بحرف ، ولكنه لا يستطيع
تصحيح نطقه ، فهذا تصح صلاته باتفاق العلماء .
قال النووي في المجموع (4/166) :
" وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الأَلْثَغُ مِنْ التَّعَلُّمِ بِأَنْ
كَانَ لِسَانُهُ لا يُطَاوِعُهُ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا , وَلَمْ
يَتَمَكَّنْ قَبْلَ ذَلِكَ ; فَصَلاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ " انتهى بتصرف يسير
.
واختلف العلماء هل تصح إمامته أو لا ؟
فذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنها لا تصح ، وذهب آخرون
إلى أنها تصح .
ونقل النووي في "المجموع" (4/166) أنه اختار الصحة الْمُزَنِيّ
وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ , وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَقَتَادَةَ .
ونقل في "حاشية ابن عابدين" ( 1/582) عن بعض علماء المذهب الحنفي
اختيارهم صحة إمامة الألثغ .
واحتج هؤلاء بأدلة ، منها :
1- قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا
) البقرة/286 . فإذا كان عاجزا عن النطق الصحيح فإنه لا يكلف
إلا بما يستطيعه .
2- القياس على العجز عن القيام ، فكما أن القيام ركن لا تصح صلاة
الفريضة إلا به ، ويسقط بالعجز عنه ، وتصح إمامة العاجز عنه ، فكذلك إمامة الألثغ
لأنه عاجز عن النطق الصحيح .
انظر : "المجموع" (4/166) .
قال ابن حزم في المحلى (3/134) :
" وَأَمَّا الأَلْثَغُ , وَالأَلْكَنُ (هو الَّذِي لا
تَتَبَيَّنُ قِرَاءَتُهُ ) , وَالأَعْجَمِيُّ اللِّسَانِ (هو الَّذِي لا يُفَرِّقُ
بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِ وَالسِّينِ وَالصَّادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ)
وَاللَّحَّانُ (هو كثير الخطأ في الإعراب) فَصَلاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِمْ جَائِزَةٌ
. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا )
فَلَمْ يُكَلَّفُوا إلا مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ , لا مَا لا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ
, فَقَدْ أَدَّوْا صَلاتَهُمْ كَمَا أُمِرُوا , وَمَنْ أَدَّى صَلاتَهُ كَمَا
أُمِرَ فَهُوَ مُحْسِنٌ . قَالَ تَعَالَى : ( مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ
سَبِيلٍ ) " انتهى .
سئل الشيخ ابن عثيمين :
لقد سمعت أحدهم يقول بأن المرء الألثغ لا تصح له الإمامة بالناس
أي لا تصح الصلاة خلفه لأن به عيباً ، فهل هذا صحيح أم لا وفقكم الله ؟
فأجاب : " هذا صحيح عند بعض أهل العلم ، يرون أن الألثغ إذا كانت
لثغته بإبدال الحروف بعضها ببعض ، مثل أن يبدل الراء فيجعلها غيناً أو يجعلها لاماً
أو ما أشبه ذلك فإن بعض أهل العلم يرون أنها لا تصح إمامته ، لأنه بمنزلة الأمي
الذي لا تصح إمامته إلا بمثله ، ويرى آخرون أنها تصح إمامته لأن من صحت صلاته صحت
إمامته ، ولأنه قد أتى بما يجب عليه وهو تقوى الله تعالى ما استطاع ، وقد قال الله
تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وإذا كان العاجز عن القيام يُصلي
بالمأمومين القادرين عليه ، فإن هذا مثله ، لأن كلاً منهم عاجزٌ عن إتمام الركن ،
هذا عن القيام ، وهذا عن القراءة ، وهذا القول هو الصحيح ، أن إمامة الألثغ تصح ،
وإن كان يبدل حرفاً بحرف ، ما دامت هذه قدرته ، ولكن مع هذا ينبغي أن يُختار من
يُصلي من الجماعة إنسانٌ ليس فيه عيب ، احتياطاً ، وخروجاً من الخلاف " . "فتاوى نور على الدرب"
وانظر : "الشرح الممتع" (4/248، 249) .
ثانياً : بالنسبة لما ذَكره السائل من إبدال الطاء ضادا ، فإن
كان يبدلها ضادا حقيقة ، فقد سبق بيان حكمه . وإن كان هذا الإبدال قد يبدو بعيداً ،
فيحتمل أن هذا الإمام ينطق بالطاء ولكنه يقترب بها شيئا ما من الضاد ، فتكون اللثغة
يسيرة ، فلا تضر .
ويحتمل أن يكون ذلك تشددا من السائل في غير موضعه .
*****
50684
أحكام ومسائل في الصلاة على الكرسي
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/7476)
سؤال رقم 50684- أحكام ومسائل في الصلاة على الكرسي
في صلاة التراويح يحتاج بعض المصلين للكرسي وقد علمنا أنه يضع أرجل الكرسي الخلفية بمحاذاة الصف هذا إذا كان جالسا على الكرسي طوال الصلاة ، لكن السؤال : كيف يكون اصطفافه في الحالات التالية :
1. يجلس على الكرسي أثناء الوقوف فقط ؟
2. يجلس على الكرسي أثناء الركوع أو السجود أو التشهد ؟
3. يجلس على الكرسي في أجزاء متفرقة من الصلاة ؟.
الحمد لله
أولاً :
القيام والركوع والسجود من أركان الصلاة ، فمن استطاع فعلها وجب
عليه فعلها على هيئتها الشرعية ، ومن عجز عنها لمرضٍ أو كبر سنٍّ فله أن يجلس على
الأرض أو على كرسي .
قال تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238 .
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : كانت بي بواسير فسألت
النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ
تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) . رواه
البخاري ( 1066 ) .
قال ابن قدامة المقدسي :
أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً .
" المغني " ( 1 / 443 ) .
وقال النووي :
أجمعت الأمة على أن من عجز عن القيام في الفريضة صلاها قاعداً
ولا إعادة عليه ، قال أصحابنا : ولا ينقص ثوابه عن ثوابه في حال القيام ؛ لأنه
معذور ، وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا
مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا )
.
" المجموع " ( 4 / 226 ) .
وقال الشوكاني :
وحديث عمران يدل على أنه يجوز لمن حصل له عذر لا يستطيع معه
القيام أن يصلي قاعداً ولمن حصل له عذر لا يستطيع معه القعود أن يصلي على جنبه .
" نيل الأوطار " ( 3 / 243 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا
عَجَزَ عَنْ بَعْضِ وَاجِبَاتِهَا كَالْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الرُّكُوعِ
أَوْ السُّجُودِ أَوْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَوْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَوْ
غَيْرِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ " انتهى من مجموع الفتاوى
(8/437) .
وبناءً على ذلك : فإن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام
فصلاته باطلة .
ثانياً :
ومما ينبغي التنبه له : أنه إذا كان معذوراً في ترك القيام فلا
يبيح له عذره هذا الجلوس على الكرسي لركوعه وسجوده .
وإذا كان معذوراً في ترك الركوع والسجود على هيئتهما فلا يبيح له
عذره هذا عدم القيام والجلوس على الكرسي .
فالقاعدة في واجبات الصلاة : أن ما استطاع المصلي فعله ، وجب
عليه فعله ، وما عجز عن فعله سقط عنه .
فمن كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام
، ويأتي بالركوع والسجود على هيئتهما ، فإن استطاع القيام وشقَّ عليه الركوع
والسجود : فيصلي قائماً ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود ، ويجعل سجوده أخفض
من ركوعه .
انظر السؤال : ( 9307 )
، ( 36738 ) .
قال ابن قدامة المقدسي :
ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود : لم يسقط عنه
القيام ، ويصلي قائماً فيومئ بالركوع ، ثم يجلس فيومئ بالسجود ، وبهذا قال الشافعي
…
لقول الله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) ، وقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( صل قائماً ) ؛ ولأن القيام ركن لمن قدر عليه ، فلزمه
الإتيان به كالقراءة ، والعجز عن غيره لا يقتضي سقوطه كما لو عجز عن القراءة . انتهى من "المغني" (1/444) باختصار .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
الواجب على من صلى جالسا على الأرض ، أو على الكرسي ، أن يجعل
سجوده أخفض من ركوعه ، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع ، أما في
حال السجود فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع ، فإن لم يستطع جعلهما على
ركبتيه ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أمرت أن أسجد على سبعة
أعظم : الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ) .
ومن عجز عن ذلك وصلي على الكرسي فلا حرج في ذلك ، لقول الله
سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق
على صحته .
" فتاوى ابن باز " ( 12 / 245 ، 246 ) .
ثالثاً :
وأما وضع الكرسي في الصف فقد ذكر العلماء رحمهم الله أن العبرة
فيمن صلى جالساً مساواة الصف بمقعدته ، فلا يتقدم أو يتأخر عن الصف بها ، لأنها
الموضع الذي يستقر عليه البدن .
وانظر : "أسنى المطالب" (1/222) ، "تحفة المحتاج" (2/157) ، "شرح منتهى الإرادات"
(1/279) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (6/21) :
" يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ (أي اقتداء المأموم
بالإمام) أَلا يَتَقَدَّمَ الْمُقْتَدِي إمَامَهُ فِي الْمَوْقِفِ عِنْدَ جُمْهُورِ
الْفُقَهَاءِ ( الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ) . . .
وَالاعْتِبَارُ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ لِلْقَائِمِ
بِالْعَقِبِ , وَهُوَ مُؤْخِرُ الْقَدَمِ لا الْكَعْبِ , فَلَوْ تَسَاوَيَا فِي
الْعَقِبِ وَتَقَدَّمَتْ أَصَابِعُ الْمَأْمُومِ لِطُولِ قَدَمِهِ لَمْ يَضُرَّ . .
. . . وَالْعِبْرَةُ فِي التَّقَدُّمِ بِالأَلْيَةِ لِلْقَاعِدِينَ , وَبِالْجَنْبِ
لِلْمُضْطَجِعِينَ " انتهى .
فإن كان المصلي سيجلس على الكرسي من أول الصلاة إلى آخرها فإنه
يحاذي الصف بموضع جلوسه .
فإن كان سيصلي قائماً ، غير أنه سيجلس على الكرسي في موضع الركوع
والسجود ، فقد سألنا فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك عن هذا فأفاد بأن العبرة
بالقيام . فيحاذي الصف عند قيامه .
وعلى هذا سيكون الكرسي خلف الصف ، فينبغي أن يكون في موضع بحيث
لا يتأذى به من خلفه من المصلين .
والله تعالى أعلم .
*****
50718
هل يوجد ذكر معيَّن بعد كل صلاة ركعتين من التراويح ؟
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/7477)
سؤال رقم 50718- هل يوجد ذكر معيَّن بعد كل صلاة ركعتين من التراويح ؟
هل من ذكر معيَّن بعد كل صلاة ركعتين من التراويح ؟.
الحمد لله
الأذكار من العبادات ، والأصل في العبادات المنع منها إلا بدليل
يوجبها أو يستحبها ، ولا يجوز إحداث ذِكر مع عبادة ولا قبلها ولا بعدها ، وقد صلَّى
النبي صلى الله عليه وسلم القيام مع أصحابه ليالي ، وصلَّى الصحابة أفراداً
ومجتمعين ، في زمانه صلى الله عليه وسلم ، وبعد موته ، ولا يُعلم أنهم ذكروا الله
تعالى بذِكرٍ معيَّن بعد كل تسليمة أو تسليمتين ، وعدم نقل العلماء لذكر جماعي بين
ركعات التراويح عن الصحابة ومن بعدهم دليل على عدم وقوعه ، لأن العلماء كانوا
ينقلون ما هو أخفى من مثل هذا الأمر الظاهر ، وخير الهدي في اتباعه صلَّى الله عليه
وسلَّم واتباع أصحابه في أمور العبادات بفعل ما فعلوه وترك ما تركوه .
إلا أنه لا بأس للمصلي أن يدعو الله ، أو يقرأ القرآن ، أو يذكر
ربَّه تعالى ، من غير تخصيص آيات معينة أو سور أو ذِكرٍ بين الركعات ، ومن دون أن
يكون ذلك بصوتٍ واحد ، ولا بقيادة الإمام أو غيره ؛ لعدم ورود ذلك في الشرع
المطهَّر ، والأصل التوقيف في العبادات في كميتها وكيفيتها وزمانها ومكانها وسببها
وصفتها .
قال الشيخ محمد العبدري المشهور بابن الحاج في كتابه (المدخل) :
فصل في الذِّكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح :
وينبغي له - أي : الإمام - أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل
تسليمتين من صلاة التراويح ، ومن رفع أصواتهم بذلك ، والمشي على صوت واحد ؛ فإن ذلك
كله من البدع ، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسلميتين من صلاة
التراويح " الصلاة يرحمكم الله " ؛ فإنه محدث أيضاً ، والحدث في الدين ممنوع ، وخير
الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة رضوان الله عليهم
أجمعين ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك فيسعنا ما وسعهم . " المدخل " ( 2
/ 293 ، 294 ) .
وانظر – لمزيد فائدة - : أجوبة السؤالين : ( 10491 ) و ( 21902 ) .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
50781
- مكتبة الأسئلة والأجوبة- الإسلام سؤال وجواب
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
خطأ: رقم السؤال غير صحيح
خطأ: لا يوجد سؤال بالرقم المحدد، أو أنه لم تتم الإجابة عليه أو ترجمته للغة العربية بعد.
يرجى إعادة المحاولة مع اللغات الأخرى, أو استعراض تصنيفات الإجابات المتوفرة .
08/1426
5113
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟
الرقائق > الدعاء >(1/7478)
سؤال رقم 5113- لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟
لماذا لا يستجيب الله لدعائنا ؟.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : ( والأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تاما لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو . ومتى تخلف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير ) الداء والدواء ص35 .
فيتبين من ذلك أن هناك أحوالا و آدابا و أحكاما يجب توفرها في الدعاء و في الداعي ، و أن هناك موانع و حواجب تحجب وصول الدعاء و استجابته يجب انتفاؤها عن الداعي و عن الدعاء ، فمتى تحقق ذلك تحققت الإجابة .
و من الأسباب المعينة للداعي على تحقيق الإجابة :
1 - الإخلاص في الدعاء ، وهو أهم الآداب وأعظمها وأمر الله عز و جل بالإخلاص في الدعاء فقال سبحانه : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، والإخلاص في الدعاء هو الاعتقاد الجازم بأن المدعو وهو الله عز وجل هو القادر وحده على قضاء حاجته و البعد عن مراءاة الخلق بذلك .
2 - التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، فإن المعاصي من الأسباب الرئيسة لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يبادر للتوبة والاستغفار قبل دعائه قال الله عز وجل على لسان نوح عليه السلام : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) .
3 - التضرع و الخشوع و التذلل و الرغبة و الرهبة ، و هذا هو روح الدعاء و لبه و مقصوده ، قال الله عز وجل : ( ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين ) .
4 - الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل : ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين أو ثلاث و الاقتصار على الثلاث أفضل اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا . رواه أبو داود و النسائي .
5 - الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليسر و السعة ، قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ) رواه أحمد .
6 - التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى و صفاته العليا في أول الدعاء أو آخره ، قال تعالى : ( و لله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) .
7 - اختيار جوامع الكلم و أحسن الدعاء و أجمعه و أبينه ، و خير الدعاء دعاء النبي صلى الله عليه و سلم ، و يجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجات .
و من الآداب كذلك و ليست واجبة : استقبال القبلة و الدعاء على حال طهارة و افتتاح الدعاء بالثناء على الله عز و جل و حمده و الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، و يشرع رفع اليدين حال الدعاء .
و من الأمور المعينة على إجابة الدعاء تحري الأوقات و الأماكن الفاضلة .
فمن الأوقات الفاضلة : وقت السحر و هو ما قبل الفجر ، و منها الثلث الآخر من الليل ، و منها آخر ساعة من يوم الجمعة ، و منها وقت نزول المطر ، و منها بين الأذان و الإقامة .
و من الأماكن الفاضلة : المساجد عموما ، و المسجد الحرام خصوصا .
و من الأحوال التي يستجاب فيها الدعاء : دعوة المظلوم ، و دعوة المسافر ، و دعوة الصائم ، و دعوة المضطر ، و دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب .
أما موانع إجابة الدعاء فمنها :
1- أن يكون الدعاء ضعيفا في نفسه ، لما فيه من الاعتداء أو سوء الأدب مع الله عز و جل ، و الاعتداء هو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله كأن يدعو الإنسان أن يخلده في الدنيا أو أن يدعو بإثم أو محرم أو الدعاء على النفس بالموت و نحوه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) رواه مسلم .
2 - أن يكون الداعي ضعيفا في نفسه ، لضعف قلبه في إقباله على الله تعالى . أما سوء الأدب مع الله تعالى فمثاله رفع الصوت في الدعاء أو دعاء الله عز و جل دعاء المستغني المنصرف عنه أو التكلف في اللفظ و الانشغال به عن المعنى ، أو تكلف البكاء و الصياح دون وجوده و المبالغة في ذلك .
3 - أن يكون المانع من حصول الإجابة : الوقوع في شيء من محارم الله مثل المال الحرام مأكلا و مشربا و ملبسا و مسكنا و مركبا و دخل الوظائف المحرمة ، و مثل رين المعاصي على القلوب ، و البدعة في الدين و استيلاء الغفلة على القلب .
4 - أكل المال الحرام ، و هو من أكبر موانع استجابة الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، و إن الله أمر المتقين بما أمر به المرسلين فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) و قال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك !! ) رواه مسلم . فتوفر في الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأمور المعينة على الإجابة من كونه مسافرا مفتقرا إلى الله عز و جل لكن حجبت الاستجابة بسبب أكله للمال الحرام ، نسأل الله السلامة و العافية .
5 - استعجال الإجابة و الاستحسار بترك الدعاء ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول دعوت فلم يستجب لي ) رواه البخاري ومسلم .
6 - تعليق الدعاء ، مثل أن يقول اللهم اغفر لي إن شئت ، بل على الداعي أن يعزم في دعائه و يجد ويجتهد ويلح في دعائه قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له ) رواه البخاري و مسلم .
ولا يلزم لحصول الاستجابة أن يأتي الداعي بكل هذه الآداب و أن تنتفي عنه كل هذه الموانع فهذا أمر عز حصوله ، و لكن أن يجتهد الإنسان وسعه في الإتيان بها .
ومن الأمور المهمة أن يعلم العبد أن الاستجابة للدعاء تكون على أنواع : فإما أن يستجيب له الله عز وجل فيحقق مرغوبه من الدعاء ، أو أن يدفع عنه به شرا ، أو أن ييسر له ما هو خير منه ، أو أن يدخره له عنده يوم القيامة حيث يكون العبد إليه أحوج . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5196
استعمال حبوب منع الحمل ابتداء خوفا من فشل النكاح
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/7479)
سؤال رقم 5196- استعمال حبوب منع الحمل ابتداء خوفا من فشل النكاح
السؤال :
هل يجوز للمرأة أن تأخذ حبوباً ( لمنع الحمل ) قبل زواجها لتتجنب الحمل في حالة أن الزواج لم ينجح ( تحمل ثم لا يستمر الزواج فيقع الطلاق وتبقى هي مع الطفل ) ؟
هل يجب أن تخبر زوجها ليلة الزفاف بأنها ستأخذ حبوباً ؟ على ضوء السابق هل يجوز استعمال حبوب منع الحمل بسبب احتمال أن الزواج لا ينجح ولا يستمر ( في السنة الأولى فقط من الزواج ) .
الجواب :
الحمد لله
إذا ثبت بالطبّ أنّ حبوب منع الحمْل تسبب أذى للمرأة وأضرارا ، فإنه لا يجوز استعمالها سواء قبل الزواج أو بعده بناء على قاعدة منْع الضرر المستندة إلى قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) وقوله تعالى ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) إلا إذا أمكن إنتاج حبوب تخلو من الضرر .
وأما منع الحمل بأي وسيلة غير ضارة في أول الزواج تحسباً لحدوث فشل في الزواج فهذا فيه محاذير متعددة منها :
- أنه قد يكون من التشاؤم ، لأنه توقّعٌ للفشل .
- أنه قد يؤدي إلى سوء العشرة الزوجية وتوجّس الشر من الطرفين ، لأنه من المعلوم أن أهم مقاصد النكاح النسل ، فإذا تأخر لسبب معين فإن العلاقة تفتر بين الزوجين وإذا اكتشف الزوج أن هذا مقصود الزوجة ساءت العلاقة بينهما .
- أن وظيفة الحمل في النساء من أهم الوظائف التي تولّد عند المرأة الشعور بالحنان والعاطفة والمحبة لزوجها وأولادها ، فإذا مٌنعت ولّدت العكس .
- أن الفقهاء رحمهم الله اشترطوا للعزل من الزوج أو سدّ مجرى الحَبَل من المرأة إذن الطرف الآخر لأن لكل منهما حقّاً في الولد ، فلا يجوز للمرأة تعاطي ما يمنع الحمل دون إذن الزوج ورضاه .
- خوف الفشل وكثرة وقوع الطّلاق في المجتمع لا تكون مواجهته بهذه الوسيلة ، بل بالاختيار الصحيح للزوج والتحقق من ذلك ، وتمكين الخاطب من النظر الذي هو من أسباب حصول المودة بعد النكاح وغير ذلك من الوسائل . نسأل الله أن يهيّئ لنا من أمرنا رَشَدا وصلى الله على نبيّنا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5202
مواصفات الزوج المسلم
الفقه > معاملات > النكاح >(1/7480)
سؤال رقم 5202- مواصفات الزوج المسلم
السؤال :
أنا فتاة عمري 18 عاما وقد طُلبت للزواج 5 مرات ورفضتهم جميعاً لأنني كنت صغيرة والآن أفكر بالزواج ، وسؤالي هو :
ما هو الشيء الذي يجب أن أبحث عنه لكي أحصل على مسلم جيد ؟
ما هي أهم الأشياء ؟.
الجواب :
نشكر لك حرصك أيتها الأخت السائلة على تحري الصفات التي تعينك على
اختيار زوج صالح إن شاء الله تعالى ، وفيما يلي ذكْر أهم الصفات التي ينبغي توفرها
فيمن تختارينه أو ترضين به زوجا لك ويكون أبا لأبنائك إن قدر الله بينكما أبناء .
- الدين : وهو أعظم ما ينبغي توفره فيمن ترغبين
الزواج به ، فينبغي أن يكون هذا الزوج مسلما ملتزما بشرائع الإسلام كلها في حياته
، وينبغي أن يحرص ولي المرأة على تحري هذا الأمر دون الركون إلى الظاهر ، ومن أعظم
ما يُسأل عنه صلاة هذا الرجل ، فمن ضيّع حق الله عز وجل فهو أشد تضييعا لحق من
دونه ، والمؤمن لا يظلم زوجته ، فإن أحبّها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها ولم
يُهنها ، وقلَّ وجود ذلك في غير المسلمين الصادقين . قال الله تعالى : ( ولعبد
مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) ، وقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال
تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
عريض ) رواه الترمذي 866 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1084 .
- ويستحب مع الدّين أن يكون من عائلة طيبة ، ونسب
معروف ، فإذا تقدم للمرأة رجلان درجتهما في الدين واحدة ، فيُقدَّم صاحب الأسرة
الطيبة والعائلة المعروفة بالمحافظة على أمر الله ما دام الآخر لا يفضله في الدين
لأنّ صلاح أقارب الزوج يسري إلى أولاده وطِيب الأصل والنّسب قد يردع عن كثير من
السفاسف ، وصلاح الأب والجدّ ينفع الأولاد والأحفاد : قال الله تعالى : ( وأما
الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لها وكان أبوهما صالحا فأراد
ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ) فانظري كيف حفظ الله للغلامين
مال أبيهما بعد موته إكراما له لصلاحه وتقواه ، فكذلك الزوج من الأسرة الصالحة
والأبوين الكريمين فإن الله ييسر له أمره و يحفظه إكراما لوالديه .
- وحسن أن يكون ذا مال يُعفّ به نفسه وأهل بيته
، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما جاءت تستشيره
في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها : ( أما معاوية فرجل تَرِب ( أي فقير ) لا مال له
.. ) رواه مسلم 1480 . ولا يشترط أن يكون صاحب تجارة وغنى ، بل يكفي أن
يكون له دخْل أو مال يعفّ به نفسه وأهل بيته ويغنيهم عن الناس . وإذا تعارض صاحب
المال مع صاحب الدين فيقدّم صاحب الدين على صاحب المال .
- ويستحب أن يكون لطيفا رفيقا بالنساء ، فإن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس في الحديث السابق : ( أما أبو جهم فلا يضع
العصا عن عاتقه ) إشارة إلى أنّه يُكثر ضرب النّساء .
- ويحسن أن يكون صحيح البدن سليما من العيوب كالأمراض
ونحوها أو العجز والعقم .
- ويستحب أن يكون صاحب علم بالكتاب والسنة ، وهذا
إن حصل فخير وإلا فإنّ حصوله عزيز .
- ويجوز للمرأة النظر إلى المتقدم لها كما يستحب
له ذلك ، ويكون هذا النظر بوجود محرم لها ولا يجوز التمادي في ذلك بأن تراه وحدها
في خلوة أو تخرج معه لوحدها أو أن يتكرر اللقاء دون حاجة لذلك .
- ويشرع لوليّ المرأة أن يتحرى عن خاطب موليته ويسأل
عنه من يعاشره ويعرفه ممن يوثق في دينه وأمانته ، ليُعطيه فيه رأيا أمينا ونُصْحا
سديدا .
- وقبل هذا كله ومعه ينبغي التوجه إلى الله عز وجل
بالدعاء واللجوء إليه سبحانه أن ييسر لك أمرك وأن يعينك على حسن الاختيار ويلهمك
رشدك ، ثم بعد بذل الجهد واستقرار رأيك على شخص بعينه يُشرع لك استخارة الله عز
وجل
- ولمعرفة صفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم 2217 - ثم التوكل على الله عز وجل بعد استنفاذ الجهد فهو نعم المعين سبحانه . جامع أحكام
النساء للشيخ مصطفى العدوي مع زيادة .
نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمرك ويلهمك رشدك
ويرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على
نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5207
تريد السّفر للحجّ مع حملة دون محْرم
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المحرم في سفر المرأة >(1/7481)
سؤال رقم 5207- تريد السّفر للحجّ مع حملة دون محْرم
أنا البنت الوحيدة لأهلي ، متزوجة ولي بنتان ، أعيش مع زوجي في أمريكا ، جميع أقاربنا يعيشون في الشرق الأوسط ، محرمي الوحيد هو زوجي والذي لا يستطيع أن يسافر خارج أمريكا لأسباب لا أستطيع ذكرها في هذه الرسالة.
أريد الحج لأنه لديّ الاستطاعة ، فهل يجوز لي السفر للحج مع حملة ؟
إذا لا فكيف لي أن أؤدي هذا الركن من أركان الإسلام حيث لا يوجد لي أي محرم ؟
الجواب :
الحمد لله
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كانت مستطيعة ، ووجود محرم يرافقها هو من الاستطاعة بالنسبة إليها ، فإذا لم يتيسر لها محرم تحجّ معه ، فهي غير مستطيعة شرعاً ، لأن الشرع قد نهاها أن تسافر بغير محرم ، وعليه فإن الحج لا يجب عليك إلا إذا وجدت محرماً ، فاصبري حتى ييسّر الله لك محرما تحجّين معه ، وأنت معذورة ولا إثم عليك في ذلك ، وأمّا الذّهاب مع حملة بدون محرم فلا يجوز لما جاء عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا . " رواه البخاري 1729 . وكان الحجّاج يخرجون من المدينة في قافلة مثل الحمْلة ومع ذلك لم يأْذن النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن تُسافر بدون محْرم والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5208
ترك الصلاة كسلاً
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7482)
سؤال رقم 5208- ترك الصلاة كسلاً
السؤال :
إذا لم أصلي بسبب الكسل فقط فهل أعتبر كافرا أم مسلماً عاصي ؟
الجواب :
الحمد لله
قال الإمام أحمد بتكفير تارك الصلاة كسلاً وهو القول الراجح والأدلة تدل عليه من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال السلف والنظر الصحيح الشرح الممتع على زاد المستنقع 2/26
والمتأمل لنصوص الكتاب والسنة يجد أنها دلت على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر المخرج من الملة ، فمن أدلة القرآن :
قول الله تعالى : " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين " التوبة / 11
ووجه الدلالة في هذه الآية أن الله تعالى اشترط لثبوت بيننا وبين المشركين ثلاثة شروط : أن يتوبوا من الشرك وان يقيموا الصلاة وأن يؤتوا الزكاة فإن تابوا من الشرك ولم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا باخوة لنا ، وإن أقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا باخوة لنا ، والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حين يخرج المرء من الدين بالكلية فلا تنتفي بالفسوق والكفر دون الكفر .
وقال تعالى أيضا : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا " ووجه الدلالة : أن الله قال في المضيعين للصلاة المتبعين للشهوات : ( إلا من تاب وآمن ) فدل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتباع الشهوات غير مؤمنين .
وأما دلالة السنة على كفر تارك الصلاة فقوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم في كتاب الإيمان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . والمراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة فصلا بين المؤمنين والكافرين ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام فمن لم يأت بهذا العهد فهو من الكافرين .
وفيه من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " . قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة "
ففي هذا الحديث دليل على منابذة الولاة وقتالهم بالسيف إذا لم يقيموا الصلاة ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم إلا إذا أتوا كفرا صريحا عندنا فيه برهان من الله تعالى ، لقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : " دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال : إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " متفق عليه ، وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صلى الله عليه وسلم منابذتهم وقتالهم بالسيف كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان .
فإن قال قائل : ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدا لوجوبها ؟
قلنا : لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين :
الأول : إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود ورتب الأخوة في الدين على إقام الصلاة دون الإقرار بوجوبها لم يقل الله تعالى : فإن تابوا وأقروا بوجوب الصلاة ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة . أو العهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة فمن جحد وجوبها فقد كفر . ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن ، قال الله تعالى : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " النحل / 89 ، وقال تعالى مخاطبا نبيه : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " النحل / 44 .
المحذور الثاني : اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطا للحكم فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك ، فلو صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من شروط وأركان وواجبات ومستحبات لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه لكان كافرا مع أنه لم يتركها . فتبين بذلك أن حمل النصوص على من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها غير صحيح ، والصحيح أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا من الملة كما جاء ذلك صريحا فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئا ولا تتركوا الصلاة عمدا فمن تركها عمدا متعمدا فقد خرج من الملة " . وأيضا فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في النصوص فائدة فإن هذا الحكم عام في الزكاة والصيام والحج فمن ترك منها واحدا جحدا لوجوبه كفر إن كان غير معذور بجهل .
وكما أن كفر تارك الصلاة مقتضى الدليل السمعي الأثري فهو مقتضى الدليل العقلي النظري فكيف يكون عند الشخص إيمان مع تركه للصلاة التي هي عمود الدين وجاء في الترغيب في فعلها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يقوم بها ويبادر إلى فعلها وجاء من الوعيد على تركها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يحذر من تركها وإضاعتها ؟ فتركها مع قيام هذا المقتضى لا يبقى إيمانا مع الترك .
فإن قال قائل : ألا يحتمل أن يراد بالكفر في تارك الصلاة كفر النعمة لا كفر الملة أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر فيكون كقوله صلى الله عليه وسلم : " اثنتان بالناس هما بهما كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت " ، وقوله : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " . ونحو ذلك ؟
قلنا هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه :
الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة حدا فاصلا بين الكفر والإيمان وبين المؤمنين والكفار يميز المحدود ويخرجه من غيره . فالمحدودان متغايران لا يدخل أحدهما في الآخر .
الثاني : أن الصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف تاركها بالكفر يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام بخلاف إطلاق الكفر على من فعل فعلا من أفعال الكفر .
الثالث : أن هناك نصوصا أخرى دلت على كفر تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة فيجب حمل الكفر على ما دلت عليه لتتلاءم النصوص وتتفق .
الرابع : أن التعبير بالكفر مختلف ففي ترك الصلاة قال : " بين الرجل وبين الشرك والكفر " فعبر بأل الدالة على أن المراد بالكفر حقيقة الكفر بخلاف كلمة : كفر - منكّرا - أو كلمة : كَفَرَ بلفظ الفعل فإنه دال على أن هذا من الكفر أو أنه كفر في هذه الفعلة وليس هو الكفر المطلق المخرج عن الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم ) ص70 طبعة السنة المحمدية على قول الرسول صلى الله عليه وسلم : اثنتان في الناس هما بهما كفر " . قال : فقوله هما بهما كفر أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر وهما قائمتان بالناس لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر ، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته . وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة " وبين كفر منكر في الإثبات . انتهى كلامه رحمه الله .
فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفرا مخرجا من الملة بمقتضى هذه الأدلة كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد وهو أحد قولي الشافعي كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات " مريم الآية 59 وذكر ابن القيم في كتاب الصلاة أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي وأن الطحاوي نقله عن الشافعي نفسه .
وعلى هذا قول جمهور الصحابة بل حكى غير واحد إجماعهم عليه ، قال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما . وقال اسحاق بن راهويه الإمام المعروف صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يخرج وقتها كافر ، وذكر ابن حزم أنه جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة وقال لا نعلم لهؤلاء مخالفا من الصحابة . نقله عنه المنذري في الترغيب والترهيب وزاد من الصحابة : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبي الدرداء رضي الله عنهم . قال : ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك والنخعي والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وغيرهم أهـ . والله اعلم .
المرجع : رسالة في حكم تارك الصلاة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
5218
تقديم بيان غير صحيح بالراتب لينجو من ضريبة موضوعة باختياره
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > البيوع > الضرائب والمكوس >(1/7483)
سؤال رقم 5218- تقديم بيان غير صحيح بالراتب لينجو من ضريبة موضوعة باختياره
السؤال : مدرس في الجامعة اشترطوا عليه ليعطوه إجازة بدون راتب أن يودع 25% من دخله في عمله عند غيرهم في بنك ربوي ويأخذون جزءاً منه ضريبة ، فهل يجوز له أن يقدّم بياناً غير صحيح بمرتبّه ليتفادى مبلغاً أعلى يوضع في البنك ، ويخصم منه ضريبة ؟
الجواب :
الحمد لله
عرض السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
الظاهر أنه لا يجوز ، لأنه متعاقد معهم ، وإذا كان متعاقدا فإنه لا يجوز أن يتحيّل على أنظمتهم .
سؤال : ولو كان فيه ظلماً وضريبة .
جواب : ولكن هو الذي رضي بهذا من الأصل . أهـ والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
5219
حكم المشاركة في بعض الاحتفالات السنوية
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7484)
سؤال رقم 5219- حكم المشاركة في بعض الاحتفالات السنوية
ما حكم الشرع في المشاركة في بعض الاحتفالات والمناسبات السنوية مثل اليوم العالمي للأسرة ، واليوم الدولي للمعاقين والسنة الدولية للمسنين ، وكذا بعض الاحتفالات الدينية كالإسراء والمعرج والمولد النبوي والهجرة وذلك بإعداد بعض النشرات أو إقامة المحاضرات والندوات الإسلامية لتذكير الناس ووعظهم ؟
الحمد لله
الذي يظهر لي أن هذه الأيام التي تتكرر في كل سنة والاجتماعات هي من الأعياد المحدثة ، والشرائع المبتدعة التي لم ينزل الله تعالى بها من سلطاناً ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
وقال أيضاً : ( إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا ) متفق عليه .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كلام طويل في ( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم ) في ذم المواسم والأعياد المحدثة التي لا أصل لها في الشرع الحنيف ، وأن ما تشتمل عليه من الفساد في الدين ليس كل أحدٍ بل ولا أكثر الناس يُدرك فساد هذا النوع من البدع ، ولا سيما إن كانت من جنس العبادات المشروعة ، بل أولو الألباب هم الذين يدركون بعض ما فيه من الفساد .
وأن الواجب على الخلق : اتباع الكتاب والسنة ، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة .
وأن من أحدث عملاً في يوم كإحداث صوم أو صلاة أو صنع أطعمة أو زينة وتوسيع في النفقة ونحو ذلك ، فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد في القلب ، وذلك لأنه لا بد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله ، إذ لولا قيام هذا الاعتقاد في قلبه ، أو قلب متبوعه ، لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة فإن الترجيح من غير مرجح ممتنع .
وأن العيد يكون اسماً لنفس المكان ولنفس الزمان ، ولنفس الاجتماع ، وهذه الثلاثة قد أحدث منها أشياء .
أما الزمان فثلاثة أنواع ، ويدخل فيها بعض بدع أعياد المكان والأفعال .
إحداهما : يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً ، ولم يكن له ذكر عند السلف ، لا جرى فيه ما يوجب تعظيمه .
النوع الثاني : ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره ، من غير أن يوجب ذلك جعله موسماً ، ولا كان السلف يعظمونه .
وإن من فعل ذلك فقد شابه النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعياداً أو اليهود ، وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتُبع ، وإلا لم يُحدث في الدين ما ليس منه .
وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً .. فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع فيه لو كان خيراً ...
النوع الثالث : ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين وغيرها ، ثم يحدث فيه أهل الأهواء ما يعتقدون أنه فضيلة وهو منكر ينهى عنه ، مثل إحداث الروافض التعطش والحزن في يوم عاشوراء وغير ذلك ، من الأمور المحدثة التي لم يشرعها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من السلف ولا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأما اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع أو الشهور أو الأعوام غير الاجتماعات المشروعة ، فإن ذلك يضاهي الاجتماع للصلوات الخمس وللجمعة وللعيدين وللحج ، وذلك هو المبتدع المحدث .
وأصل هذا : أن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات ، حتى تصير سنناً ومواسم ، قد شرع الله منها ما فيه كفاية العباد ، فإذا أحدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات معتاد ، كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنه ، وفيه من الفساد ما تقدم التنبيه على بعضه بخلاف ما يفعله الرجل وحده أو الجماعة المخصوصة أحياناً . انتهى ملخصاً .
وبناء على ما سبق : لا يجوز للمسلم المشاركة في هذه الأيام التي يحتفل بها في كل عام ، وتتكرر في كل سنة ، لمشابهتها لأعياد المسلمين كما مر معنا ، أما إن كانت غير متكررة ، وقَدر فيها المسلم على بيان الحق الذي يحمله وتبليغه للناس فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ، والله أعلم .
المرجع : مسائل ورسائل /محمد الحمود النجدي ص31 .
*****
5234
من أحقّ بالطفل عند الطّلاق ؟ الأب أم الأم ؟
الفقه > معاملات > الحضانة >(1/7485)
سؤال رقم 5234- من أحقّ بالطفل عند الطّلاق ؟ الأب أم الأم ؟
السؤال :
تزوجت امرأة مطلقة وعندها ولد من زوجها الأول ، الطفل عمره 3 سنوات ، منذ زواجنا لم يسمح والد الطفل له بأن يبيت مع أمه ولا يسمح له بالكثير من الزيارات ، طلبنا منه أن نحتكم لأهل العلم ولكنه يريد الاستفادة من رعاية الطفل ومع الأسف فهو لا يتمسك بالقران والسنة .
الطفل يبكي وتنتابه نوبات عصبية من الغضب إذا حان موعد ذهابه .
قال بفمه وعمره ثلاث سنوات "سبحان الله أنا لا أريد أن أذهب مع أبي" هذا التصرف يزداد يومياً . بدأنا نفكر بالتحاكم للقضاء للحصول على حق الزوجة (أعاذنا الله من ذلك) .
إذا كان هناك أي دليل يري بوضوح حق الأم بالزيارة أو قصصاً عن الصحابة وكيف تصرفوا عندما يكون لهم حق الرعاية تجاه مطلقاتهم وحقهم في أطفالهم .
أرجو أن تساعدنا فنحن نشعر بحزن شديد . جزاك الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
إن أسمى لون من ألوان التربية هو تربية الطفل في أحضان والديه إذ ينال من رعايتهما وحسن قيامها عليه ما يبني جسمه وينمي عقله ويزكي نفسه ويعده للحياة .
فإذا حدث أن افترق الوالدان وبينهما طفل فالأم أحق به من الأب ما لم يقم بالأم مانع تقديمها أو بالولد وصف يقتضي تخيره .
وسبب تقديم الأم أن لها ولاية الحضانة والرضاع لأنها أعرف بالتربية وأقدر عليها ولها من الصبر في هذه الناحية ما ليس للرجل وعندها من الوقت ما ليس عنده ، لهذا قدمت الأم رعاية لمصلحة الطفل .
فعن عبد الله بن عمرو أن امرأة قال يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثدي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال : أنت أحق به ما لم تنكحي " أخرجه أحمد 2/182 وأبو داود 2276 والحاكم 2/225 وصححه .
وعن يحي بن سعيد قال سمعت القاسم بن محمد يقول كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر ثم إن عمر فارقها فجاء عمر قباء - فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق .
فقال عمر : ابني وقالت المرأة : ابني فقال أبو بكر : خلّ بينها وبينه فما راجعه عمر الكلام رواه مالك في الموطأ2/767 والبيهقي 8/5 قال ابن عبد البر هذا الحديث مشهور من وجوه منقطعة ومتصلة تلقاه اهل العلم بالقبول .
وفي بعض الروايات أنه قال له : الأم أعطف وألطف وأرحم وأحنى وأخير وأرأف وهي أحق بولدها ما لم تتزوج .
وهذا الذي قاله أبو بكر رضي الله عنه من كون الأم أعطف وألطف هو العلة في أحقية الأم بولدها الصغير . والله أعلم
انظر فقه السنة 2/289-290
*****
52809
قتل الخطأ يوجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل
الفقه > معاملات > الديات >(1/7486)
سؤال رقم 52809- قتل الخطأ يوجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل
إذا قتل المسلم مسلماً خطأ ، كما لو قتله في حادث سيارة وهو لا يقصد ، فماذا الواجب عليه ؟.
الحمد لله
الذي يجب بقتل الخطأ شيئان : الدية والكفارة .
قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ
مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) النساء/92 .
أما الدية فهي واجبة في قتل الخطأ على عاقلة القاتل ، وهم عصبته
، وهم الأب ، والأجداد من جهة الأب ، والإخوة الأشقاء والإخوة من الأب وأبناؤهم ،
والأعمام وأبناؤهم ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" ( 11/77 ) : " والعاقلة
هم العصبة سواء كانوا وارثين أم غير وارثين , فالزوج والأخ من الأم وأبو الأم ليسوا
من العصبة " انتهى بتصرف .
ويقسم الحاكم الدية على العاقلة حسب القرابة والغنى , فالأقرب
يتحمل أكثر من البعيد , والأكثر غنى يتحمل أكثر , والفقير لا شيء عليه .
انظر "الشرح الممتع" ( 11/80 )
قال ابن قدامة في "المغني" ( 12/21 ) :
" ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة .
قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . وقد ثبتت الأخبار عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة , وأجمع أهل العلم
على القول به ........
والمعنى في ذلك : أن جنايات الخطأ تكثر , ودية الآدمي كثيرة ,
فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به , فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة , على
سبيل المواساة للقاتل , والإعانة له , تخفيفا عنه , إذ كان معذورا في فعله , وينفرد
هو بالكفارة " انتهى باختصار .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 21/238 ) :
" الحكم بالدية على العاقلة إنما هو في الخطأ أو شبه العمد ، أما
دية العمد المحض فلا تحملها العاقلة ، بل هي على الجاني خاصة ، وإذا تراضى أفراد
العاقلة على التحمل معه أو مساعدته في الدية فلا بأس " انتهى .
وأما الكفارة ؛ فهي واجبة على القاتل ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن
لم يجد صام شهرين متتابعين ، وهي المذكورة في قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ
يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ
فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ
اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/92 . ".
*****
52852
هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً ؟ وهل تحوَّل طعاماً ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7487)
سؤال رقم 52852- هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً ؟ وهل تحوَّل طعاماً ؟
نحن نعيش في مدينة نيو بومباي الهندية ، المسلمون في قريتنا هم الأغلبية ، ونحن نجمع الزكاة في رمضان ثم نوزعها على الفقراء طوال العام على شكل نقود وأطعمة ، هل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال وزكاة الفطر ، ولا تجزئ من
أعطاهم إلا إذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم ، بمعنى أنكم ترجون إسلامه إذا
أعطيتموه من الزكاة .
انظر السؤال ( 39655 )
، و ( 21384 ) .
ثانياً :
إذا وجبت الزكاة في المال فالواجب إخراجها فوراً ، ولا يجوز
تأخيرها .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
إن أخرها – أي : الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة
، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً : فلا بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز . " المغني " (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من
الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام ، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع
وإعانة لرمضان وهكذا ، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها
من ذمتهم وحملونا إياها ؟
فأجابوا :
يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد
المستحق . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9/402) .
وانظر السؤال ( 13981 )
.
ولكن قد تكون المصلحة أحياناً في عدم دفع الزكاة للفقير دفعة
واحدة ، حتى لا ينفقها جميعها ويبقى لا مال له ، بل تدفع له على دفعات كل شهر .
والعمل في هذا أنكم تبحثون الأمر مع الأغنياء ، وتجمعون منهم
الزكاة معجلة سنة ، فتجمعون الآن زكاة السنة القادمة ، وهكذا ، ثم تقسط للفقراء على
دفعات شهريا ، أو تأخذونها من الأغنياء معجلة على دفعات ، وتعطى للفقراء شهريا ،
فلا تكون قد تأخر إخراجها بعد وجوبها . وهذا يحتاج إلى مباحثة مع الأغنياء ،
وإقناعهم بالمصلحة في ذلك .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ
الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى
يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ
عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ
مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من
"المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة ، في شكل رواتب
للأسر الفقيرة ، في كل شهر ؟
فأجابوا :
لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت
المصلحة ذلك ، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً . "فتاوى اللجنة الدائمة"
(9/422) .
وأما إخراج الزكاة على شكل أطعمة ، فراجع السؤال ( 42542 ) .
*****
5326
ما هي أهمية بر الوالدين في الإسلام
الآداب > بر الوالدين >(1/7488)
سؤال رقم 5326- ما هي أهمية بر الوالدين في الإسلام
ما هي أهمية احترام الوالدين على ضوء الكتاب والسنة ؟
الجواب :
الحمد لله
أهمية احترام الوالدين :
أولاً : أنها طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً ) ، وقال تعالى : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً ) وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل افضل قال إيمان بالله ورسوله ثم بر الوالدين .. الحديث . وغيرها من الآيات والأحاديث المتواترة في ذلك .
ثانياً : إن طاعة الوالدين واحترامهما سبب لدخول الجنة كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ . صحيح مسلم 4627
ثالثاً : أن احترامهما وطاعتهما سبب للألفة والمحبة .
رابعاً : أن احترامهما وطاعتهما شكر لهما لأنهما سبب وجودك في هذه الدنيا وأيضاً شكر لها على تربيتك ورعايتك في صغرك ، قال الله تعالى : ( وأن اشكر لي ولوالديك .. ) .
خامساً : أن بر الولد لوالديه سببُ لأن يبره أولاده ، قال الله تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) . والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5459
هل يقدم المذهب على الحديث
كيف نتوب من الشرك
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/7489)
سؤال رقم 5459- هل يقدم المذهب على الحديث
السؤال :
يتعلق سؤالي بالأحاديث وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وبالمذهب، يتبع أهل بلادي مذهب الإمام الشافعي . وفي بعض الحالات فإن المذهب يُقدم على الحديث والسنة، فهل أتبع المذهب أم السنة في هذه الحالة ؟
على سبيل المثال ، ينتقض وضوء الرجل، في المذهب الشافعي، إذا لمس الرجل امرأة عامدا أو عن طريق الخطأ ، وسواء أكانت من المحارم أم ليست من المحارم . وقد وجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرك رجل عائشة رضي الله عنها أثناء تأديته لصلوات الفجر.
مثلا : يُعلم المسلمون في بلادي أنه أثناء الحج فإن نية الوضوء تحول من المذهب الشافعي إلى المذهب الحنبلي، وهم يتوضئون كما يفعل أتباع المذهب الحنبلي. والسبب وراء ذلك هو ذاته الوارد في المثال أعلاه. فهل يصح هذا، أي التحول من مذهب لآخر أثناء تأدية الحج؟
مثلا، في المذهب الشافعي، يُعد دعاء القنوت أثناء صلاة الفجر سنة مؤكدة.فهل فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أثناء صلاة الفجر؟ وما هو الحكم في من لا يقنت؟.
الجواب :
الواجب اتباع ما دلَّ عليه الدليل من الكتاب والسنة وإن خالف المذهب المتبوع ، لكن لابد أن يكون فهم الكتاب والسنة كما فهمه السلف لا بأفهامنا المجردة ، والمقصود بالسلف الصحابة والتابعين .
والمثال الذي ذكرته القول الصحيح أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء أكان بشهوة أم بدونها ، لحديث أنه صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ) إلا أن يخرج منه شيء بسبب الشهوة فيتوضأ لا للمس ولكن للخارج منه .
وأما الآية وهي قوله تعالى : ( أو لامستم النساء ) فالمراد به الجماع على الصحيح .
2- لا تحتاج إلى التحول من مذهب على مذهب وفريضة الحج تُؤدى كما أدها النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( خذوا عني مناسككم ) .
3- القنوت في الفجر الصحيح أنه سنة عند النوازل فقط يعني إذا نزلت بالمسلمين أو بعضهم مصيبة فإنه يستحب أن يُقنَت ويُدعى الله تعالى ليصرفها عنهم ، أما في الحالات المعتادة فالصحيح أنه لا يستحب هذا ما دل عليه الدليل . ومن ترك القنوت فصلاته صحيحة حتى عند الشافعية رحمهم الله . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5595
كيف تحدّد المرأة انتهاء فترة الحيض لتصلي
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/7490)
سؤال رقم 5595- كيف تحدّد المرأة انتهاء فترة الحيض لتصلي
السؤال :
كيف تحدد المرأة متى تبدأ الصلاة بعد انتهاء فترة الحيض ؟ ماذا يجب أن تفعل إذا اعتقدت بأنها انتهت وبدأت الصلاة ثم اكتشفت المزيد من الدم أو إخراج سائل بني ؟.
الجواب :
أولاً : إذا حاضت المرأة فإن طهرها يكون بانقطاع الدم قلَّ ذلك أو كثر وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن أقلَّه يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمه الله على أنه لاحدّ لأقلّه وأكثره بل متى وُجد بصفاته المعلومة فهو حيض قلّ أو كَثُر ، قال رحمه الله :
الحيض ، علَّق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنَّة ، ولم يقدِّر لا أقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمَّة بذلك واحتياجهم إليه .. "
ثم قال :
" والعلماء منهم من يحدُّ أكثرَه وأقلَّه ، ثمَّ يختلفون في التحديد ، ومنهم من يحد أكثره دون أقله والقول الثالث أصح : أنَّه لا حدَّ لا لأقله ولا لأكثره ." مجموع الفتاوى " ( 19 / 237 ) ."
ثانياً : وهناك دم يسمى الاستحاضة يكون مختلفاً بصفاته عن دم الحيض وله أحكام تختلف عن أحكام الحيض ويمكن تمييز هذا الدم عن الحيض بما يأتي :
اللون : دم الحيض أسود والاستحاضة دمها أحمر .
الرِّقَّة : فدم الحيض ثخين غليظ والاستحاضة دمها رقيق .
الرائحة : دم الحيض منتن كريه والاستحاضة دمها غير منتن لأنه دم عرق عادي .
التجمد : دم الحيض لا يتجمد إذا ظهر والاستحاضة دمها يتجمد لأنه دم عرق .
وبذلك تتبين صفات دم الحيض فإذا انطبقت على الدم الخارج فهو حيض يوجب الغسل ، ودمه نجس ، أما الاستحاضة فالدم لا يوجب الغسل .
والحيض يمنع الصلاة ، والاستحاضة لا تمنع الصلاة ، وإنما تكتفي بالتحفّظ والوضوء لكل صلاة إذا استمر نزول الدم إلى الصلاة التي بعدها ، وإن نزل الدم خلال الصلاة فلا يضر .
ثالثاً : تعرف المرأة الطّهر بأحد أمرين :
- نزول القصّة البيضاء وهو سائل أبيض يخرج من الرّحم علامة على الطّهر
- الجفاف التام إذا لم يكن للمرأة هذه القصّة البيضاء فعند ذلك تعرف أنها قد طَهُرت إذا أدخلت في مكان خروج الدم قطنة بيضاء مثلا فخرجت نظيفة فتكون قد طهرت فتغتسل ، ثم تصلي .
وإن خرجت القطنة حمراء أو صفراء أو بنية : فلا تصلي .
وقد كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . رواه البخاري معلقاً ( كتاب الحيض ، باب إقبال المحيض وإدباره ) ومالك ( 130 ) .
والدُّرْجة : هو الوعاء التي تضع المرأة طيبها ومتاعها .
والكرسف : القطن .
والقَصَّة : ماء أبيض يخرج عند انتهاء الحيض .
ومعنى الصفرة : أي ماء أصفر .
وأما إن جاءت صُفْرة أو كُدرة في أيام طهر المرأة فإنه لا يُعدّ شيئاً ولا تترك المرأة صلاتها ولا تغتسل لأنه لا يوجب الغسل ولا تكون منه الجنابة .
لحديث أم عطية رضي الله عنها : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً . رواه أبو داود (307 ) ، ورواه البخاري ( 320 ) ولم يذكر " بعد الطهر " .
ومعنى الكدرة : هي الماء البني الذي يشبه الماء الوسخ .
ومعنى لا نعده شيئاً : أي لا نعده حيضاً ولكنه ماء نجس يوجب غسله ويوجب الوضوء .
وأما إذا اتّصلت القصّة البيضاء بالحيض فهي من الحيض .
رابعاً : إذا اعتقدت المرأة أنها طهرت ثم عاد لها الدم ، فإن كان الدم يحمل صفات الحيض التي سبق بيانها فهو حيض ، وإلا فهو استحاضة .
ففي الأولى : لا تصلي .
وفي الثانية : تتحفظ ، ثم تتوضأ لكل صلاة ، ثم تصلي .
وأما السائل البني وهو ( الكدرة ) كما عرفناه فإن رأته بعد الطهر فحكمه : أنه طاهر لكن يوجب الوضوء فحسب .
وإن رأته في زمن الحيض فحكمه حكم الحيض .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5693
الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/7491)
سؤال رقم 5693- الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج
السؤال :
أرجو أن توضح لي أمر اختيار الطبيب ، فقد قالت مدرستي بأن المرأة المريضة يجب أن تختار طبيبة مسلمة ثم الطبيبة الكافرة ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر ، ولا نذهب لطبيب إلا إذا عدم وجود طبيبة ونحتاج لمختص .
قالت صديقتي بأن مدرستها قالت بأن الخيار الأول أن يكون مسلماً سواءاً طبيب أو طبيبة ، ثم يأتي الكافر طبيب أو طبيبة .
أنا محتارة ، فأنا أفهم أن الأطباء المسلمون عندهم أمانة أكثر من غير المسلمين ولكن ألا تأتي مسألة العورة أكثر أهمية ثم تجنب الفتنة ؟
بعض أصدقائي النساء يفضلون الذهاب لطبيب مسلم في مراجعتهم فترة الحمل وكذلك حين الوضع بينما يوجد الكثير من القابلات مسلمات وغير مسلمات .
أرجو أن تنصحنا يا أستاذ
جزاك الله خيرا
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين : نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ففيما يلي ذِكْر لبعض القواعد والضوابط في مسألة : " النظر للعلاج "
أولا : عورة الرجل ما بين السرّة والركبة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين السُّرَّة والركبة عورة ) حديث حسن رواه أحمد وأبو داود والدار قطني . وهذا قول جمهور أهل العلم .
ثانيا : المرأة كلها عورة أمام الأجنبي لقوله تعالى : { وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ) رواه الترمذي بسند صحيح وهذا القول هو الصحيح من المذهب عند الحنابلة وإحدى الروايتين عند المالكية وأحد القولين عند الشافعية .
ثالثا : تَعمّد النظر إلى العورات من المحرمات الشديدة ويجب غضّ البصر عنها لقوله تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
.. الآية } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة .. ) رواه مسلم وقال لعلي رضي الله عنه : ( لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميّت ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح
رابعا : كلّ ما لا يجوز النّظر إليه من العورات لا يحلّ مسّه ولو من وراء حائل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( إني لا أصافح النساء ) رواه مالك وأحمد وهو حديث صحيح ، وقال : ( لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخْيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له ) رواه الطبراني وهو حديث صحيح . قال النووي رحمه الله : وحيث حَرُم النظر حَرُم المسّ بطريق الأَوْلى ، لأنه أبلغ لذّة .
خامسا : العورات أنواع ودرجات فمنها العورة المغلّظة ( السوأتان : القُبُل والدُّبُر ) والعورة المخففة كفخذي الرّجل أمام الرّجل .
والصغير دون سبع سنين لا حكم لعورته ، والصغير المميِّز ـ من السابعة إلى العاشرة ـ عورته الفرجان ، والصغيرة المميِّزة عورتها من السرّة إلى الركبة ، ( وكلّ ذلك عند أَمْن الفتنة ) وعورة الميّت كعورة الحيّ ، والأحوط إلحاق الخنثى بالمرأة في العورة لاحتمال كونه امرأة .
سادسا : الضرورات تبيح المحظورات ، ولا خلاف بين العلماء في جواز نظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن الضوابط الشرعية ، وكذلك القول في نظر الطبيب إلى عورة الرجل المريض ، فيباح له النظر إلى موضع العلّة بقدر الحاجة ، والمرأة الطبيبة في الحكم كالطبيب الرجل . وهذا الحكم مبني على ترجيح مصلحة حفظ النفس على مصلحة ستر العورة عند التعارض .
سابعا : " الضرورة تُقدَّر بقدرها " : فإذا جاز النظر والكشف واللمس وغيرها من دواعي العلاج لدفع الضرورة والحاجة القويّة فإنه لا يجوز بحال من الأحوال التعدّي وترك مراعاة الضوابط الشرعية ومن هذه الضوابط ما يلي :
1ـ يقدّم في علاج الرجال الرجال وفي علاج النساء النساء وعند الكشف على المريضة تُقدّم الطبيبة المسلمة صاحبة الكفاية ثمّ الطبيبة الكافرة ثمّ الطبيب المسلم ثمّ الطبيب الكافر ، وكذلك إذا كانت تكفي الطبيبة العامة فلا يكشف الطبيب ولو كان مختصا ، وإذا احتيج إلى مختصة من النساء فلم توجد جاز الكشف عند الطبيب المختص ، وإذا كانت المختصة لا تكفي للعلاج وكانت الحالة تستدعي تدخّل الطبيب الحاذق الماهر الخبير جاز ذلك ، وعند وجود طبيب مختص يتفوّق على الطبيبة في المهارة والخبرة فلا يُلجأ إليه إلا إذا كانت الحالة تستلزم هذا القدر الزائد من الخبرة والمهارة . وكذلك يُشترط في معالجة المرأة للرجل أن لايكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بالمعالجة .
2ـ لا يجوز تجاوز الموضع اللازم للكشف فيقتصر على الموضع الذي تدعو الحاجة إلى النظر إليه فقط ، ويجتهد مع ذلك في غضّ بصره ما أمكن ، وعليه أن يشعر أنه يفعل شيئا هو في الأصل محرّم وأن يستغفر الله عما يمكن أن يكون حصل من التجاوز .
3ـ إذا كان وصف المرض كافيا فلا يجوز الكشف وإذا أمكن معاينة موضع المرض بالنظر فقط فلا يجوز اللمس وإذا كان يكفي اللمس بحائل فلا يجوز اللمس بغير حائل وهكذا .
4ـ يُشترط لمعالجة الطبيب المرأة أن لا يكون ذلك بخلوة فلا بدّ أن يكون مع المرأة زوجها أو محرمها أو امرأة أخرى من الثقات .
5ـ أن يكون الطبيب أمينا غير متهم في خلقه ودينه ويكفي في ذلك حمل الناس على ظاهرهم .
6ـ كلما غَلُظت العورة كان التشديد أكثر قال صاحب كفاية الأخيار : واعلم أن أصل الحاجة كان في النظر إلى الوجه واليدين ، وفي النظر إلى بقية الأعضاء يُعتبر تأكّد الحاجة ، وفي النظر إلى السوأتين يُعتبر مزيد تأكُّد الحاجة . ولذلك لا بدّ من التشديد البالغ في مثل حالات التوليد وختان الإناث اليافعات .
7ـ أن تكون الحاجة إلى العلاج ماسة كمرض أو وجع لا يُحتمل أو هُزال يُخشى منه ونحو ذلك أما إذا لم يكن مرض أو ضرورة فلا يجوز الكشف عن العورات كما في حالات التوهّم والأمور التحسينية .
8ـ كلّ ما تقدّم مُقيّد بأمن الفتنة وثوَران الشهوة من كلّ من طرفي عملية المعالجة .
وختاما فإنه لا بدّ من تقوى الله في هذه المسألة العظيمة التي احتاطت لها الشريعة وجعلت لها أحكاما واضحة وحازمة . وإن مما عمّت به البلوى في هذا الزمان التساهل في مسائل الكشف عن العورات في العيادات والمستشفيات وكأن الطبيب يجوز له كلّ شيىء ويحلّ عنده كلّ محظور . وكذلك ما وقع في البرامج التعليمية المأخوذة نسخة طبق الأصل مما هو موجود في بلاد الكفّار تشبها بهم من التساهل في عدد من حالات التعليم والتدريب والاختبار .
وواجب على المسلمين الاعتناء بتخريج النساء من أهل الكفاية في التخصصات المختلفة للقيام بالواجب ، وحسن إعداد جداول المناوبات في المستوصفات والمستشفيات لئلا تقع نساء المسلمين في الحرج ، وأن لا تُهمل المريضة أو يتبرّم منها الطبيب إذا طلبت طبيبة لعلاجها .
والله المسؤول أن يفقهنا في الدين وأن يعيننا على القيام بأحكام الشريعة ورعاية حقوق المسلمين .
وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5707
الفرق بين الإماء والبغايا
الفقه > معاملات > الرق >(1/7492)
سؤال رقم 5707- الفرق بين الإماء والبغايا
السؤال :
سمعت بأنه يجوز للرجل أن يجامع أمته ، فهل ينطبق هذا على المرأة أيضاً ؟
إذا جاز للرجل أن يجامع أمته (التي اشتراها) فلماذا نأخذ فكرة سيئة عن النساء البغايا … لأنهم أيضا يتم شراؤهم ولكن لوقت قصير.
هل يمكن أن توضح هذا ؟ ولماذا لم يمنع الإسلام العبودية ؟ هم آدميون كذلك ولكن إرادتهم مأسورة وربما هم مجبرون على الجماع .
الجواب :
الرق في الإسلام إنما شرع في الأصل بسبب الكفر فهو عجز حكمي بسبب الكفر فإذا حصل الجهاد بين المسلمين والكفار وأسر مجموعة من الكفار فلولي الأمر أن يقسم الأسرى أو يمن عليهم أو يدفعون الفدية فإذا قسموا بين الغانمين صاروا أرقاء في حكم السلع يباعون ومع ذلك فالشرع حث على العتق وجعله كفارة لأعمال كثيرة فالرق ليس محبوباً في الأصل بل المحبوب في الشرع عتق الأرقاء فإذا تم الرق على الوجه الشرعي جاز للسيد وطء أمته ، بخلاف البغاء - الزنا - فقد حرمه الشرع منعاً لاختلاط الأنساب وغيره من الحكم الذي من أجلها حرم الزنا فلا قياس حينئذ لأن الأمة إذا وطئت وأنجبت صار الولد للسيد وحينئذ تعتق بموته لأنها صارت أم ولد في حكم الزوجة ، والله أعلم .
كتبه الشيخ عبد الكريم الخضير
*****
5770
وضع اليدين في الصلاة بين أهل السنة وغيرهم
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/7493)
سؤال رقم 5770- وضع اليدين في الصلاة بين أهل السنة وغيرهم
أنا متحير في الطريقة التي يصلي بها السنة والشيعة ، والدي شيعي وعلمني أن أصلي ويداي في جانبي ولكنني لست أدري ما الفرق .
لماذا يوجد هذا الاختلاف بينهما ؟
سأكون ممتناً إذا قلت لي أي طريقة كان يستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم .
الحمد لله
1. الفرق بين الشيعة – الرافضة - وأهل
السنة كبير جداً ؛ وذلك لاختلاف المراجع والأصول التي يرجع إليها كل منهما ،
فالشيعة يعتمدون على كتب وعلماء ليسوا عند أهل السنة بشيء .
فمثلاً أهل السنة يعتمدون كتاب صحيح البخاري بعد القرآن ، والشيعة
لا يعتمدونه مرجعاً ولا يعتبرون صاحبه شيئاً ، حتى إنهم ليختلفون معنا في
الصحابة ، فالشيعة يكفرون الصحابة إلا قليلاً منهم ، بل إن بعضهم يزعم أن القرآن
الذي في أيدي أهل السنة ناقص ومحرف ، ومَن لم يقل بنقص القرآن وتحريفه قال بتحريف
معناه ، وأبطل ما ورد عن أئمتنا في تفسيره.
قال الشعبي : أحذركم الأهواء المضلة وشرها الرافضة ، وقد حرقهم علي
بن أبي طالب بالنار ونفاهم في البلدان وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة اليهود :
قالت اليهود : لا تصلح الإمامة إلا لرجل من آل داود ، وقالت الرافضة
: لا تصلح الإمامة إلا لرجل من ولد علي بن أبي طالب .
وقالت اليهود : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وينزل
سبب من السماء ، وقالت الرافضة : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي وينادي مناد
من السماء .
واليهود : يؤخرون صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم ، وكذلك الرافضة
والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا
صلاة المغرب حتى تشتبك النجوم " . أبو داود 418 ، وابن ماجة 689 ، وصححه
الألباني في صحيح أبي داود 444 .
واليهود : تزول عن القبلة شيئاً ، وكذلك الرافضة .
واليهود : تنود في الصلاة ، وكذلك الرافضة …
واليهود : يستحلون دم كل مسلم ، وكذلك الرافضة .
واليهود : لا يرون على النساء عدة ، وكذلك الرافضة .
واليهود : لا يرون الطلاق الثلاث شيئاً ، وكذلك الرافضة .
واليهود : حرفوا التوراة ، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن .
واليهود : يبغضون جبريل ويقولون هو عدونا من الملائكة ، وكذلك صنف
من الرافضة يقولون غلط بالوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم .
"
السنة " للخلال ( 3 / 497 – 498
) .
وهذا بعض من ضلالات الشيعة وخزعبلاتهم ، لذا فلا تعجب من سدلهم
أيديهم في الصلاة الذي هو مخالفة صريحة لصحيح السنة وصريحها .
وأما الأدلة على وجوب القبض ـ أي وضع اليد اليمنى على اليسرى ـ فهي
كثيرة ، ومنها :
عن سهل بن سعد قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على
ذراعه اليسرى في الصلاة .
قال أبو حازم : لا أعلمه إلا يُنمي ذلك إلى النبي الله صلى الله
عليه وسلم – أي : يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - . رواه البخاري ( 707 ) .
و( كان صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى ) . رواه مسلم 401
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى
على اليمنى فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى . رواه أحمد برقم 12671
عن وائل بن حجر : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين
دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال أذنيه ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على
اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ثم كبر فركع فلما قال سمع
الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه . رواه مسلم ( 401 ) .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وأن نضع أيماننا على
شمائلنا في الصلاة " . رواه ابن حبان ( 3 / 13 ) . والحديث : صححه
الشيخ الألباني في " صفة الصلاة " ( ص 87 ) .
وقال ابن حجر :
قال ابن عبد البر : لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف
وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن
المنذر وغيرُه عن مالك غيرَه ، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال وصار إليه أكثر
أصحابه ، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة ، ومنهم من كره الإمساك ونقل ابن
الحاجب أن ذلك حيث يمسك معتمدا لقصد الراحة . " فتح الباري " ( 2 / 224 ) .
والله أعلم .
*****
5901
إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الكسوف >(1/7494)
سؤال رقم 5901- إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي
أصبح من المعروف أن الكسوف ليست إلا ظاهرة تحدث في فترة ( يمكن أن تكون معلومة الوقت) يكون فيها القمر بين الشمس والأرض .
فلماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ذلك الوقت ؟ فهي لا تسبب أي أذى.
الحمد لله وحده
وبعد .. فإنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادي ، الصلاة جامعة . فصلى بالناس ثم خطبهم ، وبين لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية ، وبين لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة ، والدعاء ، والصدقة ، قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " . ومعنى ذلك أن المسلمين لا يعرفون موعداً للكسوف ، لكن متى حدث سارعوا إلى ما شرع الله لهم من الصلاة وغيرها.
وكانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذرا بنزول بلاء ، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون . ولما انتشر في الأعصار المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر ، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف . بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم ، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل . ولكن لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف ، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله ، كما بين العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سببا لحدوث شر يتضرر به العباد . وقول السائل أن الكسوف لايسبب أذى ، قولٌ بغيرعلم ، واعتراض على شرع الله ، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف ، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض ، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله . فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه ، والإيمان لحكمته ، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى .
أملاه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
وكسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهماعباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعا يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها وأمّا نحن فقد أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت فلم يخسروا بصلاتهم وإنما غنموا أجرا كبيرا نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه وهم من الساعة مشفقون وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
59879
ما معنى اتخاذ الكفار أولياء ؟ وحكم مخالطة الكفار
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
العقيدة > الولاء والبراء >
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/7495)
سؤال رقم 59879- ما معنى اتخاذ الكفار أولياء ؟ وحكم مخالطة الكفار
ورد في القرآن أنه لا يجوز لنا اتخاذ الكفار أولياء ، لكن ماذا يعني ذلك ؟ أقصد إلى أي حدٍّ ؟ هل يجوز لنا التعامل معهم ؟ أنا أدرس ، فهل يجوز لنا لعب كرة السلة معهم ؟ هل يجوز أن نتحدث معهم فيما يتعلق بالسلة وما إلى ذلك ؟ هل يجوز أن نصاحبهم طالما أنهم أبقوا أمور اعتقاداتهم لأنفسهم ؟ .
أسأل عن ذلك لأني أعرف شخصاً يصاحبهم بمثل هذه الطريقة وتواجده معهم لا يؤثر على اعتقاده ، لكني مع ذلك أقول له : " لماذا لا تبقى مع المسلمين بدلا من هؤلاء ؟ " وهو يرد قائلا : إن أغلب - أو العديد - من المسلمين يشربون الخمر ويتناولون المخدرات في أماكن تجمعهم ، كما أن لهم صديقات ، وهو يخاف من أن معاصي هؤلاء المسلمين قد تغويه ، لكنه متأكد تماما أن كفر الكفار لن يغريه لأنه شيء لا يُعتبر مغريا بالنسبة له ، فهل تواجده ولعبه وحديثه حول أمور الرياضة مع الكفار يعتبر " من اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين " ؟.
الحمد لله
أولاً :
حرم الله تعالى على المؤمنين اتخاذ الكافرين أولياء ، وتوعد على
ذلك وعيداً شديداً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :
" ذكر في هذه الآية الكريمة أن من تولى اليهود والنصارى مِن
المسلمين فإنه يكون منهم بتوليه إياهم ، وبيَّن في موضع آخر أن توَلِّيهم موجب لسخط
الله ، والخلود في عذابه ، وأن متوليهم لو كان مؤمناً ما تولاهم ، وهو قوله تعالى :
( تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا
قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ
هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا
أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ
فَاسِقُونَ ) المائدة/80 ، 81 .
ونهى في موضِع آخر عن تَوليهم مبيناً سبب التنفير منه ، وهو قوله
: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنْ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ
الْقُبُورِ ) الممتحنة/13 .
وبيَّن في موضع آخر أن محل ذلك فيما إذا لم تكن الموالاة بسبب
خوف ، وتقية ، وإن كانت بسبب ذلك فصاحبها معذور ، وهو قوله تعالى : ( لا يَتَّخِذْ
الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ
تُقَاةً ) آل عمران/28 . فهذه الآية الكريمة فيها بيانٌ لكل
الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقاً وإيضاحٌ ؛ أن محل ذلك في حالة الاختيار ،
وأما عند الخوف والتقية فيرخص في موالاتهم ، بقدر المداراة التي يكتفي بها شرهم ،
ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة ، ومن يأتي الأمور على اضطرار فليس
كمثل آتيها اختياراً .
ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمداً اختياراً
رغبة فيهم أنه كافر مثلهم " انتهى .
"أضواء البيان" ( 2 / 98 ، 99 ) .
ومن صور مولاة الكفار المحرمة : اتخاذهم أصدقاء وأصحاباً ،
ومخالطتهم في الطعام واللعب معهم .
وفي جواب السؤال رقم ( 10342 ) نقلنا عن الشيخ ابن باز قوله :
" ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة
الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا
تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى
الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .
وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا
تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية " . انتهى .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
عن حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم
؟
فأجاب :
لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم ؛ لأن
هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم ، قال الله تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا
بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى
تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة/4 . وقال تعالى :
( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ
إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ
وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) المجادلة/22 .
وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله
الذين هم أعداء له في الواقع ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ
بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ) الممتحنة/1 .
أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم
: فهذا لا بأس به ؛ لأنه من باب التأليف على الإسلام ، ولكن إذا يئس منهم عاملهم
بما يستحقون أن يعاملهم به ، وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل
الذمة " لابن القيم رحمه الله " . انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 3 / السؤال رقم 389 ) .
ثانياً :
وأما قول هذا القائل : إنه لا يخالط العصاة من المسلمين خوفا من
أن تغويه معاصيهم ، وأما الكفار فإن كفرهم لن يغريه .
فجوابه أن يقال :
أما عدم مخالطته لأهل المعاصي من المسلمين فَلَنِعْمَ ما فَعَلَ
، إذا لم يكن قادراً على نصيحتهم ، ونهيهم عن المنكر ، وخاف على نفسه من الوقوع في
معاصيهم واستحسانها .
وأما مخالطته للكفار ، فليست العلة في منع مخالطة الكفار هي
الخوف من الوقوع في الكفر فقط ، بل مِنْ أظهرِ عِلَلِ هذا الحكم : عداوتُهم لله
ورسوله والمؤمنين ، وقد أشار الله تعالى إلى هذه العلة بقوله : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ
إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ
يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ ) الممتحنة/1 .
فكيف يليق بمسلم أن يصاحب عدو الله وعدوه ويصادقه ؟!
ثم مِنْ أين يأمَنُ هذا مِنِ استحسانِ طريقتهم ومذهبهم ؟ وقد وقع
كثير من المسلمين في الكفر والإلحاد وارتدوا عن الإسلام بسبب مصاحبتهم للكفار ،
وإقامتهم في بلدانهم . فبعضهم تَهَوَّدَ ، وبعضهم تَنَصَّر ، وبعضهم اعتنق مذاهب
فلسفية ملحدة .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه .
وانظر جواب السؤال رقم ( 2179 ) ففيه إيضاح القاعدة العظيمة : " تحريم موالاة الكفّار " وفيه ذِكر صور
كثيرة من تلك الموالاة المحرَّمة .
وفي جواب السؤال رقم ( 43270 ) تجد حكم القول بأن أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين ، وفيه النقل
عن الشيخ ابن باز بتحريم هذا القول .
وفي جواب السؤال رقم ( 26118 ) ، ( 23325 ) بيان تحريم
مصاحبة الكافر ومصادقته .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
60213
دخول الحائض المسجد لحضور مجلس علم أو حلقة لتحفيظ القرآن
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
سؤال رقم 60213: دخول الحائض المسجد لحضور مجلس علم أو حلقة لتحفيظ القرآن
امرأة حائض تريد دخول المسجد لحضور مجلس علم أو حلقة لتحفيظ القرآن مع العلم بأنها مواظبة على ذلك بشكل أساسي ، وإن تغيبت للحيض سيفوتها مسائل سيتعذر عليها إدراكها فيما بعد ، فهل يجوز لها الحضور بشروط معينة استثناء وما هو رأى العلماء الراجح في المسألة ؟.
الحمد لله
أولا :
ذهب جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة إلى أنه لا يجوز
للحائض أن تمكث في المسجد ، واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري (974) ومسلم (890)
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ : ( أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ
الْخُدُورِ ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ ) .
فمنع النبي صلى الله عليه وسلم الحائض من مصلى العيد ، وأمرها
باعتزاله ، لأن له حكم المسجد ، فدل على منعها من دخول المسجد .
واستدلوا بأحاديث أخرى ولكنها ضعيفة لا يصح الاحتجاج بها ، منها
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلا جُنُبٍ ) والحديث ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (232) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (6/272) :
ما حكم الشرع في حق المرأة التي تدخل المسجد وهي حائض للاستماع
إلى الخطبة فقط ؟
فأجابوا : لا يحل للمرأة أن تدخل المسجد وهي حائض أو نفساء . . .
أما المرور فلا بأس إذا دعت إليه الحاجة وأمن تنجيسها المسجد لقوله تعالى : ( وَلا
جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) النساء/43 ، والحائض في معنى الجنب ؛ ولأنه أمر عائشة أن تناوله حاجة من
المسجد وهي حائض " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (6/272) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للحائض حضور حلق
الذكر في المساجد ؟
فأجاب : " المرأة الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد ، وأما
مرورها بالمسجد فلا بأس به ، بشرط أن تأمن تلويث المسجد مما يخرج منها من الدم ،
وإذا كان لا يجوز لها أن تبقى في المسجد ، فإنه لا يحل لها أن تذهب لتستمع إلى حلق
الذكر وقراءة القرآن ، اللهم إلا أن يكون هناك موضع خارج المسجد يصل إليه الصوت
بواسطة مكبر الصوت ، فلا بأس أن تجلس فيه لاستماع الذكر ، لأنه لا بأس أن تستمع
المرأة إلى الذكر وقراءة القرآن كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتكئ
في حجر عائشة ، فيقرأ القرآن وهي حائض ، وأما أن تذهب إلى المسجد لتمكث فيه لاستماع
الذكر ، أو القراءة ، فإن ذلك لا يجوز ، ولهذا لما أُبلغ النبي عليه الصلاة والسلام
في حجة الوداع ، أن صفية كانت حائضا قال : ( أحابستنا هي ؟ ) ظن صلى الله عليه وسلم
، أنها لم تطف طواف الإفاضة فقالوا إنها قد أفاضت ، وهذا يدل على أنه لا يجوز المكث
في المسجد ولو للعبادة . وثبت عنه أنه أمر النساء أن يخرجن إلى مصلى العيد للصلاة
والذكر ، وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى " انتهى من "فتاوى الطهارة" (ص 273) .
وينظر مذاهب الفقهاء في: "المبسوط" (3/153) ، "حاشية الدسوقي" (1/173) ،
"المجموع" (2/388) ، "المغني" (1/195) .
ثانيا :
للحائض أن تقرأ القرآن دون أن تمس المصحف ، على ما هو مبين في
جواب السؤال ( 2564 ) .(1/7496)
ولها أن تقرأ من المصحف المطبوع مع التفسير ، قال الشيخ ابن
عثيمين رحمه الله : " وأما كتب التفسير فيجوز مسها ؛ لأنها تعتبر تفسيرا ، والآيات
التي فيها أقل من التفسير الذي فيها .
ويستدل لهذا بكتابة النبي صلى الله عليه وسلم الكتب للكفار ،
وفيها آيات من القرآن ، فدل هذا على أن الحكم للأغلب والأكثر .
أما إذا تساوى التفسير والقرآن ، فإنه إذا اجتمع مبيح وحاظر ولم
يتميز أحدهما برجحان ، فإنه يغلب جانب الحظر فيعطى الحكم للقرآن .
وإن كان التفسير أكثر ولو بقليل أعطي حكم التفسير " انتهى
من "الشرح الممتع" (1/267) .
ثالثا :
ما ورد في السؤال من خشية فوات بعض المسائل والدروس على الحائض
إذا امتنعت من دخول المسجد ، يمكن تلافيه بتسجيل هذه الدروس ، أو الاستماع إليها من
خارج المسجد ، إن أمكن ذلك ، وينبغي أن يلحق ببعض المساجد ملحقات خاصة لا تأخذ حكم
المسجد ، تجعل كمكتبة أو دار للتحفيظ ، تتمكن صاحبات العذر من الجلوس فيها دون حرج .
والله أعلم .
*****
6035
كيف يبقى مسلماً من وصل إلى القتل ويصر على ترك الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7497)
سؤال رقم 6035- كيف يبقى مسلماً من وصل إلى القتل ويصر على ترك الصلاة
السؤال :
عزيزي الشيخ زادك الله علماً :
الحكم على تارك الصلاة له آراء مختلفة عند أهل العلم.
بعد قراءة فتاوى الأئمة المعروفين من السلف كالإمام أحمد والذي يبدو أنه الأصح بناء على الدليل أن ترك الصلاة كفر ويخرج فاعله عن ملة الإسلام ، مع هذا فهناك الرأي المخالف والذي لم أفهمه ، فالإمام الشافعي ومالك وآخرون قالوا " يُقتل ولكنه ليس بكافر " وبهذا فهو يُدفن في مقابر المسلمين ، ولكن إذا تم قتل شخص لتركه الصلاة وأُعطي الفرصة للتوبة فكيف يُعتبر مسلماً ؟
هو فضّل الموت على الصلاة إذا الواجب أنه كافر فأرجو التوضيح .
جزاك الله خيرا والسلام.
الجواب :
الحمد لله
الحقيقة أن هذا الإشكال الذي ذكره السائل قوي ، لكنه ليس له تخريج معتبر عند من يقول
بعدم كفره ، ولذلك جعل شيخ الإسلام رحمه الله هذا الإيراد من الفروع الفاسدة عند
الفقهاء المتأخرين ، وهو ما لا يعرفه الصحابة رضي الله عنهم ، فإنه - كما ذكر السائل
- يمتنع أن يعرض السيف على أحد ممن ترك الصلاة فيختار الموت على الصلاة وفي قلبه
مثقال ذرة من إسلام ، وهذا الإيراد لا يرد على قول من قال بكفر تارك الصلاة ، ولنقرأ
كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لينجلي الموضوع ويزول الإشكال .
قال رحمه الله :
وأما من اعتقد وجوبها مع إصراره على الترك ؛ فقد
ذكر عليه المفرِّعون مِن الفقهاء
فروعاً :
أحدها : هذا ، فقيل عند جمهورهم مالك والشافعي وأحمد
. وإذا صبر حتى يقتل فهل يقتل كافرا مرتدا أو فاسقا كفساق المسلمين ؟ على قولين
مشهورين حكيا روايتين عن أحمد .
وهذه الفروع لم تنقل عن الصحابة ! وهي فروع فاسدة
!! .
فإن كان مقرّاً بالصلا ة فى الباطن معتقداً لوجوبها
: يمتنع أن يُصرَّ على تركها حتى يقتل وهو لا يصلي ، هذا لا يعرف من بني آدم وعاداتهم
! ولهذا لم يقع هذا قط فى الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له :
إن لم تصلِّ وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط
فى الإسلام .
ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن فى الباطن
مقرّاً بوجوبها ولا ملتزماً بفعلها وهذا كافرٌ بإتفاق المسلمين كما استفاضت الآثار
عن الصحابة بكفر هذا ، ودلت عليه النصوص الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم "
ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة " رواه مسلم ، وقوله
" العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " ، وقول عبدالله
بن شقيق : " كان أصحاب محمَّدٍ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة
" ، فمن كان مصرّاً على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط : فهذا لا يكون
قط مسلما مقرّاً بوجوبها فإن اعتقاد الوجوب واعتقاد أن تاركها يستحق القتل : هذا
داعٍ تامٍّ إلى فعلها ، والداعي مع القدرة : يوجب وجود المقدور ، فإذا كان قادراً
ولم يفعل قط : عُلم أن الداعي في حقِّه لم يوجد.... أ.هـ " مجموع
الفتاوى " ( 22 / 47-49 ) .
ونرجو من السائل أن يراجع سؤال رقم 2182
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6109
إسدال المالكية أيديهم في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >(1/7498)
سؤال رقم 6109- إسدال المالكية أيديهم في الصلاة
السؤال :
نرى بعض الأخوة المالكيين يسدلون أيديهم في الصلاة ، ولكن الكثير من العلماء قالوا بأنه لا يوجد حديث ولا حتى ضعيف يدل على ما يفعلون .
هل يمكن أن تشرح هذا وهل هذا فعلاً كان رأي الإمام مالك ؟ وهل تجوز الصلاة هكذا ؟.
الجواب :
الحمد لله
جاء عن سهل بن سعد قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجلُ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة . رواه البخاري رقم (740)
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنا معشر الأنبياء أُمرنا أن نؤخر سحورنا ونعجل فطرنا وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في صلاتنا أخرجه ابن حبان في الصحيح(3/13-14).
ومن هذين الحديثين يتبين لنا خطأ من يرسل يديه ، إذ وضع اليد اليمنى على اليسرى هو هدي نبينا صلى الله عليه وسلم وهدي الأنبياء قبله انظر زاد المعاد1/202
قال ابن عبد البر :
لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وهو الذي ذكره مالك في الموطأ ولم يحك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره ، .. . انظر الفتح ( 2/224 ) ونيل والأوطار ( 2/201) .
وذكر المالكية في رواية سنية القبض في الفرض والنفل : أنها الأظهر ، لأن الناس كانوا يؤمرون في الصدر الأول انظر القوانين 65 .
والمشهور في كتب المتأخرين من المالكية أن وضع اليدين تحت الصدر فوق السرة مندوب للمصلي المتنفل وكذا للمفترض إن قصد بالوضع الاتباع أو لم يقصد شيئاً أما إن قصد الاعتماد والاتكاء على يديه بوضعهما كره له ..
قال الباجي من كبار المالكية : " وقد يحمل قول مالك بكراهية قبض اليدين على خوفه من اعتقاد العوام أن ذلك ركن من أركان الصلاة تبطل الصلاة بتركه ".
ومن يتأمل هذه المسألة يعلم علماً قاطعاً أنهم جميعاً يعترفون بأن سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي وضع اليدين أمام المصلى لا لإرسالها بجنبه ، وأن الإمام مالك ما قال بإرسالها- إن صح هذا عنه - إلا ليحارب عملاً غير مسنون وهو قصد الاعتماد أو اعتقادا فاسدا وهو ظن العامي وجوب ذلك وقيل إنّ مالك رحمه الله ضُرب لما رفض القضاء فلم يستطع وضع يديه على صدره في الصلاة فأسدلهما للألم فظنّ بعض من رآه أنها السنة ونقلها عنه ، وإلا فهو رحمه الله -على التحقيق - لم يقل بالإرسال البتة وهذا غلط عليه في فهم عبارة المدونة وخلاف منصوصه المصرح به في " الموطأ " القبض وقد كشف عن هذا جمع من المالكية وغيرهم في مؤلفات مفردة تقارب ثلاثين كتاباً سوى الأبحاث التابعة في الشروح والمطولات ".
ثم لو ثبت عن مالك الإرسال دون علّة فما هو الأولى بالاتّباع فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله - كما في الأحاديث المتقدمة - أم كلام الإمام مالك ؟
فكل مريد للحقّ سيتّبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم ويقدّمها على قول كلّ أحد والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6154
حكم إقامة الطلبة المبتعثين في بلاد الكفار
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7499)
سؤال رقم 6154- حكم إقامة الطلبة المبتعثين في بلاد الكفار
نحن طلبة مسلمون ندرس في أمريكا لفترات تتراوح ما بين ستة أشهر وأربع سنوات وجئنا للدراسة هنا بمحض إرادتنا - أي لسنا مبتعثين من أي جهة - والدراسة هنا في أمريكا لا تختلف عن الدراسة في بلادنا سوى بالحصول على اللغة الإنجليزية ، فما حكم جلوسنا في هذه البلاد للدراسة ؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله
من كان منكم لديه علم وبصيرة بدين الله يمكنه أن يدعو إلى الله ويعلم الناس الخير ويدفع الشبهة عن نفسه ويظهر دينه بين من لديه من الكفار فلا حرج عليه ؛ لأن إقامته والحال ما ذكر وتزوده من العلم الذي يحتاج إليه ينفعه وينفع غيره ، وقد يهدي الله على يديه جمعاً غفيراً إذا اجتهد في الدعوة وصبر وأخلص النية لله سبحانه وتعالى ، أما من ليس عنده علم وبصيرة ، أو ليس عنده صبر على الدعوة ، أو يخاف على نفسه الوقوع فيما حرم الله ، أو لا يستطيع إظهار دينه بالدعوة إلى توحيد الله والتحذير من الشرك به وبيان ذلك لمن حوله فلا تجوز له الإقامة بين أظهر المشركين ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) ولما عليه من الخطر في هذه الإقامة ، و الله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/401.
*****
624
التوبة من الفاحشة
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/7500)
سؤال رقم 624- التوبة من الفاحشة
أنا لا أعلم ماذا أفعل لكنني اقترفت خطيئة عظيمة . أعلم أن مفهوم ( الاعتراف للكاهن ) لا وجود له في ديننا الجميل . لكنني اقترفت الزنا . أريد أن أتوب وأسأل الله الصفح والمغفرة . عندما قرأت سورة النور وجدت أنني لا أستطيع الزواج من امرأة عفيفة طاهرة ، فماذا يجب أن أفعل ؟ أرجو أن تدعو لي أن يخفف الله عقوبتي في نار جهنم .
الحمد لله
أولا :
لا تيأس من رحمة الله وتدبّر قوله تعالى : (
قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) سورة الزمر / 53
ثانيا :
اجعل توبتك خالصة لله وابتعد عن كلّ ما يؤدي بك
إلى الحرام والعودة إلى الجريمة وأكثر من الصالحات فإن الحسنات يذهبن السيئات .
ثالثا :
إذا تبت إلى الله زال عنك وصف الزنا وبالتالي
يجوز لك أن تتزوج امرأة طاهرة عفيفة .
رابعا :
المؤمن همته عالية في الدعاء فهو لا يدعو بأن
يخفّف الله عنه عذاب جهنم بل يدعو الله أن يعتقه من النار ويدخله الجنة بل ويرزقه
الفردوس الأعلى مع اجتهاده في عمل الصالحات والتوبة من السيئات .
*****
6285
الرد على من يبرئ اللوطية بأن هذه طبيعة خلقتهم
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/7501)
سؤال رقم 6285- الرد على من يبرئ اللوطية بأن هذه طبيعة خلقتهم
السؤال :
أنا لست شاذاً ، ولكنني كنت أفكر من ناحية أخلاقية ، بما أن الإسلام لا يبيح الشذوذ فما الذي يحصل للشاذ أو الشاذة ؟
الكثير من الشواذ يقولون بأن توجههم الجنسي طبيعي وأنهم ولدوا هكذا ، إذا افترضنا بأن ما يقولون صحيح لأن الناس الطبيعيين لا يعرفون هذا ، فإذا كان الشذوذ محرم في الإسلام فلماذا خلقهم الله هكذا ليتعذبوا بوجودهم في هذه الدنيا ولا يستطيعون إرضاء رغبتهم الجنسية ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا نوافق على قولهم أن توجههم الجنسي طبيعي ، بل انتكاسة للفطرة وقد عد الله هذا الفعل فاحشة وتعديا ، وأنزل على قوم لوط عذابا لا يماثله عذاب أي أمة أخرى ، وقد أخبر سبحانه أن هذه العقوبة ليست ببعيدة عن الظالمين .
وقولهم أن توجههم طبيعي فهذا من ترويج الفساد وإشاعته وإيجاد المبررات له ، وكثير منهم يحاول تغيير خلقته ليصبح شاذا فكيف يقال أنهم خلقوا هكذا ؟
والله تعالى لم يخلق أحدا ليعذبه وإنما خلق الخلق ليعبدوه وقد يبتلي عباده بالشدائد امتحانا لإيمانهم وتكفيرا لخطاياهم ورفعة لدرجاتهم ، والله تعالى أعدل من أن يجبر عبدا على معصية ثم يعاقبه ، بل المخلوق يفعل المعصية باختياره - مثل هؤلاء الشاذين - وعندها يستحقون العقوبة ، قال الله عز وجل : " ولا يظلم ربك أحدا " ، وقال تعالى : " إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون " . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6408
التهاون باللباس الشرعي أمام غير المحارم
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7502)
سؤال رقم 6408- التهاون باللباس الشرعي أمام غير المحارم
السؤال :
ما هو حكم الشرع فيمن تتهاون في اللباس الشرعي والجلوس مع حماها ؟
الجواب :
الحمد لله
جاءت التوجيهات في القرآن والسنة للنساء بلزوم الستر والبعد عن إظهار الزينة للأجانب ، فالتوجيه القرآني للنبي صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها النبي قل لأزوجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) سورة الأحزاب /59
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يبدأ بأمر أزواجه وبناته بلبس الجلباب ، ( وهي العباءة ) لأنه القدوة هو وأهل بيته للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يأمر نساء المؤمنين بذلك : ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) ، أي : إذا لبست المرأة الجلباب عرفت بأنها امرأة مصونة تستر نفسها وتريد العفاف ، بخلاف الجاهليات اللواتي تكشف الواحدة منهن عن زينتها وفتنتها لكل الرجال ، فتفتن نفسها وتفتن غيرها ، فتكون زائغة في نفسها مزيغة لغيرها ، كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي رواه مسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، على رؤوسهن كأسمنة البخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
وقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً من التساهل في اختلاط المرأة بمن لا يحرم عليها من الرجال أو كانت حرمته مؤقتة كزوج الأخت أو أخي الزوج وما أشبه ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) فقالوا : يا رسول أفرأيت الحمو ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( الحمو الموت ) .أي يتساهل كثير من الناس بدخوله على النساء حتى يحصل بسببه مصائب عظيمة ما كانوا يظنون وقوعها لثقتهم بالحمو !! وهذا من الغفلة عن الحق ، فإنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ، وكذا ما تعرضت امرأة للفتنة إلا وسقطت فيها إلا من رحم الله تعالى ، نسأل الله للجميع العصمة من ذلك ، والامتثال لقوله تعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور/31 .
المرجع : مسائل ورسائل/محمد المحمود النجدي ص11
*****
6496
مصير الأطفال الذين ماتوا صغارا في الجنة أم في النار
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >
سؤال رقم 6496: مصير الأطفال الذين ماتوا صغارا في الجنة أم في النار
السؤال :
هل جميع الأطفال الذين ماتوا قبل البلوغ سيدخلون الجنة أم الأطفال الذين آباؤهم مسلمون فقط ؟.
الجواب :
الحمد لله
الكلام يكون إن شاء الله في مقامين :
الأول : مصير أطفال المسلمين .
والثاني : مصير أطفال الكفار .
= أما الأول : وهو مصير أطفال المسلمين :
فقد قال ابن كثير رحمه الله : فأما ولدان المؤمنين فلا خلاف بين العلماء كما حكاه القاضي أبو يعلى بن الفراء الحنبلي عن الإمام أحمد أنه قال : لا يختلف فيهم أنهم من أهل الجنة . وهذا هو المشهور بين الناس ( أي عامة العلماء ) وهو الذي نقطع به إن شاء الله عز وجل أ.هـ " تفسير القرآن العظيم " ( 3 / 33 ) .
وقال الإمام أحمد رحمه الله : من يشك أن أولاد المسلمين في الجنة ؟!
وقال أيضا : إنه لا اختلاف فيهم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 83) .
وقال الإمام النووي : أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة ؛ لأنه ليس مكلفا . أ.هـ " شرح مسلم " (16 / 207) .
وقال القرطبي : إن قول أنهم في الجنة هو قول الأكثر ، وقال : وقد أنكر بعض العلماء الخلاف فيهم. " التذكرة " (2/328) .
= وأما الثاني : وهو مصير أطفال الكفار :
فقد اختلف العلماء فيه إلى أقوال :
1. أنَّهم في الجنَّة - وبعضهم يقول : إنَّهم على الأعراف ، ومردُّ هذا القول أنَّهم في الجنَّة لأن هذا هو حال أهل الأعراف - . وهو قول الأكثر من أهل العلم كما نقله عنهم ابن عبد البر في " التمهيد " (18/96) .
ودليلهم :
أ . حديث سمرة رضي الله عنه : أنه عليه السلام رأى مع إبراهيم عليه السلام أولاد المسلمين وأولاد المشركين . رواه البخاري (6640 ) .
ب . عن حسناء بنت معاوية من بني صريم قالت حدثني عمي قال قلت يا رسول الله من في الجنة قال النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة والوئيد في الجنة . رواه الإمام أحمد ( 5/409 ) . ضعفه الألباني في " ضعيف الجامع " (5997) .
2. أنَّهم مع آبائهم في النار . وقد نسب القاضي أبو يعلى هذا القول لأحمد ! وغلَّطه شيخ الإسلام جدّاً . انظر " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " (7/ 87) .
ودليلهم :
أ . عن سلمة بن قيس الأشجعي قال أتيت أنا وأخي النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا إن أُمّنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وأنها وأدت أختا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فقال الوائدة والمؤودة في النار إلا أن تدرك الوائدة الإسلام فتسلم .
والحديث حسنه الحافظ ابن كثير في " التفسير " ( 3/ 33) ، ومن قبله ابن عبد البر في " التمهيد " ( 18/120 ) .
ب . ولهم أحاديث أخرى ، لكنها ضعيفة .
3. التوقف فيهم . وهو قول حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه .
دليلهم :
أ . عن ابن عباس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين .
رواه البخاري (1383) ومسلم (2660) .
ب . ومثله من حديث أبي هريرة .
رواه البخاري (1384) ومسلم (2659).
4. ومنهم من قال : إنَّهم خدم أهل الجنَّة .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا أصل لهذا القول . " مجموع الفتاوى " (4/279) .
قلت : وقد ورد ذلك في حديث عند الطبراني والبزار ، لكن ضعفه الأئمة ومنهم الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 3/246) .
5. أنَّهم يُمتحنون في الآخرة ، فمن أطاع الله دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار . وهو قول معظم أهل السنة والجماعة كما نقله عنهم أبو الحسن الأشعري ، وهو قول البيهقي ، وطائفة من المحققين ، وهو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وذكر أنه مقتضى نصوص الإمام أحمد ، وهو الذي رجحه الحافظ ابن كثير ، وقال : وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض . " التفسير " (3/31) .
دليلهم :
أ . عن أنس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يؤتى بأربعة يوم القيامة : بالمولود ، والمعتوه ، ومن مات في الفترة ، والشيخ الفاني ، كلهم يتكلم بحجته ، فيقول الرب تبارك وتعالى لعُنُق من النار : أُبْرزْ ، ويقول لهم : إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم ، وإني رسول نفسي إليكم ، اُدخلوا هذه ( أي النار ) ، قال : فيقول من كتب عليه الشقاء : يا رب أنى ندخلها ومنها كنا نفرّ ، قال : ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعاً ، قال : فيقول الله تعالى أنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية ، فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار" .
رواه أبو يعلى ( 4224) ، وله شواهد كثيرة ذكرها الحافظ ابن كثير في " التفسير ( 3 /29-31).
وقال ابن القيم رحمه الله : وهذا أعدل الأقوال وبه يجتمع شمل الأدلة وتتفق الأحاديث في هذا الباب .
وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة كما في حديث سمرة ، وبعضهم في النار كما دل عليه حديث عائشة ، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على هذا ؛ فإنه قال : "الله أعلم بما كانوا عاملين إذْ خلقهم" ، ومعلوم أن الله لا يعذبهم بعلمه فيهم ما لم يقع معلومه ، فهو إنما يعذب من يستحق العذاب على معلومه وهو متعلق علمه السابق فيه لا على علمه المجدد وهذا العلم يظهر معلومه في الدار الآخرة.
وفي قوله : "الله أعلم بما كانوا عاملين" : إشارة إلى أنه سبحانه كان يعلم ما كانوا عاملين لو عاشوا ، وأن من يطيعه وقت الامتحان كان ممن يطيعه لو عاش في الدنيا ، ومن يعصيه حينئذ كان ممن يعصيه لو عاش في الدنيا فهو دليل على تعلق علمه بما لم يكن لو كان كيف كان يكون .
.. والله أعلم . أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/87 ) .
= وما جاء في بعض الأحاديث السابقة أنهم في الجنة أو النار لا يشكل على ما رجحناه ، قال ابن كثير رحمه الله : أحاديث الامتحان أخص منه فمن علم الله منه أنه يطيع جعل روحه في البرزخ مع إبراهيم وأولاد المسلمين الذين ماتوا على الفطرة ومن علم منه أنه لا يجيب فأمره إلى الله تعالى ويوم القيامة يكون في النار كما دلت عليه أحاديث الامتحان ونقله الأشعري عن أهل السنة . أ.هـ " التفسير " ( 3 / 33 ) .
= وما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم " الله أعلم بما كانوا عاملين " : لا يدل على التوقف فيهم .
قال ابن القيم رحمه الله : وفيما استدلت به هذه الطائفة نظر والنبي صلى الله عليه وسلم لم يُجِب فيهم بالوقف وإنما وكل علم ما كانوا يعملونه لو عاشوا إلى الله وهذا جواب عن سؤالهم كيف يكونون مع آبائهم بغير عمل وهو طرف من الحديث …. والنبي صلى الله عليه وسلم وَكَل العلم بعملهم إلى الله ، ولم يقل الله أعلم حيث يستقرون أو أين يكونون ، فالدليل غير مطابق لمذهب هذه الطائفة. أ.هـ " حاشية ابن القيم على سنن أبي داود " ( 7/ 85 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6517
ماتت أمه على الكفر فهل يدعو لها
كيف نتوب من الشرك
الآداب > بر الوالدين >(1/7503)
سؤال رقم 6517- ماتت أمه على الكفر فهل يدعو لها
السؤال :
هل يمكن للمسلم أن يدعو لأمه غير المسلمة التي توفيت ؟.
الجواب :
الحمد لله
قال الله عز وجل في كتابه (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } التوبة - 116
قال القرطبي في الأحكام (8/173) هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز ) وقد روى مسلم في صحيحه (916) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن زور قبرها فأذن لي .
فهذا الحديث يبين أن الله عز وجل لم يأذن لنبيه وهو أشرف خلقه بالاستغفار لأمه بعد موتها وهذا هو الذي نهى الله عنه في الآية السابقة وهذا الحديث نص في هذه المسألة وقال الشوكاني في فتح القدير (2/410) وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار وتحريم الاستغفار لهم والدعاء بما لا يجوز لمن كان كافراً انتهى .
فلو قال قائل إن إبراهيم عليه السلام قال لأبيه الكافر : قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا(47) سورة مريم
فالجواب ما ذكره الله بقوله : وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ(114) سورة التوبة
قال ابن عباس رضي الله عنه : لما مات تبيّن له أنّه عدو لله : تفسير ابن كثير
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6542
تريد الإسلام وتجد عائقا في الحجّ والأوراق الرسمية
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/7504)
سؤال رقم 6542- تريد الإسلام وتجد عائقا في الحجّ والأوراق الرسمية
السؤال :
أريد أن أصبح مسلمة ولكن كيف يكون لي هذا دون أن أنضم إلى حركة أو جماعة ؟
عرفت بأنه يجب النطق بالشهادة ولكن ماذا عن الحج ؟ كيف لي أن أشارك في الحج إذا لم يكن لدي وثائق تثبت بأنني مسلمة ؟
الجواب :
الحمد لله
الإسلام علاقة بين العبد وربّه واستسلام لأوامره وخضوع له ومحبةّ وخوف منه ورجاء له وعبادة له بما شرع ، وله أركان وفيه واجبات ، والمفتاح للدّخول في ذلك كلّه شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله وأما بالنسبة للحجّ فليس شرطا للدّخول في الإسلام بل هو ركن وواجب بعد الدخول في الإسلام على المستطيع لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) سورة آل عمران/97 ( يُنظر سؤال رقم 5261 لمعرفة شروط الاستطاعة ) والحصول على شهادة رسمية من مركز إسلامي تثبت إسلامك لاستعمالها في الحصول على إذن بالسفر للحجّ ودخول المشاعر المقدّسة هو وسيلة للحجّ يجب عملها للتمكّن من الحجّ مستقبلا ولكنّها ليست شرطا للدّخول في دين الإسلام ولا شرطا للبدء بممارسة العبادات كالصلاة وغيرها ، والإنسان إذا أسلم صار فردا من أفراد أمّة الإسلام تربطه بجميع المسلمين الموحّدين رابطة الأخوّة الإسلامية العظيمة التي تقتضي الموالاة والتناصر والتحابّ كما قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/10 وقال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) سورة التوبة/71 .
فعليك بالمبادرة إلى الدّخول في الإسلام ونهنّئك على الرّغبة التي أبديتيها ونسأل الله لنا ولك الإخلاص والتوفيق والنجاح والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
655
متى نحكم للشخص بالإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/7505)
سؤال رقم 655- متى نحكم للشخص بالإسلام
مات شخص غير مسلم وأنا أعرفه بأنه قبل الإسلام واعتقد به ولكنه مات قبل أن يتحوّل إلى الإسلام هل هذا الشّخص يُغفر له أو أنه لا يزال يعتبر واحدا من الكفار ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا لم ينطق الشخص بالشهادتين ويدخل في الإسلام فلا يُحكم له بأنّه مسلم ولو كان معجبا بالإسلام ويعترف بأنّه أفضل الأديان أو أنّه دين عظيم ونحو ذلك ، وهذا أبو طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم مات كافرا ونهى الله نبيه عن الاستغفار له مع أنّه كان يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بل ويقول في شعره :
وإني لأعلم أن دين محمد من خير أديان البريّة دينا
لولا الملامة أو حذار مسبّة لوجدتني سمحا بذاك مبينا
فإذا مات الشّخص ولم ينطق بالشهادتين عاملناه معاملة الكفّار في الدعاء والصلاة عليه ودفنه ونحو ذلك ونَكِلُ أمره إلى الله .
أمّا إذا دخل الشخص في الإسلام عن اعتقاد ويقين ونطق بالشهادتين فإنه يكون مسلما حتى ولو لم يسجّل إسلامه رسميا ، ولو لم يراجع محكمة أو مركزا إسلاميا ليأخذ وثيقة بذلك ، وحتى ولو لم يُشهره أمام الملأ ، ولو مات مثل هذا الشخص فإننا نرجو له الجنة وندعو له بالرحمة .والله بصير بالعباد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
65515
هل يقوم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/7506)
سؤال رقم 65515- هل يقوم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء ؟
هل يتم حساب الزكاة عن عروض التجارة بسعر التكلفة أم بسعر البيع ؟ .
الحمد لله
تُقَوَّم عروض التجارة في نهاية الحول بالسعر الذي يبيعها به
صاحبها .
وهذا هو مقتضى العدل ، أن يكون التقويم بسعر بيعها ، وقد ينقص أو
يزيد عن سعر شرائها . لأن الإنسان في نهاية الحول يزكي الأموال التي عنده .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/249) :
" مِنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ , فَحَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ
, وَهُوَ نِصَابٌ , قَوَّمَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ , فَمَا بَلَغَ أَخْرَجَ
زَكَاتَهُ , وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (13/171) :
" وَلَيْسَ عَلَى التَّاجِرِ أَنْ يُقَوِّمَ عُرُوضَ تِجَارَتِهِ
بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الْمُضْطَرُّ فِي بَيْعِ سِلَعِهِ , وَإِنَّمَا
يُقَوِّمُ سِلْعَتَهُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الإِنْسَانُ إذَا بَاعَ
سِلْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ الِاضْطِرَارِ الْكَثِيرِ " انتهى .
ففي هذا : أن التقويم يكون بسعر بيعها في نهاية الحول .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها
الزيادة هذه عروض التجارة ، وعروض التجارة تقوم عند حول الزكاة بما تساوي ، ثم يخرج
ربع العشر منها ... ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي القيمة التي اشتريت
بها أو لا . فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمئة ألف ، وكانت عند الحول تساوي
مئتي ألف ، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المئتين جميعاً ، وإذا كان الأمر بالعكس
اشتراها بمئة ألف وكانت عند تمام الحول تساوي خمسين ألفاً فإنه لا يجب عليه إلا أن
يزكي عن خمسين ألف ؛ لأن العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/205) . وانظر أيضاً : (18/240) .
وسئلت اللجنة الدائمة : الأراضي المشتراة للتجارة كيف يجب أن يتم
احتسابها عند احتساب الزكاة ؛ بثمن الشراء أو بما تسوى من قيمة وقت حلول حول الزكاة
؟
فأجابت :
" الأراضي المشتراة للتجارة هي من جملة عروض التجارة ، والقاعدة
العامة في الشريعة الإسلامية أن عروض التجارة تقوم عند تمام الحول بالثمن الذي
تساويه ، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به ، سواء كان زائداً عن الثمن الذي
تساويه وقت وجوب الزكاة أو أقل ، وتخرج زكاتها من قيمتها ومقدار الواجب فيها من
الزكاة ربع العشر ، ففي أرض قيمتها ألف ريال -مثلاً- خمسة وعشرون ريالاً وهكذا " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/324)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (9/319) :
" الطريقة الشرعية أنه يقوم ما لديه من عروض التجارة عند تمام
الحول بالقيمة التي تساويها عند الوجوب ، بصرف النظر عن ثمن الشراء " انتهى .
وعلى هذا إذا كان التاجر يبيع بالجملة أو القطاعي (المفرق)
يُقَوِّم العروضَ التي عنده بالسعر الذي يبيع به .
سئل الشيخ ابن عثمين رحمه الله تعالى : من المعلوم أن العبرة
بقيمة السلعة عند وجوب الزكاة ، ولكن حتى عند وجوب الزكاة يختلف البيع بالجملة
والبيع بالتقسيط فهل نعتبر البيع بالجملة أو بالإفراد ؟
فأجاب :
" أما إذا كان التاجر من أصحاب البيع بالجملة فيعتبرها بالجملة ،
وإذا كان من أصحاب البيع بالإفراد فيعتبرها بالإفراد " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/233) .
وانظر السؤال : ( 26236 ) .
*****
6569
لبس الضيق والقصير أمام النساء والمحارم
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7507)
سؤال رقم 6569- لبس الضيق والقصير أمام النساء والمحارم
السؤال :
ما هي عورة المرأة أمام أبنائها (الذكور والإناث) وأمام غيرها من نساء المسلمين؟ أطرح هذا السؤال لأنه نُقل إلى معلومات بهذا الخصوص (لكن بدون دليل)، فقد ذكر الناقل أنه لا يجوز أن ترتدي المسلمة ملابس صيفية (تانك توب والشورت) في البيت أثناء وجود ابنها (الذي قارب سن البلوغ) . كما أن بعض المسلمين يعتقدون أنه إذا كان النساء مجتمعات، فإن يجب ألا يضعن الحجاب . أرجو منك توضيح الأمر.
وجزاك الله خيرا على هذه المساعدة.
الجواب :
الحمد لله
1. سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين عن هذا فأجاب :
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة ، وتبرز ما فيه الفتنة : محرم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ؛ رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني : ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات " .
فقد فُسِّر قوله " كاسيات عاريات " : بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة ، لا تستر ما يجب ستره من العورة ، وفسر : بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة ، وفسرت : بأن يلبسن ملابس ضيقة ، فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة .
وعلى هذا : فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة ، إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده ، وهو الزوج ؛ فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة ، لقوله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } [ المؤمنون 5،6 ] ، وقالت عائشة : كنتُ أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم - يعني من الجنابة - مِن إناء واحد ، تختلف أيدينا فيه .
فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما .
وأما بين المرأة والمحارم : فإنه يجب عليها أن تستر عورتها .
والضيِّق لا يجوز لا عند المحارم ، ولا عند النساء إذا كان ضيِّقاً شديداً يبيِّن مفاتن المرأة . أ.هـ " فتاوى الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين " ( 2 / 825 ) .
2 . وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها ، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة ، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط . أ.هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 170 ) .
انظر - لهما - : " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 417 ، 418 ) ، جمعها أشرف عبد المقصود .
2. وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً :
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيِّق الذي يبيِّن مفاتن جسمها : لا يجوز ، إلا عند زوجها فقط ، أما عند غير زوجها : فلا يجوز ، حتى لو كان بحضرة النساء ، ( و) لأنَّها تكون قدوة سيئة لغيرها ، إذا رأينها تلبس هذا : يقتدين بها .
وأيضاً : هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد ، إلا عن زوجها ، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال ، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء ، كالوجه واليدين والقدمين ، مما تدعو الحاجة إلى كشفه . أ.هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 176 ، 177 ) .
وقال المرداوي رحمه الله : ( يباح للرجل نظر وجه ورقبة ورأس وساق من ذات محرم ) شرح المنتهى ج3 / ص7 .
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
65877
الحكمة من الجهر في الصلوات الليلية والإسرار في الصلوات النهارية
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >(1/7508)
سؤال رقم 65877- الحكمة من الجهر في الصلوات الليلية والإسرار في الصلوات النهارية
ما هي الحكمة من الجهر في صلاة المغرب والعشاء ؟
وما الحكمة من الجهر في ركعتين فقط من صلاة العشاء من أربع ركعات ؟.
الحمد لله
أولاً :
المسلم مطالب باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ،
سواء علم الحكمة أم لم يعلمها ، قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ
الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21 .
مع الجزم بأن الشريعة مبنية على الحكم العظيمة الباهرة ، لكن هذه
الحكمة قد نعلمها ، وقد نجهلها ، وقد نعلم بعضها ونجهل بعضها الآخر .
ولا حرج على الإنسان في السؤال عن الحكمة والبحث عنها ؛ لما في
معرفتها من زيادة العلم ، وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر .
ثانياً :
تلمس بعض العلماء الحكمة من الجهر بالقراءة في الصلاة الليلية ،
والإسرار في الصلوات النهارية ، وحاصل ما ذكروه في ذلك :
أن الليل وقت الهدوء والخلوة وفراغ القلب ، فشرع فيه الجهر
إظهاراً للذة مناجاة العبد لربه ، وحتى يتوافق على القراءة القلب واللسان والأذن .
وإلى هذا المعنى أشارت الآية الكريمة :
( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ
قِيلا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) المزمل/6، 7 .
قال ابن كثير (4/435) :
" والغرض أن ناشئة الليل هي ساعاته وأوقاته ، وكل ساعة منه تسمى
ناشئة ، والمقصود أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان وأجمع على التلاوة
ولهذا قال تعالى : ( هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) أي أجمع للخاطر في
أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار ، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات
المعاش " انتهى .
وقال القرطبي (19/40) :
" فالمعنى : أشد موافقة بين القلب والبصر والسمع واللسان ،
لانقطاع الأصوات والحركات " انتهى .
وقال السعدي رحمه الله (ص 1058) :
" ( إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ
قِيلا ) أي أقرب إلى حصول مقصود القرآن ، يتواطأ عليه القلب واللسان ، وتقل الشواغل
، ويفهم ما يقول ، ويستقيم له أمره .
وهذا بخلاف النهار ، فإنه لا يحصل به هذه المقاصد ، ولهذا قال :
( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) أي : تردداً في حوائجك ومعاشك يوجب
اشتغال القلب وعدم تفرغه التفرغ التام " انتهى .
قال في "تحفة المحتاج" :
" بقي حكمة الجهر ما هي ؟ ولعلها : أنها لما كان الليل محل
الخلوة ، ويطيب فيه السمر ، شرع الجهر فيه إظهارا للذة مناجاة العبد لربه ، وخص
بالأوليين لنشاط المصلي فيهما ، والنهار لما كان محل الشواغل والاختلاط بالناس ،
طلب فيه الإسرار ، لعدم صلاحيته للتفرغ للمناجاة ، وألحق الصبح بالصلاة الليلية لأن
وقته ليس محلا للشواغل عادة كيوم الجمعة " انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (2/91) :
" وأما التفريق بين صلاة الليل وصلاة النهار في الجهر والإسرار
ففي غاية المناسبة والحكمة ; فإن الليل مظنة هدوء الأصوات وسكون الحركات وفراغ
القلوب واجتماع الهمم المشتتة بالنهار , فالنهار محل السبح الطويل بالقلب والبدن ,
والليل محل مواطأة القلب للسان ، ومواطأة اللسان للأذن ; ولهذا كانت السنة تطويل
قراءة الفجر على سائر الصلوات , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها
بالستين إلى المائة , وكان الصَّدَّيق يقرأ فيها بالبقرة , وعمر بالنحل وهود وبني
إسرائيل ويونس ونحوها من السور ; لأن القلب أفرغ ما يكون من الشواغل حين انتباهه من
النوم , فإذا كان أول ما يقرع سمعه كلام الله الذي فيه الخير كله بحذافيره صادفه
خاليا من الشواغل فتمكن فيه من غير مزاحم ; وأما النهار فلما كان بضد ذلك كانت
قراءة صلاته سرية إلا إذا عارض في ذلك معارض أرجح منه , كالمجامع العظام في العيدين
والجمعة والاستسقاء والكسوف ; فإن الجهر حينئذ أحسن وأبلغ في تحصيل المقصود , وأنفع
للجمع , وفيه من قراءة كلام الله عليهم وتبليغه في المجامع العظام ما هو من أعظم
مقاصد الرسالة " انتهى .
زادنا الله وإياك علما نافعا وعملا صالحا .
والله أعلم .
*****
65919
يشتري الذهب بالهاتف ثم يُرسل له
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/7509)
سؤال رقم 65919- يشتري الذهب بالهاتف ثم يُرسل له
يشتري صاحب المحل الذهب من تجار الجملة بواسطة التليفون ، فيتفقون على السعر وتكون البضاعة معروضة لدى المشتري ثم يحول له الثمن عن طريق البنك ، ويقوم التاجر بإرسال الذهب إليه ، فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
بيع الذهب بالأوراق النقدية يشترط فيه التقابض ، أي يقبض المشتري
الذهب ، ويقبض البائع الثمن في مجلس العقد ، ولا يحل لهما التفرق قبل التقابض .
راجع السؤال ( 22869 ) ، وعلى هذا فلا يجوز
شراء الذهب بهذه الطريقة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن مثل ذلك فأجابت :
" هذا العقد لا يجوز لتأخير قبض العوضين عنه ، الثَّمَن
والمُثْمَن ، وهما معاً من الذهب أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة ، أو ما يقوم
مقامهما من الورق النقدي ، وذلك يسمى بربا النَّساء ، وهو محرم ، وإنما يُستأنف
البيع عند حضور الثمن بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد يداً بيد " اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (13/475) .
*****
6595
امرأة نصرانية وقعت ضحية في نكاح المتعة المحرّم
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/7510)
سؤال رقم 6595- امرأة نصرانية وقعت ضحية في نكاح المتعة المحرّم
السؤال :
أنا نصرانية ومتزوجة زواج متعة برجل مسلم ، وعندما تناقشنا في موضوع زواج المتعة قال لي بأنه يجوز له الجماع إذا كان ذلك مكتوباً في العقد وأريد أن أعرف هل هذا صحيح أم لا ؟
إذا كان لا يجوز لأحد أن يلمس المرأة فلماذا يجوز لهذا الرجل أن يجامع ؟ لا أستطيع أن أفهم هذا ،
ما هي الأشياء الأخرى التي تجوز والتي لا تجوز في زواج المتعة ؟
الجواب :
الحمد لله
لقد تألمنا في الحقيقة لهذا السؤال المتضمن لواقعة تعرضت فيها أيتها السائلة للخديعة والكذب أو وقعت ضحية لجهل هذا الرجل الشرير ، فإن نكاح المتعة قد استقر حكمه على التحريم في الشريعة الإسلامية وكان النهي عنه آخر ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم بشأن هذا النكاح
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :
بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا 2499
وعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ صحيح مسلم 2506
وعنه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَقَالَ أَلا إِنَّهَا حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَانَ أَعْطَى شَيْئًا فَلا يَأْخُذْهُ صحيح مسلم 2509
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ رواه الترمذي وقَالَ : حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ علَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ .. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإسحاق . سنن الترمذي َ1040
فإمّا أن يكون هذا الرّجل الذي خدعك رافضيا خبيثا يمشي على دين أهل ملّته الذين يُبيحون نكاح المُتعة الذي حرّمه الإسلام أو يكون مسلما فاسقا يريد استغلال القضيّة في قضاء وطره أو يكون جاهلا لابدّ من تعليمه ووعظه .
ونحن إذ نشكرك على هذا السؤال فإننا ننتهز الفرصة لدعوتك إلى الإسلام وهو دين الحقّ الذي جاء بحفظ الأنفس والأعراض والأموال وستجدين ما يتعلّق بالدخول في الإسلام في أول عناوين هذه الصفحة وندعو الله بأن يوفّقك للخير ويحفظك من السوء ومن كل الأشرار وصلى الله على النبي المختار .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
66062
لم تتقين من طهارتها من الحيض فصلَّت وصامت
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
سؤال رقم 66062: لم تتقين من طهارتها من الحيض فصلَّت وصامت
لقد اغتسلت في الليل عند السحور لأنني أعلم أن الدورة ستنتهي اليوم ، وتسحرت ، وصمت وصليت أيضا ، ولم ينزل أي شي خلال الفترة من الفجر إلى وقت أذان المغرب ، وعندما أردت الذهاب إلى الصلاة اكتشفت أن الدورة انتهت عندي ، فهل صيامي وصلاتي صحيحان ؟.
الحمد لله
لا يجوز للمرأة الحائض أن تبادر إلى الاغتسال من حيضتها والصلاة
والصيام قبل التيقن من انتهائها .
وتَعرف المرأة انتهاء حيضتها بخروج سائل أبيض معروف لديهن وهو
القَصَّة البيضاء ، وبعض النساء تعرف طهرها بجفاف الدم .
فعلى المرأة أن لا تغتسل من الحيض حتى تتيقن حصول الطهر .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
بَاب إِقْبَالِ الْمَحِيضِ وَإِدْبَارِهِ ، وَكُنَّ نِسَاءٌ
يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ ،
فَتَقُولُ : لا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . تُرِيدُ
بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ . وَبَلَغَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ
نِسَاءً يَدْعُونَ بِالْمَصَابِيحِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرْنَ إِلَى
الطُّهْرِ ، فَقَالَتْ : مَا كَانَ النِّسَاءُ يَصْنَعْنَ هَذَا ، وَعَابَتْ
عَلَيْهِنَّ . انتهى .
(بِالدُّرَجَةِ) : ما تحتشي به المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل
بقي من أثر الحيض شيء أم لا .
(الْكُرْسُفُ) هو القطن .
(الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ) أي حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا
يخالطها صفرة .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" اتفق العلماء على أن إقبال المحيض يعرف بالدفعة من الدم في وقت
إمكان الحيض , واختلفوا في إدباره فقيل : يعرف بالجفوف , وهو أن يخرج ما يحتشي به
جافا , وقيل : بالقصة البيضاء وإليه ميل المصنف – أي : البخاري - . .
وفيه : أن القصة البيضاء علامة لانتهاء الحيض ويتبين بها ابتداء
الطهر , واعترض على من ذهب إلى أنه يعرف بالجفوف بأن القطنة قد تخرج جافة في أثناء
الأمر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض , بخلاف القصة وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند
انقطاع الحيض ، قال مالك : سألت النساء عنه فإذا هو أمر معلوم عندهن يعرفنه عند
الطهر " انتهى . "فتح الباري" (1/420) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا طهرت الحائض قبل
الفجر واغتسلت بعد ، فما الحكم ؟
فأجاب :
" صومها صحيح إذا تيقنت الطهر قبل طلوع الفجر ، المهم أن المرأة
تتيقن أنها طهرت ؛ لأن بعض النساء تظن أنها طهرت وهي لم تطهر ، ولهذا كانت النساء
يأتين بالقطن لعائشة - رضي الله عنها - فيرينها إياه علامة على الطهر ، فتقول لهن :
لا تعجَلْنَ حتى ترينَ القصَّة البيضاء .
فالمرأة عليها أن تتأنى حتى تتيقن أنها طهرت ، فإذا طهرت فإنها
تنوي الصوم وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر ، ولكن عليها أيضاً أن تراعي الصلاة
فتبادر بالاغتسال لتصلي صلاة الفجر في وقتها ... . "مجموع فتاوى الشيخ ابن
عثيمين" (17/السؤال رقم 53) .
والسائلة قد اغتسلت في وقت لم تتيقن فيه انتهاء الحيض ،
واكتشافها الحقيقي لطهارتها من الحيض جاء متأخراً ، فقد كان بعد غروب الشمس على حسب
قولها .
فعلى هذا ، ما فعلته السائلة غير صحيح ، وصيامها في هذا اليوم لم
يكن صحيحاًَ ، فعليها قضاء ذلك اليوم .
نسأل الله لها التوفيق للعلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم .
*****
66504
القراءة في صلاة التراويح
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/7511)
سؤال رقم 66504- القراءة في صلاة التراويح
إمامنا يقرأ من مواضع متفرقة من القرآن في صلاة التراويح في كل ليلة .
فما حكم اختيار مواضع متفرقة من سور القرآن للتراويح ؟.
الحمد لله
أولاً :
الأفضل في القراءة في صلاة التراويح أن يختم فيها القرآن مرة ،
وقد يستدل لذلك بما ثبت في الصحيحين من مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم
القرآن في رمضان ، وعرضه عليه .
قال الشيخ ابن باز (15/325) :
" يمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على
الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن ، ولهذا
كان الإمام أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن وهذا من جنس عمل السلف
في محبة سماع القرآن كله ، ولكن ليس هذا موجبا لأن يعجل ولا يتأنى في قراءته ، ولا
يتحرى الخشوع والطمأنينة بل تحري هذه الأمور أولى من مراعاة الختمة " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 331 – 333 ) .
وجاء في الموسوعة الفقهية (27/148) :
" ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْ
الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى أَنَّ
السُّنَّةَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ فِي صَلاةِ التَّرَاوِيحِ
لِيَسْمَعَ النَّاسُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فِي تِلْكَ الصَّلاةِ . وَقَالَ
الْحَنَفِيَّةُ : السُّنَّةُ الْخَتْمُ مَرَّةً , فَلا يَتْرُكُ الإِمَامُ
الْخَتْمَ لِكَسَلِ الْقَوْمِ , بَلْ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشَرَ آيَاتٍ
أَوْ نَحْوَهَا , فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْخَتْمُ ( وهذا مبني على أنه سيصلي كل ليلة
عشرين ركعة) وَقِيلَ : يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاثِينَ آيَةً لأَنَّ عُمَرَ
رضي الله تعالى عنه أَمَرَ بِذَلِكَ , فَيَقَعُ الْخَتْمُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ فِي
رَمَضَانَ . . .
قَالَ الْكَاسَانِيُّ : مَا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ رضي الله تعالى
عنه هُوَ مِنْ بَابِ الْفَضِيلَةِ , وَهُوَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ أَكْثَرَ مِنْ
مَرَّةٍ , وَهَذَا فِي زَمَانِهِمْ , وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالأَفْضَلُ أَنْ
يَقْرَأَ الإِمَامُ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْقَوْمِ , فَيَقْرَأُ قَدْرَ مَا لا
يُنَفِّرُهُمْ عَنْ الْجَمَاعَةِ ; لأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ
تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ " . انتهى .
وما قاله الكاساني رحمه الله جيد ، فعلى الإمام أن يراعي حال
المأمومين .
فلا يجوز أن يكون الإمامُ منفِّراً للناس فيطيل بهم الصلاة حتى
يشق عليهم ، ويظن أنه إن لم يفعل ذلك فقد أساء ! بل الصواب له أن يشجِّع الناس على
الصلاة ولو بالتخفيف بشرط أن يتم الصلاة .
فلأن يصلي الناس صلاة خفيفة تامَّة خير لهم من ترك الصلاة .
قال أبو داود : سئل أحمد بن حنبل عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في
رمضان يؤم الناس ؟ قال : هذا عندي على قدر نشاط القوم ، وإن فيهم العمَّال .
قال ابن رجب الحنبلي : " وكلام الإمام أحمد يدل على أنه يراعي في
القراءة حال المأمومين ، فلا يشق عليهم ، وهذا قاله أيضا غيره من الفقهاء من أصحاب
أبي حنيفة وغيرهم " .
" لطائف المعارف " ( ص 18 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز :
ما رأيكم فيما يفعله بعض الأئمة من تخصيص قدر معين من القرآن لكل
ركعة ولكل ليلة ؟
فأجاب :
لا أعلم في هذا شيئاً ؛ لأن الأمر يرجع إلى اجتهاد الإمام فإذا
رأى أن من المصلحة أن يزيد في بعض الليالي أو بعض الركعات لأنه ينشط , ورأى من نفسه
قوة في ذلك , ورأى من نفسه تلذذا بالقراءة فزاد بعض الآيات لينتفع وينتفع من خلفه ,
فإنه إذا حسن صوته وطابت نفسه بالقراءة وخشع فيها ينتفع هو ومن ورائه فإذا زاد بعض
الآيات في بعض الركعات أو في بعض الليالي فلا نعلم فيه بأسا ، والأمر واسع بحمد
الله تعالى .
" فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز " ( 11 / 335 ، 336 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – أيضاً - :
هل ينبغي للإمام مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم في صلاة
التراويح ؟
فأجاب :
هذا أمر مطلوب في جميع الصلوات ، في التراويح وفي الفرائض ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والصغير وذا
الحاجة ) ، فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم في قيام رمضان وفي العشر الأخيرة ،
وليس الناس سواء ، فالناس يختلفون ، فينبغي له أن يراعي أحوالهم ويشجعهم على المجيء
وعلى الحضور فإنه متى أطال عليهم شق عليهم ونفَّرهم من الحضور ، فينبغي له أن يراعي
ما يشجعهم على الحضور ويرغبهم في الصلاة ولو بالاختصار وعدم التطويل ، فصلاة يخشع
فيها الناس ويطمئنون فيها ولو قليلا خير من صلاة يحصل فيها عدم الخشوع ويحصل فيها
الملل والكسل .
" فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز " ( 11 / 336 ، 337 ) .
ثالثاً :
سبق في جواب السؤال ( 20043 )
أن قراءة بعض سورة في الصلاة جائز ، غير أن الأفضل قراءة سورة كاملة ، لأن هذا هو
غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
واستثنى بعض العلماء – كابن الصلاح – صلاة التراويح ، فقال : إن
قراءة بعض سورة فيها أفضل ، حتى يتسنَّى له ختم القرآن فيها .
قال في تحفة المحتاج شرح المنهاج (2/52) :
يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْبَعْضِ أَفْضَلَ
إذَا أَرَادَ الصَّلاةَ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي التَّرَاوِيحِ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ
ذَلِكَ فَالسُّورَةُ أَفْضَلُ . انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (33/49) :
وَكَرِهَ مَالِكٌ الاقْتِصَارَ عَلَى بَعْضِ السُّورَةِ فِي
إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ . . . .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ لا
يُكْرَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ السُّورَةِ , لِعُمُومِ قوله تعالى : ( فَاقْرَءُوا مَا
تَيَسَّرَ مِنْهُ ) ولِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ
صلى الله عليه وسلم : كَانَ يَقْرَأُ فِي الأُولَى مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ : (
قُولُوا آمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا ) وَفِي الثَّانِيَةِ قوله
تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ ) . لَكِنْ
صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ السُّورَةَ الْكَامِلَةَ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا
مِنْ طَوِيلَةٍ . . . وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّرَاوِيحِ , أَمَّا فِيهَا
فَقِرَاءَةُ بَعْضِ الطَّوِيلَةِ أَفْضَلُ , وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ
فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ . انتهى باختصار .
والخلاصة : ما دام إمامكم لن يختم القرآن في صلاة التراويح ،
فقراءته من مواضع متفرقة من القرآن الكريم جائزة من غير كراهة ، وإن كان الأكمل أن
يقرأ سورة كاملة .
والله أعلم .
*****
6666
هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال
الفقه > معاملات > الإجارة > عمل المرأة >(1/7512)
سؤال رقم 6666- هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال
السؤال : أنا مسلمة ، أبلغ من العمر 31 عاما ، وقد تلقيت أساسيات عن الإسلام لكن بطريقة غربية عموما - فقد تعلمت في الخارج في جامعة أوروبية ، وعملت بعد ذلك في شركة عالمية كبيرة تتبنى الطريقة المعروفة بسبيل الكفاءات! Career path. وقد دأب والداي وأسلوب الحياة التي رُبيت بها على تشجيع طريقة الحياة هذه . وعلاوة على ذلك ، فأنا أعول عائلتي لأنهما (والدي ووالدتي) لا يعملان حاليا . وأنا أعيش الآن بمفردي في بلد غربي لا عرب فيه ولا مسلمون . وحيث أني نشأت نشأة إسلامية ، فأنا أجد نفسي منعزلة عن المجتمع من حولي فأنا لا أرغب في حضور الحفلات أو الذهاب إلى البارات أو الخروج في مواعيد مع رجال ...الخ
والخياران المتوفران أمامي هما : أما أن أعود إلى البيت وأعيش تحت مظلة الأب والأم وأبحث عن أي عمل يشغلني وإذا كنت محظوظة فسأجد شخصا أتزوج به. وسيعني ذلك التضحية بالدخل لفترة محددة على الأقل مما سيؤثر سلبا على عائلتي بالإضافة على التضحية بالمنصب المرموق في الشركة التي أعمل فيها . أو يكون الخيار الثاني وهو الاستمرار في الوظيفة وأعيش على أمل أن أجد مسلما صالحا يوما ما يساعدني في أن أعيش حياة إسلامية.
ما هو رأي الإسلام حول هذا الموضوع ؟
الجواب :
1. إن الخيارين المطروحين من قِبَل الأخت السائلة هما خياران بين الصواب والخطأ وبين الحلال والحرام .
لذا فإننا لا يمكن لنا أن نشير على أختنا السائلة إلا بحفظ رأس مالها وهو دينها وعفافها وأن تظلّ بين أهلها تحافظ على نفسها وتكون بين من يحميها ، ولعل الله أن ييسر لها عملاً شرعياً وزوجاً صالحاً ، ونبشرها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه " - صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
2. فكم من أخ وأخت تركوا ما هم عليه من الأعمال والبيئات وقد كانوا يكسبون فيها المال الوفير، فما هو أن تركوا ذلك لله تعالى بعد علمهم بما هم عليه من المخالفات : حتى فتح الله لهم طرقاً كثيرة في الرزق ، ووسَّع الله عليهم ، وهدى قلوبهم لأحسن مما كانوا عليه .
ونذكر الأخت السائلة بوالديها ، وأن بقاءها بجانبهما والقيام على رعايتهما أفضل بكثير من الفراق لهما ، ولا تهتم بما يريدانه منها من العمل غير الشرعي ، فالعامة يحرصون على الدنيا ، وقد لا يخطر ببالهم المحاذير الشرعية التي تحيط بعمل بناتهم وأولادهم .
3. وأما السعي في هذه الدنيا الفانية على حساب الدين فهذا لا نرضاه لأخواتنا وبناتنا ولا للأخت السائلة .
4. ولا عليكِ من كون الشركة عالمية أو أن معاشها مغرٍ ، فإن ذلك لا يساوى شيئاً إذا كان في سخط الله تعالى ، ويكفي أن معك رجال أجانب في العمل ، فضلا عن كونك في بلدٍ ليس فيه مسلمون ، ثمّ قد تسافرين بغير محرم إلى بلاد الكفّار وتقيمين بينهم وقد تسكنين في بيت بمفردك وفي ذلك من الخطر على الدّين والنّفس والعرض ما لا يخفى وقد دلّت النصوص الشرعيّة على حرمة اختلاط النساء بالرجال وسفر المرأة بغير محرم والإقامة بين ظهراني الكفّار .
5. وانعزالك الذي تحدّثت عنه قد لا يدوم كثيراً بسبب كثرة المغريات ، وقلة المعين والناصح.
وطريق الشر يبدأ بخطوة ، فإذا سلكه الإنسان قد يصعب عليه التفكير بنفسه وآخرته .
ومن فضل الله عليكِ أنك تريدين النصيحة ومعرفة الحكم الشرعي ، فلا تأسفي على الدنيا والشيء اليسير يكفي القانع ، لكنه الطمع الذي يهلك ، ولا يبقي عقلا للتفكير ، ولا ورعاً في السؤال .
5. ليس هناك ما يمنع من أن تبحثي عن عمل شرعيّ وخصوصا أنّ بعض الشركات توظّف أشخاصا في البيوت يقومون بأعمال عبر شبكة الإنترنت وقد يكون هذا بديلا شرعيا وجيدا للنساء المسلمات .
= ونسأل الله تعالى أن يأخذ بيدكِ لما فيه نفعك ، وأن يحفظ عليكِ دينكِ ، هو ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6703
سهولة الدّخول في دين الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/7513)
سؤال رقم 6703- سهولة الدّخول في دين الإسلام
السؤال :
والدي أمريكي من أصل إفريقي ووالدتي من البيض وقد قمت ببحث مكثّف عن هذا الدّين ، أبلغ من العمر السادسة عشرة وأريد حقا أن أكون مسلما أريد أن أعلم إذا كنت أستطيع أن أكون كذلك فعلا .
الجواب :
الحمد لله
من محاسن دين الإسلام أنّ العلاقة فيه بين العبد
والربّ ليس فيها وسائط ومن محاسنه أنّ الدخول فيه لا يحتاج إلى إجراءات ومعاملات
تتمّ عند البشر ولا موافقة أشخاص معيّنين بل إنّ الدّخول فيه سهل ميسّر يمكن أن
يفعله أي إنسان ولو كان وحده في صحراء أو غرفة مغلقة ، إنّ القضية كلّها هي نطق
بجملتين جميلتين تحويان معنى الإسلام كلّه وتتضمنان الإقرار بعبودية الإنسان لربّه
واستسلامه له واعترافه بأنّه إلهه ومولاه والحاكم فيه بما يشاء وأنّ محمدا عبد
الله ونبيه الذي يجب اتّباعه بما أوحي إليه من ربّه وأنّ طاعته من طاعة الله عزّ
وجلّ فمن نطق بهاتين الشهادتين موقنا بهما ومؤمنا صار مسلما وفردا من أفراد المسلمين
له ما للمسلمين من الحقوق وعليه ما على المسلمين من الواجبات ويبدأ بعدها مباشرة
بأداء ما أوجبه الله عليه من التكاليف الشّرعية كأداء الصلوات الخمس في أوقاتها
والصيام في شهر رمضان وغير ذلك ، ومن هنا يتبيّن لك أيتها السائلة الحصيفة أنّك
تستطيع فورا أن تصبحي مسلمة فقومي واغتسلي وقولي " أشهد أن لا إله إلا
الله وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله " ، ولمزيد من التفصيل أنظري قسم ( اعتناق
الإسلام ) من هذه الصفحة .
وفقّك الله لكل خير وسدّد خطاك وكتب لك السعادة في
الدنيا والآخرة والسلام على من اتّبع الهدى .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6714
هل تجوز رُقية المريض الكافر
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عادات > الطب والتداوي > الرقية >(1/7514)
سؤال رقم 6714- هل تجوز رُقية المريض الكافر
السؤال :هل يجوز أن نرقي كافر لغرض الدعوة ؟ فلو جاءت الرقية بنتيجة جيدة فربما يفكر هذا الكافر بالإسلام .
بالطبع فسوف يتم إخبار هذا الكافر بأنه ليس هناك قوة في هذه الرقية نفسها وإنما تحصل بمشيئة الله تعالى .
الجواب :
الحمد لله
ليس هناك ما يمنع من هذا الفعل ، والقرآن الكريم جعل الله فيه شفاء ، كما جعل في العسل أو الزيت وغيرها من الأشياء ، فهذه أسباب للشفاء والله هو الشافي فلا بأس برقية هذا الشخص وبخاصة أنّك تطمع في إسلام هذا الكافر.
وقد جاء في الحديث الصحيح ما قد يُفيد جواز رقية الكافر : فعن أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ( وهؤلاء القوم إما أنهم كفار أو أهل بُخل ولؤم كما ذكر ابن القيّم رحمه الله في المدارج ) فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا فَقَالَ الَّذِي رَقَى لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ فَقَالَ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه البخاري ( 2276 ) ومسلم ( 2201 )
وفيما يلي مُقتطفات من شرح الحافظ ابن حجر رحمه الله للحديث مع شيء من فوائده .
قوله : ( فاستضافوهم ) أي طلبوا منهم الضيافة , وفي رواية الأعمش عند غير الترمذي " بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين رجلا فنزلنا بقوم ليلا فسألناهم القري " .. والقري بكسر القاف مقصور : الضيافة .
قوله : ( فلُدغ ) أي لدغته عقرب
قوله : ( فسعوا له بكل شيء ) أي مما جرت به العادة أن يتداوى به من لدغة العقرب , كذا للأكثر من السعي أي طلبوا له ما يداويه ,
قوله : ( فأتوهم ) .. زاد البزار في حديث جابر " فقالوا لهم قد بلغنا أن صاحبكم جاء بالنور والشفاء , قالوا نعم " .
( فهل عند أحد منكم من شيء ) زاد أبو داود في روايته من هذا الوجه " ينفع صاحبنا " . قوله : ( فقال بعضهم ) في رواية أبي داود " فقال رجل من القوم : نعم والله إني لأرقي " .. الذي قال ذلك هو أبو سعيد راوي الخبر ولفظه " قلت نعم أنا . ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما "
وقد وقع أيضا في رواية سليمان بن قتة بلفظ " فأتيته فرقيته بفاتحة الكتاب "
قوله : ( فصالحوهم ) أي وافقوهم . قوله : ( على قطيع من الغنم ) .. وقع في رواية الأعمش " فقالوا إنا نعطيكم ثلاثين شاة "
قوله : ( فانطلق يتفل ) : التَّفْل هو نفخ معه قليل بزاق
قال ابن أبي حمزة : محل التفل في الرقية يكون بعد القراءة لتحصيل بركة القراءة في الجوارح التي يمر عليها الريق فتحصل البركة في الريق الذي يتفله .
قوله : ( ويقرأ الحمد لله رب العالمين ) في رواية شعبة " فجعل يقرأ عليها بفاتحة الكتاب " .. في رواية الأعمش أنه سبع مرات
قوله : ( فكأنما نُِشط ) .. ومعنى نشط : أقيم بسرعة , ومنه قولهم رجل نشيط .
قوله : ( من عِقال ) .. هو الحبل الذي يشد به ذراع البهيمة .
قوله : ( وما به قَلَبَة ) .. أي عّلة , وقيل للعلة قلبة لأن الذي تصيبه يقلب من جنب إلى جنب ليعلم موضع الداء
قوله : ( وما يدريك أنها رقية ) قال الداودي : معناه وما أدراك .. وفي رواية معبد بن سيرين " وما كان يدريه " وهي كلمة تقال عند التعجب من الشيء وتستعمل في تعظيم الشيء أيضا وهو لائق هنا , زاد شعبة في روايته " ولم يذكر منه نهيا " أي من النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك , وزاد سليمان بن قتة في روايته بعد قوله وما يدريك أنها رقية " قلت ألقي في رُوعي " ( أي أُلْهمته إلهاما )
قوله : ( واضربوا لي معكم سهما ) أي اجعلوا لي منه نصيبا , وكأنه أراد المبالغة في تأنيسهم
وفي الحديث جواز الرقية بكتاب الله , ويلتحق به ما كان بالذكر والدعاء المأثور , وكذا غير المأثور مما لا يخالف ما في المأثور .. وفيه مقابلة من امتنع من المكرمة بنظير صنيعه لما صنعه الصحابي من الامتناع من الرقية في مقابلة امتناع أولئك من ضيافتهم
وفيه الاجتهاد عند فقد النص وعظمة القرآن في صدور الصحابة خصوصا الفاتحة , وفيه أن الرزق المقسوم لا يستطيع من هو في يده منعه ممن قسم له لأن أولئك منعوا الضيافة وكان الله قسم للصحابة في مالهم نصيبا فمنعوهم فسبب لهم لدغ العقرب حتى سيق لهم ما قسم لهم . وفيه الحكمة البالغة حيث اختص بالعقاب من كان رأسا في المنع , لأن من عادة الناس الائتمار بأمر كبيرهم , فلما كان رأسهم في المنع اختصّ بالعقوبة دونهم جزاء وفاقا ..
وفي الموسوعة الفقهية : - لا خِلافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ . وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ وَوَجْهُ الاسْتِدْلالِ أَنَّ الْحَيَّ - الَّذِي نَزَلُوا عَلَيْهِمْ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ - كَانُوا كُفَّارًا ، وَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَيْهِ . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6745
حكم اختراع أذكار أو الاستدلال بالمنامات على صحتها
أصول الفقه > البدعة >(1/7515)
سؤال رقم 6745- حكم اختراع أذكار أو الاستدلال بالمنامات على صحتها
السؤال :
ذكرت في قسم البدعة أن قراءة سورة ما مثلاً 100 مرة طلباً للثواب من البدعة ، بعد قراءة كتاب للصوفية لكاتبه حكيم معين الدين شيشتي بعنوان " براءة الصوفية " برر فيه استعمال هذه الطرق وغيرها وأنها إلهام من الله خلال النوم ، ليثق الناس القريبين من الله .
هل هذا من البدعة ؟ كيف نتبين صدقهم ؟ هل هذا جائز في الإسلام ؟.
الجواب :
الحمد لله
1. وصف الله تعالى أولياءه بوصفين اثنين : الإيمان والتقوى ، قال الله تعالى { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . الذين آمنوا وكانوا يتقون } [ يونس 62 ] ، فمن كان مؤمناً تقيّاً : كان لله وليّاً .
2. وأولياء الله تعالى لا يخالفون ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع في الدين ، لأن الله تعالى قد أكمل دينه ، وأتمم نعمته على عباده ، فقال { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } [ المائدة 3 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
3. وعليه : فإنك تستطيع أن تميز الولي لله تعالى من ولي الشيطان ، وذلك بأن تبحث عن حاله في نفسه وخلقه ودينه من حيث الالتزام بالصلاة في جماعة في المسجد مثلا ، ومن حيث تنزهه عن أكل أموال الناس بالباطل ، ومن حيث عدم تعديه على الشرع بزيادة أو نقصان ، وهكذا .
4. لايجوز إحداثُ ذِكرٍ يتعاهده المسلم، أو يوصي به غيرَه - كالأوراد والمأثورات والأدعية -، ويكفيه ما جاء في السنَّة الصحيحة في هذا، وإلا كان مبتدعاً ، أو داعيةً إلى البدعة ، قال صلى الله عليه وسلم "منْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" رواه البخاري (2550) ، مسلم ( 1718 ) ، وفي رواية "مسلم" ( 1718 ) "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ".
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وهذا الحديث أصلٌ عظيمٌ مِن أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أنَّ حديث "الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات" ميزانٌ للأعمال في باطنها، فكما أنَّ كلَّ عملٍ لا يُراد به وجهُ الله تعالى؛ فليس لعامله فيه ثوابٌ ، فكذلك كلُّ عملٍ لا يكون عليه أمر الله ورسوله؛ فهو مردودٌ على عامله، وكلُّ مَن أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس مِن الدين في شيءٍ.أ.ه " جامع العلوم والحكم" (1/180)
وقال النووي رحمه الله: وهذا الحديث قاعدةٌ عظيمةٌ مِن قواعد الإسلام، وهو مِن جوامع كَلِمه صلى الله عليه وسلم ؛فإنَّه صريحٌ في رد البدع والمخترعات، وفي الرواية الثانية زيادة وهي: أنَّه قد يعاند بعض الفاعلين في بدعةٍ سُبق إليها، فإذا احتُج عليه بالرواية الأولى أي: " مَن أحدث "- يقول: أنا ما أحدثتُ شيئاً، فيُحتج عليه بالثانية أي:"مَن عمل "- التي فيها التصريح بردِّ كلِّ المحدثات، سواء أحدثها الفاعل، أو سُبق بإحداثها... وهذا الحديث مما ينبغي حفظه، واستعماله في إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به. أ.ه " شرح مسلم" (12/16).
5. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: لا ريبَ أنَّ الأذكارَ والدعوات مِن أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتِّباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعيةُ والأذكارُ النبويَّةُ هي أفضل ما يتحرَّاه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمانٍ وسلامةٍ، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنها لسانٌ، ولا يحيط بها إنسانٌ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرَّماً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون فيه شركٌ مما لا يهتدي إليه أكثرُ النَّاسِ، وهي جملةٌ يطول تفصيلها.
وليس لأحدٍ أنْ يَسُنَّ للنَّاسِ نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادةً راتبةً يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس، بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به... وأما اتخاذ وردٍ غيِر شرعيٍّ، واستنانُ ذكرٍ غيرِ شرعيٍّ، فهذا مما يُنهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غايةُ المطالبِ الصحيحةِ ونهايةُ المقاصدِ العليَّة ، ولا يَعدلُ عنها إلى غيرها من الأذكارِ المحدَثة المبتدعةِ إلاّ جاهلٌ أو مفرِّطٌ أو متعَدٍّ. أ.ه " مجموع الفتاوى" (22/510-511). والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
67652
هل يجب على الأم العدل في العطية بين أولادها ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/7516)
سؤال رقم 67652- هل يجب على الأم العدل في العطية بين أولادها ؟
كنت أعطي والدتي ألف ريال شهريا رغم عدم احتياجها للمال ، وكان ذلك محاولة مني لرد جزء يسير من معروف الوالدين ، وكانت تدخر هذا المبلغ ، وبعد فترة بدأت في بناء منزل خاص بي وأصبحت في حاجة إلى المال ، فأوقفت هذا المبلغ الشهري ، ثم اقترحت والدتي أن أقتسم المال الذي يخصها أنا وأختي ( متزوجة ) ، حيث إن حالتها المادية ليست ميسورة ، مع العلم أنه لي أخ وأخت غير أختي هذه ( متزوجة أيضاً ) ، وهما يعيشان في رغد وبحبوبة .
والسؤال :
هل يجوز لي أنا وأختي المحتاجة أن نقتسم هذا المال دون إعطاء الأخ الوحيد والأخت الأخرى ؟ وإذا كان لا يجوز فكيف لوالدتي أن تقسم هذا المال ؟.
الحمد لله
أولاً :
أوجب الله تعالى العدل بين الأولاد ذكورهم وإناثهم في العطية .
فعن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : إني نحلتُ
( أي : وهبت ) ابني هذا غلاماً ، فقال : أكلَّ ولدك نحلتَ مثلَه
؟ قال : لا ، قال : فارجعه .
رواه البخاري (2446) ومسلم (1623) .
وإذا فضل الوالد بعض أولاد ه بالعطية فالواجب عليه العدل بينهم ،
وذلك بأحد أمرين : أما أن يسترد الهدية ، وإما أن يعطي الآخرين حتى يعدل بينهم .
انظر "الموسوعة الفقهية" (11/359) .
ثانياً :
" وَالأُمُّ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ
الأَوْلادِ كَالأَبِ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا
اللَّهِ , وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ ) . وَلأَنَّهَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ
, فَمُنِعَتْ التَّفْضِيلَ كَالأَبِ , وَلأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِتَخْصِيصِ الأَبِ
بَعْضَ وَلَدِهِ مِنْ الْحَسَدِ وَالْعَدَاوَةِ , يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي تَخْصِيصِ
الأُمِّ بَعْضَ وَلَدِهَا , فَثَبَتَ لَهَا مِثْلُ حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ " انتهى . "المغني" (8/261) .
ثالثاً :
القسمة الشرعية في عطية الوالد لأولاده أن تكون حسب قسمة الميراث
، للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" ( ص 184) :
" ويجب التعديل في عطية أولاده على حسب ميراثهم . وهو مذهب أحمد
" انتهى .
وقال شريح القاضي لرجل قسم ماله بين أولاده : قِسْمَةُ اللَّهِ
أَعْدَلُ مِنْ قِسْمَتِك , فَارْدُدْهُمْ إلَى قِسْمَةِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ .
رواه عبد الرزاق في مصنفه .
وقال عطاء : مَا كَانُوا يُقَسِّمُونَ إلا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
تَعَالَى .
انظر "المغني" (8/261) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 16/197) :
" يلزم والدك إن أراد قسمة ماله أو بعض ماله بين أولاده أن يقسمه
على الذكور والإناث ، وفق المواريث الشرعية : للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى .
رابعاً :
إذا كان الأولاد كباراً راشدين فإنه يجوز للأب أو الأم إعطاء أحد
أولادهم دونهم على أن يكون ذلك عن رضاً منهم ودون إحراج .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث ،
ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين ،
ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم ، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من
الوالد ، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال ، وأطيب للقلوب ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/452) .
وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً - :
" لا شك أن بعض الأولاد خير من بعض ، هذا أمر معلوم ، لكن ليس
للوالد أن يفضل بسبب ذلك ، بل يجب أن يعدل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، فلا يجوز له تفضيل من أجل أن هذا أحسن من هذا
وأبر من هذا ، بل يجب أن يعدل بينهم ، ونصيحة الجميع حتى يستقيموا على البر وعلى
طاعة الله ورسوله ؛ ولكن لا يفضل بعضهم على بعض في العطية ، ولا يوصي لبعضهم دون
بعض ؛ بل كلهم سواء في الميراث والعطية على حسب ما جاء به الشرع من الميراث والعطية
، يعدل بينهم كما جاء في الشرع ، فللرجل مثل حظ الأنثيين ، فإذا أعطى الرجل من
أولاده ألفاً يعطي المرأة خمسمائة ، وإذا كانوا مرشدين وتسامحوا ، وقالوا : أعط
أخانا كذا ، وسمحوا سماحاً واضحاً ، فإذا قالوا : نسمح أن تعطيه سيارة أو تعطيه كذا
... ويظهر له أن سماحهم حقيقة ليس مجاملة ولا خوفا منه ، فلا بأس .
والمقصود : أن يتحرى العدل إلا إذا كان الأولاد مرشدين ، سواء
أكانوا ذكوراً أو إناثاً وسمحوا لبعضهم أن يعطوا شيئاً لأسباب خاصة ، فلا بأس ،
فالحق لهم " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/235) .
وعلى هذا ؛ فالواجب على أمك أن تعدل بينكم في هذا المال ، فتعطي
الذكر مثل حظ الأنثيين ، وإذا حصل تفضيل بعضكم على بعض برضىً من الآخرين فلا حرج إن
شاء الله تعالى .
والله أعلم .
*****
6942
اختيار الزوج
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/7517)
سؤال رقم 6942- اختيار الزوج
السؤال :
ما هي أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها وهل رفض الزوج الصالح لأغراض دنيوية يعرضها لعقوبة الله ؟
الجواب :
الحمد لله
أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلق والدين أما المال والنسب فهذا أمر ثانوي لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلق لأن صاحب الدين والخلق لا تفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكها أمسكها بمعروف وإن سرحها سرحها بإحسان ثم إن صاحب الدين والخلق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها . تتعلم منه الأخلاق والدين أما إن كان غير ذلك فعليها أن تبتعد عنه ولا سيما بعض الذين يتهاون بأداء الصلاة أو من عرفوا بشرب الخمر والعياذ بالله .
أما الذين لا يصلون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات ولا هم يحلون لهن والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين ، أما النسب فإن حصل فهذا أولى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) .
ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل .
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين من كتاب فتاوى المرأة .
*****
69777
تحريم اقتناء الكلاب إلا ما استثناه الشرع
الفقه > عادات >(1/7518)
سؤال رقم 69777- تحريم اقتناء الكلاب إلا ما استثناه الشرع
ما حكم تربية الكلاب في البيوت ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب ، إلا إذا كان محتاجاً إلى هذا
الكلب في الصيد أو حراسة الماشية أو حراسة الزرع .
روى البخاري (2145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ
أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا
كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) .
وروى مسلم (2974) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَنَى
كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ
مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ ) .
وروى مسلم (2943) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَنَى
كَلْبًا إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ
يَوْمٍ قِيرَاطٌ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَوْ كَلْبَ
حَرْثٍ ) .
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة
اِتِّخَاذ الْكِلَاب لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَة , وَكَذَلِكَ الزَّرْع .
وروى ابن ماجه (3640) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ
الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ ) صححه
اٍلألباني في صحيح ابن ماجه .
فهذه الأحاديث تدل على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثناه الرسول
صلى الله عليه وسلم .
واختلف العلماء في الجمع بين رواية نقص قيراط ورواية نقص قيراطين
.
فقيل : ينقص من أجره قيراطان إذا كان الكلب أشد أذى ، وينقص
قيراط إذا كان دون ذلك .
وقيل : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أولاً بأنه ينقص قيراط ،
ثم زاد بعد ذلك العقوبة فأخبر بنقص قيراطين زيادةً في التنفير عن اقتناء الكلب .
والقيراط هو مقدار معلوم عند الله تعالى ، والمراد ينقص جزء من
أجر عمله .
انظر : "شرح مسلم للنووي" (10/342) ، "فتح الباري" (5/9) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" (4/241) :
" وأما اتخاذ الكلب وكون الإنسان يقتنيه فإن هذا حرام , بل هو من
كبائر الذنوب , لأن الذي يقتني الكلب إلا ما استثنى ينقص كل يوم من أجره قيراطان .
. .
ومن حكمة الله عز وجل أن الخبيثات للخبيثين , والخبيثون للخبيثات
يقال : إن الكفار من اليهود والنصارى والشيوعيين في الشرق والغرب كل واحد له كلب
والعياذ بالله يتخذه معه , وكل يوم ينظفه بالصابون والمنظفات الأخرى ! مع أنه لو
نظفه بماء البحار كلها وصابون العالم كله ما طهر ! لأن نجاسته عينية , والنجاسة
العينية لا تطهر إلا بتلفها وزوالها بالكلية .
لكن هذه من حكمة الله , حكمة الله أن يألف هؤلاء الخبثاء ما كان
خبثاً ، كما أنهم أيضاً يألفون وحي الشيطان ؛ لأن كفرهم هذا من وحي الشيطان ، ومن
أمر الشيطان ، فإن الشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر , ويأمر بالكفر والضلال , فهم
عبيد للشيطان وعبيد للأهواء , وهم أيضاً خبثاء يألفون الخبائث . نسأل الله لنا ولهم
الهداية " انتهى .
ثانياً :
هل يجوز اقتناء الكلب لحراسة البيوت ؟
الجواب :
لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من تحريم اقتناء الكلب إلا
ثلاثة فقط ، وهي : كلب الصيد ، وحراسة الماشية ، وحراسة الزرع .
فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز اقتناء الكلب لسبب غير هذه
الأسباب الثلاثة ، وذهب آخرون إلى أنه يجوز أن يقاس على هذه الثلاثة ما كان مثلها
أو أولى ، كحراسة البيوت ، لأنه إذا جاز اقتناء الكلب لحراسة الماشية والزرع فجواز
اقتنائه لحراسة البيوت من باب أولى .
قال النووي في "شرح مسلم" (10/340) :
" هَلْ يَجُوز اِقْتِنَاء الْكِلَاب لِحِفْظِ الدُّور
وَالدُّرُوب وَنَحْوهَا ؟ فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : لا يَجُوز ، لِظَوَاهِر
الأَحَادِيث ، فَإِنَّهَا مُصَرِّحَة بِالنَّهْيِ إِلا لِزَرْعٍ أَوْ صَيْد أَوْ
مَاشِيَة , وَأَصَحّهمَا : يَجُوز ، قِيَاسًا عَلَى الثَّلاثَة ، عَمَلا
بِالْعِلَّةِ الْمَفْهُومَة مِنْ الأَحَادِيث وَهِيَ الْحَاجَة " انتهى .
وهذا الذي صححه النووي رحمه الله من جواز اقتناء الكلب لحراسة
البيت ، صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" ، قال :
" والصحيح أنه يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت ، وإذا جاز اقتناء الكلب
لتحصيل منفعة كالصيد ، فاقتناؤه لدفع مضرة وحفظ النفس من باب أولى " انتهى
بمعناه .
*****
69798
إخراج الزكاة عن مال الصبي عن السنوات الماضية
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/7519)
سؤال رقم 69798- إخراج الزكاة عن مال الصبي عن السنوات الماضية
ما حكم إذا كان الشخص لم يخرج الزكاة لمدة أربع سنوات ماضية جهلا ، علما أنه بدأ يخرج الزكاة من السنة الحالية فماذا عليه في السنوات الماضية ؟
وما حكم الأسهم التي كانت تحت الوصاية هل يجب أن يزكي عليها إذا بلغ مالك الأسهم سن التكليف ؟ علما أن الوصي كان لا يزكي عليها لمدة 18 سنة تقريبا .
الحمد لله
أولا :
من ترك الزكاة لسنوات مضت فإنه يجب عليها أن يخرجها ، سواء تركها
عن علم أو جهل .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن ترك إخراج الزكاة لمدة خمس
سنوات جهلا منه .
فأجاب : " عليك الزكاة عن جميع الأعوام السابقة ، وجهلك لا
يسقطها عنك ؛ لأن فرض الزكاة أمر معلوم من الدين بالضرورة ، والحكم لا يخفى على
المسلمين ، والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام ، والواجب عليك المبادرة
بإخراج الزكاة عن جميع الأعوام السابقة ، مع التوبة إلى الله سبحانه من التأخير ،
عفا الله عنا وعنك وعن كل مسلم . والله الموفق " انتهى من "مجموع فتاوى
الشيخ ابن باز" (14/239) .
وانظر السؤال ( 21715 )
.
ويستثنى من ذلك : الزكاة في المال المختلف في وجوب الزكاة فيه ،
كالحلي المستعمل ، فمن ترك زكاته جهلا ، أو اتباعا لمن يقول بعدم وجوب الزكاة فيه ،
فإنه لا يلزمه أن يخرج زكاته عما مضى ، بل يخرج من حين علمه بوجوب الزكاة فيه .
وبهذا أفتى الشيخ ابن باز أيضا ، قال رحمه الله : " وننبه على
أنه يلزم إخراج الزكاة من حين علمتم بوجوبها في الحلي ، وأما ما مضى قبل ذلك من
أعوام قبل العلم بالوجوب ، فليس عليكم فيه زكاة ؛ لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم
بعد العلم ؛ ولخلاف العلماء في هذه المسألة " انتهى . نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/84) .
ثانيا :
ذهب جمهور العلماء إلى أن الزكاة واجبة في مال الصبي ، وأن صغره
لا يسقط وجوب الزكاة عنه .
قال ابن قدامة رحمه الله : " الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون .
. روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم . وبه
قال مالك والشافعي وأحمد " انتهى من "المغني" (2/256) بتصرف .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 75307 )
.
ثالثاً :
ليست كل الأسهم تجب فيها الزكاة ، فبعضها تجب فيه الزكاة ،
وبعضها لا زكاة إلا في أرباحها إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول . ولمعرفة ذلك
يراجع السؤال ( 69912 ) .
فإذا كانت هذه الأسهم تجب فيها الزكاة ، وجب عليه إخراج زكاتها
عما مضى من السنوات .
وإذا كانت الزكاة واجبة في أرباحها فقط ، وجب عليه إخراج الزكاة
عن الأرباح التي بلغت نصابا وحال عليها الحول .
الله أعلم .
*****
69820
حكم الراتب إذا كان قد غش في اختبارات الشهادة
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/7520)
سؤال رقم 69820- حكم الراتب إذا كان قد غش في اختبارات الشهادة
رجل يعمل بشهادة علمية وقد غش في امتحانات هذه الشهادة ، وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة مرؤوسيه ، فما حكم راتبه هل هو حلال أم حرام ؟.
الحمد لله
" لا حرج إن شاء الله , عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش ,
وهو إذا كان قائماً بالعمل كما ينبغي فلا حرج عليه من جهة كسبه ؛ لكنه أخطأ في الغش
السابق ، وعليه التوبة إلى الله من ذلك " انتهى
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/31) .
*****
69912
تفصيل القول في زكاة الأسهم
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/7521)
سؤال رقم 69912- تفصيل القول في زكاة الأسهم
أرجو التفصيل في بيان حكم زكاة أسهم الشركات ، هل فيها زكاة أم لا ؟ وما مقدارها ؟.
الحمد لله
السهم : هو حصة الشريك في رأس مال شركة مساهمة .
كما يعرف السهم بأنه الصك المثبت لهذا النصيب .
انظر : "الأسهم والسندات" (ص 47) ، "موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية" (ص
775) .
والسهم ينتج جزءاً من ربح الشركة يزيد أو ينقص تبعاً لنجاح
الشركة وزيادة ربحها أو نقصه , ويتحمل نصيبه من الخسارة , لأن مالك السهم مالك لجزء
من الشركة بقدر سهمه .
قيمة السهم :
للسهم قيم متعددة على النحو التالي :
1- القيمة الاسمية : وهي القيمة التي تحدد للسهم عند تأسيس
الشركة ، وهي المدونة في شهادة السهم .
2- القيمة الدفترية : وهي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة ،
وقسمة أصولها على عدد الأسهم المصدرة .
3- القيمة الحقيقية للسهم : وهي القيمة المالية التي يمثلها
السهم فيما لو تمت تصفية الشركة وتقسيم موجوداتها على عدد الأسهم .
4- القيمة السوقية : وهي القيمة التي يباع بها السهم في السوق ،
وهي تتغير بحسب حالة العرض والطلب .
والأسهم قابلة للتعامل والتداول بين الأفراد , كسائر السلع مما
يجعل بعض الناس يتخذ منها وسيلة للاتجار بالبيع والشراء ابتغاء الربح من ورائها .
وقد سبق في جواب السؤال ( 4714 )
أنه لا بأس ببيع أسهم الشركات ما لم يكن نشاط الشركة محرماً .
كيف تزكى أسهم الشركات ؟
بعض المساهمين يتخذ الأسهم للاتجار بقصد الربح , وبعضهم يتخذها
للاقتناء والكسب من ربحها لا للاتجار فيها .
فأما القسم الأول : فتعتبر الأسهم عنده عروض تجارة ، وتعامل في
البورصة بالبيع والشراء ، فيكون حكمها حكم عروض التجارة , فتؤخذ الزكاة منها بقدر
قيمتها في نهاية كل حول .
وأما القسم الثاني : فقد اختلف فيه العلماء والباحثون المعاصرون
, ولهم في هذا اتجاهان رئيسان :
الأول : اعتبارها عروض تجارة , بقطع النظر عن نشاط الشركة .
قالوا : لأن صاحبها يربح منها كما يربح كل تاجر من سلعته , فهي
بهذا الاعتبار من عروض التجارة .
وأصل هذا القول مبني على أن المعدات والآلآت الصناعية الآن فيها
الزكاة , لأنها تعتبر ـ عندهم ـ أموالاً نامية .
وقد تبنى هذا القول : محمد أبو زهرة , وعبد الرحمن بن الحسن ,
وعبد الوهاب خلاف وغيرهم .
الاتجاه الثاني :
التفريق في حكم هذه الأسهم حسب نوع الشركة المساهمة التي أصدرتها
.
وهو قول جمهور العلماء المعاصرين ، وإن كانوا يختلفون فيما بينهم
في بعض التفصيلات .
ويمكن تقسيم الشركات المساهمة إلى أربعة أنواع :
الأول : الشركات الصناعية المحضة التي لا تمارس عملاً تجارياً
كشركات الصباغة وشركات الفنادق وشركات النقل ، فهذه لا تجب الزكاة في أسهمها , لأن
قيمة هذه الأسهم موضوعة في الآلات والأدوات والمباني والأثاث ونحو ذلك مما يلزم
الأعمال التي تمارسها , وهذه الأشياء لا زكاة فيها , وإنما تجب الزكاة في أرباح هذه
الأسهم إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول .
الثاني : الشركات التجارية المحضة .
الثالث : الشركات الصناعية التجارية .
أما الشركات التجارية المحضة فهي التي تشتري البضائع وتبعيها
بدون إجراء عمليات تحويلية عليها كشركات الاستيراد والتصدير , وشركات التجارة
الخارجية .
وأما الشركات الصناعية التجارية فهي التي تجمع بين الصناعة
والتجارة , كالشركات التي تستخرج المواد الخام أو تشتريها ثم تجري عليها عمليات
تحويلية ثم تتجر فيها , كشركات البترول , وشركات الغزل والنسيج , وشركات الحديد
والصلب , والشركات الكيماوية , ونحو ذلك .
فهذان النوعان من الشركات ( شركات تجارية محضة , وشركات تجارية
صناعية ) تجب الزكاة في أسهمها بعد خصم قيمة المباني والأدوات والآلات المملوكة
لهذه الشركات .
ويمكن معرفة صافي قيمة المباني والآلات والأدوات بالرجوع إلى
ميزانية الشركة التي تحصى كل عام .
الرابع : الشركات الزراعية ، وهي التي نشاطها زراعة الأراضي .
فهذه فيها زكاة الزروع والثمار – إن كان المحصول مما تجب فيه
الزكاة - فينظر ما يقابل كل سهم من زروع وثمار وعلى صاحب السهم زكاته ، فعليه عشره
إن كان يسقى بدون كلفة ، ونصف العشر إن كان يسقى بكلفة ، بشرط أن يبلغ نصيب المساهم
نصاباً وهو 300 صاع .
وهذا الاتجاه مبني على أن المصانع والعمائر الاستغلالية كالفنادق
والسيارات ونحوها ليس فيها زكاة , إلا في أرباحها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول
. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 74987 )
.
وهذا القول الثاني أصح ، لأن السهم هو جزء من الشركة فكان له
حكمها في الزكاة ، سواء كانت شركة صناعية أو تجارية أو زراعية .
وقد ذهب إلى هذا القول الشيخ عبد الرحمن عيسى في كتابه
"المعاملات الحديثة وأحكامها" , والشيخ عبد الله البسام , ود/ وهبة الزحيلي كما في
"مجلة المجمع الفقهي" (4/742) .
وذكر البسام أن التفريق بين الشركات التجارية والشركات الصناعية
هو قول الجمهور .
مجلة المجمع الفقهي ( 4/1/725 ) .
تنبيه :
ويجب التنبه إلى أن الشركات الصناعية أو الزراعية لا تخلو
خزائنها من أموال نقدية ، وهذه الأموال لا إشكال في وجوب الزكاة فيها ، فيقدر ما
يعادل كل سهم من هذه النقود ، ويكون على صاحب السهم إخراج زكاتها ، إن بلغ نصاباً
بمفرده ، أو كان يبلغ النصاب بضمه إلى ما عنده من نقود .
قاله الدكتور على السالوس ، كما في "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/849) .
ونبه عليه الشيخ ابن عثيمين أيضا بقوله :
" إن كان الإنسان قد اشترى هذه الأسهم للتجارة ـ بمعنى أنه يشتري
هذه الأسهم اليوم ويبيعها غداً كلما ربح فيها ـ فإنه يجب عليه أن يزكي هذه الأسهم
كل عام ، ويزكي ما حصل فيها من ربح .
وأما إذا كانت هذه الأسهم للاستغلال والتنمية ، ولا يريد أن
يبيعها فإنه ينظر ؛ فما كان نقوداً ـ ذهباً أو فضة أو ورقاً نقديًّا ـ وجبت فيها
الزكاة ، لأن الزكاة في النقود والذهب والفضة واجبة بعينها ، فيزكيها على كل حال .
وحينئذ يسأل القائمين على هذه الدار عما له في خزينتهم من
الأموال .
وإن كانت أعياناً ومنافع ؛ لا ذهباً، ولا فضة ، ولا نقوداً ،
فإنه ليس فيها زكاة ، وإنما الزكاة فيما يحصل بها من ربح إذا حال عليه الحول من
ملكه إياه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/199) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : استثمرنا مبالغ في شراء أسهم
لشركات ، علماً بأن بعض هذه الشركات ستخصم الزكاة الشرعية قبل توزيعها الربح وبعضها
لا تحسب زكاة شرعية فهل تجب الزكاة على رأس المال أو على أرباح هذه الشركات ؟ علماً
بأن أصل المساهمة نوعان :
أ - نوع بغرض استلام الأرباح فقط وليس بغرض بيع الأسهم .
ب - ونوع آخر لبيع الأسهم كعروض تجارة .
فأجابت :
" عليه إخراج الزكاة عن السهام التي للبيع وعن أرباحها كل سنة ،
وإذا كانت الشركة تخرج الزكاة عن أصحابها بإذن منهم كفى ذلك ، أما السهام التي أراد
استثمارها فقط فإن الزكاة تجب في أرباحها إذا حال عليها الحول إلا أن تكون نقوداً
فإن الزكاة تجب في الأصل والربح " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/341) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : تقيم بعض المؤسسات التجارية
مساهمات في العقار وغيره ، وتبقى المبالغ المالية مدة طويلة عند المؤسسة قد تصل إلى
سنوات فكيف تزكى أموال هذه المساهمات ؟ وهل يجوز أن يقوم صاحب المؤسسة بإخراج زكاة
جميع هذا المال في وقته ، ثم يقوم بحسمه من رأس مال المساهمين أو أرباحهم قبل
توزيعها ؟
فأجاب :
" المساهمات التجارية تجب فيها الزكاة كل سنة ؛ لأنها عروض تجارة
، فتقدر قيمتها كل سنة حين وجوب الزكاة ويخرج ربع عشرها ، سواء كانت تساوي قيمة
الشراء ، أو تزيد أو تنقص .
أما إخراج صاحب المؤسسة لزكاة هذه المساهمات فإن كان بتوكيل من
المساهمين فلا بأس ، ويقدر الزكاة على ما سبق ، وإن لم يوكلوه في إخراج الزكاة فلا
يخرجها ، لكن عليه أن يبلغ المساهمين بما تساوي وقت وجوب الزكاة ، ليخرج كل واحد
منهم زكاة سهمه بنفسه ، أو يوكلوه في إخراج الزكاة ، وإن وكله بعضهم دون بعض أخرج
زكاة سهم من وكله دون الآخرين .
ومعلوم أنه إذا أخرج الزكاة فسوف يحسمها من رأس المال ، أو من
الربح " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/217) .
وخلاصة القول في هذا :
أن الأسهم الذي أراد بها صاحبها التجارة والربح ، وأسهم الشركات
التجارية تجب فيها الزكاة ، في أصل السهم وربحه .
والشركات الصناعية تجب الزكاة في أرباحها إذا بلغت نصابا وحال
عليها الحول ، ولا زكاة في أسهمها إلا فيما يقابل السهم من نقود في خزينة الشركة .
والشركات الزراعية تجب الزكاة فيما يقابل السهم من زروع أو ثمار
إذا كانت من الأصناف التي تجب فيها الزكاة بشرط أن تبلغ حصة المساهم نصابا ، وهو
300 صاع ، وتجب الزكاة أيضاً فيما يقابل السهم من نقود في خزينة الشركة .
هل الزكاة تجب على الشركة المساهمة أم على المساهمين ؟
ذهب بعض الباحثين إلى أن زكاة الأسهم واجبة على الشركة ، واحتجوا
بأن الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة ، فهي تملك التصرف في المال ،
والزكاة تكليف متعلق بالمال ، ولذلك لا يشترط لها البلوغ والعقل .
وأجيب عن هذا بأن الشركة وإن كان لها شخصية اعتبارية فإن هذه
الشخصية لا تصلح لوجوب الزكاة عليها ، إذ من شروط وجوب الزكاة : الإسلام والحرية .
. . إلخ وهي أوصاف لا توصف بها الشركة .
ثم إن ملك الشركة للمال إنما هو بالنيابة عن المساهمين ، فالملك
في الأصل هو للمساهمين لا للشركة .
واحتجوا أيضاً بالقياس على المشاركة في بهيمة الأنعام ، فإن
الزكاة تجب في المال المجتمع ككل ، وليس في مال كل شريك على حدة .
وأجيب عن هذا بأن وجوب الزكاة في الماشية المجتمعة ليس معناه أن
المال وجب على الشركة باعتبارها شخصية اعتبارية ، وإنما معناه ضم مال الشركاء بعضه
إلى بعض وحساب زكاته كمالٍ لشخص واحد .
وذهب جمهور العلماء والباحثين إلى وجوب الزكاة على المساهم – وهو
الصواب – لأن المساهم هو المالك الحقيقي للمال ، والشركة تتصرف في أسهمه نيابة عنه
حسب الشروط المذكورة في نظام الشركة .
ولأن الزكاة عبادة تحتاج إلى نية عند فعلها ، ويثاب على إخراجها
ويعاقب على منعها ، وهو ما لا يتصور في الشركة المساهمة .
من الذي يخرج زكاة الأسهم : الشركة أم صاحب السهم ؟
الأصل أن الذي يخرج زكاة السهم هو صاحب السهم نفسه ، لأنه المالك
له المكلف بإخراج زكاته ، لكن لا حرج من إخراج الشركة الزكاة نيابة عن أصحاب الأسهم
، وقد ذكر المجمع الفقهي أنه لا مانع من إخراج الشركة المساهمة الزكاة في أربع
حالات :
" إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك ، أو صدر به قرار من الجمعية
العمومية ، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة ، أو حصل تفويض من صاحب
الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه" .
"مجلة المجمع الفقهي" (4/1/881) .
قدر زكاة الأسهم :
زكاة أسهم الشركات هو ربع العشر أي : 2.5 بالمائة سواء قصد
مالكها بها التجارة أو الاقتناء من أجل أرباحها السنوية , لأنها إن كانت من أجل
التجارة بها , فهي عروض تجارة , وزكاة عروض التجارة ربع العشر , وإن كانت من أجل(1/7522)
الاقتناء والربح السنوي فهي تشبه العقار المؤجر , وزكاة أجرة العقار ربع العشر .
متى يبدأ حساب الحول للأسهم ؟
أما الأسهم في الشركات التجارية ، أو الأسهم الذي يتاجر فيها
صاحبها فالأرباح فيها تابعة لأصل المال في الحول ، لأن ربح التجارة لا يحسب له حول
جديد ، بل حوله هو حول أصل المال إن كان أصل المال يبلغ النصاب .
"المغني" (4/75) .
ويجب التنبه إلى أن عروض التجارة إذا اشتريت بذهب أو فضة أو نقود
لا يبدأ لها حول جديد من شرائها وإنما يبني على حول النقود التي اشتريت بها إن كانت
نصاباً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " واعلم أن عروض التجارة ليس
حولها أن تأتي سنة بعد شرائها ، بل إن حولها حول المال الأصلي ، لأنها عبارة عن
دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض ، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
انظر جواب السؤال ( 32715 )
.
أما الشركات الصناعية والتي تقتنى أسهمها من أجل الاستثمار
والربح السنوي منها لا بقصد التجارة ، فهذه الأسهم تجب الزكاة في أرباحها إن بلغ
الربح بمفرده نصابا ، أو كان يبلغ النصاب بضمه إلى ما عنده من نقود ، ويبدأ حساب
الحول من حين قبض هذه الأرباح ، كما قرر ذلك المجمع الفقهي ، والشيخ عبد الله
البسام .
انظر : مجلة المجمع الفقهي ( 4/1/722 ) .
وينبغي التنبه إلى أن أسهم الشركات الزراعية ، والتي تجب فيها
زكاة الزروع والثمار لا يشترط لوجوب الزكاة فيها مرور الحول ، باتفاق العلماء ،
لقوله سبحانه : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) الأنعام/141 .
"الموسوعة الفقهية" (23/281) .
فتقدر زكاة كل محصول بمفرده .
كيف تحسب قيمة السهم لإخراج الزكاة ؟
أما الأسهم التي تجب فيها الزكاة (وهي الأسهم التي يتاجر فيها
صاحبها ، أو أسهم الشركات التجارية) فتخرج الزكاة على حسب قيمتها السوقية في نهاية
الحول .
لأن هذه الأسهم عروض تجارة ، وعروض التجارة تقوم في نهاية الحول
ثم تخرج زكاتها على هذه القيمة ، بقطع النظر عن قيمة السهم الاسمية .
انظر السؤال ( 32715 ) .
وأما الأسهم التي لا زكاة فيها ( وهي أسهم الشركات الصناعية )
فلا يحتاج إلى تقويمها في نهاية الحول لأن الزكاة إنما هي على الأرباح وليست على
الأسهم .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الزكاة على الأسهم تكون على
القيمة الرسمية للسهم أم القيمة السوقية أم ماذا ؟
فأجاب :
" الزكاة على الأسهم وغيرها من عروض التجارة تكون على القيمة
السوقية ، فإذا كانت حين الشراء بألف ثم صارت بألفين عند وجوب الزكاة فإنها تقدر
بألفين ، لأن العبرة بقيمة الشيء عند وجوب الزكاة لا بشرائه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/197) .
*****
69916
هل معدات المطبعة فيها زكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/7523)
سؤال رقم 69916- هل معدات المطبعة فيها زكاة ؟
رجل صاحب مطبعة ، هل تجب الزكاة على المعدات والأجهزة التي في المطبعة وإنتاجها كذلك ، أم أن الزكاة على الإنتاج فقط ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 74987 )
أن آلات المصانع والمعدات والأجهزة التي يقصد بها الاستعمال لا التجارة لا زكاة
فيها ، وإنما الزكاة في الربح الناتج من هذه المصانع والآلات إذا بلغ نصابا وحال
عليه الحول .
وعلى هذا ؛ فهذه المعدات التي في المطبعة لا زكاة فيها .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن مثل هذا السؤال ، فأجاب :
" تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة
للبيع , أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها , وهكذا السيارات والفرش
والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة ؛ لما روى أبو داود رحمه الله بإسناد حسن
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي
نُعِدُّه لِلْبَيْعِ ) " اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/186-187) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل عنده مغسلة ملابس ، وقال له بعض
الناس : إن عليك أن تزكي على المعدات التي لديك فهل هذا صحيح ؟
فأجاب : " الزكاة تجب في عروض التجارة وهي ما أعده الإنسان
للتجارة تدخل عليه وتخرج منه ، كلما رأى مكسباً باعها ، وكلما لم يحصل مكسباً
أمسكها ، ومعدات المغاسل لا تعد من التجارة ، لأن صاحب المغسلة يريد أن تبقى عنده
فهي من جملة ما يقتنيه الإنسان في بيته من فرش وأواني ونحو ذلك، فليس فيها زكاة .
ومن قال له : إن فيها الزكاة فقد أخطأ " .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/207)
ثانياً :
تجب الزكاة في أرباح هذه المطبعة إذا بلغت نصاباً وحال عليها
الحول ، فيخرج عنها ربع العشر أي 2.5 بالمائة .
ثالثا :
هناك جزء من ممتلكات المطابع يعتبر عروض تجارة ، وهذه العروض
تشمل كل شيء اشترته المطبعة بهدف إعادة بيعه مرة أخرى ولو بعد إجراء بعض العمليات
التحويلية عليه .
مثل : الورق ، والأحبار ، وما يتم به تجليد الكتب ، والكتب
المملوكة للمطبعة والتي طبعتها لتبيعها . . . إلخ .
كل هذه الأشياء تعتبر عروض تجارة فتقوم في نهاية كل عام ثم تخرج
زكاتها 2.5 بالمائة .
انظر : "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/735) بحث للدكتور وهبة الزحيلي .
*****
70235
أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض
كيف نتوب من الشرك
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/7524)
سؤال رقم 70235- أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض
أنا كندية في 19 من العمر وقد دخلت في الإسلام . لقد وضعت طفلي الثاني قبل شهرين، ولله الحمد. عندما أكون في الدورة يكون الوضع صعبا وشديدا علي كثيرا . لقد واجهت العديد من المشاكل خلال هذا الوقت (وأحمد الله على السراء والضراء). وفي خلال هذه المدة اكتسبت عادة السب والشتم لأنفس عن تضايقي من أعمالي الكثيرة جدا . أنا أفهم الحديث الخاص بأن النساء سيعاقبن لإساءة استخدامهن لألسنتهن . وأنا الآن في مرحلة أحاول فيها المحافظة على حلمي وأحاول أن أمسك لساني عن الكلام غير المناسب لكني أجد أن الغضب يسيطر علي . وأحتاج أن أعرف أولا إن كان هناك أي طريقة (دعوات) يمكن أن أقولها للتحكم في مشاكل الغضب والسباب والشعور بتراكم الأعمال ؟ وأيضا هل يجوز لزوجي أن يؤذيني جسديا أو يطلقني في الوقت الذي أبذل فيه قصارى جهدي حسب علمي للسيطرة على نفسي بدون مساعدة من زوجي أو صديقاتي أو عائلتي ؟ لقد توسلت إلى زوجي بشكل متكرر ليساعدني ويزيد من إيماني ويعلمني المزيد من أمور الإسلام ويقرئني القرآن حيث إني لا أملك أشرطة ولا أعرف كيف أقرأ القرآن . أنا أشعر أن زوجي هو الأفضل . لكني أتساءل إن كان يجوز له أن يطلقني أو يؤذيني جسديا بأية طريقة تحت الظروف التي ذكرت ، وحيث إني أحاول جهدي الالتزام (بشرع) الله قدر استطاعتي .
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك إلى الإسلام ، ونسأله سبحانه أن
يزيدك هده وإيماناً وتثبيتاً .
ثانياً :
الحيض أمر كتبه الله تعالى وقدره على النساء ، ومعلوم أن المرأة
الحائض قد تشعر بشيء من الضيق والضجر أثناء حيضها ، لكن عليها أن تتقي الله تعالى
وأن تتحلى بالصبر ، وأن تمسك لسانها عما حرم الله من السب والشتم وغيره ، وتجاهد
نفسها في ذلك ، وستجد تحسنا وتغيرا إن شاء الله تعالى .
ثالثاً :
ينبغي للزوج أن يراعي شعور زوجته وأن يقدر معاناتها إن كانت
تعاني من شيء ما ، وهذا يدعوه لأن يتجاوز عن أخطائها ، ويسعى للترويح والتفريج عنها
، ويصبر على ذلك ، ولا يستعجل في عقابها أو فراقها ، فإن الحياة الزوجية ما بنيت
للتفريق والتمزيق ، بل بنيت للاستمرار والدوام ، ولا تخلو هذه الحياة من منغصات ،
ونجاح الزوجين بقدر تغلبهما على المنغصات ، وتحقيق السعادة والألفة بينهما .
رابعاً :
ليس للزوج أن يؤذي زوجته جسديا ، ولا يباح له ضربها إلا عند فشل
ما قبله من وسائل الإصلاح ، من الموعظة ، والهجر ، وفي حال جواز الضرب ، فإنه لا
يكون بقصد الإيذاء ، بل بقصد الزجر والتأديب ، ولذلك اشترط أن يكون ضربا غير مبرّح
، " يعني غير مؤلم ولا موجع ، ولكن لا يلجأ إلى الضرب إلا في الحالات القصوى " انتهى من "فتاوى عشرة النساء" (ص 151) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
خامساً :
ينبغي للزوج أن يكون عونا لأهله على طاعة الله ، وأن ييسر لهم
أسباب العلم النافع ، كإحضار الكتب والأشرطة ، واصطحابهم إلى المراكز الإسلامية ،
ليتعلموا قراءة القرآن ، وأمور الإسلام . وإذا قصر زوجك في هذا فبإمكانك أن تحصلي
على كثير من هذه الأشرطة عن طريق الإنترنت ، أو بالاتصال على بعض المراكز الإسلامية
القريبة منك .
سادساً :
علاج الغضب والسب والشعور بتراكم الأعمال ، يكون بأمور :
الأول : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الشعور بالغضب ،
لما روى البخاري (3282) ومسلم (2610) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ : كُنْتُ
جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ
يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لأَعْلَمُ
كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ) .
الثاني : تغيير الهيئة عند الشعور بالغضب ؛ لما روى أبو داود
(4782) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ
قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
الثالث : أن تستشعري ثواب الصبر والحلم وكظم الغيظ ، وأن ذلك من
صفات المتقين الموعودين بالجنة ، كما قال سبحانه : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ
مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/133، 134 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن كظم غيظه ولو شاء أن
يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا ) رواه ابن أبي الدنيا وحسنه
الألباني في صحيح الترغيب (2623) .
الرابع : أن تعلمي أن الغضب والسخط والسب لا يفيدك شيئا ، ولا
يخفف عنك عبئا ، بل تكسبين به وزرا ، وتزدادين به ضيقاً وهماًّ ، والتوفيق وتيسير
الأمور إنما يكون بالقرب من الله تعالى ، والحرص والاجتهاد في طاعته .
الخامس : أن تنظمي وقتك ، وتبادري بإنجاز أعمالك ، حتى لا تتراكم
عليك فتشعري بثقلها .
السادس : أن تأخذي بالعلاج النافع الذي أرشد إليه النبي صلى الله
عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها ، حين اشتكت كثرة العمل وثقله ، واحتاجت إلى
خادمة ، وذلك فيما رواه البخاري (6318) ومسلم (2728) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتْ الْعَمَلَ فَقَالَ لها : ( أَلا أَدُلُّكِ
عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ،
وَتَحْمَدِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ حِينَ
تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ ) . واستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث : " أَنَّ الَّذِي
يُلازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا
لَهُ الْخَادِم ، أَوْ تَسْهُل الأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه
أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا " انتهى من فتح الباري .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح .
والله أعلم .
*****
70274
هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/7525)
سؤال رقم 70274- هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟
هل يجوز للدولة المسلمة في عصرنا الحاضر أن ترهق مواطنيها في عملية دفع فواتير الكهرباء والماء بحجة الترشيد والتقليل من استهلاك الطاقة ؟
أليس إنارة الشوارع والطرقات العامة يتنافى مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : ( ... وأطفئوا مصابيحكم ) .
يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه : ( لا يمنع المسلم أخاه المسلم من ثلاث : الماء ، والكلأ والنار ) .
ألا يجوز لنا أن نتحايل في دفع هذه الفواتير المرهقة ؟ وإذا كان لا يجوز هذا التحايل فكيف السبيل إلى تغيير نمط الحياة في الوقت الذي لا يعذر فيه رب الأسرة من أسرته وأقاربه وجيرانه ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجب على الحكومات والمسئولين أن يرفقوا بمواطنيهم ، وألا يحملوهم
ما لا يستطيعون ، ولا يجوز للدولة احتكار السلع والخدمات الأساسية الضرورية التي لا
يستغني الناس عنها ثم تبيعها لهم بأسعار مرتفعة .
ولتعلم الحكومات أنها ليست شركات استثمارية ، همها الربح من
المواطنين ، وإنما واجبها الأعظم هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم ،
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ
أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ
أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) رواه مسلم (1828)
.
وليعلم هؤلاء أنهم موقوفون غداً بين يدي الله ، وحاسبون على
أعمالهم ، ومجزيون عليها ، وسيسأل كل حاكم ومسئول وصاحب ولاية عن كل من تحت رعيته (
كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .
ورضي الله عن عمر ، كان يقول : لو عثرت بغلة بالعراق ( على أطراف
الدولة الإسلامية يومئذ ) لسألني الله عنها يوم القيامة : لِمَ لَمْ تصلح لها
الطريق يوم القيامة يا عمر !!
إلى هذا الحد سيكون السؤال يوم القيامة ، حتى عن الحيوانات ،
فكيف بمئات الآلاف أو الملايين من الناس الذين وقع عليها الظلم ؟!
والعدل به قامت دولٌ ، وبالظلم انهارت دولٌ .
" ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ; ولا
يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة . ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع
الظلم والإسلام . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذنب أسرع عقوبة من
البغي وقطيعة الرحم ) ; فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة
، وذلك أن العدل نظام كل شيء ; فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت ، وإن لم يكن
لصاحبها في الآخرة من خلاق ، ومتى لم تقم بعدل لم تقم ، وإن كان لصاحبها من الإيمان
ما يجزى به في الآخرة "
"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/146) .
ثانيا ً:
على المسلم الصبر والاحتساب وألا يقابل الغش والظلم بمثله .
فلا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء ، ولا التحايل على عدم دفع
الفواتير المستحقة ؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء
أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني
ضرائب ظالمة رغماً عني .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع
فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه
الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء
الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ
إِلَى أَهْلِهَا ) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ
مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
ثالثاً :
الاستدلال لما ذكرت بحديث : ( ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ
وَالْكَلأُ وَالنَّارُ ) رواه ابن ماجة (2473) وفي رواية : (
الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ
وَثَمَنُهُ حَرَامٌ ) رواه ابن ماجه (2472) وصححهما الألباني في صحيح ابن
ماجه ، هذا الاستدلال غير صحيح ، فإن هذه الأشياء إذا حيزت وجُمعت ،
جاز بيعها ، كأن يباع الماء في قوارير مثلا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : " ولا يصح بيع نقع
البئر " نقع البئر هو : ماؤه الذي نبع من الأرض ، فلا يجوز بيع هذا الماء ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ) ولأن
هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان ؛ بل بقدرة الله عز وجل ، فقد يحفر الإنسان بئرا
عميقا ولا يخرج الماء فليس من كده ولا فعله ، بل هو سبب ، فلذلك لا يملكه ، وإذا
كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه ، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه
يجوز بيعه ؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة " انتهى من "الشرح الممتع" (8/154) .
وكذلك الاستدلال بحديث الأمر بإطفاء المصابيح ، فإن ظاهره
الاقتصار على المصابيح والسرج التي يمكن أن تكون سبباً في إحراق البيت ، ولفظ
الحديث ما رواه أبو داود (5247) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا
بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا ، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ
مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ ، فَقَالَ : ( إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ،
فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى مسلم (2012) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَطْفِئُوا
السِّرَاجَ . . . فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ
بَيْتَهُمْ ) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء السرج قبل النوم إذا خيف
من تركها أن تكون سببا في حصول حريق في البيت ، ولذلك ذكر العلماء كابن دقيق العيد
والنووي والحافظ ابن حجر أن الإنسان إذا استوثق قبل نومه ، من عدم سقوط المصباح ،
فلا حرج عليه حينئذ من النوم وترك المصباح موقداً .
انظر : "فتح الباري" (11/89) .
وقد يقال : إن إنارة الشوارع في الليل سبب لتقليل الجرائم
والشرور ، وهذا أمر مشاهد معلوم .
رابعاً :
ينبغي لكل إنسان أن يقتصد في استعمال الكهرباء والماء ، وأن
يكتفي بالقدر الذي يحتاجه ، دون إسراف ، لعموم الأدلة الناهية عن الإسراف والتبذير
وإضاعة المال ، دون مراعاة لما يقوله الأقارب والجيران ، ومن الملاحظ أن كثيرا من
الناس يضيئون جميع غرف البيت دون حاجة لذلك ، أو يشغلون أجهزة التكييف أو السخانات بإسراف .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
70317
قراءة القرآن جماعة وإهداء الأعمال للأموات والمولد النبوي
أصول الفقه > البدعة >
الرقائق > الدعاء > أدعية لا تصح >
الآداب > آداب التلاوة >(1/7526)
سؤال رقم 70317- قراءة القرآن جماعة وإهداء الأعمال للأموات والمولد النبوي
نلتقي كل يوم أحد من كل آخر شهر مع مجموعة من الأخوات تصل إلى 30 أخت أو أكثر ، وتبدأ كل واحدة على حدة تقرأ حزبين أو ثلاثة إلى أن نختم القرآن الكريم في ساعة ونصف أو ساعتين ويقال لنا : إنها تحسب - إن شاء الله - ختمة لكل واحدة , هل هذا صحيح ؟ بعد ذلك نقوم بالدعاء وندعو الله بإيصال ثواب ما قرأناه إلى سائر المؤمنين الأحياء منهم والأموات فهل الثواب يصل إلى الأموات ? ويستدلون بقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ ْ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )
كذلك يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً يبدؤون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سرّاً ثم يقرؤون القرآن ، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم ، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات يعتبر بدعة ؟ كذلك عندنا دعاء طويل جدّاً طلب منَّا أن ندعو به وقت السحر , لمن استطاع ، اسمه : " دعاء الرابطة " , ويبدأ بالصلاة والسلام على سيدنا محمد وحزبه وسائر الأنبياء وأمهات المؤمنين والصحابيات والخلفاء الراشدين والتابعين وأولياء الله الصالحين ، مع ذكر كل أحد باسمه ، وهل صحيح أن ذكر كل هذه الأسماء سوف تجعل أصحابها يتعرفون علينا وينادوننا في الجنة ؟ فهل هذا الدعاء بدعة ؟ أنا أشعر أنه كذلك ، وأكثر الأخوات يعارضونني ، فهل أعاقب من الله إن كنت مخطئة ؟ وكيف أقنعهم إن كنت على صواب ؟ هذا الموضوع أصابني بأرق شديد وكلما تذكرت حديث رسول الله أن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " ازداد همي وحزني .
الحمد لله
أولاً :
ورد في السنة النبوية الصحيحة فضائل كثيرة للاجتماع على قراءة
كتاب الله تعالى ، وحتى يحصِّل المسلم تلك الأجور فإنه ينبغي له أن يكون اجتماعه
على القرآن شرعيّاً ، ومن الاجتماع الشرعي في قراءة القرآن أن يقرأه المجتمعون
للمدارسة والتفسير وتعليم التلاوة ، ومن الاجتماع الشرعي أيضاً : أن يقرأ واحد منهم
ويستمع الباقون من أجل التفكر والتدبر في الآيات ، وكلا الأمرين ورد في السنة
النبوية .
وللمزيد : يراجع السؤال رقم ( 22722 ) ففيه بيان حكم الاجتماع لقراءة
القرآن .
وأما أن يعدَّ ما تقرؤه المجموعة ختمة لكل واحد منهم : فهذا غير
صحيح ؛ لأنه لم يختم كل واحد من المجتمعين القرآن كاملاً ، بل ولا استمع ، بل كلٌّ
منهم قرأ شيئاً ، فليس له ثواب إلا على ما قرأه من القرآن .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" توزيع أجزاء من القرآن على من حضروا الاجتماع ليقرأ كل منهم
لنفسه حزباً من القرآن لا يعتبر ذلك ختماً للقرآن من كل واحد منهم بالضرورة " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 480 ) .
ثانياً :
ولا يشرع الدعاء بعد قراءة القرآن جماعيّاً ، ولا يجوز الدعاء
بإيصال أجر القراءة لأحدٍ من الأموات ، ولا الأحياء ، ولم يكن نبينا صلى الله عليه
وسلم يفعله ، ولا أحدٌ من أصحابه رضي الله عنهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي ، علماً بأنهما أميان لا
يقرآن ولا يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف القراءة والكتابة ولكن أريد
إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآن لأكثر من شخص ؟
فأجاب :
لم يرد في الكتاب العزيز ، ولا في السنة المطهرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ما يدل على شرعية إهداء
تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما ، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع
به ، والاستفادة منه ، وتدبر معانيه والعمل بذلك ، قال تعالى : ( كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الأَلْبَابِ ) ص/29 ، وقال تعالى : ( إِنَّ هَذَا
الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء/90 ،
وقال سبحانه : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/44 ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام : ( اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي
شفيعاً لأصحابه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة
وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو
غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )
ومعنى غيايتان : أي سحابتين .
والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من
قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم ، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا
يعتمد عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا : لا مانع من إهداء ثواب القرآن
وغيره من الأعمال الصالحات ، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم ، ولكن
الصواب هو القول الأول ؛ للحديث المذكور ، وما جاء في معناه ، ولو كان إهداء
التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح ، والعبادة لا يجوز فيها القياس ؛ لأنها توقيفية
لا تثبت إلا بنص من كلام الله عز وجل ، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
للحديث السابق وما جاء في معناه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 360 ، 361 ) .
وأما استدلالهم بحديث ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث
... ) فهو استدلال غير صحيح ، بل الحديث عند التأمل يدل على عدم مشروعية إهداء ثواب
قراءة القرآن للأموات ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يدعو له ) ولم يقل :
( يقرأ القرآن ).
ثالثاً :
لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
بحرف الصاد ، ولا بكلمة " صلعم " ! ومن كتب مثل هذا السؤال الطويل لا يعجزه كتابة
الصلاة والسلام عليه كاملة .
وقد سبق بيان حكم كتابة هذين الاختصارين في جواب السؤال رقم ( 47976 )
فلينظر .
رابعاً :
الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ، وتخصيص عبادات معينة فيه
كالتسبيح والتحميد والاعتكاف وقراءة القرآن والصيام بدعة لا يؤجر أصحابها على شيء
منها ؛ لأنها مردودة .
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) رواه البخاري ( 2550 ) ومسلم (
1718 ) .
وفي رواية لمسلم ( 1718 ) : ( من عمل
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
قال الفاكهاني رحمه الله :
لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن
أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل
هو بدعة ، أحدثها البطالون ، وشهوةُ نفسٍ اغتنى بها الأكالون .
" المورد في عمل المولد " بواسطة كتاب " رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
( 1 / 8 ، 9 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ولو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى
الله عليه وسلم لأمته ؛ لأنه أنصح الناس ، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه ؛
لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته
واتباع شريعته ، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة
، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك ولم يفعله صلى
الله عليه وسلم طيلة حياته ، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه
لم يحتفلوا بهذا اليوم ، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم ، ثم التابعون لهم بإحسان
في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم .
أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون
فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق ؟! لا والله ! ولن يقول هذا عاقل يعرف حال
الصحابة وأتباعهم بإحسان . وإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بيوم المولد
النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام ولا في
عهد أتباعهم في الصدر الأول ، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين
، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها ، بل يجب إنكارها والتحذير منها ...
.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 318 ، 319 )
خامساً :
لا يجوز لأحدٍ اختراع دعاء أو ذِكْر ونشره بين الناس ، والدعاء
المسمى " دعاء الرابطة " دعاء بدعي ، واستحضار صور المدعو لهم ، واعتقاد أنهم
سيعرفون الداعي به وينادونه في الجنة : كل ذلك أوهام وخيالات وخرافات صوفية لا أصل
لها في دين الله تعالى ، وضوابط الشرع التي يستطيع المسلم تمييز السنَّة من البدعة
، والصواب من الخطأ : واضحة وبيِّنة ، وهي أن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل
فلا يتقرب إلى الله تعالى بعبادةٍ إلا إذا دلّ الدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة
على أنها مشروعة ، وأن الأصل في المسلم الاتباع لا الابتداع ، وأن البدعة مردودة
على صاحبها ، وأن الله تعالى أكمل لنا الشريعة وأتم علينا النعمة ، فأي حاجة لمثل
هذه البدع أن تكون في حياتنا مع بالغ تقصيرنا في الثابت الصحيح من الشرع ؟ !
وانظر – لمزيد بيان - جواب السؤالين : ( 27237 ) و ( 6745 ) .
ونرجو أن يكون ما ذُكِر كافياً لأولئك الأخوات للكف عن بدعهم تلك
، ونوصيهن بتقوى الله تعالى ، وحسن الاتباع ، وليعلمن أن الله تعالى لا يقبل
العبادة المبتدعة ولو بلغ صاحبها ما بلغ من بذل الجهد والمال فيها ، و" اقتصاد في
سنة خير من اجتهاد في بدعة " كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه .
ونسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الأخوات لما فيه رضاه ، ونوصيك
بحسن التبليغ ، وعدم المشاركة معهن ، والصبر على ما قد يصيبك جراء هذا .
والله أعلم .
*****
7175
حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >(1/7527)
سؤال رقم 7175- حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
السؤال : مركز إسلامي في بلاد الغرب يقوم بشراء كميات من الطعام كالرز مثلاً قبل العيد بعشرة أيام مثلاً ثم يعلن عن استعداده أخذ مبالغ من المسلمين لزكاة الفطر ، ثم يخرجها عنهم ، وذلك لأنه لا يتمكن من شراء الكمية إذا أخذ الأموال قبل العيد بيوم أو يومين فما حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
لا باس أن يشتري المركز الطعام قبل مدة ثم يبيعه على الراغبين في شراء زكاة الفطر ثم تخرج في وقتها الشرعي .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
7180
آداب تسمية الأبناء
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/7528)
سؤال رقم 7180- آداب تسمية الأبناء
السؤال : أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .
والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :
- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .
- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .
- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .
- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .
وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .
- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .
- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .
- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .
- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .
- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .
- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .
وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .
ومراتب الأسماء أربعة :
المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 .
المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .
المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .
المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .
ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :
1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .
2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .
3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .
4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7191
ما هي الهجرة
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/7529)
سؤال رقم 7191- ما هي الهجرة
السؤال :
كيف تكون الهجرة في سبيل الله في هذا العصر ؟.
الجواب :
الحمد لله
الهجرة في سبيل الله هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، كما انتقل المسلمون من مكة قبل إسلام أهلها إلى المدينة ، لكونها صارت بلد إسلام بعد مبايعة أهلها للنبي صلى الله عليه وسلم وطلبهم هجرته إليهم ، وتكون الهجرة أيضا من بلاد شرك إلى بلاد شرك أخف شرا ، وأقل خطرا على المسلم ، كما هاجر بعض المسلمين من مكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 12/50.
*****
7193
اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/7530)
سؤال رقم 7193- اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
السؤال :
عندي سؤال حول الزواج . إذا اعترض الأب على الزواج لأسباب عنصرية أو لأن المتقدم للزواج على منهج السلف ، ولا يوجد قاض شرعي في المنطقة ، مثل الكاريبي ، فماذا يستطيع الشخص أن يفعل وفقا للقرآن والسنة ؟
يتزوج أو لا يتزوج
من المهم جدا أن أحصل على إجابة عن هذا السؤال .
الجواب :
أولاً : لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك واحمد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم :
" لا نكاح إلا بولي " . رواه الترمذي ( 1101) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) وهو صحيح كما في " إرواء الغليل " للألباني رحمه الله ( 6 / 235 ) .
وقوله " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر لما استحل من فرجها ، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . رواه الترمذي ( 1102 ) وحسَّنه وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) .
ثانياً : فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي انتقلت الولاية إلى الذي يليه فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً .
ثالثاً : إن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي فإن السلطان يكون وليها لحديث " … فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . والسلطان هو الحاكم الشرعي .
والولي ليس له أن يعضل ويمنع المرأة من الزواج لهواه دون عذر شرعي .
عن الحسن ، قال : حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال : زوَّجتُ أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوَّجتُك وفرشتُك وأكرمتُك فطلقتَها ، ثم جئتَ تخطبها لا والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية { فلا تعضلوهن } ، فقلت : الآن أفعل يا رسول الله ، قال : فزوجها إياه . رواه البخاري ( 4837 )
وفي رواية قال :
ففيّ نزلت هذه الآية : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ } [ سورة البقرة /232 ] .
رابعاً : فإن عدم الولي والسلطان فيصير أمرها إلى الوالي أو من يقوم مقامه فإن عدم فإلى المحاكم الشرعية فإن عدمت فإلى رجل رئيس في قومه عدل في دينه . فإن عدم فأي رجل ثقة عدل يصلح أن يكون ولياً .
يقول ابن قدامة : فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن أحمد ما يدل على أن يزوجها رجل عدل بإذنها . " المغني " 7 / 352 .
ويقول الشيخ عمر الأشقر : إذا زال سلطان المسلمين أو كانت المرأة في موضع ليس فيه للمسلمين سلطان ولا ولي لها مطلقاً كالمسلمين في أمريكا وغيرها فإن كان يوجد في تلك البلاد مؤسسات إسلامية تقوم على رعاية شؤون المسلمين فإنها تقوم بتزويجها . وكذلك إن وجد للمسلمين أمير مطاع أو مسؤول يرعى شؤونهم . " الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني " ( ص70 ) .
وكل ذلك يكون بشرط موافقه الفتاة وعدم ترتب مفاسد أعظم من منفعة زواجك منها وبشرط أن يكون سبب المنع غير شرعي كما أوضحت .
خامساً : ولا يحل للولي أن يرفض الزوج لأنه ليس على منهجه في الدعوة ! أو لأنه ليس من قبيلته أو أهل بلده ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج أهل الدين وعدم رفضهم وإلا ترتب على ذلك المنع مفاسد وفتن .
فعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) وصححه الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ( 1022 ) .
سادساً : وكذلك لا يجوز للمرأة أن تسوغ لنفسها التزوج بمن تشاء بحجة أن هذا على منهجها في الدعوة ، فيكفيها أن يكون المتقدم لها صاحب دين وخلق .
وليراقب الجميع ربهم تبارك وتعالى .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7222
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
كيف نتوب من الشرك
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/7531)
سؤال رقم 7222- تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام ، وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه ، وهذا خطأ ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام ، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين ، شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة ، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى { هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك } ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة . رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . " فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير . " شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح . رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون . رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم . رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة . رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير ، أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . " شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول { جاء الحق وزهق الباطل } الآية . رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) . رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " . رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث ) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق ) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت . رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك . " الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور : بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه : وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور . " زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72417
الطلاق في الحيض
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > العدة >
سؤال رقم 72417: الطلاق في الحيض
في أول يوم من أيام الحيض نسيتْ أن تخبر زوجها وطلبت منه الطلاق وقام بإيقاع الطلاق ( الثالث ) ثم تذكرت ذلك وأخبرته ؟ ما هو الموقف الشرعي المترتب على ذلك ؟.
الحمد لله
اختلف الفقهاء في طلاق الحائض هل يقع أو لا ؟ فذهب جمهورهم إلى
وقوعه ، وذهب جماعة منهم إلى عدم وقوعه ، وعليه الفتوى عند كثير من فقهاء العصر
منهم الشيخ ابن باز رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي
العلماء ، خلافاً لقول الجمهور . فجمهور العلماء يرون أنه يقع ، ولكن الصحيح من
قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين ، وأفتى به ابن عمر رضي الله عنهما ،
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا
الطلاق لا يقع ؛ لأنه خلاف شرع الله ، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من
النفاس والحيض ، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها ، فهذا هو الطلاق الشرعي ، فإذا
طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة ، ولا يقع على
الصحيح من قولي العلماء ، لقول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) الطلاق/1 .
والمعنى : طاهرات من غير جماع ، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن(1/7532)
للعدة ، أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع ، أو حوامل . هذا هو الطلاق للعدة " انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص44) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/58) : " الطلاق البدعي أنواع
منها : أن يطلق الرجل امرأته في حيض أو نفاس أو في طهر مسها فيه ، والصحيح في هذا
أنه لا يقع " انتهى .
وعليه فإذا كان الطلاق صدر حال الحيض فإنه لا يقع ولا يعتد به ،
وتظل المرأة في عصمة زوجها .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه لله عن رجل طلق امرأته وهي حائض ،
وكان لا يدري أنها حائض ، فهل يقع هذا الطلاق ؟
فأجاب :
" الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل
العلم ، وطال فيه النقاش ، هل يكون طلاقا ماضيا أم طالقا لاغيا ؟ وجمهور أهل العلم
على أنه يكون طلاقا ماضيا ، ويحسب على المرء طلقة ، ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها
حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ،
هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة : الإمام أحمد والشافعي ومالك
وأبو حنيفة ، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ،
أن الطلاق في الحيض لا يقع ، ولا يكون ماضيا ، ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله ، وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا
فَهُوَ رَدٌّ ) والدليل على ذلك في نفس المسألة الخاصة : حديث عبد الله بن عمر حيث
طلق زوجته وهي حائض ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فتغيظ فيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال : ( مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن
شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فتلك العدة التي
أمر الله أن تطلق لها النساء ) فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء أن يطلقها
الإنسان طاهرا من غير جماع ، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله
، فيكون مردوداً ، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض ، وأن
المرأة لا زالت في عصمة زوجها ، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو
غير طاهرة ، نعم ، لا عبرة بعلمه ، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم ، وعدم الوقوع ،
وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ، ولا إثم على الزوج " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (3/268) .
*****
7492
تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/7533)
سؤال رقم 7492- تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
السؤال :
سؤالي متعلق بموضوع سبب لي الكثير من القلق منذ فترة، فقد طُلقت منذ سنة تقريبا وليس عندي أطفال. لقد مضى علي سنة الآن. والسؤال : حيث أني لم أكن أعرف الرجل قبل زواجي به, وتزوجته لأن والداي ظنا أنه يناسبني. والآن ، وقد وقع ما وقع لي, فقد فكرت أنه من الأفضل أن أكون أعرف الشخص قبل أن أتزوج به. أنا لا أقصد أن أخرج معه في مواعيد, بل مجرد الحديث والتعرف إذا ما كان يناسبني أم لا. والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أني لا أريد أن أجرح نفسي، أو أن ينتهي بي المطاف بالطلاق مرة أخرى. وسؤالي هو هل يُبيح الإسلام للفتاة أن تختار رجلا وتتزوج به؟ أنا بحاجة لأن توضح لي هذا الموضوع. وسأقدّر مساعدتك.
وشكرا، والله يحفظك.
الجواب :
لقد شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها ، سواء كانت بكراً أم ثيباً ( التي سبق لها الزواج )
ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها ، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة ، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس .
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال ، ولا نزع الحجاب أمامه ، ومن المعروف أن مثل هذه اللقاءات لا يبدو فيها الرجل على طبيعته بل يتكلف ويجامل ، فحتى لو خلت به وخرجت معه فلن يُظهر لها شخصيته الحقيقية وكثير من الخارجات معصية مع الخاطبين انتهت بهم الأمور إلى نهايات مأساوية ولم تنفعهم خطوات المعصية التي قاموا بها مع الخاطب خلوة وكشفا .
وكثيرا ما يلعب معسول كلام الخاطب بعواطف المخطوبة عند خروجه معها ويُظهر لها جانبا حسنا لكن إذا سألت عنه وتحسّست أخباره من الآخرين اكتشفت أمورا مختلفة ، إذن الخروج معه والخلوة به لن تحلّ المشكلة ولو فرضنا أنّ فيه فائدة في اكتشاف شخصية الرجل فإنّ ما يترتّب عليه من المعاصي واحتمال الانجراف إلى ما لا تُحمد عُقباه هو أكثر من ذلك بكثير ولذلك حرّمت الشريعة الخلوة بالرجل الأجنبي - والخاطب رجل أجنبي - والكشف عليه .
ثمّ إننا يجب أن لا ننسى أمرا مهما وهو أنّ المرأة بعد العقد الشرعي وقبل الدّخول والزفاف لديها فرصة كبيرة ومتاحة للتعرّف على شخصية الرجل والتأكّد عن كثب وقُرب مما تريد التأكّد منه لأنها يجوز لها أن تخلو به وتخرج معه ما دام العقد الشّرعي قد حصل ، ولو اكتشفت أمرا سيئا لا يُطاق فيمكن أن تطلب منه الخُلع وفي الغالب لن تكون النتيجة سيئة ما دامت عملية السؤال عن الشخص والتنقيب عن أحواله قبل العقد قد تمّت بالطريقة الصحيحة .
نسأل الله أن يختار لك الخير وييسره لكِ حيث كنتِ وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
74987
هل تجب الزكاة في آلات المصانع ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/7534)
سؤال رقم 74987- هل تجب الزكاة في آلات المصانع ؟
هل آلات المصانع تجب فيها الزكاة ؟ مع العلم أن قيمتها قد تكون كبيرة جداًّ .
الحمد لله
مباني الشركات ومعداتها الثقيلة والخفيفة وسياراتها التي تستخدم
لنقل البضائع أو العاملين بالشركة لا زكاة فيها .
وقد نص العلماء السابقون على أن آلات الصنَّاع كالنجار والبنّاء
والحداد ونحوهم لا زكاة فيها .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/398) : " وأما آلات الصناع
وظروف أمتعة التجارة لا تكون مال التجارة ; لأنها لا تباع مع الأمتعة عادة " انتهى .
وفي "كشاف القناع" (168/2) : ولا زكاة في آلات الصناع , وأمتعة
التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم كالزيات والعسال إلا أن يريد بيعها أي
القوارير بما فيها فيزكي الكل لأنه مال تجارة . وكذا آلات الدواب ؛ إن كانت لحفظها
فلا زكاة فيها ، لأنها للقنية ، وإن كان يبيعها معها فهي مال تجارة ، يزكيها " انتهى .
" وتضخم هذه الآلات وزيادة حجمها وكثرة إنتاجها لا يغير من حكمها
شيئاً , بل هي باقية على أصلها ، وأحكام الشريعة تبقى على أن أصولها الأولى ما دامت
هي هي , فقطع المسافات البعيدة بالسيارات والطائرات لا يغير شيئاً من أحكام رخص
السفر . . .
وهكذا فإن تغيير أدوات الصناعة لا يغير شيئاً من حكمها " قاله
الشيخ عبد الله البسام بتصرف يسير . "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/722) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : بالنسبة للمشاريع الحديثة التي
خرجت للناس في هذه الأيام وهي مشاريع الإنتاج الحيواني وإنتاج الألبان ومشاريع
الإنتاج الزراعي , ومشاريع العقارات الكبيرة مثل العمائر , فهل على هذه الأشياء
زكاة , وكيف تخرج زكاتها ؟
فأجاب : " إذا كانت هذه المشاريع للبيع والشراء وطلب الربح فإن
مالكها يزكيها كلما حال الحول عليها ، إذا كان أعدها للبيع , سواء كانت تلك الأموال
عمائر أو أرضاً أو دكاكين أو حيوانات في مزرعته أو ما أشبه ذلك , فإنه يزكيها إذا
حال عليها بحسب القيمة , أما الأدوات التي ليست للبيع فلا زكاة فيها , ونفس الأرض
التي فيها المزرعة لا تزكى إذا كانت لم تعد للبيع , وإنما يربي فيها صاحبها
الحيوانات للبيع أو يزرعها ونحو ذلك , فالزكاة في الإنتاج , أما عين الأرض ورقبة
الأرض التي أعدها ليزرع فيها أو ينمي فيها الحيوانات فهذه لا زكاة فيها , وهكذا
النجار والحداد لا زكاة في الأدوات التي عنده للاستعمال ، كالقدوم والمنشار وجميع
الأدوات لا زكاة فيها , إنما الزكاة في الأموال التي أعدها للبيع والآلات المعدة
للبيع ـ كما تقدم ـ إذا حال الحول عليها زكاها بحسب قيمتها , كما يزكي السيارة التي
أعدها للبيع والأرض التي أعدها للبيع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/184) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : مؤسستنا فيها معدات لشئون عمل
المؤسسة من سيارات وكمبريشنات وقلابات وخلاطات ، فهل عليها زكاة أم لا ؟
فأجابوا : " تجب الزكاة في أجرتها إذا كانت تؤجر إذا حال عليها
الحول وبلغت نصاباً ، وإذا كان صاحب المؤسسة يأخذ مقاولات ويستعمل هذه المعدات
لتنفيذ المقاولات فيخرج الزكاة من الذي يدخل عليه مقابل عمله في المقاولات إذا حال
عليه الحول ، أما هذه المعدات فلا زكاة فيها ولا في قيمتها ؛ لأنها لم تعد للبيع
وإنما أعدت للاستعمال " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" ( 9/345) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فلا زكاة على الإنسان فيما يقتنيه من الأواني والفروش والمعدات
والسيارات والعقارات وغيرها حتى وإن أعده للإيجار ، فلو كان عند الإنسان عقارات
كثيرة تساوي قيمتها الملايين ولكن لا يتجر بها ـ أي لا يبيعها ولا يشتري بدلها
للتجارة مثلاً ـ ولكن أعدها للاستغلال فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت ،
وإنما الزكاة فيما يحصل منها من أجرة أو نماء ، فتجب الزكاة في أجرتها إذا تم عليها
الحول من العقد ، فإن لم يتم عليها الحول فلا زكاة فيها ، لأن هذه الأشياء الأصل
فيها براءة الذمة حتى يقوم فيها دليل على الوجوب . بل قد دل الدليل على أن الزكاة
لا تجب فيها في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه
صدقة ) فإنه يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه
صدقة أي ليس فيه زكاة ، والأموال التي أعدها الإنسان للاستغلال من العقارات وغيرها
لا شك أن الإنسان قد أرادها لنفسه ولم يردها لغيره ؛ لأنه لا يبيعها ولكنه يستبقيها
للاستغلال والنماء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/254) .
*****
74994
بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/7535)
سؤال رقم 74994- بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
هل يجوز بيع ذهب سبيكة بذهب مصنع مع دفع أجرة التصنيع ؟.
الحمد لله
بيع الذهب المصنع بالذهب السبائك مع دفع أجرة التصنيع ، كأن يبيع
1 كيلو ذهبا مصنعا ، ويأخذ مقابلها – في الحال- أكثر من كيلو ذهبا سبيكة ، لفارق
التصنيع ، أو يأخذ 1 كيلو مع نقود مقابل الصناعة ، وهذا محرم ، وهو من ربا الفضل ،
فإن الذهب إذا بيع بالذهب وجب أن يكون مثلا بمثل ، سواء كان الذهب مصنعا أو سبيكة ،
ولهذا قال الفقهاء : : تبرهما ( وهو السبيكة الخام ) ومصنوعهما ( وهو ما صنع حليا
ونحوها ) أو مضروبهما ( وهو ما جعل نقودا ) سواء ، فلا عبرة بالصناعة .
وإن لم تتم المعاملة يدا بيد ، فهذا ربا النسيئة ، فتكون
المعاملة مشتملة على نوعي الربا : النسيئة والفضل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/29) : " والجيد والرديء
، والتبر والمضروب ، والصحيح والمكسور ، سواء في جواز البيع مع التماثل ، وتحريمه
مع التفاضل ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم أبو حنيفة والشافعي . وحُكي عن مالك
جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه ، وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه " انتهى .
وفي "الموسوعة الفقهية" " (22/74) : " ذَهَبَ جُمْهُورُ
الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ وَتِبْرَهُ ، وَالصَّحِيحَ
وَالْمَكْسُورَ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ التَّمَاثُلِ فِي
الْمِقْدَارِ وَتَحْرِيمِهِ مَعَ التَّفَاضُلِ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ
حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاعَ مِثْقَالُ ذَهَبٍ عَيْنٍ
بِمِثْقَالٍ وَشَيْءٍ مِنْ تِبْرٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ ، وَكَذَلِكَ حُرِّمَ
التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَضْرُوبِ مِنْ الْفِضَّةِ وَغَيْرِ الْمَضْرُوبِ مِنْهَا ،
وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا
وَعَيْنُهَا ) " انتهى .
وهذا الحديث رواه أبو داود (3349) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والتبر من الدراهم والدنانير ما كان غير مصوغ ولا مضروب ، فإذا
ضرب فهو عَيْن ، وهو أجود من التبر .
انظر المجموع (10/97) ، "كشف الأسرار" (3/320) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : صائغ يأخذ أجرة الصناعة على الذهب ،
ويتم ذلك إما في صورة بيع ذهب ويتقاضى ثمنه مع الأجرة ، أو تبادل ذهب بذهب ويأخذ
أجرة الصناعة بما فيها مكسبه .
فأجابوا :
" أخذ الأجرة على صناعة الذهب مع قيمة المبيع لا شيء فيه إذا بيع
بغير جنسه ، كالورق النقدي ، أما إذا بيع بجنسه كذهب بذهب مع أخذه أجرة فلا يجوز ؛
لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا
بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلا
بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا
بِنَاجِزٍ ) " انتهى .
والورِق : الفضة . ولا تُشِفُّوا : لا تفاضلوا .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/487) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض أصحاب محلات الذهب
يذهبون إلى تاجر الذهب ، ويعطونه كيلو من الذهب الصافي ، ويأخذون منه كيلو من الذهب
به فصوص من أحجار كريمة ألماس أو الزراكون أو غيرها ، ويدفعون له أيضا أجرة التصنيع
.
فأجاب : " هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا ، والربا فيه كما
ذكر السائل من وجهين : الوجه الأول : زيادة الذهب ، حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها
ذهبا ...
وأما الوجه الثاني : فهي زيادة أجرة التصنيع ؛ لأن الصحيح أن
زيادة أجرة التصنيع لا تجوز ؛ لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف
في الربوي ، تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل ، وقد نهى النبي صلى الله
عليه وسلم أن يشترى صاع التمر بصاعين من التمر الرديء ، والواجب على المسلم الحذر
من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص
393) ، جمع أشرف عبد المقصود .
وصورة التعامل المشروع : أن يأخذ كيلو من الذهب بكيلو من الذهب ،
يدا بيد مثلا بمثل ، مهما كانت الصناعة ، بل ولو كان أحدهما سبيكة خالية من كل
صناعة .
أو يبيع السبيكة بالنقود ، ثم يشتري ما أراد من الذهب المصنع .
أو يشتري الذهب الخام ، ويعطيه لمن يصنعه بأجرته من النقود .
وعن هذا الحل الأخير يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما
إذا كان التاجر صائغا فله أن يقول : خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة
، وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة ، وهذا لا بأس به " انتهى من "فقه وفتاوى
البيوع" (ص 401) .
*****
74999
تسقط الفاتحة عن المأموم في موضعين ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >(1/7536)
سؤال رقم 74999- تسقط الفاتحة عن المأموم في موضعين ؟
إذا دخلت المسجد والإمام راكع وركعت معه ، فهل تحسب لي الركعة ؟ مع أني لم أقرأ الفاتحة .
وإذا دخلت معه قبل الركوع ثم كبر ولم أتمكن من قراءة الفاتحة ، فماذا أفعل ؟ هل أركع معه ولا أكمل الفاتحة ، أو أكمل الفاتحة ثم أركع ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 10995 )
أن قراءة الفاتحة ركن في الصلاة في حق كل مصلٍّ : الإمام والمأموم والمنفرد ، في
الصلاة الجهرية والسرية .
والدليل على ذلك ما رواه البخاري (756) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) .
انظر : "المجموع" (3/283- 285) .
ولا تسقط الفاتحة عن المأموم إلا في موضعين :
الأول : إذا أدرك الإمام راكعا ، فإنه يركع معه ، وتحسب له
الركعة وإن كان لم يقرأ الفاتحة .
ويدل على ذلك : حديث أبي بكرة رضي الله عنه أَنَّهُ انْتَهَى
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ
قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ) رواه
البخاري ( 783) .
ووجه الدلالة : أنه لو لم يكن إدراك الركوع مجزئاً لإدراك الركعة
مع الإمام لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء تلك الركعة التي لم يدرك القراءة
فيها , ولم ينقل عنه ذلك , فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة .
انظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (230) .
الموضع الثاني الذي تسقط فيه الفاتحة عن المأموم :
إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبيل الركوع ولم يتمكن من إتمام
الفاتحة ، فإنه يركع معه ولا يتم الفاتحة ، وتحسب له هذه الركعة .
قال الشيرازي رحمه الله في "المهذب" : " وإن أدركه في القيام
وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة ; لأنها فرض فلا يشتغل
عنه بالنفل , فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان : أحدهما : يركع ويترك
القراءة ; لأن متابعة الإمام آكد ; ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة .
الثاني : يلزمه أن يتم الفاتحة ; لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها " انتهى .
"المجموع" (4/109) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله إذا دخلت في الصلاة قبيل الركوع
بقليل ، فهل أشرع في قراءة الفاتحة أو أقرأ دعاء الاستفتاح ؟ وإذا ركع الإمام قبل
إتمام الفاتحة فماذا أفعل ؟
فأجاب :
" قراءة الاستفتاح سنة وقراءة الفاتحة فرض على المأموم على
الصحيح من أقوال أهل العلم ، فإذا خشيت أن تفوت الفاتحة فابدأ بها ومتى ركع الإمام
قبل أن تكملها فاركع معه ويسقط عنك باقيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ) متفق عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/243-244) .
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا أدرك المصلي الجماعة وكان الإمام
يقرأ القرآن بعد الفاتحة في صلاة جهرية كالمغرب مثلا فهل يقرأ هو الفاتحة أم لا
يقرأ ؛ وإذا أدرك الإمام واقفاً فقرأ الحمد لله رب العالمين فقط ثم كبر الإمام فهل
يركع هو الآخر أم يتم القراءة ؟
فأجابت :
" قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة على الإمام والمنفرد والمأموم ,
في سرية أو جهرية ؛ لعموم أدلة قراءة الفاتحة في الصلاة ، ومن جاء إلى الجماعة وكبر
مع الإمام لزمه قراءتها , فإن ركع الإمام قبل إكماله لها وجبت عليه متابعته ,
وأجزأته تلك الركعة ، كما أن من أدرك الإمام في الركوع إدراكا كاملاً أجزأته تلك
الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها , وذلك على الصحيح من قولي العلماء , وسقطت عنه
الفاتحة , لعدم تمكنه من قراءتها ، لحديث أبي بكرة المشهور المخرج في صحيح البخاري
" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة " (6/387) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مأموم دخل الصلاة بعد انتهاء
تكبير الإمام للإحرام وقراءته للفاتحة , ثم شرع في القراءة ولكن ركع الإمام فهل
يركع المأموم أو يكمل قراءة الفاتحة ؟
فأجاب :
" إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع , ولم يتمكن المأموم من
قراءة الفاتحة , إن كان لم يبق عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق
الإمام في الركوع فهذا حسن , وإن كان بقي عليه كثير بحيث إذا قرأ لم يدرك الإمام في
الركوع فإنه يركع مع الإمام وإن لم يكمل الفاتحة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/106) .
وانظر : "الشرح الممتع" (3/242- 248) .
*****
75307
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/7537)
سؤال رقم 75307- وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير ، مع أنه غير مكلف ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون
، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) . فالزكاة واجبة في المال ، فهي عبادة مالية
تجب متى توفرت شروطها ، كملك النصاب ، ومرور الحول .
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن :
( أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ،
تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) رواه
البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني ، وهذا بعمومه
يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال .
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ
النَّاسَ فَقَالَ : ( أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ
وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه
النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي . وقد ثبت ذلك
من قول عمر رضي الله عنه ، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال : إسناده صحيح .
وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" .
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر
رضي الله عنهم .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله ، كما لا
تجب عليه سائر العبادات ؛ كالصلاة والصيام ، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة
الفطر .
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي
فلأنهما عبادات بدنية ، وبدن الصبي لا يتحملها ، أما الزكاة فهي حق مالي ، والحقوق
المالية تجب على الصبي ، كما لو أتلف مال إنسان ، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله ،
وكنفقة الأقارب ، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك .
وقالوا أيضا : ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر
على الصبي ، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود ، فكما وجبت الزكاة عليه
في الزروع تجب عليه في سائر الأموال ، ولا فرق .
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما ، كلما
حال عليه الحول ، ولا ينتظر بلوغ الصبي .
قال ابن قدامة في المغني :
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن
الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ
العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون ,
فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى .
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ، ويجب على
الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ، ونفقة الأقارب وغير
ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون
بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى
بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى .
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا
أنه لا يخرجها حتى يبلغ ، وكلاهما ضعيف لا يصح . ضعفهما النووي في المجموع
(5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما ، فهل تجب في هذه الأموال زكاة ؟
وإن كان كذلك فمن يخرجها ؟
فأجاب :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة
وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، وعلى ولي
الأيتام أن يخرجها في وقتها . . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم ،
لأنها بموته دخلت ملكهم ، والله ولي التوفيق " انتهى .
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ؟
فأجابوا :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ، وهذا قول علي وابن
عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر ، ويجب على الولي
إخراجها ، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة ،
ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان
مما قال له : ( أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه الجماعة ، ولفظة : (الأغنياء) تشمل : الصغير والمجنون ، كما
شملهما لفظ الفقراء ، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة ) وهو مرسل . وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد قال ذلك عمر
للناس وأمرهم ، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته .
وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني
وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في الشرح الممتع (6/14) .
*****
7545
تاب من سرقة الكفار
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/7538)
سؤال رقم 7545- تاب من سرقة الكفار
أعيش في دولة غير مسلمة وظللت أرتكب الذنوب لفترات طويلة ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الصواب وإلى التوبة . وقبل توبتي اعتدت أن أسرق من المحلات وأغش الجهات الحكومية في الحصول على أموال من الضمان الإجتماعي ( التأمينات الإجتماعية ) وأركب المواصلات العامة بدون أن أدفع تذاكر وإذا أخبرت السلطات بهذه الأمور ( التي توقفت عنها) فسوف يسجنونني في بلد غير مسلم أرجو منكم أن تدلوني على ما يجب فعله واسألكم الدعاء ليغفر الله لنا .
الحمد لله
الحمد لله الذي أكرمك بالتوفيق للتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يهدينا
جميعاً إلى صراطه المستقيم ، ويثبتنا عليه حتى الممات .
اعلم يا أخي أنه لا يجوز للمسلم أن يغش أحداً أو
أن يأخذ ماله بغير حق ولو كافراً .
وإذا ارتكب المسلم شيئاُ من الذنوب – السرقة أو
غيرها – ثم تاب قبل رفع الأمر إلى الحاكم فإنه تسقط عنه العقوبة حينئذ ، ولا تجوز
معاقبته ، لقول الله تعالى في قطاع الطرق : ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 33 ) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( سورة النساء / 33-34 ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ومن لا ذنب له لا عقاب عليه . الاختيارات الفقهية ص ( 510 – 526 ) المغني ( 12/484 )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - : " اجتنبوا هذه القاذورات
التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه
مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " . رواه الحاكم في
" المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .
والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .
انظر : " التلخيص الحبير " ( 4 / 57 ) و" خلاصة البدر المنير " لابن الملقِّن ( 2 /
303 ).
وعلى هذا فلا يلزمك أن تذهب إلى السلطات وتعترف بالسرقة ، بل تكفيك
التوبة الصادقة ، ولكن يجب عليك رد الأموال إلى أصحابها ، ولا تصح توبتك إلا بذلك ،
ولا يشترط أن تخبرهم بأن هذه الأموال سرقتها منهم ، لاسيما إذا خشيت أن يقدموا فيك
شكوى ويسجنوك ، فالمهم هو رجوع المال إلى أصحابه ، فإما أن تجعله في مظروف ، أو
تعطيه من يوصله إليهم ... أو غير ذلك من الطرق .
فأموال الحكومة يجب ردها إليها ، وكذا أموال الأشخاص الآخرين ، وإذا
لم تعرف مقدار المال بالتحديد فإنك تجتهد في تحديده وتغلّب جانب الاحتياط ، بمعنى
أنك تخرج من المال حتى تتيقن أنك فعلت الواجب عليك .
وإذا لم تعرف أصحاب الأموال فإنك تتصدق به عنهم وتجعله في سبيل
الخير والإحسان .
*****
7714
تسجيل عقد النكاح في مكتب قانوني في بريطانيا
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/7539)
سؤال رقم 7714- تسجيل عقد النكاح في مكتب قانوني في بريطانيا
السؤال :
أعيش في انجلترا, بلد كان يُعرف بأنه مسيحي, لكنه الآن أصبح لا دينيا تماما, ولا توجد فيه دين للدولة؛ أضف إلى ذلك, أن جميع المراسيم تقريبا تُنفذ دون ذكر اسم الله. وسؤالي هو: إذا تزوج رجل وامرأة في إحدى مكاتب تسجيل وقائع الزواج في هذا البلد، بغرض أن يكونا معروفين في الدولة، فهل يُعتبر ذلك نكاحا مقبولا, بغض النظر عن أنه سيقوم بإثبات النكاح كاتب كافر ولن يُذكر اسم الله على العقد؟.
الجواب :
الحمد لله
_ لا بد في النكاح من أربعة أمور كما في القاعدة التالية : " أيما نكاح لا يحضره أربعة ، زوج وولي وشاهدان فهو باطل " . ولحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " . ( أنظر السؤال رقم 2127 )
فإذا كانت المرأة مسلمة والزوج مسلما فيجب أن يكون الولي مسلما لأنه لا ولاية لكافرٍ على مسلم ، ويقوم المسئول عن المسلمين في تلك الديار مقام الولي ، ولابد أن يكون العقد وفق الشريعة الإسلامية ثم إنه لا بأس من إثبات العقد بالطرق القانونية درءاً للمشاكل ، ودفعا للحرج . وصلى الله على سيدنا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7757
لا تجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/7540)
سؤال رقم 7757- لا تجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة
هل يجوز أن يخرج شاب مسلم مع فتاة في موعد قبل الزواج؟ وإذا خرجا، فما الذي يترتب على فعلهما؟ ماذا يقول الإسلام بشأن خروج الرجل والمرأة قبل الزواج؟.
الحمد لله
لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة لا تحل له ، لأن ذلك مدعاة إلى الفجور والفساد ،
قال عليه الصلاة والسلام : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما
" . فإن كان للنظر إليها حال عزمه على الزواج ، ومع عدم الخلوة بأن يكون
بحضور والدها ، أو أخيها ، أو أمها ونحو ذلك ، ونظر إلى ما يظهر منها غالبا كالوجه
، والشعر ، والكفين ، والقدمين فذلك مقتضى السنة مع أمن الفتنة .
الشيخ وليد الفريان .
*****
7886
الطريقة المناسبة للدعاء في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/7541)
سؤال رقم 7886- الطريقة المناسبة للدعاء في الصلاة
أود أن أعرف الطريقة المناسبة والتي طبقها النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء أثناء الصلاة. هل هي بعد الصلاة أم بين السجدتين أم أثناء القيام أم متى؟.
الحمد لله
أولاً :
اعلم – رحمك الله – أن الصلاة ليس لها موضع واحد مخصوص فيه
الدعاء ، بل هي أماكن عدة ذكرها العلماء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
التكبير إلى التسليم .
وأيضاً فإن الدعاء بعد الصلاة سنة وله أدعية سيأتي ذكرها إن شاء
الله .
ولتعلم أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأفضل العلم
والقول ما كان موافقاً لسنّته صلى الله عليه وسلم ، وصيغة الرسول صلى الله عليه
وسلم هي خير الصيغ ؛ لأنه أعلم الناس بلغة العرب ، وأفصحهم لساناً ، وأقومهم بياناً
، بل إن الله تعالى قد وفقه إلى اختصار المعني الكثير بالكلام القليل ، وهذا يسمى
جوامع الكلم .
عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
بُعثتُ بجوامع الكلم ) رواه البخاري ( 6611 ) ومسلم ( 523 ) .
قال البخاري : وبلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع الأمور
الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين أو نحو ذلك .
وعليه :
إذا أردت أن تدعو في صلاتك في المواضع التي يشرع ويستحب فيها
الدعاء : فأفضل دعاء تأتي به هو صيغة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثانياً:
إن أعياك ذلك ولم يتيسر لك حفظ هذه الأذكار والأدعية ؛ فأحسن
الدعاء : ما كان بعيداً عن التكلف والتشدق في الكلام ، وما كان بعيداً عن السجع
بالكلام ، وجعل الدعاء خالصاً موافقاً للحاجة التي تريدها بما تيسر لك وبما فتح
الله عليك في ذلك .
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : كيف تقول في
الصلاة ؟ قال : أتشهد ، ثم أقول : " اللهمّ إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار " ،
أما إني لا أحسن دندنتك ودندنة معاذ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حولهما
ندندن . رواه أبو داود ( 792 ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ثالثاً :
وأما الدعاء بعد السلام فالثابت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه كان يقول إذا انصرف من الصلاة : أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر
الله . ثم يقول سائر الأذكار الواردة في هذا . راجع السؤال رقم ( 7646 )
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يرفع يديه بعد
صلاة الفريضة ، ولم يصح ذلك أيضاً عن أصحابه – رضي الله عنهم – فيما نعلم وما يفعله
بعض الناس من رفع أيديهم بعد صلاة الفريضة بدعة لا أصل لها " اهـ. الفتاوى
(1/74) .
وقال ابن القيم :
وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين ،
فلم يكن ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم أصلاً ، ولا روي عنه بإسناد صحيح ، ولا حسن
، وأما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر ، فلم يفعل ذلك هو ولا أحد من خلفائه ، ولا
أرشد إليه أمته ، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضاً من السنة بعدهما والله أعلم .
وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها وأمر بها فيها
وهذا هو اللائق بحال المصلي ، فإنه مقبل على ربه ، يناجيه ما دام في الصلاة ، فإذا
سلّم منها ، انقطعت تلك المناجاة ، وزال ذلك الموقف بين يديه والقرب منه ، فكيف
يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه ، والإقبال عليه ، ثم يسأله إذا انصرف عنه ؟!
ولا ريب أن عكس هذا الحال هو الأولى بالمصلي ، إلا أن هاهنا نكتة لطيفة ، وهو أن
المصلي إذا فرغ من صلاته ،وذكر الله وهلّله وسبّحه وحمده وكبّره بالأذكار المشروعة
عقيب الصلاة ، استحب له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ، ويدعو بما
شاء ، ويكون دعاؤه عقيب هذه العبادة الثانية ، لا لكونه دبر الصلاة ، فإن كل من ذكر
الله ، وحمده ، وأثنى عليه ، وصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم استحب له
الدعاء عقيب ذلك ، كما في حديث فضالة بن عبيد " إذا صلّى أحدكم ، فليبدأ بحمد الله
والثناء عليه ، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثمّ ليدع بما شاء "،
قال الترمذي : حديث صحيح وصححه الحاكم ووافقة الذهبي . " زاد المعاد " ( 1 / 257
، 258 ) .
رابعاً :
أما مواضع الدعاء في الصلاة فنلخصها لك بما يلي :
1. بعد تكبيرة الإحرام وقبل البدء بالفاتحة ويسمى دعاء الاستفتاح
:
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح
الصلاة سكت هنيهة فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير
والقراءة ؟ قال : أقول : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق
والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من
خطاياي بالثلج والماء والبرد " . رواه البخاري ( 711 ) ومسلم ( 598 ) .
2. دعاء القنوت في صلاة الوتر :
عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات
أقولهن في الوتر "اللهمّ اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وقني
شرما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت
ربنا وتعاليت " . رواه الترمذي ( 464 ) والنسائي ( 1745 ) وأبو داود ( 1425
) وابن ماجه ( 1178 ) . والحديث : حسَّنه الترمذي وغيره . وصححه الألباني في صحيح
أبي داود .
3. الدعاء بعد الرفع من الركوع عند حلول النوازل والكوارث العامة
، وهو قنوت النوازل ، وذلك عام في كل الصلوات المفروضة يدعو حسب الحالة والحاجة
ويؤمِّن المصلي خلفه . راجع السؤال رقم ( 20031 )
4. أثناء الركوع ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : "
سبحانك اللهمّ ربنا وبحمدك اللهمّ اغفر لي " رواه البخاري ( 761 ) ومسلم (
484 ) من حديث عائشة .
5. في سجوده ، وهو أفضل الدعاء لحديث : " أقرب ما يكون أحدكم من
ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء " رواه مسلم ( 482 ) من حديث أبي هريرة
.
وهذا الموضع فيه أحاديث كثيرة لا يمكن ذكرها في هذا المكان .
6. بين السجدتين ، يقول : " اللهمّ اغفر لي وارحمني واجبرني
واهدني وارزقني " رواه الترمذي ( 284 ) وابن ماجه ( 898 ) من حديث ابن عباس
، وهناك أدعية أخرى . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
7. بعد التشهد وقبل السلام ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع يقول : اللهمّ
إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة
المسيح الدجال " رواه البخاري ( 1311 ) ومسلم ( 588 ) - واللفظ له - من حديث
أبي هريرة . ثم يدعو بعد ذلك بما يشاء من خير الدنيا والآخرة .
لحديث ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمهم التشهد ثم قال في آخره ثم
ليتخير من المسألة ما شاء " رواه البخاري ( 5876 ) ومسلم ( 402 ) .
والأدعية التي تقال في الصلاة كثيرة ، لا يمكن استيعابها في هذا
الجواب ، غير أن هذه إشارة إلى بعض ما ورد منها ، والنصيحة للسائل – ولكل مسلم – أن
يكون عنده نسخة من كتاب الأذكار للنووي رحمه الله ، وهو كتاب مطوّل ، فإن أراد
الاختصار فعليه بكتاب " الكلم الطيّب " لشيخ الإسلام ابن تيمية وحققه الألباني .
رحم الله الجميع .
والله أعلم .
*****
7918
تعليق الصور الشخصية في البيت
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/7542)
سؤال رقم 7918- تعليق الصور الشخصية في البيت
السؤال :
فيما يتعلق بصور الآباء في المنزل إنني أعلق صورتي الشخصية وصورة عمي ووالدي ماذا أفعل فيها جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله
يجب عليك أيها الأخ السائل المبادرة إلى إزالة هذه الصور فورا ، وذلك لما ورد من النهي الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اتخاذ الصور وأمره صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بقوله : ( لا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته ) رواه مسلم 1/66 . وتعليق صور ذوات الأرواح في البيت وغيره تحْرم أهل ذلك المكان من فضل عظيم ، وهو دخول الملائكة لهذا البيت ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الملائكة لاتدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة ) رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 1961 .
واستبدلها إن شئت بصور لغير ذوات الأرواح من أشجار وجبال وبحار ومناظر طبيعية . أو رسوم أخرى غير ذات روح ، من غير إسراف .
أما الصور المعلقة فينبغي إزالتها وطمسها أو حرقها وعدم الاحتفاظ بها . وومما هو جدير بالذِّكْر أن تعليق صور الأموات مما يجدّد الأحزان بلا فائدة وربما أدّى إلى شيء من التعظيم المنافي للتوحيد ولا ننسى أن الشّرْك الذي وقع فيه قوم نوح كان بسببب تعليقهم ونصْبهم لصور أناس من الصالحين كانوا فيهم فالحذر الحذر ، وفقنا الله وإياك لما فيه مرضاته ومغفرته . والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7989
تزوج امرأة بدون ولي
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/7543)
سؤال رقم 7989- تزوج امرأة بدون ولي
أعيش في بلد أجنبي وتزوجت فتاة نصرانية أجنبية عن هذا البلد أيضاً وليس لنا أي أقارب فتقدمت لها فقبلتني ثم تلونا صيغة الإيجاب والقبول ونسيت المهر ثم دفعت لها مبلغاً وليس لها وصي فهي بالغة ومستقلة ولم يكن هناك شهود
هل هذا زواج صحيح . فقد تزوجنا بغض النظر عن تقاليد المجتمع فقد كان هدفنا الله ورضاه . ولخشية أن لا يكون زواجنا صحيحاً فقد طلق بعضنا بعضاً فهل هذا صحيح . هل يجب أن أجري عقد الزواج مرة ثانية أمام شهود وأي ولي لها ؟.
الحمد لله
أولاً : لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً
كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك وأحمد مستدلين بأدلة منها :
قوله تعالى : { فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن } .
وقوله تعالى : { ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا } .
وقوله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم } .
ووجه الدلالة من الآيات واضح في اشتراط الولي في النكاح حيث
خاطبه الله تعالى بعقد نكاح موليته ، ولو كان الأمر لها دونه لما احتيج لخطابه .
ومن فقه الإمام البخاري رحمه الله أنه بوَّب على هذه الآيات
قوله : " باب من قال " لا نكاح إلا بولي " .
وعن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا
نكاح إلا بولي " .
رواه الترمذي ( 1101 ) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترمذي " ( 1 / 318 )
.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا
فالسلطان ولي من لا ولي له .
رواه الترمذي ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) .
وصححه الألباني في إرواء الغليل ( 1840 ) .
(اشتجروا ) : أي تنازعوا
ثانياً : فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي
انتقلت الولاية إلى الذي يليه فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً .
ثالثاً : فإن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي فإن
السلطان يكون وليها للحديث السابق ( … فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) .
رابعاً : فإن عدم الولي والسلطان زوجها رجل له سلطان في
مكانها ، ككبير القرية ، أو حاكم الولاية ما أشبه ذلك ، فإن لم يوجد فإنها توكل رجلاً مسلماً أميناً يزوجها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وإذا تعذر من له ولاية النكاح انتقلت الولاية إلى أصلح من
يوجد ممن له نوع ولاية في غير النكاح كرئيس القرية وأمير القافلة ونحوه . الإختيارات ( ص : 350 ) .
وقال ابن قدامة : فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن
أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها . المغني ( 9 / 362 ) .
وقال الشيخ عمر الأشقر:
إذا زال سلطان المسلمين أو كانت المرأة في موضع ليس فيه
للمسلمين سلطان ولا ولي لها مطلقا كالمسلمين في أمريكا وغيرها فإن كان يوجد في تلك البلاد مؤسسات إسلامية تقوم على رعاية شؤون المسلمين فإنها تقوم بتزويجها
، وكذلك إن وجد للمسلمين أمير مطاع أو مسؤول يرعى شؤونهم . " الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني " ( ص 70 ) .
ويجب أن يشهد على عقد النكاح رجلان مسلمان بالغان عاقلان .
انظر سؤال رقم ( 2127 )
ولذا فإن زواجكما الأول باطل فعليك أن تعيد العقد ولابد من وجود
ولي للمرأة كما سبق وشاهدين . والله أعلم
*****
804
الشكّ في عدد الرّضعات
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/7544)
سؤال رقم 804- الشكّ في عدد الرّضعات
أريد الزواج من ابنة عمي فأنا أحبها جداً وهي كذلك ، ولكن المشكلة أن أمها قد أرضعتني وأنا صغير ، وعندما سألنا أمها عن عدد الرضعات أجابت بأنها لا تتذكر عددها بسبب طول المدة ، هل يجوز لي الزواج من ابنة عمي في مثل هذه الحالة ؟.
الحمد لله
الرّضاع المُحَرِّم له شرطان :
الأول : أن يكون خمس رضعات فأكثر لحديث
عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ
عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ
.. رواه مسلم رقم 1452
الثاني : أن يكون ذلك في الحولين ( أي السنتين
الأوليين من عمر الطّفل ) . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : " لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ " رواه ابن ماجة رقم 1946 وهو في صحيح الجامع رقم 7495 وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : بَاب مَنْ قَالَ لا
رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ
أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) .
وتعريف الرّضعة : أن يُمسك الطّفل الثدي ويَرضع
منه لبنا ثم يتركه من تلقاء نفسه للتنفس أو الانتقال ونحو ذلك .
فإذا حصل ذلك ثبتت أحكام الرّضاع من تحريم
النّكاح وغير ذلك .
أما الشكّ في عدد الرّضعات فقد قال ابن قدامة
رحمه الله تعالى : وإذا وقع الشكّ في وجود الرّضاع أو في عدد الرّضاع المُحَرِّم هل
كمل أو لا ، لم يثبت التّحريم لأنّ الأصل عدمه فلا نَزول عن اليقين بالشكّ . المغني 11/312
وبناء على ذلك يجوز الزّواج إذا لم يثبت الرّضاع
المُحَرِّم .
ولا يفوتني أن أذكّرك أيها السائل بأنّنا يجب أن
ندور مع الشريعة حيث دارت ولا يصدّنا الهوى أو العاطفة عن اتّباع الحقّ ويجب أن
يكون المسلم عفيفا بعيدا عن علاقات العشق والغرام وأن يسعى في إعفاف نفسه بالزواج
الصحيح حسب ما جاء في شريعة الإسلام .
والله اعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
813
هل يصح العقد من غير حضور المأذون
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/7545)
سؤال رقم 813- هل يصح العقد من غير حضور المأذون
السؤال :
إذا تم العقد دون حضور المأذون أو إمام المسجد أو أي شخصية دينية فما حكم الزواج ؟ .
الجواب:
الحمد لله
إذا حصل الإيجاب من وليّ المرأة بقوله مثلا زوّجتك ابنتي ، وحصل القبول من الخاطب بقوله مثلا قبلت أو رضيت ، وكان ذلك بحضور شاهدين ، وكانت المرأة محلا للنكاح (ليس بها مانع يوجب تحريم العقد عليها ) فيصحّ العقد عند ذلك شرعا ولو لم يكن في المحكمة ولو لم يحضره القاضي أو المأذون أو إمام المسجد . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8189
من أحق بحضانة الطفل في الإسلام
الفقه > معاملات > الحضانة >(1/7546)
سؤال رقم 8189- من أحق بحضانة الطفل في الإسلام
بعد زواج دام عدة سنوات ، طلق الرجل زوجته وحاول أخذ طفلها منها ، وهي تسأل من أحق بحضانة الطفل هي أم طليقها ، خصوصا أنها ستسافر للعيش مع أهلها في بلد آخر ؟.
الحمد لله
النساء أحق بحضانة الطفل من الرجال ، وهن الأصل في ذلك ، لأنهن أشفق وأرفق وأهدى
إلى تربية الصغار ، وأصبر على تحمل المشاق في هذا المجال ، وأن الأم أحق بحضانة
ولدها ذكراً كان أو أنثى ما لم تنكح وتوفرت فيها شروط الحاضنة باتفاق .
ويشترط في الحاضن : التكليف ، والحرية ، والعدالة
، والإسلام إذا كان المحضون مسلماً ، والقدرة على القيام بواجبات المحضون ، وأن
لا تكون متزوجة بأجنبي من المحضون ، وإذا فقد شرط من الشروط وطرأ المانع كالجنون
أو الزواج ونحو ذلك سقط حق الحضانة ، ثم إذا زال المانع رجع الحاضن في حقه ،
ولكن الأولى مراعاة مصلحة المحضون ، لأن حقه مقدم .
ومدة الحضانة إلى سن التمييز والاستغناء ، أي تستمر
الحضانة إلى أن يميز المحضون ويستغني ، بمعنى أن يأكل وحده ويشرب وحده ، ويستنجي
وحده ونحو ذلك .
وإذا بلغ هذا الحد انتهت مدة الحضانة ذكراً كان
أو أنثى ، وذلك في سبع سنين أو ثمان سنين .
أما عن أثر السفر في انتقال الحضانة : فإذا افترق
الأبوان واختلفا في حضانة الولد فيكون لسفرهما صور :
1- إذا أراد أحد الأبوين السفر غير نقلة ، بأنه
يريد أن يرجع فالمقيم أحق بالولد .
2- وإذا أراد أحدهما سفراً لقصد الاستيطان والإقامة
وكان البلد أو الطريق مخوفاُ فالمقيم أحق به .
3- وإذا أراد أحدهما سفراً للانتقال والإقامة في
البلد ، وكان البلد والطريق آمنين فالأب أولى به من الأم ، سواء كان المنتقل
أباً أو أماً .
4- وإذا أراد الأبوان السفر جميعاً إلى بلدة واحدة
فالأم باقية على حضانتها .
5- لو كان السفر قريباً بحيث يراهم الأب ويرونه
كل يوم فتكون الأم على حضانتها .
عند بلوغ الولد حد الاستغناء تنتهي مدة الحضانة
، وتبدأ مدة كفالة الصغار إلى أن يبلغ الحلم أو تحيض البنت ، فتنتهي مدة الكفالة
، ويكون الولد حراً في تصرفه .
حق المرأة في كفالة الصغار : يظهر من مذاهب الفقهاء
أن للنساء حقاً في كفالة الولد في الجملة ولا سيما الأم والجدة ، إلا أن الخلاف
واقع بينهم فيمن هو أحق بالكفالة إذا تنازع الأبوان ، وكانا أهلاً للكفالة ،
فيرى المالكية والظاهرية أن الأم أحق بكفالة الولد ذكراً أو أنثى ، ويرى الحنابلة
التخيير في الذكر ، وأما الأنثى فالأب أحق بها ، ويرى الحنفية أن الأب أحق بالغلام
، والأم أحق بالجارية ، ولعل الراجح هو التخيير إذا تنازعا وتوفرت فيهما شروط
الكفالة .
من كتاب ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ص 692.
*****
8196
أخذ الأجرة على حلق اللحية حرام
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/7547)
سؤال رقم 8196- أخذ الأجرة على حلق اللحية حرام
السؤال : بعض أصحاب صالونات الحلاقة يحلقون لحى بعض الناس فما حكم المال الذي يأخذونه بسبب عملهم ؟.
الجواب :
الحمد لله
حلق اللحية وقصها محرم ومنكر ظاهر ، لا يجوز للمسلم فعله ولا الإعانة عليه ،
وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت ، يجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله منه وعدم
العودة إليه ، والصدقة بما دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه في
تحريم حلق اللحى فإن كان جاهلاً فلا حرج عليه فيما سلف وعليه الحذر من ذلك مستقبلاً
؛ لقول الله عز وجل في أكلة الربا : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف
وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) البقرة/275
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين )
، وفي صحيح البخاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قصوا الشوارب
ووفروا اللحى خالفوا المشركين ) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس
) فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في إعفاء لحيته وتوفيرها ، وقص الشارب
وإحفائه ، ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة وبارز ربه بالمعصية
نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل ما فيه رضاه :
وأن يعينهم على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يمن على من خالف
أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتوبة النصوح إلى ربه والمبادرة إلى طاعته
وامتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، إنه سميع قريب.
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 372.
*****
8198
حكم زيارة النساء للقبور
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/7548)
سؤال رقم 8198- حكم زيارة النساء للقبور
السؤال : توفي والد خالتي ، وقد زارت خالتي قبره مرة وتريد أن تزوره مرة أخرى وسمعت حديثاً معناه تحريم زيارة المرأة للقبور ، فهل هذا الحديث صحيح وإذا كان صحيحاً فهل عليها إثم يستوجب الكفارة ؟.
الجواب :
الحمد لله
الصحيح أن زيارة النساء للقبور لا تجوز للحديث المذكور وقد ثبت عنه صلى الله
عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور فالواجب على النساء ترك زيارة القبور والتي
زارت القبر جهلاً منها فلا حرج عليها وعليها أن لا تعود فإن فعلت فعليها التوبة
والاستغفار والتوبة تجب ما قبلها . فالزيارة للرجال خاصة ، قال صلى الله عليه
وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ) وكانت الزيارة في أول الأمر ممنوعة
على الرجال والنساء لأن المسلمين حدثاء عهد بعبادة الأموات والتعلق بالأموات
فمنعوا من زيارة القبور سداً لذريعة الشر وحسماً لمادة الشرك ، فلما استقر الإسلام
وعرفوا الإسلام شرع الله لهم زيارة القبور لما فيها من العظة والذكرى من ذكر
الموت والآخرة والدعاء للموتى والترحم عليهم ثم منع الله النساء من ذلك في أصح
قولي العلماء لأنهن يفتن الرجال وربما فتن في أنفسهن ولقلة صبرهن وكثرة جزعهن
فمن رحمة الله وإحسانه إليهن أن حرم عليهن زيارة القبور ، وفي ذلك أيضاً إحسان
للرجال لأن اجتماع الجميع عند القبر قد يسبب فتنة فمن رحمة الله أن منعهن من
زيارة القبور .
أما الصلاة فلا بأس ، فتصلي النساء على الميت وإنما
النهي عن زيارة القبور فليس للمرأة زيارة القبور في أصح قولي العلماء للأحاديث
الدالة على منع ذلك . وليس عليها كفارة وإنما عليها التوبة فقط .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 28.
*****
8291
حكم إتيان المنجمين وتصديقهم
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/7549)
سؤال رقم 8291- حكم إتيان المنجمين وتصديقهم
هل يجوز الإتيان إلى المنجمين ، وتصديقهم فيما يقولون أم لا ؟ وروى النسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تقبل صلاة من أتاهم وصدقهم ، هل هذا صحيح ، أوضحوا لنا ما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما قاله العلماء ؟.
الجواب :
الحمد لله
ثبتت أحاديث كثيرة بتحريم ذلك ، منها : عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل صلاته أربعين يوما " رواه مسلم في صحيحه ، وعن قبيصة بن المخارق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العيافة ، والطيرة ، والطرق من الجبت " رواه أبو داود بإسناد حسن ؛ قال أبو داود : والعيافة والخط والطرق : الزجر ، أي زجر الطير ، وهو أن يتيامن أو يتشاءم بطيرانه ، فإن طار إلى جهة اليمين تيمن ! وإن طار إلى جهة اليسار تشاءم ! قال الجوهري : الجبت كلمة تقع على الصنم ، والكاهن ، والساحر ، والمنجم ، ونحو ذلك .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر ، زاد ما زاد " رواه أبو داود بإسناد صحيح .
وعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية ، وقد جاء الله بالإسلام ، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؛ قال : لا تأتهم ؛ قلت : ومنا رجال يتطيرون ؛ قال : ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا تصدقهم " رواه مسلم .
وعن أبي مسعود البدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن . رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قال : " سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس عن الكهان ، فقال : ليسوا بشيء . فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانا بشيء فيكون حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك كلمة من الحق يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه ، فيخلطون معها مائة كذبه " . رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول ، أو أتى امرأة في دبرها ، فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود ... ، قال العلماء فيحرم تعاطي هذه الأمور والمشي إليها ، وتصديقهم ، ويحرم بذل الأموال لهم ، ويجب على من ابتلي بشيء من ذلك المبادرة بالتوبة منه . والله أعلم .
فتاوى الإمام النووي 230.
*****
8301
من هو ابن صياد ؟ وهل هو المسيح الدجال ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > أشراط الساعة >
التاريخ والسيرة >(1/7550)
سؤال رقم 8301- من هو ابن صياد ؟ وهل هو المسيح الدجال ؟
السؤال :
قرأت في بعض الأحاديث كلاما عن شخصية عجيبة ظهرت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واسمه ابن صياد أو ابن صائد فمن هو هذا الرجل وما حقيقته ؟.
الجواب :
الحمد لله
ابن صياد اسمه : صافي ، وقيل عبد الله بن صياد أو صائد .
كان من يهود المدينة ، وقيل من الأنصار ، وكان صغيراً عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة . وقيل إنه أسلم .
وكان ابن صياد دجّالاً ، وكان يتكهن أحياناً فيصدق ويكذب ، فانتشر خبره بين الناس ، وشاع أنه الدجال . فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطّلع على أمره ويتبين حاله ، فكان يذهب إليه مختفياً حتى لا يشعر به رجاء أن يسمع منه شيئاً ، وكان يوجه إليه بعض الأسئلة التي تكشف عن حقيقته . وقد عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ فُقِدَ ابن صياد يوم الحرّة .
قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن صياد
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدُوهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لابْنِ صَيَّادٍ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ وَقَالَ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ فَقَالَ لَهُ مَاذَا تَرَى قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ وَقَالَ سَالِمٌ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِلَى النَّخْلِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ابْنِ صَيَّادٍ
شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ يَعْنِي فِي قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا رَمْزَةٌ أَوْ زَمْرَةٌ فَرَأَتْ أمُّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَّقِي بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقَالَتْ لابْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ . رواه البخاري 1355
قَوْله : " أُطُم " بِضَمَّتَيْنِ بِنَاء كَالْحِصْنِ .
وَ " مَغَالَة " بَطْن مِنْ الأَنْصَار ,
وَقَوْله " فَرَفَضَهُ " أَيْ تَرَكَهُ ,
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُرِيد أَنْ يَسْتَغْفِلهُ لِيَسْمَع كَلامه وَهُوَ لا يَشْعُر .
قَوْله : ( لَهُ فِيهَا رُمْزَة أَوْ زُمْرَة ) وفي رواية زَمْزَمَة
بِمَعْنَى الصَّوْت الْخَفِيّ , أو تَحْرِيك الشَّفَتَيْنِ بِالْكَلامِ ، أو الكلام الغامض .
يُنظر فتح الباري شرح الحديث المتقدّم في كتاب الجنائز من صحيح البخاري
*هل ابن صياد هو الدجال الأكبر ؟
في الحديث السابق - الذي فيه بعض أحوال ابن صياد وامتحان النبي صلى الله عليه وسلم له - ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متوقفاً في أمر ابن صياد ، لأنه لم يُوحَ إليه أنه الدجّال ولا غيره . وكان كثير من الصحابة يظنون أن ابن صياد هو الدجال . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يحلف أنه الدجال بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وحضرة الصحابة ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . ففي الحديث عن محمد بن المنكدر قال : " رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ . قُلْتُ : تَحْلِفُ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه البخاري برقم 6808 .
وقد حصلت لابن عمر قصّة عجيبة مع ابن صائد وردت في صحيح الإمام مسلم عن نَافِعٍ قَالَ لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ قَوْلا أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا فَقَالَتْ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنْ ابْنِ صَائِدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا . صحيح مسلم 2932
وبالرغم من ذلك فقد كان ابن صياد لما كبر يحاول الدّفاع عن نفسه ويُنكر أنه الدّجال ويُظهر تضايقه من هذه التهمة ، ويحتج على ذلك بأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من صفات الدجال لا تنطبق عليه .
ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ ، قَالَ : فَنَزَلْنَا مَنْزِلا فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ ، فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ ، قَالَ : وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي . فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ ؛ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ . قَالَ : فَفَعَلَ . قَالَ : فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ - قدح كبير - فَقَالَ : اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ ، فَقُلْتُ : إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ - مَا بِي إِلا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ آخُذَ عَنْ يَدِهِ - فَقَالَ : أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَافِرٌ وَأَنَا مُسْلِمٌ ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ عَقِيمٌ لا يُولَدُ لَهُ وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلا مَكَّةَ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الآنَ .
قَالَ : قُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ " رواه مسلم برقم 5211 . وقال ابن صياد في رواية : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ الآنَ حَيْثُ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ . وَقِيلَ لَهُ : أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ ؟ فَقَالَ : لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ " رواه مسلم برقم 5210 .
وقد التبس على العلماء ما جاء في ابن صياد ، وأشكل عليهم أمره ، فمن قائل أنه الدجال ، ومنهم من يقول أنه ليس الدجال . ومع كل فريق دليله ، فتضاربت أقوالهم كثيراً ، وقد اجتهد ابن حجر في التوفيق بين هذه الأقوال ، فقال : " أقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدجال : أن الدجال بعينه هو الذي شاهده تميم موثوقاً ، وأن ابن صياد هو شيطان تبدّى في صورة الدجال في تلك المدة ، إلى أن توجه إلى أصبهان فاستتر مع قرينه ، إلى أن تجيء المدة التي قدّر الله تعالى خروجه فيها ، فتح الباري ( 13 / 328 ) .
وقيل إنّ ابن صياد هو دجّال من الدّجاجلة وليس هو الدّجال الأكبر . والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8388
توزيع عقيقة المولود
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >(1/7551)
سؤال رقم 8388- توزيع عقيقة المولود
السؤال : ما حكم توزيع عقيقة المولود؟
الجواب :
الحمد لله
فإن من السنة أن تُذبح العقيقة للمولود ، قال صلى الله عليه وسلم : " مَعَ الْغُلامِ عَقِيقَةٌ ، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى " رواه البخاري برقم 5049 ، والترمذي برقم 1434 وقال : " حديث حسن صحيح " .
ويجوز الأكل من هذه العقيقة ، كما يجوز إطعام الأقارب والأصحاب والفقراء ، ويجوز طبخها ثم إطعامها كما يجوز توزيعها نيئة . عن عائشة قالت عن لحم العقيقة : " يُجْعَلُ جُدُولا , يُؤْكَلُ وَيُطْعَمُ " رواه ابن أبي شيبة في المصنف / 5 .
وجاء عن ابن سيرين والحسن البصري : " أن العقيقة كانت عندهم بمنزلة الأضحية ، يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ " ابن أبي شيبة / 5 .
وقال ابن حزم : " العقيقة يُؤْكَلُ منها ويُهْدَى ويُتَصَدَّق " المُحَلَّى لابن حزم / 6 .
و يستحب طبخ العقيقة كلها ، حتى ما يُتَصَدَّقُ به منها . لما روي عن بعض السلف استحباب ذلك ، مثل جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وكان عطاء بن أبي رباح يقول في العقيقة : " يقطع آرابا آرابا ، و يطبخ بماء وملح ، و يهدى في الجيران ". رواه البيهقي في السنن برقم 19827 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8423
توزيع لحم العقيقة
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >(1/7552)
سؤال رقم 8423- توزيع لحم العقيقة
السؤال :
أريد أن أعرف : العقيقة كيف يتم توزيعها ؟ هل هي ثلاثة أقسام أم لكل الأسرة؟
الجواب :
الحمد لله
قال بعض العلماء : العقيقة كالأضحية لها أحكامها.
وذهبوا إلى تقسيمها كتقسيم الأضحية واشترطوا في الشاة التي للعقيقة شروطها أيضاً فقالوا يجب أن ينتفي عنها العور والعرج والمرض البيِّن والضعف الشديد .
قال ابن قدامة :
وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها ـ يعني سبيل العقيقة كسبيل الأضحية .. وبهذا قال الشافعي .
وقال ابن سيرين : اصنع بلحمها كيف شئت ، وقال ابن جريج : تطبخ بماء وملح وتهدى الجيران والصديق ولا يتصّدق منها بشيء ، وسئل أحمد عنها فحكى قول ابن سيرين ، وهذا يدل على أنه ذهب إليه ، وسئل هل يأكلها قال : لم أقل يأكلها كلها ولا يتصدق منها بشيء .
والأشبه قياسها على الأضحية لأنها نسيكة مشروعة غير واجبة فأشبهت الأضحية ولأنها أشبهتها في صفاتها وسنها وقدرها وشروطها فأشبهتها في مصرفها .. . " المغني " ( 9 / 366 ) .
وقال الشوكاني :
هل يشترط فيها ما يشترط في الأضحية ؟ فيه وجهان للشافعية ، وقد استدل بإطلاق الشاتين على عدم الاشتراط وهو الحق . " نيل الأوطار " ( 5 / 231 ) .
وذكر فروقا بينها وبين الأضحية تدلّ على أنها ليست مثلها في كلّ شيء .
فلم يرد في السنّة إذن للعقيقة طريقة معيّنة في التقسيم والمراد منها التقرب إلى الله بالدم المهراق شكرا على نعمة المولود وفكّا لأسر الشيطان له وإبعادا له عنه كما دلّ عليه حديث : كلّ غلام مرتهن بعقيقته .
أما حكم لحمها فيحل لك أن تصنع فيه ما تشاء فإن شئت أكلته وأهل بيتك أو تصدقت به أو أكلت بعضاً وتصدقت ببعض ، وهو قول ابن سيرين وذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8806
فتنة المسيح الدجال
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > أشراط الساعة >(1/7553)
سؤال رقم 8806- فتنة المسيح الدجال
السؤال :
أرجو أعطائي معلومات كافية عن الدجال ؟ وما هي فتنته ؟ وكيفية النجاة منها ؟.
الجواب :
الحمد لله
*معنى المسيح :
ذكر العلماء ما يزيد عن خمسين قولاً في معنى " المسيح " . وقالوا أن هذا اللفظ يطلق على الصدّيق وعلى الضلّيل الكذاب ، فالمسيح عسى ابن مريم الصدّيق ، مسيح الهدى ، يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحي الموتى بإذن الله .
والمسيح الدجال هو الضلّيل الكذاب ، مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات كإنزال المطر وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق .
فخلق الله المسيحين أحدهما ضد الآخر .
وقال العلماء في سبب تسمية الدجال بالمسيح : أن إحدى عينيه ممسوحة ، وقيل : لأنه يمسح الأرض في أربعين يوماً .. والقول الأول هو الراجح ، لما جاء في الحديث الذي رواه مسلم برقم 5221 عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ .. " .
*معنى الدجال :
الدَّجل : هو الخلط والتلبيس ، يقال دَجَلَ إذا لبّس ومَوَّهَ ، والدجال : المُمَوِّه الكذاب ، الذي يُكثِر من الكذب والتلبيس .
ولفظة " الدجال " أصبحت عَلَمَاً على المسيح الأعور الكذاب ، وسمي الدجال دجالاً : لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم .
*صفة الدجال والأحاديث الواردة في ذلك :
الدجال رجل من بني آدم ، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به ، وتحذيرهم من شره ، حتى إذا خرج عرفه المؤمنون فلا يفتنون به ، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس ، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة . نسأل الله العافية .
ومن هذه الصفات :
أنه رجل شاب أحمر ، قصير ، أفحج جعد الرأس ، أجلى الجبهة ، عريض النحر ، ممسوح العين اليمنى ، وهذه العين ليست بناتئة - منتفخة وبارزة - ولا جحراء - غائرة - كأنها عنبة طافئة .
وعينه اليسرى عليها ظفرة - لحمة تنبت عند المآقي - غليظة . ومكتوب بين عينيه " ك ف ر " بالحروف المقطعة ، أو " كافر " بدون تقطيع ، يقرؤها كل مسلم ، كاتب وغير كاتب .
ومن صفاته أنه عقيم لا يولد له .
وهذه بعض الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها ذكر صفاته السابقة وهي من الأدلة على ظهور الدجال :
1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْطُفُ رَأْسُهُ مَاءً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا ابْنُ مَرْيَمَ . فَذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ جَعْدُ الرَّأْسِ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا الدَّجَّالُ ، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ " رواه البخاري برقم 6508 ، وَابْنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ .
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال : " إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ .. " رواه البخاري برقم 3184 .
3- وفي الحديث الطويل الذي رواه النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ .. " فقال في وصف الدجال : " إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ - شديد جعودة الشعر- عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ " رواه مسلم برقم 5228 .
4- وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَعْقِلُوا ، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلا حَجْرَاءَ فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ " رواه أبو داود برقم 3763 ، والحديث صحيح ( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم 2455 ) .
5- وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .. وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلالَةِ فَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ أَجْلَى الْجَبْهَةِ عَرِيضُ النَّحْرِ فِيهِ دَفَأٌ - إنحناء - .. " رواه أحمد برقم 7564 .
6- وفي حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ - كَثِيرُهُ - مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ " رواه مسلم برقم 5222 .
7- وفي حديث أنس رضي الله عنه : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كَافِرٌ " رواه البخاري برقم 6598 ، وفي رواية : " وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر " مسلم برقم 5219 ، وفي رواية عن حذيفة : " يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ " مسلم برقم 5223 .
وهذه الكتابة حقيقية على ظاهرها ، ولا يشكل رؤية بعض الناس لهذه الكتابة دون بعض ، وقراءة الأمي لها " وذلك أن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء ، فهذا يراه المؤمن بعين بصره ، وإن كان لا يعرف الكتابة / ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة ، كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته ولا يراه الكافر فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلّم ، لأن ذلك الزمن تنخرق فيه العادات " فتح الباري لابن حجر العسقلاني ( 13 / 100 ) .
ومختصر الجواب عن الإشكال أنّ الله على كلّ شيء قدير فهو قادر على أن يري هذه الكتابة بعض الناس دون بعض وقادر على أن يجعل الأمّي يقرؤها .
قال النووي : " الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها ، وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله يظهرها الله لكل مسلم كاتب وغير كاتب ، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ، ولا امتناع في ذلك " شرح النووي لصحيح مسلم ( 18 / 60 ) .
8- ومن صفاته أيضاً ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الجسّاسة ، وفيه قال تميم الداري رضي الله عنه : " فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا " رواه مسلم برقم 5235 .
9- وفتنته عظيمة جدا لدرجة أنه ليس بين خلق آدم إلى قيام الساعة فتنة أكبر من فتنة المسيح الدجال كما جاء وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ " رواه مسلم برقم 5239 . وفي رواية أحمد عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فِتْنَةٌ أَكْبَرُ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ . مسند الإمام أحمد 15831
10- وأمّا أن الدجال لا يُولَدُ له فلما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصته مع ابن صياد ، فقد قال لأبي سعيد : " أَلَسْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّهُ لا يُولَدُ لَهُ ؟ قَالَ قُلْتُ : بَلَى .. " رواه مسلم برقم 5209 .
والملاحظ في الروايات السابقة أن في بعضها وصف عينه اليمنى بالعور وفي بعضها وصف عينه اليسرى بالعور ، وكل الروايات صحيحة ، وقد جمع بعض أهل العلم بين هذه الروايات ، فقال القاضي عياض : " أن عيني الدجال كلتيهما معيبة ، لأن الروايات كلها صحيحة ، وتكون العين اليمنى هي العين المطموسة والممسوحة ، العوراء الطافئة - بالهمز- التي ذهب نورها كما في حديث ابن عمر . وتكون العين اليسرى : التي عليها ظفرة غليظة وطافية - بلا همز - معيبة أيضاً " . فهو أعور العين اليمنى واليسرى معاً ، فكل واحدة منها عوراء أي معيبة ، فإن الأعور من كل شيء المعيب ، لا سيما ما يختص بالعين ، فكلتا عيني الدجال معيبة عوراء ، إحداهما بذهابهما والأخرى بعيبها .
ووافق القاضي عياض على هذا الجمع النووي ، ورجحه القرطبي .
*مكان خروج الدجال :
يخرج الدجال من جهة المشرق من خراسان ، من يهودية أصبهان ، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلداً إلا دخله ، إلا مكة والمدينة ، فلا يستطيع دخولهما لأن الملائكة تحرسهما .
ففي حديث فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الدجال : " أَلا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ " رواه مسلم برقم 5228 .
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدَّجَّالُ يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ بِالْمَشْرِقِ يُقَالُ لَهَا خُرَاسَانُ " رواه الترمذي برقم 2163 . صححه الألباني ( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم 3398 ) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْيَهُودِ عَلَيْهِمْ التِّيجَانُ " رواه أحمد برقم 12865 .
الأماكن التي لا يدخلها الدجال :
حرم على الدجال دخول مكة والمدينة حين يخرج في آخر الزمان ، لورود الأحاديث الصحيحة بذلك ، وأما ما سوى ذلك من البلدان فإن الدجال سيدخلها واحداً بعد الآخر .
جاء في حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن الدجّال قال : " وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلا أَدَعَ قَرْيَةً إِلا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا ، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلائِكَةً يَحْرُسُونَهَا " رواه مسلم برقم 5228 .(1/7554)
وثبت أيضاً أن الدجال لا يدخل مسجد الطور ، والمسجد الأقصى . روى الإمام أحمد برقم 22572 من حديث جنادة بن أبي أمية الأزدي قال : أتيت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّجَّالِ ، فذكر الحديث وقال : " وَإِنَّهُ يَلْبَثُ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَرِدُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ إِلا أَرْبَعَ مَسَاجِدَ مَسْجِدَ الْحَرَامِ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالطُّورِ وَمَسْجِدَ الأَقْصَى " .
أتْباع الدجال :
أكثر أتباع الدجال من اليهود والعجم والترك ، وأخلاط من الناس غالبهم الأعراب والنساء .
روى الإمام مسلم في صحيحه برقم 5237 عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ " والطيالسة : كساء غليظ مخطط . وفي رواية للإمام أحمد : " سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْيَهُودِ عَلَيْهِمْ التِّيجَانُ " حديث رقم 12865 .
وجاء في حديث أبي بكر السابق : " يَتْبَعُهُ أَقْوَامٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ " رواه الترمذي برقم 2136 .
وأما كون الأعراب يتبعون الدجال ، فلأن الجهل غالب عليهم ، أما النساء لسرعة تأثرهن وغلبة الجهل عليهن . جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ - وادٍ بالمدينة - فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ " رواه أحمد برقم 5099 .
فتنة الدجال :
فتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة ، وذلك بسبب ما يخلق الله معه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول وتحير الألباب .
فقد ورد أن معه جنة وناراً ، جنته ناره وناره جنته ، وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تنبت فتنبت ، وتتبعه كنوز الأرض ، ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث استدبرته الريح ، إلى غير ذلك من الخوارق . وكل ذلك جاءت به الأحاديث الصحيحة . روى الإمام مسلم في صحيحه عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ - كَثِيرُهُ - مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ " رواه مسلم برقم 5222 .
ولمسلم أيضاً عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ : مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ وَالآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ " رواه مسلم برقم 5223 .
وجاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه في ذكر الدجال : أن الصحابة قالوا : " يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ : أَرْبَعُونَ يَوْمًا ؛ يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ " " .. قالوا : وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ ؟ قَالَ : كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ . فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ - الماشية - أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا - الأعالي والأسنمة - وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا ، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ - كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل - . ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ . وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ . ثُمَّ يَدْعُو رَجُلا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ " رواه مسلم برقم 5228 .
وجاء في رواية البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن هذا الرجل الذي يقتله الدجال من خيار الناس أو خير الناس ، يخرج إلى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول للدجال : " أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ . فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ ؟ فَيَقُولُونَ لا . فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ ، فَيَقُولُ : وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ " البخاري برقم 6599 .
وفي حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال : " وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لأَعْرَابِيٍّ أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ . فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَقُولانِ يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ " رواه ابن ماجه برقم 4067 . وصححه الألباني ( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم 7752 ) .
نسأل الله العافية ونعوذ به من الفتن ..
الوقاية من فتنة الدجال :
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة المسيح الدجال ، فقد ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك . فلم يدع خيراً إلا دل أمته عليه ولا شراً إلا حذرها منه ، ومن جملة ما حذّر منه : فتنة المسيح الدجال لأنها أعظم فتنة تواجهها الأمة إلى قيام الساعة ، وكان كل نبي ينذر أمته الأعور الدجال ، واختص محمد صلى الله عليه وسلم بزيادة التحذير والإنذار ، وقد بين الله له كثيراً من صفات الدجال ليُحذِّرَ أمته فإنه خارج في هذه الأمة لا محالة ، لأنها آخر الأمم ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين . وهذه بعض الإرشادات النبوية التي أرشد إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته لتنجو من هذه الفتنة العظيمة التي نسأل الله العظيم أن يعافينا ويعيذنا منها :
التمسك بالإسلام ، والتسلح بسلاح الإيمان ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد ، فيعلم أن الدجال بشر يأكل ويشرب ، وأن الله تعالى منزه عن ذلك ، وأن الدجال أعور والله ليس بأعور ، وأنه لا أحد يرى ربه حتى يموت والدجال يراه الناس عند خروجه مؤمنهم وكافرهم .
التعوذ من فتنة الدجال ، وخاصة في الصلاة ، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة ، منها ما روي عن أم المؤمنين عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ " رواه البخاري برقم 789 .
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ ، يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ " رواه مسلم برقم 924 .
حفظ آيات من سورة الكهف ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة فواتح سورة الكهف على الدجال ، وفي بعض الروايات خواتيمها ، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها . ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان الطويل ، وفيه قوله : " فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ " حديث رقم 5228 .
وروى مسلم برقم 1342 عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ " أي : من فتنته ، قال مسلم : قال شعبة : " مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ و قَالَ هَمَّامٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَهْف " .
قال النووي : " سَبَب ذَلِكَ مَا فِي أَوَّلهَا مِنْ الْعَجَائِب وَالآيَات , فَمَنْ تَدَبَّرَهَا لَمْ يُفْتَتَن بِالدَّجَّالِ , وَكَذَا فِي آخِرهَا قَوْله تَعَالَى : ( أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا .. ) " شرح صحيح مسلم 6 / 93 .
وهذا من خصوصيات سورة الكهف فقد جاءت الأحاديث بالحث على قراءتها وخاصة في يوم الجمعة ، روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ مَنْ قَرَأَ سُوْرَةَ الْكَهْفِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ الْنُّوْرِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ " المستدرك ( 2 / 368 ) ، وصححه الألباني ( صحيح الجامع الصغير / حديث رقم 6346 ) .
ولا شك أن سورة الكهف لها شأن عظيم ، ففيها من الآيات الباهرات كقصة أصحاب الكهف وقصة موسى مع الخضر وقصة ذي القرنين وبناءه للسد العظيم حائلاً دون يأجوج ومأجوج ، وإثبات البعث والنشور والنفخ في الصور ، وبيان الأخسرين أعمالاً وهم الذين يحسبون أنهم على الهدى وهم على الضلالة والعمى .
فينبغي لكل مسلم أن يحرص على قراءة هذه السورة وحفظها وترديدها وخاصة في خير يوم طلعت عليه الشمس ، وهو يوم الجمعة .
الفرار من الدجال والابتعاد منه ، والأفضل سكنى مكة والمدينة ، والأماكن التي لا يدخلها الدجال ، فينبغي للمسلم إذا خرج الدجال أن يبتعد منه وذلك لما معه من الشبهات والخوارق العظيمة التي يجريها الله على يديه فتنة للناس ، فإنه يأتيه الرجل وهو يظن في نفسه الإيمان والثبات فيتبع الدجال ، نسأل الله أن يعيذنا من فتنته وجميع المسلمين .
روى الإمام أحمد ( 19118 ) وأبو داود (3762 ) والحاكم ( 4/531 ) عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ - يبتعد - مِنْهُ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ يَتَّبِعُهُ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ بِمَا يُبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ " .
* هلاك الدجال :(1/7555)
يكون هلاك الدجال على يدي المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة ، وذلك الدجال يظهر على الأرض ويكثر أتباعه وتعم فتنته ، ولا ينجو منها إلا قلة من المؤمنين . وعند ذلك ينزل عيسى بن مريم عليه السلام على المنارة الشرقية بدمشق ، ويلتف حوله عباد الله المؤمنين ، فيسير بهم قاصداً المسيح الدجال ، ويكون الدجال عند نزول عيسى عليه السلام متوجهاً نحو بيت المقدس ، فيلحق به عيسى عند باب " لُد " - بلدة في فلسطين قرب بيت المقدس - ، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فيقول له عيسى عليه السلام : " إن لي فيك ربة لن تفوتني " فيتداركه عيسى فيقتله بحربته ، وينهزم اتباعه فيتبعهم المؤمنون فيقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر : يا مسلم يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود .
وإليك بعض الأحاديث الواردة في هلاك الدجال وأتباعه :
روى مسلم برقم 5233 عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ .. " فذكر الحديث ، وفيه : " فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ " .
وروى الإمام أحمد برقم 14920 والترمذي برقم 2170 عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ " .
وروى مسلم برقم 5228 عن النواس بن سمعان رضي الله عنه حديثاً طويلاً عن الدجال ، وفيه قصة نزول عيسى وقتله للدجال ، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : " فَلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ "
وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنْ الدِّينِ وَإِدْبَارٍ مِنْ الْعِلْمِ " فذكر الحديث وفيه : " ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيُنَادِي مِنْ السَّحَرِ فَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ فَيَقُولُونَ هَذَا رَجُلٌ جِنِّيٌّ فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُقَامُ الصَّلاةُ فَيُقَالُ لَهُ تَقَدَّمْ يَا رُوحَ اللَّهِ فَيَقُولُ لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ فَلْيُصَلِّ بِكُمْ فَإِذَا صَلَّى صَلاةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ قَالَ فَحِينَ يَرَى الْكَذَّابُ يَنْمَاثُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقْتُلُهُ حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ وَالْحَجَرَ يُنَادِي يَا رُوحَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ فَلا يَتْرُكُ مِمَّنْ كَانَ يَتْبَعُهُ أَحَدًا إِلا قَتَلَهُ " حديث رقم 14426 .
وبقتله - لعنه الله - تنتهي فتنته العظيمة ، وينجي الله الذين آمنوا من شره وشر أتباعه على يدي روح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام وأتباعه المؤمنين ولله الحمد والمنة.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8818
حكم الصلاة في أوقات النهي
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/7556)
سؤال رقم 8818- حكم الصلاة في أوقات النهي
أحد أصدقائي دقيق جداً في أداء الصلاة وهو يصلي أحياناً حتى أثناء غروب الشمس وهو يرى أن ذلك قد يكون مكروهاً ، ولكنه ليس ذنبا فقلت له أن الصلاة محرمة ساعة غروب الشمس لمخالفة الكفار فهل الصلاة ساعة الغروب أو الشروق مكروهة ؟ أم أثم ؟ ولماذا ؟.
الحمد لله
يستحب التنفل بالصلاة في جميع الأوقات ، إلا في أوقات النهي وهي من بعد صلاة
الفجر حتى ترتفِع الشمس مقدار رُمْح ، وحين يَقُوم قائم الظّهِيرة إلى أن تَزُول
الشمس ، وذلك في منتصف النهار قبل أن تزول الشمس بنحو خمس دقائق أو قريبا منها
، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ، والمُعْتَبر صلاة كل إنسان بنفسه فإذا
صلى العصر حرمت عليه الصلاة حتى تغرب الشمس . إلا في حالات خاصة فلا تحرم فيها يراجع سؤال رقم 306 .
والحكمة من النهي اجتناب مشابَهَةِ الكفار ، الذين
يسجدون للشمس إذا طلعت ترحيبا لها وفرحا ، ويسجدون لها إذا غَربت وداعاً لها
، والنبي صلى الله عليه وسلم حرص على سَدِّ كلِّ باب يوصل إلى الشرك ، أو يكون
فيه مشابَهَةً للمشركين ، وأما النهي عند قيامها واستوائها في وسط السماء حتى
تزول فلأنه وقت تُسجَّر فيه النار كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
فينبغي الإمساك عن الصلاة في هذه الأوقات .
اختصاراً من فتاوى الشيخ ابن عثيمين 1/354.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8889
حقيقة التأمين وحكمه
الفقه > معاملات > التأمين >(1/7557)
سؤال رقم 8889- حقيقة التأمين وحكمه
ما حكم التأمين التجاري المنتشر اليوم ؟.
الجواب :
الحمد لله
1) جميع أنواع التأمين التجاري ربا صريح دون شك ، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين ، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسأ ، لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويعدونهم بإعطائهم نقودا أقل أو أكثر متى وقع الحادث المعين المؤمن ضده . وهذا هو الربا ، والربا محرم بنص القرآن في آيات كثيرة .
2) جميع أنواع التأمين التجاري لا تقوم إلا على القمار ( الميسر ) المحرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "
فالتأمين بجميع صوره لعب بالحظوظ ، يقولون لك ادفع كذا فإن وقع لك كذا أعطيناك كذا ، وهذا هو عين القمار ، وإن التفرقة بين التأمين والقمار مكابرة لا يقبلها عقل سليم ، بل إن أصحاب التأمين أنفسهم يعترفون بأن التأمين قمار .
3) جميع أنواع التأمين التجاري غرر ، والغرر محرم بأحاديث كثيرة صحيحة ، من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر " رواه مسلم .
إن التأمين التجاري بجميع صوره يعتمد على الغرر ، بل على الغرر الفاحش ، فجميع شركات التأمين ، وكل من يبيع التأمين يمنع منعا باتا التأمين ضد أي خطر غير احتمالي ، أي أن الخطر لا بد أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع حتى يكون قابلا للتأمين ، وكذلك يمنع العلم بوقت الوقوع ومقداره ، وبهذا تجتمع في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة .
4) التأمين التجاري بجميع صوره أكل لأموال الناس بالباطل ، وهو محرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .
فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9% .
فالتأمين خسارة عظيمة على الأمة ، ولا حجة بفعل الكفار الذين تقطعت أواصرهم واضطروا إلى التأمين اضطرارا ، وهم يكرهونه كراهية الموت .
هذا طرف من المخالفات الشرعية العظيمة التي لا يقوم التأمين إلا عليها ، وهناك مخالفات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها ، ولا حاجة لذكرها فإن مخالفة واحدة مما سبق ذكره كافية لجعله أعظم المحرمات والمنكرات في شرع الله .
وإن مما يؤسف له أن بعض الناس ينخدع بما يزينه لهم ويلبسه عليهم دعاة التأمين كتسميته بالتعاوني أو التكافلي أو الإسلامي أو غير ذلك من المسميات التي لا تغير من حقيقته الباطلة شيئا .
وأما ما يدعيه دعاة التأمين من أن العلماء قد أفتوا في حل ما يسمى بالتأمين التعاوني فهو كذب وبهتان ، وسبب اللبس في ذلك أنه قد تقدم بعض دعاة التأمين إلى العلماء بعرض مزيف لا علاقة له بشيء من أنواع التأمين وقالوا إن هذا نوع من أنواع التأمين وأسموه بالتأمين التعاوني ( تزيينا له وتلبيسا على الناس ) وقالوا إنه من باب التبرع المحض وأنه من التعاون الذي أمر الله به في قوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى " ، وأن القصد منه التعاون على تخفيف الكوارث الماحقة التي تحل بالناس ، والصحيح أن ما يسمونه بالتأمين التعاوني هو كغيره من أنواع التأمين ، والاختلاف إنما هو في الشكل دون الحقيقة والجوهر ، وهو أبعد ما يكون عن التبرع المحض وأبعد ما يكون عن التعاون على البر والتقوى حيث أنه تعاون على الإثم والعدوان دون شك ، ولم يقصد به تخفيف الكوارث وترميمها وإنما قصد به سلب الناس أموالهم بالباطل ، فهو محرم قطعا كغيره من أنواع التأمين ، لذا فإن ما قدموه إلى العلماء لا يمت إلى التأمين بصله .
وأما يدعيه البعض من إعادة بعض الفائض ، فإن هذا لا يغير شيئا ، ولا ينقذ التأمين من الربا والقمار والغرر وأكل أموال الناس بالباطل ومنافاة التوكل على الله تعالى ، وغير ذلك من المحرمات ، وإنما هي المخادعة والتلبيس ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى رسالة ( التأمين وأحكامه ) وإنني لأدعو كل مسلم غيور على دينه يرجو الله واليوم الآخر أن يتقي الله في نفسه ، ويتجنب كل التأمينات مهما ألبست من حلل البراءة وزينت بالأثواب البراقة فإنها سحت ولا شك ، وبذلك يحفظ دينه وماله ، وينعم بالأمن من مالك الأمن سبحانه .
وفقني الله وإياكم إلى البصيرة في الدين والعمل بما يرضي رب العالمين .
المرجع : خلاصة في حكم التأمين للشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم .
*****
8919
السفر إلى بلاد الكفر لغير حاجة
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7558)
سؤال رقم 8919- السفر إلى بلاد الكفر لغير حاجة
إني فتاة في الخامسة عشرة من عمري وأهلي يكثرون من السفر للخارج ويجبرونني على السفر معهم وعلى خلع العباءة ولبس ملابس أخرى ، علما بأني أستر رجلي تماما وإني أشعر بضيق ، ولا أستطيع لبس العباءة لأنني أحرج ويستغرب الناس فما الحل ؟.
الحمد لله
كل هذا ليس بعذر ، فالحق من شأنه أن يستغربه الناس لا سيما منهم من نشأ على الباطل ، فعليك ألا تسافري - إن أمكن - إلى بلاد الكفر ، فالمسافر عندما يشاهد الأوروبيين وغيرهم من ملة الكفر على هذه الحالة السيئة يخف وقع أوامر الإسلام في قلبه ولا يبالي بها ، فقد يستغرب أول ما يرى ما هم فيه وينكر عليهم ويبغض هذا الشيء ، لكن بالتكرار يألفه ويعتاده ، وربما مالت نفسه إليه ، فلا يجوز السفر مهما كانت الحالة ، إلا في الحالات الضرورية . والله أعلم .
فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 22.
*****
9022
لبس جلود السباع والجلوس عليها
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/7559)
سؤال رقم 9022- لبس جلود السباع والجلوس عليها
ذكر البخاري أنه يجب أن لا نرتدي ملابس تشبه جلد النمر ولم أكن أعرف ذلك فعندي ملابس من ذلك النوع وإنني أنوي أن لا أشتري منها مرة ثانية فهل يمكن أن أستخدم هذه الملابس في المنزل؟ أم يحرم ارتداؤها حتى في المنزل ؟.
الحمد لله
لعل السائل يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري (5175) عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن
المياثر .
والمياثر نوع من الفرش كانوا يجعلونه على سَرْج الفرس ، وكانوا يصنعونه من الحرير . وقد فسره بعض العلماء بجلود السباع . قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله : ويُمْكِن تَوْجِيهه , بمَا إِذَا كَانَتْ الْمِيثَرَة وِطَاء صُنِعَتْ مِنْ جِلْد ثُمَّ حُشِيَتْ اهـ فتح الباري
(10/293) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس جلود السباع أو الجلوس عليها .
فعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها .
رواه أبو داود ( 4131 ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3479) .
وروى الترمذي (1771) والنسائي (4253) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع أن تفترش .
صححه الألباني في صحيح الترمذي (1450) .
وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمار . يعني : جلود النمار .
رواه أبو داود ( 4239 ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3566) .
وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر ).
رواه أبو داود ( 4130 ) . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (3478) .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
والأحاديث تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها اهـ
والحكمة من النهي عن الانتفاع بها :
ما فيها من الكبر والخيلاء . ولأن فيها تشبهاً بالجبابرة ، ولأنها زي أهل الترف والإسراف .
انظر تحفة الأحوذي ، حاشية السندي على ابن ماجه .
ويضاف إلى ذلك علة أخرى وهي نجاستها إذا إن الدباغ لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي يؤكل ، أما ما لا يحل أكله فلا يطهر جلده
بالدباغ . وهو مذهب الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وإسحق بن راهويه ورواية عن الإمام أحمد . انظر شرح صحيح مسلم للنووي (4/54) . الفروع لابن مفلح
(1/102) .
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أحد قوليه . مجموع الفتاوى (21/95) . واختاره الشيخ ابن
عثمين رحمه الله . الشرح الممتع (1/74) .
وإذا حرم استعمال هذه الجلود فلا فرق بين منع لبسها داخل المنزل وخارجه . وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا
تصحب رفقة فيها جلد نمر – كما سبق - .
قال في عون المعبود :
وَالْحَدِيث فِيهِ : يُكْرَه اِتِّخَاذ جُلُود النُّمُور وَاسْتِصْحَابهَا فِي السَّفَر وَإِدْخَالهَا الْبُيُوت لأَنَّ
مُفَارَقَة الْمَلائِكَة لِلرُّفْقَةِ الَّتِي فِيهَا جِلْد نَمِر تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا لا تُجَامِع جَمَاعَة أَوْ مَنْزِلا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ وَلا
يَكُون إِلا لِعَدَمِ جِوَار اِسْتِعْمَالهَا كَمَا وَرَدَ أَنَّ الْمَلائِكَة لا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِير , وَجُعِلَ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّة
تَحْرِيم التَّصَاوِير وَجَعْلهَا فِي الْبُيُوت اهـ
وهذا فيما إذا كان اللباس المذكور في السؤال مصنوعاً من الجلود الطبيعية الحقيقية للسباع . أما الجلود الصناعية التي تشابه
ألوانها ألوان جلود السباع فالأولى للمسلم التنزه عنها حتى لا يتهم ممن لا يعلم حقيقتها أنها من جلود السباع المحرم لبسها .
والله أعلم .
*****
9037
ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/7560)
سؤال رقم 9037- ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته ؟
أعلم أن نتف شعر الحواجب ونتف شعر الوجه حرام ولكن أعلم أنه يمكن أن نزيل الشعر الذي فوق الشفاه فماذا عن الشعر الذي ينبت بين شعر الرأس والحواجب ما حكمه؟.
الحمد لله
أولاً :
يقسم العلماء الشعور من حيث الإزالة وعدمها إلى ثلاثة أقسام :
1- شعور جاء الأمر بإزالتها أو تقصيرها وهي ما تعرف بسنن الفطرة كشعر العانة وقص الشارب ونتف الإبط ، ويدخل في ذلك حلق أو
تقصير شعر الرأس في الحج أو العمرة .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عشر من الفطرة : قص الشارب
وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء .
قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة "
رواه مسلم ( 261 ) .
انتقاص الماء : يعني الاستنجاء .
2- شعور جاء الأمر بحرمة إزالتها ومنه شعر الحاجب ويسمى هذا الفعل بـ " النمص " ، وكذا شعر اللحية .
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لعن الله
الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ".
رواه البخاري ( 5931 ) ومسلم ( 2125 ) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا
الشوارب " .
رواه البخاري ( 5892 ) ومسلم ( 259 ) .
قال النووي رحمه الله :
النامصة : هي التي تزيل الشعر من الوجه ، والمتنمصة : التى تطلب فعل ذلك بها ، وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو
شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا .
" شرح النووي لصحيح مسلم " ( 14 / 106 ) .
3- شعور سكت عنها النص فلم يأمر بإزالتها أو وجوب إبقائها ، كشعر الساقين واليدين والشعر الذي ينبت على الخدين وعلى الجبهة .
فهذه اختلف العلماء فيها :
فقال قوم : لا يجوز إزالتها ؛ لأن إزالتها يستوجب تغيير خلق الله كما قال تعالى – حاكياً قول الشيطان - : { ولآمرنَّهم
فليغيرنَّ خلق الله } النساء / 119 .
وقال قوم : هذه من المسكوت عنها وحُكمها الإباحة ، وهو جواز إبقائها أو إزالتها ؛ لأن ما سكت عنه الكتاب والسنة فهو معفو عنه .
وهذا القول اختاره علماء اللجنة الدائمة كما اختاره أيضاً الشيخ ابن عثيمين انظر فتاوى المرأة المسلمة 3 / 879
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
أ. لا حرج على المرأة في إزالة شعر الشارب والفخذين والساقين والذراعين ، وليس هذا من التنمص المنهي عنه .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 194 ، 195 ) .
ب. وسئلت اللجنة :
ما حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين ؟
فأجابت :
يجوز نتفه ؛ لأنه ليس من الحاجبين .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 197 ) .
وسئلت اللجنة الدائمة :
ما الحكم في إزالة المرأة لشعر جسمها ؟
فأجابت :
يجوز لها ما عدا شعر الحاجب والرأس ، فلا يجوز لها أن تزيلهما ، ولا شيئاً من الحاجبين بحَلق ولا غيره
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 194 ) .
تنبيه على قول السائل : أعلم أن نتف شعر الحواجب ونتف شعر الوجه حرام .
أما نتف شعر الحواجب فحرام وهو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته .
وأما سائر شعر الوجه فاختلف العلماء في جواز إزلته بناء على اختلافهم في معنى النمص .
فذهب بعض العلماء إلى أن النمص هو إزالة شعر من الوجه ولا يختص ذلك بالحاجبين ، وذهب آخرون إلى أن النمص هو إزالة شعر الحاجبين
خاصة ، وهذا القول اختارته اللجنة الدائمة كما ظهر ذلك من الفتاوى السابقة .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
النمص هو الأخذ من شعر الحاجبين وهو لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة .
فتاوى اللجنة الدائمة 5 / 195
والله أعلم .
*****
9104
شروط قبول الشهادتين
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >(1/7561)
سؤال رقم 9104- شروط قبول الشهادتين
السؤال :
وسؤالي يتعلق بموضوع إحدى الخطب. فقد تكلم الإمام عن الكلمة. وقال بأن لها شروط, ذكر العلماء أنها 9 أو نحو ذلك، حتى يتمكن الإنسان من دخول الجنة. وقال إن مجرد التلفظ بالكلمات لا يكفي. وكنت أرغب في معرفة هذه الشروط. وذكر بعضها، منها: أولا, العلم بالكلمة. ثانيا, اليقين. فهل تعلم عن ذلك شيئا؟ وهل يمكنك تقديم باقي الشروط؟ وسأقدر لك مساعدتك إن شاء الله.
الجواب :
الحمد لله
لعلك تعني بالكلمة كلمة التوحيد وهي الشهادتان ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) ، وهذا ما عناه الخطيب أيضا .
وللشهادتين عدة شروط ، وهي :
الأول : العلم
وهو العلم بمعناها المراد منها نفيا وإثباتا المنافي للجهل بذلك ، قال الله عز وجل : " فاعلم أنه لا إله إلا الله " ( محمد : 19 ) وقال تعالى : " إلا من شهد بالحق " ( الزخرف : 86 ) أي بلا إله إلا الله " وهم يعلمون " بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم . وفي الصحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .
الثاني : اليقين
وهو اليقين المنافي للشك بأن يكون قائلها مستيقنا بمدلول هذه الكلمة يقينا جازما ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون " ( الحجرات : 15 ) ، فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين - والعياذ بالله - .
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عنه الجنة " .
الثالث : القبول
وهو القبول بما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، قال تعالى في شأن من قبلها : " إلا عباد الله المخلصين ، أولئك لهم رزق معلوم ، فواكه وهم مكرمون ، في جنات النعيم " ( الصافات : 40 - 43 ) إلى آخر الآيات ، وقال تعالى : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " ( النمل : 89 ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به "
الرابع : الانقياد
وهو الإنقياد لما دلت عليه ، المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل : " وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له " ( الزمر : 54 ) ، وقال تعالى : " ومن أحسن دينا ممن أسلم وجه لله وهو محسن " ( النساء : 125 ) ، وقال تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى " ( لقمان : 22 ) أي بلا إله إلا الله " وإلى الله عاقبة الأمور " ومعنى يسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن : موحد .
الخامس : الصدق
وهو الصدق فيها المنافي للكذب ، وهو أن يقولها صدقا من قلبه يواطئ قلبه لسانه ، قال الله عز وجل : " الم ، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " ( العنكبوت : 1-3 ) إلى آخر الآيات ، وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار " .
السادس : الإخلاص
وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، قال الله تبارك وتعالى : " ألا لله الدين الخالص " ( الزمر : 3 ) ، وقال تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء " ( البينة : 5 ) الآية ، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه " .
السابع : المحبة
وهي المحبة لهذه الكلمة وما اقتضته ودلت عليه ، ولأهلها العاملين بها ، الملتزمين لشروطها ، وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله عز وجل : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله " ( البقرة : 165 ) ، وعلامة حب العبد ربه تقديم محابه وإن خالفت هواه ، وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه ، وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه ، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره وقبول هداه . وكل هذه العلامات شروط في المحبة لا يتصور وجود المحبة مع عدم شرط منها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " ( أخرجاه من حديث أنس بن مالك ) .
وزاد بعضهم شرطا ثامنا وهو الكفر بما يعبد من دون الله ( الكفر بالطاغوت ) ، قال صلى الله عليه وسلم : " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز جل " رواه مسلم . فلا بد لعصمة الدم والمال مع قوله ( لا إله إلا الله ) من الكفر بما يعبد من دون الله كائنا من كان .
مختصر معارج القبول لمحمد بن سعيد القحطاني ص 119 - 122.
*****
9231
تكرار المعصية
الرقائق > التوبة >(1/7562)
سؤال رقم 9231- تكرار المعصية
ماذا سيحدث للشخص الذي يرتكب المعصية ذاتها مرة بعد مرة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الذي يرتكب المعصية مرة بعد مرة : ذنبه مغفور في
كل مرة إن أعقب معصيته بتوبة - إن كانت توبته في كل مرة صادقة - والدليل على جواز
التوبة مرة بعد مرة : أن الذين ارتدوا عن الإسلام زمن أبي بكر ردهم أبو بكر إلى
الإسلام وقبل منهم ذلك ، علماً بأنهم كانوا كفاراً ثم دخلوا في الإسلام ثم رجعوا
إلى الكفر ثم دخلوا الإسلام ، وقبِل الصحابة كلهم منهم التوبة على الرغم من أن الذي
فعله المرتدون هو شر من الذي يفعله العاصي المسلم فقبول التوبة من المسلم العاصي ،
ولو كانت متكررة أولى من قبول توبة الكافر مرة بعد مرة .
ولكن هذا الذي نقوله بشرط أن تكون التوبة الأولى
وما بعدها توبةً نصوحاً صادقة من قلب صادق وألا تكون مجرد تظاهر بذلك .
وكلامنا هذا لا يُفهم منه أننا نشجع على المعاصي
وارتكابها مرة بعد مرة وأن يجعل المسلم رحمة الله تعالى وتوبة الله تعالى عليه
سُلماً للمعاصي ، لا ، إنما نريد أن نشجع العاصي للتوبة مرة بعد مرة ، فنحن نريد أن
نُطمئن قلبَ المسلم الذي يريد أن يرجع إلى الله تعالى ونقول له : باب الرحمن مفتوح
، وعفوه أكبر من معصيتك ، فلا تيأس من رحمة الله تعالى وعُد إليه .
روى
البخاري (7507) ومسلم (2758) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : أَذْنَبَ
عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ
الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ
فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ
وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي . ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ
أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي
ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ
قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي . . الحديث .
قال
الحافظ ابن رجب الحنبلي :
… وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال : "خياركم كل مفتن تواب . [ يعني كلما
فُتِن بالدنيا تاب ] . قيل فإذا عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟
قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : حتى
متى ؟ قال : حتى يكون الشيطان هو المحسور " .
وخرج
ابن ماجه من حديث ابن مسعود مرفوعا : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) . حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (3427) .
وقيل
للحسن : ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود ، فقال : ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملوا من
الاستغفار .
وروي
عنه أنه قال : ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب .
… وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته : أيها الناس من ألمَّ بذنب فليستغفر الله وليتب ،
فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر وليتب ، فإنما هي خطايا مطوقة في
أعناق الرجال وإن الهلاك في الإصرار عليها .
ومعنى
هذا أن العبد لا بد أن يفعل ما قدر عليه من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم: " كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة " رواه مسلم
(2657) .
ولكن
الله جعل للعبد مخرجا مما وقع فيه من الذنوب ومحاه بالتوبة والاستغفار فإن فعل فقد
تخلص من شر الذنوب وإن أصر على الذنب هلك اهـ جامع العلوم والحكم ( 1 / 164 – 165 ) بتصرف .
والله
أعلم .
*****
9232
تريد الإسلام وتسأل عن آداب دخول المسجد
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/7563)
سؤال رقم 9232- تريد الإسلام وتسأل عن آداب دخول المسجد
أحب رجلا مسلما . ونحن نخطط للزواج قريبا , طالما أن والديه يقبلان بذلك . أنا أخطط أن أنطق بالشهادة قريباً , وأبدأ في تطبيق شعائر التطهر والصلاة . وسؤالي هو : ماهي الأمور التي يمكنني فعلها لأكون زوجة مستقيمة ؟ ما هو أسلوب الحياة والعادات التي علي اتباعها ؟ ما هي ضوابط دخول المرأة للمسجد ؟ وأيضا, كيف أقرأ القرآن ؟.
الحمد لله
أولاً :
نحمد الله سبحانه الذي أنار لك الطريق وحبب إليك الحق ووفقك للاقتناع بدين الإسلام الذي هو الدين الحق ، فلم يبق لك سوى النطق
بالشهادتين ليستقيم لك أمرك ، وتُرزقين التوفيق في الدنيا والاخرة ، فبادري أيتها العاقلة بتطبيق هذه الخطوة واسألي الله الثبات على دينه ، والحمد لله رب
العالمين .
ثانياً :
حتى تكوني زوجة صالحة مقبولة عند الله تعالى نوصيك بعد طاعة الله تعالى أن تطيعي زوجك ما لم يأمرك بسوء أو إثم فإن طاعة الزوجة
لزوجها من أهم مباديء الزواج التي يدعو الإسلام إليها .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أمرتُ أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد
لزوجها من عِظَم حقِّه ، ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب " .
قال الهيثمي :
رواه بتمامه البزار وأحمد باختصار ورجاله رجال الصحيح .
" مجمع الزوائد " ( 4 / 309 ) .
ومعنى القنب هو ما يوضع على البعير تحت الراكب .
ثالثاً :
ثم عليك بعد ذلك ترك العادات السيئة التي كنت تفعلينها قبل الإسلام التي تخالف الإسلام وأمره الذي جاء به .
ومن أمثلة ذلك التبرج والسفور وعدم لبس الزي الشرعي – إن كنت ممن لا يلبس الزي الشرعي - .
وعليك ترك عادات الكفار من الاختلاط بالرجال واتخاذ الأصدقاء من الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمك .
وعليك بالتعود على عادات المسلمين وأوامر دينهم التي يأمر بها من المحافظة على كيان المرأة المسلمة وعدم تبذلها في الأسواق
وأماكن الاختلاط المستهتر بالرجال لأن في ذلك أذية للزوج في عرضه .
رابعاً :
وأما أسلوب الحياة الذي يلزمك اتباعه فذلك يكون بالتمسك بالأوامر التي أمر الله بها واجتناب المنهيات التي نهى الله تعالى عنها
من المحافظة على الصلاة والصيام وذكر الله تعالى على كل حال ، ويساعدك على ذلك كله قراءة القرآن ومطالعة الكتب المفيدة التي تعرف بالإسلام وتعاليمه .
خامساً :
أما ضوابط دخول المرأة المسجد فهي :
1. ألا تخرج متعطرة متزينة متبرجة ، وهذا ليس خاصاً بالخروج إلى المسجد ، بل متى خرجت من بيتها فإنه يحرام عليها أن تخرج
متعطرة ، وأن يكون قصدها في الخروج من المنزل من أجل الصلاة لله تعالى . أو حضور مجلس علم تتعلم فيه أحكام دينها .
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " .
رواه أبو داود ( 565 ) . وصححه الألباني في صحيح أبي دواد ( 529 )
ومعنى تفلات : جمع تفلة أي غير متعطرة .
2. ويسن للمسلم أن يقول إذا خرج من بيته واتجه إلى المسجد دعاء المشي إلى المساجد :
عن عبد الله بن عباس قال : " . . . فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة يعني النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : اللهم اجعل في قلبي
نوراً وفي لساني نوراً واجعل في سمعي نوراً واجعل في بصري نوراً واجعل من خلفي نوراً ومن أمامي نوراً واجعل من فوقي نوراً ومن تحتي نوراً اللهم أعطني نوراً
" . رواه مسلم ( 763 ) .
3. فإذا دخل المسجد دخله بالرجل اليمنى وذكر ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم :
عن أبي حميد أو عن أبي أسيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فليقل : اللهم افتح لي أبواب
رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك ".
رواه مسلم ( 713 ) .
وفي بعض الروايات زيادة " بسم الله ، اللهم صلِّ على محمد " في أولهما .
انظر : الترمذي ( 314 ) وابن ماجه ( 771 ) . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ( 625 )
وعن حيوة بن شريح قال : لقيت عقبة بن مسلم فقلت له : بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص : عن النبي صلى الله عليه
وسلم : " أنه كان إذا دخل المسجد قال : أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، قال : أقط – يعني : فقط ؟- قلت : نعم . قال :
فإذا قال ذلك قال الشيطان : حفظ مني سائر اليوم " .
رواه أبو داود ( 466 ) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود ( 441 ) .
4. وإذا دخل المسلم المسجد لم يجلس حتى يصلي ركعتين تحية المسجد .
عن أبي قتادة السلمي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس " . رواه البخاري ( 433 ) ومسلم ( 714 ) .
وروى أبو داود (455) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ [يعني الأحياء] وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ . صححه الألباني في صحيح أبي داود (437) .
5. تطييب المسجد وتنظيفه لمن استطاع :
عن أبي ذر : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن
الطريق ووجدت في مساوي أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن " .
رواه مسلم ( 553 ) .
النخاعة : البصاق .
6. عدم رفع الصوت في المساجد حتى في قراءة القرآن إذا حصل منه تشويش على أحد من المصلين :
عن أبي سعيد قال : " اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال : ألا إن كلكم مناج
ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة - أو قال في الصلاة - " .
رواه أبو داود ( 1332 ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود ( 1183 )
7. الخروج من المسجد بالرجل اليسرى وقول الدعاء المأثور :
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل :
اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل : اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم " .
رواه ابن ماجه ( 773 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 515 ) .
سادساً :
أما قراءة القرآن فينبغي الإكثار من تلاوته ، فإن لك بكل حرف تقرئينه عشر حسنات ، ويجوز قراءة القرآن للمتوضئ وغير المتوضئ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه . رواه مسلم ( 373 ) والأكمل أن يتوضأ قبل قراءة القرآن .
فعن المهاجر بن قنفذ : " أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال : إني
كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر - أو قال : على طهارة - " .
رواه أبو داود ( 17 ) – واللفظ له - وابن ماجه ( 350 ) .
وصححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع ( 2472 ) .
غير أنه يحرم على الجنب أن يقرأ القرآن وأم الحائض فالصحيح أن يجوز لها أن تقرأ القرآن راجع سؤال رقم ( 2564 )
هذا كله عند قراءة القرآن من غير مس للمصحف ، أم مس المصحف فلا يجوز إلا للمتوضئ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن
إلا طاهر . رواه مالك في الموطأ ( 419 ) وصححه الألباني في إرواء الغليل ( 122 )
فإذا أراد المسلم أن يقرأ من المصحف وهو غير متوضئ فإنه يمسك المصحف بحائل كما لو لبس في يده القفازين .
سابعاً :
ويسن له أن يكون خاشعاً مستذكراً للآيات التي يمر عليها ، وأن يسأل عن المعنى الذي يصعب عليه من الألفاظ ، فيتم له العلم مع
القراءة ، ثم بعد ذلك يجتهد على أن يعمل بما علم ويطبق ما في القرآن من الأحكام .
والله أعلم .
*****
9290
الغناء والرقص في الأفراح
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/7564)
سؤال رقم 9290- الغناء والرقص في الأفراح
ما هو النوع من الموسيقى الذي يجوز للمراة أن ترقص عليه ( في حفلات الزواج وبين النساء فقط ) ؟ هل هو الموسيقى الإسلامية فقط ؟ بالضرب على الطبول ( الدفوف ) ؟ ما هي الكلمات المباحة في الغناء ؟.
الحمد لله
أولاً :
أما الموسيقى وحكمها فقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم ( 5011 ) وقد بينا
هناك أن آلات الطرب والمعازف يحرم اتخاذها ، وهنا نبين بعض الذي يجوز للنساء دون غيرهن .
ثانياً :
يجوز للمرأة أن تضرب بالدف وأن تغني الغناء المباح في المناسبات المباحة كالأعياد والأفراح وما أشبه ذلك .
قال الشيخ الألباني – رحمه الله تعالى - :
ويجوز له – أي للعريس – أن يسمح للنساء بإعلان النكاح بالضرب على الدف فقط ، وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر الفجور . . .
- ثم ذكر الشيخ الأدلة على ذلك - .
" آداب الزفاف " ( ص 93 ) .
والأدلة التي ذكرها الشيخ هي :
عن الربيع بنت معوذ قالت : " دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويريات يضربن بالدف يندبن من
قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين " .
رواه البخاري ( 3700 ) .
عن عائشة : أنها زفت امرأةً إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو "
.
رواه البخاري ( 4765 ) .
عن أبي إسحاق قال : سمعت عامر بن سعد البجلي يقول : " شهدت ثابت بن وديعة وقرظة بن كعب الأنصاري في عرس وإذا غناء فقلت لهما في ذلك فقالا
إنه قد رخص في الغناء في العرس والبكاء على الميت في غير نياحة ".
رواه البيهقي (14469 ) .
عن محمد بن حاطب الجمحي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت " . رواه الترمذي (
1008 ) والنسائي ( 3316 ) وابن ماجه ( 1886 ) .
والحديث : حسنه الألباني في " آداب الزفاف " ( ص 96 ) .
هذا ما يباح للنساء فعله في الأعراس من الغناء والمباح لهن من المعازف هو فقط الدف دون غيره ، كالطبل، والفرق بينهما : أن الطبل مختوم من
الوجهين ، بخلاف الدف وهو ما كان مفتوحاً من جهة مختوماً من الأخرى .
قالت اللجنة الدائمة :
أما الطبل ونحوه من آلات الطرب : فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك
.
" فتوى رقم 3259 " تاريخ 13 / 10 / 1400 هـ
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفى بالدف خاصة .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 185 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
المختوم من الوجهين يسمى ( الطبل ) وهو غير جائز ؛ لأنه من آلات العزف ، والمعازف كلها حرام إلا ما دلَّ الدليل على حلِّه وهو الدف حال
أيام العرس .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 186 ) .
ثالثاً :
وأما الرقص : فلا يجوز أمام الرجال الأجانب ولا المحارم ولا أمام النساء لما في ذلك من الفتنة المحرمة التي قد تُطغي القلوب من خلال
التكسر والتمايل والتثني في البدن ، ومن المعروف أن النساء قد تقع شهوة بعضهن لبعض ، وإن لم يكن ذلك فلا مأمن من إحداهن أن ترجع إلى رجال بيتها فتصف لهم ما
رأت من حسن الراقصة ورقتها وجمالها فتوقع ذلك في قلوب الرجال وتكون سبباً لمفسدة عظيمة لا يؤمن شرها ، وقد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن مثل هذا .
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها " . رواه البخاري ( 4839 ) .
وقد أباح الرسول صلى الله عليه وسلم أول الأمر للخنثى أن يدخل على النساء فلما رأى منه أنه يصف النساء وينشر أسرارهن منعه من ذلك .
عن أم سلمة رضي الله عنها : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث فسمعته يقول لعبد الله بن أبي أمية : يا عبد الله أرأيت إن فتح
الله عليكم الطائف غداً فعليك بابنة غيلان ثم ذكر وصفها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يدخلن هؤلاء عليكن " . رواه البخاري ( 3980 ) ومسلم
( 4048 ) .
ثم إن تكسر المرأة وتمايلها من العورة التي لا يجوز لها أن تظهرها إلا لزوجها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
الرقص مكروه في الأصل ، ولكن إذا كان على الطريقة الغربية ، أو كان تقليداً للكافرات : صار حراماً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من
تشبه بقوم فهو منهم " ، مع أنه أحياناً تحصل به الفتنة ، قد تكون الراقصة امرأة رشيقة جميلة شابة فتفتن النساء ، فحتى إن كان في وسط النساء حصل من النساء
أفعال تدل على أنهن افتتنَّ بها ، وما كان سبباً للفتنة فإنه يُنهى عنه .
" لقاء الباب المفتوح " ( س 1085 ) .
وقال رحمه الله :
وأما الرقص من النساء فهو قبيح لا نفتي بجوازه لما بلغنا من الأحداث التي تقع بين النساء بسببه ، وأما إن كان من الرجال فهو أقبح ، وهو
من تشبه الرجال بالنساء ، ولا يخفى ما فيه ، وأما إن كان بين الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء : فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة
العظيمة لا سيما وأن المناسبة مناسبة نكاح ونشوة عرس .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 187 ) .
رابعاً :
وأما الكلمات المباحة في الغناء فهي ما لا يشتمل على وصف محرم ، أو تهييج شهوة ، أو كلمات نهى عنها الشرع ، أو بعض الأذكار البدعية ، وما
شابه ذلك من المحرمات .
وفي المباح ما يغني كالحث على الأخلاق ، أو على طلب العلم ، أو ترك المنكرات ، وما شابه ذلك .
قالت اللجنة الدائمة :
صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذيء ساقط ، واشتمالها على ما لا خير فيه ، بل على ما فيه لهو
، وإثارة للغريزة الجنسية ، وعلى مجون ، وتكسُّر يُغري سامعه بالشر وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه .
ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من الحِكَم ، والمواعظ ، والعبَر ، بما يثير الحماس والغَيرة على الدين ، ويهز
العواطف الإسلامية وينفِّر من الشرور ودواعيه .. ..
" فتوى رقم 3259 " تاريخ 13 / 10 / 1400 هـ
والله أعلم .
*****
9393
توبة مريض الإيدز
الرقائق > التوبة >(1/7565)
سؤال رقم 9393- توبة مريض الإيدز
السؤال : إنسان أصيب بمرض الإيدز وقرر الأطباء أن عمره في هذه الحياة قصير جداً ، فما الحكم في توبته في هذا الوقت ؟ .
الجواب :
الحمد لله
عليه أن يبادر إلى التوبة ، ولو في لحظات الموت ، لأن باب التوبة مفتوح مهما
كان ما دام عقله معه ، وعليه أن يبادر بالتوبة والحذر من المعاصي ولو قالوا له
أن عمرك قصير فالأعمار بيد الله ، وقد يخطئ ظنهم فيعيش طويلاً ، وعلى كل تقدير
فالواجب البدار بالتوبة والصدق في ذلك حتى يتوب الله عليه ، لقول الله سبحانه
وتعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور/31 ، وقوله سبحانه : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) طه
/82، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
) والمعنى ما لم يتغرغر بها الإنسان ويزول شعوره . والله المستعان .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 437.
*****
9463
إذا طلبت الطلاق ثم تزوجت فهل لها الحق في حضانة أولادها ؟
الفقه > معاملات > الحضانة >(1/7566)
سؤال رقم 9463- إذا طلبت الطلاق ثم تزوجت فهل لها الحق في حضانة أولادها ؟
تقول السائلة إنها على وشك الطلاق أو الخلع من زوجها لأنه يسيء إليها وعندها ثلاثة أطفال وسوف تحصل على حضانتهم .
لكن تحب أن تسأل هذا السؤال رغم أن عدتها لم تبدأ :
هل إذا تقدم إليها شخص وتزوجته يصبح لها حق الحضانة على الأطفال بموجب القانون ؟ لكنها تخاف الله ولا تريد أن تخالف الشريعة .
الحمد لله
أولاً :
الأولى أن تصبر المرأة على زوجها وخصوصا إذا كان هناك أطفال بينهم ، ولا يخلو بيت من خلافات ؛ إلا إن كان زوجها يسيء إليها
إساءة بالغة ، ولا تستطيع العيش معه .
ثانياً :
إذا طلقت المرأة فإن عدتها ثلاث حيض ، وأما إذا اختلعت من زوجها فإن عدتها حيضة واحدة ، وتحرم خطبتها في حال العدة .
ثالثاً :
بينت الشريعة أنه إذا حصلت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بحضانة الأولاد من الأب ، فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة ، والدليل
على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتلك المرأة التي طلبت حضانة ولدها من زوجها – بعد أن طلقها - : " أنت أحق به ما لم تنكحي " .
رواه أبو داود ( 2276 ) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ( 1991 ) .
فدل الحديث أن المرأة أحق بحضانة أولادها من زوجها إلا إن تزوجت فهو أحق منها .
فالنصيحة للأخت السائلة أن تفكر جيدا قبل طلب الطلاق أو الخلع ، فإن كنتِ تستطيعين أن تصبري على أذى زوجك ، وما بينكما قد يزول
بالتفاهم والاتفاق : فهذا أفضل ، أما إن كنت لا تستطيعين العيش معه ، فهذا أمر يرجع تقديره إليكِ .
وإن حصلت الفرقة فعلى المرأة أن تختار بين أولادها أو زوج آخر وتستخير الله في ذلك وتستعين به وتلجأ إليه بالدعاء والتضرع أن
يهديها الصواب في ذلك ، وهذا هو حكم الإسلام في هذه المسألة .
وأما إن كان القانون في بلادكم يحكم بحضانة الأولاد للأم حتى لو تزوجت فهذا مخالف لحكم الشرع ولا يجوز ذلك ، قال الله تعالى :
( أفحكم الجاهلية ييغون ، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) المائدة / 50
والله أعلم .
*****
947
حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7567)
سؤال رقم 947- حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
ما حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ؟ .
الحمد لله
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } وقال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .
والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
9640
شروط المسح على الخفين
الفقه > عبادات > الطهارة > المسح على الخفين >(1/7568)
سؤال رقم 9640- شروط المسح على الخفين
ما هي شروط المسح على الْخُفَّين مع الأدلة على ذلك ؟.
الحمد لله
يُشترط للمسح على الخفَّيْن أربعة شروط :
الشرط الأول : أنْ يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (دعْهما فإنِّي أدخَلتُهما طاهرتَيْن) .
الشرط الثاني : أنْ يكون الخُفَّان أو الجوارب طاهرةً فإنْ كانت نجسةً فإنَّه لا يجوز المسح عليها ، ودليل ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان فخلعهما في أثناء صلاته وأَخبَر أنَّ جبريل أخبره بأنَّ فيهما أذىً أو قذَراً رواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في مسنده ، وهذا يدل على أنَّه لا تَجوز الصلاة فيما فيه نَجاسة ولأنَّ النَّجس إذا مُسِح عليه تلوَّثَ الماسحُ بالنَّجاسةِ فلا يصِحُّ أنْ يكونَ مطهرا ً .
الشرط الثالث : أنْ يكون مسحهما في الحَدَث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغُسل ، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال : أَمَرَنا رسولُ الله إذا كنَّا سَفرا أنْ لا نَنْزِع خِفافنا ثلاثة أيام ولياليَهُنَّ إلاَّ مِن جَنابة ولكنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ رواه أحمد من حديث صفوان بن عسّال رضي الله عنه في مسنده ، فيُشترَطُ أنْ يكون المسح في الحَدَث الأصغر ولا يجوز في الحَدَث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .
الشرط الرابع : أنْ يكون المسح في الوقت المحدَّد شرعاً وهو يومٌ وليلةٌ للمُقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر لحديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم للمُقيم يوماً وليلةً وللمسافر ثلاثة أيام ولياليَهن ، يعني في المسح على الخُفَّين . رواه مسلم ، وهذه المدة تبتدئ مِن أول مرَّة مَسَح بعد الحَدَث وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنسبة للمُقيم واثنتين وسبعين ساعةً بالنسبة للمُسافر ، فإذا قدَّرنا أنَّ شخصاً تطهَّر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلَّى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء و مَسَح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإنَّ ابتداء المدة
يكون في الساعة الخامسة مِن صباح يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة مِن صباح يوم
الخميس فلو قُدِّر أنَّه مسَحَ يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإنَّ له أنْ
يُصلِّيَ الفجر أي فجرَ يوم الخميس بهذا المسح ويُصلي ما شاء أيضاً مادام على
طهارته لأنَّ الوضوء لا يُنتَقَض إذا تَمَّت المدَّة على القول الراجح مِن أقوال
أهل العلم وذلك لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُوقِّت الطَّهارة
وإنَّما وَقَّتَ المسْح فإذا تَمَّت المدة فلا مسْحَ ولكنَّه إذا كان على طهارة
فطهارته باقيةٌ لأنَّ هذه الطهارة ثبتَتْ بمُقتضَى دليلٍ شرعي وما ثبتَ بدليلٍ
شرعيٍ فإنَّه لا يرتفع إلاَّ بدليلٍ شرعيٍ ولا دليلَ على انتقاض الوضوء بتمام مدة
المسح ولأنَّ الأصلَ بقاءُ ما كان على ما كان حتى يتبيَّن زوالُه فهذه الشروط التي
تُشترَط للمسح على الخفَّيْن وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر .
إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 14.
*****
9755
اغتسلت وصلت دون أن تغسل شعرها
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/7569)
سؤال رقم 9755- اغتسلت وصلت دون أن تغسل شعرها
السؤال :
بعض المرات أغتسل من الجنابة أو من الحيض ولا أغسل شعري لأنه مضفر فما حكم ذلك ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
هذا خطأ كبير ولا يجوز فعله ، وبناء عليه لا تصح الصلاة بل لا بد من أن تغسلي كافة البدن بما في ذلك الشعر كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله إني امرأة أشد شعر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ قال : " لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات " رواه مسلم برقم ( 330 ) ، فإذا كان شعرك مضفرا فإنك تغسلينه وتدخلين الماء إلى أصوله مع غسل ما استرسل منه وهذا لا بد منه ، وصلاتك لا تصح لأنك لم تغتسلي من الجنابة لأن غسل الجنابة مشروط فيه تعميم البدن بالماء بما في ذلك الشعر وكذلك الغسل للطهر من الحيض أو النفاس .
فعليك أن تقضي صلاتك التي صليتها وأنت لم تغسلي شعرك عند رفع الجنابة أو الطهر من الحيض . والله أعلم .
فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد ص 53.
*****
9924
حكم المؤمن المرتكب لبعض المعاصي(1/7570)
سؤال رقم 9924- حكم المؤمن المرتكب لبعض المعاصي
ما هو حال المؤمن الذي ارتكب الكثير من المعاصي في حياته ؟ هل يغفر الله له أم أنه يُعذب ؟ وما هو مقدار عذابه ؟.
الحمد لله
فالمؤمنون
الذين يموتون على الإيمان إذا كانوا قد ارتكبوا في حياتهم معصيةً دون الكفر والشرك
المخرج من الملة ، لهم حالتان:
الأولى : أن يكونوا قد تابوا من المعصية في حياتهم ، فإن تابوا منها توبة نصوحاً قبلها
الله منهم . فيعودون كمن لا ذنب له، ولا يعاقبون على معصيتهم في الآخرة ، بل ربما
أكرمهم ربهم فبدل سيئاتهم حسنات .
الثانية : الذين يموتون و لم يتوبوا من المعاصي أو كانت توبتهم ناقصة لم تستوف
الشروط، أو لم تقبل توبتهم فيها، فإن الذي أثبتته الآيات القرآنية والسنن النبوية
واتفق عليه السلف الصالح أن هؤلاء ـ العصاة من أهل التوحيد ـ على ثلاثة أقسام
:
القسم الأول : قوم تكون لهم حسنات كثيرة
تزيد وترجح على هذه السيئات، فهؤلاء يتجاوز الله عنهم ، ويسامحهم في سيئاتهم ،
ويدخلهم الجنة ، ولا تمسهم النار أبداً إحساناً من الله وفضلاً وإنعاماً. كما جاء
في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"إن الله
سبحانه وتعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب
كذا؟ فيقول: نعم، أي رب، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال: سترتها
عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون
فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا ربهم ألا لعنة الله على الظالمين" رواه البخاري (2441) ومسلم (2768) .
وقال تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك المفلحون} الأعراف / 8 .
وقال سبحانه :
{فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه فأمه هاوية }
القارعة / :6-7 .
القسم الثاني : قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة وتجاوزت بهم حسناتهم عن
النار ، وهؤلاء هم أصحاب الأعراف الذين ذكر الله تعالى أنهم يوقفون بين الجنة
والنار ما شاء الله أن يوقفوا ثم يؤذن لهم في دخول الجنة كما قال تعالى بعد أن أخبر
بدخول أهل الجنةِ الجنةَ وأهل النارِ النارَ فقال سبحانه : ( وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ
وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا
أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ
. وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا
لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين َ) إلى قوله : ( أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ
أَقْسَمْتُمْ لا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ
عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) الأعراف / 46-49
القسم الثالث : قوم لقوا الله تعالى مصرين على الكبائر والإثم والفواحش فزادت سيئاتهم على
حسناتهم فهؤلاء هم الذين يستحقون دخول النار بقدر ذنوبهم فمنهم من تأخذه إلى كعبيه
ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه حتى أن منهم من لا
يحرم على النار منه إلا أثر السجود ، وهؤلاء هم الذين يأذن الله في خروجهم من النار
بالشفاعة فيشفع فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ،و سائر الأنبياء ، والملائكة
والمؤمنون ومن شاء الله أن يكرمه. فمن كان من هؤلاء العصاة أعظم إيمانا و أخف ذنبا
كان أخف عذاباَ وأقل مكثا فيها وأسرع خروجا منها ، وكل من كان أعظم ذنباً وأضعف
إيماناً كان أعظم عذاباً و أكثر مكثاً نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء .
فهذه حال
عصاة المؤمنين في الآخرة .
وأما في
الدنيا فهم ما داموا لم
يرتكبوا عملاً يخرجهم من الملة فهم مؤمنون ناقصوا الإيمان كما أجمع على ذلك السلف
الصالح مستدلين بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ؛ فمن تلك الآيات :
قوله تعالى في
آية القصاص :( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ) البقرة/178 فجعل الله القاتل
أخاً لأولياء المقتول وهذه الأخوَّة هي أخوة الإيمان فدل ذلك على أن القاتل لم يكفر
مع أن قتل المؤمن كبيرة من أكبر الكبائر .
وقوله جل شأنه :
( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى
تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ) الحجرات/9 :10 فسمى الله الطائفتين المقتتلتين مؤمنين مع أن الاقتتال من كبائر الذنوب ، بل وجعل
المصلحين بينهم أخوة لهم ؛ فدل هذا على أن مرتكب المعصية والكبيرة التي لا تصل إلى
حد الشرك والكفر ؛ يثبت له اسم الإيمان وأحكامه . لكنه يكون ناقص الإيمان . وبهذا
تجتمع النصوص الشرعية وتأتلف . والله أعلم .
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 212 ) و ( شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين 2 /
238 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
9940
مواقيت الصلوات الخمس
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/7571)
سؤال رقم 9940- مواقيت الصلوات الخمس
متى يخرج وقت صلاة العصر وتحديداً بالساعة ؟ .
الحمد لله
" فإن الله
تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة بأوقات اقتضتها حكمة الله
تعالى ليكون العبد على صلة بربه تعالى في هذه الصلوات مدة هذه الأوقات كلها فهي
للقلب بمنزلة الماء للشجرة تُسقى به وقتاً فوقت ، لا دفعة واحدة ثم ينقطع عنها .
ومن الحكمة في
تفريق هذه الصلوات في تلك الأوقات أن لا يحصل الملل والثقل على العبد إذا أداها
كلها في وقت واحد ، فتبارك الله تعالى أحكم الحاكمين "مقدمة رسالة أحكام مواقيت
الصلاة للشيخ محمد ابن عثيمن رحمه الله .
وأوقات الصلوات
ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ
الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ وَوَقْتُ
الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ
يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ
وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ
فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ
قَرْنَيْ شَيْطَانٍ " رواه مسلم (612) .
ففي هذا الحديث
بيان لأوقات الصلوات الخمس ، وأما تحديد الأوقات بالساعة ، فإنه يختلف من بلد إلى
بلد وسنتناول كل وقت على حدة :
أولاً :
وقت الظهر :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " فحدد
النبي صلى الله عليه وسلم وقت الظهر ابتداءً وانتهاءً :
أما بداية
وقت الظهر : فهو من زوال
الشمس - والمقصود زوالها عن وسط السماء إلى جهة الغرب .
تطبيق
عملي لمعرفة الزوال ( بداية وقت الظهر ) :
ضع شيئاً شاخصاً
(عموداً) في مكان مكشوف فإذا طلعت الشمس من المشرق سيكون ظل هذا الشاخص نحو المغرب
وكلما ارتفعت الشمس نقص الظل ، فما دام ينقص فالشمس لم تزل ، وسيستمر الظل في
التناقص حتى يقف عند حدٍ معين ثم يبدأ يزيد نحو المشرق ، فإذا زاد أدنى زيادة فقد
زالت الشمس ، وحينئذٍ يكون وقت الظهر قد دخل .
علامة الزوال
بالساعة : اقسم ما بين طلوع
الشمس إلى غروبها نصفين فهذا هو وقت الزوال ، فإذا قدرنا أن الشمس تطلع في الساعة
السادسة وتغيب في الساعة السادسة ، فالزوال :الساعة الثانية عشرة ، وإذا كانت تخرج
في الساعة السابعة ، وتغيب في الساعة السابعة ، فالزوال الساعة الواحدة وهكذا. انظر
الشرح الممتع (2/96)
وأما نهاية
وقت الظهر : فهو إلى أن يصير
ظل كل شيء مثله ( أي طوله ) بعد الظل الذي زالت عليه الشمس .
تطبيق
عملي لمعرفة نهاية وقت الظهر :
لنرجع إلى
الشاخص ( العمود ) الذي وضعناه قبل قليل ، ولنفرض أن طوله (متر واحد) ستلاحظ أن
الظل قبل الزوال يتناقص شيئاً فشيئاً إلى أن يقف عند نقطة معينة ( قم بوضع إشارة
عند هذه النقطة ) ثم يبدأ في الزيادة وعندها يدخل وقت الظهر ، ثم يستمر الظل في
الزيادة نحو المشرق إلى أن يصير طول الظل يساوي طول الشاخص (العمود) ، أي أن طول
الظل سيكون ( متراً واحداً ابتداءً من النقطة التي وضعت عندها الإشارة ، وأما الظل
الذي قبل الإشارة فلا يُحسب وهو ما يُسمى بفيء الزوال ) وهنا يكون قد انتهى وقت
الظهر ودخل وقت العصر بعده مباشرة .
ثانياً :
وقت العصر :
قال عليه الصلاة
والسلام : " ووقت العصر ما لم تصفر الشمس " .
قد عرفنا بأن
ابتداء وقت العصر يكون بانتهاء وقت الظهر ( أي عند مصير ظل كل شيء مثله ) .
وأما نهاية وقت
العصر فله وقتان :
1) وقت اختيار :
وهو من أول وقت العصر إلى اصفرار الشمس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " وقت
العصر ما لم تصفر الشمس " أي ما لم تكن صفراء ، وتحديده بالساعة يختلف باختلاف
الفصول .
2) وقت اضطرار :
وهو من اصفرار الشمس إلى غروب الشمس . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " أخرجه البخاري (579) ومسلم (608) . مسألة : ما معنى وقت الضرورة ؟
معنى الضرورة :
أنه لو اشتغل الإنسان عن العصر بشغل لابد منه كتضميد جرح - وهو يستطيع أن يصلي قبل
اصفرار الشمس ولكن بمشقة - وصلى قبيل الغروب فقد صلى في الوقت ولا يأثم ؛ لأن هذا
وقت ضرورة ، فإذا اضطر الإنسان للتأخير فلا حرج مادام قبل غروب الشمس .
ثالثاً :
وقت المغرب :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ " .
أي أن وقت
المغرب يدخل مباشرة من خروج وقت العصر وهو غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر .
فإذا غابت
الحمرة من السماء خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء ، وتحديده بالساعة يختلف باختلاف
الفصول ، فمتى رأيت الحمرة قد زالت في الأفق فهذا دليل على أن وقت المغرب قد انقضى
.
رابعاً :
وقت العشاء :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وَوَقْتُ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ " .
فوقت العشاء
يبدأ من خروج وقت المغرب مباشرة ( أي من مغيب الحمرة في السماء ) إلى نصف الليل .
مسألة : كيف نحسب نصف الليل ؟
الجواب : إذا
أردت حساب نصف الليل فاحسب الوقت من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر ، فنصف ما بينهما هو
آخر وقت العشاء ( وهو نصف الليل ) .
فلو أن الشمس
تغيب الساعة الخامسة ، والفجر يؤذن الساعة الخامسة فمنتصف الليل هو الساعة الحادية
عشرة مساءً ، ولو أن الشمس تغيب الساعة الخامسة والفجر يطلع الساعة السادسة ،
فمنتصف الليل الساعة الحادية عشرة والنصف وهكذا .
خامساً :
وقت الفجر :
قال النبي صلى
الله عليه وسلم : " وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ
تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلاةِ
فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ " .
يبدأ وقت الفجر
من طلوع الفجر الثاني ، وينتهي بطلوع الشمس . والفجر الثاني هو البياض المعترض في
الأفق من جهة المشرق ويمتد من الشمال إلى الجنوب ، وأما الفجر الأول فإنه يخرج قبل
الفجر الثاني بساعة تقريباً وبينهما فروق :
1) الفجر الأول ممتد لا
معترض ، أي يمتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني معترض من الشمال إلى الجنوب .
2) أن الفجر الأول يُظلم ،
أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يُظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً
وإضاءة .
3) أن الفجر الثاني متصل
بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق
ظلمة . أنظر الشرح
الممتع (2/107) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****(1/7572)