سؤال رقم 20962- حكم لعب البلياردو ودفع الخاسر لإيجار اللعبة
نلعب البلياردو للتسلية ونلعب أحياناً أن الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة ، فهل هذا يجوز ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن المتأمل في حال الشباب اليوم يجد أكثرهم قد انصرفوا عن الجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع ، أو الرزق الحلال الطيب ، وهم يقتلون
أوقاتهم قتلاً ، ويضيعونها بغير المفيد ، مما يسبب لهم مشكلات نفسية وأمراض عضوية .
وقد مرَّ بعض السلف على أناس يلعبون فقال : وددتُ أن الوقت يُشترى بالمال فأشتري أوقات هؤلاء !
نعم ، أولئك الكبار العظماء ما كانت تكفيهم ساعات اليوم للبحث والمطالعة والجد والاجتهاد ، وقد قللوا من نومهم وأكلهم لئلا تفوت عليهم
الأوقات .
ثم نجد من الشباب ما يُحزن من تضييعٍ لأفضل سنوات أعمارهم باللهو واللعب ، ولا نود من إخواننا الشباب أن يحرموا ما أحلَّ الله من اللهو
المباح واللعب الجائز ، لكن نود منهم أن لا يكون هذا هو شغلهم الشاغل ، وهي حياتهم في الليل والنهار ، وأن يبحثوا عن اللعبة المفيدة لعقولهم وأجسادهم
وتنمية مهاراتهم .
ثانياً :
لعب البلياردو داخل النوادي لا يجوز ، لا من حيث حرمة اللعبة ذاتها ، بل لأن هذه النوادي يكثر فيها المنكرات من السب والشتم وترك الصلوات
والميسر ، واللعب فيها سكوت عن المنكر من غير حاجة للبقاء في هذا المكان .
وأما اللعب بها في مكانٍ ليس فيه منكرات : فلا حرج من اللعب بها ، لكن بشروط ، ومنها :
1. أن تخلو من الرهان .
2. أن لا يكون فيها سب وشتم واحتقار وحقد وكراهية .
3. أن لا تضيِّع واجبات كالصلاة وطلب العلم والقيام على الأهل وتربيتهم وتأديبهم .
وقد سبق أن ذكرنا أن عامة الفقهاء على تحريم الشطرنج ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأنه من أجازها فإنما أجازها بتلك الشروط وما
شابهها ، وعند التأمل في لعب الشباب نجد أن تحقق هذه الشروط يكاد أن يكون معدوماً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الشطرنج – وكلامه ينطبق أيضاً على البلياردو ونحوها مما يلعب به الشباب اليوم :
والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطناًَ أو ظاهراً فهو حرام باتفاق العلماء . وشغله عن إكمال الواجبات أوضح من أن يحتاج إلى بسط ،
وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة : من مصلحة النفس أو الأهل أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين أو ما يجب فعله من نظر في
ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الأمور .
وقلَّ عبدٌ اشتغل بها إلا شغلتْه عن واجب ، فينبغي أن يُعرف أن التحريم في مثل هذه الصورة متفق عليه ، وكذلك إذا اشتملت على محرم أو
استلزمت محرَّماً : فإنها تحرم بالاتفاق ، مثل اشتمالها على الكذب واليمين الفاجرة أو الخيانة التي يسمونها المغاضاة أو على الظلم أو الإعانة عليه : فإن
ذلك حرام باتفاق المسلمين ولو كان ذلك في المسابقة والمناضلة فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ونحو ذلك ؟ .
، وكذلك إذا قدر أنها مستلزمة فساداً غير ذلك : مثل اجتماع على مقدمات الفواحش ، أو التعاون على العدوان أو غير ذلك ، أو مثل أن يفضي
اللعب بها إلى الكثرة والظهور الذي يشتمل معه على ترك واجب أو فعل محرم ، فهذه الصورة وأمثالها مما يتفق المسلمون على تحريمها فيها .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 218 ) .
ثانياً :
وأما بالنسبة لكون الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة : فإن هذا من الميسر ، وهو محرَّم لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر
والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون . إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر
الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } المائدة / 90 ، 91 .
لأن الأصل أن يكون إيجار هذه اللعبة – إن خلت من المحرم – على جميع اللاعبين فيكون اللاعب داخلاً بين أن يخسر بأن يدفع لنفسه ولغيره أو
يكسب فيسقط عنه نصيبه من الإيجار وهذا يسمى السبق وهو ما يجعل من المال رهناً على المسابقة ، وهو لا يجوز في الشريعة إلا في ما ورد به النص مما يستعان به
على الجهاد ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا سبق إلا في نصل أو خف أو حاف ) رواه الترمذي ( 1700 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
أي في الرماية أو المسابقة بالخيل أو الإبل ، وقاس عليها العلماء ما كان مثلها مما يستعان به على الجهاد ، وألحق بها بعضهم المسابقات
التي تكون في العلم الشرعي لأن به نصرة الشريعة كالجهاد وبالسيف أو أكثر .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن لعبة " البيبي فوت " وعن حكم دفع المغلوب لثمن اللعب بها فقالوا :
إذا كان حال هذه اللعبة ما ذكرت من وجود تماثيل بالمنضدة التي يُلعب عليها ، ودفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة لصاحبها : فهي محرَّمة
لأمور :
أولاً : أن الاشتغال بهذه اللعبة من اللهو الذي يقطع على اللاعب بها فراغه ، ويضيع عليه الكثير من مصالح دينه ودنياه ، وقد يصير اللعب
بها عادة له ، وذريعة إلى ما هو أشد من ذلك من أنواع المقامرة ، وكل ما كان كذلك فهو باطل محرَّم شرعاً .
ثانياً : صنع التماثيل والصور واقتناؤها من كبائر الذنوب ، للأحاديث الصحيحة التي توعَّد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من فعل
ذلك بالنار والعذاب الأليم .
ثالثاً : دفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة : محرَّم ؛ لأنه إسراف وإضاعة للمال بإنفاقه في لعب ولهو ، وإيجار اللعبة : عقد باطل ، وكسب
صاحبها منها : سحت وأكل للمال بالباطل ، فكان ذلك من الكبائر والقمار المحرَّم .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 4 / 439 ) .
والله أعلم .
*****
21074
صفة التيمم
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/6831)
سؤال رقم 21074- صفة التيمم
كيف يتيمم الإنسان إذا لم يجد الماء ، أو لم يستطع استعمال الماء ؟.
الحمد لله
روى البخاري ومسلم حديثَ عمار بن ياسر رضي الله
عنهما في صفة التيمم ، وقد رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه ، ولفظ إحدى هذه
الروايات (347) (1/455) من الفتح : ( إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ
هَكَذَا ؛ فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا ، ثُمَّ
مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ ،
ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ) . ورواه أبو داود (317) (1/515) من عون المعبود ،
بنفس إسناد البخاري إلا شيخَ البخاري (محمد بن سلاَم) فإنه أبدله بـ (محمد بن
سليمان الأنباري) قال عنه الحافظ في التقريب (2/167) : صدوق اهـ ولفظه : (فَضَرَبَ
بِيَدِهِ عَلَى الأَرْضِ فَنَفَضَهَا ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ ،
وَبِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ عَلَى الْكَفَّيْنِ ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ) .
وذكر الحافظ في الفتح (1/457) أن الإسماعيلي
رواه بلفظ : ( إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ عَلَى الأَرْضِ ،
ثُمَّ تَنْفُضَهُمَا ، ثُمَّ تَمْسَحَ بِيَمِيْنِكَ عَلَى شِمَالِكَ ، وَشِمَالِكَ
عَلَى يَمِيْنِكَ ، ثُمَّ تَمْسَحَ عَلَى وَجْهِكَ ) .
قال الشنقيطي في أضواء البيان (2/43) : فحديثُ
البخاري هذا نصٌّ في تقديم اليدين على الوجه اهـ
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (21/423) : فرواية
البخاري صريحةٌ في أنه مَرَّ على ظهر الكف قبل الوجه ، وقولُه في الرواية الأخرى :
(وظاهر كفيه) يدل على أنه مسح ظاهر كل
منهما براحة اليد الأخرى اهـ . وقال أيضاً (21/425) : لكنَّ الروايةَ التي انفرد
بها البخاري تبين أنه مسح ظهر الكفين قبل الوجه اهـ وانظر الفتاوى (21/422-427) .
وعلى هذا تكون صفة التيمم : أن يقول : بسم الله
ناوياً التيمم ، ثم يضرب بكفيه وجه الأرض ضربة واحدة ، ثم يمسح ظاهر كفه الأيمن
براحة يده اليسرى ، وظاهر كفه الأيسر براحة يده اليمنى ، ثم يمسح وجهه بيديه .
ويقال بعد التيمم ما يقال بعد الوضوء من الأذكار . والله أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21091
المسافر يتم الصلاة إذا نوى الإقامة أكثر من 4 أيام
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/6832)
سؤال رقم 21091- المسافر يتم الصلاة إذا نوى الإقامة أكثر من 4 أيام
أنا جزائري قدمت إلى بريطانيا منذ حوالي ثلاث سنوات وأنا أقصر الصلاة بعد أن سمعت فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ومفادها أن القصر ليس له حد زمني .
وأنا اعتبر نفسي في حالة انتظار متى أصبح الوضع في بلادي آمنا رجعت فأريد منكم فتوى صريحة تنطبق على حالي وجزاكم الله خير الجزاء.
الحمد لله
فتوى الشيخ - رحمه الله - بأن المسافر يترخص فيقصر
ويجمع ويفطر ما دام الوصف ( السفر ) باقيا
لإطلاق النصوص وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية من
قبله . لكن جمهور العلماء على أن المسافر له أن يترخص برخص السفر ما لم ينو الإقامة
أربعة أيام فأكثر وهو أحوط ، وبه كان يفتي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه
الله - .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
*****
21113
العمل في البنك الربوي بغير مباشرة للربا وإيداع الأموال فيه
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/6833)
سؤال رقم 21113- العمل في البنك الربوي بغير مباشرة للربا وإيداع الأموال فيه
أعمل في البنك في إحدى الدول في قسم لا يتعامل بالمعاملات الربوية علماً بان البنك المركزي يتعامل بالفوائد وهو مؤسسه حكومية فما هو حكم العمل في البنك المذكور أرجو إفادتي ؟.
الحمد لله
عملك في البنك
حرام ، حتى لو كنت في قسم لا يتعامل بالمعاملات الربويَّة ، ويكفي أن " البنك
المركزي " هو أم البنوك ورأسها ، والعمل في الأقسام الأخرى إنما هو متمم ومكمل
لأقسام الربا ، ومن كلِّ الأقسام يتكون البنك بل كل المؤسسات الربوية .
بل إن العلماء
أفتوا بعدم جواز العمل حارساً أو سائقاً في مثل هذه المؤسسات فكيف بالكاتب ؟
قال الشيخ ابن
عثيمين رحمه الله :
لا يجوز العمل
بالمؤسسات الربويَّة ولو كان الإنسان سائقاً أو حارساً ؛ وذلك لأن دخوله في وظيفة
عند مؤسسات ربويَّة يستلزم الرضى بها ؛ لأن من أنكر شيئاً لا يمكن أن يعمل لمصلحته
، فإذا عمل لمصلحته كان راضياً به ، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه .
أما من كان
يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك : فهو لا شك أنه مباشر للحرام
، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ، وقال : هم سواء .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 401
) .
وسُئلت اللجنة
الدائمة عن رجل يعمل حارساً ليليّاً في أحد البنوك ، وليس له علاقة في المعاملات ،
هل يستمر في عمله أو يتركه ؟
فأجابت :
البنوك التي
تتعامل بالربا لا يجوز للمسلم أن يكون حارساً لها ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم
والعدوان ، وقد نهى الله عنه بقوله : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) .
وأغلب أحوال
البنوك التعامل بالربا ، وينبغي لك أن تبحث عن طريق حلال من طرق طلب الرزق غير هذا
الطريق .
وبالله
التوفيق ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 401
، 402 ) .
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21223
تريد أن تترك الصلاة حياءً من الله لأنها تقع في الزنا
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/6834)
سؤال رقم 21223- تريد أن تترك الصلاة حياءً من الله لأنها تقع في الزنا
اعلم أن الزنا من الفواحش ، وأخجل من الوقوف بين يدي الله للصلاة بعد الاغتسال من الجنابة بسببه ، وأسأل الله المغفرة وصدقني بأنني غير مرتاحة نفسياً لما أفعله لكنني أحاول إسكات ضميري ، هل أعاود الصلاة أم لا ؟ مع استمرار الزنا ؟.
الحمد لله
لا شك أن الزنا كبيرة من الكبائر وجريمة من أقبح
الجرائم ، وفاحشة من أعظم الفواحش ، يقول الله تعالى :
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) الإسراء / 32 ، وقال تعالى : (
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا ءَاخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
يَلْقَ أَثَامًا(68)يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ
فِيهِ مُهَانًا(69) الفرقان .
ولذلك عاقب الله الزناة في الدنيا بعقوبات شديدة
، وأوجب على ذلك الحد ، فقال تعالى في بيان حد الزاني البكر : ( الزَّانِيَةُ
وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا
تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2
أما المحصن ـ وهو الذي قد سبق له الزواج ـ فجعل
حده القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : ( والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) الحدود / 3199 .
ولشناعة هذا الفعل وبشاعته فقد تأذّى منه القردة
، حتى إنهم أقاموا حد الرجم على قردة قد زنت كما ثبت في صحيح البخاري عَنْ عَمْرِو
بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ : ( رَأَيْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ
عَلَيْهَا قِرَدَةٌ قَدْ زَنَتْ فَرَجَمُوهَا فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ ) المناقب /5360 .
فكيف يرضى المسلم المكَلَّف المحاسب بعد أن
شرّفه الله بالإسلام أن ينزل إلى مستوى الحيوانات والبهائم التي كلّما ثار فيها
سُعار الشهوة أطفأتها كيفما شاءت ، إن هذه الجريمة لا يقتصر خطرها على عقاب الدنيا
العاجلة فقط ، بل إن عذاب الآخرة أشد وأعظم ، فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام
البخاري عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أتاني الليلة
آتيان وإنهما ابتعثاني فانطلقا بي .... قال : فانطلقنا حتى إذا أتينا على مثل
التنور ، فإذا فيه لغط وأصوات ، قال : فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم
يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم اللهب ضوضوا ، قال قلت لهما ما هؤلاء ...
فقالا لي : وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة و الزواني
..) (6525) .
( والتنور : هو الكانون أو الفرن الذي يخبز فيه
) .
ومعنى ضوضوا : أي ارتفع صوتهم ولغطهم .
فإذا مات الإنسان على مثل هذا الذنب فماذا يكون
حاله !! بل ماذا يقول لربه إذا وقف للعرض عليه ! أهكذا يكون شكر نعم الله عز وجل
المتوالية التي لا تحصى ، أهكذا يكون شكر نعمة الصحة والعافية ! أغاب عنك أن الله
يراكِ وأنت متلبِّسة بهذا الذنب العظيم ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى
عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ ) آل عمران/5
ألم تعلمي أن هذه الجوارح التي عصيت بها خالقك
ستشهد عليك يوم القيامة ! ألم تسمعي قول الجبار جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا مَا
جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا
كَانُوا يَعْمَلُونَ(20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ
شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ
وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(21) سورة فُصِّلت.
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة النصوح من هذا
الذنب العظيم ، والندم على ذلك أشد الندم ، والإقلاع الفوري عنه ، وعن كل وسيلة
تكون سبباً إليه ومن ذلك :
1- السفور
والتبرج بكشف الوجه أو الشعر أو شيء من البدن ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا ...
قال : وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ
كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ
رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه
الإمام مسلم (اللباس والزينة/3971 ) .
2- والخلوة
بمن كان أجنبياً عنك ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يَخلُوَنَّ
رجلٌ بامرأة إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري ( 3842 )
3- وإياك
الاختلاط بمن لا يحل لك ، فإن الزنى لم يحصل إلا نتيجة لذلك ، وعليك أن تستجيبي
لداعي نفسك اللوامة ولا تلتفتي إلى وسوسة الشيطان وتزيناته وتهوينه من هذه الجريمة
، فلقد أقسم الشيطان بعزّة الله على إغواء بني آدم . قال تعالى : ( قَالَ
فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين َ* إلا عبادك منهم المخلصين ) سورة ص / 82 ، فقد ظفر منك الشيطان بهذا . ثم إنه لم يقنع بوقوعك في
بل إنه يسعى إلى خلودك في النار والعياذ بالله ، وذلك بتزيَّن لك ترك الصلاة بهذه
الحجة الواهية .
إنَّ ترك الصلاة كفر بالله في صحيح مسلم عن
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ
تَرْكُ الصَّلاةِ ) الإيمان / 116 ، وقال صلى الله عليه وسلم
: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) رواه الترمذي
الإيمان / 2545 ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم ( 2113 ) .
فعليك بالإكثار من الاستغفار ، والتوبة والدعاء
، والمحافظة على الصلوات والإكثار منها ، واحرصي على الخشوع فيها لأن الله تعالى
يقول : ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ ) العنكبوت /45 ، وقال تعالى : ( وَأَقِمِ
الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) سورة هود / 114 ، وعليك أن لا
تستثقلي التوبة أو تشعري بأن الله عز وجل لن يتوب عليك فالشيطان حريص على أن يزرع
اليأس والقنوط في قلبك .
واعلمي أن من تاب تاب الله عليه وبدَّل سيئاته
حسنات قال تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) سورة الفرقان/71 .
إن باب التوبة مفتوح ، ولا أحد يحُول بينك وبين
التوبة ، قال عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ
مَا لَمْ يُغَرْغِرْ ) رواه الترمذي ( الدعوات/3460) وحسنه الألباني في صحيح
سنن الترمذي (2802) .
والله يفرح بهذه التوبة فقد جاء في الحديث الذي
رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ
عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ
فَلاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا
فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا
هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ
قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ
مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ) باب التوبة / 4932
وأخيراً :
عليك بعد التوبة بقطع طرق الفاحشة وذلك بالطريق
الشرعي الذي أباحه الله عز وجل وهو الزواج ، وعليك أن تعلمي أنه لا يجوز للمسلم
والمسلمة الزواج ممن وقع في الزنى إلا إذا تاب إلى الله ، فإن تاب وترك ذلك فإنه
يجوز لك الزواج منه بعد التوبة ، ويراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 11195 ) و( 2627 ) ،
وفقنا الله وإياك للتوبة النصوح والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
*****
21234
الصبر على تأخر الزواج
الرقائق > الدعاء >(1/6835)
سؤال رقم 21234- الصبر على تأخر الزواج
أنا فتاة بلغت من العمر التاسعة والعشرين ولم يكتب لي الزواج حتى الآن ، فأرجو من فضيلتك أن تدلني على قراءة سورة من القرآن ، أو دعاء يمنع عني التفكير الشديد في المستقبل والأولاد ، لأني في ضيق من عدم الزواج ، حيث إنه يوجد في بيتنا من تكبرني سناً ولم تتزوج فأرشدني أثابك الله.
الحمد لله
أولاً قبل الإجابة
على هذا السؤال أحب أن أنبه أن الأمور كلها بيد الله عز وجل ، لا جلب نفع ولا
دفع ضرر إلا من عنده تعالى ، والمفرج للكربات هو الله جل شأنه فإذا أصاب
الإنسان شيء فعليه أن يلجأ إليه تبارك وتعالى ، وأن يتضرع إليه ويدعه سواء في
حصول مطلوب ، أو إزالة مرهوب .
لقوله تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله
ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ) سورة النحل/53 ، ولقوله تعالى
: ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً
ما تذكرون ) سورة النمل/62 ، فالله تعالى هو الملجأ للعبد فإذا توجه
إليه الإنسان بإخلاص وافتقار وحاجة ، وكان طيب المطعم - من مأكل ومشرب - والملبس
والمسكن فإنه حري بالإجابة ، وهذا عام في كل شيء .
ثم ليعلم الإنسان أنه إذا دعا الله ولم
يستجب له ، فإما أن الله يدخره له ، وإما أن يدفع عنه شراً أعظم مما سأل ، ولكن
لا يستحسر ويدع الدعاء ، فإن الله يحب الملحين في الدعاء ، وينتظر الإجابة ويوقن
بها ، فإنه سبحانه وتعالى يقول : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة
الداع إذا دعان ) سورة البقرة/186 .
وليتحر أوقات الإجابة ، فإن من أوقاتها
، الثلث الأخير من الليل ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل ربنا إلى
السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني
فأعطيه من يستغفرني فأغفر له حتى يطلع الفجر ) رواه البخاري (7494)
ومسلم (758) .
وكذلك ( آخر ساعة من يوم الجمعة فإنه لا
يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يدعو الله إلا أعطاه إياه ) ر واه البخاري
(935) ومسلم (852) ، أو ما بين خروج الإمام يوم الجمعة إلى أن تقضى الصلاة
وكذلك من الأوقات ما بين الأذان والإقامة
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد ) رواه
الترمذي (212) وأبو داود (521) وأحمد (3/119) وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
ومن الأحوال حال الإنسان إذا كان ساجداً
، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء
فقمن أن يستجاب لكم ) رواه مسلم (479) ، وكذلك بعد التشهد الأخير
قبل أن يسلم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين ذكر التشهد : ( ثم ليتخير
من الدعاء ) رواه البخاري ومسلم ، هذا ما أريد أن أقدمه قبل الجواب الخاص
أما الجواب الخاص فإن هذه المرأة عليها
أن تصبر وتحتسب ، وأن تعلم أن الأمور بيد الله عز وجل ، وأن تأخر الزواج ربما
يكون خيراً أعده الله لها ، فلتأمل الخير ولترجِّ نفسها ، وإذا كان عندك هم أو
وساوس فأكثري من ذكر الله عز وجل ، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ، ولتقبلي
على أمورك من العبادة والأعمال الأخرى ، حتى يزول همك .
وكذلك فادعي بالدعاء المشهور المزيل للهم
والغم وهو : ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك ...
) ، والمرأة تقول : ( اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك
، عدل في قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك
أو علمته أحداً من خلفك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم
ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ) رواه أحمد ( 1/391،452)
وابن حبان (3372) والحاكم (1/509) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) ،
وغير ذلك من الأدعية المأثورة ، فذلك يزيل عنك ما تجدين من الهموم والغموم ،
نسأل الله لنا ولك العافية ، والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21246
لم تعرف علامات البلوغ فأفطرت رمضان جهلاً
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
أصول الفقه > التكليف >(1/6836)
سؤال رقم 21246- لم تعرف علامات البلوغ فأفطرت رمضان جهلاً
جرت العادة في بعض بلاد المسلمين أن معرفة علامة بلوغ المرأة الظاهرة هو الحيض دون النظر إلى بقية العلامات الأخرى كظهور الشعر الخشن حول العانة وغير ذلك مما هو معروف في كتب الفقه .
تأثرا بهذا النوع من الأعراف أو العادات ، بدأت إحدى الأخوات صيام شهر رمضان صيام الفرض بعد رؤية دم الحيض مع العلم أنها كانت آنذاك تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما وأنه قد بدأ ينبت لها الشعر حول أماكن العورة قبل رؤية دم الحيض ، ولكنها لم تعد تتذكر أكان ذلك الشعر خشنا أو غير ذلك ، كذلك لم تعد تتذكر كم سنة قد أفطرت بعد ظهور ذلك الشعر .
السؤال :
1- ما هي العلامات المعتبرة شرعا أو عرفا في معرفة بلوغ المرأة ،
2- ثم ما حكم إفطار هذه الأخت لتلك الرمضانات التي بدأ فيها ظهور الشعر دون الحيض إذا لم يعتد بذلك العرف شرعا .
وهل الجهل في مثل هذه الحالة العينية مقبول أو معتبر ؟ .
الحمد لله
بلوغ المرأة يحصل بواحد من أمور أربعة :
1- أن تُتِمَّ خمس عشرة
سنة .
2- أن تنبت عانتها ، وهو
الشعر الخشن حول الفرج .
3- بإنزال المنيّ المعروف
.
4- أن تحيض .
فإذا حصل واحد من هذه الأربعة ، فقد بلغت وكُلفت
ووجبت عليها العبادات كما تجب على الكبيرة .
وإذا لم تعلم المرأة أن البلوغ يحصل بذلك فليس
عليها إثم حين تركت الصيام لأنها جاهلة ، والجاهل لا إثم عليه ما لم يكن مفرطاً في
التعلّم مع قدرته عليه ، لكن يجب عليها أن تبادر بقضاء صيام الذي لم تصمه لأن
المرأة متي بلغت أصبحت مكلّفة ويجب عليها قضاء ما تركته من الصيام في وقت التكليف ،
ويجب عليها أن تتحرى لمعرفة ما أفطرته بعد بلوغها من أيام ، ولتبادر به حتى يزول
عنها الإثم .
*****
2127
ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/6837)
سؤال رقم 2127- ملخّص مهم في أركان النّكاح وشروطه وشروط الوليّ
ما هي أركان عقد النكاح ؟ وما شروطه ؟ .
الحمد لله
أركان عقد النكاح في الإسلام ثلاثة :
أولا : وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح كالمحرمية من نسب أو رضاع ونحوه وككون الرجل كافرا والمرأة مسلمة إلى غير ذلك .
ثانيا : حصول الإيجاب وهو اللفظ الصّادر من الولي أو من يقوم مقامه بأن يقول للزوج زوجتك فلانة ونحو ذلك .
ثالثا : حصول القبول وهو اللفظ الصّادر من الزوج أو من يقوم مقامه بأن يقول : قبلت ونحو ذلك .
وأمّا شروط صحة النكاح فهي :
أولا : تعيين كل من الزوجين بالإشارة أو التسمية أو الوصف ونحو ذلك .
ثانيا : رضى كلّ من الزوجين بالآخر لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ ( وهي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق ) حَتَّى تُسْتَأْمَرَ ( أي يُطلب الأمر منها فلا بدّ من تصريحها ) وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ ( أي حتى توافق بكلام أو سكوت ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا ( أي لأنها تستحيي ) قَالَ أَنْ تَسْكُتَ رواه البخاري 4741
ثالثا : أن يعقد للمرأة وليّها لأنّ الله خاطب الأولياء بالنكاح فقال : ( وأَنْكِحوا الأيامى منكم ) ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ " رواه الترمذي 1021 وغيره وهو حديث صحيح .
رابعا : الشّهادة على عقد النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بوليّ وشاهدين ) رواه الطبراني وهو في صحيح الجامع 7558
ويتأكّد إعلان النّكاح لقوله صلى الله عليه وسلم : " أَعْلِنُوا النِّكَاحَ . " رواه الإمام أحمد وحسنه في صحيح الجامع 1072
فأما الولي فيُشترط فيه ما يلي :
1- العقل
2- البلوغ
3- الحريّة
4- اتحاد الدّين فلا ولاية لكافر على مسلم ولا مسلمة وكذلك لا ولاية لمسلم على كافر أو كافرة ، وتثبت للكافر ولاية التزويج على الكافرة ولو اختلف دينهما ، ولا ولاية لمرتدّ على أحد
5- العدالة : المنافية للفسق وهي شرط عند بعض العلماء واكتفى بعضهم بالعدالة الظّاهرة وقال بعضهم يكفي أن يحصل منه النّظر في مصلحة من تولّى أمر تزويجها .
6- الذّكورة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا . " رواه ابن ماجة 1782 وهو في صحيح الجامع 7298
7- الرّشد : وهو القدرة على معرفة الكفؤ ومصالح النكاح .
وللأولياء ترتيب عند الفقهاء فلا يجوز تعدّي الولي الأقرب إلا عند فقده أو فقد شروطه . ووليّ المرأة أبوها ثمّ وصيّه فيها ثمّ جدّها لأب وإن علا ثمّ ابنها ثم بنوه وإن نزلوا ثمّ أخوها لأبوين ثم أخوها لأب ثمّ بنوهما ثمّ عمّها لأبوين ثمّ عمها لأب ثمّ بنوهما ثمّ الأقرب فالأقرب نسبا من العصبة كالإرث ، والسّلطان المسلم ( ومن ينوب عنه كالقاضي ) وليّ من لا وليّ له . والله تعالى أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21271
لماذا قدّمت الوصية في قوله تعالى : ( من بعد وصيّة يوصى بها أو دَيْن )
الفقه >(1/6838)
سؤال رقم 21271- لماذا قدّمت الوصية في قوله تعالى - ( من بعد وصيّة يوصى بها أو دَيْن )
لمادا أتت لفظة الوصية في القرآن الكريم قبل الدين ونحن نعلم أن الدين ينفد قبل الوصية .
الحمد لله
قال القرطبي رحمه الله : " إن قيل : ما الحكمة
في تقديم ذكر الوصية على ذكر الدَّيْن, والدين مقدم عليها بإجماع ، أي تقضى ديون
الميت من تركته قبل إخراج ما أوصى به ... فالجواب من أوجه خمسة :
الأول : إنما
قصد تقديم هذين الفصلين على الميراث ولم يقصد ترتيبهما في أنفسهما ; فلذلك تقدمت الوصية في اللفظ .
جواب ثان : لما
كانت الوصية أقل لزوما من الدين قدمها اهتماما بها; كما قال تعالى: "لا يغادر صغيرة
ولا كبيرة" الكهف / 49 .
...
جواب ثالث:
إنما قدمت الوصية إذ هي حظ مساكين وضعفاء , وأخَّر الدَّيْن إذ هو حظ غريم يطلبه
بقوة وسلطان وله فيه مقال .
جواب رابع : لما
كانت الوصية ينشئها من قبل نفسه قدَّمها , والدين ثابت مؤدّى ذكره أو لم يذكره. "
انظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج/5 ص/74
وزاد بعض
العلماء وجهين آخرين
" وإنما قدّمت
الوصيّة على الدَّين في الذكر لأن الوصية إنما تقع على سبيل البر والصلة بخلاف
الدَّين فإنه إنما يقع غالباً بنوع تفريط فوقعت البداءة بالوصية لكونها أفضل .
وقيل قدمت
الوصية لأنها شيء يؤخذ بغير عوض والدَّين يؤخذ بعوض فكان إخراج الوصية أشقُّ على
الوارث من إخراج الدَّيْن وكان أداؤها مظنّة للتفريط بخلاف الدَّيْن فإن الوارث
مطمئن بإخراجه فقدّمت الوصية لذلك " . انظر
التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية للشيخ صالح للفوزان ص/27 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
214
شروط حجاب المرأة المسلمة
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/6839)
سؤال رقم 214- شروط حجاب المرأة المسلمة
السؤال :
كون المرأة مسلمة ، فكيف يجب أن يكون لباسها حتى يقال أنها امرأة مسلمة؟
الجواب:
الحمد لله
لقد أخذ العلماء شروط حجاب المرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب من الأدلة الواردة
في الكتاب والسنة فإذا التزمت المرأة بها فتلبس ما شاءت وتخرج به إلى الأماكن العامة
وغيرها ويكون حجابها حجابا إسلاميا ، وهذه الشروط باختصار هي :
1- أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن
2- أن يكون ثخينا لا يشفّ عما تحته
3- أن يكون فضفاضا غير ضيّق
4- أن لا يكون مزينا يستدعي أنظار الرجال
5- أن لا يكون مطيّبا
6- أن لا يكون لباس شهرة
7- أن لا يُشبه لباس الرجال
8- أن لا يشبه لباس الكافرات
9- أن لا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير لذوات الأرواح
وسيأتي شرح كلّ واحدة في موضع آخر بإذن الله .
( يراجع سؤال رقم 6991 )
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
21413
مجموعة أسئلة عن الطلاق
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6840)
سؤال رقم 21413- مجموعة أسئلة عن الطلاق
1- هل ما يعرف في الغرب بالفراق يجوز في الإسلام ؟ رجل وزوجته مسلمان ويعيشان في الغرب مع أطفالهم ويفكران جدياً بالطلاق، اقترح عليهما شخص بأن يفترقا أولاً، يذهب الزوج ليسكن في مكان قريب وبما أنهما لا زالا متزوجين فليس هناك مشكلة في حضوره للبيت في أي وقت، وسيبقى يصرف على العائلة من جميع النواحي .
2- متى تنتهي العدة للطلاق الأول ؟ هل هي بعد انتهاء الدورة للشهر الثالث أو عند بداية الرابعة ؟
3- ما هي الأشياء التي يجوز فعلها أثناء العدة والتي لا تؤثر على عملية الطلاق ؟ أعلم أن المعاشرة الجنسية تؤثر ولكن ماذا عن التقبيل والضم ؟.
الحمد لله
وبعد :
أما السؤال الأول : فالجواب يختلف باختلاف الحال : فإذا كان المقصود
من هذا الفعل أن تخف حدة التوتر في العلاقة ، ثم يرجعا بعد ذلك معاً ، أو أن يجربا
الابتعاد ، وما سينتج عنه من آثار عليهما وعلى الأولاد حتى يكون ذلك أعون على اتخاذ
القرار ، وتراضيا على هذا الابتعاد المؤقت ؛ فلا بأس بذلك .
وأما إن كان هذا قراراً اتخذاه واقتنعا بانفصال أحدهما عن الآخر
بغير طلاق ، فيقال : إن أسقطت المرأة حقها الذي يفوت عليها بهذا الانفصال ، وتنازل
هو أيضا عن حقوقه عليها ، ورأيا أن مصلحتهما ومصلحة أولادهما في هذا ، وكان المكان
الذي تجلس فيه المرأة وأولادها مكانا مأمونا ليس فيه تضييع لهم ، جاز ذلك بهذه
الشروط . وأما إن احتاجت إلى المعاشرة الزوجية ، ولم يكن يريد فعل ذلك ، أو خشي أن
يحدث منها ما يريب وهي في عصمته ، ونحو هذا من الأسباب فليطلقها ، ويستمر في النفقة
على أولاده . والله أعلم .
وأما السؤال الثاني : فإن عدة المطلقة التي تحيض ، وقد دخل بها
زوجها وليست حاملا ؛ اختلف فيها العلماء قديما وحديثا ؛ والذي يرجحه جمع من أهل
العلم المعاصرين كالشيخ ابن باز وابن عثيمين وغيرهم أن العدة تنتهي بانتهاء ثلاث
حيض ، فبمجرد ما تنتهي الحيضة الثالثة تنتهي العدة ، وهو قول جمع من كبار الصحابة
كعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، ونقله ابن القيم عن أبي بكر وأبي
موسى وغيرهم . رضي الله عنهم أجمعين . ( ينظر
فتاوى إسلامية 3 / 310 ) و(فتاوى الطلاق لسماحة الشيخ ابن باز 193 ) و( جامع أحكام
النساء 4 / 243 ) .
وأما السؤال الثالث : " فالمطلقة الرجعية لها أن تكشف لزوجها وأن
تتزين وتتجمل وتتطيب ، ولها أن تكلمه ويكلمها وتجلس معه وتفعل معه كل شيء ما عدا
الاستمتاع بالجماع أو مقدماته فإن هذا إنما يكون عند الرجعة " ( الشيخ ابن عثيمين : فتاوى إسلامية 3 / 310 )
فلو قَبَّل وضَمَّ زوجته وهو ينوي الرجعة صحت الرجعة بلا خلاف بين
أهل العلم ، وإن لم ينوها فبعض العلماء يرون جوازه باعتبار أنها زوجته ولكن لا
تحصل به الرجعة ، ومنهم من يرى أن الضم والتقبيل ونحوه من مقدمات الجماع يأثم فاعله
إذا لم ينو به الرجعة . فالأحوط عدم فعل ذلك إلا بعد التصريح بالرجعة كأن يقول
لزوجته راجعتك ، ويشهد اثنين من المسلمين على رجعتها بقوله أمامهما أشهدكم أني
أرجعت زوجتي فلانة ، ونحو ذلك ، ثم يفعل ما يريد من المباح . والله أعلم .
( انظر سبل السلام 2 / 267 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21434
أجر من توفي له ولد فصبر عليه
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/6841)
سؤال رقم 21434- أجر من توفي له ولد فصبر عليه
ما هو ثواب الوالدين إذا صبرا وشكرا الله إذا مات لهم طفل ولد حديثاً ؟.
الحمد لله
ثبت في الكتاب والسنة نصوص كثيرة تدل على فضل
الصابرين وعظيم أجرهم ، وأن الله يوفيهم أجرهم بغير حساب . وهذا يشمل كل من صبر على
أي مصيبة ابتلي بها ، ولا شك أن فقد الولد من المصائب العظيمة على من وقعت عليه ،
فمن صبر عليها ورضي بقضاء الله وقدره ، حصل له هذا الأجر العظيم بفضل الله وكرمه .
وإليك شيئا من هذه النصوص لعلها أن تكون مسلية لك في مصيبتك :
قال الله تعالى : " ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ
قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة / 155 ، 156 ،157 ) .
وقال سبحانه : ( وَاللَّهُ يُحِبُّ
الصَّابِرِينَ ) آل عمران /146 .
وقال جل شأنه : ( إِنَّمَا يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر / 10 .
والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا .
وأما الأحاديث فهي كثيرة أيضا منها :
ما رواه مسلم ( 5318 ) عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَجَبًا لأَمْرِ
الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا
لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ
أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " هذا في فضل الصبر عامة .
وقد ورد في فضل الصبر على فقد الولد خاصة أحاديث
منها :
ما رواه الترمذي ( 942 ) عَنْ أَبِي سِنَانٍ
قَالَ دَفَنْتُ ابْنِي سِنَانًا وَأَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلانِيُّ جَالِسٌ عَلَى
شَفِيرِ الْقَبْرِ فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ أَلا
أُبَشِّرُكَ يَا أَبَا سِنَانٍ قُلْتُ بَلَى فَقَالَ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ
قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ
فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا
قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : " ابْنُوا
لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ "
حسنه الألباني في السلسة الصحيحة ( 1408 ) .
وورد في الصحيحين أجر خاص لمن توفي له أكثر من
طفل فصبر واحتسب فعن عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النِّسَاءَ
قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا
فَوَعَظَهُنَّ وَقَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ
كَانُوا حِجَابًا مِنْ النَّارِ قَالَتْ امْرَأَةٌ وَاثْنَانِ قَالَ وَاثْنَانِ " أخرجه البخاري (99 ) ومسلم (4786 ) .
وفي رواية عند البخاري ( 1292 ) عن أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ النَّاسِ مُسْلِمٌ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ
الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ
رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ"
فهذه الأحاديث تبين أن من توفي له ولدان أو أكثر
فصبر عليهما أنه موعود بالجنة ، والنجاة من النار .
وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم دعاء نقوله
عند المصيبة فيه فضل وأجر عظيم وهو ما رواه مسلم في صحيحه ( 1525 ) عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا
أَمَرَهُ اللَّهُ ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) اللَّهُمَّ
أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلا أَخْلَفَ اللَّهُ
لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ
الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ
اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
نسأل الله أن يلهمك الصبر على مصيبتك وأن يخلف
لك خيرا .. والله أعلم .
*****
21498
صلاة الجماعة واجبة على المقيم والمسافر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة > حكم صلاة الجماعة >(1/6842)
سؤال رقم 21498- صلاة الجماعة واجبة على المقيم والمسافر
نحن جماعة نعمل في مكان بعيد عن منازلنا وأهلينا ، وفي مكان خالٍ من السكان والمرافق والمساجد , والمدة التي نقضيها في العمل تساوي المدة التي نقضيها في بيوتنا , أي أننا نعمل 28 يوماً مقابل 28 يوماً كعطلة ، ويتم هذا طوال السنة ، كما أننا نعمل 12 ساعة يوميّاً .
ماذا عن إقامة صلاة الجماعة في هذا المكان وعن وجوبها أم عدم وجوبها ؟.
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة على المسافر والمقيم .
وسبق في إجابة السؤال رقم ( 120 و 8918 ) ذكر الأدلة على
وجوبها .
فيجب عليكم إقامتها ، فيؤذن لكم أحدكم ثم تصلونها جماعة .
روى البخاري (628) عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه
قال : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ
قَوْمِي ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَكَانَ رَحِيمًا رَفِيقًا ،
فَلَمَّا رَأَى شَوْقَنَا إِلَى أَهَالِينَا ، قَالَ : ( ارْجِعُوا فَكُونُوا
فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ، فَإِذَا
حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ
).
وروى أبو داود (547) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا مِنْ
ثَ ل اثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلا بَدْوٍ لا تُقَامُ فِيهِمْ
الصَّلَاةُ إِلا قَدْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ ، فَعَلَيْكَ
بِالْجَمَاعَةِ ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ) . قَالَ السَّائِبُ
( أحد رواة الحديث ) : يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في "عون المعبود" :
( إِلا قَدْ اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ ) : أَيْ غَلَبَهُمْ .
( يَأْكُل الذِّئْب الْقَاصِيَة ) : أَيْ الشَّاة الْبَعِيدَة
عَنْ الْأَغْنَام لِبُعْدِهَا عَنْ رَاعِيهَا .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مجموعة مسافرة للمشاركة في
مؤتمر هل تلزمهم الصلاة في المساجد أم لا ؟ فأجاب :
" الأصل أن الجماعة تلزمكم في المساجد مع الناس إذا كنتم في مكان
تسمعون فيه النداء بدون مكبر لقربكم من المسجد , فإن كنتم في مكان بعيد لا تسمعون
فيه النداء لولا مكبر الصوت فصلوا جماعة في أماكنكم , وكذلك إذا كان في ذهابكم إلى
المسجد إخلال بمهمتكم التي قدمتم من أجلها فصلوا جماعة في أماكنكم" اهـ .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين : (15/381).
*****
21516
حضانة أطفال المسلم من زوجته الكافرة بعد موته
الفقه > معاملات > الحضانة >(1/6843)
سؤال رقم 21516- حضانة أطفال المسلم من زوجته الكافرة بعد موته
إذا مات الرجل المسلم فمن يكون له حق رعاية الأطفال إذا كانت زوجته نصرانية وأقارب الرجل المسلمون بعيدون جدّاً ؟.
الحمد لله
رعاية الأطفال وحضانتهم لا تكون لكافرٍ – وهو
قول مالك والشافعي وأحمد . المغني ( 11/412 ) ، فإذا كان
أقرباء الرجل المسلمون بعيدين جدّاً فإنه ينبغي إرسال الأطفال إليهم ، فإن لم
يُتمكن من ذلك فليُدفع الأطفال إلى أسرةٍ مسلمة لتتولى رعايتهم وحضانتهم .
فمن شروط الحاضن :
الإسلام : فلا حضانة لكافر .
والعقل : فلا حضانة لمجنون ولا معتوه .
والبلوغ : فلا حضانة لصغير .
وحسن التربية : فلا حضانة لمفرِّط فيها .
قال ابن القيم :
لا حضانة لكافرٍ على مسلم لوجهين :
أحدهما : أن الحاضن حريص على تربية الطفل على
دينه وأن ينشأ عليه ويتربى عليه فيصعب بعد كبره وعقله انتقاله عنه ، وقد يغيِّره عن
فطرة الله التي فطر عليها عباده فلا يراجعها أبداً كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه " ،
فلا يُؤمن تهويدُ الحاضن وتنصيره للطفل المسلم .
فإن قيل : الحديث إنما جاء في الأبوين خاصة ،
قيل : الحديث خرج مخرج الغالب ، إذ الغالب المعتاد نشوء الطفل بين أبويه فإن فقد أو
أحدهما قام ولي الطفل من أقاربه مقامهما .
الوجه الثاني : أن الله سبحانه قطع الموالاة بين
المسلمين والكفار ، وجعل المسلمين بعضَهم أولياء بعض ، والكفار بعضهم مِن بعض ،
والحضانة من أقوى أسباب الموالاة التي قطعها الله بين الفريقين .
" زاد المعاد " ( 5 / 459 ) .
والله أعلم .
*****
21605
هل يجوز إعطاء العامل في المطعم زيادة ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/6844)
سؤال رقم 21605- هل يجوز إعطاء العامل في المطعم زيادة ؟
ما حكم إعطاء عامل المطعم زيادة علماً أن بعض الفواتير بها بقشيش؟.
الحمد لله
سألت الشيخ عبد الرحمن البراك السؤال التالي فأجاب حفظه الله :
لا يجوز إعطاء العامل هذه الزيادة لأنها تعتبر رشوة منك للعامل
حتى يعطيك من الخدمة أو الطعام أكثر مما يعطي غيرك ممن لا يدفع له هذه الزيادة ,
وليس للعامل أن يخص أحداً بمزيد خدمة ، وعليه أن يعامل الناس معاملة واحدة .
لكن .. إذا انتفت من هذه الزيادة شبهة الرشوة أو المحاباة فإنه
لا حرج فيها حينئذ .
كما لو قصدت بها الإحسان إلى هذا العامل الضعيف المحتاج وأنت لن
تتردد على هذا المطعم .
والله تعالى أعلم .
قاله الشيخ عبد الرحمن البراك بمعناه .
*****
21701
الاستفادة من مال الأب المرابي
الفقه > معاملات > النفقة >(1/6845)
سؤال رقم 21701- الاستفادة من مال الأب المرابي
أنا شاب مسلم والحمد لله ، أبي لديه مبلغ من المال وقد سمع فتوى الشيخ طنطاوي بتحليل فوائد البنك ووضع أمواله في البنك وبدأ يأخذ الفوائد ، وأنا مقتنع أن هذه الفوائد حرام ، وحاولت كثيراً إقناعه بالعدول عن هذه الفكرة ولكن دون جدوى .
فهل علي وعلى إخوتي وأمي أي ذنب حيث أني قد استحلفت أبي قبل ذلك ألا ينفق علينا من هذا المال الذي هو من الفوائد ؟ وماذا يجب علينا أن نفعل ؟ وإذا عاد إلينا هذا المال ماذا يجب أن نفعل ؟ لقد رزقني الله بعمل في السعودية وقد دفع لي أبي تكاليف السفر ولا أعلم هل هذا المال من الفوائد أم لا ؟ فهل ما يرزقني به الله من هذا العمل حرام أم لا ؟ نرجو الإفادة .
الحمد لله
ليس على أولاد المرابي إثم إذا أكلوا من ماله
الربوي البحت أو لبسوا منه أو سافروا به إذا لم يوجد لهم طريق آخر يتكسبون منه ،
وعليهم نصح والدهم بالطريق التي يغلب على ظنهم نفعها ، فإذا تيسرت طرق أخرى للكسب
أو لم يتحاجوا إلى هذا المال في ضروريات حياتها : وجب عليهم الاستغناء عنه .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
إذا كان مكسب الوالد حراماً ، فإن الواجب نصحه ،
فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، أو تستعينوا بأهل العلم
ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام ، فإذا لم
يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة ، لكن لا ينبغي
أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام . ( فتاوى إسلامية 3/452 ) .
وإذا مات الوالد المرابي وجب على ورثته التخلص
من المال الربوي بإرجاعه إلى أهله إن عرفوهم وإلا فعليهم التخلص منه بتوزيعه في
المصارف العامة والخاصة ، فإن تعسر عليهم تحديد المبلغ الربوي في مال والدهم :
قسموه نصفين فيأخذون النصف ويوزعون النصف الآخر .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل مرابٍ خلف
مالاً وولداً ، وهو يعلم بحاله ، فهل يكون المال حلالاً للولد بالميراث أم لا ؟
فأجاب : أما القدْر الذي يعلم الولد أنه ربا :
فيخرجه ، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن ، وإلا تصدق به ، والباقي لا يحرم عليه ،
لكن القدْر المشتبه يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء دين أو نفقة عيال ، وإن
كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء ، جاز للوارث
الانتفاع به ، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما ، جعل ذلك نصفين . ( مجموع الفتاوى 29/307) .
والله أعلم
*****
21764
حكم صلاة من يصلي فرضا خلف من يصلي نافلة
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/6846)
سؤال رقم 21764- حكم صلاة من يصلي فرضا خلف من يصلي نافلة
ما حكم صلاة من يصلي الفرض خلف من يصلي نافلة؟.
الحمد لله
قال الشيخ عبد
العزيز بن باز : " الحكم في ذلك الصحة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في
بعض أسفاره أنه صلى بطائفة من أصحابه صلاة الخوف ركعتين ، ثم صلى بالطائفة الأخرى
ركعتين ، فالصلاة الثانية له نافلة ، وهكذا ثبت في الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه :
أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فرضه ثم يذهب فيصلي بجماعته
فرضهم فهي لهم فريضة وهي له نافلة (أنظر صحيح
البخاري 701 وصحيح مسلم 465) " . مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز (12/178) .
وهذا القول هو
مذهب الإمام الشافعي ، ورواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ،
والشيخ محمد ابن ابراهيم ، والشيخ محمد ابن عثيمين ، رحم الله الجميع . انظر الشرح الممتع (4/358) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
2178
هل لمس المرأة ينقض الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >
سؤال رقم 2178: هل لمس المرأة ينقض الوضوء
السؤال : الإنسان لا يستطيع أن يستغني عن أخذ وإعطاء شيء طوال يومه إلى زوجته فإذا لمس المتوضئ يد زوجته فهل ينتقض وضوءه ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا مس الرجل المرأة مباشرة ففيه خلاف بين أهل العلم ، هل ينتقض وضوؤه أم لا . والأرجح أنه لا ينقض الوضوء سواء كان مسه إياها بشهوة أو بدونها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ولم يتوضأ ؛ ولأن هذا مما تعم به البلوى فلو كان ناقضاً لبينه النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما قوله سبحانه في سورة النساء والمائدة : ( أو لامستم النساء ) فالمراد به الجماع في أصح قولي العلماء .
فتاوى اللجنة الدائمة 5/266
*****
21810
حكم دفع الزكاة للأخ والأخت والعم والعمة وسائر الأقارب
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/6847)
سؤال رقم 21810- حكم دفع الزكاة للأخ والأخت والعم والعمة وسائر الأقارب
هل تجوز الزكاة من الأخ لأخيه المحتاج ( عائل ويعمل ولكن دخله لا يكفيه ) ؟ وكذلك هل تجوز للعم الفقير ؟ وكذلك هل تدفع المرأة زكاة مالها لأخيها أو عمتها أو أختها .
الحمد لله
لا
حرج في دفع الرجل أو المرأة زكاتهما للأخ الفقير والأخت الفقيرة والعم الفقير
والعمة الفقيرة وسائر الأقارب الفقراء لعموم الأدلة ، بل الزكاة فيهم صدقة وصلة ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصدقة في المسكين صدقة وفي ذي الرحم صدقة وصلة
) ر واه الإمام
أحمد برقم 15794 ، والنسائي برقم 2582 . ماعدا الوالدين وإن علوا ، والأولاد ذكوراً أو إناثاُ وإن نزلوا ، فإنها لا تدفع
إليهم الزكاة ولو كانوا فقراء ، بل يلزمه أن ينفق عليهم من ماله إذا استطاع ذلك ،
ولم يوجد من يقوم بالإنفاق عليهم سواه .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21870
هل يجب حضور وفاة المحتضر وماذا يفعل من حضر
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
سؤال رقم 21870: هل يجب حضور وفاة المحتضر وماذا يفعل من حضر
كنت مع والدي في المستشفى طوال الوقت أثناء مرض موته . لكني لم أتمكن من البقاء معه عندما حضرته الوفاة . وغادرت غرفته ولم أعد أليها . أنا لم أتمكن من رؤيته ، لماذا ؟ ربما لأني كنت خائفة . أنا الآن ، وبعد مرور عامين على ذلك ، أشعر بالذنب ، وشعوري يتفاقم يوما بعد يوم . وقد قلت لنفسي إني لم أكن ابنة صالحة . فأرجو أن تخبرني كيف يكون تصرف المسلمة الصحيح إذا حضرت الوفاة (أحد) والديها وبعد ذلك . ولك الشكر ..
الحمد لله
إذا حضرت الوفاة
أحد الوالدين أو أحد الأقارب أو غيرهم فيسنّ لمن حضر أن يلقنه الشهادة ، فإذا مات
وخرجت روحه يغمض عينيه لأن الروح إذا خرجت تبعها البصر ولا يجوز حينئذ الجزع
والنياحة ونحوها
وإذا كان الشخص
بحيث لا يستطيع البقاء عند المحتضر لخوفه وعدم اعتياده حضور مثل هذه المشاهد فلا
شيء عليه ، لكن ينبغي أن يوطّن الإنسان نفسه على ذلك لأنه مما يعين على حياة القلوب
، وقد يتعين على الشخص ذلك إذا لم يوجد غيره فيأثم بتركه .
الشيخ عبد
الكريم الخضير
فإذا لم يوجد لتغميض المسلم الميت وتغطيته ثم
تغسيله وتكفينه إلا شخص مسلم واحد فعليه وجوباً أن يبقى مع أخيه الميت ليقوم
بالواجب نحوه وإذا وُجد من المسلمين من يقوم بذلك سقط الوجوب عن المسلمين الآخرين .
ويُشرع لمن كان موجوداً عند مسلم يحتضر أن يقرأ
عليه سورة يس لأنها تسهّل خروج الروح ، وتثبت المحتضر كما ثبت الإرشاد بقراءتها من
بعض الصحابة .
وبعد موته وخروج روحه لا يُشرع قراءة القرآن
عليه بل المشروع الدعاء له بالمغفرة والرحمة والتثبيت عند السؤال في القبر .
والله اعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
21900
حكم العقوبات المالية في الإسلام ؟
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/6848)
سؤال رقم 21900- حكم العقوبات المالية في الإسلام ؟
ما حكم العقوبات المالية في الإسلام ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء
ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن التعزير بأخذ المال لا يجوز . وأجاب بعضهم عن القضايا
التي وردت بالعقوبة بأخذ المال بأنها منسوخة ، إذ كان مشروعاُ في ابتداء الإسلام
ثم نسخ بعد ذلك ، وعللوا عدم جواز التعزير بأخذ المال بأن هذا النوع من العقوبة
يكون ذريعة إلى أخذ ظلمة الحكّام والولاة أموال الناس بغير حق .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمة وتلميذه ابن
القيم إلى جواز التعزير بأخذ المال إذا رأى الولاة أن هذا يحقق المصلحة ، ويردع
الظلمة ، ويكف الشر ، لأن التعزير باب واسع ، فأوله التوبيخ بالكلام ، وأعلاه
التعزير بالقتل إذا لم ينكف الشر إلا بالقتل ، وأخذ المال نوع من أنواع التعزير
الذي يحصل به ردع المعتدين .
وقد رد الشيخان دعوى النسخ ونفياها نفياً
باتاً ، ودللا على ذلك بما ورد من القضايا العديدة المؤيدة لوجود العقوبات المالية
قال الشيخ : مدّعو النسخ ليس معهم حجة شرعية
لا من كتاب ولا من سنة ، وهو جائز على أصل أحمد ، لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات
في المال غير منسوخة كلها .
ومن أدلة التعزير بأخذ المال ما يأتي :
أباح النبي صلى الله عليه وسلم سلب الذي
يصطاد في حرم المدينة لمن يجده .
أمر بكسر دِنان الخمر وشق ظروفه .
أمر عبد الله بن عمر بحرق الثوبين المعصفرين
أضعف الغرامة على من سرق من غير حرز .
هدم مسجد الضرار .
حَرَم القاتل من الميراث والوصية .
قال شيخ الإسلام : إن العقوبات المالية
ثلاثة أقسام :
أولاً :
الإتلاف : هو إتلاف محل المنكرات تبعاً
لها ، مثل الأصنام بتكسيرها وإحراقها وتحطيم آلات اللهو ، وتمزيق أوعية الخمور
، وتحريق الحوانيت التي يباع فيها الخمر ، وإتلاف كتب الزندقة والإلحاد والأفلام
الخليعة والصور المجسمة ونحو ذلك .
ثانياً :
التغير : مثل تكسير العملة المزيفة والستائر
التي فيها التصاوير ، وجعله وسادة ونحو ذلك .
ثالثاً :
التمليك : مثل سرقة التمر المعلّق ، والتصدق
بالزعفران المغشوش ، فمصادرة مثل هذه الأشياء والصدقة بها أو بأثمانها .
توضيح الأحكام من بلوغ المرام ص 31.
*****
21902
ضوابط الأوراد الشرعية
أصول الفقه > البدعة >(1/6849)
سؤال رقم 21902- ضوابط الأوراد الشرعية
الأوراد مثل ورد-التاج ، وورد-لاخي ، وورد-تناجيانا وغيرها ، هل تعد من البدع ؟.
الحمد لله
لا علم لنا بما في هذه الأوراد ، لكنا نضع لك بعض الضوابط التي تعينك على معرفة المشروع والمبتدع من ذلك :
أولا : أفضل الأوراد ما نقل لفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى لا يختار له إلا الأكمل والأفضل ، وهو صلى الله
عليه وسلم لا يختار لأمته إلا ذلك.
ثانيا : يجوز للإنسان أن يصلي على نبيه صلى الله عليه بصيغة لم ترد إذا لم تتضمن محذورا شرعيا كالغلو فيه أو التوسل أو دعائه
من دون الله .
ثالثا : ليس للذاكر أن يحدد وقتا أو عدداً أو كيفية للذكر إلا إذا ثبت ذلك بدليل صحيح ، لأن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرعه
في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، والعبادة لا بد أن تكون مشروعة في ذاتها وكيفيتها ووقتها ومقدارها . فمن اتخذ لنفسه وردا لم يثبت لفظه عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدد له عددا معينا أو التزم فعله في وقت معين فقد وقع في البدعة .
وهذه البدعة يسميها العلماء : البدعة الإضافية ، لكون العمل مشروعا في أصله ، لكن لحقته البدعة من جهة اختراع الكيفية أو تحديد
المقدار والزمن .
واعلم أن الخير كله في اتباع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن تأمل حال أصحاب الأوراد المخترعة وجدهم في أغلب الأحوال
مقصرين في فعل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أذكار الصباح والمساء ونحوها ، وهذا يؤكد ما جاء عن بعض السلف من أنه لا يبتدع إنسان بدعة إلا ويترك
من السنة مثلها .
والله أعلم .
*****
21914
هل يلجأ للرهن الربوي إذا كان أرخص من الإيجار
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6850)
سؤال رقم 21914- هل يلجأ للرهن الربوي إذا كان أرخص من الإيجار
حتى يتمكن المرء من شراء بيت هنا في بريطانيا، فإن عليه أن يحصل على رهن، أي أن يقترض من بنك بفوائد. أنا الآن أسكن بالإيجار، لكني إن أنا أخذت بخيار الرهن، فإن ذلك سيكون في مصلحتي (ماديا) حيث أني سأدفع مبلغا شهريا يقل عما أدفعه الآن، وسيصبح البيت ملكي، فهل تحل هذه المعاملة ؟ وإذا كان الجواب بلا، فما هي أفضل طريقة لعمل ذلك؟.
الحمد لله
التعامل بالربا حرام بالكتاب و السنة والإجماع ،
فلا يجوز الإقدام عليه مهما كانت الحاجة الداعية إليه ، فكون الإنسان بحاجة إلى
مسكن أو سيارة أو زواج أو غير ذلك من الحاجات لا يبرر له أن يرتكب ما حرم الله عليه
، وعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه ويراقبه ، ويؤثر الآخرة على الدنيا ، فإن وجد من
يقرضه فبها ونعمت ، وإن لم يجد فبإمكانه أن يستدين من مسلم دينا لا ربا فيه ، فإن
لم يجد فليصبر على الأجرة ، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
الشيخ : عبد الكريم الخضير.
*****
21933
علاقة عن طريق النت
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/6851)
سؤال رقم 21933- علاقة عن طريق النت
أنا طالبة في الكلية ، مشكلتي أنني تعرفت على شاب من طريق النت ( الشات) .
كانت العلاقة في بادئ الأمر علاقة احترام وتبادل معلومات إلى أن انقلبت إلى حب وغرام .
والدتي رافضة فكرة الزواج منه ، وتهددني بإخبار والدي بهذه العلاقة ، وأنا لا أستطيع الصبر عنه وهو كذلك ، إذ أخبرني أنه سوف ينتحر إذا لم يتم الزواج بيننا .
أرجو إرشادي فأنا لا أستطيع الابتعاد عنه ولا أريد الزواج من غيره فهل من حلٍّ أرجوكم ؟.
الحمد لله
اعلمي – وفقك الله – أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من
إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج
التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً
للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش
الخطيرة ، وانتهاك حرمات الله ، والعياذ بالله . أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة
محفوفة بالشك وفقدان الثقة .
وأنت – وفقك الله – أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات)
قبل أن تعرفي حكمها الشرعي ، ثم وقعتِ في خطأ آخر ، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة
محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة .
فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه
بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار !!!
فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع ،
وعضُّ أصابع الندم ، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع
فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف ، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء
والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين ، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين :
أولهما : إما أن يكون صادقاً في تهديده ، وهذا يعني ضعفاً شديداً
في الإيمان ، إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية .
وثانيها : أن يكون كاذبا ً، وهذا يعني انتهازية مقيتة ،
وابتزازاً سخيفاً ، تنمُّ عن أنانية فجة ، وتقديساً للمصالح الشخصية ، ولو قُدّر
لكِ الزواج بهذا الإنسان ، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك ، وسيظل
فاقداً الثقةَ بكِ ، أو الاطمئنان لحياته معك ، فالفتاة التي حصل عليها عبر
المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت ، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة
علاقات مشابهة مع الآخرين ، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين .
وأخيراً : اعلمي أن هذه النصيحة المقدمة لك إنّما دافعها الحرص
عليك ، وإخلاص المشورة لك ، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن
الكرامة والمروءة والشرف ، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله ، وتوبي إلى الله
واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها ، واحمديه ثانية
أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل ، وابدئي – حرسك الله – حياة
جديدة ملأى بالطهر والعفة ، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش ،
وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن ، ومجالسة الصالحات ، ومع الوقت ستذوب علاقتك
بذاك الإنسان ؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع ، أو زمام العقل
الرشيد ، واحذري أن يستخفكِ الشيطان ، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة
للأبد ، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية ، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق
والغرام ، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله ، ودوام العمل في
مرضاته سبحانه ، هذا ونسأل الله أن يجعل لك من همك فرجاً ، ومن ضيقك مخرجاً
د. رياض المسيميري .
*****
22034
طلاق الغضبان
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6852)
سؤال رقم 22034- طلاق الغضبان
أود أن أسأل عن حادثة حدثت وهي أن أخاً مسلماً قال لامرأته إنه قد طلقها ثلاثاً . ولكن بعد ساعات رجع وقال إنه قد قال ذلك في ساعة غضب . سؤالي يا شيخ : هل من حق هذا الأخ الرجوع إلى زوجته ؟ وأريد قراراً مدعماً بالأدلة من الشريعة الإسلامية ، علماً بأننا قد سمعنا عدة وجهات نظر في ذلك ، ولكن من غير أدلة.
الحمد لله
(الغضب له ثلاثة أحوال :
إحداها : إذا اشتد الغضب حتى يفقد الشعور ،
ويكون كالمجنون والمعتوه ، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم ، لأنه بمثابة
المجنون والمعتوه ، زائل العقل .
الحال الثانية : أن يشتد معه الغضب ولكنه يفهم
ما يقول ويعقل ، إلا أنه اشتد معه الغضب كثيراً ، ولم يستطع أن يملك نفسه لطول
النزاع أو المسابة والمشاتمة أو المضاربة وقد اشتد الغضب لأجل ذلك ، فهذا فيه خلاف
بين أهل العلم ، والأرجح أنه لا يقع أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا
طَلاقَ وَلا عَتَاقَ فِي إِغْلاقٍ ) رواه ابن ماجه (2046) وصححه الألباني في
الإرواء (2047) . والإغلاق فسره العلماء بأنه الإكراه والغضب الشديد .
الحال الثالثة : وهي الغضب الخفيف ، وهو الذي
يحصل منه تكدر من الزوج ، وكراهة لما وقع من المرأة ، ولكنه لم يشتد معه شدة كثيرة
تمنعه من التعقل ، والنظر لنفسه ، بل هو غضب عادي خفيف فهذا يقع منه الطلاق عند
جميع أهل العلم .
هذا هو الصواب في مسألة طلاق الغضبان ، بهذا
التفصيل ، كما حرر ذلك ابن تيمية وابن القيم رحمة الله عليهما) .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
فتاوى الطلاق للشيخ ابن باز ص 15-27
*****
22140
هل يعتبر شهيداً من مات في سفر تجاري بحري
الفقه >(1/6853)
سؤال رقم 22140- هل يعتبر شهيداً من مات في سفر تجاري بحري
هل يعتبر شهيداً من مات في سفر تجاري بحري؟.
الحمد لله
سئل شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله :
عن رجل ركب البحر للتجارة فغرق ، فهل مات
شهيداً ؟
أجاب : نعم ، مات شهيداً ، إذا لم يكن عاصياً
بركوبه ، فإنَّه قد صحَّ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الغريق
شهيدٌ ، والمبطون شهيدٌ ، والحريق شهيدٌ ، والميت بالطاعون شهيدٌ ، والمرأة تموت
في نفاسها شهيدةٌ ، وصاحب الهدم شهيدٌ " ، وجاء ذكر غير هؤلاء .
وركوب البحر للتجارة جائزٌ إذا غلب على
الظن السلامة ، وأما بدون ذلك فليس له أن يركبه للتجارة ، فإن فعل فقد أعان على
قتل نفسه ، ومثل هذا لا يقال : إنه شهيد ، والله أعلم .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 23 ) .
*****
2217
كيفية صلاة الاستخارة وشرح دعائها
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > صلاة الاستخارة >(1/6854)
سؤال رقم 2217- كيفية صلاة الاستخارة وشرح دعائها
السؤال :
كيف تكون صلاة الاستخارة ؟ وماهو الدعاء الذي يقال فيها ؟.
الجواب :
الحمد لله
صفة صلاة الاستخارة قد رواها جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : " إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ [ واصرفه عني ] وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ . " رواه البخاري 6841 وله روايات أخرى في الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأحمد
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث :
الاستخارة : اسم ، واستخار الله طلب منه الخِيَرة , والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما .
قوله ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة .. في الأمور كلها ) قال ابن أبي جمرة : هو عام أريد به الخصوص , فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما , فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه . قلت : .. ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير , فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم .
قوله ( إذا هَمَّ ) .. وقع في حديث ابن مسعود " إذا أراد أحدكم أمرا فليقل " .
قوله ( فليركع ركعتين .. من غير الفريضة ) فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلا .. وقال النووي في " الأذكار " : لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلا أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة .. ويظهر أن يقال : إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معا أجزأ , بخلاف ما إذا لم ينو .
وقال ابن أبي جمرة . الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب المَلِك , ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا .
وقوله ( ثم ليقل ) ظاهر في أن الدعاء المذكور يكون بعد الفراغ من الصلاة ويحتمل أن يكون الترتيب فيه بالنسبة لأذكار الصلاة ودعائها فيقوله بعد الفراغ وقبل السلام .
قوله ( اللهم إني أستخيرك بعلمك ) الباء للتعليل أي لأنك أعلم , وكذا هي في قوله " بقدرتك " ويحتمل أن تكون للاستعانة .. وقوله " وأستقدرك " .. معناه أطلب منك أن تجعل لي قدرة على المطلوب , ويحتمل أن يكون المعنى أطلب منك أن تقدِّره لي , والمراد بالتقدير التيسير .
قوله ( وأسالك من فضلك ) إشارة إلى أن إعطاء الرب فضل منه , وليس لأحد عليه حق في نعمه كما هو مذهب أهل السنة .
قوله ( فإنك تقدر ولا أقدر , وتعلم ولا أعلم ) إشارة إلى أن العلم والقدرة لله وحده , وليس للعبد من ذلك إلا ما قدّر الله له .
قوله ( اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ) .. في رواية .. " ثم يسميه بعينه " .. وظاهر سياقه أن ينطق به , ويحتمل أن يكتفي باستحضاره بقلبه عند الدعاء .
قوله ( فاقدره لي ) .. أي نَجِّزه لي " , وقيل معناه يسره لي .
قوله ( فاصرفه عني واصرفني عنه ) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقا به ,
قوله ( ورَضِّني ) .. أي اجعلني بذلك راضيا فلا أندم على طلبه ولا على وقوعه لأني لا أعلم عاقبته وإن كنت حال طلبه راضيا به ..
والسرّ فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره . والرضا سكون النفس إلى القضاء .
انتهى ملخّصا من شرح الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث في كتاب الدعوات وكتاب التوحيد من صحيح البخاري .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
22185
يستقبل الطوارئ والحوادث في المستشفى ، فهل يجوز له ترك صلاة الجمعة ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >(1/6855)
سؤال رقم 22185- يستقبل الطوارئ والحوادث في المستشفى ، فهل يجوز له ترك صلاة الجمعة ؟
أنا ممرض في مستشفى وأمسك قسم الاستقبال ويوم الجمعة أبقى وحدي والطبيب ، فهل يجب عليّ صلاة الجمعة أم لا ؟ حيث أن القسم يكون يستقبل الحوادث والطوارئ 24 ساعة ؟.
الحمد لله
إذا كان عملك في المستشفي يتطلب وجودك وقت صلاة الجمعة تحسباً
للطوارئ ، فلا بأس ببقائك في المستشفى وتكون معذوراً في ترك صلاة الجمعة، وتصلي
ظهراً أربع ركعات .
فتاوى اللجنة الدائمة . مجلة البحوث الإسلامية(58/100-101) .
*****
22305
الألعاب بين الحلال والحرام
الفقه > عادات > المسابقات والألعاب >(1/6856)
سؤال رقم 22305- الألعاب بين الحلال والحرام
قرأت الحديث القائل : "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ" وقرأت - في معناه - بأن اللعب بالزهر (النرد) حرام . وحضرني تساؤل هام ، وهو :
هل كل أنواع الألعاب حتى ولو كانت مفيدة ، خاصة وأن هناك ألعاباً إسلامية تعتمد على النرد ، هل كل هذه الألعاب محرمة ؟ أم أن التحريم مقيد ببعض الألعاب الخاصة ؟
الرجاء التفصيل في شرح تلك القضية .
الحمد لله
الألعاب قسمان :
القسم الأول : ألعاب مُعِيْنة على الجهاد
في سبيل الله، سواء أكان جهاداً باليد (القتال)، أو جهاداً باللسان (العلم) ،
مثل : السباحة، والرمي، وركوب الخيل ، وألعاب مشتمللة على تنمية القدرات والمعارف
العلمية الشرعية ، وما يلحق بالشرعية . فهذه الألعاب مستحبّة ويؤجر عليها اللاعب
متى حَسُنت نيَّته ؛ فأراد بها نصرة الدين ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( ارموا
بني عدنان فإن أباكم كان رامياً ) . فيقاس على الرمي ما كان بمعناه.
القسم الثاني : ألعاب لا تُعين على الجهاد
، فهي نوعان :
النوع الأول : ألعاب ورد النص بالنهي عنها
، كلعبة (النردشير) الواردة في السؤال فهذه ينبغي على المسلم اجتنابها .
النوع الثاني : ألعاب لم يرد النص فيها
بأمر ولا نهي، فهذه ضربان :
الضرب الأول : ألعاب مشتملة على محرّم ،
كالألعاب المشتملة على تماثيل أو صور لذوات الأرواح، أو تصحبها الموسيقى، أو
ألعاب عهد الناس عنها أنها تؤدي إلى الشجار والنزاع، والوقوع في رذائل القول
والفعل، فهذه تدخل في ضمن المنهي عنه؛ لملازمة المحرم لها ، أو لكونها ذريعة
إليه . والشيء إذا كان ذريعة إلى محرّم في الغالب لزم تركه .
الضرب الثاني : ألعاب غير مشتملة على محرّم
، ولا تؤدي في الغالب إليه ، كأكثر ما نشاهده من الألعاب مثل كرة القدم ، الطائرة
، تنس الطاولة ، وغيرها .فهذه تجوز بالقيود الآتية :
الشرط الأول : خلوُّها من القمار ، وهو
الرهان بين اللاعبين .
الشرط الثاني : ألا تكون صادَّةً عن ذكر
الله الواجب، وعن الصلاة ، أو أي طاعة واجبة ، مثل برّ الوالدين .
الشرط الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت
اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه، أو يُعرف بين الناس بها، أو تكون وظيفته؛
لأنه يخشى أن يصدق على صاحبها قوله -جل وعلا- : ( الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً
وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم ) .
والشرط الأخير ليس له قدر محدود، ولكن الأمر
متروك إلى عرف المسلمين، فما عدُّوه كثيراً فهذا الممنوع . ويمكن للإنسان أن
يضع لذلك حداً بنسبة وقت لعبه، إلى وقت جده، فإن كان النصف أو الثلث أو الربع
فهو كثير .
والله سبحانه أعلم .
فضيلة الشيخ / خالد الماجد (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
*****
22392
وضع الأموال في البنوك الربوية
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6857)
سؤال رقم 22392- وضع الأموال في البنوك الربوية
هل يجوز لي أن أُبقي أموالي في البنك للتعاملات فقط إذا رفضت أخذ أي فائدة على النقود المودعة. ولكن بالطبع سيأخذ البنك فائدة هذا المبلغ الربوي لأنفسهم
الحمد لله
إيداع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا لا
يجوز ولا يلجأ إليه المسلم إلا مضطراً وهذا لا يكون إلا بشروط ثلاثة :
1- الحاجة إلى ذلك ، وذلك
بألا يوجد مكان تؤمن فيه الأموال إلا هذه البنوك . فإذا وجد مكان آخر يمكن حفظ
الأموال فيه غير هذا البنك الربوي لم يجز وضع الأموال في البنك الذي يتعامل بالربا
.
2- ألا تكون معاملة البنوك
ربوية مائة بالمائة ، فإن كانت معاملة البنوك ربوية مائة بالمائة فإنه لا يجوز
الإيداع فيها مطلقا ، لأنك إذا أودع الأموال فيها في هذه الحال تكون فإنك تتيقن أنك أعنت البنك على الربا ، وإعانته على الربا لا تجوز .
3- ألا يأخذ المودع ربحا ،
فإن أخذ ربحا صار ذلك ربا ، والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين .
وأما قول السائل إنه إذا لم يأخذ الفائدة أخذها
البنك .
فهذه ليست فائدة وإنما ربا محرم وهي أصلاً للبنك
، ولا يحق للمودع أن يأخذ منها شيئا ، لأن الله تعالى أمر بترك الربا ، حيث قال :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ
الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة/278 . وتوعد من أخذ الربا بقوله :
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)
البقرة/278-279 .
وينبغي التنبه إلى أن إيداع هذه الأموال في
البنك ليس إيداعا بالمعنى الشرعي ، لأن الإيداع شرعاً أن تعطيه مالك ، ويبقى مالك
على ما هو عليه أمانة عنده لا يتصرف فيه ، أما ما يتصرف فيه البنك فهو شرعاً قرض
وليس بإيداع ، وقد نص الفقهاء على ذلك ، أنه إذا أَذِن المودِع للمودَع بالتصرف في
المال فإنه يكون بذلك قرضاً . ( ولذلك تكون إدخال الزيادة عليه رباً )
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
يراجع فتاوى منار الإسلام 2/433-440 للشيخ ابن
عثيمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
22426
هل تجب الزكاة على من عليه دين ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/6858)
سؤال رقم 22426- هل تجب الزكاة على من عليه دين ؟
إذا كان على الإنسان دين يعادل كل المال الذي في يده ، أو يزيد عليه ، فهل يجب عليه أن يزكي المال الذي عنده ، إذا حال عليه الحول ؟.
الحمد لله
" يجب على من لديه مال زكوي أن يؤدي زكاته ، إذا حال عليه الحول
، ولو كان عليه دين ، في أصح قولي العلماء ؛ لعموم الأدلة على وجوب الزكاة على من
لديه مال تجب فيه الزكاة ، إذا حال عليه الحول ، ولو كان عليه دين .
ولأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر عماله
بأخذ الزكاة ممن عليه زكاة ، ولم يأمرهم أن يسألوهم هل عليهم دين أم لا ؟ ولو كان
الدين يمنع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عماله أن يستفسروا من أهل الزكاة : هل
عليهم دين " اهـ . مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن
باز 14/51 .
وقال رحمه الله في فتوى أخرى له بهذا المعنى (14/52) :
" ... لكن لو سددت الدين من النقود التي لديك قبل أن يحول عليها
الحول ، لم يكن فيما صرفته في قضاء الدين زكاة ، وإنما الزكاة فيما بقي ، إذا حال
عليه الحول وهو نصاب " اهـ
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شخص عنده رأس مال قدره
مائتا ألف ريال وعليه دين قدره مائتا ألف ريال بحيث يدفع منه كل سنة عشرة آلاف فهل
عليه زكاة ؟
فأجاب :
" نعم ، تجب الزكاة في المال الذي في يده ، وذلك لأن النصوص
الواردة في وجوب الزكاة عامة ، ولم تستثنِ شيئاً ، لم تستثنِ مَن عليه دين . وإذا
كانت النصوص عامة وجب أن نأخذ بها .
ثم إن الزكاة واجبة في المال ، لقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) التوبة/103 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث ابن
عباس رضي الله عنهما حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال : (
أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم ) ، فبين الله تعالى ورسوله صلى الله
عليه وسلم أن الزكاة في المال ، وليست في ذمة الإنسان ، والدين واجب في ذمته ،
فالجهة منفكة ، ... فتجب زكاة المال الذي بيدك ، والدين واجب في ذمتك ، فهذا له
وجهة ، وهذا له وجهة .
فعلى المرء أن يتقي ربه ويخرج الزكاة عما في يده ، ويستعين الله
تعالى في قضاء الدين الذي عليه ، ويقول: اللهم اقضِ عني الدين وأغنني من الفقر .
وربما يكون أداء زكاة المال الذي بيده سبباً في بركة هذا المال
ونمائه ، وتخليص ذمته من الدين ، وربما يكون منع الزكاة منه سبباً في فقره ، وكونه
يرى نفسه دائماً في حاجة وليس من أهل الزكاة ، واحمد الله عز وجل أن جعلك من
المعطين ولست من الآخذين ) اهـ . مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 18/39 .
وقال رحمه الله في فتوى أخرى له في هذه المسألة (18/38)
( إلا إذا كان الدين حالاًّ ويُطالَب به ، وأراد أن يوفيه ،
فحينئذ نقول : أوف الدين ، ثم زكِّ ما يبقى بعده إذا بلغ نصاباً .
ويؤيد ذلك ما قاله فقهاء الحنابلة في زكاة الفطر ، فإنهم قالوا :
لا يمنعها الدين إلا بطلبه .
وكذلك الأثر المروي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يقول في شهر
رمضان : ( هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه ) ، فهذا يدل على أن الدين إذا
كان حالاًّ ، وصاحبه يريد قضاءه ، قدمه على الزكاة ، أما الديون المؤجلة فإنها لا
تمنع وجوب الزكاة بلا ريب ) اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة [ 9/189 ] :
( الصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع من الزكاة ، فقد كان
عليه الصلاة والسلام يرسل عماله لقبض الزكاة ، ولم يقل لهم انظروا هل أهلها مدينون
أم لا ) . اهـ .
*****
22449
لا بأس بإخراج زكاة عروض التجارة من البضاعة
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/6859)
سؤال رقم 22449- لا بأس بإخراج زكاة عروض التجارة من البضاعة
عندي محل مواد غذائية به بضاعة بقيمة خمسين ألف دينار تقريبا ، وعليّ دين بعشرين ألف دينار . زكاة المحل وجبت الآن ، كيف أخرجها ولا أملك مالاً في خزينة المحل إلا القليل ؟.
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء فيمن عنده نصاب من المال تجب فيه الزكاة ، وعليه
دين ، هل تجب الزكاة في مقدار الدين من المال أو لا ؟
والراجح أن الدَّين لا يمنع وجوب الزكاة ، وعلى هذا فإنك تقَوِّم
البضاعة الموجودة بالمحل في نهاية الحول ، ثم تخرج زكاة جميع المال ، ولا تخصم منه
مقدار الدين الذي عليك .
راجع السؤال رقم ( 22426 )
ثانياً :
أما إخراج الزكاة وليس عندك نقود ، فالقول الراجح في زكاة عروض
التجارة أنه يجوز إخراجها عروضاً .
وعلى هذا ؛ فإن لم يكن معك نقود ، فإنك تخرج الزكاة من البضاعة
الموجودة عندك بالمحل، ويجزئك ذلك إن شاء الله تعالى ، ولا يجوز لك تأخير الزكاة
بعد وجوبها .
راجع السؤال ( 13981 )
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
يجوز إخراج زكاة العروض عرضاً اهـ . " الاختيارات " ص 101
.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز إخراج الزكاة من الأقمشة
؟
فأجاب :
" يجوز ذلك في أصح قولي العلماء ، الطيب عن الطيب ، والرديء عن
مثله حسب القيمة ، مع الحرص على ما يبرئ الذمة ، لأن الزكاة مواساة ، من الغني
للفقراء ، فجاز له أن يواسيهم من القماش بقماش ، كما يواسيهم من الحبوب والتمور
والبهائم الزكوية من نفسها " اهـ . "فتاوى الشيخ ابن باز" (14/253) .
*****
22457
تحديد أعداد الأذكار وأدعية لم ترد في الشرع
أصول الفقه > البدعة >(1/6860)
سؤال رقم 22457- تحديد أعداد الأذكار وأدعية لم ترد في الشرع
ما هو أساس استخدام هذه الأدعية مثل يا لطيف 29 مرة ، يا قهار 306 مرة ، حسبنا الله ونعم الوكيل 450 مرة ، إلخ .. هل يصح أو لا يصح استخدامها لأني لم أجد ما يؤيد استخدامها في القرآن أو السنة ؟.
الحمد لله
وبعد : فهذه الأذكار بهذا التحديد الذي ذُكر لا يعرف لها أساس من
الصحة ، وإنما هذا في الغالب من تحديد بعض المبتدعة وغالبهم من الصوفية ، فيحددون
أوراداً وأذكاراً من عند أنفسهم ، ويقولون : إن من قال كذا وكذا يحصل له من النفع
والحفظ كذا وكذا ، ومن قرأ الورد الفلاني فله من الأجر كذا وكذا .
ومعلوم أن هذا من الأمور التي لا يمكن معرفتها
إلا من طريق الوحي ، والقاعدة في هذا أن الأذكار والأدعية على قسمين :
الأول : الأذكار الواردة في الكتاب والسنة مقيدة
إما بزمان أو بمكان أو بحال ، فهذا القسم يؤتى به على الوجه الذي ورد في زمانه ، أو
حاله ، أو مكانه ، أوفي لفظه ، أوفي هيئة الداعي به من غير زيادة ولا نقصان .
القسم الثاني : كل ذكر أو دعاء مطلق غير مقيد
بزمان أو مكان ، فهذا له حالتان :
الأولى : أن يكون ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم فيؤتى بلفظه ولا يحدد بزمان أو مكان يخص به ، أو بعدد يلتزم به .
الثانية : أن يكون غير وارد عن النبي صلى الله
عليه وسلم بل أتى به الداعي من عند نفسه أو من المنقول عن السلف ؛ فيجوز للعبد
الذكر والدعاء به بخمسة شروط :
1- أن يتخير من الألفاظ
أحسنها ، وأبينها لأنه مقام مناجاة العبد لربه ومعبوده ـ سبحانه ـ .
2-
أن تكون الألفاظ على
وفق المعنى العربي .
3- أن يكون الدعاء خاليا
من أي محذور شرعي ، كما لو اشتمل الدعاء على الاستغاثة بغير الله ، ونحو ذلك .
4- أن يكون في باب الذكر
والدعاء المطلق فلا يقيد بزمان أو حال أو مكان .
5- أن لا يتخذ ذلك سنة
يواظب عليها. أ.هـ
بتصرف من كتاب " تصحيح
الدعاء " للشيخ بكر أبو زيد ( ص42 ) .
وبناء على ما سبق ، فإن الألفاظ المذكورة في
السؤال هي ألفاظ شرعيَّة واردة في الكتاب والسنَّة لكن تحديدها بهذه الأعداد هو
الأمر المحدَث الذي لا يصح الالتزام به ، بل يدعو الإنسان بها في أثناء دعائه
ويناجي الله بجميع أسمائه الحسنى من غير تخصيص لبعض الأسماء دون بعض بأعداد وأزمنة
من عند نفسه
، بل ما ورد في الشرع مخصصا التزمنا به كذلك ،
وما لم يرد لم يكن لنا أن نخصصه من عند أنفسنا لأن في هذا تعديا على مقام النبوة .
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
22650
صفة سجود التلاوة والطهارة له
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/6861)
سؤال رقم 22650- صفة سجود التلاوة والطهارة له
هل يشترط لسجود التلاوة طهارة ، وهل يكبر إذا خفض ورفع سواء كان في الصلاة أو خارجها ؟ وماذا يقال في هذا السجود ؟ وهل ما ورد من الدعاء فيه صحيح ؟ وهل يشرع السلام في هذا السجود إذا كان خارج الصلاة ؟.
الحمد لله
وبعد : سجود التلاوة لا تشترط له الطهارة في أصح
قولي العلماء وليس فيه تسليم ولا تكبير عند الرفع منه في أصح قولي أهل العلم .
ويشرع فيه التكبير عند السجود لأنه قد ثبت من
حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على ذلك .
أما إذا كان سجود التلاوة في الصلاة فإنه يجب
فيه التكبير عند الخفض والرفع لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك في الصلاة
في كل خفض ورفع . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : صلوا كما رأيتموني
أصلي . رواه البخاري في صحيحه ( 595 ) ، ويشرع في سجود التلاوة من الذكر والدعاء ما يشرع في سجود الصلاة لعموم الأحاديث
ومن ذلك : اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه
وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين روى ذلك مسلم في صحيحه ( 1290 ) عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول هذا الذكر في سجود الصلاة من حديث علي رضي
الله عنه .
وقد سبق آنفا أنه يشرع في سجود التلاوة ما يشرع
في سجود الصلاة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا في سجود التلاوة بقوله :
" اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وامح عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها
مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام" رواه الترمذي ( 528 )
والواجب في ذلك قول : سبحان ربي الأعلى ،
كالواجب . في سجود الصلاة ، وما زاد عن ذلك من الذكر والدعاء فهو مستحب .
وسجود التلاوة في الصلاة وخارجها سنة وليس بواجب
لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن ثابت ما يدل على ذلك وثبت عن
عمر رضي الله عنه ما يدل على ذلك أيضا ، والله ولي التوفيق .
( مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ ابن باز 11 / 406 ) .
*****
22652
موقفنا من اختلاف العلماء
العلم > آداب طلب العلم >(1/6862)
سؤال رقم 22652- موقفنا من اختلاف العلماء
إذا كانت هناك مسألة ما ، وفيها أكثر من فتوى شرعية ، فتوى تقول بالتحليل ، وفتوى تقول بالتحريم ، وفتوى ما بين بين ، فالمسلم أي شيء يختار ، وخاصة في الأمور المستحدثة ، والتي يدخل فيها القياس ، والاجتهاد ، والتي لا نص فيها ، مثل : فوائد البنوك ، أو أياً كانت المسميات التي يسمونها ، بالاستمثار ، أو العائد الاستثماري .
وما موقف ما يقول إنها فتوى عالم ، وهو المسؤول عنها ، وإنها معلقة في رقبته ؟
وما موقف من يتتبع رخص العلماء ، وتسهيلات العلماء ورخصهم ؟ ويقولون إنهم هم هؤلاء أهل العلم والذكر وهذه فتواهم وهم أعلم منا بذلك ، وقد تكون فتواهم معارضة لفتوى شيوخ وعلماء آخرين في نفس الدولة أو في دول أخرى ، فأي منهم نتبع ؟ وكيف لنا السبيل أن نعرف الصحيح وغير الصحيح ؟ مع العلم أن عامة الناس ليس لديهم العلم الكافي للحكم على صحة هذه الفتوى التي تصدر من عالم أو مفتي ويعارضها علماء آخرون .
الحمد لله
قبل الجواب على هذا السؤال الهام ، لا بد أولاً
من بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في المفتي حتى يكون من أهل العلم الذين تعتبر
أقوالهم ، ويعد خلافه خلافا بين العلماء ، وهي شروط كثيرة ، ترجع في النهاية إلى
شرطين اثنين وهما :
1. العلم . لأن المفتي سوف
يخبر عن حكم الله تعالى ، ولا يمكن أن يخبر عن حكم الله وهو جاهل به .
2. العدالة . بأن يكون
مستقيما في أحواله ، ورعا عفيفا عن كل ما يخدش الأمانة . وأجمع العلماء على أن
الفاسق لا تقبل منه الفتوى ، ولو كان من أهل العلم . كما صرح بذلك الخطيب البغدادي
.
فمن توفر فيه هذان الشرطان فهو العالم الذي
يعتبر قوله ، وأما من لم يتوفر فيه هذان الشرطان فليس هو من أهل العلم الذين تعتبر
أقوالهم ، فلا عبرة بقول من عُرف بالجهل أو بعدم العدالة .
الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه للشيخ
ابن عثيمين ص: 23 .
فما هو موقف المسلم من اختلاف العلماء الذين
سبقت صفتهم ؟
إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن
يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة ، والترجيح بينها ، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه
ذلك ، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة ، فقال :
(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل
المختلف فيها للكتاب والسنة ، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به ، لأن الواجب هو
اتباع الدليل ، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة .
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما
يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء ، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق
بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به ، قال الله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) الأنبياء/43 . وقد نص العلماء على أن
مذهب العامي مذهب مفتيه .
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق
والأعلم ، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض – عافانا الله جميعا – فإنه يبحث عن
أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره ، فأمور الدين
أولى بالاحتياط من أمور الدنيا .
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما
يوافق هواه ولو خالف الدليل ، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى .
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من
هو أكثر علماً ، وأشد خشية لله تعالى .
الخلاف بين العلماء للشيخ ابن عثيمين 26 . لقاء
منوع من الشيخ صالح الفوزان ص: 25، 26 .
وهل يليق – يا أخي - بالعاقل أن يحتاط لبدنه
ويذهب إلى أمهر الأطباء مهما كان بعيدا ، وينفق على ذلك الكثير من الأموال ، ثم
يتهاون في أمر دينه ؟! ولا يكون له هَمٌّ إلا أن يتبع هواه ويأخذ بأسهل فتوى ولو
خالفت الحق ؟! بل إن من الناس – والعياذ بالله – من يسأل عالماً ، فإذا لم توافق
فتواه هواه سأل آخر ، وهكذا حتى يصل إلى شخص يفتيه بما يهوى وما يريد !!
وما من عالم من العلماء إلا وله مسائل اجتهد
فيها ولم يوفق إلى معرفة الصواب ، وهو في ذلك معذور وله أجر على اجتهاده ، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ
فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ )
البخاري (7352) ومسلم (1716) .
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم
، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله ، ولهذا قال العلماء : من تتبع ما اختلف فيه
العلماء ، وأخذ بالرخص من أقاويلهم ، تزندق ، أو كاد .اهـ . إغاثة اللهفان 1/228 .
والزندقة هي النفاق .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا
للعلم النافع والعمل الصالح .
وأما ما ذكرته من فوائد البنوك فقد سبق الجواب
عنها ، فنرجو مراجعة الأسئلة ( 181 )، ( 12823 ).
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
22905
الانتفاع ببيت بني بقرض ربوي
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6863)
سؤال رقم 22905- الانتفاع ببيت بني بقرض ربوي
اشترينا بيتاً قبل ثلاثة سنوات بقرض ربوي بعد سماعنا للفتوى ، انتهينا الآن من تسديد قيمة البيت لأننا دفعنا قسماً كبيراً كدفعة مقدمة ، هل يجوز لنا أن نعيش في هذا البيت ؟ وهل يجوز لنا أن نؤجره ؟ وهل يمكن أن نستعمله كمكان عمل ؟ .
الحمد لله
أولا ً :
يجب عليكم التوبة إلى الله من هذا القرض الربوي ؛ فإن الربا من أكبر الكبائر ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ
تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة / 278 ، 279 )
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره (2/657) : " وهذا تهديد شديد ، ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار ، قال ابن جريج : قال ابن عباس :
فأذنوا بحرب ، أي : استيقنوا بحرب من الله ورسوله ، ..عن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا خذ سلاحك للحرب ثم قرأ : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة / 279 ). اهـ
ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال : هم سواء . رواه مسلم ( 1598 ) .
وآكل الربا هو آخذه .
ومؤكله : معطيه .
أما بالنسبة للسكنى في هذا البيت فإذا تبتم إلى الله فلا بأس بسكناه أو تأجيره أو اتخاذه مكانا للعمل .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن رجل اقترض قرضاً ربوياً وبنى بيتاً ، فهل يهدم البيت أم ماذا يفعل ؟
فأجابت :
إذا كان الواقع كما ذكرت ، فما حصل منك من القرض بهذه الكيفية حرام لأنه ربا وعليك التوبة والاستغفار من ذلك ، والندم على ما وقع منك والعزم
على عدم العودة إلى مثله ، أما المنزل الذي بنيته فلا تهدمه ، بل انتفع به بالسكنى أو غيرها ، ونرجو أن يغفر الله لك ما فرط منك .
فتاوى اللجنة الدائمة ( 13 / 411 )
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا ، و أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
*****
22909
كيف ينوي المسلم الصوم
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >(1/6864)
سؤال رقم 22909- كيف ينوي المسلم الصوم
كيف ينوي الإنسان صيام رمضان ؟ ومتى تجب النيّة في الصيام ؟.
الحمد لله
" تكون النيّة بالعزم على الصيام . ولا بد من
تبييت نيّة صيام رمضان ليلاً كلّ ليلة "
فتاوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/246
" وذهب بعض أهل العلم : إلى أن ما يُشترط فيه
التتابع تكفي النية في أوله ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النيّة ، وعلى هذا فإذا نوى
الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كلّه فإنه يجزئه عن الشهر كلّه ما لم
يحصل عذر ينقطع به التتابع ، كما لو سافر في أثناء رمضان ، فإنه إذا عاد يجب عليه
أن يجدد النيّة للصوم .
وهذا هو الأصح ، لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم
لقال كل واحد منهم أنا نويت الصوم أول الشهر إلى آخره ، فإذا لم تتحقق النيّة حقيقة
فهي محقّقة حكماً ، لأن الأصل عدم القطع ، ولهذا قلنا إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه
، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النيّة ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس
."
الشرح الممتع ج/6 ص/369-370.
*****
22938
رجل جامع زوجته في نهار رمضان بدون إنزال
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6865)
سؤال رقم 22938- رجل جامع زوجته في نهار رمضان بدون إنزال
رجل جامع زوجته بدون إنزال في نهار رمضان فما الحكم ؟ وماذا على الزوجة إذا كانت جاهلة ؟.
الحمد لله
المجامع في نهار رمضان وهو صائم مقيم عليه
كفّارة مغلّظة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع
فإطعام ستين مسكيناً .
والمرأة مثله إذا كانت راضية . وإن كانت مكرهة
فليس عليها شيء . وإن كانا مسافرين فلا إثم ولا كفارة ولا إمساك بقيّة اليوم ،
وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم ، لأن الصوم ليس بلازم لهما ، وكذلك من أفطر لضرورة
كإنقاذ معصوم من هلكة سيقع فيها ، فإن جامع ذلك اليوم الذي أفطر فيه لضرورة فلا شيء
عليه ، لأنه لم ينتهك صوماً واجباً .
والمجامع الصائم في بلده ممن يلزمه الصوم يترتب
عليه خمسة أشياء :
1- الإثم . 2- فساد الصوم . 3- لزوم
الإمساك . 4- وجوب القضاء .
5 – وجوب الكفارة .
ودليل الكفارة ما جاء في حديث أبي هريرة في
الرجل الذي جامع أهله في نهار رمضان ، وهذا الرجل لم يستطع الصوم ولا الإطعام ،
تسقط عنه الكفارة ، لأن الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها ، ولا واجب مع العجز ، ولا
فرق بين أن يُنزل أو لا يُنزل ما دام الجماع قد حصل بخلاف ما لو حدث إنزال بدون
جماع فليس فيه كفارة ، وإنما فيه الإثم ولزوم الإمساك والقضاء .
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/1 ص/348.
*****
22960
حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلاً بالحكم
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >
سؤال رقم 22960: حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلاً بالحكم
ما حكم من جامع زوجته في نهار رمضان عدة مرات جاهلاً بالحكم .
الحمد لله
لا شك أن الله سبحانه قد حرّم على عباده في نهار
رمضان الأكل والشرب والجماع ، وكل ما يفطر الصائم ، وأوجب على من جامع في نهار
رمضان وهو مكلّف صحيح مقيم غير مريض ولا مسافر الكفارة ، وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت
البلد ، أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام لكونه بالغاً صحيحاً
مقيماً جهلاً منه.. ، فقد اختلف أهل العلم في شأنه ، فقال بعضهم : عليه الكفارة ،
لأنه مفرّط في عدم السؤال والتفقّه في الدين ، وقال آخرون من أهل العلم : لا كفارة
عليه من أجل الجهل ، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة ، من أجل تفريطك وعدم
سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت ، وإذا كنت لا تستطيع العتق والصيام كفاك
إطعام ستين مسكيناً عن كل يوم جامعت فيه ، فإذا كنت جامعت في يومين فكفارتان ، وإن
كنت جامعت ثلاثة أيام فثلاث كفارات ن وهكذا كل جماع في يوم عنه كفارة ، أما
الجماعات المتعددة في يوم واحد فيكفي عنها كفارة واحدة ، هذا هو الأحوط لك والأحسن
، حرصاً على براءة الذمّة ، وخروجاً من خلاف أهل العلم ، وجبراً لصيامك ، وإذا لم
تحفظ عدد الأيام التي جامعت فيها ، فاعمل بالأحوط ، وهو الأخذ بالزائد ، فإذا شككت
هل هي ثلاثة أيام أو أربعة فاجعلها أربعة ، وهكذا ، ولكن لا يتأكّد عليك إلا الشيء
الذي تجزم به ، وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه ، وبراءة الذمّة .
فتاوى الشيخ ابن باز ج/15 ص/304.
*****
22981
الضابط في المفطرات التي تفطّر الصائم
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6866)
سؤال رقم 22981- الضابط في المفطرات التي تفطّر الصائم
فيمن يطحن الحبوب إذا تطاير إلى حلقه شيء من جرّاء ذلك وهو صائم ؟.
الحمد لله
إنه لا يجرح صومهم ، وصومهم صحيح ، لأن تطاير
هذه الأشياء بغير اختيارهم ، وليس لهم قصد في وصولها أجوافهم ، وأحب بهذه المناسبة
أن أبيّن أن المفطرات التي تُفطر الصائم من الجماع والأكل والشرب وغيرها لا يفطر
بها الصائم إلا بثلاثة شروط :
أولاً : أن يكون عالماً فإن لم يكن عالماً لم
يُفطر . لقول الله تعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم
) الأحزاب/5 ، ولقوله
: ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) البقرة/286 فقال الله : ( قد فعلت ) . ولقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ، والجاهل مخطئ ، ولو كان عالماً ما فعل . فإذا فعل شيئاً من المفطرات جاهلاً فلا شيء عليه وصومه تام
وصحيح سواء كان جهله في الحكم أم بالوقت .
مثال جهله بالحكم : أن يتناول شيئاً من
المُفطرات يظنّ أنه لا يفطر ، كما لو احتجم يظنّ أن الحجامة لا تُفطّر فنقول صومك
صحيح ولا شيء عليك . إلى غير ذلك من الأمور التي تقع للمرء بغير اختياره ، فإنه لا
حرج عليه ولا يُفطر بذلك لما ذكرنا .
والخلاصة أن جميع المفطرات لا يفطر بها الإنسان
إلا بشروط ثلاثة :
أولاً : أن يكون عالماً .
ثانياً : أن يكون ذاكراً .
ثالثاً : أن يكون مختاراً . والله أعلم .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/1 ص/ 508.
*****
2299
أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6867)
سؤال رقم 2299- أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام
هل هناك أقوال للأئمة تتعلق بالاستطبابات الجائزة والتي لا تتعارض والصيام. تحديدا :
(1) الكبسولات/الشراب (2) بخاخ الربو والشعب الصدرية (3) التحاميل (4) الحقن الشريانية
إن السؤال عن بخاخ الأزمات الصدرية في غاية الاهميه حيث يعاني ما يقرب من20% من الأطفال من الأزمات الصدرية.أرجو الشرح مع إعطاء أي متعلقات لاحقة
الحمد لله
فيما يلي ذكر عدد من الأشياء المستعملة في المجال الطبي وبيان ما يُفطّر منها وما لا يُفطّر وكانت تلك خلاصة لأبحاث شرعية قُدِّمت إلى مجمع الفقه الإسلامي في بعض دوراته وأصدر فيها الخلاصة التالية :
أولاً : الأمور التالية لا تعتبر من المفطرات :
1- قطرة العين ، أو قطرة الأذن ، أو غسول الأذن ، أو قطرة الأنف ، أو بخاخ الأنف ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
3- ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
5- ما يدخل الإحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
6- حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، أو السواك وفرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
7- المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية ، باستثناء السوائل والحقن المغذية .
9- غاز الأكسجين .
10- غازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
12- إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
14- أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد ( الاستقاءة ) .
ثانياً : ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضره تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق . ( حتى لا يؤثّر ذلك في صحة صيامه )
مجمع الفقه الإسلامي ص 213
*****
23273
ما هي أهمية تغيير الاسم لمن أسلم حديثاً ؟
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/6868)
سؤال رقم 23273- ما هي أهمية تغيير الاسم لمن أسلم حديثاً ؟
ما هي أهمية تغيير الاسم لمن أسلم حديثاً ؟ وما الفرق بين الاسم العربي والاسم الإسلامي ؟.
الحمد لله
الأسماء قوالب للمعاني ، ولكل إنسان نصيبٌ من اسمه - في الغالب - ، فالإنسان مطلوب منه أن يتسمى – وأن يسمي بنيه - بأسماء صالحة ، ذات
معنى حسن ، حتى يكون له نصيب من اسمه .
والإسلام جاء للعرب ولغير العرب ، وليس شرطاً أن يحمل المسلم الجديد اسماً عربيّاً , بل المطلوب أن لا يكون اسماً قبيحاً أو يحمل معنى
يخالف الشرع ، وقد أسلم كثير من أهل فارس والروم وبقيت أسماؤهم كما هي ولم يغيروها ، بل كثير من الأنبياء كانت أسماؤهم غير عربية لأنهم لك يكونوا عرباً .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
هل يلزم من أعلن إسلامه أن يغير اسمه السابق مثل جورج وجوزيف وغيرهما ؟
فأجاب :
لا يلزمه تغيير اسمه إلا إن كان معبَّداً لغير الله ، ولكن تحسينه مشروع ، فكونه يحسِّن اسمه من أسماء أعجمية إلى أسماء إسلامية : هذا
طيب ، أما الواجب : فلا .
فإذا كان اسمه عبد المسيح وأشباهه : يُغيَّر ، أما إذا كان لم يُعبَّد لغير الله مثل جورج وبولس وغيرهما : فلا يلزمه تغييره ؛ لأن هذه
أسماء مشتركة تكون للنصارى وتكون لغيرهم ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 4 / 404 ) .
وانظر جواب السؤال ( 14622 ) .
*****
23346
حكم الإيداع في البنوك ، وماذا يفعل بالفوائد
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6869)
سؤال رقم 23346- حكم الإيداع في البنوك ، وماذا يفعل بالفوائد
نقوم بإيداع أموالنا في البنوك ... فكيف نتعامل مع الفوائد التي تقدمها لنا البنوك ؟.
الحمد لله
أولاً :
وضع المال في البنك مقابل فوائد رباً ، وهو من كبائر الذنوب ،
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا
بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( ) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ
أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278-279
وإذا اضطر للمسلم إلى وضع المال في البنك ، لأنه لم يجد وسيلة
يحفظ بها ماله إلا بوضعه في البنك ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى بشرطين :
1- أن لا يأخذ مقابل ذلك فائدة .
2- أن لا يكون تعامل البنك ربوياً مائة بالمائة ، بل يكون له بعض
الأنشطة المباحة التي يستثمر فيها الأموال .
راجع السؤال رقم ( 22392 ) ، ( 49677 )
ولا يحل الاستفادة من الفوائد الربوية التي تدفعها البنوك لأصحاب
الأموال ، ويجب عليهم التخلص منها في وجوه الخير المختلفة .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها
فيه تعتبر ربا ، ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح ، وعليه أن يتوب إلى الله من
الإيداع في البنوك الربويَّة ، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه ، فيحتفظ بأصل
المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 / 404 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أما ما أعطاك البنك من الربح : فلا ترده على البنك ولا تأكله ،
بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة
الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم ، …
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 407 ) .
والله أعلم .
*****
23349
حرمة إقامة أحد الزوجين علاقة مع غيره للتسلية
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/6870)
سؤال رقم 23349- حرمة إقامة أحد الزوجين علاقة مع غيره للتسلية
ما حكم المسلم الذي يغش زوجته ( بإقامة علاقة مع غيرها سواء أكانت العلاقة بالكلام أم بما هو أبعد عن ذلك ) ؟ وما هو الحكم في المسلمة التي تقيم – على علم – علاقة مع رجل متزوج لمجرد التسلية ؟ .
الحمد لله
أولاً :
إقامة علاقة محرَّمة بين أجنبي وامرأة ليس فيه –
فقط – غش لزوجته بل فيه – أيضاً – إثم ومعصية لربِّه تعالى ، فقد حرَّم الله عز وجل
إقامة مثل هذه العلاقات ، وأغلق الطريق والمنافذ التي قد تؤدي إلى الفاحشة الكبرى
وهي الزنا ، وهو الذي أشير إليه في السؤال .
والمحاذير التي يقع فيها أصحاب هذه العلاقات
كثيرة ، ومنها : الخلوة والمصافحة والنظر وغيرها ، وهي ذنوب جاءت النصوص بتحريمها
لذاتها ولما تؤدي إليه من فاحشة الزنا .
ثانياً :
وإقامة المسلمة علاقة محرَّمة مع رجل أجنبي عنها
– متزوج أو غير متزوج – هو – أيضاً – من كبائر الذنوب وهو أكثر إثماً وأكبر فحشاً
مما جاء في القسم الأول من السؤال لما يترتب عليه من اختلاط الأنساب أو شك الزوج في
أولاده هل هم منه أم لا مما يؤدي إلى الفساد العريض .
وهذه فتاوى لبعض العلماء فيما هو أقل من
اللقاءات بين الجنسين ، فكيف بما هو أكثر ؟ :
1. قال الشيخ ابن عثيمين
:
لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبيَّة عنه
؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسِل أنه ليس هناك فتنة ، ولكن لا يزال به
الشيطان حتى يغريه بها ويغريها به .
وقد أمر صلى الله عليه وسلم مَن سمع الدجال أن
يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير
، ويجب الابتعاد عنها ، وإن كان السائل يقول إنه ليس فيها عشق ولا غرام .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ) .
2. وقال الشيخ عبد الله
الجبرين – وقد سئل عن المراسلة مع المرأة الأجنبيَّة - :
لا يجوز هذا العمل ؛ فإنه يثير الشهوة بين
الاثنين ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيراً ما تحدث تلك المغازلة
والمراسلة فتناً وتغرس حبَّ الزنى في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها ، فننصح
من أراد مصلحة نفسه وحمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظاً للدين والعرض ،
والله الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ، 579 ) .
والله أعلم .
*****
23400
رأت قطرات من الدم أثناء الحمل فهل تترك الصلاة
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/6871)
سؤال رقم 23400- رأت قطرات من الدم أثناء الحمل فهل تترك الصلاة
إذا خرجت قطرات متقطعة من المرأة أثناء الحمل فهل تواصل الصلاة أثناء الحمل أم أنها يجب أن تتوقف عن الصلاة لأن هذا عذر لها ؟ أم أنها تتوقف عن الصلاة ثم تقضي بعد توقف القطرات ؟.
الحمد لله الدم الذي يخرج من الحامل قد يكون دم حيض وقد
يكون دم فساد وقد يكون دم نفاس ، فيكون دم نفاس إذا خرج في وقت الطلْق – وبعض
العلماء يقول : ولو كان قبل يومين أو ثلاثة من الوضع .
قال شيخ الإسلام : فأما الذي تراه قبل الوضع
بيومين أو ثلاثة فهو نفاس ؛ لأنه دم خارج بسبب الولادة فكان نفاساً كالخارج بعدها ،
وهذا لأن الحامل لا تكاد ترى الدم فإذا رأته قريب الوضع فالظاهر أنه بسبب الولد لا
سيما إن كان قد ضربها المخاض .
" شرح العمدة " ( 1 / 514 ، 515 ) .
ويكون دم حيض إذا كان على صفة دم الحيض وفي وقته
وهو اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين ، انظر فتاوى محمد بن إبراهيم 2/97
قال الشيخ ابن عثيمين :
والراجح : أن الحامل إذا رأت الدم المطرد الذي
يأتيها على وقته وشهره وحاله : فإنه حيض تترك من أجله الصلاة والصوم وغير ذلك ، إلا
أنه يختلف عن الحيض بأنه لا عبرة به في العدَّة ؛ لأن الحمل أقوى منه .
" الشرح الممتع " ( 1 / 405 ) .
والقول بأن الحامل قد تحيض هو من مذهب الشافعي
ورواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الاختيارات ص 59 ، غير أن
خروج الحيض من الحامل نادر .
ويكون دم فساد إذا كان غير هذا وذاك ، وهو الدم
الأحمر الذي يخرج في الاستحاضة ، وهو الذي يسمَّى عند عامة النساء " النزيف " .
فهذا لا يمنع المرأة من الصلاة ولا من الصيام بل
هي في حكم الطاهرات .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/270
وهذا القسم الثالث هو المنطبق على الحالة
المذكورة في السؤال ، فهذه القطرات من الدم ليس حيضاً فلا تمنع المرأة من الصلاة
ولا من الصيام ولا تأخذ أحكام الحائض .
والله أعلم .
الإسلام سؤال سؤال وجواب
*****
23464
السباحة في المسابح العامة
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/6872)
سؤال رقم 23464- السباحة في المسابح العامة
هل يجوز الذهاب للشواطئ العامة أو المسابح وأنا ألبس ملابس تغطي جسمي تماماً ولا أعير اهتماماً لما يلبسه الآخرون ؟ .
الحمد لله
اعلم وفقك الله أن المسلم مأمور بصيانة دينه ، والبعد عن مواطن الفتنة ، والذهاب إلى هذه الشواطئ محرم لما فيها من كشف للعورات واختلاط
مستهتر بين الرجال والنساء .
ثم هذه الأماكن مليئة بالمنكرات فلا يجوز لك الذهاب إليها إلا إذا كنت ستأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً
فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم ( 49 ) .
فإن بقيت معهم من غير أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كنت شريكاً لهم في الإثم ، قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا
سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا
مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء /140 ، ففي هذه الآية الكريمة دليل على أن من جلس مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية
أو عملوا بها فإن لم يقدر أن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم ) تفسير القاسمي 5 / 526 .
ولا يُلَبِّس عليك الشيطان ويجعلك تقول : إني لا أعير اهتماما لما يلبسه الآخرون ، فإن هذا من تزين الشيطان ؛ لأن الإنسان إذا ذهب لابد وأن
يقع نظره على ما يغضب ربه ومولاه ، ولربما نظرة لم تقصدها يعمل فيها الشيطان أعماله ، وتكون طريقا للفتنة والعياذ بالله ، أسأل الله أن يعيذنا وإياك من
مضلات الفتن ، وأن يثبت قلوبنا .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والله أعلم .
*****
2370
التخلص من الربا بإعطائه للفقير
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6873)
سؤال رقم 2370- التخلص من الربا بإعطائه للفقير
السؤال :هل يجوز أن نعطي ربا البنوك إلى الشخص المحتاج ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان هناك من كان يتعامل بالربا ، ثم تاب ، وأراد التخلص من الأموال التي حصل عليها من الربا ، فيجوز إعطاؤها للفقير للتخلص منها ، وكذلك إذا وضع له البنك مبلغا من الربا في حسابه ، ولكن لا تعتبر هذه صدقة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، وأما الاستمرار في التعامل بالربا ، فلا يجوز وهو كبيرة من الكبائر ، وآخذه محادّ لله ورسوله ، حتى وإن كان يرابي ليعطي الفقراء .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
2458
الفروق بين المني والمذي
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/6874)
سؤال رقم 2458- الفروق بين المني والمذي
أحيانا عندما أستيقظ من النوم في الصباح أجد بعض البلل في ملابسي الداخلية . أرجو ألا تنظر للأمر على أنه احتلام أثناء النوم أو تبول لا إرادي لأن المذي أو المادة اللاصقة تخرج مني عادة بعد الاستيقاظ في صباح اليوم التالي وفي أغلب الأحيان أقوم بغسل ملابسي الداخلية وسروالي للسبب ذاته . سبق وقرأت في أحد الكتب أنه إذا لم تكن تلك المادة تحتوي على حيوانات منوية وأنها فقط مجرد مذي عندئذ لا يجب الغسل ويكتفي فقط بالوضوء للصلاة . فإذا كان الحال كذلك ماذا ينبغي أن نفعل مع الملابس ؟ وقد لاحظت أن هذا المذي يخرج أيضا في بعض المواقف الحرجة على الرغم من إبعاد نفسي عن جميع المواقف التي تعمل على إفراز المذي .
الحمد لله
الفرق الأول : في الصفات :
المني : بالنسبة للرجل ماء غليظ أبيض ، أما بالنسبة للمرأة فهو أصفر رقيق .
والأصل في هذه الصفات ما جاء عن أم سليم رضي الله عنها أنها سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل " فقالت أم سليم : - واستحيَيْتُ من ذلك - قالت : وهل يكون هذا ؟ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فمن أين يكون الشبه ؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن أيهما علا أو سبق يكون الشبه " متفق عليه . صحيح مسلم 469
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم ( 3/222 ) عند قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر " : هذا أصل عظيم في بيان صفة المني وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب ، قال العلماء : مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه وإذا خرج استعقب خروجه فتور ورائحة كرائحة طَلْع النخل ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين ، .. ( وقد يتغيّر لون المنيّ بأسباب منها ) .. أن يمرض فيصير منيّه رقيقا أصفر أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة أو يستكثر من الجماع فيحمرّ ويصير كماء اللحم وربما يخرج دما عبيطا ، .. ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيا ثلاث : أحدها الخروج بشهوة مع الفتور عَقِبَه . والثانية : الرائحة التي شبه رائحة الطَّلْع كما سبق . الثالث : الخروج بدَفْق و دَفْعات ، وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيا ولا يشترط اجتماعها فيه ، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيا وغلب على الظن كونه ليس منيا هذا كله في مني الرجل ، وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يَبْيضّ لفَضْل قُوَّتها ، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما أحدهما أن رائحته كرائحة مني الرجل والثانية التلذذ بخروجه وفتور قوتها عقب خروجه . أ.هـ.
أما المذي : فهو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو إرادته ولا يجد لخروجه منه شهوة ولا دفعا ولا يعقبه فتور ، يكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر من الرجال قاله الإمام النووي في شرح مسلم ( 3/213 ) .
الفرق الثاني : في الحكم المترتب على خروجه من الإنسان :
المنيّ يوجب الغسل من الجنابة سواء كان خروجه يقظة بجماع أو غيره أو كان في المنام بالاحتلام.
أما المذي فإنه يوجب الوضوء فقط ودليل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذّاء فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : " فيه الوضوء " متفق عليه واللفظ للبخاري . قال ابن قدامة في المغني (1/168) : قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدبر وخروج البول من ذكر الرجل وقُبل المرأة وخروج المذي وخروج الريح من الدبر أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة .
الفرق الثالث : الحكم من جهة طهارتهما ونجاستهما :
المني طاهر على القول الراجح من أقوال العلماء ودليل ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه . متفق عليه وفي رواية لمسلم " ولقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه وفي لفظ " لقد كنت أحكّه يابسا بظفري من ثوبه ". بل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك غسله وهو رطب ويكتفي بمسحه بعود ونحوه كما روى الإمام أحمد في مسنده ( 6/243 ) عن عائشة رضي الله عنه قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت " يزيل ويميط " المني من ثوبه بعرق الأذخر ثم يصلي فيه ويَحتّه من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه " ورواه ابن خزيمة في صحيحه وحسنه الشيخ الألباني في الإرواء ( 1/197 ) .
أما المذي فإنه نجس لحديث علي المتقدم ذكره والذي جاء في بعض طرقه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر والأنثيين ( أي الخصيتين ) ويتوضأ كما أخرجه أبو عوانة في مستخرجه وقال ابن حجر في التلخيص : وهذا إسناد لا مطعن فيه . فهو نجس يجب غسل الذكر والأنثيين من خروجه ويُبطل الطّهارة .
حكم الثوب إذا أصابه المني والمذي
على القول بطهارة المني فإنه لو أصاب الثوب لا ينجّسه ولو صلى الإنسان بذلك الثوب فلا بأس بذلك قال ابن قدامة في المغني (1/763) : " وإن قلنا بطهارته أستحب فركه وإن صلى من غير فرك أجزأه ".
أما المذي : فإنه يكتفى بنضح الثوب للمشقة في ذلك ودليل ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن سهل بن حنيف قال : كنت ألقى من المذي شدة وكنت اكثر من الاغتسال فسالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال " إنما يجزئك من ذلك الوضوء . قلت : يا رسول الله فكيف بما يصيب ثوبي منه ؟ قال : يكفيك بأن تأخذ كفاً من ماء فتنضح بها ثوبك حيث تُرى ( أي تظنّ ) أنه أصابه " ورواه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح و لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا.ا.هـ.
قال صاحب تحفة الأحوذي (1/373) : واستدل به على أن المذي إذا أصاب الثوب يكفي نضحه ورشّ الماء عليه ولا يجب غسله . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
25778
تقلقه الوسواس والخطرات
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/6875)
سؤال رقم 25778- تقلقه الوسواس والخطرات
عندما أصلي أو أنوي فعل أمر طيب تخطر لي أفكار شيطانية. عندما أركز في الصلاة وأحاول أن أركز على معاني الكلمات تدخل الأفكار الشيطانية إلى عقلي وتكون لي اقتراحات سيئة عن كل شيء بما في ذلك الله. أشعر بالغضب من أجل ذلك. أعلم أنه لا أحد يقبل التوبة إلا الله وحده، ولكن بسبب أفكاري أشعر أنه لا يوجد أسوأ من أن يخطر ببالي أفكار سيئة عن الله. أسأل الله المغفرة بعد الصلاة ولكني أشعر بالضيق لأني أريد أن أوقف هذه الأفكار السيئة ولكني لا أستطيع. هذه الأفكار تفقدني التمتع بالصلاة وتشعرني بأني مشؤوم. أرجو منكم نصحي .
الحمد لله
الوساوس السيئة في الصلاة وغيرها من الشيطان ،
وهو حريص على إضلال المسلم ، وحرمانه من الخير وإبعاده عنه ، وقد اشتكى أحد الصحابة
إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوسواس في الصلاة فقال : إنَّ
الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا
عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ
شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ
مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ
اللَّهُ عَنِّي " رواه مسلم (2203)
والخشوع في الصلاة هو لبها ، فصلاة بلا خشوع
كجسد بلا روح ، وإن مما يعين على الخشوع " شيئان :
الأول : اجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله
ويفعله ، وتدبر القراءة والذكر والدعاء ، واستحضار أنه مناجٍ لله تعالى كأنه يراه ،
فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه ، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ،
فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها
أوكد ، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان – والأسباب المقوية للإيمان كثيرة – ولهذا كان
النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة
عيني في الصلاة " . وفي حديث آخر أنه قال : " أرحنا يا بلال بالصلاة " ولم يقل
أرحنا منها .
الثاني : الاجتهاد في دفع ما يُشغل القلب من
تفكر الإنسان فيما لا يعنيه ، وتدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ،
وهذا في كل عبدٍ بحسبه ، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعلق
القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها ، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى
دفعها " . انتهى من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/605) .
وأما ما ذكرته من أن الوساوس بلغت بك مبلغاً
عظيماً بحيث أصبحتَ توسوس في ذات الله بما لا يليق بالله ، فإن هذا من نزغات
الشيطان ، وقد قال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو
السميع العليم ) فصلت /36.
وقد اشتكى بعض الصحابة من الوساوس التي تنغص
عليهم ، فجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ
يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ
الإِيمَانِ " رواه مسلم (132) من حديث أبي هريرة .
قال النووي في شرح هذا الحديث : " قوله صلى الله
عليه وسلم : ( ذَلِكَ صَرِيح الإِيمَان ) مَعْنَاهُ اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلام (
بهذه الوساوس ) هُوَ صَرِيح الإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة
الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون
لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الإِيمَان اِسْتِكْمَالا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ
الرِّيبَة وَالشُّكُوك .
وَقِيلَ مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا
يُوَسْوِس لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّد عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ
لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ , وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيه مِنْ حَيْثُ
شَاءَ وَلا يَقْتَصِر فِي حَقّه عَلَى الْوَسْوَسَة بَلْ يَتَلَاعَب بِهِ كَيْف
أَرَادَ . فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث : سَبَب الْوَسْوَسَة مَحْض الإِيمَان ,
أَوْ الْوَسْوَسَة عَلامَة مَحْض الإِيمَان " انتهى انظر السؤال ( 12315 )
إذاً " فكراهة ذلك وبغضه ، وفرار القلب منه ، هو
صريح الإيمان ... والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره ، لابد له
من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ، ولا
يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان { إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } ، كلما
أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمور أُخرى ، فإن الشيطان
بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ،
ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس ، فقال : صدقوا ، وما
يصنع الشيطان بالبيت الخراب " انتهى من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
(22/608)
* العلاج ..
1- إذا شعرت بهذه الوساوس فقل آمنت بالله ورسوله
، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إِنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَكَ فَيَقُولُ
اللَّهُ فَيَقُولُ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ
فَلْيَقْرَأْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ " رواه أحمد (25671) وحسنه الألباني في الصحيحة 116
2- محاولة الإعراض عن التفكير في ذلك بقدر
الإمكان والاشتغال بما يلهيك عنه .
وختاماً نوصيك بلزوم اللجوء إلى الله في كل حال
، وطلب العون منه ، والتبتل إليه ، وسؤاله الثبات حتى الممات ، وأن يختم لك
بالصالحات .. والله أعلم .
*****
26067
استأجر امرأة لخدمته ثم اتفق معها على أن تكون امة له
الفقه > معاملات > الرق >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/6876)
سؤال رقم 26067- استأجر امرأة لخدمته ثم اتفق معها على أن تكون امة له
قبل عدة سنوات احتجت لبعض الخدم لأجل راحتي ومساعدتي ولكي أتمكن من تحقيق أعمالي ، كانت عندي الاستطاعة أن أدفع للخدم ما أرادوه وأن أريحهم حسب شروطهم .
كان بينهم امرأة صغيرة السن وقد وافقت على شروط العقد ، هذه الخادمة تكون موجودة فقط حين حاجتي لها وتذهب حين عدم الحاجة لها .
بما أن تلك الفتاة لا زالت تسكن مع أهلها وليست متزوجة فقد وافقت بأن أكون سيدها وسمحت لي بأن ألمسها وأنظر إليها ، أمضينا الكثير من الأوقات سويّاً ثم حررتها من العقد المبرم بيننا وتزوجتها .
- يمكن أن نتخذ العبيد وقت الحرب ، ولكن متى يكون هذا ؟
- كيف نتخذ العبيد وما هي الشروط الشرعية ؟
- هل يجوز للسيد والأمة أن تكون بينهما علاقة جسدية وإلى أي حد ؟
- هل هناك حدود للفارق في العمر بين السيد وأمته ؟
- هل يمكن أن يتم هذا بالسر أم يجب إعلانه ؟
- ما هو الحد الأدنى للعمر الذي يجب أن يكون عليه السيد والأمة ؟
- هل توجد الإماء في وقت الحرب فقط ؟ وهل هناك طريقة أخرى لامتلاك أمة ؟
- هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يملك العديد من العبيد ؟.
الحمد لله
بعض الأسئلة متكررة ومتداخلة ولذا سنجيب عليها – إن شاء الله – جميعها في هذه النقاط :
أولاً :
فعلُك الذي فعلتَ مع الخادمة حرام لا يحل لك ، والخادمة ليست أمَة حتى تستحل لمسها ومعاشرتها ، فالخادمة حرَّة لا تحل لك إلا
بالزواج وهو الذي فعلتَه لكن متأخراً – مع الأسف - .
والعقد الذي بينك وبين الخادمة هو عقد إجارة على عمل وهو الخدمة في المنزل ، وليس عقداً تستحل فيه معاشرتها ، فقولك "أنها
وافقت بأن تكون سيدها وسمحت لك بلمسها والنظر إليها وأنك قد حررتها من العقد المبرم بينكما " كل هذا ليس له أصل من الصحة الشرعيَّة بالمعنى الذي ذهبتَ إليه
. فالحرة لا يمكن أن تصير أمة إلا كانت كافرة من دولة محاربة للمسلمين وتم للمسلمين الإستيلاء عليها ، وهذا مفقود في الحال التي تسأل عنها .
ثانياً :
يمكن اتخاذ العبيد والإماء من الحروب التي تكون بين المسلمين والكفار ، لا ما يكون بين المسلمين أنفسهم في وقت الفِتَن .
فقد حصر الإسلام مصادر الرق التي كانت قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو : رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار وكذا
على نسائهم وأولادهم .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : وسبب الملك بالرق : هو الكفر ، ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين
الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو
الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين . أ.هـ " أضواء البيان " ( 3 / 387 ) .
ثالثاً :
يمتلك المجاهدون الإماء كما يمتلكون الغنائم ، ويجوز لمن تملَّك أمَةً أو عبداً أن يبيعهما ، وفي كلا الحالتين – التملُّك من
المعركة أو من البيع – لا يجوز للرجل أن يعاشر الأمَة إلا بعد أن تحيض حيضة يُعلم بها براءة رحمها من الحمل ، فإن كانت حاملاً : فعليه أن ينتظر حتى تضع
حملها .
فعن رويفع بن ثابت الأنصاري قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال : " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم
الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره - يعني : إتيان الحبالى - ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم " .
رواه أبو داود ( 2158 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " ( 1890 ) .
رابعاً :
يجوز أن تكون علاقة جسدية بين الرجل وأمَته كما يكون بين الرجل وزوجته إلا أن يكون قد زوجها من غيره فليس له أن يعاشرها لأن
المرأة لا تحل لرجلين في وقت واحد .
خامساً :
لا حدود للفارق في السنِّ بين الرجل وأمَته ، إلا أنه لا يجوز له معاشرتها إلا بعد أن تكون مطيقةً لذلك .
سادساً :
ينبغي أن تكون العلاقة بين الرجل وأمَته معلَنة غير سريَّة ؛ وذلك لترتب أحكامٍ على هذا الإعلان ، ومنها : ما قد يكون بينهما
من أولاد ، ومنه دفع الريبة عنه وعنها من قِبل الناس ومن يشاهدهما سويّاً .
سابعاً :
كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك بعض الإماء والعبيد ، ومنهم :
قال ابن القيم :
زيد بن حارثة بن شراحيل ، حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعتقه وزوَّجه مولاته أمَّ أيمن ، فولدت له أسامة ، ومنهم أسلم
، وأبو رافع ، وثوبان ، وأبو كبشة سُلَيم ، وشقران - واسمه صالح - ، ورباح - نوبي - ، ويسار - نوبي أيضاً ، وهو قتيل العرنيين - ، ومِدْعَم ، وكِرْكِرَة -
نوبي أيضاً - ، … وكلاهما قُتل بخيبر ، ومنهم : أنجَشَة الحادي ، وسفينة بن فروخ - واسمه مهران ، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة ؛ لأنهم كانوا
يحمِّلونه في السفر متاعهم ، فقال : أنت سفينة – قال أبو حاتم : أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال غيره : أعتقته أم سلمة ، ومنهم أنَسَة ، ويكنى
أبا مِشرح ، وأفلح ، وعُبيد ، وطهمان – وهو كيسان - ، وذكوان ، ومهران ، ومروان – وقيل : هذا خلاف في اسم طهمان ، والله أعلم - ، ومنهم حُنين ، وسندر ،
وفضالة – يماني - ، ومابور – خصي - ، وواقد ، وأبو واقد ، وقسام ، وأبو عسيب ، وأبو مُويهبة .
ومن النساء : سلمى - أم رافع - ، وميمونة بنت سعد ، وخضرة ، ورضوى ، ورزينة ، وأم ضميرة ، وميمونة بنت أبي عسيب ، ومارية ،
وريحانة .
" زاد المعاد " ( 1 / 114 – 116 ) .
ثامناً :
يندر الآن وجود الرقيق بالمعنى الشرعي الذي يجوز معه ما ذُكر من أحكام الاستمتاع ونحوها ، وذلك لتخلي عامة المسلمين عن فريضة
الجهاد في سبيل الله منذ زمن بعيد مع ما يعانونه من ضعف وذل ومهانة أمام أعدائهم الكفار ، حتى وقّعت كثير من الدول التي أكثر شعوبها من المسلمين البروتوكول
الخاص بمنع الرق والعمل للقضاء عليه ، والمحرر في مقر الأمم المتحدة عام 1953 م .
وعليه فينبغي التحري الشديد في إثبات الرق لمن قد يُباع ويشترى الآن ، وكذلك الحذر من الفهم الخاطيء لبعض الترجمات لكلمة الأمة
والإماء حيث يفهم بعض المسلمين الجدد أن الاسترقاق يحصل بمجرد دفع المال للمرأة والاتفاق على الاستمتاع بها وذلك كالبغايا اللاتي ينتشرن الآن في أماكن
الفسق والفجور والملاهي الليلية وخدمات الزنا بالهاتف .
ونسأل الله أن يبصرنا وإياك بأمور ديننا وأن يكفينا شر مساخطه .
والله أعلم .
*****
26113
زكاة راتب الموظف
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/6877)
سؤال رقم 26113- زكاة راتب الموظف
أنا موظف براتب شهري 2000ريال سعودي. العائلة كلهم يعتمدون علي وأعطي المصاريف كلها من راتبي. ولي زوجة وبنت ووالدي واخوة وأخوات أقوم بالنفقة عليهم .
ولكن السؤال كيف أعطي زكاة مالي ومصدر مالي هو الراتب فقط ، ولكن كل راتبي مصروف في عائلتي. ولذا متى أعطي زكاتي؟ بعض الناس يقول الراتب كالزرع وليس فيه اعتبار الحول ولذا متى تحصل الراتب تلزم الزكاة.
الحمد لله
من كان له راتب شهري ، ويقوم بصرفه ولا يوفر منه
شيئاً بحيث لا يجيء آخر الشهر إلا وقد نفذ ماله فإنه لا تلزمه الزكاة ؛ لأن الزكاة
لا بد فيها من حولان الحول ( أي مرور سنة كاملة على ملك النصاب) .
وبناءً عليه فلا يلزمك أيها السائل زكاة ، إلا
إذا ادخرت من مالك شيئاً يبلغ النصاب ، وحال عليه الحول .
وأما من قال لك بأن زكاة الراتب كزكاة الزرع لا
يشترط له الحول فكلامه غير صحيح .
ولما كان أكثر الناس يعملون بالراتب يحسن بنا أن
نذكر طريقة إخراج الزكاة بالنسبة للرواتب :
زكاة راتب الموظف :
للموظف مع راتبه حالان :
الحال الأولى : أن يصرفه كله ، ولا يدخر منه شيئاً ، فلا زكاة عليه ، كحال السائل .
الحال الثانية : أن يدخر منه مبلغاً معيناً أحياناً يزيد وأحياناً ينقص فكيف يحسب الزكاة في هذه
الحال ؟
الجواب : " إن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه
، حريصاً على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة
فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه ، يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول
يبدأ من يوم ملكه ، ويُخرج زكاة كل مبلغ على حِدَه كلما مضى عليه حول من تاريخ
امتلاكه إياه .
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه
أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه ؛ زكى جميع ما يملكه من
النقود حينما يحول الحول على أول نصابٍ مَلَكه منها ،وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته
، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة وما زاد فيما
أخرجه عما تم حوله يُعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله " انتهى من فتاوى
اللجنة الدائمة (9/280)
مثال ذلك : استلم راتب شهر محرم ، وادخر منه ألف
ريال ، ثم صفر ثم بقية الشهور .. فإذا جاء محرم من السنة الثانية فإنه يحسب جميع ما
عنده ثم يخرج زكاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
2621
كيفية معاملة الأم الفاسقة
الآداب > بر الوالدين >(1/6878)
سؤال رقم 2621- كيفية معاملة الأم الفاسقة
سؤالي يتعلق بأحد الشباب الصغار من المسلمين . هو ما شاء الله شاب جاد مخلص وعلى علم ملتزم بتعاليم الإسلام وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحاول بكل جهده اتباع العقيدة الصحيحة . إنه يعيش بمفرده مع أمه المطلقة والتي لا تتبع الإسلام بالكلية وتنهمك في الكثير من الأعمال التي لا تتفق مع الإسلام في شيء …أنا على صلة بالشاب وأمه وهما على تراحم وتواد لكني أرى أن الشاب أحيانا يضيق بتصرفات أمه التي تضعه في مواقف حرجة وأنا لا أستطيع تقديم النصح له بصورة صحيحة .وفيما يلي بعض الأمثلة لهذه المواقف مثل خروج الأم من المنزل لمدة قصيرة فيشعر الابن بالخزي من ذلك لكنه يسير معها خوفا عليها من أن يبادرها أحدا بالكلام ، ….الأم كثيرة التعرف على الرجال من الجنس الآخر على الطريقة الغربية ، وهي كثيرة الذهاب إلى دعوات العشاء وتجلس على الطاولة التي غالبا ما تكون ممتلئة بالخمر الذي يحتسيه رفاقها وصديقاتها لكنها لا تشرب الخمر على الإطلاق وهناك العديد والعديد من الموضوعات التي يمارسها أصدقاء الأم مثل البدع ويحاول الابن باستمرار دعوة الأم وتوضيح الأمور لها لكنها دائما ما تتهمه بالتعصب والمغالاة أو أنه من العصر الحجري . أرجو تقديم النصيحة لصديقي الذي لم يصاحب أحدا غيري فهو يشعر انه ديوث ويود أن يعرف هل بقاءه مع والدته وهي على هذا النحو من السلوكيات يعد أمرا صحيحا وهو يخشى عليها من أن يتحرش بها أحد من الغرباء نظرا لأنها ترتدي الملابس القصيرة غير الإسلامية وهو لم يخبرني بهذه الأشياء كما أنه لم يفش أسرار الأسرة لكن الأمر بات واضحا لي ولمن حوله . الرجاء المساعدة جزاك الله تعالى خير الجزاء .
الجواب:
الحمد لله
لا شكّ أنّ القصّة المذكورة مؤلمة ومؤثّرة وخصوصا عندما يُصاب الإنسان بمصيبة الدّين في أقرب النّاس إليه ويُؤذى أيضا ، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون ولْيعلم هذا الأخ أنّ بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا } فأمر بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفا ، وإذا كان كذلك فالواجب عليك نحو والدتك أن تنصحها بالكفّ عن هذه المعاصي وأن تبيّن لها ما في فعلها من الإثم والعقاب فإن استجابت فالحمد لله ، وإلا فاهجرها هجراً جميلاً ولا تخالطها مخالطةً تضرك في دينك ولا تؤذيها بل صاحبها في الدنيا بالمعروف وتابع نصيحتها بين الحين والأخر ، وهجرك إياها لا يضرك لأنك إنما فعلته غيرةً لله وإنكاراً للمنكر .
أنظر إجابة الشيخ محمد بن عثيمين في فتاوى إسلامية (4/196) واللجنة الدائمة في فتاوى إسلامية (4/204) والشيخ عبد الله بن جبرين في فتاوى المرأة المسلمة (2/957)
وخلاصة القول في مسألة مساكنتك لها أنّه إذا سُكناك معها سيُفيدها في زيادة دين أو إيمان أو التزام بواجب أو بُعد عن محرّم أو التّخفيف منه على الأقل من خلال شعورها بشيء من الرّقابة مثلا أو ردّ أهل السوء عنها وصرفهم ، ولم يكن في هذه المخالطة ضرر عليك ، فابق معها محتسبا الأجر في كلّ ما تقدّم والله يُثيبك على صبرك ، وإن كنت قد أعيتك المحاولة ولم تجد فائدة في إحراز أيّ تقدّم في أيّ مجال مما تقدّم ذكره وكانت المُخالطة لها تسبب ضررا عليك في دينك أو سُمعتك فلا عليك من حرج في هجرها كما تقدّم مع الاستمرار في تفقّدها وقضاء حاجاتها ونصحها بين الفَينة والأخرى ، ونسأل الله أن يرزقك الصّبر ويأجرك على جهدك وهو نِعم المولى ونِعم النّصير .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
26230
حكم قطع الصلاة عند حدوث أمر مهم
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/6879)
سؤال رقم 26230- حكم قطع الصلاة عند حدوث أمر مهم
إذا كنت أصلي وجرس الباب يدق ولم يوجد في البيت غيري فماذا أفعل وإذا خرجت من الصلاة فهل علي إثم ؟ .
الحمد لله
الصلاة إن كانت نافلة فالأمر أوسع . لا مانع من
قطعها لمعرفة من يدق الباب ، أما الفريضة فلا يجوز قطعها إلا إذا كان هناك شيء مهم
يخشى فواته وإذا أمكن التنبيه بالتسبيح في حق الرجل والتصفيق في حق المرأة حتى يعلم
الذي عند الباب أنَّ صاحب البيت مشغول بالصلاة كفى ذلك عن قطع الصلاة لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : "من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء " متفق عليه (خ/ 1234، م / 421 ).
فإذا أمكن إشعار من يدق
الباب أن صاحب البيت مشغول بالصلاة بالتصفيق في حق المرأة ، والتسبيح في حق الرجل
في الصلاة ؛ فعل ذلك واستغنى به عن القطع ، وإن كان هذا لا ينفع لبعد أو عدم سماعه
لذلك فلا بأس أن يقطعها للحاجة في النافلة خصوصاً ، أما الفرض فإن كان الشيء مهما
أو ضروريا يخشى فواته فلا بأس أيضا بالقطع ثم يعيدها من أولها والحمد لله .ا.هـ
من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله( 11 / 108 ) .
*****
26236
هل زكاة التجارة على سعر الشراء أم على سعر البيع ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/6880)
سؤال رقم 26236- هل زكاة التجارة على سعر الشراء أم على سعر البيع ؟
كيف تكون الزكاة للبضاعة هل بسعر الشراء أم بسعر البيع في المحل ؟.
الحمد لله
كيفية حساب زكاة التجارة هي أن تُقَوَّم البضاعة
حسب قيمتها في السوق (وهو في الغالب سعر البيع في المحل) عند تمام الحول ، سواء
كانت هذه القيمة تساوي ما اشتراها به أو أقل أو أكثر . ثم يخرج الزكاة وهي ربع
العشر . أي : 2.5 بالمائة . رسالة في الزكاة
للشيخ ابن باز ص: 11 . ورسالة في زكاة العقار للشيخ بكر أبو زيد ص: 8 .
وهذا هو كمال العدل ، لأن قيمتها عند تمام الحول
قد تختلف عن ثمن الشراء بالزيادة أو النقصان .
ثم إذا كان التاجر ممن يبيع بالجملة فإنه يقومها
على سعر الجملة ، وإن كان ممن يبيع بالقطاعي (بالمفرق) فإنه يقومها على سعر القطاعي
. الشرح الممتع 6/146 .
وإن كان يبيع بالجملة والقطاعي معاً ، فإنه
يجتهد في التقويم فيقدر حجم البضاعة التي يبيعها بالجملة ، وحجم البضاعة التي
يبيعها بالقطاعي ، ويخرج الزكاة على ذلك . وإذا احتاط في هذه الحال وأخرج ما يجزم
أنه أكثر مما يجب عليه فهو أفضل ، لأنه قد يقدر أنه سيبيع هذه البضاعة بالجملة ثم
يبيعها بالقطاعي .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
26327
ختم القرآن في رمضان
الآداب > آداب التلاوة >(1/6881)
سؤال رقم 26327- ختم القرآن في رمضان
هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبرائيل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
:
يستفاد منها المدارسة ، وأنه يستحب للمؤمن أن
يدارس القرآن من يفيده وينفعه ؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام دارس جبرائيل
للاستفادة ؛ لأن جبرائيل هو الذي يأتي من عند الله جل وعلا ، وهو السفير بين الله
والرسل ، فجبرائيل لا بد أن يفيد النبي صلى الله عليه وسلم أشياء من جهة الله عز
وجل ، من جهة إقامة حروف القرآن ، ومن جهة معانيه التي أرادها الله ، فإذا دارس
الإنسان من يعينه على فهم القرآن ، ومن يعينه على إقامة ألفاظه ، فهذا مطلوب كما
دارس النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل ، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي
عليه الصلاة والسلام ، ولكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول
عليه الصلاة والسلام ما أمره الله به من جهة القرآن ، ومن جهة ألفاظه ، ومن جهة
معانيه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية ، لا أن
جبرائيل أفضل منه عليه الصلاة والسلام ، بل هو أفضل البشر وأفضل من الملائكة عليهم
الصلاة والسلام ، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي صلى الله عليه وسلم وللأمة ؛
لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله ، وليستفيد مما يأتي به من عند الله عز وجل .
وفيه فائدة أخرى وهي : أن المدارسة في الليل
أفضل من النهار ؛ لأن هذه المدارسة كانت في الليل ، ومعلوم أن الليل أقرب إلى
اجتماع القلب وحضوره والاستفادة أكثر من المدارسة نهاراً.
وفيه أيضاً من الفوائد : شرعية المدارسة ، وأنها
عمل صالح حتى ولو في غير رمضان ؛ لأن فيه فائدة لكل منهما ، ولو كانوا أكثر من
اثنين فلا بأس أن يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة ، وينشطه فقد يكون لا
ينشط إذا جلس وحده ، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له
وأنشط له ، مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل
عليهم ، كل ذلك فيه خير كثير .
ويمكن أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من
الإمام على الجماعة في رمضان نوع من هذه المدارسة ؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع
القرآن ، ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن ، وهذا
من جنس عمل السلف في محبة سماع القرآن كله ، ولكن ليس هذا موجباً لأن يعجل ولا
يتأنى في قراءته ، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة ، بل تحري هذه الأمور أولى من
مراعاة الختمة .
ا.هـ من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 15 / 324 )
*****
26716
إخراج الزكاة في رمضان هل يكون على كل المال
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/6882)
سؤال رقم 26716- إخراج الزكاة في رمضان هل يكون على كل المال
أخرج زكاة مالي كل عام في رمضان، أخرج زكاة المبلغ الذي كان في رصيدى رمضان الماضي فقط .. أي ما دار عليه الحول ، فهل ما أفعل صحيح ؟؟ أم أن عليّ إخراج الزكاة عن كل ما وفرته خلال العام ؟.
الحمد لله
يشترط لوجوب الزكاة شروط منها حولان الحول ، وهو
أن يمر عام هجري على المال الذي بلغ نصابا ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا
زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" رواه ابن ماجة وصححه الألباني في إرواء
الغليل برقم 787
وحولان الحول شرط في وجوب زكاة الذهب والفضة
والنقود وبهيمة الأنعام .
والمال المستفاد أثناء الحول نوعان :
الأول : ما كان ربحاً ناتجاً عن المال ، فهذا
حوله حول أصله .
والثاني : ما كان مالاً مستقلاً استفيد بوجه
مشروع كإرث أو هبة ، أو ادُّخر من راتب ، فلا يجب زكاته إلا أن يحول عليه الحول من
يوم بلغ نصاباً .
وللمسلم أن يُخرج زكاة جميع ما توفر لديه في شهر
رمضان ، ما حال عليه الحول وما لم يحل عليه ، من باب تعجيل الزكاة ، لما روى أبو
داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه أن العباس رضي الله عنه " سأل رسول الله صلى
الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل ، فرخص له في ذلك ". والحديث حسنه
الألباني في صحيح الترمذي برقم 545
وهذا أيسر من أن يجعل الإنسان لكل مالٍ مستفادٍ
حولاً مستقلاً حتى لا يتداخل عليه المال ويختلط عليه حسابه فيدخل عليه شيء من مال
الزكاة ، أو يصبح في تشكك وحرج هل استوفى الإخراج أم لا .
انظر السؤال رقم ( 26113 )
والله أعلم .
*****
26763
وقت الفجر وخطأ بعض التقاويم
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/6883)
سؤال رقم 26763- وقت الفجر وخطأ بعض التقاويم
قرأت في جريدة مقالاً يتحدث أن مصر تؤذن للفجر قبل ميعاده بـ 30 دقيقة واستند الكاتب على بعض الحسابات الفلكية التي لا أفهم فيها مثل أننا نحسب الفجر على 19.5 درجة وليس على 17.5 درجة . كل الذي أرجوه أن أعرف هل فعلاً مصر تؤذن للفجر قبل ميعاده أم لا، وإذا كانت الإجابة غير متوفرة فأرجو أن ترشدوني أي طريق أسلك .. علم الفلك أم ماذا .
الحمد لله
اعلم أن وقت صلاة الفجر يبدأ من طلوع الفجر
الثاني ، وهو البياض المعترض في الأفق يمينا ويسارا ، ويمتد الوقت إلى طلوع الشمس .
وأما الفجر الأول فهو الفجر الكاذب ، وهو البياض
المستطيل في السماء من أعلى الأفق إلى أسفل كالعمود ، ويقع قبل الفجر الصادق بنحو
عشرين دقيقة ، تزيد وتنقص باختلاف فصول السنة .
ومعلوم أن الأحكام تترتب على وجود الفجر الصادق
لا الكاذب .
وقد جاء في بيان الفجرين أحاديث كثيرة ، منها :
قوله صلى الله عليه وسلم : " الفجر فجران ، فجر
يحرم فيه الطعام ، وتحل فيه الصلاة ، وفجر تحرم فيه الصلاة (أي صلاة الفجر ) ويحل
فيه الطعام "
رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس ، وصححه الألباني في
صحيح الجامع 4279 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " الفجر فجران :
فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يُحل الصلاة ولا يُحرم الطعام ، وأما الفجر
الذي يذهب مستطيلاً في الأفق فإنه يُحل الصلاة ويُحرم الطعام " رواه الحاكم
والبيهقي من حديث جابر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 4278 .
وفي رواية " الفجر فجران ، فجر يقال له : ذنب
السرحان ، وهو الكاذب يذهب طولا ، ولا يذهب عرضا ، والفجر الآخر يذهب عرضا ، ولا
يذهب طولا " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 2002
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يمنعنكم من
سحوركم أذان بلال ، ولاالفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق ) رواه أبو داود والترمذي وحسنه ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي
برقم 568
ومن هذا البيان النبوي يُعلم أن تحديد وقت
الصلاة ينبني على المشاهدة ، لا على الحساب الفلكي ، ولا على التقاويم التي لا
يُدرى حال واضعيها ومنزلتهم في الأمانة والعلم ، لا سيما مع ثبوت مخالفتها للوقت
الصحيح.
وهذا الخطأ ليس في مصر وحدها ، بل قد تبين أن
معظم التقاويم الموجودة لم تضبط الفجر على وقته الصحيح ، وإنما ضبطته على الفجر
الكاذب ، وفي هذا تعريض لصلاة المسلمين للبطلان ، لا سيما من يصلي في بيته بعد سماع
الأذان مباشرة.
وقد قام جماعة من العلماء والباحثين في المملكة
العربية السعودية والشام ومصر والسودان بتحري وقت الفجر الصادق ، وتبين لهم خطأ
التقاويم الموجودة اليوم.
قال الشيخ الألباني رحمه الله : ( وقد رأيت ذلك
بنفسي مراراً من داري في جبل هملان جنوب شرق عمان ، ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما
ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية
يُرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة ، أي قبل الفجر
الكاذب أيضا ، وكثيراً ما سمعت إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر
الصادق ، وهم يؤذنون قبل وقتها ، وقد يستعجلون بأداء الفريضة قبل وقتها في شهر
رمضان ) انتهى من السلسلة الصحيحة (5/52).
وإذا عُلم هذا فالواجب على أهل كل بلد أن
ينتدبوا جماعة من أهل العلم الثقات ، لتحري وقت الفجر ، وإعلام الناس به ، وتحذيرهم
من اتباع التقويم إن ثبت خطؤه.
وينبغي على الأخ السائل وعلى جميع المسلمين في
هذه البلاد التي بينت خطأ التقويم فيها أن يجعلوا صلاتهم للفجر بعد الأذان بثلاثين
أو خمس وعشرين دقيقة ، وإن استطاعوا تأخير الأذان لهذا الوقت لزمهم ذلك ، كما يجب
عليهم بيان هذا الحكم لنسائهم وبناتهم حذراً من إيقاع الصلاة في غير وقتها .
والله أعلم .
*****
26844
مشابهة الوتر للمغرب
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/6884)
سؤال رقم 26844- مشابهة الوتر للمغرب
كتبت في مقالة " صلاة الليل في رمضان " أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الصلاة للوتر كثلاث ركعات ووضح ذلك بقوله: لا تجعلوها تشابه صلاة المغرب . وعليه فإن من أراد أن يصلي الوتر ثلاثا عليه أن يجد طريقة تجعلها تختلف (عن صلاة المغرب) . وهناك طريقتان : إما بالتسليم عقب الركعتين الأوليين ، وهو الأفضل ، أو بعدم الجلوس بعد الركعتين الأوليين .
أنا أيضا أصلي ثلاث ركعات للوتر لكني أجعل صلاتي تختلف عن المغرب برفع يدي للتكبير قبل دعاء القنوت . فهل يصح ذلك ؟.
الحمد لله
قبل الجواب على هذا السؤال نشكر لك حرصك على اتباع السنة ، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
ما ذكرته – وفقك الله - من إرادتك عدم المشابهة بأن ترفع يدك للتكبير قبل دعاء القنوت ، فهذا ليس مرادا من نهي النبي صلى الله
عليه وسلم في قوله في الحديث الذي أخرجه الحاكم ( 1/304) والبيهقي ( 3/31) والدار قطني ( ص172) وصححه الحاكم على شرطهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا توتروا بثلاث تشبهوا المغرب " . ومراده صلى الله عليه وسلم – كما بينه أهل العلم – هو النهي عن الجلوس للتشهد الأول بحيث تشبه صلاة المغرب .
انظر في ذلك : فتح الباري لابن حجر4/301 قال الحافظ : إسناده على شرط الشيخين ، وعون المعبود شرح حديث رقم ( 1423 ) ، وصلاة التراويح للألباني
ص97 .
ورفع اليدين للتكبير قبل دعاء القنوت ليس بفرق في الحقيقة ؛ لأن مواضع رفع اليدين في الصلاة أربعة :
1- عند تكبيرة الإحرام .
2- عند الركوع .
3- عند الرفع من الركوع .
4- عند القيام من التشهد الأول .
فلا يشرع للمصلي أن يرفع يديه في غير هذه المواضع الأربعة .
انظر في ذلك فتاوى أركان الإسلام للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ص 312 .
والله أعلم .
*****
26865
تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان الثاني
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/6885)
سؤال رقم 26865- تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان الثاني
أفطرت أياماً من رمضان بسبب الحيض ، وهذا من عدة سنوات . ولم أصم هذه الأيام حتى الآن . فماذا عليّ أن أفعل ؟.
الحمد لله
اتفق الأئمة على أنه يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضي تلك الأيام قبل مجيء رمضان التالي .
واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : ( كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ
الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
) .
قال الحافظ :
وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ اهـ
فإن أخر القضاء حتى دخل رمضان التالي فلا يخلو من حالين :
الأولى :
أن يكون التأخير بعذر ، كما لو كان مريضاً واستمرَّ به المرض حتى دخل رمضان التالي ، فهذا لا إثم عليه في التأخير لأنه معذور .
وليس عليه إلا القضاء فقط . فيقضي عدد الأيام التي أفطرها .
الحال الثانية :
أن يكون تأخير القضاء بدون عذر ، كما لو تمكن من القضاء ولكنه لم يقض حتى دخل رمضان التالي.
فهذا آثم بتأخير القضاء بدون عذر ، واتفق الأئمة على أن عليه القضاء ، ولكن اختلفوا هل يجب مع القضاء أن يطعم عن كل يوم
مسكيناً أو لا ؟
فذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد أن عليه الإطعام . واستدلوا بأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابة كأبي هريرة وابن عباس رضي الله
عنهم .
وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يجب مع القضاء إطعام .
واستدل بأن الله تعالى لم يأمر مَنْ أفطر من رمضان إلا بالقضاء فقط ولم يذكر الإطعام ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ
مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185.
انظر : المجموع (6/366) ، المغني (4/400) .
وهذا القول الثاني اختاره الإمام البخاري رحمه الله ، قال في صحيحه :
قَالَ إِبْرَاهِيمُ -يعني : النخعي- : إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا
، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلا وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ . ثم قال البخاري : وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ ، إِنَّمَا قَالَ
: ( فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو يقرر عدم وجوب الإطعام :
وأما أقوال الصحابة فإن في حجتها نظراً إذا خالفت ظاهر القرآن ، وهنا إيجاب الإطعام مخالف لظاهر القرآن ، لأن الله تعالى لم
يوجب إلا عدة من أيام أخر ، ولم يوجب أكثر من ذلك ، وعليه فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به إلا بدليل تبرأ به الذمة ، على أن ما روي عن ابن عباس
وأبي هريرة رضي الله عنهم يمكن أن يحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب ، فالصحيح في هذه المسألة أنه لا يلزمه أكثر من الصيام إلا أنه يأثم بالتأخير
. اهـ
الشرح الممتع (6/451) .
وعلى هذا فالواجب هو القضاء فقط ، وإذا احتاط الإنسان وأطعم عن كل يوم مسكيناً كان ذلك حسناً .
وعلى السائلة - إذا كان تأخيرها القضاء من غير عذر- أن تتوب إلى الله تعالى وتعزم على عدم العودة لمثل ذلك في المستقبل .
والله تعالى المسؤول أن يوفقنا لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*****
26879
دعاء الصائم عند فطره
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/6886)
سؤال رقم 26879- دعاء الصائم عند فطره
ما هو الدعاء الذي ندعو به عندما نفطر ونحن صائمون ؟.
الحمد لله
قال عمر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال : " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " .
رواه أبو داود ( 2357 ) والدارقطني ( 25 ) ، وقال ابن حجر في " التلخيص الحبير " ( 2 / 202 ) : " قال الدارقطني : إسناده حسن " .
وأما دعاء : " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " فقد رواه أبو داود ( 2358 ) وهو حديث مرسل ، فهو ضعيف ، ضعيف أبي داود
(510 ) للألباني .
والدعاء بعد العبادات له أصل كبير في الشرع مثل الدعاء بعد الصلوات وبعد قضاء مناسك الحج ، ولا يخرج الصوم عنه إن شاء الله ،
وقد ذكر الله تعالى آية الدعاء والترغيب به بين آيات الصيام وهي قوله تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة / 186 ، للدلالة على أهمية الدعاء في هذا الشهر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
أخبر سبحانه أنَّه قريبٌ مِن عباده يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه ، فهذا إخبارٌ عن ربوبيته لهم وإعطائه سُؤلهم وإجابةِ دعائهم ؛
فإنهم إذا دعَوْه فقد آمنوا بربوبيته لهم ... ، ثم أمَرهم بأمرين فقال : { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } البقرة / 186 .
فالأول : أنْ يطيعوه فيما أمرهم به من العبادة والاستعانة .
والثاني : الإيمان بربوبيته وألوهيته وأنَّه ربهم وإلههم ولهذا قيل: إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنَّه عقب آية
الدعاء بقوله : { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي }. " مجموع الفتاوى " ( 14 / 33 ) .
*****
26985
مفتون بالقنوات ومواقع الإنترنت الإباحية
التربية > تربية النفس >
الرقائق > التوبة >(1/6887)
سؤال رقم 26985- مفتون بالقنوات ومواقع الإنترنت الإباحية
أنا شاب مفتون مع الأسف بالدشوش ومواقع الانترنت لدرجة أصبحت مقصر جدا في أمور ديني ، أرجو منكم المساعدة والدعاء لي بالهداية .
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يهديك ، وأن يصرف عنك السوء
والفحشاء ، وأن يجعلك من عباده المخلَصين.
وخير ما نوصيك به هو تقوى الله تعالى ، والحذر
من نقمته وغضبه، وأليم عقابه ، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل ، وما يؤمنك أن يطلع
الله عليك وأنت على معصيته فيقول : وعزتي وجلالي لا غفرت لك.
وانظر إلى هذه الجوارح التي تسعى بها إلى
المعصية ، ألا ترى الله قادرا على أن يسلبك نعمتها ، وأن يذيقك ألم فقدها ؟
ثم انظر إلى ستر الله تعالى لك ، وحلمه عليك ،
وأنت تعلم غيرته على عباده ، فما يؤمّنك أن يغضب عليك ، فينشكف أمرك ، ويطلع الناس
على سرك ، وتبوء بفضيحة الدنيا قبل الآخرة .
وهل ستجني من النظر المحرم إلا الحسرة ، والشقاء
، وظلمة القلب ؟
وهب أنك شعرت بمتعة أو لذة ، يوما أو يومين ، أو
شهرا أو سنة .. فماذا بعد ؟
موت .. ثم قبر .. ثم حساب ، فعقاب ... ذهبت
اللذات وبقيت الحسرات .
وإذا كنت تستحيي من أن يراك أخوك على هذه
المعصية ، فكيف تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك ؟!
أما علمت أن الله يراك ، وأن ملائكته تحصي عليك
، وأن جوارحك غدا ستنطق بما كان ؟
واعتبر بما أصبح عليه حالك بعد المعصية : هم في
القلب ، وضيق في الصدر ، ووحشة بينك وبين الله .
ذهب الخشوع .. ومات قيام الليل .. وهجرك الصوم
... فقل لي بربك ما قيمة هذه الحياة ؟
كل نظرة تنظرها إلى هذه النوافذ الشيطانية ،
تنكت في قلبك نكتة سوداء ، حتى يجتمع السواد فوق السواد ، ثم الران الذي يعلو القلب
، فيحرمك من لذة الطاعة ، ويفقدك حلاوة الإيمان .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد إذا
أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه ، وإن عاد
زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا
يكسبون ) " رواه الترمذي (3257) وابن ماجة (4234) وحسنه الألباني في صحيح
ابن ماجه 3422.
صقل : أي نُقي وطُهر .
فكن ممن نزع واستغفر وتاب ، وأكثر من التضرع لله
تعالى أن يُطهر قلبك وأن يُحصن فرجك ، وأن يُعيذك من نزغات الشيطان.
واجتنب كل وسيلة تدعوك أو تذكرك بالحرام ، إن
كنت صادقا راغبا في التوبة .
فبادر بإخراج هذا الدش من بيتك ، واقطع صلتك
بمواقع السوء في الانترنت ، واعلم أن خير وسيلة تعينك على ترك ما اعتدته من الحرام
، أن تقف عند الخاطرة والهم والتفكير ، فادفع كل خاطرة تدعوك للمشاهدة ، قبل أن
تصبح رغبة وهمّا وقصدا ثم فعلا.
قال الغزالي رحمه الله : ( الخطوة الأولى في
الباطل إن لم تدفع أورثت الرغبة ، والرغبة تورث الهم ، والهم يورث القصد ، والقصد
يورث الفعل ، والفعل يورث البوار والمقت ، فينبغي حسم مادة الشر من منبعه الأول وهو
الخاطر ، فإن جميع ما وراءه يتبعه ) إحياء علوم الدين 6/17
وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ( يا أيها الذين
آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) النور/21
وإن أمكنك الاستغناء التام عن الانترنت فافعل ،
إلى أن تشعر بثبات قلبك ، وقوة إيمانك .
واحرص على الرفقة الصالحة ، واحرص على أداء
الصلوات في أوقاتها ، وأكثر من نوافل العبادة ، وتجنب الخلوة والتفكير في الحرام ما
أمكن .
والخلاصة في العلاج فتح منافذ الخير ، وسد منافذ
الشر .
نسأل الله أن يوفقنا وإياك للتوبة الخالصة
النصوح.
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
27082
كيف يعاقب نفسه لحثها على الخير ؟
التربية > تربية النفس >(1/6888)
سؤال رقم 27082- كيف يعاقب نفسه لحثها على الخير ؟
أعلم ما لمعاقبة النفس وحرمانها من الأثر في الحث على العمل , ولكن كيف أعاقب نفسي ؟.
الحمد لله
المؤمن الحريص على نجاة نفسه هو الذي يسعى لسلامتها من كل ما يهلكها ، ويرفق بها ، ومن الرفق بها مراقبة سيرها إلى الله لتنجو من عذاب
الآخرة ، ومجاهدتها للقيام بما أُمرت به واجتناب ما نهيت عنه ابتغاء رضوان الله ، فيبدأ بالتوبة من سائر الذنوب ، ويحثها على المسابقة في العمل الصالح ،
والارتقاء بها إلى المقامات العلى في الإيمان ويسعى إلى ذلك بالأسباب المعينة كمعرفة ثواب الأعمال وآثارالذنوب وأسبابها والابتعاد عن المخذلين وضعيفي الهمم
، وسماع أخبار المجتهدين في الطاعات ثم إذا ضعفت عن الصالحات أو بدرت منها المعاصي ، وجنحت إليها ، فهذا مقام المعاقبة .
فالمعاقبة تكون بعد معرفة الحق ثم الميل عنه ، ولا يبدأ بالمعاقبة إذ لا عقاب قبل معرفة ؛ وحتى يكون ذلك أقطع للعذر عنها .
وتنبه ـ بارك الله فيك ـ إلى أن المعاقبة غير مقصودة لذاتها ، بل هي وسيلة إلى تهذيب النفس وتربيتها ،
وهي مثل الكي للمريض تستعمل بقدر الحاجة .
وليس من المعاقبة المحمودة تعذيب النفس وتكليفها بما لا تطيقه ، أو بما يؤذي البدن كالحرق بالنار أو القيام في الشمس ، أو ما يشبه ذلك بل
بزيادة في الأعمال الصالحة بلا مشقة زائدة ، أو حرمانها مما ترغب ، وأنت طبيب نفسك ، وتعلم ما يساعدها على الفتور والعصيان فتتركه .
قال المقدسي رحمه الله :
إعلم أن [ المؤمن ] إذا حاسب نفسه فرأى منها تقصيراً أو فعلت شيئاً من المعاصي فلا ينبغي أن يهملها ، فإنه يسهل عليه حينئذ مقارفة الذنوب
ويعسر عليه فطامها بل ينبغي أن يعاقبها عقوبة مباحة كما يعاقب أهله وولده ، وكما روي عن عمر أنه خرج إلى حائط له - أي : بستان - ثم رجع وقد صلى الناس العصر
، فقال : إنما خرجت إلى حائطي ، ورجعت وقد صلى الناس العصر ، حائطي صدقة على المساكين .
وروي أن تميماً الداري رضي الله عنه نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى طلع الفجر فقام الليل سنة لم ينم فيها عقوبة لنومه تلك الليلة .
ومرَّ حسان بن سنان بغرفة فقال : متى بنيت هذه ؟ ثم أقبل على نفسه فقال : تسألين عما لا يعنيك لأعاقبنك بصوم سنة ، فصامها .
أما العقوبات التي فيها إضرار بالبدن أو ارتكاب منهي عنه : فلا تجوز ، كما روي أن رجلاً نظر إلى امرأة فقلع عينيه ، وآخر عصى الله بيده
فوضعها في النار حتى شُلت ، فمثل هذا لا يجوز ، فإنه ليس للإنسان أن يتصرف في نفسه بمثل هذا . أ.هـ بتصرف من " مختصر منهاج القاصدين " .
والله أعلم .
*****
27112
يجوز الاستمناء باليد من أجل الفحص الطبي
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/6889)
سؤال رقم 27112- يجوز الاستمناء باليد من أجل الفحص الطبي
أنا أعرف أن الاستمناء حرام في الإسلام. ولكن إذا أراد الشخص إجراء فحوصات لمعرفة العقم والخصوبة فإن العاملين في المختبر يطلبون عينة من مني الشخص . ولا يمكننا الحصول على المني إلا عن طريق الاستمناء في المختبر . فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز ذلك ، وقد جاء في فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله أنه سئل عن ذلك فأجاب :
لا بأس بذلك ما دام أنه محتاج إليه ، فقد قال العلماء : ومن استمنى بيده من غير حاجة عزر ، أما هذا فلحاجة وهي إخراج المني لتحليله
ومعرفة المرض الذي من أجله لم ينجب هذا الشخص ولعل العلة منه أو من زوجته ، فمثل هذه الحالة لا بأس بها إن شاء الله .
انتهى من فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد ص 271
والله اعلم .
*****
27113
هل يُغفر للزاني التائب ولو لم يُقم عليه الحد ؟
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/6890)
سؤال رقم 27113- هل يُغفر للزاني التائب ولو لم يُقم عليه الحد ؟
أريد أن أعرف إذا ارتكب الشخص كبيرة الزنا وندم ندماً حقيقيّاً لله وتاب توبة صادقة لله هل سيعفو الله عنه يوم القيامة حتى لو لم يقم عليه الحد بجلده مائة جلدة في الدنيا ؟ .
وهل التوبة وحدها تكفر هذا الذنب ؟ أم أنه لن يغفر الله له وسيعاقب يوم القيامة ما لم يطبق بحقه الحد الشرعي حد الزنا ؟ أرجو الإجابة من الكتاب والسنة وجزاكم الله خيراً .
الحمد لله
إقامة الحدِّ على الذنب الذي شرع فيه الحد : يكفِّر الذنب وما يترتب عليه من إثم .
والتوبة الصادقة من الذنوب تكفِّر ما يترتب عليه من إثم ، و " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " ، بل إن الله تعالى يبدِّل سيئاته حسنات .
فإن صدق في التوبة ، وأكثر من الاستغفار فلا يلزمه أن يعترف ليقام عليه الحد ، بل التوبة كافية إن شاء الله تعالى .
قال الله تعالى : { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً .
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً . إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيماً . ومن تاب وعمل
صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً } الفرقان / 68 – 71 .
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا
ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفَّى منكم : فأجره على الله ، ومَن أصاب مِن ذلك شيئاً فعوقب في
الدنيا : فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله : فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " .
رواه البخاري ( 18 ) ومسلم ( 1709 ) .
وفي صحيح مسلم ( 1695 ) عندما جاء "ماعز" إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقر بالزنى وقال : "طهِّرني" (يعني بإقامة الحد) ، قال له : ويحك
ارجع فاستغفر الله وتب إليه .
قال النووي :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط إِثْم الْمَعَاصِي الْكَبَائِر بِالتَّوْبَةِ , وَهُوَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ .
وقال الحافظ ابن حجر :
ويؤخذ من قضيته – أي : ماعز عندما أقرَّ بالزنى - أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحدٍ
. . . وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال : أُحبُّ لمن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب اهـ .
" فتح الباري " ( 12 / 124 ، 125 ) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء
منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يُبد لنا صفحته نُقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " . والقاذورات : يعني المعاصي .
رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) . وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 149 )
وللاستزادة يرجى النظر في أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 23485 ) و ( 20983 ) و ( 728 ) .
*****
27120
هل يقدم الحج أم الزواج ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/6891)
سؤال رقم 27120- هل يقدم الحج أم الزواج ؟
أيهما أولى للشخص ؛ أن يحج بما معه من مال أم يتزوج به ؟ لأن هذا الوقت وقت فتن يخاف فيه المرء على نفسه .
الحمد لله
إذا كان الرجل يحتاج إلى الزواج ، ويشق عليه تأخيره فإنه يقدم الزواج على الحج .
أما إذا كان لا يحتاج إلى الزواج فإنه يقدم الحج .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/12) :
وَإِنْ احْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ , وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ ( أي المشقة ) , قَدَّمَ التَّزْوِيجَ , لأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
, وَلا غِنَى بِهِ عَنْهُ , فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ , وَإِنْ لَمْ يَخَفْ , قَدَّمَ الْحَجَّ ; لأَنَّ النِّكَاحَ تَطَوُّعٌ , فَلا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجَّ
الْوَاجِبِ اهـ . وانظر أيضاً : "المجموع" (7/71) للنووي .
وسئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله :
هل يجوز تأجيل الحج إلى ما بعد الزواج للمستطيع ، وذلك لما يقابل الشباب في هذا الزمن من المغريات والفتن صغيرة كانت أم كبيرة ؟
فأجاب :
لا شك أن الزواج مع الشهوة والإلحاح أولى من الحج لأن الإنسان إذا كانت لديه شهوة ملحة فإن تزوجه حينئذٍ من ضروريات حياته ، فهو مثل
الأكل والشرب ، ولهذا يجوز لمن احتاج إلى الزواج وليس عنده مال أن يدفع إليه من الزكاة ما يُزوج به ، كما يعطى الفقير ما يقتات به وما يلبسه ويستر به عورته
من الزكاة .
وعلى هذا فنقول : إنه إذا كان محتاجاً إلى النكاح فإنه يقدم النكاح على الحج لأن الله سبحانه وتعالى اشترط في وجوب الحج الاستطاعة فقال :
( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران / 97 .
أما من كان شاباً ولا يهمه أن يتزوج هذا العام أو الذي بعده فإنه يقدم الحج لأنه ليس في ضرورة إلى تقديم النكاح اهـ
فتاوى منار الإسلام (2/375) .
*****
27211
هل يرجع للإقامة في بلاد الكفر ؟
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/6892)
سؤال رقم 27211- هل يرجع للإقامة في بلاد الكفر ؟
نصحني كثير من أهل العلم بعدم السكن في بلاد الكفار ( أمريكا ) ، أنا عربي أمريكي عشت طوال عمري في أمريكا وأعمل الآن في إحدى الدول الإسلامية ، الأمور أصبحت صعبة بالنسبة لي لكي أستمر هنا - ( قلة الدخل والسكن ) - ، وأفكر بالعودة لأمريكا ، وسبب رئيسي آخر للعودة هو العناية الصحية المجانية لزوجتي المريضة .
أرجو أن تعطيني جواباً مفصلاً بالدليل من القرآن والسنة ، هل أعاني وأبقى في هذا البلد أم أرجع لأمريكا ؟.
الحمد لله
الأصل هو حرمة الإقامة بين أظهر المشركين وفي ديارهم ، ومن يسَّر الله عز وجل له الخروج من تلك الديار إلى بلاد الإسلام : فلا ينبغي له
أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير إلا لعذرٍ قاهر يجيز له الرجوع .
ونحن ننصحك بما نصحك به الآخرون بعدم السكن في بلاد الكفر ، إلا أن تكون مضطراً إلى سكن مؤقت كعلاج لا يتيسر لك في بلاد المسلمين .
واعلم أن من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيراً منه ، وأن مع العسر يسراً ، وأنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، واعلم
أن الحفاظ على رأس المال خير من المخاطرة في الربح ، ورأس مال المسلم هو دينه ، فلا يفرِّط فيه لأجل دنيا زائلة .
وللشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – فتوى مفصَّلة في حكم الإقامة في بلاد الكفر ، نذكر منها – الآن – ما يتيسر .
قال الشيخ ابن عثيمين :
الإقامة في بلاد الكفار خطر عظيم على دين المسلم ، وأخلاقه ، وسلوكه ، وآدابه ، وقد شاهدنا وغيرنا انحراف كثير ممن أقاموا هناك فرجعوا
بغير ما ذهبوا به ، رجعوا فُسّاقًا ، وبعضهم رجع مرتدًا عن دينه وكافرًا به وبسائر الأديان - والعياذ بالله - حتى صاروا إلى الجحود المطلق والاستهزاء
بالدين وأهله السابقين منهم واللاحقين ، ولهذا كان ينبغي بل يتعين التحفظ من ذلك ووضع الشروط التي تمنع من الهويّ في تلك المهالك .
فالإقامة في بلاد الكفر لابد فيها من شرطين أساسين :
الشرط الأول : أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان ، وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف
والزيغ وأن يكون مضمراً العداوة للكافرين وبغضهم مبتعدًا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان قال الله تعالى : { لا تجد قومًا
يؤمنون بالله واليوم الآخر يُوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم } المجادلة / 22 .
وقال - تعالى - : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي
القوم الظالمين . فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده فيصبحوا على ما أسروا في
أنفسهم نادمين } المائدة / 51 ، 52 .
وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أن من أحب قومًا فهو منهم " ، وأن " المرء مع من أحب " .
ومحبة أعداء الله عن أعظم ما يكون خطرًا على المسلم لأن محبتهم تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ولذلك قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحب قومًا فهو منهم " .
الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع ، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من
يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، ....
وقال الشيخ ابن عثيمين – في بيان أقسام الناس من حيث الإقامة هناك - :
القسم الرابع : أن يقيم لحاجة خاصة مباحة كالتجارة والعلاج فتباح الإقامة بقدر الحاجة ، وقد نص أهل العلم رحمهم الله على جواز دخول بلاد
الكفار للتجارة وأثروا ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم .
وقال الشيخ – في آخر الفتوى - :
وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بأذنيه
ويرضى به ، بل ينتسب إلى تلك البلاد ويسكن فيها بأهله وأولاده ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله
وأولاده في دينهم وأخلاقهم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( فتوى رقم 388 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 14235 ) و ( 3225 ) .
والله أعلم .
*****
292
الانتفاع بالربا
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6893)
سؤال رقم 292- الانتفاع بالربا
السؤال :
سؤالي هذا من أجل كثير من المسلمين المحتاجين الذين يُطردون من المدارس لعدم قدرتهم على دفع رسوم الدراسة . كثير منهم عنده حساب بنكيّ بفائدة ، ولكنهم لا يستخدمونها لأنها حرام .
ماذا ينبغي أن يفعل أحدنا بهذه الفائدة ، هل يتركها للبنك أم يمكن استخدامها في هذه الحالة لدفع الرسوم للمعاهد غير الإسلامية ؟ أرجو إعطاء أدلة مقنعة .
هذا السؤال مهم وعاجل حيث أن الفصل الأكاديمي بدأ و الرسوم غير متوفرة.
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه وبعد
الأخ المكرم الشيخ / علي داراني القاضي في نيروبي - كينيا حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد وصل سؤالكم المرسل بالبريد الألكتروني عن جواز صرف الأموال الربوية في نفقات الطلاب المحتاجين في المعاهد في بلدكم وجوابا على سؤالكم ألخّص لكم بعض ما ذكره أهل العلم في هذه المسألة :
من كان عنده مال محرّم وجب أن يتخلّص منه بحيث لا ينتفع به المتخلّص لا في جلب مصلحة له كأكل أو شرب أو سكن أو نفقة أهل أو أجرة تدريس ولا في دفع مضرة أو ظلم عن نفسه كرسوم التأمين الإجباري أو سائر أنواع الضرائب والمكوس وتكون النية عند إخراجه تخلصا لا صدقة لأنّ الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
وأما المجال الذي تُصْرف فيه الأموال الربوية فيكون في سائر وجوه الخير مثل إعطائها للفقراء والمساكين ونفقات علاج المحتاجين وكذلك المجاهدين والغرماء من أصحاب الديون المعسرين وأنشطة المراكز الإسلامية وإصلاح المرافق العامة كدورات مياه المساجد والطرقات وما شابه ذلك.
وصرفها في نفقات ورسوم تعليم الطلاب المحتاجين يدخل فيما سبق ولو كانت المعاهد تابعة للكفار ما دام حقل الدراسة مباحا ، ويكون المال المحرّم حراما على كاسبه وأما بالنسبة لمن أعطي له فيجوز أن يستفيد منه ويُعتبر كالمال الضائع الذي لا صاحب له .
وفقنا الله وإياكم لعمل الخير ونصرة الدّين وإعانة المسلمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فتاوى إسلامية 2/404-411
*****
3044
مشكلة بين بنت وأمها
الآداب > بر الوالدين >(1/6894)
سؤال رقم 3044- مشكلة بين بنت وأمها
السؤال :
سؤالي شخصي ولكنه مهم جدا بالنسبة لي
خلال ال23 سنة الماضية وأنا أواجه إساءة نفسية وبدنية من أمي الحبيبة ، خلال كل هذه الفترة وأنا أحاول أن ابتلع ألمي واتحمل ، فقط لأنها أمي مهما يكن .
ولكن مع الأسف وبعد أن اصبح عمري 23 سنة ليس لدي الاستطاعة أن أتحمل اكثر من ذلك.
ضربها المستمر وسبها لي جعلني مريضة جدا واصبحت أتعالج من الضغط ونُصحت بان اذهب لطبيب نفساني ولكني لا أريد أن اذهب إلى طبيب نفساني حتى لا يعطيني نصائحه ومشورته المخالفة لتعاليم ديني ، أنا امرأة تقية واخاف الله واعلم كم هو علو منزلة الأم في الإسلام وانهم يجب أن يُحترموا مهما يكن ، ولكن ماذا عني أنا ؟ ماذا فعلت لأجازى بكل هذا؟
مؤخرا اخبرني والدي بأنها مريضة نفسيا ولكن هذا لا يحل مشكلتي.
والذي يحزنني فعلا أنها تسبني كثيرا وتدعو علي بأدعية سيئة كأن أموت فورا بمرض خبيث أو أن ادخل النار واهتمامي الأساسي هو كم سيستجيب الله من هذا الدعاء ؟ ما موقف الله مني ؟ وما موقف الله منها ؟ وماذا افعل ألان ؟
أرجو أن تساعدني وتخبرني بحقوقي وواجباتي كابنة مسلمة ، هل للامهات أن يفعلوا ذلك فقط لانهم أمهات ؟ والجنة تحت أقدامهم ؟ وماذا عن الأطفال ؟
الجواب:
الحمد لله
وصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين ، وقرنه بالأمر بعبادته والنهي عن الشرك به ، وخص الأم بالذكر في بعض هذه الوصايا للتذكير بزيادة حقها على حق الأب .
قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ) قال ابن عباس : يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب ، فلا يغلظ لهما في الجواب ولا يحد النظر إليهما ، ولا يرفع صوته عليهما بل يكون بين يديهما كالعبد بين يدي السيد تذللاً لهما ، وقال تعالى : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ) . قال البغوي رحمه الله : يريد لا تقل لهما ما فيه أدنى تبرم ، والأف والتف : وسخ الأظفار ، ويقال لكل ما يستثقل ويضجر منه ، أف له .
وقال أبو البداح التجيبي : قلت لسعيد بن المسيب : كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته ، إلا قوله : ( وقل لهما قولاً كريماً ) ما هذا القول الكريم ؟؟ قال ابن المسيب : قول العبد المذنب للسيد الفظّ الغليظ .
ولا يختص بر الوالدين بكونهما مسلمين ، بل يبرهما وإن كانا كافرين ، قال تعالى : (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ) فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به ، وهو الإشراك بالله تعالى ، فما الظن بالوالدين المسلمين ، سيما إن كانا صالحين ، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها ، وإن القيام به على وجهه أصعب الأمور وأعظمها ، فالموفق من هدي إليها والمحروم كل الحرمان من صرف عنها ، وقد جاء في السنة من الأحاديث في التأكيد على ذلك ما لا تحصى كثرته ، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري 13/4 ومسلم 2548 .
قال مكحول : بر الوالدين كفارة للكبائر .
فلعيك بالصبر على أمك وما ينالك منها من الأذى الذي يضايقك ، فببرك لها وإحسانك لمعاملتها تكسبين رضاها وودها ، واحرصي على أن تجتنبي ما يثيرها أو يغضبها وإن كان فيه مصلحة لك من غير أن يلحقك ضرر ، والواجب على أمك أن تحسن معاملتها لك ، وأن تترك الإساءة لك بالضرب أو الشتم .
أما بالنسبة لما تذكرينه من دعائها عليك ، فإن الدعاء إذا كان بغير حق لا يقبل ، ولا يجوز لها أن تدعوا عليك بغير حق لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " يستجاب لأحدكم ما لم يدعوا بإثم أو قطيعة رحم " فدل هذا الحديث على أن الدعاء إذا كان متضمناً للإثم فإنه لا يستجاب ، ولا شك أن الاعتداء بالدعاء على الولد بغير حق من الإثم .
ونسأل الله تعالى أن يزرقكِ برها ورضاها ، وأن يوفقنا جميعا إلى ما يحبه ويرضاه .
وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
306
صلاة تحية المسجد في وقت النهي
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/6895)
سؤال رقم 306- صلاة تحية المسجد في وقت النهي
السؤال :
إذا دخل رجل المسجد في وقت النهي عن الصلاة هل يصلي ركعتي تحية المسجد ؟ .
الجواب :
الحمد لله
في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم ، والصحيح أن تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات حتى بعد الفجر وبعد العصر لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) . متفق على صحته ، ولأنها من ذوات الأسباب كصلاة الطواف وصلاة الخسوف والصواب فيها كلها أنها تفعل في أوقات النهي كلها كقضاء الفوائت من الفرائض
لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في صلاة الطواف : ( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار ) . أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسنادٍ صحيح ؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم ، في صلاة الكسوف : ( إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ) 1/332 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
30798
وضع المال في البنوك الربوية
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6896)
سؤال رقم 30798- وضع المال في البنوك الربوية
أنا امرأة عندي ميراث كبير وأقوم بالصرف على بيتي من مأكل ومصاريف كليات وزواج لأبنائي مع العلم بأن زوجي ضابط شرطة ، ولكن مرتبه لا يكفينا حتى نعيش عيشة مرتاحة من كل المشاكل المادية ، وأنا أضع ميراثي كله في البنك ونعيش من الفائدة ، فهل يعتبر ما أقوم بصرفه من الزكاة أم يجب على أن أستخرجها ؟ وكم تكون قيمتها على الفائدة أم أصل المبلغ ؟.
الحمد لله
1. وضع المبالغ في البنوك
وأخذ الربا – وهو ما يسمَّى " فائدة " – حرام وهو من كبائر الذنوب .
قال علماء
اللجنة الدائمة :
أولاً :
الأرباح التي
يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا ، ولا يحل له أن
ينتفع بهذه الأرباح ، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربويَّة ، وأن
يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه ، فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر
من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك .
ثانياً :
يبحث عن محل
لا يتعامل بالربا ولو دكاناً ويوضع المبلغ فيه على طريق التجارة مضاربة ، على أن
يكون ذلك جزءاً مشاعاً معلوماً من الربح كالثلث مثلاً ، أو بوضع المبلغ فيه أمانة
بدون فائدة .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 /
404 ) .
ومعنى
المضاربة أن يشترك شخصان أحدهما بالمال والثاني بالعمل ، ويكون الربح بينهما على ما
يتفقان عليه .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
لا ريب أن العمل في البنوك التي تتعامل بالربا
غير جائز ؛ لأن ذلك إعانة لهم على الإثم والعدوان ، وقد قال الله سبحانه : {
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه لعن أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال : " هم سواء " أخرجه مسلم في
صحيحه .
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو
السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء ، أما وضعه بدون فائدة : فالأحوط تركه
إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه
إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم
والعدوان وإن لم يرد ذلك ، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ
الأموال وتصريفها ، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم ، ويسر لهم
العمل السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه ،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
" فتاوى ابن باز " ( 4 / 30 ، 311 ) .
2. وما تنفقه الأم على
أبنائها لا يحسب من الزكاة ؛ لأنه في حال عجز الوالد عن الإنفاق على أولاده ينتقل
وجوب الإنفاق إلى الأم إذا كان عندها سعة . المغني 11/373
وإذا وجب على
الأم أن تنفق على أولادها صاروا أغنياء بنفقتها عليهم فلا يجوز أن يعطوا من الزكاة
.
3. ويجب الإسراع في إخراج
المال من البنوك الربويَّة ، وما يترتب على المال من فوائد ربويَّة لا يحل لكم
الانتفاع بها بل يجب التخلص منها في أي وجوه الخير ، وما سبق أخذه من الفوائد
الربويَّة فهو عفو إذا كان أخذه جهلاً بحكم الشرع فيه .
قال الشيخ عبد
الله بن جبرين :
عليك التوبة
مما أكلته من الربا الذي أعطاك إياه البنك باسم الفائدة ، وليس عليك أن تغرمه
وتُخرجه ، بل هو مما يعفو الله عنه لقوله تعالى : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى
فله ما سلف وأمره إلى الله } ، فإن أخذتَ الربا بعد ذلك : فتصدَّق به على من يستحق
الصدقة من قريب أو بعيد لتسلم من إثم أكل الربا .
" فتاوى إسلاميَّة " ( 2 /
406 ، 407 ) .
والله أعلم .
*****
3107
حكم المجلات الخليعة
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/6897)
سؤال رقم 3107- حكم المجلات الخليعة
السؤال :
ما حكم إصدار مجلات تظهر فيها النساء سافرات وبطريقة مغرية .. وتهتم باخبار الممثلين والممثلات ؟ وما حكم من يعمل في هذه المجلة ومن يساعد على توزيعها .. ومن يشتريها ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية أو الدعاية إلى الزنا والفواحش أو اللواط أو شرب المسكرات أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه ولا يجوز العمل في تحرير مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج ، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ونشر الفساد في الأرض والدعوة إلى فساد المجتمع ونشر الرذيلة وقد قال الله عز وجل : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) وقال صلى الله عليه وسلم : " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا . " أخرجه مسلم في صحيحه 4831
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ." أخرجه مسلم في صحيحه 3971
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم .
فتوى إسلامية ابن باز /384
*****
321
علة تحريم لعب الورق
الفقه > عادات > المسابقات والألعاب >(1/6898)
سؤال رقم 321- علة تحريم لعب الورق
لماذا حرم الإسلام لعب الورق ؟
الحمد لله
حرم الإسلام لعب
الورق للأسباب التالية :
1- ضياع الوقت فيما لا
يفيد لا في الدنيا ولا في الآخرة .
2- اشتمال اللعبة على
فكرة المقامرة وهي مشابهة لفكرة النّرد الذي حرّمته الشريعة قطعا كما جاء في الحديث
الصحيح عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ
بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ) رواه مسلم 2260 ، ومن أكثر من لعب ما يشابه المقامرة جرّّه
ذلك إلى التساهل في لعب القمار المحرم.
3- اشتمال اللعبة على صور
ذوات الأرواح ( الصبي والبنت .. )
4- ما يقع من الشحناء
والبغضاء بين اللاعبين وهذا مجرّب ومعروف
5- ما يقع من الغشّ
والتحايل
6- أنها تُلهي عن ذكر
الله وعن الصلاة ولو فرض أنهم يؤدّون الصلاة في وقتها والرجال مع الجماعة في المسجد
فكيف يخرجون من حديث النبي صلى الله عليه وسلم " كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا
أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين (
أي التدريب على الرماية ) وتعليم الرجل السباحة " . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4534 . وكيف لا يدخلون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ
اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً
"
وفي رواية الإمام أحمد : " وَكَانَ ذَلِكَ
الْمَجْلِسُ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . صحيح الجامع 5508
وقد أفتى عدد من العلماء
المعاصرين بحرمة لعب الورق كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح
عثيمين والشيخ عبد الله بن جبرين وغيرهم من أهل العلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
3215
أبواها لا يرغبان انفرادها بزوجها قبل الزفاف
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/6899)
سؤال رقم 3215- أبواها لا يرغبان انفرادها بزوجها قبل الزفاف
السؤال :
عقدت نكاحي حديثاً لكن الزفاف لن يقام لعدة أشهر لأن زوجي يدرس في ولاية مختلفة .
عندما يأتي زوجي لزيارتنا ، يتضجر والدي إذا قضيت وقتاً طويلاً معه ، يقولان بأن ذلك محرم ، وهما يراقبان ما نفعله ويتضجران إذا خرجت معه ولم أرجع إلى البيت إلا متأخرة ، سؤالي هو : ما هي نظرة الإسلام في تدخل الأبوين في زواج ابنهم ، أنا احترم والدي ولكن يبدوا أنهم لم يحترموا خصوصيتي بعد ، هل أكون أنا غير عاقلة ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا عقد الرجل على المرأة عقد النكاح الشرعي فقد حلّ له منها كلّ شيء من نظر وخلوة واستمتاع ونحو ذلك ، ولكن لا تجب له الطّاعة على زوجته كما لا تجب عليه نفقتها إلا إذا سلّمت نفسها إليه وهذا ما يكون بعد وليمة الزفاف في عرف معظم الناس اليوم ، وبعض الآباء والأمهات لا يحبّذون خلوة ابنتهم بزوجها بين العقد ووليمة الزفّاف خشية أن يقع ما يمنع إتمام الزواج أو يحدث انفصال ويكون الرجل قد دخل بالفتاة ولم تَعُد بكرا ، أو تحمل منه ويتأخّر الزفاف فيظهر حملها أمام الناس ، ونحو ذلك من الأشياء المُحرجة بالنسبة للأبوين فيكون لهما حسابات ولديهما محاذير ربما لا تكون ذات شأن عند الفتاة في غمرة فرحتها بزوجها الجديد ، وبالرغم من أنّ استمتاع الزّوجين ببعضهما بعد العقد الشّرعي مباح - ولو كان قبل وليمة الزفاف - إلا أنّه ينبغي الحرص على تلبية رغبة الأبوين وتقدير مخاوفهما وينبغي على الزّوج كذلك أن يتفهم موقفهما ويكتفي ما أمكن بالزيارة العائلية ريثما تنفرج الأمور بحصول الزفاف ، نسأل الله أن يعجل لكما بما تريدانه من الخير والله ولي التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
32577
متى ينتهي وقت صلاة الوتر ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/6900)
سؤال رقم 32577- متى ينتهي وقت صلاة الوتر ؟
متى ينتهي وقت الشفع والوتر ؟ وأتعمد أن أؤخرها حتى أدرك تكبيرة الفجر .
الحمد لله
وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر .
راجع السؤال ( 46544 ) .
فإذا طلع الفجر خرج وقتها ، بدليل قول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا ) رواه مسلم
(754) .
وروى مسلم (750) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (بَادِرُوا الصُّبْحَ
بِالْوِتْرِ) .
وروى مسلم (752) أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : (الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) .
وروى الترمذي (469) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا طَلَعَ
الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ ، فَأَوْتِرُوا
قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى البخاري (472) ومسلم (749) أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (صَلَاة اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ
الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"فدل على أن الوتر ينتهي وقته بطلوع الفجر ، ولأنه صلاة تختم به
صلاة الليل فلا تكون بعد انتهائه" اهـ . مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/115) .
وذهب بعض العلماء إلى أن وقته يمتد بعد طلوع الفجر حتى يصلي
الصبح ، واستدلوا بما ورد عن بعض الصحابة أنهم صلوا الوتر بعد طلوع الفجر وقبل
إقامة الصلاة .
قال ابن رشد القرطبي :
وأما وقته - أي : الوتر - : فإن العلماء اتفقوا على أن وقته من
بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر لورود ذلك من طرق شتى عنه عليه الصلاة والسلام ،
ومن أثبت ما في ذلك ما خرجه مسلم عن أبي نضرة العوفي أن أبا سعيد أخبرهم أنهم سألوا
النبي صلى الله عليه وسلم عن الوتر فقال " الوتر قبل الصبح " واختلفوا في جواز
صلاته بعد الفجر ، فقوم منعوا ذلك ، وقوم أجازوه ما لم يصل الصبح ، وبالقول الأول
قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة وسفيان الثوري ، وبالثاني قال الشافعي
ومالك وأحمد . وسبب اختلافهم معارضة عمل الصحابة في ذلك بالآثار ...
والذي عندي في هذا : أن هذا من فعلهم ليس مخالفا للآثار الواردة
في ذلك - أعني : في إجازتهم الوتر بعد الفجر - بل إجازتهم ذلك هو من باب القضاء لا
من باب الأداء ، وإنما يكون قولهم خلاف الآثار لو جعلوا صلاته بعد الفجر من باب
الأداء فتأمل هذا ... " بداية المجتهد " ( 1 / 147 ، 148 ) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وهي دالة على أن الوتر ينتهي
بطلوع الفجر . فتاوى الشيخ ابن باز (11/306) .
والله أعلم.
*****
32845
إشكال في ميقات أهل مكة للعمرة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/6901)
سؤال رقم 32845- إشكال في ميقات أهل مكة للعمرة
ماذا يقول العلماء في حديث عائشة رضي الله عنها الذي ورد فيه خروجها إلى التنعيم للعمرة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ورد فيه: « حتى أهل مكة يهلون منها ، ممن أراد الحج أو العمرة » ، وكيف نجمع بينهما ؟ بينوا لنا الرأي الصحيح الموافق للكتاب والسنة ، ومن أين يحرم أهل مكة للعمرة ، من التنعيم أم من مكة المكرمة ؟.
الحمد لله
يحسن أن نذكر أولاً لفظ الحديثين ثم نبين وجه الجمع بينهما .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن
المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، قال : « فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ، ومن كان دونهن فمهله من أهله ، وكذلك أهل مكة من مكة » رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب ( اسم مكان ) ، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : « اخرج بأختك
من الحرم ( وفي رواية إلى التنعيم ) فلتهل بالعمرة ، ثم لتطف بالبيت ، فإني أنتظركما هاهنا » ، قالت : فخرجنا فأهللت ، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة ،
فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزله في جوف الليل ، فقال: « هل فرغت ؟» فقلت : نعم ، فأذن في أصحابه بالرحيل ، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل
صلاة الفجر، ثم خرج إلى المدينة . رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا يقال : إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عام في أن أهل مكة يحرمون من مكة بالحج مفرداً وبالعمرة مفردة وبالحج والعمرة قراناً ،
وحديث خروج عائشة من الحرم مع أخيها عبد الرحمن لتحرم من التنعيم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإرشاده خاص ، والقاعدة المعروفة المسلمة عند العلماء : أن
العام والخاص إذا تعارضا حُمِل العام على الخاص ، فيُعمل بالخاص ، وهو هنا الإحرام بالعمرة من التنعيم ، أو غيره من الحل ، فيكون معنى « حتى أهل مكة من مكة
» : أن أهل مكة يحرمون بالحج مفرَدَاً أو بالحج والعمرة قراناً ، لا يحتاجون إلى الخروج إلى الحل ، أو إلى ميقات من المواقيت الأخرى المذكورة في الحديث ؛
ليحرموا منه بذلك .
أما العمرة مفردة فعلى من أراد الإحرام بها وهو في مكة أو داخل حدود الحرم أن يخرج إلى الحل -التنعيم أو غيره - ليحرم بها، وبهذا قال
جمهور العلماء، بل قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة. اهـ.
فيتعين حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : « حتى أهل مكة من مكة » على القارن والمفرد ، دون المعتمر عمرة
مفردة .
ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً ، فلو كان الإحرام بالعمرة مفردة من الحرم
مأذوناً فيه لاختاره لعائشة ؛ لكونه أيسر وأقل التزاماً وكلفة بالنسبة له ولعائشة وأخيها ، ولم يأمرها بالخروج إلى الحل أو التنعيم ؛ لتحرم منه ، فعدوله عن
الإحرام من الحرم وهو أيسر للجميع إلى الإحرام من الحل مع ما فيه من المشقة والكلفة التي لا توجد في الأمر الأول دليل على أن الإحرام بالعمرة من الحل دون
الحرم مقصود إليه مأمور به شرعاً لمن أراد أن يعتمر عمرة مفردة وهو بالحرم .
وبالله التوفيق .
انظر اللجنة الدائمة ( 11/143 ) .
*****
329
حكم الاستمناء وكيفية علاجه
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/6902)
سؤال رقم 329- حكم الاستمناء وكيفية علاجه
لدي سؤال أخجل من طرحه ولكن هناك أخت أسلمت حديثا تريد له جوابا وليس لدي جواب بالدليل من القرآن والسنة. آمل أن تساعدنا. وأسأل الله أن يغفر لي إن كان السؤال غير لائق ولكن بصفتنا مسلمين يجب ألا نخجل في طلب العلم.
وسؤالها هو : هل الاستمناء جائز في الإسلام ؟
الحمد لله
أولاً : القرآن الكريم قال ابن كثير رحمه الله تعالى : وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية وهي قوله تعالى :
( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) 4-6 سورة المؤمنون ، وقال الشافعي في كتاب النكاح : فكان بيّناً في ذكر حفظهم لفروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم تحريم ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان .. ثم أكّدها فقال : ( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) . فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم . كتاب الأم للشافعي .
واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى : ( وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور 33 على أن الأمر بالعفاف يقتضي الصبر عما سواه .
ثانيا : السنّة النبوية : استدلوا بحديث عبد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءةَ ( تكاليف الزواج والقدرة عليه ) فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ( حماية من الوقوع في الحرام ) رواه البخاري فتح رقم 5066 .
فارشد الشارع عند العجز عن النكاح إلى الصوم مع مشقّته ولم يرشد إلى الاستمناء مع قوة الدافع إليه وهو أسهل من الصوم ومع ذلك لم يسمح به .
وفي المسألة أدلة أخرى نكتفي بهذا منها . والله أعلم
وأمّا العلاج لمن وقع في ذلك ففيما يلي عدد من النصائح والخطوات للخلاص :
1- يجب أن يكون الداعي للخلاص من هذه العادة امتثال أمر الله واجتناب سخطه .
2- دفع ذلك بالصلاح الجذري وهو الزواج امتثالاً لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم للشباب بذلك .
3- دفع الخواطر والوساوس وإشغال النفس والفكر بما فيه صلاح دنياك وآخرتك لأن التمادي في الوساوس يؤدي إلى العمل ثم تستحكم فتصير عادة فيصعب الخلاص منه .
4- غض البصر لأن النظر إلى الأشخاص والصور الفاتنة سواء حية أو رسماً وإطلاق البصر يجرّ إلى الحرام ولذلك قال الله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) الآية ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُتْبع النظرة النظرة " رواه الترمذي 2777 وحسّنه في صحيح الجامع 7953 فإذا كانت النّظرة الأولى وهي نظرة الفجأة لا إثم فيها فالنظرة الثانية محرّمة ، وكذلك ينبغي البعد عن الأماكن التي يوجد فيها ما يغري ويحرك كوامن الشهوة .
5- الانشغال بالعبادات المتنوعة ، وعدم ترك وقت فراغ للمعصية .
6- الاعتبار بالأضرار الصحية الناتجة من تلك الممارسة مثل ضعف البصر والأعصاب وضعف عضو التناسل والآم الظهر وغيرها من الأضرار التي ذكرها أهل الطّب ، وكذلك الأضرار النفسية كالقلق ووخز الضمير والأعظم من ذلك تضييع الصلوات لتعدّد الاغتسال أو مشقتّه خصوصا في الشتاء وكذلك إفساد الصوم .
7- إزالة القناعات الخاطئة لأن بعض الشباب يعتقد أن هذه الفعلة جائزة بحجة حماية النفس من الزنا واللواط ، مع أنّه قد لا يكون قريبا من الفاحشة أبدا .
8- التسلح بقوة الإرادة والعزيمة وألا يستسلم الشخص للشيطان . وتجنب الوحدة كالمبيت وحيدا وقد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل وحده " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 6919 .
9- الأخذ بالعلاج النبوي الفعّال وهو الصوم لأنه يكسر من حدة الشهوة ويهذّب الغريزة ، والحذر من العلامات الغريبة كالحلف ألا يعود أو ينذر لأنه إن عاد بعد ذلك يكون نقضا للأيمان بعد توكيدها وكذلك عدم تعاطي الأدوية المسكنة للشهوة لأن فيها مخاطر طبية وجسدية وقد ثبت في السنّة ما يُفيد تحريم تعاطي ما يقطع الشهوة بالكلية .
10- الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم مثل قراءة الأذكار الواردة ، والنوم على الشقّ الأيمن وتجنب النوم على البطن لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .
11- التحلي بالصبر والعفة لأنه واجب علينا الصبر عن المحرمات وإن كانت تشتهيها النفس ولنعلم بأنّ حمل النّفس على العفاف يؤدي في النّهاية إلى تحصيله وصيرورته خُلُقا ملازما للمرء وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ . " رواه البخاري فتح رقم 1469 .
12- وإذا وقع الإنسان في هذه المعصية فعليه أن يبادر إلى التوبة والاستغفار وفعل الطاعات مع عدم اليأس والقنوط لأنه من كبائر الذنوب .
13- وأخيراً مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله والتضرع له بالدعاء وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة هو من أعظم العلاج لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
3332
ما هو الطمس الذي يلغي الصورة المحرمة ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/6903)
سؤال رقم 3332- ما هو الطمس الذي يلغي الصورة المحرمة ؟
السؤال :
الرسول صلى الله عليه وسلم امرنا بان نطمس الصور فهل يكفي بأن نمسح العينين ؟ او الوجه ؟ او الرأس ؟.
الجواب :
الحمد لله
الصورة هي الوجه فلا بد من طمسه لتذهب حقيقة الصورة لحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصورة . رواه البخاري .
والمراد النهي عن ضرب الوجه كما بين في أحاديث أخر ، فالمراد بالصوره هي الوجه فلا بد من ازالة معالمه . والله أعلم
الشيخ : عبد الكريم الخضير .
*****
33790
أحوال المأموم مع إمامه في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/6904)
سؤال رقم 33790- أحوال المأموم مع إمامه في الصلاة
نرى بعض الناس يتأخر عن متابعة الإمام في الصلاة ، والبعض الآخر يسبقه في السجود مثلاً أو الركوع أحياناً . فنرجو منكم التكرم ببيان حكم مسابقة الإمام أو التخلف عنه لعل الله أن ينفعنا بها .
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع :
" المأمومُ مع إمامِهِ له أحوالٌ أربعٌ :
1 _ سَبْقٌ.
2 _ تَخَلُّفٌ.
3 _ موافقةٌ.
4 _ متابعةٌ.
الأول : السَّبْقُ
بأن يسبق المأموم إمامه في ركن من أركان الصلاة كأن يسجد قبل الإمام أو يرفع قبله أو يسبقه بالركوع أو بالرفع من الركوع ، وهو محرم ودليلُ
هذا : قولُ النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تركَعُوا حتى يركعَ ، ولا تسجدُوا حتى يسجدَ » والأصلُ في النَّهي التحريمُ، بل لو قال قائلٌ: إنَّه مِن كبائرِ
الذُّنوبِ لم يُبْعِدْ ؛ لقولِ النَّبيِّ : « أما يخشى الذي يرفعُ رأسَه قبلَ الإِمامِ أن يُحَوِّلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ ، أو يجعلَ صورتَه صورةَ
حِمارٍ» وهذا وعيدٌ، والوعيدُ مِن علاماتِ كون الذَّنْبِ مِن كبائرِ الذُّنوبِ .
حكم صلاة من سبق إمامه :
متى سَبَقَ المأمومُ إمامَه عالماً ذاكراً فصلاتُه باطلةٌ ، وإنْ كان جاهلاً أو ناسياً فصلاتُه صحيحةٌ ، إلا أنْ يزولَ عذره قبل أنْ
يُدرِكَهُ الإمامُ فإنه يلزمُه الرجوعُ ليأتيَ بما سَبَقَ فيه بعدَ إمامِه ، فإن لم يفعلْ عالماً ذاكراً بطلتْ صلاتُه ، وإلا فلا .
الثاني : التَّخلُّفُ
والتَّخلُّفُ عن الإِمامِ نوعان :
1 _ تخلُّفٌ لعذرٍ .
2 _ وتخلُّفٌ لغير عذرٍ .
فالنوع الأول : أن يكون لعذرٍ ، فإنَّه يأتي بما تخلَّفَ به ، ويتابعُ الإمامَ ولا حَرَجَ عليه، حتى وإنْ كان رُكناً كاملاً أو رُكنين،
فلو أن شخصاً سَها وغَفَلَ، أو لم يسمعْ إمامَه حتى سبقَه الإمامُ برُكنٍ أو رُكنين، فإنه يأتي بما تخلَّفَ به، ويتابعُ إمامَه، إلا أن يصلَ الإمامُ إلى
المكان الذي هو فيه؛ فإنَّه لا يأتي به ويبقى مع الإِمامِ، وتصحُّ له ركعةٌ واحدةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامهِ الرَّكعةِ التي تخلَّفَ فيها والرَّكعةِ التي
وصلَ إليها الإِمامُ . وهو في مكانِهِ. مثال ذلك :
رَجُلٌ يصلِّي مع الإِمامِ ، والإِمامُ رَكَعَ ، ورَفَعَ، وسَجَدَ ، وجَلَسَ ، وسَجَدَ الثانيةَ ، ورَفَعَ حتى وَقَفَ،
والمأمومُ لم يسمعْ «المُكبِّرَ» إلا في الرَّكعةِ الثانيةِ ؛ لانقطاعِ الكهرباء مثلاً ، ولنفرضْ أنه في الجمعة ، فكان يسمعُ الإِمامَ يقرأُ الفاتحةَ ، ثم
انقطعَ الكهرباءُ فأتمَّ الإِمامُ الركعةَ الأُولى ، وقامَ وهو يظنُّ أنَّ الإِمامَ لم يركعْ في الأُولى فسمعَه يقرأ ( هَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) الغاشية / 1
فنقول : تبقى مع الإِمامِ وتكونُ ركعةُ الإِمامِ الثانيةِ لك بقية الركعة الأولى فإذا سلَّمَ الإِمامُ فاقضِ الركعةَ الثانيةَ ، قال أهلُ
العِلمِ : وبذلك يكون للمأمومِ ركعةٌ ملفَّقةٌ مِن ركعتي إمامِهِ ؛ لأَنه ائتَمَّ بإمامه في الأُولى وفي الثانية .
فإن عَلِمَ بتخلُّفِهِ قبلَ أن يصلَ الإِمامُ إلى مكانِهِ فإنَّه يقضيه ويتابعُ إمامَه ، مثاله :
رَجُلٌ قائمٌ مع الإِمامِ فرَكَعَ الإِمامُ وهو لم يسمعْ الرُّكوعَ ، فلما قال الإِمامُ : «سَمِعَ اللهُ لمَن حمِدَه» سَمِعَ التسميعَ،
فنقول له : اركعْ وارفعْ ، وتابعْ إمامَك ، وتكون مدركاً للركعةِ ؛ لأن التخلُّفَ هنا لعُذرٍ .
النوع الثاني : التخلُّف لغيرِ عُذرٍ .
إما أن يكون تخلُّفاً في الرُّكنِ ، أو تخلُّفاً برُكنٍ .
فالتخلُّفُ في الرُّكنِ معناه : أن تتأخَّر عن المتابعةِ ، لكن تدركُ الإِمامُ في الرُّكنِ الذي انتقل إليه ، مثل : أن يركعَ الإِمامُ
وقد بقيَ عليك آيةٌ أو آيتان مِن السُّورةِ ، وبقيتَ قائماً تكملُ ما بقي عليك ، لكنك ركعتَ وأدركتَ الإِمامَ في الرُّكوعِ ، فالرَّكعةُ هنا صحيحةٌ ، لكن
الفعلَ مخالفٌ للسُّنَّةِ ؛ لأنَّ المشروعَ أن تَشْرَعَ في الرُّكوعِ من حين أن يصلَ إمامك إلى الرُّكوعِ ، ولا تتخلَّف ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
« إذا رَكَعَ فاركعوا » .
والتخلُّفُ بالرُّكنِ معناه : أنَّ الإِمامَ يسبقك برُكنٍ ، أي : أن يركَعَ ويرفعَ قبل أن تركعَ . فالفقهاءُ رحمهم الله يقولون : إذا
تخلَّفتَ بالرُّكوعِ فصلاتُك باطلةٌ كما لو سبقته به ، وإنْ تخلَّفتَ بالسُّجودِ فصلاتُك على ما قال الفقهاءُ صحيحةٌ ؛ لأنه تَخلُّفٌ برُكنٍ غيرِ الرُّكوعِ
.
ولكن القولَ الراجحَ أنَّه إذا تخلَّفَ عنه برُكنٍ لغيرِ عُذرٍ فصلاتُه باطلةٌ ، سواءٌ كان الرُّكنُ ركوعاً أم غير ركوع . وعلى هذا ؛ لو
أنَّ الإِمامَ رَفَعَ مِن السجدةِ الأولى ، وكان هذا المأمومُ يدعو اللهَ في السُّجودِ فبقيَ يدعو اللهَ حتى سجدَ الإِمامُ السجدةَ الثانيةَ فصلاتُه باطلةٌ
؛ لأنه تخلُّفٌ بركنٍ ، وإذا سبقه الإِمامُ بركنٍ فأين المتابعة ؟
الثالث : الموافقة :
والموافقةُ : إما في الأقوالِ ، وإما في الأفعال ، فهي قسمان :
القسم الأول : الموافقةُ في الأقوالِ فلا تضرُّ إلا في تكبيرةِ الإِحرامِ والسلامِ .
أما في تكبيرةِ الإِحرامِ ؛ فإنك لو كَبَّرتَ قبلَ أن يُتمَّ الإِمامُ تكبيرةَ الإِحرام لم تنعقدْ صلاتُك أصلاً؛ لأنه لا بُدَّ أن تأتيَ
بتكبيرةِ الإِحرامِ بعد انتهاءِ الإِمامِ منها نهائياً .
وأما الموافقةُ بالسَّلام ، فقال العلماءُ : إنه يُكره أن تسلِّمَ مع إمامِك التسليمةَ الأُولى والثانية ، وأما إذا سلَّمت التسليمةَ
الأولى بعدَ التسليمة الأولى ، والتسليمةَ الثانية بعد التسليمةِ الثانية ، فإنَّ هذا لا بأس به ، لكن الأفضل أن لا تسلِّمَ إلا بعد التسليمتين .
وأما بقيةُ الأقوالِ : فلا يؤثِّرُ أن توافق الإِمامَ ، أو تتقدَّم عليه ، أو تتأخَّرَ عنه ، فلو فُرِضَ أنك تسمعُ الإِمامَ يتشهَّدُ ،
وسبقتَه أنت بالتشهُّدِ ، فهذا لا يضرُّ لأن السَّبْقَ بالأقوالِ ما عدا التَّحريمةِ والتسَّليمِ ليس بمؤثرٍ ولا يضرُّ ، وكذلك أيضاً لو سبقتَه بالفاتحة
فقرأت : { ولا الضالين} [الفاتحة] وهو يقرأ: {إياك نعبد وإياك نستعين } [الفاتحة] في صلاةِ الظُّهرِ مثلاً ، لأنه يُشرعُ للإِمامِ
في صلاةِ الظُّهر والعصرِ أن يُسمِعَ النَّاسَ الآيةَ أحياناً كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلُ .
القسم الثاني الموافقةُ في الأفعالِ وهي مكروهةٌ .
مثال الموافقة : لما قالَ الإِمام : «الله أكبر» للرُّكوعِ ، وشَرَعَ في الهوي هويتَ أنت والإِمامُ سواء، فهذا مكروهٌ ؛ لأنَّ الرسولَ
عليه الصلاة والسلام قال : «إذا رَكع فاركعوا ، ولا تركعوا حتى يركعَ » وفي السُّجودِ لما كبَّرَ للسجودِ سجدتَ ، ووصلتَ إلى الأرضِ أنت وهو سواء، فهذا
مكروهٌ ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، فقال: «لا تسجدوا حتى يسجدَ» .
الرابع : المتابعة
المتابعة هي السُّنَّةُ ، ومعناها : أن يَشْرَعَ الإنسانُ في أفعالِ الصَّلاةِ فَوْرَ شروعِ إمامِهِ ، لكن بدون موافقةٍ .
فمثلاً : إذا رَكَعَ تركع ؛ وإنْ لم تكملْ القراءةَ المستحبَّةَ ، ولو بقيَ عليك آيةٌ ، لكونها توجب التخلُّفَ فلا تكملها ، وفي السُّجودِ
إذا رفعَ مِن السجودِ تابعْ الإِمامَ ، فكونك تتابعُه أفضلُ من كونك تبقى ساجداً تدعو الله ؛ لأنَّ صلاتَك ارتبطت بالإِمامِ ، وأنت الآن مأمورٌ بمتابعةِ
إمامِكِ" . انتهى بتصرف يسير ، انظر الشرح الممتع 4/275
وينبغي ألا يشرع المأموم في الانتقال إلى الركن حتى يصل إليه الإمام ، فلا يبدأ في الآنحناء للسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض
قال البراءُ بن عَازب : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال : « سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه » لم يَحْنِ أحدٌ منَّا ظهرَهُ حتى يقعَ
النبي صلى الله عليه وسلم سَاجداً ، ثم نَقَعُ سجوداً بعدَه . رواه البخاري ( 690 ) ومسلم ( 474 ) .
*****
3457
حكم صلاة التراويح للنساء
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/6905)
سؤال رقم 3457- حكم صلاة التراويح للنساء
هل على النساء صلاة تراويح ، وهل يستحسن لهن أداؤها في المنزل أم الذهاب للمسجد لهذا الغرض ؟.
الحمد لله
صلاة التروايح سنة مؤكدة ، ويبقى الأفضل في حق النساء قيام الليل في بيوتهن
لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ
وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ . " رواه أبو داود في سننه باب ما جاء
في خروج النساء إلى المسجد : باب التشديد في ذلك . وهو في صحيح الجامع 7458
بل كلّما كانت صلاتها في موضع أخفى وأكثر خصوصية
كان ذلك أفضل كما قال صلى الله عليه وسلم : " صَلاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا
أَفْضَلُ مِنْ صَلاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ
مِنْ صَلاتِهَا فِي بَيْتِهَا " رواه أبو داود في سننه كتاب الصلاة
باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد وهو في صحيح الجامع 3833
وعن أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ
أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الصَّلاةَ مَعَكَ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ
تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعِي وَصَلاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ
فِي حُجْرَتِكِ وَصَلاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلاتِكِ فِي دَارِكِ
وَصَلاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ وَصَلاتُكِ
فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلاتِكِ فِي مَسْجِدِي قَالَ فَأَمَرَتْ
فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى شَيْءٍ مِنْ بَيْتِهَا وَأَظْلَمِهِ فَكَانَتْ
تُصَلِّي فِيهِ حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . رواه الإمام أحمد
ورجال إسناده ثقات
ولكنّ هذه الأفضلية لا تمنع من الإذن لهنّ من الذهاب
إلى المساجد كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ
الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا قَالَ فَقَالَ بِلالُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ
فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ أُخْبِرُكَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ وَاللَّهِ
لَنَمْنَعُهُنَّ رواه مسلم 667
ولكنّ ذهاب المرأة إلى المسجد يشترط فيه ما يلي
:
1- أن
تكون بالحجاب الكامل
2- أن
تخرج غير متطيّبة
3- أن
يكون ذلك بإذن الزّوج
وأن لا يكون في خروجها أيّ مُحرّم آخر كالخلوة
مع السّائق الأجنبي في السّيارة ونحو ذلك .
فلو خالفت المرأة شيئا مما ذُكِر فإنه يحقّ لزوجها
أو وليها أن يمنعها من الذّهاب بل يجب ذلك عليه .
وقد سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز عن صلاة التراويح
هل لها على وجه الخصوص أفضلية للمرأة في صلاتها في المسجد فأجاب بالنفي وأنّ
الأحاديث في أفضلية صلاة المرأة في بيتها عامة تشمل التراويح وغيرها هذا والله
تعالى أعلم .
ونسأل الله لنا ولسائر إخواننا المسلمين الإخلاص
والقبول وأن يجعل عملنا على ما يحبّ ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
34695
هل تشترط الطهارة للطواف والسعي؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/6906)
سؤال رقم 34695- هل تشترط الطهارة للطواف والسعي؟
أثناء طوافي للعمرة انتقض وضوئي ، فلم أدر ماذا أصنع ، فخرجت وتوضأت وأعدت الطواف ثم سعيت بين الصفا والمروة . فهل ما فعلته صحيح ؟ وماذا كان عليّ أن أفعل ؟.
الحمد لله
لقد أحسنت بإعادتك الوضوء والطواف ، وأخذت بالأحسن والأحوط ، وقد
ذهب أكثر العلماء إلى أن الطهارة من الحدث شرط لصحة الطواف كالصلاة ، فكما لا تصح
الصلاة من المحدث حتى يتوضأ فكذلك الطواف .
قال ابن قدامة :
الطَّهَارَة مِنْ الْحَدَثِ شرط لِصِحَّةِ الطَّوَافِ , فِي
الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ . وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ اهـ .
واستدل الجمهور لهذا القول بعدة أدلة ، منها :
1- قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الطَّوَافُ
بِالْبَيْتِ صَلاةٌ , إلا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ ) . رواه الترمذي
(960) وصححه الألباني في إرواء الغليل (121).
2- ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( لما أراد
صلى الله عليه وسلم أن يطوف توضأ ) . وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(خذوا عني مناسككم) . رواه مسلم (1297).
فتاوى الشيخ ابن باز (17/213-214) .
3- ثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال لعائشة لما حاضت : ( افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي
بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : لي قريبة اعتمرت في رمضان ولما
دخلت الحرم أحدثت حدثاً أصغر ، خرج منها ريح وخجلت أن تقول لأهلها أريد أن أتوضأ ،
ثم طافت ولما انتهت من الطواف ذهبت لوحدها وتوضأت ثم أتت بالسعي ، فهل عليها دم أم
كفارة ؟
فأجاب :
طوافها غير صحيح ، لأن من شرط صحة الطواف الطهارة كالصلاة ،
فعليها أن ترجع إلى مكة وأن تطوف بالبيت ويستحب لها أن تعيد السعي ، لأن أكثر أهل
العلم لا يجيز تقديمه على الطواف ، ثم تقصّر من جميع رأسها وتحلّ ، وإن كانت ذات
زوج وقد جامعها زوجها فعليه دم يذبح في مكة للفقراء ، وعليها أن تأتي بعمرة جديدة
من الميقات الذي أحرمت منه للعمرة الأولى ، لأن العمرة الأولى فسدت بالجماع ،
فعليها أن تفعل ما ذكرنا ثم تأتي بالعمرة الجديدة من الميقات التي أحرمت للعمرة
الأولى منه ، سواء كان ذلك في الحال أو في وقت آخر حسب طاقتها . والله وليّ التوفيق
اهـ .
فتاوى الشيخ ابن باز (17/214-215) .
وسئل أيضاً : رجل شرع في الطواف فخرج منه ريح ، هل يلزمه قطع
طوافه أم يستمر ؟
فأجاب : إذا أحدث الإنسان في الطواف بريح أو بول أو منيّ أو مس
فرج أو ما أشبه ذلك انقطع طوافه كالصلاة يذهب فيتطهر ثم يستأنف الطواف، هذا هو
الصحيح ، والمسألة فيها خلاف ، لكن هذا هو الصواب في الطواف والصلاة جميعاً ، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد
الصلاة ) . رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة ، والطواف من جنس الصلاة في الجملة ....
اهـ .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (17/216-217) .
وذهب بعض العلماء إلى أن الطهارة من الحدث ليست شرطاً للطواف .
وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . وأجابوا عن أدلة
القول الأول بالآتي :
أما حديث ( الطواف بالبيت صلاة ) فقالوا : لا يصح من قول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإنما هو من قول ابن عباس رضي الله عنهما .
قال النووي في المجموع : الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ,
كَذَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ اهـ .
وأما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه طاف
متطهراً فقالوا : هذا لا يدل على الوجوب ، وإنما يدل على الاستحباب فقط ، لأن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله ولم يَرِد أنه أمر أصحابه بذلك .
وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة : (
افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى
تَطْهُرِي ) فإنما منعها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الطواف لأنها
حائض ، والحائض ممنوعة من دخول المسجد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً ؛ فإنه لم يَنقل
أحدٌ عن النَّبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء
للطواف ، مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة ، وقد اعتمر عمَراً متعددة والناس
يعتمرون معه فلو كان الوضوء فرضاً للطواف لبيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً
عامّاً ، ولو بيَّنه لنَقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه ، ولكن ثبت في الصحيح أنه
لما طاف توضأ ، وهذا وحده لا يدل على الوجوب ؛ فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة ، وقد
قال : " إني كرهتُ أن أذكر الله إلا على طهر " ... .اهـ .
"مجموع الفتاوى" ( 21 / 273 ) .
وهذا القول –أي عدم اشتراط الطهارة للطواف- مع قوته واحتمال
الأدلة له لا ينبغي للإنسان أن يقدم على الطواف بلا طهارة ، وذلك لأن الطواف
متطهراً أفضل بلا شك ، وأحوط وأبرأ للذمة . وبه يسلم الإنسان من مخالفة جمهور
العلماء .
ولكن يسع الإنسان العمل به مع المشقة الشديدة في مراعاة الوضوء ،
وذلك يكون في أيام المواسم ، أو إذا كان الرجل مريضاً أو كبيراً في السن يشق عليه
أن يحافظ على طهارته مع شدة الزحام والمدافعة . . ونحو ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن أجاب عن أدلة الجمهور :
وعليه : فالقول الراجح الذي تطمئن إليه النفس : أنه لا يشترط في
الطواف الطهارة من الحدث الأصغر، لكنها بلا شك أفضل وأكمل واتباعاً للنبي صلى الله
عليه وسلم ، ولا ينبغي أن يخل بها الإنسان لمخالفة جمهور العلماء في ذلك ، ولكن
أحياناً يضطر الإنسان إلى القول بما ذهب إليه شيخ الإسلام ، مثل : لو أحدث أثناء
طوافه في زحام شديد ، فالقول بأنه يلزمه أن يذهب ويتوضأ ثم يأتي في هذا الزحام
الشديد ، لا سيما إذا لم يبق عليه إلا بعض شوط : فيه مشقة شديدة ، وما كان فيه مشقة
شديدة ولم يظهر فيه النص ظهوراً بيِّناً : فإنه لا ينبغي أن نُلزم الناس به ، بل
نتبع ما هو الأسهل والأيسر ؛ لأن إلزام الناس بما فيه مشقة بغير دليل واضح منافٍ
لقوله تعالى : (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . البقرة / 185 اهـ . " الشرح الممتع " ( 7 / 300 ) .
وأما بالنسبة للسعي : فلا يشترط فيه الوضوء وهو مذهب الأئمة
الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، بل يجوز للحائض أن تسعى بين الصفا
والمروة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع الحائض إلا من الطواف فقال
لعائشة – رضي الله عنها – لما حاضت - : " افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي
بالبيت " . انظر المغني 5 / 246 .
قال الشيخ ابن عثيمين :
فلو سعى محدثاً ، أو سعى وهو جنب ، أو سعت المرأة وهي حائض : فإن
ذلك مجزئ ، لكن الأفضل أن يسعى على طهارة .
" الشرح الممتع " ( 7 / 310 ، 311 ) .
والله أعلم .
*****
34841
المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة ( الشات )
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/6907)
سؤال رقم 34841- المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة ( الشات )
أنا فتاة مسلمة وأقوم بالدخول على "البالتوك" ثم إلى الغرف الإسلامية حتى أحصِّلَ شيئا من العلم الشرعي . وعندما أكون في تلك الغرف ، يحدث أحيانا أن يطلب أحد المسلمين (وهو يبحث عن زوجة) أن نتحادث شخصيا (عن طريق التشات) ليتعرف كل منا على الآخر . وقد طرح علي بعض الأسئلة وهي من قبيل : أين أقيم ، وعمري ، وما إذا كنت متزوجة (بالمناسبة فأنا غير متزوجة) ، وما إذا كنت أعتزم الزواج ، وما إذا كنت أقيم مع أهلي ، وما إلى ذلك .
ومشكلتي هي أني لا أعرف إن كان يجوز لي شرعا أن أقدم مثل تلك المعلومات المتعلقة بي لمسلم من غير محارمي . هل التحدث كتابة مع شاب يعد معصية حقاً ؟؟.
الحمد لله
لا حرج على المرأة المسلمة في الاستفادة من الإنترنت ، ودخول موقع " البالتوك " لهذا الغرض ، ما لم يؤد ذلك إلى محذور شرعي ، كالمحادثة
الخاصة مع الرجال ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ،
ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك ، والشيطان يخيل
للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين .
وقد سدت الشريعة كل الأبواب المفضية إلى الفتنة ، ولذلك حرمت الخضوع بالقول ، ومنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية ، ولا شك أن هذه
المحادثات الخاصة لا تعتبر خلوة لأمن الإنسان من إطلاع الآخر عليه ، غير أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد ومعلوم .
وما جرى معك خير شاهد على صحة ما ذكرنا ، فإن هذه الأسئلة الخاصة ، يصعب على الرجل أن يوجهها إلى فتاة مؤمنة إلا عبر هذه الوسائل التي
أُسيء استخدامها .
فاتق الله تعالى ، وامتنعي عن محادثة الرجال الأجانب ، فذلك هو الأسلم لدينك ، والأطهر لقلبك ، واعلمي أن الزواج بالرجل الصالح منة ونعمة
من الله تعالى ، وما كانت النعم لتنال بالمعصية .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
( لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان
حتى يغريه بها ، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى
يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام ) انتهى ، ن قلا
عن : فتاوى المرأة ، جمع محمد المسند ، ص 96
ولاشك أن التخاطب عبر الشات أبلغ أثرا وأعظم خطرا من المراسلة عن طريق البريد ، وفي كل شر .
والله أعلم .
*****
35853
حكم الصلاة على الميت الغائب
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/6908)
سؤال رقم 35853- حكم الصلاة على الميت الغائب
ما حكم الصلاة على الميت الغائب ؟ وإذا كانت مشروعة فهل يصلى على كل غائب ؟.
الحمد لله
ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصحابه يوم
مات النجاشي ملك الحبشة رحمه الله ، فنعاه لهم ، وصفهم وصلى عليه صلاة الجنازة .
فهذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة على الغائب ، إلا أن بعض
العلماء كالحنفية والمالكية قالوا : إن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم فلا
تشرع صلاة الغائب لغيره .
وقد رد جمهور العلماء ذلك بأن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل صحيح ،
والأصل : أن الأمة مأمورة بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به .
وقد اختلف العلماء القائلون بمشروعية الصلاة على الغائب ، هل
تشرع الصلاة على كل غائب أم لا ؟ وكلهم يستدل بصلاة النبي صلى عليه وسلم على
النجاشي .
فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه تشرع الصلاة على كل غائب عن
البلد ، ولو صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه .
والقول الثاني : أنه تشرع الصلاة على الغائب إذا كان له نفع
للمسلمين ، كعالم أو مجاهد أو غني نفع الناس بماله ونحو ذلك .
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد ، واختارها الشيخ السعدي وبه
أفتت اللجنة الدائمة .
والقول الثالث : أنها تشرع الصلاة على الغائب بشرط ألا يكون قد
صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه ، فإن صُلِّي عليه فلا تشرع صلاة الغائب عليه .
وهذا القول رواية أخرى عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام
ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، ومال إليها من المتأخرين : الشيخ ابن عثيمين .
وهذه أقوال بعض العلماء في هذه المسألة :
قال الخرشي (مالكي) (2/142) : " وصلاته عليه الصلاة والسلام على
النجاشي من خصوصياته " انتهى .
ونحوه في " بدائع الصنائع " للكاسائي ( حنفي ) ( 1/ 312) .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/211) : " مذهبنا جواز
الصلاة على الغائب عن البلد ، ومنعها أبو حنيفة . دليلنا حديث النجاشي وهو صحيح لا
مطعن فيه وليس لهم عنه جواب صحيح " انتهى بتصرف .
وقد قيَّد الشافعية جواز الصلاة على الغائب بقيد حسن وهو أن يكون
المصلِّي على الميت من أهل الصلاة عليه يوم مات .
قال زكريا الأنصاري رحمه الله في "أسنى المطالب" (1/322) : "
وإنما تجوز الصلاة على الغائب عن البلد لمن كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم موته " انتهى بتصرف يسير .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إلا أن بعض العلماء قَيَّده
بقيد حسن قال : بشرط أن يكون هذا المدفون مات في زمن يكون فيه هذا المصلي أهلا
للصلاة .
مثال ذلك : رجل مات قبل عشرين سنة ، فخرج إنسان وصلى عليه وله
ثلاثون سنة فيصح ؛ لأنه عندما مات كان للمصلي عشر سنوات ، فهو من أهل الصلاة على
الميت .
مثال آخر : رجل مات قبل ثلاثين سنة ، فخرج إنسان وله عشرون سنة
ليصلي عليه فلا يصح ؛ لأن المصلي كان معدوما عندما مات الرجل ، فليس من أهل الصلاة
عليه .
ومن ثمَّ لا يشرع لنا نحن أن نصلي على قبر النبي صلى الله عليه
وسلم ، وما علمنا أن أحدا من الناس قال : إنه يشرع أن يصلي الإنسان على قبر النبي
صلى الله عليه وسلم ، أو على قبور الصحابة ، لكن يقف ويدعو " انتهى من
"الشرح الممتع".
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/195) : " وتجوز الصلاة
على الغائب في بلد آخر بالنية فيستقبل القبلة , ويصلي عليه كصلاته على حاضر , وسواء
كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن , وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن
. وبهذا قال الشافعي " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/533) : " ( ويصلي على الغائب
بالنية ) هذا المذهب مطلقا ( يعني سواء صُلِّي عليه أم لا ، وسواء كان له نفع عام
للمسلمين أم لا ) , وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم , وعنه [أي عن الإمام
أحمد] : لا تجوز الصلاة عليه .
وقيل : يُصَلَّى عليه إن لم يكن صُلِّي عليه , وإلا فلا ، اختاره
الشيخ تقي الدين , وابن عبد القوي " انتهى .
وقال الشيخ البسام رحمه الله في "نيل المآرب" (1/324) :
" اختلف العلماء في الصلاة على الغائب ، فذهب أبو حنيفة ومالك
وأتباعهما إلى أنها لا تشرع ، وجوابهم عن قصة النجاشي والصلاة عليه أن هذه من
خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم .
وذهب الشافعي وأحمد وأتباعهما إلى أنها مشروعة ، وقد ثبتت
بحديثين صحيحين ، والخصوصية تحتاج إلى دليل ، وليس هناك دليل عليها ، وتوسط شيخ
الإسلام فقال : إن كان الغائب لم يُصَلَّ عليه مثل النجاشي ، صُلِّيَ عليه ، وإن
كان قد صُلِّيَ عليه ، فقد سقط فرض الكفاية عن المسلمين.
وهذا القول رواية صحيحة عن الإمام أحمد ، صححه ابن القيم في
الهَدْي ، لأنه توفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم أناس من أصحابه غائبين ، ولم
يثبت أنه صلى على أحد منهم صلاة الغائب.
ونقل شيخ الإسلام عن الإمام أحمد أنه قال : إذا مات رجل صالح صلي
عليه ، واحتج بقصة النجاشي.
ورجح هذا التفصيل شيخنا عبد الرحمن السعدي يرحمه الله تعالى ،
وعليه العمل في نجد ، فإنهم يصلون على من له فضل ، وسابقة على المسلمين ، ويتركون
من عداه ، والصلاة هنا مستحبة " انتهى .
وقَالَ الْخَطَّابِيِّ : " لا يُصَلَّى عَلَى الْغَائِبِ إلا
إذَا وَقَعَ مَوْتُهُ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ ,
وَاسْتَحْسَنَهُ الرُّويَانِيُّ من الشافعية , وَتَرْجَمَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُد
فِي "السُّنَنِ" فَقَالَ : بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ يَلِيهِ أَهْلُ
الشِّرْكِ فِي بَلَدٍ آخَرَ . قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا مُحْتَمَلٌ " انتهى من "فتح الباري" .
وسئلت "اللجنة الدائمة" (8/418) : أيجوز أن نصلي صلاة الجنازة
على الميت الغائب كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع حبيبه النجاشي ، أو ذلك خاص
به ؟
فأجابت : " تجوز صلاة الجنازة على الميت الغائب لفعل النبي صلى
الله عليه وسلم ، وليس ذلك خاصاً به ، فإن أصحابه رضي الله عنهم صلوا معه على
النجاشي ، ولأن الأصل عدم الخصوصية ، لكن ينبغي أن يكون ذلك خاصاً بمن له شأن في
الإسلام ، لا في حق كل أحد " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ثبت عن الرسول صلى الله عليه
وسلم أنه صلى على النجاشي صلاة الغائب ، وسبب ذلك أنه ما كان هناك أحد من المسلمين
يصلي عليه ، وواقع المسلمين الآن يموتون جماعة وبالتأكيد لم يصل عليهم كما هو حاصل
في وقتنا الحاضر يعني أتأكد أنه ما يصلى عليهم ؟
فأجاب فضيلته بقوله : " إذا تأكدت أنه لم يصل عليهم فصل عليهم ،
لأن الصلاة فرض كفاية . لكن ربما أهله صلوا عليه ، لأن الصلاة على الميت تكون بواحد
، على كل حال إذا تأكدت أن شخصا ما لم يصل عليه فعليك أن تصلي عليه لأنها فرض كفاية
ولابد منها " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (17/ 149).
وقد تبين مما سبق أن الصلاة على الغائب مشروعة ، لما ثبت من صلاة
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على النجاشي ، وأنه لم يقم دليل على أن ذلك خاص
به صلى الله عليه وسلم .
لكن أعدل الأقوال في هذه المسألة قولان :
الأول : أنه لا يصلى إلا على من لم يُصل عليه .
والثاني : أنه يُصلَّى على من له منفعة للمسلمين ، كعالم نفع
الناس بعلمه ، وتاجر نفع الناس بماله ، ومجاهد نفع الناس بجهاده ، وما أشبه ذلك .
والله أعلم .
*****
35889
من هو ابن السبيل الذي يعطى من الزكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/6909)
سؤال رقم 35889- من هو ابن السبيل الذي يعطى من الزكاة ؟
هل المسافر الذي ليس معه مال يسافر به يعطى من الزكاة لأنه (ابن سبيل) ؟.
الحمد لله
ابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به السفر ، أي ليس معه من
النفقة ما يكفيه لسفره ، فيعطى من الزكاة ما يبلغه مقصده .
وأما من كان في بلده ويريد أن يسافر فإنه ليس ابن سبيل ، فلا
يعطى من الزكاة لهذا الوصف ، لكن لو كان سفره لحاجة ملحة كعلاج مثلاً ، وليس معه
مال يسافر به ، فإنه يعطى من الزكاة من سهم الفقراء لا من سهم ابن السبيل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" السبيل : الطريق ، وابن السبيل أي : المسافر ، وسمي بابن
السبيل ؛ لأنه ملازم للطريق ، والملازم للشيء قد يضاف إليه بوصف البنوة ، كما
يقولون : ابن الماء ، لطير الماء ، فعلى هذا يكون المراد بابن السبيل المسافر
الملازم للسفر ، والمراد المسافر الذي انقطع به السفر أي نفدت نفقته ، فليس معه ما
يوصله إلى بلده .
وابن السبيل يعطى لحاجته ، وليس شرطاً ألا يكون عنده مال .
ولهذا نقول : ابن السبيل نعطيه ، ولو كان في بلده من أغنى الناس
إذا انقطع به السفر ؛ لأنه في هذه الحال محتاج ، ولا يقال : أنت غني فاقترض ، فيعطى
ما يوصله إلى بلده ، وهذا يختلف فينظر إلى حاله حتى لا تكون هناك غضاضة وإهانة له .
فإذا كان ممن تعود على الدرجة الأولى ، هل يعطى الأولى أو
السياحية ؟
هذا محل تردد ، ويترجح أنه يعطى ما لا ينقص به قدره .
ولا فرق بين كون السفر طويلاً أو قصيراً .
أما المنشئ للسفر من بلده ، فلا يعطى من الزكاة ، لأن المنشئ
للسفر من بلده لا يصدق عليه أنه ابن سبيل ، فلو قال : إني محتاج أن أسافر إلى
المدينة ، وليس معه فلوس ، فإننا لا نعطيه بوصفه ابن سبيل ؛ لأنه لا يصدق عليه أنه
ابن سبيل ، لكن إذا كان سفره إلى المدينة ملحاً كالعلاج مثلاً ، وليس معه ما يسافر
به فإنه يعطى من جهة أخرى ، وهي الفقر " انتهى باختصار وتصرف من "الشرح
الممتع" (6/154-156) .
*****
36442
آداب العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/6910)
سؤال رقم 36442- آداب العيد
ما هي السنن والآداب التي نفعلها عليها يوم العيد ؟.
الحمد لله
من السنن التي يفعلها المسلم يوم العيد ما يلي :
1- الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة :
فقد صح في الموطأ وغيره أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى . الموطأ 428
وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .
والمعنى الذي يستحب بسببه الاغتسال للجمعة وغيرها من الاجتماعات العامة موجود في العيد بل لعله في العيد أبرز .
2- الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى :
من الآداب ألا يخرج في عيد الفطر إلى الصلاة حتى يأكل تمرات لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا . البخاري 953
وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام .
وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله . فتح 2/446
ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح .
وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية ، فإن لك يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل
قبل الصلاة .
3- التكبير يوم العيد :
وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر
حتى يخرج الإمام .
وصح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : ( كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى ) قال وكيع يعني التكبير . انظر إرواء الغليل 3/122
وروى الدارقطني وغيره أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يخرج الإمام .
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا
خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا . انظر إرواء الغليل 2/121
ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمراً مشهوراً جداً عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن
أبي شيبة و عبدالرزاق والفريابي في كتاب ( أحكام العيدين ) عن جماعة من السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول : ( ألا
تكبرون ) .
وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول : ( كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام ) .
ووقت التكبير في عيد الفطر يبتدئ من ليلة العيد إلى أن يدخل الإمام لصلاة العيد .
وأما في الأضحى فالتكبير يبدأ من أول يوم من ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق .
- صفة التكبير..
ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله
أكبر الله أكبر ولله الحمد . ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير .
وروى المحاملي بسند صحيح أيضاً عن ابن مسعود : الله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً الله أكبر وأجلّ ، الله أكبر ولله الحمد . أنظر
الإرواء 3/126
4- التهنئة :
ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم أو عيد مبارك وما
أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة .
وعن جبير بن نفير ، قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك . قال ابن حجر :
إسناده حسن . الفتح 2/446
فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة
الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .
ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين .
وأقل ما يقال في موضوع التهنئة أن تهنئ من هنأك بالعيد ، وتسكت إن سكت كما قال الإمام أحمد رحمه الله : إن هنأني أحد أجبته وإلا لم
أبتدئه .
5- التجمل للعيدين..
عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ .. رواه البخاري 948
فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل للعيد لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير .
وعن جابر رضي الله عنه قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة . صحيح ابن خزيمة 1765
وروى البيهقي بسند صحيح أن ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه .
فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .
أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو
تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة .
6- الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر ..
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ
يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . رواه البخاري 986
قيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة ، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ .
وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين .
وقيل لإظهار ذكر الله .
وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه .
وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحاويج أو ليزور أقاربه وليصل رحمه .
والله أعلم .
*****
36514
هل الأفضل للمرأة أن تحج نافلة مع تعرضها لمزاحمة الرجال؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >(1/6911)
سؤال رقم 36514- هل الأفضل للمرأة أن تحج نافلة مع تعرضها لمزاحمة الرجال؟
لا يخفى على فضيلتكم ما تجده المرأة من مشقة في الحج من مزاحمة الرجال والاختلاط بهم ، في الطواف والسعي وغير ذلك من المشاعر ، فهل الأفضل للمرأة التي حجت الفريضة أن تكرر الحج أم تكتفي بحجة الفريضة ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لا شك أن تكرار الحج فيه فضل عظيم للرجال والنساء ، ولكن بالنظر إلى الزحام الكثير في هذه السنين الأخيرة بسبب تيسر المواصلات ، واتساع
الدنيا على الناس ، وتوفر الأمن ، واختلاط الرجال بالنساء في الطواف ، وأماكن العبادة ، وعدم تحرز الكثير منهن عن أسباب الفتنة ، نرى أن عدم تكرارهن الحج
أفضل لهن ، وأسلم لدينهن ، وأبعد عن المضرة على المجتمع الذي قد يفتن ببعضهن ، وهكذا الرجال إذا أمكن ترك الاستكثار من الحج لقصد التوسعة على الحجاج ،
وتخفيف الزحام عنهم ، فنرجو أن يكون أجره في الترك أعظم من أجره في الحج ، إذا كان تركه بسبب هذا القصد الطيب اهـ .
مجموع فتاوى ابن باز (16/361)
*****
36548
ما هي علاقة المرأة بمن طلقها ؟
الفقه > معاملات > الطلاق >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/6912)
سؤال رقم 36548- ما هي علاقة المرأة بمن طلقها ؟
هل يجوز لي الخروج مع طليقي في صحبة أولادنا على فترات متباعدة - وذلك لكي يجتمعوا بوالديهم مثل كل الأطفال ، وذلك في الأماكن العامة - وهو لا يصلي ؟ وهل إنفاقه عليهم حرام ؟ .
الحمد لله
إذا طلَّق الزوجُ امرأتَه آخر ثلاث تطليقات ، أو طلقها طلقتين أو
واحدة وانتهت عدتها ، فإنها تصبح أجنبية عنه ، ولا يحل له الخلوة بها ، ولا لمسها ،
ولا النظر إليها .
وعلاقة المطلِّق بمطلقته كعلاقته بأي امرأةٍ أجنبيَّة أخرى ،
وليس وجود الأولاد بينهما بمسوغ للنظر والخلوة والسفر معها ، ويمكنه أن يخرج مع
أولاده دون وجودها ، أو أنها تحضر مع أحدٍ من محارمها ، من غير وقوع في محذورٍ شرعي
مما ذكرنا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
المطلقة ثلاثا هي أجنبية من الرجل بمنزلة سائر الأجنبيات , فليس
للرجل أن يخلو بها كما ليس له أن يخلو بالأجنبية , وليس له أن ينظر إليها إلى ما لا
ينظر إليه من الأجنبية وليس له عليها حكمٌ أصلاً .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 349 ) .
وأما قبول نفقة الوالد المطلِّق على أبنائه فلا يُمنع منها ولو
كان لا يصلي ، وعليها تذكير أبنائها بضرورة نصيحة والدهم بالصلاة ، لعل الله أن
يهديه بهذه النصيحة .
وإن خشيت الأم على أولادها من والدهم الكافر بحيث يؤثر على
أخلاقهم أو يوقعهم فيما حرم الله ، فلا يجوز لها أن تسمح لهم بالخروج معه ، لأن
خروجهم معه ضرر عليهم .
والله أعلم .
*****
36616
محمد بن عبد الوهاب مُصْلِحٌ مفترى عليه
التاريخ والسيرة >(1/6913)
سؤال رقم 36616- محمد بن عبد الوهاب مُصْلِحٌ مفترى عليه
شيخ الإسلام محمد عبد الوهاب لماذا هو محارب وكثير ما يقال فيه ويسمون من يتبعه بالوهابي ؟.
الحمد لله
لتعلم أخي أن من سنن الله تعالى في عباده المصطفين أن يبتليهم
على قدر إيمانهم ليبين الصادق من الكاذب ، كما قال سبحانه : ( ألم * أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ
فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت / 1 - 3 ، وأشدّ أولئك العباد بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، كما صحّ
ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ولو تأمّل الإنسان سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجد أنه -
بأبي هو وأمي - قد أصابه من البلاء الشيءُ العظيم ، حتى نُعت بأنه كذاب وساحر
ومجنون ، ووُضع سلا جزور على ظهره ، وطرد من مكة ، وأدميت قدماه الشريفتان في
الطائف ، حاله حال الأنبياء الذين كُذِّبوا من قبله صلوات ربي وسلامه عليهم .
والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد أصيب بما أصيب به
العلماء والدعاة المخلصون ، لكن كانت العاقبة في النهاية للحق الذي كان يحمله ،
وأنّى للحق أن يخبو نوره أو يعفو أثره ، ولك أن تتصوّر أن يوفّق الله هذا الرجل
بغرس التوحيد في أنحاء الجزيرة العربية وأطرافها ، ويقضي على جلّ صور الشرك وأشكاله
، وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على إخلاصه وتفانيه في دعوته فيما نحسب ، مع ما اقترن ذلك
من سداد الله له وتوفيقه إياه .
وأما أعداء الدعوة فلم يألوا جهداً في إلصاق التهم الباطلة به ،
فزعموا - وهم كاذبون - بأن الشيخ يدّعي النبوة ، وأنه ينتقص من قدر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وأنه يكفّر الأمة جزافاً .. إلى غير ذلك من الافتراءات التي
أُلصقت به ، ومن ينظر إلى تلك الدعاوى يعلم يقيناً أنها محض كذب وافتراء ، وكتب
الشيخ المبثوثة أكبر شاهد على ذلك ، وأتباعه من الذين استجابوا لدعوته لم يذكروا
ذلك أيضاً ، ولو كان الأمر كما ادّعى المدّعون لأبان ذلك أتباعُه ، وإلاّ كانوا له
عاقّين غير بارّين ، ولو أردت الاستفصال في هذا الأمر واستجلاء ما خفي عليك من
حقائق فعليك بالرجوع إلى كتاب " دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب"
للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف . فإنك ستجد فيه ما يشفي تساؤلاتك بإذن الله .
أما نعت أتباعه ( بالوهابية ) فما هو إلاّ مسلسل من مسلسلات
افتراءات أعداء الدعوة فيه أيضاً ، ليحولوا الناس عن دعوة الحق ، وليبنوا بين دعوته
وبين الناس جداراً وحاجزاً يحول دون بلوغ الدعوة ، ولو تأمّلت قصة إسلام الطفيل بن
عمرو الدوسي رضي الله عنه لوجدت أحداثها تقارب ما حصل لدعوة الإمام محمد بن عبد
الوهاب .
فقد أورد ابن هشام في السيرة (1/394) أن الطفيل خرج قاصداً مكة ،
فتلقفته قريش على أبوابها وحذرته من السماع من محمد صلى الله عليه وسلم ، وأوحوا
إليه بأنه ساحر وأنه يفرّق بين المرء وزوجه ... ، فلم يزالوا به حتى عمد إلى قطن
فوضعه في أذنيه ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حدّث نفسه بأن ينزع القطن ،
ويسمع منه ، فإن كان ما يقوله حقاً قبل منه ، وإن كان ما يقوله باطلاً وقبيحاً ردّ
، فلما استمع إليه ما كان منه إلاّ أن أسلم في مكانه .
نعم أسلم بعد أن وضع القطن في أذنيه ، وهكذا ينهج المناوئون
لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نهج قريش في الافتراء ، ذلك لأن قريشاً تدرك تمام
الإدراك أن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم تلامس شغاف القلوب والأفئدة ، وتهتدي
إليها الفطرة ، فعمدوا إلى تهويل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحولوا دون
بلوغ الناس الحق ، وهكذا نرى الذين يتكلمون على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه
يعيدون نفس الفصول والمؤامرات التي حيكت حيال الدعوة الأولى .
وعليك أخي الكريم - إن كنت تنشد الحق - أن لا تترك لتلك الدعاوى
مجالاً لسمعك وقلبك واقصد الحق في المسألة بالنظر إلى كتب الشيخ محمد ، فكتبه أعظم
دليل على كذب القوم والحمد لله .
وثمت أمرٌ آخر لطيف وهو أن اسم الشيخ هو ( محمد ) والنسبة إليه
محمدي ، أما ( وهّابي ) فهو نسبة إلى الوهّاب ، والوهاب هو الله تعالى كما قال : (
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) آل عمران / 8 .
والوهاب كما قال الزجاج في اشتقاق أسماء الله ص : 126 : " الكثير
الهبة والعطية ، وفعّال في كلام العرب للمبالغة، فالله عز وجل وهّاب يهب لعباده
واحداً بعد واحد ويعطيهم " .
ولاشك أن سبيل الوهّاب هو السبيل الحق الذي لا اعوجاج فيه ولا
افتراء ، وحزبه غالب ومفلح ( ومن يتولّ الله ورسوله فإن حزب الله هم الغالبون )
المائدة / 56 ، ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم
المفلحون ) المجادلة / 22 .
وقديماً اتهموا الشافعي بالرفض فردّ عليهم قائلاً :
إن كان رفضاً حبّ آل محمد *** فليشهد
الثقلان أني رافضي
ونحن نردّ على من يتّهمنا بالوهابية بقول الشيخ ملا عمران الذي
كان شيعياً فهداه الله إلى السنة ، قال رحمه الله :
إن كان تابع أحمد متوهّباً *** فأنا
المقرّ بأنني وهّابي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي *** ربٌ
سوى المتفرّد الوهّاب
نفر الذين دعاهم خير الورى *** إذ
لقّبوه بساحرٍ كذّاب
( انظر : منهاج الفرقة الناجية للشيخ محمد جميل زينو ص : 142 - 143 )
والله تعالى أعلم .
*****
36637
يساعد والديه على الحج وهو لم يحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > الاستطاعة >(1/6914)
سؤال رقم 36637- يساعد والديه على الحج وهو لم يحج
هل يجوز للإنسان أن يرسل والديه إلى الحج قبل أن يذهب هو إلى الحج ؟.
الحمد لله
الحج فريضة على كل مسلم حر عاقل بالغ مستطيع السبيل إلى أدائه، مرة في العمر. وبر الوالدين وإعانتهما على أداء الواجب أمر مشروع بقدر
الطاقة ، إلا أن عليك أن تحج عن نفسك أولاً ، ثم تعين والديك إن لم يتيسر الجمع بين حج الجميع ، ولو قدمت والديك على نفسك صح حجهما.
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/70)
*****
36674
حكم لعن المعين
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >
الآداب > المناهي اللفظية >(1/6915)
سؤال رقم 36674- حكم لعن المعين
ما حكم لعن ( وليس سب فقط ) اليهود والنصارى أفرادا أو جماعات أحياءً كانوا أم أمواتا ؟ .
الحمد لله
قال صاحب لسان العرب : اللعن : الإبعاد والطرد من الخير ، وقيل
الطرد والإبعاد من الله ، ومن الخَلْق السب والدعاء .
واللعن يقع على وجهين :
الأول : أن يلعن الكفار وأصحاب المعاصي على سبيل العموم ، كما لو
قال : لعن الله اليهود والنصارى . أو : لعنة الله على الكافرين والفاسقين والظالمين
. أو : لعن الله شارب الخمر والسارق . فهذا اللعن جائز ولا بأس به . قال ابن مفلح
في الآداب الشرعية (1/203) : ويجوز لعن الكفار عامة اهـ .
الثاني : أن يكون اللعن على سبيل تعيين الشخص الملعون سواء كان
كافراً أو فاسقاً ، كما لو قال : لعنة الله على فلان ويذكره بعينه ، فهذا على حالين
:
1- أن يكون النص قد ورد بلعنه مثل إبليس ، أو يكون النص قد ورد
بموته على الكفر كفرعون وأبي لهب ، وأبي جهل ، فلعن هذا جائز .
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/214) : ويجوز لعن من ورد النص
بلعنه ، ولا إثم عليه في تركه اهـ .
2- لعن الكافر أو الفاسق على سبيل التعيين ممن لم يرد النص بلعنه
بعينه مثل : بائع الخمر - من ذبح لغير الله - من لعن والديه - من آوى محدثا - من
غير منار الأرض - وغير ذلك .
" فهذا قد اختلف العلماء في جواز لعنه على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه لا يجوز بحال .
الثاني : يجوز في الكافر دون الفاسق .
الثالث : يجوز مطلقا " اهـ
الآداب الشرعية لابن مفلح (1/303) .
واستدل من قال بعدم جواز لعنه بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (4070) عن عبد الله بن عمر أَنَّهُ سَمِعَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ
الرُّكُوعِ مِنْ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنْ الْفَجْرِ يَقُولُ : اللَّهُمَّ
الْعَنْ فُلانًا وَفُلانًا وَفُلانًا بَعْدَ مَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ
حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( لَيْسَ لَكَ مِنْ
الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ
ظَالِمُونَ ) .
2- ما رواه البخاري ( 6780 ) عن عمر أن رجلا على عهد النبي صلى
الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حمارا ، وكان يضحك رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب ، فأتي به يوما
فأمر به فجلد ، قال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : ( لا تلعنوه ، فو الله ما علمت ، إلا أنه يحب الله ورسوله ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (6/511) :
" واللعنة تجوز مطلقا لمن لعنه الله ورسوله ، وأما لعنة المعين
فإن علم أنه مات كافرا جازت لعنته ، وأما الفاسق المعين فلا تنبغي لعنته لنهي النبي
صلى الله عليه وسلم أن يلعن عبد الله بن حمار الذي كان يشرب الخمر ، مع أنه قد لعن
شارب الخمر عموما ، مع أن في لعنة المعين إذا كان فاسقا أو داعيا إلى بدعة نزاعاً "
اهـ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" (1/226) :
" الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛
فالأول (لعن المعين) ممنوع ، والثاني (لعن أهل المعاصي على سبيل العموم) جائز ،
فإذا رأيت محدثا ، فلا تقل لعنك الله ، بل قل : لعنة الله على من آوى محدثا ، على
سبيل العموم ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من
المشركين من أهل الجاهلية بقوله : (اللهم ! العن فلانا وفلانا وفلانا ) نهي عن ذلك
بقوله تعالى : ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) رواه البخاري " اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
36755
شروط الأضحية
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/6916)
سؤال رقم 36755- شروط الأضحية
نويت أن أضحي عن نفسي وأولادي ، فهل هناك مواصفات معينة في الأضحية ؟ أم أنه يصح أن أضحي بأي شاة ؟.
الحمد لله
يشترط للأضحية ستة شروط :
أحدها :
أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها لقوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُواْ
اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ الاَْنْعَمِ ) وبهيمة الأنعام هي الإبل ، والبقر ، والغنم هذا هو المعروف عند العرب ، وقاله الحسن
وقتادة وغير واحد .
الثاني :
أن تبلغ السن المحدود شرعاً بأن تكون جذعة من الضأن ، أو ثنية من غيره لقوله صلى الله عليه وسلّم : " لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر
عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " . رواه مسلم .
والمسنة : الثنية فما فوقها ، والجذعة ما دون ذلك .
فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين .
والثني من البقر : ما تم له سنتان .
والثني من الغنم ما تم له سنة .
والجذع : ما تم له نصف سنة ، فلا تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ، ولا بما دون الجذع من الضأن .
الثالث :
أن تكون خالية من العيوب المانعة من الإجزاء وهي أربعة :
1 ـ العور البين : وهو الذي تنخسف به العين ، أو تبرز حتى تكون كالزر ، أو تبيض ابيضاضاً يدل دلالة بينة على عورها .
2 ـ المرض البين : وهو الذي تظهر أعراضه على البهيمة كالحمى التي تقعدها عن المرعى وتمنع شهيتها ، والجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر
في صحته ، والجرح العميق المؤثر عليها في صحتها ونحوه .
3 ـ العرج البين : وهو الذي يمنع البهيمة من مسايرة السليمة في ممشاها .
4 ـ الهزال المزيل للمخ : لقول النبي صلى الله عليه وسلّم حين سئل ماذا يتقي من الضحايا فأشار بيده وقال : " أربعاً : العرجاء البين
ضلعها ، والعوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعجفاء التي لا تنقى ". رواه مالك في الموطأ من حديث البراء بن عازب ، وفي رواية في السنن عنه رضي
الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : " أربع لا تجوز في الأضاحي " وذكر نحوه . صححه الألباني من إرواء الغليل ( 1148 )
فهذه العيوب الأربعة مانعة من إجزاء الأضحية ، ويلحق بها ما كان مثلها أو أشد، فلا تجزىء الأضحية بما يأتي :
1 ـ العمياء التي لا تبصر بعينيها .
2 ـ المبشومة ( التي أكلت فوق طاقتها حتى امتلأت ) حتى تثلط ويزول عنها الخطر .
3 ـ المتولدة إذا تعسرت ولادتها حتى يزول عنها الخطر .
4 ـ المصابة بما يميتها من خنق وسقوط من علو ونحوه حتى يزول عنها الخطر .
5 ـ الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة .
6 ـ مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين .
فإذا ضممت ذلك إلى العيوب الأربعة المنصوص عليها صار ما لا يضحى به عشرة . هذه الستة وما تعيب بالعيوب الأربعة السابقة .
الشرط الرابع :
أن تكون ملكاً للمضحي ، أو مأذوناً له فيها من قبل الشرع ، أو من قبل المالك فلا تصح التضحية بما لا يملكه كالمغصوب والمسروق والمأخوذ
بدعوى باطلة ونحوه ؛ لأنه لا يصح التقرب إلى الله بمعصيته . وتصح تضحية ولي اليتيم له من ماله إذا جرت به العادة وكان ينكسر قلبه بعدم الأضحية .
وتصح تضحية الوكيل من مال موكله بإذنه .
الشرط الخامس :
أن لا يتعلق بها حق للغير فلا تصح التضحية بالمرهون.
الشرط السادس :
أن يضحي بها في الوقت المحدود شرعاً وهو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من
ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده ، فمن ذبح قبل فراغ صلاة العيد ، أو بعد غروب الشمس يوم الثالث عشر لم تصح
أضحيته ؛ لما روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله وليس من النسك
في شيء ". وروى عن جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه قال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى ". وعن نبيشة
الهذلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " رواه مسلم. لكن لو حصل له عذر بالتأخير عن
أيام التشريق مثل أن تهرب الأضحية بغير تفريط منه فلم يجدها إلا بعد فوات الوقت ، أو يوكل من يذبحها فينسى الوكيل حتى يخرج الوقت فلا بأس أن تذبح بعد خروج
الوقت للعذر ، وقياساً على من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يصليها إذا استيقظ أو ذكرها .
ويجوز ذبح الأضحية في الوقت ليلاً ونهارا ً، والذبح في النهار أولى ، ويوم العيد بعد الخطبتين أفضل ، وكل يوم أفضل مما يليه ؛ لما فيه من
المبادرة إلى فعل الخير .
انتهى من رسالة أحكام الأضحية والذكاة للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله
*****
36761
حكم الطلاق عن طريق البريد الالكتروني
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6917)
سؤال رقم 36761- حكم الطلاق عن طريق البريد الالكتروني
تم الطلاق الأول عن طريق البريد الإلكتروني ، وأُرسل للزوجة والأب والعم ، فهل هذا طلاق صحيح أم يجب أن يكون على ورقة موقعة ؟ وهل يمكن الحصول على الطلاقين الآخرين حالاً ؟.
الحمد لله
أولاً :
من المعلوم في الشرع أن الطلاق يقع بمجرد النطق به أو بالكتابة
أو بالإشارة التي تقوم مقام النطق – انظر جواب السؤال ( 20660 ) - ، وهذا فيما بين الزوج وبين
ربِّه تعالى في حال لم يسمعه أحد ، وقضية الطلاق عبر البريد الإلكتروني ليست
المشكلة فيها من حيث وقوع الطلاق ، فإن الزوج إذا كتب طلاق امرأته وقع الطلاق بمجرد
الكتابة ، لكن المسألة هنا في ثبوت هذا الطلاق وتوثيقه .
والظاهر : أنه يقع طلاق الزوج لزوجته عن طريق البريد الالكتروني
إذا ثبت على وجه القطع أن الذي بعث بالرسالة التي تتضمن الطلاق هو الزوج أو من وكله
الزوج في الطلاق واعترف بذلك ولم ينكره.
أما إذا لم يثبت ذلك ، ولم يعترف الزوج به : فإنه لا عبرة بهذه
الرسالة ، ولا يقع الطلاق في هذه الحالة ، إذ من المعلوم لدى المشتغلين في هذه
الوسائل أنه يمكن سرقة البريد الإلكتروني وتوجيه رسائل من خلاله ، فالجزم بأن
المرسل هو الزوج قد لا يكون صحيحاً.
فالواجب التثبت والتأكد من الزوج ، وعدم الاعتداد بالطلاق إلا
بعد إقراره من قبل الزوج ، فإن أقرَّ به فإن العدَّة تبدأ من وقت نطقه بالطلاق أو
كتابته للرسالة .
ثانياً :
لا يمكن إيقاع الطلقتين الباقيتين حالاً ، فإن الطلاق يقع مرة
بعد مرة ، وقد قال تعالى :
( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ) ـ أي الرجعي ـ ولم يقل طلقتان ، إشارة
إلى أنه لا يقع إلا مرة بعد مرة لكل مرة عدتها . وإذا كانت الطلقة الأولى قد حسبت :
فإننا ننظر خلال العدة : فإن أرجعكِ خلالها : فالطلقة محسوبة من عدد الطلقات ،
وعليه الإشهاد على ذلك ، وإن لم يُرجعكِ خلالها : فإنكِ تبينين منه بمجرد انتهاء
العدة ، ولا يحل له الرجوع إليكِ إلا بعقدِ ومهرٍ جديدين ، ويكون خاطباً أجنبيّاً
كباقي الخطَّاب ، ولا يتم الزواج إلا برضاك وموافقة وليِّكِ .
وهكذا يقال في الطلقة الثانية ، فإن أرجعك خلالها فأنت زوجته ،
فإن طلَّق الثالثة حرمتِ عليه حتى تنكحي زوجاً غيره نكاحاً شرعيّاً ليس المقصود منه
إرجاعك لزوجك الأول ، ويكون دخول شرعي ، فإن حصل طلاق من الزوج الثاني حللتِ للأول
بعد انتهاء العدة .
والله أعلم .
*****
36774
التيمم بآنية من الفخار أو على حائط
الفقه > عبادات > الطهارة > التيمم >(1/6918)
سؤال رقم 36774- التيمم بآنية من الفخار أو على حائط
هل يجوز التيمم بآنية مصنوعة بمواد من الأرض كآنية الطين أو الفخار أو على الجدران مع أنها تكون مطلية بالدهان .. إلخ .
الحمد لله
يصح التيمم بكل ما صعد على وجه الأرض من تراب وطين وحجر ورمل
وفخار ؛ لقوله تعالى : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) النساء/43 ، والصعيد :
وجه الأرض . والطيب : الطاهر .
فيجوز التيمم بكل ما هو من جنس الأرض ، وهذا مذهب أبي حنيفة
ومالك ، فيصح التيمم عندهما بالتراب والرمل والحصى . وجوز أبو حنيفة التيمم بالحجر
الأملس والحائط المطين والخزف المصنوع من الطين الخالص . وكذا لو ضرب بيده على ثوب
فارتفع غبار .
"بدائع الصنائع" (1/53) ، "التاج والإكليل" (1/511) ، "الموسوعة الفقهية"
(14/261) .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يجوز التيمم بغير
التراب من أجزاء الأرض إذا لم يجد ترابا . "الاختيارات الفقهية" (ص 28) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المريض لا يجد التراب فهل
يتيمم على الجدار ، وكذلك الفرش أم لا ؟
فأجاب : " الجدار من الصعيد الطيب ، فإذا كان الجدار مبنيا من
الصعيد سواء كان حجرا أو كان مدرا – لَبِنًا من الطين - ، فإنه يجوز التيمم عليه ،
أما إذا كان الجدار مكسوا بالأخشاب أو ( بالبوية ) فهذا إن كان عليه تراب – غبار –
فإنه يتيمم به ولا حرج ، ويكون كالذي يتمم على الأرض ؛ لأن التراب من مادة الأرض .
أما إذا لم يكن عليه تراب ، فإنه ليس من الصعيد في شيء ، فلا يتيمم عليه .
وبالنسبة للفرش نقول : إن كان فيها غبار فليتيمم عليها ، وإلا
فلا يتيمم عليها لأنها ليست من الصعيد " انتهى من "فتاوى الطهارة" (ص 240) .
والحاصل أنه يجوز التيمم بالجدار أو الآنية المصنوعة من الطين أو
الفخار ، ما لم تكن مطلية ، فإن كانت مطلية فلا يصح التيمم إلا إذا كان عليها غبار
، ويمكن للمسلم أن يجعل في الإناء تراباً أو رملا ويتيمم منه .
والله أعلم .
*****
36841
الحج على نفقة الغير
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/6919)
سؤال رقم 36841- الحج على نفقة الغير
حججت مع ابني وأنفق هو كل تكاليف الحج ، وكنت أريد أن أحج على نفقتي الخاصة . فهل يؤثر ذلك على صحة الحج ؟.
الحمد لله
لا بأس أن يحج الإنسان على نفقة غيره ، سواء كان ذلك الغير ابنه أو أخاه أو صديقه . . الخ ، ولا يؤثر ذلك على صحة الحج ، وليس من شروط
صحة الحج أن ينفق الإنسان على الحج من ماله .
سئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تكلف مضيفها بنفقة الحج كاملة هل يصح حجها ؟
فأجابت :
أداؤها الفريضة لا يؤثر على صحته أنها لم تنفق عليه شيئاً من مالها ، أو أنها أنفقت الشيء القليل وقام غيرها بإنفاق الشيء الكثير من
تكاليف حجها ، وعليه فإذا كان حجها مستكملاً الشروط والأركان والواجبات فهو مسقط عنها فريضة الحج وإن قام غيرها بتكاليفه اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة
(11/34) .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن حكم الحج من نفقات الحاكم . فأجابت :
يجوز لهم ذلك ، وحجهم صحيح ، لعموم الأدلة اهـ
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (11/37) :
إذا حج الولد فرضه من مال أبيه فحجه صحيح اهـ .
وقالت اللجنة الدائمة أيضاً (11/40) عمن فاز في مسابقة دينية وكانت جازتها الحج :
يجزئ حجك ، ويعتبر أداء الفريضة عن نفسك اهـ .
*****
36872
هل يعطي بعض أولاده دون الآخرين إذا كان فقيراً ؟
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/6920)
سؤال رقم 36872- هل يعطي بعض أولاده دون الآخرين إذا كان فقيراً ؟
هل يجوز للوالد أن يعطي بعض أولاده مالاً ولا يعطي الآخرين إذا كان هذا الولد فقيراً أو عاجزاً عن العمل ؟.
الحمد لله
جَوَّز بعض أهل العلم تفضيل بعض الأبناء ، إذا وجد مسوغ شرعي ،
كأن يكون أحدهم مقعداً ، أو صاحب عائلة كبيرة ، أو لاشتغاله بطلب العلم ، أو كان
أحدهم فاسقا أو مبتدعا ، فيصرف عنه بعض المال .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه ,
مثل اختصاصه بحاجةٍ , أو زمانة , أو عمى , أو كثرة عائلة , أو اشتغاله بالعلم أو
نحوه من الفضائل , أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه , أو بدعته , أو لكونه يستعين
بما يأخذه على معصية الله , أو ينفقه فيها , فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك ;
لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف : لا بأس به إذا كان لحاجة , وأكرهه إذا كان على سبيل
الأثرة . والعطية في معناه [أي في معنى الوقف]. ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل
أو التخصيص على كل حال ; والأول أولى إن شاء الله " انتهى من "المغني "
(5/388) باختصار.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/193) : " المشروع في عطية
الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء ، ولا يجوز التفضيل إلا لمسوغ شرعي
؛ لكون أحدهم مقعداً أو صاحب عائلة كبيرة أو لاشتغاله بالعلم ، أو صرف عطية عن بعض
ولده لفسقه أو بدعته ، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه " انتهى .
وينظر : "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (5/435)
والله تعالى أعلم .
*****
36891
ملخص من أحكام اللباس بالنسبة الرجال
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/6921)
سؤال رقم 36891- ملخص من أحكام اللباس بالنسبة الرجال
ذُكر في القرآن - وبوضوح - كيف يجب أن تلبس المرأة ، في أي بلد ، وأي مجتمع ، سواء في بلد إسلامي أو غير إسلامي ، وأريد أن أعرف كيف هو الحال بالنسبة للرجل ولباسه في ، أي بلد ، وأي مجتمع ، سواء في بلد إسلامي أو غير إسلامي ؟.
الحمد لله
هذه جملة مختصرة من أحكام اللباس بالنسبة الرجال ونسأل الله
تعالى أن تكون كافية وينفع بها
1. الأصل في كل ما يلبس أنه حلال جائز ، إلا ما ورد نصٌّ بتحريمه
كالحرير للذكور لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ هَذَيْنِ
حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ ) رواه ابن ماجة (3640)
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة ، وكذلك لا يجوز لبس جلود الميتة
إلا أن تدبغ . أما الملابس المصنوعة من الصوف أو الشعر أو الوبر فهي طاهرةٌ حلالٌ
. ولمعرفة المزيد عن حكم استعمال جلد الميتة بعد دباغة راجع السؤال رقم ( 1695 ) و ( 9022 )
2. ولا يجوز لبس الشفاف الذي لا يستر العورة
3. ويحرم التشبه بأهل الشِّرك والكفر في لباسهم ، فلا يجوز لبس
الألبسة التي يختص بها الكفار.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : رأى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عليَّ ثوبين معصفرين ، فقال : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها . رواه
مسلم ( 2077 ) .
4. ويحرم تَشَبُّهُ النساء بالرجال والرجال بالنساء في اللباس ؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم : " لعنَ المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات
من النساء بالرجال " . رواه البخاري ( 5546 )
5. من السنة أن يبدأ المسلم لبس ثوبه باليمين ، ويقول : باسم
الله ، ويبدأ في خلعه باليسرى .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا
لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم " . رواه
أبو داود ( 4141 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 787 ) .
6. ويسنُّ لمن لبس ثوباً جديداً أن يشكر الله عزّ وجلّ ويدعو .
عن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد
ثوبا سماه باسمه عمامة أو قميصا أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه
أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له . رواه الترمذي (
1767 ) وأبو داود ( 4020 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 4664 ) .
7. ومن السنة الاعتناء بنظافة الثوب من غير كبر ولا مبالغة .
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا
يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه
حسناً ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس . رواه مسلم ( 91 ) .
8. استحباب لبس الأبيض من الثياب .
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البسوا
من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم " . رواه
الترمذي ( 994 ) حسن صحيح وهو الذي يستحبه أهل العلم ، وأبو داود ( 4061 ) وابن
ماجه ( 1472 ) .
9. ويحرم على المسلم الإسبال في جميع ما يلبس من ثياب ، فحدُّ
الثياب إلى الكعبين .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما
أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار . رواه
البخاري ( 5450 ) .
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة لا يكلمهم
الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا من هم يا رسول الله
؟ قال : المسبل ، والمنَّان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب . رواه مسلم (
106 ) .
10. ويحرم لباس الشهرة ، وهو ما يتميز به اللابس عن الآخرين
ليُنظر إليه ويُعرف به ويُشتهر .
عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن لبس ثوب
شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله " .
وفي رواية بزيادة " ثم تلهب فيه النار " ، وفي رواية أخرى " ثوب
مذلة " . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن ماجه
( 3606 ) و ( 3607 ) . والحديث : حسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 2089 )
.
ويمكن للأخ السائل الاطلاع على باب " اللباس " في الموقع
ففيه زيادة علم له .
والله أعلم .
*****
36955
حكم شراء أسهم التعاونية للتأمين
الفقه > معاملات > التأمين >
سؤال رقم 36955: حكم شراء أسهم التعاونية للتأمين
ما حكم شراء أسهم الشركة التعاونية للتأمين التي طرحت أسهمها في السوق السعودية للأسهم ؟.
الحمد لله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنوجز الحكم الشرعي من خلال النقاط الآتية :
1- الحكم الشرعي للتأمين :
ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز
التأمين التعاوني ، وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات
الفتوى الجماعية، كهيئة كبار العلماء بالمملكة، واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع
الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي
الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، وغيرها؛ لما يشتمل عليه التأمين
التجاري من الغرر والمقامرة وأكل المال بالباطل، بخلاف التأمين التعاوني فإن مبناه
على التكافل والتضامن. وإن الناظر بعين الإنصاف في واقع صناعة التأمين اليوم ليدرك
ما في هذا القول من التوسط والاعتدال، ومدى موافقته لمقاصد الشريعة الإسلامية،
بتحقيق مصالح الناس وسد حاجاتهم دون غبن أو ضرر. وإحصائيات التأمين أوضح شاهدٍ على
ذلك، ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الأموال الطائلة لدى شركات التأمين في مقابل
تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه من أرباح، مما نتج عنه استئثار الأقلية الثرية
بمزايا التأمين وخدماته، بينما الأكثرية الفقيرة محرومة منها لكونها غير قادرة على
تحمل أقساط التأمين. وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن لا مجال لتفتيت المخاطر إلا
بهذا الأسلوب ، وهو أمر تكذبه تجارب التأمين التعاوني
التي طبقت في عددٍ من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحاً وتحقيقاً لأهداف التأمين من
شركات التأمين التجاري .
2- الفرق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني :
في التأمين التجاري تتولى إدارة التأمين شركة لها ذمة مستقلة عن
ذمم المؤمن عليهم، وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في مقابل التزامها بدفع
مبالغ التأمين عند استحقاقها، وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمين فإنها لا
تعيده للمؤمن لهم، لأنها تعتبره عوضاً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها،
وإذا لم تفِ الأقساط المحصلة لدفع كل التعويضات فلا يحق لها الرجوع عليهم بطلب
زيادة أقساط التأمين. وهذا هو عين المتاجرة بالغرر المنهي عنه، وأكل أموال الناس
بالباطل.
بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار
متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض
المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق
استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات
المستحقة بنسبة العجز.
ولا مانع من أن يتولى إدارة التأمين التعاوني جهة مستقلة عن
المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عمولات مقابل إدارتها للتأمين، ولا يمنع
كذلك من أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمين بصفتها وكيلاً عنهم في
الاستثمار.
وبهذا يظهر أن شركة التأمين في كلا النوعين قد تكون كيانا منفصلا
عن المؤمن لهم، كما أنها في كليهما قد تكون شركة ربحية – أي أنها تهدف إلى الربح-،
ويظهر الفرق بين النوعين في أمرين أساسيين:
الفارق الأول: في التأمين التجاري هناك التزام تعاقدي بين شركة
التأمين والمؤمن لهم، إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن لهم بدفع التعويضات، وفي مقابل
ذلك تستحق كامل الأقساط المدفوعة. بينما في التأمين التعاوني لا مجال لهذا
الالتزام، إذ إن التعويض يصرف من مجموع الأقساط المتاحة، فإذا لم تكن الأقساط كافية
في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق، وإلا كان
التعويض جزئياً بحسب الأرصدة المتاحة.
الفارق الثاني: لا تهدف شركة التأمين التعاوني إلى الاسترباح من
الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن لهم وتعويضات الأضرار التي تقدمها
الشركة لهم، بل إذا حصلت زيادة في الأقساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار
ترد الزيادة إلى المؤمن لهم. بينما يكون الفائض في التأمين التجاري من استحقاق شركة
التأمين في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم.
3- حكم الاكتتاب في التعاونية للتأمين :
من خلال دراسة القوائم المالية للسنوات الخمس الماضية للشركة
الوطنية للتأمين التعاوني تبين عدم جواز الاكتتاب في هذه الشركة لما يأتي:
أولاً: أن عقد التأمين في الشركة من التأمين التجاري وليس
التعاوني :
فمع أن الشركة قامت بفصل المركز المالي للمساهمين عن المركز
المالي لأعمال التأمين –كما هو المعهود في التأمين التعاوني-، إلا أن نظام التأمين
الذي تمارسه لا يعدو أن يكون تأميناً تجارياً، خلافاً لما يوحي به اسم الشركة ، ويتضح ذلك من خلال النقاط الآتية:
أ. نص النظام الأساسي للشركة على أن يصرف فائض التأمين الذي يمثل
الفرق بين مجموع الاشتراكات ومجموع التعويضات بإعادة 10% للمؤمن لهم، وأما الباقي
وهو ما يعادل 90% من الفائض الصافي فيكون من نصيب المساهمين نتيجة تعريض حقوقهم
لمخاطر التأمين. ( المادة 43 من النظام الأساسي للشركة، والمادة70 من اللائحة
التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني). وهذا يعني أن نظام التأمين في
الشركة قائم على الالتزام التعاقدي، فالأقساط يستحقها المساهمون عوضاً عن التزامهم
بالتعويض، وهذا هو حقيقة التأمين التجاري. وما إعادة جزء من الفائض إلا محاولة
لإضفاء الصبغة الشرعية على العقد. والواجب في التأمين التعاوني أن يكون جميع الفائض
من نصيب المؤمن لهم، فيعاد إليهم أو يرحل في حساب احتياطيات عمليات التأمين.
ب. وتطبيقاً لما سبق فقد حققت الشركة فائضاً مالياً من عمليات
التأمين في العام 2003 قدره (178.914.000-مائة وثمانية وسبعون مليون وتسعمائة
وأربعة عشر ألف ريال) أعيد منها للمؤمن لهم (18.000.000 ثمانية عشر مليون ريال) أي
ما نسبته 10% من الفائض، وأضيف المبلغ المتبقي بعد أخذ الاحتياطيات منه إلى إجمالي
الفائض المتراكم، ليصل بذلك إجمالي الفائض المتراكم من عمليات التأمين لدى الشركة
إلى (548.452.000-خمسمائة وثمانية وأربعين مليون وأربعمائة واثنين وخمسين ألف ريال)
ووفقاً لما نص عليه النظام الأساسي للشركة فإن هذا الفائض يعد من نصيب المساهمين.
ث. ترتبط الشركة بعقود إعادة تأمين مع بعض شركات إعادة التأمين،
وهي في الغالب شركات أجنبية وتقوم على طريقة التأمين التجاري. ومن اللافت للنظر أن
مبالغ إعادة التأمين تمثل أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين
ويتضح مما سبق أن أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين تحول إلى خارج
المملكة، وهو من طبيعة عقد التأمين التجاري .
ثانياً: استثمارات الشركة في بعض الأنشطة المحرمة :(1/6922)
حيث قامت الشركة باستثمار أموال المؤمن لهم في سندات محرمة ،
وبلغت قيمة هذه السندات في العام المالي2003 (430.525.000 أربعمائة وثلاثين مليوناً
وخمسمائة وخمسة وعشرين ألف ريال) وهي تعادل ما نسبته 24% من إجمالي موجودات عمليات
التأمين.
كما قامت الشركة باستثمار أموال المساهمين في سندات محرمة، بلغت
قيمتها في العام المالي 2003 (34.981.000 أربعة وثلاثين مليوناً وتسعمائة وواحد
وثمانين ألف ريال). وهي تعادل حوالي 8% من إجمالي حقوق المساهمين.
وفضلاً عن ذلك فإن الشركة تمتلك 50% من إحدى شركات التأمين
التجاري.
1. مقترحات لصيغة تأمين تعاوني تتفق مع الضوابط الشرعية، وتحقق
أهداف التأمين:
أ. أن يتولى إدارة التأمين التعاوني شركة مساهمة، يكون للمساهمين
فيها مركز مالي منفصل على وجه الحقيقة عن المركز المالي لعمليات التأمين.
ب. للشركة المساهمة أن تخصم جميع المصاريف الإدارية والتشغيلية
من مجموع أقساط التأمين، وأن تتقاضى أجوراً مقابل إدارتها لعمليات التأمين بصفتها
وكيلاً بأجر، ولها كذلك أن تستثمر أموال المؤمن لهم في استثمارات مباحة، وتستحق
بذلك نسبة من أرباح تلك الاستثمارات بصفتها شريكاً مضارباً.
ت. على الشركة أن تتجنب الدخول في استثمارات محرمة كالسندات
وغيرها، سواء أكان ذلك في الاستثمارات الخاصة بالمساهمين أم بالاستثمارات الخاصة
بعمليات التأمين.
ث. التزام الشركة تجاه المؤمن لهم بالتعويض على نوعين؛ جائز
وممنوع. أما الجائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال التأمين بأمانة واحتراف، ومتى
قصرت في ذلك فإنها تتحمل تبعات ذلك التقصير والتعويض عنه. وأما الممنوع فأن تلتزم
التزاماً مطلقاً بالتعويض سواء أكانت الأضرار من الشركة أم من غيرها، فهذا يتعارض
مع قاعدة التأمين التعاوني. وبدلاً عن ذلك فللشركة أن تكّون احتياطيات من فائض
أقساط التأمين، ولا تدخل هذه الاحتياطيات ضمن قائمة حقوق المساهمين بل تكون خاصة
بأعمال التأمين.
ج. للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمين لتفتيت المخاطر، بشرط أن
تكون هذه العقود من قبيل التأمين التعاوني.
وختاماً نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق القائمين على الشركة لكل
خير، وأن يهدينا وإياهم وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه ، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد.
الموقعون :
1- د. محمد بن سعود العصيمي. مدير عام المجموعة الشرعية ببنك
البلاد.
2- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي. عضو هيئة التدريس بالمعهد
العالي للقضاء بجامعة الإمام.
3- أ.د. سليمان بن فهد العيسى. أستاذ الدراسات العليا بجامعة
الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
4- أ.د. صالح بن محمد السطان. أستاذ الفقه بجامعة القصيم.
5- د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان. أستاذ مشارك بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية.
6- د. عبد الله بن موسى العمار. أستاذ مشارك بجامعة الإمام محمد
بن سعود الإسلامية.
*****
36990
الحج على نفقة الغير
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > الاستطاعة >(1/6923)
سؤال رقم 36990- الحج على نفقة الغير
امرأة قدمت إلى المملكة وتيسر لها أداء فريضة الحج على نفقة المضيف ، وتسأل هل تجزئ هذه الحجة عن حجة الإسلام ، والحال أنها لم تنفق على حجها من مالها شيئاً ؟.
الحمد لله
أداؤها فريضة الحج لا يؤثر على صحته أنها لم تنفق عليه شيئاً من مالها ، أو أنها أنفقت الشيء القليل ، وقام غيرها بإنفاق الشيء الكثير من
تكاليف حجها ، وعليه فإذا كان حجها مستكملاً الشروط والأركان والواجبات فهو مسقط عنها فريضة الحج ، وإن قام غيرها بتكاليفه .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (فتاوى اللجنة 11/34) .
*****
37643
التلفظ بالنية في الصيام بدعة
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >
أصول الفقه > البدعة >(1/6924)
سؤال رقم 37643- التلفظ بالنية في الصيام بدعة
في الهند ننوي للصيام "اللهم أصوم جاداً لك فاغفر لي ما قدمت وما أخرت" لست أدري ما هو المعنى ، ولكن هل هذه هي النية الصحيحة ؟ إذا كانت صحيحة فأرجو أن تخبرني بالمعنى أو أخبرني بالنية الصحيحة من القرآن أو السنة .
الحمد لله
لا يصح صوم رمضان ولا غيره من العبادات إلا بالنية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا
لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . . . الخ الحديث ) . رواه البخاري (1) ومسلم (1907) .
ويشترط في النية أن تكون في الليل ، وقبل طلوع الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ
فَلا صِيَامَ لَهُ ) رواه الترمذي (730) ولفظ النسائي (2334) : ( مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَلا صِيَامَ لَهُ ) . صححه
الألباني في صحيح الترمذي (583) .
والمعنى : من لم ينو الصيام ويعزم على فعله من الليل فلا صيام له .
والنية عمل قلبي ، فيعزم المسلم بقلبه أنه صائم غداً ، ولا يشرع له أن يتلفظ بها ويقول : نويت الصيام أو أصوم جاداً لك . . . الخ ، أو
نحو ذلك من الألفاظ التي ابتدعها بعض الناس.
والنية الصحيحة هي أن يعزم الإنسان بقلبه أنه صائم غداً .
ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله في "الاختيارات" ص 191 :
ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى اهـ
وسئلت اللجنة الدائمة :
كيف ينوي الإنسان صيام رمضان ؟
فأجابت :
تكون النية بالعزم على الصيام ، ولا بد من تبييت نية صيام رمضان ليلاً كل ليلة اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (10/246) .
والله أعلم .
*****
37650
استعمال البخاخ للربو لا يفطر الصائم
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6925)
سؤال رقم 37650- استعمال البخاخ للربو لا يفطر الصائم
هل استعمال البخاخ في الفم في نهار رمضان يفسد الصوم لمن يعاني من أزمة في التنفس ؟.
الحمد لله
استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفسد الصيام .
(وبخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة وليس بطعام ، وهو محتاج إليه دائما في رمضان وغيره . فتاوى الدعوة
: ابن باز عدد 979 ) . انظر : كتيب " سبعون مسألة في الصيام " .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة ، فحينئذٍ نقول : لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم ، ولا تفطر بذلك اهـ
فتاوى أركان الإسلام ص 475.
وقال علماء الجنة الدائمة :
دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقاً يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة ، فليس أكلاً ولا شرباً ولا
شبيهاً بهما . . . والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء اهـ
فتاوى إسلامية (1/130) .
والله أعلم .
*****
37658
لا يجوز للصائم أن يشتم أحداً
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6926)
سؤال رقم 37658- لا يجوز للصائم أن يشتم أحداً
إذا كنت صائماً وأثناء الصيام شتمت أحداً أو أسأت الأدب مع شخص ما فهل يفسد هذا صيامي ؟
أريد أن أعرف الجواب لأن أصدقائي يشتمون ويسيئون للناس أثناء الصيام وأريد أن أخبرهم لماذا يجب أن يتجنبوا المعاصي كالشتم وغيره .
الحمد لله
ارتكاب المعاصي في نهار رمضان كالسب والشتم لا يفسد الصيام ، بمعنى أن ذلك ليس من المفطرات ، ولكنه يُنقص ثواب الصيام ، وقد تذهب هذه
المعاصي بالثواب جملةً ، فيبقى الصائم لم يستفد شيئاً من صيامه إلا الجوع والعطش .
والصائم مأمور بحفظ جوارحه عن معصية الله تعالى ، وليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، بل المقصود هو الإمساك عن
معصية الله تعالى ، وتحقيق تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ
يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (1903) (6075) .
وقول الزور يشمل كل قول محرم كالكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ ، وَلا يَجْهَلْ ، فَإِنْ امْرُؤٌ
شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ ) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151).
قال الحافظ :
قَوْله : (فَلا يَرْفُث) الْمُرَاد بِالرَّفَثِ هُنَا الْكَلام الْفَاحِش .
قَوْله : ( وَلا يَجْهَل ) أَيْ لا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أَفْعَال أَهْل الْجَهْل كَالصِّيَاحِ وَالسَّفَه وَنَحْو ذَلِكَ .
والْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ لا يُعَامِلهُ بِمِثْلِ عَمَله بَلْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله : "إِنِّي صَائِم" اهـ
فإذا كان الصائم مأمور بعدم الرد على من شتمه ، فكيف يليق به أن يعتدي على الناس ويبتدئ الشتم هو ؟!
وقال النووي :
اعْلَمْ أَنَّ نَهْيَ الصَّائِمِ عَنْ الرَّفَث وَالْجَهْل وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَة لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ , بَلْ كُلّ أَحَد
مِثْله فِي أَصْل النَّهْي عَنْ ذَلِكَ ، لَكِنَّ الصَّائِم آكَدُ اهـ .
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام
من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل : إني صائم ، إني صائم ) .
وروى ابن ماجه (1690) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ) .
يراجع سؤال ( 37989 ) عن الكذب في الصيام .
*****
37761
مريض ولا يستطيع الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/6927)
سؤال رقم 37761- مريض ولا يستطيع الصيام
عليّ الكثير من أيام القضاء من رمضان السابق لم أصمها حتى الآن ، وأنا الآن أعاني من مرض في المعدة ولا أستطيع الصيام ، لا أدري هل سأتمكن من الصيام في المستقبل أم لا (لأن مرضي قد يكون مزمناً) فماذا أفعل بشأن رمضان الحالي والأيام السابقة ؟ .
الحمد لله
نسأل الله رب العرش العظيم أن يشفيك .
عليك أن ترجع إلى قول طبيب ثقة ، فإن كان المرض الذي تعاني منه يُرجى حصول الشفاء منه ، فعليك بعد حصول الشفاء أن تقضي الأيام التي
أفطرتها من رمضان الحالي والسابق ، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
وإن كان المرض مزمناً لا يُرجى حصول الشفاء منه ، فعليك أن تطعم مسكيناً عن كل يوم أفطرته من رمضان الحالي والسابق . لقول الله تعالى : (
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ
كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. رواه البخاري (4505) .
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي
مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجالس رمضان" ص 32:
العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله - كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كصاحب السرطان ونحوه - فلا يجب عليه الصيام لأنه لا
يستطيعه وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 . وقال : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا
وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً اهـ.
والله أعلم .
*****
37784
متى يكون الدم النازل نفاساً؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/6928)
سؤال رقم 37784- متى يكون الدم النازل نفاساً؟
امرأة أجريت لها عملية إجهاض ، فهل يجوز لها أن تصوم أم يجب أن تنتظر فترة معينة ؟ .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة النفساء أن تصوم ، ولا يصح صيامها ، وعليها قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب النفاس .
والنفاس هو الدم النازل من المرأة بسبب الولادة .
وإذا أسقطت المرأة فلا يعتبر الدم النازل منها دم نفاس إلا إذا أسقطت ما تبين فيه خلق الإنسان .
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل ثمانين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ
بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح ) رواه البخاري
(3208) .
فدل هذا الحديث على أن الإنسان يمر بعدة مراحل في الحمل :
أربعين يوماً نطفة ، ثم أربعين أخرى علقة ، ثم أربعين ثالثة مضغة . ثم ينفخ فيه الروح بعد تمام مائة وعشرين يوماً .
والتخليق يكون في مرحلة المضغة ، ولا يكون قبل ذلك ، لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ
فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ ) الحج/5 .
فوصف الله تعالى المضغة بأنها مخلقة وغير مخلقة .
ومعنى التخليق أن تظهر في الحمل آثار تخطيط الجسم كالرأس والأطراف ونحو ذلك .
وعلى هذا . . فهذه المرأة التي أجريت لها عملية إجهاض ، إن كان ذلك قبل ثمانين يوماً من الحمل فالدم النازل ليس بدم نفاس ، بل هو دم
استحاضة فلا يمنعها من الصلاة والصوم ، وعليها أن تتوضأ لكل صلاة .
وإذا كان الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين –أي بعد مائة وعشرين يوماً من الحمل- فالدم النازل دم نفاس قطعاً .
وإذا كان الإجهاض بعد ثمانين يوماً وقبل تمام مائة وعشرين فإنها تنظر في السقط فإن ظهر فيه تخليق فالدم النازل نفاس ، وإن لم يكن فيه
تخليق فالدم النازل استحاضة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" ص 40 :
ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان ، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس ، بل هو دم عرق ،
فيكون حكمها حكم الاستحاضة ، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل ، وغالبها تسعون يوماً اهـ
والنفساء تترك الصلاة والصوم حتى تطهر فإذا طهرت من الدم اغتسلت وصلت وصامت .
وإذا استمر بها الدم أكثر من أربعين يوماً ، فإذا وافقت الزيادة عادتها فهي حائض ، وإن لم توافق عادتها فهي مستحاضة تغتسل وتصلي وتصوم
وتفعل ما يفعله الطاهرات .
راجع سؤال ( 10488 ) ، ( 37662 )
.
والله أعلم .
*****
37839
اليبوسة التي تحصل للمرأة أثناء عادتها
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/6929)
سؤال رقم 37839- اليبوسة التي تحصل للمرأة أثناء عادتها
ما حكم من صامت يوماً بعد انقطاع الحيض ثم عاودها الحيض من جديد, هل تقضي اليوم أم لا ؟.
الحمد لله
إذا انقطع الحيض يوماً واحداً أو ليلة واحدة أثناء أيام حيضها فعليها أن تغتسل وتصلي الصلوات التي أدركت وقتها وهي طاهر لقول ابن عباس :
" أما إذا رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي ، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل " .
فتاوى اللجنة الدائمة ( مجلة البحوث العلمية 12/102 )
والدَمٌ البَحْرَانيٌّ هو الدَّم الغليظ وقيل الكثير . لسان العرب (4/46) .
*****
38023
مفسدات الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6930)
سؤال رقم 38023- مفسدات الصيام
نريد ذكر ملخص مبطلات الصوم .
الحمد لله
فقد شرع الله تعالى الصوم على أتم ما يكون من الحكمة .
فأمر الصائم أن يصوم صوماً معتدلاً ، فلا يضر نفسه بالصيام ، ولا يتناول ما يضاد الصيام .
ولذلك كانت المفطرات على نوعين :
فمن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام ، فخروج هذه الأشياء من البدن مما يضعفه ، ولذلك جعلها الله
تعالى من مفسدات الصيام ، حتى لا يجتمع على الصائم الضعف الناتج من الصيام مع الضعف الناتج من خروج هذه الأشياء فيتضرر بالصوم . ويخرج صومه عن حد الاعتدال
.
ومن المفطرات ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب . فإن الصائم لو أكل أو شرب لم تحصل له الحكمة المقصودة من الصيام . مجموع
الفتاوى 25/248
وقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله :
( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات ، وهي الأكل والشرب والجماع .
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته .
ومفسدات الصيام (المفطرات) سبعة . وهي :
1- الجماع .
2- الاستمناء .
3- الأكل والشرب .
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب .
5- إخراج الدم بالحجامة ونحوها .
6- القيء عمداً .
7- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة .
فأول هذه المفطرات : الجماع
وهو أعظم المفطرات وأكبرها إثما .
فمن جامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان ، وتغيب الحشفة في أحد السبيلين ، فقد أفسد صومه ، أنزل أو لم يُنزل ، وعليه
التوبة ، وإتمام ذلك اليوم ، والقضاء والكفارة المغلظة ، ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ .
قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ :
فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا .. . الحديث رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
ولا تجب الكفارة بشيء من المفطرات إلا الجماع .
وثاني المفطرات : الاستمناء
وهو إنزال المني باليد أو نحوها .
والدليل على أن الاستمناء من المفطرات : قول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم : ( يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ
مِنْ أَجْلِي ) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . وإنزال المني من الشهوة التي يتركها الصائم .
فمن استمنى في نهار رمضان وجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يُمسك بقية يومه ، وأن يقضيه بعد ذلك .
وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ ولم يُنزل فعليه التوبة ، وصيامه صحيح ، وليس عليه قضاء لعدم الإنزال ، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما
هو مثير للشهوة وأن يطرد عن نفسه الخواطر الرديئة.
وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر .
الثالث من المفطرات : الأكل أو الشرب .
وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى المعدة عن طريق الفم .
وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ) رواه الترمذي (788) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 631 ) .
فلولا أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف يؤثر في الصوم لم يَنْهَ النبيُ صلى الله عليه وسلم الصائمَ عن المبالغة في الاستنشاق .
الرابع من المفطرات : ما كان بمعنى الأكل والشرب .
وذلك يشمل أمرين :
1- حقن الدم في الصائم ، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم ، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب ، لأنها بمنزلة الأكل والشرب . الشيخ ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان"
ص 70 .
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام
سواء عن طريق العضلات أو الوريد . فتاوى محمد بن إبراهيم (4/189) . والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل .
وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر
مفطّرا . فتاوى اللجنة الدائمة (10/19).
المفطر الخامس : إخراج الدم بالحجامة .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ ) رواه أبو داود (2367) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2047) .
وفي معنى إخراج الدم بالحجامة التبرع بالدم لأنه يؤثر على البدن كتأثير الحجامة .
وعلى هذا لا يجوز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يوجد مضطر فيجوز التبرع له ، ويفطر المتبرع ، ويقضي ذلك اليوم . ابن عثيمين "مجالس
شهر رمضان" ص 71 .
ومن أصابه نزيف فصيامه صحيح ، لأنه بغير اختياره . فتاوى اللجنة الدائمة (10/264) .
وأما خروج الدم بقلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم ونحو ذلك فلا يفطر لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها إذ لا يؤثر في البدن تأثير الحجامة .
المفطر السادس : التقيؤ عمداً
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ
عَمْدًا فَلْيَقْضِ ). رواه الترمذي (720) صححه الألباني في صحيح الترمذي (577) .
ومعنى ذرعه أي غلبه .
وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا اهـ المغني (4/368).
فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه ، أو عصر بطنه ، أو تعمد شمّ رائحة كريهة ، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه ، فعليه القضاء .
وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره . "مجالس شهر رمضان" ابن عثيمين ص 71 .
المفطر السابع : خروج دم الحيض والنفاس
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ ) . رواه البخاري (304) .
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة .
وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها ، وأجزأها يومها.
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها . الفتح 4/148 .
والأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها ، وترضى بما كتب الله عليها ، ولا تتعاطى ما تمنع به الدم ، وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في
الحيض والقضاء بعد ذلك ، وهكذا كانت أمهات المؤمنين ، ونساء السلف . فتاوى اللجنة الدائمة 10/151 .
بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك ، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما
تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك .
فهذه هي مفسدات الصيام . وكلها -ماعدا الحيض والنفاس- لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة :
ـ أن يكون عالما غير جاهل .
ـ ذاكرا غير ناس .
ـ مختارا غير مُكْرَه .
وللفائدة نذكر بعض الأشياء التي لا تفطر :
الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر . مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233 ، 25/245 .
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي .
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى ، من قثطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار ، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .
حفر السن ، أو قلع الضرس ، أو تنظيف الأسنان ، بالسواك أو فرشاة الأسنان ، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
المضمضة ، والغرغرة ، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق .
غاز الأكسجين وغازات التخدير ( البنج ) ما لم يعط المريض سوائل ( محاليل ) مغذية .
ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية .
إدخال قثطرة ( أنبوب دقيق ) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء .
إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها .
أخذ عينات ( خزعات ) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل .
منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل ( محاليل ) أو مواد أخرى .
دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي .
والله تعالى أعلم .
انظر مجالس رمضان للشيخ ابن عثيمين وكتيب سبعون مسألة في الصيام الموجود في قسم الكتب في الموقع .
*****
38079
حد السفر الذي يبيح الفطر والقصر
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/6931)
سؤال رقم 38079- حد السفر الذي يبيح الفطر والقصر
ما هو الحد الأدنى في السفر الذي يجوز معه الإفطار ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن المسافة التي تقصر فيها الصلاة ويفطر
فيها الصائم ثمانية وأربعون ميلاً .
قال ابن قدامة في المغني :
مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( يعني الإمام أحمد ) أَنَّ
الْقَصْرَ لا يَجُوزُ فِي أَقَلِّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا , وَالْفَرْسَخُ :
ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ , فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا . وَقَدْ
قَدَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ , فَقَالَ : مِنْ عُسْفَانَ إلَى مَكَّةَ ، وَمِنْ
الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ ، وَمِنْ جُدَّةَ إلَى مَكَّةَ .
فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ يَوْمَيْنِ
قَاصِدَيْنِ . وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
مَالِكٌ , وَاللَّيْثُ , وَالشَّافِعِيُّ اهـ .
وتقدير ذلك بالكيلو متر نحو ثمانين كيلو متر تقريباً .
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (12/267) في تقدير السفر :
" الذي عليه جمهور أهل العلم أن ذلك يقدر بنحو ثمانين كيلو
تقريبا بالنسبة لمن يسير في السيارة ، وهكذا الطائرات ، وفي السفن والبواخر ، هذه
المسافة أو ما يقاربها تسمى سفرا ، وتعتبر سفرا في العرف فإنه المعروف بين المسلمين
، فإذا سافر الإنسان على الإبل ، أو على قدميه ، أو على السيارات ، أو على الطائرات
، أو المراكب البحرية ، هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر " اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (8/90) :
عن مسافة القصر ، وهل لسائق الأجرة الذي يذهب أكثر من ثلاثمائة
كيلو متر أن يصلي الصلاة قصر ا؟
فأجابت :
مقدار المسافة المبيحة للقصر ثمانون كيلو متر تقريبا على رأي
جمهور العلماء ، ويجوز لسائق سيارة الأجرة أو غيره أن يصليها قصرا ؛ إذا كان يريد
قطع المسافة التي ذكرناها في أول الجواب أو أكثر منها اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى أن السفر لا يحدد بمسافة معينة ، بل المرجع
في ذلك إلى العرف ، فما عده الناس في العرف سفراً فهو السفر الذي تترتب عليه
الأحكام الشرعية كالجمع بين الصلاتين والقصر والفطر للمسافر .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (24/106) : وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ
جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ وَلَمْ يَخُصَّ
سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ . وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص381) عن مقدار
المسافة التي يقصر فيها المسافر الصلاة وهل يجوز الجمع دون قصر ؟
فأجاب :
المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة
وثمانين كيلو مترا ، وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف أنه سفر وإن لم يبلغ
ثمانين كيلو مترا ، وما قال الناس عنه : إنه ليس بسفر ، فليس بسفر ولو بلغ مائة
كيلو متر .
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وذلك
لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم
يحدد مسافة معينة .
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ
ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ . رواه مسلم (691) .
وقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أقرب إلى الصواب .
ولا حرج عند اختلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد ؛
لأنه قال به بعض الأئمة والعلماء المجتهدين ، فلا بأس به إن شاء الله تعالى ، أما
مادام الأمر منضبطا فالرجوع إلى العرف هو الصواب اهـ .
*****
38158
لا تصلي الصلوات في وقتها بسبب العمل فهل تترك الصوم
العقيدة > الولاء والبراء >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/6932)
سؤال رقم 38158- لا تصلي الصلوات في وقتها بسبب العمل فهل تترك الصوم
مسلمة تعيش في بلد غير مسلم ، ولا تستطيع أن تصلي كل صلاة في وقتها بسبب العمل ، فهل تصوم أم تفطر ؟ لأن الصلاة أهم من الصوم .
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لمسلمٍ الإقامة في بلاد الكفر والسفر إليها من غير ضرورة
تحوجه إلى ذلك ، ويتحتم هذا المنع في حال عدم قدرته على القيام بشعائر الدين فيه ،
ومن أعظم شعائر الدين : الصلاة ، فإذا كان الإنسان من أهل تلك البلاد ، أو وفد
إليها ثم عجز عن إظهار شعائر دينه فالواجب عليه أن يخرج من ديار الكفر إلى ديار
المسلمين ، ليتمكن من إظهار شعائر دينه ، وليعلم أنه غير معذور ببقائه في تلك
الديار إلا إن كان مستضعفاً لا يستطيع الهجرة بدينه من تلك البلاد إلى حيث يستطيع
إظهار دينه .
قال ابن قدامة المقدسي :
... فالناس في الهجرة على ثلاثة أضرب :
أحدها : من تجب عليه , وهو من يقدر عليها , ولا يمكنه إظهار دينه
, ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار , فهذا تجب عليه الهجرة ; لقول
الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ
قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا
أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ
مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/97 ،
وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب ؛ ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ,
والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
الثاني : من لا هجرة عليه ، وهو من يعجز عنها , إما لمرض , أو
إكراه على الإقامة , أو ضعف ; من النساء والولدان وشبههم , فهذا لا هجرة عليه ;
لقول الله تعالى : ( إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً ) النساء/98-99 ، ولا توصف باستحباب ; لأنها غير مقدور عليها .
والثالث : من تستحب له , ولا تجب عليه ، وهو من يقدر عليها ,
لكنه يتمكن من إظهار دينه , وإقامته في دار الكفر , فتستحب له , ليتمكن من جهادهم ,
وتكثير المسلمين , ومعونتهم , ويتخلص من تكثير الكفار , ومخالطتهم , ورؤية المنكر
بينهم ، ولا تجب عليه ; لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة .
" المغني " ( 9 / 237 ، 238 ) .
ولما كان أكثر الناس إنما تحمله على الإقامة في بلاد الكفر حرصه
على الدنيا ، وشحّه بما فيها من كثرة في المال أو عز وجاه ، أو أهل وإخوان ، قال
تعالى بعد ما أخبر عن حال الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قال : ( وَمَنْ
يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ) النساء/100
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
" هذا في بيان الحث على الهجرة والترغيب وبيان ما فيها من
المصالح ، فوعد الصادق في وعده ، أن من هاجر في سبيله ابتغاء مرضاته أنه يجد مراغما
في الأرض وسعة .
فالمراغم مشتمل على مصالح الدين والسعة على مصالح الدنيا ، وذلك
أن كثيرا من الناس يتوهم أن في الهجرة شتاتا بعد الألفة ، وفقرا بعد الغنى ، وذلا
بعد العز ، وشدة بعد الرخاء ، والأمر ليس كذلك . فإن المؤمن ما دام بين أظهر
المشركين فدينه في غاية النقص ، لا في العبادات القاصرة عليه ، كالصلاة ونحوها ،
ولا في العبادات المتعدية ، كالجهاد بالقول والفعل وتوابع ذلك ، لعدم تمكنه من ذلك
، وهو بصدد أن يفتن عن دينه ، خصوصا إن كان مستضعفاً ، فإذا هاجر في سبيل الله تمكن
من إقامة دين الله وجهاد أعداء الله ، ومراغمتهم ، فإن المراغمة : اسم جامع لكل ما
يحصل به إغاظة لأعداء الله من قول وفعل وكذلك ما يحصل له سعة في رزقه ، وقد وقع كما
أخبر الله تعالى ، واعتبر ذلك بالصحابة رضي الله عنهم فإنهم لما هاجروا في سبيل
الله وتركوا ديارهم وأولادهم وأموالهم لله كمل بذلك إيمانهم وحصل لهم من الإيمان
التام والجهاد العظيم والنصر لدين الله ما كانوا به أئمة لمن بعدهم وكذلك حصل لهم
ما يترتب على ذلك من الفتوحات والغنائم ما كانوا به أغنى الناس وهكذا كل من فعل
فعلهم يحصل له ما حصل لهم إلى يوم القيامة " اهـ.
ثانياً :
لا يحل لمسلمٍ أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا من عذر ، ومن الأعذار
الشرعية التي تبيح التأخير : النوم والنسيان ، ولم يكن القيام بأعمال الدنيا من
الأعذار المبيحة لترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها ، بل من صفات المؤمنين الصادقين
أنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذِكر الله وإقام الصلاة .
قال الله تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ
وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ .
رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ
الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ ) النور/36–38 .
وحذر الله تعالى عباده من الانشغال بأموالهم وأولادهم عن طاعته
وذكره ، وذكر لهم أن من فعل ذلك فهم الخاسرون حقاً ، لا كما يظن من يفرط في دينه من
أجل عمله ودنياه وشحّه بالربح العاجل .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) المنافقون/9
وهل للخاسرين على الحقيقة مصير ، إلا مصير أئمة الكفر ، الذين
أضاعوا الدين شُحَّاً بدنياهم .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ : ( مَنْ
حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ
، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ ، وَلا بُرْهَانٌ ، وَلا
نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ
وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ ) رواه أحمد (6540) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح
قال ابن القيم رحمه الله :
" وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم من رؤوس الكفرة ، وفيه
نكتة بديعة ، وهو : أن تارك المحافظة على الصلاة ؛ إما أن يشغله ماله ، أو ملكه ،
أو رياسته ، أو تجارته ، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون ، ومن شغله عنها ملكه فهو
مع فرعون ، ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان ، ومن شغله عنها تجارته فهو مع
أبي بن خلف " اهـ . الصلاة وحكم تاركها (1/63)
وأما داهية الدواهي فهي التفكير في الفطر وترك الصيام ، تبعاً
لترك الصلاة .
وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ
فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ
يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 ، فانظري يا أمة الله كيف جرَّك الشيطان إلى هدم عمود الدين ، وركنه الثاني بعد
الشهادتين ، وهو الصلاة ، ثم يجرك اللّعين بغروره إلى هدم ركن آخر ، فثالث ، فرابع
، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أيها الأخت السائلة ، إن سؤالك ، بل إن مسئوليتك الواجبة عليه هي
أن تبحثي عن الطريق لبناء ما هدمتيه من دينك بترك صلاتك ، لا أن تسألي عن هدم ما هو
قائم عندك من الأركان ، فأي شرع ، بل أي عقل يقول ذلك . قال الله تعالى : (
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ
تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ
يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُون * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ
بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ
تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ
وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) النحل/91-92
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
وهذا يشمل جميع ما عاهد العبد عليه ربه من العبادات ، والنذور ،
والأيمان التي عقدها ، إذا كان الوفاء بها برا ... " ثم قال بعد كلام له : ( ولا
تكونوا : في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على صفة متعاطيها ، وذلك
كالتي تغزل غزلاً قوياً ، فإذا استحكم وتم ما أريد منه ، نقضت غزلها من بعد قوة ،
فجعلته أنكاثا ، فتعبت على الغزل ، ثم على النقض ، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء
وسفاهة العقل ونقص الرأي ، فكذلك من نقض ما عاهد عليه فهو ظالم جاهل سفيه ناقص
الدين والمروءة " اهـ.
ونعم ، الصلاة كما قلت أهم من الصوم ، وهي خير ما فرضه الله على
عباده من الأعمال ، ولأجل ذلك نقول لك : صلِّي ، يا أمة الله ، واثبتي على صومك ،
وليس غير .
قد يضيق بك عملك ، قد تخسرين عمله من أصله ، قد ...، وقد ...
لكن ليس إلا دينك ، دينك دينك ، لحمك ودمك .
والله يوفقنا وإياك إلى ما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .
*****
38284
خطر الدراسة في مدارس الكفّار
التربية > تربية الأولاد >
العقيدة > الولاء والبراء >(1/6933)
سؤال رقم 38284- خطر الدراسة في مدارس الكفّار
ابنتي تدرس في مدرسة حكومية وكي تشعر بالراحة كونها مسلمة بين غير المسلمين ، اقترحت على المدرسة أن أفعل شيئاً لفصلها في رمضان والعيد ، هل لديك أي اقتراح لما يمكن أن أفعله لروضة الأطفال ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا شك أن الإقامة في بلاد الكفار فيها خطر عظيم على دين المسلم
وأخلاقه ، ولذلك ينبغي الحذر من ذلك والتحفظ منه ، ووضع الشروط التي تمنع من الوقوع
في ذلك الخطر المتحتم ، فلابدّ لمن يقيم في بلاد الكفر أن يتوفر فيه شرطان هما :
1- أن يأمن على دينه بأن يكون عنده من العلم والإيمان ما يقوى
على الثبات على دينه والبعد عن الانحراف والزيغ .
2- أن يتمكن من إظهار دينه المتمثّل في إقامة شعائر
الإسلام دون وجود مانع ، وإلاّ لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ ، قال ابن قدامة
رحمه الله في الكلام على أقسام الناس في الهجرة : ( أحدها من تجب عليه ، وهو من
يقدر عليها ولا يمكنه إظهار دينه ، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين
الكفار ، فهذا تجب عليه الهجرة لقوله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا فيها ) النساء /97 ، وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب
، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه ، والهجرة من ضرورات الواجب وتتمته
، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) . انظر : المغني (8/457) ومجموع
فتاوى ابن عثيمين (3/25–30) .
وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . وهناك حالات يجوز فيها
للمسلم أن يقيم في بلاد الكفار وللأهمية راجع سؤال رقم ( 13363 )
ثانياً :
أن الذي يقيم هناك بين الكفار لحاجة كالدراسة مثلاً فإن الخطر
أعظم ، لأن المتعلم سيشعر بحاجته إلى معلمه مما يؤدي إلى التودد إليه بل ومداهنته
فيما هو عليه ، وكذلك فإن المتعلم يشعر بدنو مرتبته وعلو مرتبة مدرسه ومعلمه فيحصل
تعظيمه والاقتناع بآرائه ، ثم إن المتعلم لابد وأن يكون له في مقر دراسته أصدقاء
يتخذهم ، ولهذا كله كان وجوب التحفظ أكثر والحذر أشد ، فيشترط فيه بالإضافة لما سبق
شروط منها :
1- أن يكون المتعلم على مستوى كبير من النضوج العقلي ، حتى يميز
بين الحق والباطل ، ولهذا كان بعث صغار السن فيه خطر عظيم على دينهم وأخلاقهم
وتصوراتهم ومعتقداتهم .
2- أن يكون لديه علم بالشريعة يتمكن به من مقارعة الباطل بالحق ،
لئلا يلتبس عليه وينخدع بهم .
3- أن يكون عنده دين وإيمان يحميانه من الكفر والفسوق ، فضعيفهما
لا يسلم .
4- أن تكون عنده حاجة إلى العلم الذي أقام من أجله ، بأن يكون في
تعلمه مصلحة للمسلمين ولا يوجد مثله في مدارس المسلمين ، وإلا لم تجز الإقامة عندهم
.
ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم
بين أظهر المشركين ) رواه أبو داود ( 2645 ) والترمذي ( 1604 ) وصححه
الألباني في الإرواء ( 1207 ) .
ولهذا كله وجب التحفظ والحذر في هذا الأمر ، خاصة في بعث الأحداث
وصغار السن للانضمام في مدارسهم أو حتى ما يسمى بروضة الأطفال ، إذ فيه خطر على
سلوكهم وتصوراتهم وأخلاقهم
ولا يخفى عليك أن الخطر الذي يلحق أولادك غير مقتصر بمشاركتهم
لهم في أعيادهم ، بل إنه حاصل بمجرد المخالطة والتعايش معهم ، فعليك أيها الأب
الكريم أن تكون فطناً في ذلك كله مدركاً لهذه الأخطار قائماً على وقاية أبنائك من
أن يتلوثوا بأفكارهم ويتأثروا بهم ، والله تعالى يقول : ( يا أيها الذين آمنوا قوا
أنفسكم وأهليكم ناراً ) التحريم /6 .
وأبناؤك أمانة في عنقك ، فإن استطعت ألا يدرسوا إلا بمدرسة
إسلامية وألا يتعلموا إلا من معلمين مسلمين فافعل ، والسلامة لا يعدلها شيء ، فكن
حذراً من كل ما يضر دينهم وسلوكهم ، وأسأل الله لك الإعانة وأن يسددك وييسر لك
الخير أينما كنت .
وبالله التوفيق .
*****
38532
هل له الفطر في نهار رمضان من أجل الفحص
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/6934)
سؤال رقم 38532- هل له الفطر في نهار رمضان من أجل الفحص
إني سوف أعمل تصويراً في المستشفى ويستلزم مني ذلك الإفطار وإذا لم أعمل هذا التصوير سوف يكون الموعد بعد عدة شهور فهل يجوز لي أن أفطر من أجل التصوير ؟.
الحمد لله
يجوز للمريض أن يفطر ، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها بسبب المرض ، لقول الله تعالى : ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ) البقرة / 185 .
والمرض الذي يبيح الفطر للصائم هو المرض الشديد الذي يصيب الصائم بسببه مشقة أو ضرر ، أو يخشى زيادة المرض أو تأخر الشفاء بسبب الصيام ،
وألحق به العلماء إذا كان يخشى حصول مرض بسبب الصيام .
فإن كان مرضك يندرج تحت أحد هذه الأقسام ( وهذا هو الظاهر ) جاز لك الفطر ، لأن التصوير يساعد على معرفة المرض وبالتالي يمنع زيادته
وتأخر شفائه .
أما إذا كان مرضك لا تندرج تحت أحد هذه الأقسام فلا يجوز لك الفطر ، وعليك أن تجري التصوير ليلاً إن استطعت ، أو تنتظر حتى ينتهي رمضان .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
وله – أي : المريض مرضاً طارئاً - ثلاث حالات :
الحال الأولى : أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره : فيجب عليه الصوم ؛ لأنه لا عذر له .
الحال الثانية : أن يشق عليه الصوم ولا يضره : فيكره له الصوم لِمَا فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه .
الحال الثالثة : أن يضره الصوم : فيحرم عليه أن يصوم لِمَا فيه من جلب الضرر على نفسه ، وقد قال – تعالى - : { وَلاَ تَقْتُلُواْ
أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } ، وقال : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه
وسلّم قال : " لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ " أخرجه ابن ماجه ، والحاكم ، قال النووي : وله طرق يقوي بعضها بعضاً ، ويعرف ضرر الصوم على
المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه ، وإما بخبر طبيب موثوق به .
ومتى أفطر المريض فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي ، فإن مات قبل معافاته سقط عنه لقضاء المريض لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام
أُخر ولم يدركها.
" فصول في الصيام والتراويح " ( الفصل الثالث ) .
والله أعلم .
*****
38622
عقوبة اللواط
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/6935)
سؤال رقم 38622- عقوبة اللواط
ما هي عقوبة اللواط ، وهل هناك فرق بين الفاعل والمفعول به ؟.
الحمد لله
أولا :
جريمة اللواط من أعظم الجرائم ، وأقبح الذنوب ، وأسوأ الأفعال
وقد عاقب الله فاعليها بما لم يعاقب به أمة من الأمم ، وهي تدل على انتكاس الفطرة ،
وطمْس البصيرة ، وضعف العقل ، وقلة الديانة ، وهي علامة الخذلان ، وسلم الحرمان ،
نسأل الله العفو والعافية .
قال تعالى : ( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ
الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . إِنَّكُمْ
لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ
قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا
امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ ) الأعراف/80- 84 .
وقال سبحانه : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ
يَعْمَهُونَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ . فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا
سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ . إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) الحجر/72- 76 إلى غير ذلك من الآيات .
وروى الترمذي (1456) وأبو داود (4462) وابن ماجه (2561) عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ
فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ ) وصححه الألباني في صحيح
الترمذي .
وروى أحمد (2915) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ
نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ
عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ ،
ثَلاثًا ) وحسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند .
وقد أجمع الصحابة على قتل اللوطي ، لكن اختلفوا في طريقة قتله ،
فمنهم من ذهب إلى أن يحرق بالنار ، وهذا قول علي رضي الله عنه ، وبه أخذ أبو بكر
رضي الله عنه ، كما سيأتي . ومنهم قال : يرمى به من أعلى شاهق ، ويتبع بالحجارة ،
وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه .
ومنهم من قال : يرجم بالحجارة حتى يموت ، وهذا مروي عن علي وابن
عباس أيضاً .
ثم اختلف الفقهاء بعد الصحابة ، فمنهم من قال يقتل على أي حال
كان ، محصنا أو غير محصن .
ومنهم من قال : بل يعاقب عقوبة الزاني ، فيرجم إن كان محصنا ،
ويجلد إن كان غير محصن .
ومنهم من قال : يعزر التعزير البليغ الذي يراه الحاكم .
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة ، وذكر حجج
الفقهاء وناقشها ، وانتصر للقول الأول ، وذلك في كتابه "الجواب الكافي لمن سأل عن
الدواء الشافي" والذي وضعه لعلاج هذه الفاحشة المنكرة . ونحن ننقل طرفا من كلامه
رحمه الله : قال :
" ولما كانت مفسدة اللواط من أعظم المفاسد ، كانت عقوبته في
الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات .
وقد اختلف الناس هل هو أغلظ عقوبة من الزنا ، أو الزنا أغلظ
عقوبة منه ، أو عقوبتهما سواء ؟ على ثلاثة أقوال :
فذهب أبو بكر الصديق وعلى بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعبد الله
بن الزبير وعبد الله بن عباس ومالك وإسحق بن راهويه والإمام أحمد في أصح الروايتين
عنه والشافعي في أحد قوليه إلى أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزنا ، وعقوبته القتل على
كل حال ، محصنا كان أو غير محصن .
وذهب الشافعي في ظاهر مذهبه والإمام أحمد في الرواية الثانية عنه
إلى أن عقوبته وعقوبة الزاني سواء .
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن عقوبته دون عقوبة الزاني وهى
التعزير ".
إلى أن قال : " قال أصحاب القول الأول وهم جمهور الأمة وحكاه غير
واحد إجماعا للصحابة : ليس في المعاصى مفسدة أعظم من مفسدة اللواط وهى تلي مفسدة
الكفر وربما كانت أعظم من مفسدة القتل كما سنبينه إن شاء الله تعالى .
قالوا : ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدا من
العالمين ، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمة غيرهم ، وجمع عليهم أنواعا من العقوبات
من الإهلاك ، وقلب ديارهم عليهم ، والخسف بهم ورجمهم بالحجارة من السماء ، وطمس
أعينهم ، وعذّبهم وجعل عذابهم مستمرا فنكّل بهم نكالا لم ينكّله بأمة سواهم ، وذلك
لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عُملت عليها ، وتهرب
الملائكة إلى أقطار السموات والأرض إذا شاهدوها خشية نزول العذاب على أهلها ،
فيصيبهم معهم ، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى وتكاد الجبال تزول عن أماكنها .
وقتل المفعول به خير له من وطئه ، فإنه إذا وطأه الرجل قتله قتلا
لا ترجي الحياة معه ، بخلاف قتله فإنه مظلوم شهيد . قالوا : والدليل على هذا ( يعني
على أن مفسدة اللواط أشد من مفسدة القتل ) أن الله سبحانه جعل حد القاتل إلى خيرة
الولي إن شاء قتل وإن شاء عفى ، وحتم قتل اللوطي حدا كما أجمع عليه أصحاب رسول الله
ودلت عليه سنة رسول الله الصريحة التي لا معارض لها ، بل عليها عمل أصحابه وخلفائه
الراشدين رضي الله عنهم أجمعين .
وقد ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلا ينكح
كما تنكح المرأة ، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فاستشار أبو بكر الصديق
الصحابة رضي الله عنهم ، فكان على بن أبي طالب أشدهم قولا فيه ، فقال : ما فعل هذا
إلا أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها . أرى أن يحرق بالنار ، فكتب أبو
بكر إلى خالد فحرقه .
وقال عبد الله بن عباس : ينظر أعلى ما في القرية فيرمى اللوطي
منها منكسا ثم يتبع بالحجارة .
وأخذ ابن عباس هذا الحد من عقوبة الله للوطية قوم لوط .
وابن عباس هو الذي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره ، واحتج الإمام أحمد بهذا الحديث وإسناده على
شرط البخاري .
قالوا : وثبت عنه أنه قال : ( لعن الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن
الله من عمل عمل قوم لوط ، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ) ولم يجىء عنه لعنة الزاني
ثلاث مرات في حديث واحد ، وقد لعن جماعة من أهل الكبائر ، فلم يتجاوز بهم في اللعن
مرة واحدة ، وكرر لعن اللوطية فأكده ثلاث مرات ، وأطبق أصحاب رسول الله على قتله لم
يختلف منهم فيه رجلان ، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله ، فظن بعض الناس أن ذلك
اختلاف منهم فى قتله ، فحكاها مسألة نزاع بين الصحابه ، وهي بينهم مسألة إجماع ، لا
مسألة نزاع .
قالوا : ومن تأمل قوله سبحانه : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان
فاحشة ومقتا وساء سبيلا ) وقوله في اللواط : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد
من العالمين ) تبين له تفاوت ما بينهما ، فإنه سبحانه نَكّرَ الفاحشة في الزنا ، أي
هو فاحشة من الفواحش ، وعرّفها في اللواط وذلك يفيد أنه جامع لمعاني اسم الفاحشة ،
كما تقول : زيد الرجل ، ونعم الرجل زيد ، أي : أتأتون الخصلة التي استقر فحشها عند
كل أحد ، فهي لظهور فحشها وكماله غنيّة عن ذكرها ، بحيث لا ينصرف الاسم إلى غيرها
…" انتهى من "الجواب الكافي" ص 260- 263
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " وأما اللواط فمن العلماء من يقول
: حده كحد الزنا ، وقد قيل دون ذلك . والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة : أن يقتل
الاثنان الأعلى والأسفل . سواء كانا محصنين ، أو غير محصنين . فإن أهل السنن رووا
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من
وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) وروى أبو داود عن ابن
عباس رضي الله تعالى عنهما : ( في البكر يوجد على اللواطية ، قال : يرجم ) ويروى عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو ذلك . ولم تختلف الصحابة في قتله ، ولكن تنوعوا
فيه ، فروي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه ، وعن غيره قتله .
وعن بعضهم : أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم .
وقيل : يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا .
وعن بعضهم : أنه يرفع على أعلى جدار في القرية ، ويرمى منه ،
ويتبع بالحجارة ، كما فعل الله بقوم لوط وهذه رواية عن ابن عباس ، والرواية الأخرى
قال : يرجم ، وعلى هذا أكثر السلف ، قالوا : لأن الله رجم قوم لوط ، وشرع رجم
الزاني تشبيها برجم لوط ، فيرجم الاثنان ، سواء كانا حرين أو مملوكين ، أو كان
أحدهما مملوك الآخر ، إذا كانا بالغين ، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون
القتل ، ولا يرجم إلا البالغ " انتهى من "السياسة الشرعية" ص 138.
ثانيا :
المفعول به كالفاعل ، لأنهما اشتركا في الفاحشة ، فكان عقوبتهما
القتل كما جاء في الحديث ، لكن يستثنى من ذلك صورتان :
الأولى : من أكره على اللواط بضرب أو تهديد بالقتل ونحوه ، فإنه
لا حد عليه .
قال في "شرح منتهى الإرادات" (3/348) : " ولا حد إن أكره ملوط به
على اللواط بإلجاءٍ بأن غلبه الواطئ على نفسه أو بتهديد بنحو قتل أو ضرب " انتهى بتصرف
الثانية : إذا كان المفعول به صغيرا لم يبلغ ، فإنه لا يحد ، لكن
يؤدب ويعزر بما يردعه عن اقتراف هذه الجريمة ، كما سبق في كلام شيخ الإسلام ابن
تيمية .
ونقل ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/62) أنه لا خلاف بين
العلماء في أن الحد لا يُقام على المجنون ولا الصبيّ الذي لم يبلغ .
والله أعلم .
*****
38747
عقوبة الإفطار في رمضان من غير عذر
الفقه > عبادات > الصوم >(1/6936)
سؤال رقم 38747- عقوبة الإفطار في رمضان من غير عذر
أنا لا أصوم هل أعذب يوم القيامة ؟ .
الحمد لله
صوم رمضان أحد الأركان التي بني عليها الإسلام ، وقد أخبر الله أنه كتبه على المؤمنين من هذه الأمة ، كما كتبه على من كان قبلهم، فقال تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183
وقال : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ
بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة / 185
وروى البخاري (8) ومسلم (16) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ ،
وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَصَوْمِ رَمَضَان ) .
فمن ترك الصوم فقد ترك ركناً من أركان الإسلام ، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب ، بل ذهب بعض السلف إلى كفره وردته ، عياذا بالله من
ذلك.
وقد روى أبو يعلى في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة
عليهن أسس الإسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، والصلاة المكتوبة ، وصوم رمضان ) . والحديث صححه الذهبي ،
وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد (1/48) والمنذري في الترغيب والترهيب برقم 805 ، 1486 ، وضعفه الألباني في السلسة الضعيفة برقم 94 .
وقال الذهبي في الكبائر (ص 64):
وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض ( أي بلا عذر يبيح ذلك ) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر ، بل يشكون في إسلامه
ويظنون به الزندقة والانحلال اهـ .
ومما صح من الوعيد على ترك الصوم ما رواه ابن خزيمة (1986) وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ ( الضبع هو العضد ) فأتيا بي جبلا وعِرا ، فقالا : اصعد فقلت : إني لا أطيقه . فقالا : إنا سنسهله
لك . فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار . ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم
، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم . صححه الألباني في صحيح موارد الظمآن برقم 1509.
قال الألباني رحمه الله : هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار ، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا ؟! نسأل الله السلامة
والعافية في الدنيا والآخرة اهـ .
والعُرقوب هو العَصَب الذي فوق مؤخرة قدم الإنسان .
والشِّدق هو جانب الفم .
فالنصيحة للأخ السائل : أن يتقي الله تعالى ، ويحذر نقمته وغضبه وأليم عقابه ، ولتبادر إلى التوبة قبل أن يفاجأك هاذم اللذات
ومفرق الجماعات ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغداً حساب ولا عمل ، واعلم أن من تاب تاب الله عليه ، ومن تقرب إلى الله شبرا تقرب إليه باعا ، فهو الكريم
الحليم الرحيم سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة / 104
ولو جربت الصوم وعلمت ما فيه من اليسر ، والأنس ، والراحة ، والقرب من الله ، ما تركته.
وتأمل قول الله تعالى في ختام آيات الصوم : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) وقوله ( وَلَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ ) لتدرك أن الصوم نعمة تستحق الشكر ، ولهذا كان جماعة من السلف يتمنون أن يكون العام كله رمضان .
نسأل الله أن يوفقك ، وأن يهديك ، وأن يشرح صدرك لما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
*****
3878
قطع الصلاة للضرورة
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/6937)
سؤال رقم 3878- قطع الصلاة للضرورة
السؤال :
هل يجوز قطع الصلاة إذا دقت صفارة الإنذار للحادث ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الحادث كبيراً ومهماً ، فلا بأس من قطع الصلاة ، وإذا كان الأمر بسيطاً ويمكن تداركه ، فلا يجوز ، فقد قال أهل العلم : يجب قطع الصلاة لإنقاذ غافل من هلكة ، ومعناه لو كنت تُصلي ورأيت حية أقبلت على رجل جالس لم ينتبه لها ، وهي متجهة نحوه ، يجب عليك أن تقطع الصلاة وتُخبره حتى لا تلدغه ، ويؤدي ذلك إلى وفاته ، أو رأيت رجلاً مكفوف البصر يمشي أمامك ، وأنت تُصلي ، وأقبل على بئر وتخشى عليه أن يسقط فيها . فيجب عليك أن تُنبهه ، وأن تنقذه من تلك الهلكة ولو أدى ذلك إلى قطع الصلاة أو حريق أو نحو ذلك .
أما إذا كانت صفارة الإنذار لأمر بسيط يُمكن تداركه ولا يخشى فواته فهذا لا يجوز فيه قطع الصلاة قبل إكمالها لأنه بإمكانك تدارك هذا الحادث بدون أن يلحق أهله ضرر . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
38907
يباح للصائم أن يغتسل
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/6938)
سؤال رقم 38907- يباح للصائم أن يغتسل
هل الاستحمام يفطر الصائم ؟.
الحمد لله
يباح للصائم أن يغتسل (يستحم) ولا أثر لذلك على صومه .
قال ابن قدامة في "المغني" (3/18) :
لا بأس أن يغتسل الصائم . واستدل بما رواه والبخاري (1926) ومسلم (1109) عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ .
وروى أبو داود (2365) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال عون المعبود :
فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِلصَّائِمِ أَنْ يَكْسِر الْحَرّ بِصَبِّ الْمَاء عَلَى بَعْض بَدَنه أَوْ كُلّه , وَقَدْ
ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْجُمْهُور وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن الاغْتِسَال الْوَاجِبَة وَالْمَسْنُونَة وَالْمُبَاحَة اهـ .
وقال البخاري رحمه الله :
بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ
وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ . . . وَقَالَ الْحَسَنُ لا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ .
قال الحافظ :
قَوْلُهُ : ( بَابٌ اِغْتِسَالُ الصَّائِمِ ) أَيْ بَيَانُ جَوَازِهِ . قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنَيِّرِ : أَطْلَقَ
الاغْتِسَالَ لِيَشْمَل الأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَالْوَاجِبَة وَالْمُبَاحَة , وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى ضَعْف مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ النَّهْي
عَنْ دُخُول الصَّائِمِ الْحَمَّامَ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ اهـ .
والله أعلم .
*****
39175
سداد دين الوالد من الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/6939)
سؤال رقم 39175- سداد دين الوالد من الزكاة
هل يجوز سداد دين الوالد من الزكاة ؟ .
الحمد لله
إذا كان الوالد قد أخذ هذا الدَّين لينفق منه على نفسه لا يجوز
للابن أن يدفع زكاته للأب ليقضي دينه , لأنه يجب على الابن أن ينفق على أبيه .
أما إذا كان هذا الدَّيْن لشيء أخر غير النفقة , فلا حرج على
الابن في قضائه من الزكاة , لأنه لا يجب عليه أن يقضي دين أبيه , فهو بهذا لا يسقط
عن نفسه أمراً واجباً .
قال الشيخ ابن باز :
" دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى
من هم ليسوا من قرابتك ، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة ، إلا إذا كان هؤلاء
الأقارب ممن تلزمك نفقتهم ، وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا
لا يجوز ، فإذا قُدِّرَ أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء ، وأن مالك لا
يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك ، وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة
والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت دينهم من زكاتك ، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضا ،
وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه ، فيكون قضاؤها من زكاته أمرا
مجزيا ، حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه فإنه يجوز لك أن
تقضيه من زكاتك ، أي : يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك ، ويجوز أن تقضي دين ولدك من
زكاتك ، بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك ، فإن كان سببه تحصيل
نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك ؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على
منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" كل من تلزمه نفقته فإنه لا يجوز أن يدفع زكاته إليهم من أجل
النفقة ، أما لو كان في قضاء دين فلا بأس ، فإذا فرضنا أن الوالد عليه دين ، وأراد
الابن أن يقضي دينه من زكاته وهو لا يستطيع قضاءه فلا حرج ، وكذلك الأم وكذلك الابن
، أما إذا كنت تعطيه من زكاتك من أجل النفقة فهذا لا يجوز ، لأنك بهذا توفر مالك ،
والنفقة تجب للوالدين : الأم والأب ، وللأبناء والبنات ، ولكل من ترثه أنت لو مات ،
أي : كل من ترثه لو مات فعليك نفقته ، لقول الله تعالى : ( وَعَلَى الْوَارِثِ
مِثْلُ ذالِكَ ) فأوجب الله على الوارث أجرة الرضاع ؛ لأن الرضاع بمنزلة النفقة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (18/416) .
*****
39214
المس وما يتعلق به من أوهام وحقائق
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/6940)
سؤال رقم 39214- المس وما يتعلق به من أوهام وحقائق
ابتليت بمس جني - ولم أشف منه - منذ سنتين تقريباً ، والغريب أنني أشعر بهم في جسدي ويكاد يكون لي التحكم فيهم في جسدي مثلاً : عندما أسمع للقرآن فأشعر بحركة ألم لهم في بطني فأستطيع إن شاء الله أن أوقفهم عن تلك الحركة .
وأنا أؤمن بأن خروجهم لن يتم أبدا إلا من الله العلي القدير ، فلذلك أدعو الله ولا أذهب إلى معالج شرعي يرقي بالقرآن .
الحمد لله أنني بفضل الله مستقيم ، ولكني أقع أحيانا في بعض المعاصي ، فما تفسير ذلك ؟ وما هي نصيحتكم ؟.
الحمد لله
المس بالجن فيه حقائق وفيه أوهام ، وأوهامه – عند كثير من الناس الآن – أكثر من حقائقه ، وأهل السنة مجمعون على تلبس الجني ببدن الإنسي ،
لكن ليس معنى ذلك أن كل ما يكون من المصروع هو مس من الجن ، لأن الصرع قد يكون له سبب عضوي ، ومثله ما يشعر به الكثيرون ويحسونه في أجسادهم ، فلا يُجزَم
بأنه من فعل الجن ، بل قد يكون أهاماً وقد تكون خيالات .
لذا فعليك ألا تلتفت إلى ما قد يوسوس به الشيطان أو يهيئه لك أنه من فِعله ، وأنك تستطيع التحكم به ، فهذا من أبواب تلبيسه على المسلم
ليوهمه بأنه يستطيع التحكم فيه حتى يظن في نفسه ما ليس فيها ، وقد يصل به إلى ما لا تحمد عقباه كما حصل مع كثيرين .
وعليك بالمداومة على رقية نفسك بنفسك ، وكتاب ربك تبارك وتعالى بين يديك ، فاقرأ منه وارق نفسك ، وسواء كان عندك مس أم لم يكن فلا شك أنك
مستفيد من هذه القراءة وتلك الرقية .
وللمزيد انظر سؤال رقم ( 3476 ) .
وإذا ذهبت إلى من هو معروف باستعمال الرقية الشرعية مع استقامة حاله وبعده عن الشعوذة والخرافات ، فإن هذا لا بأس به وقد يكون سبباً
لشفائك مما تشكو منه .
وعليك بالاستعانة بالله تعالى والدعاء والتضرع ليكف عنك كيد شياطين الإنس والجن ، فالإنسان محتاج لربه دوماً ، والله تعالى قادر على أن
يخلصك من الظنون والأوهام والحقائق التي تؤذيك وتضرك .
والله أعلم .
*****
39232
حكم السباحة والغوص في الماء للصائم
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/6941)
سؤال رقم 39232- حكم السباحة والغوص في الماء للصائم
ما حكم العوم للصائم أو الغوص في الماء ؟.
الحمد لله
" لا بأس أن يغوص الصائم في الماء ، أو يعوم فيه ـ أي يسبح ـ لأن
ذلك ليس من المفطرات ، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة ، أو على التحريم ،
وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة ، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من
أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (19/285) .
وقال أيضاً : " لا بأس للصائم أن يسبح ، وله أن يسبح كما يريد ،
وينغمس في الماء ، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (19/284) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/282) :
" تجوز السباحة في نهار رمضان ، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من
دخول الماء إلى جوفه " انتهى .
*****
39234
لا يجوز إخراج نقود بدلا من الإطعام في فدية الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/6942)
سؤال رقم 39234- لا يجوز إخراج نقود بدلا من الإطعام في فدية الصيام
رجل كبير مريض لا يستطيع الصوم فهل يجزيء إخراج النقود عن الإطعام ؟.
الحمد لله
" يجب علينا أن نعلم قاعدة مهمة ، وهي أن ما ذكره الله عز وجل
بلفظ الإطعام أو الطعام وجب أن يكون طعاماً ، وقد قال تعالى في الصوم : ( وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ
لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) وقال في كفارة
اليمين : ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذالِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُو?اْ أَيْمَاانَكُمْ كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .
وفي زكاة الفطر : فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً
من طعام ، فما ذكر في النصوص بلفظ الطعام أو الإطعام فإنه لا يجزىء عنه الدراهم .
وعلى هذا فالكبير الذي كان فرضه الإطعام بدلاً عن الصوم لا يجزىء
أن يخرج بدلاً عنه دراهم ، لو أخرج بقدر قيمة الطعام عشر مرات لم يجزئه ؛ لأنه عدول
عما جاء به النص ، كذلك الفطرة لو أخرج قدر قيمتها عشر مرات لم يجزىء عن صاع من
الحنطة ؛ لأن القيمة غير منصوص عليها . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من
عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
وعلى هذا فنقول للأخ الذي لا يستطيع الصوم لكبره : أطعم عن كل
يوم مسكيناً ، ولك في الإطعام صفتان :
الصفة الأولى : أن توزع عليهم في بيوتهم تعطي كل واحد ربع الصاع
المعروف من الرز وتجعل معه ما يؤدمه .
الصفة الثانية : أن تصنع طعاماً وتدعو إليه عدد المساكين الذين
يجب أن تطعمهم ، يعني يمكن إذا مضى عشرة أيام تصنع عشاء وتدعو عشرة من الفقراء
يأكلون ، وكذلك في العشر الثانية ، والعشر الثالثة ، كما كان أنس بن مالك رضي الله
عنه حين كبر وصار لا يستطيع الصوم يطعم ثلاثين فقيراً في آخر يوم من رمضان " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/116) .
*****
39399
ماذا يقول في سجدتي السهو وبينهما؟
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/6943)
سؤال رقم 39399- ماذا يقول في سجدتي السهو وبينهما؟
ماذا نقول في سجدتي السهو وما بينهما ؟ وهل نقول مثلما نقول في صلاة الفريضة ؟.
الحمد لله
لم يرد – فيما نعلم – تخصيص سجدتي السهو بذكر معين ، وعلى هذا
يكون حكمهما حكم سجود الصلاة ، فيقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة ، نحو ( سبحان
ربي الأعلى ) والدعاء ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ
الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه
مسلم (482) .
انظر السؤال رقم ( 7886 )
، ( 39677 ) .
ويقال بينهما ما يقال بين سجدتي الصلاة ، نحو ( رب اغفر لي ) .
انظر السؤال ( 13340 ) .
قال النووي في "المجموع" (4/72) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ بَيْنَهُمَا جَلْسَةٌ ,
وَيُسَنُّ فِي هَيْئَتِهَا الافْتِرَاشُ ، وَيَتَوَرَّكُ بَعْدَهُمَا إلَى أَنْ
يُسَلِّمَ , وَصِفَةُ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْهَيْئَةِ وَالذِّكْرِ صِفَةُ
سَجَدَاتِ الصَّلاةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .
وقال في " الشرح الكبير" (4/96) :
" ويقول في سجود السهو ما يقول في سجود صلب الصلاة ، قياساً عليه
" انتهى .
وقال في "أسنى المطالب" (1/195) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ . . . وَكَيْفِيَّتُهَا
كَسَجْدَتَيْ الصَّلاةِ ، يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا بَيْنَهُمَا ، وَيَأْتِي بِذِكْرِ
السُّجُودِ لِلصَّلاةِ فِيهِمَا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" (1/439) :
" وكيفيتهما كسجود الصلاة في واجباته ومندوباته ، كوضع الجبهة
والطمأنينة . . . ويأتي بذكر سجود الصلاة فيهما . . .
قال الأذرعي وسكتوا عن الذكر بينهما . والظاهر أنه كالذكر بين
سجدتي صلب الصلاة " انتهى باختصار .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (6/443) :
" يقول الساجد في سجود السهو والتلاوة مثل ما يقول في سجوده في
صلاته : " سبحان ربي الأعلى " والواجب في ذلك مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث مرات ،
ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية المهمة " انتهى .
وذكر بعض العلماء أنه يستحب أن يقال فيهما : " سُبْحَانَ مَنْ لا
يَنَامُ وَلا يَسْهُو " .
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/12) : لم أجد له أصلاً . انتهى .
والله اعلم .
*****
39474
الانتفاع بالتأمين
الفقه > معاملات > التأمين >(1/6944)
سؤال رقم 39474- الانتفاع بالتأمين
في عام 96 ميلادي صدمتني سيارة وكنت سأقدم أوراقي إلى شركة التأمين ولكن لم أقدمها حتى حدث لي حادث آخر في عام 2001 ميلادي ولم يكن لي فيه تأمين ونتج من هذا الحادث إصابتي بشلل وأحتاج إلى علاج وأنا فقير جدا ولله الحمد وبما أني لم أترك وسيلة إلا وطرقتها فهل لي أن أقدم أوراقي إلى التأمين. ويعلم الله ما أنا فيه من الكرب والضيق فادعوا الله لي .
الحمد لله
أما بعد فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، ويفرج همك وكربك .
وإن كان المقصود من تقديم أوراقك إلى التأمين : أنك مشارك فيما يسمى بالتأمين الصحي ، أو تنوي المشاركة فيه ، فاعلم أن هذا التأمين محرم
، وكذلك ما يسمى بالتأمين على الحياة ، لاشتمال عقد التأمين في كل منهما على الغرر والمقامرة ، وبهذا أفتى أهل العلم .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/297) :
أ- لا يجوز للمسلم أن يؤمّن على نفسه ضد المرض ، سواء كان في بلاد إسلامية أم في بلاد الكفار؛ لما في ذلك من الغرر الفاحش والمقامرة.
ب – لا يجوز أن يؤمّن المسلم على النفس أو على أعضاء الجسد كلا أو بعضا ، أو على المال أو الممتلكات أو السيارات أو نحو ذلك ، سواء كان
ذلك في بلاد الإسلام أم بلاد الكفار؛ لأن ذلك من أنواع التأمين التجاري ، وهو محرم لاشتماله على الغرر الفاحش والمقامرة . انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( التأمين معناه أن الشخص يدفع إلى الشركة شيئا معلوما شهريا أو سنويا من أجل ضمان الشركة للحادث الذي
يكون على الشيء المؤمَّن .
ومن المعلوم أن الدافع للتأمين غارم بكل حال ، أما الشركة فقد تكون غانمة ، وقد تكون غارمة ، بمعنى أن الحادث إذا كان كبيرا أكثر مما
دفعه المؤمِّن صارت الشركة غارمة ، وإن كان صغيرا أقل مما دفعه المؤمن أو لم يكن حادث أصلا صارت الشركة غانمة ، والمؤمِّن غارم .
وهذا النوع من العقود أعني العقد الذي يكون الإنسان فيه دائرا بين الغنم والغرم ، يعتبر من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه وقرنه
بالخمر وعبادة الأصنام .
وعلى هذا فهذا النوع من التأمين محرم . ولا أعلم شيئا من التأمين المبني على الغرر يكون جائزا ، بل كله حرام لحديث أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الغرر" ) .
وقال :
( التأمين على الحياة غير جائز ؛ لأن المؤمن على حياته إذا جاءه ملك الموت فلا يستطيع أن يحيله على شركة التأمين ، فهذا خطأ وسفه وضلال
وفيه اعتماد على هذه الشركة من دون الله ، فهو يعتمد أنه إذا مات فالشركة ستضمن لورثته قوتهم ونفقتهم ، وهذا اعتماد على غير الله .
وأصل هذه المسألة مأخوذ من الميسر ، بل هي في الواقع ميسر ، وقد قرن الله الميسر في كتابه بالشرك والاستقسام بالأزلام والخمر .
وفي التأمين إذا دفع الإنسان مبلغا من المال فقد يبقى سنوات طويلة يدفع ويكون غارما، وإذا مات عن قرب صارت الشركة هي الغارمة ، وكل عقد
دار بين الغنم والغرم فهو ميسر) انتهى نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص 652 ، 653
انظر السؤال : ( 10805 ) و ( 8889 )
ثانياً :
إذا اضطررت إلى دفع التأمين ثم حصل حادث فيجوز لك أن تأخذ من شركة التأمين بمقدار الأقساط التي دفعتها ، وما زاد عنها فإنك لا تأخذه فإن
ألزموك بأخذه فإنك تتبرع به في أوجه الخير .
ونوصيك بتقوى الله تعالى ، واللجوء إليه ، والإكثار من دعائه ، فإنه ما خاب من طرق باب الكريم سبحانه، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه
وسلم : " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل " رواه الترمذي (2326) وأبو
داود (1645) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والله أعلم .
*****
39684
مصادر الوساوس وهل يؤاخذ المسلم عليها ؟
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/6945)
سؤال رقم 39684- مصادر الوساوس وهل يؤاخذ المسلم عليها ؟
هل توجد طريقة للتفريق بين الوسوسة التي من الشيطان وتلك التي من النفس ؟ وهل يمكن أن نعرف أيّاً منهما يأتي من الآخر ؟ وإذا كانت الوسوسة من النفس : فهل سيعاقب عليها الفرد حتى وإن كان يرفضها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الوسواس الذي يصيب الإنسان ليس كله على درجة واحدة ، من حيث
المرضية ، ومن حيث المصدر والأثر .
فالوسواس الذي يدعو الإنسان لسماع المحرمات أو رؤيتها أو اقتراف
الفواحش وتزيينها له : له ثلاثة مصادر : النفس – وهي الأمَّارة بالسوء - ، وشياطين
الجن ، وشياطين الإنس .
قال تعالى – في بيان المصدر الأول وهي النفس - : ( وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ق/16 .
وقال تعالى – في بيان المصدر الثاني وهم شياطين الجن - : (
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ
الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ ) طه/120 .
وقال تعالى – في بيان المصدر الثالث وهم شياطين الإنس - : ( قُلْ
أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ . مَلِكِ النّاسِ . إِلَهِ النّاسِ . مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ
الْخَنّاسِ . الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ . مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ ) سورة الناس .
أي أن هذه الوساوس تكون من الجن ومن بني آدم .
انظر السؤال ( 59931 ) .
وما يعرض للمسلم في وضوئه وصلاته فلا يدري كم توضأ ولا كم صلى :
فمصدره من الشيطان ، فإن استعاذ بالله من الشيطان كفاه الله إياه ، وإن استسلم له
واستجاب لأوامره تحكَّم فيه الشيطان ، وتحول من وسوسة عارضة إلى مرضٍ مهلك ، وهو ما
يسمى " الوسواس القهري " وهذه الوساوس القهرية – كما يقول أحد المختصين - " علة
مرضية تصيب بعض الناس كما تصيبهم أية أمراض أخرى ، وهي أفكار أو حركات أو خواطر أو
نزعات متكررة ذات طابع بغيض يرفضها الفرد عادة ويسعى في مقاومتها ، كما يدرك أيضاً
بأنها خاطئة ولا معنى لها ، لكن هناك ما يدفعه إليها دفعاً ، ويفشل في أغلب الأحيان
في مقاومتها ، وتختلف شدة هذه الوساوس حتى إنها لتبدو – لغير المتخصصين – عند زيادة
شدتها وكأن المريض مقتنع بها تماماً ، ويعتري هذا النوع من الوساوس الإنسان أيضاً
في عباداته وكذلك في شؤون حياته الدنيوية " .
فوسوسة الشيطان تزول بالاستعاذة .
ووسوسة النفس تزل أيضاً بالاستعاذة ، وبتقوية الصلة بين العبد
وربه بفعل الطاعات وترك المنكرات .
وأما الوسواس القهري فهو حالة مرضية كما سبق .
وفي الفرق بين وسوسة الشيطان ووسوسة النفس معنى لطيف ذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض العلماء ، قال :
وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان ، فقال : "
ما كرهتْه نفسُك لنفسِك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه ، وما أحبَّته نفسُك
لنفسِك فهو من نفسك فانْهَها عنه " . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 529 ، 530 )
.
أي أن النفس غالباً توسوس فيما يتعلق بالشهوات التي يرغب فيها
الناس عادةً .
وذكر بعض العلماء فرقاً آخر مهمّاً، وهو أن وسوسة الشيطان هي
بتزيين المعصية حتى يقع فيها المسلم فإن عجز الشيطان انتقل إلى معصية أخرى ، فإن
عجز فإلى ثالثة وهكذا ، فهو لا يهمه الوقوع في معصية معينة بقدر ما يهمه أن يعصي
هذا المسلم ربَّه ، يستوي في هذا فعل المنهي عنه وترك الواجب ، فكلها معاصٍ ، وأما
وسوسة النفس فهي التي تحث صاحبها على معصية بعينها ، تحثه عليها وتكرر الطلب فيها .
ثانياً :
والمسلم لا يؤاخذ على وساوس النفس والشيطان ، ما لم يتكلم بها أو
يعمل بها .
وهو مأمور بمدافعتها ، فإذا ما تهاون في مدافعتها واسترسل معها
فإنه قد يؤاخذ على هذا التهاون .
فقد أُمر بعدم الالتفات لوساوس الشياطين ، وأن يبني على الأقل في
الصلاة عند الشك فيها ، وأُمر بالاستعاذة من الشيطان والنفث عن يساره ثلاثاً إذا
عرضت له وساوس الشيطان في الصلاة ، وأُمر بمصاحبة الأخيار والابتعاد عن الأشرار من
الناس ، فمن فرَّط في شيء من هذا فوقع في حبائل نفسه الأمارة بالسوء أو الاستجابة
لشياطين الجن والإنس فهو مؤاخذ .
وأما الوسواس القهري : فهو مرض – كما سبق- فلا يضير المسلم ، ولا
يؤاخذه الله عليه ؛ لأنه خارج عن إرادته ، قال الله تعالى : ( لا يٍكّلٌَفٍ اللّهٍ
نّفًسْا إلاَّ مّا آتّاهّا ) الطلاق/7 . وقال تعالى : (
فّاتَّقٍوا اللّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً ) التغابن/16 . وقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ
بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ) رواه
البخاري (4968) ومسلم (127) .
وعلى من ابتلي بمثل هذا الوسواس أن يداوم على قراءة القرآن
والأذكار الشرعية صباحا ومساء ، وعليه أن يقوي إيمانه بالطاعات والبعد عن المنكرات
، كما عليه أن يشتغل بطلب العلم ، فإن الشيطان إن تمكن من العابد فلن يتمكن من
العالم .
وقد يأتي الشيطان ويوسوس للمسلم أشياء منكرة في حق الله تعالى ،
أو رسوله ، أو شريعته ، يكرهها المسلم ولا يرضاها ، فمدافعة هذه الوساوس وكراهيتها
دليل على صحة الإيمان ، فينبغي أن يجاهد نفسه ، وأن لا يستجيب لداعي الشر .
قال ابن كثير رحمه الله :
في قوله ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ
يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) أي : هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك
الشخصُ دفعَه ، فأما ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها : فهذا لا يكلَّف به
الإنسان ، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان . " تفسير ابن كثير " ( 1 /
343 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
يخطر ببال الإنسان وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان
، فهل المسلم يؤاخذ بهذا الأمر ؟ .
فأجاب :
قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه
قال : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " – متفق
عليه - وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من
هذه الوساوس والمشار إليها في السؤال ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله : " ذاك
صريح الإيمان " – رواه مسلم - وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون
حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله
ورسله " – متفق عليه - ، وفي رواية أخرى " فليستعذ بالله ولينته " رواه مسلم
في صحيحه .
" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " ( السؤال العاشر ) .
وتجد في جواب السؤال رقم ( 62839 ) كلاماً مهمّاً حول الوسوسة وعلاجها .
وفي جواب السؤال رقم ( 25778 ) ذكرنا علاج من تقلقه الوسواس والخطرات .
وانظر جواب السؤال رقم ( 12315 ) ففيه نصائح مهمة .
والله أعلم .
*****
39689
أحكام تغيير النية في الصلاة بعد الشروع فيها
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/6946)
سؤال رقم 39689- أحكام تغيير النية في الصلاة بعد الشروع فيها
هل يجوز تغيير نية الصلاة بعد الشروع فيها ؟.
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن تغيير النية في الصلاة ؟
فأجاب :
" تغيير النية إما أن يكون من معيَّن لمعيَّن ، أو من مطلق
لمعيَّن : فهذا لا يصح ، وإذا كان من معيَّن لمطلق : فلا بأس .
مثال ذلك :
من معيَّن لمعيَّن : أراد أن ينتقل من سنة الضحى إلى راتبة الفجر
التي يريد أن يقضيها ، كبَّر بنية أن يصلي ركعتي الضحى ، ثم ذكر أنه لم يصل راتبة
الفجر فحولها إلى راتبة الفجر : فهنا لا يصح ؛ لأن راتبة الفجر ركعتان ينويهما من
أول الصلاة .
كذلك أيضاً رجل دخل في صلاة العصر ، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم
يصل الظهر فنواها الظهر : هذا أيضاً لا يصح ؛ لأن المعين لابد أن تكون نيته من أول
الأمر .
وأما من مطلق لمعيَّن : فمثل أن يكون شخص يصلي صلاة مطلقة -
نوافل - ثم ذكر أنه لم يصل الفجر ، أو لم يصل سنة الفجر فحوَّل هذه النية إلى صلاة
الفجر أو إلى سنة الفجر : فهذا أيضاً لا يصح .
أما الانتقال من معيَّن لمطلق : فمثل أن يبدأ الصلاة على أنها
راتبة الفجر ، وفي أثناء الصلاة تبين أنه قد صلاها : فهنا يتحول من النية الأولى
إلى نية الصلاة فقط .
ومثال آخر : إنسان شرع في صلاة فريضة وحده ثم حضر جماعة ، فأراد
أن يحول الفريضة إلى نافلة ليقتصر فيها على الركعتين (ثم يصلي الفريضة مع الجماعة)
فهذا جائز ؛ لأنه حوَّل من معين إلى مطلق .
هذه القاعدة :
من معين لمعين : لا يصح . ومن مطلق لمعين : لا يصح . من معين
لمطلق : يصح " انتهى
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 347 ) .
وسئل الشيخ – أيضاً - :
هل يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ؟
فأجاب :
" لا يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ، أو من مطلق إلى
معيَّن ، وإنما يجوز تغيير النية من معيَّن إلى مطلق .
مثال الأول : من معيَّن إلى معيَّن ، تغير النية من صلاة الظهر
إلى صلاة العصر ، ففي هذه الحالة تبطل صلاة الظهر ؛ لأنه تحول عنها ، ولا تنعقد
صلاة العصر ؛ لأنه لم ينوها من أولها وحينئذ يلزمه قضاء الصلاتين .
ومثال الثاني : من مطلق إلى معيَّن : أن يشرع في صلاة نفل مطلق
ثم يحول النية إلى نفل معين فيحولها إلى الراتبة ، يعنى أن رجلاً دخل في الصلاة
بنية مطلقة ، ثم أراد أن يحولها إلى راتبة الظهر - مثلاً - فلا تجزئه عن الراتبة ،
لأنه لم ينوها من أولها .
ومثال الثالث : من معيَّن إلى مطلق أن ينوي راتبة
المغرب ثم بدا له أن يجعلها سنَّة مطلقة فهذا صحيح لا تبطل به الصلاة ؛ وذلك لأن
نية الصلاة المعينة متضمنة لنية مطلق الصلاة ، فإذا ألغى التعيين بقي مطلق الصلاة
لكن لا يجزئه ذلك عن الراتبة لأنه تحول عنها " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 348 ) .
والله أعلم .
*****
39736
معنى تصفيد الشياطين في رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > وجوب الصوم وفضله >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/6947)
سؤال رقم 39736- معنى تصفيد الشياطين في رمضان
ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟ .
الحمد لله
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن
الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم
بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي
- المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي
الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله
علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل
أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين
، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت
أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن
الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف
اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله
عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد
الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟
فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة
الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي
موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين
المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن
الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير
والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . " انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ]
وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم
منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .
والله أعلم .
يراجع السؤال رقم ( 12653 ) .
*****
39806
حكم رسم ذوات الأرواح
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/6948)
سؤال رقم 39806- حكم رسم ذوات الأرواح
ما حكم الرسم في الإسلام ?.
الحمد لله
الرسم له معنيان :
أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح ، وهذا جاءت السنة بتحريمه ، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح : " كل مصوّر في النار " وقوله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، الذين يضاهئون بخلق الله " ، ولقوله صلى الله
عليه وسلم : " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم "
ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ، فدل ذلك على تحريم التصوير ، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح
من الدواب والإنسان والطيور .
أما رسم ما لا روح فيه ـ وهو المعنى الثاني ـ فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك ، لا حرج فيه عند أهل
العلم .
ويستثني من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه ، كرسم صور المجرمين حتى يعرفوا وحتى يمسكوا ، أو الصورة في حفيظة النفوس التي لا بد منها
ولا يستطيع الحصول عليها إلا بذلك ، وهكذا ما تدعو الضرورة من سوى ذلك ، فإذا رأى ولي الأمر أن هذا الشيء مما تدعو الضرورة إلى تصويره ، لخطورته ، ولقصد
سلامة المسلمين من شره حتى يعرف ، أو لأسباب أخرى فلا باس ، قال الله عز وجل : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ
إِلَيْهِ ) الأنعام / 119
فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز ص302
*****
39941
حلف عليها بالطلاق ألا تذهب إلى أهلها
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6949)
سؤال رقم 39941- حلف عليها بالطلاق ألا تذهب إلى أهلها
حلف علي زوجي بالطلاق ألا أذهب إلى أهلي ، وهو الآن تراجع فهل عليه كفارة يمين ؟.
الحمد لله
أولاً :
المشروع للمسلم اجتناب استعمال الطلاق فيما يكون بينه وبين أهله من النزاع ، وذلك لما يترتب على الطلاق من عواقب وخيمة . وكثير من الرجال
يتهاونون بشأن الطلاق فكلما حصل نزاع بينه وبين أهله حلف بالطلاق ، وكلما اختلف مع أصحابه حلف بالطلاق . . . وهكذا . وهذا نوع تلاعب بكتاب الله ، وإذا كان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتبر من يطلق امرأته ثلاثاً جميعاً متلاعباً بكتاب الله ، فكيف بمن اتخذ الطلاق ديدنه ، فكلما أراد منع زوجته من
شيء أو حثها على فعل شيء حلف بالطلاق ؟! روى النسائي (3401) عن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ
حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَقْتُلُهُ . قال الحافظ : رجاله ثقات اهـ وصححه الألباني في غاية المرام (261) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هؤلاء السفهاء الذين يطلقون ألسنتهم بالطلاق في كل هين وعظيم ، هؤلاء مخالفون لما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
قوله : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) رواه البخاري (2679) . فإذا أرد المؤمن أن يحلف فليحلف بالله
عز وجل ، ولا ينبغي أيضاً أن يكثر من الحلف لقوله تعالى : ( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ) المائدة / 89 . ومن جملة ما فسرت به الآية
أن المعنى : لا تكثروا الحلف بالله .
أمّا أن يحلفوا بالطلاق مثل : علي الطلاق أن تفعل كذا أو علي الطلاق ألا تفعل أو إن فعلت فامرأتي طالق أو إن لم تفعل فامرأتي طالق وما
أشبه ذلك من الصيغ فإن هذا خلاف ما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ فتاوى المرأة المسلمة (2/753) .
ثانياً : أما وقوع الطلاق بذلك أو عدم وقوعه ، فالمرجع في ذلك إلى نية الزوج ، فإن كان أرد الطلاق وقع الطلاق إذا فعلت زوجته ما حلف
عليها ألا تفعله . وإذا لم ينو الطلاق وإنما نوى منعها فقط فهذا حكمه حكم اليمين .
قال الشيخ ابن عثيمين :
الراجح أن الطلاق إذا استعمل استعمال اليمين بأن كان القصد منه الحث على الشيء أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب أو التوكيد فإن حكمه
حكم اليمين لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) التحريم / 1-2 . فجعل الله تعالى التحريم يميناً . ولقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) البخاري (1) ،
وهذا لم ينو الطلاق وإنما نوى اليمن أو نوى معنى اليمين فإذا حنث فإنه يجزئه كفارة يمين ، هذا هو القول الراجح اهـ
فتاوى المرأة المسلمة (2/754) .
وسئلت اللجنة الدائمة عمن قال لزوجته : علي الطلاق تقومين معي ، ولم تقم معه . فهل يقع بذلك طلاق ؟
فأجابت :
إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق وإنما أردت حثها على الذهاب معك فإنه لا يقع به طلاق ويلزمك كفارة يمين في أصح قولي العلماء ، وإن كنت أردت
به إيقاع الطلاق إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (20/86) .
والله اعلم .
*****
40023
إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/6950)
سؤال رقم 40023- إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
هل يجوز إعطاء الفقير من الزكاة لأداء فريضة الحج ؟.
الحمد لله
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ )
واتفق العلماء على أن قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) المراد به الجهاد في سبيل الله.
ثم اختلفوا هل يشمل مع الجهاد الحج أم لا ؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه خاص بالجهاد ولا يشمل الحج ، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يدخل فيه الحج واستدل بما رواه أبو داود (1988) عن
أُمِّ مَعْقَلٍ أنها قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا ( والبكر هو الفتي من الإبل ) قَالَ أَبُو
مَعْقَلٍ صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عن ابن عمر أنه قال : أَمَا إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ . قال الحافظ : أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ
.
انظر : المغني (9 / 328) والمجموع (6/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (105) :
ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطى ما يحج به اهـ يعني من الزكاة .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 38) :
( يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام ، ونفقتهم فيه ، لدخوله في عموم قوله تعالى : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) من
آية مصارف الزكاة اهـ .
والله أعلم .
*****
40113
حكم صلاة الجماعة على الرجال
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/6951)
سؤال رقم 40113- حكم صلاة الجماعة على الرجال
هل يجوز الصلاة في المنزل والمسجد قريب ؟ مع العلم أن المصلين اثنان فقط .
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة على الرجال الأصحاء، في المسجد، على الصحيح من أقوال العلماء.
وذلك لأدلة كثيرة منها :
1- قوله تعالى (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى
لم يصلوا فليصلوا معك) النساء / 102
( ووجه الاستدلال بالآية من وجوه :
أحدها : أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله "ولتأت طائفة أخرى لم
يصلوا فليصلوا معك " وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى
الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان، فهذه على ثلاثة أوجه: أمره بها أولا ، ثم
أمره بها ثانيا ، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف) انتهى كلام ابن القيم من كتاب الصلاة .
2- وفي الصحيحين - وهذا لفظ البخاري- عن أبي هريرة أن رسول الله قال : " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة
فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقا سمينا أو مِرْمَاتَين حسنتين لشهد
العشاء " . البخاري ( 7224 ) ومسلم ( 651 ) .
والعرق : هو العظم على بقايا اللحم ، وقيل هو اللحم .
والمرماة : هي ما بين ظلفي الشاة من اللحم ، والظلف للغنم والبقر كالحافر للفرس .
قال ابن المنذر رحمه الله : ( وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ؛ إذ غير جائز أن
يحرق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض ) الأوسط 4/134 .
ولمعرفة المزيد من الأدلة راجع السؤال رقم ( 8918 )
وإذا ثبت وجوب صلاة الجماعة فالواجب فعلها في المسجد ، ولا يجوز للرجل القادر على حضور الجماعة في المسجد أن يصلي في البيت ولو كان
يصليها جماعة مع أهله .
قال الشيخ ابن باز :
وأما ترك الصلاة في الجماعة فمنكر لا يجوز ، ومن صفات المنافقين .
والواجب على المسلم أن يصلي في المسجد في الجماعة ، كما ثبت في حديث ابن أم مكتوم- وهو رجل أعمى- أنه قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد
يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ،
قال : فأجب " أخرجه مسلم في صحيحه (635) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجة ، والدار قطني ، وابن حبان ،
والحاكم بإسناد صحيح ، قيل لابن عباس : ما هو العذر؟ قال : ( خوف أو مرض ) .
وفي صحيح مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( لقد رأيتنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتخلف عن الصلاة في
الجماعة إلا منافق أو مريض ) .
والمقصود : أنه يجب على المؤمن أن يصلي في المسجد ، ولا يجوز له التساهل والصلاة في البيت مع قرب المسجد . " انتهى
وكون المسجد لا يصلي فيه إلا رجلان يؤكد عليك حضور الجماعة ، لتسلم من مغبة الإثم والتقصير وتشجيعاً لهما على حضور الجماعة من المسجد حتى
لا يتسرب إليهما الكسل .
والاثنان فما فوقهما جماعة .
قال ابن هبيرة رحمه الله : ( وأجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان : إمام ومأموم قائم عن
يمينه ) الإفصاح 1/155
وقال ابن قدامة رحمه الله : ( تنعقد الجماعة باثنين فصاعدا ، لا نعلم فيه خلافا ) انتهى .
والله أعلم .
*****
40156
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة بهيمة الأنعام >(1/6952)
سؤال رقم 40156- لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها
هل الأغنام التي لا ترعى بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية هل عليها زكاة أم أن الزكاة على الأغنام التي ترعى الأعشاب والنباتات البرية دون وجود مصاريف أعلاف ؟ آمل التوضيح .
الحمد لله
ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي
وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت
سائمة ( أي ترعى النباتات البرية ، ولا يعلفها صاحبها ) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة
فيها.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (1454) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي
فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ
عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ . . . وَفِي
صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ
وَمِائَةٍ شَاةٌ . . . الحديث .
فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة .
2- ما رواه النسائي (2444) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه
عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
: ( فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث
) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (791) .
فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها .
وحكم البقر حكم الإبل والغنم .
انظر الشرح الممتع (5/33) .
قال النووي في "المجموع"
"وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ
حُجَّةٌ عِنْدَنَا , وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَيْسَتْ مَعْلُوفَةً ,
وَالسَّوْمُ الرَّعْيُ" اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ ،
فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اهـ .
وذهب مالك إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير
سائمة ، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد
بالسائمة ، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما : ( فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ
مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ).
وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذا الحديث مطلق ، والأحاديث
الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد .
وأيدوا هذا بقولهم :
وصف النماء والتكاثر والزيادة معتبر في زكاة بهيمة الأنعام ،
والنماء ظاهر في السائمة فإنها لا كلفة في تربيتها ، أما المعلوفة فلها كلفة في
تربيتها وقد يستغرق علفها نماءها ، فكان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن أسقط
الزكاة فيها إلا أن تكون معدة للتجارة كمشروعات التسمين التي تشترى فيها الماشية ثم
تُعلف وتباع ففيها زكاة التجارة .
انظر المغني (4/12) ، الموسوعة الفقهية (23/250) .
ولمعرفة كيفية حساب زكاة التجارة راجع السؤال رقم ( 10823 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/32) :
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ)
مَوْضِعُ خِلافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لأَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَرْعَى .
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الإِبِلَ الْعَوَامِلَ وَالْبَقَرَ الْعَوَامِلَ
وَالْكِبَاشَ الْمَعْلُوفَةَ فِيهَا الزَّكَاةُ . قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا
قَوْلُ اللَّيْثِ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُمَا . وَأَمَّا
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ والأوزاعي
وَغَيْرُهُمْ : فَلا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَهُمْ . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ
مِنْ الصَّحَابَةِ : عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ . وَكَتَبَ بِهِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ . وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (
فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ) فَقَيَّدَهُ
بِالسَّائِمَةِ ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ مِنْ
جِنْسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ
اهـ ..
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/205) :
"من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي
الراعية" اهـ .
والله أعلم .
*****
40229
- مكتبة الأسئلة والأجوبة- الإسلام سؤال وجواب
خطأ: رقم السؤال غير صحيح
خطأ: لا يوجد سؤال بالرقم المحدد، أو أنه لم تتم الإجابة عليه أو ترجمته للغة العربية بعد.
يرجى إعادة المحاولة مع اللغات الأخرى, أو استعراض تصنيفات الإجابات المتوفرة .
40269
زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > الجنايات >
الفقه > معاملات > الديات >(1/6953)
سؤال رقم 40269- زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل
ما الحكم في زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟.
الحمد لله
إجهاض الحمل لا يجوز ، سواء نفخت فيه الروح أم لا ، غير أنه بعد
نفخ الروح فيه تحريمه أشد .
ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق
ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ،
ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله
في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه .
والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من
النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته
بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم
تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ
يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ،
فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها
أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل
عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا
فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا
فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا
للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا اهـ .
وقوله : (غُرَّةٌ عبدٌ أو أمةٌ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبد أو
أمة ، ويقدرها العلماء بعشر دية أمه .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
وأما كفارة ذلك ، فحيث إن الحمل في الشهر الثاني أي قبل نفخ
الروح فيه ، ولم يتم إسقاطه فلا تجب بذلك كفارة ، وإنما تجب التوبة إلى الله تعالى
من هذا الفعل المحرم .
والله أعلم .
*****
40278
دخل بها زوجها فوجدها ليست بكراً وهي لم تفعل الفاحشة قط
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/6954)
سؤال رقم 40278- دخل بها زوجها فوجدها ليست بكراً وهي لم تفعل الفاحشة قط
أنا امرأة مسلمة ، أخاف الله في كل أفعالي ، تزوجت - والحمد لله - من رجل مثالي في كل شيء ، المعاملة الطيبة المتبادلة ، كانت علاقتنا جيدة في كل شيء: الحب ، الاحترام ، الوئام ، حب عائلتينا ، ولكن تأتي الرياح بما لا تحب السفن ، هذه الأيام اكتشفنا أنا وزوجي أني لست عذراء ، ولكني متأكدة بأني بريئة لأنه لم يمسني أحد قبله .
الحمد لله
إذا كان زوجكِ عاقلاً متديِّنا ، وكانت ثقته بك عالية : فإن الواجب عليه تصديقكِ في قولك بأنكِ طاهرة من كل ما يسيء لكِ ، ولاسيما وأن ما
حصل من زوال البكارة قد يكون لأسباب متعددة وليس بالضرورة أن يكون بسبب فعل فاحشة الزنا .
وهذا إذا سلمنا بما اكتشفتماه من كونك لست عذراء ، فقد يحصل بينكما جماع ولا يحصل فض للبكارة ، ولا يكون نزيف ؛ وذلك بسبب طبيعة الغشاء
فإن منه ما يكون مطاطياً لا يتمزق بالجماع ويحتاج إلى تدخل طبيب كما هو معروف عند علماء هذا المجال .
وغشاء البكارة مجرد علامة مادية لا ترقى إلى مستوى القرينة على عذرية أو انحراف المرأة ، ولذلك نجد المحاكم في الأغلب لا تعتبر عدم وجود
هذا الغشاء سبباً للقدح في المرأة ، لأنه قد يزول لأسباب كثيرة .
إذن وجود الغشاء لا يكون دليلاً أكيدًا على البكارة أو العذرية ، وكذلك لا يكون غيابه دليلاً أكيدًا على عكس ذلك .
فنوصيكما بأن تقوما بمراجعة الطبيبة لاستبانة الأمر ، لاحتمال وجود عارض .
والمرجو أن يعيي زوجك ما سبق وألا يتعجل في الحكم عليك ، ولتعلما أن من مقاصد الشيطان التي يسعى إليها التفريق بين الرجل وامرأته ، لما
يترتب على ذلك من الفساد الكبير للأسر والأفراد كما في حديث جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ
يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ
كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ ) مسلم 5023
فليقطع على الشيطان هذا الباب بالبعد عن التفكير في هذا الأمر ، ما دام هنا الأمر محتملاً وأنت جازمة بأنه لم يقع من السوء .
ونسأل الله أن يهدي قلبه ، وأن يجمع بينكما على خير .
والله الموفق .
*****
41090
كيفية تطهير نجاسة الكلب
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/6955)
سؤال رقم 41090- كيفية تطهير نجاسة الكلب
كيف يتم تطهير نجاسة الكلب ؟ وهل يجب أن يغسل سبع مرات أم تكفي مرة واحدة ؟.
الحمد لله
روى مسلم (279) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ
إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاهُنَّ
بِالتُّرَابِ ) .
وروى مسلم (280) أيضاً : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ
قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وَلَغَ
الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ
فِي التُّرَابِ ) .
ففي هذين الحديثين بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كيفية تطهير
نجاسة الكلب ، وهي غسل الإناء سبع مرات ، إحداهن بالتراب . وكلاهما واجب .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/73) :
" لا يختلف المذهب أن نجاسة الكلب يجب غسلها سبعاً ، إحداهن
بالتراب ، وهو قول الشافعي " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/598) :
" وقد اختلف العلماء في ولوغ الكلب , فمذهبنا أنه ينجس ما ولغ
فيه ، ويجب غسل إنائه سبع مرات إحداهن بالتراب , وبهذا قال أكثر العلماء . حكى ابن
المنذر وجوب الغسل سبعا عن أبي هريرة وابن عباس وعروة بن الزبير وطاوس وعمرو بن
دينار ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور . قال ابن المنذر : وبه
أقول " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا كانت النجاسة على غير الأرض وهي نجاسة كلب ، فإنه لا بد
لتطهيرها من سبع غسلات إحداها بالتراب " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/245) .
والأفضل أن تكون الغسلة الأولى هي التي بالتراب ، فإن جعل التراب
في غيرها حصل المقصود ، وطهر المكان .
قال النووي في "المجموع" (2/598) :
" فالحاصل أنه يستحب جعل التراب في الأولى ، فإن لم يفعل ففي غير
السابعة أولى ، فإن جعله في السابعة جاز , وقد جاء في روايات في الصحيح ( سبع مرات
) , وفي رواية : ( سبع مرات أولاهن بالتراب ) , وفي رواية : ( أخراهن بدل أولاهن )
, وفي رواية : ( سبع مرات السابعة بتراب ) , وفي رواية : ( سبع مرات وعفروه الثامنة
في التراب ) وقد روى البيهقي وغيره هذه الروايات كلها ، وفيه دليل على أن التقييد
بالأولى وغيرها ليس للاشتراط , بل المراد إحداهن " انتهى .
" وغسله بالتراب له عدة طرق :
1- أن يغسل بالماء ثم نذر التراب عليه .
2- أن نذر التراب عليه ثم نتبعه الماء .
3- أن نخلط التراب بالماء ثم نغسل به الإناء " قاله الشيخ
ابن عثيمين في "شرح بلوغ المرام" حديث رقم (14) .
*****
42072
هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/6956)
سؤال رقم 42072- هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة ؟
أريد أن أسأل عن الزكاة لدي مكتبة بها قرطاسية وخدمات طالب : وقد قرأت أن الزكاة عن البضاعة متى ما حال عليها الحول ولكن هناك استفسار عن خدمات الطالب هل تدخل أجهزة التصوير في حساب الزكاة أم لا حيث أن قيمتها كبيرة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
"يجب عليك أن تزكي جميع المال الذي لديك من النقود ومن الأدوات
المعروضة للبيع في القرطاسية بعد تمام الحول إذا بلغت قيمتها نصابا" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة: (9/313) .
ثانياً :
"والنصاب هو عشرون مثقالا من الذهب ، أي : خمسة وثمانون جراماً ،
ومن الفضة مائة وأربعون مثقالا (أي : 595 جراماً) ، ويساوي بدراهم الفضة السعودية
ستة وخمسين ريالا" اهـ "فتاوى العثيمين" (18/93) .
فإذا بلغت قيمة البضاعة المعروضة للبيع ، مع ما معك من نقود
ورقية أحدَ النصابين : الذهب أو الفضة وجبت عليك الزكاة . "فتاوى اللجنة
الدائمة" (9/257) .
ثالثاً :
كيفية حساب الزكاة .
إذا حال الحول على النصاب فإنك تحسب ما معك من نقود ثم تضيف إليه
قيمة البضاعة الموجودة بالقرطاسية ، ثم تخرج من المجموع ربع العشر أي : 2.5 بالمائة
. وتعطيه لمستحقيه من الأصناف التي بينها الله تعالى في قوله : ( إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة /60 .
ويكون تقدير البضاعة الموجودة بالقرطاسية بالثمن الذي تبيع به ،
لا بالثمن الذي اشتريتها به.
البيع لا الشراء . راجع السؤال رقم ( 26236 )
.
رابعاً :
أما عن أجهزة التصوير فلا زكاة فيها إلا إذا كنت أعددتها للبيع .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الشيء المعد للاستعمال ليس فيه زكاة ، معدات أو غيرها ، إذا كان
معدًّا للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة ، والقاعدة أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى ، وما
كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى" اهـ "فتاوى ابن باز" (14/184)
.
والله أعلم .
*****
42073
في بيته جنِّي
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/6957)
سؤال رقم 42073- في بيته جنِّي
كنت أعيش في شقة في الشارقة لعدة أشهر ثم لاحظت وجود بصمات أصابع بالدم على الجدران والأرض ، ثم بدأت تصدر بعض الأصوات فتركت البيت وانتقلت لبيت آخر ، ثم حصل نفس الشيء في البيت الجديد ، فقمت بإرسال عائلتي لبلدي وانتقلت للعيش مع بعض الأصدقاء ، سمعت الأصوات هنا كذلك ولكن لا تصدر إلا إذا كنت وحيداً وأزعجتني هذه الأصوات كثيراً .
اعتدت أن أصلي الصلوات الخمس وأقرأ القرآن في الصبح وإذا أردت النوم أقرأ سورة المزمل سبع مرات وسورة الملك وبدأت تقل الآن . أرجو أن تخبرني بما يجب أن أفعله الآن .
الحمد لله
هذه الأصوات والأفعال ربما صدرت من الجن ، والجن خلق من خلق الله
تعالى يجب علينا الإيمان بوجودهم ، لأن الله تعالى ذكرهم في القرآن في آيات كثيرة ،
بل خصهم بسورة تسمى سورة ( الجن ) ووجودهم متفق عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وجماهير الأمم يقرّ بالجن ولهم
معهم وقائع يطول وصفها ، ولم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهّال المتفلسفة
والأطباء ونحوهم " مجموع الفتاوى 19/32 .
وقدراتهم تفوق قدرات الإنسان ، كما قال تعالى : ( قَالَ
عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِك ) النمل /39 ، وبين سليمان عليه
السلام وملكة سبأ مسافة بعيدة ، وقد أقدرهم الله على التشكل والطيران وغير ذلك ،
لكنهم مع شدة قوتهم لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين ، قال تعالى : ( إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) الاسراء /65 ، وقال : ( وَمَا كَانَ لَهُ
عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ
مِنْهَا فِي شَكٍّ ) سبأ /21 . بل يعترف الشيطان بهذه
الحقيقة فيقول : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين
) الحجر /39 – 40 ، وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون
بفكره ويتابعونه عن رضا وطواعية ، كما أخبر الله بذلك فقال :
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ
اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين َ) الحجر/42
وقد يسلطهم الله على المؤمنين بسبب ذنوبهم ، كما قال صلى الله
عليه وسلم : ( إن الله تعالى مع القاضي ما لم يَجُرْ ، فإذا جار تبرّأ منه وألزمه
الشيطان ) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1823 .
والجَوْر عدم العدل .
والمسلم يجب أن يكون قبل كل شيء متسلحاً بسلاح الإيمان والعمل
الصالح لأنهما خير زادٍ له وخير وسيلة لدحر كيد شياطين الإنس والجن .
وعليك أن توثق حبلك مع الله تعالى ، فإنه الركن الذي يركن إليه .
وأكثر من ذكر الله تعالى على كل حال ، واحرص على أن لا يزال لسانك رطباً من ذكر
الله تعالى ، فإن الإنسان لن يعصم من الشيطان بمثل ذكر الله تعالى . فقد صح عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا عليهما
السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، وكان منها :
(وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ
خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ
فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ
الشَّيْطَانِ إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ) . رواه الترمذي (2863) . وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وحافظ على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كالذكر
عند دخول الخلاء وعند الجماع وعند سماع نهيق الحمار وعند دخول البيت وفي الصباح
والمساء وعند النوم . . وغير ذلك من الأحوال والأوقات التي ورد فيها عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر معين .
وهي مجموعة في كتب الأذكار ككتاب الأذكار للنووي ، والكلم الطيب
لابن تيمية ، وحصن المسلم للقحطاني .
وعليك بالإكثار من قراءة القرآن في البيت لاسيما سورة البقرة في
البيت ، فقد روى أحمد (7762) ومسلم (780) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ
الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ [ولفظ أحمد : يَفِرّ] مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ
سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) .
وعليك أيضاً أن تطهّر بيتك من كل شيء فيه معصية لله تعالى ، مثل
اقتناء الصور والكلاب ، فقد روى أبو طلحة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري (3322)
ومسلم (2106)
فإن خلت البيوت من الملائكة كانت مرتعاً ومسكناً للشياطين .
أما قراءة سورة المزمل والملك عند النوم فقد ورد ما يدل على
استحباب قراءة سورة الملك قبل النوم ، روى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا
يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
أما سورة المزمل فلم يرد ما يدل على استحباب قراءتها قبل النوم .
والله تعالى أعلم .
*****
42321
حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
الفقه > معاملات > الجنايات >
سؤال رقم 42321: حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
ما حكم إجهاض الجنين في الشهور الأولي (1/3) قبل بث الروح فيه ؟ .
الحمد لله
قرر مجلس هيئة كبار العلماء ما يلي :
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة
خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة ( وهي الأربعون يوماً الثانية والثالثة ) حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على
سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره ، جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
4- بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهر لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه
يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلبا لعظمى المصلحتين .
الفتاوى الجامعة (3/1056)
*****
42505
سب الدين وهو في حالة غضب شديد
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >(1/6958)
سؤال رقم 42505- سب الدين وهو في حالة غضب شديد
رجل سب الدين هو في حالة غضب شديد ، فما حكمه ؟ وما هي شروط التوبة من هذا الفعل ؟ وهل ينفسح نكاح زوجته ؟.
الحمد لله
" الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين
والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه ، وقد حكى الله عن قوم
استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب ،
فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله ، وأنهم كفروا
به فقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65، 66 .
فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو
الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة
ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ
يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط
التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته . وشروط التوبة الخمسة هي:
الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته ، بأن لا يكون الحامل له على
التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص
توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه ،
فقد أخلص لله تعالى فيها.
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعل من الذنب ، بحيث يجد في نفسه
حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه .
الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه ؛ فإن كان
ذنبه تَرْكَ واجبٍ قام بفعله وتَدَارَكَه إن أمكن ، وإن كان ذنبُه بإتيانِ محرمٍ
أقلع عنه ، وابتعد عنه ، ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ، فإنه يؤدي إليهم
حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل ، بأن يكون في
قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول ، فإن كانت بعد
فوات وقت القبول لم تقبل ، وفوات وقت القبول عام وخاص :
أما العام ؛ فإنه طلوع الشمس من مغربها ، فالتوبة بعد طلوع الشمس
من مغربها لا تقبل ، لقول الله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا
يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي
إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) الأنعام/158 .
وأما الخاص ؛ فهو حضور الأجل ، فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا
تنفع لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ
وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/18 .
أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين -
فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها .
ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ، ولكن المتكلم بها قد
لا يكفر بها ، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه
سب الدين في حال غضب ، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول ، ولا
تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض ، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه ، فإن هذا
الكلام لا حكم له ، ولا يحكم عليك بالردة ، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل
كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به ، يقول : الله
تعالى في الأيمان : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ) المائدة/89 .
فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ،
ولا يعلم ماذا خرج منه ، فإنه لا حكم لكلامه، ولا يحكم بردته حينئذ ، وإذا لم يحكم
بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه ، بل هي باقية في عصمته .
ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب
بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ، حين سأله رجل ، فقال له : يا رسول الله ،
أوصني قال : (لا تغضب) فردد مراراً ، قال : ( لا تغضب ) . فلْيُحْكِم الضبط على
نفسه ، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان
جالساً فليضطجع ، وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ ، فإن هذه الأمور تذهب غضبه . وما
أكثرَ الذين ندموا ندماً عظيماً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ، ولكن بعد فوات الأوان"
اهـ .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/152) .
*****
43481
قال لزوجته : أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6959)
سؤال رقم 43481- قال لزوجته - أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد
كنت مسافرة مع زوجي وحصل بيننا مشاجرة فقال : أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد ، ورجعنا فعلاً ، فهل يقع الطلاق بذلك ؟.
الحمد لله
إذا قال الزوج لزوجته : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " فيقع
الطلاق عند رجوعكما للبلاد ؛ لأن هذا تعليق محض ، أي لا يقصد به الحث أو المنع ، أو
التصديق أو التكذيب ، بل هو كقول الإنسان : إذا جاء أول الشهر أو دخل رمضان أو قدم
السلطان فزوجته طالق ، فزوجك لا يقصد بكلامه هذا منعك أو منع نفسه من الرجوع إلى
بلده ، كما لا يقصد الحث على البقاء خارج البلد ، فهو تعليق محض .
ولو فرض أنه قال : أردت أني " سأطلقها " بعد الرجوع ، فهذا لا
يقبل منه أيضا ؛ لأن قوله : أنت طالق ، من ألفاظ الطلاق الصريحة ، فلا يقبل منه أن
مراده ونيته الوعد بالطلاق .
وأما التعليق الذي يقصد به المنع ، كقوله : أنت طالق إن خرجت من
البيت ، يريد منعها من الخروج ، أو التعليق الذي يراد به الحث على الفعل ، كأنت
طالق إن لم ترجعي إلى البيت ، فهذا التعليق الذي اختلف فيه الفقهاء ، فجمهورهم على
أن الطلاق يقع عند وقوع ما علق عليه ، وذهب جماعة منهم إلى أن الطلاق لا يقع لأنه
لم يقصد الطلاق وإنما قصد الحث أو المنع .
ونقل ابن قدامة رحمه الله عن القاضي أبي يعلى في بيان الحلف
بالطلاق والفرق بينه وبين التعليق المحض قوله : " هو تعليقه على شرط يقصد به الحث
على الفعل ، أو المنع منه ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق ، وإن لم تدخلي فأنت
طالق . أو على تصديق خبره ، مثل قوله : أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم .
فأما التعليق على غير ذلك ، كقوله : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو
قدم الحاج ، أو إن لم يقدم السلطان ، فهو شرط محض ليس بحلف " انتهى من
"المغني" (7/333) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحلف بالطلاق هو التعليق الذي
يراد به حث الحالف على شيء ، أو منعه من شيء ، أو حث المستمعين المخاطَبين على
تصديقه أو تكذيبه ، هذا هو اليمين بالطلاق ، فهو تعليق ، ومقصوده حث أو منع ، أو
تصديق أو تكذيب ، فهذا يسمى يمينا بالطلاق . بخلاف التعليق المحض ، فهذا لا يسمى
يمينا ، كما لو قال : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، أو قال : إذا دخل رمضان فزوجته
طالق ، فهذا لا يسمى يمينا ، بل تعليق محض وشرط محض ، متى وجد الشرط وقع الطلاق ،
فإذا قال مثلا : إذا دخل رمضان فامرأته طالق ، طلقت بدخول رمضان ، وإذا قال مثلا :
إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، طلقت بطلوع الشمس " .
وقال : " أما إذا كان ليس هناك حث ولا منع ، بل هو شرط محض ،
فهذا تعليق محض يقع به الطلاق كما تقدم ، مثل لو قال : إذا دخل شهر رمضان فامرأته
طالق ، فهذا شرط محض ، وهذا إذا وقع وقع الطلاق ؛ لأن المعلق على الشرط يقع بوقوع
الشروط ، وهذا هو الأصل ". انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص 129- 131) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل قال لزوجته : إذا أتاك الحيض ثم
طهرت فأنت طالق , ولكنه ظهر له بعد ذلك أن يمسك امرأته ولا يطلقها .
فأجابت : " هذا طلاق معلق على شرط محض , لا يقصد به حث ولا منع ,
فيقع الطلاق بوجود الشرط , وهو الطهر بعد الحيض , ورجوعه عن هذا التعليق بعد حصوله
منه لا يصح " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/174) .
والله أعلم .
*****
43736
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/6960)
سؤال رقم 43736- بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى
قرأت مقالاً لأحد الكُتَّاب يتضمن إباحة الغناء والموسيقى ، والرد على من يرى تحريم ذلك ، ويحث على إعادة بث أصوات المغنين والمطربين الميتين ، تخليداً لذكراهم ، وإبقاءً للفن الذي قاموا بعمله في حياتهم ، ولئلا يحرم الأحياء من الاستماع بسماع ذلك الفن ورؤيته ، وقال : ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ، ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح ، ثم قال : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها البعض في منع الغناء والموسيقى لا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض ، ثم ذكر آراء لبعض العلماء في إباحة الغناء .
الحمد لله
قد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بيان في الرد
على هذا المقال ، ونصه :
قال علماء اللجنة الدائمة :
" للرد على هذه الشبهات تقرر اللجنة ما يلي :
أولاً : الأمور الشرعية لا يجوز الخوض فيها إلا من علماء الشريعة
المختصين المؤهلين علمياً للبحث والتحقيق ، والكاتب (الذي كتب المقال) ليس من طلاب
العلم الشرعي فلا يجوز له الخوض فيما ليس من اختصاصه ، ولهذا وقع في كثير من
الجهالات ، القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، وهذا
كسب للإثم ، وتضليل للقراء ، كما لا يجوز لوسائل الإعلام من الصحف والمجلات وغيرها
أن تفسح المجال لمن ليس من أهل العلم الشرعي أن يخوض في الأحكام الشرعية ويكتب في
غير اختصاصه حماية للمسلمين في عقائدهم وأخلاقهم .
ثانياً : الميت لا ينفعه بعد موته إلا ما دل عليه دليل شرعي ومن
ذلك ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ
انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ،
أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه
مسلم (1631) . وأما المعاصي ، التي عملها في حياته ومات وهو غير
تائب منها – ومنها الأغاني – فإنه يعذب بها إلا أن يعفو الله عنه بمنه وكرمه . فلا
يجوز بعثها وإحياؤها بعد موته لئلا يلحقه إثمها زيادة على إثم فعلها في حياته ، لأن
ضررها يتعدى إلى غيره ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( وَمَنْ سَنَّ فِي
الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا
مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) رواه
مسلم (1017) .
ثالثاً : وأما قوله : ( ليس في القرآن الكريم نص على تحريم
الغناء ) والموسيقى فهذا من جهله بالقرآن . فإن الله تعالى قال : ( وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لقمان/6 .
قال أكثر المفسرين : معنى (لَهْوَ الْحَدِيثِ ) في الآية الغناء
.
وقال جماعة آخرون : كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك
كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك ، وهذا كله يصد عن سبيل الله ،
ويسبب الضلال والإضلال .
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد علماء
الصحابة رضي الله عنهم أنه قال في تفسير الآية : إنه والله الغناء . وقال : إنه
ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات
اللهو والطرب ، وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة ، وقد بسط العلامة ابن
القيم رحمه الله في كتابه ( إغاثة اللهفان ) الكلام في حكم الأغاني وآلات اللهو .
رابعاً : قد كذب الكاتب على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نسب
إليه أنه كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج
والأفراح ، فإن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للنساء خاصة فيما بينهن بضرب
الدف والإنشاد المجرد من التطريب وذكر العشق والغرام والموسيقى وآلات اللهو مما
تشمل عليه الأغاني الماجنة المعروفة الآن ، وإنما رخص بالإنشاد المجرد عن هذه
الأوصاف القبيحة مع ضرب الدف خاصة دون الطبول وآلات المعازف لإعلان النكاح ، بل صح
في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري أنه حرم المعازف بجميع
أنواعها وتوعد عليها بأشد الوعيد ، كما في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ
يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، وَلَيَنْزِلَنَّ
أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ (أي جبل) يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ ،
يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا
، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً
وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )
والمعازف : الغناء وجميع آلاته .
فذم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم من يستحلون الحر وهو
الزنا ، ويستحلون لبس الحرير للرجال ، وشرب الخمور ، ويستمعون الغناء وآت اللهو .
وقرن ذلك مع الزنا والخمر ولبس الرجال للحرير مما يدل على شدة تحريم الغناء وتحريم
آلات اللهو .
خامساً : وأما قوله : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها من منع
الغناء والموسيقى ولا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق
عليه البعض ـ فهذا من جهله بالسنة ، فالأدلة التي تحرم الغناء بعضها في القرآن ،
وبعضها في صحيح البخاري ، كما سبق ذكره ، وبعضها في غيره من كتب السنة ، وقد
اعتمدها العلماء السابقون واستدلوا بها على تحريم الغناء والموسيقى .
سادساً : ما ذكره عن بعض العلماء من رأي في إباحة الغناء فإنه
رأي مردود بالأدلة التي تحرم ذلك ، والعبرة بما قام عليه الدليل لا بما خالفه ،
فكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالواجب على هذا الكاتب أن يتوب إلى الله تعالى مما كتب ، ولا
يقول على الله وعلى رسوله بغير علم ، فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في
كتاب الله .
وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه " انتهى بتصرف
يسير .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
*****
43772
هل يفطر بسبب مشقة العمل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/6961)
سؤال رقم 43772- هل يفطر بسبب مشقة العمل ؟
هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان ؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة .
الحمد لله
أفتى بعض العلماء بجواز الفطر لهؤلاء ، ثم أرسلت الفتوى للشيخين
عبد الله بن محمد بن حميد ، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله للتعقيب عليها ، فقالا
:
" الأصل وجوب صوم رمضان ، وتبييت النية له من جميع المكلفين من
المسلمين ، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين ، وهم
المرضى والمسافرون ومن في معناهم ، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين
وليسوا في معنى المرضى والمسافرين ، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا
صائمين ، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم
يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب ، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار
في الصيام ، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، وما دل عليه كلام
المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب .
وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة
أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل – إن أمكن – ما يضطرهم إلى
الفطر في نهار رمضان ، بأن يجعل العمل ليلاً أو توزع ساعات العمل في النهار بين
العمال توزيعاً عادلاً يوفقون به بين العمل والصيام .
أما الفتوى المشار إليها فهي في قضية فردية أفتوا فيها باجتهادهم
مشكورين إلا أنه فاتهم ذكر القيود التي ذكرنا ، والتي قررها المحققون من أهل العلم
في كل مذهب ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير " انتهى .
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله ، رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس
العام للإشراف الديني على المسجد الحرام .
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الرئيس العالم لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/245) .
والله أعلم .
*****
44029
حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
الفقه > معاملات > البيوع >(1/6962)
سؤال رقم 44029- حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور
ما حكمُ شراءِ الحلوياتِ أو المنتجاتِ التي عليها صورُ ذواتِ أرواحٍ ؟.
الحمد لله
شراء هذه الأشياء ، إن كان من أجل ما عليها من الصور فهو حرام ،
لأنه اقتناء للصور ، وهو يمنع دخول الملائكة في البيت .
ولا شك أن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن كل سبب يمنع دخول الملائكة
بيته .
لكن إذا كان الغالب على هذه الأشياء وجود الصور عليها ، بحيث يشق
على المسلم أن يبحث عن منتجات لا صور عليها ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ،
دفعاً للمشقة والحرج عن المسلم .
جاء في الموسوعة الفقهية (12/112) :
" للمالكيّة قولان في صناعة الصّور الّتي لا تتّخذ للإبقاء ،
كالّتي تعمل من العجين ، وأشهرُ القولين المنع ، وكذا نقلهما العدويّ ، وقال : إنّ
القول بالجواز هو لِأَصبغ ، ومثّل له بما يصنع من عجين أو قشرِ بطّيخ ، لأنّه إذا
نشف تقطّع .
وعند الشّافعيّة : يحرم صنعُها ولا يحرمُ بيعُها . ولم نجد عند
غيرهم نصّا في ذلك " انتهى .
ويقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (2/203) :
" ما عمَّت به البلوى الآن ، من وجودِ الصورِ في كلِّ شيءٍ إلا
ما ندرَ ، فتوجدُ في أواني الأكل ، وفي الكراتين الحافظةِ للأطعمةِ ، وفي الكتب ،
وفي الصحفِ ، فتوجد في كل شيء إلا ما شاء الله ، ويوجد أيضا صورٌ مما يؤكل : بسكوت
على صورة سمك ، أو أرنب ؟
نقول : إن اقتناءَ الإنسان للصور ( بمعنى لأجل ما فيها من الصور
) لا شك أنَّه محرم ، أو كان يشتري المجلاتِ التي تنشر فيها الصورُ للصورِ ، فهذا
حرام ، أما إذا كانت للعلمِ والفائدةِ والاطلاعِ على الأخبار ، فهذه أرجو ألا يكونَ
بها بأس ، نظرًا للحرجِ والمشقة ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، فهذه الصورُ ليست مقصودةً للإنسان حالَ الشراء ، ولا
تهمه ، كما أن مسألةَ الأواني والكراتينِ التي فيها أطعمةٌ وشبه ذلك ، قد يقال : إن
فيها شيئًا من الامتهان ، فلا تكون من القسمِ المحرَّم " انتهى .
والله أعلم .
*****
44038
حكم طلاق الهازل
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6963)
سؤال رقم 44038- حكم طلاق الهازل
إذا قال الزوج لزوجته : أنت طالق ، ولم يكن يريد الطلاق ، ولكنه يمزح معها ، هل يقع الطلاق ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في وقوع " طلاق الهازل " فذهب الجمهور إلى وقوعه ،
واستدلوا بما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ
وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلاقُ ، وَالرَّجْعَةُ ) رواه أبو
داود ( 2194 ) والترمذي ( 1184 ) وابن ماجه ( 2039 ) واختلف العلماء
في تصحيحه وتضعيفه ، وقد حسنه الألباني في "رواء الغليل" (1826) .
وقد ورد معناه موقوفاً على بعض الصحابة :
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( أربع جائزات إذا تكلم
بهن : الطلاق ، والعتاق ، والنكاح ، والنذر ) .
وعن علي رضي الله عنه : ( ثلاث لا لعِب فيهن : الطلاق ، والعتاق
، والنكاح ) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( ثلاث اللعب فيهن كالجد :
الطلاق ، والنكاح ، والعتق ) .
قال ابن القيم رحمه الله ، بعد أن ذكر الحديث المتقدم :
" تضمنت هذه السنن : أن المكلف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو
الرجعة : لزمه ما هزَل به ، فدلَّ ذلك أن كلام الهازل معتبر وإن لم يُعتبر كلام
النائم والناسي ، وزائل العقل والمكرَه .
والفرقُ بينهما : أن الهازل قاصدٌ للفظ غير مريد لحكمه ، وذلك
ليس إليه ، فإنما إلى المكلف الأسباب ، وأما ترتب مسبَّبَاتها وأحكامها : فهو إلى
الشارع ، قَصَدَه المكلف أو لم يقصده ، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله
وتكليفه ، فإذا قصده : رتَّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل ، وهذا بخلاف النائم
والمبرسم [ وهو الذي يهذي لعلة في عقله ] والمجنون وزائل العقل ، فإنهم ليس لهم قصد
صحيح ، وليسوا مكلفين ، فألفاظهم لغو بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها ، ولا يقصده
.
وسر المسألة : الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يُرد حكمه
، وبين من لم يقصد ولم يعلم معناه ، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة :
إحداها : أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به .
الثانية : أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه .
الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه .
الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم .
فالأوليان : لغو ، والآخرتان : معتبرتان ، هذا الذي استفيد من
مجموع نصوصه وأحكامه " انتهى .
" زاد المعاد " ( 5 / 204 ، 205 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (10/461) :
" يقع الطلاق من الجاد ومن الهازل , والفرق بينهما أن الجاد :
قصد اللفظ والحكم , والهازل : قصد اللفظ دون الحكم .
فالجاد : طلق زوجته وهو يقصد الطلاق , أما الهازل : فهو قاصد
للفظ غير قاصد للحكم ، فهو يقول مثلاً : كنت أمزح مع زوجتي أو أمزح مع صديقي فقلت :
إن زوجتي طالق أو ما أشبه ذلك . يقول : ما قصدت أنها تطلق ولكني قصدت اللفظ .
نقول : يترتب الحكم عليه ، لأن الصيغة وجدت منك ، والحكم إلى
الله .
ما دام وجد لفظ الطلاق بنية معتبرة من إنسان يعقل ويميز ويدري
ماذا يعني فإنه يقع , فكونه يقول : أنا ما قصدت أن يقع فهذا ليس إليه , بل إلى الله
.
هذا من جهة التعليل والنظر .
أما من جهة الأثر فعندنا حديث أبي هريرة : ( ثلاثٌ جدهن جد
وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة ) فهذا دليله من الأثر .
وقال بعض أهل العلم : إنه لا يقع الطلاق من الهازل , وكيف يقع
الطلاق من الهازل وهو ما أراد إلا اللفظ فقط ؟! وشنع بعض العلماء على من قال بوقوع
طلاق الهازل , وقال : أنتم تقولون : إنه هزل فكيف تقولون : يقع , وتعاملونه معاملة
الجد ؟
لكن الرد على هؤلاء أن نقول : إننا ما قلنا إلا ما دل عليه
الدليل , وهذا الحديث صححه بعضهم وحسنه بعضهم , ولا شك أنه حجة . فنحن نأخذ به .
ثم إن النظر يقتضيه ؛ لأننا لو أخذنا بهذا الأمر وفتحنا الباب
لادّعى ذلك كل واحد , وحينئذٍ لا يبقى طلاق على الأرض , فالصواب أنه يقع , سواء كان
جاداً أو هازلاً .
ثم إن قولنا بالوقوع فيه فائدة تربوية , وهي كبح جماح اللاعبين ,
فإذا علم الإنسان الذي يلعب بالطلاق أنه يؤاخذ به فإنه لن يقدم عليه أبداً .
لكن الذي يقول : أنا أمزح فإنه يفتح باباً للناس أن يتخذوا آيات
الله هزواً " انتهى .
والله أعلم .
*****
45018
هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/6964)
سؤال رقم 45018- هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
الرجاء الإفتاء في هذه المسألة ، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما.. أدرس في كلية التجارة ويعمل والدي في السياحة ( قطاع خاص في إحدى المدن السياحية . وهو مهندس كهرباء يعمل في القرية بمنصب مدير إدارة هندسية مما يعنى أنه مسئول عن كل ما يتعلق بالكهرباء؛ ابتداء من مصابيح الإضاءة وانتهاء بمضخة المياه ، مرورا بثلاجات الخمرة وإضاءة صالات الرقص والتليفزيونات وما إلى ذلك وهو يتقاضى على هذا العمل راتباً كبيراً قدره أربعة آلاف جنيه ، أما أنا فكنت أعمل بجانب الدراسة في مطعم- حبا في العمل فقط لا للحاجة- وعندما أردت الاستقلال بنفسي وإنشاء مشروع صغير أديره لم أجد سوى أبي لآخذ منه ما أحتاج من مال .
ولشكي في مال أبي من حيث الحل والحرمة توجهت بشكوكي إلى أحد المشايخ المشهود لهم بأنهم من أهل السنة ، فأفتى لي بأن ماله مختلط ولا يجوز لي منه إلا الضروري كالأكل والشرب واللبس ومصاريف الدراسة ، أما ما أحتاجه كرأس مال لمشروعي فيجوز أخذه منه على سبيل القرض وقد كان والآن أبي يريد مساعدتي بدافع الأبوة فيقف معي في المحل وفى بعض الأوقات كنت أترك له المحل وأذهب لقضاء حاجات للمحل ولنفسي ، وهكذا بدأ أبى يتعلم عملي ويعمل بنفسه وهنا بدأت المشكلة الأولى .. وهى أنني كنت قد حسبت كل المبالغ التي كنت قد أخذتها من أبى حسابا دقيقا ، أما بعد وقوفه معي أصبح الأمر مختلطا فأبى ٌقد يخرج من جيبه مالا يضعه في درج المحل أو قد يشترى بضاعة للمحل من جيبه الخاص. وهذا يمكن بكثير من المجهود حصره ، أما ما لا يمكن حصره هو أنه قد يشتري طعاما للبيت ثم يجد المحل محتاجا له فيأتي ببعض ما اشتراه للبيت ويضعه في المحل, ويكون هذا دون علمي واستشارتي ودون أن يحسبه كم يتكلف علىّ لأرده .
أما المشكلة الثانية.. فأبى غير مقتنع بردي المال له فهو يعتبره مالي ومال إخوتي وأنه يعمل ويأت بهذا المال من أجلنا فهو لن يقبل رد المال أبدا
أما المشكلة الثالثة.. أنه غير مقتنع بحرمة ماله - إن كان حراما - فهو يرى أنه من (الضرورات التي تبيح المحظورات) فإن عمله الحكومي يتقاضى عنه ما يقل قليلا عن 400 جنيه - لاحظوا الفرق أكرمكم الله- .. ونحن أسرة مكونة من خمسة أفراد منهم اثنان يدرسون دراسة جامعية.. وهو يرى أن مال الدولة كله حرام فالدولة تتعامل بالقروض الربيوية وتأخذ الضرائب وتجيز العمل في تجارة الخمور، وبالتالي فلا أحد يعمل إلا وفى ماله جزء حرام... والسؤال الآن
1- ما حكم مال أبى ؟ وهل تنطبق عليه قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ؟ وإن كان كذلك هل يجوز لنا الحرام بالتبعية ؟
2- كيف أحسب ما أدخله أبى عندي من مال إن كان هو لا يستطيع حسابه ؟
3- كيف لي أن أرد له هذا المال –إن وجب الرد- إن كان هو رافضا أخذه ؟ وهل يجوز لي أن أصر على الرفض وأن أسدد ما علي من ديون لأصحابها ( رد المظالم ) ؟
4- ما الذي يجوز لي من مال أبي؟ وإذا مات هل يجوز لي أن أرث ماله ؟ .
الحمد لله
لا شك أن العمل في مجال السياحة على ما هو موجود في واقعنا الآن
، لاسيما في بلادكم ، تشوبه الكثير من المخالفات الشرعية ، من رعاية الاختلاط ،
والتبرج ، وربما الخمور والمحرمات الأخرى ، وإذا كان الأمر كذلك ، كان جزء من مال
أبيك محرما ، وهو ما يسمى عند العلماء بالمال المختلط .
وقد قرر أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام ،
فإنه يجوز الأكل من ماله ، وتجوز سائر وجوه معاملته ، إلا أن التورع عن ذلك أولى .
أما احتجاج والدك بأن ذلك ضرورة ، فهو غير صحيح ، لأن أبواب
الحلال كثيرة جدا ، وقد قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا
يحتسب ) ، ولو فتح الإنسان على نفسه هذا الباب ، لولج كل أبواب الحرام بحجة الضرورة
.
واعلم أن أكل الحرام له عواقب وخيمة ، لو لم يكن منها إلا
الحرمان من إجابة الدعاء ، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ... ذَكَرَ الرَّجُلَ
يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ
يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ
وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له " رواه مسلم برقم 1015
ومال أبيك الذي اكتسبه عن طريق هذا العمل المحرّم يسمّيه العلماء
مالاً محرّماً لكسبه ، أي أنه اكتسبه بطريق محرّم ، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا
المال يكون حراماً على مكتسبه فقط ، وأما من أخذه منه بطريق مباح فلا يحرم عليه كما
لو أعطاك والدك هدية أو نفقة وما أشبه ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه ، فإنما إثمه على الكاسب
لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب ، بخلاف ما كان محرما لعينه ، كالخمر والمغصوب
ونحوهما ، وهذا القول وجيه قوي ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من
يهودي طعاما لأهله ، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر ، وأجاب دعوة
اليهودي ، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت ، وربما يقوي
هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة : ( هو لها
صدقة ولنا منها هدية ) " القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش ، أو عن طريق
الربا ، أو عن طريق الكذب ، وما أشبه ذلك ؛ وهذا محرم على مكتسبه ، وليس محرما على
غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح ؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل
اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت ، ويأخذون الربا ، فدل ذلك على أنه لا يحرم على
غير الكاسب " تفسير سورة البقرة 1/198
وعليه ، فلك أن ترث والدك ، وليس عليك أن تحسب ما أدخله عليك ،
أو أن ترد ما أدخله عليك ، إلا أن التورع عن الأكل من ماله إن استطعت أولى .
والله أعلم .
للمزيد انظر ( أحكام القرآن لابن العربي 1 / 324 ، المجموع 9 / 430 ، الفتاوى
الفقهية الكبرى للهيتمي 2 / 233 ، كشاف القناع 3 / 496 ، سؤال رقم 21701 ) .
*****
45042
حكم بيع التورق
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/6965)
سؤال رقم 45042- حكم بيع التورق
في الآونة الأخيرة قام البنك الأهلي التجاري بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط ، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث ، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا ؟.
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم : (التورق) مأخوذ من الورِق
وهو الفضة ، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة .
و " جمهور العلماء على إباحتها ، لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله
البيع ) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار .
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها ، وإما للانتفاع
بثمنها .
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمهم الله
تعالى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف ، والصحيح جوازها " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" وأما مسألة التورق فليست من الربا ، والصحيح حلها ، لعموم
الأدلة ، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة ، أما من باعها على
من اشراها منه ، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا ، وتسمى مسألة العينة ، وهي
محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
.
انظر : "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال بجوازها بشروط معينة
.
قال رحمه الله في رسالة المداينة : " القسم الخامس – أي من أقسام
المداينة - : أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ، ثم يبيع
السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه ، فهذه هي مسألة التورق .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها ، فمنهم من قال : إنها
جائزة ؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض
صحيح .
ومن العلماء من قال : إنها لا تجوز ؛ لأن الغرض منها هو أخذ
دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا ، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع
بها حصول المفسدة لا يغني شيئا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
، وهو رواية عن الإمام أحمد .
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن
القيم في "تهذيب السنن" ( 5/801 ) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز
بشروط :
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم ، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز ،
كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره .
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض ،
فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به
إليها .
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول : بعتك
إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك ، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم ، نقل
عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا : كأنه دراهم بدراهم ، لا يصح . هذا كلام الإمام
أحمد . وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول
للمستدين : بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة .
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم . فإذا تمت
هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس
.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل
مما اشتراها به بأي حال من الأحوال ؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى .
والله أعلم .
*****
4509
هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/6966)
سؤال رقم 4509- هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور
قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله. أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً
الجواب:
الحمد لله
ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :
السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري " ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم " فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟
الجواب :
الحمد لله
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده ، ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 , وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل . وأما ما يروى :
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق ، فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310
السؤال : هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح أم لا . بين لنا حقيقته ؟
الجواب :
الحمد لله
لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
فتاوى اللجنة الدائمة 1/312
*****
45174
حكم الطلاق في حالة الغضب
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/6967)
سؤال رقم 45174- حكم الطلاق في حالة الغضب
امرأة مسلمة قال لها زوجها كثيرا وهو في حالة غضب شديد أنت طالق فما حكم ذلك خاصة وهم لديهم أطفال ؟.
الحمد لله
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن تسيء إليه زوجته وتشتمه ،
فطلقها في حال الغضب فأجاب :
(إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حالة شدة الغضب وغيبة الشعور
، وأنك لم تدرك نفسك، ولم تضبط أعصابك، بسبب كلامها السيئ وسبها لك وشتائمها ونحو
ذلك ، وأنك طلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب وغيبة الشعور ، وهي معترفة بذلك ، أو
لديك من يشهد بذلك من الشهود العدول ، فإنه لا يقع الطلاق ؛ لأن الأدلة الشرعية دلت
على أن شدة الغضب – وإذا كان معها غيبة الشعور كان أعظم - لا يقع بها الطلاق .
ومن ذلك ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله
عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" .
قال جماعة من أهل العلم : الإغلاق : هو الإكراه أو الغضب ؛ يعنون
بذلك الغضب الشديد ، فالغضبان قد أغلق عليه غضبه قصده ، فهو شبيه بالمعتوه والمجنون
والسكران ، بسبب شدة الغضب ، فلا يقع طلاقه . وإذا كان هذا مع تغيب الشعور وأنه لم
يضبط ما يصدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق .
والغضبان له ثلاثة أحوال :
الحال الأولى : حال يتغيب معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين ،
ولا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم .
الحال الثانية : وهي إن اشتد به الغضب ، ولكن لم يفقد شعوره ، بل
عنده شيء من الإحساس ، وشيء من العقل ، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق ،
وهذا النوع لا يقع به الطلاق أيضاً على الصحيح .
والحال الثالثة : أن يكون غضبه عاديا ليس بالشديد جدا ، بل عاديا
كسائر الغضب الذي يقع من الناس ، فهو ليس بملجئ ، وهذا النوع يقع معه الطلاق عند
الجميع ) انتهى من فتاوى الطلاق ص 19- 21، جمع: د. عبد الله الطيار، ومحمد
الموسى.
وما ذكره الشيخ رحمه الله في الحالة الثانية هو اختيار شيخ
الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله ، وقد ألف ابن القيم في ذلك رسالة
أسماها : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ، ومما جاء فيها :
( الغضب ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائله بحيث لا يتغير عليه عقله
ولا ذهنه , ويعلم ما يقول , ويقصده ; فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وعتقه وصحة عقوده
.
القسم الثاني : أن يبلغ به الغضب نهايته بحيث ينغلق عليه باب
العلم والإرادة ; فلا يعلم ما يقول ولا يريده , فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع
طلاقه , فإذا اشتد به الغضب حتى لم يعلم ما يقول فلا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله
في هذه الحالة , فإن أقوال المكلف إنما تنفذ مع علم القائل بصدورها منه ، ومعناها ،
وإرادته للتكلم .
القسم الثالث : من توسط في الغضب بين المرتبتين , فتعدى مبادئه ,
ولم ينته إلى آخره بحيث صار كالمجنون , فهذا موضع الخلاف , ومحل النظر , والأدلة
الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده التي يعتبر فيها الاختيار والرضا ,
وهو فرع من الإغلاق كما فسره به الأئمة) انتهى بتصرف يسير نقلا عن : مطالب
أولي النهى 5/323 ، ونحوه في زاد المعاد مختصرا 5/215
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن يتجنب استعمال لفظ الطلاق ،
حتى لا يفضي ذلك إلى خراب بيته وانهيار أسرته .
كما أننا نوصي الزوج والزوجة معاً بأن يتقيا الله في تنفيذ حدوده
وأن يكون هناك نظر بتجرّد إلى ما وقع من الزوج تجاه زوجته هل هو من الغضب المعتاد
الذي لا يمكن أن يكون الطلاق عادة إلا بسببه ، وهو الدرجة الثالثة التي يقع فيها
الطلاق باتفاق العلماء وأن يحتاطا لأمر دينهما بحيث لا يكون النظر إلى وجود أولاد
بينكما باعثاً على تصوير الغضب بما يجعل المفتي يفتي بوقوعه ـ مع علم الطرفين أنه
أقلّ من ذلك ـ.
وعليه فإن وجود أولاد بين الزوجين ينبغي أن يكون دافعاً لها
للابتعاد عن استعمال ألفاظ الطلاق والتهوّر فيها ، لا أن يكون دافعاً للتحايل على
الحكم الشرعيّ بعد إيقاع الطلاق والبحث عن مخارج وتتبّع رخص الفقهاء في ذلك .
نسأل الله أن يرزقنا جميعاً البصيرة في دينه وتعظيم شعائره
وشرائعه .
والله أعلم .
*****
45185
صرف الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/6968)
سؤال رقم 45185- صرف الزكاة
جمعية خيرية تقسط الزكاة على موظفيها وطلابها فإن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لديها مبالغ زكاة تم جمعها من المحسنين ، وقد اعتادت الجمعية على صرف مبالغ الزكاة على مستحقيها من طلاب الحلقات بين الحين والآخر أو بمعدّل شهرين في السنة .
وحيث أن بعض موظفي الجمعية أحوالهم المادية صعبة ورواتبهم لا تكفي المتطلبات المعيشية لأسرهم وبعضهم عليه التزامات وديون فقد قامت الجمعية بين حين وآخر بصرف مبالغ لهم من الزكاة وإبلاغهم بأنها من الزكاة ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة فقد رأت الجمعية صرف مبلغ ثابت من الزكاة شهرياً للموظف المستحقّ يقدّر بين 1500 و 2000 ريال ، فهل يجوز صرف مبلغ من الزكاة شهرياً بشكل ثابت لمن يستحقه من منسوبي الجمعية ؟.
الحمد لله
أولا :
لا حرج أن تقوم الجمعية الخيرية بتوزيع الزكاة على مستحقيها ،
نيابة عن أصحابها وللقائمين عليها ، الأجر والثواب إن شاء الله تعالى .
ثانيا :
يجوز دفع الزكاة إلى موظفي الجمعية وطلاب الحلقات إذا كانوا من
أهل الزكاة ، كما لو كانوا فقراء أو مساكين ، ليس لديهم ما يكفيهم ، أو كانوا
مدينين لا يجدون وفاء لديونهم ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
ثالثا :
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها ، إلا لمصلحة راجحةٍ ، مدةً يسيرة
، لعدم وجود المستحق ، أو لغيبة المال ، أو لانتظار قريب ونحو ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إن أخرها - أي : الزكاة - ليدفعها
إلى من هو أحق بها من ذي قرابة ، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً ، فلا
بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290).
وسئلت اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم
تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام ، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان
وهكذا ، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم
وحملونا إياها ؟
فأجابت : " يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم
تأجيلها إذا وجد المستحق " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/402) .
وعليه فإخراج الزكاة في صورة رواتب شهرية ، فيه تأخير لها عن وقت
وجوبها ، فلا يجوز ذلك.
فإن دعت الحاجة إلى تقسيط الزكاة على الفقراء على دفعات ، فلا
حرج في ذلك ، ولكن بشرط أن تكون الزكاة معجّلة ، أي أخرجها أصحابها قبل نهاية الحول
، فلا حرج من تقسيطها بشرط أن لا يتأخر إخراجها عن الحول .
وهذا يحتاج من الجمعية أن تنقع أصحاب الأموال بتعجيل زكاتهم حتى
يتسنى للجمعية أن توزيعها شهرياً ، بما يتوافق مع مصلحة الفقراء والمحتاجين .
وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته في أول صفرٍ مثلا ، فإذا أخرج
زكاته في وقتها ، أخرج زكاة السنة القادمة معها ، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة ،
فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا ، فله أن يخرج الألف معجلة الآن ، وله أن
يخرجها مقسطة على السنة حسب ما يرى ، فإذا جاء الحول ، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر
منها شيئا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ
عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ
إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ
شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ
مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا
" انتهى من "المغني" (2/290)
وسئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول
السنة ، في شكل رواتب للأسر الفقيرة ، في كل شهر ؟
فأجابت : " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين
إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وإعطائها الفقراء المستحقين شهريّاً ." انتهى من
"فتاوى اللجنة الدائمة (9/422)
وانظر السؤال رقم ( 52852 )
والحاصل أنه لا يجوز للجمعية أن تخرج ما وُكلت في توزيعه من
الزكاة على هيئة أقساط أو رواتب شهرية ، إلا إذا علمت أن المزكي قد عجّل زكاته ،
ولها أن تُرغِّب أصحاب الأموال في ذلك ؛ ليتسنى لها إعالة الفقراء شهريا أو كل
ثلاثة أشهر ، ونحو ذلك .
رابعاً :
إذا كان الشخص يأخذ من الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين
والمدينين فإنه يجب عند إعطائه للزكاة التأكد من حاله ، هل هو مستحق أم لا ؟ فقد
يكون فقيراً الآن ثم يغنيه الله تعالى من فضله ، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة ، فيجب
التحري والتنبّه لذلك حتى تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية .
هذا ونسأل الله أن يجزي القائمين على الجمعيات الخيرية خير
الجزاء ، وأن يعينهم ويسددهم ، ويوفقهم لكل خير .
والله أعلم .
*****
45325
أسباب عذاب القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/6969)
سؤال رقم 45325- أسباب عذاب القبر
أريد أن أسأل عن الذنوب التي يعذب من فعلها عليها في القبر .
الحمد لله
الأسباب التي يعذب بها أصحابها في القبور كثيرة ، وقد جمعها ابن
القيم رحمه الله فقال : " وقد يتساءل البعض عن " الأسباب التي يُعذب بها أصحاب
القبور ؟
وجوابها من وجهين :
مجمل ومفصل :
أما المجمل فإنهم يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره ،
وارتكابهم لمعاصيه ، فلا يُعذب الله روحاً عرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نهيه
، ولا بدناً كانت فيه أبدا ؛
فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثرُ غضبِ الله وسخطه على عبده ،
فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ
بقدر غضب الله وسخطه عليه ، فمستقل ومستكثر ، ومصدق ومكذب .
وأما الجواب المفصل :
فقد أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجلين
الذين رآهما يعذبان في قبورهما ، يمشى أحدهما بالنميمة بين الناس ، ويترك الآخر
الاستبراء من البول ، فهذا ترك الطهارة الواجبة ، وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة
بين الناس بلسانه وإن كان صادقا ..
وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور
والبهتان أعظم عذابا ..
كما أن في ترك الاستبراء من البول تنبيها على أن من ترك الصلاة
التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذابا ، وفي حديث شعبة : (
أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس )
فهذا مغتاب ، وذلك نمام .
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الذي ضُرب سوطا امتلأ القبر
عليه به ناراً ، لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور ، ومر على مظلوم فلم ينصره .
وفي حديث سمرة في صحيح البخاري في تعذيب من يكذب الكذبة فتبلغ
الآفاق ..
وتعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به بالنهار
..
وتعذيب الزناة والزواني ..
وتعذيب آكل الربا كما شاهدهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في البرزخ .
وفي حديث أبى هريرة رضي الله عنه الذي فيه رضخ رؤوس أقوام بالصخر
لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة ..
والذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم ..
والذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم ..
والذين تقرض شفاههم بمقاريض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام
والخطب ..
وفي حديث أبى سعيد عقوبة أرباب تلك الجرائم ، فمنهم من بطونهم
أمثال البيوت وهم أكلة الربا ..
ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم وهم
أكلة أموال اليتامى ..
ومنهم المعلقات بثديهن وهن الزوانى .
ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم وهم المغتابون ..
ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم وهم الذين
يقعون في أعراض الناس ..
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صاحب الشملة التي
غلها من المغنم أنها تشتعل ناراً في قبره ، هذا وله فيها حق ، فكيف بمن ظلم غيره ما
لا حق له فيه .
فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن
والفرج واليد والرجل والبدن كله :
فالنمام والكذاب والمغتاب وشاهد الزور وقاذف المحصن والموضع في
الفتنة والداعي إلى البدعة والقائل على الله ورسوله ما لا علم له به والمجازف في
كلامه .
وآكل الربا وآكل أموال اليتامى وآكل السحت من الرشوة ونحوها .
وآكل مال أخيه المسلم بغير حق أو مال المعاهد وشارب المسكر .
والزاني واللوطي والسارق والخائن والغادر والمخادع والماكر .
وآخذ الربا ومعطيه وكاتبه وشاهداه ، والمحلل والمحلل له والمحتال
على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه .
ومؤذي المسلمين ومتتبع عوراتهم .
والحاكم بغير ما أنزل الله والمفتي بغير ما شرعه الله والمعين
على الإثم والعدوان .
وقاتل النفس التي حرم الله ، والملحد في حَرَم الله ، والمعطل
لحقائق أسماء الله وصفاته الملحد فيها ..
والمقدم رأيه وذوقه وسياسته على سنة رسول الله .
والنائحة والمستمع إليها ، ونواحو جهنم وهم المغنون الغناء الذي
حرمه الله ورسوله والمستمع إليهم .. والذين يبنون المساجد على القبور ويوقدون عليها
القناديل والسرج ، والمطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه وهضم ما عليهم إذا بذلوه
.
والجبارون والمتكبرون والمراءون والهمازون واللمازون والطاعنون
على السلف .
والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم .
وأعوان الظلمة الذين قد باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم .
والذي إذا خوفته بالله وذكرته به لم يرعو ولم ينزجر , فإذا خوفته
بمخلوق مثله خاف وارعوى وكف عما هو فيه .
والذى يُهدَى بكلام الله ورسوله فلا يهتدي ولا يرفع به رأسا ,
فإذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطئ عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه .
والذي يقرأ عليه القرآن فلا يؤثر فيه وربما استثقل به فإذا سمع
قرآن الشيطان ورقية الزنا ومادة النفاق طاب سره وتواجد وهاج من قلبه دواعي الطرب
وود أن المغنى لا يسكت .
والذي يحلف بالله ويكذب فإذا حلف بشيخه أو قريبه أو حياة من يحبه
ويعظمه من المخلوقين لم يكذب ولو هدد وعوقب .
والذي يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين إخوانه وأضرابه وهو المجاهر
.
والذي لا تأمنه على مالك وحرمتك , والفاحش اللسان البذيء الذي
تركه الخلق اتقاء شره وفحشه .
والذي يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وينقرها ولا يذكر الله فيها إلا
قليلا , ولا يؤدى زكاة ماله طيبة بها نفسه , ولا يحج مع قدرته على الحج ولا يؤدى ما
عليه من الحقوق مع قدرته عليها .
والذي لا يتورع في نظره ولا لفظه ولا أكله ولا خطوه ولا يبالي
بما حصل من المال من حلال أو حرام .
ولا يصل رحمه ولا يرحم المسكين ولا الأرملة ولا اليتيم ولا
الحيوان البهيم , بل يَدُعُّ اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ، ويرائي للعالمين
، ويمنع الماعون ، ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه , وبذنوبهم عن ذنبه .
فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها
وقلتها وصغيرها وكبيرها .
ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز
منهم قليل .
فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب .
ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات .
وفي باطنها الدواهى والبليات ، تغلى بالحسرات كما تغلي القدور
بما فيها ، ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها .
تالله لقد وَعَظَت فما تركت لواعظ مقالا .
ونادت : يا عمار الدنيا ، لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا ،
وخربتم دارا أنتم مسرعون إليها انتقالا .
عمرتم بيوتا لغيركم منافعُها وسكناها ، وخربتم بيوتا ليس لكم
مساكن سواها .
هذه دار الاستباق ومستودع الأعمال وبذر الزرع ، وهذه محل للعبر ،
رياض من رياض الجنة ، أو حفر من حفر النار .." انتهى من كتاب الروح (95)
بتصرف يسير .
*****
45648
لم يكن يعلم بوجوب غسل الجنابة فهل يعيد الصلوات ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >
سؤال رقم 45648: لم يكن يعلم بوجوب غسل الجنابة فهل يعيد الصلوات ؟
لم أكن أعلم بوجوب الغسل من الجنابة للصلاة ، فهل عليَّ إعادة ؟.
الحمد لله
الواجب على كل مسلم ومسلمة تعلم الأحكام الشرعية وخاصة المتعلقة
بما قد كلفه الله به ويستطيع القيام به ، فمن ملك المال وجب عليه تعلم أحكام الزكاة
، ومن عمل في التجارة وجب عليه تعلم أحكام البيع والشراء ، وعلى الجميع تعلم
الاعتقاد الصحيح وما يلزم كل مكلف القيام به ، وأحكام الطهارة والصلاة ، وقد يسَّر
الله تعالى طرق طلب العلم ، فلم يعد للكثيرين حجة في عدم العلم إلا التقصير .
وبخصوص المسألة المعيّنة : وهي عدم العلم بوجوب الغسل من الجنابة
، وأنك قد صلَّيت صلوات كثيرة وأنت على هذه الحال : فقد ذهب أهل العلم إلى أن ذلك
يعتبر عذراً ، فلا يجب عليك قضاؤها ولكن عليك الاغتسال وإعادة الصلاة التي بلغك
الحكم وأنت في وقتها . واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد
فدخل رجل فصلى فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل
فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل فإنك
لم تصل ثلاثا فقال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى
الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى
تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا وافعل ذلك في صلاتك
كلها . رواه البخاري ( 724 ) ومسلم ( 367 ) . فلم يأمره
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقضاء ما مضى من الصلوات وإنما أمره بقضاء
الصلاة الحاضرة فقط .
2. عن عبد الرحمن بن أبزى قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت ( أي : تمرغت في التراب ) فصليت فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. رواه البخاري ( 331 ) ومسلم ( 368 ) .
فقد ترك عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصلاة لعدم علمه بوجوب التيمم لمن فقد الماء ، وخالف عمار بن ياسر رضي الله عنه طريقة التيمم لعدم علمه بصفة التيمم الصحيحة ، ولم يأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء ما تركاه من الصلوات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
... وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص ، مثل : أن
يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان
الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟ فيه قولان هما روايتان عن
أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى ، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس
الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل : عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا
عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ، فمن لم يبلغه
أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ : لم يثبت حكم وجوبه
عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ
عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما
كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له
الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل
بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب : المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم
وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها - كما
نقل عن مالك وغيره – ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : " إني
حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام " أمرها بما يجب في المستقبل
، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي .
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي
وغير البوادي مَن يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ، بل إذا قيل للمرأة : صلِّي(1/6970)
، تقول : حتى أكبر وأصير عجوزة ! ظانَّة أنه لا يخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة
كالعجوز ونحوها ، وفي أتباع الشيوخ ( أي من الصوفية ) طوائف كثيرون لا يعلمون أن
الصلاة واجبة عليهم ، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل : كانوا
كفَّاراً أو كانوا معذورين بالجهل ... " مجموع الفتاوى " ( 21 / 101 ، 102 )
.
وانظر جواب السؤال رقم ( 21806 ) .
ويمكن أن يُقال هنا إن السائل إذا كان في مكان تتوافر فيه أسباب
التعلم وفرّط ولم يتعلم فإن عليه قضاء الصلوات التي صلاها بغير غُسل من الجنابة ما
لم يكن كبيراً جداً ، فيسقط قضاؤها حينئذ للحرج لقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78
والله أعلم.
*****
45781
صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل من صلاتها في البيت
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/6971)
سؤال رقم 45781- صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل من صلاتها في البيت
هل فعل صلاة التراويح جماعة في المسجد أفضل ، أم صلاتها في البيت ؟ .
الحمد لله
صلاة الجماعة في المسجد مع الجماعة أفضل من صلاتها في البيت .
وقد دلت على ذلك السنة ، وفعل الصحابة رضي الله عنهم .
1- روى البخاري (1129) ومسلم (761) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى
ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ
الْقَابِلَةِ ، فَكَثُرَ النَّاسُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ
الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : ( قَدْ رَأَيْتُ
الَّذِي صَنَعْتُمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي
خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ) وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
فهذا يدل على أن صلاة التراويح في جماعة مشروعة بسنة النبي صلى
الله عليه وسلم ، غير أنه تركها خشية أن تفرض على الأمة ، فلما مات النبي صلى الله
عليه وسلم زال هذا المحذور ، لاستقرار الشريعة.
2- وروى الترمذي (806) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ :
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ
الإِمَامِ –يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ
) .
صححه الألباني في صحيح الترمذي .
3- وروى البخاري (2010) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ
الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ
مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي
بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ
عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ
بْنِ كَعْبٍ .
قَوْله : ( أَمْثَل ) أي أفضل .
قال الحافظ :
" قَالَ اِبْن التِّين وَغَيْره اِسْتَنْبَطَ عُمَر ذَلِكَ مِنْ
تَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي
تِلْكَ اللَّيَالِي , وَإِنْ كَانَ كَرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ
خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ , فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَلَ الأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ , وَرَجَحَ عِنْد عُمَر ذَلِكَ
لِمَا فِي الاخْتِلاف مِنْ اِفْتِرَاق الْكَلِمَة , وَلأَنَّ الاجْتِمَاعَ عَلَى
وَاحِدٍ أَنْشَطُ لِكَثِيرِ مِنْ الْمُصَلِّينَ , وَإِلَى قَوْل عُمَر جَنَحَ
الْجُمْهُور " انتهى من "فتح الباري" .
وقال النووي في "المجموع" (3/526) :
" صَلاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ . . .
وَتَجُوزُ مُنْفَرِدًا وَجَمَاعَةً , وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ
مَشْهُورَانِ ، الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ .
الثَّانِي : الانْفِرَادُ أَفْضَلُ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : الْخِلافُ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ ،
وَلا يَخَافُ الْكَسَلَ عَنْهَا لَوْ انْفَرَدَ , وَلا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي
الْمَسْجِدِ لِتَخَلُّفِهِ . فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ هَذِهِ الأُمُورِ فَالْجَمَاعَةُ
أَفْضَلُ بِلا خِلافٍ .
قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ : قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو
إِسْحَاقَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً أَفْضَلُ مِنْ الانْفِرَادِ لإِجْمَاعِ
الصَّحَابَةِ ، وَإِجْمَاعِ أَهْلِ الأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ : انتهى .
وقال الترمذي :
" وَاخْتَارَ اِبْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
الصَّلاةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ " .
قال في تحفة الأحوذي :
" وَفِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ : وَقِيلَ لأَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ : يُعْجِبُك أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ أَوْ
وَحْدَهُ ؟ قَالَ يُصَلِّي مَعَ النَّاسِ . قَالَ وَيُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ
مَعَ الإِمَامِ وَيُوتِرَ مَعَهُ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ
كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ " . قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَقُومُ
مَعَ النَّاسِ حَتَّى يُوتِرَ مَعَهُمْ وَلا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَنْصَرِفَ
الإِمَامُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : شَهِدْته يَعْنِي أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
شَهْرَ رَمَضَانَ يُوتِرُ مَعَ إِمَامِهِ إِلا لَيْلَةً لَمْ أَحْضُرْهَا . وَقَالَ
إِسْحَاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْت لأَحْمَدَ : الصَّلاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ
إِلَيْك أَمْ يُصَلِّي وَحْدَهُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ؟ قَالَ :
يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ ، يُحْيِي السُّنَّةَ . وَقَالَ
إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ " اِنْتَهَى .
وانظر : "المغني" (1/457) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجالس شهر رمضان" (ص 22) :
" وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن الجماعة في صلاة
التراويح في المسجد ، ثم تركها خوفا من أن تفرض على أمته . . . ثم ذكر الحديثين
السابقين ، ثم قال :
ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التروايح لينال ثوابها وأجرها
، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ، ليحصل له أجر قيام الليل كله " انتهى باختصار .
وقال الألباني في "قيام رمضان" :
" وتشرع الجماعة في قيام رمضان ، بل هي أفضل من الانفراد ،
لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه ، وبيانه لفضلها بقوله .
وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تفرض
عليهم صلاة الليل في رمضان ، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في "الصحيحين"
وغيرهما . وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة
، وبذلك زال المعلول ، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان ، وبقي الحكم السابق ، وهو
مشروعية الجماعة ، ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في "صحيح البخاري" وغيره " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (27/138) ":
" وَقَدْ وَاظَبَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْمُسْلِمُونَ
مِنْ زَمَنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنه عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً ,
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه هُوَ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى
إمَامٍ وَاحِدٍ . . . .
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : سَأَلْت
أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ , فَقَالَ :
التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ , وَلَمْ يَتَخَرَّصْ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ
نَفْسِهِ , وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا , وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلا عَنْ
أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَقَدْ
سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلاهَا
جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَا
رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ , بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا
بِذَلِكَ " انتهى .
والله أعلم .
*****
45841
آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/6972)
سؤال رقم 45841- آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم
ما هو آخر حديث نطق به الرسول صلي الله عليه وسلم قبل أن يودع عليه الصلاة والسلام الدنيا ؟.
الحمد لله
آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يودع الدنيا :
( اللهم الرفيق الأعلى ) وعلى ذلك بوب البخاري في كتاب المغازي من صحيحه ، باب :
آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : وساق حديث عَائِشَةَ ـ رضي الله
عنها ـ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ
صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ
ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ
ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ
الرَّفِيقَ الأَعْلَى فَقُلْتُ إِذًا لا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ
الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ
كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ٌ) رواه البخاري
(4463) ومسلم (2444)
وأما ما رواه أحمد (1691) من حديث أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ آخِرُ
مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوا
يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ
مَسَاجِدَ ، صححه الألباني في الصحيحة برقم (1132) وما رواه
أبو داود (5156) وابن ماجه (2698) من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ
آخِرُ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ
الصَّلاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ) صححه الألباني في صحيح
أبي داود ، ونحو ذلك من الأحاديث فالمراد بها أن ذلك من آخر ما تكلم به النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ، أو أن ذلك آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ـ من الذي
كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده . فهذه الأحاديث آخريتها نسبية ،
وأما حديث عائشة فآخريته مطلقة .
انظر فيض القدرير للمناوي (5/250-251).
فائدة : قال السهيلي : الحكمة من اختتام كلام المصطفى ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بهذه الكلمة ( اللهم الرفيق الأعلى ) كونها تتضمن التوحيد والذكر
بالقلب ، حتى يستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان ، لأن
بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع ، فلا يضره ، إذا كان قلبه عامرا بالذكر .
نقله الحافظ في الفتح (8/138) .
*****
45910
هل يأخذ قرضاً ربويّاً ليشتري به بيتاً ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6973)
سؤال رقم 45910- هل يأخذ قرضاً ربويّاً ليشتري به بيتاً ؟
نحن فلسطينو 48 نأخذ قروض سكنية من وزارة الإسكان لمدة 25 عاماً ، ومنها – أيضاً – جزء هبة , ويكون السداد بأقساط شهرية مع الفائدة ( الربا ) ، وإذا تأخر المستقرض عن السداد لمدة عام يحق للوزارة أخذ البيت وبيعه لآخر , وأيضا هناك شرط في عقد القرض ينص على أنه في حالة موت أحد الزوجين الموقعين على القرض فيعفى الآخر من السداد ولا يحق للوزارة مطالبته بالسداد ، ويكون البيت خالصا له دون ديون القروض السكنية ؟ فما حكم الإسلام في مثل هذه القروض - علما أنه إذا بنى أحدٌ بيتاً دون أن يأخذ هذا القرض سيقع تحت طائلة المساءلة من أين لك هذا - ؟.
الحمد لله
أولاً :
مما لا شك أن الربا في حياة اليهود سمة بارزة ، وحيلهم في أكل
الحرام عموماً والربا خاصة معروف ، قد ذكره الله تعالى عنهم وبيَّن أنه قد نهاهم
عنه وحرَّمه عليهم ، قال تعالى : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا
عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
كَثِيراً . وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) النساء/160، 161 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
إن الله قد نهاهم – أي : اليهود – عن الربا ، فتناولوه ، وأخذوه
، واحتالوا عليه بأنواع الحيل ، وصنوف من الشبَه ، وأكلوا أموال الناس بالباطل .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 584 ) .
وأخذ الربا منكم وإرهاقكم به والاستيلاء على المنزل عند العجز عن
السداد أمر معروف في دينهم المحرَّف ومعاملاتهم الخسيسة ، فقد قصر اليهود النص
المحرِّم للربا على التعامل بينهم فقط ، أما معاملة اليهودي لغير اليهودي بالربا :
فقد فجعلوه جائزاً لا بأس به ، وقد جعلوه طريقاً للاستيلاء على أملاك غيرهم .
يقول أحد ربانييهم - واسمه راب - :
عندما يحتاج النصراني إلى درهم فعلى اليهودي أن يستولي عليه من
كل جهة ، ويضيف الربا الفاحش إلى الربا الفاحش ، حتى يرهقه ، ويعجز عن إيفائه ما لم
يتخلَّ عن أملاكه أو حتى يضاهي المال مع فائدة أملاك النصراني ، وعندئذ يقوم
اليهودي على مدينه – أي : غريمه – وبمعاونة الحاكم يستولي على أملاكه .
" الربا وأثره على المجتمع الإنساني " للدكتور عمر بن سليمان الأشقر ( ص 31 ) .
ثانياً
الربا في الإسلام محرَّم ، ولا فرق في الحكم بين أن يكون بين
المسلمين أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم ، والقروض التي يشترط أصحابها سدادها بزيادة
هي من القروض الربوية ، وتحريمها لا شك فيه ، والمتعامل بها أخذاً وإعطاء معرِّضٌ
نفسه للوعيد في الدنيا والآخرة .
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ
إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى
فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/275 .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلّى الله عليه
وسلّم : ( رأيتُ الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا
على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل
الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان ، فجعل
كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : الذي رأيته
في النهر آكل الربا ) رواه البخاري (1979) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال :
( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله وما هنَّ ؟ قال : الشرك ، والسحر ،
وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتّولّي
يوم الزّحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) رواه البخاري (2615) ومسلم
(89) .
ولا فرق في الحكم بين آكل الربا – وهو البنك هنا - ، وموكله –
وهو الآخذ منه هذا القرض – والشاهد والكاتب ؛ إذ كلهم في الإثم سواء .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى
الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكلَه وكاتبه وشاهديه وقال : هم سواء ) .
رواه مسلم ( 1598 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
المعاملة مع البنك هل هي ربا أم جائزة ؟ لأن فيه كثيراً من
المواطنين يقترضون منها ؟
فأجابوا :
يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهباً أو فضة أو ورقاً نقديّاً
على أن يرد أكثر منه ، سواء كان المقرض بنكاً أم غيره ؛ لأنه ربا ، وهو من أكبر
الكبائر ، ومن تعامل هذا التعامل من البنوك فهو بنك ربوي .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 412 ) .
وعليه : فلا يجوز لكم الاقتراض من تلك البنوك لما في معاملتها
معكم من الربا المحرم الصريح ، ويمكنكم البناء بأموالكم الحلال وإثبات ذلك بطرق
كثيرة ، فليس كل من يبني بيتاً من غير طريق البنك يكون سارقاً أو مختلساً لهذه
الأموال ، فالحصول على المال من الكسب الطيب طرقه واسعة ويمكن إثبات ذلك وتوثيقه
لمن يرتاب في أمركم ، وهو أمر ليس فوق الطاقة والقدرة .
وقد سبق بيان تحريم الربا ، وتحريمه بالنسبة لبناء البيوت
وشرائها ، فانظر أجوبة الأسئلة رقم ( 21914 )
و ( 22905 ).
والله أعلم .
*****
45918
حكم الاشتراك في التأمين الإلزامي للفرد والاختياري للعائلة
الفقه > معاملات > التأمين >
سؤال رقم 45918: حكم الاشتراك في التأمين الإلزامي للفرد والاختياري للعائلة
أدرس في استراليا ويلزمون من جاء إلى هنا أن يقوم بإجراء تأمين فردي ولا يلزمونه بالنسبة إلى عائلته ، فيقوم بعض الشباب بالتأمين على نفسه وعلى أفراد عائلته لأن ذلك أوفر مادياً ، فهل هذا يجوز ؟.
الحمد لله
سألنا فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين
فقال : التأمين الإلزامي الذي لا مفرّ منه معذور من أُجبِر على
المشاركة فيه ، وأما غير الإلزامي فلا تجوز المشاركة فيه ، ما دام من نوع التأمين
التجاري ، وهو ميسر محرّم اهـ .
وقد سبق بيان حكم التأمين في السؤال رقم ( 8889 ) .
*****
46068
الأسباب المفصلة لعذاب القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/6974)
سؤال رقم 46068- الأسباب المفصلة لعذاب القبر
ما هي المعاصي التي يعذب بها أصحابها في القبور ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم ( 45325 )
ذكر هذه الأسباب ، ونذكر هنا مجموعة من هذه المعاصي ، مقرونة بأدلتها من القرآن
والسنة الصحيحة .
الشرك بالله والكفر به
قال الله تعالى عن آل فرعون : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا
غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/46 .
وقال تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ
الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ
الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام/93 .
وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال
والأغلال والسلاسل والجحيم وغضب الله عليه فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبى الخروج
فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم : ( أَخْرِجُوا
أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ....) الأنعام/93 .
ومما يدل على أن الشرك سبب من أسباب عذاب القبر حديث زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ :
بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ
بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ
فَقَالَ : مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا .
قَالَ : فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : مَاتُوا فِي
الإِشْرَاكِ .. فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ،
فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ .. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ
: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ .. ( الحديث ) . رواه مسلم
(2867)
فقوله في الحديث : ( ماتوا في الإشراك ) دليل على أن الشرك سبب
في عذاب القبر .
النفاق سبب من أسباب عذاب القبر
والمنافقون أولى الناس بعذاب القبر ، كيف لا وهم أصحاب الدرك
الأسفل من النار .
قال الله تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ
مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا
تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ
إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة/101 .
قال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى : ( سَنُعَذِّبُهُمْ
مَرَّتَيْنِ ) : إحداهما في الدنيا ، والأخرى هي عذاب القبر .
وفي أحاديث سؤال الملكين وفتنة القبر ، ورد التصريح باسم المنافق
، أو المرتاب في كثير من الروايات ، كما في البخاري ( 1374 ) من حديث أنس رضي الله
عنه : ( .. وأما الكافر والمنافق فيُقال له .. ) ، وفي الصحيحين من حديث أسماء رضي
الله عنها : ( وأما المنافق أو المرتاب ) .
تغيير شرع الله تعالى ؛ بتحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم
والدليل على أن ذلك الإلحاد في شرع الله تعالى سبب من أسباب
العذاب في القبر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ
الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ
السَّوَائِبَ ) . رواه البخاري (4623) .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَجُرّ قُصْبه فِي
النَّار ) وَهِيَ الأَمْعَاء .
والسائبة : هي ناقة أو بقرة أو شاة كانوا يسيبونها فلا تركب ولا
تؤكل ولا يحمل عليها ، وكان بعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العرب من ولد إسماعيل
وغيره ، الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، كانوا حنفاء
على ملة إبراهيم ، إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة ، وهو عمرو بن لحي ، وهو أول من
غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه
وسلم : رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه " انتهى . "دقائق
التفسير" (2/71) .
عدم الاستبراء من البول ، والمشي بين الناس بالنميمة
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا
لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا
يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ
...الحديث . رواه البخاري (218) ومسلم (292) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : ( إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه ) أخرجه
الدارقطني ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1/152) .
الغيبة
وعلى ذلك ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الجنائز بقوله : " عذاب
القبر من الغيبة والبول " .
ثم روى فيه حديث القبرين السابق مع أن لفظ البخاري ليس فيه ذكر
الغيبة ، وإنما فيه النميمة ، لكنه جرى عَلَى عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا
وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث : ( وأما الآخر فيعذّب في الغيبة )
أخرجه أحمد (5/35) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 1/66 ) .
الكذب
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ
لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا
هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ،
وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، قَالَ : ثُمَّ
يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ
بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ
ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا
فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
ثم قال عن هذا المعذب في آخر الحديث : ( إنه الرجل يغدو من بيته
، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .. ) رواه البخاري (7074) .
فيشرشر : أي يقطعه .
والشدق : جانب الفم .
هجر القرآن بعد تعلُّمه ، والنوم عن الصلاة المكتوبة
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ
قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ
فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ ، فَيَتَدَهْدَه الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ
فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ
يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ :
قُلْتُ لَهُمَا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
وفيه : ( والذي رأيته يُشْدَخ رأسُه فرجل علمه الله القُرْآن ،
فنام عنه بالليل ، ولم يعمل به بالنهار ) .
(يثلغ رأسه) : أي يشدخه ويشقه .
(يتدهده) : أي يتدحرج .
وفي رواية : ( أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ
يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ
فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ ) رواه البخاري
(7076) .
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الرواية أوضح من الأولى ؛
فإن ظاهر الأولى أنه يعذب على ترك قراءة القُرْآن بالليل ، وأما الأخرى فتدل على
أنه يعذب على نومه عن الصلاة المكتوبة .
قال : ويحتمل أن يكون العذاب على مجموع الأمرين ؛ ترك القراءة ،
وترك العمل .
قال ابن حجر : " قال ابن هبيرة : رفض القرآن بعد حفظه جناية
عظيمة ؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه ، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن
عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس " فتح الباري (3/251) .
أكل الربا
ففي حديث سمرة رضي الله عنه قَالَ : ( فَانْطَلَقْنَا
فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ
سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ
حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ
يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ
فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا
رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا ) إلى أن قال : ( وَأَمَّا
الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ
فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ) .
الزنا
ففي حديث سمرة رضي الله عنه : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا
عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، قَالَ :
فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ
يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ
ضَوْضَوْا [ أي : صاحوا] قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلَاءِ ؟) وفي آخره : (
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ
التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) .
أمر الناس بالبر ونسيان النفس
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : (
رأيت ليلة أسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل
؟ فقال : الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهم يتلون الكتاب
أفلا يعقلون ؟! ) أخرجه أحمد (3/120 ) وصححه الألباني في الصحيحة (291) .
وعند البيهقي : ( أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم
بمقاريض من نار ، كلما قرضت وفت ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : خطباء أمتك
الذين يقولون ما لا يفعلون ، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به ) رواه
البيهقي في "شعب الإيمان" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (128) .
الإفطار في رمضان من غير عذر
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان ، فأخذا بضَبُعَيَّ ، وأتيا
بي جبلاً فقالا لي : اصعد . فقلت : إني لا أطيقه . فقالا : إنا سنسهله لك . قال :
فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل ، إذا أنا بأصوات شديدة ، فقلت : ما هذه الأصوات ؟
قال : هذا عواء أهل النار . ثم انْطُلِق بي ، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة
أشداقهم ، تسيل أشداقهم دماً ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هم الذين يفطرون قبل
تحلة صومهم .
أخرجه ابن حبان والحاكم (1/290،210) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3951) .
الغلول من الغنائم :
دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي غل الثوب
في بعض مغازيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه : ( والذي نفسي بيده إن الشملة(1/6975)
[ ثوب ] التي أخذها يوم خيبر من المغانم ، لم تُصبها المقاسم ، لتشتعل عليه ناراً ) أخرجه البخاري (4234) ومسلم (115) .
والغلول : هو أخذ الغازي شيئاً من الغنيمة دون عرضه على ولي
الأمر لقسمته .
جرّ الثوب خيلاء
يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( بينما رجلٌ يجر إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة ) أخرجه البخاري (3485) ومسلم (2088) .
والتجلجل : أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق
.
فالمعنى : يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً .
السرقة من الحُجَّاج
دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف .. وفيه قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ ، وَذَلِكُمْ حِينَ
رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا ، وَحَتَّى
رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ
يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ : إِنَّمَا تَعَلَّقَ
بِمِحْجَنِي ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ ) رواه مسلم (904) والمحجن : عصا معوجة الرأس .
حبس الحيوان وتعذيبه وعدم رحمته
ففي حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال النبي صلى الله
عليه وسلم : (رَأَيْتُ فِيهَا [ أي النار ] صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي
رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ
حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ) رواه مسلم (904) .
قال البيهقي في كتابه "إثبات عذاب القبر" (ص 97) : " ورأى حين
صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار ، ومن يعذب في السرقة ، والمرأة التي كانت
تعذب في الهرة وقد صاروا في قبورهم رميماً في أعين أهل زمانه ، ولم ير من صلى معه
من ذلك ما رأى " انتهى .
الدَّيْن
إن مما يضر الميت في قبره ما عليه من دين ، فعَنْ سَعْدِ بْنِ
الْأَطْوَلِ قَالَ : مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَتَرَكَ
وَلَدًا صِغَارًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ
، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ ) . قَالَ : فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ ، ثُمَّ
جِئْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا
امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ . قَالَ : (
أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ ) رواه أحمد (16776) وابن ماجه (2/82) وصححه
الألباني في صحيح الجامع (1550) .
*****
4631
الأرحام المتقطّعة والعلاقات
الآداب > صلة الرحم >(1/6976)
سؤال رقم 4631- الأرحام المتقطّعة والعلاقات
السؤال :
ما معنى صلة الرحم ؟
الجواب:
الحمد لله
لقد دعا الإسلام إلى صلة الرحم لما لها من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي ودوام التعاون والمحبة بين المسلمين . وصلة الرحم واجبة لقوله تعالى : ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) سورة النساء آية1 . وقوله : ( وآتِ ذا القربى حقه والمسكين ) سورة الإسراء آيه 26 .
وقد حذر تعالى من قطيعة الرحم بقوله : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) سورة الرعد آيه 25 . وأي عقوبة أكثر من اللعن وسوء الدار تنتظر الذين يقطعون أرحامهم ، فيحرمون أنفسهم أجر الصلة في الآخرة ، فضلا عن حرمانهم من خير كبير في الدنيا وهو طول العمر وسعة الرزق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ". رواه البخاري (5986) ومسلم (2557) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت : بلى . قال : فذاك لك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أقرأوا إن شئتم ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) صحيح مسلم بشرح النووي 16/112
إذا عرفنا هذا فلنسأل من هو الواصل للرحم ؟ هذا ما وضّحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " رواه البخاري (5645).
فإذا كانت العلاقة ردا للجميل ومكافأة وليس ابتداء ومبادرة فإنها حينئذ ليست بصلة وإنما هي مقابلة بالمثل ، وبعض الناس عندهم مبدأ : الهدية مقابل الهدية ، ومن لم يهدنا يحرم ، والزيارة مقابل الزيارة ، ومن لم يزرنا يقاطع ويهجر ، فليست هذه صلة رحم أبدا وليس هذا ما طلبه الشّارع الحكيم ، وإنما هي مقابلة بالمثل فقط وليست هي الدرجة العالية التي حثّت على بلوغها الشّريعة . قال رجل لرسول الله عليه وسلم : إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال : " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " . رواه مسلم بشرح النووي 16/ 115 . والملُّ هو الرماد الحار . ومن يطيق أن يلقم الرماد الحار أعاذنا الله من قطيعة الرحم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46314
استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/6977)
سؤال رقم 46314- استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب
هل لا بد في تطهير نجاسة الكلب من الغسل بالتراب ؟ أو يمكن استعمال بدائل أخرى كالصابون ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 41090 )
بيان كيفية تطهير نجاسة الكلب ، وأنه يجب أن تغسل سبعاً إحداهن بالتراب .
وقد اختلف العلماء هل يجب استعمال التراب أم يجوز أن يستعمل
شيئاً آخر كالصابون أو غيره من المنظفات ؟
فمذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب استعمال التراب , ولا يجزئ
استعمال غيره , لأن النبي صلى الله عليه وسلم عيَّنَه وأمر به .
ومذهب الإمام أحمد أنه يجوز أن يستعمل غير التراب كالصابون ونحوه
.
انظر : "المجموع" (2/600) , "روضة الطالبين" (ص16) , "المغني" (1/74) ,
"الإنصاف" (2/248) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/139) :
" إذا ولغ الكلب في إناء ، فإنه كي يطهر هذا الإناء يجب غسله
سبعا إحداهن بالتراب , هذا عند الحنابلة والشافعية . . .
فإن جعل مكان التراب غيره من الأشنان ( منظف كانوا يستعملونه
قديماً ) والصابون ونحوهما , أو غسله غسلة ثامنة , فالأصح أنه لا يجزئ , لأنه طهارة
أمر فيها بالتراب تعبدا , ولذا لم يقم غيره مقامه .
ولبعض الحنابلة : يجوز العدول عن التراب إلى غيره عند عدم التراب
, أو إفساد المحل المغسول به . فأما مع وجوده وعدم الضرر فلا . وهذا قول ابن حامد "
انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/292) عن القول بأنه
يجزئ عن التراب غيره , قال :
" وهذا فيه نظر لما يلي :
1- أن الشارع نص على التراب , فالواجب اتباع النص .
2- أن السدر والأشنان كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم , ولم يشر إليهما .
3- لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب .
4- أن التراب أحد الطهورين , لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم
إذا عدم . وقال صلى الله عليه وسلم : ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) .
فالصحيح : أنه لا يجزئ عن استعمال التراب , لكن لو فرض عدم وجود
التراب وهذا احتمال بعيد , فإن استعمال الأشنان , أو الصابون خير من عدمه " انتهى .
*****
4642
حلق ذقنه عند الحلاق ثم تاب فهل يدفع المال
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/6978)
سؤال رقم 4642- حلق ذقنه عند الحلاق ثم تاب فهل يدفع المال
السؤال :
حلق ذقنه عند الحلاق وقال سوف أعطيك المال فيما بعد دينا عليّ ، ثم هداه الله والتزم بأحكام الإسلام فهل يعطيه المال أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
يقول له : أنا لن أعطيك إياه لأن هذا ( مقابل ) عمل محرم ويتصدق به . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46544
الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/6979)
سؤال رقم 46544- الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
ما أفضل كيفية لأداء صلاة الوتر؟.
الحمد لله
صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى ، حتى رأى بعض
العلماء – وهم الحنفية – أنها من الواجبات ، ولكن الصحيح أنها من السنن المؤكدة
التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها وعدم تركها .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا
ينبغي أن تقبل له شهادة "
وهذا يدل على تأكد صلاة الوتر .
ويمكن أن نلخص الكلام عن كيفية صلاة الوتر في النقاط التالية :
وقته :
ويبدأ من حين أن يصلي الإنسان العشاء ، ولو كانت مجموعة إلى
المغرب تقديماً إلى طلوع الفجر ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وهي الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ
فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) رواه
الترمذي (425) وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وهل الأفضل تقديمه أول الوقت أو تأخيره ؟
دلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره ،
لأن صلاة آخر الليل أفضل ، وهي مشهودة ، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن
ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ
أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ
صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ ) رواه مسلم (755)
قال النووي : وهذا هو الصواب ، ويُحمل باقي الأحاديث المطلقة على
هذا التفضيل الصحيح الصريح ، فمن ذلك حديث : ( أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر
) . وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ . اهـ. شرح مسلم (3/277)
عدد ركعاته :
أقل الوتر ركعة . لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ) رواه مسلم (752) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلاةُ اللَّيْلِ
مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً
تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى ) رواه البخاري (911) ومسلم (749) ، فإذا اقتصر الإنسان عليها فقد أتى بالسنة ... ويجوز الوتر بثلاث
وبخمس وبسبع وبتسع .
فإن أوتر بثلاث فله صفتان كلتاهما مشروعة :
الأولى : أن يسرد الثلاث بتشهد واحد . لحديث عائشة رضي الله عنها
قالت : " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر " ،
وفي لفظ " كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن " رواه النسائي (3/234)
والبيهقي (3/31) قال النووي في المجموع (4/7) رواه النسائي بإسناد حسن ، والبيهقي
بإسناد صحيح . اهـ.
الثانية : أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة . لما ورد عن ابن
عمر رضي الله عنهما : أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك . رواه ابن حبان (2435) وقال ابن
حجر في الفتح (2/482) إسناده قوي . اهـ.
أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة ، ولا يتشهد إلا
تشهداً واحداً في آخرها ويسلم ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس
لا يجلس في شيء إلا في آخرها . رواه مسلم (737)
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام . رواه أحمد (6/290) النسائي (1714) وقال النووي : سنده جيد . الفتح الرباني
(2/297) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي
وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم
يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم . لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم
(746) أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا
فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا
يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ
وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا )
وإن أوتر بإحدى عشرة ، فإنه يسلم من كل ركعتين ، ويوتر منها
بواحدة .
أدنى الكمال فيه وما يقرأ منه :
أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلّم ، ثم يأتي بواحدة
ويسلم ، ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ، كما سبق .
ويقرأ في الركعة الأولى من الثلاث سورة ( سبح اسم ربك الأعلى )
كاملة . وفي الثانية : الكافرون . وفي الثالثة : الإخلاص .
روى النسائي (1729) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : ( كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ
بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ ) . وصححه الألباني في صحيح النسائي .
فكل هذه الصفات في صلاة الوتر قد جاءت بها السنة ، والأكمل أن لا
يلتزم المسلم صفة واحدة ، بل يأتي بهذه الصفة مرة وبغيرها أخرى .. وهكذا . حتى يكون
فعل السنن جميعها .
والله تعالى أعلم .
*****
46588
حكم الاكتتاب في بنك البلاد
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/6980)
سؤال رقم 46588- حكم الاكتتاب في بنك البلاد
ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد ؟.
الحمد لله
بنك البلاد لديه هيئة شرعية جيدة من أهل الفقه والتحري والتثبت ،
وقد أعلن مراراً أنه يريد أن يكون بنكاً إسلامياً ، وأنظمته يجري كتابتها وصياغتها
، فإذا كانت موافقة للشريعة وكانت أعماله التي سيجريها عند فتحه موافقة للشريعة فلا
حرج في المشاركة فيه ، وهذا لا يتم التأكد منه إلا بسؤال الثقات من أفراد هذه
اللجنة الشرعية وبالممارسة التي ستحصل من البنك بعد افتتاحه .
فمن عرف جواز الأنظمة والممارسات جازت له المساهمة .
وقد أصدرت الهيئة الشرعية للبنك القرار التالي :
قرار الهيئة الشرعية لبنك البلاد: القرار ذو الرقم (100) بتاريخ
1/1/1426هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين
والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة)
المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في
بنك البلاد، وقرر ما يأتي :
أولاً : يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة
شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة
تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي:
"بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في
جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي.
ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات
البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة
الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي:
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية،
وموافقتها عليه.
3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك ؛ للتأكد من موافقة الأعمال
لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية .
4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد
الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته .
5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي
في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ.هـ.
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في
شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة
الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك
المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من
جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك
وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته.
ثانياً : يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول
الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص
الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع
العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من
الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع
أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء
التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو
مطلوباتها، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام،
والحقوق المعنوية وغير ذلك.
ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب،
سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد
المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن
تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد
من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة
الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم
وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من
التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده
للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو
محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم
تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد
ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء
التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما
من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%،
أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال : خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك ؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح ، فقد
لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل ، أو قد
تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن .
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم
باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن
هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون
السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل
الشركة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد
للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة ، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على
البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق
المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد
الشيخ أ.د. عبدالله بن موسى العمار
الشيخ د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د. يوسف بن عبدالله الشبيلي
الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي
والله أعلم .
*****
46811
الدخول مع الإمام على أي حال
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/6981)
سؤال رقم 46811- الدخول مع الإمام على أي حال
إذا دخل المصلي المسجد والإمام ساجد ، فهل يدخل معه في السجود أو ينتظره حتى يرفع ؟.
الحمد لله
إذا دخل المصلي المسجد والإمام في الصلاة دخل معه على أي حال كان
؛ في القيام أو الركوع أو السجود أو بين السجدتين ؛ وذلك لما ورد عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا
تَعُدُّوهَا شَيْئًا , وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) رواه أبو داود (893) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ,
فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ) رواه البخاري
(635) .
قال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في "فتح الباري" (2/118) : "
استُدِل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها " انتهى .
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَّلاةَ
وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ ) رواه
الترمذي (591) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
هذه هي السنة في حق من دخل المسجد والإمام في الصلاة ؛ بدلالة ما
ذكر من النصوص .
وقد نقل ابن حزم رحمه الله الإجماع على ذلك , قال في "مراتب
الإجماع" ( ص 25 ) : " واتفقوا أن من جاء والإمام قد مضى من صلاته شيء قل أو كثر
ولم يبق إلا السلام فإنه مأمور بالدخول معه وموافقته على تلك الحال التي يجده عليها
ما لم يجزم بإدراك الجماعة في مسجد آخر " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/184) :
" ويستحب لمن أدرك الإمام في حال متابعته فيه , وإن لم يعتد له
به . . . وذكر بعض الأحاديث المتقدمة ثم قال : والعمل على هذا عند أهل العلم ,
قالوا : إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد , ولا تجزئه تلك الركعة . وقال بعضهم :
لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له " انتهى .
ومن الناس من إذا دخل والإمام ساجد أو بين السجدتين لم يدخل معه
حتى يقوم إلى الركعة الثانية , أو يعلم أنه في التشهد فيجلس معه , وهذا قد حرم نفسه
فضل السجود , مع أنه مخالف لما تضمنته الأدلة المتقدمة .
قال في تحفة الأحوذي (2/199) : " قوله : " فليصنع كما يصنع
الإمام " أي : فليوافق الإمام فيما هو فيه من القيام أو الركوع أو غير ذلك , أي :
فلا ينتظر الإمام إلى القيام , كما يفعله العوام " انتهى .
انظر " أحكام حضور المساجد" ( ص138-139) للشيخ : عبد الله بن صالح الفوزان .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل دخل المسجد والإمام في
الركعة الأخيرة ، فهل يلحق بهم أو ينتظر حتى يفرغوا ؟
فأجابوا :
" المشروع في مثل حالتك أن تلحق بهم ، فما أدركت معهم فصل وما
فاتك فاقض ، وإذا كان لحوقك بهم بعد الرفع من ركوع آخر ركعة فالحق بهم واقض صلاتك
كلها بعد تسليم الإمام . . . ثم استدلوا بما سبق من الأحاديث " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً : ما هو الأفضل إذا دخل المسجد
والإمام في التشهد الأخير هل يدخل معه في التشهد أو الأفضل ينتظر أشخاصا قادمين
ليصلوا معا ؟
فأجابوا :
" الأفضل له أن يدخل مع الإمام ؛ لعموم حديث : ( ما أدركتم فصلوا
، وما فاتكم فاقضوا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/312-323) .
*****
47123
يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/6982)
سؤال رقم 47123- يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
أنا شاب مسلم بمؤمن بالله ورسله وكتبه والحمد لله ولكن بعض الوقت أكون متكاسلا عن الصلاة . أريد حلا أو طريقة لا تجعلني أتكاسل مع العلم أنني أريد ذلك ولكن مكر الشيطان شديد..
الحمد لله
من آمن بالله ورسله وكتبه حقا، وآمن بفرض الصلاة وأنها أعظم
أركان الإسلام بعد الشهادتين ، لم يُتصور منه ترك الصلاة أو التهاون في أدائها ، بل
لن يجد حياته ولا أنسه ولا راحته إلا في أداء هذه الشعيرة العظيمة والمحافظة عليها
.
وكلما زاد إيمان العبد زاد اهتمامه بما فرض الله عليه ، وذلك من
إيمانه أيضا، ولهذا فإن الطريقة التي تجعلك من المحافظين على الصلاة تتلخص فيما يلي
:
أولا :
أن تؤمن إيمانا راسخا بفرضيتها وأنها أعظم أركان الإسلام ، وأن
تعلم أن تاركها متوعد بالوعيد الشديد ، كافر خارج عن الإسلام، في أصح قولي العلماء
؛ لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر
ترك الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) . وصححه الألباني في
صحيح الترمذي
ثانيا :
أن تعلم أن تأخيرها عن وقتها كبيرة من كبائر الذنوب ؛ لقوله
تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا
الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم
.
وقوله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
ثالثا :
أن تحرص على أداء الصلوات في جماعة المسجد ، لا تفرط في واحدة
منها ، مدركا أن الصلاة في الجامعة واجبة في أصح قولي العلماء ، لأدلة كثيرة ، منها
قوله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " رواه ابن ماجه (793) والدار قطني والحاكم وصححه ، وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه.
وروى مسلم (653) عن أبي هريرة قال : أتى النبي صلى الله عليه
وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع
النداء بالصلاة ؟ فقال نعم قال : فأجب ". إلى غير ذلك من الأدلة ، وانظر السؤال رقم
( 40113 )
رابعا :
أن ترجو بالمحافظة عليها دخولك في السبعة الذين يظلهم الله في
ظله ، فإن منهم " وشاب نشأ في عبادة ربه " ومنهم " رجل قلبه معلق في المساجد " البخاري (660) ومسلم (1031)
خامسا :
أن تحتسب الأجر الكبير المترتب على أدائها لاسيما مع الجماعة ،
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الرجل
في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ
فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها
درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه
اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " البخاري (647) ومسلم (649) .
وروى مسلم (232) عن عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة
فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه ".
سادسا :
أن تقرأ عن فضل الصلاة ، وإثم تضييعها والتكاسل في أدائها ،
وننصحك في هذا الخصوص بقراءة كتاب " الصلاة لماذا ؟ " للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
، وسماع محاضرة : " لماذا لا تصلي ؟ " للشيخ محمد حسين يعقوب ، ففي ذلك نفع كبير لك
إن شاء الله .
سابعاً :
تخيّر الأصدقاء الصالحين الذين يهتمون بالصلوات ويرعونها حقها ،
والابتعاد عن ضدهم ، فإن القرين بالمقارن يقتدي .
ثامناً :
البعد عن الذنوب والمعاصي في جميع جوانب حياتك والتقيّد بالأحكام
الشرعية فيما يتعلق بعلاقتك بغيرك لاسيما علاقتك بالنساء ، إذ المعاصي من أكثر ما
يزهد العبد عن الطاعات ويقوي سطوة الشيطان عليه .
نسأل الله أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين ، وأصفيائه
المقربين .
والله أعلم .
*****
47244
والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
الآداب > بر الوالدين >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/6983)
سؤال رقم 47244- والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات ( وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله ) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله ، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا ، ولكن عندي بعض المشاكل ؛ أولها : أني لا أجيد العمل التجاري .
وثاني المشاكل : أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة ، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح ، ودفاتر موسيقى ، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح ، وورق لعب وماكينة حلاقة ( أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين ).
الحمد لله
لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى
ربه ، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال ، حتى في حال كفرهما بالله تعالى ، قد سبق
بيان ذلك في الأسئلة رقم : ( 22782 )
( 5326 ) ( 5053 )
.
وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه ، وتستطيع
أن تنفع فيه ، فكل ميسر لما خُلِق له ، ومن إصلاح الأعمال ، وأداء الأمانة فيها أن
يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه ، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط
في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله ، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين
، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك ، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته ، فافعل استرضاءً
لأبيك ، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه
بوجودك فافعل " ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195 ، ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) البقرة/83
فإذا اجتهدت في ذلك ، ولم يكن فيه ما يقنع أباك ، فالرأي لك إن
شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه
الفترة ، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها ، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة
فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في
ذلك ضرر عليك ، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق ، إن شاء الله ، راجع السؤال رقم
( 9594 ) و ( 47040 )
قال رجل للإمام أحمد : لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها
قال تتخوف أن تتبعها نفسك ؟ [ يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة
بالجارية إذا بعتها ] ؟ قال : نعم . قال : لا تبعها . قال : إنها تقول : لا أرضى
عنك أو تبيعها .
قال : إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [ الآداب الشرعية
لابن مفلح (1/448)
لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه ،
واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله
في محرم ، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً ، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة
لمخلوق في معصية الخالق
وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور ، فهذا مما عمت به البلوى ،
فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً ، وليست رسماً باليد ، فلا حرج في بيع
الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها ،
بل الدفتر ، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً ، كما يوجد كثيراً في
مثل ذلك ، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد ، ولأن كثيراً من الناس
يقصدون اقتناء هذه الصور .
أما بيع دفتر الموسيقى فحرام ، لأنه إعانة على المنكر ، وكذلك
بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية ، أما إذا كان
سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون
والفيديو وبعض آلاف العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع ،
ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق ؟ وما هو الواجب ؟
فأجاب :
هذا ليس من العقوق ، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك
، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام ، فإن اهتدى فهذا هو
المطلوب ، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ليس عليك هداهم ..) وإذا قال لك اجلس في
الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم ، بع الأشياء التي غالباً ما
يفعل الناس به الشيء المباح ، كالراديو والمسجلات أو الفيديو والتليفزيون فلا تبعه
، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم
الباب المفتوح (1/192) .
*****
47322
هل يدعو لصديقه النصراني بالشفاء
العقيدة > الولاء والبراء >(1/6984)
سؤال رقم 47322- هل يدعو لصديقه النصراني بالشفاء
لدي صديق نصراني أحبه جدا وهو من النصارى الذين مدحهم القرآن ، وهو الآن مريض جدا فهل يسمح لي الإسلام أن أدعو الله له بالشفاء ؟ .
الحمد لله
عقيدة الولاء والبراء من آكد أصول الدين ، وأوثق عرى الإيمان ،
وكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك تحقيق الناس لهذا الأصل العظيم يزيد وينقص ، وأما
هدم هذا الأصل في قلب العبد وترك ما يوجبه على المؤمن من الأعمال فهو هدم للإيمان
كله الذي هو مبني على محبة أولياء الله تعالى ، ومعاداة أعدائه ، وقد دل على هذا
الأصل عدة آيات من كتاب الله ، وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك
:
قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً
مُبِيناً ) النساء/144 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ
دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ
بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 وعن عائشة رضي
الله عنها قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بِحَرَّة
الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك
، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال فارجع
فلن أستعين بمشرك " رواه مسلم (1817)
بل اتهم الصحابة - رضي الله عنهم – مالك بن الدخشن بالنفاق ،
بسبب كثرة صحبته لبعض المنافقين ، ولقائه بهم ، كما ثبت في الصحيحين (
البخاري برقم 415 ، ومسلم 33 )
كل ما سبق وغيره كثير ، يدل على تحريم موالاة الكافرين ، أو
محبتهم وتوليهم ، وهذه الموالاة لها صور عدة ، فمنها : الرضا بكفرهم ، أو مخالطتهم
مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على
المؤمنين أو مودتهم ، أو تحكيم قوانينهم وغير ذلك ، وانظر السؤال رقم ( 2179 )
ومما سبق تعلم أن محبة الكافر أمرها خطير جدا ، لأنها تناقض
باباً عظيما من أبواب التوحيد ، ألا وهو الولاء للمؤمنين ، والبراء من المشركين .
وقولك إن هذا الكافر من النصارى الذي مدحهم الله في كتابه ،
جوابه أن الذين مدحهم الله في كتابه هم صنف معين لهم أوصاف محددة ، وقد بين الله
تعالى هذه الأوصاف بعد آية مدحهم مباشرة ، قال تعالى : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ
النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا
نَصَارَى ) ثم قال : ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً
وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ
تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لا
نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا
رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ ) المائدة/86 فتمام الآيات يبين أن المراد بهؤلاء
من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثر بسماع القرآن ودعوته .
قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية : " يقول
تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبتهم وأبعدهم من ذلك :
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .
فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام
والمسلمين ، وأكثرهم سعيا في إيصال الضرر إليهم ، وذلك لشدة بغضهم لهم بغيا وحسدا
وعنادا وكفرا .
( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى )
وذكر تعالى لذلك عدة أسباب : منها : أن منهم قسيسين ورهبانا ، أي
علماء متزهدين وعبادا في الصوامع متعبدين . والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف
القلب ويرققه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة ، فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود
وشدة المشركين .
ومنها : أنهم لا يستكبرون أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد
للحق ، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم ، فإن المتواضع أقرب إلى الخير من
المستكبر .
ومنها : أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا للذي تيقنوه ، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا : ربنا
آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد
ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به ، ويشهدون على الأمم السابقة بالتصديق والتكذيب
.... وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسم -
كالنجاشي وغيره ، ممن آمن منهم ، وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام ،
ويتبين له بطلان ما كانوا عليه ، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام " [ تفسير السعدي 1 / 511 ]
أما الدعاء للكافرين فينقسم إلى قسمين :
الأول : أن تدعو له بالهداية إلى الإسلام ونحو ذلك ، فهذا جائز ،
وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم
أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ) رواه
الترمذي (3681) ، وصححه الألباني ، وهذا دعاء لأحدهما بالهداية
الثاني : أن تدعو له بالمغفرة ونحو ذلك ، فهو حرام بالإجماع .
قال النووي : " وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة
فحرام بنص القرآن والإجماع " [ المجموع 5 / 120 ]
وقال في تحفة المحتاج :" ويحرم الدعاء بأخروي لكافر وكذا من شك
في إسلامه ولو من والديه " [ 3 / 141 ]
أما الدعاء له بالشفاء من مرض والعافية منه ، فهو جائز للمصلحة ،
كرجاء إسلامه وتأليف قلبه ، ونحو ذلك ، ويدل لهذا حديث الصحابي الذي رقى سيد القوم
من لدغة العقرب ، وقد سبق بيانه في السؤال رقم ( 6714 ) ، والدعاء بالشفاء من جنس الرقية .
بل يجوز لك أن تزوره في مرضه هذا ، والإنسان في مرضه يرقُّ قلبه
ويضْعُف ، ويقرب قبوله للحق ، وقد كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غلام يهودي يخدمه ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ
إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ
النَّارِ ) رواه البخاري (1356)
قال ابن حجر : " وفي الحديث جواز استخدام المشرك وعيادته إذا مرض
، وفيه حسن العهد "
لكن الدعاء للكافر بالشفاء لا يعني موالاته أو محبته أو تقديمه
أو مودته كما سبق ذلك ، والله أعلم .
وللمزيد راجع الأسئلة رقم ( 23325 ، 20471 ، 32560 ، 41631 ، 6517 ، 26721 ، 1398 ، 3485 )
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن حكم موالاة الكفار ؟
فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة
حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ،
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ
اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ )
وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا
بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء ، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير .
ولا ينبغي أبدا أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة
وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا
كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ). ويقول سبحانه لنبيه ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ
الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) والواجب على المؤمن أن
يعتمد على الله في تنفيذ شرعه ، وألا تأخذه فيه لومة لائم ، وألا يخاف من أعدائه
فقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ
يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )
وقال تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى
مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
( انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 3 / 31 - 46 ، الولاء والبراء في الإسلام ص
352 ) .
*****
47431
يسأل عن الصوفية وجماعة التبليغ
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/6985)
سؤال رقم 47431- يسأل عن الصوفية وجماعة التبليغ
هل فرقة "الدعوة و التبليغ" من الفرق الضالة و ماذا عن "الصوفية" ؟ .
الحمد لله
من المهم أن نعلم أولا أن مصطلح التصوف والصوفية من المصطلحات
الحادثة ، والتي لم يعلق عليها مدح شرعي ، فتمدح ـ أو يمدح صاحبها ـ بإطلاق ، مثل
أسماء الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، ولم يعلق عليها أيضا ذم شرعي ، فتذم ـ أو
يذم صاحبها ـ أيضا بإطلاق ، مثل ألفاظ الكفر والفسوق والعصيان .
وما كان كذلك فإنه ينبغي الاستفصال عن حقيقة حاله ، وما يراد به
قبل إطلاق القول فيه . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( لفظ الفقر
والتصوف قد أدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله ، فتلك يؤمر بها ، وإن سميت فقرا أو
تصوفا ؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر
، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب ، كالتوبة والصبر ... وقد أدخل فيها أمور يكرهها
الله ورسوله ؛ كما يدخل فيها بعضهم نوعا من الحلول والاتحاد ، وآخرون نوعا من
الرهبانية المبتدعة في الإسلام ، وآخرون نوعا من المخالفة للشريعة ، إلى أمور
ابتدعوها ، إلى أشياء أخر ، فهذه الأمور ينهى عنها بأي اسم سميت ، ... وقد يدخل
فيها التقييد بلبسة معينة ، وعادة معينة ، في الأقوال والأفعال ، بحيث من خرج عن
ذلك عد خارجا عن ذلك ، وليست من الأمور التي تعينت بالكتاب والسنة ، بل إما أن تكون
مباحة ، وإما أن تكون ملازمتها مكروهة ، فهذا بدعة ينهى عنه ، وليس هذا من لوازم
طريق الله وأوليائه ، فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق
الفقر ، كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام
المخالف للكتاب والسنة ، والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة ، فقد وقع
كثير من هذا في طريق هؤلاء .
والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ،
وأطاعوا الله ورسوله ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله
ورسوله ، ويقبل من كل طائفة ما جاء به الرسول ، .....،ومتى تحرى الإنسان الحق
والعدل ، بعلم ومعرفة ، كان من أولياء الله المفلحين ، وحزبه الغالبين . ) انتهى . ( الفتاوى 11/280ـ29 ) .
غير أن ما قاله شيخ الإسلام من التفصيل في حال المنتسبين إلى
التصوف يوشك أن يكون نظريا في واقعنا المعاصر ، حيث صارت المحاذير التي أشار إليها
شيخ الإسلام ملازمة لمسلك المنتسبين إلى التصوف في زماننا ، فضلا عما التزموه من
الأعياد والموالد المبتدعة ، وغلوهم في مشايخهم الأحياء ، وتعلقهم بالمشاهد والقبور
، يصلون عندها ، ويطوفون حولها ، وينذرون لها ، إلى آخر ما هو معلوم من مسالكهم .
ولهذا كله كان إطلاق القول بالتحذير من مسالكهم متوجها الآن ، وهو الذي اعتمدته
اللجنة الدائمة في جوابها عن سؤال حول حكم الطرق الصوفية الموجودة الآن ، فقالت :
( الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية ، مع
بدع أخرى ، كقول بعضهم : مدد يا سيد ، وندائهم الأقطاب ، وذكرهم الجماعي ، فيما لم
يسم الله به نفسه ، مثل : هو هو ، وآه آه ، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم
الشركية ، وغيرها من المنكرات . ) اهـ
وأما جماعة التبليغ فهي من الجماعات العاملة في حقل الدعوة إلى
الله ، لها الكثير من الحسنات ، والجهد المشكور ؛ وكم تاب على أيديهم من عاص ،
وتنسك من فاسق ، إلا أنها لا تخلو من بعض البدع في العلم والعمل ، نبه عليها أهل
العلم ، لكنها لا توصف على كل حال بأنها من الفرق الضالة . وقد سبق قول شيخ الإسلام
: والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، ولا يوافقهم فيما
خالفوا فيه الكتاب والسنة .
وانظر تفصيلا أكثر حول هذه الجماعة في الجواب عن السؤال ( 8674 ) ، ( 39349 ) .
*****
47513
حكم المشاركة في بناء القرى السياحية
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/6986)
سؤال رقم 47513- حكم المشاركة في بناء القرى السياحية
أنا أعمل مهندسًا مدنيًا بشركة مقاولات كبرى . طلبت مني الشركة السفر إلى مدينة سياحية كبيرة لبناء قرية سياحية هناك ، فما حكم ذلك ؟ علما بأني سأفقد وظيفتي إن رفضت .
الحمد لله
من المعلوم أن بناء القرى السياحية يحوطه العديد من الإشكالات
والمخالفات الشرعية ، كرعاية الاختلاط والتبرج والسفور والعري والخمور والربا وغير
ذلك كثير مما يعلمه أهل ذلك الفن .
وقد اشتهر عن القرى السياحية في بلادكم لاسيما في المنطقة
المذكورة أمر المحرمات فيها والمخالفات .
وإذا كان الأمر كذلك ، كانت المشاركة في بناء تلك القرى أو
الإعانة عليها من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، وإذا كان من يجالس أصحاب
المنكرات والمعاصي دون إنكار فإن عليه وزرهم لمجرد مجالستهم ، وكذلك من يجالس
ِالمستهزئين بآيات الله ، عليه وزرهم وإن لم يستهزيء معهم ، كما قال تعالى : ( وقد
نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم
حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم
جميعا ) النساء/140 ، فإذا كان هذا فيمن يجالسهم ، فكيف بمن
يعينهم على بناء دار يفجرون فيها ويعصون الله فيها ، أو دار يستهزئون فيها بآيات
الله ونحو ذلك !
والواجب عليك أيها الأخ المكرم أن تناصح أولئك المسؤولين بحرمة
ما يفعلونه ، وأنهم شركاء في الإثم ، فإن لم يستجيبوا فاعتذر عن القيام بهذا العمل
بأي علة ، كأن تطلب نقلك لموقع آخر فيه بناء مباح ، أو تعتذر ببعد المسافة ، أو
تأخذ إجازة رسمية .
فإن لم ت ستطع – ولا نظن أن الأمر يصل
إلى هذا الحد إن شاء الله – فابحث عن عمل آخر ، وأسأل الله تعالى أن يهيئ لك الخير
، فعناء الدنيا أهون من عذاب الآخرة .
والله أعلم .
*****
47554
حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/6987)
سؤال رقم 47554- حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
يقوم بتدريسنا في الجامعة شاب ، فهل يجوز لنا سؤاله والحديث معه في نطاق الدراسة ؟.
الحمد لله
سبق في السؤال رقم ( 1200 ) بيان حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء ، وبيان ما فيه من مفاسد دينية ودنيوية .
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن الواجب عليك أيتها الأخت الفاضلة ألا
تمكثي في مكان فيه اختلاط بين الرجال والنساء إلا لضرورة ، فإن كانت الجامعة للبنات
، وكان المدرسون من الرجال ، فالخطر أقل ، لكن لا يزال الأمر بأهل الأهواء والشهوات
حتى يزيلوا كل حاجز بين الجنسين ، فنوصيك بتقوى الله عز وجل ، ومراقبه في السر
والعلن .
يراجع السؤال ( 8827 )
أما حديث المرأة مع الرجل لأجل الحاجة فلا حرج فيه ، بشرط ألا
يكون ذلك في خلوة ، ولو كانت هذه الخلوة في مكتب أو قاعة للدراسة لا يوجد غيركما ،
مع التزام الحشمة والوقار ، والحجاب الشرعي ، ومراعاة التحدث بما فيه الحاجة دون
زيادة أو خضوع بالقول ، مع أمن الفتنة ، فإن كانت المرأة تحس بشهوة أو تتحدث مع
الرجل لمجرد الاستئناس ، أو كان الرجل كذلك ، كان الحديث بينهما محرما ، لما يفضي
إليه من الفتنة والمعصية .
والله أعلم .
يراجع السؤال ( 1121 ، 10156 ) .
*****
47884
حكم الصلاة خلف الفاسق
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/6988)
سؤال رقم 47884- حكم الصلاة خلف الفاسق
ما حكم الصلاة وراء إمام مارسوا عليه اللواط في طفولته وفي شبابه وبرضاه , علما بأنه حسن الصوت ويحفظ القرآن الكريم كاملا ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن كان هذا الإمام قد تاب إلى الله تعالى ، وصلح حاله ، فلا حرج
في جعله إماما للمصلين ، والصلاة خلفه ، وليس لأحد أن يعيره أو يعاقبه على ذنب تاب
منه ، قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) الزمر/53 . يعني لمن تاب .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب
له ) رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وإن كان لا يزال على هذا المنكر العظيم ، وجب نصحه ووعظه وتخويفه
بالله ، فإن لم يتب وجب السعي في منعه من الإمامة واستبداله بإمام عدل مستقيم في
دينه ، حريص على خصال التقوى ، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً بصق في
اتجاه القبلة وهو يصلي ، منعه أن يصلي إماماً بقومه وقال له : ( إنك آذيت الله
ورسوله ) رواه أبو داود (481) ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبو داود ، فكيف بمن يأتي هذا المنكر العظيم ، فإنه أجدر وأحق أن يمنع من
الإمامة !!
ولأن تقديمه للإمامة تعظيم له ، والفاسق ليس أهلاً لهذا التعظيم
.
والإمام يقتدي به الناس في الغالب ويتعلمون منه ، ويقبلون
توجيهاته وإرشاداته ، فكلما كان عدلاً مستقيماً كان أقرب إلى انتفاع الناس به
وقبولهم لكلامه .
وإذا كان فاسقاً لم يقبل الناس منه ، بل ربما يكون سبباً لفتنة
بعضهم ، والعياذ بالله .
ثانياً :
وأما صحة الصلاة خلف الفاسق ، فقد اختلف الأئمة في ذلك ، والذي
ذهب إليه جمهور العلماء : صحة الصلاة خلفه مع كراهيتها .
قال النووي في "المجموع" (4/151) :
" صَلاةُ ابْنِ عُمَرَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ
ثَابِتَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ , وَغَيْرُهُ فِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ
كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلاةِ وَرَاءَ الْفُسَّاقِ وَالأَئِمَّةِ
الْجَائِرِينَ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : الصَّلاةُ وَرَاءَ الْفَاسِقِ صَحِيحَةٌ
لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً , لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ , وَكَذَا تُكْرَهُ وَرَاءَ
الْمُبْتَدِعِ الَّذِي لا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ , وَتَصِحُّ , فَإِنْ كَفَرَ
بِبِدْعَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لا تَصِحُّ الصَّلاةُ وَرَاءَهُ كَسَائِرِ
الْكُفَّارِ , وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ
خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ , فَإِنْ فَعَلَهَا صَحَّتْ " اهـ .
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (23/341 ) :
"فَإِذَا كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ
فَأَيُّهُمَا كَانَ أَعْلَمَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى
الآخَرِ مُتَعَيِّنًا ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَاجِرًا ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ
مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفُسُوقِ
، وَالآخَرُ مُؤْمِنًا مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى ، فَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى
بِالإِمَامَةِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ أَقْرَأَ
وَأَعْلَمَ فَإِنَّ الصَّلاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيَ
تَحْرِيمٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَنَهْيَ تَنْزِيهٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ . . .
. وَلا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ مَعَ إمْكَانِ تَوْلِيَةِ الْبَرِّ " اهـ .
وقال أيضاً (23/375 ) :
" لا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى فِي الإِمَامَةِ بِالنَّاسِ مَنْ
يَأْكُلُ الْحَشِيشَةَ أَوْ يَفْعَلُ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ
إمْكَانِ تَوْلِيَةِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ . . . .
(و) الأَئِمَّة مُتَّفِقُونَ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ خَلْفَ
الْفَاسِقِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا : فَقِيلَ لا تَصِحُّ . كَقَوْلِ
مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا . وَقِيلَ : بَلْ تَصِحُّ
كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى عَنْهُمَا
وَلَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ لا يَنْبَغِي تَوْلِيَتُهُ " اهـ .
وانظر : " الشرح الممتع " (4/304-308) .
ثالثاً :
ولأهل العلم تفصيل فيما يجب فعله مع الإمام الفاسق ، جاء في
فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي :
( وعلى هذا إن كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك
ولم تحدث فتنة ، وإلا وجب الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك ،
زجرا له وإنكارا عليه ، إن لم يترتب على ذلك فتنة .
وإن لم تتيسر الصلاة وراء غيره شرعت الصلاة وراءه ، تحقيقا
لمصلحة الجماعة .
وإن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صُلي وراءه درءا للفتنة
وارتكابا لأخف الضررين ) انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 7/370 .
والله أعلم .
*****
4890
كيفية التكبير في سجود التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/6989)
سؤال رقم 4890- كيفية التكبير في سجود التلاوة
السؤال :
هل يكبر القارئ في سجود التلاوة في الخفض والرفع منه أو في الخفض فقط ، وهل يقرأ التشهد أولا، وهل يسلم منه أو لا؟
الجواب :
الحمد لله
أولا : يكبر من سجد سجود التلاوة في الخفض ، لما رواه أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا ) أخرجه أحمد2/17، والبخاري 2/33،34 ، ومسلم 1/405 برقم (575) ، ولا يكبر في الرفع من السجود؛ لعدم ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، ولأن سجود التلاوة عبادة، والعبادات توقيفية ، يقتصر فيها على ما ورد ، والذي ورد التكبير في الخفض لسجود التلاوة لا للرفع منه ، إلا إذا كان سجود التلاوة وهو في الصلاة فيكبر للخفض والرفع ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يكبر في كل خفض ورفع .
ثانيا : لا يتشهد عقب سجود التلاوة ولا يسلم منه ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وهو من العبادات ، وهي توقيفية ، فلا يعول فيه على القياس على التشهد والسلام في الصلاة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/261
*****
49008
إذا قدم المسافر مفطراً لم يلزمه الإمساك
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/6990)
سؤال رقم 49008- إذا قدم المسافر مفطراً لم يلزمه الإمساك
كنت مسافراً وأفطرت بسبب السفر ثم رجعت إلى بلدي وأنا مفطر ، فهل يجوز لي الأكل والشرب وأنا في بلدي ؟.
الحمد لله
إذا قدم المسافر مفطراً ، أو طهرت المرأة من الحيض ، أو برئ
المريض أثناء النهار ، فقد اختلف العلماء هل يلزمهم الإمساك أم لا ؟
فذهب جمهور العلماء إلى أنهم لا يلزمهم الإمساك لأنهم أفطروا
بعذر .
ولكنهم لا يفطرون جهراً أمام من لا يعرف عذرهم حتى لا يكون ذلك
سبباً لإساءة الظن بهم .
انظر : "المجموع" (6/167، 168، 173) .
قال ابن قدامة في "المغني" :
"فَأَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا , كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُسَافِرِ , وَالصَّبِيِّ
, وَالْمَجْنُونِ , وَالْكَافِرِ , وَالْمَرِيضِ , إذَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ فِي
أَثْنَاءِ النَّهَارِ , فَطَهُرَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , وَأَقَامَ
الْمُسَافِرُ , وَبَلَغَ الصَّبِيُّ , وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ , وَأَسْلَمَ
الْكَافِرُ , وَصَحَّ الْمَرِيضُ الْمُفْطِرُ , فَفِيهِمْ رِوَايَتَانِ ;
إحْدَاهُمَا , يَلْزَمُهُمْ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ . وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ . . . وَالثَّانِيَةُ , لا يَلْزَمُهُمْ الإِمْسَاكُ . وَهُوَ
قَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : سمعت أنكم أفتيتم للحائض إذا
طهرت في نهار رمضان أنها تأكل وتشرب ولا تمسك بقية يومها ، وكذلك المسافر إذا قدم
للبلد في النهار فهل هذا صحيح ؟ وما وجه ذلك؟
فأجاب :
"نعم ، ما سمعته من أني ذكرت أن الحائض إذا طهرت في أثناء اليوم
لا يجب عليها الإمساك ، وكذلك المسافر إذا قدم ، فهذا صحيح عني ، وهو إحدى
الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله .
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (من أكل أول
النهار فليأكل آخره) ، وروي عن جابر بن يزيد وهو أبو الشعثاء أحد أئمة التابعين
الفقيه أنه قدم من سفر فوجد امرأته طاهراً من الحيض في ذلك اليوم فجامعها، ذكر هذين
الأثرين في المغني ، ولم يتعقبهما .
ولأنه لا فائدة من الإمساك، لأنه لا يصح صيام ذلك اليوم إلا من
الفجر .
ولأن هؤلاء يباح لهم الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً مع علمهم
بأنه رمضان ، والله إنما أوجب الإمساك من أول النهار من الفجر، وهؤلاء في ذلك الوقت
ليسوا من أهل الوجوب ، فلم يكونوا مطالبين بالإمساك المأمور به.
ولأن الله إنما أوجب على المسافر وكذلك الحائض عدةً من أيام أخر
، بدلاً عن التي أفطرها ، ولو أوجبنا عليه الإمساك لأوجبنا عليه أكثر مما أوجبه
الله ؛ لأننا حينئذ أوجبنا إمساك هذا اليوم مع وجوب قضائه ، فأوجبنا عليه أمرين مع
أن الواجب أحدهما، وهو القضاء عدة من أيام أخر وهذا من أظهر الأدلة على عدم الوجوب
. . . ولكن ينبغي أن لا يظهر الأكل والشرب علناً إذا كان في ذلك مفسدة" اهـ .
"فتاوى الصيام" (ص 102) .
وقال النووي في "المجموع" (6/174) :
"إذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ
وَهُوَ مُفْطِرٌ , فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ
مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ بَرَأَتْ مِنْ مَرَضٍ وَهِيَ مُفْطِرَةٌ فَلَهُ
وَطْؤُهَا وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِلا خِلَافٍ" اهـ .
*****
49014
أحكام العيد والسنن التي فيه
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/6991)
سؤال رقم 49014- أحكام العيد والسنن التي فيه
أريد أن أعرف بعض السنن والأحكام التي تفعل في العيد .
الحمد لله
جعل الله في العيد أحكاماً متعددة ، منها :
أولاً : استحباب التكبير في ليلة العيد من غروب الشمس آخر يوم من
رمضان إلى حضور الإمام للصلاة ، وصيغة التكبير : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا
الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد . أو يكبر ثلاثاً فيقول : الله أكبر ،
الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
وكل ذلك جائز .
وينبغي أن يرفع الإنسان صوته بهذا الذكر في الأسواق والمساجد
والبيوت ، ولا ترفع النساء أصواتهن بذلك .
ثانياً : يأكل تمرات وتراً قبل الخروج للعيد ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً ، ويقتصر على وتر كما
فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : يلبس أحسن ثيابه ، وهذا للرجال ، أما النساء فلا تلبس
الثياب الجميلة عند خروجها إلى مصلى العيد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(وليخرجن تَفِلات) أي في ثياب عادية ليست ثياب تبرج ، ويحرم عليها أن تخرج متطيبة
متبرجة .
رابعاً : استحب بعض العلماء أن يغتسل الإنسان لصلاة العيد ؛ لأن
ذلك مروي عن بعض السلف ، والغسل للعيد مستحب ، كما شرع للجمعة لاجتماع الناس ، ولو
اغتسل الإنسان لكان ذلك جيداً .
خامساً : صلاة العيد . وقد أجمع المسلمون على مشروعية صلاة العيد
، ومنهم من قال : هي سنة . ومنهم من قال : فرض كفاية . وبعضهم قال : فرض عين ومن
تركها أثم ، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتى ذوات الخدور والعواتق
ومن لا عادة لهن بالخروج أن يحضرن مصلى العيد ، إلا أن الحيض يعتزلن المصلى ، لأن
الحائض لا يجوز أن تمكث في المسجد ، وإن كان يجوز أن تمر بالمسجد لكن لا تمكث فيه .
والذي يترجح لي من الأدلة أنها فرض عين ، وأنه يجب على كل ذكر أن
يحضر صلاة العيد إلا من كان له عذر ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ويقرأ الإمام في الركعة الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية
(هل أتاك حديث الغاشية) أو يقرأ سورة (ق) في الأولى ، وسورة القمر في الثانية ،
وكلاهما صح به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سادساً : إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد ، فتقام صلاة
العيد ، وتقام كذلك صلاة الجمعة ، كما يدل عليه ظاهر حديث النعمان بن بشير الذي
رواه مسلم في صحيحه ، ولكن من حضر مع الإمام صلاة العيد إن شاء فليحضر الجمعة ، وإن
شاء فليصل ظهراً .
سابعاً : ومن أحكام صلاة العيد أنه عند كثير من أهل العلم أن
الإنسان إذا جاء إلى مصلى العيد قبل حضور الإمام فإنه يجلس ولا يصلي ركعتين ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا جاء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ؛
لأن مصلى العيد مسجد ، بدليل منع الحيض منه ، فثبت له حكم المسجد ، فدل على أنه
مسجد ، وعلى هذا فيدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا دخل أحدكم المسجد
فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) . وأما عدم صلاته صلى الله عليه وسلم قبلها وبعدها
فلأنه إذا حضر بدأ بصلاة العيد .
إذن يثبت لمصلى العيد تحية المسجد كما تثبت لسائر المساجد ،
ولأننا لو أخذنا من الحديث أن مسجد العيد ليس له تحية لقلنا : ليس لمسجد الجمعة
تحية ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر مسجد الجمعة يخطب ثم يصلي
ركعتين ، ثم ينصرف ويصلي راتبة الجمعة في بيته ، فلم يصل قبلها ولا بعدها .
والذي يترجح عندي أن مسجد العيد تصلى فيه ركعتان تحية المسجد ،
ومع ذلك لا ينكر بعضنا على بعض في هذه المسألة ؛ لأنها مسألة خلافية ، ولا ينبغي
الإنكار في مسائل الخلاف إلا إذا كان النص واضحاً كل الوضوح ، فمن صلى لا ننكر عليه
، ومن جلس لا ننكر عليه .
ثامناً : من أحكام يوم العيد ـ عيد الفطر ـ أنه تفرض فيه زكاة
الفطر ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج قبل صلاة العيد ، ويجوز إخراجها
قبل ذلك بيوم أو يومين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري : (وكانوا يعطون
قبل الفطر بيوم أو يومين) ، وإذا أخرجها بعد صلاة العيد فلا تجزئه عن صدقة الفطر
لحديث ابن عباس : (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي
صدقة من الصدقات) ، فيحرم على الإنسان أن يؤخر زكاة الفطر عن صلاة العيد ، فإن
أخرها بلا عذر فهي زكاة غير مقبولة ، وإن كان بعذر كمن في السفر وليس عنده ما يخرجه
أو من يخرج إليه ، أو من اعتمد على أهله أن يخرجوها واعتمدوا هم عليه، فذلك يخرجها
متى تيسر له ذلك ، وإن كان بعد الصلاة ولا إثم عليه؛ لأنه معذور .
تاسعاً : يهنىء الناس بعضهم بعضاً، ولكن يحدث من المحظورات في
ذلك ما يحدث من كثير من الناس ، حيث يدخل الرجال البيوت يصافحون النساء سافرات بدون
وجود محارم . وهذه منكرات بعضها فوق بعض .
ونجد بعض الناس ينفرون ممن يمتنع عن مصافحة من ليست محرماً له ،
وهم الظالمون وليس هو الظالم ، والقطيعة منهم وليست منه ، ولكن يجب عليه أن يبين
لهم ويرشدهم إلى سؤال الثقات من أهل العلم للتثبت ، ويرشدهم أن لا يغضبوا لمجرد
اتباع عادات الاباء والأجداد ؛ لأنها لا تحرم حلالاً ، ولا تحلل حراماً، ويبين لهم
أنهم إذا فعلوا ذلك كانوا كمن حكى الله قولهم : ( وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن
قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ
ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) .
ويعتاد بعض الناس الخروج إلى المقابر يوم العيد يهنئون أصحاب
القبور، وليس أصحاب القبور في حاجة لتهنئة ، فهم ما صاموا ولا قاموا .
وزيارة المقبرة لا تختص بيوم العيد ، أو الجمعة ، أو أي يوم ،
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المقبرة في الليل ، كما في حديث عائشة عند
مسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الاخرة) .
وزيارة القبور من العبادات ، والعبادات لا تكون مشروعة حتى توافق
الشرع . ولم يخصص النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد بزيارة القبور ، فلا ينبغي أن
يخصص بها .
عاشراً : ومما يفعل يوم العيد معانقة الرجال بعضهم لبعض ، وهذا
لا حرج فيه .
الحادي عشر : ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن يخرج من طريق ويرجع
من آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسن هذه السنة في غيرها من
الصلوات ، لا الجمعة ولا غيرها ، بل تختص بالعيد .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/216-223) باختصار .
*****
49021
حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/6992)
سؤال رقم 49021- حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة
ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وما حكم المصافحة والمعانقة بعد صلاة العيد ؟.
الحمد لله
ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كان يهنئ بعضهم بعضاً بالعيد
بقولهم : تقبل الله منا ومنكم .
فعن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ
يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . قال الحافظ :
إسناده حسن .
وقَالَ الإمام أَحْمَدُ رحمه الله : وَلا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ
الرَّجُل لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . نقله
ابن قدامة في "المغني" .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/228) : هَلْ
التَّهْنِئَةُ فِي الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ : " عِيدُك
مُبَارَكٌ " وَمَا أَشْبَهَهُ , هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , أَمْ لا ؟
وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , فَمَا الَّذِي يُقَالُ ؟
فأجاب :
"أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا
وَمِنْكُمْ , وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا قَدْ رُوِيَ
عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ
, الأَئِمَّةُ , كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ : أَنَا لا
أَبْتَدِئُ أَحَدًا , فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته , وَذَلِكَ لأَنَّ
جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ , وَأَمَّا الابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ
سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا , وَلا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ , فَمَنْ فَعَلَهُ
فَلَهُ قُدْوَةٌ , وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وهل لها صيغة
معينة ؟
فأجاب :
"التهنئة بالعيد جائزة ، وليس لها تهنئة مخصوصة ، بل ما اعتاده
الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً" اهـ .
وقال أيضاً :
"التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى
فرض أنها لم تقع فإنها الا?ن من الأمور العادية التي اعتادها الناس ، يهنىء بعضهم
بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام" اهـ .
وسئل رحمه الله تعالى : ما حكم المصافحة ، والمعانقة والتهنئة
بعد صلاة العيد ؟
فأجاب :
"هذه الأشياء لا بأس بها ؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل
التعبد والتقرب إلى الله عز وجل ، وإنما يتخذونها على سبيل العادة ، والإكرام
والاحترام ، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/208-210) .
*****
49670
زوج يدعي الالتزام ومدمن على القنوات الإباحية
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/6993)
سؤال رقم 49670- زوج يدعي الالتزام ومدمن على القنوات الإباحية
زوجي حافظ للقرآن ومحافظ على الصلاة ، ومعروف بين الناس بالالتزام ، ولكنه مغرم بالقنوات الإباحية ، وقد حدثت بيننا مشاجرات وساءت العلاقة بيننا بسبب ذلك . حاولت أن أفهمه أنه يخطئ ولكن بلا فائدة . أريد حلاً لهذه المشكلة .
الحمد لله
لا شك أن زوجك – على حسب كلامك – واقع في فتنة عظيمة ، ويُخشى
عليه إن استمر على هذه الحال أن يترك الصلاة والخير الذي هو عليه ؛ ذلك أن فتنة
النظر المحرَّم تعقبها آثار سيئة على دين وخلق العاصي .
قال ابن القيم :
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد
الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم
تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر
على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
" الجواب الكافي " ( ص 106 ) .
وقد سبق في إجابة السؤال رقم ( 22917 ) : فوائد غض البصر ، ومنها : أن
غض البصر امتثال لأمر الله ، أنه طهارة القلب وزكاة النفس والعمل ، أنه يمنع وصول
أثر السهم المسموم ؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، تعويض من غض بصره بحلاوة
الإيمان في القلب ، أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير هواه وشهواته
...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 20229 ) بعض الوسائل المعينة على غض البصر ، ومنها :
استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، الاستعانة بالله
والانطراح بين يديه ودعائه ، مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك
...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 23425 ) بعض آثار المعصية على صاحبها ، ومنها :
حرمان العلم ، حرمان الرزق ، وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ،
وبينه وبين الناس ، تعسير أموره عليه ، وأن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، حرمان
الطاعة ، وأن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، وأن المعاصي تُضعف
القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن
تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، وأنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير
له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ، ولا كلامهم فيه فليراجع .
وفي جوابنا على سؤال رقم ( 33651 ) ذكرنا طرق مواجهة فتنة النساء .
ومما يحزننا أن زوجك من حفظة القرآن الكريم ، فأين تأثير القرآن
عليه ؟
ونرجو أن يقرأ ما ذكرناه هنا وما أحلنا عليه من أجوبة ، فلعل
الله تعالى أن يهدي قلبه ويهذِّب جوارحه إلى ما يحبه ربه ويرضاه .
ونزيد هنا لأخينا شيئين :
الأول : أن يستعين بالله تعالى بطاعته ودعائه ليتخلص مما ابتليَ
به ، فقد سئل الشيخ محمد العثيمين عمن أصيب بهذا المرض فأجاب بقوله :
وهذا الرجل الذي ابتلي هذه البلية - نسأل الله أن يعافيه منها -
هذا لا شك أنه يفعل المحرم ، فإن النظر سهم من سهام إبليس - والعياذ بالله - ، وكم
من نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلاء ، فصار - والعياذ بالله - أسيراً لها ، كم من
نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور ، ولهذا يجب على الإنسان
إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن يعافيه منه ، وأن يعرض
عن هذا ، ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المُرد ، وهو مع الاستعانة
بالله تعالى واللجوء إليه ، وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله
تعالى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 20 / السؤال رقم 448 ) .
ومن الأدعية المناسبة هنا :
عن شكل بن حميد قال : أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا
نبي الله علِّمني تعوذاً أتعوذ به ، فأخذ بيدي ثم قال : قل : " أعوذ بك من شر سمعي
وشر بصري وشر لساني وشر قلبي وشر منيي " قال : حتى حفظتها .
والمني : ماؤه ، أو فرجه .
رواه الترمذي ( 3492 ) والنسائي ( 5444 ) وأبو داود ( 1551 ) . صححه الألباني في
صحيح أبي داود .
والأمر الثاني : أن يعلم أنه قد يُختم له بشرِّ أعماله ، فيقبض
الله تعالى روحه وهو ينظر إلى ما حرَّم الله تعالى عليه ، فكيف سيكون حاله يوم يبعث
الله من في القبور ؟ وكيف سيلقى ربه تعالى وقد ختم له بمثل هذا .
ونسأل الله تعالى أن يصلح حاله ، ويهدي قلبه وجوارحه .
ولينظر جواب السؤال : ( 33651 ) فهو مهم .
ومن المهم أن تنظري في جواب السؤال رقم ( 7669 ) ففيه بيان كيف تتعامل الزوجة مع
زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها .
والله أعلم .
*****
49677
أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/6994)
سؤال رقم 49677- أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا ؟
أين أضع مالي في عصر خربت فيه الذمم ، والبنوك مشكوك في أمرها بالربا ، وليس عندنا بنك إسلامي ، والبيت غير آمن ، وأريد أن أضع مالي في مكان حلال وبدون أن أرتكب وزراً وأن استثمره وأخرج زكاته وإلا سوف يصرف ، ويقل بالتالي مقدار الزكاة .
الحمد لله
وضع الأموال في البنوك الربوية فيه إعانة للبنك على التعامل
بالربا ، وهذا إذا كان وضعها بدون فائدة .
أما إذا كان بفائدة فهذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله ، ولعن
رسول الله صلى اله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . و "آكل الربا" آخذه ، و "مؤكله"
معطيه .
ومن كان عنده مال وأراد حفظه أو استثماره فإنه يبحث عن طريق مباح
لذلك فيعطي المال رجلاً أميناً يتاجر له فيه ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه
.
فإن لم يجد وسيلة لحفظ المال إلا إيداعه في البنك فلا بأس بذلك
للضرووة أو الحاجة على أن يكون ذلك من غير فائدة .
ويختار أقل البنوك شراًُ وأقربها إلى المعاملات الشرعية .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من
الربا المحرم بإجماع العلماء ، أما وضعه بدون فائدة : فالأحوط تركه إلا عند الضرورة
إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على
أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن
لم يرد ذلك ، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال
وتصريفها ، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم ، ويسر لهم العمل
السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
" فتاوى ابن باز " ( 4 / 30 ، 311 ) .
راجع إجابة السؤال ( 22392 ) .
والله أعلم .
*****
49694
ما حكم إعطاء السائق غير المسلم طعاما في نهار رمضان ؟
أصول الفقه > التكليف >
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >(1/6995)
سؤال رقم 49694- ما حكم إعطاء السائق غير المسلم طعاما في نهار رمضان ؟
عندنا سائق أجنبي غير مسلم هل نعطيه طعاماً أثناء النهار في رمضان ؟.
الحمد لله
يرجع حكم المسألة هذه ومثيلاتها إلى حكم مخاطبة الكافر بفروع
الشرع ، والصحيح أنه مخاطب بها ، وهو قول الجمهور ، ولذا فلا يجوز تمكينه من الطعام
في نهار رمضان ولا إعانته عليه .
وإذا استمر الكافر على كفره ومات عليه : فإنه يعاقب على كفره
وعلى جميع أحكام الشريعة التي ترك العمل بها , وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( كُلُّ
نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ
يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ
نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ
مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ . حَتَّى أَتَانَا
الْيَقِينُ ) المدثر/38 – 47 .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 4 / 263 ) :
" الكافر في حال كفره هل هو مخاطب بفروع الشريعة ومكلف بها أم لا
؟ قال النووي : المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور بها , والمنهي
عنها , ليزداد عذابهم في الآخرة " انتهى .
وقال ولي الدين العراقي :
" والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار
مخاطبون بفروع الشريعة فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين " انتهى .
" طرح التثريب " ( 3 / 227 ) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 9 / 211 ، 212 ) تحت عنوان : بيع
ما يقصد به فعل محرم :
" ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى
معصية : فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز ....
ومن أمثلته عند الشافعية : بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه
محرم , وخشب لمن يتخذه آلة لهو , وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة . وكذا بيع
سلاح لنحو باغ وقاطع طريق . . . . . ودابة لمن يحملها فوق طاقتها .
كما نص الشرواني وابن قاسم العبادي على منع بيع المسلم طعاماً
للكافر إذا علم أو ظن أنه يأكله نهاراً في رمضان , كما أفتى به الرملي , قال : لأن
ذلك إعانة على المعصية , بناء على أن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة " انتهى .
والله أعلم .
*****
49752
نزول المذي لا يفسد الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/6996)
سؤال رقم 49752- نزول المذي لا يفسد الصيام
بطبيعة عملي في مركز بيع فإني في نهار رمضان استقبل البنات وأكلمهن من غير شهوة ولكني أحس بشيء نزل من الذكر لا أعرف ما هو هل هو مني أو مذي فهل فسد صومي ؟.
الحمد لله
هذا السائل متردد بين أن يكون منيا أو مذيا .
و "الفرق بين المني والمذي : أن المني من الرجل ماء غليظ أبيض ،
ومن المرأة رقيق أصفر ، وأما المذي فهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الملاعبة ، أو
تذكر الجماع ، أو إرادته ، أو نظر ، أو غير ذلك ، ويشترك الرجل والمرأة فيه" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/418) .
والغالب أن هذا الذي نزل منك مذي وليس منياً لأن المني يخرج بدفق
ويشعر به الرجل .
والتسبب في إنزال المني من مفسدات الصيام كما لو جامع أو قَبَّل
أو باشر ، أو كرر النظر إلى النساء فأنزل منيا ، فيفسد صومه . راجع السؤال ( 2571 )
.
وأما المذي فقد اختلف العلماء في إفساد الصوم به إن تسبب في
نزوله .
فمذهب الحنابلة أنه يفطر به إن كان سبب نزوله المباشرة كاللمس
باليد أو التقبيل وما أشبه ذلك .
فإن كان سبب نزوله تكرار النظر فإنه لا يفطر به .
وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن نزول المذي لا يفطر به مطلقا
سواء نزل بمباشرة أم بغيرها ، وأن المفسد للصيام هو نزول المني لا المذي .
انظر المغني (4/363) .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/236) بعد أن ذكر مذهب
الحنابلة في المسألة : " ولا دليل له صحيح ، لأن المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة
ولا بالنسبة لانحلال البدن ، فلا يمكن أن يلحق به .
والصواب : أنه إذا باشر فأمذى ، أو استمنى فأمذى أنه لا يفسد
صومه ، وأن صومه صحيح ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، والحجة فيه
عدم الحجة ( أي عدم الحجة على أن نزول المذي مفسد للصيام ) ، لأن هذا الصوم عبادة
شرع فيها الإنسان على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل اهـ .
ومعنى : (استمنى فأمذى) أنه حاول إنزال المني ولكنه لم يُنزل
وإنما أنزل مذياً .
وسئل الشيخ ابن باز (15/267) : إذا قبل الإنسان وهو صائم أو شاهد
بعض الأفلام الخليعة وخرج منه مذي ، فهل يقضي الصوم ؟
فأجاب :
خروج المذي لا يبطل الصوم في أصح قولي العلماء ؛ سواء كان ذلك
بسبب تقبيل الزوجة ، أو مشاهدة بعض الأفلام ، أو غير ذلك مما يثير الشهوة . ولكن لا
يجوز لمسلم مشاهدة الأفلام الخليعة ، ولا استماع ما حرم الله من الأغاني وآلات
اللهو ، أما خروج المني عن شهوة ، فإنه يبطل الصوم سواء حصل عن مباشرة ، أو قبلة ،
أو تكرار النظر ، أو غير ذلك من الأسباب التي تثير الشهوة كالاستمناء ونحوه ، أما
الاحتلام والتفكير فلا يبطل الصوم بهما ولو خرج مني بسببهما اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/273) : في أحد أيام رمضان كنت جالسا
بجوار زوجتي ونحن صيام ، حوالي نصف ساعة ، وكنا نمزح وبعد أن ابتعدت عنها وجدت على
سروالي نقطة مبتلة خارجة من الذكر ، وقد تكررت مرة ثانية أرجو إفادتي هل علي كفارة
؟
فأجابت :
إذا كان الواقع كما ذكرت فليس عليك قضاء ولا كفارة مراعاة للبقاء
مع الأصل ، إلا أن يثبت أن ذلك البلل مني فعليك الغسل والقضاء دون الكفارة اهـ .
والحاصل أنه لا يلزمك شيء وصيامك صحيح حتى تتيقن أن هذا الذي خرج
منك مني . فإن كان منيا فعليك قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليك .
وعليك بتجنب الكلام مع النساء من غير حاجة ، وإذا احتجت للكلام
معهن فعليك بغض البصر امتثالاً لقول الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 .
وروى مسلم (2159) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ
الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي .
قال النووي :
( الْفُجَاءَة ) هِيَ الْبَغْتَة . وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة
أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ
فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ
صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ
لِهَذَا الْحَدِيث , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ
يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ ) اهـ .
وإذا أمكن وجود امرأة تتولى البيع للنساء ومخاطبتهن فإن ذلك أولى
وأسلم .
والله تعالى أعلم .
*****
4983
هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/6997)
سؤال رقم 4983- هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟
الجواب:
الحمد لله
لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
49885
مسافر والجمع بين الصلاتين أسهل له
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/6998)
سؤال رقم 49885- مسافر والجمع بين الصلاتين أسهل له
أنا أعمل في القاهرة وأقيم في طنطا ( المسافة هي 86 كيلوا متر ) وفي رمضان أعمل الآتي عندما أصلي الظهر بعدها أنوي صلاة العصر قصرا - و ذلك لأني عندما أخرج من الشغل يكون العصر علي وشك الأذان ، وأكون مستعجلاً جدا لكي ألحق القطار .
فهل يجوز لي الجمع والقصر كما أفعل ؟ أم أنتظر حتى أصلي العصر ثم أعود إلى بلدي وهذا سوف يؤخرني، فأصل مع غروب الشمس ، وفيه مشقة شديدة علي لأنني لن أتمكن من الراحة لاسيما وأنا أريد أن أصلي التراويح . وهل يجوز أن أصلي في القطار وأنا جالس ؟.
`
الحمد لله
أولاً :
يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء
للمسافر وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة منها :
1-ما رواه البخاري (1108) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : انَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ
بَيْنَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ .
2- وروى أحمد (3278) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ . قال الشيخ أحمد شاكر (3288) : إسناده صحيح اهـ .
3- وفي صحيح مسلم (706) عَنْ مُعَاذٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ
يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.
والمسافر له حالان :
الأولى أن يكون سائرا ، أي : يكون مسافرا على الطريق .
الثاني : أن يكون نازلا ، بمعنى أن لا يكون سائراً على الطريق ،
فإما أن يكون وصل البلد التي سافر إليها ، أو نزل أثناء السفر بالطريق ومكث في هذا
المكان مدة .
والجمع جائز لكل مسافر سواء كان نازلا أم مسافرا .
لكن هل الأفضل للمسافر الجمع أم الأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها
؟
قال الشيخ ابن عثيمين في رسالته في مواقيت الصلاة (ص 26) :
" الأفضل للمسافر النازل أن لا يجمع ، وإن جمع فلا بأس إلا أن
يكون في حاجة إلى الجمع إما لشدة تعبه ليستريح ، أو لمشقة طلب الماء عليه لكل وقت
ونحو ذلك ، فإن الأفضل له الجمع واتباع الرخصة.
وأما المسافر السائر فالأفضل له الجمع بين الظهر والعصر وبين
المغرب والعشاء ـ حسب الأيسر له ـ إما جمع تقديم ، يقدم الثانية في وقت الأولى ،
وإما جمع تأخير يؤخر الأولى إلى وقت الثانية " اهـ .
وعلى هذا فالأفضل لك الأخذ بالرخصة ، فتجمع بين صلاتي الظهر
والعصر جمع تقديم لأن هذا هو الأسهل لك ، وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُخَيَّر بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا
لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ . رواه البخاري (3560) ومسلم (2327) .
وعليك في هذه الحال أن تحرص على صلاتة العصر جماعة ، فتنظر من
يصلي معك .
ثانياً :
وأما صلاتك العصر في القطار وأنت جالس فهي جائزة عند جمهور
العلماء إذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/120) :
" إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوت وقت
الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر
الاستطاعة ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ
مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق عليه .
أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها
أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء ، وعلم
أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى
جواز أدائها في الطائرة لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة كما تقدم
وهو الصواب " اهـ .
وجاء فيها أيضاً (8/126) :
" لا يجوز أن يصلي قاعداً في الطائرة ولا غيرها إذا كان يقدر على
القيام لعموم قوله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238. وحديث
عمران بن حصين الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( صَلِّ
قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى
جَنْبٍ ) زاد النسائي بسند صحيح ( فإن لم تستطع فمستلقياً ) " اهـ .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة في الطائرة ومثلها القطار
والسيارة غير جائزة إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة كما يؤديها على الأرض إلا إذا
خشي خروج وقتها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى أركان الإسلام" (ص
380) :
" تجب الصلاة في الطائرة إذا جهل وقتها ، لكن إذا كان لا يتمكن
من أداء الصلاة في الطائرة كما يؤديها على الأرض فلا يصلي الفريضة في الطائرة إذا
كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج وقت الصلاة ، أو خروج وقت التي بعدها مما يجمع
إليها . فمثلا لو أقلعت الطائرة من جدة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو
فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط الطائرة في المطار وينزل منها فإن خاف خروج وقتها نوى
جمعها إلى العشاء جمع تأخير وصلاهما إذا نزل فإن استمرت الطائرة حتى خاف أن يخرج
وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل فإنه يصليهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة " اهـ
.
وعلى هذا فالأحوط لك أن لا تصلي العصر في القطار ، بل تجمعها مع
الظهر جمع تقديم كما سبق .
*****
5000
حكم الموسيقى والغناء والرقص
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/6999)
سؤال رقم 5000- حكم الموسيقى والغناء والرقص
دائما أسمع بأن الموسيقى والرقص والغناء محرمة في الإسلام.
السؤال : ذهبت لموقع على الإنترنت وأسمه xxx وهناك الكثير من المقالات تقول بأن "الموسيقى والغناء والرقص حلال في الإسلام ما دام الجنسين ليسا مختلطين وليس هناك خمر"
حتى أنهم حاولوا إثبات هذا بذكرهم حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه وافق على هذا.
أنا الآن متشككة فهل يمكن أن توضح لي حكم الموسيقى والرقص والغناء في الإسلام .
جزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
"المعازف" جمع معزفة، وهي آلات الملاهي ( فتح الباري 10/55 ) ، وهي الآلة التي يعزف بها ( المجموع 11/577 ) ، ونقل القرطبي رحمه الله عن الجوهري رحمه الله أن المعازف الغناء ، والذي في صحاحه : آلات اللهو . وقيل : أصوات الملاهي . وفي حواشي الدمياطي رحمه الله : المعازف بالدفوف وغيرها مما يضرب به ( فتح الباري 10/55 ) .
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :
قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل ( تفسير الطبري 21/40 ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير 3/451 ) ، وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا ( تفسير السعدي 6/150 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ،
فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259
وقال تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "
عن مجاهد رحمه الله قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان .
وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون "
قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة . تفسير ابن كثير .
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " حسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، ( رواه البخاري تعليقا برقم 5590 ، ووصله الطبراني والبيهقي ، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . ( المجموع 11/535 ) ، وقال ابن القيم رحمه الله : ( وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة ) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم .
عن نافع رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " صحيح أبي داود ؛ وقد زعم قزم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم ، إذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه ، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك ! فيجاب : بأنه لم يكن يستمع ، وإنما كان يسمع ، وهناك فرق بين السامع والمستمع ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك ) المجموع 10 / 78 ؛ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ، فأبيح للحاجة . ( المغني 10 / 173 ) ( ولعل السماع المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك رحمه الله والله أعلم ) .
أقوال أئمة الإسلام :
قال القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل ، وقال الحسن رحمه الله : إن كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . الجامع للقيرواني ص 262-263 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) المجموع 11/576 ، قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . الصحيحة 1/145 .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض ) إغاثة اللهفان 1/425 .
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم . ( الجامع للقيرواني 262 ) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق ( تفسير القرطبي 14/55 ) ، قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله . ( الكافي ) .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) ( إغاثة اللهفان 1/425 ) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ، وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) ( كفاية الأخيار 2/128 ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق ) ( إغاثة اللهفان ) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : ( الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته ) ( المغني 10/173 ) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا يحضر ) ( الكافي 3/118 ) .(1/7000)
قال الطبري رحمه الله : ( فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسواد الأعظم " ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ) ( تفسير القرطبي 14/56 ) . وقد كان لفظ الكراهة يستخدم لمعنى الحرمة في القرون المتقدمة ثم غلب عليه معنى التنزيه ، ويحمل هذا على التحريم لقوله : والمنع منه ، فإنه لا يمنع عن أمر غير محرم ، ولذكره الحديثين وفيهما الزجر الشديد ، والقرطبي رحمه الله هو الذي نقل هذا الأثر ، وهو القائل بعد هذا : ( قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) ، قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة ) الإعلام.
وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لا يجوز صنع آلات الملاهي ) ( المجموع 22/140 ) ، وقال رحمه الله : ( آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد ) ( المجموع 28/113 ) ، وقال : ( الوجه السادس : أنه ذكر ابن المنذر اتفاق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح فقال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية ، كره ذلك الشعبي والنخعي ومالك وقال أبو ثور والنعمان - أبو حنيفة رحمه الله - ويعقوب ومحمد - تلميذي أبي حنيفة رحمهم الله - : لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح وبه نقول ) وقال : ( والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) ( مجموع الفتاوى 10/417 ) .
وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - . ( المصنف 5/395 ) .
وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) ( شرح السنة 8/28 ) .
استثناء حق
ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني
رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . ( غريب الحديث 3/64 ) - فينبغي لبعضهم الخروج بالحجاب الشرعي - .
استثناء باطل
استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور ؛ أولها : انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو باطل ، ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك ، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز التشبه بهم ، لاسيما في ما حرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما كالموسيقى . ( الصحيحة 1/145 ) .
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) صحيح
استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .
واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ) ( مدارج السالكين 1/493 ) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . ( تلبيس إبليس 229 ) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) ( فتح الباري 2/442-443 )
وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا !!
قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .
( وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما عرف علم الحديث ، وابن حزم ، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )
وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !
قال الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .
وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ، وقد سبق الرد على ذلك ، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) ، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا ) ( إغاثة اللهفان ) .(1/7001)
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!
قال ابن القيم رحمه الله : ( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به ) ( مدارج السالكين 1/485 ) . قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ، ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) ( مجموع الفتاوى 11/557 وما بعده ) .
ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ، وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم .
خاتمة
لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا ، وأنه ليس في هذه المسألة قولان ، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع ، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء ، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب ، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع ! - ، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة ، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة ! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها .
فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال ، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه ، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين ، ويطير وسواس قوم موسوسين ، ويفضح كل معرض عن الوحي ، متتبع للرخص ، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم ، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه - ، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
وللاستزادة .. يمكن مراجعة :
كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم
وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50017
استمنى جاهلاً أنه مفطر
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/7002)
سؤال رقم 50017- استمنى جاهلاً أنه مفطر
لقد منّ الله علي بالتوبة قبل عام .. واليوم سمعت أن الاستمناء من المفطرات ، ولم أكن أعرف ذلك سابقاً .. وقد اقترفت هذا الذنب في رمضان قبل الماضي .. ولا أعلم ماذا أفعل ؟ علماً بأنني لا أعلم عدد الأيام التي قمت فيها بهذا الذنب .. أرجوكم أفيدوني ماذا علي فعله ؟.
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة ، ونسأله سبحانه أن يتقبل
توبتك ، ويغفر لك ذنبك ، ويلهمك رشدك .
ثانياً :
اختلف العلماء فيمن فعل شيئا من مفسدات الصيام جاهلا ، هل يفسد
صومه بذلك أم لا على قولين :
الأول : أنه يفسد صومه بذلك ، وهو مذهب الشافعي وأحمد ، إلا أن
الشافعي استثنى إذا كان حديث عهد بالإسلام أو كان ناشئا ببادية بعيدا عن أهل العلم
فلا يفسد صومه .
قال النووي في "المجموع" (6/352) :
" إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا
بِتَحْرِيمِهِ - فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ
بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا - لَمْ يُفْطِرْ ;
لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ ,
وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ
أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّرٌ " اهـ .
وانظر "المغني" (4/368) ، "الكافي" (2/244) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة ، فقد سئلت اللجنة عمن
استمنى في نهار رمضان وهو جاهل أن هذا حرام ، ولا يعلم عدد الأيام التي فعل فيها
هذا المحرم . فأجابت :
" يجب قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب العادة السرية لأنها مفسدة
للصيام ، واجتهد في معرفة الأيام التي أفطرتها " اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (10/258) .
والقول الثاني : لا يفسد صومه بذلك كما لا يفسد صوم الناسي .
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/19) :
" الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ
ذَلِكَ : فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ .
. . وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلا يَثْبُتُ
الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ , لقوله تعالى : ( لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ
بَلَغَ ) . وَقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) .
وَلِقَوْلِهِ : ( لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدٌ , بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لا
يُعَاقِبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَلِّغَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ . وَمَنْ عَلِمَ
أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَعْلَمْ كَثِيرًا
مِمَّا جَاءَ بِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ , فَإِنَّهُ
إذَا لَمْ يُعَذِّبْهُ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , فَإِنَّهُ لا
يُعَذِّبُهُ عَلَى بَعْضِ شَرَائِطِهِ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ أَوْلَى وَأَحْرَى ,
وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي
أَمْثَالِ ذَلِكَ . فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ
أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى : ( الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ
الأَسْوَدِ ) هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ . فَكَانَ
أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا . ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ
بَيَاضُ النَّهَارِ , وَسَوَادُ اللَّيْلِ . وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ اهـ
.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/66) :
" وَقَدْ عَفَا (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) عَمَّنْ أَكَلَ
أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ عَمْدًا غَيْرَ نَاسٍ لَمَّا تَأَوَّلَ
الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ بِالْحَبْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ ,
فَجَعَلَ يَأْكُلُ حَتَّى تَبَيَّنَا لَهُ وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ , وَعَفَا لَهُ
عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ , لِتَأْوِيلِهِ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شاب استمنى في رمضان
جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته ، فما الحكم ؟
فأجاب :
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم
إلا بثلاثة شروط : العلم ، والذكر ، والإرادة . راجع السؤال ( 28023 )
.
ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه
حرام لقول الله تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *
فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ) المؤمنون/5-7 .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ
مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ومسلم
(1400) .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ،
لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما
عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم ، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/981) .
والأحوط لك أن تقضي تلك الأيام ، واجتهد في تحديد عددها بما يغلب
على ظنك .
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (15/304) :
"أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام ، لكونه
بالغا صحيحا مقيما ، جهلا منه ، فقد اختلف أهل العلم في شأنه ، فقال بعضهم : عليه
الكفارة ؛ لأنه مفرط في عدم السؤال والتفقه في الدين ، وقال آخرون من أهل العلم :
لا كفارة عليه من أجل الجهل ، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة ، من أجل تفريطك
وعدم سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت" اهـ .
فأمره بالكفارة احتياطاً ، ووجوب الكفارة هنا لأنه أفطر بالجماع
، والكفارة لا تجب بشيء من مفسدات الصيام إلا بالجماع في نهار رمضان ، كما تقدم في
إجابة السؤال ( 28023 ) .
*****
50019
تعجيل الفطر أفضل من تأخيره
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/7003)
سؤال رقم 50019- تعجيل الفطر أفضل من تأخيره
هل في تأخير الفطر بعد صلاة المغرب ثواب ؟.
الحمد لله
تأخير الفطر ليس فيه ثواب ، بل الأفضل والأكمل في الثواب هو
تعجيل الفطر بعد غروب الشمس مباشرة .
روى البخاري (1957) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَزَالُ النَّاسُ
بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ) .
ورواه أبو داود (2353) عن أَبي هُرَيْرَة وفيه : ( لأَنَّ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود
(2353) .
قال النووي :
فِيهِ الْحَثّ عَلَى تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ
الشَّمْسِ , وَمَعْنَاهُ لا يَزَال أَمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وَهُمْ بِخَيْرٍ مَا
دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة , وَإِذَا أَخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ
عَلامَة عَلَى فَسَادٍ يَقَعُونَ فِيهِ اهـ .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
يُؤَخِّرُونَ ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ :
فِي هَذَا التَّعْلِيل دَلِيل عَلَى أَنَّ قِوَام الدِّين
الْحَنِيفِيّ عَلَى مُخَالَفَة الأَعْدَاء مِنْ أَهْل الْكِتَاب ، وَأَنَّ فِي
مُوَافَقَتهمْ تَلَفًا لِلدِّينِ اهـ .
وروى مسلم (1099) أن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سئلت عن
رجل مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وهو عبد الله بن
مسعود) يُعَجِّلُ الْمَغْرِبَ وَالإِفْطَارَ ، فَقَالَتْ : هَكَذَا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ .
قَالَ الشَّافِعِيّ فِي " الأُمّ " :
"تَعْجِيل الْفِطْر مُسْتَحَبٌّ" اهـ .
وقال ابن حزم في "المحلى" (4/380) :
وَمِنْ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ ،
وَإِنَّمَا هُوَ مَغِيبُ الشَّمْسِ عَنْ أُفُقِ الصَّائِمِ وَلا مَزِيدَ اهـ .
وقد ذكر العلماء عدةَ حِكَم لاستحباب تعجيل الفطر ، فمنها :
1- مخالفة اليهود والنصارى .
2- اتباع السنة وموافقتها .
3- أَنْ لا يُزَادَ فِي النَّهَار مِنْ اللَّيْل .
4- أَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ ، وَأَقْوَى لَهُ عَلَى
الْعِبَادَة .
5- ولما فيه من المبادرة إلى تناول ما أحله الله عز وجل ، والله
سبحانه وتعالى كريم ، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه ، فيحب من عباده أن يبادروا
بما أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس .
"وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا
تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْس بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ , وَكَذَا
عَدْلٍ وَاحِد فِي الأَرْجَح" قاله الحافظ .
انظر : "فتح الباري" شرح حديث رقم (1957) ، "الشرح الممتع" (6/267) .
*****
50063
هل التبرج مبطل للصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم >(1/7004)
سؤال رقم 50063- هل التبرج مبطل للصوم ؟
هل التبرج مبطل للصوم ؟.
الحمد لله
أولاً :
شرع الله تعالى الصيام لحكم عظيمة ، ومن أهم هذه الحكم والمصالح
المترتبة على الصيام تحقيق تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
والتقوى هي امتثال ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه .
فالصائم مأمور بفعل الطاعات ، منهي عن فعل المحرمات نهيا مؤكدا ،
فإن المعاصي قبيحة من كل أحد وهي من الصائم أشد قبحا ، ولهذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ
فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري
(6057) . راجع السؤال رقم ( 37989 )
، ( 37658 )
وروى ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من
اللغو والرفث ) . وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1082) .
قال عُمَر بْن الْخَطَّابِ وعَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنهما : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَحْدَهُ ; وَلَكِنَّهُ
مِنْ الْكَذِبِ , وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ .
وقَالَ جَابِرٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إذَا صُمْت فَلْيَصُمْ
سَمْعُكَ , وَبَصَرُكَ , وَلِسَانُكَ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمَأْثَمِ , وَدَعْ أَذَى
الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ , وَلا
تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صَوْمِكَ سَوَاءً .
وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا
صُمْت فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت . فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِهِ
دَخَلَ (يعني بيته) فَلَمْ يَخْرُجْ إلا إلَى صَلاةٍ .
وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم إذَا
صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا : نُطَهِّرُ صِيَامَنَا .
انظر : "المحلى" (4/305)
وقال بعض العلماء :
يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِعَيْنَيْهِ فَلا
يَنْظُرُ إلَى مَا لا يَحِلُّ ، وَبِسَمْعِهِ فَلا يَسْمَعُ مَا لَا يَحِلُّ ،
وَبِلِسَانِهِ فَلا يَنْطِقُ بِفُحْشٍ وَلا يَشْتُمُ وَلا يَكْذِبُ وَلا يَغْتَبْ
اهـ .
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذا الشهر الكريم الذي تسلسل فيه
الشياطين ، وتفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، وينادي مناد يا باغي
الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، فينتهز المؤمن هذا الشهر ليكون أقرب إلى الله ،
فيتوب توبة نصوحا من كل ذنوبه ومعاصيه ، ويعاهد الله تعالى على الاستقامة على دينه
وشرعه .
ثانيا :
والمعاصي ( ومنها تبرج المرأة وإظهارها زينتها ومفاتنها للرجال
الأجانب عنها ) تنقص ثواب الصيام فكلما كثرت معاصيه وعظمت نقص ثواب صيامه ، وقد
يزول ثوابه بالكلية ، فيكون قد منع نفسه من الطعام والشراب وسائر المفطرات وقد أضاع
ثواب ذلك بمعصيته لله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ
لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) . وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه .
قال السبكي في فتاويه (1/221-226) :
هَلْ يَنْقُصُ الصَّوْمُ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ
الْمَعَاصِي أَوْ لا ؟ وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْقُصُ وَمَا
أَظُنُّ فِي ذَلِكَ خِلافًا . . .
وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الصَّوْمِ قَدْ تَكُونُ
بِاقْتِرَانِ طَاعَاتٍ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَلاةٍ
وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتٍ . فَكُلُّ ذَلِكَ
يَزِيدُهُ كَمَالا وَمَطْلُوبٌ فِيهِ اهـ . باختصار .
ثالثا :
وأما إفساد الصيام بالمعاصي (ومنها تبرج المرأة) فإن الصيام لا
يفسد بذلك بل يكون صحيحا مسقطا للفرض عن الصائم ، ولا يؤمر بقضائه ، ولكن ينقص ثواب
الصيام بفعل المعصية ، وقد يذهب ثوابه بالكلية كما سبق .
قال النووي في "المجموع" (6/398) :
( يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُنَزِّهَ صَوْمَهُ عَنْ
الْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ ) مَعْنَاهُ يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي
حَقِّ الصَّائِمِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْحَدِيثِ , وَإِلا فَغَيْرُ الصَّائِمِ
يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَيُؤْمَرُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ , وَالتَّنَزُّهُ
التَّبَاعُدُ , فَلَوْ اغْتَابَ فِي صَوْمِهِ عَصَى وَلَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ
عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ
كَافَّةً إلا الأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ : يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِالْغِيبَةِ وَيَجِبُ
قَضَاؤُهُ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص358) : هل تحدث المرء
بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه ؟
فأجاب :
"إذا قرأنا قول الله عز وجل: ( يا أَ
يُّهَا ا لَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ا لصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ا لَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي
التقوى ، والتقوى هي ترك المحرمات، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك
المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور ، والعمل به ،
والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) . وعلى هذا يتأكد على الصائم اجتناب
المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ، ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا
يبيع بيعاً محرماً ، ويجتنب جميع المحرمات . وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل
فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ، ولكن المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين
يوم صومهم وفطرهم ، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش
وغيره ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام ، ولكن تنقص من
أجره ، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم" اهـ .
*****
50074
هل يجوز له العمل في بيع تحف تتعلق بأعياد الكفار ؟
العقيدة > الولاء والبراء >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/7005)
سؤال رقم 50074- هل يجوز له العمل في بيع تحف تتعلق بأعياد الكفار ؟
يوجد مصنع لصنع التحف الزجاجية كحوامل العطور والشمعدانات وتصديرها للخارج ، وعرض عليَّ بأن أكون مسؤولاً عن التصدير ، ولكن المصنع يطلب مني في أعياد النصارى ( الكريسماس ) عمل بعض التحف الزجاجية الخاصة بعيدهم كالصلبان والتماثيل . فهل هذا العمل يجوز حيث إنني أخشى من الله بعد أن منَّ عليَّ ببعض العلم وبحفظ كتابه ؟ .
الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يشارك في أعياد الكفَّار ، سواء
بحضور أو تمكين لهم بإقامته أو ببيع مواد وسلع تتعلق بتلك الأعياد .
كتب الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ إلى وزير التجارة
قائلاً : من محمد إبراهيم إلى معالي وزير التجارة سلمه الله . السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته وبعد :
ذُكر لنا أن بعض التجار في العام الماضي استوردوا هدايا خاصة
بمناسبة العيد المسيحي لرأس السنة الميلادية ، من ضمن هذه الهدايا شجرة الميلاد
المسيحي ، وأن بعض المواطنين كانوا يشترونها ويقدمونها للأجانب المسيحيين في بلادنا
مشاركة منهم في هذا العيد .
وهذا أمر منكر ما كان ينبغي لهم فعله ، ولا نشك في أنكم تعرفون
عدم جواز ذلك ، وما ذكره أهل العلم من الاتفاق على حظر مشاركة الكفار من مشركين
وأهل كتاب في أعيادهم .
فنأمل منكم ملاحظة منع ما يرد بالبلاد من هذه الهدايا وما في
حكمها مما هو خصائص عيدهم.
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 3 / 105 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
بعض المسلمين يشاركون النصارى في أعيادهم ، فما توجيهكم ؟ .
فأجاب :
لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم
من الكفرة في أعيادهم ، بل يجب ترك ذلك ؛ لأن " مَن تشبَّه بقوم فهو منهم " ،
والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم ، فعلى المؤمن
وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء لأنها أعياد
مخالفة للشرع ، فلا يجوز الاشتراك فيها ، ولا التعاون مع أهلها ، ولا مساعدتهم بأي
شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ؛ ولأن الله سبحانه يقول :
( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله
شديد العقاب ) فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 405 ) .
وفي بيان لعلماء اللجنة الدائمة حول المشاركة باحتفالات الألفية
قالوا :
سادساً : لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه
التعاون في أعيادهم ومن ذلك : إشهار أعيادهم وإعلانها ، ومنها الألفية المذكورة،
ولا الدعوة إليها بأية وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام ، أو نصب
الساعات واللوحات الرقمية ، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية ، أو طبع البطاقات
أو الكراسات المدرسية ، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها ، أو
الأنشطة الرياضية، أو نشر شعار خاص بها . اهـ .
وعليه : فلا يجوز لك – أخي – المشاركة في صنع شيء يتعلق بأعياد
الكفار ، واترك هذه الوظيفة لله تعالى ، وسيبدلك الله خيراً منها إن شاء .
والله أعلم .
*****
50106
مات الجنين في الشهر الرابع فهل يسمَّى ويعق عنه ويغسَّل ويكفَّن ؟
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >(1/7006)
سؤال رقم 50106- مات الجنين في الشهر الرابع فهل يسمَّى ويعق عنه ويغسَّل ويكفَّن ؟
زوجتي حامل ، وفي أربعة أشهر وثلاثة أسابيع توفيَ الجنين ، وهو داخل بطن أمه ، ماذا يجب علينا أن نعمل ؟ هل يسمَّى ؟ هل يذبح له عقيقه ؟ وإذا فيه شيء آخر الرجاء المساعدة على ذلك.
الحمد لله
أولاً :
وقع خلاف بين العلماء في المسائل المتعلقة بالسقط بعد الأربعة
أشهر ، والذي يفتي به مشايخنا أنه يسمَّى ، ويغسَّل ، ويكفَّن ، ويُصلَّى عليه ،
ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
أفيدكم أن زوجتي قبل وفاتها أسقطت جنيناً له أربعة شهور ، وقد
أخذتْه ودفنتْه بدون صلاة عليه ، فأرجوكم إفادتي إن كان علي شيء ؟ .
فأجابوا :
كان ينبغي أن يغسل ويكفن ويصلى عليه على الصحيح من أقوال العلماء
مادام قد أتم أربعة أشهر ؛ لعموم ما رواه أبو داود والترمذي عن المغيرة بن شعبة رضي
الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السقط يصلى عليه " ، ولكن قد فات
المطلوب ولا شيء عليك . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 406 ) .
وقالوا :
إذا لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يسمَّى
ولا يعق عنه ؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 408
) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل الولد الصغير الذي يسقط قبل أن يتم له عقيقة أم لا ؟ .
فأجاب :
ما سقط قبل تمام أربعة أشهر : فهذا ليس له عقيقة ، ولا يسمَّى
ولا يصلَّى عليه ، ويدفن في أي مكان من الأرض .
وأما بعد أربعة أشهر فهذا قد نفخت فيه الروح ، هذا يسمى ويغسل
ويكفن ويُصلى عليه ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه على ما نراه ، لكن بعض العلماء
يقول : ما يعق عنه حتى يتم سبعة أيام حيا ، لكن الصحيح أنه يعق عنه لأنه سوف يبعث
يوم القيامة ، ويكون شافعا لوالديه . "
أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 653 ) .
ثانياً :
الدم الذي يخرج مع الجنين في هذه المدة : هو دم نفاس فعلى المرأة
ترك الصلاة والصيام ويحرم على زوجها أن يجامعها . والدم يعتبر نفاساً إذا أسقطت
المرأة جنيناً قد بيّن فيه خلق الإنسان
قال الشيخ ابن عثيمين :
قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد
خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، وإن خرج
وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من
الصيام ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً
... " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 304 ، 305 ) .
وانظر السؤال رقم ( 37784 )
والله أعلم .
*****
5011
حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >
سؤال رقم 5011: حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
السؤال :
هل يجوز سماع الأناشيد الإسلامية مع الآلات الموسيقية ؟
أرجو الإجابة من القرآن والسنة والإجماع .
الجواب:
الحمد لله
قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم آلات الملاهي والتحذير منها ، وأرشد القرآن إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهوا الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين } وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق .
وأخرج الطبري في جامع البيان(15/118-119) وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (33) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (232) عن مجاهد في قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } الإسراء :63،64 قال : هو الغناء والمزامير
وروى الطبري عن الحسن البصري أنه قال : صوته هو الدفوف .
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/252) :
وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرَّجْل إليه كذلك ، فكل متكلم بغير طاعة الله ، ومُصوِّت بِيَراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان . انتهى
وروى الترمذي في سننه رقم (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه ، فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن : أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ قال: إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة : خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة .. قال الترمذي : هذا الحديث حسن وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/43) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) والطيالسي في المسند رقم (1683) والطحاوي في شرح المعاني (4/29) وحسنه الألباني .
قال النووي : المراد به الغناء والمزامير انظر تحفة الأحوذي (4/88)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ( وهو الفرج والمقصود يستحلون الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ". رواه البخاري في الصحيح معلقا(10/51) ووصله البيهقي في السنن الكبر (3/272) والطبراني في المعجم الكبير (3/319)وابن حبان في الصحيح (8/265 ـ 266)وصححه ابن الصلاح في علوم الحديث (32)وابن القيم في إغاثة اللهفان (255) وتهذيب السنن (5/270 ـ 272) والحافظ في الفتح (10/51)والألباني في الصحيحة (1/140)
قال الحافظ في الفتح (10/55) والمعازف هي آلات الملاهي ، ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو ، وقيل أصوات الملاهي ، وفي حواشي الدمياطي : المعازف الدفوف وغيرهما مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف . انتهى
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/256) :
ووجه الدلالة منه : أن المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ، ولَمَا قرن استحلالها باستحلال الخمر والحِرَ .انتهى
ويستفاد من الحديث تحريم آلات العزف والطرب ، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :
أولا : قوله (يستحلون) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قرن المعازف مع المقطوعة حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ، ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . انظر حكم المعازف للألباني ، تصحيح الأخطاء والأوهام الواقعة في فهم أحاديث النبي عليه السلام لرائد صبري(1/176)
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (3/423-424) :
والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة .
أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (11/569) :
وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه . أهـ
أما هذه الأناشيد التي تسمى إسلامية والتي تصحبها الموسيقى فإطلاق هذه التسمية عليها يعطيها شيئا من المشروعية وهي في الحقيقة غناء وموسيقى وتسميتها بالأناشيد الإسلامية هو زور وبهتان ولا يُمكن أن تكون بديلا عن الغناء فلا يجوز أن نتبدّل الخبيث بالخبيث وإنّما نجعل الطّيب مكان الخبيث وسماعها على أنّه إسلامية والتعبّد بذلك يعدّ ابتداعا لم يأذن به الله . نسأل الله السلامة والعافية
وللمزيد انظر تلبيس إبليس(237)والمدخل لابن الحاج(3/109)والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (99-وما بعدها)وذم الملاهي لابن أبي الدنيا والإعلام بأن العزف حرام لأبي بكر الجزائري وتنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة وتحريم آلات الطرب للألباني .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50487
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام؟
الفقه > عبادات > الصوم > رؤية الهلال >(1/7007)
سؤال رقم 50487- لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام؟
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد ؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام .
الحمد لله
أولا : السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر ، هو
اختلاف مطالع الأهلة . واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا .
وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد ، لأن هذا
يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال ، بل قبل طلوعه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن ينادي بتوحيد الأمة في
الصيام ، وربط المطالع كلها بمطالع مكة ، فقال :
" هذا من الناحية الفلكية مستحيل ؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم ، وإذا كانت
تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه .
أما الدليل الأثري فقال الله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) البقرة/185 . فإذا قُدِّرَ أن
أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر -أي : الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال ، فكيف
يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر ؟! وقال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) متفق عليه ، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من
الشرقيين بأن يصوموا ، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم ، والنبي صلى الله
عليه وسلم علق ذلك بالرؤية .
أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته ،
فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية ، فإذا طلع
الفجر على الجهة الشرقية ، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل ؟ الجواب : لا . وإذا
غربت الشمس في الجهة الشرقية ، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر ؟ الجواب
: لا . إذاً الهلال كالشمس تماما ، فالهلال توقيته توقيت شهري ، والشمس توقيتها
توقيت يومي ، والذي قال : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . هو الذي قال : (
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن
نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر ، ويربط ذلك بالعلامة
الحسية التي جعلها الله في كتابه ، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته
ألا وهي شهود القمر ، وشهود الشمس ، أو الفجر " انتهى من فتاوى أركان
الإسلام ص 451.
وقال رحمه الله موضحاً هذا القياس ، ومؤيداً به حجة الذين
اعتبروا اختلاف المطالع :
" قالوا : والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، فكما أن البلاد
تختلف في الإمساك والإفطار اليومي ، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري
، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، فمن كانوا في الشرق
فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضا .
فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فإن مثله تماما
في التوقيت الشهري .
ولا يمكن أن يقول قائل : إن قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) وقوله صلى الله عليه وسلم
: ( إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا
هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ) لا يمكن لأحد أن يقول :
إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار .
وكذلك نقول في عموم قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا
رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا ، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا ) وهذا القول كما
ترى له قوته بمقتضى اللفظ ، والنظر الصحيح ، والقياس الصحيح أيضا ، قياس التوقيت
الشهري على التوقيت اليومي " انتهى . نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد
المقصود ص 104 .
وصدر عن هيئة كبار العلماء ، بيان مهم بهذا الخصوص ، وهذا نصه :
" أولاً : اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة
حساً وعقلاً ، ولم يختلف فيها أحد من العلماء ، وإنما وقع الاختلاف بين علماء
المسلمين في : اعتبار خلاف المطالع ، وعدم اعتباره .
ثانياً : مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل
النظرية التي للاجتهاد فيها مجال ، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم
والدين ، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين : أجر الاجتهاد ، وأجر
الإصابة ، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد .
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين : فمنهم من رأى
اعتبار اختلاف المطالع ، ومنهم من لم ير اعتباره . واستدل كل فريق منهما بأدلة من
الكتاب والسنة ، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله
تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ
وَالْحَجِّ ) البقرة/189 . وبقوله صلى الله عليه وسلم : (
صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث . وذلك لاختلاف الفهم
في النص ، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به .
ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها ، ونظراً إلى أن الاختلاف
في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها ، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر
قرناً ، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة . فإن
أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه . وعدم إثارة هذا
الموضوع ، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين
المشار إليهما في المسألة ، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته .
ثالثاً : نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة
بالحساب ، وما ورد في الكتاب والسنة ، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك ، فقرروا
بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية ؛ لقوله صلى
الله عليه وسلم ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) الحديث .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، وَلا تُفْطِرُوا
حَتَّى تَرَوْهُ ) الحديث . وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/102) .
*****
50522
يعيشون في هولندا فمع من يبدؤون الصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم > رؤية الهلال >(1/7008)
سؤال رقم 50522- يعيشون في هولندا فمع من يبدؤون الصوم ؟
أسكن في هولندا ، واختلف الناس في أول يوم من رمضان ، منهم من صام على مصر ، ومنهم من ينتظر حتى يتبع الإعلان من الجزيرة العربية ، فما هو الموقف الصحيح ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يثبت دخول الشهر شرعاً إلا برؤية الهلال ، لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ) رواه
البخاري (1909) ومسلم (1081) . ولا اعتبار للحساب الفلكي في إثبات
دخول الشهر .
ولا شك أن المطالع تختلف من بلد لآخر – وخاصة تلك البعيدة عن
غيرها - ، وليس الخلاف في اختلاف المطالع فهذا لا يجادل فيه أحد ، إنما الخلاف هل
لاختلاف المطالع أثرٌ في إثبات دخول الشهر من بلد لآخر أم لا .
ثانياً :
المسلمون المقيمون في دولة غير إسلامية ، إن كان لهم هيئة شرعية
أو مجلس يرجعون إليه ويعتمد على الرؤية الشرعية في إثبات دخول الشهر وخروجه فقد
أفتى علماء اللجنة الدائمة أن هذا المجلس يأخذ حكم الحكومة الإسلامية بالنسبة لهم ،
فيلزمهم إتباعه في دخول الشهر وخروجه .
وتفصيل هذا في الجواب على السؤال رقم : ( 1248 ) .
وأما إن كان ليس لهم هيئة شرعية فلا حرج عليهم أن يتبعوا الدولة
التي يثقون بها ، والتي تعتبر الرؤية الشرعية ، لا الحساب الفلكي ، فيصومون ويفطرون
معها .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن أقام في أسبانيا في رمضان وصام
بصيام بلاد الحرمين الشريفين ، فأجاب :
" أما ما ذكرتم من صومكم معنا وفطركم معنا لكونكم أقمتم في
أسبانيا أيام رمضان فلا بأس ولا حرج عليكم في ذلك ، لقول النبي : ( صُومُوا
لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا
الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ ) وهذا عام لجميع الأمة ، وبلاد الحرمين أولى الدول بالاقتداء
بها ، لاجتهادها في تحكيم الشريعة ، زادها الله توفيقاً وهداية ، ولأنكم في بلاد لا
تحكّم الإسلام ، ولا يبالي أهلها لأحكام الإسلام " انتهى . مجموع فتاوى ابن
باز (15/105)
وللمزيد من التوضيح والبيان : يُنظر أجوبة الأسئلة : ( 1226 ) و ( 12660 ) و ( 1602 ) .
والله أعلم .
*****
50632
جامع زوجته وهي تقضي من رمضان فماذا يترتب عليهما ؟
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/7009)
سؤال رقم 50632- جامع زوجته وهي تقضي من رمضان فماذا يترتب عليهما ؟
جامعت زوجتي قبل رمضان وكانت تقضي بعض الأيام من شهر رمضان السابق ، ولم تتمكن من قضاء جميع الأيام .
ملاحظة : استأذنتني بالصيام وأذنت لها.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لمن شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة يمين أن يفطر
إلا من عذر ، كمرض أو سفر .
فإن أفطر - بعذر أو من غير عذر- بقي الصوم في ذمته ، فعليه أن
يصوم يوما واحدا مكان اليوم الذي أفسده .
فإن كان فطره من غير عذر وجب عليه – مع الصيام - التوبة إلى الله
من هذا الفعل المحرم .
وليس على زوجتك كفارة ، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار
رمضان فقط .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال ( 49985 ) فلينظر .
ثانياً :
وقد أسأت بإفساد صيام زوجتك ، لأن الزوجة إذا صامت قضاء رمضان
بإذن زوجها لم يكن له إفساد صيامها .
فعليكما التوبة إلى الله ، والندم على الفعل ، والعزم على عدم
العود ، فإن كنت أجبرتها فلا إثم عليها .
والله أعلم .
*****
50640
كان أخوه غنيّاً ثم افتقر فهل يعطيه الزكاة مع بقاء أساس منزله عنده ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7010)
سؤال رقم 50640- كان أخوه غنيّاً ثم افتقر فهل يعطيه الزكاة مع بقاء أساس منزله عنده ؟
أخي كان تاجراً ناجحاً ولكون ظروفه الماديَّة ممتازة شرع في بناء من النوع الراقي وبعد فترة انقلب عليه الحال وأصبح من الفقراء ، فهل يجوز أن أصرف له الزكاة رغم امتلاك أساس ذلك المنزل الذي يقدر بمبلغ 50000 ديناراً وهو يعول 9 أولاد وحالهم سيئ جدّاً ؟.
الحمد لله
أولاً :
الفقير أو المسكين الذي يجوز دفع الزكاة إليه هو الذي لا يجد ما
يكفيه وأهله من النفقة ، فإذا كان أخوك عنده سكن يكفيه وأولاده فعليه أن يبيع أساس
هذا البيت ، وينفق منه على نفسه وأولاده ، فإن لم يمكن بيعه جاز إعطاؤه من الزكاة
من أجل النفقة والسكنى ، لكن لا يعطى لإتمام بناء البيت ، لأن الفقير يعطى من
الزكاة بقدر ما تندفع به حاجته ، وحاجة أخيك في السكن تندفع بغير البناء ، كاستئجار
بيت مناسب له .
ثانياً :
دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من
هم ليسوا من قرابتك ؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة ، إلا إذا كان هؤلاء الأقارب
ممن تلزمك نفقتهم فإنه لا يجوز أن تعطيهم من زكاة مالك ، ويجب عليك الإنفاق عليهم .
انظر جواب السؤال ( 20278 ) .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
كلما كان الإنسان الذي من أهل الزكاة كلما كان أقرب إليك فهو
أولى من غيره ؛ لأن صدقتك على القريب صدقة وصلة ، فيجوز أن تعطي زكاتك من كان
قريباً لك بشرط أن لا تجب عليك نفقته ، فإن كانت نفقته تجب عليك : فإنه يجب عليك
الإنفاق عليه ، ولا يجوز لك أن تدفع زكاتك إليه .
فإذا قدِّر أن لك أخاً لا يرثه إلا أنت وأنت غني تتمكن من
الإنفاق عليه وهو فقير : فإنه لا يجوز أن تعطيه زكاتك ؛ لأن الواجب عليك أن تنفق
عليه من مالك ، أما إذا كان هذا الأخ الفقير له أولاد : فإنه يجوز أن تعطيه من
زكاتك ؛ لأنه إذا كان له أولاد لا تجب عليك نفقته لأنك لست وارثاً له .
" خطبة جمعة " ( المجموعة السابعة ) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى :
ما حكم دفع الزكاة للأقارب ؟
فأجاب بقوله :
القاعدة في ذلك : أن كل قريب تجب نفقته على المزكي : فإنه لا
يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سبباً لرفع النفقة عنه ، أما إذا كان القريب
لا تجب نفقته كالأخ إذا كان له أبناء - فإن الأخ إذا كان له أبناء فلا يجب على أخيه
نفقته نظراً لعدم التوارث لوجود الأبناء - وفي هذه الحال يجوز دفع الزكاة إلى الأخ
إذا كان من أهل الزكاة ، كذلك أيضاً : لو كان للإنسان أقارب لا يحتاجون الزكاة في
النفقة ، لكن عليهم ديون فيجوز قضاء ديونهم ، ولو كان القريب أباً ، أو ابناً ، أو
بنتاً ، أو أمًّا مادام هذا الدين الذي وجب عليهم ليس سببه التقصير في النفقة .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/414) .
والله أعلم .
*****
50801
كيف يزكي المدخرات المتتابعة غير المستقرة؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/7011)
سؤال رقم 50801- كيف يزكي المدخرات المتتابعة غير المستقرة؟
المبلغ الذي يضعه الشخص في البنك وهو غير ثابت يعني يمكن أن يزيد أو ينقص خلال السنة الواحدة كيف تكون زكاته ؟ حيث إن هذا المبلغ ليس مخصصا للادخار . هذا المبلغ يتزايد ويتناقص خلال السنة فكيف يتم تحديد المبلغ الذي مضى عليه الحول ؟.
الحمد لله
إذا بلغ هذا المبلغ نصابا وحال عليه الحول ، وجبت زكاته ، سواء
أعد للادخار أم لا .
والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب ، أو 595 جراماً من الفضة
تقريباً .
والقدر الواجب إخراجه هو 2.5% من المال .
انظر السؤال ( 2795 ) .
فإذا نقص المال أثناء الحول عن النصاب ، انقطع الحول ولم تجب فيه
الزكاة ، وتبدأ في حساب حول جديد من حين بلوغ المال نصابا مرة أخرى .
وإذا كان المال يزيد شيئا فشيئا ، ففي ذلك تفصيل :
أولا : إن كان المال المستفاد (الجديد) ناتجا عن المال الأول ،
كربح المال المدخر- في المصارف الإسلامية- فإن الجميع يزكى عند حولان الحول على
الأصل ، وإن لم يمض على حصول الربح إلا أيام . ولهذا قال الفقهاء : حول الربح حول
أصله .
ثانيا : إذا لم يكن المال المستفاد ناتجا عن الأول ، بل هو مال
مستقل ، كالذي يدخره الإنسان من راتبه ، فالأصل أن يُجعل لكل مال حول مستقل ، ولا
يشترط أن يبلغ هذا المال الجديد نصابا ؛ لأن النصاب موجود وحاصل بالمال الأول .
وعليه : فما ادخرته في شهر رمضان ، تزكه في رمضان القادم ، وما
ادخرته في شهر شوال ، تزكه في شوال الذي بعده ، وهكذا .
ولا شك أنه يشق على الإنسان أن يجعل حسابا مستقلا لمدخراته كل
شهر ، كما يشق عليه أن يزكي كل مدخر ، عند حولان حوله . لهذا كان الأرفق به ، أن
يزكي جميع مدخراته خلال العام ، حين يحول الحول على أول نصابٍ ملكه منها .
وحينئذ تكون قد زكيت أموالا لم يمُرَّ عليها الحول بعد ، وهذا لا
حرج فيه ، فهو من باب تعجيل الزكاة قبل حولان الحول .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 26113 )
، ونقلنا فتوى اللجنة الدائمة في ذلك ، نعيدها بنصها لفائدتها :
" من ملك نصاباً من النقود ثم ملك تباعاً نقوداً أخرى في أوقات
مختلفة وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها ، بل كانت مستقلة كالذي يوفره
الموظف شهرياً من مرتبه ، وكإرث أو هبة أو أجور عقار مثلاً :
فإن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه حريصاً على أن لا يدفع من
الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة ، فعليه أن يجعل لنفسه جدول
حساب لكسبه يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه ويخرج زكاة
كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه .
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب
الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه ؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما
يحول الحول على أول نصاب ملكه منها ، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته ، وأوفر لراحته
وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة ، وما زاد فيما أخرجه عما تم
حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله " انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة
(9/280) .
والله أعلم .
*****
5126
مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >
القرآن وعلومه >(1/7012)
سؤال رقم 5126- مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم
السؤال : ما هي الآيات في القرآن التي ينبغي أن نسجد عندها ؟
الجواب:
الحمد لله
مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعاً فعن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي الحج سجدتان رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم والدار قطني وحسنه المنذري والنووي وهي :
1- ( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ) (الأعراف/206 ) .
2- ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال). ( الرعد/15) .
3- ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ) (النحل/49) .
4- ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ) (الإسراء/107 ) .
5- ( إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ) ( مريم/58 ) .
6- ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ) (الحج/18 ) .
7- ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) (الحج/77 )
8- ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزداهم نفوراً) . ( الفرقان/60 ) .
9- ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون ) (النمل/25 ) .
10- ( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ) (السجدة/15 ) .
11- ( وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ) (ص/24) .
12- ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) (فصلت/37) .
13- ( فاسجدوا لله واعبدوا ) (النجم/63) .
14- ( وإذا قرء عليهم القرآن لا يسجدون ) (الانشقاق/21 ) .
15- ( كلا لا تطعه واسجد واقترب ) (العلق/19 ) .
فقه السنة 1/186-188
قال الألباني في تمام المنة 269 معلقا :
" كلا ليس بحسن ، لأن فيه مجهولين ، فقد قال الحافظ في التلخيص بعد أن نقل تحسين المنذري والنووي للحديث : وضعفه عبد الحق وابن القطان وفيه عبد الله بن منين وهو مجهول والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي وهو لا يعرف أيضاً وقال ابن ماكولا : ليس له غير هذا الحديث " .
ولذلك اختار الطحاوي أن ليس في الحج سجدة ثانية قرب آخرها وهو مذهب ابن حزم في المحلى قال :
" لأنه لم يصح فيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجمع عليها وصح عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي الدرداء السجود فيها "
ثم ذهب ابن حزم إلى مشروعية السجود في السجدات الأخرى المذكورة في الكتاب وذكر أن العشر الأولى متفق على مشروعية السجود فيها عند العلماء وكذلك حكى الاتفاق عليها الطحاوي في شرح المعاني (1/211) إلا أنه جعل سجدة (فصلت) بدل سجدة (ص) ثم أخرجا كلاهما بأسانيد صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سجد في (ص) (والنجم) والانشقاق ) و (اقرأ) وهذه الثلاث الأخيرة من المفصل التي أشير إليها في حديث عمرو المذكور آنفا .
وبالجملة فالحديث مع ضعف إسناده قد شهد له اتفاق الأمة على العمل بغالبه ، ومجيء الأحاديث الصحيحة شاهدة لبقيته إلا سجدة الحج الثانية فلم يوجد ما يشهد لها من السنة والاتفاق ، إلا أن عمل بعض الصحابة على السجود فيها قد يستأنس بذلك على مشروعيتها ولا سيما ولا يعرف لهم مخالف.
والخلاصة أنّ السجود للتلاوة في الخمسة عشر موضعا المذكورة والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5202
مواصفات الزوج المسلم
الفقه > معاملات > النكاح >(1/7013)
سؤال رقم 5202- مواصفات الزوج المسلم
السؤال :
أنا فتاة عمري 18 عاما وقد طُلبت للزواج 5 مرات ورفضتهم جميعاً لأنني كنت صغيرة والآن أفكر بالزواج ، وسؤالي هو :
ما هو الشيء الذي يجب أن أبحث عنه لكي أحصل على مسلم جيد ؟
ما هي أهم الأشياء ؟.
الجواب :
نشكر لك حرصك أيتها الأخت السائلة على تحري الصفات التي تعينك على
اختيار زوج صالح إن شاء الله تعالى ، وفيما يلي ذكْر أهم الصفات التي ينبغي توفرها
فيمن تختارينه أو ترضين به زوجا لك ويكون أبا لأبنائك إن قدر الله بينكما أبناء .
- الدين : وهو أعظم ما ينبغي توفره فيمن ترغبين
الزواج به ، فينبغي أن يكون هذا الزوج مسلما ملتزما بشرائع الإسلام كلها في حياته
، وينبغي أن يحرص ولي المرأة على تحري هذا الأمر دون الركون إلى الظاهر ، ومن أعظم
ما يُسأل عنه صلاة هذا الرجل ، فمن ضيّع حق الله عز وجل فهو أشد تضييعا لحق من
دونه ، والمؤمن لا يظلم زوجته ، فإن أحبّها أكرمها وإن لم يحبها لم يظلمها ولم
يُهنها ، وقلَّ وجود ذلك في غير المسلمين الصادقين . قال الله تعالى : ( ولعبد
مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) ، وقال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وقال
تعالى : ( والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
عريض ) رواه الترمذي 866 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1084 .
- ويستحب مع الدّين أن يكون من عائلة طيبة ، ونسب
معروف ، فإذا تقدم للمرأة رجلان درجتهما في الدين واحدة ، فيُقدَّم صاحب الأسرة
الطيبة والعائلة المعروفة بالمحافظة على أمر الله ما دام الآخر لا يفضله في الدين
لأنّ صلاح أقارب الزوج يسري إلى أولاده وطِيب الأصل والنّسب قد يردع عن كثير من
السفاسف ، وصلاح الأب والجدّ ينفع الأولاد والأحفاد : قال الله تعالى : ( وأما
الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لها وكان أبوهما صالحا فأراد
ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ) فانظري كيف حفظ الله للغلامين
مال أبيهما بعد موته إكراما له لصلاحه وتقواه ، فكذلك الزوج من الأسرة الصالحة
والأبوين الكريمين فإن الله ييسر له أمره و يحفظه إكراما لوالديه .
- وحسن أن يكون ذا مال يُعفّ به نفسه وأهل بيته
، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما جاءت تستشيره
في ثلاثة رجال تقدموا لخطبتها : ( أما معاوية فرجل تَرِب ( أي فقير ) لا مال له
.. ) رواه مسلم 1480 . ولا يشترط أن يكون صاحب تجارة وغنى ، بل يكفي أن
يكون له دخْل أو مال يعفّ به نفسه وأهل بيته ويغنيهم عن الناس . وإذا تعارض صاحب
المال مع صاحب الدين فيقدّم صاحب الدين على صاحب المال .
- ويستحب أن يكون لطيفا رفيقا بالنساء ، فإن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس في الحديث السابق : ( أما أبو جهم فلا يضع
العصا عن عاتقه ) إشارة إلى أنّه يُكثر ضرب النّساء .
- ويحسن أن يكون صحيح البدن سليما من العيوب كالأمراض
ونحوها أو العجز والعقم .
- ويستحب أن يكون صاحب علم بالكتاب والسنة ، وهذا
إن حصل فخير وإلا فإنّ حصوله عزيز .
- ويجوز للمرأة النظر إلى المتقدم لها كما يستحب
له ذلك ، ويكون هذا النظر بوجود محرم لها ولا يجوز التمادي في ذلك بأن تراه وحدها
في خلوة أو تخرج معه لوحدها أو أن يتكرر اللقاء دون حاجة لذلك .
- ويشرع لوليّ المرأة أن يتحرى عن خاطب موليته ويسأل
عنه من يعاشره ويعرفه ممن يوثق في دينه وأمانته ، ليُعطيه فيه رأيا أمينا ونُصْحا
سديدا .
- وقبل هذا كله ومعه ينبغي التوجه إلى الله عز وجل
بالدعاء واللجوء إليه سبحانه أن ييسر لك أمرك وأن يعينك على حسن الاختيار ويلهمك
رشدك ، ثم بعد بذل الجهد واستقرار رأيك على شخص بعينه يُشرع لك استخارة الله عز
وجل
- ولمعرفة صفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم 2217 - ثم التوكل على الله عز وجل بعد استنفاذ الجهد فهو نعم المعين سبحانه . جامع أحكام
النساء للشيخ مصطفى العدوي مع زيادة .
نسأل الله العلي القدير أن ييسر لك أمرك ويلهمك رشدك
ويرزقك الزوج الصالح والذرية الطيبة إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله على
نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5208
ترك الصلاة كسلاً
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7014)
سؤال رقم 5208- ترك الصلاة كسلاً
السؤال :
إذا لم أصلي بسبب الكسل فقط فهل أعتبر كافرا أم مسلماً عاصي ؟
الجواب :
الحمد لله
قال الإمام أحمد بتكفير تارك الصلاة كسلاً وهو القول الراجح والأدلة تدل عليه من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال السلف والنظر الصحيح الشرح الممتع على زاد المستنقع 2/26
والمتأمل لنصوص الكتاب والسنة يجد أنها دلت على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر المخرج من الملة ، فمن أدلة القرآن :
قول الله تعالى : " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين " التوبة / 11
ووجه الدلالة في هذه الآية أن الله تعالى اشترط لثبوت بيننا وبين المشركين ثلاثة شروط : أن يتوبوا من الشرك وان يقيموا الصلاة وأن يؤتوا الزكاة فإن تابوا من الشرك ولم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا باخوة لنا ، وإن أقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة فليسوا باخوة لنا ، والأخوة في الدين لا تنتفي إلا حين يخرج المرء من الدين بالكلية فلا تنتفي بالفسوق والكفر دون الكفر .
وقال تعالى أيضا : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا " ووجه الدلالة : أن الله قال في المضيعين للصلاة المتبعين للشهوات : ( إلا من تاب وآمن ) فدل على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتباع الشهوات غير مؤمنين .
وأما دلالة السنة على كفر تارك الصلاة فقوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم في كتاب الإيمان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه احمد وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . والمراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة فصلا بين المؤمنين والكافرين ومن المعلوم أن ملة الكفر غير ملة الإسلام فمن لم يأت بهذا العهد فهو من الكافرين .
وفيه من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " . قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف قال : " لا ما أقاموا فيكم الصلاة "
ففي هذا الحديث دليل على منابذة الولاة وقتالهم بالسيف إذا لم يقيموا الصلاة ولا تجوز منازعة الولاة وقتالهم إلا إذا أتوا كفرا صريحا عندنا فيه برهان من الله تعالى ، لقول عبادة بن الصامت رضي الله عنه : " دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال : إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " متفق عليه ، وعلى هذا فيكون تركهم للصلاة الذي علق عليه النبي صلى الله عليه وسلم منابذتهم وقتالهم بالسيف كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان .
فإن قال قائل : ألا يجوز أن تحمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جاحدا لوجوبها ؟
قلنا : لا يجوز ذلك لأن فيه محذورين :
الأول : إلغاء الوصف الذي اعتبره الشارع وعلق الحكم به فإن الشارع علق الحكم بالكفر على الترك دون الجحود ورتب الأخوة في الدين على إقام الصلاة دون الإقرار بوجوبها لم يقل الله تعالى : فإن تابوا وأقروا بوجوب الصلاة ، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بين الرجل وبين الشرك والكفر جحد وجوب الصلاة . أو العهد الذي بيننا وبينهم الإقرار بوجوب الصلاة فمن جحد وجوبها فقد كفر . ولو كان هذا مراد الله تعالى ورسوله لكان العدول عنه خلاف البيان الذي جاء به القرآن ، قال الله تعالى : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " النحل / 89 ، وقال تعالى مخاطبا نبيه : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " النحل / 44 .
المحذور الثاني : اعتبار وصف لم يجعله الشارع مناطا للحكم فإن جحود وجوب الصلوات الخمس موجب لكفر من لا يعذر بجهله فيه سواء صلى أم ترك ، فلو صلى شخص الصلوات الخمس وأتى بكل ما يعتبر لها من شروط وأركان وواجبات ومستحبات لكنه جاحد لوجوبها بدون عذر له فيه لكان كافرا مع أنه لم يتركها . فتبين بذلك أن حمل النصوص على من ترك الصلاة جاحدا لوجوبها غير صحيح ، والصحيح أن تارك الصلاة كافر كفرا مخرجا من الملة كما جاء ذلك صريحا فيما رواه ابن أبي حاتم في سننه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئا ولا تتركوا الصلاة عمدا فمن تركها عمدا متعمدا فقد خرج من الملة " . وأيضا فإننا لو حملناه على ترك الجحود لم يكن لتخصيص الصلاة في النصوص فائدة فإن هذا الحكم عام في الزكاة والصيام والحج فمن ترك منها واحدا جحدا لوجوبه كفر إن كان غير معذور بجهل .
وكما أن كفر تارك الصلاة مقتضى الدليل السمعي الأثري فهو مقتضى الدليل العقلي النظري فكيف يكون عند الشخص إيمان مع تركه للصلاة التي هي عمود الدين وجاء في الترغيب في فعلها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يقوم بها ويبادر إلى فعلها وجاء من الوعيد على تركها ما يقتضي لكل عاقل مؤمن أن يحذر من تركها وإضاعتها ؟ فتركها مع قيام هذا المقتضى لا يبقى إيمانا مع الترك .
فإن قال قائل : ألا يحتمل أن يراد بالكفر في تارك الصلاة كفر النعمة لا كفر الملة أو أن المراد به كفر دون الكفر الأكبر فيكون كقوله صلى الله عليه وسلم : " اثنتان بالناس هما بهما كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت " ، وقوله : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " . ونحو ذلك ؟
قلنا هذا الاحتمال والتنظير له لا يصح لوجوه :
الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الصلاة حدا فاصلا بين الكفر والإيمان وبين المؤمنين والكفار يميز المحدود ويخرجه من غيره . فالمحدودان متغايران لا يدخل أحدهما في الآخر .
الثاني : أن الصلاة ركن من أركان الإسلام فوصف تاركها بالكفر يقتضي أنه الكفر المخرج من الإسلام لأنه هدم ركنا من أركان الإسلام بخلاف إطلاق الكفر على من فعل فعلا من أفعال الكفر .
الثالث : أن هناك نصوصا أخرى دلت على كفر تارك الصلاة كفرا مخرجا من الملة فيجب حمل الكفر على ما دلت عليه لتتلاءم النصوص وتتفق .
الرابع : أن التعبير بالكفر مختلف ففي ترك الصلاة قال : " بين الرجل وبين الشرك والكفر " فعبر بأل الدالة على أن المراد بالكفر حقيقة الكفر بخلاف كلمة : كفر - منكّرا - أو كلمة : كَفَرَ بلفظ الفعل فإنه دال على أن هذا من الكفر أو أنه كفر في هذه الفعلة وليس هو الكفر المطلق المخرج عن الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب ( اقتضاء الصراط المستقيم ) ص70 طبعة السنة المحمدية على قول الرسول صلى الله عليه وسلم : اثنتان في الناس هما بهما كفر " . قال : فقوله هما بهما كفر أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من أعمال الكفر وهما قائمتان بالناس لكن ليس كل من قام به شعبة من شعب الكفر يصير بها كافرا الكفر المطلق حتى تقوم به حقيقة الكفر ، كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير بها مؤمنا حتى يقوم به أصل الإيمان وحقيقته . وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة " وبين كفر منكر في الإثبات . انتهى كلامه رحمه الله .
فإذا تبين أن تارك الصلاة بلا عذر كافر كفرا مخرجا من الملة بمقتضى هذه الأدلة كان الصواب فيما ذهب إليه الإمام أحمد وهو أحد قولي الشافعي كما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات " مريم الآية 59 وذكر ابن القيم في كتاب الصلاة أنه أحد الوجهين في مذهب الشافعي وأن الطحاوي نقله عن الشافعي نفسه .
وعلى هذا قول جمهور الصحابة بل حكى غير واحد إجماعهم عليه ، قال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما . وقال اسحاق بن راهويه الإمام المعروف صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يخرج وقتها كافر ، وذكر ابن حزم أنه جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة وقال لا نعلم لهؤلاء مخالفا من الصحابة . نقله عنه المنذري في الترغيب والترهيب وزاد من الصحابة : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأبي الدرداء رضي الله عنهم . قال : ومن غير الصحابة أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك والنخعي والحكم بن عتيبة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وغيرهم أهـ . والله اعلم .
المرجع : رسالة في حكم تارك الصلاة للشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
5226
أجر الصبر على سقوط الجنين ذي الرّوح
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/7015)
سؤال رقم 5226- أجر الصبر على سقوط الجنين ذي الرّوح
السؤال : حديث ( من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ) هل يدخل فيه السّقط الذي نفخ فيه الروح ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
نعم ، يدخل فيه ، ولكن ليس كمن وُجد وتعلقت به النفس .
سؤال : ولكن يحصل له الفضل المذكور .
جواب : نعم يرجى هذا . والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
52809
قتل الخطأ يوجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل
الفقه > معاملات > الديات >(1/7016)
سؤال رقم 52809- قتل الخطأ يوجب الدية على العاقلة والكفارة على القاتل
إذا قتل المسلم مسلماً خطأ ، كما لو قتله في حادث سيارة وهو لا يقصد ، فماذا الواجب عليه ؟.
الحمد لله
الذي يجب بقتل الخطأ شيئان : الدية والكفارة .
قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ
مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ يَصَّدَّقُوا ) النساء/92 .
أما الدية فهي واجبة في قتل الخطأ على عاقلة القاتل ، وهم عصبته
، وهم الأب ، والأجداد من جهة الأب ، والإخوة الأشقاء والإخوة من الأب وأبناؤهم ،
والأعمام وأبناؤهم ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" ( 11/77 ) : " والعاقلة
هم العصبة سواء كانوا وارثين أم غير وارثين , فالزوج والأخ من الأم وأبو الأم ليسوا
من العصبة " انتهى بتصرف .
ويقسم الحاكم الدية على العاقلة حسب القرابة والغنى , فالأقرب
يتحمل أكثر من البعيد , والأكثر غنى يتحمل أكثر , والفقير لا شيء عليه .
انظر "الشرح الممتع" ( 11/80 )
قال ابن قدامة في "المغني" ( 12/21 ) :
" ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة .
قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم . وقد ثبتت الأخبار عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة , وأجمع أهل العلم
على القول به ........
والمعنى في ذلك : أن جنايات الخطأ تكثر , ودية الآدمي كثيرة ,
فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به , فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة , على
سبيل المواساة للقاتل , والإعانة له , تخفيفا عنه , إذ كان معذورا في فعله , وينفرد
هو بالكفارة " انتهى باختصار .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 21/238 ) :
" الحكم بالدية على العاقلة إنما هو في الخطأ أو شبه العمد ، أما
دية العمد المحض فلا تحملها العاقلة ، بل هي على الجاني خاصة ، وإذا تراضى أفراد
العاقلة على التحمل معه أو مساعدته في الدية فلا بأس " انتهى .
وأما الكفارة ؛ فهي واجبة على القاتل ، وهي عتق رقبة مؤمنة ، فإن
لم يجد صام شهرين متتابعين ، وهي المذكورة في قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلا أَنْ
يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ
فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ
اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/92 . ".
*****
52852
هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً ؟ وهل تحوَّل طعاماً ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7017)
سؤال رقم 52852- هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً ؟ وهل تحوَّل طعاماً ؟
نحن نعيش في مدينة نيو بومباي الهندية ، المسلمون في قريتنا هم الأغلبية ، ونحن نجمع الزكاة في رمضان ثم نوزعها على الفقراء طوال العام على شكل نقود وأطعمة ، هل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال وزكاة الفطر ، ولا تجزئ من
أعطاهم إلا إذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم ، بمعنى أنكم ترجون إسلامه إذا
أعطيتموه من الزكاة .
انظر السؤال ( 39655 )
، و ( 21384 ) .
ثانياً :
إذا وجبت الزكاة في المال فالواجب إخراجها فوراً ، ولا يجوز
تأخيرها .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
إن أخرها – أي : الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة
، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً : فلا بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز . " المغني " (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من
الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام ، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع
وإعانة لرمضان وهكذا ، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها
من ذمتهم وحملونا إياها ؟
فأجابوا :
يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد
المستحق . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9/402) .
وانظر السؤال ( 13981 )
.
ولكن قد تكون المصلحة أحياناً في عدم دفع الزكاة للفقير دفعة
واحدة ، حتى لا ينفقها جميعها ويبقى لا مال له ، بل تدفع له على دفعات كل شهر .
والعمل في هذا أنكم تبحثون الأمر مع الأغنياء ، وتجمعون منهم
الزكاة معجلة سنة ، فتجمعون الآن زكاة السنة القادمة ، وهكذا ، ثم تقسط للفقراء على
دفعات شهريا ، أو تأخذونها من الأغنياء معجلة على دفعات ، وتعطى للفقراء شهريا ،
فلا تكون قد تأخر إخراجها بعد وجوبها . وهذا يحتاج إلى مباحثة مع الأغنياء ،
وإقناعهم بالمصلحة في ذلك .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ
الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى
يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ
عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ
مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من
"المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة ، في شكل رواتب
للأسر الفقيرة ، في كل شهر ؟
فأجابوا :
لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت
المصلحة ذلك ، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً . "فتاوى اللجنة الدائمة"
(9/422) .
وأما إخراج الزكاة على شكل أطعمة ، فراجع السؤال ( 42542 ) .
*****
52875
هل تختلف صلاة الوتر عن صلاة الليل
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/7018)
سؤال رقم 52875- هل تختلف صلاة الوتر عن صلاة الليل
هل هناك فرق بين صلاة الوتر وصلاة الليل ؟.
الحمد لله
صلاة الوتر هي من صلاة الليل ، ومع ذلك فهناك فرق بينهما .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الوتر من صلاة الليل ، وهو سنة ، وهو ختامها ، ركعة واحدة يختم
بها صلاة الليل في آخر الليل ، أو في وسط الليل ، أو في أول الليل بعد صلاة العشاء
، يصلي ما تيسر ثم يختم بواحدة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (11/309) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والسنة قولاً وفعلاً قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر ،
وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكماً ، وكيفية :
أما تفريق السنة بينهما قولاً : ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما
أن رجلاً سال النبي صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل ؟ قال : ( مثنى مثنى ، فإذا
خفت الصبح فأوتر بواحدة ) رواه البخاري . وانظر
"الفتح" (3/20) .
وأما تفريق السنة بينهما فعلاً : ففي حديث عائشة رضي الله عنها
قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه ، فإذا أراد
أن يوتر أيقظني فأوتر . رواه البخاري . وانظر : "الفتح" (2/487) ، ورواه مسلم (1/51) بلفظ : ( كان يصلي صلاته بالليل وأنا معترضة
بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت ) . وروى (1/508) عنها قالت : ( كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في
شيء إلا في آخرها ) . وروى (1/513) عنها حين قال لها سعد بن هشام بن عامر : أنبئيني
عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : ( ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا
في الثامنة فيذكر الله ويحمده ، ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة
، ثم يقعد فيذكر الله ، ويحمده ، ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ) .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكماً : فإن العلماء
اختلفوا في وجوب الوتر ، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه ، وهو رواية عن أحمد ذكرها في
"الإنصاف" و "الفروع" ، قال أحمد : من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ولا ينبغي أن
تقبل له شهادة .
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة ، وهو مذهب مالك ؛ والشافعي .
وأما صلاة الليل فليس فيها هذا الخلاف ، ففي "فتح الباري" (3/27)
: "ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين . قال ابن عبد البر : شذ بعض
التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة ، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب
إليه " انتهى .
وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل في الكيفية : فقد صرح
فقهاؤنا الحنابلة بالتفريق بينهما فقالوا : صلاة الليل مثنى مثنى ، وقالوا في الوتر
: إن أوتر بخمس ، أو سبع لم يجلس إلا في آخرها ، وإن أوتر بتسع جلس عقب الثامنة
فتشهد ، ثم قام قبل أن يسلم فيصلي التاسعة ، ثم يتشهد ويسلم ، هذا ما قاله صاحب
"زاد المستقنع" " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/262-264) .
وبهذا يتبين أن صلاة الوتر من صلاة الليل ، ولكنها تخالف صلاة
الليل في بعض الفروقات ، منها : الكيفية .
والله أعلم .
*****
52876
حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/7019)
سؤال رقم 52876- حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح
هل يجوز للمأموم في صلاة التراويح أن يمسك بالمصحف خلف الإمام ؟.
الحمد لله
الأفضل له ألا يفعل ، ويستمع لقراءة إمامه وينصت لها .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ما حكم حمل المأموم
للمصحف في صلاة التراويح ؟
فأجاب :
" لا أعلم لهذا أصلا ، والأظهر أن يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفا ،
بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة ، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ
والساعد ويضعهما على صدره ، هذا هو الأرجح والأفضل ، وأخذ المصحف يشغله عن هذه
السنن ، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام ، فالذي
أرى أن ترك ذلك هو السنة ، وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف ، فإن كان عنده علم
فَتَح على إمامه ، وإلا فتح غيره من الناس ، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يُفتح
عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة ؛ لأن الفاتحة ركن لا بد
منها أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه ،
ولو كان واحد يحمل المصحف على الإمام عند الحاجة فلعل هذا لا بأس به ، أما أن كل
واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة " انتهى .
وسئل رحمه الله :
بعض المأمومين يتابعون الإمام في المصحف أثناء قراءته فهل في ذلك
حرج ؟
فأجاب :
" الذي يظهر لي أنه لا ينبغي هذا ، والأولى الإقبال على الصلاة
والخشوع ، ووضع اليدين على الصدر متدبرين لما يقرأه الإمام ، لقول الله عز وجل : (
وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ ) وقوله سبحانه : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا جُعِلَ
الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ
فَأَنْصِتُوا ) " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 340 – 342 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 10067 )
.
والله أعلم .
*****
5595
كيف تحدّد المرأة انتهاء فترة الحيض لتصلي
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/7020)
سؤال رقم 5595- كيف تحدّد المرأة انتهاء فترة الحيض لتصلي
السؤال :
كيف تحدد المرأة متى تبدأ الصلاة بعد انتهاء فترة الحيض ؟ ماذا يجب أن تفعل إذا اعتقدت بأنها انتهت وبدأت الصلاة ثم اكتشفت المزيد من الدم أو إخراج سائل بني ؟.
الجواب :
أولاً : إذا حاضت المرأة فإن طهرها يكون بانقطاع الدم قلَّ ذلك أو كثر وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن أقلَّه يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمه الله على أنه لاحدّ لأقلّه وأكثره بل متى وُجد بصفاته المعلومة فهو حيض قلّ أو كَثُر ، قال رحمه الله :
الحيض ، علَّق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنَّة ، ولم يقدِّر لا أقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمَّة بذلك واحتياجهم إليه .. "
ثم قال :
" والعلماء منهم من يحدُّ أكثرَه وأقلَّه ، ثمَّ يختلفون في التحديد ، ومنهم من يحد أكثره دون أقله والقول الثالث أصح : أنَّه لا حدَّ لا لأقله ولا لأكثره ." مجموع الفتاوى " ( 19 / 237 ) ."
ثانياً : وهناك دم يسمى الاستحاضة يكون مختلفاً بصفاته عن دم الحيض وله أحكام تختلف عن أحكام الحيض ويمكن تمييز هذا الدم عن الحيض بما يأتي :
اللون : دم الحيض أسود والاستحاضة دمها أحمر .
الرِّقَّة : فدم الحيض ثخين غليظ والاستحاضة دمها رقيق .
الرائحة : دم الحيض منتن كريه والاستحاضة دمها غير منتن لأنه دم عرق عادي .
التجمد : دم الحيض لا يتجمد إذا ظهر والاستحاضة دمها يتجمد لأنه دم عرق .
وبذلك تتبين صفات دم الحيض فإذا انطبقت على الدم الخارج فهو حيض يوجب الغسل ، ودمه نجس ، أما الاستحاضة فالدم لا يوجب الغسل .
والحيض يمنع الصلاة ، والاستحاضة لا تمنع الصلاة ، وإنما تكتفي بالتحفّظ والوضوء لكل صلاة إذا استمر نزول الدم إلى الصلاة التي بعدها ، وإن نزل الدم خلال الصلاة فلا يضر .
ثالثاً : تعرف المرأة الطّهر بأحد أمرين :
- نزول القصّة البيضاء وهو سائل أبيض يخرج من الرّحم علامة على الطّهر
- الجفاف التام إذا لم يكن للمرأة هذه القصّة البيضاء فعند ذلك تعرف أنها قد طَهُرت إذا أدخلت في مكان خروج الدم قطنة بيضاء مثلا فخرجت نظيفة فتكون قد طهرت فتغتسل ، ثم تصلي .
وإن خرجت القطنة حمراء أو صفراء أو بنية : فلا تصلي .
وقد كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء . رواه البخاري معلقاً ( كتاب الحيض ، باب إقبال المحيض وإدباره ) ومالك ( 130 ) .
والدُّرْجة : هو الوعاء التي تضع المرأة طيبها ومتاعها .
والكرسف : القطن .
والقَصَّة : ماء أبيض يخرج عند انتهاء الحيض .
ومعنى الصفرة : أي ماء أصفر .
وأما إن جاءت صُفْرة أو كُدرة في أيام طهر المرأة فإنه لا يُعدّ شيئاً ولا تترك المرأة صلاتها ولا تغتسل لأنه لا يوجب الغسل ولا تكون منه الجنابة .
لحديث أم عطية رضي الله عنها : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً . رواه أبو داود (307 ) ، ورواه البخاري ( 320 ) ولم يذكر " بعد الطهر " .
ومعنى الكدرة : هي الماء البني الذي يشبه الماء الوسخ .
ومعنى لا نعده شيئاً : أي لا نعده حيضاً ولكنه ماء نجس يوجب غسله ويوجب الوضوء .
وأما إذا اتّصلت القصّة البيضاء بالحيض فهي من الحيض .
رابعاً : إذا اعتقدت المرأة أنها طهرت ثم عاد لها الدم ، فإن كان الدم يحمل صفات الحيض التي سبق بيانها فهو حيض ، وإلا فهو استحاضة .
ففي الأولى : لا تصلي .
وفي الثانية : تتحفظ ، ثم تتوضأ لكل صلاة ، ثم تصلي .
وأما السائل البني وهو ( الكدرة ) كما عرفناه فإن رأته بعد الطهر فحكمه : أنه طاهر لكن يوجب الوضوء فحسب .
وإن رأته في زمن الحيض فحكمه حكم الحيض .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5693
الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/7021)
سؤال رقم 5693- الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج
السؤال :
أرجو أن توضح لي أمر اختيار الطبيب ، فقد قالت مدرستي بأن المرأة المريضة يجب أن تختار طبيبة مسلمة ثم الطبيبة الكافرة ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر ، ولا نذهب لطبيب إلا إذا عدم وجود طبيبة ونحتاج لمختص .
قالت صديقتي بأن مدرستها قالت بأن الخيار الأول أن يكون مسلماً سواءاً طبيب أو طبيبة ، ثم يأتي الكافر طبيب أو طبيبة .
أنا محتارة ، فأنا أفهم أن الأطباء المسلمون عندهم أمانة أكثر من غير المسلمين ولكن ألا تأتي مسألة العورة أكثر أهمية ثم تجنب الفتنة ؟
بعض أصدقائي النساء يفضلون الذهاب لطبيب مسلم في مراجعتهم فترة الحمل وكذلك حين الوضع بينما يوجد الكثير من القابلات مسلمات وغير مسلمات .
أرجو أن تنصحنا يا أستاذ
جزاك الله خيرا
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين : نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ففيما يلي ذِكْر لبعض القواعد والضوابط في مسألة : " النظر للعلاج "
أولا : عورة الرجل ما بين السرّة والركبة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين السُّرَّة والركبة عورة ) حديث حسن رواه أحمد وأبو داود والدار قطني . وهذا قول جمهور أهل العلم .
ثانيا : المرأة كلها عورة أمام الأجنبي لقوله تعالى : { وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ) رواه الترمذي بسند صحيح وهذا القول هو الصحيح من المذهب عند الحنابلة وإحدى الروايتين عند المالكية وأحد القولين عند الشافعية .
ثالثا : تَعمّد النظر إلى العورات من المحرمات الشديدة ويجب غضّ البصر عنها لقوله تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
.. الآية } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة .. ) رواه مسلم وقال لعلي رضي الله عنه : ( لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميّت ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح
رابعا : كلّ ما لا يجوز النّظر إليه من العورات لا يحلّ مسّه ولو من وراء حائل وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم : ( إني لا أصافح النساء ) رواه مالك وأحمد وهو حديث صحيح ، وقال : ( لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخْيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحلّ له ) رواه الطبراني وهو حديث صحيح . قال النووي رحمه الله : وحيث حَرُم النظر حَرُم المسّ بطريق الأَوْلى ، لأنه أبلغ لذّة .
خامسا : العورات أنواع ودرجات فمنها العورة المغلّظة ( السوأتان : القُبُل والدُّبُر ) والعورة المخففة كفخذي الرّجل أمام الرّجل .
والصغير دون سبع سنين لا حكم لعورته ، والصغير المميِّز ـ من السابعة إلى العاشرة ـ عورته الفرجان ، والصغيرة المميِّزة عورتها من السرّة إلى الركبة ، ( وكلّ ذلك عند أَمْن الفتنة ) وعورة الميّت كعورة الحيّ ، والأحوط إلحاق الخنثى بالمرأة في العورة لاحتمال كونه امرأة .
سادسا : الضرورات تبيح المحظورات ، ولا خلاف بين العلماء في جواز نظر الطبيب إلى موضع المرض من المرأة عند الحاجة ضمن الضوابط الشرعية ، وكذلك القول في نظر الطبيب إلى عورة الرجل المريض ، فيباح له النظر إلى موضع العلّة بقدر الحاجة ، والمرأة الطبيبة في الحكم كالطبيب الرجل . وهذا الحكم مبني على ترجيح مصلحة حفظ النفس على مصلحة ستر العورة عند التعارض .
سابعا : " الضرورة تُقدَّر بقدرها " : فإذا جاز النظر والكشف واللمس وغيرها من دواعي العلاج لدفع الضرورة والحاجة القويّة فإنه لا يجوز بحال من الأحوال التعدّي وترك مراعاة الضوابط الشرعية ومن هذه الضوابط ما يلي :
1ـ يقدّم في علاج الرجال الرجال وفي علاج النساء النساء وعند الكشف على المريضة تُقدّم الطبيبة المسلمة صاحبة الكفاية ثمّ الطبيبة الكافرة ثمّ الطبيب المسلم ثمّ الطبيب الكافر ، وكذلك إذا كانت تكفي الطبيبة العامة فلا يكشف الطبيب ولو كان مختصا ، وإذا احتيج إلى مختصة من النساء فلم توجد جاز الكشف عند الطبيب المختص ، وإذا كانت المختصة لا تكفي للعلاج وكانت الحالة تستدعي تدخّل الطبيب الحاذق الماهر الخبير جاز ذلك ، وعند وجود طبيب مختص يتفوّق على الطبيبة في المهارة والخبرة فلا يُلجأ إليه إلا إذا كانت الحالة تستلزم هذا القدر الزائد من الخبرة والمهارة . وكذلك يُشترط في معالجة المرأة للرجل أن لايكون هناك رجل يستطيع أن يقوم بالمعالجة .
2ـ لا يجوز تجاوز الموضع اللازم للكشف فيقتصر على الموضع الذي تدعو الحاجة إلى النظر إليه فقط ، ويجتهد مع ذلك في غضّ بصره ما أمكن ، وعليه أن يشعر أنه يفعل شيئا هو في الأصل محرّم وأن يستغفر الله عما يمكن أن يكون حصل من التجاوز .
3ـ إذا كان وصف المرض كافيا فلا يجوز الكشف وإذا أمكن معاينة موضع المرض بالنظر فقط فلا يجوز اللمس وإذا كان يكفي اللمس بحائل فلا يجوز اللمس بغير حائل وهكذا .
4ـ يُشترط لمعالجة الطبيب المرأة أن لا يكون ذلك بخلوة فلا بدّ أن يكون مع المرأة زوجها أو محرمها أو امرأة أخرى من الثقات .
5ـ أن يكون الطبيب أمينا غير متهم في خلقه ودينه ويكفي في ذلك حمل الناس على ظاهرهم .
6ـ كلما غَلُظت العورة كان التشديد أكثر قال صاحب كفاية الأخيار : واعلم أن أصل الحاجة كان في النظر إلى الوجه واليدين ، وفي النظر إلى بقية الأعضاء يُعتبر تأكّد الحاجة ، وفي النظر إلى السوأتين يُعتبر مزيد تأكُّد الحاجة . ولذلك لا بدّ من التشديد البالغ في مثل حالات التوليد وختان الإناث اليافعات .
7ـ أن تكون الحاجة إلى العلاج ماسة كمرض أو وجع لا يُحتمل أو هُزال يُخشى منه ونحو ذلك أما إذا لم يكن مرض أو ضرورة فلا يجوز الكشف عن العورات كما في حالات التوهّم والأمور التحسينية .
8ـ كلّ ما تقدّم مُقيّد بأمن الفتنة وثوَران الشهوة من كلّ من طرفي عملية المعالجة .
وختاما فإنه لا بدّ من تقوى الله في هذه المسألة العظيمة التي احتاطت لها الشريعة وجعلت لها أحكاما واضحة وحازمة . وإن مما عمّت به البلوى في هذا الزمان التساهل في مسائل الكشف عن العورات في العيادات والمستشفيات وكأن الطبيب يجوز له كلّ شيىء ويحلّ عنده كلّ محظور . وكذلك ما وقع في البرامج التعليمية المأخوذة نسخة طبق الأصل مما هو موجود في بلاد الكفّار تشبها بهم من التساهل في عدد من حالات التعليم والتدريب والاختبار .
وواجب على المسلمين الاعتناء بتخريج النساء من أهل الكفاية في التخصصات المختلفة للقيام بالواجب ، وحسن إعداد جداول المناوبات في المستوصفات والمستشفيات لئلا تقع نساء المسلمين في الحرج ، وأن لا تُهمل المريضة أو يتبرّم منها الطبيب إذا طلبت طبيبة لعلاجها .
والله المسؤول أن يفقهنا في الدين وأن يعيننا على القيام بأحكام الشريعة ورعاية حقوق المسلمين .
وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5733
تغضب بسرعة وتسبّ وتدعو على من أغضبها
الرقائق > آفات اللسان >(1/7022)
سؤال رقم 5733- تغضب بسرعة وتسبّ وتدعو على من أغضبها
السؤال :
أغضب بسرعة وأستمر في الغضب حتى أبدأ بسب الشخص الذي أغضبني في نفسي . عندما أهدأ أستغفر الله وأعزم على عدم العودة لهذا ، أعلم بأن السب حرام وأنا أكره ما أفعل وأتمنى أن أتمالك نفسي وأريد أن أعرف كيف يتوب المرء من السب في حالة الغضب .
الشخص لم يسمعني ولكنني أشعر بالأسف لهذا فهل يجب أن أخبره بأنني سببته في نفسي ؟ هل يمكن أن أحتفظ بهذا لنفسي حتى لا أخلق عداء بيني وبينه ؟ هل يمكن أن أتصدق لأكفر عن ذنبي ؟ ماذا أفعل لأنهي هذه المشكلة ؟ أريد التوقف عن هذا وقد دعوت كثيراً ولا زلت أدعو ولكنني الآن أريد أن أتوب عن المرات السابقة التي سببت فيها أحد حين الغضب .
هل يقبل الله دعائي عليهم حين الغضب ؟
أشعر بحزن شديد بسبب هذا الموضوع وأشعر بالألم حين أقف للصلاة ، أريد حقيقة أن أتوب وأشعر بالرضى عن توبتي . جزاك الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
عليك - أيتها الأخت المسلمة - أن تكظمي غيظك وغضبك
لقوله تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) ، وقال
عز وجل ( والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش ، وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) الشورى
:37 ذلك أن الإنسان إذا لم يكظم غضبه سبّ ولعن وشتم وضرب فيكون الغضب بابا
لكل الشرور لذا كان النبي كثيرا ما يوصي بعدم الغضب فقد روى البخاري في الصحيح
6116 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني
قال : لا تغضب فرددّ مراراً قال : لا تغضب
لذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم من يمتلك نفسه
عند الغضب من أشد الناس روى البخاري في الصحيح 6114 ، ومسلم 4723 عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري
( 10/520) كلاما مهما في في شرح حديث لا تغضب ، فقال : فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ
حَدِيث سُفْيَان بْن عَبْد اللَّه الثَّقَفِيّ " قُلْت يَا رَسُول اللَّه
قُلْ لِي قَولاً أَنْتَفِع بِهِ وَأَقْلِلْ , قَالَ : لا تَغْضَب , وَلَك الْجَنَّة
" وَفِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه دُلَّنِي
عَلَى عَمَل يُدْخِلنِي الْجَنَّة , قَالَ : لا تَغْضَب " .. قَالَ الْخَطَّابِيُّ
مَعْنَى قَوْله " لا تَغْضَب " اِجْتَنِبْ أَسْبَاب الْغَضَب وَلا
تَتَعَرَّض لِمَا يَجْلِبهُ . وَأَمَّا نَفْس الْغَضَب فَلا يَتَأَتَّى النَّهْي
عَنْهُ لأَنَّهُ أَمْر طَبِيعِيّ لا يَزُول مِنْ الْجِبِلَّة , وَقَالَ غَيْره
: مَا كَانَ مِنْ قَبِيل مَا يُكْتَسَب بِالرِّيَاضَةِ فَهُوَ الْمُرَاد .. وَقِيلَ
: مَعْنَاهُ لا تَفْعَل مَا يَأْمُرك بِهِ الْغَضَب . وَقَالَ اِبْن بَطَّال
: فِي الْحَدِيث .. أَنَّ مُجَاهَدَة النَّفْس أَشَدُّ مِنْ مُجَاهَدَة الْعَدُوّ
; لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الَّذِي يَمْلِك نَفْسه
عِنْدَ الْغَضَب أَعْظَم النَّاس قُوَّة . وَقَالَ غَيْره : لَعَلَّ السَّائِل
كَانَ غَضُوبًا , وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر
كُلّ أَحَد بِمَا هُوَ أَوْلَى بِهِ , فَلِهَذَا اِقْتَصَرَ فِي وَصِيَّته لَهُ
عَلَى تَرْك الْغَضَب . وَقَالَ اِبْن التِّين : جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي قَوْله " لا تَغْضَب " خَيْر الدُّنْيَا وَالآخِرَة
لأَنَّ الْغَضَب يَئُولُ إِلَى التَّقَاطُع وَمَنْع الرِّفْق , وَرُبَّمَا آلَ
إِلَى أَنْ يُؤْذِي الْمَغْضُوب عَلَيْهِ فَيُنْتَقَص ذَلِكَ مِنْ الدِّين .
.
وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : خَلَقَ اللَّه الْغَضَب
مِنْ النَّار وَجَعَلَهُ غَرِيزَة فِي الإِنْسَان , فَمَهْمَا قَصَدَ أَوْ نُوزِعَ
فِي غَرَض مَا اِشْتَعَلَتْ نَار الْغَضَب وَثَارَتْ حَتَّى يَحْمَرّ الْوَجْه
وَالْعَيْنَانِ مِنْ الدَّم ; لأَنَّ الْبَشَرَة تَحْكِي لَوْن مَا وَرَاءهَا
. وَيَتَرَتَّب عَلَى الْغَضَب تَغَيُّر الظَّاهِر وَالْبَاطِن كَتَغَيُّرِ
اللَّوْن وَالرِّعْدَة فِي الْأَطْرَاف وَخُرُوج الأَفْعَال عَنْ غَيْر تَرْتِيب
وَاسْتِحَالَة الْخِلْقَة حَتَّى لَوْ رَأَى الْغَضْبَان نَفْسه فِي حَال غَضَبه
لَكَانَ غَضَبه حَيَاء مِنْ قُبْح صُورَته وَاسْتِحَالَة خِلْقَته , هَذَا كُلّه
فِي الظَّاهِر , وَأَمَّا الْبَاطِن فَقُبْحه أَشَدُّ مِنْ الظَّاهِر ; لأَنَّهُ
يُوَلِّد الْحِقْد فِي الْقَلْب وَالْحَسَد وَإِضْمَار السُّوء عَلَى اِخْتِلَاف
أَنْوَاعه , بَلْ أَوْلَى شَيْء يَقْبُح مِنْهُ بَاطِنه , وَتَغَيُّر ظَاهِره
ثَمَرَة تَغَيُّر بَاطِنه , وَهَذَا كُلّه أَثَره فِي الْجَسَد , وَأَمَّا أَثَره
فِي اللِّسَان فَانْطِلَاقه بِالشَّتْمِ وَالْفُحْش الَّذِي يَسْتَحْيِي مِنْهُ
الْعَاقِل وَيَنْدَم قَائِله عِنْدَ سُكُون الْغَضَب وَيَظْهَر أَثَر الْغَضَب
أَيْضًا فِي الْفِعْل بِالضَّرْبِ أَوْ الْقَتْل , وَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بِهَرَبِ
الْمَغْضُوب عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَى نَفْسه فَيُمَزِّق ثَوْبه وَيَلْطِم خَدَّهُ
, وَرُبَّمَا سَقَطَ صَرِيعًا , وَرُبَّمَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ , وَرُبَّمَا كَسَرَ
الآنِيَة وَضَرَبَ مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ جَرِيمَة . وَمَنْ تَأَمَّلَ
هَذِهِ الْمَفَاسِد عَرَفَ مِقْدَار مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْكَلِمَة
اللَّطِيفَة مِنْ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تَغْضَب
" مِنْ الْحِكْمَة وَاسْتِجْلَاب الْمَصْلَحَة فِي دَرْء الْمَفْسَدَة مِمَّا
يَتَعَذَّر إِحْصَاؤُهُ وَالْوُقُوف عَلَى نِهَايَته , وَهَذَا كُلّه فِي الْغَضَب
الدُّنْيَوِيّ لا الْغَضَب الدِّينِيّ .. ( فإنّ الغضب لله محمود ومطلوب كالغضب
عند رؤية منكر ) , وَيُعِين عَلَى تَرْك الْغَضَب اِسْتِحْضَار مَا جَاءَ فِي
كَظْم الْغَيْظ مِنْ الْفَضْل , وَمَا جَاءَ فِي عَاقِبَة ثَمَرَة الْغَضَب مِنْ
الْوَعِيد , وَأَنْ يَسْتَعِيذ مِنْ الشَّيْطَان .. , وَأَنْ يَتَوَضَّأ .. وَاللَّهُ
أَعْلَمُ .
وتذكّري أيتها الأخت المسلمة أن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يكن سبابا ولا لعانا فقد جاء في صحيح البخاري 6031 عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً
كان يقول لأحدنا عند المعتبة : ما له ترب جبينه .
وعليك أن تتوبي إلى الله عز وجل مما حصل منك من
السبّ والاعتداء ، ولا حاجة لإخبار من سببتيه درءاً للمفاسد ويمكن طلب السماح
منه بشكل عام ، وأما الناس الذين دعوتِ عليهم بالشرِّ فادعِ لهم بالخير وخصوصا
إذا كنت قد ظلمتيهم بدعائكِ عليهم وهم لا يستحقّون ذلك وسلي الله اللطف بكِ فإنّ
الإنسان قد ترجع عليه الدّعوة إذا دعا بها على شخص لا يستحقّها ، وعليك بإشغال
لسانك بالدعاء والذكر إذ أن في ذلك طمأنينة للقلوب ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب
) وصرْفا عن استعمال اللسان في أذية الخلق ، وصلى اللهم على محمد وصحبه وسلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
59864
يكتب تعريفاً لمن يحصل به على قرض ربوي
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/7023)
سؤال رقم 59864- يكتب تعريفاً لمن يحصل به على قرض ربوي
موظف يعمل في الدولة في قسم مالي ومن طبيعة عمله إتمام إجراءات الموظفين بشأن المرتبات وغيره من الأعمال الأخرى ومن بينها منح الموظفين إفادة بتفصيل المرتب عندما يطلب الموظف ذلك ولكن منهم من يستخدم هذه الإفادة لأخذ قرض من المصرف ، فهل على الموظف الذي منح هذه الشهادة إثم علما بأن هذا من طبيعة عمله ؟.
الحمد لله
لا حرج في كتابة إفادة بالراتب لمن يطلب ذلك من الموظفين ، إلا
أن تكون موجهة للبنك الربوي بغرض الاقتراض منه ، فلا يجوز كتابتها حينئذ ؛ لما في
ذلك من مساعدته على معصية الله ، بل على كبيرة من كبائر الذنوب .
وقد سئلت اللجنة الدائمة (15/58) عن موظف بقسم النسخ بإحدى
الجامعات يكتب تعريفاً لمنسوبي الجامعة لأخذ قرض ربوي من أحد البنوك فهل يجوز ذلك ؟
فأجابت :
" لا يجوز هذا النسخ ولا التعريف لصاحبه إذا كان المعرف والناسخ
يعلم أن المكتوب له يستعين به على المعاملة الربوية ؛ لعموم الحديث الصحيح عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم : أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : هم
سواء . رواه مسلم في صحيحه ، ولعموم قول الله عز وجل : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
والله أعلم .
*****
60244
هل يجوز له السكن مع عمه وعنده بنات بالغات ؟
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/7024)
سؤال رقم 60244- هل يجوز له السكن مع عمه وعنده بنات بالغات ؟
هل يجوز له السكن مع عمه وعنده بنات بالغات ؟
الحمد لله
الذي ننصحك به هو عدم السكن مع عمك وأسرته ؛ لأنك لست محرماً
لزوجة عمك ولا لبناته ، وهذا ما سيسبب لك ولهن حرجاً شرعيّاً في السكن معهن .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على النساء ، ولمَّا
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أقارب الزوج شدَّد في أمره أكثر من غيره ؛ فاسمع
للحديث ، وانظر كلام أهل العلم عليه .
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم
والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله ، أفرأيت الحمو ؟ قال :
الحمو الموت ) رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
قال النووي رحمه الله :
" اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه , وأخيه
, وابن أخيه , وابن عمه , ونحوهم ... .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( الحمو الموت ) فمعناه : أن
الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى
المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي .
والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء
والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد
الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة
فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه
، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... .
وقال ابن الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب , كما يقال : الأسد
الموت , أي لقاؤه مثل الموت ، وقال القاضي : معناه الخلوة بالأحماء (أقارب الزوج)
مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ
" انتهى .
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
وأنت ترى أن الحديث ينطبق على حالتك في حال دخولك على زوجة عمك
وبناته الأجنبيات عنك ، فكيف يكون حكم سكنك معهم ؟!
ثانياً :
وإذا لم يكن لك بدٌّ إلا السكن معهم ، أو أنك ستسكن لفترة مؤقتة
حتى تجد بيتاً آخر : فاعلم أنه يجب عليك مراعاة الأمور التالية :
1. البعد عن الخلوة بزوجة عمك أو واحدة من بناته .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر إلا ومعها ذو محرم ) رواه البخاري (
2844 ) ومسلم ( 1341 ) .
2. أن تلتزم أنت والنساء بغض البصر بعضكم عن بعض .
قال تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ
أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... الآية ) النور/30،31 .
3. أن لا يكون الكلام معهن ومنهن فيه خضوع وميوعة .
قال الله عز وجل : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ
مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ
الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32 .
4. أن تلتزم زوجة عمك وبناته أمامك بالحجاب الشرعي الذي يستر
جميع البدن .
والأحسن أن لا تسكن معهم ، وأن تبحث عن بيت لك تسكن فيه ، وأن
ترفع عن نفسك وعنهم الحرج الشرعي ، وأن لا تكون سبباً في التضييق عليهم ، وإذا كان
بيتهم كبيراً وكان لك منه غرفة مستقلة بمنافعها فيجوز لك السكن فيها ، أما أن تسكن
في غرفة في بيتهم ، وتشاركهم منافعها المشتركة فلا نرى ذلك جائزاً ، ونرى أن الشروط
التي ذكرناها للجواز صعبة التطبيق من كثيرين .
وانظر جواب السؤال رقم ( 13261 ) ففيه فائدة هامة .
والله أعلم .
*****
6026
حكم النفقة على الأقارب
الفقه > معاملات > النفقة >(1/7025)
سؤال رقم 6026- حكم النفقة على الأقارب
السؤال :
والدي راتبه 10 آلاف ريال في الشهر ولا نصرف منه على أنفسنا إلا القليل وتدخر والدتي البقية لأن أختي لم تتزوج بعد وأنا وأخي لم نكمل دراستنا بعد ، جدتي أرملة وتعيش مع أحد أعمامي في بيت جدي مع عماتي الثلاث (أرملة واثنتان لم يتزوجا) ، تعيش في مستوى معيشة جيد كما نعيش نحن هنا ، والدي يدفع لهم معونة شهرية ، مزرعة والدي تحت رعاية عمي ويأخذون جميع المال الناتج منها ، أود أن أعرف كم يجب على والدي أن يدفع لهم شهرياً علماً بأنهم يعيشون حياة مرفهة وجميع أخواته وأمه لهم كمية معتبرة من الذهب وأملاك خاصة بكل منهم .
الجواب :
الحمد لله
النفقة على الأقارب تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ما يسمى بعمودي النسب وهم الأباء وإن علوا والأولاد وإن نزلوا فالنفقة تجب لهم عند شرطين :
الأول : أن يكون المنفَق عليه منهم فقيراً لا يملك شيئاً أولا يملك ما يكفيه ولا يقدر على التكسب .
الثاني : أن يكون المنفِق غنياً عنده ما يكفيه ويفضل عن قوته وقوت زوجته .
وشرط ثالث : أن يكون الدّين واحداً ( أي الكل مسلمون مثلاً ) .
القسم الثاني : بقية الأقارب غير عمودي النسب المذكورين ويشترط لوجوب الإنفاق عليهم زيادة على الشرطين السابقين شرط ثالث وهو أن يكون المنفِق وارثاً للمنفَق عليه ، أي يمكن أن يرثه .
وبناء عليه فإذا كان أبوك وأعمامك قادرين على الإنفاق فالإنفاق على جدتك وعمتيك واجب عليهم جميعاً .
ولكن لا تنس باب الإحسان ، وأن الصدقة على القريب صدقة وصلة ففيها أجران ، ولا تنس قول الله عز وجل : ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) فالإنفاق على القريب لا سيما الوالدة من أعظم أسباب الرزق ومن أعظم أسباب البركة فيه مع الثواب الجزيل عند الله عز وجل .
إذاً فيجب أن تفرح بإنفاق أبيك على والدته وأختيه وأن تشجعه على ذلك ، وأن تُسابق أعمامك على هذه الفضيلة .
وأما مقدار النفقة فهي بحسب قدرة المنفِق وحاجة المنفَق عليه ، قال تعالى : ( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين بالمعروف حق على المتقين ) . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
60351
ظاهرة التقبيل اليومي بين طالبات المدارس
الآداب > آداب السلام >(1/7026)
سؤال رقم 60351- ظاهرة التقبيل اليومي بين طالبات المدارس
ما حكم التقبيل في الخد لغير الزوجين ، فقد انتشرت هذه الظاهرة بين طالبات المدارس ، وبشكل ملفت ، حتى أصبحت الصديقتان تتبادلان القبل كل صباح . أرجو معرفة الحكم عموماً بالأدلة ، وحكم هذه الظاهرة الغريبة خصوصاً .
الحمد لله
المشروع عند اللقاء هو السلام والمصافحة بالأيدي ، وإن قدم
الإنسان من سفر فتشرع معانقته ، وأما التقبيل عند كل لقاء فليس من سنة السلام ، بل
ورد النهي عنه ، فقد روى الترمذي (2728) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه
قَالَ : ( قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ
أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : أَفَيَلْتَزِمُهُ
وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ
: نَعَمْ ) والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي .
نعم ، يشرع التقبيل أحيانا ، للقادم من سفر ونحوه ، وانظر السؤال
رقم ( 34497 ) .
وأما تبادل القبل كل صباح ، فلا شك في عدم مشروعيته ، وأنه ظاهرة
غريبة دخيلة على مجتمعات المسلمين ، ويخشى أن تكون ذريعة لمن في قلبها مرض ، تتوصل
بذلك إلى استمتاع محرم ، في إطار ظاهرة أخرى مذمومة تسمى ظاهرة الإعجاب ، وهي العشق
المحرم من غير شك .
قال النووي رحمه الله :
" وأما المعانقة وتقبيل وجه غير القادم من سفر ونحوه - غير الطفل
- فمكروهان ، صرح بكراهتهما البغوي وغيره ... فأما الأمرد الحسن فيحرم بكل حال
تقبيله سواء قدم من سفر أم لا ، والظاهر أن معانقته قريبة من تقبيله ، وسواء كان
المقبِّل والمقبَّل صالحين أو غيرهما " انتهى من "المجموع" (4/477) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هناك ظاهرة تقبيل الشباب
بعضهم البعض على الخدود في كل ملتقى ، وفي كل يوم ، وانتشرت هذه الظاهرة مع الشيوخ
وفي المسجد وفي الصف ، هل هذا مخالف للسنة أم لا حرج فيه أم بدعة أم معصية أم جائزة
... ؟
فأجابوا : " المشروع عند اللقاء : السلام والمصافحة بالأيدي ،
وإن كان اللقاء بعد سفر فيشرع كذلك المعانقة ؛ لما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : (
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر
تعانقوا ) . وأما تقبيل الخدود فلا نعلم في السنة ما يدل عليه " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/128) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في "سلسلة الأحاديث
الصحيحة" (1/74) تحت حديث رقم (160 ) ، وهو حديث الترمذي الذي ذكرناه في أول الجواب
:
" فالحقُّ أنّ الحديث نصٌّ صريح على عدم مشروعية التقبيل عند
اللقاء ، ولا يدخل في ذلك تقبيل الأولاد والزوجات ؛ كما هو ظاهر .
وأمّا الأحاديث التي فيها أنّ النبيّ صلي الله عليه وسلم قبّل
بعض الصحابة في وقائع مختلفة ؛ مثل تقبيله واعتناقه لزيد بن حارثة عند قدومه
المدينة ، واعتناقه لأبي الهيثم بن التيهان ، وغيرهما ؛ فالجوّاب عنها من وجوه :
الأول : أنها أحاديث معلولة لا تقوم بها حجة . . .
الثاني : أنه لو صحّ شيء منها ؛ لم يجز أن يعارض بها هذا الحديث
الصحيح ؛ لأنها فعل من النبيّ صلي الله عليه وسلم يحتمل الخصوصيّة أو غيرها من
الاحتمالات التي توهن الاحتجاج بها ، على خلاف هذا الحديث ؛ لأنه حديث قوليّ وخطاب
عام موجّه إلى الأمة ؛ فهو حجة عليها ؛ لما تقرر في علم الأُصول أنّ القول مقدّم
على الفعل عند التعارض ، والحاظر مقدمٌ على المبيح ، وهذا الحديث قولٌ وحاظرٌ ، فهو
المقدّم على الأحاديث المذكورة لو صحّت .
وكذلك نقول بالنسبة للالتزام والمعانقة ، أنها لا تشرع لنهي
الحديث عنها ، لكن قال أنس رضي الله عنه : ( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
إذا تلاقوا تصافحوا ، فإذا قدموا من سفرٍ تعانقوا ) . رواه الطبراني في
الأوسط ، ورجاله رجال الصحيح ، كما قال المنذري (3/270) ، والهيثمي (8/36) .
وروى البيهقي (7/100) بسند صحيح عن الشعبي : ( كان أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم إذا التقوا ؛ صافحوا ، فإذا قدموا من سفر ؛ عانق بعضهم بعضاً ).
وروى البخاري في الأدب المفرد (970) ، وأحمد (3/495) عن جابر بن
عبد الله قال : ( بلغني حديث عن رجلٍ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فاشتريت بعيراً ، ثمّ شددتُ عليه رحلي ، فسرتُ إليه شهراً حتى قدمتُ عليه الشام ،
فإذا عبد الله بن أنيس ، فقلت للبواب : قل له : جابر على الباب . فقال : ابن عبد
الله ؟ قلتُ : نعم . فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته . . ) الحديث .
وإسناده حسن كما قال الحافظ ( 1/ 195) ، وعلّقه البخاري .
فيمكن أن يقال : إن المعانقة في السفر مستثنى من النهي لفعل
الصحابة ذلك " انتهى .
والله أعلم .
*****
6084
هل الرسول صلى الله عليه وسلم حي وحاضر في الأرض الآن
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/7027)
سؤال رقم 6084- هل الرسول صلى الله عليه وسلم حي وحاضر في الأرض الآن
المقالة التالية أعلنت أن روح النبي صلى الله عليه وسلم موجودة دائماً في جميع الأوقات والآتي هو معظم المقالة وأدلتها . هل ما يقولونه صحيح؟
إنه اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم
1- حاضر ويرى في جميع الأوقات
2- على علم ومشاهدة بخلق الله
3- قادر على أن يكون موجوداً في أماكن متعددة في نفس الوقت
وهاهي الأدلة:
(ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهداً) (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً)
لاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كونه يدعى شاهداً على كل الأمم التي خلقها الله على هذه الأرض لذلك فلا بد أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضراً قبل ظهوره المبكر ولا يزال حاضراً بعد الميراث الأرضي ، وإلا ما كان يمكن أن يقال عنه شاهداً على مجريات الأمور الحقيقية ويوجد آيات كثيرة تقول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم شاهداً.
نقطة فنية: الآيات القرآنية التالية تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن موجودا قبل ظهوره المبكر ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم موجوداً " أي بجسمه يتكلم ".
الحمد لله
الرسول عليه الصلاة والسلام أكمل الخلق ، وأفضلهم ، وأحبهم إلى الله ، وأكرمهم
عنده ولا يعني هذا أن يسلب خصائص البشر ، أو أن يصرف شيئا من حقوق الرب
له . فالرسول عليه الصلاة والسلام بشر يعتريه ما يعتري البشر من الأمراض والموت
الحقيقي قال تعالى : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) ، وقال تعالى : ( وما جعلنا
لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون ) . فالرسول عليه الصلاة والسلام مات
ودفن في قبره ، ولذا قال الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه : من كان يعبد محمدا فإن
محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
وكونه عليه الصلاة والسلام شاهدا ومبشرا ونذيرا
، وكونه شهيدا يوم القيامة لا يعني أنه حاضر جميع الأمم ، ولا أن حياته عليه
الصلاة والسلام مستمرة دائمة إلى يوم القيامة ولا أنه يشاهد وهو في قبره إذ ليس
طريق الشهادة مقتصرا على المشاهدة ، بل يشهد على الأمم بما أخبره الله به سبحانه
وتعالى ، وإلا فهو لا يعلم الغيب ، قال تعالى : ( ولو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت
من الخير ) . ولا يقدر عليه الصلاة والسلام أن يوجد في أماكن متعددة بل هو في
مكان واحد وهو قبره عليه الصلاة والسلام وهذا بإجماع المسلمين .
الشيخ عبد الكريم الخضير .
*****
624
التوبة من الفاحشة
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/7028)
سؤال رقم 624- التوبة من الفاحشة
أنا لا أعلم ماذا أفعل لكنني اقترفت خطيئة عظيمة . أعلم أن مفهوم ( الاعتراف للكاهن ) لا وجود له في ديننا الجميل . لكنني اقترفت الزنا . أريد أن أتوب وأسأل الله الصفح والمغفرة . عندما قرأت سورة النور وجدت أنني لا أستطيع الزواج من امرأة عفيفة طاهرة ، فماذا يجب أن أفعل ؟ أرجو أن تدعو لي أن يخفف الله عقوبتي في نار جهنم .
الحمد لله
أولا :
لا تيأس من رحمة الله وتدبّر قوله تعالى : (
قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) سورة الزمر / 53
ثانيا :
اجعل توبتك خالصة لله وابتعد عن كلّ ما يؤدي بك
إلى الحرام والعودة إلى الجريمة وأكثر من الصالحات فإن الحسنات يذهبن السيئات .
ثالثا :
إذا تبت إلى الله زال عنك وصف الزنا وبالتالي
يجوز لك أن تتزوج امرأة طاهرة عفيفة .
رابعا :
المؤمن همته عالية في الدعاء فهو لا يدعو بأن
يخفّف الله عنه عذاب جهنم بل يدعو الله أن يعتقه من النار ويدخله الجنة بل ويرزقه
الفردوس الأعلى مع اجتهاده في عمل الصالحات والتوبة من السيئات .
*****
6241
ما هو السبب في أنّ الزوجة لا تُضاف إلى نسَب زوجها
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/7029)
سؤال رقم 6241- ما هو السبب في أنّ الزوجة لا تُضاف إلى نسَب زوجها
السؤال :
قرأت ردك على السؤالين رقم 2537 و4362 الخاص باحتفاظ الزوجة باسم والدها بعد زواجها . وآية سورة الأحزاب التي ذكرتها تنص على أن الطفل (أو الطفلة) الذي يتبنى يجب أن يحمل اسم والده (اسم زوج الأم الأول) . لكن كيف نطبق ذلك على زوجة غيرت اسمها (بكل بساطة) بسبب الزواج ؟ هي لا تدعي أنها تنتسب إلى زوجها ، لكنها تحمل اسمه فقط . إذا كان السبب هو النسل ، فأرجو أن تذكر الدليل من القرآن والسنة.
شكرا لك على مساعدتك وتوضيحك . وجزاك الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
إن آثار مشابهة الغرب في التسمية كثيرة ، ومنها ما توارد الناس - الآن - على حذفه بين أسمائهم وأسماء آبائهم ، وهو لفظة " ابن " ، أو " ابنة"، وكان هذا سببه - أولا - تبنِّي بعض الأسر لأولاد ، أضافوا أسماءهم إلى أسمائهم ، فصار يقال لهم ( فلان فلان ) ، ويقال لأولادهم الحقيقيين ( فلان بن فلان ) ، ثم توارد الناس - في القرن الرابع عشر - على إسقاط لفظة ( ابن ) و (ابنة ) ، وهو الأمر المرفوض لغة وعادة وشرعاً . فإلى الله المشتكى.
ومن الآثار - كذلك - نسبة الزوجة إلى زوجها .
والأصل : أنها تكون ( فلانة بنت فلان ) ، لا ( فلانة زوجة فلان ) ! ، والله تعالى يقول { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله } [ الأحزاب / 5] ، وكما أن هذا الأمر يكون في الدنيا فإنه يكون كذلك في الآخرة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة ، يقال هذه غدرة فلان بن فلان " . رواه البخاري (5709) ، ومسلم (3265).
قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله : وهذا من أسرار التشريع ، إذ النسبة إلى الأب أشد في التعريف ، وأبلغ في التمييز ، لأن الأب هو صاحب القوامة على ولده وأمِّه في الدار وخارجها ، ومِن أجله يظهر في المجامع والأسواق ، ويركب الأخطار في الأسفار لجلب الرزق الحلال والسعي في مصالحهم وشؤونهم ، فناسبت النسبة إليه لا إلى ربات الخدور ، ومَن أمرهن الله بقوله { وقرْن في بيوتكن } [ الأحزاب / 33 ] . أ.هـ " تسمية المولود " ( ص 30 ، 31 ) .
وعليه : فإنه ليست هناك علاقة نسب بين الزوج والزوجة فكيف تُضاف إلى نَسَبه ، ثم هي قد تُطلَّق ، أو يموت زوجها ، فتتزوج مِن آخر ، فهل تستمر نسبتها في التغير كلما اقترنت بآخر ؟
يُضاف إلى ذلك : أن لنسبتها إلى أبيها أحكاماً تتعلق بالميراث والنفقة والمحرمية ، وغيرها ، وإضافة نسبها إلى الزوج ينسف ذلك كله ثم الزّوج منتسبٌ إلى أبيه فما علاقتها بنسب أبي زوجها !! ، هذه مغالطة للعقل والواقع ، وليس في الزوج ما يفضله على زوجته حتى تنتسب هي له ، بينما هو ينتسب إلى أبيه !
لذا وجب على كل من خالفت ذلك فانتسبت لزوجها أن تعيد الأمر إلى جادته وصوابه .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6244
لماذا تغطي المرأة شعرها
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7030)
سؤال رقم 6244- لماذا تغطي المرأة شعرها
لماذا تغطي الفتاة شعر رأسها ؟ وما فائدة ذلك ؟ وما الذي سيحدث إن لم تغطي الفتاة شعر رأسها ؟.
الحمد لله
تغطي المرأة شعرها لأن الله تعالى أمرها بذلك ، ولا يحل لها أن تخالف قوله وتعصي أمره ، ثم إن الله تعالى لم يأمرها بذلك إلا لأن في ذلك أعظم الحكمة ، ومنها أن تحافظ المرأة على عرضها وشرفها من الذئاب البشرية التي تبحث عن فريسة سهلة لتنقض عليها وتفترسها ، ولا تكون اللقمة سائغة إلا إذا كانت مهيأة مجهزة ، وهذا ما يوجد في المرأة المتبرجة ، والتي تدعو بلسان حالها أولئك الذئاب لينهشوا منها ما شاؤوا !!
وفي مصداق ذلك يقول الله تعالى { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } ، فإذا تحجبت المرأة عرف الفساق والفجار أن هذا ليس من صيدهم ، فيحفظهن الله بحفظه ويرعاهن برعايته .
والمرأة المتبرجة توعّدها الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم أعظم الوعيد ، ومنه :
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " .
رواه مسلم ( 2128 ) .
ولا ينبغي للمرأة أن تحكّم عقلها - القاصر عن معرفة حِكَم التشريع - في أوامر الله تعالى ، ولتعلم أن الله ما أمرها إلا بما فيه الخير والسعادة لها ولأهلها وللمجتمع عموماً ، ومعلوم أنّ كشف المرأة شعرها يزيد من افتتان الرّجال بها مما يؤدّي للطمع فيها والوقوع في الفواحش والإسلام يريد أن يكون المجتمع نظيفا لا تثور فيه الشّهوات ولا تحصل فيه الاعتداءات وكشف المرأة مفاتنها - ومن ذلك شعرها - يؤدّي إلى الافتتان بها ويفتح الطّريق للشرّ وأهله .
ونعيد التنبيه على أن الإسلام هو الاستسلام لله تعالى فينفّذ المؤمن أمر الله تعالى ولو لم يعرف الحكمة من وراء ذلك ولو لم يجد ما يُقنع عقله لأنّ طاعته لربّه واستسلامه لأمره مقدّم على كلّ شيء والعبادة مبنية على الطّاعة والتسليم .
ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
62839
الوسوسة وعلاجها
مشكلات نفسية واجتماعية >
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/7031)
سؤال رقم 62839- الوسوسة وعلاجها
إذا وسوست ولم أرد على زوجتي عندما تكلمني وذلك بسبب الوسوسة أو اعتقادي بأنها تسببت في الوسوسة هل يعتبر عدم ردي عليها طلاقاً ؟ وعندما أكلمها بعصبية وبانفعال هل يعتبر هذا طلاقاً ؟ .
الحمد لله
عدم ردك على زوجتك لا يعتبر طلاقا ، وكذلك كلامك
معها بعصبية وانفعال.
ومهما فكرت في الطلاق ، أو حدثتك نفسك به ، أو
نويته وعزمت عليه ، فإن الطلاق لا يقع حتى تتلفظ به.
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن
الله عز وجل تجاوز لأمتي ما وسوست به وحدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به " رواه البخاري 6664 ، ومسلم 127 .
والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث
نفسه بالطلاق لم يكن شيء حتى يتكلم به ).
بل إن المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو
تلفظ به ، عند بعض أهل العلم ، ما لم يقصد الطلاق ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
: ( المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد ، لأن
هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة ، بل هو مغلق عليه ومكره
عليه لقوة الدافع وقلة المانع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق في
إغلاق " . فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة ، فهذا الشيء الذي
يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق.) انتهى ، نقلا عن
: فتاوى إسلامية ، 3/277
ونحن نوصيك بعدم الالتفات للوسواس ، والإعراض
عنه ، ومخالفة ما يدعوك إليه ، فإن الوسواس من الشيطان ، ليحزن الذين آمنوا ، وخير
علاج له ، هو الإكثار من ذكر الله تعالى ، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ،
والبعد عن المعاصي والمخالفات التي هي سبب تسلط إبليس على بني آدم ، قال الله
تعالى: ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) النحل/ 99 .
ومما يحسن نقله هنا ، ما ذكره ابن حجر الهيتمي
رحمه الله في علاج الوسوسة ، في كتابه " الفتاوى الفقهية الكبرى 1/149 ، وهذا نصه :
( وسئل نفع الله به عن داء الوسوسة هل له دواء ؟
فأجاب بقوله : له دواء نافع وهو الإعراض عنها
جملة كافية ، وإن كان في النفس من التردد ما كان - فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت
بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون , وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها
فإنها لا تزال تزداد به حتى تُخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم , كما شاهدناه
في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى
الله عليه وسلم بقوله : " اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان أي : لما فيه من
شدة اللهو والمبالغة فيه كما بينت ذلك وما يتعلق به في شرح مشكاة الأنوار , وجاء في
الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته . فتأمل
هذا الدواء النافع الذي علّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته . واعلم أن من حُرمه فقد
حُرم الخير كله ; لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا , واللعين لا غاية لمراده إلا
إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يُخرجه
من الإسلام . وهو لا يشعر ( أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فاطر / 6 . وجاء في طريق آخر فيمن ابتلي بالوسوسة فليقل : آمنت بالله وبرسله . ولا شك أن من
استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة
واضحة بيضاء بينة سهلة لا حرج فيها ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج
/ 78 , ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة
والإصغاء إلى شيطانها . وفي كتاب ابن السني من طريق عائشة : رضي الله عنها " من بلي
بهذا الوسواس فليقل : آمنا بالله وبرسله ثلاثا , فإن ذلك يذهبه عنه " .
وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته
فقالوا : دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني , وأن إبليس هو الذي أورده
عليه وأنه يقاتله , فيكون له ثواب المجاهد ; لأنه يحارب عدو الله , فإذا استشعر ذلك
فر عنه , وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ;
ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون .
وفي مسلم بحديث رقم 2203 من طريق عثمان بن أبي
العاص أنه قال: إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وقراءتي فقال : ذلك شيطان يقال له
خنزب , فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا , ففعلت فأذهبه الله عني .
وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تُسلط إلا
على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له , وأما من كان على حقيقة العلم
والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع . وأقبح المبتدعين الموسوسون
ومن ثم قال مالك - رحمه الله - عن شيخه ربيعة - إمام أهل زمنه - : كان ربيعة أسرع
الناس في أمرين في الاستبراء والوضوء , حتى لو كان غيره - قلت : ما فعل . ( لعله
يقصد بقوله : ( ما فعل ) أي لم يتوضأ )
وكان ابن هرمز بطيء الاستبراء والوضوء , ويقول :
مبتلى لا تقتدوا بي .
ونقل النووي - رحمه الله - عن بعض العلماء أنه
يستحب لمن بلي بالوسوسة في الوضوء , أو الصلاة أن يقول : لا إله إلا الله فإن
الشيطان إذا سمع الذكر خنس ; أي : تأخر وبعد , ولا إله إلا الله - رأس الذكر وأنفع
علاج في دفع الوسوسة الإقبال على ذكر الله تعالى والإكثار منه ... ) انتهى كلام ابن
حجر الهيتمي رحمه الله.
ونسأل الله أن يذهب عنك ما تجد من الوسوسة ، وأن
يزيدنا وإياك إيماناً وصلاحاً وتقى .
والله أعلم .
*****
6453
حكم تخاطب الجنسين عن طريق الإنترنت
الآداب > العلاقة بين الجنسين > آداب الكلام مع النساء >
سؤال رقم 6453: حكم تخاطب الجنسين عن طريق الإنترنت
السؤال :
هل يجوز التخاطب مع الرجال عن طريق الإنترنت بكلام في حدود الأدب ؟
الجواب :
الحمد لله
من المعلوم في دين الله تعالى تحريم اتباع خطوات الشيطان ، وتحريم كل ما قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام ، حتى لو كان أصله مباحاً ، وهو ما يسمِّيه العلماء " قاعدة سد الذرائع " .
وفي هذا يقول الله عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } [ النور / 21 ] ، ومن الثاني : قوله تعالى { و لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم } [ الأنعام / 108 ] ، وفيها ينهى الله تعالى المؤمنين عن سبِّ المشركين لئلا يفضي ذلك إلى سبهم الربَّ عز وجل .
وأمثلة هذه القاعدة في الشريعة كثيرة ، ذكر ابن القيم رحمه الله جملة وافرة منها وفصَّل القول فيها في كتابه المستطاب " أعلام الموقعين " ، فانظر منه ( 3 / 147 - 171 ) .
ومسألتنا هذه قد تكون من هذا الباب ، فالمحادثة - بالصوت أو الكتابة - بين الرجل والمرأة في حدِّ ذاته من المباحات ، لكن قد تكون طريقاً للوقوع في حبائل الشيطان .
ومَن علم مِن نفسه ضعفاً ، وخاف على نفسه الوقوع في مصائد الشيطان : وجب عليه الكف عن المحادثة ، وإنقاذ نفسه .
ومن ظنَّ في نفسه الثبات واليقين ، فإننا نرى جواز هذا الأمر في حقِّه لكن بشروط :
1. عدم الإكثار من الكلام خارج موضوع المسألة المطروحة ، أو الدعوة للإسلام .
2. عدم ترقيق الصوت ، أو تليين العبارة .
3. عدم السؤال عن المسائل الشخصية التي لا تتعلق بالبحث كالسؤال عن العمر أو الطول أو السكن …الخ .
4. أن يشارك في الكتابة أو الاطلاع على المخاطبات إخوة - بالنسبة للرجل - ، وأخوات - بالنسبة للمرأة - حتى لا يترك للشيطان سبيل إلى قلوب المخاطِبين .
5. الكف المباشر عن التخاطب إذا بدأ القلب يتحرك نحو الشهوة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
65515
هل يقوم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/7032)
سؤال رقم 65515- هل يقوم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء ؟
هل يتم حساب الزكاة عن عروض التجارة بسعر التكلفة أم بسعر البيع ؟ .
الحمد لله
تُقَوَّم عروض التجارة في نهاية الحول بالسعر الذي يبيعها به
صاحبها .
وهذا هو مقتضى العدل ، أن يكون التقويم بسعر بيعها ، وقد ينقص أو
يزيد عن سعر شرائها . لأن الإنسان في نهاية الحول يزكي الأموال التي عنده .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/249) :
" مِنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ , فَحَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ
, وَهُوَ نِصَابٌ , قَوَّمَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ , فَمَا بَلَغَ أَخْرَجَ
زَكَاتَهُ , وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (13/171) :
" وَلَيْسَ عَلَى التَّاجِرِ أَنْ يُقَوِّمَ عُرُوضَ تِجَارَتِهِ
بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الْمُضْطَرُّ فِي بَيْعِ سِلَعِهِ , وَإِنَّمَا
يُقَوِّمُ سِلْعَتَهُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الإِنْسَانُ إذَا بَاعَ
سِلْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ الِاضْطِرَارِ الْكَثِيرِ " انتهى .
ففي هذا : أن التقويم يكون بسعر بيعها في نهاية الحول .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها
الزيادة هذه عروض التجارة ، وعروض التجارة تقوم عند حول الزكاة بما تساوي ، ثم يخرج
ربع العشر منها ... ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي القيمة التي اشتريت
بها أو لا . فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمئة ألف ، وكانت عند الحول تساوي
مئتي ألف ، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المئتين جميعاً ، وإذا كان الأمر بالعكس
اشتراها بمئة ألف وكانت عند تمام الحول تساوي خمسين ألفاً فإنه لا يجب عليه إلا أن
يزكي عن خمسين ألف ؛ لأن العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/205) . وانظر أيضاً : (18/240) .
وسئلت اللجنة الدائمة : الأراضي المشتراة للتجارة كيف يجب أن يتم
احتسابها عند احتساب الزكاة ؛ بثمن الشراء أو بما تسوى من قيمة وقت حلول حول الزكاة
؟
فأجابت :
" الأراضي المشتراة للتجارة هي من جملة عروض التجارة ، والقاعدة
العامة في الشريعة الإسلامية أن عروض التجارة تقوم عند تمام الحول بالثمن الذي
تساويه ، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به ، سواء كان زائداً عن الثمن الذي
تساويه وقت وجوب الزكاة أو أقل ، وتخرج زكاتها من قيمتها ومقدار الواجب فيها من
الزكاة ربع العشر ، ففي أرض قيمتها ألف ريال -مثلاً- خمسة وعشرون ريالاً وهكذا " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/324)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (9/319) :
" الطريقة الشرعية أنه يقوم ما لديه من عروض التجارة عند تمام
الحول بالقيمة التي تساويها عند الوجوب ، بصرف النظر عن ثمن الشراء " انتهى .
وعلى هذا إذا كان التاجر يبيع بالجملة أو القطاعي (المفرق)
يُقَوِّم العروضَ التي عنده بالسعر الذي يبيع به .
سئل الشيخ ابن عثمين رحمه الله تعالى : من المعلوم أن العبرة
بقيمة السلعة عند وجوب الزكاة ، ولكن حتى عند وجوب الزكاة يختلف البيع بالجملة
والبيع بالتقسيط فهل نعتبر البيع بالجملة أو بالإفراد ؟
فأجاب :
" أما إذا كان التاجر من أصحاب البيع بالجملة فيعتبرها بالجملة ،
وإذا كان من أصحاب البيع بالإفراد فيعتبرها بالإفراد " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/233) .
وانظر السؤال : ( 26236 ) .
*****
65682
هل تقطع الصلاة حتى لا يعلم أهلها بإسلامها؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > مبطلات الصلاة >
الدعوة >(1/7033)
سؤال رقم 65682- هل تقطع الصلاة حتى لا يعلم أهلها بإسلامها؟
أنا مسلمة جديدة وهذه هي المرة الثانية التي أصوم فيها رمضان . عائلتي لا تزال على غير الإسلام ، وأنا أصلي وأصوم دون علمهم . فأنا لا أصلي في البيت إلا صلاتي الفجر والعشاء ، أما بقية الصلوات فأصليها خارج المنزل (في المدرسة مثلاً أو في المركز الإسلامي أو في منزل إحدى الصديقات) . وعندما أصلي في البيت أعمد إلى إقفال باب غرفتي حتى لا يعلم أحد بأمري ، علماً بأن أختي تقيم معي في الغرفة نفسها . وذات مرة ، عندما كنت أهم بأداء صلاة العشاء في المنزل ، قمت بإقفال الباب قبل أن أشرع في الصلاة ، ولكن لسبب أو لآخر لم يقفل الباب . صليت الركعة الأولى واستويت قائمة بعد السجود وشرعت في قراءة الفاتحة ، وفجأة ، فتحت أختي الباب . تملكني خوف شديد ولم أكمل الصلاة وسمحت لها بالدخول . وبعد ساعات من ذلك ، صليت العشاء مرة أخرى .
سؤالي هو : ما حكم قطع المرء صلاته عندما يكون قد نوى أن يصلي أربع ركعات ؟ وماذا كان يتوجب علي فعله في تلك اللحظة ؟.
الحمد لله
أولا :
نهنئك على نعمة الإسلام ، ونسأل الله أن يثبتك ، ويعينك ، ويقويَ
إيمانك ، كما نسأله أن يهدي جميع أهلك وإخوانك ، وأن تكوني سببا في فلاحهم وصلاحهم
.
ثانيا :
إذا كنت تخشين من إعلان إسلامك وقوعَ الضرر عليك ، أو أردت تأخير
هذا الإعلان حتى تنالي حظا وافرا من معرفة الإسلام ، تتمكنين به من دعوة أهلك ، فلا
حرج عليك في ذلك ، كما أنه لا حرج عليك في قطع الصلاة ، إذا خفت اطلاع أحد عليك .
والأصل أن المسلم إذا شرع في صلاة فريضة وجب عليه إتمامها ، وحرم
عليه قطعها إلا من عذر .
وقد ذكر الفقهاء أعذارا تبيح قطع الصلاة .
منها : الخوف على النفس من عدو أو سبع .
ومنها : الخوف على المال ، كما لو كان يصلي وجاء من يريد أخذ
ماله ، أو خاف أن تهرب دابته .
ومنها : قطع الصلاة لإنقاذ إنسان من حريق أو غرق ، أو خشية أن
يقع أعمى في بئر . . . ونحو ذلك .
انظر : "رد المحتار" (1/654) ، "المبسوط" (2/3) ، "كشاف القناع" (1/380) .
فحيث خفت على نفسك إذا اطلع أحد من أهلك على صلاتك وعلم بإسلامك
، فلا شيء عليك في قطع الصلاة حينئذ ، ثم تصلينها بعد زوال الخطر ، كما فعلت .
ثالثا :
عليك بالاجتهاد في تعلم أحكام الإسلام ، ومصاحبة المؤمنات
الخيّرات ، ليكنّ عونا لك على طاعة الله ، والتفكير في الطريقة المناسبة لدعوة أهلك
إلى الإسلام ، والحرص على ذلك أشد الحرص ، فإنهم أولى الناس بإحسانك ودعوتك .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*****
65698
تبادل الكلام العاطفي والأفعال العاطفية بين الخاطبين هل يؤثر على الصوم؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/7034)
سؤال رقم 65698- تبادل الكلام العاطفي والأفعال العاطفية بين الخاطبين هل يؤثر على الصوم؟
خطيبي مسلم . تعلمت بعد بحث وتقصٍ معنى رمضان والحكمة من صومه . أرجو إفادتي عما هو مباح وغير مباح من الكلام العاطفي وبعض الأفعال العاطفية (مثل تشابك الأيدي والتعبير عن الحب لبعضنا البعض وغير ذلك) خلال الصيام .
الحمد لله
يباح للصائم أن يتبادل مع زوجته (التي عقد عليها) كلمات تدل على
المحبة والحنان ، كما يباح له بعض الأفعال العاطفية كتقبيل زوجته أو معانقتها أو
الإمساك بيدها ، إذا كان يملك نفسه ، ويضبط شهوته . وذلك لقول عائشة رضي الله عنها
: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ
صَائِمٌ ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لأَرَبِهِ ) رواه البخاري (1792) ومسلم (1854) .
ومَعْنَى الْمُبَاشَرَة هُنَا : اللَّمْسُ بِالْيَدِ , وَهُوَ
مِنْ اِلْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ .
والأرَب هو حاجة النفس . والمراد به هنا الجماع .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو
صائم ، كل ذلك جائز ولا حرج فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو
صائم ويباشر وهو صائم . لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة ،
كره له ذلك ، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم .
أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء ، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان
الصوم ، ولأنه يشق التحرز منه والله ولي التوفيق " "فتاوى الشيخ ابن باز"
(4/202) .
هذا فيما يخص الرجل وزوجته ، أما حال الخطبة ، قبل عقد النكاح ،
فليس للخاطب أن يتكلم مع مخطوبته بالكلام العاطفي ، ولا أن يمس يدها ، لأنه أجنبي
عنها كسائر الأجانب . ولا ينبغي لأحد أن يتساهل في هذا الأمر ، ولا فرق بين أن تكون
المخطوبة مسلمة أو نصرانية .
وقد سعدنا بسؤالك عن هذه المسألة المتعلقة بالصيام ، عند
المسلمين ، وهو دليل على حبك للمعرفة ، ورغبتك في الاطلاع على أحكام هذا الدين ،
ونحن نهنئك على ذلك ونشجعك عليه ، ونسأل الله أن يقودك البحث والعلم إلى اتباع ما
يحبه الله تعالى ويرضاه . كما نسأله سبحانه أن يوفق بينك وبين خطيبك ، وأن يسعدك
بالزواج منه .
والله أعلم .
*****
65746
لا توجد صلاة سنة بعد فريضة الفجر؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/7035)
سؤال رقم 65746- لا توجد صلاة سنة بعد فريضة الفجر؟
هل توجد صلاة سنة بعد صلاة الفجر ؟.
الحمد لله
ليس لصلاة الفجر صلاة سنة بعدها .
أما قبلها فلها سنة راتبة ؛ ركعتان ، وهي آكد السنن الرواتب ،
حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعهما حضراً ولا سفرا . فعَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا
عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ) رواه البخاري (1163) ومسلم (724) .
وفي فضلها قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) رواه مسلم (725) .
ويسن أن يقرأ المصلي فيهما بالكافرون والإخلاص ؛ لما روى مسلم
(726) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ : ( قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ ) وَ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) .
ومن فاتته سنة الفجر (القبلية) فله أن يصليها بعد صلاة الصبح .
ودليل ذلك ما رواه الترمذي (422) وأبو داود (1267) عَنْ قَيْسٍ
بن عمرو قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأُقِيمَتْ الصَّلاةُ ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَنِي أُصَلِّي ، فَقَالَ : مَهْلا يَا
قَيْسُ ، أَصَلاتَانِ مَعًا ؟! قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ
رَكَعْتُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ . قَالَ : فَلا إِذَنْ ) . ولفظ أبي داود : (
فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) والحديث صححه
الألباني في صحيح الترمذي .
قال الخطابي :
" فِيهِ بَيَان أَنَّ لِمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْل
الْفَرِيضَة أَنْ يُصَلِّيهِمَا بَعْدهَا قَبْل طُلُوع الشَّمْس " انتهى من
"عون المعبود" .
وقال في "تحفة الأحوذي" :
" ( أَصَلاتَانِ مَعًا ؟ ) الاسْتِفْهَامُ لِلإِنْكَارِ . أَيْ
أَفَرْضَانِ فِي وَقْتِ فَرْضٍ وَاحِدٍ ؟ إِذْ لا نَفْلَ بَعْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ .
( فَلا إِذَنْ )
تَنْبِيهٌ : اِعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : (فَلا إِذَنْ) مَعْنَاهُ : فَلا بَأْسَ عَلَيْك أَنْ تُصَلِّيَهُمَا
حِينَئِذٍ , وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ : ( فَسَكَتَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) , وَرِوَايَةُ عَطَاءِ بْنِ
أَبِي رَبَاحٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ بِلَفْظِ : ( فَلَمْ يَقُلْ لَهُ
شَيْئًا ) . قَالَ الْعِرَاقِيُّ : إِسْنَادُهُ حَسَنٌ ,
وَرِوَايَةُ اِبْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ : ( فَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ
) , وَرِوَايَةُ اِبْنِ حِبَّانَ بِلَفْظِ : ( فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ) ,
وَالرِّوَايَاتُ بَعْضُهَا يُفَسِّرُ بَعْضًا " انتهى باختصار .
والله أعلم .
*****
65763
لا زكاة على معدات المصانع ، وزكاة من عليه دين
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/7036)
سؤال رقم 65763- لا زكاة على معدات المصانع ، وزكاة من عليه دين
يحتاج أخي مساعدة في حساب الزكاة ، فهو غير متأكد ( من المبلغ الذي عليه تزكيته ) لأن عليه ديوناً كما أن إيداعاته لم تتجاوز ثلاثة أشهر ، مع أنه يملك مصنعاً يحتوي على معدات ، فهل يدفع الزكاة عن ذلك ؟.
الحمد لله
أولا :
من ملك مالاً تجب زكاته ، وكان عليه دَيْن ، فالزكاة واجبة عليه
، ولا أثر لهذا الدَّيْن ، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله .
لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً .
ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة ولا
يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا ؟
ولأن الزكاة تتعلق بعين المال ، والدين يتعلق بالذمة ، فلا يمنع
أحدهما الآخر .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع
الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز"
(14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والذي أرجحه أن الزكاة
واجبة مطلقا ، ولو كان عليه دين ينقص النصاب ، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة
فيجب أداؤه ، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
وينظر : "المجموع" (5/317) ، "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية"
(23/247) .
وعليه فإذا حال الحول على النصاب ، وجبت الزكاة على أخيك ، بغض
النظر عن الديون التي عليه ، لكن إن حان وقت دفع الدين ، قبل موعد الزكاة ، سدد
الدين ، ثم زكى ما بقي .
ثانيا :
من ملك نصاباً من النقود وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة
بإخراج ربع العشر [2.5%] .
والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراماً من الذهب ، أو 595 جراماً من
الفضة .
ويبدأ حساب الحول من حين ملك نصاباً ، لا من حين إيداعه في البنك
.
فإن استثمر هذا المال بطريقة مشروعة ، لزمه أن يزكي الأصل والربح
معا في وقت زكاة الأصل .
فلو ربح المال في خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحول ، وحال
الحول على أصل المال ، وجبت زكاة الجميع : المال مع ربحه ، مع أن الربح لم يمر عليه
حول ، إلا أنه تابع في الحول لأصل المال .
مع التنبه إلى أن وضع النقود في البنوك مقابل فائدة من الربا
الذي حرمه الله ورسوله ، وهو من كبائر الذنوب .
ويجوز وضع النقود في البنوك لضرورة حفظها ، بشرط أن يكون ذلك من
غير فائدة . انظر السؤال ( 49677 ) ، ( 22392 )
ثالثا :
لا تجب الزكاة إلا في أموال مخصوصة بينها الشارع ، ومنها النقود
وبهيمة الأنعام وعروض التجارة . وأما ما يملكه الإنسان من منازل أو سيارات أو
بنايات فلا زكاة فيها إلا إذا قصد الاتجار فيها .
والمصانع عادة تشتمل على منتجات وسلع يُتجر فيها ، فهذه تزكى
زكاة التجارة ، فتقوّم في نهاية الحول ، ويخرج من قيمتها ربع العشر .
وتشتمل على أبنية ومعدات ثابتة لا يراد بيعها ، فهذه لا زكاة
فيها .
قال في "كشاف القناع" (2/244) : " ولا زكاة في آلات الصنّاع ,
وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم ، كالزيات والعسال ، إلا أن يريد
بيعها ، أي القوارير ، بما فيها ، فيزكي الكل ، لأنه مال تجارة " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " إنما تجب الزكاة على أهل
المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة للبيع ، أما الأشياء التي تعد للاستعمال
فلا زكاة فيها ، وهكذا السيارات والفرش والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة ؛
لما روى أبو داود رحمه الله في سننه بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال :
( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع ) " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/186) .
والله أعلم .
*****
658
علاج الغضب
التربية > تربية النفس >(1/7037)
سؤال رقم 658- علاج الغضب
كيف يمكن أن يتحكم الإنسان في أعصابه؟ إنني متضايق جداً وحين أغضب أترك المكان وقد تلوت بعض الأذكار وقلت (لا حول ولا قوة إلا بالله) ولكن لا فائدة. فما الحل؟.
الحمد لله
الغضب نزغة من نزغات الشيطان ، يقع بسببه من السيئات والمصائب مالا يعلمه إلا
الله ، ولذلك جاء في الشريعة ذكرُ واسع لهذا الخلق الذميم ، وورد في السنة النبوية
علاجات للتخلص من هذا الداء وللحدّ من آثاره ، فمن ذلك :
1- الاستعاذة بالله من الشيطان :
عن سليمان بن صرد قال : كنت جالساً مع النبي صلى
الله عليه وسلم ، ورجلان يستبّان ، فأحدهما احمرّ وجهه واتفخت أوداجه ( عروق
من العنق ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه
ما يجد ، لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد رواه البخاري ، الفتح
6/337 ومسلم/2610 .
وقال صلى الله عليه وسلم : إذا غضب الرجل فقال
أعوذ بالله ، سكن غضبه صحيح الجامع الصغير رقم 695 .
2- السكوت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) رواه الإمام أحمد المسند 1/329 وفي صحيح الجامع
693 ، 4027 .
وذلك أن الغضبان يخرج عن طوره وشعوره غالباً فيتلفظ
بكلمات قد يكون فيها كفر والعياذ بالله أو لعن أو طلاق يهدم بيته ، أو سب وشتم
- يجلب له عداوة الآخرين . فبالجملة : السكوت هو الحل لتلافي كل ذلك .
3- السكون : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .
وراوي هذا الحديث أبو ذر رضي الله عنه ، حدثت له
في ذلك قصة : فقد كان يسقي على حوض له فجاء قوم فقال : أيكم يورد على أبي ذر
ويحتسب شعرات من رأسه ؟ فقال رجل أنا فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقّه أي كسره
أو حطّمه والمراد أن أبا ذر كان يتوقع من الرجل المساعدة في سقي الإبل من الحوض
فإذا بالرجل يسيء ويتسبب في هدم الحوض .
، وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له :
يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت ؟ قال فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ....
وذكر الحديث بقصته في مسند أحمد 5/152 وانظر صحيح الجامع رقم 694
وفي رواية كان أبو ذر يسقي على حوضٍ فأغضبه رجل
فقعد .... فيض القدير ، المناوي 1/408 .
ومن فوائد هذا التوجيه النبوي منع الغاضب من التصرفات
الهوجاء لأنه قد يضرب أو يؤذي بل قد يقتل - كما سيرد بعد قليل - وربما أتلف مالاً
ونحوه ، ولأجل ذلك إذا قعد كان أبعد عن الهيجان والثوران ، وإذا اضطجع صار أبعد
ما يمكن عن التصرفات الطائشة والأفعال المؤذية . قال العلامة الخطابي - رحمه
الله - في شرحه على أبي داود : ( القائم متهيء للحركة والبطش والقاعد دونه في
هذا المعنى ، والمضطجع ممنوع منهما ، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم
إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا يبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها
فيما بعد . والله أعلم سنن أبي داود ، ومعه معالم السنن 5/141 .
4- حفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن
أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال لا
تغضب . فردّد ذلك مراراً ، قال لا تغضب رواه البخاري فتح الباري 10/456 .
وفي رواية قال الرجل : ففكرت حين قال النبي صلى
الله عليه وسلم ، ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله مسند أحمد 5/373 .
5- لا تغضب ولك الجنة حديث صحيح : صحيح الجامع
7374 . وعزاه ابن حجر إلى الطبراني ، انظر الفتح 4/465 .
إن تذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب
الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب
، ومما ورد من الأجر العظيم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ومن كظم غيظاً ،
ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة رواه الطبراني
12/453 وهو في صحيح الجامع 176 .
وأجر عظيم آخر في قوله عليه الصلاة والسلام : (
من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم
القيامة حتى يخيره من الحور العين ماشاء رواه أبو داود 4777 وغيره ، وحسنّه
في صحيح الجامع 6518 .
6- معرفة الرتبة العالية والميزة المتقدمة لمن
ملك نفسه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( ليس الشديد
بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) رواه أحمد 2/236 والحديث
متفق عليه .
وكلما انفعلت النفس واشتد الأمر كان كظم الغيظ
أعلى في الرتبة . قال عليه الصلاة والسلام : ( الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد
غضبه ويحمر وجهه ، ويقشعر شعره فيصرع غضبه ) رواه الإمام أحمد 5/367 ، وحسنه
في صحيح الجامع 3859 .
وينتهز عليه الصلاة والسلام الفرصة في حادثة أمام
الصحابة ليوضّح هذا الأمر ، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ بقوم يصطرعون
، فقال : ماهذا ؟ قالوا : فلان الصريع ما يصارع أحداً إلا صرعه قال : أفلا أدلكم
على من هو أشد منه ، رجلٌ ظلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان
صاحبه رواه البزار قال ابن حجر بإسناد حسن . الفتح 10/519 .
7- التأسي بهديه صلى الله عليه وسلم في الغضب :
وهذه السمة من أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، وهو
أسوتنا وقدوتنا ، واضحة في أحاديث كثيرة ، ومن أبرزها : عن أنس رضي الله عنه
قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه بُرد نجراني غليظ الحاشية
، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة ، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله
عليه وسلم ( ما بين العنق والكتف ) وقد أثرت بها حاشية البرد ، ثم قال : يا محمد
مُر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم فضحك ،
ثم أمر له بعطاء متفق عليه فتح الباري 10/375 .. ومن التأسي بالنبي صلى
الله عليه وسلم أن نجعل غضبنا لله ، وإذا انتهكت محارم الله ، وهذا هو الغضب
المحمود فقد غضب صلى الله عليه وسلم لما أخبروه عن الإمام الذي يُنفر الناس من
الصلاة بطول قراءته ، وغضب لما رأى في بيت عائشة ستراً فيه صور ذوات أرواح ،
وغضب لما كلمه أسامة في شأن المخزومية التي سرقت ، وقال : أتشفع في حد من حدود
الله ؟ وغضب لما سُئل عن أشياء كرهها ، وغير ذلك . فكان غضبه صلى الله عليه وسلم
لله وفي الله .
8- معرفة أن رد الغضب من علامات المتقين :
وهؤلاء الذين مدحهم الله في كتابه ، وأثنى عليهم
رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وأعدت لهم جنات عرضها السماوات والأرض ، ومن صفاتهم
أنهم : { ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله
يحب المحسنين } وهؤلاء الذين ذكر الله من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم
، ماتشرئبّ الأعناق وتتطلع النفوس للحوق بهم ، ومن أخلاقهم أنهم : { إذا ما غضبوا
هم يغفرون } .
9- التذكر عند التذكير :
الغضب أمر من طبيعة النفس يتفاوت فيه الناس ، وقد
يكون من العسير على المرء أن لا يغضب ، لكن الصدّيقين إذا غضبوا فذكروا بالله
ذكروا الله ووقفوا عند حدوده ، وهذا مثالهم .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً استأذن على
عمر رضي الله عنه فأذن له ، فقال له : يا ابن الخطاب والله ما تعطينا الجزل (
العطاء الكثير ) ولا تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر رضي الله عنه حتى همّ أن يوقع
به ، فقال الحر بن قيس ، ( وكان من جلساء عمر ) : يا أمير المؤمنين إن الله عز
وجل قال لنبيه ، صلى الله عليه وسلم : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين
) وإن هذا من الجاهلين ، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاها عليه ،
وكان وقافاً عند كتاب الله عز وجل رواه البخاري الفتح 4/304 . فهكذا
يكون المسلم ، وليس مثل ذلك المنافق الخبيث الذي لما غضب أخبروه بحديث النبي
صلى الله عليه وسلم وقال له أحد الصحابة تعوذ بالله من الشيطان ، فقال لمن ذكره
: أترى بي بأس أمجنون أنا ؟ اذهب رواه البخاري فتح 1/465 . نعوذ بالله
من الخذلان .
10- معرفة مساوئ الغضب :
وهي كثيرة ، مجملها الإضرار بالنفس والآخرين ،
فينطلق اللسان بالشتم والسب والفحش وتنطلق اليد بالبطش بغير حساب ، وقد يصل الأمر
إلى القتل ، وهذه قصة فيها عبرة : عن علقمة بن وائل أن أباه رضي الله عنه حدّثه
قال : إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ( حبل
مضفور ) فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
، أقتلته ؟ قال : نعم قتلته . قال : كيف قتلته ؟ قال : كنت أنا وهو نختبط ( نضرب
الشجر ليسقط ورقه من أجل العلف ) من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على
قرنه ( جانب الرأس ) فقتلته ... إلى آخر القصة رواه مسلم في صحيحه 1307 ترتيب
عبد الباقي .
وقد يحصل أدنى من هذا فيكسر ويجرح ، فإذا هرب المغضوب
عليه عاد الغاضب على نفسه ، فربما مزق ثوبه ، أو لطم خده ، وربما سقط صريعاً
أو أغمي عليه ، وكذلك قد يكسر الأواني ويحطم المتاع .
ومن أعظم الأمور السيئة التي تنتج عن الغضب وتسبب
الويلات الاجتماعية وانفصام عرى الأسرة وتحطم كيانها ، هو الطلاق . واسأل أكثر
الذين يطلقون نساءهم كيف طلقوا ومتى ، فسينبئونك : لقد كانت لحظة غضب .
فينتج عن ذلك تشريد الأولاد ، والندم والخيبة ،
والعيش المرّ ، وكله بسبب الغضب . ولو أنهم ذكروا الله ورجعوا إلى أنفسهم ، وكظموا
غيظهم واستعاذوا بالله من الشيطان ما وقع الذي وقع ولكن مخالفة الشريعة لا تنتج
إلا الخسارة .
وما يحدث من الأضرار الجسدية بسبب الغضب أمر عظيم
كما يصف الأطباء كتجلّط الدم ، وارتفاع الضغط ، وزيادة ضربات القلب ، وتسارع
معدل التنفس ، وهذا قد يؤدي إلى سكته مميتة أو مرض السكري وغيره . نسأل الله
العافية .
11- تأمل الغاضب نفسه لحظة الغضب .
لو قدر لغاضب أن ينظر إلى صورته في المرآة حين
غضبه لكره نفسه ومنظره ، فلو رأى تغير لونه وشدة رعدته ، وارتجاف أطرافه ، وتغير
خلقته ، وانقلاب سحنته ، واحمرار وجهه ، وجحوظ عينيه وخروج حركاته عن الترتيب
وأنه يتصرف مثل المجانين لأنف من نفسه ، واشمأز من هيئته ومعلوم أن قبح الباطن
أعظم من قبح الظاهر ، فما أفرح الشيطان بشخص هذا حاله ! نعوذ بالله من الشيطان
والخذلان .
الدعاء :
هذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من
الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو
الظلم بسبب الغضب ، ولأن من الثلاث المنجيات : العدل في الرضا والغضب صحيح
الجامع 3039 وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام : ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك
على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي
، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب
، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ،
وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، أسألك لذة النظر إلى وجهك
والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرّ ة ولا فتنة مضلّة الله زينا بزينة الإيمان
واجعلنا هداة مهتدين .
والحمد لله رب العالمين .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
65803
هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/7038)
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/7039)
سؤال رقم 65803- هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل ؟
نحن في بلد غربي أي : لا يهتم بالصيام والصائمين ، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة ، أي : سنة تطبيقية في ميدان العمل ، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة ، ومكان مكتظ بالمرضى ، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب ، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من 48 ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة ، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا ، كما أن مدة العمل 12 ساعة متواصلة ، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته .
الحمد لله
الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة
، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر ، وقد يحصل للإنسان أثناء
الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل ، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان
فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض ، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً
أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر ، وعليه القضاء فيما بعد .
لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا
كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه ،
أو تغييره إلى ما هو أسهل .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على
كل مكلف وركن من أركان الإسلام ، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض
الله عليه ، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا ، ودون أن
يؤثر دنياه على أخراه ، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله
لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً ، ففي المثال
المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه ، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من
عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب ، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع
بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته ، فالعمل كثير ، وطرق كسب
المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة ، ولن يعدم المسلم وجهاً من
وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله
، ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً . ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله
فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ) الطلاق/2، 3 .
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن
تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه
فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون
فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة ، قال الله تعالى : ( ومن يهاجر
في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ) النساء/100 ، وقال تعالى : ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا
حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر/ 10 .
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال
من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون
وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 234 – 236 ) .
وسئلوا – أيضاً - : عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً
وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر ؟
فأجابوا :
" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر ، بل الواجب عليه الصيام ، وكونه
يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر ، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 10 / 238 ) .
والله أعلم .
*****
65847
أركان الصلاة وواجباتها وسننها
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > واجبات الصلاة >(1/7040)
سؤال رقم 65847- أركان الصلاة وواجباتها وسننها
ما هي سنن الصلاة ؟.
الحمد لله
سنن الصلاة كثيرة ، منها القولية ، ومنها الفعلية . والمقصود
بالسنن : ما عدا الأركان والواجبات .
وقد أوصل بعض الفقهاء السنن القولية إلى سبع عشرة سنة ، والسنن
الفعلية إلى خمس وخمسين سنة . ولا تبطل الصلاة بترك شئ من السنن ، ولو عمدا . بخلاف
الأركان والواجبات .
والفرق بين الركن والواجب : أن الركن لا يسقط عمدا ولا سهوا ، بل
لابد من الإتيان به .
أما الواجب : فيسقط بالنسيان ، ويجبر بسجود السهو .
ولعل من المناسب هنا أن نذكر أركان الصلاة وواجباتها ، ثم شيئاً
من سننها ، معتمدين في ذلك على ما في متن "دليل الطالب" وهو مختصر مشهور عند فقهاء
الحنابلة :
أولا : أركان الصلاة ، وهي أربعة عشر ركناً ، كما يلي :
1- أحدها القيام في الفرض على القادر .
2- تكبيرة الإحرام وهي الله أكبر .
3- قراءة الفاتحة .
4- الركوع ، وأقله أن ينحني بحيث يمكنه مس ركبتيه بكفيه ، وأكمله
أن يمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حياله .
5- الرفع منه .
6- الاعتدال قائما .
7- السجود ، وأكمله تمكين جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف
أصابع قدميه من محل سجوده . وأقله وضع جزء من كل عضو .
8- الرفع من السجود .
9- الجلوس بين السجدتين . وكيف جلس كفى ، والسنة أن يجلس مفترشا
على رجله اليسرى وينصب اليمنى ويوجهها إلى القبلة .
10- الطمأنينة وهي السكون في كل ركن فعلي .
11- التشهد الأخير .
12- الجلوس له وللتسليمتين .
13- التسليمتان ، وهو أن يقول مرتين : السلام عليكم ورحمة الله ،
ويكفي في النفل تسليمة واحدة ، وكذا في الجنازة .
14- ترتيب الأركان كما ذكرنا ، فلو سجد مثلا قبل ركوعه عمدا بطلت
، وسهواً لزمه الرجوع ليركع ثم يسجد .
ثانيا : واجبات الصلاة ، وهي ثمانية ، كما يلي :
1- التكبير لغير الإحرام .
2- قول : سمع الله لمن حمده للإمام وللمنفرد .
3- قول : ربنا ولك الحمد .
4- قول : سبحان ربي العظيم مرة في الركوع .
5- قول : سبحان ربي الأعلى مرة في السجود .
6- قول : رب اغفر لي بين السجدتين .
7- التشهد الأول .
8- الجلوس للتشهد الأول .
ثالثا : سنن الصلاة القولية ، وهي إحدى عشرة سنة ، كما يلي :
1- قوله بعد تكبيرة الإحرام : " سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك
اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك " ويسمى دعاء الاستفتاح .
2- التعوذ .
3- البسملة .
4- قول : آمين .
5- قراءة السورة بعد الفاتحة .
6- الجهر بالقراءة للإمام .
7- قول غير المأموم بعد التحميد : ملء السماوات ، وملء الأرض ،
وملء ما شئت من شيء بعد . (والصحيح أنه سنة للمأمون أيضاً) .
8- ما زاد على المرة في تسبيح الركوع . أي التسبيحة الثانية
والثالثة وما زاد على ذلك .
9- ما زاد على المرة في تسبيح السجود .
10- ما زاد على المرة في قوله بين السجدتين : رب اغفر لي .
11- الصلاة في التشهد الأخير على آله عليهم السلام ، والبركة
عليه وعليهم ، والدعاء بعده .
رابعا : سنن الأفعال ، وتسمى الهيئات :
1- رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام .
2- وعند الركوع .
3- وعند الرفع منه .
4- وحطهما عقب ذلك .
5- وضع اليمين على الشمال .
6- نظره إلى موضع سجوده .
7- تفرقته بين قدميه قائما .
8- قبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه ، ومد ظهره فيه ،
وجعل رأسه حياله .
9- تمكين أعضاء السجود من الأرض ومباشرتها لمحل السجود سوى
الركبتين فيكره .
10- مجافاة عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ،
وتفريقه بين ركبتيه ، وإقامة قدميه ، وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقةً ، ووضع
يديه حذو منكبيه مبسوطةً مضمومةَ الأصابع .
11- الافتراش في الجلوس بين السجدتين ، وفي التشهد الأول ،
والتورك في الثاني .
12- وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين
السجدتين ، وكذا في التشهد إلا أنه يقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع
الوسطى ويشير بسبابتها عند ذكر الله .
13- التفاته يمينا وشمالا في تسليمه .
وفي بعض هذه الأمور خلاف بين الفقهاء ، فقد يكون الفعل الواجب
عند أحدهم مسنونا عند الآخر ، وهذا مبسوط في كتب الفقه .
والله أعلم .
*****
65941
تأخير صلاة الفجر قرب شروق الشمس
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/7041)
سؤال رقم 65941- تأخير صلاة الفجر قرب شروق الشمس
ما حكم تأخير إقامة صلاة الفجر حتى قرب الشروق وليس في وقتها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الصلوات الخمس لها وقت محدد : أوله وآخره ، يجب أداء الصلاة فيه
، قال الله تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً
مَوْقُوتاً ) النساء/103 .
" أي مفروضاً في وقته .
فدل ذلك على فرضيتها وأن لها وقتاً لا تصح إلا به ، وهو هذه
الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، وأخذوا ذلك
عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : (صلوا كما رأيتموني أصلي ) " انتهى من تفسير السعدي (ص 204) .
وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر من الكبائر ، وقد توعد الله
تعالى عليه بقوله : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ
سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : الذين يؤخرونها عن
أوقاتها . انظر تفسير القرطبي (20/211) .
ثانياً :
وقد سبق في جواب السؤال ( 9940 )
بيان أوقات الصلوات الخمس .
ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ
مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ ) . رواه مسلم (612) .
فإذا صلاها في هذا الوقت فقد صلاها في وقتها ، وعلى هذا ، فما
جاء في السؤال من أن الصلاة قرب الشروق لا تكون في وقتها ليس صحيحاً ، بل وقت صلاة
الصبح ممتد إلى شروق الشمس .
ثانياً :
قد يكون السائل أراد الإشارة إلى بعض الناس الذين يؤخرون صلاة
الفجر حتى يتيقنوا أو يغلب على ظنهم دخول وقتها ، وذلك نظراً لما قيل من خطأ
التقاويم الموجودة الآن في تحديد وقت صلاة الفجر .
غير أن هذا الخطأ لا يصل إلى هذا الحد ، بل قدره بعض العلماء بـ
(20) إلى (30) دقيقة .
راجع السؤال ( 26763 ) .
ثالثاً :
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي الفجر قبل ظهور
ضوء النهار ، وقد دل على ذلك عدة أحاديث .
1- روى البخاري (560) ومسلم (646) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ
بِغَلَسٍ .
2- وروى البخاري (872) ومسلم (645) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ
بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفْنَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ أَوْ
لا يَعْرِفُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا .
" الغَلَس : ظلمة آخر الليل ، كما في القاموس ، وهو أول الفجر " انتهى من "سبل السلام" .
وقال النووي :
" قَوْله : ( مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَس ) هُوَ بَقَايَا
ظَلام اللَّيْل . قَالَ الدَّاوُدِيّ : مَعْنَاهُ مَا يُعْرَفْنَ أَنِسَاء هُنَّ
أَمْ رِجَال " انتهى من شرح مسلم للنووي .
3- وروى ابن ماجه (671) عن مُغِيث بْن سُمَيٍّ قَالَ : صَلَّيْتُ
مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ ، فَلَمَّا سَلَّمَ
أَقْبَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ ، فَقُلْتُ : مَا هَذِهِ الصَّلاةُ ! قَالَ : هَذِهِ
صَلاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ .
صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
فهذه الأحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي
الصبح في أول وقتها .
وقال ابن قدامة في "المغني" (1/540) :
" وَأَمَّا صَلاةُ الصُّبْحِ فَالتَّغْلِيسُ بِهَا أَفْضَلُ ,
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَعُمَرَ بْنِ
عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ " انتهى .
*****
66063
هل حفظ القرآن أفضل أم قراءته في رمضان؟
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/7042)
سؤال رقم 66063- هل حفظ القرآن أفضل أم قراءته في رمضان؟
هل حفظ القرآن أفضل أم قراءته في رمضان ؟.
الحمد لله
قراءة القرآن في رمضان من أجل الأعمال وأفضلها ، فرمضان هو شهر
القرآن ، قال الله تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) البقرة/185 .
وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان
فيدارسه القرآن . رواه البخاري (5) ومسلم (4268) .
وروى البخاري (4614) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن
جبريل (كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ
كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ
فِيهِ ) .
فيؤخذ من هذا استحباب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته
في رمضان .
انظر السؤال ( 50781 ) .
ويؤخذ منه استحباب ختمه كذلك ، لأن جبريل عليه السلام كان يعرض
القرآن كاملاً على النبي صلى الله عليه وسلم .
انظر : "فتاوى الشيخ ابن باز" (11/331) .
وكل من الحفظ والمراجعة هو قراءة وزيادة ، لأنه لن يحفظ أو يراجع
إلا بعد تكرار قراءة الآية عدة مرات ، وله بكل حرف عشر حسنات .
وعلى هذا يكون اهتمامه بالحفظ والمراجعة أولى .
وقد دلّت السنة إذاً على :
1- مراجعة الحفظ .
2- المدارسة .
3- التلاوة . وهي حاصلة مما سبق .
وينبغي في مثل هذه الحال أن يختم القرآن ، ولو مرّة واحدة في
الشهر ، ثم يفعل الأنسب لحاله بعد ذلك : إما أن يكثر من التلاوة وختم القرآن أو
يهتم بالمراجعة ، أو الحفظ الجديد ويراعي الأصلح لقلبه ، فقد يكون الأصلح له الحفظ
أو القراءة أو المراجعة ، فإن المقصود من القرآن هو قراءته وتدبره والتأثر به
والعمل بما فيه .
فعلى المؤمن أن يتعاهد قلبه ، وينظر الأصلح له فيفعله .
والله أعلم .
*****
66202
هل يلزم الإمساك عن الأكل والشرب بمجرد سماع أذان للفجر؟
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >(1/7043)
سؤال رقم 66202- هل يلزم الإمساك عن الأكل والشرب بمجرد سماع أذان للفجر؟
ما حكم تناول الطعام أثناء أذان الفجر ؟ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا أقيمت الصلاة والإناء في يد أحدكم فلا يدعه حتى يقضي حاجته ) .
الحمد لله
أولاً :
الحديث الذي ذكره السائل لم يرو بهذا اللفظ ، ولفظه : عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا
يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ ) رواه أحمد (10251) وأبو داود
(2350) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . وسيأتي معناه عند العلماء
.
ثانياً :
يلزم الصائم الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق ، إلى
غروب الشمس . فالعبرة بطلوع الفجر ، لا بالأذان . قال الله تعالى : ( وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) البقرة/187 . فمن تيقن طلوع
الفجر الصادق لزمه الإمساك ، وإن كان في فمه طعام لزمه أن يلفظه ، فإن لم يفعل فسد
صومه .
وأما من لم يتيقن طلوع الفجر ، فله أن يأكل حتى يتيقن . وكذا لو
علم أن المؤذن يؤذن قبل الوقت ، أو شك أنه يؤذن في الوقت أو قبله ، فله أن يأكل حتى
يتيقن ، والأولى له أن يُمسك بمجرد سماع الأذان .
وأما الحديث المذكور ، فحمله العلماء على أن المؤذن كان يؤذن قبل
طلوع الفجر .
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/333) :
" ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه (فمه) طعام فليلفظه ويتم صومه ,
فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه , وهذا لا خلاف فيه , ودليله حديث ابن عمر
وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ بِلالا
يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
) رواه البخاري ومسلم , وفي الصحيح أحاديث بمعناه .
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا
يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ ) وفي رواية : ( وكان المؤذن يؤذن إذا
بزغ الفجر ) فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الأولى , وقال : هذا صحيح على شرط
مسلم , ورواهما البيهقي ، ثم قال : وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه
صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر .
قال : وقوله : ( إذا بزغ ) يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة ، أو يكون خبراً
عن الأذان الثاني , ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا سَمِعَ
أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ ) خبراً عن النداء الأول ، ليكون
موافقا لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم . قال : وعلى هذا تتفق الأخبار . وبالله
التوفيق , والله أعلم " انتهى .
وذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن أن بعض السلف أخذ بظاهر
الحديث الوارد في السؤال ، وأجازوا الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر ، ثم قال :
" وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى اِمْتِنَاع
السُّحُور بِطُلُوعِ الْفَجْر , وَهُوَ قَوْل الأَئِمَّة الأَرْبَعَة , وَعَامَّة
فُقَهَاء الأَمْصَار , وَرَوَى مَعْنَاهُ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس . وَاحْتَجَّ
الأَوَّلُونَ بِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَكُلُوا
وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم , وَلَمْ يَكُنْ يُؤَذِّن إِلا
بَعْد طُلُوع الْفَجْر ) كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ , وَفِي بَعْض الرِّوَايَات : (
وَكَانَ رَجُلا أَعْمَى لا يُؤَذِّن حَتَّى يُقَال لَهُ : أَصْبَحْت أَصْبَحْت ) .
. . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى
يَتَبَيَّن لَكُمْ الْخَيْط الأَبْيَض مِنْ الْخَيْط الأَسْوَد مِنْ الْفَجْر ) ,
وَبِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم ) , وَبِقَوْلِهِ : ( الْفَجْر فَجْرَانِ ,
فَأَمَّا الأَوَّل فَإِنَّهُ لا يُحَرِّم الطَّعَام ، وَلا يُحِلّ الصَّلاة ,
وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّم الطَّعَام ، وَيُحِلّ الصَّلاة ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنه " انتهى
وقد وردت آثار عن بعض السلف ، تدل على إباحة الأكل للصائم ، حتى
يتيقن طلوع الفجر ، وأورد ابن حزم رحمه الله منها جملة كثيرة ، ومنها : ( أن عمر بن
الخطاب كان يقول : إذا شك الرجلان في الفجر فليأكلا حتى يستيقنا ...
عن ابن عباس قال : أحل الله الشراب ما شككت ; يعني في الفجر . .
.
وعن مكحول قال : رأيت ابن عمر أخذ دلوا من زمزم وقال لرجلين :
أطلع الفجر ؟ قال أحدهما : قد طلع , وقال الآخر : لا ; فشرب ابن عمر)
وقال ابن حزم معلقا على الحديث المسئول عنه وجملة من الآثار
المشابهة : " هذا كله على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد ; فبهذا تتفق السنن مع
القرآن " انتهى من المحلى (4/367) .
ولاشك أن أكثر المؤذنين اليوم يعتمدون على الساعات والتقاويم ،
لا على رؤية الفجر ، وهذا لا يعتبر يقينا في أن الفجر قد طلع ، فمن أكل حينئذ ،
فصومه صحيح ، لأنه لم يتيقن طلوع الفجر ، والأولى والأحوط أن يمسك عن الأكل .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ما نصه : ما الحكم
الشرعي في صيام من سمع أذان الفجر واستمر في الأكل والشرب ؟
فأجاب : " الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات من الأكل
والشرب وغيرهما إذا تبين له طلوع الفجر ، وكان الصوم فريضة كرمضان وكصوم النذر
والكفارات ؛ لقول الله عز وجل : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . فإذا سمع الأذان
وعلم أنه يؤذن على الفجر وجب عليه الإمساك . فإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر ،
لم يجب عليه الإمساك ، وجاز له الأكل والشرب حتى يتبين له الفجر .
فإن كان لا يعلم حال المؤذن هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر ، فإن
الأولى والأحوط له أن يمسك إذا سمع الأذان ، ولا يضره لو شرب أو أكل شيئا حين
الأذان لأنه لم يعلم بطلوع الفجر .
ومعلوم أن من كان داخل المدن التي فيها الأنوار الكهربائية لا
يستطيع أن يعلم طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر ، ولكن عليه أن يحتاط بالعمل
بالأذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة ، عملا بقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ ) وقوله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ) والله
ولي التوفيق " انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود (ص 201) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه : ( قلتم حفظكم الله إنه
يجب الإمساك بمجرد سماع المؤذن ويحدث ومن عدة سنوات أنهم لا يمسكون عن الطعام حتى
نهاية الأذان ، فما حكم عملهم هذا ؟
فأجاب فضيلته بقوله : الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع
الفجر أو قبله ، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع
النداء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ
بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ،
فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) . فإذا كنت تعلم أن هذا المؤذن
لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر فأمسك بمجرد أذانه ، أما إذا كان المؤذن يؤذن بناء على
ما يعرف من التوقيت ، أو بناء على ساعته فإن الأمر في هذا أهون .
وبناء على هذا نقول لهذا السائل : إن ما مضى لا يلزمكم قضاؤه ،
لأنكم لم تتيقنوا أنكم أكلتم بعد طلوع الفجر ، لكن في المستقبل ينبغي للإنسان أن
يحتاط لنفسه ، فإذا سمع المؤذن فليمسك ) انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" (ص
204) .
وقال الشيخ رحمه الله منبها على ما يقال عن التقويم وعدم دقته :
( لأن بعض الناس الآن يشككون في التقويم الموجود بين أيدي الناس ، يقولون : إنه
متقدم على طلوع الفجر ، وقد خرجنا إلى البر وليس حولنا أنوار ، ورأينا الفجر يتأخر
، حتى بالغ بعضهم وقال : يتأخر ثلث ساعة .
لكن الظاهر أن هذا مبالغة لا تصح ، والذي نراه أن التقويم الذي
بين أيدي الناس الآن فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصة ، يعني لو أكلت وهو يؤذن
على التقويم فلا حرج ، إلا إذا كان المؤذن يحتاط ويتأخر ، فبعض المؤذنين جزاهم الله
خيرا يحتاطون ولا يؤذنون إلا بعد خمس دقائق من التوقيت الموجود الآن ، وبعض جهال
المؤذنين يتقدمون في أذان الفجر ، زعما منهم أن هذا أحوط للصوم ، لكنهم ينسون أنهم
يهملون ما هو أشد من الصوم وهو صلاة الفجر ، ربما يصلي أحد قبل الوقت بناء على
أذانهم ، والإنسان إذا صلى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام ، ما صحت صلاته ...) من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ج 19 سؤال رقم 772) .
والله أعلم .
*****
6666
هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال
الفقه > معاملات > الإجارة > عمل المرأة >(1/7044)
سؤال رقم 6666- هل تستمرّ في عمل تختلط فيه بالرجال
السؤال : أنا مسلمة ، أبلغ من العمر 31 عاما ، وقد تلقيت أساسيات عن الإسلام لكن بطريقة غربية عموما - فقد تعلمت في الخارج في جامعة أوروبية ، وعملت بعد ذلك في شركة عالمية كبيرة تتبنى الطريقة المعروفة بسبيل الكفاءات! Career path. وقد دأب والداي وأسلوب الحياة التي رُبيت بها على تشجيع طريقة الحياة هذه . وعلاوة على ذلك ، فأنا أعول عائلتي لأنهما (والدي ووالدتي) لا يعملان حاليا . وأنا أعيش الآن بمفردي في بلد غربي لا عرب فيه ولا مسلمون . وحيث أني نشأت نشأة إسلامية ، فأنا أجد نفسي منعزلة عن المجتمع من حولي فأنا لا أرغب في حضور الحفلات أو الذهاب إلى البارات أو الخروج في مواعيد مع رجال ...الخ
والخياران المتوفران أمامي هما : أما أن أعود إلى البيت وأعيش تحت مظلة الأب والأم وأبحث عن أي عمل يشغلني وإذا كنت محظوظة فسأجد شخصا أتزوج به. وسيعني ذلك التضحية بالدخل لفترة محددة على الأقل مما سيؤثر سلبا على عائلتي بالإضافة على التضحية بالمنصب المرموق في الشركة التي أعمل فيها . أو يكون الخيار الثاني وهو الاستمرار في الوظيفة وأعيش على أمل أن أجد مسلما صالحا يوما ما يساعدني في أن أعيش حياة إسلامية.
ما هو رأي الإسلام حول هذا الموضوع ؟
الجواب :
1. إن الخيارين المطروحين من قِبَل الأخت السائلة هما خياران بين الصواب والخطأ وبين الحلال والحرام .
لذا فإننا لا يمكن لنا أن نشير على أختنا السائلة إلا بحفظ رأس مالها وهو دينها وعفافها وأن تظلّ بين أهلها تحافظ على نفسها وتكون بين من يحميها ، ولعل الله أن ييسر لها عملاً شرعياً وزوجاً صالحاً ، ونبشرها بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه " - صححه الشيخ الألباني رحمه الله في " حجاب المرأة المسلمة " ( ص 49 ) .
2. فكم من أخ وأخت تركوا ما هم عليه من الأعمال والبيئات وقد كانوا يكسبون فيها المال الوفير، فما هو أن تركوا ذلك لله تعالى بعد علمهم بما هم عليه من المخالفات : حتى فتح الله لهم طرقاً كثيرة في الرزق ، ووسَّع الله عليهم ، وهدى قلوبهم لأحسن مما كانوا عليه .
ونذكر الأخت السائلة بوالديها ، وأن بقاءها بجانبهما والقيام على رعايتهما أفضل بكثير من الفراق لهما ، ولا تهتم بما يريدانه منها من العمل غير الشرعي ، فالعامة يحرصون على الدنيا ، وقد لا يخطر ببالهم المحاذير الشرعية التي تحيط بعمل بناتهم وأولادهم .
3. وأما السعي في هذه الدنيا الفانية على حساب الدين فهذا لا نرضاه لأخواتنا وبناتنا ولا للأخت السائلة .
4. ولا عليكِ من كون الشركة عالمية أو أن معاشها مغرٍ ، فإن ذلك لا يساوى شيئاً إذا كان في سخط الله تعالى ، ويكفي أن معك رجال أجانب في العمل ، فضلا عن كونك في بلدٍ ليس فيه مسلمون ، ثمّ قد تسافرين بغير محرم إلى بلاد الكفّار وتقيمين بينهم وقد تسكنين في بيت بمفردك وفي ذلك من الخطر على الدّين والنّفس والعرض ما لا يخفى وقد دلّت النصوص الشرعيّة على حرمة اختلاط النساء بالرجال وسفر المرأة بغير محرم والإقامة بين ظهراني الكفّار .
5. وانعزالك الذي تحدّثت عنه قد لا يدوم كثيراً بسبب كثرة المغريات ، وقلة المعين والناصح.
وطريق الشر يبدأ بخطوة ، فإذا سلكه الإنسان قد يصعب عليه التفكير بنفسه وآخرته .
ومن فضل الله عليكِ أنك تريدين النصيحة ومعرفة الحكم الشرعي ، فلا تأسفي على الدنيا والشيء اليسير يكفي القانع ، لكنه الطمع الذي يهلك ، ولا يبقي عقلا للتفكير ، ولا ورعاً في السؤال .
5. ليس هناك ما يمنع من أن تبحثي عن عمل شرعيّ وخصوصا أنّ بعض الشركات توظّف أشخاصا في البيوت يقومون بأعمال عبر شبكة الإنترنت وقد يكون هذا بديلا شرعيا وجيدا للنساء المسلمات .
= ونسأل الله تعالى أن يأخذ بيدكِ لما فيه نفعك ، وأن يحفظ عليكِ دينكِ ، هو ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
67586
قراءة القرآن مع الإخلال بنطق بعض الحروف كالثاء والذال
القرآن وعلومه >(1/7045)
سؤال رقم 67586- قراءة القرآن مع الإخلال بنطق بعض الحروف كالثاء والذال
هل تجوز قراءة القرآن المجيد على طريقة أهل بعض البلاد غير العربية في نطق الحروف ؟ فمثلا هم يلفظون بالحرف (ث) وكأنه (س) ، والحرف (ذ) وكأنه (ز) إلى غير ذلك .
الحمد لله
يجب قراءة القرآن الكريم بحروفه التي أنزله الله بها ، قراءةً
عربية صحيحة ، كما قال سبحانه : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء/192-195 . وقال تعالى
: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يوسف/2 .
ولا يجوز لأحد أن يتعمد تبديل حرف منه بحرف ، مع قدرته على النطق
بالحرف الصحيح ، وهذا من اللحن الجلي الذي يأثم صاحبه .
ومن وجد صعوبة في النطق بالحرف الصحيح - كأهل البلاد الذين لا
توجد في لغتهم بعض الحروف العربية كالثاء والذال والخاء - فهؤلاء يلزمهم تعلم النطق
الصحيح ، فإن عجزوا عنه فهم معذورون ، لكن لا يُقتدى بهم في ذلك ، وينبغي دعوتهم
إلى بذل الجهد في التعلم والتصحيح ، كما لا ينبغي تقديم أحدهم للإمامة ، إلا أن يؤم
أمثاله ممن لا يحسن النطق .
قال ابن الجزري رحمه الله : " فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى
باللفظ الصحيح العربي الفصيح ، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح ،
استغناءً بنفسه ، واستبداداً برأيه وحدْسه واتكالاً على ما ألِفَ من حفظه ،
واستكباراً عن الرجوع إلى عالمٍ يوقفه على صحيح لفظه ، فإنه مقصر بلا شك ، وآثم بلا
ريب ، وغاش بلا مرية ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة :
لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
أما من كان لا يطاوعه لسانه ، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب
بيانه ، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها " انتهى من "النشر في القراءات
العشر" (1/299) .
وينبغي أن يُعلم أن الله تعالى قد يسر حفظ القرآن وتلاوته ، كما
قال : ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر ٍ) القمر/17 .
ولهذا نرى كثيراً من إخواننا في البلاد المشار إليها يجيدون
النطق بالحروف إجادة لا تقل عن إجادة إخوانهم من أهل العربية ، فينبغي الاجتهاد في
تعلم النطق الصحيح وتجويد القرآن وعدم اليأس من ذلك .
والله الموفق .
*****
67614
يعاني من مرض جلدي في شفته فكيف يتوضأ
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
الفقه > عبادات > الطهارة > التيمم >(1/7046)
سؤال رقم 67614- يعاني من مرض جلدي في شفته فكيف يتوضأ
منذ 6 سنوات وأنا أعاني من مشاكل جلدية في شفتي . فإذا تعرضت للماء ، فإنها تتشقق كثيرا ، ويتغير لونها إلى الأبيض . ولذلك فإني أجد مشقة في الوضوء .
فهل يجوز لي التيمم والحال ما ذكر ؟.
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك .
ثانيا :
إذا كانت شفتك تتضرر باستعمال الماء في الوضوء ، فيلزمك أن تغسل
ما استطعت من وجهك ، مع بقية أعضاء الوضوء ، ثم تتيمم بدلاً عما تركته من المضمضة
وغسل الشفة وما قاربها . لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
ولك أن تتيمم قبل الوضوء أو بعده .
وأما ترك الوضوء بالكلية ، والاكتفاء بالتيمم ، فلا يجوز ، بل
يجب الجمع هنا بين غسل الأعضاء الصحيحة ، والتيمم .
وما قيل في الوضوء يقال في الغسل ، فيلزمك غسل بدنك وما استطعت
من وجهك ، مع التيمم .
قال في "زاد المستقنع" : " ومن جُرح تيمم له ، وغسل الباقي " انتهى .
أي : من جُرح ولم يستطع غسل موضع الجرح فإنه يتيمم له ، ويغسل
باقي أعضائه الصحيحة .
والأصل في ذلك أن من به جرح أو حرق أو علة ، في عضو من أعضاء
وضوئه ، فله أربع مراتب :
" الأولى : أن يكون مكشوفا ولا يضره الغَسل ، فيجب عليه غسله .
الثانية : أن يكون مكشوفا ، ويضره الغَسل ، دون المسح ، فيلزمه
المسح .
الثالثة : أن يكون مكشوفا ويضره الغَسل والمسح ، فهنا يتمم للجرح
، مع غسل بقية أعضاء الوضوء .
الرابعة : أن يكون مستورا بلزقة أو شبهها محتاج إليها ، فيمسح
على الساتر ، ويتم وضوؤه ، ولا يتيمم " .
"فتاوى أركان الإسلام" للشيخ ابن عثيمين (ص 234) بتصرف .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن توضأ وبيده جرح لا يصله الماء
، ونسي أن يتيمم عنه ، وصلى ، فأجاب :
" إذا كان في موضع من مواضع الوضوء جرح لا يمكن غسله ولا مسحه ؛
لأن ذلك يؤدي إلى أن هذا الجرح يزداد أو يتأخر برؤه ، فالواجب على هذا الشخص هو
التيمم ، فمن توضأ تاركا موضع الجرح ، ودخل في الصلاة وذكر في أثنائها أنه لم يتيمم
، فإنه يتيمم ويستأنف الصلاة ؛ لأن ما مضى من صلاته قبل التيمم غير صحيح ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/197) .
*****
67652
هل يجب على الأم العدل في العطية بين أولادها ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/7047)
سؤال رقم 67652- هل يجب على الأم العدل في العطية بين أولادها ؟
كنت أعطي والدتي ألف ريال شهريا رغم عدم احتياجها للمال ، وكان ذلك محاولة مني لرد جزء يسير من معروف الوالدين ، وكانت تدخر هذا المبلغ ، وبعد فترة بدأت في بناء منزل خاص بي وأصبحت في حاجة إلى المال ، فأوقفت هذا المبلغ الشهري ، ثم اقترحت والدتي أن أقتسم المال الذي يخصها أنا وأختي ( متزوجة ) ، حيث إن حالتها المادية ليست ميسورة ، مع العلم أنه لي أخ وأخت غير أختي هذه ( متزوجة أيضاً ) ، وهما يعيشان في رغد وبحبوبة .
والسؤال :
هل يجوز لي أنا وأختي المحتاجة أن نقتسم هذا المال دون إعطاء الأخ الوحيد والأخت الأخرى ؟ وإذا كان لا يجوز فكيف لوالدتي أن تقسم هذا المال ؟.
الحمد لله
أولاً :
أوجب الله تعالى العدل بين الأولاد ذكورهم وإناثهم في العطية .
فعن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : إني نحلتُ
( أي : وهبت ) ابني هذا غلاماً ، فقال : أكلَّ ولدك نحلتَ مثلَه
؟ قال : لا ، قال : فارجعه .
رواه البخاري (2446) ومسلم (1623) .
وإذا فضل الوالد بعض أولاد ه بالعطية فالواجب عليه العدل بينهم ،
وذلك بأحد أمرين : أما أن يسترد الهدية ، وإما أن يعطي الآخرين حتى يعدل بينهم .
انظر "الموسوعة الفقهية" (11/359) .
ثانياً :
" وَالأُمُّ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ
الأَوْلادِ كَالأَبِ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا
اللَّهِ , وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ ) . وَلأَنَّهَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ
, فَمُنِعَتْ التَّفْضِيلَ كَالأَبِ , وَلأَنَّ مَا يَحْصُلُ بِتَخْصِيصِ الأَبِ
بَعْضَ وَلَدِهِ مِنْ الْحَسَدِ وَالْعَدَاوَةِ , يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي تَخْصِيصِ
الأُمِّ بَعْضَ وَلَدِهَا , فَثَبَتَ لَهَا مِثْلُ حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ " انتهى . "المغني" (8/261) .
ثالثاً :
القسمة الشرعية في عطية الوالد لأولاده أن تكون حسب قسمة الميراث
، للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأنه لا أعدل من قسمة الله تعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" ( ص 184) :
" ويجب التعديل في عطية أولاده على حسب ميراثهم . وهو مذهب أحمد
" انتهى .
وقال شريح القاضي لرجل قسم ماله بين أولاده : قِسْمَةُ اللَّهِ
أَعْدَلُ مِنْ قِسْمَتِك , فَارْدُدْهُمْ إلَى قِسْمَةِ اللَّهِ وَفَرَائِضِهِ .
رواه عبد الرزاق في مصنفه .
وقال عطاء : مَا كَانُوا يُقَسِّمُونَ إلا عَلَى كِتَابِ اللَّهِ
تَعَالَى .
انظر "المغني" (8/261) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 16/197) :
" يلزم والدك إن أراد قسمة ماله أو بعض ماله بين أولاده أن يقسمه
على الذكور والإناث ، وفق المواريث الشرعية : للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى .
رابعاً :
إذا كان الأولاد كباراً راشدين فإنه يجوز للأب أو الأم إعطاء أحد
أولادهم دونهم على أن يكون ذلك عن رضاً منهم ودون إحراج .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث ،
ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين ،
ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم ، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من
الوالد ، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال ، وأطيب للقلوب ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/452) .
وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً - :
" لا شك أن بعض الأولاد خير من بعض ، هذا أمر معلوم ، لكن ليس
للوالد أن يفضل بسبب ذلك ، بل يجب أن يعدل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، فلا يجوز له تفضيل من أجل أن هذا أحسن من هذا
وأبر من هذا ، بل يجب أن يعدل بينهم ، ونصيحة الجميع حتى يستقيموا على البر وعلى
طاعة الله ورسوله ؛ ولكن لا يفضل بعضهم على بعض في العطية ، ولا يوصي لبعضهم دون
بعض ؛ بل كلهم سواء في الميراث والعطية على حسب ما جاء به الشرع من الميراث والعطية
، يعدل بينهم كما جاء في الشرع ، فللرجل مثل حظ الأنثيين ، فإذا أعطى الرجل من
أولاده ألفاً يعطي المرأة خمسمائة ، وإذا كانوا مرشدين وتسامحوا ، وقالوا : أعط
أخانا كذا ، وسمحوا سماحاً واضحاً ، فإذا قالوا : نسمح أن تعطيه سيارة أو تعطيه كذا
... ويظهر له أن سماحهم حقيقة ليس مجاملة ولا خوفا منه ، فلا بأس .
والمقصود : أن يتحرى العدل إلا إذا كان الأولاد مرشدين ، سواء
أكانوا ذكوراً أو إناثاً وسمحوا لبعضهم أن يعطوا شيئاً لأسباب خاصة ، فلا بأس ،
فالحق لهم " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (9/235) .
وعلى هذا ؛ فالواجب على أمك أن تعدل بينكم في هذا المال ، فتعطي
الذكر مثل حظ الأنثيين ، وإذا حصل تفضيل بعضكم على بعض برضىً من الآخرين فلا حرج إن
شاء الله تعالى .
والله أعلم .
*****
6847
استخدام بطاقة الائتمان للزواج
الفقه > معاملات > البيوع > البطاقات الائتمانية >(1/7048)
سؤال رقم 6847- استخدام بطاقة الائتمان للزواج
سأتزوج في الشهر المقبل وليس لدي مال ولا أجد من يقرضني فهل يجوز أن أستعمل بطاقة الائتمان ؟.
الحمد لله
الربا من الأمور المحرمة في الشريعة
الإسلامية تحريماً قطعياً .
1- قال الله تعالى : { وأحل الله
البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد
فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة / 275 .
2. وقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } البقرة / 278 .
3- عن عون بن أبي جحيفة قال : رأيت أبي
اشترى حجاما فأمر بمحاجمه فكسرت فسألته عن ذلك قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله
ولعن المصور .
رواه البخاري ( 2123 ) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لعن رسول الله صلى الله
عليه وسلم آكل الربا ومؤكله .
رواه مسلم ( 1597 ) .
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن
قال : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال
اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات .
رواه البخاري ( 2615 ) ومسلم ( 89 ) .
5- عن سمرة بن جندب رضي اللهم عنهم قال
: قال النبي صلى اللهم عليه وسلم : رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض
مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه
حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه
فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال
الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري ( 1979 ) .
6. وقد انعقد الإجماع على تحريم
الربا وبطاقة الائتمان مشتملة على الربا . انظر ( 11179 ) و ( 5540 ) .
لذا لا نجد للسائل الفاضل من وصية أنفع من وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي
الصوم حتى يهذب نفسه ويعودها الطاعة ، ويضيق على الشيطان مداخله :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء" .
رواه البخاري ( 4778 ) ومسلم ( 1400 ) .
الباءة أي : تكاليف الزواج . ومعنى وجاء
أي : وقاية من الوقوع في الإثم .
ونرجو مراجعة الأسئلة : 590 و 665 و 3402 .
*****
6977
دفع الزكاة إلى مدرسة ابتدائية بحاجة للدعم
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7049)
سؤال رقم 6977- دفع الزكاة إلى مدرسة ابتدائية بحاجة للدعم
السؤال :
هل يجوز دفع الزكاة لمدرسة تعلم إبتدائي للأطفال ، إذا كانت المدرسة بحاجة للدعم المادي ؟ .
الجواب :
الصحيح أنه لا يجوز صرف الزكاة على تلك المدرسة ، ومصارف الزكاة بينها الله تعالى في قوله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل } [ التوبة 60 ] .
1 . والفقير هو الذي لا يجد شيئاً .
2 . والمسكين هو الذي يملك لكن لا يكفيه .
3 . والعامل على الصدقة هو الذي نصبه الإمام ليأخذ الصدقات ويعطى بقدر عمله ولو كان غنياً .
4 . والمؤلفة قلوبهم هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يستميلهم ويتألفهم ليسلموا أو ليدفع شرهم أو لتقوى نيتهم ويثبتوا على الإسلام فهم كانوا أصنافا ثلاثة .
5 . والرقاب هم المكاتبون أي العبيد الذين اتفقوا مع سادتهم على العتق بمال يدفعونه ، أو ما يدفع لتحريرهم ابتداء دون مكاتبة .
6 . والغارم هو المدين الذي عجز عن سداد دينه .
7 . وفي سبيل الله هم الجنود المنقطعون للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الإسلام .
8 . وابن السبيل هو الغريب المسافر المنقطع عن ماله ، يعطى ما يبلغه حاجته ولو كان في بلده غنياً .
هذا وللمزكي أن يدفع الزكاة إلى جميع هذه الأصناف المذكورة أو إلى بعضهم ولو واحداً من أي صنفٍ كان .
وقد توسع بعض الناس في لفظ " وفي سبيل الله " ، والراجح أنها في الجهاد ، ويمكن أن يدخل فيه الحج .
قال ابن كثير :
وأما { في سبيل الله } فمنهم الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان وعند الإمام أحمد والحسن واسحاق والحج من سبيل الله للحديث . " تفسير ابن كثير " ( 2 / 367 ) .
والمقصود بالحديث ما ثبت في مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحج والعمرة لمن سبيل الله " .
والخلاصة : أنه لا يجوز صرف الزكاة لهذه المدرسة إلا إذا كان طلابها فقراء أو يدخلون في صنف من الأصناف الثمانية ، وفي الشرع أبواب مفتوحة لإعانة هذه المدرسة مثل الصدقات والهبات والوقف . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
69798
إخراج الزكاة عن مال الصبي عن السنوات الماضية
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/7050)
سؤال رقم 69798- إخراج الزكاة عن مال الصبي عن السنوات الماضية
ما حكم إذا كان الشخص لم يخرج الزكاة لمدة أربع سنوات ماضية جهلا ، علما أنه بدأ يخرج الزكاة من السنة الحالية فماذا عليه في السنوات الماضية ؟
وما حكم الأسهم التي كانت تحت الوصاية هل يجب أن يزكي عليها إذا بلغ مالك الأسهم سن التكليف ؟ علما أن الوصي كان لا يزكي عليها لمدة 18 سنة تقريبا .
الحمد لله
أولا :
من ترك الزكاة لسنوات مضت فإنه يجب عليها أن يخرجها ، سواء تركها
عن علم أو جهل .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن ترك إخراج الزكاة لمدة خمس
سنوات جهلا منه .
فأجاب : " عليك الزكاة عن جميع الأعوام السابقة ، وجهلك لا
يسقطها عنك ؛ لأن فرض الزكاة أمر معلوم من الدين بالضرورة ، والحكم لا يخفى على
المسلمين ، والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام ، والواجب عليك المبادرة
بإخراج الزكاة عن جميع الأعوام السابقة ، مع التوبة إلى الله سبحانه من التأخير ،
عفا الله عنا وعنك وعن كل مسلم . والله الموفق " انتهى من "مجموع فتاوى
الشيخ ابن باز" (14/239) .
وانظر السؤال ( 21715 )
.
ويستثنى من ذلك : الزكاة في المال المختلف في وجوب الزكاة فيه ،
كالحلي المستعمل ، فمن ترك زكاته جهلا ، أو اتباعا لمن يقول بعدم وجوب الزكاة فيه ،
فإنه لا يلزمه أن يخرج زكاته عما مضى ، بل يخرج من حين علمه بوجوب الزكاة فيه .
وبهذا أفتى الشيخ ابن باز أيضا ، قال رحمه الله : " وننبه على
أنه يلزم إخراج الزكاة من حين علمتم بوجوبها في الحلي ، وأما ما مضى قبل ذلك من
أعوام قبل العلم بالوجوب ، فليس عليكم فيه زكاة ؛ لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم
بعد العلم ؛ ولخلاف العلماء في هذه المسألة " انتهى . نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/84) .
ثانيا :
ذهب جمهور العلماء إلى أن الزكاة واجبة في مال الصبي ، وأن صغره
لا يسقط وجوب الزكاة عنه .
قال ابن قدامة رحمه الله : " الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون .
. روي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم . وبه
قال مالك والشافعي وأحمد " انتهى من "المغني" (2/256) بتصرف .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 75307 )
.
ثالثاً :
ليست كل الأسهم تجب فيها الزكاة ، فبعضها تجب فيه الزكاة ،
وبعضها لا زكاة إلا في أرباحها إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول . ولمعرفة ذلك
يراجع السؤال ( 69912 ) .
فإذا كانت هذه الأسهم تجب فيها الزكاة ، وجب عليه إخراج زكاتها
عما مضى من السنوات .
وإذا كانت الزكاة واجبة في أرباحها فقط ، وجب عليه إخراج الزكاة
عن الأرباح التي بلغت نصابا وحال عليها الحول .
الله أعلم .
*****
6991
صفات الحجاب الصحيح
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7051)
سؤال رقم 6991- صفات الحجاب الصحيح
السؤال :
ما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الإسلامي؟ حيث أن هناك العديد من الأشكال، ولدي صديقة من الدنمرك أسلمت منذ فترة وهي سعيدة بإسلامها (ولله الحمد)، وهي تريد ارتداء الحجاب.
أرجو أن ترشدنا إلى المكان الذي ورد فيه أن الحجاب يجب أن يكون جلبابا طويلا. فهي في حاجة ماسة لجوابك.
الجواب :
الحمد لله
قال الشيخ الألباني ، رحمه الله تعالى :
شروط الحجاب :
أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه .
ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه )
لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } سورة الأحزاب:33 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم " . أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد " .
ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات " زاد في حديث آخر :"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .
قال ابن عبد البر : أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .
خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) فلأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الآن بين يديك ما صح سنده منها :
1-عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " .
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال : يا أمة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".
ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فإن الاستعطار والتطيب كما يستعمل في البدن يستعمل في الثوب أيضاً لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فإنه الثياب أكثر استعمالاً وأخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد : وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال . نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول .
سادساً: (أن لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الأحاديث الصحيحة في لعن المرأة التي تشبه بالرجل في اللباس أو غيره، وإليك ما نعلمه منها :
1. عن أبي هريرة قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" .
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" .
3. عن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال: أخرجوهم من بيوتهم، وقال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً" وفي لفظ " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث".
5. عن ابن أبي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء".
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل اللباس وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده .
سابعاً : ( أن لا يشبه لباس الكافرات ) .
فلما ت قرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك منن أسباب المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } لو كانوا يعلمون .
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
ثامناً: (أن لا يكون لباس شهرة).
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً". حجاب المرأة المسلمة " ( ص 54 - 67 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
69912
تفصيل القول في زكاة الأسهم
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/7052)
سؤال رقم 69912- تفصيل القول في زكاة الأسهم
أرجو التفصيل في بيان حكم زكاة أسهم الشركات ، هل فيها زكاة أم لا ؟ وما مقدارها ؟.
الحمد لله
السهم : هو حصة الشريك في رأس مال شركة مساهمة .
كما يعرف السهم بأنه الصك المثبت لهذا النصيب .
انظر : "الأسهم والسندات" (ص 47) ، "موسوعة المصطلحات الاقتصادية والإحصائية" (ص
775) .
والسهم ينتج جزءاً من ربح الشركة يزيد أو ينقص تبعاً لنجاح
الشركة وزيادة ربحها أو نقصه , ويتحمل نصيبه من الخسارة , لأن مالك السهم مالك لجزء
من الشركة بقدر سهمه .
قيمة السهم :
للسهم قيم متعددة على النحو التالي :
1- القيمة الاسمية : وهي القيمة التي تحدد للسهم عند تأسيس
الشركة ، وهي المدونة في شهادة السهم .
2- القيمة الدفترية : وهي قيمة السهم بعد خصم التزامات الشركة ،
وقسمة أصولها على عدد الأسهم المصدرة .
3- القيمة الحقيقية للسهم : وهي القيمة المالية التي يمثلها
السهم فيما لو تمت تصفية الشركة وتقسيم موجوداتها على عدد الأسهم .
4- القيمة السوقية : وهي القيمة التي يباع بها السهم في السوق ،
وهي تتغير بحسب حالة العرض والطلب .
والأسهم قابلة للتعامل والتداول بين الأفراد , كسائر السلع مما
يجعل بعض الناس يتخذ منها وسيلة للاتجار بالبيع والشراء ابتغاء الربح من ورائها .
وقد سبق في جواب السؤال ( 4714 )
أنه لا بأس ببيع أسهم الشركات ما لم يكن نشاط الشركة محرماً .
كيف تزكى أسهم الشركات ؟
بعض المساهمين يتخذ الأسهم للاتجار بقصد الربح , وبعضهم يتخذها
للاقتناء والكسب من ربحها لا للاتجار فيها .
فأما القسم الأول : فتعتبر الأسهم عنده عروض تجارة ، وتعامل في
البورصة بالبيع والشراء ، فيكون حكمها حكم عروض التجارة , فتؤخذ الزكاة منها بقدر
قيمتها في نهاية كل حول .
وأما القسم الثاني : فقد اختلف فيه العلماء والباحثون المعاصرون
, ولهم في هذا اتجاهان رئيسان :
الأول : اعتبارها عروض تجارة , بقطع النظر عن نشاط الشركة .
قالوا : لأن صاحبها يربح منها كما يربح كل تاجر من سلعته , فهي
بهذا الاعتبار من عروض التجارة .
وأصل هذا القول مبني على أن المعدات والآلآت الصناعية الآن فيها
الزكاة , لأنها تعتبر ـ عندهم ـ أموالاً نامية .
وقد تبنى هذا القول : محمد أبو زهرة , وعبد الرحمن بن الحسن ,
وعبد الوهاب خلاف وغيرهم .
الاتجاه الثاني :
التفريق في حكم هذه الأسهم حسب نوع الشركة المساهمة التي أصدرتها
.
وهو قول جمهور العلماء المعاصرين ، وإن كانوا يختلفون فيما بينهم
في بعض التفصيلات .
ويمكن تقسيم الشركات المساهمة إلى أربعة أنواع :
الأول : الشركات الصناعية المحضة التي لا تمارس عملاً تجارياً
كشركات الصباغة وشركات الفنادق وشركات النقل ، فهذه لا تجب الزكاة في أسهمها , لأن
قيمة هذه الأسهم موضوعة في الآلات والأدوات والمباني والأثاث ونحو ذلك مما يلزم
الأعمال التي تمارسها , وهذه الأشياء لا زكاة فيها , وإنما تجب الزكاة في أرباح هذه
الأسهم إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول .
الثاني : الشركات التجارية المحضة .
الثالث : الشركات الصناعية التجارية .
أما الشركات التجارية المحضة فهي التي تشتري البضائع وتبعيها
بدون إجراء عمليات تحويلية عليها كشركات الاستيراد والتصدير , وشركات التجارة
الخارجية .
وأما الشركات الصناعية التجارية فهي التي تجمع بين الصناعة
والتجارة , كالشركات التي تستخرج المواد الخام أو تشتريها ثم تجري عليها عمليات
تحويلية ثم تتجر فيها , كشركات البترول , وشركات الغزل والنسيج , وشركات الحديد
والصلب , والشركات الكيماوية , ونحو ذلك .
فهذان النوعان من الشركات ( شركات تجارية محضة , وشركات تجارية
صناعية ) تجب الزكاة في أسهمها بعد خصم قيمة المباني والأدوات والآلات المملوكة
لهذه الشركات .
ويمكن معرفة صافي قيمة المباني والآلات والأدوات بالرجوع إلى
ميزانية الشركة التي تحصى كل عام .
الرابع : الشركات الزراعية ، وهي التي نشاطها زراعة الأراضي .
فهذه فيها زكاة الزروع والثمار – إن كان المحصول مما تجب فيه
الزكاة - فينظر ما يقابل كل سهم من زروع وثمار وعلى صاحب السهم زكاته ، فعليه عشره
إن كان يسقى بدون كلفة ، ونصف العشر إن كان يسقى بكلفة ، بشرط أن يبلغ نصيب المساهم
نصاباً وهو 300 صاع .
وهذا الاتجاه مبني على أن المصانع والعمائر الاستغلالية كالفنادق
والسيارات ونحوها ليس فيها زكاة , إلا في أرباحها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول
. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 74987 )
.
وهذا القول الثاني أصح ، لأن السهم هو جزء من الشركة فكان له
حكمها في الزكاة ، سواء كانت شركة صناعية أو تجارية أو زراعية .
وقد ذهب إلى هذا القول الشيخ عبد الرحمن عيسى في كتابه
"المعاملات الحديثة وأحكامها" , والشيخ عبد الله البسام , ود/ وهبة الزحيلي كما في
"مجلة المجمع الفقهي" (4/742) .
وذكر البسام أن التفريق بين الشركات التجارية والشركات الصناعية
هو قول الجمهور .
مجلة المجمع الفقهي ( 4/1/725 ) .
تنبيه :
ويجب التنبه إلى أن الشركات الصناعية أو الزراعية لا تخلو
خزائنها من أموال نقدية ، وهذه الأموال لا إشكال في وجوب الزكاة فيها ، فيقدر ما
يعادل كل سهم من هذه النقود ، ويكون على صاحب السهم إخراج زكاتها ، إن بلغ نصاباً
بمفرده ، أو كان يبلغ النصاب بضمه إلى ما عنده من نقود .
قاله الدكتور على السالوس ، كما في "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/849) .
ونبه عليه الشيخ ابن عثيمين أيضا بقوله :
" إن كان الإنسان قد اشترى هذه الأسهم للتجارة ـ بمعنى أنه يشتري
هذه الأسهم اليوم ويبيعها غداً كلما ربح فيها ـ فإنه يجب عليه أن يزكي هذه الأسهم
كل عام ، ويزكي ما حصل فيها من ربح .
وأما إذا كانت هذه الأسهم للاستغلال والتنمية ، ولا يريد أن
يبيعها فإنه ينظر ؛ فما كان نقوداً ـ ذهباً أو فضة أو ورقاً نقديًّا ـ وجبت فيها
الزكاة ، لأن الزكاة في النقود والذهب والفضة واجبة بعينها ، فيزكيها على كل حال .
وحينئذ يسأل القائمين على هذه الدار عما له في خزينتهم من
الأموال .
وإن كانت أعياناً ومنافع ؛ لا ذهباً، ولا فضة ، ولا نقوداً ،
فإنه ليس فيها زكاة ، وإنما الزكاة فيما يحصل بها من ربح إذا حال عليه الحول من
ملكه إياه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/199) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : استثمرنا مبالغ في شراء أسهم
لشركات ، علماً بأن بعض هذه الشركات ستخصم الزكاة الشرعية قبل توزيعها الربح وبعضها
لا تحسب زكاة شرعية فهل تجب الزكاة على رأس المال أو على أرباح هذه الشركات ؟ علماً
بأن أصل المساهمة نوعان :
أ - نوع بغرض استلام الأرباح فقط وليس بغرض بيع الأسهم .
ب - ونوع آخر لبيع الأسهم كعروض تجارة .
فأجابت :
" عليه إخراج الزكاة عن السهام التي للبيع وعن أرباحها كل سنة ،
وإذا كانت الشركة تخرج الزكاة عن أصحابها بإذن منهم كفى ذلك ، أما السهام التي أراد
استثمارها فقط فإن الزكاة تجب في أرباحها إذا حال عليها الحول إلا أن تكون نقوداً
فإن الزكاة تجب في الأصل والربح " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/341) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : تقيم بعض المؤسسات التجارية
مساهمات في العقار وغيره ، وتبقى المبالغ المالية مدة طويلة عند المؤسسة قد تصل إلى
سنوات فكيف تزكى أموال هذه المساهمات ؟ وهل يجوز أن يقوم صاحب المؤسسة بإخراج زكاة
جميع هذا المال في وقته ، ثم يقوم بحسمه من رأس مال المساهمين أو أرباحهم قبل
توزيعها ؟
فأجاب :
" المساهمات التجارية تجب فيها الزكاة كل سنة ؛ لأنها عروض تجارة
، فتقدر قيمتها كل سنة حين وجوب الزكاة ويخرج ربع عشرها ، سواء كانت تساوي قيمة
الشراء ، أو تزيد أو تنقص .
أما إخراج صاحب المؤسسة لزكاة هذه المساهمات فإن كان بتوكيل من
المساهمين فلا بأس ، ويقدر الزكاة على ما سبق ، وإن لم يوكلوه في إخراج الزكاة فلا
يخرجها ، لكن عليه أن يبلغ المساهمين بما تساوي وقت وجوب الزكاة ، ليخرج كل واحد
منهم زكاة سهمه بنفسه ، أو يوكلوه في إخراج الزكاة ، وإن وكله بعضهم دون بعض أخرج
زكاة سهم من وكله دون الآخرين .
ومعلوم أنه إذا أخرج الزكاة فسوف يحسمها من رأس المال ، أو من
الربح " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/217) .
وخلاصة القول في هذا :
أن الأسهم الذي أراد بها صاحبها التجارة والربح ، وأسهم الشركات
التجارية تجب فيها الزكاة ، في أصل السهم وربحه .
والشركات الصناعية تجب الزكاة في أرباحها إذا بلغت نصابا وحال
عليها الحول ، ولا زكاة في أسهمها إلا فيما يقابل السهم من نقود في خزينة الشركة .
والشركات الزراعية تجب الزكاة فيما يقابل السهم من زروع أو ثمار
إذا كانت من الأصناف التي تجب فيها الزكاة بشرط أن تبلغ حصة المساهم نصابا ، وهو
300 صاع ، وتجب الزكاة أيضاً فيما يقابل السهم من نقود في خزينة الشركة .
هل الزكاة تجب على الشركة المساهمة أم على المساهمين ؟
ذهب بعض الباحثين إلى أن زكاة الأسهم واجبة على الشركة ، واحتجوا
بأن الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة ، فهي تملك التصرف في المال ،
والزكاة تكليف متعلق بالمال ، ولذلك لا يشترط لها البلوغ والعقل .
وأجيب عن هذا بأن الشركة وإن كان لها شخصية اعتبارية فإن هذه
الشخصية لا تصلح لوجوب الزكاة عليها ، إذ من شروط وجوب الزكاة : الإسلام والحرية .
. . إلخ وهي أوصاف لا توصف بها الشركة .
ثم إن ملك الشركة للمال إنما هو بالنيابة عن المساهمين ، فالملك
في الأصل هو للمساهمين لا للشركة .
واحتجوا أيضاً بالقياس على المشاركة في بهيمة الأنعام ، فإن
الزكاة تجب في المال المجتمع ككل ، وليس في مال كل شريك على حدة .
وأجيب عن هذا بأن وجوب الزكاة في الماشية المجتمعة ليس معناه أن
المال وجب على الشركة باعتبارها شخصية اعتبارية ، وإنما معناه ضم مال الشركاء بعضه
إلى بعض وحساب زكاته كمالٍ لشخص واحد .
وذهب جمهور العلماء والباحثين إلى وجوب الزكاة على المساهم – وهو
الصواب – لأن المساهم هو المالك الحقيقي للمال ، والشركة تتصرف في أسهمه نيابة عنه
حسب الشروط المذكورة في نظام الشركة .
ولأن الزكاة عبادة تحتاج إلى نية عند فعلها ، ويثاب على إخراجها
ويعاقب على منعها ، وهو ما لا يتصور في الشركة المساهمة .
من الذي يخرج زكاة الأسهم : الشركة أم صاحب السهم ؟
الأصل أن الذي يخرج زكاة السهم هو صاحب السهم نفسه ، لأنه المالك
له المكلف بإخراج زكاته ، لكن لا حرج من إخراج الشركة الزكاة نيابة عن أصحاب الأسهم
، وقد ذكر المجمع الفقهي أنه لا مانع من إخراج الشركة المساهمة الزكاة في أربع
حالات :
" إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك ، أو صدر به قرار من الجمعية
العمومية ، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة ، أو حصل تفويض من صاحب
الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه" .
"مجلة المجمع الفقهي" (4/1/881) .
قدر زكاة الأسهم :
زكاة أسهم الشركات هو ربع العشر أي : 2.5 بالمائة سواء قصد
مالكها بها التجارة أو الاقتناء من أجل أرباحها السنوية , لأنها إن كانت من أجل
التجارة بها , فهي عروض تجارة , وزكاة عروض التجارة ربع العشر , وإن كانت من أجل(1/7053)
الاقتناء والربح السنوي فهي تشبه العقار المؤجر , وزكاة أجرة العقار ربع العشر .
متى يبدأ حساب الحول للأسهم ؟
أما الأسهم في الشركات التجارية ، أو الأسهم الذي يتاجر فيها
صاحبها فالأرباح فيها تابعة لأصل المال في الحول ، لأن ربح التجارة لا يحسب له حول
جديد ، بل حوله هو حول أصل المال إن كان أصل المال يبلغ النصاب .
"المغني" (4/75) .
ويجب التنبه إلى أن عروض التجارة إذا اشتريت بذهب أو فضة أو نقود
لا يبدأ لها حول جديد من شرائها وإنما يبني على حول النقود التي اشتريت بها إن كانت
نصاباً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " واعلم أن عروض التجارة ليس
حولها أن تأتي سنة بعد شرائها ، بل إن حولها حول المال الأصلي ، لأنها عبارة عن
دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض ، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
انظر جواب السؤال ( 32715 )
.
أما الشركات الصناعية والتي تقتنى أسهمها من أجل الاستثمار
والربح السنوي منها لا بقصد التجارة ، فهذه الأسهم تجب الزكاة في أرباحها إن بلغ
الربح بمفرده نصابا ، أو كان يبلغ النصاب بضمه إلى ما عنده من نقود ، ويبدأ حساب
الحول من حين قبض هذه الأرباح ، كما قرر ذلك المجمع الفقهي ، والشيخ عبد الله
البسام .
انظر : مجلة المجمع الفقهي ( 4/1/722 ) .
وينبغي التنبه إلى أن أسهم الشركات الزراعية ، والتي تجب فيها
زكاة الزروع والثمار لا يشترط لوجوب الزكاة فيها مرور الحول ، باتفاق العلماء ،
لقوله سبحانه : ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ) الأنعام/141 .
"الموسوعة الفقهية" (23/281) .
فتقدر زكاة كل محصول بمفرده .
كيف تحسب قيمة السهم لإخراج الزكاة ؟
أما الأسهم التي تجب فيها الزكاة (وهي الأسهم التي يتاجر فيها
صاحبها ، أو أسهم الشركات التجارية) فتخرج الزكاة على حسب قيمتها السوقية في نهاية
الحول .
لأن هذه الأسهم عروض تجارة ، وعروض التجارة تقوم في نهاية الحول
ثم تخرج زكاتها على هذه القيمة ، بقطع النظر عن قيمة السهم الاسمية .
انظر السؤال ( 32715 ) .
وأما الأسهم التي لا زكاة فيها ( وهي أسهم الشركات الصناعية )
فلا يحتاج إلى تقويمها في نهاية الحول لأن الزكاة إنما هي على الأرباح وليست على
الأسهم .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الزكاة على الأسهم تكون على
القيمة الرسمية للسهم أم القيمة السوقية أم ماذا ؟
فأجاب :
" الزكاة على الأسهم وغيرها من عروض التجارة تكون على القيمة
السوقية ، فإذا كانت حين الشراء بألف ثم صارت بألفين عند وجوب الزكاة فإنها تقدر
بألفين ، لأن العبرة بقيمة الشيء عند وجوب الزكاة لا بشرائه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/197) .
*****
70256
تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >
التربية > تربية النفس >
التربية > تربية الأولاد >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/7054)
سؤال رقم 70256- تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب
أنا امرأة مسلمة أعيش في دولة أجنبية مع زوجي لطلب العيش ، أرجو أن تذكروا الالتزامات والقواعد والواجبات التي يجب على المرأة المسلمة الالتزام بها وتحافظ عليها ؛ وذلك لكثرة عدد المسلمات في الدول الأجنبية .
الحمد لله
1. أول ما يجب عليكم هو ترك تلك الديار الكافرة ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم بَرِئ ممن أقام بين أظهر المشركين ، ولذلك فإنه يحرم عليكم البقاء
في بلاد الكفر ، وخاصة أنكم فيها من أجل العمل ، وليس هذا من الأعذار الشرعية التي
تجيز لكم البقاء فيها .
انظر السؤال ( 13363 ) و
( 27211 ) عن تحريم الإقامة في بلاد الكفر
، وشروط جواز ذلك في بعض الحالات .
2. وعليكم أن تختاروا من البلاد الإسلامية الأقرب إلى الستر
والعفاف والاستقامة على الدين ، ومن المعلوم أن البلاد الإسلامية تتفاوت فيما بينها
في هذه الأمور ، وليست كل البلاد يمكنكم الإقامة فيها – للأسف – بل يتبع هذا
لجنسيتكم وقوانين البلد .
3. فإن لم يحصل منكم مغادرة لتلك البلاد : فعليكن بتقوى الله
تعالى ، والاستقامة على أمره عز وجل في كل شئونكن ، وأول ذلك : الحرص على أسركن من
التفكك والضياع في تلك البلاد التي تساهم في هذا ، فيجب عليكن الاهتمام بأولادكن
ذكوراً وإناثاً وتربيتهم تربية إسلامية وربطهم بالتاريخ الإسلامي وتعليمهم الأحكام
الشرعية ، وتقوية اللغة العربية عندهم .
4. يجب أن يكون مكان سكن الأسر المسلمة بعيداً عن أماكن الفجور
والانحلال ، ولا بدَّ من اجتماع الأسر المسلمة المحافظة في مكان واحد من أجل أن
يقوِّي أحدهم الآخر ، ويعين بعضهم بعضاً على طاعة الله تعالى ، ويساهمون بالتالي في
حسن تربية أنفسهم وأبنائهم .
5. يحرم عليكن ترك الحبل على غاربه في علاقات أولادكم بأولاد
الكفار ، ولا يجوز لكم تمكينهم من مشاهدة البرامج والأفلام الهابطة التي تدمر
الأخلاق ، كما يجب الاهتمام بقراءاتهم ومراقبتها حتى لا تضل أفكارهم أو يفقدوا
دينهم .
6. ينبغي أن يكون لكم في أسرتكم أوقات محددة ولو كانت قصيرة
تلتقي فيها الأسرة جميعها لمتابعة بعضهم بعضا ، وللوقوف على مشاكل كل واحد من
الأسرة قبل تفاقمها وصعوبة أو استحالة حلها .
7. كما يجب عليكن حسن اختيار الصحبة للأسر التي تختلطون بها ؛
خشية أن يكون لبعضهم تأثير سلبي على أفراد أسرتكم فتضيع جهودكم في التربية والتوجيه
.
8. عليكن تبغيض هذه الحضارة وأخلاقها في نفوس أولادكم ، وإعلامهم
بمخالفتها للشرائع والفطَر السليمة ، وضرب الأمثلة على ذلك ، وربطهم بالحضارة
الإسلامية وأخلاقها ، وتنبيههم على أن بقاءكم في تلك الديار لن يطول .
9. وعليكن بكثرة زيارة البلد الله الحرام مكة المكرمة ، فاحرصوا
على الحج كل عام ، وعلى العمرة أكثر من مرَّة في العام الواحد إن تيسر تقويةً
لإيمانكم وتعليقاً لقلوب أولادكم بالإسلام والمسلمين ، وللأسف نرى تقصيراً واضحاً
من الجاليات المسلمة في بلاد الكفر في هذا الجانب .
10. تكوين مكتبة إسلامية من كتب وأشرطة وأقراص إسلامية لربط
أفراد الأسرة بدينهم ، وتسهيل الرجوع إلى معرفة الأحكام الشرعية ، وإغلاق طرق
التضليل التي تساهم في تجهيلهم وإفسادهم ، وحبذا أن يكون لقناة " المجد " حضور في
بيوتكم لما تقدمه من علم نافع ، ولحرصهم أن لا يكون فيها نساء ولا موسيقى ، وكذا
ربطهم بالمواقع المفيدة في الإنترنت .
والحقيقة أن النصائح كثيرة ، وكثرتها إنما هو بسبب كثرة ما في
تلك الديار الكافرة من ضلال وانحلال وتفسخ وتهتك ، وتحتاج كل جوانب الحياة لنصح
وتوجيه وإرشاد ، ولكن ما قلناه أولاً يوفر كثيراً من النصائح وهو الخروج من تلك
الديار إلى بلاد الإسلام ، ومن بقي في تلك الديار فليعلم أن الله تعالى سائله عن
رعيته يوم القيامة ، فليعد للسؤال جواباً ، ونسأل الله تعالى أن يسهل لكم الخروج من
تلك الديار ، وأن يثبتكم على الإسلام والهداية والتوفيق والرشاد ، وأن يصلح لكم
ذريتكم ، ويجعلهم دعاة للإسلام .
ونرجو الرجوع إلى السؤال رقم ( 4237 ) : ففيه زيادة بيان حول المحافظة
على الأبناء وأفكارهم في الغرب .
والله الموفق .
*****
70319
هل يحلق لحيته من أجل العمل ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/7055)
سؤال رقم 70319- هل يحلق لحيته من أجل العمل ؟
أنا شاب ملتحي وأحاول أن أتقي الله ما استطعت ، تخرجت من كلية الهندسة منذ عدة سنوات ، ثم بدأت البحث عن عمل ، وفرص العمل في بلدي ضعيفة جدّاً ، وإن وُجدت تكون ذات عائد مادي قليل .
وفقني الله لوظيفة في شركة بترول أجنبية لا تشترط حلق اللحية وبها موظفون وفنيون ملتحون والحمد لله ، ولكن طبيعة عملي سوف تكون في حقل البترول نفسه ، ومعروف أنه أثناء الحفر أحيانا يتصاعد غاز سام اسمه H2S وذلك يستوجب ارتداء قناع الغاز الذي لا يسمح تصميمه بالتثبيت في الوجه بسبب وجود شعر اللحية ، وقد تأكدت من ذلك بنفسي عن طريق سؤال الشركات الأجنبية عن طريق الإنترنت فأجابوا أنه لا يوجد قناع غاز يعمل مع اللحية .
فما رأيكم ؟ وأكرر أن الشركة لا تمنع اللحية بتاتا ، ولكن هذا فقط لحقول البترول للحفاظ علي الحياة .
الحمد لله
أولا :
ورد الأمر بإعفاء اللحية في أحاديث كثيرة صحيحة عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يدل على وجوب إعفائها وحرمة حلقها . انظر السؤال ( 1189 )
ثانيا :
من يُسْرِ الشريعة وسماحتها أنها أباحت فعل المحرم وترك الواجب
إذا وجد العذر المبيح لذلك ، كضرورة أو حاجة ماسة ، كأكل الميتة للمضطر ، ومداواة
الطبيب للمرأة الأجنبية عنه عند الحاجة إلى ذلك ، ويجب أن يضبط الأمر بضوابطه
الشرعية بحيث لا يتجاوز قدر الحاجة أو الضرورة .
ثالثا :
على المسلم أن يحاول دفع ضرورته من غير ارتكاب للمحرم بقدر
استطاعته فإذا لم تندفع إلا بفعل المحرم جاز فعله في هذه الحال .
وعلى هذا يجب عليك أن تسعى فيما يلي :
1- البحث عن أقنعة مناسبة لشعر اللحية . وقد صنعت الشركات
المختصة أقنعة خاصة لأصحاب اللحى من اليهود المتعصبين المتدينين العاملين بشركات
الطيران !!.
2- البحث عن عمل آخر لا يتطلب فعل المحرم ولو كان خارج بلدك
3- محاولة إنشاء عمل خاص بك تجاريا أو غيره .
فإذا لم تستطع شيئا من ذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في
حلقها على أن تقتصر على ما تندفع به الحاجة أو الضرورة ، فلو أمكن الاقتصار على
تقصيرها لم يجز حلقها ... وهكذا
ولا شك أن من اتقى الله تعالى قدر استطاعته فإن الله تعالى يكفيه
همه ويجعل له مخرجاً ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3
الشيخ محمد صالح المنجد .
*****
7073
فوائد الختان الصحية والشرعية
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/7056)
سؤال رقم 7073- فوائد الختان الصحية والشرعية
أنا لا أدين بأي دين ، ولكني أتساءل لماذا يعتبر اليهود والمسلمون الختان إلزاميا ؟ يبدو لي أن المسلم ينظر إلى كل إنسان كمخلوق كامل من خلق الله ، ولكن، لماذا الشك في هذا الكمال بتغيير خلق الله ؟ أنا أعرف اعتبارات النظافة الصحية بالطبع ، ولكني آمل حقا أن أحصل على رد من طرفكم على سؤالي . ولكم الشكر على تلطفكم بالإجابة .
المسلم يُنفذ أمر الله وهذا معنى الإسلام ومقتضاه ، وهو الاستسلام لله وطاعة
أمره ، سواءٌ تبين له الحكمة منه أم لا ، لأن الآمر ـ وهو الله تعالى ـ هو الخالق
العليم الخبير ، الذي خلق البشر ويعلم ما يُصلحهم وما يصلح لهم ، والختان من
ضمن الأحكام الشرعية التي يُنفذها المسلم عن طواعية وخضوع ومحبةٍ لله وطلب للأجر
والثواب من عنده ، وهو يجزم يقيناً بأن الله لم يأمر بشئٍ إلا وله فيه حكمة وللعبد
فيه مصلحة سواءٌ علمها العبد أم لم يعلمها ، ولا بأس وقد ورد السؤال من طرفك
أيها السائل الحريص على معرفة الفائدة الصحية من الختان أن نذكر هنا بعض الفوائد
الشرعية والصحية للختان إجابةً لطلبك ، وليزداد المؤمنون إيماناً بالحكم ، ويعلم
غير المسلم جانباً من عظمة هذه الشريعة التي جاءت بجلب المصالح ، ودرءِ المفاسد
أولاً :
الفوائد الشرعية :
"الختان من محاسن الشرائع التي شرعها الله
سبحانه وتعالى لعباده ويُجَمِّلُ بها محاسنهم الظاهرة والباطنة فهو مكمل
للفطرة التي فطرهم عليها ولهذا كان من تمام الحنيفية ملة إبراهيم ، وأصل مشروعية
الختان لتكميل الحنيفية فإن الله عز وجل لما عاهد إبراهيم وعده أن يجعله للناس
إماماً ، ووعده أن يكون أباً لشعوب كثيرة وأن يكون الأنبياء والملوك من صلبه
وأن يُكثِّر نسله وأخبره أنه جاعلٌ بينه وبين نسله علامةَ العهد أن يختنوا كل
مولود منهم ويكون عهدي هذا ميسماً (أي علامة ) في أجسادهم . فالختان علم للدخول
في ملة إبراهيم وهذا موافق لتأويل من تأول قوله تعالى : ( صِبْغَةَ اللَّهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) البقرة/138 ،على الختان ، فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعبّاد الصليب ، فهم
يطهرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعمودية ويقولون :الآن صار نصرانياً
، فشرع الله سبحانه وتعالى للحنفاء صبغة الحنيفية ،وجعل ميسمها الختان فقال :
(صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ
) البقرة/138.
...فجعل الله سبحانه وتعالى الختان علماً لمن يضاف
إليه وإلى دينه وملته وينسب إليه بنسبة العبودية والحنيفية ...
والمقصود : أن صبغة الله هي الحنيفية التي صبغت
القلوب بمعرفته ومحبته والإخلاص له ، وعبادته وحده لا شريك له ، وصبغت الأبدان
بخصال الفطرة من الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر ،ونتف الإبط
، والمضمضة ،والاستنشاق ، والسواك ،والاستنجاء .
فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء وأبدانهم."
تحفة المودود بأحكم المولود - ابن القيم ص 351 .
ولا يشترط أن يبقى الجنين على ما هو عليه عند خروجه
من بطن أمه إذا كان ما يُفعل معه لمصلحة ومما أمر به الدين الحنيف ومن ذلك حلاقة
شعر رأسه بعد ولادته لأن ذلك من مصلحته قال نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام
: ( أميطوا عنه الأذى ) .
وكذلك غسله مما أصابه من الدم وقطع المشيمة التي
كان متصلاً بها بأمه ونحو ذلك من إجراء الأمور التي تفيده .
ثانياً :
الفوائد الصحية :
قال الدكتور محمد علي البار (عضو الكليات الملكية
للأطباء بالمملكة المتحدة ـ مستشار قسم الطب الإسلامي مركز الملك فهد للبحوث
الطبية جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ) في كتابه الختان :
" إن ختان الأطفال المواليد ( أي خلال الشهر
الأول من أعمارهم ) يؤدي إلى مكاسب صحية عديدة أهمها :
1- الوقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب :
الناتجة عن وجود القلفة ويسمى ضيق القلفة ويؤدي إلى حقب البول . والتهابات حشفة
القضيب وهذه كلها تستدعي إجراء الختان لعلاجها ، أما إذا أزمنت فإنها تعرض الطفل
المصاب لأمراض عديدة في المستقبل من أخطرها سرطان القضيب .
2- التهابات المجاري البولية : أثبتت الأبحاث العديدة
أن الأطفال غير المختونين يتعرضون لزيادة كبيرة في التهابات المجاري البولية
وفي بعض الدراسات بلغت النسبة 39 ضعف ما هي عليه عند الأطفال غير المختونين
، وفي دراسات أُخرى كانت النسبة عشرة أضعاف ، وفي دراسات أُخرى تبين أن
95 بالمائة من الأطفال الذين يعانون من التهابات المجاري البولية هم من
غير المختونين بينما كانت نسبة الأطفال المختونين لا تتعدى 5 بالمائة
والتهابات المجاري البولية في الأطفال خطيرة في
بعض الأحيان ففي دراسة ويزويل على 88 طفلاً أصيبوا بالتهابات المجاري البولية
كان لدى 36 بالمائة منهم نفس البكتريا الممرضة في الدم ، وعانى ثلاثة من هؤلاء
من التهاب السحايا ، و أُصيب اثنان بالفشل الكلوي ، ومات اثنان آخران بسبب انتشار
الميكروبات الممرضة في الجسم .
3- الوقاية من سرطان القضيب : قد أجمعت الدراسات
على أن سرطان القضيب يكاد يكون منعدماً لدى المختونين بينما نسبته لدى غير المختونين
ليست قليلة ، ففي الولايات المتحدة فإن نسبة الإصابة بسرطان القضيب لدى المختونين
صفر بينما هي 2.2 من كل مائة ألف من السكان غير المختونين . وبما أن أغلبية السكان
في الولايات المتحدة هم من المختونين فإن حالات السرطان هناك في حدود 750 إلى
ألف حالة كل سنة ولو كان السكان غير مختونين لتضاعف العدد إلى ثلاثة آلاف حالة
، وفي البلاد التي لا يُختن فيها مثل الصين ويوغندا وبورتوريكو فإن سرطان القضيب
يشكل ما بين 12 إلى22 بالمائة من مجموع السرطانات التي تصيب الرجال . وهي نسبة
عالية جداً .
4- الأمراض الجنسية : لقد وجد الباحثون أن الأمراض
الجنسية التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي (غالباً بسبب الزنا واللواط ) تنتشر بصورة
أكبر وأخطر لدى غير المختونين ، وخاصة الهربس ، والقرحة الرخوة والزهري ، والكانديدا
، والسيلان ، والثآليل الجنسية .
وهناك أبحاث عديدة حديثة تؤكد أن الختان يقلل من
احتمال الإصابة بالإيدز بنسبة أعلى من قرنائهم من غير المختونين . ولكن ذلك لا
ينفي أن المختون إذا تعرض للعدوى نتيجة اتصال جنسي بشخص مصاب بالإيدز قد يصاب
بهذا المرض الخطير . وليس الختان واقياً منه ، وليست هناك وسيلة حقيقة للوقاية
من هذه الأمراض الجنسية العديدة سوى الابتعاد عن الزنا والخنا واللواط وغيرها
من القاذورات (وبهذا نعلم حكمة الشريعة الإسلامية بتحريم الزنا واللواط ...)
5- وقاية الزوجة من سرطان عنق الرحم : لاحظ الباحثون
أن زوجات المختونين أقل تعرضاً للإصابة بسرطان عنق الرحم من غير المختونين ." انتهى نقلاً من كتاب (الختان) ص/76 للدكتور محمد البار.. والله أعلم
يراجع : مقال للبروفيسور ويزويل نشرته المجلة
الأمريكية لطبيب الأسرة العدد/41 ، سنة 1991م .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
71213
الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/7057)
سؤال رقم 71213- الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان
إذا استمنى الرجل أو قبل امرأته حتى أنزل المني ، ولكنه لم يجامع ، فهل يفسد صومه بهذا ، وماذا يجب عليه ، وهل لذلك كفارة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الاستمناء محرم ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 329 )
وهو في رمضان أشد تحريما .
ثانياً :
الاستمناء وكذلك مباشرة المرأة وتقبيلها حتى إنزال المني مفسد
للصيام ، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم ، ويقضي
يوماً مكان هذا اليوم الذي أفسده ، ولا تجب عليه كفارة ، لأن الكفارة لا تجب إلا
بالجماع في نهار رمضان .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/363) : " وَلَوْ اسْتَمْنَى
بِيَدِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا , وَلا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِهِ إلا أَنْ
يُنْزِلَ , فَإِنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ " انتهى .
وقال أيضا (4/361) : " إذَا قَبَّلَ ( أي زوجته ) فَأَمْنَى
فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُهُ " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ
فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ
غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ
صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ
بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى باختصار .
وقال في "بداية المجتهد" (1/382) : " كلهم يقولون : ـ يعني
الأئمة ـ أن من قبل فأمنى فقد أفطر " انتهى .
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/296) :
" لا أعلم أحدا أرخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما
يتولد منها ، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 237) : " ولا يحل
لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة ، لأن بعض الناس
يكون سريع الإنزال فبمجرد ما يداعب المرأة ، أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل .
فنقول لهذا الرجل : لا يحل لك أن تداعب امرأتك ما دمت تخشى أن تنزل " انتهى .
وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (6/234-235) :
" إذا طلب خروج المني بأي وسيلة ، سواء بيده ، أو بالتدلك على
الأرض ، أو ما أشبه ذلك حتى أنزل ، فإنّ صومه يفسد بذلك ، وهذا ما عليه الأئمة
الأربعة رحمهم الله مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد .
وأبى الظاهرية ذلك وقالوا : لا فطر بالاستمناء ولو أمنى ، لعدم
الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك ، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا
بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
ولكن عندي والله أعلم أنه يمكن أن يستدل على أنه مفطر من وجهين :
الوجه الأول النص : فإن في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى
قال في الصائم : ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) والاستمناء شهوة ، وخروج
المني شهوة ، والدليل على أن المني يطلق عليه اسم شهوة قول الرسول صلّى الله عليه
وسلّم : ( وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر
؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان
له أجر ) والذي يوضع هو المني .
الوجه الثاني : القياس ، فنقول : جاءت السنة بفطر الصائم
بالاستقاء إذا قاء ، وبفطر المحتجم إذا احتجم وخرج منه الدم ، وكلا هذين يضعفان
البدن .
أما خروج الطعام فواضحٌ أنه يضعف البدن ؛ لأن المعدة تبقى خالية
فيجوع الإنسان ويعطش سريعاً .
وأما خروج الدم فظاهر أيضاً أنه يضعف البدن ، وخروج المني يحصل
به ذلك فيفتر البدن بلا شك ، ولهذا أمر بالاغتسال ليعود النشاط إلى البدن ، فيكون
هذا قياساً على الحجامة والقيء .
وعلى هذا نقول : إن المني إذا خرج بشهوة فهو مفطر للدليل والقياس
" انتهى باختصار .
وبهذين الدليلين : قضاء الشهوة ، وإضعاف البدن ، استدل شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن الاستمناء مفسد للصيام . انظر "مجموع
الفتاوى" (25/251) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمدا ذلك وخرج
منه المني ، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة ، وعليه التوبة إلى الله سبحانه
وتعالى ؛ لأن الاستمناء لا يجوز لا في حال الصوم ولا في غيره ، وهو التي يسميها
الناس العادة السرية " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/267) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (10/256) :
" الاستمناء في رمضان وغيره حرام ، لا يجوز فعله ؛ لقوله تعالى :
( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) ، وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن
يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه ، ولا كفارة ؛ لأن الكفارة
إنما وردت في الجماع خاصة " انتهى .
والله أعلم .
*****
72216
لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7058)
سؤال رقم 72216- لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل ؟
إذا كان المسلم لا يتذكر أعداد الصلوات وأيام الصيام التي فاتته ، فكيف يباشر قضاءها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الصلوات الفائتة لا تخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون ترك الصلاة لعذر كالنوم أو النسيان ، ففي هذه
الحالة يجب قضاؤها , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نسي صلاة أو نام عنها
فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) –
واللفظ له - .
ويصليها مرتبة كما وجبت عليه ، الأولى فالأولى ؛ لحديث جابر بن
عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل
يسب كفار قريش قال : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما صليتها ، فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة
وتوضأنا لها فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس , ثم صلى بعدها المغرب . رواه
البخاري ( 571 ) ومسلم ( 631 ) .
الحالة الثانية : أن يكون ترك الصلاة لعذر لا يكون معه إدراك ,
كالغيبوبة ، ففي هذه الحالة تسقط الصلاة عنه ، ولا يجب عليه قضاؤها .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
وقع عليّ حادث سيارة ورقدت في المستشفى ثلاثة شهور ولم أع نفسي
ولم أصل كل هذه المدة ، هل تسقط عني أم أعيد كل الصلاة الماضية ؟
فأجابوا :
" تسقط عنك الصلاة في المدة المذكورة ما دمت لا تعقل في تلك
المدة " انتهى .
وسئلوا – أيضاً - :
إذا أغمي على إنسان لمدة شهر ولم يصل طوال هذه الفترة ، وأفاق
بعده فكيف يعيد الصلوات الفائتة ؟
فأجابوا :
" لا يقض ما تركه من الصلوات في هذه المدة ، لأنه في حكم المجنون
والحال ما ذكر , والمجنون مرفوع عنه القلم " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (6/21) .
الحالة الثالثة : أن يكون ترك الصلاة عمداً من غير عذر ، فهذا لا
يخلو من حالين :
إما أن يكون جاحداً لها غير معترف بوجوبها ، فهذا لا خلاف في
كفره , وأنه ليس من الإسلام في شيء ، فعليه أن يدخل في الإسلام ثم يعمل بأركانه
وواجباته , ولا يجب عليه قضاء ما ترك من الصلاة حال كفره .
والثانية : أن يكون تركه للصلاة تهاونا وكسلا فهذا لا يصح منه
قضاؤها , لأنه لم يكن له عذر حين تركها ، وقد أوجبها الله عليه في زمن معلوم
وبتوقيت محدود ، قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، أي : لها وقت محدد ،
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا
فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
لم أصلِّ إلا بعد ما بلغت الرابعة والعشرين من عمري ، وصرت الآن
أصلي مع كل فرض فرضاً آخر ، فهل يجوز لي ذلك ؟ وهل أداوم على هذا ، أم إن عليَّ
حقوقاً أخرى ؟
فأجاب :
" الذي يترك الصلاة عمداً ليس عليه قضاء على الصحيح ، وإنما عليه
التوبة إلى الله عز وجل ؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ، وتركها أعظم الجرائم ، بل
تركها عمداً كفر أكبر في أصح قولي العلماء ؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام
أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه ؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام :
( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما ، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك .
فالواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله التوبة الصادقة ، وذلك
بالندم على ما مضى منك ، والإقلاع من ترك الصلاة ، والعزم الصادق على أن لا تعود
إلى ذلك ، وليس عليك أن تقضي لا مع كل صلاة ولا في غير ذلك ، بل عليك التوبة فقط ،
والحمد لله ، من تاب تاب الله عليه ، يقول الله سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، ويقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .
فعليك أن تصدُق في التوبة ، وأن تحاسب نفسك ، وأن تجتهد
بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها في الجماعة ، وأن تستغفر الله عما جرى منك ، وتكثر
من العمل الصالح ، وأبشر بالخير ، يقول الله سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ
تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) ، ولما ذكر الشرك والقتل والزنا
في سورة الفرقان قال جل وعلا بعد ذلك : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا
مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق ، وصحة التوبة ، والاستقامة على الخير
" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 329 ، 330 ) .
ثانياً :
وأما قضاء الصيام ؛ فإن كان تركك للصيام في الوقت الذي كنت فيه
تاركاً للصلاة , فلا يجب عليك قضاء تلك الأيام التي أفطرتها , لأن تارك الصلاة كافر
كفراً أكبر مخرج من الملة – كما سبق - والكافر إذا أسلم لا يلزمه أن يقضي ما تركه
من العبادات حال كفره .
أما إن كان تركك للصيام في وقت كنت تصلي فيه , فلا يخلو الأمر من
احتمالين :
الأول : أنك لم تنو الصيام من الليل , بل عزمت على الفطر , فهذا
لا يصح منك قضاؤه , لأنك تركت فعل العبادة في الوقت المحدد لها شرعا من غير عذر .
الثاني : أن تكون بدأت في صيام اليوم ثم أفطرت فيه , فهذا يجب
عليك قضاؤه , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر المجامع في نهار رمضان بالكفارة
قال له : ( صم يوماً مكانه ) رواه أبو داود (2393) , وابن ماجه (1671) ,
وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (940) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم الفطر في نهار
رمضان بدون عذر ؟
فأجاب :
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به
الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ،
يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم
الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر
، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛
لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة
بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولأنه مِن تعدي
حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله
تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ) ؛
ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي : فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه ،
فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 45) .
والواجب عليه أن يتوب توبة صادقة من كل الذنوب ، وأن يحافظ على
الواجبات ، ويترك المنكرات ، ويكثر من النوافل والقربات .
والله أعلم .
*****
7222
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/7059)
سؤال رقم 7222- تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام ، وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه ، وهذا خطأ ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام ، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين ، شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة ، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى { هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك } ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة . رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . " فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس
أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير . " شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح . رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون . رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم . رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة . رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير ، أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . " شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول { جاء الحق وزهق الباطل } الآية . رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) . رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " . رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث ) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق ) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت . رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك . " الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور : بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه : وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور . " زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72246
المراد بصلاة الشفع والوتر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/7060)
سؤال رقم 72246- المراد بصلاة الشفع والوتر
من المتداول أن من السنن المؤكدة الشفع والوتر . فهل هناك حديث عن صلاة الشفع ؟.
الحمد لله
الشفع في اللغة هو الزوج ( أي العدد الزوجي ) ، عكس الوتر الذي
هو الفرد ، والسنن الثابتة بعد صلاة العشاء ثلاثة :
1- سنة العشاء البعدية : وهي ركعتان .
2- قيام الليل ، فيصلي ما شاء ركعتين ركعتين .
3- الوتر ، فله أن يوتر بركعة واحدة ، أو ثلاث أو خمس أو سبع أو
تسع .
انظر جواب السؤال ( 46544 )
.
وإذا اختار أن يوتر بثلاث فإما أن يصليها متصلة بتشهد واحد ،
وإما أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة واحدة .
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أدنى الكمال الوتر أن يوتر
الإنسان بثلاث ركعات ، سواء فعلها متصلة أو منفصلة ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلم ، ثم يأتي بواحدة ويسلم .
ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ؛ لأنه لو جعلها بتشهدين
لأشبهت صلاة المغرب ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُشبّه بصلاة المغرب " انتهى من "الشرح الممتع" (4/21) .
وروى ابن حبان (2435) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يفصل
بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . قال الحافظ في الفتح (2/482) : إسناده قوي .
وهذا الحديث يدل على أن المراد بالشفع الركعتان قبل ركعة الوتر .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في رسالته " صلاة التراويح " بعد
أن ذكر صفات صلاة الوتر المتنوعة الواردة في السنة :
" ويتلخص فمن كل ما سبق أن الإيتار بأي نوع من هذه الأنواع
المتقدمة جائز حسن ، وأن الإيثار بثلاث بتشهدين كصلاة المغرب لم يأت فيه حديث صحيح
صريح ، بل هو لا يخلو من كراهة ، ولذلك نختار أن لا يقعد بين الشفع والوتر ، وإذا
قعد سَلَّم ، وهذا هو الأفضل " انتهى .
وبعض الناس يظن أن الشفع هو سنة العشاء البعدية ، وليس الأمر
كذلك .
جاء في "فتاوى اللجنة الدئمة" (7/255) :
" سنة العشاء البعدية وهي ركعتان ، خلاف الشفع والوتر " انتهى .
والله أعلم .
*****
72268
دفع الرشوة ليأخذ حقه
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/7061)
سؤال رقم 72268- دفع الرشوة ليأخذ حقه
لي أعمال مع بعض الدوائر الحكومية ، وإذا لم يأخذ الموظف رشوة فإنه يعطل أعمالي ، فهل يجوز لي أن أعطيه رشوة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الرشوة من كبائر الذنوب ، لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580)
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه
الألباني في "إرواء الغليل" (2621) .
و"الراشي" هو معطي الرشوة ، و"المرتشي" هو آخذها .
فإذا استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة حرم عليه دفعها .
ثانياً :
إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ حقه إلا بدفع رشوة فقد نص العلماء
رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي ،
واستدلوا بما رواه أحمد (10739) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا
إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا ، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ ، قَالَ
عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ
إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) صححه الألباني
في صحيح الترغيب (844) .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام
عليهم ، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إذا أهدى له هدية
ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع
أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم
العطية ...الحديث )" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/174) .
وقال أيضا :
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ
الظُّلْمِ لا لِمَنْعِ الْحَقِّ ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا ( يعني : أخذه
للرشوة حرام ) . . .
وَمِنْ ذَلِكَ : لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ
شَاعِرٍ ; لِئَلا يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ
فِي عِرْضِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا
وَكَانَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ
يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ ظُلْمِهِ . . .
فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ
أَوْ لِئَلا يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ
وَالْكَذِبَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ
مِنْ الْمَظْلُومِ فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا " انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (29/252) .
وقال أيضا : (31/278) :
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : إنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ
أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمَهْدِيِّ
وَالْمُهْدَى إلَيْهِ . وَهَذِهِ مِنْ الرَّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ) .
فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ
أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ : كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا
عَلَى الآخِذِ وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ كَمَا ، كَانَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إنِّي لأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ
فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ
تُعْطِيهِمْ ، قَالَ : يَأْبَوْنَ إلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي
الْبُخْلَ ) .
وَمِثْلُ ذَلِكَ : إعْطَاءُ مَنْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ ،
فَإِعْطَاءُه جَائِزٌ لِلْمُعْطِي ، حَرَامٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ .
وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ : مِثْلُ أَنْ يَشْفَعَ
لِرَجُلِ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ لِيَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً أَوْ يُوَصِّلَ
إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا أَوْ يَسْتَخْدِمُهُ
فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ - وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ - أَوْ يُعْطِيَهُ
مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُرَّاءِ
أَوْ النُّسَّاكِ أَوْ غَيْرِهِمْ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ . وَنَحْوَ
هَذِهِ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكُ
مُحَرَّمٍ : فَهَذِهِ أَيْضًا لا يَجُوزُ فِيهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَيَجُوزُ
لِلْمهْدِي أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ
أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ
وَالأَئِمَّةِ الأَكَابِرِ " انتهى بتصرف يسير .
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : " والمراد بالرشوة التي
ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل ، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم
على من يأخذها , وأما من يعطيها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ، وإن
قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز " "فتاوى السبكي" (1/204) .
وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص 150) :
" القاعدة السابعة والعشرون : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا
، ومهر البغي , وحلوان الكاهن والرشوة , وأجرة النائحة والزامر .
ويستثنى صور : منها : الرشوة للحاكم , ليصل إلى حقه , وفك الأسير
، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه " انتهى .
و"حلوان الكاهن" : ما يأخذه الكاهن مقابل كهانته .
وقال الحموي (حنفي ) في "غمز عيون البصائر" :
" القاعدة الرابعة عشرة : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ،
ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، والرشوة ، وأجرة النائحة والزامر , إلا في مسائل :
1- الرشوة لخوفٍ على ماله أو نفسه .
وهذا في جانب الدافع أما في جانب المدفوع له فحرام " انتهى بتصرف .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" :
" وفي "الأشباه" لابن نجيم (حنفي) , ومثله في "المنثور" للزركشي
(شافعي) : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه , كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة
للحاكم إذا بذلها ليحكم له بغير الحق , إلا في مسائل : في الرشوة لخوفٍ على نفسه أو
ماله أو لفك أسير أو لمن يخاف هجوه " انتهى .
وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي : " إذا تعينت الرشوة دون
غيرها سبيلاً للوصول إلى الغرض جاز الدفع للضرورة ، ويحرم على الآخذ " انتهى .
والخلاصة : أنه يجوز لك دفع الرشوة ويكون التحريم على الموظف
الذي يأخذها ، لكن بشرطين :
1- أن تدفعها لتأخذ حقك أو لتدفع بها الظلم عن نفسك ، أما إذا
كنت تدفعها لتأخذ ما لا تستحق فهي حرام ، ومن كبائر الذنوب .
2- ألا يكون هناك وسيلة أخرى لأخذ حقك أو دفع الظلم عنك إلا بهذه
الرشوة .
والله أعلم .
*****
72291
وقوع الطلاق بالكتابة
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/7062)
سؤال رقم 72291- وقوع الطلاق بالكتابة
إذا كتب الزوج لزوجته رسالة بالهاتف المحمول : أنت طالق ، ثم قال لم أقصد الطلاق ، هل يقع بذلك الطلاق ؟.
الحمد لله
أولاً :
" اتفق الفقهاء على وقوع الطلاق بالكتابة , لأن الكتابة حروف
يفهم منها الطلاق , فأشبهت النطق ; ولأن الكتابة تقوم مقام قول الكاتب , بدليل أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتبليغ الرسالة , فبلغ بالقول مرة , وبالكتابة
أخرى . والكتابة التي يقع بها الطلاق إنما هي الكتابة المستبينة , كالكتابة على
الصحيفة والحائط والأرض , على وجه يمكن فهمه وقراءته . وأما الكتابة غير المستبينة
كالكتابة على الهواء والماء وشيء لا يمكن فهمه وقراءته , فلا يقع بها الطلاق , لأن
هذه الكتابة بمنزلة الهمس بلسانه بما لا يسمع " انتهى .
"الموسوعة الفقهية" (12/217) .
ثانياً :
إذا كتب الزوج رسالة لزوجته : أنت طالق ، سواء كانت بالهاتف
المحمول أو على ورقة أو بالبريد الإلكتروني ، فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة
، فإن كان عازما على الطلاق ، وقع الطلاق ، وإن كتب ذلك ولم يكن ناوياً للطلاق ،
وإنما أراد إدخال الحزن على زوجته أو غير ذلك من المقاصد لم يقع الطلاق .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق ،
إلا في موضعين : أحدهما ، من لا يقدر على الكلام ، كالأخرس إذا طلق بالإشارة ، طلقت
زوجته ...
الموضع الثاني : إذا كتب الطلاق ، فإن نواه طلقت زوجته ، وبهذا
قال الشعبي ، والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي ".
وإن كتب بلا نية الطلاق ، لم يقع عند الجمهور : " لأن الكتابة
محتملة ، فإنه يقصد بها تجربة القلم ، وتجويد الخط ، وغم الأهل ، من غير نية" . انتهى من "المغني" (7/373) .
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/346) : " فلو قال كاتب الطلاق :
لم أرد إلا تجويد خطي ، أو لم أرد إلا غم أهلي , قُبل ؛ لأنه أعلم بنيته ، وقد نوى
محتملا غير الطلاق . . . وإذا أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته ، لا يكون
ناويا للطلاق " انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : رجل كان جالسا مع أخته وزوجته
فطلب من أخته أن تجيء بالقلم فكتب على ورقة : طلاق طلاق بغير إضافة إلى أحد فغضبت
أخته وأخذت القلم ثم كتبت ثلاث مرات طلاق طلاق طلاق ثم ألقى الورقة إلى امرأته وقال
لها : انظري هل صحيح ما كتبت ؟ وهو لم يرد كتابة هذه الألفاظ لامرأته .
فأجاب : " هذا الطلاق غير واقع على المرأة المذكورة إذا كان لم
يقصد به طلاقها , وإنما مجرد الكتابة أو أراد شيئا آخر غير الطلاق , لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات . . . ) الحديث .
وهذا قول جمع كثير من أهل العلم وحكاه بعضهم قول الجمهور , لأن
الكتابة في معنى الكناية , والكناية لا يقع بها الطلاق إلا مع النية في أصح قولي
العلماء ، إلا أن يقترن بالكتابة ما يدل على قصد إيقاع الطلاق فيقع بها الطلاق .
والحادثة المذكورة ليس فيها ما يدل على قصد إيقاع الطلاق والأصل
بقاء النكاح والعمل بالنية " انتهى .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" فقد وصلنا استفتاؤك وفهمنا ما تضمنه من أن رجلاً كتب طلاق
زوجته فلانة بنت فلان طلقة واحدة ، وأنه ذيل الكتابة بتوقيعه واسمه ، وأنه لم يقصد
إيقاع الطلاق بزوجته ، ولم ينوه إطلاقاً ، بل كتب الورقة ليرهب زوجته ويهددها لكي
ترتدع عن معاملتها السيئة لزوجها إلى آخر ما ذكر . وتسأل هل يقع الطلاق من الرجل
المذكور على الزوجة ، أم لا ؟
والجواب : الحمد لله , إذا كان الأمر كما ذكرت في أنه لم يقصد من
كتابته صريح طلاق زوجته إلا تهديدها وإرهابها لترتدع عن معاملتها السيئة له ، وأنه
لم يقصد الطلاق ولم ينوه إطلاقاً فلا يقع الطلاق المذكور ، وبالله التوفيق " انتهى .
"فتاوى محمد بن إبراهيم" (11/سؤال رقم 3051) .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم أيضاً عن رجل كتب طلاق امرأته وأراد
بذلك غم أهله وتهديدها .
فأجاب :
" يظهر لنا أن الطلاق غير واقع ، وإنما أراد من هذه الورقة غم
أهله وتهديدها ، وقد ذكر العلماء أنه إذا قصد من كتابة الطلاق تجويد خطه أو غم أهله
قبل منه مقصده ولا يقع الطلاق ، قال في "شرح زاد المستقنع– الجزء الثالث ص150" :
ومن كتب صريح طلاق امرأته بما يبين وقع وإن لم ينوه ، لأنها صريحة فيه ؛ فإن قال :
لم أرد إلا تجويد خطي أو غم أهلي قبل . اهـ . وبالله التوفيق " انتهى .
"فتاوى محمد بن إبراهيم" (11/السؤال رقم 3050) .
*****
72398
يصلون الجماعة في البيت
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/7063)
سؤال رقم 72398- يصلون الجماعة في البيت
هل تجوز صلاة الجماعة في البيت ، ولا يذهب إلى المسجد ؟.
الحمد لله
" ننصح هؤلاء بأن يتقوا الله سبحانه وتعالى ، ويصلوا الجماعة مع
المسلمين في المساجد ، فإن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن صلاة
الجماعة واجبة في المساجد ، وأنه لا يجوز للرجل أن يتخلف عن صلاة الجماعة في
المساجد إلا إذا كان لعذر , لأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ( لقد هممت أن آمر
بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس , ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب
إلى قوم لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) .
هؤلاء القوم قد يكونون يصلون , لكن الرسول عليه الصلاة والسلام
أراد أن يصلوا مع الجماعة الذين نصبهم الشرع , والجماعة الذين نصبهم الشرع هم
الجماعة الذين يصلون في المساجد , المساجد التي يدعى إلى الحضور إليها عند الصلاة ,
ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( من سره أن يلقى الله غداً مسلماً
فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ) .
فقال : (حيث ينادى بهن) , و (حيث) ظرف مكان , أي : فليحافظ عليها
في المكان الذي ينادى لها فيه . هذا في الصلوات الخمس .
أما الجمعة فواجبة في المساجد قطعاً.
وأما النافلة فيقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( أفضل صلاة في
بيته إلا المكتوبة ) .
وعلى هذا فالأفضل للإنسان أن يصلي صلاة التطوع في بيته ماعدا
التطوع الذي شرع في المساجد كصلاة الكسوف مثلاً على القول بأنها غير واجبة , والله
الموفق " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/19) .
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضاً :
" لا يجوز لأحد , أو لجماعة أن يصلوا في البيت والمسجد قريب منهم
, أما إذا كان المسجد بعيداً ولا يسمعون النداء فلا حرج عليهم أن يصلوا جماعة في
البيت , وتهاون بعض الناس في هذه المسألة مبني على قولٍ لبعض العلماء رحمهم الله من
أن المقصود في صلاة الجماعة أن يجتمع الناس على الصلاة ولو في غير المسجد , فإذا
صلى الناس جماعة ولو في بيوتهم فإنهم قد قاموا بالواجب .
ولكن الصحيح أنه لا بد أن تكون الجماعة في المساجد ، لقول النبي
صلي الله عليه وسلم : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام . . . ثم ذكر الحديث السابق
) " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/20) .
*****
7501
ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/7064)
سؤال رقم 7501- ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية
السؤال :
ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية فأنا عادتي في كل شهر من الدورة تسعة أيام ولكن في بعض الأشهر يأتي خارج أيام الدورة ولكن بنسبة أقل جداً وتستمر معي هذه الحالة لمدة يوم أو يومين فهل تجب علي الصلاة والصيام أثناء ذلك أم القضاء ؟ .
الجواب :
الحمد لله
هذا الدم الزائد عن العادة هو دم عرق ولا يحسب من العادة فالمرأة التي تعرف عادتها تبقى زمن العادة لا تصلي ولا تصوم ولا تمس المصحف ولا يأتيها زوجها في الفرج فإذا طهرت وانقطعت أيام عدتها واغتسلت فهي في حكم الطاهرات ولو رأت شيئاً من دم أو صفرة أو كدرة فذلك استحاضة لا تردها عن الصلاة ونحوها .
فتاوى الشيخ ابن باز .
*****
7529
هل يلزم الغسل من حصول الاستمتاع
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/7065)
سؤال رقم 7529- هل يلزم الغسل من حصول الاستمتاع
السؤال :
سؤالي هو متى يجب الغسل على المرأة بعد أن تكون مع زوجها ؟ الأهم : إذا لم يجامعا بعضهما جماعاً كاملاً وكل ما حدث أنه حصل بينهما شيء من الاستمتاع باستعمال اليد فقط فهل عليها غسل قبل صيامها اليوم التالي؟.
الجواب :
الحمد لله
يجب الغسل على الرجل والمرأة على حد سواء عند حصول
أحد أمرين :
1. التقاء
الختانين ، أي الإيلاج وهو حصول الجماع ، ولو لم يُنزلا . لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إذا التقى الختانان وغابت الحشفة ، فقد وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل
) رواه أبو داود وهو في صحيح سنن أبي داود 209 .
2. الإنزال
ولو بدون التقاء الختانين ، ولو كان بسبب الاستمتاع باليد ونحوها . لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إنما الماء من الماء ) رواه مسلم 151 . أي إن الغسل
يجب عند نزول الماء أي المني .
وأمّا الصيام فلا يلزم لصحّته أن يغتسل الإنسان من
الجنابة قبل الفجر بل لو بدأ يوم الصيام وهو جُنُب فصيامه صحيح (
يُنظر 70 مسألة في الصيام ) وإنما عليه المبادرة إلى الغسل لإدراك صلاة
الفجر .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
75307
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/7066)
سؤال رقم 75307- وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير ، مع أنه غير مكلف ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون
، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) . فالزكاة واجبة في المال ، فهي عبادة مالية
تجب متى توفرت شروطها ، كملك النصاب ، ومرور الحول .
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن :
( أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ،
تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) رواه
البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني ، وهذا بعمومه
يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال .
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ
النَّاسَ فَقَالَ : ( أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ
وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه
النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي . وقد ثبت ذلك
من قول عمر رضي الله عنه ، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال : إسناده صحيح .
وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" .
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر
رضي الله عنهم .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله ، كما لا
تجب عليه سائر العبادات ؛ كالصلاة والصيام ، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة
الفطر .
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي
فلأنهما عبادات بدنية ، وبدن الصبي لا يتحملها ، أما الزكاة فهي حق مالي ، والحقوق
المالية تجب على الصبي ، كما لو أتلف مال إنسان ، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله ،
وكنفقة الأقارب ، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك .
وقالوا أيضا : ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر
على الصبي ، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود ، فكما وجبت الزكاة عليه
في الزروع تجب عليه في سائر الأموال ، ولا فرق .
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما ، كلما
حال عليه الحول ، ولا ينتظر بلوغ الصبي .
قال ابن قدامة في المغني :
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن
الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ
العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون ,
فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى .
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ، ويجب على
الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ، ونفقة الأقارب وغير
ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون
بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى
بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى .
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا
أنه لا يخرجها حتى يبلغ ، وكلاهما ضعيف لا يصح . ضعفهما النووي في المجموع
(5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما ، فهل تجب في هذه الأموال زكاة ؟
وإن كان كذلك فمن يخرجها ؟
فأجاب :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة
وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، وعلى ولي
الأيتام أن يخرجها في وقتها . . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم ،
لأنها بموته دخلت ملكهم ، والله ولي التوفيق " انتهى .
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ؟
فأجابوا :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ، وهذا قول علي وابن
عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر ، ويجب على الولي
إخراجها ، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة ،
ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان
مما قال له : ( أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه الجماعة ، ولفظة : (الأغنياء) تشمل : الصغير والمجنون ، كما
شملهما لفظ الفقراء ، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة ) وهو مرسل . وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد قال ذلك عمر
للناس وأمرهم ، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته .
وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني
وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في الشرح الممتع (6/14) .
*****
7636
شراء مجلات الأزياء النسائية المصورة
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/7067)
سؤال رقم 7636- شراء مجلات الأزياء النسائية المصورة
السؤال :
ما حكم أخذ المجلات التي فيها صور نساء لأخذ أنواع الموديلات التي تتناسب مع شريعتنا السمحة ، وترك ما يكون مخالفاً لها ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز لك أن تشتري هذه المجلات التي بها صور أزياء مختلفة لما فيها من الفتنة وترويج مثل هذه المجلات الضارة ، ويسعك في اللباس ما يسع نساء بلدك .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/75.
*****
782
بيع بطاقات أعياد النّصارى
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7068)
سؤال رقم 782- بيع بطاقات أعياد النّصارى
أنا أعمل محاسب. وفي العمل يوجد بطاقات عيد ميلاد المسيح عليها عبارات شركية مثل (عيسى هو الله - وهو يحبك)… الخ . إذا كان العميل يحضر لي هذه البطاقات فأبين له أنصحه) ، وأضع النقود في آلة التسجيل. فهل أنا كافر ؟
أنا أكره الشرك ، وأكره المسيحية ، وأكره المسيحيين ، فهل أنا كافر ؟
الحمد لله
ما دمت مؤمنا كارها للشرك كارها لدين النّصارى فلست بكافر بل أنت مسلم ما دمت على التوحيد ولم ترتكب ما يُخرج من الدّين ، ولكن لا بدّ أن تعلم أنّه لا يجوز لمسلم أن يعين الكفار بأي وسيلة على إقامة أعيادهم والاحتفال بها ومن ذلك بيع ما يستخدمونه في أعيادهم . قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العظيم اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم : " فأمّا بيع المسلم لهم في أعيادهم ما يستعينون به على عيدهم من الطعام واللباس والرّيحان ونحو ذلك أو إهداء ذلك لهم فهذا فيه نوع إعانة على إقامة عيدهم المحرّم . وهو مبني على أصل وهو : أنّه لا يجوز أن يبيع الكفّار عنبا أو عصيرا يتخذّونه خمرا . وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحا يقاتلون به مسلما . "
ثمّ نقل عن عبد الملك بن حبيب من علماء المالكية قوله : " ألا ترى أنّه لا يحلّ للمسلمين أن يبيعوا من النصّارى شيئا من مصلحة عيدهم ؟ لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يُعارون دابّة ولا يعاونون على شيء من عيدهم لأنّ ذلك من تعظيم شركهم ومن عونهم على كفرهم .." الاقتضاء ص: 229 ، 231 ط. دار المعرفة بتحقيق الفقي .
نسأل الله أن يثبتك على الحقّ ويجنبّك الباطل ويرزقك من لدنه رزقا حسنا . وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
78375
المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/7069)
سؤال رقم 78375- المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام
ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها ؟.
الحمد لله
أولاً : من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية : حفظ النسل
والأعراض ؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة
رجل بامرأة أجنبية منه ، ونظرة آثمة ، وسفر بلا محرم ، وخروج المرأة من بيتها معطرة
متبرجة كاسية عارية .
ومن ذلك : حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول
إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء
في طريق ، أو في محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك .
وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات
- أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ،
وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32 . راجع سؤال رقم ( 10221 )
.
والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة ، عن طريق النت هي باب
من أبواب الفتنة والشر ، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو
إلى الإعجاب والافتتان غالبا ، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك ،
ابتغاء مرضاة الله ، وحذرا من عقابه .
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء ، حتى أوقعتهم
في عشق وهيام ، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك . راجع سؤال رقم ( 34841 )
.
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات
علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام ؟
فأجاب :
" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه ؛ لما في ذلك من
فتنة ، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة ، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه
بها ، ويغريها به . وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه ،
وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه .
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد
عنها وإن كان السائل يقول : إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى .
"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .
ثانياً :
الصائم مأمور بتقوى الله تعالى ، وفعل ما أمر ، واجتناب ما نهى
عنه .
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما
المقصود تحقيق تقوى الله تعالى ( لعلكم تتقون ) ، وتهذيب النفس ، والتخلي عن رذائل
الأعمال ، وسفاسف الأخلاق ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من
الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث ) رواه الحاكم ، وصححه الألباني
في صحيح الجامع (5376) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 50063 )
بيان أثر المعاصي على الصوم وأنها قد تذهب ثوابه بالكلية .
والله أعلم .
*****
7853
دفع الزكاة لأهل الشيشان
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7070)
سؤال رقم 7853- دفع الزكاة لأهل الشيشان
السؤال :
هل يجوز دفع الزكاة لأهل الشيشان في ظل الظروف الحاضرة من الغزو الروسي ؟ .
الجواب :
نعم يجوز دفع الزكاة للمسلمين في الشيشان سواءاً كانوا من المدنين العزل في مخيمات اللاجئين وغيرها ما داموا من الفقراء والمساكين ، بل إن كثيراً منهم يدخلون كذلك في ابن السبيل أو سواءاً كانوا من المقاتلين للروس الكفرة لأنهم يدخلون في قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) ، نسأل الله أن ينصر المسلمين ويذل الكفار ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7895
هل يوجد تشهد بعد سجدتي السهو
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/7071)
سؤال رقم 7895- هل يوجد تشهد بعد سجدتي السهو
السؤال : هل من الواجب أن أكرر التشهد بعد سجدة السهو؟.
الجواب :
الحمد لله
لا تشهد بعد سجود السهو لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعله كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ( أنظر سؤال رقم 211) ولو فعله لبيّنه أصحابه ونقلوه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : صلوا كما رأيتموني أصلي .
قال الشيخ الموفق بن قدامة :
.. وقال ابن سيرين ، وابن المنذر ( عن سجدتي السهو ) : فيهما تسليم بغير تشهد .
قال ابن المنذر : التسليم فيهما ثابت من غير وجهٍ ، وفي ثبوت التشهد نظر . المغني ( 2 / 431 ، 432 ) .
ومن فوائد حديث ذي اليدين قال النووي :
ومنها : إثبات سجود السهو .
وأنه سجدتان ، وأنه يكبر لكل واحدة منهما ، وأنهما على هيئة سجود الصلاة لأنه أطلق السجود فلو خالف المعتاد لبينه ، وأنه يسلم من سجود السهو ، وأنه لا تشهد له ، وأن سجود السهو في الزيادة يكون بعد السلام . " شرح مسلم " ( 5 / 71 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
79345
هل هناك فرق بين صلاة الصبح وصلاة الفجر ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/7072)
سؤال رقم 79345- هل هناك فرق بين صلاة الصبح وصلاة الفجر ؟
ما هو الفرق بين صلاة الفجر والصبح ؟.
الحمد لله
صلاة الفجر هي صلاة الصبح ، لا فرق بينهما ، وهي ركعتان مفروضتان
، يبدأ وقتها من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس . ولها سنة قبليّة ، ركعتان ،
وتسمى سنة الفجر أو سنة الصبح ، أو ركعتي الفجر .
وقد ورد في السنة إطلاق "صلاة الصبح" و "صلاة الفجر" على هذه
الفريضة الشريفة ، ومن ذلك : ما رواه مسلم (656) عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي
عَمْرَةَ قَالَ : دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْمَسْجِدَ بَعْدَ صَلَاةِ
الْمَغْرِبِ فَقَعَدَ وَحْدَهُ فَقَعَدْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ،
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ
صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ ، وَمَنْ
صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ )
وما رواه البخاري (556) ومسلم (608) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ
الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ
قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلاتَهُ ).
وأما تسميتها "صلاة الفجر " ففي نحو ما رواه مسلم (670) عَنْ
جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا .
وما رواه البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ ، وَهَلْ
أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ .
وما رواه البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ
وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ
بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ
عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ
يُصَلُّونَ ).
وراجع السؤال رقم ( 65941 )
( 26763 ) لمعرفة وقت صلاة الفجر
(الصبح) ، والسؤال رقم ( 65746 )
لمزيد الفائدة حول سنة الفجر .
والله أعلم .
*****
7969
فاتتها صلوات في الماضي ماذا تفعل ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >(1/7073)
سؤال رقم 7969- فاتتها صلوات في الماضي ماذا تفعل ؟
السؤال :
خالتي ( عمتي ) طلبت مني أن أسألك هذا السؤال :
في الماضي فاتها صلوات فرض والآن تريد أن تعرف ماذا تقول الشريعة عن صلاتها التي فاتتها في الماضي سأقدر لكم إجابتكم عن السؤال بارك الله فيك وجزاك خيراً.
الجواب :
الحمد لله
لا يبدو واضحا في السؤال ما إذا كانت عمتك / أو خالتك
قد فاتتها الصلاة بعذر كنوم أو نسيان أو فقد للوعي ونحوه من الأعذار أو كان فوات
الصلوات قد حصل عمدا بلا عذر ، وعلى أية حال إن كان فواتها لعذر وجب عليها قضاء
تلك الفوائت مع التوبة من التأخير .
أما إن كان تركها للصلاة دون عذر ، إما جحدا لوجوب
الصلاة أو تهاونا بشأنها وتكاسلا للقيام إليها ، فإن الراجح من أقوال هل العلم
أن تارك الصلاة جحدا لوجوبها أو تكاسلا وتهاونا ، لا سبيل له إلى قضائها ، فإنّ
لله عملا بالليل لا يقبله بالنهار وعملا بالنهار لا يقبله بالليل (
يُنظر كتاب : أريد أن اتوب ولكن ) ويكون تارك الصلاة عمدا كافرا إذا تركها
بالكلية فإذا تاب وصلى رجع إلى الإسلام ولا يُؤمر بقضاء ما تركه ولكنه يُنصح بالاستكثار
من النوافل والإسلام يجب ما قبله .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه
الله السؤال التالي :
( إنني امرأة مسلمة والحمد لله وقد كنت قبل وقت لا
أصلي ولا أعرف أي شيء عن أمور الدين . وأما الآن والحمد لله فقد هداني الله وبدات
بالصلاة والصوم وقراءة القرآن الكريم والتسبيح ، وقد ختمت القرآن الكريم للمرة
العاشرة ، فهل يغفر الله لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت في حياتي . وما أفعل أكثر
من هذا حتى يغفر الله لي ؟
الجواب : التوبة تجب ما قبلها ، فما دمت أنك والحمد
لله قد تبت توبة صحيحة وأديت ما أوجب الله عليك وتجنبت ما حرم الله عليك فالتوبة
يغفر الله بها ما سبق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) .
حتى الشرك من ( وقع فيه فتاب ) منه تاب الله عليه
، كما قال تعالى : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، والنبي صلى
الله عليه وسلم يقول : ( الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها ) رواه
احمد 4/204 . فإذا كنت تبت توبة صحيحة وأديت ما أوجب الله عليك وتجنبت ما حرم
الله عليك فإن ذلك يكفي إن شاء الله لمغفرة ما سبق ، ولكن عليك بإحسان العمل في
المستقبل وملازمة التوبة والقيام بما أوجب الله عليك من أمور الإسلام ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
8048
بين وقت الفجر في التقويم وطلوع الشمس ساعة ونصف . هل يصح هذا ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/7074)
سؤال رقم 8048- بين وقت الفجر في التقويم وطلوع الشمس ساعة ونصف . هل يصح هذا ؟
السؤال :
السؤال يرحمكم الله عن موعد صلاة الفجر , متى يبدأ ؟ عندنا في مصر يوجد فرق بين موعد الصلاة في النتيجة وموعد الشروق بما لا يقل عن ساعة ونصف. فهل هذا صحيح .
الجواب :
الحمد لله
وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس ، فمتى صلّى في هذا الوقت فقد أدّى الصلاة في وقتها ، ومن أخّرها متعمداً حتى طلعت الشمس فقد أتى ذنباً عظيماً . وبعض أهل العلم يرى أنه يصير كمن تركها فيجب الحذر من تأخير الصلاة عن وقتها . ومقدار ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس قريبٌ من ساعة ونصف كما هو مبيّنٌ في التقويم ، وقد صار التقويم هو الوسيلة للناس في معرفة مواقيت الصلاة بالساعة والدقيقة ، فينبغي العناية بذلك لأن الصلوات الخمس عمود الإسلام ، فيجب على المسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها كما قال تعالى : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) ، وقال تعالى : ( حافظوا على الصلاة والصلاة الوسطى ) ، والصلاة الوسطى هي صلاة العصر .
كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك.
*****
8189
من أحق بحضانة الطفل في الإسلام
الفقه > معاملات > الحضانة >(1/7075)
سؤال رقم 8189- من أحق بحضانة الطفل في الإسلام
بعد زواج دام عدة سنوات ، طلق الرجل زوجته وحاول أخذ طفلها منها ، وهي تسأل من أحق بحضانة الطفل هي أم طليقها ، خصوصا أنها ستسافر للعيش مع أهلها في بلد آخر ؟.
الحمد لله
النساء أحق بحضانة الطفل من الرجال ، وهن الأصل في ذلك ، لأنهن أشفق وأرفق وأهدى
إلى تربية الصغار ، وأصبر على تحمل المشاق في هذا المجال ، وأن الأم أحق بحضانة
ولدها ذكراً كان أو أنثى ما لم تنكح وتوفرت فيها شروط الحاضنة باتفاق .
ويشترط في الحاضن : التكليف ، والحرية ، والعدالة
، والإسلام إذا كان المحضون مسلماً ، والقدرة على القيام بواجبات المحضون ، وأن
لا تكون متزوجة بأجنبي من المحضون ، وإذا فقد شرط من الشروط وطرأ المانع كالجنون
أو الزواج ونحو ذلك سقط حق الحضانة ، ثم إذا زال المانع رجع الحاضن في حقه ،
ولكن الأولى مراعاة مصلحة المحضون ، لأن حقه مقدم .
ومدة الحضانة إلى سن التمييز والاستغناء ، أي تستمر
الحضانة إلى أن يميز المحضون ويستغني ، بمعنى أن يأكل وحده ويشرب وحده ، ويستنجي
وحده ونحو ذلك .
وإذا بلغ هذا الحد انتهت مدة الحضانة ذكراً كان
أو أنثى ، وذلك في سبع سنين أو ثمان سنين .
أما عن أثر السفر في انتقال الحضانة : فإذا افترق
الأبوان واختلفا في حضانة الولد فيكون لسفرهما صور :
1- إذا أراد أحد الأبوين السفر غير نقلة ، بأنه
يريد أن يرجع فالمقيم أحق بالولد .
2- وإذا أراد أحدهما سفراً لقصد الاستيطان والإقامة
وكان البلد أو الطريق مخوفاُ فالمقيم أحق به .
3- وإذا أراد أحدهما سفراً للانتقال والإقامة في
البلد ، وكان البلد والطريق آمنين فالأب أولى به من الأم ، سواء كان المنتقل
أباً أو أماً .
4- وإذا أراد الأبوان السفر جميعاً إلى بلدة واحدة
فالأم باقية على حضانتها .
5- لو كان السفر قريباً بحيث يراهم الأب ويرونه
كل يوم فتكون الأم على حضانتها .
عند بلوغ الولد حد الاستغناء تنتهي مدة الحضانة
، وتبدأ مدة كفالة الصغار إلى أن يبلغ الحلم أو تحيض البنت ، فتنتهي مدة الكفالة
، ويكون الولد حراً في تصرفه .
حق المرأة في كفالة الصغار : يظهر من مذاهب الفقهاء
أن للنساء حقاً في كفالة الولد في الجملة ولا سيما الأم والجدة ، إلا أن الخلاف
واقع بينهم فيمن هو أحق بالكفالة إذا تنازع الأبوان ، وكانا أهلاً للكفالة ،
فيرى المالكية والظاهرية أن الأم أحق بكفالة الولد ذكراً أو أنثى ، ويرى الحنابلة
التخيير في الذكر ، وأما الأنثى فالأب أحق بها ، ويرى الحنفية أن الأب أحق بالغلام
، والأم أحق بالجارية ، ولعل الراجح هو التخيير إذا تنازعا وتوفرت فيهما شروط
الكفالة .
من كتاب ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ص 692.
*****
81915
كيف يتصرف في المال الحرام بعد التوبة مع حاجته له ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/7076)
سؤال رقم 81915- كيف يتصرف في المال الحرام بعد التوبة مع حاجته له ؟
أعمل محاسبا بدولة عربية منذ سنوات وعلمت خلالها أن عملي هذا حرام وأني من كتبة الربا ، حيث إنني أقوم بإثبات الفوائد البنكية المطلوبة من شركتي للبنك نظير اقتراض الشركة من البنك وهذا العمل دائما ينغص علي حياتي . والآن أريد أن أعود لبلدي وكل ما أملكه لأبدأ حياتي من جديد مع أسرتي من المتوفر من هذا الراتب !! فماذا أفعل ؟ والبعض قال لي بأنه ينبغي أن أتوب وأتصرف في كل هذا المال ولا أستفيد منه !! .. وآخر قال لي لابد من التوبة مع الاستفادة من المال مع كثرة الصدقة مع العلم بأنه ليس لي أي مصدر رزق ولا رأس مال أبدأ به حياتي غير هذا المال ولا يمكن بأن أتوظف بوظيفة حكومية لصعوبة ذلك .. أفدني وجزيت خيراً ماذا أفعل لأبدأ حياتي ؟.
الحمد لله
أولا :
العمل في مجال تسجيل الربا أو حسابه ، أو كتابة خطاباته ، أو نحو
ذلك مما فيه إعانة عليه ، لا يجوز ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ، قال
الله تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
المائدة/2 ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، وموكله ، وكاتبه ،
وشاهديه ، وقال : هم سواء . رواه مسلم (1598) من حديث جابر رضي الله عنه .
فالواجب ترك العمل في هذا المجال والاقتصار على الأعمال المباحة
، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وانظر جواب السؤال رقم ( 21113 )
ثانيا :
من اكتسب مالاً بطريق محرم ، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة
وشهادة الزور ، والأجرة على كتابة الربا ، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة ، ثم تاب
إلى الله تعالى وندم على ما فعل ،
فإن كان قد أنفق المال ، فلا شيء عليه ، وإن كان المال في يده ،
فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجه الخير ، وإذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر
الحاجة ، ويتخلص من الباقي .
قال ابن القيم رحمه الله : " إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض
العوض ، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده .
فقالت طائفة : يرده إلى مالكه ؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لربه
في مقابلته نفع مباح .
وقالت طائفة : بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه ،
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج
السالكين" (1/389).
وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد"
(5/778) وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة إنما يكون : " بالتصدق به ،
فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته ، ويتصدق بالباقي " انتهى .
وقال شيخ الإسلام : " فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار ،
وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم ، فإن كان يقدر يتجر أو
يعمل صنعة كالنسج والغزل ، أعطي ما يكون له رأس مال " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (29/308).
وينظر تفصيل هذه المسألة في : "الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة" ، للدكتور
عبد الله بن محمد السعيدي (2/779- 874).
ثالثا :
يستفاد من الكلام السابق لشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن
التائب إن كان محتاجا فإنه يأخذ من المال قدر حاجته ، وله أن يستثمر شيئا منه يجعله
رأس مال في تجارة أو صناعة .
رابعا :
حيث إن عملك منه ما هو مباح ، ومنه ما هو محرم ، فاجتهد في تقدير
نسبة الحرام ، وتخلص مما يقابلها من المال الذي في يدك ؛ فإن شق عليك التقدير ،
فتخلص من نصفه ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل
قدر كل منهما ، جعل ذلك نصفين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/307) .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون على ما فيه صلاحك وسعادتك
في الدنيا والآخرة ، وكن موقنا بأن الله هو الرزاق الرحيم الكريم الذي لا يتخلى عن
عبده التائب المنيب إليه ، بل يفتح عليه ، ويوسع في رزقه ، ويبارك في ماله ، ويفيض
عليه من رحماته ، لأنه يحب توبته ، ويفرح بندمه ، ويقابل الإحسان بعظيم الإحسان ،
قال جل شأنه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ
عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 . وقال سبحانه : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 .
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
والله أعلم .
*****
8196
أخذ الأجرة على حلق اللحية حرام
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/7077)
سؤال رقم 8196- أخذ الأجرة على حلق اللحية حرام
السؤال : بعض أصحاب صالونات الحلاقة يحلقون لحى بعض الناس فما حكم المال الذي يأخذونه بسبب عملهم ؟.
الجواب :
الحمد لله
حلق اللحية وقصها محرم ومنكر ظاهر ، لا يجوز للمسلم فعله ولا الإعانة عليه ،
وأخذ الأجرة على ذلك حرام وسحت ، يجب على من فعل ذلك التوبة إلى الله منه وعدم
العودة إليه ، والصدقة بما دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه في
تحريم حلق اللحى فإن كان جاهلاً فلا حرج عليه فيما سلف وعليه الحذر من ذلك مستقبلاً
؛ لقول الله عز وجل في أكلة الربا : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف
وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) البقرة/275
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين )
، وفي صحيح البخاري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( قصوا الشوارب
ووفروا اللحى خالفوا المشركين ) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس
) فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في إعفاء لحيته وتوفيرها ، وقص الشارب
وإحفائه ، ولا ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة وبارز ربه بالمعصية
نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل ما فيه رضاه :
وأن يعينهم على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن يمن على من خالف
أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتوبة النصوح إلى ربه والمبادرة إلى طاعته
وامتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، إنه سميع قريب.
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8 ص / 372.
*****
81995
من قبل امرأة أجنبية هل يعتبر زانيا ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/7078)
سؤال رقم 81995- من قبل امرأة أجنبية هل يعتبر زانيا ؟
قبلتني امرأة فاستجبت لها ، وأخذنا في اللمس والتقبيل ، وما إن طلبت مني أن ألج فيها رفضت خوفا من عقوبة الزاني عند الله . فهل أنا بذلك أكون زانيا ؟ لقد أدخلت أصبعي فقط .
الحمد لله
أولا :
ما قمت به من تقبيل هذه المرأة ولمسها عمل محرم قبيح ، يلزمك
التوبة منه بالندم على فعله ، والعزم على عدم العود إليه ، كما يلزمك البعد عن
أسباب الفتنة ، من الاختلاط والخلوة والنظر المحرم ، وأن تحمد الله تعالى أن عصمك
من الوقوع في كبيرة الزنا التي رتب الله عليها الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة ،
ومن ذلك : أن أوجب الحد على الزاني برجمه حتى الموت إن كان محصنا ، وبجلده مائة
جلدة إن كان غير محصن .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الزنا من الأسباب التي
يعذب بها العصاة في قبورهم ، وأخبرنا عن هول هذا العذاب ، فانظره في جواب السؤال ( 8829 )
.
وما أجرأ هذه المرأة على حدود الله ، تدعو للحرام ، وتطلب المنكر
، وتخوض في الإثم ، دون خوف أو وجل ، فما أعظم نعمة الله عليك أن وقفت عند هذا الحد
، وكان في قلبك بقية إيمان منعتك من المنكر الأعظم .
ثانيا :
لا شك أن الزنا الذي يعاقب صاحبه بما ذكرنا هو الإيلاج ، إدخال
الفرج في الفرج ، وأما مقدمات الزنى من اللمس والتقبيل وإدخال الإصبع في الفرج ،
فإنها مع تحريمها وشناعتها وكون المجترئ عليها قد يعاقب بالوقوع فيما وراءها ، إلا
أن صاحبها لا يحد حد الزاني ولا يعاقب عقوبته ، بل يعزر ويؤدب . وأما التسمية ، فإن
الشرع سمى هذه الأعمال زنى ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (6243) ومسلم (2657)
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ
ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ
الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ
كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ) .
وفي رواية لمسلم : ( فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ ،
وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ ،
وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا ، وَالْقَلْبُ
يَهْوَى وَيَتَمَنَّى ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ ).
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله : " سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق
زِنًا لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ , وَلِذَلِكَ قَالَ (
وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ وَيُكَذِّبهُ ) " انتهى نقلا عن "فتح الباري".
فبادر بالتوبة إلى الله تعالى ، واقطع الصلة بهذه المرأة التي قد
تسلبك إيمانك وعفتك ، وتجعلك في عداد الفاسقين الفاجرين ، نسأل الله السلامة
والعافية ، واحذر خطوات الشيطان ، فإن الأمر يبدأ بالنظرة ، وقد ينتهي بالفاحشة ،
عافانا الله وإياك .
والله أعلم .
*****
82559
المدرس يطلب منهم الصلاة على النبي 300 مرة قبل الدرس
أصول الفقه > البدعة >(1/7079)
سؤال رقم 82559- المدرس يطلب منهم الصلاة على النبي 300 مرة قبل الدرس
أحضر درسا في تعلم أحكام التلاوة .. إلا أن الشيخ يطلب من جميع الحاضرين أن " يصلوا على النبي عليه الصلاة والسلام " 300 مرة ( سرا ) قبل البدء بالدرس .. ويقول إن الصلاة على النبي سبب في القرب منه يوم القيامة وذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قال " أكثركم صلاة علي أقربكم مني يوم القيامة " فهل يجوز المشاركة معهم في مثل ذلك ؟ وإلا فهل يجوز لي أن أسر بذكر آخر كالاستغفار ونحو ذلك ؟.
الحمد لله
التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا العدد قبل
الدرس ، ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه ولا التابعين لهم
بإحسان ، وما كان كذلك فهو من البدع والمحدثات ، التي نهانا عنها ، وحذرنا منها
الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم ومحدثات الأمور فإن
كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) رواه الترمذي (2600) و أبو داود (3991 )
وابن ماجة (42) وصححه الألباني في صحيح الجامع (2549) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ
عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه مسلم (1718).
ووجه كون هذا العمل من البدع والمحدثات : أن العبادة لابد أن
تكون مشروعة في ذاتها ، وكيفيتها ، ووقتها ، ومقدارها ؛ إذ لا يُعبد الله تعالى إلا
بما شرع في كتابه أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والذكر قد يكون مشروعا في أصله ، لكن تصحبه كيفية ، أو تقييدٌ
بمكانٍ ، أو زمانٍ ، أو عدد يُدخله في عداد المحدثات .
ويدل على ذلك ما رواه الدارمي (204) عن عمرو بن سلمة قَالَ :
كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلاةِ
الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِد ،ِ فَجَاءَنَا
أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَقَال : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بَعْدُ ؟ قُلْنَا : لا . فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَج ،َ فَلَمَّا
خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَن ،ِ إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ
أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلا خَيْرًا ، قَال :َ فَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ إِنْ عِشْتَ
فَسَتَرَاه .ُ قَال :َ رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا
يَنْتَظِرُونَ الصَّلاةَ ، فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُل ،ٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى ،
فَيَقُول :ُ كَبِّرُوا مِائَة ،ً فَيُكَبِّرُونَ مِائَة ،ً فَيَقُول :ُ هَلِّلُوا
مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَة ،ً وَيَقُول :ُ سَبِّحُوا مِائَة ،ً
فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً . قَال :َ فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَال :َ مَا قُلْتُ
لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِك ،َ وَانْتِظَارَ أَمْرِك .َ قَال :َ أَفَلا
أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لا يَضِيعَ
مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ
تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِم ،ْ فَقَال :َ مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ
تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَصًى نَعُدُّ بِهِ
التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيح .َ قَال :َ فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ،
فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ ، وَيْحَكُمْ يَا
أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ! هَؤُلاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ
تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ
أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلالَةٍ . قَالُوا :
وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلا الْخَيْرَ . قَالَ :
وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا
يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ
مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ رَأَيْنَا
عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ
الْخَوَارِجِ .
فتأمل هذا الموقف من أبي موسى وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما
، وانظر إنكارهما لهذه الكيفية التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها
أصحابه ، وإن كان أصل الذكر مشروعاً ممدوحاً مرغباً فيه .
وقد نبه أهل العلم على أن تخصيص العبادة بزمان أو مكان ، أو
تكييفها بكيفية لم تَردْ ، يُلحقها بالبدع والمحدثات ، وتسمى حينئذ بدعة إضافية ،
فهي مشروعة من حيث أصلها ، مردودة من حيث وصفها .
قال الشاطبي رحمه الله : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين
مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ...
ومنها : التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة
الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما
أشبه ذلك .
ومنها : التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها
ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته " انتهى من "الاعتصام" (1/37-39) .
فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة من أجلّ العبادات ،
وقربة من أعظم القربات ، لكن التزامها قبل كل درس للتلاوة ، وبهذا العدد المخصوص ،
أمر لم يرد ، فكان بدعة محدثة ، ولو كان صاحبها يريد الخير ، فكم من مريد للخير لا
يصيبه ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه .
والواجب نصح هذا المعلم وبيان أن ما يفعله ليس من السنة ، بل
بدعة ، فإن استجاب فالحمد لله ، وإن لم يستجب وأمكن تعلم التلاوة على غيره من أهل
الاتباع ، فإنه يترك زجرا له ، وحذرا من تسرب البدعة إلى قلب الدارس على يديه .
رزقنا الله وإياكم حب السنة ، والدفاع عنه ، وحب النبي صلى الله
عليه وسلم وأصحابه الأطهار الأخيار .
وانظر السؤال رقم ( 20005 ) و ( 21902 ) و ( 22457 ) للفائدة .
والله أعلم .
*****
8400
هل الأفضل إخراج الزكاة في رمضان؟
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/7080)
سؤال رقم 8400- هل الأفضل إخراج الزكاة في رمضان؟
سمعت أن إخراج الزكاة في رمضان أفضل من إخراجها في غيره من الأشهر. فهل هذا صحيح؟ وما الدليل على ذلك؟ علماً أن وقت إخراج الزكاة الأصلي قد يكون قبل أو بعد رمضان.
الحمد لله
أولاً : الزكاة إذا حال عليها الحول وجب إخراجها
إلا أن تكون زكاة زروع فيجب إخراجها يوم الحصاد لقوله تعالى : { وآتوا حقه يوم
حصاده } سورة الأنعام/ 141
ويجب إخراجها أول ما يحول الحول لقوله تعالى :
( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) الحديد/21
قال ابن بطال :
إن الخير ينبغي أن يبادر به فإن الآفات تعرض ،
والموانع تمنع ، والموت لا يؤمن ، والتسويف غير محمود .
قال ابن حجر : وزاد غيره :
وهو أخلص للذمة وأنفى للحاجة وأبعد عن المطل
المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب " فتح الباري " ( 3 / 299 ) .
ثانياً : لا يجوز تأخير الزكاة بعد حلول موعدها
إلا لعذر .
ثالثاً : يجوز إخراج الزكاة قبل انتهاء الحول
بطريق التعجيل .
وتعجّل الزكاة : أداؤها قبل موعدها بحولين فأقل
.
عن علي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم : تعجَّل
من العباس صدقة سنتين .
رواه أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في " الأموال " ( 1885 ) . وقال
الألباني في " الإرواء " ( 3 / 346 ) : حسن .
وفي رواية :
عن علي أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك . رواه الترمذي ( 673 ) وأبو
داود ( 1624 ) وابن ماجه ( 1795 ) .
وصححه الشيخ أحمد شاكر في " تحقيق المسند " ( 822 ) .
رابعاً : الصدقة والإحسان إلى الناس بالمال في
رمضان أفضل من غيره من الشهور .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ
مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ
لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . رواه البخاري (6) ومسلم (2308) .
قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد
مِنْهَا : اِسْتِحْبَاب إِكْثَار الْجُود فِي رَمَضَان اهـ .
فمن كانت زكاته في رمضان ، أو بعد رمضان ولكنه
أخرجها في رمضان متعجلاً ليدرك فضيلة الزكاة في رمضان فإن هذا لا بأس به . أما إن
كانت زكاته تجب قبل رمضان ( كشهر رجب مثلاً ) فأخرها حتى يخرجها في رمضان فإن هذا
لا يجوز . لأنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها إلا لعذر .
خامساً : قد يعرض من الأسباب ما يجعل إخراج
الزكاة في غير رمضان أفضل من إخراجها في رمضان . كما لو حدثت كارثة عامة أو مجاعة
في بعض بلاد المسلمين كان إخراج الزكاة في هذا الوقت أفضل من كونها في رمضان . وكما
لو كان كثير من الناس يخرجون زكاتهم في رمضان فتسد حاجات الفقراء ، ثم لا يجد
الفقراء من يعطيهم في غير رمضان فهنا إخراجها في غير رمضان أفضل ولو أدى ذلك إلى
تأخير الزكاة عن وقتها ، مراعاةً لمصلحة الفقراء .
سادساً : قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
:
يجوز تأخير الزكاة لمصلحة الفقراء لا للضرر بهم
، فمثلاً عندنا في رمضان يكثر إخراج الزكاة ويغتني الفقراء أو أكثرهم ، لكن في أيام
الشتاء التي لا توافق رمضان يكونون أشدّ حاجةً ، ويقل من يخرج الزكاة ، فهنا : يجوز
تأخيرها لأن في ذلك مصلحة لمستحقها . " الشرح الممتع " ( 6 / 189 ) .
والله أعلم .
*****
8509
تشريح الفئران والخنازير ولمس عظام الميت المشرَّح
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/7081)
سؤال رقم 8509- تشريح الفئران والخنازير ولمس عظام الميت المشرَّح
السؤال :
هل يجوز للمسلم أن يشرح حيوانات مثل الفئران لأغراض علمية وإن كان كذلك فما حكم الخنزير وما حكم لمس عظام الآدمي ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا مانع من تشريح الحيوانات والحشرات وغيرها لأغراض ٍ علميّة للمصلحة الراجحة ، وكذلك تشريح الآدمي للتعلّم ، شريطة أن لا يكون المُشرَّح مسلماً ، لأن حرمة المسلم بعد موته كحرمته في حياته ، وتشريح الخنزير لأغراض علمية لا بأس به ، وهو نجس فلا بد من مسّه بحائل ، وإن احتيج إلى مباشرته فلا بأس على أن تُغسل الأيدي بعده ، ولمس عظام الآدمي إذا كانت بارزة فلا بأس لأن الآدمي لا ينجسُ بالموت .
كتبه : الشيخ عبد الكريم الخضير.
*****
8827
كيف تتصرف في مدرسة أكثرها ذكور
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/7082)
سؤال رقم 8827- كيف تتصرف في مدرسة أكثرها ذكور
انا فتاة أبلغ من العمر 16 عاماً ، انتقلت مؤخراً إلى مدرسة جديدة .
هل من الممكن أن تخبرني كيف يجب عليّ أن أتصرف في المدرسة علماً بأن نسبة الذكور إلى الإناث غير متكافئة فعلى سبيل المثال في حصة الكيمياء هناك 15 طالب و 3 طالبات ، لذلك فإنه في بعض الأحيان أحتاج إلى مساعدة في بعض الأسئلة أو قد يكون لدي شك في أمر ما فأضطر ( على مضض شديد جداً جداً ) لطلب المساعدة من الطلاب الذكور ، والأمر الأخر هو أنه وبسبب قلة عدد الطالبات فإن الطلاب الذكور يكونون صريحين ( جريئين ) معنا ، أنا أمضي 7 ساعات في المدرسة ، وأعتقد أنه من غير الممكن ألا أكلم أحداً طوال هذه الساعات . الرجاء توضيح كيف أتصرف في المدرسة . هل بإمكاني التحدث مع الطلاب الذكور أم من الأفضل ألا أتصرف معهم بشكل ودي وحبي ؟.
الحمد لله
أولاً :
وجودك – أختي السائلة - في مدرسة مختلطة حرام في الشرع ؛ لأن الخلطة التي وصفتيها تكون عُرضة وسبباً للفساد المفضي إلى الفواحش
المنكرة .
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه الرجال من فتنة النساء ، وعظم أمرهن حتى جعل فتنتهن أشد الفتن وأشد
المضرات .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) .
وعن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله
أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
قال ابن حجر - معلقاً على الحديث الأول - :
وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ، ويشهد له قوله تعالى : { زين للناس حب الشهوات من النساء } ، فجعلهن من
حب الشهوات ، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك ويقع في المشاهدة حب الرجل ولده من امرأته التي هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها ومن
أمثلة ذلك قصة النعمان بن بشير في الهبة .
" فتح الباري " ( 9 / 138 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد
أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة .
...
فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ولو علم أولياء
الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك .
" الطرق الحكمية " ( ص 408 ) .
وفي الخلطة التي ذكرتيها عدم التمكن من غض البصر ، وفيه مدخل كبير لشهوة النساء للرجال وشهوتهم لهن وهذا لا يجوز بل هو رأس
الفساد ، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منع من ذلك وابن عمه ورديفه على دابته الفضل بن العباس وهم يؤدون عبادة من أحب العبادات إلى الله وهي الحج
، وبصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة الأتقياء الأنقياء : فكيف بنا نسمح لنساء هذا الزمان الذي انتشرت فيه أمراض القلوب وقلَّ الوازع الديني
أن تجلس المرأة مع الرجل في مكان واحد مع عدم وجود المحرم وفي كل يوم لساعات طوال ؟
فاتقي الله تعالى يا أختي ولا تلتحقي بهذه المدرسة مهما كلف الأمر ، وإليك حديث الفضل الذي أشرنا إليه :
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان الفضل رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر
إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً
كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال : نعم وذلك في حجة الوداع " .
رواه البخاري ( 1442 ) ومسلم ( 1334 ) .
يقول ابن عبد البر رحمه الله تعالى - معلقاً على الحديث السابق - :
وفيه : بيان ما ركب في الآدميين من شهوات النساء وما يخاف من النظر إليهن ، وكان الفضل بن عباس من شبَّان بني هاشم ، بل كان
أجمل أهل زمانه فيما ذكروا .
وفيه : دليل على أن الإمام يجب عليه أن يَحول بين الرجال والنساء في التأمل والنظر ، وفي معنى هذا : منع النساء اللواتي لا
يؤمن عليهن ومنهن الفتنة من الخروج والمشي في الحواضر والأسواق وحيث ينظرن إلى الرجال ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من
النساء " ، وفي قول الله عز وجل { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } الآية ما يكفي لمن تدبر كتاب الله ووفق للعمل به .
" التمهيد " ( 9 / 123 – 124 ) .
وليس هناك ضرورة تدعو إلى الخلطة ، فالدراسة في هذه المدرسة ليست ضرورة ما دام أن المرأة تستطيع القراءة والكتابة ، وتعلم أمور
دينها فهذا يكفي ؛ لأنها خلقت لهذا ، أي : لعبادة الله تعالى وليس الذي بعد هذا ضرورة .
والله أعلم .
*****
8829
صور من عذاب القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/7083)
سؤال رقم 8829- صور من عذاب القبر
ما هي أنواع العذاب في القبر ؟.
الحمد لله
يتنوع العذاب في القبر بحسب الذنب الذي اقترفه صاحبه في الدنيا ، سواء كان للكفار أو للعصاة ، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بوصف
هذا العذاب في القبور لأهل هذه الذنوب ، ومنها :
1- الضرب بمطرقة من حديد
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم
أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله
به مقعدا من الجنة قال النبي صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم
يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين .
رواه البخاري ( 1273 ) .
2-7- يفرش له قبره ناراً ، ويلبس ناراً ، ويفتح له باب إلى النار ، ويضيَّق عليه قبره ، ويضرب بمطرقة عظيمة لو ضرب بها جبل
لصار ترابا ، ويبشر بالعذاب في الآخرة ، ولذلك يتمنى ألا تقوم الساعة .
روى أحمد (17803) وأبو داود (4753) عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا
بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا . . . - ثُمَّ ذكر صفة قبض روح المؤمن ونعيمه في القبر ثم قال - : وَإِنَّ الْعَبْدَ
الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ
الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ
الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا
كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا مَا
هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ
إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُفَتَّحُ لَهُمْ
أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي
سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ : ( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ
الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ
رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي
بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا
إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى
أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا قَالَ فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إِلا الثَّقَلَيْنِ فَيَصِيرُ تُرَابًا قَالَ ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ
الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ
يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " أحكام الجنائز " ( ص 156 ) .
8- الخسف في الأرض
عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يجر إزاره من الخيلاء خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة "
. رواه البخاري ( 5343 ) ومسلم ( 3894 ) .
يتجلجل : يغوص ويضطرب .
9- شق جانبي الفم إلى القفا
10- رضخ الرأس بالحجارة
11- الحرق في تنور من نار
12- السباحة في نهر من دم مع الضرب بالحجارة
روى البخاري (1386) (7047) عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا ؟ قَالَ : فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالا لِي :
انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ
يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِ
حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قُلْتُ لَهُمَا : سُبْحَانَ
اللَّهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالَ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ
عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيَشُقُّ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ ،
وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ
ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ . ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قُلْتُ :
سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ
وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ
ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [أي ارتفعت أصواتهم] . قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاءِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ،
فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ
عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ
فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ ، فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا ، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ
حَجَرًا . قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَانِ ؟ قَالا لِي : انْطَلِقْ انْطَلِقْ . . . ثم ذكر الحديث
فقال : قُلْتُ لَهُمَا : فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ قَالَا لِي
: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ
الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ . يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ
عَلَيْهِ يُشّقُّ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ
الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ . فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ
وَالزَّوَانِي .
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا .
الكلُّوب : حديدة معوجة الرأس . الشدق : جانب الفم . يشدخ : يشج . تدهده : تدحرج .
قال الحافظ ابن حجر :
وفيه : أن بعض العصاة يعذَّبون في البرزخ اهـ . فتح الباري ( 12 / 445 ) .
12- اشتعال المال المسروق من الغنائم على صاحبه
روى البخاري (4234) ومسلم (115) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى خَيْبَرَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلا وَرِقًا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلَى
الْوَادِي وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ لَهُ يُدْعَى رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِي قَامَ عَبْدُ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُلُّ رَحْلَهُ فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ فَقُلْنَا هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا
رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ
لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنْ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ. قَالَ : فَفَزِعَ النَّاسُ فَجَاءَ رَجُلٌ
بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.(1/7084)
13- ومع هذا العذاب الحسي هناك أيضاً عذاب معنوي (نفسي) وهو أن الكافر يُرى في قبره مقعده من الجنة لو أطاع الله ، فيزداد بذلك
حسرة وألما لما يرى من عظم النعيم الذي فاته .
روى أحمد (10577) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
جِنَازَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَإِذَا
الإِنْسَانُ دُفِنَ فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ جَاءَهُ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ فَأَقْعَدَهُ قَالَ مَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ
مُؤْمِنًا قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولُ صَدَقْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى
النَّارِ فَيَقُولُ هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ كَفَرْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ آمَنْتَ فَهَذَا مَنْزِلُكَ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ
فَيُرِيدُ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لَهُ اسْكُنْ وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُنَافِقًا يَقُولُ لَهُ مَا تَقُولُ
فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولَ لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَيَقُولُ لا دَرَيْتَ وَلا تَلَيْتَ وَلا اهْتَدَيْتَ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ
بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ فَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبْدَلَكَ بِهِ
هَذَا وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ ثُمَّ يَقْمَعُهُ قَمْعَةً بِالْمِطْرَاقِ يَسْمَعُهَا خَلْقُ اللَّهِ كُلُّهُمْ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ فَقَالَ
بَعْضُ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ يَقُومُ عَلَيْهِ مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِطْرَاقٌ إِلا هُبِلَ عِنْدَ ذَلِكَ [أي ذهل] فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت . صححه الألباني في تحقيق كتاب السنة لابن
أبي عاصم (865) .
فهذا بعض ما يحصل في القبر من أنواع العذاب لبعض العصاة .
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من عذاب القبر .
*****
8889
حقيقة التأمين وحكمه
الفقه > معاملات > التأمين >(1/7085)
سؤال رقم 8889- حقيقة التأمين وحكمه
ما حكم التأمين التجاري المنتشر اليوم ؟.
الجواب :
الحمد لله
1) جميع أنواع التأمين التجاري ربا صريح دون شك ، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين ، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسأ ، لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويعدونهم بإعطائهم نقودا أقل أو أكثر متى وقع الحادث المعين المؤمن ضده . وهذا هو الربا ، والربا محرم بنص القرآن في آيات كثيرة .
2) جميع أنواع التأمين التجاري لا تقوم إلا على القمار ( الميسر ) المحرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "
فالتأمين بجميع صوره لعب بالحظوظ ، يقولون لك ادفع كذا فإن وقع لك كذا أعطيناك كذا ، وهذا هو عين القمار ، وإن التفرقة بين التأمين والقمار مكابرة لا يقبلها عقل سليم ، بل إن أصحاب التأمين أنفسهم يعترفون بأن التأمين قمار .
3) جميع أنواع التأمين التجاري غرر ، والغرر محرم بأحاديث كثيرة صحيحة ، من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر " رواه مسلم .
إن التأمين التجاري بجميع صوره يعتمد على الغرر ، بل على الغرر الفاحش ، فجميع شركات التأمين ، وكل من يبيع التأمين يمنع منعا باتا التأمين ضد أي خطر غير احتمالي ، أي أن الخطر لا بد أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع حتى يكون قابلا للتأمين ، وكذلك يمنع العلم بوقت الوقوع ومقداره ، وبهذا تجتمع في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة .
4) التأمين التجاري بجميع صوره أكل لأموال الناس بالباطل ، وهو محرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .
فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9% .
فالتأمين خسارة عظيمة على الأمة ، ولا حجة بفعل الكفار الذين تقطعت أواصرهم واضطروا إلى التأمين اضطرارا ، وهم يكرهونه كراهية الموت .
هذا طرف من المخالفات الشرعية العظيمة التي لا يقوم التأمين إلا عليها ، وهناك مخالفات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها ، ولا حاجة لذكرها فإن مخالفة واحدة مما سبق ذكره كافية لجعله أعظم المحرمات والمنكرات في شرع الله .
وإن مما يؤسف له أن بعض الناس ينخدع بما يزينه لهم ويلبسه عليهم دعاة التأمين كتسميته بالتعاوني أو التكافلي أو الإسلامي أو غير ذلك من المسميات التي لا تغير من حقيقته الباطلة شيئا .
وأما ما يدعيه دعاة التأمين من أن العلماء قد أفتوا في حل ما يسمى بالتأمين التعاوني فهو كذب وبهتان ، وسبب اللبس في ذلك أنه قد تقدم بعض دعاة التأمين إلى العلماء بعرض مزيف لا علاقة له بشيء من أنواع التأمين وقالوا إن هذا نوع من أنواع التأمين وأسموه بالتأمين التعاوني ( تزيينا له وتلبيسا على الناس ) وقالوا إنه من باب التبرع المحض وأنه من التعاون الذي أمر الله به في قوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى " ، وأن القصد منه التعاون على تخفيف الكوارث الماحقة التي تحل بالناس ، والصحيح أن ما يسمونه بالتأمين التعاوني هو كغيره من أنواع التأمين ، والاختلاف إنما هو في الشكل دون الحقيقة والجوهر ، وهو أبعد ما يكون عن التبرع المحض وأبعد ما يكون عن التعاون على البر والتقوى حيث أنه تعاون على الإثم والعدوان دون شك ، ولم يقصد به تخفيف الكوارث وترميمها وإنما قصد به سلب الناس أموالهم بالباطل ، فهو محرم قطعا كغيره من أنواع التأمين ، لذا فإن ما قدموه إلى العلماء لا يمت إلى التأمين بصله .
وأما يدعيه البعض من إعادة بعض الفائض ، فإن هذا لا يغير شيئا ، ولا ينقذ التأمين من الربا والقمار والغرر وأكل أموال الناس بالباطل ومنافاة التوكل على الله تعالى ، وغير ذلك من المحرمات ، وإنما هي المخادعة والتلبيس ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى رسالة ( التأمين وأحكامه ) وإنني لأدعو كل مسلم غيور على دينه يرجو الله واليوم الآخر أن يتقي الله في نفسه ، ويتجنب كل التأمينات مهما ألبست من حلل البراءة وزينت بالأثواب البراقة فإنها سحت ولا شك ، وبذلك يحفظ دينه وماله ، وينعم بالأمن من مالك الأمن سبحانه .
وفقني الله وإياكم إلى البصيرة في الدين والعمل بما يرضي رب العالمين .
المرجع : خلاصة في حكم التأمين للشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم .
*****
8918
الأدلة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/7086)
سؤال رقم 8918- الأدلة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد
أنا مسلم جديد وأريد أن أعرف هل الأفضل للمسلم أن يصلي صلاة الفريضة في المسجد وما الدليل على ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
نحمد الله سبحانه وتعالى الذي كتب لك الهداية للدخول في دين الإسلام فهذه نعمة عظيمة تستوجب حمد الله وشكره .
ثانياً :
لا بد أن يعلم المسلم أن الصلاة أعظم أركان الإسلام العملية ، وهي الفاصل بين المسلم والكافر كما جاء في حديث جابر رضي الله
عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " .
رواه مسلم ( 82 ) .
ثالثاً :
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم صلاة الجماعة على أقوال عدة :
أصحها : أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة ، وعليه تدل الأدلة الشرعية .
وهو قول عطاء بن أبي رباح والحسن البصري والأوزاعي وأبي ثور ، والإمام أحمد في ظاهر مذهبه ، ونص عليه الشافعي في " مختصر
المزني " فقال : " وأما الجماعة فلا أرخص في تركها إلا من عذر " ، واختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله .
وأما الأدلة على الوجوب فكما يلي :
1. قال الله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } النساء / 102 .
قال ابن المنذر :
ففي أمر الله بإقامة الجماعة في حال الخوف : دليل على أن ذلك في حال الأمن أوجب .
" الأوسط " ( 4 / 135 ) .
وقال ابن القيم :
ووجه الاستدلال بالآية من وجوه :
أحدها : أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله : { ولتأت طائفة
أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } ، وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى ، ولو كانت الجماعة سنَّة
لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف ، ولو كانت فرض كفاية : لسقطت بفعل الطائفة الأولى ، ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان ، فهذه ثلاثة أوجه : أمره
بها أولاً ، ثم أمره بها ثانياً ، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف .
" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 137 ، 138 ) .
2. قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة / 43 ، ووجه الاستدلال
بالآية أنه سبحانه أمرهم بالركوع وهو الصلاة ، وعبر عنها بالركوع لأنه من أركانها ، والصلاة يعبر عنها بأركانها وواجباتها كما سماها الله سجوداً وقرآناً
وتسبيحاً ، فلا بد لقوله { مع الراكعين } من فائدة أخرى وليست إلا فعلها مع جماعة المصلين والمعية تفيد ذلك ، إذا ثبت هذا فالأمر المقيد بصفة أو حال لا
يكون المأمور مُمتثلا إلا بالإتيان به على تلك الصفة والحال ؛ فإن قيل فهذا ينتقض بقوله تعالى :{ يا مريم اقتني لربك واسجدي واركعي مع الركعين } آل عمران /
43 ، والمرأة لا يجب عليها حضور الجماعة ، قيل : الآية لم تدل على تناول الأمر بذلك لكل امرأة بل مريم بخصوصها أمرت بذلك بخلاف قوله : { وأقيموا الصلاة
وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } ، ومريم كانت لها خاصية لم تكن لغيرها من النساء ؛ فإن أمها نذرتها أن تكون محررة لله ولعبادته ولزوم المسجد وكانت لا
تفارقه ، فأمرت أن تركع مع أهله ولمَّا اصطفاها الله وطهَّرها على نساء العالمين أمرها من طاعته بأمر اختصها به على سائر النساء قال تعالى : { وإذ قالت
الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } آل عمران / 42 و 43 .
فإن قيل : كونهم مأمورين أن يركعوا مع الراكعين لا يدل على وجوب الركوع معهم حال ركوعهم بل يدل على الإتيان بمثل ما فعلوا
كقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } التوبة / 119 فالمعية تقتضي المشاركة في الفعل ولا تستلزم
المقارنة فيه ، قيل : حقيقة المعية مصاحبة ما بعدها لما قبلها ، وهذه المصاحبة تفيد أمراً زائداً على المشاركة ولا سيما في الصلاة ، فإنه إذا قيل : صلِّ مع
الجماعة أو صليتُ مع الجماعة ، لا يفهم منه إلا اجتماعهم على الصلاة .
" الصلاة وحكم تاركها " ( 139 – 141 ) .
3. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : " والذي نفسي بيده لقد هممتُ أن آمر بحطبٍ فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها
ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً ، أو مِرْمَاتين حسنتين لشهد
العشاء " .
رواه البخاري ( 618 ) ، ومسلم ( 651 ) .
عرْق : العظم .
مرماتين : ما بين ظلفي الشاة من اللحم .
والظّلف : الظفر
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما
فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق
عليهم بيوتهم بالنار ".
رواه البخاري ( 626 ) ، ومسلم ( 651 ) .
قال ابن المنذر :
وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم : أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ، إذ غير جائز أن يحرِّق الرسول صلى
الله عليه وسلم مَن تخلف عن ندب ، وعما ليس بفرض .
" الأوسط " ( 4 / 134 ) .
وقال الصنعاني :
والحديث دليل على وجوب الجماعة عيناً لا كفايةً ، إذ قد قام بها غيرهم فلا يستحقون العقوبة ، ولا عقوبة إلا على ترك واجب أو
فعل محرم .
" سبل السلام " ( 2 / 18 ، 19 ) .
4. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى [وهو ابن أم مكتوم]
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
قَالَ : فَأَجِبْ . ولفظ أبي داود (552) وابن ماجه (792) : ( لا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً )
والحديث : قال عنه النووي : إسناده صحيح أو حسن .
" المجموع " ( 4 / 164 ) .
قال ابن المنذر :
فإذا كان الأعمى لا رخصة له : فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة .
" الأوسط " ( 4 / 134 ) .
وقال ابن قدامة :
وإذا لم يرخص للأعمى الذي لم يجد قائدا فغيره أولى .
" المغني " ( 2 / 3 ) .
5. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : من سرَّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن فإنهن
من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم ،
وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما
يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف .
وفي لفظ ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمَنا سنن الهدى ، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه .
رواه مسلم ( 654 ) .
قال ابن القيم :
فوجه الدلالة : أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم ؛ وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل
مكروه ، ومن استقرأ علامات النفاق في السنَّة : وجدها إما ترك فريضة ، أو فعل محرم ، وقد أكد هذا المعنى بقوله : " من سرَه أن يلقى الله غداً مسلماً
فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن " وسمَّى تاركَها المصلي في بيته متخلفاً تاركاً للسنَّة التي هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان
عليها وشريعته التي شرعها لأمته ، وليس المراد بها السنَّة التي مَن شاء فعلها ومَن شاء تركها ؛ فإن تركها لا يكون ضلالاً ، ولا من علامات النفاق كترك
الضحى وقيام الليل وصوم الإثنين والخميس .
" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 146 ، 147 ) .
6. إجماع الصحابة :
قال ابن القيم :
إجماع الصحابة رضي الله عنهم ونحن نذكر نصوصهم :
قد تقدم قول ابن مسعود رضي الله عنه : ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر فلا صلاة له .
وعن علي رضي الله عنه قال : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، قيل : ومَن جار المسجد ؟ قال : مَن سمع المنادي " .
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر .
وعن علي رضي الله عنه قال : من سمع النداء من جيران المسجد وهو صحيح من غير عذر فلا صلاة له .
" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 153 ) .
والأدلة كثيرة اكتفينا بما سبق ، ويمكن الرجوع إلى كتاب ابن القيم " الصلاة وحكم تاركها " ففيها زوائد وفوائد . وللشيخ ابن باز
رسالة مفيدة بعنوان وجوب أداء الصلاة في جماعة .
والله أعلم .
*****
8980
من هو الذي يُقيم حد الزنا
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/7087)
سؤال رقم 8980- من هو الذي يُقيم حد الزنا
هل قتل المرأة للانتقام لشرف العائلة جائز إذا اكتشفوا أنها أخطأت وارتكبت الزنا مع شخص أو أن لها علاقة مع غير محارمها ولم تثبت كاملة ؟
وإن لم يكن كذلك نرجو إيراد الآيات والأحاديث التي تبين ذلك وتبين أنه غير جائز بدون إرسال القضية إلى المحكمة الشرعية .
هل حدثت مثل هذه الأمور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله
إن من أعظم الكبائر التي يلقى العبد بها ربَّه قتل النفس التي
حرَّم الله .
قال الله تعالى : { ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً
فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً } النساء / 92 .
عن أنس رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن
الكبائر ، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وشهادة الزور " . رواه البخاري ( 2510 ) ومسلم ( 88 ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً " . رواه
البخاري ( 6469 ) .
ولا يجوز قذف المحصنات بالزنا ، ولا يثبت الزنا إلا بشهادة أربعة
رجال يرون واقعة الزنا رأي العين ، ويرون الفرْج في الفرْج ، أو باعتراف الزاني أو
الزانية بغير إكراه .
وما عدا ذلك فمن قذف امرأة مسلمة بالزنا فإنه يجلد ثمانين جلدة .
قال تعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء
فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون } النور / 4 .
وعن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما أنهما قالا :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " … اغدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت
فارجمها ، قال : فغدا عليها فاعترفت فأمرَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجمت
" . رواه البخاري ( 2575 ) ومسلم ( 1698 ) .
وقد جعل الله تعالى عقوبة محدودة للزاني والزانية ، فجعل حدَّ
الرجم للمحصن منهما ، وجلد مائة لمن لم يحصن .
قال تعالى : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد
عذابهما طائفة من المؤمنين } النور / 2 .
وعن جابر أن رجلا من " أسلَم " أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم
وهو في المسجد فقال إنه قد زنى ، فأعرض عنه ، فتنحى لشقه الذي أعرض ، فشهد على نفسه
أربع شهادات ، فدعاه فقال : " هل بك جنون ؟ " قال : لا ، قال : " هل أحصنت ؟ " قال
: نعم فأَمر به أن يرجم بالمصلى فلما أذلقته الحجارة جمز حتى أدرك بالحرة فقتل . رواه البخاري ( 4969 ) ومسلم ( 1691 ) .
فإن قيل من هو الذي يقيم هذا الحد على الزناة ؟
فالجواب :
لا ينبغي لأحد أن يقيم الحدود إلا بإذن السلطان ، فإن لم يكن
سلطان يحكم بالشرع فلا يجوز لعامة الناس أن تقيم الحدود ، ومن فعل ذلك أثم ، لإن
إقامة الحد يحتاج في إثباته وإقامته إلى اجتهاد وعلم شرعي حتى يُعلم متى يثبت ومتى
ينتفى وما هي شروطه ... إلخ
وعامة الناس لا يعلمون ذلك ، ولأن إقامة العامة للحدود يترتب
عليها مفاسد عظسمة وإخلال بالأمن ، فيعتدي الناس بعضهم على بعض قتلاً وتقطيعاً بحجة
إقامة الحدود .
قال القرطبي :
لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر الذين فرض
عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين
بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام
أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود . " تفسير القرطبي " ( 2 / 245 ،
246 ) .
وقال ابن رشد القرطبي :
وأما من يقيم هذا الحد – أي : جلد شارب الخمر - فاتفقوا على أن
الإمام يقيمه وكذلك الأمر في سائر الحدود . " بداية المجتهد " ( 2 / 233 ) .
وقال الشوكاني :
عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهي إلى أقوالهم من
أهل المدينة أنهم كانوا يقولون لا ينبغي لأحد يقيم شيئاً من الحدود دون السلطان إلا
أن للرجل أن يقيم حد الزنا على عبده وأمَته . " نيل الأوطار " ( 7 / 295 ،
296 ) .
وعلى أهل المرأة أن يمنعوها من الفاحشة وأسبابها فيمنعوها من
الخروج ومحادثة الرجال الأجانب ، ومن كل ما يُمكنها من فعل المنكر فإذا لم تمتنع
إلا بحبسها أو تقييدها فلهم ذلك فيحبسونها في البيت .
أما القتل فلا ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن
امرأة مزوَّجة ولها أولاد فتعلقت بشخصٍ أقامت معه على الفجور ، فلما ظهر أمرها سعَت
فى مفارقة الزوج ، فهل بقيَ لها حق على أولادها بعد هذا الفعل ؟ وهل عليهم إثم في
قطعها ؟ وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرّاً ؟ وإن فعل ذلك غيره يأثم ؟
فأجاب :
الحمد لله
الواجب على أولادها وعصبتها أن يمنعوها من المحرمات ، فإن لم
تمتنع إلا بالحبس : حبسوها ، وإن احتاجت إلى القيد قيَّدوها ، وما ينبغي للولد أن
يضرب أمََّه ، وأمَّا برُّها : فليس لهم أن يمنعوها برَّها ، ولا يجوز لهم مقاطعتها
بحيث تتمكن بذلك من السوء ، بل يمنعوها بحسب قدرتهم ، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة
رزقوها وكسوها ، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتلٍ ولا غيره ، وعليهم الإثم في
ذلك .
" مجموع الفتاوى " ( 34 / 177 ، 178 ) .
وقد حصل أن زنت بعض النسوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ،
فلم يقتل أحدٌ من أهلهن امرأة منهن ، ومنهن " الغامدية " رضي الله عنها .
عن بريدة بن الحصيب قال : … جاءت امرأة من غامد من الأزد فقالت :
يا رسول الله طهرني ، فقال : ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه ، فقالت : أراكَ
تريد أن تردَّني كما رددتَ ماعز بن مالك ، قال : وما ذاك ؟ قالت : إنها حبلى من
الزنى فقال : آنت ؟ قالت : نعم فقال لها : حتى تضعي ما في بطنك ، قال : فكفلها رجل
من الأنصار حتى وضعت ، قال : فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال : قد وضعت
الغامدية فقال : إذاً لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه فقام رجل من
الأنصار فقال : إلي رضاعه يا نبي الله قال : فرجمها .
رواه مسلم ( 1695 ) .
هذا ، وإن ما يفعله أهل هذه المرأة المسئول عنها التي يدَّعون
أنها تستحق القتل : خطأ من وجوه أخرى وهي :
1- أنهم لا يفعلون الأمر نفسه فيما لو زنى أحد أبنائهم أو
إخوانهم ، وهذا يشبه فعل أهل الجاهلية حيث أباحوا لأنفسهم الزنا دون نسائهم ،
وهؤلاء يُلوَّث شرفهم وتظهر حميتهم إذا فعلت نساؤهم المنكر دون أن يكون عندهم حمية
لدينهم فيما لو فعل أحد أبنائهم أو إخوانهم الأمر نفسه ، بل قد يفتخر بعض الآباء
بمنكر ولده ، ويشجعه عليه .
2- أنهم فتحوا المجال أمام النساء للوقوع في الفاحشة فسمحوا
للمرأة بالدراسة المختلطة والصحبة السيئة والمشاهدة المحرمة والمجالسة المنكرة ،
فأدى هذا إلى تلف قلبها وتعلقه بالفاحشة ، وبعضهم لا يزوِّج ابنته أو أخته ويشترط
شروطاً تعجيزية ، ثم يريد هؤلاء معاقبتها وهم أولى منها بالعقوبة .
3- أنهم يقتلون لا على فاحشة الزنا بل حتى على مجرد المحادثة أو
التعارف المحرم والذي ليس له حد في الشرع بالقتل .
4- أنهم يفتحون الباب لكل من أراد قتل أخته أو ابنته بهذه الحجة
الفارغة ، وقد يكون سبب القتل : مالها ، أو أنها عرفت عنهم أشياء يرغبون إخفائها أو
ما شابه ذلك من الأسباب .
ونسمع بين الفينة والأخرى دعوات من الغرب الكافر أو الشرق
المنحرف يدعون فيها إلى قتل كل من قتل أخته أو ابنته بسبب الشرف ، وذلك بسبب أن
كثيراً من القوانين تعفي القاتل إذا قتل أحد أهله لهذا السبب .
وهذه الدعوى وإن كانت صحيحة إلا أننا لا ينبغي لنا أن ننخدع
بهؤلاء وبدعوتهم ، حيث أن المقصود بهذه الدعوات نزع الغيرة من قلوب أهل المرأة ،
وفتح الباب أمام النساء ليرتكبن الفاحشة .
والواجب على أولياء النساء أن يتقوا الله فيمن تحت ولايتهم
ويمنعوهن من الفاحشة وأسبابها من غير تساهل أو تشدد يأباه الشرع .
والله أعلم .
*****
9036
عدد ركعات صلاة التراويح
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/7088)
سؤال رقم 9036- عدد ركعات صلاة التراويح
لقد سألت هذا السؤال من قبل وأرجو الإجابة عنه بما يفيدني فإنني تلقيت إجابة غير مرضية والسؤال عن التراويح هل هي 11 ركعة أم 20 ركعة . فالسنة تقول 11 والشيخ الألباني رحمه الله في كتاب القيام والتراويح يقول 11 ركعة وبعض الناس يذهبون للمسجد الذي يصلي 11 ركعة والبعض الآخر يذهبون للمسجد الذي يصلي 20 ركعة وأصبحت المسألة حساسة هنا في الولايات المتحدة فمن يصلي 11 يلوم الذي يصلي 20 والعكس وصارت فتنة حتى في المسجد الحرام يصلون 20 ركعة .
لماذا تختلف الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي عن السنة . لماذا يصلون التراويح 20 ركعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي ؟.
الحمد لله
لا نرى أن يتعامل المسلم مع المسائل الاجتهادية بين أهل العلم بمثل هذه الحساسية فيجعل منها سبباً لحصول الفرقة والفتن بين
المسلمين .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند الكلام على مسألة من يصلي مع الإمام عشر ركعات ثم يجلس وينتظر صلاة الوتر ولا يكمل صلاة
التراويح مع الإمام :
ويؤسفنا كثيراً أن نجد في الأمة الإسلامية المتفتحة فئة تختلف في أمور يسوغ فيها الخلاف ، فتجعل الخلاف فيها سبباً لاختلاف
القلوب ، فالخلاف في الأمة موجود في عهد الصحابة ، ومع ذلك بقيت قلوبهم متفقة .
فالواجب على الشباب خاصة ، وعلى كل الملتزمين أن يكونوا يداً واحدةً ومظهراً واحداً ؛ لأن لهم أعداءً يتربصون بهم الدوائر .
" الشرح الممتع " ( 4 / 225 ) .
وقد غلا في هذه المسألة طائفتان ، الأولى أنكرت على من زاد على إحدى عشر ركعة وبدَّعت فعله ، والثانية أنكروا على من اقتصر على
إحدى عشر ركعة وقالوا : إنهم خالفوا الإجماع .
ولنسمع إلى توجيه من الشيخ الفاضل ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول :
وهنا نقول : لا ينبغي لنا أن نغلو أو نفرط ، فبعض الناس يغلو من حيث التزام السنة في العدد، فيقول : لا تجوز الزيادة على العدد
الذي جاءت به السنَّة ، وينكر أشدَّ النكير على من زاد على ذلك ، ويقول : إنه آثم عاصٍ .
وهذا لا شك أنه خطأ ، وكيف يكون آثماً عاصياً وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال : مثنى مثنى ، ولم يحدد
بعدد ، ومن المعلوم أن الذي سأله عن صلاة الليل لا يعلم العدد ؛ لأن من لا يعلم الكيفية فجهله بالعدد من باب أولى ، وهو ليس ممن خدم الرسول صلى الله عليه
وسلم حتى نقول إنه يعلم ما يحدث داخل بيته ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له كيفية الصلاة دون أن يحدد له بعدد : عُلم أن الأمر في هذا واسع ،
وأن للإنسان أن يصلِّيَ مائة ركعة ويوتر بواحدة .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " فهذا ليس على عمومه حتى عند هؤلاء ، ولهذا لا يوجبون على الإنسان أن
يوتر مرة بخمس ، ومرة بسبع ، ومرة بتسع ، ولو أخذنا بالعموم لقلنا يجب أن توتر مرة بخمس ، ومرة بسبع ، ومرة بتسع سرداً ، وإنما المراد : صلوا كما رأيتموني
أصلي في الكيفية ، أما في العدد فلا إلا ما ثبت النص بتحديده .
وعلى كلٍّ ينبغي للإنسان أن لا يشدد على الناس في أمر واسع ، حتى إنا رأينا من الإخوة الذين يشددون في هذا مَن يبدِّعون الأئمة
الذين يزيدون على إحدى عشرة ، ويخرجون من المسجد فيفوتهم الأجر الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم " من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة " رواه الترمذي ( 806 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 646 ) ، وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتنقطع الصفوف بجلوسهم ، وربما
يتحدثون أحياناً فيشوشون على المصلين .
ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير ، وأنهم مجتهدون ، لكن ليس كل مجتهدٍ يكون مصيباً .
والطرف الثاني : عكس هؤلاء ، أنكروا على من اقتصر على إحدى عشرة ركعة إنكاراً عظيماً، وقالوا : خرجتَ عن الإجماع قال تعالى : {
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ، فكل من قبلك لا يعرفون إلا ثلاثاً وعشرين ركعة
، ثم يشدِّدون في النكير ، وهذا أيضاً خطأ .
" الشرح الممتع " ( 4 / 73 – 75 ) .
أما الدليل الذي استدل القائلون بعدم جواز الزيادة في صلاة التراويح على ثمان ركعات فهو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل
عائشة رضي الله عنها : " كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا
فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر قال يا عائشة إن عينيَّ تنامان ولا ينام
قلبي " .
رواه البخاري ( 1909 ) ومسلم ( 738 ) .
فقالوا : هذا الحديث يدل على المداومة لرسول الله في صلاته في الليل في رمضان وغيره .
وقد ردَّ العلماء على الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا من فعله صلى الله عليه وسلَّم ، والفعل لا يدل على الوجوب .
ومن الأدلة الواضحة على أن صلاة الليل ومنها صلاة التراويح غير مقيدة بعدد حديث ابن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلَّى " .
رواه البخاري ( 946 ) ومسلم ( 749 ) .
ونظرة إلى أقوال العلماء في المذاهب المعتبرة تبين لك أن الأمر في هذا واسع ، وأنه لا حرج في الزيادة على إحدى عشرة ركعة :
قال السرخسي وهو من أئمة المذهب الحنفي :
فإنها عشرون ركعة سوى الوتر عندنا .
" المبسوط " ( 2 / 145 ) .
وقال ابن قدامة :
والمختار عند أبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) رحمه الله ، فيها عشرون ركعة ، وبهذا قال الثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ،
وقال مالك : ستة وثلاثون .
" المغني " ( 1 / 457 ) .
وقال النووي :
صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء ، ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات وتجوز منفردا وجماعة .
" المجموع " ( 4 / 31 ) .
فهذه مذاهب الأئمة الأربعة في عدد ركعات صلاة التراويح وكلهم قالوا بالزيادة على إحدى عشرة ركعة ، ولعل من الأسباب التي جعلتهم
يقولون بالزيادة على إحدى عشرة ركعة :
1- أنهم رأوا أن حديث عائشة رضي الله عنها لا يقتضي التحديد بهذا العدد .
2- وردت الزيادة عن كثير من السلف .
انظر : المغني ( 2 / 604 ) ، والمجموع ( 4 / 32 )
3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة وكان يطيلها جداً حتى كان يستوعب بها عامة الليل ، بل في إحدى الليالي
التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح بأصحابه لم ينصرف من الصلاة إلا قبيل طلوع الفجر حتى خشي الصحابة أن يفوتهم السحور ، وكان الصحابة
رضي الله عنهم يحبون الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستطيلونها فرأى العلماء أن الإمام إذا أطال الصلاة إلى هذا الحد شق ذلك على المأمومين وربما
أدى ذلك إلى تنفيرهم فرأوا أن الإمام يخفف من القراءة ويزيد من عدد الركعات .
والحاصل : أن من صلى إحدى عشرة ركعة على الصفة الواردة عن الني صلى الله عليه وسلم فقد أحسن وأصاب السنة ، ومن خفف القراءة
وزاد عدد الركعات فقد أحسن ، ولا إنكار على من فعل أحد الأمرين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والتراويح إن صلاها كمذهب أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد : عشرين ركعة أو : كمذهب مالك ستا وثلاثين ، أو ثلاث عشرة ، أو إحدى
عشرة فقد أحسن ، كما نص عليه الإمام أحمد لعدم التوقيف فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره .
الاختيارات ص ( 64 ) .
قال السيوطي :
الذي وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان الأمر بقيام رمضان والترغيب فيه من غير تخصيص بعدد ، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه
وسلم صلى التراويح عشرين ركعة ، وإنما صلى ليالي صلاة لم يذكر عددها ، ثم تأخر في الليلة الرابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها . وقال ابن حجر الهيثمي :
لم يصح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ركعة ، وما ورد أنه " كان يصلي عشرين ركعة " فهو شديد الضعف .
الموسوعة الفقهية ( 27 / 142 – 145 )
وبعد فلا تعجب أخي السائل من صلاة التراويح عشرين ركعة وقد سبقوا من أولئك الأئمة جيلا قبل جيل ، وفي كلٍّ خير .
والله أعلم .
*****
9054
حكم أخذ القرض الربوي للحاجة الماسة
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/7089)
سؤال رقم 9054- حكم أخذ القرض الربوي للحاجة الماسة
ما حكم أخذ قرض ربوي من البنك للحاجة الماسة مثل مواصلة الدراسة الجامعية أو شراء سيارة لصاحب عائلة ، أو منزل للعائلة ، مع العلم بأن المقترض لم يجد من يقرضه بدون فائدة .
الحمد لله
أولاً : يحرم الربا حيث وجد وبأي صورة كانت على صاحب رأس المال ومن اقترض منه
بفائدة ، سواءً كان المقترض فقيراً أو غنياً ، وعلى كل منهما وزر ، بل كل منهما
ملعون ، ومن أعانهما على ذلك من كاتب وشاهد ملعون أيضاً لعموم الآيات والأحاديث
الثابتة الدالة على تحريمه .
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا
لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى
فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(275)يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ
وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة ، وروى عبادة
بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الذهب بالذهب
والفضة بالفضة والورق بالورق والشعير بالشعير والتمر بالتمر مثلاً بمثل سواء
بسواء يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى ) رواه مسلم في صحيحه .
وثبت عن جابر رضي الله عنهما أنه قال : ( لعن رسول
الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال هم سواء ) رواه
مسلم .
... ومن عجز عن العمل مع فقره حلت له المسألة والزكاة
والضمان الاجتماعي .
ثانياً : ليس للمسلم سواء كان غنياً أو فقيراً
أن يقترض من البنك أو غيره بفائدة 5% أو 15 % أو أكثر أو أقل لأن ذلك من الربا
وهو من كبائر الذنوب ، وقد أغناه الله عن ذلك بما شرعه من طرق الكسب الحلال من
العمل عند أرباب الأعمال أجيراً أو الانتظام في عمل حكومي مباح أو الاتجار في
مال غيره مضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/269.
*****
9400
هل يحج عن تارك الصلاة ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7090)
سؤال رقم 9400- هل يحج عن تارك الصلاة ؟
الحج عن الغير هل يغفر ذنوب الذي لم يحج وبخاصة ذنب ترك الصلاة . سواء كان الذي لم يحج أوصى بذلك أو لم يوص. وهل يغفر ذنب الذي يحج عن ننفسه وبخاصة ذنب ترك الصلاة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
قولك (خاصة ذنب ترك الصلاة ) مرتين فهو تركيز منك على أن الصلاة تركها ذنبه عظيم عند الله وهو كذلك ، وقد اختلف العلماء في كفر
تارك الصلاة والصحيح أنه كافر مرتد عن الإسلام والدليل على ذلك :
1- عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد
كفر " .
رواه الترمذي ( 2545 ) والنسائي ( 459 ) وابن ماجة ( 1069 ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي ( 2113 ) .
2- وعن أبي سفيان قال : سمعت جابراً يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة
" .
رواه مسلم ( 116 ) .
وقد أجمع الصحابة على تكفير تارك الصلاة ، وقال به من العلماء من بعدهم : عبد الله بن شقيق ، وإبراهيم النخعي ، وإسحاق بن
راهويه ، وأحمد بن حنبل ، وعبد الله بن المبارك ، والحكم بن عتيبة … وغيرهم .
والصلاة أول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة ، فإن صلحت : صلح عمله كله ، وإن فسدت : فسد عمله كله .
فتارك الصلاة لا ينتفع من أعماله بشيء ، بل أعماله كلها باطلة ، قال الله تعالى عن الكفار : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل
فجعلناه هباء منثوراً ) الفرقان / 22 ، وقال تعالى : ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ) الزمر / 65
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ) رواه البخاري 553
وعلى هذا إذا حج تارك الصلاة وهو مصر على تركها لم يصح منه الحج وبالأحرى لا يكفر عنه ذنب ترك الصلاة ، وكذلك من مات مصراً على
ترك الصلاة لا ينتفع من الأعمال الصالحة التي تفعل عنه بعد موته بشيء ، ولا يجوز لأحد علم أنه مات مصراً على ترك الصلاة أن يدعو له بالمغفرة والرحمة أو يحج
عنه لأنه كافر مشرك ، والله تعالى يقول : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) التوبة / 113
أما إذا تاب تارك الصلاة وحافظ عليها وندم على ما فعل ورجع إلى الإسلام فإن الله يغفر له جميع ذنوبه الماضية .
قال تعالى : ( قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) الأنفال / 38
( أن ينتهوا ) يعني عن كفرهم وذلك بالإسلام لله وحده لا شريك له . تفسير السعدي
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( الإسلام يهدم ما كان قبله ) رواه مسلم ( 121 ) يعني من الذنوب .
والله اعلم .
*****
9412
الختان ؛ كيفيته وأحكامه
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/7091)
سؤال رقم 9412- الختان ؛ كيفيته وأحكامه
هل يمكن أن تبين لنا ما هو الختان وما هو موضعه ؟.
الحمد لله
لقد ألف ابن القيم رحمه الله كتاباً قيماً في أحكام المولود سماه : "تحفة المودود في أحكام المولود" ، وقد عقد في هذا الكتاب
باباً واسعاً تكلم فيه عن الختان وأحكامه ، وهذا ملخص منه ، مع بعض الزيادات عن غيره من أهل العلم .
1. معنى الختان :
قال ابن القيم :
الختان : اسم لفعل الخاتن ، وهو مصدر كالنزال والقتال ، ويسمى به موضع الختن أيضا ومنه الحديث : " إذا التقى الختانان وجب
الغسل " ، ويسمى في حق الأنثى خفضا يقال : ختنت الغلام ختنا ، وخفضت الجارية خفضا ، ويسمى في الذكر إعذارا أيضا ، وغير المعذور يسمى أغلف وأقلف .
" تحفة المولود " ( 1 / 152 ) .
2. الختان سنة إبراهيم والأنبياء من بعده :
روى البخاري (6298) ومسلم (2370) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ
عليه السلام بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً ، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ .
و (الْقَدُوم) هو آلة النجار . وقيل : هو مكان بالشام .
قال الحافظ ابن حجر :
وَالرَّاجِح أَنَّ الْمُرَاد فِي الْحَدِيث الآلَة , فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن رَبَاح قَالَ :
"أُمِرَ إِبْرَاهِيم بِالْخِتَانِ , فَاخْتَتَنَ بِقَدُّوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ , فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ عَجِلْت قَبْل أَنْ نَأْمُرك بِآلَتِهِ ,
فَقَالَ : يَا رَبّ كَرِهْت أَنْ أُؤَخِّر أَمْرك" اهـ
وقال ابن القيم :
والختان كان من الخصال التي ابتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس ، وقد روي أنه أول من
اختتن كما تقدم ، والذي في الصحيح اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة ، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتى في المسيح فإنه اختتن والنصارى تقر بذلك
ولا تجحده كما تقر بأنه حرَّم لحم الخنزير ...
" تحفة المودود " ( ص 158 – 159 ) .
هذا ، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الختان
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
وأقرب الأقوال : أنه واجب في حق الرجال ، سنة في حق النساء ، ووجه التفريق بينهما : أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط
من شروط الصلاة وهي الطهارة ، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة : فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع ، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك ، أو
عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك .
وأما في حق المرأة : فغاية فائدته : أنه يقلل من غلمتها ، أي : شهوتها ، وهذا طلب كمال ، وليس من باب إزالة الأذى .
" الشرح الممتع " ( 1 / 133 ، 134 ) .
وهذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله . قال ابن قدامة في المغني (1/115) : فأما الختان فواجب على الرجال ، ومَكْرُمَة في حق
النساء ، وليس بواجب عليهن اهـ
3. موضعه :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
قال أبو البركات في كتابه " الغاية " : ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة ، وإن اقتصر على أخذ أكثرها جاز ويستحب لخافضة الجارية
أن لا تحيف ، وحكي عن عمر أنه قال للخاتنة : أبقي منه إذا خفضت ، وقال الخلال في " جامعه " : ذكر ما يقطع في الختان : أخبرني محمد بن الحسين أن الفضل بن
زياد حدثهم قال: سئل أحمد : كم يقطع في الختانة ؟ قال : حتى تبدو الحشفة .
والحشفة : رأس الذكر ، كما في لسان العرب (9/47) .
وقال ابن الصباغ في " الشامل " : الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتى تنكشف جميعها ، وأما المرأة فتقطع
الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين وإذا قطعت يبقى أصلها كالنواة .
وقال النووي رحمه الله :
والصحيح المشهور أنه يجب قطع جميع ما يغطي الحشفة اهـ . المجموع ( 1 / 351 ) .
وقال الجويني : القدر المستحق من النساء : ما ينطلق عليه الاسم ، قال : في الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال ، قال : أَشِمِّي
ولا تَنْهَكي ، أي : اتركي الموضع أشم والأشم المرتفع .
" تحفة المودود " ( 190 – 192 ) .
والحاصل أنه في ختان الذكر تقطع جميع الجلدة التي تغطي الحشفة ، وفي ختان الأنثى يُقطع جزءٌ من الجلدة التي كعرف الديك في أعلى
الفرج .
4- الحكمة من مشروعية الختان
أما للرجل فلأنه لا يتمكن من الطهارة من البول إلا بالختان ، لأن قطرات من البول تتجمع تحت الجلدة فلا يُؤمن أن تسيل فتنجس
ثيابه وبدنه . ولذلك كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يشدد في شأن الختان . قال الإمام أحمد : وكان ابن عباس يشدد في أمره ، ورُوي عنه أنه لا حج له ولا
صلاة . يعني : إذا لم يختتن اهـ المغني (1/115) .
وأما حكمة الختان بالنسبة للمرأة فتعديل شهوتها حتى تكون وسطاً .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المرأة : هل تختتن أم لا ؟
فأجاب : الحمد لله ، نعم ، تختتن ، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك ، قال رسول الله للخافضة وهي الخاتنة : (أشمي
ولا تنهكي ، فإنه أبهى للوجه ، وأحظى لها عند الزوج) يعني : لا تبالغي في القطع ، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القُلْفَة ،
والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء [يعني : غير مختتنة] كانت مغتلمة شديدة الشهوة . ولهذا يقال في المشاتمة : يا بن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال أكثر . ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الإفرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين . وإذا حصلت
المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل ، فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال . والله أعلم اهـ مجموع الفتاوى (21/114) .
5- ويجوز دفع المال للختَّان .
قال ابن قدامة :
ويجوز الاستئجار على الختان ، والمداواة ، لا نعلم فيه خلافا ؛ ولأنه فعل يحتاج إليه ، مأذون فيه شرعا ، فجاز الاستئجار عليه ،
كسائر الأفعال المباحة .
" المغني " ( 5 / 314 ) .
*****
9465
لماذا يحرم إقامة علاقة بين المرأة والرجل الأجنبي ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/7092)
سؤال رقم 9465- لماذا يحرم إقامة علاقة بين المرأة والرجل الأجنبي ؟
السؤال :
لماذا لا يمكن للمسلم أن يعطي مواعيد ويتقابل مع امرأة ؟ إنني امرأة نصرانية متشددة ولي صديق مسلم وأحاول فهم هذا.
الجواب :
الحمد لله
منع الإسلام من الخلوة بالمرأة الأجنبية ولو كان يعلمها القرآن وهو كتاب الله
، وذلك لأن الشيطان يدخل بينهما ، قال نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام : "
ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " . فإذا كانت هذه المرأة ترغب
أن تسمع الإسلام وأن تقرأ عنه قراءة مفصلة ففي إمكانها ان تأخذ الكتابات التي
كتبت عن الإسلام المترجمة بعدّة لغات ، فتأخذ اللغة التي تفهمها حتى إذا فهمت
ما يدعوها إلى الإسلام أسلمت . وإن كانت لا تفهم وتريد من يشرح لها فإنه يجوز
إن لم يكن هناك خلوة بحيث يكون معها محرمها أو وجود عدد من النساء وكان الرجل
مسلما ثقةً ، أو عدد من الرجال الثقات فيجلسون مع هذه المرأة فيعلمونها الإسلام
حتى تفهمه ويقيموا الحجة عليها فهذا جائز .
الشيخ عبد الله بن جبرين .
والله
عز وجل يريد أن يطهر المسلمين ولذلك حرم عليهم كل وسيلة تؤدي إلى الشر والفساد
والفاحشة وأنت تعلمين أيتها السائلة أن الرجل إذا خلا بأمرأة واقام معها علاقة
فإن هذه العلاقة كثيراً ما تتطور إلى ما لا يُحمد عقباه ، وإن الخلوة هي طريق
إلى الفساد والوقوع في الفاحشة ، ولا يجوز للانسان أن يزكي نفسه وأن يقول أنا
لا أتأثر من الخلوة بالنساء .
والاسلام
لا ينتظر إلى أن تتطور أمور الشخص في الحرام ، ولكنه يبعده عنه من أول الطريق
، وأحكام الشريعة نزلت لعموم الناس ، ولا عبرة بوجود حالات من الخلوة لم تؤد
إلى الفاحشة ولا إلى أي استمتاع محرم كاللمس والتقبيل ، فلماذا يُعرض الشخص نفسه
للفتنة ؟
أليس
إذا جلس رجل مع امرأة أجنبية في خلوة ليس معها أحد قد يقع في نفسها أو في نفسه
فعل شيء محرم حتى ولو لم يحدث عملياً ثم مع التكرار قد يحدث فعلاً .
والشريعة
في هذا الأمر تحتاط وتغلق الطريق الذي يمكن أن يؤدي إلى الشر .
وإذا
كانت هناك أي فائدة عند الرجل تحتاجها امرأة أو العكس فيمكن تحصيلها بإرسالها
إليه رسالة أو إرساله إليها دون لقاء ، أو يكون اللقاء من وراء حجاب ، أو بوجود
أشخاص تزول بهم الخلوة ، هذا مع الحشمة واللباس الساتر .
والله
الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
947
حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7093)
سؤال رقم 947- حكم تهنئة الكفار بأعيادهم
ما حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ؟ .
الحمد لله
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : " وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول: عيد مبارك عليك ، أو تهْنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه ، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّأ عبداً بمعصية أو بدعة ، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ." انتهى كلامه - يرحمه الله - .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراماً وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضى به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر أو يهنّئ بها غيره ، لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال الله تعالى : { إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم } وقال تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً } ، وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنؤنا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً إلى جميع الخلق ، وقال فيه : { ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } . وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ،أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من تشبّه بقوم فهو منهم } . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه : ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) : " مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء " . انتهي كلامه يرحمه الله .
ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم .
والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم ، إنه قوي عزيز . ( مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين 3/369 ) .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
9496
حكم العمل في المحاماة
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/7094)
سؤال رقم 9496- حكم العمل في المحاماة
العمل بالمحاماة قد يعرض الإنسان لمناصرة الشر والدفاع عنه لأن المحامي يريد البراءة مثلاً للمذنب الذي يدافع عنه فهل مكسب المحامي من ذلك حرام وهل هناك شروط إسلامية لعمل الإنسان محامياً ؟
الحمد لله
المحاماة مفاعلة من
الحماية إن كانت حماية شر ودفاع عنه فلا شك أنها محرمة لأنه وقوع فيما نهى الله
عنه في قوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وإن كانت المحاماة لحماية
الخير والذود عنه فإنها حماية محمودة مأمور بها في قوله تعالى : ( وتعاونوا على
البر والتقوى ) . وعلى هذا فإن من أعد نفسه لذلك يجب عليه قبل أن يدخل في القضية
المعينة أن ينظر في هذه القضية ويدرسها فإن كان الحق مع طالب المحاماة دخل في
المحاماة وانتصر للحق ونصر صاحبه وإن كان الحق في غير جانب من طلب المحاماة فإنه
يدخل في المحاماة أيضاً لكن المحاماة تكون عكس ما يريد الطالب بمعنى أنه يحامي
عن هذا الطالب حتى لا يدخل فيما حرم الله عليه وفي دعوى ما هو عليه وذلك لأن
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، قالوا
: يا رسول الله هذا المظلوم ، فكيف ننصره إذا كان ظالماً ؟ قال : تمنعه من الظلم
فذلك نصرك إياه ) .
فإذا علم أن طالب المحاماة ليس له حق في
دعواه فإن الواجب أن ينصحه وأن يحذره وأن يخوفه من الدخول في هذه القضية وأن
يبين له وجه بطلان دعواه حتى يدعها مقتنعاً بها .
مجلة الدعوة العدد/1789 ، ص/61 .
*****
9594
هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء
الآداب > بر الوالدين >(1/7095)
سؤال رقم 9594- هل لأبي الحقّ أن يأخذ من مالي ما يشاء
السؤال :
أبي يقتبس حديث "أنت ومالك لأبيك" أو "ما يملك الابن ملك للأب" فهل هذا صحيح؟ وهل هذا يعني أنه يحق للأب أن يأخذ ما يشاء حتى لو كان ضد رغبة الابن؟ أعلم أنه واجب على الأبناء مراعاة الآباء .
الجواب :
الحمد لله
1. الحديث : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ رواه ابن ماجه ( 2291 ) وابن حبان في صحيحه ( 2 / 142 ) من حديث جابر ، و ( 2292 ) وأحمد ( 6902 ) من حديث عبد الله بن عمرو .
ورواية أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي قَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا .
وله طرق وشواهد يصح بها .
انظر : " فتح الباري " ( 5 / 211 ) ، و " نصب الراية " ( 3 / 337 ) .
2. اللام في الحديث : ليست للملك بل للإباحة .
قال ابن القيم :
واللام في الحديث ليست للملك قطعا .. ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته . " إعلام الموقعين " ( 1 / 116 ) .
3. ومما يدل على أنها ليست للملك أن الابن يرثه أولاده وزوجته وأمه ، فلو كان ماله ملكاً لوالده : لم يأخذ المال غير الأب .
وقال الشافعي :
لأنه لم يثبت فإن الله لما فرض للأب ميراثه من ابنه فجعله كوارث غيره وقد يكون أنقص حظا من كثير من الورثة دل ذلك على أن ابنه مالك للمال دونه . " الرسالة " ( ص 468 ) .
4. وليست الإباحة على إطلاقها ، بل هي بشروط أربعة :
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله :
هذا الحديث ليس بضعيف لشواهده ، ومعنى ذلك : أن الإنسان إذا كان له مال : فإنَّ لأبيه أن يتبسَّط بهذا المال ، وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشرط بل بشروط :
الشرط الأول : ألا يكون في أخذه ضرر على الابن ، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد ، أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه : فإن ذلك لا يجوز للأب.
الشرط الثاني : أن لا تتعلق به حاجة للابن ، فلو كان عند الابن أمَة يتسراها : فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الابن بها ، وكذلك لو كان للابن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها : فليس له أن يأخذها بأي حال .
الشرط الثالث : أن لا يأخذ المال مِن أحد أبنائه ليعطيه لابنٍ آخر ؛ لأن ذلك إلقاء للعداوة بين الأبناء ، ولأن فيه تفصيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً ، فإن كان محتاجاً : فإن إعطاء الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون : ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه .
وعلى كل حال : هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ، ولكنه مشروط بما ذكرنا ، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال ولده ليعطي ولداً آخر .
والله أعلم . " فتاوى إسلامية " ( 4 / 108 ، 109 ) .
وهناك شرط رابع مهم وهو أن تكون عند الأب حاجة للمال الذي يأخذه من ولده ، وقد جاء مصرَّحاً بهذا الشرط في بعض الأحاديث .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أولادكم هبة الله لكم { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور } فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها .
رواه الحاكم ( 2 / 284 ) والبيهقي ( 7 / 480 ) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ) ، وقال :
وفي الحديث فائدة فقهيَّة هامَّة وهي أنه يبيِّن أن الحديث المشهور " أنت ومالك لأبيك " ( الإرواء 838 ) ليس على إطلاقه بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء ، كلا ، وإنما يأخذ ما هو بحاجة إليه . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
9940
مواقيت الصلوات الخمس
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/7096)
سؤال رقم 9940- مواقيت الصلوات الخمس
متى يخرج وقت صلاة العصر وتحديداً بالساعة ؟ .
الحمد لله
" فإن الله
تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة بأوقات اقتضتها حكمة الله
تعالى ليكون العبد على صلة بربه تعالى في هذه الصلوات مدة هذه الأوقات كلها فهي
للقلب بمنزلة الماء للشجرة تُسقى به وقتاً فوقت ، لا دفعة واحدة ثم ينقطع عنها .
ومن الحكمة في
تفريق هذه الصلوات في تلك الأوقات أن لا يحصل الملل والثقل على العبد إذا أداها
كلها في وقت واحد ، فتبارك الله تعالى أحكم الحاكمين "مقدمة رسالة أحكام مواقيت
الصلاة للشيخ محمد ابن عثيمن رحمه الله .
وأوقات الصلوات
ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ
الشَّمْسُ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْعَصْرُ وَوَقْتُ
الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ
يَغِبْ الشَّفَقُ وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ
وَوَقْتُ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ
فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ
قَرْنَيْ شَيْطَانٍ " رواه مسلم (612) .
ففي هذا الحديث
بيان لأوقات الصلوات الخمس ، وأما تحديد الأوقات بالساعة ، فإنه يختلف من بلد إلى
بلد وسنتناول كل وقت على حدة :
أولاً :
وقت الظهر :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " فحدد
النبي صلى الله عليه وسلم وقت الظهر ابتداءً وانتهاءً :
أما بداية
وقت الظهر : فهو من زوال
الشمس – والمقصود زوالها عن وسط السماء إلى جهة الغرب .
تطبيق
عملي لمعرفة الزوال ( بداية وقت الظهر ) :
ضع شيئاً شاخصاً
(عموداً) في مكان مكشوف فإذا طلعت الشمس من المشرق سيكون ظل هذا الشاخص نحو المغرب
وكلما ارتفعت الشمس نقص الظل ، فما دام ينقص فالشمس لم تزل ، وسيستمر الظل في
التناقص حتى يقف عند حدٍ معين ثم يبدأ يزيد نحو المشرق ، فإذا زاد أدنى زيادة فقد
زالت الشمس ، وحينئذٍ يكون وقت الظهر قد دخل .
علامة الزوال
بالساعة : اقسم ما بين طلوع
الشمس إلى غروبها نصفين فهذا هو وقت الزوال ، فإذا قدرنا أن الشمس تطلع في الساعة
السادسة وتغيب في الساعة السادسة ، فالزوال :الساعة الثانية عشرة ، وإذا كانت تخرج
في الساعة السابعة ، وتغيب في الساعة السابعة ، فالزوال الساعة الواحدة وهكذا. انظر
الشرح الممتع (2/96)
وأما نهاية
وقت الظهر : فهو إلى أن يصير
ظل كل شيء مثله ( أي طوله ) بعد الظل الذي زالت عليه الشمس .
تطبيق
عملي لمعرفة نهاية وقت الظهر :
لنرجع إلى
الشاخص ( العمود ) الذي وضعناه قبل قليل ، ولنفرض أن طوله (متر واحد) ستلاحظ أن
الظل قبل الزوال يتناقص شيئاً فشيئاً إلى أن يقف عند نقطة معينة ( قم بوضع إشارة
عند هذه النقطة ) ثم يبدأ في الزيادة وعندها يدخل وقت الظهر ، ثم يستمر الظل في
الزيادة نحو المشرق إلى أن يصير طول الظل يساوي طول الشاخص (العمود) ، أي أن طول
الظل سيكون ( متراً واحداً ابتداءً من النقطة التي وضعت عندها الإشارة ، وأما الظل
الذي قبل الإشارة فلا يُحسب وهو ما يُسمى بفيء الزوال ) وهنا يكون قد انتهى وقت
الظهر ودخل وقت العصر بعده مباشرة .
ثانياً :
وقت العصر :
قال عليه الصلاة
والسلام : " ووقت العصر ما لم تصفر الشمس " .
قد عرفنا بأن
ابتداء وقت العصر يكون بانتهاء وقت الظهر ( أي عند مصير ظل كل شيء مثله ) .
وأما نهاية وقت
العصر فله وقتان :
1) وقت اختيار :
وهو من أول وقت العصر إلى اصفرار الشمس لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " وقت
العصر ما لم تصفر الشمس " أي ما لم تكن صفراء ، وتحديده بالساعة يختلف باختلاف
الفصول .
2) وقت اضطرار :
وهو من اصفرار الشمس إلى غروب الشمس . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أدرك
ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " أخرجه البخاري (579) ومسلم (608) . مسألة : ما معنى وقت الضرورة ؟
معنى الضرورة :
أنه لو اشتغل الإنسان عن العصر بشغل لابد منه كتضميد جرح – وهو يستطيع أن يصلي قبل
اصفرار الشمس ولكن بمشقة – وصلى قبيل الغروب فقد صلى في الوقت ولا يأثم ؛ لأن هذا
وقت ضرورة ، فإذا اضطر الإنسان للتأخير فلا حرج مادام قبل غروب الشمس .
ثالثاً :
وقت المغرب :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ " .
أي أن وقت
المغرب يدخل مباشرة من خروج وقت العصر وهو غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر .
فإذا غابت
الحمرة من السماء خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء ، وتحديده بالساعة يختلف باختلاف
الفصول ، فمتى رأيت الحمرة قد زالت في الأفق فهذا دليل على أن وقت المغرب قد انقضى
.
رابعاً :
وقت العشاء :
قال عليه الصلاة
والسلام : " وَوَقْتُ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ " .
فوقت العشاء
يبدأ من خروج وقت المغرب مباشرة ( أي من مغيب الحمرة في السماء ) إلى نصف الليل .
مسألة : كيف نحسب نصف الليل ؟
الجواب : إذا
أردت حساب نصف الليل فاحسب الوقت من مغيب الشمس إلى طلوع الفجر ، فنصف ما بينهما هو
آخر وقت العشاء ( وهو نصف الليل ) .
فلو أن الشمس
تغيب الساعة الخامسة ، والفجر يؤذن الساعة الخامسة فمنتصف الليل هو الساعة الحادية
عشرة مساءً ، ولو أن الشمس تغيب الساعة الخامسة والفجر يطلع الساعة السادسة ،
فمنتصف الليل الساعة الحادية عشرة والنصف وهكذا .
خامساً :
وقت الفجر :
قال النبي صلى
الله عليه وسلم : " وَوَقْتُ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ
تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَمْسِكْ عَنْ الصَّلاةِ
فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ " .
يبدأ وقت الفجر
من طلوع الفجر الثاني ، وينتهي بطلوع الشمس . والفجر الثاني هو البياض المعترض في
الأفق من جهة المشرق ويمتد من الشمال إلى الجنوب ، وأما الفجر الأول فإنه يخرج قبل
الفجر الثاني بساعة تقريباً وبينهما فروق :
1) الفجر الأول ممتد لا
معترض ، أي يمتد طولاً من الشرق إلى الغرب ، والثاني معترض من الشمال إلى الجنوب .
2) أن الفجر الأول يُظلم ،
أي : يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يُظلم ، والفجر الثاني : لا يظلم بل يزداد نوراً
وإضاءة .
3) أن الفجر الثاني متصل
بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، والفجر الأول منقطع عن الأفق بينه وبين الأفق
ظلمة . أنظر الشرح
الممتع (2/107) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10070
الاحتفال بالأعياد المبتدعة
أصول الفقه > البدعة >(1/7097)
سؤال رقم 10070- الاحتفال بالأعياد المبتدعة
ما هو حكم الشرع في الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعيد مولد الأطفال ، وعيد الأم ، وأسبوع الشجرة ، واليوم الوطني ؟.
الحمد لله
أولا : العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر
أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أموراً منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم
الجمعة ، ومنها : الاجتماع في ذلك اليوم ، ومنها : الأعمال التي يقام بها في
ذلك اليوم من عبادات وعادات .
ثانيا : ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب
أو التعظيم كسبا للأجر ، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار
فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، مثال ذلك
الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم
يأذن بها الله ، وكما في ذلك التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ، ولما في الثاني
والثالث من التشبه بالكفار ، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلاً لمصلحة
الأمة وضبط أمورها ، وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك
مما لا يفضي به التقرب والعبادة والتعظيم بالأصالة ، فهو من البدع العادية التي
لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
فهو رد " فلا حرج فيه بل يكون مشروعاً .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله
وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 3/59.
*****
10094
حكم من يقرأ القران ولا يصلي
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/7098)
سؤال رقم 10094- حكم من يقرأ القران ولا يصلي
السؤال :
إذا كنت أقرأ القرآن كل يوم وأنا لا أصلي ، وسمعت كلام الناس يقولون إنه تحرم قراءة القرآن على من لا يصلي ، فتركت قراءة القرآن ، فهل يصح هذا ؟ افيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله
الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ) رواه الترمذي رقم ( 2766 ) وصحيح ابن ماجه ( 1078 ) وصححه الألباني .
وسميت الصلاة صلاة لأنها صلة بين العبد وبين ربه ، فمن لا يصلي ، لا يقبل منه زكاة ولا صوم ولا حج ولا جهاد ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر ولا قراءة قرآن ولا صلة رحم بل جميع أعماله مردودة عليه إذا كان لا يصلي .
وقد ذهب أهل العلم ومنهم الإمام أحمد على أن من ترك الصلاة يقتل كفراً ، فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه أقاربه المسلمون .
فلا يجوز أن تترك الصلاة فإنك لا تدري متى يفاجئك الأجل .
كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في آخر حياته ، بل في مرضه الذي توفي فيه : ( الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ، الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ) أخرجه الإمام أحمد (3/117) ، وابن ماجه رقم 0 2697 ) وابن حبان ( 1220 ) وصححه الألباني في الإرواء رقم ( 2178 ) .
فالصلاة هي عمود الإسلام ، قال الإمام أحمد : حظك من الإسلام على قدر حظك من الصلاة ، فالذي نحبه لك أن تواظب على الصلاة ، وتؤديها في أوقاتها مع المسلمين في مساجدهم ، فحرام عليك أن تترك الصلاة ، فإنه من تركها يكفر على تفصيل مذكور في كتب أهل العلم ، وقيل : يقتل حداً كما هو معلوم ، والله أعلم .
فتاوى سماحة الإمام عبد الله بن حميد ص 86.
*****
10221
ما حكم مراسلة الفتيات للفتيان
الآداب > العلاقة بين الجنسين > آداب الكلام مع النساء >(1/7099)
سؤال رقم 10221- ما حكم مراسلة الفتيات للفتيان
السؤال :
كثير من الفتيات يقمن بمراسلة الشباب ، ويكتبن من خلال السطور رسائلهن كلاماً كثيراً أنزه قلمي ومسامعكم عن ذكره ، وهذا الأمر يكاد أن يكون ظاهرة تفشى في هذا المجتمع ، لذا نأمل ونرجو ونكرر رجائي الحار أن تتفضلوا علينا بكتابة رسالة تحمل بين سطورها ما يعالج هذا الأمر ، مدعماً بالأدلة والبراهين . حيث إنني ناقشت الكثير منهم في خطورة هذا الأمر ، ولكن لقصر باعي وعدم سعة اطلاعي فشلت في إقناعهن رغم محاولاتي المتكررة .
الجواب :
الحمد لله
من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية حفظ النسل والأعراض ؛ من أجل ذلك كله حرّم الله الزنا وأوجب الحد جلداً أو رجماً ، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه ، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه ، ونظرة آثمة وعين خائنة وسفر بلا محرم ، وخروجها من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية ، تستميل بذلك قلوب الشباب ، وتستهوي نفوسهم ، وتفتنهم في دينهم ، ومن ذلك حديث الرجل الخادع مع المرأة ، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به ، وإثارة لشهوته ، وليقع في حبالها ، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق ، أو حين محادثة هاتفية ، أو مراسلة كتابية ، أو غير ذلك ، من أجل ذلك حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً ، قال الله تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) الآية .
فعلى الفتيان المسلمين أن يتقوا الله ويحفظوا فروجهم ، ويغضوا أبصارهم ، ويكفوا ألسنتهم وأقلامهم عن الرفث وفحش القول ، ومغازلة الفتيات ومخادعتهن ، وعلى الفتيات المسلمات مثل ذلك ، وأن يلزمن العفاف ولا يخرجن متبرجات كاسيات عاريات ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه أحمد ومسلم في الصحيح .
إن الفتيان والفتيات إذا أطاعوا الله ورسوله وترفعوا عن الدنايا ، وتنزهوا عن مداخل الفتن ومواطن الريبة كان ذلك أزكى لهم وأطهر لقلوبهم ، وأرفع لشؤونهم ، وأحفظ لمجتمعهم ، والله المستعان .
من فتاوى اللجنة الدائمة 12 / 381 -382 .
*****
10254
متعلقة بشاب في المدرسة وتريد حلا
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/7100)
سؤال رقم 10254- متعلقة بشاب في المدرسة وتريد حلا
عندي مشكلة كبيرة، فأنا أميل ميلا شديدا لأحد الشباب في المدرسة. وأنا لا أستطيع أن أتوقف عن التفكير فيه . وفي بعض الأحيان التي أتمكن فيها من السيطرة على أحاسيسي, فإن الأمر ينتهي برؤيتي له في المدرسة ثم ترجع أحاسيسي إلى ما كانت عليه سابقا . أعلم في داخلي أن هذه الأعمال محرمة في الإسلام, لكني لا أستطيع أن أوقفها رغم المحاولات التي أبذلها . أنا أحاول أن أتجنبه قدر استطاعتي. نحن لا نتحدث إلا نادرا، وإذا تحدثنا, فإن ذلك يكون في صورة إلقاء السلام ورده . أنا لا أعرف ماذا أفعل. أنا أرغب أن تتوقف هذه الأحاسيس. ويظهر أن الشيطان يكون هو الفائز في كل مرة رغم ما أبذل من محاولات. وأنا أتساءل, هل توجد أدعية أو صلوات أو ما يشابه ذلك مما قد يساعدني على السيطرة على نفسي؟ والظاهر هو أنه كلما حاولت منع نفسي من الوقوع في هذه المعصية, قلّ تحكمي في نفسي.
إنها أول مرة أجد فيها ميلا شديدا تجاه شخص ما, والأمر مخيف جدا لأنه ليس صوابا.
أرجوك, ساعدني.
الحمد لله
إن الشعور بخطورة المشكلة أهم خطوة في علاجها ، وهذا موجود لديكِ والحمد لله . وسيبقى الإنسان في حاجة لمجاهدة نفسه في ترك المعاصي ، وهذا من حكمة الله تبارك وتعالى حتى يميز المؤمن الجاد الصادق من غيره .
ومن الأمور المهمة التي تعينك على التخلص من هذه المشكلة :
1. استجلاب محبة الله بأسبابها كالتفكر في آلائه ونعمه وهذا سيشغلك عن محبة غيره .
2. الحرص على الابتعاد عن اللقاء به والجلوس معه والنظر إليه .
3. التخلص من التفكير فيه ، بإشغال النفس بالتفكير في الأمور المفيدة في الدين والدنيا .
4. إذا كنتِ تستطعين الزواج منه - إذا كان مستقيما - أو من غيره فإنه العلاج الطبيعي لكثير من هذه المشكلات .
أمَّا الدعاء فالله سبحانه يجيب من يدعوه وهو صادقٌ في دعائه ، ولو قلتِ : اللهم طهّر قلبي أو قلتِ يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على طاعتك ، أو قلت اللهم اقسم لي من خشيتك ما تحول به بيني وبين معصيتك أو قلت اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، أو قلت : " اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، رب كل شيء ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره على مسلم " ، فكلّ ذلك حسن طيب مما ورد في الأدعية النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم ( يراجع ترتيب أحاديث صحيح الجامع : باب الأدعية المأثورة ) هذا مع الإخلاص والإلحاح في الدعاء . والله الهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10277
نبذة عن نبي الله عيسى عليه السلام
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/7101)
سؤال رقم 10277- نبذة عن نبي الله عيسى عليه السلام
هل من الممكن أن تعطينا نبذة عن عيسى عليه السلام ؟.
الحمد لله
- كانت مريم ابنة عمران امرأة صالحة تقية .. واجتهدت في العبادة حتى لم يكن لها
نظير في النسك والعبادة .. فبشرتها الملائكة باصطفاء الله لها .. ( إذ قالت الملائكة
يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين - يا مريم اقنتي لربك
واسجدي واركعي مع الراكعين ) آل عمران / 42 - 43 .
- ثم بشرت الملائكة مريم بأن الله سيهب
لها ولداً يخلقه بكلمة كن فيكون وهذا الولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم .. وسيكون
وجيهاً في الدنيا والآخرة ورسولاً إلى بني إسرائيل .. ويعلم الكتاب والحكمة والتوراة
والإنجيل .. وله من الصفات والمعجزات ما ليس لغيره .. كما قال تعالى : ( إذ قالت
الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً
في الدنيا والآخرة ومن المقربين - ويكلم الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين
- قالت رب أنى يكون لي ولدٌ ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى
أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران /45-47.
- ثم أخبر الله تعالى عن تمام بشارة الملائكة
لمريم بابنها عيسى عليه السلام فقال عن تشريف عيسى , وتأييده بالمعجزات .. (
ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل - ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم
بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن
الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون
في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين - ومصدقاً لما بين يدي من التوراة
ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله
ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) آل عمران/ 48 - 51 .
- والله سبحانه له الكمال المطلق في الخلق
. يخلق ما يشاء كيف يشاء .. فقد خلق آدم من تراب بلا أب ولا أم .. وخلق حواء
من ضلع آدم من أب بلا أم .. و جعل نسل بني آدم من أب وأم .. و خلق عيسى من أم
بلا أب .. فسبحان الخلاق العليم .
- و قد بين الله في القرآن كيفية ولادة
عيسى بياناً شافياً فقال سبحانه ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً
شرقياً - فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً
- قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً - قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً
زكياً - قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغياً - قال كذلك قال
ربك هو عليّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً ) مريم/16
- 21.
- فلما قال لها جبريل ذلك استسلمت لقضاء الله
فنفخ جبريل في جيب درعها .. ( فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً - فأجاءها المخاض
إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسيا ) مريم /22 -
23 .
- ثم ساق الله لمريم الماء والطعام .. وأمرها
أن لا تكلم أحداً .. ( فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً - وهزي
إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً - فكلي واشربي وقرِّي عيناً فإما ترين
من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً ) مريم
/24 - 26.
- ثم جاءت مريم إلى قومها تحمل ولدها عيسى
. فلما رأوها أعظموا أمرها جداً واستنكروه .. فلم تجبهم .. وأشارت لهم اسألوا
هذا المولود يخبركم .. قال تعالى .. ( فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد
جئت شيئاً فرياً - يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً -
فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً ) مريم/27 - 29.
- فأجابهم عيسى على الفور وهو طفل في المهد ..
( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً - وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني
بالصلاة والزكاة ما دمت حياً - وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً
- والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً ) مريم/30 -33 .
ذلك خبر عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله .. ولكن
أهل الكتاب اختلفوا فيه فمنهم من قال هو ابن الله .. ومنهم من قال هو ثالث ثلاثة
. ومنهم من قال هو الله .. ومنهم من قال هو عبد الله ورسوله وهذا الأخير هو
القول الحق قال تعالى .. ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون - ما
كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون - وإن الله
ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم - فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين
كفروا من مشهد يوم عظيم ) مريم/34 -37.
- ولما انحرف بنو إسرائيل عن الصراط المستقيم
. وتجاوزوا حدود الله .. فظلمو ا , وأفسدوا في الأرض وأنكر فريق منهم البعث
والحساب والعقاب .. وانغمسوا في الشهوات والملذات غير متوقعين حساباً .. حينئذ
بعث الله إليهم عيسى ابن مريم رسولاً وعلمه التوراة والإنجيل كما قال سبحانه
عنه ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولاً إلى بني إسرائيل ) آل
عمران/48 .
- وقد أنزل الله على عيسى ابن مريم الإنجيل
هدى ونوراً .. ومصدقاً لما في التوراة .. ( وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً
لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ) المائدة/46 .
- وعيسى عليه السلام قد بشر بمجيء رسول من الله
يأتي من بعده اسمه أحمد وهو محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى .. ( وإذ قال
عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة
و مبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين
) الصف/6.
- قام عيسى عليه السلام بدعوة بني إسرائيل
إلى عبادة الله وحده .. والعمل بأحكام التوراة والإنجيل .. وأخذ يجادلهم ويبين
فساد مسلكهم .. فلما رأى عنادهم وظهرت بوادر الكفر فيهم .. وقف في قومه قائلاً
من أنصاري إلى الله ؟ فآمن به الحواريون وعددهم اثنا عشر قال تعالى ( فلما أحس
عيسى منكم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله
وأشهد بأنا مسلمون - ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين
) آل عمران /52 -53 .
- أيد الله عيسى بمعجزات عظيمة تذكر بقدرة
الله .. وتربي الروح .. وتبعث الإيمان بالله واليوم الآخر .. فكان يخلق من الطين
كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله .. وكان يبرئ الأكمه والأبرص ،
ويحيي الموتى بإذن الله ، ويخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم .. فقام
اليهود الذين أرسل الله إليهم عيسى بمعاداته وصرف الناس عنه .. وتكذيبه ، وقذف
أمه بالفاحشة .
- فلما
رأوا أن الضعفاء والفقراء يؤمنون به .. ويلتفون حوله حينئذ دبروا له مكيدة ليقتلوه
فحرضوا الرومان عليه .. وأوهموا الحاكم الروماني أن في دعوة عيسى زوالاً لملكه
فأصدر أمره بالقبض على عيسى وصلبه .. فألقى الله شبه عيسى على الرجل المنافق
الذي وشى به فقبض عليه الجنود يظنونه عيسى فصلبوه .. ونجى الله عيسى من الصلب
والقتل كما حكى الله عن اليهود .. (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول
الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم
به من علم إلاّ اتباع الظن وما قتلوه يقينا - بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً
حكيماً ) النساء/157 - 158
- فعيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه
الله إليه .. وسينزل قبل يوم القيامة ويتبع محمداً صلى الله عليه وسلم ..
وسيكذب اليهود الذين زعموا قتل عيسى وصلبه .. والنصارى الذين غلوا فيه وقالوا
هو الله .. أو ابن الله .. أو ثالث ثلاثة .قال النبي عليه الصلاة والسلام ..
(والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما ًمقسطاً فيكسر الصليب و
يقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ) . متفق عليه أخرجه
مسلم برقم 155.
- فإذا نزل عيسى قبل يوم القيامة آمن به
أهل الكتاب كما قال تعالى .. ( و إن من أهل الكتاب إلاّ ليؤمنن به قبل موته ويوم
القيامة يكون عليهم شهيداً ) النساء/159 .
- وعيسى ابن مريم عبد الله ورسوله .. أرسله
الله لهداية بني إسرائيل والدعوة إلى عبادة الله وحده كما قال سبحانه لليهود
والنصارى .. ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلاّ الحق
إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه
أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً
) النساء/ 171 .
- والقول بأن عيسى ابن الله قول عظيم ومنكر
كبير .. ( وقالوا اتخذ الرحمن ولداً - لقد جئتم شيئاً إداً - تكاد السماوات يتفطرن
منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً - أن دعوا للرحمن ولداً - وما ينبغي للرحمن
أن يتخذ ولداًً - إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/88-
93.
- وعيسى ابن مريم بشر وهو عبد الله ورسوله
فمن اعتقد أن المسيح عيسى ابن مريم هو الله فقد كفر .. ( لقد كفر الذين قالوا
إن الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة/72.
- ومن قال إن المسيح ابن الله أو ثالث ثلاثة
فقد كفر .. ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد
وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) المائدة /73.
- فالمسيح ابن مريم بشر .. ولد من أم ..
يأكل ويشرب .. ويقوم وينام .. ويتألم ويبكي .. والإله منزه عن ذلك .. فكيف يكون
إلهاً .. بل هو عبد الله ورسوله (ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله
الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون
) المائدة/75.
- وقد أفسد اليهود والنصارى والصليبيون
وأتباعهم دين المسيح وحرفوا فيه وبدلوا وقالوا لعنهم الله إن الله قدم ابنه المسيح
للقتل والصلب فداءً للبشرية .. فلا حرج على أحد أن يعمل ما شاء فقد تحمل عنه
عيسى كل الذنوب .. ونشروا ذلك بين طوائف النصارى حتى جعلوه جزءاً من عقيدتهم
. وهذا كله من الباطل والكذب على الله والقول عليه بغير علم .. بل كل نفس بما
كسبت رهينة .. وحياة الناس لا تصلح ولا تستقيم إن لم يكن لهم منهج يسيرون عليه
. وحدود يقفون عندها .
- فانظر كيف يفترون على الله الكذب , ويقولون
على الله غير الحق .. (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند
الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
) البقرة/79.
- وقد أخذ الله على النصارى الأخذ على عيسى
والعمل بما جاء به , فبدلوا وحرفوا فاختلفوا ثم أعرضوا .. فعاقبهم الله بالعداوة
والبغضاء في الدنيا .. وبالعذاب في الآخرة كما قال تعالى : (ومن الذين قالوا
إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء
إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ) المائدة / 14.
- وسيقف عيسى عليه السلام يوم القيامة أمام
رب العالمين فيسأله على رؤوس الأشهاد ماذا قال لبني إسرائيل كما قال سبحانه :
( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله(1/7102)
قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما
في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب - ما قلت لهم إلاّ ما أمرتني
به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت
أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد - إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم
فإنك أنت العزيز الحكيم ) المائدة / 116 -118 .
- وقد جعل الله في أتباع عيسى والمؤمنين
رأفة ورحمة .. وهم أقرب مودة لأتباع محمد من غيرهم كما قال تعالى : (لتجدن أشد
الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا
الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون ) المائدة/82
- وعيسى ابن مريم هو آخر أنبياء بني إسرائيل
. ثم بعث الله بعده محمداً صلى الله عليه وسلم من نسل إسماعيل إلى الناس كافة
، وهو آخر الأنبياء والمرسلين .
من كتاب أصول الدين الإسلامي : تأليف فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.
*****
10289
هل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم شرك
كيف نتوب من الشرك
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/7103)
سؤال رقم 10289- هل دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم شرك
هل التلفظ بالكلمات الواردة أدناه يعد شركا:
"اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد قد ضاقت حيلتي يا رسول الله"؟.
الحمد لله
نعم هذه الكلمة تعدُّ شركاً ، لأنها استغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وشكوى الحال إليه . وذلك يتضمن أن الرسول عليه الصلاة والسلام يسمع نداء من يناديه في أي مكان ، ويغيث من يستغيث به ، ويفرِّج كربته وهذا ما لا يقدر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في حياته فكيف بعد مماته ، وهو لا يعلم الغيب ، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا . قال تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً إلاَّ ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ) ، وقال تعالى : ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )
وقال تعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) . فالواجب على العبد أن لا يدعو إلاَّ الله ، ولا يستغيث إلاَّ به ، ولا يرجو غيره ، ولا يتوكل إلاَّ عليه فإن الله وحده هو الذي بيده الملك وبيده الخير ، وهو على كل شيء قدير .
وعلم الغيب ، وتفريج الكروب ، وسماع دعاء الداعين وإجابتهم من خصائص الرب سبحانه وتعالى ، فمن جعل شيئاً من ذلك لغيره كان مشركاً شركاً أكبر . قال تعالى : ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكَّرون ) ، وقال تعالى : ( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ) . والله هو الذي يغفر الذنوب ، ويفرج الكروب ، ويعلم ما في الصدور سبحانه وتعالى ، فيجب على العبد ألا يقصد في حصول هذه المطالب _ من مغفرة الذنوب ، وتفريج الكروب ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله _ ألا يقصد سوى مولاه فإنه ولي ذلك والقادر عليه .
الشيخ عبد الرحمن البراك .
*****
10301
خروج المهدي
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > أشراط الساعة >(1/7104)
سؤال رقم 10301- خروج المهدي
هل ورد في القرآن متى يخرج المهدي لإنقاذ المسلمين ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجب أن يعلم المسلم أن الكتاب والسنة في منزلة
واحدة من حيث الاحتجاج ووجوب الإتباع ، فكل من الكتاب والسنة وحي من الله يجب
اتباعه ، قال الله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وما ينطق عن الهوى إن
هو إلا وحي يوحى ) النجم / 443 .
وعن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال : " ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه لا يوشك رجلٌ شبعان على
أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام
فحرموه " .
رواه أبو داود ( 4604 ) . وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن
أبي داود ( 3848 )
ثانياً :
أمر الله بطاعة الرسول طاعة مستقلة فقال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} النساء
/ 59 ، وقال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا } الحشر / 7 .
ثالثاً :
لم يرد في القرآن ولا في السنة متى سيخرج المهدي
على سبيل التحديد ، غير أنه سيخرج في آخر الزمان ولكن لا بد من التنبيه على أمور :
1. خروج المهدي هو من أواخر العلامات الصغرى
لقيام الساعة .
2. أدعى كثير من الناس أن المهدي خرج أو سيخرج لنصر أغراضهم الشخصية وعقائدهم الضالة كالقاديانية والبهائية والشيعة وغيرها من الطوائف المنحرفة فأدى ذلك ببعض المتأخرين أن يردوا أحاديث المهدي أو يؤولوها بأن المقصود بالمهدي نزول عيسى ابن مريم عليه السلام في آخر الزمان ، واستدل بعضهم بحديث ورد مرفوعا وهو : " لا مهدي إلا عيسى بن مريم " .
وهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه
وسلم .
انظر " السلسلة الضعيفة " ( 1 / 175 ) للعلامة الألباني رحمه
الله .
3. قد ألف كثير من العلماء كتباً في إثبات خروجه
وجعلوا ذلك من عقيدة المسلم منهم : الحافظ أبو نعيم ، وأبو داود وأبي كثير والسخاوي
والشوكاني وغيرهم .
4. ثبت في السنة أنه سيجتمع بعيسى ابن مريم عليه
السلام وأن عيسى سوف يصلي خلفه .
روى مسلم ( 156 ) عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنه يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تزال طائفة من أمتي
يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه
وسلم فيقول أميرهم تعال صل لنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه
الأمة ".
وهذا الأمير المذكور في الحديث هو المهدي جاء
ذلك في رواية أبي نعيم والحارث بن أسامة بلفظ : ( فيقول أميرهم المهدي ... ) قال ابن القيم : إسناده جيد .
5. على المسلم أن لا ينتظر خروج المهدي بل عليه
أن يسارع ويجتهد ويعمل بجد ونشاط لنصر الدين ، وأن يقدم ما يستطيعه للدين ، وأن لا
يعتمد على خروج المهدي أو غيره ، بل يُصلح نفسه وأسرته ومن حوله، وبالتالي إن لقي
الله لقيه وقد أعذر من نفسه .
انظر كتاب المهدي حقيقة لا خرافة للشيخ محمد بن إسماعيل
والله أعلم .
*****
10302
المسيح ابن مريم والمهدي
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > أشراط الساعة >(1/7105)
سؤال رقم 10302- المسيح ابن مريم والمهدي
السؤال : ما هو الفرق بين المهدي والمسيح؟
الجواب :
الحمد لله
المهدي المُنتظر جاءت النصوص بأنَّه سيُوجد في آخر الزمان ، وهو إمامٌ عادل من ذريَّة النبي عليه الصلاة والسلام ، وليس بمعصوم ، بخلاف عيسى عليه السلام الذي تواترت النصوص بنزوله في آخر الزمان ، وحكمه بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام ، فالفرق بينهما أنَّ المسيح عيسى نبي والمهدي إمامٌ عادل .
ولمزيد من التفصيل حول المسيح الدجال يراجع السؤال رقم 8806
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10326
التصوير التلفزيوني والسينمائي والتصوير بالفيديو
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/7106)
سؤال رقم 10326- التصوير التلفزيوني والسينمائي والتصوير بالفيديو
عندي سؤال بخصوص الصور . هل صور الفيديو والكومبيوتر التي تظهر على الشاشة مباحة ؟
هل لك أن توضح لنا هذا مع الدليل ؟.
الحمد لله :
الحكم على الشيء فرع عن تصوُّره ، ولا بد من معرفة
طريقة التصوير المذكور وكيفيَّته .
قال صاحب رسالة أحكام التصوير
1- التصوير السينمائي أو صورة الشريط السينمائي
:
وهو الذي ينقل الصورة المتحركة مع الصوت على امتداد
فترة زمنية محددة ، وبكل ما تضمنته هذه الفترة من أحداث ووقائع ، وهذه الصورة
التي يظهرها الشريط على الشاشة هي خيال ذلك الشيء ، لا حقيقته بعد تثبيته على
الشريط المذكور . وقد جاء في كتاب " الشريعة الإسلامية والفنون " أن
السينماء سميت أخيلية : " لأنها تعرض خيالات الأشياء لا حقيقتها .
2- التصوير التلفزيوني :
وهو الذي ينقل الصورة والصوت في وقت واحد بطريق
الدفع الكهربي ، وذلك نتيجة لتأثير الضوء المنعكس من الجسم المراد تصويره على
لوح الميغا ، والمغطى بعدد هائل من الحبيبات الدقيقة المصنوعة من مادة حساسة
للضوء ، تُصنع من أكسيد الفضة ، والسيزيوم ، منفصلة عن بعضها ومعزولة كهربياً
وهذا القسم من التصوير بواسطة الآلات وإن كان شبيهاً
تماماً بصورة الشريط السينمائي إلا أن التصوير التلفزيوني يحوِّل الصور إلى إشارات
إلكترونية ، ثم إلى موجات كهرمغناطيسية ، إما أن ترسل عبر هوائي الإرسال لتستقبلها
هوائيات الاستقبال لأجهزة التلفزيون ، ضمن المدى الذي يمكن أن تصل إليه ، وإما
أن توجه إلى جهاز يختزن تلك الموجات على شكل تغيرات مغناطيسية في شريط بلاستيكي
طلي بمادة مغناطيسية مناسبة ، يصلح لاختزان تلك الموجات ، التي طلي بها .
ولعرض ما سجَّله هذا الشريط المذكور يمر بعد اختزانه
تلك الموجات على رأس يتحسس لها ، فيحولها مرَّة أخرى إلى إلكترونات ثم يرسلها
إلى الشاشة على شكل إشارات كهربية ، لتظهر على شكل صورة ، ولكن بعد عملية معقدة
فجهاز التلفزيون هو الذي يستقبل الموجات الكهربائية
ويجمعها ثم يخرجها منتظمة على شكل صورة ذات ملامح كاملة .
وهناك نوع آخر مما يمكن أن يعتبر جزءاً من هذا
التصوير ، وذلك مثل أجهزة الهاتف في بعض البلدان المتقدمة صناعياً ، والتي تنقل
صوت المتكلم وصورته ، فيشاهد كل منهما الآخر على شاشة الجهاز الذي يتكلم منه
ومثل الأجهزة التي أصبحت تركب على أبواب المنازل
، فإن هذا الجهاز يلتقط صوت القادم وصورته إلى شاشة جهاز داخل المنزل ، فيشاهدها
من في البيت بكل وضوح ، وقُل مثل ذلك في الأجهزة التي تستخدم لمراقبة المجرمين
من السَّرق ونحوهم في البنوك والمحلات التجارية ، وغير ذلك .
فهذه الأجهزة تعد نوعا واحداً تستخدم لأغراض مختلفة
، حيث تسلط آلة الكاميرا على المكان الذي يراد مراقبته ، فتنقل تلك الآلة الصورة
إلى شاشة جهاز مثل جهاز التلفاز ، فتظهر الصورة فيه بوضوح ، ولا زالت الأيام
تأتي بجديد ما بين كل فترة وأخرى ، ولا ندري ما الذي سيظهر مستقبلاً ، وهذا إن
دلّ على شيء فإنما يدل على التوسع الهائل والمذهل في استخدام التصوير الآلي بنوعيه
الثابت والمتحرك في مجالات ونواحي متعددة كثيرة ، ومن ذلك على سبيل المثال المجال
الصناعي والحربي والأمني والتعليمي والطبي والاجتماعي وغير ذلك .
أحكام التصوير لأحمد بن على واصل 65-67 .
قال الشيخ ابن عثيمين : " والصُّور بالطُّرُقِ
الحديثة قسمان :
الأول : لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد
ولا مظهر ، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير ، بِأَشرطة الفيديو ، فهذا لا حُكْمَ له
إطلاقاً ، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً ، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ
التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق وقالوا : إن هذا لا بأس به ، حتى
إنه قيل هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في المساجد ؟ فكان الرأي ترك
ذلك ، لأنه ربما يشوش على المصلين ، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك
القسم الثاني : التصوير الثابت على الورق ......
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا
التصوير المباح فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد ، فإذا قصد به شيء مُحَرَّما
فهو حرام ، وإن قصد به شيء واجب كان واجباً . فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً
الصور المتحركة ، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي
من حق العباد كمحاولة أن يقتل ، وما أشبه ذلك ولم نتوصل بإثباتها إلا بالتصوير
، كان التصوير حينئذٍ واجباً ، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً ،
لأن الوسائل لها أحكام المقاصد . إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان
خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره ، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب ، وإذا
صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك ... والله أعلم . انظر
الشرح الممتع 2/197-199.
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10342
حكم أكل المسلم مع الكافر
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7107)
سؤال رقم 10342- حكم أكل المسلم مع الكافر
السؤال : هل إذا أكل المسلم مع نصراني أو غيره من الكفرة أو شرب معه يعتبر ذلك حراماً ؟ وإذا كان ذلك حراماً فما نقول في قول الله تعالى : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ) المائدة/5 ؟.
الحمد لله
ليس الأكل مع الكافر حراماً إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة الشرعية ، لكن لا تتخذوهم أصحاباً فتأكل معهم من غير سبب شرعي أو مصلحة شرعية ولا تؤانسهم ، وتضحك معهم ، ولكن إذا دعت إلى ذلك حاجة كالأكل مع الضيف أو ليدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الحق أو لأسباب أخرى شرعية فلا بأس .
وإباحة طعام أهل الكتاب لنا لا يقتضي اتخاذهم أصحاباً وجلساء ولا تقتضي مشاركتهم في الأكل والشرب من دون حاجة ولا مصلحة شرعية والله ولي التوفيق .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/324.
*****
10376
هل الرجل الصالح لا يتزوج إلا امرأة صالحة ؟
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/7108)
سؤال رقم 10376- هل الرجل الصالح لا يتزوج إلا امرأة صالحة ؟
سمعت أن كل إنسان يأخذ من يستحق ( زوج أو زوجة ) فإن كان صالحاً كان زوجه صالحاً ولم أجد أي حديث عن هذا الموضوع فما قولكم في ذلك ؟
سمعت أيضاً أنه إذا زنى المرء فإنه يعاقب بأن إحدى نساء قرابته ترتكب الزنا فهل هذا صحيح ؟
كثير من الشباب المسلم يبحث عن شريك في الحرام فهل أخبرهم أن التقي ينال تقياً إلا إذا ابتلاه الله .
الحمد لله
أولاً :
ما سمعتَه من أن الإنسان يتزوج من يستحق ويشابهه
في الصلاح والفساد غير صحيح ، ويدل على ذلك :
1- ما حكاه الله تعالى عن
نبيين كريمين من أنبيائه وهما نوح ولوط عليهما السلام أن زوجتيهما كانتا كافرتين،
قال الله تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ
عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا
عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم/10 .
2- أن الشرع نهى عن تزويج
الزاني من العفيفة ، ونهى العفيف عن التزوج من زانية ، وهو يدل على إمكان وقوع ذلك
، بل قد وقع مثل هذا كثيراً .
قال الله تعالى : { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا
زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ
وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } النور / 3 .
3- إخبار النبي صلى الله
عليه وسلم أن المرأة قد تُزوج لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، وترغيبه صلى الله
عليه وسلم بالتزوج من ذات الدين يدل أنه قد يقع غيره ، فيتزوج الرجل ممن لا يماثله
.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها ،
فاظفر بذات الدين تربت يداك " .
رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) .
4- أمر النبي صلى الله
عليه وسلم الأولياء بتزويج مولياتهم من أهل الدين يدل على أنه قد يقع خلافه .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض
وفساد عريض " .
رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) . وصححه الألباني في
"السلسلة الصحيحة" ( 1022 ).
فعلى من يبحث عن زوجة أن يبحث عن صاحبة الدين
والخلق ، وكذلك على أولياء المرأة أن لا يزوجوها إلا من صاحب الدين . فإن الإنسان
يكتسب من أخلاق من يصاحبه ، لا سيما مع طول الصحبة . وقد قال النبي صلى الله عليه
وسلم عليه وسلم : (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ
يُخَالِلُ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) .
( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ) أَيْ عَلَى
عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ (فَلْيُنْظَرْ) أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ
وَلْيَتَدَبَّرْ (مَنْ يُخَالِلْ) مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ
وَالإِخَاءُ , فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لا تَجَنُّبُهُ ,
فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلاحِ الْحَالِ
وَإِفْسَادِهِ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ
تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي
الدُّنْيَا ; لأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالاقْتِدَاءِ
بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي اهـ من تحفة
ألأحوذي .
ثانياً :
أما بالنسبة للزاني فإنه قد يعاقب في أهله ، وقد
روي في ذلك حديث لكنه موضوع ، وقد يصح معناه ، وقد ذكرناه مع التعليق عليه في جواب
السؤال رقم ( 22769 ) فليراجع .
والله أعلم .
*****
10382
حكم جماع الإماء مع وجود الزوجة
الفقه > معاملات > الرق >(1/7109)
سؤال رقم 10382- حكم جماع الإماء مع وجود الزوجة
فيما يتعلق بحق الرجل في جماع أمته هل مسموح له ذلك مع علاقته بزوجته أو ( زوجاته) هل صحيح أن من حق الرجل جماع العديد من الإماء مع وجود زوجته أو زوجاته ؟ فقد قرأت أن علياً رضي الله عنه كان عنده 17 أمة وأن عمر كان عنده كثيرات وهل الزوجة لها رأي في ذلك؟.
الحمد لله
أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا .
ويقال للأمة المتخذة للوطء ( سرية ) مأخوذة من السِّرِّ وهو النكاح .
ودل على ذلك القرآن والسنة ، وفعله الأنبياء فقد تسرَّى إبراهيم عليه السلام من هاجر فولدت له إسماعيل عليهم السلام أجمعين .
وفعله نبينا صلى الله عليه وسلم ، وفعله الصحابة والصالحون والعلماء وأجمع عليه العلماء كلهم ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن
يمنعه ومن يحرم فعل ذلك فهو آثم مخالف لإجماع العلماء .
قال الله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة
أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا } النساء / 3 .
معنى { ملكت أيمانكم } : أي : ما ملكتم من الإماء والجواري .
وقال الله تعالى : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك
وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما
فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما ) الأحزاب / 50 .
وقال : { والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم
العادون } المعارج / 29 – 31 .
قال الطبري :
يقول تعالى ذكره : { والذين هم لفروجهم حافظون } ، حافظون عن كل ما حرم الله عليهم وضعها فيه ، إلا أنهم غير ملومين في ترك
حفظها على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم من إمائهم .
" تفسير الطبري " ( 29 / 84 ) .
قال ابن كثير :
وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرى بها على سارة .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 383 ) .
وقال ابن كثير أيضاً :
وقوله تعالى : { وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك } الأحزاب / 50 ، أي : وأباح لك التسري مما أخذت من
المغانم ، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله
عنهما .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 500 ) .
وقد أجمع العلماء على إباحته .
قال ابن قدامة :
ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء ؛ لقول الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم
فإنهم غير ملومين } .
وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم وهي أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها "
أَعِتَقَها ولدُها " ، وكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام سُرِّيَّة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى
لكل واحدة منهن بأربعمائة ، وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد ، ولكثير من الصحابة ، وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات
الأولاد . يعني أن هؤلاء الثلاثة علي والقاسم وسالم كانت أمهاتهم من الإماء .
" المغني " ( 10 / 411 ) .
وأم الولد : هي الأمَة التي تلد من سيدها.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى :
قال الله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون - إلى قوله - غير ملومين } ، فدل كتاب الله عز وجل على أن ما أباحه من الفروج
فإنما أباحه من أحد الوجهين النكاح أو ما ملكت اليمين .
" الأم " ( 5 / 43 ) .
ولا رأي للزوجة لا في ملك زوجها للإماء ولا في جماعه لهن .
والله أعلم .
*****
10403
أسئلة القبر الثلاثة
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/7110)
سؤال رقم 10403- أسئلة القبر الثلاثة
ما هي الأسئلة التي يواجهها الإنسان في القبر والتي نتعوذ منها ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا مات ابن آدم وخرجت روحه ووضع في قبره فإنه
عندئذٍ سيكون في أول مراحل الآخرة لأن القبر هو أول منزل من منازل الآخرة .
عن هانئ مولى عثمان بن عفان قال : كان عثمان بن
عفان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فيقال له : قد تَذكر الجنَّةَ والنَّار فلا
تبكي وتبكي مِن هذا ؟ فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن القبر
أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه
"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه " . رواه الترمذي ( 2308 ) وابن ماجه ( 4567 ) . وحسَّنه الألباني في " صحيح
الجامع " ( 1684 )
ثانياً :
يأتيه الملكان الموكلان به يسألانه عما كان يؤمن
به في الدنيا عن ربه وعن دينه وعن نبيِّه ، فإن أجابهم بخيرٍ فذلك خيرٌ ، وإن لم
يجبهم فإنهم يضربونه ضرباً شديداً أليماً .
وإن كان من أهل الصلاح جاءه ملائكة بيض الوجوه ،
وإن كان من أهل الفساد جاءه ملائكة سود الوجوه ، وهذه هي فتنته التي يُفتن بها .
عن عائشة أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان
يقول : " اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم والمأثم ، اللهمَّ إني
أعوذ بك من عذاب النار وفتنة النار ، وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر
فتنة الفقر ومن شر فتنة المسيح الدجال ، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ونق
قلبي من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت
بين المشرق والمغرب " .
رواه البخاري ( 6014 ) .
قال ابن حجر:
قوله : " ومن فتنة القبر " هي سؤال الملكين .
" فتح الباري " ( 11 / 177 ) .
وقال المباركفوري :
" وفتنة القبر " أي : التحير في جواب الملكين .
" تحفة الأحوذي " ( 9 / 328 ) .
ثالثاً :
أمَّا ما هو السؤال الذي تسأله الملائكة في
القبر فهو مبين في الحديث الآتي :
عن البراء رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد
فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير وفي يده عود
ينكت به فرفع رأسه فقال : استعيذوا بالله من عذاب القبر ، ثلاث مرات ، - أو مرتين -
ثم قال : إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه
من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس حتى يجلسون منه مد البصر معهم كفن من
أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة يجيء ملك الموت فيقعد عند رأسه فيقول أيتها النفس
الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء
فإذا أخذوها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وذلك
الحنوط فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون فلا يمرون بها على
ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون: هذا فلان بن فلان
بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح
فيفتح لهم فيستقبله من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى
السماء السابعة ، قال : فيقول الله : اكتبوا كتاب عبدي في عليين في السماء السابعة
وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد
روحه في جسده ويأتيه ملكان فيُجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ،
فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث
فيكم ؟ فيقول : هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيقولان : ما عملك ؟ فيقول :
قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقت به فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من
الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من طيبها وروحها ويفسح له
في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول : أبشر بالذي
يسرك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : ومن أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير
فيقول : أنا عملك الصالح ، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي . وإن
العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء
ملائكة سود الوجوه معهم المسوح حتى يجلسون منه مد البصر ثم قال : ثم يجيء ملك الموت
حتى يجلس عند رأسه فيقول : يا أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط الله وغضبه قال :
فتفرق في جسده ، قال : فتخرج فينقطع معها العروق والعصب كما تنزع السفود من الصوف
المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في تلك
المُسوح فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على ظهر الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها
على ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون : فلان بن فلان
بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى سماء الدنيا فيستفتحون
فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تفتح لهم أبواب السماء ولا
يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } ( الأعراف / 40 ) ، قال : فيقول الله عز وجل : اكتبوا كتاب عبدي
في سجين في الأرض السفلى وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها
أخرجهم تارة أخرى فتطرح روحه طرحا وقال ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } ( الحج / 31 ) ، قال : فيعاد روحه في جسده ويأتيه الملكان
فيجلسانه فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : هاه هاه لا أدري ، فيقولان له : وما دينك ؟
فيقول : هاه هاه لا أدري ، قال : فينادي مناد من السماء أفرشوا له من النار وألبسوه
من النار وافتحوا له بابا إلى النار . قال : فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه
قبره حتى تختلف عليه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول :
أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد ، فيقول : من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء
بالشر ، فيقول : أنا عملك الخبيث ، فيقول : رب لا تقم الساعة رب لا تقم الساعة ".
رواه أبو داود ( 4753 ) وأحمد – واللفظ له – ( 18063 ) .
صححه الألباني في " صحيح الجامع " ( 1676 ) .
فالصحيح أن الملكين لا يسألان الميت في قبره إلا
عن أمور التوحيد والعقيدة ، وهو واضح بيِّن .
والله أعلم .
*****
10436
لبس البنطلون بالنسبة للنساء
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7111)
سؤال رقم 10436- لبس البنطلون بالنسبة للنساء
السؤال : ما رأيكم في لبس البنطلون بالنسبة للنساء لأنه انتشر في هذه الأزمنة ؟.
الجواب :
الحمد لله
ننصح أن لا يلبس البنطلون لأنه من لباس الكفرة فينبغي تركه وأن لا تلبس المرأة
إلا لباس بنات جنسها ، بنات بلدها ، ولا تشذ عنه ، وتحرص على اللباس الساتر المتوسط
الذي ليس فيه ضيق ، ولا رقة بل يستر من غير ضيق ، ولا يصف البدن ، وليس
فيه تشبه بالكفار ، ولا بالرجال ولا تلبس ملابس الشهرة .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 43.
*****
08/1426
10471
العلم في الإسلام
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
العلم > طلب العلم >(1/7112)
سؤال رقم 10471- العلم في الإسلام
ما مدى اهتمام الإسلام بالعلم ؟.
الحمد لله
خلق الله الإنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة وهي السمع والبصر والعقل قال تعالى
: ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة
لعلكم تشكرون ) النحل/78 .
والإسلام دين العلم فأول آية نزلت من القرآن ،
تأمر بالقراءة التي هي مفتاح العلوم قال تعالى : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ،
خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم
يعلم ) العلق/1-5 .
والعلم في الإسلام يسبق العمل , فلا عمل إلا بعلم
كما قال سبحانه : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات
) محمد/19 .
وقد حذر الله كل مسلم من القول بلا علم فقال سبحانه
: ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً
) الإسراء/36 .
وتنويهاً بمقام العلم والعلماء استشهد الله العلماء
على وحدانيته فقال سبحانه : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم
قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) آل عمران/18 .
ومعرفة الله وخشيته تتم بمعرفة آياته ومخلوقاته
والعلماء هم الذين يعلمون ذلك ولذلك أثنى الله عليه بقوله : ( إنما يخشى اللهَ
من عباده العلماء ) فاطر/28 .
وللعلماء في الإسلام منزلة شريفة تعلو من سواهم
في الدنيا والآخرة قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم
درجات ) المجادلة/11 .
ولأهمية العلم أمر الله رسوله أن يطلب المزيد
منه فقال : ( وقل رب زدني علماً ) طه/114 .
وقد مدح الله العلماء وأثنى عليهم بقوله : ( قل
هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) الزمر/9
وأهل العلم هم أسرع الناس إدراكاً للحق و إيماناً
به : ( وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم
) الحج/54 .
والإسلام يدعو إلى طلب العلم , وقد جعل الرسول
صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم وبين فضل العالم على العابد
كفضل القمر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا
ديناراً ًو لا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وأخبر عليه الصلاة
والسلام أن طلب العلم طريق إلى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقاً
يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ) رواه البخاري ( كتاب العلم/10
) .
والإسلام يدعو إلى تعلم سائر العلوم النافعة والعلوم
درجات فأفضلها علم الشريعة ثم علم الطب ثم بقية العلوم .
وأفضل العلوم على الإطلاق , علوم الشريعة التي
يعرف بها الإنسان ربه , ونبيه ودينه , وهي التي أكرم الله بها رسوله وعلمه إياها
ليعلمها الناس : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم
آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) آل
عمران/164 .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من يرد الله به خيراً
يفقهه في الدين ) متفق عليه أخرجه البخاري/69 .
و في العناية بالقرآن تعلماً وتعليماً يقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) أخرجه البخاري/4639
ولا خير في علم لا يصدقه العمل ولا في أقوال لا
تصدقها الأفعال : ( يا أيها الذين آمنوا لم َ تقولون ما لا تفعلون ، كبر مقتاً
عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف/2- 3 .
والأمة تحتاج إلى العلماء في كل زمان ومكان وأمة
بلا علم ولا علماء تعيش في الأوهام وتتخبط في الظلمات إذا تعلم الإنسان ما شرع
الله , ومن كتم هذا العلم , وحرم الأمة منه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة
واستحق اللعنة إلا من تاب كما قال سبحانه : ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات
والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون
، إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ) البقرة/195-
160 .
و للعالم ثواب عظيم والدال على الخير كفاعله وإذا
مات العالم فإن أجره عند الله لا ينقطع بموته , بل يجري له ما انتفع الناس بعلمه
قال عليه الصلاة والسلام : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من
صدقة جارية , أو علم ينتفع به , أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم/1631 .
وإذا نشر العالم علمه بين الناس كان له مثل أجور
من اتبعه قال عليه الصلاة والسلام : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور
من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم
مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) رواه مسلم/2674 .
والفقه في الدين من أفضل خصال الخير التي يتشرف
بها المسلم كما قال عليه الصلاة والسلام : ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين
) متفق عليه .
وقراءة القرآن , وتعلمه وتعليمه من أفضل الأعمال
كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن
فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل
وآناء النهار ) أخرجه البخاري/73 ومسلم/815 .
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن إبراهيم التويجري .
*****
08/1426
1048
السنن الرّواتب
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/7113)
سؤال رقم 1048- السنن الرّواتب
هل من الممكن أن تعطينا عدد ركعات السنن الرواتب ومتى تأدى هذه السنن ؟.
الحمد لله
جواب سؤالك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ
عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ
بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ
الفجر رواه الترمذي 379 وغيره وهو في صحيح الجامع رقم 6183
وعَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ أُمِّ
حَبِيبَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ
لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ
قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ " . رواه الترمذي رقم 380 وقال : حَدِيثُ
عَنْبَسَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وهو في صحيح الجامع 6362
وليس لصلاة العصر سنّة راتبة ولكنّ صلاة أربع ركعات
قبل فريضتها مستحبّة ولكنها دون منزلة السنن الرواتب في الأجر والمحافظة عليها
، وهذه الأربع هي المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم : رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً
صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا . " رواه الترمذي رقم 395 وقال :
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 3493 .
وكلّ النوافل الرّباعية السابقة تُصلى مثنى مثنى
عند الشافعيّ وأحمد والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10491
الذكر الجماعي عقب الصلوات
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
أصول الفقه > البدعة >(1/7114)
سؤال رقم 10491- الذكر الجماعي عقب الصلوات
أعيش في ماليزيا, والنساء غالبا ما يصلين في الجماعة, وتتقدم تلك التي تقوم بإمامة المجموعة أمام الأخريات بمسافة قدم واحد. فهل هذا من السنة؟
إنهن يجادلن كثيرا حول تفسير الحديث الذي ورد فيه أن عائشة رضي الله عنها شوهدت وهي تؤم غيرها في الصلاة وكانت في وسط الصف . فهل توضح إذا كان ذلك يدل على أن فعلهن صحيح ؟
2- وفي ماليزيا أيضا, فإن المصلين يؤدون الذكر بعد الصلوات بشكل جماعي, وهم يفعلون ذلك على أنه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته . وعملهم هذا, بالنسبة لي هو بدعة.
أرجو أن تذكر لي بعض الأدلة التي توضح أن الذكر جماعيا (بترانيم الأدعية بصوت مرتفع وقول سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر) أن ذلك ليس من السنة.
الحمد لله
1- أما
إمامة المرأة للنساء يراجع سؤال رقم 9783 و 14247
أما الذكر الجماعي فقد سئلت اللجنة الدائمة
عن الدعاء والذكر الجماعي ، فأجابت :
الأصل في الأذكار والعبادات التوقيف وألا
يعبد الله إلا بما شرع وكذلك إطلاقها أو توقيتها وبيان كيفياتها وتحديد عددها
فيما شرعه الله من الأذكار والأدعية وسائر العبادات مطلقا عن التقييد بوقت أو
عدد أو مكان أو كيفية لا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية أو وقت أو عدد بل نعبده
به مطلقا كما ورد .
وما ثبت بالأدلة القولية أو العملية تقييده
بوقت أو عدد أو تحديد مكان له أو كيفية ، عبدنا الله به على ما ثبت من الشرع
له ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقرير الدعاء
الجماعي عقب الصلوات أو قراءة القرآن مباشرة أو عقب كل درس سواء كان ذلك
بدعاء الإمام وتأمين المأمومين على دعائه أم كان بدعائهم كلهم جماعة ولم
يعرف ذلك أيضا على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم ، فمن التزم
بالدعاء الجماعي عقب الصلوات أو بعد كل قراءة للقرآن أو بعد كل درس فقد ابتدع
في الدين وأحدث فيه ما ليس منه ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وقال : " من عمل
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " …
ولو كان التزام كيفية معينة مشروعا عن لحافظ
النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه من بعده وقد تقدم أنه لم يثبت ذلك عنه ولا
عن أصحابه رضي الله عنهم والخير كل الخير في اتباع هديه صلى الله عليه وسلم وهدي
الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم والشر كل الشر في مخالفة هديهم واتباع
المحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " وإياكم ومحدثات
الأمور فإن كل بدعة ضلالة " وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
فتاوى إسلامية 4/178.
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
10525
تخفيف المهر هو السنة
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >(1/7115)
سؤال رقم 10525- تخفيف المهر هو السنة
يلاحظ أن الناس الآن يزيدون جداَّ في المهر في النكاح . فعل هذا من السنة ؟ وهل حدد الشرع مقدارا معينا للمهر لا يزاد عليه ؟.
الحمد لله
فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وآية من آياته ، قال الله
تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ
لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم / 21
وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته (
وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ ) النور / 32
وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ،
وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء ، وتحصين الرجل والمرأة
من الوقوع في المحرم . . . وغير ذلك من المصالح العظيمة .
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون
حصوله في كثير من الحالات.
وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما
يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج .
حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في
الزواج .
والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون
تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ
نِحْلَةً ) النساء /4 .
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم
والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق .
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه .
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره .
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح
أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو
خاتماً من حديد ) . متفق عليه .
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ،
حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة
واليسر .
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ،
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ :
أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ
الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء
أهل الجنة .
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته .
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا
تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا
أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا
أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا
عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . .
( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا
عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ
الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره
فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل
تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به
القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه .
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة
وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله
صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في
كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما
الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ .
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" :
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي
أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا
هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا
يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ .
وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على
تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال :
فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله . . . وأن المغالاة
في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ .
وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة
فيها أمر مخالف للشرع .
والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة :
وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية
واجتماعية متعددة .
وللوقوف على بعض أضرار المغالاة في المهر راجع السؤال رقم ( 12572 ) .
*****
10668
اقتناء الصور للذكرى
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/7116)
سؤال رقم 10668- اقتناء الصور للذكرى
يقول البعض بأن التصوير (الفوتوغرافي) ووضع الصور في البيت لا يجوز, فهل هذا الكلام صحيح ؟ فنحن, في شمال أمريكا وبلاد أوروبا ، على سبيل المثال , نسمع يوميا عن ضياع الأطفال , وبدون وجود صور حديثة لهم , فإنه من الصعب متابعتهم .
وعليه , فأرجو أن توضح لي أنواع الصور المحرمة , من تلك الجائزة , لأنني أرغب أن ألتقط صورا لأطفالي للذكرى فقط , وأنا أحتفظ بها في بيتي . فهل أكون مرتكبا لمعصية بذلك ؟ أرجو أن تجيب على سؤالي مع تقديم الدليل .
الحمد لله
الأصل في تصوير كلّ ما فيه روح ، من الإنسان وسائر الحيوانات ، أنه حرام ، سواء
كانت الصور مُجَسّمة أم مَرْسُوماً على ورقة أو قماش أو جدران ونحوها ، أم كانت
صوراً شَمْسِية (ملتقطة بالكاميرا) ، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من النهي عن
ذلك ، وتوعد فاعله بالعذاب الأليم ، ولأنها عهد جنسها ، أنه ذريعة إلى الشرك
بالله بالمُثُول أمامها ، والخضوع لها ، والتقرب إليها وإعظامها إعظاما لا يليق
إلا بالله تعالى ، ولما فيه من مضاهاة خلق الله ، ولما في بعضها من الفتن ، كَصُوَرِ
المُمَثِّلات والنِّساء العاريات ، ومن يُسَمَّين ملكات جمال .
ومن الأحاديث التي وردت في تحريمها وذلك أنها من
الكبائر … حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : ( من صَوَّر صورة في الدنيا كُلِّف أن يَنْفُخ فيها الرُّوح
يوم القيامة وليس بنافخ ) رواه البخاري ومسلم ، وحديثه أيضا عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : ( كل مُصَوِّر في النار ، يُجْعَل له بكل صورة صَوَّرها
نفساً فَتُعَذِّبه في جهنم ) قال ابن عباس : " فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع
الشَّجر وما لا نفس له " رواه البخاري ومسلم ، فدلت عموم الأحاديث
على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقا ..
فتاوى اللجنة الدائمة 1/456-457
قال الشيخ ابن عثيمين لما سُئِلَ عن الصُّوَر :
التَّصْوِير لهذا الغرض مُحَرَّم ولا يجوز ، وذلك لأنّ اقْتِنَاءَ الصُّور للذِّكْرَى
حرام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَدْخُلُ الملائكة بَيْتاً
فيه صورة ) رواه البخاري (بدء الخلق/2986) ، وما لا تدخله الملائكة لا
خير فيه .
فتاوى منار الإسلام 3/759.
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10672
حكم مس المصحف للمحدث ، ومعنى حديث إن المؤمن لا ينجس
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/7117)
سؤال رقم 10672- حكم مس المصحف للمحدث ، ومعنى حديث إن المؤمن لا ينجس
هل يحرم حمل القرآن والقراءة منه (الذي لا يضم ترجمة لمعانيه أو تعليقات حول آياته) دون وضوء ؟ لأني سمعت في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن طاهر دائما حتى وإن كان جنبا.
الحمد لله
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز مثل هذا السؤال فقال :
لا يَجُوز للمسلم مَسُّ المُصْحَفِ وهو على غير
وُضُوءٍ ، عند جمهور أهل العلم ، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة رضي الله عنهم
، وهو الذي كان يُفْتِي به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ورد في ذلك
حديث صحيح لا بأس به ، من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله
عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن : " أنْ لاَ يَمَسَّ القرآن إلا طاهر "
وهو حديث جيد له طرق يَشُدُّ بعضها بعضاً ، وبذلك يُعْلم أنّه لا يجوز مَسّ المُصْحَفِ
إلا على طهارةٍ من الحَدَثَيْنِ الأكبر ، والأصغر ، وهكذا نَقْلُهُ من مكان إلى
مكان إذا كان النَاِقُل على غير طهارة ، لكن إذا مَسّهُ أو نقله بواسطة ، كأن
يأخذه في لِفافَة فلا بأس ، أما أن يَمَسّه مُبَاشَرَةً وهو على غير طهارة ،
فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم ، لما تَقَدّم ، أما القراءة
فلا بأس أن يقرأ وهو مُحْدِثٌ عن ظهر قلب أن يقرأ ويَمْسِكَ له القرآن مَنْ يَرُدُّ
عليه ويَفْتَحَ عليه فلا بأس ،
لكن الجُنُبَ صَاحِب الحدث الأكبر لا يقرأ ، لأنه
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة
، وروى أحمد بإسناد جيد عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج
من الغائط وقرأ شيئا من القرآن وقال : " هذا لمن ليس بجنب ، أما الجنب فلا
، ولا آية " .
والمقصود أن ذا الجنابة لا يقرأ القرآن لا من المصحف
ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل ، وأما المحدث حدثا أصغر وليس بجنب فله أن يقرأ القرآن
عن ظهر قلب ولا يمس المصحف .
فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله 10/150
أما حديث طهارة المؤمن فقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا
جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ
الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ
يَا أَبَا هِرٍّ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ
الْمُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ " رواه البخاري (الغسل /276) ومسلم (الحيض/556)
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : هذا الحديث أصل
عظيم في طهارة المسلم حياً وميتاً ، قال : فإذا ثَبَتَتْ طهارته ، فَعَرَقُه
ولُعَابُه ودَمْعُه طاهرات سواء كان مُحْدِثا أو جُنُباً أو حَائِضاً أو نُفَسَاء
وإذا علم هذا عرف معنى كونه طاهراً ، فلا
يمنع أن يكون جسمه طاهر وهو في نفس الوقت محدث لأن الحدث هو وصف قائم بالبدن
يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10680
ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/7118)
سؤال رقم 10680- ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة
ما هي حقوق الزوجة على زوجها وفقا للكتاب والسنة ؟ أو بمعنى آخر، ما هي مسؤوليات الزوج تجاه زوجته وبالعكس ؟.
الحمد لله
أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته ، وكذا العكس ، ومن الحقوق الواجبة
ما هو مشترك بين الزوجين .
وسنذكر - بحول الله - ما يتعلق بحقوق الزوجين بعضهما
على بعض في الكتاب والسنة مستأنسين بشرح وأقوال أهل العلم .
أولاً :
حقوق الزوجة الخاصة بها :
للزوجة على زوجها حقوق مالية وهي : المهر ، والنفقة
، والسكنى .
وحقوق غير مالية : كالعدل في القسم بين الزوجات
، والمعاشرة بالمعروف ، وعدم الإضرار بالزوجة .
1. الحقوق الماليَّة :
أ - المهر : هو المال الذي تستحقه الزوجة على
زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى
: { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته
، وإعزاز للمرأة وإكراما لها .
والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور
الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر
صح باتفاق الجمهور لقوله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن
أو تفرضوا لهن فريضة } فإباحة الطلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدل على جواز
عدم تسمية المهر في العقد .
فإن سمِّي العقد : وجب على الزوج ، وإن لم يسمَّ
: وجب عليه مهر " المِثل " - أي مثيلاتها من النساء - .
ب - النفقة : وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب
نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه
أو نشزت لم تستحق النفقة .
والحكمة في وجوب النفقة لها : أن المرأة محبوسة
على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه
للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع
وتمكين نفسها له .
والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة
من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية ، لقوله تعالى : ( وعلى
المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة/233 ، وقال عز وجل : ( لينفق
ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق/7 .
وفي السنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة -
زوج أبي سفيان وقد اشتكت عدم نفقته عليها - " خذي ما يكفيكِ وولدَكِ بالمعروف
" .
عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح
لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل
علي في ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذي من ماله بالمعروف
ما يكفيك ويكفي بنيك . رواه البخاري ( 5049 ) ومسلم ( 1714 ) .
وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن
فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف "
رواه مسلم ( 1218 ) .
ج. السكنى : وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيىء
لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : ( أسكنوهنَّ من حيث
سكنتم مِن وُجدكم ) الطلاق/6.
2. الحقوق غير الماليَّة :
أ. العدل
بين الزوجات : من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته
، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة .
ب. حسن
العشرة : ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه
إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء/19 ،
وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.
وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري
( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
وهذه نماذج من حسن عشرته صلى الله عليه وسلم مع
نسائه - وهو القدوة والأسوة - :
1. عن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم سلمة قالت
حضت وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الخميلة فانسللت فخرجت منها فأخذت ثياب
حيضتي فلبستها ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنفستِ ؟ قلت : نعم
، فدعاني فأدخلني معه في الخميلة .
قالت : وحدثتني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يقبلها وهو صائم ، وكنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من
الجنابة . رواه البخاري ( 316 ) ومسلم ( 296 ) .
2. عن عروة بن الزبير قال : قالت عائشة : والله
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم
في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم
من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف ، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على
اللهو . رواه البخاري ( 443 ) ومسلم ( 892 ) .
3. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو
من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة
الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع
رواه البخاري ( 1068 ) .
ج. عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام
، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة
أولى وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث
: صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438
) .
ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة
: عدم جواز الضرب المبرح .
عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم
فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن
ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
رواه مسلم ( 1218 ) .
ثانياً :
حقوق الزوج على زوجته :
وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن
حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف
وللرجال عليهن درجة ) البقرة/228.
قال الجصاص : أخبر الله تعالى في هذه الآية أن
لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا ، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه
وقال ابن العربي : هذا نص في أنه مفضل عليها مقدم
في حقوق النكاح فوقها .
ومن هذه الحقوق :
أ - وجوب الطاعة : جعل الله الرجل قوَّاماً على
المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله
به الرجل من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى
: ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم
) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { الرجال قوامون
على النساء } يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ،
وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . " تفسير
ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
ب - تمكين الزوج من الاستمتاع : مِن حق الزوج على
زوجته تمكينه من الاستمتاع ، فإذا تزوج امرأة وكانت أهلا للجماع وجب تسليم نفسها
إليه بالعقد إذا طلب ، وذلك أن يسلمها مهرها المعجل وتمهل مدة حسب العادة لإصلاح
أمرها كاليومين والثلاثة إذا طلبت ذلك لأنه من حاجتها ، ولأن ذلك يسير جرت العادة
بمثله .
وإذا امتنعت الزوجة من إجابة زوجها في الجماع وقعت
في المحذور وارتكبت كبيرة ، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض
والمرض وما شابه ذلك .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان
عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1436
) .
ج - عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله : ومن حق الزوج
على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن
في بيته إلا بإذنه ، ...." . رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 )
وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثني أبي أنه شهد
حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ
ثم قال : استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوانٍ ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح
فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن لكم من نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا فأما
حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا
وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن .
رواه الترمذي ( 1163 ) وقال : هذا حديث حسن صحيح ،
وابن ماجه ( 1851 ) .
وعن جابر قال : قال صلى الله عليه وسلم : "
فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله
ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 ) .
د - عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج : من حق
الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه .
وقال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة
أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ،
فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .
هـ - التأديب : للزوج تأديب زوجته عند عصيانها
أمره بالمعروف لا بالمعصية ؛ لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب
عند عدم طاعتهن .
وقد ذكر الحنفية أربعة مواضع يجوز فيها للزوج تأديب
زوجته بالضرب ، منها : ترك الزينة إذا أراد الزينة، ومنها : ترك الإجابة
إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة ، ومنها : ترك الصلاة ، ومنها : الخروج من البيت
بغير إذنه .
ومن الأدلة على جواز التأديب :
قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن
في المضاجع واضربوهن ) النساء/34 .
وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم
وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) التحريم/6 .
قال ابن كثير :
وقال قتادة : تأمرهم بطاعة الله ، وتنهاهم عن معصية
الله ، وأن تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به ، وتساعدهم عليه ، فإذا رأيتَ
لله معصية قذعتهم عنها ( كففتهم ) ، وزجرتهم عنها .
وهكذا قال الضحاك ومقاتل : حق المسلم أن يعلم أهله
من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 392 ) .
و- خدمة الزوجة لزوجها : والأدلة في ذلك كثيرة
، وقد سبق بعضها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع(1/7119)
ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة
الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .
ز - تسليم المرأة نفسها : إذا استوفى عقد النكاح
شروطه ووقع صحيحا فإنه يجب على المرأة تسليم نفسها إلى الزوج وتمكينه من الاستمتاع
بها ; لأنه بالعقد يستحق الزوج تسليم العوض وهو الاستمتاع بها كما تستحق المرأة
العوض وهو المهر .
ح- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف : وذلك لقوله
تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .
قال القرطبي :
وعنه - أي : عن ابن عباس - أيضا أي : لهن من حسن
الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن
لأزواجهن .
وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان
ذلك عليهن لأزواجهن قاله الطبري .
وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين
الله عز وجل فيكم .
والمعنى متقارب والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية
" تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ، 124 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
10791
هل تصوير الفيديو للزفاف حرام ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/7120)
سؤال رقم 10791- هل تصوير الفيديو للزفاف حرام ؟
سوف أتزوج قريباً وأريد أن أعرف هل تصوير الفيديو للزفاف حرام ؟ هناك من يريدون أن يرونا ، فهل يجوز لنا تصوير الفيديو وليس تصوير الكاميرا ؟.
الحمد لله
من المنكرات التي تقع في الأفراح تصوير النساء ، وهو محرم سواء
كان هذا التصوير بواسطة الفيديو ، أو كان بآلة التصوير ، والتصوير بالفيديو أشد
قبحاً وإثماً .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد " نهى أن تصف المرأةُ
المرأةَ لزوجها كأنه يراها " – كما في الصحيحين - : فإن التصوير – وخاصة بالفيديو –
ينبغي أن لا يُشك أنه أبلغ من الوصف ؛ لأنه يراها على الحقيقة دون التخيل .
هذا – بالطبع – إذا كان التصوير للنساء فقط ، أما لو كان مختلطاً
فإنه إثم آخر غير إثم التصوير ، ومن عادة النساء إذا اجتمعن في مثل هذه المناسبات
أن يتنافسن في لبس القصير والفاضح ، وفي تصوير هذا للناس وتوزيعه نشر للفاحشة
والمعصية وحث عليها واستهانة بها ، وماذا تفعل من لم تكن ترغب بهذا ثم خرجت صورتها
وهي في كامل زينتها ؟ وكيف تصنع من هداها الله تعالى بعد ضلالة وانحراف وقد انتشرت
صورتها في أفلام الأفراح ؟ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
فإني أضيف إلى ما سبق من المحاذير التي تقع ليلة الزفاف هذا
المحذور العظيم :
لقد بلغنا : أن من النساء من تصطحب آلة التصوير لتلتقط صور هذا
الحفل ، ولا أدري ما الذي سوغ لهؤلاء النساء أن يلتقطن صور الحفل لتنشر بين الناس
بقصد أو بغير قصد ؟! أيظن أولئك الملتقطات للصور أن أحداً يرضى بفعلهن ؟! إنني لا
أظن أن أحداً يرضى بفعل هؤلاء ، إنني لا أظن أن أحداً يرضى أن تؤخذ صورة ابنته ، أو
صورة زوجته ، لتكون بين أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئن متى ما أردن !!
هل يرضي أحد منكم أن تكون صور محارمه بين أيدي الناس لتكون محلا للسخرية إن كانت
قبيحة ، ومثاراً للفتنة إن كانت جميلة ؟! .
ولقد بلغنا : ما هو أفدح وأقبح : أن بعض المعتدين يحضرون آلة
الفيديو ليلقطوا صورة الحفل حية متحركة ، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما
أرادوا التمتع بالنظر إلى هذا المشهد !!
ولقد بلغنا : أن بعض هؤلاء يكونون من الشباب الذكور في بعض
البلاد يختلطون بالنساء أو يكونون منفردين ، ولا يرتاب عاقل عارف بمصادر الشريعة
ومواردها أن هذا أمر منكر ومحرم وأنه انحدار إلى الهاوية في تقاليد الكافرين
المتشبهين بهم .
خطبة جمعة في جامع عنيزة بعنوان " منكرات الأفراح ، محاذير ليلة
الزفاف " .
وقال الشيخ – أيضاً - :
وأما تصوير المشاهد بآلة التصوير : فلا يشك عاقل في قبحه ، ولا
يرضى عاقل - فضلاً عن المؤمن - أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات
والزوجات وغيرهن لتكون سلعة تعرض لكل واحد ، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق.
وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو ؛ لأنه يصور المشهد
حيّاً بالمرأى والمسمع ، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم ، ولا يتخيل أحد
أن يستبيحه من عنده حياء وإيمان .
" فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 439 ) .
والله أعلم .
*****
10823
من كانت له أراض وأملاك فهل تجب فيها الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/7121)
سؤال رقم 10823- من كانت له أراض وأملاك فهل تجب فيها الزكاة
الشخص الذي عنده أراضيٍ وأملاك غير مستثمرة و ليس لها دخل أو عائد هل عليها زكاة ؟.
الحمد لله
لا زكاة في هذه الأراضي والأملاك إلا إذا كان قد أعدها للبيع والتجارة فيها .
وطريقة حساب زكاتها : أن تُقوَّم عند تمام الحوْل ثم يُخرج ربع عشر قيمتها أي 2.5% .
أما إن كانت هذه الأملاك معدة لاستخدام الرجل لها ولخدمته أو أنه يستخدمها في العمل مثل تأجيرها أو ما شابه ذلك ولا يتاجر
بعينها : فإنه لا زكاة عليها والحالة هذه .
يقول الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى - مفصلاً القول في زكاة عروض التجارة - :
العروض : جمع عَرَض أو عَرْض بإسكان الراء ، وهو المال المعد للتجارة وسمي بذلك ؛ لأنه لا يستقر ، يُعرض ، ثم يزول ، فإن
المتَّجر لا يريد هذه السلعة بعينها ، وإنما يريد ربحها؛ لهذا أوجبنا زكاتها في قيمتها لا في عينها.
العروض إذاً : كل ما أُعد للتجارة من أي نوع ، ومن أي صنف كان ، وهو أعم أموال الزكاة وأشملها ؛ إذ إنه يدخل في العقارات ، وفي
الأقمشة ، وفي الأواني ، وفي الحيوان ، وفي كل شيء .
والزكاة واجبة في عروض التجارة ، والدليل على ذلك :
أولا :
دخولها في عموم قوله تعالى : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } الذاريات / 19 ، وقول النبي صلى الله
عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : " أعلِمْهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " .
ولا شك أن عروض التجارة مال .
فإن قال قائل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " .
قلنا: نعم قال ذلك ، ولكنه لم يقل ليس في العروض التي لا تراد لعينها ، إنما تراد لقيمتها ليس فيها زكاة .
وقوله : " عبده وفرسه " كلمة مضافة للإنسان للاختصاص ، يعني الذي جعله خاصا به ، يستعمله وينتفع به ، كالفرس والعبد والثوب
والبيت الذي يسكنه ، والسيارة التي يستعملها ولو للأجرة ، كل هذه ليس فيها زكاة ؛ لأن الإنسان اتخذها لنفسه ولم يتخذها ليتجر بها يشتريها اليوم ويبيعها غدا
. وعلى هذا فمن استدل بهذا الحديث على عدم زكاة العروض فقد أبعد .
ثانيا :
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى " ، ولو سألنا التاجر ماذا يريد بهذه
الأموال ، لقال أريد الذهب والفضة ، أريد النقدين .
إذا اشتريت السلعة اليوم وربحتني أو بعد غد بعتها ليس لي قصد في ذاتها إطلاقا ،فعلى هذا نقول زكاة العروض واجبة بالنص والقياس
، وإن لم يكن النص خاصا ، بل عاما .
" الشرح الممتع " ( 6 / 141 – 142 ) .
ثم يقول – حفظه الله – ضارباً مثالاً على ذلك :
اشترى رجل سيارة ليتكسب بها ( أي يبيعها ويربح فيها ) فهذه عروض تجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً ونواها حين الشراء ، فإن اشترى
سيارة للاستعمال ، ثم بدا له أن يبيعها فليس عليه زكاة لأنه حين ملكه إياها لم يقصد التجارة ، فلا بد أن يكون ناوياً للتجارة من حين مُلْكِه ، ولو اشترى
شيئاً للتجارة ، ولكن لا يبلغ النصاب وليس عنده ما يضمه إليه فليس عليه زكاة لأنه من شروط وجوب الزكاة بلوغ النصاب .
" الشرح الممتع " ( 6 / 142 ) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة ، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : ( أمرنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع ) انتهى ، ومراده بالصدقة هنا الزكاة .
أما إذا كانت الأرض للقنية لا للبيع ، سواء قصدها للفلاحة أو السكنى أو التأجير أو نحو ذلك فليس فيها زكاة لكونه لم يعدها
للبيع ، والله سبحانه اعلم .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 14/160
والله اعلم .
*****
10843
تفصيل مفيد بالأمثلة عن البدعة والشرك
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
أصول الفقه > البدعة >(1/7122)
سؤال رقم 10843- تفصيل مفيد بالأمثلة عن البدعة والشرك
هل يمكننا تسمية الناس الذين يرتكبون الشرك والبدع بالمسلمين ؟.
الحمد لله
هذا السؤال فيه مبحثان :
1/البدعة . 2/الشرك
المبحث الأول : البدعة .
وهذا المبحث فيه ثلاثة مطالب :
1/ ضابط البدعة. 2/أقسامها.
3/حكم من ارتكب البدعة - هل يكفر أم لا ؟
المطلب الأول : ضابط البدعة .
قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - : "
البدعة شرعاً ضابطها " التعبد لله بما لم يشرعه الله " ، وإن شئت فقل
: " التعبد لله بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا خلفاؤه الراشدون
"
فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : ( أم لهم
شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) .
والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه
وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها
وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور " .
فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله ، أو بشيء
لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواءٌ كان
ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه .
أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعرف فهذه
لا تُسمى بدعة في الدين ، وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، ولكن ليست بدعة في الدين
وليست هي التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا يوجد في الدين بدعة حسنة أبداً ." أ.هـ. مجموع فتاوى ابن عثيمين (ج/2 ، ص/291) .
المطلب الثاني : أقسام البدعة .
البدعة تنقسم إلى قسمين :
الأول : بدعة مكفرة . الثاني
: بدعة غير مكفرة .
فإن قلت : ما ضابط البدعة المكفرة وغير المكفرة
؟
فالجواب :
قال الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - : "
ضابط البدعة المكفرة : من أنكر أمراً مجمعاً عليه ، متواتراً من الشرع معلوماً
من الدين بالضرورة من جحود مفروض ، أو فرض ما لم يُفرض ، أو إحلال محرم أو تحريم
حلال ، أو اعتقاد ما ينزه الله ورسوله وكتابه عنه ، من نفي أو إثبات ؛ لأن ذلك
تكذيب بالكتاب وبما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وسلم .
مثل بدعة الجهمية في إنكار صفات الله عز وجل ،
والقول بخلق القرآن ، أو خلق أي صفة من صفات الله ، وكبدعة القدرية في إنكار
علم الله وأفعاله ، وكبدعة المجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه .. وغير ذلك
والقسم الثاني : البدع التي ليست بمكفرة - وضابطها
- : ما لم يلزم منه تكذيب بالكتاب ولا بشيءٍ مما أرسل الله به رسله .
مثل بدع المروانية ( التي أنكرها عليهم فضلاء الصحابة
ولم يُقروهم عليها ،ولم يكفروهم بشيء منها ولم ينزعوا يداً من بيعتهم لأجلها)
، كتأخيرهم بعض الصلوات إلى أواخر أوقاتها ، وتقديمهم الخطبة قبل صلاة العيد
، وجلوسهم في نفس الخطبة في الجمعة وغيرها . " معارج القبول (2/503-504)
المطلب الثالث : حكم من ارتكب البدعة ؟ هل يكفر
أم لا ؟
الجواب : فيه تفصيل :
فإن كانت البدعة مكفرة فلا يخلو فاعلها من حالين
:
الأول : أن يُعلم أن قصده هدم قواعد الدين وتشكيك
أهله فيه ، فهذا مقطوعٌ بكفره ، بل هو أجنبيٌ عن الدين ، ومن أعداء الدين .
الثاني : أن يكون مغرَّرَاً به وملبَّساً عليه
فهذا إنما يُحكم بكفره بعد إقامة الحجة عليه وإلزامه بها .
وإن كانت البدعة غير مكفرة فلا يكفر بل هو باقٍ
على إسلامه إلا أنه فعل منكراً عظيماً .
فإن قلت : وكيف التعامل مع أصحاب البدع ؟
فالجواب :
قال الشيخ محمد ابن عثيمين - رحمه الله - : "
وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعوا هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم
البدع المكفرة وما دونها إلى الحق ؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا
بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق لأن الله - تعالى قال ( ولا تسبوا الذين
يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم ) ... فإذا وجد العناد و الاستكبار
فإننا نبين باطلهم ، على أن بيان باطلهم أمرٌ واجب .
أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة ، فإذا كانت البدعة
مكفرة وجب هجره ، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره ؛ إن كان في هجره مصلحة
فعلناه ، وإن لم يكن فيه مصلحة ، أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو اجتنبناه
؛ لأن مالا مصلحة فيه تركه هو المصلحة ، ولأن الأصل في المؤمن تحريم هجره ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لرجلٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) " أ.هـ. من مجموع فتاوى ابن عثيمين بتصرف (ج/2 ، ص/293) .
المبحث الثاني : الشرك ، أنواعه ، وتعريف كل نوع
قال الشيخ محمد بن عثيمين :
" الشرك نوعان : 1/ شرك أكبر مخرج عن الملة
2/ شرك دون ذلك .
النوع الأول : الشرك الأكبر وهو : "كل شرك
أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه " مثل أن يصرف شيئاً من أنواع
العبادة لله عز وجل لغير الله ، كأن يصلي لغير الله ، أو يصوم لغير الله ، أو
يذبح لغير الله ، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله ، مثل أن يدعو صاحب
قبر أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله .
النوع الثاني : الشرك الأصغر ، وهو : - كل عمل
قولي ، أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك ، ولكنه لا يُخرج من الملة - مثل الحلف
بغير الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك
" .
فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله
من العظمة ما يُماثل عظمة الله فهو مشرك شركاً أصغر ، سواءٌ كان هذا المحلوف
به معظماً من البشر أم غير معظم ، فلا يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم
ولا برئيس ولا بالكعبة ولا بجبريل لأن هذا شرك ، لكنه شركٌ أصغر لا يُخرج من
الملة .
ومن أنواع الشرك الأصغر الرياء . والرياء : أن
يعمل ليراه الناس لا لله .
والرياء ينقسم باعتبار إبطاله للعبادة إلى قسمين
:
الأول : أن يكون في أصل العبادة ، أي ما قام يتعبد
إلا للرياء ، فهذا عمله باطل مردود عليه ؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً ، قال الله
تعالى " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته
وشركه " رواه مسلم كتاب الزهد رقم (2985) .
الثاني : أن يكون الرياءُ طارئاً على العبادة ،
أي أن أصل العبادة لله لكن طرأ عليها الرياء فهذا ينقسم إلى قسمين :
الأول : أن يدفعه ، فهذا لا يضره .
مثاله : رجل صلى ركعة ثم جاء أُناس في الركعة الثانية
فحصل في قلبه شيءٌ ، بأن أطال الركوع ، أو السجود ، أو تباكى وما أشبه ذلك ،
فإن دَفَعه فإنه لا يضره ، لأنه قام بالجهاد . وإن استرسل معه فكل عمل ينشأ عن
الرياء فهو باطل كما لو أطال القيام ، أو السجود ، أو تباكى فهذا كل عمله حابط
، ولكن هل هذا البطلان يمتد إلى جميع العبادة أم لا ؟
نقول لا يخلو هذا من حالين :
الأولى : أن يكون آخر العبادة مبنياً على أولها
مع فساد آخرها فهي كلها فاسدة .
وذلك مثل الصلاة : فالصلاة مثلاً لا يمكن أن يفسد
آخرها ولا يفسد أولها ، إذن تبطل الصلاة .
الحال الثانية : أن يكون أول العبادة منفصلاً عن
آخرها بحيث يصح أولها دون آخرها ، فما سبق الرياء فهو صحيح ، وما كان بعده فهو
باطل .
مثال ذلك : رجلٌ عنده مائة ريال فتصدق بخمسين لله
بنية صالحة ، ثم تصدق بخمسين بقصد الرياء ، فالأولى مقبولة ، والثانية غير مقبولة
؛ لأن آخرها مُنْفَكٌ عن أولها ." أ.هـ.
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ، والقول المفيد شرح
كتاب التوحيد (ج/1 ، ص/114) الطبعة الأُولى .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
10995
قراءة الفاتحة في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >(1/7123)
سؤال رقم 10995- قراءة الفاتحة في الصلاة
سؤالي يتعلق بالطريقة الصحيحة لتأدية صلاة الفريضة خلف الإمام ، وبالتحديد قراءة سورة الفاتحة .
1- هل يجب علينا أن نقرأ سورة الفاتحة بصوت منخفض والإمام يقرأ بها جهرا خلال الركعتين الأوليتين من صلوات الفريضة ؟
2- هل يجب علينا أن نقرأ سورة الفاتحة في نفس الحالة لكن في الركعة الثالثة أو الركعة الرابعة ، أي في الركعات التي يُسرّ فيها الإمام بالقراءة ؟
لقد أثير هذا السؤال نتيجة لأن جماعة الحي السكني ترغب في تصحيح طريقة صلاتنا . وأهل الحي على رأيين ، أحدهما هو : إذا كان الإمام يصلي فإن علينا أن نستمع فقط سواء أكان يقرأ جهرا (الركعتين الأولى والثانية) أو سرا (في الثالثة والرابعة) ؛ أما أصحاب الرأي الآخر فقالوا بأن الصلاة لا تقبل بدون قراءة سورة الفاتحة ، سواء أقرأ بها الإمام جهرا أم سرا .
أرجو أن تبين لنا الصواب وتزودنا بأكبر عدد ممكن من الدلائل ..
الحمد لله
قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة
في حق الإمام والمنفرد ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا صَلاة لِمَنْ لَمْ
يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رواه
البخاري (الأذان/714) ، أما قراءة الفاتحة للمأموم خلف
الإمام في الصلاة الجهرية فللعلماء فيها قولان :
القول الأول : أنها واجبة ، والدليل عليها عموم
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ولمّا علّم
النبي صلى الله عليه وسلم المُسِيء صلاته ، أمره بقراءة الفاتحة .
وصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
يقرؤها في كل ركعة ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : " وَقَدْ ثَبَتَ الإِذْنُ
بِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ فِي الْجَهْرِيَّةِ بِغَيْرِ قَيْد ,
وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " جُزْء الْقِرَاءَة "
وَاَلتِّرْمِذِيّ وَابْن حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ رِوَايَة مَكْحُول عَنْ
مَحْمُود بْن الرَّبِيع عَنْ عُبَادَة " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَجْرِ , فَلَمَّا
فَرَغَ قَالَ : لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ .
قَالَ : فَلَا تَفْعَلُوا إِلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ , فَإِنَّهُ لا صَلاةَ
لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا " ا.هـ .
القول الثاني : أن قراءة الإمام قراءة للمأموم ،
والدليل على ذلك قول الله تعالى : ( وإذا قُرِئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم
ترحمون ) الأعراف /204 ، قال ابن حجر : " وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَسْقَطَهَا عَنْهُ فِي
الْجَهْرِيَّةِ كَالْمَالِكِيَّةِ بِحَدِيث ( وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ
حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِي .
والذين يقولون بوجوبها ، فإنهم يقولون إنها
تُقرأ بعد أن يفرغ الإمام من قراءة الفاتحة ، وقبل أن يَشْرَع في قراءة السورة
الأخرى ، أو أنها تُقرأ في سَكَتَاتِ الإمام قال ابن حجر : " يُنْصِتُ إِذَا قَرَأَ
الإِمَام وَيَقْرَأُ إِذَا سَكَتَ " إ.هـ . قال الشيخ ابن باز : المقصود بسكتات
الإمام أي سكتة تحصل من الإمام في الفاتحة أو بعدها ، أو في السورة التي بعدها ،
فإن لم يسكت الإمام فالواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة ولو في حال قراءة الإمام
في أصح قولي العلماء . انظر فتاوى الشيخ ابن
باز ج/11 ص/221
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال
فأجابت :
الصحيح من أقوال أهل العلم وجوب قراءة الفاتحة
في الصلاة على المنفرد والإمام والمأموم في الصلاة الجهرية والسرية لصحة الأدلة
الدالة على ذلك وخصوصها ، وأما قول الله تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له
وأنصتوا لعلكم ترحمون ) فعام ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا قرأ
فأنصتوا )
عام في الفاتحة وغيرها . فيخصصان بحديث : ( لا
صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) جمعا بين الأدلة الثابتة ، وأما حديث : ( من كان
له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) فضعيف ، ولا يصح ما يقال من أن تأمين المأمومين
على قراءة الإمام الفاتحة يقوم مقام قراءتهم الفاتحة ، ولا ينبغي أن تجعلوا خلاف
العلماء في هذه القضية وسيلة إلى البغضاء والتفرق والتدابر ، وإنما عليكم بمزيد من
الدراسة والاطّلاع والتباحث العلمي . وإذا كان بعضكم يقلّد عالماً يقول بوجوب قراءة
الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية وآخرون يقلدون عالماً يقول بوجوب الإنصات
للإمام في الجهرية والاكتفاء بقراءة الإمام للفاتحة فلا بأس بذلك ، ولا داعي أن
يشنِّع هؤلاء على هؤلاء ولا أن يتباغضوا لأجل هذا .
وعليهم أن تتسع صدورهم للخلاف بين أهل العلم ،
وتتسع أذهانهم لأسباب الخلاف بين العلماء ، واسألوا الله الهداية لما اختلف فيه من
الحق إنه سميع مجيب ، وصلى الله على نبينا محمد
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11137
حكم تزويج مريض الإيدز
الفقه > معاملات > النكاح >(1/7124)
سؤال رقم 11137- حكم تزويج مريض الإيدز
هل يجوز تزويج مريض الإيدز ؟
الحمد لله
لا يزوج إلا بعد أن
يبيّن أمره ويقول : بي مرض كذا ، فإذا وافقوا على ذلك فبها ونعمت وإلا فلا ،
لأنه إذا أخفى عليهم أمره فإنه يكون قد خدعهم ، وغشهم فهذه المرأة قد تنقل المرض
إلى زوجها أو الزوج لامرأته ولأنجالهم بعد ذلك أما إذا رضيت بك ووافقت ورضيت
بقدر الله وقضائه فلا بأس بذلك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11179
استخدام بطاقة الائتمان في السحب المالي
الفقه > معاملات > البيوع > البطاقات الائتمانية >(1/7125)
سؤال رقم 11179- استخدام بطاقة الائتمان في السحب المالي
تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى ( الفيزا ) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ ، على ان يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة ، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل ، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة ، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة .
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة ، وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد ، وهذا التزام باطل ، ولو كان الإنسان يعتقد او يغلب على ظنه أنه موف قبل تمام الأجل المحدد لأن الأمور قد تختلف فلا يستطيع الوفاء وهذا أمر مستقبل والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل ، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة . والله أعلم .
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37.
*****
11195
زنا ويؤنبه ضميره ويريد التخلص من الجنين
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/7126)
سؤال رقم 11195- زنا ويؤنبه ضميره ويريد التخلص من الجنين
أنا مسلم أعزب ، لكني أعيش في أمريكا . لقد وقعت في الزنا عدة مرات مع نفس المرأة . والآن ، فإنها حامل . وأريد أن أعرف إن كان علي أن أتزوج بها كي أحل المشكلة (أعني أغطي الفضيحة) وحتى يجد المولود أبا يعطيه اسمه . الواقع أني أفضل أن تتخلص المرأة من الحمل ، للأسف ، وأتمنى أن أقنعها بذلك ، لكني لا أعرف إن كان ذلك يعتبر قتلا للنفس . وإذا كان كذلك ، فسأشعر بالذنب من جرائه . أنا أظن أن الجنين في أسبوعه السادس إلى الثامن تقريبا . أرجوك ، فأنا أحتاج إلى مساعدتك في هذا الخصوص في أسرع وقت ممكن .
الحمد لله
أولاً : أخي المسلم ، أحسن الله عزاءك في إيمانك الذي فقدته حال ارتكابك للزنا
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ
مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ
حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ
فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري
رقم (2475) .
ألم يمر بك قول ربك سبحانه وتعالى في كتابه : (
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32
ألم تعلم بأن الله يراك حيث كنت .. ويسمعك إن تكلمت
.
ألا تتذكر نعم الله العظيمة عليك فهو الذي يشفيك
إن مرضت .. ويُطعمك إن جعت .. ويسقيك إن ظَمِئْت ووفقك لأعظم نعمة أنعم
بها على الناس ، نعمة الإسلام . فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟
أخي .. تأمل في نفسك .. تعيش في مُلْكِ مَنْ ؟..
تأكل مِنْ رزق مَنْ ؟ .. تعيش بأمر مَنْ ؟
أليس مُلك الله ؟ أليس رزق الله ؟ أليس أمر الله
؟ .. فكيف تعصي الله ؟
لعلك غفلت عن الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي
فيه : ( ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ
أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا
فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ
مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ
قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ قَالَ قَالا لِي انْطَلِقْ انْطَلِقْ ... قَالَ
قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا
الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ
وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ
الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم (7047) .
فعليك يا أخي أن تبادر بالتوبة النصوح قبل أن يَحِلَّ
بك الموت ، فإن باب التوبة مفتوح إلى طلوع الشمس من مغربها أو بلوغ الروح الحلقوم
وإن الله ليفرح بتوبة عبده ، ويبدل سيئاته إلى حسنات قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ
لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي
حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ
أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ
مُهَاناً ، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً
، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً
) سورة الفرقان/68-71 .
ثانياً : أما قولك " هل يجب علي أن أتزوجها
"
فهذه مسألة : ( زواج الزاني بالمزني بها ) والجواب
: أنه لا يجوز زواجه منها ولا زواجها منه حتى يرتفع وصف الزنا عن كل منهما ولا
يرتفع إلا بالتوبة .
فلا يجوز لك نكاحها ولو كانت يهودية أو نصرانية
لأنها زانية ، وإن كانت مسلمة فلا يجوز لك نكاحها أيضاً لأنها زانية ، ولا يجوز
لها أن تقبلك زوجاً ؛ لأنك زانٍ ؛ وقد قال الله تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنكِحُ
إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ
مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) سورة النور/3 .
فقوله تعالى (وَحُرِّمَ ذلك على المؤمنين) دليل
على حرمة هذا النكاح .
" والواجب على كل منكما أن يتوب إلى الله
فيقلع عن هذه الجريمة ويندم على ما حصل من فعل الفاحشة ، ويعزم على ألا يعود
إليها ، ويكثر من الأعمال الصالحة ، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئاته حسنات
، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ
فِيهِ مُهَاناً ، إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً
، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً
) سورة الفرقان/68-71 .
وإذا أردت أن تتزوجها وجب عليك أن تستبرئها بحيضة
قبل أن تعقد عليها النكاح وإن تبين حملها لم يجز لك العقد عليها إلا بعد أن تضع
حملها عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره
" ا.هـ. فتاوى اللجنة الدائمة في مجلة البحوث الإسلامية (ج/9
، ص/72) .
ثالثاً : قولك "حتى يجد الولد أباً يعطيه
اسمه " هذه مسألة نسب ولد الزنى بمن يُلحق ؟
والجواب :
ذهب جمهور العلماء إلى أن ولد الزنا لا يلحق الزاني؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) متفق عليه
(البخاري 2053 - مسلم 1457) المغني لابن قدامة (ج/7 ، ص/129) .
رابعاً : قولك "أُفضل أن تتخلص المرأة من
الحمل" هذه مسألة الإجهاض وحكمه كما قرر مجلس هيئة كبار العلماء رقم/140
، وتاريخ 20/6/1407هـ ما يلي :
1- لا
يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا
كان الحمل في الطور الأول وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية
أو دفع ضرر جاز إسقاطه ، أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقة في تربية الأولاد
أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاءً
بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا
يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره
خطر على سلامة أُمه بأن يُخشى عليها الهلاك من استمراره جاز إسقاطه بعد استنفاذ
كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
بعد الطور الثالث وبعد إكمال الأربعة أشهر لا يحل
لك إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في
بطن أمه يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص
في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين
" ا.هـ. نقلاً من الفتاوى الجامعة (ج/3 ، ص/1055) .
نسأل الله السلامة والعافية وأن يتوب علينا ، وصلى
الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11247
حكم بيع أغراض المسجد
الفقه > عبادات > الوقف >(1/7127)
سؤال رقم 11247- حكم بيع أغراض المسجد
سجاجيد المسجد ومكيفاته القديمة هل يجوز بيعها وتكميل الثمن لشراء جديدة ؟.
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن جبرين فأجاب حفظه الله :
يجوز ذلك إذا تعطلت أو احتاجت إلى إصلاحات فإن أمكن إصلاحها واستمرارها وإلا بيعت وصرف ثمنها في مثلها ولو أقل ، كما لو كانت
المكيفات القديمة عشرة وبيعت ولم يشتر بثمنها إلا خمسة فإنه يفعل ذلك .
والله اعلم .
فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن جبرين
*****
11290
طريقة علاج السحر
كيف نتوب من الشرك
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/7128)
سؤال رقم 11290- طريقة علاج السحر
السؤال : ما هي طريقة علاج السحر ؟.
الجواب :
الحمد لله
من أصيب بالسحر ليس له أن يتداوى بالسحر فإن الشر لا يزال بالشر ، والكفر لا
يزال بالكفر، وإنما يزال الشر بالخير، ولهذا لما سئل عليه الصلاة والسلام عن
النُّشرة قال : (هي من عمل الشيطان) والنشرة المذكورة في الحديث : هي حل السحر
عن المسحور بالسحر . أما إن كان بالقرآن الكريم والأدوية المباحة والرقية الطيبة
فهذا لا بأس به ، وأما بالسحر فلا يجوز كما تقدم ، لأن السحر عبادة للشياطين
، فالساحر إنما يسحر ويعرف السحر بعد عبادته للشياطين ، وبعد خدمته للشياطين
، وتقربه إليهم بما يريدون ، وبعد ذلك يعلمونه ما يحصل به السحر ، لكن لا مانع
والحمد لله من علاج المسحور بالقراءة وبالتعوذات الشرعية ، بالأدوية المباحة
، كما يعالج المريض من أنواع المرض من جهة الأطباء ، وليس من اللازم أن يشفى
، لأنه ما كل مريض يشفى ، فقد يعالج المريض فيشفى إن كان الأجل مؤخراً وقد لا
يشفى ويموت في هذا المرض ، ولو عرض على أحذق الأطباء ، وأعلم الأطباء ، متى نزل
الأجل لم ينفع الدواء ولا العلاج ، لقول الله تعالى : ( ولن يؤخر الله نفساً
إذا جاء أجلها ) المنافقون/11 ، وإنما ينفع الطب وينفع الدواء إذا لم يحضر
الأجل وقدر الله للعبد الشفاء ، كذلك هذا الذي أصيب بالسحر قد يكتب الله له الشفاء
، وقد لايكتب له الشفاء ، ابتلاء وامتحاناً وقد يكون لأسباب أخرى الله يعلمها
جل وعلا ، منها : أنه قد يكون الذي عالجه ليس عنده العلاج المناسب لهذا الداء
، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لكل داء دواء فإذا أصيب دواء
الداء برئ بإذن الله عز وجل ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما أنزل الله داءً
إلا أنزل له شفاء ، علمه من علمه وجهله من جهله ) .
ومن العلاج الشرعي أن يعالج السحر بالقراءة ، فالمسحور
يقرأ عليه أعظم سورة في القرآن : وهي الفاتحة ، تكرر عليه ، فإذا قرأها القارئ
الصالح المؤمن الذي يعرف أن كل شيء بقضاء الله وقدره ، وأنه سبحانه وتعالى مصرف
الأمور ، وأنه متى قال للشيء كن فإنه يكون فإذا صدرت القراءة عن إيمان ، وعن
تقوى وعن إخلاص وكرر ذلك القارئ فقد يزول السحر ويشفى صاحبه بإذن الله ، وقد
مر بعض الصحابة رضي الله عنهم على بادية قد لدغ شيخهم ، يعني أميرهم وقد فعلوا
كل شيء ولم ينفعه ، فقالوا لبعض الصحابة : هل فيكم من راق ؟ قالوا : نعم فقرأ
عليه أحدهم سورة الفاتحة ، فقام كأنه نشط من عقال في الحال ، وعافاه الله من
شر لدغة الحية ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ( لا بأس بالرقي ما لم تكن
شركاً ) وقد رقى ورقي عليه الصلاة والسلام ، فالرقية فيها خير كثير ، وفيها نفع
عظيم ، فإذا قرئ على المسحور بالفاتحة ، وبآية الكرسي ، وبـ ( قل هو الله أحد
) ، والمعوذتين ، أو بغيرها من الآيات ، مع الدعوات الطيبة الواردة في الأحاديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لما رقى بعض المرضى
: ( اللهم رب الناس ، أذهب البأس ، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا
يغادر سقماً ) يكرر ذلك ثلاث مرات أو أكثر ، ومثل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم
أن جبريل عليه السلام رقاه صلى الله عليه وسلم بقوله : ( بسم الله أرقيك ، من
كل شيء يؤذيك ، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ، بسم الله أرقيك ) ثلاث
مرات فهذه رقية عظيمة وثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يشرع أن يرقى بها
اللديغ والمسحور والمريض ، ولا بأس أن يرقى المريض والمسحور واللديغ بالدعوات
الطيبة ، وإن لم تكن منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن فيها محذور
شرعي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس بالرقي ما لم تكن شركاً ) ، وقد
يعافي الله المريض والمسحور وغيرهما بغير الرقية وبغير أسباب من الإنسان ، لأنه
سبحانه هو القادر عل كل شيء ، وله الحكمة البالغة في كل شيء ، وقد قال سبحانه
في كتابه الكريم ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس /82 ،
فله سبحانه الحمد والشكر على كل ما يقضيه ويقدره ، وله الحكمة البالغة في كل
شيء عز وجل .
وقد لا يشفى المريض لأنه قد تم أجله وقدر موته
بهذا المرض ، ومما يستعمل في الرقية آيات السحر تقرأ في الماء ، وهي آيات السحر
في الأعراف ، وهي قوله تعالى ( وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما
يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين) /117-119
، وفي يونس وهي قوله تعالى ( وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ) إلى قوله جل
وعلا ( ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ) من أية 79 إلى أية 28، وكذلك
آيات طه ( قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ) ... إلى
قوله سبحانه ( ولا يفلح الساحر حيث أتى ) من أية 65 إلى أية 69 ، وهذه الآيات
مما ينفع الله بها في رقية السحر ، وإن قرأ القارئ هذه الآيات في الماء وقرأ
معها سورة الفاتحة ، وآية الكرسي وبـ ( قل هو الله أحد ) والمعوذتين في ماء ثم
صبه على من يظن أنه مسحور ، أو محبوس عن زوجته فإنه يشفى بإذن الله ، وإن وضع
في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر بعد دقها كان مناسباً ، كما ذكر ذلك الشيخ
عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في ( فتح المجيد ) عن بعض أهل العلم في باب ( ما
جاء في النشرة ) . ويستحب أن يكرر قراءة السور الثلاث ، وهي ( قل هو الله أحد
) و( قل أعوذ برب الفلق ) ( وقل أعوذ برب الناس ) ثلاث مرات . والمقصود أن هذه
الأدوية وما أشبهها هي مما يعالج به هذا البلاء : وهو السحر ويعالج به
أيضاً من حبس عن زوجته ، وقد جرب ذلك كثيراً فنفع الله به ، وقد يعالج بالفاتحة
وحدها فيشفى ، وقد يعالج بـ ( قل هو الله أحد ) والمعوذتين وحدها ويشفى . والمهم
جداً أن يكون المعالِج والمعالَج عندهما إيمان صادق ، وعندهما ثقة بالله ، وعلم
بأنه سبحانه مصرف الأمور ، وأنه متى شاء شيئاً كان وإذا لم يشأ لم يكن سبحانه
وتعالى ، فالأمر بيده جل وعلا ، ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فعند الإيمان
وعند الصدق مع الله من القارئ والمقروء عليه يزول المرض بإذن الله وبسرعة ، وتنفع
الأدوية الحسية والمعنوية .
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه إنه سميع
قريب .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . ص / 70
*****
11402
الدعاء لله وحده
كيف نتوب من الشرك
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الرقائق > الدعاء >(1/7129)
سؤال رقم 11402- الدعاء لله وحده
ما حكم دعاء غير الله ؟.
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى قريب من عباده يرى مكانهم ويعلم أحوالهم ويسمع كلامهم ويستجيب
دعائهم ولا يخفى عليه شيء من أمرهم كما قال سبحانه : ( إن الله لا يخفى عليه
شيء في الأرض ولا في السماء ) آل عمران/5 .
والله وحده هو الذي خلقنا و رزقنا بيده الملك و
هو على كل شيء قدير ( لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير
) المائدة/120 .
والله وحده بيده الخير فإذا دعا إلى شيء في كتابه
أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فينبغي الامتثال لذلك والاستجابة له :
( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن
الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) الأنفال/24 .
والله على كل شيء قدير يسمع دعاء عباده .. ويستجيب
لهم في كل زمان ومكان على اختلاف حاجاتهم ولغاتهم كما قال سبحانه : ( وإذا سألك
عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم
يرشدون ) البقرة/186 .
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوه سراً بخضوع وتذلل
كما قال سبحانه : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ) الأعراف/55
والله سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير تسبح له السماوات والأرض وما فيهن كما قال سبحانه ( تسبح له السماوات السبع
والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً
غفوراً ) الإسراء/44 .
وقد وعد الله من استكبر عن عبادته ودعائه بنار
جهنم فقال تعالى : ( إن الذي يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60
ودعاء الله يكون بما شرعه الله ورسوله ومن ذلك
دعاء الله بأسمائه الحسنى ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون
في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) الأعراف/180 .
فنقول يا رحمن ارحمنا يا غفور اغفر لنا يا رزاق
ارزقنا وهكذا .
وإذا دعا العبد فإما أن يعطيه الله ما سأل أو يصرف
عنه سوءاً أعظم مما طلب .. أو يدخر له سؤاله في الآخرة ذلك أن الله أمر بالدعاء
ووعد بالإجابة فقال ..( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .
وقد أمرنا الله بعبادته وحده .. وحذرنا من عبادة
الشيطان فقال :( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو
مبين - وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 - 61 .
ودعوة غير الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات
وشفاء الأمراض لوث عقلي سببه عمى البصيرة ..( قل أندعوا من دون الله ما
لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله ) الأنعام/71 .
وإن دعاء من لا ينفع ولا يضر ولا يأمر ولا ينهي
ولا يسمع ولا يستجيب , من الأنبياء والرسل أو الجن والملائكة ..أو الكواكب والنجوم
أو الأشجار والأحجار أو الأموات ..كل ذلك ظلم عظيم ، وضلال عن الصراط المستقيم
, وشرك بالله العظيم ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك
إذاً من الظالمين ) يونس/106 .
وقال سبحانه : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله
من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) الأحقاف/5 .
ودعاء غير الله شرك والشرك ذنب عظيم بل هو أعظم
الذنوب وكل ذنب يغفره الله لمن يشاء إلا الشرك كما قال سبحانه : ( إن الله لا
يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) النساء/48 .
ويوم القيامة يجمع الله المشركين وكل من عبدوه
من دون الله فيتبرأ المعبودون من دون الله ممن عبدهم , ويكفرون بشركهم كما قال
سبحانه : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم
ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ،
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) فاطر/13-15
من كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري .
*****
11469
مناصرة الجالية الإسلامية في السويد للمسلمين في فلسطين
العقيدة > الولاء والبراء >(1/7130)
سؤال رقم 11469- مناصرة الجالية الإسلامية في السويد للمسلمين في فلسطين
السؤال :
الجالية الإسلامية عندنا في جنوب السويد قررت أن تقوم بمظاهرة تضامناً مع الشعب الفلسطيني على أن تكون المظاهرة سلمية لإيصال صوت المسلمين إلى الحكومة السويدية للضغط من أجل إيقاف المجازر في حق أطفال الشعب الفلسطيني فما حكم مثل هذه
المظاهرات ونحيطكم علماً أن مثل هذه المظاهرات لها دور كبير وفعال لإيصال صوت
المسلمين إلى السياسيين للضغط على حكومة الصهاينة من أجل إيقاف المجازر في حق
الأطفال في فلسطين . أفتونا جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب :
الحمد لله
لا بأس أن تحتج الجالية الإسلامية في السويد في محاولة لتخفيف الضغط على المسلمين
في فلسطين ، وأن يبينوا للشعب السويدي وحكومته جرائم اليهود التي ارتكبوها في
حق المسلمين في أرض فلسطين . وأن يسلكوا في ذلك كل سبيل شرعي وفعال .
وأما التظاهرات فإن فيها عدد من المحذورات الشرعية
يجب الحذر منها ، ومن ذلك :
خروج النساء متبرجات - واستعمال أصوات موسيقية
أثناء المظاهرة - والهتاف بشعارات غير صحيحة مثل القدس عربية وستبقى عربية (
والصحيح أن القدس إسلامية وليست للعرب فقط ) - ووقوف المظاهرة أمام ضريح كافر
أو لوضع إكليل من الزهور على قبره - التوسل للكفار بعبارات فيها مذلة للمسلمين
- رفع صور أو دمى ذوات الأرواح - ظلم الآخرين كسد الطريق وتعطيل مرور الناس -
استخدام سباب وشتائم لا تجوز شرعاً - اختلاط الرجال بالنساء أثناء المظاهرة -
التشبه بالكفار بشيء من خصائصهم من لباس أو إشارة يضعها أو يرتديها المتظاهرون
المسلمون - الاعتداء على ممتلكات الأبرياء كتحطيم محلاتهم أو نوافذهم أو إيقاد
النار في المرافق العامة ونحو ذلك من المحرمات والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11492
على أخيه دين فهل يعينه من الزكاة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/7131)
سؤال رقم 11492- على أخيه دين فهل يعينه من الزكاة
أخي يعمل، وهو يتقاضى راتبا، إلا أن عليه مبلغا كبيرا يجب أن يسدده. فهل يجوز لي أن أعطيه من زكاة مالي ؟ .
الحمد لله
إذا كان أخوك مدينا ، وكان راتبه لا يكفي لمعيشته وسداد ذلك المبلغ ، وكان من
أهل الصلاة ، ولا يضيع الأموال فيما لا يرضي الله ، فلا بأس من إعطائه من زكاة
مالك .
الشيخ سعد الحميد .
لأنه داخل في قوله تعالى في أهل الزكاة : ( والغارمين
) . وإذا كان دينه نتيجة لأمر محرم كالربا والقمار فلا تسدد عنه إلا إذا تاب
إلى الله .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11497
صفة الوضوء
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/7132)
سؤال رقم 11497- صفة الوضوء
أرجو أن تخبروني كيف يمكن للمرأة أن تتوضأ. أسأل من أجل زوجتي، وأيضا فأنا أرجو أن تخبروني كيف أتمكن من قراءة آية الكرسي بكلمات عربية، لكن بالأحرف الإنجليزية ، فأنا أتشوق لتعلم الآيات الجميلة التي ذكر الله تعالى فيها عن نفسه.
أرجوك رجاء أن تجيب على سؤالي هذا، فقلبي يتشوق إلى الجواب.
وأسأل الله أن يرحم نبينا الحبيب وآله وأصحابه.
الحمد لله
أولا : نحمد الله عز وجل
الذي يسّر لك الهداية وشرح صدرك ، ونسأل الله أن يثبّتنا وإياك على طاعته ، و نشكر
لك جهدك في تعلم أمور دينك ، وننصحك بالاجتهاد في تعلم العلم الذي تصحح به عبادتك
والحرص على تعلم اللغة العربية ، حتى تتمكن من قراءة القرآن ، وفهمه على الوجه
المطلوب . نسأل الله أن يرزقك العلم النافع .
أما صفة الوضوء فله صفتان
:
الأولى : صفة واجبة : وهي
:
أولاً : غسل الوجه بالكامل
مرّة ، ومنه المضمضة والاستنشاق .
ثانياً : غسل اليدين إلى
المرفقين مرّة واحدة .
ثالثاً : مسح الرأس كله
ومنه الأذنان .
رابعا : غسل الرجلين مع
الكعبين مرّة واحدة ، والمراد بالمرّة في كلِّ ما سبق أن يستوعب جميع العضو بالغسل
.
خامسا : الترتيب ، بأن
يغسل الوجه أولا ثم اليدين ثم يمسح الرأس ثم يغسل رجليه ،
لأن النبي صلى الله عليه
وسلم رتَّب الوضوء على هذه الكيفية .
سادساً : الموالاة ، وهي
أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متوالياً بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي
قبله بفترة زمنية طويلة عرفاً ، بل يتابع غسل لأعضاء الواحد تلو الآخر .
فهذه فروض الوضوء التي
لابد منها حتى يكون الوضوء صحيحاً ،
والدليل على هذه الفروض ،
قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا
فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 6
الصفة الثانية : صفة
مستحبة : وهي التي وردت في سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتفصيلها كما يلي :
1- أن ينوي الإنسان الطهارة ورفع الحدث ، ولا يتلفظ بالنيّة ، لأنّ
محلها القلب . وكذا سائر العبادات .
2- يقول بسم الله
3- ثم يغسل كفيه ثلاث مرات
4- ثم يتمضمض ثلاث مرات ، ( والمضمضة هي إدارة الماء في الفم ) ويستنشق
ثلاث مرات وينثر الماء من أنفه بيساره ، والاستنشاق هو إيصال الماء إلى داخل الأنف
، والاستنثار هو إخراجه من الأنف .
5- يغسل وجهه ثلاث مرات ، وحد الوجه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما
انحدر من اللحيين والذقن ، طولاً ، ومن حدّ الأذن اليمنى إلى حد الأذن اليسرى عرضا
، والرجل يغسل شعر لحيته لأنه من الوجه ،فإن كانت خفيفة وجب غسل ظاهرها وباطنها ،
وإن كانت كثيفة أي ساترة للجلد ، غسل ظاهرها فقط وخللها .
6- ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات ، وحَدُّ اليد من رؤوس الأصابع
مع الأظافر إلى أول العضد ، ولا بد أن يزيل ما علق باليد قبل الغسل من عجين أو طين
، وصبغ ونحوه مما يمنع وصول الماء إلى البشرة .
7- ثم بعد ذلك يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة بماء جديد غير البلل الباقي
من غسل يديه ، وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتين بالماء على مقدم رأسه ويمرُّهما
إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ، ثم يدخل أصبعيه السبابتين في خرقي
أذنيه ، ويمسح ظاهرهما بإبهاميه . وبالنسبة لشعر المرأة فإنها تمسح عليه سواء كان
نازلا أو ملفوفا من مقدَّم الرأس إلى منابت شعرها على الرقبة ، ولا يجب مسح ما طال
من شعرها على ظهرها .
8- ثم يغسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين ، والكعبان هما العظمان
الناتئان في أسفل الساق .
والدليل على ذلك ما تقدّم
من حديث حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ
يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ
الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى
إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ
قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ
نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ
لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواه مسلم ( الطهارة /331)
أما شروط الوضوء فهي :
الإسلام والعقل والتمييز والنية ، فلا يصح الوضوء من كافر ، ولا من مجنون ، ولا من
صغير لا يميزه ، ولا من لم ينو الوضوء بأن نوى التبرد مثلا ، ويشترط أن يكون الماء
طهوراً فالماء النجس لا يصح به الوضوء ، ويشترط كذلك إزالة ما يمنع وصول الماء إلى
الجلد والأظافر كالمناكير التي تضعها المرأة على أظافرها .
والتسمية مشروعة عند
جماهير العلماء ، وهم مختلفون هل هي واجبة أو سنة ، وينبغي لمن ذكرها في أول الوضوء
أو في أثنائه أن يقولها .
ولا اختلاف في صفة الوضوء
بين كل من الرجل والمرأة
ويستحب أن يقول بعد الفراغ
من الوضوء : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ
أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ
الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ رواه مسلم ( الطهارة/345) ،
وفي زيادة عند الترمذي : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ( الطهارة/50 ) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود
برقم 48 .
انظر
الملخص الفقهي للفوزان 1/36
أما قولك : " أسأل الله أن
يرحم نبيّنا " ؛ فالمشروع في حق الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة والسلام عليه ،
كما أمرنا ربنا عز وجل بقوله ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً ) الأحزاب/56 والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11529
الإباضية
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/7133)
سؤال رقم 11529- الإباضية
من هم الإباضية ؟.
الحمد لله
أولاً : التعريف :
الإباضية إحدى فرق الخوارج ، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي ، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا من الخوارج ، وينفون عن أنفسهم هذه
النسبة ، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً ، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها : تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز
الخروج على أئمة الجور .
ثانياً : لمن تنسب الإباضية :
* مؤسسها الأول عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم ، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة ، وعبد الله عاصر معاوية
وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان .
ثالثاً : أهم العقائد :
* يظهر من خلال كتبهم تعطيل الصفات الإلهية ، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل الصفات ، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من
منطلق عقدي ، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه ، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل
السنة والجماعة المتبعين للدليل ، من حيث إثبات الأسماء الحسنى والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه ، بلا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل .
* ينكرون رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة .
* يحرفون بعض أمور الآخرة وينفون حقيقتها كالميزان والصراط .
* صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته .
* القرآن لديهم مخلوق ، وقد وافقوا الخوارج في ذلك ، يقول الأشعري في مقالات الإسلاميين ( والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن ) مقالات الإسلاميين 1/203.
* مرتكب الكبيرة عندهم كافر كفر نعمة أو كفر نفاق .
* الناس في نظرهم ثلاثة أصناف :
- مؤمنون أوفياء بإيمانهم .
- مشركون واضحون في شركهم .
- قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد ، وهم كذلك ليسوا
بمؤمنين لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان ، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم
بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك .
* يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين ، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من
قوة الحرب حلال وما سواه حرام .
* مرتكب الكبيرة كافر ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها ، فإن الله لا يغفر الكبائر لمرتكبيها إلا إذا
تابوا منها قبل الموت .
* الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة ، بينما يطلق عليه أهل السنة
والجماعة كلمة العصيان أو الفسوق ، ومن مات على ذلك – في اعتقاد أهل السنة – فهو في مشيئة الله ، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهُر من
عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة ، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار ، وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم .
* ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين ، لأن العصاة – عندهم – مخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار .
* يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم .
موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة ( 1 / 63 )
*****
11534
هل يؤجل الحج لحاجته إلى الأموال التي معه ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > الاستطاعة >(1/7134)
سؤال رقم 11534- هل يؤجل الحج لحاجته إلى الأموال التي معه ؟
معي من الأموال ما يكفيني للحج ، ولكنني بحاجة إليها ، فهل يجوز لي أن أؤجل الحج ؟.
الحمد لله
من شروط وجوب الحج الاستطاعة (القدرة) ، لقول الله تعالى : (
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
وهذا يشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية .
أما الاستطاعة البدنية فمعناها أن يكون صحيح البدن ويتحمل مشقة
السفر إلى بيت الله الحرام وأداء المناسك .
وأما الاستطاعة المالية فمعناها أن يملك النفقة التي توصله إلى
بيت الله الحرام ذهاباً , وإياباً .
قالت اللجنة الدائمة (11/30) :
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من
المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك
بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات
من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها
للحج أو العمرة اهـ .
ويشترط أن تكون النفقة التي توصله إلى البيت الحرام فاضلةً عن
حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمراد بالديون حقوق الله كالكفارات وحقوق الآدميين .
فمن كان عليه دين ، وماله لا يتسع للحج وقضاء الدين فإنه يبدأ
بقضاء الدين ولا يجب عليه الحج .
ويظن بعض الناس أن العلة هي عدم إذن الدائن ، فإذا استأذنه وأذن
له فلا بأس .
قال الشيخ ابن عثيمين (الشرح الممتع 7/30) : وهذا الظن لا أصل له
، بل العلة هي انشغال الذمة اهـ . بتصرف .
فلو أذن الدائن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين
، ولا تبرأ ذمته بهذا الإذن ، ولذلك يقال للمدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك
ما تحج به وإلا فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله
كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، فكما أن الزكاة لا تجب
على الفقير فكذلك الحج .
أما لو قدم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على
خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين فكيف بغيره ؟!
والمراد بالنفقات الشرعية : النفقات التي يقرها الشرع كالنفقة
على نفسه وأهله ، من غير إسراف ولا تبذير ، فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر
بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء ، وليس عنده مال يحج به ، وجب
عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها ، ويشتري سيارة تناسب حاله .
لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية ، بل هو
إسراف ينهى الشرع عنه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة
عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله
من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
سئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك
إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة ، فهل يجب عليه الحج من رأس المال
مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً ؟
فأجابت :
إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة
الشرعية ، قال الله تعالى : (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) .
وقال : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) اهـ
والمراد بالحاجات الأصلية : ما يحتاج إليه الإنسان في حياته
كثيراً ، ويشق عليه الاستغناء عنه .
مثل : كتب العلم لطالب العلم ، فلا نقول له : بع كتبك وحج بثمنها
، لأنها من الحوائج الأصلية .
وكذلك السيارة التي يحتاج إليه ، لا نقول له بعها وحج بثمنها ،
لكن لو كان عنده سيارتان وهو لا يحتاج إلا إلى واحدة فيجب عليه أن يبيع إحداهما
ليحج بثمنها .
وكذلك الصانع لا يلزمه أن يبيع آلات الصنعة لأنه يحتاج إليها .
وكذلك السيارة التي يعمل عليها وينفق على نفسه وأهله من أجرتها ،
لا يجب عليه بيعها ليحج .
ومن الحوائج الأصلية : الحاجة إلى النكاح
فإذا كان معه أموال ولكنه محتاج إلى النكاح وسوف يتزوج بها فإنه
يقدم النكاح .
راجع السؤال رقم ( 27120 ) .
إذاً فالمراد من الاستطاعة المالية أن يفضل عنده ما يكفيه للحج
بعد قضاء الديون ، والنفقات الشرعية ، والحوائج الأصلية .
*****
11774
حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/7135)
سؤال رقم 11774- حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
أريد أن أعرف الآيات القرآنية التي تتناول تغطية المرأة لوجهها، فأنا أريد أن أقدمها لبعض الأخوات الآتي يرغبن في معرفة ما إذا كان تغطية الوجه واجبة أم أنها أفضل وليست واجبة ؟.
الحمد لله
" ا علم أيها المسلم أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دلَّ على وجوبه كتاب ربك تعالى
وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، والاعتبار الصحيح والقياس المطرد .
أولاً : أ دلة القران .
الدليل الأول /
قال الله تعالى : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا
عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " سورة النور / 31
وجه الدلالة من الآية على وجوب الحجاب على المرأة ما يلي :
أ- أن الله تعالى أمرالمؤمنات بحفظ فروجهن ، والأمر بحفظ الفرج أمرٌ بما يكون وسيلة إليه ، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن
كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك ، وبالتالي إلى الوصول والاتصال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العينان تزنيان وزناهما النظر
... ـ ثم قال ـ والفرج يصدق ذلك أويكذبه " رواه البخاري (6612) ومسلم (2657)
فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد .
ب - قوله تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والجيب هو فتحة الرأس والخمار ما تخمربه المرأة رأسها وتغطيه به ، فإذا كانت مأمورة بأن
تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس ، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع
الجمال والفتنة .
ج ـ أن الله نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال " إلا ماظهر منها " لم يقل إلا ما
أظهرن منها ـ وقد فسر بعض السلف : كابن مسعود، والحسن ، وابن سيرين ، وغيرهم قوله تعالى ( إلاماظهر منها ) بالرداء والثياب ، وما يبدو من أسافل الثياب (أي
اطراف الأعضاء ) ـ . ثم نهى مرة أُخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم فدل هذا على أنَّ الزينة الثانية غير الزينة الأُولى ، فالزينة الأُولى هي الزينة
الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولايُمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة ( ومنه الوجه ) ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في
الأُولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة .
د ـ أن الله تعالى يُرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أُولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لاشهوة لهم وللطفل الصغير الذي لم
يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين :
1- أن إبداء الزينة الباطنة لايحل لأحدٍ من الأجانب إلا لهذين الصنفين .
2- أن علة الحكم ومدارة على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها ، ولاريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به
أُولو الإربة من الرجال .
هـ - قوله تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن ) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما
تتحلى به للرِجْل ، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه .
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها ؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز ؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء ؟ أو
ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها ؟
إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء .
الدليل الثاني /
قوله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ
غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة النور / 60
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العجاوز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن
بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة . وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملاً
للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
ومن قوله تعالى ( غير متبرجات بزينة ) دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أنها تريد
التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحها ونحو ذلك ، ومن سوى هذه فنادر والنادر لا حكم
له .
الدليل الثالث /
قوله تعالى ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب / 59
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤ و سهن
بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة " .
وتفسير الصحابي حجة بل قال بعض العلماء : إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله رضي الله عنه : ويبدين عيناً واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين
.
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.
الدليل الرابع /
قوله تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا
أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ) الأحزاب / 55 .
قال ابن كثير رحمه الله : لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم
كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى : " ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن "
ثانياً : الأدلة من السنة على وجوب تغطية الوجه .
الدليل الأول /
قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم إمرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم " رواه أحمد . قال صاحب مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح .
وجه الدلالة منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة بشرط أن يكون نظره للخطبة ، فدل هذا على أن غير
الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال ، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع ونحو ذلك .
فإن قيل : ليس في الحديث بيان ماينظر إليه ، فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر ؟
فالجواب : أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه ، وما سواه تبع لا يُقصد غالباً فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه
لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب .
الدليل الثاني :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدنا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتلبسها أُختها من جلبابها " . رواه البخاري ومسلم .
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب وأنها عند عدمه لا يمكن أن
تخرج . وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر والله أعلم .
الدليل الثالث :
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات
بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحدٌ من الغلس . وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو
إسرائيل نساءها " . وقد روى نحو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
والدلالة من هذا الحديث من وجهين :
أحدها : أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمهم على الله عز وجل .
الثاني : أن عائشة أم المؤمنين وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة أخبرا أن الرسول صلى الله عليه وسلم
لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد وهذا في زمان القرون المفضلة فكيف بزماننا !!
الدليل الرابع :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ
إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ
أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه " رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم ، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا
ريب . فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما
هو أعظم منه فتنة ، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه .
الدليل الخامس :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ " رواه أبو داوود (1562) .
ففي قولها " فإذا حاذونا "تعني الركبان " سدلت إحدانا جلبابها على وجهها " دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا
وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفاً حتى مع مرور الركبان .
وبيان ذلك : أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لايعارضه إلا ما هو واجب فلولا وجوب الاحتجاب
وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما : أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين .(1/7136)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن
وأيديهن .
هذه تسعة أدلة من الكتاب والسنة .
الدليل العاشر :
الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها ، وإنكار المفاسد ووسائلها
والزجر عنها .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة ، وإن قدر أن فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب
المفاسد . فمن مفاسده :
1ـ الفتنة ، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويُبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن . وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد .
2ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها . فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فيقال ( أشد حياءً من العذراء في خدرها ) وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها .
3ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة كما يحصل من كثير من السافرات ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى
الدم .
4ـ اختلاط النساء بالرجال فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياءٌ ولا خجل من مزاحمة
الرجال ، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض ، فقد أخرج الترمذي (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ
بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ . فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ " حسنه الألباني في صحيح الجامع ( 929 )
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله من رسالة الحجاب بتصرف .
والله أعلم .
*****
1187
حكم صبغ الشعر واللحية بالسواد
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/7137)
سؤال رقم 1187- حكم صبغ الشعر واللحية بالسواد
السؤال :
هل يجوز صبغ اللحية بالسواد ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز أن يصبغ الرجل لحيته بالسواد لورود الأمر باجتنابه والنهي عن فعله فقد روى أبو داود بسنده عن جابر بن عبد الله قال : ( أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب واجنبوه السواد ) وقد أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه ، وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ) لكن يستحب تغيير الشيب بغير السواد لحديث جابر المذكور .
ويشرع صبغ الشعر بالحناء ونحوه مما يكسب الشعر حمرة أو صفرة لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة ، ولما روى مسلم أن ابا بكر اختضب بالحناء والكتم وأن عمر اختضب بالحناء ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم ) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه .
من فتاوى اللجنة الدائمة 5/166-167
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
11885
العزل واستخدام حبوب منع الحمل
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > النكاح >(1/7138)
سؤال رقم 11885- العزل واستخدام حبوب منع الحمل
عن جابر رضي الله عنه قال : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) ولم ينهنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . وأسأل عن الآتي :
1- هل يجوز استخدام الواقي أو الحبوب (المانعة للحمل) ؟
2- إذا كان الجواب بنعم ، فما هي شروط استخدامها ؟
3- ما هي النية التي يجب أن نكون عليها عند استخدام الموانع ؟
4- لماذا كان الصحابة يفعلون العزل ؟.
الحمد لله
أولاً : الذي ينبغي للمسلمين أن يكثروا من النسل
ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ؛ لأن ذلك هو الأمر الذي وجه النبي صلى الله عليه وسلم
إليه في قوله : ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم ) رواه أبو
داود (2050) وصححا الألباني في صحيح أبي داود (1805) .
ولأن كثرة النسل كثرة للأمة ، وكثرة الأمة من
عزتها كما قال تعالى ممتناً على بني إسرائيل بذلك : ( وجعلناكم أكثر نفيرا )
الإسراء/6 وقال شعيب لقومه : ( واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم ) الأعراف/86
، ولا أحد يُنكر أن كثرة الأُمة سبب لعزتها وقوتها على عكس ما
يتصوره أصحاب ظن السوء الذين يظنون أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها .
وإن الأمة إذا كثرت واعتمدت على الله عز وجل
وآمنت بوعده في قوله : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) هود/6 فإن الله ييسر لها أمرها ويغنيها من فضله . بناءً على ذلك تتبين إجابة السؤال :
(الحبوب المانعة للحمل) لا ينبغي للمرأة أن
تستخدم حبوب منع الحمل ، إلا بشرطين :
الشرط الأول : أن تكون في حاجة لذلك مثل أن تكون
مريضة لا تتحمل الحمل كل سنة أو نحيفة الجسم أوبها مانع آخر يضرها أن تحمل كل سنة .
الشرط الثاني : أن يأذن لها زوجها ؛ لأن للزوج
حقاً في الأولاد والإنجاب ، ولابد من مشاورة الطبيب في هذه الحبوب : هل أخذها ضار
أو ليس بضار ، فإذا تم الشرطان السابقان فلا بأس باستخدام هذه الحبوب لكن على ألا
يكون ذلك على سبيل التأبيد ، لأن في ذلك قطعاً للنسل .
وأما(العزل) أثناء الجماع : فالصحيح من أقوال
أهل العلم أنه لا بأس به ؛ لحديث جابر رضي الله عنه : ( كنا نعزل والقرآن ينزل ) ،
يعني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان هذا الفعل حراماً لنهى النبي صلى
لله عليه وسلم عنه ، ولكن أهل العلم يقولون إنه لايعزل عن الحرة إلا بإذنها لأن لها
حقاً في الأولاد ، ثم إن في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها ، فاستمتاع المرأة
لا يتم إلا بعد الإنزال .. وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها
وتفويت لما يكون من الأولاد ، ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها . ا.هـ. من
فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين .
من كتاب فتاوى إسلامية ج/3 ، ص/190 .
ثالثاً : السبب في فعل الصحابة للعزل هو عدم
الرغبة في حمل المرأة – وخصوصاً الأمة - ليحصل لهم كمال الإستمتاع بها وتتمكن في
الخدمة ، فقد روى أبو داود أن رجلاًً قال يارسول الله : إن لي جارية وأنا أعزل عنها
وأنا أكره أن تحمل , وأنا أُريد ما يريد الرجال ، وإن اليهود تحدث أن العزل المؤودة
الصغرى ؟
قال : ( كذبت اليهود لوأراد الله أن يخلقه ما
استطاعت أن تصرفه ) رواه أبو داوود (كتاب النكاح/1856) وصححه الألباني في
صحيح أبي داود 1903 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
1189
حكم حلق اللحية
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/7139)
سؤال رقم 1189- حكم حلق اللحية
السؤال :
ما حكم حلق اللحية أو أخذ شيء منها ؟
الجواب:
الحمد لله
حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة والصريحة والأخبار ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) وفي رواية : ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) وفيه أحاديث أخرى بهذا المعنى ، وإعفاء اللحية تركها على حالها ، وتوفيرها إبقاءها وافرة من دون أن تحلق أو تنتف أو يقص منها شيء ، حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنه السابق وبحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) صححه الترمذي قال في الفروع وهذ الصيغة عند أصحابنا - يعني الحنابلة - تقتضي التحريم ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة ؛ لأن مشابهتهم في الظاهر سبباً لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل وفي نفس الاعتقادات ، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن ، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى " الحديث ، وفي لفظ : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه الإمام أحمد . ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : " يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " يعني بذلك المتشبهين بالنساء ، ( وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية ) رواه مسلم عن جابر ، وفي رواية كثيف اللحية ، وفي اخرى كث اللحية والمعنى واحد ، ولا يجوز أخذ شيء منها لعموم أدلة المنع .
فتاوى اللجنة الدائمة 5/133
*****
11936
لا يشترط شهود للدخول في الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
سؤال رقم 11936: لا يشترط شهود للدخول في الإسلام
هل يجب أن يكون هناك شهود على ذلك؟.
الحمد لله
لا يجب على من أراد أن ينطق بالشهادتين أن يحضره شهود ، بل ينطق بهما بلسانه
، ويكفيه هذا للدخول في الإسلام .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11981
صلاة الاستخارة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > صلاة الاستخارة >(1/7140)
سؤال رقم 11981- صلاة الاستخارة
أود معرفة المزيد عن صلاة الاستخارة . ماذا أتلو ، وأدعو ، كم عدد الركعات ، وما هو الأجر من ذلك . وهل صلاة المذهب الحنبلي والشافعي والحنفي بنفس الطريقة .
الحمد لله
صلاة الاستخارة
سنة شرعها النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يعمل عملاً ولكنه مترددٌ فيه ،
وسيكون الحديث عن صلاة الاستخارة من خلال ثمان نقاط :
1ـ تعريفها
. 2ـ حكمها . 3ـ الحكمة من مشروعيتها . 4ـ سببها .
5ـ متى تبدأ
الاستخارة . 6ـالاستشارة قبل الاستخارة . 7ـ ماذا يقرأ في الاستخارة
؟ .
8ـ متى يكون
الدعاء ؟ .
المطلب الأول :
تعريفها .
الاسْتِخَارَةُ
لُغَةً : طَلَبُ الْخِيَرَةِ فِي الشَّيْءِ . يُقَالُ : اسْتَخِرْ اللَّهَ يَخِرْ
لَك . وَاصْطِلَاحًا : طَلَبُ الاخْتِيَارِ . أَيْ طَلَبُ صَرْفِ الْهِمَّةِ لِمَا
هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّهِ وَالأَوْلَى , بِالصَّلاةِ , أَوْ الدُّعَاءِ
الْوَارِدِ فِي الِاسْتِخَارَةِ .
المطلب الثاني :
حكمها .
أَجْمَعَ
الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ , وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا
مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا
كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ : إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ
بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ :
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ , وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ,
وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ ,
وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ , وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ , اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ
تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ
أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ , فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي
ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ , اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ
شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ : عَاجِلِ أَمْرِي
وَآجِلِهِ , فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ
حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ . وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ ) رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ (1166) وَفِي بَعْضِهَا
ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ .
المطلب الثالث :
الحكمة من مشروعيتها .
حِكْمَةُ
مَشْرُوعِيَّةِ الاسْتِخَارَةِ , هِيَ التَّسْلِيمُ لأَمْرِ اللَّهِ , وَالْخُرُوجُ
مِنْ الْحَوْلِ وَالطَّوْلِ , وَالالْتِجَاءُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ . لِلْجَمْعِ
بَيْنَ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . وَيَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى قَرْعِ بَابِ
الْمَلِكِ (سبحانه وتعالى) , وَلا شَيْءَ أَنْجَعُ لِذَلِكَ مِنْ الصَّلاةِ
وَالدُّعَاءِ ; لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ , وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ,
وَالافْتِقَارِ إلَيْهِ قَالا وَحَالا ، ثم بعد الاستخارة يقوم إلى ما ينشرح له
صدره .
المطلب الرابع :
سببها .
سَبَبُهَا ( مَا
يَجْرِي فِيهِ الاسْتِخَارَةُ ) : اتَّفَقَتْ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى
أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ تَكُونُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَدْرِي الْعَبْدُ
وَجْهَ الصَّوَابِ فِيهَا , أَمَّا مَا هُوَ مَعْرُوفٌ خَيْرَهُ أَوْ شَرَّهُ
كَالْعِبَادَاتِ وَصَنَائِعِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ فَلا
حَاجَةَ إلَى الاسْتِخَارَةِ فِيهَا , إلا إذَا أَرَادَ بَيَانَ خُصُوصِ الْوَقْتِ
كَالْحَجِّ مَثَلا فِي هَذِهِ السُّنَّةِ ; لِاحْتِمَالِ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ ,
وَالرُّفْقَةِ فِيهِ , أَيُرَافِقُ فُلانًا أَمْ لا ؟ وَعَلَى هَذَا
فَالاسْتِخَارَةُ لا مَحَلَّ لَهَا فِي الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ ,
وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَالْمُبَاحَاتِ . وَالاسْتِخَارَةُ فِي
الْمَنْدُوبِ لا تَكُونُ فِي أَصْلِهِ ; لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ , وَإِنَّمَا تَكُونُ
عِنْدَ التَّعَارُضِ , أَيْ إذَا تَعَارَضَ عِنْدَهُ أَمْرَانِ أَيُّهُمَا يَبْدَأُ
بِهِ أَوْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ ؟ أَمَّا الْمُبَاحُ فَيُسْتَخَارُ فِي أَصْلِهِ .
المطلب الخامس :
مَتَى يَبْدَأُ الاسْتِخَارَةَ ؟
يَنْبَغِي أَنْ
يَكُونَ الْمُسْتَخِيرُ خَالِيَ الذِّهْنِ , غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّنٍ
, فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ : " إذَا هَمَّ " يُشِيرُ إلَى
أَنَّ الِاسْتِخَارَةَ تَكُونُ عِنْدَ أَوَّلِ مَا يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ ,
فَيَظْهَرُ لَهُ بِبَرَكَةِ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ مَا هُوَ الْخَيْرُ ,
بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ الْأَمْرُ عِنْدَهُ , وَقَوِيَتْ فِيهِ عَزِيمَتُهُ
وَإِرَادَتُهُ , فَإِنَّهُ يَصِيرُ إلَيْهِ مَيْلٌ وَحُبٌّ , فَيَخْشَى أَنْ
يَخْفَى عَنْهُ الرَّشَادُ ; لِغَلَبَةِ مَيْلِهِ إلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْهَمِّ الْعَزِيمَةَ ; لأَنَّ الْخَاطِرَ
لا يَثْبُتُ فَلَا يَسْتَمِرُّ إلَّا عَلَى مَا يَقْصِدُ التَّصْمِيمَ عَلَى
فِعْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ . وَإِلا لَوْ اسْتَخَارَ فِي كُلِّ خَاطِرٍ
لاسْتَخَارَ فِيمَا لا يَعْبَأُ بِهِ , فَتَضِيعُ عَلَيْهِ أَوْقَاتُهُ . "
المطلب السادس :
الاسْتِشَارَةُ قَبْلَ الاسْتِخَارَةِ .
قَالَ
النَّوَوِيُّ : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَشِيرَ قَبْلَ الاسْتِخَارَةِ مَنْ يَعْلَمُ
مِنْ حَالِهِ النَّصِيحَةَ وَالشَّفَقَةَ وَالْخِبْرَةَ , وَيَثِقُ بِدِينِهِ
وَمَعْرِفَتِهِ . قَالَ تَعَالَى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } وَإِذَا
اسْتَشَارَ وَظَهَرَ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ , اسْتَخَارَ اللَّهَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ
. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ : حَتَّى عِنْدَ الْمُعَارِضِ ( أَيْ
تَقَدُّمِ الاسْتِشَارَةِ ) لأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ إلَى قَوْلِ الْمُسْتَشَارِ
أَقْوَى مِنْهَا إلَى النَّفْسِ لِغَلَبَةِ حُظُوظِهَا وَفَسَادِ خَوَاطِرِهَا .
وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ نَفْسُهُ مُطْمَئِنَّةً صَادِقَةٌ إرَادَتَهَا مُتَخَلِّيَةً
عَنْ حُظُوظِهَا , قَدَّمَ الاسْتِخَارَةَ .
المطلب السابع :
الْقِرَاءَةُ فِي صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ .
- فِيمَا يَقْرَأُ فِي
صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ ثَلاثَةُ آرَاءٍ :
أ - قَالَ
الْحَنَفِيَّةُ , وَالْمَالِكِيَّةُ , وَالشَّافِعِيَّةُ : يُسْتَحَبُّ أَنْ
يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ { قُلْ يَا أَيُّهَا
الْكَافِرُونَ } , وَفِي الثَّانِيَةِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } . وَذَكَر
النَّوَوِيُّ تَعْلِيلًا لِذَلِكَ فَقَالَ : نَاسَبَ الْإِتْيَانُ بِهِمَا فِي
صَلَاةٍ يُرَادُ مِنْهَا إخْلَاصُ الرَّغْبَةِ وَصِدْقُ التَّفْوِيضِ وَإِظْهَارُ
الْعَجْزِ , وَأَجَازُوا أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِمَا مَا وَقَعَ فِيهِ ذِكْرُ
الْخِيَرَةِ مِنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ .
ب -
وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنْ يَزِيدَ فِي صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ عَلَى
الْقِرَاءَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَرَبُّك يَخْلُقُ مَا
يَشَاءُ وَيَخْتَارُ . مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ . وَرَبُّك يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
. وَهُوَ اللَّهُ لا إلَهَ إلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ
وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } . فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى , وَفِي
الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا }
ج - أَمَّا
الْحَنَابِلَةُ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَقُولُوا بِقِرَاءَةٍ مُعَيَّنَةٍ
فِي صَلاةِ الِاسْتِخَارَةِ .
المطلب الثامن :
مَوْطِنُ دُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ .
قَالَ
الْحَنَفِيَّةُ , وَالْمَالِكِيَّةُ , وَالشَّافِعِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ :
يَكُونُ الدُّعَاءُ عَقِبَ الصَّلاةِ , وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا جَاءَ فِي نَصِّ
الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . أنظر
الموسوعة الفقهية ج3 ص241
قال شيخ الاسلام
في الفتاوى الكبرى ج2 ص265 : مَسْأَلَةٌ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ , هَلْ
يَدْعُو بِهِ فِي الصَّلاةِ ؟ أَمْ بَعْدَ السَّلامِ؟ الْجَوَابُ : يَجُوزُ
الدُّعَاءُ فِي صَلاةِ الاسْتِخَارَةِ , وَغَيْرِهَا : قَبْلَ السَّلامِ ,
وَبَعْدَهُ , وَالدُّعَاءُ قَبْلَ السَّلامِ أَفْضَلُ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم أَكْثَرُ دُعَائِهِ قَبْلَ السَّلامِ , وَالْمُصَلِّي قَبْلَ
السَّلامِ لَمْ يَنْصَرِفْ , فَهَذَا أَحْسَنُ , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . .
*****
120
حكم صلاة الجماعة في المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/7141)
سؤال رقم 120- حكم صلاة الجماعة في المسجد
ما حكم صلاة الجماعة في المسجد وما هو الدليل على ذلك ؟.
الحمد لله
صلاة الجماعة في المسجد واجبة على
الرجال القادرين ، على الصحيح من قولي العلماء ؛ لأدلة كثيرة منها :
الدليل الأول :
قال الله تعالى : ( و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك و
ليأخذوا أسلحتهم… ) سورة النساء أية 102
وجه الاستدلال :
أحدها : أمره سبحانه و تعالى لهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه
مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله : ( و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك
… )
و في هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان ، إذا لم يسقطها سبحانه عن الطائفة
الثانية بفعل الأولى ، و لو كانت الجماعة سنة ، لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر
الخوف ، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى .
ففي الآية دليل على و جوبها على الأعيان .
فهذه ثلاثة أوجه
· أمره بها أولاً .
· ثم أمره بها ثانياً .
· و أنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف .
الدليل الرابع :
1- ما ثبت في الصحيحين و هذا لفظ البخاري : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " و الذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب
، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجالاً فأحرق
عليهم بيوتهم ، و الذي نفسي بيده لو يعلم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مِرْماتَيْن
حسنتين لشهد العشاء "
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أثقل
الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر ، و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و
لو حبواً ، و لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم انطلق
معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم " متفق
عليه .
3- و للإمام أحمد عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لولا ما في البيوت
من النساء و الذرية ، أقمت صلاة العشاء ، و أمرت فتياني يُحرقون ما في البيوت
بالنار "
4- و لم يفعل النبي صلى الله عليه و سلم ما هم به للمانع الذي أخبر أنه منعه منه ،
وهو اشتمال البيوت على ما لا تجب عليه الجماعة من النساء و الذرية ، فلو أحرقها
عليهم لتعدت العقوبة إلى من لا يجب عليه .
الدليل الخامس :
· روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله عليه و سلم : ليس قائد
يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنْ يُرَخِص له ، فرخص له
، فلما ولى دعاه ، فقال : " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم قال : " فأجب " . وهذا
الرجل هو ابن أم مكتوم · و في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عمرو ابن أم مكتوم
قال : قلت : يا رسول الله ( أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني ، فهل تجد لي
رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال " تسمع النداء " قال : نعم . قال :" لا أجد لك رخصة " .
· الأمر المطلق للوجوب ، فكيف إذا صرَّح صاحب الشرع بأنه لا رخصة للعبد في التخلف
عنه الضرير شاسع الدار لا يلائمه قائده ، فلو كان العبد مخيراً بين أن يصلي و حده
أو جماعة ، لكان أولى الناس بهذا التخيير مثل هذا الأعمى .
الدليل السادس :
روى أبو داود و أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا : و ما العذر ؟
قال : " خوف أو مرض ، لم تقبل منه الصلاة التي صلاها " .
الدليل السابع :
ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : من سره أن يلقى الله غدا مسلما
فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم
سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في
بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور
ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها
درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد
كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " و في لفظ " و قال : يا
رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى ، و إن من سنن الهدى الصلاة في
المسجد الذي يؤذن فيه .
وجه الدلالة :
أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم النفاق .
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره
وحسن عبادته والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
1200
أدلة تحريم الاختلاط
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/7142)