سؤال رقم 69915- هل يجوز قراءة سورتين في كل ركعة ؟
هل يجوز للمصلي قراءة سورتين في كل ركعة في صلاة الجماعة أو المفردة ؟ علما بأنني أحب أن أقرأ السورة الثانية في كل ركعة سورة الصمد .
الحمد لله
أولاً :
لا حرج على المصلي أن يقرأ بعد الفاتحة سورتين أو ثلاثاً ، سواء
كان إماماً أم مأموماً ، إلا أن الإمام يفعل ذلك أحياناً لبيان الجواز ، ودون أن
يطيل على المصلين ، كما يجوز هذا الفعل في الفريضة والنافلة .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة سورتين بعد الفاتحة
في كثير من الصلوات ، وسميت هذه السور بـ " النظائر " وقد جاء في الأحاديث الصحيحة
ذِكرها وبيانها .
عن عمرو بن مرة قال : سمعت أبا وائل قال : جاء رجل إلى ابن مسعود
فقال : قرأتُ المفصَّل الليلة في ركعة ، فقال : هَذًّا كهذِّ الشعر ؟ لقد عرفت
النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن ، فذكر عشرين سورة من
المفصَّل سورتين في كل ركعة . رواه البخاري (742) ومسلم (822) .
وبوَّب عليه البخاري بقوله : باب الجمع بين السورتين في الركعة .
والمفصَّل : من سورة " ق " إلى " الناس " .
والهذّ : سرعة القراءة .
وعن علقمة والأسود قالا : أتى ابنَ مسعود رجلٌ فقال : إني أقرأ
المفصل في ركعة ، فقال : أهذّاً كهذ الشعر ونثرا كنثر الدقل ؟ لكن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة : النجم والرحمن في ركعة ، واقتربت
والحاقة في ركعة ، والطور والذاريات في ركعة ، وإذا وقعت ونون في ركعة ، وسأل سائل
والنازعات في ركعة ، وويل للمطففين وعبس في ركعة ، والمدثر والمزمل في ركعة ، وهل
أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة ، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة ، والدخان
وإذا الشمس كورت في ركعة . رواه أبو داود (1396) وصححه الألباني في "صحيح
أبي داود" .
والدقل : رديء التمر .
وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ركعة واحدة في قيام الليل "
البقرة والنساء وآل عمران " كما نقله عنه حذيفة رضي الله ، وقد رواه عنه مسلم (772)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ويجوز للإنسان أن يقرأ بعد الفاتحة سورتين ، أو ثلاثاً ، وله أن
يقتصر على سورة واحدة ، أو يقسم السورة إلى نصفين ، وكل ذلك جائز لعموم قوله تعالى
: ( فاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) المزمل/20 ،
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/السؤال رقم 500) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
وكان صلى الله عليه وسلم - أحياناً - يجمع في الركعة الواحدة بين
السورتين أو أكثر .
"صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (ص 103– 105) وذكر الشيخ رحمه الله
الأحاديث التي ورد فيها ذلك وخرّجها ، فلتنظر في الموضع المحال إليه .
ثانياً :
وأما قراءة سورة " الإخلاص " بعد كل قراءة في كل ركعة فقد ثبت
ذلك عن أحد الصحابة وأقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من أدلة أصل السؤال
وهو قراءة سورتين في كل ركعة .
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سريَّة وكان
يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي
صلى الله عليه وسلم ، فقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ، فسألوه فقال : لأنها صفة
الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخبروه أن الله
يحبه . رواه البخاري (6940) ومسلم (813) .
وهذا الحديث : يدل على جواز هذا الفعل ، وأما الاستحباب فلا
يستحب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ، ولم يداوم عليه ، وخير الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
*****
69916
هل معدات المطبعة فيها زكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/5715)
سؤال رقم 69916- هل معدات المطبعة فيها زكاة ؟
رجل صاحب مطبعة ، هل تجب الزكاة على المعدات والأجهزة التي في المطبعة وإنتاجها كذلك ، أم أن الزكاة على الإنتاج فقط ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 74987 )
أن آلات المصانع والمعدات والأجهزة التي يقصد بها الاستعمال لا التجارة لا زكاة
فيها ، وإنما الزكاة في الربح الناتج من هذه المصانع والآلات إذا بلغ نصابا وحال
عليه الحول .
وعلى هذا ؛ فهذه المعدات التي في المطبعة لا زكاة فيها .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن مثل هذا السؤال ، فأجاب :
" تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة
للبيع , أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها , وهكذا السيارات والفرش
والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة ؛ لما روى أبو داود رحمه الله بإسناد حسن
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي
نُعِدُّه لِلْبَيْعِ ) " اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/186-187) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل عنده مغسلة ملابس ، وقال له بعض
الناس : إن عليك أن تزكي على المعدات التي لديك فهل هذا صحيح ؟
فأجاب : " الزكاة تجب في عروض التجارة وهي ما أعده الإنسان
للتجارة تدخل عليه وتخرج منه ، كلما رأى مكسباً باعها ، وكلما لم يحصل مكسباً
أمسكها ، ومعدات المغاسل لا تعد من التجارة ، لأن صاحب المغسلة يريد أن تبقى عنده
فهي من جملة ما يقتنيه الإنسان في بيته من فرش وأواني ونحو ذلك، فليس فيها زكاة .
ومن قال له : إن فيها الزكاة فقد أخطأ " .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/207)
ثانياً :
تجب الزكاة في أرباح هذه المطبعة إذا بلغت نصاباً وحال عليها
الحول ، فيخرج عنها ربع العشر أي 2.5 بالمائة .
ثالثا :
هناك جزء من ممتلكات المطابع يعتبر عروض تجارة ، وهذه العروض
تشمل كل شيء اشترته المطبعة بهدف إعادة بيعه مرة أخرى ولو بعد إجراء بعض العمليات
التحويلية عليه .
مثل : الورق ، والأحبار ، وما يتم به تجليد الكتب ، والكتب
المملوكة للمطبعة والتي طبعتها لتبيعها . . . إلخ .
كل هذه الأشياء تعتبر عروض تجارة فتقوم في نهاية كل عام ثم تخرج
زكاتها 2.5 بالمائة .
انظر : "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/735) بحث للدكتور وهبة الزحيلي .
*****
69917
سقطت الأضحية فذبحها قبل موتها ، فهل تعد أضحية ؟
الفقه > عبادات > التذكية >
الفقه > عبادات > الأضحية >
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/5716)
سؤال رقم 69917- سقطت الأضحية فذبحها قبل موتها ، فهل تعد أضحية ؟
وقعت الأضحية من سطح من بيتنا فقام أهلنا بذبحها قبل أن تموت فهل يجوز ذلك ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الظاهر من السؤال أنكم ذبحتم " الذبيحة " قبل صلاة العيد ، فإن
كان الأمر كذلك فإنها لا تكون أضحية ، لأن شرط الأضحية أن تذبح في أيام الذبح ، وهي
يوم العيد وثلاثة أيام بعده .
عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال : شهدتُ الأضحى مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذُبحت فقال : ( مَن ذبح
قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها ، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله ) . رواه البخاري (942) ومسلم (1960) .
وعلى هذا ، لو كانت هذه الأضحية منذورة فيجب عليكم بدلها .
وأما إن كان ذبحكم لها في وقت الذبح ، وكنتم قد اشتريتموها بنية
الأضحية ، فإنها تجزئ وتكون أضحية ، ولو انكسرت بسبب سقوطها من السطح ، وانظر
السؤال ( 39191 ) .
ثانياً :
وأما صحة ذبحكم لها ، فإنه صحيح إذا أدركتموها قبل الموت .
وقد حرَّم الله عز وجل المنخنقة والموقوذة – وهي التي تموت بضربها
بخشبة أو حديدة - والمتردية – كحال ذبيحتكم – وما أكل السبُع ، وهذا في حال أن تموت
، فإذا أُدركت قبل موتها وذكِّيت الذكاة الشرعية : صارت حلالاً .
قال الله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا
مَا ذَكَّيْتُمْ ) المائدة/3 .
قال ابن كثير :
وقوله : ( إلا ما ذكيتم ) عائد على ما يمكن عوده عليه مما انعقد
سبب موته فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة ، وذلك إنما يعود على قوله : (
والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ) .
"تفسير ابن كثير" (2/11، 12) .
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه كانت لهم غنم ترعى بسلْع (جبل
بالمدينة) ، فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتاً فكسرت حجراً فذبحتْها به ، فقال
لهم : لا تأكلوا حتى أسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه سأل النبي صلى الله عليه
وسلم عن ذاك فأمره بأكلها . رواه البخاري (2181) .
والله أعلم .
*****
6992
هل يشارك في حفل زواج أخيه النصراني
العقيدة > الولاء والبراء >(1/5717)
سؤال رقم 6992- هل يشارك في حفل زواج أخيه النصراني
أسلمت ولله الحمد، لكن عائلتي لا تزال على النصرانية. وسيتزوج أخي قريبا، مما يترتب عليه الاحتفال بخدمات دينية في الكنيسة يتبعها مأدبة طعام. وقد أخبرت عائلتي أني لن أشارك في الاحتفال الديني. وأود أن أعرف إذا كان الإسلام يجيز لي ولزوجتي وطفلي حضور مأدبة الطعام حيث قد يقدم الخمر لبعض النصارى أثناء تناولهم الطعام.
إذا كان ذلك لا يجوز، فبماذا تنصحني إذن؟ أرجو أن تجيبني مع الدليل.
إن هذا الموضوع مهم جدا بالنسبة لي حيث أن والدي أبعدني عنه منذ 7 سنوات (بمحض إرادته) وأنا أحاول دعوتهم للإسلام.
وجزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
1. نحمد الله تعالى أن هداك للإسلام ونسأله تعالى أن يتم عليك النعمة بالثبات عليه ، وهداية أهلك ودخولهم في الإسلام .
2. وقد أحسنتَ بموقفك من عدم حضور الخدمات الدينية في الكنيسة ، إذ المشاركة في مثل هذه الأمور الدينية عند غير المسلمين أقل أحوالها أنها من الكبائر ، وقد تصل إلى الكفر .
3. وأما المشاركة في حفل زفاف أخيك والذي يكون فيه الخمر مع الطعام ، فإننا ننصحك أن تمتنع عن المشاركة كما فعلت أولا ، والمشاركة في مثل هذا الاحتفال من المحرمات وكبائر الذنوب ، وقد قال الله تعالى { فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فقلبه وذلك أضعف الإيمان " .
رواه مسلم ( 49 ) .
والمشاركة في مثل هذه الأمور لن تستطيع أن تغير المنكر بيدك ولا بلسانك - في الغالب - ، فلم يبق إلا التغيير بالقلب ، وهو يتنافى مع المشاركة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر " . رواه أحمد ( 14241 ) ، وقد صححه العلامة الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 6 ) .
وسبب التحريم - كما هو ظاهر - هو أن الجلوس يعني إقرار المنكر .
4. إن تقديم مثل هذه التنازلات من قبل الأخ السائل بالإضافة إلى أنه لا يجوز لها شرعاً : فإنه يضعف موقفه في محاولات دعوة أهلها إلى الإسلام ، وكلما كان الداعية صادقاً في نفسه ومع ربه كلما كان تأثيره أقوى في دعوة الآخرين ، وأما تمييع المسائل وتذبذب المواقف فإنه يفقد الثقة فيه من قِبَل الآخرين .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
6992
هل يشارك في حفل زواج أخيه النصراني
العقيدة > الولاء والبراء >(1/5718)
سؤال رقم 6992- هل يشارك في حفل زواج أخيه النصراني
أسلمت ولله الحمد، لكن عائلتي لا تزال على النصرانية. وسيتزوج أخي قريبا، مما يترتب عليه الاحتفال بخدمات دينية في الكنيسة يتبعها مأدبة طعام. وقد أخبرت عائلتي أني لن أشارك في الاحتفال الديني. وأود أن أعرف إذا كان الإسلام يجيز لي ولزوجتي وطفلي حضور مأدبة الطعام حيث قد يقدم الخمر لبعض النصارى أثناء تناولهم الطعام.
إذا كان ذلك لا يجوز، فبماذا تنصحني إذن؟ أرجو أن تجيبني مع الدليل.
إن هذا الموضوع مهم جدا بالنسبة لي حيث أن والدي أبعدني عنه منذ 7 سنوات (بمحض إرادته) وأنا أحاول دعوتهم للإسلام.
وجزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
1. نحمد الله تعالى أن هداك للإسلام ونسأله تعالى أن يتم عليك النعمة بالثبات عليه ، وهداية أهلك ودخولهم في الإسلام .
2. وقد أحسنتَ بموقفك من عدم حضور الخدمات الدينية في الكنيسة ، إذ المشاركة في مثل هذه الأمور الدينية عند غير المسلمين أقل أحوالها أنها من الكبائر ، وقد تصل إلى الكفر .
3. وأما المشاركة في حفل زفاف أخيك والذي يكون فيه الخمر مع الطعام ، فإننا ننصحك أن تمتنع عن المشاركة كما فعلت أولا ، والمشاركة في مثل هذا الاحتفال من المحرمات وكبائر الذنوب ، وقد قال الله تعالى { فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فقلبه وذلك أضعف الإيمان " .
رواه مسلم ( 49 ) .
والمشاركة في مثل هذه الأمور لن تستطيع أن تغير المنكر بيدك ولا بلسانك - في الغالب - ، فلم يبق إلا التغيير بالقلب ، وهو يتنافى مع المشاركة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر " . رواه أحمد ( 14241 ) ، وقد صححه العلامة الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 6 ) .
وسبب التحريم - كما هو ظاهر - هو أن الجلوس يعني إقرار المنكر .
4. إن تقديم مثل هذه التنازلات من قبل الأخ السائل بالإضافة إلى أنه لا يجوز لها شرعاً : فإنه يضعف موقفه في محاولات دعوة أهلها إلى الإسلام ، وكلما كان الداعية صادقاً في نفسه ومع ربه كلما كان تأثيره أقوى في دعوة الآخرين ، وأما تمييع المسائل وتذبذب المواقف فإنه يفقد الثقة فيه من قِبَل الآخرين .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
69931
معنى تعذيب الميت ببكاء أهله عليه
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/5719)
سؤال رقم 69931- معنى تعذيب الميت ببكاء أهله عليه
هل صحيح أن الميت يعذب بالبكاء عليه ؟ وما ذنب الميت حتى يعاقب على معصية فعلها غيره ؟.
الحمد لله
نعم ، قد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، وليس
هذا من عقوبة الميت بذنب غيره ، كما سيأتي .
وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم
قال هذه الأحاديث ، لظنها أنها تتعارض مع قوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرَى ) .
وهذه بعض الأحاديث الواردة في هذا ، مع بيان معناها الصحيح الذي
لا يتعارض مع هذه الآية ، وجواب العلماء على اعتراض أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها .
روى البخاري (1291) ومسلم (933) عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ ) زاد مسلم : (
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
وروى البخاري (1292) ومسلم (927) عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: ( الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ ) .
قال النووي : وَفِي رِوَايَة بِإِثْبَاتِ ( فِي قَبْره ) وَفِي
رِوَايَة بِحَذْفِهِ اهـ .
وروى البخاري (1288) ومسلم (929) عن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
قَالَ : تُوُفِّيَتْ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَكَّةَ ،
وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا ، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا ، فَإِذَا صَوْت مِنْ الدَّار ،
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِعَمْرِو بْنِ
عُثْمَانَ : أَلا تَنْهَى عَنْ الْبُكَاءِ ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ
أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : قَدْ كَانَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ ، ثُمَّ حَدَّثَ قَالَ :
....َلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ : وَا أَخَاهُ ! وَا
صَاحِبَاهُ ! فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا صُهَيْبُ ، أَتَبْكِي
عَلَيَّ ! وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَلَمَّا مَاتَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
، فَقَالَتْ : رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ
بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ
أَهْلِهِ عَلَيْهِ ) وَقَالَتْ : حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرَى )
قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا .
وقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَ : لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله
عنهما قَالَتْ : إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُوني عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ وَلا
مُكَذَّبَيْنِ ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ .
قال الحافظ :
قَوْله : ( مَا قَالَ اِبْن عُمَر شَيْئًا ) َقَالَ الزَّيْن بْن
الْمُنِير : سُكُوته لا يَدُلّ عَلَى الإِذْعَان فَلَعَلَّهُ كَرِهَ الْمُجَادَلَة
فِي ذَلِكَ الْمَقَام .
وروى مسلم (927) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أَنَّ حَفْصَةَ
بَكَتْ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ، فَقَالَ : مَهْلًا يَا بُنَيَّةُ !
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ؟) .
فهذه الأحاديث رواها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثلاثة من الصحابة وهم عمر وابن عمر والمغيرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ، وفيها تعذيب
الميت ببكاء أهله عليه .
مسائل : المسألة الأولى :
المراد بالبكاء في هذه الأحاديث .
اتفق العلماء على أنه ليس المراد من هذه الأحاديث مطلق البكاء ،
بل المراد بالبكاء هنا النياحة ورفع الصوت .
قال النووي :
" وَأَجْمَعُوا كُلّهمْ عَلَى اِخْتِلَاف مَذَاهِبهمْ عَلَى
أَنَّ الْمُرَاد بِالْبُكَاءِ هُنَا الْبُكَاء بِصَوْتٍ وَنِيَاحَة لَا مُجَرَّد
دَمْع الْعَيْن " انتهى .
المسألة الثانية :
أما رد عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها هذه الأحاديث ، فهو اجتهاد
منها رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ، حيث ظنت أن عمر وابنه رضي الله عنهما قد وهما وأخطآ ،
وأن هذه الأحاديث معارضة لقول الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى
) الأنعام/164 .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : " إِنْكَار عَائِشَة رضي الله عنها ذَلِكَ
وَحُكْمهَا عَلَى الرَّاوِي بِالتَّخْطِئَةِ أَوْ النِّسْيَان أَوْ عَلَى أَنَّهُ
سَمِعَ بَعْضًا وَلَمْ يَسْمَع بَعْضًا بَعِيد , لأَنَّ الرُّوَاة لِهَذَا
الْمَعْنَى مِنْ الصَّحَابَة كَثِيرُونَ وَهُمْ جَازِمُونَ فَلا وَجْه لِلنَّفْيِ
مَعَ إِمْكَان حَمْلِهِ عَلَى مَحْمَل صَحِيح " انتهى .
فإن قيل : كيف حلفت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها على أن الرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل هذا مع ثبوته عنه ؟
فالجواب : أنها حلفت بناء على غلبة ظنها أن عمر وابنه عبد الله
وهما رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، والحلف على غلبة الظن جائز . قاله النووي رحمه الله
بمعناه .
المسألة الثالثة :
الجمع بين هذه الأحاديث وبين ما استدلت به عائشة رَضِيَ اللَّهُ
عَنْها من قول الله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) . وبيان أنه
لا تعارض بينها .
اختلفت طريقة العلماء في توجيه الحديث وبيان عدم تعارضه مع الآية
، ولهم في ذلك طرق :
أَوَّلهَا : طَرِيقَة الْبُخَارِيّ
أنه يعذب بذلك إذا كان من سنته وطريقته وقد أقرّ عليه أهله في
حياته فيعذب لذلك ، وإن لم يكن من طريقته فإنه لا يعذب . فإنه قال :
" بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُعَذَّبُ الْمَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ النَّوْحُ
مِنْ سُنَّتِهِ (أي من طريقته وعادته) "
قال الحافظ :
" فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَنَّ الَّذِي يُعَذَّب بِبَعْضِ
بُكَاء أَهْله مَنْ كَانَ رَاضِيًا بِذَلِكَ بِأَنْ تَكُون تِلْكَ طَرِيقَته إِلَخْ
, وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّف ( فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّته ) أَيْ كَمَنْ
كَانَ لا شُعُور عِنْده بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , أَوْ أَدَّى
مَا عَلَيْهِ بِأَنْ نَهَاهُمْ فَهَذَا لا مُؤَاخَذَة عَلَيْهِ بِفِعْلِ غَيْره ,
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ اِبْن الْمُبَارَك : إِذَا كَانَ يَنْهَاهُمْ فِي حَيَاته
فَفَعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْد وَفَاته لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْء " انتهى .
ثَانِيهَا :
وقد نسبه النووي إلى الْجُمْهُور وصححه ، حملوا الحديث عَلَى
مَنْ وَصَّى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ وَيُنَاح بَعْد مَوْته فَنُفِّذَتْ وَصِيَّته
, فَهَذَا يُعَذَّب بِبُكَاءِ أَهْله عَلَيْهِ وَنَوْحهمْ ; لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ
وَمَنْسُوب إِلَيْهِ , فَأَمَّا مَنْ بَكَى عَلَيْهِ أَهْله وَنَاحُوا مِنْ غَيْر
وَصِيَّة مِنْهُ فَلَا يُعَذَّب لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : ( وَلا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
قَالُوا : وَكَانَ مِنْ عَادَة الْعَرَب الْوَصِيَّة بِذَلِكَ ،
وَمِنْهُ قَوْل طَرَفَةَ بْن الْعَبْد :
إِذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْله وَشُقِّي عَلَيَّ
الْجَيْب يَا اِبْنَة مَعْبَدِ
قَالُوا : فَخَرَجَ الْحَدِيث مُطْلَقًا حَمْلا عَلَى مَا كَانَ
مُعْتَادًا لَهُمْ .
ثَالِثهَا : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ أَوْصَى
بِالْبُكَاءِ وَالنَّوْح ، أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِمَا .
فَأَمَّا مَنْ وَصَّى بِتَرْكِهِمَا فَلَا يُعَذَّب بِهِمَا إِذْ
لا صُنْع لَهُ فِيهِمَا وَلَا تَفْرِيط مِنْهُ . وَحَاصِل هَذَا الْقَوْل إِيجَاب
الْوَصِيَّة بِتَرْكِهِمَا , وَمَنْ أَهْمَلَهُمَا عُذِّبَ بِهِمَا . وَهُوَ قَوْل
دَاوُد وَطَائِفَة .
رَابِعهَا : وَقَالَتْ طَائِفَة : مَعْنَى
الأَحَادِيث أَنَّهُمْ كَانُوا يَنُوحُونَ عَلَى الْمَيِّت وَيَنْدُبُونَهُ
بِتَعْدِيدِ شَمَائِله وَمَحَاسِنه فِي زَعْمهمْ , وَتِلْكَ الشَّمَائِل قَبَائِح
فِي الشَّرْع يُعَذَّب بِهَا .
فمَعْنَى قَوْله " يُعَذَّب بِبُكَاءِ أَهْله " أَيْ بِنَظِيرِ
مَا يَبْكِيه أَهْله بِهِ .
وَهَذَا اِخْتِيَار اِبْن حَزْم وَطَائِفَة ,
فكانوا يَنْدُبُونَ الميت بِرِيَاسَتِهِ الَّتِي ظلم فِيهَا ,
وَشَجَاعَته الَّتِي صَرَفَهَا فِي غَيْر طَاعَة اللَّه , وَجُوده الَّذِي لَمْ
يَضَعهُ فِي الْحَقّ , فَأَهْله يَبْكُونَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمَفَاخِر وَهُوَ
يُعَذَّب بِذَلِكَ .
خَامِسهَا : مَعْنَى التَّعْذِيب تَوْبِيخ
الْمَلائِكَة لَهُ بِمَا يَنْدُبهُ أَهْله بِهِ كَمَا رَوَى ابن ماجه (1594) عن
أَسِيدُ بْنُ أَبِي أَسِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْمَيِّتُ
يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ ، إِذَا قَالُوا : وَا عَضُدَاهُ ، وَا كَاسِيَاهُ ،
وَا نَاصِرَاهُ ، وَا جَبَلَاهُ ، وَنَحْوَ هَذَا ، يُتَعْتَعُ –أي يقلق ويزعج ويجر
بشدة- وَيُقَالُ : أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ أَنْتَ كَذَلِكَ ؟ )
قَالَ أَسِيدٌ : فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! إِنَّ اللَّهَ
يَقُولُ : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
قَالَ : وَيْحَكَ ! أُحَدِّثُكَ أَنَّ أَبَا مُوسَى حَدَّثَنِي
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَرَى أَنَّ أَبَا
مُوسَى كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! أَوْ تَرَى
أَنِّي كَذَبْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى ؟! حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (1003) بِلَفْظِ : ( مَا مِنْ مَيِّتٍ
يَمُوتُ فَيَقُومُ بَاكِيهِ فَيَقُولُ : وَا جَبَلاهْ وَا سَيِّدَاهْ أَوْ نَحْوَ
ذَلِكَ إِلا وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزَانِهِ -أَيْ : يَضْرِبَانِهِ
وَيَدْفَعَانِهِ- أَهَكَذَا كُنْتَ ؟ ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ويشهد له ما رواه البخاري (4268) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ ،
فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي : وَا جَبَلاهْ وَا كَذَا وَا كَذَا(1/5720)
تُعَدِّدُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ : مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلا قِيلَ لِي :
آنْتَ كَذَلِكَ ؟ فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ .
سَادِسهَا : مَعْنَى التَّعْذِيب تَأَلُّم
الْمَيِّت بِمَا يَقَع مِنْ أَهْله مِنْ النِّيَاحَة وَغَيْرهَا , وَهَذَا
اِخْتِيَار أَبِي جَعْفَر الطَّبَرِيّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ , وَرَجَّحَهُ القاضي
عِيَاض ، وَنَصَرَهُ شيخ الإسلام اِبْن تَيْمِيَة وَجَمَاعَة مِنْ
الْمُتَأَخِّرِينَ .
وَاسْتَشْهَدُوا لَهُ بِحَدِيثِ قَيْلَة بِنْت مَخْرَمَة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهاها عن البكاء على ابنها وقال : (
أَيُغْْلَبُ أَحَدكُمْ أَنْ يُصَاحِب صُوَيْحِبه فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ,
وَإِذَا مَاتَ اِسْتَرْجَعَ , فَوَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ
أَحَدكُمْ لَيَبْكِي فَيَسْتَعْبِر إِلَيْهِ صُوَيْحِبه , فَيَا عِبَاد اللَّه , لا
تَعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ ) قال الحافظ : إسناده حسن . وقال الهيثمي : رجاله ثقات .
وهذا القول الأخير هو أولى الأقوال التي قيلت في معنى الحديث .
وقد سئل شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (34/364) : هَلْ
يَتَأَذَّى الْمَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ؟
فَأَجَابَ :
هَذِهِ مَسْأَلَةٌ فِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
وَالْعُلَمَاءِ .
وَالصَّوَابُ : أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ كَمَا
نَطَقَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . .
. ثم ذكر بعض هذه الأحاديث . ثم قال :
وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ،
وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَعْذِيبِ الإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ
فَهُوَ مُخَالِفٌ لقوله تعالى : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ثُمَّ
تَنَوَّعَتْ طُرُقُهُمْ فِي تِلْكَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ . فَمِنْهُمْ مَنْ
غَلَّطَ الرُّوَاةَ لَهَا كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ , وَهَذِهِ
طَرِيقَةُ عَائِشَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا .
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِهِ
فَيُعَذَّبُ عَلَى إيصَائِهِ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ , كالمزني وَغَيْرِهِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ
عَادَتُهُمْ ، فَيُعَذَّبُ عَلَى تَرْكِ النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ , وَهُوَ
اخْتِيَارُ طَائِفَةٍ , مِنْهُمْ جَدِّي أَبُو الْبَرَكَاتِ .
وَكُلُّ هَذِهِ الأَقْوَالِ ضَعِيفَةٌ جِدًّا ,
وَالأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ الَّتِي يَرْوِيهَا مِثْلُ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ
لا تُرَدُّ بِمِثْلِ هَذَا .
وَاَلَّذِينَ أَقَرُّوا هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُقْتَضَاهُ
ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ عُقُوبَةِ الإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ
وَأَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ , وَاعْتَقَدَ
هَؤُلاءِ أَنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُ الإِنْسَانَ بِذَنْبِ غَيْرِهِ . . . .
واللَّه تعالى لا يُعَذِّبُ أَحَدًا فِي الآخِرَةِ إلا
بِذَنْبِهِ ، ( ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
وَأَمَّا تَعْذِيبُ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ،
فَهُوَ لَمْ يَقُلْ : إنَّ الْمَيِّتَ يُعَاقَبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ,
بَلْ قَالَ : ( يُعَذَّبُ ) وَالْعَذَابُ أَعَمُّ مِنْ الْعِقَابِ ، فَإِنَّ
الْعَذَابَ هُوَ الأَلَمُ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ تَأَلَّمَ بِسَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ
عِقَابًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ , يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ
وَشَرَابَهُ ) فَسَمَّى السَّفَرَ عَذَابًا ، وَلَيْسَ هُوَ عِقَابًا عَلَى ذَنْبٍ
, وَالإِنْسَانُ يُعَذَّبُ بِالأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي يَشْعُرُ بِهَا
مِثْلَ الأَصْوَاتِ الْهَائِلَةِ وَالأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ وَالصُّوَرِ
الْقَبِيحَةِ فَهُوَ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ هَذَا وَشَمِّ هَذَا وَرُؤْيَةِ هَذَا
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَمَلا لَهُ عُوقِبَ عَلَيْهِ , فَكَيْفَ يُنْكَرُ أَنْ
يُعَذَّبَ الْمَيِّتُ بِالنِّيَاحَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النِّيَاحَةُ عَمَلا لَهُ
يُعَاقَبُ عَلَيْهِ ؟
ولا نحكم على كل من ناح عليه أهله أنه يعذب بذلك :
ثم قال شيخ الإسلام :
ثُمَّ النِّيَاحَةُ سَبَبُ الْعَذَابِ , وَقَدْ يَنْدَفِعُ
حُكْمُ السَّبَبِ بِمَا يُعَارِضُهُ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَيِّتِ مِنْ قُوَّةِ
الْكَرَامَةِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْعَذَابِ
وهذا العذاب الذي يحصل للمؤمن ببكاء أهله عليه ، من جملة
الشدائد والأذى التي يكفر الله بها عن المؤمن من ذنوبه .
وأما الكافر فإنه يزداد بذلك عذابه ، فيجمع له بين ألم العقاب
، والتألم الحاصل له ببكاء أهله عليه .
ثم قال شيخ الإسلام :
وَمَا يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا وَالْبَرْزَخِ
وَالْقِيَامَةِ مِنْ الأَلَمِ الَّتِي هِيَ عَذَابٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَفِّرُ
اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلا نَصَبٍ وَلا
هَمٍّ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى حَتَّى الشَّوْكَةَ يَشَاكُهَا إلا كَفَّرَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما معنى قول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) ؟
فأجاب :
" معناه أن الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يعلم بذلك ويتألم ،
وليس المعنى أن الله يعاقبه بذلك لأن الله تعالى يقول : ( وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرَى ) والعذاب لا يلزم أن يكون عقوبة ألم تر إلى قول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إن السفر قطعة من العذاب ) والسفر ليس بعقوبة ، لكن يتأذى به الإنسان
ويتعب ، وهكذا الميت إذا بكى أهله عليه فإنه يتألم ويتعب من ذلك ، وإن كان هذا ليس
بعقوبة من الله عز وجل له ، وهذا التفسير للحديث تفسير واضح صريح ، ولا يرد عليه
إشكال ، ولا يحتاج أن يقال : هذا فيمن أوصى بالنياحة ، أو فيمن كان عادة أهله
النياحة ولم ينههم عند موته ، بل نقول : إن الإنسان يعذب بالشيء ولا يتضرر به " انتهى . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/408) .
وانظر : "فتح الباري" (3/180- 185) .
*****
69933
هل للجن دور في إجهاض الجنين وتشويهه
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/5721)
سؤال رقم 69933- هل للجن دور في إجهاض الجنين وتشويهه
هل يستطيع الجن أن يؤثر على الجنين في بطن أمه من حيث إجهاضه أو تشويهه ؟ .
الحمد لله
يجب أن تعلمي أن الله تعالى هو الذي يخلق الجنين في بطن أمه ،
قال تعالى : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ
فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا
هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ) الزمر/6 ، وهو الذي يصوره كيف
يشاء ، قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ
يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) آل عمران/6 ، وهو الذي يقدر زمن بقائه فيه وخروجه منه ، قال تعالى : ( اللَّهُ
يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ
وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) الرعد/8 .
قال الشيخ الشنقيطي – بعد ذِكر الأقوال في تفسير الآية - :
" مرجع هذه الأقوال كلها إلى شيء واحد ، وهو أنه تعالى عالم بما
تنقصه الأرحام وما تزيده ؛ لأن معنى " تغيض " : تنقص ، و " تزداد " أي : تأخذه
زائداً ، فيشمل النقص المذكور : نقص العدد ، ونقص العضو من الجنين ، ونقص جسمه إذا
حاضت عليه فتقلص ، ونقص مدة الحمل بأن تسقطه قبل أمد حمله المعتاد ، كما أن الازياد
يشمل زيادة العضو ، وزيادة العدد ، وزيادة جسم الجنين إن لم تحض وهي حامل ، وزيادة
أمد الحمل عن القدر المعتاد ، والله جل وعلا يعلم ذلك كله ، والآية تشمله كله " انتهى .
" أضواء البيان " ( 3 / 73 ) .
وبه تعلمي أن وجود ما يسمى " التابع " أو " التبيعة " في بطن
الأم وأنه يسبب إجهاض أو تشويه الجنين أمرٌ لا صحة له ، وهو من خرافات العامة
وأساطيرهم .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
كنت قد تزوجت في الثامن من ذي الحجة 1403هـ والتي تزوجتها ابنة
خالتي ، وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك 1405هـ رزقني الله بمولود سميته : " موسى
" وفي شهر شعبان 1406هـ أسقطت زوجتي جنينا بعد شهره الثالث .
وفي ربيع الأول 1407هـ توفَّى الله ولدي " موسى " ، وكما قلت لكم
: إن زوجتي ابنة خالتي ، وبعد وفاة ابني موسى جاءتني خالتي - والتي هي أم زوجتي -
وقالت لي : إنها ذهبت إلى رجل عالم بالكتاب ، وقالت : إن هذا الرجل قال لها : إن مع
زوجتي تابعة - أو تبيعة - من الجن تقتل أولادها حسداً وحقداً من عندها ، وأن هذا
الرجل يمكنه أن يقطع دابر تلك التبيعة أو التابعة من الجن .
فرفضت ذلك ، وفي ثالث يوم من شهر شعبان الماضي 1407هـ رزقني الله
بطفلة سميتها " مستورة " ولكن توفاها الله ثاني يوم ولادتها ، فجاءتني خالتي وقالت
لي : أما قلت لك : تذهب إلى ذلك الرجل وتنتهي من ذلك الموضوع ، وأصرت أن نذهب إليه
وكذلك أصر معها والدي على أن نذهب إلى ذلك الرجل الذي يقوم بإنهاء تلك التابعة أو
التبيعة ، فطلبت منهم مهلة عسى الله سبحانه وتعالى أن يلهمني ، والحمد لله الذي
هداني إلى أن أقوم بكتابة هذه الرسالة إليكم راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم
في إفتائنا في هذا الموضوع ، علما بأن هذا الموضوع يسبب لي أرقاً دائماً .
فأجابوا :
" لقد أحسنتَ بامتناعك من الذهاب مع خالتك - أم زوجتك - إلى
الرجل الذي يدعي علم الكتاب ؛ لأنه كاهن ، وأحسنت أيضا بسؤالك أهل العلم للتحقق من
الصواب ، وعليك أن ترقي نفسك وزوجتك ومن ترزق من الأولاد بالرقية الشرعية ، فتقرأ
على كل منهم فاتحة الكتاب والمعوذات الثلاث : " قل هو الله أحد " ، وسورة " الفلق "
، وسورة " الناس " تكرر المعوذات ( ثلاث مرات ) وتنفث عقب كل مرة في كفيك وتمسح
بهما الوجه وما أقبل من البدن ، وتدعو بهذا الدعاء : " أعيذك بكلمات الله التامة من
كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة " ، وننصحك بشراء كتاب " الأذكار النووية "
للإمام النووي ، وكتاب " الكلم الطيب " لابن تيمية ، وكتاب " الوابل الصيب " لابن
القيم ، فإن فيها كثيراً من الأذكار النافعة والرقى الشرعية " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 619 ، 620 ) .
وسئلوا أيضاً :
بعض الناس الذين لم يأت لهم أولاد يرشدهم بعض الناس إلى شراء تيس
مثلا ، ويقول : لون التيس كذا ، كأن يقول : أسود – مثلاً - ، ويقول : اربطه في
البيت عندك لمدة كذا ، ويقولون : السبب في عدم وجود أولاد هي جنية يسمونها بـ :
التابعة ، فيزعمون أنه عند حالة وجود التيس في البيت يمنعها من دخول البيت وعند ذلك
يحصل الحمل ، فما حكم هذا ؟
فأجابوا :
" لا يجوز ذلك وهو نوع من الكهانة ، ولا أساس لصحة ما ذكر ، بل
هو كذب وافتراء " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 584 ) .
والله أعلم .
*****
69934
المرور على الميقات من غير إحرام وهو يريد العمرة أو الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/5722)
سؤال رقم 69934- المرور على الميقات من غير إحرام وهو يريد العمرة أو الحج
انتدبت للعمل كطبيب خلال موسم الحج ولا أستطيع عمل عمرة عند دخولي مكة ولا أستطيع ارتداء ملابس الإحرام ، فماذا عليَّ أن أفعله إذا تبقى لديَّ يومان بعد انتهائي من عملي لكي أقوم بأداء عمرة قبل عودتي إلى مدينتي ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا لم تكن جازماً بعمل العمرة في ذلك السفر ، فإنه لا يلزمك
الإحرام من الميقات ، فإذا عزمت عليها وأنت في مكة فإنك تخرج إلى خارج الحرم
(التنعيم أو غيره) لتحرم بالعمرة .
أما إذا كنت جازماً بفعل العمرة في ذلك السفر فكان الواجب عليك
أن تحرم من الميقات ، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : وقَّت رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن
المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، فهنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهن لمن كان
يريد الحج والعمرة ، فمن كان دونهن فمهلُّه من أهله ، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها
. رواه البخاري (1454) ومسلم (1181) .
فمن مرَّ على ميقات من هذه المواقيت مريداً الحج أو العمرة فإنه
يجب عليه أن يُحرم منه ، فإن كان يسكن دون هذه المواقيت فإنه يُحرم من مكانه ، فإن
كان في مكة فإنه يُحرم للحج من مكانه ، ويحرم للعمرة من أي مكان من الحل كالتنعيم
أو عرفة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها لما أرادت العمرة بعد حجها ، أمر النبي صلى
الله عليه وسلم أخاها أن يخرج بها إلى الحل لتحرم بالعمرة من هناك . متفق
عليه .
وانظر السؤال ( 32845 ) .
ثانياً :
إن مرَّ مريد الحج والعمرة على الميقات دون أن ينوي الإحرام منه
: فإنه يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ عليه ليحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من
مكانه فإنه يلزمه – على قول جمهور العلماء – ذبح شاة في مكة وتوزيعها على مساكين
الحرم .
سئل علماء اللجنة الدائمة عمن سافر من أجل العمل في موسم الحج ،
ويقيمون خارج مكة ، ولم يحرموا من الميقات ، فمن أين يحرمون ؟
فأجابت :
" بالنسبة للإحرام للعمرة أو الحج مادام أنكم ذهبتم للعمل
وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات ؛ لأنه
دخل بنية العمل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عند ذكر المواقيت : ( ومن كان دون ذلك
فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) إلا من كان منكم عازماً على الحج أو
العمرة حين مروره على الميقات فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم لما وقَّت المواقيت : ( هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير
أهلهنَّ ممن أراد الحج والعمرة ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/140، 141) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين : إما أن يكون
مريداً للحج والعمرة : فحينئذٍ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما أراد من النسك –
الحج أو العمرة - فإن لم يفعل فقد ترك واجباً من واجبات النسك ، وعليه عند أهل
العلم فدية : دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج والعمرة : فإنه لا شيء عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/السؤال رقم 341) .
والله أعلم .
*****
69937
حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المحرم في سفر المرأة >(1/5723)
سؤال رقم 69937- حكم خروجها من البيت دون إذن زوجها وسفرها دون محرم ؟
أريد أن أسأل إلى أي درجة تصل واجبات الزوج تجاه أهل زوجته ؟ سؤالي هذا لأنني عانيت مشكلة كبيرة مع زوجي نظراً إلى تعامله السيئ جدّاً مع أمي عندما قامت بزيارتنا ( نتيجة لمشاجرة حدثت بين حماتي وأمي ) وانتهت بأن زوجي طرد أمي أو ما شابه ، وأنا نتيجة إلى هذا اضطررت أن أغادر مع أمي البيت ضد رغبة زوجي في البقاء معه ( علما بأنني كنت أقطن في بلد آخر وسافرت مع أمي إلى بلادنا ) ومعاملة زوجي لي جيدة غير أنى غضبت من معاملته لها بهذا الشكل ، مع أنه تأسف لها في اليوم التالي , لكنها لم تسامحه ، فهل تصرفي كان صحيحاً ، أم أنني لم أطع زوجي كما وصى الله سبحانه وتعالى ؟.
الحمد لله
أولاً :
ينبغي للزوج أن يصل أهل زوجته ، ويحسن إليهم ، فإن هذا من حسن
معاشرة زوجته ، وفعله هذا يُدخل السرور إلى قلبها ، ويجعله محل احترامها وتقديرها ،
ويزيد في المحبة والمودة بينهما .
قال الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 .
قال ابن كثير :
" أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب
قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها ، فافعل أنت بها مثله كما قال تعالى : ( وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) صححه الألباني في "السلسلة
الصحيحة" (285) " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (1/477) .
ثانياً :
وأما طرد زوجكِ لأمكِ من بيته فقد اعتذر عن ذلك ، وينبغي لمن
اعتذر له أخوه أن يقبل اعتذاره ويتجاوز عن زلته .
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعة زوجها مقدمة على طاعة والديها ،
فالرجل لا يقدِّم أحداً على أمه في البرِّ ، والزوجة لا ينبغي لها أن تقدِّم أحداً
على زوجها في الطاعة ؛ وذلك لعِظَم حقه عليها ، ومن عظم حق الرجل على المرأة أن
الشرع كاد يأمرها بالسجود له لولا أنه لا يجوز لأحد أن يسجد لأحد من البشر .
ولا يحق للزوج منع أهل زوجته من زيارة ابنتهم ، إلا إن كان يخشى
منهم إفساداً لها أو تحريضاً على النشوز ، فله – حينئذٍ – منعهم .
ثالثاً :
وأنتِ قد أخطأتِ مرتين ووقعتِ في مخالفة الشرع فيهما ، أما
الأولى فهي خروجكِ من البيت من غير إذن زوجك ، والثانية هي سفركِ من غير محرَم .
أما الخروج من البيت دون إذن الزوج فهو من المحرمات ، بل إن الله
تعالى منع المرأة المطلقة رجعيّاً أن تخرج من بيتها فكيف إن لم تكن كذلك ؟! قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا
تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ
مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ
ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وقال زيد بن ثابت : الزوج سيد في كتاب الله , وقرأ قوله تعالى
: ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ) يوسف/25 ، وقال
عمر بن الخطاب : النكاح رق , فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته ، وفي الترمذي وغيره
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ،
فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ – أي : أسيرات- ) ، فالمرأة عند زوجها تشبه
الرقيق والأسير , فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو
غير أبويها باتفاق الأئمة " انتهى .
"الفتاوى الكبرى" (3/148) .
قال ابن مفلح الحنبلي :
" ويحرم خروج المرأة من بيت زوجها بلا إذنه إلا لضرورة ، أو واجب
شرعي " انتهى .
"الآداب الشرعيَّة" (3/375) .
وأما سفر المرأة من غير محرم ، فهو حرام ، وقد جاءت بذلك
الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي :
" فالحاصل أن كل ما يسمى سفراً تُنهى عنه المرأة بغير زوج أو
محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوماً أو بريداً أو غير ذلك لحديث ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ) وهذا يتناول
جميع ما يسمى سفراً ، والله أعلم " انتهى بتصرف من "شرح مسلم" (9/103) .
والبريد : مسافة تقدر بنحو عشرين كيلو متر تقريباً .
ونرجو النظر في جواب السؤال ( 10680 ) ففيه بيان حقوق الزوج وحقوق
الزوجة .
والله أعلم .
*****
69940
هل يزكي عن سنوات سابقة ؟ وكيف يحسبها ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5724)
سؤال رقم 69940- هل يزكي عن سنوات سابقة ؟ وكيف يحسبها ؟
عند والدتي مبلغ من المال في أحد البنوك الإسلامية ومرَّ عليه أكثر من عام ، ولا أعلم كم عاماً ، ونريد أن نخرج زكاة هذا المال علما بأن هذا المال كان يزيد وينقص .
الحمد لله
الزكاة من أركان الإسلام ، وتجب الزكاة في المال إذا بلغ نصاباً
وحال عليه الحول ، ونصاب النقود ما يعادل قيمة 85 جم من الذهب ، أو 597 جم من الفضة
.
وانظر جواب السؤال ( 2795 )
.
ولا يجوز التأخير في أدائها لمستحقيها ، فمن فعل هذا فعليه
التوبة والاستغفار من تأخيره ، وعليه أداؤها عن كل عام مضى ، وذلك بأن يقدِّر ماله
كل عام ويخرج زكاته بمقدار ربع العشر .
وإذا نقص المال في إحدى السنوات عن النصاب فلا زكاة فيه عن تلك
السنة ، حتى يبلغ النصاب مرة أخرى ، فيبدأ في حساب الحول من حين بلوغه النصاب .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
شخص لم يخرج زكاة أربع سنين ، ماذا يلزمه ؟
فأجاب :
" هذا الشخص آثم في تأخير الزكاة ؛ لأن الواجب على المرء أن يؤدي
الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها ؛ لأن الواجبات الأصل وجوب القيام بها فوراً ، وعلى
هذا الشخص أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية ، وعليه أن يبادر إلى إخراج
الزكاة عن كل ما مضى من السنوات ، ولا يسقط شيء من تلك الزكاة ، بل عليه أن يتوب
ويبادر بالإخراج حتى لا يزداد إثماً بالتأخير " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/السؤال رقم 211) .
وقال الشيخ أيضاً :
" الزكاة عبادة لله عز وجل ، وحق لأهل الزكاة ، فإذا منعها
الإنسان كان منتهكاً لحقين : حق الله تعالى ، وحق أهل الزكاة ، فإذا تاب بعد خمس
سنوات - كما جاء في السؤال - سقط عنه حق الله عز وجل ؛ لأن الله تعالى قال : (
وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ
السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) ويبقى الحق الثاني وهو حق المستحقين
للزكاة من الفقراء وغيرهم ، فيجب عليه تسليم الزكاة لهؤلاء ، وربما ينال ثواب
الزكاة مع صحة توبته ؛ لأن فضل الله واسع .
أما تقدير الزكاة فليتحر ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع ،
ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فعشرة آلاف - مثلاً - زكاتها في السنة مائتان
وخمسون ، فإذا كان مقدار الزكاة مائتين وخمسين ، فليخرج مائتين وخمسين عن السنوات
الماضية عن كل سنة ، إلا إذا كان في بعض السنوات قد زاد عن العشرة فليخرج مقدار هذه
الزيادة ، وإن نقص في بعض السنوات سقطت عنه زكاة النقص " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/السؤال رقم 214) .
والله أعلم .
*****
69941
الفرق بين الأسهم والسندات
الفقه > عبادات > الزكاة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/5725)
سؤال رقم 69941- الفرق بين الأسهم والسندات
نعلم أن الأسهم تجب فيها الزكاة ، فهل السندات أيضاً عليها زكاة ؟ وكيف تحسب زكاتها ؟.
الحمد لله
أولاً :
أما زكاة الأسهم فقد سبق في السؤال ( 69912 )
تفصيل القول في زكاتها ، وأن من الأسهم ما تجب فيه الزكاة ، ومنها ما لا تجب فيه
الزكاة .
وأما السندات فهي غير الأسهم .
فالسند هو تعهد مكتوب بمبلغ من الدَّين ( قرض ) لحامله في تاريخ
معين نظير فائدة مقدرة .
أما السهم فهو نصيب الشريك في رأس مال شركة مساهمة .
ومن هذين التعريفين يتبين الفرق بين الأسهم والسندات .
الفرق بين السهم والسند :
1- السهم يمثل حصة في الشركة بمعنى أن صاحبه شريك , أما السند
فهو يمثل دَيْناً على الشركة , بمعنى أن صاحبه مقرض أو دائن .
وبناءاً على هذا , لا يحصل صاحب السهم على الأرباح إلا حين تحقق
الشركة أرباحاً فقط , أما صاحب السند فيتلقى فائدة ثابتة سنوياً سواء ربحت الشركة
أم لا .
وبناءاً على هذا أيضاً : إذا خسرت الشركة فإن صاحب السهم يتحمل
جزءاً من هذه الخسارة حسب الأسهم التي شارك بها , لأنه شريك ومالك لجزء من الشركة ,
فلابد من تحمله جزءاً من الخسارة , أما صاحب السند فلا يتحمل شيئاً من خسارة الشركة
لأنه ليس شريكاً فيها , وإنما هو مقرض فقط ، مقابل فائدة متفق عليه سواء ربحت
الشركة أم خسرت .
حكم التعامل بالسندات :
التعامل بالسندات محرم شرعاًَ , لأنها قرض مقابل فائدة متفق
عليها ، وهذا هو الربا الذي حرمه الله تعالى وتوعد عليه بقوله : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ
كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا
تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279 .
وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل الربا ومؤكله وكاتبه
وشاهديه وقال : هم سواء . رواه مسلم (2995) .
وجاء في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت عام 1403 هـ
/1983 م : " أن ما يسمى بالفائدة في اصطلاح الاقتصاديين الغربيين ومن تابعهم هو عين
الربا المحرم شرعاً " انتهى .
"مجلة المجمع الفقهي" ( 4/1/732 ) .
وانظر جواب السؤال ( 2143 )
.
زكاة السندات :
بالرغم من تحريم التعامل بالسندات فإن الزكاة واجبة فيها لأنها
تمثل دَيْناً لصاحبها , والدَّيْن الذي يُرجى تحصيله تجب فيه الزكاة عند جمهور
العلماء , فيحسب زكاته كل عام ، ولكن لا يلزمه إخراجها إلا إذا قبض قيمة السند ,
أما الفائدة التي يأخذها مقابل السند فهي مال خبيث محرم ، يجب عليه التخلص منه في
أوجه البر المتنوعة .
والقدر الواجب إخراجه من الزكاة هو 2.5 بالمائة .
*****
69944
معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/5726)
سؤال رقم 69944- معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ما معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟.
الحمد لله
أولاً :
أما " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " فمعناها - عند
جمهور العلماء - : من الله تعالى : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن
الآدميين : الدعاء ، وذهب آخرون – ومنهم أبو العالية من المتقدمين ، وابن القيم من
المتأخرين ، وابن عثيمين من المعاصرين – إلى أن معنى " الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم " هو الثناء عليه في الملأ الأعلى ، ويكون دعاء الملائكة ودعاء المسلمين
بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بأن يثني الله تعالى عليه في الملأ الأعلى ، وقد
ألَّف ابن القيم – رحمه الله – كتاباً في هذه المسألة ، سمّاه " جلاء الأفهام في
فضل الصلاة والسلام على خير الأنام " وقد توسع في بيان معنى الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم ، وأحكامها ، وفوائدها ، فلينظره من أراد التوسع .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" قوله : " صلِّ على محمد " قيل : إنَّ الصَّلاةَ مِن الله :
الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدميين : الدُّعاء .
فإذا قيل : صَلَّتْ عليه الملائكة ، يعني : استغفرت له .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الخطيبُ ، يعني : دعا له بالصلاة .
وإذا قيل : صَلَّى عليه الله ، يعني : رحمه .
وهذا مشهورٌ بين أهل العلم ، لكن الصحيح خِلاف ذلك ، أن
الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة ، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدُّعاء بالرحمة لكلِّ
مؤمن ، واختلفوا : هل يُصلَّى على غير الأنبياء ؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة
لم يكن بينهما فَرْقٌ ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه .
وأيضاً : فقد قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ
مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة157 ، فعطف "
الرحمة " على " الصلوات " والعطفُ يقتضي المغايرة فتبيَّن بدلالة الآية الكريمة ،
واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في موضع والرحمة في موضع : أن الصَّلاة ليست هي
الرحمة .
وأحسن ما قيل فيها : ما ذكره أبو العالية رحمه الله أنَّ صلاةَ
الله على نبيِّه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
فمعنى " اللَّهمَّ صَلِّ عليه " أي : أثنِ عليه في الملأ الأعلى
، أي : عند الملائكة المقرَّبين .
فإذا قال قائل : هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ ؛ لأن الصَّلاة في
اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء : فالجواب على هذا : أن الصلاة أيضاً من الصِّلَة ،
ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم
الصِّلات ؛ لأن الثناء قد يكون أحياناً عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال ، فالذِّكرى
الحسنة صِلَة عظيمة .
وعلى هذا فالقول الرَّاجح : أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني : الثناء
عليه في الملأ الأعلى " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 163 ، 164 ) .
ثانياً :
وأما معنى " السلام عليه صلى الله عليه وسلم " : فهو الدعاء
بسلامة بدنه – في حال حياته - ، وسلامة دينه صلى الله عليه وسلم ، وسلامة بدنه في
قبره ، وسلامته يوم القيامة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " السلام عليك " : " السَّلام " قيل : إنَّ المراد
بالسَّلامِ : اسمُ الله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ هو
السَّلامُ " كما قال الله تعالى في كتابه : ( الملك القدوس السلام ) الحشر/23 ، وبناءً على هذا القول يكون المعنى : أنَّ الله على
الرسول صلى الله عليه وسلم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك ، فكأننا نقول :
اللَّهُ عليك ، أي : رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك ، وما أشبه ذلك .
وقيل : السلام : اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم ، كما قال
تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب/56 فمعنى التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم : أننا ندعو له
بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة .
إذا قال قائل : قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ
والسَّلامُ واضحاً ، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ وقد مات صلى الله عليه
وسلم ؟
فالجواب : ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصوراً في حال الحياة ،
فهناك أهوال يوم القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على
الصِّراط : " اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات
بمجرد موته .
إذاً ؛ ندعو للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّلامةِ من هول
الموقف .
ونقول - أيضاً - : قد يكون بمعنى أعم ، أي : أنَّ السَّلامَ عليه
يشمَلُ السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين ؛
كما قال العلماءُ في قوله تعالى : ( فردوه إلى الله والرسول ) النساء/59 ، قالوا : إليه في حياته ، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته .
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني : هل أنت
تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟
الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ
بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ
النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
الجواب : لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة
لا يصحُّ فيها شيء من كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ
حتى يَسمعَ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك عند
ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط المستقيم " :
لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك
تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ،
ويقولون : السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ،
ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 3 / 149 ، 150 ) .
والله أعلم .
*****
69948
الترغيب في الصدقة الجارية
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/5727)
سؤال رقم 69948- الترغيب في الصدقة الجارية
أريد كلمة فيها بيان ما المراد بالصدقة الجارية والترغيب فيها .
الحمد لله
فإن الله خلق الإنسان لعبادته ، قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56
وشرع له من العبادات ما ينال به الثواب والأجر الجزيل في الدنيا
والآخرة .
ولم تقتصر هذه الأعمال والعبادات على الحياة الدنيا فقط ، بل شرع
له من الأسباب ما تزداد به حسناته بعد مماته ، وهي الصدقات الجارية ، كما قال
الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلا
مِنْ ثَلاثٍ : صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ ، وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ ، وَوَلَدٌ صَالِحٌ
يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (3084) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم :
"قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت
يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ , وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الْثوَاب لَهُ, إِلا فِي هَذِهِ
الأَشْيَاء الثَّلاثَة ; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه
, وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف , وَكَذَلِكَ
الصَّدَقَة الْجَارِيَة , وَهِيَ الْوَقْف " انتهى .
وروى ابن ماجه (224) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِمَّا
يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا
عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ،
أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا
أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ،
يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ) حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد وفاة الإنسان ، ولذلك
خصها كثير من العلماء بـ (الوقف) كمن بنى مسجداً ، لأنه يجري عليه ثوابه ما دام
الوقف باقياً .
وأما ما لا يستمر ثوابه – كإطعام الفقراء والمساكين - فإنه لا
يصح أن يسمى صدقة جارية ، وإن كان فيه ثواب عظيم ، إلا أنه لا يسمى صدقة جارية .
قال ابن حزم في المحلى (8/151) : " الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ ,
الْبَاقِي أَجْرُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (4/13) : الصدقة
الجارية : كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته .
والذي يتصدق به الإنسان من ماله ، هو ماله الحقيقي الباقي له ،
الذي ينتفع به .
فقد روى الترمذي (2470) أنهم ذبحوا شاة على عهد النبي صلى الله
عليه وسلم وتصدقوا بها إلا كتفها، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ قَالَتْ عائشة : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلا
كَتِفُهَا. قَالَ : بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا . صححه الألباني في
صحيح الترمذي .
والمعنى : أن ما يأكله الإنسان هو الذي سيفنى ولا يبقى له ، وأما
ما تصدق به فهو الباقي له عند الله ، ينتفع به يوم القيامة ، وفي هذا الحديث إشارة
إلى قوله تعالى : ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) النحل/96 .
وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن كُلّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ
صَدَقَتِهِ يوم القيامة ، يوم تُدْنَى الشمسُ من رؤوس العباد ، حَتَّى يحكم الله
بين الناس . رواه أحمد (16882) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4510) .
فلتبادر يا أخي بالصدقة ، واحرص أن تكون صدقتك جارية ، حتى تنتفع
بها بعد الممات .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى .
*****
69950
هل يجوز تسمية ابنتي " هبة " وابني " رضا " ؟
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/5728)
سؤال رقم 69950- هل يجوز تسمية ابنتي " هبة " وابني " رضا " ؟
أرغب أن أسمي أبنائي إن شاء الله " هبة " للبنت و " رضا " للولد فما معنى هذين الاسمين ؟ وهل يجوز لي التسمية بهذين الاسمين ؟ .
الحمد لله
لا يظهر مانع من التسمية بهذين الاسمين ، ولهما معانٍ مقبولة ،
لا تخالف الشرع ، وهذه معاني هذين الاسمين :
الهبة : هي إعطاء الشيء بلا مقابل ، وهي بهذا المعنى تشبه الهدية
. ومن أسماء الله تعالى الحسنى " الوهّاب " أي : كثير العطايا والهبات ، سبحانه
وتعالى .
رضا : لها معانٍ ، منها :
1. ضد السَّخط .
2. المرْضي عنه .
3. القبول .
4. القناعة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 7180 ) ففيه آداب تسمية الأبناء .
والله أعلم .
*****
69960
هل تؤجر المرأة على عملها في البيت ولو لم تنو الاحتساب؟
الرقائق > الإخلاص >
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >(1/5729)
سؤال رقم 69960- هل تؤجر المرأة على عملها في البيت ولو لم تنو الاحتساب؟
هل إذا عملت المرأة في بيتها دون احتساب نية أجر العمل عند الله تؤجر على عملها أم لا يحسب لها ؟.
الحمد لله
عمل المرأة في بيتها عمل عظيم تساهم به في نشر المودة والرحمة في
بيتها ، ولها اليد الطولى في المساهمة في تربية أولادها ، وهي مُعينة لزوجها على
عمله وعلى دعوته وطلبه للعلم .
وهذا العمل – شأنه في ذلك شأن سائر الأعمال – لا تثاب عليها
المرأة إلا إذا أخلصت فيه النية لله تعالى .
وهذه بعض النصوص المؤيدة لهذا مع نقل طائفة من أقوال أهل العلم :
1. ذكر البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان باباً عدَّد فيه
واجبات شرعية ، وذكر فيه احتساب الأجر على فعله .
قال البخاري رحمه الله :
بَاب مَا جَاءَ إِنَّ الأَعْمَالَ بِالنِّيَّةِ وَالْحِسْبَةِ ،
وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَدَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلاةُ
وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالصَّوْمُ وَالأَحْكَامُ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) عَلَى نِيَّتِهِ ، نَفَقَةُ الرَّجُلِ
عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةٌ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ ) .
"صحيح البخاري" (1/29) "كتاب الإيمان" .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قوله : " باب ما جاء " أي : باب بيان ما ورد دالاًّ على أن
الأعمال الشرعية معتبرة بالنية والحسبة .
"فتح الباري" (1/135، 136) .
2. عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة يحتسبها كانت له صدقة ) . رواه البخاري (55) ومسلم (1002) .
فنفقة الرجل على زوجته وأولاده واجب شرعي ، ولا يثاب عليها إلا
إن قصد الاحتساب .
قال القرطبي :
أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة سواء
كانت واجبة أو مباحة , وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر , لكن تبرأ ذمته
من النفقة الواجبة .
"فتح الباري" (1/136) .
وقال ابن حجر :
ويستفاد منه أن الأجر لا يحصل بالعمل إلا مقرونا بالنية . . .
وقال الطبري ما ملخصه : الإنفاق على الأهل واجب , والذي يعطيه
يؤجر على ذلك بحسب قصده , ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة , بل هي
أفضل من صدقة التطوع . "فتح الباري" (9/498) .
وقال النووي رحمه الله :
(يحتسبها) معناه : أراد بها وجه الله تعالى ، فلا يدخل فيه من
أنفقها ذاهلا ( أي غفل عن النية ، ولم ينو الاحتساب ) , ولكن يدخل المحتسب .
وطريقه في الاحتساب : أن ينفق بنية أداء ما أمر به من النفقة
والإحسان .
"شرح مسلم" (7/88، 89) باختصار وتصرف .
3. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها حتى ما تجعل
في فم امرأتك ) رواه البخاري (56) ومسلم (1628) .
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله :
وينبغي له أن لا يخلي نفسه من أن يلقم زوجته اللقمة واللقمتين ،
لقوله عليه الصلاة والسلام : ( حتى اللقمة يضعها في فم امرأته ) فقد حصل له الثواب
مع أن وضع اللقمة في فم امرأته له فيها استمتاع ، وينبغي له أن يحتسب في ذلك كله
أعني : إحضار الطعام والإطعام .
"المدخل" (1/224) باختصار .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( وإنك لن تنفق نفق تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها ) علق حصول
الأجر بذلك ( أي بابتغاء وجه الله ) وهو المعتبر .
"فتح الباري" (5/367) .
والخلاصة :
أن عمل المرأة في بيتها تثاب عليه إذا احتسبت ثواب ذلك عند الله
تعالى ، وأخلصت النية .
والله أعلم .
*****
69964
سؤال المرأة عن دين من تقدم لخطبتها ليس تعقيداً
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/5730)
سؤال رقم 69964- سؤال المرأة عن دين من تقدم لخطبتها ليس تعقيداً
أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد ، عمري 25 سنة ، المشكلة هي أنني كلما تقدم لي أحد أطلب من أمي أن تسأل أهله بعض الأسئلة مثل هل يصلي ؟ هل يدخن ؟ هل هو ممن يهتم لأمور الغناء والتلفاز ؟ لأن الذين تقدموا لي لم يكونوا ملتزمين ، وأمي تقول لي : " أنتِ معقدة " ، فهي خائفة عليَّ أن يفتني الزواج بسبب شروطي .
هل أنا مخطئة ؟ وبماذا تنصحني ؟ أخاف أنني أحلم برجل صالح في زمن لا يتوفر فيه والله أعلم .
الحمد لله
لستِ مخطئة ولا معقدة ، بل قد أحسنتِ في سؤالكِ واستفساركِ عن
دين وخلُق الخاطب ، وهذا هو الواجب – أصلاً – على أهلكِ أن يفعلوه ، فلا يحل لهم أن
يقفوا ضد هذا الفعل منكِ ، بل عليهم تأييدك وتثبيتكِ عليه .
وقد أوصى الشرع بحسن اختيار الزوج والزوجة ، والقاسم المشترك في
الاختيار هو الخلق والدين ، والمرأة أضعف من أن تثبت على دينها مع قليل الخلق
والدين .
لذا فإن الوصية لأهلك في هذا أن يقفوا معكِ في هذا الأمر ،
واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء ، ونسأل الله تعالى أن ييسر لكِ زوجاً صالحاً .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن أهم الأمور
التي على أساسها تختار الفتاة زوجها .
فأجاب :
" أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي
الخلُق والدين ، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي ، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب
ذا دين وخلُق ؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا
أمسكها بمعروف ، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان ، ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق
يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها ، تتعلم منه الأخلاق والدين ، أمَّا إن كان غير ذلك
: فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة ، أو مَن عُرف بشرب
الخمر - والعياذ بالله - ، أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم
المؤمنات ، ولاهم يحلون لهن ، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين ، أما النسب
فإن حصل فهذا أولى ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أتاكم مَن ترضون
دينه وخلُقه فأنكحوه ) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل " انتهى .
"فتاوى المرأة المسلمة" (2/702) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أيضاً : عن رجل خطب
من رجل ابنته ، ولما سأل عنه إذا هو لا يصلي ، وأجاب المسئول عنه بقوله : يهديه
الله ، فهل يزوج هذا ؟
فأجاب :
" أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي مع الجماعة : فهذا فاسق عاص لله
ورسوله ، مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات ، قال
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (23/222) : " اتفق العلماء
على أنها – أي : صلاة الجماعة – من أوكد العبادات ، وأجل الطاعات ، وأعظم شعائر
الإسلام " انتهى كلامه رحمه الله تعالى ، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز
أن يتزوج بمسلمة لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه ، وإن
كانوا أقل مالاً وحسباً كما جاء في الحديث : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه
فأنكحوه ) قالوا : يا رسول الله ، وإن كان فيه ؟ قال : ( إذا أتاكم من ترضون دينه
وخلقه فأنكحوه ) ثلاث مرات ، أخرجه الترمذي ، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث
أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تنكح المرأة لأربع :
لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .
ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض
بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة ، واللائق بالولي الذي يخاف الله
تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛
لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ
مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) ، وقال : ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ
إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ . فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ
وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ) ، أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي أبداً لا مع الجماعة ولا
وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام ، يجب أن يستتاب ، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا
كانت توبته نصوحاً خالصةً لله ، وإلا قتل كافراً مرتداً ، ودفن في غير مقابر
المسلمين من غير تغسيل ، ولا تكفين ، ولا صلاة عليه ، والدليل على كفره نصوص من
كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... – وساق أدلة كفر تارك
الصلاة – ثم قال :
وحيث تبيَّن من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً
مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى :
( ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ
مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) ، وقال تعالى في المهاجرات : ( فَإِنْ
عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ
حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) ، وأجمع المسلمون على ما دلَّت عليه
هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافر ، وعلى هذا فإذا زوَّج الرجل من له
ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه ، ولم تحل له المرأة بهذا
العقد ؛ لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
) أي : مردود عليه .
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة إلا أن يتوب ويعود
إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزويجه من جديد ؟!
وخلاصة الجواب : أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع
الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك ويجوز تزويجه في هذه الحال ، لكن ذوي الدين والخلق
أولى منه ،
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد
خارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال إلا أن يتوب توبة صادقة
ويصلي ويستقيم على دين الإسلام .
وأما ما ذكره السائل من أن والد المخطوبة سأل عنه فقال المسؤول
عنه : يهديه الله . فإن المستقبل علمه عند الله تعالى وتدبيره بيده ، ولسنا مخاطبين
إلا بما نعلمه في الحال الحاضرة ، وحال الخاطب الحاضرة حال كفر لا يجوز أن يزوج
بمسلمة ، فنرجو الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الإسلام حتى يتمكن من الزواج
بنساء المسلمين وما ذلك على الله بعزيز .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 31) .
والخلاصة : أن عليك أن تصبري حتى ييسر الله لك زوجاً صالحاً ،
وما تفعلينه من السؤال والاستفسار عن خلُق ودِين الخاطب أمر مشروع بل واجب عليك
وعلى أوليائكِ ، وأن الخاطب إن كان لا يصلي فالعقد غير صحيح ؛ لأن ترك الصلاة كفر
مخرج من الملة ، وشرب الدخان وحلق اللحية واستماع الغناء كل ذلك من المحرمات ، وهي
أسباب شرعيَّة لرفض الخاطب إن كان يفعلها ويتصف بها .
نسأل الله لك التوفيق ، ونسأله أن يثبتكِ على طاعته ، ويرزقك
زوجاً صالحاً ، وذرية طيبة .
والله أعلم .
*****
69965
هل يطيع والده ويحلق اللحى في محله ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
الآداب > بر الوالدين >(1/5731)
سؤال رقم 69965- هل يطيع والده ويحلق اللحى في محله ؟
أنا أعمل في محل حلاقة ، وهذا المحل ملك لوالدي ، ولدي أخ منَّ الله عليه بالهداية ويعمل معي بالمحل وإنه الآن متزوج وإنه يرفض حلق اللحية للزبائن لأنه يرى أن هذا حرام شرعاً وأن المال الذي يأتي من حلق اللحية حرام , أنا أعزب أعيش مع والدي ، كنت أرفض حلق اللحية للزبائن أولاً ، لكن أبي ضغط عليَّ وأغلق المحل ، وليس لدي عمل آخر , إن أخي مصر على عدم حلق اللحية فلا يعاني ضغطاً من أبي لأنه في بيت آخر ، أنا مرتبط بتجهيز وأقساط فعدت لحلق اللحية وأنا أكرهها ليفتح أبي المحل ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
قد سبق في جواب السؤالين ( 1190 ) و ( 8196 ) حرمة حلق اللحية ، وحرمة
الإعانة على حلقها ، سواء كان بفتح محل لحلق اللحى أم بغير ذلك .
وطاعة الوالدين وبرهما واجبة ، إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية الله ) رواه البخاري (6830) ومسلم (1840) .
وعليه : فلا يجوز فتح محل لحلق اللحية ، ويمكنك الاكتفاء بحلق
وتقصير الشعر وحف الشوارب دون التعرض للحى الناس ، وفي هذا جمع بين الأمرين : فتح
المحل وعدم الوقوع في الحرام .
وليعلم والدك أن تحصيل الرزق يجب أن يكون وفق الشرع ، وأن الله
تعالى يبارك في المال الحلال القليل ، ويمحق المال الحرام الكثير ، وأنت لستَ
مضطراً شرعاً للوقوع في هذه المعصية ، وطاعة والدك ليست ملزمة لكَ لما فيها من
الأمر بالمعصية .
فاستعن بالله تعالى ولا تستجب لما يدعوك إليه والدك ، وابحث عن
عمل آخر ، أو ابق في محلك من غير أن تحلق اللحى ، وسيجعل لك مخرجاً ، ويرزقك من حيث
لا تحتسب ، كما قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ
حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ
قَدْرًا ) الطلاق/2، 3 .
واقتد بأفعال خير القرون وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ،
فما كانوا ليقدموا دنياهم على دينهم ، ولا نفع الدنيا على خير الآخرة ، وقد كانوا
يسمعون الوحي ينهاهم عن الأمر الحبيب إلى نفوسهم فيسارعون إلى تركه ، وكانوا يسمعون
الأمر الثقيل على نفوسهم فيسارعون إلى فعله ، وأهل المدينة كانوا أهل زرع ، وكان
لهم نفع في بعض عقودهم ، فلما جاءهم النهي عن بعضها قال أحدهم : ( نهانا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن أمرٍ كان لنا نافعاً وطواعية الله ورسوله أنفع لنا ) رواه البخاري ( 2214 ) ومسلم ( 1548 ) .
ولم يتردد الصحابة عندما حرمت الخمر عن الامتناع عن شربها والكأس
في أيديهم ، ولم يؤخروا كسر الجرار بل سارعوا إلى ذلك ، فعن أنس بن مالك رضي الله
عنه قال : " كنتُ أسقي أبا طلحة الأنصاري وأبا عبيدة بن الجراح وأبيّ بن كعب شراباً
من فضيخ - وهو تمر - فجاءهم آتٍ فقال : إن الخمر قد حرِّمت فقال أبو طلحة : يا أنس
قم إلى هذه الجرار فاكسرها ، قال أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى
انكسرت " رواه البخاري ( 6826 ) ومسلم ( 1980 ) .
وبمثل هذه الاستجابة سبق أولئك الكرام من جاء بعدهم ، والواجب
على المسلم أن لا يتردد في ترك ما هو عليه من مخالفة للشرع ، وليعلم أن هذا مقتضى
إيمانه الذي رضيه لنفسه ، قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
والله أعلم .
*****
69973
هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي ؟
الفقه > معاملات > القرض >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5732)
سؤال رقم 69973- هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي ؟
تقدم الحكومة عندنا قرضا لشباب الخريجين عوضاً عن توظيفهم في الحكومة ، فهل هذا القرض حلال أم حرام ؟.
الحمد لله
اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرده بزيادة فهو ربا
محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده : فهو حرام , بغير خلاف ، قال ابن
المنذر : أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على
ذلك : أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر
منفعة " انتهى .
"المغني" (4/211) .
وقال ابن عبد البر : " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها
المسلف فهي ربا , ولو كانت قبضة من علف , وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى .
"الكافي " (2/359) .
وعليه : فإذا كان القرض ربويّاً وذلك بأن يشترط إرجاع المبلغ
المقترض بزيادة : فإنه لا يجوز لكم أخذ هذا المبلغ ؛ لأن العقد ربوي ، ولا يخفى
عليكم أن الربا من كبائر الذنوب ، ويغنيكم الله عن هذا القرض وأشباهه .
أما إن كانت هذه القروض قروضاً حسنة ، وليست ربويَّة ، فيُرجع
المقترض مثل ما أخذ من غير زيادة ، فلا حرج من أخذ هذا القرض والانتفاع به .
والله أعلم .
*****
7002
ما هو اللوح المحفوظ وما معناه
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/5733)
سؤال رقم 7002- ما هو اللوح المحفوظ وما معناه
السؤال :
نرجو شرحاً مفصلاً مصحوباً بتفسير العلماء العظام مثل ابن كثير أو الطبري أو غيرهما لقول الله عز وجل : (في لوح محفوظ) سورة البروج آية 22 .
جزاكم الله خيراً .
الجواب :
1. قال ابن منظور :
اللوح : كل صفيحة عريضة من صفائح الخشب .
وقال الأزهري : اللوح صفيحة من صفائح الخشب والكتف إذا كتب عليها سميت لوحا .
واللوح الذي يكتب فيه .
و اللوح : اللوح المحفوظ ، وفي التنزيل { في لوحٍ محفوظٍ } يعني : مستودعٌ مشيئات الله تعالى .
وكل عظم عريض : لوح .
والجمع منها : ألواح .
وألاويح : جمع الجمع . " لسان العرب " ( 2 / 584 ) .
2. قال ابن كثير رحمه الله :
في لوح محفوظ أي : هو في الملإ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل . " تفسير ابن كثير " ( 4 / 497 ، 498 ) .
3. وقال ابن القيم رحمه الله :
وقوله { محفوظ } : أكثر القراء على الجر صفة للوح ، وفيه إشارة إلى أن الشياطين لا يمكنهم التنزّل به لأن محله محفوظ أن يصلوا إليه ، وهو في نفسه محفوظ أن يقْدِر الشيطان على الزيادة فيه والنقصان .
فوصفه سبحانه بأنه محفوظ في قوله { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ، ووصف محله بالحفظ في هذه السورة .
فالله سبحانه حفظ محله ، وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل ، وحفظ معانيه من التحريف كما حفظ ألفاظه من التبديل ، وأقام له مَن يحفظ حروفه مِن الزيادة والنقصان ، ومعانيه مِن التحريف والتغيير . " التبيان في أقسام القرآن " ( ص 62 ) .
4. أما ما جاء في بعض كتب التفسير ، أن اللوح المحفوظ في جبهة " إسرافيل " ، أو أنه مخلوق من زبرجدة خضراء ، وغير ذلك فهو مما لم يثبت ، وهو من الغيب الذي لا يقبل إلا ممن أوحي إليه منه بشيء .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7004
تربية القطط
الفقه > عادات >(1/5734)
سؤال رقم 7004- تربية القطط
هل يجوز الاحتفاظ بالقطة في المنزل ، وفقا لتعاليم الإسلام ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجوز اتخاذ الهرة في المنزل ولا حرج لأن الهرة
ليست مؤذية ، ولا نجسة .
أما كونها ليست مؤذية : فهذا معلوم لا يمارى فيه
بل هي مفيدة بأكلها الحيات والجرذ والحشرات وغيرها التي قد تكون في المنازل أو
ساحاتها .
وأما كونها غير نجسة : فلحديث كبشة بنت كعب بن
مالك : أن أبا قتادة – والد زوجها - دخل عليها فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه
فأصغى إليها الإناء حتى شربت قالت كبشة : فرآني أنظر إليه فقال : أتعجبين يا ابنة
أخي ؟ قالت : قلت : نعم ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست بنجس
إنها من الطوافين عليكم والطوافات " . رواه الترمذي ( 92 ) والنسائي ( 68 )
وأبو داود ( 75 ) وابن ماجه ( 367 ) وصححه الترمذي ونقل ابن حجر في " التلخيص "
تصحيح البخاري له .
ثانياً :
عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل
من خشاش الأرض " . رواه البخاري ( 3140 ) ومسلم ( 2242 ) .
خشاش الأرض : حشرات الأرض وهوامها كالفأرة .
فهذا الحديث لم ينكر على المرأة أنها اتخذت هرة
ولكنه بين أن إثم المرأة كونها لم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض .
ثالثاً :
ما سمي الصحابي الجليل أبو هريرة بهذا إلا لأنه
كان يعطف على الهرر ويقتنيها ، حتى اشتهر بهذه الكنية ونسي الناس اسمه حتى اختلف
العلماء باسمه إلى قرابة ثلاثين قولاً. قال ابن عبد البر في " الاستيعاب " :
والراجح أن اسمه عبد الرحمن بن صخر ولم يختلف أحد منهم أنه أبو هريرة .
رابعاً : تنبيه :
يجوز اقتناء الهرة ، ولكن لا يحل بيعها وشراؤها
ولكن توهب هبة ، وتعطى عطية ، وذلك لحديث أبي الزبير قال سألت جابراً عن ثمن الكلب
والسنور ، قال : زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . رواه مسلم ( 1569 )
.
السنور : الهر .
والله أعلم .
*****
70042
تسأل عن حقوق المرأة في الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5735)
سؤال رقم 70042- تسأل عن حقوق المرأة في الإسلام
ما هي حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام ( من القرن الثامن إلى الثاني عشر) إن طرأ عليها تغييرات ؟.
الحمد لله
أولا :
لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها باعتبارها ( أُمّاً
) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وأخبر أن
الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ، وحرم عقوقها
وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد العناية بها في
حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى
رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا
أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24 .
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ
السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ
الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ : قَالَ
: وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ارْجِعْ فَبَرَّهَا .
ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي
كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ
الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ
اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ
أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ
مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ
! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ
الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ
تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ
بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ
أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ
: ثُمَّ أَبُوكَ ) .
إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام لذكرها .
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت
إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة
أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من البيت ، أو يمتنع أبناؤها من
النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب .
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر
بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ،
لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم
تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله تعالى : (
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : (
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا
) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ
وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات
أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ
حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ
كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ
وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر بصلة الرحم ، وحث
على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا
الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم- : ( مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ
، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ، فتكون زوجة وبنتا وأما
وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
وبالجملة ؛ فالإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى بينها وبين الرجل
في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية له في جزاء الآخرة ،
ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله ، ولها حق
التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير
رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم . ولها حق التعليم ،
بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها .
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية
أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه ، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما
أعظم مما كرمت به في الإسلام .
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق أو الفرس أو
اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ، فقد اجتمع
اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح ؟! وغلب على
آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام .
وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة : هل لها
روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟ وأخيرا قرروا أنها
إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب .
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على
المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة .
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته
، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل بعد سن الثامنة
عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها
تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها !
ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها والإحسان إليها وإكرامها
، والإنفاق عليها ؟!
ثانياً :
وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور ، فلا تغير فيها من حيث المبدأ
والتأصيل النظري ، وأما من حيث التطبيق فالذي لا شك فيه أن العصر الذهبي للإسلام
كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم ، ومن أحكام هذه الشريعة : بر الأم
والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة . وكلما ضعف التدين كلما حدث
الخلل في أداء هذه الحقوق ، لكن لا تزال طائفة إلى يوم القيامة تتمسك يدينها ،
وتطبق شريعة ربها ، وهؤلاء هم أولى الناس بتكريم المرأة وإيصال حقوقها إليها .
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم إلا أن المرأة تبقى
لها مكانتها ومنزلتها ، أمّاً وبنتا وزوجة وأختا ، مع التسليم بوجود التقصير أو
الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس ، وكل مسئول عن نفسه .
*****
70075
لا يجوز خصم نفقات نقل الزكاة من الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/5736)
سؤال رقم 70075- لا يجوز خصم نفقات نقل الزكاة من الزكاة
إذا احتاج إيصال الزكاة إلى الفقراء إلى سفر ، فهل تخصم تكاليف السفر من الزكاة ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 43146 )
أن الأصل أن الزكاة تخرج في البلد الذي فيه المال ، وأنه يجوز نقلها إلى بلد آخر
للحاجة أو المصلحة ، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة ، أو أقرباء
للمزكي ، أو نحو ذلك .
ثانياً :
الواجب على صاحب المال أن يوصل الزكاة إلى أهلها ، وعلى هذا ؛ لو
كان إيصالها إلى الفقراء يحتاج إلى سفر ونفقات فإن ذلك يكون على صاحب المال ، ولا
يجوز خصمه من الزكاة .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/213) :
" حيث جاز النقل (أي نقل الزكاة إلى بلد آخر) أو وجب فمؤنته على
رب المال " انتهى .
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (7/174) :
" أجرة نقل الزكاة – حيث قلنا به – على رب المال " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : شخص طُلب منه إيصال مبلغ زكاة
مال إلى الخارج وبشكل شخصي ، فهل يجوز له التصرف بأن يقتطع من مبلغ الزكاة مصاريف
السفر ، علماً أنه لا يمكنه تحمل ذلك شخصيًّا ؟
فأجاب :
" لا يحل له أن يأخذ من الزكاة شيئاً لهذا السفر ، لأن الواجب
على مَنْ عليه الزكاة أن يوصلها إلى الفقير من ماله هو ، فإذا كان يريد أن يذهب إلى
مكان يحتاج إلى مؤنة سفر ، فإنه يأخذ من صاحب المال الذي أعطاه مؤنة السفر ، وأما
حق الفقراء فيجب أن يُؤدى إليهم خالصاً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثمين" (18/369) .
*****
70110
تريد الإسلام لكنها لا تعرف القبلة
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/5737)
سؤال رقم 70110- تريد الإسلام لكنها لا تعرف القبلة
أرغب في دخول الإسلام ، فأنا أعتقد أن الله هو الأعظم وأن الإسلام هو الدين الحق . لقد تعلمت من العربية ما يمكنني من إقامة الصلوات ، لكني لا أعرف الاتجاه الصحيح الذي علي أن أصلي إليه . أرجو أن تساعدني ، أين اتجاه القبلة من مديني ساوث ويلز ؟.
الحمد لله
أولا :
نهنئك على ما توصلت إليه من الاعتقاد الصحيح ، ومعرفة الدين الحق
، ونسأل الله تعالى أن يعينك ويوفقك ويزيدك إيمانا وسعادة وطمأنينة في الدنيا
والآخرة .
وعليك أن تشهدي شهادة الحق ، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً
رسول الله ، لتدخلي في هذا الدين العظيم ، ولا تؤخري ذلك لحظة واحدة ، حتى تكتبي
عند الله من السعداء الفائزين ، حتى لو فرض أنك لم تعرفي اتجاه القبلة ، فأسلمي ،
وسلي عن الاتجاه نحو مكة ، فهذا هو اتجاه القبلة ، وهذا أمر يسير إن شاء الله ، بل
لو فرض عدم اهتدائك لاتجاه القبلة ، فاجتهدي حتى يغلب على ظنك أن مكة في هذه الجهة
وصلِّي إليها ، وصلاتك صحيحة ولا شيء عليك .
وراجعي أقرب مركز إسلامي ، فسيساعدونك في تعلم الإسلام ،
ويزودونك بالكتب اللازمة إن شاء الله .
ثانيا :
يمكنك الاستعانة بالبوصلة أو بعض الساعات أو الأجهزة المزودة
بالبوصلة ، أو بخريطة العالم لتحديد اتجاه القبلة .
وبالنظر إلى خريطة العالم يتبين أن اتجاه القبلة بالنسبة
للمقيمين في بريطانيا هو الجنوب الشرقي ، فعليك أن تحددي اتجاه الشرق ، والجنوب ،
وتكون القبلة بينهما ، والخطأ اليسير لمن كان مكانه بعيداً أمر مغتفر .
والله أعلم .
*****
70120
لا يشرع مسح العنق في الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/5738)
سؤال رقم 70120- لا يشرع مسح العنق في الوضوء
هل يستحب مسح العنق في الوضوء ؟.
الحمد لله
لا يستحب مسح العنق في الوضوء ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله
عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على عنقه في
الوضوء ، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح ، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة
وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يمسح على عنقه ; ولهذا لم يستحب ذلك جمهور
العلماء كمالك والشافعي وأحمد في ظاهر مذهبهم ، ومن استحبه فاعتمد فيه على أثر يروى
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أو حديث يضعف نقله : أنه مسح رأسه حتى بلغ القَذَال .
ومثل ذلك لا يصلح عمدة ، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث ، ومن ترك مسح العنق
فوضوءه صحيح باتفاق العلماء " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (21/127) .
وهذا الحديث : ( أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه حتى بلغ
الْقَذَالَ ، وَهُوَ أَوَّلُ الْقَفَا ) . رواه أبو داود (132) وضعفه
الألباني في ضعيف أبي داود .
وذكر النووي في "المجموع" (1/489) اختلاف أصحاب الشافعي رحمهم
الله في مسح الرقبة في الوضوء ، ثم قال : هذا مختصر ما قالوه ، وحاصله أربعة أوجه :
أحدها : يسن مسحه بماء جديد . والثاني : يستحب ولا يقال مسنون . والثالث : يستحب
ببقية ماء الرأس والأذن . والرابع : لا يسن ولا يستحب . وهذا الرابع هو الصواب ،
ولهذا لم يذكره الشافعي رضي الله عنه ، ولا أصحابنا المتقدمون ، ولم يذكره أيضا
أكثر المصنفين , ولم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وثبت في صحيح مسلم
وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ
بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي
دِينِنَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) وفي رواية لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا
لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) وأما الحديث المروي عن طلحة بن مصرف عن
أبيه عن جده : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ حَتَّى
يَبْلُغَ الْقَذَالَ وَمَا يَلِيهِ مِنْ مُقَدَّمِ الْعُنُقِ . فهو حديث ضعيف
بالاتفاق . وأما قول الغزالي : إن مسح الرقبة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : (
مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغُلِّ ) فغلط ، لأن هذا موضوع ليس من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
و(الْغُلِّ) هو القيد والسلاسل التي يكون في الرقبة . قال الله
تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي
أَعْنَاقِهِمْ ) الرعد/5 . وقال : ( وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ
فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبأ/33 .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
" ولم يصح عنه (صلى الله عليه وسلم) في مسح العنق حديث البتة " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" لا يستحب ولا يشرع مسح العنق ، وإنما المسح يكون للرأس
والأذنين فقط ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/102) .
*****
70177
منع المسلم زوجته غير المسلمة من الاحتفال بأعيادها الدينية
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/5739)
سؤال رقم 70177- منع المسلم زوجته غير المسلمة من الاحتفال بأعيادها الدينية
لماذا لا يسمح للفتاة الكاثوليكية المتزوجة من مسلم الاحتفال بأعيادها الدينية ؟ مع أنها متزوجة من مسلم وهي باقية على عقيدتها . هل يمكنها أن تتعبد حسب اعتقادها ؟.
الحمد لله
إذا رضيت الفتاة النصرانية بالزواج من مسلم ، فإنه ينبغي أن تعلم
أمورا :
1- أن الزوجة مأمورة بطاعة زوجها ، في غير المعصية ، لا فرق في
ذلك بين الزوجة المسلمة وغيرها ، فإذا أمرها زوجها بغير معصية لزمها طاعته . وقد
جعل الله هذا الحق للرجل ، لأنه قوّام على الأسرة ومسئول عنها ، ولا تستقيم الحياة
الأسرية إلا بأن تكون هناك كلمة مسموعة مطاعة من فرد من أفرادها ، لكن هذا لا يعني
أن يتسلط الرجل أو يستغل هذا الحق للإساءة إلى زوجته وأولاده ، بل يجتهد في الصلاح
والإصلاح ، والنصح والتشاور ، لكن لا تخلو الحياة من مواقف تحتاج إلى حسم ، وكلمة
فاصلة ، لابد منها ، ومن الاستجابة لها . فينبغي للفتاة النصرانية أن تتفهم هذا
المبدأ قبل إقدامها على الزواج من مسلم .
2- أن إباحة الإسلام الزواج من نصرانية أو يهودية ، يعني الزواج
بها مع بقائها على دينها ، فليس للزوج أن يكرهها على الإسلام ، ولا أن يمنعها من
عبادتها الخاصة بها ، لكن له الحق في منعها من الخروج من المنزل ، ولو كان خروجها
للكنيسة ، لأنها مأمورة بطاعته ، وله الحق في منعها من إعلان المنكر في المنزل ،
كنصب التماثيل ، وضرب الناقوس .
ومن ذلك : الاحتفال بالأعياد المبتدعة ، كعيد قيامة المسيح ، لأن
ذلك منكر في الإسلام ، من جهتين : من جهة كونه بدعة لا أصل لها - ومثله الاحتفال
بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعيد الأم - ، ومن جهة ما يتضمنه من الاعتقاد
الفاسد ، من أن المسيح قتل وصلب وأدخل القبر ثم قام منه .
والحق أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب وإنما رفع إلى
السماء حياًّ.
انظري السؤال ( 10277 )
، ( 43148 ) .
والزوج ليس له أن يجبر زوجته النصرانية على ترك اعتقادها هذا ،
ولكنه ينكر إشاعتها للمنكر وإظهارها له ، فيجب التفريق بين حقها في الاستمرار على
دينها ، وبين إظهارها للمنكرات في بيته . ومثل هذا : ما لو كانت الزوجة مسلمة ،
وتعتقد إباحة شيء ، وزوجها يعتقد تحريمه ، فإن له منعها منه ، لأنه قوّام الأسرة ،
وعليه أن ينكر ما يعتقد أنه منكر .
3- الذي عليه جمهور أهل العلم أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ،
إضافة إلى مخاطبتهم بالإيمان ، وهذا يعني أنه يحرم عليهم ما يحرم على المسلمين من
شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وإحداث البدع ، أو الاحتفال بها . وعلى الزوج أن يمنع
زوجته من ارتكاب شيء من ذلك ، لعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) التحريم/6 ، ولا يستثنى من ذلك إلا اعتقادها وعبادتها
المشروعة في دينها ، كصلاتها وصومها الواجب ، فإن الزوج لا يتعرض لها في ذلك ، وليس
من دينها شرب الخمر ولا أكل الخنزير ولا الاحتفال بالأعياد المحدثة ، التي اخترعها
الأحبار والرهبان .
قال ابن القيم رحمه الله : " وأما الخروج إلى الكنيسة والبيعة
فله منعها منه ، نص عليه الإمام أحمد في الرجل تكون له المرأة النصرانية ، قال : لا
يأذن لها في الخروج إلى عيد النصارى أو البيعة .
وقال في الرجل تكون له الجارية النصرانية تسأله الخروج إلى
أعيادهم وكنائسهم وجموعهم : لا يأذن لها في ذلك ".
قال ابن القيم : " وإنما وجه ذلك أنه لا يعينها على أسباب الكفر
وشعائره ولا يأذن لها فيه ".
وقال : " وليس له منعها من صيامها الذي تعتقد وجوبه وإن فوت عليه
الاستمتاع في وقته ولا من صلاتها في بيته إلى الشرق وقد مكن النبي وفد نصارى نجران
من صلاتهم في مسجده إلى قبلتهم " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/819- 823) .
وصلاة وفد نصارى نجران في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها
ابن القيم رحمه الله أيضاً في "زاد المعاد" (3/629) قال المحقق : "رجاله ثقات ،
لكنه منقطع " انتهى . يعني : أن سنده ضعيف .
وينظر السؤال ( 3320 )
والله أعلم .
*****
7019
مسألة ميراث
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/5740)
سؤال رقم 7019- مسألة ميراث
أرجو التوضيح حول موضوع الورث التالي وفقا للكتاب والسنة :
أب له أربعة (4) أبناء وثلاث (3) بنات ، وقد مات أحد الأبناء ووالده مايزال على قيد الحياة . وبعد ذلك بفترة ماتت زوجة الأب وتركت خلفها بعض ممتلكاتها الخاصة . والأسئلة هي :
1- كيف تقسم ممتلكات الأم ؟
2- كيف يقسم ورث الأب بعد موته خصوصا فيما يتعلق بالإبن المتوفى ؟ فقد مات الإبن وترك زوجتين {وله من الأولى ولد ، ومن الثانية ثلاثة (3) أبناء} . هل يرث أبناء الولد المتوفى أي شيء ؟ .
الحمد لله
جاء في السؤال
التعبير مرة بـ ( زوجة الأب ) ومرة أخرى بـ ( الأم ) ، ونظراً لأن الحكم يختلف فسوف
يكون الجواب على كلا الاحتمالين :
أولاً : تقسيم
تركة الابن المتوفي :
لزوجتيه الثمن ،
يقتسمانه بينهما بالسوية
لأبيه السدس
وإن كانت المرأة
( محل الاحتمال في السؤال ) أماً فلها السدس ، وإن كانت زوجة أبيه وليست أماً له
فلا شيء لها .
والباقي لأبنائه
الأربعة يقتسمونه بالتساوي بينهم .
ثانياً : تقسيم
تركة زوجة الأب أو الأم :
إن كانت زوجة أب
وليس لها أولاد – من زوجها الحالي أو من غيره إن كانت تزوجت قبله – فلزوجها النصف
ولم يخبرنا السائل عن باقي ورثتها حتى نقسم باقي التركة .
وإن كان لها
أولاد – من زوجها الحالي أو من غيره – فلزوجها الربع ، ولم يخبرنا السائل باقي
ورثتها .
وإن كانت أماً
فلزوجها الربع ، ولأولادها الأحياء وقت موتها الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين ( أي :
ضعف الأنثى )
ثالثاً : تقسيم
تركة الأب
لزوجته - إن كان
له زوجة – الثمن
والباقي لأولاده
الأحياء وقت موته للذكر مثل حظ الأنثيين .
فإن لم يكن له
زوجة فالتركة كلها لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين .
وأما أولاد
الابن المتوفى في حياة أبيه فإنهم لا يرثون من جدهم أو جدتهم شيئاً ، وكون الابن
يرث – ولو كان حياً - لا يعني ذلك أن ينتقل نصيبه إذا مات إلى أولاده ، لأن أولاد
في هذه الصورة يحجبون من الإرث لوجود أعمامهم بإجماع العلماء .
والله تعالى
اعلم .
*****
70216
الذهاب إلى المسجد ماشياً
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/5741)
سؤال رقم 70216- الذهاب إلى المسجد ماشياً
هل الذهاب إلى المسجد راكبا له ثواب الماشي ؟.
الحمد لله
اعلم أنه قد ورد الأجر العظيم في المشي إلى المسجد , وأن أعظم
المصلين أجراً أبعدهم منزلاً .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو
اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا
رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ , وَكَثْرَةُ
الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ , وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ ,
فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ , فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ) رواه مسلم ( 251 ) .
وعنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي
الصَّلاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ ) رواه مسلم (662
) .
فهذا الحديث وما قبله دليل على فضل المنزل البعيد عن المسجد ؛
لحصول كثرة الخُطَا الذي من ثمرته حصول الثواب , وكثرتها تكون ببعد الدار , كما
تكون بكثرة التردد إلى المسجد .
وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ لا
أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ ,
فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ : لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي
الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ ؟ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى
جَنْبِ الْمَسْجِدِ , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى
الْمَسْجِدِ , وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ) رواه مسلم (663) .
فانظر أخي المسلم إلى هذا الثواب العظيم من الرب الكريم , حيث دل
الحديث على إثبات الأجر في الخطا في الرجوع من الصلاة كما في الذهاب إليها , ولهذا
آثر هذا الصحابي رضي الله عنه المشي على قدميه مع بعد داره عن المسجد .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ
مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ
اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً , وَالأُخْرَى
تَرْفَعُ دَرَجَةً ) رواه مسلم (666) .
وعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ
إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو
داود (561) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال في دليل الفاتحين (3/558-559) : " الظُّلَم : جمع ظلمة ، وهي
تعم ظلمة العشاء والفجر . وفي الحديث : فضل المشي إلى الصلاة سواء كان المشي طويلاً
أو قصيراً , وفضل المشي إليها للجماعات في ظلم الليل " انتهى .
وهذا الفضل ثابت ـ إن شاء الله ـ لمن صلى العشاء والفجر مع
الجماعة , ولو كانت الطرق مضاءة . لأن هاتين الصلاتين في ظلمة الليل .
فهذه الأحاديث وغيرها فيها حث للمسلم على أن يجتهد في إتيان
المسجد ماشياً لا راكباً ولو كانت داره بعيدة , ما لم تكن مشقة أو عذر ككبر ونحوه ,
وألا يعوَّد نفسه ركوب السيارة , إذا كان المسجد تصله القدم بلا مشقة .
ومع هذه الفضائل العظيمة في المشي إلى المسجد من محو الخطايا
ورفع الدرجات والأجر العظيم والنور التام يوم القيامة ؛ فإن هناك فوائد أخرى عظيمة
تعود على البدن :
إن المشي إلى المسجد هو رياضة بحد ذاته , وفوائده لا تحصى ؛ وله
دور كبير في تقوية الجسم وتنشيطه بإذن الله تعالى ؛ ليكون أهلاً لمقاومة الأمراض
والآفات .
إن السعي إلى بيوت الله كل يوم في أوقات معلومة متقطعة يكفي
لتمرين العضلات وتنشيط الأوصال وتحسين حالة الجسم , كما أن المشي إلى المساجد يساهم
في الوقاية من الأمراض التي يسببها الخمول وكثرة الجلوس وعلى رأسها السمن ؛ لأن
المشي يعمل على إذابة الشحوم والدهون .
كما أن المشي علاج لأمراض القلب حيث إنه يعطي القلب ـ بإذن الله
ـ القدرة على العمل وتحمل الجهود , حيث تكون الدورة الدموية أكثر انتظاماً .
كما أن المشي إلى المسجد علاج للتعب الذهني والتفكير الطويل ؛ إذ
إنه يعيد العقل إلى حالته الطبيعية , ويساعد على الاسترخاء العصبي والعضلي .
وبالجملة ففي المشي إلى بيوت الله تعالى من الفوائد الصحية الشيء
الكثير مما أبان عنه الطب الحديث , وهي فوائد عاجلة ينعم الله تعالى بها على عبده
المؤمن في الدنيا حيث لبى النداء وأجاب داعي الله , وهناك الأجر العظيم والنور
التام في الدار الآخرة إن شاء الله .
انظر : " أحكام حضور المساجد" (60-62) لفضيلة الشيخ عبد الله الفوزان .
*****
70219
هل يسمح لخالته النصرانية بالبقاء معه في السكن حتى يدعوها للإسلام ؟
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
سؤال رقم 70219: هل يسمح لخالته النصرانية بالبقاء معه في السكن حتى يدعوها للإسلام ؟
أنا أعمل وأعيش حاليا في أمريكا ، وأسأل ما إذا كان يحرم علي أن أسمح لخالتي غير المسلمة أن تعيش معي . المذكورة نصرانية وأنا أدعوها للإسلام لكن بعض كبار السن يكونون عنيدين. فما هو الدليل من الكتاب والسنة حول العيش هنا معهم ؟ وإذا كان علماء الأمة تناولوا هذه المسألة، فما هو قولهم فيما نواجهه في أمريكا وبريطانيا تحديدا أو غيرهما من البلدان غير الإسلامية ونحن نشكل أقلية في أماكن إقامتنا ؟.
الحمد لله
أولا :
يجوز لك السماح لخالتك ، بأن تبقى معك ؛ لأجل دعوتها إلى الإسلام
وترغيبها فيه بالحكمة والموعظة الحسنة ، فإن رؤيتها لكم ، ومعاينتها لأخلاقكم وحسن
تعاملكم ، قد تكون سببا لانشراح صدرها ، واطمئنان نفسها لهذا الدين العظيم ، وكثيرا
ما تكون الأخلاق والمعاملة أبلغ بكثير من الأقوال والمواعظ . فاجتهد في ذلك ، فلأن
يهديها الله على يديك خير لك من الدنيا وما فيها .
وينبغي أن تتحلى بالصبر والحلم ، وأن تقابل السيئة بالحسنة ،
والخطأ بالعفو والصفح ، كما قال تعالى : ( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34
ومما يدل على جواز إبقاء الكافر بين المسلمين ، ليرى أخلاقهم
ويتعرف على دينهم ، ما جاء في قصة ثُمامة بن أُثال ، وربطه في المسجد ثلاثة أيام ،
بعد أن أسره المسلمون ، ثم عفى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم . وقصته
في صحيح البخاري (4372) ومسلم (1764).
والخالة لها حق في صلة الرحم لقرابتها ، ولو كانت كافرة ، فقد
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ
) رواه البخاري (2700)
وروى الترمذي (3975) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي
أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ
لا قَالَ هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبِرَّهَا ) وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء : ( صِلِي
أُمَّكِ ) رواه البخاري (2620) ومسلم (1003) ، وكانت أمها
كافرة
ثانيا :
إقامة الإنسان في البلدان غير الإسلامية لا بد فيها من شرطين
أساسين ، بينهما أهل العلم . قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأول : أمن المقيم على دينه ، بحيث يكون عنده من العلم
والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه والحذر من الانحراف والزيغ ،
وأن يكون مضمرا لعداوة الكافرين وبغضهم ، مبتعدا عن موالاتهم ومحبتهم ، فإن
موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان ، قال الله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْمًا
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ
عَشِيرَتَهُمْ ) المجادلة/22 . وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى
مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) المائدة/ 51 ، 52 ، وثبت في الصحيح عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( الْمَرْءُ مَعَ
مَنْ أَحَبَّ ) رواه البخاري (6168)ومسلم (2641)
ومحبة أعداء الله من أعظم ما يكون خطرا على المسلم ، لأن محبتهم
تستلزم موافقتهم واتباعهم ، أو على الأقل عدم الإنكار عليهم ، .."
الشرط الثاني : أن يتمكن من إظهار دينه ، بحيث يقوم بشعائر
الإسلام بدون ممانع ، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من
يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة ، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر
الدين ، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ " انتهى
من "شرح الأصول الثلاثة" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ضمن مجموع الفتاوى له
(6/132).
ومن لم يتوفر فيه هذان الشرطان وجبت عليه الهجرة إلى ديار
الإسلام ، إن كان قادرا على ذلك ، فإن عجز عن الهجرة ، فهو معذور ؛ لقوله تعالى : (
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ
كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ
أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا * فَأُولَئِكَ
عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) النساء/97- 99 ، وانظر "المغني" لابن قدامة (8/457) .
وانظر للأهمية سؤال رقم ( 22309 )
والله أعلم .
*****
70222
هل يلزم أهله بالسفر بعيدا عنه حتى لا يعيشوا في بلاد الكفر؟
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/5742)
سؤال رقم 70222- هل يلزم أهله بالسفر بعيدا عنه حتى لا يعيشوا في بلاد الكفر؟
أنا مسلم متزوج من مسلمة من إحدى الدول الإسلامية . ولا أريدها أن تعيش هي وأطفالي خارج بلاد المسلمين . أنا أعيش وأعمل الآن في أمريكا، حيث ولدت . ولا يزال أمامي أن أعمل 3 سنوات تقريبا وأخطط بعد ذلك أن أعيش وأدرس في البلد الإسلامي الذي تتبع له زوجتي وأهلها إن شاء الله . وأسأل إن أنا أجبرتها على العودة وأمرتها بالبقاء في ذلك البلد الإسلامي (ومنعتها من الرجوع لزيارتي هنا) وتربية أطفالنا هناك في فترة بقائي هنا فقط بحيث أبقى أنا هنا وأزورهم (مدة 8 أسابيع في العام) فهل يعد هذا العمل محرما ؟ وهل يجب علي السماح لها بالبقاء معي مع العلم أن البلد دار كفر وأنها سيئة جدا ؟ هل يجب لها قبول الموقف الذي قررته ؟ ثم ما هي الأدلة من الكتاب والسنة حول الموضوع فلربما تفهمت الموضوع بشكل أفضل .
الحمد لله
أولا :
لا ينبغي التساهل في الإقامة في بلاد الكفر ، فإن ذلك له آثاره
السيئة على دين المسلم وعقيدته ، ولذلك حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الإقامة
بين الكفار ، فقال : ( أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ
الْمُشْرِكِينَ ) رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهناك حالات يجوز فيها إقامة المسلم في بلاد الكفر ، لكن بشروط
معينة ، يقصد منها ألا يتضرر المسلم في دينه بالإقامة بينهم ، ولمعرفة ذلك راجع
الأسئلة ( 13363 ) و ( 27211 )
.
ثانياً :
ينبغي أن تقارن بين المصلحة في بقاء أهلك إلى جوارك ، تقوم على
رعايتهم وخدمتهم ، وتربيتهم ، وتتحصن بهم من الفتن ، وبين مفسدة بقائهم في هذه
البلاد (بلاد الكفر) ، وما يمكن أن يصيبهم في دينهم وأخلاقهم ، ومفسدة بقائك بمفردك
أيضا ، بعيدا عنهم ، وينبغي أن يكون هذا بالمشاورة مع أهلك ، والرغبة منكما جميعا
في تقوى الله تعالى ، واختيار ما يرضيه . فإذا ترجح لديك أن الأفضل هو إبعادهم عن
هذه البلاد ، وإرجاعهم إلى بلدهم الإسلامي ، فلا حرج عليك في ذلك ، وتلزم الزوجة
طاعتُك وتنفيذُ أمرك .
وقد دل على وجوب طاعة الزوجة لزوجها – في غير المعصية – أدلة
منها : ما رواه أحمد (18233) والحاكم عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ ( أَنَّ
عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ
فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : كَيْفَ أَنْتِ
لَهُ ؟ قَالَتْ : مَا آلُوهُ إِلا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ . قَالَ : فَانْظُرِي أَيْنَ
أَنْتِ مِنْهُ ؟ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ ) والحديث جَوَّد
إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
(1933) .
ومعنى : ما آلوه : أي لا أقصّر في حقه .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ
تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) رواه البخاري (5195)
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : " فإذا وجب على
المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو
أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات
" انتهى من "آداب الزفاف" ص 282 ، وانظر السؤال ( 43123 )
.
ثانيا :
للزوج أن يسافر ويتغيب عن أهله ، لأجل الدراسة أو العمل ونحوه من
المصالح المشروعة ، مدة لا تزيد على ستة أشهر ، فإن زاد على ذلك فلا بد من استئذان
زوجته ، والأصل في ذلك أن عمر رضي الله عنه سأل النساء : ( كم تصبر المرأة عن الزوج
؟ فقلن : شهرين ، وفي الثالث يقل الصبر ، وفي الرابع ينفد الصبر . فكتب إلى أمراء
الأجناد أن لا تحبسوا رجلا عن امرأته أكثر من أربعة أشهر ) ، وفي رواية ( فوقت
للناس في مغازيهم ستة أشهر ، يسيرون شهرا ، ويقيمون أربعة ، ويسيرون شهرا ). ينظر : "المغني" ( 7/232 ، 416) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سفر الرجل عن زوجته إذا كانت
في محل آمن : لا بأس به ، وإذا سمحت له بالبقاء أكثر من ستة أشهر فلا حرج عليه ،
أما إذا طالبت بحقوقها ، وطلبت منه أن يحضر إليها فإنه لا يغيب عنها أكثر من ستة
أشهر ، إلا إذا كان هناك عذر كمريض يعالج وما أشبه ذلك ، فإن الضرورة لها أحكام
خاصة . وعلى كل حال فالحق في ذلك للزوجة ، ومتى ما سمحت بذلك وكانت في مأمن فإنه لا
إثم عليه ، ولو غاب الزوج عنها كثيرا " انتهى من "فتاوى العلماء في عشرة
النساء" (ص 106) .
والله أعلم .
*****
70235
أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5743)
سؤال رقم 70235- أسلمت حديثا ولا تستطيع السيطرة على شعورها وقت الحيض
أنا كندية في 19 من العمر وقد دخلت في الإسلام . لقد وضعت طفلي الثاني قبل شهرين، ولله الحمد. عندما أكون في الدورة يكون الوضع صعبا وشديدا علي كثيرا . لقد واجهت العديد من المشاكل خلال هذا الوقت (وأحمد الله على السراء والضراء). وفي خلال هذه المدة اكتسبت عادة السب والشتم لأنفس عن تضايقي من أعمالي الكثيرة جدا . أنا أفهم الحديث الخاص بأن النساء سيعاقبن لإساءة استخدامهن لألسنتهن . وأنا الآن في مرحلة أحاول فيها المحافظة على حلمي وأحاول أن أمسك لساني عن الكلام غير المناسب لكني أجد أن الغضب يسيطر علي . وأحتاج أن أعرف أولا إن كان هناك أي طريقة (دعوات) يمكن أن أقولها للتحكم في مشاكل الغضب والسباب والشعور بتراكم الأعمال ؟ وأيضا هل يجوز لزوجي أن يؤذيني جسديا أو يطلقني في الوقت الذي أبذل فيه قصارى جهدي حسب علمي للسيطرة على نفسي بدون مساعدة من زوجي أو صديقاتي أو عائلتي ؟ لقد توسلت إلى زوجي بشكل متكرر ليساعدني ويزيد من إيماني ويعلمني المزيد من أمور الإسلام ويقرئني القرآن حيث إني لا أملك أشرطة ولا أعرف كيف أقرأ القرآن . أنا أشعر أن زوجي هو الأفضل . لكني أتساءل إن كان يجوز له أن يطلقني أو يؤذيني جسديا بأية طريقة تحت الظروف التي ذكرت ، وحيث إني أحاول جهدي الالتزام (بشرع) الله قدر استطاعتي .
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك إلى الإسلام ، ونسأله سبحانه أن
يزيدك هده وإيماناً وتثبيتاً .
ثانياً :
الحيض أمر كتبه الله تعالى وقدره على النساء ، ومعلوم أن المرأة
الحائض قد تشعر بشيء من الضيق والضجر أثناء حيضها ، لكن عليها أن تتقي الله تعالى
وأن تتحلى بالصبر ، وأن تمسك لسانها عما حرم الله من السب والشتم وغيره ، وتجاهد
نفسها في ذلك ، وستجد تحسنا وتغيرا إن شاء الله تعالى .
ثالثاً :
ينبغي للزوج أن يراعي شعور زوجته وأن يقدر معاناتها إن كانت
تعاني من شيء ما ، وهذا يدعوه لأن يتجاوز عن أخطائها ، ويسعى للترويح والتفريج عنها
، ويصبر على ذلك ، ولا يستعجل في عقابها أو فراقها ، فإن الحياة الزوجية ما بنيت
للتفريق والتمزيق ، بل بنيت للاستمرار والدوام ، ولا تخلو هذه الحياة من منغصات ،
ونجاح الزوجين بقدر تغلبهما على المنغصات ، وتحقيق السعادة والألفة بينهما .
رابعاً :
ليس للزوج أن يؤذي زوجته جسديا ، ولا يباح له ضربها إلا عند فشل
ما قبله من وسائل الإصلاح ، من الموعظة ، والهجر ، وفي حال جواز الضرب ، فإنه لا
يكون بقصد الإيذاء ، بل بقصد الزجر والتأديب ، ولذلك اشترط أن يكون ضربا غير مبرّح
، " يعني غير مؤلم ولا موجع ، ولكن لا يلجأ إلى الضرب إلا في الحالات القصوى " انتهى من "فتاوى عشرة النساء" (ص 151) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
خامساً :
ينبغي للزوج أن يكون عونا لأهله على طاعة الله ، وأن ييسر لهم
أسباب العلم النافع ، كإحضار الكتب والأشرطة ، واصطحابهم إلى المراكز الإسلامية ،
ليتعلموا قراءة القرآن ، وأمور الإسلام . وإذا قصر زوجك في هذا فبإمكانك أن تحصلي
على كثير من هذه الأشرطة عن طريق الإنترنت ، أو بالاتصال على بعض المراكز الإسلامية
القريبة منك .
سادساً :
علاج الغضب والسب والشعور بتراكم الأعمال ، يكون بأمور :
الأول : الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند الشعور بالغضب ،
لما روى البخاري (3282) ومسلم (2610) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ : كُنْتُ
جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلَانِ
يَسْتَبَّانِ ، فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي لأَعْلَمُ
كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ، لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ
مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ ) .
الثاني : تغيير الهيئة عند الشعور بالغضب ؛ لما روى أبو داود
(4782) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ
قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
الثالث : أن تستشعري ثواب الصبر والحلم وكظم الغيظ ، وأن ذلك من
صفات المتقين الموعودين بالجنة ، كما قال سبحانه : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ
مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ
لِلْمُتَّقِين * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/133، 134 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن كظم غيظه ولو شاء أن
يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا ) رواه ابن أبي الدنيا وحسنه
الألباني في صحيح الترغيب (2623) .
الرابع : أن تعلمي أن الغضب والسخط والسب لا يفيدك شيئا ، ولا
يخفف عنك عبئا ، بل تكسبين به وزرا ، وتزدادين به ضيقاً وهماًّ ، والتوفيق وتيسير
الأمور إنما يكون بالقرب من الله تعالى ، والحرص والاجتهاد في طاعته .
الخامس : أن تنظمي وقتك ، وتبادري بإنجاز أعمالك ، حتى لا تتراكم
عليك فتشعري بثقلها .
السادس : أن تأخذي بالعلاج النافع الذي أرشد إليه النبي صلى الله
عليه وسلم ابنته فاطمة رضي الله عنها ، حين اشتكت كثرة العمل وثقله ، واحتاجت إلى
خادمة ، وذلك فيما رواه البخاري (6318) ومسلم (2728) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا وَشَكَتْ الْعَمَلَ فَقَالَ لها : ( أَلا أَدُلُّكِ
عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ ؟ تُسَبِّحِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ،
وَتَحْمَدِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَتُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ حِينَ
تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ ) . واستنبط بعض أهل العلم من هذا الحديث : " أَنَّ الَّذِي
يُلازِم ذِكْر اللَّه يُعْطَى قُوَّة أَعْظَم مِنْ الْقُوَّة الَّتِي يَعْمَلهَا
لَهُ الْخَادِم ، أَوْ تَسْهُل الأُمُور عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُون تَعَاطِيه
أُمُوره أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِم لَهَا " انتهى من فتح الباري .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح .
والله أعلم .
*****
70236
تريد أن تسلم هي وصديقها المتزوج فهل لهما أن يتزوجا بعد الإسلام ؟
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5744)
سؤال رقم 70236- تريد أن تسلم هي وصديقها المتزوج فهل لهما أن يتزوجا بعد الإسلام ؟
أحب صديقي حبا شديدا لكني وجدت أنه متزوج ، ونحن نريد حقا أن نكون مع بعضنا ، لكنه يحب أبناءه ، وزوجته لا تريد الطلاق . لقد قررنا أن نغير ديننا – الكاثوليكية - ونسلم. فهل يمكننا ذلك؟ وإذا أسلم، فهل يمكنه أن يتزوجني حتى إن كان متزوجا ؟.
الحمد لله
نعم ، يمكنكما الدخول في الإسلام ، وسيكون هذا أعظم قرار تتخذانه
في هذه الحياة ، لما يترتب عليه من السعادة الأبدية ، إن شاء الله . ويسرنا أن
نتلقّى منكما هذا الخبر السار في أقرب وقت .
وإذا أسلم صديقك فلا مانع من زواجه منك ، ولو كان متزوجا بأخرى ،
إذا كان لديه القدرة المالية والبدنية ، وكان يرى من نفسه أنه يستطيع العدل بينكما
في المبيت والنفقة والسكنى ، وكل ما يمكن فيه العدل ، فإن خاف عدم العدل ، اقتصر
على واحدة ؛ لقول الله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) النساء/3 .
وينظر السؤال ( 12523 )
، ( 49044 )
نسأل الله أن يوفقكما لما فيه الخير والهدى والفلاح .
والله أعلم .
*****
70256
تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >
التربية > تربية النفس >
التربية > تربية الأولاد >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5745)
سؤال رقم 70256- تريد النصيحة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب
أنا امرأة مسلمة أعيش في دولة أجنبية مع زوجي لطلب العيش ، أرجو أن تذكروا الالتزامات والقواعد والواجبات التي يجب على المرأة المسلمة الالتزام بها وتحافظ عليها ؛ وذلك لكثرة عدد المسلمات في الدول الأجنبية .
الحمد لله
1. أول ما يجب عليكم هو ترك تلك الديار الكافرة ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم بَرِئ ممن أقام بين أظهر المشركين ، ولذلك فإنه يحرم عليكم البقاء
في بلاد الكفر ، وخاصة أنكم فيها من أجل العمل ، وليس هذا من الأعذار الشرعية التي
تجيز لكم البقاء فيها .
انظر السؤال ( 13363 ) و
( 27211 ) عن تحريم الإقامة في بلاد الكفر
، وشروط جواز ذلك في بعض الحالات .
2. وعليكم أن تختاروا من البلاد الإسلامية الأقرب إلى الستر
والعفاف والاستقامة على الدين ، ومن المعلوم أن البلاد الإسلامية تتفاوت فيما بينها
في هذه الأمور ، وليست كل البلاد يمكنكم الإقامة فيها – للأسف – بل يتبع هذا
لجنسيتكم وقوانين البلد .
3. فإن لم يحصل منكم مغادرة لتلك البلاد : فعليكن بتقوى الله
تعالى ، والاستقامة على أمره عز وجل في كل شئونكن ، وأول ذلك : الحرص على أسركن من
التفكك والضياع في تلك البلاد التي تساهم في هذا ، فيجب عليكن الاهتمام بأولادكن
ذكوراً وإناثاً وتربيتهم تربية إسلامية وربطهم بالتاريخ الإسلامي وتعليمهم الأحكام
الشرعية ، وتقوية اللغة العربية عندهم .
4. يجب أن يكون مكان سكن الأسر المسلمة بعيداً عن أماكن الفجور
والانحلال ، ولا بدَّ من اجتماع الأسر المسلمة المحافظة في مكان واحد من أجل أن
يقوِّي أحدهم الآخر ، ويعين بعضهم بعضاً على طاعة الله تعالى ، ويساهمون بالتالي في
حسن تربية أنفسهم وأبنائهم .
5. يحرم عليكن ترك الحبل على غاربه في علاقات أولادكم بأولاد
الكفار ، ولا يجوز لكم تمكينهم من مشاهدة البرامج والأفلام الهابطة التي تدمر
الأخلاق ، كما يجب الاهتمام بقراءاتهم ومراقبتها حتى لا تضل أفكارهم أو يفقدوا
دينهم .
6. ينبغي أن يكون لكم في أسرتكم أوقات محددة ولو كانت قصيرة
تلتقي فيها الأسرة جميعها لمتابعة بعضهم بعضا ، وللوقوف على مشاكل كل واحد من
الأسرة قبل تفاقمها وصعوبة أو استحالة حلها .
7. كما يجب عليكن حسن اختيار الصحبة للأسر التي تختلطون بها ؛
خشية أن يكون لبعضهم تأثير سلبي على أفراد أسرتكم فتضيع جهودكم في التربية والتوجيه
.
8. عليكن تبغيض هذه الحضارة وأخلاقها في نفوس أولادكم ، وإعلامهم
بمخالفتها للشرائع والفطَر السليمة ، وضرب الأمثلة على ذلك ، وربطهم بالحضارة
الإسلامية وأخلاقها ، وتنبيههم على أن بقاءكم في تلك الديار لن يطول .
9. وعليكن بكثرة زيارة البلد الله الحرام مكة المكرمة ، فاحرصوا
على الحج كل عام ، وعلى العمرة أكثر من مرَّة في العام الواحد إن تيسر تقويةً
لإيمانكم وتعليقاً لقلوب أولادكم بالإسلام والمسلمين ، وللأسف نرى تقصيراً واضحاً
من الجاليات المسلمة في بلاد الكفر في هذا الجانب .
10. تكوين مكتبة إسلامية من كتب وأشرطة وأقراص إسلامية لربط
أفراد الأسرة بدينهم ، وتسهيل الرجوع إلى معرفة الأحكام الشرعية ، وإغلاق طرق
التضليل التي تساهم في تجهيلهم وإفسادهم ، وحبذا أن يكون لقناة " المجد " حضور في
بيوتكم لما تقدمه من علم نافع ، ولحرصهم أن لا يكون فيها نساء ولا موسيقى ، وكذا
ربطهم بالمواقع المفيدة في الإنترنت .
والحقيقة أن النصائح كثيرة ، وكثرتها إنما هو بسبب كثرة ما في
تلك الديار الكافرة من ضلال وانحلال وتفسخ وتهتك ، وتحتاج كل جوانب الحياة لنصح
وتوجيه وإرشاد ، ولكن ما قلناه أولاً يوفر كثيراً من النصائح وهو الخروج من تلك
الديار إلى بلاد الإسلام ، ومن بقي في تلك الديار فليعلم أن الله تعالى سائله عن
رعيته يوم القيامة ، فليعد للسؤال جواباً ، ونسأل الله تعالى أن يسهل لكم الخروج من
تلك الديار ، وأن يثبتكم على الإسلام والهداية والتوفيق والرشاد ، وأن يصلح لكم
ذريتكم ، ويجعلهم دعاة للإسلام .
ونرجو الرجوع إلى السؤال رقم ( 4237 ) : ففيه زيادة بيان حول المحافظة
على الأبناء وأفكارهم في الغرب .
والله الموفق .
*****
70265
درجة حديث ما يسمى " دعاء جبريل "
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >
الرقائق > الدعاء > أدعية لا تصح >(1/5746)
سؤال رقم 70265- درجة حديث ما يسمى " دعاء جبريل "
فضل هذا الدعاء : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( نزل عليّ جبرائيل وأنا أصلي خلف المقام ، فلما فرغت من الصلاة دعوت الله تعالى وقلت : حبيبي علمني لأمتي شيئا إذا خرجت من الدنيا عنهم يدعون الله تعالى فيغفر لهم ، فقال جبريل : ومن أمتك يشهدون لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله ، ويصومون أيام الثلاثة البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر ، ثم يدعون الله بهذا الدعاء ، فإنه مكتوب حول العرش ، وأنا يا محمد بقوة هذا الدعاء أهبط وأصعد ، وملك الموت بهذا الدعاء يقبض أرواح المؤمنين ، وهذا الدعاء مكتوب على أستار الكعبة وأركانها ، ومن قرأ من أمتك هذا الدعاء يأمن عذاب القبر ، ويكون من آمناً يوم الفزع الأكبر ، ومن موت الفجّار ، وغناه عن خلقه ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وأنت شفيعه يوم القيامة يا محمد . . . .
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله الطاهرين سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت المؤمن المهيمن سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت المصور الرحيم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت السميع العليم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت الحي القيّوم سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت البصير الصادق سبحانك ، أنت الله لا إله الله إلا أنت الواسع اللطيف سبحانك ، أنت الله لا إله إلا أنت العليّ الكبير سبحانك . . .إلخ الدعاء .
هل ما كتب صحيح ؟ .
الحمد لله
هذا الحديث والذي يسمَّى " دعاء جبريل " لا أصل له في السنة
الصحيحة ، بل ولا في الضعيفة ، وهو من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه
وسلم ، ومن قرأ ألفاظ الحديث والدعاء لم يشك أنه من وضع الزنادقة ، ففي بيان بعض
فضائل هذا الدعاء قوله : " ومَن كتبه على كفنه بتربة الحسين عليه السلام أمِنَ مِن
عذاب القبر " ! .
وفي بعض ألفاظه ما يدل على حماقة قائله ، وظنه أنه قد ينطلي هذا
الدعاء على حماة الدِّين ، فاسمع إليه يقول : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فحفظته ، وعلَّمته المؤمنين من شيعتنا وموالينا " !!
أما المبالغات في الأجور والثواب ، والأخطاء في النحو والإملاء :
فحدِّث عن هذا ولا حرج ، ونص أوله : " اللهم صلِّ على محمد وآل محمد لا إله إلا
الله بعدد ما هلَّله المهللون ، الله أكبر بعدد ما كبّره المكبرون ، الحمد لله
الحمد لله بعدد ما حَمِدهُ الحامدون ، سبحان الله بعدد ما سبّحه المسبحون ، أستغفر
الله أستغفر الله بعدد ما استغفره المستغفرون " .
وعلى كل حال : ففي صحيح السنَّة ما يغني عن مثل هذه الخرافات
والضلالات ، والوصية للأخ السائل أن يقرأ كتاب " حصن المسلم " أو " صحيح الكلِم
الطيب " ، وكذا ما ذكره الأئمة الثقات كالبخاري ومسلم في كتبهم في أبواب الأدعية ،
ففيه الخير الكثير .
والله أعلم .
*****
70272
هل الهدية لا تُهدى ولا تُباع ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/5747)
سؤال رقم 70272- هل الهدية لا تُهدى ولا تُباع ؟
هل يجوز بيع الهدية ؟ حيث إن هناك مقولة بأن الهدية لا تهدى ولا تباع ؟.
الحمد لله
المقولة المشهورة بين كثير من الناس : " الهدية لا تُهدى ولا
تُباع " مقولة غير صحيحة ، ومخالفة للشرع ، بل من تملَّك هدية بطريق شرعي فإن له
الحق في التصرف بها بيعاً وإجارة وإهداءً ووقفاً ، ولا حرج عليه في ذلك ، ومن منع
شيئاً من ذلك لم يُصب ، وقد جاء في السنَّة النبوية الصحيحة ما يدل على هذا .
1- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةَ أَهْدَى
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبَ حَرِيرٍ ، فَأَعْطَاهُ
عَلِيًّا ، فَقَالَ : ( شَقِّقْهُ خُمُرًا بَيْنَ الْفَوَاطِمِ ) .
رواه البخاري (2472) ومسلم – واللفظ له - (2071) .
" أُكَيْدِرَ دُومَةَ " : هو أكيدر بن عبد الملك الكندي ، واختلف
في إسلامه والأكثر على أنه لم يُسلم .
" الخُمُر " : جمع خمار .
" الفواطم " : هن ثلاث : فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
، وفاطمة بنت أسد , وهي أم علي بن أبي طالب , وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب .
وفي الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أهدى ما أُهدي إليه ،
وعليه : فهو يدل على بطلان من منع من إهداء الهدية .
2- وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً
مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا
خَلاقَ لَهُ ) فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ
إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ ،
فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ
لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ ! فَقَالَ
لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَبِيعُهَا أَوْ
تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ ) . رواه البخاري (906) ومسلم (2068) .
وفي الحديث نصٌّ على جواز بيع الهدية ، حيث قال النبي صلى الله
عليه وسلم لعمر في الهدية التي أهداه إياها : " تبيعها " .
3- وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَكُنْتُ عَلَى
بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ ،
فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ
وَيَرُدُّهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ :
بِعْنِيهِ . قَالَ : هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : بِعْنِيهِ .
فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ عُمَرَ ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) . رواه البخاري (2010) .
(بَكر) : ولد الناقة أول ما يُركب .
صعب : كثير النفور .
فقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر : ( هُوَ لَكَ
، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ ) يدل على أن من أهدي إليه شيء فقد صار ملكاً له ،
يتصرف فيه كما يشاء ، بالبيع أو الهدية أو غير ذلك .
والله أعلم .
*****
70274
هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5748)
سؤال رقم 70274- هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟
هل يجوز للدولة المسلمة في عصرنا الحاضر أن ترهق مواطنيها في عملية دفع فواتير الكهرباء والماء بحجة الترشيد والتقليل من استهلاك الطاقة ؟
أليس إنارة الشوارع والطرقات العامة يتنافى مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : ( ... وأطفئوا مصابيحكم ) .
يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه : ( لا يمنع المسلم أخاه المسلم من ثلاث : الماء ، والكلأ والنار ) .
ألا يجوز لنا أن نتحايل في دفع هذه الفواتير المرهقة ؟ وإذا كان لا يجوز هذا التحايل فكيف السبيل إلى تغيير نمط الحياة في الوقت الذي لا يعذر فيه رب الأسرة من أسرته وأقاربه وجيرانه ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجب على الحكومات والمسئولين أن يرفقوا بمواطنيهم ، وألا يحملوهم
ما لا يستطيعون ، ولا يجوز للدولة احتكار السلع والخدمات الأساسية الضرورية التي لا
يستغني الناس عنها ثم تبيعها لهم بأسعار مرتفعة .
ولتعلم الحكومات أنها ليست شركات استثمارية ، همها الربح من
المواطنين ، وإنما واجبها الأعظم هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم ،
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ
أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ
أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ) رواه مسلم (1828)
.
وليعلم هؤلاء أنهم موقوفون غداً بين يدي الله ، وحاسبون على
أعمالهم ، ومجزيون عليها ، وسيسأل كل حاكم ومسئول وصاحب ولاية عن كل من تحت رعيته (
كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .
ورضي الله عن عمر ، كان يقول : لو عثرت بغلة بالعراق ( على أطراف
الدولة الإسلامية يومئذ ) لسألني الله عنها يوم القيامة : لِمَ لَمْ تصلح لها
الطريق يوم القيامة يا عمر !!
إلى هذا الحد سيكون السؤال يوم القيامة ، حتى عن الحيوانات ،
فكيف بمئات الآلاف أو الملايين من الناس الذين وقع عليها الظلم ؟!
والعدل به قامت دولٌ ، وبالظلم انهارت دولٌ .
" ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ; ولا
يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة . ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ، ولا تدوم مع
الظلم والإسلام . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذنب أسرع عقوبة من
البغي وقطيعة الرحم ) ; فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة
، وذلك أن العدل نظام كل شيء ; فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت ، وإن لم يكن
لصاحبها في الآخرة من خلاق ، ومتى لم تقم بعدل لم تقم ، وإن كان لصاحبها من الإيمان
ما يجزى به في الآخرة "
"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/146) .
ثانيا ً:
على المسلم الصبر والاحتساب وألا يقابل الغش والظلم بمثله .
فلا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء ، ولا التحايل على عدم دفع
الفواتير المستحقة ؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء
أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني
ضرائب ظالمة رغماً عني .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع
فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه
الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء
الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ
إِلَى أَهْلِهَا ) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ
مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
ثالثاً :
الاستدلال لما ذكرت بحديث : ( ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ
وَالْكَلأُ وَالنَّارُ ) رواه ابن ماجة (2473) وفي رواية : (
الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ
وَثَمَنُهُ حَرَامٌ ) رواه ابن ماجه (2472) وصححهما الألباني في صحيح ابن
ماجه ، هذا الاستدلال غير صحيح ، فإن هذه الأشياء إذا حيزت وجُمعت ،
جاز بيعها ، كأن يباع الماء في قوارير مثلا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله : " ولا يصح بيع نقع
البئر " نقع البئر هو : ماؤه الذي نبع من الأرض ، فلا يجوز بيع هذا الماء ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ) ولأن
هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان ؛ بل بقدرة الله عز وجل ، فقد يحفر الإنسان بئرا
عميقا ولا يخرج الماء فليس من كده ولا فعله ، بل هو سبب ، فلذلك لا يملكه ، وإذا
كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه ، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه
يجوز بيعه ؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة " انتهى من "الشرح الممتع" (8/154) .
وكذلك الاستدلال بحديث الأمر بإطفاء المصابيح ، فإن ظاهره
الاقتصار على المصابيح والسرج التي يمكن أن تكون سبباً في إحراق البيت ، ولفظ
الحديث ما رواه أبو داود (5247) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا
بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا ، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ
مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ ، فَقَالَ : ( إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ،
فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى مسلم (2012) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( أَطْفِئُوا
السِّرَاجَ . . . فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ
بَيْتَهُمْ ) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء السرج قبل النوم إذا خيف
من تركها أن تكون سببا في حصول حريق في البيت ، ولذلك ذكر العلماء كابن دقيق العيد
والنووي والحافظ ابن حجر أن الإنسان إذا استوثق قبل نومه ، من عدم سقوط المصباح ،
فلا حرج عليه حينئذ من النوم وترك المصباح موقداً .
انظر : "فتح الباري" (11/89) .
وقد يقال : إن إنارة الشوارع في الليل سبب لتقليل الجرائم
والشرور ، وهذا أمر مشاهد معلوم .
رابعاً :
ينبغي لكل إنسان أن يقتصد في استعمال الكهرباء والماء ، وأن
يكتفي بالقدر الذي يحتاجه ، دون إسراف ، لعموم الأدلة الناهية عن الإسراف والتبذير
وإضاعة المال ، دون مراعاة لما يقوله الأقارب والجيران ، ومن الملاحظ أن كثيرا من
الناس يضيئون جميع غرف البيت دون حاجة لذلك ، أو يشغلون أجهزة التكييف أو السخانات بإسراف .
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
70275
حصل بينها وبين خطيبها بعض المنكرات فهل بزواجهما تغتفر؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/5749)
سؤال رقم 70275- حصل بينها وبين خطيبها بعض المنكرات فهل بزواجهما تغتفر؟
منذ سنة تقريبا قد تمت خطبتي من شاب صالح ، والآن قد عقد قراننا ، ولكن كان قبل عقد القران كان يمسك يدي ويقبلني ، وأنا أعلم أنه حرام شرعاً ، فهل الآن قد غفر الله لي من بعد عقد قراننا أم سيظل ذنبا ويجب الاستغفار منه والتكفير عنه ؟.
الحمد لله
يطلق لفظ " الخطوبة " عند كثير من الناس على ما بعد العقد وقبل
الدخول ، فإن كان هذا هو المراد في السؤال ، فلا حرج عليكما مما حدث بينكما ، لأنه
بمجرد العقد تصير المرأة زوجة للرجل ، فلا حرج على كل منهما أن يستمتع بصاحبه .
وإن كان قصدكِ بالخطبة مجرد الوعد بالزواج والاتفاق عليه من غير
حصول للعقد ، فإنَّ ما حصل بينكما محرَّم ، ولم تُبِح الشريعة في تلك الفترة أكثر
من النظر حتى يعزم كل من الرجل والمرأة على الخطبة .
والواجب عليكما – في هذه الحال – التوبة والاستغفار والندم على
هذه الأفعال ، ولا يكفي عقد القران بينكما لتكفير هذه السيئات ، بل الواجب التوبة
والاستغفار .
وأما الكفارة ؛ فليس هناك كفارة معينة لما حصل بينكما ، غير أنه
من المشروع لمن تاب أن يكثر من الأعمال الصالحة من صلاة النافلة والصيام والصدقة
ونحو ذلك ، قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه / 82
وللاستزادة : يمكن الرجوع إلى أجوبة الأسئلة : ( 3215 ) و ( 12182 ) و ( 2572 ) .
والله أعلم .
*****
70276
كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/5750)
سؤال رقم 70276- كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها ؟
هل إبليس سوف يدخل النار ؟ وكيف يدخل النار وهو مخلوق من نار ؟ وهل هناك شيء يؤكد كيف سيعذب إبليس ؟ .
الحمد لله
أولاً :
أمَّا أن إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها : فهذا مما لا شك فيه ،
وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات ، ومنها :
1. قال تعالى : ( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ
أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ
طِينٍ ... قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ
لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأعراف/12– 18 .
قال الطبري :
وهذا قسم من الله جلّ ثناؤه ، أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ
الله إبليس وأطاعه : أن يملأ جهنم من جميعهم يعني : من كفرة بني آدم أتباع إبليس ،
ومن إبليس وذرّيته " انتهى باختصار وتصرف يسير .
"تفسير الطبري" (8/139) .
2. وقال تعالى : ( قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ
مَعَ السَّاجِدِينَ ... إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ
اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ . وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ .
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) الحجر/32– 44 .
قال الشنقيطي رحمه الله :
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدم بيَّن فيها أن إبليس
وجميع من تبعه كلهم في النار كما قال هنا : ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ
أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) .
"أضواء البيان" (3/131) .
3. وقال تعالى : ( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ *
لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) ص/84، 85 .
4. وقال تعالى حاكياً قول الجن : ( وَأَنَّا مِنَّا
الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا
رَشَداً . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً ) الجن/14،
15 .
ثانياً :
أما كيف يعذَّب إبليس في النار وقد خُلق من النار : فالجواب عنه
:
أنه لا يلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا الآن ناراً ،
كما أن الإنس خلقوا من تراب وليسوا الآن تراباً .
قال أبو الوفاء بن عقيل :
" أضاف الشياطين والجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى
التراب والطين والفخار ، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين ، وليس الآدمي
طيناً حقيقة ، لكنه كان طيناً ، كذلك الجان كان ناراً في الأصل " انتهى .
"لقط المرجان في أحكام الجان" (ص 33) بواسطة "عالم الجن والشياطين" (ص 58) .
وإذا كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منه يؤذيهم ، وإن دفنوا تحته
ماتوا ، وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو ماتوا ، فكذلك ليس غريباً أن يكون
الجن قد خلقوا من النار ، ويعذبون بنار جهنم .
والجن خلقهم الله تعالى من نار ، ولكنهم ليسوا الآن ناراً ،
والأدلة على ذلك كثيرة ، منها :
1. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حتى
وجدت برد لسانه على يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقا حتى يراه
الناس ) رواه النسائي في "السنن الكبرى" ( 6 / 442 ) ، وصححه ابن حبان ( 6 /
115 ) .
2. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قام رسول الله صلى الله
عليه وسلم فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ثم قال : ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده
كأنه يتناول شيئا ، فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله قد سمعناك تقول في
الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ، قال : إن عدو الله إبليس
جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك
بلعنة الله التامة فلم يستأخر ، ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله لولا دعوة أخينا
سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة . رواه مسلم ( 542 ) .
فمن هذين الحديثين يتبين لنا أن الجن الآن ليسوا ناراً ؛ ويدل
على ذلك : ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم من برد لسان الشيطان ، كما في
الحديث الأول ، وأن الشيطان لو كان باقيًا على ناريته ما احتاج أن يأتي بشهاب
ليجعله في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما استطاع الولدان أن يلعبوا به .
3. ومن الأدلة – كذلك - : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن
الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) رواه البخاري ( 1933 ) ومسلم ( 2175 )
.
ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان ؛ لأن الشيطان داخله ،
فتبين الفرق بين كون الشيطان ناراً وكونه مخلوقاً من نار .
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن
يعذبه بنار جهنم ، فإن الله تعالى على كل شيء قدير ، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى .
والله أعلم .
*****
70278
هل تؤكل ذبيحة تارك الصلاة ؟
الفقه > عبادات > التذكية >
الفقه > عبادات > الأضحية >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/5751)
سؤال رقم 70278- هل تؤكل ذبيحة تارك الصلاة ؟
أود أن أسال كيف نفعل لو كان أخي لا يصلى وهو في الشرع يعتبر كافراً ، فهل نأكل مما يذبح أم لا ؟.
الحمد لله
الواجب عليكم نصح أخيكم بالمحافظة على الصلاة ، وأعلموه بحكم
الله تعالى في تاركها ، وامنعوه من مباشرة الذبح لكم ، وليعلم سبب هذا المنع ، وهو
أن تارك الصلاة يعتبر كافراً ، فلا تحل ذبيحته ، فلعل معرفته الحكم تؤثر فيه ،
ويرجع إلى دينه ويقيم الصلاة ، وهذا خير له في دينه ودنياه ، وعاجله وآجله .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز الأكل من ذبائح تارك الصلاة عمداً - علما أنه إذا أخبر
بذلك احتج بأنه كان ينطق بالشهادة ، كيف العمل إذا لم يوجد أي جزار يصلي ؟
فأجاب :
" الذي لا يصلي لا تؤكل ذبيحته ، هذا هو الصواب ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه مسلم في صحيحه عن
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما ، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام : (
العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن
الأربع بإسناد صحيح من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه ، وقوله صلى الله
عليه وسلم : ( رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ) أخرجه الإمام أحمد والترمذي
بإسناد صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فكل شيء سقط عموده لا يستقيم ولا يبقى ،
ومتى سقط العمود سقط ما عليه .
وبذلك يعلم أن الذي لا يصلي لا دين له ، ولا تؤكل ذبيحته ، وإذا
كنت في بلد ليس فيها جزار مسلم فاذبح لنفسك ، واستعمل يدك فيما ينفعك ، أو التمس
جزارا مسلما ولو في بيته حتى يذبح لك ، وهذا بحمد الله ميسر فليس لك أن تتساهل في
الأمر .
وعليك أن تنصح هذا الرجل بأن يتقي الله وأن يصلي ، وقوله : " إنه
يكتفي بالشهادتين " غلط عظيم ، فالشهادتان لا بد معهما من حقهما ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول
الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم
إلا بحقها وحسابهم على الله ) متفق على صحته .
فذكر الصلاة والزكاة مع الشهادتين ، وفي اللفظ الآخر : ( أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الله ، فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم
وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ) والصلاة من حقها ، والزكاة من حقها .
فالواجب على المؤمن أن يتقي الله ، والواجب على كل من ينتسب إلى
الإسلام أن يتقي الله ويصلي الصلوات الخمس ويحافظ عليها ، وهي عمود الإسلام ، وهي
الركن الأعظم من أركان الإسلام بعد الشهادتين ، من ضيعها ضيع دينه ، ومن تركها خرج
عن دينه ، نسأل الله العافية .
هذا هو الحق والصواب ، وقال بعض أهل العلم : إنه لا يكون كافرا
كفرا أكبر ، بل يكون كفره كفرا أصغر ، ويكون عاصيا معصية عظيمة ، أعظم من الزنا ،
وأعظم من السرقة ، وأعظم من شرب الخمر ، ولا يكون كافرا كفرا أكبر إلا إذا جحد
وجوبها ، هكذا قال جمع من أهل العلم ، ولكن الصواب ما دل عليه قول الرسول صلى الله
عليه وسلم ، أن مثل هذا يكون كافرا كفرا أكبر كما تقدم من الأحاديث في ذلك ؛ لأنه
ضيع عمود الإسلام وهو الصلاة .
فلا ينبغي التساهل بهذا الأمر ، وقال عبد الله بن شقيق العقيلي
التابعي الجليل رحمه الله : لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه
كفر إلا الصلاة .
فذكر إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة عندهم كافر ، نسأل الله
العافية .
فالواجب الحذر ، والواجب المحافظة على هذه الفريضة العظيمة ،
وعدم التساهل مع من تركها ، فلا تؤكل ذبيحته ، ولا يدعى لوليمة ، ولا تجاب دعوته ؛
بل يهجر حتى يتوب إلى الله وحتى يصلي ، نسأل الله الهداية للجميع " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/274– 276) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 1553 ) .
والله أعلم .
*****
70282
هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >
الرقائق > الدعاء >(1/5752)
سؤال رقم 70282- هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج ؟
هل الدعاء يوم عرفة مستجاب لغير الحاج ؟.
الحمد لله
عن عائشة رضي الله عنه قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : ( ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه
ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ) رواه مسلم ( 1348 ) .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي ( 3585 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1536 ) .
وعن طلحة بن عبيد بن كريز مرسلا : ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ) رواه مالك في " الموطأ " ( 500 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " (
1102 ) .
وقد اختلف العلماء هل هذا الفضل للدعاء يوم عرفة خاص بمن كان في
عرفة أم يشمل باقي البقاع ، والأرجح أنه عام ، وأن الفضل لليوم ، ولا شك أن من كان
على عرفة فقد جمع بين فضل المكان وفضل الزمان .
قال الباجي رحمه الله :
قوله : " أفضل الدعاء يوم عرفة " يعني : أكثر الذكر بركة وأعظمه
ثوابا وأقربه إجابة ، ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة ؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في
حقه يصح ، وبه يختص ، وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه
، والله أعلم " انتهى .
" المنتقى شرح الموطأ " ( 1 / 358 ) .
وقد ثبت عن بعض السلف أنهم أجازوا " التعريف " وهو الاجتماع في
المساجد للدعاء وذكر الله يوم عرفة ، وممن فعله ابن عباس رضي الله عنهما ، وأجازه
الإمام أحمد وإن لم يكن يفعله هو .
قال ابن قدامة رحمه الله :
قال القاضي : ولا بأس بـ " التعريف " عشية عرفة بالأمصار ( أي ِ:
بغير عرفة ) ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله – أي : الإمام أحمد - عن التعريف في
الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة ، قال : " أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير
واحد " ، وروى الأثرم عن الحسن قال : أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله وقال
أحمد : " أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حُرَيث " .
وقال الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع : كانوا يشهدون المسجد يوم
عرفة ، قال أحمد : لا بأس به ؛ إنما هو دعاء وذكر لله . فقيل له : تفعله أنت ؟ قال
: أما أنا فلا ، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة " انتهى .
" المغني " ( 2 / 129 ) .
وهذا يدل على أنهم رأوا أن فضل يوم عرفة ليس خاصاً بالحجاج فقط ،
وإن كان الاجتماع للذكر والدعاء في المساجد يوم عرفة ، لم يرد عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، ولذلك كان الإمام أحمد لا يفعله ، وكان يرخص فيه ولا ينهى عنه لوروده
عن بعض الصحابة ، كابن عباس وعمرو بن حريث رضي الله عنهم .
والله أعلم .
*****
70290
ما الذي يمتنع عنه من أراد أن يضحي؟
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/5753)
سؤال رقم 70290- ما الذي يمتنع عنه من أراد أن يضحي؟
بالنسبة لغير الحاج من المسلمين , ما الذي يجب فعله في الأيام العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة ؟ يعني : هل قص الأظافر والشعر لا يجوز ووضع الحناء ولبس الملابس الجديدة لا يجوز إلا بعد ذبح الأضحية ؟.
الحمد لله
إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة وأراد أحدٌ أن يضحي فإنه يحرم عليه
أخذ شيء من شعر جسمه أو قص أظفاره أو شيء من جلده ، ولا يُمنع من لبس الجديد ووضع
الحناء والطيب ، ولا مباشرة زوجته أو جماعها .
وهذا الحكم هو للمضحي وحده دون باقي أهله ، ودون من وكَّله بذبح
الأضحية ، فلا يحرم شيء من ذلك على زوجته وأولاده ، ولا على الوكيل .
ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الحكم ، فلو أرادت امرأة أن
تضحي عن نفسها ، سواء كانت متزوجة أم لم تكن فإنها تمتنع عن أخذ شيء من شعر بدنها
وقص أظفارها ، لعموم النصوص الواردة في المنع من ذلك .
ولا يسمَّى هذا إحراماً ؛ لأنه لا إحرام إلا لنسك الحج والعمرة ،
والمحرم يلبس لباس الإحرام ويمتنع عن الطيب والجماع والصيد وهذا كله جائز لمن أراد
أن يضحي بعد دخول شهر ذي الحجة ، ولا يُمنع إلا من أخذ الشعر والأظفار والجلد .
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ ،
فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ) رواه مسلم ( 1977 ) وفي رواية : ( فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا ) .
والبشرة : ظاهر الجلد الإنسان .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" يشرع في حق من أراد أن يضحي إذا أهل هلال ذي الحجة ألا يأخذ من
شعره ولا من أظافره ولا بشرته شيئاً حتى يضحي ؛ لما روى الجماعة إلا البخاري رحمهم
الله ، عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا
رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ولفظ أبي داود
ومسلم والنسائي : ( من كان له ذِبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنَّ من
شعره ومن أظفاره شيئاً حتى يضحي ) سواء تولى ذبحها بنفسه أو أوكل ذبحها إلى غيره ،
أما من يضحِّي عنه فلا يشرع ذلك في حقه ؛ لعدم ورود شيء بذلك ، ولا يسمى ذلك
إحراماً ، وإنما المحرم هو الذي يحرم بالحج أو العمرة أو بهما " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 397 ، 398 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
الحديث : ( من أراد أن يضحي أو يُضحَّى عنه فمن أول شهر ذي الحجة
فلا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظفاره شيئاً حتى يضحي ) هل هذا النهي يعم أهل
البيت كلهم ، كبيرهم وصغيرهم أو الكبير دون الصغير ؟
فأجابوا :
" لا نعلم أن لفظ الحديث كما ذكره السائل ، واللفظ الذي نعلم أنه
ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ما رواه الجماعة إلا البخاري عن أم سلمة رضي
الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد
أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ، ولفظ أبي داود - وهو لمسلم والنسائي
أيضاً - : ( من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره
حتى يضحي ) فهذا الحديث دال على المنع من أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة
لمن أراد أن يضحي ، فالرواية الأولى فيها الأمر والترك ، وأصله أنه يقتضي الوجوب ،
ولا نعلم له صارفاً عن هذا الأصل ، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ ، وأصله
أنه يقتضي التحريم ، أي : تحريم الأخذ ، ولا نعلم صارفاً يصرفه عن ذلك ، فتبين بهذا
: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط ، أما المضحى عنه فسواء كان كبيراً أو
صغيراً فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز
، ولا نعلم دليلاً يدل على خلاف الأصل " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 426 ، 427 ) .
ثانياً :
لا يحرم شيء من هذا على من لم يرد التضحية لعدم قدرته ، ومن أخذ
شيئاً من شعره أو أظفاره وكان أراد التضحية فلا يلزمه فدية ، والواجب عليه التوبة
والاستغفار .
قال ابن حزم رحمه الله :
من أراد أن يضحي ففرض عليه إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يأخذ من
شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي , لا بحلق , ولا بقص ولا بغير ذلك , ومن لم يرد
أن يضحي لم يلزمه ذلك .
" المحلى " ( 6 / 3 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
إذا ثبت هذا , فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار , فإن فعل
استغفر الله تعالى ، ولا فدية فيه إجماعا , سواء فعله عمداً أو نسياناً .
" المغني " ( 9 / 346 ) .
فائدة :
قال الشوكاني :
والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار ، وقيل :
للتشبه بالمحرم , حكى هذين الوجهين النووي وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني
غلط ; لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم .
" نيل الأوطار " ( 5 / 133 ) .
و
الله أعلم .
*****
70295
هل تشرع صلاة الحاجة ؟ وهل تنفع التجربة لفعلها ؟
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >
أصول الفقه > البدعة >
الرقائق > الدعاء > أدعية لا تصح >(1/5754)
سؤال رقم 70295- هل تشرع صلاة الحاجة ؟ وهل تنفع التجربة لفعلها ؟
صلاة الحاجة باثنتي عشرة ركعة مع التشهد بين كل ركعتين وفي التشهد الأخير نثني على الله عز وجل ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسجد ونقرأ فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات ونقول عشر مرات " لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " ، ثم نقول : " اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة " ثم نسأل حاجتنا ونرفع رأسنا من السجود ونسلم يميناً و يساراً .
سؤالي هو :
قيل لي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في السجود وقد جربتها في أيام الدراسة والله سبحانه وتعالى استجاب دعائي وأنا لي حاجة إلى الله سبحانه وتعالى وأريد أن أصليها فما هي نصيحتكم لي ؟.
الحمد لله
رويت " صلاة الحاجة " في أربعة أحاديث : اثنان منهما موضوعان ،
والصلاة في أحدهما اثنتا عشرة ركعة ، وفي الآخر ركعتان ، والثالث ضعيف جدّاً ،
والرابع ضعيف ، والصلاة فيهما ركعتان .
أما الأول : فهو الذي جاء في السؤال وهو من حديث ابن مسعود رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل
أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين ، فإذا تشهدت من آخر صلاتك فأثنِ على الله ، وصلِّ
على النبي صلى الله عليه وسلم ، واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات ، وقل : لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ،
ثم قل : اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم
وجدك الأعلى وكلماتك التامة ، ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ، ثم سلِّم يميناً وشمالاً
ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب لهم ) .
رواه ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 63 ) من طريق عامر بن
خداش عن عمرو بن هارون البلخي .
ونقل ابن الجوزي تكذيب عمرو البلخي عن ابن معين ، وقال : وقد صح
النهي عن القراءة في السجود .
انظر : " الموضوعات " ( 2 / 63 ) و " ترتيب الموضوعات " للذهبي ( ص 167 ) .
وفي الدعاء بـ " معاقد العز من عرش الله " خلاف بين العلماء ،
على حسب المقصود من هذا اللفظ الذي لم يرد في الشرع ، وقد منع الدعاء به بعض أهل
العلم ، ومنهم الإمام أبو حنيفة ؛ لأنه من التوسل البدعي ، وأجازه آخرون لاعتقادهم
أنه توسل بصفة من صفات الله عز وجل لا أنه يجوز عندهم التوسل بالمخلوقين .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
" أقول : لكن الأثر المشار إليه باطل لا يصح ، رواه ابن الجوزي
في " الموضوعات " وقال : " هذا حديث موضوع بلا شك " ، وأقره الحافظ الزيلعي في "
نصب الراية " ( 273 ) فلا يحتج به ، وإن كان قول القائل : " أسألك بمعاقد العز من
عرشك " يعود إلى التوسل بصفة من صفات الله عز وجل : فهو توسل مشروع بأدلة أخرى ،
تغني عن هذا الحديث الموضوع .
قال ابن الاثير رحمه الله : " أسألك بمعاقد العز من عرشك ، أي :
بالخصال التي استحق بها العرش العز ، أو بمواضع انعقادها منه ، وحقيقة معناه : بعز
عرشك ، وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ من الدعاء " .
فعلى الوجه الأول من هذا الشرح وهو الخصال التي استحق بها العرش
العز : يكون توسلاً بصفة من صفات الله تعالى فيكون جائزاً ، وأما على الوجه الثاني
الذي هو مواضع انعقاد العز من العرش : فهو توسل بمخلوق فيكون غير جائز ، وعلى كلٍّ
فالحديث لا يستحق زيادة في البحث والتأويل ؛ لعدم ثبوته ، فنكتفي بما سبق " انتهى كلام الألباني .
" التوسل أنواعه وأحكامه " ( ص 48 ، 49 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" هذا الحديث فيه من الغرابة كما ذكر السائل من أنه شرع قراءة
الفاتحة في غير القيام في الركوع أو في السجود ، وتكرار ذلك ، وأيضًا في السؤال
بمعاقد العز من العرش وغير ذلك ، وكلها أمور غريبة ، فالذي ينبغي للسائل أن لا يعمل
بهذا الحديث ، وفي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي
لا إشكال فيها ، وفيها من نوافل العبادات والصلوات والطاعات ما فيه الخير والكفاية
إن شاء الله " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قراءة القرآن في
الركوع والسجود .
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : نهاني رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً . رواه مسلم ( 480 ) .
وفي جواب السؤال رقم ( 34692 )
سبق ذكر الحديث وتضعيفه من جهة السند والمتن عن علماء اللجنة الدائمة فلينظر .
وأما الحديث الثاني الوارد في صلاة الحاجة فهو :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( جاءني جبريل عليه السلام بدعوات فقال : إذا نزل بك أمر من أمر دنياك
فقدمهن ثم سل حاجتك : يا بديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا صريخ
المستصرخين ، يا غياث المستغيثين ، يا كاشف السوء ، يا أرحم الراحمين ، يا مجيب
دعوة المضطرين ، يا إله العالمين ، بك أنزل حاجتي وأنت أعلم بها فاقضها ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) - ،
وذكر الشيخ الألباني – رحمه الله – في " ضعيف الترغيب " ( 419 ) و " السلسلة
الضعيفة " ( 5298 ) أنه موضوع .
وأما الحديث الثالث : فهو :
عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل
ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ليقل : لا إله
إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ،
أسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والغنيمة من كل بر ، والسلامة من كل إثم ، لا
تدع لي ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا
أرحم الراحمين ) .
رواه الترمذي ( 479 ) وابن ماجه ( 1384 ) .
قال الترمذي : هذا حديث غريب ، وفي إسناده مقال .
وذكر الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 416 ) وقال :
حديث ضعيف جدّاً .
وقد سبق تضعيف الحديث في جواب السؤال رقم ( 10387 )
فلينظر .
وأما الحديث الرابع فهو :
عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا علي
، ألا أعلمك دعاء إذا أصابك غم أو هم تدعو به ربك فيستجاب لك بإذن الله ، ويفرج عنك
؟ توضأ وصل ركعتين واحمد الله وأثن عليه ، وصل على نبيك ، واستغفر لنفسك وللمؤمنين
والمؤمنات ، ثم قل : اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، لا إله إلا
الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله رب السموات السبع
ورب العرش العظيم ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم كاشف الغم ، مفرج الهم ، مجيب
دعوة المضطرين إذا دعوك ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، فارحمني في حاجتي هذه
بقضائها ونجاحها رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ) .
رواه الأصبهاني – كما في " الترغيب والترهيب " ( 1 / 275 ) وضعفه
الألباني رحمه الله في " ضعيف الترغيب " ( 417 ) وقال : إسناده مظلم ، فيه من لا
يُعرف ، وانظر " السلسلة الضعيفة "( 5287 ) .
والخلاصة : أنه لم يصح في هذه الصلاة حديث ، فلا يشرع للمسلم أن
يصليها ، ويكفيه ما ورد في السنة الصحيحة من صلوات وأدعية وأذكار ثابتة .
ثانياً :
وأما قول السائلة إنها جربتها فوجدتها نافعة : فهذا قد قاله
غيرها قبلها ، والشرع لا يثبت بمثل هذا .
قال الشوكاني رحمه الله :
" السنَّة لا تثبت بمجرد التجربة ، وقبول الدعاء لا يدل على أن
سبب القبول ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد يجيب الله الدعاء من غير
توسل بسنَّة ، وهو أرحم الراحمين ، وقد تكون الاستجابة استدراجاً " انتهى
باختصار .
" تحفة الذاكرين " ( ص 140 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" وأما ما ذكر من أن فلانًا جرَّبه فوجده صحيحاً ، وفلانًا
جرَّبه فوجده صحيحاً ؛ هذا كله لا يدل على صحة الحديث ، فكون الإنسان يُجرِّب الشيء
ويحصل له مقصوده لا يدل على صحة ما قيل فيه أو ما ورد فيه ؛ لأنه قد يصادف حصول هذا
الشيء قضاءً وقدراً ، أو يصادف ابتلاءً وامتحاناً للفاعل ، فحصول الشيء لا يدل على
صحة ما ورد به " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 1 / 46 ) .
والله أعلم .
*****
70297
ما صحة حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/5755)
سؤال رقم 70297- ما صحة حديث إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ؟
ما صحة الحديث القائل بإحياء أم النبي محمد صلى الله عليه وسلم فآمنت به ثم ماتت ؟.
الحمد لله
لم يصح حديث في أن الله تعالى أحيا أبوي النبي صلى الله عليه
وسلم وأنهما آمنا به ثم ماتا ، بل الأحاديث الصحيحة الثابتة تدل على أنهما ماتا على
الكفر ، وأنهما من أهل النار .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : (
اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ،
وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ) رواه مسلم (976) .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ،
فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ . رواه مسلم (203) .
ومما يدل على عدم صحة هذه الأحاديث : أن هذا الأمر لو وقع لاشتهر
وانتشر ، لأنه يكون آية عظيمة من آيات الله تعالى ، فتتوفر الدواعي على نقلها .
وقد حكم أئمة العلم المحققون على هذه الأحاديث الواردة بأنها
موضوعة مكذوبة .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : حجَّ بنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم حجة الوداع ، فمرَّ بي على عقبة الحجون وهو باكٍ حزين مغتم ، فبكيتُ لبكاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إنه نزل فقال : يا حميراء استمسكي ، فاستند إلى
البعير فمكث عني طويلاً ، ثم إنه عاد إليَّ وهو فرح مبتسم ، فقلت له : بأبي أنت
وأمي يا رسول الله ، نزلت من عندي وأنت حزين مغتم فبكيت لبكائك ، ثم إنك عدت إليّ
وأنت فرح مبتسم ، فعَمَ ذا يا رسول الله ؟ فقال : ذهبت لقبر أمي آمنة فسألت الله أن
يحييها فأحياها ، فآمنت بي وردها الله عز وجل .
رواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " والخطيب البغدادي في "
السابق اللاحق " – كما قال السيوطي في " الحاوي " ( 2 / 440 ) - .
قال ابن الجوزي :
" هذا حديث موضوع بلا شك ، والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم ،
إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافراً لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة ، لا ؛ بل لو
آمن عند المعاينة لم ينتفع ، ويكفي رد هذا الحديث قوله تعالى : ( فيمت وهو كافر )
وقوله في الصحيح : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ) وقد كان أقوام
يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك ، قال شيخنا أبو الفضل بن
ناصر : هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة
والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون " انتهى .
"الموضوعات" (1/283) .
الحجون : موضع بمكة .
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وأما الحديث الذي ذكره السهيلي وذكر أن في إسناده مجهولين إلى
أبي الزناد عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل
ربه أن يحيي أبويه ، فأحياهما وآمنا به : إنه حديث منكر جدّاً ، وإن كان ممكناً
بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه " انتهى .
"البداية " (2/261) .
وقال ملا علي القاري عن هذا الحديث :
" موضوع ، كما قال ابن دحية ، وقد وضعت في هذه المسألة رسالة
مستقلة " انتهى .
"الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص 83) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : هل صح عن النبي
صلى الله عليه وسلم : أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم
ماتا بعد ذلك ؟
فأجاب :
" لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث ; بل أهل المعرفة متفقون على
أن ذلك كذب مختلق ، وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر - يعني الخطيب - في كتابه
"السابق واللاحق" وذكره أبو القاسم السهيلي في "شرح السيرة" بإسناد فيه مجاهيل ،
وذكره أبو عبد الله القرطبي في "التذكرة" وأمثال هذه المواضع ، فلا نزاع بين أهل
المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً ، كما نص عليه أهل العلم ، وليس ذلك في الكتب
المعتمدة في الحديث ; لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب
الحديث المعروفة ، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير ، وإن كانوا قد يروون الضعيف
مع الصحيح ، لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين ، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما
تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين : من
جهة إحياء الموتى ، ومن جهة الإيمان بعد الموت . فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره
، فلما لم يروه أحد من الثقات عُلِم أنه كذب .
ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع . قال الله تعالى :
( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب
الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) وقال : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات
حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار ) . فبين الله
تعالى : أنه لا توبة لمن مات كافراً . وقال تعالى : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما
رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) فأخبر أن سنته في
عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس ; فكيف بعد الموت ؟ ونحو ذلك من النصوص .
. . " انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (4/325) .
وبعض أهل التصوف لم يستطع تصحيح هذه الأحاديث وفق القواعد
الحديثية فصححها بالكشف !
يقول البيجوري :
" ولعل هذا الحديث - حديث إحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم
وإيمانهما ثم موتهما- صح عند أهل الحقيقة بطريق الكشف " انتهى .
"جوهرة التوحيد" (ص 30) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رادّاً على مثل هذا :
" وعامة هؤلاء إذا خوطبوا ببيان فساد قولهم قالوا من جنس قول
النصارى : هذا أمر فوق العقل ! ويقول بعضهم : يثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح
العقل " انتهى باختصار .
"الجواب الصحيح" (2/92) .
والله أعلم .
*****
70298
ما حكم الأذانين والإقامتين عند الجمع بين الصلاتين ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > الأذان >
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >(1/5756)
سؤال رقم 70298- ما حكم الأذانين والإقامتين عند الجمع بين الصلاتين ؟
ما حكم الأذانين والإقامتين عند الجمع بين الصلاتين ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في الأذان والإقامة للصلاتين المجموعتين ، والصحيح
من تلك الأقوال أنه يؤذَّن أذان واحد للصلاتين ، ويقام إقامتان ، لكل صلاة إقامة .
وهذا قول الحنفية والحنابلة , وهو المعتمد عند الشافعية , وهو
قول بعض المالكية .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (2/370) .
والدليل على ذلك : ما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في
حجة الوداع ، حيث صلَّى الظهر والعصر في عرفة جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين ،
وصلَّى المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير بأذان واحد وإقامتين – أيضاً - .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في وصف حجة الرسول صلى الله
عليه وسلم قال :
( ثم أذَّن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل
بينهما شيئا ... حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ) رواه مسلم (1218) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
يقول بعض الفقهاء : تصلَّى صلاة المغرب والعشاء جمعاً في المطر
بأذانين ، فما حكم ذلك ؟
فأجابوا :
" السنَّة أن الشخص يجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين
، إذا وُجد مسوغُ ذلك ؛ كالسفر والمرض والمطر في الحضر ، هذا هو الذي تدل عليه
السنة الصحيحة الصريحة ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (8/142) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" فإذا جمع الإنسانُ أذَّن للأُولى ، وأقام لكلِّ فريضة ، هذا إن
لم يكن في البلد ، أما إذا كان في البلد : فإنَّ أذان البلد يكفي ؛ وحينئذ يُقيم
لكلِّ فريضة .
دليل ذلك : ما ثبت في " صحيح مسلم " من حديث جابر أن النبي صلى
الله عليه وسلم أذَّن في عَرفة ، ثم أقام فصَلَّى الظُّهر ، ثم أقام فصلَّى العصر ،
وكذلك في مُزدَلِفَة حيث أذَّن وأقام فصَلَّى المغرب ، ثم أقام فَصَلَّى العشاء " انتهى .
"الشرح الممتع" (2/78، 79) .
وأما حكم الأذان والإقامة فهما فرض كفاية ، فيكفي عن الجماعة أن
يؤذن ويقيم أحدهم ، ولا يطلب ذلك من كل واحد من الجماعة ، وقد سبق في كلام الشيخ
ابن عثيمين رحمه الله أنهم إذا كانوا في بلد قد أذن فيه المأذنون في المساجد كفاهم
ذلك ، وأقاموا لكل صلاة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" والدَّليل على فرضيتهما – أي : الأذان والإقامة - : أَمْرُ
النبي صلى الله عليه وسلم بهما في عِدَّة أحاديث ؛ وملازمته لهما في الحضر والسَّفر
؛ ولأنه لا يتمُّ العلم بالوقت إلا بهما غالباً ، ولتعيُّن المصلحة بهما ؛ لأنَّهما
من شعائر الإسلام الظَّاهرة ... .
وهما واجبان على المقيمين والمسافرين ، ودليله : أنَّ النبي صلى
الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث وصحبِه : ( إذا حضرت الصَّلاةُ فليؤذِّن لكم
أحدُكُم ) متفق عليه ، وهم وافدون على الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام مسافرون
إلى أهليهم ، فقد أمر الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أن يُؤذِّن لهم أحدُهم ؛
ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يَدَعِ الأذان ولا الإقامة حَضَراً ولا سَفَراً
، فكان يُؤذِّن في أسفاره ويأمر بلالاً أن يُؤذِّنَ .
فالصَّواب : وجوبُه على المقيمين والمسافرين ... فيؤذن لكل صلاة
من الصلوات الخمس ، ما لم تُجمع الصَّلاة ؛ فإنه يكفي للصَّلاتين أذان واحد ، ولكن
لا بُدَّ من الإقامة لكلِّ واحدة منهما .
"الشرح الممتع" (2/42– 46) باختصار وتصرف يسير .
والله أعلم .
*****
703
تريد اعتناق الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5757)
سؤال رقم 703- تريد اعتناق الإسلام
أنا مهتمة جداً بالدين الإسلامي. ماذا أفعل لكي أدخل في الإسلام؟ كنت دائماً أبحث عن دين يجعلني أشعر بالقرب من الله كما يفعل الإسلام. شكراً لك على إتاحة الفرصة لي لتقديم هذا السؤال.
الجواب:
الحمد لله
سررنا كثيرا أيتها السائلة الكريمة بهذه الرغبة منك في الدخول في
الإسلام وإنه حقا الدين الذي يصل العبد بربّه مباشرة عن طريق التوحيد والعبادة مما
يبعث السكينة في النّفس والطمأنينة ويجلب السّعادة للمخلوق بهذه العلاقة الفريدة
المشتملة على الحب والخوف والرّجاء والخضوع لله تعالى وهذا المعنى الصحيح للعبادة
التي يجتمع فيها عمل القلب مع عمل اللسان بذكر الله بالإضافة إلى عمل الجوارح كما
يتجلّى ذلك بالصلاة والصوم والزكاة وتلاوة القرآن وغيرها مما سترين أثره بنفسك إن
شاء الله .
ولا شكّ أنّ هذه النتيجة التي توصّلت إليها كانت من أمرين عقل صحيح
وتوفيق من الله.
وأمّا عن الدّخول في الإسلام فإنه عملية سهلة جدا تتمثل بنطقك بالشهادتين
: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله وستجدين بقية التفاصيل في أجوبة
الأسئلة رقم 114 و 179 و 378
وختاما نقول لك مرحبا بك أختا لنا في الإسلام ونحن على أتمّ الاستعداد
لتقديم كلّ خدمة ممكنة . ونسأل الله أن يتمّ عليك نعمته ويثبتك على الحقّ . والله
الهادي إلى سواء السبيل.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7030
استخدام بطاقة الفيزا للضرورة
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/5758)
سؤال رقم 7030- استخدام بطاقة الفيزا للضرورة
أعلم أن استخدام بطاقة (فيزا كارد) وما شابهها من الأشياء التي لها حساب يعتبر ربا. لكن هل البطاقة التي تدفع رصيدها شهرياً وليس لها فائدة يعتبر ربا ؟.
الحمد لله
تكرر هذا السؤال من قبل برقم ( 3402 ) ،
وفيه :
: " بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت
عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن
أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم
أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه ، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا
يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه ؟ فأجاب – حفظه
الله – بما يلي : إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف ، فأرجو أن لا
يكون فيها بأس . انتهى كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
فيلاحظ الشرطان في الإجابة ، وهما :
وجود الحرج ، وأنه لا مناص من استخدامها .
والثاني : أن يلتزم بالتسديد ولا يتأخر .
*****
70314
مشكلة الحماس أول التوبة ثم الفتور بعدها
الرقائق > التوبة >
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5759)
سؤال رقم 70314- مشكلة الحماس أول التوبة ثم الفتور بعدها
عندما يتوب الإنسان يبدأ بداية قوية ويقول : إن الشيطان يأمرني بالتخفيف ، ويزيد من الطاعات ، ثم تبرد الهمة فيقول : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وتخف الطاعات حتى يعود كما كان .
وسؤالي : ما هي النصيحة ؟ هل يبدأ بداية قوية أم بالتدريج حتى يثبت عليه ويزيد عليه بعد مدة أو يأخذ بالمقولة " إذا هبت رياحك فاغتنمها " ؟.
الحمد لله
إن نعمة الهداية والتوبة من أعظم نعَم الله تعالى على المسلم ،
وتغيير حاله للأحسن مما يقرِّبه إلى الله تعالى أكثر ، وفي العادة يُقبل التائب على
الطاعة إقبالاً عظيماً يحاول فيها تعويض ما فاته من العمر الذي قضاه في المعصية
والضلال .
وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لكل صادق في توبته ، وقد ذكَره نبينا
صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن ما يحصل بعده من برود وفتور في الهمة ، وهذا أمر طبيعي
أيضاً ، لكن الخطر على صاحب هذه التوبة أن يكون فتوره وبروده في تناقص مستمر إلى أن
يرجع إلى حاله الأول ، ولذا كان من الواجب الانتباه إلى هذا الأمر ، وعلى التائب
الطائع إذا فترت همته أن يقف عند الاعتدال والتوسط ، والتزام السنة ؛ ليحافظ على
رأس ماله ، ويحسن الانطلاق مرة أخرى إلى الطاعة بقوة ونشاط ؛ لأن الانطلاق من
التوسط خير من الانطلاق من الصفر .
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ،
فَمَنْ كَانَتْ شِرَّتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ ، وَمَنْ كَانَتْ
فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ ) . رواه ابن حبان في "صحيحه"
(1/187) ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (56) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ شِرَّةً ، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً ، فَإِنْ كَانَ
صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ فَارْجُوهُ ، وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ
فَلا تَعُدُّوهُ ) رواه الترمذي (2453) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب"
(57) .
قال المباركفوري رحمه الله :
" قوله (إن لكل شيء شِرَّةً) أي : حرصا على الشيء ونشاطا ورغبة
في الخير أو الشر .
(ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةً) أي : وهْناً وضعفاً وسكوناً .
(فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَارَبَ) أي : جعل صاحب
الشرة عملَه متوسطاً ، وتجنب طرفي إفراط الشرة وتفريط الفترة .
(فَارْجُوهُ) أي : ارجو الفلاح منه ؛ فإنه يمكنه الدوام على
الوسط , وأحب الأعمال إلى الله أدومها .
(وَإِنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ بِالأَصَابِعِ) أي : اجتهد وبالغ في
العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وسار مشهوراً مشارا إليه .
(فَلا تَعُدُّوهُ) أي : لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين
لكونه مرائيا , ولم يقل فلا ترجوه إشارة إلى أنه قد سقط ولم يمكنه تدارك ما فرط " انتهى .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 126 ) .
ولكي يتجنب المسلم الإفراط والتفريط فعليه بالقصد ، وهو التوسط ،
فلا يبالغ في فعل العبادة والطاعة ؛ لئلا يملَّ فيترك ، ولا يتركها كسلاً وتهاوناً
لئلا يستمرئ الترك فلا يرجع ، وكلا الأمرين ذميم ، ومن توسط في الأمر سلك ، ومن سلك
وصل إلى ما يحبه الله ويرضاه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ . قَالُوا : وَلا أَنْتَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَلا أَنَا ، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ
بِرَحْمَةٍ ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا ، وَاغْدُوا ، وَرُوحُوا ، وَشَيْءٌ مِنْ
الدُّلْجَةِ ، وَالْقَصْدَ الْقَصْدَ تَبْلُغُوا ) . رواه البخاري (6098) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( سددوا ) معناه : اقصدوا السداد أي : الصواب .
قوله " وقاربوا " أي : لا تُفْرِطُوا (أي تشددوا) فتُجهدوا
أنفسكم في العبادة ، لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتتركوا العمل فَتُفَرِّطُوا (أي
تقصروا) .
قوله " واغدوا وروحوا وشيئا من الدلجة " : والمراد بالغدو السير
من أول النهار , وبالرواح السير من أول النصف الثاني من النهار , والدلجة : سير
الليل ، يقال : سار دلجة من الليل أي ساعة ، فلذلك قال : ( شيء من الدلجة ) لعسر
سير جميع الليل .
وفيه إشارة إلى الحث على الرفق في العبادة , وعبر بما يدل على
السير لأن العابد كالسائر إلى محل إقامته وهو الجنة .
قوله " والقصدَ القصدَ " أي : الزموا الطريق الوسط المعتدل ,
واللفظ الثاني للتأكيد " انتهى باختصار .
"فتح الباري" (11/297،) .
والخلاصة : ندعوك للتفكر في الأحاديث السابقة ، والتأمل في
معناها ، واعلم أن التوبة بحاجة إلى شكر ، وأعظم الشكر أن تداوم على بقائها ، ولا
يكون ذلك إلا بالمداومة على العمل والطاعة ، واعلم أن ( أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى
اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ) رواه البخاري ومسلم ، فلا تبدأ بقوة ولا تفتر
بالمرَّة ، بل اقتصد في الطاعة ، وهذا في مقدورك ، وكلما رأيت من نفسك نشاطا فاجعله
في طاعة الله ، وكلما رأيتَ فتوراً ومللاً فارجع إلى التوسط ، ونسأل الله أن ييسر
أمرك ، ويهديك لأحسن الأقوال والأعمال والأخلاق .
والله أعلم .
*****
70315
التوفير في مكتب البريد وكيفية إخراج الزكاة؟
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5760)
سؤال رقم 70315- التوفير في مكتب البريد وكيفية إخراج الزكاة؟
لدي مبلغ من المال في مكتب البريد لم يبلغ النصاب وذهبت إلى بنك إسلامي ووضعت مبلغاً من المال ، فكيف أحسب الزكاة - مع العلم عند جمع المبلغيْن يبلغ المبلغ النصاب - ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز وضع المال في مكاتب البريد ، ولا في البنوك الربوية التي
تأكل الربا وتوكله للمودعين ، ولا يخلو المودع فيهما من هذا ، فهو إما أن يكون
آكلاً أو موكلاً للربا أو جامعاً بينهما .
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم
آكل الربا وموكله ) . رواه البخاري (5032) .
ثانياً :
من ملَك نقوداً تبلغ النصاب – ولو كانت متفرقة ، بعضها في مكان
وبعضها في مكان آخر- وجب عليه إخراج زكاتها إذا مَرَّ عليها الحول ، ويبدأ حساب
الحول من يوم بلوغ المال النصاب ، فإذا تمت سنة هجرية أخرج الزكاة ، وقيمتها ربع
العشر (2.5 بالمئة) .
والله أعلم .
*****
70317
قراءة القرآن جماعة وإهداء الأعمال للأموات والمولد النبوي
أصول الفقه > البدعة >
الرقائق > الدعاء > أدعية لا تصح >
الآداب > آداب التلاوة >(1/5761)
سؤال رقم 70317- قراءة القرآن جماعة وإهداء الأعمال للأموات والمولد النبوي
نلتقي كل يوم أحد من كل آخر شهر مع مجموعة من الأخوات تصل إلى 30 أخت أو أكثر ، وتبدأ كل واحدة على حدة تقرأ حزبين أو ثلاثة إلى أن نختم القرآن الكريم في ساعة ونصف أو ساعتين ويقال لنا : إنها تحسب - إن شاء الله - ختمة لكل واحدة , هل هذا صحيح ؟ بعد ذلك نقوم بالدعاء وندعو الله بإيصال ثواب ما قرأناه إلى سائر المؤمنين الأحياء منهم والأموات فهل الثواب يصل إلى الأموات ? ويستدلون بقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ ْ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )
كذلك يقومون في عيد المولد النبوي بإقامة رباط يبدأ من العاشرة صباحاً إلى الثالثة زوالاً يبدؤون بالاستغفار والحمد والتسبيح والتكبير والصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سرّاً ثم يقرؤون القرآن ، وبعض الأخوات يصمن هذا اليوم ، فهل تخصيص هذا اليوم بكل هذه العبادات يعتبر بدعة ؟ كذلك عندنا دعاء طويل جدّاً طلب منَّا أن ندعو به وقت السحر , لمن استطاع ، اسمه : " دعاء الرابطة " , ويبدأ بالصلاة والسلام على سيدنا محمد وحزبه وسائر الأنبياء وأمهات المؤمنين والصحابيات والخلفاء الراشدين والتابعين وأولياء الله الصالحين ، مع ذكر كل أحد باسمه ، وهل صحيح أن ذكر كل هذه الأسماء سوف تجعل أصحابها يتعرفون علينا وينادوننا في الجنة ؟ فهل هذا الدعاء بدعة ؟ أنا أشعر أنه كذلك ، وأكثر الأخوات يعارضونني ، فهل أعاقب من الله إن كنت مخطئة ؟ وكيف أقنعهم إن كنت على صواب ؟ هذا الموضوع أصابني بأرق شديد وكلما تذكرت حديث رسول الله أن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار " ازداد همي وحزني .
الحمد لله
أولاً :
ورد في السنة النبوية الصحيحة فضائل كثيرة للاجتماع على قراءة
كتاب الله تعالى ، وحتى يحصِّل المسلم تلك الأجور فإنه ينبغي له أن يكون اجتماعه
على القرآن شرعيّاً ، ومن الاجتماع الشرعي في قراءة القرآن أن يقرأه المجتمعون
للمدارسة والتفسير وتعليم التلاوة ، ومن الاجتماع الشرعي أيضاً : أن يقرأ واحد منهم
ويستمع الباقون من أجل التفكر والتدبر في الآيات ، وكلا الأمرين ورد في السنة
النبوية .
وللمزيد : يراجع السؤال رقم ( 22722 ) ففيه بيان حكم الاجتماع لقراءة
القرآن .
وأما أن يعدَّ ما تقرؤه المجموعة ختمة لكل واحد منهم : فهذا غير
صحيح ؛ لأنه لم يختم كل واحد من المجتمعين القرآن كاملاً ، بل ولا استمع ، بل كلٌّ
منهم قرأ شيئاً ، فليس له ثواب إلا على ما قرأه من القرآن .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" توزيع أجزاء من القرآن على من حضروا الاجتماع ليقرأ كل منهم
لنفسه حزباً من القرآن لا يعتبر ذلك ختماً للقرآن من كل واحد منهم بالضرورة " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 480 ) .
ثانياً :
ولا يشرع الدعاء بعد قراءة القرآن جماعيّاً ، ولا يجوز الدعاء
بإيصال أجر القراءة لأحدٍ من الأموات ، ولا الأحياء ، ولم يكن نبينا صلى الله عليه
وسلم يفعله ، ولا أحدٌ من أصحابه رضي الله عنهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز أن أختم القرآن الكريم لوالدي ، علماً بأنهما أميان لا
يقرآن ولا يكتبان ؟ وهل يجوز أن أختم القرآن لشخص يعرف القراءة والكتابة ولكن أريد
إهداءه هذه الختمة ؟ وهل يجوز لي أن أختم القرآن لأكثر من شخص ؟
فأجاب :
لم يرد في الكتاب العزيز ، ولا في السنة المطهرة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته الكرام رضي الله عنهم ما يدل على شرعية إهداء
تلاوة القرآن الكريم للوالدين ولا لغيرهما ، وإنما شرع الله قراءة القرآن للانتفاع
به ، والاستفادة منه ، وتدبر معانيه والعمل بذلك ، قال تعالى : ( كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الأَلْبَابِ ) ص/29 ، وقال تعالى : ( إِنَّ هَذَا
الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) الإسراء/90 ،
وقال سبحانه : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) فصلت/44 ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام : ( اقرءوا القرآن ، فإنه يأتي
شفيعاً لأصحابه ) ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ( إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة
وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو
غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )
ومعنى غيايتان : أي سحابتين .
والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من
قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم ، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا
يعتمد عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا : لا مانع من إهداء ثواب القرآن
وغيره من الأعمال الصالحات ، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم ، ولكن
الصواب هو القول الأول ؛ للحديث المذكور ، وما جاء في معناه ، ولو كان إهداء
التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح ، والعبادة لا يجوز فيها القياس ؛ لأنها توقيفية
لا تثبت إلا بنص من كلام الله عز وجل ، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
للحديث السابق وما جاء في معناه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 360 ، 361 ) .
وأما استدلالهم بحديث ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث
... ) فهو استدلال غير صحيح ، بل الحديث عند التأمل يدل على عدم مشروعية إهداء ثواب
قراءة القرآن للأموات ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يدعو له ) ولم يقل :
( يقرأ القرآن ).
ثالثاً :
لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
بحرف الصاد ، ولا بكلمة " صلعم " ! ومن كتب مثل هذا السؤال الطويل لا يعجزه كتابة
الصلاة والسلام عليه كاملة .
وقد سبق بيان حكم كتابة هذين الاختصارين في جواب السؤال رقم ( 47976 )
فلينظر .
رابعاً :
الاحتفال بالمولد النبوي بدعة ، وتخصيص عبادات معينة فيه
كالتسبيح والتحميد والاعتكاف وقراءة القرآن والصيام بدعة لا يؤجر أصحابها على شيء
منها ؛ لأنها مردودة .
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ) رواه البخاري ( 2550 ) ومسلم (
1718 ) .
وفي رواية لمسلم ( 1718 ) : ( من عمل
عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
قال الفاكهاني رحمه الله :
لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا ينقل عمله عن
أحد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل
هو بدعة ، أحدثها البطالون ، وشهوةُ نفسٍ اغتنى بها الأكالون .
" المورد في عمل المولد " بواسطة كتاب " رسائل في حكم الاحتفال بالمولد النبوي "
( 1 / 8 ، 9 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ولو كان الاحتفال بيوم المولد النبوي مشروعا لبينه الرسول صلى
الله عليه وسلم لأمته ؛ لأنه أنصح الناس ، وليس بعده نبي يبين ما سكت عنه من حقه ؛
لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وقد أبان للناس ما يجب له من الحق كمحبته
واتباع شريعته ، والصلاة والسلام عليه وغير ذلك من حقوقه الموضحة في الكتاب والسنة
، ولم يذكر لأمته أن الاحتفال بيوم مولده أمر مشروع حتى يعملوا بذلك ولم يفعله صلى
الله عليه وسلم طيلة حياته ، ثم الصحابة رضي الله عنهم أحب الناس له وأعلمهم بحقوقه
لم يحتفلوا بهذا اليوم ، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم ، ثم التابعون لهم بإحسان
في القرون الثلاثة المفضلة لم يحتفلوا بهذا اليوم .
أفتظن أن هؤلاء كلهم جهلوا حقه أو قصروا فيه حتى جاء المتأخرون
فأبانوا هذا النقص وكملوا هذا الحق ؟! لا والله ! ولن يقول هذا عاقل يعرف حال
الصحابة وأتباعهم بإحسان . وإذا علمت أيها القارئ الكريم أن الاحتفال بيوم المولد
النبوي لم يكن موجودا في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه الكرام ولا في
عهد أتباعهم في الصدر الأول ، ولا كان معروفا عندهم - علمت أنه بدعة محدثة في الدين
، لا يجوز فعلها ولا إقرارها ولا الدعوة إليها ، بل يجب إنكارها والتحذير منها ...
.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 318 ، 319 )
خامساً :
لا يجوز لأحدٍ اختراع دعاء أو ذِكْر ونشره بين الناس ، والدعاء
المسمى " دعاء الرابطة " دعاء بدعي ، واستحضار صور المدعو لهم ، واعتقاد أنهم
سيعرفون الداعي به وينادونه في الجنة : كل ذلك أوهام وخيالات وخرافات صوفية لا أصل
لها في دين الله تعالى ، وضوابط الشرع التي يستطيع المسلم تمييز السنَّة من البدعة
، والصواب من الخطأ : واضحة وبيِّنة ، وهي أن الأصل في العبادات المنع إلا بدليل
فلا يتقرب إلى الله تعالى بعبادةٍ إلا إذا دلّ الدليل من الكتاب أو السنة الصحيحة
على أنها مشروعة ، وأن الأصل في المسلم الاتباع لا الابتداع ، وأن البدعة مردودة
على صاحبها ، وأن الله تعالى أكمل لنا الشريعة وأتم علينا النعمة ، فأي حاجة لمثل
هذه البدع أن تكون في حياتنا مع بالغ تقصيرنا في الثابت الصحيح من الشرع ؟ !
وانظر – لمزيد بيان - جواب السؤالين : ( 27237 ) و ( 6745 ) .
ونرجو أن يكون ما ذُكِر كافياً لأولئك الأخوات للكف عن بدعهم تلك
، ونوصيهن بتقوى الله تعالى ، وحسن الاتباع ، وليعلمن أن الله تعالى لا يقبل
العبادة المبتدعة ولو بلغ صاحبها ما بلغ من بذل الجهد والمال فيها ، و" اقتصاد في
سنة خير من اجتهاد في بدعة " كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله
عنه .
ونسأل الله تعالى أن يهدي أولئك الأخوات لما فيه رضاه ، ونوصيك
بحسن التبليغ ، وعدم المشاركة معهن ، والصبر على ما قد يصيبك جراء هذا .
والله أعلم .
*****
70318
هل يأخذون دية ميتهم من شركة التأمين ؟
الفقه > معاملات > التأمين >
الفقه > معاملات > الجنايات > القتل الخطأ >
الفقه > معاملات > الديات >(1/5762)
سؤال رقم 70318- هل يأخذون دية ميتهم من شركة التأمين ؟
تفرض الدولة في بلدنا تأمينا إجباريّاً على السيارات ، ولا يستفيد منه صاحب السيارة بشيء ، فإذا قامت هذه السيارة بضرب شخصٍ ما وأدى هذا الحادث لإصابته أو وفاته يقوم أهله برفع قضية على شركة التأمين ويؤدي هذا لتعويض أهل المصاب أو المتوفى ، وهذا التعويض لا يتأثر به صاحب السيارة سلباً أو إيجاباً ، فما الحكم في ذلك ؟ مع العلم أن أهل المتوفى يعفون عن صاحب السيارة والدولة تحكم بالقوانين الوضعية ؟.
الحمد لله
أولاً :
التأمين التجاري من العقود المحرمة ، وهو حرام بجميع صوره ، ولا
يجوز لأحد أن يشترك فيه إلا أن يضطر لذلك كأن يكون مكرهاً ، وقد سبق بيان حكمه في
جواب السؤال رقم
( 8889 ) و ( 39474 ) فلينظرا .
ثانياً :
حرمة الاشتراك في التأمين لا تعني حرمة أخذ الحق من شركة التأمين
إن التزمت بدفع الحق عمن وقع منه الحادث .
وعليه : فلا مانع من أخذ دية المقتول خطأً أو المصاب في الحادث
من أي جهة أحيل عليها مستحقوها من قِبَل القاتل أو من القضاء ، سواء كانت شركة
تأمين أو غيرها ؛ لأن مستحقي الدية أصحاب حق ، وهم غير مسؤولين عن حلِّ معاملة
الطرف الآخر مع شركة تأمينه .
وقد سألنا فضيلة الشيخ ابن جبرين عن أخذ التعويض من شركة التأمين
، فأجاب : " يجوز ذلك ، لأن هذه الشركات التزمت أنها تتحمل ما يحدث من هذا الإنسان
الذي أمَّن عندها ، ولا يتورع عن ذلك مادام أنهم ملتزمون بدفع التعويض ، ولا يبقى
على من ارتكب الحادث - في حال حصول وفاة - إلا كفارة القتل الخطأ ، إذا كان الحادث
بسبب خطأ منه " .
والله أعلم .
*****
70319
هل يحلق لحيته من أجل العمل ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/5763)
سؤال رقم 70319- هل يحلق لحيته من أجل العمل ؟
أنا شاب ملتحي وأحاول أن أتقي الله ما استطعت ، تخرجت من كلية الهندسة منذ عدة سنوات ، ثم بدأت البحث عن عمل ، وفرص العمل في بلدي ضعيفة جدّاً ، وإن وُجدت تكون ذات عائد مادي قليل .
وفقني الله لوظيفة في شركة بترول أجنبية لا تشترط حلق اللحية وبها موظفون وفنيون ملتحون والحمد لله ، ولكن طبيعة عملي سوف تكون في حقل البترول نفسه ، ومعروف أنه أثناء الحفر أحيانا يتصاعد غاز سام اسمه H2S وذلك يستوجب ارتداء قناع الغاز الذي لا يسمح تصميمه بالتثبيت في الوجه بسبب وجود شعر اللحية ، وقد تأكدت من ذلك بنفسي عن طريق سؤال الشركات الأجنبية عن طريق الإنترنت فأجابوا أنه لا يوجد قناع غاز يعمل مع اللحية .
فما رأيكم ؟ وأكرر أن الشركة لا تمنع اللحية بتاتا ، ولكن هذا فقط لحقول البترول للحفاظ علي الحياة .
الحمد لله
أولا :
ورد الأمر بإعفاء اللحية في أحاديث كثيرة صحيحة عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يدل على وجوب إعفائها وحرمة حلقها . انظر السؤال ( 1189 )
ثانيا :
من يُسْرِ الشريعة وسماحتها أنها أباحت فعل المحرم وترك الواجب
إذا وجد العذر المبيح لذلك ، كضرورة أو حاجة ماسة ، كأكل الميتة للمضطر ، ومداواة
الطبيب للمرأة الأجنبية عنه عند الحاجة إلى ذلك ، ويجب أن يضبط الأمر بضوابطه
الشرعية بحيث لا يتجاوز قدر الحاجة أو الضرورة .
ثالثا :
على المسلم أن يحاول دفع ضرورته من غير ارتكاب للمحرم بقدر
استطاعته فإذا لم تندفع إلا بفعل المحرم جاز فعله في هذه الحال .
وعلى هذا يجب عليك أن تسعى فيما يلي :
1- البحث عن أقنعة مناسبة لشعر اللحية . وقد صنعت الشركات
المختصة أقنعة خاصة لأصحاب اللحى من اليهود المتعصبين المتدينين العاملين بشركات
الطيران !!.
2- البحث عن عمل آخر لا يتطلب فعل المحرم ولو كان خارج بلدك
3- محاولة إنشاء عمل خاص بك تجاريا أو غيره .
فإذا لم تستطع شيئا من ذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى في
حلقها على أن تقتصر على ما تندفع به الحاجة أو الضرورة ، فلو أمكن الاقتصار على
تقصيرها لم يجز حلقها ... وهكذا
ولا شك أن من اتقى الله تعالى قدر استطاعته فإن الله تعالى يكفيه
همه ويجعل له مخرجاً ، قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3
الشيخ محمد صالح المنجد .
*****
7032
إخبار الشخص بنقض اليمين ليكفر
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/5764)
سؤال رقم 7032- إخبار الشخص بنقض اليمين ليكفر
السؤال : إذا كسر شخص يمين شخص آخر دون أن يدري الحالف فهل يجب عليه أن يخبره لكي يكفر ؟ .
الجواب :
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
لابد أن يخبره .
سؤال :
يجب عليه .
الجواب :
نعم .
سؤال :
لو كفّر عنه ثم أخبره فرضي ووافق فهل يجزئه أم لا ؟
جواب :
الصحيح أنه يجزئ .
سؤال :
وهل يشترط إخباره بأنه كفّر عنه لتبرأ الذمة ؟
جواب :
نعم لابد أن يخبره ، وإن أخبره قبل أن يكفر لكان أحسن . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
70320
حكم أكل لحم الخيل
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/5765)
سؤال رقم 70320- حكم أكل لحم الخيل
ما حكم أكل لحم الفرس ؟.
الحمد لله
ذهب أكثر العلماء إلى جواز أكل الفرس ، للأحاديث الصحيحة في ذلك
.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل ) رواه
البخاري (3982) ومسلم (1941) .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( نحَرْنا على عهد
النبي صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه ) رواه البخاري (5191) ومسلم (1942)
.
وعن جابر رضي الله عنه قال : ( سافرنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكنا نأكل لحم الخيل ونشرب ألبانها ) رواه الدارقطني والبيهقي .
قال النووي : بإسناد صحيح .
وذهب آخرون – ومنهم أبو حنيفة وصاحباه - إلى كراهة أكل لحم الفرس
، واستدلوا بآية وحديث .
أما الآية : فقوله تعالى : ( والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيرَ
لِتَرْكبُوها وزِينَة ) ، قالوا : ولم يذكر الأكل منها , وذكر الأكل من الأنعام في
الآية التي قبلها .
وأجاب العلماء عن ذلك بـ " أن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن
منفعتهما مقصورة على ذلك , وإنما خُص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل ،
كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ
) فذكر اللحم لأنه معظم المقصود , وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر
أجزائه , قالوا : ولهذا سكت عن حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام : (
وتحمل أثقالكم ) ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل " انتهى بتصرف
من "المجموع" .
وأما الحديث : فهو ما روي عن خالد بن الوليد أنه قال : ( نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع
) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه .
وهذا الحديث ضعيف . ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .
"وقال الحافظ موسى بن هارون : هذا حديث ضعيف ، وقال البخاري :
هذا الحديث فيه نظر , وقال البيهقي : هذا إسناد مضطرب , ومع اضطرابه هو مخالف
لأحاديث الثقات , يعني في إباحة لحم الخيل , وقال الخطابي : في إسناده نظر , وقال
أبو داود : هذا الحديث منسوخ , وقال النسائي : حديث الإباحة أصح ، قال : ويشبه إن
كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا , لأن قوله في الحديث الصحيح : " أذن في لحوم الخيل "
دليل على ذلك " انتهى من "المجموع" (9/5– 7) .
والله أعلم .
*****
70331
هل يتقدم لخطبة من رآها صاحبه قبله وتركها؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/5766)
سؤال رقم 70331- هل يتقدم لخطبة من رآها صاحبه قبله وتركها؟
أنا شاب أعزب ، هل يجوز لي أن أتقدم لخطبة امرأة تقدم لها أحد زملائي ورآها ولكنه رفضها ؟
وهل لو خطبتها وتزوجتها سيكون عقد نكاحي وفق الشريعة الإسلامية ؟ أو سيكون نكاحي فيه خلل لأن قد نظر إليها زميلي ؟.
الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة مرضية الخلق والدين فليس هناك حرج من أن
تخطبها ، ولا تزال النساء يراهن أكثر من خاطب ويكون نصيبها لواحدٍ منهم ، ومجرد نظر
صاحبك إليها ليس مانعاً من زواجك بها ، بل وأعظم من النظر هو زواجها من قبل ثم
طلاقها أو موت زوجها عنها ، فهل يتوقف أحدٌ في جواز التزوج منها ؟!
وقد جاءت نصوص صحيحة صريحة في هذا الأمر الذي تسأل عنه ، ومنها :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلا
يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ ،
أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ . رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
ففي هذا الحديث تحريم الخِطبة على الخِطبة ، وأنه لا يجوز للثاني
أن يخطب إلا أن يترك الأول خِطبته أو يأذن للثاني ، وهو الذي حصل معك ومع صاحبك .
فإذا تأكدت من دينها وخلقها فعليك بصلاة الاستخارة ، ثم تقدم لها
.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه خيرك .
والله أعلم .
*****
70342
طلَّق الثالثة وادَّعى أنه كان غاضباً
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/5767)
سؤال رقم 70342- طلَّق الثالثة وادَّعى أنه كان غاضباً
رجل طلَّق امرأته طلقتين ، وأثناء مشاجرته مع والده طلَّق امرأته الطلقة الثالثة ، وادَّعى بعد ذلك أنه كان في حالة غضب شديد لم يدرِ معه كيفية مبادرته بالطلاق ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
الطلاق الذي يملك فيه الزوج إرجاع زوجته إلى عصمته مرتان ، فإن
طلَّقها الثالثة صارت أجنبية عنه ، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها ، قال
تعالى : ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا
إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا
حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ
اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ
زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا
إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) البقرة/229 .
ولا يشترط لوقوع الطلاق أن تسمعه المرأة من زوجها ، أو تعلم به ،
فإذا طلَّق الزوج لفظاً أو كتابةً في حضورها أو بغيابها فإن طلاقه يكون واقعاً .
والمطلق في الغضب له أحوال :
فإن كان غضبه يسيرا بحيث لا يؤثر على إرادته واختياره فطلاقه
صحيح واقع .
وإن كان غضبه شديدا بحيث صار لا يدري ما يقول ولا يشعر به فهذا
طلاقه لا يقع لأنه بمنزلة المجنون الذي لا يؤاخذ على أقواله .
وهذان الحالان للغضب لا خلاف في حكمهما بين العلماء ، وبقيت حال
ثالثة ، وهي الغضب الشديد الذي يؤثر على إرادة الرجل فيجعله يتكلم بالكلام وكأنه
مدفوع إليه ، ثم ما يلبث أن يندم عليه بمجرد زوال الغضب ، ولكنه لم يصل إلى حد زوال
الشعور والإدراك ، وعدم التحكم في الأقوال والأفعال ، فهذا النوع من الغضب قد اختلف
العلماء في حكمه ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 22034 ) .
والله أعلم .
*****
70350
ما حكم الغِيلة في الإسلام ؟
الفقه > معاملات > الرضاعة >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/5768)
سؤال رقم 70350- ما حكم الغِيلة في الإسلام ؟
ما حكم الغيلة في الإسلام ؟.
الحمد لله
" الغِيلة " قيل هي : وطء الزوجة المرضع ، وقيل هي : إرضاع
الحامل لطفلها .
وقد ثبت في صحيح مسلم (1442) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ ، حَتَّى
ذَكَرْتُ أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ )
.
قال النووي :
" اختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث , فقال مالك في
الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة : أن يجامع امرأته وهي مرضع ، وقال ابن السكيت
: هو أن ترضع المرأة وهي حامل .
قال العلماء : سبب همِّه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها أنه
يخاف منه ضرر الولد الرضيع ، قالوا : والأطباء يقولون : إن ذلك اللبن داء ، والعرب
تكرهه وتتقيه .
وفي الحديث جواز الغيلة فإنه صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها ,
وبين سبب ترك النهي " " شرح مسلم " ( 10 / 17 ، 18 ) .
وروى مسلم (1443) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَجُلا
جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( إِنِّي
أَعْزِلُ عَنْ امْرَأَتِي . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا
. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ كَانَ ذَلِكَ
ضَارًّا ضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ ) .
ولم يأتِ ما يخالف هذه الإباحة إلا حديث ضعيف رواه أبو داود
(3881) وابن ماجه (2012) عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها ، فيه : نهي النبي صلى
الله عليه وسلم عن الغيلة .
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف سنن أبي داود " .
وذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن الأحاديث الدالة على
الإباحة ثم قال : " وهذه الأحاديث أصح من حديث أسماء بنت يزيد ، وإن صح حديثها فإنه
يحمل على الإرشاد والأفضلية ، لا التحريم " انتهى بتصرف .
وقال أيضاً في " زاد المعاد " ( 5 / 147 ، 148 ) :
" ولا ريب أن وطء المراضع مما تعم به البلوى ، ويتعذر على الرجل
الصبر عن امرأته مدة الرضاع ، ولو كان وطؤهن حراماً لكان معلوماً من الدين ، وكان
بيانه من أهم الأمور ، ولم تهمله الأمة ، وخير القرون ، ولا يصرح أحد منهم بتحريمه
، فعلم أن حديث أسماء على وجه الإرشاد والاحتياط للولد ، وأن لا يعرضه لفساد اللبن
بالحمل الطارئ عليه " انتهى .
والحاصل : أن الغيلة ليست حراما ولا مكروهة ، حيث لم يثبت أن
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، ومَنْ تركها على سبيل الاحتياط للولد فلا حرج
عليه .
والله أعلم .
*****
70363
حكم الانتحار والصلاة على المنتحر والدعاء له
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5769)
سؤال رقم 70363- حكم الانتحار والصلاة على المنتحر والدعاء له
لدي ابنة خالة توفيت ومعظم الاحتمالات تبين أنها انتحرت ، فما حكم من ينتحر ؟ وما حالته عند ربه ؟ وماذا يفعل والداها ليخففا عنها ؟.
الحمد لله
الانتحار من كبائر الذنوب ، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم
أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ،
ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها
أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً
مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) .
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه
البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ
الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه
البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 )
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على المنتحر ، عقوبةً
له ، وزجراً لغيره أن يفعل فعله ، وأذن للناس أن يصلوا عليه ، فيسن لأهل العلم
والفضل ترك الصلاة على المنتحر تأسيّاً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( أُتي النبي صلى الله عليه
وسلم برجل قتل نفسه بمَشاقص فلم يصل عليه ) رواه مسلم ( 978 ) .
قال النووي :
" المَشاقص : سهام عراض .
وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه ,
وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي , وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو
حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه , وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى
الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله , وصلت عليه الصحابة " انتهى .
" شرح مسلم " ( 7 / 47 ) .
ولا يعني هذا – إن ثبت انتحارها – أن تتركوا الدعاء لها بالرحمة
والمغفرة ، بل هو متحتم عليكم لحاجتها له ، والانتحار ليس كفراً مخرجاً من الملة
كما يظن بعض الناس ، بل هو من كبائر الذنوب التي تكون في مشيئة الله يوم القيامة إن
شاء غفرها وإن شاء عذَّب بها ، فلا تتهاونوا بالدعاء لها ، وأخلصوا فيه ، فلعله
يكون سببا لمغفرة الله لها .
والله أعلم .
*****
70364
هل يمكن للبشر رؤية الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم يقظة عياناً ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالملائكة >
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >(1/5770)
سؤال رقم 70364- هل يمكن للبشر رؤية الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم يقظة عياناً ؟
كنا قد قمنا بمسيرة احتجاجية كبيرة بالعاصمة لمساندة الشعب الفلسطيني والشعب العراقي ضد الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي ، بعد انتهاء المسيرة سمعت بعض الإخوان والأخوات يتحدثون أنهم رأوا سيدنا جبريل نازلاً من السماء وكذلك رأوا سيدنا محمد ( ص ) والكثير من الملائكة يرافقونهم ، تأييداً لهذه المسيرة ، فهل هذه المشاهدات قد تكون حقيقية ويجب علينا تصديقها وإلا سوف نعاقب بسوء الظن في إخواننا المسلمين ؟ بالنسبة لي لم أستطع التصديق علما أن أهل بدر والصحابة الأجلاء العشرة المبشرين بالجنة لم يروا الملائكة الكرام بالعين المجردة ولا رأوا سيدنا جبريل ! فهل نستطيع أن نقول إن هذا وهَم المشاهدة ؟ أي : تخيل رؤية الشيء حتى يصبح حقيقة يصدقه العقل وتراه العين ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال رقم ( 11469 ) بيان حكم المظاهرات فلينظر .
ثانياً :
لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم
بحرف الصاد ، ولا بكلمة " صلعم " ! ومن كتب مثل هذا السؤال الطويل لا يعجزه كتابة
الصلاة والسلام عليه كاملة .
وقد سبق بيان حكم كتابة هذين الاختصارين في جواب السؤال رقم ( 47976 ) فلينظر .
ثالثاً :
الملائكة خلقت من نور – كما رواه مسلم ( 2996 ) - ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي أنه رآها على صورتها الحقيقية إلا أن يكون نبيّاً
يُصدَّق قوله ، وأما أن يراهم متشكلين على هيئات أحدٍ من البشر فيمكن هذا لعامة
الناس وخاصتهم ، وقد جاء في السنَّة النبوية من ذلك كثير ، سواء في هذه الأمة أم في
الأمم التي قبلها .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو موفور العقل والدين لم
يحتمل رؤية جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها ، فكيف
أطاقه هؤلاء - هذا إن سلَّمنا أنهم رأوه أصلاً - ؟!
قال الشيخ عمر الأشقر :
ولما كانت الملائكة أجساماً نورانيَّة لطيفة ؛ فإن العباد لا
يستطيعون رؤيتهم ، خاصة أن الله لم يُعطِ أبصارنا القدرة على هذه الرؤية ، ولم يرَ
الملائكةَ في صُوَرهم الحقيقية من هذه الأمَّة إلا الرسول صلى الله عليه وسلَّم ؛
فإنه رأى جبريل مرتين في صورته التي خلَقه الله عليها ، وقد دلَّت النصوص على أن
البشر يستطيعون رؤية الملائكة إذا تمثَّلت الملائكة في صورة البشر .
" عالَم الملائكة الأبرار " ( ص 11 ) .
وقال أيضاً – في سياق إثبات بشرية الرسل والرد على من اقترح أن
يكونوا من الملائكة - :
الرابع : صعوبة رؤية الملائكة ، فالكفار عندما يقترحون رؤية
الملائكة ، وأن يكون الرسل إليهم ملائكة لا يدركون طبيعة الملائكة ، ولا يعلمون مدى
المشقة والعناء الذي سيلحق بهم من جراء ذلك .
فالاتصال بالملائكة ورؤيتهم أمر ليس بسهل ، فالرسول صلى الله
عليه وسلم مع كونه أفضل الخلق ، وهو على جانب عظيم من القوة الجسميَّة والنفسيَّة
عندما رأى جبريل على صورته أصابه هول عظيم ورجع إلى منزله يرجف فؤاده ، وقد كان صلى
الله عليه وسلم يعاني من اتصال الوحي به شدّة ، ولذلك قال في الردّ عليهم : ( يومَ
يروْنَ الملائكةَ لا بُشرى يومئذٍ للمُجرمين ) الفرقان/22 ،
ذلك أنَّ الكفار لا يرون الملائكة إلا حين الموت أو حين نزول العذاب ، فلو قُدّر
أنّهم رأوا الملائكة لكان ذلك اليوم يوم هلاكهم .
فكان إرسال الرسل من البشر ضروريّاً كي يتمكنوا من مخاطبتهم ،
والفقه عنهم ، والفهم منهم ، ولو بعث الله رسله إليهم من الملائكة لما أمكنهم ذلك (
ومَا مَنَعَ النَّاس أنْ يؤمنوا إذ جاءَهُم الهُدى إلاّ أنْ قالوا أبَعَثَ اللهُ
بشراً رسُولاً . قُلْ لو كان في الأرضِ ملائكةٌ مطمئنينَ لنزّلنا عليهم من السّماء
ملكاً رسُولاً ) الإسراء/94، 95 ، أما وأن الذين يسكنون
الأرض بشر فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم ( لَقَدْ مَنَّ اللهُ
على المؤمنينَ إذْ بعثَ فيهم رسُولاً من أنفسِهِم ) آل عمران/164 .
وإذا كان البشر لا يستطيعون رؤية الملائكة والتلقي عنهم بيسر
وسهولة فيقتضي هذا - لو شاء الله أن يرسل مَلكا رسولا إلى البشر - أن يجعله رجلا (
ولَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لجعلناهُ رَجُلاً ولَلَبسْنا عليهم ما يلبِسون ) الأنعام/9 .
والتباس الأمر عليهم بسبب كونه في صورة رجل ، فلا يستطيعون أن
يتحققوا من كونه ملكاً ، وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة من إرسال الرسل من الملائكة
على هذا النحو ، بل إرسالهم من الملائكة على هذا النحو لا يحقق الغرض المطلوب ،
لكون الرسول الملك لا يستطيع أن يحس بإحساس البشر وعواطفهم وانفعالاتهم وإن تشكل
بأشكالهم .
" الرسل والرسالات " ( 72 ، 73 ) .
رابعاً :
وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فهو من أقوال المخرفين
من الصوفية ، ولا أصل له في الشرع ولا في واقع الحال ، وقد وقعت للصحابة رضي الله
عنهم أمورٌ عظيمة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، وكانوا في أمس الحاجة لوجوده
بينهم ، فَلِمَ لمْ يظهر لهم ؟ ولم يروه وهو أحب الناس إليهم ، وهم أحب الناس إليه
؟!
وأما استدلال بعضهم بالحديث الذي في الصحيحين عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : ( من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ) على إمكانية رؤية
النبي صلى الله عليه وسم يقظة : فليس فيه ما يدل على ما قالوه ، بل هذا فيه البشرى
لمن رآه في المنام أن يراه في الجنة ، وليس المعنى أنه يراه يقظة في الدنيا .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وشذ بعض الصالحين فزعم أنها تقع - يعني الرؤية - بعيني الرأس
حقيقة .
" فتح الباري " ( 12 / 384 ) .
وقال النووي رحمه الله في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم :
(فسيراني في اليقظة) : فيه أقوال :
أحدها : أن يراد به أهل عصره ، ومعناه : أن من رآه في النوم ولم
يكن هاجر يوفقه الله للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عياناً .
وثانيها : أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة ؛
لأنه يراه في الآخرة جميع أمته .
وثالثها : أنه يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول
شفاعته ، ونحو ذلك .
" شرح مسلم " ( 15 / 26 ) .
ولا يتعارض ما ذكره النووي في القول الأول مع ما أنكره الحافظ
ابن حجر ؛ لأن النووي ذكر أنه يراد به أهل عصره صلى الله عليه وسلم ، وما أنكره
الحافظ إنما هو لمن زعم الرؤية حقيقة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
وقال أبو العباس القرطبي – ردّاً على من قال برؤيته صلى الله
عليه وسلم يقظة - :
وهذا يدرك فساده بأوائل العقول ، ويلزم عليه أن لا يراه أحد إلا
على صورته التي مات عليها ، وأن يراه رائيان في آن واحد في مكانين ، وأن يحيا الآن
ويخرج من قبره ويمشي في الأسواق ويخاطب الناس ويخاطبوه ، ويلزم من ذلك أن يخلو قبره
من جسده ولا يبقى في قبره منه شيء ، فيزار مجرد القبر ويسلم على غائب ؛ لأنه جائز
أن يرى في الليل والنهار مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره .
نقله عنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 12 / 384 ) .
وأيضاً لو كان صحيحاً أن أحداً يرى النبي صلى الله عليه وسلم
يقظة لكان عداده في الصحابة ولاستمرت الصحبة إلى يوم القيامة .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني أن ابن أبى جمرة نقل عن جماعة
من المتصوفة " أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثم رأوه بعد ذلك في
اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متخوفين فأرشدهم إلى طريق تفريجها فجاء الأمر
كذلك " ! ثم تعقب الحافظ ذلك بقوله :
" وهذا مشكل جدّاً ، ولو حمل على ظاهره : لكان هؤلاء صحابة ،
ولأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة ، ويعكِّر عليه أن جمعاً جمّاً رأوه في المنام
ثم لم يذكر واحد منهم أنه رآه في اليقظة ، وخبر الصادق لا يتخلف .
" فتح الباري " ( 12 / 385 ) .
وفي رد علماء اللجنة الدائمة على عقيدة التيجاني قالوا :
ولم يثبت عن الخلفاء الراشدين ولا سائر الصحابة رضي الله عنهم أن
أحداً منهم وهم خير الخلق بعد الأنبياء ادعى أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة
، ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن التشريع قد أكمل في حياته صلى الله عليه وسلم ،
وأن الله قد أكمل للأمة دينها وأتم عليها نعمته قبل أن يتوفى رسوله صلى الله عليه
وسلم إليه ، قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) المائدة/3 ، فلا شك أن ما زعمه أحمد التيجاني لنفسه من رؤية النبي صلى الله
عليه وسلم يقظة وأنه أخذ عنه الطريقة التيجانية يقظة مشافهة ، وأنه عيَّن له
الأوراد التي يذكر الله بها ويصلي على رسوله بها لاشك أن هذا من البهتان والضلال
المبين .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 2 / 325 ، 326 ) .
وقالوا أيضاً :
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما بلغ الرسالة وأكمل
الله به دينه وأقام به الحجة على خلقه ، وصلى عليه أصحابه رضي الله عنهم صلاة
الجنازة ، ودفنوه حيث مات في حجرة عائشة رضي الله عنها ، وقام من بعده الخلفاء
الراشدون ، وقد جرى في أيامهم أحداث ووقائع فعالجوا ذلك باجتهادهم ، ولم يرجعوا في
شيء منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن زعم بعد ذلك أنه رآه في اليقظة
حيا وكلمه أو سمع منه شيئا قبل يوم البعث والنشور فزعمه باطل ؛ لمخالفته النصوص
والمشاهدة وسنة الله في خلقه ، وليس في هذا الحديث دلالة على أنه سيرى ذاته في
اليقظة في الحياة الدنيا ؛ لأنه يحتمل أن المراد بأنه : فسيراني يوم القيامة ،
ويحتمل أن المراد : فسيرى تأويل رؤياه ؛ لأن هذه الرؤيا صادقة بدليل ما جاء في
الروايات الأخرى من قوله صلى الله عليه وسلم : " فقد رآني " الحديث ، وقد يراه
المؤمن في منامه رؤيا صادقة على صفته التي كان صلى الله عليه وسلم عليها أيام حياته
الدنيوية .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 486 ، 487 ) .
وخلاصة ما سبق :
أنه لا يجوز لأحدٍ – بعد الأنبياء - أن يدَّعي رؤية الملائكة ؛
فهم أجسام نورانية لم يجعل الله تعالى في مقدور البشر رؤيتهم إلا إن تشكلوا .
ولا يجوز لأحدٍ أن يدَّعي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ،
ولعل هذه الأوهام والخيالات كانت من بعض مَنْ ليس عنده علم شرعي ولا عقل ناضج فراح
يتخيل ويتصور وجود ما لا حقيقة له .
والله أعلم .
*****
70367
الموظف إذا أعطاه المراجعون مالا بدون طلب منه فهل له أخذه ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/5771)
سؤال رقم 70367- الموظف إذا أعطاه المراجعون مالا بدون طلب منه فهل له أخذه ؟
صديقي شاب ملتزم ابتلي بالعمل في وزارة المالية ، وهو في موقعه أثناء القيام بعمله يأتيه المراجعون وهو يعاجل خدمتهم وتيسير أمورهم ، فإذا بهم يصرون ويلحون بشدة على إعطائه شيئاً من المال ، وهو يرفض بشدة ، والمراجع يصر حتى ينتبه الناس ، والمراجع يقول : هذا مني عن طيب نفس ، وأحياناً يلقون المال أمامه ويخرجون ، وقد يشتد الأمر إلى الشجار بينهم ، فماذا يفعل ؟ هل يجوز له أخذ المال حلالاً طيباً أم أنه حرام عليه ؟ وماذا يفعل بهذا المال ؟.
الحمد لله
لا يجوز للموظف أن يأخذ ما يهدى إليه من أجل العمل ، لأن ذلك من
الرشوة المحرمة ، ولو لم يقصد هو ذلك ؛ فإن المعطي – في الغالب – لا يعطيه إلا لأجل
أن يسهل له الأمر أو يخصه بحسن معاملة في المرات القادمة .
وأما ما يهدى إلى الموظف لأجل قرابة أو صداقة ، لا لأجل عمله ،
فهذا لا حرج فيه ، وينبغي له قبوله ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان
( يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا ) . رواه البخاري (2585) ومعنى (يثيب عليها ) : أي يجازي المهدي ويعطيه بدل هديته .
والفارق بين الهدية المحرمة ، والهدية الجائزة : أن ما كان لأجل
عمل الإنسان ووظيفته ، فهو محرم ، فينظر الإنسان في حاله ، لو لم يكن في هذا العمل
، هل كان سيُهدى إليه أم لا ؟ وهذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (
فَهَلا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا )
فقد روى البخاري (7174) ومسلم (1832) عن أبي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رضي الله عنه
قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ
بَنِي أَسْدٍ عَلَى صَدَقَةٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ وَهَذَا
أُهْدِيَ لِي . فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ
الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي ، فَهَلَّا جَلَسَ
فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا ؟! وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ ، لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً
لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا
عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أَلا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاثًا ) .
والرغاء : صوت البعير ، والخُوار : صوت البقرة ، واليُعار : صوت
الشاة .
عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ : أي بياض إبطيه .
فهذا الحديث الشريف يدل على تحريم ما يهدى للعمال ، لأجل عملهم ،
وأن العامل يأتي يوم القيامة وهو يحمل ما أَخذ منها ، ولو كان بعيرا أو بقرة أو شاة
، عياذا بالله من ذلك .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (23/548) ما نصه : " ما حكم
الشرع فيمن أُعطي له مال وهو في عمله بدون طلب منه أو احتيال لأخذ ذلك المال ، مثال
ذلك : العمدة أو شيخ الحارة ( الحي ) يأتيه الناس ليعطيهم شهادات ؛ لأنهم من سكان
حارته ، ويعطونه فلوسا على ذلك ... فهل يجوز أخذ هذا ، وهل يعتبر هذا المال حلالا ،
وهل يُستدل على جواز ذلك بحديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر ،
عن عمر رضي الله عنهم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول
: أعطه من هو أفقر إليه مني ، فقال : ( خذه ، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير
مُشْرفٍ ولا سائل فخذه فتموله ، فإن شئت تصدق به ، وما لا فلا تتبعه نفسك ) قال
سالم : فكان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه ) متفق عليه .
الجواب : إذا كان الواقع ما ذكر فما يدفع لهذا العمدة حرام ؛
لأنه رشوة . ولا صلة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما بهذا الموضوع ؛ لأنه في حق من
أُعطي شيئا من بيت مال المسلمين من والي المسلمين دون سؤال أو استشراف نفس " انتهى .
والحاصل أن على صديقك أن يرفض أخذ هذه الأموال مهما ألح أصحابها
في بذلها ، وينبغي أن يفهمهم أن هذا لا يجوز له ؛ وفي هذا تطييب لخاطرهم ، وإشاعة
لهذا الأمر الشرعي الذي جهله كثير من الناس .
والله أعلم .
*****
70402
هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة ؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/5772)
سؤال رقم 70402- هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة ؟
أنا مسلم قادر على الزواج التقيت بشابة ذات أخلاق حسنة ولكنها متبرجة . ما حكم الشرع إن تزوجت بها وهي مصرة على التبرج ؟ .
الحمد لله
أولاً :
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال : (
تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَجَمَالِهَا ،
وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري
(5090) ومسلم (1466) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الدُّنْيَا مَتَاعٌ ، وَخَيْرُ
مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ ) رواه مسلم (1467) . فمن فاته المرأة الصالحة فاته خير متاع الدنيا ، خير من المال
والولد والمنصب . . . . إلخ .
وهذا باعث للمسلم أن يحرص على ذات الدين والخلق ويقدمها على كل
ما سواها ، وألا يفرط ويتساهل في خير متاع الدنيا .
والمرأة الصالحة هي التي تقوم بحق الله تعالى ، وحق الناس ،
وأعظم الناس حقا عليها هو زوجها .
والإصرار على المعصية شر من المعصية نفسها ، لأنه يدل على ضعف
الإيمان ، والاستهانة بتعظيم الله تعالى ، وقلة مبالاة المرء بما يضره في دينه .
ثانياً :
التبرج مع كونه معصية وإثما ، فهو دليل على سوء خلق المرأة وقلة
حيائها ؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها ، ويستمتعوا
بمحاسنها ؟!
لكن لضعف الإيمان وغلبة الهوى لا تشعر المتبرجة بسوء فعلها ، كما
قال الله تعالى : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعام/43 ، وكثير من المتبرجات إذا أنعم الله عليهن
بالهداية ، استعظمن ما كُنَّ عليه من قلة الحياء وموت الغيرة .
وقد جاء في شأن التبرج من الوعيد ، ما هو معروف مشهور ، ومن ذلك
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا :
قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ،
وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ ، رُءُوسُهُنَّ
كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ
رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) رواه
مسلم (2128) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ
فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) رواه
أبو داود (4173) والترمذي (2786) والنسائي (5126) وحسنه الألباني في صحيح النسائي .
وهذا الذنب يتكرر بتكرار الفعل المحرم ، وبه يُنكت في القلب نكتة
سواء ، حتى يسود القلب ويظلم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ،
فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ
فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
واعلم أيها الأخ الكريم أن الزواج من المصرة على التبرج يعني أحد
أمرين :
الأول : أن يرضخ الزوج لها ، ويسكت عن منكرها ، فيبوء بالإثم
الكبير في الآخرة ، والعار في الدنيا ، فإنه راعٍ ومسئول عن رعيته .
وكيف يرضى رجل عاقل أن يسير مع امرأته في الشارع وهي متبرجة ،
والرجال من حوله ينظرون إليها ويستمتعون بها ؟!!
والثاني : أن يظل معها في خلاف وصراع ، وشد وجذب ، وهذا كدر
وبلاء لا يرضاه العقلاء ، فالسلامة السلامة ، فإن السلامة لا يعدلها شيء ، وابحث عن
ذات الدين ، ففي الصالحات غنى وكفاية والحمد لله ، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا
، تعين على الطاعة ، وتذكر بالمعروف ، وتحفظ زوجها في نفسها وماله ، وتربي له ذرية
صالحة تعبد الله .
نسأل الله لك التوفيق والخير والرشاد .
والله أعلم .
*****
70403
اضطرت للمس المصحف وهي حائض
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
القرآن وعلومه > أحكام المصاحف >(1/5773)
سؤال رقم 70403- اضطرت للمس المصحف وهي حائض
لقد مسست المصحف وقرأت منه وأنا حائض على امرأة فيها مس قد ثارت ولم يستطيع أحد أن يقرأ عليها لتهدئتها فلم يكن بينهم من يجود ويرتل غيري فاضطررت للقراءة ... فما الحكم في تصرفي هذا .. هل علي إثم ؟ .
الحمد لله
لا يجوز لغير المتوضئ ( الحائض وغيرها ) أن يمس المصحف في قول
جمهور العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلا
طَاهِرٌ ) رواه مالك في الموطأ (468) وصححه الألباني في "إرواء الغليل"
(122) .
وللحائض أن تقرأ القرآن من غير مس للمصحف على القول الراجح ، كما
لو قرأت من حفظها ، أو أمسكت المصحف بحائل ، ولها أن تقرأ من المصحف المشتمل على
تفسير ، كما هو مبين في جواب السؤال ( 2564 )
، ( 60213 ) .
فكان عليك أن تتجنبي مس المصحف مباشرة ، وأن تمسكيه بشيء منفصل
عنه كخرقة طاهرة أو تلبسي قفازا ، أو تقلبي أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك .
أما وقد حصل المحظور ، فما عليك إلا أن تستغفري الله تعالى ،
وتتوبي إليه ، ونسأل الله أن يتجاوز عنك ، كما نسأله أن يتقبل منك ويثيبك على
مساعدتك لأختك .
والله أعلم .
*****
7041
يقول الأذكار وتحدث له مصائب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/5774)
سؤال رقم 7041- يقول الأذكار وتحدث له مصائب
السؤال :
رجل يحافظ على الأذكار ، ومع ذلك يصيبه مكروه ، فهل يمكن أن يبطل عمل الأذكار ؟.
الجواب :
لعل المراد أن هذا الرجل يقع في بعض المكروهات ، أو يعمل المعاصي ، ويُخشى أن يحبط عمله الذي من جملته الأذكار اليومية ، وعلى هذا ننصحه بالاستمرار على الأذكار والأوراد ، والإقلاع عن المكروهات ، والحسنات يذهبن السيئات ، ومتى تاب فإن الله يمحو عنه السيئات ، ويضاعف له الحسنات ، ولا يقنط من رحمة الله ، ولا يدع العمل الصالح ، وإذا كان القصد أن هذا الرجل محافظ على الأوراد ، ومع ذلك تصيبه بعض العقوبات ، والمصائب البدنية والمالية ، ويخشى أن أذكاره باطلة ، حيث لم تؤثر في حفظه وحمايته ، نقول له لا تخف ، فإن المصائب والابتلاء تصيب الأنبياء والصالحين ، ولا ينقص ذلك من حسناتهم ، ولا يدل على أن أذكارهم لم تقبل ، بل أن ذلك لرفع درجاتهم ، ومضاعفة جزائهم .
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين ص66.
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
70425
هل لابد من الاحتلام حتى يثبت البلوغ ؟
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >(1/5775)
سؤال رقم 70425- هل لابد من الاحتلام حتى يثبت البلوغ ؟
أنا شاب في السادسة عشر من عمري وقد ظهرت علي كل علامات البلوغ عدا خروج المني فهل هذا مرض أم هو طبيعي ؟ مع العلم أن غذائي الأساسي نباتي .
الحمد لله
البلوغ له علامات معروفة بالنسبة للذكر والأنثى ، فالذكر يحصل
بلوغه بواحد من ثلاثة أشياء : خروج المني ، أو نبات شعر خشن حول القُبُل ، أو بتمام
خمس عشرة سنة .
والأنثى يحصل بلوغها بهذه العلامات الثلاثة ، وتزيد علامة رابعة
وهي الحيض .
ولا يشترط ظهور كل هذه العلامات ، بل تحقق علامة واحدة منها
كافية للحكم على الشخص بأنه قد بلغ .
انظر الشرح الممتع (6/202)
وكونك بلغت السادسة عشرة ، فهذا دليل على بلوغك ، ولو لم يحصل
إنزال للمني .
فاعلم أنك أصبحت مكلفا ، مسئولا عن أقوالك وأعمالك ، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الصَّبِيِّ
حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ
حَتَّى يَبْرَأَ ) رواه أبو داود (4402) والنسائي (3432) والترمذي (1423)
وابن ماجه (2041) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقد سألنا أحد الأطباء عن حالتك فأفاد بأنها قد تكون أمراً
مرضياً ، وقد تكون أمراً طبيعياً ، فعليك أن تراجع طبيباً مختصاً للوقوف على حقيقة
الأمر .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
70427
الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارا
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/5776)
سؤال رقم 70427- الجلوس إلى جانب النساء في وسائل المواصلات اضطرارا
ما حكم جلوس الرجال إلى جانب النساء في وسائل النقل مع العلم أنهم مضطرون لذلك ؟.
الحمد لله
أولا :
اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة ،
محرم ؛ لما يترتب عليه من مفاسد عظيمة لا تخفى ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط
في جواب السؤال ( 1200 ) .
ثانيا :
إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل المواصلات المختلطة ،
فعليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع ، ويغض بصره عن الحرام ، ويتجنب الجلوس بجوار
النساء ، مهما أمكنه ذلك ، ولو بالوقوف على قدميه ، ابتغاء مرضاة الله تعالى ،
وتجنبا للفتنة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( اتَّقُوا
النِّسَاءَ ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ
) رواه مسلم (2742) .
وقوله : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى
الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ ) رواه البخاري (5096) ومسلم (2740) .
وقد يتفادى الإنسان هذا الجلوس بتبديل مقعده ، ونحو ذلك ( وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3 .
ثالثاً :
إذا اضطر الإنسان للركوب ولم يستطع تغيير المكان ، ولا تغيير
السيارة ، ولا الوقوف على قدميه لكونه أشد زحاماً وملامسة للنساء ، فلا حرج عليه
حينئذ من الجلوس بجوار امرأة على أن يبتعد عنها بقدر المستطاع .
وإذا خاف على نفسه الفتنة وبدأ الشيطان يوسوس له وأشغل فكره
فالواجب عليه أن ينزل فورا مهما ترتب على ذلك من تأخير للعمل أو الدراسة ، لأنه ليس
هناك أغلى على المرء من دينه ليحافظ عليه .
وقد سألنا فضيلة الشيخ ابن جبرين عن حكم الجلوس بجانب امرأة في
وسيلة المواصلات ، فأجاز ذلك بقدر الضرورة وبقدر الحاجة إذا أُمنت المفسدة .
والله أعلم .
*****
70458
هل يجوز له بيع الكتب السياسية والروايات المسرحية ؟
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/5777)
سؤال رقم 70458- هل يجوز له بيع الكتب السياسية والروايات المسرحية ؟
يوجد عندي العديد من الكتب غير الدينية ، وهي تشتمل على كتب سياسية , اقتصادية , تاريخية , والعديد من الروايات والمسرحيات العربية والعالمية ،هل يجوز بيع هذه الكتب والاستفادة من ثمنها في شراء كتب دينية أو في أعمال الخير والصدقة ؟.
الحمد لله
الأصل في البيوع الحل والجواز لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة/275 ، قال الجصاص : وهو عام في إباحة سائر
البيوع .
" أحكام القرآن " ( 2 / 189 ) .
هذا من حيث الأصل ، أما إن كان المبيع – أي : السلعة - محرمة أو
أنها تستخدم غالبا في الحرام : فلا يجوز تداولها بيعاً وشراء ، وبناء عليه : فإن
هذه الكتب المذكورة في سؤالك لا تخلو من حالين :
إما أن تكون كتباً نافعة مفيدة لقارئها ولو في غير علوم الدين
كالتاريخ والسياسة والفيزياء والحاسوب ونحوها ولا تحتوي - بحسب علمك - على محرمات
من كذب ، وإشاعة فاحشة ، وتلبيس على الناس : فهذه على الأصل المذكور ، وهو إباحة
البيع وجوازه شرعاً ، وإذا جاز البيع : حلَّ لك استخدام المال الناتج عنه بحسب
مصلحتك الدينية والدنيوية .
وأما إذا كانت هذه الكتب محرَّمة في نفسها أو ضارة لقارئها بحيث
تشتمل على كذب ، وتزوير للواقع وللثوابت الدينية والشرعية ، وإفساد للأخلاق والدين
والعقيدة ، وتغيير لمعاني الحياء عند المرأة ومعاني الرجولة عند الرجال - كما هو
الحال في الكثير من الروايات والمسرحيات العربية منها والأجنبية - : فهذا النوع من
الكتب يحرم بيعه ، بل يجب إتلافه ولا يحل الاستفادة من ثمنه لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إن الله إذا حرَّم على قومٍ شيئاً حرَّم ثمنه ) رواه أحمد (
2956 ) وصححه الألباني في " غاية المرام " ( 318 ) .
والله أعلم .
*****
70460
أرسل طلاق امرأته برسالة جوال مازحاً!
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/5778)
سؤال رقم 70460- أرسل طلاق امرأته برسالة جوال مازحاً!
إذا أرسل زوج لزوجته رسالة على الهاتف المتحرك يقول فيها أنت طالق تعتبر مطلقة كانت مزحة أم جادة ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يقع طلاق الرجل لامرأته بمجرد النية ، فإذا أظهر نيته على
لسانه بالنطق - أو بالإشارة المفهمة للأخرس - ، أو بالكتابة سواء على ورقة أو على
رسائل الجوال أو بالبريد الإلكتروني ، فإن كل ذلك يجعل الطلاق واقعاً ، على أن تكون
الكتابة ثابتة عنه ؛ لأن مجال التزوير في هذه الأمور سهل ومتيسر .
وينظر – للاستزادة - : جواب السؤالين : ( 36761 ) و ( 20660 ) .
ثانياً :
لا خلاف بين العلماء في وقوع طلاق الجاد .
وأما الهازل , فإذا طلق طلاقاً صريحاً : ( أنت طالق ) بالقول لا
بالكتابة فقد ذهب جمهور العلماء إلى وقوعه , واستدلوا بما رواه أبُو هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : (ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ،
وَالطَّلاقُ ، وَالرَّجْعَةُ ) رواه أبو داود ( 2194 ) والترمذي ( 1184 ) وابن ماجه ( 2039 ) وقد حسنه الألباني في "إرواء الغليل"
(1826) .
وانظر جواب السؤال ( 44038 )
.
ثالثاً :
وأما كتابة الطلاق , سواء كتبه الزوج على ورقة أو على رسالة
بالهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني , فلا يقع بها الطلاق حتى ينويه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن رجل كتب طلاق امرأته على
ورقة ثم دفعها إليها .
فأجاب :
" هذا الطلاق غير واقع على المرأة المذكورة إذا كان لم يقصد به
طلاقها , وإنما مجرد الكتابة أو أراد شيئا آخر غير الطلاق , لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات . . . ) الحديث .
وهذا قول جمع كثير من أهل العلم وحكاه بعضهم قول الجمهور , لأن
الكتابة في معنى الكناية , والكناية لا يقع بها الطلاق إلا مع النية في أصح قولي
العلماء ، إلا أن يقترن بالكتابة ما يدل على قصد إيقاع الطلاق فيقع بها الطلاق " انتهى .
وانظر جواب السؤال ( 72291 )
.
وعلى هذا , إذا كان زوجك قصد بتلك الرسالة إيقاع الطلاق , وقع ,
أما إن كان مازحاً – كما تقولين – ولم يقصد الطلاق فلا يقع بذلك طلاق .
والوصية للأزواج أن يتقوا الله تعالى ، وأن لا يتخذوا أحكام الله
هزوا ولعبا ، وليعلموا أنه بالطلاق تتشتت الأسرة ، ويضيع الأولاد ، ويعرِّض زوجته
للذل والفتن ، فليتقوا الله تعالى ، وليحافظوا على أُسَرهم ، وليتحلوا بالصبر
والحلم قبل الإقدام على الطلاق .
والله أعلم .
*****
70472
أجر المؤذن والمقيم
الفقه > عبادات > الصلاة > الأذان >(1/5779)
سؤال رقم 70472- أجر المؤذن والمقيم
ما هو أجر المؤذن والمقيم ؟.
الحمد لله
ورد في السنة المطهرة ما يدل على أن المؤذن له فضل لم يرد لغيره
مثله ، ومن ذلك :
1- عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة
الأنصاري عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له : إني أراك تحب
الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء ،
فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو
سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ( 584 ) .
2- عن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ) رواه مسلم ( 387 ) .
قال النووي رحمه الله :
" قيل : معناه أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى ؛ لأن
المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه ، فمعناه : كثرة ما يرونه من الثواب ، وقال
النضر بن شميل : إذا ألجم الناسَ العرقُ يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك
الكرب والعرق ، وقيل : معناه أنهم سادة ورؤساء ، والعرب تصف السادة بطول العنق ،
وقيل : معناه أكثر أتباعا ، وقال ابن الأعرابي : معناه أكثر الناس أعمالا ، قال
القاضي عياض وغيره : ورواه بعضهم " إعناقاً " بكسر الهمزة أي : إسراعاً إلى الجنة " انتهى .
والعَنَق نوع من السير سريع .
" شرح مسلم " ( 4 / 91 ، 92 ) .
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه
لاستهموا ) . رواه البخاري ( 590 ) ومسلم ( 437 ) .
ومعنى الحديث : أن الناس لو يعلمون ما في الأذان والصف الأول من
الثواب العظيم والأجر الجزيل ثم لم يجدوا طريقا للقيام بالأذان والوقوف في الصف
الأول إلا القرعة لفعلوها واقترعوا من أجل تحصيل فضلهما .
4- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم ، والمؤذنُ يغفر له بمد صوته
، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس ، وله مثل أجر من صلى معه ) رواه النسائي (
646 ) وصححه المنذري والألباني كما في " صحيح الترغيب " ( 235 ) .
وأما فضل الإقامة فقد تشملها الأحاديث السابقة في فضل الأذان ،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الإقامة أذاناً ، وذلك في قوله : ( بَيْنَ كُلِّ
أَذَانَيْنِ صَلاةٌ ) رواه البخاري ( 598 ) ومسلم ( 838 ) .
قال الحافظ :
" قَوْله : ( بَيْنَ كُلّ أَذَانَيْنِ ) أَيْ أَذَان وَإِقَامَة
" انتهى .
وقد ورد حديث خاص في فضل الإقامة :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: ( مَن أذَّن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة ، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة
، ولكل إقامة ثلاثون حسنة ) رواه ابن ماجه ( 728 ) وصححه المنذري والألباني
كما في " صحيح الترغيب " ( 248 ) .
والله أعلم .
*****
70507
هل يتيمم أيام البرد الشديد من الجنابة ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/5780)
سؤال رقم 70507- هل يتيمم أيام البرد الشديد من الجنابة ؟
هل أستطيع أن أصلي وأنا على جنابة بالتيمم أيام البرد الشديد ، علما بأنه لا تتوفر لدي الإمكانيات التي تستوجب مني التطهر فوراً ، كما أنى مريض بالبرد الذي أصاب ظهري وهو يؤثر علي كثيراً ؟.
الحمد لله
الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء ؛
لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ) ، فإن عجز عن استعمال
الماء لكونه غير موجود ، أو وجده وكان في استعماله ضرر لمرضه ، أو لشدة البرد -
وليس عنده ما يسخنه به - : فإنه يعدل عن الاغتسال بالماء إلى التيمم بالتراب ؛
لقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) ففي الآية دليل على أن المريض الذي يضره استعمال
الماء كأن يؤدي الاغتسال إلى الموت أو زيادة المرض أو تأخير شفائه أنه يتيمم , وقد
بيَّن الله تعالى كيفية التيمم فقال : ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
مِنْهُ ) وبيَّن حكمة هذا التشريع فقال : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 6 .
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : احتلمت في ليلة باردة في
غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح ،
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟
فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ( وَلا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) النساء/29 ،
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً .
رواه أبو داود ( 334 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك
سواء كان لأجل برد أو غيره ، وجواز صلاة المتيمم بالمتوضئين .
" فتح الباري " ( 1 / 454 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا أو تستطيع تسخين البارد ، أو
الشراء من جيرانك أو غير جيرانك : فالواجب عليك أن تعمل ذلك ؛ لأن الله يقول : (
فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم ) ، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو التسخين أو
غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء ، فإن عجزت وكان البرد شديداً
، وفيه خطر عليك ، ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك :
فأنت معذور ، ويكفيك التيمم ؛ لقول الله تعالى : ( فاتَّقوا الله ما استَطَعْتُم )
وقوله سبحانه : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) .
والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم يجد الماء .
" مجموع فتاوى ابن باز" (10/199، 200) .
وعليك أن تغسل ما تستطيع غسله من بدنك , كأن تغسل اليدين
والرجلين وما أشبه ذلك . إذا لم يكن في هذا ضرر عليك , ثم تتيمم .
ونسأل الله لك الشفاء العاجل ، وأن يجعل ما أصابك كفارة لك ورفعا
لدرجاتك .
والله أعلم .
*****
7051
الاجتماع للطعام مع أهازيج في آخر يوم من شعبان
أصول الفقه > البدعة >(1/5781)
سؤال رقم 7051- الاجتماع للطعام مع أهازيج في آخر يوم من شعبان
السؤال : بعض العائلات يجتمعون في أخر ليلة من شعبان ويصنعون أطعمة وبعض كبار السن عندهم أهازيج لهذه المناسبة فما حكم الاجتماع والطعام ؟.
الجواب :
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله :
أنا أرى أنها إلى البدعة أقرب ، وإلى النهي أقرب من الحِلّ ، لأنه يُتَّخذ عيدا ، ولو كان مصادفاً مرة واحدة فإنه لا بأس .
- ما هي الخلاصة ؟
الجواب : أننا ننهى عنه . انتهى ، والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
70520
يعمل في شركة بها مطعم يبيع الخمر ولحم الخنزير
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/5782)
سؤال رقم 70520- يعمل في شركة بها مطعم يبيع الخمر ولحم الخنزير
زوجي يعمل في دولة غربية في شركة بيع الملابس النسائية والرجالية وأيضا ملابس الأطفال وكل مستلزمات المنزل والذهب أي كل شيء .
والسؤال هو : في الشركة قسم للطعام أي مطعم وفيه تباع لحوم الخنزير والخمر لكن زوجي يعمل في قسم الساعات والذهب ، فهل يعتبر مرتبة حلال أم حرام ؟ أرجو منكم التفصيل في ذلك .
الحمد لله
أولا :
سبق في كثير من الأجوبة بالموقع التحذير من الإقامة في دول الكفر
، لما في ذلك من تأثير سلبي واضح على دين الرجل ، فإنه يتعرض لشهوات وشبهات قد تكون
سببا في فتنته عن دينه ، نسأل الله السلامة . ويعتاد رؤية المنكرات ولا يستطيع
إنكارها أو تغييرها ، مما يقلل قبح هذه المنكرات في قلبه .
ولذلك : لا يجوز للمسلم أن يقيم في دول الكفر إذا كان يخشى على
دينه .
وانظر السؤال رقم ( 38284 )
، ( 13363 ) .
ثانياً :
إذا كان عمل زوجك في قسم الساعات والذهب ، لا صلة له بالمطعم وما
يباع ويفعل فيه من منكرات ، فراتبه حلال ، لأنه في مقابل عمل مباح ، ولا يتحمل إثم
الشركة فيما تبيعه من حرام .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتعاملون مع اليهود
معاملات مباحة ، مع أن اليهود كانوا يتعاملون معاملات أخرى محرمة كالربا والرشوة
وأكل أموال الناس بالباطل ، وقد روى الطبراني عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته متغيرا فقلت : بأبي أنت ، ما لي أراك متغيرا
؟ قال : ( ما دخل جوفي ما يدخل جوف ذات كبد منذ ثلاث ) .
قال : فذهبت فإذا يهودي يسقي إبلا له فسقيت له على كل دلوٍ بتمرة
فجمعت تمرا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم . حسنه الألباني في "صحيح
الترغيب والترهيب" رقم (3271) . وانظر جواب السؤال ( 20732 )
.
والله أعلم .
*****
70530
هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/5783)
سؤال رقم 70530- هل يجزئ مسح بعض الرأس في الوضوء؟
هل ممكن عند الوضوء مسح جزء صغير من الرأس على أن يكون من الجزء الخلفي وليس الأمامي ؟.
الحمد لله
أجمع المسلمون على وجوب مَسْح الرَّأْسِ في الوضوء ، لقول اللَّه
تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/6 .
واتفق الفقهاء على أن الأفضل استيعاب الرأس بالمسح ، غير أنهم
اختلفوا هل هذا الاستيعاب واجب أم لا ؟
فذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب مسح الرأس كله .
وذهب الحنفية والشَّافعية إلى أنه يكفي مسح بعض الرأس .
واستدل المالكية والحنابلة بعدة أدلة :
1- قَوْل اللَّهِ تَعَالَى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) وهذا
يتناول جميع الرأس . وهذه الآية : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) كقوله تعالى فِي
التَّيَمُّمِ : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) والوجه يجب استيعابه في التيمم فكذلك الرأس هنا .
انظر : "مجموع الفتاوى" (21/125) .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
" اختلف الفقهاء فيمن مسح بعض الرأس ، فقال مالك : الفرض مسح
جميع الرأس ، وإن ترك شيئا منه كان كمن ترك غسل شيء من وجهه ، هذا هو المعروف من
مذهب مالك ، وهو قول ابن علية ، قال ابن علية : قد أمر الله بمسح الرأس في الوضوء
كما أمر مسح الوجه في التيمم ، وأمر بغسله في الوضوء ، وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسل
بعض الوجه في الوضوء ولا مسح بعضه في التيمم ، فكذلك مسح الرأس " انتهى .
" التمهيد " ( 20 / 114 ) .
2- واستدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم , فإنه لم يثبت عنه أنه
اقتصر على مسح بعض الرأس .
واحتج الأحناف والشافعية بأدلة منها :
1ـ قوله تعالى ( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) قالوا : والباء
للتبعيض ، فكأنه قال : ( وامسحوا بعض رؤوسكم ) .
وأجيب عن هذا : بأن الباء ليست للتبعيض ، وإنما هي للإلصاق ،
ومعنى الإلصاق : أنه يجب أن يلتصق بالرأس شيء من الماء الذي يمسح به .
انظر : "مجموع الفتاوى" (21/123) .
2ـ ما رواه مسلم (247 ) عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله
عنه : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ )
. قالوا : فاقتصر صلى الله عليه وسلم على مسح الناصية وهي مقدم الرأس .
وأجيب عن هذا : بأنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته ، وأكمل
المسح على العمامة ، ومسح العمامة يقوم مقام مسح الرأس .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/193) : " لَمْ
يَصِحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى
مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ أَلْبَتَّةَ , وَلَكِنْ كَانَ إذَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ
أَكْمَلَ عَلَى الْعِمَامَةِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين " إجزاء المسح على الناصية هنا لأنه مسح
على العمامة معه ، فلا يدلُّ على جواز المسح على الناصية فقط " انتهى من
"الشرح الممتع" (1/178) .
وبهذا يظهر أن الراجح من القولين هو القول بوجوب مسح الرأس كله
في الوضوء .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" ( 5/227) : " الواجب مسح جميع
الرأس في الوضوء ؛ لقوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) ولما أخرجه البخاري
ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال : ( ومَسَحَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ ) , وفي
لفظ لهما : ( بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه , ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ
منه ) " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/187) : " ولو مسح
بناصيته فقط دون بقيَّة الرَّأس فإنَّه لا يجزئه ؛ لقوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم
) المائدة/6 ولم يقل : (ببعض رؤوسكم)" انتهى .
وأما صفة مسح الرأس فقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال ( 45867 )
فلينظر .
والله أعلم .
*****
7057
كيف يعود المرتد إلى الإسلام ؟
الفقه > عبادات > الردة >(1/5784)
سؤال رقم 7057- كيف يعود المرتد إلى الإسلام ؟
السؤال :
إذا ارتد شخص عن الإسلام ثم قرر العودة إلى الإسلام مؤخراً.فما هي الطريقة التي يجب عليه اتباعها للعودة إلى الإسلام؟ وهل هناك مدة محددة يمكن خلالها العودة للإسلام؟.
الجواب :
الحمد لله
إذا ارتد شخص عن الإسلام ثم قرر العودة إليه ، فالطريقة التي يجب عليه اتباعها أن يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وإن كانت الردة بسبب جحد أمرٍ من الدين بالضرورة ، فلا يتم رجوعه إلا بالإقرار بما جحده ، وليست هناك مده يمكن خلالها العودة إلى الإسلام فتقبل توبته وعودته ما لم يغرغر وتخرج روحه ، فإذا وُفِّق للرجوع إلى الإسلام في وقت الإمكان وأدى ما أمكنه من شرائعه فهو مسلم .
الشيخ : عبد الكريم الخضير.
*****
70575
هل للأحفاد حق في ميراث جدهم ؟
الفقه > الفرائض >(1/5785)
سؤال رقم 70575- هل للأحفاد حق في ميراث جدهم ؟
إذا ماتت الابنة قبل أبيها فهل يكون لأولادها الحق في الميراث الشرعي بدلا منها من أبيها ؟.
الحمد لله
الأحفاد إما أن يكونوا أولاداً لذكور أو يكونوا أولاداً لإناث .
أما أولاد الإناث فلا يرثون من جدهم ، سواء كانت أمهم حية أم
ميتة .
وأما أولاد الذكور فإنهم يرثون من جدهم بشرط عدم وجود أحد من
أبناء الجد ، سواء كان هذا الابن الموجود أباهم أو أحد أعمامهم ، فإن وجد من أبنائه
الذكور أحد فإنهم لا يرثون ، سواء كان أبوهم حيا أم ميتاً .
انظر : "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" لفضيلة الشيخ صالح الفوزان (ص
65، 125) .
ولا يعلم في الشرع أبداً أن يأخذ الحفيد من جده نصيب أبيه الميت
، الذي لو فرض أنه كان حيا لأخذه !!!!
بل التركة توزع على الورثة الأحياء عند موت مورثهم ، فكيف نورث
هذا الأب الذي مات قبل الجد ، ثم نأخذ هذا النصيب ونعطيه أولاده ؟! سبحانك هذا
بهتان عظيم .
ويمكن لهؤلاء الأحفاد الذين لا يرثون لوجود أحد من أبناء جدهم أن
يحصلوا على شيء من تركة جدهم بطريقين :
الطريق الأول : أن يوصي لهم الجد قبل وفاته بالثلث من تركته أو
أقل ، وهذا في حال أن يكون له مال كثير ، وهذه الوصية أوجبها بعض العلماء واستحبها
كثيرون .
ودليل هذا قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة/180 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
من فوائد الآية : وجوب الوصية للوالدين والأقربين لمن ترك مالاً
كثيراً ؛ لقوله تعالى : ( كتب عليكم ) ؛ واختلف العلماء رحمهم الله هل هذا منسوخ
بآيات المواريث أم هو محكم ، وآيات المواريث خَصَّصَتْ ؟ على قولين ؛ فأكثر العلماء
على أنه منسوخ ؛ ولكن القول الراجح أنه ليس بمنسوخ ؛ لإمكان التخصيص ؛ فيقال : إن
قوله تعالى : ( للوالدين والأقربين ) مخصوص بما إذا كانوا وارثين ؛ بمعنى أنهم إذا
كانوا وارثين فلا وصية لهم اكتفاءً بما فرضه الله لهم من المواريث ؛ وتبقى الآية
على عمومها فيمن سوى الوارث ...
ومنها : جواز الوصية بما شاء من المال ؛ لكن هذا مقيد بحديث سعد
بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أتصدق بثلثي مالي ؟
قال : لا ؛ قال : فالشطر ؟ قال : لا ؛ قال : فالثلث ؟ قال : الثلث ؛ والثلث كثير )
متفق عليه ؛ وعلى هذا فلا يزاد في الوصية على ثلث المال ؛ فتكون الآية مقيدة
بالحديث .
ومنها : أن الوصية الواجبة إنما تكون فيمن خلّف مالاً كثيراً ؛
لقوله تعالى : ( إن ترك خيراً ) ، فأما من ترك مالاً قليلاً : فالأفضل أن لا يوصي
إذا كان له ورثة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :
( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ) متفق عليه .
" تفسير سورة البقرة " ( 2 / 306 ، 307 ) .
الطريق الثاني : أن يهب أعمامهم لهم من نصيبهم شيئاً يوزعونه
عليهم .
أما أن يحسب نصيب والدهم ويُعطى لهم وهو ليس على قيد الحياة :
فهذا لا يُعرف له أصل في الشرع ، ويسمى هذا في بعض الدول بـ " الوصية الواجبة " ،
فيُعطون أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه – أي : جدهم - نصيب أبيهم بشرط ألا يزيد
عن الثلث ، ويُعطون أولاد البنت نصيب أمهم بشرط ألا يزيد عن الثلث ، ولو لم يوص
الجد لهم بشيء !!
وهذا مخالف للشرع ، وغير موجب للطاعة ؛ لأن فيه مشاركة لله تعالى
في التشريع ، وتعديّاً على حقوق الورثة ، وقد نسبوا هذا القول لابن حزم رحمه الله ،
وهو محض تقول عليه ؛ لأن ابن حزم قد أوجب الوصية للأقارب الذين لا يرثون ، وهذا
يشمل العم والخال وجميع الأقارب ، وهم لا يجعلون لهؤلاء نصيباً في التركة ، وأيضاً
: لم يوجب ابن حزم نسبة معينة أو نصيباً مفروضاً ، وهم قد فعلوا ذلك بإعطائهم نصيب
أمهم أو أبيهم ، وأيضاً : فإن ابن حزم يرى أنهم يُعطوْن في حال أن يوصي الجد ، وهم
يجعلون لهؤلاء الأحفاد نصيباً ولو لم يوص الجد ، فاختلف ما قاله ابن حزم عما نسبوه
إليه ، فالواجب على القضاة أن لا يحكموا بمثل هذا ، وليعلموا أنهم بحكمهم هذا
يخالفون شرع الله تعالى ، ويأخذون المال ممن جعله الله تعالى حقا له ، ويعطونه لمن
لا يستحقه .
وفي هذا مضادة لحكم الله وشرعه ، وقد اعترض كثير من علماء الأزهر
على " قانون " الوصية الواجبة ، وأفتوا بخلافه ، ونشرت أبحاث في مجلة الأزهر وغيرها
في الرد على هذا القانون ، وبيان مخالفته للشرع .
وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :
هل يرث الأحفاد جدهم إذا كان والدهم قد توفي قبل الجد ؟ وإذا
كانت الإجابة بالنفي فلماذا ؟
فأجاب :
الأحفاد هم أولاد البنين دون أولاد البنات ، فإذا مات أبوهم قبل
أبيه لم يرثوا من الجد إن كان له ابن لصلبه أو بنون ؛ فإن الابن أقرب من ابن الابن
، فإن كان الجد ليس له بنون ولو واحداً وإنما له بنات : فللأحفاد ما بقي بعد ميراث
البنات ، وكذا يرثون جدهم إن لم يكن له بنون ولا بنات فيقومون مقام أولاده للذكر
مثل حظ الأنثيين .
" مجلة الحرس الوطني " ( العدد 264 ، تاريخ 1 / 6 / 2004 ) .
والله أعلم .
*****
70577
هل يشترط في قراءة القرآن والأذكار تحريك اللسان ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/5786)
سؤال رقم 70577- هل يشترط في قراءة القرآن والأذكار تحريك اللسان ؟
هل عندما نريد أن نقول واحداً من الأذكار يجب أن نحرك الفم ؟ مثلا : عندما نريد دخول الحمام ونذكر الأذكار ، هل نحرك الفم أم نكتفي بالقول في العقل ؟ وكذلك عند النوم وأذكار الصباح ؟.
الحمد لله
أولاً :
ذِكر الله تعالى من أشرف أعمال المسلم ، ولا يقتصر الذِّكر على
اللسان ، بل يكون الذِّكر بالقلب واللسان والجوارح .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله :
وإذا أطلق ذكر الله : شمل كل ما يقرِّب العبدَ إلى الله من عقيدة
، أو فكر ، أو عمل قلبي ، أو عمل بدني ، أو ثناء على الله ، أو تعلم علم نافع
وتعليمه ، ونحو ذلك ، فكله ذكر لله تعالى .
" الرياض النضرة " ( ص 245 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
وذكر الله يكون بالقلب ، وباللسان ، وبالجوارح ، فالأصل : ذِكر
القلب كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد
كله ؛ وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم ، فالمدار على
ذكر القلب ؛ لقوله تعالى : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ) الكهف/
28 ؛ وذكر الله باللسان أو بالجوارح بدون ذكر القلب قاصر جدّاً ، كجسد بلا روح .
وصفة الذِّكر بالقلب : التفكر في آيات الله ، ومحبته ، وتعظيمه ،
والإنابة إليه ، والخوف منه ، والتوكل عليه ، وما إلى ذلك من أعمال القلوب .
وأما ذكر الله باللسان : فهو النطق بكل قول يقرب إلى الله ؛
وأعلاه قول : " لا إله إلا الله " .
وأما ذكر الله بالجوارح : فبكل فعل يقرب إلى الله كالقيام في
الصلاة ، والركوع ، والسجود ، والجهاد ، والزكاة ، كلها ذكر لله ؛ لأنك عندما
تفعلها تكون طائعاً لله ؛ وحينئذٍ تكون ذاكراً لله بهذا الفعل ؛ ولهذا قال الله
تعالى : ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر )
العنكبوت/45 ؛ قال بعض العلماء : أي : لما تضمنته من ذكر الله أكبر ؛ وهذا أحد
القولين في هذه الآية .
" تفسير سورة البقرة " ( 2 / 167 ، 168 ) .
ثانياً :
والأذكار التي تقال باللسان كقراءة القرآن والتسبيح والتحميد
والتهليل ، وأذكار الصباح والمساء والنوم ودخول الخلاء . . . وغيرها لا بد فيها من
تحريك اللسان ، ولا يعد الإنسان قد قالها إلا إذا حرك بها لسانه .
نقل ابن رشد في "البيان والتحصيل" (1/490) عن الإمام مالك رحمه
الله أنه سئل عن الذي يقرأ في الصلاة ، لا يُسْمِعُ أحداً ولا نفسَه ، ولا يحرك به
لساناً . فقال :
" ليست هذه قراءة ، وإنما القراءة ما حرك له اللسان " انتهى .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/118) :
" القراءة لا تكون إلا بتحريك اللسان بالحروف ، ألا ترى أن
المصلي القادر على القراءة إذا لم يحرك لسانه بالحروف لا تجوز صلاته . وكذا لو حلف
لا يقرأ سورة من القرآن فنظر فيها وفهمها ولم يحرك لسانه لم يحنث " انتهى .
يعني لأنه لم يقرأ ، وإنما نظر فقط .
ويدل على ذلك أيضاً : أن العلماء منعوا الجنب من قراءة القرآن
باللسان ، وأجازوا له أن ينظر في المصحف ، ويقرأ القرآن بالقلب دون حركة اللسان .
مما يدل على الفرق بين الأمرين ، وأن عدم تحريك اللسان لا يعد قراءة .
انظر المجموع (2/187- 189) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجب تحريك اللسان بالقرآن
في الصلاة ؟ أو يكفي بالقلب ؟
فأجاب :
" القراءة لابد أن تكون باللسان ، فإذا قرأ الإنسان بقلبه في
الصلاة فإن ذلك لا يجزئه ، وكذلك أيضاً سائر الأذكار ، لا تجزئ بالقلب ، بل لابد أن
يحرك الإنسان بها لسانه وشفتيه ؛ لأنها أقوال ، ولا تتحقق إلا بتحريك اللسان
والشفتين " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/156) .
والله أعلم .
*****
7073
فوائد الختان الصحية والشرعية
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/5787)
سؤال رقم 7073- فوائد الختان الصحية والشرعية
أنا لا أدين بأي دين ، ولكني أتساءل لماذا يعتبر اليهود والمسلمون الختان إلزاميا ؟ يبدو لي أن المسلم ينظر إلى كل إنسان كمخلوق كامل من خلق الله ، ولكن، لماذا الشك في هذا الكمال بتغيير خلق الله ؟ أنا أعرف اعتبارات النظافة الصحية بالطبع ، ولكني آمل حقا أن أحصل على رد من طرفكم على سؤالي . ولكم الشكر على تلطفكم بالإجابة .
المسلم يُنفذ أمر الله وهذا معنى الإسلام ومقتضاه ، وهو الاستسلام لله وطاعة
أمره ، سواءٌ تبين له الحكمة منه أم لا ، لأن الآمر ـ وهو الله تعالى ـ هو الخالق
العليم الخبير ، الذي خلق البشر ويعلم ما يُصلحهم وما يصلح لهم ، والختان من
ضمن الأحكام الشرعية التي يُنفذها المسلم عن طواعية وخضوع ومحبةٍ لله وطلب للأجر
والثواب من عنده ، وهو يجزم يقيناً بأن الله لم يأمر بشئٍ إلا وله فيه حكمة وللعبد
فيه مصلحة سواءٌ علمها العبد أم لم يعلمها ، ولا بأس وقد ورد السؤال من طرفك
أيها السائل الحريص على معرفة الفائدة الصحية من الختان أن نذكر هنا بعض الفوائد
الشرعية والصحية للختان إجابةً لطلبك ، وليزداد المؤمنون إيماناً بالحكم ، ويعلم
غير المسلم جانباً من عظمة هذه الشريعة التي جاءت بجلب المصالح ، ودرءِ المفاسد
أولاً :
الفوائد الشرعية :
"الختان من محاسن الشرائع التي شرعها الله
سبحانه وتعالى لعباده ويُجَمِّلُ بها محاسنهم الظاهرة والباطنة فهو مكمل
للفطرة التي فطرهم عليها ولهذا كان من تمام الحنيفية ملة إبراهيم ، وأصل مشروعية
الختان لتكميل الحنيفية فإن الله عز وجل لما عاهد إبراهيم وعده أن يجعله للناس
إماماً ، ووعده أن يكون أباً لشعوب كثيرة وأن يكون الأنبياء والملوك من صلبه
وأن يُكثِّر نسله وأخبره أنه جاعلٌ بينه وبين نسله علامةَ العهد أن يختنوا كل
مولود منهم ويكون عهدي هذا ميسماً (أي علامة ) في أجسادهم . فالختان علم للدخول
في ملة إبراهيم وهذا موافق لتأويل من تأول قوله تعالى : ( صِبْغَةَ اللَّهِ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) البقرة/138 ،على الختان ، فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعبّاد الصليب ، فهم
يطهرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعمودية ويقولون :الآن صار نصرانياً
، فشرع الله سبحانه وتعالى للحنفاء صبغة الحنيفية ،وجعل ميسمها الختان فقال :
(صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ
) البقرة/138.
...فجعل الله سبحانه وتعالى الختان علماً لمن يضاف
إليه وإلى دينه وملته وينسب إليه بنسبة العبودية والحنيفية ...
والمقصود : أن صبغة الله هي الحنيفية التي صبغت
القلوب بمعرفته ومحبته والإخلاص له ، وعبادته وحده لا شريك له ، وصبغت الأبدان
بخصال الفطرة من الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر ،ونتف الإبط
، والمضمضة ،والاستنشاق ، والسواك ،والاستنجاء .
فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء وأبدانهم."
تحفة المودود بأحكم المولود - ابن القيم ص 351 .
ولا يشترط أن يبقى الجنين على ما هو عليه عند خروجه
من بطن أمه إذا كان ما يُفعل معه لمصلحة ومما أمر به الدين الحنيف ومن ذلك حلاقة
شعر رأسه بعد ولادته لأن ذلك من مصلحته قال نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام
: ( أميطوا عنه الأذى ) .
وكذلك غسله مما أصابه من الدم وقطع المشيمة التي
كان متصلاً بها بأمه ونحو ذلك من إجراء الأمور التي تفيده .
ثانياً :
الفوائد الصحية :
قال الدكتور محمد علي البار (عضو الكليات الملكية
للأطباء بالمملكة المتحدة ـ مستشار قسم الطب الإسلامي مركز الملك فهد للبحوث
الطبية جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ) في كتابه الختان :
" إن ختان الأطفال المواليد ( أي خلال الشهر
الأول من أعمارهم ) يؤدي إلى مكاسب صحية عديدة أهمها :
1- الوقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب :
الناتجة عن وجود القلفة ويسمى ضيق القلفة ويؤدي إلى حقب البول . والتهابات حشفة
القضيب وهذه كلها تستدعي إجراء الختان لعلاجها ، أما إذا أزمنت فإنها تعرض الطفل
المصاب لأمراض عديدة في المستقبل من أخطرها سرطان القضيب .
2- التهابات المجاري البولية : أثبتت الأبحاث العديدة
أن الأطفال غير المختونين يتعرضون لزيادة كبيرة في التهابات المجاري البولية
وفي بعض الدراسات بلغت النسبة 39 ضعف ما هي عليه عند الأطفال غير المختونين
، وفي دراسات أُخرى كانت النسبة عشرة أضعاف ، وفي دراسات أُخرى تبين أن
95 بالمائة من الأطفال الذين يعانون من التهابات المجاري البولية هم من
غير المختونين بينما كانت نسبة الأطفال المختونين لا تتعدى 5 بالمائة
والتهابات المجاري البولية في الأطفال خطيرة في
بعض الأحيان ففي دراسة ويزويل على 88 طفلاً أصيبوا بالتهابات المجاري البولية
كان لدى 36 بالمائة منهم نفس البكتريا الممرضة في الدم ، وعانى ثلاثة من هؤلاء
من التهاب السحايا ، و أُصيب اثنان بالفشل الكلوي ، ومات اثنان آخران بسبب انتشار
الميكروبات الممرضة في الجسم .
3- الوقاية من سرطان القضيب : قد أجمعت الدراسات
على أن سرطان القضيب يكاد يكون منعدماً لدى المختونين بينما نسبته لدى غير المختونين
ليست قليلة ، ففي الولايات المتحدة فإن نسبة الإصابة بسرطان القضيب لدى المختونين
صفر بينما هي 2.2 من كل مائة ألف من السكان غير المختونين . وبما أن أغلبية السكان
في الولايات المتحدة هم من المختونين فإن حالات السرطان هناك في حدود 750 إلى
ألف حالة كل سنة ولو كان السكان غير مختونين لتضاعف العدد إلى ثلاثة آلاف حالة
، وفي البلاد التي لا يُختن فيها مثل الصين ويوغندا وبورتوريكو فإن سرطان القضيب
يشكل ما بين 12 إلى22 بالمائة من مجموع السرطانات التي تصيب الرجال . وهي نسبة
عالية جداً .
4- الأمراض الجنسية : لقد وجد الباحثون أن الأمراض
الجنسية التي تنتقل عبر الاتصال الجنسي (غالباً بسبب الزنا واللواط ) تنتشر بصورة
أكبر وأخطر لدى غير المختونين ، وخاصة الهربس ، والقرحة الرخوة والزهري ، والكانديدا
، والسيلان ، والثآليل الجنسية .
وهناك أبحاث عديدة حديثة تؤكد أن الختان يقلل من
احتمال الإصابة بالإيدز بنسبة أعلى من قرنائهم من غير المختونين . ولكن ذلك لا
ينفي أن المختون إذا تعرض للعدوى نتيجة اتصال جنسي بشخص مصاب بالإيدز قد يصاب
بهذا المرض الخطير . وليس الختان واقياً منه ، وليست هناك وسيلة حقيقة للوقاية
من هذه الأمراض الجنسية العديدة سوى الابتعاد عن الزنا والخنا واللواط وغيرها
من القاذورات (وبهذا نعلم حكمة الشريعة الإسلامية بتحريم الزنا واللواط ...)
5- وقاية الزوجة من سرطان عنق الرحم : لاحظ الباحثون
أن زوجات المختونين أقل تعرضاً للإصابة بسرطان عنق الرحم من غير المختونين ." انتهى نقلاً من كتاب (الختان) ص/76 للدكتور محمد البار.. والله أعلم
يراجع : مقال للبروفيسور ويزويل نشرته المجلة
الأمريكية لطبيب الأسرة العدد/41 ، سنة 1991م .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7076
هل يوجّه الميّت إلى القبلة عند موته
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/5788)
سؤال رقم 7076- هل يوجّه الميّت إلى القبلة عند موته
السؤال :
أخبرت بوجود حديث فيه أنه يجب تحريك المسلم فور موته بحيث يواجه الكعبة ، وأن القبر نفسه يجب أن يكون مواجها للكعبة بمعنى أن تكون القدمان مواجهتين للكعبة . وقيل إن السبب في هذا أن المسلمين سيقومون من قبورهم يوم القيامة مواجهين للكعبة. ما قرأته وفهمته هو أن الرأس/ الوجه يجب أن يبقى في القبر مستقبلا القبلة . ما هي الحقيقة بالنسبة لهذا الموضوع . وجزاك الله خيرا أخي على العمل الجاد الذي تقوم به .
الجواب :
قال ابن حزم رحمه الله :
وتوجيه الميت إلى القبلة حسن فإن لم يوجّه فلا حرج قال الله تعالى : { فأينما تولوا فثم وجه الله } ولم يأت نص بتوجيهه إلى القبلة . " المحلى " ( 5 / 174 ) .
والنبي صلى الله عليه وسلم مات في حِجْر عائشة رضي الله عنها ، ووصفت لحظات موته بدقّة ولم تذكر أنها وجّهته إلى القبلة ، وحديثها رواه : البخاري ( 4440 ) ومسلم ( 2444 ) .
وكذا لم يثبت ذلك عن صحابي ، وما روي في ذلك عن أبي قتادة وأنه أوصى عند موته أن يستقبل به القبلة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره بقوله " أصاب الفطرة " : فضعيف لا يصح . انظر - في تضعيفه - : " إرواء الغليل " ( 3 / 153 ) .
وأما موضع الميت في قبره ، فقد قال الإمام ابن حزم :
ويجعل الميت في قبره على جنبه اليمين ، ووجهه قبالة القبلة ، ورأسه ورجلاه إلى يمين القبلة ويسارها على هذا جرى عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وهكذا كل مقبرة ( للمسلمين ) على ظهر الأرض . " المحلى " ( 5 / 173 ) .
وأما دعوى أن خروج الناس من قبورهم يكون إلى الكعبة فهو خبر غيبي يحتاج إلى دليل فأين الدليل عليه ؟! والذي ثبت أنّ الناس إذا قاموا إلى قبورهم يتجهون إلى أرض المحشر مباشرة ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7092
بماذا نردّ إذا سلم علينا أهل الكتاب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > آداب السلام >(1/5789)
سؤال رقم 7092- بماذا نردّ إذا سلم علينا أهل الكتاب
السؤال :
ما هي الطريقة الصحيحة لتحية غير المسلمين عندما يحيونك بتحية السلام الصحيحة؟.
الجواب :
1. إذا تحقق لدى المسلم أن الكافر قال له " السام عليكم "
- أي : الموت - فإن يرد عليه بمثل قوله فيقول : وعليكم .
2. أما إذا تحقق لديه أنه ألقى عليه تحية الإسلام
من غير لبس ، فقد قال ابن القيم رحمه الله :
فلو تحقق السامع أن الذمي قال له سلام عليكم لا شك
فيه ، فهل له أن يقول : وعليك السلام ، أو يقتصر على قوله " وعليك "
؟
فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة : أن
يقال له وعليك السلام ؛ فإن هذا من باب العدل والله يأمر بالعدل والإحسان . "
أحكام أهل الذمة " ( 1 / 425 ، 426 ) .
3. قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين حفظه الله :
إن هؤلاء الذين يأتوننا من الشرق ومن الغرب ممن ليسوا
مسلمين ؛ لا يحل لنا أن نبدأهم بالسلام ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "
لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام " رواه مسلم في صحيحه .
وإذا سلموا علينا فإننا نرد عليهم بمثل ما سلموا
علينا به ، لقوله تعالى { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } [
النساء / 86 ] .
وسلامهم علينا بالتحية الإسلامية " السلام عليكم
" لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يفصحوا بـ " اللام "
فيقولوا " السلام عليكم " ، فلنا أن نقول : " عليكم السلام "
أو " وعليكم " .
الحال الثانية : إذا لم يفصحوا بـ " اللام "
مثل أن يقولوا " السام عليكم " : فإننا نقول : " وعليكم "
فقط ؛ وذلك لأن اليهود كانوا يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلمون عليه
بقولهم " السام عليكم " غير مفصحين بـ " اللام " ، والسام
هو : الموت ، يريدون الدعاء على النبي صلى الله عليه وسلم بالموت ، فأمر النبي
صلى الله عليه وسلم أن نقول لهم " وعليكم " .
فإذا كانوا قالوا " السام عليكم " فإننا
نقول : " وعليكم " ، يعني : أنتم أيضاً عليكم السام .
هذا ما دلت عليه السنة .
وأما أن نبدأهم نحن بالسلام فإن هذا قد نهانا عنه
نبينا صلى الله عليه وسلم .
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 2 / 97 ، 98
) .
والله أعلم
وللمزيد يراجع السؤال رقم 6583 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
7100
كم مرة يزور البيت الحرام في العمر
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/5790)
سؤال رقم 7100- كم مرة يزور البيت الحرام في العمر
سمعت مؤخرا من مصدرين أن السنة تحتوي على إشارة بضرورة تحقيق مبدأ إسلامي يدعو إلى زيارة مكة المكرمة 7 مرات والقدس مرة واحدة في العمر.
هل لكم أن تتفضلوا بمساعدتي في التأكد من صحة ما سبق حيث أني لم أجد له دليلا بمفردي
1. جاءت الأحاديث في بيان فضل الصلاة في بيت الله الحرام في مكة ، وفي المسجد النبوي ، وفي المسجد الأقصى .
= عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " . رواه البخاري ( 1133 ) ومسلم ( 1394 ) .
= عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه .
رواه ابن ماجه ( 1406 ) وأحمد ( 14847 ) . والحديث صححه البوصيري في " الزوائد " - هامش سنن ابن ماجه - .
= أما الصلاة في المسجد الأقصى : فالصحيح أنها على الربع من فضل الصلاة في مسجد المدينة .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولَنِعْم المصلَّى ......" .
رواه الحاكم ( 4 / 509 ) وصصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في " السلسلة الصحيحة " في آخر الكلام على حديث رقم ( 2902 ).
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف .
انظر " تمام المنة " للشيخ الألباني رحمه الله ( ص 292 ) .
2. وقد ورد في توقيت زيارة بيت الله الحرام حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه :
" إن الله يقول : إنَّ عبداً أصححتُ له جسمَه ، ووسعتُ عليه في المعيشة ، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفدُ إليَّ لمحروم " . رواه ابن حبان ( 960 ) وأبو يعلى ( 1 / 289 ) والبيهقي ( 5 / 262 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1662 ) .
وكلما كثر التردّد على بيت الله الحرام كان أفضل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب .." رواه الترمذي 810
وأما ما أشرت إليه في سؤالك من ادّعاء زيارة الكعبة سبع مرات في العمُر ومرّة للمسجد الأقصى فطالب الذي أخبرك بذلك بمصدره ودليله كما قال الله : ( قل هاتوا برهانكم ) ، فإنه لا يجوز إيجاب شيء أو ادّعاء أفضلية لأمر دون دليل صحيح ، وفقنا الله وإياك لما يحبّ ويرضى وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7103
أكل لحم الإبل ينقض الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/5791)
سؤال رقم 7103- أكل لحم الإبل ينقض الوضوء
السؤال : هل ينقض أكل لحم الإبل الوضوء؟.
الجواب :
الصحيح : أنه يجب الوضوء من أكل لحوم الإبل صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى مطبوخاً أو نيئاً ، وعلى هذا دلّت الأدلّة :
1-حديث جابر ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، قال : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال :إن شئت . رواه مسلم ( 360 ) .
2-حديث البراء ، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الإبل ؟ قال : توضئوا منها ، وسئل عن لحوم الغنم فقال لا يتوضاٌ . رواه أبو داود ( 184 ) الترمذي ( 81 ) وصححه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه .
وأما الذين لم يوجبوا الوضوء من لحم الإبل ، فإنهم ردوا بأشياء ، منها :
أ. بأن هذا الحكم منسوخ ، ودليلهم :
حديث جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار . رواه أبو داود ( 192 ) والنسائي ( 185 ) .
وهذا الرد لا يقابل النص الخاص السابق في " صحيح مسلم " .
ثم إنه ليس فيه دليل على النسخ ؛ لأنهم سألوا أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ فقال : إن شئت .
فلو كان هذا الحديث منسوخاً لنسخ حكم لحم الغنم ولما قال : " إن شئت " : دل على أن هذه الأحاديث لاحقة لحديث جابر .
والنسخ لا بد فيه من دليل يفيد أن الناسخ مقدم في التاريخ ولا دليل .
ثم إن حديث النسخ عام ، وهذا خاص يخصص عموم الحديث .
ثم إن سؤاله عن لحوم الغنم يبين أن العلة ليست في مس النار لأنه لو كان كذلك لتساوت لحوم الإبل ولحوم الغنم في ذلك .
ب. واستدلوا بحديث : " الوضوء مما يخرج لا مما يدخل " .
والرد :
الحديث : رواه البيهقي ( 1 / 116 ) وضعفه ، والدار قطني ( ص 55 ) ، وهو حديث ضعيف فيه ثلاث علل ، انظر تحقيقها في " السلسلة الضعيفة " ( 959 ) .
وإن صح - تنزلاً - : فهو عام ، وحديث إيجاب الوضوء خاص .
ج. وقال بعضهم : إن المراد من قوله " توضئوا منها " : غسل اليدين والفم لما في لحم الإبل من رائحة كريهة ودسومة غليظة بخلاف لحم الغنم !
والرد :
أن هذا بعيد ، لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي ، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب .
د. واستدل بعضهم بقصة لا أصل لها وخلاصتها :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم ، فخرج من أحدهم ريح ، فاستحيا أن يقوم بين الناس ، وكان قد أكل لحم جزور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستراً عليه ! : من أكل لحم جزور فليتوضأ ! فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا !.
والرد :
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
لا أصل لها في شيء من كتب السنة ولا في غيرها من كتب الفقه والتفسير فيما علمت . " السلسة الضعيفة " ( 3 / 268 ) .
والراجح في المسألة : أن الوضوء مما مست النار منسوخ .
وأنه يجب الوضوء من لحوم الإبل .
قال النووي :
وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر ابن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي ، وحُكي عن أصحاب الحديث مطلقا وحُكي عن جماعة من الصحابة .
واحتج هؤلاء بحديث جابر بن سمرة الذي رواه مسلم : قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء وهذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه .
وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار , ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام . " شرح مسلم " ( 4 / 49 ) .
وقال به من المعاصرين : الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7107
الطرق الروحانية
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/5792)
سؤال رقم 7107- الطرق الروحانية
السؤال :
هل تتفضلون بتعريفي بالرأي الإسلامي في الطرق الروحانية.
الجواب :
الحمد لله
إن كان المقصود تحضير الأرواح من جنٍ أو غيرهم فلا يجوز لأنه لا يتم إلا بطرق شركيه ، وإن كان المراد ما يغذي الروح من إيمان بالله ، ورسله ، وملائكته ، وكتبه ، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره ، فهو مطلب شرعي على المسلم أن يسعى في تغذيته هذا الجانب . والله أعلم .
الشيخ : عبد الكريم الخضير.
*****
71161
من أحكام السقط
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/5793)
سؤال رقم 71161- من أحكام السقط
تُوفيت ابنتِي داخلَ الرحمِ بعد حملِها مدةَ سبعةِ شهور ، هل كان يجبُ أن نعقَّ عنها ؟ حيثُ إنّه لم يتمّ العَقُّ عنها . هل كان يجبُ تسميتُها ؟ حيثُ لم تُسَمَّ .
لقد قامَ زوجي بغسلِها وتكفينِها والصلاةِ عليها ودفنِها فقط . هل ما تمَّ صحيحٌ ؟
لقد طلَّقَني زوجي .. هل أتمكنُ أنا من العَقِّ عنها إذا كانت واجبةً ؟ .
الحمد لله
أولاً :
اعلمي – أختي السائلة – أنَّ الصبرَ على القضاءِ من مقاماتِ
الصالحين ، وأنَّ الرضا بقدرِ الله سبحانَه من منازلِ المقربين ، وأنَّ خيرَ ما
يستقبلُ العبدُ به البلاءَ أن يقولَ : الحمدُ لله ، إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون
.
وخيرُ ما نبشرك به ، ما جاءَ عن أبي موسى الأشعريِّ رضيَ اللهُ
عنه :
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال :
( إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ ، قالَ اللهُ لمَلائِكَتِهِ :
قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : قَبَضْتُم
ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟
فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فَيَقُولُ اللّهُ : ابْنُوا لِعَبْدِيْ
بَيْتًا فِيْ الجَنَّةِ , وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ ) .
رواه الترمذي (1021) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
قال النوويُّ رحمهُ الله :
" موتُ الواحدِ من الأولادِ حجابٌ منَ النار ، وكذا السقطُ ،
واللهُ أعلم ".
"المجموع" (5/287) ، وانظر : "حاشية ابن عابدين" (2/228) .
وعن مُعاذِ بنِ جبلٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ صلَّى اللهُ
عليهِ وسلم قالَ :
( وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ
أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ ) رواه ابن ماجه
(1609) وضعفه النووي في "الخلاصة" (2/1066) والبوصيري ، وصححه الألباني في صحيح ابن
ماجه .
والسَّرَرُ: ما تقطعه القابلة من السرة . "النهاية"
(3/99) .
وانظر السؤال رقم ( 5226 )
.
ثانيًا :
أجمعَ أهلُ العلمِ على أنَّ الطفلَ إذا عُرِفت حياتُه واستهلَّ –
بصوتٍ – أنّه يُغَسَّلُ ويكفَّن ويُصَلى عليه .
نقل الإجماع ابن المنذر وابن قدامة في "المغني" (2/328)
والكاساني في "بدائع الصنائع" (1/302) .
قالَ النوويُّ في "المجموع" (5/210) : ويكونُ كفنُه ككفنِ
البالغِ ثلاثةَ أثواب .
وأما من لم يستهل بصوت , فقد سبق من جواب السؤال (13198) و
(13985) أن العبرة في ذلك بنفخ الروح فيه , ويكون ذلك بعد تمام أربعة أشهر من الحمل
, فإن نفخت فيه الروح غسِّل وكفّن وصلى عليه , وإن لم تكن نفخت فيه الروح فلا يغسل
ولا يصلى عليه .
انظر : "المغني" (2/328) ، "الإنصاف" (2/504) .
ثالثًا :
وأمَّا العقيقةِ عن السقط إذا بلغ أربعة أشهر , فقد اختلف
العلماء في مشروعيتها , وسبق في جواب السؤال ( 12475 )
و ( 50106 ) اختيار علماء اللجنة
الدائمة للإفتاء والشيخ ابن عثيمين أنها مشروعة مستحبة , وفيهما أيضاً أنه يُسمَّى
.
رابعًا :
الذي يؤمر بالعقيقة هو من تلزمه النفقة على المولود , وهو الأب
إن كان موجوداً , فإن امتنع فلا حرج أن يفعلها غيره كالأم .
جاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/279) :
" ذهبَ الشّافعيّةُ إلى أنّ العقيقةَ تُطلبُ من الأصلِ الّذي
تلزمُه نفقةُ المولودِ ، فيؤدّيها من مالِ نفسِه لا من مالِ المولود ، ولا يفعلُها
من لا تلزمُه النّفقةُ إلاّ بإذنِ من تلزمُه .
وصرّحَ الحنابلةُ أنّه لا يَعقّ غيرُ أبٍ إلاّ إن تعذّرَ بموتٍ
أو امتناعٍ ، فإن فعلَها غيرُ الأبِ لم تُكرَه ، ولكنّها لا تكون عقيقةً ، وإنّما
عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ، لأنّه أولى بالمؤمنينَ من
أنفسِهم " انتهى .
فإن كان الأبُ حيًا قادرًا ، فإنه ينصح بالعقيقةِ عن المولود ،
فإن امتنعَ أو أذنَ للأمِّ بالعقيقةِ فيُشرَعُ لها ذلك .
والحاصل : أن ما فعله زوجك من غسلها وتكفينها والصلاة عليها صحيح
مشروع ، ولكن يبقى عليكم تسميتها والعقيقة عنها .
واللهُ أعلم .
*****
71169
يدخل الماء إلى أنفه في الوضوء عند غسل الوجه
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/5794)
سؤال رقم 71169- يدخل الماء إلى أنفه في الوضوء عند غسل الوجه
أثناء الوضوء أستنشق وأستنثر ثلاث مرات ولكني عندما أغسل وجهي يدخل بعض الماء في أنفي فأستنثره ، فهل هذا جائز أم لا ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا حرج عليك في إخراج الماء الذي قد يدخل إلى أنفك أثناء غسل
الوجه ، بعد انتهائك من المضمضة والاستنشاق ، ولا يعدّ هذا زيادة على الثلاث
الواردة في السنة ، لأن دخول الماء لم يكن بقصد منك .
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الأفضل في غسل الوجه أن يبدأ من
أعلاه ، فلعلك إذا فعلت ذلك لم يدخل الماء في أنفك .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/215) :
" قال الماوردي : صفة غسل الوجه المستحبة أن يأخذ الماء بيديه
جميعا لأنه أمكن وأسبغ , ويبدأ بأعلى وجهه ثم يحدره ; لأن رسول الله صلى الله عليه
وسلم هكذا كان يفعل , ولأن أعلى الوجه أشرف لكونه موضع السجود , ولأنه أمكن فيجري
الماء بطبعه ثم يمر يديه بالماء على وجهه حتى يستوعب جميع ما يؤمر بإيصال الماء
إليه , فإن أوصل الماء على صفة أخرى أجزأه " انتهى .
وذكر أيضاً في "مواهب الجليل" (1/187) في صفة غسل الوجه : أنه
يبدأ من أعلاه .
ثانياً :
قد دلت السنة على أن الاستنشاق والاستنثار يكون ثلاثا ، كما روى
البخاري (186) ومسلم (235) – واللفظ له - عن عَبْد اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله
عنه أنه تَوَضَّأَ لَهُمْ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
. . ( فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا )
.
فهذا الحديث يدل على أن السنة ألا يفصل بين المضمضمة والاستنشاق
، بل يمضمض ويستنشق من كف واحدة ، ثم يمضمض ويستنشق ، ثم يمضمض ويستنشق . خلافا لما
يفعله كثير من الناس من الفصل بينهما ، فيمضمض ثلاث مرات ، ثم يستنشق ثلاثاً .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" :
" قَالَ أَصْحَابنَا : وَعَلَى أَيّ صِفَة وَصَلَ الْمَاء إِلَى
الْفَم وَالأَنْف ، حَصَلَتْ الْمَضْمَضَة وَالاسْتِنْشَاق . وَفِي الأَفْضَل
خَمْسَة أَوْجُهٍ : الأَوَّل : يَتَمَضْمَض وَيَسْتَنْشِق بِثَلاثِ غُرُفَات ،
يَتَمَضْمَض مِنْ كُلّ وَاحِدَة ثُمَّ يَسْتَنْشِق مِنْهَا . . . وهذا الْوَجْه هوَ
الصَّحِيح ، وَبِهِ جَاءَتْ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم
وَغَيْرهمَا . وَأَمَّا حَدِيث الْفَصْل فَضَعِيف ، فَيَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَى
الْجَمْع بِثَلاثِ غُرُفَات كَمَا ذَكَرْنَا ، لِحَدِيثِ عَبْد اللَّه بْن زَيْد
الْمَذْكُور فِي الْكِتَاب " انتهى بتصرف .
وأما الزيادة على الثلاث فمكروهة ، والأصل في ذلك ما رواه
النسائي (140) وأبو داود (135) وابن ماجه (422) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلاثًا
ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ : ( هَكَذَا الْوُضُوءُ ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ
أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي .
قال النووي رحمه الله في تتمة كلامه السابق :
" وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة الزِّيَادَة عَلَى
الثَّلاث ، وَالْمُرَاد بِالثَّلاثِ الْمُسْتَوْعِبَة لِلْعُضْوِ ، وَأَمَّا إِذَا
لَمْ تَسْتَوْعِب الْعُضْو إِلا بِغرْفَتَيْنِ فَهِيَ غَسْلَة وَاحِدَة .
وَلَوْ شَكّ هَلْ غَسَلَ ثَلاثًا أَمْ اِثْنَتَيْنِ ؟ جَعَلَ
ذَلِكَ اِثْنَتَيْنِ وَأَتَى بِثَالِثَةٍ , هَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي قَالَهُ
الْجَمَاهِير مِنْ أَصْحَابنَا ، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ
مِنْ أَصْحَابنَا : يَجْعَل ذَلِكَ ثَلاثًا وَلا يَزِيد عَلَيْهَا مَخَافَة مِنْ
اِرْتِكَاب بِدْعَة بِالرَّابِعَةِ ، وَالأَوَّل هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِد
، وَإِنَّمَا تَكُون الرَّابِعَة بِدْعَة وَمَكْرُوهَة إِذَا تَعَمَّدَ كَوْنهَا
رَابِعَة ، وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
والحاصل أنه لا شيء عليك في إخراج الماء الذي يدخل إلى أنفك من
غير قصد ، ولا يعد هذا زيادة في الوضوء ، لأنك لم تتعمد .
والله أعلم .
*****
71170
حكمُ الرسومِ المتحركة
التربية > تربية الأولاد >(1/5795)
سؤال رقم 71170- حكمُ الرسومِ المتحركة
ما حكمُ الرسومِ المتحركةِ التي تُعرَضُ للأطفالِ ؟ وهل هي من التصويرِ المحرمِ شرعاً ؟ .
الحمد لله
أولاً :
لا يخفى أنَّ الشريعةَ جاءت بتحريمِ تصويرِ ورسمِ ونحتِ كل ما
فيه روحٌ من خلقِ اللهِ تعالى ، بل جاء التشديدُ والوعيدُ الشديد على من فعل ذلك .
كقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا
يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2109) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 7222 )
( 39806 ) .
وقد استثنت الشريعة من التحريم : الصور التي يلعب بها الأطفال .
فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت : ( قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله
عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّت
رِيحٌ ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ ، لُعَب . فَقَالَ
: مَا هَذا يَا عَائِشَةُ ؟ قَالَت : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه
جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ . فَقَال : مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن ؟ قَالت : فَرَسٌ
. قَالَ : وَمَا هَذا الذي عَليه ؟ قَالَت : جَنَاحَانِ . قَالَ : فَرَسٌ لَه
جَناحانِ ؟ ! قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ
؟ ! قَالَت : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه ) . رواه أبو داود (4932)
وصححه العراقي في تخريج الإحياء (2/344) والألباني في "صحيح أبو داود" .
قالَ الحافظُ ابنُ حجر في "فتح الباري" (10/527) :
" واستُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب
، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن ، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور ، وبه
جزمَ عياضٌ ، ونقله عن الجمهورِ ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من
صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن " انتهى .
وسُئلَ الشيخ ابن عثيمين : ما حكمُ صورِ الكرتونِ التي تخرج في
التلفزيون ؟
فأجابَ :
" أمَّا صورُ الكرتونِ التي ذكرتم أنها تخرجُ في التلفزيون :
فإن كانت على شكلِ آدميٍّ : فحكمُ النظرِ فيها محلُّ ترددٍ ، هل
يُلحقُ بالصورِ الحقيقية أو لا ؟
والأقربُ أنه لا يُلحَقُ بها .
وإن كانت على شكلِ غيرِ آدمي : فلا بأس بمشاهدتِها ، إذا لم
يصحبها أمرٌ منكَرٌ ، من موسيقى أو نحوِها ، ولم تُلهِ عن واجبٍ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (2/سؤال رقم 333) .
ثانياً :
إن موضوعَ الرسومِ المتحركةِ وأفلام الكرتون من أخطرِ المواضيعِ
التربويةِ وأعظمِها ، وذلك للأثرِ الهائلِ الذي تتركهُ تلك الأفلامُ في نفوسِ
الناشئةِ من الأطفال ، ولأنها غدت مصدرَ التلقي والتربية الأول في كثير من دولِ
العالمِ اليوم .
وفي هذه المرحلةِ يكونُ عقلُ الطفلِ وقلبُهُ كالصفحةِ البيضاء ،
لا تمر بها عوارضُ إلا انتقشت عليها وثبتت .
يقولُ ابن القيّم رحمه الله في "تحفة المودود" (240) :
" ومما يحتاجُ إليهِ الطفلُ غايةَ الاحتياج الاعتناء بأمرِ
خلْقهِ ، فإنهُ ينشأ على ما عوّدهُ المربي في صغره ، فيصعبُ عليه في كبرهِ تلافي
ذلك ، وتصيرُ هذهِ الأخلاق صفاتٍ وهيئاتٍ راسخةً له ، فلو تحرّزَ منها غايةَ
التحرزِ فضحته ولا بد يومًا ما " انتهى .
وهذه بعض الإيجابيات من مشاهدة الطفل لهذه البرامج :
1- تزوّد الطفل بمعلوماتٍ ثقافيةٍ كبيرة وبشكلٍ سهلٍ محبوب :
فبعضُ أفلامِ الرسوم المتحركة تُسلِطُ الضوءَ على بيئاتٍ جغرافيةٍ معينة ، والبعضُ
الآخر يسلطُ الضوءَ على قضايا علمية - كعمل أجهزةِ جسم الإنسان المختلفة - ، الأمر
الذي يُكسِبُ الطفلَ معارفَ متقدمة في مرحلةٍ مبكرة .
2- تنميةُ خيالِ الطفل ، وتغذيةُ قدراتِهِ ، وتنميةُ الخيالِ من
أكثر ما يساعدُ على نموّ العقل ، وتهيئتهِ للإبداع ، ويعلّمهُ أساليبَ مبتكرةً
ومتعددةً في التفكيرِ والسلوك .
3- تعليم اللغةِ العربيةِ الفصحى والّتي غالباً لا يسمعُها
الطفلُ في بيته ولا حتى في مدرسته ، ومن المعلومِ أنّ تقويمَ لسانِ الطفلِ على
اللغةِ السليمةِ مقصدٌ من مقاصدِ العلمِ والتربية .
يقولُ ابنُ تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/207) :
" واعلم أنّ اعتيادَ اللغةِ يؤثرُ في العقلِ والخلقِ والدّين
تأثيرًا قويًا بيّنًا ، ويؤثرُ أيضًا في مشابهةِ صدرِ هذه الأمةِ من الصحابةِ
والتابعين ، ومشابهتهم تزيدُ العقلَ والدّينَ والخُلُق ، وأيضًا فإنّ نفسَ اللغة
العربية من الدّين ، ومعرفتُها فرضٌ واجبٌ " انتهى .
4- تلبيةُ بعضِ الحاجاتِ والغرائزِ النفسيةِ النافعة : كالرحمة
والمودة وبرِّ الوالدين والمنافسة والسعي للنجاح ومواجهة التحديات . . . . وغير ذلك
كثير من المعاني الإيجابيةِ التي يُمكنُ غرسُها في ثنايا حلقاتِ أفلامِ الكرتون .
وهناك أيضاً مجموعة من السلبيات المترتبة على مشاهدة هذه البرامج
:
1- السلبياتُ المترتبةُ على مشاهدةِ التلفاز بشكلٍ عام ، وهي
سلبياتٌ كثيرة ، منها : الإضرارُ بصحةِ العينين ، وتعويد الكسل والخمول ، وتعويد
التلقي وعدم المشاركة ، وبذلك تعيقُ النموَّ المعرفيّ الطبيعيّ ، وذلك أنّ العلمَ
بالتعلمِ والبحثِ والطلب ، والتلفاز ينتقلُ بالمتابع منَ البحثِ إلى التلقي فقط ،
كما أنّ في متابعةِ التلفازِ إضعافًا لروحِ المودةِ بينَ أفرادِ الأسرة ، وذلك حين
ينشغلونَ بالمتابعةِ عن تبادلِ الحديثِ مع بعضهم البعض .
يقولُ ابن القيم في معرض الحديث عما يجب على الولي من التربية في
"تحفة المودود" (241) :
" ويُجنبهُ الكسلَ والبطالةَ والدعةَ والراحةَ ، بلْ يأْخذهُ
بأضدادها ، ولا يُريحهُ إلا بما يجمُ نفسَهُ وبدنه للشغلِ ، فإنّ الكسلَ والبطالةَ
عواقبُ سوءٍ ، ومغبةُ ندمٍ ، وللجدّ والتعبِ عواقبُ حميدةٌ ، إمّا في الدنيا ، وإما
في العُقبى ، وإمّا فيهما " انتهى .
2- تقديمُ مفاهيم عقدية وفكرية وعمليّة مخالفة للإسلام : وذلك
حين تنغرسُ في بعضِ الأفلام مفاهيمُ الاختلاط والتبرجِ المحرّم ، وبعضُ أفلام
الكرتون مثل ما يُعرَف بِ (توم و جيري) تحوي مفاهيمَ محرفةً عن الآخرة ، والجنة
والنار والحساب ، كما أنّ بعضَها يحتوي قصصًا مشوَّهةً للأنبياءِ والرسل ، وبعضُها
الآخر يحتوي على سخريةٍ من الإسلامِ والمسلمين ، وأفلامٌ أخرى (مثل ما يعرف بـ
البوكيمون) تحوي عقائد لدياناتٍ شرقية وثنية . . . . وغير ذلك كثير , وإن لم تحملْ
ما يخالف الإسلام مخالفة ظاهرة ، فهي تحملُ في طيّاتها ثقافة غربيةً غريبةً عن
مجتمعاتِنا وديننا .
يقول الدكتور وهبة الزحيلي في "قضية الأحداث" (6) :
" أمّا برامجُ الصغارِ وبعضُ برامجِ الكبار ، فإنها تَبثّ روحَ
التربيةِ الغربية ، وتروّجُ التقاليدَ الغربية ، وتُرغّبُ بالحفلات والأنديةِ
الغربيةِ " انتهى .
ومن التّأثر المقيت بهذه الثقافة ، اتخاذ القدوة المثالية
الوهمية ، بدلاً من أن يكون القدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء
الربانيين والمجاهدين ، فتجدُ الأطفالَ يقلّدون (الرجل الخارق Super man) و( الرجل
الوطواط Bat man ) و (الرجل العنكبوت SPIDER MAN) ونحو ذلك من الشخصياتِ الوهمية
التي لا وجود لها ، فتضيعُ القدوة في خضم القوةِ الخيالية المجردة من الإيمان .
انظر : "وسائل الإعلام والأطفال : وجهة نظر إسلامية" أبو الحسن صادق ، "مقال :
أثر الرسوم المتحركة على الأطفال" نزار محمد عثمان .
بعد تبيّن هذه الإيجابيات والسلبيات ، يبدو الموقفُ الشرعيّ بعدَ
ذلك واضحًا إن شاءَ الله تعالى ، فكلما وجدت السلبياتُ أكثر اقتربَ الحكمُ إلى
التحريمِ أكثر ، وما أمكنَ فيه تجنبُّ هذه السلبيات اقتربَ إلى الجواز ، وهذا يدلنا
على ضرورةِ السعي لإيجاد شركاتِ إنتاجٍ لأفلامِ الكرتونِ الإسلاميةِ ، بحيث تُغرَسُ
فيها جميعُ الفضائل ، وتُنفَى عنها جميع المضار والرذائل .
والله أعلم .
*****
71173
ولدٌ يجادلُ والدتَه في أمورِ طعامِهِ وصلاتِهِ
الآداب > آداب الأكل والشرب >
الآداب > بر الوالدين >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5796)
سؤال رقم 71173- ولدٌ يجادلُ والدتَه في أمورِ طعامِهِ وصلاتِهِ
أخي سمين جدًا ، ويأكل كثيرًا ، وكلما نَصَحَتْه والدتي في التقليل من الأكل ، وتهدده بأنها سوف لن ترضى عنه إذا لم يسمع كلامها ، فيقول : إن الأكل ليس محرمًا ، وليس للوالدة أن تمنعه من أمر حلال ؟
وأيضًا، هو لا يصلي في المسجد ، وكلما قالت له الوالدة : لماذا لا تذهب ؟ يقول : إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة كما قال الإمام أبو حنيفة .
وأيضًا يؤخر الصلاة بعد الأذان بفترة طويلة ، وكلما قلنا له : لماذا لا تصلي في الوقت ؟
فيقول : أنا لم أتجاوز الوقت المحدد ، فالصلاة لها أوقاتٌ معروفةٌ ليست مقترنةً بالأذان والإقامة . فكيف نجيب عليه ؟.
الحمد لله
أولاً :
إنّ مِن أعظمِ ما امتنّ الله سبحانه وتعالى به على عبادِهِ أنْ
سخَّر لهم ما في الأرضِ جميعا منه ، وأنزل عليهم النعم ، وأباح لهم الطيباتِ من
المأكلِ والمشربِ والملبس وغيرها .
ولكنه سبحانه وتعالى أيضًا ذم كلَّ من يسرفُ في استعمالِ هذه
المباحات ، أو يترخصُ فيها ترخصًا يؤذيه ، أو يشغله عن ما هو أنفعُ له في دينِه
ودنياه .
قال سبحانه وتعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
ثانياً :
من أخطرِ المهلكاتِ لابنِ آدمَ شهوةُ البطن ، والبطنُ ينبوع
الشهواتِ ومَنِبتُ الأدواء والآفات .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً
شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ
كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ
لِنَفَسِهِ ) رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
أي : يكفي ابن آدم من الطعام ما يقيم صلبه فقط , ولا يزيد على
ذلك , فإن أبى وأصَرَّ على الزيادة , فيأكل ما يملأ ثلث بطنه , ويكون ثلث آخر
للشراب , ويبقى الثلث للتنفس , ولا يزيد على هذا القدر .
انظر : "تحفة الأحوذي" .
وقد كان العقلاءُ في الجاهليةِ والإسلامِ يتمدحونَ بقلةِ الأكل .
قال حاتمُ الطائيُّ :
فإنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ وَفَرْجَكَ نالا
مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعَا
"فتح الباري" (9/669) .
وإذا أكثر الإنسان من الطعام حتى ضره ذلك ، كان هذا حراما .
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل كثرةُ الأكلِ حرام ؟
فأجابوا :
" نعم ، يَحرُمُ على المسلمِ أن يُكثرَ من الأكلِ على وجهٍ
يضرُّه ؛ لأنّ ذلك من الإسراف ، والإسرافُ حرام ، لقول الله سبحانه وتعالى : ( يَا
بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ) الأعراف/31 " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/329) .
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الترهيب من الإكثار من
الشبع , وأن ذلك سبب للتألم بالجوع يوم القيامة ، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
قَالَ : تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
فَقَالَ : ( كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا
، أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه الترمذي (2015) . وصححه
الألباني في صحيح الترمذي.
والْجُشَاء هُوَ صَوْتٌ مَعَ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ الإنسان عِنْدَ
الشِّبَعِ .
وَرَوَاهُ اِبْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي
الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَزَادُوا :
فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا , كَانَ
إِذَا تَغَدَّى لا يَتَعَشَّى وَإِذَا تَعَشَّى لا يَتَغَدَّى , وَفِي رِوَايَةٍ
لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا : قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ : فَمَا مَلأَتْ بَطْنِي مُنْذُ
ثَلاثِينَ سَنَةً .
انظر : "تحفة الأحوذي" .
وسبيلُ ترك الأكلِ الكثير إنما هو بالتدريج ، فمن اعتادَ الأكلَ
الكثيرَ وانتقلَ دفعةً واحدةً إلى القليل ضعفَ وعظُمت مشقته ، فينبغي أن يتدرجَ
إليه قليلًا قليلًا ، وذلك بأن ينقص قليلا قليلا من طعامِه المعتاد ، حتى يصلَ إلى
الحدّ المعتدلِ من الطعام .
ثالثاً :
إن كانت صلاةُ الجماعة سنةً مؤكدة ، أو كانت الصلاة في أول الوقت
فضيلة ، فذلك يعني أن نَعَضَّ عليها بالنواجذ ونحرصَ عليها ، لا أن نُهمِلَها
ونتهاونَ بأدائِها ، ولْنحمدِ اللهَ تعالى أن شرعَ لنا سُننَ الهدى ومناسكَ
العبادةِ والخير ، ولْنأخذِ العبرةَ من حالِ سلفنا من الجيل الأول .
يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( من سرّه أن يلقَى اللهَ غدًا
مسلمًا فليحافِظ على هؤلاء الصلواتِ حيثُ ينادَى بهن ، فإنّ اللهَ شرعَ لنبيكم سننَ
الهُدى ، وإنّهنَّ مِن سننِ الهُدى ، ولو أنّكم صلّيتُم في بيوتِكم كما يُصَلّي هذا
المتخلِّفُ في بيتِهِ لتركتُم سنةَ نبيِّكم ، ولو تركتم سنةَ نبيِّكم لضلَلَتم ،
وما مِن رجلٍ يتطهرُ فيُحسِنُ الطهور ، ثم يَعمِد إلى مسجدٍ مِن هذه المساجد ، إلا
كتبَ اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنة ، ويرفعُه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ،
ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق ، ولقد كان الرجلُ يؤتى به
يهادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم (654) .
وهذا على فرضِ كونِ صلاةِ الجماعة سنةً مؤكدةً , وقد سبق بيان
وجوبها بالأدلة الدالة على ذلك , في أجوبة كثير من الأسئلة , وانظر السؤال رقم : ( 120 )
( 8918 ) ( 10292 )
( 21498 ) ( 40113 )
.
نسألُ اللهَ تعالى أن يوفقَنا وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*****
71174
في خِصامٍ حادٍّ ، أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ ؟
الفقه > عبادات > الردة >
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >
الرقائق > آفات اللسان >(1/5797)
سؤال رقم 71174- في خِصامٍ حادٍّ ، أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ ؟
حينَما ازدادَ نقاشِي مع أحدِ أقاربي لفظت بقولِ : "أنا كفرت " ، ولطمتُ على وجهي ، مع العِلمِ أَنِّي نادمٌ على ما حدث ، فأريدُ التوجيهَ والإرشادَ ، وما حكمُ الدينِ في ذلك ؟ وهل عليَّ كفارة ؟.
الحمد لله
إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون ، ونسألُ الله العفوَ والعافيةَ
في الدنيا والآخرة ، ونسألُه حسنَ الختامِ والوفاةَ على الإيمان .
اعلم - أخي السائل - بأنَّك وقعتَ في أعظمِ ذنبٍ وأقبحِ معصيةٍ ،
وهي معصيةُ الكفرِ والردَّةِ ، والعياذ بالله تعالى .
وهذه الكلمةُ التي ذكرتَ عن نفسِك ، صريحةٌ في الكفرِ والردةِ ،
والعلماءُ يقولون :
عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى
الكلمة) ، ولا يُسأل عن نيته ، كما قالَ تعالى :
( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) التوبة/65 .
فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم ، مع قولِهم : إنا
تكلمنا من غيرِ اعتقاد ، بل كنَّا نخوض ونلعب .
قال ابنُ نُجَيم :
" إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند
الكلِّ ، ولا اعتبارَ باعتقادِه " انتهى .
"البحر الرائق" (5/134) ، وانظر : "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص95) .
وقال الشيخُ ابنُ عثيمين :
" وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ ، مثلَ أن يقول : هو
يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام ، أو من القرآنِ أو النبيِّ
عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ ، نأخذه بقولِه هذا " انتهى .
"الشرح الممتع" (6/279) .
والردُّة أمرُها خطيرٌ وشأنُها عظيم ، فقد اختلفَ العلماءُ فيمن
ارتدَّ ثم تاب ، هل يبقى له من ثوابِ أعمالِه السابقةِ شيءٌ ، أم تحبط كلُّها
بالردة ؟
وقد سئلَ الشيخُ الفوزانُ السؤالَ التالي :
ما الحكمُ فيمن ارتدَّ عن الإسلامِ ثم عاد إليه ، هل يعيدُ ما
فاتُه من أعمالٍ من أركانِ الإسلامِ ، كالحجِّ والصومِ والصلاةِ ، أم تكفي توبتُه
وعودتُه إلى الإسلامِ ؟
فأجابَ :
" الصحيحُ من قولي العلماء : أن المرتدَّ إذا عادَ إلى
الإسلامِ ، ودخلَ في الإسلامِ مرةً أخرى تائبًا منيبًا للهِ تعالى ، فإنه لا يعيدُ
الأعمالَ التي أدَّاها قبلَ الردةِ ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه وتعالى اشترطَ لحبوطِ
الأعمالِ بالردَّةِ أن يموتَ الإنسانُ عليها .
قالَ تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ
فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/217 .
فَشَرَطَ لحبوطِ الأعمالِ استمرارَ الإنسانِ على الردةِ حتى
يموتَ الإنسانُ عليها ، فدلت الآيةُ بمفهومِها على أنَّ الإنسانَ لو تابَ فإنَّ
أعمالَه التي أدَّاها قبلَ الردةِ تكونُ صحيحةً ومُجزيةً إن شاءَ الله تعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (5/429) .
وأما لطم الوجه فهو من أعمال الجاهلية التي حذرنا منها النبي صلى
الله عليه وسلم , وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فاعله فقال : (
لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى
الْجَاهِلِيَّةِ ) رواه البخاري (1294) , وهذا يدل على أن
لطم الخدود كبيرة من كبائر الذنوب .
وحيث قد ندمت على ما فعلت فنرجو من الله تعالى أن يقبل توبتك ,
فعليك أن تنطق الشهادتين لتدخل بذلك في الإسلام بعد أن خرجت منه , ولْتحسن العمل ,
وعليك بحفظ اللسان , فإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوى
بها في النار سبعين خريفاً .
وأما الكفارة ، فليس هناك كفارة لما بدر منك إلا التوبة والندم
والعزم على عدم العودة إلى ذلك .
ونسأل الله أن يتقبل توبتك , ويرزقك الاستقامة على دينه .
والله اعلم .
راجع الأسئلة التالية : ( 1079 )
( 5733 ) ( 42505 )
.
واللهُ أعلم .
*****
71175
ما حالُ الطفلِ الذي لم يبلغْ في قبرِه إذا مات ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/5798)
سؤال رقم 71175- ما حالُ الطفلِ الذي لم يبلغْ في قبرِه إذا مات ؟
إذا ماتَ صبيٌّ صغيرٌ لم يصِل إلى سِنِّ التكليفِ ، أي أنَّ عمرَه حوالي ما بين 10 إلى 11 سنةً ، ما هو مصيرُه في الحياةِ البرزخيةِ من النواحِي التاليةِ :
هل يتعرَّضُ لفتنةِ القبرِ ( سؤالِ منكَر ونكير ) ؟
هل يتعرَّض لعذابِ القبرِ ؟
هل بالفعلِ أنَّ هذا الطفلَ يشفعُ لأهلِه في دخولِ الجنةِ ؟
سمعتُ أنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ عليه السلام هو المسئولُ عن رعايةِ أطفالِ المسلمينَ الذين ماتوا في هذا السن ، والذي أعرفُه أنَّ سيدَنا إبراهيمَ موجودٌ في السماءِ السابعةِ ، فهل هذا يعني أنَّ الطفلَ الميِّتَ يعيشُ في السماءِ السابعةِ أم في القبرِ تحتَ الأرضِ ؟
وهل ضغطة القبرِ لا ينجو منها حتى الأطفالُ ؟.
الحمد لله
أولاً :
ضمَّةُ القبرِ هي أوَّلُ ما يلاقيه الميتُ حين يوضعُ في قبرِه ،
وقد جاءَ في النصوصِ ما يدلُّ على أنَّها عامةٌ لكل من يوضعُ في القبرِ ، ولا ينجو
منها أحدٌ ، واللهُ المستعان .
روى أحمد (6/55، 98) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (
إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً ، فَلَو نَجَا أَو سَلِمَ أَحَدٌ مِنهَا لَنَجَا سَعدُ
بنُ مُعاذ ) وقال الألباني في الصحيحة (1695) : وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه
وشواهده صحيح بلا ريب ، فنسأل الله تعالى أن يهون علينا ضغطة القبر إنه نعم المجيب
.
وعن أبي أيوب رضي الله عنه : أن صبيًا دُفنَ ، فقالَ صلى الله
عليه وسلم : ( لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القَبْرِ لأَفْلَتَ هَذَا
الصَبِيُّ ) رواه الطبراني المعجم الكبير (4/121) وصححه الهيثمي (3/47) ،
والألباني في السلسلة الصحيحة (2164) .
ثانيًا :
اختلفَ العلماءُ في الأطفالِ ، هل يسألون في قبورِهم ؟ على
قولَين :
القولُ الأولُ : أنَّهم يُسألون ، وهو قول ُبعضِ المالكيةِ وبعض
الحنابلة ، واختاره القرطبيُّ ، واختارَه أيضاً شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية كما نقلَه
عنه في الفروع .
انظر : "الفروع" (2/216) ، "شرح الزرقاني" (2/85) .
قال ابنُ القيِّمِ رحمه الله في "الروح" (87-88) :
" وحجةُ من قالَ إنَّهم يُسأَلون :
أنَّه يُشرَعُ الصلاةُ عليهم ، والدعاءُ لهم ، وسؤالُ اللهِ أن
يقيَهم عذابَ القبرِ وفتنةَ القبرِ .
كما ذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه صلَّى على جنازةِ
صبِيٍّ ، فسُمع مِن دُعائِه : اللهم قِهِ عذابَ القبرِ . رواه مالك (536)
وابن أبي شيبة (6/105) .
واحتجُّوا بما رواه عليُّ بنُ معبد عن عائشةَ رضي الله عنها :
أنَّه مُرَّ عليها بجنازة صبيٍّ صغيرٍ ، فبكت ، فقيلَ لها : ما يُبكيك يا أمَّ
المؤمنين ؟ فقالت : هذا الصبيُّ ، بكيت له شفقةً عليه من ضمةِ القبرِ .
قالوا : واللهُ سبحانه يُكمِّل لهم عقولَهم ليعرِفوا بذلك
منزلَهم ، ويُلهمون الجوابَ عما يُسأَلون عنه " انتهى .
القولُ الثاني : أنَّهم لا يُمتحنون ولا يُسأَلون في قبورِهم .
وهو قولُ الشافعيةِ ، وبعضِ المالكية والحنابلة .
قالَ ابنُ مفلح في "الفروع" (2/216) :
" وهو قولُ القاضي ، وابنُ عقيل " انتهى .
أما حجَّةُ هذا القول ، فيوضِّحُها ابنُ القيم رحمه الله ، ويبدو
أنَّه يميلُ إليها ، حيث يقولُ في "الروح" (87-88) :
" قالَ الآخرون :
السؤالُ إنَّما يكونُ لِمَن عَقَلَ الرسولَ والمرسِلَ ، فيُسأَل
هل آمن بالرسولِ وأطاعَه أم لا ؟ فيُقال له : ما كنت تقولُ في هذا الرجلِ الذي
بُعِثَ فيكم ؟
فأمَّا الطفلُ الذي لا تمييزَ له بوجهٍ ما ، فكيف يقالُ له : ما
كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟ ولو رُدَّ إليه عقلُه في القبرِ ,
فإنَّه لا يُسأَل عمَّا لم يتمكن من معرفتِه والعلمِ به ، ولا فائدةَ في هذا
السؤالِ .
وأما حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه ، فليس المرادُ بعذابِ القبرِ
فيه عقوبةَ الطفلِ على تركِ طاعةٍ أو فعلِ معصيةٍ قطعًا ، فإنَّ اللهَ لا يعذِّبُ
أحدًا بلا ذنبٍ عمله .
بل عذابُ القبرِ : قد يُرادُ به الألمُ الذي يحصل للميتِ بسببٍ
غيرِه ، وإن لم يكن عقوبةً على عَمَلٍ عَمِلَه ، ومنه قولُه صلى الله عليه وسلم : (
إنَّ الميتَ ليعذبُ ببكاءِ أهلِه عليه ) أي : يتألَّمُ بذلك ويتوجَّعُ منه ، لا
أنّه يعاقَبُ بذنبِ الحيِّ .
ولا ريبَ أن في القبرِ من الآلامِ والهمومِ والحسراتِ ما قد يسرى
أثرُه إلى الطفل ، فيتألَّمُ به ، فيُشرَعُ للمصلي عليه أن يسألَ اللهَ تعالى له أن
يقيَه ذلك العذابَ ، والله أعلم " انتهى .
ثالثاً :
أما عن مكانِ من تُوُفِّيَ من الأطفالِ ، هل هم في السماءِ
السابعةِ مع إبراهيمَ عليه السلام ، أم في قبورِهِم ؟
فالذي ورد في ذلك حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : كانَ
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكثِرُ أن يَقُولَ لأَصحَابِهِ : هَل رَأَى
أَحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيَا ؟
قالَ : فَيَقُصُّ عَلَيه مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ .
وَإِنَّه قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّه أَتَانِي الليلَةَ
آتِيَانِ ، وَإِنَّهما ابتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُما قَالا لِي : انطَلِق ، وَإِنِّي
انطَلَقتُ مَعَهُمَا . . . فذكر أشياء رآها ثم قال :
فانطَلَقنَا ، فَأتَينَا عَلَى رَوضَةٍ مُعتَمَّةٍ ، فِيهَا مِن
كُلِّ لَونِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ لا
أَكادُ أَرَى رَأسَهُ طُولًا فِي السَّماءِ ، وإِذَا حَولَ الرَّجُلِ مِن أَكثَرِ
وِلدَانٍ رَأيتُهم قَطُّ ، . . . ثم كان مما عبره له الملكان :
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الذي فِي الرَّوضَةِ فَإِنَّه
إبراهيمُ ، وَأَمَّا الوِلدَانُ الذِينَ حَولَه فَكُلُّ مَولُودٍ مَاتَ عَلَى
الفِطْرَةِ ، فَقَالَ بَعضُ المُسلِمِين : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلادُ
المُشْرِكِين ؟ فَقَالَ : وَأَوْلادُ المُشرِكِين . رواه البخاري (7047) .
فهذا الحديث يدل على أن من مات وهو قبل البلوغ يكون في الجنة في
كفالة إبراهيم عليه السلام ، لا أنه يكون في السماء السابعة .
وانظر : "شرح مسلم للنووي" حديث رقم (2658) .
رابعاً :
جاءت الأحاديث المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شفاعة
الصبيان في آبائهم يوم القيامة ، ومن ذلك :
عن أبي حسان قال : قلتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ : إنَّه قَدْ مَاتَ
لِي ابنانِ ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ
بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟
قالَ : نَعَمْ ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ ، يَتَلَقَّى
أَحَدُهُم أَبَاهُ - أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ ، - أَوْ قَالَ
بِيَدِهِ - كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا ، فَلا يَتَنَاهَى حتى
يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ . رواه مسلم (2635) .
والله أعلم .
*****
71177
كان يُصَلِّي نافلةً ، فصلّى خلفَه آخرون ، فقلبَ نِيَّتَه إلى فريضةٍ
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/5799)
سؤال رقم 71177- كان يُصَلِّي نافلةً ، فصلّى خلفَه آخرون ، فقلبَ نِيَّتَه إلى فريضةٍ
صلى أحد زملائي تحية المسجد بعد أن انتهت الصلاة المفروضة ، وهو لم يصلها لكي ينتظر زملاءه أن يفرغوا من الوضوء ويصلوا جماعةً ، وأتى أشخاصٌ آخرون صلوا وراءه ظنًّا منهم أنه يصلي المفروضة ، فنوى أن يصلي المفروضة وهو في الركعة الأولى .
فهل صلاته صحيحةٌ ؟ وصلاة الأشخاص الآخرين ؟ .
الحمد لله
أولاً :
لا يصح تغيير النية من نفل إلى فرض ؛ لأن الواجب في صلاة الفريضة
أن تكون النية مقارنة لتكبيرة الإحرام , أو قبلها بزمن يسير .
قال النوويُّ رحمه الله "المجموع" (4/183-184) :
" قال الماوَرْدِيُّ : نقلُ الصلاةِ إلى صلاةٍ أقسامٌ :
أحدُها : نقلُ فرضٍ إلى فرض : فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثاني : نقلُ نفلٍ راتبٍ إلى نفلٍ راتبٍ : كَوِتْرٍ إلى سنةِ
الفجر ، فلا يحصلُ واحدٌ منهما .
الثالث : نقلُ نفلٍ إلى فرضٍ : فلا يحصل واحدٌ منهما. . . إلخ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجلٍ دخل في صلاة ثم تذكر
أنه لم يصلِّ العشاء , فقلب النية إلى صلاة العشاء ، فهل يصح ذلك ؟
فأجاب :
" لا يصح . . لأن العبادة المعينة لابد أن ينويها من أولها قبل
أن يدخل فيها , لأنه لو نوى من أثنائها لزم أن يكون الجزء السابق على النية الجديدة
خاليان من نية الصلاة التي انتقل إليها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى ) . . . وعلى السائل أن يعيد صلاة العشاء
" انتهى باختصار .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/443) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 39689 )
.
ثانياً :
وأما حكم صلاة المأمومين , فهي صحيحة إن شاء الله تعالى , لأن
صلاة الإمام وإن كانت لا تصح فريضة , إلا أنها تكون نافلة , لأنه قلب نيته جهلاً ،
وظناً منه أن ذلك جائز , فيكون شبيهاً ممن دخل في الفريضة قبل وقتها وهو يظن دخول
الوقت ؟ فإنها تكون نفلاً , وقد سبق في جواب السؤال ( 21764 )
أن صلاة المفترض خلف المتنقل صحيحة .
وعلى فرض أن صلاة الإمام تبطل بذلك , فلا يلزم من بطلان صلاة
الإمام بطلان صلاة المأمومين .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل تبطل صلاة المأموم
ببطلان صلاة الإمام ؟
فأجاب : " لا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام ، لأن صلاة
المأموم صحيحه ، والأصل بقاء الصحة ، ولا يمكن أن تبطل إلا بدليل صحيح ، فالإمام
بطلت صلاته بمقتضى الدليل الصحيح ، ولكن المأموم دخل بأمر الله فلا يمكن أن تفسد
صلاته إلا بأمر الله ، والقاعدة : ( أن من دخل في عبادة حسب ما أُمر به ، فإننا لا
نبطلها إلا بدليل ) .
ويستثنى من ذلك ما يقوم به مقام المأموم مثل السترة ، فالسترة
للإمام ستره لمن خلفه ، فإذا مرت امرأة بين الإمام وسترته بطلت صلاة الإمام وبطلت
صلاة المأموم ، لأن هذه السترة مشتركة ، ولهذا لا نأمر المأموم أن يتخذ سترة ، بل
لو اتخذ سترة لعد متنطعاً مبتدعاً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/450) .
والله أعلم .
*****
71178
هل يجبُ تعلُّمُ فقهِ البيوعِ والمعاملاتِ الماليةِ ؟
العلم > طلب العلم >(1/5800)
سؤال رقم 71178- هل يجبُ تعلُّمُ فقهِ البيوعِ والمعاملاتِ الماليةِ ؟
هل تعلُّم فقهِ البيوعِ والمعاملاتِ الماليَّةِ واجبٌ ( فرضُ عينٍ ) على كل من تعاملَ بالبيعِ والشراء ، كالصيادلةِ ومندوبي شركاتِ الأدوية ؟.
الحمد لله
إذا علمَ المسلمُ أن المقصدَ والغايةَ من خلقه في الحياةِ الدنيا
هو الالتزامُ بتكاليفِ اللهِ وشرعِه ، والتعبدُ للهِ سبحانه وتعالى بذلك ، علمَ
أيضًا أنه يجبُ عليه تعلُّمُ أحكامِ شرع الله ، ومعرفةُ تكاليفِه ، وذلك أن ما لا
يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ .
وجاء في الحديثِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنه قالَ :
( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ ) . رواه ابن ماجه
(224) وحسنه بكثرة طرقه وشواهده : المزي والزركشي والسيوطي والسخاوي والذهبي
والمناوي والزرقاني ، وهو في "صحيح ابن ماجه" للألباني .
وقد نصَّ أهلُ العلمِ على صحَّةِ معنى هذا الحديثِ .
قال ابنُ عبدِ البرِّ رحمه الله :
" ولكنَّ معناه صحيحٌ عندهم ، وإن كانوا قد اختلفوا فيه اختلافًا
متقاربًا " انتهى .
"جامع بيان العلم" (1/53) .
وبنحوه قال النووي في "المنثورات" (ص287) ، وابن القيم في "مفتاح
دار السعادة" ( 1/480) .
وقال ابن عبد البر أيضاً :
" قد أجمعَ العلماءُ على أنَّ من العلمِ ما هو فرضٌ متعيِّنٌ على
كل امرئٍ في خاصَّتِه بنفسِه ، ومنهُ ما هو فرضٌ على الكفاية ، إذا قامَ به قائمٌ
سقطَ فرضُه على أهلِ ذلك الموضع " انتهى .
"جامع بيان العلم وفضله" (1/56) .
وقد بيَّنَ العلماءُ رحمهم الله العلمَ الواجبَ وجوبًا عينيّاً ،
وتكلموا في المقدارِ الذي هو فرضُ عينٍ على كل مسلمٍ تعلُّمُه , وذكروا أن منه :
تعلم أحكام البيوع لمن يعمل بالتجارة , حتى لا يقع في الحرام أو الربا وهو لا يدري
, وقد ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد ذلك .
قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه : لاْ يَبِعْ فِيْ
سُوْقِنَا إِلاْ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِيْ الدِّيْنِ . رواه الترمذي (487) وقال: حسن غريب . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه : مَنِ اتَّجَرَ قبلَ
أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا ، ثُمَّ ارْتَطَمَ ، ثُمَّ ارْتَطَمَ .
أي : وقع في الربا .
"مغني المحتاج" (2/22) .
قال ابنُ عبدِ البر :
" والذي يلزمُ الجميعَ فرضُه من ذلك :
ما لا يسعُ الإنسانَ جهلُه من جملةِ الفرائضِ المفترضةِ عليه :
نحو : الشهادةُ باللسانِ والإقرار بالقلبِ بأنَّ اللهَ وحدَه لا
شريكَ له... وأنَّه لم يزل بصفاتِه وأسمائِه ، ليس لأوَّليتِه ابتداءٌ ، ولا
لآخريَّتِه انقضاءٌ ، وهو على العرشِ استوى .
والشهادةُ بأنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه ، وأنَّ البعثَ بعدِ
الموتِ للمجازاةِ بالأعمالِ ، وأنَّ القرآنَ كلامُ الله ، وما فيه حقٌ .
وأنَّ الصلواتِ الخمسَ فرضٌ ، ويلزمُه من علمِها علمُ ما لا
تتمُّ إلا به من طهارتِها وسائرِ أحكامِها .
وأنَّ صومَ رمضانَ فرضٌ ، ويلزمُه علمُ ما يُفسِدُ صومَه وما لا
يتِمُّ إلا بِهِ .
وإن كان ذا مالٍ وقدرةٍ على الحجِّ ، لزمَه فرضًا أن يعرفَ ما
تجبُ فيه الزكاةُ ، ومتى تجبُ ، وفي كم تجبُ ، ويلزمه أن يعلمَ بأن الحجَّ عليه
فرضٌ مرةً واحدةً في دهرِه إن استطاعَ إليه سبيلًا .
إلى أشياءَ يلزمُه معرفةُ جُمَلِها ، ولا يُعذَرُ بجهلِها نحوُ :
تحريمِ الزنا والربا ، وتحريمِ الخمرِ والخنزيرِ وأكلِ الميتةِ والأنجاسِ كلِّها ،
والغصبِ والشهادةِ بالزورِ وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ ، وتحريمِ الظلمِ كلِّهِ ،
وتحريمِ نكاحِ الأمهاتِ والأخواتِ ومن ذُكِرَ معهنَّ ، وتحريمِ قتلِ النفسِ
المؤمنةِ بغيرِ حقٍ .
وما كان مثلَ هذا كلِّه مما قد نطقَ الكتابُ به ، واجتمعت الأمةُ
عليه " انتهى .
"جامع بيان العلم" (1/57) .
وجاءَ في الموسوعةِ الفقهيةِ (30/293) :
" قال ابنُ عابدين نقلاً عن العَلاميّ :
وفرضٌ على كلِّ مكلّفٍ ومكلّفةٍ بعدَ تعلّمِه علمَ الدينِ
والهدايةِ ، تعلُّمُ علمِ الوضوءِ والغسلِ والصلاةِ الصومِ وعلم الزكاة لمن له نصاب
، والحجّ لمن وجب عليه .
والبيوعِ على التّجّارِ ليحترزوا عن الشّبهاتِ والمكروهاتِ في
سائرِ المعاملاتِ ، وكذا أهلِ الحِرَفِ .
وكلُّ من اشتغلَ بشيءٍ يُفرَضُ عليه علمُه وحكمُه ليمتنعَ عن
الحرامِ فيه .
وقالَ النوويُّ : وأمّا البيعُ والنّكاحُ وشبههُما - ممّا لا
يجبُ أصلُه - فيحرُمُ الإقدامُ عليه إلاّ بعدَ معرفةِ شرطِه " انتهى .
وقال الغزاليُّ رحمه اللهُ :
" كما أنَّه لو كان هذا المسلمُ تاجرًا وقد شاعَ في البلدِ
معاملةُ الربا ، وجبَ عليهِ تعلُّمُ الحذرِ من الربا ، وهذا هو الحقُّ في العلمِ
الذي هو فرضُ عينٍ ، ومعناه العلمُ بكيفيةِ العملِ الواجب " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (1/33) .
وقالَ علي بن الحسن بن شقيق لابنِ المبارك :
ما الذي يسعُ المؤمنَ من تعليمِ العلمِ إلا أن يطلبَه ؟ وما الذي
يجبُ عليه أن يتعلَّمَه ؟
قال : لا يسعُه أن يُقدِمَ على شيءٍ إلا بعلمٍ ، ولا يسعُه حتى
يسألَ .
رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1/56) .
وقال الغزاليُّ رحمه الله :
" كلُّ عبدٍ هو في مجاري أحوالِه في يومِه وليلتِه لا يخلو من
وقائعَ في عبادتِه ومعاملاتِه عن تجددِ لوازمَ عليه ، فيلزمُه السؤالُ عن كلِّ ما
يقعُ له من النوادرِ ، ويلزمُه المبادرةُ إلى تعلُّمِ ما يَتَوَقَّعُ وقوعَه على
القربِ غالبًا " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (1/34) .
والنصيحةُ لِمَن يشتغلُ بالتجارةِ والبيعِ والشراء ، أن يقرأَ
بعضَ الكتبِ المختصرةِ في فقهِ المعاملاتِ ، مثل : "الملخص الفقهي" للشيخ صالح
الفوزان , وكتاب "ما لا يسعُ التاجرَ جهلُه" للأستاذين عبد الله المصلح وصلاح
الصاوي .
واللهُ أعلم
وانظر سؤال رقم ( 20092 ) .
*****
71181
حكم تشريح الضفادع للأغراض العلميّة
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
الفقه > معاملات > حقوق الحيوان >(1/5801)
سؤال رقم 71181- حكم تشريح الضفادع للأغراض العلميّة
هل يجوز تشريح الضفادع بالنسبة لطلبة الكليات الذين يدرسون ذلك ؟
وقد يترتب على عدم تشريحها رسوب الطالب في المادة أو حرمانه من بعض الدرجات التي قد تمنعه من التفوق في الدراسة , فلا يتم تعينه معيداً في الكلية .
الحمد لله
الحكم في هذه المسألة يتطلّب النظر في أمرين مهمّين :
أولاً :
في حكم قتل الضفدع ، وكلام أهل العلم في ذلك .
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين :
الأول : الكراهة ، وهو مذهب المالكية ، وقولٌ لبعض الشافعية
والحنابلة .
انظر : "التمهيد" (15/178) ، "شرح العمدة لابن تيمية" (3/148) .
الثاني : التحريم ، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة ، وابن
حزم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
انظر : "مشكل الآثار" للطحاوي (2/35) ، "المجموع" (9/29) ، "المغني" (9/338) ،
"المحلى" (7/225) , "الفتاوى الكبرى" (2/139) .
والدليل على ذلك ما جاء عن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه :
أنَّ طَبِيْبًا سَأَلَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَن ضِفْدَعٍ يَجْعلُها فِي
دَوَاءٍ ؟ فَنَهَاه النّبيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِها .
رواه أبو داود (5269 ) وصححه النووي في "المجموع" (9/34) .
وقد سبق اختيار هذا القول في الموقع ، في جواب السؤال ( 1919 )
, ( 10220 ) .
ثانياً :
إذا دعت الحاجة أو الضرورة لتشريح الضفدع فلا حرج فيه إن شاء
الله تعالى , فقد أجاز العلماء تشريح جثة المسلم لأغراض التحقيق الجنائيّ أوالطبّ
الوقائي ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 11962 )
.
فمن باب أولى جواز تشريح الحيوانات – وهي أقل حرمةً من الإنسان –
لأغراض البحث العلميّ إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
وقد سبق في الموقع ذكر فتوى مختصرة في ذلك ، انظر جواب السؤال
رقم ( 8509 ) .
ومما ينبغي التنبه له : أن على الطالب أن يحسن إلى الحيوان الذي
يقوم بتشريحه , فيقوم بتخديره تخديراً كاملاً , ثم يسرع في قتله بعد الانتهاء من
التشريح , وذلك لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ
عَلَىْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ ، وَإِذَا
ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه ، فَلْيُرِحْ
ذَبِيْحَتَه ) رواه مسلم (1955) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الحرم المكي" (1166) :
نحن ندرس في إحدى الجامعات بكلية العلوم قسم الأحياء ، وفي أثناء
دراستنا نحتاج إلى تشريح بعض الحيوانات ، مثل الضفادع والفئران وغيرها ، لغرض
التعليم والدراسة ، فما حكم هذا التشريح ؟
فأجاب :
" التشريح إذا دعت الضرورة إليه فلا بأس به ، ولكن يجب أن يعمل
لهذه الحيوانات ما يجعلها لا تحسّ بالألم وقت التشريح ، وكذلك يجب أن يلاحظ أنّ
الحيوانات التي تكون نجسةً بعد الموت فإنّه يجب التطهر منها " انتهى .
والله أعلم .
*****
71185
لم يكن في صدرِها حليبٌ ، فأطعمت طفلتَها زبدةً ، فماتت
الفقه > معاملات > الجنايات > القتل الخطأ >(1/5802)
سؤال رقم 71185- لم يكن في صدرِها حليبٌ ، فأطعمت طفلتَها زبدةً ، فماتت
امرأةٌ ولدت بنتًا منذ أكثرَ من خمسينَ سنةً ، ولم يوجد في صدرِ هذه المرأةِ حليبٌ ، فكانت تعطي البنتَ الصغيرةَ ( زبدةً ) ، وبعدَ ستةِ أيامٍ تقريبًا ماتتِ الطفلةُ .
فهل على الأمِّ شيءٌ في ذلك ؟
حيثُ إنَّها تخشى أن تكونَ هي المتسببة في موتِها ( أي أنَّ الطفلةَ ماتت بسببِ الزبدةِ ) .
وهذه الأمُّ لا تعلمُ هل الزبدةُ تسببُ الوفاةَ ، ولو كانت تعلمُ أن الزبدةَ تسببُ الوفاةُ لما أعطتها ابنتَها .
الحمد لله
أولاً :
الحكمُ الشرعيُّ في هذه المسألةِ يتوقفُ على سؤالِ أهلِ الخبرةِ
من الأطباءِ المتخصِّصِين ، فإن قالوا : إن إطعام ( الزبدة ) للطفل حديث الولادة
يؤدي إلى وفاته , كانت هذه الأم قد قتلت طفلتها قتلاً خطأ , وإن قالوا : إن ذلك لا
يؤدي إلى الوفاة , فلا شيء على الأم , لأنها لم تتسبب في موت طفلتها , وإن تردد
الأطباء وشكوا , هل هذا يؤدي إلى الوفاة أم لا ؟ فلا شيء على الأم أيضاً .
وعلى هذا , فلا بد من سؤال أهل العلم والخبرة .
قال الشيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ رحمَه الله :
" إذا كانت لم تتيقَّن أنَّها ماتت بسببِها فليس عليها شيءٌ ؛
لأنَّ الأصلَ براءةُ الذمَّةِ من الواجباتِ ، ولا يجوزُ أن تُشغَلَ إلا بِحُجَّةٍ
لا شكَّ فيها " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (22/327) .
وإذا ثبت أن الزبدة هي سبب الوفاة فإن هذا القتل يعتبر قتلاً خطأ
, لأن الأم لم تتعمد قتل ابنتها , ويترتب على القتل خطأً شيئان : الدية والكفارة .
وقد سبق في جواب السؤال ( 52809 )
أن الدية في القتل خطأ تجب على عاقلة القاتل , وليس على القاتل نفسه , وعاقلة
القاتل هم عصبته كالأب والابن والإخوة والأعمام ونحوهم .
أما الكفارة فهي واجبة على القاتل نفسه , والكفارة هي تحرير رقبة
مؤمنة , فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين .
جاء في الموسوعة الفقهية (16/62) :
" لا خلافَ بين الفقهاءِ في أنَّ القتلَ الخطأَ هو ألاّ يقصدَ
الضّربَ ولا القتلَ ، مثلُ أن يرمِيَ صيدًا أو هدفًا فيصيب إنسانًا ، أو ينقلبَ
النائمُ على إنسانٍ فيقتلَه ، وموجبُه الديةُ على العاقلةِ والكفارةُ " انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (21/245 ، 248) :
" وديةُ الطفلةِ المقتولةِ خطأً بعدَ ولادتِها حيةً كديةِ
المرأةِ ، وهي على النصفِ من ديةِ الذكرِ .
وعليها دفعُ الديةِ إلى الورثةِ " انتهى .
والله أعلم .
*****
71202
كيفَ يتوضّأُ ويصلِّي من بِهِ شَلَلٌ نِصْفِيٌّ ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >
الفقه > عبادات > الطهارة > التيمم >(1/5803)
سؤال رقم 71202- كيفَ يتوضّأُ ويصلِّي من بِهِ شَلَلٌ نِصْفِيٌّ ؟
امرأةٌ مصابةٌ بشللٍ نصفي ، يصعبُ عليها الوضوء .
والسؤال : كيفَ تتوضأُ أو تتيمم ؟
هل يُجلَبُ لها ترابٌ ، أم ماذا ؟
هل تتيممُ بالجدار ( وليس عليه غبارٌ ) ، أم ماذا تفعل ؟
وكيف تكونُ صفةُ تيمُّمِها ؟
وما صفةُ صلاتِها ؟.
الحمد لله
أولاً :
المريضُ الذي لا يستطيع جلب الماءِ والوضوءَ به ، أو يعجزُ عن
الحركةِ يُنظَرُ في حالِه :
فإن كان يجدُ مَن يُحضِرُ له الماء في وقتِ الصلاة ، ويساعدُه
على وضوئِه ، فالوضوءُ واجبٌ في حقه .
وإن كان لا يجدُ من يعينُه على وضوئه ، فيُشرَع له التيممُ
حينئذٍٍ , ويأخذُ حكم من عدمَ الماءَ ولم يجدْه .
وذلك لأنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يقولُ : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 , وقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه
البخاري (7288) ومسلم (1337) .
وقال ابنُ قدامةَ رحمه الله في "المغني" (1/151) :
" ومَن كان مريضًا لا يقدرُ على الحركةِ ، ولا يجدُ من يناوله
الماءَ ، فهو كالعادم ، لأنّه لا سبيلَ له إلى الماء ، فأشبَهَ مَن وجدَ بئرًا ليس
له ما يُستقَي به منها .
وإن كانَ له من يناولُه الماءَ قبل خروجِ الوقتِ فهو كالواجد ؛
لأنّه بمنزلةِ من يجدُ ما يستقي به في الوقت .
وإن خافَ خروجَ الوقتِ قبلَ مجيئِه ، فقالَ ابنُ أبي موسى : له
التيمم ، ولا إعادةَ عليه .
وهو قولُ الحسن ؛ لأنّه عادمٌ في الوقت ، فأشبَه العادمَ مطلقًا
" انتهى .
وقالَ المَرداوِيُّ في "الإنصاف" (1/265) :
" لو عجَزَ المريضُ عن الحركةِ وعمَّن يُوَضِّيه ، فحُكمُه حكمُ
العادم .
وإن خاف فوتَ الوقتِ إن انتظرَ من يُوَضّيه ، تيمَّمَ وصلّى ،
ولا يعيدُ على الصحيحِ من المذهبِ " انتهى .
وقال شيخُ الإسلامِ في "شرح العمدة" (1/433-434) :
" فإن لم يمكِنْه (استعمالُ الماء) بأن يكونَ عاجزًا عن الحركةِ
إلى الماء ، وليس له من يناولُه ، فهو كالعادم . وإن كان له من يناولُه في الوقتِ
فهو واجدُه " انتهى .
وجاءَ في "الموسوعةِ الفقهية" (14/260) :
" يتيمّمُ العاجزُ الّذي لا قدرةَ له على استعمالِ الماءِ ولا
يعيدُ كالمكره ، والمحبوسِ ، والمربوط بقربِ الماء ، والخائفِ من حيوانٍ ، أو
إنسانٍ في السّفرِ والحضرِ ، لأنّه عادمٌ للماءِ حكمًا ، وقد قالَ رسولُ اللّهِ صلى
الله عليه وسلم : ( إنّ الصّعيد الطّيّب طهور المسلم وإن لم يجد الماءَ عشرَ سنينَ
، فإذا وجدَ الماءَ فليمسّه بشرتَه ، فإنّ ذلك خير ) " انتهى .
وانظر سؤال رقم ( 20935 )
.
ثانيًا :
إذا كانَ يستطيعُ غسلَ بعضِ أعضاءِ الوضوء ، ويمنعُه مرضُه من
غسلِ بقيتها ، فالواجبُ عليه أن يغسلَ ما استطاعَ من أعضاءِ الوضوء ، ويتيمَّمَ
بدلًا عمَّا تركَه من غيرِ غسل .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم ( 67614 )
.
ثالثًا :
أما عن صفةِ التيمم :
فيقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (1/488) :
" والكيفيّةُ عندي التي توافقُ ظاهرَ السنة : أن تضربَ الأرضَ
بيديك ضربةً واحدةً بلا تفريجٍ للأصابع ، وتمسحَ وجهَك بكفَّيْك ، ثم تمسحَ الكفينِ
بعضَهما ببعض ، وبذلك يَتِمُّ التيممُ " انتهى .
وقد سبق بيانها بالتفصيل في سؤال رقم ( 21074 )
.
رابعًا :
إذا صلَّى المريضُ العاجزُ عن استعمالِ الماءِ بالتيممِ ، ثم
تيسَّرَ له استعمال الماء بعدَ أن فرغَ من صلاتِه ، فلا تلزمُه الإعادة ، وذلك
لأنَّه أدّى ما وجبَ عليه ، وفعل ما أُمِرَ به .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية في "شرح العمدة" (1/425) :
" لأنّ اللهَ إنما خاطبَ بصلاةٍ واحدةٍ ، يفعلُها بحسبِ الإمكان
، والشرطُ المعجوزُ عنه ساقطٌ بالعجز ، وفي قولِه صلى الله عليه وسلم : ( الصعيدُ
الطيبُ طهورُ المسلم ) وقولِه : ( الترابُ كافيك ) دليلٌ على أنّه يقومُ مقامَ
الماءِ مطلقًا " انتهى .
خامسًا :
التيمُّمُ بالضربِ على جدارِ المنزلِ ، اختلفَ فيه أهلُ العلم ،
تبعًا لاختلافِهم في المرادِ من قولِ اللهِ تعالى : ( فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً
طَيِّباً ) النساء/43 ، والصحيح في معنى الآية : أن المراد
بالصعيد هو وجه الأرض , سواء كان تراباً أم رملاً أم حجارة . . أم غير ذلك .
وعلى هذا : إذا كان الجدار غير مطليٍّ بشيء جاز التيمم منه سواء
كان عليه غبار أو لا , لأنه من الصعيد , وإن كان مطلياً ( بخشب أو دهان ) فهذا
الخشب أو الدهان ليس من الصعيد فلا يصح التيمم منه إلا إذا كان عليه غبار , لأن
الغبار من الصعيد .
وانظر سؤال رقم ( 36774 )
.
سادسًا :
أما عن صفةِ صلاةِ المريضِ العاجزِ عن الحركة :
فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/208) :
" يأتي المريضُ أو المصابُ بالشّللِ بأركانِ الصّلاةِ الّتي
يستطيعها عند جمهور الفقهاء ؛ لأنّ العاجزَ عن الفعلِ لا يكلّفُ به ، فإذا عجزَ عن
القيامِ يصلي قاعدًا بركوعٍ وسجود ، فإن عجزَ عن ذلك صلَّى قاعدًا بالإيماء ،
ويجعلُ السجودَ أخفضَ من الركوع ، فإن عجَزَ عن القعودِ يستلقي ويومئُ إيماءً ؛ لأن
سقوطَ الركنِ لمكانِ العذرِ ، فيتقدرُ بقدرِ العُذر .
وروى عمرانُ بنُ حصين رضي الله عنه أنه قال : مرضتُ فعادَني
رسولُ الله فقال : صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ،
تومئُ إيماءً " انتهى .
وسئلَ الشيخُ صالحُ الفوزان : لي والدٌ مريضٌ مصابٌ بشللٍ في
الجهةِ اليسرى من جسمِه ، حيثُ أصبحت عاطلةً تمامًا عن الحركة ، فلذلك لا يستطيعُ
المشيَ ولا الحركةَ ولا قضاءَ الحاجةِ في الأماكنِ المخصصةِ لذلك بنفسه ، وهذا منذُ
عشرِ سنوات ، ولكنَّه قبلَ ثلاثةِ أو أربعةِ أشهرٍ اشتدَّ عليه هذا المرضُ أكثر ،
فهل يجوز له تركُ الصلاة لهذا السبب ، الذي به لا يستطيعُ التطهر للصلاةِ . أم لا
؟
فإن كان لا يجوزُ له ذلك فكيف العملُ في طهارتِه وفي صلاتِه ؟
وماذا يعملُ بما تركه من صلواتٍ فيما مضى في فترةِ مرضه ،
لاعتقادِه أنه مادامَ كذلك فهو مُعفىً من الصلاة ؟
فأجابَ :
" المسلمُ لا تسقطُ عنه الصلاةُ مادام عقلُه ثابتًا ، ولكنَّه
يصلِّي على حسبِ حالِه لقولِه تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
) ولقولِ النبي صلى الله عليه وسلم للمريض : ( صلِّ قائمًا ، فإن لم تستطع
فقاعدًا ، فإن لم تستطع فعلى جنب ) .
فيجبُ على والدِك الذي أصيبَ بهذا الشللِ إذا كان يستطيعُ
الوضوءَ بأن يوضّئَ نفسَه بيدِه الصحيحة ، أو يوضئُه غيرُه ممَّن يعينُه على الوضوء
، فإنه يجبُ عليه ذلك .
وإذا كانَ لا يستطيعُ الوضوءَ بالماء فإنه يتيمَّم بالتراب .
وإذا كانَ لا يستطيعُ أن يتيممَ بنفسِه فيُيمّمُه غيرُه ، بأن
يضربَ أحدَ أوليائِه أو الحاضرينَ عنده بيدَيه على التراب ، ويمسحَ بهما وجهَه
ويديه وينويَ هو الطهارةَ بذلك ، ويصلي على حسبِ حالِه جالسًا أو على جنبِه ،
ويومئُ برأسِه للركوعِ والسجودِ حسبَ الاستطاعة .
فإذا كان لا يستطيعُ الإيماءَ برأسِه لأجلِ الشللِ الذي فيه ،
فإنه يومئُ بطرفه بالركوعِ والسجود .
وهكذا ، فالدينُ يسرٌ وللهِ الحمدُ ، لكن ليس معنى هذا أن يتركَ
الصلاةَ نهائيًّا ، وإنما يصليها على حسبِ حاله كما ذكرنا ، ويجب عليه أن يقضيَ
الصلواتِ التي تركها بحسب استطاعته " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (4/رقم 27)
والله أعلم .
*****
71203
إذا سافر أثناء الشهر إلى بلد اختلف عن بلده في الصيام ، فكيف يصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم > رؤية الهلال >(1/5804)
سؤال رقم 71203- إذا سافر أثناء الشهر إلى بلد اختلف عن بلده في الصيام ، فكيف يصوم ؟
إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده ، وظل بهذا البلد حتى العيد ، فمع أي البلدين يفطر ؟.
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما ،
فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر ، لكن إن
نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً ، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن
الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) وقوله :
( إنما الشهر تسع وعشرون ، فلا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ) . ومن حديث
كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام ، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس رضي
الله عنهما أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام ، فقال ابن عباس : لكنا
رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه ، فقال كريب : ألا
تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة :
المثال الأول : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام
أهله يوم السبت ، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويلزمه قضاء
يوم .
المثال الثاني : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام
أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً ، فيبقى صائماً معهم ولو
زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه ، فلا يحل له الفطر ، ويشبه
هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه
إلا الساعة السابعة ، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى :
( ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ
عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذالِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) .
المثال الثالث : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام
أهله يوم الاثنين ، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ويكون
صومهم تسعة وعشرين يوماً ، وصومه ثلاثين يوماً .
المثال الرابع : انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم
الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد ، وأفطروا يوم الاثنين عن
تسعة وعشرين يوماً ، فيفطر معهم ، ولا يلزمه قضاء يوم ؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً
.
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال ، وقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( إنما الشهر تسع وعشرون ) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة .
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا رأيتموه فأفطروا ) فعلق الفطر بالرؤية ، ولم تكن
فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره .
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح .
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول
الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع ، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك
وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على
حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/69) .
*****
71206
غطت طفلها بسجادة ثقيلة فمات
الفقه > معاملات > الجنايات > القتل الخطأ >(1/5805)
سؤال رقم 71206- غطت طفلها بسجادة ثقيلة فمات
توفي لوالدتي طفل صغير عمره حوالي أربعة أشهر وكانت قد غطته بزولية (سجادة ثقيلة) خوفاً عليه من البرد , وكان قريباً منها , فلا تدري أهي التي كانت سبب وفاته أم من الزولية ، فهل عليها شيء ؟.
الحمد لله
إذا كانت غطت وجهه بسجّادة ثقيلة ، فعليها كفارة القتل الخطأ ،
وتجب الدية على عاقلتها ( وهم العصبة ) لأن الظاهر أنه مات بسبب ذلك , وإن لم تكن
غطت وجهه فلا شيء عليها ، ولا تجب الدية على أحد .
وقد سبق في جواب السؤال ( 52809 )
بيان أن الدية في القتل الخطأ تكون على عاقلة القاتل ، وليست على القاتل نفسه ،
وفيه أيضاً بيان من هم العاقلة .
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (11/15) : " مسألة : في امرأة
نامت بقرب ابنها أو غيره فوجد ميتا " ثم ذكر عن إبراهيم النخعي أنه قال في امرأة
غطت وجه صبي لها فمات في نومه , فقال : تعتق رقبة .
قال ابن حزم : إن مات مِنْ فِعْلها ، مثل أن تجر اللحاف على وجهه
ثم ينام فينقلب فيموت غما ، أو وقع ذراعها على فمه ، أو وقع ثديها على فمه ، أو
رقدت عليه وهي لا تشعر فلا شك أنها قاتلته خطأ فعليها الكفارة ، وعلى عاقلتها الدية
، أو على بيت المال . وإن كان لم يمت من فعلها فلا شيء عليها في ذلك ، أو لا دية
أصلا .
فإن شكت أمات من فعلها أم من غير فعلها ؟ فلا دية في ذلك ، ولا
كفارة ؛ لأننا على يقين من براءتها من دمه ، ثم على شك أمات من فعلها أم لا ؟
والأموال محرمة إلا بيقين ، والكفارة إيجاب شرع ، والشرع لا يجب إلا بنص أو إجماع ،
فلا يحل أن تُلزم غرامة ، ولا صياما ، ولا أن تلزم عاقلتها دية بالظن الكاذب ،
وبالله تعالى التوفيق " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/373) فيمن غطت رضيعها بلحاف
ثقيل (زولية) وكان مريضا ، فمات : " إذا كانت الزولية التي وضعتها أمه غطاء عليه قد
غطت وجهه فإن عليها كفارة قتل الخطأ ، لأن الظاهر موته بسبب ذلك ، وهي عتق رقبة
مؤمنة ، فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين ستين يوماً ، وإذا كانت مريضة فإنها
تصوم بعد الشفاء من المرض " انتهى .
وجاء فيها أيضا (21/378) : " إذا كانت زوجتك وضعت اللحاف على وجه
الطفل فنتج عن ذلك وفاته اختناقا فإن عليها الكفارة ... أما إذا لم تكن وضعت اللحاف
على وجهه فليس عليها شيء ؛ لأنها لم تتسبب في وفاته " انتهى .
وجاء فيها أيضا (21/388) : " إذا كنتما لم تضعا الشرشف ( ما يجعل
على السرير من فراش ) والبطانية أو أحدهما على وجهها ، وإنما هي بحركتها انغمرت
بهما ، فليس عليكما شيء لأنكما لم تفرطا . أما إن كنتما وضعتما الشرشف والبطانية
على وجهها فعلى كل واحد منكما كفارة قتل الخطأ ؛ لأنكما بذلك قد تسببتما في موتها
..." انتهى .
والله أعلم .
*****
71213
الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/5806)
سؤال رقم 71213- الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان
إذا استمنى الرجل أو قبل امرأته حتى أنزل المني ، ولكنه لم يجامع ، فهل يفسد صومه بهذا ، وماذا يجب عليه ، وهل لذلك كفارة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الاستمناء محرم ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 329 )
وهو في رمضان أشد تحريما .
ثانياً :
الاستمناء وكذلك مباشرة المرأة وتقبيلها حتى إنزال المني مفسد
للصيام ، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم ، ويقضي
يوماً مكان هذا اليوم الذي أفسده ، ولا تجب عليه كفارة ، لأن الكفارة لا تجب إلا
بالجماع في نهار رمضان .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/363) : " وَلَوْ اسْتَمْنَى
بِيَدِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا , وَلا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِهِ إلا أَنْ
يُنْزِلَ , فَإِنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ " انتهى .
وقال أيضا (4/361) : " إذَا قَبَّلَ ( أي زوجته ) فَأَمْنَى
فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُهُ " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ
فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ
غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ
صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ
بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى باختصار .
وقال في "بداية المجتهد" (1/382) : " كلهم يقولون : ـ يعني
الأئمة ـ أن من قبل فأمنى فقد أفطر " انتهى .
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/296) :
" لا أعلم أحدا أرخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما
يتولد منها ، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 237) : " ولا يحل
لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة ، لأن بعض الناس
يكون سريع الإنزال فبمجرد ما يداعب المرأة ، أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل .
فنقول لهذا الرجل : لا يحل لك أن تداعب امرأتك ما دمت تخشى أن تنزل " انتهى .
وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (6/234-235) :
" إذا طلب خروج المني بأي وسيلة ، سواء بيده ، أو بالتدلك على
الأرض ، أو ما أشبه ذلك حتى أنزل ، فإنّ صومه يفسد بذلك ، وهذا ما عليه الأئمة
الأربعة رحمهم الله مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد .
وأبى الظاهرية ذلك وقالوا : لا فطر بالاستمناء ولو أمنى ، لعدم
الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك ، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا
بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
ولكن عندي والله أعلم أنه يمكن أن يستدل على أنه مفطر من وجهين :
الوجه الأول النص : فإن في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى
قال في الصائم : ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) والاستمناء شهوة ، وخروج
المني شهوة ، والدليل على أن المني يطلق عليه اسم شهوة قول الرسول صلّى الله عليه
وسلّم : ( وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر
؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان
له أجر ) والذي يوضع هو المني .
الوجه الثاني : القياس ، فنقول : جاءت السنة بفطر الصائم
بالاستقاء إذا قاء ، وبفطر المحتجم إذا احتجم وخرج منه الدم ، وكلا هذين يضعفان
البدن .
أما خروج الطعام فواضحٌ أنه يضعف البدن ؛ لأن المعدة تبقى خالية
فيجوع الإنسان ويعطش سريعاً .
وأما خروج الدم فظاهر أيضاً أنه يضعف البدن ، وخروج المني يحصل
به ذلك فيفتر البدن بلا شك ، ولهذا أمر بالاغتسال ليعود النشاط إلى البدن ، فيكون
هذا قياساً على الحجامة والقيء .
وعلى هذا نقول : إن المني إذا خرج بشهوة فهو مفطر للدليل والقياس
" انتهى باختصار .
وبهذين الدليلين : قضاء الشهوة ، وإضعاف البدن ، استدل شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن الاستمناء مفسد للصيام . انظر "مجموع
الفتاوى" (25/251) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمدا ذلك وخرج
منه المني ، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة ، وعليه التوبة إلى الله سبحانه
وتعالى ؛ لأن الاستمناء لا يجوز لا في حال الصوم ولا في غيره ، وهو التي يسميها
الناس العادة السرية " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/267) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (10/256) :
" الاستمناء في رمضان وغيره حرام ، لا يجوز فعله ؛ لقوله تعالى :
( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) ، وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن
يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه ، ولا كفارة ؛ لأن الكفارة
إنما وردت في الجماع خاصة " انتهى .
والله أعلم .
*****
71231
انقطعت الكهرباء أثناء صلاة الجمعة ولم يتمكنوا من متابعة الإمام
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/5807)
سؤال رقم 71231- انقطعت الكهرباء أثناء صلاة الجمعة ولم يتمكنوا من متابعة الإمام
كنا في صلاة الجمعة ، والمسجد عندنا مكون من عدة طوابق ، وفي الركعة الأولى انقطعت الكهرباء فلم يتمكن المأمومون الذين يصلون في الطابق الثاني والثالث من متابعة الإمام ، فصلوها ظهرا ، فهل ما فعلوه صحيح ؟.
الحمد لله
إذا كان ذلك قد وقع قبل الركوع في الركعة الأولى ، فما فعلوه
صحيح ، وإذا وقع ذلك بعد الركوع مع الإمام فكان الواجب عليهم أن يتموها جمعة ،
ركعتين .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن مثل هذه الواقعة فقال: "من
أدرك ركعة من الجمعة ثم عرض عارض كانقطاع الكهرباء ونحوه ، فإنه يتمها جمعة منفرداً
بمعنى أنه يصلي الركعة الثانية ثم يسلم ؛ لما في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) . والركعة إنما
تدرك بالركوع ، ومن لم يدرك الركوع مع الإمام فإنه غير مدرك للركعة ، وعلى هذا فإذا
كان من ذكروا في السؤال لم يدركوا مع الإمام إلا تكبيرة الإحرام فقط فإنهم يصلونها
ظهرا ً" اهـ .
"مجلة البحوث الإسلامية" (61/83) .
*****
71236
موقف المؤمن من الابتلاء
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/5808)
سؤال رقم 71236- موقف المؤمن من الابتلاء
إذا أصيب المسلم بمصيبة في نفسه أو ماله أو غير كذلك ، كيف يكون تصرفه صحيحاً موافقا للشرع ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد ، وهي علامة حب من الله له ؛
إذ هي كالدواء ، فإنَّه وإن كان مُرًّا إلا أنَّك تقدمه على مرارته لمن تحب - ولله
المثل الأعلى - ففي الحديث الصحيح : ( إنَّ عِظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإنَّ الله
عز وجل إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) رواه الترمذي ( 2396 ) وابن ماجه ( 4031 ) ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
ونزول البلاء خيرٌ للمؤمن من أن يُدَّخر له العقاب في الآخرة ،
وكيف لا وفيه تُرفع درجاته وتكفر سيئاته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا
أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه
بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) رواه الترمذي ( 2396 ) وصححه الألباني
في صحيح الترمذي .
وقال الحسن البصري رحمه الله : لا تكرهوا البلايا الواقعة ،
والنقمات الحادثة ، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك ، ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك
– أي : هلاكك - .
وقال الفضل بن سهل : إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن
يجهلها ، فهي تمحيص للذنوب ، وتعرّض لثواب الصبر ، وإيقاظ من الغفلة ، وتذكير
بالنعمة في حال الصحة ، واستدعاء للتوبة ، وحضّ على الصدقة .
والمؤمن يبحث في البلاء عن الأجر ، ولا سبيل إليه إلاَّ بالصبر ،
ولا سبيل إلى الصبر إلاَّ بعزيمةٍ إيمانيةٍ وإرادةٍ قوية .
وليتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا لأَمْرِ
الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا
لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ
أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وعلى المسلم إذا أصابته مصيبة أن يسترجع ويدعو بما ورد .
فما أجمل تلك اللحظات التي يفر فيها العبد إلى ربه ويعلم أنه
وحده هو مفرج الكرب ، وما أعظم الفرحة إذا نزل الفرج بعد الشدة ، قال الله تعالى :
( وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ
مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ) .
وروى مسلم (918) عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله " إنا
لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " إلا أخلف الله
له خيراً منها ) . قالت : فلما مات أبو سلمة قلت : أي المسلمين خير من أبي سلمة ؟!
أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إني قلتها فأخلف اللهُ لي
رسولَ الله صلى الله عليه وسلم .
ثانياً :
وهناك أمور إذا تأملها من أصيب بمصيبة هانت عليه مصيبته وخفت .
وقد ذكر ابن القيم في كتابه القيم " زاد المعاد " (4/189–195)
أموراً منها :
1- " أن ينظر إلى ما أصيب به فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل
منه ، وادَّخر له إن صبر ورضي ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ، وأنه
لو شاء لجعلها أعظم مما هي .
2- أن يطفئ نار مصيبته ببرد التأسي بأهل المصائب ، ولينظر يمنة
فهل يرى إلا محنة ؟ ثم ليعطف يسرة فهل يرى إلا حسرة ؟ وأنه لو فتَّش العالم لم ير
فيهم إلا مبتلى ، إما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأن شرور الدنيا أحلام نوم ،
أو كظل زائل ، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً ، وإن سرَّت يوماً ساءت دهراً ، وإن
متَّعت قليلاً منعت طويلاً ، ولا سرته بيوم سروره إلا خبأت له يوم شرور ، قال ابن
مسعود رضي الله عنه : لكل فرحة ترحة ، وما مليء بيت فرحاً إلا مليء ترحاً . وقال
ابن سيرين : ما كان ضحك قط إلا كان من بعده بكاء .
3- أن يعلم أن الجزع لا يردها – أي : المصيبة - بل يضاعفها ، وهو
في الحقيقة من تزايد المرض .
4- أن يعلم أن فوات ثواب الصبر والتسليم وهو الصلاة والرحمة
والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع أعظم من المصيبة في الحقيقة .
5- أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه ، ويسوء صديقه ، ويغضب ربه ، ويسر
شيطانه ، ويحبط أجره ، ويضعف نفسه ، وإذا صبر واحتسب وأرضى ربه ، وسر صديقه ، وساء
عدوه ، وحمل عن إخوانه وعزاهم هو قبل أن يعزوه ، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم ،
لا لطم الخدود ، وشق الجيوب ، والدعاء بالويل والثبور ، والسخط على المقدور .
6- أن يعلم أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف
ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه ويكفيه من ذلك " بيت الحمد " الذي
يبنى له في الجنة على حمده لربه واسترجاعه ، فلينظر أي المصيبتين أعظم : مصيبة
العاجلة ، أو مصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد ، وفي الترمذي مرفوعاً : ( يود ناس
يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض في الدنيا لما يرون من ثواب أهل البلاء
) ، وقال بعض السلف : لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس .
7- أن يعلم أن الذي ابتلاه بها أحكم الحاكين ، وأرحم الراحمين ،
وأنه سبحانه لم يرسل إليه البلاء ليهلكه به ، ولا ليعذبه به ، ولا ليجتاحه ، وإنما
افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه وليسمع تضرعه وابتهاله ، وليراه طريحا
ببابه ، لائذاً بجنابه ، مكسور القلب بين يديه ، رافعا قصص الشكوى إليه .
8- أن يعلم أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء
الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلا وآجلا ، فمن رحمة أرحم
الراحمين أن يفتقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه
الأدواء ، وحفظا لصحة عبوديته ، واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ،
فسبحان من يرحم ببلائه ، ويبتلي بنعمائه ، كما قيل :
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
9- أن يعلم أن مرارة الدنيا هي بعينها حلاوة الآخرة ، يقلبها
الله سبحانه ، كذلك وحلاوة الدنيا بعينها مرارة الآخرة ، ولأن ينتقل من مرارة
منقطعة إلى حلاوة دائمة خير له من عكس ذلك ، فإن خفي عليك هذا فانظر إلى قول الصادق
المصدوق صلى الله عليه وسلم : ( حُفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ) " انتهى باختصار .
ثالثاً :
كثير من الناس إذا أحسن تلقي البلاء علم أنه نعمة عليه ومنحة لا
محنة
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " مصيبة تقبل بها على الله خير لك
من نعمة تنسيك ذكر الله " .
وقال سفيان : " ما يكره العبد خير له مما يحب ، لأن ما يكرهه
يهيجه للدعاء ، وما يحبه يلهيه " .
وكان ابن تيمية رحمه الله يعد سجنه نعمة عليه تسبب فيها أعداؤه .
قال ابن القيم : " وقال لي مرة – يعني شيخ الإسلام - ما يصنع
أعدائي بي !! أنا جنتي وبستاني في صدري ، أنى رحت فهي معي لا تفارقني ، إنّ حبسي
خلوة ، وقتلي شهادة ، وإخراجي من بلدي سياحة .
وكان يقول في محبسه في القلعة : لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبا ما
عدل عندي شكر هده النعمة أو قال : ما جزيتهم على ما تسببوا لي فيه من الخير ونحو
هذا .
وكان يقول في سجوده وهو محبوس : اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن
عبادتك ما شاء الله ، وقال لي مرة : المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى ، والمأسور
من أسره هواه ، ولما دخل إلى القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال : فضرب بينهم
بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب
عيشا منه قط ، مع كل ما كان فيه من ضيق العيش ، وخلاف الرفاهية والنعيم ، بل ضدها ،
ومع ما كان فيه من الحبس والتهديد والإرهاق ، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً ،
وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرهم نفساً ، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، وكنا
إذا اشتد بنا الخوف ، وساءت منا الظنون ، وضاقت بنا الأرض ، أتيناه فما هو إلا أن
نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً وقوة ويقينا وطمأنينة ، فسبحان
من أشهد عباده جنته قبل لقائه ، وفتح لهم أبوابها في دار العمل ، فأتاهم من روحها
ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها " انتهى .
"الوابل الصيب" (ص 110) .
*****
71249
كان يسرق المال من والده ويريد أن يرده دون أن يخبره
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5809)
سؤال رقم 71249- كان يسرق المال من والده ويريد أن يرده دون أن يخبره
والدي عنده حقيبة يضع فيها أمواله في البيت فمنذ فترة فتحت حقيبته وأخذت فلوسا لأسدد بها ديونا كانت علي لأنني لا أعمل ، وكررت هذا عدة مرات حتى لاحظ والدي أن الفلوس تقل ولكنه لم يعلم من فعل ذلك وبعدها بفترة الحمد لله ربنا هداني والتزمت وعرفت أنني أخطأت عندما أخذت الفلوس بدون علم والدي , والآن قررت إن شاء الله عندما أشتغل أجمع المبلغ وأرجع المال الذي أخذته مرة أخرى وأضعه في حقيبته دون علمه .
السؤال : هل أضع المال في حقيبة والدي دون علمه لأنني أخشى غضب والدي علي لأنني أيضا سأشتغل مع والدي فأخشى ضياع ثقته في , فأرجوكم قولوا لي ماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أخذك المال من حقيبة والدك دون علمه ، عمل قبيح ، ومنكر ظاهر ،
والحمد لله الذي وفقك للهداية والتوبة , ومن توبتك : أن تعيد إليه المال الذي أخذته
منه .
وإذا كان إخباره بالأمر سيؤدي إلى غضبه أو عدم ثقته فيك ، فأرجع
المال إليه بأي وسيلة ، من غير أن تخبره ، كأن تضع المال في حقيبته ، ونحو ذلك .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : منذ صغري إذا رأيت أبي وضع شيئا
سواء من النقود أو أي انتفاع ، وأنا آخذ ، ولا يعرف أبي ذلك ، وبعد أن أصبحت كبيرا
خفت الله وتركت كل هذا العمل ، والآن يجوز لي أن أعترف لأبي بذلك الفعل أم لا ؟
فأجابوا : " يجب عليك أن ترد ما أخذت من والدك من النقود وغيرها
إلا إذا كان شيئا يسيرا للنفقة فلا حرج " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/352) .
وسئلوا أيضا (24/355) : إذا سرق إنسان مالا ثم أراد أن يتوب
فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه ، فما حكم توبته ؟
فأجابوا : " إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته ، وندم
على ما حصل منه ، وعزم على ألا يعود ، فتوبته صحيحة ، ولا يضره في توبته عدم علم
المسروق منه بما رد إليه من ماله " انتهى .
والله أعلم .
*****
71267
نصاب الإبل والبقر والغنم
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/5810)
سؤال رقم 71267- نصاب الإبل والبقر والغنم
كم نصاب الأنعام في الزكاة ؟.
الحمد لله
بهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم ، ولا تجب الزكاة في بهيمة
غيرها إلا أن تكون للتجارة .
1- ونصاب الإبل : خمس بإجماع العلماء ، وفيها شاة . ثم في عشر من
الإبل شاتان ، وفي خمس عشرة : ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين :
بنت مخاض ... إلخ الأنصبة الواردة في الحديث كما سيأتي .
وعليه ، فمن ملك أربعة من الإبل فأقل فلا زكاة عليه ، إلا أن
يشاء .
والأصل في ذلك ما رواه البخاري (1454) عن أَنَسٍ أَنَّ أَبَا
بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما , كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ
إِلَى الْبَحْرَيْنِ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ
الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا
مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا
يُعْطِ : فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ
مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ . إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ
وَثَلاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا
وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى ، فَإِذَا
بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ
الْجَمَلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ
فَفِيهَا جَذَعَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا
بِنْتَا لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ
فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ
وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ،
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلا أَرْبَعٌ مِنْ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ
إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ
...).
وبنت المخاض : هي التي أتمت سنة .
وبنت اللبون : هي التي أتمت سنتين .
والحقة : هي التي أتمت ثلاث سنين .
والجذعة : هي التي أتمت أربع سنين .
2- ونصاب البقر ثلاثون , في قول جمهور العلماء , لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( فِي ثَلاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَفِي
كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ) رواه الترمذي (622) وابن ماجه (1804) وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
والتبيع : الذي له سنة ، ودخل في الثانية ، وقيل له ذلك لأنه
يتبع أمه .
والمسنّة : التي لها سنتان ، وهي الثنية .
3- ونصاب الغنم أربعون شاة ، بإجماع العلماء , وفيها شاة واحدة ؛
لما جاء في حديث أنس السابق : ( وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا
كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى
عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى
مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى
ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ
نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ
يَشَاءَ رَبُّهَا ) .
واشترط جمهور الفقهاء لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون
سائمة ، وهي التي ترعى الكلأ المباح أكثر السنة ، وأما التي تُعْلَف فلا تجب فيها
الزكاة إلا أن تكون للتجارة ، ودليل اشتراط السوم قوله صلى الله عليه وسلم : (
وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا ... )
انظر : "المغني" (2/230-243) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/202) : " أجمع العلماء على
وجوب الزكاة في سائمة الإبل والبقر والغنم ، إذا بلغت نصاباً ، وأوله في الإبل خمس
، وأوله في البقر ثلاثون ، وأوله في الغنم أربعون . والسائمة هي الراعية للحشائش
ونحوها ، ضد المعلوفة والعوامل التي يحمل عليها أصحابها .
واختلفوا في وجوبها في المعلوفة والعوامل ؛ فذهب أكثر أهل العلم
إلى أنه لا زكاة فيهما لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن
جده قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( في كل إبل سائمة في كل
أربعين ابنة لبون .. ) الحديث ، فقيَّد وجوبها في الإبل بكونها سائمة فلا تجب في
المعلوفة ، وأما العوامل فلحديث علي رضي الله عنه : (
ليس في العوامل صدقة ) . وذهب مالك وجماعة إلى وجوب الزكاة في المعلوفة والعوامل
أيضاً ..." انتهى .
وانظر السؤال ( 49041 ) .
والله أعلم .
*****
71275
حكم الأضحية بغير بهيمة الأنعام
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/5811)
سؤال رقم 71275- حكم الأضحية بغير بهيمة الأنعام
شخص يسكن القطب الشمالي ويريد أن يضحي هل يجوز أن يضحي بحوت ؟ .
الحمد لله
لا تصح التضحية بالحوت أو الفرس أو الظباء أو الدجاج , لأن من
شروط الأضحية : أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم بسائر أنواعها
, لقوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ
اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) .
وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أحد من
أَصْحَابِهِ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِهَا .
انظر : "فتح القدير" (9/97) .
قال النووي في "المجموع" (8/364-366) :
" فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام وهي الإبل والبقر
والغنم , سواء في ذلك جميع أنواع الإبل , وجميع أنواع البقر , وجميع أنواع الغنم من
الضأن والمعز وأنواعهما , ولا يجزئ غير الأنعام من بقر الوحش وحميره وغيرها بلا
خلاف , وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك , ولا خلاف في شيء من هذا عندنا . . .
ولا تجزئ بالمتولد من الظباء والغنم , لأنه ليس من الأنعام " انتهى باختصار .
ونحوه قاله ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (368) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في رسالته : "أحكام
الأضحية والزكاة" :
" الجنس الذي يضحي به : بهيمة الأنعام فقط ، لقوله تعالى : (
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا
رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) الحج/34 . وبهيمة
الأنعام هي الإبل والبقر والغنم من ضأن ومعز , وجزم به ابن كثير وقال : قاله الحسن
وقتادة وغير واحد , قال ابن جرير : وكذلك هو عند العرب اهـ .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر
عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) رواه مسلم (1963) .
والمسنة : الثنية فما فوقها من الإبل والبقر والغنم , قاله أهل
العلم رحمهم الله .
ولأن الأضحية عبادة كالهدي فلا يشرع إلا ما جاء عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم , ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل
والبقر والغنم " انتهى .
*****
71297
هل يجوز أن يقسم ماله بين ورثته في حياته ؟
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/5812)
سؤال رقم 71297- هل يجوز أن يقسم ماله بين ورثته في حياته ؟
هل يجوز للرجل أن يقسم ماله في حياته بين ورثته ؟.
الحمد لله
نعم . يجوز ذلك بشرط ألا يقصد بهذا الإضرار ببعض الورثة ، فيمنع
بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم .
فإن الله عز وجل قسم الميراث بنفسه ، وتوعد من خرج عن هذه القسمة
فقال : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ . وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13، 14
والأفضل ألا يفعل ذلك ، بل يُبقي ماله معه ، فإذا مات قُسّم على
الورثة الموجودين حين وفاته حسب القسمة الشرعية ، والإنسان لا يدري من الذي سيموت
أولاً حتى يقسم أمواله على ورثته ، وقد يطول به العمر ويحتاج إلى هذا المال .
قال في " الإنصاف " (7/142) : " لا يكره للحي قسم ماله بين
أولاده . على الصحيح من المذهب . وعنه: يكره . (يعني : عن الإمام أحمد قول آخر
بالكراهة ) قال في الرعاية الكبرى : يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا
أمكن أن يولد له " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" : " (16/463) : " ننصح والدك ألا
يقسم ماله في حياته ، فربما احتاج إليه بعد ذلك " انتهى .
والله أعلم .
*****
71301
حكم تسمية المسجد باسم شخص معين
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/5813)
سؤال رقم 71301- حكم تسمية المسجد باسم شخص معين
لمعروف أن تسمية المساجد بأسماء الأشخاص غير محبب ويعتبر مكروهاً ما رأيك في ذلك ؟ وإن كان صحيحاً ما رأيك في تسمية مسجد السيدة زينب باسمها , ومسجد الحسين , ومسجد أحمد الرفاعي باسمه ؟.
الحمد لله
ما ذكرت من أن تسمية المساجد بأسماء الأشخاص مكروه قد قال به بعض
العلماء , إلا أن جمهور العلماء على جواز ذلك بلا كراهة .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
" بَاب هَلْ يُقَال مَسْجِد بَنِي فُلان " ثم أورد حديث ابْنِ
عُمَرَ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ
الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ , وَسَابَقَ
بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي
زُرَيْقٍ , وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا ) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :
" يُسْتَفَاد مِنْهُ جَوَازُ إِضَافَة الْمَسَاجِد إِلَى
بَانِيهَا أَوْ الْمُصَلِّي فِيهَا , وَيَلْتَحِق بِهِ جَوَاز إِضَافَة أَعْمَال
الْبِرّ إِلَى أَرْبَابهَا , وَإِنَّمَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّف (الإمام البخاري)
التَّرْجَمَة بِلَفْظِ الاسْتِفْهَام لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ فِيهِ اِحْتِمَالا
إِذْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قَدْ عَلِمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِأَنْ تَكُون هَذِهِ الإِضَافَة وَقَعَتْ فِي زَمَنه , وَيُحْتَمَل أَنْ
يَكُون ذَلِكَ مِمَّا حَدَثَ بَعْده , وَالأَوَّل أَظْهَر وَالْجُمْهُور عَلَى
الْجَوَاز , وَالْمُخَالِف فِي ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ
اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه أَنْ يَقُول مَسْجِد بَنِي فُلان
وَيَقُول مُصَلَّى بَنِي فُلان لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ
لِلَّهِ ) .
وَجَوَابه : أَنَّ الإِضَافَة فِي مِثْل هَذَا إِضَافَة تَمْيِيز
لا مِلْك " انتهى .
وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" (4/277) :
" المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا ، فإنها قد نسبت إلى غيره
تعريفا , فيقال : مسجد فلان " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/208) :
" ولا بأس أن يقال مسجد فلان ، ومسجد بني فلان على سبيل التعريف
" انتهى .
وعلى هذا ؛ فلا حرج من تسمية المسجد باسم شخص معين لكونه هو الذي
بناه أو يصلي فيه , وكذلك لا حرج من إطلاق اسم أحد علماء المسلمين أو أعلامهم على
المسجد من باب التعريف فقط , لكن لا ينبغي : أن يسمى المسجد باسم من عُرِفَ بالبدعة
، لآن في ذلك تعظيماً له ، وإغراء للعوام أن يسلكوا طريقته .
والله أعلم .
*****
71303
هل يفتح محلاً للحجامة بأجرة؟
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/5814)
سؤال رقم 71303- هل يفتح محلاً للحجامة بأجرة؟
هل يجوز أن أفتح محلاً للحجامة ، وآخذ من الناس أجرة على ذلك ؟.
الحمد لله
اختلف الفقهاء في كسب الحجام ، هل هو مكروه ، أم مباح من غير
كراهة ، وسبب اختلافهم في ذلك هو اختلافهم في فَهْم الأحاديث الواردة في ذلك , فمما
جاء في كراهية كسب الحجام :
1- قوله صلى الله عليه وسلم : ( كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ ) رواه مسلم (1568) .
2- وقوله صلى الله عليه وسلم : ( شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ
الْبَغِيِّ وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَكَسْبُ الْحَجَّامِ ) رواه مسلم (1568) .
3 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ ) رواه أحمد
(7635) والنسائي (4673) وابن ماجه (2165) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
ومما جاء في الرخصة في ذلك :
1 - ما رواه البخاري (2102) ومسلم (1577) عن أنس بن مالك رضي
الله عنه قال : ( حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ ) .
2 - ما رواه البخاري (2103) ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : ( احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْطَى الَّذِي
حَجَمَهُ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ ) هذا لفظ البخاري ، وله أيضا
(2278) : ( وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِه
) . وعند مسلم (1202) : ( وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ) .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى الجمع بين هذه الأحاديث بحمل النهي
على الكراهة .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويجوز أن يستأجر حجاما ليحجمه ,
وأجره مباح ، وهذا اختيار أبي الخطاب ، وهذا قول ابن عباس . وبه قال مالك والشافعي
وأصحاب الرأي . وقال القاضي [أي : أبو يعلى من الحنابلة] : لا يباح أجر الحجام ،
وذكر أن أحمد نص عليه في مواضع وقال : أُعطي شيئا من غير عقد ولا شرط فله أخذه
ويصرفه في علف دوابه وطعمة عبيده ومؤنة صناعته ولا يحل له أكله ، وممن كره كسب
الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
كسب الحجام خبيث ) رواه مسلم وقال عن أجرة الحجام : ( أطعمه ناضحك ( أي : البعير )
ورقيقك ) رواه أحمد والترمذي (1277) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ويدل على أنه مباح وليس حراماً : ما روى ابن عباس قال : ( احتجم
النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ولو علمه حراما لم يعطه ) متفق عليه .
وفي لفظ : ( لو علمه خبيثا لم يعطه ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في كسب
الحجام : ( أطعمه رقيقك ) دليل على إباحة كسبه ؛ إذ غير جائز أن يُطعم رقيقه ما
يحرم أكله ، فإن الرقيق آدميون يحرم عليهم ما حرمه الله تعالى كما يحرم على الأحرار
، وتسميته كسبا خبيثا لا يلزم منه التحريم فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم
والبصل خبيثين مع إباحتهما .
وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيها لدناءة هذه
الصناعة . وأمرُه صلى الله عليه وسلم بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة ، فيتعين
حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم " انتهى من "المغني" (6/133)
باختصار وتصرف .
وعلى هذا فلا حرج عليك في فتح هذا المحل ، والأجرة المأخوذة من
الناس على ذلك ليست حراماً .
والله أعلم .
*****
71323
حديث : ( من اعتمد على عقله ضل )
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/5815)
سؤال رقم 71323- حديث - ( من اعتمد على عقله ضل )
معنى الحديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ , ومن اعتمد على عقله ضلَّ , ومن اعتمد على الله فلا يضل ) . فهل هذا يعني أن العقل لا يستخدم في الاجتهاد ؟ ومتى يستخدم العقل في الاجتهاد ؟.
الحمد لله
حديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ ومن اعتمد على عقله ضلَّ ومن
اعتمد على الله فلا يضل )
لم نجده بعد الاطلاع والبحث منسوباً إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، ووجدناه في بعض الكتب منسوباً لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه .
والعقل في الإسلام له أهمية كبيرة ، وتكمن أهميته في أمور ، منها
:
1. أنه شرط التكليف ، فمن شروط التكليف بالأوامر وترك النواهي أن
يكون المكلَّف عاقلاً .
2. أن العقل هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها
والاهتمام بها ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ، ومن تشريعات
حفظ العقل في الإسلام تحريم شرب الخمر والمخدرات .
3. أن استعمال الإنسان لعقله استعمالاً صحيحاً يجعله يفهم الآيات
والأحاديث على وجهها الصحيح ، وإذا كان كافراً فإن الله تعالى جعل في دينه من الحجج
والبراهين ما لا يخفى على عاقل ، لكن من لم يستخدم عقله لم ينتفع بهذه الحجج
والبراهين ، لذا سيندم هؤلاء يوم القيامة وسيتمنون لو أنهم استخدموا عقولهم على
وجهها الصحيح ، قال تعالى : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا
كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ . فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا
لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10،11 ، وليس في الإسلام شيء
يخالف العقل الصريح ، بل العقل موافق لما جاء في الشرع ، وإنما ضلَّ أقوام حكَّموا
عقولهم هم في نصوص الشرع فضلوا وأضلوا ، أما من استعمل عقله ليفهم ما جاء من نصوص
وفق قواعد السلف ومنهجهم فهو المجتهد المأجور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فيأخذ المسلمونَ جميعَ دينهم من الاعتقادات , والعبادات , وغير
ذلك من كتاب الله , وسنَّةِ رسولِهِ , وما اتفق عليه سلف الأمّة وأئمتها ، وليس ذلك
مخالفاً للعقل الصريح ؛ فإنّ ما خالف العقل الصريح فهو باطلٌ .
وليس في الكتاب والسنَّةِ والإجماع باطل ، ولكن فيه ألفاظ قد لا
يفهمها بعضُ النَّاس , أو يفهمون منها معنى باطلاً , فالآفةُ منهم , لا من الكتاب
والسُّنَّة ؛ فإن الله تعالى قال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً
لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدى وَرَحْمَة وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِين ) " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 490 ) .
*****
71330
هل لبس الساعة في اليمنى موافق للسنَّة ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/5816)
سؤال رقم 71330- هل لبس الساعة في اليمنى موافق للسنَّة ؟
هناك من ينصحني بلبس الساعة في اليد اليمنى بحجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حض على التيمن . فهل هذا صحيح ؟.
الحمد لله
لا حرج في لبس الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى , ويختار الرجل
في ذلك الأيسر له ، ولا يوصف شيء من ذلك بأنه مخالف للسنة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" لا حرج في لبس الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى ، كالخاتم ،
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لبس الخاتم في اليمنى واليسرى " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 255 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" وضع الساعة في اليد اليمنى ليس أفضل من وضعها في اليد اليسرى ؛
لأن الساعة أشبه ما تكون بالخاتم ، فلا فرق بين أن تضع الساعة في اليمين أو اليسار
، لكن لا شك أن وضعها في اليسار أيسر للإنسان ، من ناحية التعبئة ، ومن ناحية النظر
إليها أيضاً ، ثم هي أسلم في الغالب ؛ لأن اليمنى أكثر حركة فهي أخطر .
والأمر في هذا واسع ، فلا يقال : إن السنة أن تلبسها باليمين ؛
لأن السنة جاءت في اليمين واليسار في الخاتم ، والساعة أشبه شيء به " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 6 / 110 ) .
والله أعلم .
*****
71345
الاستمتاع بالدبر
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/5817)
سؤال رقم 71345- الاستمتاع بالدبر
يطلب مني زوجي أثناء فترة الحيض أن يحك رأس عضوه التناسلي المنتصب على حلقة دبري من أجل الاستمتاع حتى القذف ، فهل هذا جائز شرعا ؟.
الحمد لله
أولا :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي
الْفَرَجِ لقوله تعالى : ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا
تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) البقرة/222 ، وَلِقَوْلِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إلا النِّكَاحَ – يعني :
الجماع-) رواه مسلم (455) ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ
الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ .
ثانيا :
إتيان المرأة في دبرها حرام ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا
تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه ) البقرة/222 ،
يعني : في القبل ، وهو موضع الحرث ، ويؤيده قوله سبحانه : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ
لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم ) البقرة/223 ،
والدبر ليس موضعاً للحرث .
وقد جاءت أحاديث تدل على تحريم إتيان المرأة في دبرها ، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ملعون من أتى امرأته
في دبرها ) رواه أحمد وأبو داود (2162) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر السؤال رقم ( 1103 )
.
ثالثاً :
ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة ، وبين
الأليتين ، من غير إيلاج في دبر .
قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/257) :
" فأما التلذذ بغير إيلاج بين الأليتين فلا بأس " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (7/226) :
" ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة
إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص
بالدبر , فاختص التحريم به " انتهى .
وقال في "روض الطالب" :
" ما يملكه الزوج من الاستمتاع من زوجته :
ويملك الاستمتاع منها بما سوى حلقة دبرها ، ولو فيما بين
الأليتين ، أما الاستمتاع بحلقة دبرها فحرام بالوطء خاصة ، لخبر : ( إن الله لا
يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن ) رواه الشافعي وصححه " انتهى .
قال في شرحه "أسنى المطالب" (3/185) :
" قوله : (أما الاستمتاع بحلقة دبرها . . . إلخ) كأن أولج فيه
بعض الحشفة " انتهى .
الحشفة هي رأس الذكر .
وعليه ، فلا حرج من الاستمتاع المسئول عنه ، بشرط أن يأمن من
إدخال الحشفة أو بعضها في الدبر ، فإنه حرام .
والله أعلم .
*****
71346
البابية والبهائية ليسوا مسلمين
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/5818)
سؤال رقم 71346- البابية والبهائية ليسوا مسلمين
ما هي أفكار وعقائد البهائية ؟ وما الفرق بينهم وبين سائر المسلمين ؟.
الحمد لله
البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية
سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار
الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن
قضاياهم الأساسية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
1- أسس البابية الميرزا على محمد رضا الشيرازي الذي تلقى العلوم
الشيعية والصوفية منذ الصغر.
وفي سنة 1260هـ / 1844م أعلن الشيرازي هذا أنه الباب الموصل إلى
الحقيقة الإلهية ، وشجعه على ذلك أحد الجواسيس الروس .
ثم ادعى بعد ذلك أنه رسول كموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة
والسلام ، بل ادعى أنه أفضل شأناً منهم .
وفي عام 1266 هـ ادعى حلول الإلهية فيه ، فحكم عليه بالإعدام .
2- قرة العين ، وهي امرأة فصيحة بليغة ، رافقت الشيرازي في تعلم
العلوم الشيعية الشيخية ، وكانت إباحية فاجرة ، فطلقها زوجها ، وتبرأ منها أولادها
.
عقدت مؤتمراً مع زعماء البابية بدشت بإيران أعلنت فيه نسخ
الشريعة الإسلامية ، وتم إعدامها سنة 1268هـ 1852م .
البهائية :
قبل مقتل الشيرازي كان قد أوصى بخلافته للميرزا يحيى علي الملقب
بـ ( صبح أزل ) ولكن نازعه أخوه حسين البهاء ، وبعد خلافات بينهما وفتن ، ومحاولة
كل منهما قتل أخيه ، نُفي صبح أزل إلى جزيرة قبرص ، ومات بها سنة 1912 م .
ونُفي حسين البهاء إلى عكا بفلسطين ، وقتل بها على يد بعض أتباع
أخيه عام 1892 م ودفن بها .
عقائد البهائية وأفكارها وشعائرها :
1- الإيمان بحلول الله في بعض خلقه، وأن الله قد حلَّ في "الباب"
و"البهاء".
2- الإيمان بتناسخ الكائنات، وأن الثواب والعقاب يقع على الأرواح
فقط.
3- الاعتقاد بأن جميع الأديان صحيحة، وأن التوراة والإنجيل غير
محرَّفين، ويرون ضرورة توحيد جميع الأديان في دين واحد هو البهائية.
4- يعتقد البهائيون أن كتاب "الأقدس" الذي وضعه البهاء حسين ناسخ
لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم .
5- يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزرادشت وأمثالهم من
حكماء الهند والصين والفرس.
6- يؤمنون - موافقة لليهود والنصارى - بصلب المسيح.
7- ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون
الجنة والنار .
8- يحرمون الحجاب على المرأة، ويحللون المتعة، ويدعون إلى شيوعية
النساء والأموال.
من الواضح جدا أنه دين يسعى إلى هدم القيم والأخلاق والسعي نحو
الإباحية والفسق .
9- يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
10- يؤولون القيامة بظهور البهاء، أما قبلتهم فهي إلى البهجة
بعكا بفلسطين (حيث يوجد قبر البهاء) بدلاً من المسجد الحرام.
11- الصلاة عندهم تؤدى في اليوم ثلاث مرات ، كل صلاة ثلاث ركعات،
صبحا وظهرا ومساء، والوضوء لها بماء الورد، وإن لم يوجد فيكتفون بالبسملة "بسم الله
الأطهر الأطهر" خمس مرات .
12- لا يجوزون الصلاة جماعة إلا عند الصلاة على الميت.
يتضح هنا مدى سعيهم لتفرقة المسلمين بتحريمهم صلاة الجماعة .
13- يقدّس البهائيون العدد تسعة عشر، ويجعلون عدد أشهر السنة
تسعة عشر شهرا، عدد كل شهر تسعة عشر يوما.
14- يصوم البهائيون شهرا بهائيا واحدا هو شهر العلا ويبدأ من 2
إلى 21 مارس وهو آخر الشهور البهائية، وفيه يجب الامتناع عن تناول الطعام من الشروق
إلى الغروب، ويعقب شهر صومهم عيد النيروز.
15- يحرم البهائيون الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الكفار
الأعداء !! خدمةً للمصالح الاستعمارية . كما سيأتي .
وهذا يؤيد ما قيل عنها : إنها حركة تربت في حجر الاستعمار ، وما
زالت تحظى بتأييده إلى الآن .
16- ينكرون أن محمداً - خاتم النبيين - مدعين استمرار الوحي
بعده.
17- يبطلون الحج إلى مكة، ولهذا كان حجهم إلى حيث دفن البهاء في
عكا بفلسطين.
18- لا يرون الاغتسال من الجنابة ولا تطهير النجاسة لأنهم
يعتقدون أن من اعتقد بالبهائية فقد طهر.
19- والزكاة استبدلوها بنوع من الضريبة تقدر بـ 19% من رأس المال
تدفع مرة واحدة.
تلك هي البهائية، وتلك بعض عقائدها، خليط غير متجانس من العقائد
السماوية والأفكار الوثنية، أخرجها "البهاء" في قالب غريب، سماه وحياً وكتاباً
مقدساً، فيالله أين عقول الخلق حين اتبعوه، وأين بصيرتهم حين قلدوه ؟!
علاقة البابية والبهائية بالاستعمار واليهود والنصارى :
1- أحد الجواسيس الروس هو الذي شجع علي الشيرازي على دعواه أنه
الباب .
2- اشترك "البهاء" في محاولة اغتيال الملك " ناصر الدين" شاه
إيران، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وكشف الفاعلون، ففر "البهاء" إلى سفارة روسيا
التي قدمت له الحماية الكاملة، ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعد أن أخذت
وعدا منها بعدم إعدامه .
3- لما نفي البهاء إلى عكا سنة 1285هـ /1868م ، لقي حفاوة بالغة
من اليهود الذين أحاطوه بالرعاية، وأضحت عكا منذ ذلك التاريخ مقرا دائما للبهائية
ومكانا مقدسا لهم.
4- يقف وراء هؤلاء بعض النصارى ، ففي إحدى الدول العربية التي
للبهائيين وجود بها ، رئيس الحركة ومحاميها ، كلاهما نصراني .
5- أشارت الأنباء إلى أن السفير الإسرائيلي في إحدى الدول
العربية ، قام بزيارة البهائيين في أحد معاقلهم ، والتقى بقياداتهم وطالبهم بضرورة
المشاركة في النشاط السياسي عن طريق إنشاء جمعية أو حزب والترشيح للمجالس
البرلمانية وممارسة الأنشطة الفاعلة في الحياة السياسية للتأثير على مراكز القرار،
وقد وعدهم أيضًا بتقديم تسهيلات لهم لزيارة إسرائيل ليقوموا بالحج إلى قبر البهاء .
6- لهذه الطائفة عدة ممثلين وأعضاء في مكاتب وهيئات تابعة للأمم
المتحدة ، يبلغ عددهم نحو سبعة أشخاص !!
ولهذا لا تعجب أيها القارئ أبداً إذا عرفت بعد كل هذا ، أن
البهائيين يحرمون الجهاد ضد الأعداء ، ويوجبون على المسلمين أن يستسلموا للاستعمار
والاحتلال ، وأن البهاء كان يدعو في كتبه إلى التجمع الصهيوني في أرض فلسطين .
الانتشار ومواقع النفوذ :
توجد الغالبية العظمى من البهائيين في إيران ، وقليل منهم في
العراق وسوريا ولبنان ، وفلسطين ، ولهم وجود في مصر ، ولهم عدة محافل في إثيوبيا
وأوغندا وزامبيا وجنوب إفريقيا وباكستان ، ولهم حضور في بعض الدول والمدن الغربية
كلندن ، وفيينا وفرانكفورت وسيدني ، ويوجد في شيكاغو أكبر معبد لهم .
الحكم عليها وفتاوى العلماء فيها :
يظهر مما سبق أن البابية والبهائية من الفئات الضالة الخارجة عن
الإسلام .
وقد صدرت العديد من الفتاوى من علماء المسلمين بتكفير هؤلاء ،
وبيان خروجهم عن الإسلام ، ووجوب الحذر منهم .
فقد أصدر الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر سنة 1910 م بكفر
البهائيين .
كما صدر حكم قضائي بتاريخ 30/6/1946 م من محكمة شرعية في مصر
بطلاق وتفريق امرأة اعتنق زوجها البهائية لأنه مرتد عن الإسلام .
كما أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر في عام 1947 م فتوى بردة معتنقي
البهائية .
بالإضافة إلى فتوى من دار الإفتاء المصرية عام 1939 م بارتداد
البهائي .
وفتوى أخرى من "دار الإفتاء المصرية" عام 1968 م جاء فيها : " من
اعتنق الدين البهائي يكون مرتدا عن الدين الإسلامي ، وحكم المرتد شرعاً أنه يستتاب
ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت ، فإن تاب فيها ، وإلا قتل شرعاً " انتهى من "فتاوى دار الإفتاء" (6/2138) .
وفي عام 2003 م ، أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر . فتوى جاء
فيها " إن هذا المذهب البهائي وأمثاله من نوعيات الأوبئة الفكرية الفتاكة التي يجب
أن تجند الدولة كل إمكاناتها لمكافحته والقضاء عليه" .
وأكد الشيخ إبراهيم الفيومي أمين مجمع البحوث الإسلامية على أن
البهائيين فرقة خارجة عن وعلى الإسلام وهي من أخطر القوى المعادية للإسلام وقد نشأت
في حجر الاستعمار الصهيوني ولا تزال تلقى الرعاية والعناية من أعداء الإسلام . ولدى
البهائية مشروع يسمى المشروع السياسي العدائي للأمة الإسلامية ، وغرضهم الأول ضرب
الإسلام وزعزعة الاستقرار السياسي والديني في المجتمعات الإسلامية ، كما قاموا
بإلغاء آيات كثيرة من القرآن اعتقاداً منهم بأن المسلمين قد حرفوها ، كما أبطلوا
الحج وطالبوا بهدم الكعبة وتوزيع حطامها على بلاد العالم .
ولشيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق رحمه الله فتوى في تكفير
البهائية وردتها عن الإسلام ، أقرها مجمع البحوث الإسلامية الحالي ، جاء فيها : "
والبابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه
الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها وجمع شملها، بل وضُح أنها تعمل لخدمة الصهيونية
والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونحل ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا على الإسلام
وباسم الدين " انتهى .
وقد نقلنا في جواب السؤال رقم ( 88689 )
فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في كفر هذه الطائفة ، وخروجها عن الإسلام ،
وأنه لا يجوز أن يدفنوا في مقابر المسلمين .
والله تعالى أعلم .
*****
71359
ما هي السورة التي تعدل نصف القرآن ؟
القرآن وعلومه > فضائل القرآن >
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/5819)
سؤال رقم 71359- ما هي السورة التي تعدل نصف القرآن ؟
ما هي السورة التي تعدل نصف القران ؟.
الحمد لله
جاء في فضل بعض سور القرآن الكريم أحاديث كثيرة ، منها الصحيح ،
وكثير منها ضعيف أو منكر ، ومن ذلك ما جاء في فضل سورة الزلزلة أنها تعدل نصف
القرآن ، فقد ورد ذلك في أحاديث منكرة ، وهي :
الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم :
( إذَا زُلْزِلَت تَعدِلُ نِصفَ القُرْآَنِ ) رواه
الترمذي (2894) والحاكم (1/754)
وفي سنده يمان بن المغيرة العنزي ، قال فيه البخاري وأبو حاتم :
منكر الحديث ، وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يروي المناكير التي لا أصول لها
فاستحق الترك . انظر "تهذيب التهذيب (4/452) "
وقد تفرد يمان بهذا الحديث ، دون جميع أصحاب عطاء ، ومثله لا
يحتمل منه التفرد ، بل تفرده منكر ، والله أعلم .
وكلمة جماهير أهل العلم على تضعيف الحديث بسبب يمان بن المغيرة ،
خلافا لمن صححه من أهل العلم . فقد ضعفه الترمذي حيث قال بعد أن أخرجه : غريب لا
نعرفه إلا من حديث يمان بن المغيرة ، وضعفه ابن عبد البر في "التمهيد" ) بقوله : هو
من أحاديث الشيوخ وليس من أحاديث الأئمة ، وضعفه ابن حجر في فتح الباري (8/687) ،
والذهبي في تلخيص المستدرك ، والمناوي في "فيض القدير" (1/367) ، والشوكاني في
الفتح الرباني (12/5930) ، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1342) : منكر .
الثاني : عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال :
( مَن قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ عُدِلَت لَهُ بِنِصفِ القُرْآنِ ) رواه الترمذي (2893)
وفي سنده الحسن بن سالم العجلي ، قال المزي : هو شيخ مجهول له
حديث واحد ، وقال العقيلي : مجهول في النقل ، وقال ابن حبان : يروي عن الثقات ما لا
يشبه حديث الأثبات .
انظر "تهذيب التهذيب" (1/396)
وقد اتفقت كلمة أهل العلم على تضعيف هذا الحديث أيضا ، فقد ضعفه
الترمذي بقوله بعد إخراجه : غريب ، والعقيلي بقوله : "غير محفوظ" كما في "تهذيب
التهذيب" (1/396) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/279) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(2/497) ، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (1/523) : منكر ، وكذا قال الألباني في
"الضعيفة" (1342)
الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( من قَرَأَ إِذَا زُلزِلَتْ فِي لَيلَةٍ كَانَت لَهُ بِعَدل ِنِصفِ
القُرْآنِ ) رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (691)
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله "السلسلة الضعيفة" (1342) : : "
أخرجه أبو أمية الطرسوسي في مسند أبي هريرة (2/195) ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه عيسى
بن ميمون المدني ، ضعفه الجماعة ، وقال أبو حاتم وغيره : متروك الحديث " انتهى .
وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (3/268) : " في إسناده راو شديد
الضعف " انتهى .
فيتبين بما سبق أنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في
كون سورة الزلزلة تعدل نصف القرآن ، ولكن يبدو أن بعض الأئمة من السلف كان يأخذ
بهذه الأحاديث ، ويذهب في اجتهاده إلى أن ما في سورة الزلزلة من المعاني العظيمة
تعدل نصف المقاصد التي جاء القرآن الكريم لتحقيقها .
جاء في "مصنف عبد الرزاق" (3/372) : عن معمر قال :
( سمعت رجلا يحدث أن إذا زلزلت تعدل شطر القرآن )
وعن جعفر عن هشام بن مسلم قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني
يقول :
( إذا زلزلت الأرض نصف القرآن ) .
وروى أبو عبيد عن الحسن البصري مرسلا :
( إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ، والعاديات تعدل نصف القرآن )
انظر "الإتقان" للسيوطي (2/413)
وجاء عن عاصم بن أبي النجود الإمام المقرئ قوله :
( كان يقال : من قرأ إذا زلزلت فكأنما قرأ نصف القرآن )
قال ابن حجر في "نتائج الأفكار" (3/270) : رجاله ثقات .
يقول المناوي في "فيض القدير" (1/367) :
" لأن المقصود الأعظم بالذات من القرآن بيان المبدأ والمعاد ، و"
إذا زلزلت " مقصورة على ذكر المعاد ، مستقلة ببيان أحواله ، فعادلت نصفه ، ذكره
القاضي " انتهى .
فهو اجتهاد لبعض السلف ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ، ولا يعني أبدا أنها تعدل نصف القرآن في الأجر والمثوبة .
والله أعلم .
*****
71367
العمل بالتقويم في معرفة أوقات الصلوات
الفقه > عبادات > الصلاة > مواقيت الصلاة >(1/5820)
سؤال رقم 71367- العمل بالتقويم في معرفة أوقات الصلوات
قرأت في الموقع عن أوقات الصلوات ولكن نظرا لعدم معرفتي بالوقت إلا من الساعة فإنه يصعب علي معرفته بالسماء فهل هناك طرق أعرف بها وقت زوال الشمس .... وغيره أو المدة بالساعات للصلوات من بعد الأذان في الصيف والشتاء ؟.
الحمد لله
سبق أن ذكرنا مواقيت الصلاة مفصلة ، مع بيان الطريقة العملية
لمعرفة وقت الزوال ، بمراعاة الظل ، وباعتبار ساعات النهار ، وكذلك معرفة منتصف
الليل وطريقة حسابه ، في جواب السؤال رقم ( 9940 )
.
وهي طرق سهلة يمكن لكل أحد أن يستفيد منها ، عند الحاجة إليها ،
وقد يسر الله على المسلمين بوجود التقاويم المتداولة التي تبين أوقات الصلوات مفصلة
، يوما بيوم ، صيفا وشتاء ، مراعية اختلاف المدن في البلد الواحد ، مع انتشار
المساجد وارتفاع الأصوات بالأذان الذي هو إعلام بالوقت ، فلله الحمد والمنة ، ولو
كُلِّف كل إنسان أن ينظر كل يوم في الأفق ليحدد ابتداء وقت الفجر ، أو يتأمل في
الظل وطوله وقصره ليعرف وقت الظهر والعصر ، لكان في ذلك مشقة وحرج ، وهما منفيان في
هذه الشريعة المطهرة .
قال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله : " ومقدار ما بين طلوع
الفجر وطلوع الشمس قريبٌ من ساعة ونصف كما هو مبيّنٌ في التقويم ، وقد صار التقويم
هو الوسيلة للناس في معرفة مواقيت الصلاة بالساعة والدقيقة ، فينبغي العناية بذلك
لأن الصلوات الخمس عمود الإسلام ، فيجب على المسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها كما
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) المعارج/34 ، وقال تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) البقرة/238 ،
والصلاة الوسطى هي صلاة العصر " انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم ( 8048 )
ومع أهمية التقاويم وفائدتها ، إلا أنها عمل بشري يعتريه ما
يعتري أعمال البشر من الخطأ والسهو ، لكنها في الغالب الأعم منضبطة في تحديد الوقت
، إلا ما وقع من الخطأ في بعضها في تحديد وقت الفجر ، كما هو مبين في جواب السؤال
رقم ( 26763 )
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
71400
تخريج حديث استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض روحه
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >
سؤال رقم 71400: تخريج حديث استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ليقبض روحه
ما صحة هذا الحديث : ( دخل الملك جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ملك الموت بالباب ، ويستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن من أحد قبلك ، فقال له : ائذن له يا جبريل . ودخل ملك الموت وقال : السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى . فوقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم ( كما سيقف عند رأس كل واحد منا ) وقال : أيتها الروح الطيبة ، روح محمد بن عبد الله ، اخرجي إلى رضى من الله ورضوان ورب راضٍ غير غضبان ).
الحمد لله
في قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أحداثٌ كثيرةٌ ، روى فيها
الرواةُ الشيءَ الكثير ، ولكن خُلِطَ الصحيح فيه بالمكذوب ، وتساهل الكثيرون في ذكر
ما ليس له أصل ، وما لم يأت إلا من طريق منكر متروك ، والذي يبتغي السلامة في هذا
الباب عليه بالأحاديث الصحيحة ، إذ فيها الغنية والكفاية ، وفيها من وصف أحداث وفاة
النبي صلى الله عليه وسلم ما فيه العبرة والعظة والحكمة .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "البداية والنهاية" (5/256) :
" وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارًا كثيرةً فيها نكارات
وغرابة شديدة ، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها ، ونكارة متونها ، ولا سِيَّما
ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم ، فكثير منه موضوع لا محالة ، وفي
الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا
يعرف سنده ، والله أعلم " انتهى .
وبعد البحث في مرويات قصة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لم نقف
على الحديث الذي ذكره السائل بهذا اللفظ لكن رويت أحاديث في استئذان ملك الموت على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ قريب مما ذكره السائل ، ولكنها
أحاديث ضعيفة حكم عليها العلماء بالنكارة والوضع ، فمن ذلك :
حديث يرويه علي بن الحسين عن أبيه في قصة طويلة فيها ذكر استئذان
ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبته له .
وهذه قصة رواها الطبراني في المعجم الكبير (3/129) وفي كتاب
الدعاء (1/367) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/35) : فيه عبد الله بن ميمون
القداح ، وهو ذاهب الحديث .
وكذلك حكم عليه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/560) والحافظ
ابن حجر في "أجوبة بعض تلامذته" (1/87) وابن كثير في البداية والنهاية (5/290) وقال
الألباني في "السلسلة الضعيفة" (5384) : موضوع .
وحديث آخر يرويه ابن عباس رضي الله عنها ، وفيه ذكر استئذان ملك
الموت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه .
رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/141) .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/36) : وفيه المختار بن نافع وهو
ضعيف .
وقال العراقي في تخريج الإحياء (4/560) : وفيه المختار بن نافع
منكر الحديث .
وأما تخييره صلى الله عليه وسلم بين الموت والبقاء في الدنيا ،
وكذلك قوله : ( بل الرفيق الأعلى ) فهذا ثابت عنه في الصحيحين من حديث عائشة رضي
الله عنها ، وقد سبق ذكره في جواب السؤال رقم ( 45841 ) فليرجع إليه .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين بالنسبة لقصة وفاة النبي صلى الله عليه
وسلم ، ذكرت بعض كتب التاريخ أن ملك الموت أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه
على شكل أعرابي ، ما صحة هذا الكلام ؟
فأجاب رحمه الله :
" هذا غير صحيح ...لم يأته ملك الموت ولم يستأذن منه ، بل خطب –
صلى الله عليه وسلم – في آخر حياته خطبة وقال : ( إن عبدا خيَّره الله تعالى بين
الخلد في الدنيا ما شاء الله ، وبين لقاء ربه ، فاختار لقاء ربه ) هكذا قال في آخر
حياته ، فبكى أبو بكر ، فتعجب الناس كيف يبكي أبو بكر من هذه الكلمات ، فكان النبي
صلى الله عليه وسلم هو المُخيَّر ، وكان أبو بكر أعلم الناس برسول الله صلى الله
عليه وسلم ، هذا الذي ورد ، أما أن ملك الموت جاء يستأذنه فهذا غير صحيح " انتهى . "لقاء الباب المفتوح" (2/340)
ومن أراد المزيد من الأحاديث الصحيحة في قصة وفاة النبي صلى الله
عليه وسلم فليرجع إلى كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير (5/248) باب احتضاره
ووفاته عليه الصلاة والسلام ، وكذلك كتاب "صحيح السيرة النبوية" تأليف إبراهيم
العلي ، الباب السادس : مرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – ووفاته .
والله أعلم .
*****
7174
لا تريد تكرار زواج فاشل
الفقه > معاملات > النكاح >(1/5821)
سؤال رقم 7174- لا تريد تكرار زواج فاشل
أنا فتاة مسلمة ملتزمة والحمد لله تزوجت من رجل وسافرت معه لبلد غريب ، ولسوء أخلاقه وسوء معشره تطلقت منه ، وتقدم الآن لخطبتي رجل آخر يتصل علي يومياً لمعرفة رأيي ، وقد اعترف بأنه كانت له علاقات حميمة وأنه كان يتناول الشراب إلا أنه أقلع عنه مؤخراً ولم يقم بأية علاقة منذ ستة أشهر بعدما ندم وتعهد بترك تلك المعاصي .
وأنا أرغب بالاستقرار والأمان وتصحيح وضع كوني أعيش وحدي ولكنني أريد من يخاف الله في معاملتي ولا أريد الخوض في تجربة فاشلة مرة أخرى . فبماذا تنصحونني ؟
الجواب :
الحمد لله
إن المعلومات التي ذكرتيها عن الشخص الثاني غير مشجعة وكونه يتصل يومياً بامرأة أجنبية شيء مريب ولا يحتاج معرفة رأيها وجوابها إلى اتصال يومي وهذه التعهدات التي يتحدث عنها قد تكون صادقة وقد لا تكون ، ولذلك فإننا ننصح بما يلي :
محاولة السؤال عنه ، وعن وضعه الجديد الذي يدعي أنه قد صار إليه ، وقد تجدين من قريباته الصالحات من تدلك على معلومات مفيدة ومعلوم أن السؤال والتأكد يحتاج إلى وقت ، ولكن لا بأس لخطورة القضية ، وبعد ذلك إذا ترجح لديك صدق هذا الرجل عن طريق معرفة المسجد الذي يصلي فيه أو الدروس التي يحضرها أو الأشرطة والكتب التي يقرأها ويسمعها ، ووجدت في نفسك القدرة على تحمل نتائج فشل الزواج الثاني ، وأن الخسارة لن تكون كبيرة مثلاً إذا انفصلت عنه في حالة ما إذا تبين أنه منافق وغشاش ، عند ذلك لا نرى مانعاً من الإقدام على الزواج منه ، ويمكن أن تشرطي عليه شروطاً محددة وتطلبي منه طلبات واضحة عند عقد النكاح كأداء الصلاة في أوقاتها والامتناع عن الموبقات مثل الخمر والفاحشة ونحو ذلك ، وأخبريه أنك ستأخذي بالظاهر وتتعاملي معه بحسب ما يظهر منه ، ولا تنسي صلاة الاستخارة ونسأل الله أن يوفقك لاتخاذ القرار الصائب . وأن يلهمك رشدك وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7175
حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >(1/5822)
سؤال رقم 7175- حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
السؤال : مركز إسلامي في بلاد الغرب يقوم بشراء كميات من الطعام كالرز مثلاً قبل العيد بعشرة أيام مثلاً ثم يعلن عن استعداده أخذ مبالغ من المسلمين لزكاة الفطر ، ثم يخرجها عنهم ، وذلك لأنه لا يتمكن من شراء الكمية إذا أخذ الأموال قبل العيد بيوم أو يومين فما حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
لا باس أن يشتري المركز الطعام قبل مدة ثم يبيعه على الراغبين في شراء زكاة الفطر ثم تخرج في وقتها الشرعي .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
7180
آداب تسمية الأبناء
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >
سؤال رقم 7180: آداب تسمية الأبناء
السؤال : أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .
والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :
- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .
- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .
- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .
- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .
وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .
- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .
- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .
- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .
- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .
- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .
- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .
وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .
ومراتب الأسماء أربعة :
المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 .
المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .
المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .
المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .
ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :
1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .
2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .
3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .
4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7180
آداب تسمية الأبناء
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/5823)
سؤال رقم 7180- آداب تسمية الأبناء
السؤال : أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .
والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :
- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .
- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .
- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .
- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .
وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .
- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .
- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .
- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .
- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .
- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .
- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .
وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .
ومراتب الأسماء أربعة :
المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 .
المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .
المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .
المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .
ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :
1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .
2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .
3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .
4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7180
آداب تسمية الأبناء
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/5824)
سؤال رقم 7180- آداب تسمية الأبناء
السؤال : أريد تسمية ابني ، فما الآداب الشرعية في ذلك ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس ، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه ، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى ، وتنويه بالدين ، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين ، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته ، فهو عندهم كالثوب ، إن قَصُر شان ، وإن طال شان .
والأصل في الأسماء الإباحة والجواز ، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها :
- التعبيد لغير الله عز وجل ، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب ، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا ، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبد الرسول ، عبد النبي ، عبد الأمير ، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل . وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها ، قال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه : كان اسمي عبد عمرو - وفي رواية عبد الكعبة - ، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن . رواه الحاكم 3/306 ووافقه الذهبي .
- التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى ، التي اختص بها نفسه سبحانه ، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل ، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك ، أو القاهر ونحوه ، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره . قال الله عز وجل : ( هل تعلم له سميا ) .
- التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم ، الدالة عليهم دون غيرهم ، مثل عبد المسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر .
- التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله ، كالتسمي بشيطان ونحوه .
وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام ، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره .
- يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء ، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية ، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء ، ومثال ذلك اسم حرب ، ورشاش ، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية ، ويكثر هذا في تسمية الإناث ، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية .
- يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم ، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم .
- يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية ، مثل سارق وظالم ، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون .
- ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة ، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها .
- تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام ، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام ، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه ، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب ، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول : لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر .
- وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبد الله ، وذلك مثل حسب الله ، ورحمة الله ونحوه . وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول .
- ويكره التسمي بأسماء الملائكة ، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها ، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم . انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى ص109 .
وهذه الأسماء المكروهة ، إنما يكره التسمي بها ابتداء ، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير .
ومراتب الأسماء أربعة :
المرتبة الأولى : اسميْ عبد الله وعبد الرحمن ، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) رواه مسلم في صحيحه 1398 .
المرتبة الثانية : سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل : مثل عبد العزيز وعبد الرحيم وعبد الملك وعبد الإله وعبد السلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل .
المرتبة الثالثة : أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، ولاشك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد ، ثم أولوا العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه .
المرتبة الرابعة : أسماء عباد الله الصالحين ، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم ، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة اقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة .
المرتبة الخامسة : كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل .
ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها :
1 - معرفة أن هذا الاسم سيكون ملازما له طوال حياته وقد يسبب له من الضيق والإحراج ما يجعله يضيق بوالده أو والدته أو من سماه بهذا الاسم .
2 - عند النظر في الأسماء لاختيار أحدها ، ينبغي تقليبه على وجوه عدة ، فينظر في الاسم في ذاته ، وينظر إليه من حيث كونه طفلا صغيرا ثم شابا يافعا ثم شيخا كبيرا وأبا ، ومدى مناسبة الاسم إذا تكنى به ، ومدى ملاءمته لاسم أبيه وهكذا .
3 - التسمية حق مشروع للوالد لأنه هو الذي سينسب إليه ، لكن يستحب للوالد أن يشرك الأم في اختيار الاسم ويأخذ برأيها إن كان حسنا إرضاء لها .
4 - يجب نسبة الولد لأبيه ولو كان متوفيا أو مطلِّقا أو نحوه ، ولو لم يرْعَه ولم يره البتة ، ويحرم مطلقا نسبة الولد لغير أبيه ، إلا في حالة واحدة ، هي أن يكون الولد أتى من سفاح والعياذ بالله ، فإنه ينسب حينئذ لأمه ولا تجوز نسبته لأبيه ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7181
المقصود بالكمال في حديث لم يكمل من النساء إلا أربعة
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
التاريخ والسيرة > المناقب >(1/5825)
سؤال رقم 7181- المقصود بالكمال في حديث لم يكمل من النساء إلا أربعة
السؤال :
هل لكم أن تزودوني بمعلومات إضافية عن الحديث التالي ، جزاك الله خيرا ،
"حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) صحيح البخاري ، المجلد 5 (كتاب 62) .
الجواب :
أولاً :- اختلف العلماء في معنى كمال النساء ، فقال بعضهم :
يعني : كمال النبوة .
قال ابن حجر في " الفتح " :
.. فكأنه قال : لم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة
. " الفتح " ( 6 / 447 ) .
وهذا القول خطأ !
والرد عليه :
أنه وقع في بعض الروايات " وخديجة بنت خويلد
وفاطمة بنت محمد " . أخرجه الطبراني .
وقد علمنا يقيناً أن خديجة وفاطمة ليستا نبيتين
، وهما ممن كمل من النساء ، فيكون المراد بـ " كمل
من النساء " كمال الولاية وليس كمال النبوة .
قال النووي :
قال القاضي : هذا الحديث يستدل به من يقول بنبوة
النساء ونبوة آسية ومريم !!
والجمهور : على أنهما ليستا نبيتين , بل هما صدِّيقتان
ووليَّتان من أولياء الله تعالى .
ولفظة ( الكمال ) تطلق على تمام الشيء وتناهيه في
بابه .
والمراد هنا : التناهي في جميع الفضائل وخصال البر
والتقوى .
.. والله أعلم . " شرح مسلم " ( 15
/ 198 ، 199 ) .
قال شيخ الإسلام :
وقد ذكر القاضي أبو بكر ، والقاضي أبو يعلى ، وأبو
المعالي ، وغيرهم : الإجماع على أنه ليس في النساء نبيَّة .
والقرآن والسنة دلا على ذلك ، كما في قوله تعالى
{ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى } ، وقوله { ما المسيح
ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدِّيقة } .
ذكر أن غاية ما انتهت إليه أمه : الصدِّيقيَّة . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 396 ) .
ثانياً : حديث " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
إلا ما كان من مريم بنت عمران " . رواه احمد ( 11347 ) ، وحسَّن
الحافظ ابن حجر إسناده في " الفتح " ( 7 / 111 ) .
فقد ثبت بهذا أن فاطمة خير من آسية ولو كانت آسية
نبية : لما كانت فاطمة خيراً منها ؛ لاٌن فاطمة ليست نبيَّة .
ثالثاً : قال الكرماني :
لا يلزم من لفظة الكمال ثبوت نبوتها لأنه يطلق لكمال
الشيء أو تناهيه في بابه فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء . " الفتح " ( 6 / 447 ) . وهذا هو الراجح في كمال النساء المقصود
في الحديث .
رابعاً : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر
الطعام :
قال ابن القيم :
الثريد مركَّب من لحم وخبز واللحم سيد الآدام ، والخبز
سيد الأقوات ، فإذا اجتمعا لم يكن بعدها غاية . زاد المعاد ( 4 /271
) .
وقال النووي :
قال العلماء : معناه أن الثريد من كلّ الطعام أفضل
من المرق , فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد , وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه
, والمراد بالفضيلة نفعه , والشبع منه , وسهولة مساغه , والالتذاذ به , وتيسر تناوله
, وتمكن الإنسان من أخذ كفايته منه بسرعة , وغير ذلك , فهو أفضل من المرق كله ومن
سائر الأطعمة ، وفضل عائشة على النساء زائد كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة
. وليس في هذا تصريح بتفضيلها على مريم وآسية ; لاحتمال أن المراد تفضيلها على
نساء هذه الأمة . " شرح مسلم " ( 15 / 199 ) .
قال ابن القيم - في مبحث التفضيل بين عائشة وفاطمة
- :
فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم ، فإن أريد بالفضل
كثرة الثواب عند الله عز وجل : فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص ؛ لأنه بحسب تفاضل
أعمال القلوب لا بمجرد أعمال الجوارح وكم من عاملين أحدهما أكثر عملا بجوارحه والآخر
أرفع درجة منه في الجنة .
وإن أريد بالتفضيل التفضيل بالعلم فلا ريب أن عائشة
أعلم وأنفع للأمة وأدّت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها واحتاج إليها خاص الأمة
وعامتها .
وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب : فلا
ريب أن فاطمة أفضل فإنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم وذلك اختصاص لم يشركها
فيه غير أخواتها .
وإن أريد السيادة : ففاطمة سيدة نساء الأمة .
وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار
الكلام بعلم وعدل .
وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يُفصِّل جهات
الفضل ولم يوازن بينهما فيبخس الحق ، وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصب وهوى لمن يفضِّله
تكلم بالجهل والظلم . " بدائع الفوائد " ( 3 / 682 ، 683 ) .
وأما خصائص عائشة فكثيرة ( ينظر السؤال رقم 7878 ) والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
08/1426
7182
مراجع علمية ( فيديو – أشرطة – كتب ) لغير المسلمين
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5826)
سؤال رقم 7182- مراجع علمية ( فيديو – أشرطة – كتب ) لغير المسلمين
يسعدني كثيرا أن أكتب إليك هذه الرسالة التي أريد من ورائها أن أسألك المساعدة والرأي .
بدأنا في المدينة التي نسكن بها مشروعا جديدا أسميناه "مركز المعلومات الإسلامية" بهدف تعريف غير المسلمين بالإسلام. ونحن نحاول الآن أن نحصل على بعض المعلومات حول أفضل المواد المناسبة لهذا الغرض. بدأت الخطة بالحصول على تلك المعلومات كخطوة أولى وإن شاء الله سنتبعها بالحصول على المزيد من نسخ المواد المناسبة وتوزيعها على المكتبات العامة وغيرها من الأماكن في مدينتنا. ونحن نعتقد أن تلك المواد يجب أن تتضمن ما يلي: كتاب أو كتابين، شريط مسجل أو شريطين، شريط فيديو أو شريطين. وسؤالي الآن هو :
في رأيك : ما هو أفضل كتاب مناسب (ما هما أفضل كتابين، كحد أقصى، مناسبين) لغير المسلمين ؟
ما هو أفضل شريط مسجل مناسب (ما هما أفضل شريطي مسجل، كحد أقصى، مناسبين) لغير المسلمين ؟
ما هو أفضل شريط فيديو مناسب (ما هما أفضل شريطي فيديو، كحد أقصى، مناسبين) لغير المسلمين ؟
أظن أن المواد المناسبة يجب أن تكون :
أ ) مشوقة
ب) مختصرة
ج) بسيطة دون ضعف في المادة
سأكون شاكرا لكم لو أجبتم على استفساراتي المدرجة أعلاه .
أولاً :
بالنسبة للكتب التي ننصح بها لغير المسلمين :
1. " كيف تدخل في الإسلام " لمؤلفه محمد سليمان
الأشقر .
2. " لا تحزن " ، للشيخ عائض القرني .
ثانياً :
وأما بالنسبة للأشرطة ، فالتي ننصح بها :
1. " دعوة للتأمل " ، للشيخ علي القرني .
ثالثاً :
وبالنسبة لأشرطة الفيديو ، فننصح بـ :
1. " إنه الحق " ، للشيخ عبد المجيد الزنداني .
2. " مناظرات أحمد ديدات " ، للشيخ أحمد ديدات .
وفقكم الله لما يحب ويرضى
والله أعلم .
*****
7186
من هو الخليفة الأول وما قصة غدير خُم ؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
التاريخ والسيرة > المناقب >(1/5827)
سؤال رقم 7186- من هو الخليفة الأول وما قصة غدير خُم ؟
السؤال : يعتقد الشيعة أن سيدنا عليّاً رضي الله عنه هو الخليفة الأول ونحن السنيُّين نقول إن سيدنا أبا بكر هو الخليفة الأول، فأرجو أن تخبرني من هو الخليفة الأول وما هي الوصية التي أراد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يعطيها لقريبه، وما هو الحادث الذي وقع في غدير خم .
الجواب :
الحمد لله
الخليفه الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه بإجماع من يُعْتدّ بقوله من أهل العلم ، لإجماع الصحابة على البيعة له بعد خلافٍ بين المهاجرين والأنصار ، ثم اقتنع الأنصار فبايعوا أبا بكر ، ولم يختلفوا فيما بينهم ، ولم يترددوا بين أبي بكر وعليّ رضي الله عنهما ، وكذلك لم يطلب أحد من الصحابه البيعه لعليّ بعد أبي بكر وقبل عمر رضي الله عنه ، وكذلك لم تطلب البيعة لعليّ بعد عمر رضي الله عن الجميع ، وإنما وقعت الفتن والاختلافات بسبب مقتل عثمان رضي الله عنه ، فرضي الصحابة رضوان الله عليهم لدنياهم من رضيه رسول الله لدينهم وهو نيابته عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة .
وأما ما يتعلق بالغدير ، فالغدير ماء في مكانٍ بين مكة والمدينة يسمّى خم ، والحديث أخرجه الامام مسلم في صحيحه رقم ( 2408) من حديث زيد بن أرقم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خطيبا ً بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ، ثم قال : وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله ، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أُذكّركم الله في أهل بيتي ، قال زيد : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده وهم آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس ، كل هؤلاء حُرم الصدقة . باختصار .
فوصيته بأهل بيته من أجل احترامهم وتوقيرهم وعدم التعرض بسبهم وأذاهم ، ولايلزم من ذلك تقديمهم على غيرهم ممن هو أفضل منهم بالمنصوص كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين .
كتبه : الشيخ عبد الكريم الخضير
*****
08/1426
7190
هل يُصيب الرجل بالعين زوجته الجميلة
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/5828)
سؤال رقم 7190- هل يُصيب الرجل بالعين زوجته الجميلة
السؤال :
سؤالي حول العين . إذا قال الرجل لزوجته إنها جميلة فهل يجب عليه أن يقول ما شاء الله أم أن هذا يعتبر تطرفا ؟.
الجواب :
أولاً : العين حق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " العين حق ولو كان شيء سابَق القدر لسبقته العين " . رواه مسلم ( 2188 ) من حديث ابن عباس .
وروى البخاري ( 5048 ) ومسلم ( 2187 ) من حديث أبي هريرة : أوَّله .
ثانياً : إن العين تكون من العائن الحاسد على الأكثر .
يقول ابن القيم :
وكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً … ثم قال :
وأصله إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين ، وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته ، بل بطبعه ، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني ، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء : عن من عرف بذلك حبسه الإمام ، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعا .. " زاد المعاد " ( 4 / 167 ) .
فعليه جاء في الحديث : " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة ". رواه البخاري ( 3191 ) من حديث ابن عباس .
ومعنى الهامَّة : الحيوانات والحشرات السامة القاتلة .
ومنى لامَّة : التي تصيب بالحسد .
ثالثاً : إن الراجح أن العين كما أنها تكون من العائن الحاسد فقد تكون من غير الحاسد بمجرد الإعجاب وذلك لحديث " إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق " . رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ( ص 168 ) والحاكم ( 4 / 216 ) وصححه الألباني في " الكلم الطيب " ( 243 ) .
فهذا الحديث يبين أن الرجل قد يصيب نفسه أو ماله - ولا أحد يحسد نفسه - فيصيب نفسه بالعين لإعجابه بنفسه ، فلأن يصيب زوجته من باب أولى .
قال ابن القيم :
وقد يعين الرجل نفسه . " زاد المعاد ( 4 / 167 ) .
رابعاً : إن الرجل قد يصيب زوجته بالعين بنظره إليها وملاحظته جمالها والإعجاب بها حتى وإن لم يقل لها إنك جميلة ويستحب له أن يقول اللهم بارك فيها .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ ( المخبأة : هي الفتاة في خدرها وهو كناية عن شدة بياضه ) فَلُبِطَ سَهْلٌ ( أي : صُرع وسقط على الأرض ) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ) المسند 3/486 وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ، المجمع 5/107.
خامساً : وبعض الناس إذا أعجبه شيء قال " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ! ويستدلون لذلك بالآية من سورة الكهف وبحديث .
أما الآية وهي قوله تعالى { ولولا إذ دخلتَ جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله } : فلا تصلح للاستدلال ، إذ لا علاقة للحسد بالموضوع ، وإنما أهلك الله جنتيه بسبب كفره وطغيانه .
وأما الحديث : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رأى شيئاً فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله : لم تصبه العين " . والحديث ضعيف جدّاً !
قال الهيثمي : رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي ، وهو ضعيف جدّاً . " مجمع الزوائد " ( 5 / 21 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7190
هل يُصيب الرجل بالعين زوجته الجميلة
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/5829)
سؤال رقم 7190- هل يُصيب الرجل بالعين زوجته الجميلة
السؤال :
سؤالي حول العين . إذا قال الرجل لزوجته إنها جميلة فهل يجب عليه أن يقول ما شاء الله أم أن هذا يعتبر تطرفا ؟.
الجواب :
أولاً : العين حق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " العين حق ولو كان شيء سابَق القدر لسبقته العين " . رواه مسلم ( 2188 ) من حديث ابن عباس .
وروى البخاري ( 5048 ) ومسلم ( 2187 ) من حديث أبي هريرة : أوَّله .
ثانياً : إن العين تكون من العائن الحاسد على الأكثر .
يقول ابن القيم :
وكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً … ثم قال :
وأصله إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين ، وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير إرادته ، بل بطبعه ، وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني ، وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء : عن من عرف بذلك حبسه الإمام ، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ، وهذا هو الصواب قطعا .. " زاد المعاد " ( 4 / 167 ) .
فعليه جاء في الحديث : " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة ". رواه البخاري ( 3191 ) من حديث ابن عباس .
ومعنى الهامَّة : الحيوانات والحشرات السامة القاتلة .
ومنى لامَّة : التي تصيب بالحسد .
ثالثاً : إن الراجح أن العين كما أنها تكون من العائن الحاسد فقد تكون من غير الحاسد بمجرد الإعجاب وذلك لحديث " إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فٍان العين حق " . رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " ( ص 168 ) والحاكم ( 4 / 216 ) وصححه الألباني في " الكلم الطيب " ( 243 ) .
فهذا الحديث يبين أن الرجل قد يصيب نفسه أو ماله - ولا أحد يحسد نفسه - فيصيب نفسه بالعين لإعجابه بنفسه ، فلأن يصيب زوجته من باب أولى .
قال ابن القيم :
وقد يعين الرجل نفسه . " زاد المعاد ( 4 / 167 ) .
رابعاً : إن الرجل قد يصيب زوجته بالعين بنظره إليها وملاحظته جمالها والإعجاب بها حتى وإن لم يقل لها إنك جميلة ويستحب له أن يقول اللهم بارك فيها .
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ ( المخبأة : هي الفتاة في خدرها وهو كناية عن شدة بياضه ) فَلُبِطَ سَهْلٌ ( أي : صُرع وسقط على الأرض ) فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ) المسند 3/486 وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ، المجمع 5/107.
خامساً : وبعض الناس إذا أعجبه شيء قال " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " ! ويستدلون لذلك بالآية من سورة الكهف وبحديث .
أما الآية وهي قوله تعالى { ولولا إذ دخلتَ جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله } : فلا تصلح للاستدلال ، إذ لا علاقة للحسد بالموضوع ، وإنما أهلك الله جنتيه بسبب كفره وطغيانه .
وأما الحديث : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رأى شيئاً فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله : لم تصبه العين " . والحديث ضعيف جدّاً !
قال الهيثمي : رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي ، وهو ضعيف جدّاً . " مجمع الزوائد " ( 5 / 21 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7191
ما هي الهجرة
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/5830)
سؤال رقم 7191- ما هي الهجرة
السؤال :
كيف تكون الهجرة في سبيل الله في هذا العصر ؟.
الجواب :
الحمد لله
الهجرة في سبيل الله هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام ، كما انتقل المسلمون من مكة قبل إسلام أهلها إلى المدينة ، لكونها صارت بلد إسلام بعد مبايعة أهلها للنبي صلى الله عليه وسلم وطلبهم هجرته إليهم ، وتكون الهجرة أيضا من بلاد شرك إلى بلاد شرك أخف شرا ، وأقل خطرا على المسلم ، كما هاجر بعض المسلمين من مكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
فتاوى اللجنة الدائمة 12/50.
*****
7193
اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/5831)
سؤال رقم 7193- اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
السؤال :
عندي سؤال حول الزواج . إذا اعترض الأب على الزواج لأسباب عنصرية أو لأن المتقدم للزواج على منهج السلف ، ولا يوجد قاض شرعي في المنطقة ، مثل الكاريبي ، فماذا يستطيع الشخص أن يفعل وفقا للقرآن والسنة ؟
يتزوج أو لا يتزوج
من المهم جدا أن أحصل على إجابة عن هذا السؤال .
الجواب :
أولاً : لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك واحمد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم :
" لا نكاح إلا بولي " . رواه الترمذي ( 1101) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) وهو صحيح كما في " إرواء الغليل " للألباني رحمه الله ( 6 / 235 ) .
وقوله " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر لما استحل من فرجها ، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . رواه الترمذي ( 1102 ) وحسَّنه وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) .
ثانياً : فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي انتقلت الولاية إلى الذي يليه فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً .
ثالثاً : إن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي فإن السلطان يكون وليها لحديث " … فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . والسلطان هو الحاكم الشرعي .
والولي ليس له أن يعضل ويمنع المرأة من الزواج لهواه دون عذر شرعي .
عن الحسن ، قال : حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال : زوَّجتُ أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوَّجتُك وفرشتُك وأكرمتُك فطلقتَها ، ثم جئتَ تخطبها لا والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية { فلا تعضلوهن } ، فقلت : الآن أفعل يا رسول الله ، قال : فزوجها إياه . رواه البخاري ( 4837 )
وفي رواية قال :
ففيّ نزلت هذه الآية : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ } [ سورة البقرة /232 ] .
رابعاً : فإن عدم الولي والسلطان فيصير أمرها إلى الوالي أو من يقوم مقامه فإن عدم فإلى المحاكم الشرعية فإن عدمت فإلى رجل رئيس في قومه عدل في دينه . فإن عدم فأي رجل ثقة عدل يصلح أن يكون ولياً .
يقول ابن قدامة : فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن أحمد ما يدل على أن يزوجها رجل عدل بإذنها . " المغني " 7 / 352 .
ويقول الشيخ عمر الأشقر : إذا زال سلطان المسلمين أو كانت المرأة في موضع ليس فيه للمسلمين سلطان ولا ولي لها مطلقاً كالمسلمين في أمريكا وغيرها فإن كان يوجد في تلك البلاد مؤسسات إسلامية تقوم على رعاية شؤون المسلمين فإنها تقوم بتزويجها . وكذلك إن وجد للمسلمين أمير مطاع أو مسؤول يرعى شؤونهم . " الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني " ( ص70 ) .
وكل ذلك يكون بشرط موافقه الفتاة وعدم ترتب مفاسد أعظم من منفعة زواجك منها وبشرط أن يكون سبب المنع غير شرعي كما أوضحت .
خامساً : ولا يحل للولي أن يرفض الزوج لأنه ليس على منهجه في الدعوة ! أو لأنه ليس من قبيلته أو أهل بلده ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج أهل الدين وعدم رفضهم وإلا ترتب على ذلك المنع مفاسد وفتن .
فعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) وصححه الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ( 1022 ) .
سادساً : وكذلك لا يجوز للمرأة أن تسوغ لنفسها التزوج بمن تشاء بحجة أن هذا على منهجها في الدعوة ، فيكفيها أن يكون المتقدم لها صاحب دين وخلق .
وليراقب الجميع ربهم تبارك وتعالى .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7193
اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/5832)
سؤال رقم 7193- اعترض الأب على الزواج فما الحلّ
السؤال :
عندي سؤال حول الزواج . إذا اعترض الأب على الزواج لأسباب عنصرية أو لأن المتقدم للزواج على منهج السلف ، ولا يوجد قاض شرعي في المنطقة ، مثل الكاريبي ، فماذا يستطيع الشخص أن يفعل وفقا للقرآن والسنة ؟
يتزوج أو لا يتزوج
من المهم جدا أن أحصل على إجابة عن هذا السؤال .
الجواب :
أولاً : لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك واحمد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم :
" لا نكاح إلا بولي " . رواه الترمذي ( 1101) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) وهو صحيح كما في " إرواء الغليل " للألباني رحمه الله ( 6 / 235 ) .
وقوله " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر لما استحل من فرجها ، فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . رواه الترمذي ( 1102 ) وحسَّنه وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) .
ثانياً : فإن منعها وليها من الزواج ممن تريد بغير عذر شرعي انتقلت الولاية إلى الذي يليه فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً .
ثالثاً : إن منعها الأولياء كلهم بغير عذر شرعي فإن السلطان يكون وليها لحديث " … فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له " . والسلطان هو الحاكم الشرعي .
والولي ليس له أن يعضل ويمنع المرأة من الزواج لهواه دون عذر شرعي .
عن الحسن ، قال : حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال : زوَّجتُ أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت له : زوَّجتُك وفرشتُك وأكرمتُك فطلقتَها ، ثم جئتَ تخطبها لا والله لا تعود إليك أبداً ، وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله هذه الآية { فلا تعضلوهن } ، فقلت : الآن أفعل يا رسول الله ، قال : فزوجها إياه . رواه البخاري ( 4837 )
وفي رواية قال :
ففيّ نزلت هذه الآية : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهنّ فلا تعضلوهنّ أن ينكحن أزواجهنّ } [ سورة البقرة /232 ] .
رابعاً : فإن عدم الولي والسلطان فيصير أمرها إلى الوالي أو من يقوم مقامه فإن عدم فإلى المحاكم الشرعية فإن عدمت فإلى رجل رئيس في قومه عدل في دينه . فإن عدم فأي رجل ثقة عدل يصلح أن يكون ولياً .
يقول ابن قدامة : فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا سلطان فعن أحمد ما يدل على أن يزوجها رجل عدل بإذنها . " المغني " 7 / 352 .
ويقول الشيخ عمر الأشقر : إذا زال سلطان المسلمين أو كانت المرأة في موضع ليس فيه للمسلمين سلطان ولا ولي لها مطلقاً كالمسلمين في أمريكا وغيرها فإن كان يوجد في تلك البلاد مؤسسات إسلامية تقوم على رعاية شؤون المسلمين فإنها تقوم بتزويجها . وكذلك إن وجد للمسلمين أمير مطاع أو مسؤول يرعى شؤونهم . " الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني " ( ص70 ) .
وكل ذلك يكون بشرط موافقه الفتاة وعدم ترتب مفاسد أعظم من منفعة زواجك منها وبشرط أن يكون سبب المنع غير شرعي كما أوضحت .
خامساً : ولا يحل للولي أن يرفض الزوج لأنه ليس على منهجه في الدعوة ! أو لأنه ليس من قبيلته أو أهل بلده ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج أهل الدين وعدم رفضهم وإلا ترتب على ذلك المنع مفاسد وفتن .
فعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) وصححه الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ( 1022 ) .
سادساً : وكذلك لا يجوز للمرأة أن تسوغ لنفسها التزوج بمن تشاء بحجة أن هذا على منهجها في الدعوة ، فيكفيها أن يكون المتقدم لها صاحب دين وخلق .
وليراقب الجميع ربهم تبارك وتعالى .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
71968
عيادة المريض وبعض آدابها
الآداب >(1/5833)
سؤال رقم 71968- عيادة المريض وبعض آدابها
ما حكم عيادة المريض وما هي آداب الزيارة ؟.
الحمد لله
عيادة المريض
هي زيارته , وسميت عيادة لأن الناس يعودون إليه مرة بعد أخرى .
حكم عيادة المريض :
ذهب بعض العلماء إلى أنها سنة مؤكدة , واختار شيخ الإسلام أنها
فرض كفاية ، كما في "الاختيارت" (ص 85) , وهو الصحيح . فقد ثبت في الصحيحين قوله
صلى الله عليه وسلم : (خمس تجب للمسلم على أخيه المسلم : وذكر منها : عيادة المريض
) وفي لفظ : ( حق المسلم على المسلم ...) وقال البخاري : " باب وجوب عيادة المريض
وروى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أطعموا الجائع , وعودوا المريض , وفكوا
العاني) " انتهى .
وهذا الحديث يدل على الوجوب , وقد يؤخذ منها أنها فرض كفاية
كإطعام الجائع وفك الأسير . ونقل النووي الإجماع على أنها لا تجب . قال الحافظ في
الفتح (10/117) : يعني على الأعيان .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (5/173) :
" الصحيح أنها واجب كفائي ، فيجب على المسلمين أن يعودوا مرضاهم
" انتهى بتصرف .
فضل عيادة المريض :
وورد في فضلها أحاديث كثيرة ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ
الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ) رواه مسلم (2568) .
خرفة الجنة أي جناها .
شبه ما يحوزه العائد من ثواب بما يحوزه الذي يجتني الثمر .
وللترمذي (2008) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ
مُنَادٍ : أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ
يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ , فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2504) .
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ (969) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه
قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ
يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى
يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ
حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ) صححه الألباني في
صحيح الترمذي .
والخريف هو البستان .
وليست عيادة المريض خاصة بمن يعرفه فقط ، بل هي مشروعة لمن يعرفه
ومن لا يعرفه . قاله النووي في "شرح مسلم" .
حد المريض الذي تجب عيادته :
هو المريض الذي يحبسه مرضه عن شهود الناس , أما إذا كان مريضاً
ولكنه يخرج ويشهد الناس فلا تجب عيادته .
"الشرح الممتع" (5/171) .
عيادة المرأة الأجنبية
ولا حرج في عيادة الرجل المرأة الأجنبية ، أو المرأة الرجل
الأجنبي عنها ، إذا توفرت الشروط الآتية : التستر ، وأمن الفتنة ، وعدم الخلوة .
قال الإمام البخاري : " باب عيادة النساء الرجال , وعادت أم
الدرداء رجلاً من أهل المسجد من الأنصار " . ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أنها
عادت أبا بكر وبلالاً رضي الله عنهما لما مرضا في أول مقدمهم المدينة .
وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ رضي
الله عنهم بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( انْطَلِقْ بِنَا إلَى
أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا
, وَذَهَبَا إلَيْهَا ) .
قال ابن الجوزي : " وَالأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لا
يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ " انتهى .
عيادة الكافر :
ولا حرج في عيادة المشرك إذا ترتب على ذلك مصلحة , فقد عاد النبي
صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً ودعاه إلى الإسلام فأسلم . رواه البخاري
(1356) . وحضر النبي صلى الله عليه وسلم موت عمه أبي طالب فدعاه إلى
الإسلام فأبى . متفق عليه .
والمصلحة في ذلك قد تكون دعوته إلى الإسلام , أو كف شره أو تأليف
أهله ونحو ذلك ..
انظر "فتح الباري" (10/125) .
هل يكرر العيادة ؟
اختار بعض العلماء أنه لا يعوده كل يوم حتى لا يثقل عليه ,
والصواب أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال , فبعض الناس يستأنس بهم المريض ويشق عليه
عدم رؤيتهم كل يوم , فهؤلاء يسن لهم المواصلة ما لم يعلموا من حال المريض أنه يكره
ذلك .
حاشية ابن قاسم (3/12) .
لا يطيل الجلوس عند المريض
ينبغي أن لا يطيل الجلوس عند المريض , بل تكون الزيارة خفيفة حتى
لا يشق عليه , أو يشق على أهله ، فإن المريض قد تمر به حالات أو أوقات يتألم فيها
من المرض ، أو يفعل ما لا يحب أن يطلع عليه أحد , فإطالة الجلوس عنده يوقعه في
الحرج .
إلا أنه يعمل في ذلك بقرائن الأحوال , فقد يحب المريض من بعض
الناس طول الجلوس عنده .
حاشية ابن قاسم (3/12) ، الشرح الممتع (5/174) .
وقت الزيارة :
وأما وقت الزيارة , فلم يرد في السنة ما يدل على تخصيصها بوقت
معين , قال ابن القيم : لم يخص صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام , ولا وقتاً من
الأوقات بعيادة , بل شرع لأمته ذلك ليلاً ونهاراً , وفي سائر الأوقات اهـ .
"زاد المعاد" (1/497) .
وكان بعض السلف يعود المريض في أول النهار أو أول المساء حتى
تصلي عليه الملائكة وقتاً أطول , عملاً بالحديث المتقدم : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ
يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى
يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ
حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ) .
لكن يجب مراعاة حال المريض والأرفق به ، فلا ينبغي للزائر أن
يختار الوقت الأنسب له ، ولو كان في ذلك مشقة على المريض أو على أهله ، ويمكن تنسيق
ذلك بالاتفاق مع المريض نفسه أو أهله .
وقد تتسبب كثرة زيارات الناس للمرضى وعدم مراعاتهم تخفيفها
واختيار الوقت المناسب لها في زيادة المرض على المريض .
الدعاء للمريض :
وينبغي أن يدعو للمريض بما ثبت في السنة : ( لا بأس ، طهور إن
شاء الله ) رواه البخاري .
ويدعو له بالشفاء ثلاثاً , فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم سعد
بن أبي وقاص وقال : ( اللهم اشف سعداً ، ثلاثاً ) رواه البخاري (5659) ومسلم
(1628) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح بيده اليمنى على المريض
ويقول : ( أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ , وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي , لا
شِفَاءَ إِلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا ) رواه مسلم (2191) .
ولأحمد وأبي داود (3106) أن النَّبِيًّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ
سَبْعَ مِرَارٍ : أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ
يَشْفِيَكَ إِلا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ) صححه الألباني في
صحيح أبو داود .
وينبغي أن يسأله عن حاله : كيف حالك ؟ كيف تجدك ؟ ونحو ذلك . فقد
ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي (983) وحسنه الألباني .
وثبت ذلك عن عائشة في صحيح البخاري لما عادت أبا بكر وبلالاً رضي
الله عنهما .
وينفس له في الأجل
ورد في ذلك حديث عند الترمذي (2087) وهو حديث ضعيف : ( إِذَا
دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لا
يَرُدُّ شَيْئًا وَيُطَيِّبُ نَفْسَهُ ) ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي .
ولكن يشهد له من حيث المعنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس
، طهور إن شاء الله ) فينبغي أن يهون عليه ما يجد ، ويبشره بحصول الشفاء والعافية
إن شاء الله تعالى , فإن ذلك يطيب نفس المريض .
انظر "الشرح الممتع" (5/171-176) .
*****
7198
مخالفة الترتيب في السور والآيات عند التلاوة
القرآن وعلومه >(1/5834)
سؤال رقم 7198- مخالفة الترتيب في السور والآيات عند التلاوة
السؤال :
سؤالي يتعلق بترتيب قراءة سور القرآن في الصلاة الجهرية أو السرية.
هل على المصلي أن يقرأ السور والآيات حسب الترتيب الذي وردت به في القرآن، بمعنى، قراءة سورة النصر في الركعة الأولى ثم سورة الكوثر في الركعة الثانية، وهل يجوز قراءة الآيات 50-60 من سورة البقرة (مثلا) في الركعة الأولى ثم قراءة الآيات 10-20 في الركعة الثانية؟
أرجو توضيح هذا الأمر وبيان السبب.
الجواب :
الحمد لله
قراءة المتأخر قبل المتقدم من القرآن يسمى تنكيساً ، وهو أقسام :
تنكيس الحروف
تنكيس الكلمات
تنكيس الآيات
تنكيس السور
أما تنكيس الحروف ، فهو تقديم الحروف المتأخرة على المتقدمة في الكلمة الواحدة ، فيقرأ - مثلاً - بدلاً من { رب } : " بر " !
و"هذا لا شك في تحريمه ، وأن الصلاة تبطل به ؛ لأنه أخرج القرآن عن الوجه الذي تكلم الله به ، كما أن الغالب أن المعنى يختلف اختلافاً كثيراً ."
" الشرح الممتع لابن عثيمين " ( 3 / 110 ) .
أما تنكيس الكلمات ، فهو أن يقدم الكلمة اللاحقة على التي قبلها ، فيقرأ - مثلاً - بدلاً من { قل هو الله أحد } : " أحد الله هو قل " !
و "هذا أيضاً محرم بلا شك ؛ لأنه إخراج لكلام الله عن الوجه الذي تكلم الله به ."
" الشرح الممتع " ( 3 / 110 ) .
وأما تنكيس الآيات ، وهو قراءة الآية اللاحقة قبل الآية السابقة ، فيقرأ { من شر الوسواس الخناس } قبل { إله الناس } !
فقد قال عنه القاضي عياض رحمه الله :
ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف , وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم .
من " شرح النووي " ( 6 / 62 ) ، وكذا قال ابن العربي كما في " الفتح " ( 2 / 257 ).
وقال الشيخ ابن عثيمين :
تنكيس الآيات أيضاً محرم على القول الراجح ؛ لأن ترتيب الآيات توقيفي ، ومعنى توقيفي : أنه بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
" الشرح الممتع " ( 3 / 110 ) .
وأما تنكيس السور ، فهو قراء السورة اللاحقة قبل السابقة ، فيقرأ - مثلاً - " آل عمران " قبل " البقرة " .
حكمه :
من قال من العلماء إن ترتيب السور ليس توقيفياً : لم ير بذلك بأساً .
ومن رأى أن الترتيب توقيفي ، أو أن إجماع الصحابة على ترتيبه حجة : لم ير جواز ذلك .
والصحيح :
أن الترتيب ليس توقيفيّاً ، وإنما هو من اجتهاد بعض الصحابة .
وأنه لا إجماع على الترتيب بين الصحابة ، إذ كان مصحف " عبد الله بن مسعود " - مثلاً - على خلاف تلك المصاحف ترتيباً .
وفي السنة ما يؤيد الجواز :
أ. عن حذيفة قال : صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح بالبقرة ، فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ، فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى ، فقلت : يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها…… رواه مسلم ( 772 ) .
الشاهد في الحديث أنه قرأ النساء قبل آل عمران .
قال النووي :
قال القاضي عياض : فيه دليل لمن يقول إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف , وإنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم بل وَكَله إلى أمته بعده . قال : وهذا قول مالك وجمهور العلماء , واختاره القاضي أبو بكر الباقلاني ، قال ابن الباقلاني : هو أصح القولين مع احتمالهما .
قال : والذي نقوله : إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ، ولا في الصلاة ، ولا في الدرس ، ولا في التلقين ، والتعليم , وأنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نص ، ولا حدٌّ تحرم مخالفته ، ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان .
قال : واستجاز النبي صلى الله عليه وسلم والأمة بعده في جميع الأعصار ترك ترتيب السور في الصلاة والدرس والتلقين .
قال : وأما على قول من يقول من أهل العلم : إن ذلك بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم حدده لهم كما استقر في مصحف عثمان ، - وإنما اختلاف المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف والعرض الأخير - ، فيتأول قراءته صلى الله عليه وسلم النساء أولا ثم آل عمران هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب , وكانت هاتان السورتان هكذا في مصحف أبيّ .
قال : ولا خلاف أنه يجوز للمصلي أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى ، وإنما يكره ذلك في ركعة ولمن يتلو في غير صلاة .
قال : وقد أباحه بعضهم .
وتأويل نهي السلف عن قراءة القرآن منكوسا على من يقرأ من آخر السورة إلى أولها .
قال : ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة بتوقيف من الله تعالى على ما هي عليه الآن في المصحف , وهكذا نقلته الأمة عن نبيها صلى الله عليه وسلم . هذا آخر كلام القاضي عياض . والله أعلم . " شرح مسلم " ( 6 / 61 ، 62 ) .
وقال السندي :
قوله ( ثم افتتح آل عمران ) مقتضاه عدم لزوم الترتيب بين السور في القراءة . " شرح النسائي " ( 3 / 226 ) .
ب. عن أنس بن مالك رضي الله عنه كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ{ قل هو الله أحد } حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى فقال ما أنا بتاركها ، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم ، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك ؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة ؟ فقال إني أحبها فقال حبك إياها أدخلك الجنة . رواه البخاري معلقاً ، والترمذي من طريق البخاري ( 2901 ) .
والشاهد منه : قراءة الرجل سورة الإخلاص في صلاته قبل المتقدِّم عليها ، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم .
ج . وهو فعل عمر رضي الله عنه :
قال الإمام البخاري :
وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى وفي الثانية بيوسف أو يونس وذكر أنه صلى مع عمر رضي الله عنه الصبح بهما .
" باب الجمع بين السورتين في الركعة " من كتاب الأذان .
5 . أما القسم الأخير من السؤال ، فنقول :
يجوز قراءة الآية من (50 - 60 ) من البقرة في الأولى ثم القراءة من ( 1 - 20 )
من سورة البقرة في الركعة الثانية ؛ لأن المعنى يكون تاماً .
أما من (10-20) : ففيه انقطاع بالمعنى والأحسن تركه ، ولعلك ذكرت الأرقام على سبيل التمثيل ولا تقصد ذات الآيات ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7205
هل يجوز تنظيم النسل خوفاً على الأولاد من فساد المجتمع
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5835)
سؤال رقم 7205- هل يجوز تنظيم النسل خوفاً على الأولاد من فساد المجتمع
السؤال : هل يجوز تنظيم النسل بحيث يجعله كل خمس سنين ، لأنه يرى فساد المجتمع ولا قدرة له على السيطرة على تربية الأولاد المتتابعين في هذا الفساد الغامر للمجتمع ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
أما ما دام هذه النية فإنه لا يجوز لأنه إساءة ظن بالله عز وجل فيما يرغبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال : " تزوجوا الودود الولود .. " .
أما إذا كان تنظيم النسل من أجل حال المرأة - أنها لا تتحمل - فهذا قد نقول بجوازه ، وإن كان الأولى تركه .
س : يعني مراعاة حال المرأة أولى من مراعاة حال فساد المجتمع ؟
ج : معلوم ، لأنه ليس من المؤكد أن أولاده سوف يفسدون ؟ فقد يكونون صالحين ينفعون المجتمع . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
7205
هل يجوز تنظيم النسل خوفاً على الأولاد من فساد المجتمع
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5836)
سؤال رقم 7205- هل يجوز تنظيم النسل خوفاً على الأولاد من فساد المجتمع
السؤال : هل يجوز تنظيم النسل بحيث يجعله كل خمس سنين ، لأنه يرى فساد المجتمع ولا قدرة له على السيطرة على تربية الأولاد المتتابعين في هذا الفساد الغامر للمجتمع ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
أما ما دام هذه النية فإنه لا يجوز لأنه إساءة ظن بالله عز وجل فيما يرغبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال : " تزوجوا الودود الولود .. " .
أما إذا كان تنظيم النسل من أجل حال المرأة - أنها لا تتحمل - فهذا قد نقول بجوازه ، وإن كان الأولى تركه .
س : يعني مراعاة حال المرأة أولى من مراعاة حال فساد المجتمع ؟
ج : معلوم ، لأنه ليس من المؤكد أن أولاده سوف يفسدون ؟ فقد يكونون صالحين ينفعون المجتمع . والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
7208
هل النبي صلى الله عليه وسلم يُخْطِئ
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/5837)
سؤال رقم 7208- هل النبي صلى الله عليه وسلم يُخْطِئ
السؤال :
سؤالي عن الرسول صلى الله عليه وسلم. بعض المسلمين يقولون إنه بدون خطايا ، وآخرون يقولون إنه ليس بدون خطايا . أنا شخصيا لا أعتقد أنه بدون خطايا لأنه بشر . هل يمكنك أن تخبرني بالرأي الصحيح من الكتاب والسنة؟ ولكم جزيل الشكر. والله أكبر
الجواب :
أولا : استعمال كلمة خطايا في السؤال خطأ كبير ، لأن الخطايا جمع خطيئة وهذا مُحال على الرسل والأصح أن تقول أخطاء جمع خطأ لأن الخطأ قد يكون عفوياً وليس كذلك الخطيئة .
ثانياً : أما الخطيئة فاٍن الرسل ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يرتكبوا شيئاً منها بقصد معصية الله تعالى بعد الرسالة وهذا بإجماع المسلمين ، فهم معصومون عن كبائر الذنوب دون الصغائر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر : هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ... وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 319 ) .
وهذا سؤال موجه إلى اللجنة الدائمة حول الموضوع :
سؤال : بعض الناس يقولون ومنهم الملحدون : إن الأنبياء والرسل يكون في حقهم الخطأ يعني يخطئون كباقي الناس ، قالوا : إن أول خطأ ارتكبه ابن آدم قابيل هو قتل هابيل ... داود عندما جاء إليه الملكان سمع كلام الأول ولم يسمع قضية الثاني .... يونس وقصته لما التقمه الحوت ، وقصة الرسول مع زيد بن حارثة قالوا بأنه أخفى في نفسه شيئا يجب عليه أن يقوله ويظهره ، قصته مع الصحابة : انتم أدرى بأمور دنياكم ، قالوا بأنه اخطأ في هذا الجانب . قصته مع الأعمى وهي { عبس وتولى أن جاءه الأعمى } فهل الأنبياء والرسل حقا يخطئون وبماذا نرد على هؤلاء الآثمين ؟
الجواب :
ج : نعم الأنبياء والرسل يخطئون ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم بل يبين لهم خطأهم رحمة بهم وبأممهم ويعفو عن زلتهم ويقبل توبتهم فضلا منه ورحمة والله غفور رحيم كما يظهر ذلك من تتبع الآيات القرآنية التي جاءت فيما ذكر من الموضوعات في هذا السؤال ... وأما أبناء آدم فمع انهما ليسا من الأنبياء .... بين الله سوء صنيعه بأخيه ....انتهى
عبد العزيز بن باز - عبد الرزاق عفيفي - عبد الله بن غديان - عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " برقم 6290 ( 3 / 194 ) .
ثالثاً : أما قبل الرسالة فقد جوَّز عليهم العلماء أنه قد يصدر منهم بعض صغائر الذنوب ، وحاشاهم من الكبائر والموبقات كالزنا وشرب الخمر وغيرها فهم معصومون من هذا .
= وأما بعد الرسالة ، فإن الصحيح أنه قد يصدر منهم بعض الصغائر لكن لا يُقرون عليها .
قال شيخ الإسلام :
وعامة ما يُنقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر ، ولا يقرون عليها ، ولا يقولون إنها لا تقع بحال ، وأول من نُقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقاً ، وأعظمهم قولاً لذلك : الرافضة ، فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 320 ) .
= وهو معصومون في التبليغ عن الله تعالى .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقا وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه . " مجموع الفتاوى " ( 18 / 7 ) .
رابعاً : أما الخطأ الذي بغير قصد فهو في سبيلين :
في أمور الدنيا فهذا يقع ووقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيه مثل سائر البشر كأمور الزراعة ، والطب والنجارة وغيرها لأن الله تعالى لم يقل لنا إنه أرسل إلينا تاجراً أو مزارعاً أو نجاراً أو طبيباً ، فالخطأ في هذه الأمور جِبلِّيّ لا يقدح برسالته صلى الله عليه وسلم .
عن رافع بن خديج قال : " قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُأبِّرون النخل قال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنفه قال : لعلكم لو لم تفعلوا كان أحسن فتركوه فنقصت فذكروا ذلك له فقال : إنما أنا بشر مثلكم ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . رواه مسلم ( 2361 ) .
ومعنى التأبير : التلقيح .
نلاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخطأ في هذا الأمر من أمور الدنيا لأنه كسائر البشر ولكنه لا يخطئ في أمر الدين .
وأما الخطأ بأمور الدين من غير قصد :
فالراجح في ذلك من أقوال العلماء : أنه يقع من النبي مثل هذا ولكن على سبيل فعل خلاف الأولى .
فقد تعْرِض له المسألة وليس عنده في ذلك نص شرعي يستند إليه فيجتهد برأيه كما يجتهد العالِم من آحاد المسلمين فإن أصاب نال من الأجر كِفْلين وإن أخطأ نال أجراً واحداً وهذا قوله صلى الله عليه وسلم " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " . رواه البخاري ( 6919 ) ومسلم ( 1716 ) من حديث أبي هريرة .
وقد حدث هذا منه في قصة أسرى بدر.
عن أنس قال : استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله عز وجل قد أمكنكم منهم ، قال : فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس ، قال : فقام عمر فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك ، فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله إن ترى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء ، قال : فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم قال فعفا عنهم وقبل منهم الفداء ، قال : وأنزل الله عز وجل ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) [ سورة الأنفال /67 ] . رواه أحمد ( 13143 ) .
فنلاحظ أن هذه الحادثة لم يكن عند رسول الله فيها نص صريح فاجتهد واستشار أصحابه ، فأخطأ في الترجيح .
ومثل هذا في السنّة قليل فيجب أن نعتقد العصمة للرسل والأنبياء وأن نعلم أنهم لا يعصون الله تعالى ، وأن ننتبه غاية الانتباه لقول من يُريد أن يطْعن في تبليغه للوحي من خلال كونه صلى الله عليه وسلم قد يُخْطئ في أمور الدنيا ، وشتّان ما بين هذا وهذا ، وكذلك أن ننتبه للضالين الذين يقولون إنّ بعض الأحكام الشّرعية التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم هي اجتهادات شخصيّة قابلة للصواب والخطأ أين هؤلاء الضلال من قول الله تعالى . ( وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى ) ، نسأل الله أن يجنّبنا الزّيغ وأن يعصمنا من الضلالة ، والله تعالى أعلم ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7208
هل النبي صلى الله عليه وسلم يُخْطِئ
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >
سؤال رقم 7208: هل النبي صلى الله عليه وسلم يُخْطِئ
السؤال :
سؤالي عن الرسول صلى الله عليه وسلم. بعض المسلمين يقولون إنه بدون خطايا ، وآخرون يقولون إنه ليس بدون خطايا . أنا شخصيا لا أعتقد أنه بدون خطايا لأنه بشر . هل يمكنك أن تخبرني بالرأي الصحيح من الكتاب والسنة؟ ولكم جزيل الشكر. والله أكبر
الجواب :
أولا : استعمال كلمة خطايا في السؤال خطأ كبير ، لأن الخطايا جمع خطيئة وهذا مُحال على الرسل والأصح أن تقول أخطاء جمع خطأ لأن الخطأ قد يكون عفوياً وليس كذلك الخطيئة .
ثانياً : أما الخطيئة فاٍن الرسل ومنهم محمد صلى الله عليه وسلم لم يرتكبوا شيئاً منها بقصد معصية الله تعالى بعد الرسالة وهذا بإجماع المسلمين ، فهم معصومون عن كبائر الذنوب دون الصغائر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر : هو قول أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ... وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 319 ) .
وهذا سؤال موجه إلى اللجنة الدائمة حول الموضوع :
سؤال : بعض الناس يقولون ومنهم الملحدون : إن الأنبياء والرسل يكون في حقهم الخطأ يعني يخطئون كباقي الناس ، قالوا : إن أول خطأ ارتكبه ابن آدم قابيل هو قتل هابيل ... داود عندما جاء إليه الملكان سمع كلام الأول ولم يسمع قضية الثاني .... يونس وقصته لما التقمه الحوت ، وقصة الرسول مع زيد بن حارثة قالوا بأنه أخفى في نفسه شيئا يجب عليه أن يقوله ويظهره ، قصته مع الصحابة : انتم أدرى بأمور دنياكم ، قالوا بأنه اخطأ في هذا الجانب . قصته مع الأعمى وهي { عبس وتولى أن جاءه الأعمى } فهل الأنبياء والرسل حقا يخطئون وبماذا نرد على هؤلاء الآثمين ؟
الجواب :
ج : نعم الأنبياء والرسل يخطئون ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم بل يبين لهم خطأهم رحمة بهم وبأممهم ويعفو عن زلتهم ويقبل توبتهم فضلا منه ورحمة والله غفور رحيم كما يظهر ذلك من تتبع الآيات القرآنية التي جاءت فيما ذكر من الموضوعات في هذا السؤال ... وأما أبناء آدم فمع انهما ليسا من الأنبياء .... بين الله سوء صنيعه بأخيه ....انتهى
عبد العزيز بن باز - عبد الرزاق عفيفي - عبد الله بن غديان - عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " برقم 6290 ( 3 / 194 ) .
ثالثاً : أما قبل الرسالة فقد جوَّز عليهم العلماء أنه قد يصدر منهم بعض صغائر الذنوب ، وحاشاهم من الكبائر والموبقات كالزنا وشرب الخمر وغيرها فهم معصومون من هذا .
= وأما بعد الرسالة ، فإن الصحيح أنه قد يصدر منهم بعض الصغائر لكن لا يُقرون عليها .
قال شيخ الإسلام :
وعامة ما يُنقل عن جمهور العلماء أنهم غير معصومين عن الإقرار على الصغائر ، ولا يقرون عليها ، ولا يقولون إنها لا تقع بحال ، وأول من نُقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقاً ، وأعظمهم قولاً لذلك : الرافضة ، فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل . " مجموع الفتاوى " ( 4 / 320 ) .
= وهو معصومون في التبليغ عن الله تعالى .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقا وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه . " مجموع الفتاوى " ( 18 / 7 ) .
رابعاً : أما الخطأ الذي بغير قصد فهو في سبيلين :
في أمور الدنيا فهذا يقع ووقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيه مثل سائر البشر كأمور الزراعة ، والطب والنجارة وغيرها لأن الله تعالى لم يقل لنا إنه أرسل إلينا تاجراً أو مزارعاً أو نجاراً أو طبيباً ، فالخطأ في هذه الأمور جِبلِّيّ لا يقدح برسالته صلى الله عليه وسلم .(1/5838)
عن رافع بن خديج قال : " قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يُأبِّرون النخل قال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنفه قال : لعلكم لو لم تفعلوا كان أحسن فتركوه فنقصت فذكروا ذلك له فقال : إنما أنا بشر مثلكم ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر . رواه مسلم ( 2361 ) .
ومعنى التأبير : التلقيح .
نلاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخطأ في هذا الأمر من أمور الدنيا لأنه كسائر البشر ولكنه لا يخطئ في أمر الدين .
وأما الخطأ بأمور الدين من غير قصد :
فالراجح في ذلك من أقوال العلماء : أنه يقع من النبي مثل هذا ولكن على سبيل فعل خلاف الأولى .
فقد تعْرِض له المسألة وليس عنده في ذلك نص شرعي يستند إليه فيجتهد برأيه كما يجتهد العالِم من آحاد المسلمين فإن أصاب نال من الأجر كِفْلين وإن أخطأ نال أجراً واحداً وهذا قوله صلى الله عليه وسلم " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " . رواه البخاري ( 6919 ) ومسلم ( 1716 ) من حديث أبي هريرة .
وقد حدث هذا منه في قصة أسرى بدر.
عن أنس قال : استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال إن الله عز وجل قد أمكنكم منهم ، قال : فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس ، قال : فقام عمر فقال : يا رسول الله اضرب أعناقهم ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك ، فقام أبو بكر فقال : يا رسول الله إن ترى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء ، قال : فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم قال فعفا عنهم وقبل منهم الفداء ، قال : وأنزل الله عز وجل ( لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ) [ سورة الأنفال /67 ] . رواه أحمد ( 13143 ) .
فنلاحظ أن هذه الحادثة لم يكن عند رسول الله فيها نص صريح فاجتهد واستشار أصحابه ، فأخطأ في الترجيح .
ومثل هذا في السنّة قليل فيجب أن نعتقد العصمة للرسل والأنبياء وأن نعلم أنهم لا يعصون الله تعالى ، وأن ننتبه غاية الانتباه لقول من يُريد أن يطْعن في تبليغه للوحي من خلال كونه صلى الله عليه وسلم قد يُخْطئ في أمور الدنيا ، وشتّان ما بين هذا وهذا ، وكذلك أن ننتبه للضالين الذين يقولون إنّ بعض الأحكام الشّرعية التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم هي اجتهادات شخصيّة قابلة للصواب والخطأ أين هؤلاء الضلال من قول الله تعالى . ( وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحي يوحى ) ، نسأل الله أن يجنّبنا الزّيغ وأن يعصمنا من الضلالة ، والله تعالى أعلم ، والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7216
هل المسلمون جبريون ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/5839)
سؤال رقم 7216- هل المسلمون جبريون ؟
السؤال :
هل المسلمون جبريون .
الجواب :
الحمد لله
الجبرية والمجبرة هم الذين يرون أن العبد مجبور على فعله ، وأن أفعاله كأفعال الشجرة التي تحركها الرياح ، ويقابلهم القدرية النفاة الذين يرون أن العبد يخلق فعله ، ومذهب أهل السنة والجماعة من المسلمين وسط بين الجبرية والقدرية ، فيرون أن للعبد مشيئة وإرادة لكنها تابعة لمشيئة الله وإرادته فلا العبد يخلق فعله وليس بمجبور لا يستطيع أن يتصرف في نفسه فله تصرف تابع لإرادة الله ومشيئته . والله أعلم
الشيخ عبد الكريم الخضير.
*****
72198
تحدثت مع رجال عبر الإنترنت ثم تابت من ذلك
الرقائق > التوبة >
الدعوة > دعوة المسلمين >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/5840)
سؤال رقم 72198- تحدثت مع رجال عبر الإنترنت ثم تابت من ذلك
أرجو المساعدة فالأمر في غاية الأهمية !
أسلمت منذ 4 سنوات وتزوجت من 3 سنوات تقريباً ، وأنا لا أعيش مع زوجي لأننا تزوجنا سرّاً ، وأهله لا يعرفون عني شيئاً حتى الآن ، وأن لا تتاح لي فرصة رؤية زوجي بالعدد الذي أرغبه ، ولذلك فقد أصبحت أشعر بالوحدة ، ونتيجة لغبائي وأنانيتي وتعجلي فقد بدأت أتحدث إلى رجال من غير المحارم عبر شبكة الإنترنت !!! ( وأسأل الله أن يغفر لي ) ، لقد تحدثت مع عدد منهم ، وأخبرتهم أني لست متزوجة ، وأخبرت بعضهم أني مطلقة أو سأحصل على الطلاق في وقت قريب ، كما أني أعطيت أحدهم صورة قديمة أظهر فيها بدون حجاب ، حيث يظهر شعر رأسي ورقبتي ويداي !!!! حدث كل هذا قبل أشهر معدودة ، وقد تبت الآن من جرائمي ، كما أني بكيت خوفا من القبر ويوم الحساب ، أنا أخاف الله كثيراً ، وقد قطعت جميع العلاقات مع هؤلاء الأشخاص ، أنا لا أتحدث الآن إلى أي رجل عبر الإنترنت لأني أعلم أن الشيطان يغري الإنسان ، أنا أشعر بالخجل فعلا عما فعلت ، وأشعر بالكثير من الذنب لذلك ، أنا أحب زوجي وهو يحاول أن يخبر أهله بخصوصي إن شاء الله ، أنا لا أريد أن أخسره ، هل يجب عليَّ إخباره بما فعلت ؟ وماذا عن الصورة ؟ أنا أكره ما فعلت لكن ماذا لو أن الشاب لا يزال يحتفظ بها ؟ هل سأذهب للنار ؟ وفيما يتعلق بإخباري للناس أني كنت مطلقة ، أو أني سأطلق ، هل يؤثر ذلك على صحة زواجي ؟ أعلم أني أفسدت وحطمت حياتي ، لكني أرجو المساعدة ، فالله يعلم وحده مقاصدي ، أنا لا أريد أن أجرح أي شخص ، أو أن أرتكب الخطأ في حق الله ، أريد أن أعمل الأفضل لجميع الأشخاص ، وأريد أن أستر على نفسي ، فهل يمكنني ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي هداكِ للإسلام ، وقد اختاركِ الله تعالى لتكوني
من أتباع هذه الرسالة العظيمة ، وهذا أعظم أسباب الخير والسعادة في الدنيا والآخرة
، فعليكِ المداومة على تذكر هذه النعمة الجليلة التي حُرمها الكثير ، والقيام بشكر
الله تعالى عليها بالقلب واللسان والجوارح .
ثانياً :
والحمد لله تعالى أن يسَّر لكِ الزواج من مسلم ، وإن كنَّا نودُّ
أن يكون زواجاً ليس فيه بعدٌ من زوجك عنكِ ، وأن يعلم أهله عنه ، وبما أن لإخفاء
زوجك هذا الأمر عن أهله وابتعاده عنك دوراً كبيراً فيما حصل معكِ فإن عليك المسارعة
في إصلاح هذا الأمر ، وذلك بالطلب منه أن يجعل زواجكم علنيّاً ، وأن يسارع في إخبار
أهله ، وأن يبقى إلى جانبك لإعانتك على طاعة الله تعالى ، وعليه أن يتقي الله تعالى
فيكِ وأن لا يعرضكِ للفتن ، وليتنبه لهذه المسئولية الملقاة على عاتقه .
ثالثاً :
والحمد لله تعالى أن وفقكِ للتوبة والرجوع إليه قبل الانغماس في
المعصية أو ارتكاب ما هو أشد منها ، والمعصية يزينها الشيطان في نفس فاعلها ، فإنْ
تذكَّر عقوبة فِعلها وتذكَّر ما عند الله من الثواب على تركها ، وعلم ما أعدَّه
الله في الآخرة للطائعين : علِم أن ما عند الله خير وأبقى ، وأن المعاصي مهما بلغ
صاحبها في النشوة واللذة فهي إلى غمٍّ وهمٍّ ونكدٍ في الدنيا ، وإلى عقوبة في الدار
الآخرة ، فاستمري على التوبة ، وعلى ندمك على ما فعلتِ ، واعزمي عزماً مؤكداً على
عدم الرجوع إليها ، وافعلي الطاعات تعويضاً عما فات وتقرباً إلى الله لزيادة الثواب
.
رابعاً :
لا بدَّ أن تغلقي أبواب الفتن التي جاءتك المعاصي من خلالها ،
ونعني بذلك " تلك المحادثات " فعليك أن تبتعدي بالكلية عن تلك المحادثات الآثمة
التي كانت مع الرجال ، فلا يحل لك دخول الغرف الصوتية لهم ولا مراسلتهم والحديث
معهم ، وإن كانوا معك على " الماسنجر " فسارعي بشطب أسمائهم .
وإن خشيت أن يكون دخولك على الإنترنت سيجرك إلى محادثة هؤلاء
فامتنعي كليةً عن الدخول على الإنترنت ، واكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة ، وقراءة
الكتب النافعة ، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسكِ يدلونك على الخير ، ويمنعونك
من السوء والشر .
ومن مقتضيات التوبة الصادقة التي يكون معها الندم والعزم على عدم
الرجوع إليها أن تبتعدي عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة ، أو منتديات اللغو
والفحش .
ولو أنك فرَّغتِ نفسكِ لسماع الأشرطة وقراءة الكتب النافعة ،
وقراءة الأجوبة والمقالات من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد ، وسلامة
المنهج لما كفتكِ حياتك كلها لو طالت ، فكيف تضيِّعين العمر فيما لا ينفع وبين يديك
كنوز الخير من الكتب والمقالات والأشرطة ؟! وهي حجة عليك يوم القيامة إن فرطتِ فيها
، وليس لك أن تقولي إنني وحيدة ولا أعرف كيف أقضي وقتي ، وأنتِ بين بساتين الخير
فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية ، فتنقلي بين تلك البساتين واحرصي على
الخير لنفسك ، واعلمي أن العمر قصير ، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي
الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية ؟!
خامساً :
من عادة كثير من الرجال في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على
الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن انتقلوا إلى غيرهن ، وهذا ما أنقذك الله
منه ، وهي نعمة لا تقدَّر بمال الدنيا ، وتحتاج منكِ إلى المداومة على شكره تعالى ،
وكذلك يتركونهن إلى غيرهن إذا أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات ، وقد يخطر
ببال كثير منهم أن ما حصل من محادثات لم يكن مع امرأة ، وأن الصورة ليست لواحدة
بعينها ، بل قد تكون من أي محل تصوير أو من مجلة أو من جريدة ، فإذا قطعتِ الاتصال
بهم نهائيّاً – وهذا ما وفقك الله لفعله - فإن الأمر سيكون على تلك الاحتمالات ،
ولا داعي للاهتمام بالصورة والحرص على تحصيلها ، فقد تستخدم وسيلة ابتزاز كما حدث
مع كثيرات ، فانسي الأمر تماماً وفوِّضي أمرك إلى الله تعالى ، فهو " ستِّير يحب
الستر " كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي وفقك للإسلام والتوبة ، وهو
الذي أنقذك ، فلم تقعي في براثن تلك الذئاب ، وهو الذي سيستر عليك ، وييسر لك أمرك
، بمشيئته سبحانه وتعالى ، وصور النساء اللاتي تُظهر أكثر مما في صورتك تملأ الشبكة
– عياذاً بالله – فلن يبقى أحدٌ منهم حريصا على صورةٍ مثل تلك ، وبين يديه الآلاف
غيرها .
سادساً :
وإياكِ أن تخبري زوجكِ بما حصل ، بل عليك أن تستتري بستر الله
تعالى ، وقد يتسبب إخبارك له بعواقب وخيمة ، فدعي الأمر بينك وبين الله ، توبي إليه
عز وجل ، واطلبي منه العفو والمغفرة ، وأكثري من فعل الطاعات ، واحرصي على أن يعلن
زوجك زواجك لأهله ، واطلبي منه أن يبقى إلى جانبك ليعينك على طاعة الله ، ولا تفتحي
على نفسكِ أبواباً مغلقة بإخباره عما حصل منكِ ، فليس هناك فائدة في إخباره ، بل قد
يترتب عليه آثار ليست في مصلحتك ولا مصلحة بيتكِ .
سابعاً :
ليس في إخبارك لأحدٍ أنك " مطلَّقة " أو " أنك ستطلَّقين " أي
أثر على صحة عقد زواجك ، فاطمئني ولا تقلقي ، ومثل هذه الكلمات قد يترتب عليها أمور
أخرى لو قالها الزوج ، أما الزوجة فلا أثر لنطقها بتلك الكلمات على عقد الزواج ،
فلا داعي للقلق من هذه الناحية ، وليس هناك حكم يترتب على قولك سوى أن عليك التوبة
والاستغفار لأنه إخبار بغير الحقيقة .
ثامناً :
أنتِ لم تفسدي حياتك بل أصلحتيها بإسلامك أولاً ، وبتوبتك من تلك
المعاصي ثانياً ، واعلمي أن الله تعالى غفور رحيم ، وأنه يقبل التوبة من عباده ،
وأنه يبدل سيئات الصادقين في توبتهم حسنات ، وأنه تعالى قد يوفقك لصدقك في التوبة
لأن تكوني أفضل حالاً وأقوى استقامة بعد ذلك الرجوع الصادق إليه عز وجل ، فلا يتطرق
اليأس والقنوط إلى قلبك ، فقد قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم
خطَّاء ، وخير الخطائين التوَّابون ) وأنتِ من بنات آدم ، وقد أخطأتِ ، فكوني من
خير الخطائين وهم التوابون ، ونرجو من الله تعالى أن يكون قد وفقك للتوبة النصوح ،
وأن يتقبل منك .
واعلمي أن الله تعالى سيبدل سيئاتك حسنات لو أنك فعلتِ هذا ،
واسمعي ماذا يقول ربنا عز وجل في هذا ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا .
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا
مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68–
70 .
والخلاصة :
استمري على توبتك ، وأغلقي أبواب الفتنة عليك ، واحرصي على
الطاعة والصحبة الصالحة ، ولا تخبري زوجك بما حصل معك ، وثقي بالله تعالى أنه سيستر
عليك لو أنك صدقتِ في توبتك .
ونرجو أن نكون قد أجبنا على تساؤلاتك ، وستجدين هذا الموقع
نصيراً لك ، ودالاًّ لك على الخير ، إن شاء الله تعالى ، ونرجو أن نسمع عن تغير
حالك إلى ما هو أحسن ، وأن نرى زوجك أعلن زواجك أمام أهله ، ونسأل الله تعالى أن
يرزقك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وذرية طيبة .
والله الموفق .
*****
72199
دخل شخصان المسجد وليس في الصف الأول إلا مكان لشخص واحد فقط
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5841)
سؤال رقم 72199- دخل شخصان المسجد وليس في الصف الأول إلا مكان لشخص واحد فقط
دخل شخصان المسجد ، ولم يجدا في الصف الأول مكاناً يسعهما ، بل يكفي لشخص واحد فقط ، فهل الأفضل أن يقف أحدهما في الصف الأول ويقف الثاني في الصف الثاني منفردا ؟ أو يقفان معاً في الصف الثاني ؟.
الحمد لله
" إذا دخل اثنان فوجدا الصف الأول أو الثاني ليس فيه إلا مكان
رجل واحد فإنهما يصفان جميعاً , فإنه لو دخل أحدهما لبقي الآخر منفرداً , ففي هذه
الحالة الأفضل أن يصلياً معاً خلف الصف , أما إذا وجدا في الصف مكان رجلين فإنهما
يتقدمان إليه , ولا يبقيان خلف الصف وحدهما , لأن هذا خلاف السنة , فإن النبي صلى
الله عليه وسلم حث على تكميل الصف الأول فالأول , ولكن لو قدر أنهما فعلا ذلك فإن
صلاتهما صحيحة لأن واحداً لم ينفرد عن الآخر " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/207) .
*****
72201
قراءة سورة يس على المحتضَر
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/5842)
سؤال رقم 72201- قراءة سورة يس على المحتضَر
قرأت في جواب السؤال ( 21870 ) أنه يُشرع لمن كان موجوداً عند مسلم يحتضر أن يقرأ عليه سورة يس لأنها تسهّل خروج الروح . فهل هناك دليل على هذا ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء ( منهم الحنفية والشافعية والحنابلة ) إلى
استحباب قراءة سورة يس عند المحتضر , واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة , ولكنها لا
تخلو من ضعف :
روى أحمد (19789) وأبو داود (3121) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ ) .
والحديث ضعيف ، ضعفه النووي في "الأذكار" ، وقال ابن حجر في "
التلخيص" (2/104) : " أعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال روايه أبي
عثمان وأبيه . ونقل ابن العربي عن الدارقطني أنه حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ،
ولا يصح في الباب حديث " انتهى .
وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (688) .
وروى أحمد (4/105) (16521) عن صَفْوَان قال : حَدَّثَنِي
الْمَشْيَخَةُ أَنَّهُمْ حَضَرُوا غُضَيْفَ بْنَ الْحَارِثِ الثُّمَالِيَّ (صحابي)
حِينَ اشْتَدَّ سَوْقُهُ ، فَقَالَ : هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَقْرَأُ يس ؟ قَالَ :
فَقَرَأَهَا صَالِحُ بْنُ شُرَيْحٍ السَّكُونِيُّ ، فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ
مِنْهَا قُبِضَ . قَالَ : فَكَانَ الْمَشْيَخَةُ يَقُولُونَ : إِذَا قُرِئَتْ
عِنْدَ الْمَيِّتِ خُفِّفَ عَنْهُ بِهَا . قَالَ صَفْوَانُ : وَقَرَأَهَا عِيسَى
بْنُ الْمُعْتَمِرِ عِنْدَ ابْنِ مَعْبَدٍ .
قال الحافظ في "الإصابة" (5/324) : إسناده حسن .
وانظر : "المجموع" (5/105) ، "شرح منتهى الإرادات" (1/341) ،
"حاشية ابن عابدين" (2/191) .
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ففي "الاختيارات" (ص 91) :
" والقراءة على الميت بعد موته بدعة ، بخلاف القراءة على المحتضر
، فإنها تستحب بياسين " انتهى .
قالوا : والسبب في استحباب قراءتها :
أن هذه السورة مشتملة على التوحيد والمعاد , والبشرى بالجنة لمن
مات على التوحيد , بقوله : ( يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي ) فتستبشر الروح
بذلك , فيسهل خروجها .
انظر : "مطالب أولي النهى" (1/837) .
وذهب الإمام مالك رحمه الله إلى كراهة قراءة سورة يس أو غيرها
عند المحتضر ، لضعف الحديث الوارد في ذلك ، ولأنه ليس من عمل الناس .
انظر : الفواكه الدواني" (1/284) ، "شرح مختصر خليل" (2/137) .
قال الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز" :
" وأما قراءة سورة يس عنده (يعني عند المحتضر) ، وتوجيهه نحو
القبلة ، فلم يصح فيه حديث " انتهى .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز : هل قراءة سورة ( يس ) عند
الاحتضار جائزة ؟
فأجاب :
" قراءة سورة (يس) عند الاحتضار جاءت في حديث معقل بن يسار أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اقرأوا على موتاكم يس ) صححه جماعة وظنوا أن
إسناده جيد ، وأنه من رواية أبي عثمان النهدي عن معقل بن يسار ، وضعفه آخرون ،
وقالوا : إن الراوي له ليس هو أبا عثمان النهدي ولكنه شخص آخر مجهول . فالحديث
المعروف فيه أنه ضعيف لجهالة أبي عثمان ، فلا يستحب قراءتها على الموتى . والذي
استحبها ظن أن الحديث صحيح فاستحبها ، لكن قراءة القرآن عند المريض أمر طيب ، ولعل
الله ينفعه بذلك ، أما تخصيص سورة (يس) فالأصل أن الحديث ضعيف فتخصيصها ليس له وجه
" انتهى .
"فتاوى ابن باز" (13/93) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل قراءة سورة (يس) عند
المحتضر ثابتة في السنة أم لا ؟
فأجاب :
" قراءة ( يس ) عند المحتضر سنة عند كثير من العلماء , لقوله صلى
الله عليه وسلم : ( اقرأوا على موتاكم يس ) ، لكن هذا الحديث تكلم فيه بعضهم وضعفه
، فعند من صححه تكون قراءة هذه السورة سنة ، وعند من ضعفه لا تكون سنة . والله أعلم
" انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (17/72) .
وقال أيضاً :
" ( اقرأوا على موتاكم يس ) هذا الحديث ضعيف ، فيه شيء من الضعف
، ومحل القراءة إذا صح الحديث عند الموت إذا أخذه النزع ، فإنه يقرأ عليه سورة يس ،
قال أهل العلم : وفيها فائدة وهو تسهيل خروج الروح ، لأن فيها قوله تعالى : ( قِيلَ
ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يالَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى
وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) فيقرأها عند المحتضر هذا إن صح الحديث ، وأما
قراءتها على القبر فلا أصل له " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (17/74) .
*****
72203
ظاهر من امرأته ، وحلف أن لا يجامعها حتى يرضى
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/5843)
سؤال رقم 72203- ظاهر من امرأته ، وحلف أن لا يجامعها حتى يرضى
حدث خلاف مع زوجتي وحلفت أن لا أجامعها إلا بعد أن أرضى وقلت إنها مثل أختي حتى أرضى ولم تكن عندي أي نية للطلاق أو غيره ولكن للتهديد ولكي تشعر بخطئها . وبعد أن هدأت الأنفس بعد عدة أيام جامعتها فهل علي أي ذنب ؟.
الحمد لله
أولا :
إذا حلفت ألا تجامع زوجتك إلا بعد الرضى عنها ، ولم تجامعها فعلا
حتى رضيت ، فلا شيء عليك في هذه اليمين لأنك لم تحنث .
ثانيا :
قولك لزوجتك : أنت مثل أختي حتى أرضى ، هو من الظهار الذي حرمه
الله تعالى وسماه منكرا وزورا ، وإن كان لفظ " مثل أختي " ليس كلفظ : " ظهر أختي "
لكن مع وجود نية الظهار ، أو مع وجود قرينة تدل على الظهار ، فهو ظهار . ومن
القرينة : أن يقع ذلك حال الخصومة أو الغضب ، كما بين ابن قدامة رحمه الله في
"المغني" (8/6) . وأما إذا لم تكن نية ولا قرينة فإنه لا يكون ظهارا .
ثالثا :
قولك : " أنت مثل أختى حتى أرضى " ظهار مؤقت إلى حصول الرضى ،
وعليه : فإن جامعت زوجتك قبل الرضى لزمتك كفارة الظهار ، وإن جامعتها بعد الرضى فلا
شيء عليك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويصح الظهار مؤقتا ، مثل أن يقول :
أنت علي كظهر أمي شهرا ، أو حتى ينسلخ شهر رمضان . فإذا مضى الوقت زال الظهار ،
وحلّت المرأة بلا كفارة ، ولا يكون عائدا إلا بالوطء في المدة . وهذا قول ابن عباس
وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبي ثور ، وأحد قولي الشافعي . . . لحديث سلمة بن صخر
، وقوله : ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم
أنه أصابها في الشهر ، فأمره بالكفارة . ولم [ينكر] عليه تقييده " انتهى من
"المغني" (11/68) باختصار .
ومثّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للظهار المؤقت بقوله : " وهذا
ربما يجري ويحصل من الإنسان أن يغضب من زوجته لإساءة عشرتها فيقول : أنت علي كظهر
أمي كل هذا الأسبوع ، أو كل هذا الشهر ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا يصح ظهارا ، وليس
معنى قولنا : " إنه يصح " أنه يحِل ، بل المعنى أنه ينعقد . فإذا مضت المدة التي
وقّت بها الظهار وجامعها بعد مضي الوقت لا تجب الكفارة ؛ لأن المدة انتهت فزال حكم
الظهار . فإن وطئ الزوج زوجته في الوقت الذي وقّت فيه الظهار وجبت عليه الكفارة ،
وإن فرغ الوقت ووطئ بعد الفراغ زال الظهار " انتهى من "الشرح الممتع على زاد
المستقنع" (5/593) باختصار .
رابعا :
الواجب عليك أن تستغفر الله تعالى وتتوب إليه من إقدامك على هذا
المنكر ، قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا
هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ
لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
) المجادلة/2 .
والله أعلم .
*****
72205
ذبيحة الجنب والحائض
الفقه > عبادات > التذكية >(1/5844)
سؤال رقم 72205- ذبيحة الجنب والحائض
رجل ذبح ذبيحته بنفسه وهو جنب هل عليه إثم ؟ .
الحمد لله
ذبيحة الجنب والحائض حلال ، ولا إثم عليه في ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ( وإن كان جنبا جاز أن يسمّي ويذبح
) .
وذلك أن الجنب له التسمية ولا يُمنع منها ؛ لأنه إنما يمنع من
القرآن لا من الذكر ، ولهذا تشرع له التسمية عند اغتساله ، وليست الجنابة أعظم من
الكفر ، والكافر يسمي ويذبح . وممن رَخص في ذبح الجنب : الحسن والحكم والليث
والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي . قال ابن المنذر : ولا أعلم أحدا منع من
ذلك . وتباح ذبيحة الحائض ؛ لأنها في معنى الجنب " انتهى من "المغني"
(11/61) . وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/74) : " نقل ابن
المنذر الاتفاق [ على حل ] ذبيحة الجنب ، قال : وإذا دل القرآن على حل إباحة ذبيحة
الكتابي مع أنه نجس ، فالذي نفت السنة عنه النجاسة أولى . قال : والحائض كالجنب " انتهى .
واستدل الفقهاء لذلك بما رواه البخاري (5501) عن كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ أَنَّ جَارِيَةً لَهُمْ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ ، فَأَبْصَرَتْ
بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا فَقَالَ
لأَهْلِهِ : لا تَأْكُلُوا حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَسْأَلَهُ ، أَوْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ ، فَأَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ ، فَأَمَرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْلِهَا .
(سَلْعٍ) : جبل معروف بالمدينة .
(أَبْصَرَتْ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا مَوْتًا) أي : شارفت على
الموت .
قال في شرح المنتهى (3/417) : " ففيه إباحة ذبيحة المرأة والأمة
والحائض والجنب ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عنها " انتهى .
والله أعلم .
*****
72210
حكم الاتجار في العملات
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/5845)
سؤال رقم 72210- حكم الاتجار في العملات
أبحث عن معلومات عن الاستثمار في العملات (FOREX Market) . كما هو الحال هذه الأيام ، فقد أصبح أمرا شائعا كثيرا أن يستثمر الناس في اليورو من أجل الربح . وهناك سمسار يتصل بي دائما كي أستثمر في الدولارات الأمريكية واليورو . فهل تجوز التجارة في العملات ؟.
الحمد لله
الاتجار بالعملات يجوز بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد ،
فيجوز بيع اليورو بالدولار بشرط أن يقع الاستلام والتسليم في مجلس العقد ، وأما إذا
اتفقت العملة كأن يبيع دولاراً بدولارين فهذا لا يجوز لأنه من ربا الفضل ، فلابد من
التساوي والتقابض في مجلس العقد إذا اتحدت العملة ، ودليل ذلك ما رواه عبادة بن
الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ
بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ
بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ
سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ
فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "مجموع فتاوى ابن باز" (19/171– 174) :
" المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة ، لكن بشرط التقابض
يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة ، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو
غيرهما يداً بيد فلا بأس ، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد ، فيقبض منه
ويُقبضه في المجلس ، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها بعملة ليبية أو
غيرها يداً بيد فلا بأس ، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز ، وهكذا إذا لم يحصل
التقابض في المجلس فلا يجوز ، لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية
، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة ، أما إذا كانت من
نوع واحد فلا بد من شرطين : التماثل والتقابض في المجلس ، لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ . . . ثم ذكر الحديث )
.
والعُمَل حكمها حكم ما ذكر ، إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع
التقابض في المجلس ، وإذا كانت نوعاً واحداً مثل دولارات بدولارات ، أو دنانير
بدنانير فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل ، والله ولي التوفيق " انتهى .
*****
72212
مصابة بمرض نفسي ، فكيف تصوم وتصلي ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >(1/5846)
سؤال رقم 72212- مصابة بمرض نفسي ، فكيف تصوم وتصلي ؟
ابنتي مصابه بمرض نفسي مزمن (وهو الاضطراب الوجداني) وفى رمضان الماضي لم تصم رمضان لأنها قد انتكست وصار وعيها ليس معها صرت أعانى منها أشهرا طويلة فماذا أفعل ؟
السؤال الثاني : البنت إذا نامت لا أستطيع إيقاظها لأي صلاة حتى تصحو هي للمشقة التي أعانى منها هل على الأم إثم ؟
والبنت عمرها 23 سنة ولها في المرض 4 سنوات تعاني وهي تصيبها انتكاسة مرتين في السنة ، دعواتكم لها بالشفاء .
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفي ابنتك ويعافيها ويصلح حالها .
ثانيا :
إذا كان هذا المرض شديدا بحيث أفقدها وعيها خلال شهر رمضان ،
فإنه لا يلزمها قضاء ولا كفارة ؛ لأنها لم تكن مكلفة بالصوم حينئذ .
وأما إذا كان المرض مجرد اكتئاب فقط ، ووعيها معها ، فلها حالتان
:
الأولى : أن يكون مرضها يرجى شفاؤه حسب تقرير الأطباء ، فالواجب
عليها قضاء ما فاتها ، حين يزول عنها المرض .
والثانية : أن يكون مرضها لا يرجى شفاؤه ، فلا يجب عليها الصيام
، وإنما تطعم عن كل يوم مسكينا .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : مريض أدرك بعض شهر
رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال هل يقضي عنه أبناؤه ؟
فأجاب :
"ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء ،
فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه ، فمثله مثل المجنون والمعتوه لا قضاء عليه ، إلا
إذا كانت الإغماءة مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر ، فلا بأس
بالقضاء احتياطا ، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه ، وإذا رد الله
عقله يبتدئ العمل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/209) .
ثالثا :
إذا كانت ابنتك لا تستيقظ لأداء الصلاة في وقتها ، ولا تستطيعين
إيقاظها ، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى ، ويجب عليها إذا استيقظت أن تقضي ما
فاتها من الصلوات ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ
نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا ) رواه
مسلم (684) .
وإن كان أداؤها لكل صلاة في وقتها يشق عليها ، فإن لها أن تجمع
بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، تقديما أو تأخيرا حسب الأيسر لها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والقصر سببه السفر خاصة ، لا يجوز في غير السفر. وأما الجمع
فسببه الحاجة والعذر ، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل ، وكذلك الجمع
للمطر ونحوه ، وللمرض ونحوه ، ولغير ذلك من الأسباب ؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن
الأمة " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 293 ) .
والله أعلم .
*****
72214
حكم الصرافة والمتاجرة بالعملة
الفقه > معاملات > البيوع > الصرف >
سؤال رقم 72214: حكم الصرافة والمتاجرة بالعملة
ما الحكم في الصرافة للأوراق النقدية ؟ هل الربح الناتج عن بيع عملة نقدية بعملة نقدية أخرى حسب سعر السوق جائز ؟
أيضا ما الحكم إذا قمت على سبيل المثال بتحويل ألف ريال إلى اليورو ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى الدولار ، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى ريال ، وأصبح معي ألف وعشرة ريالات اعتمادا على السعر العالمي لصرف العملات ؟.
الحمد لله
الاتجار في العملات على الصفة التي ذكرتها جائز ؛ بشرط أن يحصل
التقابض في مجلس العقد ، فيجوز بيع الريال باليورو بشرط أن يتم الاستلام والتسليم
في مجلس العقد ، ويصح أيضاً تحويل اليورو إلى الدولار بعد ذلك بالشرط السابق ،
وبالتالي فالربح الذي ينتج من هذا البيع هو ربح جائز ، ودليل ذلك قوله صلى الله
عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ
بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ
بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ
هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/458) :
" يشترط لصرف العملات بعضها ببعض التقابض في مجلس العقد ، ولا
يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) " انتهى .
*****
72216
لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/5847)
سؤال رقم 72216- لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل ؟
إذا كان المسلم لا يتذكر أعداد الصلوات وأيام الصيام التي فاتته ، فكيف يباشر قضاءها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الصلوات الفائتة لا تخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون ترك الصلاة لعذر كالنوم أو النسيان ، ففي هذه
الحالة يجب قضاؤها , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نسي صلاة أو نام عنها
فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها ) رواه البخاري ( 572 ) ومسلم ( 684 ) –
واللفظ له - .
ويصليها مرتبة كما وجبت عليه ، الأولى فالأولى ؛ لحديث جابر بن
عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل
يسب كفار قريش قال : يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : والله ما صليتها ، فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة
وتوضأنا لها فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس , ثم صلى بعدها المغرب . رواه
البخاري ( 571 ) ومسلم ( 631 ) .
الحالة الثانية : أن يكون ترك الصلاة لعذر لا يكون معه إدراك ,
كالغيبوبة ، ففي هذه الحالة تسقط الصلاة عنه ، ولا يجب عليه قضاؤها .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
وقع عليّ حادث سيارة ورقدت في المستشفى ثلاثة شهور ولم أع نفسي
ولم أصل كل هذه المدة ، هل تسقط عني أم أعيد كل الصلاة الماضية ؟
فأجابوا :
" تسقط عنك الصلاة في المدة المذكورة ما دمت لا تعقل في تلك
المدة " انتهى .
وسئلوا – أيضاً - :
إذا أغمي على إنسان لمدة شهر ولم يصل طوال هذه الفترة ، وأفاق
بعده فكيف يعيد الصلوات الفائتة ؟
فأجابوا :
" لا يقض ما تركه من الصلوات في هذه المدة ، لأنه في حكم المجنون
والحال ما ذكر , والمجنون مرفوع عنه القلم " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " (6/21) .
الحالة الثالثة : أن يكون ترك الصلاة عمداً من غير عذر ، فهذا لا
يخلو من حالين :
إما أن يكون جاحداً لها غير معترف بوجوبها ، فهذا لا خلاف في
كفره , وأنه ليس من الإسلام في شيء ، فعليه أن يدخل في الإسلام ثم يعمل بأركانه
وواجباته , ولا يجب عليه قضاء ما ترك من الصلاة حال كفره .
والثانية : أن يكون تركه للصلاة تهاونا وكسلا فهذا لا يصح منه
قضاؤها , لأنه لم يكن له عذر حين تركها ، وقد أوجبها الله عليه في زمن معلوم
وبتوقيت محدود ، قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَابًا مَوْقُوتًا ) النساء/103 ، أي : لها وقت محدد ،
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا
فَهُوَ رَدٌّ ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
لم أصلِّ إلا بعد ما بلغت الرابعة والعشرين من عمري ، وصرت الآن
أصلي مع كل فرض فرضاً آخر ، فهل يجوز لي ذلك ؟ وهل أداوم على هذا ، أم إن عليَّ
حقوقاً أخرى ؟
فأجاب :
" الذي يترك الصلاة عمداً ليس عليه قضاء على الصحيح ، وإنما عليه
التوبة إلى الله عز وجل ؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ، وتركها أعظم الجرائم ، بل
تركها عمداً كفر أكبر في أصح قولي العلماء ؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) أخرجه الإمام
أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه ؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام :
( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنهما ، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك .
فالواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله التوبة الصادقة ، وذلك
بالندم على ما مضى منك ، والإقلاع من ترك الصلاة ، والعزم الصادق على أن لا تعود
إلى ذلك ، وليس عليك أن تقضي لا مع كل صلاة ولا في غير ذلك ، بل عليك التوبة فقط ،
والحمد لله ، من تاب تاب الله عليه ، يقول الله سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، ويقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) .
فعليك أن تصدُق في التوبة ، وأن تحاسب نفسك ، وأن تجتهد
بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها في الجماعة ، وأن تستغفر الله عما جرى منك ، وتكثر
من العمل الصالح ، وأبشر بالخير ، يقول الله سبحانه : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ
تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) ، ولما ذكر الشرك والقتل والزنا
في سورة الفرقان قال جل وعلا بعد ذلك : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا
مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق ، وصحة التوبة ، والاستقامة على الخير
" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 329 ، 330 ) .
ثانياً :
وأما قضاء الصيام ؛ فإن كان تركك للصيام في الوقت الذي كنت فيه
تاركاً للصلاة , فلا يجب عليك قضاء تلك الأيام التي أفطرتها , لأن تارك الصلاة كافر
كفراً أكبر مخرج من الملة – كما سبق - والكافر إذا أسلم لا يلزمه أن يقضي ما تركه
من العبادات حال كفره .
أما إن كان تركك للصيام في وقت كنت تصلي فيه , فلا يخلو الأمر من
احتمالين :
الأول : أنك لم تنو الصيام من الليل , بل عزمت على الفطر , فهذا
لا يصح منك قضاؤه , لأنك تركت فعل العبادة في الوقت المحدد لها شرعا من غير عذر .
الثاني : أن تكون بدأت في صيام اليوم ثم أفطرت فيه , فهذا يجب
عليك قضاؤه , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر المجامع في نهار رمضان بالكفارة
قال له : ( صم يوماً مكانه ) رواه أبو داود (2393) , وابن ماجه (1671) ,
وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (940) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم الفطر في نهار
رمضان بدون عذر ؟
فأجاب :
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به
الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ،
يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم
الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر
، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛
لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة
بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ولأنه مِن تعدي
حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال الله
تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ ) ؛
ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي : فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه ،
فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 45) .
والواجب عليه أن يتوب توبة صادقة من كل الذنوب ، وأن يحافظ على
الواجبات ، ويترك المنكرات ، ويكثر من النوافل والقربات .
والله أعلم .
*****
7222
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/5848)
سؤال رقم 7222- تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام ، وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه ، وهذا خطأ ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام ، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين ، شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة ، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى { هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك } ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة . رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . " فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير . " شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح . رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون . رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم . رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة . رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير ، أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . " شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول { جاء الحق وزهق الباطل } الآية . رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) . رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " . رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث ) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق ) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت . رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك . " الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور : بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه : وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور . " زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
7222
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/5849)
سؤال رقم 7222- تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام ، وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام .
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا ، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال ؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر ، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه ، وهذا خطأ ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام ، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر ، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين ، شر صنع التمثال ، وصنع تعظيم هذا الكافر .
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل :
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية ، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة ، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى ، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل .
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي :
أ. قوله تعالى : { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } ( آل عمران / 6 ) .
وقوله تعالى { ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } ( الأعراف / 11) .
وقوله تعالى { هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } ( الحشر / 24 ) .
وقوله تعالى : { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك } ( الانفطار / 6 - 8 ) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم ، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره .
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة . رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير . " فتح الباري " ( 1 / 525 ) .
وقال النووي :
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم ، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى ، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير . " شرح مسلم " ( 14 / 81 ) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح . رواه البخاري ( 2112 ) ومسلم ( 2110 ) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون . رواه البخاري ( 5606 ) ومسلم ( 2109 ) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم . رواه البخاري ( 5607 ) ومسلم ( 2108 ) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة . رواه البخاري ( 5609 ) ومسلم ( 2111 ) .
قال النووي :
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة " : فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء ، ومعناه : فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير ، أي : ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق . " شرح مسلم " ( 14 / 90 ) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إلا الله عزّ وجلّ .
خ. عن أبي جحيفة قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 1980 ) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول { جاء الحق وزهق الباطل } الآية . رواه البخاري ( 2346 ) ومسلم ( 1781 ) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية ( ولا صورة إلا طمستها ) . رواه مسلم ( 969 ) .
قال ابن القيم :
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة .
" الفوائد " ( ص 196 ) .
قال شيخ الإسلام :
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت و التمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا و بهذا . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 462 ) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته ، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير ، ومما يدل على ذلك :
أ. عن أبي طلحة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل " . رواه البخاري ( 3053 ) ومسلم ( 2106 ) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت : يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بال هذه النمرقة ؟ قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال : إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة .
رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك ، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة ، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه ، ويدل على هذا :
عن ابن عباس رضي الله عنهما : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ( ود ) كانت لكلب بدومة الجندل وأما ( سواع ) كانت لهذيل وأما ( يغوث ) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما ( يعوق ) فكانت لهمدان وأما ( نسر ) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت . رواه البخاري ( 4636 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 2 / 333 ) .
وقال :
وهذه العلة - أي : التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك . " الاقتضاء " ( 2 / 334 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى :
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور : بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه : وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان .
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام . " إغاثة اللهفان " ( 2 / 292 ) .
وقال :
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور . " زاد المعاد " ( 3 / 458 ) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور :
الأول : المضاهاة لخلق الله .
والثاني : أنه مشابهة للكفار .
والثالث : أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك .
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل ، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر ، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه ، واستحق اللعنة ، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72220
حكم تقبيل الزوجة في الطريق أمام الناس
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/5850)
سؤال رقم 72220- حكم تقبيل الزوجة في الطريق أمام الناس
تزوجت مؤخراً وأظن أني وقعت في الزنا مع زوجتي ، وإليك التفاصيل : فقد كنا نركب سيارة أختي ثم أوقفنا السيارة في مكان هادئ وتبادلنا القبَل كثيراً ، كثيراً جدّاً ، وقد مر رجل بقربنا وشاهدنا في تلك الحالة ، لكننا لم نمتنع ، وأنا أشعر أني اقترفت الزنا علناً ، هل علينا كفارة ؟ وهل يجب أن نعترف لوالدينا ؟
وأنا وزوجتي نتجادل حول الأمر وهي تلومني على اهتمامي ( كثيراً ) بالمسألة ، أنا أرى أنها مسلمة غير صالحة ؛ لأنها لا تخاف الله ، فهي التي جعلتني أوقف السيارة وأقبلها ، وأنا أكرهها لذلك .
الحمد لله
أولاً :
أخي السائل ؛ اعلم أنك لن تستطيع أن تعيش عمرك من غير ذنوب
وخطايا ، فهذه طبيعة البشر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطَّاء
وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي ( 2499 ) وابن ماجه ( 4251 ) وحسنه
الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ، وهذا الحديث يدل بوضوح أن
الإنسان لا بد له أن يذنب ويقع منه الذنب ، ولكن المهم بعد الذنب ما موقفه من ذنبه
؟ فالمؤمن يتوب إلى الله من كل ذنوبه فيقلع عنها ويستغفر الله كلما وقعت منه
المعصية ويندم على فعلها ويعزم عزيمة صادقة على عدم الرجوع إليها ، فإن فعلت ذلك
فاعلم أن الله غفور رحيم يغفر الذنوب جميعها للمؤمن الصالح الذي يتوب التوبة
الصادقة ويعترف بالذنب مع الذل والانكسار لله عز وجل ، قال الله تعالى : ( قُلْ يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
والذنب الذي اقترفته ليس هو الزنى بزوجتك ! وإنما هو تقبيلها
أمام الناس ، لأنه ليس هناك زنى بالزوجة ، وإنما الزنى يكون بامرأة لا يحل للرجل
مباشرتها ، أما الزوجة فمباشرتها حلال .
ولا يجوز للرجل ولا للمرأة أن يتحدثوا لأحد عما يحصل بينهم في
الفراش مما لا ينبغي أن يطلع عليه غيرهما ، لما يفضي إليه ذلك من المفاسد والفتن
وفتح باب الشيطان ، وهذا فيمن تحدث يصف فعله مع زوجته فكيف بمن فعل أمام الناس حتى
شاهدوه ؟!
وقد أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه (10/277)
بأن تقبيل الزوجة أمام الناس لا يجوز .
ثانياً :
أما عن كفارة هذه الخطيئة فلا كفارة لها إلا التوبة الصادقة
والعزم الأكيد على عدم الرجوع لهذا الذنب والندم الحقيقي على ارتكابه .
وأما عن الاعتراف لوالديكم فلا حاجة إليه ، فالذنب الذي اقترفته
هو بحق الله عز وجل ، فالاعتراف به يكون لله ، وبينك وبين الله ولا تخبر به أحداً ،
ولكن اصدق في التوبة مع الله يغفر الله لك ، والله غفور رحيم .
وكون زوجتك هي التي أمرتك بهذا الفعل لا يدل على أنها امرأة غير
صالحة أو أنها لا تخاف الله ، فأنت أيضاً وافقتها على هذا ، ولم تمتنع حتى مع رؤية
رجل لكما . فينبغي أن تحمِّل نفسك أيضاً مسئولية فعلك هذا .
ونرجو الاطلاع على السؤالين ( 6103 ) و ( 31773 ) .
وفقكم الله لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
*****
72221
حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >(1/5851)
سؤال رقم 72221- حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة
ما درجة الحديث التالي :
أن نافعا روى أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه لم يكن يقرأ الفاتحة على الميت ." موطأ الإمام مالك " .
الحمد لله
هذا الأثر في أعلى درجات الصحة ، فقد رواه الإمام مالك في "الموطأ"
(535) عن نافع عن ابن عمر ، وهي ما يسمى عند بعض العلماء " السلسلة الذهبية " وهي
أصح – أو من أصح – الأسانيد .
ولفظه : عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على
الجنازة .
ومعنى " لا يقرأ " أي : لا يقرأ فاتحة الكتاب ولا غيرها ، وهي من
مسائل الخلاف المعروفة عند أهل العلم ، وقد ذهب بعضهم إلى أنها ركن في صلاة الجنازة
، وذهب آخرون إلى عدم ركنيتها ولا استحبابها ، وتوسط آخرون فقالوا باستحبابها وعدم
وجوبها ، وهو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فإنه قال :
" وتنازع العلماء في القراءة على الجنازة على ثلاثه أقوال : قيل
: لا تستحب بحال , كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك ، وقيل : بل يجب فيها القراءة
بالفاتحة ، كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد ، وقيل : بل قراءة الفاتحة
فيها سنة , وإن لم يقرأ بل دعا بلا قراءة جاز , وهذا هو الصواب " انتهى .
" الفتاوى الكبرى " ( 2 / 121 ) .
والذي يظهر – والعلم عند الله تعالى - أن قراءة الفاتحة ركن في
صلاة الجنازة ، وهي داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صَلاةَ لِمَنْ
لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) رواه البخاري (714) ومسلم (595) ، ولعله من أجل قول ابن عمر كان ابن عباس يجهر بها – أحياناً – مع
أن السنة الإسرار بها ، وقد سئل عن ذلك فقال : ( ليعلموا أنها سنة ) رواه
البخاري (1249) .
وليس المقصود بقوله " سنة " هو المستحب ؛ وإنما المراد سنة النبي
صلى الله عليه وسلم ، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والفاتحة في صلاة الجنازة ركن ؛ لقول النبي عليه الصلاة
والسلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ، وصلاة الجنازة صلاة ؛ لقوله
تعالى : ( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً ) فسماها الله صلاة ؛
ولأن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ الفاتحة على جنازة ، وقال : ( لتعلموا أنها سنة )
.
" الشرح الممتع " ( 5 / 401 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ؟
فأجاب :
" واجبة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني
أصلي ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) متفق على صحته .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 13 / 143 ) .
والله أعلم .
*****
72222
شراء طيور الزينة من أجل صوتها وألوانها
الفقه > معاملات > حقوق الحيوان >
الفقه > معاملات > البيوع >(1/5852)
سؤال رقم 72222- شراء طيور الزينة من أجل صوتها وألوانها
هل يجوز شراء طيور الزينة من أجل التمتع بصوتها ، وألوانها ؟.
الحمد لله
" بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل
صوتها جائز ؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح , ولم يأت نص من الشارع على
تحريم بيعها أو اقتنائها , بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل
ما يلزمها , ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : ( كان النبي صلى الله عليه
وسلم أحسن الناس خلقاً , وكان لي أخ يقال له : أبو عمير – قال : أحسبه فطيماً -
وكان إذا جاء قال : ( يا أبا عُمير ما فعل النُّغير ؟ ) نغر كان يلعب به ) الحديث .
والنغر نوع من الطيور , قال الحافظ ابن حجر في شرحه ( فتح الباري ) في أثناء تعداده
لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال : وفيه . . جواز لعب الصغير بالطير ,
وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات , وجواز إمساك الطير في القفص
ونحوه , وقص جناح الطير إذ لا يخلو حال طير أبي عمير من واحد منهما , وأيهما كان
الواقع التحق به الآخر في الحكم , وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها , لا هي أطعمتها وسقتها ولا
هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) , وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية , وبعضهم منع من ذلك
, قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة , بل هو من البطر
والأشر ورقيق العيش , وهو أيضاً سفه ؛ لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران
, وتأسف على التخلي في الفضاء , كما في كتاب "الفروع وتصحيحه" للمرداوي (4/9) ,
و"الإنصاف" (4/275) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/39) .
*****
72224
هل يجوز له أن يطعم الماشية قمحاً ؟
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/5853)
سؤال رقم 72224- هل يجوز له أن يطعم الماشية قمحاً ؟
شخص يريد إنشاء تربية مواشي لكن سيحتاج إلى القمح في إطعام الحيوانات لكي تدر اللبن وبعض الأشياء الأخرى ، هل يجوز ؟.
الحمد لله
ليس هناك ما يمنع شرعا من إطعام الماشية قمحاً ، والأصل في
الأطعمة الإباحة حتى يدل الدليل على المنع ، كما هو مقرر في القواعد الفقهية
المعروفة عند أهل العلم .
هذا من حيث الأصل ، أما إن كان هنالك ضرر واقع جراء إطعام
المواشي قمحاً كأن يكون الناس بحاجة لهذا القمح من أجل حاجاتهم الأساسية ولا يوجد
فائض من القمح لإطعام المواشي فعند ذلك يحرم من أجل الضرر الواقع على الناس ، وتطعم
المواشي علفاً آخر غير القمح .
والله أعلم .
*****
72231
هل إلقاء السلام من الشخص الموجود على القادم بدعة
الآداب > آداب السلام >(1/5854)
سؤال رقم 72231- هل إلقاء السلام من الشخص الموجود على القادم بدعة
لاحظت أن بعض المسلمين لا يلقون السلام عند وصولهم ، لذلك خطر لي أن أبادرهم أنا بإلقاء السلام ، وهو خلاف ما يجب أن يكون .
وسؤالي : هل أعد مبتدعا بذلك ( إلقائي السلام على الشخص الذي يصل ولا يلقي السلام ) ، وهل أعد عاصيا ؟
ثانيا : هل ألقي السلام ثانية لشخص وصل للتو إن لم يلق هو السلام .
الحمد لله
السنة أن يسلم الماشي على القاعد ، والراكب على الماشي ، والصغير
على الكبير ، والداخل على أهل المكان ، لقوله تعالى : ( فَإِذَا دَخَلْتُمْ
بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ) النور/61 ، وقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي , وَالْمَاشِي عَلَى
الْقَاعِدِ , وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ ) رواه
البخاري (6234) ومسلم (2160) ، وفي رواية للبخاري : (والمار على القاعد ) .
ومعلوم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ، وأما الرد فواجب .
وإذا لم يسلّم الداخل ، فسلّم من في البيت ، أو لم يسلّم الماشي
، فسلم القاعد ، فلا حرج في ذلك ، بل يكون قد فعل الخير ، وأتى بسنة السلام ، ووجب
الرد على الآخر .
قال النووي رحمه الله : " اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنَّةٌ
مستحبّة ليس بواجب ، وهو سنّةٌ على الكفاية ، فإن كان المسلِّم جماعة كفى عنهم
تسليمُ واحد منهم ، ولو سلَّموا كلُّهم كان أفضل ... وأما ردّ السلام : فإن كان
المسلَّم عليه واحداً تعيَّنَ عليه الردّ ، وإن كانوا جماعةً كان ردّ السلام فرضَ
كفايةٍ عليهم ، فإن ردّ واحد منهم سقطَ الحرج عن الباقين ، وإن تركوه كلُّهم أثموا
كلُّهم ، وإن ردّوا كلُّهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة ، كذا قاله أصحابنا ،
وهو ظاهر حسن " انتهى من "الأذكار" ص (356) .
ثم قال رحمه الله : " بابٌ في آدابٍ ومسائلَ من السَّلام ،
رُوينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال رسولُ اللّه
صلى اللّه عليه وسلم : ( يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على المَاشِي , وَالمَاشِي على
القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكثير ) وفي رواية للبخاري : ( يُسَلِّمُ الصَّغيرُ
على الكَبيرِ , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكَثِير ) .
قال أصحابُنا وغيرُهم من العلماء : هذا المذكور هو السنّة ، فلو
خالفوا فسلَّم الماشي على الراكب ، أو الجالس عليهما لم يُكره ، صرّح به الإِمام
أبو سعد المتولي وغيره . وعلى مقتضى هذا : لا يُكره ابتداء الكثيرين بالسلام على
القليل ، والكبير على الصغير " انتهى من "الأذكار" ص (369) .
ونقل الحافظ ابن حجر عن الْمَازِرِيّ قوله : " لَوْ اِبْتَدَأَ
الْمَاشِي فَسَلَّمَ عَلَى الرَّاكِب لَمْ يَمْتَنِع لأَنَّهُ مُمْتَثِل لِلأَمْرِ
بِإِظْهَارِ السَّلام وَإِفْشَائِهِ ، غَيْر أَنَّ مُرَاعَاة مَا ثَبَتَ فِي
الْحَدِيث أَوْلَى ، وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الأَمْر عَلَى سَبِيل الاسْتِحْبَاب ،
وَلا يَلْزَم مِنْ تَرْك الْمُسْتَحَبّ الْكَرَاهَة ، بَلْ يَكُون خِلاف الأَوْلَى
، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُور بِالابْتِدَاءِ فَبَدَأَهُ الآخَر كَانَ الْمَأْمُور
تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالآخَر فَاعِلا لِلسُّنَّةِ ، إِلا إِنْ بَادَرَ
فَيَكُون تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ أَيْضًا " انتهى من "فتح الباري" (11/17)
.
وقوله : " إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب " أي لا ينبغي لمن في
البيت مثلا أن يبادر بالسلام على الداخل ، بل يمهله حتى يسلّم هو ، فإن ترك السلام
سَلَّمَ مَنْ في البيت .
والحاصل : أن إلقاءك السلام على من يدخل عليك ولا يسلّم ، ليس
بدعة ولا معصية ، بل فيه إحياء للسنة ، وإشاعة للألفة والمحبة ، بشرط ألا تتسرع في
ذلك ، بل تمهل الداخل حتى يسلم ، فإن لم يفعل ، ألقيت السلام حينئذ .
والله أعلم .
*****
72234
المراد من حديث : من زار قوما فلا يؤمهم
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/5855)
سؤال رقم 72234- المراد من حديث - من زار قوما فلا يؤمهم
نهى النبي صلى الله عليه وسلم الضيف من إمامة المقيمين في الصلاة ، بل يؤمهم أحدهم ( المرجع حديث رواه مالك بن الحويرث في الترمذي وأبي داود . هذا الحديث (هو "نص" حسبما يظهر لي) لا يعمل به في مساجدنا عندما يحضر أحد ضيوف الخطباء . فالخطيب يطلب من الضيف أن يؤم الناس في الصلاة ، ويفعل الضيف ذلك . وتأييدا لهذا العمل ، يستشهد الخطباء بالحديث الذي فيه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أم الصلوات في مكة يوم الفتح مع أنه كان زائرا . أرجو أن تبين لي الحكم للفائدة العليمة وكي ترشد الآخرين حيال الموضوع .
الحمد لله
حديث مالك بن الحويرث المشار إليه ، رواه الترمذي (356) وأبو
داود (596) عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ : كَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ
يَأْتِينَا فِي مُصَلانَا يَتَحَدَّثُ فَحَضَرَتْ الصَّلاةُ يَوْمًا فَقُلْنَا لَهُ
: تَقَدَّمْ . فَقَالَ : لِيَتَقَدَّمْ بَعْضُكُمْ حَتَّى أُحَدِّثَكُمْ لِمَ لا
أَتَقَدَّمُ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
: ( مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلا يَؤُمَّهُمْ , وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ ) .
قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ،
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ ، قَالُوا : صَاحِبُ
الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ مِنْ الزَّائِرِ .
وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : إِذَا أَذِنَ لَهُ فَلا بَأْسَ
أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ .
وقَالَ إِسْحَقُ بِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَشَدَّدَ
فِي أَنْ لا يُصَلِّيَ أَحَدٌ بِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ
الْمَنْزِلِ ، قَالَ وَكَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ لا يُصَلِّي بِهِمْ فِي
الْمَسْجِدِ إِذَا زَارَهُمْ ، يَقُولُ : لِيُصَلِّ بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ ) انتهى من سنن الترمذي .
والحديث قال عنه الألباني رحمه الله : صحيح دون قصة مالك . "صحيح سنن الترمذي".
وقد ثبت في السنة ما يدل على جواز أن يؤم الزائرُ صاحبَ البيت ،
إذا كان ذلك بإذنه ، وهو ما رواه مسلم (673) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ , وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ
عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلا بِإِذْنِهِ ) .
قال النووي رحمه الله في شرحه : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانه ) مَعْنَاهُ :
مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ : أَنَّ صَاحِب الْبَيْت وَالْمَجْلِس
وَإِمَام الْمَسْجِد أَحَقّ مِنْ غَيْره ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْر أَفْقَه
وَأَقْرَأ وَأَوْرَع وَأَفْضَل مِنْهُ . وَصَاحِب الْمَكَان أَحَقّ فَإِنْ شَاءَ
تَقَدَّمَ ، وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ مَنْ يُرِيدهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي
يُقَدِّمهُ مَفْضُولا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْحَاضِرِينَ ؛ لأَنَّهُ
سُلْطَانه فَيَتَصَرَّف فِيهِ كَيْف شَاءَ .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلا يَقْعُد فِي
بَيْته عَلَى تَكْرِمَته إِلا بِإِذْنِهِ ) قَالَ الْعُلَمَاء : التَّكْرِمَة
الْفِرَاش وَنَحْوه مِمَّا يُبْسَط لِصَاحِبِ الْمَنْزِل وَيُخَصّ بِهِ " انتهى باختصار .
وقال الشوكاني رحمه الله في شرح حديث مالك بن الحويرث : " وأكثر
أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في
حديث أبي مسعود رضي الله عنه : ( إلا بإذنه ) " انتهى من "نيل الأوطار"
(3/170) .
ويدل أيضا على جواز إمامة الزائر لصاحب المنزل : ما رواه البخاري
(424) ومسلم (33) عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ فِي مَنْزِلِهِ فَقَالَ : ( أَيْنَ
تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ لَكَ مِنْ بَيْتِكَ ؟ قَالَ : فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى
مَكَانٍ , فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْنَا
خَلْفَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) .
ويدل على جواز إمامة المسافر للمقيمين : ما رواه الترمذي (545)
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ : سُئِلَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ عَنْ صَلاةِ
الْمُسَافِرِ , فَقَالَ : حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَحَجَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ , وَمَعَ عُمَرَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ , وَمَعَ عُثْمَانَ سِتَّ
سِنِينَ مِنْ خِلافَتِهِ أَوْ ثَمَانِيَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) والحديث
قال عنه الألباني رحمه الله : صحيح لغيره .
وروى مالك في الموطأ (349) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي
الله عنه كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ يَقُولُ :
( يَا أَهْلَ مَكَّةَ , أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ , فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ ) . وقد
رواه أبو داود (1229) مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم , لكن بسند ضعيف , ضعفه
الألباني في ضعيف أبي داود . لكن يغني عنه حديث عمران بن الحصين المتقدم , فقد كان
النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سفره للحج ركعتين , وكان أهل مكة يصلون خلفه بمكة
ويتمون صلاتهم أربعا بلا شك .
قال الشوكاني رحمه الله : " وأثر عمر رجال إسناده أئمة ثقات " انتهى من "نيل الأوطار" (3/177).
والحاصل من مجموع الأحاديث : أن صاحب البيت وإمام المسجد أحق
بالإمامة من غيره ، وأنه إن أذن للمسافر أو للضيف بالصلاة ، فله ذلك .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ما الجمع بين حديث : (
لا يؤمنّ الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه ) وبين
حديث : ( من زار قوماً فلا يؤمهم ) ؟
فأجاب :
" يحمل على إمامتهم بغير إذنهم . أو يُجمع بأن الأولى له أن يدع
وإن أذن له . وكلمة " بإذنه" دالة على الجواز " انتهى .
"فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم" (2/285) .
والله أعلم .
*****
72235
دخول الحمام بالجوال وفي شاشته لفظ الجلالة
الفقه > عبادات > الطهارة > الاستنجاء والاستجمار >(1/5856)
سؤال رقم 72235- دخول الحمام بالجوال وفي شاشته لفظ الجلالة
إذا كان لدى المسلم هاتف يظهر على شاشته عبارة : "الله أكبر" بالعربية ، فهل يجوز له دخول الحمام والهاتف معه ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور الفقهاء إلى كراهة دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز
وجل إلا لحاجة ، كالدراهم التي عليها اسم الله تعالى .
وصرح جماعة منهم بأنه إذا أخفى ما معه فلا حرج حينئذ .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه
ذكر الله تعالى استحب وضعه ... فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر الله تعالى ، واحترز
عليه من السقوط ، أو أدار فص الخاتم إلى باطن كفه فلا بأس . قال أحمد : الخاتم إذا
كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ، ويدخل الخلاء . وقال عكرمة : اقلبه هكذا في
باطن كفك فاقبض عليه ، وبه قال إسحاق ، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين ،
وقال أحمد في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم : أرجو أن لا يكون به بأس " انتهى من المغني (1/109) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم الدخول إلى الحمام
بأوراق فيها اسم الله ؟
فأجاب : " يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في
الجيب ليست ظاهرة ، بل هي مخفية ومستورة " انتهى من "فتاوى الطهارة" ص (109)
.
وعلى هذا ؛ فلا حرج من دخول الخلاء بالهاتف المحمول وعلى شاشته
عبارة "الله أكبر" على أن يضعه في جيبه , بحيث لا يكون ظاهراً .
والله أعلم .
*****
7224
تأجير المسلم داره لكافر
الفقه > معاملات > البيوع >(1/5857)
سؤال رقم 7224- تأجير المسلم داره لكافر
السؤال :
ما حكم أن يؤجّر المسلم شقّة يملكها أو بيتا إلى كافر علما أنّ هذا الكافر من المحتمل جدا أن يشرب فيها الخمر أو يأكل فيها الخنزير أو يمارس فيها بعض معتقداته الكفريّة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
قال الإمام السرخسي رحمه الله : ولا بأس بأن يؤاجر المسلم دارا من الذمي ليسكنها فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو دخل فيها الخنازير لم يلحق المسلم إثم في شيء من ذلك لأنه لم يؤاجرها لذلك ، والمعصية في فعل المستأجر ، وفعله دون قصد رب الدار فلا إثم على رب الدار في ذلك . انتهى المبسوط 16/39
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72241
صُنع دمى من العجين لتدريب المعاقين ثم التخلص منها
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/5858)
سؤال رقم 72241- صُنع دمى من العجين لتدريب المعاقين ثم التخلص منها
أنا أشتغل بمركز لإعانة المعاقين ذهنياً ، البعض منهم يشتكي من صعوبة في تحريك أصابعه . لذلك ، فمن المقرر تدريبهم على صنع أشكال ( غير ذات الأرواح ) بالصلصال ، ولكنه يصعب عليهم . لذلك عوضناه بالفارينة ( مثل الدقيق ) التي نبلها بالماء لتصبح طيعة في اليد . وبعد اللعب بها ، نتخلص منها . فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
لا حرج فيما ذكرت من صناعة الأشكال لغير ذوات الأرواح ، ولو كان
ذلك من الفارينة أو الدقيق ، لغرض تدريب المعاقين ذهنيا على تحريك أصابعهم ، لكن
الأولى الاستفادة من العجين بعد انتهاء التدريب ، ولو بتجفيفه وإعطائه لحيوان يأكله
، وذلك محافظة على النعمة ، وعدم إضاعتها . فإن تعذرت الاستفادة منه ، فلا حرج في
إلقائه والتخلص منه ، وقد أفتى جماعة من أهل العلم بجواز استعمال بعض المطعومات في
الشامبو ونحوه مما يغسل به الوجه ، ومعلوم أنه يذهب مع الماء ولا يستفاد منه بشيء
آخر .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
إنني أرى في الأسواق نوعا من الشامبو ويدعي أصحاب البقالات أنه
بالبيض ، ونوع آخر بالليمون ، فهل يجوز الاغتسال به ؟
فأجابوا :
" يجوز لك أن تغتسل بالشامبو مع الماء ولو كان مخلوطا بليمون أو
بيض ، وتغتسل بالصابون والأشنان ونحو ذلك مع الماء ؛ لمساعدته على إزالة الأوساخ " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/108) .
والله أعلم .
*****
72242
أمر النبي صلى الله عليه وسلم هل يفيد الوجوب ؟
أصول الفقه > مصادر التشريع >(1/5859)
سؤال رقم 72242- أمر النبي صلى الله عليه وسلم هل يفيد الوجوب ؟
هل كل ما يأمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض ؟ إن كان نعم ، فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث الذي معناه : (ما نهيتكم عنه فانتهوا ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) ؟ وإن كان لا ، فلماذا مثلا إطلاق اللحية فرض وليس سنة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الأوامر الواردة في الشرع على ثلاثة أنواع :
الأول : أن يقترن بالأمر قرائن تدل على أن المراد به الوجوب
والفرضية , كقوله تعالى : ) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ َ) البقرة/43 فقد دلت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على أن
الأمر بإقامة الصلوات الخمس للوجوب .
الثاني : أن يقترن بالأمر ما يدل على أنه ليس للوجوب , كقول
الرسول صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ( 1183) : ( صَلُّوا قَبْلَ صَلاةِ
الْمَغْرِبِ , قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ
يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً ) .
فقوله : ( لمن شاء ) دليل على أن الأمر في قوله : ( صلوا قبل
المغرب ) ليس للوجوب .
الثالث : أن يرد الأمر مجرداً عن القرائن , وهو ما يسميه العلماء
بالأمر المطلق , فلم يقترن به ما يدل على أنه للوجوب أو غيره , وحكم هذا الأمر أنه
يكون للوجوب .
ولذلك يقول العلماء : " الأمر المجرد عن القرائن يفيد الوجوب " .
وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من المذاهب الأربعة .
انظر : "شرح الكوكب المنير" (3/39) .
واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة ، من الكتاب والسنة .
أما أدلة القرآن فمنها :
1. قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
فجعل الله جل وعلا أمرَه وأمرَ رسوله مانعاً من الاختيار ، وذلك
دليل الوجوب اهـ "المذكرة" للشنقيطي (ص 191) .
2. وقوله عز وجل : ( فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63 .
فتوعد الله تعالى المخالفين لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم
بالفتنة وهي الزيغ ، أو بالعذاب الأليم ، ولا يتوعد بذلك إلا على ترك واجب ، فدل
على أن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المطلق يقتضي الوجوب اهـ " شرح الورقات" للفوزان (ص 59) . وقال القرطبي (12/322) :
بهذه الآية استدل الفقهاء على أن الأمر للوجوب اهـ .
3. ومن الأدلة على ذلك أيضا : قول الله سبحانه وتعالى منكراً على
إبليس عدم سجوده بعد أمره بالسجود لآدم : ( مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ
أَمَرْتُكَ ) الأعراف/12 . فَقَرَّعَ إبليسَ ووَبَّخَهُ على
مخالفة الأمر اهـ "الشنقيطي" (ص 192) بمعناه .
4. وقوله سبحانه : ( أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) طه/93 . وقال عن الملائكة : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ ) التحريم/6 . فهو دليل على أن مخالفة الأمر معصية اهـ " الشنقيطي"
(ص 192) .
5. وقوله تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ارْكَعُوا لا
يَرْكَعُونَ ) المرسلات /48 . وهذا ذمٌّ لهم على ترك امتثال الأمر بالركوع ، وهو
دليل الوجوب اهـ "الشنقيطي" (ص 191) .
وأما أدلة السنة على أن الأمر المطلق للوجوب ، فكثيرة :
منها :
1. قصة بريرة لما عتقت واختارت فسخ النكاح من زوجها وكان عبدا ،
وكان زوجها يحبها ، وكان يمشي خلفها في طرق المدينة ودموعه تسيل على خده يترضاها
لترجع إليه فلم تفعل ، فشفع له النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال لها : كما رواه
أبو داود (2231) يَا بَرِيرَةُ ، اتَّقِي اللَّهَ ، فَإِنَّهُ زَوْجُكِ ، وَأَبُو
وَلَدِكِ . فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَأْمُرُنِي بِذَلِكَ ؟ قَالَ : لا
، إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ . قَالَتْ : لا حَاجَةَ لِي فِيهِ . صححه الألباني
في صحيح أبي داود (1952) . ورواه البخاري (5283) بلفظ آخر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وإنما قالت : (أتأمرني ؟)
لما استقر عند المسلمين أن طاعة أمره واجبة اهـ الفتاوى (1/317) .
2. ومن أدلة السنة أيضاً : قول النبي صلى الله عليه وسلم : (
لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ
بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ ) رواه البخاري (887) ومسلم (252) .
قال الحافظ في الفتح : فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الأَمْر
لِلْوُجُوبِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدهمَا : أَنَّهُ نَفَى الأَمْر مَعَ ثُبُوت النَّدْبِيَّة ,
وَلَوْ كَانَ لِلنَّدْبِ لَمَا جَازَ النَّفْي .
ثَانِيهمَا : أَنَّهُ جَعَلَ الأَمْر مَشَقَّة عَلَيْهِمْ ،
وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَحَقَّق إِذَا كَانَ الأَمْر لِلْوُجُوبِ , إِذْ النَّدْب لا
مَشَقَّة فِيهِ ، لأَنَّهُ جَائِز التَّرْك اهـ .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : وأمر الله ورسوله إذا أطلق كان
مقتضاه الوجوب اهـ . الفتاوى (22/29) .
ثانياً :
لا تعارض بين هذه القاعدة : ( الأصل في الأمر أنه للوجوب ) وبين
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ،
وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) رواه
البخاري (7288) ومسلم (1337) إذ غاية ما فيه أنه قيد امتثال الأمر
بالاستطاعة ، وهذا من رحمة الشريعة وكمالها ، وليس هذا خاصا بأمر الرسول صلى الله
عليه وسلم ، بل أمر الله تعالى مقيد بالاستطاعة كذلك ، كما قال سبحانه : (
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 ، وقال : ( لا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " قوله صلى الله عليه وسلم :
( فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) : هذا من قواعد الإسلام المهمة ومن
جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم ، ويدخل فيها ما لا يحصى من الأحكام ،
كالصلاة بأنواعها ، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها ، أتى بالباقي ، وإذا
عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل ، غسل الممكن ، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء
لطهارته أو لغسل النجاسة ، فعل الممكن ، وإذا وجد ما يستر بعض عورته ، أو حفظ بعض
الفاتحة ، أتى بالممكن ، وأشباه هذا غير منحصرة ، وهي مشهورة في كتب الفقه ،
والمقصود التنبيه على أصل ذلك " انتهى باختصار .
وقد قال الله تعالى في الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام ، ومن
أعظم فرائضه : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 .
وبناء على ما سبق فإن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء
اللحية وتوفيرها ، يدل على الوجوب والفرضية ، لأن الأصل في الأمر أنه يفيد الوجوب ،
ولم توجد قرينة تصرفه عن ذلك ، وانظر تفصيل الكلام على مسألة إعفاء اللحية ، في
جواب الأسئلة ( 1189 ) ، ( 8196 )
، ( 48960 ) .
والله أعلم .
*****
72245
الفرق بين الزوجة الكتابية والزوجة تاركة الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/5860)
سؤال رقم 72245- الفرق بين الزوجة الكتابية والزوجة تاركة الصلاة
قرأت فتوى لكم لرجل مسلم امرأته مسلمة لا تصلي ، قلتم له إنه يجب أن يطلقها . وأعلم أن المسلم يجوز له الزواج من كتابية ، والكتابية لا تصلي . أليس هناك خلل... ؟ !.
الحمد لله
ليس في الفتوى المشار إليها خلل ، وإنما جاء الخلل من إرادة
السائل أن يسوي بين المرأة التي تنتسب إلى الإسلام وتترك الصلاة ، والمرأة اليهودية
أو النصرانية ، بحجة أن كلتاهما لا تصلي !
وهذه التسوية غير صحيحة لأن بينهما فرقاً ، وهو أن ترك الصلاة
كفر أكبر ، وردة وخروج من دين الإسلام ، وقد سبق بيان ذلك في كثير من الأجوبة
بالموقع ، منها جواب السؤال رقم ( 9400 )
، ( 5208 ) .
وبناء على هذا القول فإن المرأة التي لا تصلي تكون كافرة ومرتدة
عن الإسلام .
والمرتد عن الإسلام حكمه أشد من حكم اليهود أو النصارى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" والمرتد شرٌّ من الكافر الأصلي من وجوه كثيرة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 2 / 193 ) .
ولذلك لا تؤكل ذبيحة المرتد ، وإن كانت تؤكل ذبيحة اليهودي
والنصراني ، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج مرتدة ، بل إذا ارتدت زوجته انفسخ النكاح ،
وإن كان يجوز للمسلم أن يتزوج يهودية أو نصرانية .
فأصل المسألة هو الحكم بكفر تارك الصلاة ، فمن ذهب إلى ذلك منع
من الزواج ممن لا تصلي ، وأوجب فراقها إن تركت الصلاة ، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه
الله وأفتى به جماعة من أهل العلم ، كالشيخ ابن باز رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين
رحمه الله ، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله ، وهو ما سرنا عليه في الفتاوى ذات
الصلة .
وهكذا إذا ارتكبت المرأة أمرا مكفرا ، كَسَبِّ الله تعالى أو سب
رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأصرت على كفرها ولم تتب ، فإنه لا يحل أن تبقى زوجةً
لمسلم ، وكذلك الحال بالنسبة للزوج لو حُكم بردته فإنه يجب التفريق بينه وبين زوجته
.
والله أعلم .
*****
72246
المراد بصلاة الشفع والوتر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/5861)
سؤال رقم 72246- المراد بصلاة الشفع والوتر
من المتداول أن من السنن المؤكدة الشفع والوتر . فهل هناك حديث عن صلاة الشفع ؟.
الحمد لله
الشفع في اللغة هو الزوج ( أي العدد الزوجي ) ، عكس الوتر الذي
هو الفرد ، والسنن الثابتة بعد صلاة العشاء ثلاثة :
1- سنة العشاء البعدية : وهي ركعتان .
2- قيام الليل ، فيصلي ما شاء ركعتين ركعتين .
3- الوتر ، فله أن يوتر بركعة واحدة ، أو ثلاث أو خمس أو سبع أو
تسع .
انظر جواب السؤال ( 46544 )
.
وإذا اختار أن يوتر بثلاث فإما أن يصليها متصلة بتشهد واحد ،
وإما أن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يصلي ركعة واحدة .
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن أدنى الكمال الوتر أن يوتر
الإنسان بثلاث ركعات ، سواء فعلها متصلة أو منفصلة ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلم ، ثم يأتي بواحدة ويسلم .
ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ؛ لأنه لو جعلها بتشهدين
لأشبهت صلاة المغرب ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُشبّه بصلاة المغرب " انتهى من "الشرح الممتع" (4/21) .
وروى ابن حبان (2435) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يفصل
بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . قال الحافظ في الفتح (2/482) : إسناده قوي .
وهذا الحديث يدل على أن المراد بالشفع الركعتان قبل ركعة الوتر .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في رسالته " صلاة التراويح " بعد
أن ذكر صفات صلاة الوتر المتنوعة الواردة في السنة :
" ويتلخص فمن كل ما سبق أن الإيتار بأي نوع من هذه الأنواع
المتقدمة جائز حسن ، وأن الإيثار بثلاث بتشهدين كصلاة المغرب لم يأت فيه حديث صحيح
صريح ، بل هو لا يخلو من كراهة ، ولذلك نختار أن لا يقعد بين الشفع والوتر ، وإذا
قعد سَلَّم ، وهذا هو الأفضل " انتهى .
وبعض الناس يظن أن الشفع هو سنة العشاء البعدية ، وليس الأمر
كذلك .
جاء في "فتاوى اللجنة الدئمة" (7/255) :
" سنة العشاء البعدية وهي ركعتان ، خلاف الشفع والوتر " انتهى .
والله أعلم .
*****
72249
حديث : " خير الأسماء ما عبّد وحمّد" لا يصح
الحديث وعلومه >(1/5862)
سؤال رقم 72249- حديث - " خير الأسماء ما عبّد وحمّد" لا يصح
ما صحة حديث "خير الأسماء ما حمّد وعبّد" ؟ .
الحمد لله
هذا الحديث لا يصح ، ولا أصل له .
قال في "كشف الخفاء" (1/468) : " خير الأسماء ما حُمّد وعُبّد :
قال النجم : لا يُعرف . .
وروي بلفظ : ( أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد ) قال السيوطي :
لم أقف عليه " انتهى بتصرف .
وقال في "المقاصد الحسنة" (ص 87) : " وأما ما يذكر على الألسنة
من : ( خير الأسماء ما حمد وما عبد ) فما علمته ) انتهى .
وقال الألباني رحمه الله : " (أحب الأسماء إلى الله ما عبد وحمد
) : لا أصل له كما صرح به السيوطي وغيره " انتهى من "السلسلة الضعيفة"
(1/595) رقم (411) .
وقد صح في فضل التعبيد لله ، والتسمي بعبد الله وعبد الرحمن : ما
روى مسلم (2132) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ
عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ) .
والله أعلم .
*****
72252
أسلم وأمه تريد منه الرجوع إلى النصرانية
الآداب > بر الوالدين >
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5863)
سؤال رقم 72252- أسلم وأمه تريد منه الرجوع إلى النصرانية
أنا طالب من اليونان وأبلغ من العمر 18 عاما . وقد أسلمت منذ أسبوعين . وأنا أصلي بشكل عادي خمس مرات في اليوم ، وأذهب للمسجد وأدرس القرآن . لكني واجهت بعض المشاكل منذ ذاك . صديقتي قبلت بذلك ونحن نخطط على الزواج في المستقبل . وكذلك فقد قبلت أختي بالأمر . لكن أمي هي المشكلة . فقد دب الفتور في علاقتها معي . فهي تريدني أن أعود للنصرانية مرة أخرى وهي لا تقبل بالإسلام على الإطلاق . لقد قالت لي إن النصارى سينظرون إليّ على أني خائن وسيقول المسلمون إني تابع لهم ، لأني ولدت نصرانيا . أنا لم أخبر أبي بأي شيء حتى الآن (فوالداي مطلقان) ، وذلك لأنه لن يقبل بذلك (فهو نصراني أيضا) ولأنه سيتشاجر مع والدتي . أفضل صديق عندي هو مسلم وقد ساعدني كثيرا ، لكن والدتي تظن أنه أجبرني على الإسلام ، وهذا غير صحيح . لقد درست الإسلام وأدركت أنه الدين الصحيح ، وذلك الذي دفعني لاعتناقه . ما هي نصيحتك للتعامل مع أهلي ؟ أنا لا أريد أن أخيب أملهما ، خصوصا والدتي ، لأنها عانت كثيرا بسبب الطلاق . وأشكرك على اهتمامك .
الحمد لله
أولا :
نهنئك ونبارك لك ، على هذه النعمة التي مَنَّ الله بها عليك ،
فإنها والله أعظم النعم ، وإنه التوفيق الذي نسأل الله أن يدخلك به الجنة ، ويجمعك
به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فهنيئا لك , ثم هنيئا لك ، أقبلت على
الله في هذه السن التي أقبل في مثلها الأخيار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،
كمصعب بن عمير ، وعبد الله بن مسعود ، ومعاذ بن جبل ، وسعد بن معاذ . نهنئك لأن
صحيفتك صارت بيضاء نقية ، لم تندس بالذنوب ، فقد محى الإسلام ما كان قبله ، وأنت
الآن تستقبل عمرا جديدا ، وحياة سعيدة بإذن الله ، ونسأل الله أن يحفظك ، ويثبت
قلبك ، ويهدي والديك وإخوانك وأحبابك .
ثانيا :
نحمد الله أنك بدأت طريق الهداية بالذهاب إلى المسجد ، ودراسة
القرآن ، فإن هذا عنوان الخير ، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ يُرِدْ
اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) رواه البخاري (71) ومسلم
(1037) . وعليك أن تبذل الجهد في حفظ القرآن وترتيله وقيام الليل به
، وتعلم أحكامه ، والعمل بما فيه ، فإن الجنة درجات ، وإن صاحب القرآن يقال له في
الجنة : اقرأ وارتق ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها .
ثالثا :
إن الموقف الذي بدر من أمك تجاهك ، لا يُستغرب ، فإن معركتك
الحقيقية مع الشيطان ، وهو لا يرضى بإسلامك ، ولا يحب لك الخير ، فلا شك أنه
سيستعين بأقاربك ، ويوسوس لأهلك ، حتى يستخدمهم سلاحا ضدك ، ويمنعهم من اللحاق بك
في موكب الإيمان الحق ، فلا تحزن ، ولا تيأس ، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ،
ليصرف كيده عنك ، وكن رفيقا رحيما بأمك ، فإنها لو ذاقت طعم الهداية ما وقفت في
طريقك ، واستعن بالله تعالى في دعوتها ، ونصحها ، وأكثر من الدعاء لها بالهداية
والرحمة ، فلعلك توافق ساعة إجابة ، فتقر عينك بإسلامهم وصلاحهم .
واعلم أنك لست وحدك في هذا الميدان ، فهناك آلاف الناس ممن وفقهم
الله لمعرفة الحق ، واختيار الإسلام عن رضا وقناعة ، وكثير منهم لاقى معارضة وصدودا
من أهله ، ثم شاء الله بالفتح ، وجاء بالفرج ، فأسلم البيت كله ، بل العائلة كلها ،
وكان ذلك في ميزان حسنات الابن الموفق ، نسأل الله أن يجعلك من هؤلاء وأن يسعدك
بإسلام أهلك جميعا .
واعلم أن وجود المعارضة من البيت هو اختبار وابتلاء للمسلم ، حتى
يظهر صدق إسلامه ، وقوة إيمانه ، كما قال الله تعالى : ( الم * أَحَسِبَ النَّاسُ
أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/1- 3 .
ومن نماذج المؤمنين الصادقين الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي
الله عنه ، كان برّاً بأمه ، فلما أسلم امتنعت أمه عن الطعام والشراب ، حتى يرجع عن
دينه ، فأبى رضي الله عنه ، وثبت على إسلامه ، ولم تجد أمه فائدة من إضرابها فعادت
لطعامها وشرابها ، ومما ورد في ذلك قوله رضي الله عنه : ( يا أمّه , تعلمين والله
لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفسا ما تركت ديني هذا لشيء ، فإن شئت فكلي ، وإن
شئت لا تأكلي . فأكلت ) .
انظر : "تفسير ابن كثير" (3/429) .
رابعا :
لقد عالج القرآن هذه المشكلة ، لأنها كثيرة الوقوع ، لا سيما في
الجيل الأول الذي فارق الكفر ، واعتنق الإسلام ، ولاقى حربا شديدة من قبل الأهل
والعشيرة وأقرب الناس ، قال الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ
بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/14- 15
فلا مجال لطاعة الوالدين في الكفر ، بل لا مجال لطاعتهما في
المعصية ، ولكن هذا لا يمنع من الإحسان إليهما ، والقيام على شئونهما ، وبذل الغالي
والنفيس في سبيل هدايتهما ، وهذا دليل على عظمة الإسلام ، وأنه دين الرحمة والمحبة
، لهذا يدعو أتباعه إلى هداية الناس وإدخالهم في النعمة التي دخلوا فيها .
خامسا :
من اختار طريق الهداية ، فلا يلتفت إلى كلام الآخرين ، ولا يتعجب
من صدوره ، فإنه أمر متوقع ، وإلا فماذا سيقول عنك النصارى ؟ هل سيقولون : إنك
اهتديت ، وعرفت الحق ، وآثرته على الأهل والأقارب ؟! الجواب : لا ، لن يقولوا ذلك ،
فلا تلتفت لقولهم : خائن أو غير ذلك ، وانظر إليهم بعين الشفقة والحرص على هدايتهم
، وابذل الجهد حتى تتعلم وتصبح داعية تنتشلهم مما هم فيه من الضلال والانحراف .
وأما ظنُّ أمك أن المسلمين سيقولون : إنك تابع ؛ لأنك ولدت
نصرانيا ، فهذا ليس صحيحا ، بل سنقول : إنك أخ لنا , اخترت الهداية ، ورجعت للفطرة
التي ولدت عليها ، فلقد ولدت على الإسلام والتوحيد ، وعلماء النصارى يعلمون أن
المولود يولد على الفطرة ، ولهذا يسارعون إلى تعميد الطفل ، ويعتقدون أنه إذا لم
يعمّد سيكون مسلما ! وهذا دليل على أن الأصل هو الإسلام ، وأن الطفل لو ترك على
أصله لكان مسلما .
وليس في الإسلام تبعية لأحد إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم , لأنه
النبي الرسول الذي أمرنا باتباعه ، وما عدا ذلك فالإسلام يربي أتباعه على الحرية
والانعتاق من تسلط الكهنوت والأحبار والرهبان ، ولا يحوج العبد إلى واسطة بينه وبين
الله تعالى .
وأخيراً .. لقد قلت في سؤالك : إن صديقتك قبلت بإسلامك , وإنكما
تخططان للزواج في المستقبل .
وهنا , لابد أن تعلم أن مِنْ حرص الإسلام على عفة أتباعه وطهارة
قلوبهم أنه حرم على الرجال اتخاذ الصديقات , ولا يقر الإسلام علاقة بين رجل وامرأة
من هذا القبيل إلا إذا كانت في نطاق الزوجية , فإن كانت صديقتك نصرانية , فعليك
بدعوتها إلى الإسلام والحرص على هدايتها ففي ذلك خير كثير لكما إن شاء الله تعالى ,
فإن أبت فأخبرها أن الإسلام قد حرم هذه العلاقة التي بينكما , وأنك لن تقدم رضا أحد
كائناً من كان على رضى الرحمن , فإما أن تتزوجا ( ويجوز للمسلم أن يتزوج نصرانية )
وإما أن تفترقا , إيثاراً لرضى الله سبحانه وتعالى .
وأهم ما نوصيك به هو الإحسان إلى أمك وأبيك وإخوانك وأقاربك ،
والرفق بهم ، وتفهم ما يدور بمشاعرهم ، وسؤال الله الهداية لهم ، واختيار الوسائل
الحكيمة لدعوتهم ، ومن ذلك : الكلمة الطيبة ، والهدية ، والزيارة ، ودعوتهم لزيارة
المسجد ، وإعطاؤهم الكتيب والشريط النافع .
نسأل الله أن يحفظك ويرعاك ، ويوفقك لكل خير .
والله أعلم .
*****
72253
الشك في حصول الرضاع
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/5864)
سؤال رقم 72253- الشك في حصول الرضاع
قامت خالتي بإرضاع أخي وهو أكبر مني وهو الآن أخ لأولاد خالتي وكانت خالتي تضعنا على صدرها للرضاعة وحسب أقوالها رحمها الله إنه لم يخرج حليب ، ومنذ أن كنا صغارا لغاية الآن ونحن نتعامل معهم على أساس أنهم إخوة لنا . والآن بدأت أسمع أنهم ليسوا بإخوتنا ، مع أن هناك شيوخا قالوا إنهم إخوة لنا ، فلم يتم بيننا أي رابط زواج بسبب أننا نعتبر إخوة . أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
أولاً :
الرضاع الذي يثبت به التحريم يشترط فيه شرطان :
1- أن يكون خمس رضعات فأكثر .
2- أن يكون في الحولين وقبل الفطام .
انظر لبيان هذين الشرطين جواب السؤال ( 40226 )
.
ولا يشترط في الرضعة أن تكون مشبعة ، بل مجرد التقام الثدي ومص
اللبن منه يعتبر رضعة .
وإذا التقم الصبي الثدي فتعتبر رضعة إلا أن لم يخرج لبن فلا يكون ذلك رضاعاً
، ولا يترتب عليه شيء .
قال في "الفتاوى الهندية" (1/104) : " لأنه متى خرج اللبن يكون
إرضاعا وبدونه لا " انتهى . وفي "فتاوى اللجنة الدائمة"
(21/52) : " ... وإن كان إلقام أمك لعمّك الثدي للتسكيت ، ولم تدرّ عليه لبنا من
ثديها فلا تحريم ، وجاز الزواج " انتهى .
ثانياً :
إذا حصل شك في عدد الرضعات ، أو في حصول الرضاع فإنه لا يثبت
بذلك تحريم .
سئل علماء اللجنة الدائمة : إن لي ابنة خالة ، وأريد الزواج منها
، ولكن المشكلة أن فيه شك في رضاع بيني وبينها من جدتي أم أمي وأمها ، ولكن هذه
الجدة ليست متأكدة من هذا الرضاع ، وسألناها وتقول : ما أدري لقد نسيت ، وإذا كان
رضعت مني هذه البنت فذاك الوقت تقول : إن ما فيه حليب ، هذا قول الجدة . أرجو من
فضيلتكم أن تجدوا لي الحل المناسب هل يجوز الزواج منها أم لا على حسب ما ورد من
كلام الجدة ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر ، فلك أن تتزوج بنت خالتك المذكورة ؛
لأن الرضاع المشكوك فيه لا تأثير له ، وإنما ينتشر التحريم بالرضاع المعلوم إذا كان
خمس رضعات أو أكثر ، في الحولين ، فإذا لم يكن معلوما فالأصل الجواز " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (21/133) .
وانظر السؤال ( 804 ) .
وعلى هذا ، فأخوك الذي ثبت رضاعه من خالتك يكون ابناً لها من
الرضاعة ، وأخاً لجميع أولادها .
أما أنتم فلا يثبت في حقكم تحريم لحصول الشك والتردد في الرضاعة
.
والله أعلم .
*****
72255
كيف يمكن الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > صلاة الاستخارة >(1/5865)
سؤال رقم 72255- كيف يمكن الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح ؟
كيف يمكن الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح ؟
بعد صلاة الاستخارة والتي قمت بها بعد أن تقدم لي شخص ما ، حلمت أن أخت الخاطب كانت تلبسني جبة خضراء وكانت تقول لي بأن أخاها الخاطب لا يهدي إلا كل ما هو جميل ، فأرجو منكم أن تدلوني على معنى هذه الرؤية حتى أتمكن من الاستفادة من صلاة الاستخارة بشكل صحيح .
الحمد لله
هنا عدة أمور ينبغي التفطن لها :
أولاً :
بالنسبة للرؤيا التي رأيتِها ؛ فعليك بسؤال من يحسن ذلك ممن يوثق
بدينه وعقيدته ليفسرها لك ، واحذري من الجهلة والمشعوذين .
ثانياً :
يظن كثير من الناس أنه يشترط في نتيجة الاستخارة ؛ أن يتبعها
رؤيا منام ، أو راحة ملموسة في الصدر ، أو ما شابه ذلك ، مع أن الأمر ليس كذلك ،
فلو لم يحدث شيء من ذلك ، وكان الإنسان قد استخار ، وبذل الأسباب الممكنة في معرفة
الأصلح له ؛ من الاستشارة ، والتحري ، وسؤال أهل الخبرة ، ثم أقدم بعد ذلك ، فيرجى
أن يكون هذا هو الخير له ، ولو لم ينشرح صدره ابتداء ، بل حتى لو فرض عدم توفيقه في
هذا الأمر الذي أقدم عليه بعد الاستخارة ؛ فقد يكون فيه خير له لا يعلمه هو ،
ويعلمه ربه عز وجل .
قال ابن الحاج المالكي :
" وبعضهم يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً
يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه ، أو يراه غيره له ، وهذا ليس بشيء ، لأن صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاستخارة والاستشارة ، لا بما يرى
في المنام " انتهى .
"المدخل" (4/ 37) .
ثالثاً :
لو فرض أن تعبير الرؤيا كان يدل على خير ، فإن الرؤى الصالحة لا
تعدو أن تكون مبشرات ، لكن لا يعتمد عليها ، بل ينبغي التحري والسؤال عن المتقدم
للخطبة والتأكد من سلامة دينه وأخلاقه وغيرها مما يهمك التعرف عليه في شأنه ، فإذا
تحققت من هذه الأمور ، فتكون الرؤيا الصالحة هي بمثابة التبشير ، والتفاؤل بالخير
من هذا الإقدام .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير ، ويبارك لك فيه .
والله أعلم .
*****
72257
تأخر الزواج وعلاقته بالقضاء والقدَر
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5866)
سؤال رقم 72257- تأخر الزواج وعلاقته بالقضاء والقدَر
هل تعطيل الزواج للفتاة له علاقة بالقضاء والقدر ؟ أنا فتاة أخاف الله تعالى وأصلي وتعطل زواجي كان خُطّابي قليلين جدّاً وكلهم عيوب أكثرهم في الدين ، أسأل : هل تعطيل الزواج له ارتباط بقضاء الله وقدره أم أني ارتكبت ذنباً والله تعالى غاضب مني ؟ مع أني أخاف الله بشدة وأعطاني تعالى نصيباً من الجمال ، أريد راحة لبالي بسؤالكم ، ولكم جزيل الشكر والثواب .
الحمد لله
دلَّ القرآن والسنَّة الصحيحة وإجماع سلف الأمة على وجوب الإيمان
بالقدر , خيره وشره , وأنه من أصول الإيمان الستة التي لا يتم إيمان العبد إلا بها
، قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ
إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ
) الحديد/22 ، وقال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 .
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في تعريف الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن
بالقدر خيره وشره ) رواه مسلم ( 8 ) .
وكل ما يحصل في الكون إنما هو بقدر الله تعالى ، ويجب على من
يؤمن بالقدر أن يؤمن أن الله تعالى علِم الأشياء قبل وقوعها ، ثم كتب ذلك في اللوح
المحفوظ ، ثم شاء تعالى وجودها ، ثم خلقها ، وهذه هي مراتب القدر الأربعة المشهورة
، وعلى كل مرتبة أدلة ، وقد سبق بيان ذلك مفصَّلاً في جواب السؤال رقم ( 49004 ) فلينظر .
فالزواج وتقدمه وتأخره وتيسره وتعسره كل ذلك بقدر الله ، ولا
يعني هذا أن المسلم لا يفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤدية إلى مسبباتها ،
ولا يتنافى الأخذ بالأسباب مع كون الشيء مقدراً في الأزل ، فالمرء لا يدري ما كُتب
له ، وهو مأمور بفعل الأسباب .
والمصائب التي يقدرها الله تعالى على العبد , تكون خيراً للمؤمن
إذا صبر عليها واحتسب ولم يجزع , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَجَبًا
لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا
لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ
أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم (2999) .
وهذه المصائب قد تكون عقوبة على المعاصي , ولكن هذا ليس بلازم ,
فقد تكون لرفع درجات المؤمن , وزيادة حسناته إذا صبر ورضي ........ أو غير ذلك من
الحكم العظيمة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال ، فكيف يعرف
أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله ؟
فأجاب :
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء , وبالشدة والرخاء ،
وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم , كما يفعل بالأنبياء
والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله ، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ) ، وتارة يفعل ذلك سبحانه
بسبب المعاصي والذنوب ، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه : ( وما أصابكم من
مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام
بالواجب ، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله ، فإذا ابتلي أحد من عباد
الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء
والرسل رفعاً في الدرجات , وتعظيماً للأجور , وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب
.
فالحاصل : أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات , وإعظام الأجور ,
كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار ، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى
: ( من يعمل سوءً يُجز به ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما أصاب المسلم من
همٍّ ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى
الشوكة يشاكها ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيراً يُصِب منه )
، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه
صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في
الدنيا ، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة ) خرجه
الترمذي وحسنه " انتهى
"مجموع فتاوى ومقالات" (4/370) .
وبما أنك تركت الزواج من هؤلاء الذين خطبوك من أجل الله وبسبب
أنهم غير مستقيمين في الدين فسيعوضك الله تعالى خيراً منهم ، قال تعالى : ( وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
) الطلاق/2 ، 3 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنك لن
تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه ) رواه الإمام
أحمد ، وصححه الألباني في " حجاب المرأة المسلمة " ( 47 ) .
فعليك أن تُقبلي على الله بالدعاء والقربات ، ولا تجزعي ، واعلمي
أن رحمة الله قريب من المحسنين .
والله أعلم .
*****
72258
والدهم عنده راتب شهري وصار كبيراً فهل عليه زكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5867)
سؤال رقم 72258- والدهم عنده راتب شهري وصار كبيراً فهل عليه زكاة ؟
هذه قصة رجل مسلم كان يصلي الصلوات في أوقاتها ، خصوصا الفجر ، ويتصدق بدون حساب ، ويخرج الزكاة بانتظام ، ويلزم أولاده على إخراج الزكاة على المال الذي يكتسبونه أكان قليلا أم كثيراً ولو لم يمر عليه الحول ، والآن صار عجوزاً وأسير النسيان ، مثلا يسألك ويعيد عليك نفس السؤال عدة مرات ، ويصلي الصلاة ويعيدها مرات ومرات ، ثم لم تعد له القدرة على قيام الفجر ، وبما أنه أرمل ويعيش عند ابنته إذاً فهي تنفق عليه رغم أن له مدخولاً شهريّاً ( المعاش ) ، إذاً فرصيده يزيد لكن حين تحدثه عن الزكاة فهو يسايرك في الموضوع ويقول إنه ليس له ما يخرج عليه الزكاة مع أن ابنته تذكره بأن له رصيداً في البنك ، لا ندري أهذا يعود لنسيانه ولتقدمه في السن . رجاء الرد على هذا وكيفية التدبير في الأمر.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يختم لوالدكم بخير ، وحري بالعمل الصالح في
حياة الإنسان أن يُكرَم صاحبه ، وقد أحسن هذا الرجل لنفسه فإنه جاهدها لأداء
الواجبات وترك المحرمات ، والبشرى له ولغيره عظيمة إن ماتوا على ما عاشوا عليه .
وننبه إلى أن إلزامه لأولاده بإخراج زكاة أموالهم قلَّ المال أو
كثُر ولو لم يمر عليه الحول ، لعله كان يلزمهم بالصدقة لا أنها الزكاة المفروضة ،
لأن الزكاة لا تجب في المال إلا إذا بلغ نصاباً . وحال عليه الحول ، فنسأل الله أن
يؤجره على نيته ، وأن يؤجر أبناءه على ما بذلوه .
وكثرة نسيانه لا تسقط عنه وجوب زكاة ماله ، لأن الزكاة لا يشترط
لوجوبها العقل ، ولذلك تجب على الصبي الصغير والمجنون . وانظر السؤال رقم ( 75307 )
.
فالواجب عليكم إخراج الزكاة عنه من ماله ، ولا يجب إخراج زكاة ما
يقبضه شهريا إلا إذا مرت سنة كاملة عليه ، وفي حساب كل شهر بمفرده مشقة ، فالأسهل
في مثل هذه الحال أن تنظروا أول ما بلغ المال النصاب ، ثم تحسبون حولا ، وإذا مَرَّ
الحول زكيتم كل ما عنده حتى راتب الشهر الأخير ، ويكون الشهر الأول قد أُخرجت زكاته
بعد نهاية الحول ، وما تلاه من الشهور أُخرجت زكاته معجلة ، وتعجيل الزكاة لا بأس
به .
وانظر جواب السؤال ( 26113 )
لمعرفة كيفية زكاة الراتب الشهري .
والله أعلم .
*****
72262
أقامت علاقة مع آخر فهل يفي بوعده لها بالزواج منها ؟
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/5868)
سؤال رقم 72262- أقامت علاقة مع آخر فهل يفي بوعده لها بالزواج منها ؟
أنا شاب مسلم ومتدين ، أحببت فتاة ، ووعدتها بالزواج ، ولكنها أقامت علاقة مع رجل آخر ، وحين اكتشفتها اعترفت بخطئها ، وطلبت مني المسامحة ، لكنني لم أعد أثق بها ، وتصرفاتها لا تعجبني ، فهل إخلافي بوعدي لها بالزواج حرام أم لا - رغم أنها هي المخطئة - ؟ وبماذا تنصحونني ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الذي ننصحك به هو تركها لحال سبيلها ، وإخلافك لوعدك بالزواج
منها له ما يسوِّغه شرعاً . وقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة
صاحبة الدِّين ، فابحث عنها ، ودعك من هذه ، ويبدلك الله خيراً منها .
ثانياً :
ينبغي أن تعلم أن إقامة علاقة بين رجل وامرأة واتفاقهما على
الزواج ، وما يلازم ذلك من محادثات أو لقاءات .....إلخ ، أمر محرم . وقد سبق بيان
ذلك في الموقع في أجوبة كثيرة ، منها السؤال رقم ( 20949 )
، ( 1114 ) .
فإن كان وقع منك شيء من ذلك فعليك المبادرة بالتوبة من هذا الذنب
والعزم على عدم العودة إليه .
وقد وصفت نفسك بأنك "متدين" فعليك الالتزام بأحكام الدين ،
واجتناب ما حرم الله ورسوله ، وفقك الله تعالى لحسن القول والعمل .
والله أعلم .
*****
72263
هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة ؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الفقه > معاملات > النكاح > أحكام النكاح >(1/5869)
سؤال رقم 72263- هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة ؟
هل يفضل أن يتزوج المسلم من فتاة لا تربطه بها صلة قرابة بدلا من إحدى قريباته ؟.
الحمد لله
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه ، أي ليس
بينه وبينها نسب ، وعللوا ذلك بأمور :
الأول : نجابة الولد ، أي حسن صفاته ، وقوة بدنه ، لأنه يأخذ من
صفات أعمامه وأخواله .
الثاني : أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق ، فيؤدي إلى قطيعة
الرحم .
قال في "الإنصاف" (8/16) : " ويستحب تخيّر ذات الدين الولود
البكر الحسيبة الأجنبية " انتهى .
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/9) : " ( الأجنبية )
لأن ولدها يكون أنجب ، ولأنه لا يأمن الفراق ، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم
المأمور بصلتها . وقد قيل : إن الغرائب أنجب ، وبنات العم أصبر" انتهى .
وقال النووي في "المنهاج" : " ويستحب ديّنة بكر نسيبة ليست قرابة
قريبة " . وقال الجلال المحلي في شرحه : " ( ليست قرابة قريبة ) بأن تكون أجنبية أو
قرابة بعيدة . . . والبعيدة أولى من الأجنبية " انتهى من "شرح المحلي مع
حاشية قليوبي وعميرة" (3/208) .
وأنت ترى أن المسألة ليس فيها نص ، ولكنه اجتهاد من الفقهاء بنوه
على هذه المصالح ، وهذا يختلف من شخص إلى آخر ، ومن قرابة إلى قرابة ، فقد يرى
الرجل أن نكاحه لقريبته فيه حفظ لها , وإكرام لأهلها ، أو تكون صاحبة وخلق .
والأصل هو جواز النكاح ، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من
زينب بنت جحش وهي ابنة عمته ، وزوّج زينب ابنته من أبي العاص وهو ابن خالتها ، وزوج
عليا من فاطمة وهو ابن عم أبيها .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر تعليل الفقهاء
بنجابة الولد وخوف قطيعة الرحم : " وما قالوه صحيح ، لكن إذا وجد في الأقارب من هو
أفضل منها للاعتبارات الأخرى [ أي : الدين والحسب والجمال ] فإنه يكون أفضل . وعند
التساوي تكون الأجنبية أولى .
ومن ذلك : إذا كانت بنت العم امرأة ذات دين وخلق ، وأحواله
وإمكاناته ضعيفة تحتاج إلى رفق ومساعدة ، فإنه لا شك أن في هذا مصلحة كبيرة ،
فالإنسان يراعي المصالح في هذا الأمر ، فليس في المسألة نص شرعي يجب الأخذ به ،
ولذلك يتبع الإنسان ما يراه أكثر تحقيقا للمصالح " انتهى من "الشرح الممتع"
(5/123) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن الزواج من الأقارب وهل ذلك سبب
لحصول الإعاقة للأولاد ؟
فأجابوا : " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب ,
وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره , وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما
يشاع " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/13) .
والله أعلم .
*****
72265
الحكمة من ابتلاء الأنبياء
التاريخ والسيرة > المناقب >(1/5870)
سؤال رقم 72265- الحكمة من ابتلاء الأنبياء
نعرف أن المصائب تكون بسبب الذنوب ، وأنها تكفر الذنوب ، لكن ما الحكمة من المصائب التي كانت تصيب الأنبياء ؟.
الحمد لله
أولاً :
من أسباب المصائب : الذنوب ، ولكنها ليست السبب الوحيد ، فقد
يبتلي الله تعالى بعض عباده الذين لم يذنبوا ، لينالوا أجر الصابرين ، وترتفع بذلك
درجاتهم ، كما قد يبتلي الله بعض الأطفال ، وهم لا ذنب لهم . وانظر لمعرفة الحكمة
من حصول الابتلاءات جواب السؤال رقم ( 35914 ) .
ثانياً :
أشد الناس بلاء الأنبياء
روى الترمذي (2398) عَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً ؟ قَالَ :
الأَنْبِيَاءُ , ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ , فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى
حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلاؤُهُ , وَإِنْ كَانَ
فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَمَا يَبْرَحُ الْبَلاءُ
بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (143) .
وقد ذكر الله تعالى في كتابه صوراً من الابتلاء الذي تعرض له
الأنبياء :
قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل
وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى
أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) البقرة/87 .
وقال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما
أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله
من قبل إن كنتم مؤمنين ) البقرة/91 .
وقال تعالى : ( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات
والزبر والكتاب المنير ) آل عمران/184 .
وقال تعالى : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون
أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )
الصف/5 .
وقال تعالى : ( ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن
خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله
لهم عذاب أليم ) التوبة/61 .
وابتلي إبراهيم عليه السلام بمعاداة أبيه وقومه له ، وبالإلقاء
في النار .
قال الله تعالى : ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ
إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى
إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمْ الأَخْسَرِينَ ) الأنبياء/68-70 .
وابتلي بالأمر بذبح ابنه إسماعيل
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي
أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ
افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ *
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ
* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا
لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ) الصافات/102-107 .
قال ابن القيم في الفوائد ص (42) :
" الطريق طريقٌ تعِب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار
الخليل ، وأُضْجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ،
ونُشر بالمنشار زكريا ، وذُبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب ... وعالج
الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم " انتهى .
وأُخبر نبيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالابتلاء
في أول يوم من النبوة :
قال ورقة بن نوفل : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا , لَيْتَنِي
أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ , لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ
قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلا عُودِيَ , وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ
أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ) رواه البخاري (4) .
ثالثاً :
وأما الحكمة في ابتلاء الأنبياء ؛ فقد قال ابن القيم في "بدائع
الفوائد" (2/452) :
" فإنه سبحانه كما يحمي الأنبياء ويصونهم ويحفظهم ويتولاهم
فيبتليهم بما شاء من أذى الكفار لهم :
1- ليستوجبوا كمال كرامته .
2- وليتسلى بهم من بعدهم من أممهم وخلفائهم إذا أوذوا من الناس
فرأوا ما جرى على الرسل والأنبياء صبروا ورضوا وتأسوا بهم .
3- ولتمتلئ صاع الكفار فيستوجبون ما أعد لهم من النكال العاجل
والعقوبة الآجلة فيمحقهم بسبب بغيهم وعداوتهم فيعجل تطهير الأرض منهم .
فهذا من بعض حكمته تعالى في ابتلاء أنبيائه ورسله بإيذاء قومهم ،
وله الحكمة البالغة ، والنعمة السابغة ، لا إله غيره ، ولا رب سواه " انتهى .
وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" (1/299–301) :
" وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم
به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من
الابتلاء والامتحان . . . وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم ،
فصورته صورة ابتلاء وامتحان ، وباطنه فيه الرحمة والنعمة ، فكم لله مِن نعمة جسيمة
ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان .
فتأمل حال أبينا آدم صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه
محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة . . .
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت
إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها حتى أقر الله عينه ، وأغرق أهل الأرض
بدعوته ، وجعل العالم بعده من ذريته ، وجعله خامس خمسة وهم أولو العزم الذين هم
أفضل الرسل , وأمَر رسولَه ونبيه محمَّداً أن يصبر كصبره ، وأثنى عليه بالشكر فقال
: ( إنه كان عبداً شكوراً ) فوصفه بكمال الصبر والشكر .
ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم
إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين من بني آدم ، وتأمل ما
آلت إليه محنته وصبره وبذله نفسه لله ، وتأمل كيف آل به بذله لله نفسه ونصره دينه
إلى أن اتخذه الله خليلاً لنفسه . . . وضاعف الله له النسل وبارك فيه وكثر حتى
ملؤوا الدنيا ، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة ، وأخرج منهم محمَّداً صلى الله
عليه وسلم وأمَره أن يتبع ملة أبيه إبراهيم . . .
ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته
وفتونه من أول ولادته إلى منتهى أمره حتى كلَّمه الله تكليما ، وقرَّبه منه ، وكتب
له التوراة بيده ، ورفعه إلى أعلى السموات ، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، فإنه
رمى الألواح على الأرض حتى تكسرت ، وأخذ بلحية نبي الله هارون وجرَّه إليه ، ولطم
وجه ملك الموت ففقأ عينه ، وخاصم ربه ليلة الإسراء في شأن رسول الله ، وربه يحبه
على ذلك كله ، ولا سقط شيء منه من عينه ، ولا سقطت منزلته عنده ، بل هو الوجيه عند
الله القريب ، ولولا ما تقدم له من السوابق وتحمل الشدائد والمحن العظام في الله
ومقاسات الأمر الشديد بين فرعون وقومه ثم بنى إسرائيل وما آذوه به وما صبر عليهم
لله : لم يكن ذلك .
ثم تأمل حال المسيح صلى الله عليه وسلم وصبره على قومه
واحتماله في الله وما تحمله منهم حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم
من أعدائه ، وقطَّعهم في الأرض ومزَّقهم كل ممزق وسلبهم ملكهم وفخرهم إلى آخر الدهر
. . .
فإذا جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتأملت سيرتَه مع
قومه وصبره في الله ، واحتماله ما لم يحتمله نبي قبله ، وتلون الأحوال عليه مِن
سِلْم وخوف ، وغنى وفقر ، وأمن وإقامة في وطنه وظعن عنه وتركه لله وقتل أحبابه
وأوليائه بين يديه ، وأذى الكفار له بسائر أنواع الأذى من القول والفعل والسحر
والكذب والافتراء عليه والبهتان ، وهو مع ذلك كله صابر على أمر الله يدعو إلى الله
فلم يؤذ نبي ما أوذي ، ولم يحتمل في الله ما احتمله ، ولم يعط نبي ما أعطيه ، فرفع
الله له ذكره وقرن اسمه باسمه ، وجعله سيد الناس كلهم ، وجعله أقرب الخلق إليه
وسيلة ، وأعظمهم عنده جاهاً ، وأسمعهم عنده شفاعة ، وكانت تلك المحن والابتلاء عين
كرامته ، وهي مما زاده الله بها شرفا وفضلا ، وساقه بها إلى أعلى المقامات .
وهذا حال ورثته من بعده الأمثل فالأمثل كلٌّ له نصيب من
المحنة ، يسوقه الله به إلى كماله بحسب متابعته له " انتهى .
والله أعلم .
*****
72268
دفع الرشوة ليأخذ حقه
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/5871)
سؤال رقم 72268- دفع الرشوة ليأخذ حقه
لي أعمال مع بعض الدوائر الحكومية ، وإذا لم يأخذ الموظف رشوة فإنه يعطل أعمالي ، فهل يجوز لي أن أعطيه رشوة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الرشوة من كبائر الذنوب ، لما رواه أحمد (6791) وأبو داود (3580)
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي . صححه
الألباني في "إرواء الغليل" (2621) .
و"الراشي" هو معطي الرشوة ، و"المرتشي" هو آخذها .
فإذا استطعت إنهاء أعمالك من غير دفع للرشوة حرم عليه دفعها .
ثانياً :
إذا لم يستطع صاحب الحق أخذ حقه إلا بدفع رشوة فقد نص العلماء
رحمهم الله على جواز دفعه للرشوة حينئذ ويكون التحريم على الآخذ لها لا المعطي ،
واستدلوا بما رواه أحمد (10739) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا
إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا ، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ ، قَالَ
عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ ؟ قَالَ : إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ
إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ ) صححه الألباني
في صحيح الترغيب (844) .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هؤلاء المال مع أنه حرام
عليهم ، حتى يدفع عن نفسه مذمة البخل .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إذا أهدى له هدية
ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع
أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إني لأعطي أحدهم
العطية ...الحديث )" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/174) .
وقال أيضا :
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ
الظُّلْمِ لا لِمَنْعِ الْحَقِّ ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا ( يعني : أخذه
للرشوة حرام ) . . .
وَمِنْ ذَلِكَ : لَوْ أَعْطَى الرَّجُلُ شَاعِرًا أَوْ غَيْرَ
شَاعِرٍ ; لِئَلا يَكْذِبَ عَلَيْهِ بِهَجْوٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ لِئَلا يَقُولَ
فِي عِرْضِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ بَذْلُهُ لِذَلِكَ جَائِزًا
وَكَانَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ لِئَلا يَظْلِمَهُ حَرَامًا عَلَيْهِ ; لأَنَّهُ
يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ ظُلْمِهِ . . .
فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ الْمَالَ لِئَلا يَكْذِبَ عَلَى النَّاسِ
أَوْ لِئَلا يَظْلِمَهُمْ كَانَ ذَلِكَ خَبِيثًا سُحْتًا ; لأَنَّ الظُّلْمَ
وَالْكَذِبَ حَرَامٌ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ بِلا عِوَضٍ يَأْخُذُهُ
مِنْ الْمَظْلُومِ فَإِذَا لَمْ يَتْرُكْهُ إلا بِالْعِوَضِ كَانَ سُحْتًا " انتهى باختصار .
"مجموع الفتاوى" (29/252) .
وقال أيضا : (31/278) :
" قَالَ الْعُلَمَاءُ : إنَّ مَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِوَلِيِّ
أَمْرٍ لِيَفْعَلَ مَعَهُ مَا لا يَجُوزُ كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمَهْدِيِّ
وَالْمُهْدَى إلَيْهِ . وَهَذِهِ مِنْ الرَّشْوَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم : ( لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي ) .
فَأَمَّا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً لِيَكُفَّ ظُلْمَهُ عَنْهُ
أَوْ لِيُعْطِيَهُ حَقَّهُ الْوَاجِبَ : كَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ حَرَامًا
عَلَى الآخِذِ وَجَازَ لِلدَّافِعِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ كَمَا ، كَانَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إنِّي لأُعْطِي أَحَدَهُمْ الْعَطِيَّةَ
فَيَخْرُجُ بِهَا يَتَأَبَّطُهَا نَارًا . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلِمَ
تُعْطِيهِمْ ، قَالَ : يَأْبَوْنَ إلا أَنْ يَسْأَلُونِي ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي
الْبُخْلَ ) .
وَمِثْلُ ذَلِكَ : إعْطَاءُ مَنْ كَانَ ظَالِمًا لِلنَّاسِ ،
فَإِعْطَاءُه جَائِزٌ لِلْمُعْطِي ، حَرَامٌ عَلَيْهِ أَخْذُهُ .
وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ فِي الشَّفَاعَةِ : مِثْلُ أَنْ يَشْفَعَ
لِرَجُلِ عِنْدَ وَلِيِّ أَمْرٍ لِيَرْفَعَ عَنْهُ مَظْلِمَةً أَوْ يُوَصِّلَ
إلَيْهِ حَقَّهُ أَوْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً يَسْتَحِقُّهَا أَوْ يَسْتَخْدِمُهُ
فِي الْجُنْدِ الْمُقَاتِلَةِ - وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ - أَوْ يُعْطِيَهُ
مِنْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ الْقُرَّاءِ
أَوْ النُّسَّاكِ أَوْ غَيْرِهِمْ - وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ . وَنَحْوَ
هَذِهِ الشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا إعَانَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاجِبٍ أَوْ تَرْكُ
مُحَرَّمٍ : فَهَذِهِ أَيْضًا لا يَجُوزُ فِيهَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَيَجُوزُ
لِلْمهْدِي أَنْ يَبْذُلَ فِي ذَلِكَ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَخْذِ حَقِّهِ
أَوْ دَفْعِ الظُّلْمِ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ
وَالأَئِمَّةِ الأَكَابِرِ " انتهى بتصرف يسير .
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : " والمراد بالرشوة التي
ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل ، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم
على من يأخذها , وأما من يعطيها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ، وإن
قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز " "فتاوى السبكي" (1/204) .
وقال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص 150) :
" القاعدة السابعة والعشرون : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا
، ومهر البغي , وحلوان الكاهن والرشوة , وأجرة النائحة والزامر .
ويستثنى صور : منها : الرشوة للحاكم , ليصل إلى حقه , وفك الأسير
، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه " انتهى .
و"حلوان الكاهن" : ما يأخذه الكاهن مقابل كهانته .
وقال الحموي (حنفي ) في "غمز عيون البصائر" :
" القاعدة الرابعة عشرة : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ،
ومهر البغي ، وحلوان الكاهن ، والرشوة ، وأجرة النائحة والزامر , إلا في مسائل :
1- الرشوة لخوفٍ على ماله أو نفسه .
وهذا في جانب الدافع أما في جانب المدفوع له فحرام " انتهى بتصرف .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" :
" وفي "الأشباه" لابن نجيم (حنفي) , ومثله في "المنثور" للزركشي
(شافعي) : ما حرم أخذه حرم إعطاؤه , كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة
للحاكم إذا بذلها ليحكم له بغير الحق , إلا في مسائل : في الرشوة لخوفٍ على نفسه أو
ماله أو لفك أسير أو لمن يخاف هجوه " انتهى .
وقال الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي : " إذا تعينت الرشوة دون
غيرها سبيلاً للوصول إلى الغرض جاز الدفع للضرورة ، ويحرم على الآخذ " انتهى .
والخلاصة : أنه يجوز لك دفع الرشوة ويكون التحريم على الموظف
الذي يأخذها ، لكن بشرطين :
1- أن تدفعها لتأخذ حقك أو لتدفع بها الظلم عن نفسك ، أما إذا
كنت تدفعها لتأخذ ما لا تستحق فهي حرام ، ومن كبائر الذنوب .
2- ألا يكون هناك وسيلة أخرى لأخذ حقك أو دفع الظلم عنك إلا بهذه
الرشوة .
والله أعلم .
*****
72269
انتقال المعتدة إلى بيت أهلها خوفا من البقاء وحدها
الفقه > معاملات > العدة >(1/5872)
سؤال رقم 72269- انتقال المعتدة إلى بيت أهلها خوفا من البقاء وحدها
امرأة توفي زوجها وتسكن بيت إيجار في نفس المنطقة لكن بعيد عن أهلها ، ولا يوجد إلا أخ واحد لا يمكنه ترك أعماله والبقاء عندها ، وتخاف أن تبقى وحدها ، ولا تستطيع دفع إيجار البيت ؟ .
الحمد لله
يجب على المرأة المحادة على زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت
تسكن فيه عند موت زوجها ؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقد روى أصحاب
السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفريعة بنت مالك : ( امكثي في بيتك الذي جاء
فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله . قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ) رواه أبو داود (2300) والترمذي (1204) والنسائي (200) وابن ماجه (2031) وصححه
الألباني في صحيح ابن ماجه .
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم ، عملا بهذا الحديث ، إلا أنهم
رخصوا للمرأة إن خافت على نفسها ، أو لم يوجد عندها من يقوم بمصالحها ولم تستطع هي
أن تقوم بها أن تعتد في غير منزلها .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وممن أوجب على المتوفى عنها زوجها
الاعتداد في منزلها : عمر وعثمان رضي الله عنهما ، وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود
وأم سلمة ، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق . وقال ابن
عبد البر : وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ".
ثم قال : " فإن خافت هدما أو غرقا أو عدوا أو نحو ذلك ، أو
حوّلها صاحب المنزل لكونه بإجارة انقضت مدتها ، أو منعها السكنى تعدّيا ، أو امتنع
من إجارته ، أو طلب به أكثر من أجرة المثل ، أو لم تجد ما تكتري به ، [أي لم تجد
أجرة البيت] فلها أن تنتقل ؛ لأنها حال عذر . . . وإذا تعذرت السكنى ، سقطت ، ولها
أن تسكن حيث شاءت " . انتهى من "المغني" (8/127) بتصرف .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن امرأة مات زوجها وليس في مدينتهم
أحد يقوم بمسئوليتها ، فهل لها أن تعتد في مدينة أخرى ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر من أنها لا يوجد في البلد الذي مات فيه
زوجها من يقوم بمسئولياتها وشئونها ، ولا تستطيع أن تقوم هي بشئون نفسها شرعا جاز
لها أن تنتقل إلى بلد آخر تأمن فيه على نفسها ، وتجد فيه من يقوم بشئونها شرعا " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/463) .
وجاء فيها أيضا (20/473) :
" إذا كان تحول أختك المتوفى عنها زوجها من بيت الزوجية إلى بيت
آخر في أثناء عدة الوفاة للضرورة ، كأن تخاف على نفسها من البقاء فيه وحدها ، فلا
بأس بذلك ، وتكمل عدتها في البيت الذي انتقلت إليه " انتهى .
وبناء على ذلك : فإذا كانت هذه المرأة تخاف من البقاء وحدها ، أو
لا تستطيع دفع أجرة البيت ، فلا حرج عليها أن تنتقل إلى بيت أهلها وتكمل عدتها فيه
.
والله أعلم .
*****
7227
حكم صبغ الشّيب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/5873)
سؤال رقم 7227- حكم صبغ الشّيب
لاحظت أن بعض الزملاء في العمل يصبغون لحاهم باللون الأسود ، وعندما سألتهم قالوا أن من السنة تغيير اللون بما يعرف (بالكتم).
وأسأل عن التالي :
هل لي أن أصبغ رأسي أو لحيتي باللون الأسود ، حتى وإن كان بما ذكر أعلاه (الكتام) ؟
ما هو (الكتام) هذا ، هل له لون أسود ، وهل صحيح أن بعض الصحابة استخدموه ؟
الجواب :
أولاً : صبغ الشيب سنة جاء بها الإسلام ، وتكون في شيب الرأس واللحية للرجال ، وللنساء في شعر الرأس .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " . رواه البخاري ( 3275 ) ومسلم ( 2103 )
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : يا معشر الأنصار حمِّروا وصفِّروا وخالفوا الأعاجم . رواه أحمد ( 21780 ) . والحديث : حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 10 / 354 ) .
ثانياً : أما تغيير الشيب بالسواد فهذا حرام وهو قول جمهور العلماء يحرمونه تحريماً باتاً ، وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى أبا قحافة ، يقول جابر : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضاً غيِّروا هذا .. " . رواه مسلم ( 2102 ) .
ولحديث : " يكون أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ". رواه أبو داود ( 4212 ) والنسائي ( 5075 ) .
والحديث قال ابن حجر : إسناده قوي ، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع . " فتح الباري " ( 6 / 499 ) .
ثالثاً : أما الكتم قال ابن حجر :
والكتم نبات باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة وصبغ الحناء أحمر فالصبغ بهما معا يخرج بين السواد والحمرة . " فتح الباري " ( 10 / 355 ) .
رابعاً : هل صبغ الصحابة بالكتم ؟
نعم فعلوه وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن عثمان بن عبد الله بن وهب قال : دخلنا على أم سلمة رضي الله عنها فأخرجت إلينا شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوباً ( أحمر ) . رواه البخاري ( 5558 ) زاد ابن ماجه ( 3623 ) وأحمد ( 25995 ) : " بالحناء والكتم " .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم " . رواه الترمذي ( 1753 ) وأبو داود ( 4205 ) وابن ماجه ( 3622 ) . والحديث : قال الترمذي عنه : حسن صحيح .
وقد خضب أبو بكر رضي الله عنه بالحناء والكتم . رواه مسلم ( 2341 ) .
خامساً : يلاحظ أن الأحاديث التي ذكرت الكتم جعلته مقروناً بالحناء لأنَّ المراد بالأحاديث صبغ الشعر بالكتم مخلوطاً بالحناء .
يقول ابن القيم :
إن النهي هو عن التسويد البحت فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر كالكتم ونحوه فلا بأس به فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود ، بخلاف الوسمة فإنها تجعله أسود فاحماً ، وهذا هو الصحيح . " زاد المعاد " ( 4 / 336 ) .
والوسْمة : نبيت يخضب به .
بهذا نعلم أن الكتم لا يستخدم وحده لأنه يعطي اللون الأسود الفحم الخالص . ولكن يستعمل مع الحناء ليعطي لوناً أسود مشرباً بالحمرة ، وهكذا نجمع بين الأحاديث . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
72290
أحوال المأموم مع سجود السهو
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/5874)
سؤال رقم 72290- أحوال المأموم مع سجود السهو
ما حكم اتباع الإمام في حالة سجود السهو ؟ وما حكم سجود السهو إذا كنت مأموما ؟ .
الحمد لله
يجب على المأموم أن يتبع إمامه في سجود السهو إذا كان قد أدرك
معه جميع الركعات ، أي لم يكن مسبوقا ، وذلك لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ , فَلا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ ,
فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا , وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ , وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا ) رواه
البخاري (722) ومسلم (414) .
أما المسبوق ، وهو من فاتته ركعة فأكثر ، فإنه يتابع إمامه إذا
سجد قبل السلام ، ولا يتابعه إذا سجد بعد السلام لتعذر ذلك ؛ إذ المسبوق لا يمكن أن
يسلم مع إمامه ، ولكن عليه أن يقضي ما فاته ويسلم ، ثم يسجد للسهو ويسلم .
هذا من حيث الإجمال ، وأما من حيث التفصيل : فيمكن تلخيص أحوال
المأموم مع سجود السهو فيما يلي :
1- إذا أدرك المأموم جميع الصلاة مع إمامه ، فسها الإمام وسجد
للسهو ، فإنه يلزمه متابعته ، سواء كان السجود قبل السلام أو بعده .
2- إذا كان المأموم مسبوقا ، وسها الإمام في الجزء الذي أدركه
المأموم : ففيه تفصيل :
فإن سجد الإمام قبل السلام سجد معه المأموم ثم أتم صلاته ، ثم
سجد للسهو مرة أخرى ؛ لأن سجوده الأول مع إمامه كان في غير موضعه ، فإن سجود السهو
لا يكون في أثناء الصلاة ، بل يكون في آخر الصلاة , وإنما كان سجوده مع إمامه تبعا
لإمامه فقط .
وإن سجد الإمام بعد السلام ، لم يسجد المسبوق معه ، بل يقوم ويتم
صلاته ويسلم ، ثم يسجد للسهو ويسلم .
3- إذا كان المأموم مسبوقا ، وسها الإمام في الجزء الذي لم يدركه
المأموم ، كما لو سها في الركعة الأولى ، والمأموم دخل في الركعة الثانية :
فإن سجد الإمام قبل السلام ، تابعه المأموم ، ثم أتم صلاته ، ولا
يلزمه السجود مرة أخرى لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه .
وإن سجد الإمام بعد السلام : لم يتابعه المأموم ، ولم يلزمه
السجود في نهاية الصلاة أيضا ؛ لأنه لم يلحقه حكم سهو إمامه ، لأن السهو وقع قبل أن
يلتحق بإمامه في الصلاة .
وهذه الحالات كلها فيما إذا كان السهو من الإمام ، وأما سهو
المأموم نفسه فله أحوال أيضا :
4- إذا سها المأموم في صلاته ، ولم يكن مسبوقا ، أي أدرك جميع
الركعات مع إمامه ، كما لو نسي أن يقول : سبحان ربي العظيم في الركوع ، فإنه لا
سجود عليه ؛ لأن الإمام يتحمله عنه ، لكن لو فرض أن المأموم سها سهوا تبطل معه إحدى
الركعات كما لو ترك قراءة الفاتحة نسيانا ، فهنا لابد أن يقوم إذا سلم الإمام ويأتي
بالركعة التي بطلت من أجل السهو ، ثم يتشهد ويسلم ويسجد بعد السلام .
5- إذا سها المأموم في صلاته ، وكان مسبوقا ، فإنه يسجد للسهو ،
سواء كان سهوه في حال كونه مع الإمام ، أو بعد القيام لقضاء ما فاته ؛ لأنه إذا سجد
لم يحصل منه مخالفة لإمامه حيث إن الإمام قد انتهى من صلاته .
انظر : "رسالة في أحكام سجود السهو" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
والله أعلم .
*****
72291
وقوع الطلاق بالكتابة
الفقه > معاملات > الطلاق >
سؤال رقم 72291: وقوع الطلاق بالكتابة
إذا كتب الزوج لزوجته رسالة بالهاتف المحمول : أنت طالق ، ثم قال لم أقصد الطلاق ، هل يقع بذلك الطلاق ؟.
الحمد لله
أولاً :
" اتفق الفقهاء على وقوع الطلاق بالكتابة , لأن الكتابة حروف
يفهم منها الطلاق , فأشبهت النطق ; ولأن الكتابة تقوم مقام قول الكاتب , بدليل أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان مأمورا بتبليغ الرسالة , فبلغ بالقول مرة , وبالكتابة
أخرى . والكتابة التي يقع بها الطلاق إنما هي الكتابة المستبينة , كالكتابة على
الصحيفة والحائط والأرض , على وجه يمكن فهمه وقراءته . وأما الكتابة غير المستبينة
كالكتابة على الهواء والماء وشيء لا يمكن فهمه وقراءته , فلا يقع بها الطلاق , لأن
هذه الكتابة بمنزلة الهمس بلسانه بما لا يسمع " انتهى .
"الموسوعة الفقهية" (12/217) .
ثانياً :
إذا كتب الزوج رسالة لزوجته : أنت طالق ، سواء كانت بالهاتف
المحمول أو على ورقة أو بالبريد الإلكتروني ، فهذا يُرجع فيه إلى نيته وقت الكتابة
، فإن كان عازما على الطلاق ، وقع الطلاق ، وإن كتب ذلك ولم يكن ناوياً للطلاق ،
وإنما أراد إدخال الحزن على زوجته أو غير ذلك من المقاصد لم يقع الطلاق .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق ،
إلا في موضعين : أحدهما ، من لا يقدر على الكلام ، كالأخرس إذا طلق بالإشارة ، طلقت
زوجته ...
الموضع الثاني : إذا كتب الطلاق ، فإن نواه طلقت زوجته ، وبهذا
قال الشعبي ، والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي ".
وإن كتب بلا نية الطلاق ، لم يقع عند الجمهور : " لأن الكتابة
محتملة ، فإنه يقصد بها تجربة القلم ، وتجويد الخط ، وغم الأهل ، من غير نية" . انتهى من "المغني" (7/373) .
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/346) : " فلو قال كاتب الطلاق :
لم أرد إلا تجويد خطي ، أو لم أرد إلا غم أهلي , قُبل ؛ لأنه أعلم بنيته ، وقد نوى
محتملا غير الطلاق . . . وإذا أراد غم أهله بتوهم الطلاق دون حقيقته ، لا يكون
ناويا للطلاق " انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : رجل كان جالسا مع أخته وزوجته
فطلب من أخته أن تجيء بالقلم فكتب على ورقة : طلاق طلاق بغير إضافة إلى أحد فغضبت
أخته وأخذت القلم ثم كتبت ثلاث مرات طلاق طلاق طلاق ثم ألقى الورقة إلى امرأته وقال
لها : انظري هل صحيح ما كتبت ؟ وهو لم يرد كتابة هذه الألفاظ لامرأته .
فأجاب : " هذا الطلاق غير واقع على المرأة المذكورة إذا كان لم
يقصد به طلاقها , وإنما مجرد الكتابة أو أراد شيئا آخر غير الطلاق , لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات . . . ) الحديث .
وهذا قول جمع كثير من أهل العلم وحكاه بعضهم قول الجمهور , لأن
الكتابة في معنى الكناية , والكناية لا يقع بها الطلاق إلا مع النية في أصح قولي
العلماء ، إلا أن يقترن بالكتابة ما يدل على قصد إيقاع الطلاق فيقع بها الطلاق .
والحادثة المذكورة ليس فيها ما يدل على قصد إيقاع الطلاق والأصل
بقاء النكاح والعمل بالنية " انتهى .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" فقد وصلنا استفتاؤك وفهمنا ما تضمنه من أن رجلاً كتب طلاق
زوجته فلانة بنت فلان طلقة واحدة ، وأنه ذيل الكتابة بتوقيعه واسمه ، وأنه لم يقصد
إيقاع الطلاق بزوجته ، ولم ينوه إطلاقاً ، بل كتب الورقة ليرهب زوجته ويهددها لكي
ترتدع عن معاملتها السيئة لزوجها إلى آخر ما ذكر . وتسأل هل يقع الطلاق من الرجل
المذكور على الزوجة ، أم لا ؟
والجواب : الحمد لله , إذا كان الأمر كما ذكرت في أنه لم يقصد من
كتابته صريح طلاق زوجته إلا تهديدها وإرهابها لترتدع عن معاملتها السيئة له ، وأنه
لم يقصد الطلاق ولم ينوه إطلاقاً فلا يقع الطلاق المذكور ، وبالله التوفيق " انتهى .
"فتاوى محمد بن إبراهيم" (11/سؤال رقم 3051) .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم أيضاً عن رجل كتب طلاق امرأته وأراد
بذلك غم أهله وتهديدها .
فأجاب :
" يظهر لنا أن الطلاق غير واقع ، وإنما أراد من هذه الورقة غم
أهله وتهديدها ، وقد ذكر العلماء أنه إذا قصد من كتابة الطلاق تجويد خطه أو غم أهله
قبل منه مقصده ولا يقع الطلاق ، قال في "شرح زاد المستقنع– الجزء الثالث ص150" :
ومن كتب صريح طلاق امرأته بما يبين وقع وإن لم ينوه ، لأنها صريحة فيه ؛ فإن قال :
لم أرد إلا تجويد خطي أو غم أهلي قبل . اهـ . وبالله التوفيق " انتهى .
"فتاوى محمد بن إبراهيم" (11/السؤال رقم 3050) .
*****
72300
طلب العلم على كِبَر
العلم > طلب العلم >(1/5875)
سؤال رقم 72300- طلب العلم على كِبَر
هل يمكن طلب العلم الشرعي لمن بلغ عمره الخامسة والعشرين ولم يلتزم إلا من حوالي سنتين ونصف ولا يحفظ من القراًًن إلا ثلاثة أجزاء ؟
والمراد تعلمه هو معالي العلم بطريقة منهجية كما بينه مشايخنا الأفاضل كالشيخ ابن العثيمين في كتابه العلم ، وما أريده من تعلمي العلم هو رفع الجهل عن نفسي أولا وأن أعبد الله على علم ، ثم أحاول أن أرفع الجهل عمن حولى .
الحمد لله
اعلم أخي ـ وفقك الله ـ أن أعظم نعمة ينعمها الله على عبده أن
يهديه من الضلال ، وينقذه من الغواية ، فإذا شرح الله صدر عبده لتعلم العلم الشرعي
وتعليمه ، فقد أبلغ في الفضل وزاد في الإكرام ، فاستوجب ذلك من العبد مزيدا من
الشكر لربه، والعمل بمرضاته .. ومن ذلك الاجتهاد في تحصيل العلم الموروث عن سيد
الرسل صلى الله عليه وسلم ..
وأما ما ذكرته من بلوغك سن الخامسة والعشرين ؛ فأي شيء في ذلك ؟!
فعليك بالاجتهاد في حفظ كتاب الله ، وما تيسر من سنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، والمتون العلمية النافعة ، ودراسة كتب أهل العلم ، وقراءتها ،
وملازمة الشيوخ الربانيين أصحاب الاعتقاد الصحيح والفهم المستقيم ، سائراً في ذلك
على المنهجية التي حث عليه العلماء من أمثال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ،
وغيره من أهل العلم والفضل .
وستجد في هذا الموقع ، وفي موقع " المختار
الإسلامي " زاوية خاصة متعلقة بالعلم وطلبه ، فعليك بتصفحها ، فستجد فيها بإذن
الله إجابات كثيرة عما قد يجول في خاطرك من أسئلة حول هذا الموضوع .
واعلم بأن طريق العلم طريق طويل ، لكنه يسير على من يسره الله
عليه ، فشد من عزمك ، واستعن بربك ، ولا يصدنك ما انقضى من عمرك ، فلعل ما بقي خير
وأبرك مما مضى بإذن الله .
واعلم أن كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعلموا
العلم إلا والشيب يزين مفارقهم ، وقد مضى من عمرهم أكثر مما مضى من عمرك ، فلم
يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا سادة العلماء وأئمة الدنيا ، وفيهم أسوة لكل مؤتس ، كما
أن أخبار العز بن عبد السلام وابن حزم وغيرهم ممن طلبوا العلم كباراً ليست عنا
ببعيدة .. فاستعن بالله ولا تعجز .
سائلين الله لك التوفيق والسداد
والله أعلم .
*****
72303
كفن الشهيد
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/5876)
سؤال رقم 72303- كفن الشهيد
كيف يكفن الشهيد ؟.
الحمد لله
السنة في الشهيد أن يدفن بثيابه التي قتل فيها .
انظر : "بدائع الصنائع" (2/368) , "مواهب الجليل" (2/294) , "المجموع" (5/229) ,
"المغني" (3/471) .
وقد ورد في ذلك عدة أحاديث ، منها :
1- روى أحمد (33144) أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه
الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص 36) .
2- وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( رُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ
فِي صَدْرِهِ , أَوْ فِي حَلْقِهِ , فَمَاتَ فَأُدْرِجَ فِي ثِيَابِهِ كَمَا هُوَ ,
قَالَ : وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه أبو داود (3133) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وقال الحافظ في "التلخيص"
(2/118) : إسناده صحيح على شرط مسلم .
3- وعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
لما قتل مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ يَتْرُكْ إِلا نَمِرَةً كُنَّا
إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلاهُ , وَإِذَا غُطِّيَ بِهَا
رِجْلاهُ خَرَجَ رَأْسُهُ , فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِهِ الإِذْخِرَ ) رواه البخاري (4047) ومسلم (940) .
وقد اختلف الفقهاء في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدفن الشهداء
في ثيابهم , هل هو على سبيل الاستحباب والأولوية , أم على سبيل الوجوب ؟ على قولين
:
الأول : أنه على سبيل الاستحباب , قال به الشافعية وبعض الحنابلة
.
قال النووي في "المجموع" (5/229) : " ثم وليه بالخيار إن شاء
كفنه بما عليه , وإن شاء نزعه وكفنه بغيره , وتركه أفضل " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (3/471) : " وليس هذا بحتم , لكنه
الأولى , وللولي أن ينزع عنه ثيابه ويكفنه بغيرها " انتهى .
واستدلوا على عدم الوجوب بما رواه أحمد (1421) عن الزبير أن أمه
صفية ( وهي أخت حمزة ) أتت يوم أحد بثوبين وقالت : هَذَانِ ثَوْبَانِ جِئْتُ
بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا ,
قَالَ : فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ فَإِذَا إِلَى
جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ قَتِيلٌ قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ
بِحَمْزَةَ , قَالَ : فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ نُكَفِّنَ حَمْزَةَ فِي
ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ لا كَفَنَ لَهُ , فَقُلْنَا : لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ
وَلِلأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ , فَقَدَرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرَ مِنْ
الآخَرِ فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي
الثَّوْبِ الَّذِي صَارَ لَهُ . وحسنه الألباني في أحكام الجنائز ( ص 62) .
القول الثاني : أن الأمر على سبيل الوجوب , وهو مذهب المالكية
والحنابلة واختاره ابن القيم والشوكاني .
قال المرداوي في "الإنصاف" (6/94) : " والصحيح في المذهب أنه يجب
دفنه في ثيابه التي قتل فيها " انتهى .
وقال الإمام مالك : " إن أراد وليه أن يزيد على ما عليه وقد حصل
له ما يجزئ في الكفن لم يكن له ذلك , ولا يزاد عليه شيء " انتهى من "مواهب
الجليل" (2/294) .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/50) :
" والظاهر أن الأمر بدفن الشهيد بما قتل فيه من الثياب للوجوب " انتهى .
وأجابوا عن حديث حمزة :
بأنه كفن في كفن آخر لأن الكفار كانوا مثلوا به , وبقروا بطنه ,
واستخرجوا كبده , وأخذوا ثيابه , فلذلك كفن في كفن آخر . قاله ابن القيم في "زاد
المعاد" (3/217) .
قال ابن رشد : " من عراه العدو لا رخصة في ترك تكفينه , بل ذلك
لازم , كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء يوم أحد اثنان في ثوب " انتهى . نقلاً من "مواهب الجليل" (2/294) .
مسألة :
هل يزال ما عليه من الحديد والسلاح والفرو والخف والمنطقة
والقلنسوة وغيرها ؟
أما الحديد والسلاح فاتفق العلماء على أنه يزال .
قال ابن القاسم في "المدونة" : " وينزع عنه الدرع والسيف وجميع
السلاح " انتهى .
"مواهب الجليل" (2/294) .
وقال النووي في "المجموع" (5/229) : " وأجمع العلماء على أن
الحديد والجلود ينزع عنه " انتهى .
والظاهر أن المراد بقوله رحمه الله : "والجلود" : السلاح وآلة
الحرب ، لأنه قد ذكر الاختلاف في نزع الفرو والخف قبل ذلك بسطر واحد فقط ، فيكون
المراد من الجلود هنا : السلاح ، كالجراب الذي يعلق فيه السيف ، أو ما يكون فيه
السهام ، وما أشبه ذلك .
وقد استدلوا على ذلك بـ :
1- ما رواه أبو داود (3134) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بِقَتْلَى
أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا
بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ ) وضعفه الحافظ في التلخيص (2/118) ، وضعفه
الألباني في ضعيف أبي داود .
2- ولكن يغني عن هذا الحديث الضعيف ما رواه أحمد (23144) أن
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : (
زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وصححه الألباني في تلخيص أحكام الجنائز (ص
36) .
والحديد والسلاح ليست من الثياب ، فلا تدخل في هذا الحديث .
وانظر : "بدائع الصنائع" (2/368) , "المغني" (3/471) .
وأما الفرو والخف والقلنسوة والمنطقة (الحزام الذي يلبس على
الوسط) فقد اختلف العلماء في نزعها على قولين :
الأول : لا يزال , وهو مذهب المالكية .
قال الحطاب في "مواهب الجليل" (2/294 ) : " قال ابن القاسم : ...
ولا ينزع من عليه شيء من ثيابه , ولا فرو , ولا خف , ولا قلنسوة , قال مطرف : ولا
خاتمه إلا أن يكون نفيس الفص , ولا منطقة إلا أن يكون لها خطر (أي : تكون ثمينة) " انتهى .
واستدلوا بقول الرَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
شهداء أحد : ( زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ ) وهو عام في جميع الثياب .
القول الثاني : أنه يزال , وهو مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة
.
واستدلوا بـ :
1- حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( أَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ
عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ , وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ
) وهو ضعيف كما تقدم .
2- ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : ينزع من الشهيد الفرو
والخف والقلنسوة .
وضعفه الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/50) .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/368-369) : " وهذا لأن ما
يترك يترك ليكون كفناً , والكفن ما يلبس للستر , وهذه الأشياء تلبس إما للتجمل
والزينة , أو لدفع البرد , أو لدفع معرة السلاح , ولا حاجة للميت إلى شيء من ذلك ,
فلم يكن شيء من ذلك كفناً , وبه تبين أن المراد من قوله صلى الله عليه وسلم (
زملوهم بثيابهم ) الثياب التي يكفن بها وتلبس للستر " انتهى .
وانظر : "المجموع" (5/229) , "المغني" (3/471) .
*****
72307
تأتيها وساوس الشيطان إذا رأت ثبات أهل الكفر والباطل وتفانيهم في ذلك
مشكلات نفسية واجتماعية >
العقيدة > الإيمان >(1/5877)
سؤال رقم 72307- تأتيها وساوس الشيطان إذا رأت ثبات أهل الكفر والباطل وتفانيهم في ذلك
باختصار أنا اشتكي من القلق على ديني وعقيدتي ، أتمنى أن لا يحاسبني الله على سؤالي ولكني فعلا بحث عن الإجابة الشافية .
حين أرى النصارى واليهود أو حتى الفئات التي ضلت عن العقيدة الإسلامية الصحيحة حين ألحظ عليهم مدى تمسكهم باعتقادهم وتصديقهم به بل والراحة النفسية التي يشعرون بها أو - لا أدري إن كان حقيقيا- أسأل نفسي كيف يعرف المسلم أنه على العقيدة الصحيحة ؟ طالما أن الراحة النفسية موجودة لدى الجميع ، خاصة أنه بعلم النفس وارد أن ما تؤمن به فعليا هو ما يجعلك تطمئن إليه وتثق به ولو كان غير صحيح ؟ وما يحيرني خاصة الفئات الخاطئة التي تفرعت من الإسلام مثل الصوفية والشيعة ؟ أنا فقط بدأت أشعر بهذه الوساوس بعد أن أصبحت والحمد لله أقرب إلى ربي من قبل بعد ترك الأغاني ، وقيام الليل والنوافل والاستغفار.
الحمد لله
فقد أحسنتِ حينما أطلقتِ على هذه الخواطر التي تجول في نفسك
بأنها وساوس ، ومعلوم أن الوسوسة من الشيطان ، والشيطان لا يحب من العبد أن يعود
لخالقه تائباً نادما مقبلاً على الخير ، بل يحرص أن يصده عن دينه بسائر أنواع الفتن
والشهوات ، فإذا أعجزته الحيل لجأ إلى الوسوسة والتشكيك ، ليشعره بالقلق وعدم
الطمأنينة ، ولذا تجدين أنك لم تشعري بهذه الوساوس إلا بعد أن تركت بعض المعاصي
التي كان يزينها لك ، فلما انتصرت عليه في هذا الميدان ، لجأ إلى أضعف حيله وهي
الوسوسة ، وقد شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له أنه ينتابهم بعض الوساوس
التي يكرهونها ولا يحبون التكلم بها ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( الحمد لله
الذي رد كيده إلى الوسوسة ) رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس ( 5112 )
وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود .
فحيث عجز عن صدهم عن الخير لجأ إلى الوسوسة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو بغيره ، لا
بد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة
ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ
كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/76 .
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاءه من الوسوسة
أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله
تعالى ، أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود و النصارى يقولون
: لا نوسوس . قال : صدقوا ! وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ؟!! .
"مجموع الفتاوى" (22/608) .
لذا فعليك ألا تلتفتي لهذه الوساوس ، ولا تجعليها عائقاً عن
مواصلة طريقك في السير إلى الله تعالى .
وأما ما ذكرتِه عن بعض الكفار وأهل البدع من أنهم يكونون في راحة
نفسية ، فجميل منك أنك قلت في ثنايا سؤالك : ( لا أدري إن كان حقيقياً ) فإن كثيراً
من هذه السعادات زائفة ، تكون في الظاهر بينما يبقى الباطن يشعر بفراغ وضيق قاتل ،
لا يزيله إلا صدق العبد مع الله في عبوديته وتحقيق مرضاته .
وهنا ينبغي أن تنتبهي إلى عدة أمور :
الأول : أن مقياس العقيدة الصحيحة لا يعرف بالراحة النفسية أو
عدمها ، وإنما تعرف العقيدة بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله على وفق ما التزمه
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأي أمر أشكل عليك فاعرضيه على كلام الله
تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام صحابته ، فإن وجدت أصحاب رسول الله
قائلين به فاعلمي أنه الحق ، وما سواه فهو باطل ، فإن عجزت عن ذلك فاسألي أهل العلم
الذين يسيرون في علمهم وطريقتهم على منهج الصحابة والسلف الصالح ؛ فهذا هو المقياس
الصحيح الوحيد .
وأما السعادة والراحة النفسية فهي نتيجة لصدق العبد في تحصيل رضى
ربه ، ومتابعة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً ) النحل/97 .
الثاني : أن الشعور بالضيق والضنك أمر نسبي ، وهو يختلف من شخص
لآخر ، وأحيانا يكون الإنسان يعيش في أشد حالات الضيق ولا يشعر بشيء من ذلك لأنه
ميت القلب ، ألست ترين الأعمى يكون في أشد أنواع الظلمة ولا يشعر بالظلام ، وما ذلك
إلا لأنه لا بصر عنده أصلاً ، فكذلك ميت القلب ، ليس عنده حياة أصلاً ليشعر بألم
ضيق الصدر من عدمه ، وقديما قال الشاعر : ما لجرحٍ بميت إيلام
لكن الله عز وجل قال وقوله الحق : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
) طه/124.
والضنك : قد فسر بعدة تفسيرات ، ففي تفسير ابن كثير رحمه الله ما
ملخصه :
" أي : ضَنْك فِي الدُّنْيَا ، فَلا طُمَأْنِينَة لَهُ ، وَلا
اِنْشِرَاح لِصَدْرِهِ ، بَلْ صَدْره ضَيِّق حَرَج لِضَلالِهِ ، وَإِنْ تَنَعَّمَ
ظَاهِره وَلَبِسَ مَا شَاءَ وَأَكَلَ مَا شَاءَ وَسَكَنَ حَيْثُ شَاءَ فَإِنَّ
قَلْبه مَا لَمْ يَخْلُص إِلَى الْيَقِين وَالْهُدَى فَهُوَ فِي قَلَق وَحِيرَة
وَشَكّ ، فَلا يَزَال فِي رِيبه يَتَرَدَّد فَهَذَا مِنْ ضَنْك الْمَعِيشَة .
وَقَالَ الضَّحَّاك : هُوَ الْعَمَل السَّيِّئ وَالرِّزْق
الْخَبِيث .
وعَنْ أَبِي سَعِيد فِي قَوْله : ( مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ :
يُضَيِّق عَلَيْهِ قَبْره حَتَّى تَخْتَلِف أَضْلاعه فِيهِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ ( عَذَاب الْقَبْر ) إِسْنَاد جَيِّد " انتهى .
فلو فرض أن الكافر أو الفاجر عاش في هذه الدنيا في سعادة حتى لو
كانت داخلية ، فإنه فاقد للطمأنينة والسكينة التي يتنعم بها المؤمنون الصادقون ، ثم
إن ما ينتظره من العذاب في البرزخ وما بعده ضنك وأي ضنك ، نسأل الله أن يعيذنا
وإياكِ من عذاب القبر ، وأن يثبتنا وإياكِ على الحق حتى نلقاه .
وختاماً : عليك بالاجتهاد في الطاعات وعمل الصالحات ، والابتعاد
عن الوساوس الجالبة للهموم ، وعليك بتعلم العلم النافع ، فإنه يقيك بإذن الله من
أنواع الفتن والشبهات .
والله أعلم .
*****
7231
هل يشترط أن يكون الإمام واحدا وأن يكون هو الخطيب
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/5878)
سؤال رقم 7231- هل يشترط أن يكون الإمام واحدا وأن يكون هو الخطيب
السؤال :
لقد عشت في الولايات المتحدة حوالي سبع سنوات وقد قضيت جميع تلك السنوات في لاس فيجاس. وفي كل جمعة كان يقدم الخطبة إمام مختلف. سؤالي هو في حي يبلغ تعداد سكانه 6000 نسمة وربما أكثر، فهل من المناسب أن يكون للمسجد إمام مختلف كل جمعة أم يجب على المسجد أن يوظف إماما ثابتا، خاصة إذا كان المسجد قادرا على توظيف إمام ثابت؟ إذا كان الإمام ثابتا فلن يحتاج المرء للذهاب إلى أماكن بعيدة من أجل الحصول على إجابات على ما يكون لديه من استفسارات. جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خدمة.
الجواب :
الحمد لله
1. إذا كان المسجد يُمكن أن يقوم به إمام واحد وليس من المساجد الضخمة التي تحتاج إلى تعاون أكثر من إمام أو كان هناك شخص متفرّغ للإمامة وكانت لديكم القدرة المالية على سدّ حاجته أو وُجد من يتبرّع لأداء المهمة فإنّ تثبيت إمام واحد وخطيب للمسجد فيه فوائد عديدة منها :
أ. الخطيب الثابت أقدر على التعرف على مشكلات الناس ، وبالتالي المشاركة في حلها ، وأن يكون مرجع أهل المسجد وقائدهم ، والناس إذا علموا برجوعه جمعة أخرى حثهم ذلك على طرح ما عندهم من مسائل ومشكلات .
ب. ومن الفوائد كذلك التي تعود على الناس سماعهم لأشياء مفيدة يحتاج الكلام عليها إلى سلسلة من الخطب كتفسير سورة الفاتحة - مثلاً - أو علامات الساعة أو الغزوات أو تعليم الصلاة ، وهذه السلسلة لا يقوم بها في الغالب إلا إمام واحد بخلاف الخطباء متجددين .
ت. ومنها : سماع الناس لأشياء جديدة في كل أسبوع ، فالخطيب الثابت لا يعيد المواضيع التي سبق وأن خطب عنها قريبا لئلا يملّ الناس ، بل يجدّد لهم الموضوعات في كل أسبوع ، بخلاف الخطباء المتغيرين ، فقد يسمع الناس منهم مواضيع متشابهة متكررة ، وهو ما يضيع عليهم وقتاً يمكن الاستفادة منه أكثر .
ث. وكون الخطيب هو الإمام نفسه أحسن لأنّه تجتمع عنده الأمور ومشكلات أهل مسجده وقد يحدث في خلال الأسبوع من الحوادث لأهل الحيّ وجماعة المسجد ما يستدعي أن يعلّق عليه أو يتكلم حوله في خطبة الجمعة .
ج. ومنها : موافقة هدي النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده حيث كان هو الإمام والخطيب الثابت .
2. وينبغي الانتباه البالغ والاهتمام الشديد بأن يكون الإمام مِن أهل السنة وعلى منهجهم في الاعتقاد ، وهو الذي ينفعكم في دينكم ، ومن عداه من أهل البدع فهو ضار بكم ، ومضلل لكم .
3. ويضاف إلى كونه على عقيدة سليمة أن يكون صاحب علم تسمعون منه شيئاً نافعاً في الدروس والخطب .
4. ولا مانع من تكوين لجنة فيها بعض طلبة العلم لاختيار إمام وخطيب ، فالناس إذا كان ميزانهم العاطفة لن يستطيعوا التمييز بين النافع والضار .
5. هذا ، ولا يلزم أن يكون الإنسان موفّقا في الإمامة والخطابة معاً ، فكم من قارئ مشهور جاهل بأحكام الشرع ، وكم من خطيب مفوَّه لا يتقن أحكام سجود السهو ، وكم من طالب علم لا يحسن الخطابة ومواجهة الناس .
فإذا دعت الحاجة إلى أن يكون الإمام غير الخطيب فلا بأس بذلك وكذلك إذا كانت أحوال الجالية المسلمة لا تسمح بأن يتفرّغ شخص واحد للقيام بمهمات الإمامة والخطابة لظروف الدراسة والعمل فلا مانع من أن يتناوب مجموعة من المؤهلين فيهم على الإمامة والخطابة وأن يُعمل جدول دقيق لذلك حتى لا تضيع المسئوليات ويحدث فراغ يخلّ برسالة المسجد ، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للخير وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72313
يعاني من كثرة التثاؤب داخل الصلاة فماذا يصنع ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/5879)
سؤال رقم 72313- يعاني من كثرة التثاؤب داخل الصلاة فماذا يصنع ؟
أنا أعاني من كثرة التثاؤب في الصلاة برغم أنه خارج الصلاة لا يأتيني ، أفيدوني - رعاكم الله - ؟.
الحمد لله
أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين ، وذكر تعالى أن من أعظم
صفاتهم أنهم ( فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) ، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن
الشيطان يسعى لإلهاء المصلي في صلاته ، وقد ابتلى الله المؤمنين بذلك ، ومن طرق
إلهاء الشيطان للمصلي إشغاله لفكره ، ووسوسته له في صلاته ، ومنها : تسلطه عليه
بالتثاؤب حتى يشغله بها عن صلاته ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التثاؤب
من الشيطان ، وأَمرنا أن نرد التثاؤب ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً ، فإذا غلبنا
التثاؤب فقد أَمرنا أن نضع أيدينا على أفواهنا ، وهذه هي نصوص الأحاديث مع بيان
شرحها :
1. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ
– [وفي رواية : فِي الصَّلاةِ] فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ
يَدْخُلُ ) رواه مسلم ( 2995 ) .
2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( التثاؤب من الشيطان ، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ، فإن أحدكم إذا قال :
" ها " ضحك الشيطان ) رواه البخاري (3115) ومسلم ( 2994 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قال ابن بطال : إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا
والإرادة , أي : أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائباً ، لأنها حالة تتغير فيها
صورته فيضحك منه ، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب .
وقال ابن العربي : قد بينَّا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى
الشيطان لأنه واسطته , وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى المَلَك لأنه واسطته , قال :
والتثاؤب من الامتلاء ، وينشأ عنه التكاسل ، وذلك بواسطة الشيطان , والعطاس من
تقليل الغذاء ، وينشأ عنه النشاط ، وذلك بواسطة المَلَك .
وقال النووي : أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات
إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه , والمراد : التحذير من السبب الذي يتولد
منه ذلك ، وهو التوسع في المأكل .
قوله : " فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع " أي : يأخذ في
أسباب رده , وليس المراد به أنه يملك دفعه ، لأن الذي وقع لا يرد حقيقة , وقيل :
معنى (إذا تثاءب) أي : إذا أراد أن يتثاءب ... .
قال شيخنا – أي : الحافظ العراقي - في " شرح الترمذي " : أكثر
روايات الصحيحين فيها إطلاق التثاؤب , ووقع في الرواية الأخرى تقييده بحالة الصلاة
، فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد , وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في
صلاته , ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد , ولا يلزم من ذلك أن لا يكره في غير
حالة الصلاة .
ويؤيد كراهته مطلقا كونه من الشيطان , وبذلك صرح النووي , قال
ابن العربي : ينبغي كظم التثاؤب في كل حالة , وإنما خص الصلاة لأنها أولى الأحوال
بدفعه ، لما فيه من الخروج عن اعتدال الهيئة واعوجاج الخلقة ... .
وأما قوله في رواية مسلم : ( فإن الشيطان يدخل ) فيحتمل أن يراد
به الدخول حقيقة , وهو وإن كان يجري من الإنسان مجرى الدم لكنه لا يتمكن منه ما دام
ذاكراً لله تعالى , والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر فيتمكن الشيطان من الدخول فيه
حقيقة .
ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه ؛ لأن من شأن من
دخل في شيء أن يكون متمكنا منه .
وأما الأمر بوضع اليد على الفم فيتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب
فيغطى بالكف ونحوه ، وما إذا كان منطبقا حفظا له عن الانفتاح بسبب ذلك .
وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه مما يحصل ذلك
المقصود , وإنما تتعين اليد إذا لم يرتد التثاؤب بدونها , ولا فرق في هذا الأمر بين
المصلي وغيره , بل يتأكد في حال الصلاة كما تقدم ، ويستثنى ذلك من النهي عن وضع
المصلي يده على فمه .
ومما يؤمر به المتثائب إذا كان في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى
يذهب عنه لئلا يتغير نظم قراءته " انتهى .
" فتح الباري " ( 10 / 612 ) .
وقال النووي رحمه الله :
" وسواء كان التثاؤب في الصلاة أو خارجها : يستحب وضع اليد على
الفم , وإنما يكره للمصلي وضع يده على فمه في الصلاة إذا لم يكن حاجة كالتثاؤب
وشبهه " انتهى .
" الأذكار " ( ص 346 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
التثاؤب هو من الشيطان ، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم ، وينبغي للإنسان إذا تثاءب سواء في الصلاة أم خارج الصلاة ينبغي له أن يكظم
تثاؤبه ما استطاع ، فإن عجز : فليضع يده على فمه ، سواء في الصلاة أو في خارج
الصلاة .
" فتاوى نور على الدرب " .
ومن أراد التخلص من التثاؤب في الصلاة فعليه بالدخول فيها بجد
ونشاط وعزيمة قوية ، وليعلم أن الشيطان له عدو فليتخذه عدوا ، وليحاول رده ما
استطاع ، فإن غلبه فليضع يده على فيه .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
أنا شاب متدين أبلغ من العمر 22 عاما أعاني من مشكلة أرجو من
الله ثم منكم أن تساعدوني على التخلص منها وهي أنني حين أبدأ في الصلاة أبدأ في
التثاؤب بغير قصد وهذه الحالة دائما تلازمني حتى عند قراءة آية الكرسي بالذات ولا
أعرف سببا لذلك حيث إنني أتثاءب عشر مرات في الصلاة الواحدة أرجو إفادة ؟
فأجاب :
" التثاؤب من الشيطان كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ،
وكما يتسلط الشيطان على المصلي بإلقاء الوساوس في قلبه والهواجيس التي لا زمام لها
ولا فائدة منها .
كذلك ربما يتسلط عليه في التثاؤب ، ويتثاءب كثيرا حتى يشغله عن
صلاته ، فإذا وجد ذلك فليفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، يكظم ما استطاع
، فإن لم يستطع فليضع يده على فمه حتى لا يجعل للشيطان سبيلا عليه .
وليحرص على أن يقبل على الصلاة بنشاط وهمة وعزيمة صادقة ، وليسأل
الله سبحانه وتعالى العافية مما يحدث له في صلاته ، وإذا سأل الله تعالى بصدق وفعل
ما يستطيع من محاولة إزالة هذه المظاهر فإن الله سبحانه وتعالى يقول : ( وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة/186 " انتهى .
" فتاوى نور على الدرب " .
والله أعلم .
*****
72315
يسأل عن إخراج الزكاة عن أرباح المؤسسة فقط
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/5880)
سؤال رقم 72315- يسأل عن إخراج الزكاة عن أرباح المؤسسة فقط
أنا صاحب مؤسسة فردية تقوم بتصميم وتصنيع الزجاج المزخرف ، وأسئلتي خاصة بإخراج الزكاة ، حيث إنني أخرجها عن صافي الأرباح بعد خصم مخصص الضريبة والذي يصل مقداره إلى 30 % ، فهل إخراجي لها بهذه الطريقة صحيح ؟
حيث إنني في حيرة من أمري بعد أن أبلغني بعض الإخوة بعدم صحة ذلك ، علماً بأن طبيعة عمل المؤسسة هو التعاقد مع العميل على تصميم وتصنيع بعض القبب والنوافذ المزخرفة بالزجاج الملون ، ونحن نقوم باستيراد المواد الخام من زجاج ورصاص ولحام قصدير وغيره من الخارج وندخله لمستودعنا ويتم استعمالها في التصنيع ويبقى جزء منه كمخزون بنهاية السنة المالية حيث يتم عمل الجرد وإصدار قائمة المركز المالي للمؤسسة والتي تبين أرباح تلك السنة والتي تعودت إخراج الزكاة عنها .
وأسئلتي هي :
هل الزكاة تخرج عن صافي الأرباح ؟ أم عن رأس المال ؟
أم عن حقوق المالك المبينة في قائمة المركز المالي للمؤسسة ؟
هل الضريبة - والتي تحصل عن الأرباح وتدفع لمصلحة الزكاة والدخل - تعتبر نوعاً من الزكاة ؟
أرجو منكم التفضل مشكورين بإرشادي إلى الطريقة الصحيحة لإخراج الزكاة فأنا في حيرة من أمري ، وأدعو الله أن يرشدني إلى الصواب لتصحيح أي خطأ قد يكون حدث مني في السنوات الماضية أو ليطمئن قلبي إن كان ما فعلته صحيحاً.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على السؤال عن أحكام
دينك ، والواجب على كل مسلم أن يسأل عن أحكام دينه دون تأخر أو تردد .
وأما الجواب على سؤالك :
أولاً :
شركتك هذه شركة صناعية تجارية ، والشركات الصناعية التجارية تجب
فيها زكاة عروض التجارة , ولا تجب في الآلات والمعدات والسيارات والمباني والأثاث
التي يراد منها استعمالها ولا يراد بيعها من أجل الربح .
انظر السؤال ( 74987 ) ،
( 69916 )
وعلى هذا , فطريقة حساب الزكاة في نهاية الحول :
أن تحصى ما في مخازن الشركة من مواد تم شراؤها بقصد بيعها ،
فيشمل ذلك : ( الزجاج والرصاص واللحام ......إلخ ) وتقدر قيمتها في نهاية الحول ,
بقطع النظر عن الثمن الذي اشتريت به .
يضاف إلى ذلك الأموال النقدية التي بالشركة أو أرصدتها بالبنوك .
يضاف إلى ذلك الديون التي لك على الناس والتي ترجو تحصيلها ، ثم
تزكي الجميع بنسبة 2.5 بالمائة .
ثانياً :
أما أرباح الشركة خلال العام , فهذه الأرباح يمكن تقسيمها قسمين
:
الأول : أرباح ناتجة من بيع الزجاج للعملاء .
وهذه الأرباح تجب فيها الزكاة , ولا يحسب لها حول جديد , بل
حولها هو نفس حول رأس المال الذي اشتريت به إن كان يبلغ نصاباً .
"المغني" (4/75) .
الثاني : أرباح ناتجة من عملية التركيب ذاتها ( أي يمكن اعتبارها
أجرة التركيب والتصنيع ) فهذه الأرباح تجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً ، ومَرَّ
عليها الحول من حين قبضها .
وقد يكون من الصعب عملياً التفريق بين هذين النوعين من الأرباح ,
ولذلك فالأفضل أن تزكي جميع الأرباح في نهاية حول رأس المال , فما كان من ربح عروض
التجارة , فقد أديت زكاته في وقته ( نهاية الحول ) وما كان من أجرة للعمل فقد أديت
زكاته مقدماً , وتعجيل الزكاة قبل وقتها جائز .
ثالثاً :
الأرباح التي يتم إنفاقها أثناء العام ولا تبقى إلى نهاية الحول
لا زكاة فيها .
رابعاً :
حول عروض التجارة بالنسبة للشركة لا يكون من أول تأسيس الشركة أو
من شراء المواد الخام , بل يكون تكملة لحول النقود التي اشتريت بها المواد الخام .
فمثلاً : لو كان أول امتلاكك للنصاب في شهر المحرم ، وبدأت تأسيس
الشركة في شهر رجب ، واشتريت المواد الخام وبدأت العمل بالشركة في شهر رمضان , فحول
عروض التجارة للشركة يكون في شهر المحرم ولا يكون في رمضان .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " واعلم أن عروض التجارة ليس
حولها أن تأتي سنة بعد شرائها ، بل إن حولها حول المال الأصلي ، لأنها عبارة عن
دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض ، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
وانظر جواب السؤال ( 32715 )
.
خامساً :
وأما حساب الزكاة بعد خصم الضرائب .
فإن كان إخراج الضرائب ودفعها يتم قبل نهاية الحول فتصرفك صحيح ,
لأن هذا المال المدفوع لم يمر عليه الحول .
وأما إن كان دفعها بعد تمام الحول فالأحوط والأبرأ للذمة دفع
زكاته , وأخذ هذا المال منك ظلماً لا يسقط عنه الزكاة .
سادساً :
وأما حساب الضرائب من الزكاة فلا يجوز ذلك ، لأن الزكاة لها
مصارف معينة حددها الله تعالى بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
والضرائب لا تصرف في هذه المصارف ، ولأن الحكومات لا تأخذ
الضرائب على أنها زكاة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يكفي أخذ الضرائب على العمارة عن إخراج الزكاة ، ولا يسقط
ذلك وجوبها في دخلها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول " انتهى بتصرف .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 339 ) .
وانظر السؤال رقم ( 2447 )
.
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :
ما تقولون فضيلتكم في كيفية إخراج الزكاة حيث إنني أملك محلاً
تجاريّاً لبيع الأخشاب وقد حال الحول على البضاعة الموجودة بالمحل ، وهناك ديون
متعلقة بالبضاعة الموجودة والمشتراة بالأجل بأن تم دفع جزء من قيمتها والباقي مؤجل
، كما أن هناك مصاريف سنوية كإيجار المحل ورسوم رخصة سنوية ، وضرائب ، وتأمينات ،
وكذلك رواتب العاملين . فأجابوا :
" تجب الزكاة في البضاعة المعروضة للبيع كالأخشاب ونحوها إذا
بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما لديك من النقود أو عروض التجارة ، وحال
عليها الحول ، أما الديون والإيجار والرسوم وغيرها فلا تمنع وجوب إخراج الزكاة " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/348) .
سابعاً :
وأما ما يتعلق بزكاة الأعوام السابقة ، فعليك أن تقدر زكاة كل
عام ، وتخرج ما بقي عليك منها ، لأن الجهل بكيفية إخراج الزكاة لا يسقط وجوبها ،
فهي دّين عليك ، يجب إخراجه .
وانظر جواب السؤال ( 69798 )
.
والله أعلم .
*****
72318
يرغب في معرفة أسماء الله تعالى وصفاته الواردة في الكتاب والسنة
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/5881)
سؤال رقم 72318- يرغب في معرفة أسماء الله تعالى وصفاته الواردة في الكتاب والسنة
أنا - ولله الحمد والمنَّة - أحفظ أسماء الله الحسنى الـ 98 أرجو أن تصدقوا ما تقرؤون ، لأني لم أجد في أذكار الصباح والمساء التي أملك سوى 98 ، كذلك استفسرت من بعض زملائي بالعمل ممن أثق بفقههم فلم أجد عندهم الجواب القاطع ، لذا أرجو منكم التكرم بأن ترسلوا لي أسماء الله الحسنى كاملة ، وأن ترشدوني إلى صفات الله والتي لا تعد إحدى تلك الأسماء حتى أفيد غيري وأزيل هذا الخطأ الشائع .
الحمد لله
أولاً :
إن معرفة أسماء الله تعالى وصفاته لها أهمية كبرى في حياة المسلم
، فبها يتعرف المسلم على خالقه عز وجل ، وبهذه المعرفة يستطيع تحقيق أنواع التوحيد
جميعها .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 4043 ) أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
فلينظر .
ثانياً :
أسماء الله تعالى ليست محصورة في عدد معيَّن ، وقد ورد نصٌّ صحيح
فهم منه بعض الناس أن أسماء الله تعالى عددها ( 99 ) اسماً ، وهذا النص هو ما رواه
البخاري ( 2736 ) ومسلم ( 2677 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ لِلَّهِ
تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ
الْجَنَّةَ ) .
وقد نقل النووي رحمه الله اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى
غير محصورة في هذا العدد ، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 41003 ) الدليل على نفي الحصر بهذا العدد
، مع أقوال أهل العلم في الرد على من فهم أن أسماء الله تعالى محصورة في هذا العدد
.
وفي جواب السؤال رقم ( 48964 ) تجد تفصيلاً في معرفة الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله
تعالى .
والحديث الوارد عند الترمذي في تعيين هذه التسعة والتسعين اسماً
حديث ضعيف .
وقد ضعَّفه الإمام الترمذي رحمه الله نفسه ، وغيره .
قال الترمذي رحمه الله - عقب روايته للحديث - :
هذا حديث غريب - ( أي : ضعيف كما هو ظاهر كلامه هنا ) - حدثنا به
غيرُ واحدٍ عن صفوان بن صالح ، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح ، وهو ثقةٌ عند
أهل الحديث ، وقد روي هذا الحديث من غير وجهٍ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم ، ولا نعلمُ في كثيرِ شيءٍ من الروايات له إسنادٌ صحيح ذَكَرَ الأسماءَ إلا في
هذا الحديث ، وقد روى " آدم بن أبي إياس " هذا الحديث بإسنادٍ غير هذا عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم -وذكر فيه الأسماء - وليس له إسنادٌ صحيحٌ .
" سنن الترمذي " ( 5 / 530 – 532 ) .
وقد ضعَّف الحديث - كذلك - الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير "
( 4 / 172 ) ، ونقل تضعيفه عن ابنِ حزمٍ والبيهقى وغيرِهما .
وضعَّفه كذلك شيخُ الإسلامِ ابن تيمية رحمه الله في " مجموع
الفتاوى " ( 22 / 482 ) .
وقد اجتهد كثير من العلماء في استخراج أسماء الله تعالى من
الكتاب والسنة ، ومن هؤلاء العلماء : الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، وذلك في كتابه
" القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " ، وقد ذكر في هذا الكتاب تعداد
أسماء الله تعالى من الكتاب والسنة بحسب اجتهاده – رحمه الله – وتجد هذه الأسماء في
كتابه تحت هذا الرابط :
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16821.shtml
ثالثاً :
وأما صفاته تعالى فهي أكثر من أن تحصر هنا – أيضاً – وقد سبق في
جواب السؤال رقم ( 39803 ) تفصيلٌ مفيدٌ
في هذا الموضوع ، فلينظر .
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه السابق قواعد نافعة
في صفات الله تعالى ، وتجدها تحت هذا الرابط :
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16822.shtml
أما من حيث الاجتهاد في حصرها بحسب الوارد في الكتاب والسنة :
فقد اجتهد بعض العلماء والمحققين في حصر ما ورد في الكتاب والسنة من هذه الصفات ،
ومن أحسن ما كتب في هذا : كتاب الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف " صفات الله عز وجل
الواردة في الكتاب والسنة " ، ويمكن لكم تصفح الكتاب من موقعه تحت هذا الرابط :
http://dorar.net/book_view.asp?book_id=2939
والله أعلم .
*****
72338
حكم جريمة الاغتصاب ؟
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/5882)
سؤال رقم 72338- حكم جريمة الاغتصاب ؟
ما حكم جريمة الاغتصاب شرعاً ؟.
الحمد لله
أولاً :
الاغتصاب هو أخذ الشيء ظلماً وقهراً ، وأصبح الآن مصطلحاً خاصا
بالاعتداء على أعراض النساء قهراً .
وهي جريمة قبيحة محرمة في كافة الشرائع ، وعند جميع العقلاء
وأصحاب الفطَر السوية ، وجميع النظم والقوانين الأرضية تقبح هذه الفعلة وتوقع عليها
أشد العقوبات ، باستثناء بعض الدول التي ترفع العقوبة عن المغتصب إذا تزوج من ضحيته
! وهو يدل على انتكاس الفطرة واختلال العقل فضلاً عن قلة الدين أو انعدامه عند
هؤلاء الذي ضادوا الله تعالى في التشريع ، ولا ندري أي مودة ورحمة ستكون بين الجلاد
وضحيته ، وخاصة أن ألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ولا يمحوه الزمن - كما يقال - ولذا
حاولتْ كثيرات من المغتَصبات الانتحار وحصل من عدد كثير منهن ما أردن ، وقد ثبت فشل
هذه الزيجات ، ولم يصاحبها إلا الذل والهوان للمرأة .
وحري بهذا الشرع المطهَّر أن يكون له موقف واضح بيِّن من تحريم
هذه الفعلة الشنيعة ، وإيقاع العقوبة الرادعة على مرتكبها .
وقد أغلق الإسلام الأبواب التي يدخل من خلالها المجرم لفعل
جريمته ، وقد أظهرت دراسات غربية أن أكثر هؤلاء المغتصبين يكونون من أصحاب الجرائم
، ويفعلون فعلتهم تحت تأثير الخمور والمخدرات ، وأنهم يستغلون مشي ضحيتهم وحدها في
أماكن منعزلة ، أو بقاءها في بيتها وحدها ، وكذلك بينت هذه الدراسات أن ما يشاهده
المجرمون في وسائل الإعلام ، وما تخرج به المرأة من ألبسة شبه عارية ، كل ذلك يؤدي
إلى وقوع هذه الجريمة النكراء .
وقد جاءت تشريعات الإسلام لتحفظ عرض المرأة وحياءها ، وتنهاها عن
اللبس غير المحتشم ، وتنهاها عن السفر من غير محرم ، وتنهاها عن مصافحة الرجال
الأجانب عنها ، ، وحث الشرع على المبادرة بزواج الشباب وتزويج الفتيات كل ذلك –
وغيره كثير – يغلق الباب على المجرمين من افتراس ضحاياهم ، ولذلك لا نعجب إذا سمعنا
أو قرأنا أن أكثر هذه الجرائم إنما تحدث في المجتمعات المنحلة ، والتي يريد أهلها
من المسلمات أن يكنَّ مثلهن في التحضُّر والرقي ! ففي أمريكا – مثلاً – ذكرت منظمة
العفو الدولية في تقرير لها بعنوان " أوقفوا العنف ضد المرأة " لعام 2004 أنه في كل
90 ثانية تُغتصب امرأة هناك ! فأي حياة يعيشها هؤلاء ؟! وأي رقي وحضارة يسعون
لإدخال المسلمات فيها ؟!
ثانياً :
وأما عقوبة الاغتصاب في الشرع : فعلى المغتصب حد الزنا ، وهو
الرجم إن كان محصناً ، وجلد مائة وتغريب عام إن كان غير محصن .
ويوجب عليه بعض العلماء أن يدفع مهر المرأة .
قال الإمام مالك رحمه الله :
" الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيبا : أنها
إن كانت حرة : فعليه صداق مثلها , وإن كانت أمَة : فعليه ما نقص من ثمنها ،
والعقوبة في ذلك على المغتصب ، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله " انتهى .
" الموطأ " ( 2 / 734 ) .
قال الشيخ سليمان الباجي رحمه الله :
" المستكرَهة ؛ إن كانت حرة : فلها صداق مثلها على من استكرهها ،
وعليه الحد ، وبهذا قال الشافعي ، وهو مذهب الليث ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه .
وقال أبو حنيفة والثوري : عليه الحد دون الصداق .
والدليل على ما نقوله : أن الحد والصداق حقان : أحدهما لله ،
والثاني للمخلوق ، فجاز أن يجتمعا كالقطع في السرقة وردها " انتهى .
" المنتقى شرح الموطأ " ( 5 / 268 ، 269 ) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" وقد أجمع العلماء على أن على المستكرِه المغتصِب الحدَّ إن
شهدت البينة عليه بما يوجب الحد ، أو أقر بذلك ، فإن لم يكن : فعليه العقوبة (يعني
: إذا لم يثبت عليه حد الزنا لعدم اعترافه ، وعدم وجود أربعة شهود ، فإن الحاكم
يعاقبه وعزره العقوبة التي تردعه وأمثاله) ولا عقوبة عليها إذا صح أنه استكرهها
وغلبها على نفسها ، وذلك يعلم بصراخها ، واستغاثتها ، وصياحها " انتهى .
" الاستذكار " ( 7 / 146 )
ثالثاً :
وكون المغتصب عليه حد الزنا ، هذا ما لم يكن اغتصابه بتهديد
السلاح ، فإن كان بتهديد السلاح فإنه يكون محارباً ، وينطبق عليه الحد المذكور في
قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ
تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
فيختار الحاكم من هذه العقوبات الأربعة المذكورة في الآية
الكريمة ما يراه مناسباً ، ومحققاً للمصلحة وهي شيوع الأمن والأمان في المجتمع ،
ورد المعتدين المفسدين .
وانظر السؤال رقم ( 41682 )
.
والله أعلم .
*****
72349
هل يشترط في السنة القبلية دخول وقت فريضتها ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/5883)
سؤال رقم 72349- هل يشترط في السنة القبلية دخول وقت فريضتها ؟
هل سنة الفجر تصلى بعد دخول وقت صلاة الصبح أم بعد الأذان - الذي هو قبل وقت الصلاة - ؟.
الحمد لله
السنَّة القبلية للصلاة لا يدخل وقتها إلا بدخول وقت الصلاة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/544) :
" كل سنة قبل الصلاة , فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة ,
وكل سنة بعدها , فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها " انتهى .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
دخلت المسجد في صلاة الصبح وصليت ركعتين ، وعند قيامي للركعة
الثانية : قام المؤذن يؤذن للصلاة ، وقد نويت في صلاتي تلك أنها سنة الصبح ، حيث
قمت من منزلي وهو يؤذن في بعض المساجد ، وعندما فرغت من صلاتي جلست أقرأ القرآن ،
فقال لي شخص بجانبي : قم صل سنة الصبح ، فقلت له : إنني صليتها ، فقال : لا يجوز
ذلك إلا أن تصلي مرة أخرى حيث المؤذن أذن وأنت تصلي ، أرجو إفادتي عن ذلك ؟
فأجاب :
" إذا كان المؤذن الذي أذن وأنت تصلي سنة الفجر قد أخَّر الأذان
وصادف فعلك لها بعد طلوع الفجر : فقد أديت السنَّة ويكفي ذلك ولا حاجة أن تعيدها ،
أما إذا كنت تشك في ذلك ولا تعلم هل المؤذن الذي أذن وأنت في الصلاة هل أذانه بعد
الصبح أو عند طلوع الفجر : فالأحوط لك والأفضل أن تعيد الركعتين ، حتى تكون أديتهما
بعد طلوع الفجر يقينا " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 369 ، 370 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
هل يُشترط للسنَّة الراتبة التي قبل الظهر وقبل الفجر دخول الوقت
؟
فأجاب :
" السنَّة الراتبة القبلية التي تكون قبل الصلاة لا بدَّ أن تكون
بعد (دخول) الوقت ، فلو فُرض أن الإنسان صلاها قبل الوقت ظانّاً أن الوقت قد دخل ثم
تبيَّن أنه لم يدخل : فليعُدها ، وتكون الأولى نفلاً مطلقاً لا راتبة " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( السؤال رقم 590 ) .
والله أعلم .
*****
72366
يريد أسماء كتب متخصصة في حل مشكلات المجتمع
العلم > طلب العلم >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5884)
سؤال رقم 72366- يريد أسماء كتب متخصصة في حل مشكلات المجتمع
أريد التخصص في حل مشاكل المجتمع - من الكتاب والسنة طبعاً - فما هي الكتب التي يجب دراستها ؟.
الحمد لله
مشكلات المجتمع كثيرة ، فمنها ما يتعلق بالأزواج ، وبالزوجات ،
وبالشباب ، وبالبنات ، وبالمرأة ، وبالأسرة عموماً .
وقد أحسن الأخ السائل في سؤاله عن الكتب المتخصصة في حل هذه
المشكلات وفق الكتاب والسنَّة ؛ لأنه لا خير في حلٍّ لا يستند إلى وحي الله تعالى
الذي خلق الناس ويعلم ما يصلح لهم فدلَّهم عليه ، وحذَّرهم مما يضرهم .
ومن هذه الكتب التي تعتني بحل المشكلات – على تنوعها - :
1. " أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في حل المشكلات الاجتماعية " ،
إبراهيم بن مبارك الجوير .
2. " أسرة بلا مشاكل " ، مازن عبد الكريم الفريح .
3. " أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي " ، عبد
الله قادري الأهدل .
4. " واجبات المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنة " ، الشيخ خالد
العك .
5. " من أخطاء الزوجات " ، الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد .
6. " تربية الأبناء والبنات في ضوء الكتاب والسنة " ، الشيخ خالد
العك .
7. " التقصير في تربية الأولاد ، المظاهر ، سبل الوقاية ، العلاج
" ، الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد .
8. " علاج الهموم " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
9. " مشكلات وحلول " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
10. " أربعون نصيحة لإصلاح البيوت " ، الشيخ محمد صالح المنجد .
11. " خمسون حالة نفسية " الدكتور محمد الصغير .
والله الموفق .
*****
72384
سرقة الكهرباء من الدولة بحجة أنها لا تعطي المواطن حقه
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5885)
سؤال رقم 72384- سرقة الكهرباء من الدولة بحجة أنها لا تعطي المواطن حقه
ما حكم سرقة الكهرباء من الدولة ؟ مع العلم أن الدولة لا تعطي حق المواطن في كل شيء .
الحمد لله
لا يجوز سرقة الكهرباء من الدولة ، سواء كان ذلك بالتلاعب بعداد
الكهرباء ، أو بالتحايل على عدم دفع الفواتير المستحقة ، أو بأي وسيلة أخرى ؛ لما
في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل .
وكون الدولة لا تعطي المواطن حقه لا يبيح له سرقة المال العام ،
فإن هذه الموارد من كهرباء وغيرها ملك لعامة المسلمين ، فالسرقة منها اعتداء على
المال العام ، وليس اعتداء على الحكومة أو مسئوليها فقط .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من
أجل إضعاف تلك الدولة ؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع
فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما ؟ علما بأن معظم هذه
الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس .
فأجابت :
" لا يجوز ؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل ، وعدم أداء
الأمانة ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ
إِلَى أَهْلِهَا ) وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ
مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وقد سبق الجواب عن بعض الشبه التي يحتج بها من يبيح سرقة
الكهرباء من الدولة ، انظر جواب السؤال رقم ( 70274 )
.
والله أعلم .
*****
72390
هل تعتبر صلاة المرأة بالمكياج جائزة ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/5886)
سؤال رقم 72390- هل تعتبر صلاة المرأة بالمكياج جائزة ؟
هل تعتبر صلاة المرأة جائزة بعد أن توضأت ووضعت المكياج على وجهها ؟ .
الحمد لله
إذا توضأت المرأة ثم وضعت المكياج على وجهها ، أو لمسته بيدها ،
فلا يضرها ذلك ، ولا يؤثر على وضوئها ولا صلاتها ، ما لم يكن نجسا ؛ فإن طهارة
الثوب والبدن شرط لصحة الصلاة .
وينبغي أن يُعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تضع المكياج أمام الرجال
الأجانب عنها ؛ لأنها مأمورة بستر وجهها عنهم ، ولما في وضع المكياج من الزينة
والفتنة . فإن فعلت ذلك ثم صلّت به ، فلها أجر صلاتها ، وعليها إثم تبرجها .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/129) : " لا مانع من تزين
المرأة بوضع المكياج على وجهها ، والكحل ، وإصلاح شعر رأسها على وجهٍ لا تشبه فيه
بالكافرات ، ويشترط أيضا أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا محارم لها " انتهى .
وجاء فيها أيضا (17/128) : " استعمال الكحل مشروع ، لكن لا يجوز
للمرأة أن تبدي شيئا من زينتها ، سواء الكحل أو غيره لغير زوجها ومحارمها ؛ لقوله
تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ) " انتهى .
والله أعلم .
*****
72391
لا تستطيع خلع الحجاب عند الوضوء في محل عملها فهل تمسح عليه ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/5887)
سؤال رقم 72391- لا تستطيع خلع الحجاب عند الوضوء في محل عملها فهل تمسح عليه ؟
أنا أعمل في شركة ومن الصعب علي الوضوء للصلاة ( أي خلع الحجاب لمسح الشعر والأذنين ) والسؤال هل الأفضل أن أمسح على الحجاب وأمسح الأذنين قدر استطاعتي فقط ؟ أم أن أجمع صلاة الظهر والعصر بالمنزل ؟.
الحمد لله
أولا :
الظاهر أن تحرجك من خلع الحجاب هو لوجود الرجال الأجانب في محل
عملك ، فإن كان الأمر كذلك فاعلمي أن اختلاط المرأة بالرجال الأجانب عنها يترتب
عليه مفاسد ومحاذير كثرة ، كالخلوة والنظر والخضوع بالقول وفتنة القلب وغير ذلك مما
لا يخفى على أهل البصائر ، وراجعي السؤال رقم ( 1200 )
لمعرفة أدلة تحريم الاختلاط .
ثانيا :
من ابتليت بذلك ، وحان وقت الصلاة أثناء عملها ، ولم يمكن
تأخيرها إلى حين رجوعها لبيتها ، فإنها تصلي في أستر موضع في محل العمل ، مع سترها
لوجهها وكفيها وجميع بدنها عن الرجال الأجانب ، وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم ( 39178 )
.
ثالثا :
قولك : إنه من الصعب خلع الحجاب لمسح الشعر والأذنين في الوضوء ،
يثير تساؤلا ، وهو كيف تغسلين ذراعيك وقدميك في حضرة الرجال ؟
ولا يخفى عليك أن الذراعين والقدمين هما من العورة التي يجب
سترها عن الأجانب ، وأما الوجه والكفان ففيهما خلاف ، والراجح وجوب سترهما أيضا ،
وانظري السؤال رقم ( 11774 ) .
رابعا :
يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها عند الحاجة ، كشدة البرد ، أو
مشقة خلع الحجاب ولبسه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تمسح على
خمارها ؟
فأجاب : " المشهور من مذهب الإمام أحمد ، أنها تمسح على الخمار
إذا كان مدارا تحت حلقها ، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن .
وعلى كل حال فإذا كانت هناك مشقة ، إما لبرودة الجو أو لمشقة
النزع واللف مرة أخرى ، فالتسامح في مثل هذا لا بأس به ، وإلا فالأولى ألا تمسح " انتهى .
"فتاوى الطهارة" (ص 171) .
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (1/60) : " و يصح المسح أيضا على
خُمُرِ نساء مُدارةٍ تحت حلوقهن ؛ لأن أم سلمة كانت تمسح على خمارها ، ذكره ابن
المنذر " انتهى .
ومادام الخمار ساترا للأذنين ، فإنه يكفي المسح على الخمار ، ولا
يلزم إدخال اليدين تحت الخمار لمسحهما ، وكذلك الرجل إذا لبس عمامة ، فإنه لا يلزمه
مسح الأذنين ، ولو كانتا مكشوفتين ، بل يستحب ذلك فقط .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ويسن أيضا أن يمسح ما ظهر من
الرأس كالناصية وجانب الرأس والأذنين ".
"فتاوى الطهارة" (ص 170) .
خامسا :
على المرأة المسلمة أن تحرص على تقوى الله تعالى ، وامتثال أمره
، واجتناب نهيه ، والبعد عن العمل المختلط الذي قد يُحل بها غضب الله وسخطه ،
والحذر من إيثار الدنيا على الآخرة ، فإنها متاع زائل ، وما عند الله لا ينفد . وقد
صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 49) .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه خيرك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
*****
72397
أمه تسيء إليه بعد زواجه
الآداب > بر الوالدين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5888)
سؤال رقم 72397- أمه تسيء إليه بعد زواجه
منذ سنة تزوجت من جارتي ويعلم الله أن البنت التي تزوجتها قمة في الأخلاق والأدب والاحترام ولقد سكنت مع أهلي في نفس الشقة وعدد أفراد أسرتي 5 شباب وبنت عمرها 17 سنة ، ومنذ أن تزوجت وحال أمي تغير تغيراً كاملاً ، إذ بها تنهال علي بالشتائم ، وتكيل لي السب أمام زوجتي ، وأمام إخوتي ، علماً بأنني الأكبر في إخوتي ، وتهينني لأتفه الأمور ، إذا حاولت أن أتحدث مع إخوتي تأتي وتقلب علي أي شيء أمامي ، وتسبني وتطردني من البيت عدة مرات ، لا أدري لماذا هذا التغير الذي حصل من أمي العزيزة ! رغم أنني لا أبخل عليهم بأي شيء ، ولست من النوعية التي تفضل زوجته على أهله ، ولكن أمي تتعامل معي بحساسية زائدة . أرجو أن توضحوا لي الأمور لأنني غير قادر على السكن بالإيجار ، لأن المرتب بالكاد يكفيني . أرجو أن تفيدوني أفادكم الله .
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يوفقك لبر والدتك والإحسان إليها ، وأن يصلح
حالها ، ويؤلف بينكما على طاعته ومرضاته .
وما تعاني منه قد يكون مرده إلى شعور والدتك بالغيرة ، أو
بفقدانك بعد الزواج ، واستيلاء غيرها عليك ، وهذا الشعور يلحق بعض الأمهات بعد زواج
أبنائها ، وهو شعور خاطئ ، ينبغي أن تسعى هي للتخلص منه .
وينبغي أن تعينها لتعود إلى سابق حالها ، وذلك بأمور :
1- أن تجتهد في الإحسان إليها ، وإكرامها ، والاهتمام بها ،
وإشعارها بأنك لا تزال كما كنت حفيا بها ، حريصا على تلبية رغباتها .
2- تجنب الثناء على زوجتك أو الاهتمام بها أمام والدتك ، مع
إعطاء الزوجة حقها من الإحسان والإكرام ، لكن بعيدا عن نظر الأم ، إلى أن تتحسن
حالتها ، وتدرك الأمور على طبيعتها .
3- ترغيب الزوجة في التقرب من الأم ، بالكلام والاهتمام والإهداء
ونحو ذلك .
4- الصبر على ما يصدر منها من سب وشتم وطرد ، فإنك مأمور ببرها ،
ولا يجوز لك أن تقابل إساءتها بمثلها ، فإن صبرت على ذلك ، فأبشر بالفرج ، فإن
العاقبة للصابرين ، وإن النصر مع الصبر ، وإن مع العسر يسرا ، وقد قال الله تعالى :
( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فصلت/34 . فكلما أساءت إليك
بادر أنت بالتلطف والإكرام والإحسان ، فإن ذلك كفيل بأن يذهب ما في نفسها إن شاء
الله .
5- الدعاء لها بالتوفيق والهداية والاستقامة وصلاح البال والحال
، فإنها أحق الناس بدعائك وإحسانك ، وإنك مهما قدمت لن تجزيها على معروفها وسابق
إحسانها .
6- احرص أن تكون قدوة صالحة لإخوانك ، فيأخذوا عنك الطريقة
الحسنة في معالجة هذه المشكلة ، التي قد تحدث لهم بعد زواجهم ، فلتكن مثالا للصبر
والإحسان والبر ، واحذر أن يستدرجك الشيطان للتأفف أو التضجر أو الإنكار عليها أو
توبيخها فإنك لن تجني من وراء ذلك خيرا ، قال الله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُمَا
أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/23 .
7- ينبغي أن تناقش المشكلة مع أحد إخوانك ، فربما خفيت عليك بعض
الجوانب ، أو بدر منك ما أغضب والدتك دون أن تشعر ، فمعرفة السبب تسهل عليك طريق
المعالجة .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
*****
72398
يصلون الجماعة في البيت
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5889)
سؤال رقم 72398- يصلون الجماعة في البيت
هل تجوز صلاة الجماعة في البيت ، ولا يذهب إلى المسجد ؟.
الحمد لله
" ننصح هؤلاء بأن يتقوا الله سبحانه وتعالى ، ويصلوا الجماعة مع
المسلمين في المساجد ، فإن الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أن صلاة
الجماعة واجبة في المساجد ، وأنه لا يجوز للرجل أن يتخلف عن صلاة الجماعة في
المساجد إلا إذا كان لعذر , لأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : ( لقد هممت أن آمر
بالصلاة فتقام , ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس , ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب
إلى قوم لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) .
هؤلاء القوم قد يكونون يصلون , لكن الرسول عليه الصلاة والسلام
أراد أن يصلوا مع الجماعة الذين نصبهم الشرع , والجماعة الذين نصبهم الشرع هم
الجماعة الذين يصلون في المساجد , المساجد التي يدعى إلى الحضور إليها عند الصلاة ,
ولهذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( من سره أن يلقى الله غداً مسلماً
فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ) .
فقال : (حيث ينادى بهن) , و (حيث) ظرف مكان , أي : فليحافظ عليها
في المكان الذي ينادى لها فيه . هذا في الصلوات الخمس .
أما الجمعة فواجبة في المساجد قطعاً.
وأما النافلة فيقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( أفضل صلاة في
بيته إلا المكتوبة ) .
وعلى هذا فالأفضل للإنسان أن يصلي صلاة التطوع في بيته ماعدا
التطوع الذي شرع في المساجد كصلاة الكسوف مثلاً على القول بأنها غير واجبة , والله
الموفق " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/19) .
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضاً :
" لا يجوز لأحد , أو لجماعة أن يصلوا في البيت والمسجد قريب منهم
, أما إذا كان المسجد بعيداً ولا يسمعون النداء فلا حرج عليهم أن يصلوا جماعة في
البيت , وتهاون بعض الناس في هذه المسألة مبني على قولٍ لبعض العلماء رحمهم الله من
أن المقصود في صلاة الجماعة أن يجتمع الناس على الصلاة ولو في غير المسجد , فإذا
صلى الناس جماعة ولو في بيوتهم فإنهم قد قاموا بالواجب .
ولكن الصحيح أنه لا بد أن تكون الجماعة في المساجد ، لقول النبي
صلي الله عليه وسلم : ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام . . . ثم ذكر الحديث السابق
) " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/20) .
*****
72400
ما صح من الأحاديث في وصف منكر ونكير
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالملائكة >(1/5890)
سؤال رقم 72400- ما صح من الأحاديث في وصف منكر ونكير
ماذا عن سؤال الملكين منكر ونكير في القبر وماذا عن شكلهما ، وهل الحديث الخاص بهما للنبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيح ، وأن شكلهما يجران أشعارهما وأعينهم كالبرق وأصواتهم كالرعد ويضربان القبر بأنيابهما ، ويقولان : من ربك ؟ وما دينك : وما النبي الذي بعث فيكم ؟.
الحمد لله
أولا :
صح في صفة الملكين المُوكّلين بسؤال الميت ، أنهما أسودان أزرقان
، يقال لأحدهما : المنكر ، والآخر : النكير .
فقد روى الترمذي (1071) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا قُبِرَ
الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ
يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ ، فَيَقُولَانِ : مَا
كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ : هُوَ عَبْدُ
اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . فَيَقُولانِ : قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا
، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ، ثُمَّ
يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : نَمْ ، فَيَقُولُ : أَرْجِعُ إِلَى
أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ ، فَيَقُولَانِ : نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا
يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ
مَضْجَعِهِ ذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ : سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ
فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي . فَيَقُولَانِ : قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ
تَقُولُ ذَلِكَ ، فَيُقَالُ لِلأَرْضِ : الْتَئِمِي عَلَيْهِ ، فَتَلْتَئِمُ
عَلَيْهِ ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ ، فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا
حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ ) والحديث حسنه الألباني
في صحيح الترمذي .
وأما حديث عمر رضي الله عنه الذي أشرت إليه ، فقد رُوي من طرق
ضعيفة ، منها ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (6738) مرسلا عن عمرو بن دينار أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال لعمر : ( كيف بك يا عمر بفتاني القبر إذا أتياك يحفران
الأرض بأنيابهما ، ويطآن في أشعارهما ، أعينهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد
القاصف ، معهما مزربة لو اجتمع عليها أهل منى لم يقلوها . قال عمر : وأنا على ما
أنا عليه اليوم ؟ قال : وأنت على ما أنت عليه اليوم . قال : إذاً أكفيكهما إن شاء
الله ) .
قال العراقي في تخريج الإحياء (4/223) : " أخرجه ابن أبي الدنيا
في كتاب القبور هكذا مرسلا ورجاله ثقات . قال البيهقي في الاعتقاد : رويناه من وجه
صحيح عن عطاء بن يسار مرسلا .
قلت : ووصله ابن بطة في الإبانة من حديث ابن عباس ، ورواه
البيهقي في الاعتقاد من حديث عمر وقال غريب بهذا الإسناد تفرد به مفضل ، ولأحمد
وابن حبان من حديث عبد الله بن عمر فقال عمر : أترد إلينا عقولنا ؟ فقال " نعم
كهيئتكم اليوم " فقال عمر : بفيه الحجر " انتهى .
وقال الأستاذ فريح بن صالح البهلال ، في تحقيق "الاعتقاد"
للبيهقي ، (ص 254) بعد أن أشار إلى الطرق الضعيفة : " ولعله بهذه الطرق والشواهد
يكون إسناده حسنا " انتهى .
ثانيا :
الأسئلة التي يوجهها الملكان للميت في قبره هي : من ربك ؟ وما
دينك ؟ وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟
وانظر السؤال رقم ( 10403 )
، ورقم ( 22203 ) .
والله أعلم .
*****
72404
العمل في شركة تبيع الذهب بالدين
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
سؤال رقم 72404: العمل في شركة تبيع الذهب بالدين
أعمل في شركة كبيرة لصياغة وتجارة الذهب وطبيعة عملي كمندوب مبيعات ، لكن هذه الشركة تقوم ببيع الذهب بالدَّيْن ، ولكن تثبيت سعر الذهب عند الدفع (سعر السوق عند الدفع) أي أن الزبون الذي يأخذ 1كيلو من الذهب يكون مدينا بكيلو بالإضافة للأجور ، وعندما يدفع إما أن يدفع كيلو ذهب سبائك بالإضافة للأجور أو نقدا سعر الكيلو وقت الدفع + الأجور ، كما أننا نبيع الذهب المصاغ وهو يحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب ، علما أنه ظاهر للعيان ويعرف الزبون بهذا الأمر , فما حكم البيع وما حكم عملي في هذه الشركة ؟.
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك ، وأن يجزيك خيرا على سؤالك
وتحريك للرزق الحلال .
ثانيا :
اشتمل سؤالك على أربع مسائل :
المسألة الأولى :
بيع الذهب مؤجلا أو بالدين ، وصورتها كما ذكرت ، أن يأخذ الزبون
الذهب ، ثم يدفع بعد ذلك ذهبا مثله ، أو نقودا ، أو ذهبا ونقودا ، وكل ذلك لا يجوز
؛ لأن من شرط بيع الذهب بالذهب أو بالنقود أن يكون يدا بيد ، ولا يجوز تأخير شيء من
البدلين عن مجلس العقد ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ
بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ
بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ ، مِثْلا
بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ
الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه
مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه .
فبيع الذهب بالذهب : لا بد فيه من شرطين : التساوي في المقدار ،
والتقابض في مجلس العقد .
وبيع الذهب بالفضة أو بما يقوم مقامها كالنقود ، لا بد فيه من
شرط وهو التقابض في مجلس العقد ، وأما تأخير السداد عن المجلس فربا نسيئة محرم ،
وقد يكون ربا فضل أيضا إذا كان سيدفع ذهبا أكثر ، أو ذهبا مساويا مع نقود زائدة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة : إذا باع إنسان مصاغا من الذهب
لآخر ، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة ، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين
فهل هذا جائز أو لا ؟
فأجابوا : " إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة
أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز ، بل هو حرام ؛ لما فيه
من ربا النسأ . وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/466) .
وانظر السؤال رقم ( 22869 )
، ورقم ( 65919 ) لمزيد الفائدة .
المسألة الثانية :
وأما بيع الذهب بذهب مع دفع أجرة للتصنيع فهذا حرام ، والواجب في
بيع الذهب بالذهب التقابض في مجلس العقد ، والتماثل في الوزن ، بقطع النظر عن صناعة
كل صنف .
وانظر جواب السؤال ( 74994 )
.
المسألة الثالثة :
بيع الذهب المحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب : وهذا فيه
تفصيل :
فإن كان يباع بفضة أو بنقود ورقية ، فلا حرج في ذلك ، ما دام أنه
ظاهر للعيان والمشتري يعلم ذلك ، كما ذكرت .
وإن كان يباع بذهب ، فلابد من فصل الفصوص حتى يعلم قدر الذهب
الذي فيه ، ويتحقق من مساواة الذهب للذهب .
وانظر جواب السؤال رقم ( 36762 )
المسألة الرابعة :
حكم العمل في هذه الشركة : وهو مبني على ما سبق ، فحيث كانت
الشركة تتعامل بالربا ولا تتقيد بأحكام الشرع ، فلا يجوز العمل فيها ، لما في ذلك
من ارتكاب الحرام أو الإعانة عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم العمل عند أصحاب محلات
الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو
غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع ؟
فأجاب : " العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو
ذلك من الأشياء المحرمة ، محرم لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، ولقوله : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ
أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً
مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعاً ) النساء/140 .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ
مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ،
فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه
ولا بقلبه ، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "فقه وفتاوى
البيوع" (ص 392) .
والله أعلم .
*****
72413
ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5891)
سؤال رقم 72413- ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك ؟
من ربح جائزة من بنك وكان حسابه " توفير " وبدون فائدة والجائزة هي سيارة , هل حلال أم حرام ؟ وماذا يفعل من ربح وكيف يتصرف بهذه السيارة ؟.
الحمد لله
أولا :
إذا كان البنك ربويا ، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة
، كأن يخاف على ماله ، ولا يوجد بنك إسلامي ، أو محل لحفظ النقود في بلده ، فيجوز
الإيداع حينئذ بلا فوائد .
جاء في قرار مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة سنة
1406 هـ ما يلي : " يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع
المصارف الربوية في الداخل أو الخارج ؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود
البديل الإسلامي ، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب ، ويستغني بالحلال عن
الحرام " انتهى . نقلا عن "حكم ودائع البنوك" للدكتور
علي السالوس ص (136) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/346) : " لا يجوز إيداع
النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية ، سواء كان
إيداعها بفوائد أو بدون فوائد ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد
قال تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع ،
بسرقة أو غصب أو نحوهما ، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا ،
فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً
عليها ؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين " انتهى .
ثانيا :
تلجأ بعض البنوك والمؤسسات الربوية إلى الحيلة ، ليروج أمرها على
الناس ، فلا تعلن عن فوائد ربوية ، وإنما تضع جوائز ، يتم السحب عليها أو تُوزع
بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر ، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى
بشهادات الادخار أو الاستثمار ، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالا ، فإن البنك لا
يوزع الجوائز من ماله ، وإنما هي فوائد الربا ، يوزعها بهذه الطريقة ، بدلا من
توزيعها على جميع العملاء ، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر .
قال الدكتور علي السالوس في كتابه : "معاملات البنوك الحديثة في
ضوء الإسلام" ص (38) : " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة ،
فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن ، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا
خطوة أبعد ، فجاء إلى مجموع الربا ، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير
جدا من عدد المقرضين ، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق
القرعة ! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات ، على حين نجد صاحب
الآلاف قد لا يأخذ شيئا . فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيبَ مجموعةٍ كبيرة غيره ،
والثاني ذهب نصيبه لغيره ، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون ، يخرج هذا
فرحا بما أصاب ، ويحزن ذلك لما فاته ، وهكذا في انتظار مرة تالية ، أليس هذا هو
القمار ؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا ! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في
المجموعتين ، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون
المجموعة (ج) أسوأ من أختيها ؟ " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : بعض البنوك التجارية تقوم بوضع
جوائز مثل : سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله ،
وتعمل قرعة بين زبائن البنك ، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن . فما حكم هذه الجائزة
سواء كانت عينية أو مادية ؟
فأجابوا : " إذا كان الأمر كما ذكر ، فإن هذه الجوائز غير جائزة
؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية ، وتغيير الأسماء لا
يغير الحقائق " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/196) .
ثالثا :
إذا تقرر أن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين
الفائدة الربوية ، فإن من أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه
البر ، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها
.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من
الأموال المحرمة ، قال تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) ، وعلى من وقع تحت
يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين ، ومن ذلك : إنشاء الطرق ,
وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء ..." انتهى .
رابعاً :
الأموال التي تودع في البنوك , ويسمونها "ودائع" أو "حساب جاري"
أو غير ذلك من الأسماء , هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك , وإذا كان الأمر
كذلك , فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض , فقد أجمع
العلماء على أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو محرم .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436) :
" وكل قرض شرط فيه أن يزيده , فهو حرام , بغير خلاف . قال ابن
المنذر : أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك
, أن أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن مسعود ,
أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى .
والله أعلم .
*****
72417
الطلاق في الحيض
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > العدة >(1/5892)
سؤال رقم 72417- الطلاق في الحيض
في أول يوم من أيام الحيض نسيتْ أن تخبر زوجها وطلبت منه الطلاق وقام بإيقاع الطلاق ( الثالث ) ثم تذكرت ذلك وأخبرته ؟ ما هو الموقف الشرعي المترتب على ذلك ؟.
الحمد لله
اختلف الفقهاء في طلاق الحائض هل يقع أو لا ؟ فذهب جمهورهم إلى
وقوعه ، وذهب جماعة منهم إلى عدم وقوعه ، وعليه الفتوى عند كثير من فقهاء العصر
منهم الشيخ ابن باز رحمه الله ، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " طلاق الحائض لا يقع في أصح قولي
العلماء ، خلافاً لقول الجمهور . فجمهور العلماء يرون أنه يقع ، ولكن الصحيح من
قولي العلماء الذي أفتى به بعض التابعين ، وأفتى به ابن عمر رضي الله عنهما ،
واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم وجمع من أهل العلم أن هذا
الطلاق لا يقع ؛ لأنه خلاف شرع الله ، لأن شرع الله أن تطلق المرأة في حال الطهر من
النفاس والحيض ، وفي حالٍ لم يكن جامعها الزوج فيها ، فهذا هو الطلاق الشرعي ، فإذا
طلقها في حيض أو نفاس أو في طهر جامعها فيه فإن هذا الطلاق بدعة ، ولا يقع على
الصحيح من قولي العلماء ، لقول الله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) الطلاق/1 .
والمعنى : طاهرات من غير جماع ، هكذا قال أهل العلم في طلاقهن
للعدة ، أن يَكُنَّ طاهرات من دون جماع ، أو حوامل . هذا هو الطلاق للعدة " انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص44) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/58) : " الطلاق البدعي أنواع
منها : أن يطلق الرجل امرأته في حيض أو نفاس أو في طهر مسها فيه ، والصحيح في هذا
أنه لا يقع " انتهى .
وعليه فإذا كان الطلاق صدر حال الحيض فإنه لا يقع ولا يعتد به ،
وتظل المرأة في عصمة زوجها .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه لله عن رجل طلق امرأته وهي حائض ،
وكان لا يدري أنها حائض ، فهل يقع هذا الطلاق ؟
فأجاب :
" الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل
العلم ، وطال فيه النقاش ، هل يكون طلاقا ماضيا أم طالقا لاغيا ؟ وجمهور أهل العلم
على أنه يكون طلاقا ماضيا ، ويحسب على المرء طلقة ، ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها
حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ،
هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة : الإمام أحمد والشافعي ومالك
وأبو حنيفة ، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ،
أن الطلاق في الحيض لا يقع ، ولا يكون ماضيا ، ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله ، وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا
فَهُوَ رَدٌّ ) والدليل على ذلك في نفس المسألة الخاصة : حديث عبد الله بن عمر حيث
طلق زوجته وهي حائض ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فتغيظ فيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال : ( مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ، ثم إن
شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فتلك العدة التي
أمر الله أن تطلق لها النساء ) فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء أن يطلقها
الإنسان طاهرا من غير جماع ، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله
، فيكون مردوداً ، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض ، وأن
المرأة لا زالت في عصمة زوجها ، ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو
غير طاهرة ، نعم ، لا عبرة بعلمه ، لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم ، وعدم الوقوع ،
وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ، ولا إثم على الزوج " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (3/268) .
*****
72439
زوجها عصبي جدا طلقها ثلاثاً
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/5893)
سؤال رقم 72439- زوجها عصبي جدا طلقها ثلاثاً
أنا متزوجة من 9 سنين تقريباً . وزوجي إنسان عصبي جداً جداً جداً لأبعد ما تتصور وعندما يغضب يفقد عقله ويفعل تصرفات لا يقصدها " أنا لا أعطي مبررات ولكن هذه هي الحقيقة والله يشهد على ذلك" المهم مشكلتي أنه كذا مرة لفظ بكلمة الطلاق وأريد أعرف هل وقع الطلاق أما لا ؟
الحالة الأولى : كنا مسافرين للخارج وحدثت مشكلة كبيرة جداً وقال لي : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " هو يقول إنها نوع من التخويف والتهديد ، المهم رجعنا البلاد ونسي الموضوع ولكن أنا لم أنساه وسألت شيخاً فقال لي : إن الطلاق لم يقع وفسر لي ذلك .
الحالة الثانية : على إثر مشكلة كبيرة ضربني وخرج من البيت وأنا تصرفت بحماقة وأرسلت له قرابة 9 مسجات بالتلفون المحمول كلها سب وتحقير فأرسل لي مسج " أنتِ طالق " كان هذا بالعصر ورجع بالليل وكأن شيئا لم يحدث وتصالحنا وأيضا سألت في هذه الحالة شيخاً وقال لي إن طلاق المسجات غير محسوب أي لم يقع .
الحالة الثالثة : أيضا مشكلة كبيرة وغضب غضباً شديداً لدرجة أنه لم يكن يدري ماذا يفعل وطلقني فذهبت بيت أهلي ، ولكنه ذهب للمحكمة وحكم له القاضي أن الطلاق لم يقع فأرجعني بعد تدخل الأهل فرجعت له .
كل الحالات لم يكن يقصد فيها الطلاق الفعلي ، للعلم آخر هذه الحالات كانت من سنتين تقريباً ولم يعد ينطق بهذه الكلمة وهدأت عصبيته بشكل عام المشكلة أنني دائماً أفكر هل أنا عايشه معه بالحرام ؟ هل الطلاق محسوب ؟ لا أدري إذا كان الشيطان هو الذي يوسوس لي أم ماذا ؟.
الحمد لله
أولا : نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويلهمك يرشدك وأن يصلح حالك
وحال زوجك .
ثانيا :
ما سألت عنه بخصوص الحالات الثلاث ، جوابه كما يلي :
الحالة الأولى :
وفيها قال الزوج لك : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " : فهذه يقع
فيها الطلاق عند رجوعكما للبلاد ؛ لأن هذا تعليق محض ، أي لا يقصد به الحث أو المنع
، أو التصديق أو التكذيب .
ولو فرض أنه قال : أردت أني " سأطلقها " بعد الرجوع ، فهذا لا
يقبل منه أيضا ؛ لأن قوله : أنت طالق ، من ألفاظ الطلاق الصريحة ، فلا يقبل منه أن
مراده ونيته الوعد بالطلاق .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحلف بالطلاق هو التعليق الذي
يراد به حث الحالف على شيء ، أو منعه من شيء ، أو حث المستمعين المخاطَبين على
تصديقه أو تكذيبه ، هذا هو اليمين بالطلاق ، فهو تعليق ، ومقصوده حث أو منع ، أو
تصديق أو تكذيب ، فهذا يسمى يمينا بالطلاق . بخلاف التعليق المحض ، فهذا لا يسمى
يمينا ، كما لو قال : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، أو قال : إذا دخل رمضان فزوجته
طالق ، فهذا لا يسمى يمينا ، بل تعليق محض وشرط محض ، متى وجد الشرط وقع الطلاق " . انتهى من "فتاوى الطلاق" ص (129- 131) .
وقد سبق الجواب عن مثل هذا في السؤال : ( 43481 )
.
الحالة الثانية :
وفيها أرسل لك رسالة بالهاتف وفيها : (أنتِ طالق) : فهذا يُرجع
فيه إلى نيته وقت الكتابة ، فإن كان عازما على الطلاق ، وقع الطلاق ، وإن كتب ذلك
وأراد شيئاً آخر غير الطلاق كغمّ أهله وتخويفهم لم يقع الطلاق لأنه لم ينوه .
وانظري جواب السؤال ( 72291 )
.
الحالة الثالثة :
وفيها غضب غضباً شديداً لدرجة أنه لم يكن يدري ماذا يفعل ، وطلقك
، ثم ذهب للمحكمة وحكم له القاضي أن الطلاق لم يقع , فالعبرة في هذا بما حكم به
القاضي , وذلك لأن هناك بعض الحالات في الغضب لا يقع فيها الطلاق , فيكون القاضي
علم مما حكاه له زوجك أن غضبه كان شديداً بحيث يمنع وقوع الطلاق , وقد سبق في جواب
السؤال ( 45174 ) بيان حكم طلاق
الغضبان .
والنصيحة لهذا الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن يمسك لسانه عن
ألفاظ الطلاق ، حتى لا يتسبب في تفريق أسرته وتشتيت شملها .
نسأل الله ولنا ولكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
72441
هل يصلي خلف من يجهل عقيدته وفي الولاية متصوفة وشيعة ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/5894)
سؤال رقم 72441- هل يصلي خلف من يجهل عقيدته وفي الولاية متصوفة وشيعة ؟
أنا لا أصلي الجمعة مع الجماعة حيث إنني مبتعث لدولة أجنبية المسلمون في هذه الولاية قلة وفيهم الشيعة والمتصوفون , وأنا لا أعلم عن حال الإمام إن كان مسلما سنيا أو لا , فما حكم تركي للصلاة معهم ؟ مع العلم بأن المسجد بعيد ولا أسمع الأذان .
الحمد لله
أولاً :
صلاة الجماعة واجبة على من سمع الأذان ، فإذا كان بيتك بعيداً عن
المسجد بحيث لا تسمع الأذان إذا رفع المؤذن صوته من غير مكبر للصوت ، مع سكون
الرياح والضوضاء ونحو ذلك مما يؤثر على السماع فلا يجب عليك حضور صلاة الجماعة في
المسجد .
وقد سبق بيان هذا في السؤال رقم ( 21969 )
، والسؤال رقم ( 20655 ) .
وأما صلاة الجمعة فقد أجمع العلماء على أنها واجبة على كل من كان
في المدينة من الرجال ، سواء سمع النداء أو لا ، ومهما تباعدت أطراف المدينة .
وانظر بيان هذا في جواب السؤال : ( 39054 ) .
ثانياً :
ما دام الإمام مسلما في الظاهر ، فلا يجوز ترك الجمعة والجماعة
خلفه لاحتمال كونه شيعيا أو صوفيا ، إلا أن تمكن إقامة الجمعة والجماعة – من غير
فتنة - خلف غيره ممن هو معروف بالاستقامة وصحة المنهج ، فالصلاة خلف هذا أولى وأفضل
.
والأصل إحسان الظن بالمسلم ، وعدم القدح في دينه ومنهجه بغير
قادح معلوم ، كما أن القول الراجح صحة الصلاة خلف كل من حكمنا بإسلامه ، ما لم يقع
في أمور مكفرة ، كاعتقاد تحريف القرآن الكريم ، أو تكفير أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم ، أو دعاء الأموات والاستغاثة بهم ، فهذا لا يصلى خلفه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الصلاة خلف المرازقة وعن
بدعتهم ؟
فأجاب : " يجوز للرجل أن يصلى الصلوات الخمس والجمعة وغير ذلك
خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة المسلمين ،
وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ، ولا أن يمتحنه فيقول : ماذا
تعتقد ؟ بل يصلى خلف مستور الحال ، ولو صلى خلف من يعلم أنه فاسق أو مبتدع ففي صحة
صلاته قولان مشهوران في مذهب أحمد ومالك ، ومذهبُ الشافعي وأبى حنيفة الصحة .
... ولو علم المأموم أن الإمام مبتدع يدعو إلى بدعته ، أو فاسق
ظاهر الفسق ، وهو الإمام الراتب الذي لا تمكن الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة
والعيدين ، والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك ، فان المأموم يصلي خلفه عند عامة
السلف والخلف ، وهو مذهب أحمد والشافعي وأبى حنيفة وغيرهم .
ولهذا قالوا في العقائد : إنه يصلى الجمعة والعيد خلف كل إمام
برا كان أو فاجرا ، وكذلك إذا لم يكن في القرية إلا إمام واحد فإنها تصلى خلفه
الجماعات ، فإن الصلاة في جماعة خير من صلاة الرجل وحده وإن كان الإمام فاسقا ، هذا
مذهب جماهير العلماء ، أحمد بن حنبل والشافعى وغيرهما ، بل الجماعة واجبة على
الأعيان في ظاهر مذهب أحمد . ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع
عند الإمام أحمد وغيره من أئمة السنة ...
والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها ، فإن الصحابة كانوا يصلون الجمعة
والجماعة خلف الأئمة الفجار ، ولا يعيدون ، كما كان ابن عمر يصلى خلف الحجاج ، وابن
مسعود وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة ، وكان يشرب الخمر ... والفاسق والمبتدع
صلاته في نفسه صحيحة فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته ، لكن إنما كَرِهَ مَنْ
كَرِهَ الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واجب ، ومن ذلك أن من أظهر
بدعة أو فجورا لا يُرتّب إماما للمسلمين ، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب ، فإذا أمكن
هجره حتى يتوب كان حسنا ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه ، وصلى خلف غيره
أثّر ذلك حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه ، فمثل هذا إذا ترك الصلاة
خلفه كان فيه مصلحة ، ولم يفت المأموم جمعة ولا جماعة ، وأما إذا كان ترك الصلاة
يفوّت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يَترك الصلاة خلفهم إلا مبتدع مخالف للصحابة
رضي الله عنهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/351- 356) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : ما حكم أكل اللحوم عندما يكون
الذابح مجهول العقيدة والصلاة وراءه ؟
فأجابوا : " إذا كان المسلم ظاهرا ، مجهول الحال بالنسبة لعقيدته
، ولم يعلم عنه انحراف في عقيدته صحت الصلاة وراءه وأكلت ذبيحته " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/365) .
وجاء فيها أيضا (7/353) : " وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت
بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون
إلا لله من كمال العلم ، أو العلم بالمغيبات ، أو التأثير في الكونيات ، فلا تصح
الصلاة خلفهم .
وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله
عليه وسلم ولكن مع الاجتماع والترنحات ، فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي
للمسلم أن يتحرى لصلاته إماما غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر " انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم المقيم في بلد أهله
متمسكون بالبدعة ، هل يصح له أن يصلي معهم صلاة الجمعة والجماعة ، أو يصلي وحده ،
أو تسقط عنه الجمعة ؟ وإذا كان أهل السنة ببلد أقل من اثني عشر فهل تصح لهم الجمعة
أم لا ؟
فأجاب : " إنّ إقامة صلاة الجمعة واجبة خلف كل إمام بر أو فاجر ،
فإذا كان الإمام في الجمعة لا تخرجه بدعته عن الإسلام فإنه يصلى خلفه ، قال الإمام
أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة : " ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من
أهل القبلة وعلى من مات منهم " انتهى ... " ثم نقل كلام شيخ
الإسلام السابق ، إلى أن قال : " وأما السؤال الثاني : فجوابه أن يقال : هذه
المسألة فيها خلاف مشهور بين أهل العلم ، والصواب في ذلك : جواز إقامة الجمعة
بثلاثة فأكثر إذا كانوا مستوطنين في قرية لا تقام فيها الجمعة ، أما اشتراط أربعين
أو اثني عشر أو أقل أو أكثر لإقامة الجمعة فليس عليه دليل يعتمد عليه فيما نعلم ،
وإنما الواجب أن تقام في جماعة وأقلها ثلاثة وهو قول جماعة من أهل العلم ، واختاره
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو الصواب كما تقدم " انتهى من "مجموع
فتاوى الشيخ ابن باز" (4/303) .
هذا وينبغي أن تتعاون مع الجالية الموجودة في هذه البلاد ،
لدعوتهم إلى الله تعالى ، وتصحيح عقائدهم ، وإرشاد ضالهم ، بالحكمة بالموعظة الحسنة
، والسعي لأن تكون إمامة الصلاة في أفضلهم وأتقاهم .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
72443
يأتي الناس إلى منزل جده المتوفى ويتبركون بمائه فماذا يفعل ؟
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/5895)
سؤال رقم 72443- يأتي الناس إلى منزل جده المتوفى ويتبركون بمائه فماذا يفعل ؟
صديقي كان جده من الأشخاص المعروف عنهم قدرته على إخراج الجن ، وأعتقد والله أعلم بأنه لا يقوم بالتعامل معهم طبقا للشريعة الإسلامية ؛ لأنه وحسب ما قال لي صديقي بأن جده كان لا يصلي ، والآن وبعد وفاة جده يأتي الناس إلى محل سكن هذا الجد تبركاً ببركته ، وبجانب هذا البيت توجد حنفية يأتيها الناس ليأخذوا منها الماء بحجة أنها ماء مبارك ، ويقومون بوضع مال جنب هذه الحنفية .
والسؤال هو : بماذا تنصحون صديقي ؟ هل يقوم بتكسير هده الحنفية أم ماذا ؟ وهل المال الذي يجده بجانب هذه الحنفية حرام ؟.
الحمد لله
أولا :
لا يجوز التبرك بآثار غير الأنبياء ، سواء كان المتبرك بهم
صالحين أو طالحين ، نسأل الله العافية ، لكن تبرك الناس بمن لا يصلي ، دليل على شدة
الجهل وعظم الغفلة ، ومدى حاجة الناس إلى تعلم العقيدة الصحيحة المنقذة من الضلال .
والدليل على عدم جواز التبرك بآثار غير الأنبياء : أنه لم ينقل
عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بأبي بكر أو عمر أو غيرهم من
الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه .
قال الشاطبي رحمه الله : " الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه
الصلاة والسلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه ، إذ لم يترك
النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فهو
كان خليفته ، ولم يُفعل به شيء من ذلك ، ولا عمر رضي الله عنهما ، وهو كان أفضل
الأمة بعده ، ثم كذلك عثمان ، ثم علي ، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في
الأمة ، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبرِّكا تبرك به على أحد تلك
الوجوه أو نحوها ، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسِّيَر التي
اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء
كلها " انتهى من "الاعتصام" (1/482) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولا أحد يُتبرك بآثاره إلا
محمد صلى الله عليه وسلم ، أما غيره فلا يتبرك بآثاره ، فالنبي صلى الله عليه وسلم
يتبرك بآثاره في حياته ، وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار ، كما كان عند أم
سلمة رضي الله عنها جُلجُل من فضة فيه شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم
يستشفي بها المرضى ، فإذا جاء مريض صبت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم أعطته
الماء ، لكن غير النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه ، أو بعرقه
، أو بثوبه ، أو بغير ذلك ، بل هذا حرام ونوع من الشرك " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (2/107).
ثانيا :
الواجب على صديقك أمران :
الأول : أن ينبه الناس ويحذرهم من هذا التبرك الممنوع ، إذا كان
يحسن ذلك ويستطيعه ، وإلا فينبغي أن يستعين بأهل العلم ، ليرشد الناس إلى الحق ،
ويدلهم على الصواب ، ويحذرهم من الاعتقادات الفاسدة التي توقعهم في الشرك والبدعة .
الثاني : أن يتخلص من هذه الحنفية ، بإزالتها أو قطع الماء عنها
ونحو ذلك ، وله أسوة في عمر رضي الله عنه ، حين قطع شجرة الحديبية لما بلغه أن قوما
يصلون عندها .
قال الشاطبي رحمه الله : " وقال ابن وضاح : سمعت عيسى بن يونس
مفتي أهل طرسوس يقول : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها
النبي صلى الله عليه وسلم ، فقطعها ؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها ، فخاف
عليهم الفتنة " انتهى من "الاعتصام" (1/448) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح
عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة فيصلون عندها فتوعدهم ، ثم أمر بقطعها
فقطعت " انتهى من "فتح الباري" (7/513) .
ثالثا :
ما أخذه من هذا المال ، فلا حرج عليه فيه ؛ لأنه مال بذله أصحابه
عن رضى ، ولا مالك له ، فجاز له أخذه . لكن لا يجوز له إقرار المنكر ليأخذ المال ،
بل يلزمه كما سبق : البيان وإزالة هذا المنكر .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/227) فيما يتعلق
بالاستفادة من الأشياء المنذورة للأولياء والصالحين ، ما نصه : " ... وأما إن كان
المنذور للأولياء والصالحين غير الذبائح ، من خبز وتمر وحمص وحلوى ونحو ذلك مما لا
يتوقف حل أكله على الذبح أو النحر ، فينبغي ترك توزيعه على الناس لما في ذلك من
ترويج البدع والتعاون على انتشارها والمشاركة في مظاهر الشرك وإقرارها ، لكنها في
حكم الأموال التي أعرض عنها أهلها وتركوها لمن شاء أخذها ، فمن أخذ شيئا منها فلا
حرج عليه " انتهى .
والله أعلم .
*****
72448
مضطرة للتعليم المختلط فهل لها أن تشرح وتحاور أمام الذكور؟
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/5896)
سؤال رقم 72448- مضطرة للتعليم المختلط فهل لها أن تشرح وتحاور أمام الذكور؟
أنا طالبة جامعية أدرس في جامعة مختلطة وأنا مجبرة على ذلك . يطلب بعض المدرسين منا المشاركة في الحوار والشرح بوجود الذكور من الشباب داخل المحاضرة . فما رأيكم بهذا ؟.
الحمد لله
أولا :
لا يجوز للمرأة أن تعمل أو تدرس في جامعة مختلطة ، لما يترتب على
ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى على أحد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في
السؤال رقم ( 1200 ) .
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/156) : " الاختلاط بين
الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في
الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ،
ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " انتهى .
ولا تجب طاعة الوالدين في الدراسة المختلطة ؛ لأنه لا طاعة
لمخلوق في معصية الخالق ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة في معصية ,
إنما الطاعة في المعروف ) رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) .
ثانيا :
يجوز للمرأة أن تتكلم بحضرة الرجال الأجانب للحاجة ، بشرط أن
يكون كلامها فصلا جادا ، لا خضوع فيه ، ولا فتنة ، ولا إثارة ، فصوتها ليس عورة على
الصحيح من قولي العلماء ؛ فقد كان النساء يكلمن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه ،
وكن يكلمن الصحابة في حاجتهن ، ولم ينكر ذلك عليهن . وإنما نهين عن الخضوع بالقول ،
كما قال تعالى : ( فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/32 .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره : " أمرهن الله أن يكون قولهن
جزلا ، وكلامهن فصلا ، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من
اللين ، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه ،
مثل كلام المريبات والمومسات ، فنهاهن عن مثل هذا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" من فقه الشافعية (4/210) : " وصوت المرأة
ليس بعورة ، ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة ، وندب تشويهه إذا قُرع بابها فلا
تجيب بصوت رخيم ، بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم " انتهى .
وقال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (5/15) : " وصوتها - أي :
الأجنبية - ليس بعورة ، قال في الفروع وغيره : على الأصح , ويحرم التلذذ بسماعه ,
ولو كان بقراءةٍ ، خشية الفتنة " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/202) : " صوت المرأة نفسه
ليس بعورة ، لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث ، وخضوع في القول ،
فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛ لقوله تعالى : (
يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ
قَوْلا مَعْرُوفًا ) " انتهى .
هذا هو الأصل والضابط في كلام المرأة مع الرجال ، ولكن من ابتليت
بالدراسة في جامعة مختلطة ، فإن عليها أن تقلل الشر ما أمكن ، فلا تتحاور مع الرجال
، ولا تعطي مجالا للحديث معها أو التعرف عليها ، ولو أدى ذلك إلى نقص درجتها أو
تقديرها ، فإن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح . وعليها أن تتستر بالستر الكامل ،
حتى لا يرى منها وجه ولا كف ، ولتقلل من الحضور ما أمكنها ذلك ، حتى يجعل الله لها
مخرجا وفرجا .
وراجعي السؤال رقم ( 8827 )
، ورقم ( 47554 ) .
نسأل الله أن يوفقك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
*****
72450
يجزئ غسل الرجل مرة واحدة في الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/5897)
سؤال رقم 72450- يجزئ غسل الرجل مرة واحدة في الوضوء
عندما أغسل رجلي في الوضوء لا يمكنني عد الغسلات ولكني أكتفي بغسلها كلها مع الدلك وتخليل الأصابع بالسبابة فهل هذه الكيفية تجزئ ؟.
الحمد لله
نعم ، هذه الكيفية تجزئ ، وقد أجمع العلماء على أن الواجب في غسل
الأعضاء مرة مرة ، وعلى أن المرتين والثلاث سنة . وذلك لما روى البخاري (157) عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً ) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَقَدْ أَجْمَع
الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِب فِي غَسْلِ الأَعْضَاء مَرَّة مَرَّة ،
وَعَلَى أَنَّ الثَّلاث سُنَّة ، وَقَدْ جَاءَتْ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة
بِالْغَسْلِ مَرَّة مَرَّة ، وَثَلاثًا ثَلاثًا وَبَعْض الأَعْضَاء ثَلاثًا
وَبَعْضهَا مَرَّتَيْنِ وَبَعْضهَا مَرَّة . قَالَ الْعُلَمَاء : فَاخْتِلافهَا
دَلِيل عَلَى جَوَاز ذَلِكَ كُلّه ، وَأَنَّ الثَّلاث هِيَ الْكَمَال وَالْوَاحِدَة
تُجْزِئُ ، فَعَلَى هَذَا يُحْمَل اِخْتِلاف الأَحَادِيث " انتهى .
وقال الشوكاني رحمه الله : " وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل
مرة مرة ، ومرتين مرتين ، وثلاثا ثلاثا ، وبعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين ،
والاختلاف دليل على جواز ذلك كله ، وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ " انتهى من "نيل الأوطار" (1/188) .
ولكن لا ينبغي للإنسان أن يداوم على غسل الأعضاء مرة مرة ، ويترك
الأكمل ، فإنه بذلك يحرم نفسه مزيداً من الثواب .
والله أعلم .
*****
72505
حكم شراء بساتين المِشمِش قبل نضجها
الفقه > معاملات > البيوع >(1/5898)
سؤال رقم 72505- حكم شراء بساتين المِشمِش قبل نضجها
ما حكم الشريعة في شراء بساتين المشمش قبل النضج ، حيث يتسارع التجار إلى شرائها من الفلاحين وهى ما زالت غير ناضجة ؟.
الحمد لله
أولا :
لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها ، بإجماع العلماء ، لثبوت
النهي عن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : (
نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَارِ حَتََّّى يَبدُوَ صَلَاحُهَا ، نَهَى البَائِعَ
وَالمُبتَاعَ – أي المشتري -) رواه البخاري (2194) ومسلم (1534) .
ومن باب أولى : لا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها ، وهذا أيضاً أجمع
العلماء على تحريمه .
وحكمة النّهي عن بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه هي خوف تلف الثّمرة ،
وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، فإنه يكثر تعرض الثمرة للآفات قبل بدو صلاحها ، وقد
ثبت في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَرَأَيتَ إِذَا
مَنَعَ اللَّهُ الثّمَرَةَ ، بِمَ يَأخُذُ أَحَدُكُم مَالَ أَخِيهِ ؟ ) رواه
البخاري (1488) ومسلم (1555) .
والمراد ببدو الصلاح أول ظهوره وبدايته ، بحيث تكون الثمرة صالحة
للأكل ، وليس المراد كمال النضج ، ولذلك جاء في الحديث : ( حتى يبدو صلاحها ) ولم
يقل : ( حتى يتم صلاحها ) .
وروى مسلم (1536) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : ( أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَرَةِ
حَتَّى تَطعَمَ ) وفي رواية : ( حَتَّى تَطِيبَ ) .
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (11/150) :
" بدو الصلاح يرجع إلى تغير صفة في الثمرة ، وذلك يختلف باختلاف
الأجناس ، وهو على اختلافه راجع إلى شيء واحد مشترك بينها ، وهو طيب الأكل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/33) :
" الضابط يدور على إمكان أكلها واستساغته ؛ لأنه إذا وصل إلى هذا
الحد أمكن الانتفاع به ، وقبل ذلك لا يمكن الانتفاع به إلا على كره ، وهو أيضا إذا
وصل هذه الحال من النضج قَلَّت فيه الآفات والعاهات " انتهى .
وبدو صلاح المشمش الوارد في السؤال : نص العلماء على أنه يكون
ببداية اصفراره مع حلاوته .
انظر : "المجموع" (11/151) .
ثانياً :
لكن هذا الحكم – وهو تحريم بيع الثمار قبل بدو صلاحها – قد
استُثني منه عدة صور ، يجوز فيها بيع الثمار ولو لم يبدُ صلاحها .
الأولى : أن يبيع الثّمرة مع الشّجر ، فهذا جائز ، سواء كان
الثمر قد بدا صلاحه أم لا ، ولا يختلف في ذلك الفقهاء ، لأنّ بيع الثّمر هنا تابع
للشّجر ، والقاعدة عند العلماء : " أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء
المستقل " .
الثانية : أن يبيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها بشرط أن يقطعها
المشتري في الحال ، ولا ينتظر نضجها ، فهذا البيع صحيح بالإجماع ، وعلّله العلماء
بأنّ المنع من البيع قبل بدوّ الصّلاح ، إنّما كان خوفاً من تلف الثّمرة ، وحدوث
العاهة عليها قبل أخذها ، وهذا مأمون فيما يقطع في الحال .
ويتصور اشتراط القطع في الحال في بعض الثمار التي يستفاد منها
قبل النضج ، كما لو كانت صالحة لتكون علفاً للبهائم مثلاً ، ونحو ذلك من أوجه
الانتفاع بها .
ثالثاً :
إذا كان البستان واحدا ، فلا يشترط أن يبدو الصلاح في كل شجرة من
شجر البستان ، بل يعتبر كل نوع على حدة ، فيكفي أن يبدو الصلاح في شجرة واحدة من كل
نوع .
فمثلاً : إذا كان البستان فيه أنواع من التمر كالبرحي والسكري
مثلا ، فلا يعتبر بدو الصلاح في البرحي كافياً لبيع السكري ، ولكن لا بد من بدو
الصلاح في كل نوع ، ولو في نخلة واحدة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/31) :
" صلاح بعض الشجرة صلاح لها كلها ولسائر النوع الذي في البستان " انتهى .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (9/190-194) .
والله أعلم .
*****
72516
تفسير قوله تعالى ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ )
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/5899)
سؤال رقم 72516- تفسير قوله تعالى ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ )
ما المقصود بقوله تعالى : ( فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ ) الآية 92 من سورة يونس ؟ .
الحمد لله
هذه الآية من سورة يونس جاءت في معرض الحديث عن موقف من مواقف
الطاغية فرعون تجاه نبي الله موسى عليه السلام ومن آمن معه من بني إسرائيل ، وذلك
حين سار موسى عليه السلام بالمؤمنين في هجرتهم إلى الأرض المباركة ، فلحقه فرعون
وجنوده ليردوهم ويفتنوهم ، وفي طريق الهجرة الطويل اعترضهم البحر جميعا ، فأكرم
الله نبيه موسى ومن معه من المؤمنين بأن جعل البحر لهم يابسا يمشون فوقه ، فعبروه
أمام أعين أعدائهم ، وهم ينظرون!!
فما كان من عدو الله فرعون إلا أن استخفه الطغيان ، وأهوى به
الطيش والحمق ، فركب البحر خلف موسى ومن معه ، ليكون هلاكه ومن معه بالغرق في نفس
البحر الذي جاوزه موسى ومن معه من المؤمنين !!
فلما أحاط الموت بالطاغية من كل مكان ، وتقاذفته لجج البحر
وأمواجه ، وأيقن أن الغرق مصيره لا محالة ، قال : ( قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا
إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ )
، وهيهات هيهات ، قد فات وقت التوبة ، ومضى زمان الإنابة والإيمان حين حل الموت ،
وذهب عن الخبيث كل قوة وحيلة !!
ولا شك أن موت هذا الطاغية المسرف في الطغيان في مثل هذا الموقف
العظيم من أعظم الآيات التي تبين عاقبة العناد والظلم والاستكبار ، لذلك أراد الله
سبحانه وتعالى أن يثبت هذه الآية ويؤكدَها ، ويرفعَ عنها أي شك أو لبس أو إشاعات ،
فقضى أن تظهر جثة فرعون هامدة باردة على الشاطئ ، يراها قومه ومن كان يعبده ، فيكون
ذلك أبلغ في إقامة العظة والعبرة عليهم . قال الله تعالى : ( فَالْيَوْمَ
نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ
النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )
يقول ابن كثير رحمه الله : ( قال ابن عباس وغيره من السلف : إن
بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون ، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويا
بلا روح ، وعليه درعه المعروفة ، على نجوة من الأرض ، وهو المكان المرتفع ،
ليتحققوا موته وهلاكه ، ولهذا قال تعالى : ( فاليوم ننجيك ) أي : نرفعك على مكان
بارز من الأرض ، ( ببدنك ) قال مجاهد : بجسدك ، وقال الحسن : بجسم لا روح فيه ،
وقال عبد الله بن شداد : سويا صحيحا : أي لم يتمزق ، ليتحققوه ويعرفوه ، وقال أبو
صخر : بدرعك . وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها كما تقدم والله أعلم .
وقوله : " لتكون لمن خلفك آية " أي : لتكون لبني إسرائيل دليلا
على موتك وهلاكك ، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كلِّ دابةٍ بيده ، وأنه لا يقوم
لغضبه شيء ) تفسير ابن كثير (2/565) . بتصرف .
وكذلك كان ، فقد رأى بنو إسرائيل فرعون ميتا رأي العين ، فكان
آية لمن رآه حينها ، وكان آية لكل من سمع بقصة هلاكه ممن بعدهم !!
وليس في الآية ما يدل على أن بدنه سيبقى محفوظا إلى يوم القيامة
، كما يتوهم بعض الناس ، فإن ذلك من تحميل القرآن ما لا يحتمل ، إذ لو كان المقصود
بقاء جسد فرعون آية لجميع الناس بعده ، يرونه ميتا ويعاينون جثته ، لبقيت جثته
معروفة ظاهرة لكل " من خلفه " ، ممن سمع بقصته ، حتى تتم العبرة ، وتظهر الآية ،
ويصدق الوعد ؛ فأين ذهبت قصته عن الناس ، حتى عفا أثرها ، وزال ذكرها قرونا متطاولة
، قبل أن يدعي أهل الآثار أنهم اكتشفوا جثة فرعون الذي مات غرقا ؟!!
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : ( ومعنى قوله تعالى : (
لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ) أي : لتكون لبني إسرائيل دليلاً على موتك
وهلاكك ، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كل دابَّة بيده ، لا يقدر أحد على
التخلُّص من عقوبته ، ولو كان ذا سُلطة ومكانة بين الناس .
ولا يلزم من هذا أن تبقى جثَّةُ فرعون إلى هذا الزَّمان ، كما
يظنُّهُ الجُهَّالُ ؛ لأن الغرض من إظهار بدنه من البحر معرفةُ هلاكه وتحقُّقُ ذلك
لمن شكَّ فيه من بني إسرائيل ، وهذا الغرض قد انتهى ، وجسم فرعون كغيره من الأجسام
، يأتي عليه الفناء ، ولا يبقى منه إلا ما يبقى من غيره ، وهو عَجْب الذَّنَبِ ،
الذي منه يُرَكَّبُ خلقُ الإنسان يوم القيامة ؛ كما في الحديث ؛ فليس لجسم فرعون
ميزةٌ على غيره من الأجسام . والله أعلم ) "المنتقى من فتاوى الفوزان"
(1/سؤال رقم 132) .
ولكن يقال هنا : إن حصل وظهرت جثة فرعون من جديد ، وثبت بكلام
أهل الخبرة بالتاريخ والآثار أنها الجثة التي ذكر الله في كتابه ، فإنما يكون ذلك
إشارة إلى صدق ما أخبر به القرآن من نجاة بدن فرعون .
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله : ( ومن دقائق القرآن
قوله تعالى : " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً
" ، وهي عبارة لم يأت مثلها فيما كتب من أخبار فرعون ؛ وإنها لمن الإعجاز العلمي في
القرآن ، إذ كانت الآية منطبقةً على الواقع التاريخي ) التحرير والتنوير
(1/2065) .
والخلاصة : أن بدن فرعون نَجَا يومها من الضياع أو التحلل
، ولا يعني ذلك لزوم بقائه محفوظا إلى يوم القيامة ، فمن ثبت عنده من أهل العلم
بالآثار والتاريخ أن بدن فرعون ما زال محفوظا اليوم ، وهو الذي يُعرَض في بعض
المتاحف ، فلا يجوز أن يَدَّعِيَ أن هذا الحفظ إنما هو معجزة من الله للناس جميعا ،
وإنما هو فقط تصديقٌ تاريخي جاء موافَقَةً لما في القرآن الكريم ، وذلك هو الإعجاز
.
والله تعالى أعلم .
*****
72571
توفيت ولها بنت وأخ
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/5900)
سؤال رقم 72571- توفيت ولها بنت وأخ
توفيت سيدة لها تركة ولها ابنة وأخ فما نصيب كل منهما ؟.
الحمد لله
البنت لها النصف ، لقول الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ
اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا
النِّصْفُ ) النساء/11
ولم يبيّن السائل حال هذا الأخ ، هل هو أخ شقيق أو أخ من الأب
فقط أو من الأم فقط ؟
فإن كان شقيقاً أو من الأب فقط فله باقي التركة بعد أخذ البنت
نصيبها (النصف) وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ
بِأَهْلِهَا ، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري
(6773) ومسلم (1615) .
وهذا الأخ هو أقرب رجل ذكر من أقاربها ، فله الباقي بعد أخذ
البنت نصيبها .
أما إذا كان هذا الأخ أخاً من الأم فقط ، فيختلف تقسيم التركة .
يكون للبنت النصف كما سبق ، ويسقط هذا الأخ من الأم ، فلا يستحق
شيئاً من الميراث ، لأن الأخ من الأم لا يرث شيئاً مع وجود أحد من الأولاد ( ذكوراً
كانوا أم إناثاً ) لقول الله تعالى : (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو
امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ ) يعني من الأم ( فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ ) النساء/12 . فلا يرث الأخ من الأم إلا إذا كان الميت كلالة .
والكلالة : الذي لا والد له ولا ولد . أي : لا أب له ولا جدّ ولا
ابن ولا بنت .
وقد أجمع العلماء على أن الإخوة من الأم لا يرثون شيئاً إذا وجد
أحد من الأولاد (ذكوراً أم إناثاً ) – نقله ابن قدامة في "المغني" (9/7) .
فعلى هذا ، يكون للبنت النصف كما سبق ، ثم إن وُجد أحد من العصبة
كالأعمام وأبنائهم فالباقي بعد نصيب البنت لأقرب رجل منهم ، فإن لم يوجد فإن هذا
الباقي يُردّ على البنت ، فتأخذ التركة كلها .
*****
72591
فضل قراءة بعض آيات القرآن الكريم قُبَيل النوم
الرقائق > الأذكار الشرعية >
الآداب > آداب النوم >
القرآن وعلومه > فضائل القرآن >(1/5901)
سؤال رقم 72591- فضل قراءة بعض آيات القرآن الكريم قُبَيل النوم
سمعت حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم " فيما معناه " : ( أن من قرأ عشر آيات من القرآن في ليلة قبل أن ينام لم يكتب من الغافلين )
هل هذا الحديث صحيح ؟ وإن كان صحيحا ، فهل يصح أن أقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين حفظاً ، وبهذا أكون قد قرأت وَرْدِي ، وقرأت أكثر من عشر آيات ؟ أم إنه يجب أن تكون العشر آيات تلاوة من المصحف ؟.
الحمد لله
أولا :
نص الحديث الذي يقصده السائل الكريم هو :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ( مَن قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيلَةٍ لَم يُكتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ ) رواه الحاكم في المستدرك (1/742) وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/81) .
وقد جاء أيضا من قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم :
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : من قرأ في ليلة بعشر آيات لم
يكتب من الغافلين . وورد نحوه أيضا عن تميم الداري رضي الله عنه . رواهما
الدارمي في مسنده (2/554-555) .
ثانيا :
هل المقصود بالحديث أن يقرأ هذه الآيات في صلاته بالليل ، أو
تحصل هذه الفضيلة بمجرد قراءة هذه الآيات في الليل ، سواء كانت في الصلاة أو في غير
الصلاة ؟
فيه احتمال ؛ ويؤيد الأول رواية أبي داود (1398) عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ
يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ
الْقَانِتِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود (1264) .
قال في عون المعبود : " والمراد هنا في قيام الليل " . ولذلك روى
ابن حبان الحديث السابق في أبواب قيام الليل من صحيحه (4/120) وترجم عليه : ( ذكر
نفي الغفلة عمن قام الليل بعشر آيات ... ) .
ويشهد له أيضا حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ : ( من صلى في
ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين ، ومن صلى في ليلة بمائتي آية فإنه يكتب من
القانتين المخلصين ) رواه الحاكم (1/452) ، وصححه على شرط مسلم . لكن مال
الألباني إلى ضعفه ، كما في الصحيحة (2/243) ، وضعيف الترغيب (1/190) .
وفي رواية ابن خزيمة ( 2/180) : ( من حافظ على هؤلاء الصلوات
المكتوبات لم يكتب من الغافلين ، ومن قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من الغافلين أو
لم يكتب من القانتين .. )
قال الألباني في الصحيحة (643) : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
فاقتران القراءة بذكر الصلاة المكتوبة مما يشعر بأن المراد بها
القراءة في الصلاة ، يعني : صلاة الليل .
ولأجل ذلك روى ابن خزيمة حديث أبي هريرة في باب : ( باب ذكر
فضيلة قراءة مائة آية في صلاة الليل إذ قارئ مائة آية في ليلة لا يكتب من الغافلين
) ، ورواه أيضا محمد بن نصر المروزي في كتابه قيام الليل (164ـ مختصره ) في
سياق الأبواب المتعلقة بالقراءة في صلاة الليل .
ويحتمل أن تحصل هذه الفضيلة لمن قرأ هذا القدر من الآيات في
الليل مطلقا ، سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة ، قبل نومه ، أو بعد استيقاظه ،
إذا استيقظ من الليل .
وبهذا الإطلاق أخذ كثير من أهل العلم في تخريج الحديث في
مصنفاتهم ؛ فقد بوب عليه الدارمي رحمه الله (2/554) بقوله : ( باب فضل من قرأ عشر
آيات )
وبوب الحاكم في المستدرك (1/738) بقوله : ( أخبار في فضائل
القرآن جملة )
كما بوب عليه المنذري في الترغيب والترهيب (2/76) بقوله : (
الترغيب في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها ، وفضل تعلمه وتعليمه )
وذكره مرة أخرى تحت باب (2/116) : ( الترغيب في أذكار تقال
بالليل والنهار غير مختصة بالصباح والمساء )
ويقول النووي رحمه الله في كتاب "الأذكار" (1/255) :
" اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار ، فينبغي المداومة عليها ،
فلا يُخلي عنها يوماً وليلة ، ويحصل له أصلُ القراءة بقراءة الآيات القليلة ..( ثم
ذكر أحاديث منها حديث أبي هريرة السابق ) " انتهى .
فيرجى لمن قرأ عشر آيات في ليلته ألا يكتب من الغافلين ، سواء
قرأ ذلك في صلاته بالليل ، أو خارج الصلاة ، وفضل الله عز وجل واسع .
وفي صحيح مسلم (789) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( .. وَإِذَا قَامَ صَاحِبُ
الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ
بِهِ نَسِيَهُ ) .
فظاهر الحديث أن المراد بالقيام هنا أعم من مجرد القيام به في
الصلاة . قال المناوي رحمه الله : " أي تعهد تلاوته ليلاً ونهاراً فلم يغفل عنه ...
وفيه ندب إدامة تلاوة القرآن ... بأن لم يخص بوقت أو محل " . انتهى مختصرا .
ثالثا :
قد جاء في السنة الندب إلى قراءة بعض الآيات إذا أوى المسلم إلى
فراشه .
ومن خصوص السور والآيات التي جاء الندب إلى قراءتها ما يلي :
1- آية الكرسي .
جاء في صحيح البخاري معلقا (2311) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه
قال :
( وكَّلني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ،
فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام . . وذكر الحديث وقال في آخره : ( إذا أويتَ إلى
فراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسي ، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ ، ولا يقربَك
شيطانٌ حتى تُصْبِحَ . فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم : " صَدَقَكَ وَهُوَ
كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيطانٌ )
2- آخر آيتين من سورة البقرة .
عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :
( مَن قَرَأَ بِالآيَتَينِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي
لَيلَةٍ كَفَتَاهُ ) رواه البخاري (5009) ومسلم (2714) قال
ابن القيم في "الوابل الصيب" (132) : كفتاه من شر ما يؤذيه .
عن عليّ رضي اللّه عنه قال :
( ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث
الأواخر من سورة البقرة )
عزاه النووي في الأذكار (220) لرواية أبي بكر بن أبي داود ثم قال : صحيح على شرط
البخاري ومسلم .
4،3- سورتي الإسراء والزمر
وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت :
( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَنَامُ
حَتَّى يَقرَأَ بَنِي إِسرَائِيلَ وَالزُّمَر )
رواه الترمذي (3402) وقال : حديث حسن . وحسّنه الحافظ ابن حجر في "نتائج
الأفكار" (3/65) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
5- سورة الكافرون :
عن نوفل الأشجعي رضي اللّه عنه قال : قال لي رسول اللّه صلى
اللّه عليه وسلم :
" اقْرأ : قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها
فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ "
رواه أبو داود ( 5055 ) والترمذي ( 3400 ) وحسنه ابن حجر في "نتائج الأفكار"
(3/61) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
8،7،6- الإخلاص والمعوذتين :
عن عائشة رضي الله عنها : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيلَةٍ جَمَعَ
كَفَّيهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا ( قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) و (
قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ) و ( قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) ، ثُمَّ
يَمسَحُ بِهِمَا مَا استَطَاعَ مِن جَسَدِهِ ، يَبدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأسِهِ
وَوَجهِهِ وَمَا أَقبَلَ مِن جَسَدِهِ ، يَفعَلُُ ذَلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ) رواه البخاري (5017)
وعن إبراهيم النخعي قال :
( كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كلّ ليلة ثلاثَ مرات
: ( قل هو اللّه أحد ) والمعوّذتين ) ق ال النووي في الأذكار (221) : إسناده
صحيح على شرط مسلم .
رابعا :
يقول النووي رحمه الله في "الأذكار" (221) :
" الأولى أن يأتيَ الإِنسانُ بجميع المذكور في هذا الباب ، فإن
لم يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهمّه " انتهى .
ولا يشترط أن تكون القراءة من المصحف ، فيكفي أن يقرأ المسلم ما
تيسر له مما سبق من حفظه ، والله سبحانه وتعالى يكتب له ما وعده به .
والله أعلم .
*****
7268
تغطية الرأس للمحرم ، والتظليل بالشمسية
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/5902)
سؤال رقم 7268- تغطية الرأس للمحرم ، والتظليل بالشمسية
هل يجوز تغطية الرأس بمظلة أثناء الحج لتحمي الجسم من أشعة الشمس ؟ هذه المظلة يمكن أن توضع على الكتف وتكون اليدان طليقتين .
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء على أن ستر الرأس محرم على الرجل في الإحرام ، وقد دل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة وهو
محرم : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) . رواه البخاري (1267) ومسلم (1206) .
ومعنى : ( لا تخمروا رأسه ) أي : لا تغطوه .
وروى البخاري (1542) ومسلم (1177) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ ، وَلا الْعَمَائِمَ ،
وَلا السَّرَاوِيلاتِ ، وَلا الْبَرَانِسَ ، وَلا الْخِفَافَ) . والبرنس ثوب يلبسه أهل المغرب ، له رأس متصلة به.
ثانياً : تغطية المحرم رأسه على أقسام :
الأول : أن يغطيها بما يلاصق الرأس ، كالطاقية والعمامة وما أشبه ذلك فهذا حرام ، ودليل تحريمه الحديثان السابقان .
الثاني : أن يغطي رأسه بما لا يلاصقه كالشمسية والخيمة وسقف السيارة ونحو ذلك ، فلا بأس به ، لقول أم حصين رضي الله عنها : حَجَجْتُ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى
رَاحِلَتِهِ وَمَعَهُ بِلالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الشَّمْسِ . رواه ومسلم (1298) .
قال النووي :
فِيهِ: جَوَاز تَظْلِيل الْمُحْرِم عَلَى رَأْسه بِثَوْبٍ وَغَيْره , وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين : وهذا كالشمسية تماماً اهـ
وقال الشيخ ابن باز : لا حرج على المحرم أن يستعمل الشمسية اتقاءً للشمس ، كما يستظل في الخيمة وسقف السيارة اهـ فتاوى ابن باز
(17/115) .
الثالث : حمل المتاع على الرأس ، فلا بأس به لأنه لا يقصد به الستر غالباً ، لكن إن قصد به الستر فهو حرام .
قال الشيخ ابن باز :
وأما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك حيلة ، لأن الله سبحانه وتعالى قد حرم على عباده التحيل لفعل
ما حرم اهـ فتاوى ابن باز (17/115) .
والله أعلم
انظر : الشرح الممتع (7/141-143) مناسك الحج والعمرة (ص 52-53) للشيخ ابن عثيمين .
*****
7277
ما هو تعريف البدعة وما حكم الزيادة في التراويح
أصول الفقه > البدعة >(1/5903)
سؤال رقم 7277- ما هو تعريف البدعة وما حكم الزيادة في التراويح
السؤال :
هل يمكن أن تعرف وتعطينا مثلاً عن البدعة ؟
هذا الأمر مشوش جداً بالنسبة لي ، فهل من البدعة أن نصلي أكثر من 8 ركعات في التراويح لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصلي أكثر من ذلك ؟.
الجواب :
الحمد لله
البدعة في أصل اللغة تدور معانيها على : ابتداء الشيء من غير مثال سابق ، ومنه قول الله عز وجل : " بديع السماوات والأرض " .
والمراد بالبدعة في الصطلاح الشرعي : هي ما أحدث في دين الله عز وجل وليس له أصل عام ولا خاص يدل عليه .
وذلك على سبيل المثال : مثل الأذكار البدعية كذكر الله تعالى بالاسم المفرد ( الله .. الله .. الله .. ) أو بالضمير : ( هو .. هو .. ) فهذه شيء جديد محدث في الدين يقصد به التعبد لله عز وجل ، وليس على فعله أي دليل لا بخصوص هذا الذكر ، ولا دليل عام ، وهي المسماة في علم الأصول بـ ( المصالح المرسلة ) إذن فهي بدعة .
وأما صلاة أكثر من ( 8 ) ركعات في التراويح : فإن السنة الثابتة في الصحيح والتي واظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم هو أن يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة : يصلي ثمان ( يسلم بعد كل ركعتين في غالب أحواله ) ويشفعها بركعتين ثم يوتر بواحدة .
وربما صلى ثلاث عشرة ركعة ، هذا هو الثابت من حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهما ، فإن زاد على ذلك جاز ولكنه خلاف السنة ، ويدل على الجواز قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " صلاة الليل مثنى مثنى " يعني : ركعتين ركعتين ، ولم يحدد بعدد . والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72793
قسم ماله قبل موته وأعطى بعض الأولاد دون بعض
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >
سؤال رقم 72793: قسم ماله قبل موته وأعطى بعض الأولاد دون بعض
قام والدي بتقسيم كل ما يملك وهو المنزل الذي نشأنا فيه وتمليكه لثلاثة من أولاده دون الآخرين وأقصد أختين وأخ وأنا .
وإخواني بارك الله فيهم ولهم ميسورو الحال ، وأنا وأخي نعمل بالأجر خارج بلادنا ، وأخواتي متزوجات ، وعندما حصل التقسيم والتمليك كنا خارج البلاد ، وما زلنا لم نغصب والدينا ، والدليل أنهم يدعون لنا ويؤكدون عفوهم عنا . هل يجوز لوالدي منح ولد وحرمان الآخر في شيء كهذا ؟ وبماذا تنصحنا أن نقول لوالدنا ؟ لأننا سمعنا بأن هذا الفعل منافٍ للشريعة ؟.
الحمد لله
أولا :
الذي فعله والدك هو إعطاء لبعض أولاده دون الآخرين ، وليس قسمة
لأمواله بين ورثته في حياته ، لأنه لم يعط جميع الورثة ، وإنما خص بعض أولاده .
وتخصيص بعض الأولاد بالعطية من غير سبب يبيح ذلك حرام .
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة على مثل ذلك ،
وسماه جورا ، وذلك فيما رواه البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ
بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ،
فَقَالَ : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ لَا قَالَ : ( فَارْجِعْهُ )
. ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما .
ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ
النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ
يَقُولُ : أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ ( يعني
: أمه ) لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :
إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً ،
فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ
وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا
بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) قَالَ : فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ .
وفي رواية للبخاري أيضا (2650) : ( لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ
) .
وفي رواية لمسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله
عنه قَالَ : انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ
النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي ، فَقَالَ : أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ
مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : ( فَأَشْهِدْ عَلَى
هَذَا غَيْرِي ) ثُمَّ قَالَ : ( أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ
سَوَاءً ) قَالَ : بَلَى . قَالَ : ( فَلا إِذًا )
ثانياً :
على من وقع في هذا الجور أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرجع في
عطيته تلك ، أو يعطي سائر أولاده مثله . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فارجعه
)
قال ابن قدامة رحمه الله : " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده
في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل
بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فضل به البعض , وإما
إتمام نصيب الآخر . قال طاوس : لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق . وبه قال ابن المبارك
وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/387).
وإذا رضي من مُنِعوا من العطية بذلك وطابت نفوسهم ، فلا حرج على
الوالد في تخصيص بعض أولاده بها ، لأن الحق كان لإخوتهم وقد رضوا بإسقاطه ، مع أن
الأفضل أنه لا يفعل ذلك حتى مع رضاهم .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث ،
ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين ،
ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم ، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من
الوالد ، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال ، وأطيب للقلوب ، لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) متفق على صحته " انتهى .
" فتاوى الشيخ ابن باز " (20/51)
ثالثاً :
سبق في جواب السؤال رقم ( 36872 )
أنه لا حرج في تفضيل بعض الأولاد بالعطية إذا كان هناك سبب يقتضي ذلك كحاجته وفقره
أو كونه طالب علم ونحو ذلك . فإن كان هناك سبب شرعي لتخصيص والدكم هؤلاء بالعطية
فلا حرج عليه ، وإن لم يكن هناك سبب شرعي ولم ترضوا بذلك فالواجب عليه رد هذه
العطية والعدل بينكم .
رابعاً : وعليكم إذا لم ترضوا بذلك أن تناصحوا أباكم بلطف ولين
وتبيّنوا له أن الواجب عليه العدل بينكم ، وقد تحتاجون إلى بيان ذلك له بالأدلة
الشرعية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 67652 )
والله أعلم .
*****
728
توبة الزاني
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/5904)
سؤال رقم 728- توبة الزاني
السؤال : لي صديق متزوّج أخبرني بأنّه قد استمتع بامرأة بالحرام دون إيلاج فهل عليه الرّجم وكيف يتوب .
الجواب:
الحمد لله
ما قام به صاحبك جريمة عظيمة وذنب كبير يجب عليه أن يتوب إلى الله منه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 4150
وأخبر صاحبك أنّ عليه أن يُكثر من الحسنات لعلّ الله أن يكفّر عنه بها سيئاته كما روى عَبْد اللَّهِ بن مسعود قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . " رواه الإمام أحمد
ولمزيد من التفاصيل عن التوبة من الزنا راجع سؤال رقم ( 624 )
وأمّا عن سؤالك هل يعتبر ما اقترفه زنا حدّه الرّجم ؟ فالجواب أنّ الرّجم للزاني المحصن والجلد لغير المحصن لا يكون إلا بإيلاج ذكر الزاني في فرج الزانية . وما سوى ذلك يستحق عليه عقوبة أخرى بحسب درجة الحرام الذي اقترفه . ولا يجب عليه الاعتراف عند القاضي بما فعل بل تكفيه التوبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ وهو التوّاب الرحيم .
نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وعلى سائر المسلمين . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
728
توبة الزاني
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/5905)
سؤال رقم 728- توبة الزاني
السؤال : لي صديق متزوّج أخبرني بأنّه قد استمتع بامرأة بالحرام دون إيلاج فهل عليه الرّجم وكيف يتوب .
الجواب:
الحمد لله
ما قام به صاحبك جريمة عظيمة وذنب كبير يجب عليه أن يتوب إلى الله منه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 4150
وأخبر صاحبك أنّ عليه أن يُكثر من الحسنات لعلّ الله أن يكفّر عنه بها سيئاته كما روى عَبْد اللَّهِ بن مسعود قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . " رواه الإمام أحمد
ولمزيد من التفاصيل عن التوبة من الزنا راجع سؤال رقم ( 624 )
وأمّا عن سؤالك هل يعتبر ما اقترفه زنا حدّه الرّجم ؟ فالجواب أنّ الرّجم للزاني المحصن والجلد لغير المحصن لا يكون إلا بإيلاج ذكر الزاني في فرج الزانية . وما سوى ذلك يستحق عليه عقوبة أخرى بحسب درجة الحرام الذي اقترفه . ولا يجب عليه الاعتراف عند القاضي بما فعل بل تكفيه التوبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ وهو التوّاب الرحيم .
نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وعلى سائر المسلمين . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
728
توبة الزاني
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >
سؤال رقم 728: توبة الزاني
السؤال : لي صديق متزوّج أخبرني بأنّه قد استمتع بامرأة بالحرام دون إيلاج فهل عليه الرّجم وكيف يتوب .
الجواب:
الحمد لله
ما قام به صاحبك جريمة عظيمة وذنب كبير يجب عليه أن يتوب إلى الله منه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلانِ تَزْنِيَانِ وَالْفَرْجُ يَزْنِي " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 4150
وأخبر صاحبك أنّ عليه أن يُكثر من الحسنات لعلّ الله أن يكفّر عنه بها سيئاته كما روى عَبْد اللَّهِ بن مسعود قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . " رواه الإمام أحمد
ولمزيد من التفاصيل عن التوبة من الزنا راجع سؤال رقم ( 624 )
وأمّا عن سؤالك هل يعتبر ما اقترفه زنا حدّه الرّجم ؟ فالجواب أنّ الرّجم للزاني المحصن والجلد لغير المحصن لا يكون إلا بإيلاج ذكر الزاني في فرج الزانية . وما سوى ذلك يستحق عليه عقوبة أخرى بحسب درجة الحرام الذي اقترفه . ولا يجب عليه الاعتراف عند القاضي بما فعل بل تكفيه التوبة فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ وهو التوّاب الرحيم .
نسأل الله أن يتوب علينا وعليه وعلى سائر المسلمين . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72826
هل يؤجر على ذكر اللسان مع غفلة القلب
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/5906)
سؤال رقم 72826- هل يؤجر على ذكر اللسان مع غفلة القلب
عندما أسبح وأذكر الله ، قلبي لا يكون مستحضرا بل أسرح في أشياء أخرى ، فهل عندما أسبح وقلبي لاهٍ أؤجر على هذا التسبيح أم لا ؟.
الحمد لله
ذِكْرُ اللهِ عز وجل ، من أعظم الأعمال ، وأفضل القرب ، وقد جاء
في فضله والأمر به والحث عليه عشرات النصوص ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : (
أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ،
وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ
وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا
أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : ذِكْرُ
اللَّهِ تَعَالَى ) رواه الترمذي (3373) وابن ماجه (3790) وصححه الألباني في
صحيح الترمذي .
وأكمل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان ، ثم ما كان بالقلب
وحده ، ثم ما كان باللسان وحده ، وفي كلٍّ أجرٌ إن شاء الله تعالى .
قال النووي رحمه الله : " الذكر يكون بالقلب ، ويكون باللسان ،
والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعاً ، فإن اقتصرَ على أحدهما فالقلبُ أفضل
" انتهى من "الأذكار" (ص 20)
ولكن نبه العارفون بأحوال القلوب على أن الذكر الذي يقتصر على
اللسان دون القلب قليل الجدوى ، وأن ثمرته ضعيفه ، قال ابن القيم رحمه الله : " وهي
[أي أنواع الذكر] تكون بالقلب واللسان تارة ، وذلك أفضل الذكر ، وبالقلب وحده تارة
، وهي الدرجة الثانية ، وباللسان وحده تارة وهي الدرجة الثالثة . فأفضل الذكر ما
تواطأ عليه القلب واللسان ، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده ؛
لأن ذكر القلب يُثمر المعرفة ، ويهيج المحبة ، ويثير الحياء ، ويبعث على المخافة ،
ويدعو إلى المراقبة ، ويزع ( أي : يمنع ) عن التقصير في الطاعات والتهاون في
المعاصي والسيئات . وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا منها ، فثمرته ضعيفة ". انتهى من " الوابل الصيب من الكلم الطيب" (ص 120) ، وانظر : "مدارج السالكين"
(2/420).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الذاكرين الشاكرين ، وأن
يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
والله أعلم .
*****
72831
هل يرشي الشرطي لئلا يعطيه مخالفة على تكلمه بالجوال في السيارة ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/5907)
سؤال رقم 72831- هل يرشي الشرطي لئلا يعطيه مخالفة على تكلمه بالجوال في السيارة ؟
في بلادنا إذا تكلمت بالهاتف النقال أثناء قيادة السيارة يخالفك شرطي المرور بمخالفة قدرها 500 دينار ، فهل تعطي رشوة لإعفائك منها إذا كان معك مال أو لم يكن لديك مال مع العلم إذا لم يكن لديك مال فستسجن فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
جاءت الشرائع الربانية بحفظ الضرورات الخمس : الدين والعقل
والنفس والمال والعرض ، ومما لا شك فيه أن الالتزام بقواعد السير وأنظمة المرور مما
يساهم في الحفاظ على النفس والمال ، وعليه : فإن الشريعة الإسلامية تُلزم المسلمين
بالالتزام بهذه القواعد والأنظمة ، وخاصة أنه ليس فيها ما يخالف الشرع ، إنما هي
للحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم .
وليست مخالفة هذه القواعد والأنظمة مما يعود ضرره على السائق
وحده ، بل إنه يتعدى ذلك إلى غيره من الناس ، فالحوادث التي تحصل في الطرق نتيجة
مخالفة تلك القواعد والأنظمة يكون فيها – غالباً – أطراف متعددة ، وهذا يزيد من
مسئولية المخالف ويشغل ذمته بأحكام متعددة كالدية والصيام وتعويض الضرر وغيرها .
وتعزير المخالف بدفع الغرامة المالية جائز شرعاً ، وهو قول إسحاق
بن راهويه وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة ، وابن فرحون من المالكية ، وشيخ الإسلام ابن
تيمية وابن القيم ، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية " أدلة
كثيرة على جواز التعزير بالمال ، ونقل كلام شيخ الإسلام فيه ، ورد على من قال بنسخه
.
وفي " حاشيته على تهذيب سنن أبي داود " ( 4 / 319 ) قال :
" وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة وعَمِل بها الخلفاء بعده " انتهى
وينبغي أن تكون الغرامة معقولةً بحيث تحصل المصلحة المقصودة منها
، وهي ردع الناس عن هذه المخالفة ، ولا بأس بأن تكون مرتفعة بحسب طبيعة المخالفة
وقوة أثرها على النفس والآخرين .
وانظر هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 21900 )
.
ومما لا شك فيه أن استعمال السائق للجوال أثناء قيادة السيارة
مما يسبب حوادث قد تؤدي إلى إزهاق أرواح ، فضلاً عن إتلاف أموال .
وقد تنادى العقلاء في كل أرجاء الأرض إلى ضرورة التشديد في
العقوبة لمنع استعمال الجوال أثناء القيادة ، وقد قامت أبحاث ميدانية في " بريطانيا
" تبيَّن بها أن التأثير السلبي لاستعمال الجوال يفوق ما تحدثه الخمور من تأثير على
قدرة السائق في التحكم بالسيارة !
وهذه الأبحاث بيَّنت أن قائد السيارة الذي يستعمل الهاتف الجوال
أثناء القيادة أقل تحكماً بالقيادة بنسبة ثلاثين بالمائة بالمقارنة بمن يقودها وهو
في حالة السكر !! أما بالمقارنة مع الشخص العادي فإن تحكم من يستعمل الهاتف الجوال
أثناء القيادة أقل بنسبة خمسين بالمائة !
بل إن بعض الخبراء يقولون : إن استعمال السائقين للجوال أثناء
قيادة سياراتهم حتى ولو كان عن طريق سماعات الأذن فإنه يضاعف احتمالات وقوع حوادث
بنسبة 400 بالمائة !
وانظر تفصيل ذلك في " جريدة الوطن " القطرية ، الأربعاء 20 / 7 / 2005 .
والخلاصة : أن استعمال الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة سبب
رئيس لحصول الحوادث ، فترتيب عقوبة على هذه المخالفة سواء كانت بتغريم مال ، أو
السجن له ما يبرره ، وعليه : لا يجوز لك دفع رشوة للشرطي حتى لا يوقع عليك هذه
العقوبة ، لأنك أنت المقصّر والمتعدي ، إلا إذا كان الشرطيّ ظالماً ، بحيث ادَّعى
عليك شيئاً لم تفعله ، فلا حرج في هذه الحالة إذا لم تستطع التخلص من ظلمه إلا بدفع
رشوة له أو لغيره ، وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 72268 )
والله أعلم .
*****
72833
القيام بعمل خاص أثناء فترة العمل الرسمي
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/5908)
سؤال رقم 72833- القيام بعمل خاص أثناء فترة العمل الرسمي
ما حكم القيام بعمل خاص بي أثناء الدوام مع العلم أنه لا يوجد ما أعمله ؟.
الحمد لله
إن كان عمله الآخر يتطلب منه الخروج من عمله الأول فهذا يظهر أنه
لا يجوز؛ لأنه يخالف شرط العمل الأول ، والعمل الأول اشترط عليه أن يداوم من كذا
إلى كذا ، والمسلمون على شروطهم ، وإن كان عمله الثاني لا يقتضي مفارقة العمل الأول
ولا يزاحمه ولا يؤخره ، وإنما يشتغل بعمل إذا وجد فسحة في أثناء عمله فيظهر أن هذا
لا يضر؛ لأن الوقت ما دام ليس مشغولاً فهو ضائع غير مستفاد منه .
فضيلة الشيخ أ.د. خالد بن علي المشيقح .
*****
72839
وظيفته : التأكد من ضبط الشركة للسجلات ومنها سجلات القروض الربوية
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/5909)
سؤال رقم 72839- وظيفته - التأكد من ضبط الشركة للسجلات ومنها سجلات القروض الربوية
أعمل في شركة صناعية ؛ ومن ضمن مهام عملي التأكد بأن إدارات الشركة تقوم بضبط وثائقها وسجلاتها، فإن كان في ضبطهم تقصير رفعت فيهم تقريرا يلزمهم بضبطها ، ومن ضمن تلك الإدارات إدارة المالية المسئولة عن تمويل مشاريع الشركة بالقروض الربوية وأخذ فوائد على مبالغ المبيعات المودعة في البنوك . فما هو حكم العمل بهذه الشركة ؟ وما حكم عملي بالذات ؟ علما بأني قد أستطيع تجنب الذهاب إلى إدارة المالية ؟.
الحمد لله
أولا :
إذا كان عملك لا يتضمن التعامل بالربا أو إقراره أو المعاونة
عليه ، أو التعامل بغير الربا من المحرمات ، فهو عمل مباح ، لا حرج عليك في
الاستمرار فيه ، ولو كانت الشركة تقترض أو تودع بالربا ، إلا أن الأفضل ترك ذلك
والعمل في شركة نقية بعيدة عن هذا المنكر العظيم ؛ لما تقرر عند أهل العلم من كراهة
التعامل بالبيع أو الإجارة أو غيرها مع من في ماله حرام .
ثانيا :
لا تجوز كتابة الربا أو توثيقه ، وفاعل ذلك ملعون على لسان رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، كما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ :
( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا
وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) .
ومتابعة هذه الوثائق والإشراف عليها محرم ؛ لما فيه من التعاون
على الإثم والعدوان ، وإقرار المنكر ، قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
فالواجب عليك أن تنصح المسئولين في هذه الشركة بترك هذا المنكر
العظيم ، فإن استجابوا فالحمد لله ، وإلا فعليك أن تتجنب الرقابة على سجلات الربا
ووثائقه ، والبعد عن كل ما فيه إعانة على المعصية أو إقرار لها .
والله أعلم .
*****
7284
فضائل يوم عرفة
التاريخ والسيرة > المناقب >(1/5910)
سؤال رقم 7284- فضائل يوم عرفة
ما هي فضائل يوم عرفة ؟.
الحمد لله
من فضائل يوم عرفة :
1- أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة :
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم تقرءونها ، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال أي آية ؟ قال : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " المائدة :3 . قال عمر : قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم : وهو قائم بعرفة يوم الجمعة .
2- أنه يوم عيد لأهل الموقف :
قال صلى الله عليه وسلم : " يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام ، وهي أيام أكل وشرب " رواه أهل السنن . وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : " نزلت - أي آية ( اليوم أكملت ) - في يوم الجمعة ويوم عرفة ، وكلاهما بحمد الله لنا عيد " .
3- أنه يوم أقسم الله به :
والعظيم لا يقسم إلا بعظيم ، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى : " وشاهد ومشهود " البروج :3 ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اليوم الموعود يوم القيامة ، واليوم المشهود يوم عرفة ، والشاهد يوم الجمعة .. " رواه الترمذي وحسنه الألباني .
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله : " والشفع والوتر " الفجر :3 ، قال ابن عباس : الشفع يوم الأضحى ، والوتر يوم عرفة . وهو قول عكرمة والضحاك .
4- أن صيامه يكفر سنتين :
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال : " يكفر السنة الماضية والسنة القابلة " رواه مسلم .
وهذا إنما يستحب لغير الحاج ، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه ، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة .
5- أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم :
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرهم بين يديه كالذر ، ثم كلمهم قبلا ، قال : " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (172) أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من يعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون " الأعراف :172-173 ، رواه أحمد وصححه الألباني ، فما أعظمه من يوم وما أعظمه من ميثاق .
6- أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف :
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ "
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة ، فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا " رواه أحمد وصححه الألباني .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72848
استخدام أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل في صيانة الأجهزة وتهيئتها
الفقه > معاملات > البيوع > حقوق النشر >(1/5911)
سؤال رقم 72848- استخدام أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل في صيانة الأجهزة وتهيئتها
أرغب بفتح محل لصيانة الحاسب الآلي ومن المعلوم أنه توجد أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل لتركيبها على الحاسبات بعد تهيئتها فهل يجوز استخدام هذه الأقراص لتركيبها في أجهزة الزبائن بعد التهيئة ? وهل ما أحصله من مال من الزبون لقاء ما سبق يعتبر حلالا أم حراماً ؟.
الحمد لله
لا يجوز نسخ الأقراص التي لم يأذن أصحابها في نسخها ، وذلك
مراعاةً لحق الاختراع وهو حق معتبر لا يجوز الاعتداء عليه ، والتزاما بالشرط الذي
تعاقد عليه المتعاقدان .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن
باز : " لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم ، لقوله صلى الله
عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلّ مال
امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من سبق إلى مباح فهو
أحقّ به ) ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر
غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم . والله أعلم ". انتهى من "فتاوى اللجنة
الدائمة"
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذه المسألة ما
يلي :
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف ، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها
لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به
بأس ، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا
" انتهى .
وبناء على ذلك : فلا يجوز نسخ الأقراص الخاصة بأنظمة التشغيل
وغيرها ، ما لم يأذن أصحابها بذلك .
لكن إذا كانت هذه الأقراص لشركة من دولة محاربة للمسلمين فلا حرج
في نسخها .
والله أعلم .
*****
72868
هل يجوز لمن فاتته بعض الطاعات أن يلزم نفسه بعبادات معينة ؟
التربية > تربية النفس >(1/5912)
سؤال رقم 72868- هل يجوز لمن فاتته بعض الطاعات أن يلزم نفسه بعبادات معينة ؟
هل إذا قيدت لنفسي عدداً ما من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كعقاب لأي معصية أو تفريط ، كل حسب حجمه من قبيل محاسبة النفس ، ومن باب ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) .
مثال ذلك : إذا فاتني ترديد الأذان أو السنة الراتبة أو الضحى مثلاً فالعقاب من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً إذا فاتني تكبيرة الإحرام مثلاً فخمساً إذا فاتني الخشوع أو جلسة الإشراق أو الذكر ( المقيد أو المطلق ) فسبعاً إذا فاتني قيام الليل أو ورد القرآن أو درس العلم ، فعشراً إذا فاتني الفرض ، فمائة ، وهكذا هل يعد ذلك بدعة ؟ وإذا كان ذلك كذلك فما البديل ؟.
الحمد لله
قد ذكر الله تعالى في كتابه " النفس اللوامة " ، وهي النفس التي
تلوم صاحبها إن قصَّر في طاعة ، وتلومه إن فعل محذوراً .
وقد وقع لكثير من السلف أن فاتهم خير فلاموا أنفسهم ، ورأوا أن
يهذبوا تلك النفوس بمزيد من الطاعة والعبادة ، ومنهم من وقع في محذور ففعل الأمر
نفسه .
ومن خلال النظر في فعلهم يتبين لنا أنهم لم يخالفوا الشرع في ذلك
، فبعضهم من الصحابة ، وفعل ذلك في عهد التنزيل ، وبعضهم من أئمة العلم والفتوى وقد
رأوا أن ذلك غير مخالف لشرع الله تعالى .
وبالتأمل في تهذيبهم لأنفسهم بطاعة وعبادة نجد أنهم لم يقعوا
فيما وقع فيه غيرهم من غير أهل العلم من أهل السنة ، فهم لم يُحِّملوا أنفسهم فوق
طاقتهم ، ولم يتسببوا في أذى أو ضرر أبدانهم بحرق أو كسر ، وكان فعلهم أشبه بنذر
التبرر ، وهو أن يلزم المسلم نفسه بعبادة لم يأمره الله تعالى بها ، دون أن يكون
ذلك معلَّقاً بشفاء أو نجاح أو غيرهما .
ومن أمثلة ذلك :
1. ما رواه الإمام أحمد ( 18930 ) – وحسنه شعيب الأرناؤط ( 4 /
323 ) - في قصة صلح الحديبية ، ومراجعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للنبي صلى الله
عليه وسلم في بنود الصلح ، وعلمه بأنه لم يكن له أن يفعل ذلك ، فقد قال رضي الله
عنه : ( ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ ، مخافة من كلامي الذي
تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيراً ) .
2. ما رواه البخاري ( 5725 ) عن عائشة رضي الله عنها من نذرها أن
لا تكلم عبد الله بن الزبير ، وقد شفع له المِسوَر بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود
، فأدخلاه عليها – وهي خالته – فاعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي ، وما زالا بها حتى
كلمته ، وأعتقت في نذرها أربعين رقبة .
3. وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاةٌ في جماعة أحيا
تلك الليلة .
4. وفاتت ابنَ أبي ربيعة ركعتا سنة الفجر فأعتق رقبة .
5. وقال حرملة : سمعت عبد الله بن وهب يقول : نذرتُ أني كلما
اغتبت إنسانا أن أصوم يوماً ، فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت
إنساناً أن أتصدق بدرهم ، فمِن حب الدراهم تركت الغيبة .
قال الذهبي – معلقاً - : هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة
العلم النافع .
" سير أعلام النبلاء " ( 9 / 228 ) .
6. وعن عبد الله بن عون أن أمه نادته فأجابها فعَلا صوتُه صوتَها
، فأعتق رقبتين .
" سير أعلام النبلاء " ( 6 / 366 ) .
وقد ذكرنا فوائد أخر في هذه المسألة في جواب السؤال رقم ( 27082 ) فلينظر .
ونرى أنه لا ينبغي تحديد عدد معين من الذكر لكل عبادة مما ذكر في
السؤال والالتزام بهذا العدد دائما ، وأما تحديد ذلك لمرة فلا بأس ، وهو يشبه من
نذر صوم عدد معين من الأيام أو الصدقة بمبلغ معين ، وأما جعل ذلك فعلاً مستمراً :
فالظاهر عدم جوازه ، وينبغي لك الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار والصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال ، ولا يكون ذلك مقيداً بالتقصير في طاعة من
الطاعات .
*****
72880
هل يأكل من مال أبيه ومصدره من مقهى فيه أمور محرمة
الآداب > بر الوالدين >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5913)
سؤال رقم 72880- هل يأكل من مال أبيه ومصدره من مقهى فيه أمور محرمة
ما حكم المال الذي يتم ربحه من المقهى ، وأود هنا أن أشرح لكم بعض الأمور وهي :
1- استخدام الدش ولا يستخدم إلا في مشاهدة أغاني الفيديو كليب ومباريات الكرة
2-ألعاب الدومينو- النرد ويلعبها الزبائن على أن يدفع الخاسر ثمن المشروبات كلها وحده أو يدفع نقود للفائز ، ويكون للمقهى جزء من هذه النقود .
3- شرب الشيشة بشكل كبير .
4- جلوس الشباب لينظروا للنساء في الطريق اللائي معظمهن متبرجات .
5- المزاح القبيح بين الجالسين على المقهى مع بعضهم باستخدام ألفاظ قذرة .
والسؤال الآن : هل المال العائد من المقهى من الأموال المختلطة ؟ وهل لي أن آكل من هذا المال ؟ وأنا لا أجد عملاً ، مع العلم أن المقهى ملك لأبي وهو الذي يديره .
الحمد لله
أولا :
استعمال الدش على الوجه المذكور ، وشرب الشيشة ولعب القمار ،
وتبادل الألفاظ القذرة والنظر إلى النساء المتبرجات ، كل ذلك من المحرمات الظاهرة ،
والإثم على من اقترفها أو أعان عليها ، أو أقرها ولم ينكرها ، ولا شك أن فتح المقهى
الذي تمارس فيه هذه الرذائل محرم ، وما يأتي من المال في مقابل هذه الأعمال أو
التمكين منها محرم أيضا ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2 .
وقوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ
إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً
مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعاً ) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : " قوله تعالى: ( فلا تقعدوا معهم حتى
يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر . ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب
اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ،
والرضا بالكفر كفر . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس
معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء .
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم
يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية " انتهى .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء
حرم ثمنه ) رواه أحمد وأبو داود (3026 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم
(5107)
وانظر في تحريم اللعب بالنرد السؤال رقم ( 14095 )
ورقم ( 22305 )
وكون الخاسر في هذه الألعاب يدفع نقوداً للفائز أو ثمن المشروبات
هو من القمار ولا شك ، وانظر السؤال رقم ( 20962 )
ثانيا :
إذا كان لوالدك مورد ماليٌّ آخر ، أو كان في المقهى ما يباح بيعه
، كالشاي والقهوة ونحو ذلك ، فمال أبيك مختلط ، اختلط فيه الحلال بالحرام ، ولا حرج
عليك في الأكل من هذا المال ما دمت محتاجا ، والورع ترك ذلك .
جاء في "حاشية الدسوقي" (3/277 ) : "
اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام : المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من
ماله ... وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال : فالمعتمد كراهة معاملته
ومداينته والأكل من ماله .
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة ، فهذا
تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان مكسب الوالد حراماً
، فإن الواجب نصحه ، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً ، أو
تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا
الكسب الحرام ، فإذا لم يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه
الحالة ، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه
حرام " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/452 ) .
وراجع السؤال رقم ( 45018 )
و ( 21701 )
نسأل الله تعالى أن يهدي والدك ، ويصلح حاله ، وأن يرزقك رزقا
حلالا مباركا فيه .
والله أعلم .
*****
72895
صاحب العمل يمنعهم من صلاة الجماعة في المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5914)
سؤال رقم 72895- صاحب العمل يمنعهم من صلاة الجماعة في المسجد
نحن مجموعة من الأطباء نعمل في مجمع عيادات خاص منذ ستة أشهر ، كنا خلالها ولله الحمد مواظبين على أداء صلاة الجماعة بالمسجد ، حيث إن عملنا وسكن معظمنا بمبنى واحد يقابله مسجد قريب يسهل على المرء صلاة الجماعة فيه ، علماً بأننا نتوضأ بالمجمع وننزل للصلاة قبيل الإقامة ثم نصعد إلى المجمع مسرعين بعد ختم الصلاة لنصلي السنة بالمجمع حرصاً منا على عدم إضاعة وقت العمل .
ولم تحدث ـ ولله الحمد ـ أي مشاكل خلال الأشهر الستة بسبب صلاتنا في المسجد ، ولكن بدأت إدارة المجمع تحاول إرغام العاملين به على أداء الصلوات المفروضة بالمجمع ، مع أنه لا يوجد فيه مكان مخصص للصلاة ، بل نفترش السجاجيد في صالة الدخول في وقت الصلاة فقط ، ثم تقام الصلاة بدون أذان ، مع العلم بأن المسافة بين المسجد ومجمع العيادات أقل من أربعة عشر مترا .
وقد رفضنا الصلاة بالمجمع إلا بناء على فتوى شرعية من عالم على تقوى، وقد اطلعنا على فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في هذا الخصوص ، وهذه الفتوى منشورة بموقعكم برقم : 21345 . وقد أطْلعنا مدير المجمع على هذه الفتوى ولكنه أصر على موقفه متعللا بأن وظائفنا تقتضي وجودنا بالمجمع طوال وقت الدوام استعداداً لاستقبال الحالات الطارئة ، علماً بأنه لا يوفر هذه الوظائف على مدار 24 ساعة يومياً، ولكن يتم استدعاء الأطباء في حالة وجود حالات طارئة خارج أوقات الدوام ، مما قد يؤخر الطبيب عن هذه الحالات من خمس عشر إلى عشرين دقيقة على الأقل ، هذا إذا كان متواجداً في سكنه وقت استدعائه
فهل من حق صاحب العمل ، أو مديره أن يلزمنا بالصلاة في المجمع وترك الصلاة مع الجماعة في المسجد ؟
وإذا توقف استمرارنا بالعمل على الانقياد لأمر الإدارة ، وترك الصلاة في المسجد ، فهل نترك هذا العمل ، مع أن بعضنا في حاجة شديدة إلى المال ؟ أم إننا معذورون في ترك الجماعة في تلك الحال ؟.
الحمد لله
أولا :
ما قمتم به من الصلاة مع جماعة المسجد هو الصواب ، وهو الواجب
عليكم وعلى جميع من في المجمع إلا من كان له عذر شرعي من مرض ونحوه . وقد دلت
الأدلة الصحيحة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد حيث ينادى بها ، وانظر هذه الأدلة
في جواب السؤال رقم ( 8918 ) ، وليس
للقائم على العمل أن يلزم الموظفين بالتخلف عن جماعة المسجد ، لأن ذلك إلزام بترك
الواجب الشرعي ، بل ينبغي أن يعينهم ويشجعهم ويرغبهم في الذهاب إلى المسجد ،
امتثالا لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفيه من الخير والبركة
أضعاف ما قد يتصور من ضعف العمل أو نقص مدته ، وفيه تذكير للمراجعين وغيرهم بأهمية
الصلاة ، وأنها لعظم شأنها تستحق أن توقف لأجلها الأعمال ، ويتفرغ لها الموظفون ،
وإنها والله كذلك ، وقد هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت المتخلفين عن
جماعة المسجد ، مع احتمال أنهم يصلونها في بيوتهم جماعة أو فرادى ، وألزم الأعمى
بالحضور إلى المسجد ، ولم يرخص له أن يصلي في بيته ، فدل هذا على أنها واجبة في
المسجد ، وقد جاء التصريح بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ سَمِعَ
النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلا صَلاةَ لَهُ إِلا مِنْ عُذْرٍ ) رواه ابن
ماجه (793) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
فتأمل هذا الحديث العظيم وما فيه من الوعيد الشديد لمن تخلف عن
الجماعة ، ولم يأت المسجد وهو يسمع النداء ، وأنه لا صلاة له إلا أن يكون معذورا ،
فهل يرضى مسلم أن يكون في عداد من لا صلاة لهم ، سواء كان المعنى عدم قبولها بالمرة
أو نقصان ثوابها وأجرها ؟! لا يرضى بذلك عاقل حريص على مرضاة ربه جل وعلا .
ونسأل الله تعالى أن يوفق صاحب العمل وإدارته ، وأن يشرح صدورهم
لامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يوقنوا بما في امتثاله من الخير
والبركة والرزق الحسن ؛ فإن الله تعالى يقول : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن روح القدس نفث
في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في
الطلب ، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا
ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة ،
وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085) .
ثانيا :
وأما فتاوى أهل العلم في هذه المسألة ، فكثيرة مشهورة ، ونحن نضع
بين أيديكم شيئا منها للفائدة :
1- جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (7/298) س : رجل يعمل في شركة
، حول مبنى الشركة من المساجد أكثر من الثلاثة ، يخرج إلى الصلاة في المسجد دائما ،
زملاؤه يصلون على باب الشركة ، ويريدونه أن يصلي معهم في الشركة ولا يذهب إلى
المسجد، وقد أفتاه بعض إخوانه بالصلاة معهم وإلقاء المواعظ والدروس عليهم بعد
الصلاة بحكم أنه أعلمهم بالسنة والصلاة بهم ، مع وجود من هو أقرأ منه وأحفظ ، فهل
يسمع لمفتيه أم يستمر في صلاته في المسجد ، غير عابئ بما قال له ؟
ج : يجب على عمال الشركة أن يصلوا مع جماعة أحد المساجد القريبة
من مبنى الشركة ، كما يفعل زميلهم ، فهو المصيب بصلاته في المسجد ، وهم المخطئون في
صلاتهم على باب الشركة ، لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه
وسلم من وجوب أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد ، ولا يجوز التأخر عنها إلا بعذر
شرعي " انتهى .
2- وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : " نحن مجموعة من الموظفين
نعمل في دائرة حكومية ، ويوجد مسجد مجاور لنا يفصلنا عنه شارع عرضه ثلاثون مترا فقط
، ونسمع النداء بوضوح جلي ، ونحن نصلي في مصلى عملناه في المكتب . وقد اطلعنا على
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، بأنه لا تجوز الصلاة في إدارة
حكومية بجوارها مسجد ، وأنه يجب على الموظفين الصلاة في المسجد . والسؤال : هل تجوز
لنا الصلاة في مكتبنا جماعة أم يجب علينا الصلاة في المسجد ؟ وهل يجوز لمدير مكتبنا
أن يلزمنا بالصلاة في المكتب مع عدم العذر الشرعي؟
فأجاب " الواجب عليكم وعلى المدير الصلاة في المسجد ولا يجوز
منكم التخلف عنها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من سمع النداء فلم يأته فلا
صلاة له إلا من عذر ) وقد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن العذر فقال : ( خوف أو
مرض ) . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى فقال : يا رسول الله ليس لي
قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم : ( هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال : نعم . قال : فأجب ) أخرجه
الإمام مسلم في صحيحه .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ) .
فالواجب عليكم جميعا العناية بالصلاة في المسجد مع الجماعة ،
وعدم التشبه بأعداء الله المنافقين . وفقكم الله ويسر أمركم ". انتهى من
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (12/64).
ثالثا :
كثير من الموظفين – للأسف – يخرج إلى الصلاة في المسجد ، ولكن
يضيع وقتاً طويلاً من وقت العمل بتأخره بعد الصلاة ، وحديثه مع إخوانه الذين التقى
بهم في المسجد ، بل بعضهم يذهب لقضاء بعد الحاجات بعد الصلاة ويتأخر بذلك عن العمل
، وبعضهم لا يذهب إلى الصلاة أصلاً ، وإنما يذهب إلى بيته أو غيره ثم يعود إلى
العمل وكأنه كان في الصلاة ، فإذا خشي صاحب العمل حصول ذلك ، فله الحق حينئذٍ من
منعهم من الصلاة في المسجد ، ويلزمهم بالصلاة في مكان العمل حفاظاً على مصلحة العمل
، ومنعاً من تفريط بعض الموظفين .
وأيضاً قد يحتاج العمل إلى بقاء بعض الموظفين إما لمتابعة بعض
المرضى الذين يحتاجون إلى متابعة مستمرة ، أو بعض الأطباء الذين يستقبلون الحالات
الطارئة ، فمثل هؤلاء لا حرج عليهم في ترك صلاة الجماعة في المسجد ، ويصلونها جماعة
في مكان العمل إن تيسر لهم ذلك ، لكن لا يفعل ذلك إلا من يحتاج إليه فقط لا جميع
الأطباء والموظفين ، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 22185 )
أن من كان عمله يتطلب وجوده في المستشفى وقت صلاة الجمعة لاستقبال الحالات الطارئة
فلا حرج عليه في ترك صلاة الجمعة ويصليها ظهراً في مكان العمل .
رابعاً :
إذا أصرت الإدارة على موقفها ، وكان استمراركم في الذهاب إلى
المسجد يعني توقفكم عن العمل ، فالذي يظهر أن من احتاج إلى هذا العمل ، فإنه يكون
معذورا في تخلفه عن جماعة المسجد ، ويسعه أن يصلي جماعة في مقر عمله ، وقد ذكر
الفقهاء من الأعذار المبيحة لترك الجماعة : الخوف على معيشة يحتاج إليها ، كما في
"كشاف القناع" (1/496) .
نسأل الله لكم التوفيق والسداد .
والله أعلم .
*****
72930
غاب عن زوجته مدة سنة ثم طلقها فهل يلزمها عدة ؟
الفقه > معاملات > العدة >(1/5915)
سؤال رقم 72930- غاب عن زوجته مدة سنة ثم طلقها فهل يلزمها عدة ؟
ما حكم الشرع في طلاق امرأة وقد مضى عليها سنة كاملة في بيت أهلها وبعد سنة تحصلت على ورقة الطلاق ؟ وهل لها عدة ؟ مع العلم بأنها بقيت سنة كاملة لم تقابل زوجها أو تعاشره فهل لها عدة أو لا ؟ أو هل تعتبر عدتها انتهت في مدة وجودها ببيت أهلها ؟.
الحمد لله
يلزم هذه المرأة أن تعتد من طلاق زوجها ، وتبدأ في حساب العدة من
أول حصول الطلاق .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : رجل تغيب عن زوجته في السفر لمدة
عشرين سنة ، وبعد هذه المدة أرسل لها طلاقها بالخلع طلاقاً صحيحاً ، وتريد هذه
المرأة أن تتزوج فهل عليها عدة ؟ حيث إن زوجها سافر عنها من مدة عشرين سنة ولم
يباشرها . وهل العدة لاستبراء الرحم أم لغير ذلك ؟
فأجاب : " إذا كان الواقع كما ذكرتم فلا ريب أن عليها العدة ؛
لأن العدة لا تكون إلا بعد الطلاق ولو طالت غيبة الزوج عن المطلقة ؛ لقول الله
سبحانه : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) .
أما الحكمة في ذلك فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب
" إعلام الموقعين " بحثاً نفيساً في هذا الموضوع ، كما ذكر أن الحكمة لا تختص بقصد
براءة الرحم بل هناك حِكَمٌ أخرى ؛ ولهذا وجبت العدة على المتوفى عنها زوجها وإن لم
يدخل بها ، وإن كانت صغيرة ليست ممن يُظن بها الحمل ، وهكذا الآيسة ؛ وبذلك يُعلم
أن لله سبحانه حِكماً في العِدد سوى براءة الرحم ، لكن إذا كانت المرأة التي ذكرتم
قد بذلت له مالاً فطلقها على ذلك فإنها تكون بذلك مختلعة ، وقد ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم ما يدل على أن المختلعة يكفيها حيضة واحدة ، وقد أفتى بذلك عثمان بن
عفان رضي الله عنه وجماعة من السلف والخلف ، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية
وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما وهو الصواب إن شاء الله ، ولاسيما إذا
دعت الحاجة إلى ذلك خوفاً من فوات الكفؤ إذا طُلِب منه الانتظار إلى مضي ثلاث حِيض
أو ثلاثة أشهر في حق الآيسة ونحوها ، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وسائر
إخواننا للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (22/174) .
والله أعلم .
*****
7294
هل يجيز الإسلام تقديم عطاءات في المزادات ؟
الفقه > معاملات > البيوع >(1/5916)
سؤال رقم 7294- هل يجيز الإسلام تقديم عطاءات في المزادات ؟
السؤال : أعمل في شركة بيع بالمزاد العلني وأسأل هل يُجيز الإسلام تقديم عطاءات في المزادات ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
أباح الشرع الحنيف بيع المزايدة ولم يمنعه على الراجح المشهور من مذاهب جمهور العلماء وذلك للأدلة التالية :
1- عن جابر " أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : من يشتريه ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله فدفعه إليه " . رواه البخاري ( 2034 ) ومسلم ( 997 ) .
الحديث : بوَّب عليه البخاري : باب بيع المزايدة .
قال ابن حجر : وأجاب ابن بطال بأنّ الشاهد في الحديث بقول الرسول صلى الله عليه وسلم من يشتريه مني قال فعرضه للزيادة ليستقضي فيه المفلس الذي باعه عليه . " فتح الباري " ( 4 / 354 ) .
2- قال عطاء : أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد . رواه البخاري معلقاً في كتاب البيوع ( باب بيع المزايدة ) .
ثانياً :
الأدلة العقلية :
إن بيع المزايدة يعرض فيه التاجر سلعته فيطلبها المشتري بسعر كذا مثلاً فلا يرضى البائع به ، وهنا انتهى العرض والمساومة وانتهت مبادرات الصفقة . فيقول : ومن يزيد فيطلبها الثاني بسعر كذا وهكذا دواليك .
ولذلك يكون كل عرض للبيع صفقة مستقلة عن الأخرى ولا حرج في ذلك .
ثالثاً :
ذهب بعض أهل العلم على أن بيع المزايدة خاص بالمغانم والمواريث منهم الأوزاعي وإسحاق بن راهويه مستدلين بحديث :
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع أحدكم على بيع أحد حتى يذر إلا الغنائم والمواريث " رواه أحمد ( 5398 ) والدار قطني ( 3 / 11 ) والبيهقي ( 5 / 344 ) والطبراني في " الأوسط " ( 8 / 198 ) .
الرد على هذا الرأي :
أن الحديث ضعيف ، فيه عبد الله بن لهيعة .
أن حديث جابر عام ، فيبقى الحكم على عمومه .
ولهذا لما قال الإمام الترمذي :
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث .
وقال ابن العربي رحمه الله :
لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث فإن الباب واحد والمعنى مشترك . انظر " فتح الباري " ( 4 / 354 ) .
رابعاً :
كره بعض أهل العلم - ومنهم إبراهيم النخعي - هذا النوع من البيع واستدلوا بحديث سفيان بن وهب " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع المزايدة " .
والرد :
1. الحديث : رواه البزار وهو حديث ضعيف علته ابن لهيعة . انظر " فتح الباري " ( 4 / 354 ) .
2. وقد خالف ما هو أصح منه حيث صح ذلك كما ذكرنا .
خامساً :
ولا تعارض بين المزايدة وبيع الرجل على بيع أخيه المنهي عنه بحديث أبي هريرة " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه …." رواه البخاري ( 2033 ) ومسلم ( 1413 ) .
وذلك لأنّ معنى هذا الحديث : أن يتفق البائع والمشتري ويتساومان على السلعة فيأتي طرف ثالث فيغري البائع بالفسخ ، وليس المزايدة من هذا لأن البائع هو الذي فسخ البيع بقوله من يزيد . والحاضرون في المزاد دخلوا فيه وهم يعلمون بأنّ كلّ من يريد الزيادة فسيزيد
سادساً :
الحذر من بيع (النجْش) - بسكون الجيم - والنجش في اللغة : الإثارة ، وهو أيضاً إثارة الطائر ليقع بالفخ ، وهو إثارة المشتري ليقع بحبال البائع فيشتري بسعر مرتفع عن طريق رفع السلعة في المزاد من رجل يحضر المزاد ولا يريد الشراء وإنما يريد أن يرفع السلعة فيقول قولا يرفع فيه السلعة ولا يشتري باتفاق مع البائع أو بدون اتفاق لحديث " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش " رواه البخاري ( 2035 ) ومسلم ( 1516 ) .
والخلاصة : إن بيع المزاد من البيوع الجائزة في الشريعة الإسلامية وأن جواز هذا البيع مما أجمع عليه المسلمون في أسواقهم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
72960
حكم جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >
سؤال رقم 72960: حكم جمع التبرعات أثناء خطبة الجمعة
ما حكم جمع التبرعات في الخطبة الثانية من خطبتي الجمعة وذلك بدعوة الخطيب لذلك ؟ وما حكمها وقت الدعاء من الخطبة الثانية ؟ وهل تفسد جمعة من يتبرعون أثناء الخطبة ؟ وهل تفسد جمعة من يمر بين المصلين ليأخذ التبرعات ؟.
الحمد لله
أولاً :
الواجب على من حضر الجمعة أن يُقبل بقلبه وجوارحه على خطبتها ،
ولا يجوز له الانشغال عنها ، ولو برد السلام ، أو الإنكار على من تكلم أثناءها .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ
الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ، وَمَنْ مَسَّ
الْحَصَى فَقَدْ لَغَا ) . رواه مسلم ( 857 ) .
قال النووي رحمه الله :
" قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومن مس الحصا فقد لغا ) فيه النهي
عن مس الحصا وغيره من أنواع العبث في حالة الخطبة ، وفيه إشارة إلى إقبال القلب
والجوارح على الخطبة ، والمراد باللغو هنا الباطل المذموم المردود " انتهى .
" شرح مسلم " ( 6 / 147 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" ولا يجوز له العبث حال الخطبة بيد أو رجل أو لحية أو ثوب أو
غير ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من مس الحصا فقد لغا ) وفي حديث أخر
: ( ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً ) ؛ ولأن العبث يمنع الخشوع ، وكذلك
لا ينبغي له أن يتلفت يميناً وشمالاً ، ويشتغل بالنظر إلى الناس ، أو غير ذلك ؛ لأن
ذلك يشغله عن الاستماع للخطبة ، ولكن ليتجه إلى الخطيب كما كان الصحابة رضي الله
عنهم يتجهون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حال الخطبة " انتهى بتصرف .
" الملخص الفقهي " ( 1 / 176 ) .
وجمع التبرعات من الحاضرين لخطبة الجمعة فيه تشويش شديد على
الخطبة ، وفيه تسبب بالحركة من قبَل جامع التبرعات والمتبرعين ، وفيه تسبب بالكلام
وتخطي الرقاب من قبَل جامع التبرعات ، وكل ذلك منهي عنه ، ومخالف لمقصود الجمعة
وخطبتها ، وليس هذا بضرورة إذ يمكن تأجيل التبرع إلى ما بعد انتهاء الصلاة ، ومن
فعله حرم أجر الجمعة وكانت له ظهراً .
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ
اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَسَّ مِنْ طِيبِ امْرَأَتِهِ إِنْ كَانَ لَهَا
وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ ثُمَّ لَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ وَلَمْ
يَلْغُ عِنْدَ الْمَوْعِظَةِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهُمَا ، وَمَنْ لَغَا
وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا ) . رواه أبو داود ( 347
) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 721 ) .
أي : مثل صلاة الظهر في الثواب ، ويحرم بسبب لغوه ، وتخطيه رقاب
الناس من الثواب
الجزيل الذي يحصل لمصلى الجمعة . ( عون المعبود )
قال الشيخ الفوزان حفظه الله :
" ولا يجوز لمن يستمع الخطبة أن يتصدق على السائل وقت الخطبة ؛
لأن السائل فعل ما لا يجوز له فعله ؛ فلا يعينه على ما لا يجوز ، وهو الكلام حال
الخطبة " انتهى .
" الملخص الفقهي " ( 1 / 175 ) .
ثانياً :
لا فرق في النهي عن الكلام والعبث بالحصى وغيره بين أن يكون في
أول الخطبة أو أثناء دعائها ، وما يقوله بعض الفقهاء من جواز الكلام أثناء الدعاء
قول ضعيف .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" بعض الفقهاء رحمهم الله قالوا : إذا شرع الإمام في الدعاء في
حال الخطبة يجوز الكلام ؛ لأن الدعاء ليس من أركان الخطبة ، والكلام في غير أركان
الخطبة جائز ، ولكنه قول ضعيف ؛ لأن الدعاء ما دام متصلاً بالخطبة فهو منها ، وقد
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان يستغفر للمؤمنين في كل جمعة في الخطبة ) .
فالصحيح : أنه ما دام الإمام يخطب سواء في أركان الخطبة أو فيما
بعدها : فالكلام حرام " انتهى .
" الشرح الممتع " ( 5 / 110 ) .
والله أعلم .
*****
72995
محتارة في الاختيار بين شخصين للزواج من أحدهما
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/5917)
سؤال رقم 72995- محتارة في الاختيار بين شخصين للزواج من أحدهما
لقد قمت بزيارة إلى أهلي ، وفي زيارتي كنت أقيم في بيت خالي ، وقد أعجب ابن خالي بي في هذه الفترة ، وقد طلبني للزواج ، ولكن ما زال غير مؤهل للزواج من الناحية المادية ، ولكن هذا الشاب محترم ومؤدب ، وفي الوقت نفسه هناك شاب كنت أعرفه من خلال دراستي في الجامعة ، وكانت نيته طلب الزواج ، وهو قادر على تحمل المسؤولية الزوجية من جميع نواحيها ، ولكن ابن خالي متيَّم بي وأنا أحترمه وأكن له المودة والحب ، ولكن لا أعرف إن كان حب الزوج أو القرابة ؛ وذلك لأن أقاربي لا يسكنون في نفس البلاد التي أقيم فيها ، وأنا أفتقر للعطف الاجتماعي في حياتي الاجتماعية وهناك قلة العلاقات الأسرية بين أهلي الموجودين في محيطي ، فما العمل ؟
وأريد أن أوجه لكم ملاحظة : أن كلا الشابين طموح ويحب التقدم والتنوير .
الحمد لله
أولاً :
يحسن بنا أن ننبهكِ أولاً إلى ما نعلمه مخالفاً للشرع مما ورد في
سؤالك ، وهما أمران :
الأول : الدراسة المختلطة ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس في جامعة
مختلطة ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير لا تخفى على أحد ، وقد سبق بيان أدلة
تحريم الاختلاط في السؤال رقم ( 1200 ) .
وقد جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 12 / 156 ) :
" الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات
العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في
مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك " . انتهى .
وإنك وإن كنتِ قد أنهيت الدراسة – كما يظهر من كلامك – فإن
الواجب عليك التوبة والاستغفار عن تلك المخالفة الشرعية ، وبخاصة أن بعض محاذير تلك
الدراسة المختلطة قد وقع معكِ ، وهو تعرفك على شاب أجنبي عنك ، والخلطة معه ومع
غيره من الأجانب على مقاعد الدراسة .
وانظري أجوبة الأسئلة رقم : ( 8827 ) و ( 47554 )
والثاني : الاختلاط في سكنك في بيت خالك ، وقد ظهر أثر هذا
الاختلاط في كون ابن خالك قد أعجب بك – على حد قولك – بل وأنه " متيَّم بك " !
ووصفك له بأنه " محترم ومؤدب " وأنك تكنين له " المودة والحب " ! ، وكل هذا يؤكد
حكمة الشرع في منع الاختلاط حتى بين الأقارب ؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد لا تخفى
.
ولا مانع للمرأة أن تزور أقاربها وأن تقيم عندهم ، لكن ينبغي لها
الالتزام بالشروط الشرعية من عدم جواز الخلوة بأحد من أقاربها الأجانب عنها ، وغض
البصر من كلا الطرفين .
وانظري جواب السؤالين ( 60244 ) و ( 13261 ) ففيهما فوائد مهمة .
ثانياً :
وأما بالنسبة لاختيارك زوج المستقبل : فإنه لا بدَّ من توافر
مواصفات مهمة في الزوج حتى تكون حياة الزوجة معه هنيئة طيبة ، ويمكنك الوقوف على
هذه المواصفات في جواب السؤال رقم ( 5202 ) ، ومن رأيته – بالتعاون مع أهلك – صالحاً لك – ولو كان غير هذين الرجلين
– فلا تترددي في الموافقة على الزواج منه .
وننبهك إلى ضرورة الاستخارة قبل الموافقة على أحدٍ ممن يتقدم
للزواج منك ، وتجدين تفصيل حكمها وكيفيتها وفوائدها في جواب السؤال رقم ( 2217 ) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن ينعم عليك بزوج
صالح وذرية طيبة .
والله أعلم .
*****
73003
من هم القَصَّاصُون ؟
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/5918)
سؤال رقم 73003- من هم القَصَّاصُون ؟
من هم القُصَّاصُ الذين يعتبرون من التالفين الضعفاء ، الذين يعيبهم أنهم قَصَّاصُون ؟ هل هم أي شخص يعظ الناس ويذكر القَصَص ؟ أم هناك تفصيل في المسألة ؟.
الحمد لله
القَصُّ هو فن مخاطبة العامة ووعظهم بالاعتماد على القصة .
يقول ابن الجوزي رحمه الله :
" القاص هو الذي يتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها...
والتذكير هو تعريف الخلق نِعَمَ الله عز وجل عليهم ، وحثهم على
شكره ، وتحذيرهم من مخالفته .
وأما الوعظ فهو تخويف يرق له القلب..
وقد صار اسم القاصِّ عامًّا للأحوال الثلاثة " انتهى .
"القُصَّاص والمذكرون" (157-159) .
والقصص والوعظ محمود وممدوح من حيث الأصل ؛ وذلك أن الله تعالى
يقول :
( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف/176
وقال تعالى : ( وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ
قَوْلاً بَلِيغاً ) النساء/63 .
وقال تعالى : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ
الْمُؤْمِنِينَ ) الذاريات/55 .
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُذكِّرُ الناس ويعظهم ، ويقص
عليهم من أنباء الأمم السابقة ما فيه العبرة والموعظة .
فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال :
( وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَوعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ ، وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ ) . رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حدث الناس عن قصة الثلاثة نفر الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار ،
فسألوا الله بأعمالهم الصالحة أن يفرجها عنهم حتى انفرجت . رواه البخاري
(2215) ومسلم ( 2743) .
وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الناس بالله تعالى ،
ويقرؤون عليهم القرآن والحديث ، ويدعونهم إلى الاعتبار والادكار بأحوال الماضين .
فعن أبي وائل قال : ( كَانَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ يُذَكِّرُ
النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَن ،
لَوَدِدتُ أَنَّك ذَكَّرتَنَا كُلَّ يَومٍ ، قَالَ : أَمَا إِنَّه يَمنَعُنِي مِن
ذَلك أَنِّي أَكرَه أَن أُمِلَّكم ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا
كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ
السَّآمَةِ عَلَينَا ) . رواه البخاري (70) ومسلم (2821) .
فمن سار على هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأصحابه فوعظ الناس وذكرهم بالله تعالى على علم وبصيرة ، ولم يَتَقَحَّم أبوابَ
الكذب والرياء والمبالغة والجهل ، فذلك لا سبيل إلى الإنكار عليه ، بل هو مأجور
مشكور .
قال الإمام أحمد : إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً
.
وسئل الأوزاعي عن القوم يجتمعون فيأمرون رجلا فيقص عليهم فقال :
إذا كان ذلك يوما بعد الأيام فليس به بأس .
وروى الخلال عن أبي بكر المروذي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول :
يعجبني أمر القصاص لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر ، قلت له : فترى الذهاب إليهم
؟ قال : إي لعمري إذا كان صدوقا .
قال : وجاء رجل إلى الإمام أحمد فشكا له الوسوسة فقال : عليك
بالقاص ، ما أنفع مجالستهم .
ولكن لما دخل في باب الوعظ والقص والتذكير من يتقحم ما لا علم له
به ، فيكذب في الحديث أو يزيد وينقص ، أو يظهر عليه حب الظهور والسمعة ، أو يكون
سيئ السيرة والعمل ، لما كان ذلك : اضطر الأئمة من أهل العلم إلى التحذير من أمثال
هؤلاء والتنفير منهم .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول : ما
أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت .
وعن أم الدرداء أنها بعثت إلى رجلين من الناس : قل لهما فليتقيا
الله تعالى وتكون موعظتهما للناس لنفسهما .
وعن شعبة بن الحجاج أنه دنا منه شاب فسأل عن حديث فقال له : أقاص
أنت ؟ فقال : نعم ، قال : اذهب فإنا لا نحدث القصاص ، فقال له : لم ؟ قال : يأخذون
الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا ! أي أنهم يزيدون في الحديث .
وسئل سفيان الثوري : نستقبل القصاص بوجوهنا ؟ فقال : ولوا البدع
ظهوركم .
انظر الآثار السابقة في "الآداب الشرعية" (2/82-89) .
وقال ابن الجوزي : "معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري من
القصاص" انتهى .
"القصاص" (308)
فالحاصل : أن القص ليس مذموما لذاته ، وإنما لما قد يختلط به من
الكذب والمبالغة والجرأة على الدين .
يقول ابن الجوزي : " والقُصَّاصُ لا يُذَمون من حيث هذا الاسم ،
وإنما ذُم القُصَّاصُ لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القَصَصِ دون ذكر العلم المفيد
، ثم غالبُهم يُخَلِّط فيما يورده ، وربما اعتمد على ما أكثره محال " انتهى .
"تلبيس إبليس" (134) .
وقال الإمام أحمد : " القصاص الذي يذكر الجنة والنار والتخويف
وله نية وصدق الحديث ، فأما هؤلاء الذين أحدثوا من وضع الأخبار والأحاديث فلا أراه
" انتهى .
"الآداب الشرعية" (2/85) .
وبذلك تعلم أن وصف الراوي بأنه من القُصَّاص لا يَلزم منه توثيقا
له ولا تجريجا ، فقد كان من القصاص الرواة الثقات ، كما كان منهم الضعفاء ، وهذه
بعض الأمثلة :
سعيد بن حسان المخزومي : قاص أهل مكة ، قال ابن معين وأبو داود
والنسائي : ثقة .
"تهذيب التهذيب" (4/15) .
عائذ الله بن عبد الله بن عمرو : قال مكحول : ما رأيت أعلم منه ،
وقال الزهري : كان قاص أهل الشام وقاضيهم . "تهذيب التهذيب" (5/74) .
ثابت بن أسلم البناني : قال أحمد : ثابت يتثبت في الحديث ، وكان
يقص ، وقتادة كان يقص . "تهذيب التهذيب" (2/3) .
قال ابن الجوزي : وقد بلغنا عن حماد بن سلمة أنه قال : كنت أسمع
أن القصاص لا يحفظون الحديث ، فكنت أقلب الأحاديث على ثابت ، أجعل أنسا لابن أبي
ليلى ، وأجعل ابن أبي ليلى لأنس ، أشوشها عليه ، فيجيء بها على الاستواء " انتهى .
يعني : أنه اختبره فوجده حافظاً للحديث .
"القصاص" (260) .
وممن كان يقص من الضعفاء :
أحمد بن عبد الله بن عياض المكي : له مناكير ، قال أبو حاتم :
كان يقص .
"ميزان الاعتدال" (1/248) .
دراج أبو السمح : قال أحمد : أحاديثه مناكير ولَيَّنَه ، وقال
ابن يونس : كان يقص بمصر . "ميزان الاعتدال" (3/40) .
والله أعلم .
*****
73007
حكم الاحتفال بعيد الحب
العقيدة > الولاء والبراء >(1/5919)
سؤال رقم 73007- حكم الاحتفال بعيد الحب
ما حكم عيد الحب ؟.
الحمد لله
أولا :
عيد الحب عيد روماني جاهلي ، استمر الاحتفال به حتى بعد دخول
الرومان في النصرانية ، وارتبط العيد بالقس المعروف باسم فالنتاين الذي حكم عليه
بالإعدام في 14 فبراير عام 270 ميلادي ، ولا زال هذا العيد يحتفل به الكفار ،
ويشيعون فيه الفاحشة والمنكر . وانظر تفصيل الكلام على هذا العيد في ملف بعنوان : ( الاحتفال
بعيد الحب )
ثانيا :
لا يجوز للمسلم الاحتفال بشيء من أعياد الكفار ؛ لأن العيد من
جملة الشرع الذي يجب التقيد فيه بالنص .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " الأعياد من جملة الشرع
والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه ( عنها ) : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا
) وقال : ( لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه ) كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين
مشاركتهم في العيد ، وبين مشاركتهم في سائر المناهج ؛ فإن الموافقة في جميع العيد
موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد هي
من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر ، فالموافقة فيها موافقة
في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر
في الجملة .
وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية ، وإلى هذا الاختصاص أشار
النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا ) وهذا أقبح من
مشاركتهم في لبس الزنار (لباس كان خاصاً بأهل الذمة ) ونحوه من علاماتهم ؛ فإن تلك
علامة وضعية ليست من الدين ، وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر ،
وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله ، فالموافقة فيه موافقة فيما
يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم"
(1/207).
وقال رحمه الله أيضاً : " لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء
مما يختص بأعيادهم ، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ، ولا تبطيل
عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما
يستعان به على ذلك لأجل ذلك ، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد
ولا إظهار الزينة .
وبالجملة : ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم ، بل يكون
يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام ، لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم" انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/329).
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله " فإذا كان للنصارى عيد ، ولليهود
عيد ، كانوا مختصين به ، فلا يشركهم فيه مسلم ، كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا
قبلتهم " انتهى من "تشبه الخسيس بأهل الخميس" منشورة في مجلة الحكمة (4/193)
والحديث الذي أشار إليه شيخ الإسلام رواه البخاري (952) ومسلم
(892) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ
وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ
الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ
أَبُو : بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ
عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا ).
وروى أبو داود (1134) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَدِمَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ
يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ، فَقَالَ : مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا
كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا
مِنْهُمَا : يَوْمَ الأَضْحَى ، وَيَوْمَ الْفِطْرِ ) والحديث صححه الألباني
في صحيح أبي داود .
وهذا يدل على أن العيد من الخصائص التي تتميز بها الأمم ، وأنه
لا يجوز الاحتفال بأعياد الجاهليين والمشركين .
وقد أفتى أهل العلم بتحريم الاحتفال بعيد الحب :
1- سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه :
" انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب خاصة بين الطالبات
وهو عيد من أعياد النصارى ، ويكون الزي كاملا باللون الأحمر ، الملبس والحذاء ،
ويتبادلن الزهور الحمراء ، نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد ، وما
توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم ؟
فأجاب : الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه :
الأول : أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة .
الثاني : أنه يدعو إلى العشق والغرام .
الثالث : أنه يدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة
المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم .
فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في
المآكل ، أو المشارب ، أو الملابس ، أو التهادي ، أو غير ذلك .
وعلى المسلم أن يكون عزيزا بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق
. أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يتولانا
بتوليه وتوفيقه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/199).
2- وسئلت الجنة الدائمة : يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر
من شهر فبراير 14/2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب (( فالنتين داي )) . (( day
valentine )) . ويتهادون الورود الحمراء ويلبسون اللون الأحمر ويهنئون بعضهم وتقوم
بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ويرسم عليها قلوب وتعمل بعض المحلات
إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم :
أولاً : الاحتفال بهذا اليوم ؟
ثانياً : الشراء من المحلات في هذا اليوم ؟
ثالثاً : بيع أصحاب المحلات ( غير المحتفلة ) لمن يحتفل ببعض ما
يهدى في هذا اليوم ؟
فأجابت : " دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة – وعلى ذلك أجمع
سلف الأمة – أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما : عيد الفطر وعيد الأضحى وما
عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من
المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح
بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم
نفسه ، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم لأن في
ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن
موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه
بقوم فهو منهم ) . وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية
فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب
تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته ، كما يحرم على
المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب
أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من
التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول : ( وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب
) .
ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما
في أوقات الفتن وكثرة الفساد ، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات
المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام
رأساً ، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله تعالى بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا
هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلم " انتهى .
3- وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله :
" انتشر بين فتياننا وفتياتنا الاحتفال بما يسمى عيد الحب (يوم
فالنتاين) وهو اسم قسيس يعظمه النصارى يحتفلون به كل عام في 14 فبراير، ويتبادلون
فيه الهدايا والورود الحمراء ، ويرتدون الملابس الحمراء ، فما حكم الاحتفال به أو
تبادل الهدايا في ذلك اليوم وإظهار ذلك العيد ؟
فأجاب :
أولاً : لا يجوز الاحتفال بمثل هذه الأعياد المبتدعة؛ لأنه بدعة
محدثة لا أصل لها في الشرع فتدخل في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود على من أحدثه.
ثانياً : أن فيها مشابهة للكفار وتقليدًا لهم في تعظيم ما
يعظمونه واحترام أعيادهم ومناسباتهم وتشبهًا بهم فيما هو من ديانتهم وفي الحديث :
(من تشبه بقوم فهو منهم).
ثالثا : ما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير كاللهو واللعب
والغناء والزمر والأشر والبطر والسفور والتبرج واختلاط الرجال بالنساء أو بروز
النساء أمام غير المحارم ونحو ذلك من المحرمات، أو ما هو وسيلة إلى الفواحش
ومقدماتها، ولا يبرر ذلك ما يعلل به من التسلية والترفيه وما يزعمونه من التحفظ فإن
ذلك غير صحيح، فعلى من نصح نفسه أن يبتعد عن الآثام ووسائلها.
وقال حفظه الله :
وعلى هذا لا يجوز بيع هذه الهدايا والورود إذا عرف أن المشتري
يحتفل بتلك الأعياد أو يهديها أو يعظم بها تلك الأيام حتى لا يكون البائع مشاركًا
لمن يعمل بهذه البدعة والله أعلم " انتهى .
والله أعلم .
*****
7309
حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
الفقه > معاملات > القرض >(1/5920)
سؤال رقم 7309- حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
السؤال : شركة لها معاملات وحسابات مع أحد البنوك وهذا البنك يقبل أن يقرض موظفي الشركة مبلغاً معيناً بدون زيادات ربوية ويطلب تحويل جزء من راتب الموظف إليه ، فهل يجوز للموظف أن يقترض من هذا البنك ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
لا مانع من اقتراض الموظف من هذا البنك مادام القرض بدون ربا .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
731
الشهادة لمعيّن بالجنة والنار
العقيدة >(1/5921)
سؤال رقم 731- الشهادة لمعيّن بالجنة والنار
السؤال : سمعت محاضرة لبعض المشايخ يقولون أنهم سلفيون ويقولون بما يلي: أمي كافرة وستدخل النار أعلم ذلك. يقولون أنهم متأكدون من دخول شخص النار. فهل هذا مباح؟ هل نقول أن شخصاً ما سيدخل جهنم بسبب دينه؟.
الجواب :
الحمد لله
القاعدة في مذهب أهل السنة والجماعة ؛ أن الشهادة لمعيّن بالجنة والنار من أمور
العقيدة التي تؤخذ بالتلقي من الكتاب والسنة ، ولا مجال للعقل بالاجتهاد فيها
فمن شهد له الشرع - الكتاب والسنة - بجنة أو نار
؛ شهدنا له ، ومع ذلك فنحن نرجو للمحسن الجنة ، ونخاف على المسيء النار ، والله
أعلم بالخواتيم .
والشهادة بالجنة والنار تنقسم إلى قسمين :-
1. الشهادة العامة : المتعلقة بوصف ، كأن تقول :
من أشرك بالله تعالى شركاً أكبر فقد كفر وخرج من الدين وهو في النار .
وكذلك نقول : من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر
له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . ومثل هذه
النصوص وغيرها كثيرة في القرآن الكريم ، والسنة النبوية .
وإذا سأل شخص : هل الذي يدعو غير الله ويستغيث
به في الجنة أم في النار ؟ . فنقول هو كافر وفي النار إذا قامت عليه الحجة والدليل
وأصرّ ومات على ذلك .
وإذا قيل : من حج فلم يرفث ولم يفسق ؛ ومات بعد
حجه - مثلاً فأين مصيره ؟ قلنا هو في الجنة ، أو من كان آخر كلامه من الدنيا
: لا إله إلا الله " فهو في الجنّة ونحو ذلك .
كلٌّ هذا للوصف لا للشخص المعيّن .
2. الشهادة الخاصة أو المعيّنة : لشخص بذاته واسمه
أنه في الجنة أو في النار ، فهذه لا تجوز إلا في حق من أخبر الله تعالى عنه ،
أو رسوله أنه في الجنّة أو في النار .
فمن شهد لهم الله أو رسوله بالجنة بأعيانهم فهم
من أهلها قطعا كالعشرة المبشرين بالجنة ، وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة ، أبو بكر
الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه .
وممن شهد له الشّرع بالنار على التعيين فهو من
أهلها كأبي لهب ، وامرأته ، وأبي طالب ، وعمرو بن لحي ، وغيرهم .
نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة بمنّه وكرمه
وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7310
تأخير غسل الجنابة لبعد طلوع الفجر في رمضان
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/5922)
سؤال رقم 7310- تأخير غسل الجنابة لبعد طلوع الفجر في رمضان
السؤال :
هل يجوز تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر وهل يجوز للنساء تأخير غسل الحيض أو النفساء إلى طلوع الفجر ؟.
الجواب :
الحمد لله
إذا رأت المرأة الطهر قبل الفجر فإنه يلزمها الصوم ولا مانع من تأخير الغسل إلى بعد طلوع الفجر ، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة .
فتاوى الشيخ ابن باز
*****
7327
لماذا يحرم شرب الكحول
الفقه > عادات > الأشربة >(1/5923)
سؤال رقم 7327- لماذا يحرم شرب الكحول
السؤال :
لماذا يحرم الإسلام شرب الكحول, حتى بكميات قليلة؟ وماذا يقول القرآن حول هذا الموضوع ؟.
الجواب :
الحمد لله
الكحول لا شك أنها تسكر ، وأن فيها من هذه المواد التي تذهب العقل ، وقد جاء
في الحديث :
" كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " . فإذا
كان كذلك فإنها تعتبر محرمة داخلة باسم الخمر التي تشرب للتسلي أو للتلذذ
، حرمها سبحانه ، وأخبر بانها إثم في قوله تعالى : ( يسألونك عن الخمر
والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) ، وإذا كان
الإثم موجودا وهو كبير فإنه محرم . ولا شك أن هذه الكحول تضر العقل والجسم ،
والله حرّم كل شيء يضر بالبدن والعقل ، ويُنهك القوى ، وكل شيئ فيه ضرر على الإنسان
لا يجوز فعله ، لقوله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) ، وقوله : ( ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة ) . ولأن هذا إفساد للمال ، وإسراف فيه وتبذير فيدخل في قوله تعالى
: ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ).
أما استعمال الكحول في غير الشرب فقد يجوز إذا
كان بكميات قليلة وخلط في الأطياب التي يتطيب بها في الثياب والبدن ، وذلك لأنه
يحفظها عن التعفن ، ويسبب عدم تلويث هذه الثياب فلا بأس ، أما شربه فلا يجوز
بحال .
الشيخ عبد الله بن جبرين
*****
7328
ارتدت زوجته عن الإسلام
الفقه > عبادات > الردة >(1/5924)
سؤال رقم 7328- ارتدت زوجته عن الإسلام
السؤال :
لقد تقدم إليَّ أحد الأخوة سائلا : "ماذا يفعل إذا أخبرته زوجته بأنها لا ترغب أن تكون مسلمة بعد الآن . إنها تؤمن بوجود رب , لكنها لا تريد أن تكون مسلمة . وقد قالت بأنها لا تهتم إذا كان ذلك يؤدي بها إلى النار. لقد توقفت عن تأدية الصلاة، وخلعت الغطاء عنها وعن بنتها (وهذه البنت ليست بنتا لهذا الأخ السائل)، وقالت بأنهما لا يتبعان الإسلام بعد الآن." وقد قالت أيضا بأنها تريد أن تنتقل.
فضيلة الشيخ, نحن نريد أن نعرف كيف نتصرف بسرعة. إذا كانت هذه المرأة قد ارتدّت , فهل يؤثر ذلك في زواج ذلك الأخ بها؟ وهل زواجهما ساري المفعول؟ وهل تدخل في حكم المعتدة؟ وهل يجوز للأخ أن يخلو بها؟ وهل يبقى معها في البيت نفسه (لقد طلبت منه مغادرة البيت, وقد أدخلت بعض التماثيل وغيرها من الأمور المحرمة إلى البيت)؟ إن ذلك قد يؤدي إلى حصول فتنة, ويضعف من إيمان الأخ بسبب انفعالاته.
الجواب :
الحمد لله
لا شك أنها والحالة هذه قد اختارت الكفر على الإيمان ، ولا تريد البقاء على الإسلام
، وتطعن في الإسلام وفي شعائره ، وتخالف تعاليمه فتكون والحال هذه كافرة مرتدة
لا يجوز له أن يُمسكها في ذمته لقوله تعالى : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) أي
إذا كان له زوجة كافرة فلا يجوز أن يمسك بعصمتها فعليه أن يناصحها ويقيم عليها
الحجة ثم يفارقها ، وإذا كان في مكان فيه سلطة إسلامية وقضاء شرعي أن يرفع أمرها
إلى القاضي الشرعي ليستتيبها فإن لم تتب نُفذ فيها حكم الله وهو القتل لقوله
عليه الصلاة والسلام : " من بدّل دينه فاقتلوه " .
أما إذا لم يستطع ذلك ولم يوجد في بلده حكم إسلامي
ولا قضاء شرعي فلا أقل من أن يفارقها فراقا كاملا ، ولا يجوز له معاشرتها بعد
تصريحها بالكفر .
الشيخ عبد الله بن جبرين
*****
73296
الاشتراك في برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية للراجحي
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/5925)
سؤال رقم 73296- الاشتراك في برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية للراجحي
ما حكم "برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية" في بنك الراجحي؟ .
الحمد لله
بعد الاطلاع على " برنامج وطني لتمويل أو تقسيط الأسهم" من خلال
موقع شركة الراجحي المصرفية ، تبين أنه يقوم على المرابحة في الأسهم ، بحيث تشتري
الشركة (البنك) الأسهم التي يريدها العميل ، ثم تبيعها عليه بالأقساط ، والعميل له
الحرية في اختيار الأسهم التي يرغب في شرائها .
ومما جاء في النشرة التعريفية : " ... والذي يعطي العميل الفرصة
لامتلاك أسهم الشركات التي يرغبها وبالكمية المطلوبة ومن ثم يقوم بسدادها بأقساط
مريحة ".
ومعلوم أن الأسهم منها ما هو نقي ، ومنها ما هو مختلط ، والشركة
تتعامل بالنوعين ، والذي نعتمده في هذا الموقع هو تحريم التعامل في الأسهم المختلطة
.
وعليه فلا حرج من الدخول في برنامج وطني لتقسيط الأسهم ، بشرط
شراء أسهم شركات نقية ، لا مختلطة .
قال الدكتور محمد بن سعود العصيمي فيما
يخص سؤالك :
" وأما شراء أسهم نقية من الراجحي بالأجل على أن تسددها بعد ذلك
بربح فلا بأس به.
والله أعلم .
*****
73339
صلاة الجمعة غير واجبة على النساء
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >(1/5926)
سؤال رقم 73339- صلاة الجمعة غير واجبة على النساء
هل صلاة الجمعة مفروضة على النساء أيضا ، أم على الرجال فقط ؟ وكيف تُصَلَّى ?
أنا امرأة ، وليس لدينا مكان في المسجد ، فهل أستطيع أن أصليها في البيت وحدي ? هل أنال أجرها ?.
الحمد لله
اتفق أهل العلم على أن صلاة الجمعة لا تجب على النساء ، وأنهن
يصلين في بيوتهن الظهر أربعا يوم الجمعة .
يقول ابن المنذر رحمه الله في "الإجماع" رقم (52) :
" وأجمعوا على أن لا جمعة على النساء " انتهى .
والدليل على ذلك حديث طارق بن شهاب رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال :
( الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ
إِلاَّ أَربَعَة : عَبدٌ مَملُوكٌ ، أَو امرَأَةٌ ، أَو صَبِيٌّ ، أَو مَرِيضٌ ) رواه أبو داود (1067) وقال النووي في "المجموع" (4/483) : إسناده صحيح على
شرط الشيخين ، وقال ابن رجب في "فتح الباري" (5/327) : إسناده صحيح ، وقال ابن كثير
في "إرشاد الفقيه" (1/190) : إسناده جيد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3111) .
والحكمة من عدم وجوب صلاة الجمعة على النساء : أن الشرع يرغب في
عدم حضور المرأة محافل الرجال ، وأماكن تجمعاتهم ؛ لما قد يؤدي إليه ذلك من أمور لا
تحمد عقباها ، كما هو واقع الآن بكثرة في أماكن العمل التي يختلط فيها الرجال
بالنساء .
وانظر: "بدائع الصنائع" (1/258) .
وإذا التزمت المرأة بالشروط الشرعية لخروجها إلى المسجد ، كعدم
تزينها وتطيبها ، فلا حرج عليها في حضور صلاة الجمعة في المسجد ، وتصليها مع الإمام
ركعتين ، وتجزئها حينئذ عن صلاة الظهر .
قال ابن المنذر رحمه الله في "الإجماع" رقم (52،53) :
" وأجمعوا على أنَّهن إن حضرن الإمام فصلَّينَ معه أن ذلك يجزئ
عنهن " انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/88) :
" ولكنها تصح منها - أي الجمعة - ؛ لصحة الجماعة منها ، فإن
النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجماعة " انتهى .
أما صلاة الجمعة في البيت منفرداً ، فلا يصح ذلك من رجل أو امرأة
؛ لأن صلاة الجمعة لا تصح إلا جماعة ، كما سبق في قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
( الجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ ) .
وعلى فرض أن جماعة أرادوا أن يصلوا الجمعة في البيت فلا يصح ذلك
أيضاً ؛ لأن صلاة الجمعة شرعت ليجتمع المسلمون في مكان واحد للصلاة ، ويستمعون
الخطبة وينتفعون بها ، ولذلك لا يجوز تعددها في المدينة الواحدة إلا عند الحاجة إلى
ذلك ، كاتساع المدينة ، أو عدم وجود مسجد جامع كبير يسع الناس .
وعلى هذا ، فإذا لم تذهبي إلى المسجد لصلاة الجمعة ، فإنك
تصلينها في البيت ظهراً .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (7/337) :
" إذا صلت المرأة الجمعة مع إمام الجمعة كَفَتهَا عن الظهر ، فلا
يجوز لها أن تصليَ ظهر ذلك اليوم ، أما إن صلت وحدها فليس لها أن تصلي إلا ظهرا ،
وليس لها أن تصلي جمعة " انتهى .
والأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ظهرا ، وذلك لعموم قول النبي
صلى الله عليه وسلم :
( لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن ) رواه أبو
داود (567) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
كما أن الواجب عليها إذا خرجت للجمعة أن تبتعد عن الطيب والزينة
، وألا تزاحم الرجال في الطرقات .
والله أعلم .
*****
73402
هل يسجد للتلاوة إذا سمع آية السجدة مسجَّلَةً ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/5927)
سؤال رقم 73402- هل يسجد للتلاوة إذا سمع آية السجدة مسجَّلَةً ؟
متى يجب أن يسجد المسلم ؟ فماذا يجب علينا أن نفعل ؟ وهل يجوز أن نستمع إلى القرآن عندما نود أن ننام ؟ حيث أنام والقرآن مستمر تلاوته ؟ .
إذا كنت أستمع إلى القرآن عن طريق الكومبيوتر وسمعت آية فيها سجدة ، فماذا أفعل ؟
وفي سورة مريم هناك آية تقول بأنه عندما نسمع آيات الله نخر سجدا وبكيا ؟.
الحمد لله
أولاً :
مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم خمسة عشر موضعاً ، وقد سبق
بيانها في جواب السؤال رقم ( 5126 ) .
ثانياً :
السجود في هذه المواضع مستحب للقارئ والمستمع ، وليس واجباً ،
فيكبِّر إذا أراد أن يسجد ثم يقول في سجوده ما يقول في سجود الصلاة ، ثم يرفع من
غير تكبير ، ولا يتشهد ، ولا يسلم ، وإذا كان سجود التلاوة في الصلاة فإنه يكبر
كذلك عند الرفع منه . وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 22650 )
و ( 4890 ) .
ثالثاً :
لا حرج على المسلم في استماع القرآن إذا أراد أن ينام ، بل
استماع القرآن سبب لطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر ، قال الله تعالى : ( أَلاَ
بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 .
رابعاً :
وأما سجود التلاوة إذا كنت تستمع آية فيها سجدة من الكمبيوتر أو
جهاز التسجيل ، فالذي يظهر أنه لا يشرع السجود لذلك . وقد نص العلماء المتقدمون على
قريب من هذه المسألة . فمن ذلك : ما جاء في "الفتاوى الهندية" (1/133) وهو من كتب
الأحناف :
" إن سمعها ( يعني آية السجدة ) من الصَّدَى ( وهو ارتداد الصوت
من مكان بعيد ) لا تجب عليه " انتهى .
فمثله : إذا سمعها من جهاز تسجيل ونحوه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إن كان الإنسان يستمع إلى تلاوة القرآن الكريم بواسطة جهاز
التسجيل ، ومر القارئ بآية فيها سجدة تلاوة ، فهل يسجد ؟
فأجاب :
" لا يشرع للمستمع أن يسجد إلا إذا سجد القارئ ، لأن النبي صلى
الله عليه وسلم قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم ولم يسجد ، فلم يسجد
النبي صلى الله عليه وسلم ، فدل ذلك على عدم وجوب سجود التلاوة ، لأن النبي صلى
الله عليه وسلم لم ينكر على زيد تركه ، كما دل الحديث أيضا على أن المستمع لا يسجد
إلا إذا سجد القارئ " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/415) ونحوه في "الشرح الممتع" (4/133) .
خامساً :
وأما قوله تعالى في سورة مريم : ( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ
آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ) ، فهو ثناء من الله تعالى على
الأنبياء والمرسلين ومن هداهم الله واجتباهم أنهم لكمال خشيتهم من الله وخضوعهم له
إذا قرئت عليهم آياته يخرون ساجدين باكين .
ولذلك استحب العلماء البكاء عند قراءة القرآن أو استماعه ، وكان
عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا قرأ هذه الآية قال : ( هذا السجود ، فأين البكى ؟ )
يعاتب نفسه رضي الله عنه على عدم البكاء .
وقد وصف الله تعالى حال الذين أوتوا العلم إذا يتلى عليهم القرآن
الكريم بقوله : ( قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ
سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا
لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ) الإسراء/107-109 .
نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه حق خشيته ويتقونه حق تقاته .
والله تعالى أعلم .
*****
73408
ماذا تجتنب المطلقة في طلاقها الرجعي والبائن بينونة كبرى ؟
الفقه > معاملات > العدة >
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/5928)
سؤال رقم 73408- ماذا تجتنب المطلقة في طلاقها الرجعي والبائن بينونة كبرى ؟
أفيدكم أني طلقت زوجي للتو وأريد أن أعرف الواجبات المحددة عليّ خلال فترة الانتظار هذه التي تبلغ 3 أشهر ، وهل يعني ذلك أنه لا يمكنني حتى التحدث إلى الرجال عبر الشبكة الإلكترونية ؟ وهل يجوز أن يحضر أصدقاء والدي أو والدتي ليأخذوني ثم يعيدوني مرة أخرى إلى البيت ؟.
الحمد لله
أولاً :
ليس للمرأة أن تطلِّق زوجها ، والطلاق إنما يكون من الزوج ،
والخطاب في كتاب الله تعالى في مسائل الطلاق وأحكامه كان للأزواج وليس للزوجات قال
تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ) البقرة/231 ،
وقال تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ
تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ) البقرة/236 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ
الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا
لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) الأحزاب/49 ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ
النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا
اللَّهَ رَبَّكُمْ ) الطلاق/1 .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ( إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ
بِالسَّاقِ ) .
رواه ابن ماجه ( 2081 ) وحسَّنه الألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 108 ) .
وما يحصل من مفارقة الزوج برغبة من المرأة ودفعها مالاً مقابل
ذلك يسمى " الخلع " ، وهو أن تفتدي المرأة نفسها من زوجها بمهرها أو بما يطلبه
الزوج ، فيفارقها إذا رغب بذلك ، وهو " فسخ " للنكاح وليس طلاقاً ، وعدة المرأة فيه
حيضة واحدة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 14569 )
ثانياً :
إذا تمَّ الخلع فإنها تصير أجنبية عنه مباشرة ، لا يحل له أن
يخلو بها ، وليس له عليها رجعة إلا بعقد ومهرٍ جديدين .
فإذا انتهت عدتها وهي : حيضة واحدة – أو وضع الحمل إن كانت
حاملاً – يجوز لها أن تتزوج بمن تشاء وفق الشروط الشرعية بولي وشاهديْ عدل .
أما إن كان الزوج قد طلَّق زوجته طلقة أولى أو ثانية فلا يجوز
لها الخروج من بيتها في عدتها , ولا يجوز له إخراجها إلا أن تنتهي عدتها فتصير
أجنبية عنه ، والحكمة في ذلك أنه ربما يميل إليها فيرجعها ، وهو ما تحث عليه
الشريعة ، قال تعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا
أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ
حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الطلاق/1 .
وفي أثناء عدتها يجوز لها أن تكشف لزوجها وأن تتزين له ، وأن
يكلمها ويخلو بها ، لكن ليس له أن يجامعها إلا بعد إرجاعها ، أو يكون جماعها بنية
الإرجاع .
فإذا طلَّق الزوجُ امرأتَه آخر ثلاث تطليقات ، أو طلقها طلقتين
أو واحدة وانتهت عدتها ، فإنها تصبح أجنبية عنه ، ولا يحل له الخلوة بها ، ولا
لمسها ، ولا النظر إليها .
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : ( 21413 ) و ( 36548 ) فلينظرا .
وسبق في جواب السؤال ( 12667 )
بيان لجميع أنواع العدات .
ويجب التنبه إلى أن عدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيضات وليس ثلاث
أشهر , الثلاثة أشهر هي عدة الصغيرة التي لم تحض ، والكبيرة التي أيست من المحيض ،
وفي الجواب المشار إليه مزيد تفصيل .
ثالثاً :
ولا يجوز خروج المرأة مع الرجال الأجانب عنها , ولا محادثتها لهم
عبر الشبكة الإلكترونية ، وقد سبق بيان الأدلة على ذلك وفتاوى أهل العلم في أجوبة
الأسئلة ( 34841 ) و ( 6453 ) و ( 10221 ) .
وعليه : لا تمنع المرأة من لباس الزينة ولا من الطيب ولا من
الحلي وغيرها من الأشياء التي تُمنع منها المعتدة من وفاة زوجها ، وإنما المحرَّم
عليها أثناء عدتها الرجعية أن تخرج من بيت زوجها وأما خروجها مع الرجال ومحادثتها
لهم فحرام في كل الأحوال .
والله أعلم .
*****
73412
مس الجنُّ للإنس والأحكام المترتبة على المس
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >
أصول الفقه > التكليف >(1/5929)
سؤال رقم 73412- مس الجنُّ للإنس والأحكام المترتبة على المس
هل يمكن أن يمس الجن الناس ؟ إذا كان ذلك ممكنا ، فكيف يمكن أن يتحمل الإنسان المسؤولية عن أعماله عند التلبس يوم القيامة ؟.
الحمد لله
أولاً :
نعم ، يمكن للجن أن يصيب الإنس بمس ، وقد ذكره الله تعالى في
كتابه , في قوله : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا
يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) البقرة/275 .
وانظر جواب الأسئلة ( 11447 )
و ( 42073 ) و ( 39214 ) و ( 1819 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة
والجماعة ، قال الله تعالى : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي
يتخبطه الشيطان من المس ) البقرة /275 ، وفي الصحيح عن النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 24 / 276 ، 277 ) .
ثانياً :
المس نوع من المرض , فإذا كان الإنسان مع وجود هذا المرض عاقلاً
وله اختيار فهو مؤاخذ بأقواله وأفعاله , أما إذا غلب عليه هذا المرض بحيث أفقده
عقله واختياره فهو كالمجنون لا تكليف عليه . ولهذا يطلق في اللغة "المس" على
"الجنون" انظر : "لسان العرب" (6/217) .
غير أنه إذا اعتدى على أحد وقت جنونه , وأتلف ماله – مثلاً -
فإنه يضمن هذا المال لصاحبه .
وانظر : "زاد العاد" (4/66-71) .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 16 / 106 ) :
" أجمع الفقهاء على أن الجنون كالإغماء والنوم , بل هو أشد منهما
في فوات الاختيار وتبطل عبارات المغمى عليه , والنائم في التصرفات القولية ,
كالطلاق , والإسلام , والردة , والبيع , والشراء وغيرها من التصرفات القولية ,
فبطلانها بالجنون أولى ; لأن المجنون عديم العقل والتمييز والأهلية , واستدلوا لذلك
بقوله عليه الصلاة والسلام : ( رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ : عن النائمِ حتى يستيقظَ
، وعَن الصبِيِّ حَتى يَحتلمَ ، وعَن المجنونِ حتى يَعْقل ) - رواه أهل السنن
بإسناد صحيح - ، ومثل ذلك كل تصرف قولي لما فيه من الضرر " انتهى .
وفي ( 16 / 107 ) :
" وأما بالنسبة لحقوق العباد كالضمان ونحوه : فلا يسقط ; لأنه
ليس تكليفا له , بل هو تكليف للولي بأداء الحق المالي المستحق في مال المجنون ,
فإذا وقعت منه جرائم , أخذ بها ماليا لا بدنيا , وإذا أتلف مال إنسان وهو مجنون وجب
عليه الضمان , وإذا قتل فلا قصاص وتجب دية القتيل " انتهى .
والله أعلم .
*****
73416
هل يحرم الزواج بامرأة لا تنجب ؟
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/5930)
سؤال رقم 73416- هل يحرم الزواج بامرأة لا تنجب ؟
قد مضى على زواج والدتي ووالدي 25 عاما ، وقبل 3 أعوام تزوج والدي من أرملة هندوسية وجعلها تسلم ، ومنذ ذلك الحين ونحن نعاني المشاكل في البيت ، المذكورة لها طفلان من زوجها الأول المتوفى ، والمسألة أن الزوجة الثانية كانت تعمل في نفس المكان الذي عمل فيه والدي ، وكانت الشائعات تتحدث عن أن والدي كان على علاقة معها ثم تزوجها لاحقا ، ولا يعلم صحة ذلك إلا الله ، المذكورة كانت تعرف بأنها امرأة ذات سمعة ليست إلى تلك الدرجة كما أنها ترتدي ملابس مثيرة ، حتى بعد مضي ثلاث سنوات على زواجها فلا تزال السمات الإسلامية لا تظهر عليها وهي لا تزال ترتدي ملابس مثيرة جدّاً ، وقد أجرت عملية تعقيم بعد أن وضعت طفليها من زوجها الأول ، وعليه : فإن والدي قد تزوج - على علم - من امرأة لا تنجب ، والموضوع هو : هل الزواج صحيح حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الزواج بالمرأة التي لا يمكنها الإنجاب ؟ وإذا كان الجواب بنعم : فما الحكم في طفليها اللذين منحا اسمين إسلاميين وهما يدرسان في مدرسة إسلامية داخلية ؟ وكيف يجب أن يكون موقفي تجاه والدتي ، وأيضا تجاه هذه المسألة ؟.
الحمد لله
أولاً :
جاء في سؤالك أن والدك تزوج من أرملة هندوسية وجعلها تسلم , فإن
كان العقد قد تم عليها وهي هندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فنكاحها باطل , وعلى والدك أن
يعيد العقد مرة أخرى لأن الله تعالى حرم على المسلم أن يتزوج مشركة حتى تسلم , قال
تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) البقرة/221 , وإن كان العقد قد تم عليها بعد إسلامها فالعقد صحيح .
ثانياً :
ولا يجوز لوالدك أن يتزوج امرأة على تلك الصفات التي ذكرتِ ، وقد
رغَّب الشرع المطهَّر باختيار ذات الدِّين ، ولبسها الملابس المثيرة يمنع المسلم من
هذا الاختيار ، فالواجب عليكم نصح والدكم بالتي هي أحسن أن يوجهها نحو الالتزام
بأحكام الإسلام ، ومن ذلك : أمرها بالحجاب ، والالتزام بالأخلاق الفاضلة .
ثالثاً :
رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم بنكاح المرأة الولود ، فعَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ , إِنِّي
مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أحمد ( 12202 ) .
وصححه ابن حبان ( 3 / 338 ) والهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 4 / 474 ) .
وقال شمس الدين آبادي رحمه الله :
" ( الودود ) أي : التي تحب زوجها .
( الولود ) أي : التي تكثر ولادتها ، وقيد بهذين لأن الولود إذا
لم تكن ودوداً لم يرغب الزوج فيها ، والودود إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو
تكثير الأمة بكثرة التوالد ، ويعرف هذان الوصفان في الأبكار من أقاربهن ، إذ الغالب
سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض " انتهى .
" عون المعبود " ( 6 / 33 ، 34 ) .
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التزوج من العقيم ، فعَنْ
مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ
وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ قَالَ : لا ، ثُمَّ أَتَاهُ
الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : ( تَزَوَّجُوا
الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ ) رواه النسائي (
3227 ) وأبو داود ( 2050 ) .
وصححه ابن حبان ( 9 / 363 ) والألباني في " صحيح الترغيب " ( 1921 ) .
وهذا النهي ليس للتحريم ، وإنما على سبيل الكراهة فقط ، فقد ذكر
العلماء أن اختيار الولود مستحب وليس واجباً .
قال ابن قدامة في "المغني" :
" ويستحب أن تكون من نساء يعرفن بكثرة الولادة " انتهى .
وقال المناوي في "فيض القدير" (6/حديث 9775) :
" تزوج غير الولود مكروه تنزيهاً " انتهى .
وكما يجوز للمرأة أن تتزوج من الرجل العقيم ، فكذلك يجوز للرجل
أن يتزوج من المرأة العقيم .
قال الحافظ في "الفتح" :
" أما من لا ينسل ولا أرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا
مباح في حقه ( يعني النكاح ) إذا علمت المرأة بذلك ورضيت " انتهى .
رابعاً :
وأما تسجيل أسماء زوجة أبيك بأسماء إسلامية ، وإدخالهم في مدارس
إسلامية : فهما أمران طيبان يُشكر عليهما والدك ، وتغيير الأسماء القبيحة أو
الأعجمية إلى أسماء عربية وإسلامية أمر محمود حسَن ، وانظري جواب الأسئلة ( 23273 ) و ( 14622 ) و ( 12617 ) .
وإدخالهم في مدارس إسلامية وسيلة لتعرفهم على الإسلام الصحيح
والاقتناع به ، ونرجو أن يكونوا مسلمين صالحين .
خامساً :
ويجب عليك برَّ أمكِ ورعايتها والعناية بها ، وانصحيها بأن تعطي
والدكِ حقه ، ولا يجوز لها مخالفة أمره إلا أن يأمرها بمعصية الله تعالى ، وعليك
أيضاً بنصيحة زوجة والدكِ ودلالتها على الخير ، وكذا أولادها احرصي عليهم وأعينيهم
على التعرف على الإسلام والقيام بأحكامه .
ونسأل الله تعالى أن يصلح أسرتكم ، وأن يهديكم لطاعته ، ويعينكم
على حسن عبادته .
والله أعلم .
*****
7412
حكم الإفطار للحر الشديد وعلاج المصابين
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/5931)
سؤال رقم 7412- حكم الإفطار للحر الشديد وعلاج المصابين
السؤال :
إني أعمل في الدفاع المدني فإذا كنت في رمضان ، فهل يجوز للإنسان أن يُفطر إذا أحس بالعطش الشديد أثناء إسعافه للمصابين ؟
الجواب :
الحمد لله
لا بأس لكن الأفضل ألا تفطروا إلا في الحالات الضرورية ، وتقضوا ذلك اليوم أما ما دام الإنسان يستطيع أن يُكمل صيامه فلا يجوز الإفطار ، لكن لو كان الحادث بعيداً مثلاً والشمس محرقة في وقت صائف وذهبت لإنقاذ مصاب أو لإخماد حريق وأحسست بالعطش وتضررت بهذا ، فلا بأس إن شاء الله من الإفطار فالله جل وعلا يقول : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن /16 ويقول تعالى : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) البقرة /286 ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) رواه مسلم رقم ( 1337 ) والنسائي ( 5/110 ) ، وهذا ما لم يصل الأمر إلى حد السفر ، أما الوصول إلى حد السفر فيجوز الإفطار مطلقاً ، والله أعلم .
من فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 171
*****
7413
إلقاء الرجل محاضرة على النساء بدون حاجز
العلم > طلب العلم >(1/5932)
سؤال رقم 7413- إلقاء الرجل محاضرة على النساء بدون حاجز
السؤال :
هل يجوز لإمام أن يلقي محاضرة على مجموعة من النساء في غرفة واحدة دون حاجز بينهم أم يجب عليه أن يلقي المحاضرة عن طريق شاشة عرض ؟
الجواب :
الحمد لله
يجوز للرجل أن يلقي درساً على النساء في نفس القاعة بدون حاجز بينه وبين النساء إذا توفرت الشروط التالية :
1- إذا كانت النساء ملتزمات بالحجاب الكامل ( مع تغطية الوجه واليدين )
2- أن لا يخضع النساء بالقول .
3- أن تؤمن الفتنة من الطرفين .
والأفضل وجود حاجز لأنه أبعد عن الفتنة وتكون النساء وراء الحاجز في وضع أكثر راحة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7416
منع العادة الشهرية في رمضان
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > عبادات > الصوم >(1/5933)
سؤال رقم 7416- منع العادة الشهرية في رمضان
تعمد بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية - الحيض - والرغبة في ذلك حتى لا تقضي فيما بعد فهل هذا جائز وهل في ذلك قيود حتى لا تعمل بها هؤلاء النساء ؟ .
الحمد لله
الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعله المرأة وتبقى على ما قدره الله عز وجل وكتبه على بنات آدم فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمة في إيجادها ، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) هذا بغض النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباء ، فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب والحمد لله على قدره وحكمته إذا أتاها الحيض تمسك عن الصوم والصلاة وإذا طهرت تستأنف الصيام والصلاة وإذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين .
*****
7417
حكم من طهرت من النفاس ثم عاد الدم
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/5934)
سؤال رقم 7417- حكم من طهرت من النفاس ثم عاد الدم
السؤال :
إذا طهرت النفساء قبل الأربعين هل تصوم وتصلي أم لا ؟ وإذا جاءها الحيض بعد ذلك هل تفطر ؟ وإذا طهرت مرة ثانية هل تصوم وتصلي أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا طهرت النفساء قبل تمام الأربعين وجب عليها الغسل والصلاة وصوم رمضان وحلت لزوجها فإن عاد عليها الدم في الأربعين وجب عليها ترك الصلاة والصوم وحرمت على زوجها في أصح قولي العلماء وصارت في حكم النفساء حتى تطهر أو تكمل الأربعين فإذا طهرت قبل الأربعين أو على رأس الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها وإن استمر الدم بعد الأربعين فهو دم فساد لا تدع من أجله الصلاة ولا الصوم بل تصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها كالمستحاضة وعليها أن تستنجي وتتحفظ بما يخفف عنها الدم من القطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بذلك إلا إذا جاءتها الدورة الشهرية أعني الحيض فإنها تترك الصلاة والصوم وتحرم على زوجها حتى تطهر من حيضها وبالله التوفيق .
من فتاوى الشيخ ابن باز
*****
7418
حكم اختيار مدة معينة للتحريض على خلق فاضل
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/5935)
سؤال رقم 7418- حكم اختيار مدة معينة للتحريض على خلق فاضل
ظهر شيء الآن في المدارس اسمه مهرجان الضرب أو القسمة أو الطرح وما شابه ذلك ، أو مهرجان جسم الإنسان ، يستمر يوما أو ثلاثة أيام أو أسبوعا يخصصونها لشرح هذا المبدأ المعيّن ، فأراد بعض مدرسي التربية الإسلامية أن يعملوا الفكرة في الأشياء الإسلامية فيقولون مثلا مهرجان الصِّدْق فيكون فخلال ثلاثة أيام تكون كلّ المواضيع في الإذاعة وفي الفصول الدراسية كلها عن الصّدق ، وهكذا مهرجان مثلا عن الصلاة أو الوضوء ، بدون أن يوقّت في وقت معيّن من السنة ، هل هذا جائز ؟
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
لا بأس بذلك ، جائز ، هذا تنشيط للإقبال .
سؤال :
مع أن كلمة مهرجان هذه معناها عيد بالفارسية ؟
جواب :
لكن الناس ما اتخذوها على أنها عيد ، ( بل ) على أنها مناسبة صنعت لتنشيط الناس والإقبال
على هذا الشيء .
سؤال :
نشترط في الجواب أن يكون هذا الأمر غير محدّد في كل سنة بنفس الوقت ؟
الجواب :
نعم .
سؤال :
حتى لا يصير عيدا ؟
جواب :
( نعم ) حتى لا يصير عيدا . أهـ . انتهى .
أنظر سؤال رقم ( 1130 ) و ( 3325 )
ومما ينبغي أن نحرص عليه إذا قمنا نحن المسلمين بمثل هذا أن لا نُسمّيه مهرجانا
حتى لا يختلط الأمر على الناس بأعياد المشركين ولو بالاسم ، والمهرجان : من أعياد
المجوس الكفار عبدة النار ، وكلمة المهرجان مركبة من ( المهر ) ومعناه : الوفاء ،
( جان ) ومعناه : السلطان ، ومعنى الكلمة : سلطان الوفاء ، وأصل هذا العيد : ابتهاج
بانتصار الملك ( أفريدون ) ، وقيل : بل هو احتفال بالاعتدال الخريفي ، ولا يمنع أن
يكون أصله ما ذكر أولا لكنه وافق الاعتدال الخريفي فاستمر فيه . والاحتفال به يكون
يوم ( 26 من تشرين الأول من شهور السريان ) ومدة هذا الاحتفال ستة أيام ، والسادس
هو المهرجان الكبير ، وكانوا يتهادون فيه وفي النيروز المسك والعنبر والعود الهندي
والزعفران والكافور ، وقد أبطله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى
لما قام به بعض المسلمين .
ومن عظيم ما ابتلي به المسلمون إطلاق لفظ ( المهرجان ) على كثير من الاجتماعات والاحتفالات
والتظاهرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ؛ بل وحتى الدعوية فيقال : مهرجان الثقافة
، ومهرجان التسوق ، ومهرجان الكتب ، ومهرجان الدعوة ، وما إلى ذلك مما نرى دعاياته
ونسمع عبارات كثيرا يتصدرها هذا المصطلح الوثني ( المهرجان ) الذي هو عيد عبدة النار
المرجع : من مقال " أعياد الكفار وموقف المسلم منها " مجلة البيان العدد 143
.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7419
ماذا تفعل النفساء إذا رأت الصفار
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/5936)
سؤال رقم 7419- ماذا تفعل النفساء إذا رأت الصفار
السؤال :
ما حكم خروج الصفار أثناء النفاس وطول الأربعين هل أصلي وأصوم ؟
الجواب :
الحمد لله
ما يخرج من المرأة بعد الولادة حكمه كدم النفاس سواء كان دماً عادياً أو صفرة أو كدرة لأنه في وقت العادة حتى تتم الأربعين ، فما بعدها إن كان دماً عادياً ولم يتخلله انقطاع فهو دم نفاس وإلا فهو دم استحاضة أو نحوه .
من فتاوى الشيخ ابن باز .
*****
742
حكم إزالة الشعر
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/5937)
سؤال رقم 742- حكم إزالة الشعر
السؤال :
سؤالي محيِّر ولكنني أعتقد أنه مهم. وسؤالي هو: هل يجوز للمرء أن يحلق شعر رجليه، إذا كان ينمو بشكل كبير، كما نفعل مع بعض المناطق الأخرى من الجسم ؟
أنا أسأل هذا السؤال لأن معظم أصدقائي يفعلون ذلك، ولكنني لا أفعل ذلك لأنني لا أعرف الحكم.
أرجو أن تجيب على سؤالي وألا تعتبره استهزاءا.
الجواب:
الحمد لله
كيف سنعتبر سؤالك هزؤا وأنت تقوم بما عليك من السؤال عن أمر لا تعلم حكمه
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله وهو أَبُو رِفَاعَةَ رضي الله عنه
قال : انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ
قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ
لا يَدْرِي مَا دِينُهُ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ
حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا قَالَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى
خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا * رواه مسلم رقم 876 فحقك علينا إجابة سؤالك إذا عرفناه .
والجواب أنّ الشعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام شعر مأمور بإزالته كشعر العانة والإبط وشعر
مأمور بإبقائه كشعر اللحية للرجل وشعر مسكوت عنه لم يرد في إبقائه ولا في إزالته
نصّ شرعي ( وما كان ربك نسيا ) ، فأمره على الإباحة إن شئت تركته وإن شئت أزلته ولا
حرج عليك ( وانظر سؤال رقم 451 ) والله تعالى أعلم
.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7420
السلام قبل الإمام عند اشتداد الحاجة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5938)
سؤال رقم 7420- السلام قبل الإمام عند اشتداد الحاجة
السؤال : مأموم حضره البول أو الرّيح بشدّة وهو في التشهد الأخير ، فهل تصح صلاته إذا سلّم قبل الإمام بعد أداء الركن والواجب ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
نعم تصح ؛ لأنه معذور . والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
7426
أفطرت ولم تصم حياءً
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/5939)
سؤال رقم 7426- أفطرت ولم تصم حياءً
السؤال :
عندما كنت صغيرة في سن الثالثة عشر صمت رمضان وأفطرت أربعة أيام بسبب الحيض ولم أخبر أحداً بذلك حياءً ، والآن مضى على ذلك ثمان سنوات فماذا أفعل ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لقد أخطأت بترك القضاء طوال هذه المدة فإن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ولا حياء في الدين فعليك المبادرة بقضاء تلك الأيام الأربعة ثم عليك مع القضاء كفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم وذلك نحو صاعين من قوت البلد الغالب لمسكين أو مساكين .
فتاوى الشيخ ابن باز .
*****
7431
الاستشفاء بالمياه المعدنية وذبح الخراف عندها
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/5940)
سؤال رقم 7431- الاستشفاء بالمياه المعدنية وذبح الخراف عندها
توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية والتي يطلق عليها بئر سليمان بن داود ، فيقصدها الناس للاستحمام والشفاء ، ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولها ، فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح ؟.
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الماء مجرباً معلوماً ، ينتفع به لبعض الأمراض فلا بأس ؛ لأن الله جعل
في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض ، فإذا عرف ذلك بالتجارب أن هذا الماء ينتفع
به من كان به أمراض معينة ، كالروماتيزم وغيره فلا بأس في ذلك .
أما الذبائح ففيها تفصيل :
فإن كانت تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك ،
وما يقع لهم من ضيوف فلا بأس بذلك , وإن كانت تذبح لأي شيء آخر كالتقرب إلى الماء
أو الجن أو الأنبياء ، أو لشيء من الاعتقادات الفاسدة ، فهذا لا يجوز ؛ لأن الله
سبحانه يقول مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
لله رب العالمين لا شريك له) الأنعام /162-163 ، ويقول عز وجل
: ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) الكوثر /1-2.
فالذبح لله سبحانه وتعالى والنسك له وحده ، وهكذا
سائر العبادات كلها لله وحده ، لا يجوز صرف شيء منها لغير الله لقول الله عز
وجل : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة /5 ،
وقوله سبحانه : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) الزمر
/2-3 ، ولما تقدم من الآيات وما جاء في معناها ، ولقول النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لعن الله من ذبح لغير الله ) خرجه مسلم في صحيحه ، من حديث علي رضي
الله عنه .
فليس للمرء أن يذبح للجن ولا النجم الفلاني أوالكوكب
الفلاني ، أو الماء الفلاني ، أوالنبي الفلاني ، لأي شخص ، أو للأصنام ، بل التقرب
كله لله سبحانه وتعالى بالذبائح والصلوات ، وسائر العبادات ، لقول الله عز وجل
: ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الفاتحة/5 ، ولما سبق من قوله جل وعلا
: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة /5 ،
وقوله سبحانه : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) الزمر
/ 2-3 ، وغيرها من الآيات .
والذبح من أهم العبادات ، وأفضل القربات ، فيجب
إخلاصه لله وحده ، لما ذكرنا من الآيات ، ولما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم
: ( لعن الله من ذبح بغير الله ) .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/8ص / 324.
*****
7432
حكم زراعة الدخان
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/5941)
سؤال رقم 7432- حكم زراعة الدخان
السؤال : ما حكم الإسلام في زراعة الدخان وفي الأموال التي جمعها الفلاحون من بيعه ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا تجوز زراعة الدخان ولا بيعه ولا استعماله ، لأنه حرام من عدة وجوه لأضراره الصحيحة العظيمة ولخبثه ، وعدم فائدته وعلى المسلم تركه والابتعاد عنه وعدم زراعته والاتجار به لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ، والله أعلم .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/62.
*****
7432
حكم زراعة الدخان
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/5942)
سؤال رقم 7432- حكم زراعة الدخان
السؤال : ما حكم الإسلام في زراعة الدخان وفي الأموال التي جمعها الفلاحون من بيعه ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا تجوز زراعة الدخان ولا بيعه ولا استعماله ، لأنه حرام من عدة وجوه لأضراره الصحيحة العظيمة ولخبثه ، وعدم فائدته وعلى المسلم تركه والابتعاد عنه وعدم زراعته والاتجار به لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ، والله أعلم .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/62.
*****
7436
هل المرأة غير المحجبة ستدخل النار
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/5943)
سؤال رقم 7436- هل المرأة غير المحجبة ستدخل النار
إذا لم تكن الفتاة ترتدي الحجاب، فهل سيكون مصيرها إلى النار؟ وإذا كانت تصلي وتقرأ القرآن بانتظام وتتصرف بأدب ولا تنظر إلى الفتيان ولا تمارس الغيبة والنميمة وغيرها فهل يؤدي عدم ارتدائها الحجاب إلى أن تدخل النار على الرغم من صفاتها الحميدة جميعا؟.
الحمد لله
يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله
، مهما كان صعبة وشاقة على النفس ، دون خجل من أحدٍ من الناس ، فإن المؤمن الصادق
في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب
نواهيه ، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر ، بل يجب السمع
والطاعة مباشرة عملا بقوله جل وعلا : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله
ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب وهذا هو دأب المؤمنين
الذي مدحهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى
الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ، ومن يطع
الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) سورة النور/50 -51 .
ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره ، بل
ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال ، وهو شديد المحال ،
وهو جل وعلا شديد البطش ، أخذه أليم ، وعذابه مهين ، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه
فالهلاك هو مصيره ، قال عزّ وجلّ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة
إن أخذه أليم شديد ، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود ) سورة هود/102-103 .
وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة
كما قال الله تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) والأمر كما قال بعض
أهل العلم : " لاتنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت " والواجب
علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ومراقبته في السر والعلانية واحتناب نواهيه وزواجره
أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت
منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الاسلام ما لم يرتكب أمرا مخرجا عن الملة
ويقع في ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة
إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها
، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم
وقوعه لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى .
والذنوب تنقسم إلى قسمين ( صغيرة - وكبيرة ) فالصغيرة
تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة ، والكبيرة ( وهي التي ورد فيها وعيد
خاص أو حَدٌّ في الدنيا أو عذاب في الآخرة ) فلا تكفّرها الأعمال الصالحة ، بل
لابد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً ، ومن تاب تاب الله عليه ، والكبائر
أنواع كثيرة منها مثلاً ( الكذب والزنا والربا والسرقة وترك الحجاب بالكلية ونحوها
) .
وبناء على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت
الحجاب سوف تدخل النار ، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله لأنها عصت ما أمرها به ،
وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به ، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه قال
تعالى : ( ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه
مسؤولاً ) . ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله
سيكون معرّضا لعقوبة الربّ عزّ وجلّ لأنّ عقابه شديد وعذابه أليم وناره حامية
( نار الله الموقدة . التي تطّلع على الأفئدة )
وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به -
ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي - فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة
من النار وعذابها .
وغريب حقاً في امرأة صفاتها حميدة وتصلي وتصوم
ولا تنظر للفتيان وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب ، وذلك
لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير
، ونفورها من الشر ، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والحسنة
تأتي بأختها ، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه ، ويبدو
أن هذه المسلمة فيها خير كثير ، وهي قريبة من طريق الاستقامة فلتحرص على الحجاب
الذي أمرها به ربها تبارك وتعالى ولتترك الشبهات وتقاوم ضغوط أهلها ولا تستسلم
لكلام الناس والمنتقدين ، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب
الموضة والموديلات ، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها
، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي
والرائح من الأشرار ، وتأبى أن تكون سببا لفتنة عباد الله ، ونحن نخاطب فيها
إيمانها وحبها لله ورسوله ، ونناشدها ان تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب وأن
تلتزم بقول الله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) ، وبقوله ( ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية
الأولى وأطعن الله ورسوله ) . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7449
ماذا يفعل من ترك الصوم
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/5944)
سؤال رقم 7449- ماذا يفعل من ترك الصوم
السؤال :
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة ولكن منذ صغري إلى أن بلغ عمري 21 سنة وأنا لم أصم ولم أصل تكاسلاً ووالدي ينصحاني ولكن لم أبال فما الذي يجب عليّ أن أفعله علماً أن الله هداني وأنا الآن أصوم ونادمة على ما سبق ؟
الجواب :
الحمد لله
التوبة تهدم ما قبلها فعليك بالندم والعزم والصدق في العبادة والإكثار من النوافل من صلاة الليل والنهار وصوم تطوع وذكر وقراءة قرآن ودعاء والله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات .
فتاوى الشيخ ابن باز
*****
7453
أسلم ولديه أدوات موسيقية ماذا يفعل بها ؟
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5945)
سؤال رقم 7453- أسلم ولديه أدوات موسيقية ماذا يفعل بها ؟
السؤال : لقد تحولت إلى الإسلام في سبتمبر عام 99 والحمد لله ، كنت عازف جيتار. أريد أن أعرف إذا كان من الممكن بيع آلاتي الموسيقية ( الجيتار ) ؟ ماذا عن الأجهزة مثل الميكرفونات، الخلاطات ، الكمبيوترات والتي في الواقع يمكن أن تستخدم لأغراض أخرى غير الموسيقى هل لي أن أبيعها ؟ إذا كان لا يجوز بيع أي شيء ، ماذا سأفعل بها ؟ .
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين فأجاب حفظه الله بقوله :
إذا كانت لا تستعمل في شيء من المباحات ، وإنما استخدامها في الحرام كله أو أغلبه لزم اتلافها ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب . انتهى
لمعرفة حكم الموسيقى يُراجع السؤال رقم 5011 والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن جبرين
*****
7459
هل الأنبياء متساوون
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/5946)
سؤال رقم 7459- هل الأنبياء متساوون
أساعد في تعليم فتيات عن الإسلام مرة أسبوعياً . وفي الأسبوع الماضي إحدى البنات سألتني السؤال التالي وحقيقة لم أستطع الرد عليه وأخبرتها أنني سأبحث لها عن الجواب أو أسأل لها شخصا ما ، كان السؤال هل الأنبياء يعتبرون متساوين ؟ لو كان الأمر هكذا ، لماذا يوجد نبي في كل مستوى من الجنة والنبي محمد في أعلاها السماء السابعة؟.
الجواب :
الحمد لله
إن العباد جميعاً خلق لله تعالى وهم عباده ، وهو سبحانه له الحكم وله الأمر من قبل ومن بعد ، ولقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يصطفي من الملائكة بعضهم على بعض ، وفضَّل بعضهم على بعض كتفضيل جبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك ورضوان وغيرهم على من سواهم ، كما اقتضت حكمته وعدله أن يصطفي من بني آدم بعضاً منهم ، وأنه فضَّل بعضهم على بعض في المنزلة والمكانة والخيرية ، كما قال تعالى : ( الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير ) وقال سبحانه وتعالى ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ، منهم من كلَّم اللهُ ورفع بعضهم درجات ) وأخبر سبحانه وتعالى أنه قد اصطفى واجتبى من الناس هؤلاء الرسل فقال جل وعلا بعدما ذكر جملة من الأنبياء والمرسلين ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) وقال تعالى ( والله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق ) ، اقتضت حكمته أن يكون آدم عليه السلام هو أبو البشر ، واقتضت حكمته ورحمته وعدله أن يختار من ذريته أصفيائه من المرسلين والأنبياء الكرام عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ، وكان ممن اصطفاهم واختارهم وفضلهم على غيرهم من الأنبياء والمرسلين أولوا العزم من الرسل وهم : محمد وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى بن مريم عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم ، واختار وفضَّل عليهم جميعاً إمامهم وسيدهم وخاتمهم نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فهو بحق سيد ولد آدم ولا فخر ، وهو صاحب اللواء والشفاعة ، وهو الذي له المقام المحمود في الجنة التي لا تنبغي إلا لشخص واحد فقط وهو نبينا صلى الله عليه وسلم ، لهذا فقد أخذ الله تعالى العهد والميثاق على كل الأنبياء والمرسلين أنه لو بُعث محمد صلى الله عليه وسلم في حال حياة أحدهم فالواجب عليه اتباعه صلى الله عليه وسلم وترك ما معه إلى ما مع نبينا صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب
وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ، فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) ، وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( والله لو كان أخي موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي ) ولما ينزل المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان فإنه ينزل حكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويكون تابعاً له صلى الله عليه وسلم .
وهذا كله بالنسبة لمكانتهم عند الله ، وأما بالنسبة لدينهم فدينهم واحد وقد اتفقوا جميعاً في الدعوة إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، وأما شرائعهم فكل شريعة خاصة به له ولقومه فحسب قال تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ) أما شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهي أكمل وأفضل وأحسن وأتمُّ وأحب الشرائع إلى الله ، وهي ناسخة لكل شريعة قبلها ، ولا شكَّ أن الأنبياء يتفاوتون في الدرجة والمنزلة ، فهم درجات وطبقات وأفضلهم - كما سبق أولوا العزم الخمسة ، وأفضلهم على الإطلاق هو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم ، وأما ما ورد من أحاديث صحيحة مثل ( لا تفضلوني على يونس بن متى ) وحديث ( والذي اصطفى موسى على العالمين ) فإنها كلها تدل على شدة تواضعه صلى الله عليه وسلم مع إخوانه الرسل الكرام ، وإلا فهو بلا شك أفضلهم على الإطلاق إذ كان إمامهم ليلة الإسراء في بيت المقدس ، وهو سيد ولد آدم يوم القيامة ، وهو الذي له الشفاعة الكبرى يوم القيامة دون غيره من المرسلين ، وهو القائل صلى الله عليه وسلم ( إن الله اصطفى من بني آدم قريشاً ، واصطفى من قريشٍ كنانة ، واصطفى من كنانة بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم ) فهو المصطفى من الخلق كلهم صلى الله عليه وسلم .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7461
حكم غنائم المعارك التي يخوضها المسلمون
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/5947)
سؤال رقم 7461- حكم غنائم المعارك التي يخوضها المسلمون
في موقف يكون المسلمون مشتركون في الجهاد ضد معتدين مثلما حدث في البوسنة ، حينما يقاتل المجاهدون فإنهم يأسرون أرضاً ومغانم ، مال ، أسلحة الخ حينما نتكلم من الناحية الإسلامية فإن السرقة في الإسلام حرام ولكن هل هذه سرقة؟ إذا لم تكن كذلك حينئذ :
كيف يجب أن يستخدم هذا المال ؟ من يستطيع أن يستخدمه ؟ هل يجب أن يوزع ؟ إلى من ؟
ماذا يقصد بالخمس ؟ جزاك الله خير.
الحمد لله
شرع الله تعالى الجهاد في سبيله لغايات ومقاصد عظيمة ، منها نشر هذا الدين ، وتعريف الناس به وبحقيقة الغاية التي من أجلها خلقهم الله تعالى ، ومنها ردُّ ودفع عدوان أعداء هذا الدين الذين يحاربونه لإطفاء نوره ، ويسعون للقضاء عليه وعلى أهله ، والأصل فيه قوله تعالى ( أُذِنَ للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا وإنَّ الله على نصرهم لقدير ، الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ) [ سورة النور ] . وإنَّ ما يحدث في البوسنة وكوسوفا والشيشان ونحوها من بلاد الإسلام هو مما أخبر الله تعالى عنه بقوله عن الكفار ( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ) وقال تعالى ( وودوا لو تكفرون ) وقال سبحانه ( ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) وقال تعالى ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) .
وكذلك فإن القتال الدّائر بين المسلمين والكفّار هو من التدافع الذي هو من سنن الله الكونية وقد ذكرها الله بقوله : ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وءاتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(251) سورة البقرة ، وكذلك في قوله : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40) سورة الحج
وقتال المسلمين اليوم لأعدائهم من الصرب والروس وغيرهم من الكفرة ما هو إلا ردٌ للعدوان والبغي والظلم ، وهو من جهاد الدّفع المشروع وتنطبق عليه أحكام الجهاد في الإسلام ، وما يأخذه المسلمون في هذه الحروب من أموال وأسلحة وآلات وأمتعة وعقارات ونحوها هي في الجملة للمسلمين ، وهي مال حلال لهم كما قال تعالى ( فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ) والمقصود بالغنيمة هي هذه الأموال النقدية والعينية ونحوها مما ينتفع به التي يأخذها المجاهدون في سبيل الله في حربهم مع الكفار . وليس هذا من باب السرقة أبداً ، وذلك لعدة أمور :
1 - أن السرقة هي أخذ مال على وجه الاختفاء من حرزه بغير حق ، وهذا مخالف له تماماً ، إذ أن أموال الجهاد من الفيء والغنيمة تؤخذ من الكفار بحقّ وهو الإذن الشرعي فيه بإباحته لنا بقوله تعالى ( فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ) ولفعله صلى الله عليه وسلم في حروبه وجهاده مع الكفار ، وسلبه لأمتعتهم وأموالهم .
2 - أن السرقة تكون في الأموال المعصومة المحترمة ، وأموال الكفار المحاربين ليست معصومة ولا محترمة .
3 - أن أقل ما يقال فيه أن هذا من باب الأخذ بالمثل ، وذلك لأن المسلمين هناك أخذت أموالهم وهضمت حقوقهم وسلبت ديارهم ، فهذا من استرداد حقوقهم وما اغتصب من أيديهم ، وهو من باب إرجاع الحق لهم ، والله تعالى يقول ( ولمن انتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) أي إثم وجناح ( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس بغير حق ) . إذ عُلِمَ هذا فإن جميع الأموال التي يحصل عليها المجاهدون في حربهم مع الكفار تسمى شرعاً ( غنيمة ) و ( فيئا ) والفرق بينهما أن الأول يكون في المال الذي أُخِذَ بقتال ، وأما الثاني فيكون مما أخذَ بدون قتال أي تركه الكفار وانهزموا أو استسلموا دون معركة ولا عمليات عسكرية ، والواجب الشرعي في الغنيمة هو أن يقوم الإمام أو أمير المجاهدين أو المسؤول والقائد فيهم بجمعها وتقسيمها إلى خمسة أقسام ، قسم منها يوزّع على الجهات التي ذكرها الله تعالى في قوله ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) وأما الأربعة أقسام الأخرى فتوزع بين المجاهدين المقاتلين الذين شاركوا في القتال ، وذلك بإعطاء سهم للراجل وللفارس ثلاثة أسهم ؛ ( سهم له وسهمان لفرسه وهذا إذا استعملت الخيل في القتال ) . ويكون هذا المال حلالا طيبا لجيش المسلمين قد أباحه الله تعالى لهم بقوله ( فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ) .
وأما المقصود بالخمس فهو ما أشارت إليه الآية الكريمة وهي مصرف هذه القسم الأول
وهم :
1 - سهم لله ولرسوله : يصرف في مصالح المسلمين العامة ، من غير تعيين ، لأن الله جعله له ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله غنيان عنه ، فعلم أنه لعباد الله ، فإذا لم يعين الله له مصرفاً ، دلَّ على أن مصرفه للمصالح العامة . ( تفسير ابن سعدي 3 / 169 ) .
2 - سهم منه لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام من بني هاشم وبني المطلب ، ويستوي فيه غنيهم وفقيرهم ، ذكرهم وأنثاهم .
3 - اليتامى : وهم الذين فقدوا آباءهم وهم صغار دون البلوغ .
4 - الفقراء المحتاجون .
5 - ابن السبيل وهو المسافر المنقطع الذي يحتاج إلى مال ليرجع إلى بلده .
وقال بعض المفسرين ( إن خمس الغنيمة لا يخرج عن هذه الأصناف ، ولا يلزم أن يكونوا فيه على السواء ، بل ذلك تبع للمصلحة ) وهذا ما رجحه الشيخ ابن سعدي رحمه الله .
ولمزيد من الفائدة انظر تفسير ابن كثير ( 2 / 269 ) وزاد المعاد لابن القيم ( 3/ 100 - 105 ) .
والله تعالى اعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7480
هل إذا مات الشخص قبل الأربعين يدخل الجنة
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/5948)
سؤال رقم 7480- هل إذا مات الشخص قبل الأربعين يدخل الجنة
السؤال :
لقد اكتشفت شيئا عن الإسلام لم أكن أعرفه من قبل . إذا مات شخص قبل أن يبلغ سن 40 عاما ، وكان شخصا مستقيما في حياته (أو صاحب خلق) ويؤمن بعدة آلهة ، فهل يمكن أن يدخل الجنة ؟ لقد سمعت أنه يُغفَر لمن يُؤمن بغير الإسلام إذا مات قبل بلوغه سن تحمل المسؤولية (40 عاما) . فعلى سبيل المثال ( JFK الإبن) مات وهو في 38 من عمره ، فإذا كان شخصا متواضعا فهل يمكن أن يدخل الجنة ؟ سأقدر إجابتك على هذا السؤال .
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام غير صحيح البتة ، إذ أنَّ الإسلام منذ أن انبثق فجره ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي رسولاً إلى كافة الإنس والجن ، قد أغلق جميع الطرق الموصلة إلى الجنة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم ، فمن مات وهو يدعو مع الله إلهاً آخر سواء كان وثناً أو ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً أو حجراً أو شجراً أو قبراً أو جنياً أو ضريحَ ولي أو أحداً من آل بيت النبوة أو غيرهم كائناًً من كان بعدما أُقيمت عليه الحجة وأصر فإنه من أهل النار خالداً مخلداً فيها أبداً ، لا يدخل الجنة أبداً ، وإليك نصوص الكتاب والسنة المتواترة في بيان هذا الأمر : قال تعالى مبيناً أنه لن يقبل من أحد ديناً يدين به غير دين الإسلام الذي أرسل به محمداً صلى الله عليه وسلم ( ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وقال تعالى : ( اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام ديناً ) وقال جل شأنه ( إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً ) وقال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما أرسلتُ به إلا كان من أهل النار ) وقد توعد الله تعالى الكفار في النار بالخلود الأبدي فيها في آيات من كتابه الكريم فقال تعالى في سورة النساء ( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيراً ) وقال تعالى في سورة الأحزاب ( إنَّ الله لعن الكافرين وأعدَّ لهم سعيراً خالدين فيها أبداً ) وقال تعالى في سورة الجن ( ومن يعص الله ورسوله فإنَّ له نار جهنم خالدين فيها أبداً ) وقال تعالى في
بيان حال المشركين به ( ومن يشرك به فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) . وما أرسل الله الرسلَ وما أنزل الكتبَ إلا لتوحيده وإخلاص العبادة له وحده سبحانه لا شريك الله ، وهذا الواجب على المرء الإيمان به قولاً وعملاً واعتقاداً إذ أنه هو وحده سبحانه المستحق للعبادة وعلى هذا يشير قوله تعالى ( ذلك بأنَّ الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ) ولقد تضافرت الآيات الكريمة على هذا المعنى كقوله تعالى ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ) وقوله تعالى ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) وقوله تعالى ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ) ، ولقد اتفقت كلمة الرسل في الدعوة إلى هذا الأمر وتقريره ، قال سبحانه وتعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ، ولهذا فقد اشتد كفر العرب لما جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم داعياً إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له وترك ونبذ كل الأنداد والوسطاء والشركاء والكفر بهم جميعاً ، قال تعالى مخبراً عن حالهم ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا ألهتنا لشاعر مجنون ، بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) ، وأخبر سبحانه وتعالى أن كل من عبد أو دعا مع الله إلهاً آخر فإنه سيحشره معه في نار جهنم ، قال تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ، لو كان هؤلاء ألةً ما وردوها وكل فيها خالدين ، لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون ) . والخلاصة من هذا كله أن العبد إذا مات بعد البلوغ وهو مشرك كافر بالله يدعو مع الله إلهاً آخر ويؤمن بآلهة أخرى تنفع وتضر أو أن لها من الأمر شيئاً فإنه كافر من أهل النار خالداً مخلداً فيها أبداًً ولو كان دون سن 40 أو اكثر منها ، إذا أن العبرة في
الإسلام بالبلوغ فقط ، ويحصل البلوغ بأحد ثلاثة أمور للذكر وتزيد عليه المرأة أمراً رابعاً ، وهذا العلامات الثلاثة هي كما يلي :
1 - بلوغ سن خمسة عشر عاماً .
2 - إنبات شعر العانة ( القبل ) للرجل أو المرأة .
3 - نزول المني وخروجه بشهوة ، سواء كان باحتلام أو جماع أو بأي وسيلة أخرى .
وتزيد المرأة بعلامة رابعة وهي : نزول دم الحيض منها .
فإذا وجدت أحد هذه العلامات حكم ببلوغ العبد ، فيكون مكلفاً مأموراً بكل أمر ، منهياً عن كل نهي ، وليس معنى هذا أنه يجوز للطفل أو من لم يبلغ أن يشرك بالله أو أن يدعو غيره أو أن يدعو أحداً معه ، إذ أنه لو فعل ذلك عُدَّ كافراً ، لكنه إن مات على الكفر قبل البلوغ فهذا أمره إلى الله تعالى في الآخرة . وأما كونه كان طيباً أو متواضعاً أو كريماً أو باراً بوالديه أو نحو ذلك من صفات الخير فإن هذا لا ينفعه أبداً عند الله ، وسيأخذ حقه معجلاً في الدنيا ، لحديث عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إنَّ عبد الله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويفك العاني ويكرم الضيف ( وعددت بعض صفات الخير فيه لكنه كان مشركاً ومات على الشرك ) فهل ينفعه ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ، إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ) يعني أنه كان كافراً لا يؤمن بالبعث والنشور والحساب فلم تنفعه أعماله التي كان يقوم بها ، ومثله حاتم الطائي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته سفانة : لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7489
معروض عليه عمل مغرٍ في مجال تطوير نوعية لحم الخنزير
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/5949)
سؤال رقم 7489- معروض عليه عمل مغرٍ في مجال تطوير نوعية لحم الخنزير
السؤال :
تلقيت عرض توظيف بمميزات جيدة جدا من إحدى الشركات . وتتمثل وظيفتي في عمل أبحاث على أجنة الخنازير في مختبر الشركة . والهدف النهائي من هذه البحوث هو تحسين الإنتاج والنوعية الوراثية عند الخنازير (أي زيادة عدد الخنازير وأن تكون خصائص لحمها جيدة) لتقديمها للأسواق للاستهلاك الآدمي . أي أن مصدر راتبي سيكون من استهلاك الناس للحم الخنازير , المحرم شرعا . والسؤال هو : هل يعد المال الذي هذا يصدره حلال ؟ وهل لي أن أقبل بالوظيفة ؟ أم أرفض الطلب ؟ سأقدر سرعة إجابتكم ليتسنى لي البت في الموضوع .
وجزاك الله خيرا .
الجواب :
لحم الخنزير محرم على المسلم لقوله تعالى : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميته أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجسٌ أو فسقاً أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإن ربك غفورٌ رحيمٌ } [ الأنعام / 145 ] .
وكذلك بيعه وشراؤه .
عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ، فقيل : يا رسول الله ، أرأيتَ شحوم الميتة ؛ فإنها تُطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويَستصبح بها الناس ، فقال : لا ، هو حرام ، ثم قال رسول الله صلى عليه وسلم عند ذلك : قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليم شحومها جَمَلوه ، ثم باعوه فأكلوا ثمنه " . رواه البخاري ( 2121 ) ومسلم ( 1581 ) .
فإذا حرم الله الشيء حرم ثمنه ، وكذلك الوسيلة إلى الحرام حرام ، والوسائل لها أحكام المقاصد ، ولا يجوز للمسلم أن يساعد الفساق على فسقهم ، بل يجب عليه ما استطاع أن يحول بينهم وبين فسقهم ويمنعهم من ذلك ، لا أن يحسِّن لهم الحرام ويعمل على تطويره .
فهل تحب أن تكون أداة تحسين و تزيين وتشجيع للمحرمات فتساعد على نشرها وتناولها ؟
أظنك تجيب : معاذ الله ، إني لا أرضى لنفسي إلا ما يرضاه لها خالقها ، ولن أعمل في باطل مثل هذا ولو دُفع لي مقابل ذلك ما دُفع والرزق بيد الله ، فعليك بالبحث عن عمل آخر حلال ، نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ويُغنينا بفضله عمن سواه.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
749
يريد الدخول في الإسلام وله صديقة وأولاد بينهما
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5950)
سؤال رقم 749- يريد الدخول في الإسلام وله صديقة وأولاد بينهما
قررت أن اعتنق الإسلام وأن أجعله نهجاً لحياتي. غير أن صديقتي التي سأتزوجها قريباً اعتنقت المسيحية ديناً لها ولولدينا. ولا اعتراض لي على دينها، ولكنها تطلب مني دائماً أن أذهب معهم إلى الكنيسة فأطاوعها أحياناً منعاً للمشاكل. ولكني لا أدري كيف أتصرف أمام هذا الطلب بعد أن أصبحت مسلماً. هل يجوز لي أن أستمر في حضور صلاة الكنيسة معها من وقت لآخر؟ كيف أعالج هذه المشكلة؟ أرجو توجيهي بحيث لا أضر بعلاقتنا الأسرية.
الحمد لله
أولا : ينبغي عليك المسارعة إلى الدخول في الإسلام وهي عملية سهلة وستجد الشرح تحت قسم خدمات الموقع ، اعتناق الإسلام .
ثانيا : إذا صارت المرأة مسلمة أو كتابية ( نصرانية أو يهودية ) وتابت إلى الله من العلاقات المحرمة وصارت محصنة عفيفة فيجوز لك أن تتزوجها .
ثالثا : الأولاد الذين جاءوا من هذه المرأة دون زواج ليسوا بأولادك ولا يُنسبون إليك بل نسبتهم إليها ولا يمنع هذا من ملاطفتهم ورعايتهم والإنفاق عليهم وعليك أن تحاول في المستقبل دعوتهم وأمهم إلى الإسلام .
رابعا : في حضورك الكنيسة وجلوسك في طقوس الكفر محاذير كثيرة غير محمودة العواقب فلا ننصحك بذلك ولكن يجب أن لا يكون هذا أبدا عقبة في طريق إسلامك ولو قلت لنا إما أن أسلم وأذهب معها إلى الكنيسة أو لا أُسلم فسنقول لك أسلم بلا شكّ ولكن نحب أن تتأمّل في معاني هاتين السورتين من القرآن الكريم :
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) .
وقال تعالى : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ (4) وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
والخلاصة أيها الرجل العاقل المتجّه إلى الاختيار الصحيح والطريق السليم سارع بالدخول في الإسلام وممارسته وسيعينك الله عز وجلّ في تخطّي جميع العقبات والتغلّب على كلّ المصاعب والله يرعاك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7491
التفكير بالفاحشة
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/5951)
سؤال رقم 7491- التفكير بالفاحشة
السؤال :
كثر الحديث عن الشذوذ الجنسي , وعن تحريمه . والموضوع مبتوت فيه تماما "إلى حد بعيد". أنت تقول بحرمة أن يكون الشخص شاذا . هناك عاملان أساسيان ويخطران على العقل. وسؤالي هو هل ممارسة الشذوذ هو المحرم؟ أم أن التفكير في أن يكون الشخص شاذا هو المحرم ؟ وهل هناك طريقة للتوبة من هذه التعاسة ؟.
الجواب :
لاشك في تحريم اللواط والمساحقة كما ذُكر في السؤال وممارسة ذلك من كبائر الذنوب التي تستوجب غضب الربّ وعقابه الأليم ، والشارع حكيم لم يحرم شيئاً على الناس إلا وفيه مفاسد وأضرار في الدنيا والآخرة . وأما مجرّد التفكير بمثل تلك المعصية فإن الإنسان لا يُعاقب عليه ما لم يعمل أو يتحدث كما قال عليه الصلاة والسلام " إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " .
لكن كثرة التفكير في شيء قد تقود إلى العمل ، أو هي على أقل الأحوال تشغل الإنسان عن التفكير فيما ينفع ويفيد ، وقد كان علماء الإسلام ينادون بإصلاح الخواطر ومجاهدة الأفكار الرديئة لما تؤدّي إليه من التدرّج الخطير والمُرْدي ، كما قال طبيب القلوب ابن القيّم رحمه الله : دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة ، فدافع الفكرة فإن لم تفعل صارت شهوة فحاربها فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمّة فإن لم تدافعها صارت فعلا ، فإن لم تتداركه بضدّه صار عادة فيصعب عليك الانتقال عنها . الفوائد لابن القيم ص: 33
أما طريق التوبة فواضح : الإقلاع عن الذنب فورا ، والنّدم على ما حصل ، والعزم على عدم العودة والاستكثار من فعل الحسنات فإنهنّ يُذهبْن السيئات ، والابتعاد عمن كان يُمارس معه المعصية وهجره إذا لم يتب ومفارقة أصدقاء السّوء وكلّ ما يدعو إلى المعصية ، والله يتوب على من تاب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7492
تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/5952)
سؤال رقم 7492- تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
السؤال :
سؤالي متعلق بموضوع سبب لي الكثير من القلق منذ فترة، فقد طُلقت منذ سنة تقريبا وليس عندي أطفال. لقد مضى علي سنة الآن. والسؤال : حيث أني لم أكن أعرف الرجل قبل زواجي به, وتزوجته لأن والداي ظنا أنه يناسبني. والآن ، وقد وقع ما وقع لي, فقد فكرت أنه من الأفضل أن أكون أعرف الشخص قبل أن أتزوج به. أنا لا أقصد أن أخرج معه في مواعيد, بل مجرد الحديث والتعرف إذا ما كان يناسبني أم لا. والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أني لا أريد أن أجرح نفسي، أو أن ينتهي بي المطاف بالطلاق مرة أخرى. وسؤالي هو هل يُبيح الإسلام للفتاة أن تختار رجلا وتتزوج به؟ أنا بحاجة لأن توضح لي هذا الموضوع. وسأقدّر مساعدتك.
وشكرا، والله يحفظك.
الجواب :
لقد شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها ، سواء كانت بكراً أم ثيباً ( التي سبق لها الزواج )
ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها ، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة ، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس .
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال ، ولا نزع الحجاب أمامه ، ومن المعروف أن مثل هذه اللقاءات لا يبدو فيها الرجل على طبيعته بل يتكلف ويجامل ، فحتى لو خلت به وخرجت معه فلن يُظهر لها شخصيته الحقيقية وكثير من الخارجات معصية مع الخاطبين انتهت بهم الأمور إلى نهايات مأساوية ولم تنفعهم خطوات المعصية التي قاموا بها مع الخاطب خلوة وكشفا .
وكثيرا ما يلعب معسول كلام الخاطب بعواطف المخطوبة عند خروجه معها ويُظهر لها جانبا حسنا لكن إذا سألت عنه وتحسّست أخباره من الآخرين اكتشفت أمورا مختلفة ، إذن الخروج معه والخلوة به لن تحلّ المشكلة ولو فرضنا أنّ فيه فائدة في اكتشاف شخصية الرجل فإنّ ما يترتّب عليه من المعاصي واحتمال الانجراف إلى ما لا تُحمد عُقباه هو أكثر من ذلك بكثير ولذلك حرّمت الشريعة الخلوة بالرجل الأجنبي - والخاطب رجل أجنبي - والكشف عليه .
ثمّ إننا يجب أن لا ننسى أمرا مهما وهو أنّ المرأة بعد العقد الشرعي وقبل الدّخول والزفاف لديها فرصة كبيرة ومتاحة للتعرّف على شخصية الرجل والتأكّد عن كثب وقُرب مما تريد التأكّد منه لأنها يجوز لها أن تخلو به وتخرج معه ما دام العقد الشّرعي قد حصل ، ولو اكتشفت أمرا سيئا لا يُطاق فيمكن أن تطلب منه الخُلع وفي الغالب لن تكون النتيجة سيئة ما دامت عملية السؤال عن الشخص والتنقيب عن أحواله قبل العقد قد تمّت بالطريقة الصحيحة .
نسأل الله أن يختار لك الخير وييسره لكِ حيث كنتِ وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
74974
يرعى عمته ويقوم على شئونها فهل لها أن تهبه دون باقي إخوته ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >
الرقائق > فضائل الأعمال >
الآداب > صلة الرحم >(1/5953)
سؤال رقم 74974- يرعى عمته ويقوم على شئونها فهل لها أن تهبه دون باقي إخوته ؟
لي عمة كبيرة في السن تملك قدراً من المال والعقار ورثتها عن والدها ، ومنذ ما يقارب من خمسة عشر سنة قامت بتوكيلي رسميّاً في إدارة أموالها وممتلكاتها وكان ذلك بموافقة والدي ، والجدير بالذكر أن عمتي قد عاشت حياة محافظة جدّاً ، ولا تعرف الكتابة أو القراءة ولا تستطيع تدبير أمورها دون مساعدتي لها .
وطوال الفترة التي كنت وكيلا عنها كانت تعاملني وكأني ولدها الوحيد وكنت المتصرف في مالها والقائم على إدارة شئونها المعيشية والمرضية وغيره دون بقية إخوتي الاثني عشر الآخرين الذين لا يصلونها إلا في المناسبات الاجتماعية أو الدينية.
توفى والدي فأصبحت أنا وإخوتي الوارثين الشرعيين الوحيدين لها وقد استأذنتها بدون علم إخوتي أو موافقتهم في تسجيل أغلب ممتلكاتها من العقار والمال لي شخصيّاً والبعض الآخر لإحدى أخواتي وابنها الذي هو في الحقيقة زوج ابنتي لكونه يساعدني في تدبير حال معيشتها ، وقد وافقتْ على ذلك وقمت بالتسجيل لنفسي ولأختي وابنها ، إلا أن إخوتي الآخرين اكتشفوا ذلك مؤخراً وبدأ الجميع في توجيه اللوم لي واتهامي بالتعمد في الإضرار بالعمة وبهم من جراء هذه الفعلة واستغلال عدم أهلية العمة وعدم إدراكها بأمور الحياة وعدم معرفتها لقيمة أملاكها وإساءة استخدام الوكالة التي في حوزتي ، إضافة إلى اتهامي بارتكاب مخالفة لحكم الله ورسوله .
فهل يعتبر ذلك تعديّاً على حكم الشرع الشريف فيما قمت به من عملية الهبة ، علما أنها تمت بعلم عمتي وموافقتها عليها ؟
وهل يجوز لإخواني الآخرين الاعتراض على هذه الهبة ؟
أرجو منكم نصحي بما يجنبني التعدي على حدود الله إن كنت مخطأً لتدارك تصحيح ما قمت به والاستغفار منه قبل فوات الأوان.
الحمد لله
أولاً :
قيامك على شئون عمتك ورعايتك لها من الأعمال الصالحة التي تقربك إلى الله وتزيد
في أجورك وتثقِّل موازينك ، لكن ذلك مشروط باحتساب عملك لوجه الله تعالى ، ولا حرج
من أخذك أجرة المثل مقابل تلك الرعاية والعناية .
ولا يحل لك أخذ ما يزيد على هذا بالإحراج أو بالحيلة , قال تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 ، وقال النبي صلى
الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) رواه أحمد (20172)
وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 1459 ) .
كما لا يحل لك - ولا لها – قصد الإضرار بالورثة ، سواء كان ذلك
بالهبة أو الوقف في حال الحياة أو وصية بعد الموت لغير وارث ؛ قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني
في " صحيح ابن ماجه "
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" وأما إن قصد المضارة بالوصية لأجنبي بالثلث فإنه يأثم بقصده
المضارة ، وهل ترد وصيته إذا ثبت بإقراره أم لا ؟ حكى ابن عطية رواية عن مالك :
أنها ترد ، وقيل : إنه قياس مذهب أحمد " انتهى .
" جامع العلوم الحِكَم " ( 1 / 305 ) .
وقال الشيخ صدِّيق حسن خان رحمه الله :
" ومن وقف شيئا مضارة لوارثه كان وقفه باطلا , لأن ذلك مما لم
يأذن به الله سبحانه , بل لم يأذن إلا بما كان صدقة جارية ينتفع بها صاحبها , لا
بما كان إثما جاريا , وعقابا مستمرا , وقد نهى الله تعالى عن الضرار في كتابه
العزيز عموما وخصوصا , ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عموما , كحديث : ( لا ضرر
ولا ضرار في الإسلام ) " انتهى .
" الروضة الندية " ( 2 / 154 ) .
ثانياً :
جاء في سؤالك قولك عن إخوتك فيما أنكروه عليك " واستغلال عدم أهلية العمة " !
فإذا كان ما قالوه صحيحاً وأن عمتك ليست أهلاً للتصرف في المال , كما لو كانت غير
عاقلة , أو كانت سفيهة تضيع الأموال : فإن ما قامت به من هبتك أموالها باطل شرعاً
ولا يحل لك تملكه ؛ لعدم أهليتها في التصرف في أموالها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" جميع الأقوال والعقود مشروطة بوجود التمييز والعقل ، فمن لا تمييز له ولا عقل
: ليس لكلامه في الشرع اعتبار أصلا , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في
الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد , وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي
القلب ) فإذا كان القلب قد زال عقله الذي به يتكلم ويتصرف فكيف يجوز أن يجعل له أمر
ونهي أو إثبات ملك أو إزالته ، وهذا معلوم بالعقل مع تقرير الشارع له ... .
العقود وغيرها من التصرفات مشروطة بالقصود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (
إنما الأعمال بالنيات ) ، وقد قررت هذه القاعدة في كتاب " بيان الدليل على بطلان
التحليل " وقررت أن كل لفظ بغير قصد من المتكلم لسهو وسبق لسان وعدم عقل : فإنه لا
يترتب عليه حكم " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 33 / 107 ) .
ثالثاً :
أما إذا كانت عمتك عاقلة رشيدة فإن تصرفها في أموالها بالهبة أو الصدقة أو غير
ذلك : صحيح .
قال الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله في حكم مطابق لمسألتنا :
" يجوز للزوج في صحته وحياته أن يهدي زوجته ما يشاء مقابل صبرها أو حسن خدمتها
أو ما دخل عليه لها من مال أو صداق إذا لم يفعله إضراراً بالورثة الآخرين ، ولا
يتحدد ذلك بربع المال ولا غيره .
وهكذا بالنسبة للزوجة ، لها أن تعطي زوجها ما شاءت من مالها أو صداقها ؛ لقوله
تعالى : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً
مَرِيئاً ) .
ولا يجوز ذلك في حال المرض ؛ لكونه يُعتبر وصية لوارث " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 29 ) .
وليعلم إخوتك أنه لا يجب على العمة أن تعدل في العطية بين أولاد أخيها ، والعدل
في العطية إنما يجب إذا كانت العطية للأولاد , أما غيرهم فلا يجب العدل بينهم في
العطية .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" يجوز للإنسان أن يفضِّل بعض ورثته على بعض إذا كان هذا التفضيل
في حال صحته إلا في أولاده فإنه لا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 30 ) .
وخلاصة الجواب :
إذا كانت عمتك عاقلة رشيدة ووهبتك هذه الأموال بمحض إرادتها ورضاها من غير إجبار
منك أو احتيال , ولم تُرِدْ بذلك الإضرار بالورثة , فهذه الهبة صحيحة , وليست
مخالفة للشرع .
أما إذا كانت غير رشيدة أو كانت الهبة بدون رضاها , أو أرادت الإضرار بالورثة ,
فهذه الهبة حرام ولا تصح , وأموالها ما زالت باقية في ملكها .
ولك في هذه الحالة أن تأخذ منها أجرة مقابل خدمتك لها وإدارتك لأموالها , على أن
تكون هذه الأجرة على قدر العمل وليس مبالغاً فيها .
والله أعلم .
*****
74976
يريد الدخول في الإسلام ويتزوج بمسلمة
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/5954)
سؤال رقم 74976- يريد الدخول في الإسلام ويتزوج بمسلمة
أنا شاب هندوسي وأحب فتاة مسلمة . لقد كنا صديقين حميمين دائما، وقد درسنا في كلية واحدة. لقد تحولت مشاعر كل واحد منا تجاه الآخر للحب لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها للزواج بي .
أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة ، ولطيفة ، ومحبة ، وذكية ، وتقية . أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام ، وهو الدين الذي كنت دائما مولعا به . كيف أفعل ( للدخول في الإسلام ) ؟ سأقبل بجميع المعتقدات الإسلامية وسأبقى وفيا لله ولزوجة المستقبل .
أرجو أن ترشدني ، فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه . سأنتظر ردك بفارغ الصبر وبعده سأذهب لأتحدث مع والد المذكورة حول الموضوع .
الحمد لله
الحمد لله الذي جعل فيك الرغبة للدخول في دين الإسلام ونشكرك على
السؤال عن كيفية الدخول في دين الله الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من اتبعه ، قال
الله تعالى في كتابه القرآن الكريم : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل
عمران/85 , الدخول في الإسلام عملية سهلة جدا وليس فيها أي تعقيد
وكلّ ما عليك أن تفعله هو النطق بالشهادتين وهما مفتاح الدين وملخصّه وأساسه فتقول
: أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أنّ محمدا رسول الله , ثمّ تغتسل وتنوي الطهارة
للصلاة وتمارس شعائر دين الإسلام وأعظمها الصلاة التي تربط العبد بربه .
ونريد أن نبيّن هنا بعض الأمور:
1- أما قولك ( أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام
)
أنّه بالرغم من أنّ دخولك في الإسلام قد يكون الباعث عليه رغبتك
في الزواج من امرأة مسلمة في هذه المرحلة إلا أنك إذا أسلمت وتعلّمت المزيد عن هذا
الدّين ومارسته واقعا في حياتك فسيحسن إسلامك وتصفو النيّة وتصبح إخلاصا لله
واقتناعا تاما بصحّة هذا الدّين وأنّه لا يزكّي النفس ويُطّهرها إلا هو .
2- قولك ( كنا صديقين حميمين دائما ، وقد درسنا في كلية واحدة )
.
اعلم وفقك الله للخير أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية
حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي ,
ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد
, فمن هدي الإسلام : فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (440)
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خير صفوف
الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم (4/159) : " والمراد بشر الصفوف في
الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع , وخيرها بعكسه , وإنما
فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق
القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك ,
والله أعلم " انتهى .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو
قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة
بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي
وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على
أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .
وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة .
" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 868 ) .
3- أما قولك ( لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها
للزواج بي )
نحن نشكر لك هذا العمل الرائع الذي ينبئ عن حسن خلقك وعلى رجحان
عقلك .
4- أما قولك ( أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة ،
ولطيفة ، ومحبة ، وذكية ، وتقية )
وهذا منك يدل على حرصك على الزوجة التي تصلح أن تكون قدوة
لأبنائك وتسعى على إراحتك ، والأخلاق السامية التي ذكرت بعضا منها فإن الشرع قد جعل
بعض الصفات من دواعي النكاح وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ،
ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك ) .
ففي هذا الحديث دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض
بالعناية والاهتمام : الدين والخلق .
5- أما قولك ( فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه )
هذا منك من باب الإنصاف لهذا الدين العظيم الذي جاء رحمة
للعالمين .
ومن فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من
الذنوب والمعاصي ، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره ، وصار نقياً
من الذنوب قال تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ
مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38 .
وروى مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال :
لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ
يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ :
قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ . قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ : أَنْ
يُغْفَرَ لِي . قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ
قَبْلَهُ .
( الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله ) أَيْ : يُسْقِطهُ
وَيَمْحُو أَثَره . قاله النووي في "شرح مسلم" .
أخيرا : وإننا نتفاءل كثيرا بمستقبل سعيد لك لأنّ بداياتك التي
تحدّثت عنها في سؤالك جيدة وتبعث على التفاؤل وخصوصا عندما نتدبّر جميعا قول الله
تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ) الأنعام/125 ، فنسأل الله أن يشرح صدرك لهذا الدين ويرزقك
الدخول فيه ولا شكّ أنّ ذلك سيكون خبرا سعيداً للمرأة المسلمة التي ستتزوجها لأنها
تعلم أنه لا يمكنها الزواج منك إلا بعد إسلامك كما هي شريعة رب العالمين ، ونرحب بك
في هذا الموقع سائلا وقارئا ومتعاونا معنا على الخير وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين .
*****
74978
حكم الصلاة في مقر العمل
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/5955)
سؤال رقم 74978- حكم الصلاة في مقر العمل
أنا شخص أعمل في برج الفيصلية في الرياض ، وحين دخول وقت الصلاة يكون هناك تسجيل عبر سماعات المبنى إيذاناً بموعدها ، ولدي بعض الزملاء الذين يؤدون صلاة الظهر في مكاتبهم محتجين بعدة أسباب هي :
1- أنهم لا يسمعون أذان المسجد وإنما هذا تسجيل وليس أذاناً .
2- أنهم يؤدونها جماعة وبذلك حققوا شرط الجماعة .
3- أن البرج لا يوجد به مصلى خاص به - مع العلم بأن هناك مسجداً قريباً من الدور الأرضي- لكنهم يقولون : إن هذا المسجد ليس تابعاً للمبنى لذا فهو بعيد .
سؤالي هو :
ما حكم صلاتهم في مكاتبهم ؟ وكيف أرد على حججهم ؟.
الحمد لله
أولاً : الأصل أن الصلاة تكون في المساجد ، ولهذا بنيت ، وفي
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سمع النداء
فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر ) رواه الترمذي (217) وابن ماجه (793)
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (793) .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام لابن أم مكتوم رضي الله عنه : (
أتسمع النداء ؟ ) قال : نعم . قال : ( أجب ) رواه مسلم (653) .
وهذا الحديث يدل على أن الواجب على من سمع النداء أن يجيب ،
فيصلي جماعة في المسجد.
والمراد بسماع النداء : أن يسمع صوت المؤذن إذا رفع صوته بالأذان
من غير مكبر للصوت.
فمن كان قريباً من المسجد بحيث يسمع النداء وجبت عليه صلاة
الجماعة في المسجد ، ومن كان بعيداً لم يجب عليه الحضور إلى المسجد .
وانظر جواب السؤال ( 20655 )
.
ثانياً :
أما قولهم : ( إنهم يؤدونها جماعة وبذلك حققوا شرط الجماعة ) .
فينبغي أن يعلموا أن الواجب عليهم أمران :
الأول : أن يصلوا جماعة .
الثاني : أن تكون هذه الجماعة في المسجد .
فلا بد من تحقيق الأمرين معاً ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال
المشار إليه آنفاً .
وانظر جواب السؤال ( 72398 )
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل الصلاة في المساجد , ولا بأس أن يصلي أهل المكاتب في
مكاتبهم إذا كان خروجهم إلى المسجد يؤدي إلى تعطل العمل , أو يؤدي إلى تلاعب بعض
الموظفين الذين يخرجون للصلاة ويتأخرون , وإذا كان المسجد بعيداً أيضاً جاز لهم
الصلاة في مكان عملهم .
فالمهم : إذا كان هناك مصلحة , أو حاجة إلى أن يصلوا في مكاتبهم
فلا حرج " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/68) .
وخلاصة الجواب :
أن الواجب على هؤلاء أن يصلوا في المسجد ما دام المسجد قريباً ،
ولا يجوز لهم أن يصلوا في مكاتبهم ، إلا من عذر كما لو خيف أن يكون ذلك سببا لتفريط
الموظفين ونحو ذلك .
والله أعلم .
*****
74986
حكم الاقتراض ممن ماله حرام
الفقه > معاملات > الدين >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5956)
سؤال رقم 74986- حكم الاقتراض ممن ماله حرام
هل يجوز أن استلف من شخص تجارته معروفة بالحرام وأنه يتعاطى الحرام ؟ .
الحمد لله
" لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا أو أن تتعامل معه ما دامت
معاملاته بالحرام , ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها فليس لك أن تعامله
, ولا أن تقترض منه ، بل يجب عليك التنزُّه عن ذلك والبعد عنه .
لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام , يعني معاملته مخلوطة
فيها الطيب والخبيث , فلا بأس , لكن تركه أفضل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( دع
ما يريبك إلى ما لا يريبك ) [رواه الترمذي (2518) وصححه الألباني في صحيح
الترمذي] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من اتقى الشبهات فقد
استبرأ لدينه وعرضه ) متفق عليه . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( الإثم ما حاك في
نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) [رواه الترمذي (2389) وصححه الألباني في
صحيح الترمذي] .
فالمؤمن يبتعد عن المشتبهات , فإذا علمت أن كل معاملاته محرمة
وأنه يتجر في الحرام فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/286) .
*****
74987
هل تجب الزكاة في آلات المصانع ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5957)
سؤال رقم 74987- هل تجب الزكاة في آلات المصانع ؟
هل آلات المصانع تجب فيها الزكاة ؟ مع العلم أن قيمتها قد تكون كبيرة جداًّ .
الحمد لله
مباني الشركات ومعداتها الثقيلة والخفيفة وسياراتها التي تستخدم
لنقل البضائع أو العاملين بالشركة لا زكاة فيها .
وقد نص العلماء السابقون على أن آلات الصنَّاع كالنجار والبنّاء
والحداد ونحوهم لا زكاة فيها .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/398) : " وأما آلات الصناع
وظروف أمتعة التجارة لا تكون مال التجارة ; لأنها لا تباع مع الأمتعة عادة " انتهى .
وفي "كشاف القناع" (168/2) : ولا زكاة في آلات الصناع , وأمتعة
التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم كالزيات والعسال إلا أن يريد بيعها أي
القوارير بما فيها فيزكي الكل لأنه مال تجارة . وكذا آلات الدواب ؛ إن كانت لحفظها
فلا زكاة فيها ، لأنها للقنية ، وإن كان يبيعها معها فهي مال تجارة ، يزكيها " انتهى .
" وتضخم هذه الآلات وزيادة حجمها وكثرة إنتاجها لا يغير من حكمها
شيئاً , بل هي باقية على أصلها ، وأحكام الشريعة تبقى على أن أصولها الأولى ما دامت
هي هي , فقطع المسافات البعيدة بالسيارات والطائرات لا يغير شيئاً من أحكام رخص
السفر . . .
وهكذا فإن تغيير أدوات الصناعة لا يغير شيئاً من حكمها " قاله
الشيخ عبد الله البسام بتصرف يسير . "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/722) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : بالنسبة للمشاريع الحديثة التي
خرجت للناس في هذه الأيام وهي مشاريع الإنتاج الحيواني وإنتاج الألبان ومشاريع
الإنتاج الزراعي , ومشاريع العقارات الكبيرة مثل العمائر , فهل على هذه الأشياء
زكاة , وكيف تخرج زكاتها ؟
فأجاب : " إذا كانت هذه المشاريع للبيع والشراء وطلب الربح فإن
مالكها يزكيها كلما حال الحول عليها ، إذا كان أعدها للبيع , سواء كانت تلك الأموال
عمائر أو أرضاً أو دكاكين أو حيوانات في مزرعته أو ما أشبه ذلك , فإنه يزكيها إذا
حال عليها بحسب القيمة , أما الأدوات التي ليست للبيع فلا زكاة فيها , ونفس الأرض
التي فيها المزرعة لا تزكى إذا كانت لم تعد للبيع , وإنما يربي فيها صاحبها
الحيوانات للبيع أو يزرعها ونحو ذلك , فالزكاة في الإنتاج , أما عين الأرض ورقبة
الأرض التي أعدها ليزرع فيها أو ينمي فيها الحيوانات فهذه لا زكاة فيها , وهكذا
النجار والحداد لا زكاة في الأدوات التي عنده للاستعمال ، كالقدوم والمنشار وجميع
الأدوات لا زكاة فيها , إنما الزكاة في الأموال التي أعدها للبيع والآلات المعدة
للبيع ـ كما تقدم ـ إذا حال الحول عليها زكاها بحسب قيمتها , كما يزكي السيارة التي
أعدها للبيع والأرض التي أعدها للبيع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/184) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : مؤسستنا فيها معدات لشئون عمل
المؤسسة من سيارات وكمبريشنات وقلابات وخلاطات ، فهل عليها زكاة أم لا ؟
فأجابوا : " تجب الزكاة في أجرتها إذا كانت تؤجر إذا حال عليها
الحول وبلغت نصاباً ، وإذا كان صاحب المؤسسة يأخذ مقاولات ويستعمل هذه المعدات
لتنفيذ المقاولات فيخرج الزكاة من الذي يدخل عليه مقابل عمله في المقاولات إذا حال
عليه الحول ، أما هذه المعدات فلا زكاة فيها ولا في قيمتها ؛ لأنها لم تعد للبيع
وإنما أعدت للاستعمال " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" ( 9/345) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" فلا زكاة على الإنسان فيما يقتنيه من الأواني والفروش والمعدات
والسيارات والعقارات وغيرها حتى وإن أعده للإيجار ، فلو كان عند الإنسان عقارات
كثيرة تساوي قيمتها الملايين ولكن لا يتجر بها ـ أي لا يبيعها ولا يشتري بدلها
للتجارة مثلاً ـ ولكن أعدها للاستغلال فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت ،
وإنما الزكاة فيما يحصل منها من أجرة أو نماء ، فتجب الزكاة في أجرتها إذا تم عليها
الحول من العقد ، فإن لم يتم عليها الحول فلا زكاة فيها ، لأن هذه الأشياء الأصل
فيها براءة الذمة حتى يقوم فيها دليل على الوجوب . بل قد دل الدليل على أن الزكاة
لا تجب فيها في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه
صدقة ) فإنه يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه
صدقة أي ليس فيه زكاة ، والأموال التي أعدها الإنسان للاستغلال من العقارات وغيرها
لا شك أن الإنسان قد أرادها لنفسه ولم يردها لغيره ؛ لأنه لا يبيعها ولكنه يستبقيها
للاستغلال والنماء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/254) .
*****
74988
سيارات الأجرة والنقل ليس فيها زكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5958)
سؤال رقم 74988- سيارات الأجرة والنقل ليس فيها زكاة
هل سيارات الأجرة أو السيارات التي تمتكلها شركات النقل وشحن البضائع ، هل عليها زكاة ؟.
الحمد لله
سيارات الأجرة أو النقل لا زكاة فيها ، وإنما تجب الزكاة في
الأجرة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل على السيارات التجارية التي
تسافر وتجلب الحبوب وغيرها زكاة , وهكذا ما أشبهها من الجمال ؟
فأجاب : " ليس على السيارات والجمال المعدة لنقل الحبوب والأمتعة
وغيرها من بلاد زكاة ؛ لكونها لم تعد للبيع وإنما أعدت للنقل والاستعمال , أما إن
كانت السيارات معدة للبيع , وهكذا غيرها من الجمال والحمير والبغال وسائر الحيوانات
التي يجوز بيعها إذا كانت معدة للبيع فإنها تجب فيها الزكاة ؛ لأنها صارت بذلك من
عروض التجارة , فوجبت فيها الزكاة ؛ لما روى أبو داود وغيره عن سَمُرَةَ بْنِ
جُنْدُبٍ قَالَ : ( كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ
نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نعده لِلْبَيْعِ ) .
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم , وحكى الإمام أبو بكر بن المنذر
رحمه الله إجماع أهل العلم على ذلك " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/181) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : كيف نخرج زكاة سيارات الناقلات
والأجرة ، أفتكون بقيمتها أو من كسبها ؟
فأجابوا : " ما دامت هذه السيارات معدة للأجرة فالزكاة تجب في
أجرتها إذا حال عليها الحول لا في قيمتها " انتهى .
"مجموع فتاوى اللجنة الدائمة" (9/349) .
*****
74989
زكاة أسهم الشركات العقارية
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/5959)
سؤال رقم 74989- زكاة أسهم الشركات العقارية
هل تجب الزكاة في الأسهم في الشركات العقارية ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 69912 )
تفصيل القول في زكاة الأسهم ، ومتى تجب ومتى لا تجب ؟
والأسهم في الشركات العقارية لا تخلو من حالين :
الأولى :
أن تكون هذه الشركات تشتري الأراضي لبنائها واستغلال ما عليها من
مبانٍ بالتأجير مثلاً ، فلا زكاة في هذه الأسهم ، وإنما الزكاة في أرباحها فقط إن
بلغت نصاباً وحال عليها الحول , لأن هذه الأراضي والعقارات لا زكاة فيها ، وإنما
الزكاة على عائدها إن بلغ نصاباً وحال عليه الحول .
مع التنبه إلى أن هذه الشركات لا تخلو خزائنها من مبالغ نقدية
وأرصدة في البنوك ، وهذه المبالغ تجب فيها الزكاة ، فيجب معرفة ما يقابل السهم من
هذه النقود وإخراج زكاتها كل عام .
الثانية :
أما إن كانت الشركة تشتري العقارات من أراضٍ ومبانٍ بقصد التجارة
، فهذه الأسهم تعتبر عروض تجارة ، فتجب فيها الزكاة هي وأرباحها ، فتخرج زكاتها حسب
قيمتها كل عام مضافاً إليها الأرباح .
وهذا النشاط هو الغالب على الشركات العقارية .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله : عن رجل ساهم في أرض تابعة
لمؤسسة عقارية ومضى عليها سنين كثيرة فكيف يجري زكاتها ؟
فأجاب :
" هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر ؛ لأن الذين يساهمون في
الأراضي يريدون التجارة والتكسب ، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها
بما تساوي ، ثم يؤدون الزكاة ، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول
تساوي هذه السهام ستين ألفاً ، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً ، وإذا كانت عند تمام
الحول الثلاثون ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف ،
وعلى هذا تقاس السنوات التي ذكر السائل أنها قد بقيت ، فيخرج لكل سنة مقدار زكاتها
، ولكن إذا كانت هذه الأسهم لم تبع حتى الا?ن فإنها إذا بيعت يخرج زكاتها ، ولكن لا
ينبغي للإنسان أن يتهاون ، بل يبيعها بما قدر الله ثم يخرج زكاتها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/226) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : عن رجل ساهم في أرض ثم بيعت
بعد خمس سنوات ، كيف يدفع زكاتها ؟
فأجابوا :
" يزكي عن كل سنة من السنوات الأربع الماضية ، على حسب قيمتها كل
سنة ، سواء ربحت أم لم تربح ، ويزكي الربح مع الأصل للسنة الأخيرة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (9/350) .
وسواء كانت الشركة تبيع الأراضي كما هي أو تبنيها ثم تبيعها .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجل يشترى الأرض وينوي حال الشراء
أن يبيعها حال الانتهاء من بنائها ، وبعد الانتهاء من بنائها يعرضها للبيع ، وبعد
استلامه لثمنها يقوم ويشتري أرضاً أخرى وهكذا ، هل تجب عليه زكاة في هذه الحالة ؟
فأجاب :
" "الزكاة واجبة في هذه الأرض زكاة عروض ، لأنه اشتراها ليربح
فيها ، ولا فرق بين أن ينوي بيعها قبل تعميرها أو بعده ، كمن اشترى قماشاً ليربح
فيه بعد خياطته ثياباً " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/227) .
*****
74991
الإغماء ينقض الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/5960)
سؤال رقم 74991- الإغماء ينقض الوضوء
هل الإغماء من نواقض الوضوء ؟.
الحمد لله
نعم ، أجمع العلماء على أن الإغماء من نواقض الوضوء ، ولو كان
يسيراً .
فمن أغمي عليه حتى زال شعوره ، ولو لحظة انتقض وضوؤه .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/234) :
" زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر وما أشبهه من الأدوية
المزيلة للعقل , ينقض الوضوء يسيره وكثيره إجماعا , قال ابن المنذر : أجمع العلماء
على وجوب الوضوء على المغمى عليه .
ولأن هؤلاء حسهم أبعد من حس النائم , بدليل أنهم لا ينتبهون
بالانتباه , ففي إيجاب الوضوء على النائم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/25) :
" أجمعت الأمة على انتقاض الوضوء بالجنون وبالإغماء , وقد نقل
الإجماع فيه ابن المنذر وآخرون
واتفق أصحابنا على أن من زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو سكر
بخمر أو نبيذ أو غيرهما , أو شرب دواء للحاجة أو غيرها فزال عقله انتقض وضوءه . . .
قال أصحابنا : والسكر الناقض هو الذي لا يبقى معه شعور , دون
أوائل النشوة , وقال أصحابنا : ولا فرق في كل ذلك بين القاعد ممكنا مقعده وغيره ,
ولا بين قليله وكثيره " انتهى .
وسُئل الشيخ ابن عثيمين : هل ينتقض الوضوء بالإغماء ؟
فأجاب : " نعم ، ينتقض الوضوء بالإغماء ، لأن الإغماء أشدُّ من
النوم ، والنوم يَنقض الوضوء إذا كان مستغرقاً ، بحيث لا يدري النائم لو خرج منه
شيء ، أمّا النوم اليسير الذي لو أحدث النائم لأحسُّ بنفسه ، فإن هذا النوم لا ينقض
الوضوء ، سواء من مُضطجع أو قاعد متكئ أو قاعد غير متكئ ، أو أي حال من الأحوال ،
ما دام لو أحدث أحسَّ بنفسه ، فإنه نومه لا ينقض الوضوء ، فالإغماء أشد من النوم
فإذا أُغمي على الإنسان ، فإنه يجب عليه الوضوء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/200) .
وسئل الشيخ بن باز رحمه الله : ما حكم وضوء الذين يعيشون لحظات
غيبوبة ؟
فأجاب :
" هذا فيه تفصيل : إذا كان شيء يسير لا يزيل الوعي ولا يمنع
الإحساس بوجود الحدث فلا يضر ، كالناعس الذي لا يستغرق في نومه ، بل يسمع الحركة ،
فهذا لا يضره حتى يعلم أنه خرج منه شيء ، هكذا إذا كانت الغيبوبة لا تمنع الإحساس ،
أما إن كانت الغيبوبة تمنع شعوره بالذي يخرج منه ؛ كالسكران ، أو المصاب بمرض أفقده
شعوره حتى صار في غيبوبة - فهذا ينتقض وضوءه كالإغماء ، كذلك المصابون بالصرع " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (10/145) .
*****
74994
بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/5961)
سؤال رقم 74994- بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
هل يجوز بيع ذهب سبيكة بذهب مصنع مع دفع أجرة التصنيع ؟.
الحمد لله
بيع الذهب المصنع بالذهب السبائك مع دفع أجرة التصنيع ، كأن يبيع
1 كيلو ذهبا مصنعا ، ويأخذ مقابلها – في الحال- أكثر من كيلو ذهبا سبيكة ، لفارق
التصنيع ، أو يأخذ 1 كيلو مع نقود مقابل الصناعة ، وهذا محرم ، وهو من ربا الفضل ،
فإن الذهب إذا بيع بالذهب وجب أن يكون مثلا بمثل ، سواء كان الذهب مصنعا أو سبيكة ،
ولهذا قال الفقهاء : : تبرهما ( وهو السبيكة الخام ) ومصنوعهما ( وهو ما صنع حليا
ونحوها ) أو مضروبهما ( وهو ما جعل نقودا ) سواء ، فلا عبرة بالصناعة .
وإن لم تتم المعاملة يدا بيد ، فهذا ربا النسيئة ، فتكون
المعاملة مشتملة على نوعي الربا : النسيئة والفضل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/29) : " والجيد والرديء
، والتبر والمضروب ، والصحيح والمكسور ، سواء في جواز البيع مع التماثل ، وتحريمه
مع التفاضل ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم أبو حنيفة والشافعي . وحُكي عن مالك
جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه ، وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه " انتهى .
وفي "الموسوعة الفقهية" " (22/74) : " ذَهَبَ جُمْهُورُ
الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ وَتِبْرَهُ ، وَالصَّحِيحَ
وَالْمَكْسُورَ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ التَّمَاثُلِ فِي
الْمِقْدَارِ وَتَحْرِيمِهِ مَعَ التَّفَاضُلِ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ
حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاعَ مِثْقَالُ ذَهَبٍ عَيْنٍ
بِمِثْقَالٍ وَشَيْءٍ مِنْ تِبْرٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ ، وَكَذَلِكَ حُرِّمَ
التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَضْرُوبِ مِنْ الْفِضَّةِ وَغَيْرِ الْمَضْرُوبِ مِنْهَا ،
وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا
وَعَيْنُهَا ) " انتهى .
وهذا الحديث رواه أبو داود (3349) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
والتبر من الدراهم والدنانير ما كان غير مصوغ ولا مضروب ، فإذا
ضرب فهو عَيْن ، وهو أجود من التبر .
انظر المجموع (10/97) ، "كشف الأسرار" (3/320) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : صائغ يأخذ أجرة الصناعة على الذهب ،
ويتم ذلك إما في صورة بيع ذهب ويتقاضى ثمنه مع الأجرة ، أو تبادل ذهب بذهب ويأخذ
أجرة الصناعة بما فيها مكسبه .
فأجابوا :
" أخذ الأجرة على صناعة الذهب مع قيمة المبيع لا شيء فيه إذا بيع
بغير جنسه ، كالورق النقدي ، أما إذا بيع بجنسه كذهب بذهب مع أخذه أجرة فلا يجوز ؛
لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا
بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلا
بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا
بِنَاجِزٍ ) " انتهى .
والورِق : الفضة . ولا تُشِفُّوا : لا تفاضلوا .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/487) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض أصحاب محلات الذهب
يذهبون إلى تاجر الذهب ، ويعطونه كيلو من الذهب الصافي ، ويأخذون منه كيلو من الذهب
به فصوص من أحجار كريمة ألماس أو الزراكون أو غيرها ، ويدفعون له أيضا أجرة التصنيع
.
فأجاب : " هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا ، والربا فيه كما
ذكر السائل من وجهين : الوجه الأول : زيادة الذهب ، حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها
ذهبا ...
وأما الوجه الثاني : فهي زيادة أجرة التصنيع ؛ لأن الصحيح أن
زيادة أجرة التصنيع لا تجوز ؛ لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف
في الربوي ، تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل ، وقد نهى النبي صلى الله
عليه وسلم أن يشترى صاع التمر بصاعين من التمر الرديء ، والواجب على المسلم الحذر
من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص
393) ، جمع أشرف عبد المقصود .
وصورة التعامل المشروع : أن يأخذ كيلو من الذهب بكيلو من الذهب ،
يدا بيد مثلا بمثل ، مهما كانت الصناعة ، بل ولو كان أحدهما سبيكة خالية من كل
صناعة .
أو يبيع السبيكة بالنقود ، ثم يشتري ما أراد من الذهب المصنع .
أو يشتري الذهب الخام ، ويعطيه لمن يصنعه بأجرته من النقود .
وعن هذا الحل الأخير يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أما
إذا كان التاجر صائغا فله أن يقول : خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة
، وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة ، وهذا لا بأس به " انتهى من "فقه وفتاوى
البيوع" (ص 401) .
*****
74999
تسقط الفاتحة عن المأموم في موضعين ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >(1/5962)
سؤال رقم 74999- تسقط الفاتحة عن المأموم في موضعين ؟
إذا دخلت المسجد والإمام راكع وركعت معه ، فهل تحسب لي الركعة ؟ مع أني لم أقرأ الفاتحة .
وإذا دخلت معه قبل الركوع ثم كبر ولم أتمكن من قراءة الفاتحة ، فماذا أفعل ؟ هل أركع معه ولا أكمل الفاتحة ، أو أكمل الفاتحة ثم أركع ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 10995 )
أن قراءة الفاتحة ركن في الصلاة في حق كل مصلٍّ : الإمام والمأموم والمنفرد ، في
الصلاة الجهرية والسرية .
والدليل على ذلك ما رواه البخاري (756) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ) .
انظر : "المجموع" (3/283- 285) .
ولا تسقط الفاتحة عن المأموم إلا في موضعين :
الأول : إذا أدرك الإمام راكعا ، فإنه يركع معه ، وتحسب له
الركعة وإن كان لم يقرأ الفاتحة .
ويدل على ذلك : حديث أبي بكرة رضي الله عنه أَنَّهُ انْتَهَى
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ
قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ) رواه
البخاري ( 783) .
ووجه الدلالة : أنه لو لم يكن إدراك الركوع مجزئاً لإدراك الركعة
مع الإمام لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء تلك الركعة التي لم يدرك القراءة
فيها , ولم ينقل عنه ذلك , فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة .
انظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (230) .
الموضع الثاني الذي تسقط فيه الفاتحة عن المأموم :
إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبيل الركوع ولم يتمكن من إتمام
الفاتحة ، فإنه يركع معه ولا يتم الفاتحة ، وتحسب له هذه الركعة .
قال الشيرازي رحمه الله في "المهذب" : " وإن أدركه في القيام
وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة ; لأنها فرض فلا يشتغل
عنه بالنفل , فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان : أحدهما : يركع ويترك
القراءة ; لأن متابعة الإمام آكد ; ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة .
الثاني : يلزمه أن يتم الفاتحة ; لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها " انتهى .
"المجموع" (4/109) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله إذا دخلت في الصلاة قبيل الركوع
بقليل ، فهل أشرع في قراءة الفاتحة أو أقرأ دعاء الاستفتاح ؟ وإذا ركع الإمام قبل
إتمام الفاتحة فماذا أفعل ؟
فأجاب :
" قراءة الاستفتاح سنة وقراءة الفاتحة فرض على المأموم على
الصحيح من أقوال أهل العلم ، فإذا خشيت أن تفوت الفاتحة فابدأ بها ومتى ركع الإمام
قبل أن تكملها فاركع معه ويسقط عنك باقيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ) متفق عليه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/243-244) .
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا أدرك المصلي الجماعة وكان الإمام
يقرأ القرآن بعد الفاتحة في صلاة جهرية كالمغرب مثلا فهل يقرأ هو الفاتحة أم لا
يقرأ ؛ وإذا أدرك الإمام واقفاً فقرأ الحمد لله رب العالمين فقط ثم كبر الإمام فهل
يركع هو الآخر أم يتم القراءة ؟
فأجابت :
" قراءة الفاتحة في الصلاة واجبة على الإمام والمنفرد والمأموم ,
في سرية أو جهرية ؛ لعموم أدلة قراءة الفاتحة في الصلاة ، ومن جاء إلى الجماعة وكبر
مع الإمام لزمه قراءتها , فإن ركع الإمام قبل إكماله لها وجبت عليه متابعته ,
وأجزأته تلك الركعة ، كما أن من أدرك الإمام في الركوع إدراكا كاملاً أجزأته تلك
الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها , وذلك على الصحيح من قولي العلماء , وسقطت عنه
الفاتحة , لعدم تمكنه من قراءتها ، لحديث أبي بكرة المشهور المخرج في صحيح البخاري
" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة " (6/387) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مأموم دخل الصلاة بعد انتهاء
تكبير الإمام للإحرام وقراءته للفاتحة , ثم شرع في القراءة ولكن ركع الإمام فهل
يركع المأموم أو يكمل قراءة الفاتحة ؟
فأجاب :
" إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع , ولم يتمكن المأموم من
قراءة الفاتحة , إن كان لم يبق عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق
الإمام في الركوع فهذا حسن , وإن كان بقي عليه كثير بحيث إذا قرأ لم يدرك الإمام في
الركوع فإنه يركع مع الإمام وإن لم يكمل الفاتحة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/106) .
وانظر : "الشرح الممتع" (3/242- 248) .
*****
750
هذا هو عين الربا
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/5963)
سؤال رقم 750- هذا هو عين الربا
السؤال :
أحب شخص أن يقترض مالاً من أحد البنوك بدون فائدة لكون الفائدة تعتبر رباً ، ولكن أحد المسؤولين في ذلك البنك قال له : إذا كُنت تريد أن تبتعد عن الربا ، بإمكانك أن تأخذ منا مليوناً وبعد سنة إذا كان عندك مقدرة تعطينا مليونين ، مليون حقنا ، ومليون يبقى عندنا على مدار السنة مقابل السنة التي يبقى مليوننا عندك ، وبعد السنة تأخذ مليونك ، فهل هذا يعتبر رباً أم لا ؟ أفيدونا مأجورين .
الجواب :
الحمد لله
هذا هو عين الربا ، هذا لا يجوز بكل حال لأن الغرض من القرض هو الإرفاق والمصلحة للمسلم ، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه أن القرض مرتين بمنزلة صدقة فإذا أقرضك البنك مليون ريال لمدة سنة وبعد مضي السنة ترد عليه المليون الذي اقترضته منه وتعطيه زيادة مليون يبقى عنده لمدة سنة في مقابل قرضه لك فهذا محرم باتفاق المسلمين ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كل قرض جر منفعة فهو ربا ) أخرجه البغوي بهذا اللفظ ، فهو أقرضك مليون ريال واشترط أن تعطيه مليون زيادة على حقه من أجل أن يبيع فيه ويشتري فيختص بهذا الربح فهذا الشرط جر نفعاً فهو شرط باطل باتفاق المسلمين فما عليك يا أخي إلا أن تعطي البنك المليون الذي اقترضه فقط من غير أن تعطيه مليون آخر ينتفع به لمدة سنة ، فهذا لا يجوز باتفاق العلماء فليس للبنك إلا رد ماله فقط لأن الله يقول : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون ) البقرة/278-279 .
من فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 185
*****
75003
هل يشتري بضائع مباحة من مؤسسة تبيع خموراً؟
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/5964)
سؤال رقم 75003- هل يشتري بضائع مباحة من مؤسسة تبيع خموراً؟
في بلادنا مؤسسات حكومية تبيع مخلفات الأصناف من مواد غذائية ومنزلية وأقمشة وألبسة ومواد تنظيف إضافة لذلك الخمور - والعياذ بالله - ولكن قسم مبيع الخمور خارج المبنى الرئيسي وبمنعزل عن كافة الأصناف ، علماً أن أسعار تلك المؤسسات أدنى بكثير من أسعار السوق .
سؤالي :
هل يجوز التعامل مع هذه المؤسسات أو ما شابه ذلك - وخاصة ذوي الدخل المحدود - ؟ .
الحمد لله
لقد حرم الله تعالى شرب الخمر ، وحرم تصنيعها وبيعها وشراءها ،
ولو كان البيع لغير المسلمين .
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : ( إنَّ الله وَرَسولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ
الخَمْرِ والمَيْتَة والخِنْزِير وَالأَصْنَام ) .
رواه البخاري ( 1212 ) ومسلم ( 1581 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم ؟
فأجابوا :
" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ، كالخمور
والخنزير ولو مع الكفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله إذا
حرم شيئا حرم ثمنه ) ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم ( لعن الخمر وشاربها وبائعها
ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها ) " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 49 ) .
وأما ما ورد في السؤال من شراء بضائع أخرى ممن يبيع الخمر , فلا
حرج فيه ، وقد قال الله تعالى ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة/275 .
ولم يزل المسلمون يشترون المباح ممن يبيعه من الكفار والفساق مع
كونهم يبيعون الحرام في أماكن أخرى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتري من
اليهود ، وهم أكلة الربا ، وأكلة أموال الناس بالباطل .
والله أعلم .
*****
75005
هل تخرج من صلاة الجماعة بسبب بكاء ولدها ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/5965)
سؤال رقم 75005- هل تخرج من صلاة الجماعة بسبب بكاء ولدها ؟
كنت في صلاة جماعة في المسجد وبكت ابنتي وأحضروها لي من خارج المسجد وهي تبكي بصوت عالٍ فاضطررت أن أقطع الصلاة .
فما حكم فعلي هذا ؟ وهل أثمت ؟ علماً أن مصلى النساء خلف الرجال مباشرة فلا يفصل بيننا سوى حاجز ، فإن استمررت في الصلاة قد يزعج بكاؤها المصلين .
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء على أن قطع الصلاة المفروضة عمداً من غير عذرٍ شرعي
بعد الشروع فيها محرم .
والأعذار الشرعية التي تبيح قطع الصلاة منها ما جاءت به السنَّة
النبويَّة ، ويقاس عليها ما هو مثلها أو أولى .
ومن تلك الأعذار المبيحة لقطع الصلاة - فريضة كانت أو نافلة - :
قتل الحية ، وخوف ضياع ماله ، أو إغاثة ملهوف ، أو إنقاذ غريق ، أو إطفاء حريق ، أو
تحذير غافل مما قد يضره .
وقد سبق ذكر هذه الأعذار في جواب السؤال ( 65682 ) و ( 3878 ) .
ثانياً :
فإن بكى الطفل وتعذَّر إسكاته من قبَل أبيه أو أمه في صلاة
الجماعة : فيجوز أن يقطعا الصلاة لإسكاته خشيةً أن يكون بكاؤه من ضرر أصابه ؛
وخشيةً من تضييع الصلاة على أهلها بالتشويش عليهم .
فإن أمكن إسكاته بحركة يسيرة مع عدم الانحراف عن جهة القبلة
فتفعل المرأة ذلك وترجع لصلاتها ، فيمكنها – مثلا – الرجوع للخلف لحملِه مع عدم
قطعها للصلاة ، فإن لم تتمكن من إسكاته إلا بقطع الصلاة بالكلية فعلت ذلك ولا حرج
عليها إن شاء الله تعالى .
جاء في "مطالب أولي النهى" (1/641) :
" ويسن للإمام تخفيف الصلاة إذا عرض لبعض مأمومين في أثناء
الصلاة ما يقتضي خروجه منها كسماع بكاء صبي , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إني
لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها , فأسمع بكاء الصبي , فأتجوز فيها مخافة أن
أشق على أمه ) رواه أبو داود " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجوز قطع الصلاة عندما يرى المصلي دابة مقبلة عليه مثل العقرب
وخلافها من الدواب السامة ؟ وكذلك عند الصلاة في الحرم هل يجوز قطع الصلاة حتى
يتم اللحاق بولده أو ابنته التي كادت تضيع منه ؟
فأجابوا :
" إن تيسر له التخلص من العقرب ونحوها بغير قطع الصلاة فلا
يقطعها ، وإلا قطعها ، وكذلك الحال في ولده إن تيسر له المحافظة على ولده دون قطع
الصلاة فعل ، وإلا قطعها " انتهى .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 8 / 36 ، 37 )
ولينظر جواب السؤال رقم ( 26230 ) .
والله أعلم .
*****
75007
حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام ؟
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/5966)
سؤال رقم 75007- حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام ؟
أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية ، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية ، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله ؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم ؟.
الحمد لله
الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث
حالات :
الأولى :
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً
مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه .
الثانية :
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً
محرماً , أي : ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه
الثياب حرام , لقول الله تعالى : ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ
) المائدة/2 .
ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي
تشتريها .
فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة
لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها ,
وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها
استعمالاً محرماً .
فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال
المشترية .
وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً
محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب ، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن
لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها .
الثالثة :
أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم
محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين ,
فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى
: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) البقرة/275 , والواجب على
من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.
وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق :
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها
سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى
في بعض الأمصار ؟
فأجابوا :
" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما
حرم الله ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية
ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :
ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء ؟ علماً بأن غالبية من
يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء
في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله ؟
فأجابوا :
" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم
حالهن ؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى
: ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة /2 " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/105) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً :
ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها
بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى
بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها
وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية
الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير
منها , والتنانير النسائية القصيرة ؟
فأجابوا :
" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك ؛ فإنه يحرم
تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء
اليوم هداهن الله إلى الصواب : من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة ,
ويجمع ذلك كله : إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب
, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان
بلبسه على معصية ؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا
كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه
يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على
معصية " .
فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه
المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر
عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * يرزقه من حيث
لا يحتسب ) الطلاق/3,2 , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال
الله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن
المنكر ) التوبة/71 , وقال عليه الصلاة والسلام : ( الدين
النصيحة ) , قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين
وعامتهم ) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله
البجلي رضي الله عنه : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء
الزكاة , والنصح لكل مسلم . متفق على صحته . ومراد شيخ
الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم : " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه
يشرب عليه الخمر . . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/109) .
والله أعلم .
*****
7501
ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/5967)
سؤال رقم 7501- ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية
السؤال :
ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية فأنا عادتي في كل شهر من الدورة تسعة أيام ولكن في بعض الأشهر يأتي خارج أيام الدورة ولكن بنسبة أقل جداً وتستمر معي هذه الحالة لمدة يوم أو يومين فهل تجب علي الصلاة والصيام أثناء ذلك أم القضاء ؟ .
الجواب :
الحمد لله
هذا الدم الزائد عن العادة هو دم عرق ولا يحسب من العادة فالمرأة التي تعرف عادتها تبقى زمن العادة لا تصلي ولا تصوم ولا تمس المصحف ولا يأتيها زوجها في الفرج فإذا طهرت وانقطعت أيام عدتها واغتسلت فهي في حكم الطاهرات ولو رأت شيئاً من دم أو صفرة أو كدرة فذلك استحاضة لا تردها عن الصلاة ونحوها .
فتاوى الشيخ ابن باز .
*****
75026
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد ؟
الفقه > معاملات > العدة >
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >
الفقه > معاملات > النكاح > أحكام النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/5968)
سؤال رقم 75026- أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد ؟
سمعت بعض الناس وقد سأله شاب : ما هي حقوق العاقد ؟ فأجاب : قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها ، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس .
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث . فهل استدلال هذا المجيب صحيح ؟.
الحمد لله
أولاً :
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال ،
فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل ، وقد ذكر الله
تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات ، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات
: بنات الزوجة المدخول بها ، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها
قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها ، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه
لا تحل له ابنتها ، بل هي حرام عليه حرمة أبدية .
هذا هو معنى الآية ، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج
من زوجته المعقود عليها ، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح ، وأن تحريم الربيبة
– ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها ، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح
.
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري " ،
ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل ، ولا أن يحرم ما أحل الله ، ولا يحل
ما حرَّم .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا
) الإسراء/36 ، وقال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
ثانياً :
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء ، فهي زوجته ،
وهو زوجها ، إن ماتت ورثها ، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً ، لكن الأفضل لمن
عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد
كبيرة ، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها ، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق
أو وفاة ، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها ، وسيسبب حرجاً بالغاً ، لذا فإن للعاقد
أن يلمس ويقبل زوجته ، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد
.
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم : ( 3215 ) .
ثالثاً :
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية .
منها : العدة ، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها ؛
لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ
ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ
مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا ) الأحزاب/49 .
ومنها : المهر ، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق
نصف المهر المسمّى ؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا
أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ
تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) البقرة/237 ، وفي حال عدم
تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته ؛ لقوله تعالى ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ
إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ
فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ
مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 ، وأما في حال الوفاة : فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً ,
وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد .
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه : أنه سئل عن رجل تزوج
امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود : لها مثل صداق
نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث ، فقام معقل بن سنان
الأشجعي فقال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منَّا -
مثل الذي قضيتَ ، ففرح بها ابن مسعود . رواه أبو داود (2114) والترمذي
(1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939)
.
والله أعلم .
*****
75040
حكم التأخر في دفع الفواتير مع ترتب فوائد ربوية
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/5969)
سؤال رقم 75040- حكم التأخر في دفع الفواتير مع ترتب فوائد ربوية
ما الحكم في دفع الفواتير الشهرية المستحق دفعها في تاريخ معين بعد هذا التاريخ مع العلم أنه يحسب على هذا المبلغ فوائد ربوية ( وفى حالة دفع جزء من المبلغ تحسب الفوائد على الجزء المتبقي منه ) إذا لم يتم دفعها قبل هذا التاريخ ؟ .
الحمد لله
الواجب على من ترتب عليه فواتير مستحقة أن لا يتأخر في تسديدها
إذا كان يترتب على التأخير غرامة ؛ لأن الغرامة هنا ربا ، وهو ربا الجاهلية ، ويسمى
" ربا النسيئة " وكان يقول صاحب المال للدائن : " إما أن تقضي وإما أن تُربي " .
والمتأخر في التسديد وهو قادر على الدفع مساهم في هذا الربا ،
والإثم على كلا الطرفين .
وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم (1597) .
وآكل الربا هو آخذه .
ومؤكله هو معطيه .
أما إن كان قد تأخر في السداد وهو لا يعلم بالأمر ، أو تأخر لظرف
قاهر : فإن الإثم على الشركة التي فرضت هذه الغرامة الربوية .
والواجب على هذه الشركات والمؤسسات أن تلغي هذه الغرامة الربوية
، ويمكنها إنذارهم أو قطع الخدمات عنهم بدلاً من تلك الغرامات الربوية .
والله أعلم .
*****
7505
الصلاة النارية
أصول الفقه > البدعة >(1/5970)
سؤال رقم 7505- الصلاة النارية
"اللهم صلي صلاةً كاملة وسلم سلاما تاما على سيدنا محمد الذي (الذي كما ينطق بها بعضهم) تنحل به العقد، وتتفرج به الكرب، وتقضى به الحوائج ، وتنال به الرغائب، وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه في كل لمحة ونفس"
ما ورد أعلاه يسمى بالصلاة النارية في الهند وتقرأ 4444 مرة إذا وقعت فاجعة أو كارثة في إحدى البيوت حيث يؤتى بالعديد من التلاميذ ورئيس المدرسة .
1- ما هو معنى الكلمات الواردة أعلاه ؟
2- يقول الناس بأنه إذا كانت الكلمات لا تحتوي على شرك، فلا مانع من الاستمرار في قراءتها لأنها ليست ضارة فهي نوع من أنواع الذكر وأنها تذكرهم بالله وأننا نقوم بنوع من الدعاء الاضافي ليقربنا من الله وليبعد عنا بعض المصائب.
3- ما هو الحكم في قراءة المولد، هل هناك أي ضرر من قراءته على نحو دوري من قبل تلاميذ المدرسة أو من إمام المسجد؟ .
الحمد لله
1. الكلمات الواردة في الصلاة المبتدعة واضحة ، ولا بأس من بيانها أكثر :
" تنحلُّ به العقد " : أي : يجد المخرج
لما يواجهه من تعقيدات وأمور يصعب حلّها عليه .
وقد يراد به : يسكن به الغضب .
" تنفرج به الكُرب " : أي : يزول الغم
والحزن من النفس .
" تقضى به الحوائج " : أي : يحصل ما
يريده ويسعى قضائه .
" تنال به الرغائب وحسن الخواتيم " :
أي : تتحقق أمنياته سواء ما في الدنيا أو ما في الآخرة ، ومنه : أن يختم له بخير
" يستسقى الغمام بوجهه الكريم " : أي
: يطلب منه دعاء الله تعالى بإنزال المطر .
والغمام : السحاب .
2. ما قاله لكم بعض الناس أن هذه الصلاة لا تحوي
شركاً ، وأنه يجوز لكم الاستمرار بها .. إلخ : باطل وذلك لما احتوته تلك الصلاة
المزعومة من مخالفات شرعيَّة واضحة منها :
أ. أنه
جعلها تقال عند المصائب ، وهذا من اختراع الأسباب في إحداث العبادة .
ب. أنه
جعل لها حدّاً ( 4444 ) مرة ! وهذا من اختراع الكم في إحداث العبادة .
ت. أنه
جعل قراءتها جماعية ، وهذا من اختراع الكيف في إحداث العبادة .
ث. أن
فيها عبارات مخالفة للشرع ، وشرك وغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ، ونسبة أفعال
له لا يصح أن تنسب إلا لله عز وجل ، كقضاء الحوائج ، وحل العُقد ، ونيل الرغائب
، وحسن الخاتمة . وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول : ( قل إني لا
أملك لكم ضراً ولا رشداً ) ،
ج. أنه
ترك ما جاء به الشرع ، وذهب ليخترع صلاة ودعاءً من عنده ، وفي هذا اتهام للنبي
صلى الله عليه وسلم بالتقصير في بيان ما يحتاجه الناس ، وفيه استدراك على الشرع
قال النبي صلى الله عليه وسلم : "منْ أَحْدَثَ
في أَمْرِنَا هذا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ" .
رواه البخاري ( 2550 ) ومسلم ( 1718 ) ،
وفي رواية "مسلم" ( 1718 ) : "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ
أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ".
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله : وهذا الحديث أصلٌ
عظيمٌ مِن أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أنَّ حديث "الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّات" ميزانٌ للأعمال في باطنها، فكما أنَّ كلَّ عملٍ لا يُراد
به وجهُ الله تعالى ؛ فليس لعامله فيه ثوابٌ ، فكذلك كلُّ عملٍ لا يكون عليه
أمر الله ورسوله؛ فهو مردودٌ على عامله، وكلُّ مَن أحدث في الدين ما لم
يأذن به الله ورسوله فليس مِن الدين في شيءٍ.أ.ه "جامع العلوم والحكم"
(1/180)
وقال النووي رحمه الله : وهذا الحديث قاعدةٌ عظيمةٌ
مِن قواعد الإسلام ، وهو مِن جوامع كَلِمه صلى الله عليه وسلم ؛ فإنَّه
صريحٌ في رد البدع والمخترعات، وفي الرواية الثانية زيادة وهي: أنَّه قد يعاند
بعض الفاعلين في بدعةٍ سُبق إليها، فإذا احتُج عليه بالرواية الأولى - أي: "
مَن أحدث " - يقول: أنا ما أحدثتُ شيئاً، فيُحتج عليه بالثانية -
أي : "مَن عمل "- التي فيها التصريح بردِّ كلِّ المحدثات، سواء أحدثها
الفاعل، أو سُبق بإحداثها... وهذا الحديث مما ينبغي حفظه، واستعماله في
إبطال المنكرات، وإشاعة الاستدلال به.
"شرح مسلم" (12/16).
3. أما بالنسبة للمولد : فإن عمله بدعة ، ولو كان
خيراً لسبقنا أكثر الناس حبّاً للنبي صلى الله عليه وسلم وهم الصحابة رضي الله
عنهم ، وما يُقرأ فيه فأكثره ضعيف أو موضوع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
، وفيه غلوٌّ بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وهذه أقوال العلماء :
أ. سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن يعمل
كل سنة ختمة في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هل ذلك مستحب أم لا ؟
فأجاب :
الحمد لله ، جمع الناس للطعام في العيدين وأيام
التشريق سنة ، وهو من شعائر الإسلام التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم
للمسلمين وإعانة الفقراء بالإطعام في شهر رمضان هو من سنن الإسلام ، فقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " من فطَّر صائما فله مثل أجره " ، وإعطاء
فقراء القراء ما يستعينون به على القرآن عمل صالح في كل وقت ، ومن أعانهم على
ذلك كان شريكهم في الأجر " .
وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي
شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر
ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال " عيد
الأبرار " ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالى أعلم .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 415 ) .
ب. قال ابن الحاج :
وقد ارتكب بعضهم في هذا الزمان ضد هذا المعنى وهو
أنه إذا دخل هذا الشهر الشريف - أي : ربيع الأول - تسارعوا فيه إلى
اللهو واللعب بالدف والشبابة وغيرهما كما تقدم .
فمن كان باكيا فليبك على نفسه وعلى الإسلام وغربته
وغربة أهله والعاملين بالسنة .
ويا ليتهم لو عملوا المغاني ليس إلا بل يزعم بعضهم
أنه يتأدب فيبدأ المولد بقراءة الكتاب العزيز وينظرون إلى من هو أكثر معرفة بالهنوك
والطرق المهيجة لطرب النفوس فيقرأ عشرا ، وهذا فيه من المفاسد وجوه :
منها : ما يفعله القارئ في قراءته على تلك الهيئة
المذمومة شرعاً والترجيع كترجيع الغناء ، وقد تقدم بيان ذلك .
الثاني : أن فيه قلة أدب وقلة احترام لكتاب الله
عز وجل .
الثالث : أنهم يقطِّعون قراءة كتاب الله تعالى
ويقبلون على شهوات نفوسهم من سماع اللهو بضرب الطار والشبابة والغناء والتكسير
الذي يفعله المغني وغير ذلك .
الرابع : أنهم يظهرون غير ما في بواطنهم وذلك بعينه
صفة النفاق وهو أن يظهر المرء من نفسه شيئا وهو يريد غيره اللهم إلا فيما استثني
شرعاً ؛ وذلك أنهم يبتدئون القراءة وقصد بعضهم وتعلق خواطرهم بالمغاني .
الخامس : أن بعضهم يقلل من القراءة لقوة الباعث
على لهوه بما بعدها وقد تقدم .
السادس : أن بعض السامعين إذا طول القارئ القراءة
يتقلقلون منه لكونه طول عليهم ولم يسكت حتى يشتغلوا بما يحبونه من اللهو ، وهذا
غير مقتضى ما وصف الله تعالى به أهل الخشية من أهل الإيمان لأنهم يحبون سماع
كلام مولاهم لقوله تعالى في مدحهم { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم
تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين } فوصف
الله تعالى من سمع كلامه بما ذكر وبعض هؤلاء يستعملون الضد من ذلك فإذا سمعوا
كلام ربهم عز وجل قاموا بعده إلى الرقص والفرح والسرور والطرب بما لا ينبغي فإنا
لله وإنا إليه راجعون على عدم الاستحياء من عمل الذنوب يعملون أعمال الشيطان
ويطلبون الأجر من رب العالمين ، ويزعمون أنهم في تعبد وخير ويا ليت ذلك لو كان
يفعله سفلة الناس ولكن قد عمت البلوى فتجد بعض من ينسب إلى شيء من العلم أو العمل
يفعله وكذلك بعض من ينسب إلى المشيخة أعني في تربية المريدين وكل هؤلاء داخلون
فيما ذكر .
ثم العجب كيف خفيت عليهم هذه المكيدة الشيطانية
والدسيسة من اللعين ، ألا ترى أن شارب الخمر إذا شربه أول ما تدب فيه الخمرة
يحرك رأسه ساعة بعد ساعة فإذا قويت عليه ذهب حياؤه ووقاره لمن حضره وانكشف ما
كان يريد ستره عن جلسائه .
فانظر رحمنا الله وإياك إلى هذا المغني إذا غنى
تجد من له الهيبة والوقار وحسن الهيئة والسمت ويقتدي به أهل الإشارات والعبارات
والعلوم والخيرات يسكت له وينصت فإذا دب معه الطرب قليلا حرك رأسه كما يفعله
أهل الخمرة سواء بسواء كما تقدم ، ثم إذا تمكن الطرب منه ذهب حياؤه ووقاره كما
سبق في الخمرة سواء بسواء فيقوم ويرقص ويعيط وينادي ويبكي ويتباكى ويتخشع ويدخل
ويخرج ويبسط يديه ويرفع رأسه نحو السماء كأنه جاءه المدد منها ويخرج الرغوة أي
الزبد من فيه وربما مزق بعض ثيابه وعبث بلحيته .
وهذا منكر بيِّن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى عن إضاعة المال ولا شك أن تمزيق الثياب من ذلك هذا وجه .
الثاني : أنه في الظاهر خرج عن حد العقلاء إذ أنه
صدر منه ما يصدر من المجانين في غالب أحوالهم .
" المدخل " ( 2 / 5 -7 ) .
ج. قالت اللجنة الدائمة :
إقامة احتفال بمناسبة مولده صلى الله عليه وسلم
لا يجوز لكونه بدعة محدثة لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه
الراشدون ، ولا غيرهم من العلماء في القرون الثلاثة المفضلة .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 3 / 2 ) .
د. سئل الشيخ ابن باز : هل يحل للمسلمين أن يحتفلوا
في المسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة 12 ربيع الأول بمناسبة المولد
النبوي الشريف بدون أن يعطلوا نهاره كالعيد؟ واختلفنا فيه ، قيل : بدعة حسنة
، وقيل : بدعة غير حسنة ؟
فأجاب :
ليس للمسلمين أن يقيموا احتفالا بمولد النبي صلى
الله عليه وسلم في ليلة 12 من ربيع الأول ولا في غيرها ، كما أنه ليس لهم أن
يقيموا أي احتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام؛ لأن الاحتفال بالموالد من
البدع المحدثة في الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته
صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ للدين والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه وتعالى ولا
أمر بذلك ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه جميعا ولا التابعون لهم بإحسان
في القرون المفضلة ، فعلم أنه بدعة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " من
أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " متفق على صحته ، وفي رواية مسلم
- وعلقها البخاري جازما بها - : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
والاحتفال بالموالد ليس عليه أمره صلى الله عليه
وسلم بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة فيكون مردودا ، وكان
عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة : " أما بعد فإن خير الحديث
كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة
ضلالة " رواه مسلم في صحيحه ، وأخرجه النسائي بإسناد جيد وزاد : "
وكل ضلالة في النار " .
ويغني عن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تدريس
سيرته عليه الصلاة والسلام وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد
وغير ذلك ، ويدخل في ذلك بيان ما يتعلق بمولده صلى الله عليه وسلم وتاريخ وفاته
من غير حاجة إلى إحداث احتفال لم يشرعه الله ولا رسوله ولم يقم عليه دليل شرعي
.
والله المستعان ونسأل الله تعالى لجميع المسلمين
الهداية والتوفيق للاكتفاء بالسنة والحذر من البدعة . " فتاوى الشيخ(1/5971)
ابن باز " ( 4 / 289 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
75056
تنازل عن حقٍّ ماليٍّ له فهل له الرجوع عن تنازله ؟
الفقه > معاملات > القرض >
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/5972)
سؤال رقم 75056- تنازل عن حقٍّ ماليٍّ له فهل له الرجوع عن تنازله ؟
إذا سامح شخص شخصاً آخر على أمور مالية ، فهل له بعد ذلك أن يقول له إنه غير مسامحه ؟.
الحمد لله
من كان له حق عند غيره – سواء كان حقاًّ مالياً أم غيره – ثم
تنازل عنه ، فقد برئت ذمة الطرف الثاني ، ولا يجوز للأول أن يرجع ويطالب بحقه
السابق ، أو يقول : إنه غير مسامحه.
قال ابن قدامة في "المغني" (8/250) :
" وإذا كان له في ذمة إنسان دين , فوهبه له , أو أبرأه منه , أو
أحله منه , صح , وبرئت ذمة الغريم منه . . . وإن قال : تصدقت به عليك . صح . . .
وإن قال : عفوت لك عنه . صح . . . وإن قال : أسقطته عنك . صح . . . وإن قال : ملكتك
إياه . صح ; لأنه بمنزلة هبته إياه " انتهى باختصار .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (1/144) :
" اتفق العلماء على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله لأنه
إسقاط , والساقط لا يعود ، كما تنص على ذلك القاعدة المشهورة " انتهى بتصرف
يسير .
وقال في "الغرر البهية" (3/392) :
" يمتنع الرجوع في هبة الدين ، لأنه لا بقاء له " انتهى
بتصرف .
يعني : لأنه تبرأ منه ذمة المدين ، فلا يعود مرة أخرى .
وفي "تحفة المحتاج" (6/310) :
" هبة الدين لا رجوع فيه جزماً " انتهى .
وإسقاط الحق بمنزلة الهبة ، وقد حَرَّم الرسول صلى الله عليه
وسلم الرجوع في الهبة ، فقال : ( العَائِد في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ
يَعُودُ في قَيْئِهِ ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ ) رواه البخاري ( 2589
) ، (6975) ومسلم ( 1622 ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قوله : ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ ) أي : لا ينبغي لنا
معشر المؤمنين أنْ نتصف بصفةٍ ذميمةٍ ، يشابهنا فيها أخسُّ الحيوانات ، في أخسِّ
أحوالها ، قال الله سبحانه وتعالى: ( لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ
مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى ) النحل/60 ،
ولعلَّ هذا أبلغ في الزجر عن ذلك وأدلُّ على التحريم ، مما لو قال مثلاً : ( لا
تعودوا في الهبة ) " انتهى .
" فتح الباري " ( 5 / 294 ) .
والله أعلم .
*****
75057
من هم الأرحام الواجب صلتهم ؟
الآداب > صلة الرحم >(1/5973)
سؤال رقم 75057- من هم الأرحام الواجب صلتهم ؟
لقد وصى الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بصلة الأرحام .
سؤالي هو :
من هم الأرحام الذين يجب صلتهم ؟ هل هم من جهة الأب أم الأم أم الزوجة ؟.
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حدّ الرحم التي يجب وصلها إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن حد الرحم هو : الرحِم المَحرَم .
والقول الثاني : أنهم الرحم من ذوي الميراث .
والقول الثالث : أنهم الأقارب من النسب سواء كانوا يرثون أم لا .
والصحيح من أقوال أهل العلم هو القول الثالث ، وهو : أن الرحم هم
الأقارب من النسب – لا من الرضاع – من جهة الأب والأم .
أما أقارب الزوجة فليسوا أرحاماً للزوج , وأقارب الزوج ليسوا
أرحاماً للزوجة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
من هم الأرحام وذوو القربى حيث يقول البعض إن أقارب الزوجة ليسوا
من الأرحام ؟
فأجاب :
" الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك ، وهم المعنيون
بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال والأحزاب : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض في كتاب الله ) الأنفال/75 ، والأحزاب/6 .
وأقربهم : الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم ما
تناسلوا ، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم ، والأعمام والعمات وأولادهم ،
والأخوال والخالات وأولادهم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سأله
سائل قائلاً: من أبر يا رسول الله ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال
: ثم من ؟ قال : ( أمك ) قال : ثم من ؟ قال : ( أباك ، ثم الأقرب فالأقرب ) خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، والأحاديث في ذلك كثيرة .
أما أقارب الزوجة : فليسوا أرحاماً لزوجها إذا لم يكونوا من
قرابته ، ولكنهم أرحام لأولاده منها ، وبالله التوفيق " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 195 ) .
فأقارب كل واحد من الزوجين ليسوا أرحاماً للأخر , ومع ذلك فينبغي
الإحسان إليهم , لأن ذلك من حسن العشرة بين الزوجين , ومن أسباب زيادة الألفة
والمحبة .
ثانياً :
وصلة الرحم تكون بأمور متعددة ، منها : الزيارة ، والصدقة ،
والإحسان إليهم , وعيادة المرضى ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، وغير ذلك .
قال النووي رحمه الله :
" صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول ؛
فتارة تكون بالمال ، وتارة تكون بالخدمة ، وتارة تكون بالزيارة ، والسلام ، وغير
ذلك " انتهى .
" شرح مسلم " ( 2 / 201 ) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
" وصلة الأقارب بما جرى به العرف واتّبعه الناس ؛ لأنه لم يبيّن
في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
لم يقيده بشيء معين ... بل أطلق ؛ ولذلك يرجع فيها للعرف ، فما جرى به العرف أنه
صلة فهو الصلة ، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة " انتهى .
" شرح رياض الصالحين " ( 5 / 215 ) .
والله أعلم .
*****
75072
تاب من الذهاب إلى النوادي الليلة وعليه فاتورة حساب فماذا يفعل؟
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5974)
سؤال رقم 75072- تاب من الذهاب إلى النوادي الليلة وعليه فاتورة حساب فماذا يفعل؟
إذا قام شخص بالذهاب إلى نادي ليلي ولم يدفع الحساب – الفاتورة - حيث إنه خرج من هذا المكان فجأة نتيجة حدوث " هوشة " في هذا المكان فماذا يفعل الآن وقد تاب ولم يعد يذهب إلى تلك الأماكن الآن إطلاقاً ؟.
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، ونسأل الله أن تكون توبة صادقة
، يحصل بها الندم على ما فعلتَ ، وتعزم بها على عدم العوْدة له .
ولو كان الحق الذي في ذمتك مباح الكسب كشرائك لطعام أو استئجارك
لمنزل لوجب عليك رد الثمن والمال المترتب في ذمتك لأصحابه ، لكن لمَّا كان ما
فعلتَه محرماً لم يكن لصاحب النادي الليلي الحق في مالك ، وليس لك أن تنتفع بالمال
الذي ترتب عليك .
لذا فإن الواجب عليك أن تتصدق بهذا المال الذي في ذمتك للناس .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 4642 ) عن الشيخ ابن عثيمين أنه
أفتى بذلك من حلق لحيته – وهو أمر محرم – ولم يدفع للحلاق ثمن حلاقته .
وهذا الأمر تفعله إذا لم يترتب عليك ضرر ، فإن علموا بك ورفعوا
أمرك للمحكمة ، وألزموك بالدفع لهم : فادفع لهم وهم الذين يأثمون بالأخذ منك ، ولا
يلزمك التصدق إن دفعت لهم .
والله أعلم .
*****
75093
هل تدل استقامة المبتدع على صلاح عمله وعقيدته ؟
أصول الفقه > البدعة >(1/5975)
سؤال رقم 75093- هل تدل استقامة المبتدع على صلاح عمله وعقيدته ؟
هل يدل استقامة ومحافظة المبتدع على الطاعات والصلوات كاملةً في جماعة على صلاح عمله وعقيدته ؟ وما شأنُه عند الله ؟.
الحمد لله
لا شك أن الموقف الواجب هو رد وإنكار كل بدعة محدثة ، وبيان
خروجها عن القصد والاستقامة ، وعدم التهاون في ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) رواه مسلم (1718) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (12/16) :
" قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود ، ومعناه : فهو باطل
غير معتد به ، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى
الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات ، وهذا الحديث مما ينبغي حفظه
واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به " انتهى .
ولا يجوز أن يؤثر على الموقف الشرعي من البدعة ما يظهر على
فاعلها من الصلاح والاجتهاد في العبادة أو حسن الخلق ، إذ لا يلزم من ذلك صلاح
عقيدته وعمله ،
أولاً : لأننا لا نعلم بماذا يختم له ، والنبي صلى الله عليه
وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) متفق عليه .
ثانياً : قد يوفق المسلم لباب من أبواب الخير ، ويحرم من أبوابٍ
أُخَر ، ويدلك على ذلك أدلة كثيرة ، منها :
1- عَن سَهلٍ بنِ سعدٍ السَّاعديِّ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ التَقَى هُوَ وَالمُشرِكُونَ
فَاقتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى
عَسكَرِه ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسكَرِهِم ، وَفِي أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لا يَدَعُ لَهُم شَاذَّةً إِلا اتبعَها
يَضرِبُها بِسَيفِهِ ، فَقَالُوا : مَا أَجزَأَ مِنَّا اليَومَ أَحَدٌ كَمَا
أَجزَأَ فُلان .
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : أَمَا
إِنَّه مِن أَهْلِ النَّارِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ : أَنَا صَاحِبُهُ
أَبَدًا . قَالَ : فَخَرَجَ مَعَهُ ، كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا
أَسرَعَ أَسرَعَ مَعَهُ ، قَالَ : فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرحًا شَدِيدًا ، فَاستعجَلَ
المَوتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرضِ وَذُبَابَهُ بَينَ ثَدْيَيْهِ ،
ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيفِهِ فَقَتَلَ نَفسَهُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَشهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ
اللهِ ، قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ الذِي ذَكَرتَ آنِفًا أَنَّه مِن
أَهلِ النَّارِ فَأَعظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ ، فَقُلتُ أَنَا لَكُم بِهِ ، فَخَرَجتُ
فِي طَلَبِهِ حَتَّى جُرِحَ جُرحًا شَدِيدًا ، فَاستَعجَلَ المَوتَ ، فَوَضَعَ
نَصلَ سَيفِهِ بِالأَرضِ وَذُبَابَه بَينَ ثَديَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيهِ
فَقَتَلَ نَفسَه ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِندَ
ذَلكَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو
لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعمَلُ عَمَلَ أَهلِ
النَّارِ فِيمَا يَبدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِن أَهلِ الجَنّةِ ) . رواه
البخاري (2898) ومسلم (112) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (2/126) :
" فيه التحذير من الاغترار بالأعمال " انتهى .
2- عَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : سَمِعتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ
يُقضَى يَومَ القِيَامَةِ عَلَيهِ رَجُلٌ استشهِدَ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَه
نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ : قَاتَلتُ فِيكَ
حَتَّى استُشهِدتُ ، قَالَ : كَذَبتَ ، وَلكِنَّكَ قَاتَلتَ لأَن يُقَالَ جَرِيء ،
فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتَّى أُلقِيَ فِي
النَّارِ ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرآنَ ، فَأُتِيَ
بِهِ ، فَعَرَّفَه نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ : فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ :
تَعَلّمتُ العِلمَ وَعَلَّمتُه وَقَرَأتُ فِيكَ القُرآنَ ، قَالَ : كَذَبتَ ،
وَلكِنَّكَ تَعَلَّمتَ العِلمَ لِيُقَال عَالِمٌ ، وَقَرَأتَ القُرآنَ لِيُقَالَ
هُوَ قَارِئٌ ، فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ حَتَّى
أُلقِيَ فِي النَّارِ ، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِ ، وَأَعطَاهُ مِن أَصنَافِ
المَالِ كُلِّهِ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَعَرَّفَه نِعَمَه ، فَعَرَفَهَا ، قَالَ :
فَمَا عَمِلتَ فِيهَا ؟ قَالَ : مَا تَرَكتُ مِن سَبِيلٍ تُحِبُّ أَن يُنفَقَ
فِيهَا إِلا أَنفَقتُ فِيهَا لَكَ . قَالَ : كَذَبتَ ، وَلَكِنَّكَ فَعَلتَ
لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ ، فَقَد قِيلَ ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجهِهِ
ثُمَّ أُلقِيَ فِي النَّارِ ) . رواه مسلم (1905)
فهذا مثال آخر يتبين فيه كيف أن صلاح الظاهر لا يلزم منه القبول
عند الله تعالى .
3- وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بظهور فرقة الخوارج ،
وهم من أهل البدع وأمرنا بقتالهم ، وأخبرنا أيضاً باجتهادهم في العبادة . فقال : (
يَخرُجُ فِيْ هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُم مَعَ صَلَاتِهِم ،
يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاْ يُجَاوِزُ حُلوقَهَم أَوْ حَنَاجِرَهُم ، يَمرُقُونَ
مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهمِ مِنَ الرّمِيَّةِ ) رواه البخاري (6931)
ومسلم (1064) .
فوصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في العبادة حتى إن
الصحابة يحقرون صلاتهم إذا ما قورنت بصلاة هؤلاء ، ومع ذلك أخبر أنهم يمرقون ، أي :
يخرجون من الدين .
وقد يقع الرجل في البدعة بسبب اجتهادٍ أخطأ فيه ، ولم يتعمد
ارتكاب المخالفة وفعل البدعة ، فنرجو من الله تعالى أن يغفر له ، ويعفو عنه .
قال الذهبي رحمه الله :
" إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعُلمَ تحرِّيه للحق ،
واتسع علمه وظهر ذكاؤه ، وعُرفَ صلاحُه وورعه واتباعه ، يُغفَرُ له زَلَلُه ، ولا
نُضلِّلُه ونطرحه وننسى محاسنَه ، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ، ونرجو له
التوبة من ذلك " انتهى .
"سير أعلام النبلاء" (5/271) .
والمؤمن قد يجتمع فيه خير وشر ، فيحمد على ما معه من الخير ،
ويذم على ما معه من الشر ، بعد نصحه ووعظه وإرشاده .
والله أعلم .
*****
75099
كيف يدعو صاحبه إلى السنة والجماعة ؟
الدعوة > دعوة المسلمين >
أصول الفقه > البدعة >(1/5976)
سؤال رقم 75099- كيف يدعو صاحبه إلى السنة والجماعة ؟
كيف لي أن أدعوَ أخًا لي مسلما ، ولكنه صوفي ، أَحسنَ إليَّ كثيرًا ، يداوم على حضور دروس العلماء ، ومع عدم وجود ناصر من العلماء ممن قد يساندوني في ذلك ، مع علمكم بصعوبة الإقناع للصوفيين ، وخصوصًا في الوسط ذاته ، ومع العلم أنه يتهم السلفيين بأنهم تكفيريون ، وغير ذلك ؟ .
الحمد لله
نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على حرصك ومتابعتك لأخيك في أمور
الدين ، ولا شك أن من أكبر نعم الله على العبد أن يجعل قلبه حيًا نابضًا بالدعوة
إليه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
والداعية إلى الله يحتاج في دعوته إلى العلم والبصيرة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" تأمل أيها الشاب المسلم الواعي الداعي إلى الله قوله تعالى (
قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف/108 .
أي : على بصيرة فيما تدعو إليه ، وعلى بصيرة بحال المدعو ، وعلى
بصيرة في كيفية الدعوة ، إذًا هناك شروط يجب مراعاتها ، منها :
أولاً : أن يكون على بصيرة فيما يدعو إليه ، بأن يكون عالمًا
بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه ؛ لأنه قد يدعو إلى شيء يظن أنه واجب وهو في الشرع
غير واجب ، فيلزم عباد الله بما لم يلزمهم به الله ، وقد يدعو إلى ترك شيء يظن أنه
محرم ، وهو في دين الله غير محرم ، فيحرم على عباد الله ما أحله الله لهم .
ثانيًا : أن يكون على بصيرة بحال المدعو : لا بد أن تعلم حال
المدعو ، ما مستواه العلمي ؟ وما مستواه الجدلي ؟ حتى تتأهب له فتناقشه وتجادله ؛
لأنك إذا دخلت مع مثل هذا في جدال ، وكان الأمر عليك لقوة جدله ، صار في هذا نكبة
عظيمة على الحق وأنت سببها ، ولا تظن أن صاحب الباطل يخفق في كل حال .
ثالثًا : أن يكون على بصيرة في كيفية الدعوة ، فأحث إخواني
الدعاة على استعمال الحكمة والتأني ، وهم يعلمون أن الله تعالى يقول : ( يُؤتِي
الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) البقرة/269 " انتهى .
"فتاوى الحرم المكي" (ص/1063- 1066 بتصرف) .
وانظر سؤال رقم ( 2023 )
.
وينبغي هنا أن تتنبه إلى بعض الأمور :
أولاً :
لا تستعمل أسلوب التعميم ، كأن تحكم على التصوف في أصل فكرته
بالبدعة والضلال ، أو تحكم على جميع المتصوفة بالضلال ، بل عليك بالاحتراز في
الكلام ، كأن تقول له مثلاً : من فعل كذا أو قال كذا من الصوفية أو غيرهم فقد وقع
في البدعة ، أو نحو ذلك من العبارات .
ولم يحكم العلماء على التصوف جميعه بالضلال ، بل قسموا التصوف
إلى أقسام ، ثم بينوا ما يوافق السنة منها وما يخالفها .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم :
" المتصوفة على قسمين : متصوفة سُنِّيِّين ، ومتصوفة بدعِيِّين ،
ومقتصدوهم ليس فيهم إلا القليل من البدعة ، وبعضهم عنده الشيء الكثير ، وجعلوا
التصوف نافذة إلى وحدة الوجود " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن إبراهيم" (1/ رقم 192) .
وإن كان الغالب على الصوفية الآن الوقوع في البدع والضلالات .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم ( 4983 )
( 47431 ) ( 20375 )
.
فيمكنك أن تدخل له من هذا المدخل ، ثم تحاكم التصوف الذي يلتزمه
صاحبك إلى الكتاب والسنة ، فإن كان حقا فالحمد لله ، وإن كان باطلاً رجع عنه إن شاء
الله .
ثانيًا :
وأما اتهامه للسلفيين بأنهم تكفيريون ، فهي تهمة سمعناها كثيراً
، وتكفير من قام الدليل على تكفيره ليس عيباً ولا خطأً ، بل العيب والخطأ هو عدم
تكفير من دل الدليل على تكفيره ، ونحن لا ننكر أن بعض من ينتسب إلى السلفيين قد
تساهل في إطلاق لفظ الكفر ، ولكن ليس هذا هو منهج أهل السنة والجماعة ، فأهل السنة
لا يكفرون أحدا بمجرد معصية فعلها ، ولو كانت كبيرة ، بل لابد من قيام الدليل
الشرعي على أن هذا الفعل كفر ، ثم توفر الشروط وانتفاء الموانع حتى يحكم على الشخص
بأنه كافر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مذهب أهل السنة والجماعة أنهم لا يكفرون أهل القبلة بمجرد
الذنوب ، ولا بمجرد التأويل ، بل الشخص الواحد إذا كانت له حسنات وسيئات فأمره إلى
الله " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (27/478) .
وقال رحمه الله :
" وليس لأحد أن يُكفِّر أحداً من المسلمين ، وإن أخطأ وغلط ، حتى
تقام عليه الحجة ، وتبين له المحجة ، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك ،
بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة ، وإزالة الشبهة " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (12/466) .
وبيّن رحمه الله أن أهل السنة لا يكفرون المخالف لهم ، وإن كان
مخالفهم يكفرهم - أحيانًا - قال رحمه الله :
" وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل
والرحمة ، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة ، ويعدلون
على من خرج منها ، ولو ظلمهم ، كما قال تعالى ( كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ
شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا
اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) المائدة/8 .
ويرحمون الخلق فيريدون لهم الخير والهدى والعلم ، لا يقصدون لهم
الشر...، فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم ، وإن كان ذلك المخالف
يكفرهم ؛ لأن الكفر حكم شرعي " انتهى .
"الرد على البكري" (ص/256 – 258) .
ثالثًا :
إن لم يكن عندك من العلم ما يكفي لإقناعه ، والإجابة عن الشبهات
التي يحملها ، فيمكنك إيصال الحق له عن طريق الكتاب النافع ، والشريط المقنع ، أو
عن طريق زيارة أهل العلم في بلدكم أو في غيرها من البلاد ، للسماع منهم وسؤالهم ،
وقد باتت وسائل الخير متيسرة لجميع الناس هذه الأيام – والحمد لله - ، ولا تحتقرن
شيئًا من ذلك ، فلعل شريطًا تهديه إليه يكون سببًا في هدايته .
رابعًا :
لا تيأس من دعوته وهدايته ، ولو طال الزمن ، فكم من الناس تاب
ورجع إلى الحق بعد سنوات من دعوته وتذكيره .
والله أعلم .
*****
751
تحريم الزنا والميسر والخنزير
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الفقه > عادات > الأطعمة >
الفقه > معاملات > الميسر والقمار >
أصول الفقه >(1/5977)
سؤال رقم 751- تحريم الزنا والميسر والخنزير
لماذا حُرم الزنا والقمار وأكل لحم الخنزير في الإسلام ؟ .
الحمد لله
مع استغرابنا أن يصدر من شخص مسلم هذا السؤال في
أمور من المسلّمات والبدهيات ولكن الجواب ببساطة أنّ هذه الأشياء محرّمة لأنّ الله
الذي تجب علينا طاعته قد قال لنا في القرآن الكريم :
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) سورة الإسراء/32
وقال لنا :
( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ
وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) سورة
البقرة/173
وقال لنا :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنتَهُونَ (91) سورة المائدة
فيجب علينا اجتناب كل ما حرم الله علينا إيمانا
بشريعة الله واحتسابا لثوابه وخوفا من عقابه مع إيماننا أن الله لم يحرم علينا في
شريعة الإسلام إلا ما هو ضرر وفساد ، أدركنا ذلك بعقولنا أو لم ندركه عملا بقوله
تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا
مما قضيت ويسلموا تسليما ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
751
تحريم الزنا والميسر والخنزير
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الفقه > عادات > الأطعمة >
الفقه > معاملات > الميسر والقمار >
أصول الفقه >(1/5978)
سؤال رقم 751- تحريم الزنا والميسر والخنزير
لماذا حُرم الزنا والقمار وأكل لحم الخنزير في الإسلام ؟ .
الحمد لله
مع استغرابنا أن يصدر من شخص مسلم هذا السؤال في
أمور من المسلّمات والبدهيات ولكن الجواب ببساطة أنّ هذه الأشياء محرّمة لأنّ الله
الذي تجب علينا طاعته قد قال لنا في القرآن الكريم :
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا ) سورة الإسراء/32
وقال لنا :
( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ
وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) سورة
البقرة/173
وقال لنا :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنتَهُونَ (91) سورة المائدة
فيجب علينا اجتناب كل ما حرم الله علينا إيمانا
بشريعة الله واحتسابا لثوابه وخوفا من عقابه مع إيماننا أن الله لم يحرم علينا في
شريعة الإسلام إلا ما هو ضرر وفساد ، أدركنا ذلك بعقولنا أو لم ندركه عملا بقوله
تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا
مما قضيت ويسلموا تسليما ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7510
ترك الصيام لمرض
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/5979)
سؤال رقم 7510- ترك الصيام لمرض
السؤال : هناك امرأة أصيبت بمرض نفساني ( حرارة واضطراب أعصاب وغير ذلك ) على أثر ذلك تركت الصوم مدة أربع سنوات تقريباً فهل في مثل هذه الحالة تقضي الصوم أو لا وماذا يكون حكمها ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كانت تركت الصوم لعدم قدرتها عليه وجب عليها قضاء ما أفطرته من رمضان في السنوات الأربع عند قدرتها على ذلك قال الله تعالى : ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) وإن كان مرضها وعجزها عن الصوم لا يرجى زواله حسب تقرير الأطباء أطعمت عن كل يوم أفطرته مسكيناً نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما يأكله أهلها في بيوتهم كالشيخ الكبير والعجوز اللذين يجهدهما الصوم ويشق عليهما مشقة شديدة وليس عليها قضاء .
فتاوى اللجنة الدائمة
*****
75119
استثمر والدهم لهم أموالا ولم يكن يخرج زكاتها ، فما العمل ؟
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/5980)
سؤال رقم 75119- استثمر والدهم لهم أموالا ولم يكن يخرج زكاتها ، فما العمل ؟
أنا شابٌّ في السادسة والعشرين من العمر ، استثمر أبي لنا مالاً في شركةِ مضاربةٍ ، ولم أكن أعلمُ عنها حتى الآن ، ولما رأيت بنودَ عقد المضاربة ، نصَّ أحدُها على ما يلي :
على المضاربِ إخراجُ زكاة ماله بنفسه .
سؤالي : ما هو مقدار الزكاةِ الواجبِ إخراجُها عليّ ، حيث إن هذا الاستثمارَ مضى عليه أربعةٌ وعشرون عامًا لم يُخرَج زكاتُه ؟
وهل يجب أن يكون من رأس المال نفسه المستثمر منه ، أم يجوز إخراجُها من غيره ، حيث إنَّنِي أعمل ، ولي راتبٌ ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد ذكرت أن هذا المال كان مستثمراً في شركة مضاربة ، وليست كل
الأموال التي يساهم بها في الشركات تجب فيها الزكاة ، بل في ذلك تفصيل ، وقد سبق
بيانه في جواب السؤال رقم ( 69912 )
, فإن كانت الزكاة واجبة في هذا المال فعليك بالمبادرة بإخراجها ونسأل الله أن
يتقبل منك .
ثانياً :
تأخير إخراج الزكاة - لعذر أو لغير عذر - لا يُسقطُها مع مضيِّ
السنين ؛ لأنها حقٌّ أوجبه الله تعالى للفقراء والمساكين وسائرِ المستحقين .
قال النوويُّ في "المجموع" (5/302) :
" إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها
" انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/298) :
" إذا أتى على المكلّف بالزّكاة سنون لم يؤدّ زكاته فيها ، وقد
تمّت شروطُ الوجوبِ ، لم يسقط عنه منها شيءٌ اتّفاقًا ، ووجب عليه أن يؤدّيَ
الزّكاة عن كلّ السّنينِ الّتي مضت ولم يخرج زكاتَه فيها " انتهى .
وانظر سؤال رقم ( 69798 )
.
فالواجب عليك المبادرة إلى إخراج الزكاة عن جميع السنواتِ
الماضية ، قبل أن تأخذك النفسُ بالتسويف والتأجيل .
ولا يختلف الحكم سواء كان هذا المال ملكاً لأبيكم . أو كان ملكاً
لكم وهو يستثمره لكم . لأن الزكاة واجبة فيه في الحالتين .
سئل الشيخ ابن عثيمين : عن رجلٍ تُوفيَ وفي ذمته زكاةٌ : فهل
تُخرجُ وتُقدَّمُ على قسمةِ التركة ؟
فأجاب :
" إذا كان هذا الرجل المسؤولُ عنه يخرجُ الزكاةَ في حياته ، ولكن
تم الحولُ ومات ، فعلى الورثةِ إخراجُ الزكاة ِ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (
اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء ) .
وأما إذا كان تعمَّدَ ترك إخراج الزكاة ، ومَنعَها بخلاً : فهذا
محلُّ خلافٍ بين العلماء رحمهم الله والأحوط والله أعلم أن الزكاةَ تُخرَج ؛ لأنه
تعلَّقَ بها حقُّ أهلِ الزكاةِ فلا تسقط ، وقد سبق حقُّ أهل الزكاة في هذا المالِ
حقَّ الورثة ، ولكن لا تبرأُ ذمة الميت بذلك ؛ لأنه مصرٌّ على عدمِ الإخراج ، والله
أعلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/رقم 43) .
ثالثاً :
لا حرج في إخراج الزكاة من غير المال الذي وجبت فيه الزكاة ، كما
لو أخرجتها من راتبك أو غيره ، وقد نص على ذلك أهل العلم .
قال ابن قدامة :
" وإخراج الزكاة من غير النصاب جائز ".
"المغني" (2/287) .
بل نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك :
قال عبد العزيز بن أحمد البخاري : يجوز بالإجماع أداء حقِّ
الفقيرِ من غير النصاب .
"كشف الأسرار" (3/370) .
والله أعلم .
*****
75156
إذا أدرك الإمام راكعاً فماذا يفعل ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صفة الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/5981)
سؤال رقم 75156- إذا أدرك الإمام راكعاً فماذا يفعل ؟
إذا دخلت المسجد وكان الإمام راكعاً ، فهل إذا ركعت معه تحسب لي هذه الركعة ؟ مع العلم أني لم أقرأ الفاتحة ، وهل أكبر تكبيرة واحدة أو تكبيرتين ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا دخل المسجد والإمام راكع ركع معه , ويكون مدركاً للركعة إذا
اجتمع مع الإمام في الركوع , ولو لم يطمئن إلا بعد رفع الإمام . قال أبو داود : "
سمعت أحمد سئل عمن أدرك الإمام راكعاً , فكبر ثم ركع فرفع الإمام ؟ قال : إذا أمكن
يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام فقد أدرك " انتهى .
انظر : "مسائل الإمام أحمد لأبي داود" ( ص 35) , "حاشية الروض" لابن قاسم
(2/275) , "المجموع" (4/215) .
ثم يطمئن في الركوع ويرفع منه ويتابع إمامه .
قال الشيخ ابن باز : " إذا أدرك المأموم الإمام راكعا أجزأته
الركعة ولو لم يسبح المأموم إلا بعد رفع الإمام " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/245-246) .
ثانياً :
وإذا أدركه حال الركوع أجزأته تكبيرة واحدة , وهي تكبيرة الإحرام
عن تكبيرة الركوع , روي ذلك عن زيد بن ثابت وابن عمر وسعيد وعطاء والحسن وإبراهيم
النخعي , وبه قال الأئمة الأربعة ( أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ) . قال أبو
داود : " قلت لأحمد : أُدرك الإمام راكعاً ؟ قال : يجزيك تكبيرة " انتهى .
"مسائل الإمام أحمد" ( ص 35 ) .
وذلك لأن حال الركوع يضيق عن الجمع بين تكبيرتين في الغالب ,
ولأنه اجتمع عبادتان من جنس واحد في محل واحد , ونية الركوع لا تنافي نية افتتاح
الصلاة , فأجزأ الركن وهي تكبيرة الإحرام عن الواجب وهي تكبيرة الركوع , كطواف
الإفاضة يغني عن طواف الوداع إذا جعله آخر شيء .
انظر : "المغني" (2/183) , "القواعد" لابن رجب " القاعدة الثامنة
عشرة " .
فإن أمكن أن يأتي بتكبيرتين : الأولى للإحرام , والثانية للركوع
فهذا أولى , قال أبو داود : " قلت لأحمد : يكبر مرتين أحب إليك ؟ قال : فإن كبر
مرتين فليس فيه اختلاف " انتهى .
"مسائل الإمام أحمد" ( ص 35 ) .
وسئل الشيخ ابن باز : إذا حضر المأموم إلى الصلاة والإمام راكع
هل يكبر تكبيرة الافتتاح والركوع أو يكبر ويركع ؟
فأجاب :
" الأولى والأحوط أن يكبر التكبيرتين : إحداهما : تكبيرة الإحرام
وهي ركن ولا بد أن يأتي بها وهو قائم ، والثانية : تكبيرة الركوع يأتي بها حين هويه
إلى الركوع ، فإن خاف فوت الركعة أجزأته تكبيرة الإحرام في أصح قولي العلماء ،
لأنهما عبادتان اجتمعتا في وقت واحد فأجزأت الكبرى عن الصغرى ، وتجزئ هذه الركعة
عند أكثر العلماء " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/244-245) .
وعلى الداخل أن يكبر للإحرام قائماً , فإن أتى به على حال
انحنائه للركوع لم يصح .
قال النووي في "المجموع" (4/111) :
" إذا أدرك الإمام راكعا كبر للإحرام قائما ثم يكبر للركوع ويهوي
إليه , فإن وقع بعض تكبيرة الإحرام في غير القيام لم تنعقد صلاته فرضا بلا خلاف ,
ولا تنعقد نفلا أيضا على الصحيح " انتهى .
وانظر : "المغني" (2/130) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/123) :
" ولكن هنا أمْرٌ يجبُ أن يُتفَطَّنُ له ، وهو أنَّه لا بُدَّ
أنْ يكبِّرَ للإحرامِ قائماً منتصباً قبل أنْ يهويَ ؛ لأنَّه لو هَوى في حالِ
التكبيرِ لكان قد أتى بتكبيرةِ الإحرامِ غير قائمٍ ، وتكبيرةُ الإحرامِ لا بُدَّ أن
يكونَ فيها قائماً " انتهى .
ثالثاً :
وإذا ركع مع الإمام أجزأته الركعة ولو لم يقرأ الفاتحة , وهو قول
الجمهور , وهو الراجح ـ إن شاء الله ـ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي
الله عنه لما انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا
تَعُدْ ) رواه البخاري ( 783) .
ووجه الدلالة : أنه لو لم يكن إدراك الركوع مجزئاً لإدراك الركعة
مع الإمام لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء تلك الركعة التي لم يدرك القراءة
فيها , ولم ينقل عنه ذلك , فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة .
انظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (230) .
قال الشوكاني : " وكذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر
الداخل بأن يصنع كما يصنع الإمام , ومعلوم أنه لا يحصل الامتثال إلا إذا ركع مع
إمامه , فإذا أخذ يقرأ الفاتحة فقد أدرك الإمام على حالة ولم يصنع كما صنع إمامه ,
فخالف الأمر الذي وجب عليه امتثاله " انتهى من رسالة نقلها له صاحب "عون
المعبود" (3/157) .
وأما أدلة وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة فهي عامة تشمل المسبوق
وغير المسبوق , وهذا حديث خاص يدل على سقوط الفاتحة عمن أدرك إمامه راكعاً ، فيكون
هذا الحديث مخصصاً لعموم تلك الأحاديث .
انظر : "مجموع الفتاوى" (23/290) .
وقد سبق في جواب السؤال ( 74999 )
أن قراءة الفاتحة تسقط عن المأموم في موضعين :
1- إذا أدرك الإمام راكعاً .
2- إذا أدركه قبيل الركوع ، ولم يتمكن من إتمام قراءة الفاتحة .
انظر : "أحكام حضور المساجد" ( ص141-143) للشيخ : عبد الله بن صالح الفوزان .
*****
7522
لا تستطيع الركوع والسجود للصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >(1/5982)
سؤال رقم 7522- لا تستطيع الركوع والسجود للصلاة
السؤال :
سؤالي عن الصلاة : فإن ظهري يؤلمني نتيجة حادث منذ فترة جعلني لا أستطيع الانحناء في الركوع والسجود فكيف يمكنني الصلاة علماً بأنني أشعر بالذنب لذلك مع أنه قد تم نصحي بألا أنحني حتى لا يزيد ألمي انصحونا جزاكم الله خيراً.
الجواب :
عن عمران بن حصين قال :" كانت بي بواسير فسألت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : صلِّ قائماً فإن لم تستطيع فقاعداً فإن لم تستطيع فعلى جنب " صحيح البخاري ( 1066 ) .
البواسير :-جمع باسور وهو ورم في باطن المقعدة .
وأنت يا أخي إذا استطعت القيام فلا تقعد إلا أن يشق عليك ذلك ، فإن جلست مع المشقة الكبيرة فالأجر مكتمل .
لحديث أبي موسى الأشعري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً " رواه البخاري ( 2834 ) .
وأما الركوع والسجود فإنما يسقطان عنك لعدم المقدرة على الإتيان بهما بلحوق المشقة المؤذية .
فعليك أن تحاول الانحناء عند الركوع ما استطعت وكذا السجود بحيث يكون سجودك أخفض من ركوعك وتومئ إيماء ، وذلك لحديث " صلِّ على الأرض فإن استطعت وإلا فأومئ إيماءاً واجعل سجودك أخفض من ركوعك " قال الشيخ الألباني : رواه الطبراني والبراز وابن السماك في حديثه [67 /2 ] والبيهقي وسنده صحيح كما بينته في الصحيحة ( 323) .
" صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 79 ) .
قال ابن قدامة في متن العمدة " فإن عجز عن الركوع والسجود أومأ إيماءاً . " العمدة شرح العدة " ( ص 126 ) .
فإن لم تستطع حتى الانحناء فصلِّ على حسب حالك ويكون ركوعك وسجودك بالنية إذا وصلت إلى موضعهما مع قراءة الأذكار فيهما ، ولا يكلف الله نفسا إلا وُسعها وما جعل عليكم في الدين من حرج والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7529
هل يلزم الغسل من حصول الاستمتاع
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/5983)
سؤال رقم 7529- هل يلزم الغسل من حصول الاستمتاع
السؤال :
سؤالي هو متى يجب الغسل على المرأة بعد أن تكون مع زوجها ؟ الأهم : إذا لم يجامعا بعضهما جماعاً كاملاً وكل ما حدث أنه حصل بينهما شيء من الاستمتاع باستعمال اليد فقط فهل عليها غسل قبل صيامها اليوم التالي؟.
الجواب :
الحمد لله
يجب الغسل على الرجل والمرأة على حد سواء عند حصول
أحد أمرين :
1. التقاء
الختانين ، أي الإيلاج وهو حصول الجماع ، ولو لم يُنزلا . لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( إذا التقى الختانان وغابت الحشفة ، فقد وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل
) رواه أبو داود وهو في صحيح سنن أبي داود 209 .
2. الإنزال
ولو بدون التقاء الختانين ، ولو كان بسبب الاستمتاع باليد ونحوها . لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( إنما الماء من الماء ) رواه مسلم 151 . أي إن الغسل
يجب عند نزول الماء أي المني .
وأمّا الصيام فلا يلزم لصحّته أن يغتسل الإنسان من
الجنابة قبل الفجر بل لو بدأ يوم الصيام وهو جُنُب فصيامه صحيح (
يُنظر 70 مسألة في الصيام ) وإنما عليه المبادرة إلى الغسل لإدراك صلاة
الفجر .
والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
753
إذا كسب مالا جديد أثناء الحول فما حكم زكاته
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5984)
سؤال رقم 753- إذا كسب مالا جديد أثناء الحول فما حكم زكاته
السؤال :
إذا كان لدى شخص 10000 دولار زائدة على نصاب الزكاة عند بدء الحول، و في نهاية الحول أصبح عنده 5000 دولار أخرى، أي ما مجموعه 15000 دولار. هذه الـ 5000 دولار لم تكن في ملكه عند بداية الحول، هل تُخرج الزكاة على الـ 10000 دولار فقط؟ أم على الـ 15000 دولار؟ أرجو التوضيح.
الجواب:
الحمد لله
الزكاة لا تجب إلا في المبلغ الذي حال عليه الحول فقط وهو العشرة آلاف دولار إلا إذا كان المبلغ الإضافي وهو الخمسة آلاف هو ناتج وربح للمبلغ الأصلي فحينئذ يكون حوله حول أصله فتجب الزكاة في الخمسة عشر ألف كلها .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
75306
قبول قول المرأة في حصول الحيض وارتفاعه
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > العدة >(1/5985)
سؤال رقم 75306- قبول قول المرأة في حصول الحيض وارتفاعه
إذا طلق الرجل امرأته ، وهو لا يدري أنها حائض ، وبعد الطلاق قالت المرأة : إنها كانت حائضاً وقت الطلاق ، فهل يقبل قولها في ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 72417 )
بيان اختلاف العلماء في وقوع طلاق الحائض ، وأن الصحيح أنه لا يقع .
ثانياً :
يقبل قول المرأة في حصول حيضها وفي انقضائه ، ونحو ذلك مما لا
يطلع عليه الرجال ؛ لأنها مؤتمنة على ذلك ، قال الشافعي رحمه الله : " أخبرنا سفيان
عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال : ائتمنت المرأة على فرجها ". انتهى
من "الأم" (5/225) .
وقد دل على قبول قول المرأة في ذلك ، قوله تعالى : ( وَلا
يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ
يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) البقرة/ 228 .
قال الجصاص رحمه الله : " لما وعظها بترك الكتمان دل على أن
القول قولها في وجود الحيض أو عدمه . وكذلك في الحَبَل ؛ لأنهما جميعا مما خلق الله
في رحمها ، ولولا أن قولها فيه مقبول ، لما وُعظت بترك الكتمان ، فثبت بذلك أن
المرأة إذا قالت : " أنا حائض " لم يحل لزوجها وطؤها ، وأنها إذا قالت " قد طهرت "
حل له وطؤها . وكذلك قال أصحابنا أنه إذا قال لها : " أنت طالق إن حضت " فقالت : "
قد حضت " طلقت وكان قولها كالبينة " انتهى من "أحكام القرآن" (1/506) .
وقال السعدي رحمه الله (ص 102) :
" وفي ذلك دليل على قبول خبر المرأة عما تخبر به عن نفسها من
الأمر الذي لا يطلع عليه غيرها ، كالحمل والحيض ونحوهما " انتهى .
وقال في "معين الحكام" ص95 : " في القضاء بقول امرأة بانفرادها :
وذلك فيما لا يطلع عليه إلا النساء كالولادة والبكارة والثيوبة والحيض والحمل
والسقط والاستهلال وعيوب الحرائر والإماء ، وفي كل ما تحت ثيابهن ، ووجه ذلك أنه
لما كانت هذه الأمور مما لا يحضرها الرجال ولا يطلعون عليها أقيم فيها النساء مقام
الرجال للضرورة " انتهى .
ويشترط لقبول قول المرأة في هذا أن تدعي الحيض أو انقضاءه في وقت
يمكن فيه ذلك ، فإن ادعته في وقت لا يمكن فيه ذلك فلا يقبل قولها .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومن فوائد الآية الكريمة :
أنه يرجع إلى قول المرأة في عدتها ؛ لقوله تعالى : ( ولا يحل لهن
أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) ؛ وجه ذلك : أن الله جعل قولها معتبراً ؛ ولو لم
يكن معتبراً لم يكن لكتمها أيّ تأثير ؛ فإذا ادعت أن عدتها انقضت ، وكان ذلك في زمن
ممكن فإنها تصدق ؛ وهي مؤتمنة على ذلك ؛ أما إذا ادعت أن عدتها انقضت في زمن لا
يمكن فإن قولها مردود ؛ لأن من شروط سماع الدعوى أن تكون ممكنة ؛ ودعوى المستحيل
غير مسموعة أصلاً " انتهى . "تفسير سورة البقرة" (ص
102) .
وينظر : "المغني" (7/158) ، "الفواكه الدواني" (2/34) .
والله أعلم .
*****
75307
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/5986)
سؤال رقم 75307- وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير ، مع أنه غير مكلف ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون
، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) . فالزكاة واجبة في المال ، فهي عبادة مالية
تجب متى توفرت شروطها ، كملك النصاب ، ومرور الحول .
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن :
( أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ،
تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) رواه
البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني ، وهذا بعمومه
يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال .
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ
النَّاسَ فَقَالَ : ( أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ
وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ ) وهو حديث ضعيف ، ضعفه
النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي . وقد ثبت ذلك
من قول عمر رضي الله عنه ، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال : إسناده صحيح .
وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" .
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر
رضي الله عنهم .
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله ، كما لا
تجب عليه سائر العبادات ؛ كالصلاة والصيام ، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة
الفطر .
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي
فلأنهما عبادات بدنية ، وبدن الصبي لا يتحملها ، أما الزكاة فهي حق مالي ، والحقوق
المالية تجب على الصبي ، كما لو أتلف مال إنسان ، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله ،
وكنفقة الأقارب ، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك .
وقالوا أيضا : ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر
على الصبي ، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود ، فكما وجبت الزكاة عليه
في الزروع تجب عليه في سائر الأموال ، ولا فرق .
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما ، كلما
حال عليه الحول ، ولا ينتظر بلوغ الصبي .
قال ابن قدامة في المغني :
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن
الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ
العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون ,
فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى .
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ، ويجب على
الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات ، ونفقة الأقارب وغير
ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون
بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى
بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى .
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا
أنه لا يخرجها حتى يبلغ ، وكلاهما ضعيف لا يصح . ضعفهما النووي في المجموع
(5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما ، فهل تجب في هذه الأموال زكاة ؟
وإن كان كذلك فمن يخرجها ؟
فأجاب :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة
وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة ، وعلى ولي
الأيتام أن يخرجها في وقتها . . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم ،
لأنها بموته دخلت ملكهم ، والله ولي التوفيق " انتهى .
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ؟
فأجابوا :
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين ، وهذا قول علي وابن
عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر ، ويجب على الولي
إخراجها ، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة ،
ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان
مما قال له : ( أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) رواه الجماعة ، ولفظة : (الأغنياء) تشمل : الصغير والمجنون ، كما
شملهما لفظ الفقراء ، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة ) وهو مرسل . وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد قال ذلك عمر
للناس وأمرهم ، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته .
وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : كانت عائشة تليني
وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما في الشرح الممتع (6/14) .
*****
7535
كيف نحدد جهة القبلة للطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/5987)
سؤال رقم 7535- كيف نحدد جهة القبلة للطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا
السؤال :
إنني رئيس اتحاد الطلبة المسلمين في جامعة كاليفورنيا وبفضل الله استطعنا الحصول على مكان لنصلي فيه ولكن المشكلة هي تحديد اتجاه القبلة فهناك رأيان أحدهما إلى الجنوب الشرقي (وأنا أوافق عليه) والآخر الشمال الشرقي والمشكلة هي أنني لا أعرف تحديد اتجاه القبلة ولا أعرف ماذا أفعل ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً : نهنئك وأصحابك على جهدكم في الحصول على المصلى ونسأل الله تعالى أن يعمره بكم وبالقائمين والركع السجود .
ثانياً : من أركان الصلاة أن تتجه للقبلة ولا بد ، ومن علم اتجاه القبلة وكان قادراً على تولية وجهه شطرها ولم يفعل : فصلاته باطلة وهو آثم لقوله تعالى : { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } [ سورة البقرة /144-150] .
إلا أن يكون معذوراً ، هذا في صلاة الفرض وأما صلاة النافلة فيباح له أن يتجه حيث شاء إذا كان راكباً في سفر وإن استطاع النزول ، ولا يجوز للمتنفل أن يتجه لغير القبلة بغير عذر الركوب وعذر السفر .
ثالثاً : من كان قريباً من الكعبة فعليه أن يستقبل عين الكعبة ذاتها لقوله تعالى { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام } [ سورة البقرة / 144 ] .
ولذلك فإن صفوف المصلين حول الكعبة دائرية وكلما ابتعدوا عنها كلما اتسعت الدائرة ، وكلما اقتربوا منها ضاقت الدائرة ومن كان داخل المسجد الحرام فعليه أن يستقبل عين الكعبة ومن كان داخل مكة استقبل المسجد الحرام ومن كان خارج مكة استقبل جهة مكة ، ويكتفي بالجهة لحديث : " ما بين المشرق والمغرب قبلة " . رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجه ( 1011 ) .
والمشرق والمغرب هذا خاص بأهل المدينة ومن كان في حكمهم في الجهة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث لأهل المدينة .
رابعاً : بعد النظر إلى الخريطة - وهذا ما كان ينبغي عليك أن تصنعه - بأن تنظر إلى الخريطة ثم تمد خطاً ما بين كاليفورنيا ومكة ثم تنظر إلى اتجاه الخط وعليه تحدد اتجاه القبلة .
( وهو ما أفتانا به شيخنا الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وأن المصلي لا يراعي انحناء سطح الأرض وكرويتها عند تحديد القبلة بل يعيّن جهة إلى مكة بالخط المستقيم )
وعند النظر إلى الخريطة نجد أن اتجاه القبلة نحو المشرق مع انحراف بسيط جداً إلى الجنوب لا يكاد يُذكر .
وقبلتك أنت ما بين الجنوب والشمال فلو اتجهت ما بين الجنوب والشمال وجعلت المشرق قِبَل وجهك فلا بأس بذلك ولا داعي لقيام المشكلات الكبيرة وإثارة الفتن بين المسلمين في هذه القضية التي يسّرها الشارع بقوله ما بين المشرق والمغرب قِبلة والعلماء قد قرّروا أن الانحراف اليسير عن جهة مكة لا يضرّ فاعملوا بما هو متاح لكم وخذوا بما تيسّر من وسائل تحديد الاتّجاه وابنوا عليه .
وقد سألت اللجنة الدائمة عن استعمال الآلات والعلوم الفلكية لإظهار جهة الكعبة فأجابت بما يلي :
كان أهل العلم والخبرة بالجهات من المسلمين يعرفون جهة الكعبة ليلاً بالقطب الشمالي وغيره من النجوم ، وبالقمر طلوعاً وغروباً ، ونهاراً بالشمس طلوعاً وغروباً ، وبغير ذلك من أنواع الدلالات الكونية ، قبل أن يوجد ضبط الجهات بآلة ضبط يابانية أو أوربية ، فلا تتعين أي آلة منهما لضبط القبلة ، ولا تتوقف معرفتها عليها ، لكن إذا ثبت لدى أهل الخبرة الثقات من المسلمين أن جهازا أو آلة تضبط القبلة وتبينها عيناً أو جهة لم يمنع الشرع من الاستعانة بها في ذلك وفي غيره ، بل قد يجب العمل بها في معرفة القبلة إذا لم يجد من يريد الصلاة دليلاً سواها .
انتهى .
وفقنا الله وإياكم لكل خير وصلى الله على نبينا محمد.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7535
كيف نحدد جهة القبلة للطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/5988)
سؤال رقم 7535- كيف نحدد جهة القبلة للطلاب المسلمين في جامعة كاليفورنيا
السؤال :
إنني رئيس اتحاد الطلبة المسلمين في جامعة كاليفورنيا وبفضل الله استطعنا الحصول على مكان لنصلي فيه ولكن المشكلة هي تحديد اتجاه القبلة فهناك رأيان أحدهما إلى الجنوب الشرقي (وأنا أوافق عليه) والآخر الشمال الشرقي والمشكلة هي أنني لا أعرف تحديد اتجاه القبلة ولا أعرف ماذا أفعل ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً : نهنئك وأصحابك على جهدكم في الحصول على المصلى ونسأل الله تعالى أن يعمره بكم وبالقائمين والركع السجود .
ثانياً : من أركان الصلاة أن تتجه للقبلة ولا بد ، ومن علم اتجاه القبلة وكان قادراً على تولية وجهه شطرها ولم يفعل : فصلاته باطلة وهو آثم لقوله تعالى : { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } [ سورة البقرة /144-150] .
إلا أن يكون معذوراً ، هذا في صلاة الفرض وأما صلاة النافلة فيباح له أن يتجه حيث شاء إذا كان راكباً في سفر وإن استطاع النزول ، ولا يجوز للمتنفل أن يتجه لغير القبلة بغير عذر الركوب وعذر السفر .
ثالثاً : من كان قريباً من الكعبة فعليه أن يستقبل عين الكعبة ذاتها لقوله تعالى { فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام } [ سورة البقرة / 144 ] .
ولذلك فإن صفوف المصلين حول الكعبة دائرية وكلما ابتعدوا عنها كلما اتسعت الدائرة ، وكلما اقتربوا منها ضاقت الدائرة ومن كان داخل المسجد الحرام فعليه أن يستقبل عين الكعبة ومن كان داخل مكة استقبل المسجد الحرام ومن كان خارج مكة استقبل جهة مكة ، ويكتفي بالجهة لحديث : " ما بين المشرق والمغرب قبلة " . رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجه ( 1011 ) .
والمشرق والمغرب هذا خاص بأهل المدينة ومن كان في حكمهم في الجهة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذا الحديث لأهل المدينة .
رابعاً : بعد النظر إلى الخريطة - وهذا ما كان ينبغي عليك أن تصنعه - بأن تنظر إلى الخريطة ثم تمد خطاً ما بين كاليفورنيا ومكة ثم تنظر إلى اتجاه الخط وعليه تحدد اتجاه القبلة .
( وهو ما أفتانا به شيخنا الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وأن المصلي لا يراعي انحناء سطح الأرض وكرويتها عند تحديد القبلة بل يعيّن جهة إلى مكة بالخط المستقيم )
وعند النظر إلى الخريطة نجد أن اتجاه القبلة نحو المشرق مع انحراف بسيط جداً إلى الجنوب لا يكاد يُذكر .
وقبلتك أنت ما بين الجنوب والشمال فلو اتجهت ما بين الجنوب والشمال وجعلت المشرق قِبَل وجهك فلا بأس بذلك ولا داعي لقيام المشكلات الكبيرة وإثارة الفتن بين المسلمين في هذه القضية التي يسّرها الشارع بقوله ما بين المشرق والمغرب قِبلة والعلماء قد قرّروا أن الانحراف اليسير عن جهة مكة لا يضرّ فاعملوا بما هو متاح لكم وخذوا بما تيسّر من وسائل تحديد الاتّجاه وابنوا عليه .
وقد سألت اللجنة الدائمة عن استعمال الآلات والعلوم الفلكية لإظهار جهة الكعبة فأجابت بما يلي :
كان أهل العلم والخبرة بالجهات من المسلمين يعرفون جهة الكعبة ليلاً بالقطب الشمالي وغيره من النجوم ، وبالقمر طلوعاً وغروباً ، ونهاراً بالشمس طلوعاً وغروباً ، وبغير ذلك من أنواع الدلالات الكونية ، قبل أن يوجد ضبط الجهات بآلة ضبط يابانية أو أوربية ، فلا تتعين أي آلة منهما لضبط القبلة ، ولا تتوقف معرفتها عليها ، لكن إذا ثبت لدى أهل الخبرة الثقات من المسلمين أن جهازا أو آلة تضبط القبلة وتبينها عيناً أو جهة لم يمنع الشرع من الاستعانة بها في ذلك وفي غيره ، بل قد يجب العمل بها في معرفة القبلة إذا لم يجد من يريد الصلاة دليلاً سواها .
انتهى .
وفقنا الله وإياكم لكل خير وصلى الله على نبينا محمد.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
75390
هل تجب الزكاة في مكافأة نهاية الخدمة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/5989)
سؤال رقم 75390- هل تجب الزكاة في مكافأة نهاية الخدمة ؟
الشركة التي أعمل بها تعطي الموظف مرتب 15 يوماً مكافأة عن كل سنة خدمة ، ولكن تصرف هذه المكافأة بعد نهاية الخدمة ، فإذا أخذت هذه المكافأة بعد انتهاء الخدمة ، فهل عليها زكاة أم لا ؟.
الحمد لله
" إذا كان الواقع ما ذكر فلا زكاة عليك في تلك المكافأة حتى
تتسلمها ، ويحول عليها الحول من تاريخ تسلمها " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/283) .
*****
75394
الصوم في شهر رجب
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/5990)
سؤال رقم 75394- الصوم في شهر رجب
هل ورد فضل معين للصيام في شهر رجب ؟.
الحمد لله
أولاً :
شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها : ( إِنَّ
عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ
يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , والأشهر الحرم هي : رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم .
وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله
عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( السَّنَةُ اثْنَا
عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو
الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ
جُمَادَى وَشَعْبَانَ ) .
وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين :
1- لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو .
2- لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها .
ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال :
( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , مع
أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها , إلا أنه في هذه الأشهر
أشد تحريماً .
قال السعدي رحمه الله (ص 373) :
" ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) يحتمل أن الضمير
يعود إلى الاثني عشر شهرا , وأن اللّه تعالى بَيَّن أنه جعلها مقادير للعباد , وأن
تعمر بطاعته , ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها , وتقييضها لمصالح العباد ,
فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها .
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم , وأن هذا نهي لهم عن
الظلم فيها خصوصاً ، مع النهي عن الظلم كل وقت , لزيادة تحريمها , وكون الظلم فيها
أشد منه في غيرها " انتهى .
ثانياً :
وأما صوم شهر رجب , فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم
شيء منه حديث صحيح .
فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين
فضلها على غيرها : لا أصل له في الشرع .
غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب
الصيام في الأشهر الحرم ( ورجب من الأشهر الحرم ) فقَالَ صلى الله عليه وسلم : (
صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ) رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في
ضعيف أبي داود .
فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر
الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس ,
أما تخصيص رجب بالصيام فلا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"
(25/290) :
" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا
يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها
من الموضوعات المكذوبات . . .
وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم
الأشهر الحرم : وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . فهذا في صوم الأربعة جميعا
لا من يخصص رجبا " انتهى باختصار .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى
" انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .
وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص11) :
" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معين ,
ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة " انتهى .
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/383) :
" وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور , إلا أنه من
الأشهر الحرم , ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه , وأن ما جاء في
ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام يوم السابع والعشرين من
رجب وقيام ليلته .
فأجاب :
" صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة
, وكل بدعة ضلالة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/440) .
*****
75395
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نوراً أم بشراً ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/5991)
سؤال رقم 75395- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نوراً أم بشراً ؟
هل كان النبي صلى الله عليه وسلم نوراً ، أم بشراً ، وهل صحيح أنه لم يكن له ظل حتى وإن كان في الضوء ؟.
الحمد لله
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم أجمعين ، وهو بشر من
بني آدم ، وُلِد من أبوين ، يأكل الطعام ويتزوج النساء ، يجوع ويمرض ، ويفرح ويحزن
، ومن أظهر مظاهر بشريته أن الله سبحانه توفاه كما يتوفى الأنفس ، ولكن الذي يميز
النبي صلى الله عليه وسلم هو النبوة والرسالة والوحي .
قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الكهف/110 .
وحال النبي صلى الله عليه وسلم في بشريته هو حال جميع الأنبياء
والمرسلين .
قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) الأنبياء/8 .
وقد أنكر الله على الذين تعجبوا من بشرية الرسول صلى الله عليه
وسلم ، فقال سبحانه : ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ
وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ ) الفرقان/7 .
فلا يجوز تجاوز ما يقرره القرآن الكريم من رسالة النبي صلى الله
عليه وسلم وبشريته ، ومن ذلك : أنه لا يجوز وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه نور أو لا
ظل له ، أو أنه خلق من نور ، بل هذا من الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه
وسلم حين قال : ( لاْ تُطْرُونِيْ كَمَا أُطرِيَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ ،
وَقُولُوْا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري (6830) .
وقد ثبت أن الملائكة هي التي خلقت من نور ، وليس أحد من بني آدم
، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خُلِقَت المَلائِكَةُ مِن نُورٍ ، وَخُلِقَ
إِبلِيسُ مِن نَارِ السَّمومِ ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيهِ السَّلامُ مِمَّا وُصِفَ
لَكُم ) رواه مسلم (2996) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (458) :
" وفيه إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس : ( أول
ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) ! ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صلى الله عليه
وسلم خلق من نور ، فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين خلقوا من
نور ، دون آدم وبنيه ، فتنبّه ولا تكن من الغافلين " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال التالي :
هنا في الباكستان علماء فرقة ( البريلوية ) يعتقدون أنه لا ظل
للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا دلالة على عدم بشرية النبي صلى الله عليه وسلم .
هل هذا الحديث صحيح . ليس الظل للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
فأجابت : " هذا القول باطل ، مناف لنصوص القرآن والسنة الصريحة
الدالة على أنه صلوات الله وسلامه عليه بشر لا يختلف في تكوينه البشري عن الناس ،
وأن له ظلا كما لأي إنسان ، وما أكرمه الله به من الرسالة لا يخرجه عن وصفه البشري
الذي خلقه الله عليه من أم وأب ، قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ
مِّثْلُكُمْ يُوْحَى إِلَيَّ ) الآية ، وقال تعالى : (
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) الآية .
أما ما يروى من أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور الله ،
فهو حديث موضوع " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/464) .
وانظر سؤال رقم ( 4509 )
( 6084 ) .
*****
75405
هل يصح عقد الزواج الثاني مع عدم إخباره باستمرار زواجه الأول ؟
الفقه > معاملات > النكاح > أحكام النكاح >(1/5992)
سؤال رقم 75405- هل يصح عقد الزواج الثاني مع عدم إخباره باستمرار زواجه الأول ؟
هل يعد الزواج صحيحًا إذا كتم الرجل بعض المعلومات المهمة ولم يبينها ؟
وعندما علمت المرأة بهذه المعلومات ، أصبحت لا تريد الزواج به . وهذا الأمر هو أن المذكور لا يزال متزوجًا بامرأةٍ أخرى .
الحمد لله
أولاً :
ذكر الفقهاء رحمهم الله بعض الأمور التي يحق لأحد الزوجين فسخ
النكاح بوجودها ، ويذكرون من ذلك : الفسخ بالعيب ، بمعنى جواز طلب الفسخ من قبل
الزوج أو الزوجة إذا وجد أحدهما في الآخر بعض العيوب .
جاء في الموسوعة الفقهية (29/68) :
" اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز التّفريق بين الزّوجين
للعيوب " انتهى .
وليس كل عيب وجده أحد الزوجين في الآخر يبيح له الفسخ ، بل
الضابط في هذا العيب : " أنه هو الذي يفوت المقصود من النكاح من الاستمتاع والمودة
والسكن والولد ، ونحو ذلك " .
قال ابن تيميّة في "الاختيارات " (ص 222) : " وتردّ المرأة بكلّ
عيب ينفّر عن كمال الاستمتاع " انتهى .
وقال ابن القيم : "والقياس أنّ كلّ عيب ينفّر الزّوج الآخر منه ،
ولا يحصل به مقصود النّكاح من الرّحمة والمودّة يوجب الخيار " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" الصحيح أنه مضبوط بضابط محدود ، وهو ما يعده الناس عيبا يفوت
به كمال الاستمتاع ، أي ما كان مطلق العقد يقتضي عدمه ، فإن هذا هو العيب ، فالعيوب
في النكاح كالعيوب في البيوع سواء ، لأن كلا منها صفة نقص تخالف مطلق العقد " انتهى .
ثانياً :
وليس زواج الرجل بأخرى عيباً يفسخ من أجله النكاح ، لأن الرجل له
أن يتزوج على امرأته بثانية وثالثة ورابعة ، وليس لها طلب فسخ النكاح إذا كان يعدل
بينهن .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين : هل يشترط لصحة الزواج أن يخبر الرجل
من يريد الزواج منها بأنه متزوج من أخرى إن لم يُسأَل عن ذلك ؟ وهل يترتب شيء على
إنكاره إن سُئِلَ ؟
فأجاب :
" لا يلزم الرجل إخبار الزوجة أو أهلها بأنه متزوج إن لم يسألوه
، لكن ذلك لا يخفى غالبا ، فإن الزواج لا يتم إلا بعد مدة وبحث وسؤال عن كل من
الزوجين ، وتحقق صلاحيتهما ، لكن لا يجوز كتمان شيء من الواقع ، فإن وقع كذب من أحد
الزوجين وبنى عليه الطرف الثاني إتمام العقد فإنه يثبت الخيار : فلو ذكر أنه غير
متزوج وكذب في ذلك فلها الفسخ ، ولو قالوا عنها إنها بكر وهي ثيب فله الخيار أن يتم
الزواج أو يتركها " انتهى .
"فوائد وفتاوى تهم المرأة المسلمة" (114) .
*****
75406
أي السائِلِين أولى بإعطائه الصدقة
الفقه > عبادات > الصدقات >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/5993)
سؤال رقم 75406- أي السائِلِين أولى بإعطائه الصدقة
إذا وجد أحدنا أكثر من سائلٍ ، من العاجزين جسديًا ، فلمن نعطي الأفضلية في الصدقات ؟.
الحمد لله
أولا :
مساعدة المحتاجين والتصدق على الفقراء والمساكين من أفضل القربات
وأولى الطاعات .
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم
بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ
رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/274 .
ويتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير ؛ وذلك أن سد
الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات .
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( أَفْضَلُ الأَعْمَالِ : إِدْخَالُُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ : كَسَوْتَ
عَوْرَتَهُ ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه ، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً ) رواه
الطبراني في المعجم الأوسط (5/202) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2090) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" فإن قيل : أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف
الثمانية ؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد ؛ لأن كل هؤلاء استحقوا
الوصف ، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى ، والغالب أن الأشد هم الفقراء
والمساكين ، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغاارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ سؤال رقم 251) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/303) :
" إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل ، بل
يتمايز : فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره ، بأن
يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف " انتهى .
وإذا كان الفقير أو السائل من العاجزين عن العمل ، أقعده المرض
والابتلاء ، فيتأكد إعطاؤه من الصدقة .
قال تعالى : ( لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ
أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ
إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) البقرة/273 .
قال سعيد بن جبير : إنهم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله
فصاروا زَمْنَى ( جمع زَمِن : وهو من به مرض دائم ) ، فجعل لهم في أموال المسلمين
حقا .
"الدر المنثور" (2/89) .
والمقصود : بيان أن ميزان المفاضلة في الصدقات هو قدر الحاجة
والفاقة ، فإذا ظهر لك أن أحد السائلين أشد حاجة وفاقة من الآخر ، فهو الأولى
بصدقتك .
فإن كان المبلغ الذي تريد أن تتصدق به يكفي لسد حاجة السائِلَيْن
، فاقسمه بينهما ، وإن كان لا يكفي إلا واحدًا منهما ، فلا حرج عليك حينئذ إذا
أعطيته لأي منهما ، ولتحاول أن تخفي ذلك عن الآخر ، حتى لا يقع في قلبه شيء من
الحسرة أو الحسد .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله : إذا أخرج الإنسان زكاة
ماله ، وكانت قليلةً كمائتي ريال مثلاً ، فهل الأفضل أن تُعطَى لأسرةٍ واحدةٍ
محتاجة ، أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة ؟
فأجاب :
" إذا كانت الزكاة قليلةً فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل ؛
لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (14/316) .
والله أعلم .
*****
75408
أسلما بعد طلاقهما ولهما طفلة ، فما هي حقوق كل منهما ؟
الفقه > معاملات > الحضانة >
الفقه > معاملات > الجنايات >
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/5994)
سؤال رقم 75408- أسلما بعد طلاقهما ولهما طفلة ، فما هي حقوق كل منهما ؟
رجل وامرأة كانا كافرين ، وعلمت المرأة أنها حامل ، وطلب منها الرجل أن تجهض حملها ، فرفضت ولم تأبه باقتراحاته ، إلى أن وضعت مولودها ، وكانت طفلة ، ثم أسلم الرجل والمرأة سويًا ، لكنهما كانا قد تطلقا .
هل ما يزال للأب حقوقٌ تزيد على ما للأم ، مع أنه أوضح بجلاء أنه لا يرغب في أن تولد هذه الطفلة في المقام الأول ؟.
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن هداكما لدين الحق . وهذه أعظم نعم الله تعالى
على عبده ، إذ بها يسعد في الدنيا والآخرة ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكما إلى ما
يحب ويرضى ويرزقكما الاستقامة والثبات على دينه .
ثانياً :
لقد أحسنت برفضك إجهاض الحمل ، وذلك أن إجهاض الحمل معصية ، سواء
كان ذلك قبل نفخ الروح أو بعده ، وإن كان الإثم يعظم بعد نفخ الروح .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم ( 40269 )
( 42321 ) .
ثالثاً :
إذا طلق الرجل زوجته ، وتم الانفصال وبينهما طفل ، فالمقرر في
الشريعة أن حق الأم في حضانة هذا الطفل أعظم من حق الأب ، ما لم يكن هناك مانع
كزواجها أو قلة دينها أو تقصيرها في الرعاية .
وقد سبق بيان ذلك في سؤال رقم ( 8189 )
( 20705 ) ( 21516 )
.
رابعاً :
وإساءة الأب بطلب إجهاض الحمل لا يسقط حقه الثابت له ، كحق النسب
والرعاية والإنفاق والتسمية والزيارة أثناء فترة حضانة أمها لها ، كما له حق
حضانتها إذا وجد مانع من حضانة الأم كالزواج .
ونرجو أن يكون قد غفر الله له بإسلامه ، فإن الإسلام يهدم ما
قبله من الذنوب .
خامساً :
قول السائلة : "هل ما يزال للأب حقوق تزيد عن ما للأم ؟"
فليُعلم أن حقوق الأب ليست أكثر من حقوق الأم دائما ، بل حقها
مقدم عليه في الحضانة كما سبق ، وحقها مقدم عليه أيضا في البر ، فعن أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ
النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ :
ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ
؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ . رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : الْحَثّ عَلَى بِرّ الأَقَارِب , وَأَنَّ الأُمّ
أَحَقّهمْ بِذَلِكَ , ثُمَّ بَعْدهَا الأَب , ثُمَّ الأَقْرَب فَالأَقْرَب . قَالَ
الْعُلَمَاء : وَسَبَب تَقْدِيم الأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ , وَشَفَقَتهَا ,
وَخِدْمَتهَا , وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله , ثُمَّ وَضْعه , ثُمَّ
إِرْضَاعه , ثُمَّ تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه , وَغَيْر ذَلِكَ . وَنَقَلَ
الْحَارِث الْمُحَاسِبِيّ إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الأُمّ تُفَضَّل فِي
الْبِرّ عَلَى الأَب , وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض خِلافًا فِي ذَلِكَ , فَقَالَ
الْجُمْهُور بِتَفْضِيلِهَا , وَقَالَ بَعْضهمْ : يَكُون بِرّهمَا سَوَاء . قَالَ :
وَنَسَبَ بَعْضهمْ هَذَا إِلَى مَالِك , وَالصَّوَاب الأَوَّل لِصَرِيحِ هَذِهِ
الأَحَادِيث فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُور " انتهى .
والله أعلم .
*****
75410
حكم بناء المسجد أو ملحقاته من مالٍ حرام
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/5995)
سؤال رقم 75410- حكم بناء المسجد أو ملحقاته من مالٍ حرام
هل يجوز أن يُبنى مسجد أو ( ملحقات مسجد ) في ساحة الحي السكني الملاصق للمسجد ، ليستخدم في أغراض متعددة ، كصلاة الجماعة في رمضان ، وصلاة العيدين ، وما إلى ذلك ، من تبرعاتٍ مصدرُها محرم ، مع أن إدارة المسجد على علمٍ بذلك ؟.
الحمد لله
المال الحرام إما أن يكون محرما لعينه ، وإما أن يكون محرماً
لكسبه .
فالمحرم لعينه كالمال المغصوب والمسروق ، فهذا لا يحل لأحد
الانتفاع به وهو يعلم أنه مسروق من فلان ، بل يحب رده إلى صاحبه .
وطريقة التوبة من غصب هذا المال : أن يرد إلى صاحبه ، ولا يجزئ
الغاصب التبرع به لبناء مسجد وهو يقدر على رده إلى صاحبه .
لكن إن تعذر رده إلى صاحبه ، ( كالمال الذي تغتصبه بعض الحكومات
الظالمة من الناس ) فلا حرج في إنفاقه في مصالح المسلمين العامة ، ومنها بناء
المساجد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "السياسة الشرعية" (ص 35) :
" إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها
ككثير من الأموال السلطانية (أي التي غصبها السلطان) ; فالإعانة على صرف هذه
الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك : من الإعانة على
البر والتقوى ; إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال - إذا لم يمكن معرفة أصحابها
وردها عليهم ولا على ورثتهم - أن يصرفها - مع التوبة إن كان هو الظالم - إلى مصالح
المسلمين . هذا هو قول جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد وهو منقول عن غير واحد
من الصحابة وعلى ذلك دلت الأدلة الشرعية . . .
وإن كان غيره قد أخذها فعليه هو أن يفعل بها ذلك " انتهى .
وأما المحرم لكسبه فهو الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم كبيع
الخمر ، أو التعامل بالربا ، أو أجرة الغناء والزنا ونحو ذلك ، فهذا المال حرام على
من اكتسبه فقط ، أما إذا أخذه منه شخص آخر بطريق مباح فلا حرج في ذلك ، كما لو تبرع
به لبناء مسجد ، أو دفعه أجرة لعامل عنده ، أو أنفق منه على زوجته وأولاده ، فلا
يحرم على هؤلاء الانتفاع به ، وإنما يحرم على من اكتسبه بطريق محرم فقط .
وطريقة التوبة من هذا المال المحرم : التخلص منه ، وإنفاقه في
وجوه البر ومنها بناء المساجد .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/330) :
" قال الغزالي : إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه
- فإن كان له مالك معين - وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى
وارثه , وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين
العامة , كالقناطر والربط والمساجد ، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا
فيتصدق به على فقير أو فقراء . . . وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب ,
وهو كما قالوه , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه
في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الصلاة في مسجد بني من
مال حرام ؟
فأجاب :
" الصلاة فيه جائزة ولا حرج فيها ؛ لأن الذي بناه من مال حرام
ربما يكون أراد في بنائه أن يتخلص من المال الحرام الذي اكتسبه ، وحينئذٍ يكون
بناؤه لهذا المسجد حلالاً إذا قصد به التخلص من المال الحرام ، وإن كان التخلص من
المال الحرام لا يتعين ببناء المساجد ، بل إذا بذله الإنسان في مشروع خيري حصلت به
البراءة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/ سؤال رقم 304) وانظر "الشرح الممتع" (4/344) .
والله أعلم .
*****
75443
يوصل زبائنه إلى أماكن معصية ويأخذ عمولة من أصحابها
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/5996)
سؤال رقم 75443- يوصل زبائنه إلى أماكن معصية ويأخذ عمولة من أصحابها
أسكن في ألمانيا ولدي صديق يعمل سائق تاكسي ، وقال : في كثير من الأحيان تأتينا طلبية تطلب إيصاله إلى أماكن دعارة ، وعند الوصول إلى المكان وأخذ الأجرة من المستأجر للتاكسي ، صديقنا صاحب التاكسي له الخيار أن ينزل ويأخذ من صاحب محل الدعارة بقشيش ( إكرامية أو عمولة ) وهي قيمة مرتفعة لا تقل على 30 يورو ، وإذا صديقنا صاحب التاكسي أنزل الراكب وانصرف لا يأخذ شيئاً .
السؤال :
هل يجوز له أخذ هذا المبلغ ( بقشيش ، أو إكرامية أو عمولة ) ولا يتركه لهم على أن يعطيه لصالح المسلمين ولا ينتفع به قياساً على أخذ الفوائد من البنوك الربوية وصرفها فيما ينفع المسلمين وليس لشخصه ؟.
الحمد لله
كان الواجب أن يكون السؤال عن حكم إيصال هؤلاء العصاة إلى أماكن
المعصية ، لا أن يكون السؤال عن حكم عمولة توصيلهم إلى أماكن الفواحش والمنكرات ،
وإنما حكم هذه العمولة تابع لحكم توصيلهم .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 10398 ) تحريم توصيل العصاة إلى
أماكن يعصون الله فيها ، فيحرم على هذا السائق أن يوصل أحداً إلى مكان يجزم أو يغلب
على ظنه أنه مكان معصية كأماكن الزنا والحانات والمسابح وغيرها .
وإذا فعل وأوصل أحداً إلى تلك الأماكن فإنه يكون شريكاً في
آثامهم وجرائمهم ، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : (
وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وإذا فعله مع علمه فليسارع إلى التوبة والاستغفار والندم والعزم
على عدم العود ، ولا يلتفت لتلك الأموال الخبيثة التي يدفعها أصحاب تلك الأماكن
الفاجرة ، والفقراء في غنى عنها ، وهذه الأماكن التي يُعصى الله تعالى فيها يجب على
المسلم أن ينكر على أهلها ؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ
أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم ( 49 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، فكيف يوجب عليه الشرع إنكار المنكر وهو يترجل من سيارته ويدخل
لتلك الأماكن ليأخذ عمولة توصيل صاحب فاحشة ومنكرات ليفعلها عندهم ؟! فلا هو بالذي
غيَّر المنكر بيده ولا بلسانه ولا حتى بقلبه ، وهذا أمرٌ خطير على صاحبه .
قال النووي رحمه الله :
" وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فليغيره ) فهو أمر إيجاب
بإجماع الأمة ، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة
وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ... .
واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد
ضَيِّع أكثرُه من أزمان متطاولة , ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدّاً
، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه ، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح ،
وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أو شك أن يعمهم الله تعالى بعقابه ( فليحذر الذين
يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) " انتهى .
" شرح مسلم " ( 2 / 22 – 24 ) باختصار .
ولا يحل لمسلم أن يتعمد فعل المحرم ليأخذ أموالهم ويصرفها في
مصالح المسلمين ، بخلاف من تاب من الربا أو الكسب الحرام فإن توبة مثل هؤلاء تقتضي
صرف تلك الأموال في وجوه الخير .
والله أعلم .
*****
7545
تاب من سرقة الكفار
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/5997)
سؤال رقم 7545- تاب من سرقة الكفار
أعيش في دولة غير مسلمة وظللت أرتكب الذنوب لفترات طويلة ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الصواب وإلى التوبة . وقبل توبتي اعتدت أن أسرق من المحلات وأغش الجهات الحكومية في الحصول على أموال من الضمان الإجتماعي ( التأمينات الإجتماعية ) وأركب المواصلات العامة بدون أن أدفع تذاكر وإذا أخبرت السلطات بهذه الأمور ( التي توقفت عنها) فسوف يسجنونني في بلد غير مسلم أرجو منكم أن تدلوني على ما يجب فعله واسألكم الدعاء ليغفر الله لنا .
الحمد لله
الحمد لله الذي أكرمك بالتوفيق للتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يهدينا
جميعاً إلى صراطه المستقيم ، ويثبتنا عليه حتى الممات .
اعلم يا أخي أنه لا يجوز للمسلم أن يغش أحداً أو
أن يأخذ ماله بغير حق ولو كافراً .
وإذا ارتكب المسلم شيئاُ من الذنوب – السرقة أو
غيرها – ثم تاب قبل رفع الأمر إلى الحاكم فإنه تسقط عنه العقوبة حينئذ ، ولا تجوز
معاقبته ، لقول الله تعالى في قطاع الطرق : ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 33 ) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( سورة النساء / 33-34 ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ومن لا ذنب له لا عقاب عليه . الاختيارات الفقهية ص ( 510 – 526 ) المغني ( 12/484 )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - : " اجتنبوا هذه القاذورات
التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه
مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " . رواه الحاكم في
" المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .
والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .
انظر : " التلخيص الحبير " ( 4 / 57 ) و" خلاصة البدر المنير " لابن الملقِّن ( 2 /
303 ).
وعلى هذا فلا يلزمك أن تذهب إلى السلطات وتعترف بالسرقة ، بل تكفيك
التوبة الصادقة ، ولكن يجب عليك رد الأموال إلى أصحابها ، ولا تصح توبتك إلا بذلك ،
ولا يشترط أن تخبرهم بأن هذه الأموال سرقتها منهم ، لاسيما إذا خشيت أن يقدموا فيك
شكوى ويسجنوك ، فالمهم هو رجوع المال إلى أصحابه ، فإما أن تجعله في مظروف ، أو
تعطيه من يوصله إليهم ... أو غير ذلك من الطرق .
فأموال الحكومة يجب ردها إليها ، وكذا أموال الأشخاص الآخرين ، وإذا
لم تعرف مقدار المال بالتحديد فإنك تجتهد في تحديده وتغلّب جانب الاحتياط ، بمعنى
أنك تخرج من المال حتى تتيقن أنك فعلت الواجب عليك .
وإذا لم تعرف أصحاب الأموال فإنك تتصدق به عنهم وتجعله في سبيل
الخير والإحسان .
*****
7545
تاب من سرقة الكفار
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/5998)
سؤال رقم 7545- تاب من سرقة الكفار
أعيش في دولة غير مسلمة وظللت أرتكب الذنوب لفترات طويلة ولكن الحمد لله الذي هداني إلى الصواب وإلى التوبة . وقبل توبتي اعتدت أن أسرق من المحلات وأغش الجهات الحكومية في الحصول على أموال من الضمان الإجتماعي ( التأمينات الإجتماعية ) وأركب المواصلات العامة بدون أن أدفع تذاكر وإذا أخبرت السلطات بهذه الأمور ( التي توقفت عنها) فسوف يسجنونني في بلد غير مسلم أرجو منكم أن تدلوني على ما يجب فعله واسألكم الدعاء ليغفر الله لنا .
الحمد لله
الحمد لله الذي أكرمك بالتوفيق للتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يهدينا
جميعاً إلى صراطه المستقيم ، ويثبتنا عليه حتى الممات .
اعلم يا أخي أنه لا يجوز للمسلم أن يغش أحداً أو
أن يأخذ ماله بغير حق ولو كافراً .
وإذا ارتكب المسلم شيئاُ من الذنوب – السرقة أو
غيرها – ثم تاب قبل رفع الأمر إلى الحاكم فإنه تسقط عنه العقوبة حينئذ ، ولا تجوز
معاقبته ، لقول الله تعالى في قطاع الطرق : ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( 33 ) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( سورة النساء / 33-34 ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) ومن لا ذنب له لا عقاب عليه . الاختيارات الفقهية ص ( 510 – 526 ) المغني ( 12/484 )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - : " اجتنبوا هذه القاذورات
التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه
مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " . رواه الحاكم في
" المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .
والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .
انظر : " التلخيص الحبير " ( 4 / 57 ) و" خلاصة البدر المنير " لابن الملقِّن ( 2 /
303 ).
وعلى هذا فلا يلزمك أن تذهب إلى السلطات وتعترف بالسرقة ، بل تكفيك
التوبة الصادقة ، ولكن يجب عليك رد الأموال إلى أصحابها ، ولا تصح توبتك إلا بذلك ،
ولا يشترط أن تخبرهم بأن هذه الأموال سرقتها منهم ، لاسيما إذا خشيت أن يقدموا فيك
شكوى ويسجنوك ، فالمهم هو رجوع المال إلى أصحابه ، فإما أن تجعله في مظروف ، أو
تعطيه من يوصله إليهم ... أو غير ذلك من الطرق .
فأموال الحكومة يجب ردها إليها ، وكذا أموال الأشخاص الآخرين ، وإذا
لم تعرف مقدار المال بالتحديد فإنك تجتهد في تحديده وتغلّب جانب الاحتياط ، بمعنى
أنك تخرج من المال حتى تتيقن أنك فعلت الواجب عليك .
وإذا لم تعرف أصحاب الأموال فإنك تتصدق به عنهم وتجعله في سبيل
الخير والإحسان .
*****
75568
أضاعت صندوق وقفٍ كان في عهدتها فهل تضمنه ؟
الفقه > معاملات > الوديعة >
الفقه > عبادات > الوقف >(1/5999)
سؤال رقم 75568- أضاعت صندوق وقفٍ كان في عهدتها فهل تضمنه ؟
ما حكم التصرف بالوقف مما يؤدي إلى ضياعه دون قصد ؟ فقد وضع صندوق للتبرعات في مسجد الجامعة وقفاً لمن أراد الانتفاع به في جمع التبرعات لمن يحتاجها ومن ثم إعادته إلى المسجد مرة أخرى ، وقد استخدمت هذا الصندوق للغرض الذي وقف له ، ثم ضاع مني دون أن أجده فما عليَّ الآن ؟ هل يجب عليَّ ضمان هذا الصندوق ؟.
الحمد لله
إذا كان هذا الصندوق قد ضاع منك من غير تفريط أو تقصير في حفظه
فلا ضمان عليك ، أما إذا كنت قصرت في حفظه فعليك ضمانه ، وضمان الأموال التي كانت
فيه ، إن كان فيه أموال . لأنك كنت مؤتمنة على هذا الصندوق ، والأمين لا يضمنه إلا
بالتعدي أو التفريط . جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 258 ، 259 ) :
" المشهور تقسيم اليد إلى قسمين : يد أمانة ، ويد ضمان .
ويد الأمانة : حيازة الشّيء أو المال ، نيابةً لا تملّكاً ، كيد
الوديع ، والمستعير ، والمستأجر ، والشّريك ، والمضارب ، وناظر الوقف ، والوصيّ .
ويد الضمان : حيازة المال للتّملّك أو لمصلحة الحائز ، كيد
المشتري والقابض على سوم الشّراء ، والمرتهن ، والغاصب والمالك ، والمقترض .
وحكم يد الأمانة ، أنّ واضع اليد أمانةً ، لا يضمن ما هو تحت يده
، إلاّ بالتّعدّي أو التّقصير ، كالوديع .
وحكم يد الضّمان ، أنّ واضع اليد على المال ، على وجه التّملّك
أو الانتفاع به لمصلحة نفسه ، يضمنه في كلّ حال ، حتّى لو هلك بآفة سماويّة ، أو
عجز عن ردّه إلى صاحبه ، كما يضمنه بالتّلف والإتلاف .
فالمالك ضامن لما يملكه وهو تحت يده ، فإذا انتقلت اليد إلى غيره
بعقد البيع ، أو بإذنه ، كالمقبوض على سوم الشّراء ، أو بغير إذنه كالمغصوب ،
فالضّمان في ذلك على ذي اليد ، ولو انتقلت اليد إلى غيره ، بعقد وديعة أو عاريّة ،
فالضّمان - أيضاً - على المالك " انتهى .
وعليه : فما دمت قد استعملت الصندوق فيما أوقف عليه ، ولم يحصل
منك تعدٍّ ولا تقصير ولا إهمال في حفظه والعناية به : فلا يلزمك ضمانه ، ولو فعلت
وأتيت بغيره أو أحسن منه فهو أطيب لك وأبعد لك عن الشبهة والقيل والقال فيك ، وهو
صندوقٌ لجمع التبرعات لا يكلفك كثيراً ولك فيه أجر ، فاحرصي على الإتيان بصندوق آخر
من غير إلزام .
والله أعلم .
*****
756
متى يأتي رمضان وصيام غير المسلم
الفقه > عبادات > الصوم > وجوب الصوم وفضله >(1/6000)
سؤال رقم 756- متى يأتي رمضان وصيام غير المسلم
امرأة غير مسلمة تسأل عن موعد شهر رمضان وهل يمكنها أن تصوم مع المسلمين ؟.
الحمد لله
اهتمامك بشهر رمضان المبارك وسؤالك متى سيأتي وترقبك لمجيئه هو
أمر جميل جدا يدلّ على تأثّرك بهذه العبادة الإسلامية العظيمة وهي الامتناع عن
الأكل والشرب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في أيام الشهر الكريم .
وأمّا عن موعد قدومه فلعلك تعلمين أيتها السائلة الكريمة أننا
نحن المسلمين ترتبط شعائرنا التعبدية في توقيتها بدليل حسيّ ظاهر وملموس ؛ دليل
مرئي غير حسابيّ ألا وهو رؤية الهلال . فإذا رأينا أو رأى الثقة منا هلال رمضان وجب
على جميع أمّة الإسلام الشّروع في الصّوم في كلّ نهار من هذا الشّهر حتى نرى ولادة
هلال شهر شوال - وهو الشّهر الذي يلي رمضان - فنعرف عند ذلك أنّ رمضان قد انتهى .
والشّهر الهجري قد يكون تسعة وعشرين يوما وقد يكون ثلاثين يوما
بحسب رؤية الدليل الماديّ الملموس وهو الهلال .
ولكن اعلمي أيتها السائلة الراغبة في عبادة الصيام الذي شرع في
الإسلام أن صيام شهر رمضان لا ينفع ولا يقبل عند الله إلا لمن دخل في دين الإسلام
وترك الدين الذي هو عليه لأن الإسلام هو الدين الحق ، والدخول في دين الإسلام لا
يحصل إلا بالإقرار بالشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإذا
دخل الإنسان في الإسلام صحت منه العبادات التي شرعها الله فيه ونحن ندعوك أيتها
السائلة المحبة للفضائل إلى الدخول في الإسلام لتفوزي بسعادة الدنيا والآخرة ونحن
مستبشرون لك بحياة سعيدة وإيمان قويّ وعمر طيب ستقضينه في ظلال هذا الدّين ، ونسأل
الله أن يحفظك ويرعاك .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
75612
ما هو الجاثوم ؟
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/6001)
سؤال رقم 75612- ما هو الجاثوم ؟
كثيرا ً ما نسمع عن " الجاثوم " وأنه من جني يجثم على صدر الإنسان حين يكون تاركاًً للصلاة أو غيرها ، هل يوجد أي شيء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك ؟ أم أنه من الخرافات والأساطير ؟.
الحمد لله
أولاً :
الجاثوم هو الكابوس الذي يقع على الإنسان في نومه .
قال ابن منظور :
" الجثام " و " الجاثوم " : الكابوس ، يجثم على الإنسان ، ...
ويقال للذي يقع على الإنسان وهو نائم " جاثوم " .
" لسان العرب " ( 12 / 83 ) .
وقال – أيضاً - :
والكابوس : ما يقع على النائم بالليل ، ويقال : هو مقدمة الصرع ،
قال بعض اللغويين : ولا أحسبه عربيا إنما هو النِّيدلان ، وهو الباروك ، والجاثوم .
" لسان العرب " ( 6 / 190 ) .
ثانياً :
قد يكون " الجاثوم " بسببٍ عضوي مادي ، كتأثير طعام أو دواء ،
وقد يكون بسببِ تسلط الجن ، ويكون علاج الأول بالحجامة والفصد وتخفيف الطعام وغيرها
، ويكون علاج الثاني بالقرآن والأذكار الشرعية .
قال ابن سينا في كتابه الطبي " القانون " :
" فصل في الكابوس :
ويسمى الخانق ، وقد يسمى بالعربية الجاثوم ، والنيدلان .
الكابوس مرض يحسّ فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً
يقع عليه ، ويعصره ويضيق نفسه ، فينقطع صوته وحركته ، ويكاد يختنق لانسداد المسام ،
وإذا تقضى عنه انتبه دفعة ، وهو مقدمة لإحدى العلل الثلاث : إما الصرع ، وإما
السكتة ، وإما المانيا ؛ وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ، ولم يكن من أسباب أخرى غير
مادية " انتهى .
وهكذا يقول الأطباء المعاصرون ، فقد قسَّم الدكتور حسَّان شمسي
باشا الكوابيس إلى قسمين : الكوابيس العارضة ، والكوابيس المتكررة ، وجعل الأول
لأسباب مادية ، والثاني بسبب تسلط الجن .
وقال في كتابه " النوم والأرق والأحلام " :
" 1) الكوابيس العارضة :
تحدث لسببين :
أ- تحيز بخارات في مجرى النفس تتراقى إلى الدماغ أو تنصب منه
دفعة حين الدخول في النوم ؛ فيشعر المصاب بثقل في الحركة والكلام أو شعور بالفزع ،
وهو مقدمة الصرع العضوي ، ويحدث أيضا عند التعرض للضغوط النفسية .
ب- تعاطي أدوية يمكن أن تسبب الكوابيس وهي :
1. الرزربين .
2. حصرات بيتا .
3. ليفودبا .
4. مضادات الهمود .
5. بعد التوقف عن استعمال الأدوية المهدئة ، كالفاليوم .
2) الكوابيس المتكررة : وهذا النوع من الكوابيس يدل على تسلط
وإيذاء الأرواح الخبيثة للإنسان " انتهى .
والخلاصة : أن الجاثوم هو الكابوس ، وليس هو خرافة ولا أسطورة ،
بل هو حقيقة واقعة ، وقد يكون لأسباب مادية ، وقد يكون من تسلط الجن .
والله أعلم .
*****
75631
هل يترك دراسته بالأزهر ؟
العلم > طلب العلم >(1/6002)
سؤال رقم 75631- هل يترك دراسته بالأزهر ؟
أنا من بلد تركمنستان خرجت من بلدي لطلب العلم ، إلى مصر ، والآن أنا أدرس في معاهد الأزهر ، لكن في الأزهر فساد كثير وأنا لا أريد هذا . أنا أريد عقيدة صحيحة ، والآن أنا أريد أسافر إلى السعودية في وقت العمرة وهذا الطريق سهل بالنسبة لي ، وبعد العمرة أريد أن أبقى في السعودية بدون إقامة وأطلب العلم ، وأقدم الأوراق لجامعات وأنتظر حتى يخرج نتيجة من الجامعات ، هل هذا يجوز أم لا بدون إقامة في السعودية ؟
الحمد لله
أولاً :
أخي الكريم نهنئك على هذه الهمة العالية في طلب العلم ونربط على
يديك ونحفزك على تعلم العقيدة الصحيحة ونصرتها ، عقيدة أهل السنة والجماعة .
ثانياً :
لا نشجعك أبداً بعد تحملك عناء السفر وحصولك على فرصة الدراسة في
الأزهر التي يسرها الله لك لأمر مظنون قد يحصل وقد لا يحصل .
والعاقل لا يترك شيئاً إلا لما هو خير منه ، فلا تترك الخير الذي
في يديك لأمر مشكوك فيه .
نعم ، في الأزهر أشياء تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة ، ولكن
ليس كل أساتذة الأزهر كذلك ، بل فيهم من هو من أهل السنة والجماعة ، فاجتهد أن
تستفيد منهم ، وأن تتتلمذ على أيديهم ، ولو خارج المعهد والدراسة النظامية .
وهناك من الدعاة وطلبة العلم في مصر من ليسوا مدرسين ولا أساتذة
في الأزهر ، ولكنهم معروفون بالحرص على تعلم السنة واتباعها ، فاحرص على صحبتهم
وحضور مجالسهم .
ثالثاً :
لو أتيت إلى بلاد الحرمين بهذه الطريقة التي ذكرت فلن تستطيع أن
تقدم أوراقك لأي جهة فضلاً عن أن تنتظر قبولاً لأنك ستكون مطارداً من الجهات
الأمنية لمخالفتك لنظام الإقامة .
ويمكنك مراسلة الجامعات التي تريدها وأنت بمصر من غير أن تضيع
الفرصة التي بين يديك ، فإن وجدت قبولاً فتستطيع وقتها أن تقارن بين الأصلح لك ، مع
استخارة الله عز وجل ، واستشارة بعض إخوانك وأساتذتك .
نسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح .
والله أعلم .
*****
75644
ما حكم احتراف كرة القدم ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/6003)
سؤال رقم 75644- ما حكم احتراف كرة القدم ؟
ما حكم احتراف كرة القدم ؟.
الحمد لله
جاء تعريف " الاحتراف " في " الموسوعة الفقهية " ( 2 / 69 ) :
الاحتراف في اللغة : الاكتساب , أو طلب حرفة للكسب ، والحرفة :
كل ما اشتغل به الإنسان واشتهر به , فيقولون حرفة فلان كذا , يريدون دأبه وديدنه ،
وهي بهذا ترادف كلمتي صنعة , وعمل .
أما الامتهان : فإنه لا فرق بينه وبين احتراف ; لأن معنى المهنة
يرادف معنى الحرفة , وكل منهما يراد به حذق العمل .
ويوافق الفقهاءُ اللغويين في هذا , فيطلقون الاحتراف على مزاولة
الحرفة وعلى الاكتساب نفسه .
" الموسوعة الفقهية " ( 2 / 69 ) .
ولا يجوز لأحدٍ أن يفتي بحكم لعب " كرة القدم " وغيرها – فضلاً
عن احترافها – مع إغفاله واقع هذه اللعبة في هذا الزمان ، وبيئتها التي تحيط بها ،
ففي هذه اللعبة كشف للعورات ، وتضييع للصلوات ، والتعرض للفتن والشهوات ، واحتمال
الأذى والإصابات ، مع ما فيها من الغفلة عن الطاعات .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" اللعب بالكرة الآن يصاحبه من الأمور المنكرة ما يقضي بالنهي عن
لعبها ، هذه الأمور نلخصها فيما يأتي :
أولاً : ثبت لدينا مزاولة لعبها في أوقات الصلاة مما ترتب عليه
ترك اللاعبين ومشاهديهم للصلاة أو للصلاة جماعة أو تأخيرهم أداءها عن وقتها ، ولا
شك في تحريم أي عمل يحول دون أداء الصلاة في وقتها أو يفوت فعلها جماعة ما لم يكن
ثَمَّ عذر شرعي .
ثانياً : ما في طبيعة هذه اللعبة من التحزبات أو إثارة الفتن
وتنمية الأحقاد ، وهذه النتائج عكس ما يدعو إليه الإسلام من وجوب التسامح والتآلف
والتآخي وتطهير النفوس والضمائر من الأحقاد والضغائن والتنافر .
ثالثاً : ما يصاحب اللعب بها من الأخطار على أبدان اللاعبين بها
نتيجة التصادم والتلاكم ، فلا ينتهي اللاعبون بها من لعبتهم في الغالب دون أن يسقط
بعضهم في ميدان اللعب مغمى عليه أو مكسورة رجله أو يده ، وليس أدل على صدق هذا من
ضرورة وجود سيارة إسعاف طبية تقف بجانبهم وقت اللعب بها .
رابعاً : الغرض من إباحة الألعاب الرياضية تنشيط الأبدان
والتدريب على القتال وقلع الأمراض المزمنة ، ولكن اللعب بالكرة الآن لا يهدف إلى
شيء من ذلك فقد اقترن به مع ما سبق ذكره ابتزاز المال بالباطل ، فضلاً عن أنه يعرض
الأبدان للإصابات وينمي في نفوس اللاعبين والمشاهدين الأحقاد وإثارة الفتن ، بل قد
يتجاوز أمر تحيز بعض المشاهدين لبعض اللاعبين إلى الاعتداء والقتل كما حدث في إحدى
مباريات جرت في إحدى المدن منذ أشهر ويكفي هذا بمفرده لمنعها ، وبالله التوفيق " انتهى .
" فتاوى ابن إبراهيم " ( 8 / 116 ، 117 ) .
وأما اللعب بها لتقوية البدن وتنشيطه أو لعلاج بعض الأمراض من
غير وقوع في شيء من المحظورات فهو أمر جائز .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" الأصل في مثل هذه الألعاب الرياضية الجواز إذا كانت هادفة
وبريئة ، كما أشار إلى ذلك ابن القيم في كتاب " الفروسية " وذكره الشيخ تقي الدين
ابن تيمية وغيره ، وإن كان فيها تدريب على الجهاد والكر والفر وتنشيط للأبدان وقلع
للأمراض المزمنة وتقوية للروح المعنوية : فهذا يدخل في المستحبات إذا صلحت نية
فاعله ، ويشترط للجميع أن لا يضر بالأبدان ولا بالأنفس ، وأن لا يترتب عليه شيء من
الشحناء والعداوة التي تقع بين المتلاعبين غالباً ، وأن لا يشغل عما هو أهم منه ،
وأن لا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة " انتهى .
" فتاوى ابن إبراهيم " ( 8 / 118 ) .
وقال رحمه الله أيضاً :
" اللعب بالكرة على الصفة الخاصة المنظمة هذا التنظيم الخاص ،
يجعل اللاعبين فريقين ، ويُجعل عوض - أو لا يجعل - : لا ينبغي ؛ لاشتماله عن الصد
عن ذكر الله وعن الصلاة .
وقد يشتمل مع ذلك على أكل المال بالباطل ، فيلحق بالميسر الذي هو
القمار ، فيشبه اللعب بالشطرنج من بعض الوجوه .
أما الشخص والشخصان يدحوان بالكرة ويلعبان بها اللعب الغير منظم
: فهذا لا بأس به ، لعدم اشتماله على المحذور ، والله أعلم " انتهى .
" فتاوى ابن إبراهيم " ( 8 / 119 ) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 22305 )
بيان شروط جواز اللعب بكرة القدم ، ومما جاء فيه :
" الشرط الثالث : ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب ، فضلاً عن أن
تستغرق وقته كلّه ، أو يُعرف بين الناس بها ، أو تكون وظيفته ؛ لأنه يخشى أن يصدق
على صاحبها قوله جل وعلا : ( الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة
الدنيا فاليوم ننساهم ) " انتهى .
وبهذا يتبين أن احتراف كرة القدم الموجود الآن محرم ، لما يتضمنه
من محظورات شرعية ، وإن كان أصل اللعب بكرة القدم مباحاً .
وخاصة إذا علمنا أن من لوازم الاحتراف السفر إلى بلاد الكفر للعب
هناك في أندية عالمية ، ولا يخفى على أحد ما في تلك البلاد من الكفر والفسوق
والعصيان ، ولا يخفى – كذلك – تعرض اللاعبين لفتن النساء والشهوات بسبب الشهرة
والنجومية والمال .
مع التنبيه على أن الإقامة في بلاد الكفر حرام ، ولا تجوز إلا
للحاجة وفق شروط معينة ، سبق بيانها في جواب السؤال رقم ( 38284 )
.
والله أعلم .
*****
7570
تحريك الأصبع في التشهد
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/6004)
سؤال رقم 7570- تحريك الأصبع في التشهد
رأيت بعض المصلين يحركون سباباتهم إلى الأعلى والأسفل أثناء التشهد, فهل هذا من السنة ؟.
الحمد لله
أولاً :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير بأصبعه السبابة ، ويحركها في التشهد في الصلاة .
وقد اختلف أهل العلم في ذلك على أقوال :
1. أما الحنفية : فيرون رفع السبابة عند النفي في الشهادتين ، يعني : عند قوله : " لا " ، ويضعها عند الإثبات .
2. وأما الشافعية : فيرون رفعها عند قوله : " إلا الله " .
3. وعند المالكية : يحركها يميناً وشمالاً إلى أن يفرغ من الصلاة .
4. وعند الحنابلة : يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة ، لا يحركها .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : هذه التحديدات والكيفيات لا أصل لشيء منها في السنة ، وأقربها للصواب مذهب الحنابلة لولا أنهم قيدوا
التحريك عند ذكر الجلالة .
" تمام المنة " ( ص 223 ) .
ثانياً :
أما الأدلة في المسألة :
أ . عن عبد الله بن الزبير قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى
ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه " . رواه مسلم ( 579 ) .
وفي النسائي ( 1270 ) وأبي داود ( 989 ) " كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها " .
وهذه الزيادة ( ولا يحركها ) ضعفها ابن القيم في زاد المعاد(1/238) وضعفها الألباني في تمام المنّة (ص218) .
ب . عن وائل بن حجر قال : قلت : لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي فنظرت إليه فقام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه
ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد فلما أراد أن يركع رفع يديه مثلها قال ووضع يديه على ركبتيه ثم لما رفع رأسه رفع يديه مثلها ثم سجد فجعل
كفيه بحذاء أذنيه ثم قعد وافترش رجله اليسرى ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلق
حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها .
رواه النسائي ( 889 ) . وصححه ابن خزيمة ( 1 / 354 ) وابن حبان ( 5 / 170 ) .وصححه الألباني في إرواء الغليل (367)
وقد استدل الشيخ ابن عثيمين بهذا الحديث ( يحركها يدعو بها ) على أن تحريك السبابة في التشهد يكون عند كل جملة دعائية . قال رحمه الله في
الشرح الممتع :
دلت السنة على أنه يشير بها عند الدعاء لأن لفظ الحديث ( يحركها يدعو بها ) ، فكلّما دعوت حرِّكْ إشارةً إلى علو المدعو سبحانه وتعالى
على هذا فنقول :
السلام عليك أيها النبي ـ فيه إشارة لأن السلام خبر بمعنى الدعاء ـ السلام علينا ـ فيه إشارة ـ اللهم صلّ على محمد ـ فيه إشارة ـ اللهم
بارك على محمد ـ فيه إشارة ـ أعوذ بالله من عذاب جهنّم ـ فيه إشارة ـ ومن عذاب القبر ـ إشارة ـ ومن فتنة المحيا والممات ـ إشارة ـ ومن فتنة المسيح الدجال ـ
إشارة ـ وكلما دعوت تشير ، إشارةً إلى علو من تدعوه سبحانه وتعالى ، وهذا أقرب إلى السنّة اهـ .
ثالثاً :
من السنة عند الإشارة أن ينظر إلى السبابة .
قال النووي :
والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود ويشير بها موجهة إلى القبلة وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص . " شرح مسلم " ( 5 / 81 ) .
وهذا الحديث الذي أشار إليه النووي رحمه الله هو حديث عبد الله بن الزبير المتقدم ولفظه عند أبي داود (989) : ( لا يجاوز بصره إشارته) .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
رابعاً :
ومن السنة أن يشير بها إلى القبلة .
عن عبد الله بن عمر أنه رأى رجلا يحرك الحصا بيده وهو في الصلاة فلما انصرف قال له عبد الله لا تحرك الحصا وأنت في الصلاة فإن ذلك من
الشيطان ولكن اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قال فوضع يده اليمنى على فخذه وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة ورمى ببصره إليها ثم
قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع . رواه النسائي (1160) رواه ابن خزيمة ( 1 / 355 ) وابن حبان ( 5 / 273 ) . وصححه الألباني في صحيح
النسائي .
خامساً :
حني الإصبع عند الإشارة جاء من حديث نمير الخزاعي عند أبي داود ( 991 ) والنسائي (1274 ) .
لكنه حديث ضعيف .
انظر : " تمام المنة " للألباني ( ص 222 ) .
والله أعلم .
*****
7571
مقترحات لكيفية إنهاء القطيعة بين أقارب متخاصمين
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > صلة الرحم >(1/6005)
سؤال رقم 7571- مقترحات لكيفية إنهاء القطيعة بين أقارب متخاصمين
السؤال :
قال خالي لوالدتي إنه لا يرغب في رؤية عائلتنا بعد الآن أبدا. فما هو دورنا في هذه الحالة، وأرجو أن تضع في الحسبان أننا لم نفعل أي شيء يغضبه أو يغضب عائلته؟.
الجواب :
الحمد لله
لا بدّ من البحث عن السبب ، فليس من المتوقّع أن يحدث مثل هذا الموقف بدون أي سبب ، لكن يمكن أن يكون قد خفي عليكم ، وإذا لم تكونوا تعمدتم فعل شيء يغضبه فلا تتحملون مسئولية ما حدث من القطيعة ، لكن عليكم الصبر ، والإحسان إليه وان أساء إليكم فلعله أن يرجع حين يرى حسن خلقكم .
وكثيرا ما تكون مثل هذه المواقف الصّارمة والقاسية آنيّة ومؤقتة وتكون قد نشأت عن ظرف معيّن غضب الشّخص بسببه فإذا سكن غضبه ومرّت فترة من الهدوء عادت الأمور إلى ما كانت عليه أو قريبا من ذلك ، وقد تحصل أحداث شديدة ومواقف متشنجة توافق طبيعة نفسية سيئة وحقدا وقابلية للتشبّع بالضغائن فينتج عن ذلك قطيعة طويلة الأمد فلا بدّ في الحالة هذه من التنفيس التدريجي للأطراف بحيث تخفّ حدّة الكراهية مع تذكير القاطع لرحمه بحقّ القرابة وما ذكر الله ورسوله في هذا الأمر والوعيد الشديد لمن قطع رحمه ، وإذا وُجد حقّ مأخوذ ظلما من أحد الأطراف وجب السعي إلى إعادته إليه ولا بأس من محاولة ردّ الاعتبار إلى الطرف المظلوم عن طريق الاعتذار والقيام بجلسة مصالحة وما شابه ذلك مما يدخل في قوله تعالى : ( فأصلحوا ذات بينكم ) ويرجو القائم بالصّلح الأجر المذكور في قوله تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا(114) سورة النساء
وقد يكون من الأفضل أحيانا تأخير التدخّل والبدء في حلّ المشكلة إلى حين تهدأ فيه الأمور وتكون النفوس قابلة لفتح الموضوع والسماع للمصلحين والاستجابة لمقترحاتهم .
نسأل الله أن يهدي الجميع .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
7576
إلقاء المرأة المسلمة كلمة على محفل فيهم رجال أجانب
الآداب > العلاقة بين الجنسين > آداب الكلام مع النساء >(1/6006)
سؤال رقم 7576- إلقاء المرأة المسلمة كلمة على محفل فيهم رجال أجانب
السؤال : هل يجوز أن يقوم أحد الأخوة بإعداد كلمة لتلقيها إحدى الأخوات؟ سيكون موضوع الكلمة النساء في الإسلام, لكن الأخت ستلقي هذه الكلمة أمام الجميع (رجال ونساء). أنا أظن أنه لا يجوز, لكن المنظمين قالوا بأن ذلك يجوز, وهم يطلبون الدليل على عدم الجواز. فهل هناك أدلة حول هذا الموضوع؟.
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله :
نرى أنه لا يجوز ذلك إلا للحاجة وشرط أن لا يراها الرجال ، بل يكون بينها وبينهم حاجز ، ولا تبالغ في ترقيق صوتها ، فإن صوتها قد يكون عورة ، كما منعت من التسبيح في الصلاة - إذا سها الإمام - وأمرت بالتصفيق لئلا يعرف صوتها . انتهى الشيخ عبد الله بن جبرين
وهنا نسأل الإخوة القائمين على تنظيم هذا الملتقى : ما هي الحاجة إلى إلقاء المرأة كلمة أمام جمع من الناس فيهم رجال ، نرجو أن لا يكون الجواب بأنهم يريدون إثبات أنّ الإسلام لا يظلم المرأة أو ليبرهنوا أنّهم من المتفتّحين والمتنورين !! أو غير ذلك من الأسباب الخاطئة والعجيبة التي لا تبرّر أبدا فتح باب للفتنة تريد الشريعة إغلاق أمثاله ، ونكرر النصيحة دائما : اضبطوا أعمالكم وأنشطتكم بالضوابط الشرعيّة والله الهادي إلى سواء السبيل . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7577
أهل الزوجة مصرون على عمل منكر في حفل الزفاف
الفقه > معاملات > النكاح >(1/6007)
سؤال رقم 7577- أهل الزوجة مصرون على عمل منكر في حفل الزفاف
السؤال :
سأتزوج قريبا , وترغب الفتاة وأهلها أقامة حفل زفاف مكلف يتخلله بعض الأمور المحرمة مثل الموسيقى واختلاط الجنسين وغير ذلك . كيف أتصرف ؟ هل أقوم بإلغاء هذا الارتباط وأتزوج بفتاة غيرها ؟.
الجواب :
الحمد لله
ما يريده أهل الفتاة محرم ولا شك ، ولا يمكن القبول به ولا يجوز إرضاء الناس بسخط الله ، ولا ننصحك مطلقا أن تبدأ حياة زوجية بحرام ، وعلى المسلم أن يربأ بنفسه وأهله أن تكون امرأته سلعة رخيصة ، ينظر إليها من هبّ ودبّ وهي في كامل زينتها .
وننصحك لمواجهة الموقف بالقيام بما يلي :
1. أن تنصحهم بالحسنى وتبيّن لهم الحكم الشرعي فيما ينوون فعله وتحذّرهم من إغضاب الله عزّ وجلّ وتبيّن حرمة الموسيقى والاختلاط ، وأنّه يُمكنهم إقامة عرس جيّد وناجح دون هذه الأمور المحرّمة وأنّه ليس من مصلحتهم قطّ لا في الدنيا ولا في الآخرة أن يقوموا بمقابلة نعمة الله في زواج ابنتهم بأن يعصوه ويخالفوا أمره ويرتكبوا ما يُغضبه .
2. فإن لم يُجْد ذلك : فابحث عن عقلاء من أهلهم وأقربائهم ومن أهلك أيضا ممن تحسن فيهم الظن ، وترجو منهم الخير ، لعل الله أن يكتب على يديهم الفرج لك ، وترك المنكرات ولو بالضّغط عليهم وإحراجهم .
3. فإن لم ينفع ذلك فاسعَ بتوسيط أحد أهل العلم والعقل الراجح ممن يقدِّرونه ويحترمونه ، فلعله أن يستحيي منهم ، أو يقنعهم بسوء ما ينوون فعله فيتركونه .
فإن لم يأت ذلك بنتيجة فلك أن تهددهم بالطلاق والفراق ، ولعلهم ينتبهون أن هذا قد يسيء لهم عند الناس ، فيتركون ما حرَّم الله . ولعلّ إطالة المدة بين العقد والزواج يأتي بنتيجة في إقناع هؤلاء .
4. فإن لم يستجيبوا مطلقا فإننا نحذّر تحذيرا بالغا من التورّط مع هؤلاء القوم ، اللهم إذا قلنا بأنّ الفتاة ذات دين وخلق ولا ترضى بما يفعله أهلها وتستطيع أنت وهي عدم حضور المنكر وأن تنسحبا من الحفل عند الشّروع فيما يُغضب الله مع إعلان الإنكار والبراءة مما سيبدؤون به من المنكر وتترك المكان وتذكر قول الله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم إنكم إذا مثلهم ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيّره .. )
والله المستعان وإليه المشتكى وعليه التُكلان .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7578
هل يُعطى المسلم بالاسم فقط شيئا من الميراث
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/6008)
سؤال رقم 7578- هل يُعطى المسلم بالاسم فقط شيئا من الميراث
السؤال :
هل يجب على المسلم أن يطبق ما ورد في القرآن من قوانين تخص الإرث ؟
ماذا إذا كان بعض أفراد العائلة كفارا (هم مسلمون لكنهم لا يصلون ولا يصومون ...الخ) فماذا يكون الحكم ؟
سعت الناس يقولون أن تلك القوانين تطبق إذا كان جميع أفراد العائلة يتبعونها فهل هذا صحيح ؟.
الجواب :
لا يسقط شيء من دين الله لاختلاف الزمن أو المكان أو الحال ، لا أحكام الإرث ولا غيرها صالح في كل زمان ومكان للعرب والعجم ذكرهم وأنثاهم غنيهم وفقيرهم بدويهم وحضرهم ، كلهم في ذلك سواء . ولما ذكر الله تعالى في سورة " النساء " المواريث قال في آخر الآية:
{ فريضةً من الله إن الله كان عليماً حكيماً } ( سورة النساء/11 ) .
قال الإمام ابن كثير في شرح هذه الآية :
هو فرض من الله حَكَمَ به وقضاه ، والله عليم حكيم الذي يضع الأشياء في محالها ويعطي كلاًّ ما يستحقه بحسبه ، ولهذا قال الله تعالى { إن الله كان عليماً حكيماً } . " التفسير " ( 1 / 500 )
ثم قال الله تعالى في شأن أحكام المواريث ومقاديرها :{ تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم . ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } ( النساء / 13-14 ) .
فالآية الكريمة يقرر الله تعالى فيها : أن ترك العمل بالميراث بما يقتضي الشرع تعدٍّ لحدود الله تعالى ، وأن فاعل ذلك خالد في النار وله عذاب مهين .
واعلم - رحمك الله - أن علم الميراث نصف العلم كما قال بعض العلماء ، قال ابن كثير :
قال ابن عيينة : إنما سمي الفرائض نصف العلم لأنه يُبتلى به الناس كلهم . " التفسير " ( 2 / 497 ) .
ثانياً :
إذا ترجح لديك أن تارك الصلاة كافر مرتد - وهو الراجح والله أعلم - فلا يجوز لكافر أن يرث من مال المسلم شيئاً ولا يجوز للمسلم أن يرث من مال الكافر شيئاً .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " . رواه البخاري ( 6383 ) ومسلم ( 1614 ) .
وعليه :
لا يرث تاركو الصلاة من الذين يقيمونها ولا يرث مقيمو الصلاة من الذين تركوها شيئاً .
ثالثاً :
ينبغي أن تتأكد إن كان تارك الصلاة هذا ، قد تركها تركاً مطلقاً أم أنه يصلي بعض الفروض ويترك بعضا ، فإن كان الثاني فلا يكون كافراً ، لأن الكافر الذي يترك الصلاة بالكلية ويقطعها قطعاً مطلقاً .
رابعاً :
مما سبق يتبين أن إقامة حدود الله في المواريث واجب على كل حال سواء أكان جميع أفراد العائلة قابلين بهذا الحكم أو بعضهم لأن حكم الله ثابت ، علما أنّ كل من لم يقبل بحكم الله ولم يرضَ به فهو كافر لا يرث من قريبه المسلم شيئا ولا يرث منه قريبه المسلم إذا مات على اعتراضه وسخطه على حكم الله وكفره . والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
758
تريد الدخول في الإسلام وتخشى على صحة أمّها من الخبر
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/6009)
سؤال رقم 758- تريد الدخول في الإسلام وتخشى على صحة أمّها من الخبر
أنا لست مسلمة ولكني أحترم الدين وأؤمن به. وأنا أؤمن بالله على الرغم من أن غير المسلمين ينظر إليهم على أنهم كفار. غير أنني لن أستطيع تغيير ديني لأن أمي ليست بصحة جيدة وقد لا تتحمل فقد ابنتها الوحيدة. وأنا أحب رجلاً مسلماً ونرغب في الزواج. وقد وعدت مخلصة كل الإخلاص أننا إذا تزوجنا ورزقنا بأولاد فإنهم سيتبعون الإسلام. فهل يجوز لنا أن نتزوج دون أن أغير ديني؟ كذلك أرجو توجيهي أين أستطيع أن أقرأ المزيد حول هذا الموضوع
الحمد لله
لقد قطعت أيتها السائلة الكريمة شوطا مهما في معرفة الحقّ والتوجّه
إليه والذي فهمته من سؤالك أنّك ترغبين في الدخول في الإسلام ولكن الذي يمنعك من
ذلك الخشية على أمّك المريضة لو سمعت الخبر ، فإن كان هذا ما تخشينه فأقول لك إنّ
تخطي هذه العقبة ليس بالأمر العسير فإنّه يمكنك من الناحية العملية إخفاء إسلامك
وعدم إفشاء دخولك في الدّين ولا يُشترط أن تُعلني إسلامك في مركز إسلامي ولا غيره
وإنما النّطق بالشهادتين ( انظري سؤال رقم 1402 ) والإقبال
على ممارسة شعائر الدين ويمكنك أن تصلي في مكان خفي ، ولن يعسر عليك الصيام كذلك
إذ أنّه يمكنك بسهولة الاعتذار بأي عذر عند تقديم شيء من الطعام لك أثناء نهار شهر
الصيام
وأريد أن أذكر لك هاهنا أمورا ثلاثة :
الأول : أنّه يجب أن يكون الحامل لكِ على الدّخول في الدّين هو إرضاء
الله سبحانه وتعالى الذي لا يقبل دينا غير الإسلام كما قال في كتابه الكريم : ( وَمَنْ
يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ
مِنْ الْخَاسِرِينَ ) سورة آل عمران 85
وأن يكون الهدف من وراء دخولك في الإسلام هو إنقاذ نفسك من الخلود
في نار جهنم في الآخرة والفوز بجنّة عرضها السماوات والأرض ، وأن لا يكون الدافع
للدخول في الدّين العاطفة الناشئة عن تلك العلاقة (!) بينك وبين ذلك الرجل المسلم
. وأن تعلمي أنّ دخولك في الدّين أمر لا بدّ منه سواء تزوجت ذلك الرّجل أم لا .
ثانيا : أنّ طاعة الله وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مقدّمة
على طاعة أقرب قريب وأحبّ حبيب ولو كانت الأمّ أو الزوج أو غيرهما ، وقد قال نبي
الهدى محمد صلى الله عليه وسلم الذي ينطق بالوحي من عند ربّه : " ثَلاثٌ مَنْ
كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ
إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ
" . صحيح البخاري فتح رقم 16
وقال : " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ
إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " . صحيح مسلم رقم 44
ثالثا : إن كنت تخشين من دخولك في الإسلام أن تفقدي أمك ظنّا منك
أن الإسلام يحتم مقاطعتها لأنها كافرة وأنت مسلمة فهذا خطأ ، لأن الإسلام يأمر ببر
الوالدين وإن كانا كافرين فلعلك إذا أسلمت تكونين أبر بأمك ، مما يدعوها إلى الدخول
في الإسلام فسارعي إلى الدخول في الإسلام وقومي بدعوة أمك وغيرها إلى هذا الدين الحق
الذي أساسه عبادة الله وحده لا شريك له وإذا فعلت ذلك تمت سعادتك حيث أنقذت نفسك
وأمك من النار .
أسأل الله أن يعجّل بإسلامك ويثبّتك عليه ويرزقك الزوج الصالح والذريّة
الطيّبة والله الهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7585
أهله يريدون صورة لأولاده ماذا يفعل ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/6010)
سؤال رقم 7585- أهله يريدون صورة لأولاده ماذا يفعل ؟
السؤال :
هل يجوز أن أرسل لعائلتي صورة لطفلي حيث أني أقيم في كندا وهم يعيشون في السعودية ؟ أعلم أن التصوير لا يجوز ، لكني سوف لن أصور إلا صورة واحدة فقط لأرسلها لوالدين وللعائلة.
الجواب :
مع تقديرنا للعواطف والمشاعر النفسية للأهل فإن الحالة التي ذكرتها لا تبرر انتهاك حرمة التصوير مادامت هذه الصور مطبوعة أو مرسومة أو منقوشة كما تقدم في سؤال رقم 365
وبعض العلماء يجيز الصورة الزائلة وغير الثابتة مثل الصور المخزنة في ذاكرة أجهزة الكمبيوتر والتي تعرض على الشاشة ثم تزول ، فإذا كانت المشكلة تحل بتخزين الصورة ( على نمط jpg وإرسالها عبر الإنترنت بحيث لا تكون صورة ثابتة ) فإن ذلك يجوز عند بعض العلماء .
ونريد أن ننبه أن الذكرى الحقيقة في القلب وأنه قد مرت أجيال كثيرة جداً على البشرية كانوا يحفظون فيها المودة ويدوم فيها الاشتياق ويفعلون فيها الخير بعضهم لبعض ويدعو فيها الجد لحفيده وهو لم يره ، وجزاك الله خيراً على سؤالك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
76052
الزنا الذي يوجب الحد
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/6011)
سؤال رقم 76052- الزنا الذي يوجب الحد
قرأت في أحد مواقع الإفتاء عن شاب مارس مع فتاة جميع الأعمال الزوجية إلا الإدخال فقط ، فما حكم ذلك في الدين ؟ وهل عليه حد الزنا ؟ وهل يعتبر أنه زنا بها ؟ وهل زواجه منها يعتبر تكفيرا له ؟ وما عليه فعله كي يتوب ؟ وكان الرد في هذا الموقع أو ما فهمته أنا منه أنه يعتبر زانيا لأن الإقدام على فعل الجرم كفاعله .
الحمد لله
أولا :
يشترط في الزنا الذي يوجب الحد أن يتم الإيلاج ، وهو إدخال حشفة
الذكر في الفرج ، فلو لم يدخلها أو أدخل بعضها فليس عليه الحد . جاء في "الموسوعة
الفقهية" (24/23) في بيان شروط حد الزنا المتفق عليها بين الفقهاء : " لا خلاف بين
الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنا إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو
لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال
ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا " انتهى .
ثانيا :
مقدمات الزنا من اللمس والتقبيل ووضع الفرج على الفرج من غير
إيلاج ، لا تأخذ حكم الزنا ، ولا يحد فاعلها حد الزنا ولكنه يعزر ويؤدب ؛ لارتكابه
حراما ومنكرا بينا ، ولما قد تفضي إليه هذه الأعمال من الوقوع في الزنا الحقيقي ،
وقد سمى الشرع هذه الأعمال زنا ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (6243) ومسلم
(2657) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا
أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ
الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ
كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ).
قَالَ اِبْن بَطَّال رحمه الله : " سُمِّيَ النَّظَر وَالنُّطْق
زِنًا لأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيّ , وَلِذَلِكَ قَالَ (
وَالْفَرْج يُصَدِّق ذَلِكَ وَيُكَذِّبهُ )" انتهى نقلا عن "فتح الباري".
وراجع السؤال رقم ( 81995 )
.
ثالثا :
الواجب على من صدرت منه هذه الأعمال أن يتوب إلى الله تعالى توبة
صادقة ، وذلك بالإقلاع عنها ، والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها ، وترك
الأسباب والوسائل التي تفضي إلى ذلك كالخلوة والنظر والمصافحة .
وأما الزواج من هذه الفتاة ، فإن كانت عفيفة لم تقترف الزنا ، أو
ألمت بذلك ثم تابت إلى الله تعالى فلا حرج في الزواج منها ، ولم نقف على دليل يفيد
أن هذا الزواج يكفّر تلك المعصية ، بل الذي يكفرها هو التوبة إلى الله ، وإصلاح
العمل ، قال الله تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 .
رابعا :
لا يصح إطلاق القول بأن الإقدام على فعل الجرم كفعله ، بل هذا
فيه تفصيل :
فمن هم بالمنكر ثم تركه ، كان مأجورا مثابا ، كما في الحديث عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : قَالَ : إِنَّ
اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ
بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً
، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ
حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَمَنْ هَمَّ
بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً
كَامِلَةً ، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً
وَاحِدَةً ) رواه البخاري (6491) ومسلم (131) .
وإن همّ بالمنكر وعزم عليه وشرع في فعله ، أو سعى في تحصيله ،
لكن لم يتمكن منه ، لأمر خارج عنه ، فهو مأزور غير مأجور ، كما دل عليه حديث : (
إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي
النَّارِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ
الْمَقْتُولِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ ) رواه البخاري (31) ومسلم (2888).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وبهذا ينفصل النزاع في
مؤاخذة العبد بالهمة ، فمن الناس من قال : يؤاخذ بها إذا كانت عزما ، ومنهم من قال
: لا يؤاخذ بها ، والتحقيق أن الهمة إذا صارت عزما فلابد أن يقترن بها قول أو فعل ؛
فإن الإرادة مع القدرة تستلزم وجود المقدور .
والذين قالوا يؤاخذ بها احتجوا بقوله : ( إذا التقى المسلمان
بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار ) الحديث ، وهذا لا حجة
فيه [أي على المؤاخذة بمجرد الهم]؛ فإنه ذكر ذلك في رجلين اقتتلا كل منهما يريد قتل
الآخر وهذا ليس عزما مجردا ، بل هو عزم مع فعل المقدور لكنه عاجز عن إتمام مراده ،
وهذا يؤاخذ باتفاق المسلمين ، فمن اجتهد على شرب الخمر وسعى في ذلك بقوله وعمله ،
ثم عجز فإنه آثم باتفاق المسلمين ، وهو كالشارب وإن لم يقع منه شرب . وكذلك من
اجتهد على الزنا والسرقة ونحو ذلك بقوله وعمله ، ثم عجز فهو آثم كالفاعل ، ومثل ذلك
في قتل النفس وغيره " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/122).
وهذا إنما هو في حصول الإثم واستحقاقا العقوبة في الآخرة ، أما
العقوبة المترتبة على فعل المعصية في الدنيا ، كالحد المترتب على الزنا ، فإنه لا
يعاقب به إلا من زنى حقيقة ، لا من سعى في الزنى ثم عجز عنه .
والله أعلم .
*****
76060
متى يجب على الرجل حد الزنا ؟
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/6012)
سؤال رقم 76060- متى يجب على الرجل حد الزنا ؟
متى يحق على العبد حد الزنا هل يحق إذا التمس الختانان ، وهل يحق إذا تم الجماع من الخارج أي يلقى الرجل منيه خارج الرحم كما يفعل البعض ممن لا يريد الإنجاب أم أنه لا يحق إلا إذا تم الجماع التام ؟ .
الحمد لله
أولاً :
يشترط لإقامة حد الزنا أن يتم الإيلاج ، وهو إدخال حشفة الذكر في
الفرج ، وحينئذ يلتقي الختانان ، أي موضع ختان الرجل مع ختان الأنثى ، فإذا تم
الإيلاج فقد وقع الزنى الذي يوجب الحد ، سواء أنزل الرجل أو لم ينزل ، أو أولج ثم
أنزل في الخارج ، وسواء انتشر ذكره وانتصب أو لم يحصل ذلك .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/23) في بيان شروط حد الزنا المتفق
عليها بين الفقهاء : " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنا إدخال الحشفة
أو قدرها من مقطوعها في الفرج . فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد
لأنه ليس وطئا . ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال . فيجب عليه الحد سواء
أنزل أم لا . انتشر ذكره أم لا " انتهى .
ثانياً :
وليس معنى ذلك أن يتهاون الإنسان في فعل المحرمات ما دام لم يصل
إلى الزنى ! وإنما المراد فقط بيان الزنى الذي يجب به الحد ، أما خلوة الرجل
بالمرأة الأجنبية ولمسها وتقبيلها فلا شك أن ذلك حرام ، يحب على المسلم أن يتركه
خوفاً من عقاب الله تعالى العاجل في الدنيا ، قبل عقاب الآخرة .
نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويرزقنا الهدى والتقى والعفاف
والغنى .
والله أعلم .
*****
7619
ترك الدم في الذبيحة بعد الذبح
الفقه > عبادات > التذكية >(1/6013)
سؤال رقم 7619- ترك الدم في الذبيحة بعد الذبح
السؤال : بعض مصانع اللحوم في البلدان الغربية تتعمد عدم تصفية الدم من الذبيحة ، ليزيد وزنها فيزداد ربحهم في بيعها ، فما حكم الأكل منها ؟.
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله :
ترك الدم في الذبيحه وعدم تصفيتها حرام لا يجوز ، وقد قال الله تعالى : " حرمت عليكم الميتة والدم " . والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن جبرين
*****
762
أدلة تحريم الإسبال
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/6014)
سؤال رقم 762- أدلة تحريم الإسبال
السؤال :
أخبرني أحد الأخوان بأن لبس الملابس تحت الكعب حرام وأن هناك أحاديث كثيرة تثبت هذا ، أريد رأيك حول الموضوع .
الجواب:
الحمد لله
ما قاله لك صاحبك حقّ ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في منع الإسبال فمن ذلك :
ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) البخاري رقم 5787
وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل والمنان والمُنفِّق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم رقم 106
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة ) رواه أبو داود رقم 4085 والنسائي رقم 5334 بإسناد صحيح
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلِ الْإِزَارِ . " رواه النسائي في المجتبى (5332) كتاب الزينة : باب : إسبال الإزار
وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ " رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ سنن الترمذي رقم 1783
وكلّ الأحاديث المتقدّمة عامة في منع الإسبال سواء قصد صاحبه الخيلاء والكبر أو لم يقصد ، ولكن إذا قصد الخيلاء فلا شكّ أنّ إثمه سيكون أعظم وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً ) البخاري رقم 5788 ، ومسلم رقم 2087
وقال جابر بن سليم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة ) صححه الترمذي رقم 2722
ثمّ إنّ المرء لا يستطيع أن يبرّئ نفسه من الخيلاء ولو ادّعى ذلك فلا يُقبل منه لأنّها تزكية لنفسه ، أما من شهد له الوحي بذلك فنعم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر يا رسول الله إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال ( إنك لست ممن يفعله خيلاء ) رواه البخاري رقم 5784.
ومما يدّل على أنّ الإسبال ممنوع ولو لم يكن معه خيلاء حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين ، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ، ومن جرّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه ) رواه أبو داود رقم 4093 بإسناد صحيح . فقد ذكر في الحديثين عملين مختلفين رتّب عليهما جزاءين مختلفين .
وروى الإمام أحمد عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِزَارِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ تَعَلَّمْ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ هُوَ فِي النَّارِ يَقُولُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ زِدْ فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ . " رواه مسلم رقم 2086 كتاب الكبائر للذهبي 131-132.
والإسبال كما يكون في الرّجال فإنّه يكون في النساء كذلك ومما يدلّ عليه حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلاءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ شِبْرًا قَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا تَزِدْنَ عَلَيْهِ ." النسائي : كتاب الزينة : باب ذيول النّساء .
وربما تكون عقوبة المختال في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " رواه مسلم 2088
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
762
أدلة تحريم الإسبال
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/6015)
سؤال رقم 762- أدلة تحريم الإسبال
السؤال :
أخبرني أحد الأخوان بأن لبس الملابس تحت الكعب حرام وأن هناك أحاديث كثيرة تثبت هذا ، أريد رأيك حول الموضوع .
الجواب:
الحمد لله
ما قاله لك صاحبك حقّ ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في منع الإسبال فمن ذلك :
ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ) البخاري رقم 5787
وقال صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل والمنان والمُنفِّق سلعته بالحلف الكاذب ) رواه مسلم رقم 106
وقال صلى الله عليه وسلم : ( الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة ) رواه أبو داود رقم 4085 والنسائي رقم 5334 بإسناد صحيح
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلِ الْإِزَارِ . " رواه النسائي في المجتبى (5332) كتاب الزينة : باب : إسبال الإزار
وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ " رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ سنن الترمذي رقم 1783
وكلّ الأحاديث المتقدّمة عامة في منع الإسبال سواء قصد صاحبه الخيلاء والكبر أو لم يقصد ، ولكن إذا قصد الخيلاء فلا شكّ أنّ إثمه سيكون أعظم وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً ) البخاري رقم 5788 ، ومسلم رقم 2087
وقال جابر بن سليم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة ) صححه الترمذي رقم 2722
ثمّ إنّ المرء لا يستطيع أن يبرّئ نفسه من الخيلاء ولو ادّعى ذلك فلا يُقبل منه لأنّها تزكية لنفسه ، أما من شهد له الوحي بذلك فنعم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر يا رسول الله إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال ( إنك لست ممن يفعله خيلاء ) رواه البخاري رقم 5784.
ومما يدّل على أنّ الإسبال ممنوع ولو لم يكن معه خيلاء حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين ، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ، ومن جرّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه ) رواه أبو داود رقم 4093 بإسناد صحيح . فقد ذكر في الحديثين عملين مختلفين رتّب عليهما جزاءين مختلفين .
وروى الإمام أحمد عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِزَارِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ تَعَلَّمْ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ هُوَ فِي النَّارِ يَقُولُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ زِدْ فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ . " رواه مسلم رقم 2086 كتاب الكبائر للذهبي 131-132.
والإسبال كما يكون في الرّجال فإنّه يكون في النساء كذلك ومما يدلّ عليه حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلاءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ شِبْرًا قَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا تَزِدْنَ عَلَيْهِ ." النسائي : كتاب الزينة : باب ذيول النّساء .
وربما تكون عقوبة المختال في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " رواه مسلم 2088
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7622
وَعَد كافرا أن يذهب معه للكنيسة
العقيدة > الولاء والبراء >(1/6016)
سؤال رقم 7622- وَعَد كافرا أن يذهب معه للكنيسة
السؤال : هل الحنث بالوعد مباح أم لا؟
المسألة أنني أعمل في وظيفة جديدة ولمدة 5 سنوات قادمة -إن شاء الله- ولي زميل نصراني عمره 45 عاماً وهو يحاول أن يتقرب إلي ويكلمني عن النصرانية والقرآن والإنجيل ثم دعاني لأذهب معه إلى الكنيسة ووافقت ثم تراءى لي أن لا أذهب وأن أتوقف عن المناقشة معه.
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله :
لا يجوز له الذهاب إلى الكنيسة لما فيه من تعظيمها وإظهار شأنها والتعرض للإعجاب بالشرك وأهله ، ويجب عليه إخلاف هذا الوعد ، وأن يبين الحكم للكافر حتى يعلم لماذا أخلف معه المسلم الوعد . والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن جبرين
*****
763
ماذا ينفع الميت بعد موته وهل يسمع خطاب الأحياء
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/6017)
سؤال رقم 763- ماذا ينفع الميت بعد موته وهل يسمع خطاب الأحياء
السؤال : توفي والدي منذ أسبوعين ، الذي أريد أن أعرفه هو : عندما نذهب أنا وباقي أفراد العائلة لزيارة قبره ، هل يستطيع أن يسمعنا ويسمع ما نقول له ؟
وإذا لم يستطع ، هل هناك طريقة تجعله يسمعنا ؟ أرجو الرد سريعاً لأني أود أن أعرف وذلك لأني أظن أن الجواب سيساعدني فيما أمر به من ألم .
الحمد لله
الأصل أن الأموات لا يسمعون كلام الأحياء لقوله تعالى : ( وما أنت بمسمع من في
القبور ) وقوله : ( إنك لا تُسمع الموتى ) ، ولما خاطب النبي صلى الله عليه وسلم
قتلى الكفار بعد معركة بدر أسمعهم الله كلامه وهم في قاع البئر التي دفنوا فيها
وكانت تلك حالة خاصّة كما ذكر العلماء رحمهم الله ( يراجع كتاب الآيات البينات
في عدم سماع الأموات )
ولعلّ الدّافع النفسي لتمنّيك سماع والدك لك هو محاولة
عمل شيء لإيجاد الصّلة بعد انقطاعها تخفيفا لألم الفراق الذّي تحسّين به ، ألا
فلتعلمي أيتها الأخت السائلة أنّ الشّريعة قد بيّنت ماذا يستفيد الميّت من الأحياء
وماذا يصل إليه في قبره من جهتهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : إِذَا مَاتَ
الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثةٍ إلا من صَدَقَة جَارِيَة أوَعِلْم يُنْتَفَعُ
بِهِ أوَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ . رواه مسلم/1631 .
فأهمّ ما ينفع والدك بعد موته الآن وأعظم ما تصلينه
به وهو في قبره : الاجتهاد في الدعاء له بالمغفرة والرّحمة والجنّة والعتق من النّار
ونحو ذلك من الأدعية الطيبة الحسنة .
واستغفار الذكر والأنثى من أولاد الميت للميت - وهو
الدعاء له بالمغفرة - فيه ميزة عظيمة كما قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْه
ِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ
أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ . رواه ابن ماجة رقم
3660 وهو في صحيح الجامع 1617
ومما يصل إليه كذلك الصّدقة عنه لما روت عَائِشَةَ
رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ( أي ماتت ) وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ
تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ : نَعَمْ . رواه
البخاري : فتح 1388
وعن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ
سَعدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ
عَنْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ
عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ
فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ ( اسم لبستانه سمي بذلك لكثرة
ثمره ) صَدَقَة ٌ عَلَيْهَا . رواه البخاري : فتح : 2756
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِي
ِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ
يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ * رواه
النسائي
وعَنْ سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ
الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ *رواه النسائي
ومما يصل إلى الميت كذلك الحجّ والعمرة عنه بعد أن
يكون الحيّ قد حجّ واعتمر عن نفسه .
وقد روى عَبْد اللَّهِ بْن بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ
رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ بَيْنَما أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ إِنِّي تَصَدَّقْتُ
عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ قَالَ فَقَالَ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا
عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا صَوْمُ
شَهْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا قَالَ صُومِي عَنْهَا قَالَتْ إِنَّهَا لَمْ تَحُجَّ
قَطُّ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا قَالَ حُجِّي عَنْهَا . رواه مسلم رحمه الله في
صحيحه رقم 1149
وهذا يدلّ كذلك على مشروعية قضاء الصيام عنه .
ومما ينفع الميت أيضا قضاء نذره لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ
تَحُجَّ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ
عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ اقْضُوا اللَّهَ
الَّذِي لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ * البخاري فتح 7315
وممّا يصل إلى الميّت كذلك من الأجر إشراك قريبه
له بالأضحية عند ذبحها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذبح أضحيته : بِاسْمِ
اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ رواه مسلم رقم 1967 وآل محمد فيهم الأحياء والأموات .
وأمّا مسألة زيارة النساء للمقابر فقد تقدّم الجواب
عنها ( يراجع سؤال رقم 251 ) .
واعلمي أيتها الأخت السائلة أنّ انشغالك بإخلاص الدّعاء
لأبيك هو أهمّ وأولى لك وأنفع للميت من التفكير بمسألة سماعه لصوتك فاحرصي على
ما ينفعه وينفعك ، واحذري وأهلك من البدع المحرّمة كذكرى الأربعين ومرور سنة ومجالس
الفاتحة ومنكرات المقابر ونحو ذلك مما يفعله الجهلة ويقلّد بعضهم بعضا فيه .
أسأل الله أن يغفر لأبيك ويرحمه ويتجاوز عنه وعن
سائر أموات المسلمين إنه هو الغفور الرحيم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
76324
تعرف عليها ثم اتفق معها على أن تكون أمة له!!
الفقه > معاملات > الرق >(1/6018)
سؤال رقم 76324- تعرف عليها ثم اتفق معها على أن تكون أمة له!!
لقد تعرفت منذ حوالي 6 شهور عن طريق صديقة لي على شخص مسافر لإكمال دراسته وكانت وسيلة الاتصال بيننا الإنترنت وكانت طبيعة الكلام بيننا عادية كأخ وأخت وكان ينصحني في أمور الدين ومنذ حوالي شهر ونصف طلب مني الارتباط وقال إنه سوف يتقدم لي بمجرد إنهاء دراسته بعد سنتين لكنني فوجئت به يوما يعرض علي موضوعا لم أعرفه من قبل ليحل كلامنا لبعض ولا تكون هناك حرمانية في كلامنا كشخصين مرتبطين وهو أن أقول له وهبتك روحي كامرأة حرة مسلمة ليست لأحد من الرجال وأن يقول قبلت وأخبرني أنه بذلك أصبح حليلة له ولا يوجد أي حرمانية في كلامنا بل نصبح كزوج وزوجته وقد سمى لي هذا بأنه ملك اليمين وقال لي إنه سأل متخصصين في هذا الموضوع وأجازوه لكني في ريبة من هذا الموضوع وقد حاولت أن أسال كثيرا إن كان هذا صحيحا أو لا ؟ وهل يوجد ملك يمين في عصرنا هذا أو لا ؟ أنا محتارة حقا وأرجو الإفادة .
الحمد لله
اعلمي – وفقك الله – أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا تحذيراً شديداً
من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج ، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة
برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت ، وما ذلك إلا
درءاً للفتنة ، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش
الخطيرة ، وانتهاك حرمات الله ، والعياذ بالله أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة
بالشك وفقدان الثقة .
وأنت – وفقك الله – أخطأت بادئ الأمر حين أقمت علاقة تعارف
وصداقة مع شاب لا يمت لك بصلة .
أما قولكِ (وهبتك روحي ..........) فهذا خطأ ، أولاً : لأنه لا
يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور
العلماء منهم الشافعي ومالك وأحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا
بولي ) رواه الترمذي ( 1101 ) وأبو داود ( 2085 ) وابن ماجه ( 1881 ) وصححه
الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1 / 318 ) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل
) رواه الترمذي ( 1102 ) وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) وصححه
الألباني في إرواء الغليل ( 1840 ) .
ثانياً : ولأنه لا يحل لامرأة أن تهب نفسها لرجل ، ولا تكون بذلك
حلالاً له ، فقد كان هذا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقط ، وليس لأحد من أمته
أن يفعل ذلك ، قال الله تعالى : ( وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا
لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ ) الأحزاب/50 .
أما قوله ( بأنه ملك اليمين ) فهذا خطأ أيضاً ، لأن الحرة
المسلمة لا يمكن أن تصير أمة مملوكة ، بل ملك اليمين ( الأمة ) تكون من دولة كافرة
محاربة للمسلمين إذا تم للمسلمين الاستيلاء عليها .
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : " وسبب الملك بالرق : هو الكفر ،
ومحاربة الله ورسوله ، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين لتكون كلمة الله هي
العليا على الكفار : جعلهم ملكاً لهم " انتهى باختصار من "أضواء البيان" ( 3
/ 387 ) .
وأخيراً نحب أن نقول لك : إن الزواج الذي قام على غير أسس شرعية
سليمة مصيرُه الفشل الذريع ، وعضُّ أصابع الندم ، كما أنَّ الشاب الذي يظل طوال هذه
المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عنه عبر الشات والهاتف ، هو في الواقع
شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب ، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين ،
فننصحكِ بالتوبة إلى الله والرجوع إليه والابتعاد عن هذا الشاب ، فهو أسلم لك . قبل
أن تندمي وقت لا ينفع الندم ، ولك عبرة في قصص كثيرة وأحداث مؤلمة كانت بدايته
محادثة ومكالمة هاتفية ، ثم كانت نهايتها الشقاء والندم .
وللفائدة انظري إلى الأسئلة التالية : ( 26067 ) .
*****
7636
شراء مجلات الأزياء النسائية المصورة
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/6019)
سؤال رقم 7636- شراء مجلات الأزياء النسائية المصورة
السؤال :
ما حكم أخذ المجلات التي فيها صور نساء لأخذ أنواع الموديلات التي تتناسب مع شريعتنا السمحة ، وترك ما يكون مخالفاً لها ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز لك أن تشتري هذه المجلات التي بها صور أزياء مختلفة لما فيها من الفتنة وترويج مثل هذه المجلات الضارة ، ويسعك في اللباس ما يسع نساء بلدك .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/75.
*****
7638
المعاونة في شراء سيارات مستعملة بالربا
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/6020)
سؤال رقم 7638- المعاونة في شراء سيارات مستعملة بالربا
السؤال :
أنا رجل مسلم أملك محل لبيع السيارات المستعملة في الولايات المتحدة وأرجو إرشادي ما إذا كان ما أفعله حلال أم حرام ؟ إنني أبيع السيارات للذين لا يستطيعون أن يدفعوا ثمنها كاملاً حالاً ولذا فإني أبيعهم السيارات بثمن أقل وبقسط أسبوعي أقل وبلا فائدة . ولكن العيب في هذا أن بعض هؤلاء يدفع قليلاً ثم ينقطع أو أن يقع حادث للسيارة وينقطع عن الدفع والعيب الآخر هو أنني أنتظر طويلا حتى أحصل على مستحقاتي ومعظم الناس هنا في الولايات المتحدة يتعاملون مع مؤسسات مالية لتساعدهم بالقروض لشراء سيارات منهم وإليك الطريقة :
1) العميل يشتري السيارة التي يحبها .
2) أساعده في ملئ الاستمارة نيابة عن المؤسسة المالية .
3) أرسل الاستمارة إلى المؤسسة المالية كوكيل عن المشتري ووكيل عن المؤسسة.
4) عندما توافق الشركة على الطلب ترسل لي 75-90% من مستحقاتي وتأخذ أقساطا من العميل نظير استمرار القرض. والسؤال هل هذا حلال أم حرام أن أساعد الناس في التعامل مع المؤسسة المالية وهل علي إثم أمام الله أنني أساعدهم في الحصول على قروض بفائدة لشراء السيارة رغم أنني لا أحصل من الشركة أو العميل على أي شيء سوى 75-90% من ثمن السيارة.
كل ما أريده أن أعرف حكم الشرع حتى أنال رضا الله .
الجواب :
الحمد لله
هذه الطريقة حرام شرعا لأنها ربا محض ، قال تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة < 275 > ، وذلك لعدة أسباب :
أولا : المؤسسة المالية كما هو واضح في السؤال مؤسسة ربوية تتعامل بالربا .
ثانيا : الطريقة التي ذكرت - بأن تدفع المؤسسة المالية القيمة للبائع ومن ثم تسترد المبلغ بزيادة على أقساط من المشتري - لا تعدو أن تكون قرضا بفائدة ، فكأن المؤسسة المالية تقرض العميل مبلغا من المال ( مثلا 10.000 دولار ) وتشترط عليه زيادة ( مثلا 10% ) فيرد العميل المال إلى المؤسسة بزيادة على أقساط ( فمبلغ 10.000 يصبح 11.000 ) وهذا ربا فضل واضح لا يجوز وهو عين الربا ، وهو ربا الجاهلية الذي نهانا الله ورسوله عنه .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة < 278 - 279 > .
وقال عز وجل : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) البقرة < 281 > .
وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون " أخرجه أبو داود < 2896 > وابن ماجه < 3064 > .
قال القرطبي في تفسيره : " أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ( القرض ) ربا ، ولو كان قبضة من علف ، كما قال ابن مسعود : أو حبة واحدة " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد اتفق العلماء على أن المقرض متى اشترط زيادة على قرضه كان ذلك حراما " .
ثالثا : وأيضا فإن المؤسسة المالية تشترط على عملائها زيادة أخرى في حال تأخر العميل عن موعد السداد ، وهذا أيضا من الربا .
وقد جاء في قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته الثانية ما يلي :
" كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد : هاتان الصورتان ربا محرم شرعا . "
رابعا : بعد معرفة حكم القرض بفائدة ، ومعرفة تشديد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في النهي عنه ، بقي أن نعرف أن المعاونة على الربا - ولو لم يستفد المعاون - وتيسيره للناس بأي صورة من الصور حرام شرعا . قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ) المائدة < 2 > ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والحال والمحلل له ومانع الصدقة والواشمة والمستوشمة " أخرجه مسلم < 50 > والترمذي < 1038 > وغيرهما .
وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة ما يلي :
يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا أخذا أو عطاء ، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور ، حتى لا يحل بهم عذاب الله ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله .
وهذا القرار اتخذ بالإجماع .
وبناء عليه فلا يجوز لك المشاركة في ابتداء ولا في إكمال المعاملة الربوية بين المشتري والمؤسسة المالية وعليك بالبحث عن طرق أخرى مباحة تضمن فيها حقّك ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لم يحتسب ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه . وفقنا الله وإياك لكل خير ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
76408
يشتكي من سوء معاملة والدته
الآداب > بر الوالدين >(1/6021)
سؤال رقم 76408- يشتكي من سوء معاملة والدته
مشكلتي أن أمي لا تحبنا – نحن أولادها – لا نجتمع معها إلا وتسبنا وتشتمنا وتحاول أن تعتدي علينا بالضرب ، ماذا أفعل ؟ هل أقاطعها ؟ أنا أزورها بعد فترات متباعدة لعل قلبها يلين ، لكن بلا فائدة ، ما إن تراني حتى تبدأ في السب والشتم والطرد من البيت ، وتفعل نفس الشيء مع إخوتي كيف نصل إلى رضاها ؟ حاولنا الكثير والكثير فماذا نفعل ؟.
الحمد لله
بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر ، لقول
الله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً
عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ
الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/14،15 .
فأمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان
الجهد في أمر ولدهما بالشرك - أمر أن يصاحبهما في الدنيا معروفا .
وطاعة الوالدين واجبة على الولد فيما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على
الولد ، أما ما لا منفعة لهما فيه ، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه
طاعتهما حينئذ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الاختيارات " ( ص 114)
: ( ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه
منفعة لهما ، ولا ضرر عليه ) انتهى .
وأما هجرك لها فلا ينبغي ، فإنها أمك وحقها عليك عظيم ، ويمكنك
مواصلتها عن طريق الهاتف ، أو زيارتها بين الحين والآخر ، وتحتسب ما يصيبك منها في
هذه الزيارة من السب والشتم ونحو ذلك ، كل ذلك تبتغي بذلك مرضاة الله .
ولكن تقليلا للشر والضرر الحاصل عليك من زيارتها يمكنك مباعدة ما
بين الزيارتين ، ولكن تتعاهدها بالهاتف إن أمكن أو السؤال عن
أحوالها فربما تحتاج إليك أو تقع في ضائقة ما .
فإذا فعلت ذلك فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى من تقليل زيارتها
ولا تكون عاقا لها ، لأنها - وهي صاحبة الحق في بِرِّك لها – لا تريد منك زيارتها ،
ولا تطالبك بذلك .
وأنت لم تقلل من زيارتها إلا اجتنابا لما يلحقك من الضرر منها .
وللفائدة ينظر جواب السؤالين رقم ( 2621 )
، ( 3044 ) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يهدي والداتك ، ويصلح
أحوالكم .
والله تعالى أعلم .
*****
76418
كيفية توزيع التركة على الأولاد
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/6022)
سؤال رقم 76418- كيفية توزيع التركة على الأولاد
توفي الوالد وترك بيتا باسمه وقام أحد الأبناء ببناء بيت على مساحة الأرض كاملة ولم يساهم في بناء البيت أحد من الأبناء وهم أحياء مع العلم أن الزوجة توفيت قبل الزوج والأجداد توفيا قبل الوالدين بمدة طويلة ونريد الآن والورثة الذكور عددهم(3)والبنات(2)كيف يتم توزيع التركة بينهم ؟.
الحمد لله
ما تركه الوالد والوالدة من ممتلكات ( البيت وغيره ) تقسم عليكم
حسب القسمة الشرعية ، للذكر ضعف الأنثى .
فتقسم التركة إلى ثمانية أجزاء متساوية ، يكون لكل ابن منها
جزءان ، ولكل بنت جزء واحد ، لقول الله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ) النساء/11 .
وأما البيت الذي بناه أخوكم على الأرض ، فإن كان قد بناه لكم على
سبيل الهدية والمنحة فهو لكم ، وإن كان قد بناه على أنه ملك له فهو له ، ولكن تبقى
الأرض لكم تقسم عليكم جميعاً كما سبق ، للذكر مثل حظ الأنثيين .
*****
7645
تهتم بأخيها المعاق ووالداها يريدان تزويجها
الآداب > بر الوالدين >(1/6023)
سؤال رقم 7645- تهتم بأخيها المعاق ووالداها يريدان تزويجها
السؤال :
لي أخ شديد الإعاقة ويتطلب مساندة طوال الوقت وانتباه ووالدي يريدان تزويجي لأنني بنت وأنا أفهم ذلك ولكن صحتهما لا تساعدهما وسيكون من الصعب جداً أن يتحملوه بدوني. وأهتم أنا كثيراً بأخي ولست مستعدة للزواج مطلقاً ( ذهنياً ) فماذا أفعل؟.
الجواب :
الحمد لله
حسناً فعلت حين قمت باعتنائك بأخيك ، فهذا إحسانٌ
له ، وإحسانٌ لوالديك . لكن الزواج سنَّة من سنن الأنبياء شرعه الله لعباده ،
وفطر خلقه على الميل إليه . وأرى لك الاختيار بين عدَّة حلولٍ هي :
إن كانت لديكم القدرة المالية على استئجار من يتولى
رعاية أخيك ، فهذا حسن ، أو يتم البحث عن بعض المحسنين بحيث يتكفل براتب من يرعاه
أو جزء منه .
أن تتزوجي ويسكن أخوك معك ، وتتابعين رعايته .
إن أمكن أن تجدي من يقبل بالزواج بشرط أن تبقي
مع والديك لرعاية أخيك ، ويأتيك زوجك على فتراتٍ في منزلكم أو تخرجي معه لفترات
_ وإن لم يتيسر أحد هذه الحلول ، وشعرت أن تأخيرك
عن الزواج لن يسبب فتنةً لك فلا حرج عليك في ذلك ، أما إن خشيت على نفسك الفتنة
فالزواج أولى لأن فيه صيانةً لدينك ، وخدمة أخيك ليست فرضاً في حقك بل هي تبرعٌ
وإحسان .
الشيخ محمد بن عبد الله الدويش
*****
7646
بعض الأدعية الواردة في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/6024)
سؤال رقم 7646- بعض الأدعية الواردة في الصلاة
هل هناك أسلوب للدعاء أثناء الصلاة ؟.
الحمد لله
لعل السائل يعني بذلك السؤال عن الدعاء في الصلاة .
فلتعلم يا أخي أن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فأفضل الدعاء ما كان موافقاً لسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وينبغي للمسلم أن يحافظ على اللفظ النبوي من غير زيادة ولا نقصان ولا
تبديل .
فعن البراء بن عازب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا
أتيتَ مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل:
" اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك
رغبة ورهبة إليك ، لاملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ،
ونبيك الذي أرسلت " .
فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به ".
قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغْتُ "
اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت " قلت : ورسولك ، قال: "لا ، ونبيك الذي أرسلت ".
رواه البخاري ( 224 ) ومسلم ( 2710 ) .
قال في تحفة الأحوذي :
" ذَكَرُوا فِي إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَدِّهِ اللَّفْظَ أَوْجُهًا . . . قَالَ الْحَافِظُ : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي
الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ قَالَ
الرَّسُولُ بَدَلَ النَّبِيِّ أَنَّ أَلْفَاظَ الأَذْكَارِ تَوْقيفية وَلَهَا
خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى
اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ . وَهَذَا اِخْتِيَارُ الْمَازَرِيِّ قَالَ
فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ
الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ
الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا : اهـ .
وهذه جملة من الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ التي كان يدعو بها في صلاته :
1. بعد تكبيرة الإحرام وقبل البدء بالفاتحة ويسمى دعاء الاستفتاح
:
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح
الصلاة سكت هنيهة فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير
والقراءة ؟ قال : أقول : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق
والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من
خطاياي بالثلج والماء والبرد " . رواه البخاري ( 711 ) ومسلم ( 598 ) .
2. دعاء القنوت في الوتر :
عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات
أقولهن في الوتر "اللهمّ اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وقني
شرما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت
ربنا وتعاليت " . رواه الترمذي ( 464 ) والنسائي ( 1745 ) وأبو داود ( 1425
) وابن ماجه ( 1178 ) . والحديث : حسَّنه الترمذي وغيره . وصححه الألباني في إرواء
الغليل (429) .
3. أثناء الركوع والسجود ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :
" سبحانك اللهمّ ربنا وبحمدك اللهمّ اغفر لي " رواه البخاري ( 761 ) ومسلم (
484 ) من حديث عائشة .
والدعاء في السجود هو أفضل الدعاء لقول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء
) . رواه مسلم ( 482 ) .
4. بين السجدتين ، يقول : " اللهمّ اغفر لي وارحمني واجبرني
واهدني وارزقني " رواه الترمذي ( 284 ) وابن ماجه ( 898 ) . وصححه الألباني
في صحيح الترمذي .
5. بعد التشهد وقبل السلام :
عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع يقول : اللهمّ إني أعوذ بك
من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ) رواه البخاري ( 1311 ) ومسلم ( 588 ) - واللفظ له -
روى البخاري (834) ومسلم (2705) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي . قَالَ : قُلْ : (
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلا أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وَارْحَمْنِي إِنَّك
أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .
وقد روى مسلم (771) حديثاً جمع فيه بعض الأدعية التي كان يدعو
بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ
إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ : وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّ
صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا
شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ أَنْتَ
الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ
نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي
لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي
سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ
وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ،
أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ .
وَإِذَا رَكَعَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ
، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي
.
وَإِذَا رَفَعَ قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا
شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ .
وَإِذَا سَجَدَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ
وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ
وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ .
ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ
وَالتَّسْلِيمِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي
أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ .
والله أعلم.
*****
7646
بعض الأدعية الواردة في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/6025)
سؤال رقم 7646- بعض الأدعية الواردة في الصلاة
هل هناك أسلوب للدعاء أثناء الصلاة ؟.
الحمد لله
لعل السائل يعني بذلك السؤال عن الدعاء في الصلاة .
فلتعلم يا أخي أن خير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فأفضل الدعاء ما كان موافقاً لسنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وينبغي للمسلم أن يحافظ على اللفظ النبوي من غير زيادة ولا نقصان ولا
تبديل .
فعن البراء بن عازب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا
أتيتَ مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل:
" اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك
رغبة ورهبة إليك ، لاملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ،
ونبيك الذي أرسلت " .
فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به ".
قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغْتُ "
اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت " قلت : ورسولك ، قال: "لا ، ونبيك الذي أرسلت ".
رواه البخاري ( 224 ) ومسلم ( 2710 ) .
قال في تحفة الأحوذي :
" ذَكَرُوا فِي إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَدِّهِ اللَّفْظَ أَوْجُهًا . . . قَالَ الْحَافِظُ : وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي
الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ قَالَ
الرَّسُولُ بَدَلَ النَّبِيِّ أَنَّ أَلْفَاظَ الأَذْكَارِ تَوْقيفية وَلَهَا
خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى
اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ . وَهَذَا اِخْتِيَارُ الْمَازَرِيِّ قَالَ
فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ
الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ وَلَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذِهِ
الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا : اهـ .
وهذه جملة من الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ التي كان يدعو بها في صلاته :
1. بعد تكبيرة الإحرام وقبل البدء بالفاتحة ويسمى دعاء الاستفتاح
:
عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح
الصلاة سكت هنيهة فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير
والقراءة ؟ قال : أقول : " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق
والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من
خطاياي بالثلج والماء والبرد " . رواه البخاري ( 711 ) ومسلم ( 598 ) .
2. دعاء القنوت في الوتر :
عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات
أقولهن في الوتر "اللهمّ اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وقني
شرما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت
ربنا وتعاليت " . رواه الترمذي ( 464 ) والنسائي ( 1745 ) وأبو داود ( 1425
) وابن ماجه ( 1178 ) . والحديث : حسَّنه الترمذي وغيره . وصححه الألباني في إرواء
الغليل (429) .
3. أثناء الركوع والسجود ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :
" سبحانك اللهمّ ربنا وبحمدك اللهمّ اغفر لي " رواه البخاري ( 761 ) ومسلم (
484 ) من حديث عائشة .
والدعاء في السجود هو أفضل الدعاء لقول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء
) . رواه مسلم ( 482 ) .
4. بين السجدتين ، يقول : " اللهمّ اغفر لي وارحمني واجبرني
واهدني وارزقني " رواه الترمذي ( 284 ) وابن ماجه ( 898 ) . وصححه الألباني
في صحيح الترمذي .
5. بعد التشهد وقبل السلام :
عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع يقول : اللهمّ إني أعوذ بك
من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ) رواه البخاري ( 1311 ) ومسلم ( 588 ) - واللفظ له -
روى البخاري (834) ومسلم (2705) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي . قَالَ : قُلْ : (
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلا أَنْتَ ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ ، وَارْحَمْنِي إِنَّك
أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .
وقد روى مسلم (771) حديثاً جمع فيه بعض الأدعية التي كان يدعو
بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاته عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ
إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ : وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّ
صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا
شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ . اللَّهُمَّ أَنْتَ
الْمَلِكُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ، ظَلَمْتُ
نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي
لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي
سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ
وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ ،
أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ .
وَإِذَا رَكَعَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ
، وَلَكَ أَسْلَمْتُ ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي
.
وَإِذَا رَفَعَ قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ
مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا
شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ .
وَإِذَا سَجَدَ قَالَ : اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ
وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ
وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ .
ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ
وَالتَّسْلِيمِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي
أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ .
والله أعلم.
*****
7650
وقعت في المحرم مع أخي زوجها
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/6026)
سؤال رقم 7650- وقعت في المحرم مع أخي زوجها
زوجي يسافر كثيراً في أعمال له وهو يغيب لأوقات طويلة وفي أول حياتنا الزوجية عاملني بطريقة سيئة تجاهلني وأساء إلي نفسياً وجنسياً ولقد أحضر أخاه ( 19 عاماً ) ليعيش معنا رغم اعتراضي وقد صار أن كنت أنا وأخوه بمفردنا في البيت وحدث بيننا شيء يسير لكنني تبت منه فهل يحمل زوجي وزراً في هذا لأنه هو الذي تسبب في هذا الموقف ؟ ثم حدث أن اكتشف زوجي ما حدث عن طريق الضغط البدني والنفسي وبرر لي محاولاته للمعرفة بأن له الحق في أن يكتشف خيانتي له . كل ما أريد أن أعرفه هو هل له الحق في التفتيش في ماض ذهب وليس لديه ما يثير شكوكه أو اعتقاده أن هذه العلاقة ما زالت مستمرة أجيبوني جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
إنا لله وإنا إليه راجعون ...
لقد وقع زوجك فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حيث حذر من دخول الرجال على النساء فقيل له : أفرأيت الحمو قال : " الحمو الموت " ،
والحمو هو أخو الزوج وأقاربه كابن عمه ، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمو الموت ) أن الخوف منه أكثر من غيره لأنه يتمكن من الوصول إلى المرأة
والخلوة بها من غير أن يُنكر عليه أحد ، لأن دخوله البيت أمر لا يستغربه الناس ، وكم سمعنا من المآسي التي وقعت بسبب دخول إخوان الزوج على زوجة أخيهم بل
إنه حصل الزنا والحمل من أخي الزوج ، والله المستعان .
ولا يجوز لزوجك أن يبحث عن الماضي وسوئه ، بل يجب عليه أن يستر كما ستر الله ، خاصة بعد التوبة عن مثل هذا ، لأن قلبه من بعدها لن يصفو ،
وسيفسر كل عمل يراه منكِ بعد ذلك على أنه من هذا القبيل .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها
فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يُبد لنا صفحته نُقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " .
رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) . وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 149 )
والقاذورات : يعني المعاصي .
وعن أبي هريرة قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الناس وهو في المسجد فناداه : يا رسول الله إني زنيتُ - يريد نفسه - فأعرض
عنه النبي صلى الله عليه وسلم فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قِبَلَه ، فقال : يا رسول الله إني زنيت فأعرض عنه فجاء لشق وجه النبي صلى الله عليه وسلم الذي أعرض
عنه ، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبك جنون ؟ قال : لا يا رسول الله ، فقال : فهل أحصنتَ ؟ قال : نعم يا رسول الله
، قال : اذهبوا به فارجموه . رواه البخاري ( 6430 ) ومسلم ( 1691 ) . وقد جاء في بعض الروايات أن رجلاً من أسلم أتى أبا بكر فقال له
: إن الآخر قد زنى يعني نفسه فقال : فتب إلى الله واستتر بستر الله ثم أتى عمر كذلك ... انظر فتح الباري ( 12/125 )
قال الحافظ ابن حجر :
ويؤخذ من قضيته : أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على
ماعز .
وأن مَن اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا ، ولا يفضحه ، ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترته بثوبك
لكان خيراً لك " ، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه ، فقال : أُحبُّ لمَن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر
وعمر .
وفيه : أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها ، ولا يخبر بها أحداً ويستتر بستر الله ، وإن اتفق أنه أخبر أحداً :
فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر .
" فتح الباري " ( 12 / 124 ، 125 ) .
وعليه :
فليس للرجل حق في البحث عن الماضي الذي قد تابت عنه زوجته لما قدمنا ، ولا ينبغي للمرأة أن تصارح زوجها بما قد حصل في الماضي وتابت منه ،
ولتستتر بستر الله .
والله أعلم .
*****
7653
لا تريد أن تسكن مع أهل زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/6027)
سؤال رقم 7653- لا تريد أن تسكن مع أهل زوجها
السؤال :
أعيش مع أهل زوجي منذ 7 سنوات ولا أتوافق مع والد زوجي وطلبت من زوجي أن ننتقل من هذه الشقة وهذا الأمر يؤلمه جداً فإنه يقول إنه لا يمكن أن يعيش بدون والديه وأنا لا يمكنني أن أعيش مع والديه وأخيه الأصغر فهل ما أطلبه كثير ؟ وماذا يقول الإسلام في هذا الأمر أجيبوني بأسرع ما يمكن أرجوكم فأنا لا أتحمل وأريد أن يحيا زوجي معي في سعادة .
الجواب :
الحمد لله
أولا : لقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من دخول أقارب الزوج الأجانب على الزوجة كما جاء عن عقبة بن عامر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " . رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
فلا يجوز لها الخلوة بأحد من أحمائها اللهم إلا إذا كانوا صغاراً لا يُخشى منهم ولا يُخشى عليهم .
ثانيا : يجب على الزوج أن يؤمن لزوجته مسكناً يسترها عن عيون الناس ويحميها من البرد والحر بحيث تستكن وتستقر وتستقل به ويكفي من ذلك ما يلبي حاجتها كغرفة جيدة الحال مع مطبخ وبيت خلاء إلا أن تكون الزوجة اشترطت سكناً أكبر من ذلك حال العقد ، وليس له أن يوجب عليها أن تأكل مع أحدٍ من أحمائها . وتوفير المسكن يكون على قدر طاقة الزوج بحيث يليق عُرفا بحال الزوجة ومستواها الاجتماعي .
أ. قال ابن حزم رحمه الله :
ويلزمه إسكانها على قدر طاقته لقول الله تعالى : { أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم } [ سورة الطلاق / 6 ] . أ . هـ . " المحلى " ( 9/ 253 ) .
ب. وقال ابن قدامة رحمه الله :
ويجب لها مسكن بدليل قوله سبحانه وتعالى { أسكنوهن … } ، فإذا وجبت السكنى للمطلَّقة فللتي في صلب النكاح أولى ، قال الله تعالى { وعاشروهن بالمعروف } ، ومن المعروف أن يسكنها في مسكن ، ولأنها لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون ، وفي التصرف والاستمتاع وحفظ المتاع . أ . هـ . " المغني " ( 9 / 237 ) .
ج. قال الكاساني رحمه الله :
ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربها ، فأبت ذلك عليه : فإن عليه أن يسكنها منزلا منفردا … ولكن لو أسكنها في بيت من الدار _ ( أي في غرفة ) _ وجعل لهذا البيت غِلقاً على حدة كفاها ذلك وليس لها أن تطالبه بمسكن آخر لأن الضرر بالخوف على المتاع وعدم التمكن من الاستمتاع قد زال أ.هـ "بدائع الصنائع "( 4 / 23 ).
د. قال ابن قدامة أيضاً :
وليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد بغير رضاهما صغيراً كان أو كبيراً لأن عليهما ضرراً ، لما بينهما من العداوة والغيرة ، واجتماعهما يثير المخاصمة وتسمع كل واحدة منهما حسه إذا أتى الأخرى ( أي : جامعها ) أو ترى ذلك . فإن رضيتا بذلك ( أي بالسكن في مسكن واحد ) جاز لأن الحق لهما فلهما المسامحة بتركه . أ.هـ . " المغني " ( 8 / 137 ) .
وليس مراده رحمه الله أن يعاشر الواحدة تحت بصر الأخرى وسمعها الأخرى وإنما قصده بيان جواز سكنهما في بيت واحد ، بحيث يأتي كل واحدة منهما في ليلتها في مكان من المسكن لا تراهما الأخرى .
وإذا جعل كل زوجة في جناح من البيت فيه مكان للنوم والخلاء والطّبخ كان ذلك كافيا وكذلك لو جعل كلّ واحدة في دور مستقل أو شقة مستقلة .
قال الحصكفي رحمه الله - من الأحناف - : وكذا تجب لها السكنى في بيت خالٍ عن أهله وأهلها بقدر حالهما كطعام وكسوة وبيت منفرد من دار له غلق ومرافق ومراده لزوم كنيف (أي : بيت خلاء ) ومطبخ كفاها لحصول المقصود .أ.هـ.
وعلق ابن عابدين فقال : والمراد من ( الكنيف والمطبخ ) أي : بيت الخلاء وموضع الطبخ بأن يكونا داخل البيت (أي : الغرفة ) أو في الدار لا يشاركهما فيهما أحد من أهل الدار .أ.هـ
"الدر المختار " ( 3 / 599 - 600 ) .
قلت : ومما يدل على أن المراد بالبيت : "الغرفة " قول الكاساني رحمه الله : ولو كان في الدار بيوت ففرغ لها بيتا وجعل لبيتها غلقا على حدة قالوا : إنها ليس لها أن تطالبه ببيت آخر .أ.هـ .
"بدائع الصنائع " ( 4 / 34 ) . ) .
وعلى هذا فيجوز له أن يسكنك في غرفة من البيت يتبعها مرافقها إذا لم تكن هناك فتنة أو خلوة بأحد ممن لا تحرمين عليهم وكانوا في سن البلوغ ، وليس له أن يجبرك على العمل لهم في المنزل أو أن تأكلي وتشربي معهم ، وإذا استطاع أن يوفّر لك سكنا منفصلا عن سكن أهله تمام فهذا أحسن بالنسبة لكِ ولكن وإذا كان والداه كبيرين يحتاجان إليه وليس لهما من يخدمهما ولا يُمكن خدمتهما إلا بالسّكن بجوارهما فيجب عليه ذلك .
وأخيراً : ندعوك أيتها الأخت المسلمة إلى التحلّي بالصبر والعمل على إرضاء الزوج ومساعدته ما أمكن في برّ أهله حتى يأتي الله بالفرج والسّعة ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7654
هل يمكن الكلام مع الجن واستخدامهم ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/6028)
سؤال رقم 7654- هل يمكن الكلام مع الجن واستخدامهم ؟
السؤال :
تكلمت مع رجل يدعي أنه يكلم الجن وأخبرنا ببعض الأمور عن نفسي وهؤلاء الناس يستخدمون ألفاظاً وكلمات من القرآن ليسيطروا على الجن . فما رأيك فيهم ؟ وهل يجوز الكلام معهم ؟ ومن هم أهل الكتاب ؟
كيف يمكن أن أتكلم مع الجن والملائكة وأراهم فهناك كتب عن هذا وتستخدم القرآن .
الجواب :
مخاطبة الجن ممكنة ، والإخبار عن المغيبات ، وما في النفس ، من ادعاء علم الغيب فهو حرام ، والذين يستخدمون ألفاظا ً وكلمات من القرآن ليسيطروا على الجن ، وسائلهم غير شرعيه غالبا ً ، فاستخدام الجن من خصائص سليمان عليه السلام ، ولذا لمّا أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يوثق الجنيّ الذي تغلّب عليه في صلاته تذكر دعوة سليمان عليه السلام فتركه .
وحينئذ ٍ يتعين نصح هؤلاء فإن امتثلوا وإلا فالسلامة في مقاطعتهم وعدم الكلام معهم .
وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى .
والكلام مع الجن إن حصل من غير سببٍ منك فلا مانع من أن تتكلم معهم بل يستحب دعوتهم إلى دين الله والاستقامة على شرعه كما يُدعى الأنس ، ولا يُنصح بقراءة كتب ، ولا قراءة القرآن من أجل ذلك فالقرآن لم يُنزل لهذه الأمور بل أُنزل ليكون نبراسا ً ومنهجا ً في حياة المسلم ، يقتفي المسلم أثره باتباع أوامره واجتناب نواهيه .
وأما الملائكة فحصل للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء رؤيتهم ، وحصل لبعض الأولياء مخاطبتهم كما جاء عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه كانت الملائكة تسلّم عليه حتى اكتوى فترك ، ثم ترك الكي فعاد التسليم . والله أعلم
الشيخ : عبد الكريم الخضير .
*****
7660
هل من الغيبة شكوى أقاربها إلى زوجها
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الرقائق > آفات اللسان > الغيبة >(1/6029)
سؤال رقم 7660- هل من الغيبة شكوى أقاربها إلى زوجها
السؤال :
هل حديث الأم مع ابنها عن ابنها الآخر أو بنتها ، وكلام الزوجة مع زوجها عن أخيها، وكلام الأخ لأخيه عن أخيهما الثالث ، هل هذا غيبة ؟.
الجواب :
الحمد لله
الغيبة خلق ذميم نهانا الله ورسوله عنه ، قال تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات / 12 ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ، التقوى ها هنا ، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه " رواه مسلم برقم 4650 والترمذي برقم 1850 ، وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " رواه أبو داود برقم 4253 .
وأما معنى الغيبة ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته " رواه مسلم برقم 4690 والترمذي برقم 1857 . فالغيبة أن تذكر أخاك في غيابه بشيء يكره أن يقال عنه ، بقصد السخرية منه والاستهزاء به .
أما إن كان ذكرك له في غيابه عند من يقدر أن ينصحه لينصحه ، والاستعانة بمن يرجى منه التأثير عليه لتغيير منكر وقع فيه أو خطأ ، ولكي يعود إلى الصواب فهذا ليس بغيبة ، مثل أن تتكلم الزوجة مع زوجها أو مع ابنها عن ابنها الآخر كي ينصحه فهذا ليس بغيبة .
وكذلك إن كان حديثك عن أخيك أو غيره لوليه - أو القادر على ردعه عن ظلم - بقصد الشكاية وطلب النصرة ، أو أنه أخذ شيئا منك بغير وجه حق فتريد أن تطالب بحقك من ولي من أخذ حقك ، كأن يشكو الرجل أخاه إلى أبيه إن كان أساء إليه أو أخذ حقا من حقوقه لينصفه منه ، وكذلك التظلم للسلطان أو القاضي : فهذا ليس بغيبة .
يقول النووي رحمه الله في شرح شرح صحيح مسلم : " لَكِنْ تُبَاح الْغِيبَة لِغَرَضٍ شَرْعِيّ , وَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَسْبَاب : أَحَدهَا التَّظَلُّم ; فَيَجُوز لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيْرهمَا مِمَّنْ لَهُ وِلايَة أَوْ قُدْرَة عَلَى إِنْصَافه مِنْ ظَالِمه , فَيَقُول : ظَلَمَنِي فُلان , أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا . الثَّانِي الاسْتِغَاثَة عَلَى تَغْيِير الْمُنْكَر , وَرَدّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَاب , فَيَقُول لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَته : فُلان يَعْمَل كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْو ذَلِكَ . الثَّالِث الاسْتِفْتَاء بِأَنْ يَقُول لِلْمُفْتِي : ظَلَمَنِي فُلان أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ زَوْجِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاص مِنْهُ وَدَفْع ظُلْمه عَنِّي ؟ وَنَحْو ذَلِكَ , فَهَذَا جَائِز لِلْحَاجَةِ , وَالأَجْوَد أَنْ يَقُول فِي رَجُل أَوْ زَوْج أَوْ وَالِد وَوَلَد : كَانَ مِنْ أَمْره كَذَا , وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِين جَائِز لِحَدِيثِ هِنْد وَقَوْلهَا : إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُل شَحِيح . الرَّابِع تَحْذِير الْمُسْلِمِينَ مِنْ الشَّرّ , وَذَلِكَ مِنْ وُجُوه : مِنْهَا جَرْح الْمَجْرُوحِينَ مِنْ الرُّوَاة , وَالشُّهُود , وَالْمُصَنِّفِينَ , وَذَلِكَ جَائِز بِالإِجْمَاعِ , بَلْ وَاجِب صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ , وَمِنْهَا الإِخْبَار بِعَيْبِهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة فِي مُوَاصَلَته , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا مَعِيبًا
أَوْ عَبْدًا سَارِقًا أَوْ زَانِيًا أَوْ شَارِبًا أَوْ نَحْو ذَلِكَ تَذْكُرهُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَعْلَمهُ نَصِيحَة , لا بِقَصْدِ الإِيذَاء وَالإِفْسَاد , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّد إِلَى فَاسِق أَوْ مُبْتَدِع يَأْخُذ عَنْهُ عِلْمًا , وَخِفْت عَلَيْهِ ضَرَره , فَعَلَيْك نَصِيحَته بِبَيَانِ حَاله قَاصِدًا النَّصِيحَة , وَمِنْهَا أَنْ يَكُون لَهُ وِلايَة لا يَقُوم بِهَا عَلَى وَجْههَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّته أَوْ لِفِسْقِهِ , فَيَذْكُرهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلايَة لِيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى حَاله , فَلا يَغْتَرّ بِهِ , وَيَلْزَم الاسْتِقَامَة . الْخَامِس أَنْ يَكُون مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَته كَالْخَمْرِ وَمُصَادَرَة النَّاس وَجِبَايَة الْمُكُوس وَتَوَلِّي الأُمُور الْبَاطِلَة فَيَجُوز ذِكْره بِمَا يُجَاهِر بِهِ , وَلا يَجُوز بِغَيْرِهِ إِلا بِسَبَبٍ آخَر . السَّادِس التَّعْرِيف فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ كَالأَعْمَشِ وَالأَعْرَج وَالأَزْرَق وَالْقَصِير وَالأَعْمَى وَالأَقْطَع وَنَحْوهَا جَازَ تَعْرِيفه بِهِ , وَيَحْرُم ذِكْره بِهِ تَنَقُّصًا وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيف بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى . وَاَللَّه أَعْلَم " .
أما إن كان الكلام لا فائدة منه أو يقصد منه السخرية والاستهزاء أو التشهير فهذه غيبة لا تجوز ، والله تعالى أعلم ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
7660
هل من الغيبة شكوى أقاربها إلى زوجها
الرقائق > آفات اللسان > الغيبة >(1/6030)
سؤال رقم 7660- هل من الغيبة شكوى أقاربها إلى زوجها
السؤال :
هل حديث الأم مع ابنها عن ابنها الآخر أو بنتها ، وكلام الزوجة مع زوجها عن أخيها، وكلام الأخ لأخيه عن أخيهما الثالث ، هل هذا غيبة ؟.
الجواب :
الحمد لله
الغيبة خلق ذميم نهانا الله ورسوله عنه ، قال تعالى : ( وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات / 12 ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ، كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ، التقوى ها هنا ، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه " رواه مسلم برقم 4650 والترمذي برقم 1850 ، وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم " رواه أبو داود برقم 4253 .
وأما معنى الغيبة ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته " رواه مسلم برقم 4690 والترمذي برقم 1857 . فالغيبة أن تذكر أخاك في غيابه بشيء يكره أن يقال عنه ، بقصد السخرية منه والاستهزاء به .
أما إن كان ذكرك له في غيابه عند من يقدر أن ينصحه لينصحه ، والاستعانة بمن يرجى منه التأثير عليه لتغيير منكر وقع فيه أو خطأ ، ولكي يعود إلى الصواب فهذا ليس بغيبة ، مثل أن تتكلم الزوجة مع زوجها أو مع ابنها عن ابنها الآخر كي ينصحه فهذا ليس بغيبة .
وكذلك إن كان حديثك عن أخيك أو غيره لوليه - أو القادر على ردعه عن ظلم - بقصد الشكاية وطلب النصرة ، أو أنه أخذ شيئا منك بغير وجه حق فتريد أن تطالب بحقك من ولي من أخذ حقك ، كأن يشكو الرجل أخاه إلى أبيه إن كان أساء إليه أو أخذ حقا من حقوقه لينصفه منه ، وكذلك التظلم للسلطان أو القاضي : فهذا ليس بغيبة .
يقول النووي رحمه الله في شرح شرح صحيح مسلم : " لَكِنْ تُبَاح الْغِيبَة لِغَرَضٍ شَرْعِيّ , وَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَسْبَاب : أَحَدهَا التَّظَلُّم ; فَيَجُوز لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيْرهمَا مِمَّنْ لَهُ وِلايَة أَوْ قُدْرَة عَلَى إِنْصَافه مِنْ ظَالِمه , فَيَقُول : ظَلَمَنِي فُلان , أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا . الثَّانِي الاسْتِغَاثَة عَلَى تَغْيِير الْمُنْكَر , وَرَدّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَاب , فَيَقُول لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَته : فُلان يَعْمَل كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْو ذَلِكَ . الثَّالِث الاسْتِفْتَاء بِأَنْ يَقُول لِلْمُفْتِي : ظَلَمَنِي فُلان أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ زَوْجِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ ؟ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاص مِنْهُ وَدَفْع ظُلْمه عَنِّي ؟ وَنَحْو ذَلِكَ , فَهَذَا جَائِز لِلْحَاجَةِ , وَالأَجْوَد أَنْ يَقُول فِي رَجُل أَوْ زَوْج أَوْ وَالِد وَوَلَد : كَانَ مِنْ أَمْره كَذَا , وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِين جَائِز لِحَدِيثِ هِنْد وَقَوْلهَا : إِنَّ أَبَا سُفْيَان رَجُل شَحِيح . الرَّابِع تَحْذِير الْمُسْلِمِينَ مِنْ الشَّرّ , وَذَلِكَ مِنْ وُجُوه : مِنْهَا جَرْح الْمَجْرُوحِينَ مِنْ الرُّوَاة , وَالشُّهُود , وَالْمُصَنِّفِينَ , وَذَلِكَ جَائِز بِالإِجْمَاعِ , بَلْ وَاجِب صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ , وَمِنْهَا الإِخْبَار بِعَيْبِهِ عِنْد الْمُشَاوَرَة فِي مُوَاصَلَته , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا مَعِيبًا
أَوْ عَبْدًا سَارِقًا أَوْ زَانِيًا أَوْ شَارِبًا أَوْ نَحْو ذَلِكَ تَذْكُرهُ لِلْمُشْتَرِي إِذَا لَمْ يَعْلَمهُ نَصِيحَة , لا بِقَصْدِ الإِيذَاء وَالإِفْسَاد , وَمِنْهَا إِذَا رَأَيْت مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّد إِلَى فَاسِق أَوْ مُبْتَدِع يَأْخُذ عَنْهُ عِلْمًا , وَخِفْت عَلَيْهِ ضَرَره , فَعَلَيْك نَصِيحَته بِبَيَانِ حَاله قَاصِدًا النَّصِيحَة , وَمِنْهَا أَنْ يَكُون لَهُ وِلايَة لا يَقُوم بِهَا عَلَى وَجْههَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّته أَوْ لِفِسْقِهِ , فَيَذْكُرهُ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلايَة لِيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى حَاله , فَلا يَغْتَرّ بِهِ , وَيَلْزَم الاسْتِقَامَة . الْخَامِس أَنْ يَكُون مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَته كَالْخَمْرِ وَمُصَادَرَة النَّاس وَجِبَايَة الْمُكُوس وَتَوَلِّي الأُمُور الْبَاطِلَة فَيَجُوز ذِكْره بِمَا يُجَاهِر بِهِ , وَلا يَجُوز بِغَيْرِهِ إِلا بِسَبَبٍ آخَر . السَّادِس التَّعْرِيف فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبٍ كَالأَعْمَشِ وَالأَعْرَج وَالأَزْرَق وَالْقَصِير وَالأَعْمَى وَالأَقْطَع وَنَحْوهَا جَازَ تَعْرِيفه بِهِ , وَيَحْرُم ذِكْره بِهِ تَنَقُّصًا وَلَوْ أَمْكَنَ التَّعْرِيف بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى . وَاَللَّه أَعْلَم " .
أما إن كان الكلام لا فائدة منه أو يقصد منه السخرية والاستهزاء أو التشهير فهذه غيبة لا تجوز ، والله تعالى أعلم ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
7669
كيف تتعامل مع زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/6031)