سؤال رقم 47061- كفالة اليتيم القريب
أحد أخوالي توفاه الله وله ستة أبناء هل يمكن أن أكفل أحد أبنائه أم أن كفالة اليتيم لا تكون للأرحام ؟ وإن جازت كفالتي هل تعتبر صالحة إذا كنت في بلد عربي وهم في بلد عربي آخر وأكتفي بإرسال مبلغ مالي شهريا إلي جانب تقديمي للهدايا عند زيارتي لهم علما باني لي إجازة كل سنة ؟ وهل يجوز أن يكون المال المرسل على دفعتين سنويا ؟ .
الحمد لله
لا شك أن كفالة اليتيم من أعمال البر العظيمة ، وخصال الخير
الحميدة ، فقد أمر الله تعالى بها في كتابه ، وذكر فضلها نبينا - صلى الله عليه وسم
- في سنته .
قال الله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين
إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب
بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) النساء/36 ، وقال تعالى : ( ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر
والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى ) البقرة/177
وعن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أنا وكافل
اليتيم في الجنة هكذا وقال بإصبعيه السبابة والوسطى ) رواه البخاري برقم
5659
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كافل
اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار مالك بالسبابة والوسطى ) رواه مسلم برقم 2983
وكفالة اليتيم لا تقتصر على الأباعد ، فتستحب في الأقارب
والأباعد ، بل أجر كفالة اليتيم القريب يشمل كفالة اليتيم ، وأجر صلة الرحم .
ويدل لذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – السابق .
قال الحافظ في الفتح :" ومعنى قوله له بأن يكون جدا أو عما أو
أخا أو نحو ذلك من الأقارب أو يكون أبو المولود قد مات فتقوم أمه مقامه " 10/436
وقال النووي :" وأما قوله له أو لغيره فالذي له أن يكون قريبا له
كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه والذي لغيره
أن يكون أجنبيا " شرح مسلم 18/113
إذا علم هذا فيجوز أن ترسل مال كفالة اليتيم ، وأنت في بلد آخر ،
ويجوز أن ترسله على دفعتين أو أكثر ، وينبغي أن تلحظ في ذلك مصلحة اليتيم ، حتى لا
يحتاج إلى المال .
وإذا أرسلت المال إلى بلد اليتيم ، فإن الناظر على شأن اليتيم
عليه أن ينفق منه على اليتيم بالمعروف دون إسراف أو تقتير .
واعلم أخي أن من أهم معاني كفالة اليتيم السعي في تنشئتة التنشئة
الإسلامية الصحيحة فاحرص على تعاهده بما يناسب عمره مما يكون له أثر في ذلك من
كتيبات وأشرطة واهتمام وعناية في وقت إجازتك بما يكون له الأثر الحسن بإذن الله في
إعطائه شيئاً من شفقة وحنان من فقده .
ونسأل الله أن يثبت أجرك ويكثر في الأمة من أمثالك .
انظر السؤال رقم ( 5201 ) .
*****
47062
حكم صناعة الرجل الآلي
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4660)
سؤال رقم 47062- حكم صناعة الرجل الآلي
معلوم أنه في يوم القيامة سيأتي المصورون يقول لهم الله : " أحيوا ما خلقتم "، وهم أشد الناس عذابًا . أسال الآن عن حكم صنع أجهزة الإنسان الآلي ، ما هي الضوابط التي ينبغي اعتبارها عند صنع إنسان آلي ذي قدرات متعددة؟ مع العلم أنه يمكن صنعه على شكل غير شكل الإنسان ( مثل الذكاء الصناعي ، وكاميرا للرؤية ، ومستشعرات لمس الخ ) ؟ .
الحمد لله
صناعة الإنسان الآلي لا تخرج عن حكم التصوير ، وخلاصة ذلك أنه
إذا صُمم جهاز آلي على صورة إنسان ، أو صورة أحد ذوات الأرواح ، فإن ذلك محرم ،
ويدخل في الوعيد الشديد على المصورين الذين يضاهون خلق الله عز وجل فيقال لهم يوم
القيامة : أحيوا ما خلقتم ، ويدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أشد
الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) رواه البخاري برقم 5606 ، ومسلم برقم
2109
أما إذا صمم جهازاً لا على هيئة ذوات الأرواح أو كان تصميمه غير
مكتمل بحيث لا يصدق عليه أنه إنسان أو من ذوات الأرواح فلا حرج في ذلك .
واعلم أنه مهما بلغ الإنسان في الدقة والمهارة ، فلن يستطيع أن
يصل إلى عشر معشار خلق الله عز وجل : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون/14
انظر الأسئلة ( 34522 ، 26841 ، 32730 ، 34839 ) .
*****
47067
استخدام أموال الشركة للأغراض الشخصية .
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4661)
سؤال رقم 47067- استخدام أموال الشركة للأغراض الشخصية .
نحن نعمل في شركة عامة ونقوم باستخدام الآلات وأدوات الشركة في تصوير بعض المقالات الإسلامية لكي يستفيد منها غيرنا ، ونقوم بالاستماع إلى خطب الشيوخ والدعاة والقرآن الكريم من خلال الكمبيوتر مع العلم أنه لا يتعارض مع وقت العمل وإنما في وقت الفراغ بعد الانتهاء من العمل ، فهل يجوز لنا ذلك وأما فيما سبق هل التوبة عنه تكفي .
الحمد لله
استخدام آلات التصوير ونحوها مما فيه استهلاك لآلات العمل لا
يجوز ، حتى وإن كان بغرض توزيع المقالات الإسلامية ، لأن الموظف أمين على ما أعطي ،
وأمين على ما كلف به ، فلا يجوز التصرف فيما ائتمن عليه في غير مصلحة العمل .
فإن كانت الشركة خاصة ولها مالك معين ، وكان المالك يسمح بمثل
تلك الاستخدامات فلا حرج ، لأنه بمنزلة التبرع ممن يملك ، أما إن كانت حكومية فلا
يجوز ذلك ، حتى لو أذن رئيسك في العمل ، لأنه لا يملك ذلك لنفسه فكيف يملكه لغيره .
ومثل ذلك استخدام الكمبيوتر للاستماع إلى المحاضرات والقرآن
الكريم ، لا سيما إذا كان ذلك يستدعي اتصالا بشبكة الإنترنت ونحو ذلك مما فيه تكلفة
على العمل .
أما إن كان لا يستدعي تكلفة إضافية فلا تزال الشبهة قائمة ، لأنه
استهلاك لجهاز الكمبيوتر في غير مصلحة العمل .
وحاصل الأمر أنه لا يجوز الإقدام على مثل هذا العمل ، وعليكم
التوبة إلى الله عز وجل ، ورد ما استهلكتموه .
فإن كنتم قد استهلكتم أوراقا للتصوير ، فعليكم رد مثلها ، ومثل
ذلك رد استخدام آلة التصوير ، فإن لم تستطيعوا تقدير ثمن استخدام آلة التصوير ،
فتحروا ما يكون فيه إبراء لذمتكم ، ويمكنكم أن تجعلوا بدل ذلك الاستخدام أوراقا أو
نحو ذلك ، مما فيه مصلحة العمل .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم استخدام
سيارات الدولة للأغراض الشخصية ?
فأجاب رحمه الله : " استخدام سيارات الدولة وغيرها من الأدوات
التابعة للدولة كآلة التصوير وآلة الطباعة وغيرها لا يجوز للأغراض الشخصية الخاصة ،
وذلك لأن هذه للمصالح العامة ، فإذا استعملها الإنسان في حاجته الخاصة فإنه جناية
على عموم الناس ، فالشيء العام للمسلمين لا يجوز لأحد أن يختص به ، ودليل ذلك أن
النبي - صلى الله عليه وسم - حرم الغلول ، أي أن يختص الإنسان بشيء من الغنيمة
لنفسه ، لأن هذا عام ، والواجب على من رأى شخصا يستعمل أدوات الحكومة أو سيارات
الحكومة في أغراضه الخاصة أن ينصحه ويبين له أن هذا حرام ، فإن هداه الله عز وجل
فهذا هو المطلوب ، وإن كانت الأخرى ، فليخبر عنه ، لأن هذا من باب التعاون على البر
والتقوى ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسم - أنه قال : ( انصر أخاك ظالما أو
مظلوما ) قالوا : يا رسول الله ، هذا المظلوم فكيف الظالم ؟ قال ( تمنعه من الظلم ،
فذلك نصرك إياه ) أو فذلك نصره ."
وسئل : وإذا كان رئيسه راض بهذا ، فهل هناك حرج ؟
فأجاب رحمه الله : " ولو رضي الرئيس بهذا لأن الرئيس لا يملك هذا
الشيء فكيف يملك الإذن لغيره فيها " لقاء الباب المفتوح س 238
انظر السؤال رقم ( 40509 ، 4651 ) .
*****
47072
أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4662)
سؤال رقم 47072- أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
كم عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وما أسماؤهن؟ أرجو الجواب بدليل واضح مع ذكر رقم الحديث واسم الكتاب ورقم الصفحة . حيث يوجد كثير من الخلط في هذا الموضوع .
الحمد لله
تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما يلي :
1- خديجة بنت خويلد رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
وهي أول أزواجه عليه الصلاة والسلام ، وقد تزوجها النبي صلى الله
عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وأولاده كلهم منها
إلا إبراهيم .
عقد البخاري رحمه الله باباً في صحيحه فقال : بَاب تَزْوِيجِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ وَفَضْلِهَا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا ، وروى فيه حديثا عن عائشة رضي الله قَالَتْ : ( مَا غِرْتُ عَلَى
امْرَأَةٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا غِرْتُ عَلَى
خَدِيجَةَ ، هَلَكَتْ ( أي : ماتت ) قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي لِمَا كُنْتُ
أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا ) رواه البخاري ( 3815 ) .
2- سودة بنت زمعة بن قيس :
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من النبوة ، طبقات ابن سعد من طريق الواقدي 8/52-53 ، وابن كثير في البداية والنهاية 3/149 .
3- عائشة بنت أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم في شوال من السنة العاشرة من
النبوة . ابن سعد 8/58-59 . قالت هي نفسها : ( تَزَوَّجَنِي
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وبنى
بي وأنا بنت تسع سنين ) . رواه البخاري ( 3894 ) ومسلم ( 1422 ) . وروى البخاري ( 5077 ) أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا .
4- حفصة بنت عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ
بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ ( أي : مات زوجها خنيس ) وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ،
تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ ، قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ
فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ ، فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ
عُمَرَ ، قَالَ : سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ، فَقَالَ : قَدْ
بَدَا لِي أَنْ لا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا . قَالَ عُمَرُ : فَلَقِيتُ أَبَا
بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ ، فَصَمَتَ
أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي
عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ
فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ
أَرْجِعْ إِلَيْكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ
أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ
لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ
تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا . رواه البخاري ( 4005 ) .
5- زينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان على رأس واحد وثلاثين
شهرا من الهجرة . طبقات ابن سعد 8/115 .
6- أم سلمة بنت أبي أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
روى مسلم (918) عن أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا قالت :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ
عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي ، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا
مِنْهَا ، إِلا أَجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ ، وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا
مِنْهَا ) . قَالَتْ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ كَمَا أَمَرَنِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي
خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وفي رواية : (
فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ : مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ
صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! ثُمَّ عَزَمَ
اللَّهُ لِي فَقُلْتُهَا ، قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) .
7-جويرة بنت الحارث رضي الله عنها :
وقعت أسيرة في أيدي المسلمين في غزوة بني المصطلق ، وجاءت إلى
النبي صلى الله عليه وسلم تطلب منه أن يعينها في مكاتبتها لعتق رقبتها ، فعرض عليها
قضاء كتابتها وزواجه بها فقبلت . فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها
صداقها . فلما علم الناس بذلك أعتقوا مَنْ بأيديهم من السبي ( الأسرى ) إكراما
لأصهار الرسول صلى الله عليه وسلم . فما كانت امرأة أعظم على قومها بركة منها . رواه ابن إسحاق بإسناد حسن ، سيرة ابن هشام 3/408-409 .
8- زينب بنت جحش رَضِيَ اللَّهُ عَنْها .
وفيها نزل قول الله تعالى : ( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا
وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي
أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) الأحزاب/37 .
وبهذا كانت تفتخر على نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وتقول : ( زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى
مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ) رواه البخاري (7420) .
9- أم حبيبة بنت أبي سفيان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما :
روى أبو داود ( 2107 ) عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ ،
فَمَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ ، فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ أَرْبَعَةَ آلافٍ ، وَبَعَثَ
بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ شُرَحْبِيلَ
ابْنِ حَسَنَةَ . صححه الألباني .
10- ميمونة بنت الحارث رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ . رواه البخاري (1837) ومسلم (1410) .
وقوله : (وهو محرم) وهم ، والصواب أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها بعد أن تحلل من عمرة القضاء .
انظر : "زاد العاد" (1/113) ، "فتح الباري" حديث رقم (5114) .
11- صفية بنت حيي بن أخطب رَضِيَ اللَّهُ عَنْها :
أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها بعد غزوة خيبر . رواه البخاري (371) .
فهؤلاء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي دخل بهن ، وتوفيت
منهن اثنتان في حياة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهما : خديجة ،
وزينب بنت خزيمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ، وتوفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التسع البواقي من غير خلاف بين أهل العلم .
وانظر : "زاد المعاد" (1/105-114) .
وقيل : ومن أزواجه ريحانة بنت عمرو النضرية ، وقيل : القرظية ،
سبيت يوم غزوة بني قريظة ، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه فأعتقها
وتزوجها ، ثم طلقها تطليقة ثم راجعها . طبقات ابن سعد عن الواقدي 8/130 .
وقيل : بل كانت أمَتَه ، وكان يطؤها بملك اليمين . ورجحه ابن
القيم في "زاد المعاد" .
*****
47073
اختراع وِرد من أدعية الكتاب والسنة بعدد معين لزيادة فترة الذكر
أصول الفقه > البدعة >
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/4663)
سؤال رقم 47073- اختراع وِرد من أدعية الكتاب والسنة بعدد معين لزيادة فترة الذكر
هل من يعمل ورداً يومياً من الكتاب والسنة كالأدعية مثلا وبعدد معلوم من أجل زيادة وقت العبادة والجلوس أطول فترة ممكنة في المسجد هل عليه شيء وما الدليل ؟.
الحمد لله
يستحب للمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى ؛ لأن الله عز وجل يقول
: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً *
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) الأحزاب/41-42 . وقال
تعالى : ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ
لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الأحزاب/35 ،
والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً، كما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك حين
قال : ( لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني في
صحيح الترمذي (2687) .
والأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان :
الأول : ما ورد تقييده بعدد معين ، فينبغي الالتزام بالعدد
الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان ، كالأذكار أدبار
الصلاة ، وكقول (سبحان الله وبحمده) مائة مرة صباحاً ومساءً ، وقول ( لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) في اليوم مائة
مرة . ونحو ذلك .
الثاني : ما لم يرد تقييده بعدد معين ، كالترغيب المطلق في
التسبيح والتحميد والتهليل وقراءة القرآن ونحو ذلك ، فهذا يأتي به الإنسان مطلقاً
من غير التزام بعدد معين كما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
"الأصل في الأذكار والعبادات التوقيف ، [ أي أن يقتصر الشخص على
ما أتى به الشرع ، فلا يعبد الله إلا بما شرعه على لسان رسول صلى الله عليه وسلم ]
، وعليه فما ثبت بالأدلة القولية أو العملية تقييده بوقت ، أو عدد ، أو تحديد مكان
له ، أو كيفية ؛ عبدنا الله به على ما ثبت من الشرع له ، وأما ما شرعه الله من
الأذكار والأدعية وسائر العبادات مطلقا عن التقييد بوقت أو عدد أو مكان أو كيفية
فلا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية ، أو وقت أو عدد، بل نعبده به مطلقا كما ورد". انتهى من كتاب ( فتاوى إسلامية 4/178.)
وللاطلاع على المزيد حول هذا الموضوع يمكنك مراجعة سؤال رقم ( 22457 ) و ( 21902 )
في هذا الموقع ، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
*****
47086
رد الأموال المسروقة إلى أصحابها الكفار
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/4664)
سؤال رقم 47086- رد الأموال المسروقة إلى أصحابها الكفار
بدأت الصلاة مؤخرًا وأسعى إلى التوبة من أعمالي السيئة التي اقترفتها في الماضي . وأعلم أن من شروط التوبة رد المظالم إلى أصحابها المسلمين . فماذا عن غير المسلمين ؟ قالوا لي إن مثلهم رفض الإسلام وبالتالي لا كرامة لهم . فإذا كنت قد سرقت من شخص غير مسلم ، فهل يجب رد الحق إليه علمًا بأني قد أتعرض بسبب هذا إلى مضايقات جنائية من قِبل غير المسلمين ؟ وماذا ينبغي أن أفعل مع هذه الأشياء التي اغتصبتها من غير المسلمين ؟.
الحمد لله
أولاً : نهنئك بمحافظتك على الصلاة وسعيك إلى التوبة ، ونبشرك
بأن الله تعالى يقبل توبة من تاب إليه ويغفر ذنبه ، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه الترمذي وحسنه
الألباني .
ثانياً : لا شك أن السرقة كبيرة من كبائر الذنوب وقد رتب الله
عليها الحد في الدنيا والعقاب الشديد في الآخرة .
قال الله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا
أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ ) المائدة/38 . وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ ) . رواه البخاري (6783) ومسلم (1687) .
والسرقة حرام سواء كان المسروق منه مسلماً أم كافراً معصوم الدم
والمال ، أما الكافر المحارب للمسلمين فيجوز أخذ ماله ، لأن ذلك في حالة الحرب
يعتبر غنيمة ولا يعتبر سرقة .
ثالثاً : أما أخذ أموال الكفار على سبيل الغدر والخيانة فهو محرم
، لأن الغدر محرم في الإسلام سواء مع المسلم أم مع الكافر .
روى البخاري (2583) عن المغيرة بن شعبة أنه كان قد صحب قوماً في
الجاهلية ، فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" أما الإسلام أقبلُ ، وأما المال فلستُ منه في شيء " ، ورواية أبي داود (2765) : "
أما الإسلام فقد قبلنا ، وأما المال فإنه مال غدرٍ لا حاجة لنا فيه ) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الحافظ ابن حجر : " قوله ( وأما المال فلستُ منه في شيءٍ )
أي : لا أتعرض له لكونه أخذه غدراً ، ويستفاد منه : أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في
حال الأمن غدراً ؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة ، والأمانة تؤدَّى إلى أهلها
مسلِماً كان أو كافراً ، وأن أموال الكفار إنما تحل بالمحاربة والمغالبة ، ولعل
النبي صلى الله عليه وسلم ترك المال في يده لإمكان أن يسلم قومه فيرد إليهم أموالهم
. فتح الباري ( 5 / 341 ) .
ومن أمثلة الغدر أن يكون الكافر قد دخل بلاد المسلمين بأمان ، أو
دخل المسلم بلاد الكفار بأمان (كالتأشيرة) فإن مقتضى هذه التأشيرة أنهم يؤمنونه على
نفسه وماله ، وفي هذه الحال يكونون هم أيضاً في أمان منه على أنفسهم وأموالهم ، فلا
يجوز له الاعتداء عليهم أو غصب أموالهم أو سرقتها .
قال الشافعي رحمه الله فيمن دخل بلاد الكفار واستطاع أن يأخذ
شيئا من أموالهم : ": وإذا دخل رجل مسلم دار الحرب بأمان .. وقدر على شيء من
أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئاً قلّ أو كثر؛ لأنه إذا كان منهم في أمان فهم
منه في مثله، ...، ولأن المال ممنوع بوجوه : أولها : إسلام صاحبه . والثاني : مال
من له ذمة . والثالث : مال من له أمان إلى مدة أمانه". الأم ( 4 / 284 ) .
وقال السرخسي : :" أكره للمسلم المستأمِن إليهم في دينه أن يغدر
بهم لأن الغدر حرام . . . فإن غدر بهم وأخذ مالهم وأخرجه إلى دار الإسلام كرهت
للمسلم شراءه منه إذا علم ذلك لأنه حصله بكسب خبيث ، وفي الشراء منه إغراء له على
مثل هذا السبب وهو مكروه للمسلم ، والأصل فيه حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .
. . ثم ذكر الحديث السابق". المبسوط ( 10 / 96 ) .
فإذا وفق اللهُ المسلمَ للتوبة من أخذ أموال الناس بغير حق ، فمن
شروط هذه التوبة إرجاع الحقوق إلى صاحبها وإن كان كافرا، فإن كان هناك خوف من
الفضيحة أو مضايقات جنائية في رد الحقوق إلى أهلها فإنه يجوز له أن يبحث عن الطريقة
المناسبة التي تحفظ له كرامته ويُرجع فيه الحق لأهله من غير أن يحرج نفسه بأن يرسل
له المبلغ بالبريد أو يوكل أحدا بإبلاغه دون أي يذكر اسمه وسرقته وذلك لأنه لا يشرط
على من أراد أن يرجع الحقوق لأهلها أن يكشف عن نفسه وهويته ؛ إذ المقصود هو رجوع
الحق إلى صاحبه .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله : "… فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من
جهة ما سرقة : فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا
وكذا ، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه ، لكن قد يرى الإنسان أن هذا
الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب – مثلاً – إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا
وكذا وأخذت منك كذا وكذا ، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم – مثلاً –
من طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ، ويقول له هذه
لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله – عز وجل – فأرجو أن توصلها إليه". فتاوى إسلاميَّة ( 4 / 162 ) .
ويراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 7545 ) ( 14367 ) ( 31234 ) من هذا الموقع .
*****
47088
يزعم أن الزكاة لا تتكرر كلّ سنة
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >
سؤال رقم 47088: يزعم أن الزكاة لا تتكرر كلّ سنة
هل الواجب إخراج الزكاة كل عام ؟ لقد اشتريت ذهبًا للادخار الشخصي ، وزنه حوالي 1 كيلوجرام فهل عليّ الزكاة بنسبة اثنين ونصف في المائة بعد مرور أول عام فقط أم يجب إخراج الزكاة عليه كل عام ؟ (الذهب هنا مثال) . وقد قال أحد أئمة الهند أن زكاة الأعيان تجب مرة واحدة فقط في العمر وليس كل عام . وعلى من ادعى أن الزكاة واجبة كل عام أن يأتي بالدليل من الكتاب والسنة .
فما مدى صحة هذا الكلام ؟ وما هو الدليل ؟.
الحمد لله
اتفق العلماء من السلف والخلف على أن الزكاة تتكرر بتكرر الأعوام
على الأموال من الذهب والفضة ونحوها .
قال ابن حزم في مراتب الإجماع : " واتفقوا على أن الزكاة تتكرر
في كل مال عند انقضاء كل حول حاشا الزروع والثمار ، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها
إلا مرة في الدهر فقط " [ ص 38 ] ولم يتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بشيء في نقد
مراتب الإجماع .
ودليل هذا الإجماع هو عمل الأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم
إلى يوما هذا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة وجامعي الزكاة إلى
القبائل والبلدان ، ولم يكونوا يفرقون بين ما أدي زكاته العام الماضي وما لم يؤد ،
بل كانوا يأخذون الزكاة على كل ما هو موجود بأيدي الناس من أموال زكوية .
قال ابن سيرين: " كان المصدق يجيء فأين ما رأى زرعا قائما أو
إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة ." المدونة 1/361
وما قاله ذلك الشخص من أن زكاة الذهب لا تتكرر كل عام يدل على
جهله ، والواجب أن يُعَلَّم ، وأن يرشد للصواب .
والواجب على المسلم أن لا يتعجل إلى الفتوى بمجرد قول ظهر له ،
وعليه الرجوع إلى أقوال العلماء ، والأئمة ليعرف مواضع الإجماع فلا يشذّ عنها .
والله أعلم .
*****
47096
على يد مَنْ يكون التغيير ، وواقع المسلمين يتناقض مع عظمة دينهم
الدعوة > دعوة المسلمين >
سؤال رقم 47096: على يد مَنْ يكون التغيير ، وواقع المسلمين يتناقض مع عظمة دينهم
إن الإسلام هو الدين الوحيد القائم على العدل والذي يحل مشاكل الإنسانية خاصة في الأحداث الراهنة ، هذه هي الحقيقة الكونية. وواجب المسلمين جميعًا أن يجتهدوا في تطبيق هذا الدين حتى ترتقي البشرية ، لكن للأسف انحط المسلمون ونزلوا إلى أدنى المراتب. ألا تعتقد ـ في ظل هذه الحال ـ أن الله سبحانه وتعالى قد يختار قومًا آخرين يأتي التغيير المطلوب على أيديهم بعد أن سلك المسلمون طرق النفاق والرياء ؟.
الحمد لله
ليس من شك في تلك الحقيقة الكونية التي ذكرتها ، والعدل بين
الناس أصل شرعي عام مع كل أحد ، سواء في استحقاقه المؤمن والكافر ، والحبيب والبغيض
؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ
قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة/8 ، وقال تعالى : ( فَلِذَلِكَ فَادْعُ
وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا
وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) الشورى/15
وليس من شك ، كذلك ، في أنه لا أمل لهذه البشرية في النجاة من
مشكلاتها ، ولا هداية لها من ضلالها ، إلا بهذا الدين ، قال الله تعالى : (
فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ
فَأَنَّى تُصْرَفُون َ) يونس/32 ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون َ) الأعراف/96 وليس صلاح البشرية على هذا الدين ، وفسادها بتركه ، لما
تضمنه من العدل مع جميع الخلق ، فحسب ، بل إن أعظم ما يصلح البشرية على هذا الدين
قيامه على التوحيد الخالص لرب العالمين ؛ فلا عبودية لملك ولا جان ، ولا بشر ولا
حجر ، وكما أنه لا صلاح للخلق إلا أن يكون الخالق واحدا ، فكذلك لا صلاح له إلا أن
يكون الآمر واحدا ، وهو الله ، سبحانه : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ
اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف/54 ( لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا
فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الأنبياء/22 وانحراف البشرية عن هذا الأصل العظيم هو أعظم أسباب التيه الذي
تعيشه ، والشقاء الذي تتقلب فيه ، قال تعالى : ) قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ
مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ
هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ
لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ
الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) الأنعام/71 ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا
وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى
وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ(1/4665)
الْيَوْمَ تُنسَى* وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ
رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) طه/124-127
ولقد كان من حكمة الله في خلقه أن يكون في الناس فريقان : مؤمن
وكافر ، طائع وعاص ، وأن يحصل التدافع بين الفريقين : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ
النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ
عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة/251 (ُ وَلَوْلا دَفْعُ
اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ
وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ
يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج/40
ولله في ذلك الحكمة البالغة ؛ فيتميز الصادق من الكاذب ، و ليعلم
الله من ينصره ورسله ممن يحاربه ويعاديه ، وهذه هي حقيقة الابتلاء في هذه الحياة :
( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ
بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمَالَهُمْ ) محمد/4 وما أشرت إليه من انحراف أكثر
المسلمين عن تعاليم هذا الدين فهو واقع أكثر المسلمين اليوم إلا من رحم ربي من
الطائفة المنصورة المتمسكة بالحق ، وهذا هو أعظم محنة لنا في هذا الزمان ، وهو سبب
ما يعانيه المسلمون من ضعف وهوان ، وتسلط عدوهم عليهم ، قال صلى الله عليه وسلم : (
إذا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ
بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا
يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) رواه أبو داود 3462 ، وصححه
الألباني في الصحيحة 11
ولقد حذر الله تعالى عباده ، في غير آية من كتابه ، عاقبة
تفريطهم في دينهم ، وتهاونهم في الأمانة التي حملوها ، وأن وبال ذلك عائد عليهم هم
، والخسارة خسارتهم ، وأما دين الله فهو محفوظ بحفظه سبحانه : ( وَمَا مُحَمَّدٌ
إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) آل عمران/144
وحين ينسلخ جيل الكسالى ، الذين تولوا عن الميدان ، وتفلتوا من
حمل الأمانة ، يأتي دور الجيل المصطفى لهذه المهمة ، الذي شرفه الله بحمل أمانة
دينه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) المائدة/54 ( هَاأنتُمْ
هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ
وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ
وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ
ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) محمد/38
لكنا نعود لنقول إن هذا الجيل هو من المسلمين أنفسهم ، وليس من
غيرهم ؛ فلن يكون جيلا من الملائكة يحمل ما تركه البشر ، ولن يكون أمرا كونيا ، أو
معجزة إلاهية تنصر قوما من النيام ، ولن يكون كذلك جيلا من الكفار ينصرون دين الله
، وما كانوا أولياءه ، فليس لله ولدينه أولياء ، إلا المتقون . وساعة يتحقق ذلك
الجيل ، يأت نصر الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) محمد/7 ويبقى دورنا نحن في إعداد أنفسنا ، وتربية أبنائنا وأهلينا ،
ودعوة غيرنا ، لنكون من هذا الجيل ، أو على الأقل ، خطوة في طريقه .
نسأل الله تعالى أن يوقفنا لما يحب ويرضى ، وأن ينصر دينه بنا .
والله تعالى أعلم .
*****
47103
أعطاه والده أكثر مما دفعه فهل يعتبر هذا من الربا
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/4666)
سؤال رقم 47103- أعطاه والده أكثر مما دفعه فهل يعتبر هذا من الربا
أحضر لوالدي أغراض البيت من جيبي الخاص ، مثلا 150 ريال ، وأنويها صدقه لكن أبي في بعض المرات يعطيني 200 ريال ، ويقول لا تدفع من جيبك ، فهل إذا أعطاني 200 ريال يعتبر ربا ؟ .
الحمد لله
إن بر الوالدين من أعظم أسباب دخول الجنة ، ويا حَسرة ، ويا
خُسران من أدرك أبويه ولم يجعل بره بهما سبباً في دخول الجنة ، قال صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ
قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ
أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ ) رواه مسلم
(2551) وانظر الأسئلة ( 22782 و 5326 )
ومن أبواب البر التي يحتسب الإنسان أجره فيها عند الله تعالى ،
إنفاقه على والديه ، وصلتهما من ماله ، ولك بذلك أجر الصدقة إن شاء الله تعالى .
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى
أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري (55)
أما سؤالك ، فإنك إذا اشتريت لأبيك أغراضا بـ 150 ريالا، فأعطاك
200 ، فلا حرج في ذلك، وهو متبرع لك بالزائد عما دفعت ، ولا وجود للربا في هذه
المسألة ، بل لا تكاد المراباة تُتصَور بين الابن وأبيه ، وكلاكما على خير إن شاء
الله ، فأنت أردت التبرع له بقيمة الأغراض ، وهو تبرع لك بالمبلغ الزائد ، ونسأل
الله لكما الأجر والمثوبة وأن يبارك لكما في مالكما .
*****
47123
يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/4667)
سؤال رقم 47123- يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
أنا شاب مسلم بمؤمن بالله ورسله وكتبه والحمد لله ولكن بعض الوقت أكون متكاسلا عن الصلاة . أريد حلا أو طريقة لا تجعلني أتكاسل مع العلم أنني أريد ذلك ولكن مكر الشيطان شديد..
الحمد لله
من آمن بالله ورسله وكتبه حقا، وآمن بفرض الصلاة وأنها أعظم
أركان الإسلام بعد الشهادتين ، لم يُتصور منه ترك الصلاة أو التهاون في أدائها ، بل
لن يجد حياته ولا أنسه ولا راحته إلا في أداء هذه الشعيرة العظيمة والمحافظة عليها
.
وكلما زاد إيمان العبد زاد اهتمامه بما فرض الله عليه ، وذلك من
إيمانه أيضا، ولهذا فإن الطريقة التي تجعلك من المحافظين على الصلاة تتلخص فيما يلي
:
أولا :
أن تؤمن إيمانا راسخا بفرضيتها وأنها أعظم أركان الإسلام ، وأن
تعلم أن تاركها متوعد بالوعيد الشديد ، كافر خارج عن الإسلام، في أصح قولي العلماء
؛ لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر
ترك الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) . وصححه الألباني في
صحيح الترمذي
ثانيا :
أن تعلم أن تأخيرها عن وقتها كبيرة من كبائر الذنوب ؛ لقوله
تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا
الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم
.
وقوله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
ثالثا :
أن تحرص على أداء الصلوات في جماعة المسجد ، لا تفرط في واحدة
منها ، مدركا أن الصلاة في الجامعة واجبة في أصح قولي العلماء ، لأدلة كثيرة ، منها
قوله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " رواه ابن ماجه (793) والدار قطني والحاكم وصححه ، وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه.
وروى مسلم (653) عن أبي هريرة قال : أتى النبي صلى الله عليه
وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع
النداء بالصلاة ؟ فقال نعم قال : فأجب ". إلى غير ذلك من الأدلة ، وانظر السؤال رقم
( 40113 )
رابعا :
أن ترجو بالمحافظة عليها دخولك في السبعة الذين يظلهم الله في
ظله ، فإن منهم " وشاب نشأ في عبادة ربه " ومنهم " رجل قلبه معلق في المساجد " البخاري (660) ومسلم (1031)
خامسا :
أن تحتسب الأجر الكبير المترتب على أدائها لاسيما مع الجماعة ،
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الرجل
في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ
فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها
درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه
اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " البخاري (647) ومسلم (649) .
وروى مسلم (232) عن عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة
فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه ".
سادسا :
أن تقرأ عن فضل الصلاة ، وإثم تضييعها والتكاسل في أدائها ،
وننصحك في هذا الخصوص بقراءة كتاب " الصلاة لماذا ؟ " للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
، وسماع محاضرة : " لماذا لا تصلي ؟ " للشيخ محمد حسين يعقوب ، ففي ذلك نفع كبير لك
إن شاء الله .
سابعاً :
تخيّر الأصدقاء الصالحين الذين يهتمون بالصلوات ويرعونها حقها ،
والابتعاد عن ضدهم ، فإن القرين بالمقارن يقتدي .
ثامناً :
البعد عن الذنوب والمعاصي في جميع جوانب حياتك والتقيّد بالأحكام
الشرعية فيما يتعلق بعلاقتك بغيرك لاسيما علاقتك بالنساء ، إذ المعاصي من أكثر ما
يزهد العبد عن الطاعات ويقوي سطوة الشيطان عليه .
نسأل الله أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين ، وأصفيائه
المقربين .
والله أعلم .
*****
47123
يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/4668)
سؤال رقم 47123- يتكاسل أحيانا عن الصلاة فما العلاج ؟
أنا شاب مسلم بمؤمن بالله ورسله وكتبه والحمد لله ولكن بعض الوقت أكون متكاسلا عن الصلاة . أريد حلا أو طريقة لا تجعلني أتكاسل مع العلم أنني أريد ذلك ولكن مكر الشيطان شديد..
الحمد لله
من آمن بالله ورسله وكتبه حقا، وآمن بفرض الصلاة وأنها أعظم
أركان الإسلام بعد الشهادتين ، لم يُتصور منه ترك الصلاة أو التهاون في أدائها ، بل
لن يجد حياته ولا أنسه ولا راحته إلا في أداء هذه الشعيرة العظيمة والمحافظة عليها
.
وكلما زاد إيمان العبد زاد اهتمامه بما فرض الله عليه ، وذلك من
إيمانه أيضا، ولهذا فإن الطريقة التي تجعلك من المحافظين على الصلاة تتلخص فيما يلي
:
أولا :
أن تؤمن إيمانا راسخا بفرضيتها وأنها أعظم أركان الإسلام ، وأن
تعلم أن تاركها متوعد بالوعيد الشديد ، كافر خارج عن الإسلام، في أصح قولي العلماء
؛ لأدلة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر
ترك الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) . وصححه الألباني في
صحيح الترمذي
ثانيا :
أن تعلم أن تأخيرها عن وقتها كبيرة من كبائر الذنوب ؛ لقوله
تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا
الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم
.
وقوله تعالى ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
ثالثا :
أن تحرص على أداء الصلوات في جماعة المسجد ، لا تفرط في واحدة
منها ، مدركا أن الصلاة في الجامعة واجبة في أصح قولي العلماء ، لأدلة كثيرة ، منها
قوله صلى الله عليه وسلم : " من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر " رواه ابن ماجه (793) والدار قطني والحاكم وصححه ، وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه.
وروى مسلم (653) عن أبي هريرة قال : أتى النبي صلى الله عليه
وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال هل تسمع
النداء بالصلاة ؟ فقال نعم قال : فأجب ". إلى غير ذلك من الأدلة ، وانظر السؤال رقم
( 40113 )
رابعا :
أن ترجو بالمحافظة عليها دخولك في السبعة الذين يظلهم الله في
ظله ، فإن منهم " وشاب نشأ في عبادة ربه " ومنهم " رجل قلبه معلق في المساجد " البخاري (660) ومسلم (1031)
خامسا :
أن تحتسب الأجر الكبير المترتب على أدائها لاسيما مع الجماعة ،
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صلاة الرجل
في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ
فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها
درجة وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه
اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة " البخاري (647) ومسلم (649) .
وروى مسلم (232) عن عثمان بن عفان قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول : " من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة
فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه ".
سادسا :
أن تقرأ عن فضل الصلاة ، وإثم تضييعها والتكاسل في أدائها ،
وننصحك في هذا الخصوص بقراءة كتاب " الصلاة لماذا ؟ " للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
، وسماع محاضرة : " لماذا لا تصلي ؟ " للشيخ محمد حسين يعقوب ، ففي ذلك نفع كبير لك
إن شاء الله .
سابعاً :
تخيّر الأصدقاء الصالحين الذين يهتمون بالصلوات ويرعونها حقها ،
والابتعاد عن ضدهم ، فإن القرين بالمقارن يقتدي .
ثامناً :
البعد عن الذنوب والمعاصي في جميع جوانب حياتك والتقيّد بالأحكام
الشرعية فيما يتعلق بعلاقتك بغيرك لاسيما علاقتك بالنساء ، إذ المعاصي من أكثر ما
يزهد العبد عن الطاعات ويقوي سطوة الشيطان عليه .
نسأل الله أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين ، وأصفيائه
المقربين .
والله أعلم .
*****
4713
ما معنى حديث إنا أمة امية لا نكتب ولا نحسب
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >(1/4669)
سؤال رقم 4713- ما معنى حديث إنا أمة امية لا نكتب ولا نحسب
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم (نحن أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب) وهل ينافي هذا ما يتعلمه المسلمون اليوم ؟.
الحمد لله
ليس لفظ الحديث كما ورد في السؤال وإنما سياقه
كما يلي : عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" إنَّا أمَّة أمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة
وعشرين ومرة ثلاثين ". رواه البخاري ( 1814 ) ومسلم ( 1080 ) .
وقد ورد هذا الحديث في مسألة دخول الشهر الهلالي
، وهو يدل على أنه لا يُلتفت في معرفة دخول الشهر إلى الحسابات الفلكية
وإنما يُعتمد على الرؤية الظاهرة للقمر عند ولادته فنعرف دخول الشهر ، فالحديث
سيق لبيان أنّ الاعتماد على الرؤية لا على الحساب ولم يأت لحثّ الأمة الإسلامية
للبقاء على الجهل وترك تعلّم الحساب العادي وسائر العلوم النافعة ولذلك فلا ينافي
هذا الحديث ما يتعلمه المسلمون اليوم من العلوم المختلفة التي تفيدهم في دنياهم
، والإسلام دين العلم ، وهو يدعو إليه ويوجبه على كلّ مسلم أن يتعلّم ما افترضه
الله عليه ويتعلم أحكام ما يحتاج إليه من العبادات والمعاملات وأما العلوم الدنيوية
كالطبّ والهندسة والزراعة وغيرها فيجب على المسلمين أن يتعلّموا منها ما تحتاج
إليه الأمّة ولو احتاج المسلمون لصنع إبرة لوجب عليهم أن يكون فيهم من يتعلّم
صنعة تلك الإبرة .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية شرح وافٍ لهذا الحديث
استقصى فيه فأجاد وفيما يلي مختارات من جوابه :
قوله " إنا أمة أمية " ليس هو طلبا ،
فإنهم أمِّيُّون قبل الشريعة كما قال الله تعالى { هو الذي بعث في الأميين رسولاً
منهم } وقال { وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم } فإذا كانت هذه صفة
ثابتة لهم قبل المبعث لم يكونوا مأمورين بابتدائها ، نعم قد يؤمرون بالبقاء على
بعض أحكامها ، فإنا سنبيِّن أنهم لم يؤمروا أن يبقوا على ما كانوا عليه مطلقاً
...
والأمة التي بعثه الله إليها فيهم مَن يقرأ ويكتب
كثيراً كما كان في أصحابه ، وفيهم من يحسب ، وقد بعث صلى الله عليه وسلم بالفرائض
التي فيها مِن الحساب ما فيها وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما قدِم عاملُه
على الصدقة ابن اللتبيَّة حاسَبه ، وكان له كتاب عدة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي
وزيد ومعاوية يكتبون الوحي ويكتبون العهود ويكتبون كُتُبَه إلى الناس إلى مَن
بعثه الله إليه مِن ملوك الأرض ورؤوس الطوائف وإلى عماله وولاته وسعاته وغير
ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه { لتعلموا عدد السنين والحساب } في آيتين من
كتابه فأخبر أنه فعل ذلك ليُعلم الحساب .
وإنما الأمي هو في الأصل منسوب إلى " الأمة
" التي هي جنس الأميين وهو من لم يتميز عن الجنس بالعلم المختص من قراءة
أو كتابة كما يقال " عامي " لمن كان من العامة غير متميز عنهم بما
يختص به غيرهم مِن علوم ، وقد قيل : إنه نسبة إلى " الأم " أي : هو
الباقي على ما عوَّدته أمُّه من المعرفة والعلم ونحو ذلك .
ثم التميز الذي يخرج به عن الأمية العامة إلى الاختصاص
تارة يكون فضلاً وكمالاً في نفسه كالتميز عنهم بقراءة القرآن وفهم معانيه وتارة
يكون بما يتوصل به إلى الفضل والكمال كالمتميز عنهم بقراءة القرآن وفهم معانيه
، وتارة يكون بما يتوصل به إلى الفضل والكمال كالتميز عنهم بالكتابة وقراءة المكتوب
، فيمدح في حق من استعمله في الكمال ويذم في حق من عطَّله ، أو استعمله في الشر
، ومن استغنى عنه بما هو أنفع له كان أكمل وأفضل ، وكان تركه في حقه مع حصول
المقصود به أكمل وأفضل .
فإذا تبين أن التميز عن الأميين نوعان ؛ فالأمة
التي بُعث فيها النبي صلى الله عليه وسلم أولاهم العرب وبواستطهم
حصلت الدعوة لسائر الأمم ؛ لأنه إنما بُعث بلسانهم فكانوا أميين عامة ليست فيهم
مزية علم ولا كتاب ولا غيره مع كون فِطَرهم كانت مستعدة للعلم أكمل من استعداد
سائر الأمم بمنزلة أرض الحرث القابلة للزرع ، لكن ليس لها من يقوم عليها فلم
يكن لهم كتاب يقرأونه منزَّل من عند الله كما لأهل الكتاب ، ولا علوم قياسية
مستنبطة كما للصابئة ونحوهم ، وكان الخط فيهم قليلاً جدّاً ، وكان لهم من العلم
ما ينال بالفطرة التي لا يخرج بها الإنسان عن الأموَّة العامة كالعلم بالصانع
سبحانه ، وتعظيم مكارم الأخلاق ، وعلم الأنواء ، والأنساب ، والشِّعر ، فاستحقوا
اسم الأمية من كل وجه كما قال فيهم { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } وقال
تعالى { قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا
فإنما عليك البلاغ} ، فجعل الأميين مقابلين لأهل الكتاب ، فالكتابي غير الأمي
فلما بُعث فيهم ووجب عليهم اتباع ما جاء به من
الكتاب وتدبره وعقله والعمل به وقد جعله تفصيلاً لكل شيءٍ وعلَّمهم نبيُّهم كلَّ
شيءٍ حتى الخراءة : صاروا أهلَ كتاب وعلم ، بل صاروا أعلم الخلق وأفضلهم في العلوم
النافعة ، وزالت عنهم الأميُّة المذمومة الناقصة وهي عدم العلم والكتاب المنزل
إلى أن علِموا الكتاب والحكمة وأورثوا الكتاب كما قال فيهم { هو الذي بعث في
الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا
من قبلُ لفي ضلال مبين } فكانوا أميين مِن كل وجهٍ فلما علمهم الكتاب والحكمة
: قال فيهم { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم
مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله } وقال تعالى : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك
فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أُنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا
وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أُنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم
} ، واستجيب فيهم دعوة الخليل حيث قال : { ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو
عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم } وقال :
{ لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة } .
فصارت هذه الأميَّة منها ما هو محرَّم ، ومنها
ما هو مكروه ، ومنها ما هو نقص وترك الأفضل ، فمن لم يقرأ الفاتحة أو لم يقرأ
شيئاً من القرآن تسمِّيه الفقهاء في " باب الصلاة " أميّاً ويقابلونه
بالقارئ ، فيقولون : لا يصح اقتداء القارئ بالأمي ، ويجوز أن يأتم الأمي بالأمي
ونحو ذلك من المسائل ، وغرضهم بالأمِّيِّ هنا الذي لا يقرأ القراءة الواجبة سواء
كان يكتب أولا يكتب يحسب أولا يحسب .
فهذه الأميَّة منها : ما هو تَرك واجبٍ يُعاقب
الرجل عليه إذا قدر على التعلم فتركه .
ومنها : ما هو مذموم ، كالذي وصفه الله عز وجل
عن أهل الكتاب حيث قال : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا
يظنون } فهذه صفة من لا يفقه كلام الله ويعمل به وإنما يقتصر على مجرد تلاوته
، كما قال الحسن البصري : نَزَل القرآن ليُعمل به فاتَّخذوا تلاوتَه عملاً ،
فالأمي هنا قد يقرأ حروف القرآن أو غيرها ولا يفقه بل يتكلم في العلم بظاهر من
القول ظنّاً فهذا أيضا أميٌّ مذموم كما ذمَّه الله لنقص علمه الواجب سواء كان
فرض عين أم كفاية .
ومنها : ما هو الأفضل الأكمل ، كالذي لا يقرأ مِن
القرآن إلا بعضه ، ولا يفهم منه إلا ما يتعلق به ، ولا يفهم من الشريعة إلا مقدار
الواجب عليه ، فهذا أيضاً يقال له أميٌّ وغيره ممن أوتى القرآن علماً وعملاً
أفضل منه وأكمل .
فهذه الأمور المميزة للشخص عن الأمور التي هي فضائل
وكمال فقدها إما فقد واجب عيناً أو واجب على الكفاية أو مستحب ، وهذه يوصف الله
بها وأنبياؤه مطلقا فإن الله عليم حكيم جمع العلم والكلام النافع طلباً وخبراً
وإرادةً وكذلك أنبياؤه ونبينا سيد العلماء والحكماء .
وأما الأمور المميزة التي هي وسائل وأسباب إلى
الفضائل مع إمكان الاستغناء عنها بغيرها فهذه مثل الكتاب الذي هو الخط والحساب
فهذا إذا فقدها مع أن فضيلته في نفسه لا تتم بدونها وفقدها نقص إذا حصلها واستعان
بها على كماله وفضله كالذي يتعلم الخط فيقرأ به القرآن وكتب العلم النافعة أو
يكتب للناس ما ينتفعون به كان هذا فضلاً في حقه وكمالا وإن استعان به على تحصيل
ما يضره أو يضر الناس كالذي يقرأ بها كتب الضلالة ويكتب بها ما يضر الناس كالذي
يزوِّر خطوط الأمراء والقضاة والشهود : كان هذا ضرراً في حقه وسيئةً ومنقصةً
، ولهذا نهى " عمر " أن تعلَّم النساءُ الخطَّ ، وان أمكن أن يستغني
عنها بالكليَّة بحيث ينال كمال العلوم من غيرها وينال كمال التعليم بدونها كان
هذا أفضل له وأكمل وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال الله
فيه { الذين يتبعون الرسول النبي الأميَّ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة
والإنجيل } فان أموَّته لم تكن من جهة فقْدِ العلم والقراءة عن ظهر قلبٍ فإنه
إمام الأئمة في هذا ، وإنما كان مِن جهة أنه لا يكتب ولا يقرأ مكتوباً كما قال
الله فيه : { وما كنت تتلو مِن قبله مِن كتاب ولا تخطه بيمينك } .
.....
( ثم عاد رحمه الله لبيان المُراد بحديث إنا أمة
أمية لا نكتب ولا نحسب ، وأنّ فيه قرينة تدلّ على المراد فقال : )
فلما قرن ذلك بقوله الشهر ثلاثون والشهر تسعة وعشرون
بيَّن أن المراد به : إنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب ، إذ هو
تارة كذلك ، وتارة كذلك ، والفارق بينهما هو الرؤية فقط ليس بينهما فرقٌ آخر
من كتابٍ ولا حسابٍ
وظهر بذلك أن الأميَّة المذكورة هنا صفة مدح وكمال
مِن وجوه :
من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبيَن
منه وأظهر وهو الهلال .
ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط .
.. إلى آخر كلامه رحمه الله .
" مجموع الفتاوى " ( 25 / 164 - 175 )
*****
47130
حل السحر بالسحر لحل المشاكل الزوجية
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4670)
سؤال رقم 47130- حل السحر بالسحر لحل المشاكل الزوجية
ما نصيحتكم لمن يحل السحر بسحر مثله لحل المشاكل الزوجية ؟.
الحمد لله
أولاً :
حل السحر عن المسحور إن كان على الوجه المباح فإنه من باب الدواء
والمعالجة وهو من أفضل الأعمال لمن ابتغى بذلك وجه الله خاصة إذا كان في هذا حل
المشاكل الزوجية والأسرية .
فإن حل السحر عن المسحور له حالتان :
الأولى : أن يكون حل السحر بسحر مثله ، حيث يتقرب الساحر والمريض
إلى الجن والشياطين لحل هذا السحر ، وهذا محرم ، ومنكر عظيم ، وهو من عمل الشيطان ،
كما في مسند الإمام أحمد ( 3/294 ) وسنن أبي داود (3868) عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنهما قال : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
النُّشْرَةِ فَقَالَ : ( هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) صححه الألباني في
صحيح أبي داود ( 3868 ) .
والنشرة هي حل السحر عن المسحور ، والمراد بها في هذا الحديث :
النشرة التي كانوا يستعملونها في الجاهلية ، وهي حل السحر بالسحر أو باستخدام
الشياطين .
انظر : " القول المفيد على كتاب التوحيد " للشيخ ابن عثيمين رحمه
الله .
وجه الدلالة من الحديث على حرمتها : أنه صلى الله عليه وسلم
جعلها من عمل الشيطان ، وما كان من عمل الشيطان فهو محرم ؛ فإن الشيطان يأمر بالسوء
والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون .
الثانية : أن يكون حل السحر بالرقية والتعوذات الشرعية ،
والأدوية والدعوات المباحة ، فهذا جائز وعمل فاضل ، يؤجر عليه الإنسان ، مع مراعاة
آداب العلاج والرقية . راجع السؤال رقم ( 12918 ) .
ثانياً :
أما النصيحة لمن يستخدم السحر لحل السحر ، أن يتقي الله في نفسه
، وأن يبادر إلى التوبة من هذا العمل الخطير على دينه وإسلامه ، قبل أن ينزل به ملك
الموت بغتة وهو لا يشعر ، وحينئذ لا ينفع الندم ولا الرجوع ، فإن خطر السحر على
الدين عظيم وجسيم ، فقد أخبر الله تعالى في كتابه أنَّ تَعُلًّمَ السحرِ وتعليمه
كفر فقال تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ
هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا
نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) البقرة/102 ، فجعل تعليم
السحر وتعلمه من الكفر بالله تعالى ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ )
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : ( الشِّرْكُ بِاللَّهِ ،
وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ،
وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ،
وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ ) .
والموبقات : المهلكات التي تهلك صاحبها وتلقي به في النار ،
فليحذر هذا الساحر غضب الله وبطشه ، فإن بطشه أليم شديد ، وليحذر من حبائل الشيطان
وخطواته وتزينه لهذا العمل ، وإيهامه بأن فيه مصلحة للمسلمين ، وحلا لمشاكلهم ، حتى
يجلسه على مقاعد الجحيم ، ويهوي به في جهنم وبئس المصير ، فالحذر الحذر فإن الأمر
جد خطير ، إنها سعادة أبدية أو شقاء أبدي نعوذ بالله من الخذلان ودرك الشقاء .
ثالثاً :
النصيحة للمريض المبتلى بالسحر أن يتحلى بالصبر ، واحتساب الأجر
من الله جل وعلا ، وليعلم أن في ذلك امتحانا له لرفع لدرجاته عند الله إذا صبر
واحتسب ، فقد روى الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) من حديث أنس بن مالك رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ
الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ
الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ) . حسنه الألباني في صحيح الترمذي
( 2396 ) .
وعليه أن يعتمد على الله وحده ، ويتوكل عليه في الأمور كلها ، مع
أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة في العلاج ، وأن يعظم الرغبة إلى الله
سبحانه ويلح عليه بالدعاء وقت الأسحار ، وأدبار الصلوات ، فإنه سبحانه كاشف الضر ،
مغيث اللهفات ، رحيم بعباده المؤمنين ، يجيب دعوة المضطرين ( أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ
أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62 ، وليحذر كل الحذر من طرق أبواب السحرة والكهنة والعرافين ، فإنهم الداء الحقيقي
والهلاك المبين ، ففي صحيح مسلم (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) وفي مسند الإمام أحمد (9252) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
وَالْحَسَنِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ
كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) صححه الشيخ الألباني في صحيح
الجامع ( 5939) ، فليحذر المسلم من سؤالهم أو تصديقهم ، طاعة لله
ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وحفاظاً على دينه وعقيدته ، وحذراً من غضب الله عليه
، وابتعاداً عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عيها خسر الدنيا والآخرة وذلك هو
الخسران المبين .
وللاستزادة عن هذه المسألة وطرق علاج السحر الشرعية تراجع
الأسئلة رقم: ( 11290 ) و( 12918 )
و( 48967 ) .
وانظر : مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد
الله بن باز رحمه الله (3/280) و(8/144) .
*****
4714
العمل في تجارة الأسهم
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/4671)
سؤال رقم 4714- العمل في تجارة الأسهم
ما هو موقف الإسلام من بيع وشراء الأسهم كحرفة؟.
الحمد لله
1.
تعريف السهم :
السهم
هو : جزء محدد من إجمالي رأس مال الشركة .
يعرف
السهم بأنه : نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال أو الجزء الذي ينقسم على قيمته
مجموع رأس مال الشركة المثبت في صك له قيمة اسمية ، حيث تمثل الأسهم في مجموعها رأس
مال الشركة ، وتكون متساوية القيمة.
وبناء
عليه يمثل السهم وثيقة مستقلة تعطى للمساهم وتتضمن المعلومات الخاصة بالشركة، مثل
اسم الشركة ومقدار رأس مالها وجنسيتها ومركزها الرئيسي ورقم السهم وقيمته واسم
صاحبه أن كان سهما اسميا أو يكتب فيه أنه لحامله .
2.
حكمه :
لا
حرج ابتداءً من بيع وشراء الأسهم ، لكن عليه أن يتجنب أموراً ، وهي :
بيع
وشراء الأسهم في الشركات التي يحرم المشاركة فيها لبيعها ما لا يحل ، أو إعانتها
على الفساد والباطل .
بيع
وشراء أسهم البنوك الربوية .
وضع
أموال الأسهم في البنوك الربويَّة ، وبالتالي تكون الأرباح مختلطة بأموال الربا .
أ.
سئلت اللجنة الدائمة عن المساهمة في شركات خاصة بالأعمال الخيرية والزراعية والبنوك
وشركات التأمين والبترول ، فأجابت :
يجوز
للإنسان أن يساهم في هذه الشركات إذا كانت لا تتعامل بالربا ، فإن كان تعاملها
بالربا : فلا يجوز ، وذلك لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والإجماع .
وكذلك
لا يجوز للإنسان أن يساهم في شركات التأمين التجاري ؛ لأنَّ عقود التأمين المشتملة
على الغرر والجهالة والربا : محرَّمة في الشريعة الإسلامية .
" فتاوى إسلامية " (
2 / 43 ) .
ب.
وهذا نص السؤال والجواب لهيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي حول النقطة الثالثة
السؤال :
هل
يجوز بيع وشراء أسهم الشركات الأجنبية مثل جنرال موتورز فليبس شركات مرسيدس مع
العلم أن هذه الشركات صناعية ولكنها لا تتورع بالنسبة للإقراض والاقتراض بفائدة ؟
الجواب :
إن
مبدأ المشاركة في أسهم شركات صناعية تجارية أو زراعية مبدأ مسلم به شرعا لأنه خاضع
للربح والخسارة وهو من قبيل المضاربة المشتركة التي أيدها الشارع على شرط أن تكون
هذه الشركات بعيدة عن المعاملة الربوية أخذا وعطاء ويفهم من استفتاء سيادتكم أنه
ملحوظ عند الإسهام أن هذه الشركات تتعامل بالربا أخذا وعطاء وعلى هذا فإن المساهمة
فيها تعتبر مساهمة في عمل ربوي وهو ما نهى عنه الشارع والله سبحانه وتعالى أعلم .
" كتاب الفتاوى
الشرعية في المسائل الاقتصادية "الأجزاء بيت التمويل الكويتي فتوى رقم ( 532 ) .
والله
أعلم .
*****
08/1426
47142
تعويض ميراث النساء بالهدايا
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4672)
سؤال رقم 47142- تعويض ميراث النساء بالهدايا
ما قولكم في من يعوض ميراث النساء بالهدايا ؟.
الحمد لله
كان مال الميت في نظام الجاهلية الجائر ينتقل إلى الكبير من
أبنائه ، فإن لم يكن فإلى أخيه أو عمه ، فلا يورثون الصغار ، ولا الإناث ، بحجة أن
هؤلاء لا يَحْمُون الذِّمار ، ( والذِّمار : كل ما يجب على الإنسان أن يحميه ويدافع
عنه من الأهل والعِرْضِ ، ونحو ذلك ) ولا يقاتلون ولا يحوزون المغانم .
كان هذا منطق الجاهلية الذي أصبح يحيك في صدور بعض من انتكست
فطرته في هذا العصر ، وقد جاء الإسلام معلنا بطلان نظام الجاهلية في التوريث إجمالا
بقوله تعالى :
( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء/7 ، ثم نزلت الآيات مبينة تفاصيل توزيع التركة بين النساء
والرجال كل ذلك بعدل وحكمة من أحكم الحاكمين . [ انظر التحقيقات المرضية في
المباحث الفرضية ص 17 ]
ومنه تعلم أن حرمان النساء من الميراث دون سبب شرعي جريمة من
الجرائم ، وعدوان على شريعة الله ، وتعد على حدوده سبحانه ، وقد قال تعالى بعد آيات
المواريث ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13-14 ، وثبت في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ
وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ ) رواه مسلم (137)
وأما تعويض النساء عن حقهن في الميراث بالهدايا أو غير ذلك فلا
يغني من الحق شيئا ، ولا يزال الإثم يلحق من فعل ذلك مهما قُدِّم ، حتى لو قدم لهن
من الهدايا ما يفوق الميراث ، لأنه يُقَدَّمُ على أنه هدية ، ولم يقدم لهن حقهن
الشرعي في الميراث .
ولو قدمه على أنه تعويض عن حقهن في الميراث لمن ينفعه ذلك أيضاً
، لأن الهدية شيء ، والبيع والمعاوضة شيء آخر ، فلا بد من انتقال حقهن في الميراث
إليهن ، ولا بد من تمكنهن من التصرف فيه بإبقائه على ما هو عليه ، أو بيعه ، أو
هبته ، أو غير ذلك مما يحق للمالك في ملكه .
وأما أن يبقى الميراث تحت تصرف الرجال ، فيضطر النساء – إلى بيعه
إليهم – أو التنازل عنه بعوض عنه ، أو بغير عوض ، فلا يجوز ، بل هو غصب وظلم ، لقول
الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ
تَرَاضٍ ) رواه ابن ماجة (2185) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا
بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع
برقم (7662)
وهكذا الحال لو كان الدافع إلى البيع الحياء من الرجال ، والحرص
على رضاهم وودِّهم ، لعموم الأدلة السابقة .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
" فلا يصح – أي البيع – من المكره إلا بحق ، فلو أن سلطاناً
جائراً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح ، لأنها
صدرت عن غير تراض ، ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً أو خجلاً
فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه مادمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك " اهـ الشرح الممتع (8/121)
ويشتد الإثم ويعظم إذا كانت المرأة المحرومة من الميراث يتيمة ،
أي لم تبلغ فمات والدها ، وحرمت من الميراث ، لأن ذلك داخل في الاعتداء على حدود
الله ، وهو داخل أيضا في أكل أموال اليتامى ، وقد قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ
نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ) النساء/10 .
والله أعلم .
*****
47148
شراء الهدية من غير المهدي إليه
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/4673)
سؤال رقم 47148- شراء الهدية من غير المهدي إليه
رجل وهب لرجل سيارة بدون مقابل ، وباعها الموهوب له على شخص آخر ، وأراد صاحبها الأول أن يشتريها من الأخير الذي اشتراها ، فهل هذا جائز ؟.
الحمد لله
يجوز شراء الهبة في الصورة المذكورة ، لأن الواهب اشتراها من غير
الموهوبة له .
وبالله التوفيق .
فتاوى اللجنة الدائمة (16/185) .
*****
47170
والدا النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أو في النار ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/4674)
سؤال رقم 47170- والدا النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة أو في النار ؟
أين والدا الرسول صلى الله عليه وسلم هل هما في الجنة أم في النار ؟ نرجو الإفادة بالحديث الشريف الدال على ذلك .
الحمد لله
ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يدل على أن
أبويه في النار .
روى مسلم ( 203 ) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ .
فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّار .
(فَلَمَّا قَفَّى) أي انصرف .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْر فَهُوَ فِي النَّار ,
وَلا تَنْفَعهُ قَرَابَة الْمُقَرَّبِينَ ، وَفِيهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ فِي
الْفَتْرَة عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَب مِنْ عِبَادَة الأَوْثَان فَهُوَ
مِنْ أَهْل النَّار , وَلَيْسَ هَذَا مُؤَاخَذَة قَبْل بُلُوغ الدَّعْوَة , فَإِنَّ
هَؤُلاءِ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَغَيْره مِنْ
الأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه تَعَالَى وَسَلامه عَلَيْهِمْ اهـ .
وروى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْذَنْتُ
رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ
أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي .
قال في "عون المعبود" :
( فَلَمْ يَأْذَن لِي ) : لأَنَّهَا كَافِرَة وَالاسْتِغْفَار
لِلْكَافِرِينَ لا يَجُوز اهـ .
وقال النووي رحمه الله :
فِيهِ : النَّهْي عَنْ الاسْتِغْفَار لِلْكُفَّارِ اهـ .
وقال الشيخ بن باز رحمه الله :
" والنبي صلى الله عليه وسلم حينما قال : ( إن أبي وأباك في
النار ) قاله عن علم ، فهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ، كما قال الله
سبحانه وتعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى*
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ) النجم/1-4 . فلولا أن عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم
قد قامت عليه الحجة ؛ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه ما قاله ، فلعله
بلغه ما يوجب عليه الحجة من جهة دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، فإنهم كانوا على
ملة إبراهيم حتى أحدثوا ما أحدثه عمرو بن لحي الخزاعي، وسار في الناس ما أحدثه عمرو
، من بث الأصنام ودعائها من دون الله ، فلعل عبد الله كان قد بلغه ما يدل على أن ما
عليه قريش من عبادة الأصنام باطل فتابعهم ؛ فلهذا قامت عليه الحجة. وهكذا ما جاء في
الحديث من أنه صلى الله عليه وسلم استأذن أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له ، فاستأذن أن
يزورها فأذن له، فهو لم يؤذن له أن يستغفر لأمه ؛ فلعله لأنه بلغها ما يقيم عليها
الحجة ، أو لأن أهل الجاهلية يعاملون معاملة الكفرة في أحكام الدنيا، فلا يدعى لهم
، ولا يستغفر لهم ؛ لأنهم في ظاهرهم كفار ، وظاهرهم مع الكفرة ، فيعاملون معاملة
الكفرة وأمرهم إلى الله في الآخرة " اهـ . فتاوى "نور على الدرب" .
وقد ذهب السيوطي رحمه الله إلى نجاة أبوي الرسول صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن الله تعالى أحياهما له بعد موتهما وآمنوا به .
وهذا القول أنكره عامة أهل العلم ، وحكموا بأن الأحاديث الواردة
في ذلك موضوعة أو ضعيفة جداً .
قال في "عون المعبود" :
"وَكُلّ مَا وَرَدَ بِإِحْيَاءِ وَالِدَيْهِ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِيمَانهمَا وَنَجَاتهمَا أَكْثَره مَوْضُوع مَكْذُوب
مُفْتَرًى , وَبَعْضه ضَعِيف جِدًّا لا يَصِحّ بِحَالٍ لاتِّفَاقِ أَئِمَّة
الْحَدِيث عَلَى وَضْعه كَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْجَوْزَقَانِيّ وَابْن شَاهِين
وَالْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر وَابْن نَاصِر وَابْن الْجَوْزِيّ وَالسُّهَيْلِيّ
وَالْقُرْطُبِيّ وَالْمُحِبّ الطَّبَرِيّ وَفَتْح الدِّين بْن سَيِّد النَّاس
وَإِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ وَجَمَاعَة . وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَام فِي عَدَم نَجَاة
الْوَالِدَيْنِ الْعَلامَة إِبْرَاهِيم الْحَلَبِيّ فِي رِسَالَة مُسْتَقِلَّة ,
وَالْعَلامَة عَلِيّ الْقَارِي فِي شَرْح الْفِقْه الأَكْبَر وَفِي رِسَالَة
مُسْتَقِلَّة , وَيَشْهَد لِصِحَّةِ هَذَا الْمَسْلَك هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح
(يعني حديث : إن أبي وأباك في النار) وَالشَّيْخ جَلال الدِّين السُّيُوطِيّ قَدْ
خَالَفَ الْحَفاظ وَالْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ وَأَثْبَتَ لَهُمَا الإِيمَان
وَالنَّجَاة فَصَنَّفَ الرَّسَائِل الْعَدِيدَة فِي ذَلِكَ , مِنْهَا رِسَالَة
التَّعْظِيم وَالْمِنَّة فِي أَنَّ أَبَوَيْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّة" اهـ .
وسُئِلَ شَّيْخ الإسلام رحمه الله تعالى :
هَلْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَنَّ اللَّهَ
تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحْيَا لَهُ أَبَوَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَا عَلَى يَدَيْهِ
ثُمَّ مَاتَا بَعْدَ ذَلِكَ ؟
فَأَجَابَ : لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ ; بَلْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ
مُخْتَلَقٌ . .. وَلا نِزَاعَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ مِنْ أَظْهَر
الْمَوْضُوعَاتِ كَذِبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي الْحَدِيثِ ; لا فِي الصَّحِيحِ وَلا فِي
السُّنَنِ وَلا فِي الْمَسَانِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ
الْمَعْرُوفَةِ وَلا ذَكَرَهُ أَهْلُ كُتُبِ الْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ وَإِنْ
كَانُوا قَدْ يَرْوُونَ الضَّعِيفَ مَعَ الصَّحِيحِ . لأَنَّ ظُهُورَ كَذِبِ ذَلِكَ
لا يَخْفَى عَلَى مُتَدَيِّنٍ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا
تَتَوَافَرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ
الأُمُورِ خَرْقًا لِلْعَادَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ جِهَةِ إحْيَاءِ الْمَوْتَى
، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْمَوْتِ . فَكَانَ نَقْلُ مِثْلِ هَذَا
أَوْلَى مِنْ نَقْلِ غَيْرِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ الثِّقَاتِ
عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . . .
ثُمَّ هَذَا خِلافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ
وَالإِجْمَاعِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ
فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا *
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ
كُفَّارٌ ) النساء/17، 18 . فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَّهُ لا تَوْبَةَ
لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا . وَقَالَ تَعَالَى : ( فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ
إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي
عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ سُنَّتَهُ فِي
عِبَادِهِ أَنَّهُ لا يَنْفَعُ الإِيمَانُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْبَأْسِ ; فَكَيْفَ
بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ . . . . ثم ذكر الحديثين الذين
تقدما في أول الجواب اهـ . "مجموع الفتاوى" (4/325-327) . باختصار .
*****
47190
هل يعتبر كافلاً لليتيم إذا كان يدفع المال فقط لجمعية خيرية تكفله
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4675)
سؤال رقم 47190- هل يعتبر كافلاً لليتيم إذا كان يدفع المال فقط لجمعية خيرية تكفله
أنا كافل لأحد الأيتام في جمعية البر في جده بمبلغ 200 شهريا تعطى لوالدة الطفل عن طريقهم وأنا لست مسؤولا عن أي شي آخر في الطفل غير الدفع فهل هذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال (أنا وكافل اليتيم في الجنة) أرشدوني ؟.
الحمد لله
أولا :
كفالة اليتيم من أعمال البر التي ندبنا إليها الشرع ، ودل على
أنها من أسباب دخول الجنة ، بل من أسباب نيل أعلى درجاتها ، ويكفي لحث المؤمن على
الحرص عليها ، قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة
كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى ، وفرق بينهما ) البخاري (5304).
قال ابن بطال ، رحمه الله : ( حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل
به ، ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ) نقله ابن حجر في فتح
الباري 10/436
ثانيا :
إنفاق المال على اليتيم قد ورد الحث عليه بخصوصه ؛ قال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ
فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ ، مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ
وَابْنَ السَّبِيلِ ، أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (1465) ومسلم (1052)
لكن هذه النفقة ليست هي كل الكفالة التي ندب إليها الشرع ، ووعد
فاعلها المنزلة العظيمة في الجنة ، وإنما هي نوع منها ، وشعبة من شعبها ، وإنما
الكفالة التامة : القيام بأمره ، والنظر في مصالحه الدينية والدنيوية ، وتربيته ، و
الإحسان إليه حتى يزول يتمه . قال ابن الأثير : ( الكافل هو القائم بأمر اليتيم ،
المربي له ) النهاية 4/192 ، ولما عرف النووي ، رحمه الله ،
في كتابه رياض الصالحين ، كافل اليتيم بأنه القائم بأموره ، قال شارحه : ( دينا
ودنيا ، وذلك بالنفقة والكسوة ، وغير ذلك ) . دليل الفالحين 3/103 ، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( كفالة اليتيم هي القيام بما
يصلحه في دينه ودنياه ؛ بما يصلحه في دينه من التربية والتوجيه والتعليم ، وما أشبه
ذلك ، وما يصلحه في دنياه من الطعام والشراب والمسكن . ) شرح رياض الصالحين
5/113 .
ودخول مصالح اليتيم الدينية والتربوية في معنى الكفالة ، ليس أقل
من دخول المصالح المادية الدنيوية ، بل هي أولى ، كما أن قيام الأب على تربية
أبنائه ، وتأديبهم ، أعظم من مجرد إنفاقه عليهم . قال الشيخ ابن سعدي ـ في تربية
الإنسان لأبنائه ـ : ( كما أنك إذا أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم ، فأنت
قائم بالحق مأجور ، فكذلك ، بل أعظم من ذلك ، إذا قمت بتربية قلوبهم وأرواحهم
بالعلوم النافعة ، والمعارف الصادقة ، والتوجيه للأخلاق الحميدة ، والتحذير من ضدها
) بهجة قلوب الأبرار 128
وتلك هي الكفالة الحقيقية لليتيم ؛ أن يربيه تربية ابنه ، ولا
يقتصر على الشفقة عليه والتلطف به ، ويؤدبه أحسن تأديب ، ويعلمه أحسن تعليم . فيض القدير للمناوي 1/108
واستظهر العراقي ، رحمه الله ، أن يكون هذا المعنى هو السر في
مرافقة كافل اليتيم للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ؛ قال : ( لعل الحكمة في
كون كافل اليتيم .. شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي ، أو منزلة النبي ، لكون
النبي شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم ، فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا ،
وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه ، بل ولا دنياه ن ويرشده ويعلمه
، ويحسن أدبه ) نقله الحافظ في الفتح 10/437
ثم إن الاقتصار على النفقة ، لاسيما مع تباعد الأمكنة ، يحرم
العبد من واحد من أسباب لين القلب وقضاء الحوائج ؛ وهو ضم اليتيم ، والإلطاف له .
قال صلى الله عليه وسلم : ( أدن اليتيم ، وامسح برأسه ، وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك
يلين قلبك ، ويدرك حاجتك ) السلسلة الصحيحة (854)
والحاصل أن أعلى مقامات كفالة اليتيم هي أن يضمه الإنسان إلى
ولده ؛ فيربيه تربيتهم ، وينفق عليه كما ينفق عليهم .
فإن لم يكن للكافل مال يسع اليتيم ، أو كان لليتيم من المال ما
يستغني به ، وضمه الإنسان إلى أولاده ، فهذا ، وإن كان دون المنزلة الأولى ، فهو من
أعظم معاني الكفالة ، ومن أعظم مقاصدها ؛ حتى قال النووي رحمه الله : ( وهذه
الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه ، أو مال اليتيم بولاية شرعية ) نقله ابن علان في دليل الفالحين 3/104
فإن كان للإنسان مال ينفق منه على اليتيم ، كحال السائل ، فهذا
على خير عظيم إن شاء الله ، ويكفي أنه توقى من فتنة المال والشح به ، وأدى شرط
النبي صلى الله عليه وسلم عليه : ( لمن أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ
وَابْنَ السَّبِيلِ ) , لكن ليست هذه هي الكفالة التامة التي وعد صاحبها مرافقة
النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الجنة ، ولعله أن يحصل بإخلاص النية ، وصدق
الإرادة ، ما عجز عن أن يناله بعمله ، فعنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي غَزَاةٍ فَقَالَ : ( إِنَّ
أَقْوَامًا بِالْمَدِينَةِ خَلْفَنَا مَا سَلَكْنَا شِعْبًا وَلا وَادِيًا إِلا
وَهُمْ مَعَنَا فِيه ؛ِ حَبَسَهُمْ الْعُذْر ) رواه البخاري (2839) .
*****
47196
أخذت إبراً للعقم فما الحكم
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4676)
سؤال رقم 47196- أخذت إبراً للعقم فما الحكم
امرأة متزوجة منذ 20 عاما ، كل تلك السنوات لم تكن ترغب في الإنجاب ، وذلك لخوفها من الحمل ، بعد أن أجهضت في أول حمل لها ، وقد استخدمت حبوب منع الحمل خلال هذه السنوات ، ولكن ، وبقدر لم تتمكن من منعه فأنجبت 3 أطفال ، وكلهم بعمليات قيصرية وبعد الولد الأخير ذهبت لطبيبة وأعطتها إبراً تعمل على تعقيمها تماما ، وهي الآن نادمة على ما فعلت وتسأل هل يلزمها شيء ؟ وهي تقول : إن زوجها على علم بذلك ماذا يجب عليها غير التوبة ؟ .
الحمد لله
رَغَّب الشرع الحنيف في إنجاب الأولاد وتكثير الذرية ، حتى امتن
نبي الله شعيب عليه السلام على قومه بهذه النعمة ، فقال لهم : ( وَاذْكُرُوا إِذْ
كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ ) الأعراف / 86 ، وثبت عن
معقل بن يسار - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسم - قال : ( تزوجوا
الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ) رواه أبو داود (2050) ، وصححه
الألباني ، ويراجع السؤال رقم ( 13492 )
وقطع النسل قطعا نهائيا له حالتان :
الأولى : أن يكون ذلك لضرورة ، كما إذا ثبت بتقرير طبي موثوق أن
الحمل يشكل خطرا على حياة الأم ، وكان العلاج ميؤوسا منه ، وتعَيَّن القطع النهائي
تفادياً لخطره ، فيجوز حينئذ القطع النهائي للنسل .
الثانية : ألا يكون هناك ضرورة ، فلا شك أن مثل هذا العمل جرم
كبير ، وإثم عظيم ، لأنه هو تَعَدِّ على خلق الله بدون سبب ، وإيقاف للنسل الذي
رغبنا فيه النبي - صلى الله عليه وسم - ، وعدم شكر لنعمة الولد التي امتن الله بها
على خلقه .
قال في الإنصاف :" قال في الفائق : ولا يجوز ما يقطع الحمل . " 1 / 383
وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي في قراره رقم : 39 ( 1/5 ) ما يلي :
-
" يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة ، وهو ما
يعرف بالإعقام أو التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية . . . .
يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة
من الزمان إذا دعت حاجة معتبرة شرعا بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض ،
بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان
على حمل قائم " . انتهى .
وعليه ، فإن كان قطعك للنسل لضرورة ملجئة على ما سبق بيانه ، فلا
شيء عليك في ذلك ، وأما إذا كان لغير ضرورة ، فقد ارتكبت محرماً ، وعليك التوبة
النصوح إلى الله تعالى ، والتوقف مباشرة عن أخذ مثل تلك الحقن ، وإن كان هناك ما
يزيل مفعولها دون ضرر ، فيجب أخذه .
والله أعلم .
*****
47244
والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
الآداب > بر الوالدين >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4677)
سؤال رقم 47244- والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات ( وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله ) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله ، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا ، ولكن عندي بعض المشاكل ؛ أولها : أني لا أجيد العمل التجاري .
وثاني المشاكل : أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة ، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح ، ودفاتر موسيقى ، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح ، وورق لعب وماكينة حلاقة ( أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين ).
الحمد لله
لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى
ربه ، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال ، حتى في حال كفرهما بالله تعالى ، قد سبق
بيان ذلك في الأسئلة رقم : ( 22782 )
( 5326 ) ( 5053 )
.
وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه ، وتستطيع
أن تنفع فيه ، فكل ميسر لما خُلِق له ، ومن إصلاح الأعمال ، وأداء الأمانة فيها أن
يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه ، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط
في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله ، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين
، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك ، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته ، فافعل استرضاءً
لأبيك ، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه
بوجودك فافعل " ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195 ، ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) البقرة/83
فإذا اجتهدت في ذلك ، ولم يكن فيه ما يقنع أباك ، فالرأي لك إن
شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه
الفترة ، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها ، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة
فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في
ذلك ضرر عليك ، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق ، إن شاء الله ، راجع السؤال رقم
( 9594 ) و ( 47040 )
قال رجل للإمام أحمد : لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها
قال تتخوف أن تتبعها نفسك ؟ [ يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة
بالجارية إذا بعتها ] ؟ قال : نعم . قال : لا تبعها . قال : إنها تقول : لا أرضى
عنك أو تبيعها .
قال : إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [ الآداب الشرعية
لابن مفلح (1/448)
لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه ،
واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله
في محرم ، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً ، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة
لمخلوق في معصية الخالق
وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور ، فهذا مما عمت به البلوى ،
فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً ، وليست رسماً باليد ، فلا حرج في بيع
الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها ،
بل الدفتر ، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً ، كما يوجد كثيراً في
مثل ذلك ، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد ، ولأن كثيراً من الناس
يقصدون اقتناء هذه الصور .
أما بيع دفتر الموسيقى فحرام ، لأنه إعانة على المنكر ، وكذلك
بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية ، أما إذا كان
سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز .
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون
والفيديو وبعض آلاف العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع ،
ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق ؟ وما هو الواجب ؟
فأجاب :
هذا ليس من العقوق ، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك
، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام ، فإن اهتدى فهذا هو
المطلوب ، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ليس عليك هداهم ..) وإذا قال لك اجلس في
الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم ، بع الأشياء التي غالباً ما
يفعل الناس به الشيء المباح ، كالراديو والمسجلات أو الفيديو والتليفزيون فلا تبعه
، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم
الباب المفتوح (1/192) .
*****
47273
هل الأذان ورعاية المسجد أفضل أم طلب العلم
العلم > طلب العلم >(1/4678)
سؤال رقم 47273- هل الأذان ورعاية المسجد أفضل أم طلب العلم
أنا ملتزم منذ فترة ولله الحمد ، ووفقني الله تعالى أن أواظب على الصلاة في جماعة في جميع الأوقات ولما رأت إدارة المسجد هذه المواظبة أصبحت مسؤولا عن فتح وغلق المسجد وعن الأذان ولكن هناك العديد من الدروس في الفقه والتوحيد تقام في مساجد بعيدة عن مسجدنا وقال لي الإخوة إن طلب العلم أفضل من الأذان وأنا أصبحت مرتبطا بالمسجد في جميع الأوقات مع أنني أحضرت أسطوانات لهذه الدروس وأسمعها فهل الأذان أفضل أم طلب العلم ؟.
الحمد لله
الأذان والتبكير إلى الصلاة ورعاية المسجد ، كل ذلك من القربات
العظيمات ، والأعمال الصالحات النافعات ، وقد جاءت الشريعة بالحث على ذلك والترغيب
فيه في أحاديث كثيرة مشهورة .
وكذلك دلت النصوص على فضل العلم وشرفه ، والترغيب في طلبه .
وينبغي أن يُعلم أن العلم قد يكون فرض عين على الإنسان ، وهو
العلم الذي يصح به اعتقاده ، وتستقيم به عبادته ومعاملته ، فهذا لا يجوز التفريط
فيه ، ولا الانشغال عنه ، لا بالأذان ولا بغيره .
ومن العلم المفروض : علم العقيدة والتوحيد إجمالا ، وعلم أحكام
الصلاة والصيام ومعرفة أحكام الزكاة لمن عنده مال يزكيه ، وعلم أحكام الحج لمن أراد
أن يحج .
ومن ذلك تعلم أحكام البيع والشراء لمن أراد أن يتعامل بذلك ،
وكذا أحكام النكاح والطلاق والأطعمة والأشربة وغيرها من المعاملات لم أراد الإقدام
على شيء منها.
قال المناوي رحمه الله : ( قد تباينت الأقوال وتناقضت الآراء في
هذا المفروض في نحو عشرين قولا ، وكل فرقة تقيم الأدلة على علمها ....وأجود ما قيل
قول القاضي : ما لا مندوحة عن تعلمه كمعرفة الصانع [ الله عز وجل ] ونبوة رسله ،
وكيفية الصلاة ونحوها ، فإن تعلمه فرض عين) انتهى من فيض القدير 4/267
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( طلب العلم الشرعي فرض كفاية
إذا قام به من يكفي صار في حق الآخرين سنة ، وقد يكون طلب العلم واجبا على الإنسان
عينا أي فرض عين ، وضابطه أن يتوقف عليه معرفة عبادة يريد فعلها أو معاملة يريد
القيام بها ، فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يعرف كيف يتعبد لله بهذه العبادة وكيف
يقوم بهذه المعاملة ، وما عدا ذلك من العلم ففرض كفاية وينبغي لطالب العلم أن
يُشْعِر نفسه أنه قائم بفرض كفاية حال طلبه ليحصل له ثواب فاعل الفرض مع التحصيل
العلمي) انتهى من كتاب العلم
وقد أحسنت في إحضار أسطوانات الدروس ، فإن ذلك من وسائل طلب
العلم ، وإن كان لا يغني عن مجالسة العلماء ، والتأدب بآدابهم ، وسؤالهم عما يغمض
ويشكل .
والذي يظهر بالنسبة لحالك في مقام المفاضلة بين الأذان ورعاية
المسجد، وبين طلب العلم غير المفروض عينا : أن تحاول الجمع بين الخيرين ، فتواظب
على بعض الدروس ، وتستمر في رعاية المسجد ، وتعتمد فيما فاتك من الدروس على
الأسطوانات ، مع سؤال أهل العلم عما أشكل فيها ، فإن لم ترض إدارة المسجد بغيابك
بعض الأوقات ، فتفرغ لطلب العلم ، فإنه الشرف والرفعة في الدنيا والآخرة ، لاسيما
وأن المسجد والأذان لن يعدم من يقوم عليه على وجهه ، أما العلم فإن المقبلين عليه
بحرص وجدٍّ قليلون .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان فضل العلم : ( الوجه الثامن
والمائة: أن كثيرا من الأئمة صرحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم، فقال
الشافعي: ليس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ، وهذا الذي ذكر أصحابه عنه أنه
مذهبه ، وكذلك قال سفيان الثوري وحكاه الحنفية عن أبي حنيفة ، وأما الإمام أحمد ،
فحُكي عنه ثلاث روايات :
إحداهن أنه العلم، فإنه قيل له أي شيء أحب إليك ، أجلس بالليل
أنسخ أو أصلي تطوعا ؟ قال : نسخك تعلم به أمور دينك ، فهو أحب إلي ، وذكر الخلال
عنه في كتاب العلم نصوصا كثيرة في تفضيل العلم ، ومن كلامه فيه : الناس إلى العلم
أحوج منهم إلى الطعام والشراب .
الرواية الثانية : أن أفضل الأعمال بعد الفرائض صلاة التطوع ،
واحتج لهذه الرواية بقوله : " واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة "
وبقوله في حديث أبي ذر وقد سأله عن الصلاة فقال : " خير موضوع "
وبأنه أوصى من سأله مرافقته في الجنة بكثرة السجود وهو الصلاة، وكذلك قوله في
الحديث الآخر: "عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدة
إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة" وبالأحاديث الدالة على تفضيل الصلاة .
والرواية الثالثة : أنه الجهاد فإنه قال : لا أعدل بالجهاد شيئا
من ذا يطيقه ، ولا ريب أن أكثر الأحاديث في الصلاة والجهاد .
وأما مالك فقال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : إن أقواما ابتغوا
العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد بأسيافهم ، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن
ذلك . قال مالك : وكتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب أنه قرأ القرآن عندنا
عدد كذا وكذا فكتب إليه عمر أن افرض لهم من بيت المال ، فلما كان في العام الثاني
كتب إليه أنه قد قرأ القرآن عندنا عدد كثير لأكثر من ذلك، فكتب إليه عمر أن امحُهم
من الديوان فإني أخاف من أن يسرع الناس في القرآن أن لا يتفقهوا في الدين فيتأولوه
على غير تأويله . وقال ابن وهب : كنت بين يدي مالك بن أنس فوضعت ألواحي وقمت إلى
الصلاة ، فقال : ما الذي قمت إليه بأفضل من الذي تركته) انتهى من مفتاح دار
السعادة 1/119
والله أعلم .
*****
47289
أحرمت وطافت وسعت وهي حائض ...
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4679)
سؤال رقم 47289- أحرمت وطافت وسعت وهي حائض ...
سؤالي عن امرأة حجت منذ سنوات ، و أحرمت من الميقات وطافت وسعت وهي حائض ( لا أدري هل عن جهل ) أرجو الإفادة في كل الأحوال , ثم إنها اعتمرت بعد ذلك مرات عديدة , فما الحكم ؟.
الحمد لله
لا يشترط في الإحرام والسعي الطهارةُ من الحيض ، غير أن المرأة
الحائض ممنوعة من الطواف بالبيت حتى تطهر .
وعلى هذا فإن المرأة التي تريد الحج أو العمرة تحرِمُ من الميقات
وهي حائض وينعقد إحرامها ، والدليل على ذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي
الله عنها ولدت والنبي صلى الله عليه وسلم نازل في ذي الحليفة ( ميقات أهل المدينة
) يريد الحج ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف أصنع ؟ قال : " اغْتَسِلِي
وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي " رواه مسلم ( 1218 ) ومعناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ، ودم الحيض
كدم النفاس فالمرأة الحائض إذا مرت بالميقات تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم عملا بالحديث
.
وكذلك يصح السعي بين الصفا والمروة من المرأة وهي حائض ، أما
الطواف فغير صحيح ، والدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها
حين حاضت في أثناء العمرة : ( افْعَلِي كَمَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لا
تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ) رواه البخاري ( 1650 ) ومسلم (
1211 ) .
وعلى هذا ، فهذه المرأة لم تتحلل التحلل الثاني من إحرامها بالحج
ويلزمها إعادة الطواف ولا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف .
هذا هو حكم هذه المسألة سواء فعلت ذلك بعلم أم فعلته جاهلة ، غير
أنها إذا فعلت ذلك بعلم فإنها تأثم لارتكابها هذا المنكر بلا عذر ، أما إذا كانت
جاهلة فإنها لا إثم عليها ، لكن يلزمها الإتيان بهذا الطواف ولا تتحلل التحلل
الثاني حتى تأتي به كما سبق ، وكونها اعتمرت بعد هذا مرات عديدة لا يسقط عنها هذا
الطواف .
سئلت اللجنة الدائمة عن حكم حجة الحائض فأجابت : " الحيض لا يمنع
من الحج ، وعلى من تحرم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج ، غير أنها لا تطوف بالبيت
إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت ، وهكذا النفساء ، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح "
. فتاوى اللجنة الدائمة 11/172
وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عمن دخلت الحرم
وطافت وسعت وصلَّت وهي حائض فأجاب بقوله : " لا يحل للمرأة إذا كانت حائضا أو نفساء
أن تصلي ، سواء في مكة أو في بلدها أو في أي مكان لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
المرأة : ( أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ) ، وقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل
لحائض أن تصوم ولا يحل لها أن تصلي ، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليها أن تتوب
إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها ، وأما طوافها حال الحيض فهو غير صحيح وأما سعيها
فصحيح ، لأن القول الراجح جواز تقديم السعي على الطواف في الحج وعلى هذا فيجب عليها
أن تعيد الطواف ؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج ، ولا يتم التحلل الثاني إلا
به ، وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد
عليها النكاح إن كانت غير متزوجة حتى تطوف ) مجموعة فتاوى الشيخ محمد صالح
بن عثيمين 22/382 .
*****
47322
هل يدعو لصديقه النصراني بالشفاء
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4680)
سؤال رقم 47322- هل يدعو لصديقه النصراني بالشفاء
لدي صديق نصراني أحبه جدا وهو من النصارى الذين مدحهم القرآن ، وهو الآن مريض جدا فهل يسمح لي الإسلام أن أدعو الله له بالشفاء ؟ .
الحمد لله
عقيدة الولاء والبراء من آكد أصول الدين ، وأوثق عرى الإيمان ،
وكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك تحقيق الناس لهذا الأصل العظيم يزيد وينقص ، وأما
هدم هذا الأصل في قلب العبد وترك ما يوجبه على المؤمن من الأعمال فهو هدم للإيمان
كله الذي هو مبني على محبة أولياء الله تعالى ، ومعاداة أعدائه ، وقد دل على هذا
الأصل عدة آيات من كتاب الله ، وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن ذلك
:
قوله تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة/22 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ
الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً
مُبِيناً ) النساء/144 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 وقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ
دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ
الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ
بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ) آل عمران/118 وعن عائشة رضي
الله عنها قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بِحَرَّة
الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك
، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا ، قال فارجع
فلن أستعين بمشرك " رواه مسلم (1817)
بل اتهم الصحابة - رضي الله عنهم – مالك بن الدخشن بالنفاق ،
بسبب كثرة صحبته لبعض المنافقين ، ولقائه بهم ، كما ثبت في الصحيحين (
البخاري برقم 415 ، ومسلم 33 )
كل ما سبق وغيره كثير ، يدل على تحريم موالاة الكافرين ، أو
محبتهم وتوليهم ، وهذه الموالاة لها صور عدة ، فمنها : الرضا بكفرهم ، أو مخالطتهم
مع الأنس بهم أو السكن معهم واتخاذهم أصدقاء وخلان ، أو محبتهم ، أو تقديمهم على
المؤمنين أو مودتهم ، أو تحكيم قوانينهم وغير ذلك ، وانظر السؤال رقم ( 2179 )
ومما سبق تعلم أن محبة الكافر أمرها خطير جدا ، لأنها تناقض
باباً عظيما من أبواب التوحيد ، ألا وهو الولاء للمؤمنين ، والبراء من المشركين .
وقولك إن هذا الكافر من النصارى الذي مدحهم الله في كتابه ،
جوابه أن الذين مدحهم الله في كتابه هم صنف معين لهم أوصاف محددة ، وقد بين الله
تعالى هذه الأوصاف بعد آية مدحهم مباشرة ، قال تعالى : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ
النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا
نَصَارَى ) ثم قال : ( ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً
وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ
تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ* وَمَا لَنَا لا
نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا
رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ
الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْجَحِيمِ ) المائدة/86 فتمام الآيات يبين أن المراد بهؤلاء
من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وتأثر بسماع القرآن ودعوته .
قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية : " يقول
تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبتهم وأبعدهم من ذلك :
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا .
فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام
والمسلمين ، وأكثرهم سعيا في إيصال الضرر إليهم ، وذلك لشدة بغضهم لهم بغيا وحسدا
وعنادا وكفرا .
( وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ
مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى )
وذكر تعالى لذلك عدة أسباب : منها : أن منهم قسيسين ورهبانا ، أي
علماء متزهدين وعبادا في الصوامع متعبدين . والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف
القلب ويرققه ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة ، فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود
وشدة المشركين .
ومنها : أنهم لا يستكبرون أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد
للحق ، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم ، فإن المتواضع أقرب إلى الخير من
المستكبر .
ومنها : أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا للذي تيقنوه ، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا : ربنا
آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد
ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به ، ويشهدون على الأمم السابقة بالتصديق والتكذيب
.... وهذه الآيات نزلت في النصارى الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسم -
كالنجاشي وغيره ، ممن آمن منهم ، وكذلك لا يزال يوجد فيهم من يختار دين الإسلام ،
ويتبين له بطلان ما كانوا عليه ، وهم أقرب من اليهود والمشركين إلى دين الإسلام " [ تفسير السعدي 1 / 511 ]
أما الدعاء للكافرين فينقسم إلى قسمين :
الأول : أن تدعو له بالهداية إلى الإسلام ونحو ذلك ، فهذا جائز ،
وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم
أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ) رواه
الترمذي (3681) ، وصححه الألباني ، وهذا دعاء لأحدهما بالهداية
الثاني : أن تدعو له بالمغفرة ونحو ذلك ، فهو حرام بالإجماع .
قال النووي : " وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة
فحرام بنص القرآن والإجماع " [ المجموع 5 / 120 ]
وقال في تحفة المحتاج :" ويحرم الدعاء بأخروي لكافر وكذا من شك
في إسلامه ولو من والديه " [ 3 / 141 ]
أما الدعاء له بالشفاء من مرض والعافية منه ، فهو جائز للمصلحة ،
كرجاء إسلامه وتأليف قلبه ، ونحو ذلك ، ويدل لهذا حديث الصحابي الذي رقى سيد القوم
من لدغة العقرب ، وقد سبق بيانه في السؤال رقم ( 6714 ) ، والدعاء بالشفاء من جنس الرقية .
بل يجوز لك أن تزوره في مرضه هذا ، والإنسان في مرضه يرقُّ قلبه
ويضْعُف ، ويقرب قبوله للحق ، وقد كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غلام يهودي يخدمه ، فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ
إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ
النَّارِ ) رواه البخاري (1356)
قال ابن حجر : " وفي الحديث جواز استخدام المشرك وعيادته إذا مرض
، وفيه حسن العهد "
لكن الدعاء للكافر بالشفاء لا يعني موالاته أو محبته أو تقديمه
أو مودته كما سبق ذلك ، والله أعلم .
وللمزيد راجع الأسئلة رقم ( 23325 ، 20471 ، 32560 ، 41631 ، 6517 ، 26721 ، 1398 ، 3485 )
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن حكم موالاة الكفار ؟
فأجاب بقوله : موالاة الكفار بالموادة والمناصرة واتخاذهم بطانة
حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم قال الله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ،
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ
اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ
يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ )
وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا
بعضهم أولياء بعض ويتميز هؤلاء عن هؤلاء ، فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير .
ولا ينبغي أبدا أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر من المودة
وأبدى من النصح فإن الله تعالى يقول عنهم ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا
كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ). ويقول سبحانه لنبيه ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ
الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) والواجب على المؤمن أن
يعتمد على الله في تنفيذ شرعه ، وألا تأخذه فيه لومة لائم ، وألا يخاف من أعدائه
فقد قال الله تعالى : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ
يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )
وقال تعالى : ( فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى
اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى
مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ
الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
( انظر مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 3 / 31 - 46 ، الولاء والبراء في الإسلام ص
352 ) .
*****
47335
زوجها يشرب الخمر فهل تبقى معه
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4681)
سؤال رقم 47335- زوجها يشرب الخمر فهل تبقى معه
أختي متزوجة برجل يشرب الخمر تقريبا مدمن على شربها وكثير السهر وقد تعبت من نصحه وطلبت منه العدول عن هذا الأمر لكنه أبى ذلك فهل يجوز لها أن تعيش معه علما أن لها من الأبناء اثنين وهو يطلع أخواته بكل صغيرة وكبيرة بينهما وهي في بلد عربي أخر وتعاني من الغربة فبماذا تنصحها ولك الأجر والثواب ؟ .
الحمد لله
أولاً: نسأل الله تعالى أن يعين أختك في مصيبتها وأن يفرِّج عنها
ويهدي زوجها إلى التخلص من أسر هذه الكبيرة من الكبائر
أما حكم بقائها معه فيجوز لها ذلك إذا أمنت على نفسها وأولادها .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أرى أنها إذا نصحته ولم يستفد
فلها الحق في طلب الفسخ ، لكن قد يكون هناك أشياء لا تتمكَّن معها من الفسخ لأنها
معها أولاد فتحصل مشاكل في الفسخ ، فإذا لم تصل معصيته إلى حد الكفر فلا حرج عليها
أن تبقى معه خوفاً من المفسدة ، أما إذا وصلت إلى حد الكفر مثل كونه لا يصلي فهذا
لا تبقى معه طرفة عين . اللقاء المفتوح س 518 .
ثانياً : أما النصيحة لها فعليها أن تقدر مصلحتها في ذلك و
تستشير أهلها وقرابتها فإنهم أدرى بحالها ثم تستخير الله تعالى في أمرها فإن الله
لن يضيعها ، وفي الأثر (ما خاب من استخار ولا ندم من استشار) فإذا اختارت الفسخ أو
البقاء فلترض بقضاء الله لها ولتصبر وتحتسب
قال تعالى : ( وبشر الصابرين ) البقرة/155 .
والله أعلم .
*****
47336
زواج الخال من بنت ابن أخته
الفقه > معاملات > النكاح > المحرمات من النساء >(1/4682)
سؤال رقم 47336- زواج الخال من بنت ابن أخته
خالي أخ لأمي شقيق هل يجوز أن يتزوج ابنتي ؟ .
الحمد لله
لا يجوز لخالك أن يتزوج ابنتك ، لأن خال الرجل هو خال لأبنائه
وبناته ، وقد قال تعالى :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ
وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ
وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ
وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ
نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ
فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ
وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
غَفُوراً رَحِيماً ) النساء/23
فدل قوله وبنات الأخت على تحريم كل بنت الأخت ، وإن نزلت ، وهذا
يشمل بنت بنت الأخت ، وبنت ابن الأخت ، وإن نزلوا ، قال القاسمي : " ويدخل في
البنات أولادهن " تفسير القاسمي (5/86)
والله أعلم .
*****
47354
هل للتجار أن يتفقوا على الأسعار قبل دخولهم في المناقصة؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4683)
سؤال رقم 47354- هل للتجار أن يتفقوا على الأسعار قبل دخولهم في المناقصة؟
هل يجوز لمجموعة من التجار أن يتفقوا على الأسعار مسبقاً للدخول في مناقصة معينة وذلك بعد علمهم بالغلاف المالي المخصص لهذه الصفقة وذلك مخافة أن يقوم أحد التجار بخفض السعر في هذه المناقصة . وبعد أن يفوز أحدهم بالصفقة يتقاسمونها مع بعضهم البعض .
الحمد لله
لا يجوز للتجار الاتفاق على الأسعار قبل الدخول في المناقصة ،
لما في ذلك من الإضرار بصاحب المعاملة ؛ لأنه ما لجأ إلى المناقصة إلا للحصول على
أقل الأسعار ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من
بعض " رواه مسلم (1522) ، ثم إن الاتفاق المسبق ، وتقاسم
الصفقة فيما بين التجار دون علم العميل ، غش وخداع له ، وفي الحديث "ومن غشنا فليس
منا" رواه مسلم (101).
وسئلت اللجنة الدائمة عن اتفاق المشترين للسلعة من المزاد العلني
على أن لا يزيدوا الثمن عن حد معين فأجابت :
تواطؤ المشترين للسلعة من الحراج أو غيره على أن يقفوا بسعر
السلعة عند حد معيّن من الأثرة الممقوتة ، والإضرار بأرباب السلع ، وكل من الأثرة
وإضرار الإنسان بغيره ممنوع ، وهو خلق ذميم لا يليق بالمسلمين ولا ترضاه الشريعة
الإسلامية ..... وعلى ذلك يكون للبائع المتواطئ على منع الزيادة في سلعته الخيار إن
ظهر أنه مغبون ( أي مخدوع ) في سلعته ، إن شاء طلب فسخ البيع وإن شاء أمضاه . اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (13/114)
وعلى المسلم أن يحرص على إطابة مطعمه ، فإن النبي صلى الله عليه
وسلم يقول : " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " رواه الطبراني وأبو نعيم
عن أبي بكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4519
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ " إنه لا يربو لحم
نبت من سحت إلا كانت النار أولى به ".
وقانا الله وإياكم شر ذلك .
والله أعلم .
*****
47357
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >(1/4684)
سؤال رقم 47357- حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
حكم تجاوز الميقات بدون إحرام
الحمد لله
الإحرام من الميقات من واجبات الحج والعمرة ، فلا يجوز لأحد
تجاوزُ الميقاتِ بدون إحرام وهو يريد أحد هذين النسكين ( الحج أو العمرة ) ، سواء
أتى برا أم بحرا أم جوا .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم من تجاوز
الميقات بدون إحرام فأجاب بقوله : " من تجاوز الميقات بدون إحرام فلا يخلو من حالين
: إما أن يكون مريدا للحج أو العمرة ، فحينئذ يلزمه أن يرجع إليه ليحرم منه بما
أراد من النسك ، الحج أو العمرة ، فإن لم يفعل فقد ترك واجبا من واجبات النسك ،
وعليه عند أهل العلم فدية ؛ دم يذبحه في مكة ، ويوزعه على الفقراء هناك .
وأما إذا تجاوزه وهو لا يريد الحج ولا العمرة ، فإنه لا شيء عليه
، سواء طالت مدة غيابه عن مكة أم قصرت ، وذلك لأننا لو ألزمناه بالإحرام من الميقات
لكان الحج يجب عليه أكثر من مرة أو العمرة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة ، وأن ما زاد فهو تطوع ، وهذا هو القول الراجح من
أقوال أهل العلم فيمن تجاوز الميقات بغير إحرام أي أنه إذا كان لا يريد الحج ولا
العمرة ، فليس عليه شيء ، ولا يلزمه الإحرام من الميقات " . فقه العبادات ص
283 وفتاوى أركان الإسلام ص 513 .
وعلى هذا ، فكان الواجب عليك أن تعود إلى الميقات بعد هبوط
الطائرة لتحرم منه ، فإن لم ترجع وأحرمت بعد مجاوزة الميقات فالواجب عليك عند أهل
العلم أن تذبح شاة وتوزعها على الفقراء في مكة .
والله أعلم .
*****
47396
حكم عمله مديرا لمقهى إنترنت
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4685)
سؤال رقم 47396- حكم عمله مديرا لمقهى إنترنت
أعمل مديرا لـ كوفي انترنت ( مكان يتم فيه تأجير الكمبيوترات للأفراد للدخول على الإنترنت مقابل أجر مادي ) ، ولكن بعض الناس يسيء استخدام الإنترنت لعمل الشات والدردشة مع البنات علما بوجود كاميرا فيديو ومشاهدة الطرف الآخر وبعض الناس تدخل على المواقع الإسلامية وبعضهم يدخل لإنجاز أعماله والبعض لمكالمة الأهل والأقارب في الخارج فهل عملي هذا حرام أم أن الوزر والذنب على من يسيء استخدام الإنترنت علما بأني لست صاحب المكان أي لا يمكنني منع ذلك وأنا ليس لدى عمل غير هذا ومحتاج إليه نظرا لأن فرص العمل قليلة جدا وقد مكثت بدون عمل لمدة 6 اشهر .
الحمد لله
لاشك أن الوزر يقع أولا على من ارتكب الحرام ، نظراً أو كتابةً
أو حديثاً لكنه يلحق أيضا من أعانه وسهل له ذلك، كما يلحق من رأى المنكر فلم ينكره
، وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 34672 )
بيان حكم العمل في مقهى الإنترنت :
( لا يجوز العمل أو الاستثمار في مقاهي الإنترنت إلا في حال
خلوها من المنكرات ، ومن ذلك عدم تمكين الزائرين من الدخول إلى المواقع المحرمة ،
بحجبها عنهم ، أو بطردهم عند الإصرار على استخدامها ، وذلك لقول الله تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 ، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من
رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف
الإيمان" رواه مسلم 49
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الإنكار بالقلب فرض على كل واحد
، وهو بغض المنكر وكراهيته ، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان " انتهى نقلا عن : الدرر السنية في الأجوبة النجدية 16/142
فإذا لم يمكن ضبط هذا المقهى ، ومنع المنكر منه ، فلا يجوز فتحه
، اتقاء للوقوع في الإثم والمعصية
فإذا لم يمكنك إنكار المنكر في هذا المقهى ، فانج بنفسك ، وفارق
أصحاب المعصية ، فإنك لا تأمن أن يحل بهم سخط الله وغضبه، وابحث عن عمل مباح ، تجني
منه مالا حلالا ، ونذكرك بقول الله تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ
بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ
إِذاً مِثْلُهُمْ ) النساء/140
قال القرطبي رحمه الله في التفسير : ( قوله تعالى : " فلا تقعدوا
معهم حتى يخوضوا في حديث غيره" أي غير الكفر. " إنكم إذا مثلهم": فدل بهذا على وجوب
اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا
بالكفر كفر. قال الله عز وجل "إنكم إذا مثلهم" فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر
عليهم يكون معهم في الوزر سواء .
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم
يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون
الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم فحمل عليه الأدب ( أي شدد عليه العقوبة
والتعزير ) وقرأ هذه الآية " إنكم إذا مثلهم" أي إن الرضا بالمعصية معصية ، ولهذا
يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم. اهـ (5 / 418)
ثم إنه يخشى على من عمل في هذه الأماكن أن يضعف إيمانه ، وأن
تذهب الغيرة من قلبه ، وربما دعاه الشيطان إلى مقارفة المعصية ، وقد قال الله تعالى
: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ
يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
) النور/21 .
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأن ما عند الله
تعالى لا ينال إلا بطاعته ، وقد قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ
لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3
نسأل الله أن يرزقك عملا حلالا طيبا وأن يبارك لك فيه .
والله أعلم .
*****
47398
كيف يملأ الإنسان الفراغ
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4686)
سؤال رقم 47398- كيف يملأ الإنسان الفراغ
أنا أعاني من مشكله الفراغ الشديد ، وبسبب الفراغ بدأت أصاب بحالة غريبة ، فقد بدأت عباداتي تقل بشكل ملحوظ ، ليس لسبب شيء يشغلني بل بسبب ما أصابني من اكتئاب ، فأنا أحفظ القرآن على يد محفظة ، ولكن مازلت في جزء عم ، وأحفظ المطلوب منى ، ويظل لدي وقت فراغ قاتل ولكي أتخلص من حالة الاكتئاب أفتح التلفزيون ، ولكن أنا أكرهه ولا أرغب في مشاهدته ، ولكني الآن أجلس أمامه أكثر من 10 ساعات ، هل تصدق 10 ساعات ؟ وأنا من كنت لا أجلس أمامه إلا قليلا لا أدري !! من فضلك انصحني ماذا أفعل لقتل الفراغ .
الحمد لله
نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده ، حتى
أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى : ( وَالْعَصْرِ ) ، لأهمية هذا الوقت
وبركته ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسم - : ( اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل
موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك ) انظر
صحيح الجامع برقم (1077) .
ولما كان أكثر الناس جاهلين بقدر هذه النعمة ، غافلين عما يجب
عليهم نحوها من عمارتها بشكر الله وطاعته ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (
نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ) رواه البخاري (6412)
والمغبون هو الخاسر في بيعه أو شرائه .
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : " ضَرَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُكَلَّفِ مَثَلا بِالتَّاجِرِ الَّذِي لَهُ رَأْس مَال ,
فَهُوَ يَبْتَغِي الرِّبْح مَعَ سَلامَة رَأْس الْمَال , فَطَرِيقه فِي ذَلِكَ أَنْ
يَتَحَرَّى فِيمَنْ يُعَامِلهُ وَيَلْزَم الصِّدْق وَالْحِذْق لِئَلا يُغْبَن ,
فَالصِّحَّة وَالْفَرَاغ رَأْس الْمَال , وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَامِل اللَّه
بِالإِيمَانِ , وَمُجَاهَدَة النَّفْس وَعَدُوّ الدِّين , لِيَرْبَح خَيْرَيْ
الدُّنْيَا وَالآخِرَة وَقَرِيب مِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى ( هَلْ أَدُلّكُمْ
عَلَى تِجَارَة تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَاب أَلِيم ) الآيَات .
وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِب مُطَاوَعَة النَّفْس وَمُعَامَلَة الشَّيْطَان لِئَلا
يُضَيِّع رَأْس مَاله مَعَ الرِّبْح "
فتح الباري لابن حجر
وإذا كان الوقت بهذه المنزلة ، فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون
عنده وقت للفراغ ، لأنه يتقلب من طاعة إلى طاعة ، فإن لم يخرج من طاعة إلى أختها ،
فإنه يخرج إلى المباح .
وينبغي أن يصلح فيه نيته ، ليكون له فيه أجر . كما قال معاذ رضي
الله عنه : أما أنا فأقوم وأنام ، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي " رواه
البخاري (6923) ومسلم (1854)
والمشكلة التي تعاني منها الأخت سببها عدة أشياء :
أولا :
أنها لا تعرف قيمة الوقت ، وهذا حال أكثر الناس كما سبق ، بل
الأدهى من ذلك أن هذه النعمة العظيمة ، بإهمالها ، والتفريط فيها ، صارت فراغاً
مدمراً ، فاعتبرته عدواً لها ، فهي " تقتله " ولم تدر أنها تقتل نفسها .
ثانيا :
أنها تحس بالاكتئاب ، ولا شك أن إهدار الوقت ، وإضاعة الحياة
تسبب اكتئابا شديدا لدى الإنسان ، لأنه يحس أنه مثل الدابة التي تأكل لتنام ، وتنام
لتأكل ، ولهذا نرى كثيرا من أهل الكفر ينهون حياتهم بالانتحار ، بعد إصابتهم
بالاكتئاب والأمراض المستعصية ، عافانا الله مما ابتلاهم به ، كما أن من أول وأهم
أسباب الاكتئاب معصية الله عز وجل ، ولا شك أن إضاعة الوقت في النظر لجهاز التلفاز
يؤدي بالإنسان إلى ارتكاب المعصية ، من النظر المحرم ، وسماع المحرم ، وتضييع الوقت
، وغير ذلك مما يسببه هذا الجهاز المفسد ، والفوائد التي تجنيها الأخت في جلوسها في
حلقة تحفيظ القرآن الكريم تذهب كثير منها أو كلها بجلوسها أمام التلفاز ، فكما أن
الحسنات يذهبن السيئات ، فذلك السيئات تضيع الحسنات .
[ يمكن الرجوع إلى قسم الكتب في الموقع ، ففي
" علاج الهموم " تفصيل أكثر لأسباب
الهموم وكيفية التغلب عليها ، وفي " أخطار تهدد البيوت " إشارة إلى بعض الآثار المدمرة لجهاز التلفاز .
ثالثا :
أنها تستسلم كثيرا لنفسها في مسألة الوقت ، فليس لديها من العزم
ما يقويها على ملء وقتها بما هو مفيد .
ولحل مثل تلك المشكلة ، فإنه يجب على الأخت الفاضلة الحرص على
النقاط التالية :
1. العبادات من الأذكار والأوراد والصلوات وتلاوة القرآن والصيام
والتفكّر في آيات الله وآلائه .
2. بخصوص القرآن الكريم ، وقد أشارت السائلة إلى أنها تحفظ
المطلوب منها ، ثم يبقى عندها من الفراغ ما تقتله بالتلفاز ، فلِمَ لا تحييه بذكر
الله ، والاجتهاد في تلاوة القرآن ، والزيادة في القدر المحفوظ حتى تكمل حفظه ، قبل
أن تنشغل بأعباء الحياة ، إن كل حرف بحسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، إن كل آية هي
رِفْعَة وزيادة ، هي رقي وكمال ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( اقْرَأْ وَارْتَقِ
وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ
آيَةٍ تَقْرَؤُهَا ) رواه أبو داود (1464) وصححه الألباني في الصحيحة (2240)
3. تبني قضية من قضايا المسلمات في البلد الذي تعيش فيه ،
كالمساهمة في تدريس البنات المسلمات ودعم المشاريع الخيرية ونحو ذلك .
4. الرفقة الصالحة باجتماعاتها والجيرة الطيبة بزياراتها .
5. القراءة في الكتب الإسلامية خاصة والقصص المفيدة عامة .
6. الانخراط في مجال الدعوة والأنشطة النسائية ورياض الأطفال في
المراكز الإسلامية.
7. سماع الأشرطة والمحاضرات وتلخيصها وتوزيع الملخّص على من
يستفيد منه .
8. تعلم بعض العلوم الدنيوية المفيدة من طبخ وخياطة ونحو ذلك .
9. اتخاذ الكمبيوتر والبرامج المفيدة وهو حقل واسع وبحر كبير
يأخذ وقتا طويلا ويُمكن استثماره في عمل كثير من الأشياء الطيبة والمفيدة ، وهذا
يغني عن الجلوس أمام شاشة التلفاز التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وتضر أكثر مما
تنفع .
وينبغي عليك مطالعة بعض الكتب التي تتكلم عن أهمية الوقت وكيفية
تنظيمه ، وسماع بعض المحاضرات النافعة في ذلك .
وفقنا الله وإياك لكل خير .
وللمزيد مراجعة الأسئلة ( 2267 ) ( 3619 ) ( 26869 ) ( 36546 ) .
*****
47405
تعلق قلبه بفتاة ويريد الزواج منها
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4687)
سؤال رقم 47405- تعلق قلبه بفتاة ويريد الزواج منها
أنا شاب أصلي وأحفظ القرآن ولله الحمد ، لكن تعرفت على فتاة عن طريق الهاتف ، وبدأت علاقتنا بالهاتف ، ثم تقابلنا ولم يحصل بيننا أي منكر ولله الحمد ، ثم نصحتها بالمحافظة على الصلاة وحفظ القران وترك الأغاني ، وأن تكون علاقتنا مبدؤها حب الله عز وجل أولا ثم رسوله محمد عليه السلام ثم المحبة بيننا .
وجدت منها استجابة ، وواظبت على الصلوات ، وقراءة القرآن ، وترك الأغاني ، ثم قطعنا علاقتنا بالهاتف ، وقالت : هي تنتظرني إن شاء الله ،
وأنا الآن متردد : هل أُقدِم على الزواج منها ، رغم ما نسمع عن الأثر السيء لمثل هذه العلاقات ، على استقرار الحياة الزوجية فيما بعد ؟
أو أقطع علاقتي بها تماماً ، مع تعلق قلبي بها ، ومع أننا اتفقنا على أن نسير في حياتنا على ما يرضي الله تعالى ، وقد عزمنا على أن نبدأها بزيارة بيت الله الحرام إذا تم زواجنا إن شاء الله؟.
الحمد لله
لا يزال الناس يُحْدِثون ، ويُحْدث لهم الشيطان ، ولا يزال
الشيطان يزين للناس أعمالهم ، ويأتي كل واحد من مداخله التي يسهل عليه أمرها ،
فالكسلان يأتيه من باب التفريط ، وصاحب الهمة يأتيه من باب التنطع والتشديد ، ولا
يزال الناس منه في بلية ، وتلك سنة الله في خلقه .
وهكذا العلاقات بين الناس ، لاسيما ما يكون منها بين الرجل
والمرأة الأجنبية عنه ، فإن اللعين يزين لطالب الجمال من أوقعه في حبالها ، حتى
تكون في عينه أجمل النساء ، ولربما كانت من أدناهن حظاً في الجمال ، وهكذا المصلي ،
حافظ القرآن ، إن عز على الشيطان أن يوقعه في حبائل النساء بالعلاقات المحرمة ،
لصيانته لدينه ، وأنفته من أن يشابه الفساق ، فإنه يأتيه من باب الحب في الله ،
والعلاقات الإسلامية الأخوية ، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وهكذا
يكون الشيطان في سعيه :
لكل ساقطةٍ في الحي لاقطةٌ وكل كاسدةٍ يوما لها سوقُ
لسنا ندري أيها الأخ الكريم المصلي ، يا صاحب القرآن ، هل أنت في
حاجة إلى أن نقول لك : إنك قد تركت الأبواب المفتوحة بشرع الله لقضاء حاجاتك ،
وأتيت البيوت من ظهورها : ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ
ظُهُورِهَا ) البقرة/189 ؟!
كان ينبغي ألا تحتاج !!
هل أنت في حاجة إلى أن نقول لك : إن مجرد اللقاء بين رجل وامرأة
أجنبية منكر لا يرضاه الله ورسوله ، لما فيه من الخلوة المحرمة ، والدخول على
النساء ، والنظرة المحرمة , ... ، ولو لم يكن فيه المنكر الشنيع الذي تقصده ، فكما
أن الأعمال الصالحات درجات في العلو والصعود , فكذلك خطى الشيطان دركات في الدناءة
والسفول ؟!
كان ينبغي ـ وأنت المصلي ، صاحب القرآن ـ ألا تحتاج !!
لو كنت سألتنا قبل أن تقدم على كل تلك الخطى ، كما كان الواجب
عليك ، لقلنا لك : مالك وللشاردة من بنات الناس ؟! لا يأوي الضالة إلا ضال !! دعها
، وإن لم تطرد عنها الذئاب ، فلا تكن أنت ذئبها ، حتى يتلقاها ربها ببره ، ويمن
عليها بتوبته ، ويوفق لها من محارمها ، أو نسائها من يهديها الطريق !!
أما وقد كان ما كان ، فالحمد لله على ستره عليكما ، ولطفه بكما ؛
فلم يقع بينكما ما يقع عادة في مثل تلك العلاقات ، والحمد لله أن وفقكما إلى قطع
تلك العلاقة بينكما ، لكن أكملا ذلك العمل بالتوبة إلى الله عز وجل عما بدر منكما ،
وقطع حبائل الشيطان التي نصبها لاصطيادكما ، وإشعال جمار الهوى والمعصية في قلوبكما
، ونسأل الله أن يمن علينا وعليكما بالقبول .
فإن فعلتما ذلك ، وبدأتما في تصحيح ما بدر منكما ، وتركتما ما
سبق المنكرات ، فاستخر الله تعالى في أمر الزواج الذي تريده ، ولعل ذلك أن يكون
تأكيدا لأخذكما في طريق الفلاح : ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .
على أنك ينبغي عليك ، كما ينبغي عليها هي أيضا ، أن يتحرى كل
واحد منكما معرفة سيرة صاحبه ، قبل تلك الزلة ، وأن يقف على سيرته ، وسيرة أهل بيته
، كما يفعل الخُطَّاب عادة ، فإن كان ما حدث منها من التعارف واللقاء بينكما بهذه
الطريقة المرفوضة شرعا وأدبا ، إن كان ذلك زلة وقى الله تزايد شرها ، واشتعال شررها
، فاسعيا في إتمام أمر زواجكما في أقرب وقت يتيسر لكما ذلك الزواج فيه .
نعم ، قد كانت البداية خاطئة ، لكن ليس من الحكمة ، ولا من الشرع
في شيء ، أن ندع الغريق ونحن نقدر على أن ننقذه ، لأنه هو الذي غرر بنفسه ، وركب
لجة البحر !!
ومقام التحذير من الشر ، ونهي العباد عنه شيء ، ومقام علاج من
أخطأ وحاد عن الطريق شيء آخر ، وأهل السنة ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله ، يعرفون الحق ، ويرحمون الخلق .
فالذي نشير عليك به أن تقدم على الزواج بمن تعلقت بها ، وتعلقت
بك ، بعد استخارة الله ، كما مر ، والاجتهاد في التضرع إليه أن يوفقكما لما يحبه
الله ويرضاه ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ
النِّكَاحِ ) [ رواه ابن ماجة 1847 وقال البوصيري : رجاله ثقات ، وإسناده
صحيح ] .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
، فإن قدر الله بينكما هذا الزواج بعد ذلك ، فهو الخير إن شاء
الله ، وإن لم يقدر ذلك ، فهو الخير أيضا إن شاء الله .
وننصح بمراجعة السؤال 36618
نسأل الله أن ييسر لنا ولكما أمرنا ، وأن يجعل عاقبتنا جميعا إلى
هذى وفلاح .
*****
47407
استخدام نغمات موسيقية في الهاتف الجوال
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل >(1/4688)
سؤال رقم 47407- استخدام نغمات موسيقية في الهاتف الجوال
هل استخدام التليفون المحمول الذي به نغمات فيه شبهة ، لأن هذه النغمات تعتبر موسيقى أم لا ؟ و بصراحة يمكن أن أتجنب هذه الشبهة باستخدام تليفون محمول يكون جرسه آية قرآنية.
الحمد لله
وضع نغمات الهاتف الجوال على الأصوات الموسيقية منكر ومحرم ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ على تحريم المعازف حيث قال : " ليكونن من أمتي
أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، رواه البخاري
(5590)
وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما
: قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي
في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع بحرمته وهو الزنا والخمر ، ولو
لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ،
والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . مجموع الفتاوى (11/535 ) .
وآلات اللهو هي آلات الموسيقى .
ويمكن الاستغناء عن هذه النغمات المحرمة بضبط الهاتف على نغمة
الجرس المعتادة أو غيرها مما لا يُعدّ من النغمات الموسيقية .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم النغمات الموسيقية في
الجوال فأجابت : " لا يجوز استعمال النغمات الموسيقية في الهواتف أو غيرها من
الأجهزة ، لأن استماع الآلات الموسيقية محرم كما دلت عليه الأدلة الشرعية
ويُسْتَغْنَى عنها باستعمال الجرس العادي . وبالله التوفيق
مجلة الدعوة العدد 1795 ص 42 .
وقد ذكر السائل أنه يمكنه ضبط جرس هاتفه على آية قرآنية ،
والأولى أن لا يفعل هذا ، فإنه يُخشى أن يكون في هذا نوع امتهان للقرآن الكريم ،
فإن الله تعالى أنزل القرآن ليكون كتاب هداية يهدي للتي هي أقوم ، فيُقرأ ،
ويُرتَّل ، ويُتَدبر ، ويُعمَل بما فيه ، لا ليكون وسيلة تنبيه .
فيكفي السائل أن يجعل هاتفه على نغمة الجرس المعتادة .
والله تعالى أعلم .
*****
47425
الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة والتعامل مع المبتدع
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
الدعوة > وسائل الدعوة >
أصول الفقه > البدعة >(1/4689)
سؤال رقم 47425- الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة والتعامل مع المبتدع
ما هي الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة ؟ ماذا عن المبتدع ؟.
الحمد لله
أولا :
ينبغي النظر في حال المدعو لأداء الصلاة أو غيرها من العبادات ،
ومراعاة ما يلائمها من أساليب الترغيب ، أو الترهيب ، وإن كان الأصل العام في الشرع
أن يجمع بينهما ، ثم إنه من الأهمية بمكان مراعاة أحوال المدعو في إقباله أو إدباره
، وتأثره بالموعظة أو انصرافه عنها .
ثانيا :
الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة تتلخص فيما يلي :
1- تذكيره بفرضية الصلاة وأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين
2- إعلامه ببعض فضائل الصلاة ؛ فهي خير ما فرضه الله على عباده ،
وخير ما يتقرب به العبد إلى ربه ، وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أمر دينه ،
والصلوات الخمس كفارة لما بينهن ، ما لم تغش الكبائر ، وسجدة واحدة يرفع العبد بها
درجة ، ويحط عنه بها خطيئة .. ، إلى آخر ما ورد في فضائل الصلاة ؛ فإن هذا من شأنه
أن تسمح بها نفسه ، إن شاء الله ، ولعلها تصير قرة عينه ، كما كانت قرة عين النبي ،
صلى الله عليه وسلم .
3- إعلامه بما ورد في شأن تاركها من الوعيد الشديد، واختلاف
العلماء في كفره وردته ، وأن الإسلام لا يتيح لتارك الصلاة فرصة في العيش طليقا بين
الناس ، إذ الواجب في شأنه أن يدعى للصلاة ، فإن أصر على الترك ، قتل مرتدا في مذهب
أحمد ومن وافقه من السلف ، أو قتل حدا في مذهب مالك والشافعي ، أو حبس وسجن في مذهب
أبي حنيفة ، أما أن يترك حرا طليقا ، فلا قائل بذلك من أهل العلم ، فيقال لتارك
الصلاة : هل ترضى أن يختلف العلماء في شأنك ، بين الكفر والقتل والحبس ؟!
4- تذكيره بلقاء الله تعالى والموت والقبر ، وما يحدث لتارك
الصلاة من سوء الخاتمة وعذاب القبر.
5- بيان أن تأخير الصلاة عن وقتها كبيرة من الكبائر ؛ ( فَخَلَفَ
مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59 ، قال ابن مسعود عن الغي : واد
في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم، وقال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 ).
6- بيان ما يترتب على القول بكفره من أمور عظيمة ، كبطلان نكاحه
، وحرمة بقائه ومعاشرته لزوجته ، وكونه لا يغسّل ولا يصلى عليه بعد وفاته . ومن
النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة قوله صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين
الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم (82) ، وقوله : " العهد
الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621)
والنسائي (463) وابن ماجه (1079) .
7- إهداؤه بعض الكتيبات والأشرطة التي تتناول موضوع الصلاة
وعقوبة تاركها والمتهاون فيها .
8- هجره وزجره في حال إصراره على ترك الصلاة .
وأما المبتدع ، فيختلف التعامل معه حسب نوع بدعته ودرجتها ،
والواجب نصحه ودعوته إلى الله ، وإقامة الحجة عليه ، وإزالة شبهته ، فإن أصر على
بدعته هُجر وزجر إذا غلب على الظن أن ذلك ينفعه ، وينبغي التثبت أولا في الحكم على
شخصٍ ما بأنه مبتدع ، والرجوع في ذلك إلى أهل العلم ، والتفريق بين البدعة وصاحبها
، فربما كان معذورا بجهل أو تأويل .
وانظر تفصيل ذلك في (حقيقة البدعة وأحكامها لسعيد بن ناصر الغامدي).
والله أعلم .
*****
47431
يسأل عن الصوفية وجماعة التبليغ
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4690)
سؤال رقم 47431- يسأل عن الصوفية وجماعة التبليغ
هل فرقة "الدعوة و التبليغ" من الفرق الضالة و ماذا عن "الصوفية" ؟ .
الحمد لله
من المهم أن نعلم أولا أن مصطلح التصوف والصوفية من المصطلحات
الحادثة ، والتي لم يعلق عليها مدح شرعي ، فتمدح ـ أو يمدح صاحبها ـ بإطلاق ، مثل
أسماء الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، ولم يعلق عليها أيضا ذم شرعي ، فتذم ـ أو
يذم صاحبها ـ أيضا بإطلاق ، مثل ألفاظ الكفر والفسوق والعصيان .
وما كان كذلك فإنه ينبغي الاستفصال عن حقيقة حاله ، وما يراد به
قبل إطلاق القول فيه . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( لفظ الفقر
والتصوف قد أدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله ، فتلك يؤمر بها ، وإن سميت فقرا أو
تصوفا ؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر
، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب ، كالتوبة والصبر ... وقد أدخل فيها أمور يكرهها
الله ورسوله ؛ كما يدخل فيها بعضهم نوعا من الحلول والاتحاد ، وآخرون نوعا من
الرهبانية المبتدعة في الإسلام ، وآخرون نوعا من المخالفة للشريعة ، إلى أمور
ابتدعوها ، إلى أشياء أخر ، فهذه الأمور ينهى عنها بأي اسم سميت ، ... وقد يدخل
فيها التقييد بلبسة معينة ، وعادة معينة ، في الأقوال والأفعال ، بحيث من خرج عن
ذلك عد خارجا عن ذلك ، وليست من الأمور التي تعينت بالكتاب والسنة ، بل إما أن تكون
مباحة ، وإما أن تكون ملازمتها مكروهة ، فهذا بدعة ينهى عنه ، وليس هذا من لوازم
طريق الله وأوليائه ، فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق
الفقر ، كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام
المخالف للكتاب والسنة ، والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة ، فقد وقع
كثير من هذا في طريق هؤلاء .
والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ،
وأطاعوا الله ورسوله ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله
ورسوله ، ويقبل من كل طائفة ما جاء به الرسول ، .....،ومتى تحرى الإنسان الحق
والعدل ، بعلم ومعرفة ، كان من أولياء الله المفلحين ، وحزبه الغالبين . ) انتهى . ( الفتاوى 11/280ـ29 ) .
غير أن ما قاله شيخ الإسلام من التفصيل في حال المنتسبين إلى
التصوف يوشك أن يكون نظريا في واقعنا المعاصر ، حيث صارت المحاذير التي أشار إليها
شيخ الإسلام ملازمة لمسلك المنتسبين إلى التصوف في زماننا ، فضلا عما التزموه من
الأعياد والموالد المبتدعة ، وغلوهم في مشايخهم الأحياء ، وتعلقهم بالمشاهد والقبور
، يصلون عندها ، ويطوفون حولها ، وينذرون لها ، إلى آخر ما هو معلوم من مسالكهم .
ولهذا كله كان إطلاق القول بالتحذير من مسالكهم متوجها الآن ، وهو الذي اعتمدته
اللجنة الدائمة في جوابها عن سؤال حول حكم الطرق الصوفية الموجودة الآن ، فقالت :
( الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية ، مع
بدع أخرى ، كقول بعضهم : مدد يا سيد ، وندائهم الأقطاب ، وذكرهم الجماعي ، فيما لم
يسم الله به نفسه ، مثل : هو هو ، وآه آه ، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم
الشركية ، وغيرها من المنكرات . ) اهـ
وأما جماعة التبليغ فهي من الجماعات العاملة في حقل الدعوة إلى
الله ، لها الكثير من الحسنات ، والجهد المشكور ؛ وكم تاب على أيديهم من عاص ،
وتنسك من فاسق ، إلا أنها لا تخلو من بعض البدع في العلم والعمل ، نبه عليها أهل
العلم ، لكنها لا توصف على كل حال بأنها من الفرق الضالة . وقد سبق قول شيخ الإسلام
: والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، ولا يوافقهم فيما
خالفوا فيه الكتاب والسنة .
وانظر تفصيلا أكثر حول هذه الجماعة في الجواب عن السؤال ( 8674 ) ، ( 39349 ) .
*****
47439
أجبرت على الزواج ممن لا تريده ، فهل تستخدم حبوب منع الحمل
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4691)
سؤال رقم 47439- أجبرت على الزواج ممن لا تريده ، فهل تستخدم حبوب منع الحمل
لقد تزوجت منذ فترة قصيرة ، ولكنني غير سعيدة مع زوجي ، وقد أجبرني أهلي على الزواج منه ، ومشكلتي أنني لا أرغب في الإنجاب منه ، فهل يجوز أن أدعو الله أن لا يرزقني أولاداً منه أم لا يجوز ؟ وقد قرأت أنه لا يجوز استخدام حبوب منع الحمل بدون إذن الزوج ، فهل هذا صحيح ؟.
الحمد لله
لا يجوز للولي سواء أكان أبا أو غيره أن يزوج مَنْ كانت تحت
ولايته دون رضاها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عباس رضي الله
عنهما : ( الأيم أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ) رواه مسلم (1421)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
لا تُنْكَح الأيم حتى تُسْتَأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن . قالوا : يا رسول
الله وكيف إذنها ؟ قال : أن تسكت ) رواه البخاري (4843) ومسلم (1419)
كما لا يجوز للولي أن يتعنت في تزويج موليته ، أو يعضلها عن
الزواج ممن ترغب إذا كان كفؤاً لها ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسم - : ( إذا
جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) رواه الترمذي (1084) وحسنه الألباني وانظر السؤال رقم ( 32580 )
أما ما حصل معك ، فلك الخيار في الاستمرار أو عدمه ، فاستخيري
الله عز وجل ، فإن رضيت فلك الاستمرار على هذا الزواج ، وإن لم تقبلي الاستمرار في
زواجك فلك الحق في طلب الفسخ ، لأنه وقع بدون رضاك .
فعن خنساء بنت خذام الأنصارية : أن أباها زوجها وهي ثيب ، فكرهت
ذلك ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه . رواه البخاري (4845) ، وعن
ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت
أن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم . رواه أبو
داود (2096) وصححه الألباني .
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المرأة إذا زُوِّجت بدون
رضاها فإن العقد باطل ، لأنه عقد محرم ، فلا يمكن تصحيحه ، وهذا مذهب الشافعية
والحنابلة .
ومذهب الحنفية ، وهو رواية عن الإمام أحمد : أن العقد موقوف على
إجازة المرأة ، فإن أجازته صح ، وإلا فلها الفسخ . انظر المغني 7 / 364 ،
فتح الباري 9 / 194
لكن ما دام أن المحكمة حكمت بالنكاح ، فإن الأولى أن يرجع في مثل
هذا الأمر إلى المحكمة.
قال الشيخ ابن عثيمين في مسألة إجبار الوالد بنته على النكاح :
إجبار الرجل ابنته على الزواج برجل لا تريد الزواج منه محرم ، والمحرم لا يكون
صحيحاً ولا نافذاً ، لأن إنفاذه وتصحيحه مضاد لما ورد فيه من النهي ، لأن مقصود
الشرع بالنهي عن أمر ما ، أن لا نتلبس به ولا نفعله ، ونحن إذا صححناه فمعناه أننا
تلبسنا به وفعلناه ، وجعلناه بمنزلة العقود التي أباحها الشارع .....
وعلى هذا فالقول الراجح يكون تزويج الوالد ابنته هذه بمن لا
تريده زوجا ، تزويجا فاسدا ، والعقد فاسد ، يجب النظر فيه من قبل المحكمة
انظر الفتاوى ص 760 ، وانظر أيضاً فتاوى الشيخ ابن إبراهيم 10 / 73 – 78
أما أخذك لحبوب منع الحمل دون علم الزوج ، فهذا ليس حلا للمشكلة
، لأن هذا معناه مكوثك تحت من لا ترضين ، وقد نص بعض أهل العلم كما في فتاوى الشيخ
ابن إبراهيم الموضع السابق ، على أنه إذا ظهر من المرأة الرضى بزواجها ممن تزوجت
منه جبرا ، فإنه يسقط حقها في طلب الفسخ ، وإذا سقط الحق في طلب الفسخ صار الرجل
زوجا شرعيا لك ، وإذا كان كذلك لم يجز لك أخذ حبوب من الحمل إلا بعلمه عند وجود ما
يدعو إلى ذلك .
ويراجع السؤال ( 5196 ) ( 22760 ) .
*****
47488
حكم لبس السواد حداداً على الميت
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4692)
سؤال رقم 47488- حكم لبس السواد حداداً على الميت
يلبس بعض الناس لباسا أسود عند وفاة قريب لهم، فهل هذا من البدع أم أنه ثبت في السنة المطهرة ؟ .
الحمد لله
لم يثبت لبس الأسود عند وفاة أحد في السنة المطهرة ، ولذلك
عَدَّه العلماء من البدع .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم متابعة النساء للجنازة
؟ ولبس الثوب الأسود ؟
فأجاب :
" اتباع النساء للجنائز حرام لقلة صبرهن، ولما في ذلك من التعرض
للفتنة والاختلاط بالرجال.
وأما لبس السواد عند المصيبة فمن البدع" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/329) .
وسئل أيضاً (17/410) : ما حكم تخصيص لباس معين للتعزية كلبس
السواد للنساء ؟
فأجاب :
"تخصيص لباس معين للتعزية من البدع فيما نرى ، ولأنه قد ينبىء عن
تسخط الإنسان على قدر الله عز وجل ، وإن كان بعض الناس يرى أنه لا بأس به ، لكن إذا
كان السلف لم يفعلوه، وهو ينبىء عن شيء من التسخط فلا شك أن تركه أولى ؛ لأن
الإنسان إذا لبسه فقد يكون إلى الإثم أقرب منه إلى السلامة" اهـ .
وقال أيضاً (17/414) :
"لبس السواد حداداً على الميت من البدع وإظهار الحزن ، وهو شبيه
بشق الجيوب ولطم الخدود الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله حيث قال : (
ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية )" اهـ .
*****
47513
حكم المشاركة في بناء القرى السياحية
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4693)
سؤال رقم 47513- حكم المشاركة في بناء القرى السياحية
أنا أعمل مهندسًا مدنيًا بشركة مقاولات كبرى . طلبت مني الشركة السفر إلى مدينة سياحية كبيرة لبناء قرية سياحية هناك ، فما حكم ذلك ؟ علما بأني سأفقد وظيفتي إن رفضت .
الحمد لله
من المعلوم أن بناء القرى السياحية يحوطه العديد من الإشكالات
والمخالفات الشرعية ، كرعاية الاختلاط والتبرج والسفور والعري والخمور والربا وغير
ذلك كثير مما يعلمه أهل ذلك الفن .
وقد اشتهر عن القرى السياحية في بلادكم لاسيما في المنطقة
المذكورة أمر المحرمات فيها والمخالفات .
وإذا كان الأمر كذلك ، كانت المشاركة في بناء تلك القرى أو
الإعانة عليها من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) ، وإذا كان من يجالس أصحاب
المنكرات والمعاصي دون إنكار فإن عليه وزرهم لمجرد مجالستهم ، وكذلك من يجالس
ِالمستهزئين بآيات الله ، عليه وزرهم وإن لم يستهزيء معهم ، كما قال تعالى : ( وقد
نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم
حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم
جميعا ) النساء/140 ، فإذا كان هذا فيمن يجالسهم ، فكيف بمن
يعينهم على بناء دار يفجرون فيها ويعصون الله فيها ، أو دار يستهزئون فيها بآيات
الله ونحو ذلك !
والواجب عليك أيها الأخ المكرم أن تناصح أولئك المسؤولين بحرمة
ما يفعلونه ، وأنهم شركاء في الإثم ، فإن لم يستجيبوا فاعتذر عن القيام بهذا العمل
بأي علة ، كأن تطلب نقلك لموقع آخر فيه بناء مباح ، أو تعتذر ببعد المسافة ، أو
تأخذ إجازة رسمية .
فإن لم ت ستطع – ولا نظن أن الأمر يصل
إلى هذا الحد إن شاء الله – فابحث عن عمل آخر ، وأسأل الله تعالى أن يهيئ لك الخير
، فعناء الدنيا أهون من عذاب الآخرة .
والله أعلم .
*****
47516
الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >(1/4694)
سؤال رقم 47516- الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير
من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.
الحمد لله
ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى
السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب
الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :
أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي
الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن
اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال
تعالى :
( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا
نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ،
وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : (
الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره
وشره ) متفق عليه
كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ
قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ
نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ
ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق
الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم ؛ فمع أن من أصول إيماننا الإيمان
بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب
كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا
يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح
عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن
حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :
( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى
ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في
التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور
اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه
السلام ، فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد
كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح
، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم
و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم ، لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة
رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح بعد
تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون
نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن
يونا ، المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه
باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم ، ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه
ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و
شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون
باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور ، يكون من قدر إنجيل متى
والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة
وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :
( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل
متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه
متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد
منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام
الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من
أفعاله ومعجزاته )
ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه
التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة
من الزمان . يقول ابن حزم :
( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم
يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم
كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه
إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....
فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون
فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .
وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا
يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين
الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .
وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل
الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من
تبديله ) الفصل 2/4-5
وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي
يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي
كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات ، ثم ترجمت غير مرة ، على
أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم ، واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من
أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله
عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .
*****
47516
الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >(1/4695)
سؤال رقم 47516- الأناجيل الموجودة اليوم كتبت بعد عيسى عليه السلام وقع فيها تحريف كثير
من المعروف لدينا نحن المسلمين أن الله تعالى أنزل الإنجيل على نبيه عيسى عليه السلام، ولكن حينما درست بعض الأشياء عن المسيحية ، أخبروني أن الإنجيل لم يأت به المسيح وإنما كتب على يد تلاميذ المسيح بعد صلبه ( أو بعد أن رفعه الله إليه كما في القرآن ). فكيف يمكننا الجمع بين القولين ؟.
الحمد لله
ليس بين القولين اختلاف أو تناقض ، بحمد الله ، حتى نحتاج إلى
السؤال عن الجمع بينهما ، وإنما سبب الإشكال على السائل أنه خلط بين أمرين يجب
الإيمان بهما ، وكلاهما حق ، بحمد الله :
أما الأمر الأول فهو الإنجيل المنزل من رب العالمين ، على نبي
الله عيسى ، عليه السلام ؛ والإيمان بأن الله تعالى أنزل على نبيه عيسى كتابا ، وأن
اسم هذا الكتاب الإنجيل ، هو من أصول الإيمان وأركانه التي يجب الإيمان بها ؛ قال
تعالى :
( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ
وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا
نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) البقرة/285 ،
وقال صلى الله عليه وسلم ، لجبريل لما سأله عن الإيمان ، في حديثه المعروف : (
الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وسله واليوم الآخر ، وأن تؤمن بالقدر خيره
وشره ) متفق عليه
كما أن الكفر بذلك أو الشك فيه ، ضلال و كفر بالله تعالى ، قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ
قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً ) النساء/136
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ
نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ
ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
عَذَاباً مُهِيناً ) النساء/150-151 وأما الأمر الثاني فهو الإنجيل ، أو بتعبير أدق
الأناجيل التي توجد في أيدي النصارى اليوم ؛ فمع أن من أصول إيماننا الإيمان
بالإنجيل الذي أنزل على عيسى ، فإننا نؤمن كذلك بأنه لم يعد بين أيدي الناس كتاب
كما أنزله الله ، لا الإنجيل ، ولا غيره ، إلا القرآن . بل إن النصارى أنفسهم لا
يدعون أن الكتب التي بين أيديهم منزلة هكذا من عند الله ، بل ولا يدعون أن المسيح
عليه السلام هو الذي كتبها ، أو أنها ، على الأقل كتبت في زمانه . يقول الإمام ابن
حزم ، رحمه الله في الفِصَل في الملل (2/2) :
( ولسنا نحتاج إلى تكلف برهان في أن الأناجيل وسائر كتب النصارى
ليست من عند الله عز وجل ولا من عند المسيح عليه السلام ، كما احتجنا إلى ذلك في
التوراة والكتب المنسوبة إلى الأنبياء عليهم السلام التي عند اليهود ، لأن جمهور
اليهود يزعمون أن التوراة التي بأيديهم منزلة من عند الله عز وجل ، على موسى عليه
السلام ، فاحتجنا إلى إقامة البرهان على بطلان دعواهم في ذلك ، وأما النصارى فقد
كفونا هذه المؤونة كلها ، لأنهم لا يدعون أن الأناجيل منزلة من عند الله على المسيح
، ولا أن المسيح أتاهم بها ، بل كلهم أولهم عن آخرهم ، أريسيهم و ملكيهم ونسطوريهم
و يعقوبيهم و مارونيهم و بولقانيهم ، لا يختلفون في أنها أربعة تواريخ ألفها أربعة
رجال معروفون في أزمان مختلفة : فأولها تاريخ ألفه متى اللاواني تلميذ المسيح بعد
تسع سنين من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه بالعبرانية في بلد يهوذا بالشام يكون
نحو ثمان وعشرين ورقة بخط متوسط والآخر تاريخ ألفه مارقش ( مرقس ) تلميذ شمعون بن
يونا ، المسمى باطرة ، بعد اثنين وعشرين عاما من رفع المسيح عليه السلام ، وكتبه
باليونانية في بلد إنطاكية من بلاد الروم ، ويقولون إن شمعون المذكور هو الذي ألفه
ثم محا اسمه من أوله ونسبه إلى تلميذه مارقش ، يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط و
شمعون المذكور تلميذ المسيح والثالث تاريخ ألفه لوقا الطبيب الأنطاكي تلميذ شمعون
باطرة أيضا ، كتبه باليونانية بعد تأليف مارقش المذكور ، يكون من قدر إنجيل متى
والرابع تاريخ ألفه يوحنا ابن سيذاي تلميذ المسيح بعد رفع المسيح ببضع وستين سنة
وكتبه باليونانية يكون أربعا وعشرين ورقة بخط متوسط . )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب الصحيح (3/21) :
( وأما الأناجيل التي بأيدي النصارى فهي أربعة أناجيل : إنجيل
متى ولوقا ومرقس ويوحنا ، وهم متفقون على أن لوقا ومرقس لم يريا المسيح ، وإنما رآه
متى ويوحنا وأن هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد
منها إنجيلا ، إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ؛ فلم يذكروا فيها أنها كلام
الله ولا أن المسيح بلغها عن الله بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح وأشياء من
أفعاله ومعجزاته )
ثم إن هذه الكتب التي كتبت بعد المسيح لم تبق على صورتها هذه
التي كتبت عليها أول مرة ؛ حيث اختفت النسخ الأولى ، وفقدت من أيدي الناس مدة طويلة
من الزمان . يقول ابن حزم :
( وأما النصارى فلا خلاف بين أحد منهم ولا من غيرهم في أنه لم
يؤمن بالمسيح في حياته إلا مائة وعشرون رجلا فقط ....، وأن كل من آمن به فإنهم
كانوا مستترين مخافين في حياته وبعده ، يدعون إلى دينه سرا ولا يكشف أحد منهم وجهه
إلى الدعاء إلى ملته ، ولا يظهر دينه ، وكل من ظفر به منهم قتل ....
فبقوا على هذه الحالة لا يظهرون البتة ، و لا لهم مكان يأمنون
فيه مدة ثلاثمائة سنة بعد رفع المسيح عليه السلام .
وفي خلال ذلك ذهب الإنجيل المنزل من عند الله عز و جل إلا فصولا
يسيرة أبقاها الله تعالى حجة عليهم وخزيا لهم فكانوا كما ذكرنا إلى أن تنصر قسطنطين
الملك فمن حينئذ ظهر النصارى وكشفوا دينهم واجتمعوا وآمنوا .
وكل دين كان هكذا فمحال أن يصح فيه نقل متصل لكثرة الدواخل
الواقعة فيما لا يؤخذ إلا سرا تحت السيف لا يقدر أهله على حمايته ولا على المنع من
تبديله ) الفصل 2/4-5
وبالإضافة إلى هذا الانقطاع الهائل في إسناد كتبهم ، والذي
يتجاوز القرنين من الزمان ، في أعلى أسانيدهم ، فإن هذه الكتب لم تبق بلغتها التي
كتبها بها أهلها أول مرة ، وإنما ترجمت عن تلك اللغات ، ثم ترجمت غير مرة ، على
أيدي أناس مجهولين في علمهم ، وأمانتهم ، واختلاف هذه الكتب وتناقضها فيما بينها من
أقوى الأدلة على تحريفها وأنها ليست هي الإنجيل الذي أنزله الله على عبده ورسوله
عيسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وصدق الله العظيم إذ يقول : ( وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 .
*****
47554
حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4696)
سؤال رقم 47554- حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
يقوم بتدريسنا في الجامعة شاب ، فهل يجوز لنا سؤاله والحديث معه في نطاق الدراسة ؟.
الحمد لله
سبق في السؤال رقم ( 1200 ) بيان حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء ، وبيان ما فيه من مفاسد دينية ودنيوية .
وإذا كان الأمر كذلك ، فإن الواجب عليك أيتها الأخت الفاضلة ألا
تمكثي في مكان فيه اختلاط بين الرجال والنساء إلا لضرورة ، فإن كانت الجامعة للبنات
، وكان المدرسون من الرجال ، فالخطر أقل ، لكن لا يزال الأمر بأهل الأهواء والشهوات
حتى يزيلوا كل حاجز بين الجنسين ، فنوصيك بتقوى الله عز وجل ، ومراقبه في السر
والعلن .
يراجع السؤال ( 8827 )
أما حديث المرأة مع الرجل لأجل الحاجة فلا حرج فيه ، بشرط ألا
يكون ذلك في خلوة ، ولو كانت هذه الخلوة في مكتب أو قاعة للدراسة لا يوجد غيركما ،
مع التزام الحشمة والوقار ، والحجاب الشرعي ، ومراعاة التحدث بما فيه الحاجة دون
زيادة أو خضوع بالقول ، مع أمن الفتنة ، فإن كانت المرأة تحس بشهوة أو تتحدث مع
الرجل لمجرد الاستئناس ، أو كان الرجل كذلك ، كان الحديث بينهما محرما ، لما يفضي
إليه من الفتنة والمعصية .
والله أعلم .
يراجع السؤال ( 1121 ، 10156 ) .
*****
47564
هل يكذب على والديه من أجل أن تزيد حسناتهم؟!
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4697)
سؤال رقم 47564- هل يكذب على والديه من أجل أن تزيد حسناتهم؟!
أنا عندما يأتيني المال من أبي أو أمي أتصدق به ويبقى منه القليل ، وعندما أطلب منهما مالاً قالوا : أين ذهب مالك ؟ فأكذب عليهم ، فأقول : كنت أشتري به ، والسبب في كذبي لأني أريد أن يزيد الله سبحانه في حسناتهم ! فهل يجوز لي الكذب عليهما أم أقول الحقيقة ؟.
الحمد لله
الأصل في الكذب أنه محرَّم وهو علامة من علامات المنافقين ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا
اؤتمن خان ) رواه البخاري ( 32 ) ومسلم ( 89 ) .
ولكن توجد حالات جاء الشرع بجواز الكذب فيها تحقيقاً للمصلحة
العظيمة أو دفعاً للمضرة :
فمن تلك الحالات :
1- أن يتوسط إنسان للإصلاح بين فريقين متخاصمين .
2- حديث الرجل لامرأته ، وحديث المرأة لزوجها في الأمور التي
تشدّ أواصر الوفاق والمودّة بينهما .
3- الحرب .
فعن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : ( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً ) . رواه البخاري ( 2546 ) ومسلم ( 2605 ) .
وعن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
لا يصلح الكذب إلا في ثلاث يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب والكذب ليصلح
بين الناس ) . قال الشيخ الألباني : حسن .
وما ذكرتَه ليس بعذرٍ لك في كذبك على أهلك ، وإذا صدقتَ معهم فلن
يُحرموا الأجر بإنفاقهم عليك ، فيمكنك الجمع بين أن ينفق عليك أهلك وأن يتصدقوا على
المحتاجين بترغيبهم ببذل المال في سبيل الله ، دون الحاجة للكذب عليهم في أنك
أنفقتَه في الشراء وأنت لم تفعل .
ونسأل الله تعالى أن يصلح لك نيتك وعملك ، وأن يجزيك خيراً على
ما أردتَ نفع أهلك .
والله أعلم .
*****
47565
أسباب الفتور وعلاجه
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >
الرقائق > الدعاء >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4698)
سؤال رقم 47565- أسباب الفتور وعلاجه
ما هو الحل الأمثل للفتور في الإيمان بعد أن كان الشخص يتقي الله ثم أصابه فتور بحيث لم يعد يستطيع أن يقرأ القرآن ؟.
الحمد لله
للفتور أسباب لا بدَّ قبل العلاج من الوقوف عليها ومعرفتها .
ومعرفتها من طرق وعلاج الفتور .
ومن هذه الأسباب : ضعف الصلة بالله تعالى ، والتكاسل في الطاعة
والعبادة ، وصحبة ضعيفي الهمة ، والانشغال بالدنيا وملذاتها ، وعدم التفكر في نهاية
الدنيا ويعقبه ضعف الاستعداد للقاء الله تعالى .
وأما كيفية علاج المسلم لما يصيبه من فتور في الطاعة والعبادة ،
فيكون بعدة أمور منها :
1. توثيق الصلة بربه تعالى ، وذلك عن طريق قراءة القرآن قراءة
تفكر وتدبر ، واستشعار عظمة الله تعالى من عظمة كتابه ، والتفكر في عظيم أسمائه
وصفاته وأفعاله تعالى .
2. المداومة على النوافل والاستمرار عليها ، وإن كانت قليلة فمن
أكثر أسباب إصابة المسلم بالفتور هو الاندفاع بالطاعة والإكثار منها في أول الطريق
، ولم يكن هذا هديه صلى الله عليه وسلم ولا وصيته لأمته ، فقد وصفت عائشة رضي الله
عنها عمله صلى الله عليه وسلم بأنه " ديمة " أي : دائم غير منقطع ، وأخبرنا صلى
الله عليه وسلم بأن " أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ " ، فإذا أراد المسلم
أن لا يصاب بالفتور فليحرص على العمل القليل الدائم فهو خير من كثير منقطع .
3. الحرص على الصحبة الصالحة النشيطة ، فصاحب الهمة يزيدك نشاطا
، والكسول لا يرضى بصحبة صاحب الهمة ، فابحث عن صحبة لها همم تسعى للحفظ وطلب العلم
والدعوة إلى الله ، فمثل هؤلاء يحثونك على العبادة ويدلونك على الخير .
4. قراءة الكتب المتخصصة في سير أعلام أصحاب الهمة لتقف على
نماذج صالحة في سيرك إلى الله ، ومن هذه الكتب " علو الهمة " للشيخ محمد بن إسماعيل
المقدم ، وكتاب " صلاح الأمة في علو الهمة " للشيخ سيد عفاني .
5. ونوصيك بالدعاء ، وخاصة في جوف الليل الآخر ، فما خاب من لجأ
إلى ربه واستعان بمولاه ليثبته على الطاعة ويعينه على حسن أدائها .
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه ، وأن يهديك لأحسن الأخلاق
والأقوال والأعمال .
والله أعلم.
*****
47569
هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4699)
سؤال رقم 47569- هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء ؟
هل الخمار فرض أم فضل ؟ وإن كان فرضاً هل هو فرض على المثيرات الجمال أم على كل نساء الإسلام ؟!.
الحمد لله
الخمار فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب
السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه
عورة ، وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، وفي جواب السؤال رقم ( 11774 ) تجدين الأدلة التفصيلية في
المسألة .
والأمر بالخمار عامٌّ لكل النساء ، ويدل للعموم قوله تعالى : (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا
يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 .
وقد امتثلت نساء المهاجرين والأنصار لهذا الأمر :
قالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما
أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها .
رواه البخاري ( 4480 ) وأبو داود ( 4102 ) .
ومعنى " فاختمرن " أي : غطين وجوههن ، كما قال الحافظ ابن حجر في
" الفتح " ( 8 / 490 ) .
وعن أم سلمة قالت : لما نزلت ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرج
نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية . رواه أبو داود ( 4101 )
وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
ومما لا شك فيه أن كثيراً من النساء من نساء المهاجرين والأنصار
كنَّ يتمتعن بجمال مشهور ولم يفهم أحد أنه خاصٌّ بهنَّ دون من عداهنَّ .
فهذه الأحاديث فيها امتثال نساء المهاجرين والأنصار والأمر بستر
وجوههن ، ولم يفهمن رضي الله عنهن أن الأمر خاص بالجميلات .
وقد جاءت أقوال العلماء تبين أن الحكم عام لجميع النساء .
ففي تفسير قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) قال الجصاص
الحنفي رحمه الله :
في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن
الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن .
" أحكام القرآن " ( 5 / 245 ) .
وقال ابن جزي الكلبي المالكي - رحمه الله - :
كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً
إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن .
" التسهيل لعلوم التنزيل " ( 3 / 144 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكشف النساء وجوههن بحيث
يراهن الأجانب غير جائز ، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر
وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره . " مجموع الفتاوى " (
24 / 382 ) .
وقال السيوطي – رحمه الله - :
هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه
عليهن . " عون المعبود " ( 11 / 106 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 13646 ) .
والله أعلم .
*****
47572
هل " مارية القبطية " من أمهات المؤمنين ؟
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4700)
سؤال رقم 47572- هل " مارية القبطية " من أمهات المؤمنين ؟
إنه مما لا شك فيه أن الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بنى بمارية القبطية والتي كانت ملك يمينه ، وأنجبت له ولده إبراهيم ، فهل يطلق على مارية القبطية لقب " أم المؤمنين " أم لا ؟.
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة
له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية ، وقد كانت مارية
القبطيَّة نصرانيَّة ثم أسلمت رضي الله عنها .
قال ابن سعد :
فأنزلها – يعني مارية القبطية - رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
وأختها على أم سليم بنت ملحان فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض
عليهما الإسلام فأسلمتا فوطئَ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعالية … وكانت
حسنة الدِّين .
" الطبقات الكبرى " ( 1 / 134 – 135 ) .
وقال ابن عبد البر :
وتوفيت مارية في خلافة عمر بن الخطاب ، وذلك في المحرم من سنة ست
عشرة ، وكان عمر يحشر النَّاس بنفسه لشهود جنازتها ، وصلى عليها عمر ، ودفنت
بالبقيع . " الاستيعاب " ( 4 / 1912 ) .
ومارية رضي الله عنها من إمائه صلَّى الله عليه وسلَّم ، لا من
أزواجه وأمهات المؤمنين هن أزوج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ، قال الله تعالى : (
النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/6 .
وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية .
قال ابن القيم :
قال أبو عبيدة : كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ،
وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش
.
" زاد المعاد " ( 1 / 114 ) .
وانظر في أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمهات
المؤمنين رضي الله عنهن – جواب السؤال رقم : ( 47072 )
والله أعلم .
*****
476
حكم الصبغ بالسواد
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4701)
سؤال رقم 476- حكم الصبغ بالسواد
السؤال :
هل يجوز للمسلم صبغ شعره بغير الحناء ؟
الجواب:
الحمد لله
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ ( نبات أبيض الزهر والثمر ) بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ رواه مسلم رقم 3926
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " . رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 8153
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تغيير الشّيب بغير اللون الأسود فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ ( نبت شبيه بالحنّاء يُصبغ به ) " . رواه الترمذي رقم 1675 وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
فصبغ الشّعر باللون الأسود الخالص حرام لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وجنبوه السواد } وللوعيد الذي ورد ' هذا والحكم عام للرجال والنساء .
أما إذا خلط مع الأسود لون آخر حتى تغيّر ولم يَعُد أسود فلا بأس به . أنظر فتاوى إسلامية 4/424 ، فتاوى المرآة المسلمة 2/520 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
47618
هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
القرآن وعلومه > فضائل القرآن >(1/4702)
سؤال رقم 47618- هل صح قراءة سورتي السجدة والملك بين المغرب والعشاء وفضل أيات من سورة الأنعام ؟
هل ورد شيء بخصوص قراءة سورة السجدة والملك بين المغرب والعشاء ؟
وكذلك قراءة ثلاث آيات من سورة الأنعام بعد صلاة الفجر مباشرة ؟.
الحمد لله
أولاً :
قَبْلَ الإِجَابَةِ عَلَى هذا السُّؤَالِ لاَ بُدَّ مِن
تَقرِيْرِ مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِفَضَائِلِ السُّوَرِ .
لَقَدْ وُضِعَتْ فِي فَضَائِلِ السُّوَرِ أَحَادِيْثُ
مَكْذُوْبَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِن
أَشْهَرِ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ :
1- نُوْحُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ الجَامِعُ ، وَالَّذِي قِيْلَ
فِيْهِ : " جَمَعَ كُلَّ شَيْء إِلاَّ الصِّدْق " ، فَقَدْ أَبَاحَ – بِزَعمِهِ –
الكَذِبَ فِي الحَدِيْثِ لِمَصْلَحَةِ الدِّيْنِ ، فاختلق أحاديث من عنده ونسبها
إلى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضائل سور القرآن الكريم سورةً
سورةً .
قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ المَرْوَزِيُّ :
قِيْل لأَبِي عِصْمَةَ –وهو نوح بن أبي مريم - : " مِنْ أَيْنَ لَكَ عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي فَضَائِلِ القُرْآنِ
سُوْرَةً سُوْرَةً ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا ؟ " ، فَقَالَ : "
إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ، وَاشْتَغَلُوا بفقهِ
أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، فَوَضَعْتُ هَذَا
الحَدِيْثَ حِسْبَةً " ( أي : ابتغاء الأجر )
أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ فِي " المَدْخَلِ " ( ص 54 ) وَابْنُ
الجَوْزِيِّ فِي " المَوْضُوْعَاتِ " (16) ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ .
2- وَآخَرُ اسْمُهُ مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الفَارِسِيُّ
، قَالَ عَنْهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " الْمَجْرُوحِينَ " (2/345 رقم 1038) : " وَهُو
صَاحِبُ حَدِيْثِ فَضَائِلِ القُرْآنِ الطَّوِيْلِ " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ
كَذَا " .
وَجَاءَ فِي " لِسَانِ المِيْزَانِ " (7/198) لِلْحَافِظِ ابْنِ
حَجرٍ : " وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي " الضُّعَفَاءِ " عَن ابْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ
: قُلْتُ لِمَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ : " مِنْ أَيْنَ جِئْتَ بِهَذِهِ
الأَحَادِيْثِ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ كَذَا " ؟ قَالَ : " وَضَعْتُهَا
أُرَغِّبُ النَّاسَ َفِيْهَا " .
فهذه أمثلة لمن يجترئ ويكذب في الحديث على رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمصلحة يراها ، خدعه بها إبليس .
وقد نَبَّه العُلَمَاءُ عِلى عَدَمِ ثُبُوتِ الأَحَادِيْثِ التي
فيها سرد فَضَائِلِ جميع سور القُرْآنِ الكريم ، سورةً سورةً ، وَمِمَّنْ نَبَّه
عِلَى ذَلِك المَوْصِلِيُّ فِي " المُغنِي عَنِ الحِفْظِ وَالكِتَابِ " (1/121)
فَقَالَ : " قَدْ وَرَدَ : " مَنْ قَرَأَ كَذَا فَلَهُ أُجْرُ كَذَا ... مِنْ
أَوَّلِ القُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ ؛ قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ : " أَظُنُّ
الزّنَادقَةَ وَضَعَتْهَا " . قَالَ المُصَنِّفُ – أَي : المَوْصِلِيُّ - : " فَلم
يَصِح فِي هَذَا شَيْءٌ ... " .
وَنَبَّه عِلَى ذَلِك أَيْضاً ابْنُ القيِّمِ فِي " المَنَارِ
المُنِيفِ " ( ص 113 – 144 ) ، وَالشَّيْخُ بَكْرٌ أَبُو زَيْد فِي " التَّحدِيْث
بِمَا قِيْلَ : " لا يَصِحُّ فِيْهِ حَدِيْثٌ " ( ص 122 – 123) وَأَضَافَ : "
تَنْبِيْهٌ : فَضَائِلُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ، وَفَضَائِلُ بَعْضِ السُّوَرِ
وَالآيَاتِ مَعْلُوْمَةٌ بِنُصُوْصٍ صَحِيْحَةٍ مَرْفُوْعَةٍ إِلَى َالنَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُرَادُ ابْنِ المُبَارَكِ وَمَنْ بَعْدَهُ
هُو تِلكُم الأَحَادِيْثُ الطِّوَالُ الَّتِي تَنْتَظِمُ سُّوَرَ القُرْآنِ
سُوْرَةً سُوْرَةً ؛ كَالحَدِيْثِ المَنْسُوْبِ إِلَى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ وَنَشْرُهُ بَعْضُ المفسِّرِيْنَ ؛ مِثْلُ : الثَّعْلَبِيِّ ،
وَالوَاحِدِيِّ ، وَالزَّمَخشرِيِّ فِي تفَاسيرِهِم ، فَهَذِهِ مَوْضُوْعَةٌ ،
وَهِي المُرَادَةُ فِي كَلاَم ابْنِ المُبَارَكِ وَغَيْرِهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ "
.ا.هـ.
ثانياً :
وَأَمَّا الأَحَادِيْثُ الَّتِي سَأَلْتَ عَنْهَا فَالجَوَابُ :
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الأَوَّلِ :
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ :
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ : " تبَاركَ
الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ " وَ " ألم . تنَزِيْل " السَّجْدَة ، بَيْنَ المَغْرِبِ
وَالعِشَاءِ الآخِرَةِ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (6/535)
عِنْدَ بدَايَةِ سُوْرَةِ السَّجْدَة ، وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْه
عَنْ ابنِ عُمَرَ ... فَذَكَرَهُ " .
وَنَقَلَهُ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (21/116) عَنْ
السُّيوطِيِّ ثُمّ قَالَ : " وَرَوَى نَحْوَهُ هُو – أَي : السُّيوطِيّ -
وَالوَاحِدِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أُبيِّ بنِ كَعْبٍ ، والثعلبي مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ
عَبَّاسٍ ، وَتَعَقَب ذَلِك وَلِيُّ الدِّيْنِ قَائِلاً : " لَم أَقِف عَلَيْهِ ،
وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلِّهَا مَوْضُوْعَةٌ " . اهـ بتصرف يسير .
وَالحَدِيْثُ وَرَدَ بعدَّةِ أَلْفَاظٍ مِنْهَا المُطلَقُ مِنْ
غَيْرِ تَحدِيْدٍ لِوقْتِ القِرَاءةِ ، وَمِنْهَا المُقَيَّدُ بِوقْتٍ كَما فِي
رِوَايَةِ ابنِ عُمَرَ ، وَوَرَدَ أَيْضاً مَرْفُوْعاً وَمَوْقُوْفاً ، ذَكَرَهَا
الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (1127 ، 1129 ، 1140 ، 1141 ، 1142 ،
1143 ، 1144 ، 1146) ، إِلاَّ رِوَايَة ابنِ عُمَرَ .
تَخْرِيْجُ الحَدِيْثِ الثَّانِي :
وَرَدَ مِنْ طَرِيْقَيْنِ :
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَرْفُوْعاً
قَالَ : " مَنْ قَرَأَ إِذَا صَلَّى الغَدَاةَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ
سُوْرَةِ الأَنْعَامِ إِلَى " وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ " [ الأَنْعَامُ : 3 ] ،
نَزَلَ إِلَيْهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ مَلَك يُكْتَبُ لَه مِثلَ أَعْمَالِهِم ،
وَبُعِثَ إِلَيْهِ مَلَكٌ مِنْ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ وَمَعَهُ مِرْزَبَةٌ مِنْ
حَدِيْدٍ ، فَإِن أَوْحَى الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ شَيْئاً مِنَ الشَّرِّ
ضَرَبَهُ حَتَّى يَكُوْنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبْعُوْنَ حِجَاباً ، فَإِذَا كَانَ
يَوْمُ القِيَامَةِ قَالَ اللهُ : " أَنَا رَبُّكَ وَ أَنْتَ عَبْدِي ، وَامْشِ فِي
ظِلِّي ، وَاشْرَبْ مِنْ الكَوْثَرِ ، وَاغْتَسِلْ مِنْ السَّلْسَبِيلِ ، وَادْخُلِ
الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/245 –
246) وَقَالَ : " وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
مَرْفُوْعاً " ، وَذَكَرَهُ الغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (941) .
2- عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ صَلَّى الفَجْرَ فِي جَمَاعِةٍ ، وَقَعَدَ فِي
مُصَلاَّهُ ، وَقَرَأَ ثَلاَثَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ ، وَكَّلَ
اللهُ بِهِ سَبْعِيْنَ مَلَكاً يُسَبِّحُونَ اللَّه وَيَسْتَغْفِرُوْنَ لَهُ إِلَى
يَوْمِ القِيَامَةِ " .
ذَكَرَهُ السُّيوطِيُّ فِي " الدُّرِّ المنثَوْرِ " (3/246)
وَعَزَاهُ لِلدَّيْلَمِيِّ ، وَالغَافِقِيُّ فِي " لََمَحَاتِ الأنْوَارِ " (935)
بِلَفْظٍ مُقَارِبٍ لِحَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
قَالَ الأَلُوسِي فِي " رَوحِ المَعَانِي " (7/76) بَعْدَ
ذِكْرِهِ جُمْلَةً مِنْ الأَحَادِيْث وَالآثَارِ عِنْدَ سُوْرَةِ الأَنْعَامِ
وَمِنْهَا حَدِيْثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ : " إِلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ
الأَخْبَارِ ، وَغَالِب ما فِي هَذَا المَطْلَبِ ضَعِيْفٌ وَبَعْضَهَا مَوْضُوْعٌ ،
كَما لاَ يَخْفَى " .ا.هـ.
وَسُوْرَةُ الأَنْعَامِ لم يَثْبُت شَيْءٌ من الأحاديث فِي
فَضْلِهَا .
فأما سورتا السجدة وتبارك فلم يثبت شيء في قراءتهما بين المغرب
والعشاء ، ولكن ثبت في فضل سورة السجدة قراءتها في صلاة الفجر يوم الجمعة .
روى البخاري (891) ومسلم (880) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ (الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ) وَ
(هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنْ الدَّهْرِ) .
وورد في فضل سورة تبارك قراءتها قبل النوم أو عموماً ، فقد روى
الترمذي (2891) وأبو داود (1400) وابن ماجه (3786) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ
سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلاثُونَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ
وَهِيَ سُورَةُ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) . قَالَ الترمذي : هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ .
و قال ابن حجر في التلخيص (1/234): "أعله البخاري في التاريخ
الكبير بأن عباس الجشمي (وهو الراوي عن أبي هريرة) لا يعرف سماعه من أبي هريرة اهـ
.
وحسنه الألباني في مواضع ، وصححه في مواضع . انظر : "صحيح سنن
ابن ماجه" ، "صحيح سنن أبي داود" . وقبله قال المنذري : رواه أبو داود والترمذي
وحسنه واللفظ له ، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال : صحيح
الإسناد .
وروى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ
الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ . صححه الألباني في صحيح
الترمذي .
*****
47624
هل يجوز أن يحج عن شخص ويعتمر عن آخر في نفس العام؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4703)
سؤال رقم 47624- هل يجوز أن يحج عن شخص ويعتمر عن آخر في نفس العام؟
ما حكم من سافر إلى الحج ونوى عمرته لأمه وحجه لأبيه ، والعام الثاني يعكس يحج لأمه ويعتمر لأبيه ، فهل يجوز أم لا ؟.
الحمد لله
" كل من الحج والعمرة نسك مستقل ، وقد بين النبي صلى الله عليه
وسلم كيفية أدائهما قِراناً وإفراداً وتمتعاً بالعمرة إلى الحج ، فمن أراد الإحرام
بالعمرة عن أمه مثلاً والإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة عن أبيه أو العكس فله
ذلك ، وإذا أحرم بأحد النسكين عن نفسه ، وبعد أن تحلل منه أحرم بالآخر عن أبيه
مثلاً كان جائزاً ؛ لأن الأعمال بالنيات ، ولكل امرئ ما نوى " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/58) .
*****
08/1426
47627
نسي إمامهم سجدة وسلَّم فأعاد ركعة وبعضهم لم يُعد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/4704)
سؤال رقم 47627- نسي إمامهم سجدة وسلَّم فأعاد ركعة وبعضهم لم يُعد
في صلاة العشاء صلى بنا الإمام ، ولم يكن الإمام الرسمي ، وفي آخر ركعة لم يسجد السجدة الأخيرة ، وسلَّم دون أن ينتبه أو يذكره أحد المصلين ، وبعد دقائق جاءه أحد المصلين وذكَّره بذلك فنهض مباشرة ، وقال : نعيد الركعة الأخيرة لأجل يأتي بالسجدة التي نسيها ، فهل هذا صحيح ؟ وإذا كان غير ذلك : فما هو الصحيح ؟ وما حكم من لم يأت معهم بالسجدة الأخيرة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
إذا سها الإمام في صلاته فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم
المأمومين أن يذكِّروه فقال : ( إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا
تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي ) رواه البخاري ( 401 ) ، فكان على جماعة المسجد أن يُسَبِّحوا للإمام حتى يتنبه ويأتي بالس ج دة
التي نسيها .
ثانياً :
السجدة الأولى والثانية كلتاهما ركن من أركان الصلاة ، لا تصح
الصلاة إلا بهما ، ومن تعمد تركهما أو ترك واحدة منهما أثم ، وبطلت صلاته ، ومن
نسيهما أو نسي واحدة منهما : فيجب عليه إذا تذكر الإتيان بما نسيه إماماً أو
مأموماً أو منفرداً ، ومن لم يفعل : لم تصحَّ صلاته .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
الأركان واجبة وأوكد من الواجبات ، لكن تختلف عنها في أن الأركان
لا تسقط بالسَّهْوِ ، والواجبات تسقط بالسَّهْوِ ، ويجبرها سُجودُ السَّهْوِ ،
بخلاف الأركان ؛ ولهذا من نسيَ رُكناً لم تصحَّ صلاته إلا به . " الشرح
الممتع " ( 3 / 315 ) .
وقال :
والدليل على أن الأركان لا تنجبر بسجود السَّهو : أنَّ النبي صلى
الله عليه وسلم لما سَلَّم مِن ركعتين مِن صلاة الظُّهر أو العصر أتمَّها وأتى بما
تَرَكَ وسَجَدَ للسَّهو ، فدلَّ هذا على أنَّ الأركان لا تسقط بالسَّهو، ولا بُدَّ
مِن الإِتيان بها . " الشرح الممتع " ( 3 / 323 ) .
وأما ما فعله إمامكم من إعادة الركعة الأخيرة كاملة بعد تذكيره :
فهو أحد القولين في المسألة وهو أن من ترك ركناً من الركعة الأخيرة ولم يعلم إلا
بعد التسليم فإنه يأتي بركعة كاملة . وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، وانظر المغني (1/658) .
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن باز
رحمه الله ، فإنه سئل عن إمام نس ي الس ج دة
الأخيرة من صلاة العصر ، فقام وصلى ركعة كاملة وتشهد وسلم ثم سجد للسهو , فقال : (
هذا هو المشروع ، إذا نسي الإمام سجدة وسلم ثم ذكر أو نبه ، يقوم ويأتي بركعة ثم
يكمل ثم يسلم ثم يسجد سجود السهو بعد السلام وهو أفضل ، وهكذا المنفرد حكمه حكمه .
وإن سجد للسهو قبل السلام فلا بأس ولكن بعده أفضل ) مجموع فتاوى ابن باز
(11/277) .
والقول الثاني في المسألة أنه لا يلزمه الإتيان بركعة كاملة
وإنما يأتي بالركن الذي نسيه وبما بعده . وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله . انظر المجموع (4/33) وقد اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
. وانظر شرح الممتع (3/374) .
والحاصل أن صلاة الإمام ، وصلاة من أكملوا معه الصلاة صحيحة .
وأما من لم يتم صلاته ولم يأت بالس ج دة
التي تركها فصلاته غير صحيحة ، والواجب عليهم إعادتها .
والله أعلم .
*****
47643
هل يجمع ويقصر مَن سافر وأقام يوماً واحداً ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4705)
سؤال رقم 47643- هل يجمع ويقصر مَن سافر وأقام يوماً واحداً ؟
ذهبت مع والدي إلى سفر وأقمنا يوماً واحداً ثم رجعنا ، هل في هذا اليوم نجمع ونقصر أم نقصر من دون الجمع ؟.
الحمد لله
أولاً :
اختلف أهل العلم – رحمهم الله – في المدة التي إن أقام فيها قصر
صلاته وإن زاد عليها أتم على أقوال كثيرة ، والمذاهب الأربعة على أنه إذا كانت
إقامة المسافر لا تزيد على ثلاثة أيام فله أن يترخص برخص السفر .
قال ابن رشد :
وأما اختلافهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا قام فيه في بلد
أن يقصر : فاختلاف كثير ، حكى فيه أبو عمر – أي : ابن عبد البر - نحواً من أحد عشر
قولاً ، إلا أن الأشهر منها هو ما عليه فقهاء الأمصار ولهم في ذلك ثلاثة أقوال :
أحدها : مذهب مالك والشافعي أنه إذا أزمع المسافر على إقامة
أربعة أيام أتم .
والثاني : مذهب أبي حنيفة وسفيان الثوري أنه إذا أزمع على إقامة
خمسة عشر يوماً أتم .
والثالث : مذهب أحمد وداود أنه إذا أزمع على أكثر من أربعة أيام
أتم .
وسبب الخلاف : أنه أمر مسكوت عنه في الشرع والقياس على التحديد
ضعيف عند الجميع ، ولذلك رام هؤلاء كلهم أن يستدلوا لمذهبهم من الأحوال التي نقلت
عنه عليه الصلاة والسلام أنه أقام فيها مقصراً ، أو أنه جعل لها حكم المسافر .
" بداية المجتهد " ( 1 / 122 ، 123 ) .
وعلى هذا ، فالصورة المسئول عنها وهي إقامة المسافر يوم اً واحد اً لم يقع فيها خلاف بين الأئمة أنه يقصر الصلاة .
ثانياً :
أما الجمع : فإن كان سائراً على الطريق : فالأفضل له أن يجمع بين
الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الأيسر له .
وإن كان نازلاً ( كمن وصل إلى البلد
الذي سافر إليه ، أو نزل بالطريق عدة ساعات ليستريح ) : فالأفضل أن لا يجمع ، وإن
جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وقوله : " في سفر قصر " ظاهر كلامه أنه يجوز الجمع للمسافر سواء
كان نازلاً أم سائراً ، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء .
فمنهم من يقول : إنه لا يجوز الجمع للمسافر إلا إذا كان سائراً
لا إذا كان نازلاً .
واستدل بحديث ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين
المغرب والعشاء إذا جَدَّ به السير " يعني : إذا كان سائراً .
وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين الصلاتين في منى في
حجة الوداع ؛ لأنه كان نازلاً ، وإلا فلا شك أنه في سفر؛ لأنه يقصر الصلاة ... .
والقول الثاني : أنه يجوز الجمع للمسافر ، سواء كان نازلاً أم
سائراً .
واستدلوا لذلك بما يلي :
1. أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في غزوة تبوك وهو نازل .
2. ظاهر حديث أبي جحيفة الثابت في الصحيحين : " أن النبي صلى
الله عليه وسلم كان نازلاً في الأبطح في حجة الوداع ، وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة
حمراء فأمَّ الناس فصلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين " قالوا : فظاهر هذا أنهما
كانتا مجموعتين .
3. عموم حديث ابن عباس أن الرسول صلى الله عليه وسلم : " جمع بين
الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر " .
4. أنه إذا جاز الجمع للمطر ونحوه : فجوازه للسفر من باب أولى .
5. أن المسافر يشق عليه أن يفرد كل صلاة في وقتها ، إما للعناء ،
أو قلة الماء ، أو غير ذلك .
والصحيح : أن الجمع للمسافر جائز ، لكنه في حق السائر مستحب ،
وفي حق النازل جائز غير مستحب ، إن جمع فلا بأس ، وإن ترك فهو أفضل .
" الشرح الممتع " ( 4 / 387 – 390 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 50312 ) .
والله أعلم .
*****
47651
البنوك الإسلامية
الفقه > معاملات >(1/4706)
سؤال رقم 47651- البنوك الإسلامية
هل البنوك الإسلامية حلال أم حرام ؟ .
الحمد لله
إذا كانت هذه البنوك تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية ، فلا
تتعامل بالربا المحرم ، ولا تأخذ ما يسمى فائدة مقابل الأجل الذي هو في الحقيقة ربا
الجاهلية وإن سموه بغير اسمه ، ولا تتعامل بالمعاملات غير الشرعية كبيع ما لا يملك
أو بيع العينة أو غير ذلك من المعاملات التي لا تبيحها الشريعة فلا شك أن هذه
البنوك حلال والتعامل معها شرعي .
أما إن كانت هذه البنوك إسلامية اسماً فقط ولكنها تتعامل بالربا
، والمعاملات المحرمة فالتعامل معها حرام ، وإن سموها " بنوكاً إسلامية " لأن
العبرة بالحقائق والمعاني ، لا بالمباني ، والعبرة بالمسميات لا بالأسماء .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز التعامل مع البنوك
الإسلامية ؟ مع أن بعضها يتحايل على الشريعة ويتعامل معاملات محرمة ؟
فأجابت : " المصارف والبنوك التي لا تتعامل بالربا يجوز التعامل معها ، وإذا كانت تتعامل بالربا فلا يجوز التعامل معها ، وليست بنوكاً
إسلامية . فتاوى اللجنة الدائمة (13/310)
وجاء في فتاوى اللجنة أيضاً : (13/365)
" إذا كان البنك الإسلامي ليس بربوي ، وإنما يستثمر الأموال وفق
الأسس الشريعة جاز لك إيداع المال به لاستثماره " اهـ .
*****
47652
صبغ الشعر باللون الأسود إذا لم يكن في ذلك غش ولا تدليس
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4707)
سؤال رقم 47652- صبغ الشعر باللون الأسود إذا لم يكن في ذلك غش ولا تدليس
هل يجوز صبغ الشعر باللون الأسود إذا كان في الأصل أسود ؟ بمعنى أنا شعري أسود فغيرت لونه إلى احمر والآن أريد أن أصبغه باللون الأسود ؟ .
الحمد لله
صبغ الشعر باللون الأسود ورد فيه النهي عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وذلك في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أبا قحافة
والد أبي بكر رضي الله عنهما أُتِيَ به للنبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه ورأسه
ثغامة من البياض فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( غيروا هذا الشيب وجنبوه السود ) رواه مسلم .
فصبغ الشعر بالسواد لا يشرع سواء كان الشعر أحمر أم أبيض وقد نص
العلماء على أن العلة في النهي عن الصبغ بالسواد ما فيه من التدليس والخداع وإظهار
الإنسان بغير حقيقته ، خاصة وأن الإنسان قد يُعرف عمره من لون شعره من سود وبياض
واختلاط ، فصبغ الشعر باللون الأسود يعني أنه شاب وقد يكون كهلاً أو شيخاً كبيراً .
وبناء على هذه العلة ، إذا لم يكن في الشعر شيب ، ولم يكن في
صبغه بالسواد تدليس كالصورة التي سألت عنها السائلة بأن يكون الشعر أسود ثم تغير
لونه إلى الأحمر ، فهل يجوز صبغه بالسواد ؟
الأولى والأحوط اجتناب ذلك مراعاة للفظ الحديث وعملاً به ،
لاسيما وهذه العلة المذكورة – وهي التدليس والغش – إنما هي علة مستنبطة ، استنبطها
بعض العلماء ، ولم ينص عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ومما ينبغي التنبه له :
أن المرأة المسلمة تقدر أهمية الوقت ، وتعرف أن الدنيا مزرعة
الآخرة لذا ، فلا ينبغي لها أن تمض كثيراً من وقتها أو أكثره في أمور الجسد والملبس
والزينة على حساب وقت عبادتها وطاعتها وتربية أولادها والدعوة إلى دينها ، والإحسان
إلى الناس ، وليس يعني ذلك أنها لا تتزين . لا بل تتزين بما أحل الله ولكن في حدود
المعقول كماً وكيفاً ووقتاً .
ثم لا ينبغي لها أيضاً أن تتلقف كل جديد ، فلكما رأت موضة جديدة
أخذتها وعملت بها ، فإن ذلك قد يوقها في التشبه بالكافرات والفاسقات ، فضلاً عن
تضييع الأموال والأوقات التي كان بإمكانها الاستفادة منها هو أنفع لنفسها وأمتها .
والله تعالى المسؤول أن يلهمنا رشدنا ويوقفنا إلى الصواب في
القول والعمل .
*****
08/1426
47664
حكم عمليات زرع الشعر في الرأس
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4708)
سؤال رقم 47664- حكم عمليات زرع الشعر في الرأس
هل يجوز لي القيام بعملية زرع شعر الرأس ؟ مع العلم أن بي صلعاً , وهل هو حرام مثل الوصل أم لا ؟.
الحمد لله
زرع الشعر : هو عبارة عن نقل بصيلات الشعر من منطقة إلى أخرى في
رأس الشخص نفسه ، وحكمه : الجواز ؛ لأنه من إزالة العيب لا من تغيير خلْق الله عز
وجل .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
تتم زراعة شعر المصاب بالصلع ، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه
في المكان المصاب ، فهل يجوز ذلك ؟
فأجاب :
نعم يجوز ؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله عز وجل ، ومن باب
إزالة العيب ، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل ، فلا
يكون من باب تغيير خلق الله ، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب ، ولا يخفى ما في
قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره
فمسحه الملك فردَّ الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً .
" فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 1185 ) .
والحديث الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله رواه البخاري ( 3277 )
ومسلم ( 2964 ) .
والله أعلم .
*****
47672
هل تجب الهجرة على من أسلم في بلاد الكفار
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/4709)
سؤال رقم 47672- هل تجب الهجرة على من أسلم في بلاد الكفار
ما حكم من أسلم في بلاد الكفار هل يشمله حديث ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) وتجب عليه الهجرة ؟.
الحمد لله
من أسلم من أهل بلاد الكفر ولم يتمكن من إظهار دينه والقيام
بشعائر عبادته، أو خاف على نفسه الفتنة في الدين، ولم يستطع حماية عرضه فإنه يجب
عليه الهجرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر
المشركين )
أما إن كان قادراً على إظهار دينه ، وإقامة الشعائر ، وقدر على
الهجرة ، فإنه تستحب له الهجرة في هذه الحالة لا تجب .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتاب المغني : فتستحب له
ليتمكن من جهادهم ( يعني الكفار ) ، وتكثير المسلمين ومعونتهم . اهـ
وأما إن كان قادراً على إظهار الدين ، وأمن الفتنة ، ويقوم
بالدعوة إلى الله عز وجل وتعليم المسلمين أمر دينهم فإنه يبقى ولا يهاجر ؛ لأن
بقاءه فيه مصلحة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث رضي الله عنه
لما جاء عند النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه وجلسوا عند النبي صلى الله عليه
وسلم ثم رأى اشتياقهم لأهليهم فأمرهم بالرجوع وتعليم من وراءهم فقال : ( ارجعوا إلى
أهليكم فعلموهم ) رواه البخاري (6008) ومسلم (674) ، ور وى البخاري (1452) ومسلم (1865)
عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْهِجْرَةِ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ
، إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ لَشَدِيدٌ ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ
. قَالَ : فَهَلْ تُؤْتِي صَدَقَتَهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ
. قَالَ : فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ
عَمَلِكَ شَيْئًا .
قال النووي رحمه الله :
( لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا) مَعْنَاهُ : لَنْ
يُنْقِصك مِنْ ثَوَاب أَعْمَالك شَيْئًا , حَيْثُ كُنْت , قَالَ الْعُلَمَاء :
وَالْمُرَاد بِالْبِحَارِ هُنَا الْقُرَى , وَالْعَرَب تُسَمِّي الْقُرَى الْبِحَار
, وَالْقَرْيَة الْبُحَيْرَة . قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْمُرَاد بِالْهِجْرَةِ
الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا هَذَا الأَعْرَابِيّ مُلازَمَة الْمَدِينَة مَعَ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْك أَهْله وَوَطَنه ، فَخَافَ عَلَيْهِ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا يَقْوَى لَهَا ، وَلا يَقُوم
بِحُقُوقِهَا , وَأَنْ يَنْكُص عَلَى عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ شَأْن
الْهِجْرَة الَّتِي سَأَلْت عَنْهَا لَشَدِيد وَلَكِنْ اِعْمَلْ بِالْخَيْرِ فِي
وَطَنك ، وَحَيْثُ مَا كُنْت فَهُوَ يَنْفَعك , وَلا يُنْقِصك اللَّه مِنْهُ
شَيْئًا اهـ .
فالهجرة تدور على القدرة على إظهار الشعائر الدينية والتعبد ،
فإن لم يستطع وخشي الفتنة وجبت الهجرة ، وإن استطاع أن يظهر الشعائر وتمكن من
الهجرة استحبت ، وإن تمكن من إظهار الشعائر وكان يقوم بالدعوة وتعليم المسلمين بقي
والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم ، وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى..
وانظر السؤال رقم ( 13363 ).
*****
47682
حكم التغني بالأذان
الفقه > عبادات > الصلاة > الأذان >(1/4710)
سؤال رقم 47682- حكم التغني بالأذان
هل يجوز التغني بالأذان ؟.
الحمد لله
يكره التغني بالأذان بحيث يكون على سبيل التطريب والتمديد الزائد
في الحروف ، ما لم يغير المعنى ، فإن غير المعنى صار حراماً لا يصح معه الأذان .
روى ابن أبي شيبة (259) أَنَّ مُؤَذِّنًا أَذَّنَ فَطَرَّبَ فِي
أَذَانِهِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَذِّنْ أَذَانًا
سَمْحًا وَإِلا فَاعْتَزِلْنَا .
ومعنى : " أَذَانًا سَمْحًا" أي : مِنْ غَيْرِ تَطْرِيبٍ وَلا
لَحْنٍ . يُقَال أَسْمَحَ وَسَمَّحَ وَسَامَحَ إذَا سَاهَلَ فِي الأَمْرِ .
انظر : "المغرب" في لغة الفقه ، لأبي المكارم المطرزي الحنفي (ص 234) .
وجاء في "المدونة" (1/159) .
" وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ التَّطْرِيبَ فِي الأَذَانِ
كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً " اهـ .
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/107) .
" أُحِبُّ تَرْتِيلَ الأَذَانِ وَتَبَيُّنَهُ بِغَيْرِ تَمْطِيطٍ
وَلا تَغَنٍّ فِي الْكَلامِ وَلا عَجَلَةٍ " اهـ .
وجاء في الموسوعة الفقهية (6/12) .
" وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّمْطِيطَ
وَالتَّغَنِّيَ وَالتَّطْرِيبَ بِزِيَادَةِ حَرَكَةٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ
غَيْرِهَا فِي الأَوَائِلِ وَالأَوَاخِرِ مَكْرُوهٌ , لِمُنَافَاةِ الْخُشُوعِ
وَالْوَقَارِ . أَمَّا إذَا تَفَاحَشَ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِحَيْثُ يُخِلُّ
بِالْمَعْنَى فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِدُونِ خِلافٍ فِي ذَلِكَ . لِمَا رُوِيَ أَنَّ
رَجُلا قَالَ لابْنِ عُمَرَ : إنِّي لأُحِبُّك فِي اللَّهِ . قَالَ : وَأَنَا
أَبْغَضُك فِي اللَّهِ , إنَّك تَتَغَنَّى فِي أَذَانِك . قَالَ : حَمَّادٌ يَعْنِي
التَّطْرِيبَ " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الأذان الملحن : ( أي يؤذن
على سبيل التطريب به كأنما يجر ألفاظ أغنية فإنه يجزئ لكنه يكره ) .
وقال : ( ولكن اللحن - وهو الخطأ المخالف للقواعد العربية -
ينقسم إلى قسمين : قسم لا يصح معه الأذان ، وهو الذي يتغير به المعنى .
وقسم يصح به الأذان مع الكراهة ، وهو الذي لا يتغير به المعنى .
فلو قال المؤذن : " الله أكبار" فهذا لا يصح ؛ لأنه يحيل المعنى ، فإن أكبار جمع
كَبَر ، كأسباب جمع سبب ، وهو الطبل ) انتهى من الشرح الممتع 2/62 .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ( ثم التمديد الزائد عن
المطلوب في الأذان ما ينبغي ، فإن أحال المعنى فإنه يبطل الأذان . حروف المد إذا
أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي ، حتى الحركات إذا مدت إن أحالت المعنى لم يصح وإلا
كره ) انتهى من فتاوى الشيخ 2/125
والحاصل أن التغني بالأذان مكروه ، وقد يؤدي إلى بطلانه إن حصل
تغيير للمعنى .
والله أعلم .
*****
47693
نزول المني من غير شهوة لا يوجب الاغتسال
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4711)
سؤال رقم 47693- نزول المني من غير شهوة لا يوجب الاغتسال
أعاني من إفرازات عديدة ، وأكثر ما ينزل منى هو المنى بشهوة أو بدونها ، ولكنه ينزل منى كل يوم عدة مرات ، وفى كل مرة أغتسل منه .
وكذلك عندما لا أتأكد من أنه منى قد أغتسل ، وقد أغتسل في اليوم الواحد ست مرات ، مما يعطلني عن الصلاة في وقتها .
الحمد لله
اعلمي أيتها السائلة أن خروج المني بشهوة يوجب الغسل بإجماع
العلماء .
انظر : "المجموع" (2/111) ، "المغني" (1/266) .
وأما خروج المني بغير شهوة فقد اختلف العلماء في ذلك ، والراجح
أن خروجه بغير شهوة لا يوجب الغسل بل يوجب الوضوء ؛ والدليل قول النبي صلى الله
عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ( إذا فضحت الماء فقد وجب الغسل) رواه أبو داود (206) وصححه الألباني في "الإرواء" (125) .
وفضح الماء هو : خروجه بشهوة وبتدفق .
انظر الشرح الممتع (1/278)
ويجب أن يفرق الإنسان بين الأشياء التي تخرج من السبيل ، فليس كل
خارج من السبيل منياً يوجب الاغتسال ، بل هناك المذي والودي والإفرازات التي تخرج
من المرأة .
فيجب أن يعلم الإنسان الفرق بين هذه الأمور ويميز بينها ، فإن
المذي والودي لا يوجبان الغسل ، وإنما يوجبان الاستنجاء والوضوء .
لما ثبت في الصحيح من حديث علي رضي الله عنه قال : كُنْتُ رَجُلا
مَذَّاءً ( كثير المذي ) فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ : فِيهِ
الْوُضُوء . رواه البخاري (132) ومسلم (303) .
وأما الإفرازات فليست نجسة ، ولكنها تنقض الوضوء . راجع السؤال ( 7776 )
وأما المني فإذا خرج بشهوة وجب الغسل ، وإن كان من غير شهوة لم
يوجب الغسل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الفرق بين المني والمذي ، أن المني غليظ له رائحة ، ويخرج دفقا
عند اشتداد الشهوة ، وأما المذي فهو ماء رقيق وليس له رائحة المني ، ويخرج بدون دفق
، ولا يخرج أيضا عند اشتداد الشهوة ، بل عند فتورها إذا فترت تبين للإنسان .
أما الودي فإنه عصارة تخرج بعد البول ، نقط بيضاء في آخر البول.
هذا بالنسبة لماهية هذه الأشياء الثلاثة .
أما بالنسبة لأحكامها : فإن الودي له أحكام البول من كل وجه.
والمذي يختلف عن البول بعض الشيء في التطهر منه ، لأن نجاسته أخف
فيكفي فيه النضح ، وهوأن يعم المحل الذي أصابه بالماء بدون عصر وبدون فرك ، وكذلك
يجب فيه غسل الذكر كله والأنثيين وإن لم يصبهما .
أما المني فإنه طاهر لا يلزم غسل ما أصابه إلا على سبيل إزالة
الأثر فقط ، وهو موجب للغسل ، وأما المذي والودي والبول فكلها توجب الوضوء" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/169) .
والذي يظهر أيتها السائلة أن حالتك هذه حالة مرضية ينبغي أن
تراجعي فيها طبيبة مختصة، نسأل الله أن يجعل لك من كل هم وحزن وضيق مخرجاً . إنه
سميع مجيب .
والله تعالى أعلم .
*****
47694
حكم عمليات التجميل
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4712)
سؤال رقم 47694- حكم عمليات التجميل
أريد أن أسأل عن عملية التجميل في الأنف هل هي حرام - خاصة وإذا كانت تتعبني نفسيّاً وتؤثر علي في حياتي ، وأيضاً قال الأطباء إنها تحتاج عملية ؟.
الحمد لله
جراحة التجميل تنقسم إلى قسمين :
1. جراحة التجميل الضرورية .
وهي الجراحة التي تكون لإزالة العيوب ، كتلك الناتجة عن مرض أو
حوادث سير أو حروق أو غير ذلك ، أو إزالة عيوب خلقية وُلِد بها الإنسان كبتر إصبع
زائدة أو شق ما بين الإصبعين الملتحمين ، ونحو ذلك .
وهذا النوع من العمليات جائز ، وقد جاء في السنة ما يدل على
جوازه ، ولا يقصد صاحبها تغيير خلق الله .
1- عن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية (
يوم وقعت فيه حرب في الجاهلية ) فاتخذ أنفا من وَرِق ( أي فضة ) فأنتن عليه فأمره
النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب . رواه الترمذي ( 1770 ) وأبو
داود ( 4232 ) والنسائي ( 5161 ) . والحديث : حسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء
الغليل " ( 824 ) .
2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللاتي يغيرن خلق الله .
رواه البخاري ومسلم .
( النَّامِصَة ) هِيَ الَّتِي تُزِيل الشَّعْر مِنْ الحاجبين ,
وَالْمُتَنَمِّصَة الَّتِي تَطْلُب فِعْل ذَلِكَ بِهَا .
( الْمُتَفَلِّجَات ) هي التي تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا
إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الأَسْنَان .
قال النووي رحمه لله :
وَأَمَّا قَوْله : ( الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ ) فَمَعْنَاهُ
يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام
هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن , أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ
أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه فَلا بَأْس ، وَاللَّه أَعْلَم اهـ .
2. والقسم الثاني : جراحة التجميل التحسينية .
وهي جراحة تحسين المظهر في نظر فاعلها ، مثل تجميل الأنف بتصغيره
، أو تجميل الثديين بتصغيرهما أو تكبيرهما ، ومثل عمليات شد الوجه ، وما شابهها .
وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية ، ولا حاجية ،
بل غاية ما فيه تغيير خلق الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو محرم ،
ولا يجوز فعله ، وذلك لأنه تغير لخلق الله تعالى ، وقد قال الله تعالى : ( إِنْ
يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَاناً مَرِيداً *
لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً *
وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ
الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) النساء/117-119 . فالشيطان هو الذي يأمر العباد بتغير خلق الله .
وانظر كتاب " أحكام الجراحة الطبية " للشيخ محمد المختار
الشنقيطي .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
ما الحكم في إجراء عمليات التجميل ؟ وما حكم تعلم علم التجميل ؟
.
فأجاب :
التجميل نوعان :
تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره ، وهذا لا بأس به ولا
حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من
ذهب .
والنوع الثاني :
هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن ،
وهو محرم لا يجوز ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة
والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس
لإزالة العيب .
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج
دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب
ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس
. " فتاوى إسلامية " ( 4 / 412 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 1006 ) .
وخلاصة الجواب :
إذا كان بالأنف عيب أو تشويه ، وكان المقصود من العملية الجراحية
إزالة هذا العيب ، فهذا لا بأس به .
أما إذا كان المقصود هو مجرد الزيادة في التجميل والحسن فلا يجوز
إجراء هذه العملية .
والله أعلم .
*****
47705
هل تتصدق من نفقة بيتها دون علم زوجها ؟
الفقه > معاملات > النفقة >
الفقه > عبادات > الصدقات >(1/4713)
سؤال رقم 47705- هل تتصدق من نفقة بيتها دون علم زوجها ؟
زوجي يعطيني مصروفاً لي ولبناتي كل شهر ، فأُخرج منه مبلغاً معيَّناً صدقة دون الرجوع إليه ، فهل يجوز هذا العمل أم يجب أن أرجع له وأسأله إن كان يوافق أن أخرج من هذا المال صدقة أم لا ؟.
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك ،
وهذا الإذن قد يكون لفظياً ( بالكلام ) كما لو قال لها : لك أن تتصدقي من مالي بكذا
أو بما شئت.
وقد يكون الإذن عرفياً ، بمعنى أنه قد جَرَت عادة الناس الرضى
بهذا ، أو تعلم من خُلُق زوجها أنه يرضى بهذا ولا يمنعه .
فلا حرج عليها في هذه الحال أن تتصدق من مال زوجها ، ولها أجر
الصدقة ، ولزوجها أيضاً .
أما إذا منعها ، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا فلا يجوز لها
حينئذ الصدقة من ماله بشيء .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" ( 4 / 301 ) :
"وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا
بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إحْدَاهُمَا ,
الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
: ( مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ
لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ ,
وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ
شَيْءٌ ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا .
وَعَنْ أَسْمَاءَ , أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ
الزُّبَيْرُ , فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ ؟
فَقَالَ : ( ارْضَخِي مَا اسْتطَعْتِ ) والرضخ هو العطاء . وفي رواية للبخاري : قال
: (تَصَدَّقِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا .
وَلأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ , وَطِيبُ النَّفْسِ ,
فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الإِذْنِ .
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ . . . . وَالأَوَّلُ
أَصَحُّ . . .
فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ : لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ ,
وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ . لَمْ يَجُزْ لَهَا
ذَلِكَ اهـ بتصرف واختصار .
ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه
أبو داود (3565) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا
مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلا
الطَّعَامَ ؟ قَالَ : ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا ) . صححه الألباني في
صحيح أبي داود .
( إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ) أي الإذن الصريح ، أو بدلالة الحال
. قاله في عون المعبود .
وسئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه
فأجابت : " الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن
منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به ، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا
يضر زوجها ، والأجر بينهما ؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : .. ثم
ذكرت حديث عائشة المتقدّم " اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (10/81)
وسئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تتصدق من
مال زوجها لنفسها أو لأحد من أمواتها ؟
فأجاب : " من المعلوم أن مال الزوج للزوج ، ولا يجوز لأحد أن
يتصدق من مال أحد إلا بإذنه ، فإذا أذن الزوج لها أن تتصدق به لنفسها ، أو لمن شاءت
من أمواتها فلا حرج عليها ، فإن لم يأذن فإنه لا يحل له أن تتصدق بشيء ، لأنه ماله
، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه " اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/472)
والله أعلم .
*****
47721
حدود الاستمتاع بين الزوجين وحكم رضاع الرجل من زوجته
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/4714)
سؤال رقم 47721- حدود الاستمتاع بين الزوجين وحكم رضاع الرجل من زوجته
هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع ؟.
الحمد لله
للزوج أن يستمتع بزوجته بما يشاء ، ولم يحرم عليه إلا الإيلاج في
الدبر ، والجماع في الحيض والنفاس ، وما عدا ذلك فله أن يستمتع بزوجته بما يشاء
كالتقبيل والمس والنظر وغير ذلك .
وحتى لو رضع من ثديها ، فهو داخل في الاستمتاع المباح ، ولا يقال
بتأثير اللبن عليه ؛ لأن رضاع الكبير غير مؤثر في التحريم ، وإنما الرضاع المؤثر هو
ما كان في الحولين .
قال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يستمتع من زوجته بجميع جسدها ، ما عدا الدبر
والجماع في الحيض والنفاس والإحرام للحج والعمرة حتى يتحلل التحلل الكامل .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن قعود . " فتاوى اللجنة الدائمة " (
19 / 351 ، 352 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
يجوز للزوج أن يمص ثدي زوجته ، ولا يقع تحريم بوصول اللبن إلى
المعدة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله الغديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
رضاع الكبير لا يؤثر ؛ لأن الرضاع المؤثر ما كان خمس رضعات فأكثر
في الحولين قبل الفطام ، وأما رضاع الكبير فلا يؤثر ، وعلى هذا فلو قدِّر أن أحداً
رضع من زوجته أو شرب من لبنها : فإنه لا يكون ابناً لها . " فتاوى إسلامية "
( 3 / 338 ) .
وأما من جهة حل الاستمتاع في غير ما جاء النهي عنه : فإليك أقوال
أهل العلم فيه :
قال ابن قدامة :
لا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج ; لأن السنة إنما
وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر ,
فاختص التحريم به . " المغني " ( 7 / 226 ) .
وقال الكاساني :
من أحكام النكاح الصحيح حل النظر والمس من رأسها إلى قدميها حالة
الحياة ; لأن الوطء فوق النظر والمس , فكان إحلاله إحلالا للمس والنظر من طريق
الأولى . " بدائع الصنائع " ( 2 / 231 ) .
وقال ابن عابدين :
سأل أبو يوسف أبا حنيفة عن الرجل يمس فرج امرأته وهي تمس فرجه
ليتحرك عليها هل ترى بذلك بأسا ؟ قال : لا , وأرجو أن يعظم الأجر . " رد
المحتار " ( 6 / 367 ) .
وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المباح بمنع الجماع
للحائض في الفرج وإباحة ما عداه من جسدها ، وهو في غير الحائض أوضح في الإباحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله : " ويستمتعُ منها بما دُونه " أي : يستمتعُ الرَّجل من
الحائض بما دون الفَرْج .
فيجوز أن يستمتعَ بما فوق الإزار وبما دون الإزار ، إلا أنَّه
ينبغي أن تكون متَّزرة ؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كان يأمر عائشة رضي
الله عنها أن تَتَّزِرَ فيباشرها وهي حائض ، وأَمْرُه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّمَ لها بأن تتَّزِرَ لئلا َّيَرى منها ما يكره من أثر الدَّم ، وإذا شاء أن
يستمتع بها بين الفخذين مثلاً : فلا بأس .
فإن قيل : كيف تجيب عن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لما
سُئِلَ ماذا يَحِلُّ للرَّجُل من امرأته وهي حائض قال : " لك ما فوق الإزار " ،
وهذا يدلُّ على أن الاستمتاع يكون بما فوق الإزار ؟ .
فالجواب عن هذا بما يلي :
1. أنَّه على سبيل التنزُّه ، والبعد عن المحذور .
2. أنه يُحمَلُ على اختلاف الحال ، فقولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّمَ " اصنعوا كلَّ شيء إلا النكاح " : هذا فيمن يملك نفسه ، وقوله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : " لك ما فوق الإزار " : هذا فيمن لا يملك نفسه إما
لقلِّة دينه أو قوَّة شهوته . " الشرح الممتع " ( 1 / 417 ) .
والله أعلم.
*****
47732
وقفات النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء في الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >
الرقائق > الدعاء >(1/4715)
سؤال رقم 47732- وقفات النبي صلى الله عليه وسلم للدعاء في الحج
ما الوقفات التي وقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها للدعاء ؟.
الحمد لله
الذي يظهر لنا أن الوقفات المقصودة في السؤال هي ما ورد في
وقفاته صلى الله عليه وسلم للدعاء في الحج ، وقد ذكر أهل العلم أنها ست وقفات .
قال ابن القيم :
فقد تضمنت حجته ست وقفات للدعاء :
الموقف الأول : على الصفا ، والثاني : على المروة ، والثالث :
بعرفة ، والرابع : بمزدلفة ، والخامس : عند الجمرة الأولى ، والسادس : عند الجمرة
الثانية . " زاد المعاد " ( 2 / 287 ، 288 ) .
وتفصيل هذه الوقفات :
1. الدعاء على الصفا والمروة : يكون باستقبال البيت في الدعاء
بعد التكبير ثلاثاً ، ثم يقول الذكر الوارد في السنة ثلاثاً ، ويدعو بين ذلك .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
يقول الله أكبر وهو رافع يديه كرفعهما في الدعاء ثلاث مرات ،
ويقول ما ورد ومنه : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ،
وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم
الأحزاب وحده " ثم يدعو بما أحب ، ثم يعيد الذكر مرة ثانية ، ثم يدعو بما أحب ، ثم
يعيد الذكر مرة ثالثة ، وينزل متجهاً إلى المروة . " الشرح الممتع " ( 7 /
268 ) .
ويكون الدعاء في ابتداء الأشواط لا في انتهائها ، إذ ليس ثمة
دعاء على المروة عند نهاية الأشواط .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وبه نعرف أيضاً أن الدعاء على الصفا والمروة يكون في ابتداء
الأشواط لا في انتهائها ، وأن آخر شوط على المروة ليس فيه دعاء ؛ لأنه انتهى السعي
، وإنما يكون الدعاء في مقدمة الشوط كما كان التكبير أيضاً في الطواف في مقدمة
الشوط ، وعليه فإذا انتهى من السعي عند المروة ينصرف ، وإذا انتهى من الطواف عند
الحجر ينصرف ، ولا حاجة إلى التقبيل ، أو الاستلام ، أو الإشارة ، والذي نعلل به
دون أن يعترض معترض أن نقول هكذا فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم . " الشرح
الممتع " ( 7 / 352 ) .
2. والدعاء يوم عرفة يستمر إلى غروب الشمس ، وعلى الحاج أن يكثر
من الدعاء في هذا اليوم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أفضل الدعاء دعاء
يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له "
. رواه الترمذي (3585) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
3. ويسن للحاج أن يدعو في مزدلفة رافعاً يديه مستقبل القبلة من
بعد صلاة الفجر إلى أن يسفر الصبح جدّاً ، قال الله تعالى : ( فَاذْكُرُوا اللَّهَ
عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) البقرة/198 .
4. الدعاء بعد الجمرة الأولى (وهي الصغرى) ، والثانية (وهي
الوسطى) ، ويكون ذلك في أيام التشريق ، ولا يشرع الدعاء بعد رمي الجمرة الكبرى لا
في يوم النحر ولا بعده .
والله أعلم .
*****
47736
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أحكام الحرمين >(1/4716)
سؤال رقم 47736- هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة ؟
هل يجوز دخول غير المسلم المدينة المنورة أي : داخل الحرم ( للحاجة ) ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز أن يمكَّن الكفار من السكنى في جزيرة العرب ، وقد اختلف
أهل العلم في تحديد الجزيرة ، لكنهم لم يختلفوا في كون المدينة النبوية منها .
قال ابن قدامة :
ولا يجوز لأحد منهم ( يعني : الكفار ) سكنى الحجاز ، وبهذا قال
مالك , والشافعي ، إلا أن مالكا قال : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها ; لأن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " ، وروى أبو داود
بإسناده عن عمر أنه " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لأخرجن اليهود
والنصارى من جزيرة العرب , فلا أترك فيها إلا مسلما " قال الترمذي : هذا
حديث حسن صحيح . وعن ابن عباس قال : " أوصى رسول الله صلى الله عليه
وسلم بثلاثة أشياء , قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب , وأجيزوا الوفد بنحو ما
كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالث " رواه أبو داود . "
المغني " ( 9 / 285 ، 286 ) .
ثانياً :
يجوز للكفار دخول المدينة للتجارة دون الإقامة ، ويُعطون وقتا
كافياً ثم يؤمرون بالمغادرة .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ويجوز لهم دخول الحجاز للتجارة ; لأن النصارى كانوا يتجرون إلى
المدينة في زمن عمر رضي الله عنه وأتاه شيخ بالمدينة , فقال : أنا الشيخ النصراني ,
وإن عاملك عَشَّرَني ( أي : أخذ مني العشر ) مرتين ، فقال عمر : وأنا الشيخ الحنيف
، وكتب له عمر : أن لا يُعَشِّروا في السنة إلا مرة ، ولا يؤذن لهم في الإقامة أكثر
من ثلاثة أيام - على ما روي عن عمر , رضي الله عنه - ثم ينتقل عنه ، وقال القاضي :
يقيم أربعة أيام حد ما يتم المسافر الصلاة . " المغني " ( 9 / 286 ) .
ثالثاً :
ما ذكرناه في المدينة وحرمها لا ينطبق على الحرم المكي ، إذ
الكفار ممنوعون من دخوله على كل حال .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 3 / 130 ، 131 ) :
يرى الجمهور , ومعهم محمد بن الحسن من الحنفية : أنه لا يجوز
للكافر دخول الحرم المكي بحال ، ومذهب الحنفية أن ذلك جائز بصلح أو إذن .
وأما حرم المدينة فإنه لا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو حمل
متاع ، وأما ما عدا ذلك - من أرض العرب - فلا يدخله الكافر إلا بإذن أو صلح ،
وللفقهاء في ذلك تفصيل ... انتهى
والله أعلم .
*****
47738
عاهد الله على ترك العادة السرية فعاد وفعلها فماذا يلزمه ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4717)
سؤال رقم 47738- عاهد الله على ترك العادة السرية فعاد وفعلها فماذا يلزمه ؟
سؤالي أكتبه وكلي ندم على ما فعلته وما قصرت بحق الله - : هو أنني كنت أفعل العادة السرية الخبيثة - أكرمكم الله - وأنا الآن تركتها من فترة قصيرة ، أدعو الله أن يثبتني .
وسؤالي هو :
أني كنت أقول بصريح العبارة " أعاهدك يا ربي أن لا أعود إلى هذه العادة الخبيثة " ؛ ولكني كنت أعود ليس – والله - استهزاء بالله - ، ولكنه الشيطان والهوى .
أرجو أن تبينوا - جزاكم الله خير - ماذا عليَّ من جرَّاء نقضي للعهد مع الله سبحانه وتعالى .
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم ( 329 ) بيان تحريم العادة
السرية السيئة ، وكيفية التخلص منها ، والمسلم لا يلزمه العهد والنذر ليترك ما
حرَّم الله تعالى عليه ، إذ يكفي معرفة التحريم لينتهي عنه المسلم ، فإذا عاهد الله
أو نذر أن لا يفعل المحرَّم ثم عاد إليه ففعله : فقد اكتسب إثم فعل المحرم ، وإثم
نقض العهد والحنث في اليمين والنذر .
وقد أوجب الله تعالى الوفاء بالعهود ، فقال تعالى { وأوفوا
بالعهد إن العهد كان مسئولا } .
قال الجصاص :
قوله تعالى : { وأوفوا بالعهد } يعني - والله أعلم - إيجاب
الوفاء بما عاهد الله على نفسه من النذور والدخول في القرب , فألزمه الله تعالى
إتمامها , وهو كقوله تعالى : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن
ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا
في قلوبهم } " أحكام القرآن " ( 3 / 299 ) .
قال السرخسي :
والوفاء بالعهد واجب قال الله تعالى : { وأوفوا بعهد الله إذا
عاهدتم } , وذم من ترك الوفاء بالعهد بقوله { ومنهم من عاهد الله } الآية ... " المبسوط " ( 3 / 94 ) .
ومن عاهد الله تعالى على فعل شيء فلم يفعله ، أو عاهده تعالى على
عدم الفعل ففعل : فعليه إثم نقض العهد ، وعليه كفارة يمين ، فالعهد : يمين ونذر ،
ومن حنث فيهما فعليه كفارة يمين وهي : التخيير بين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين
أو كسوتهم ، فمن لم يجد أو لم يستطع : فليصم ثلاثة أيام .
قال ابن قدامة :
إن قال : علي عهد الله وميثاقه لأفعلن . أو قال : وعهد الله
وميثاقه لأفعلن . فهو يمين , وإن قال : والعهد والميثاق لأفعلن . ونوى عهد الله ,
كان يمينا ; لأنه نوى الحلف بصفة من صفات الله - تعالى . " المغني " ( 9 /
400 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والعهود والعقود متقاربة المعنى أو متفقة فإذا قال أعاهد الله
أني أحج العام فهو نذر وعهد ويمين ، وإن قال لا أكلم زيدا فيمين وعهد لا نذر ،
فالأيمان تضمنت معنى النذر وهو أن يلتزم لله قربة لزمه الوفاء وهي عقد وعهد ومعاهدة
لله لأنه التزم لله ما يطلبه الله منه . " الفتاوى الكبرى " ( 5 / 553 ) .
وهو قول ابن عباس ومالك وعطاء والزهري والنخعي والشعبي ويحي بن
سعيد ، كما في " المدونة " ( 1 / 579 ، 580 ) .
وخلاصة الجواب : أن عليك كفارة يمين لنقضك العهد مع الله ، ونسأل
الله تعالى أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغني .
والله أعلم .
Islam Q&A
*****
47748
ما هي " اللمم " ؟ وما حكم تكرر وقوعها من المسلم العاصي ؟
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
الرقائق > التوبة >(1/4718)
سؤال رقم 47748- ما هي " اللمم " ؟ وما حكم تكرر وقوعها من المسلم العاصي ؟
قال الله تعالى : ( الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ) .
عرفت أن اللمم هو صغائر الذنوب ، مثل النظرة والقبلة واللمسة ، وهذه الذنوب يغفرها الله ما اجتنبت الكبائر .
وسؤالي هو : هل معنى ذلك أنه لا يعاقَب العبد على فعل هذه الذنوب حتى في الدنيا إذا تاب منها ثم رجع لها مرة أخرى وهكذا يتوب ويرجع لا يجد العبد أي عقاب من الله على فعل هذه الذنوب ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 22422 )
بيان اختلاف العلماء في معنى اللمم في قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ
كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ
الْمَغْفِرَةِ ) النجم/32 ، وأن جمهور العلماء على أن ( اللمم ) هو صغائر الذنوب .
وليس معنى ذلك أن يتساهل الإنسان في ارتكاب الصغائر ، بل الإصرار
على الصغيرة يجعلها كبيرة ، فتخرج بذلك عن كونها من اللمم .
قال النووي رحمه لله "في شرح مسلم" :
قَالَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه : وَالإِصْرَار عَلَى
الصَّغِيرَة يَجْعَلهَا كَبِيرَة . وَرُوِيَ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس وَغَيْرهمَا
رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : لا كَبِيرَة مَعَ اِسْتِغْفَارٍ ، وَلا صَغِيرَة مَعَ
إِصْرَار .
مَعْنَاهُ : أَنَّ الْكَبِيرَة تُمْحَى بِالاسْتِغْفَارِ ,
وَالصَّغِيرَة تَصِير كَبِيرَة بِالإِصْرَارِ اهـ .
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (15/293) :
" فَإِنَّ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَأَمَّا النَّظَرُ
وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ ،
فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ صَارَ كَبِيرَةً ،
وَقَدْ يَكُونُ الإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ الْفَوَاحِشِ ،
فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعِشْقِ
وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ فَسَادِ
زِنَا لا إصْرَارَ عَلَيْهِ ; وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي الشَّاهِدِ
الْعَدْلِ : أَنْ لا يَأْتِيَ كَبِيرَةً وَلا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ . . . بَلْ
قَدْ يَنْتَهِي النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ بِالرَّجُلِ إلَى الشِّرْكِ كَمَا قَالَ
تَعَالَى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه ِ) البقرة/165 . . .
وَالْعَاشِقُ الْمُتَيَّمُ يَصِيرُ عَبْدًا لِمَعْشُوقِهِ مُنْقَادًا لَهُ أَسِيرَ
الْقَلْبِ لَهُ اهـ باختصار .
وقد حذرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من التهاون
في صغائر الذنوب ، فقال :
( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي
بَطْنِ وَادٍ ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ ، حَتَّى أَنْضَجُوا
خُبْزَتَهُمْ ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا
تُهْلِكْه ) . رواه أحمد (22302) من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ . وقال الحافظ : إسناده حسن اهـ .
( وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ) هي الصغائر .
وروى أحمد (3803) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ
حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا : كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ ، فَحَضَرَ
صَنِيعُ الْقَوْمِ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ ،
وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا ، فَأَجَّجُوا نَارًا ،
وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا ) . حسنه الألباني في صحيح الجامع (2687)
.
وروى ابن ماجه (4243) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها
قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا
عَائِشَةُ ، إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الأَعْمَالِ ، فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ
طَالِبًا ) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال الغزالي :
تواتر الصغائر عظيم التأثير في سواد القلب ، وهو كتواتر قطرات
الماء على الحجر ، فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة ، مع لين الماء وصلابة الحجر اهـ .
ولقد أحسن من قال :
لا تحقرنَّ صغيرةً إنَّ الجبالَ من الحصى .
ثانياً :
إذا تاب العبد من ذنوبه ، فإنها تغفر له ، ولا يعاقب عليها ، لا
في الدنيا ولا في الآخرة . ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) رواه ابن ماجه (4250) .
قال الحافظ : سنده حسن . وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال النووي :
أَجْمَع الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى قَبُول
التَّوْبَة مَا لَمْ يُغَرْغِر , كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث . وَلِلتَّوْبَةِ
ثَلاثَة أَرْكَان : أَنْ يُقْلِع عَنْ الْمَعْصِيَة ، وَيَنْدَم عَلَى فِعْلهَا ،
وَيَعْزِم أَنْ لا يَعُود إِلَيْهَا .
فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ تَبْطُل
تَوْبَته ، وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَر صَحَّتْ تَوْبَته .
هَذَا مَذْهَب أَهْل الْحَقّ اهـ .
وقال أيضاً :
لَوْ تَكَرَّرَ الذَّنْب مِائَة مَرَّة أَوْ أَلْف مَرَّة أَوْ
أَكْثَر , وَتَابَ فِي كُلّ مَرَّة , قُبِلَتْ تَوْبَته , وَسَقَطَتْ ذُنُوبه ,
وَلَوْ تَابَ عَنْ الْجَمِيع تَوْبَة وَاحِدَة بَعْد جَمِيعهَا صَحَّتْ تَوْبَته
اهـ .
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ
وَجَلَّ قَالَ : أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي
ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ
أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ . ثُمَّ عَادَ
فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ
الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ
، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا
، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ،
اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ .
وفي رواية : (قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ) .
قال النووي رحمه الله :
قَوْله عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِي تَكَرَّرَ ذَنْبه : ( اِعْمَلْ
مَا شِئْت فَقَدْ غَفَرْت لَك ) مَعْنَاهُ : مَا دُمْت تُذْنِب ثُمَّ تَتُوب
غَفَرْت لَك اهـ .
وعلى كل حال : فرحمة الله واسعة وفضله عظيم ، ومن تاب : تاب الله
عليه ، ولا ينبغي للمسلم أن يتجرأ على المعصية فقد لا يوفق للتوبة ، وما ذُكر في
الحديث فهو لبيان سعة رحمة الله تعالى وعظيم فضله على عباده لا ليتجرأ الناس على
ارتكاب المعاصي .
وانظر – للفائدة – جواب السؤال رقم : ( 9231 ) .
والله أعلم .
*****
4775
نصرانية تريد الإسلام وزوجها كافر مخمور ومتعلقة برجل مسلم
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4719)
سؤال رقم 4775- نصرانية تريد الإسلام وزوجها كافر مخمور ومتعلقة برجل مسلم
بدأت دراسة الإسلام قبل عدة شهور ، عندي قرآن وأنا مشغولة بقراءته والشيء الذي يجب أن أعترف به هو أنني أقارنه بالإنجيل .
أنا تقريبا جاهزة لاعتناق الإسلام ولكن لدي مشكلتان كبيرتان.
أولا: أنا متزوجة من رجل نصراني يسكر كثيرا ولا يعمل في هذا الوقت ، عندما يسكر يصبح شخصا لا أحبه كثيرا ، أنا لا أشرب أبدا وقد توقفت عن الشرب منذ عدة سنين ، والدي كان شديد الشرب للخمر ومع الأسف زوجي كذلك .
الحب بسبب أخلاقه وتصرفاته ، ما زلت أحبه ، عندما يكون في كامل قواه العقلية (غير سكران) فإنه يكون أفضل وأكرم إنسان ويعمل كل ما يطلبه منه أصدقائه أو عائلته.
لدينا طفلان ولكنهما منزعجان جدا بسبب كثرة شربه ، إذا تركته الآن فإنه سيتورط ولا يستطيع التصرف بمفرده ، اعتماده على نفسه قليل جدا في هذه الحالة ولا أدري ما أفعل .
ثانيا : لي صديق مسلم أصغر مني بكثير ونعرف بعض منذ سنتين وقد بدأت أحبه .
المشكلة أنه متزوج وله طفلان كما أنه أصغر مني بكثير وهو صديق لزوجي وأنا صديقة لزوجته ، لم أوضح له مطلقا بما أشعر به تجاهه ولكنني أحلم كثيرا بما قد يحصل ، أعلم أن هذا خطأ وأنا لست من النساء التي تترك زوجها من أجل رجل آخر ولكنني لا أشعر بالسعادة الزوجية منذ 6 سنوات ولم أمت حتى الآن.
أود الدخول في الإسلام ولكنني أخشى أن يتغير تصرف صديقي تجاهي إذا أصبحت مسلمة ، نحن الآن نزور بعضنا ونتحدث عن كل شيء من التجارة للدين وأنا لا أريد أن أفقد صداقته.
صديقي ملتزم بدينه جدا .
الجواب:
الحمد لله
لا بدّ أن القناعة التي حصلت لديك كبيرة وقوية لأنها مبنية على دراسة وجاءت بعد مقارنة بين القرآن والإنجيل ولا نظنّ أنّك محتاجة لمزيد من الإقناع لكن المشكلة التي تتحدثين عنها تتعلق بالخطوة التالية ألا وهي الدخول الحقيقي في دين الإسلام والبدء بممارسة حياة إسلامية ، ونحن لا نرى معوقات حقيقية تحول دون الإقدام على هذه الخطوة ودعينا نناقش كلا من المشكلتين على حدة .
المشكلة الأولى : ماذا سيكون الموقف من زوجك السكّير بعد دخولك في الإسلام ؟ بالنسبة للحكم الإسلامي الشّرعي فإنّك بمجرد دخولك في الإسلام تدخلين في العدة وهي فترة انتظار .
قالَ مَالِكٌ رحمه الله : وَالأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا كَانَ إسْلامُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالإِسْلامِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ ثَلاثَةِ قُرُوءٍ . أهـ ( أي ثلاث حيضات ) " إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَإِلا فَثَلاثَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ أَسْلَمَ الآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا .. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ج2 باب نكاح الكافر
وَهَذَا لأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَحْتَ الْكَافِرِ مُطْلَقًا ، والإِسْلامُ يَعْلُو وَلا يُعْلَى عَلَيْهِ. فأسلمي واعرضي الإسلام عليه فإن أسلم فالحمد لله ولعلّ ذلك يكون سببا في تركه الخمر وإن لم يُسلم وانقضت العدّة ففارقيه وخلّيه وخصوصا أنّ أحواله غير مرضيّة وسكره متعب جدا لك وللأولاد والمعيشة معه لا تُطاق فلا يؤُسف عليه ، ولعل الله يعوّضك خيرا منه . وكونه لا يستطيع أن يدبّر أموره فهذا بما كسبت يداه وهو الذي جنى على نفسه ، ولو حصل فراق فتعب وتورّط يراجع نفسه ويتأثّر ويُسلم ليعود إلى زوجته وولديه .
أما المشكلة الثانية فإنها خطيرة حقا لأنها قائمة على علاقة غير صحيحة شرعا بين رجل وامرأة أجنبية يتبسطان فيها بالحديث ويتحدّثان في أمور شتى دون ضوابط فنشأ عن هذا الواقع الخاطئ واقع خاطئ آخر وهو محبة وتعلّق بشخص أجنبي وخشية فراقه ثم المفاضلة بين العلاقة معه وبين الإسلام ، مع أن الاستمرار في العلاقة المنفتحة بهذا الشكل له أضرار والدخول في الإسلام واجب تنبني عليه السعادة في الدنيا والنجاة من نار جهنم في الآخرة ، وبالإضافة إلى ذلك فإننا لازلنا نستغرب كيف يكون ملتزما بدينه جدا - كما تقولين - ثم يقيم علاقة بهذا الشّكل الذي تصفينه فيه بأنه صديقك ، فالواجب عليك المبادرة إلى الدخول في الإسلام ونصح هذا الشّخص بطريقة مناسبة ( كإرسال النصيحة الصحيحة والواضحة إليه بالبريد الإلكتروني مثلا) ، ولتكوني على ثقة بأنك إذا أسلمت فسيجعل الله لك فرجا ومخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسبي فأرضِ ربّك يرضَ عنك ويُرضي عنك الناس ، والله يوفقنا جميعا لما يحبّ ويرضى .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
47756
ما هو الملتزَم ؟ وما هي كيفية الدعاء عنده ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أحكام الحرمين >(1/4720)
سؤال رقم 47756- ما هو الملتزَم ؟ وما هي كيفية الدعاء عنده ؟
ما هو الملتزم ؟ وما كيفية الدعاء عنده ؟.
الحمد لله
الملتزم : هو من الكعبة المشرَّفة ما بين الحجر الأسود وباب
الكعبة ، ومعنى التزامه أي : وضع الداعي صدره ووجهه وذراعيه وكفيه عليه ودعاء الله
تعالى بما تيسر له مما يشاء .
وليس هناك دعاء معين يدعوه المسلم في ذلك المكان ، وله أن يلتزمه
عند دخوله الكعبة ( إن تيسَّر له دخولها ) ، وله أن يفعله قبل طواف الوداع ، وله أن
يفعله في أي وقت شاء ، وينبغي للداعي أن لا يضيِّق على غيره فيطيل الدعاء ، كما لا
يجوز مزاحمة الناس وأذيتهم من أجله ، فإن رأى فسحة ومجالاً دعا وإلا فيكفيه الدعاء
في الطواف وسجود الصلاة .
والذي جاء عن الصحابة – رضي الله عنهم – في الالتزام أصح مما جاء
عن النبي صلى الله عليه وسلم .
عن عبد الرحمن بن صفوان قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه
وسلم مكة قلت : لألبسن ثيابي ، وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو
وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول
الله صلى الله عليه وسلم وسطهم . رواه أبو داود ( 1898 ) وأحمد ( 15124 ) .
وفيه : يزيد بن أبي زياد ، ضعَّفه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة
وغيرهم .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر
الكعبة قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار ، ثم مضى حتى استلم الحجر ،
وأقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ، ثم
قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . رواه أبو داود ( 1899
) وابن ماجه ( 2962 ) . وفيه: المثنى بن الصباح ، ضعَّفه الإمام أحمد وابن معين
الترمذي والنسائي وغيرهم. والحديثان يشهد كلٌّ منهما للآخر. وقد صححه الشيخ
الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2138 )
وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " الملتزم بين الركن
والباب " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وإنْ أحبَّ أنْ يأتيَ الملتزم - وهو ما بين الحجر الأسود والباب
- فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته فعل ذلك ، وله
أنْ يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإنَّ هذا الالتزام لا فرق بين أنْ يكون حالَ الوداع
أو غيره ، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين دخول مكة ، وإنْ شاء قال في دعائه الدعاء
المأثور عن ابن عباس : اللهمَّ إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرتَ
لي مِن خلقك وسيرتَني في بلادك حتى بلغتَني بنعمتِك إلى بيتِك وأعنتَني على أداء
نسكي فإنْ كنتَ رضيتَ عني فازدَدْ عني رضا وإلا فمِن الآن فارضَ عني قبل أنْ تنآى
عن بيتك داري فهذا أوان انصرافي إنْ أذنتَ لي غير مستبدلٍ بك ولا ببيتِك ولا راغبٍ
عنك ولا عن بيتِك اللهمَّ فأصحبني العافيةَ في بدني والصحةَ في جسمي والعصمة في
ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتَني واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة إنك
على كل شيء قدير .
ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسناً . " مجموع الفتاوى " ( 26 / 142 ، 143 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
وهذه مسألة اختلف فيها العلماء مع أنها لم ترد عن النبي صلى الله
عليه وسلم ( يعني لم ترد في حديث صحيح ، بناءً على تضعيف الأحاديث الواردة في هذا )
، وإنما عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ، فهل الالتزام سنة ؟ ومتى وقته ؟ وهل هو عند
القدوم ، أو عند المغادرة ، أو في كل وقت ؟ .
وسبب الخلاف بين العلماء في هذا : أنه لم ترد فيه سنة عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، لكن الصحابة – رضي الله عنهم – كانوا يفعلون ذلك عند القدوم .
والفقهاء قالوا : يفعله عند المغادرة فيلتزم في الملتزم ، وهو ما
بين الركن الذي فيه الحجر والباب ...
وعلى هذا : فالالتزام لا بأس به ما لم يكن فيه أذية وضيق . " الشرح الممتع " ( 7 / 402 ، 403 ) .
والله أعلم.
*****
47760
هل تجب الزكاة في الأجرة المستلمة أو المستحقة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > شروط وجوب الزكاة >(1/4721)
سؤال رقم 47760- هل تجب الزكاة في الأجرة المستلمة أو المستحقة ؟
لدينا محل تجاري أجرناه بمبلغ مقداره 72 ألف سنوياً هل علينا زكاة ؟ علما أننا نستلم هذا الإيجار دفعة واحدة ، وننفقه قبل أن يحول عليه الحول .
الحمد لله
العقارات المعدة للتأجير لا زكاة فيها ، وإنما الزكاة في الأجرة
التي تحصل فيها بشرطين :
الأول : أن تبلغ نصاباً .
الثاني : أن يحول عليها الحول .
ويبدأ الحول من حين العقد سواء قبض الأجر مقدماً في أول السنة أو
مؤخراً في آخر السنة .
فإن قبضها في أول السنة ومر عليها الحول فعليه زكاتها ، أو زكاة
ما بقي منها إن أنفق بعضها وبقي بعضها .
وإن قبضها في آخر السنة فعليه زكاتها ، لأن الحول يكون قد مرّ
عليها من حين العقد .
قال ابن قدامة – رحمه الله – في المغني (4/271)
ولو أجّر داره سنتين بأربعين ديناراً ملك الأجرة من حين العقد ،
وعليه زكاة جميعها إذا حال عليه الحول . اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز عن رجل أجّر عقاراً واستلم الأجرة مقدماً عن
سنة ، وسدد بها بعض الديون ، فهل عليه زكاة في هذه الأجرة ؟
فأجاب :
" مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً وتسدد به
الدين فإنه لا تجب فيه الزكاة لكونه لم يَحُل عليه الحول ، وهو في ملكك ، والاعتبار
في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة ، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة ،
وسددت بها الدين أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها " اهـ. مجموع فتاوى
الشيخ ابن باز (14/177)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن العقارات المعدة للتأجير هل عليها زكاة
؟
فأجاب :
" لا زكاة عليه في هذه العقارات ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " ، وإنما الزكاة في
أجرتها إذا تم عليها حول من حين العقد .
مثال ذلك : رجل أجر هذا البيت بعشرة آلاف ، واستلم عشرة آلاف بعد
تمام السنة ، فتجب عليه الزكاة في العشرة ، لأنه تم لها حول من العقد ، ورجل آخر
أجّر بيته بعشرة آلاف خمسة منها استلمها عند العقد وأنفقها خلال شهرين ، وخمسة منها
عند نصف السنة ، فأخذها وأنفقها خلال شهرين ، ولما تمّت السنة لم يكن عنده شيء من
الأجرة فلا زكاة عليه ، لأنه لم يتم عليها الحول ، ولا بد في وجوب الزكاة من تمام
الحول " اهـ. فتاوى الشيخ ابن عثيمين (18/208) .
والله أعلم .
*****
47761
عليه زكاة عروض تجارة وليس عنده نقود
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/4722)
سؤال رقم 47761- عليه زكاة عروض تجارة وليس عنده نقود
شخص يملك قطعة أرض حال عليها الحول فوجبت فيها الزكاة لأنها من عروض التجارة ، كيف يخرج الزكاة عنها ؟ مع العلم أنه لا يملك من المال النقدي إلا القليل ، والقليل جدا .
الحمد لله
تجب الزكاة في عروض التجارة بالكتاب والسنة .
أما الكتاب ، فعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ
مِنَ الأَرْضِ ) البقرة/267.
قال مجاهد : ( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ )
التِّجَارَةُ .
وأما السنة فروى أبو داود (1562) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ
قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ .
والحديث في سنده مقال ، لكن بعض أهل العلم قد حسنه ، كابن عبد
البر رحمه الله ، وهو ما اعتمده علماء اللجنة الدائمة للإفتاء .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة (9/331)
فما يعد للتجارة تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول
.
وعلى هذا ، أخي السائل ، إن أرضك التي حال عليها الحول يجب إخراج
زكاتها بأن تعرف قيمتها في نهاية الحول ، وتخرج ربع العشر فلو كانت قيمتها مثلاً
مئة ألف دينار فيجب عليك زكاة 2.5% أي : ألفان ونصف ألف . . وهكذا .
فإن كان عندك نقود وجب إخراجها ، ولا يجوز تأخير إخراج الزكاة
حتى تبيع الأرض ، أما إن كنت لا تملك نقوداً تخرجها زكاة ، فإنها تكون دين عليك
تؤديه عند الميسرة ، فإن لم يتيسر حتى بعت الأرض وجب عليك إخراج الزكاة من ثمن
الأرض لكل السنين التي وجبت فيها الزكاة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة ، والحجة في ذلك الحديث
المشهور عن سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال : ( أمرنا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع ) . ومراده بالصدقة
هنا الزكاة" اهـ .
وقال أيضاً :
"إذا كانت الأرض ونحوها كالبيت والسيارة ونحو ذلك معدة للتجارة
وجب أن تُزكى كل سنة بحسب قيمتها ، عند تمام الحول ، ولا يجوز تأخير ذلك ، إلا لمن
عجز عن إخراج زكاتها ، لعدم وجود مال عنده سواها ، فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي
زكاتها عن جميع السنوات ، كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول ، سواء كانت القيمة
أكثر من الثمن أو أقل من الذي اشتريت به الأرض أو السيارة أو البيت" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/160، 161) .
*****
47764
يمنع زوجته من الظهور على أشقائه
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4723)
سؤال رقم 47764- يمنع زوجته من الظهور على أشقائه
تزوج أخي منذ سنتين تقريبا ، وخلال هذه المدة منع زوجته من الظهور على إخوته ولو بالحجاب ولا التحدث معهم أثناء زيارة إخوته له ، وإلى الآن نحن لا نعرف شكلها ولا تكلمنا معها كلمة واحدة ، السؤال : هل هذا جائز شرعاً أم فيه شيء من التزمت ؟.
الحمد لله
الواجب على المرأة أن تستر بدنها كاملاً ومنه وجهها عن الرجال
الأجانب عنها ، ويتحتم الحجاب أكثر على أقرباء زوجها من الأجانب ، وهو عكس ما يفعله
أكثر الناس من المتساهلين في هذه الأيام ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض
الصحابة استثناء أقرباء الزوج في الدخول على امرأته قال " الحمو الموت " ، فالواجب
– إذن – هو الاحتياط أكثر من أقرباء الزوج – ومنهم إخوانه – لما يقع من تساهل في
هذا الأمر .
وقد أحسن أخوكم بمنع امرأته من الظهور عليكم ، وقد أحسنت هي
بالاستجابة لأمر الله وأمر زوجها ، وليس هذا من التزمت في شيء بل هو من الاستجابة
لأمر الله تعالى ، ولا حاجة لإخوة الزوج في رؤية زوجة أخيهم فضلا عن الجلوس والحديث
معها .
ومن أجاز من أهل العلم جلوس المرأة مع أقرباء زوجها فإنما أجازه
بشرط عدم وجود ريبة في المجلس أو خلوة بينها وبين أحدهم أو حيث يوجد الغناء أو
النظر المحرَّم من كلا الطرفين ، وهذه – للأسف – هي أكثر مجالس عامة الناس ، وفي
حال خلو المجلس مما سبق من المنكرات والمحرمات مع التزام المرأة بحجابها الكامل
فيجوز لها الجلوس والكلام بشرط أن لا تخضع بالقول إلا أن الأفضل والأكمل والأحوط أن
لا تفعل ، وهو ما فعله أخوكم ، حتى تظل القلوب على نقائها وصفائها وخلوها من الطرق
التي ينفذ من خلالها الشيطان .
ولا ينبغي أن يعكر فعل أخيكم على علاقتكم به ، وعلى علاقة نسائكم
بزوجته ، فهما على خير ودين ، وينبغي لكم التقرب منهما والاستفادة من طريقتها في
علاقتهما مع الناس ، واعلموا أن عتب الإخوة على أخيهم من عدم كشف امرأته عليهم أو
عدم جلوسهم معها مما يوجب الريبة فيهم ، ولستم – إن شاء الله – من هذا النوع من
الناس ، لكن قد يسوِّل الشيطان للمرء أمراً ويزينه له ، فيجعل المعروف عنده منكراً
، والمنكر عنده معروفاً ، ويجعل التستر والحياء تزمتا ، والتميع والانفلات ثقة
وتقدما .
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا وجوارحنا ، وأن يجمع بينكم على
خير ، وأن يؤلف بين قلوبكم ، وأن يجعلكم قدوة صالحة للناس .
وانظر جواب السؤال ( 21363 ) و ( 13261 ) – مهم – .
والله أعلم.
*****
47779
يمتنع من تدريس الموسيقى للطلاب ، ويسأل عن راتبه
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4724)
سؤال رقم 47779- يمتنع من تدريس الموسيقى للطلاب ، ويسأل عن راتبه
لا أعلم كيف حصلت على بكالوريوس التربية الموسيقية !! لأنني لا أفقه شيئاً عن الموسيقى !! وبناءاً على شهادتي عينت مدرس للموسيقى في إحدى المدارس الحكومية. وبعد أن عرفت حكم الموسيقى فإني أحمد الله كثيراً على أنى لا أعرف كيف أشرحها للطلاب وبالتالي لا أجد ما أعلمهم سوى أنى أجعلهم في حصتي يعملون الواجبات المدرسية أو يذاكرون أي شيء آخر أو أرد على أسئلتهم الدينية أو أجعل بعضهم يقرأ القرآن وأشجعهم بأن الذي سيحفظ بعض الآيات سوف أعطيه جائزة .. وأحياناً (قليلة جداً) أتركهم لا يفعلون شيئاً...
و يوجد معي زميل آخر وهو أيضاً بفضل الله لا يشرح الموسيقى للطلاب و يتبع معهم نفس أسلوبي وقد حاولنا مع رؤسائنا تغيير المسمى الوظيفي لنا إلى تدريس أي نشاط آخر مباح. أو إلى الجانب الإداري ولكنهم رفضوا !؟ فهل نكون آثمين إذا بقينا على ما نحن عليه ؟ وما حكم المرتب ؟.
الحمد لله
اعلم أخي السائل الكريم أن الموسيقي حرام الاشتغال بها والإجارة
عليها ، وتعليمها .
فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( يكون في آخر الزمان أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) رواه البخاري .
والحديث يدل دلالة واضحة على تحريم الحر هو الزنا، والحرير هو
المعروف المحرم على الذكور دون الإناث، والخمر وهي معلومة ، والمعازف وهي آلات
اللهو والموسيقي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (يستحلون) والاستحلال لا
يكون إلا بعد التحريم .
وقد نص الفقهاء في كتاب البيع على تحريم بيع المعازف وآلات اللهو
.
فالموسيقي العمل بها وتعلمها وتعليمها حرام ، والمال المكتسب
منها حرام ، وجزاك الله خيراً على امتناعك من تعليم الطلبة هذا الأمر المحرم ، وأنك
تعلمهم ما ينفعهم ، وتتركهم يعملون ما ينفعهم ، وحاول أخي السائل مع المسؤولين مرة
بعد مرة إلى أن ينقلوك إلى عمل إداري أو إلى تدريس نشاط آخر ، ولا تمل وعاود مرة
بعد مرة واستعن بالله من قبل ومن بعد فقم الليل وادعو الله عز وجل، وابتهل إليه أن
يفتح قلوب هؤلاء المسؤولين فيستجيبوا لطلبك .
أما بالنسبة للراتب الذي تتقاضاه
فالأصل أنه حرام لأنه في مقابلة عمل محرم ، وهو تعليم الموسيقى .
ولكن نظراً إلى أنك لا تقوم بهذا العمل المحرم ، وتحاول نفع
الطلاب وإفادتهم ، وذلك خير لك ولهم ، فنرجو أن لا يكون في أخذك هذا الراتب حرج إن
شاء الله تعالى ، ويمكنك أن تنوي نية حسنة في حال بقائك في هذا المكان ، فوجودك
أنفع للطلاب من عدمه ، لأنه سيأتيهم من المدرسين من لا يخاف الله ويعلمهم الموسيقى
.
وفقك الله لما يحب ويرضى .
والله تعالى أعلم .
*****
47782
لا يمكن أن يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غير صفته
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4725)
سؤال رقم 47782- لا يمكن أن يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غير صفته
هل يمكن رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في الرؤيا في عدة صفات أي أن يراه شخص في صفة معينة و آخر في صفة أخرى ؟.
الحمد لله
أخي السائل : اعلم أن العلماء في شرحهم لحديث النبي صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا
يَتَمَثَّلُ بِي ) رواه البخاري (6994) رواه مسلم (2266) واللفظ لمسلم .
قالوا : إن هذا محمول على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته
الخَلقية الواردة في الأحاديث الصحيحة ، فإن الشيطان لا يتمثل بصورة النبي صلى الله
عليه وسلم .
أما أن يأتي الشيطان في صورة أخرى سواء في اليقظة أو في المنام
ثم يكذب ويقول : إني رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا من الكذب ، وليس هي رؤية
النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فيجب عليك أن تعرف السمات الخلقية للنبي صلى
الله عليه وسلم . راجع السؤال رقم ( 1512 ) ، وقد وردت تلك الصفات في أحاديث كثيرة من حيث صفة خلقه وصفة كفه وصفة ذراعيه
وصفة فمه وأسنانه ، وصفة عينيه وصفة شعره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وقد كان هناك أشخاص يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم أكثرهم
شبهاً به الحسن بن علي رضي الله عنهما . وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب . فإذا رأيت
النبي صلى الله عليه وسلم في صفته الواردة في السنة فإنك رأيته حقاً ، أما إن رأيته
على غير صفته التي وردت في السنة المطهرة والسيرة النبوية ، كأن رأيته حليق اللحية
، أو اقطع اليد أو أقطع الرجل فللعلماء في هذه المسألة قولان :
الأول: أن ذلك يدل على نقص دين الرجل .
الثاني: الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الصورة كذب ،
وهي من الشيطان ، خاصة إذا رأيته في اليقظة ، فإن ذلك كذب قطعاً فإن النبي صلى الله
عليه وسلم حي حياة برزخيه ولا يراه أحد في اليقظة ولا يزور أحداً ولا يكلم أحداً .
وما يدعيه البعض من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أتى إليه في
اليقظة وحدثه وأخبره فإن هذا بلا شك من الشياطين والجن ، خاصة أن ذلك لم يحدث
لأكابر الصحابة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد
بن زيد وأبو عبيدة وسعد ، وأهل بدر وأهل الشجرة وغيرهم من الصحابة سادة أولياء
وأكابر المتقين ، فإن ادعى أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فلا شك
أن المتمثل به شيطان أو جن ولا يثبت بذلك حكم ، وقد وقع أعظم من ذلك للشيخ عبد
القادر الجيلاني رحمه الله حيث رأى جالساً على عرش بين السماء والأرض يقول له : أنا
ربك ؟ فقال: اخسأ عدو الله إنك إبليس . فقال : كيف عرفت أني إبليس قال : لأن الله
عز وجل لا نراه في الدنيا حتى نموت ، ولأنك قلت : أنا ربك ، ولم تجرؤ أن تقول : أنا
الله . وبالتالي فرؤية مثل هذه الأمور تكون من الشيطان ولا يغتر بذكر بعض من يظن
الناس فيهم الصلاح ويذكرون حكايات عن رؤيتهم للأنبياء ومجالستهم معهم فهم صادقون في
المجالسة ، ولكن من جالسوا ؟ فقد جالسوا الجن والشياطين حتى يكون ذلك فتنة ولكن من
عصمه الله بالكتاب والسنة وقرأ الأذكار وآية الكرسي والمعوذات واستعان بالله انصرف
ذلك كما حدث مع الأولياء المتقين كما يحكي ذلك شيخ الإسلام في كتابه عظيم القدر
جليل النفع الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان .
تبقى مسألة لا بد من الإشارة إليها وهي إذا رأى الإنسان رسول
الله صلى الله عليه وسلم بصفته المذكورة في السنة الصحيحة فهي بشرى وأنه سيراه في
اليقظة ، فإذا أخبره بأمر شرعي يخالف ظاهر الكتاب والسنة فهل يعمل بما أخبره به أم
يعمل بظاهر الكتاب والسنة ؟ أو أخبره بمسألة لا بد فيها من بينة كأن تراءى الناس
الهلال ولم يروه فأخبره أن غداً رمضان فهل يعمل بذلك أم لا أو أخبره أن فلاناً سرق
من فلان أو في خصومة أن فلاناً معه الحق فهل يشهد بذلك ؟
نص العلماء على أنه إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره
بأمر يخالف ظاهر الكتاب والسنة أو بأمر لا بد فيه من البينة أنه لا يعمل بذلك ؛ لأن
الرؤية ليست تكليفاً وهو مكلف بالعمل بما في اليقظة ، ويجب أن تعلم أن الرؤيا
للأنبياء وحي ، وأما رؤية الأنبياء في الرؤيا فليست وحياً بالاتفاق ، ولكنها بشرى ،
وقد بين ذلك النووي رحمه الله تعالى .
*****
47791
كان يأخذ أغراضاً من العمل فكيف يتصرف بعد التوبة ؟
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4726)
سؤال رقم 47791- كان يأخذ أغراضاً من العمل فكيف يتصرف بعد التوبة ؟
أنا موظف بمؤسسة حكومية ، وكنت آخذ بعض الأقلام والورق الأبيض الفارغ وبعض الدباسات والطامس الأبيض وأذهب بها إلى المنزل ، وبعد ذلك منَّ الله عليَّ بالتوبة والاستقامة والحمد لله ، ولكن كيف أعمل بهذه الأدوات حتى يرتاح ضميري ، علماً أني لا أتذكر من أي مكتب أخذتها . فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أوجب الله تعالى حفظ الأمانة ، وحرَّم أخذ أموال الناس بغير حق .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا
الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء/58
وعن أبي حميد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
… والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة ،
فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ،
ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت ؟ " . رواه البخاري ( 6578
) ومسلم ( 1832 ) .
والحمد لله الذي منّ عليك ووفقك للتوبة ، وهذا من نِعم الله
تعالى عليك التي يستحق الشكر عليها ، فاحمد الله تعالى واسأله المزيد من فضله
وتوفيقه .
ولا يلزمك أن تكشف نفسك للمؤسسة ، بل يكفيك أن تُعيد الأغراض
نفسها أو ما يُماثلها بأي طريقة كانت ، فإن لم تتمكّن من ردّها فإنك تتصدق بقيمتها
في أعمال البر .
وعليك تحرّي المكتب الذي أخذتها منه ، فإن لم يمكنك معرفته
فيكفيك – إن شاء الله تعالى – إعادتها إلى المؤسسة نفسها .
سئلت اللجنة الدائمة عن رجل كان يعمل بالقوات المسلّحة وأخذ
معطفاً بدون إذن المسؤول . فأجابت :
يجب عليك ردّ مثيل للمعطف الذي أخذت أو قيمته إلى الجهة التي
أخذت منها ، وإذا لم تستطع فتصدّق بذلك على فقير . اهـ. فتاوى اللجنة
الدائمة (23/430)
وانظر- للاستزادة - أجوبة الأسئلة : ( 43100 ) و ( 40019 ) و ( 33858 ) و ( 20062 ) .
*****
47819
كيفية صيام داود عليه السلام وكيف نوفق بينه وبين النهي عن صيام يوم الجمعة
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >
الفقه > عبادات > الصوم > الأيام المنهي عن صيامها >(1/4727)
سؤال رقم 47819- كيفية صيام داود عليه السلام وكيف نوفق بينه وبين النهي عن صيام يوم الجمعة
أريد معرفة كيفية صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام ، حيث إن صومه - كما هو معروف - يصوم يوماً ويفطر يوماً كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن قد نُهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم ، فكيف يكون نصوم يوماً ونفطر يوماً ؟ وهل كان يوم الجمعة في عهد داود عليه الصلاة والسلام غير منهي عنه بالإفراد ؟.
الحمد لله
أولاً : جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أفضل الصيام صيام داود : كان يصوم يوماً ويفطر
يوماً " .
ولا تتعارض هذه الأفضلية مع النهي عن صيام يوم الجمعة ؛ لأن
النهي عن صيام الجمعة إنما هو فيمن خصَّه من بين الأيام ، والذي يصوم صيام داود
عليه السلام ( يصوم يوماً ويفطر يوماً ) لم يتقصد يوم الجمعة بصيام .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - دليل على أن صوم يوم
الجمعة أو السبت إذا صادف يوماً غير مقصود به التخصيص : فلا بأس به ، لأنه إذا صام
يوماً ، وأفطر يوماً : فسوف يصادف الجمعة والسبت ، وبذلك يتبين أن صومهما ليس بحرام
، وإلا لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : صم يوماً ، وأفطر يوماً ، ما لم تصادف
الجمعة والسبت .
" الشرح الممتع " ( 6 / 476 ) .
ثانياً : وأما سؤالك عن حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام في شريعة
داود عليه السلام .
فلا نعلم شيئاً عن الأحكام العملية في شريعة داود عليه السلام من
حيث النهي عن صيام الجمعة أو غيره ، والمعلوم أن لكل نبي شرعة ومنهاجاً ، وهم –
عليهم الصلاة والسلام – عقائدهم واحدة وشرائعهم مختلفة .
قال الله تعالى : ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً
وَمِنْهَاجاً ) المائدة/48
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : " والأنبياء إخوة لعَلاَّت ، أمهاتهم شتَّى ، ودينهم واحد " . رواه البخاري (3259) ومسلم (2365) .
ومعنى الحديث : أن دين الأنبياء واحد ، وهو توحيد الله تعالى
وإفراده بالعبادة ، وإن تفرقت شرائعهم ، كمثل الإخوة الذين لهم أب واحد وأمهات شتى
( وهم الإخوة لعَلاّت ) .
والله أعلم .
*****
47834
هل تقبل التوبة إذا لم يُقم الحد على الشخص ؟
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >
الرقائق > التوبة >(1/4728)
سؤال رقم 47834- هل تقبل التوبة إذا لم يُقم الحد على الشخص ؟
أنا عندي سؤال محيرني وأفكر فيه ، إذا أقدم شخص متزوج أو غير متزوج على الفواحش والكبائر من سرقة وغيبة وربا وغيره ودام عليها وقتاً طويلاً ، وثم عرف الله وتاب لله توبة نصوحاً خالصة لوجه الله تعالى واستسمح الذين اغتابهم ورد الذي سرق وتخلص من الربا والذي بينه وبين الله من زنا وشرب وتقصير في صلاة تاب منه ولم يعد إليه ولكنه لم يُحدَّ فهل الله تعالى يقبل توبته ويقبل عبادته مهما كثرت ذنوبه أو يمكن أن لا يقبل الله توبته وتكون عبادته مردودة ؟ وهل الله ينجيه من عذاب القبر ومن دخول النار ؟ وماذا عليه أن يعمل ليتلافى العذاب ويرضي الله سبحانه وتعالى ؟.
الحمد لله
اعلم – أخي – أنه لا يجوز للمسلم أن يستعظم ذنبه الذي تاب منه ؛
لأن رحمة الله وعفوه ومغفرته أعظم من ذنوبه .
وما كان من الذنوب متعلقاً بالعباد فالواجب إرجاع الحقوق إلى
أصحابها ، وما كان بين العبد وبين ربه تعالى فيكفي فيه التوبة والاستغفار والندم
والعزم على عدم الرجوع إلى تلك الذنوب ، وليس من شرط التوبة أن يقام الحد على
التائب ، فالستر بستر الله تعالى منها ، وتحقيق التوبة الصادقة خير من الاعتراف
لإقامة الحد .
وهذا الشخص قد أحسن بتوبته وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، فلا يأتينه
الشيطان من قبَل توبته ليفسدها عليه .
واعلم أن الله تعالى يبدل سيئات التائب حسنات ، فقال الله تعالى
: ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق
ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً
. إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا
رحيماً . ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متاباً ) الفرقان/68 – 71 .
والحدود التي بلغت السلطان هي التي يجب إقامتها ، وأما التي لم
تبلغه : فإن الأفضل التوبة منها والاستتار بستر الله تعالى .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الحدود إذا بلغت الحاكم الشرعي وثبتت بالأدلة الكافية : وجب
إقامتها ، ولا تسقط بالتوبة بالإجماع ، قد جاءت الغامدية إلى النبي صلى الله عليه
وسلم طالبة إقامة الحد عليها بعد أن تابت ، وقال في حقها : " لقد تابت توبة لو
تابها أهل المدينة لوسعتهم " ، ومع ذلك قد أقام عليها الحد الشرعي ، وليس ذلك لغير
السلطان .
أما إذا لم تبلغ العقوبة السلطان : فعلى العبد المسلم أن يستتر
بستر الله ، ويتوب إلى الله توبة صادقة ، عسى الله أن يقبل منه .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 15 ) .
وقالوا – ردا على من رغب بإقامة الحد وشك في قبول التوبة من
الزنا - :
إذا تاب الإنسان إلى ربه توبة صادقة خالصة : فإن الله سبحانه
وتعالى قد وعد بأنه سيقبل توبة التائب ، بل ويعوضه حسنات ، وهذا من كرمه وجوده
سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً
آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68 – 70 .
والتوبة من شروطها : الإقلاع عن الذنب ، والندم على ما تقدم منه
، والعزم على أن لا يعود إليه ، وإن كان حق من حقوق الآدميين : فيطلب منهم المسامحة
.
وقد ثبت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه في بيعة النساء أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ... فمن وفَّى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من
ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب منها شيئاً من ذلك فستره الله فهو إلى
الله ، إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له " ، وقد حثَّ صلى الله عليه وسلم على التوبة
الصادقة ، وقال في قصة ماعز " هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه " ، وروى
مالك في " الموطأ " عن زيد بن أسلم وفيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "
أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله ، مَن أصاب من هذه القاذورات شيئاً
فليستتر بستر الله ، فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته : نُقِم عليه كتاب الله " .
فعليك بالتوبة الصادقة ، والمحافظة على الصلوات مع الجماعة ،
والإكثار من الحسنات .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 44 ، 45 ) .
وللاستزادة يرجى النظر في أجوبة الأسئلة : ( 624 ) و ( 23485 ) و ( 20983 ) و ( 728 ) .
والله أعلم .
*****
47884
حكم الصلاة خلف الفاسق
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4729)
سؤال رقم 47884- حكم الصلاة خلف الفاسق
ما حكم الصلاة وراء إمام مارسوا عليه اللواط في طفولته وفي شبابه وبرضاه , علما بأنه حسن الصوت ويحفظ القرآن الكريم كاملا ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن كان هذا الإمام قد تاب إلى الله تعالى ، وصلح حاله ، فلا حرج
في جعله إماما للمصلين ، والصلاة خلفه ، وليس لأحد أن يعيره أو يعاقبه على ذنب تاب
منه ، قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ) الزمر/53 . يعني لمن تاب .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب
له ) رواه ابن ماجة (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة .
وإن كان لا يزال على هذا المنكر العظيم ، وجب نصحه ووعظه وتخويفه
بالله ، فإن لم يتب وجب السعي في منعه من الإمامة واستبداله بإمام عدل مستقيم في
دينه ، حريص على خصال التقوى ، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً بصق في
اتجاه القبلة وهو يصلي ، منعه أن يصلي إماماً بقومه وقال له : ( إنك آذيت الله
ورسوله ) رواه أبو داود (481) ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبو داود ، فكيف بمن يأتي هذا المنكر العظيم ، فإنه أجدر وأحق أن يمنع من
الإمامة !!
ولأن تقديمه للإمامة تعظيم له ، والفاسق ليس أهلاً لهذا التعظيم
.
والإمام يقتدي به الناس في الغالب ويتعلمون منه ، ويقبلون
توجيهاته وإرشاداته ، فكلما كان عدلاً مستقيماً كان أقرب إلى انتفاع الناس به
وقبولهم لكلامه .
وإذا كان فاسقاً لم يقبل الناس منه ، بل ربما يكون سبباً لفتنة
بعضهم ، والعياذ بالله .
ثانياً :
وأما صحة الصلاة خلف الفاسق ، فقد اختلف الأئمة في ذلك ، والذي
ذهب إليه جمهور العلماء : صحة الصلاة خلفه مع كراهيتها .
قال النووي في "المجموع" (4/151) :
" صَلاةُ ابْنِ عُمَرَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ
ثَابِتَةٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ , وَغَيْرُهُ فِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ
كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلاةِ وَرَاءَ الْفُسَّاقِ وَالأَئِمَّةِ
الْجَائِرِينَ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : الصَّلاةُ وَرَاءَ الْفَاسِقِ صَحِيحَةٌ
لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً , لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ , وَكَذَا تُكْرَهُ وَرَاءَ
الْمُبْتَدِعِ الَّذِي لا يَكْفُرُ بِبِدْعَتِهِ , وَتَصِحُّ , فَإِنْ كَفَرَ
بِبِدْعَتِهِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لا تَصِحُّ الصَّلاةُ وَرَاءَهُ كَسَائِرِ
الْكُفَّارِ , وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ
خَلْفَ الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ , فَإِنْ فَعَلَهَا صَحَّتْ " اهـ .
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (23/341 ) :
"فَإِذَا كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَهْلِ الدِّيَانَةِ
فَأَيُّهُمَا كَانَ أَعْلَمَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى
الآخَرِ مُتَعَيِّنًا ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَاجِرًا ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ
مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفُسُوقِ
، وَالآخَرُ مُؤْمِنًا مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى ، فَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى
بِالإِمَامَةِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ الأَوَّلُ أَقْرَأَ
وَأَعْلَمَ فَإِنَّ الصَّلاةَ خَلْفَ الْفَاسِقِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا نَهْيَ
تَحْرِيمٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَنَهْيَ تَنْزِيهٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ . . .
. وَلا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ مَعَ إمْكَانِ تَوْلِيَةِ الْبَرِّ " اهـ .
وقال أيضاً (23/375 ) :
" لا يَجُوزُ أَنْ يُوَلَّى فِي الإِمَامَةِ بِالنَّاسِ مَنْ
يَأْكُلُ الْحَشِيشَةَ أَوْ يَفْعَلُ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ
إمْكَانِ تَوْلِيَةِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ . . . .
(و) الأَئِمَّة مُتَّفِقُونَ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلاةِ خَلْفَ
الْفَاسِقِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا : فَقِيلَ لا تَصِحُّ . كَقَوْلِ
مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا . وَقِيلَ : بَلْ تَصِحُّ
كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى عَنْهُمَا
وَلَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ لا يَنْبَغِي تَوْلِيَتُهُ " اهـ .
وانظر : " الشرح الممتع " (4/304-308) .
ثالثاً :
ولأهل العلم تفصيل فيما يجب فعله مع الإمام الفاسق ، جاء في
فتاوى اللجنة الدائمة ما يلي :
( وعلى هذا إن كان إماما لمسجد ولم ينتصح وجب عزله إن تيسر ذلك
ولم تحدث فتنة ، وإلا وجب الصلاة وراء غيره من أهل الصلاح على من تيسر له ذلك ،
زجرا له وإنكارا عليه ، إن لم يترتب على ذلك فتنة .
وإن لم تتيسر الصلاة وراء غيره شرعت الصلاة وراءه ، تحقيقا
لمصلحة الجماعة .
وإن خيف من الصلاة وراء غيره حدوث فتنة صُلي وراءه درءا للفتنة
وارتكابا لأخف الضررين ) انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 7/370 .
والله أعلم .
*****
47889
هل التاجر ملزم بحد معين في الربح؟
الفقه > معاملات > البيوع >(1/4730)
سؤال رقم 47889- هل التاجر ملزم بحد معين في الربح؟
هل هناك نسبة معينة في ربح التاجر ؟.
الحمد لله
ليست هناك نسبة معينة يلزم التاجر التقيد بها في ربح تجارته ،
لكن إذا كان للسلعة سعر معروف في السوق ، فلا يجوز له أن يخدع المشتري ويبيعه بأزيد
من السعر المعروف مستغلا جهله وعدم درايته . ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
: ( لا تلقوا الجَلَب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيدُه السوقَ فهو بالخيار ) رواه مسلم (1519).
والجَلَب : هو البضاعة المجلوبة من محل إلى غيره .
والمراد بالسيد هنا : صاحب الجلب ، وقد جعل الشارع له الخيار إذا
أتى السوق ، لأن المتلقي غالبا ما يخدعه ويشتري منه بغير سعر السوق ، فإذا وجد
الأمر كذلك ، كان له الخيار فإما أن يمض العقد ، وإما أن يفسخ . والشاهد من الحديث
هو النهي عن تلقي هؤلاء التجار لما فيه من خديعتهم والشراء منهم بغير سعر السوق .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه : هل الأرباح محدودة في
الدين الإسلامي ؛ إن كان كذلك فما هو الحد الأقصى ، أو غير محدودة فكيف تفسرون ذلك
؟
فأجابت : ( ليست الأرباح في التجارة محدودة ، بل تتبع أحوال
العرض والطلب ، كثرة وقلة ، لكن يستحسن للمسلم تاجرا أو غيره أن يكون سهلا سمحا في
بيعه وشرائه ، وألا ينتهز فرصة غفلة صاحبه فيغبنه ( أي : يخدعه ) في البيع والشراء
، بل يراعي حق الأخوة الإسلامية ) انتهى من فتاوى اللجنة 13/91 .
وسئلت أيضا : هل يجوز للتاجر أن يكسب أكثر من 10% من البضاعة ؟
فأجابت: ( كسب التاجر غير محدود بنسبة شرعا ، لكن لا يجوز للمسلم
أن يخدع من يشتري منه ، فيبيعه بغير السعر المعروف في السوق ، ويشرع للمسلم ألا
يغالي في الربح ، بل يكون سمحا إذا باع وإذا اشترى ؛ لحث النبي صلى الله عليه وسلم
على السماحة في المعاملة ) انتهى من فتاوى اللجنة 13/92 .
والله أعلم .
*****
47902
ما يسن قوله عند الدفن
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4731)
سؤال رقم 47902- ما يسن قوله عند الدفن
ماذا يقال في السنة عند الدفن ؟.
الحمد لله
يسن لمن يضع الميت في القبر أن يقول : بسم الله وعلى سنة رسول
الله ، أو : وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وذلك لحديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال : ( وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : إذا وضعتم موتاكم في القبور فقولوا : بسم الله وعلى سنة رسول الله ) . وفي
رواية : ( وعلى ملة رسول الله ) . أخرجه أبو داود (3213) والترمذي (1046)
وابن ماجه (1550) والحاكم (1353) وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص192.
ويسن بعد الفراغ من الدفن الاستغفار للميت والدعاء له بالتثبيت ؛
لحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من
دفن الميت وقف عليه فقال : ( اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ
بِالتَّثْبِيتِ ، فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ ) . رواه أبو داود (3221) ،
وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص198 .
(وقف عليه) أي : على قبره .
(فقال استغفروا لأخيكم) أي اطلبوا له المغفرة من الله . أي قولوا
: اللهم اغفر له .
(وسلوا له التثبيت) أي اطلبوا له من اللّه تعالى أن يثبت لسانه
لجواب الملَكين . أي : قولوا : ثبته اللّه بالقول الثابت .
(فإنه الآن يسأل) أي : أي يأتيه في تلك الحال ملكان ، وهما منكر
ونكير ويسألانه ، فهو أحوج ما كان إلى الاستغفار والتثبيت .
*****
47924
كفارة الزنى مع المتزوجة
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/4732)
سؤال رقم 47924- كفارة الزنى مع المتزوجة
ما هي كفارة من زنى مع متزِوجة ؟.
الحمد لله
الزنا كله شر وبلاء ، لكنه مع المتزوجة أعظم إثماً ، لما فيه من
الاعتداء على الزوج بانتهاك عرضه . قال الله تعالى في شأن الزنا: ( وَلا تَقْرَبُوا
الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا زنى الرجل خرج منه
الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان ) رواه أبو داود
(4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال ابن حجر الهيتمي في " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (2/138) :
( وعُلم من ذلك أيضا أن الزنا له مراتب : فهو بأجنبية لا زوج لها عظيم ، وأعظم منه
بأجنبية لها زوج ، وأعظم منه بمحرم ، وزنا الثيب أقبح من البكر بدليل اختلاف حديهما
، وزنا الشيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشاب ، وزنا الحر والعالم لكمالهما أقبح من
القن ( العبد ) والجاهل ) انتهى .
وكفارة الزنا مع المتزوجة وغيرها : هي التوبة الصادقة المشتملة
على شروطها ، من الإقلاع عن هذه الجريمة إقلاعاً تاماً ، والندم على ما فات ،
والعزم على عدم العودة إليها مطلقا . من فعل ذلك فقد تاب إلى الله تعالى ، ومن تاب
تاب الله عليه ، وقبله ، وبدل سيئاته حسنات ، كما قال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 ،
وقال : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً
فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَحِيماً ) الفرقان/68- 70
وروى البخاري (4436) ومسلم (174) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا
وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا ، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ
لَحَسَنٌ ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَل : (
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ
الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ ) وَنَزَلَتْ : ( قُلْ يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ ) .
فمن وقع في الزنا فليبادر بالتوبة إلى تعالى ، وليستتر بستره ،
فلا يفضح نفسه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى
الله عز وجل عنها ، فمن ألم فليستتر بستر الله عز وجل ) رواه البيهقي وصححه
الألباني في السلسلة الصحيحة ( 663 ) .
وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ) .
والله أعلم .
*****
47951
هل يجوز أن يقول القائل عبارة " لكم تحياتي " ؟
الآداب > آداب السلام >(1/4733)
سؤال رقم 47951- هل يجوز أن يقول القائل عبارة " لكم تحياتي " ؟
في نهاية الخطابات الرسمية بين الدوار الحكومية وبالأخص الخاتمة يذكر ( ولكم تحياتي ) أو ( ولكم تحياتنا ) وكما هو معروف بأن التحيات لله وحده لا شريك له ، فما رأيك بهذا ؟.
الحمد لله
لا حرج أن يقول الشخص لآخر : لك تحياتي أو مع تحياتنا ونحو ذلك
من العبارات .
وأما التحيات التي هي لله وحده ، فهي التحيات الكاملة
العامة ، كما في التشهد في الصلاة : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) .
وأما التحية الخاصة من رجل لآخر فلا بأس بها .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - عن هذه الألفاظ "
أرجوك " ، " تحياتي " ، و " أنعم صباحاً " ، و " أنعم مساءً " ؟
فأجاب بقوله :
لا بأس أن تقول لفلان " أرجوك " في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به
.
وكذلك" تحياتي لك " ، و " لك منى التحية " ، وما أشبه ذلك لقوله
تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء/86 ، وكذلك " أنعم
صباحاً " و " أنعم مساءً " لا بأس به ، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي
.
" المناهي اللفظية " ( السؤال الثامن ) .
وفي السؤال التاسع والعشرين سئل الشيخ أيضاً رحمه الله : عن
عبارة " لكم تحياتنا " وعبارة " أهدي لكم تحياتي " ؟
فأجاب قائلاً :
عبارة " لكم تحياتنا " ، و " أهدي لكم تحياتي " ونحوهما من
العبارات : لا بأس بها ، قال الله تعالى : ( إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو
ردوها ) النساء/86 .
والتحية من شخصٍ لآخر جائزة ، وأما التحيَّات المطلقة العامة فهي
لله ، كما أن الحمد لله ، والشكر لله ، ومع هذا فيصح أن نقول " حمدتُ فلاناً على
كذا " و " شكرتُه على كذا " ، قال الله تعالى ( أن اشكُر لي ولوالديك ) لقمان/14 .
والله أعلم .
*****
47971
وقعا في الزنا وتابا وتزوجا وتجزم بوقوع العذاب وتشويه أطفالهما
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >(1/4734)
سؤال رقم 47971- وقعا في الزنا وتابا وتزوجا وتجزم بوقوع العذاب وتشويه أطفالهما
لدي صديقة تعرفت على شخص منذ 6 سنوات والحمد لله تم الزواج ، ولكن قبل الزواج تم فعل الفاحشة ، وصديقتي نادمة جدّاً تبكي ليل نهار وتصلي الصلوات ، مع كل يوم صلاة استغفار ، وبعد الزواج ذهبوا للعمرة وينويان الحج ، ولكن زوجها يريد أطفالاً وهي خائفة أن تنجب طفلاً مشوهاً عقاباً من الله سبحانه وتعالى وتقول : إن من زنى يلاقي عذاباً في الدنيا والآخرة حتى لو تاب ، هل هذا صحيح ؟ وهل سيدخل النار ؟.
الحمد لله
نحمد الله تعالى على أن وفقهما للتوبة ، ونسأله سبحانه وتعالى أن
يثيبهما وأن يثبتهما ، ولا شك أن ما فعلاه من الفاحشة سبب لعقاب الله تعالى في
الدنيا والآخرة .
والتوبة الصادقة من هذا الفعل ، والندم على فعله ، والعزم على
عدم العوْد إليه ، والبكاء على ما وقع من تفريط في جنب الله تعالى وهتك حرمات
المسلمين : يُرجى أن يكون خيراً لهذا التائب وأن يكون سبباً في تبديل سيئاته حسنات
.
ولا ينبغي لهذه الأخت أن يصل بها المقام في التوبة إلى حدِّ
القنوط من رحمة الله ، فقد يدخل الشيطان عليها من هذا الباب ويصدها عن التوبة وفعل
الخير .
فيحسن منها أن تندم وتبكي وتتوب وتستغفر تعظيماً لما وقع منها
ومن زوجها من معصية ، ولكن لا يحسن منها القنوط من رحمة الله وظن السوء به تعالى .
وقد أعلمنا ربنا تعالى أنه يغفر الذنوب جميعاً مهما عظمت وكثرث
لمن تاب منها ، ونهانا عن القنوط من رحمته ، فقال تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
وأعلمنا تعالى أنه يبدل السيئات حسنات لمن صدق في توبته ، ولو
وقع منه الشرك والقتل والزنا ، وهي أعظم الذنوب ، فقال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا
يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا .
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا . إِلا
مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/68 –
70 .
وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يفرح بتوبة
عبده ، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وبه يُعلم خطأ القول : ( إن الزاني يعذَّب في الدنيا والآخرة ولو
تاب ) وما سبق من الأدلة يدل على بطلان هذا القول ، بل يرغِّب الله تعالى عباده في
التوبة ، ويثيبهم عليها إن فعلوا ، ولا يعاقبهم .
ولا داعي للخوف من الإنجاب ، ولا داعي للقلق .
واسألوا الله تعالى الذرية الصالحة ، واستعينوا بربكم تبارك
وتعالى ، وأكثروا من الأعمال الصالحة ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لما فيه رضاه .
والله أعلم .
*****
47976
حكم كتابة ( ص ) و ( صلعم )
الرقائق > الأذكار الشرعية >(1/4735)
سؤال رقم 47976- حكم كتابة ( ص ) و ( صلعم )
هل يجوز كتابة (ص) أو (صلعم) إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، بدلاً من كتابتها كاملة ؟.
الحمد لله
المشروع هو أن نكتب جملة " صلى الله عليه وسلم " ، ولا ينبغي
الاكتفاء باختصاراتها ، مثل " صلعم " أو " ص " .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
وبما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في الصلوات
في التشهد ، ومشروعة في الخطب والأدعية والاستغفار ، وبعد الأذان وعند دخول المسجد
والخروج منه وعند ذكره وفي مواضع أخرى : فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلف
أو رسالة أو مقال أو نحو ذلك .
والمشروع أن تكتب كاملةً تحقيقاً لما أمرنا الله تعالى به ،
وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ، ولا ينبغي عند الكتابة الاقتصار في الصلاة على
رسول الله على كلمة ( ص ) أو ( صلعم ) وما أشبهها من الرموز التي قد يستعملها بعض
الكتبة والمؤلفين ، لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز
بقوله : ( صلُّوا عليهِ وسلِّموا تسْليماً ) الأحزاب/56 ، مع
أنه لا يتم بها المقصود وتنعدم الأفضلية الموجودة في كتابة ( صلى الله عليه وسلم )
كاملة .
وقد لا ينتبه لها القارئ أو لا يفهم المراد بها ، علما بأن الرمز
لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه .
فقد قال ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث المعروف بمقدمة ابن
الصلاح في النوع الخامس والعشرين من كتابه : " في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب
وتقييده " قال ما نصه :
التاسع : أن يحافظ على كتابة الصلاة والتسليم على رسول الله صلى
الله عليه وسلم عند ذكره ، ولا يسأم من تكرير ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر
الفوائد التي يتعجلها طلبة الحديث وكتبته ، ومن أغفل ذلك فقد حرم حظا عظيما . وقد
رأينا لأهل ذلك منامات صالحة ، وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته لا كلام يرويه
فلذلك لا يتقيد فيه بالرواية . ولا يقتصر فيه على ما في الأصل .
وهكذا الأمر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر اسمه نحو عز وجل
وتبارك وتعالى ، وما ضاهى ذلك ، إلى أن قال : ( ثم ليتجنب في إثباتها نقصين :
أحدهما : أن يكتبها منقوصةً صورةً رامزاً إليها بحرفين أو نحو ذلك ، والثاني : أن
يكتبها منقوصةً معنىً بألا يكتب ( وسلم ) .
وروي عن حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول : كنت أكتب
الحديث ، وكنت أكتب عند ذكر النبي ( صلى الله عليه ) ولا أكتب ( وسلم ) فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي : ما لك لا تتم الصلاة عليَّ ؟ قال : فما
كتبت بعد ذلك ( صلى الله عليه ) إلا كتبت ( وسلم ) ... إلى أن قال ابن الصلاح : قلت
: ويكره أيضا الاقتصار على قوله : ( عليه السلام ) والله أعلم . ا نتهى
المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصاً .
وقال العلامة السخاوي رحمه الله تعالى في كتابه " فتح المغيث شرح
ألفية الحديث للعراقي " ما نصه : ( واجتنب أيها الكاتب ( الرمز لها ) أي الصلاة
والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطك بأن تقتصر منها على حرفين ونحو
ذلك فتكون منقوصة - صورة - كما يفعله ( الكتاني ) والجهلة من أبناء العجم غالبا
وعوام الطلبة ، فيكتبون بدلا من صلى الله عليه وسلم ( ص ) أو ( صم ) أو ( صلعم )
فذلك لما فيه من نقص الأجر لنقص الكتابة خلاف الأولى ) .
وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه " تدريب الراوي في شرح
تقريب النواوي " : ( ويكره الاقتصار على الصلاة أو التسليم هنا وفي كل موضع شرعت
فيه الصلاة كما في شرح مسلم وغيره لقوله تعالى : ( صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا ) إلى أن قال : ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو حرفين كمن يكتب (
صلعم ) بل يكتبهما بكمالها ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى ملخصا
.
هذا ووصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن يلتمس الأفضل ويبحث عما فيه
زيادة أجره وثوابه ويبتعد عما يبطله أو ينقصه . نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا
جميعا لما فيه رضاه ، إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 2 / 397 – 399 ) .
*****
47982
لم تصم ما عليها من قضاء رمضان تسع سنوات
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4736)
سؤال رقم 47982- لم تصم ما عليها من قضاء رمضان تسع سنوات
أنا فتاة كنت ضائعة ، والحمد الله اهتديت ، ولكن سؤالي بأني قبل كنت أصوم رمضان ولكن الدَّيْن الذي عليَّ لم أصمه لمدة 9 سنوات أي : حوالي 50 يوماً ، وأنا لا أستطيع أن أصومها كلها ، وأستطيع النصف ، والباقي سأتبرع به بمبلغ ، هل يجوز ؟ وكم يكون المبلغ ؟.
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي أنعم عليك بالهداية ، والتوفيق لما يحب ويرضى ،
وأبشري بمغفرة الله ، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ومن أقبل على الله أقبل
الله عليه .
ثانياً :
من أفطر في رمضان لعذر شرعي كالمسافر والمريض والمرأة الحائض
فإنه يجب عليه قضاء ما أفطر من الأيام ، إذا كان قادراً على الصيام ، ولا يجوز له
العدول إلى الإطعام وهو يقدر على الصيام ، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ
مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 . أي : يجب عليه أن يصوم عدد الأيام التي أفطرها .
وعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ : مَا
بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ
يُصِيبُنَا ذَلِكَ ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ ، وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّلاةِ . رواه مسلم (335) .
ثالثاً :
ولا يجب عليك أن تصوميها متتابعة ، فلك أن تفرقيها ، فتصومي
يوماً وتفطري يوماً ، أو تصومي عدة أيام متتابعة وتفطري عدة أيام وهكذا .. حسب
الأيسر والأسهل لك حتى يوفقك الله وتتمي ما عليك من الصيام .
وعليك البداءة بقضاء رمضان من السنة الفائتة أولاً ، حتى لا يدخل
رمضان التالي قبل صيامها .
وانظري السؤال رقم ( 26865 )
فإنه مهم .
واستعيني بالله تعالى واطلبي منه أن يعينك على عبادته ، وكان من
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) .
وفقك الله لكل خير .
*****
47996
حكم الأغاني الدينية ، وهل يأثم بسماع الأغاني في المحلات والحافلات ؟
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4737)
سؤال رقم 47996- حكم الأغاني الدينية ، وهل يأثم بسماع الأغاني في المحلات والحافلات ؟
ما حكم الغناء ؟ وما هو حكم سماع الأغاني ؟ وإذا كان محرما , فما حكم الأغاني الدينية ؟
وما حكم سماع الأغاني بدون القصد (مثلا في ميكروباص أو محل)؟.
الحمد لله
الغناء إن كان مصحوبا بآلات الموسيقى ، فإنه يحرم فعله ، وسماعه
، سواء كان من رجل أو امرأة ، ولا يستثنى من ذلك إلا الغناء المصحوب بالدف من قبل
النساء ، في العرس والعيد وقدوم الغائب ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال
رقم 5000 ، ورقم 20406 وأما الأغاني الدينية ، فإن صحبتها
الموسيقى ، أو كانت من امرأة لرجال فهي محرمة . وتسميتها بالأغاني الدينية في هذه
الحال هو من باب تسمية الشيء بغير اسمه تلبيساً وخداعاً حتى يقبله الناس ، إذ كيف
تكون أغانٍ دينية وقد حرمها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟!
وإن خلت من الموسيقى ، وكانت من رجل ، وبكلام نافع مفيد جازت ،
ولا ينبغي الإكثار من سماعها .
وقد أفتت اللجنة الدائمة بفتوى مفصلة في حكم الأناشيد الإسلامية
، وهذا نصها : ( صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها
على كلام بذئ ساقط ، واشتمالها على ما لا خير فيه ، بل على ما فيه لهو وإثارة للهوى
والغريزة الجنسية ، وعلى مجون وتكسر يغري سامعه بالشر . وفقنا الله وإياك لما فيه
رضاه .
ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من
الحكم والمواعظ والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز العواطف الإسلامية ،
وينفر من الشر ودواعيه ، لتبعث نفس من ينشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله وتنفر من
معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله ، لكن لا يتخذ
من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمه ، وعادة يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد
الفينة عند وجود مناسبات ودواعٍ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه ، وعند
فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير ، وعند نزوع النفس إلى الشر
وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه .
وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حزبا من القرآن يتلوه ، وَوِرْداً من
الأذكار النبوية الثابتة فإن ذلك أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر وطمأنينة
القلب ، قال الله تعالى: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً
مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى
اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23 ، وقال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ
قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) الرعد/28، 29 .
وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب
والسنة حفظا ودراسة وعملاً ، ومع ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل حفر
الخندق وبناء المساجد ، وفي سيرهم إلى الجهاد ونحو ذلك من المناسبات ، دون أن
يجعلوه شعارهم ، ويعيروه جل همهم وعنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ويهيجون
به مشاعرهم .
أما الطبل ونحوه من آلات الطرب فلا يجوز استعماله مع هذه
الأناشيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك ،
والله الهادي إلى سواء السبيل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 4/532 .
وأما سماع الأغاني أو الموسيقى من غير قصد ولا إصغاء ، كما لو
سمعها الإنسان في محل ونحوه ، فلا إثم عليه ، فالمحرم هو الاستماع لا مجرد السماع ،
وعليه أن يبذل النصح عن المنكر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( أما السماع دون قصد ولا إصغاء
كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات ،
ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك ، فهذا مغلوب
على أمره لا إثم عليه ، وعليه أن ينصح وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة
ويسعى في التخلص مما يمكنه التخلص منه وسعه ، وفي حدود طاقته فإن الله لا يكلف نفسا
إلا وسعها ) انتهى ، نقلا عن فتاوى إسلامية 4/389 .
والله أعلم .
*****
48005
الدخول في شركة من يتعامل بالرشوة والربا
الفقه > معاملات > البيوع > الشركة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4738)
سؤال رقم 48005- الدخول في شركة من يتعامل بالرشوة والربا
شخص تاجر تقدم إليه رجل بملغ مالي لكي يتاجر به ، ولكن صاحب المبلغ يتعامل بالرشوة والربا ، فهل على هذا التاجر إثم ؟.
الحمد لله
أولاً :
الذي يكتسب المال من وجوه محرمة كالربا والرشوة والسرقة والغش ..
ونحو ذلك ، إذا كان ماله مختلطاً فيه الحلال والحرام صحّت معاملته بيعاً وشراءً
ومشاركةً مع الكراهة ، وإن عُلم أن المال الذي يريد الاتجار فيه من عين الحرام ، لم
تجز مشاركته ولا العمل معه فيه .
قال ابن قدامة في المغني (4/180) :
" وإذا اشترى ممن في ماله حرام وحلال , كالسلطان الظالم ,
والمرابي ; فإن علم أن المبيع من حلال ماله , فهو حلال , وإن علم أنه حرام , فهو
حرام ... فإن لم يعلم من أيهما هو , كرهناه ؛ لاحتمال التحريم فيه , ولم يبطل البيع
; لإمكان الحلال , قَلَّ الحرام أو كَثُر . وهذا هو الشبهة , وبقدر قلة الحرام
وكثرته , تكون كثرة الشبهة وقلتها " انتهى .
وجاء في حاشية قليوبي وعميرة (2/418) :
" وتصح الشركة وإن كرهت كشركة ذمي وآكل الربا ومن أكثر ماله حرام
" انتهى .
وفي حاشية الدسوقي (3/277) :
" اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام : المعتمد جواز معاملته
ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم ، خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك .
وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال : فمذهب ابن القاسم
كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله ، وهو المعتمد ، خلافا لأصبغ المحرم لذلك .
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة ، فهذا
تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى .
ثانياً :
الواجب عليك قبل مشاركة من هذه حاله نصحه وترغيبه في التوبة
والتخلص من المظالم ، والحرص على طيب الكسب ، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب ،
وترهيبه من الاستمرار في أكل الحرام فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به .
والله أعلم .
*****
48008
هل يجوز الاحتفاظ بالطيور داخل القفص ؟
الفقه > معاملات > حقوق الحيوان >(1/4739)
سؤال رقم 48008- هل يجوز الاحتفاظ بالطيور داخل القفص ؟
هل يجوز الاحتفاظ بالطيور داخل القفص ؟.
الحمد لله
يجوز الاحتفاظ بطيور الزينة ومثيلاتها في أقفاص خاصة من أجل
منظرها أو صوتها ، بشرط تقديم الطعام والشراب لها .
وقد ثبت في الصحيحين – البخاري ( 5778 ) ومسلم ( 2150 ) - أنه
كان لأخي أنس بن مالك لأمه يقال له " أبو عمير " كان له طائر وكان اسمه " النغير "
فمات الطائر وحزن عليه الصبي ، فمازحه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " يا أَبَا
عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ " .
والنُّغَيْرُ : طائر صغير يشبه العصفور ، وقيل : هو البلبل .
وقد استُدل بهذا الحديث على جواز حبس الطائر ؛ لعدم إنكار النبي
صلى الله عليه وسلم على أبي عمير . انظر " فتح الباري " ( 10 / 548 ) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما الحكم فيمن يجمع الطيور ويضعها في قفص وذلك لكي يتسلى بها
أولاده ؟ .
فأجاب :
لا حرج في ذلك إذا أعد لها ما يلزم من الطعام والشراب ؛ لأن
الأصل في مثل هذا الأمر الحل ، ولا دليل على خلاف ذلك فيما نعلم ، والله ولي
التوفيق . " فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 1793 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
بيع طيور الزينة - مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل -
لأجل صوتها جائز ؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح ، ولم يأت نص من الشارع
على تحريم بيعها أو اقتنائها ، بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها
وعمل ما يلزمها ، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : " قَالَ كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، وَكَانَ
لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ ، قَالَ : أَحْسِبُهُ فَطِيمًا وَكَانَ إِذَا
جَاءَ قَالَ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ
بِهِ .... الحديث ، والنُّغَر نوع من الطيور ، قال الحافظ
ابن حجر في شرحه " فتح الباري " في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا
الحديث قال : وفيه ... جواز لعب الصغير بالطير ، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير
يلعب بما أبيح اللعب به ، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات ،
وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه ، وقص جناح الطير إذ لا يخلو طير أبي عمير من
واحد منهما ، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم ، وكذلك حديث أبي هريرة
رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دخلت امرأة النَّارَ في هرة
حبستها لا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ
خَشَاشِ الأَرْضِ " أخرجه البخاري في الصحيح ، وإذا جاز هذا
في الهرة جاز في العصافير ونحوها .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية ، وبعضهم منع ذلك ،
قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة ، بل هو من البطر
والأشر ورقيق العيش ، وهو أيضاً سفه لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران ،
وتأسف على التخلي في الفضاء ، كما في كتاب " الفروع وتصحيحه " للمرداوي ( 4 / 9 ) ،
و " الإنصاف " ( 4 / 275 ) .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 38 – 40 ) .
والله أعلم .
*****
48027
الإخلاص في الحج
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4740)
سؤال رقم 48027- الإخلاص في الحج
كيف يكون الحاج مخلصا لله في أداء المناسك ، وهل إذا أراد مع الحج التجارة وطلب الرزق ، هل يكون بذلك غير مخلص لله تعالى ؟.
الحمد لله
" الإخلاص شرط في جميع العبادات ، فلا تصح العبادة مع الإشراك
بالله تبارك وتعالى ، ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) الكهف/110 . وقال الله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة/5 . وقال الله تعالى :
( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) الزمر/2، 3 .
وفي الحديث القدسي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
قال : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : ( أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ
الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ
وَشِرْكَهُ ) .
والإخلاص لله في العبادة معناه : ألا يحمل العبد إلى العبادة إلا
حب الله تعالى وتعظيمه ورجاء ثوابه ورضوانه ، ولهذا قال الله تعالى عن محمد رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً
سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً ) الفتح/39 .
فلا تقبل العبادة حجاً كانت أم غيره إذا كان الإنسان يرائي بها
عباد الله ، أي يقوم بها من أجل أن يراه الناس ، فيقولون : ما أتقى فلاناً ! ما
أعبد فلاناً لله ! وما أشبه هذا .
ولا تقبل العبادة إذا كان الحامل عليها رؤية الأماكن ، أو رؤية
الناس ، أو ما أشبه ذلك مما ينافي الإخلاص ، ولهذا يجب على الحجاج الذين يقصدون
البيت الحرام أن يخلصوا نيتهم لله عز وجل ، وألا يكون غرضهم أن يشاهدوا العالم
الإسلامي ، أو أن يتجروا ، أو أن يقال : فلان يحج كل سنة ، وما أشبه ذلك .
ولا حرج على الإنسان أن يبتغي فضلاً من الله بالتجارة ، وهو قاصد
البيت الحرام ، لقول الله تبارك وتعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ
تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ ) البقرة/198 .
وإنما الذي يخل بالإخلاص ألا يكون له قصد إلا الاتجار والتكسب ،
فهذا يكون ممن أراد الدنيا بعمل الآخرة ، وهذا يوجب بطلان العمل ، أو نقصانه نقصاً
شديداً ، قال الله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي
حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي
الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) الشورى/20 " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/18) .
*****
08/1426
4804
هل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا في سجوده
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >(1/4741)
سؤال رقم 4804- هل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا في سجوده
السؤال :
أعلم أنه من شروط الدعاء أن نصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأن الدعاء لا يستجاب له إذا لم نصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم . هل هذا حكم عام ؟
ماذا إذا أراد الشخص أن يدعو في السجود ، هل يجب أن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا ؟.
الجواب :
الحمد لله
يمكن تقسيم الدعاء في الشرع إلى قسمين ، قسم مطلق
وقسم مقيد .
أما المطلق : فهو الذي رغَّب الشرع بإنشائه من
العبد ، كالدعاء في ثلث الليل الآخر ، والدعاء بين الأذان والإقامة ، والدعاء
في عرفة ، وما شابه ذلك .
وأما المقيد : فهو الدعاء الذي يقال عند دخول مكان
أو خروج منه أو عند حدوث شيء أو ما شابه ذلك ، كالدعاء عند دخول الخلاء والخروج
منه ، والدعاء عند هبوب الريح وغير ذلك .
أما الأول وهو المطلق : فهو الذي يتأكد فيه الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون فيه أيضاً الثناء على الله عز وجل وقد
روى فضالة بن عبيد قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته
لم يمجد الله تعالى ولم يصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم عَجِلَ هذا ، ثم دعاه ، فقال له أو لغيره : " إذا صلى أحدكم
فليبدأ بتمجيد ربه جل وعز والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يدعو بعد بما شاء " . رواه الترمذي ( 3477 ) وأبو داود ( 1481 )
وأما مراتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
عند الدعاء فقد ذكرها العلامة ابن القيم رحمه الله فقال :
إحداها : أن يصلي عليه قبل الدعاء وبعد حمد الله
تعالى .
والمرتبة الثانية : أن يصلي عليه في أول الدعاء
وأوسطه وآخره .
والثالثة : أن يصلي عليه في أوله وآخره ويجعل حاجته
متوسطة بينهما . " جلاء الأفهام " ( ص 375 )
وأما الحكمة من جعل الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم في الدعاء فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله عن ذلك :
الصلاة عليه من أعظم الوسائل التي بها يستجاب الدعاء
وقد أمر الله بها ، والصلاة عليه في الدعاء هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والإجماع
قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [
الأحزاب / 56 ] .
" مجموع الفتاوى " ( 1 / 347 )
وقال ابن القيم :
وهذه المواطن التي تقدمت كلها شرعت الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمام الدعاء ، فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم كما أن مفتاح الصلاة الطهور فصلى الله عليه وعلى آله وسلم
تسليماً . " جلاء الأفهام " ( ص 377 ) . .
وأما النّوع المقيد من الأدعية الذي تقدّم ذكره
: فليس فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا ما جاء في بعضها كدعاء
دخول المسجد وبعد الأذان كما سيأتي نصها .
وقد علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أمَّته أدعية
مخصوصة مقيدة في أوقات معلومة أو بعد أفعال مخصوصة ليس فيها الصلاة والسلام عليه
صلى الله عليه وسلم ، ومنها :
- دعاء الاستخارة .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة
من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم
إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر
وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسمِّيه
- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره
لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسمِّيه - شر لي في ديني
ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر
لي الخير حيث كان ثم أرضني . رواه البخاري ( 1113 ) .
- الدعاء عند دخول الخلاء .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى
الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال " اللهم إني أعوذ
بك من الخبث والخبائث " . رواه البخاري ( 5963 ) ومسلم ( 375 ) .
- الدعاء عند هبوب الريح .
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت
: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك
خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت
به " . رواه مسلم ( 899 ) .
وغير ذلك من الأدعية التي علّمنا إياها ولم يُذكر
في نصها الصلاة عليه صلى الله عليها وسلم فينبغي أن نأتي بها كما علمنا إياها
دون زيادة ولا نقصان ، ويدخل في هذا الحكم الدعاء في السجود وهو الوارد في السؤال
، إذ قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية في سجوده ليس في أحدها الصلاة
والسلام عليه ، ومنها :
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي
صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك
اللهم اغفر لي " . رواه البخاري ( 874 ) ومسلم ( 484 ) .
وعن عائشة قالت : فقدتُ رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان
وهو يقول : " اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك
لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " . رواه مسلم ( 486 ) .
ولا ننسى أنّ المصلي سوف يتلو الصلاة الإبراهيمية
في جلسة التشهد في صلاته التي يدعو فيها فيكون عمله غير خال من الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم .
وأما الأدعية المخصوصة التي فيها الصلاة على النبي
صلى الله عليه وسلم ، فمنها :
- الدعاء عند دخول المسجد .
عن أبي حميد وأبي أسيد قالا : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه
وسلم ثم ليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، فإذا خرج فليقل اللهم إني أسألك من
فضلك " . رواه أبو داود ( 466 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه
الله في " تمام المنَّة " ( ص 290 ) .
- الدعاء بعد الأذان .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى
الله عليه وسلم يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي
فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها
منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل
لي الوسيلة حلت له الشفاعة " . رواه مسلم ( 384 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4807
الكلام الجنسي بين الزوجين على الهاتف
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4742)
سؤال رقم 4807- الكلام الجنسي بين الزوجين على الهاتف
السؤال : هل يجوز للزوجين أن يتحدثا عن الجنس بالهاتف ويستثيرا بعضهما حتى ينزل أحدهما أو كلاهما (بدون استعمال اليد لأنه محرم) ؟ يحصل هذا لأن زوجي يسافر دائما ولا نرى بعضنا إلا كل 4 أشهر .
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله :
لا بأس ، نعم يجوز هذا .
سؤال : ولو كان باستعمال اليد .
الجواب : استعمال اليد فيه نظر ، ولا يجوز إلا إذا خاف على نفسه الزنا .
سؤال : وبدون استعمال اليد لا مانع .
الجواب : نعم بدون استعمال اليد لا مانع ، يتصور أنه معها لا بأس في ذلك . أهـ وينبغي عليهما الانتباه إلى أنه لا أحد يسمع كلامهما أو يتجسس عليهما ، والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
481
سبب جعل الكعبة عن يسار الطائفين
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4743)
سؤال رقم 481- سبب جعل الكعبة عن يسار الطائفين
السؤال :
أود أن أعرف مغزى الطواف حول الكعبة المشرفة و الغرض منه ، ولم جُعِلت الكعبة عن يسار الطائف ؟ وهل الطواف في مكة فقط أم أنه يتم يومياً أيضاً ؟ أشكركم جزيل الشكر على أية معلومات يمكن أن توافوني بها .
الجواب:
الحمد لله
االسبب الأساس لجعل الكعبة عن يسار الطائف والدوران حولها هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ) ، وقال عزّ وجلّ : ( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبّعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن أعمال الحجّ والعمرة : " لتأخذوا عني مناسككم " رواه مسلم/1297
ويكفي هذا سببا للمسلم ليطوف في هذا الاتجّاه المعيّن ولسنا بحاجة إلى أسباب أخرى كربط ذلك بحركة الأفلاك أو النجوم أو دوران الكواكب وغير ذلك لأنّ من طبيعة المسلم الإيمان والتسليم والتنفيذ لكلّ ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فإذا عرف سببا أو حكمة فالحمد لله وإلاّ فهو مستسلم لأمر الله ورسوله مأجور على الاتّباع والتنفيذ .
وهذا الدوران خاصّ بالكعبة ولا يُفعل في غيرها تعبدّا . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4811
فلينظر الإنسان مما خلق
التاريخ والسيرة > بدء الخلق وعجائب المخلوقات >(1/4744)
سؤال رقم 4811- فلينظر الإنسان مما خلق
هل خلق الله الإنسان من طين أم خلقه من شيء آخر لم يتم وصفه في القرآن ؟ .
الحمد لله
أولاً :
خلق الله تعالى آدم عليه السلام من الأرض أي مما
تحويه وذلك قوله : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } طه/55 ، فخلقه من ترابها و هذا قوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله
كمثل آدم خلقه من تراب } آل عمران/59 .
وفي ذلك آيات في القرآن كثيرة .
ثم
جبلت تربتها بالماء فكانت طيناً وفي ذلك يقول رب العالمين : { هو الذي خلقكم من
طين ثم قضى أجلاً وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون } الأنعام/2 .
وفي ذلك أيضاً آيات كثيرة أيضاً .
وكان الطين لازباً - أي : لاصقاً ، وقيل :
لزجاً - وفي هذا يقول تعالى : { إنا خلقناهم من طين لازب } الصافات/11 .
قال ابن منظور : ولَزِبَ الطينُ يَلْزُبُ
لُزُوباً ، و لزُبَ : لَصِقَ وصَلُب َ، وفي حديث عليّ عليه السلام : دخَل
بالبَلَّةِ حتى لَزَبَتْ أَي لَصقتْ ولزمت ْ. وطينٌ لازبٌ أَي لازقٌ . قال الله
تعالى : من طِينٍ لازبٍ . " لسان العرب " 1/738 .
ثم صار هذا الطين اللازب منتناً فقال تعالى في
ذلك : { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون } الحجر/26 .
قال الرازي :
الحَمَأُ : بفتحتين والحَمَأةُ بسكون الميم
الطين الأسود . " مختار الصحاح " ص/64 .
وقال في " لسان العرب " 1/61 :
حمأ : الحَمْأَةُ ، والحَمَأُ : الطين
الأَسود المُنتن ؛ وفي التنزيل : { من حَمَإٍ مسنون } .
وقال في " لسان العرب " ( 13 / 227 ) :
المَسْنون : المُنْتِن ، وقوله تعالى { مِن
حَمَإٍ مَسْنُونٍ } : قال أَبو عمرو : أَي متغير منتن؛ وقال أَبو الهيثم : سُنَّ
الماءُ فهو مَسْنُون أَي : تغيَّر .
وحيث أن هذا الطين كان مخلوطاً بالرمل : فهذا هو
الصلصال .
قال الرازي :
الصَّلْصالُ : الطين الحر خُلط بالرمل فصار
يَتَصَلْصَلُ إذا جف ، فإذا طُبخ بالنار فهو الفخار. " مختار الصحاح " 1/154
وقال في " لسان العرب " ( 11 / 382 ) :
والصَّلْصالُ مِن الطِّين : ما لم يُجْعَل
خَزَفاً ، سُمِّي به لَتَصَلْصُله ؛ وكلُّ ما جَفَّ من طين أَو فَخَّار فقد صَلَّ
صَلِيلاً ، وطِينٌ صِلاَّل ومِصْلالٌ أَي يُصَوِّت كما يصوِّت الخَزَفُ الجديد
.
ثم شبه الصلصال بالفخار وذلك قوله تعالى : { خلق
الإنسان من صلصال كالفخار } الرحمن/14 .
وهذا كله يصدقه حديث أبي موسى الأشعري قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها
من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين
ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب " . رواه الترمذي ( 2955 ) وأبو داود (
4693 ) . والحديث : قال عنه الترمذي : حسن صحيح ، وصححه ابن حبان (14/29) والحاكم
(2/288) والألباني في صحيح أبي داود 3926.
هذا خلق آدم عليه السلام : من الأرض - من ترابها
- ، ثم جُبل بالماء فكان طيناً ثم صار طيناً أسود منتناً وكون ترابه من الأرض التي
بعضها رمل لما جبل كان صلصالاً كالفخار .
ولذلك لما وصف الله خلق آدم في القرآن في كل مرة
وصفه بأحد أطواره التي مرَّت بها طريقة خلقه وتكوينة طينته فلا تعارض في آيات
القرآن .
ثم أصبح أبناء آدم بعد ذلك يتكاثرون وصار خلقهم
من الماء وهو المني الذي يخرج من الرجال والنساء وهو معروف .
وهذا يبينه القرآن في قوله تعالى : { وهو الذي
خلق من الماء بشراً فجعله نسبا وصهراً } النور/54 ، وقوله
تعالى : { ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين } السجدة/8 .
قال
ابن القيم رحمه الله :
لما اقتضى كمال الرب تعالى جل جلاله وقدرته
التامة وعلمه المحيط ومشيئته النافذة وحكمته البالغة تنويع خلقه من المواد
المتباينة وإنشاءهم من الصور المختلفة والتباين العظيم بينهم في المواد والصور
والصفات والهيئات والأشكال والطبائع والقوى اقتضت حكمته أن أخذ من الأرض قبضة من
التراب ثم ألقى عليها الماء فصارت مثل الحمأ المسنون ثم أرسل عليها الريح فجففها
حتى صارت صلصالا كالفخار ثم قدر لها الأعضاء والمنافذ والأوصال والرطوبات وصورها
فأبدع في تصويرها وأظهرها في أحسن الأشكال وفصلها أحسن تفصيل مع اتصال أجزائها وهيأ
كل جزء منها لما يراد منه وقدَّره لما خلق له عن أبلغ الوجوه ففصَّلها في توصيلها
وأبدع في تصويرها وتشكيلها …
- ثم ذكر تناسل الخلق بالجماع وإنزال المني - .
" التبيان في أقسام القرآن " ( ص 204 ) .
والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4816
تريد الإسلام وتستصعب أمورا في علاقاتها وأهلها ووظيفتها
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4745)
سؤال رقم 4816- تريد الإسلام وتستصعب أمورا في علاقاتها وأهلها ووظيفتها
أنا امرأة أدرس الإسلام وأريد إجابة لبعض الأسئلة .
1- لدي بعض الأصدقاء المسلمين الرجال وصداقتنا قوية وهم يعاملونني كأي فرد منهم ، فإذا أسلمت هل سيتغير تعاملهم معي ؟ مثلا عندما أزور بيوتهم فإن زوجاتهم يكونوا في الداخل وأكون أنا مع الرجال في الخارج نتحدث وتكون النساء مشغولات في المطبخ أو مع الأطفال أو يشاهدن التلفاز بينما نحن نتحدث وأنا لا أريد أن أفقد هذه اللحظات مع أصدقائي .
2- ماذا يجب علي أن أفعل في صلاة الجمعة ؟ أنا أعمل في مكان ظروفه صعبة جدا حيث أن زملائي في العمل ضد المسلمين وأخشى إن أسلمت أن يتغيروا تجاهي .
قرأت في مكان ما أنه يمكن للشخص أن ينيب عنه أحد ما في الصلاة فهل هذا صحيح؟
3- عائلتي من النصارى المتزمتين كما أنني تربيت نصرانية ، وزوجي نصراني أيضا ولكنه لا يمانع دراستي أو ممارستي للإسلام ، فإذا أسلمت فكيف أتعامل مع أهلي ليتركوني وشأني ؟
4- بالطبع فستكون هذه قفزة كبيرة بالنسبة لي وما زال عندي شك هل أنا أعمل الشيء الصحيح أم لا ( أن أكون مسلمة ) ، كيف تكون متأكدا 100% بأنك تفعل الشيء الصحيح ؟
في داخلي أشعر بأنني أفعل الصحيح ولكن عقلي عنده الكثير من التخوفات كما تلاحظ من أسئلتي .
أنا متأكدة من وحدانية الله وكذلك كنت دائما . قرأت كتاب الاختيار لأحمد ديدات وأنا الآن متأكدة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كما أنني دائما كنت متأكدة من البعث بعد الموت ولكن لماذا لا زلت أشعر بالتردد ؟ هل أنا جاهزة لأخطو هذه الخطوة الكبيرة ؟
أدعو كثيرا بشأن هذا الموضوع وأتمنى أن أحصل على جواب سريع.
الجواب:
الحمد لله
هل ما تريدين الإقدام عليه صحيح ؟ وهل أنت جاهزة لهذه الخطوة الكبيرة
؟ سؤالان مهمان انطوى عليهما كلامك فيما توجّهت إلينا به سائلة ، ونحن إذ نشكرك على
هذه الاستشارة فإننا نعتقد بأنّ ما ستقدمين عليه صحيح بلا شكّ ولا ريب ولا توقّف
، لأنّ هذا هو دين الله الذي لا يقبل من عباده غيره كما قال تعالى : ( ومن يبتغ غير
الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) ، وربما أنّك قارنت وقرأت
واقتنعت بأنّ هذا هو دين الحقّ الذي يجب اتّباعه ، ولا يكفي الشّخص ولا ينجّيه أن
يعتقد بوحدانية الله ونبوة محمد عليه السلام والبعث بعد الموت إذا لم ينطق بالشّهادتين
ويُمارس شعائر الإسلام ، والذي يبدو لنا بأنّ التردد الحاصل عندك ليس نتيجة لعدم
القناعة بالحقّ ولكن لأجل مخاوف - مجموعة مخاوف اجتماعية - تتعلّق بالأصدقاء والأهل
والزوج والوظيفة .
جانب من الجواب قد تطرّقنا إليه في السؤال رقم 4775 فنرجو مراجعته ، وبالنسبة لمعارفك المسلمين فإنّك ستجالسين نساءهم لا رجالهم كما
تقضي بذلك تعاليم الإسلام وهذا إن شقّ عليك في البداية فسيهون مستقبلا وإذا كانت
هؤلاء النسوة منشغلات فابحثي عن نسوة صدق مسلمات تتواصين معهن على الحقّ .
وإذا صدقت مع الله فسيعينك على تخطّي مصاعب الزوج والأهل ، وأما بالنسبة
لصلاة الجمعة فإنها غير واجبة على النساء لقول نبي الإسلام عليه السلام : "
الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلا أَرْبَعَةً عَبْدٌ
مَمْلُوكٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ . " رواه أبو داود 901 ، وعلى المرأة أن تصلي الظهر يوم
الجمعة أربع ركعات في وقت الظّهر في المكان التي هي فيه ، وأما ما سمعتيه من توكيل
الشخص المسلم شخصا آخر ليصلي عنه فغير صحيح على الإطلاق ، والصلاة فرض عين على كلّ
مسلم لا تقبل التوكيل ، ولا يجوز لأحد أن يصلي عن أحد ، وعلى أية حال لست محتاجة
إلى هذا في صلاة الجمعة لما قد علمْت .
وملخّص قضيتك كلها أنّك تحتاجين للتوكّل على الله والسعي لإرضائه
والإقدام على الدّخول في دينه ولو سخط النّاس وما دمت رضيت به ربا وإلها واتّبعت
دينه فلن يخيّبك ولن يتخلّى عنك ، ويغلب على ظنّنا أنك مستعدّة إن شاء الله لهذه
الخطوة الكبيرة .. وتذكّري ملخّص الجواب : الإقدام ، والتوكّل على الله ، نسأل الله
لك التوفيق.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
482
شكوى زوجة يضربها زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4746)
سؤال رقم 482- شكوى زوجة يضربها زوجها
السؤال :
أنا امرأة تزوجت رجلا منذ خمس سنين ولديّ منه أطفال صغار ، ولكن منذ زواجي ومحبتي لزوجي في نقص مستمر بسبب سلوكه ، فهو رجل ذو طبيعة عصبية جدا لدرجة أنّه يفقد أعصابه إذا ثار حتى يُصبح كالمجنون فيعتدي عليّ بالضرب ، وضربه شديد لدرجة أنّه يترك آثارا وعلامات على جلدي ، ولكنّه بالرغم من ذلك لم يضربني يوما على وجهي .
وقد حدثت هذه المواقف مرات عديدة في فترة زواجي ولكنها ليست يومية ، وقد نصحته باتّباع الخطوات الثلاث التي ذكرها الله في كتابه على الترتيب الذي أمر به ولكنّ زوجي لم يستجب بسبب فقدانه للسيطرة على نفسه عند الغضب ، وقد تعاملت مع مشكلة زوجي بالصّبر حتى الآن ولكن دون محبّة له أحيانا ، ولكن بسبب امتداد وقت المشكلة صرت أشعر بالخوف منه ثمّ صار عندي شعور بالاستياء منه وساءت معاملته لي بسبب كراهيته لأسلوبي في الحديث معه الذي تغيّر بفعل فقدي للصبر وبسبب معاملته غير العادلة ، فهو يقوم بضربي في كثير من الأوقات أمام أطفالنا ، حتى أن ولدنا الأكبر أصبح يقلده ويقوم بضربي أيضاً .
كيف يمكنني أن أوقف سلوك زوجي واعتدائه علي ؟ ( ولكن رجائي أن لا تقول لي أن لا أغضب منه وأن أصبر عليه ، فقد فقدت الكثير من صبري ) ، وكيف يمكنني أن أُبعد حالة الكراهية التي أحس بها نحوه ؟ فقد حاولت أن أسامحه ولكنه آذاني كثيراً ، فسلوكه العدائي يحطم زواجنا ، ولا يعرف أحد غير الله ما إذا كان زواجنا سيستمر أم لا ، ولكن إذا بقينا متزوجين فبماذا تنصحني كي أخلصه من هذا السلوك العدائي وهذا التصرف المشين ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا شكّ أنّ المشكلة التي وصفتيها أيتها الأخت المسلمة تثير الحزن وتبعث على الألم ولكن أولا وأخيرا لا بدّ من اللجوء إلى الله عزّ وجلّ فهو الذي سيجعل لك من كلّ ضيق فرجا ومن كلّ همّ مخرجا وفيما يلي بعض النصائح :
ـ زوجك بحاجة إلى من ينصحه فابحثي حولك عن الشخص المناسب .
ـ تجنبي إغضابه ( رغم رجاؤك بعدم إسداء هذه النصيحة ولكن ألا ترين أنّه لابدّ منها في علاج الموقف ) فأكرَر النصيحة : تجنّبي إغضابه قدر الإمكان .
ـ من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته ، فهناك أزواج آخرون يضربون زوجاتهم على الوجه ويحدثون جراحات وكسورا مضاعفة ، ويطردون زوجاتهم خارج البيت في نصف الليل ويغلقون الباب ولا يعطون زوجاتهم قرشا بل يأخذون أموالهن وحليهن ، ويأكلون خارج البيت ولا يجلبون أكلا لا للزوجة ولا للأطفال وزوجاتهم يشحذن من الجيران ، وبعضهم يعاقرون الخمور والمخدرات ويدخلون المومسات إلى بيوتهم ، وبعضهم لا يعرف الله أصلا ولا يعرف جهة القبلة وغير ذلك من المصائب التي وقفت عليها بنفسي في مآسي الزوجات وليست شطحا من الخيال ، فلعلك لو تأمّلت مصائب غيرك تهون عليك مصيبتك وفي هذا عزاء وتسرية .
ـ تأمّلي في الجوانب الإيجابية لهذا الزوج من جهة دينه أو صلاته أو نفقته أو عدم التمادي في الضرب إلى الوجه ونحو ذلك فربما يخفّف ذلك عندك شيئا من الشّعور السّلبي نحوه .
ـ اعتبري أن ما أصابك هو ابتلاء من ابتلاءات الحياة الدنيا التي يقدّرها الله عزّ وجل على من يشاء لينظر كيف يعملون ، فاستقبليها بالصبر واحتساب الأجر ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " رواه مسلم رحمه الله في صحيحه رقم 2999 .
ـ فكّري في مأساة الطلاق وماذا سيلحق الأسرة بعده ، والمرأة العاقلة قد تتحمّل مفسدة لتجنّب مفسدة أعظم منها وإنّ بعض الشرّ أهون من بعض .
ـ اكتبي له رسالة تذكّريه فيها بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء كقوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : .. أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ رواه الترمذي رقم 1163 وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ *
وقوله عليه الصلاة والسلام لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ رواه أبو داود رقم 2146
ـ إذا ثار مرّة وضربك ضربا موجعا ومؤثّرا فانتظري حتّى تهدأ أعصابه ثمّ استثيري شفقته ببعض الكلمات المؤثرة كقولك : أهكذا تفعل بأمّ أولادك وأقرب النّاس إليك ؟ ، مع كشف مواضع الضرب ليرى بعينيه ماذا جنت يداه بالإضافة إلى تذكيره بتحريم الظّلم وقدرة الله عليه ، ثمّ تتوارين عن ناظريه تاركة له الفرصة لكي يتدبّر الموقف ويُراجع نفسه والغالب أنّ الزوج إذا كان فيه شهامة ورجولة وشيء من الدّين فإنّه سيتراجع ويعتذر .
ـ بعض المشكلات الزوجية قد لا يحلّها إلا مرور الوقت حيث يزداد تعلّق الرجل بأولاده إذا كثروا وكبروا وتزداد قيمة زوجته في عينيه كمربية وحافظة لأولاده ويزداد هو كذلك نضجا وإدراكا لأبعاد الأمور ومفاسد ما يفعله فتتحسّن تصرفاته ويتراجع عن بعض ما يفعل . فترٌقب التحسّن أمر طيب وإنّما يعيش النّاس بالأمل .
ـ الدعاء ملجأ المؤمن فكم مرة يا تُرى دعوتِ الله تعالى أن يُصلح زوجك ؟ مع الإلحاح في الدعاء وتحرّي أسباب الإجابة .
أسأل الله أن يصلح حالك وحال زوجكِ ويجعل لكما من أمركما رشدا .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4820
قبول تبرع امرأة بمال حرام لمركز إسلامي
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصدقات >(1/4747)
سؤال رقم 4820- قبول تبرع امرأة بمال حرام لمركز إسلامي
لدينا مركز للدعوة ونحاول نشر سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وندعو الناس لفهم الأخلاق الإسلامية التي تحلى بها الصحابة الكرام .
امرأة تريد التصدق بأموال صدقة كثيرة لمركزنا والذي ندعمه نحن من مالنا الخاص .
المشكلة أن مالها جمعته من الحرام في وقت الجاهلية وقد بدأت الآن بالالتزام بالدين ( ولدت مسلمة ولكنها لم تكن متمسكة بتعاليم الدين عندما جمعت تلك الأموال ) فهل يجوز لنا أن نستعمل هذا المال لدعم مركزنا ولنستعمله في أغراض دعوية هنا في السويد ؟
أرجو يا شيخ أن تجيب على هذا السؤال لأنه عاجل جدا .
استلمنا جزءا من المبلغ ولكننا حفظناه حتى نعلم الحكم في أخذ هذا المال .
إذا لا يجوز لنا استعمال هذا المال فكيف تستطيع هي أن تصرف هذا المال ؟
الحمد لله عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله :
نعم يجوز ذلك ، لأنه حرام عليها حلال لغيرها إذا أخذه بطريق صحيح ، وأنتم ستأخذونه بطريق صحيح . انتهى .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4820
قبول تبرع امرأة بمال حرام لمركز إسلامي
الفقه > عبادات > الصدقات >(1/4748)
سؤال رقم 4820- قبول تبرع امرأة بمال حرام لمركز إسلامي
لدينا مركز للدعوة ونحاول نشر سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وندعو الناس لفهم الأخلاق الإسلامية التي تحلى بها الصحابة الكرام .
امرأة تريد التصدق بأموال صدقة كثيرة لمركزنا والذي ندعمه نحن من مالنا الخاص .
المشكلة أن مالها جمعته من الحرام في وقت الجاهلية وقد بدأت الآن بالالتزام بالدين ( ولدت مسلمة ولكنها لم تكن متمسكة بتعاليم الدين عندما جمعت تلك الأموال ) فهل يجوز لنا أن نستعمل هذا المال لدعم مركزنا ولنستعمله في أغراض دعوية هنا في السويد ؟
أرجو يا شيخ أن تجيب على هذا السؤال لأنه عاجل جدا .
استلمنا جزءا من المبلغ ولكننا حفظناه حتى نعلم الحكم في أخذ هذا المال .
إذا لا يجوز لنا استعمال هذا المال فكيف تستطيع هي أن تصرف هذا المال ؟
الحمد لله عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله :
نعم يجوز ذلك ، لأنه حرام عليها حلال لغيرها إذا أخذه بطريق صحيح ، وأنتم ستأخذونه بطريق صحيح . انتهى .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4830
بيع مسجد لشراء مسجد في موقع أفضل
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4749)
سؤال رقم 4830- بيع مسجد لشراء مسجد في موقع أفضل
السؤال : قبل عدة سنوات اشترينا بيتا وحولناه إلى مسجد والأمور كانت تسير على ما يرام والآن وجدنا بيتا آخر والكثير من الأخوة قالوا بأنه أفضل وموقعه أفضل ، فهل يجوز لنا في هذه الحالة أن نبيع المسجد السابق لكي نتمكن من أن نشتري المسجد الذي نفضله ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله
الحمد لله
نعم هو جائز ولكن بشرط موافقة الجيران ، وإذا وافق جيران المسجد المسلمين الذين يصلون فلا بأس لأنه قد يكون المسجد الآخر بعيداً عنهم ، ويكون هذا المسجد ملكاً حراً .
سؤال : إذا كان المسلمون في هذا البلد متفرقين وبعيدين عن بعضهم البعض فيؤخذ رأي من منهم .
الجواب : يؤخذ رأي القريبين منهم إلى المسجد بحيث لا يبعد عن أحد منهم فيتضرر من بعد المسجد عنه
سؤال : إذا كان المسجد الآخر أو الجديد يفيد عدداً أكبر من المسلمين فما العمل ؟
الجواب : أرى أن يُترك المسجد القديم ويبنى آخر جديد في المكان الآخر ، فإذا لم يستطاع بناء الآخر بسبب قلة المال فأرى أن يُترك القديم على ما هو عليه لكي لا يتضرر جيرانه ببعدهم عن المسجد الجديد .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4838
محتاج وأخوه يعمل في تلحين الأغاني
الفقه > معاملات > النفقة >(1/4750)
سؤال رقم 4838- محتاج وأخوه يعمل في تلحين الأغاني
السؤال : أخي يشتغل ملحنا للأغاني وليس له مصدر إلا هذا العمل ، ولا أستطيع الكسب وأبي متوفى هل يجوز أن آكل من ماله ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
نعم يجوز أن تأكل من ماله مادمت في حاجة ، فهو يجب عليه أن ينفق عليك . انتهى
فأنت تأخذ بقدر حاجتك ولا تزيد ، وعليك أن تنصحه بترك هذا العمل المحرّم والبحث عن عمل آخر وتبيّن له حكم الشريعة في الغناء والموسيقى وحرمة التعاون والمشاركة في الإثم والعدوان والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4839
مشكلة الذوبان اللغوي للمسلمين في الخارج
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4751)
سؤال رقم 4839- مشكلة الذوبان اللغوي للمسلمين في الخارج
نواجه نحن المسلمين في الخارج مشكلة الذّوبان اللغوي بحيث نتكلّم بلغة الكفّار في بلاد الغرب من حيث نشعر ولا نشعر ، مماشاةً لمن حولنا وتأثّرا بالوسط الذي نعيش فيه ، فما هو موقف الشريعة من هذا الأمر وكيف نتغلّب على المشكلة ؟
الحمد لله
اذكر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في شأن هذه المشكلة
وتبيان خطرها وأثرها والموقف الشّرعي منها كلاما متينا نفيسا هذا نصّه :
" وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى
يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء
أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم
وهو مكروه كما تقدم .
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية
وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا
أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت
خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت
عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه .
وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب
فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب
والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب
عليه
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا
في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة
فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن
يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة
وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا
الفرائض فإنها من دينكم
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج
إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله
وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. " اقتضاء الصراط
المستقيم 2/207
وننصح بالإضافة لما تقدّم بما يلي :
- أن يجاهد المسلمون أنفسهم هم وأهلوهم وأولادهم على أن يتكلموا باللغة العربية
في بيوتهم ومنتدياتهم واجتماعاتهم وأن يكون الوالدان قدوة للأولاد داخل البيت
في هذا وان يتعمّدا أحيانا عدم إجابة الولد إذا لم يتكلّم باللغة العربية .
- الحرص على إدخال الأولاد المدارس والأكاديميات العربية ما أمكن ذلك .
- أن تعيش العوائل المسلمة في تجمعات سكانية ما أمكن حيث يكون المحيط والجيران
والبيئة الصغيرة عربية اللغة .
- الاجتهاد في إقامة دورات لتعليم اللغة العربية واحتساب الأجر في ذلك
والتقرّب إلى الله به وكذلك متابعة تعلّم اللغة العربية في الكتب والأشرطة والوسائل
التعليمية الحديثة .
- السماع المستمر للقرآن الكريم المسجّل وأشرطة الدروس والمحاضرات الإسلامية
باللغة العربية .
والله وليّ التوفيق وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
48489
زوجها ضعيف فهل تضع له الدواء في الطعام بدون علمه
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4752)
سؤال رقم 48489- زوجها ضعيف فهل تضع له الدواء في الطعام بدون علمه
أنا امرأة لي حاجة في المعاشرة الزوجية وزوجي به ضعف من هذه الناحية وقد حاولت أن أقنعه بالعلاج لكن دون جدوى فهل يجوز أن أضع له الدواء المقوي للشهوة في طعامه دون أن يشعر ؟.
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
ليس لها ذلك وإن لم تتحمل يجوز لها طلب الطلاق .
*****
4849
حكم التصرف في الوديعة واستثمارها
الفقه > معاملات > الضمان >(1/4753)
سؤال رقم 4849- حكم التصرف في الوديعة واستثمارها
السؤال :
أودع عندي أحد الناس نقودا فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها وعندما جاء صاحب المال رددت له ماله كاملا ولم أخبره بما استفدته من ماله .. فهل تصرفي جائز أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا أودع أحد عندك وديعه فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه .. وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها ، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه فإن سمح لك وإلا فأعطه ربح ماله أو اصطلح معه على النصف أو غيره والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما .
الشيخ ابن باز رحمه الله ، فتاوى إسلامية 3/7
*****
485
طريقة مبتدعة في قراءة آية والدعاء بعدها
أصول الفقه > البدعة >(1/4754)
سؤال رقم 485- طريقة مبتدعة في قراءة آية والدعاء بعدها
السؤال :
هل يجوز قراءة آية من القرآن الكريم لغرض محدد كأن أذكر اسم من أسماء الله الحسنى تسعاً وتسعين مرة ، ثم ادعوا الله بحاجتي ، ويكون ذلك من قبيل التوسل إلى الله دون أن يخالطه شرك؟.
الجواب:
الحمد لله
قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) ومن سؤال الله بأسمائه الحسنى أن يقول الداعي يا رحمن ارحمني ، ويا تواب تب علي ، ويا رزّاق ارزقني ونحو ذلك.
أما تخصيص آية معينة بعدد معين ( 99 مرة أو غيره ) يتلوها به دون دليل صحيح فإنّ ذلك العمل يعتبر عملا بدعيا محرّما لأنّه تعبّد الله بطريقة لم ترد في الشّرع والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال : " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ . " رواه البخاري الفتح رقم 2697 فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا مجال للاختراع في دين الله ، وهل يمكن أن نكتشف شيئا في الدّين لم يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! ، فعلينا أن نقرأ القرآن كما قرأه وندعو بما دعا به ونتلو الأذكار التي وردت عنه .
والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
486
الاحتفالات الدينية
أصول الفقه > البدعة >(1/4755)
سؤال رقم 486- الاحتفالات الدينية
أرجو أن تعلمونني بالأعياد والمناسبات الدينية في الإسلام ؟
الجواب:
الحمد لله
نحن المسلمين ليس لنا أعياد إلا عيدين : عيد الفطر بعد رمضان ، وعيد الأضحى يوم الحجّ الأكبر ، نظهر فيهما السرور والتهنئة والتوسعة على العيال وأهمّ من هذا كله ذكر الله بالتكبير والتهليل وصلاة العيدين وليس عندنا احتفالات بأيام معينة في السنّة إلا هذين العيدين .
وهناك مناسبات سارّة جاءت الشريعة بأحكام فيها كإطعام الطعام في مثل النّكاح وعقيقة المولود ونحوها لكنهّا ليست مخصصة بأيام معيّنة في السّنة وإنّما بحسب وقوع تلك المناسبة في حياة كلّ مسلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4862
هل يجوز سجود التلاوة للحائض
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4756)
سؤال رقم 4862- هل يجوز سجود التلاوة للحائض
السؤال :
هل يجوز سجود التلاوة للحائض وكذلك سجدة الشكر لها ، وإذا كان غير جائز فهل يجوز عند سماع سجدة التلاوة أن تسبح الله فقط باللسان ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً : في الحالات التي تباح فيها لها القراءة يشرع لها سجود التلاوة إذا مرت بسجدة تلاوة ، أو استمعت لها، والصواب : أنه يجوز لها القراءة عن ظهر قلب ، لا من المصحف ، وعليه يشرع لها السجود ، لأنه ليس صلاة وإنما هو خضوع لله وعبادة كأنواع الذكر .
ثانياً : الصحيح أن سجود الشكر وسجود التلاوة لتال أو مستمع لا تشترط لهما الطهارة ؛ لأنهما ليسا في حكم الصلاة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/262
*****
487
المكتشفات العلمية للمسلمين
العلم > العلوم المختلفة >(1/4757)
سؤال رقم 487- المكتشفات العلمية للمسلمين
السؤال :
ما هي الإنجازات العلمية في الإسلام ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أهمّ إنجاز للإسلام في حياة البشر أنّه أخرج النّاس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد وليس القرآن الكريم كتاب اختراعات ومكتشفات حتى نسأل عن المكتشفات العلمية الدنيوية فيه ، وإنما هو كتاب نزل نورا وهداية من الضلالة ، وشفاء لما في الصّدور وفيه فتح المجال للبشر لعمارة الأرض والاستفادة مما فيها والنظر في آيات الله في خلقه ، ولذلك اتجّه المسلمون إلى دراسة الكون وقدّموا إنجازات عظيمة للبشرية في الطبّ والفلك والرياضيات وعلوم الطبيعة وغيرها ، وليس هذا المجال مناسبا لسرد دور العلماء المسلمين في المكتشفات والمخترعات والنظريات العلمية ، فلذلك كتب خاصة مؤلفة في هذا المجال ، ويمكنك أن تسأل المنصفين من الكفّار عمّا قدمه الخوارزمي في الرياضيات وابن الهيثم في الطبيعة وابن النفيس في الدورة الدموية والإدريسي في الجغرافيا وهكذا .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4882
اكتشف أن زوجته كانت تخرج مع رجل قبل الزواج
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4758)
سؤال رقم 4882- اكتشف أن زوجته كانت تخرج مع رجل قبل الزواج
السؤال :
أحد أصدقائي تزوج فتاة جميلة قبل عدة أشهر ، قبل زواجه منها كان يعتقد بأنها متدينة جدا ولم تخرج مع أي رجل من قبل ، وكان يعتقد بأن زوجته لم تفعل أي شيء سيئ من قبل ، وأحبها كثيرا ، ولكن بعد الزواج بعدة أشهر تبين له بأنها كانت تخرج مع شخص آخر وكان لها عشيق قبل الزواج ، وصديقي غضبان جدا الآن.
أحبها بصدق ولم يكن يتوقع منها ما فعلت ، لم يعد يحبها الآن ويريد زوجة لم تخرج مع أي رجل من قبل ولم يكن لها أي عشيق.
لا يدري ما يفعل ، يخطط للطلاق ، وعندما طلب مني النصيحة لم أستطع أن أقول أي شيء لأنني لا أدري ما أقول ، لذلك أرجو أن تخبرني ماذا أقول له ، ماذا يجب أن يفعل ؟ هل يطلقها أم ينسى ماضيها ؟ ماذا يقول الإسلام عن هذه الحالة ؟
وشكرا
الجواب:
الحمد لله
إذا كانت هذه الزوجة قد استقامت وتابت إلى الله وتركت المحرمات والخروج مع الأجانب وليس حولها ريبة فالنصيحة أن يبقيها ويستر عليها ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله غفور رحيم يعفو ويغفر ويتوب على من تاب ونحن ينبغي أن نعفو ونغفر ونتعامل مع التائب بوضعه الجديد ونعينه على الاستمرار في التوبة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له وفي ستر زوجها عليها ومعاملتها بالحسنى فائدة عظيمة في استقامة هذه المرأة وتشجيعها على المواصلة في حياة الطّهر والعفّة ولزوجها أجر عظيم في السّتر عليها وإعفافها وتجنيبها المنكر وإعانتها على الاستقامة والعيش في كنفه في بيت الزوجية الطاهر .
وإن كانت هذه المرأة لا زالت سادرة في غيّها تخرج مع الأجانب وترتكب المحرّمات ولم تنزجر ولم تتب بالرغم من النّصح والموعظة فلا ننصحه بالبقاء معها إطلاقا فليتخلّص منها ويرزقه الله بغيرها .
وإن كانت قد تابت ولكنه لم يستطع أن يتحمّل ما فعلته في سابق أمرها وظلّت الصور والخيالات السيئة تطارده وتقضّ مضجعه وخشي إن أبقاها عنده أن يظلمها ويعاملها معاملة سيئة بالرغم من توبتها فيمكنه أن يطلّقها ليرتاح ويبتعد عن الظّلم ، ولكن ليُعد النّظر والتأمّل في النّصيحة المذكورة في صدر هذا الجواب وليتأمل في حاله ونفسه فقد تكون له أخطاء سابقة أو لاحقة ، ونسأل الله أن يوفقّه لاتخّاذ القرار الصحيح وأن يهديه لأرشد أمره والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4890
كيفية التكبير في سجود التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4759)
سؤال رقم 4890- كيفية التكبير في سجود التلاوة
السؤال :
هل يكبر القارئ في سجود التلاوة في الخفض والرفع منه أو في الخفض فقط ، وهل يقرأ التشهد أولا، وهل يسلم منه أو لا؟
الجواب :
الحمد لله
أولا : يكبر من سجد سجود التلاوة في الخفض ، لما رواه أبو داود في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا ) أخرجه أحمد2/17، والبخاري 2/33،34 ، ومسلم 1/405 برقم (575) ، ولا يكبر في الرفع من السجود؛ لعدم ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، ولأن سجود التلاوة عبادة، والعبادات توقيفية ، يقتصر فيها على ما ورد ، والذي ورد التكبير في الخفض لسجود التلاوة لا للرفع منه ، إلا إذا كان سجود التلاوة وهو في الصلاة فيكبر للخفض والرفع ؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يكبر في كل خفض ورفع .
ثانيا : لا يتشهد عقب سجود التلاوة ولا يسلم منه ، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، وهو من العبادات ، وهي توقيفية ، فلا يعول فيه على القياس على التشهد والسلام في الصلاة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/261
*****
48952
هل تتبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها؟
الفقه > معاملات > النفقة >(1/4760)
سؤال رقم 48952- هل تتبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها؟
أريد أن أساعد أهلي أبي وأمي وإخوتي بالمال ، فأنا أعمل وعندي أموال كثيرة والحمد لله وأستطيع أن أساعدهم ، ولكن زوجي يمنعني من ذلك بشدة ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا كان أهلك فقراء (أبوك وأمك وإخوتك) وتستطيعين أن تنفقي عليهم
فيجب عليك ذلك ، ولا يجوز لك أن تطيعي زوجك في ترك النفقة عليهم .
انظر السؤال رقم ( 44995 )
.
ثانياً :
إذا كانت نفقتك على أهلك من باب التبرع أي أنهم غير محتاجين لهذه
الأموال منك وإنما تريدين أنت الإحسان إليهم وصلتهم بهذه الأموال ، فقد اختلف أهل
العلم في حكم تبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها .
فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تمنع الزوجة من التبرع من مالها ،
فلها أن تتصرف فيه كما شاءت دون إذن زوجها . واستدلوا بعدة أدلة ، منها :
1- ما ثبت أَنَّ أم المؤمنين مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً (أي جارية) وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي
يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ : أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي
أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي ؟ قَالَ : أَوَفَعَلْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ : أَمَا
إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ ل أَجْرِكِ
. رواه البخاري (2592) ومسلم (999) .
قال النووي :
فِيهِ : جَوَاز تَبَرُّع الْمَرْأَة بِمَالِهَا بِغَيْرِ إِذْن
زَوْجهَا اهـ .
2- وروى البخاري (978) ومسلم (885)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ
بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ
فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلالٍ وَبِلالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ
يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ . وفي رواية : ( قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ ) .
قال الحافظ :
فِي هَذَا الْحَدِيث صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا بِغَيْرِ
إِذْن زَوْجهَا اهـ .
وقال النووي :
فِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا
بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا وَلا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى ثُلُث مَالهَا , هَذَا
مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالَ مَالِك : لا يَجُوز الزِّيَادَة عَلَى
ثُلُث مَالهَا إِلا بِرِضَاءِ زَوْجهَا . وَدَلِيلنَا مِنْ الْحَدِيث أَنَّ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلهُنَّ أَسْتَأْذَنَّ
أَزْوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ أَمْ لا ؟ وَهَلْ هُوَ خَارِج مِنْ الثُّلُث أَمْ لا ؟
وَلَوْ اِخْتَلَفَ الْحُكْم بِذَلِكَ لَسَأَلَ اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى أن الزوجة لا تتبرع بشيء من مالها إلا بإذن
زوجها واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن
زوجها ) رواه الإمام أحمد في مسنده (6643) وأبو داود (3547) وصححه الألباني
في صحيح أبي داود .
وحمل جمهور العلماء هذا الحديث إما على السفيهة التي لا تحسن
التصرف في المال ، أو أن استئذان المرأة زوجها في ذلك على سبيل الاستحباب لا الوجوب
وهو من حسن العشرة .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ :
عِنْد أَكْثَرِ الْفُقَهَاء هَذَا عَلَى مَعْنَى حُسْن
الْعِشْرَة وَاسْتِطَابَة نَفْس الزَّوْج بِذَلِكَ , إِلا أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي
غَيْر الرَّشِيدَة . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ , فَجَعَلَتْ الْمَرْأَة تُلْقِي الْقُرْط
وَالْخَاتَم وَبِلال يَتَلَقَّاهَا بِكِسَائِهِ , وَهَذِهِ عَطِيَّة بِغَيْرِ إِذْن
أَزْوَاجهنَّ اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/414) :
"وقد استدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز للمرأة أن تعطي عطية من
مالها بغير إذن زوجها ، ولو كانت رشيدة . وقد اختلف في ذلك ، فقال الليث : لا يجوز
ذلك مطلقا ، لا في الثلث ولا فيما دونه ، إلا في الشيء التافه ، وقال طاوس ومالك :
إنه يجوز لها أن تعطي مالها بغير إذنه في الثلث ، لا فيما فوقه ، فلا يجوز إلا
بإذنه ، وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقا من غير إذن من الزوج إذا لم تكن سفيهة
، فإن كانت سفيهة لم يجز . قال في الفتح : وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة"
اهـ .
وعلى هذا فلا تمنع المرأة من التصدق بشيء من مالها ولو لم يرض
زوجها .
والأحسن في هذا أن تستأذنه تطييبا لخاطره ، ودفعا لما قد يحدث في
نفسه من كراهة لتصرف زوجته ، وعليه أن يأذن لها ولا يكون مانعاً لزوجته من فعل
الخير والإحسان إلى الناس .
والله تعالى أعلم .
انظر السؤال رقم ( 21684 ) .
*****
48952
هل تتبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها؟
الفقه > معاملات > النفقة >(1/4761)
سؤال رقم 48952- هل تتبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها؟
أريد أن أساعد أهلي أبي وأمي وإخوتي بالمال ، فأنا أعمل وعندي أموال كثيرة والحمد لله وأستطيع أن أساعدهم ، ولكن زوجي يمنعني من ذلك بشدة ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا كان أهلك فقراء (أبوك وأمك وإخوتك) وتستطيعين أن تنفقي عليهم
فيجب عليك ذلك ، ولا يجوز لك أن تطيعي زوجك في ترك النفقة عليهم .
انظر السؤال رقم ( 44995 )
.
ثانياً :
إذا كانت نفقتك على أهلك من باب التبرع أي أنهم غير محتاجين لهذه
الأموال منك وإنما تريدين أنت الإحسان إليهم وصلتهم بهذه الأموال ، فقد اختلف أهل
العلم في حكم تبرع المرأة بشيء من مالها بدون إذن زوجها .
فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تمنع الزوجة من التبرع من مالها ،
فلها أن تتصرف فيه كما شاءت دون إذن زوجها . واستدلوا بعدة أدلة ، منها :
1- ما ثبت أَنَّ أم المؤمنين مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً (أي جارية) وَلَمْ تَسْتَأْذِنْ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي
يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ : أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي
أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي ؟ قَالَ : أَوَفَعَلْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ. قَالَ : أَمَا
إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ ل أَجْرِكِ
. رواه البخاري (2592) ومسلم (999) .
قال النووي :
فِيهِ : جَوَاز تَبَرُّع الْمَرْأَة بِمَالِهَا بِغَيْرِ إِذْن
زَوْجهَا اهـ .
2- وروى البخاري (978) ومسلم (885)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ
بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَطَبَ فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ
فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلالٍ وَبِلالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ
يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ . وفي رواية : ( قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ ) .
قال الحافظ :
فِي هَذَا الْحَدِيث صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا بِغَيْرِ
إِذْن زَوْجهَا اهـ .
وقال النووي :
فِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا
بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا وَلا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى ثُلُث مَالهَا , هَذَا
مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور , وَقَالَ مَالِك : لا يَجُوز الزِّيَادَة عَلَى
ثُلُث مَالهَا إِلا بِرِضَاءِ زَوْجهَا . وَدَلِيلنَا مِنْ الْحَدِيث أَنَّ
النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلهُنَّ أَسْتَأْذَنَّ
أَزْوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ أَمْ لا ؟ وَهَلْ هُوَ خَارِج مِنْ الثُّلُث أَمْ لا ؟
وَلَوْ اِخْتَلَفَ الْحُكْم بِذَلِكَ لَسَأَلَ اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى أن الزوجة لا تتبرع بشيء من مالها إلا بإذن
زوجها واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن
زوجها ) رواه الإمام أحمد في مسنده (6643) وأبو داود (3547) وصححه الألباني
في صحيح أبي داود .
وحمل جمهور العلماء هذا الحديث إما على السفيهة التي لا تحسن
التصرف في المال ، أو أن استئذان المرأة زوجها في ذلك على سبيل الاستحباب لا الوجوب
وهو من حسن العشرة .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ :
عِنْد أَكْثَرِ الْفُقَهَاء هَذَا عَلَى مَعْنَى حُسْن
الْعِشْرَة وَاسْتِطَابَة نَفْس الزَّوْج بِذَلِكَ , إِلا أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي
غَيْر الرَّشِيدَة . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ , فَجَعَلَتْ الْمَرْأَة تُلْقِي الْقُرْط
وَالْخَاتَم وَبِلال يَتَلَقَّاهَا بِكِسَائِهِ , وَهَذِهِ عَطِيَّة بِغَيْرِ إِذْن
أَزْوَاجهنَّ اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (3/414) :
"وقد استدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز للمرأة أن تعطي عطية من
مالها بغير إذن زوجها ، ولو كانت رشيدة . وقد اختلف في ذلك ، فقال الليث : لا يجوز
ذلك مطلقا ، لا في الثلث ولا فيما دونه ، إلا في الشيء التافه ، وقال طاوس ومالك :
إنه يجوز لها أن تعطي مالها بغير إذنه في الثلث ، لا فيما فوقه ، فلا يجوز إلا
بإذنه ، وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقا من غير إذن من الزوج إذا لم تكن سفيهة
، فإن كانت سفيهة لم يجز . قال في الفتح : وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة"
اهـ .
وعلى هذا فلا تمنع المرأة من التصدق بشيء من مالها ولو لم يرض
زوجها .
والأحسن في هذا أن تستأذنه تطييبا لخاطره ، ودفعا لما قد يحدث في
نفسه من كراهة لتصرف زوجته ، وعليه أن يأذن لها ولا يكون مانعاً لزوجته من فعل
الخير والإحسان إلى الناس .
والله تعالى أعلم .
انظر السؤال رقم ( 21684 ) .
*****
48953
هل يدخل في النهي عن الإسبال النساء أيضاً ؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4762)
سؤال رقم 48953- هل يدخل في النهي عن الإسبال النساء أيضاً ؟
قرأت حديث لبس السروال المسدل تحت الكعب ، فهل ينطبق هذا على النساء أيضاً ، أم أنه للرجال فقط .
الحمد لله
لا ينطبق ما ورد من الوعيد على الإسبال في حق الرجال على النساء
؛ لأن النساء أُمرن بستر أقدامهن ، وأبيح لهن إطالة ثيابهن بمقدار ذراع .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جر
ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقالت أم سلمة : فكيف يصنعن النساء
بذيولهن ؟ قال : يرخين شبراً ، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن ، قال : فيرخينه ذراعاً
لا يزدن عليه " .
رواه الترمذي ( 1731 ) والنسائي ( 5336 ) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن
زِينَتِهِنَّ } .
قال ابن حزم :
هذا نص على أن الرّجلين و الساقين ، مما يُخْفَى ، ولا يحلّ
إبداؤه .
" المحلى " ( 3 / 216 ) .
قال القاضي عياض :
أجمع العلماء على أن هذا ممنوع في الرجال دون النساء .
" طرح التثريب " ( 8 / 173 ) .
قال النووي :
وأجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء , وقد صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعا .
" شرح مسلم " ( 14 / 62 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز :
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم بين كل خير ودعا إلى كل خير
وحذر من كل شر ، وقال عليه السلام " ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار "
خرجه البخاري في صحيحه . فالإزار والسراويل والقميص والبشت كلها يجب ألا تنزل عن
الكعبين فما نزل عن ذلك ففيه الوعيد المذكور في حق الرجال . أما النساء فعليهن أن
يرخين الملابس حتى تستر أقدامهن ؛ لأنهن عورة؛ فلا يجوز للرجل أن يتشبه بالنساء في
إرخاء الثياب ولا في غير ذلك .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 28 ) .
وقال – رحمه الله - :
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على تحريم الإسبال
مطلقا ، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر ، ولما في
ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ ، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر
أشد والإثم أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله
إليه يوم القيامة " ، والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل
ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة ،
أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 380 ) .
والله أعلم .
*****
08/1426
48954
هل له أن يتزوج بنت زوجة أبيه ؟
الفقه > معاملات > النكاح > المحرمات من النساء >(1/4763)
سؤال رقم 48954- هل له أن يتزوج بنت زوجة أبيه ؟
رجل تزوج بامرأة ولها بنت عند زواجه منها، ورزق منها بأولاد فهل يحل لابن الرجل من غيرها أن يتزوج بنت هذه المرأة التي تزوجها أبوه ؟.
الحمد لله
لا بأس بذلك ، لأنه لا علاقة بينه وبينها من ناحية القرابة فهي
أجنبية منه ، وهو أجنبي منها ، فيجوز للشخص أن يتزوج بنت زوجة أبيه من رجل آخر ،
لقوله تعالى لما ذكر المحرمات في النكاح ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ) النساء/24
المنتقى من فتاوى الفوزان (5/258).
*****
48955
أحرمت بالعمرة من مكة فماذا عليها؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/4764)
سؤال رقم 48955- أحرمت بالعمرة من مكة فماذا عليها؟
أنا من سكان مكة وأردت العمرة ولم أذهب للميقات لإصرار أخي أنه لا يلزم ذلك ، ولكن أنا أعلم بوجوب الميقات. ما الحكم ؟ وإذا كان عليّ دم عمرة وأردت إرساله لخارج المملكة فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
من كان بمكة وأراد أن يعتمر فإنه يجب عليه الخروج إلى الحل (خارج
حدود الحرم) ليحرم بالعمرة ، ولا يجوز له أن يحرم بالعمرة من مكة ، فإن فعل ذلك
فعليه عند جمهور العلماء دم أي : يذبح شاة في مكة ويوزعها على مساكين الحرم .
روى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . . .
فذكرت الحديث وقالت : فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى
التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ .
وروى البخاري (1215) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ .
فَقَالَ : يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنْ
التَّنْعِيمِ ، فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ فَاعْتَمَرَتْ . (أَحْقَبَهَا) أي
أركبها خلفه .
وفي رواية للبخاري ومسلم : قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لعبد
الرحمن : ( اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنْ الْحَرَمِ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ) .
قال النووي :
( اُخْرُجْ بِأُخْتِك مِنْ الْحَرَم فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ )
فِيهِ دَلِيل لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاء أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّة وَأَرَادَ
الْعُمْرَة فَمِيقَاته لَهَا أَدْنَى الْحِلّ , وَلا يَجُوز أَنْ يُحْرِم بِهَا
مِنْ الْحَرَم . . .
قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخُرُوج إِلَى الْحِلّ
لِيَجْمَع فِي نُسُكه بَيْن الْحِلّ وَالْحَرَم , كَمَا أَنَّ الْحَاجّ يَجْمَع
بَيْنهمَا فَإِنَّهُ يَقِف بِعَرَفَاتٍ وَهِيَ فِي الْحِلّ , ثُمَّ يَدْخُل مَكَّة
لِلطَّوَافِ وَغَيْره هَذَا تَفْصِيل مَذْهَب الشَّافِعِيّ , وَهَكَذَا قَالَ
جُمْهُور الْعُلَمَاء أَنَّهُ يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى
الْحِلّ , وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم وَلَمْ يَخْرُج لَزِمَهُ دَم
. وَقَالَ عَطَاء : لا شَيْء عَلَيْهِ . وَقَالَ مَالِك : لا يُجْزِئهُ حَتَّى
يَخْرُج إِلَى الْحِلّ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَقَالَ مَالِك : لا بُدّ مِنْ
إِحْرَامه مِنْ التَّنْعِيم خَاصَّة . قَالُوا : وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِرِينَ
مِنْ مَكَّة , وَهَذَا شَاذّ مَرْدُود , وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِير أَنَّ
جَمِيع جِهَات الْحِلّ سَوَاء , وَلا تَخْتَصّ بِالتَّنْعِيمِ . وَاَللَّه أَعْلَم
اهـ .
وأما من كان بمكة وأراد أن يحرم بالحج فإنه يحرم من موضعه بمكة
ولا يلزمه الخروج إلى الحل .
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1524) ومسلم (1181) عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ
لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ وَلأَهْلِ
نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ
أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ
كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ .
قال الحافظ :
( حَتَّى أَهْل مَكَّة مِنْ مَكَّة ) أَيْ لَا يَحْتَاجُونَ
إِلَى الْخُرُوج إِلَى الْمِيقَات لِلإِحْرَامِ مِنْهُ بَلْ يُحْرِمُونَ مِنْ
مَكَّة, وَهَذَا خَاصّ بِالْحَاجِّ . وَأَمَّا الْمُعْتَمِر فَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ
يَخْرُج إِلَى أَدْنَى الْحِلّ. قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : لا أَعْلَم أَحَدًا
جَعَلَ مَكَّة مِيقَاتًا لِلْعُمْرَةِ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مناسك الحج والعمرة" (ص 27) بعد أن
ذكر المواقيت ، قال :
ومن كان أقرب إلى مكة من هذه المواقيت فميقاته مكانه فيحرم منه ،
حتى أهل مكة يحرمون من مكة إلا في العمرة فيحرم من كان في الحرم من أدنى (أي أقرب)
الحل اهـ . ثم استدل بحديث عائشة المتقدم مع أخيها عبد الرحمن .
ثانيا :
يجب ذبح الشاة بمكة وتوزيعها على مساكين الحرم ، ولا يجوز
توزيعها خارج مكة . وذلك لقول الله تعالى في جزاء الصيد في الإحرام : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) المائدة /95.
وقوله تعالى : ( ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن جماعة أحرموا بالعمرة من كدى (مكان
بمكة) ولم يخرجوا إلى التنعيم .
فأجابت :
أخطأ هؤلاء الذين أحرموا بالعمرة من كدى ، لأن كدى ليست من الحل
، بل من الحرم ، وليست كالتنعيم ، ولا الجعرانة ، لأن كلا من التنعيم والجعرانة من
الحل ، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ، ولم يعتمر من التنعيم ،
وإنما أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب مع أخته عائشة لتحرم بالعمرة من التنعيم ،
لأنها أقرب مكان من الحل إلى الحرم ، ولو كان الإحرام بالعمرة داخل حدود الحرم
جائزا شرعا لأذن لعائشة أن تحرم من مكانها بالأبطح ، ولم يكلفها وأخاها الذهاب إلى
التنعيم للإحرام منه بالعمرة ، لما في ذلك من المشقة دون حاجة وهم على سفر ، وكان
صلى الله عليه وسلم إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ، وقياس كدى
على التنعيم والجعرانة غير صحيح ،لأن الإحرام من المواقيت تعبدي وعمرتهم صحيحة ،
وعلى كل منهم ذبيحة لإحرامهم بالعمرة من الحرم اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (صـ 515) :
فيجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بالميقات أن يهل منه ،
ولا يتجاوزه ، فإن فعل وتجاوز وجب عليه أن يرجع ليحرم منه ، وإذا رجع وأحرم منه فلا
فدية عليه ، فإن أحرم من مكانه ولم يرجع فعليه عند أهل العلم فدية يذبحها ويوزعها
على فقراء مكة اهـ .
*****
48956
هل للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف؟
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4765)
سؤال رقم 48956- هل للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف؟
هل من حق زوجها منعها من الاعتكاف ؟ .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها ، لأن اعتكافها في
المسجد يفوت حق الزوج .
فإن أذن لها فله الرجوع في الإذن وإخراجها من الاعتكاف .
قال ابن قدامة (4/485) :
وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ إلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا .
. . فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ لَها , ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَها مِنْهُ بَعْدَ
شُرُوعِها فِيهِ , فَلَه ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ . .
. فَإِنْ كَانَ مَا أُذِنَ فِيهِ مَنْذُورًا , لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهُا
مِنْهُ ; لأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ , وَيَجِبُ إتْمَامُهُ ,
فَيَصِيرُ كَالْحَجِّ إذَا أَحْرَمَت بِهِ اهـ بتصرف .
وقد دلت السنة على جواز منع الرجل امرأته من الاعتكاف إلا بإذنه
.
روى البخاري (2033) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَإِنَّهُ
أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ أَرَادَ الاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ
رَمَضَانَ فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ وَأَمَرَ غَيْرُهَا مِنْ
أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ
نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَةُ فَقَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ
فَقُوِّضَ وَتَرَكَ الاعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي
الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ .
وفي رواية للبخاري : ( فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَة فَأَذِنَ
لَهَا , وَسَأَلَتْ حَفْصَة عَائِشَة أَنْ تَسْتَأْذِن لَهَا فَفَعَلَتْ ) .
قال النووي :
( نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَة فَقَالَ : الْبِرّ يُرِدْنَ ؟
فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ )
( قُوِّضَ ) أَيْ : أُزِيلَ .
( الْبِرّ ) أَيْ : الطَّاعَة .
قَالَ الْقَاضِي : قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا
الْكَلام إِنْكَارًا لِفِعْلِهِنَّ , وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَذِنَ لِبَعْضِهِنَّ فِي ذَلِكَ , كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ , قَالَ :
وَسَبَب إِنْكَاره أَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُنَّ غَيْر مُخْلِصَات فِي الاعْتِكَاف ,
بَلْ أَرَدْنَ الْقُرْب مِنْهُ ; لِغَيْرَتِهِنَّ عَلَيْهِ , أَوْ لِغَيْرَتِهِ
عَلَيْهِنَّ , فَكَرِهَ مُلازَمَتهنَّ الْمَسْجِد مَعَ أَنَّهُ يَجْمَع النَّاس
وَيَحْضُرهُ الأَعْرَاب وَالْمُنَافِقُونَ , وَهُنَّ مُحْتَاجَات إِلَى الْخُرُوج
وَالدُّخُول لِمَا يَعْرِض لَهُنَّ , فَيَبْتَذِلْنَ بِذَلِكَ , أَوْ لأَنَّهُ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُنَّ عِنْده فِي الْمَسْجِد وَهُوَ فِي
الْمَسْجِد فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي مَنْزِله بِحُضُورِهِ مَعَ أَزْوَاجه , وَذَهَبَ
الْمُهِمّ مِنْ مَقْصُود الاعْتِكَاف , وَهُوَ التَّخَلِّي عَنْ الأَزْوَاج
وَمُتَعَلِّقَات الدُّنْيَا وَشِبْه ذَلِكَ ; أَوْ لأَنَّهُنَّ ضَيَّقْنَ
الْمَسْجِد بِأَبْنِيَتِهِنَّ . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِصِحَّةِ اِعْتِكَاف
النِّسَاء ; لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَذِنَ لَهُنَّ ,
وَإِنَّمَا مَنَعَهُنَّ بَعْد ذَلِكَ لِعَارِضٍ , وَفِيهِ أَنَّ لِلرَّجُلِ مَنْع
زَوْجَته مِنْ الاعْتِكَاف بِغَيْرِ إِذْنه , وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة ,
فَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَهَلْ لَهُ مَنْعهَا بَعْد ذَلِكَ ؟ فِيهِ خِلاف
لِلْعُلَمَاءِ , فَعِنْد الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد لَهُ مَنْعها
وَإِخْرَاجهمَا مِنْ اِعْتِكَاف التَّطَوُّع اهـ .
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْرُهُ : فِي الْحَدِيث إِنَّ
الْمَرْأَة لا تَعْتَكِف حَتَّى تَسْتَأْذِن زَوْجهَا وَأَنَّهَا إِذَا
اِعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا , وَإِنْ كَانَ
بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنَّ يَرْجِعَ فَيَمْنَعَهَا . وَعَنْ أَهْل الرَّأْي إِذَا
أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَنَعَهَا أَثِمَ بِذَلِكَ وَامْتَنَعَتْ , وَعَنْ
مَالِك لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ اهـ من
"فتح الباري" .
*****
48957
فضل صلاة التراويح
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4766)
سؤال رقم 48957- فضل صلاة التراويح
ما هو فضل صلاة التراويح ؟.
الحمد لله
أولاً :
صلاة التراويح سنة مستحبة باتفاق العلماء ، وهي من قيام الليل ،
فتشملها أدلة الكتاب والسنة التي وردت بالترغيب في قيام الليل ، وبيان فضله . وقد
سبق ذكر بعضها في السؤال رقم ( 50070 ) .
ثانياً :
قيام رمضان من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه في
هذا الشهر .
قال الحافظ ابن رجب : "واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان
جهادان لنفسه : جهاد بالنهار على الصيام ، وجهاد بالليل على القيام ، فمن جمع بين
هذين الجهادين وُفِّي أجره بغير حساب" اهـ .
وقد وردت بعض الأحاديث الخاصة بالترغيب في قيام رمضان وبيان فضله
، منها :
ما رواه البخاري (37) ومسلم (759) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ
إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) .
(مَنْ قَامَ رَمَضَان) أَيْ قَامَ لَيَالِيَهُ مُصَلِّيًا .
( إِيمَانًا ) أَيْ تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّهِ بِالثَّوَابِ
عَلَيْهِ .
( وَاحْتِسَابًا ) أَيْ طَلَبًا لِلْأَجْرِ لَا لِقَصْدٍ آخَرَ
مِنْ رِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ .
( غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه )
جَزَمَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ أنه يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ
وَالْكَبَائِرَ ، لكن قال النووي : الْمَعْرُوف عِنْد الْفُقَهَاء أَنَّ هَذَا
مُخْتَصّ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِر دُون الْكَبَائِر . قَالَ بَعْضهمْ : وَيَجُوز
أَنْ يُخَفِّف مِنْ الْكَبَائِر مَا لَمْ يُصَادِف صَغِيرَة اهـ من فتح الباري .
ثالثاً :
ينبغي أن يكون المؤمن حريصاً على الاجتهاد في العبادة في العشر
الأواخر من رمضان أكثر من غيرها، ففي هذه العشر ليلة القدر التي قال الله تعالى
فيها : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/3.
وقد ورد في ثواب قيامها قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) . رواه البخاري
(1768) ومسلم (1268) .
ولهذا ( كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَجْتَهِد فِي الْعَشْر الأَوَاخِر مَا لا يَجْتَهِد فِي غَيْرهَا ) . رواه
مسلم (1175) .
وروى البخاري (2024) ومسلم (1174) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا
دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ .
(دَخَلَ الْعَشْرُ) أي : الْعَشْر الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان .
(شَدَّ مِئْزَرَهُ) قيل هو كناية عن الاجتهاد في العبادة ، وقيل
كناية عن اعتزال النساء ، ويحتمل أنه يشمل المعنيين جميعاً .
( وَأَحْيَا لَيْلَهُ ) أَيْ سَهِرَهُ فَأَحْيَاهُ بِالطَّاعَةِ
، بالصلاة وغيرها .
( وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) أي : أَيْقَظَهُمْ لِلصَّلاةِ فِي
اللَّيْل .
وقال النووي :
فَفِي هَذَا الْحَدِيث : أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يُزَاد مِنْ
الْعِبَادَات فِي الْعَشْر الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان , وَاسْتِحْبَاب إِحْيَاء
لَيَالِيه بِالْعِبَادَاتِ اهـ .
رابعاً :
ينبغي الحرص على قيام رمضان في جماعة ، والبقاء مع الإمام حتى
يتم الصلاة ، فإنه بذلك يفوز المصلي بثواب قيام ليلة كاملة ، وإن كان لم يقم إلا
وقتاً يسيراً من الليل ، والله تعالى ذو الفضل العظيم .
قال النووي رحمه الله :
"اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب صَلاة التَّرَاوِيح ,
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الأَفْضَل صَلاتهَا مُنْفَرِدًا فِي بَيْته أَمْ فِي
جَمَاعَة فِي الْمَسْجِد ؟ فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَبُو
حَنِيفَة وَأَحْمَد وَبَعْض الْمَالِكِيَّة وَغَيْرهمْ : الأَفْضَل صَلاتهَا
جَمَاعَة كَمَا فَعَلَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَالصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه
عَنْهُمْ ، وَاسْتَمَرَّ عَمَل الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ" اهـ .
وروى الترمذي (806) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قال رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى
يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي
.
والله أعلم .
*****
48958
لا يشرع وضع جريدة أو زهور على القبر
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4767)
سؤال رقم 48958- لا يشرع وضع جريدة أو زهور على القبر
قرأت حديثاً فيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع جريدة على قبر ، فهل من السنة لمن زار القبور أن يفعل ذلك ؟.
الحمد لله
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البخاري (218) ومسلم
(292) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا
لَيُعَذَّبَانِ ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا
يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ،
ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ
وَاحِدَةً ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا ؟ قَالَ :
لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا .
وقد علل بعض العلماء تخيف العذاب عنهما بأن الجريدة الرطبة تسبح
الله تعالى فيكون ذلك سببا لتخفيف العذاب . وهذا فيه نظر .
قال النووي رحمه الله :
وَهَذَا مَذْهَب كَثِيرِينَ أَوْ الأَكْثَرِينَ مِنْ
الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلا يُسَبِّح
بِحَمْدِهِ ) الإسراء/44 .
قَالُوا : مَعْنَاهُ وَإِنْ مِنْ شَيْء حَيّ , ثُمَّ قَالُوا :
حَيَاة كُلّ شَيْء بِحَسَبِهِ فَحَيَاة الْخَشَب مَا لَمْ يَيْبَس , وَالْحَجَر مَا
لَمْ يُقْطَع . وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرهمْ إِلَى
أَنَّهُ عَلَى عُمُومه اهـ .
أي أن التسبيح ليس خاصاً بالرطب دون اليابس فكل شيء من رطب ويابس
يسبح بحمد لله تعالى .
وَقَدْ اِسْتَنْكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَضْعَ
النَّاس الْجَرِيد وَنَحْوه فِي الْقَبْر عَمَلا بِهَذَا الْحَدِيث وَقَال عن هذا
الحديث : هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ دَعَا لَهُمَا بِالتَّخْفِيفِ مُدَّة بَقَاء
النَّدَاوَة , لا أَنَّ فِي الْجَرِيدَة مَعْنًى يَخُصّهُ , وَلا أَنَّ فِي
الرَّطْب مَعْنًى لَيْسَ فِي الْيَابِس اهـ .
وعلى هذا ، يكون ذلك خاصاًّ بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، فلا يستحب لأحد أن يضع جريدة ولا غيرها على القبر .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة :
" إن وضع النبي صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم الجريدة على
القبرين ورجاءه تخفيف العذاب عمن وضعت على قبريهما واقعة عين لا عموم لها في شخصين
أطلعه الله على تعذيبهما ، وأن ذلك خاص برسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم
، وأنه لم يكن منه سنة مطردة في قبور المسلمين وإنما كان مرتين أو ثلاثاً على تقدير
تعدد الواقعة لا أكثر ، ولم يعرف فعل ذلك على أحد من الصحابة ، وهم أحرص المسلمين
على الاقتداء به صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلََّم ، وأحرصهم على نفع المسلمين ، إلا
ما روي عن بريدة الأسلمي : أنه أوصى أن يجعل في قبره جريدتان ، ولا نعلم أن أحداً
من الصحابة رضي الله عنهم وافق بريدة على ذلك " اهـ .
وقال الشيخ ابن باز :
" لا يشرع ذلك بل هو بدعة ؛ لأن الرسل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه الله سبحانه على عذاب أصحابهما ولم
يضعها على بقية القبور ، فعلم بذلك عدم جواز وضعها على القبور ؛ لقول النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ
فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) .
وفي لفظ لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ
أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
وهكذا لا تجوز الكتابة على القبور ولا وضع الزهور عليها للحديثين
المذكورين ؛ وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن تجصيص القبور والبناء
عليها والقعود عليها والكتابة عليها " اهـ .
مجلة البحوث الإسلامية (68/50).
*****
48959
لا يجوز كشف وجه الميت بعد وضعه في القبر
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4768)
سؤال رقم 48959- لا يجوز كشف وجه الميت بعد وضعه في القبر
إذا وضع الميت في قبره فهل نكشف وجهه أو نتركه مغطى ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا يكشف ، بل يغطى كله إلا المحرم فيكشف وجهه ورأسه لقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المحرم الذي مات بعرفة : ( لا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) متفق عليه وفي لفظ لمسلم : ( وَلا تُخَمِّرُوا
رَأْسَهُ وَلا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا )" .
وقال أيضاً :
" لا يجوز كشف وجه الميت إذا وضع في اللحد سواء كان رجلا أو
امرأة ، وإنما الواجب ستره بالكفن إلا أن يكون محرما فإنه لا يغطي رأسه ولا وجهه .
. . لكن إذا كان الميت امرأة فإنه يخمر وجهها بكفنها ولو كانت محرمة ؛ لأنها عورة "
اهـ .
"مجلة البحوث الإسلامية" (68/44) .
*****
48960
قص ما زاد عن القبضة من اللحية
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4769)
سؤال رقم 48960- قص ما زاد عن القبضة من اللحية
ما حكم قص ما زاد عن القبضة من اللحية ؟.
الحمد لله
سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إعفاء
اللحية قولية وفعلية ، فقد ثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الأمر بإعفاء اللحى وتوفيرها وتركها وافية ، فروى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد
الله بن عمر - رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى " رواه البخاري (5443)
ومسلم(600) ، وفي رواية ( خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا
اللحى ) رواه مسلم(602) وروى مسلم (383) عن أبي هريرة – رضي
الله عنه – قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( جزوا
الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/136) :
ومعنى إعفاء اللحية تركها لا تقص حتى تعفو أي تكثر . هذا هديه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القول ، أما هديه في الفعل فإنه لم يثبت عنه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أخذ من لحيته ، وأما الحديث الذي أخرجه
الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها " وقال الترمذي هذا حديث غريب (
الترمذي : 2912 ) وهذا الحديث في سنده عمر بن هارون وهو متروك كما قال الحافظ ابن
حجر في التقريب ، وبذلك يعلم أنه حديث لا يصح ولا تقوم به حجة في معارضة الأحاديث
الصحيحة الدالة على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها . أما ما يفعله بعض الناس
من حلق اللحية أو أخذ شيء من طولها أو عرضها فإنه لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي الرسول
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره بإعفائها . والأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد
صارف لذلك عن أصله ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك . اهـ .
قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله - القص من اللحية خلاف ما
أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( وفروا اللحى )، ( أعفوا اللحى ) ، (
أرخوا اللحى ) فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتباع هديه صلى
الله عليه وسلم ، فلا يأخذن منها شيئاً ، فإن هدي الرسول ، عليه الصلاة والسلام، أن
لا يأخذ من لحيته شيئاً، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله .
فتاوى ابن عثيمين(11/126)
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية
استدلالاً بفعل ابن عمر رضي الله عنه ، فقد روى البخاري (5892) : ( وَكَانَ ابْنُ
عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَه )
قال الشيخ ابن باز : من احتج بفعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه
كان يأخذ من لحيته في الحج ما زاد على القبضة . فهذا لا حجة فيه ، لأنه اجتهاد من
ابن عمر رضي الله عنهما ، والحجة في روايته لا في اجتهاده . وقد صرح العلماء رحمهم
الله : أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم
هي الحجة ، وهي مقدمة على رأيه إذا خالف السنة .
فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز :(8/370)
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في رسالته تحريم حلق اللحي ص (11)
: " ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد عن القبضة لفعل ابن عمر ، وأكثر العلماء
يكرهه ، وهذا أظهر لما تقدم ، وقال النووي : والمختار تركها على حالها وألا يتعرض
لها بتقصير شيء أصلاً ... وقال في الدر المختار : وأما الأخذ منها وهي دون القبضة
فلم يبحه أحد . اهـ اختصار
انظر سؤال رقم : ( 9977 ) و سؤال رقم : ( 1189 )
هذا وصلى الله على نبينا محمد .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
48961
اعتمرت ونسيت أن تقصر شعرها ثم اعتمرت مرة أخرى
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >(1/4770)
سؤال رقم 48961- اعتمرت ونسيت أن تقصر شعرها ثم اعتمرت مرة أخرى
اعتمرت ونسيت أن أقصر شعري ثم ذهبت وأحرمت بعمرة جديدة وطفت وسعيت وقصرت شعري . فما حكم عمرتي الأولى والثانية وماذا يجب علي ؟.
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
إدخال العمرة على العمرة ليس عند فقهاء المسلمين ، فتكون العمرة
الثانية لاغية ، وتقصيره يقع عن العمرة الأولى .
*****
48963
حديث ضعيف في تحريم الإعانة على قتل مسلم
الحديث وعلومه >(1/4771)
سؤال رقم 48963- حديث ضعيف في تحريم الإعانة على قتل مسلم
يوجد حديث صحيح . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمه جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ) يعنى : لا تنزل رحمة الله على من ساعد الكافر فى قتل المسلم . هذا ما فهمته من الحديث . والرجاء التوضيح.
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث رواه ابن ماجه ( 2620 ) والعقيلي في الضعفاء ( 457 )
والبيهقي في السنن (8/22) وهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، قال الإمام أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح .
بل حكم عليه أبو حاتم بأنه موضوع ، وأقرّه الذهبي ، وأورده ابن
الجوزي في الموضوعات (2/104) ، وقال ابن حبان : هذا حديث موضوع لا أصل له من حديث
الثقات .
وقال ابن حجر والمنذري: حديث ضعيف جداً . وقال الزيلعي : وهو
حديث ضعيف .
وقد ذكره الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" وقال : ضعيف جداًّ .
ثانيا :
مع ضعف هذا الحديث فلا شك أن الإعانة على قتل المسلم بغير حق من
الكبائر .
قَالَ العز بْن عَبْد السَّلَام رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه (
الْقَوَاعِد ) :
"إِذَا أَرَدْت مَعْرِفَة الْفَرْق بَيْن الصَّغِيرَة
وَالْكَبِيرَة فَاعْرِضْ مَفْسَدَة الذَّنْب عَلَى مَفَاسِد الْكَبَائِر
الْمَنْصُوص عَلَيْهَا ; فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ أَقَلّ مَفَاسِد الْكَبَائِر فَهِيَ
مِنْ الصَّغَائِر , وَإِنْ سَاوَتْ أَدْنَى مَفَاسِد الْكَبَائِر أَوْ رَبَتْ
عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ الْكَبَائِر فَمَنْ شَتَمَ الرَّبّ سُبْحَانه وَتَعَالَى ,
أَوْ رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَوْ اِسْتَهَانَ بِالرُّسُلِ ,
أَوْ كَذَّبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ , أَوْ ضَمَّخَ الْكَعْبَة بِالْعَذِرَةِ , أَوْ
أَلْقَى الْمُصْحَف فِي الْقَاذُورَات فَهِيَ مِنْ أَكْبَر الْكَبَائِر . وَلَمْ
يُصَرِّح الشَّرْع بِأَنَّهُ كَبِيرَة . وَكَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ اِمْرَأَة
مُحْصَنَة لِمَنْ يَزْنِي بِهَا , أَوْ أَمْسَكَ مُسْلِمًا لِمَنْ يَقْتُلهُ ,
فَلَا شَكّ أَنَّ مَفْسَدَة ذَلِكَ أَعْظَم عَنْ مَفْسَدَة أَكْل مَال الْيَتِيم ,
مَعَ كَوْنه مِنْ الْكَبَائِر . وَكَذَلِكَ لَوْ دَلَّ الْكُفَّار عَلَى عَوْرَات
الْمُسْلِمِينَ مَعَ عِلْمه أَنَّهُمْ يَسْتَأْصِلُونَ بِدَلَالَتِهِ , وَيَسْبُونَ
حَرَمَهُمْ وَأَطْفَالهمْ , وَيَغْنَمُونَ أَمْوَالهمْ , فَإِنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى
هَذِهِ الْمَفَاسِد أَعْظَم مِنْ تَوَلِّيهِ يَوْم الزَّحْف بِغَيْرِ عُذْر مَعَ
كَوْنه مِنْ الْكَبَائِر . وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَبَ عَلَى إِنْسَان كَذِبًا يَعْلَم
أَنَّهُ يُقْتَل بِسَبَبِهِ ; أَمَّا إِذَا كَذَبَ عَلَيْهِ كَذِبًا يُؤْخَذ مِنْهُ
بِسَبَبِهِ تَمْرَة فَلَيْسَ كَذِبُهُ مِنْ الْكَبَائِر" اهـ .
وقد تصل إعانة الكافر على قتل المسلم في بعض الأحوال إلى الكفر .
فقد ذكر أهل العلم أن من نواقض الإسلام : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين .
راجع السؤال رقم ( 33691 ) .
ثالثاً:
لا يجوز لأحد أن يتساهل في نسبة الأحاديث إلى النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ
كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) . رواه البخاري (1291) ومسلم
(4) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي
بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في
مقدمة صحيحه .
قال النووي :
"ضَبَطْنَاهُ : يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْكَاذِبِينَ بِكَسْرِ
الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْع وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي
اللَّفْظَتَيْنِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الرِّوَايَة فِيهِ عِنْدنَا
الْكَاذِبِينَ عَلَى الْجَمْع , وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ ا ل أَصْبَهَانِيّ
فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَدِيثُ سَمُرَةَ
الْكَاذِبَيْنِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ عَلَى التَّثْنِيَة . . .
وَذَكَرَ بَعْض الأَئِمَّة جَوَاز فَتْح الْيَاء فِي يُرَى وَهُوَ ظَاهِرٌ حَسَنٌ ,
فَأَمَّا مَنْ ضَمَّ الْيَاء فَمَعْنَاهُ يُظَنُّ , وَأَمَّا مَنْ فَتَحَهَا
فَظَاهِرٌ وَمَعْنَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ , وَيَجُوز أَنْ يَكُون بِمَعْنَى يَظُنُّ
أَيْضًا . فَقَدْ حُكِيَ رَأَى بِمَعْنَى ظَنَّ . وَقُيِّدَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ ; لا
يَأْثَم إِلا بِرِوَايَتِهِ مَا يَعْلَمهُ أَوْ يَظُنّهُ كَذِبًا , أَمَّا مَا لَا
يَعْلَمهُ وَلَا يَظُنّهُ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي رِوَايَته وَإِنْ ظَنَّهُ
غَيْرُهُ كَذِبًا , أَوْ عَلِمَهُ , وَأَمَّا فِقْهُ الْحَدِيثِ فَظَاهِرٌ فَفِيهِ
تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ
مَا يَرْوِيهِ فَرَوَاهُ كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لا يَكُون كَاذِبًا وَهُوَ
مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ" اهـ .
وإذا لم يكن عند الشخص القدرة العلمية التي يستطيع أن يعرف بها
صحة الحديث أو ضعفه فالواجب عليه أن يسأل أهل العلم المختصين بهذا الشأن والرجوع
إلى أقوال الأئمة والحفاظ المدونة في الكتب ، عملاً بقوله تعالى : ( فَاسْأَلوا
أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النحل/43 .
*****
48964
ما هو الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله تعالى ؟
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
سؤال رقم 48964: ما هو الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله تعالى ؟
هل يصح أن يسمى الله بالمتكلم أو الباطش لأنه ورد أنه يفعل ذلك ؟.
الحمد لله
أسماء الله تعالى كلها توقيفية أي ( أنه يجب الوقوف فيها على ما
جاء في الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص ) وعليه فلا يصح أن يسمى الله إلا بما
سمى به نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من
الأحاديث ، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف على
النص لقوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك
كان عنه مسؤولا ) الإسراء/26 . ولأن تسميته تعالى بما لم يسم
به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك ،
والاقتصار على ما جاء به النص .
وأما ما ورد في القرآن والسنة على سبيل الوصف أو الخبر فقط ،
بحيث لم يرد تسمية الله به ، فلا يصح أن نسميه به ، وذلك لأن من صفات الله ما يتعلق
بأفعاله ، وأفعال الله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها .
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله الفعلية ( المجيء والإتيان ،
والأخذ ، والإمساك ، والبطش ) إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى :
( وجاء ربك ) الفجر/22 وقال : ( ويمسك السماء أن تقع على
الأرض إلا بإذنه ) الحج /65 وقال : ( إن بطش ربك لشديد ) البروج /12 ، فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد
، ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش ،
ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به ."
والله أعلم .
يراجع : ( القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى 13 , 21 ) للشيخ ابن
عثيمين رحمه الله .
*****
48965
إحياء ليلة القدر وحكم الاحتفال بها
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >
سؤال رقم 48965: إحياء ليلة القدر وحكم الاحتفال بها
كيف يكون إحياء ليلة القدر؛ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد ؟.
الحمد لله
أولاً :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من
رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء ، فروى البخاري ومسلم عن
عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان إذا دخل العشر الأواخر
أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ) . ولأحمد ومسلم : ( كان يجتهد في العشر الأواخر
مالا يجتهد في غيرها ) .
ثانياً :
حث النبي صلى الله عليه وسلم على قيام ليلة القدر إيماناً
واحتساباً ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من
قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) . رواه الجماعة
إلا ابن ماجه ، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام .
ثالثاً :
من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي صلى الله
عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ، فروى الترمذي وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( قلت : يا رسول الله ، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟) قال : (
قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) .
رابعاً :
أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل
يعينها دون غيرها ، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة
والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر ؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما
ذكرنا .
خامساً :
وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره ، فقد ثبت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
وفي رواية : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلا ،
وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها.
وبالله التوفيق .
فتاوى اللجنة الدائمة (10/413) .
*****
48966
بدء إلقاء التحيّة على الكافر
العقيدة > الولاء والبراء >
الآداب > آداب السلام >(1/4772)
سؤال رقم 48966- بدء إلقاء التحيّة على الكافر
هل يجوز للمسلم أن يحي غير المسلم أولاً ؟.
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ عن حكم السلام على غير
المسلمين ، فأجاب بقوله :
البدء بالسلام على غير المسلمين محرّم ولا يجوز ، لأن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق
فاضطروهم إلى أضيقه ) ، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نردّ عليهم ، لعموم قوله
تعالى : ( وإذا حيّيتم بتحيّة فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها ) ، وكان اليهود يسلّمون
على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : السام عليك يا محمد ، والسام بمعنى الموت
. يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( إن اليهود يقولون : السام عليكم فإذا سلموا عليكم فقولوا : وعليكم "
فإذا سلّم غير المسلم على المسلم وقال : " السام عليكم " فإننا
نقول : وعليكم " . وفي قوله صلى الله عليه وسلم " وعليكم " دليل على أنهم إذا كانوا
قد قالوا : السلام عليكم فإن عليهم السلام فكما قالوا نقول لهم ، ولهذا قال بعض أهل
العلم : إن اليهودي أو النصراني أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظ صريح : "
السلام عليكم " جاز أن نقول : عليكم السلام .
ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية كأهلاً وسهلاً وما أشبهها لأن
في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً لهم ، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل
ما يقولون ، لأن السلام جاء بالعدل وإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أن المسلمين
أعلى مكانة ومرتبة عند الله عز وجل ـ فلا ينبغي أن يذلوا أنفسهم لغير المسلمين
فيبدؤوهم بالسلام .
إذا فنقول في خلاصة الجواب : لا يجوز أن يبدأ غير المسلمين
بالسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ، ولأن في هذا إذلالاً للمسلم حيث
يبدأ بتعظيم غير المسلم ، والمسلم أعلى مرتبة عند الله ـ عز وجل ـ فلا ينبغي أن
يذلّ نفسه في هذا . أما إذا سلّموا علينا فإننا نرد عليهم مثل ما سلّموا .
وكذلك أيضاً لا يجوز أن نبدأهم بالتحيّة مثل أهلاً وسهلاً
ومرحباً وما أشبه ذلك لما في ذلك من تعظيهم فهو كابتداء السلام عليهم "
( مجموع الفتاوى 3/33)
وإذا كانت هناك حاجة داعية إلى بدء الكافر بالتحية فلا حرج فيها
حينئذٍِ ، ولتكن بغير السلام ، كما لو قال له : أهلاً وسهلاً أو كيف حالك ونحو ذلك
. لأن التحية حينئذ لأجل الحاجة لا لتعظيمه .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (25/168) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (2/424) في
ابتداء الكفار بالتحية :
( و قالت طائفة - أي من العلماء - : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة
من حاجة تكون إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ) اهـ
.
والله أعلم .
*****
48967
حل السحر بسحر مثله
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4773)
سؤال رقم 48967- حل السحر بسحر مثله
هل يجوز فك السحر عن المسحور باستخدام السحر ؟.
الحمد لله
إن فك السحر عن المسحور لا يخلو من حالين :
الحالة الأولى : أن يستخدم في ذلك الرقى الشرعية والتعوذات
النبوية ، والأدوية المباحة فلا بأس بذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية للرقى . يراجع
سؤال ( 12918 )
الحالة الثانية : " أن يعالجه ـ أي السحر ـ بعمل السحرة الذي هو
التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز ؛ لأنه من عمل الشيطان بل
من الشرك الأكبر فالواجب الحذر من ذلك كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين
والمشعوذين واستعمال ما يقولون ؛ لأنهم لا يؤمنون ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب
ويلبسون على الناس وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم
فقال عليه الصلاة والسلام : " من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين
ليلة " وقال صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل
على محمد صلى الله عليه وسلم " فالسحرة كفرة لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا
تصديقهم .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن النشرة ؟
فقال : " هي من عمل الشيطان " رواه الإمام أحمد في مسنده ( 3/294 ) وأبو
داود في سننه ( 3868 ) بإسناد جيد
والنشرة هي حل السحر عن المسحور
ومراده صلى الله عليه وسلم بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل
الجاهلية وهي سؤال الساحر ليحل السحر ، أو حله بسحر مثله من ساحر آخر أما حله
بالرقية والتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك وقد نص على ذلك العلامة
ابن القيم والشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد رحمة الله عليهما ونص على ذلك
أيضا غيرهما من أهل العلم والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء وأن
يحفظ عليهم دينهم ويرزقهم الفقه فيه والعافية من كل ما يخالف شرعه وصلى الله وسلم
على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه" ا.هـ
ا نظر مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله ( 3 /
280 ).
*****
48969
متى يبدأ التكبير في عيد الفطر ومتى ينتهي؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4774)
سؤال رقم 48969- متى يبدأ التكبير في عيد الفطر ومتى ينتهي؟
متى يبدأ التكبير في عيد الفطر ومتى ينتهي ؟.
الحمد لله
في ختام شهر رمضان شرع الله لعباده أن يكبروه ، فقال تعالى : (
وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) "تكبروا الله" أي : تعظموه بقلوبكم وألسنتكم ، ويكون
ذلك بلفظ التكبير .
فتقول : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ،
الله أكبر ، ولله الحمد .
أو تكبر ثلاثاً ، فتقول : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا
إله إلا الله . والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
كل هذا جائز .
وهذا التكبير سنة عند جمهور أهل العلم ، وهو سنة للرجال والنساء
، في المساجد والبيوت والأسواق .
أما الرجال فيجهرون به ، وأما النساء فيسررن به بدون جهر ؛ لأن
المرأة مأمورة بخفض صوتها . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا نابكم شيء
في صلاتكم فليسبح الرجال ، ولتصفق النساء ) .
فالنساء يخفين التكبير والرجال يهجرون به .
وابتداؤه من غروب الشمس ليلة العيد إذا علم دخول الشهر قبل
الغروب كما لو أكمل الناس الشهر ثلاثين يوماً ، أو من ثبوت رؤية هلال شوال ، وينتهي
بالصلاة يعني إذا شرع الناس في صلاة العيد انتهى وقت التكبير .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/269-272).
وقال الشافعي في "الأم" :
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ , وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ )
فَسَمِعْت مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولَ : لِتُكْمِلُوا
الْعِدَّةَ عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَتُكَبِّرُوا اللَّهُ عِنْدَ
إكْمَالِهِ عَلَى مَا هَدَاكُمْ , وَإِكْمَالُهُ مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ
يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ .
ثم قَالَ الشَّافِعِيُّ :
فَإِذَا رَأَوْا هِلالَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ
النَّاسُ جَمَاعَةً , وَفُرَادَى فِي الْمَسْجِدِ وَالأَسْوَاقِ , وَالطُّرُقِ ,
وَالْمَنَازِلِ , وَمُسَافِرِينَ , وَمُقِيمِينَ فِي كُلِّ حَالٍ , وَأَيْنَ
كَانُوا , وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ , وَلا يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حَتَّى
يَغْدُوَا إلَى الْمُصَلَّى , وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الإِمَامُ
لِلصَّلاةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ . .
ثم روى عن سعيد ابْن الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْن الزُّبَيْرِ
وَأَبي سَلَمَةَ وَأَبي بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنهم كانوا يُكَبِّرُونَ
لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ .
وعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْهَرَانِ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَغْدُوَانِ إلَى
الْمُصَلَّى .
وعن نَافِع بْن جُبَيْرٍ أنه كان يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ
يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْعِيدِ .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى
يَوْمَ الْفِطْرِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى
يَوْمَ الْعِيدِ ثُمَّ يُكَبِّرُ بِالْمُصَلَّى حَتَّى إذَا جَلَسَ الإِمَامُ
تَرَكَ التَّكْبِيرَ اهـ باختصار.
*****
48970
استخدام هرمونات لزيادة المحاصيل الزراعية وتحسينها
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/4775)
سؤال رقم 48970- استخدام هرمونات لزيادة المحاصيل الزراعية وتحسينها
يقوم بعض المزارعين باستخدام هرمونات معينة لزيادة الإنتاج وتحسين النوعية وزيادة حجم الثمرة ، واستخدام هذه الهرمونات فيه ضرر على الإنسان وغير مصرح به رسميا من قبل وزارة الزراعة ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
" هذا عمل محرم ؛ لأنه غش للمسلمين ، وقد ثبت عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) . وهذا
العمل فيه مضارة للمسلمين ، ومن ضار مسلما ضار الله به ، وفاعله آثم ، وكسبه حرام ،
وحري أن يعاقب فاعله لما عمله من الغش والإثم ، ولا يجوز لمن علم هذه الحال في هذه
الأنواع من المنتجات أن يسوقها ويروجها ويبيعها ، لما في ذلك من التعاون على الإثم
والعدوان ، والله تعالى يقول : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ) . المائدة/2 .
فعلى المزارعين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله ، وأن يكونوا
متعاونين على البر والتقوى مبتعدين عن أسباب الإثم والعدوان ، متطلبين الكسب الحلال
والرزق المستطاب ، مجتنبين الكسب الحرام وألا يغتروا بزهرة الحياة الدنيا وجمع
المال من أي طريق حلال أو حرام ، فحلالٌ قليلٌ خيرٌ من حرام كثير ، وعلى المسلمين
تبليغ المسئولين عمن يفعل ذلك للأخذ على يده ؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب إنكاره ،
وعلى المسلمين التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة
لإخوانهم" اهـ .
من فتاوى اللجنة الدائمة . "مجلة البحوث الإسلامية" (61/100) .
*****
48971
رفع الصوت في الجنائز
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4776)
سؤال رقم 48971- رفع الصوت في الجنائز
عند تشييع الجنازة يرفع بعض الناس صوته ويطلب من الناس أن يقولوا : لا إله إلا الله أو الله أكبر ، فيقول : وحدوه وكبروه ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
" هذا منكر لا أصل له في الشرع المطهر ، وإنما المشروع عند اتباع
الجنائز تذكر الآخرة والموت والدعاء للميت بالمغفرة والرحمة من دون رفع الأصوات ،
وقد قال قيس بن عباد التابعي الجليل رحمه الله : كان أصحاب رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرهون الصوت عند ثلاث : عند الجنازة وعند الذكر ، وعند
القتال " اهـ .
الشيخ ابن باز رحمه الله . " مجلة البحوث الإسلامية " (68/36) .
*****
48972
صلاة العيد لا نداء لها ولا أذان ولا شيء
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4777)
سؤال رقم 48972- صلاة العيد لا نداء لها ولا أذان ولا شيء
هل من السنة أن ينادى لصلاة العيد بشيء مثل "الصلاة جامعة" كما في صلاة الكسوف ؟.
الحمد لله
روى مسلم (885) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :
شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ يَوْمَ
الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا
إِقَامَةٍ .
وروى البخاري (960) ومسلم (886) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالا : لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ
الْفِطْرِ وَلا يَوْمَ الأَضْحَى . قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الأَنْصَارِيُّ : لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإِمَامُ
، وَلا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ ، وَلا إِقَامَةَ وَلا نِدَاءَ وَلا شَيْءَ ، لا
نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقَامَةَ .
فهذا الحديث دليل على أنه لا أذان لصلاة العيد ولا إقامة ولا
ينادى لها بشيء .
وذهب بعض العلماء إلى أنه ينادى لها بقول "الصلاة جامعة" قياساً
على صلاة الكسوف .
وهو قياس في مقابلة حديث جابر المتقدم فلا يعتد به .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُنَادَى لَهَا : الصَّلاةُ
جَامِعَةٌ . وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ" اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
لا ينادى للعيد والاستسقاء ، وقاله طائفة من أصحابنا اهـ . نقله عنه في "الإنصاف" (1/428)
وقال ابن القيم في زاد المعاد :
"وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلَّى
أَخَذَ فِي الصَّلَاةِ -أَيْ صَلاةِ الْعِيدِ- مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ ,
وَلا قَوْلِ : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ , وَالسُّنَّةُ أَنْ لا يُفْعَلَ شَيْءٌ مِنْ
ذَلِكَ اهـ .
وقال الصنعاني في "سبل السلام" عن القول بأنه يستحب أن ينادى
للعيد "الصلاة جامعة" قال :
"إنه قول غَيْرُ صَحِيحٍ ; إذْ لا دَلِيلَ عَلَى الاسْتِحْبَابِ
, وَلَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا تَرَكَهُ صلى الله عليه وسلم ; وَالْخُلَفَاءُ
الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ , نَعَمْ ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَلاةِ الْكُسُوفِ لا
غَيْرُ , وَلا يَصِحُّ فِيهِ الْقِيَاسُ ; لأَنَّ مَا وُجِدَ سَبَبُهُ فِي عَصْرِهِ
وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَفِعْلُهُ بَعْدَ عَصْرِهِ بِدْعَةٌ , فَلا يَصِحُّ إثْبَاتُهُ
بِقِيَاسٍ وَلا غَيْرِهِ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : هل لصلاة العيد أذان وإقامة ؟
فأجاب :
" صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة ، كما ثبتت بذلك السنة ، ولكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا : إنه ينادى لها
"الصلاة جامعة" ، لكنه قول لا دليل له ، فهو ضعيف . ولا يصح قياسها على الكسوف ،
لأن الكسوف يأتي من غير أن يشعر الناس به، بخلاف العيد فالسنة أن لا يؤذن لها ، ولا
يقام لها ، ولا ينادى لها، "الصلاة جامعة" وإنما يخرج الناس ، فإذا حضر الإمام صلوا
بلا أذان ولا إقامة، ثم من بعد ذلك الخطبة" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمن" (16/237) .
*****
48973
أقسام العبودية
العقيدة >(1/4778)
سؤال رقم 48973- أقسام العبودية
أقرأ في بعض الآيات ما يدل على أن عباد الرحمن هم المؤمنون فقط مثل قوله تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ) الفرقان/63 ، وفي بعضها الآخر ما يدل على أن جميع الناس عباد الله كقوله تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 فكيف نجمع بين الآيتين ؟.
الحمد لله
اعلم أرشدك الله لطاعته أن العبودية نوعان :عبودية خاصة ،
وعبودية عامة .
فالعبودية الخاصة هي :
عبودية المحبة والانقياد والطاعة التي يشرف بها العبد ويعظم ،وهي
التي وردت في مثل قول الله تعالى : ( الله لطيف بعباده ) الشورى/19 ، وقوله : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) الفرقان/63 ، وهذه العبودية خاصة بالمؤمنين الذين يطيعون الله تعالى
، لا يشاركهم فيها الكفار الذين خرجوا عن شرع الله تعالى وأمره ونهيه ، والناس
يتفاوتون في هذه العبودية تفاوتاً عظيما ؛ فكلما كان العبد محباً لله متبعاً
لأوامره منقاداً لشرعه كان أكثر عبودية . وأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم
الأنبياء والرسل ، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا لم يرد
ذكر أحد بوصف بالعبودية المجردة في القرآن إلا هو عليه الصلاة والسلام فذكره الله
بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه : ( الحمد لله الذي أنزل
على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً ) الكهف/1 ، وفي مقام
الإسراء فقال جل شأنه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى ) الإسراء/1 ، وفي مقام الدعوة فقال تعالى : ( وأنه
لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً ) الجن/19 إلى غير ذلك من الآيات .
فالشرف كل الشرف في استكمال هذه العبودية وتحقيقها ولا يكون ذلك
إلا بتمام الافتقار إلى الله تعالى ، وتمام الاستغناء عن الخلق ، وذلك لا يتأتى إلا
بأن يجمع الإنسان بين محبة الله تعالى والخوف منه ورجاءِ فضله وثوابه .
وأما العبودية العامة :
فهذه لا يخرج عنها مخلوق وتسمى عبودية القهر فالخلق كلهم بهذا
المعنى عبيد لله يجري فيهم حكمه ، و ينفذ فيهم قضاؤه ، لا يملك أحد لنفسه ضراً ولا
نفعاً إلا بإذن ربه ومالكه المتصرف فيه . وهذه العبودية هي التي جاءت في مثل قوله
تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ) مريم/93 ، وهذه العبودية لا تقتضي فضلاً ولا تشريفاًُ ، فمن أعرض عن
العبودية الخاصة فهو مأسور مقهور بالعبودية العامة فلا يخرج عنها بحال من الأحوال .
فالخلق كلهم عبيد لله فمن لم يعبد الله باختياره فهو عبد له بالقهر والتذليل
والغلبة .
نسأل الله أن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه
سميع قريب مجيب . والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية
لشيخ الإسلام ابن تيمية ) .
*****
48974
دخل مع الإمام أثناء التكبيرات الزوائد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4779)
سؤال رقم 48974- دخل مع الإمام أثناء التكبيرات الزوائد
إذا دخلت مع الإمام في صلاة العيد بعد أن بدأ في التكبير بعد تكبيرة الإحرام ، فهل أكبر ما فات مني بعد تكبير الإمام ؟.
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ما الحكم لو أدركت
الإمام وهو يصلي العيد وكان يكبر التكبيرات الزوائد ، هل أقضي ما فاتني أم ماذا
أعمل ؟
فأجاب : " إذا دخلت مع الإمام في أثناء التكبيرات ، فكبر للإحرام
أولاً ، ثم تابع الإمام فيما بقي ، ويسقط عنك ما مضى" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/245) .
*****
48975
إذا سافر الصائم أثناء النهار فله الفطر
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4780)
سؤال رقم 48975- إذا سافر الصائم أثناء النهار فله الفطر
إذا نويت الصيام من الليل وأصبحت صائماً ، ثم أردت أن أسافر بالنهار فهل يجوز لي أن أفطر أم يجب علي أن أكمل الصيام ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز للصائم أن يفطر إذا سافر أثناء النهار ، وهو مذهب
الإمام أحمد رحمه الله .
انظر "المغني" (4/345) .
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة .
أما الكتاب فقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185. ومن سافر أثناء النهار
فهو "على سفر" فله أن يفطر ويترخص برخص السفر .
وأما السنة فقد روى أحمد (26690) أبو داود (2412) عَنْ عُبَيْدٍ
بْنَ جَبْرٍ قَالَ : رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي
رَمَضَانَ ، فَدَفَعَ ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ ( وفي رواية لأحمد : فَلَمَّا
دَفَعْنَا مِنْ مَرْسَانَا أَمَرَ بِسُفْرَتِهِ فَقُرِّبَتْ ) ثُمَّ قَالَ :
اقْتَرِبْ . فَقُلْتُ : أَلَسْنَا نَرَى الْبُيُوتَ ! فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ :
أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟!
"وَقَوْل الصَّحَابِيّ مِنْ السُّنَّة يَنْصَرِف إِلَى سُنَّة
رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" اهـ من عون المعبود .
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" :
"وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ جَوَّزَ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْر فِي
يَوْمٍ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ . وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الإِمَام
أَحْمَد , وَقَوْل عَمْرو بْن شُرَحْبِيل وَالشَّعْبِيّ وَإِسْحَاق . وَحَكَاهُ
عَنْ أَنَس , وَهُوَ قَوْل دَاوُدَ وَابْن الْمُنْذِر" اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/212) :
"وَإِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ
الْفِطْرُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ
أَحْمَد . أَظْهَرُهُمَا : أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ . كَمَا ثَبَتَ فِي السُّنَنِ
أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ يُفْطِرُ إذَا خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ وَيَذْكُرُ
أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ
عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ
إنَّهُ دَعَا بِمَاءِ فَأَفْطَرَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ" اهـ .
وانظر : "الشرح الممتع" (6/217) .
ولكن ليس له أن يفطر حتى يشرع في السفر ويفارق بلده ، ولا يجوز
له أن يفطر وهو في بلده .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/218) :
"إذا سافر أثناء اليوم فله الفطر ، ولكن هل يشترط أن يفارق قريته
؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر ؟
الجواب : في هذا قولان عن السلف .
والصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية ، لأنه لم يكن الآن على
سفر ولكنه ناوٍ للسفر , ولذلك لا يجوز أن يقصر حتى يخرج من البلد فكذلك لا يجوز أن
يفطر حتى يخرج من البلد" اهـ .
*****
48976
لا تستحب مخالفة الطريق في شيء من الصلوات إلا صلاة العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4781)
سؤال رقم 48976- لا تستحب مخالفة الطريق في شيء من الصلوات إلا صلاة العيد
هل تستحب مخالفة الطريق في صلاة أخرى غير صلاة العيد ؟.
الحمد لله
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . ومعنى مخالفة الطريق أنه يذهب من
طريق ويعود من طريق آخر .
فهذا الحديث يدل على استحباب مخالفة الطريق في صلاة العيد .
قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (16/222) :
"ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن يخرج من طريق ويرجع من آخر اقتداء
برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسن هذه السنة في غيرها من الصلوات ، لا
الجمعة ولا غيرها، بل تختص بالعيد ، وبعض العلماء يرى أن ذلك مشروع في صلاة الجمعة
، لكن القاعدة : ( أن كل فعل وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله
فاتخاذه عبادة يكون بدعة من البدع )" اهـ .
*****
48977
هل الدعاء للميت عند القبر يكون جماعة؟
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4782)
سؤال رقم 48977- هل الدعاء للميت عند القبر يكون جماعة؟
إذا دفن الميت في قبره يقوم بعض الناس بالدعاء للميت ويؤمن الناس على دعائه فهل هذا الفعل من السنة ؟.
الحمد لله
أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله بجواز الدعاء جماعة ، فيدعو أحد
المشيعين ويؤمن الناس على دعائه ، أو يدعو كل شخص بمفرده .
قال رحمه الله :
"قد دلت السنة الثابتة عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ على شرعية الدعاء للميت بعد الدفن ، فقد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ :
( اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ ، فَإِنَّهُ الآنَ
يُسْأَلُ) رواه أبو داود (3221) . صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
ولا حرج في أن يدعو واحد ويؤمن السامعون أو يدعو كل واحد بنفسه
للميت" اهـ .
مجلة البحوث الإسلامية (68/53) .
وهذا من حيث الجواز ، أما الأفضل والأقرب إلى السنة فيدعو كل
واحد بمفرده .
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله عن الدعاء جماعة :
"ليس هذا من سنة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ولا
من سنة الخلفاء الراشدين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم ، وإنما كان الرسول صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرشدهم إلى أن يستغفروا للميت ويسألوا له التثبيت ، كلٌّ بنفسه
، وليس جماعة" اهـ .
"فتاوى الجنائز" (ص 228) .
والله أعلم .
*****
48978
إذا صلى العشاء جمع تقديم مع المغرب فله أن يوتر بعدها مباشرة
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4783)
سؤال رقم 48978- إذا صلى العشاء جمع تقديم مع المغرب فله أن يوتر بعدها مباشرة
إذا جمعت بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم بسبب السفر ، فمتى أصلى صلاة الوتر ؟ هل أصليها بعد العشاء مباشرة أم أنتظر حتى يدخل وقت صلاة العشاء ؟.
الحمد لله
لك أن تصليها بعد صلاة العشاء مباشرة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/144)
يشرع الجمع بين الصلاتين للمسافر والمريض وللمقيم في الليلة
المطيرة ، وله أن يوتر بعد صلاة العشاء المجموعة جمع تقديم .
*****
48979
يقصر المسافر الصلاة ولو لم يجد مشقة
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4784)
سؤال رقم 48979- يقصر المسافر الصلاة ولو لم يجد مشقة
ما المعتبر في القصر وجود المشقة أو وجود السفر نفسه ؟؟ .
الحمد لله
المعتبر في قصر الصلاة هو السفر سواء وجدت المشقة أم لا .
وقد عَلَّق الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الحكم (وهو قصر الصلاة) على السفر ، قال الله تعالى : ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي
الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ
خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ
عَدُوّاً مُبِيناً ) النساء/101.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلاةُ السَّفَرِ
رَكْعَتَانِ ) رواه النسائي (1420) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ ) . رواه النسائي
(2275) . حسنه الألباني في صحيح النسائي .
ويدل على ذلك أيضاً : أنه لا يجوز للمقيم (غير المسافر) أن يقصر
الصلاة ولو كان عليه مشقة في إتمامها ، مما يدل على أن الحكم إنما علق على السفر لا
على المشقة .
سئلت اللجنة الدائمة : إذا سافر الإنسان في الطائرة مسافة بعيدة
، ولكنه يقطعها في ظرف ساعتين أو أقل من ذلك فهل هذا المسافر يقصر الصلاة ويفطر في
رمضان أم لا ؟ وكذلك الإنسان يسافر في السيارة حوالي مائتي ميل أو أكثر في ظرف
ساعتين ونصف مثلا ، وفي المساء يعود إلى بيته ، ويقصر الصلاة ، فهل هذا القصر جائز
، أم لا يجوز إلا إذا كانت مشقة وتعب في السفر ؟
فأجابت :
"قصر الصلاة في مثل ما ذكر من المسافة سنة ، والفطر في مثلها
مرخص فيه للمسافر ، سواء قطعها في زمن كثير أم قليل ، ساعة أو أقل أو أكثر ، وسواء
نالته مشقة أم لا ؛ لأن الشأن في السفر المشقة ، ولو لم تحصل بالفعل ، وذلك من فضل
الله ورحمته سبحانه بعباده" اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (8/127).
*****
48980
نسبة الملك والتدبير للمخلوقين
العقيدة > التوحيد > الربوبية >(1/4785)
سؤال رقم 48980- نسبة الملك والتدبير للمخلوقين
هل يصح أن ينسب الملك والتدبير للمخلوق وهو من أفعال الربوبية التي يجب توحيد الله تعالى بها ؟.
الحمد لله
يجب على العبد أن يعتقد انفراد الله تعالى بالملك ؛ وأنه لا يملك
الخلق إلا خالقهم ؛ كما قال تعالى : ( ولله ملك السماوات والأرض ) آل
عمران/19 ، وقال تعالى : ( قل من بيده ملكوت كل شيء ) المؤمنون/88 .
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله ؛ كقوله تعالى : ( إلا
على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ) المؤمنون/6 ، وقال تعالى : ( أو ما ملكتم مفتاحه ) النور/61 ، فهذه الملكية تختلف عن ملك الله تعالى بعدة فروق منها :
1- أن ملك المخلوق ملكٌ محدود لا يشمل إلا شيئاً يسيراً من هذه
المخلوقات ؛ فالإنسان يملك ما تحت يده ، ولا يملك ما تحت يد غيره .
2- وكذا هو ملك قاصر من حيث الوصف؛ فالإنسان لا يملك ما عنده
تمام الملك ، ولهذا لا يتصرف فيه إلا على حسب ما أذن له فيه شرعاً ، فمثلاً : لو
أراد أن يحرق ماله ، أو يعذب حيوانه ؛ قلنا : لا يجوز ، أما الله - سبحانه ـ ، فهو
يملك ذلك كله ملكاً عاماً شاملاً .
وأما إفراد الله بالتدبير : فهو أن يعتقد الإنسان أنه لا مدبر
إلا الله وحده ؛ كما قال تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع
والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله
فقل أفلا تتقون . فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) يونس/31 .
وأما تدبير الإنسان فمحصور بما تحت يده ، ومحصور بما أذن له فيه
شرعاً .
وعلى هذا ، لا بأس أن ينسب الملك والتدبير للإنسان ، وهذا الملك
والتدبير قاصر ، وليس هو الملك والتدبير العام الشامل لكل شيء الذي لا يملكه إلا
الله تعالى .
والله أعلم .
انظر ( القول المفيد 1 / 13 ) .
*****
48981
هل إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم رشوة
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4786)
سؤال رقم 48981- هل إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم رشوة
يتهم بعض الناس الإسلام في قضية المؤلف قلوبهم بأنه رشوة وإغراء بالمال للدخول في الإسلام . فهل هذا صحيح ؟.
الحمد لله
أن إعطاء المال لتأليف القلوب ليس رشوة ؛ لأن الرشوة هي : المال
الذي يدفعه الراشي لمن يعينه على إبطال حق أو إحقاق باطل ، أما إعطاء المال من أجل
تأليف قلوب الناس للإسلام فهو لإعانتهم على الحق وترغيبهم فيه ، وهو الدخول في
الإسلام فهو من قبيل الجهاد بالمال .
وقد جعل الله تعالى للمؤلفة قلوبهم سهمًا في الزكاة ، قال تعالى
: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ
عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) التوبة /60
وهذا السهم يأخذه الحاكم ويصانع به من يرى أنه قريب من الإسلام ،
وقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم أموالاً من غنائم غزوة حنين ، وقد أدى
ذلك إلى إسلام قبائل بأكملها لهذا الأمر ، وهو أمر مستمر ، ورافد من روافد الدعوة
ينبغي إحياؤه ؛ لأن الإنسان مجبول على حب من أحسن إليه :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 8/181 ، وابن الأثير ، النهاية في غريب الحديث ص
359 ، والبوطي ، فقه السيرة ص 430
والموقف الصحيح للمسلم أنه إذا رأى نصًا ظاهرًا وصريحًا وصحيحًا
في مسألة معينة ، سواء أكان ذلك يتماشى مع ثقافة العصر - الثقافة الغربية - أو لا
يتماشى معها ، قال به دون وجل أو خوف سواء علم الحكمة من هذا التشريع أم لم يعلمها
.
وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .
*****
48982
لا تخصم المصروفات التي أنفقها على الزرع من الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/4787)
سؤال رقم 48982- لا تخصم المصروفات التي أنفقها على الزرع من الزكاة
عندي نخل وأريد أن أؤدي زكاته ، فهل يخصم من الزكاة المصروفات مثل (النقل ، أجور الذي يجني التمر ، أجور الذي يبيع التمر) ؟.
الحمد لله
لا تخصم المصروفات التي ينفقها صاحب الزرع على زرعه من الزكاة ،
والواجب في الزكاة إخراج عشر الزرع أو الثمر إن كان السقي بلا كلفة ، ونصف العشر إن
كان السقي بكلفة . راجع السؤال رقم ( 36778 )
.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/179) :
"وَالْمُؤْنَةُ الَّتِي تَلْزَمُ الثَّمَرَةَ إلَى حِينِ
الإِخْرَاجِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ; لأَنَّ الثَّمَرَةَ كَالْمَاشِيَةِ ,
وَمُؤْنَةُ الْمَاشِيَةِ وَحِفْظُهَا وَرَعْيُهَا , وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا إلَى
حِينَ الإِخْرَاجِ , عَلَى رَبِّهَا , كَذَا هَاهُنَا" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (9/220) :
هل تخرج زكاة المزرعة بعد حسم قيمة المصروفات على هذه المزرعة أم
قبل حساب تلك المصروفات وما هو مقدار الزكاة التي تخرج من المزرعة حيث الري فيها
بالآلة ؟
فأجابت :
تخرج زكاة الحبوب والثمار إذا بلغت نصابا فأكثر بقطع النظر عما
أنفق على المزرعة من مصروفات ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بخرص
الثمار على أهلها ثم يأخذ الزكاة بموجب الخرص ، ولا يسألهم عن نفقاتها .
ومقدار الواجب فيما سقي بالآلات نصف العشر ، وما سقي بالأمطار
والأنهار ونحو ذلك مما لا مؤنة فيه العشر .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضا (9/230) :
عن رجل صاحب مزرعة عنب ويستأجر عمالاً وسيارات لجمع المحصول
وتصديره فهل تخرج الزكاة بعد تصفية هذه الأجور أم أن الزكاة تجب على المحصول ؟
فأجابت :
"تخرج الزكاة قبل إخراج أجور العمال التي تصرف عليه لتسويقه" اهـ
باختصار .
*****
48983
حكم صلاة العيدين
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4788)
سؤال رقم 48983- حكم صلاة العيدين
ما حكم صلاة العيدين ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم صلاة العيدين على ثلاثة أقوال :
القول الأول :
أنها سنة مؤكدة . وهو مذهب الإمامين مالك والشافعي .
والقول الثاني :
أنها فرض على الكفاية ، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله .
القول الثالث :
أنها واجبة على كل مسلم ، فتجب على كل رجل ، ويأثم من تركها من
غير عذر. وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن الإمام أحمد . وممن اختار
هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية والشوكاني رحمهما الله .
انظر : المجموع (5/5) ، المغني (3/253) ، الإنصاف (5/316) ، الاختيارات (ص 82) .
واستدل أصحاب القول الثالث بعدة أدلة ، منها :
1- قوله تعالى : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الكوثر/2 .
قال ابن قدامة في "المغني" : المشهور في التفسير أن المراد بذلك
صلاة العيد اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى أن المراد من الآية الصلاة عموماً ، وليس
خاصة بصلاة العيد ، فمعنى الآية : الأمر بإفراد الله تعالى بالصلاة والذبح ، فتكون
كقوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام/162 .
واختار هذا القول في معنى الآية ابن جرير (12/724) ، وابن كثير
(8/502) .
فعلى هذا ، لا دليل في الآية على وجوب صلاة العيد .
2- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالخروج
إليها ، حتى أمر النساء بالخروج إليها .
روى البخاري (324) ومسلم (890) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ
وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ
وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
، إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ . قَالَ : لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ
جِلْبَابِهَا .
(الْعَوَاتِق) جَمْع عَاتِق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ
قَارَبَتْ , أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج .
(وَذَوَات الْخُدُور) هن الأبكار .
والاستدلال بهذا الحديث على وجوب صلاة العيد أقوى من الاستدلال
بالآية السابقة .
قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (16/214) :
"الذي أرى أن صلاة العيد فرض عين، وأنه لا يجوز للرجال أن
يدعوها، بل عليهم حضورها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها بل أمر النساء
العواتق وذوات الخدور أن يخرجن إلى صلاة العيد، بل أمر الحيض أن يخرجن إلى صلاة
العيد ولكن يعتزلن المصلى، وهذا يدل على تأكدها" اهـ .
وقال أيضاً (16/217) :
"والذي يترجح لي من الأدلة أنها فرض عين ، وأنه يجب على كل ذكر
أن يحضر صلاة العيد إلا من كان له عذر" اهـ .
وقال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (13/7) عن القول بأنها
فرض عين ، قال :
"وهذا القول أظهر في الأدلة ، وأقرب إلى الصواب" اهـ .
*****
48984
ابتداء الشيعة بالسلام
الآداب > آداب السلام >(1/4789)
سؤال رقم 48984- ابتداء الشيعة بالسلام
ما حكم ابتداء الشيعة بالسلام ؟ خاصة إذا كنت أخالطهم كثيرا مع أنهم لا يظهرون معتقدهم أو أي سب وما إلى ذلك.
الحمد لله
الكلام في التعامل مع الشيعة يختلف باختلاف الحال ، فالشيعة
بدعتهم العقدية مختلفة ، فإن كانت مفسقةً كبدعة التشيّع لآل البيت فيجوز بدؤهم
بالسلام لأنهم مسلمون قد اقترفوا أشياء من البدع والمعاصي لا تخرجهم من دائرة
الإسلام ، وتجب نصيحتهم وتوجيههم إلى السنة والحق وتحذيرهم من البدع والمعاصي ، فإن
استقاموا وقبلوا النصيحة فالحمد لله وهذا هو المطلوب .
أما إن أصروا على البدع فإنه ينبغي هجرهم حتى يتوبوا إلى الله
ويتركوا البدع والمنكرات ، لأن هذا نوع من العقوبة لهم ، فإذا كان يحصل بهذا الهجر
حصول معروف ، أو اندفاع منكر فهو مشروع ، وإن كان يحصل بهذا الهجر من الفساد ما
يزيد على فساد بدعتهم فليس مشروعاً.
فلو رأيت أن عدم الهجر أصلح وأن الاختلاط بهم ونصيحتهم أكثر
فائدة في الدين وأقرب إلى قبولهم الحق فلا مانع من ترك الهجر ، لأن المقصود من
الهجر هو توجيههم إلى الخير وإشعارهم بعدم الرضا بما هم عليه من المنكر ليرجعوا عن
ذلك .
فإذا كان الهجر يضر المصلحة الإسلامية ويزيدهم تمسّكاً بباطلهم
ونفرة من أهل الحق كان تركه أصلح كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم هجر عبد الله بن
أبي بن سلول رأس المنافقين لما كان ترك هجره أصلح للمسلمين .
وأما إذا كانت بدعتهم مكفّرة كسبّ الصحابة والغلو في علي وفاطمة
والحسن والحسين رضي الله عنهم ، ودعاؤهم والاستغاثة بهم وطلبهم المدد ونحو ذلك ، أو
اعتقاد أنهم يعلمون الغيب وغيره مما يوجب خروجهم من الإسلام ، فهنا لا يجوز بدؤهم
بالسلام ولا مودتهم ولا أكل ذبائحهم ، بل يجب بغضهم والبراءة منهم حتى يؤمنوا بالله
وحده . لأنهم حينئذ كفار مرتدون .
وانظر : ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام 28 / 216 – 217 ) و ( مجموع فتاوى ابن باز 4
/ 262 – 263 ) .
وينبغي التنبيه هنا على أمر وهو أنه لا يجوز بدء الكافر بالتحية
مطلقاً كقول ( أهلاً وسهلاً ) وما أشبهه ، لأن في ذلك إكراماً لهم وتعظيماً ،
والمسلم أعلى مكانة عند الله ومرتبة ، فلا ينبغي بدؤهم بالسلام والتحية ، ولكن إذا
قالوا لنا ذلك فإننا نقول لهم مثل ما قالوا ، لأن الإسلام دين عدل جاء لإعطاء كل ذي
حق حقه .
"المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين" (1 / 48) .
وانظر السؤال ( 10843 )
.
وبالله التوفيق .
*****
48985
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4790)
سؤال رقم 48985- هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في صفة المسجد الذي يجوز فيه الاعتكاف فذهب بعضهم
إلى صحة الاعتكاف في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة ، عملا بعموم قوله تعالى
: ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وذهب الإمام أحمد إلى أنه يشترط في المسجد أن تقام فيه صلاة
الجماعة ، واستدل على ذلك بما يلي :
1- قول عائشة : ( لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ) رواه
البيهقي ، وصححه الألباني في رسالة "قيام رمضان" .
2- وقال ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( لا اعْتِكَافَ إلا فِي
مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ ) . "الموسوعة الفقهية" (5/212)
3- ولأنه إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة فإن ذلك
يفضي إلى أحد أمرين :
الأول : إما ترك صلاة الجماعة ، ولا يجوز للرجل أن يترك صلاة
الجماعة من غير عذر .
الثاني : وإما كثرة خروجه لأداء الصلاة في مسجد آخر وهذا منافٍ
للاعتكاف .
انظر : "المغني" (4/461) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/312) :
"( ولا يصح –يعني الاعتكاف- إلا في مسجد يُجَمَّع فيه )
هل المراد الذي تقام فيه الجمعة ، أو تقام فيه الجماعة ؟
الجواب : المسجد الذي تقام فيه الجماعة ولا يشترط الذي تقام فيه
الجمعة لأن المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعني الصحيح
مثل أن يكون هذا المسجد قد هجره أهله أو نزحوا عنه اهـ
فلا يشترط أن يكون المسجد تقام فيه صلاة الجمعة ، لأنها لا تتكرر
فلا يضر الخروج إليها ، بخلاف الصلوات الخمس فإنها تتكرر كل يوم وليلة .
وهذا الشرط –أي كون المسجد تقام فيه صلاة الجماعة– إنما هو إذا
كان المعتكف رجلاً ، أما المرأة فيصح اعتكافها في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة
الجماعة ، لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ . وَلا
يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ; لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا .
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/313) :
لو اعتكفت المرأة في مسجد لا تقام فيه الجماعة فلا حرج عليها
لأنه لا يجب عليها أن تصلي مع الجماعة اهـ .
*****
48985
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4791)
سؤال رقم 48985- هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في صفة المسجد الذي يجوز فيه الاعتكاف فذهب بعضهم
إلى صحة الاعتكاف في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة ، عملا بعموم قوله تعالى
: ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وذهب الإمام أحمد إلى أنه يشترط في المسجد أن تقام فيه صلاة
الجماعة ، واستدل على ذلك بما يلي :
1- قول عائشة : ( لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ) رواه
البيهقي ، وصححه الألباني في رسالة "قيام رمضان" .
2- وقال ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ( لا اعْتِكَافَ إلا فِي
مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ ) . "الموسوعة الفقهية" (5/212)
3- ولأنه إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة فإن ذلك
يفضي إلى أحد أمرين :
الأول : إما ترك صلاة الجماعة ، ولا يجوز للرجل أن يترك صلاة
الجماعة من غير عذر .
الثاني : وإما كثرة خروجه لأداء الصلاة في مسجد آخر وهذا منافٍ
للاعتكاف .
انظر : "المغني" (4/461) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/312) :
"( ولا يصح –يعني الاعتكاف- إلا في مسجد يُجَمَّع فيه )
هل المراد الذي تقام فيه الجمعة ، أو تقام فيه الجماعة ؟
الجواب : المسجد الذي تقام فيه الجماعة ولا يشترط الذي تقام فيه
الجمعة لأن المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعني الصحيح
مثل أن يكون هذا المسجد قد هجره أهله أو نزحوا عنه اهـ
فلا يشترط أن يكون المسجد تقام فيه صلاة الجمعة ، لأنها لا تتكرر
فلا يضر الخروج إليها ، بخلاف الصلوات الخمس فإنها تتكرر كل يوم وليلة .
وهذا الشرط –أي كون المسجد تقام فيه صلاة الجماعة– إنما هو إذا
كان المعتكف رجلاً ، أما المرأة فيصح اعتكافها في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة
الجماعة ، لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ . وَلا
يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ; لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا .
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/313) :
لو اعتكفت المرأة في مسجد لا تقام فيه الجماعة فلا حرج عليها
لأنه لا يجب عليها أن تصلي مع الجماعة اهـ .
*****
48986
حج بمال حرام
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4792)
سؤال رقم 48986- حج بمال حرام
هل من حج بمال حرام يصح حجه أم لا ؟.
الحمد لله
يصح حجه ، فيكون قد أدى الحج الواجب عليه ، لكن حجه ليس مبروراً
، وثوابه ناقص نقصاً كبيراً . راجع السؤال رقم ( 34517 )
.
قال النووي في المجموع (7/62) : إذا حج بمال حرام أثم وصح حجه
وأجزأه ، وبه قال أكثر الفقهاء اهـ . بتصرف .
وفي الموسوعة الفقهية (17/131) :
فَإِنْ حَجَّ بِمَالٍ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ بِمَالٍ مَغْصُوبٍ
صَحَّ حَجُّهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ , لَكِنَّهُ عَاصٍ وَلَيْسَ حَجًّا مَبْرُورًا
, وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ رحمهم الله
وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ , وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ
حَنْبَلٍ : لا يُجْزِيهِ الْحَجُّ بِمَالٍ حَرَامٍ . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
يَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : أَنَّهُ صلى الله عليه
وسلم : ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ , أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ
إلَى السَّمَاءِ : يَا رَبِّ , يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ , وَمُشْرَبُهُ
حَرَامٌ , وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ , وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ , فَأَنَّى يُسْتَجَابُ
لِذَلِكَ اهـ .
وقال الشيخ ابن باز :
الحج صحيح إذا أداه كما شرعه الله ، ولكنه يأثم لتعاطيه الكسب
الحرام ، وعليه التوبة إلى الله من ذلك ويعتبر حجه ناقصاً بسبب تعاطيه الكسب الحرام
، لكنه يسقط عنه الفرض اهـ . فتاوى ابن باز (16/387) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة (11/43) كون الحج من مال حرام لا يمنع
من صحة الحج ، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام ، وانه ينقص أجر الحج ، ولا يبطله
اهـ .
*****
48987
هل الإسلام كان موجوداً قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟
العقيدة > مذاهب وأديان > أديان >(1/4793)
سؤال رقم 48987- هل الإسلام كان موجوداً قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟
هل قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان هناك دين اسمه الإسلام ؟.
الحمد لله
لتعلم يا أخي أن الإسلام يطلق على معنيين :
معنى عام ، ومعنى خاص .
أما الإسلام بالمعنى العام فهو الاستسلام لله وحده ، وذلك يتضمن
عبادته وحده ، وطاعته وحده .
فكل من آمن بالله تعالى ووحَّدَه وعبده بشريعة صحيحة غير منسوخة
فهو مسلم .
قال شيخ الإسلام في "التدمرية" (ص : 168-170) :
" وهذا الدين هو دين الإسلام ، الذي لا يقبل الله ديناً غيره ،
لا من الأولين ولا من الآخرين ، فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام ، قال تعالى عن
نوح :
( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا
قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ
فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا
يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ*
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا
سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) يونس /71-72 . وقال عن إبراهيم : ( وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ
نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ
الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ
الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ ) البقرة /130-132 . وقال عن موسى : ( وَقَالَ
مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ
كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس /84 . وقال في خبر المسيح : (
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا
آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ) المائدة/111 .
وقال فيمن تقدم من الأنبياء : ( يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا
لِلَّذِينَ هَادُوا ) المائدة/44 . وقال عن بلقيس أنها قالت
: ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ ) النمل/44 . . .
وهذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره ، وذلك إنما يكون بأن
يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ، فإذا أمر في أول الأمر باستقبال
الصخرة ، ثم أمر ثانياً باستقبال الكعبة ، كان كل من الفعلين حين أمر به داخلاً في
دين الإسلام ، فالدين هو الطاعة والعبادة له في الفعلين ، وإنما تنوع بعض صور الفعل
وهو وجهة المصليِّ ، فكذلك الرسل دينهم واحد ، وإن تنوعت الشرعة " اهـ باختصار .
وبهذا المعنى العام للإسلام يصح أن يقال : كان هناك دين اسمه
الإسلام قبل بعثة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فجميع الأنبياء المرسلين مسلمون ، وأتباعهم على دينهم الصحيح قبل
أن يحرف أن ينسخ هم مسلمون .
وكان قبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجد أفراد
قليلون من النصارى على الدين الصحيح الذي بعث الله به عيسى عليه السلام . ويدل لذلك
ما رواه مسلم (2865) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : (
وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ
وَعَجَمَهُمْ إِلا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَقَالَ : إِنَّمَا
بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ . . . الحديث ) .
قال النووي رحمه الله :
" الْمَقْت : أَشَدّ الْبُغْض , وَالْمُرَاد بِهَذَا الْمَقْت
وَالنَّظَر مَا قَبْل بَعْثَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَالْمُرَاد بِبَقَايَا أَهْل الْكِتَاب الْبَاقُونَ عَلَى التَّمَسُّك بِدِينِهِمْ
الْحَقّ مِنْ غَيْر تَبْدِيل " اهـ . وأما الإسلام بالمعنى الخاص فهو الدين الذي
بعث الله به رسوله محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وبهذا المعنى الخاص للإسلام لا يصح أن يقال كان هناك دين اسمه
الإسلام قبل بعثة النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال شيخ الإسلام في "التدمرية" (ص 173-174) :
" وقد تنازع الناس فيمن تقدم من أمة موسى وعيسى هل هم مسلمون أم
لا ؟
وهو نزاع لفظي ، فإن الإسلام الخاص الذي بعث الله به محمداً
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المتضمن لشريعة القرآن ليس عليه إلا أمة محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والإسلام اليوم عند الإطلاق يتناول هذا ، وأما
الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث الله بها نبياً من الأنبياء فإنه يتناول
إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء " اهـ .
والله أعلم .
*****
48988
وقت غسل العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4794)
سؤال رقم 48988- وقت غسل العيد
متى يكون الاغتسال ليوم العيد ؟ لأنني إذا اغتسلت بعد الفجر فإن الوقت يكون ضيقاً جداً لأن المصلى الذي نصلي فيه العيد بعدي عن منزلي .
الحمد لله
أولاً :
الاغتسال يوم العيد مستحب .
وقد روي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل يوم
العيد .
وروي الاغتسال يوم العيد كذلك عن بعض الصحابة كعلي بن أبي طالب
وسلمة بن الأكوع وابن عمر رضي الله عنهم .
قال النووي في المجموع :
وَأَسَانِيدُ الْجَمِيعِ ضَعِيفَةٌ بَاطِلَةٌ إلا أَثَرَ ابْنِ
عُمَرَ . . وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِ (أي في إثبات استحبابه) أَثَرُ ابْنِ عُمَرَ
وَالْقِيَاسُ عَلَى الْجُمُعَةِ اهـ .
وقال ابن القيم :
"فيه حديثان ضعيفان . . ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة
أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه" اهـ .
ثانياً :
وأما وقت الاغتسال للعيد .
فالأفضل أن يكون ذلك بعد صلاة الفجر ، ولو اغتسل قبل الفجر أجزأ
نظراً لضيق الوقت والمشقة في كونه بعد صلاة الفجر ، مع حاجة الناس للانصراف إلى
صلاة العيد وقد يكون المصلى بعيداً .
قال في المنتقى شرح موطأ الإمام مالك :
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ غُسْلُهُ مُتَّصِلا بِغُدُوِّهِ إلَى
الْمُصَلَّى . قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَفْضَلُ أَوْقَاتِ الْغُسْلِ لِلْعِيدِ بَعْدَ
صَلاةِ الصُّبْحِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدَيْنِ
قَبْلَ الْفَجْرِ فَوَاسِعٌ اهـ .
وفي شرح مختصر (2/102) خليل أن وقته من سدس الليل الأخير .
وقال ابن قدامة في "المغني" :
"وَوَقْتُ الْغُسْلِ (يعني للعيد) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي
ظَاهِرِ كَلامِ الْخِرَقِيِّ , قَالَ الْقَاضِي , وَالآمِدِيُّ : إنْ اغْتَسَلَ
قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يُصِبْ سُنَّةَ الاغْتِسَالِ ; لأَنَّهُ غُسْلُ الصَّلاةِ
فِي الْيَوْمِ فَلَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْفَجْرِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ ابْنُ
عَقِيلٍ : الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ ;
لأَنَّ زَمَنَ الْعِيدِ أَضْيَقُ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ , فَلَوْ وُقِفَ عَلَى
الْفَجْرِ رُبَّمَا فَاتَ , وَلأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّنْظِيفُ , وَذَلِكَ
يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ فِي اللَّيْلِ لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلاةِ , وَالأَفْضَلُ أَنْ
يَكُونَ بَعْدَ الْفَجْرِ , لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلافِ , وَيَكُونَ أَبْلَغَ فِي
النَّظَافَةِ , لِقُرْبِهِ مِنْ الصَّلاةِ" اهـ .
قال النووي في المجموع :
وَفِي وَقْتِ صِحَّةِ هَذَا الْغُسْلِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (
أَحَدُهُمَا ) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الأُمِّ (
وَأَصَحُّهُمَا ) بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلِهِ . .
.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ
"الْمُجَرَّدِ" : نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي "الْبُوَيْطِيِّ" عَلَى صِحَّةِ
الْغُسْلِ لِلْعِيدِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .
قال النووي : فَإِذَا قُلْنَا بِالأَصَحِّ أَنَّهُ يَصِحُّ
قَبْلَ الْفَجْرِ , فَفِي ضَبْطِهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ ( أَصَحُّهَا ) وَأَشْهَرُهَا
: يَصِحُّ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ , وَلا يَصِحُّ قَبْلَهُ ( وَالثَّانِي )
يَصِحُّ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ , وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ , وَاخْتَارَهُ ابْنُ
الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ ( الثَّالِثُ ) أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ قُبَيْلَ الْفَجْرِ
عِنْدَ السَّحَرِ , وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ اهـ باختصار .
وعلى هذا ، فلا بأس من الاغتسال للعيد قبل صلاة الفجر حتى يتمكن
المسلم من الخروج لصلاة العيد .
والله تعالى أعلم .
*****
48990
حكم الأذان عن طريق المذياع ونحوه
الفقه > عبادات > الصلاة > الأذان >(1/4795)
سؤال رقم 48990- حكم الأذان عن طريق المذياع ونحوه
ما حكم الأذان بالراديو ، يعني : إذا أتى وقت الأذان نقوم بتشغيل المسجل أو الراديو على تسجيل للأذان أو صوت مؤذن يؤدي الأذان ؟ .
الحمد لله
الأذان من آلة التسجيل ، أو من المذياع ، أو من مكان واحد
وإرساله عن طريق الأجهزة إلى باقي المساجد : فبدعة محدثة .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل الأذان سنة للصلوات المفروضة ، وما حكمه بآلة التسجيل إن كان
المؤذنون لا يتقنونه ؟ .
فأجابوا :
الأذان فرض كفاية بالإضافة إلى كونه إعلاماً بدخول وقت الصلاة
ودعوة إليها ، فلا يكفي عن إنشائه عند دخول وقت الصلاة إعلانه مما سجل به من قبل ،
وعلى المسلمين في كل جهة تقام فيها الصلاة أن يعيِّنوا من بينهم من يحسن أداءه عند
دخول وقت الصلاة .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ،
الشيخ عبد الله بن غديان .
وسئلوا :
قد سمعت من بعض الناس في الدول الإسلامية أنهم يسجلون بالشريط
المذياع أذان الحرمين الشريفين ويضعون المذياع أمام المكبر ويؤذن بدل المؤذن ، فهل
تجوز الصلاة ؟ مع ورود الدليل من الكتاب والسنة ، ومع تعليق بسيط ؟ .
فأجابوا :
إنه لا يكفي في الأذان المشروع للصلوات المفروضة أن يؤذن من
الشريط المسجل عليه الأذان ، بل الواجب أن يؤذن المؤذن للصلاة بنفسه ؛ لما ثبت من
أمره عليه الصلاة والسلام بالأذان ، والأصل في الأمر الوجوب .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 66 ، 67 ) .
وقد قرر " مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي برابطة العالم الإسلامي
" ، الدورة التاسعة – في مكة المكرمة - من يوم السبت لعام 1406هـ ما يلي :
إن الاكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة
بواسطة آلة التسجيل ، ونحوها : لا يجزئ ، ولا يجوز في أداء هذه العبادة ، ولا يحصل
به الأذان المشروع ، وأنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقتٍ من أوقات
الصلوات ، في كلّ مسجدٍ ، على ما توارثه المسلمون من عهد نبيّنا ورسولنا محمد صلى
الله عليه وسلم إلى الآن .
والله أعلم .
*****
48991
حكم تغطية النعش بغطاء مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية أو "لا إله إلا الله"
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4796)
سؤال رقم 48991- حكم تغطية النعش بغطاء مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية أو "لا إله إلا الله"
ما حكم تغطية النعش بغطاء مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية أو " لا إله إلا الله " ؟.
الحمد لله
" الواجب ترك ذلك والتواصي بالتحذير منه ؛ لما في ذلك من تعريض
الآيات القرآنية للامتهان ، ولأن بعض الناس قد يظن أن ذلك ينفع الميت . وذلك خطأ
منكر لا وجه له في الشرع المطهر" .
وكذلك إذا كتب عليه " لا إله إلا الله " فإن "هذا غير مشروع ؛
وإنما يشرع التلقين قبل الموت في حق المحتضر ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) . رواه مسلم .
والموتى هنا المراد بهم المحتضرون حتى يكون آخر كلامهم لا إله
إلا الله .
أما الكتابة على كفنه أو على قبره فلا يجوز" اهـ .
الشيخ ابن باز رحمه الله . "مجلة البحوث الإسلامية" (68/36، 37) .
*****
48992
مسلمة جديدة تزوجت مسلماً بدون علم والديها
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4797)
سؤال رقم 48992- مسلمة جديدة تزوجت مسلماً بدون علم والديها
أنا فتاة من الصين ، تزوجت من رجل مسلم لبناني ، وهذا هو السبب الأول والرئيس لإسلامي .. ولقد تزوجنا بطريقة إسلامية ، ولكن هذا الزواج تمّ بدون علم عائلتينا بسبب بعض الظروف الصعبة . هل تعتقد أن هذا حرام ؟ أعنى في هذا مخالفة للقرآن .
الحمد لله
دلت الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على أن المرأة لا
تتزوج بغير وليّ يحتاط لها ويتحرى مصلحتها مخافة أن يخدعها شياطين الرجال ، وقد قال
تعالى : ( فانكحوهنّ بإذن أهلهن )
وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا
نكاح إلا بوليّ ) رواه الخمسة وصححه ابن المديني .
قال الترمذي : والعمل في هذا الباب على حديث النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لا نكاح إلا بوليّ ) عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ،
منهم عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وغيرهم . اهـ
.
فإذا كان أحد من أوليائك مسلماً كالأب أو الإخوة أو الأعمام أو
أبناء الأعمام فهو وليّك في النكاح ، ولا يصحّ نكاحك من غير إذنه ورضاه . فيباشر هو
العقد بنفسه أو يوكّل من يعقد لك الزواج نيابة عنه .
فإن كان أولياؤك كلهم من غير مسلمين فإنه لا ولاية لكافر على
مسلم .
قال ابن قدامة : أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال ،
بإجماع أهل العلم .
قال ابن المنذر : أجمع عامة من نحفظ عنهم العلم على هذا .
وقال الإمام أحمد : بلغنا أن علّياً أجاز نكاح الأخ ، وردّ نكاح
الأب وكان نصرانياً .
المغني (7/356) .
بل لا ولاية لمسلم على أولاده الكفّار في النكاح .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ، عن رجل أسلم هل يبقى له ولاية على
أولاده الكتابيين ؟
فأجاب : لا ولاية له عليهم في النكاح ، كما لا ولاية له عليهم في
الميراث ، فلا يزوج المسلم كافرة سواء كانت بنته أو غيرها ، ولا يرث كافرٌ مسلماً
ولا مسلمٌ كافراً ، وهذا مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم من السلف والخلف ، والله
سبحانه وتعالى قد قطع الولاية في كتابه بين المؤمنين والكافرين وأوجب البراءة بينهم
من الطرفين ، وأثبت الولاية بين المؤمنين (32/35)
ولكن ينبغي للمسلمة أن تخبر بذلك أهلها وأن تترضاهم لعل ذلك يكون
سبباً في تألفهم على الإسلام .
والسؤال هنا : كيف تصنع المسلمة التي ليس لها ولي مسلم ؟
فالجواب :
أنه يزوجها مسلم ذو سلطان ومكانة كرئيس المركز الإسلامي أو إمام
مسجد أو عالم من العلماء فإذا لم تجد جعلت أمرها إلى رجل عدل من المسلمين فيباشر
تزويجها .
قال شيخ الإسلام : أما من لا ولي لها فإن كان في القرية أو
المحلة نائب حاكم زوجها .. ورئيس القرية وإذا كان فيهم إمام مطاع زوّجها أيضاً
بإذنها . (32/35)
قال ابن قدامة : فإن لم يوجد للمرأة وليّ ولا سلطان ، فعن أحمد
ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها (7/352)
وقال الجويني : إذا لم يكن لها وليّ حاضر ، وشغر الزمان ( أي خلا
) عن السلطان ، فنعلم قطعاً أن حسم باب النكاح مُحال في الشريعة ، ومن أبدى في ذلك
تشككاً فليس على بصيرة بوضع الشرع ، والمصير إلى سد باب النكاح يضاهي الذهاب إلى
تحريم الاكتساب . الغياثي (388) ، ثم ذكر أن الذي يباشر ذلك هم العلماء .
والخلاصة :
إن كان عقد النكاح قد تمّ بهذه الصورة ، وقد زوجك منه إمام
المركز الإسلامي عندكم أو رجل عدل من المسلمين فالنكاح صحيح ، وأما إن كنت باشرت
عقد النكاح بنفسك فعليك الذهاب مع زوجك إلى أقرب مركز إسلامي وإعادة عقد النكاح ،
ويتولى رئيسه مثلاً ـ تزويجك .
أما بالنسبة لزوجك فإنه لا يلزمه أن يُعلم عائلته ، لأنه لا
يُشترط الولي للزوج .
والله تعالى أعلم .
*****
48993
حكم من طلب من غير الله أن يهبه الأولاد أو يزيد في رزقه ولا ينقصه ؟
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4798)
سؤال رقم 48993- حكم من طلب من غير الله أن يهبه الأولاد أو يزيد في رزقه ولا ينقصه ؟
ما حكم من اعتقد في الولي أو المرشد أنه أعطاه الولد ، أو أنه يزيد في الرزق وينقص ؟.
الحمد لله
من اعتقد أن الولد من عطاء غير الله ، أو أن أحدا سوى الله يزيد
في الرزق وينقص منه ، فهو مشرك شركا أشد من شرك العرب وغيرهم في الجاهلية , فإن
العرب ونحوهم كانوا في جاهليتهم إذا سئلوا عمن يرزقهم من السماء والأرض ، وعمن يخرج
الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي , قالوا : الله , وإنما عبدوا آلهتهم الباطلة
لزعمهم أنها تقربهم إلى الله زلفى , قال الله تعالى : ( قل من يرزقكم من السماء
والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن
يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون ) يونس/31 ، وقال :
( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم
بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) الزمر/3 وقال : ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) الملك/21
وثبت في السنة أن العطاء والمنع إلى الله وحده , فمن ذلك ما رواه
البخاري ( 844) ، ومسلم ( 593) عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله
الحمد , وهو على كل شيء قدير , اللهم لا مانع لما أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا
ينفع ذا الجد منك الجد "
لكن قد يعطي الله عبده ذرية ويوسع له في رزقه بدعائه إياه ولجئه
إليه وحده كما هو واضح في سورة إبراهيم من دعاء إبراهيم الخليل ربه وإجابة الله
دعاءه , وفي سورة مريم والأنبياء وغيرهما من دعاء زكريا ربه وإجابته دعاءه , وكما
ثبت عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من سره
أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله , فليصل رحمه " رواه البخاري( 2067 )
ومسلم ( 2557)
والله أعلم .
وبالله التوفيق .
انظر فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 / 65).
*****
48994
سافر وترك الرمي في اليوم الثاني عشر
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4799)
سؤال رقم 48994- سافر وترك الرمي في اليوم الثاني عشر
كنت قد حجزت للسفر بعد الحج الساعة 4 عصراً من اليوم الثاني عشر ، وكنت أظن أنني سأتمكن من الرمي في هذا اليوم ، وخشيت إن رميت بعد الزوال يفوت مني موعد السفر فرميت صباحا وطفت للوداع وسافرت ، فماذا علي ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
لا يجوز الرمي قبل الزوال ، ولكن يمكن أن نسقط عنه الرمي في هذه
الحال للضرورة، ونقول له : يلزمك فدية تذبحها في منى أو مكة ، أو توكل من يذبحها
عنك ، وتوزع على الفقراء اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 564).
*****
48995
حوض الكوثر ونهر الكوثر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4800)
سؤال رقم 48995- حوض الكوثر ونهر الكوثر
ما هو الكوثر ؟ وهل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله
الكوثر في لغة العرب وصف يدل على المبالغة في الكثرة
أما في الشرع فله معنيان :
المعنى الأول :
أنه نهر في الجنة أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وهذا
المعنى هو المراد في قوله تعالى : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) الكوثر/1 ، كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما روى مسلم في
صحيحه ( 607 ) عن أنس رضي الله عنه قال : " بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم
إذ غفا إغفاءة , ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت
علي سورة . فقرأ . بسم الله الرحمن الرحيم . ( إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها ) , ثم
قال : أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي
عليه خير كثير , وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة " الحديث .
وعند الترمذي (3284) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب ومجراه على الدر
والياقوت .. الحديث " وقال الترمذي : إنه حسن صحيح . وصححه الألباني كما في
صحيح سنن الترمذي ( 3 / 135 ) .
المعنى الثاني :
أنه حوض عظيم ـ والحوض هو : مجمع الماء ـ يوضع في أرض المحشر يوم
القيامة ترد عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا الحوض يأتيه ماؤه من نهر
الكوثر الذي في الجنة ، ولذا يسمى حوض الكوثر والدليل على ذلك ما رواه مسلم في
صحيحه ( 4255 ) من حديث أبي ذر " أن الحوض يشخب ( يصب ) فيه ميزابان من الجنة "
وظاهر الحديث أن الحوض بجانب الجنة لينصب فيه الماء من النهر الذي داخلها " كما قال
ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح ( 11 / 466 ) . والله أعلم .
وأما هل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء
أم لا ؟
فأما نهر الكوثر الذي يُصب من مائه في الحوض فإنه لم يُنقل نظيره
لغير النبي صلى الله عليه وسلم وامتن الله عليه به في السورة فلا يبعد أنه خاص
بنبينا صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء .
وأما حوض الكوثر فقد اشتهر عند العلماء اختصاص نبينا صلى الله
عليه وسلم به وممن صرح بذلك القرطبي في المفهم . لكن أخرج الترمذي (2367) من حديث
سمرة قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لكل
نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً وَإِنِّي
أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ " وهذا الحديث جميع أسانيده ضعيفة ، لكن بعض
العلماء حكم له بالقبول لكثرة أسانيده كما فعل الألباني في الصحيحة (1589 ) ، ومنهم
من حكم عليه بالضعف . فإذا ثبت الحديث كان المختص بنبينا صلى الله عليه وسلم النهر
دون الحوض ، وإن لم يثبت فلا يبعد أن يكون الحوض أيضا خاصاً به دون غيره . والله
أعلم .
وقد ورد في السنة الصحيحة ذكر صفات النهر الذي في الجنة والحوض
الذي في أرض المحشر فمن صفات نهر الكوثر الذي في الجنة :
ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : "بينا أنا أسير في الجنة ، إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف
، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاك ربك قال : فضرب الملك بيده
، فإذا طينه أو طيبه مسك أزفر "
وفي المسند ( 12084 ) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : " أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري على ظهر الأرض ، حافتاه
قباب اللؤلؤ ، ليس مسقوفاً فضربت بيدي إلى تربته ، فإذا تربته مسك أذفر ، وحصباؤه
اللؤلؤ " وصححه الألباني في الصحيحة ( 2513 )
وفي رواية عنه في المسند أيضا ( 12828 ) أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْكَوْثَرِ فقَالَ : " ذاك
نهر أعطانيه الله يعني في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها
كأعناق الجزر ( الإبل ) قال عمر إِنَّ تِلْكَ لَطَيْرٌ نَاعِمَةٌ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : "أَكَلَتُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا يَا عُمَر " وصححه
الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 3740 )
وأما صفات الحوض الذي في أرض المحشر فمنها :
ما رواه البخاري ( 6093 ) ومسلم ( 4244 ) عن عبد الله بن عمرو
رضي الله عنه أنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ
وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ
مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبدا "
وفي صحيح مسلم ( 4261 ) عن أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ نَبِيُّ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ
الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السماء " َو في رواية : " أَكْثَرُ مِنْ
عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ "
وفيه أيضا ( 4256 ) عَنْ ثَوْبَاَن رضي الله عنه أن
النبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ ؛ فَقَالَ :
" أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ يَغُتُّ ( يصب )
فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنْ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ
وَالآخَرُ مِنْ وَرِق (فضة ) "
وأحاديث الحوض لا شك في تواترها عند أهل العلم بأحاديث الرسول
صلى الله عليه وسلم ، فقد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين صحابيا
، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أسماء رواة أحاديثه من الصحابة في الفتح ( 11/468 ) حتى
قال القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم : " مما يجب على كل مكلف أن يعلمه ويصدق به أن
الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته
وشرابه في الأحاديث الصحيحة الشهيرة التي يحصل بمجموعها العلم القطعي .. "
وأما عن موقع الحوض في أرض المحشر :
فقد اختلف العلماء في هذا : فمنهم من قال :إنه يكون بعد الصراط .
ومنهم من قال : إنه يكون قبل الصراط وهو قول الأكثر وهو الأرجح
والله أعلم لأنه يؤخذ بعض من يرد عليه إلى النار ، فلو كان موقعه بعد الصراط لما
استطاعوا الوصول إليه لأنهم يكونون قد سقطوا في النار والعياذ بالله .
وفي ختام هذا المبحث لابد من التنبيه على أمر في غاية الأهمية
والخطورة وهو:
أنه ليس كل من انتمى للأمة المحمدية سينال نعمة وشرف الشرب من
حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، ويده الشريفة ، بل قد صرحت الأحاديث أن هناك من
رجال هذه الأمة من يذاد ويدفع عن الحوض دفعا شديدا ، نسأل الله العافية . فَمَن
هؤلاء الذين سيشربون ومن أولئك الذين سيدفعون ؟
لقد أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا السؤال إجابة واضحة
شافية حتى لا يبقى لمعتذر عذر ، ولا لمتقاعس حجة فقد روى مسلم في صحيحه ( 367 )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : " السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا
إِخْوَانَنَا" قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَال :َ"
أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ " فَقَالُوا
كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : " أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ
ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ " قَالُوا : بَلَى يَا
رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ
الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ
حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلا هَلُمَّ فَيُقَالُ
إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا "
والغرّة : بيانض في وجه الفرس
والتحجيل : بياض في قوائمه
و( دهم بهم ) أي : أسود شديد خالص لا يخالطه لون آخر .
وفي البخاري ( 6528 ) ومسلم ( 4243 ) عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ
سَمِعْتُ سَهْلا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : " أَنَا فَرَطُكُمْ ( أي : سابقكم ) عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ
وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ
وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ " قَالَ أَبُو حَازِمٍ فَسَمِعَ
النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ
هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلا يَقُولُ قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ قَالَ وَأَنَا أَشْهَدُ
عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فَيَقُول [ أي النبي صلى
الله عليه وسلم ُ ] : " إِنَّهُمْ مِنِّي" فَيُقَالُ : إِنَّكَ لا تَدْرِي مَا
عَمِلُوا بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : "سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي "
وعند البخاري في صحيحه ( 2194 ) ومسلم (4257) عن أَبي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَذُودَنَّ رِجَالا عَنْ حَوْضِي كَمَا تُذَادُ
الْغَرِيبَةُ مِنْ الإِبِلِ عَنْ الْحَوْضِ "
قال القرطبي رحمه الله : " قال علماؤنا رحمهم الله أجمعين : فكل
من ارتد عن دين الله أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله ، ولم يأذن به فهو من المطرودين
عن الحوض المبعدين عنه ، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم كالخوارج
على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على أصناف أهوائها [ ومن
نحا نحوهم أو سلك طريقهم ] وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل
أهله وإذلالهم والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ والأهواء
والبدع .. " التذكرة للقرطبي ( 306 )
فعلى العبد أن يجتهد في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم
مخالفته في أي شيء من هديه رجاء أن يمن الله عليه بالشرب من هذا الحوض المبارك ،
وإلا فأي خزي وندامة أشد من خزي وندامة من يدفع من بين يدي النبي صلى الله عليه
وسلم ، وقد بلغ به العطش مبلغا لا يطاق ولا يحتمل فيمنع من الشرب من ذاك الماء
البارد الطيب ، ثم يزاد عليه العذاب والخزي والحسرة بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم
بالسحق والبعد والعياذ بالله ، فتصَوُّرُ هذا عذاب ، فكيف بمعاينته والتعرض له ؟!.
نسأل الله أن يمن علينا وعلى إخواننا المسلمين بالتوفيق لمتابعة
السنة ومجانبة البدعة والمعصية ... آمين . والحمد لله رب العالمين .
يراجع ( القيامة الكبرى 257 – 262 ) و ( الجنة والنار 166 ، 167 ) للشيخ / عمر
الأشقر و ( فتح الباري للحافظ ابن حجر 11 / 466 ).
*****
48996
زوجها سيطلقها وهي في أول الحمل فهل يجوز لها الإسقاط
الفقه > معاملات > الجنايات >(1/4801)
سؤال رقم 48996- زوجها سيطلقها وهي في أول الحمل فهل يجوز لها الإسقاط
بيني وبين زوجي مشكلات كبيرة ونحن على وشك الانفصال ثم اكتشفت بأني حامل في الأربعين يوماً الأولى ، فهل يجوز لي أن أسقط الجنين دون إذن زوجي لأنه لا يرضى بذلك ، وما دمنا سننفصل فلماذا أبقى حاملاً ؟.
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
لا يجوز لها أن تسقطه دون إذنه لأن للزوج حقاًّ في الولد كما أن
للزوجة حقاًّ فيه .
*****
48997
هل يصلي المسافر السنن ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4802)
سؤال رقم 48997- هل يصلي المسافر السنن ؟
إذا كنت مسافرا وصليت مع الإمام في المسجد وأتممت الصلاة هل أصلي الراتبة أم لا ؟.
الحمد لله
المسافر يصلي ما شاء من النوافل ، ولا يسن له ترك شيء من النوافل
إلا السنة الراتبة القبلية والبعدية لصلاة الظهر ، والسنة الراتبة لصلاتي المغرب
والعشاء .
أما ما عدا ذلك من السنن فإن المسافر يصليها ، فقد روى مسلم
(680) من حديث أبي قتادة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى راتبة
الفجر في السفر .
وثبت كذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضحى
ثمان ركعات في مكة يوم فتح الله عليه مكة . رواه البخاري (357) ومسلم (336)
.
وثبت كذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الوتر
في السفر . رواه البخاري (1000) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
"وأما الرواتب ، فإنني تأملت ما جاءت به السنة في النوافل ،
وتبين لي أن راتبة الظهر ، والمغرب ، والعشاء لا تصلى ، وما عدا ذلك من النوافل
فإنه يصلى مثل سنة الفجر ، وسنة الوتر ، وصلاة الليل ، وصلاة الضحى ، وتحية المسجد
حتى النفل المطلق أيضا" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين . (15/258).
وقد أنكر ابن عمر رضي الله عنهما على من صلى الراتبة في السفر ،
روى البخاري (1102) ومسلم (689) . عن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ قَالَ : صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ ، فَصَلَّى لَنَا
الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جَاءَ
رَحْلَهُ وَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَهُ ، فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ نَحْوَ
حَيْثُ صَلَّى ، فَرَأَى نَاسًا قِيَامًا ، فَقَالَ : مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ ؟
قُلْتُ : يُسَبِّحُونَ (أي يصلون النافلة) قَالَ : لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا
لأَتْمَمْتُ صَلاتِي ، يَا ابْنَ أَخِي ، إِنِّي صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى
قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ
حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ
حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى
رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ : (لَقَدْ كَانَ
لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) .
*****
48998
أوقات النهي عن الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/4803)
سؤال رقم 48998- أوقات النهي عن الصلاة
ما هي أوقات النهي عن الصلاة خلال اليوم ؟.
الحمد لله
أوقات النهي ثلاثة على سبيل الاختصار، وخمسة على سبيل البسط وهي
:
من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح ، ويقدر هذا الوقت باثنتي عشرة دقيقة ، والاحتياط جعله
ربع ساعة .
وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى تزول عن كبد السماء .
ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس .
وعند شروع الشمس في الغروب إلى أن يتم ذلك .
وأما على سبيل الاختصار فهي :
من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح .
وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول . ( والمعنى :
ومن صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس .
وقولنا : من طلوع الفجر، يعني منع التطوع بعد أذان الفجر إلا
بسنة الفجر ، وهذا ما ذهب إليه الحنابلة
وذهب الشافعية إلى أن النهي يتعلق بصلاة الفجر نفسها ، فلا يمنع
التطوع بين الأذان والإقامة ،
وإنما يكون المنع بعد أداء فريضة الفجر .
وهذا هو الراجح ، لكن لا ينبغي للإنسان بعد طلوع الفجر أن يتطوع
بغير ركعتي الفجر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد
طلوع الفجر .
( انظر الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله 4/160).
ويدل على ما سبق : ما رواه البخاري (547) ومسلم (1367) عَنْ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَال : ( شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ
عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ
الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَشْرُقَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى
تَغْرُبَ ) .
وروى البخاري (548) ومسلم (1371) عن ابْنُ عُمَرَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَإِذَا
غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَأَخِّرُوا الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ )
وروى البخاري (551) عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لا صَلاةَ
بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَلا صَلاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى
تَغِيبَ الشَّمْسُ )
وروى مسلم (1373) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ
: ( ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا :
حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ
الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ
حَتَّى تَغْرُبَ ).
والله أعلم .
*****
48999
حكم الاعتكاف وأدلة مشروعيته
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4804)
سؤال رقم 48999- حكم الاعتكاف وأدلة مشروعيته
ما حكم الاعتكاف ؟.
الحمد لله
أولا :
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب : فقوله تعالى : ( وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) البقرة/125
وقوله : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي
الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 .
وأما السنة فأحاديث كثيرة منها حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كَانَ يَعْتَكِفُ
الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ
أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ ) رواه البخاري (2026) ومسلم (1172) .
وأما الإجماع ، فنقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية
الاعتكاف .
كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم .
انظر المجموع (6/404) ، والمغني (4/456) ، وشرح العمدة (2/711) .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) :
"لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل
من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار .
ثانيا : حكم الاعتكاف .
الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب ، إلا إذا كان نذرا فيجب ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ
، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ ) رواه البخاري (6696) .
ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ . قَالَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ) (6697) .
وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53) :
"وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن
يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه" اهـ .
انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح . ص 31 .
*****
49000
لا يجوز لمن شرع في صوم واجب أن يفطر إلا لعذر
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4805)
سؤال رقم 49000- لا يجوز لمن شرع في صوم واجب أن يفطر إلا لعذر
إذا نوى شخص أن يصوم قضاء ودعي للأكل عند زيارة بعض الأقارب فأكل ، فهل عليه إثم أو عليه إعادة ذلك اليوم مادام قد نوى الصيام ؟.
الحمد لله
إذا شرع الإنسان في صوم واجب حرم عليه الإفطار بدون عذر ، فإن
أفطر وجب عليه قضاء هذا اليوم.
قال ابن مفلح في "الفروع" :
وَيَحْرُمُ فِطْرُ مَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ اهـ .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى الصيام" (ص 452) :
عن امرأة كانت صائمة قضاء ، ونزل عندها ضيوف ومن باب المجاملة
أفطرت فهل هذا جائز ؟
فأجاب :
هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان ، فإنه لا يجوز
لأحد أن يفطر إلا لضرورة ، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام ، ولا يجوز ، لأن
القاعدة الشرعية : "أن كل من شرع في واجب فإنه يجب عليه إتمامه إلا لعذر شرعي" .
وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه ، لأنه ليس بواجب
اهـ .
وقال أيضاً في "فتاوى الصيام" (ص 451) :
إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان وكفارة اليمين وكفارة
فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل وما أشبه ذلك من الصيام الواجب فإنه
لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي وهكذا كل من شرع في شيء واجب فإنه يلزمه إتمامه
ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه اهـ .
*****
49001
العلاج بقطرة للعين مخلوطة بمرارة الدب
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4806)
سؤال رقم 49001- العلاج بقطرة للعين مخلوطة بمرارة الدب
يوجد قطرة للعين تستخرج من الأعشاب مخلوطة بمادة مأخوذة من مرارة الدب ، فهل يجوز استعمالها ؟.
الحمد لله
سألت عن هذا شيخنا عبد الرحمن البراك فأجاب :
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إن الله لم يجعل
شفاءكم فيما حرم عليكم ) أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة رضي
الله عنها ، ويبحث عن دواء آخر ، وسيجد إن شاء الله بديلا مباحا
يغنيه ، ومن جهة أخرى فإن المادة النجسة أو المسكرة إذا دخلت في تركيب شيء كدواء أو
غيره فاستهلكت منه استهلاكاً تاماً بحيث لم يعد من مادتها الأصلية ما يميزها لوناً
ولا طعماً ولا رائحة فقد قال بعض الفقهاء بجواز استخدامها .
*****
49002
أقل زمن للاعتكاف
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4807)
سؤال رقم 49002- أقل زمن للاعتكاف
ما أقل مقدار للاعتكاف ؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف .
فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة ، وهو مذهب أبي حنيفة
والشافعي وأحمد .
انظر : الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) .
قال النووي في المجموع (6/514) :
وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ
الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ
الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار .
واستدلوا على هذا بعدة أدلة :
1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة ، وهذا يصدق على المدة
الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة .
قال ابن حزم : "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة .. فكل إقامة في
مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف .. مما قل من الأزمان أو كثر ، إذ لم يخص
القرآن والسنة عدداً من عدد ، ووقتاً من وقت" اهـ . المحلى (5/179) .
2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال
: إني لأمكث في المسجد الساعة ، وما أمكث إلا لأعتكف . احتج به ابن حزم في المحلى
(5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه . والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة
المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة .
وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة
وقال به بعض المالكية .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) :
"الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة
كثيرة أو قليلة ، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا
بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر
وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ .
*****
49003
ثواب الاعتكاف
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4808)
سؤال رقم 49003- ثواب الاعتكاف
ما ثواب الاعتكاف ؟.
الحمد لله
أولا :
الاعتكاف مشروع ، وهو قربة إلى الله جل وعلا . راجع السؤال رقم ( 48999 )
.
فإذا ثبت هذا ، فقد جاءت أحاديث كثيرة ترغب في التقرب إلى الله
تعالى بنوافل العبادات ، وهذه الأحاديث بعمومها تشمل كل عبادة ومنها الاعتكاف .
فمن هذه الأحاديث : قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي : (
وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ
عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى
أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ،
وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ
الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي
لأُعِيذَنَّهُ ) . رواه البخاري (6502) .
ثانيا :
وردت أحاديث في فضل الاعتكاف وبيان ثوابه إلا أنها كلها ضعيفة أو
موضوعة .
قال أبو داود : قلت لأحمد (يعني الإمام أحمد بن حنبل) : تعرف في
فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا ، إلا شيئا ضعيفا اهـ . مسائل أبي داود (ص96) .
ومن هذه الأحاديث :
1- روى ابن ماجه (1781) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُعْتَكِفِ : ( هُوَ
يَعْكِفُ الذُّنُوبَ ، وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ
كُلِّهَا ) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه .
( يَعْكِفُ الذُّنُوب ) أي : يَمْنَع الذُّنُوب. قاله السندي .
2- روى الطبراني والحاكم والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه
وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين ) . ضعفه الألباني في السلسلة
الضعيفة (5345). والخافقان المشرق والمغرب .
3- روى الديلمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من
اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ضعفه الألباني في ضعيف
الجامع (5442) .
4- روى البيهقي وضعفه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين ) . ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" ". (518) وقال : موضوع .
*****
49004
مجمل اعتقاد أهل السنة في القضاء والقدر
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4809)
سؤال رقم 49004- مجمل اعتقاد أهل السنة في القضاء والقدر
هل توضح لي نظرة الإسلام للقضاء والقدر، وماذا يجب علي اعتقاده في هذا الشأن ؟.
الحمد لله
فالكلام على نظرة الإسلام للقضاء والقدر قد يطول قليلاً وحرصاً
على الفائدة فسنبدأ بمختصر مهم في هذا الباب ثم نتبعه ببعض الشرح الذي يسمح به
المقام سائلين الله النفع والقبول :
اعلم وفقك الله أن حقيقة الإيمان بالقضاء هي : التصديق الجازم
بأن كل ما يقع في هذا الكون فهو بتقدير الله تعالى .
وأن الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان وأنه لا
يتم إيمان أحد إلا به ففي صحيح مسلم ( 8 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه بلغه أن
بعض الناس ينكر القدر فقال : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء
مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ( أي : يحلف بالله ) لو كان لأحدهم مثل أحد
ذهبا ثم أنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر"
ثم اعلم أن الإيمان بالقدر لا يصح حتى تؤمن بمراتب القدر الأربع
وهي :
1) الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل
والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .
2) الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق
السموات والأرض بخمسين ألف سنة .
3) الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة فلا يكون في هذا
الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .
4) الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق
صفاتهم وأفعالهم كما قال سبحانه : ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء ) الأنعام/102
ومن لوازم صحة الإيمان بالقدر أن تؤمن :
- بأن للعبد مشيئة واختياراً بها تتحقق أفعاله كما قال تعالى : (
لمن شاء منكم أن يستقيم ) التكوير/28 وقال : ( لا يكلف الله
نفساً إلا وسعها ) البقرة/286
- وأن مشيئة العبد وقدرته غير خارجة عن قدرة الله ومشيئته فهو
الذي منح العبد ذلك وجعله قادراً على التمييز والاختيار كما قال تعالى : ( وما
تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) التكوير/29
- وأن القدر سر الله في خلقه فما بينه لنا علمناه وآمنا به وما
غاب عنا سلمنا به وآمنا ، وألا ننازع الله في أفعاله وأحكامه بعقولنا القاصرة
وأفهامنا الضعيفة بل نؤمن بعدل الله التام وحكمته البالغة وأنه لا يسأل عما يفعل
سبحانه وبحمده .
وبعد فهذا مجمل اعتقاد السلف الصالح في هذا الباب العظيم وسنذكر
فيما يلي تفصيلاً لبعض ما تقدم من القضايا فنقول سائلين الله العون والتسديد :
أولاً : معنى القضاء والقدر في اللغة :
القضاء لغة : هو إحكام الشيء وإتمام الأمر ، وأما القدر فهو في
اللغة: بمعنى التقدير .
ثانيا : تعريف القضاء والقدر في الشرع :
القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه
أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته
له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .
ثالثاً : هل هناك فرق بين القضاء والقدر؟ :
من العلماء من فرق بينهما ، ولعل الأقرب أنه لا فرق بين ( القضاء
) و ( القدر ) في المعنى فكلٌ منهما يدل على معنى الآخر ، ولا يوجد دليل واضح في
الكتاب والسنة يدل على التفريق بينهما ، وقد وقع الاتفاق على أن أحدهما يصح أن يطلق
على الآخر ، مع ملاحظة أن لفظ القدر أكثر وروداً في نصوص الكتاب والسنة التي تدل
على وجوب الإيمان بهذا الركن . والله أعلم .
رابعاً : منزلة الإيمان بالقدر من الدين :
الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في قوله صلى
الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان : " أن تؤمن بالله
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم ( 8 ) وقد
ورد ذكر القدر في القرآن في قوله تعالى : ( إنا كل شئ خلقناه بقدر ) القمر/49 .
وقوله تعالى: ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) الأحزاب/38 .
خامساً : مراتب الإيمان بالقدر:
اعلم وفقك الله لرضاه أن الإيمان بالقدر لا يتم حتى تؤمن بهذه
المراتب الأربع وهي :
أ ـ مرتبة العلم : وهي الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء الذي لا
يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأن الله قد علم جميع خلقه قبل أن
يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون بعلمه القديم وأدلة هذا كثيرة منها قوله تعالى : ( هُوَ
اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) الحشر/22 ، وقوله تعالى : ( وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) الطلاق/12 .
ب ـ مرتبة الكتابة : وهي الإيمان بأن الله كتب مقادير جميع
الخلائق في اللوح المحفوظ . ودليل هذا قوله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَا ل أَرْضِ إِنَّ
ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج/16 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن
تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم ( 2653 ) .
ج ـ مرتبة الإرادة والمشيئة : وهي الإيمان بأن كل ما يجري في هذا
الكون فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى ؛ فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فلا
يخرج عن إرادته شيء .
والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ
ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّه ُ) الكهف/23 ،24 وقوله تعالى : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/29 .
د ـ مرتبة الخلق : وهي الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء ، ومن
ذلك أفعال العباد ، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه ، لقوله تعالى: (
اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر/62 . وقوله تعالى : (
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون ) الصافات/96 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد( 25 ) وابن أبي عاصم في السنة ( 257و 358
) وصححه الألباني في الصحيحة ( 1637) .
قال الشيح ابن سعدي ـ رحمه الله ـ : " إن الله كما أنه الذي
خلقهم ـ أي الناس ـ ، فإنه خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم ؛ ثم هم فعلوا
الأفعال المتنوعة : من طاعة ومعصية ، بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقها الله ) ( الدرة البهية شرح القصيدة التائية ص 18 )
التحذير من الخوض بالعقل في مسائل القدر :
الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله تعالى على
الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القوي لمدى معرفة الإنسان بربه تعالى ، وما يترتب على
هذه المعرفة من يقين صادق بالله ، وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ، وذلك لأن
القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها ،
وقد كثر الاختلاف حول القدر ، وتوسع الناس في الجدل والتأويل لآيات القرآن الواردة
بذكره ، بل وأصبح أعداء الإسلام في كل زمن يثيرون البلبلة في عقيدة المسلمين عن
طريق الكلام في القدر ، ودس الشبهات حوله ، ومن ثم أصبح لا يثبت على الإيمان الصحيح
واليقين القاطع إلا من عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، مسلِّماً الأمر لله
، مطمئن النفس ، واثقاً بربه تعالى ، فلا تجد الشكوك والشبهات إلى نفسه سبيلاً ،
وهذا ولا شك أكبر دليل على أهمية الإيمان به من بين بقية الأركان . وأن العقل لا
يمكنه الاستقلال بمعرفة القدر فالقدر سر الله في خلقه فما كشفه الله لنا في كتابه
أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم علمناه وصدقناه وآمنا به، وما سكت عنه ربنا
آمنا به وبعدله التام وحكمته البالغة ، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون
. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه .
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ
الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد )
*****
49004
مجمل اعتقاد أهل السنة في القضاء والقدر
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4810)
سؤال رقم 49004- مجمل اعتقاد أهل السنة في القضاء والقدر
هل توضح لي نظرة الإسلام للقضاء والقدر، وماذا يجب علي اعتقاده في هذا الشأن ؟.
الحمد لله
فالكلام على نظرة الإسلام للقضاء والقدر قد يطول قليلاً وحرصاً
على الفائدة فسنبدأ بمختصر مهم في هذا الباب ثم نتبعه ببعض الشرح الذي يسمح به
المقام سائلين الله النفع والقبول :
اعلم وفقك الله أن حقيقة الإيمان بالقضاء هي : التصديق الجازم
بأن كل ما يقع في هذا الكون فهو بتقدير الله تعالى .
وأن الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان وأنه لا
يتم إيمان أحد إلا به ففي صحيح مسلم ( 8 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه بلغه أن
بعض الناس ينكر القدر فقال : " إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء
مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ( أي : يحلف بالله ) لو كان لأحدهم مثل أحد
ذهبا ثم أنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر"
ثم اعلم أن الإيمان بالقدر لا يصح حتى تؤمن بمراتب القدر الأربع
وهي :
1) الإيمان بأن الله تعالى علم كل شيء جملة وتفصيلا من الأزل
والقدم فلا يغيب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض .
2) الإيمان بأن الله كتب كل ذلك في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق
السموات والأرض بخمسين ألف سنة .
3) الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة فلا يكون في هذا
الكون شيء من الخير والشر إلا بمشيئته سبحانه .
4) الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله فهو خالق الخلق وخالق
صفاتهم وأفعالهم كما قال سبحانه : ( ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء ) الأنعام/102
ومن لوازم صحة الإيمان بالقدر أن تؤمن :
- بأن للعبد مشيئة واختياراً بها تتحقق أفعاله كما قال تعالى : (
لمن شاء منكم أن يستقيم ) التكوير/28 وقال : ( لا يكلف الله
نفساً إلا وسعها ) البقرة/286
- وأن مشيئة العبد وقدرته غير خارجة عن قدرة الله ومشيئته فهو
الذي منح العبد ذلك وجعله قادراً على التمييز والاختيار كما قال تعالى : ( وما
تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) التكوير/29
- وأن القدر سر الله في خلقه فما بينه لنا علمناه وآمنا به وما
غاب عنا سلمنا به وآمنا ، وألا ننازع الله في أفعاله وأحكامه بعقولنا القاصرة
وأفهامنا الضعيفة بل نؤمن بعدل الله التام وحكمته البالغة وأنه لا يسأل عما يفعل
سبحانه وبحمده .
وبعد فهذا مجمل اعتقاد السلف الصالح في هذا الباب العظيم وسنذكر
فيما يلي تفصيلاً لبعض ما تقدم من القضايا فنقول سائلين الله العون والتسديد :
أولاً : معنى القضاء والقدر في اللغة :
القضاء لغة : هو إحكام الشيء وإتمام الأمر ، وأما القدر فهو في
اللغة: بمعنى التقدير .
ثانيا : تعريف القضاء والقدر في الشرع :
القدَر : هو تقدير الله تعالى الأشياء في القِدَم ، وعلمه سبحانه
أنها ستقع في أوقات معلومة عنده وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته
له ، ووقوعها على حسب ما قدرها ، وخَلْقُه لها .
ثالثاً : هل هناك فرق بين القضاء والقدر؟ :
من العلماء من فرق بينهما ، ولعل الأقرب أنه لا فرق بين ( القضاء
) و ( القدر ) في المعنى فكلٌ منهما يدل على معنى الآخر ، ولا يوجد دليل واضح في
الكتاب والسنة يدل على التفريق بينهما ، وقد وقع الاتفاق على أن أحدهما يصح أن يطلق
على الآخر ، مع ملاحظة أن لفظ القدر أكثر وروداً في نصوص الكتاب والسنة التي تدل
على وجوب الإيمان بهذا الركن . والله أعلم .
رابعاً : منزلة الإيمان بالقدر من الدين :
الإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في قوله صلى
الله عليه وسلم عندما سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان : " أن تؤمن بالله
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " رواه مسلم ( 8 ) وقد
ورد ذكر القدر في القرآن في قوله تعالى : ( إنا كل شئ خلقناه بقدر ) القمر/49 .
وقوله تعالى: ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) الأحزاب/38 .
خامساً : مراتب الإيمان بالقدر:
اعلم وفقك الله لرضاه أن الإيمان بالقدر لا يتم حتى تؤمن بهذه
المراتب الأربع وهي :
أ ـ مرتبة العلم : وهي الإيمان بعلم الله المحيط بكل شيء الذي لا
يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأن الله قد علم جميع خلقه قبل أن
يخلقهم ، وعلم ما هم عاملون بعلمه القديم وأدلة هذا كثيرة منها قوله تعالى : ( هُوَ
اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) الحشر/22 ، وقوله تعالى : ( وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) الطلاق/12 .
ب ـ مرتبة الكتابة : وهي الإيمان بأن الله كتب مقادير جميع
الخلائق في اللوح المحفوظ . ودليل هذا قوله تعالى : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَا ل أَرْضِ إِنَّ
ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج/16 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن
تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة " رواه مسلم ( 2653 ) .
ج ـ مرتبة الإرادة والمشيئة : وهي الإيمان بأن كل ما يجري في هذا
الكون فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى ؛ فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فلا
يخرج عن إرادته شيء .
والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ
ذَلِكَ غَدًا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّه ُ) الكهف/23 ،24 وقوله تعالى : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/29 .
د ـ مرتبة الخلق : وهي الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء ، ومن
ذلك أفعال العباد ، فلا يقع في هذا الكون شيء إلا وهو خالقه ، لقوله تعالى: (
اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) الزمر/62 . وقوله تعالى : (
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُون ) الصافات/96 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يصنع كل صانع وصنعته " أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد( 25 ) وابن أبي عاصم في السنة ( 257و 358
) وصححه الألباني في الصحيحة ( 1637) .
قال الشيح ابن سعدي ـ رحمه الله ـ : " إن الله كما أنه الذي
خلقهم ـ أي الناس ـ ، فإنه خلق ما به يفعلون من قدرتهم وإرادتهم ؛ ثم هم فعلوا
الأفعال المتنوعة : من طاعة ومعصية ، بقدرتهم وإرادتهم اللتين خلقها الله ) ( الدرة البهية شرح القصيدة التائية ص 18 )
التحذير من الخوض بالعقل في مسائل القدر :
الإيمان بالقدر هو المحك الحقيقي لمدى الإيمان بالله تعالى على
الوجه الصحيح ، وهو الاختبار القوي لمدى معرفة الإنسان بربه تعالى ، وما يترتب على
هذه المعرفة من يقين صادق بالله ، وبما يجب له من صفات الجلال والكمال ، وذلك لأن
القدر فيه من التساؤلات والاستفهامات الكثيرة لمن أطلق لعقله المحدود العنان فيها ،
وقد كثر الاختلاف حول القدر ، وتوسع الناس في الجدل والتأويل لآيات القرآن الواردة
بذكره ، بل وأصبح أعداء الإسلام في كل زمن يثيرون البلبلة في عقيدة المسلمين عن
طريق الكلام في القدر ، ودس الشبهات حوله ، ومن ثم أصبح لا يثبت على الإيمان الصحيح
واليقين القاطع إلا من عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، مسلِّماً الأمر لله
، مطمئن النفس ، واثقاً بربه تعالى ، فلا تجد الشكوك والشبهات إلى نفسه سبيلاً ،
وهذا ولا شك أكبر دليل على أهمية الإيمان به من بين بقية الأركان . وأن العقل لا
يمكنه الاستقلال بمعرفة القدر فالقدر سر الله في خلقه فما كشفه الله لنا في كتابه
أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم علمناه وصدقناه وآمنا به، وما سكت عنه ربنا
آمنا به وبعدله التام وحكمته البالغة ، وأنه سبحانه لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون
. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه .
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ
الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد )
*****
49005
حكم بلع ريقه أو ريق غيره
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/4811)
سؤال رقم 49005- حكم بلع ريقه أو ريق غيره
ما حكم بلع الإنسان للريق لأني أجد الكثير من الناس في رمضان يكثر من البصق تحرزا من بلع ريقه ، خاصة بعد المضمضة في الوضوء ، وما الحكم فيما لو كان هذا الريق من غيره كريق زوجته ، أفتونا جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
أولا :
شرائع الإسلام مبناها على اليسر وعلى دفع المشقات غير المعتادة
يقول سبحانه في أثناء آيات الصيام ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقرة/185 ، ويقول تعالى ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6 ، ويقول (
وما جعل عليكم في الدين من حرج ) الحج/78 ، ولهذا فإن ما يشق
ولا يمكن التحرز منه عادة فإنه لا يؤثر على الصيام ومن ذلك ابتلاع الإنسان لريقه
وهو صائم .
قال ابن قدامة :
( فَصْلٌ : وَمَا لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ , كَابْتِلاعِ
الرِّيقِ لا يُفَطِّرُهُ , لأَنَّ اتِّقَاءَ ذَلِكَ يَشُقُّ , فَأَشْبَهَ غُبَارَ
الطَّرِيقِ , وَغَرْبَلَةَ الدَّقِيقِ . فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ قَصْدًا
لَمْ يُفَطِّرْهُ ; لأَنَّهُ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ مَعِدَتِهِ , أَشْبَهَ مَا
إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ، فَإِنَّ الرِّيقَ لا يُفَطِّرُ إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ ,
وَإِنْ قَصَدَ ابْتِلاعَهُ , فَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَهُ ) . المغني 3/16
( ومثله َلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ
رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الأَصَحِّ , لأَنَّ اللِّسَانَ
كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ
مَعْدِنُهُ ) . حاشية قليوبي 2/73
ثانيا :
الواجب على الصائم بعد المضمضة :
قال النووي في " المجموع" (6/327) :
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ : إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ
لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ , وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ
وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين ( لا يجب التفل ولو بعد شرب الماء عند
أذان الفجر ، فإنه لم يعهد من الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم أن الإنسان إذا شرب
عند طلوع الفجر يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه ) الممتع
6/428
والذين يرون البصق بعد المضمضة لا يطالبون المتمضمض بأكثر من أن
يبصق مرة واحدة بعد مجِّه للماء (إخراجه من فمه) وعلتهم في اشتراط البصق اخْتِلاطِ
الْمَاءِ بِالْبُصَاقِ , فَلا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِّ , وَلا يشْتَرِطُون
الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَصْقِ ; لأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ بَلَلٍ
وَرُطُوبَةٍ , لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ . راجع الموسوعة الفقهية 28/
63
لكن إن اختلط بالريق غيره مما يمكن التحرز منه فإنه يلزمه أن
يلفظه ثم لا يضره ما بقي من آثار بعد أن يلفظه كالرائحة ونحوها وذلك مثل ما يبقى من
الطعام بعد السحور وما يتفتت من السواك ومثل الدم الخارج من اللثة وراجع الأسئلة ( 37745 )
( 37937 ) ( 12597 )
وعليه فلا وجه للذين يكثرون البصق في رمضان إلا التحرز مما لا
يشرع التحرز منه مما يجلب لهم جفاف الفم والعطش والمشقة في الصوم . كما يسبب لهم
شيئا من الحرج ، لاسيما إذا كانوا في أماكن لا يتسنى لهم فيها البصق أو لا يحملون
معهم شيئا من المناديل ونحوها ، وقد يكون مثل هذا حاملا لهم على تقليل الجلوس في
المسجد للذكر وتلاوة القرآن ، فيخسرون هذه الفضائل في هذا الشهر العظيم .
ثالثا : أما فيما يتعلق ببلع ريق زوجته ، فقد قال ابن قدامة رحمه
الله :
( أَوْ بَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ , أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ ابْتَلَعَهُ
مِنْ غَيْرِ فَمِهِ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَلَعَ غَيْرَهُ . فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ
رَوَتْ عَائِشَةُ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم { كَانَ يُقَبِّلُهَا
وَهُوَ صَائِمٌ , وَيَمَصُّ لِسَانَهَا . } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد 2386 .
قُلْنَا : قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ : هَذَا إسْنَادٌ لَيْسَ
بِصَحِيحٍ ).
وممن ضعف زيادة (ويمص لسانها) أيضا الألباني في ضعيف سنن أبي
داود . وذكر ابن قدامة توجيهين للحديث على فرض صحته :
الأول : أن المسألتين غير مرتبطتين ببعضها ، قال رحمه الله (
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُقَبِّلُ فِي الصَّوْمِ , وَيَمُصُّ لِسَانَهَا فِي
غَيْرِهِ ).
الثاني : أن الحديث ليس فيه دليل على ابتلاع الريق ، قال رحمه
الله ( وَيَجُوزُ أَنْ يَمُصَّهُ , ثُمَّ لا يَبْتَلِعُهُ , وَلأَنَّهُ لَمْ
يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُ مَا عَلَى لِسَانِهَا مِنْ الْبَلَلِ إلَى فَمِهِ ) المغني 3/17
وعلى هذا فإذا لم يحصل من أحد الزوجين ابتلاع لريق الآخر فإن
الصوم لا يفسد .
ولكن يبقى أن مص أحد الزوجين للسان الآخر داخل في عموم دواعي
الوطء ( تحرم القبلة وغيرها من دواعي الوطء إن خشي من فساد صومه بالإنزال أما إن
كان يأمن على نفسه فالصحيح أنه يجوز له من غير كراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم
( كان يقبل وهو صائم ) البخاري 1927 مسلم 1106 ) الممتع 6/433 بتصرف .
إلا أنه ينبغي عليه أن يصون صومه عما يعرضه لشيء من النقص لاسيما
وأن كل هذه المسائل تباح في كل ليالي رمضان . وراجع السؤالين ( 20032 )
و( 14315 ).
*****
49006
لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4812)
سؤال رقم 49006- لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
سمعت حديثاً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ، فهل هذا الحديث صحيح ؟.
الحمد لله
أولاً :
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البيهقي (4/315) عن حذيفة
أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما : مررت على أناس عكوف بين دارك ، ودار
أبي موسى ، ( يعني في المسجد ) وقد علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : (
لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ) . فقال عبد اللّه بن مسعود :
لعلك نسيت وحفظوا ، وأخطأت وأصابوا .
صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2876) .
ثانياً :
وأما حكم المسألة فذهب جماهير العلماء إلى أن الاعتكاف لا يشترط
له أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى : (وَلا
تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187.
ولفظ المساجد في الآية عام فيشمل كل المساجد ، إلا ما دل الدليل
على عدم صحة الاعتكاف فيه كالمسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إذا كان المعتكف
ممن تجب عليه صلاة الجماعة . انظر السؤال رقم : ( 48985 )
وقد أشار الإمام البخاري رحمه الله إلى الاستدلال بعموم الآية ،
فقال :
"بَاب الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاعْتِكَافِ
فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )" اهـ.
ولم يزل عمل المسلمين على الاعتكاف في مساجد بلدانهم . كما ذكره
الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" (4/205) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : عن حكم الاعتكاف في
المساجد الثلاثة: المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وجزاكم الله خيراً ؟
فأجاب :
"الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام ، والمسجد
النبوي ، والمسجد الأقصى مشروع في وقته ، ولا يختص بالمساجد الثلاثة ، بل يكون فيها
وفي غيرها من المساجد ، هذا قول أئمة المسلمين أصحاب المذاهب المتبوعة كالإمام أحمد
، ومالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله لقوله تعالى : ( وَلاَ
تباشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ
تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ)
ولفظ المساجد عام لجميع المساجد في أقطار الأرض ، وقد جاءت هذه الجملة في آخر آيات
الصيام الشامل حكمها لجميع الأمة في جميع الأقطار ، فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم
، ولهذا ختمت هذه الأحكام المتحدة في السياق والخطاب بقوله تعالى : ( تِلْكَ
حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) . ومن البعيد جداً أن يخاطب الله الأمة بخطاب لا يشمل إلا
أقل القليل منهم ، أما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( لا اعتكاف إلا في
المساجد الثلاثة ) فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكمال ، يعني أن الاعتكاف
الأكمل ما كان في هذه المساجد الثلاثة ، وذلك لشرفها وفضلها على غيرها . ومثل هذا
التركيب كثير، ـ أعني أن النفي قد يراد به نفي الكمال ، لا نفي الحقيقة والصحة ـ
مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا صلاة بحضرة طعام ) وغيره . ولا شك أن الأصل في
النفي أنه نفي للحقيقة الشرعية أو الحسية ، لكن إذا وجد دليل يمنع ذلك تعين الأخذ
به ، كما في حديث حذيفة. هذا على تقدير سلامته من القوادح ، والله أعلم" اهـ .
"فتاوى الصيام" (ص 493) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما صحة الحديث ( لا اعتكاف إلا
في المساجد الثلاثة ) وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد
الثلاثة ؟
فأجاب :
يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد
الذي يعتكف فيه إقامة الجماعة فيه ، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح
الاعتكاف فيه ، إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها
وفاء لنذره" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/444) .
*****
49007
الهدف الأساسي من الاعتكاف ، ولماذا ترك المسلمون تلك السنة ؟
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4813)
سؤال رقم 49007- الهدف الأساسي من الاعتكاف ، ولماذا ترك المسلمون تلك السنة ؟
لماذا ترك المسلمون الاعتكاف ، مع أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما هو الهدف من الاعتكاف ؟.
الحمد لله
أولاً :
الاعتكاف من السنن المؤكدة التي واظب عليها الرسول صلى الله عليه
وسلم .
وانظر الأدلة على مشروعيته في إجابة السؤال رقم ( 48999 ).
وقد اختفت هذه السنة من حياة المسلمين إلا من رحم ربي شأنها في
ذلك شأن كثير من السنن التي أماتها المسلمون أو كادوا .
ولذلك أسباب ، منها :
1- ضعف الجانب الإيماني في كثير من النفوس .
2- الإقبال المتزايد على ملذات الحياة الدنيا وشهواتها ، والذي
أدى إلى عدم القدرة على الابتعاد عنها ولو لفترة قليلة .
3- هوان الجنة في نفوس كثير من الناس ، وميلهم إلى الراحة والدعة
، فلا يريدون تحمل مشقة الاعتكاف ولو كان ذلك في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى .
ومن علم عظم قدر الجنة ونعيمها بذل في الحصول عليها النفس
والنفيس ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ
، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ) رواه الترمذي وصححه الألباني
(2450) .
4- اقتصار محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من النفوس على
الجانب اللفظي دون العملي والذي يتمثل في تطبيق جوانب السنة المحمدية المتعددة
ومنها الاعتكاف ، قال الله تعالى: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ
اللَّهَ كَثِيراً ) الأحزاب/21 . قال ابن كثير رحمه الله
(3/756) : هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في
أقواله وأفعاله وأحواله اهـ .
وقد تعجب بعض السلف من ترك الناس للاعتكاف مع مواظبة النبي صلى
الله عليه وسلم عليه .
قال اِبْن شِهَاب الزهري : عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ , تَرَكُوا
الاعْتِكَاف , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ
مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ .
ثانياً :
الاعتكاف الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته
اعتكاف العشر الأواخر من رمضان ، وهذه الأيام المعدودة تعتبر –بحق- بمثابة دورة
تربوية مكثفة لها نتائجها الإيجابية الفورية في حياة الإنسان في أيام وليالي
الاعتكاف ، ولها أثرها الإيجابي على حياة الإنسان فيما يستقبله من أيام خلال حياته
التي يحياها إلى رمضان آخر .
فما أحوجنا معاشر المسلمين إلى إحياء هذه السنة وإقامتها على
الوجه الصحيح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
فيا فوز المتمسكين بالسنة بعد غفلة الناس وفساد الأمة .
ثالثاً :
كان الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم التماس ليلة
القدر .
روى مسلم (1167) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ
الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي
قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ (أي : خيمة صغيرة) عَلَى سُدَّتِهَا (أي : بابها) حَصِيرٌ .
قَالَ : فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ،
ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ ، فَدَنَوْا مِنْهُ ، فَقَالَ : إِنِّي
اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ
اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي : إِنَّهَا فِي
الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ،
فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ .
وفي هذا الحديث من الفوائد :
1- أن الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم إلتماس ليلة
القدر ، والاستعداد لقيامها وإحيائها بالعبادة ، وذلك لعظم فضل هذه الليلة ، وقد
قال الله تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/3 .
2- اجتهاده صلى الله عليه وسلم في تحريها قبل معرفته بوقتها ،
فبدأ بالعشر الأول ثم الأوسط ، ثم استمر معتكفاً حتى آخر الشهر حينما أُعلم أنها في
العشر الأواخر ، وهي القمة في الاجتهاد طلباً لليلة القدر .
3- متابعة الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، إذ إنهم بدأوا الاعتكاف واستمروا معه حتى نهاية الشهر ، وذلك لشدة تأسيهم به
صلى الله عليه وسلم .
4- شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه ورحمته بهم ، فلعلمه
بمشقة الاعتكاف خَيَّرهم في الاستمرار معه أو الخروج فقال : ( فَمَنْ أَحَبَّ
مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ ) .
وللاعتكاف مقاصد أخرى ، منها :
1- الانقطاع عن الناس ما أمكن ، حتى يتم أُنسه بالله عز وجل .
2- إصلاح القلب بالإقبال على الله تبارك وتعالى بكليته .
3- الانقطاع التام للعبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة
قرآن .
4- حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات .
5- التقلل من المباح من الأمور الدنيوية والزهد في كثير منها مع
القدرة عليها .
انظر كتاب "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو .
*****
49008
إذا قدم المسافر مفطراً لم يلزمه الإمساك
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4814)
سؤال رقم 49008- إذا قدم المسافر مفطراً لم يلزمه الإمساك
كنت مسافراً وأفطرت بسبب السفر ثم رجعت إلى بلدي وأنا مفطر ، فهل يجوز لي الأكل والشرب وأنا في بلدي ؟.
الحمد لله
إذا قدم المسافر مفطراً ، أو طهرت المرأة من الحيض ، أو برئ
المريض أثناء النهار ، فقد اختلف العلماء هل يلزمهم الإمساك أم لا ؟
فذهب جمهور العلماء إلى أنهم لا يلزمهم الإمساك لأنهم أفطروا
بعذر .
ولكنهم لا يفطرون جهراً أمام من لا يعرف عذرهم حتى لا يكون ذلك
سبباً لإساءة الظن بهم .
انظر : "المجموع" (6/167، 168، 173) .
قال ابن قدامة في "المغني" :
"فَأَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا , كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُسَافِرِ , وَالصَّبِيِّ
, وَالْمَجْنُونِ , وَالْكَافِرِ , وَالْمَرِيضِ , إذَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ فِي
أَثْنَاءِ النَّهَارِ , فَطَهُرَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , وَأَقَامَ
الْمُسَافِرُ , وَبَلَغَ الصَّبِيُّ , وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ , وَأَسْلَمَ
الْكَافِرُ , وَصَحَّ الْمَرِيضُ الْمُفْطِرُ , فَفِيهِمْ رِوَايَتَانِ ;
إحْدَاهُمَا , يَلْزَمُهُمْ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ . وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ . . . وَالثَّانِيَةُ , لا يَلْزَمُهُمْ الإِمْسَاكُ . وَهُوَ
قَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ . وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : سمعت أنكم أفتيتم للحائض إذا
طهرت في نهار رمضان أنها تأكل وتشرب ولا تمسك بقية يومها ، وكذلك المسافر إذا قدم
للبلد في النهار فهل هذا صحيح ؟ وما وجه ذلك؟
فأجاب :
"نعم ، ما سمعته من أني ذكرت أن الحائض إذا طهرت في أثناء اليوم
لا يجب عليها الإمساك ، وكذلك المسافر إذا قدم ، فهذا صحيح عني ، وهو إحدى
الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله .
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : (من أكل أول
النهار فليأكل آخره) ، وروي عن جابر بن يزيد وهو أبو الشعثاء أحد أئمة التابعين
الفقيه أنه قدم من سفر فوجد امرأته طاهراً من الحيض في ذلك اليوم فجامعها، ذكر هذين
الأثرين في المغني ، ولم يتعقبهما .
ولأنه لا فائدة من الإمساك، لأنه لا يصح صيام ذلك اليوم إلا من
الفجر .
ولأن هؤلاء يباح لهم الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً مع علمهم
بأنه رمضان ، والله إنما أوجب الإمساك من أول النهار من الفجر، وهؤلاء في ذلك الوقت
ليسوا من أهل الوجوب ، فلم يكونوا مطالبين بالإمساك المأمور به.
ولأن الله إنما أوجب على المسافر وكذلك الحائض عدةً من أيام أخر
، بدلاً عن التي أفطرها ، ولو أوجبنا عليه الإمساك لأوجبنا عليه أكثر مما أوجبه
الله ؛ لأننا حينئذ أوجبنا إمساك هذا اليوم مع وجوب قضائه ، فأوجبنا عليه أمرين مع
أن الواجب أحدهما، وهو القضاء عدة من أيام أخر وهذا من أظهر الأدلة على عدم الوجوب
. . . ولكن ينبغي أن لا يظهر الأكل والشرب علناً إذا كان في ذلك مفسدة" اهـ .
"فتاوى الصيام" (ص 102) .
وقال النووي في "المجموع" (6/174) :
"إذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ
وَهُوَ مُفْطِرٌ , فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ
مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ بَرَأَتْ مِنْ مَرَضٍ وَهِيَ مُفْطِرَةٌ فَلَهُ
وَطْؤُهَا وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِلا خِلَافٍ" اهـ .
*****
49009
حقيقة النفخ في الصور
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4815)
سؤال رقم 49009- حقيقة النفخ في الصور
ما هو ( الصور ) المذكور في قوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ) الزمر/68 ، وكيف يكون النفخ فيه ؟.
الحمد لله
الصور في لغة العرب هو : القرن ( يشبه البوق ) وقد سئل رسول الله
عن الصور ففسره بما تعرفه العرب من كلامها كما في سنن الترمذي ( 3244 ) وغيره عن
عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال أعرابي : يا رسول الله ما الصور ؟ قال :
" قرن ينفخ فيه " وصححه الألباني في الصحيحة ( 1080 )
وأما الذي يَنفُخ فيه : فقد " اشتهر أنه إسرافيل عليه السلام ،
ونقل بعض العلماء الإجماع على ذلك ، ووقع التصريح به في بعض الأحاديث " انظر( فتح الباري 11 / 368 )
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن صاحب الصور مستعد للنفخ
فيه منذ أن خلقه الله تعالى كما في المستدرك عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو
العرش ، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان " وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1078 ) .
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن النفخ في الصور يكون مرتين : الأولى
يحصل بها الصعق ، والثانية يحصل بها البعث مستدلين بقوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ
اللَّه ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) الزمر/68 .
وبما ورد في الأحاديث الصحيحة التي ذكرت هاتين النفختين وما
يترتب عليهما من آثار فقد روى البخاري ( 4651 ) ومسلم ( 2955 ) عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون . قالوا : يا أبا
هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت قالوا أربعون شهرا ؟ قال : أبيت قالوا : أربعون سنة
؟ قال : أبيت . ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل . قال : وليس من
الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة "
قال النووي : ومعنى قول أبي هريرة ( أبيت ) أي أبيت أن أجزم أن
المراد أربعون يوماً أو سنة أو شهراً بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة . اهـ .
وفي صحيح مسلم ( 2940 ) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى
ليتا ورفع ليتا قال :وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس ثم
يرسل الله أو قال ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل ( شك الراوي ) فتنبت منه أجساد
الناس ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " وقوله : ( أصغى ليتا ) : أصغى أي
أمال ، والليت هو جانب العنق والمعنى فلا يبقى أحد إلا أمال عنقه ، ورفع عنقه ،
وقوله :( يلوط حوض إبله ) : أي يطين ويصلح مجمع الماء الذي تشرب منه إبله . ( شرح النووي على مسلم 18 /76 )
ومن العلماء من قال : إنها ثلاث نفخات وزاد فيها نفخة الفزع
وأنها تكون قبل نفخة الصعق ثم تليها نفخة الصعق مستندين على ما ورد في قوله تعالى :
( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي
الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) النمل / 87
ولكن لا يلزم من ذكر الصعق في آية والفزع في الأخرى أن لا يحصلا
معا من النفخة الأولى بل هما متلازمان فإذا نفخ في الصور فزع الناس فزعاً صعقوا منه
وماتوا .
واستدلوا أيضاً ببعض الأحاديث التي ورد فيها أن النفخات ثلاث .
لكن الحديث الذي استدلوا به هو حديث الصور الطويل ؛ وهو حديث
ضعيف مضطرب كما يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله . والله أعلم . انظر التذكرة
للقرطبي ( 184 ) وفتح الباري ( 11 / 369 ) .
فيستفاد مما سبق أن الله تعالى إذا أذن بموت الأحياء أمر ملك
الصور أن ينفخ فيه ؛ فينفخ نفخة عظيمة تفزع جميع الخلائق فيصعقون منها ويهلكون ، ثم
يمكثون على ذلك مدة قدرها أربعين من غير تحديد بسنة أو شهر أو يوم ـ الله أعلم
بمقدارها ـ فتتحلل أجسادهم في هذه المدة ولا يبقى منها إلا عجب الذنب وهو العظم
المستدير الذي في أصل الظهر ، ثم يرسل الله سحابا فتمطر مطرا فإذا أصاب الماء هذا
العظم نبت منه الجسم كما ينبت النبات ويتركب الخلق من هذا العظم كما بدأ الله الخلق
أول مرة يعيده وهو على كل شيء قدير ، ثم ينفخ في الصور نفخة البعث فتعود الأرواح
إلى الأجساد فيخرجون من القبور سراعا إلى أرض المحشر نسأل الله رحمته ولطفه .
وبعد فالواجب على المسلم أن يستعد لهذه اللحظات الحاسمة
بالمبادرة للأعمال الصالحة ، والمسارعة في الخيرات ، والبعد عن الأمور المنكرة ، و
مجانبة السيئات .
وإذا كان أخشى الخلق لله وأتقاهم له يقول : " كيف أنعم وقد التقم
صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ .. "أخرجه الترمذي في السنن(2431 ) وغيره وصححه الألباني في السلسة ( 1079 )
فكيف بحالنا نحن المقصرين الضعفاء ؟! نسأل الله أن يجعلنا ممن لا
يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون .. آمين .
والله أعلم .
يراجع ( القيامة الكبرى للشيخ عمر الأشقر 33- 42 ) و ( أعلام السنة المنشورة 122
).
*****
49010
الحكمة من مخالفة الطريق في صلاة العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4816)
سؤال رقم 49010- الحكمة من مخالفة الطريق في صلاة العيد
قرأت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يذهب إلى صلاة العيد من طريق ويعود من طريق آخر ، فما الحكمة من ذلك ؟.
الحمد لله
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ . ومعنى مخالفة الطريق أنه يذهب من
طريق ويعود من طريق آخر .
والمؤمن مطلوب منه الاقتداء بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وإن لم يعلم الحكمة من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قال
الله تعالى : قال الله تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيراً ) الأحزاب/21. قال ابن كثير رحمه الله (3/756) : هذه الآية الكريمة أصل
كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله اهـ .
وقد اختلف العلماء في الحكمة من ذلك على أقوال كثيرة .
قال الحافظ :
وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى أَقْوَال كَثِيرَة
اِجْتَمَعَ لِي مِنْهَا أَكْثَر مِنْ عِشْرِينَ , وَقَدْ لَخَّصْتهَا وَبَيَّنْت
الْوَاهِي مِنْهَا ، قَالَ الْقَاضِي عَبْد الْوَهَّاب الْمَالِكِيّ : ذُكِرَ فِي
ذَلِكَ فَوَائِد بَعْضهَا قَرِيب وَأَكْثَرهَا دَعَاوَى فَارِغَة . اِنْتَهَى .
فَمِنْ ذَلِكَ :
1- أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَد لَهُ الطَّرِيقَانِ ،
وَقِيلَ : لِيَشْهَد لَهُ سُكَّانهمَا مِنْ الْجِنّ وَالإِنْس .
2- وَقِيلَ : لِيُسَوَّى بَيْنهمَا فِي مَزِيَّة الْفَضْل
بِمُرُورِهِ أَوْ فِي التَّبَرُّك بِهِ .
3- وَقِيلَ لأَنَّ طَرِيقه لِلْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِين
فَلَوْ رَجَعَ مِنْهَا لَرَجَعَ عَلَى جِهَة الشِّمَال فَرَجَعَ مِنْ غَيْرهَا .
وَهَذَا يَحْتَاج إِلَى دَلِيل .
4- وَقِيلَ : لإِظْهَارِ شِعَائر الإِسْلام فِيهِمَا , وَقِيلَ :
لإِظْهَارِ ذِكْر اللَّه .
5- وَقِيلَ : لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ الْيَهُود .
وَقِيلَ : لِيُرْهِبهُمْ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ . وَرَجَّحَهُ اِبْن بَطَّال .
6- وَقِيلَ : حَذَرًا مِنْ كَيْد الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ
إِحْدَاهُمَا , وَفِيهِ نَظَر .
7- وَقِيلَ : فَعَلَ ذَلِكَ لِيَعُمّهُمْ فِي السُّرُور بِهِ ،
أَوْ التَّبَرُّك بِمُرُورِهِ وَبِرُؤْيَتِهِ وَالانْتِفَاع بِهِ فِي قَضَاء
حَوَائِجهمْ فِي الاسْتِفْتَاء أَوْ التَّعَلُّم وَالاقْتِدَاء وَالاسْتِرْشَاد
أَوْ الصَّدَقَة أَوْ السَّلام عَلَيْهِمْ وَغَيْر ذَلِكَ .
8- وَقِيلَ لِيَزُورَ أَقَارِبه ويَصِل رَحِمه .
9- وَقِيلَ : لِيَتَفَاءَل بِتَغَيُّرِ الْحَال إِلَى
الْمَغْفِرَة وَالرِّضَا .
10- وَقِيلَ : كَانَ فِي ذَهَابه يَتَصَدَّق فَإِذَا رَجَعَ لَمْ
يَبْقَ مَعَهُ شَيْء فَيَرْجِع فِي طَرِيق أُخْرَى لِئَلا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلهُ .
وَهَذَا ضَعِيف جِدًّا مَعَ اِحْتِيَاجه إِلَى الدَّلِيل .
11- وَقِيلَ : كَانَ طَرِيقه الَّتِي يَتَوَجَّه مِنْهَا أَبْعَد
مِنْ الَّتِي يرجع منهَا ، فَأَرَادَ تَكْثِير الأَجْر بِتَكْثِيرِ الْخَطَأ فِي
الذَّهَاب ، وَأَمَّا فِي الرُّجُوع فَلِيُسْرِع إِلَى مَنْزِله . وَهَذَا
اِخْتِيَار الرَّافِعِيّ , وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَحْتَاج إِلَى دَلِيل ،
وَبِأَنَّ أَجْر الْخُطَا يُكْتَب فِي الرُّجُوع أَيْضًا كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيث
أُبَيِّ بْن كَعْب عِنْد التِّرْمِذِيّ وَغَيْره .
12- وَقِيلَ : لأَنَّ الْمَلائِكَة تَقِف فِي الطُّرُقَات
فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَد لَهُ فَرِيقَانِ مِنْهُمْ . اهـ كلام الحافظ باختصار .
وذكر ابن القيم في "زد المعاد" (1/449) بعض هذه الحكم ثم قال :
وقال ابن القيم :
والأصح أنه لذلك كله ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها اهـ
.
وقال الشيخ ابن عثيمين : فإن قيل : ما الحكمة من مخالفة الطريق ؟
فالجواب: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ( وَمَا
كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن
يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ) . . . فهذه هي الحكمة . . . ثم ذكر بعض الحكم
المتقدمة في كلام الحافظ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (16/222) .
*****
49011
هل الأفضل للمرأة أن تخرج إلى صلاة العيد أم تبقى في بيتها؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4817)
سؤال رقم 49011- هل الأفضل للمرأة أن تخرج إلى صلاة العيد أم تبقى في بيتها؟
أعلم أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها ، لكن سؤالي بالنسبة لصلاة العيد هل الأفضل للمرأة أن تخرج لصلاة العيد أم الأفضل أن تبقى في بيتها ؟.
الحمد لله
الأفضل للمرأة أن تخرج لصلاة العيد ، وبهذا أمرها النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
روى البخاري (324) ومسلم (890) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ
وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ
الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِحْدَانَا
لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ . قَالَ : لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا .
(الْعَوَاتِق) جَمْع عَاتِق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ
قَارَبَتْ , أَوْ اِسْتَحَقَّتْ التَّزْوِيج .
(وَذَوَات الْخُدُور) هن الأبكار .
قال الحافظ :
فِيهِ اِسْتِحْبَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى شُهُودِ
الْعِيدَيْنِ سَوَاءٌ كُنَّ شَوَابَّ أَمْ لا وَذَوَاتِ هَيْئَاتٍ أَمْ لا اهـ .
وقال الشوكاني :
وَالْحَدِيثُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الأَحَادِيثِ قَاضِيَةٌ
بِمَشْرُوعِيَّةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ إلَى الْمُصَلَّى مِنْ
غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ
وَالْحَائِضِ وَغَيْرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً أَوْ كَانَ خُرُوجُهَا
فِتْنَةً أَوْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : أيهما أفضل للمرأة الخروج لصلاة العيد
أم البقاء في البيت ؟
فأجاب :
" الأفضل خروجها إلى العيد ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
أن تخرج النساء لصلاة العيد ، حتى العواتق وذوات الخدور ـ يعني حتى النساء اللاتي
ليس من عادتهن الخروج ـ أمرهن أن يخرجن إلا الحيض فقد أمرهن بالخروج واعتزال المصلى
ـ مصلى العيد ـ فالحائض تخرج مع النساء إلى صلاة العيد ، لكن لا تدخل مصلى العيد ؛
لأن مصلى العيد مسجد ، والمسجد لا يجوز للحائض أن تمكث فيه ، فيجوز أن تمر فيه
مثلاً ، أو أن تأخذ منه الحاجة، لكن لا تمكث فيه ، وعلى هذا فنقول : إن النساء في
صلاة العيد مأمورات بالخروج ومشاركة الرجال في هذه الصلاة ، وفيما يحصل فيها من
خير، وذكر ودعاء" اهـ .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (16/210) .
وقال أيضا :
" لكن يجب عليهن أن يخرجن تفلات ، غير متبرجات ولا متطيبات ،
فيجمعن بين فعل السنة ، واجتناب الفتنة .
وما يحصل من بعض النساء من التبرج والتطيب ، فهو من جهلهن ،
وتقصير ولاة أمورهن . وهذا لا يمنع الحكم الشرعي العام ، وهو أمر النساء بالخروج
إلى صلاة العيد " اهـ .
*****
49012
ترك طواف الإفاضة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4818)
سؤال رقم 49012- ترك طواف الإفاضة
تركت طواف الإفاضة ، وكنت أظن أن الطواف الأول يكفي عنه ، فماذا يلزمني ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، فإذا تركه
الإنسان فإن حجّه لم يتم ، لا بدّ أن يأتي به فيرجع ولو من بلده فيطوف طواف الإفاضة
، وفي هذه الحال ما دام لم يطف لا يجوز أن يستمتع بزوجته ، لأنه لم يتحلل التحلل
الثاني ، إذ إنه لا يحل التحلل الثاني إلا بعد طواف الإفاضة والسعي إن كان متمتعاً
، أو كان قارناً أو مفرداً ولم يكن سعى مع طواف القدوم اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 541) .
*****
49013
هل الأشياء السيئة التي تقع في الكون تحدث بإرادة الله ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4819)
سؤال رقم 49013- هل الأشياء السيئة التي تقع في الكون تحدث بإرادة الله ؟
هل كل ما يقع في هذا الكون هو بإرادة الله تعالى ؟ وإذا كان كذلك فكيف تقع الأشياء التي لا يحبها الله في ملك الله وبإرادته ؟.
الحمد لله
اعلم وفقك الله تعالى أن بعض الناس قد ضل في باب القدر لأنهم
ظنوا أن إرادة الله للفعل تقتضي محبته له فجرهم ذلك إلى القول بأن أفعال الشر تقع
بغير إرادة الله ، فنسبوا إلى الله العجز والضعف حيث أثبتوا أنه يقع في ملكه ما لا
يريد ، وبالتالي فقد يريد الشيء ولا يقع ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ ،
والحق أنه لا تلازم بين ما يحبه الله ويريده شرعا ، وبين ما يقضيه ويريده ويقدره
كوناً ويتضح ذلك بالنقاط التالية :
أولاً: إرادة الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة على قسمين :
القسم الأول :
الإرادة الكونية القدرية : وهي مرادفة للمشيئة ، وهذه الإرادة لا
يخرج عن مرادها شيء ؛ فالكافر والمسلم تحت هذه الإرادة الكونية سواء ؛ فالطاعات ،
والمعاصي ، كلها بمشيئة الرب ، وإرادته .
ومن أمثلتها قوله تعالى : ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ
سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ ) الرعد/11
وقوله : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ
صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا
حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) الأنعام/125
القسم الثاني :
الإرادة الشريعة الدينية : وهي مختصة بما يحبه الله ويرضاه .
ومن أمثلتها قوله ـ تعالى ـ : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ) البقرة/185
وقوله : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) النساء/27 ، وقوله ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ
مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) المائدة/6 .
ثانياً : الفرق بين الإرادتين :
بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية فروق تميز كل واحدة منهما
عن الأخرى ، ومن تلك الفروق ما يلي :
1ـ الإرادة الكونية تتعلق بما يحبه الله ويرضاه ، وبما لا يحبه
ولا يرضاه .
أما الشرعية فلا تتعلق إلا بما يحبه الله ويرضاه فالإرادة
الكونية مرادفة للمشيئة ، والإرادة الشرعية مرادفة للمحبة .
2ـ الإرادة الكونية قد تكون مقصودة لغيرها كخلق إبليس مثلاً ،
وسائر الشرور ؛ لتحصل بسببها أمور كثيرة محبوبة لله تعالى كالتوبة ، والمجاهدة ،
والاستغفار .
أما الإرادة الشرعية فمقصودة لذاتها ؛ فالله تعالى أراد الطاعة
وأحبها ، وشرعها ورضيها لذاتها .
3ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها ؛ فالله إذا شاء شيئاً وقع
ولا بد ، كإحياء أحد أو إماتته ، أو غير ذلك .
أما الإرادة الشرعية ـ كإرادة الإيمان من كل أحد ـ فلا يلزم
وقوعها ، فقد تقع وقد لا تقع ، ولو كان لابد من وقوعها لأصبح الناس كلهم مسلمين .
4ـ الإرادة الكونية متعلقة بربوبية الله وخلقه ، أما الشرعية
فمتعلقة بألوهيته وشرعه .
5ـ الإرادتان تجتمعان في حق المطيع ، فالذي أدى الصلاة ـ مثلاً ـ
جمع بينهما ؛ وذلك لأن الصلاة محبوبة لله ، وقد أمر بها ورضيها وأحبها ، فهي شرعية
من هذا الوجه ، وكونها وقعت دل على أن الله أرادها كوناً فهي كونية من هذا الوجه ؛
فمن هنا اجتمعت الإرادتان في حق المطيع .
وتنفرد الكونية في مثل كفر الكافر ، ومعصية العاصي ، فكونها وقعت
فهذا يدل على أن الله شاءها ؛ لأنه لا يقع شيء إلا بمشيئته ، وكونها غير محبوبة ولا
مرضية لله دليل على أنها كونية لا شرعية .
وتنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر المأمور به ، وطاعة العاصي
المطلوبة منه بدل معصيته ، فكونها محبوبة الله فهي شرعية ، وكونها لم تقع ـ مع أمر
الله بها ومحبته لها ـ دليل على أنها شرعية فحسب ؛ إذ هي مرادة محبوبة لم تقع .
هذه بعض الفوارق بين الإرادتين ، فمن عرف الفرق بينهما سلم من
شبهات كثيرة ، زلت بها أقدام ، وضلت بها أفهام ، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن
العباد بهاتين العينين كان بصيراً ومن نظر إلى الشرع دون القدر أو العكس كان أعور .
ثالثاً : أفعال الله كلها خير وحكمة وعدل :
فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها هو ، وقد يُعْلم
العباد أو بعضهم من حكمته ما يطلعهم عليه ، وقد يعجز العباد بعقولهم القاصرة عن
إدراك كثير من الحكم الإلهية . والأمور العامة التي يفعلها سبحانه تكون لحكمة عامة
، ورحمة عامة كإرساله محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى : ( وَمَا
أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء/107
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ " إنه سبحانه حكيم ، لا يفعل شيئاً
عبثاً ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة ، وهي الغاية المقصودة بالفعل ، بل أفعاله سبحانه
صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فَعَل ، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل ، وقد دل كلامه
وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على هذا "
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ
الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد ) .
*****
49014
أحكام العيد والسنن التي فيه
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4820)
سؤال رقم 49014- أحكام العيد والسنن التي فيه
أريد أن أعرف بعض السنن والأحكام التي تفعل في العيد .
الحمد لله
جعل الله في العيد أحكاماً متعددة ، منها :
أولاً : استحباب التكبير في ليلة العيد من غروب الشمس آخر يوم من
رمضان إلى حضور الإمام للصلاة ، وصيغة التكبير : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا
الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد . أو يكبر ثلاثاً فيقول : الله أكبر ،
الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
وكل ذلك جائز .
وينبغي أن يرفع الإنسان صوته بهذا الذكر في الأسواق والمساجد
والبيوت ، ولا ترفع النساء أصواتهن بذلك .
ثانياً : يأكل تمرات وتراً قبل الخروج للعيد ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً ، ويقتصر على وتر كما
فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً : يلبس أحسن ثيابه ، وهذا للرجال ، أما النساء فلا تلبس
الثياب الجميلة عند خروجها إلى مصلى العيد ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(وليخرجن تَفِلات) أي في ثياب عادية ليست ثياب تبرج ، ويحرم عليها أن تخرج متطيبة
متبرجة .
رابعاً : استحب بعض العلماء أن يغتسل الإنسان لصلاة العيد ؛ لأن
ذلك مروي عن بعض السلف ، والغسل للعيد مستحب ، كما شرع للجمعة لاجتماع الناس ، ولو
اغتسل الإنسان لكان ذلك جيداً .
خامساً : صلاة العيد . وقد أجمع المسلمون على مشروعية صلاة العيد
، ومنهم من قال : هي سنة . ومنهم من قال : فرض كفاية . وبعضهم قال : فرض عين ومن
تركها أثم ، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتى ذوات الخدور والعواتق
ومن لا عادة لهن بالخروج أن يحضرن مصلى العيد ، إلا أن الحيض يعتزلن المصلى ، لأن
الحائض لا يجوز أن تمكث في المسجد ، وإن كان يجوز أن تمر بالمسجد لكن لا تمكث فيه .
والذي يترجح لي من الأدلة أنها فرض عين ، وأنه يجب على كل ذكر أن
يحضر صلاة العيد إلا من كان له عذر ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ويقرأ الإمام في الركعة الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية
(هل أتاك حديث الغاشية) أو يقرأ سورة (ق) في الأولى ، وسورة القمر في الثانية ،
وكلاهما صح به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سادساً : إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد ، فتقام صلاة
العيد ، وتقام كذلك صلاة الجمعة ، كما يدل عليه ظاهر حديث النعمان بن بشير الذي
رواه مسلم في صحيحه ، ولكن من حضر مع الإمام صلاة العيد إن شاء فليحضر الجمعة ، وإن
شاء فليصل ظهراً .
سابعاً : ومن أحكام صلاة العيد أنه عند كثير من أهل العلم أن
الإنسان إذا جاء إلى مصلى العيد قبل حضور الإمام فإنه يجلس ولا يصلي ركعتين ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا جاء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ؛
لأن مصلى العيد مسجد ، بدليل منع الحيض منه ، فثبت له حكم المسجد ، فدل على أنه
مسجد ، وعلى هذا فيدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا دخل أحدكم المسجد
فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) . وأما عدم صلاته صلى الله عليه وسلم قبلها وبعدها
فلأنه إذا حضر بدأ بصلاة العيد .
إذن يثبت لمصلى العيد تحية المسجد كما تثبت لسائر المساجد ،
ولأننا لو أخذنا من الحديث أن مسجد العيد ليس له تحية لقلنا : ليس لمسجد الجمعة
تحية ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر مسجد الجمعة يخطب ثم يصلي
ركعتين ، ثم ينصرف ويصلي راتبة الجمعة في بيته ، فلم يصل قبلها ولا بعدها .
والذي يترجح عندي أن مسجد العيد تصلى فيه ركعتان تحية المسجد ،
ومع ذلك لا ينكر بعضنا على بعض في هذه المسألة ؛ لأنها مسألة خلافية ، ولا ينبغي
الإنكار في مسائل الخلاف إلا إذا كان النص واضحاً كل الوضوح ، فمن صلى لا ننكر عليه
، ومن جلس لا ننكر عليه .
ثامناً : من أحكام يوم العيد ـ عيد الفطر ـ أنه تفرض فيه زكاة
الفطر ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج قبل صلاة العيد ، ويجوز إخراجها
قبل ذلك بيوم أو يومين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري : (وكانوا يعطون
قبل الفطر بيوم أو يومين) ، وإذا أخرجها بعد صلاة العيد فلا تجزئه عن صدقة الفطر
لحديث ابن عباس : (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي
صدقة من الصدقات) ، فيحرم على الإنسان أن يؤخر زكاة الفطر عن صلاة العيد ، فإن
أخرها بلا عذر فهي زكاة غير مقبولة ، وإن كان بعذر كمن في السفر وليس عنده ما يخرجه
أو من يخرج إليه ، أو من اعتمد على أهله أن يخرجوها واعتمدوا هم عليه، فذلك يخرجها
متى تيسر له ذلك ، وإن كان بعد الصلاة ولا إثم عليه؛ لأنه معذور .
تاسعاً : يهنىء الناس بعضهم بعضاً، ولكن يحدث من المحظورات في
ذلك ما يحدث من كثير من الناس ، حيث يدخل الرجال البيوت يصافحون النساء سافرات بدون
وجود محارم . وهذه منكرات بعضها فوق بعض .
ونجد بعض الناس ينفرون ممن يمتنع عن مصافحة من ليست محرماً له ،
وهم الظالمون وليس هو الظالم ، والقطيعة منهم وليست منه ، ولكن يجب عليه أن يبين
لهم ويرشدهم إلى سؤال الثقات من أهل العلم للتثبت ، ويرشدهم أن لا يغضبوا لمجرد
اتباع عادات الاباء والأجداد ؛ لأنها لا تحرم حلالاً ، ولا تحلل حراماً، ويبين لهم
أنهم إذا فعلوا ذلك كانوا كمن حكى الله قولهم : ( وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن
قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ
ءَابَآءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ) .
ويعتاد بعض الناس الخروج إلى المقابر يوم العيد يهنئون أصحاب
القبور، وليس أصحاب القبور في حاجة لتهنئة ، فهم ما صاموا ولا قاموا .
وزيارة المقبرة لا تختص بيوم العيد ، أو الجمعة ، أو أي يوم ،
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المقبرة في الليل ، كما في حديث عائشة عند
مسلم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( زوروا القبور فإنها تذكركم الاخرة) .
وزيارة القبور من العبادات ، والعبادات لا تكون مشروعة حتى توافق
الشرع . ولم يخصص النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد بزيارة القبور ، فلا ينبغي أن
يخصص بها .
عاشراً : ومما يفعل يوم العيد معانقة الرجال بعضهم لبعض ، وهذا
لا حرج فيه .
الحادي عشر : ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن يخرج من طريق ويرجع
من آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسن هذه السنة في غيرها من
الصلوات ، لا الجمعة ولا غيرها ، بل تختص بالعيد .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/216-223) باختصار .
*****
49015
حكم قبول المقرِض هديةً من المقترض
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >
الفقه > معاملات > القرض >(1/4821)
سؤال رقم 49015- حكم قبول المقرِض هديةً من المقترض
اقترض مني شخص مبلغاً من المال وأهداني هدية قبل أن يرد القرض إليّ ، فما حكم قبولي لهذه الهدية ؟.
الحمد لله
إذا كان الشخص الذي اقترض منك قد جرت العادة قبل القرض أن يهدي
لك هدية ، كما لو كان صاحبك أو قريبك ونحو ذلك فلا بأس بقبول الهدية حينئذ لأنها
ليست بسبب القرض .
أما إذا كان هذا الشخص لم تجر العادة بأن يهدي لك فلا يجوز لك
قبولها لأنها قد تكون بسبب القرض ، فإذا قبلتها تكون قد وقعت في الربا لأن القاعدة
في القرض أن "كل قرض جَرَّ نفعاً فهو ربا" وهذا القرض قد جر لك نفعاً . ينظر السؤال
( 30842 ) ، ( 39505 )
.
وأيضاً : لأنه قد يكون دفعها إليك حتى تؤجل مطالبته بالدَّيْن ،
وهذا أيضاً من الربا .
وقد دل على ذلك ما رواه ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي
إِسْحَقَ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ
الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ . قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ
عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى
بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ) . حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في
"الفتاوى الكبرى" (6/159) .
ورَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَسْلَفَ
أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ , فَأَهْدَى إلَيْهِ
أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ ثَمَرَةِ أَرْضِهِ , فَرَدَّهَا عَلَيْهِ , وَلَمْ
يَقْبَلْهَا , فَأَتَاهُ أُبَيٍّ , فَقَالَ : لَقَدْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ
أَنِّي مِنْ أَطْيَبِهِمْ ثَمَرَةً , وَأَنَّهُ لا حَاجَةَ لَنَا , فَبِمَ مَنَعْتَ
هَدِيَّتَنَا ؟ ثُمَّ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلَ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ : فَكَانَ رَدُّ عُمَرَ لَمَّا تَوَهَّمَ
أَنْ تَكُونَ هَدِيَّتُهُ بِسَبَبِ الْقَرْضِ , فَلَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهَا
لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ قَبِلَهَا , وَهَذَا فَصْلُ النِّزَاعِ فِي مَسْأَلَةِ
هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ اهـ .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
قال : أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ ، فَقَالَ لِي : إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ ، إِذَا كَانَ لَكَ
عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ
حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا . و (القَتّ) نبات تأكله البهائم .
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة ، قال ابن القيم في
"إعلام الموقعين" (3/136) : "وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ
أَعْيَانِهِمْ (يعني الصحابة) كَأُبَيّ بن كعب وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ سَلامٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ نَهَوْا الْمُقْرِضَ عَنْ
قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ , وَجَعَلُوا قَبُولَهَا رِبًا" اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/257) :
"وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهُمَا
إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ التَّنْفِيسِ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ (أي تأخير السداد) , أَوْ
لأَجْلِ رِشْوَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ , أَوْ لأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ
الدَّيْنِ مَنْفَعَةٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ ; لأَنَّهُ نَوْعٌ
مِنْ الرِّبَا أَوْ رِشْوَةٌ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لأَجْلِ عَادَةٍ جَارِيَةٍ
بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ التَّدَايُنِ فَلا بَأْسَ , وَإِنْ
لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِغَرَضٍ أَصْلا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لإِطْلَاقِ النَّهْيِ
عَنْ ذَلِكَ" اهـ .
وذهب بعض العلماء إلى جواز أخذ المقرِض الهدية من المقترض غير أن
الأفضل له أن يردها تورعاً ، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/136) :
"وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَدْيُ أَصْحَابِهِ أَحَقُّ أَنْ
يُتَّبَعَ" اهـ .
فإن قلت :
هل يوجد حل آخر غير رد الهدية وغير الوقوع في الربا ؟
فالجواب : نعم ، إن أبيت إلا قبولها فأمامك أحد خيارين : إما أن
تكافئه عليها بمثلها أو أكثر ، وإما أن تحتسبها من الدين ، فتسقط قيمة الهدية من
الدين الذي على صاحبك .
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا بِغَيْرِ
مَعْرِفَةٍ فَأَهْدَى إلَيَّ هَدِيَّةً جَزْلَةً . قَالَ : رُدَّ إلَيْهِ
هَدِيَّتَهُ ، أَوْ احْسبهَا لَهُ .
وروى سعيد بن منصور أيضاً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ
قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا
يَبِيعُ السَّمَكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ، فَأَهْدَى إلَيَّ سَمَكَةً قَوَّمْتهَا
بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا . فَقَالَ : خُذْ مِنْهُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ .
انظر : "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (6/159) .
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/61) :
"فإن قال قائل : ما دامت المسألة حراماً فلماذا لا يردها أصلاً ؟
قلنا : لأنه قد يمنعه الحياء والخجل وكسر قلب صاحبه من الرد ،
فنقول : خذها وانو مكافأته عليها بمثلها أو أكثر ، أو احتسبها من دَيْنه ، وهذا لا
بأس به" اهـ بتصرف .
وما سبق من التحريم إذا كانت الهدية قبل وفاء القرض ، فإذا كنت
بعد الوفاء فلا بأس بقبولها .
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/59) :
"إذا أعطى هدية بعد الوفاء قليلة أو كثيرة فإن ذلك جائز" اهـ .
وانظر : "المغني" (6/437) ، "الشرح الممتع" (9/59-61) .
*****
49016
حقيقة العبودية لله تعالى
العقيدة > التوحيد > الألوهية >(1/4822)
سؤال رقم 49016- حقيقة العبودية لله تعالى
قرأت في السؤال رقم ( 11804 ">
) أن الغاية من خلق البشر هي أن يفردوا الله تعالى بالعبادة فهل توضح لي حقيقة
العبادة ؟
الحمد لله
العبادة في اللغة : هي الخضوع والذل تقول العرب هذا طريق
مُعَبَّدْ أي مُذَلَّلْ من كثرة وطئ الأقدام عليه .
أما في الشرع فالعبادة تطلق على شيئين :
الأول : فعل العبد كالذي يصلي أو يزكي ففعله هذا عبادة ويعرفها
العلماء بقولهم :
هي طاعة الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه مع محبة الله وخوفه
ورجائه .
الثاني : نفس المأمور به ولو لم يفعله أحد كالصلاة في حد ذاتها
والزكاة ونحو ذلك فيعرفها العلماء بقولهم :
هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال
الظاهرة والباطنة .
وسميت هذه المأمورات عبادات لأن المكلفين يفعلونها خاضعين
متذللين محبين لربهم جل وتعالى . فلا بد في عبادة الله من كمال محبته مع كمال
الخضوع والذل له سبحانه .
وقد بين لنا ربنا أن الغاية العظمى والهدف الأسمى من خلق الجن
والإنس هو أن يعبدوه وحده لا شريك له فقال جل شأنه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا
ليعبدون ) الذاريات/56
فكيف نحقق هذه الغاية ونصل إلى هذا الهدف ؟
كثير من الناس يظن أن العبادة لا تعدو أن تكون مجموعة من الشعائر
التعبدية التي أمر الله أن تؤدى في أوقاتها المعلومة ـ كالصلاة والصيام والحج ،
وبهذا ينتهي كل شيء ـ . وليس الأمر كما يظن هؤلاء .
فكم تستغرق الشعائر التعبدية من اليوم والليلة ؟ بل كم تستغرق من
عمر الإنسان نفسه؟!
فأين بقية العمر إذن ؟ وأين بقية الطاقة ؟ وأين بقية الوقت ؟ أين
تنفق وأين تذهب ؟ أتنفق في العبادة أم في غيرها ؟ وإن كانت ستنفق في غير العبادة
فكيف تتحقق غاية الوجود الإنساني التي حصرتها الآية حصراً كاملاً في عبادة الله ؟
وكيف يتحقق قوله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) الأنعام/162 .
إن العبودية قضية كلية تهيمن على حياة المسلم فهو حين يسعى في
الأرض لطلب الرزق يعبد الله لأن ربه يأمره بذلك في قوله : ( فامشوا في مناكبها
وكلوا من رزقه وإليه النشور ) الملك/15 ، وهو حين ينام فهو
ينام ليتقوى على عبادة الله تعالى كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : " إني لأحتسب
نومتي كما أحتسب قومتي " أخرجه البخاري 4342 ، أي أنه يحتسب
الأجر في نومه كما يحتسب الأجر في قيامه لِلَّيل ، بل إن المسلم لا يرضى إلا أن
يكون تمتعه بالطعام والشراب والنكاح في ميزان حسناته كما قال الرسول صلى الله عليه
وسلم ( وفي بضع أحدكم صدقة . قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها
أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ قالوا : نعم . قال : فكذلك
إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) أخرجه مسلم 1006
وطريق الوصول إلى هذه المرتبة العظيمة بأن يستحضر العبد ذكر ربه
وهو يعمل في شتى مجالات الحياة فيسأل نفسه هل هو في الموضع الذي يرضي ربه عنه أم
يسخطه عليه ؟ فإذا كان في موضع الرضى فليحمد الله وليزدد من الخير ، وإن كان على
غير ذلك فليستغفر الله وليتب إليه كما هو حال عباد الله المتقين الذين وصفهم الله
بقوله : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ
ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا
اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ
جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/
135 ، 136 .
وهكذا كانت العبادة في حس سلفنا الصالح من الصحابة ومن بعدهم فلم
يحصروها قط في إطار الشعائر التعبدية بحيث تصبح اللحظات التي يقومون فيها بأداء تلك
الشعائر هي وحدها لحظات العبادة ، وتكون بقية حياتهم " خارج العبادة " إنما كان في
حس أحدهم أن حياته كلها عبادة وأن الشعائر إنما هي لحظات مركزة يتزود فيها الإنسان
بالطاقة الإيمانية التي تعينه على أداء بقية العبادات المطلوبة منه ، ولذلك كانوا
يحتفون بها احتفاءً خاصاً كما يحتفي المسافر بالزاد الذي يعينه على الطريق وباللحظة
التي يحصل فيها على الزاد .
لقد كانوا كما وصفهم ربهم : ( يذكرون الله قياما وقعودا وعلى
جنوبهم ) آل عمران/191 أي في جميع أحوالهم لقد كانوا يجمعون
إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب وكانت عظمة الله وخشيته حاضرة في قلوبهم في كل عمل
يعملونه ، أو قول يقولونه فإذا حدث وغفل أحدهم فزل أو أخطأ كان حاله كما وصف الله
في الآيات التي سبق ذكرها من آل عمران .
ثم اعلم ـ وفقك الله ـ أن كل إنسان عابد بفطرته. أي أنه مجبول
على العبادة ؛ فإما أن يكون عابدا لله وحده بلا شريك ، وإما أن يكون عابدا لشيء آخر
غير الله ، معه أو من دونه ، كلاهما سواء ! وهذه العبادة هي التي يسميها الله
سبحانه وتعالى " عبادة الشيطان " لأنه استجابة لدعوة الشيطان : ( ألم أعهد إليكم يا
بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ) يس/60 . ولا يستوي حياة الإنسان عابدا لله وعابدا للشيطان : ( أفمن
يمشي مكباًّ على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ) الملك/22 .
( قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور ) الرعد/16 ، والشيطان يستدرج الإنسان في محاولة لإبعاده عن
عبادة الله فتارة ينجح في إبعاده إبعاداً مؤقتاً كما يقع في المعصية " لا يزني
الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن .. ) أخرجه
البخاري (2475 ) ومسلم (57 ) ، وتارة يبعده إبعاداً كاملاً ينقطع
فيه ما بين العبد وبين ربه فيشرك أو يكفر أو يلحد ـ والعياذ بالله ـ
وعبادة الشيطان هذه تارة تكون عبادة للهوى كما قال تعالى : (
أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً ) الفرقان/43 ، فهذا العبد الذي يأتمر بأمر هواه فما رآه حسنا فعله وما رآه قبيحا
تركه فهو مطيع لهوى نفسه يتبع ما تدعو إليه فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه.
وتارة تكون عبادة للدرهم والدينار كما قال صلى الله عليه وسلم :
" تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ إِنْ
أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلا
انْتَقَشَ .. الحديث " رواه البخاري 2887
وهكذا كل من تعلق قلبه بشيء غير الله من أهواء نفسه فإن حصل له
رضي وإن لم يحصل له سخط فهو عبد ما يهواه رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو
رق القلب وعبوديته .
ثم بقدر ما تستعبده هذه الشهوات أو بعضها بقدر ما تضعف عبوديته
لربه سبحانه فإن استحكمت عبوديته لتلك الشهوات والأهواء حتى صدته عن الدين بالكلية
فهو مشرك كافر ، وإن صدته تلك الأهواء والشهوات عن بعض ما يجب عليه أو زينت له فعل
بعض ما يحرم عليه مما لا يخرج فاعله من الدين فقد نقص من عبوديته لربه وإيمانه به
بقدر ما صُد عنه.
نسأل الله تعالى أن يمن علينا بكمال العبودية له سبحانه , وأن يجعلنا من عباده المخلَصين وأوليائه المقربين ، إنه سميع قريب مجيب .
والله أعلم وأحكم .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.
يراجع ( مفاهيم ينبغي أن تصحح للشيخ محمد قطب 20- 23 ، 174- 182 ) و ( العبودية
لشيخ الإسلام ابن تيمية ).
*****
49017
تشقير الحواجب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4823)
سؤال رقم 49017- تشقير الحواجب
هل يجوز تشقير - صبغ – الحاجبين ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء المعاصرون في حكم تشقير الحواجب هذا ، فمنعته
طائفة كما جاء في جواب اللجنة الدائمة للإفتاء عن السؤال التالي :
انتشر في الآونة الأخيرة بين أوساط النساء ظاهرة تشقير الحاجبين
بحيث يكون هذا التشقير من فوق الحاجب ومِن تحته بشكل يُشابه بصورة مطابقة للنمص ،
من ترقيق الحاجبين ، ولا يخفى أن هذه الظاهرة جاءت تقليداً للغرب ، وأيضاً خطورة
هذه المادة المُشقّرة للشعر من الناحية الطبية ، والضرر الحاصل له ، فما حُكم
الشرع في مثل هذا الفعل ؟
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت :
بأن تشقير أعلى الحاجبين وأسفلهما بالطريقة المذكورة : لا يجوز
لما في ذلك من تغيير خلق الله سبحانه ولمشابهته للنمص المحرّم شرعاً ، حيث إنه في
معناه ويزداد الأمر حُرمة إذا كان ذلك الفعل تقليداً وتشبهاً بالكفار أو كان في
استعماله ضرر على الجسم أو الشعر لقول الله تعالى : ( وَلاَ تُلْقُواْ
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا
ضرار " ، وبالله التوفيق .اهـ.
فتوى رقم ( 21778 ) وتاريخ 29/12/1421 هـ .
وقال الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله - :
أرى أن هذه الأصباغ وتغيير الألوان لشعر الحواجب لا تجوز فقد لعن
النبي صلى الله عليه وسلم النامصات والمتنمصات والمغيرات لخلق الله الحديث ، وقد
جعل الله من حكمته من وجود الاختلاف فيها . فمنها كثيف ومنها خفيف منها الطويل
ومنها القصير وذلك مما يحصل به التمييز بين الناس ، ومعرفة كل إنسان بما يخصه ويعرف
به ، فعلى هذا لا يجوز الصبغ لأنه من تغيير خلق الله تعالى .
" فتاوى المرأة " جمع خالد الجريسي ( ص 134 ) .
وقال آخرون من أهل العلم بإباحته ، ومنهم الشيخ محمد الصالح
العثيمين . انظر الأسئلة رقم ( 8605 ) و : ( 11168 ) في الموقع .
فصارت القضية موضع شبهة لاختلاف العلماء فيها .
فيكون الأولى والأحوط تركها .
ومن كان من أهل الاجتهاد عمل بما رآه ، ومن كان من أصحاب الأهلية
في الترجيح عمل بما ترجح لديه ، والعامي يقلّد أوثق من يعلمه من علماء بلده أو من
وصلت إليه فتواه .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
49018
هل يبطل الوضوء إذا نظر الرجل إلى عورة زوجته ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4824)
سؤال رقم 49018- هل يبطل الوضوء إذا نظر الرجل إلى عورة زوجته ؟
هل يبطل الوضوء إذا نظر الرجل إلى عورة زوجته ؟.
الحمد لله
لا يبطل الوضوء بذلك ، وقد سبق في إجابة السؤال : ( 14321 ) بيان نواقض
الوضوء ، وليس منها نظر الرجل إلى عورة نفسه أو غيره .
وسئلت اللجنة الدائمة (5/270) :
هل يفسد الوضوء بمجرد النظر إلى النساء والرجال العراة وهل يفسد
الوضوء إذا نظر الرجل إلى عورته ؟
فأجابت :
" لا يفسد الوضوء بمجرد نظر المتوضئ إلى النساء والرجال العراة ،
ولا بمجرد النظر إلى عورة نفسه لعدم الدليل على ذلك " اهـ
وسئلت ـ أيضاً ـ (5/283) :
هل يستطيع المسلم أن يمس المصحف أو يصلي إذا نظر إلى عورته وهو
متوضئ ؟
فأجابت :
" نعم ، يجوز ، وليس النظر إلى العورة من نواقض الوضوء " . اهـ .
*****
49019
كيفية ترتيب الصلوات المقضية
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >(1/4825)
سؤال رقم 49019- كيفية ترتيب الصلوات المقضية
كيفية ترتيب الصلوات المقضية
الحمد لله
يجب الترتيب في قضاء الفوائت ، في مذهب جمهور أهل العلم .
قال ابن قدامة رحمه الله (المغني 1/352) : ( وجملة ذلك أن
الترتيب واجب في قضاء الفوائت .
نص عليه أحمد في مواضع ... ونحوه عن النخعي , والزهري , وربيعة ,
ويحيى الأنصاري , ومالك , والليث , وأبي حنيفة , وإسحاق .
وقال الشافعي : لا يجب ; لأن قضاء الفريضة فائتة , فلا يجب
الترتيب فيه , كالصيام ... إذا ثبت هذا , فإنه يجب الترتيب فيها وإن كثرت , وقد نص
عليه أحمد .
وقال مالك , وأبو حنيفة : لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم
وليلة ; ولأن اعتباره فيما زاد على ذلك يشق , ويفضي إلى الدخول في التكرار , فسقط ,
كالترتيب في قضاء صيام رمضان ) اهـ .
فتحصل من ذلك أن الترتيب واجب عند الجمهور من الحنفية والمالكية
والحنابلة، إلا أن الحنفية والمالكية لا يوجبونه إذا زادت الفوائت على صلوات يوم
وليلة .
وصفة الترتيب أن يأتي بما فاته على نسق الصلاة المعروف، فمن
فاتته الظهر والعصر مثلا، صلى الظهر أولا ، ثم صلى العصر.
لكن يسقط الترتيب بالنسيان وبالجهل وبخشية خروج وقت اختيار
الصلاة الحاضرة ، وبخشية بخوف فوت صلاة الجماعة ، على الراجح .
فمن كان عليه صلاتان ، ظهر وعصر مثلا ، فبدأ بقضاء العصر قبل
الظهر ناسيا ، أو جاهلا وجوب الترتيب ، صحت صلاته .
وإن خشي لو بدأ بالقضاء أن يخرج الوقت الاختياري لصلاة العصر ،
صلى العصر أولا ، ثم صلى ما عليه .
وكذلك لو دخل المسجد ، فهل يصلي مع الجماعة الصلاة الحاضرة ، أم
يقضي ما عليه أولا ؟
ذهب أحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام إلى أن الترتيب يسقط بخوف
فوت الجماعة .
لكن للإنسان في هذه الحالة أن يدخل مع الجماعة بنية الصلاة
الفائتة، كمن عليه الظهر ، وجاء المسجد وهم يصلون العصر ، فله أن يصلي مع الجماعة
بنية الظهر ، ولا يضر اختلاف نيته عن نية إمامه ، ثم يصلي العصر بعد ذلك .
انظر الشرح الممتع 2/138- 144
والله أعلم .
*****
49020
هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4826)
سؤال رقم 49020- هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين
أريد أن أعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين .
الحمد لله
كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي العيدين في المصلى ،
ولم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه صلى العيد في مسجده .
قَالَ الشَّافِعِيّ فِي الأُمّ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُج فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى
الْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ وَهَكَذَا مَنْ بَعْده إِلا مِنْ عُذْر مَطَر وَنَحْوه
, وَكَذَا عَامَّة أَهْل الْبُلْدَان إِلا أَهْل مَكَّة . اِنْتَهَى .
وكان يلبس للخروج إليهما أجمل ثيابه ، فكان صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له حُلَّة يلبسها للعيدين والجمعة .
(والحُلَّة ثوبان من جنس واحد) .
وكان يأكل قبل خروجه في عيد الفطر تمرات ، ويأكلهن وترا .
روى البخاري (953) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا
يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا .
وَقَالَ اِبْنُ قُدَامَةَ : لا نَعْلَمُ فِي اِسْتِحْبَابِ
تَعْجِيلِ الأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ اِخْتِلافًا . اِنْتَهَى .
والْحِكْمَةُ فِي الأَكْلِ قَبْلَ الصَّلاةِ أَنْ لا يَظُنَّ
ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ .
وقيل : مُبَادَرَةً إِلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى
بوجوب الفطر بعد وجوب الصوم .
فإن لم يجد المسلم تمراً أفطر على غيره ولو على ماء ، حتى يحصل
له أصل السنة . وهي الإفطار قبل صلاة عيد الفطر .
وأما في عيد الأضحى فكان لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من
أضحيته .
وروي عنه أنه كان يغتسل للعيدين ، قال ابن القيم : فيه حديثان
ضعيفان . . ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل
خروجه اهـ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج إلى صلاة العيد
ماشيا ، ويرجع ماشياً .
روى ابن ماجه (1295) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ ، مَاشِيًا
وَيَرْجِعُ مَاشِيًا . حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى الترمذي (530) عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مِنْ
السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا . حسنه الألباني في صحيح الترمذي
.
قَالَ الترمذي : وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ
أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ إِلَى الْعِيدِ
مَاشِيًا . . . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَرْكَبَ إِلا مِنْ عُذْرٍ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى إلى المصلى
أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول الصلاة جامعة ، والسنة أنه لا يُفعل
شيءٌ من ذلك .
ولم يكن يصلي في المصلى قبل صلاة العيد أو بعدها شيئاً .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبدأ بالصلاة قبل الخطبة
، فيصلي ركعتين يكبر في الأولى سبع تكبيرات متوالية بتكبيرة الإحرام أو غيرها ،
يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات ، ولكن ذُكر
عن ابن مسعود أنه قال : يحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وكان ابن عمر مع تحريه لاتباع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يرفع يديه مع كل تكبيرة .
وكان إذا أتم التكبير أخذ في القراءة فقرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ
بعدها (ق والقرآن المجيد) في إحدى الركعتين ، وفي الأخرى (اقتربت الساعة وانشق
القمر) ، وربما قرأ فيهما (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) صح عنه
هذا وهذا ، ولم يصح عنه غير ذلك ، فإذا فرغ من القراءة كبر وركع ثم إذا أكمل الركعة
وقام من السجود ، وكبر خمسا متوالية ، فإذا أكمل التكبير أخذ في القراءة ، فيكون
التكبير أول ما يبدأ به في الركعتين ، والقراءة يليها الركوع .
وقد روى الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن
أبيه عن جده أن رسول الله كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة
خمسا قبل القراءة . قال الترمذي : سألت محمدا -يعني : البخاري- عن هذا الحديث فقال
: ليس في الباب شيء أصح من هذا ، وبه أقول اهـ .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أكمل الصلاة انصرف ،
فقام مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم ، ويأمرهم وينهاهم ،
وإن كان يريد أن يبعث بعثا بعثه ، أو يأمر بشيء أمر به .
ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ، ولم يكن يخرج منبر المدينة ،
وإنما كان يخطبهم قائما على الأرض قال جابر : شهدت مع رسول الله الصلاة يوم العيد
فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى
الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن . متفق
عليه .
وقال أبو سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كان النبي يخرج
يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول ما يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل
الناس والناس جلوس على صفوفهم . . الحديث رواه مسلم .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح خطبه كلها بالحمد
لله ، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير . وإنما روى
ابن ماجه في سننه (1287) عن سَعْدٍ القَرَظ مُؤَذِّنِ النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُكَبِّرُ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَةِ
الْعِيدَيْنِ ) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه . ومع ضعف الحديث فإنه لا يدل على
أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفتتح خطبة العيد بالتكبير .
وقال في تمام المنة : "ومع أنه لا يدل على مشروعية افتتاح خطبة
العيد بالتكبير ، فإن إسناده ضعيف ، فيه رجل ضعيف وآخر مجهول ، فلا يجوز الاحتجاج
به على سنية التكبير في أثناء الخطبة" اهـ .
قال ابن القيم :
"وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء فقيل
يفتتحان بالتكبير وقيل تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وقيل يفتتحان بالحمد قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : وهو الصواب . . وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يفتتح خطبه كلها بالحمد لله اهـ .
ورخص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن شهد العيد أن
يجلس للخطبة ، أو أن يذهب .
روى أبو داود (1155) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ
: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَ ،
فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ : ( إِنَّا نَخْطُبُ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ
يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ )
. صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخالف الطريق يوم العيد
، فيذهب في طريق ويرجع في آخر .
روى البخاري (986) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .
*****
49021
حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4827)
سؤال رقم 49021- حكم التهنئة بالعيد والمصافحة والمعانقة بعد الصلاة
ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وما حكم المصافحة والمعانقة بعد صلاة العيد ؟.
الحمد لله
ورد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كان يهنئ بعضهم بعضاً بالعيد
بقولهم : تقبل الله منا ومنكم .
فعن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اِلْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ
يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . قال الحافظ :
إسناده حسن .
وقَالَ الإمام أَحْمَدُ رحمه الله : وَلا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ
الرَّجُل لِلرَّجُلِ يَوْمَ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك . نقله
ابن قدامة في "المغني" .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/228) : هَلْ
التَّهْنِئَةُ فِي الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ : " عِيدُك
مُبَارَكٌ " وَمَا أَشْبَهَهُ , هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , أَمْ لا ؟
وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , فَمَا الَّذِي يُقَالُ ؟
فأجاب :
"أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا
وَمِنْكُمْ , وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا قَدْ رُوِيَ
عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ
, الأَئِمَّةُ , كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ : أَنَا لا
أَبْتَدِئُ أَحَدًا , فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته , وَذَلِكَ لأَنَّ
جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ , وَأَمَّا الابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ
سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا , وَلا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ , فَمَنْ فَعَلَهُ
فَلَهُ قُدْوَةٌ , وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : ما حكم التهنئة بالعيد ؟ وهل لها صيغة
معينة ؟
فأجاب :
"التهنئة بالعيد جائزة ، وليس لها تهنئة مخصوصة ، بل ما اعتاده
الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً" اهـ .
وقال أيضاً :
"التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى
فرض أنها لم تقع فإنها الا?ن من الأمور العادية التي اعتادها الناس ، يهنىء بعضهم
بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام" اهـ .
وسئل رحمه الله تعالى : ما حكم المصافحة ، والمعانقة والتهنئة
بعد صلاة العيد ؟
فأجاب :
"هذه الأشياء لا بأس بها ؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل
التعبد والتقرب إلى الله عز وجل ، وإنما يتخذونها على سبيل العادة ، والإكرام
والاحترام ، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/208-210) .
*****
49022
وقت رمي الجمار
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4828)
سؤال رقم 49022- وقت رمي الجمار
أريد أن أعرف بالتحديد وقت رمي الجمار ، أوله وآخره .
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين :
وقت الرمي بالنسبة لجمرة العقبة يوم العيد يكون لأهل القدرة
والنشاط من طلوع الشمس يوم العيد ، ولغيرهم من الضعفاء ومن لا يستطيع مزاحمة الناس
من الصغار والنساء يكون وقت الرمي في حقّهم من آخر الليل ، وكانت أسماء بنت أبي بكر
ـ رضي الله عنها ـ ترتقب غروب القمر ليلة العيد فإذا غاب دفعت من مزدلفة إلى منى ،
ورمت الجمرة ، أما آخره فإنه إلى غروب الشمس من يوم العيد ، وإذا كان زحام أو كان
بعيداً عن الجمرات وأحب أن يؤخره إلى الليل فلا حرج عليه في ذلك ، ولكنه لا يؤخره
إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر .
وأما بالنسبة لرمي الجمار في أيام التشريق وهي اليوم الحادي عشر
، واليوم الثاني عشر ، واليوم الثالث عشر فإن ابتداء الرمي يكون من زوال الشمس أي
من انتصاف النهار عند دخول وقت الظهر ، ويستمر إلى الليل ، وإذا كان هناك مشقة من
زحام وغيره فلا بأس أن يرمي بالليل إلى طلوع الفجر ، ولا يحل الرمي في اليوم الحادي
عشر والثاني عشر ، الثالث عشر قبل الزوال ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرم
إلا بعد الزوال ، وقال للناس : " خذوا عني مناسككم " وكون الرسول صلى الله عليه
وسلم يؤخر الرمي ـ إلى هذا الوقت ـ مع أنه في شدّة الحر ، ويدع أول النهار مع أنه
أبرد وأيسر ، دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت ، ويدل لذلك أيضاً أن الرسول
صلى الله عليه وسلم كان يرمي من حين تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر ، وهذا دليل على
أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل ، لأجل أن يصلي
الصلاة ـ صلاة الظهر ـ في أوّل وقتها ، لأن الصلاة في أول وقتها أفضل ، والحاصل أن
الأدلة تدل على أن الرمي في أيام التشريق لا يجوز قبل الزوال .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 560) .
وقال أيضاً :
رمي جمرة العقبة يوم العيد ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الحادي
عشر ويبتدئ من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة
الناس .
وأما رميها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللتين معها يبتدئ
الرمي من الزوال ( أول وقت صلاة الظهر ) وينتهي بطلوع الفجر من الليلة التي تلي
اليوم إلا إذا كان في آخر أيام التشريق فإن الليل لا رمي فيه وهو ليلة الرابع عشر ،
لأن أيام التشريق انتهت بغروب شمسها ، ومع ذلك فالرمي في النهار أفضل إلا أنه في
هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغشمهم ، وعدم مبالاة بعضهم ببعض إذا خاف على نفسه من
الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه ، كما أنه لو رمى
ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه ، ولكن الأفضل أن يراعي الاحتياط في هذه
المسألة ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه اهـ .
فتاوى أركان الإسلام (ص557-558) .
*****
49023
مراتب الدين الإسلامي
العقيدة >(1/4829)
سؤال رقم 49023- مراتب الدين الإسلامي
هل للدين الإسلامي مراتب ، وما هي مراتبه ؟.
الحمد لله
وبعد : فإن للدين الإسلامي ثلاث مراتب وهي : الإسلام ، والإيمان
، والإحسان . وكل مرتبة لها معنى ، ولها أركان .
فالمرتبة الأولى : الإسلام وهو لغة : الانقياد والإذعان .
وأما في الشرع : فيختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :
الحالة الأولى : أن يطلق مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فهو
حينئذ يراد به الدين كله أصوله وفروعه من اعتقاداته وأقواله وأفعاله ، كقوله تعالى
: ( إن الدين عند الله الإسلام ) آل عمران/19 ، وقوله تعالى
: ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة/3 ، وقوله : ( ومن
يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) آل عمران/85 . ولذا
عرفه بعض أهل العلم بقوله : هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة
والبراءة من الشرك وأهله .
الحالة الثانية : أن يطلق مقترنا بالإيمان فهو حينئذ يراد به
الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن
قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) الحجرات/14
وفي صحيح البخاري ( 27 ) ومسلم ( 150 ) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي
وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا
وَسَعْدٌ جَالِسٌ فِيهِمْ قَالَ سَعْدٌ : فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ .
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ إِنِّي
لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ
مِنْهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ ؟ فَوَاللَّهِ
إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ : فَسَكَتُّ قَلِيلا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا
عَلِمْتُ مِنْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لَكَ عَنْ فُلانٍ ؟
فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمًا إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يُكَبَّ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ "
فقوله صلى الله عليه وسلم : "أو مسلما " ؛ لما قال له سعد رضي
الله عنه مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا : يعني أنك لم تطلع على إيمانه وإنما
اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة .
والمرتبة الثانية : الإيمان وهو في اللغة : التصديق المستلزم
للقبول والإذعان .
وفي الشرع : يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان أيضا :
الحالة الأولى : أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام
فحينئذ يراد به الدين كله كقوله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات
إلى النور ) البقرة /257 ، وقوله تعالى : ( وعلى الله
فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) المائدة/23
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون "
أخرجه مسلم ( 114 ) . ولهذا أجمع السلف على أنه : " تصديق بالقلب ـ ويدخل فيه أعمال
القلب ـ ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية "
ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطنا وظاهرا في
قوله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم
آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) الأنفال/2-4
وقد فسر الله تعالى الإيمان بذلك كله في قوله تعالى : ( ولكن
البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي
القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى
الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك
الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ) البقرة/177 ، وفسره النبي
صلى الله عليه وسلم بذلك كله في حديث وفد عبد القيس في صحيح البخاري ( 53 ) ومسلم (
17 ) فقال : " آمركم بالإيمان بالله وحده قال : أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،
وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان ، وأن تؤدوا من المغنم الخمس " .
وقد جعل صلى الله عليه وسلم صيام رمضان إيمانا واحتسابا من
الإيمان وكذا قيام ليلة القدر وكذا أداء الأمانة وكذا الجهاد والحج واتباع الجنائز
وغير ذلك وفي صحيح البخاري ( 9) ومسلم ( 35 ) : " الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها
قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " والآيات والأحاديث في هذا
الباب يطول ذكرها .
والحالة الثانية : أن يطلق الإيمان مقرونا بالإسلام وحينئذ يفسر
بالاعتقادات الباطنة كما في حديث جبريل وما في معناه وكما في قول النبي صلى الله
عليه وسلم في دعاء الجنازة : "اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته
منا فتوفه على الإيمان " أخرجه الترمذي ( 1024 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه
الألباني كما في صحيح سنن الترمذي ( 1 / 299 ) وذلك أن الأعمال
بالجوارح وإنما يتمكن منها في الحياة فأما عند الموت فلا يبقى غير قول القلب وعمله
.
والحاصل أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق
بينهما حينئذ بل كل منهما على انفراده يشمل الدين كله وإن فرق بين الاسمين كان
الفرق بينهما بما ذكر ( وهو أي الإسلام يختص بالأمور الظاهرة على الجوارح والإيمان
بالأمور القلبية الباطنة ) وهو الذي دل عليه حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه (
8 ) عن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ
عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى
عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى
رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ
أَخْبِرْنِي عَنْ ا ل إِسْلامِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِسْلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ
إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَان ،َ
وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا . قَالَ : صَدَقْتَ . قَالَ
: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ
الإِيمَانِ . قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " قَالَ
: صَدَقْتَ . قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ
اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ
: فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ ؟ قَالَ : "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ
مِنْ السَّائِلِ" قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا ؟ قَالَ : " أَنْ تَلِدَ
الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ
الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ " قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ
مَلِيًّا ، ثُمَّ قَالَ لِي:" يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ " ؟ قُلْتُ :
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ
يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"
والمرتبة الثالثة : الإحسان وهو في اللغة : إجادة العمل وإتقانه
وإخلاصه .
وفي الشرع يختلف معناه بحسب إطلاقه وله حالتان :
الحالة الأولى : أن يطلق على سبيل الإفراد غير مقترن بذكر
الإسلام والإيمان ، فيراد به الدين كله كما سبق في الإسلام والإيمان .
الحالة الثانية : أن يقترن بهما أو أحدهما فيكون معناه : تحسين
الظاهر والباطن وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً لا يستطيعه أحد من
المخلوقين غيره صلى الله عليه وسلم لما أعطاه الله من جوامع الكلم فقال صلى الله
عليه وسلم : " الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم
تكن تراه فإنه يراك" وهي أعلى مراتب الدين وأعظمها خطرا وأهلها هم السابقون
بالخيرات المقربون في أعلى الدرجات .
وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن مرتبة الإحسان على درجتين وأن
للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين :
المقام الأول وهو أعلاهما : أن تعبد الله كأنك تراه وهذا يسميه
بعض العلماء (مقام المشاهدة ) وهو أن يعمل العبد كأنه يشاهد الله عز وجل بقلبه
فيتنور القلب بالإيمان حتى يصير الغيب كالعيان فمن عبد الله عز وجل على استحضار
قربه منه وإقباله عليه وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة
والتعظيم .
المقام الثاني : مقام الإخلاص [والمراقبة ] وهو أن يعمل العبد
على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في
عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى
غير الله ، وإرادته بالعمل . وهذا المقام إذا حققه العبد سهل عليه الوصول إلى
المقام الأول . ولهذا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم تعليلا للأول فقال : " فإن
لم تكن تراه فإنه يراك " وفي بعض ألفاظ الحديث : " فإنك إلا تكن تراه فإنه يراك"
فإذا تحقق في عبادته بأن الله تعالى يراه ويطلع على سره وعلانيته وباطنه وظاهره ولا
يخفى عليه شيء من أمره فحينئذ يسهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني وهو دوام
استشعار قرب الله تعالى من عبده ومعيته حتى كأنه يراه . نسأل الله من فضله العظيم .
يراجع معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي ( 2 / 20 – 33 ، 326 – 328 ) ( المجموع
الثمين 1 / 49 ، 53 ) ( جامع العلوم والحكم 1/ 106 ).
*****
49024
يريد أن ينظر إلى النساء في الشارع بنية الخطبة
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
سؤال رقم 49024: يريد أن ينظر إلى النساء في الشارع بنية الخطبة
أعيش في دولة كافرة ذات فتن كثيرة ، وأريد الزواج وأبحث عن زوجة بمواصفاتي الشخصية وخصوصاً الجمال وأعرف أنه من الجائز النظر للنساء بنية الخطبة فهل يجوز لي النظر إلى النساء في الشارع من أجل اختيار من أتقدم لخطبتها ؟ وهل يجوز إذا اخترت فتاة ما وأعجبتني وأريد أن أتأكد أنها تعجب أهلي (وهم يعيشون في بلد آخر) أن أريها لصديق لي ولو لثوانٍ ؟.
الحمد لله
لا يجوز النظر إلى النساء في الشارع ، إذ إن الله تعالى أمر
المؤمنين بغض أبصارهم ، قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم(1/4830)
ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) النور/30 ، وفتح
العبد هذا الباب على نفسه أمر خطير ، والشيطان يزين له في البداية أمر الخطبة ، حتى
يصبح هذا الأمر عادة عنده ، فينظر إلى النساء لا بغرض الخطبة ، بل لغرض متابعتهن ،
والنظر في حسنهن .
والذي يريد الخطبة ، فإنه لا ينظر إلى المتبرجات في الشوارع
لاسيما في تلك البلاد الكافرة ، التي يكون أكثر أهلها كفارا أو فساقا ، بل إنه يسأل
أهل الفضل والمعرفة ، عن النساء الفاضلات الصالحات ، فيأتي البيوت من أبوابها .
أما نظرك إلى النساء في الشوارع ، فهو نظر إلى الجمال الظاهر ،
دون الجمال الباطن ، الذي هو أولى وأهم من الجمال الظاهر ، وما الفائدة أن يتزوج
الرجل أجمل الجميلات ، ولا يكون عندها من حسن الخلق ولا من أمر الدين شيء .
فعليك بمراجعة نفسك وتنظر في الصفات التي ينبغي أن تتوفر فيمن
تختارها للزواج بها ، وأهم ذلك أن تكون صاحبة دين وخلق ، قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا
وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ) رواه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) .
وليس المراد من الزواج مجرد قضاء الشهوة والاستمتاع ، حتى يكون
الرجل لا هَمَّ له إلا الجمال ، بل الزواج أسمى من ذلك فعليك بدراسة الأوصاف
الحقيقة لشريكة العمر ، تلك الأوصاف التي تجعل من حياتك سعادة وهناء ، لا سعادة
مؤقتة تزول بزوال الشهوة ، ويبقى الكدر بعد ذلك ، والله أعلم .
ولا يجوز لك أن تري صديقك من تريد خطبتها ، ولا يجوز له النظر
إليها .
وينبغي أن يكون عند الرجل غيرة على أهله وعرضه ، وقد تعجب
الصحابة رضي الله عنهم من شدة غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه ، فقال النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟! لَأَنَا
أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ) رواه البخاري (6846) مسلم
(1499) .
*****
49025
حقيقة توحيد الربوبية والمخالفين فيه
العقيدة > التوحيد > الربوبية >(1/4831)
سؤال رقم 49025- حقيقة توحيد الربوبية والمخالفين فيه
ما هي حقيقة توحيد الربوبية ؟.
الحمد لله
توحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق والملك
والتدبير والرزق والإحياء والإماتة وإنزال المطر ونحو ذلك فلا يتم توحيد العبد حتى
يقر بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه ، وأنه المحيي المميت النافع
الضار المنفرد بإجابة الدعاء ، الذي له الأمر كله ، وبيده الخير كله ، القادر على
ما يشاء، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر خيره وشره .
وهذا القسم من التوحيد لم يعارض فيه المشركون الذين بعث فيهم
الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كانوا مقرين به إجمالاً ؛ كما قال تعالى : ( ولئن
سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) الزخرف/9 ، فهم يقرون بأن الله هو الذي يدبر الأمر، وهو الذي بيده ملكوت
السماوات والأرض، فعلم بهذا أن الإقرار بربوبية الله تعالى لا يكفي العبد في تحقق
إسلامه بل لابد معه من الإتيان بلازمه ومقتضاه وهو توحيد الألوهية وإفراد الله
تعالى بالعبادة .
وهذا التوحيد ـ أعني توحيد الربوبية ـ لم ينكره أحد معلوم من بني
آدم ؛ فلم يقل أحد من المخلوقين : إن للعالم خالقين متساويين . فلم يجحد أحد توحيد
الربوبية ؛ إلا ما حصل من فرعون ؛ فإنه أنكره مكابرة منه وعنادا ً؛ بل زعم لعنه
الله أن الرب ، قال تعالى حكاية عنه : ( فقال أنا ربكم الأعلى ) النازعات/24 ، ( ما علمت لكم من إله غيري ) القصص/38 .
وهذه مكابرة منه لأنه يعلم أن الرب غيره؛ كما قال تعالى : ( وجحدوا بها واستيقنتها
أنفسهم ظلماً وعلواً ) النمل/14 ، وقال تعالى حكاية عن موسى
وهو يناظره : ( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض ) الإسراء/102 ؛ فهو في نفسه مقر بأن الرب هو الله -عز وجل- .
كما أنكر توحيد الربوبية على سبيل التشريك المجوس ، حيث قالوا :
إن للعالم خالقين هما الظلمة والنور ، ومع ذلك لم يجعلوا هذين الخالقين متساويين ،
فهم يقولون : إن النور خير من الظلمة ؛ لأنه يخلق الخير ، والظلمة تخلق الشر ،
والذي يخلق الخير خير من الذي يخلق الشر . وأيضاً فإن الظلمة عدم لا يضيء ، والنور
وجود يضيء ؛ فهو أكمل في ذاته .
وبعد .. فليس معنى إقرار المشركين بتوحيد الربوبية أنهم أتوا به
على الوجه الأكمل ؛ بل إنما كانوا يقرون به إجمالا كما حكى الله عنهم في الآيات
السابقة ؛ لكنهم كانوا يقعون في أشياء تخل به وتقدح فيه ؛ ومن ذلك نسبتهم المطر إلى
النجوم ، واعتقادهم في الكهنة والسحرة بأنهم يعلمون الغيب إلى غير ذلك من صور الشرك
في الربوبية ؛ لكنها تبقى قليلة محصورة إذا ما قورنت بصور شركهم في الإلهية
والعبادة .
نسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه ،
والله أعلم .
انظر ( تيسير العزيز الحميد /33 ، والقول المفيد 1/ 14 ).
*****
49026
من فعل شيئا من المحظورات ، جاهلا بما يترتب عليها
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >
سؤال رقم 49026: من فعل شيئا من المحظورات ، جاهلا بما يترتب عليها
ما الحكم فيمن ارتكب شيئا من محظورات الإحرام ، وهو جاهل ما يجب عليه من الكفارة إذا فعل هذا المحظور ؟.
الحمد لله
أولا : ينبغي أن ننبه هنا إلى أن جهل كثير من الحجاج والمعتمرين
بأحكام المناسك ، هو الذي يوقعهم في ارتكاب المحظورات ، أو أداء العبادة على غير
الصفة المطلوبة منه ؛ فترى الواحد منهم أنفق أموالا كثيرة ، خاصة إذا كان يأتي من
دول بعيدة ثم أهدر أجره ، أو نقصه بسبب جهله بما يجب عليه من أحكام .
فلذلك كان الواجب على من أراد أن يؤدي المناسك أن يتعلم أحكامها
قبل الشروع فيها . وقد جاء عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ، صلى الله
عليه وسلم : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) رواه ابن ماجة وغيره ، وصححه
الألباني في تخريج مشكلة الفقر ؛ قال الإمام أحمد : معناه أن يلزمه
طلب علم ما يحتاج إليه ، من وضوئه ، وصلاته ، وزكاته ، إن كان له مال ، وكذلك الحج
وغيره . جامع بيان العلم ، لابن عبد البر 1/52 ، وقال الحسن
بن شقيق : سألت عبد الله بن المبارك : ما الذي يجب على الناس من تعلم العلم ؟ قال :
أن لا يقدم الرجل على الشيء إلا بعلم ؛ يسأل ويتعلم ، فهذا الذي يجب على الناس من
تعلم العلم .. الفقيه والمتفقه ، للبغدادي /45 ، ولهذا بوب
الإمام البخاري ، رحمه الله ، في صحيحه : ( باب العلم قبل القول والعمل ) .
وليس معنى ذلك أنه يجب على كل أحد أن يحفظ كتابا من كتب المناسك
، عن ظهر قلب ، بل الواجب على كل مسلم أن يتعلم من ذلك ما يناسب حاله ، إما بنفسه ،
إن كان عنده أهلية ذلك ، أو بسؤال أهل العلم ، أو بصحبة من يدله على أحكام المناسك
، ويعرفه بالواجب عليه ، كلما احتاج .
وأما محظورات الإحرام فقد سبق بيانها في السؤال [ 11356 ]
.
لكن من فعل شيئا من هذه المحظورات جاهلا بأن الله ،
تعالى ، حرم عليه ذلك في حال الإحرام ، فلا شيء عليه ؛ قال الله تعالى : ( وَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ
وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/5 .
لكن إن كان يعلم أن الفعل الذي فعله محظور من محظورات الإحرام ،
التي يحرم عليه فعلها ما دام محرما ، لكنه لم يظن أن تترتب عليه كل هذه الأحكام فقد
قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
( هذا ليس بعذر ؛ لأن العذر أن يكون الإنسان جاهلا بالحكم ، لا
يدري أن هذا الشيء حرام ، وأما الجهل بما يترتب على الفعل ، فليس بعذر ، ولذلك لو
أن رجلا محصنا يعلم أن الزنا حرام ، وهو بالغ عاقل ، وقد تمت شروط الإحصان في حقه ،
لوجب عليه الرجم ، ولو قال : أنا لم أعلم أن الحد هو الرجم ، ولو علمت أن الحد هو
الرجم ما فعلت ، قلنا له هذا ليس بعذر ، فعليك الرجم ، وإن كنت لا تدري ما عقوبة
الزنى ، ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ماذا يجب عليه ، ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة ، مع أنه كان
حين جماعه جاهلا بما يجب عليه ، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية ،
وانتهك حرمات الله ، عز وجل ، ترتب عليه آثار تلك المعصية ، وإن كان لا يعلم
بآثارها حين فعلها . ) الفتاوى 22/173-174 .
*****
49027
يسأل عن التخيير في الفدية
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4832)
سؤال رقم 49027- يسأل عن التخيير في الفدية
بعض الناس يظن أنه حين يقع في شيء من محظورات الإحرام ، فالواجب عليه دم ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين ، وله أن يختار من هذه الثلاثة ما يشاء .
الحمد لله
يحرم على المحرم بحج أو عمرة حلق الشعر ، وقلم الأظفار ، وتغطية
الرأس بما يلاصقها ، ولبس المخيط للرجل ، والبرقع والقفازين للمرأة ، والطيب في
البدن أو الثوب ، وقتل الصيد ، وعقد النكاح ، والجماع ومقدماته . [ راجع السؤال 11356 ]
فإذا وقع المحرم في شيء من هذه المحظورات ، فإنه لا يخلو من
أحوال :
( الأولى : أن يفعله ناسيا ، أو جاهلا ، أو مكرها ، أو نائما ،
فلا شيء عليه .
الثانية : أن يفعله عمدا ، ولكن لعذر يبيح فعل المحظور ، فلا إثم
عليه ، ويلزمه فدية ذلك المحظور ، ويأتي بيانها .
الثالثة : أن يفعله عمدا بلا عذر ، فهو آثم ، وفديته على أقسام :
القسم الأول : ما ليس فيه فدية ، وهو عقد النكاح .
القسم الثاني : ما فديته بَدَنة ( بعير ) ، وهو الجماع في الحج
قبل التحلل الأول .
القسم الثالث : ما فديته صيام ثلاثة أيام ، إن شاء متوالية ، وإن
شاء متفرقة ، أو ذبح شاة مما يجزئ في الأضحية ، أو ما يقوم مقامه من سُبع بدنة ، أو
سُبع بقرة ، ويفرق اللحم على الفقراء ، ولا يأكل منه شيئا ، أو إطعام ستة مساكين ،
لكل مسكين نصف صاع مما يطعم . فهو مخير بين هذه الأشياء الثلاثة في إزالة الشعر
والظفر ، والطيب ، والمباشرة لشهوة [ يعني مباشرة المرأة من غير جماع ] ، ولبس
القفازين ، وانتقاب المرأة ، ولبس الذكر المخيطَ ، وتغطية رأسه .
القسم الرابع : ما فديته جزاؤه ، أو ما يقوم مقامه ، وهو قتل
الصيد ؛ فإن كان للصيد مثل خير بين ثلاثة أشياء :
1- إما ذبح المثل ، وتفريق لحمه على فقراء الحرم .
2- أن ينظر كم يساوي المثل ، ويخرج ما يقابل قيمته طعاما يفرق
على المساكين ، لكل مسكين نصف صاع .
3- أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوما .
أما إذا لم يكن للصيد مثل ، فإنه يخير بين شيئين :
1- أن ينظر كم يساوي الصيد المقتول ، ويخرج ما يقابلها طعاما ،
يفرقه على المساكين ، لكل
مسكين نصف صاع .
2- أن يصوم عن إطعام كل مسكين يوما ) [ فتاوى الشيخ ابن
عثيمين 22/205-206 ) .
*****
49028
يسأل عن إحرام الصبيان
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج الصغير >
سؤال رقم 49028: يسأل عن إحرام الصبيان
إذا أحرمت بابني الصغير ، ثم واجهتنا صعوبات الزحام ، ونحو ذلك مما هو مشاهد في الحج ، في هذه الأيام ، فهل لنا أن نفسخ إحرامه ، بعد ما تلبس به ؟ وما الذي يلزمنا حينما نفسخه ؟.
الحمد لله
قد سبق بيان مشروعية حج الصغير ، وبيان أن هذه الحجة لا تجزئه عن
حجة الإسلام ، وسبق بيان ما يفعله الولي بصبيه ، [ انظر الأسئلة 13636 ، 36862 ، 14621 ] .
ومع ذلك فينبغي أن يراعي الولي ظروف الوقت الذي يريد أن يحرم فيه
بالصبي ؛ فإن كان في وقت لا يشق فيه الإحرام بالصبي ، لقلة الزحام ، ونحو ذلك ،
فإنه يحرم به ، وإن كان في وقت يشق فيه الإحرام بالصبي ، لشدة الزحام في الحج ، أو
العمرة في رمضان ، أو ضعف وليه ، ونحو ذلك ، فالأولى في حقه ألا يحرم به ؛ لأنه
ربما يشغله عن أداء نسكه الذي هو مطالب به على الوجه الأكمل . انظر الشرح
الممتع 7/24 .
لكن كثيرا من الأولياء لا يحسنون تقدير هذه الصعوبات ، أو يغلب
على ظنهم أنهم يستطيعون تحملها ، ثم يكون الأمر على خلاف ما قدروه ، وربما لم يتحمل
الصبي نفسه البقاء في الإحرام ، ويشق على الولي أن يلزمه بالاستمرار فيه ، فما
الحكم في هذه الحالة ؟
قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
المشهور من المذهب [ يعني مذهب الحنابلة ] أنه يلزمه الإتمام ؛
لأن الحج والعمرة يجب إتمام فعلهما .
والقول الثاني ، وهو مذهب أبي حنيفة ، رحمه الله تعالى ، أنه لا
يلزمه الإتمام ؛ لأنه غير مكلف ، ولا ملزم بالواجبات .
وهذا القول هو الأقرب للصواب ، وهو ظاهر ما يميل إليه صاحب
الفروع [ يعني ابن مفلح ، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ] .
وعلى هذا له أن يتحلل ، ولا شيء عليه ، وهو في الحقيقة أرفق
بالناس ؛ لأنه ربما يظن الولي أن الإحرام بالصبي سهل ، ثم يكون على خلاف ما يتوقع ،
فتبقى المسألة مشكلة ، وهذا يقع كثيرا من الناس اليوم ، فإذا أخذنا بهذا القول ،
الذي هو أقرب للصواب لعلته الصحيحة ، زالت عنا هذه المشكلة . ) الشرح الممتع
7/25 ، وانظر الفتاوى 22/148 .
*****
49029
لم يكمل طواف العمرة ، وهو متمتع ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4833)
سؤال رقم 49029- لم يكمل طواف العمرة ، وهو متمتع ؟
رجل دخل في الإحرام بنية التمتع ، وطاف طواف العمرة ، غير أنه لم يكمل الأشواط السبعة ، ثم سعى ، وقصر ، ثم تحلل وأتى أهله ، ثم أدى مناسك الحج كاملة بعد ذلك ، فهل يصح حجه ؟.
الحمد لله
الطواف ركن من أركان العمرة ، لا تصح إلا به ، والطواف المجزئ في
العمرة سبعة أشواط تبدأ من الحَجَر الأسود ، وتنتهي به ، لأن النبي ، صلى الله عليه
وسلم ، طاف هكذا ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم ) .
قال النووي ، رحمه الله : ( شرط الطواف أن يكون سبع طوفات ، كل
مرة من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، ولو بقيت خطوة من السبع لم يحسب طوافه ،
سواء كان باقيا في مكة أو انصرف عنها وصار في وطنه ، ولا ينجبر شيء منه بالدم ، ولا
بغيره ) المجموع 8/21 .
وبناء على ذلك ، فإن عمرته لم تتم ، ولم يتحلل منها ، وما فعله
من التحلل وإتيان أهله ، محظورات ارتكبها وهو لا يزال محرماً بالعمرة ، وقد فعل تلك
المحظورات وهو يظن أنه قد أنهى عمرته وتحلل منها ، ولذلك لا شيء عليه في هذه
المحظورات . راجع السؤال ( 36522 ) ، ثم هذا الرجل قد أحرم بالحج على أنه متمتع ، ولكنه في الواقع لم يتم
عمرته فيكون قد أدخل الحج على العمرة ، فيصير قارنا .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ن رحمه الله ، عن رجل حج متمتعا ، وطاف
طوافا ناقصا ، أي أربعة أشواط ، ثم سعى وقصر ، وحل ، وحصل منه جماع ، وأكمل حجه ؟
فأجاب :
( هذا يصير قارنا ، لأنه أدخل الحج على العمرة قبل طوافها ؛ لأن
الطواف الأول لاغٍ ، وإدخال الحج على العمرة قبل الطواف يجعل النسك قرانا ، ويبقى
النظر الآن في كونه حل ، ولبس , وجامع ، لكنه جاهل ، فلا شيء عليه ، وعلى هذا فيكون
حجه تاما ، لكنه قارن ، وليس متمتعا ) . الفتاوى 22/178 .
*****
49030
معنى التوحيد ، وأقسامه
العقيدة > التوحيد >(1/4834)
سؤال رقم 49030- معنى التوحيد ، وأقسامه
ما هو معنى التوحيد ؟ وما هي أقسامه ؟.
الحمد لله
التوحيد في اللغة : مصدر للفعل ( وحَّد ، يوحِّد ) توحيدا فهو
موحِّد إذا نسب إلى الله الوحدانية ووصفه بالانفراد عما يشاركه أو يشابهه في ذاته
أو صفاته ، والتشديد للمبالغة أي بالغت في وصفه بذلك .
وتقول العرب : واحد وأحد ، ووحيد ، أي منفرد ، فالله تعالى واحد
، أي منفرد عن الأنداد والأشكال في جميع الأحوال ، فالتوحيد هو العلم بالله واحدا
لا نظير له ، فمن لم يعرف الله كذلك ، أو لم يصفه بأنه واحد لا شريك له ، فإنه غير
موحد له .
وأما تعريفه في الاصطلاح فهو : إفراد الله تعالى بما يختص به من
الألوهية والربوبية والأسماء والصفات .
ويمكن أن يعرف بأنه : اعتقاد أن الله واحد لا شريك له في ربوبيته
وألوهيته وأسمائه وصفاته.
واستخدام هذا المصطلح ( التوحيد ) أو أحد مشتقاته للدلالة على
هذا المعنى ثابت مستعمل في الكتاب والسنة . فمن ذلك :
قوله تعالى : ( قل هو الله أحد ... الخ السورة ) .
وقوله تعالى : ( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا
هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ) البقرة/163
وقوله : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
المائدة/73 ، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا
وفي صحيح البخاري (7372 ) ومسلم ( 19 ) عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : " لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ
بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ : " إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى
قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ
يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ
اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ
فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي
أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا
أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ "
وفي صحيح مسلم ( 16 ) عن ابن عمر رضي الله عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسَةٍ :
عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ
وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ )
فالمقصود بالتوحيد في هذه النصوص كلها هو تحقيق معنى شهادة ( أن
لا إله إلا اله وأن محمدا رسول الله ) ، الذي هو حقيقة دين الإسلام الذي بعث الله
به نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بدليل وقوع هذه الكلمات و المصطلحات مترادفة
ومتناوبة في الكتاب والسنة ففي بعض ألفاظ حديث معاذ السابق : " إِنَّكَ سَتَأْتِي
قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " أخرجه البخاري
( 1496 ) .
وفي رواية لحديث ابن عمر : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ
إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " أخرجه مسلم ( 16 )
فدل هذا على أن التوحيد هو حقيقة شهادة ( أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله ) وأن هذا هو الإسلام الذي بعث الله به نبيه إلى جميع الثقلين من
الإنس والجن والذي لن يرضى الله من أحد دينا سواه .
قال تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام ) آل عمران/19
وقال جل شأنه : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85 .
إذا علم هذا فليعلم أن التوحيد قد قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام
وهي :
توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .
فتوحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بأفعاله كالخلق والملك
والتدبير والإحياء و الإماتة ، ونحو ذلك .
وأدلة هذا التوحيد كثيرة جدا في الكتاب والسنة ، ويراجع السؤال ( 13532 ) للتعرف على بعضها .
فمن اعتقد أن هناك خالقا غير الله ، أو مالكا لهذا الكون متصرفا
فيه غير الله فقد أخل بهذا النوع من التوحيد ، وكفر بالله .
وقد كان الكفار الأوائل يقرون بهذا التوحيد إقرارا إجماليا ، وإن
كانوا يخالفون في بعض تفاصيله ، والدليل على أنهم كانوا يقرون به آيات كثيرة في
القرآن منها :
قوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى
يُؤْفَكُون َ) العنكبوت/61
وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ
اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) العنكبوت/63
وقوله جل شانه : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ
لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون َ) الزخرف/87 ، ففي هذه الآيات يبين الله
أن الكفار يقرون بأنه سبحانه هو الخالق المالك المدبر ، ومع هذا لم يوحدوه بالعبادة
مما يدل على عظيم ظلمهم ، وشدة إفكهم ، وضعف عقلهم . فإن الموصوف بهذه الصفات
المنفرد بهذه الأفعال ينبغي ألا يعبد سواه ، ولا يوحد إلا إياه ، سبحانه وبحمده
تعالى عما يشركون .
ولذا فمن أقر بهذا التوحيد إقرارا صحيحا لزمه ضرورة أن يقر
بتوحيد الألوهية .
وتوحيد الألوهية هو : إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة
الظاهرة والباطنة قولا وعملا ، ونفي العبادة عن كل ما سوى الله كائنا من كان كما
قال تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء/23 ،
وقال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) النساء/36 ، ويمكن أن يعرف بأنه : توحيد الله بأفعال العباد .
وسمي بتوحيد الألوهية : لأنه مبني على التأله لله وهو التعبد
المصاحب للمحبة والتعظيم .
ويسمى توحيد العبادة لأن العبد يتعبد لله بأداء ما أمره به
واجتناب ما نهاه عنه .
ويسمى توحيد الطلب والقصد والإرادة ؛ لأن العبد لا يطلب ولا يقصد
ولا يريد إلا وجه الله سبحانه فيعبد الله مخلصا له الدين .
وهذا النوع هو الذي وقع فيه الخلل ، ومن أجله بعثت الرسل ،
وأنزلت الكتب ، ومن أجله خلق الخلق ، وشرعت الشرائع ، وفيه وقعت الخصومة بين
الأنبياء وأقوامهم ، فأهلك المعاندين ونجى المؤمنين .
فمن أخل به بأن صرف شيئا من العبادة لغير الله فقد خرج من الملة
، ووقع في الفتنة ، وضل عن سواء السبيل . نسأل الله السلامة .
وأما توحيد الأسماء والصفات فهو : إفراد الله عز وجل بما له من
الأسماء والصفات ، فيعتقد العبد أن الله لا مماثل له في أسمائه وصفاته ، وهذا
التوحيد يقوم على أساسين :
الأول : الإثبات : أي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه أو
أثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العلى على وجه يليق
بجلال الله وعظمته من غير تحريف لها أو تأويل لمعناها أو تعطيل لحقائقها .أو تكييف
لها .
الثاني : التنزيه : وهو تنزيه الله عن كل عيب ، ونفي ما نفاه عن
نفسه من صفات النقص ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( ليس كمثل شيء وهو السميع
البصير ) فنزه نفسه عن مماثلته لخلقه ، وأثبت لنفسه صفات الكمال على الوجه اللائق
به سبحانه .
ينظر ( الحجة في بيان المحجة 1 / 305 ) و ( لوامع الأنوار البهية 1 / 57 ).
*****
49032
قبل الطيب من غيره ، مجاملة له ، وهو محرم
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4835)
سؤال رقم 49032- قبل الطيب من غيره ، مجاملة له ، وهو محرم
ما الحكم فيمن قبل الطيب من غيره وهو محرم ، مع علمه بأن المُحْرِم لا يجوز له استعمال الطيب ؟ .
الحمد لله
المحرم ليس له أن يستعمل شيئا من الطيب في بدنه أو ثوبه :
أما بدنه فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في الذي مات محرما
: ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ ، وَلا
تُحَنِّطُوهُ ...ُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) رواه البخاري 1265 ومسلم 1206
وقوله : ( وَلا تُحَنِّطُوهُ ) أَيْ : لا تُمِسُّوه حَنُوطًا ,
وَالْحَنُوط َ أَخْلَاط مِنْ طِيب تُجْمَع لِلْمَيِّتِ خَاصَّة , لا تُسْتَعْمَل
فِي غَيْره .
وفي رواية لمسلم : ( ولا تمسوه بطيب ) ، فنهي النبي ، صلى الله
عليه وسلم عن أن يُمَسَّ هذا الميت بحنوط ، وهو الطيب كما في رواية مسلم ، مع أن
وضع الطيب في غسل الميت وكفنه مستحب وذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
علة ذلك وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبياً : أي أن إحرامه لم يبطل بموته ، وهذا يدل
على أن المحرم ممنوع من الطيب . وعلى هذا أجمع العلماء .
قال ابن قدامة : ( أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب
) المغني 5/140 .
وأما ثوبه ، فلقول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( ولا تلبسوا
شيئا مسه زعفران ولا الورس ) البخاري 1838 ومسلم 1177 . قال
ابن قدامة : ( لا نعلم بين أهل العلم اختلافا في هذا ) المغني 5/142 .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل نوى الحج ، ثم طيبه آخر ، فقبل
منه الطيب ، مجاملة ، وهو يعرف أن الطيب ممنوع على المحرم ، فما الحكم ؟
فأجاب : ( لا يجوز للإنسان أن يجامل في معصية الله ، عز وجل ؛
فيعصي الله من أجل المجاملة ، فالواجب عليك حين عرض عليك الطيب ، أن تقول : إنه لا
يجوز للمحرم الطيب .
وهذا الرجل [ الذي أعطى الطيب لغيره ] قد يخفى عليه أن المحرم
يحرم عليه استعمال الطيب ، وربما ينسى فيطيبك ...
وبناء على أنك لم تفعل هذا وجاملته في معصية الله ، فإنه يجب
عليك التوبة إلى الله مما صنعت ، والعلماء يقولون : يجب عليك واحد من أمور ثلاثة :
إما ذبح شاة في مكة ؛ تتصدق بها على الفقراء ، وإما إطعام ستة مساكين ، لكل مسكين
نصف صاع ، بمكة أيضا ، وإما أن تصوم ثلاثة أيام ، ولو في بلدك . وقالوا أيضا : يجوز
أن يذبح الشاة ، وأن يطعم المساكين في مكة ، ويجوز في المكان الذي وقع فيه المحظور
) الفتاوى 22/153-154 .
*****
49033
لا يستطيع أن يلبس لبس الإحرام ، فهل له أن يحرم في ثيابه
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4836)
سؤال رقم 49033- لا يستطيع أن يلبس لبس الإحرام ، فهل له أن يحرم في ثيابه
رجل يرغب في أداء العمرة ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معاق ومشلول : فهل يستطيع العمرة بثيابه وهل عليه كفارة ؟.
الحمد لله
" نعم إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس
ما يناسبه من اللباس الآخر والجائز وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على
الفقراء ، أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، أو يصوم ثلاثة أيام .
هكذا قال أهل العلم قياسا على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله
تعالى : ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ
كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ
أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة/196
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام صيام ثلاثة أيام ،
وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، وأن النسك ذبح شاة . ويكون الذبح
والإطعام في هذه المسالة بمكة احتياطا ، لأن انتهاك محظور اللبس سيستمر إلى التحلل
" .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/138) .
*****
49034
لبس الجوارب في الإحرام للرجل والمرأة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4837)
سؤال رقم 49034- لبس الجوارب في الإحرام للرجل والمرأة
أحْرَمْتُ بالعمرة فكان الجو بارداً ، فلبِسْتُ الجوربين ، فماذا يلزمني ؟.
الحمد لله
لا يجوز للرجل المحرم أن يلبس الجوربين . أما المرأة فيجوز لها
ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (7 / 154) : مسألة : هل
يحرم عليها ( أي المرأة المحرمة ) الجوارب ؟
الجواب : لا . الجوارب حرام على الرجل . اهـ.
فإن احتاج الرجل المحرم إلى لبسهما ، جاز له لبسها ، وعليه فدية
، وهي إما ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام ، يفعل ما يشاء من هذه
الأمور الثلاثة .
سئلت اللجنة الدائمة ما حكم لبس الشراب في الرجلين والطواف بها
طواف القدوم في الحج ، وطواف العمرة في العمرة ؟
الجواب :
لا يجوز للرجل لبس الشراب وهو محرم بالحج أو العمرة ، فإن احتاج
إلى لبسها لمرض ونحوه جاز ووجب عليه فدية ، وهي صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة
مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر ونحوه ، أو ذبح شاة .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/183) .
*****
49035
هل يجزئ غسل الإحرام عن غسل الجنابة ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4838)
سؤال رقم 49035- هل يجزئ غسل الإحرام عن غسل الجنابة ؟
شخص أجنب في أثناء سفره للحج ، ولما وصل إلى الميقات نسي ما عليه من الجنابة ، واغتسل للإحرام فقط ، ثم طاف بالبيت ، وأدى سائر المناسك وهو كذلك ؟ فهل يصح حجه ذلك ؟.
الحمد لله
هذه المسألة سئل عنها الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله ، فقال :
( اغتساله للإحرام يجزئ عن اغتساله للجنابة ؛ لأنه غسل مشروع ،
خصوصا مع النسيان ، وقد نص الفقهاء على ذلك بقولهم : " وإن نوى غسلا مسنونا أجزأ عن
واجب " ، وقيده بعضهم بما إذا كان ناسيا . وحالة الرجل المذكور منطبقة على كلا
القولين ، بأن ذلك يجزئه . )
فتاوى ابن عثيمين 22/373 .
*****
49036
حكم الرمي عن الغير
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4839)
سؤال رقم 49036- حكم الرمي عن الغير
رجمت عن شخص عجوز ماذا يلزمني ؟.
الحمد لله
إذا كان هذا الشخص الذي وكلك في الرمي عنه لا يستطع الرمي بسبب
المشقة والزحام جاز لك أن ترمي عنه ، وقد ذكرت أنه عجوز ، فالغالب أنه لا يستطيع
الرمي بنفسه .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/286) :
" من عجز عن الرمي فإنه يوكل من يرمي عنه ، وجمرة العقبة وغيرها
سواء في ذلك ، ويكون التوكيل لشخص ثقة حج في ذلك العام ..." اهـ .
وعلى هذا فرميك عن الشخص العجوز مجزئ وليس عليك شيء .
وعليك أن تبدأ في رمي كل جمرة بنفسك ثم ترمي عنه ، وهكذا تفعل في
كل جمرة ، ولا يلزمك أن ترمي الجمار الثلاثة عن نفسك ثم تعود لترمي عنه ، بل يمكنك
أن ترمي عنه وعن نفسك كل جمرة في موقف واحد ، ولكنك تبدأ بالرمي عن نفسك . راجع
السؤال ( 36853 )
والله أعلم .
*****
49037
كيف يتم صلاته من أدرك مع الجماعة ركعة من المغرب؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4840)
سؤال رقم 49037- كيف يتم صلاته من أدرك مع الجماعة ركعة من المغرب؟
إذا التحقت بالجماعة وهم في صلاة المغرب في الركعة الثانية أثناء التشهد، فكيف أكمل صلاتي ؟ ما أفعله أنني أنهض وأكمل الركعة الثالثة مع الإمام ثم التشهد ثم أنهض للركعة الثالثة بالنسبة لي ثم التشهد.
الحمد لله
إذا التحقت بالجماعة في التشهد الأوسط من صلاة المغرب ، فإنك
تتابع الإمام في الركعة الثالثة ، وتتشهد ، ثم تنهض بعد سلامه لإكمال صلاتك ، وقد
بقي عليك ركعتان ، فتصلي الأولى منهما بفاتحة الكتاب وسورة ، ثم تتشهد ، وهو التشهد
الأوسط بالنسبة لك ، ثم تنهض للركعة الثالثة ، فتقرأ فيها بالفاتحة فقط ، وتتشهد
التشهد الأخير وتسلم .
وما سبق ذكره مبني على أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول
صلاته ، وما يأتي به منفردا هو آخر صلاته ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله .
قال النووي رحمه الله في المجموع : (4/117) : ( ولو أدرك ركعة من
المغرب قام بعد سلام الإمام ويصلي ركعة ثم يتشهد , ثم ثالثة ويتشهد )
ثم قال : ( قد ذكرنا أن مذهبنا أن ما أدركه المسبوق أول صلاته ,
وما يتداركه آخرها , وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وعمر بن عبد
العزيز ومكحول والزهري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق , حكاه عنهم ابن
المنذر قال : وبه أقول , قال : وروي عن عمر وعلي وأبي الدرداء ولا يثبت عنهم , وهو
رواية عن مالك وبه قال داود .
وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وأحمد : ما أدركه آخر صلاته وما
يتداركه أول صلاته . وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر ومجاهد وابن سيرين , واحتج لهم
بقوله صلى الله عليه وسلم " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا " رواه البخاري ومسلم
واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " رواه
البخاري ومسلم من طرق كثيرة .
قال البيهقي : الذين رووا "فأتموا" أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة
الذي هو راوي الحديث , فهم أولى .
قال الشيخ أبو حامد والماوردي : وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد
تقدم أوله وبقية آخره , وروى البيهقي مثل مذهبنا عن عمر بن الخطاب وعلي وأبي
الدرداء وابن المسيب وحسن وعطاء وابن سيرين وأبي قلابة رضي الله عنهم .
فأما رواية فاقضوا فجوابها من وجهين :
أحدهما : أن رواة فأتموا أكثر وأحفظ .
والثاني : أن القضاء محمول على الفعل لا القضاء المعروف في
الاصطلاح ; لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء , والعرب تطلق القضاء بمعنى الفعل , قال
الله - تعالى – ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ )
( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ )
قال الشيخ أبو حامد : والمراد : وما فاتكم من صلاتكم أنتم لا من
صلاة الإمام والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها , والله أعلم ) اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (7/322) :
السؤال : أستفسر عن صلاة المسبوق :
1- إذا سبقه الإمام في ركعة أو ركعتين من صلاة المغرب .
2- إذا سبقه الإمام في ركعة أو ركعتين من الصلاة الرباعية .
ماذا يقرأ ؟ هل يقرأ الفاتحة فقط أم يقرأ معها سورة ؟
الجواب :
ما أدركه المسبوق من صلاة إمامه يعتبر أول صلاة المأموم ، فمن
أدرك ركعة من المغرب معه اعتبرت أول صلاته فإذا قام بعد سلام إمامه ليقضي ما فاته
قرأ في أول ركعة يقضيها بالفاتحة وسورة أو آيات لأنها ثانية بالنسبة له وجلس للتشهد
الوسط ، ثم إذا قام لقضاء الركعة الباقية له من المغرب قرأ فيها بالفاتحة فقط لأنها
ثالثة بالنسبة له ثم يجلس للتشهد الأخير وإذا كان ما فاته من المغرب ركعة واحدة
وأدرك مع الإمام ركعتين قرأ بالركعة التي يقضيها بعد سلام إمامه بالفاتحة فقط ،
لأنها ثالثة بالنسبة له .
أما إذا كانت الصلاة رباعية وأدرك مع الإمام ثلاث ركعات أو
ركعتين فعليه قراءة الفاتحة فقط فيما يقضيه من ركعة أو ركعتين لأن ذلك بالنسبة له
آخر صلاته، فليس عليه فيه قراءة سور مع الفاتحة هذا هو الصحيح من قولي الفقهاء .
وبالله التوفيق . أ.هـ
والله أعلم .
*****
49038
حكم نظر المرأة للرجال
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4841)
سؤال رقم 49038- حكم نظر المرأة للرجال
هل يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب عنها ، أم أن ذلك حرام .
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ـ رحمه الله ـ :
ما حكم نظر المرأة للرجل من خلال التليفزيون أو النظرة الطبيعية
في الشارع ؟
فأجاب :
نظر المرأة للرجل لا يخلو من حالين سواء كان في التلفزيون أو
غيره .
1- نظر شهوة وتمتع فهذا محرم لما فيه من المفسدة والفتنة .
2- نظرة مجردة لا شهوة فيها ولا تمتع فهذه لا شيء فيها على
الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهي جائزة لما ثبت في الصحيحين ( أن عائشة رضي الله
عنها كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ، وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يسترها عنهم ) وأقرها على ذلك .
ولأن النساء يمشين في الأسواق وينظرن إلى الرجال وإن كن متحجبات
، فالمرأة تنظر إلى الرجل وإن كان هو لا ينظرها ، بشرط ألا تكون هناك شهوة وفتنة
فإن كانت شهوة أو فتنة فالنظرة محرمة في التلفزيون وغيره .
فتاوى المرأة المسلمة 2/973 .
*****
49039
حكم الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الواجبات ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4842)
سؤال رقم 49039- حكم الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الواجبات ؟
هل يصح للمذنب أن يحتج على وقوعه في المعصية بأن هذا ما قدره الله عليه ؟.
الحمد لله
قد يتعلل بعض المذنبين المقصرين على تقصيرهم وخطأهم بأن الله هو
الذي قدر هذا عليهم؛ وعليه فلا ينبغي أن يلاموا على ذلك .
وهذا لا يصح منهم بحال ؛ فلا شك أن الإيمان بالقدر لا يمنح
العاصي حجة على ما ترك من الواجبات ، أو فَعَلَ من المعاصي . باتفاق المسلمين
والعقلاء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : " وليس لأحد أن يحتج
بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وسائر أهل الملل ، وسائر العقلاء ؛ فإن هذا لو
كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس وأخذ الأموال ، وسائر
أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر. ونفس المحتج بالقدر إذا اعتدي عليه ، واحتج
المعتدي بالقدر لم يقبل منه ، بل يتناقض ، وتناقض القول يدل على فساده ، فالاحتجاج
بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول " مجموع الفتاوى ( 8/179)
وقد دل على فساد الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي أو ترك الطاعات
؛ الشرع والعقل ، فمن الأدلة الشرعية :
1ـ قول الله- تعالى - : ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ
شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا ءَابَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ
كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ
عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ
وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ ) الأنعام/39 ، فهؤلاء
المشركون احتجوا بالقدر على شركهم ، ولو كان احتجاجهم مقبولاً صحيحاً ما أذاقهم
الله بأسه . فمن احتج بالقدر على الذنوب والمعائب فيلزمه أن يصحح مذهب الكفار ،
وينسب إلى الله الظلم تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً .
2ـ قال تعالى : ( رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا
يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ
عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء/165 ، فلو كان الاحتجاج بالقدر
على المعاصي سائغاً لما انقطعت الحجة بإرسال الرسل ، بل كان إرسال الرسل لا فائدة
له في الواقع .
3ـ أن الله أمر العبد ونهاه ، ولم يكلفه إلا ما يستطيع ، قال
تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 ، وقال سبحانه : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286
ولو كان العبد مجبراً على الفعل لكان مكلفاً بما لا يستطيع
الخلاص منه ، وهذا باطل ، ولذلك إذا وقعت منه المعصية بجهل ، أو إكراه ، فلا إثم
عليه لأنه معذور . ولو صح هذا الاحتجاج لم يكن هناك فرق بين المكره والجاهل ، وبين
العامد المتعمد ، ومعلوم في الواقع ، وبدائه العقول أن هناك فرقا جليا بينهما .
4ـ أن القدر سر مكتوم ، لا يعلمه أحد من الخلق إلا بعد وقوعه ،
وإرادة العبد لما يفعله سابقة لفعله ، فتكون إرادته للفعل غير مبنية على علم بقدر
الله ، فادعاؤه أن الله قدر عليه كذا وكذا ادعاء باطل ؛ لأنه ادعاءٌ لعلم الغيب ،
والغيب لا يعلمه إلا الله ، فحجته إذاً داحضة ؛ إذ لا حجة للمرء فيما لا يعلمه .
5ـ أنه يترتب على الاحتجاج بالقدر على الذنوب تعطيل الشرائع
والحساب والمعاد والثواب والعقاب .
6- لو كان القدر حجة لأهل المعاصي لاحتج به أهل النار ، إذا
عاينوها ، وظنوا أنهم مواقعوها ، كذلك إذا دخلوها ، وبدأ توبيخهم وتقريعهم ، لكن
الواقع أنهم لم يحتجوا به ، بل إنهم يقولون كما قال الله عز وجل عنهم : ( رَبَّنَا
أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل ) إبراهيم/44 . ويقولون : ( ربنا غلبت علينا شقوتنا ) المؤمنون/106
وقالوا : ( لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي
أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10 . و ( قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) المدثر/44 ، إلى غير ذلك مما يقولون .
ولو كان الاحتجاج بالقدر على المعاصي سائغاً لاحتجوا به ؛ فهم في
بأمس الحاجة إلى ما ينقذهم من نار جهنم .
7- لو كان الاحتجاج بالقدر صحيحا لكان حجة لإبليس الذي قال : (
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) الأعراف/16 ، ولتساوى فرعون عدو الله ، مع موسى كليم الله
عليه السلام .
8- ومما يرد هذا القول ، ويبين فساده : أننا نرى الإنسان يحرص
على ما يلائمه في أمور دنياه حتى يدركه ، ولا تجد شخصا يترك ما يصلح أمور دنياه
ويعمل بما يضره فيها بحجة القدر فلماذا يعدل عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم
يحتج بالقدر ؟!
وإليك مثالاً يوضح ذلك : لو أن إنساناً أراد السفر إلى بلد ،
وهذا البلد له طريقان ، أحدهما آمن مطمئن ، والآخر كله فوضى واضطراب ، وقتل ، وسلب
، فأيهما سيسلك ؟
لاشك أنه سيسلك الطريق الأول ، فلماذا لا يسلك في أمر الآخرة
طريق الجنة دون طريق النار ؟
9 ـ ومما يمكن أن يُرد به على هذا المحتج ـ بناء على مذهبه ـ أن
يقال له : لا تتزوج ، فإن كان الله قد قضى لك بولد فسيأتيك ، وإلا فلن يأتيك . ولا
تأكل ولا تشرب ، فإن قدر الله لك شبعاً ورياً فسيكون ، وإلا فلن يكون . وإذا هاجمك
سبع ضار فلا تفر منه ، فإن قدر الله لك النجاة فستنجو ، وإن لم يقدرها لك فلن ينفعك
الفرار . وإذا مرضت فلا تتداو ، فإن قدر الله لك شفاءً شفيت ، وإلا فلن ينفعك
الدواء .
فهل سيوافقنا على هذا القول أم لا ؟ فإن وافقنا علمنا فساد عقله
، وإن خالفنا علمنا فساد قوله ، وبطلان حجته .
10- المحتج بالقدر على المعاصي شبه نفسه بالمجانين ، والصبيان ،
فهم غير مكلفين ، ولا مؤاخذين ، ولو عومل معاملتهم في أمور الدنيا لما رضي .
11- لو قبلنا هذا الاحتجاج الباطل لما كان هناك حاجة للاستغفار ،
والتوبة ، والدعاء ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
12- لو كان القدر حجة على المعائب والذنوب لتعطلت مصالح الناس ،
ولعمت الفوضى ، ولما كان هناك داع للحدود ، والتعزيرات ، والجزاءات ، لأن المسيىء
سيحتج بالقدر ، ولما احتجنا لوضع عقوبات للظلمة ، وقطاع الطريق ، ولا إلى فتح
المحاكم ، ونصب القضاء ، بحجة أن كل ما وقع إنما وقع بقدر الله ، وهذا لا يقول به
عاقل .
13- أن هذا المحتج بالقدر الذي يقول : لا نؤاخذ ، لأن الله كتب
ذلك علينا ، فكيف نؤاخذ بما كتب علينا ؟
فيقال له : إننا لا نؤاخذ على الكتابة السابقة ، إنما نؤاخذ بما
فعلناه ، وكسبناه ، فلسنا مأمورين بما قدره الله لنا ، أو كتبه علينا ، وإنما نحن
مأمورين بالقيام بما يأمرنا به ، فهناك فرق بين ما أريد بنا ، وما أريد منا ، فما
أراده بنا طواه عنا ، وما أراده منا أمرنا بالقيام به .
وكون الله علم وقوع ذلك الفعل من القدم ثم كتبه لا حجة فيه لأن
مقتضى علمه الشامل المحيط أن يعلم ما خلقه صانعون ، وليس في ذلك أي نوع من أنواع
الجبر ، ومثال ذلك من الواقع ـ ولله المثل الأعلى ـ : لو أن مدرسا علم من حال بعض
تلاميذه أنه لا ينجح هذا العام لشدة تفريطه وكسله ، ثم إن هذا الطالب لم ينجح كما
علم بذلك الأستاذ فهل يقول عاقل بأن المدرس أجبره على هذا الفشل ، أو يصح للطالب أن
يقال أنا لم أنجح لأن هذا المدرس قد علم أني لن أنجح ؟!
وبالجملة فإن الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي ، أو ترك الطاعات
احتجاج باطل في الشرع ، والعقل ، والواقع .
ومما تجدر الإشارة إليه أن احتجاج كثير من هؤلاء ليس ناتجاً عن
قناعة وإيمان ، وإنما هو ناتج عن نوع هوى ومعاندة ، ولهذا قال بعض العلماء فيمن هذا
شأنه : " أنت عند الطاعة قدري ، وعند المعصية جبري ، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به " ( مجموع الفتاوى 8/107 ) يعني أنه إذا فعل الطاعة نسب ذلك
نفسه ، وأنكر أن يكون الله قدر ذلك له ، وإذا فعل المعصية احتج بالقدر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن المحتجين بالقدر : "
هؤلاء القوم إذا أصروا على هذا الاعتقاد كانوا أكفر من اليهود والنصارى " (
مجموع الفتاوى 8 / 262 )
وعليه فلا يسوغ للعبد أن يحتج على معايبه ومعاصيه بالقدر .
وإنما يسوغ الاحتجاج بالقدر :عند المصائب التي تحل بالإنسان
كالفقر ، والمرض ، وفقد القريب ، وتلف الزرع ، وخسارة المال ، وقتل الخطأ ، ونحو
ذلك ؛ فهذا من تمام الرضا بالله رباً ، فالاحتجاج إنما يكون على المصائب ، لا
المعائب ، " فالسعيد يستغفر من المعائب ، ويصبر على المصائب ، كما قال تعالى : (
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) والشقي يجزع عند
المصائب ، ويحتج بالقدر على المعائب "
ويوضح ذلك المثال الآتي : لو أن رجلاً أسرع بسيارته وفرَّط
في أسباب القيادة السليمة فتسبب في وقوع حادث ، فوبِّخ على ذلك ، وحوسب عليه فاحتج
بالقدر ، لم يكن الاحتجاج منه مقبولاً ، بينما لو أن شخصا صُدِمت سيارته وهي في
مكانها لم يتحرك بها ، فلامه شخص فاحتج بالقدر لكان احتجاجه مقبولا ، إلا أن يكون
قد أخطأ في طريقة إيقافها .
فالمقصود أن ما كان من فعل العبد واختياره فإنه لا يصح له أن
يحتج بالقدر ، وما كان خارجا عن اختياره وإرادته فيصح له أن يحتج عليه بالقدر .
ولهذا حَجَّ آدم موسى عليهما السلام كما في قوله صلى الله عليه
وسلم في محاجتهما : " احتج آدم وموسى فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من
الجنة ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على
أمر قد قدّر علي قبل أن أخلق ؟ فحج آدمُ موسى" ( أي : غلبه في الحجة ) رواه
مسلم ( 2652 ).
فآدم عليه السلام لم يحتج بالقدر على الذنب كما يظن ذلك من لم
يتأمل في الحديث ، وموسى عليه السلام لم يلم آدم على الذنب ؛ لأنه يعلم أن آدم
استغفر ربه وتاب ، فاجتباه ربه ، وتاب عليه ، وهداه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب
له .
ولو أن موسى لام آدم على الذنب لأجابه : إنني أذنبت فتبت ، فتاب
الله علي ، ولقال له : أنت يا موسى أيضاً قتلت نفساً ، وألقيت الألواح إلى غير ذلك
، إنما احتج موسى بالمصيبة فحجه آدم بالقدر . انظر الاحتجاج بالقدر لشيخ
الإسلام ابن تيمية ( 18 – 22 )
" فما قُدِّر من المصائب يجب الاستسلام له ؛ فإنه من تمام الرضا
بالله رباً ، أما الذنوب فليس لأحد أن يذنب ، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب ،
فيتوب من المعائب ويصبر على المصائب " شرح الطحاوية ( 147 ) .
تنبيه :
ذكر بعض العلماء أن ممن يسوغ له الاحتجاج بالقدر التائبُ من
الذنب ، فلو لامه أحد على ذنب تاب منه لساغ له أن يحتج بالقدر .
فلو قيل لأحد التائبين : لم فعلت كذا وكذا ؟ ثم قال : هذا بقضاء
الله وقدره ، وأنا تبت واستغفرت ، لقُبل منه ذلك الاحتجاج ، لأن الذنب في حقه صار
مصيبة وهو لم يحتج على تفريطه بالقدر بل يحتج على المصيبة التي ألمت به وهي معصية
الله ولا شك أن المعصية من المصائب ، كما أن الاحتجاج هنا بعد أن وقع الفعل وانتهى
، واعترف فاعله بعهدته وأقر بذنبه ، فلا يسوغ لأحد أن يلوم التائب من الذنب ،
فالعبرة بكمال النهاية ، لا بنقص البداية . والله أعلم .
يراجع ( أعلام السنة المنشورة 147 ) ( القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة للشيخ(1/4843)
الدكتور / عبد الرحمن المحمود ) و ( الإيمان بالقضاء والقدر للشيخ / محمد الحمد )
وتلخيص الشيخ سليمان الخراشي لعقيدة أهل السنة في القدر من هذين الكتابين في كتابه
: ( تركي الحمد في ميزان أهل السنة ) .
*****
49040
رجل جامع زوجته في صيام واجب غير رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4844)
سؤال رقم 49040- رجل جامع زوجته في صيام واجب غير رمضان
ما الحكم في رجل جامع أهله في صيام واجب غير رمضان ؟.
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله : ما الحكم في
رجل جامع أهله في صيام واجب غير رمضان ؟
فأجاب : اتفق العلماء على أن الكفارة تجب بالجماع في نهار رمضان
سواء أنزل الماء أو لم ينزل .
ولا يستثنى من ذلك إلا المكره والجاهل والناسي في أصح قولي
العلماء .
وإذا أنزل ولم يولج لزمه القضاء عند أكثر أهل العلم وإذا أولج
ولم ينزل لزمته الكفارة والقضاء .
فالكفارة مربوطة بالإيلاج وليست بالإنزال .
ولا تجب الكفارة إلا في الجماع بنهار رمضان فلو جامع في قضاء
واجب أو نذر أو نحو ذلك لم تجب عليه الكفارة وبه قال الجمهور وهذا ظاهر الأدلة .
وقد قال غيرُ واحد من أهل العلم . لو أن رجلاً وطيء في آخر يوم
من رمضان فتبين له أنه من شوال لم تلزمه كفارة لأنه تبين أن صومه لم يكن فرضاً عليه
والله أعلم . اهـ
انظر السؤال ( 40242 ) .
*****
49041
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى كل الحول أو أكثره
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة بهيمة الأنعام >(1/4845)
سؤال رقم 49041- لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى كل الحول أو أكثره
لدي إبل وغنم ترعى في بعض العام وأقوم بعلفها في بعضه ، فهل فيها زكاة أم لا ؟.
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال ( 40156 )
أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت سائمة ، ومعنى السوم أنها ترعى كل
السنة أو أكثرها ، أما إذا كانت تُعلف نصف السنة أو أكثر فلا زكاة فيها .
قال ابن قدامة في "المغني" :
مَذْهَب إمَامِنَا (يعني الإمام أحمد) وَمَذْهَبَ أَبِي
حَنِيفَةَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ سَائِمَةً أَكْثَرَ السَّنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ
. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إنْ لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ فَلا
زَكَاةَ فِيهَا ; لأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ فِي الزَّكَاة ، فَاعْتُبِرَ فِي جَمِيعِ
الْحَوْلِ . وَلَنَا عُمُومُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي
نُصُبِ الْمَاشِيَةِ , وَاسْمُ السَّوْمِ لا يَزُولُ بِالْعَلْفِ الْيَسِيرِ , فَلا
يَمْنَعُ دُخُولَهَا فِي الْخَبَرِ , وَلأَنَّ الْعَلْفَ الْيَسِيرَ لا يُمْكِنُ
التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَاعْتِبَارُهُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ
بِالْكُلِّيَّةِ اهـ باختصار .
" لأَنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ لا يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ
يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ كَأَيَّامِ الْبَرْدِ
وَالثَّلْجِ" اهـ . من الموسوعة الفقهية (23/250) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ رَجُلٍ لَهُ جِمَالٌ
وَيَشْتَرِي لَهَا أَيَّامَ الرَّعْيِ مَرْعًى هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ ؟
فَأَجَابَ : إذَا كَانَتْ رَاعِيَةً أَكْثَرَ الْعَامِ مِثْلُ
أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا
هَذَا أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ اهـ . "مجموع الفتاوى" (25/48) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
رجل عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها ، فهل فيها الزكاة
؟
فأجاب :
"إذا كانت الماشية من الإبل أو البقر أو الغنم ليست سائمة جميع
الحول أو أكثره فإنها لا تجب فيها الزكاة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرط في
وجوب الزكاة فيها أن تكون سائمة ، فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول فلا
زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة التجارة ، وتكون بذلك من عروض
التجارة كالأراضي المعدة للبيع والسيارات ونحوها ، إذا بلغت قيمة الموجود منها نصاب
الذهب أو الفضة " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الزكاة (49) :
"المواشي التي تعلف نصف السنة كاملا ليس فيها زكاة ، وذلك لأن
زكاة المواشي لا تجب إلا إذا كانت سائمة ، والسائمة هي التي ترعى مما أنبته الله في
الأرض السنة كاملة أو أكثر السنة، وأما ما يعلف بعض السنة أو نصف السنة فإنه لا
زكاة فيه ، إلا إذا كانت معدة للتجارة، فهذه لها حكم زكاة العروض ، وإذا كانت كذلك
فإن فيها الزكاة حيث تقدر كل سنة بما تساوي، ثم يخرج ربع عشر قيمتها ، أي اثنين
ونصف في المائة من قيمتها" اهـ .
وقال في الشرح الممتع (6/32) :
"فإذا كان عند الإنسان إبل ترعى خمسة أشهر ، ويعلفها سبعة أشهر
فلا زكاة فيها ،
وإذا كانت ترعى ستة أشهر ويعلفها ستة أشهر فلا زكاة فيها ،
وإذا كانت ترعى كل الحول ففيها الزكاة .
وإذا كانت ترعى سبعة أشهر ويعلفها خمسة ففيها الزكاة" اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/214) :
"تجب الزكاة في سائمة الغنم . . إذا كانت سائمة جميع الحول أو
أكثره" اهـ باختصار .
*****
49041
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى كل الحول أو أكثره
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة بهيمة الأنعام >
سؤال رقم 49041: لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى كل الحول أو أكثره
لدي إبل وغنم ترعى في بعض العام وأقوم بعلفها في بعضه ، فهل فيها زكاة أم لا ؟.
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال ( 40156 )
أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت سائمة ، ومعنى السوم أنها ترعى كل
السنة أو أكثرها ، أما إذا كانت تُعلف نصف السنة أو أكثر فلا زكاة فيها .
قال ابن قدامة في "المغني" :
مَذْهَب إمَامِنَا (يعني الإمام أحمد) وَمَذْهَبَ أَبِي
حَنِيفَةَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ سَائِمَةً أَكْثَرَ السَّنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ
. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إنْ لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ فَلا
زَكَاةَ فِيهَا ; لأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ فِي الزَّكَاة ، فَاعْتُبِرَ فِي جَمِيعِ
الْحَوْلِ . وَلَنَا عُمُومُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي
نُصُبِ الْمَاشِيَةِ , وَاسْمُ السَّوْمِ لا يَزُولُ بِالْعَلْفِ الْيَسِيرِ , فَلا
يَمْنَعُ دُخُولَهَا فِي الْخَبَرِ , وَلأَنَّ الْعَلْفَ الْيَسِيرَ لا يُمْكِنُ
التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَاعْتِبَارُهُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ
بِالْكُلِّيَّةِ اهـ باختصار .
" لأَنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ لا يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ
يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ كَأَيَّامِ الْبَرْدِ
وَالثَّلْجِ" اهـ . من الموسوعة الفقهية (23/250) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ رَجُلٍ لَهُ جِمَالٌ
وَيَشْتَرِي لَهَا أَيَّامَ الرَّعْيِ مَرْعًى هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ ؟
فَأَجَابَ : إذَا كَانَتْ رَاعِيَةً أَكْثَرَ الْعَامِ مِثْلُ
أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا
هَذَا أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ اهـ . "مجموع الفتاوى" (25/48) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
رجل عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها ، فهل فيها الزكاة
؟
فأجاب :
"إذا كانت الماشية من الإبل أو البقر أو الغنم ليست سائمة جميع
الحول أو أكثره فإنها لا تجب فيها الزكاة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرط في
وجوب الزكاة فيها أن تكون سائمة ، فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول فلا
زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة التجارة ، وتكون بذلك من عروض
التجارة كالأراضي المعدة للبيع والسيارات ونحوها ، إذا بلغت قيمة الموجود منها نصاب
الذهب أو الفضة " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الزكاة (49) :
"المواشي التي تعلف نصف السنة كاملا ليس فيها زكاة ، وذلك لأن
زكاة المواشي لا تجب إلا إذا كانت سائمة ، والسائمة هي التي ترعى مما أنبته الله في
الأرض السنة كاملة أو أكثر السنة، وأما ما يعلف بعض السنة أو نصف السنة فإنه لا
زكاة فيه ، إلا إذا كانت معدة للتجارة، فهذه لها حكم زكاة العروض ، وإذا كانت كذلك
فإن فيها الزكاة حيث تقدر كل سنة بما تساوي، ثم يخرج ربع عشر قيمتها ، أي اثنين
ونصف في المائة من قيمتها" اهـ .
وقال في الشرح الممتع (6/32) :
"فإذا كان عند الإنسان إبل ترعى خمسة أشهر ، ويعلفها سبعة أشهر
فلا زكاة فيها ،
وإذا كانت ترعى ستة أشهر ويعلفها ستة أشهر فلا زكاة فيها ،
وإذا كانت ترعى كل الحول ففيها الزكاة .
وإذا كانت ترعى سبعة أشهر ويعلفها خمسة ففيها الزكاة" اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/214) :
"تجب الزكاة في سائمة الغنم . . إذا كانت سائمة جميع الحول أو
أكثره" اهـ باختصار .
*****
49042
يسأل عن فضل العشر من ذي الحجة
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4846)
سؤال رقم 49042- يسأل عن فضل العشر من ذي الحجة
هل للأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فضل على غيرها من سائر الأيام ؟ وما هي الأعمال الصالحة التي يستحب الإكثار منها في هذه العشر ؟.
الحمد لله
من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة ، التي فضّلها
الله تعالى على سائر أيام العام ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام
العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل
خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ) أخرجه البخاري 2/457 .
وعنه أيضا ،ً رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى .
قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا رجل
خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه الدارمي 1/357 وإسناده حسن
كما في الإرواء 3/398 .
فهذه النصوص وغيرها تدلّ على أنّ هذه العشر أفضل من سائر أيام
السنة من غير استثناء شيء منها ، حتى العشر الأواخر من رمضان . ولكنّ ليالي العشر
الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي
خير من ألف شهر . انظر تفسير ابن كثير 5/412
فينبغي على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح إلى الله ، عز
وجل ، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة ، عموما ، ثم تتأكد عنايته بالأعمال التالية :
1- الصيام
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة . لأن النبي صلى الله عليه
وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر ، والصيام من أفضل الأعمال . وقد اصطفاه
الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي : " قال الله : كل عمل بني آدم له إلا
الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " أخرجه البخاري 1805
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة . فعن هنيدة
بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان النبي صلى
الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر . أول اثنين
من الشهر وخميسين " أخرجه النسائي 4/205 وأبو داود وصححه الألباني في صحيح
أبي داود 2/462 .
2- الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير :
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر . والجهر
بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة ،
وإعلاناً بتعظيم الله تعالى .
ويجهر به الرجال وتخفيه المرأة
قال الله تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام
معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) الحج/28 . والجمهور
على أن الأيام المعلومات هي أيام العشر لما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما : (
الأيام المعلومات : أيام العشر )
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام
العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) أخرجه احمد 7/224 وصحّح
إسناده أحمد شاكر .
وصفة التكبير : الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، والله
أكبر ولله الحمد ، وهناك صفات أخرى .
والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولاسيما في أول
العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل ، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً
للغافلين ، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق
أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر
كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع .
إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله
صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من
عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ) أخرجه الترمذي 7/443 وهو حديث حسن
لشواهده .
3- أداء الحج والعمرة : إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت
الله الحرام ، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله
نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الحج المبرور ليس له
جزاء إلا الجنة ).
4- الأضحية :
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح
الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال في سبيل الله تعالى .
فلنبادر باغتنام تلك الأيام الفاضلة ، قبل أن يندم المفرّط على
ما فعل ، وقبل أن يسأل الرّجعة فلا يُجاب إلى ما سأل .
*****
49043
هل الفدية تعوض ما يخل به الإنسان من أحكام المناسك ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4847)
سؤال رقم 49043- هل الفدية تعوض ما يخل به الإنسان من أحكام المناسك ؟
بعض الحجاج والمعتمرين يتهاونون فيما يجب عليهم من الأحكام ؛ فيتجاوزون الميقات من غير إحرام ، مثلا ، أو ربما تركوا بعض الواجبات ، معتمدين على أنهم سوف يذبحون هديا ، يجبر لهم النقص الذي فعلوه ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
قد سبق معنا في جواب السؤال رقم ( 36522 ) أن أكثر ما يقع فيه الحجاج أو
المعتمرون من أخطاء في مناسكهم ، سببه الجهل بما يجب عليهم من أحكامها . وأما ما
ذكر في هذا السؤال من تعمد بعض الناس ارتكاب المحظور ، أو التفريط فيما يؤمر به ،
اعتمادا على أن الفدية سوف تجبر له ذلك النقص ، فهذا هو الجهل الحقيقي ، وإن كان
صاحبه يظن أن عنده معرفة بما يترتب على فعله , فإنه لا يتجرأ على تعدي حدود الله
إلا ظلوم جهول ، قال الله تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا
وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة/229 ، و لا يتجرأ على انتهاك حرمات الله إلا من لم يعظم
شعائر الله حق تعظيمها ؛ قال الله تعالى : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ
اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب ِ) الحج/32 ولأجل
ذلك كان أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقولون : كل ذنب أصابه عبد فهو
بجهالة . وقال مجاهد : كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته . [ تفسير
الطبري 8/89 ] وزيادة على الجهل بما يجب على العبد من تعظيم شعائر
الله ، والوقوف عند حدوده ، وعدم تعديها ، فإن العلم إنما يراد للعمل ، وليس
للتحيُّل به على إسقاط ما فرض الله على العبد ، وانتهاك حرمات الله ، فأين هذا من
قول النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ
يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) البخاري 1521 ومسلم 1350 ، قال ابن حجر : ( "لم يفسق" أي : لم يأت بسيئة ولا معصية )
وقوله ، صلى الله عليه وسلم : ( العُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ
كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا
الْجَنَّةُ ) البخاري 1773 ومسلم 1349
قال ابن حجر : ( قَالَ اِبْن خَالَوَيْهِ : الْمَبْرُور
الْمَقْبُول , وَقَالَ غَيْره : الَّذِي لا يُخَالِطهُ شَيْء مِنْ الإِثْم ,
وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الأَقْوَال الَّتِي ذُكِرَتْ
فِي تَفْسِيره مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى , وَهِيَ أَنَّهُ الْحَجّ الَّذِي وُفِّيَتْ
أَحْكَامه وَوَقَعَ موافقاً لِمَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّف عَلَى الْوَجْه
الأَكْمَل وَاَللَّه أَعْلَم ) .
على أن هنا شبهة ، ربما كانت هي التي سببت وقوع بعض الناس في ذلك
؛ وهي ظنهم أن الإنسان مخير بين فعل الواجب ، أو ترك المحظور ، وبين بذل الفدية
الواجبة فيه ، من صيام ، أو صدقة ، أو نسك . قال الشيخ ابن عثيمين ، بعد ذكر بعض
المحظورات ، وما فيها من الفدية :
( إن كلامنا هذا فيما يجب على الفاعل ، وليس معنى هذا أن الأمر
سهل وهين ؛ بمعنى أنه إن شاء فعل هذا الشيء وقام بالتكفير والقضاء ، وإن شاء لم
يفعله ، بل الأمر صعب ومحرم ، بل هو من الأمور العظيمة ؛ حيث يتجرأ على ما حرم عليه
؛ فإن الله يقول : ( فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197
وفي هذه المناسبة أريد أن أنبه .. على مسألة يظن بعض الناس أن
الإنسان فيها مخير ؛ وهي ترك الواجب والفدية .
يظن بعض الناس أن العلماء لما قالوا : في ترك الواجب دم ، أن
الإنسان مخير بين أن يفعل هذا الواجب ، أو أن يذبح هذا الدم ويوزعه على الفقراء .
مثال ذلك : يقول بعض الناس إذا كان يوم العيد ، سوف أطوف وأسعى ،
وأسافر إلى بلدي ، ويبقى علي المبيت في منى ، ورمي الجمرات ، وهما واجبان من واجبات
الحج ؛ فأنا أفدي عن كل واحد منها بذبح شاة ...، والأمر ليس كذلك ؛ ولكن إذا وقع ،
وصدر من الإنسان ترك واجب ، فحينئذ تكون الفدية مكفرة له ، مع التوبة والاستغفار .
) الفتاوى 22/168-169.
*****
49044
حكم تعدد الزوجات وشرطه
الفقه > معاملات > النكاح > تعدد الزوجات والعدل بينهن >(1/4848)
سؤال رقم 49044- حكم تعدد الزوجات وشرطه
ما حكم تعدد الزوجات ؟.
الحمد لله
قد أباح الله تعالى للرجال تعدد الزوجات حيث قال الله تعالى في
كتابه العزيز : ( وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء
مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا
تعولوا ) النساء/3 .
فهذا نص في إباحة التعدد ، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج
واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، ولا يجوز له الزيادة على الأربع ، وبهذا قال
المفسرون والفقهاء ، وأجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيه .
وليُعلم أن التعدد له شروط :
1- العدل
لقوله تعالى : ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) النساء/3 ، أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شرط لإباحة التعدد ، فإذا خاف
الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة ، كان محظوراً عليه الزواج
بأكثر من واحدة . والمقصود بالعدل هنا التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة
والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته.
وأما العدل في المحبة فغير مكلف بها ، ولا مطالب بها لأنه لا
يستطيعها ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ( ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) النساء/129 يعني في المحبة القلبية .
2- القدرة على الإنفاق على الزوجات :
والدليل على هذا الشرط قوله تعالى : ( وليستعفف الذين لا يجدون
نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ) النور/33 . فقد أمر الله
في هذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولكنه لا يجده وتعذر عليه ، أن يستعفف ،
ومن أسباب تعذر النكاح : أن لا يجد ما ينكح به من مهر ، ولا قدرة له على الإنفاق
على زوجته ". المفصل في أحكام المرأة ج6 ص286
وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن التعدد أفضل من الاقتصار على
زوجة واحدة . سئل الشيخ بن باز رحمه الله هل الأصل في الزواج التعدد أم الواحدة
فأجاب : " الأصل في ذلك شرعية التعدد لمن استطاع ذلك ولم يخف الجور لما في ذلك من
المصالح الكثيرة في عفة فرجه وعفة من يتزوجن والإحسان إليهن ، وتكثير النسل الذي به
تكثر الأمة ، ويكثر من يعبد الله وحده . ويدل على ذلك قوله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى
فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ
خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ
أَدْنَى أَلا تَعُولُوا ) النساء/3 ، ولأنه صلى الله عليه
وسلم تزوج أكثر من واحدة وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/21 ، وقال صلى
الله عليه وسلم لما قال بعض الصحابة : أما أنا فلا آكل اللحم وقال آخر : أما أنا
فأصلي ولا أنام ، وقال آخر : أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال آخر : أما أنا فلا أتزوج
النساء ، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال : ( أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي
لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي
وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي
) وهذا اللفظ العظيم منه صلى الله عليه وسلم يعم الواحدة والعدد " . مجلة
البلاغ العدد 1015 ، فتاوى علماء البلد الحرام ص 386 .
ويراجع جواب سؤال رقم ( 14022 ) للأهمية .
*****
49045
لا يجوز استبدال الذهب القديم بذهب جديد مع دفع فرق الثمن
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4849)
سؤال رقم 49045- لا يجوز استبدال الذهب القديم بذهب جديد مع دفع فرق الثمن
هل يجوز استبدال الذهب القديم الذي عندي بذهب جديد وأدفع للصائغ فرق الثمن ؟.
الحمد لله
لا يجوز أن تبدل ذهبا رديئاً بذهب طيب وتعطي الفرق . هذا محرم لا
يجوز ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة بلال رضي الله عنه ( جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيد فقال له من أين هذا ؟ قال بلال : كان عندنا تمر
رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : أوه لا تفعل عين الربا عين الربا ) فبين الرسول صلى الله عليه
وسلم أن زيادة ما يجب فيه التساوي من أجل اختلاف الوصف أنها عين الربا وأنه لا يجوز
للمرء أن يفعله ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادته أرشده إلى الطريق
المباح فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يبيع الرديء بدراهم ثم يشتري
بالدراهم تمرا جيدا وعلى هذا فنقول إذا كان لدى المرأة ذهب رديء أو ذهب ترك الناس
لبسه فإنها تبيعه بالسوق ثم تأخذ الدراهم وتشتري بها ذهبا طيبا تختار هذه الطريقة
التي أرشد إليها نبينا صلى الله عليه وسلم .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
(فقه وفتاوى البيوع / جمع وترتيب أشرف عبد المقصود ص386).
*****
49046
هل يعتد المسبوق بالركعة الزائدة مع الإمام ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/4850)
سؤال رقم 49046- هل يعتد المسبوق بالركعة الزائدة مع الإمام ؟
إذا دخل المسبوق مع الإمام في الركعة الثانية من الصلاة ، ونسي الإمام وأتى بركعة زائدة ، فماذا يفعل المسبوق ، هل يسلم مع الإمام أم يقوم بعد سلام الإمام ويأتي بركعة ؟.
الحمد لله
بل يسلم مع الإمام ، لأن صلاته قد تمّت ، وأما بالنسبة للإمام
فهو معذور في هذه الزيادة .
سئل الشيخ ابن عثيمين : إذا صلى الإمام خمساً سهواً فما حكم
صلاته وصلاة من خلفه ؟ وهل يعتد المسبوق بتلك الركعة الزائدة ؟
فأجاب : إذا صلى الإمام خمساً سهواً فإن صلاته صحيحة ، وصلاة من
اتبعه في ذلك ساهياً أو جاهلاً صحيحة أيضاً .
أما من علم بالزيادة فإنه إذا قام الإمام إلى الزائدة وجب عليه
أن يجلس ويسلم ، لأنه في هذه الحالة يعتقد أن صلاة إمامه باطلة إلا إذا كان يخشى أن
إمامه قام إلى الزائدة لأنه أخل بقراءة الفاتحة (مثلاً) في إحدى الركعتين فحينئذ
ينتظر ولا يسلم .
وأما بالنسبة للمسبوق الذي دخل مع الإمام في الثانية فما بعدها
فإن هذه الركعة الزائدة تحسب له , فإذا دخل مع الإمام في الثانية مثلاً سلم مع
الإمام الذي زاد ركعة ، وإن دخل في الثالثة أتى بركعة بعد سلام الإمام من الزائدة ،
وذلك لأننا لو قلنا بأن المسبوق لا يعتد بالزائدة للزم من ذلك أن يزيد ركعة عمداً ،
وهذا موجب لبطلان الصلاة ، أما الإمام فهو معذور بالزيادة ، لأنه كان ناسياً فلا
تبطل صلاته .اهـ
مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/20) .
*****
49047
حكم صلاة من نسي تكبيرة الإحرام
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/4851)
سؤال رقم 49047- حكم صلاة من نسي تكبيرة الإحرام
إذا نسي الإنسان تكبيرة الإحرام فهل يستمر في الصلاة حتى ينتهي ثم يعيدها أو يقطعها ثم يعيدها ؟.
الحمد لله
" إذا نسي تكبيرة الإحرام أو شك في ذلك فعليه أن يكبر في الحال ،
ويعمل بما أدرك بعد التكبيرة ، فإذا كبر بعد فوات الركعة الأولى من صلاة الإمام
اعتبر نفسه قد فاتته الركعة الأولى فيقضيها بعد سلام الإمام ، وإذا أعاد التكبيرة
في الركعة الثالثة اعتبر نفسه قد فاتته ركعتان فيأتي بركعتين بعد السلام من الصلاة
، هذا إذا كان ليس لديه وسوسة أما إن كان موسوسا فإنه يعتبر نفسه قد كبر في أول
الصلاة ولا يقضي شيئا مراغمة للشيطان ومحاربة لوسوسته والحمد لله " اهـ .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (11/275) .
*****
49048
يسأل عن الصابئة : من هم ؟ وما حقيقة مذهبهم ؟
العقيدة > مذاهب وأديان >
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4852)
سؤال رقم 49048- يسأل عن الصابئة - من هم ؟ وما حقيقة مذهبهم ؟
ورد ذكر الصابئة في عدة آيات من القرآن ، فمن هم ؟ وما الدين الذي يدينون به ؟.
الحمد لله
ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في
قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى
وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ،
والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا
وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ
صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .
والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين
إلى آخر .
قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه
دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ،
تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري
2/145 ، لسان العرب صبأ
وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس
فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال
الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن
كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم
الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....
وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم
بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم
يعبدون الملائكة ... )
قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي
، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله
عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس
، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله
سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا
وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ
صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في
سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ
وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ
بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم
يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا
؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد
أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين
الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن
الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .
وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ،
وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ،
وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان
على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها
أصحاب المقالات .
وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ،
وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا
إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة
الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما
منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن
الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين
المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات
المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .
ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم
آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )
ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين
الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته
وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق
عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .
وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا
يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس
لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس
، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل
، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا
مجوسا.
وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم
وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى
،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98
وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره
شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458]
، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] . وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند
تفسيره لآية البقرة .
*****
49048
يسأل عن الصابئة : من هم ؟ وما حقيقة مذهبهم ؟
العقيدة > مذاهب وأديان >
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4853)
سؤال رقم 49048- يسأل عن الصابئة - من هم ؟ وما حقيقة مذهبهم ؟
ورد ذكر الصابئة في عدة آيات من القرآن ، فمن هم ؟ وما الدين الذي يدينون به ؟.
الحمد لله
ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في
قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى
وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ،
والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا
وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ
صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .
والصابئة جمع صابئ ، اسم فاعل من صَبَأ يصبَأ ، إذا خرج من دين
إلى آخر .
قال الطبري : ( والصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه
دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ،
تسميه العرب : صابئا ... يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..) انظر تفسير الطبري
2/145 ، لسان العرب صبأ
وأما مذهبهم ، فقال ابن القيم ، رحمه الله : ( وقد اختلف الناس
فيهم اختلافا كثيرا ، وأشكل أمرهم على الأئمة لعدم الإحاطة بمذهبهم ودينهم ؛ فقال
الشافعي رحمه الله تعالى : هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن
كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم
الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ....
وأما أقوال السلف فيهم فذكر سفيان عن ليث عن مجاهد قال : هم قوم
بين اليهود والمجوس ليس لهم دين ، وفي تفسير شيبان عن قتادة قال : الصابئة قوم
يعبدون الملائكة ... )
قال ابن القيم : ( قلت : الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي
، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله
عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس
، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة ، وقد ذكر الله
سبحانه النوعين في كتابه ، فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا
وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ
صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُون ) البقرة/62 ، وكذلك قال في المائدة ، وقال في
سورة الحج ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ
وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ
بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) فلم
يقل هاهنا : من آمن منهم بالله واليوم الآخر ، لأنه ذكر معهم المجوس والذين أشركوا
؛ فذكر ست أمم ، منهم اثنتان شقيتان ، وأربع منهم منقسمة إلى شقي وسعيد ، وحيث وعد
أهل الإيمان والعمل الصالح منهم بالأجر ذكرهم أربع أمم ليس إلا ، ففي آية الفصل بين
الأمم أدخل معهم الأمتين ، وفي آية الوعد بالجزاء لم يدخلها معهم ، فعلم أن
الصابئين فيهم المؤمن والكافر ، والشقي والسعيد .
وهذه أمة قديمة قبل اليهود والنصارى ، وهم أنواع : صابئة حنفاء ،
وصابئة مشركون . وكانت حران دار مملكة هؤلاء قبل المسيح ، ولهم كتب وتآليف وعلوم ،
وكان في بغداد منهم طائفة كبيرة ، منهم إبراهيم بن هلال الصابئ صاحب الرسائل ، وكان
على دينهم ويصوم رمضان مع المسلمين ، وأكثرهم فلاسفة ولهم مقالات مشهورة ذكرها
أصحاب المقالات .
وجملة أمرهم أنهم لا يكذبون الأنبياء ولا يوجبون اتباعهم ،
وعندهم أن من اتبعهم [ يعني اتبع الأنبياء] فهو سعيد ناج وأن من أدرك بعقله ما دعوا
إليه ، فوافقهم فيه وعمل بوصاياهم ، فهو سعيد ، وإن لم يتقيد بهم ، فعندهم دعوة
الأنبياء حق ، ولا تتعين طريقا للنجاة ، وهم يقرون أن للعالم صانعا مدبرا حكيما
منزها عن مماثلة المصنوعات ، ولكن كثيرا منهم ، أو أكثرهم ، قالوا : نحن عاجزون عن
الوصول إلى جلاله بدون الوسائط ؛ والواجب التقرب إليه بتوسط الروحانيين المقدسين
المطهرين عن المواد الجسمانية ، المبرئين عن القوى الجسدية ، المنزهين عن الحركات
المكانية والتغييرات الزمانية ، بل قد جبلوا على الطهارة ، وفطروا على التقديس .
ثم ذكر أنهم يعبدون هذه الوسائط ويتقربون إليها ، ويقولون : ( هم
آلهتنا وشفعاؤنا عند رب الأرباب ، وإله الآلهة )
ثم قال ، رحمه الله : ( فهذا بعض ما نقله أرباب المقالات عن دين
الصابئة وهو بحسب ما وصل إليهم ، وإلا فهذه الأمة فيهم المؤمن بالله وأسمائه وصفاته
وملائكته ورسله واليوم الآخر وفيهم الكافر ، وفيهم الآخذ من دين الرسل بما وافق
عقولهم واستحسنوه ، فدانوا به ورضوه لأنفسهم .
وعقد أمرهم أنهم يأخذون بمحاسن ما عند أهل الشرائع بزعمهم ، ولا
يوالون أهل ملة ويعادون أخرى ، ولا يتعصبون لملة على ملة . والملل عندهم نواميس
لمصالح العالم ، فلا معنى لمحاربة بعضها بعضا بل يؤخذ بمحاسنها وما تكمل به النفوس
، وتتهذب به الأخلاق ، ولذلك سموا صابئين كأنهم ، صبؤوا عن التعبد بكل ملة من الملل
، والانتساب إليها ، ولهذا قال غير واحد من السلف : ليسوا يهودا ولا نصارى ولا
مجوسا.
وهم نوعان صابئة حنفاء وصابئة مشركون ؛ فالحنفاء هم الناجون منهم
وبينهم مناظرات ورد من بعضهم على بعض ، وهم قوم إبراهيم كما أن اليهود قوم موسى
،والحنفاء منهم أتباعه ) أحكام أهل الذمة 1/92-98
وما ذكره من انقسام الصابئة إلى موحدين ومشركين قرره
شيخ الإسلام أيضا في غير موضع . انظر الرد على المنطقيين [ 287-290،454-458]
، منهاج السنة ، تعليق المحقق [1/5] . وانظر أيضا بحث الشيخ ابن عاشور للمسألة عند
تفسيره لآية البقرة .
*****
49049
حاج مات بعرفة فهل يتم عنه الحج أو يحج عنه ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4854)
سؤال رقم 49049- حاج مات بعرفة فهل يتم عنه الحج أو يحج عنه ؟
حاج مات بعرفة فهل يتم عنه الحج أو يحج عنه ؟
الحمد لله
" لا يحج عنه ؛ لأن هذا أدى الواجب عليه ، والنبي صلى الله عليه
وسلم لما سئل عن الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة قال لهم صلى الله عليه وسلم : (
اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه ولا تخمِّروا رأسه ، فإنه يبعث
يوم القيامة ملبيا ) ولم يقل أتموا عنه . اهـ
مجموع فتاوى ابن عثيمين رقم 1063 (23/31) .
*****
49050
يسأل عن مكان صلاة العيد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة العيدين >(1/4855)
سؤال رقم 49050- يسأل عن مكان صلاة العيد
سمعنا أن صلاة العيد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كانت في المصلى خارج البنيان ، لأن مسجده لم يكن يسع الناس ، فلو كان في المكان مسجد يسع الناس ، فصلاتهم فيه أفضل ، لأن المسجد أفضل من غيره من الأماكن ، فهل هذا صحيح ؟.
الحمد لله
مضت سنة النبي صلى الله عليه وسلم العملية على ترك مسجده في صلاة
العيدين ، وأدائها في المصلى الذي على باب المدينة الخارجي [ انظر زاد
المعاد لابن القيم 1/441 ] .
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله : ( وقد تضافرت أقوال العلماء على
ذلك :
فقال العلامة العيني الحنفي في شرح البخاري، وهو يستنبط من حديث
أبي سعيد [ الخدري : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ
يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ
وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِم ،ْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ
، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ
أَمَرَ بِه ،ِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ
عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي
أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ
كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ
يُصَلِّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ
الصَّلاةِ فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ
مَا تَعْلَمُ فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لا أَعْلَمُ فَقَالَ
إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا
قَبْلَ الصَّلاةِ " – رواه البخاري 956 ومسلم 889 - ] ( ج 6 ص280-281) قال : " وفيه البروز إلى المصلى والخروج إليه ، ولا يصلى في المسجد إلا عن ضرورة .
وروى ابن زياد عن مالك قال: السنة الخروج إلى الجبانة [ يعني المصلى ] إلا لأهل مكة
ففي المسجد "
وفي الفتاوى الهندية ( ج1 ص118) : " الخروج إلى الجبانة في صلاة
العيد سنة ، وإن كان يسعهم المسجد الجامع ،على هذا عامة المشايخ وهو الصحيح "
وفي المدونة المروية عن مالك (ج1ص171 ) قال مالك : لا يُصلَّى في
العيدين في موضعين ، ولا يصلون في مسجدهم ، ولكن يخرجون كما خرج النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .[ وروى ] ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال : كان رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج إلى المصلى ، ثم استن بذلك أهل
الأمصار "
وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني ( ج 2 ص229-230 ) " السُّنَّةُ
أَنْ يُصَلَّى الْعِيدُ فِي الْمُصَلَّى , أَمَرَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ رضي الله عنه .
وَاسْتَحْسَنَهُ الأَوْزَاعِيُّ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ . وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ
الْمُنْذِرِ .
وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ : إنْ كَانَ مَسْجِدُ الْبَلَدِ
وَاسِعًا , فَالصَّلاةُ فِيهِ أَوْلَى ; لأَنَّهُ خَيْرُ الْبِقَاعِ وَأَطْهَرُهَا
, وَلِذَلِكَ يُصَلِّي أَهْلُ مَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
ثم استدَّل ابن قدامة على قوله فقال ( وَلَنَا : أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى وَيَدَعُ
مَسْجِدَهُ , وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ , وَلا يَتْرُكُ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم الأَفْضَلَ مَعَ قُرْبِهِ , وَيَتَكَلَّفُ فِعْلَ النَّاقِصِ مَعَ
بُعْدِهِ , وَلا يَشْرَعُ لأُمَّتِهِ تَرْكَ الْفَضَائِلِ , وَلأَنَّنَا قَدْ
أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالاقْتِدَاءِ بِهِ , وَلا
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ النَّاقِصَ , وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ
هُوَ الْكَامِلَ , وَلَمْ يُنْقَلُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
صَلَّى الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلا مِنْ عُذْرٍ , وَلأَنَّ هَذَا إجْمَاعُ
الْمُسْلِمِينَ . فَإِنَّ النَّاسَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَخْرُجُونَ إلَى
الْمُصَلَّى , فَيُصَلُّونَ الْعِيدَ فِي الْمُصَلَّى , مَعَ سَعَةِ الْمَسْجِدِ
وَضِيقِهِ , وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي الْمُصَلَّى مَعَ
شَرَفِ مَسْجِدِهِ "
وأقول ـ القائل أحمد شاكر ـ: إن قول ابن قدامة : " ولم ينقل عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر " ، يشير
به إلى حديث أبي هريرة في المستدرك للحاكم (ج1 ص 295) : " أنهم أصابهم مطر في يوم
عيد فصلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد " وصححه هو
والذهبي . [ وقال عنه ابن القيم : إن ثبت الحديث ، وهو في سنن أبي داود وابن
ماجة . انتهى من الزاد 1/441 ، وضعفه الألباني في رسالة صلاة العيدين في المصلى هي
السنة ، ورد قول الحاكم والذهبي . ]
وقال الإمام الشافعي في كتاب ( الأم ) ( ج 1 ص 207 ) : " بلغنا
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخرج في العيدين إلى المصلى
بالمدينة ، وكذلك من كان بعده ، وعامة أهل البلدان إلا مكة ، فإنه لم يبلغنا أن
أحداً من السلف صلى بهم عيداً إلا في مسجدهم . وأحسب ذلك ـ والله تعالى أعلم ـ لأن
المسجد الحرام خير بقاع الدنيا ، فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم ...
فإن عُمِّر بلدٌ فكان مسجد أهله يسعهم في الأعياد لم أر أنهم
يخرجون منه ، وإن خرجوا فلا بأس ، ولو أنه كان يسعهم فصلى بهم إمام فيه كرهت له ذلك
ولا إعادة عليهم . وإذا كان العذر من مطر أو غيره أمرته بأن يصلي في المساجد ولا
يخرج إلى الصحراء "
وقال العلامة ابن الحاج في كتاب المدخل ( ج2 ص 283 ) : " والسنة
الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلى ، لأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال
:" صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " البخاري 1190 ومسلم 1394 . ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة خرج صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المصلى وتركه ، فهذا دليل واضح على تأكد أمر الخروج
إلى المصلى لصلاة العيدين ، فهي السنة ، وصلاتهما في المسجد على مذهب مالك رحمه
الله بدعة ، إلا أن تكون ثَّم ضرورة داعية إلى ذلك فليس ببدعة ، لأن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعلها ولا أحد من الخلفاء الراشدين بعده ، ولأنه
عليه السلام أمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيدين ، وأمر الحيض وربات الخدور
بالخروج إليهما فقالت إحداهن : يا رسول الله ، إحدانا لا يكون لها جلباب فقال عليه
الصلاة والسلام : تعيرها أختها من جلبابها لتشهد الخير ودعوة المسلمين . انظر صحيحي البخاري 324 ومسلم 890 .
فلما أن شرع عليه الصلاة والسلام لهن الخروج ، شرع الصلاة في
البراح ، لإظهار شعيرة الإسلام "
فالسنة النبوية التي وردت في الأحاديث الصحيحة دلت على أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي العيدين في الصحراء في خارج البلد .
وقد استمر العمل على ذلك في الصدر الأول ، ولم يكونوا يصلون العيد في المساجد ، إلا
إذا كانت ضرورة من مطر ونحوه .
وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم من الأئمة رضوان
الله عليهم ، لا أعلم أن أحداً خالف في ذلك ، إلا قول الشافعي رضي الله عنه في
اختياره الصلاة في المسجد إذا كان يسع أهل البلد ، ومع هذا فإنه لم ير بأساً
بالصلاة في الصحراء وإن وسعهم المسجد ، وقد صرح رضي الله عن بأنه يكره صلاة العيدين
في المسجد إذا كان لا يسع أهل البلد .
فهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها ، ثم استمرار العمل في الصدر الأول
، ثم أقوال العلماء : كل أولئك يدل على أن صلاة العيدين الآن في المساجد بدعة ، حتى
على قول الشافعي ؛ لأنه لا يوجد مسجد واحد في بلادنا يسع أهل البلد الذي هو فيه .
ثم إن هذه السنة ، يجتمع فيها أهل كل بلدة رجالاً ونساءً
وصبياناً ، يتوجهون إلى الله بقلوبهم ، تجمعهم كلمة واحدة ، ويصلون خلف إمام واحد ،
يكبرون ويهللون ، ويدعون الله مخلصين ، كأنهم على قلب رجل واحد ، فرحين مستبشرين
بنعمة الله عليهم ، فيكون العيد عندهم عيداً .
وقد أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخروج
النساء لصلاة العيد مع الناس ولم يستثن منهن أحداً ، حتى إنه لم يرخص لمن لم يكن
عندها ما تلبس في خروجها ، بل أمر أن تستعير من غيرها ، وحتى إنه أمر من كان عندهن
عذر يمنعهن الصلاة بالخروج إلى المصلى : " ليشهدن الخير ودعوة المسلمين "
وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم خلفاؤه من
بعده ، والأمراء النائبون عنهم في البلاد يصلون بالناس العيد ، ثم يخطبونهم بما
يعظونهم به ، ويعلمونهم مما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، ويأمرونهم بالصدقة في ذلك
الجمع المبارك ، الذي تتنزل عليه الرحمة والرضوان .
فعسى أن يستجيب المسلمون لاتباع سنة نبيهم ولإحياء شعائر دينهم ،
الذي هو معقد عزهم وفلاحهم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) ا لأنفال/24
انتهى كلامه رحمه الله من تعليقه على سنن الترمذي 2/421-424.
*****
49051
حكم شركة تبيع أسطوانة بـ500 ريال وتعد المشترين بـ42500ريالا بعد مدة
الفقه > عادات > المسابقات والألعاب >(1/4856)
سؤال رقم 49051- حكم شركة تبيع أسطوانة بـ500 ريال وتعد المشترين بـ42500ريالا بعد مدة
نحن مجموعة من الشباب عُرض علينا الاشتراك في نظام لشركة اسمها ( هبة الجزيرة )، نريد معرفة الحكم الشرعي في هذه المعاملة علما بأنهم يقومون ببيع أسطوانة شرعية بمبلغ (500) ريال ، ويقومون بإعطاء من يشتري منهم مبلغ (600) ريال بعد فترة شهر إلى شهرين . ومبلغ (42500) ريال بعد سنة إلى ثلاث سنوات، ويعتبرون هذه المبالغ هدايا لمن اشترى منهم، نريد إجابة واضحة حتى نشترك فيها أو نبتعد ونحذِّر إخواننا منها.
الحمد لله
لا يتبيَّن حكم عمل مثل هذه الشركة إلا إذا تبيَّن ما هو قصد
المشترين . وبعد تأمُّل هذه المعاملة المسئول عنها ، وهي طريقة البيع والإغراء التي
تتبعها هذه الشركة من خلال الأوراق المطبوعة للتعريف بنظامها وحوافزها ، ومن خلال
ما ذَكَرَهُ بعض منسوبي الشركة ، وسؤال بعض الاقتصاديين المختصين، يتَبَيَّن ما يلي
:
1- بدأت الشركة نشاطها بتسويق أسطوانة حاسوبية في العلوم الشرعية
وما يلحق بها وسيكون الجواب منصبَّا عليها باعتبارها نموذجا لما تقوم الشركة
بتسويقه لأنه وإن اختلفت السلع التي تسوِّقها الشركة فإن هذا لن يُغيِّر من حقيقة
المعاملة .
2- تبيع الشركة هذه الأسطوانة بـ (500) ريال . مع أن قيمة ما هو
من جنسها في الجودة والموضوعات أقل من هذا المبلغ باعتبار حقيقة العرض والطلب .
3- في إعلان الشركة عن نظام مكافآتها لم تتعرض للأسطوانة المبيعة
، وذكر ما فيها من مواد علمية ومدى فائدتها وأهميتها وحاجة المشترين لها ، وإنما
كان الكلام منصباً على المكافأة المالية ونظامها.
4- كل أو أكثر المشترين الذين يأتون إلى الشركة إنما يسألون عن
نظام المكافآت ، ولا يسألون عن الاسطوانة وما فيها من مواد علمية ـ فضلا عن
مقارنتها مع غيرها ـ مع أن المبلغ المدفوع كثمن للأسطوانة كبير(500 ريال) والعادة
تمنع أن يبذل مثل هذا المبلغ في اسطوانة يجهل المشتري محتوياتها ، ولا يسأل عنها بل
ولا يعنيه ما فيها.
5- سمعنا عن بعضهم أنه اشترى عدداً كبيراً من الأسطوانات ؛
فبعضهم اشترى بأكثر من مائتي ألف ريال، وسمعنا بما هو أكثر من ذلك، فماذا يفعل
هؤلاء بهذا العدد الهائل من الأسطوانات ؟! مع أن الشخص لا يحتاج إلى أكثر من
أسطوانة واحدة في العادة، إن احتاج إليها بالفعل .
6- بعض من يشتري هذه الأسطوانة ليس عندهم جهاز حاسوب أصلاً ،
ومنهم من ليس له أي اهتمام بالعلم الشرعي ، ولا بما تحويه الاسطوانة ، بل منهم من
لا يتحدث اللغة العربية، بل ومنهم من ليس بمسلم أصلا !!.
فلأي شيء يتهافت المشترون على هذه الأسطوانة، يا تُرى ، في حين
أنهم قد لا يشترون كثيرا من احتياجاتهم الأساسية التي هي أهم وأنفع لهم بكثير من
الاسطوانات ؟
و لو قدر أنهم يحتاجون الاسطوانات ، وينتفعون بها ، فهم يعرضون
عن اسطوانات هي أنفع منها بالنسبة لهم ، وثمنها مع ذلك أقل بكثير من هذه التي
يتهافتون عليها !!
7- ثبت أن بعضهم قام بإلقاء الأسطوانات التي اشتراها خارج مكتب
الشركة، بمجرد مغادرتهم لها، ، بعد أخذهم للورقة التي تثبت شراءهم من الشركة !!! .
8- المكافأة الموعود بها أكثر من قيمة الأسطوانة بأضعاف ؛ وعليه
فلا يصح أن نقول إنها وضيعة (تخفيض) من ثمن السلعة المبيعة .
9- المكافأة الموعودة أضعاف أضعاف الثمن المدفوع في السلعة ،
فالثمن (500) ريال ، ثم بعد شهر واحد إلى ثلاثة أشهر يعطى المشتري (600) ريال . ثم
بعد سنة إلى ثلاث سنوات يعطى (42500) ريال، وهو ما يعادل ثمن (85) أسطوانة ، وقد
صرحوا بأن المشتري لا يستحق الهدية الثانية إلا بعد أن يكون تحته (340) متسوِّقا،
وهذا يدل على أن المدة ستتباعد جدا لحصول المشترين المتأخرين على الهدية الثانية ،
بل وسيكون حصول بعضهم عليها شبه محال ، لاسيما مع احتمال أن تتوقف الشركة ، أو
تُوْقَف فجأة عن هذا النشاط .
10- تُلزم الشركة المشتري بالتوقيع على إقرار بأنه ليس له حق
المطالبة بأي مبالغ، ولا يتم البيع له إلا بعد التوقيع على هذه الشروط .
11- نظرا لكون أكثر المشترين لا يقصدون الأسطوانة من حيث الأصل
ولا يريدونها فقد ابتكرت الشركة بعد فترة من تعاملها فكرة تولي توزيع الكميات
الكبيرة من الأسطوانات التي يشتريها من لا يحتاجها ولا رغبة له فيها ، على
المحتاجين لها على أنها هدية أو تبرع ، وهذا لا يغيِّر من حكم المعاملة شيئا لأن
العبرة في العقود بالحقائق .
كل هذه الأسباب مجتمعة تجعلنا نجزم بأن أكثر ـ إن لم يكن كلّ ـ
من يدخل في هذه المعاملة إنما مقصده النقود الموعود بها وليس الانتفاع بالسلعة ،
وأن هذه المعاملة في حقيقتها عبارة عن شراء نقد مؤجَّل كثير بنقد حالٍّ أقل، مما
يجعل الدخول في هذه المعاملة محرماً إما من باب تحريم الحيل ـ إن كان القصد من
المعاملة الظاهرية الوصول إلى المحرم ـ وإما من باب أن كل ما أدَّى إلى حرام فهو
حرام، ووجوب سدِّ طرق المنكر المؤدية إليه وإغلاق الأبواب التي توقع الناس في
الحرام ، ولهذا جاءت الشريعة بمنع الكثير من المعاملات والأنكحة التي ظاهرها سلامة
العقد كبيع العينة ونكاح التحليل ونحو ذلك، وذكر العلماء الكثير من صور الحيل في
كتب الفقه .
ويمكن تلخيص أهم المحاذير في هذه المعاملة في النقاط التالية :
1- أنها مبنية على الربا ـ على الأقل من جهة المشتري ـ وذلك إذا
كان يريد النقد ( المكافأة ) لا السلعة ، فيكون قد دفع (500) ريال ليحصل على (600)
ريال بعد شهر تقريبا، و(42500) بعد سنة إلى ثلاث سنوات تقريبا فيجتمع فيها نوعا
الربا . ربا الفضل لأجل الزيادة ، وربا النسيئة لأجل التأجيل . والله تعالى يقول :
( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) البقرة/275 ويقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا
مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/278-279
2- أنها مبنية على الميسر ، لأن المشترك دفع المال في الحقيقة أو
في الغالب ليحصل على ما يسمونه ( مكافأة ) أو ( هبة ) والتي قد تحصل له وقد لا تحصل
ـ بناء على ما اشترطته الشركة من أن هذا ليس وعداً ملزماً لها وإنما هو تبرع منها
وهدية محضة !!! ـ وهذه حقيقة الميسر ، والله تعالى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ
الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنتَهُونَ ) المائدة/90-91 . والميسر هو أحد أنواع الغرر
وقد ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن
بيع الغرر) مسلم (1513) والغرر هو ( ما شُكَّ في حصول أحد
عِوَضَيْه، أو المقصود منه غالباً -بحيث لا يُدرى هل يحصل أم لا-) شرح حدود
ابن عرفة (1/350).
3- أنها مبنية على الخداع والتغرير وإطماع الناس في المال ثم
يُقال لهم : لسنا ملزمين نحوكم بشيء ، وهذا يفتح الباب لجمع الملايين من المشترين
بعد إيعادهم بالمكافأة ثم لا يُعطى أكثرهم شيئاً، أو يُعطى من يُعطى ويُؤخر من
يُؤخر ويُقدَّم من يُقدَّم بدون أي ضوابط معلومة أو شروط، وخارج نطاق الملاحقة
القانونية .
4- أنها مشتملة على أكل أموال الناس بالباطل . وذلك أن الشركة
إذا لم تُعطِ المشتري الهدية ـ خاصة من يتأخر شراؤهم زمنيا ـ تكون قد أكلت الزيادة
المدفوعة في ثمن الأسطوانة عن قيمتها الحقيقية بغير حق .
فبم تستحل الشركة أموال الناس بغير حق ؟! والله تعالى يقول : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 . ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ) رواه البخاري (1739) ومسلم (1679) .
والبائع قبل المشتري يعلم أن التوقيع في العقد على عدم المطالبة
بأي حقوق أمر لا يقع عن رضا حقيقي، إذا الطمع موجود في نفس المشتري المُوَقِّع ولا
بدَّ ، وعنده نسبة من الثقة في تعهدات الشركة بالأمانة في توزيع المكافآت وعدم
إغلاق النشاط ، والذي يعتبره المشتري وعداً مؤكداً .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 40263 )
والمتعلق بحكم شركة بزناس ومثيلاتها من عمليات الخداع ذكرٌ لأسباب ذيوع مثل هذه
المعاملات وتهافت الناس عليها، وكذلك ذكر لأحد عشر قاعدة شرعية عامة تعين على توطين
النفس للأخذ بالحكم الشرعي والبعد عن أمثال هذه المعاملات ، فليرجع إليها .
وختاماً فأن المسلم ينبغي له أن يفرح بقيام المشاريع الاستثمارية
والتجارية المباحة ويتمنى لها النجاح والتوسع والمزيد من الربح ، وذلك من محبة
الخير لإخوانه المسلمين كما جاء في حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(أحبَّ لأخيك ما تحب لنفسك) رواه أحمد 16219 وأصله في
الصحيحين . وإذا كانت هذه المشاريع إنتاجية وليست استهلاكية كان ذلك أفضل وأجود
لأنها تساهم في تقوية المجتمع المسلم. ولكن هذا لا يقتضي ألاَّ يتم البيان الشرعي
لما يكتنف هذه المعاملات الجديدة من مخالفات شرعية ـ نتيجة أخذ أكثرها عن بعض
الأنظمة الغربية التي لا تنظر إلى حلٍّ أو حرمة ـ وذلك من أجل إبعاد الناس عن المال
الحرام كسبا أو إعطاءً .
هذا ما تبيَّن في حكم نشاط هذه الشركة ، وإنني أنصح القائمين
عليها محبة لهم وإشفاقا عليهم مادام نشاطهم مخططاً له التوسع والشمول للعدد الكبير
من الناس مع وجود ما يُرتاب فيه في أسلوب العمل وحقيقته أن يهتمُّوا بعرض أمر هذه
الشركة على الجهة العلمية المعنية بإصدار الفتاوى إبراء لذمتهم وقطعاً للمنازعات
الجانبية وفي اللجنة الدائمة للإفتاء الخير والكفاية إن شاء الله .
والنصيحة لإخواننا المسلمين أن يحرصوا على أكل الطيب الحلال
والبعد عن الحرام مهما كثُر وتزخرف ، فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به، ومن
ترك شيئا لله عوَّضه خيرا منه .
نسأل الله أن يقنِّعنا بما رزقنا وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وأن
يرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّباعه وأن يعصمنا من مضلات الأهواء وفتن الشهوات
والشبهات .
والله تعالى أعلم .
مناقشات :
هذه بعض المناقشات المتفرقة التي قد ترد على الإجابة السابقة ،
ألحقت بها تكميلا للجواب وتم فصلها عنه دفعا للإطالة .
قد يقول قائل ألا يجوز للشركة أن توزِّع جوائز معلومة على
المشترين من باب الترويج التجاري وزيادة مبيعاتها ؟ فلماذا يَحرم عليها ما يُباح
لغيرها ؟
فالجواب عن هذا :
أن علماءنا مختلفون أصلاً في جواز شراء سلعة يُعطى عليها جوائز.
فذهب بعضهم إلى التحريم مطلقاً، منهم الشيخ ابن باز رحمه الله ومنهم اللجنة الدائمة
للإفتاء في عدد من الفتاوى ، لأسباب منها : أنه يوغر صدور الباعة الآخرين ، وأفتوا(1/4857)
كذلك بالمنع في جوائز السحب لأنها ميسر وقمار ، وتغري الناس بشراء ما لا يحتاجون
طمعاً في الجائزة . لنص الفتاوى راجع السؤال رقم ( 22862 )
ومن أفتى من علمائنا بجوازها قيَّد ذلك بشروط كالشيخ ابن عثيمين
رحمه الله . فإنه قال :
"الشركات – الآن - تجعل جوائز لمن يشتري منها ، فنقول : هذه لا
بأس بها بشرطين :
الشرط الأول :
أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي ، يعني : لم
يرفع السعر من أجل الجائزة ، فإن رفع السعر من أجل الجائزة : فهذا قمار ولا يحل .
الشرط الثاني :
ألاَّ يشتريَ الإنسان السلعة من أجل ترقب الجائزة ، فإن كان
اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط ، وليس له غرض في السلعة : كان هذا من إضاعة المال ،
وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن ، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل
على الجائزة ، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت ، وهذا لا يجوز ؛ لأن
فيه إضاعة المال ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال" اهـ .
" أسئلة الباب المفتوح " ( رقم 1162 ) .
وهذان الشرطان غير متوفرين في المعاملة المسئول عنها ، فإن ثمن
الأسطوانة أكثر من قيمتها الحقيقية، كما تقدم ، بدليل أنها لو عرضت في السوق من غير
نظام الحوافز ، ما اشتُرِيت بهذا المبلغ ، ولا اشترى هذه الكميات الكبيرة آحادُ
الناس .
وأما عدم توفُّرِ الشرط الثاني فأوضح من أن يُنبَّه عليه فإن
كثيرا من المشترين هم ممن لا اهتمام لهم بالموضوعات التي في الأسطوانة ، وبعضهم ممن
لا يتكلم بالعربية أصلا ، وبعضهم رمى الأسطوانات بمجرد خروجه من الشركة ، وبعضهم
يشتري مئات بل آلاف من هذه الأسطوانة ، وهذا يجعل الناظر يجزم أنهم يريدون المال لا
الأسطوانة، ، وإلا فلماذا لم يُقبِل هؤلاء على شراء ما هو من جنس هذه الأسطوانة مما
هو موجود في السوق منذ سنوات وبثمن أقل ؟! . وإن وُجد مَنْ قَصَدَ الأسطوانة فهو من
قبيل النادر، والنادر لا تُبنى عليه الأحكام .
وليُعلم أنه لا يشترط في التحريم بسبب سد الذرائع أن يقصد
المتعاملون الحرام ؛ بل يكفي كثرة قصد ذلك في العادة، وذلك لأن القصد لا ينضبط في
نفسه غالباً، إذ إنه من الأمور الباطنة التي يصعب اعتبارها؛ فاعتُبِرَتْ مظنة
القصد، ولو صح تخلفه - أي عدم وقوعه . ا نظر في توضيح هذا إعلام الموقعين
(3/148)، إغاثة اللهفان (1/376) ، الموافقات للشاطبي (2/361).
وهذا كله دليل على أن هؤلاء إنما أرادوا النقد ، وأن العقد مهما
عُدِّلت صورته فهو شراء نقد بنقدٍ . قال ابن القيم رحمه الله : ( فتغيير صور
المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادةٌ في المفسدة التي حُرِّمت
لأجلها، مع تَضَمُّنِه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش
والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يُحرِّم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال
أيوب السختياني يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان
أهون ) إغاثة اللهفان 1/354 .
وقد يُقال إن قصد الشركة ليس الوصول للربا عبر مبيعاتها بل تسويق
هذه المنتجات ، فيُقال :
ما حكم أن يقيم المسلم نشاطا تجاريا ، وهو يعلم أن عامة زبائنه
يقصدون الحرام من وراء شرائهم منه ؛ كمن يبيع العنب أوالسلاح ، وهو يعلم أن أكثر
المشترين سيستعملونها في الحرام ؟ والجواب هو : التحريم كما هو منصوص عليه عند أهل
العلم . أنظر المغني (4/155) والفتاوى الكبرى (2/239)
وقد يُقال إن الشركة قد فتحت باب الوكالة عن المشترين للتصدُّق
بالاسطوانة على من لا يريدها ، فيُقال لهم :
هلاّ دعوتم الناس إلى الصدقة المحضة ، ولم تشوبوا نيَّاتهم
بمقاصد ربحية دنيوية ، تجعل الصدقة بالسلعة أقرب ما تكون إلى التخلص منها ، فماذا
يكون أجر من هذه حاله ؟ وللشيخ ابن باز رحمه الله فتوى بالتحريم في مسابقة تشتمل
على الصدقة بما يُدفع فيها راجع السؤال رقم ( 11341 )
، كما إنه يُقال للمتبرعين إن كنتم حريصين على التصدق بهذه الأسطوانة تحديدا نظرا
لما فيها من مادة فبإمكانكم التصدق باسطوانات منسوخة منها مادامت الشركة لم تمنع من
ذلك ، أو التصدق بأسطوانات أرخص وأنفع أو بما يُحتاج إلى الصدقة به أكثر من
الأسطوانات .
وقد يُقال : إن الاسطوانة تساوي ، حقيقة ، هذا المبلغ ( 500 )
ريال ، لولا وقوع الاعتداء على حقوق الملكية الفردية ، فالجواب عن ذلك أن يقال :
أولا : إن حركة السوق هي التي تحدِّد في الواقع قيمة السلعة ولا
يحددها ما أنفق فيها من الجهد ، وذلك حسب حركة العرض والطلب ، ووجود المنافس من
عدمه ، ومدى قوة هذا المنافس في السوق ، ومستوى سلعته وقيمتها ، بما هو موجود في
السوق .
ثانيا : إن الشركة أسقطت حقها بعدم حفظها لحقوق النسخ ، وهذا
لاشك سينزل بقيمة الاسطوانة من سعر البيع الموجود ، باعتبار سهولة الحصول عليها.
ثالثاً : نظرا لكثرة من اشترى ممن لا يريد السلعة فإن الأسطوانة
قد أصبحت مبذولة وكثيرة بين الناس وتوزَّع أحيانا بغير مقابل وهذا لا بد أن يكون له
أثر في القيمة إن كان الأمر بيعا مجردا .
تنبيه :
سبق أن جاءني أحد الإخوة ذاكراً أنه موظف في شركة وسألني سؤالين
عمَّا يتعلَّق بعمله فأجبته عليهما كتابةً ، ولم يذكر لي كل تفاصيل عمل الشركة ،
ولا سعر منتجها ولا مقدار المكافأة الأخيرة لها ... إلخ . فأجبته عن السؤالين
المحددين بناءً على ما عرضه شفهياً وليس بناءً على ما أصدرته الشركة من أنظمة
وتفاصيل لعقود البيع وتوابعه لديها . وبذلك يتبين أن جوابي المكتوب سابقاً هو عن
سؤالين محددين لهذا السائل شخصياً وليس فتوى بجواز عمل هذه الشركة. ونظراً لتداول
وعرض وتوزيع ما كتبته سابقاً لزم شرعاً هذا التبيين .
والله من وراء القصد .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4908
هل يجب الحجاب على المرأة في سجود التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4858)
سؤال رقم 4908- هل يجب الحجاب على المرأة في سجود التلاوة
السؤال : ماذا تفعل المرأة عندما تكون تقرأ القرآن وتقابلها آية سجدة هل تسجد وهي بدون غطاء أم ماذا تفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
الأولى للمرأة إذا مرت بآية سجدة أن تسجد وهي مخمرة رأسها وإن سجدت للتلاوة بدون خمار فنرجو ألا حرج ، لأن سجود التلاوة ليس له حكم الصلاة ، وإنما هو خضوع لله سبحانه وتقرب إليه مثل بقية الأذكار وأفعال الخير .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/263
*****
4910
صلاة الغائب وطعام العزاء وقراءة القرآن للميت
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4859)
سؤال رقم 4910- صلاة الغائب وطعام العزاء وقراءة القرآن للميت
إذا مات فرد في العائلة خارج البلد فماذا يجب على العائلة أن تفعل هنا ؟
1-هل يجب أن نصلي صلاة الجنازة ؟ وهذا يعني أنه ستكون هناك صلاتي جنازة واحدة خارج البلد والأخرى هنا.
2- هل يجوز لنا أن نقرأ القرآن سويا ونرجو أن أجر القراءة سيصل للفقيد ؟
3- هل يجب أن نعمل قراءة قرآن خاصة وندعو الناس للطعام بعد 3 أيام وبعد 40 يوم ؟
هذا التصرف يعمله الكثير في بلدنا وقيل لي أن روح الفقيد تزور البيت لمدة 40 يوم لتحصل على الأجر.
عندما كنت في بلدنا كنت أفعل هذا ولكن قيل لي أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته لم يفعلوا هذا أبدا. أنا أريد أن أفعل الشيء الصحيح فأرجو أن تعطيني دليلاً من القرآن والسنة . أيضا هل هذا التصرف صحيح أم خطأ ؟ أرجو أن تخبرني بالتصرف الصحيح في مثل هذه الحالة.
الحمد لله
أولا : إذا مات للإنسان قريب أو صديق عزيز عليه
في بلد أخرى ، فإنه يمكنه أن يسافر للصلاة عليه إذا تيسر له ذلك ولا بأس بهذا
السفر لأنه سفر لمصلحة شرعية ، وإن لم يكن معروفا من عمل المسلمين فيما مضى ،
لأنه كان لا يمكنهم ذلك بخلاف اليوم فقد تيسرالسفر بالوسائل الحديثة السريعة
وأما الصلاة على الميت الغائب فقد اختلف العلماء
فيها اختلافا كثيرا . لأنه لم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلا
صلاته على النجاشي . ولم ينقل أن المسلمين خارج المدينة صلوا على
النبي عليه الصلاة والسلام لما مات مع عظيم محبتهم له .
وكذلك الخلفاء الراشدون لم ينقل أن المسلمين صلوا
على أحد منهم حين مات . ولم تكن الصلاة على الميت الغائب معروفة من عمل المسلمين
مع قيام المقتضي لذلك ، وهو حرص المسلمين على نفع إخوانهم ، خصوصا من له منزلة
في قلوب عموم المسلمين أو له قرابة أو مودة توجب صلته والإحسان إليه بالصلاة
عليه . ولذلك اختار العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة النبي عليه الصلاة
والسلام على النجاشي خاصة به ، إذ لم يكن في أرضه من يصلي عليه في البلد الذي
مات فيها ، وهذا في نظري قول قوي لما تقدم من التوجيه ، ومن العلماء من خصًّ
الصلاة على الغائب بالأعيان من الأمة كالعلماء المشهورين ، والولاة العادلين
وهذا قول قريب من الذي قبله .
وعلى هذا القول لا مانع من الصلاة على الميت حاضرا
وغائبا .
ثانيا :
وأما الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابها للميت
فهي بدعة ، ولو لم تكن بأجرة . فإن كانت بأجرة فهي حرام لأنها عملٌ لغير الله
وما كان كذلك فلا ثواب فيه ، وأما أن يقرأ الإنسان القرآن ويهدي ثواب القراءة
لقريب أو صديق من غير اجتماع ولا أجرة ففي ذلك قولان لأهل العلم أحدهما : أنه
جائز وأنه يصل ثواب القراءة للميت .
والقول الثاني : أنه لايشرع إهداء ثواب القراءة
لعدم الدليل على مشروعية ذلك .
ثالثا :
وأما أن يعمل أهل الميت قراءة قرآن خاصة ، ويدعو
الناس للطعام بعد ثلاثة أيام ، وبعد أربعين يوم فبدعة . وكل بدعة ضلالة ، وقد
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
فهو رد " . فهذا العمل المذكور محدث في الدين فهو مردود ومن يفعله مأزور
غير مأجور ، وأما دعوى أن روح الميت تزور البيت بعد أربعين يوما لتحصل على الأجر
فكذب ، ولا أصل له ، وقد صدق من قال لك : أن النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته
لم يفعلوا شيئا من ذلك ، وقد أحسنت أيها الأخ الكريم بسؤالك عما أشكل عليك ،
وحرصك على معرفة سنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، والعمل بها ، وهذا هو الحق
اللائق بالمسلم أن يكون همه أن يعرف الحق ليتبعه ، ويعرف الباطل ليتجنبه .
نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الصراط المستقيم
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الشيخ عبد الرحمن البراك
*****
4913
هل الطهارة واجبة في سجود التلاوة
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/4860)
سؤال رقم 4913- هل الطهارة واجبة في سجود التلاوة
السؤال :
سجود التلاوة ، نرى بعض الناس لا يشترط فيه الطهارة ولا التوجه إلى القبلة ، وبعضهم يشترط، فما هو الصواب ؟
الجواب:
الحمد لله
من أهل العلم من يرى أنه صلاة ، ويبني على ذلك اشتراط الطهارة واستقبال القبلة والتكبير عند السجود وعند الرفع منه والسلام ، ومنهم من يرى أنه عبادة ، ولكن ليس كالصلاة ، ويبني على ذلك عدم اشتراط الطهارة والتوجه إلى القبلة وغير ذلك مما سبق ، وهذا القول أرجح؛ لأننا لا نعلم دليلاً يدل على اشتراط الطهارة واستقبال القبلة ، لكن متى تيسر استقبال القبلة حين السجود وأن يكون على طهارة فهو أولى خروجا من خلاف العلماء .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/262
*****
4913
هل الطهارة واجبة في سجود التلاوة
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/4861)
سؤال رقم 4913- هل الطهارة واجبة في سجود التلاوة
السؤال :
سجود التلاوة ، نرى بعض الناس لا يشترط فيه الطهارة ولا التوجه إلى القبلة ، وبعضهم يشترط، فما هو الصواب ؟
الجواب:
الحمد لله
من أهل العلم من يرى أنه صلاة ، ويبني على ذلك اشتراط الطهارة واستقبال القبلة والتكبير عند السجود وعند الرفع منه والسلام ، ومنهم من يرى أنه عبادة ، ولكن ليس كالصلاة ، ويبني على ذلك عدم اشتراط الطهارة والتوجه إلى القبلة وغير ذلك مما سبق ، وهذا القول أرجح؛ لأننا لا نعلم دليلاً يدل على اشتراط الطهارة واستقبال القبلة ، لكن متى تيسر استقبال القبلة حين السجود وأن يكون على طهارة فهو أولى خروجا من خلاف العلماء .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/262
*****
08/1426
4924
ما حكم سجدة التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4862)
سؤال رقم 4924- ما حكم سجدة التلاوة
السؤال :
ما حكم سجدة التلاوة ، وهل لها تسليم أم لا ، إذا كان المرء تاليا وليس مصليا ، وما دعاؤها ، وهل إذا كان المرء مصليا وكانت سجدة التلاوة في نهاية السورة هل عليه بعد السجدة أن يقرأ ما تيسر من السورة التي بعدها أم يركع مباشرة ؟
الجواب:
الحمد لله
سجدة التلاوة سنة ، ولم يرد نص في السلام منها ، فليس على من سجدها سلام منها ، وليس على من سجد لتلاوة آية سجدة في آخر سورة كـ: (الأعراف) و(النجم) و(اقرأ) وهو في الصلاة أن يقرأ قرآنا بعدها وقبل الركوع ، وإن قرأ فلا بأس ، ويقول في سجوده للتلاوة ما يقوله في سجوده للصلاة .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
*****
4948
هل يسمح المسلم لضيفه الكافر بأداء شعائر الكفر في بيته
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4863)
سؤال رقم 4948- هل يسمح المسلم لضيفه الكافر بأداء شعائر الكفر في بيته
إذا زارك شخص كافر ليبقى في بيتك لعدة أيام فهل يجوز للمسلم المستضيف أن يسمح له بأن يؤدي صلاته وشعائر دينه التعبدية ؟
هل يعتبر المسلم المستضيف مذنباً ؟ لأن بعض الصلوات والشعائر التعبدية لدين آخر لا تتوافق مع الإسلام .
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على الشيخ محمد صالح العثيمين
فأجاب بقوله : الحمد لله ، لا يجوز أن توافقه على ذلك لأن هذا كفر فإنه لا دين له
كما قال الله عز وجل " ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه " وقال تعالى " وقد
نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم
حتى يخوضوا في حديث غيره " ولأن هذا الزائر امتهن كرامتك لأنه يعلم أنك لا ترضى
بهذا فلا تدعه يمتهن كرامتك . أهـ والله أعلم .
الشيخ محمد صالح العثيمين
*****
4950
حكم الوقوف لأداء سجدة التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4864)
سؤال رقم 4950- حكم الوقوف لأداء سجدة التلاوة
السؤال :
إذا كان الإنسان يقرأ القرآن في المسجد أو غيره وهو جالس ووصل إلى سجدة من السجدات هل الأفضل يقوم قائما ويسجد أم يسجد في مكانه وهو جالس ، أيهما أفضل ؟
الجواب:
الحمد لله
لا نعلم دليلا على شرعية القيام من أجل سجود التلاوة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/265
*****
49610
شرع في صوم نافلة ثم دعي للأكل فأكل
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4865)
سؤال رقم 49610- شرع في صوم نافلة ثم دعي للأكل فأكل
إذا نوى شخص أن يصوم نافلة ودعي للأكل عند زيارة بعض الأقارب فأكل ، فهل عليه إثم أو عليه إعادة ذلك اليوم مادام قد نوى الصيام ؟.
الحمد لله
إذا نوى المسلم صيام يوم وشرع فيه ثم أراد أن يفطر فله ذلك ، لأن
إتمام صوم النفل ليس بواجب ، لكن يستحب له إتمامه إذا لم يكن له عذر ، فإن كان هناك
عذر أو مصلحة من إفطاره فلا حرج عليه حينئذ .
وقد دل على ذلك عدة أحاديث ، منها :
1- روى مسلم (1154) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ
دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ
هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا
يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ
أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ .
( الْحَيْس ) نوع من الطعام معروف .
قال النووي :
فِيه التَّصْرِيحُ بِالدَّلالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ
وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ صَوْم النَّافِلَة يَجُوز قَطْعُهُ , وَالأَكْل فِي
أَثْنَاء النَّهَار, وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ , لأَنَّهُ نَفْلٌ , فَهُوَ إِلَى
خِيَرَة الإِنْسَان فِي الابْتِدَاء , وَكَذَا فِي الدَّوَام , وَمِمَّنْ قَالَ
بِهَذَا جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَآخَرُونَ ,
وَلَكِنَّهُمْ كُلّهمْ وَالشَّافِعِيّ مَعَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى اِسْتِحْبَاب
إِتْمَامه , وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك : لا يَجُوزُ قَطْعُهُ وَيَأْثَم
بِذَلِكَ , وَبِهِ قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَمَكْحُول وَالنَّخَعِيّ ,
وَأَوْجَبُوا قَضَاءَهُ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ بِلا عُذْرٍ , قَالَ اِبْن عَبْد
الْبَرّ : وَأَجْمَعُوا عَلَى أَلا قَضَاءَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَهُ بِعُذْرٍ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ .
2- روى أحمد (26353) عَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ
ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا إِنِّي كُنْتُ
صَائِمَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّائِمُ
الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ . صححه الألباني في صحيح الجامع (3854)
قال في تحفة الأحوذي عقب هذا الحديث :
وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ
صَامَ تَطَوُّعًا أَنْ يُفْطِرَ لا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي دَعْوَةٍ إِلَى
طَعَامِ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اهـ .
3- وأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عن أبي سعيد الخدري قَالَ : صَنَعْت
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَلَمَّا وُضِعَ قَالَ
رَجُلٌ أَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(دَعَاك أَخُوك وَتَكَلَّفَ لَك , أَفْطِرْ فَصُمْ مَكَانَهُ إِنْ شِئْت) . قَالَ الْحَافِظُ : إِسْنَادُهُ حَسَنٌ اهـ .
*****
49614
ماذا يجوز للرجل من امرأته في نهار رمضان ؟
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/4866)
سؤال رقم 49614- ماذا يجوز للرجل من امرأته في نهار رمضان ؟
هل يجوز أن ينام الرجل بجانب زوجته في رمضان ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز ذلك ، بل يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته وهو صائم ما لم
يجامع أو ينزل .
روى البخاري (1927) ومسلم (1106) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ
وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرَبِهِ (أي حاجته) .
قال السندي :
قَوْله ( يُبَاشِر ) أَيْ يَمَسّ بَشَرَة الْمَرْأَة
بِبَشَرَتِهِ كَوَضْعِ الْخَدّ عَلَى الْخَدّ وَنَحْوه اهـ .
فالمراد أنه يمس البشرة ، وليس المراد بالمباشرة الجماع .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ماذا يجوز للصائم من زوجته الصائمة ؟
فأجاب : الصائم صوماً واجبا لا يجوز له أن يستعمل مع زوجته ما
يكون سبباً لإنزاله ، والناس يختلفون في سرعة الإنزال ، فمنهم من يكون بطيئاً ، وقد
يتحكم في نفسه تماماً ، كما قالت عائشة رضي الله عنها في رسول الله صلى الله عليه
وسلم (كان أملككم لأربه) .
ومنهم من لا يملك نفسه ويكون سريع الإنزال فهذا يحذر من مداعبة
الزوجة ومباشرتها بقبلة أو غيرها في الصوم الواجب فإذا كان الإنسان يعرف من نفسه
أنه يملك نفسه فله أن يقبل وأن يضم حتى في الصوم الواجب ولكن إياه والجماع فإن
الجماع في رمضان ممن يجب عليه الصوم يترتب عليه أمور خمسة :
الأول : الإثم .
الثاني : فساد الصوم .
الثالث : وجوب الإمساك فكل من أفسد صومه في رمضان بغير عذر شرعي
فإنه يجب عليه الإمساك وقضاء ذلك اليوم .
الرابع : وجوب القضاء لأنه أفسد عبادة واجبة فوجب عليه قضاؤها .
الخامس : الكفارة وهي أغلظ الكفارات : عتق رقبة فإن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً .
أما إذا كان الصوم واجبا في غير نهار رمضان كقضاء رمضان وصوم
الكفارة ونحوها فإنه يترتب على جماعه أمران :
الإثم والقضاء .
وأما إذا كان الصوم تطوعاً وجامع فيه فلا شيء عليه اهـ .
*****
49615
يريد من زوجته أن تفطر وتقضي من غير عذر
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4867)
سؤال رقم 49615- يريد من زوجته أن تفطر وتقضي من غير عذر
شاءت الأقدار أن يكون الأسبوع الأول من رمضان هو أسبوع زواجي و زوجي لا يستطيع أن يسيطر على رغباته وأنا لا أريد أن أفطر ، زوجي يقول لي أنه لا ضرر إن أفطرت يوما و أقضيه بعد ذلك .
الحمد لله
أولاً :
قول شاءت الأقدار غير صحيح ، لأن الذي يشاء هو الله الواحد
القهار سبحانه وتعالى .
وقد تقدم بيان ذلك في إجابة السؤال رقم ( 8621 ) .
ثانياً :
الإفطار في رمضان من غير عذر من أكبر الكبائر ، ويكون فاعله
فاسقاً ، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية الكبيرة .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد فيمن أفطر من
رمضان من غير عذر .
روى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عذاب من يفطر في
رمضان بغير عذر فقال : فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم ، تسيل
أشداقهم دما. قلت : من هؤلاء ؟! قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3951) .
فعلى هذا يجب على هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ولا يتهاون في
أمر الصيام ، فإن الأمر خطير .
وعليك أن لا تطيعه في هذا الأمر فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق .
والفطر في رمضان وقضاء الصيام إنما شُرع لمن أفطر بعذر كالمرض
والسفر وما أشبه ذلك ، أما إفطار المسلم في رمضان من غير عذر فإنه يعرض نفسه لغضب
الله تعالى وعذابه ، نسأل الله السلامة والعافية .
راجع السؤال رقم ( 38747 ) .
ثالثاً :
الجماع من مفسدات الصيام ، بل هو أعظمها إثماً ، ولهذا وجبت فيه
الكفارة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى الصيام (ص337) :
المجامع في نهار رمضان وهو صائم مقيم (أي غير مسافر) عليه كفارة
مغلظة , وهي عتق رقبة ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام
ستين مسكينا ، والمرأة مثله إذا كانت راضية ، وإن كانت مكرهة فليس عليها شيء ، وإن
كانا مسافرين فلا إثم ، ولا كفارة ، ولا إمساك بقية اليوم ، وإنما عليهما قضاء ذلك
اليوم ، لأن الصوم ليس بلازم لهما .
والمجامع الصائم في بلده ممن يلزمه الصوم يترتب عليه خمسة أشياء
:
أولا : الإثم .
ثانيا : فساد الصوم .
ثالثا : لزوم الإمساك .
رابعا : وجوب القضاء .
خامسا : وجوب الكفارة ، ودليل الكفارة ما جاء في حديث أبي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا
صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ
رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ
مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا
قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا
نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ
فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا
قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا
رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ
بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ . رواه البخاري (1936) ومسلم (1111)
وهذا الرجل إن لم يستطع الصوم ولا الإطعام تسقط عنه الكفارة ؛
لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا واجب مع العجز ، ولا فرق بين أن ينزل
أو لا ينزل ما دام الجماع قد حصل ، بخلاف ما لو حدث إنزال بدون جماع ، فليس فيه
كفارة ، وإنما فيه الإثم ولزوم الإمساك والقضاء اهـ .
وسئل أيضاً : عن رجل يجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان ؟
فأجاب :
يحرم عليها أن تطيع زوجها أو تمكنه من ذلك في هذه الحال ، لأنها
في صيام مفروض وعليها أن تدافعه بقدر الإمكان ، ويحرم على زوجها أن يجامعها في هذه
الحال وإذا كانت لا تستطيع أن تتخلص منه فإنه ليس عليها شيء لا قضاء ولا كفارة
لأنها مكرهة اهـ . فتاوى الصيام (ص 339 ) .
والله اعلم .
*****
49617
لم تقض أيام حيضها وهي الآن لا تستطيع الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4868)
سؤال رقم 49617- لم تقض أيام حيضها وهي الآن لا تستطيع الصيام
أفطرت أيام حيض سنوات سابقه وكنت لا أعلم أن علي صيام هذه الأيام فيما بعد قبل رمضان التالي ، وأنا صحيا أعاني من ضعف ولا أقوى علي صيامها فهل يجوز أن أطعم ؟ إذا كان يجوز لا أعلم كم عدد الأيام كيف يكون الإطعام ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب الحيض أن تقضي الأيام التي
أفطرتها . لقول عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ –تعني الحيض-
فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ . رواه
مسلم (335) .
ثانياً :
تقدم في إجابة السؤال رقم ( 26865 )
أنه يجب قضاء رمضان قبل أن يأتي رمضان التالي ، ولا يجوز تأخير القضاء إلا من عذر .
ثالثاً :
من وجب عليه القضاء ثم لم يتمكن منه بسبب مرض أو ضعف لا يرجى
الشفاء منه فإنه ينتقل إلى الإطعام ، فيطعم عن كل يوم مسكيناً .
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص455) :
فتاة صغيرة حاضت وكانت تصوم أيام الحيض جهلا فماذا يجب عليها ؟
فأجاب :
يجب عليها أن تقضي الصيام الذي كانت تصومه في أيام حيضها ، لأن
الصيام في أيام الحيض لا يقبل ولا يصح ولو كانت جاهلة ، لأن القضاء لا حد لوقته .
وهنا مسألة عكس هذه المسألة : امرأة جاءها الحيض وهي صغيرة ،
فاستحيت أن تخبر أهلها فكانت لا تصوم فهذه يجب عليها قضاء الشهر الذي لم تصمه لأن
المرأة إذا حاضت صارت مكلفة ، لأن الحيض إحدى علامات البلوغ اهـ .
وسئل أيضاً عن امرأة كانت لا تقضي أيام الحيض في رمضان حتى تراكم
عليها حوالي مائتي يوم ، وهي الآن مريضة وكبيرة في السن ولا تستطيع الصيام ، فماذا
عليها ؟
فأجاب :
هذه المرأة إذا كانت على ما وصف السائل تتضرر من الصوم لكبرها
ومرضها فإنه يطعم عنها عن كل يوم مسكيناً ، فتحصي الأيام الماضية وتطعم عن كل يوم
مسكيناً اهـ فتاوى الصيام (ص 121) .
ولمعرفة القدر الواجب في الإطعام راجع السؤال رقم ( 38867 )
.
وخلاصة
إذا كنت تستطيعين الصيام وجب عليك القضاء ، وإن لم تكوني
تستطيعين الصيام فإنك تطعمين عن كل يوم مسكيناً ، وتجتهدين في تحديد عدد الأيام
التي أفطرتيها حتى يغلب على ظنك أنك قد أحصيتيها .
*****
49632
الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر
الفقه > عبادات > الزكاة >
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >(1/4869)
سؤال رقم 49632- الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر
هل الزكاة المفروضة علي المسلم التي في الأركان الخمسة غير زكاة رمضان ؟.
الحمد لله
نعم ، الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة غير الزكاة
التي تجب بالفطر من رمضان .
فالأولى هي زكاة المال لا تجب إلا في أصناف معينة من المال وهي :
1- بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) .
2- الذهب والفضة . ومثلهما الآن الأوراق النقدية .
3- عروض التجارة .
4- الخارج من الأرض وهذا يشمل شيئين :
الأول : الزروع والثمار . وأجمع العلماء على وجوبها في أربعة
أصناف وهي : القمح والشعير والتمر والزبيب . واختلفوا فيما عدا هذه الأصناف الأربعة
.
الثاني : الركاز وهو مال الكفار المدفون بالأرض الذي يجده مسلم .
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى"
(25/10) عن ابن المنذر رحمه الله أنه قال :
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي
تِسْعَةِ أَشْيَاءَ : فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ (القمح) وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ . إذَا
بَلَغَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ .
واختلفوا فيما عدا هذه الأموال .
وتجب الزكاة في هذه الأموال بشروط معينة ، والواجب إخراج قدر
معين من المال حدَّده الشرع .
راجع أسئلة الموقع في قسم الزكاة لزيادة التفصيل .
وهذه الزكاة (زكاة المال) ركن من أركان الإسلام يكفر منكرها ،
ومانعها فاسق قطعاً ، وعلى الحاكم المسلم أخذها منه قهراً ، فإن أصر على منعها
واحتمى بعشيرته قوتل حتى يؤديها .
روى البخاري (8) ومسلم (16) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ
إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ
الإِسْلامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَإِقَامِ
الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ .
وروى البخاري (25) ومسلم (22) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ
حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا
مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى
اللَّهِ .
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعي الزكاة ، فقد روى
البخاري (1400) ومسلم (20) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا
تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا
إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا
بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ
بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ
مَنَعُونِي عَنَاقًا (شاة صغيرة) كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ
أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
وأما الزكاة التي تجب في آخر رمضان فهي زكاة الفطر وقد أجمع
العلماء على وجوبها ، إلا من شذ .
انظر : "طرح التثريب" (4/46) .
وهي دون زكاة المال في الوجوب والمنزلة ، فزكاة الفطر ليست ركنا
من أركان الإسلام ، ولا يكفر منكرها .
وزكاة الفطر قد ورد ذكرها في أحاديث كثيرة ، منها :
روى البخاري (1503) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ
وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ
وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ .
وروى أبو داود (1609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : فَرَضَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً
لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا
قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ
فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وراجع السؤال رقم ( 12459 )
زيادة التفصيل .
*****
49640
لا حرج من وضع زيت الشعر في نهار رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/4870)
سؤال رقم 49640- لا حرج من وضع زيت الشعر في نهار رمضان
ما حكم وضع زيت لشعر الرأس في نهار رمضان ؟.
الحمد لله
لا حرج من وضع زيت الشعر في نهار رمضان ولا يؤثر ذلك على الصيام
.
سئل الشيخ ابن باز (15/259) : ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات
التجميل للنساء خلال نهار رمضان ؟ وهل تفطر هذه أم لا ؟
فأجاب :
"الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقا ،
ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم . وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من
الصابون والأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد ، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه
ذلك ، كل ذلك لا حرج فيه في حق الصائم ، مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان
يضر الوجه" اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (228) :
"الدهون بجميع أنواعها سواء في الوجه أو في الظهر أو في أي مكان
لا تؤثر على الصائم ولا تفطره" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/253) : هل يفطر الكحل ودهان المرأة في
نهار رمضان أو لا ؟
فأجابت :
"من اكتحل في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه ، وكذا من دهن
رأسه في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه" اهـ .
والله اعلم .
*****
49658
هل يتذوق القهوة في الصيام؟
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/4871)
سؤال رقم 49658- هل يتذوق القهوة في الصيام؟
أعمل في شركة تنتج قهوة ، كثير من الأحيان نقوم بتذوق القهوة لمقارنة الطعم والرائحة أنا أعلم أنه يجوز التذوق خلال الصيام إذا تأكدت عدم مرور الشراب إلى داخل الجسم ، عندما أتذوق القهوة أحاول جاهدا عدم بلع أي كمية ولو كانت صغيرة ، ولكن تذوق القهوة يترك طعماً ورائحة في الفم . هل تذوق القهوة خلال الصيام يبطل الصيام ؟.
الحمد لله
إذا احتاج الصائم إلى تذوق الطعام أثناء الصيام فلا بأس بذلك ،
ولا يضر الصيام ما لم ينزل شيء من الطعام إلى جوف الصائم ، ويستوي في هذا القهوة
وغيرها .
فإن ذاقه من غير حاجة إلى ذلك فإنه مكروه ، ولا يبطل صومه بذلك .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ
أَوْ الشَّيْءَ . رواه البخاري معلقاً .
وقَالَ الإمام أَحْمَدُ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ
الطَّعَامِ , فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَضُرَّهُ , وَلا بَأْسَ بِهِ اهـ . المغني
(4/359) .
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (4/474) :
وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ; لَكِنْ لا
يُفْطِرُهُ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص356) هل يبطل الصوم
بتذوق الطعام ؟
فأجاب : لا يبطل الصوم ذوق الطعام إذا لم يبتلعه ، ولكن لا تفعله
إلا إذا دعت الحاجة إليه ، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنك بغير قصد فصومك
لا يبطل اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/332)
لا حرج في تذوق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة ،
وصيامه صحيح إذا لم يتعمد ابتلاع شيء منه اهـ .
ومجرد بقاء الرائحة أو الطعم لا يؤثر على الصيام ، إذا لم يتعمد
ابتلاع شيء .
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : لا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ –يعني
للصائم- قِيلَ : لَهُ طَعْمٌ . قَالَ : وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ ، وَأَنْتَ
تُمَضْمِضُ بِهِ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (3/261) :
يكره أن يذوق طعاما كالتمر والخبز والمرق ، إلا إذا كان لحاجة
فلا بأس .
ووجه هذا : أنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن
يشعر به فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم ، وأيضا ربما يكون مشتهي
الطعام كثيرا ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به ، وربما يمتصه بقوة ، ثم ينزل إلى جوفه .
والحاجة مثل : أن يكون طباخا يحتاج لينظر ملحه ، أو حلاوته ، أو
ما أشبه ذلك اهـ .
وعلى هذا ؛ لا بأس أن تذوق القهوة وأنت صائم لأنك محتاج إلى ذلك
، وعليك الاحتراز حتى لا يدخل شيء إلى حلقك .
والله أعلم .
*****
49666
تزوجها على أنه سيرجع لبلده بعد فترة ثم قرر عدم النزول
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4872)
سؤال رقم 49666- تزوجها على أنه سيرجع لبلده بعد فترة ثم قرر عدم النزول
جاء رجل لخطبتي وكان يعمل في إحدى الدول ، واتفق مع والدي أن أسافر معه بعد الزواج وأقيم معه هناك فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات على أن نعود سويّاً بعد انتهاء هذه المدة ، وفعلا تزوجنا وسافرتُ معه ، وأنجبت طفلين ، ومرت الثلاث سنوات ، وعندما طالبته بالعودة بناءاً على الاتفاق ثار وهاج ، وأخبرني أنه لن يعود أبداً وأنه مهاجر وأن عليَّ أن أرضى بهذا الوضع ، وعلاوة على ذلك هو رجل لا يعينني على طاعة الله ، فلقد أدخل الدش بيتنا ، ويتركني معه وحيدة طوال اليوم في هذه الغربة ، فلا أستطيع أن أقاوم المشاهدة ، وأيضا هو لا يخصص وقتاً ليقضيه معي في هذه الغربة ، وكل وقته يقضيه بين عمله وأصدقائه ، فلما وجدت نفسي لا أستطيع تحمل هذا الوضع طوال العمر قررت النزول إلى مصر بلا رجعة وأفوض أمري لله في زيجتي الفاشلة ، ولكن المشكلة أنه يتهمني أنني امرأة خارجة عن طوعه وأنني عاصية وأن الله عز وجل سيعذبني يوم القيامة لأنني خالفت أوامر زوجي.
فهل أنا بالفعل امرأة عاصية أم أن عدم تنفيذه للاتفاق الذي بناءاً عليه تم الزواج يحلني من أي شبهه ؟ .
الحمد لله
أولاً :
الواجب على المسلم أن يلتزم بشروطه ويوفي بعهوده ، ومن أحق
الشروط أن يوفى بها ما استحل بها الرجل فرج امرأته – أي : الزواج - .
روى البخاري ( 2721 ) ومسلم ( 1418 ) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ )
قال ابن قدامة في المغني (7 / 448) :
الشروط في النكاح تنقسم أقساماً ثلاثة :
أحدها : ما يلزم الوفاء به ، وهو ما يعود إليها رأي إلى الزوجة
نفعه وفائدته ، مثل : أن يشترط أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها ...
فهذا يلزمه الوفاء لها به ، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح ، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج
" .اهـ باختصار
ولا بدَّ من التفريق بين أن يكون ما قاله الزوج شرطاً في النكاح
أو وعداً بعد إتمام العقد ، فإن كان شرطاً في النكاح ( أي تم عقد النكاح بناء على
هذا الشرط ) فالزوجة مخيرة بين إسقاط الشرط عن زوجها أو أن تملك فسخ العقد إذا لم
يف بهذا الشرط ، وفي هذه الحال تستحق حقوقها كاملة .
وإن كان وعداً بعد الزواج فيجب عليه الوفاء بوعده إلا من عذر ،
ولكن لا تملك الزوجة فسخ النكاح إذا لم يف بهذا الشرط . هذا من جهة الحكم في هذه
المشكلة .
والذي ينصح به الزوج أن يلتزم بشرطه وأن يوفي بوعده ، أو يسترضي
زوجته لإسقاط الشرط أو تأخير الوعد إلى أجل آخر مسمى ، وعليه أن يتقي الله في زوجته
ولا يُدخل في بيته أدوات المعصية واللهو المحرَّم .
وعلى الأخت السائلة أن تكون أكثر صبراً وتحملاً وتحاول أن توسط
العقلاء من أهلها أو أهله لإزالة ما بينهما من خلافات .
ثانياً :
وقد أخطأ الزوج خطأً فادحاً وهو إدخال " الدش " في بيته ، وتمكين
زوجته من النظر إلى كل ما فيه من إثم ومعصية ، والواجب على من استرعاه الله رعية أن
ينصح لهم ، وأن لا يفرط في رعايتهم وتربيتهم .
ثالثاً :
وقد أخطأت الأخت السائلة في فعلها ، فهي لم تجبر على رؤية المنكر
في " الدش " ، وليست معذورة في كونها وحيدة ، فبإمكانها الانشغال بطاعة الله تعالى
والصحبة الصالحة والعمل المباح ، وقراءة وسماع ما يفيدها في دينها ودنياها .
*****
49667
لا تتذكر هل قضت ما عليها من الصيام أم لا
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4873)
سؤال رقم 49667- لا تتذكر هل قضت ما عليها من الصيام أم لا
في رمضان الماضي أفطرت بسبب العادة الشهرية ، وأنا الآن لا أتذكر . هل قضيت أم لا؟ ولكن يغلب على ظني أنني قضيت. ماذا أفعل ؟.
الحمد لله
لا يلزمك القضاء ، ويكفيك العمل بغلبة الظن .
والعمل بغلبة الظن في العبادات ورد به الشرع ، فمن ذلك قوله صلى
الله عليه وسلم : ( إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ
فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) رواه
البخاري (401) ومسلم (572).
قال النووي :
فِيهِ دَلِيل لِأَبِي حَنِيفَة - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى -
وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْل الْكُوفَة وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الرَّأْي عَلَى أَنَّ
مَنْ شَكَّ فِي صَلَاته فِي عَدَد رَكَعَات تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِب ظَنّه ,
وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلّ وَالْإِتْيَان بِالزِّيَادَةِ
وَظَاهِر هَذَا الْحَدِيث - حُجَّة لَهُمْ اهـ .
وصحح شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (23/5-16) أن المراد بالتحري
في هذا الحديث العمل بغلبة الظن ، وضعف ما قاله بعض العلماء من أن المراد العمل
باليقين وهو البناء على الأقل ، كما لو شك هل صلى ركعتين أم ثلاثا فيجعلها ركعتين .
وقال الشيخ ابن عثيمين في منظومته في قواعد الفقه وأصوله :
وإن تعذر اليقين فارجعا لغالب الظن تكن متبعاً
والمعنى أن الإنسان إذا لم يمكنه العمل باليقين فإنه يعمل بغلبة
الظن .
فإذا كان يغلب على ظنك أنك قضيت فلا شيء عليك ، ولا يلزمك قضاء
هذه الأيام مرة أخرى .
أما لو شكت المرأة هل قضت ما عليها أم لا ؟ ولم يغلب على ظنها
أحد الأمرين فإنه يلزمها القضاء .
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص372) إذا أفطرت المرأة
أياما من رمضان ولكنها نسيت : هل صامت تلك الأيام أم لا ؟ علما أن كل ما تذكره أنه
لم يبق عليها إلا يوم واحد ، فهل تعيد صيام تلك الأيام أم تبني على ما تتيقنه ؟
فأجاب :
إذا كانت لم تتيقن أن عليها إلا يوما واحدا فإنه لا يلزمها إلا
صيام يوم واحد ، ولكن إذا كانت تتيقن أن عليها يوما واحدا ، ولكنها لا تدري أصامته
أم لا ؟ وجب عليها أن تصومه ، لأن الأصل بقاؤه في ذمتها ، وأنها لم تبرئ ذمتها منه
فيجب عليها أن تصومه ، بخلاف ما إذا شكت : هل عليها صوم يوم أو يومين ؟ فإنه لا
يلزمها إلا يوم ، وأما من علمت أن عليها صوم يوم أو أكثر ولكنها شكت هل صامته أم لا
فإنه يجب عليها أن تصومه ، لأن الأصل بقاؤه اهـ .
*****
49670
زوج يدعي الالتزام ومدمن على القنوات الإباحية
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4874)
سؤال رقم 49670- زوج يدعي الالتزام ومدمن على القنوات الإباحية
زوجي حافظ للقرآن ومحافظ على الصلاة ، ومعروف بين الناس بالالتزام ، ولكنه مغرم بالقنوات الإباحية ، وقد حدثت بيننا مشاجرات وساءت العلاقة بيننا بسبب ذلك . حاولت أن أفهمه أنه يخطئ ولكن بلا فائدة . أريد حلاً لهذه المشكلة .
الحمد لله
لا شك أن زوجك – على حسب كلامك – واقع في فتنة عظيمة ، ويُخشى
عليه إن استمر على هذه الحال أن يترك الصلاة والخير الذي هو عليه ؛ ذلك أن فتنة
النظر المحرَّم تعقبها آثار سيئة على دين وخلق العاصي .
قال ابن القيم :
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد
الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم
تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر
على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
" الجواب الكافي " ( ص 106 ) .
وقد سبق في إجابة السؤال رقم ( 22917 ) : فوائد غض البصر ، ومنها : أن
غض البصر امتثال لأمر الله ، أنه طهارة القلب وزكاة النفس والعمل ، أنه يمنع وصول
أثر السهم المسموم ؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، تعويض من غض بصره بحلاوة
الإيمان في القلب ، أنه يخلص القلب من أسر الشهوة فإن الأسير هو أسير هواه وشهواته
...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 20229 ) بعض الوسائل المعينة على غض البصر ، ومنها :
استحضار اطلاع الله عليك ، ومراقبة الله لك ، الاستعانة بالله
والانطراح بين يديه ودعائه ، مجاهدة النفس وتعويدها على غض البصر والصبر على ذلك
...
فليراجع .
وفي جواب السؤال رقم ( 23425 ) بعض آثار المعصية على صاحبها ، ومنها :
حرمان العلم ، حرمان الرزق ، وحشة تحصل للعاصي بينه وبين ربه ،
وبينه وبين الناس ، تعسير أموره عليه ، وأن العاصي يجد ظلمةً في قلبه ، حرمان
الطاعة ، وأن المعاصي تزرع أمثالها ، ويُولِّد بعضها بعضاً ، وأن المعاصي تُضعف
القلب عن إرادته ، فتقوى إرادة المعصية ، وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن
تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية ، وأنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية فتصير
له عادة ، لا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ، ولا كلامهم فيه فليراجع .
وفي جوابنا على سؤال رقم ( 33651 ) ذكرنا طرق مواجهة فتنة النساء .
ومما يحزننا أن زوجك من حفظة القرآن الكريم ، فأين تأثير القرآن
عليه ؟
ونرجو أن يقرأ ما ذكرناه هنا وما أحلنا عليه من أجوبة ، فلعل
الله تعالى أن يهدي قلبه ويهذِّب جوارحه إلى ما يحبه ربه ويرضاه .
ونزيد هنا لأخينا شيئين :
الأول : أن يستعين بالله تعالى بطاعته ودعائه ليتخلص مما ابتليَ
به ، فقد سئل الشيخ محمد العثيمين عمن أصيب بهذا المرض فأجاب بقوله :
وهذا الرجل الذي ابتلي هذه البلية - نسأل الله أن يعافيه منها -
هذا لا شك أنه يفعل المحرم ، فإن النظر سهم من سهام إبليس - والعياذ بالله - ، وكم
من نظرة أوقعت في قلب صاحبها البلاء ، فصار - والعياذ بالله - أسيراً لها ، كم من
نظرة أثرت على قلب الإنسان حتى أصبح أسيراً في عشق الصور ، ولهذا يجب على الإنسان
إذا ابتلي بهذا الأمر أن يرجع إلى الله عز وجل بالدعاء بأن يعافيه منه ، وأن يعرض
عن هذا ، ولا يرفع بصره إلى أحد من النساء أو أحد من المُرد ، وهو مع الاستعانة
بالله تعالى واللجوء إليه ، وسؤال العافية من هذا الداء سوف يزول عنه إن شاء الله
تعالى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 20 / السؤال رقم 448 ) .
ومن الأدعية المناسبة هنا :
عن شكل بن حميد قال : أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا
نبي الله علِّمني تعوذاً أتعوذ به ، فأخذ بيدي ثم قال : قل : " أعوذ بك من شر سمعي
وشر بصري وشر لساني وشر قلبي وشر منيي " قال : حتى حفظتها .
والمني : ماؤه ، أو فرجه .
رواه الترمذي ( 3492 ) والنسائي ( 5444 ) وأبو داود ( 1551 ) . صححه الألباني في
صحيح أبي داود .
والأمر الثاني : أن يعلم أنه قد يُختم له بشرِّ أعماله ، فيقبض
الله تعالى روحه وهو ينظر إلى ما حرَّم الله تعالى عليه ، فكيف سيكون حاله يوم يبعث
الله من في القبور ؟ وكيف سيلقى ربه تعالى وقد ختم له بمثل هذا .
ونسأل الله تعالى أن يصلح حاله ، ويهدي قلبه وجوارحه .
ولينظر جواب السؤال : ( 33651 ) فهو مهم .
ومن المهم أن تنظري في جواب السؤال رقم ( 7669 ) ففيه بيان كيف تتعامل الزوجة مع
زوج يشاهد الأفلام الجنسية ولا يُعطيها حقّها .
والله أعلم .
*****
49671
تأتيها الدورة مرتين في الشهر فهل تترك الصلاة والصيام ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4875)
سؤال رقم 49671- تأتيها الدورة مرتين في الشهر فهل تترك الصلاة والصيام ؟
أعانى من حالة مرضية فالدورة الشهرية تأتى لي مرتين في الشهر الواحد وتستمر في كل مرة من سبع إلى عشرة أيام فكيف أصوم في رمضان ؟ وكيف أصلي ؟.
الحمد لله
الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، فإذا وُجد دم الحيض المعروف
بصفته ولونه : فتلزم المرأةَ أحكامه من تحريم الصلاة والصيام والجماع ، حتى لو تكرر
نزوله أكثر من مرة في الشهر ، وحتى لو طالت مدته عن الأيام المعتادة في كل شهر .
سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
عن المرأة إذا أتتها العادة الشهرية ثم طهرت واغتسلت ، وبعد أن
صلت تسعة أيام أتاها دم وجلست ثلاثة أيام لم تصل ، ثم طهرت وصلت أحد عشر يوماً ،
وعادت إليها العادة الشهرية المعتادة ، فهل تعيد ما صلته في تلك الأيام الثلاثة أم
تعتبرها من الحيض ؟ .
فأجاب بقوله :
الحيض متى جاء فهو حيض سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة
أم قصرت ، فإذا حاضت وطهرت وبعد خمسة أيام أو ستة أو عشرة جاءتها العادة مرة ثانية
: فإنها تجلس لا تصلي لأنه حيض وهكذا أبداً ، كلما طهرت ثم جاء الحيض وجب عليها أن
تجلس ، أما إذا استمر عليها الدم دائماً أو كان لا ينقطع إلا يسيراً : فإنها تكون
مستحاضة ، وحينئذ لا تجلس إلا مدة عادتها فقط .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال 230 ) .
والله أعلم .
*****
49675
هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة >(1/4876)
سؤال رقم 49675- هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟
هل يجوز بعد العلم بضعف حديث أن نأخذ به ؛ وذلك من باب فضائل الأعمال " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " علماً أن الصوم نفلاً في تعبد لله وكذلك قيام الليل .
الحمد لله
أولاً :
ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من
قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع والباطل ، وهذا لا يحل الأخذ به ولا العمل
بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .
وقد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم ،
منهم ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 ) ، وابن قيم الجوزية في "
المنار المنيف " رقم 174 – 177 ) ، وأبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع
والحوادث " ( 124- 137 ) ، والعراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582) ،
وقد نقل شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : في " حكم الاحتفال بليلة
النصف من شعبان "
إن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها وتخصيص يومها
بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .
وقال – رحمه الله - :
ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة
فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها ، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة
ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن
تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .
انظر السؤال رقم ( 8907 )
ثانياً :
وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل
العلم هو عدم الأخذ بالحديث الضعيف مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب
والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه
الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .
وقال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل
الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .
" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) .
وانظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف
" .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 44877 ) .
والله أعلم .
*****
49676
يسأل عن بيع الصور والمجسمات
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4877)
سؤال رقم 49676- يسأل عن بيع الصور والمجسمات
هل بيع الصور والمجسمات للحيوانات حرام ?.
الحمد لله
سبق الكلام عن تحريم صناعة هذه التماثيل ، والتشديد في شأنها ،
والأمر بطمسها وإزالتها . انظر إجابة السؤال رقم ( 7222 ) ، ويستوي في هذا
الحكم صورة كل ما له روح من إنسان أو حيوان .
وينبني على ذلك الكلام في حكم بيع هذه الصور والمجسمات ؛ فلا شك
أنه إذا حرم صناعتها ، واقتناؤها ، حرم بيعها ، وشراؤها . وقد ثبت في الصحيحين
وغيرهما ، عن جابرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ
بِمَكَّةَ : إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ
وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ . فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ
الْمَيْتَةِ ؛ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ
وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ ؟ فَقَال :َ لا هُوَ حَرَامٌ . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : قَاتَلَ اللَّهُ
الْيَهُود ،َ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ، ثُمَّ بَاعُوهُ
فَأَكَلُوا ثَمَنَه . البخاري 2236 ، مسلم 1581 .
[ يستصبح بها الناس : أي : يشعلون بها مصابيحهم . جملوه أي :
أذابوه واستخرجوا دهنه ] .
قال القاضي عياض ، رحمه الله : ( تضمن هذا الحديث أن ما حرم أكله
والانتفاع به ، لا يجوز بيعه ، ولا يحل أكل ثمنه . )
وقال الحافظ ابن حجر ، رحمه الله : ( وفيه أن الشيء إذا حرم عينه
، حرم ثمنه . )
وهذا الذي ذكره القاضي وابن حجر ثبت في رواية ابن عباس ، رضي
الله عنهما ، لهذا الحديث ، ففي آخره : ( إن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه
) مسند أحمد رقم 2223 .
وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز ، رحمه الله : هل يجوز للمسلم أن
يبيع التماثيل ، ويجعلها بضاعة له ، ويعيش من ذلك ؟
فأجاب :
( لا يجوز للمسلم أن يبيع أو يتجر فيها ، لما ثبت في الأحاديث
الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح ، وإقامة التماثيل لها مطلقا ، والإبقاء عليها
. ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجا لها ، وإعانة على تصويرها وإقامتها بالبيوت
والأندية ونحوها .
وإذا كان ذلك محرما ، فالكسب من إنشائها وبيعها حرام ، لا يجوز
للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك ، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه ،
ويتوب إلى الله تعالى ، عسى الله أن يتوب عليه ، قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 وقد صدرت منا فتوى في تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا ، صورا مجسمة
أو غير مجسمة ، بنحت أو نسخ ، أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة " كوداك " ) الجواب المفيد في حكم التصوير ، لسماحة الشيخ ابن باز 49-50 .
*****
49677
أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4878)
سؤال رقم 49677- أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا ؟
أين أضع مالي في عصر خربت فيه الذمم ، والبنوك مشكوك في أمرها بالربا ، وليس عندنا بنك إسلامي ، والبيت غير آمن ، وأريد أن أضع مالي في مكان حلال وبدون أن أرتكب وزراً وأن استثمره وأخرج زكاته وإلا سوف يصرف ، ويقل بالتالي مقدار الزكاة .
الحمد لله
وضع الأموال في البنوك الربوية فيه إعانة للبنك على التعامل
بالربا ، وهذا إذا كان وضعها بدون فائدة .
أما إذا كان بفائدة فهذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله ، ولعن
رسول الله صلى اله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . و "آكل الربا" آخذه ، و "مؤكله"
معطيه .
ومن كان عنده مال وأراد حفظه أو استثماره فإنه يبحث عن طريق مباح
لذلك فيعطي المال رجلاً أميناً يتاجر له فيه ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه
.
فإن لم يجد وسيلة لحفظ المال إلا إيداعه في البنك فلا بأس بذلك
للضرووة أو الحاجة على أن يكون ذلك من غير فائدة .
ويختار أقل البنوك شراًُ وأقربها إلى المعاملات الشرعية .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من
الربا المحرم بإجماع العلماء ، أما وضعه بدون فائدة : فالأحوط تركه إلا عند الضرورة
إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على
أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن
لم يرد ذلك ، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال
وتصريفها ، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم ، ويسر لهم العمل
السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى
الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
" فتاوى ابن باز " ( 4 / 30 ، 311 ) .
راجع إجابة السؤال ( 22392 ) .
والله أعلم .
*****
49678
هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان ؟
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة >(1/4879)
سؤال رقم 49678- هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان ؟
هل ينزل الله إلى سماء الدنيا في نصف شعبان ويغفر لجميع الناس ما عدا اثنين وهما الكافر ، والآخر المشاحن ؟.
الحمد لله
هذا في بعض الأحاديث ، لكن في صحة الحديث كلام لأهل العلم ، ولا
يصح في فضل ليلة النصف من شعبان أي حديث .
عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن
الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " . رواه ابن ماجه ( 1390 ) .
والمشاحن هو الذي بينه وبين أخيه عداوة .
وفي " الزوائد " : إسناده ضعيف ؛ لضعف عبد الله بن لهيعة ،
وتدليس الوليد بن مسلم .
وفي الحديث اضطراب بينه الدار قطني في " العلل " ( 6 / 50 ، 51 )
وقال عنه : " والحديث غير ثابت " .
وروي من حديث معاذ بن جبل وعائشة وأبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني
وغيرهم ، ولا تخلو طريق من ضعف ، وبعضها شديد الضعف .
قال ابن رجب الحنبلي :
" وفي فضل ليلة نصف شعبان أحاديث متعددة ، وقد اختُلف فيها ،
فضعّفها الأكثرون ، وصحّح ابن حبان بعضها " . " لطائف المعارف " ( 261 ) .
ونزول الله تعالى إلى السماء الدنيا ليس خاصاً بليلة النصف من
شعبان ، بل ثبت في الصحيحين وغيرهما نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في
الثلث الآخر من الليل ، وليلة النصف من شعبان داخلة في هذا العموم .
ولهذا لما سئل عبد الله بن المبارك عن نزول الله تعالى ليلة
النصف من شعبان قال للسائل : " يا ضعيف ! ليلة النصف !؟ ينزل في كل ليلة " .
رواه أبو عثمان الصابوني في " اعتقاد أهل السنة " ( رقم 92 ) .
وقال العقيلي – رحمه الله - :
وفي النزول في ليلة النصف من شعبان أحاديث فيها لين ، والرواية
في النزول كل ليلة أحاديث ثابتة صحيحة ، فليلة النصف من شعبان داخلة فيها إن شاء
الله .
" الضعفاء " ( 3 / 29 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 8907 ) .
ويوجد في الموقع مقالة للشيخ ابن باز رحمه الله في حكم الاحتفال
بليلة النصف من شعبان وهي موجودة في : قسم " مواضيع خاصة بالمناسبات "
في الموقع .
*****
49679
كم رمضان صام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4880)
سؤال رقم 49679- كم رمضان صام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
كم رمضان صام الرسول صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله
أجمع العلماء على أن صوم شهر رمضان فرض في شهر شعبان من السنة
الثانية من الهجرة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صام تسع رمضانات ، لأنه صلى الله
عليه وسلم توفي في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة .
قال في "الإنصاف" :
فُرِضَ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إجْمَاعًا ,
فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ تِسْعَ
رَمَضَانَاتٍ إجْمَاعًا اهـ .
وقال النووي في المجموع :
صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ تِسْعَ
سِنِينَ ; لأَنَّهُ فُرِضَ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ
الْهِجْرَةِ , وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَبِيعٍ
الأَوَّلِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ اهـ .
وانظر أيضاً "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (2/20) .
*****
49686
رياضي فهل يتناول الهرمونات في السحور ؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4881)
سؤال رقم 49686- رياضي فهل يتناول الهرمونات في السحور ؟
أنا ألعب في لعبة كمال الأجسام وآخذ إبر تحقن في الدم بعد الإفطار في الصيام والإشكال أنها إبر هرمونات تجرى في الدم في وقت الصيام ، فهل يؤثر هذا على الصيام .
الحمد لله
نرجو أن تكون لاعباً لهذه اللعبة وفق الشروط الشرعية ؛ لأن مبنى
هذه اللعبة على عرض العورات أمام المشاهدين ، فضلاً عن تناول الضار لتناسق الجسم
كما يزعمون .
وتناول المقويات أو الهرمونات أو عموم الطعام والشراب في الليل ،
وبقاء أثره طيلة النهار في الصيام أمرٌ جائز ، والممنوع هو فعل ذلك بالنهار من طلوع
الفجر إلى غروب الشمس ، قال الله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187
وقد حثّ الشرع على السحور وتأخيره إلى آخر الليل لما فيه من
إعانة الصائم على الصيام .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم
: " تسحروا فإن في السحور بركة " . رواه البخاري ( 1823 ) ومسلم ( 1095 ) .
سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - :
ما المراد ببركة السحور المذكورة في الحديث ؟ .
فأجاب بقوله :
بركة السحور المراد بها : البركة الشرعية ، والبركة البدنية ،
أما البركة الشرعية فمنها : امتثال أمر الرسول والاقتداء به صلى الله عليه وسلم ،
وأما البركة البدنية فمنها : تغذية البدن وقوته على الصوم . " مجموع فتاوى
الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 339 ) .
وفي جواب السؤال ( 26111 ) زيادة بيان
فلينظر .
ويبقى أمر يتعلق بالهرمونات المتناولة لهذه اللعبة وهو النظر في
ضررها ، فإن ثبت فيها الضرر : فلا يحل تناولها .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا
ضرر ولا ضرار . رواه ابن ماجه ( 2340 ) .
قال النووي : حديث حسن ، وله طرق يقوِّي بعضها بعضا . وصححه الشيخ الألباني في "
إرواء الغليل " ( 896 ) .
والله أعلم .
*****
49687
وقع في شراك مواقع الحوار مع الفتيات وتاب
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4882)
سؤال رقم 49687- وقع في شراك مواقع الحوار مع الفتيات وتاب
لقد وقعت في شراك النت دخلت موقعاً واشتركت بمبلغ مالي واتضح أن الموقع مبدؤه طيب وغالب مرتاديه يلعبون … لقد ابتليت بمراسلة أكثر من 100 فتاة ، والحديث معهم عبر الجوال وتبادل الأحاديث الغرامية ومقابلة البعض ، وإني تبت إلى الله وأرجو منك نصح صاحب الموقع ؛ لأنه أصبح أداة شر وهدف للمعاكسات .
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، ونسأل الله تعالى أن يثبتكَ
على الحق والصواب ، وأن يهدي شباب وشابات المسلمين لحفظ دينهم وأعراضهم .
واعلم أنه لا يحل للرجل إنشاء مثل هذه المواقع ولا الدخول إليها
، وصاحبها ممن يشمله الوعيد في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ
تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا
وَالآخِرَةِ ) سورة النور/19 ، بل هو أولى بهذا الوعيد ، لأن
الوعيد في الآية لمن أحب شيوع الفاحشة ، فكيف بمن سعى في ذلك وعلمه على شيوعها ؟!
وهذا الطريق تُعلم نهايته مما نراه ونسمعه ونقرؤه عن أحوال
المعاكسين والمعاكسات ، فكم من رجل فقد دينه والتزامه ، وكم من امرأة فقدت عرضها
وشرفها ، وبعضهن لم تجد إلا الانتحار سبيلاً للخروج من النفق المظلم الذي أدخلها
فيه المراسلات والمكالمات مع الأجانب .
وقد سبق حكم المراسلات والمكالمات مع الأجانب ، فانظر أجوبة
الأسئلة : ( 22101 ) و ( 26890 ) و ( 23349 ) و ( 10221 ) .
والله أعلم .
*****
49688
ما هو سبب تحريم لحم الخنزير ؟
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/4883)
سؤال رقم 49688- ما هو سبب تحريم لحم الخنزير ؟
أنا عربي أعيش في مالطا وأريد أن أعرف سبب تحريم لحم الخنزير لأن أصدقاء العمل سألوني عن ذلك ؟.
الحمد لله
الأصل في المسلم أنه يطيع الله فيما أمر ، وينتهي عما نهى عنه ،
سواء أظهرت حكمته سبحانه في ذلك أم لم تظهر .
والمسلم لا يجوز له رفض حكم الشريعة ولا التوقف في تنفيذه إذا لم
تظهر له حكمته ؛ ، بل عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل والتحريم متى ثبت النص ؛
سواء أفهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها . قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا
مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/36 , وقال : ( إِنَّمَا كَانَ
قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
) النور/51 .
ولحم الخنزير قد حُرِّم في الإسلام بنص القرآن ، وهو قول الله
تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ
الْخِنْزِيرِ ) البقرة/173 , ولا يُباح لمسلم تناوله بحال من
الأحوال إلا في حالة الضرورة التي تتوقف فيها حياة الشخص على تناوله ، كما لو كان
في جوع شديد يخشى على نفسه منه الهلاك ، ولا يجد طعامًا سواه ؛ وفقًا للقاعدة
الشرعية : " الضرورات تبيح المحظورات " .
ولم يرد في النصوص الشرعية تعليلٌ خاص لتحريم لحم الخنزير سوى
قوله تعالى : ( فَإِنَّهُ رِجْس ) ، والرجس يطلق على ما يستقبح في الشرع ، وفي نظر
الفطر السليمة ، وهذا التعليل وحده كاف ، وورد تعليل عام وهو الذي ورد في تحريم
المحرمات من المآكل والمشارب ونحوهما وهو يرشد إلى حكمة التحريم في الخنزير ، وذلك
التعليل العام هو قول الله تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/157 ، فهذا يشمل بعمومه
تعليل تحريم لحم الخنزير ، ويفيد أنه معدود في نظر الشريعة الإسلامية من جملة
الخبائث .
والخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه ضرر لحياة الإنسان في
صحته أو في ماله أو في أخلاقه ، فكل ما تكون مغبته وعواقبه وخيمة من أحد النواحي
الهامة في حياة الإنسان : دَخَل في عموم الخبائث .
وقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية أن الخنزير من بين سائر
الحيوانات يُعَدّ مستودَعاً للجراثيم الضارة بجسم الإنسان ، وتفصيل هذه المضار
والأمراض طويل ، وهي باختصار :
الأمراض الطفيلية ، الأمراض البكتيرية ، الأمراض الفيروسية ،
الأمراض الجرثومية ، وغيرها .
وهذه الأضرار وغيرها دليل على أن الشارع الحكيم ما حرَّم تناول
لحم الخنزير إلا لحكمة جليلة ، هي الحفاظ على النفس ، التي يُعَدُّ الحفاظ عليها
أحَدَ الضروريات الخمس في الشريعة الغراء .
وانظر جواب السؤال : ( 751 ) .
وفي جواب السؤال ( 26792 ) تفصيل مهم حول
الأحكام التعبدية والأحكام معقولة المعنى .
والله أعلم .
*****
49693
أحدث أثناء الغسل من الجنابة فهل يبطل غسله ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4884)
سؤال رقم 49693- أحدث أثناء الغسل من الجنابة فهل يبطل غسله ؟
خروج الريح أثناء الغسل من الجنابة هل يبطل الغسل ؟.
الحمد لله
خروج الريح من نواقض الوضوء لا من نواقض الغسل ، وعليه : فمن لمس
فرجه أو تبول أو أخرج ريحا أثناء غسله فإنه يتم غسله ، ويتوضأ بعده .
والغسل إذا كان عن حدث أكبر فإنه يجزي عن الوضوء ، فإذا
كان على الإنسان جنابة واغتسل فإن ذلك يجزئه عن الوضوء ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) المائدة/6 ، ولا يجب عليه
أن يتوضأ بعد الغسل ، إلا إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء أثناء الغسل أو بعده ، فيجب
عليه أن يتوضأ للصلاة ، وأما إذا لم يحدث فإن غسله من الجنابة يجزئ عن الوضوء سواء
توضأ قبل الغسل أم لم يتوضأ ، لكن لابد من ملاحظة المضمضة والاستنشاق ، فإنه لابد
منهما في الوضوء والغسل .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين بتصرف " ( 11 /228 ) .
والله أعلم .
*****
49694
ما حكم إعطاء السائق غير المسلم طعاما في نهار رمضان ؟
أصول الفقه > التكليف >
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >(1/4885)
سؤال رقم 49694- ما حكم إعطاء السائق غير المسلم طعاما في نهار رمضان ؟
عندنا سائق أجنبي غير مسلم هل نعطيه طعاماً أثناء النهار في رمضان ؟.
الحمد لله
يرجع حكم المسألة هذه ومثيلاتها إلى حكم مخاطبة الكافر بفروع
الشرع ، والصحيح أنه مخاطب بها ، وهو قول الجمهور ، ولذا فلا يجوز تمكينه من الطعام
في نهار رمضان ولا إعانته عليه .
وإذا استمر الكافر على كفره ومات عليه : فإنه يعاقب على كفره
وعلى جميع أحكام الشريعة التي ترك العمل بها , وقد دل على ذلك قوله تعالى : ( كُلُّ
نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ
يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ
نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ
مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ . حَتَّى أَتَانَا
الْيَقِينُ ) المدثر/38 – 47 .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 4 / 263 ) :
" الكافر في حال كفره هل هو مخاطب بفروع الشريعة ومكلف بها أم لا
؟ قال النووي : المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور بها , والمنهي
عنها , ليزداد عذابهم في الآخرة " انتهى .
وقال ولي الدين العراقي :
" والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار
مخاطبون بفروع الشريعة فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين " انتهى .
" طرح التثريب " ( 3 / 227 ) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 9 / 211 ، 212 ) تحت عنوان : بيع
ما يقصد به فعل محرم :
" ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى
معصية : فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز ....
ومن أمثلته عند الشافعية : بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه
محرم , وخشب لمن يتخذه آلة لهو , وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة . وكذا بيع
سلاح لنحو باغ وقاطع طريق . . . . . ودابة لمن يحملها فوق طاقتها .
كما نص الشرواني وابن قاسم العبادي على منع بيع المسلم طعاماً
للكافر إذا علم أو ظن أنه يأكله نهاراً في رمضان , كما أفتى به الرملي , قال : لأن
ذلك إعانة على المعصية , بناء على أن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة " انتهى .
والله أعلم .
*****
49698
لا يقبل الصيام مع تضييع الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
الفقه > عبادات > الصوم >(1/4886)
سؤال رقم 49698- لا يقبل الصيام مع تضييع الصلاة
هل يجوز الصيام بدون صلاة ؟.
الحمد لله
تارك الصلاة لا يقبل منه عمل ، لا زكاة ولا صيام ولا حج ولا شيء
.
روى البخاري (520) عن بُرَيْدَة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) .
ومعنى "حبط عمله" أي : بَطَلَ ولم ينتفع به . فهذا الحديث يدل
على أن تارك الصلاة لا يقبل اللهُ منه عملاً ، فلا ينتفعُ تاركُ الصلاةِ من عمله
بشيء ، ولا يَصْعَدُ له إلى الله عملٌ .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث في كتابه
الصلاة (ص/65) :
" والذي يظهر في الحديث ؛ أن الترك نوعان : تركٌ كليٌّ لا يصليها
أبداً، فهذا يحبط العملُ جميعُه ، وتركٌ معينٌ في يومٍ معينٍ، فهذا يحبط عملُ ذلك
اليومِ ، فالحبوطُ العامُّ في مقابلةِ التركِ العامِّ ، والحبوطُ المعينُ في
مقابلةِ التركِ المعينِ " اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص87) عن حكم صيام تارك
الصلاة ؟
فأجاب :
تارك الصلاة صومه ليس بصحيح ولا مقبول منه ؛ لأن تارك الصلاة
كافر مرتد ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) التوبة/11 . ولقول
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ
وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ ) رواه مسلم (82) . ولقوله صلى
الله عليه وسلم : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ
تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي (2621) . صححه الألباني في صحيح
الترمذي .
ولأن هذا قول عامة الصحابة إن لم يكن إجماعا منهم ، قال عبد الله
بن شقيق رحمه الله وهو من التابعين المشهورين : كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ، وعلى هذا فإذا
صام الإنسان وهو لا يصلي فصومه مردود غير مقبول ، ولا نافع له عند الله يوم القيامة
، ونحن نقول له : صل ثم صم ، أما أن تصوم ولا تصلي فصومك مردود عليك لأن الكافر لا
تقبل منه العبادة اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/140) إذا كان الإنسان حريصا على صيام
رمضان والصلاة في رمضان فقط ، ولكن يتخلى عن الصلاة بمجرد انتهاء رمضان فهل له صيام
؟
فأجابت :
الصلاة ركن من أركان الإسلام ، وهي أهم الأركان بعد الشهادتين
وهي من فروض الأعيان ، ومن تركها جاحدا لوجوبها أو تركها تهاونا وكسلا فقد كفر ،
وأما الذين يصومون رمضان ويصلون في رمضان فقط فهذا مخادعة لله ، فبئس القوم الذين
لا يعرفون الله إلا في رمضان ، فلا يصح لهم صيام مع تركهم الصلاة في غير رمضان ، بل
هم كفار بذلك كفرا أكبر وإن لم يجحدوا وجوب الصلاة في أصح قولي العلماء اهـ .
*****
49698
لا يقبل الصيام مع تضييع الصلاة
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
الفقه > عبادات > الصوم >(1/4887)
سؤال رقم 49698- لا يقبل الصيام مع تضييع الصلاة
هل يجوز الصيام بدون صلاة ؟.
الحمد لله
تارك الصلاة لا يقبل منه عمل ، لا زكاة ولا صيام ولا حج ولا شيء
.
روى البخاري (520) عن بُرَيْدَة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) .
ومعنى "حبط عمله" أي : بَطَلَ ولم ينتفع به . فهذا الحديث يدل
على أن تارك الصلاة لا يقبل اللهُ منه عملاً ، فلا ينتفعُ تاركُ الصلاةِ من عمله
بشيء ، ولا يَصْعَدُ له إلى الله عملٌ .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث في كتابه
الصلاة (ص/65) :
" والذي يظهر في الحديث ؛ أن الترك نوعان : تركٌ كليٌّ لا يصليها
أبداً، فهذا يحبط العملُ جميعُه ، وتركٌ معينٌ في يومٍ معينٍ، فهذا يحبط عملُ ذلك
اليومِ ، فالحبوطُ العامُّ في مقابلةِ التركِ العامِّ ، والحبوطُ المعينُ في
مقابلةِ التركِ المعينِ " اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص87) عن حكم صيام تارك
الصلاة ؟
فأجاب :
تارك الصلاة صومه ليس بصحيح ولا مقبول منه ؛ لأن تارك الصلاة
كافر مرتد ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) التوبة/11 . ولقول
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ
وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ ) رواه مسلم (82) . ولقوله صلى
الله عليه وسلم : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ
تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه الترمذي (2621) . صححه الألباني في صحيح
الترمذي .
ولأن هذا قول عامة الصحابة إن لم يكن إجماعا منهم ، قال عبد الله
بن شقيق رحمه الله وهو من التابعين المشهورين : كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ، وعلى هذا فإذا
صام الإنسان وهو لا يصلي فصومه مردود غير مقبول ، ولا نافع له عند الله يوم القيامة
، ونحن نقول له : صل ثم صم ، أما أن تصوم ولا تصلي فصومك مردود عليك لأن الكافر لا
تقبل منه العبادة اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/140) إذا كان الإنسان حريصا على صيام
رمضان والصلاة في رمضان فقط ، ولكن يتخلى عن الصلاة بمجرد انتهاء رمضان فهل له صيام
؟
فأجابت :
الصلاة ركن من أركان الإسلام ، وهي أهم الأركان بعد الشهادتين
وهي من فروض الأعيان ، ومن تركها جاحدا لوجوبها أو تركها تهاونا وكسلا فقد كفر ،
وأما الذين يصومون رمضان ويصلون في رمضان فقط فهذا مخادعة لله ، فبئس القوم الذين
لا يعرفون الله إلا في رمضان ، فلا يصح لهم صيام مع تركهم الصلاة في غير رمضان ، بل
هم كفار بذلك كفرا أكبر وإن لم يجحدوا وجوب الصلاة في أصح قولي العلماء اهـ .
*****
49702
نشرة مكذوبة منسوبة لزينب رضي الله عنها في شفاء المرض
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4888)
سؤال رقم 49702- نشرة مكذوبة منسوبة لزينب رضي الله عنها في شفاء المرض
كثرت هذه الأيام رسائل تصل إلى البريد الالكتروني تحكي عن شخص مريض ثم جاءته السيدة زينب رضي الله عنها في المنام وعندما استيقظ وجد أنه شفي من المرض .. ثم يطلب منا هذا الشخص إرسال هذه الرسالة إلى عدد من الأصدقاء... ويتوعد من لا يفعل ذلك بأشياء كثيرة تصل إلى الموت ... فما صحة هذه الرسائل ؟ .
الحمد لله
هذه النشرة التي سألت عنها ـ أخي الكريم ـ ليست جديدة ، وإنما
كثر ترويجها في هذه الأزمنة بسب سهولة التواصل عبر وسائل الاتصال السريع كالبريد
الإلكتروني مع غلبة الجهل على كثير ممن يكون عندهم محبة للدين .
وقد يحصل في هذه القصص تغيير في بعض تفاصيلها إلا إنها متحدة في
فكرتها وفي آثارها السيئة على عقائد الناس .
وقد سبق التحذير منها من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه
الله وهذا نص كلامه
تنبيه على نشرة مكذوبة يروجها بعض الجهلة :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد ،
وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فقد اطلعت على نشرة مكذوبة يروجها بعض الجهلة وقليلو العلم
والبصيرة في دين الله ، ونص هذه النشرة : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة
والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وعلى آله وصحبه وسلم ،
قال تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ ) صدق الله العظيم .
أخي المسلم أختي المسلمة .
مرضت فتاة عمرها ( 13 ) عاما مرضا شديدا عجز الطب في علاجها ،
وفي ذات ليلة اشتد بها المرض فبكت حتى غلبها النوم فرأت في منامها بأن السيدة زينب
رضي الله عنها وضعت في فمها قطرات فاستيقظت من نومها وقد شفيت من مرضها تماما ،
وطلبت منها السيدة زينب رضي الله عنها أن تكتب هذه الرواية ( 13 ) مرة وتوزعها على
المسلمين ؛ للعبرة في قدرة الخالق جلت قدرته ، وتجلت في آياته ومخلوقاته ، وتعالى
عما يشركون فنفذت الفتاة ما طلب منها ، وقد حصل ما يلي :
1- النسخة الأولى : وقعت بيد فقير فكتبها ووزعها وبعد مضي ( 13 )
يوما شاء المولى الكريم أن يغتني هذا الفقير .
2- النسخة الثانية : وقعت في يد عامل فأهملها وبعد مضي ( 13 )
يوما فقد عمله .
3- النسخة الثالثة : وقعت في يد أحد الأغنياء فرفض كتابتها وبعد
مضي ( 13 ) يوما فقد كل ما يملك من ثروة .
بادر أخي المسلم أختي المسلمة بعد الاطلاع على هذه ا لرواية في
كتابتها ( 13 ) مرة وتوزيعها على الناس قد تنال ما تتمنى من المولى الكريم جل شأنه
وتعاظمت قدرته . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ا . هـ ) .
ولما اطلعت على هذه النشرة المفتراة رأيت أن من الواجب التنبيه
على أن ما زعمه كاتبها من ترتب فوائد ومصالح لمن قام بكتابتها وترويجها ، وترتب
مضار لمن أهملها ولم يقم بنشرها- كذب لا أساس له من الصحة ، بل هي من مفتريات
الكذابين والدجالين الذين يريدون صرف المسلمين عن الاعتماد على ربهم سبحانه في جلب
النفع ودفع الضر وحده لا شريك له ، مع الأخذ بالأسباب الشرعية والمباحة إلى
الاعتماد والاتجاه إلى غيره سبحانه وتعالى في طلب جلب النفع ودفع الضر ، والأخذ
بالأسباب الباطلة غير المباحة وغير المشروعة ، وإلى ما يدعو إلى التعلق على غير
الله سبحانه وعبادة سواه .
ولا شك أن هذا من كيد أعداء المسلمين الذين يريدون صرفهم عن
دينهم الحق بأي وسيلة كانت ، وعلى المسلمين أن يحذروا هذه المكائد ولا ينخدعوا بها
، كما أنه يجب على المسلم أن لا يغتر بهذه النشرة المزعومة وأمثالها من النشرات
التي تروج بين حين وآخر ، وسبق التنبيه على عدد منها ، ولا يجوز للمسلم كتابة هذه
النشرة وأمثالها والقيام بتوزيعها بأي حال من الأحوال ، بل القيام بذلك منكر يأثم
من فعله ، ويخشى عليه من العقوبة العاجلة والآجلة ؛ لأن هذه من البدع ، والبدع شرها
عظيم وعواقبها وخيمة .
وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة ، ومن وسائل الشرك
والغلو في أهل البيت وغيرهم من الأموات ، ودعوتهم من دون الله والاستغاثة بهم
واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون من دعاهم أو استغاث بهم ، ومن الكذب على الله سبحانه ،
وقد قال سبحانه : ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) النحل/105 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس
منه فهو رد " متفق على صحته .
فالواجب على جميع المسلمين الذين تقع في أيديهم هذه النشرة
وأمثالها تمزيقها ، وإتلافها ، وتحذير الناس منها ، وعدم الالتفات إلى ما جاء فيها
من وعد أو وعيد ؛ لأنها نشرات مكذوبة لا أساس لها من الصحة ولا يترتب عليها خير ولا
شر ، ولكن يأثم من افتراها ومن كتبها ووزعها ومن دعا إليها وروجها بين المسلمين ؛
لأن ذلك كله من باب التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه في محكم كتابه
بقوله سبحانه : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى
الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ .
نسأل الله لنا وللمسلمين السلامة والعافية من كل شر ، وحسبنا
الله ونعم الوكيل على من افترى هذه النشرة وأمثالها وأدخل في شرع الله ما ليس منه ،
ونسأل الله أن يعامله بما يستحق ؛ لكذبه على الله وترويجه الكذب ، ودعوته الناس إلى
وسائل الشرك والغلو في الأموات ، والاشتغال بما يضرهم ولا ينفعهم ، وللنصيحة لله
ولعباده جرى التنبيه على ذلك . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ، وآله
وصحبه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 346 – 348 ) .
والله أعلم .
*****
49706
يحتاج إلى أخذ حقن في الوريد فهل يؤثر ذلك على الصيام ؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4889)
سؤال رقم 49706- يحتاج إلى أخذ حقن في الوريد فهل يؤثر ذلك على الصيام ؟
أحد أصدقائي مصاب بداء السرطان ومضطر لأخذ جلسة العلاج في رمضان وهي عبارة عن عدد من الأدوية تتم إذابتها في محاليل و يتم إعطاؤها عن طريق الوريد . فهل يصح الصيام ؟.
الحمد لله
أخذ الحقن في نهار رمضان للصائم له حالان :
الأولى : أن تكون هذه الحقن مغذية بحيث تغني عن الطعام والشراب ،
فهذه الحقن مفطرة لأنها بمعنى الأكل والشرب .
الثانية : ألا تكون مغذية ، فهذه لا تفطر ولا تؤثر على الصيام .
ولا فرق في ذلك بين أن تكون هذه الحقن في الوريد أو في العضل .
وإذا أمكن أن تكون هذه الحقن ليلاً فهو أولى ، احتياطاً للصيام .
سئل الشيخ ابن باز (15/257) عن حكم من حقن حقنة في الوريد والعضل
أثناء النهار بشهر رمضان وهو صائم وأكمل صومه ، هل فسد صومه ووجب قضاؤه أم لا ؟
فأجاب :
صومه صحيح ؛ لأن الحقنة في الوريد ليست من جنس الأكل والشرب ،
وهكذا الحقنة في العضل من باب أولى ، لكن لو قضى من باب الاحتياط كان أحسن .
وتأخيرها إلى الليل إذا دعت الحاجة إليها يكون أولى وأحوط ؛ خروجا من الخلاف في ذلك
اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص220) عن حكم حقن الإبر
في العضل أو الوريد أو الورك ؟
فأجاب :
حقن الإبر في الوريد والعضل والورك ليس به بأس ، ولا يفطر به
الصائم ، لأن هذا ليس من المفطرات ، وليس بمعنى المفطرات ، فهو ليس بأكل ولا شرب ،
ولا بمعنى الأكل والشرب ، وقد سبق لنا بيان أن ذلك لا يؤثر ، وإنما المؤثر حقن
المريض بما يغني عن الأكل والشرب اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/252) عن حكم التداوي بالحقن في نهار
رمضان سواء كانت للتغذية أم التداوي ؟
فأجابت : يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار
رمضان ، ولا يجور للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان ، لأنه في حكم تناول
الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان ، وإن تيسر تعاطي
الحقن في العضل والوريد ليلا فهو أولى اهـ .
*****
49708
اتهمته زوجته وأهلها بأن في عقله شيئاً فهل يتزوج عليها ؟
الفقه > معاملات > النكاح > تعدد الزوجات والعدل بينهن >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4890)
سؤال رقم 49708- اتهمته زوجته وأهلها بأن في عقله شيئاً فهل يتزوج عليها ؟
أنا عمري 24 سنه تزوجت قبل سنة ودامت زيجتي ستة أشهر فقط ، وبعدها اتهمني أهل زوجتي بأني رجل مريض عقليّاً ، علما بأنني قمت بإثبات عكس هذا عن طريق الطبيب النفسي الحكومي ، وقد تسبب لي هذا الشيء بموافقة زوجتي سامحها الله بالسوء ، فماذا أفعل ؟ هل أتزوج ؟ علما أن مشكلتي مع زوجتي أصبحت في المحاكم قيد الطلاق ، فهل إذا تزوجت الآن عليَّ إثم ؟.
الحمد لله
إن إثبات سلامة عقل الإنسان وحسن تصرفه مع الآخرين لا يحتاج إلى
شهادة طبيب ، فالعبرة بما يراه الإنسان لا بما يُحضره من أوراق .
لذا فإن اتهام أهل زوجتك لك إن كان نابعاً من أشياء يرونها منك ،
وكلمات يسمعونها منك : فإنهم قد يكون لهم ما يعذرهم ، وعليك أن تعالج نفسك وتصلح من
حالك لترفع عن نفسك ما حكم من أجله الآخرون عليك .
وإن كان ما قالوه في حقك ليس له أساس من الصحة ، بل هو شهادة زور
وإثم : فنرى أن تنصحهم وأن تبين لهم إثم اتهامهم لك بالباطل وأثر ذلك في التفريق
بينك وبين زوجتك ، فإن ارتدعوا فذاك وإلا فإن لك أن تقاطعهم ، وأن تمنعهم من زيارتك
وتمنع زوجتك من زيارتهم خشية من إفسادها عليك .
أما فيما يتعلق بنيتك الزواج من أخرى فالذي ننصحك به أن تتروى
وتتأنى وتنظر في الدافع الحقيقي له ، إذ كثيرا ما يكون القرار في مثل هذه الأحوال
نابعاً من حب الانتقام من الزوجة وأهلها بسبب أذيتهم ، وغالبا ما يتسبب هذا الزواج
بهذه النفسية في إيذاء الزوجة الثانية إذا ما أصلح الزوج أمره مع الأولى وأهلها .
فإن لم ينصلح الحال بينك وبين زوجتك وأهلها : فنرى أن تتزوج
عليها إما مع تسريحها وطلاقها ، وإما بدون ذلك إن كان في نيتك الجمع بينهما فيما لو
أصلحها الله تعالى، مع نصحنا لك بأن تحسن النية وتقصد الإصلاح فالله تعالى يقول في
حق من يحصل بينهم شقاق من الأزواج ( إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/35
وننصحك أن تتقي الله تعالى في كل خطواتك وألا يدعوك هذا الأمر
إلى عدم العدل في حقها، أو تذكيرها بما وقع منها مما اعتذرت عنه .
ونسأل الله أن يصلح أمرك وييسر لكم الخير .
والله الموفق .
*****
49711
ما حكم هبة الأعضاء ؟
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4891)
سؤال رقم 49711- ما حكم هبة الأعضاء ؟
ما حكم وهب الأعضاء ؟.
الحمد لله
التبرع بالأعضاء ليس على درجة واحدة ، فهناك التبرع بعضوٍ تتوقف
الحياة عليه ، وهناك لتبرع بما لا تتوقف عليه الحياة .
فإن كان التبرع بعضو تتوقف عليه الحياة كالقلب والكبد : فلا يجوز
التبرع به بإجماع العلماء ، لأنه قتلٌ للنفس .
وأما إن كان العضو لا تتوقف عليه الحياة كالكُلية والشرايين ،
فقد اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : لا يجوز نقل الأعضاء الآدمية .
والقول الثاني : يجوز نقل الأعضاء الآدمية .
وقد صدرت فتاوى بالجواز من عددٍ من المؤتمرات والمجامع والهيئات
واللجان منها : المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد بماليزيا ، ومجمع الفقه الإسلامي
بالأغلبية وانظر فتواه في السؤال رقم 2117، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية
السعودية ، ولجنة الفتوى في كل من الأردن ، والكويت ، ومصر ، والجزائر .
وهو قول طائفة من العلماء والباحثين ، ومنهم : الشيخ عبد الرحمن
بن سعدي .
وقد اختار بعض العلماء جواز النقل بشرط أن يكون المنقول منه
كافراً حربياً ( أي : ليس معاهداً للمسلمين ولا ذمياً
ولا مستأمنا )ً , لأن الكافر الحربي لا حرمة له , أما المسلم فحرمته ثابتة حياً
وميتاً .
وللمزيد : انظر إلى كتاب : " أحكام الجراحة الطبية " للشيخ محمد المختار
الشنقيطي ( من ص 354 – 391 ) .
والله أعلم .
*****
49715
لا يشترط لصحة الإسلام إعلانه أمام شهود ؟
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4892)
سؤال رقم 49715- لا يشترط لصحة الإسلام إعلانه أمام شهود ؟
أنا شاب متزوج من مسلمة وأهلها غير مسلمين ، وكانت قد أسلمت وتعلمت بعض السور والصلاة عن طريق الإنترنت وبعد الزواج سألتها على يد من أسلمتِ ؟ قالت : أسلمت وحدي ، فقلت لها : يجب نطق الشهادتين فنطقت بهما أمامي فهل هذا صحيح ؟
مع العلم لقد تزوجنا في المسجد أمام الشيخ وعدد من الشهود وكذلك حصلت على تعريف يفيد بأنها مسلمة .
الحمد لله
أولاً :
لا يشترط حتى يكون المرء مسلماً أن يعلن إسلامه بين يدي أحدٍ من
الناس ، فالإسلام أمر بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى ، وإذا أشهد على إسلامه
لتوثيق ذلك في وثائقه الخاصة فلا بأس , لكن دون جعل ذلك شرطاً في صحة إسلامه .
وقد سبق بيان هذا في أكثر من جواب ، فلتنظر أجوبة الأسئلة : ( 13698 ) و ( 11936 ) و ( 655 ) و ( 6542 ) و ( 6703 ) .
ثانياً :
ولا يصح عقد نكاحٍ أحد بغير ولي للزوجة ، ولا ولاية لكافرٍ على
مسلمة ، فإن لم يوجد وليٌّ لها مسلم فيقوم القاضي أو إمام المسجد أو مفتي المنطقة
مقام الولي .
وفي جواب السؤال ( 7714 ) و ( 7989 ) تجد تفصيل حكم المرأة في
بلاد الكفر حيث لا يوجد لها ولي مسلم .
ونسأل الله تعالى أن يبارك لكما , ويبارك عليكما , ويجمع بينكما
في خير .
*****
49716
طبيب يعمل عملية جراحية فهل يؤجل إفطاره ؟
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/4893)
سؤال رقم 49716- طبيب يعمل عملية جراحية فهل يؤجل إفطاره ؟
قريبي طبيب ويريد أن يسال هل إن كان يقوم بعملية جراحية يمكنه أن يؤجل إفطاره ؟.
الحمد لله
أولاً :
السنة تعجيل الفطر بمجرد غروب الشمس ، وقد وردت أحاديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم بهذا ، منها :
ما رواه البخاري (1975) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَزَالُ
النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ) .
قال النووي :
فِيهِ الْحَثّ عَلَى تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ
الشَّمْسِ , وَمَعْنَاهُ لا يَزَال أَمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وَهُمْ بِخَيْرٍ مَا
دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة , وَإِذَا أَخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ
عَلامَة عَلَى فَسَادٍ يَقَعُونَ فِيهِ اهـ .
وقال الحافظ :
قَالَ الْمُهَلَّبُ : وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ لا يُزَادَ
فِي النَّهَار مِنْ اللَّيْل , وَلأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى لَهُ
عَلَى الْعِبَادَة , وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا
تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْس بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ , وَكَذَا
عَدْلٍ وَاحِد فِي الأَرْجَح . اهـ .
وحكمة أخرى :
"وهي المبادرة إلى تناول ما أحله الله عز وجل ، والله سبحانه
وتعالى كريم ، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه ، فيحب من عباده أن يبادروا بما
أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس" اهـ الشرح الممتع (6/268).
فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي تَأْخِيرهمْ
الْفِطْر إِلَى ظُهُور النُّجُوم اهـ . قاله ابن دقيق العيد
ثانيا :
السنة أن يفطر الصائم على رطب فإن لم يجد فعلى تمر ، فإن لم يجد
فعلى ماء ، فإن لم يجد فإنه يفطر على ما تيسر من الطعام أو الشراب .
فإذا لم يجد الصائم شيئاً يفطر عليه ، فإنه يفطر بالنية ، بمعنى
أنه ينوي الإفطار ويكون قد عَجَّلَ الفطر وعمل بالسنة في ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/269) .
فإن لم يجد ماء ولا شراباً آخر ولا طعاماً ينوي الفطر بقلبه
ويكفي اهـ .
وعلى هذا ، إن لم يتمكن هذا الطبيب من الإفطار على الرطب أو
التمر فإنه يفطر على الماء ، فإن لم يمكنه ذلك لانشغاله بإجراء العملية فإنه تكفيه
نية الإفطار ويكون قد وافق السنة بذلك .
والله تعالى أعلم .
*****
49719
أبوهم في حالة خرف وطلق أمهم فهل يقع ؟ وهل يضعونه في دار المسنين ؟
الفقه > معاملات > الطلاق >
الآداب > بر الوالدين >(1/4894)
سؤال رقم 49719- أبوهم في حالة خرف وطلق أمهم فهل يقع ؟ وهل يضعونه في دار المسنين ؟
أبي رجل طريح الفراش وعنده من الأمراض ما عنده وأحيانا لا يدرك ما يقول ، وأحياناً أخرى تجده يحسب المال بالقرش كما أنه كثير سباب الدين ونظره ضعيف مع العلم بأنه لا يسمع بالمرة ، وكثيراً ما يتبول في فراشه ثم يلقى بوله على الأرض وعندما نصل إليه ونسأله يرد مرة بالإنكار ومرة علشان تمسحوا بالعند ، وذات مرة توضأت أمي فنادى عليها فذهبت له فرش عليها البول فنهرته أمي فقال لها : سوف أطلقك وبعد قليل قال لها أنت طالق ، فماذا عن هذا الطلاق ؟ وكيف نتعامل مع هذا الأب وهو وصل إلى حالة سيئة جدّاً ولا يحتمل ؟ فهل لنا أن نودعه دار المسنين ؟.
الحمد لله
الذي يظهر من تصرفات والدكم أنه بلغ مرحلة الخرف ، وبها تسقط عنه
التكاليف الشرعية ، فلا يؤمر بصلاة ولا صيام ، ولا يقع منه يمين ولا نذر ولا طلاق .
وإذا استطعتم الصبر على تصرفاته وتحملها فافعلوا ، وإن لم
تستطيعوا فلا حرج عليكم في الذهاب به إلى دار ترعى المسنين ، على أن تستمروا في بره
وزيارته ، وتلبية احتياجاته المادية والمعنوية قدر استطاعتكم .
واعلموا أن الله تعالى قد أوصاكم بوالديكم خاصة عند الكبَر لشدة
الحاجة في ذلك الوقت ، وقد نهى الله تعالى عن التضجر والإساءة بالفعل والقول ولو
بقول " أف " .
قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ
أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا
تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23 ، 24 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
ثم ذكر [ الله عز وجل ] بعد حقه القيام بحق الوالدين فقال : {
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } أي : أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان القولي
والفعلي لأنهما سبب وجود العبد ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه والقرب ما
يقتضي تأكد الحق ووجوب البر .
{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ
كِلَاهُمَا } أي : إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف
والإحسان ما هو معروف : { فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } وهذا أدنى مراتب الأذى نبه
به على ما سواه ، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية .
{ وَلَا تَنْهَرْهُمَا } أي : تزجرهما وتتكلم لهما كلاما خشنا ،
{ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا } بلفظ يحبانه وتأدب وتلطف بكلام لين حسن يلذ
على قلوبهما وتطمئن به نفوسهما ، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والعوائد والأزمان .
{ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ } أي :
تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما
، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد .
{ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا } أي : ادع لهما بالرحمة أحياء
وأمواتا ، جزاء على تربيتهما إياك صغيراً .
وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق ، وكذلك من تولى
تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة غير الأبوين فإن له على من رباه حق
التربية . " تفسير السعدي " ( ص 407 ، 408 ) .
والله أعلم .
*****
49721
نزول المني من جماع الليل نهاراً هل يفسد الصيام ؟
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/4895)
سؤال رقم 49721- نزول المني من جماع الليل نهاراً هل يفسد الصيام ؟
بعد الجماع ليلا قد ينزل المنى من الفرج نهاراً ، فهل هذا يبطل الصيام ؟ وهل يجب الاغتسال لأداء الصلاة ؟.
الحمد لله
أولاً :
نزول المني نهاراً بعد جماع الليل لا يبطل الصيام ، وقد أبيح لنا
الأكل والشرب والجماع من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ، قال تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ
لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ
لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا
كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ
الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ... ) البقرة/187 .
وقد نص العلماء رحمهم الله على أن نزول المني نهارا من جماع
الليل لا يفسد الصوم .
قال في "الجوهرة النيرة" (1/138) وهو من كتب الحنفية :
" وَلَوْ خَشِيَ الْمَجَامِعُ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَنَزَعَ
فَأَمْنَى بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُفْطِرْ " انتهى .
وقال في "حاشية الدسوقي" (1/523) وهو من كتب المالكية :
" لَوْ جَامَعَ لَيْلا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ،
الظَّاهِرُ أَنَّهُ لا شَيْءَ عَلَيْهِ ، كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلا ثُمَّ هَبَطَ
الْكُحْلُ لِحَلْقِهِ نَهَارًا " انتهى . ونحوه في "شرح مختصر خليل" (2/249) .
وقال النووي في "المجموع" (6/348) وهو شافعي المذهب :
" إذَا جَامَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَعَ مَعَ طُلُوعِهِ
أَوْ عَقِبَ طُلُوعِهِ وَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ ; لأَنَّهُ تَوَلَّدَ
مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ , كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ
رَجُلٍ قِصَاصًا فَمَاتَ مِنْهُ " انتهى .
ثانياً :
إذا جامع واغتسل ثم خرج منه مني بعد الاغتسال فإنه لا يجب إعادة
الغسل مرة أخرى ، لأن السبب واحد فلا يوجب غُسليْن ، وإنما يجب الغسل إذا نزل بشهوة
جديدة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 44945 ) و ( 12352 ) .
والله أعلم .
*****
49723
أمره والده ببيع السيارة خوفاً عليه من وقوع حادث له فهل يستجيب له ؟
الآداب > بر الوالدين >
سؤال رقم 49723: أمره والده ببيع السيارة خوفاً عليه من وقوع حادث له فهل يستجيب له ؟
أنا أدرس خارج بلدي وفي بلد مسلم ومعي أولادي ، ظروف هذا البلد والمكان الذي أدرس فيه يقتضي أن أمتلك سيارة للتنقل من وإلى الجامعة وغيرها ، وقد اشتريت سيارة وأفادتني كثيراً في مجال عملي ، إلا أن والدي ما أن سمع الخبر أرسل لي برسالة يطلب مني أن أبيع هذه السيارة فوراً بسبب الزحام في السير وخوفه من وقوع مكروه لا سمح الله لي ، علما أن الدراسة صعبة جدّاً بدون توفر وسيلة المواصلات خاصة في هذا البلد مما قد يضطرني إلى ترك الدراسة والعودة إلى الوطن في حالة البقاء بدون مواصلات .
أفيدوني جزاكم الله خيراً في هذه المسألة ، وهل يعتبر عدم تنفيذ أوامر الوالد في هذا الناحية عصياناً ؟.
الحمد لله
يعتبر اقتناء السيارة الآن في كثير من الأحوال من الحاجيات وليس
من الكماليات ، وإذا كنت تحسن القيادة فلا مسوِّغ لمنع والدك لك من اقتناء سيارة
وركوبها .
وأما الحوادث فإنك لن تترك ركوب السيارات من وإلى مكان دراستك ،
والحوادث لا تفرق بين القائد والمقود .
فالذي يظهر أنه لا يجب عليك طاعة والدك في هذا ، وينبغي لك التلطف معه ، ومحاولة إقناعه بذلك وعدم
مواجهته بمخالفة أمره .
والله أعلم .
*****
49727
يريد الزوجان القيام بعملية التلقيح الصناعي في رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4896)
سؤال رقم 49727- يريد الزوجان القيام بعملية التلقيح الصناعي في رمضان
تزوجنا منذ مدة ، و لم يرزقنا الله بأطفال حتى الآن سوف نقوم بعملية التلقيح الصناعي ، ولكن الميعاد المناسب لهذه العملية سوف يكون إن شاء الله فى شهر رمضان المبارك ، وذلك على حسب ميعاد التبويض وهذا سوف يضطرني أنا وزوجي أن نكون على غير طهارة ونفطر في رمضان ، فلا أدري ماذا أفعل ، وهل الله سوف يغفر لنا حيث إننا مضطرون لذلك ؟ وهل هناك كفارة ؟ .
الحمد لله
أولاً : ننبه إلى أن التلقيح الصناعي فيه مفاسد متعددة ، وقد ثبتَ عن كثير من الأطباء أنهم يقومون عن عمد بتغيير ماء الرجل بماء آخر ؛ وذلك عن خبث نفسي أو لجزمه بعدم صلاحية مائه للإنجاب فيؤديه طمعه في المال لهذا .
وثبت في كثير من المستشفيات وقوع أخطاء في تبديل العينات ، ومن
هنا شدَّد العلماء في هذا الأمر ولم يجيزوه في حال حفظ العينات وتأخير وضع الماء في
رحم المرأة ، ومنعه آخرون مطلقاً لما تعتري هذه الطريقة من احتمال الخطأ وهو ما
يؤدي إلى اختلاط الأنساب والوقوع في محاذير ومفاسد متعددة .
ثانياً :
ليس هذا الفحص من باب الضرورة حتى يتسبب الرجل في فطره وفطر
زوجته ، فيمكن تأجيل ذلك إلى الليل أو إلى ما بعد شهر رمضان .
فالذي ينصح به هو الصبر على قدر الله تعالى والأخذ بالأسباب
الشرعية للإنجاب ، وفي حال إصراركم على التلقيح الصناعي فلا بد من أخذ أشد
الاحتياطات من مراقبة العينة وإدخالها مباشرة في رحم المرأة من طبيبة موثوق في
دينها ، وأن يتجنب نهار رمضان لعدم الاضطرار إلى ذلك .
والله أعلم .
*****
4975
إجابة الكافر إذا سلّم على المسلم
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > آداب السلام >(1/4897)
سؤال رقم 4975- إجابة الكافر إذا سلّم على المسلم
عندما يقول غير المسلم(السلام عليكم) يحييك فكيف نجيب ؟.
الحمد لله
روى مسلم في الصحيح ( 144/14) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم وفي رواية أن أهل الكتاب يسلمون علينا فكيف
نرد عليهم قال قولوا وعليكم وفي رواية (146/14) إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول
أحدهم السام عليكم فقل عليك وفي رواية ( 164/14) فقل وعليك وفي رواية (146/14) أن
رهطاً من اليهود استأذنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليكم
فقالت عائشة بل عليكم السام واللعنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة إن
الله يحب الرفق في الأمر كله قالت ألم تسمع ما قالوا قال قد قلت : وعليكم وفي رواية
قد قلت عليكم بحذف الواو وفي الحديث الآخر (148/14) لا تبدءوا اليهود ولا النصارى
بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه . كل هذه الروايات في صحيح
الإمام مسلم .
قال النووي رحمه الله في الشرح : (145-144/14)
اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا , لكن لا يقال لهم : وعليكم السلام
, بل يقال : عليكم فقط , أو وعليكم . وقد جاءت الأحاديث التي ذكرها الإمام مسلم ( عليكم ) ( وعليكم ) بإثبات الواو وحذفها , وأكثر الروايات بإثباتها , وعلى هذا في معناه وجهان
: أحدهما أنه على ظاهره , فقالوا : عليكم الموت , فقال : وعليكم أيضا أي نحن وأنتم
فيه سواء , وكلنا نموت . والثاني أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك ,
وتقديره : وعليكم ما تستحقونه من الذمّ . وأما حذف الواو فتقديره بل عليكم السام .
قال القاضي : اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو لئلا يقتضي
التشريك , وقال غيره : بإثباتها كما هو في أكثر الروايات . قال : وقال بعضهم : يقول
: عليكم السِلام بكسر السين أي الحجارة , وهذا ضعيف . وقال الخطابي : عامة المحدثين
يروون هذا الحرف ( وعليكم ) بالواو , وكان ابن عيينة يرويه بغير واو . قال الخطابي
: وهذا هو الصواب , لأنه إذا حذف ( الواو ) صار كلامهم بعينه مردودا عليهم خاصة , وإذا ثبت ( الواو ) ا قتضى
المشاركة معهم فيما قالوه . هذا كلام الخطابي . والصواب أن إثبات الواو وحذفها
جائزان كما صحت به الروايات , وأن الواو أجود كما هو في أكثر الروايات , ولا مفسدة
فيه , لأن السام الموت , وهو علينا وعليهم , ولا ضرر في قوله بالواو . واختلف
العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به , فمذهبنا تحريم ابتدائهم به , ووجوب
ردّه عليهم بأن يقول : وعليكم , أو عليكم فقط , ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله
عليه وسلم ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وفي الرد قوله صلى الله عليه
وسلم ( فقولوا : وعليكم ) وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة
السلف ..
ويجوز الابتداء بالسلام على جمع فيهم
مسلمون وكفار , أو مسلم وكفار , ويقصد المسلمين للحديث السابق أنه صلى الله عليه
وسلم سلَّم على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
49750
حكم جماع الزوجة في رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4898)
سؤال رقم 49750- حكم جماع الزوجة في رمضان
هل يجوز نكاح الزوجة في شهر رمضان ؟.
الحمد لله
الظاهر أن مراد السائل بالنكاح الجماع .
وجماع الزوجة في رمضان له حالان ، إما أن يكون ليلاً ، وإما أن
يكون نهاراً .
أما الجماع في الليل فمباح ، ( والليل من أول غروب الشمس إلى
طلوع الفجر ) .
وقد كان الحكم في أول الإسلام إباحة الجماع في ليالي رمضان ما لم
ينم ، فإذا نام حرم عليه الجماع ، ولو استيقظ قبل طلوع الفجر ، ثم خفف الله تعالى
هذا الحكم وأباح الجماع في ليالي رمضان مطلقاً ، وقد دل على ذلك قول الله تعالى : (
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ
لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ
أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ
وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ
أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 .
قال السعدي (ص 87) :
" كان في أول فرض الصيام ، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم
الأكل والشرب والجماع ، فحصلت المشقة لبعضه م، فخفف الله تعالى عنهم ذلك ، وأباح في
ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع ، سواء نام أو لم ينم ، لكونهم يختانون
أنفسهم بترك بعض ما أمروا به .
{ فتاب } الله { عليكم } بأن وسع لكم أمرا كان ـ لولا توسعته
ـ موجبا للإثم { وعفا عنكم } ما سلف
{ فالآن } بعد هذه الرخصة والسعة من الله { باشروهن } وطأ
وقبلة ولمسا وغير ذلك .
{ وابتغوا ما كتب الله لكم } أي : انووا في مباشرتكم
لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء ، وهو حصول الذرية وإعفاف
فرجه وفرج زوجته ، وحصول مقاصد النكاح " اهـ .
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (1/265) :
فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيَالِي
الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"اهـ .
وروى البخاري (4508) عن الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا
نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ
وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلِمَ اللَّهُ
أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ
.
قال الحافظ :
قَوْله : ( لَمَّا نَزَلَ صَوْم رَمَضَان كَانُوا لا يَقْرَبُونَ
النِّسَاء ) ظَاهِر سِيَاق الحَدِيث أَنَّ الْجِمَاع كَانَ مَمْنُوعًا فِي جَمِيع
اللَّيْل وَالنَّهَار , بِخِلَافِ الأَكْل وَالشُّرْب فَكَانَ مَأْذُونًا فِيهِ
لَيْلا مَا لَمْ يَحْصُل النَّوْم , لَكِنْ بَقِيَّة الأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي
هَذَا الْمَعْنَى تَدُلّ عَلَى عَدَم الْفَرْق, فَيُحْمَل قَوْله " كَانُوا لا
يَقْرَبُونَ النِّسَاء " عَلَى الْغَالِب جَمْعًا بَيْن الأَخْبَار اهـ باختصار .
ومعنى : { تَخْتَانُونَ أَنْفُسكُمْ } : أي : تُجَامِعُونَ
النِّسَاء وَتَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ فِي الْوَقْت الَّذِي كَانَ حَرَامًا
عَلَيْكُمْ . ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ . وعَنْ مُجَاهِد : { تَخْتَانُونَ أَنْفُسكُمْ } قَالَ : تَظْلِمُونَ أَنْفُسكُمْ اهـ من عون
المعبود .
وأما الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم ، فقد أجمع
العلماء على تحريمه وأنه من مفسدات الصيام .
قال في المغني (4/372) :
" لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا , فِي أَنَّ
مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ , أَوْ دُونَ الْفَرْجِ
فَأَنْزَلَ , أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ عَامِدًا , وَقَدْ دَلَّتْ
الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ" اهـ .
بل الجماع أعظم مفسدات الصيام ، فإنه تجب فيه الكفارة .
روى البخاري (2600) ومسلم (1111) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكْتُ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي
رَمَضَانَ قَالَ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا قَالَ فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ
مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ وَالْعَرَقُ
الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ عَلَى
أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ
لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا قَالَ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ
ولمعرفة ما يترتب على الجماع في نهار رمضان يراجع السؤال رقم ( 49614 ) .
*****
49752
نزول المذي لا يفسد الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4899)
سؤال رقم 49752- نزول المذي لا يفسد الصيام
بطبيعة عملي في مركز بيع فإني في نهار رمضان استقبل البنات وأكلمهن من غير شهوة ولكني أحس بشيء نزل من الذكر لا أعرف ما هو هل هو مني أو مذي فهل فسد صومي ؟.
الحمد لله
هذا السائل متردد بين أن يكون منيا أو مذيا .
و "الفرق بين المني والمذي : أن المني من الرجل ماء غليظ أبيض ،
ومن المرأة رقيق أصفر ، وأما المذي فهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الملاعبة ، أو
تذكر الجماع ، أو إرادته ، أو نظر ، أو غير ذلك ، ويشترك الرجل والمرأة فيه" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/418) .
والغالب أن هذا الذي نزل منك مذي وليس منياً لأن المني يخرج بدفق
ويشعر به الرجل .
والتسبب في إنزال المني من مفسدات الصيام كما لو جامع أو قَبَّل
أو باشر ، أو كرر النظر إلى النساء فأنزل منيا ، فيفسد صومه . راجع السؤال ( 2571 )
.
وأما المذي فقد اختلف العلماء في إفساد الصوم به إن تسبب في
نزوله .
فمذهب الحنابلة أنه يفطر به إن كان سبب نزوله المباشرة كاللمس
باليد أو التقبيل وما أشبه ذلك .
فإن كان سبب نزوله تكرار النظر فإنه لا يفطر به .
وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن نزول المذي لا يفطر به مطلقا
سواء نزل بمباشرة أم بغيرها ، وأن المفسد للصيام هو نزول المني لا المذي .
انظر المغني (4/363) .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/236) بعد أن ذكر مذهب
الحنابلة في المسألة : " ولا دليل له صحيح ، لأن المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة
ولا بالنسبة لانحلال البدن ، فلا يمكن أن يلحق به .
والصواب : أنه إذا باشر فأمذى ، أو استمنى فأمذى أنه لا يفسد
صومه ، وأن صومه صحيح ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، والحجة فيه
عدم الحجة ( أي عدم الحجة على أن نزول المذي مفسد للصيام ) ، لأن هذا الصوم عبادة
شرع فيها الإنسان على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل اهـ .
ومعنى : (استمنى فأمذى) أنه حاول إنزال المني ولكنه لم يُنزل
وإنما أنزل مذياً .
وسئل الشيخ ابن باز (15/267) : إذا قبل الإنسان وهو صائم أو شاهد
بعض الأفلام الخليعة وخرج منه مذي ، فهل يقضي الصوم ؟
فأجاب :
خروج المذي لا يبطل الصوم في أصح قولي العلماء ؛ سواء كان ذلك
بسبب تقبيل الزوجة ، أو مشاهدة بعض الأفلام ، أو غير ذلك مما يثير الشهوة . ولكن لا
يجوز لمسلم مشاهدة الأفلام الخليعة ، ولا استماع ما حرم الله من الأغاني وآلات
اللهو ، أما خروج المني عن شهوة ، فإنه يبطل الصوم سواء حصل عن مباشرة ، أو قبلة ،
أو تكرار النظر ، أو غير ذلك من الأسباب التي تثير الشهوة كالاستمناء ونحوه ، أما
الاحتلام والتفكير فلا يبطل الصوم بهما ولو خرج مني بسببهما اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/273) : في أحد أيام رمضان كنت جالسا
بجوار زوجتي ونحن صيام ، حوالي نصف ساعة ، وكنا نمزح وبعد أن ابتعدت عنها وجدت على
سروالي نقطة مبتلة خارجة من الذكر ، وقد تكررت مرة ثانية أرجو إفادتي هل علي كفارة
؟
فأجابت :
إذا كان الواقع كما ذكرت فليس عليك قضاء ولا كفارة مراعاة للبقاء
مع الأصل ، إلا أن يثبت أن ذلك البلل مني فعليك الغسل والقضاء دون الكفارة اهـ .
والحاصل أنه لا يلزمك شيء وصيامك صحيح حتى تتيقن أن هذا الذي خرج
منك مني . فإن كان منيا فعليك قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليك .
وعليك بتجنب الكلام مع النساء من غير حاجة ، وإذا احتجت للكلام
معهن فعليك بغض البصر امتثالاً لقول الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 .
وروى مسلم (2159) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ
الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي .
قال النووي :
( الْفُجَاءَة ) هِيَ الْبَغْتَة . وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة
أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ
فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ
صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ
لِهَذَا الْحَدِيث , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ
يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ ) اهـ .
وإذا أمكن وجود امرأة تتولى البيع للنساء ومخاطبتهن فإن ذلك أولى
وأسلم .
والله تعالى أعلم .
*****
49759
يسأل عن الموت في شهر رمضان
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4900)
سؤال رقم 49759- يسأل عن الموت في شهر رمضان
هل صحيح أن كل من يموت في شهر رمضان يدخل الجنة دون أن يحاسب على أعماله ؟.
الحمد لله
قد تفضل الله تعالى على نفر من خاصة عباده فوعدهم بدخول الجنة من
غير حساب ولا عذاب ؛ فعن عبد الله بْنُ عَبَّاس ، رضي الله عنهما ،ٍ قَالَ : قال
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :َ عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ
فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ ( جماعة قليلة من الناس ) وَالنَّبِيَّ
وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَد .ٌ إِذْ
رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي . فَقِيلَ لِي : هَذَا
مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَوْمُهُ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى
الأُفُقِ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَقِيلَ لِي : انْظُرْ إِلَى
الأُفُقِ الآخَرِ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ ، فَقِيلَ لِي : هَذِهِ أُمَّتُكَ
وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا
عَذَابٍ . ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ
الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ ، فَقَالَ
بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي
الإِسْلامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّه ،ِ وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ . فَخَرَجَ
عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا الَّذِي
تَخُوضُونَ فِيه ؟ِ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : هُمْ الَّذِينَ َلا يَسْتَرْقُونَ
وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ
مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ . فَقَالَ : أَنْتَ
مِنْهُمْ . ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ : ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي
مِنْهُمْ فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " البخاري 5705 ، مسلم 220 .
[ الرهط : هم الجماعة دون العشرة ، والرهيط تصغير له . رفع لي :
ظهر لي ، سواد عظيم : السواد الشخص يرى من بعيد لا يدرى من هو ، الأفق : منتهى
البصر . ]
ولم يذكر في هؤلاء السبعين ألفا من مات في شهر رمضان ، وإنما
المذكورون هم خاصة المؤمنين الذين حققوا مقام التوحيد لرب العالمين ، قال في فتح
المجيد : ( قوله وعلى ربهم يتوكلون ، ذكر الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال
والخصال ، وهو التوكل على الله ، وصدق الالتجاء إليه ، والاعتماد بالقلب عليه ،
الذي هو نهاية تحقيق التوحيد الذي يثمر كل مقام شريف : من المحبة والرجاء والخوف ،
والرضا بالله ربا وإلها ، الرضا بقضائه . ) [ ص 74 ] .
وإنما ورد في فضل من مات صائما قول النبي ، صلى الله عليه وسلم :
(َ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا
دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ
بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ
خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) رواه الإمام أحمد 22813 , من حديث
حذيفة ، رضي الله عنه ، وقال الألباني في أحكام الجنائز : إسناده صحيح .
ومما ينبغي الاهتمام به ، أن الحديث السابق ، قد دل على أن علو
مقام هؤلاء السبعين ألفا ، جعلنا الله وإياكم منهم ، في العمل الصالح ، هو الذي
أنزلهم تلك المنزلة عند الله تعالى ؛ قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، رحمه الله ،
بعد ما ذكر هذا الحديث في كتاب التوحيد : ( فيه .. عمق علم السلف ، لمعرفتهم أنهم
لن ينالوا ذلك إلا بعمل ) ، وليس يخفى على السائل أنه لو كان هناك فضل لمن يموت في
رمضان فإن هذا خاص بمن مات من المؤمنين ؛ ولا يشمل كل من مات في رمضان .
وكذلك الحديث الذي سبق ذكره ، في فضل من مات صائما ،
دل على أن دخول الجنة إنما كان موعودا على عمل صالح ، ختم له به ، وليس على مجرد
الموت في شهر رمضان ، مع أنه ليس فيه تلك الفضيلة الخاصة ؛ دخول الجنة بغير حساب .
والله الموفق .
*****
49768
حكم الكبير الذي لا يستطيع الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4901)
سؤال رقم 49768- حكم الكبير الذي لا يستطيع الصيام
والدتي كبيرة في السن وقد اشتد عليها المرض العام الماضي ، ولم تستطع الصيام سوى عشرة أيام علماً أنها ضعيفة ولا تحتمل الصيام . وسؤالي : كيف أقضي عنها الأيام التي أفطرتها ؟.
الحمد لله
إذا كانت لم تستطع الصوم بسبب المرض ، ويرجى لها الشفاء والقدرة
على الصيام فيما بعد فالواجب عليها قضاء تلك الأيام التي أفطرتها من رمضان لقول
الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ ) البقرة /185 .
وأما إذا كانت لا تستطيع الصيام ولا يُرجى أن تتمكن منه في
المستقبل بسبب المرض أو الكبر فلا يجب عليها الصيام ، وعليها أن تطعم عن كل يوم
مسكيناً .
والدليل على ذلك ما رواه أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في
قوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) قَالَ
: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا
يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا
. قال النووي : إسناده حسن اهـ .
قال النووي في المجموع (6/262) :
"قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ : الشَّيْخُ الْكَبِيرُ
الَّذِي يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ أَيْ يَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ ,
وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ لا صَوْمَ عَلَيْهِمَا بِلا خِلافٍ ,
ونَقْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ الإِجْمَاعَ فِيهِ , وَيَلْزَمُهُمَا الْفِدْيَةُ
أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/203) :
عن امرأة كبيرة السن ولا تطيق الصوم فماذا تفعل ؟
فأجاب :
عليها أن تطعم مسكينا عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو
أرز أو غيرهما ، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب . كما أفتى بذلك جماعة
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم فإن كانت
فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في
أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وبالله التوفيق اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/161) : عن امرأة طاعنة في السن وعاجزة
عن صيام شهر رمضان ، وقد مضى عليها ثلاث سنوات وهو على هذه الحال من الكبر والمرض
فماذا عليها ؟
فأجابت :
إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليها أن تطعم عن كل يوم أفطرته من
رمضان في السنوات الثلاث مسكينا ، تطعمه نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو ذرة أو نحو
ذلك مما تطعمون أهليكم اهـ .
*****
49793
مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها
الفقه > عبادات > زكاة الفطر >(1/4902)
سؤال رقم 49793- مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها
نحن أعضاء جمعية مغاربة نعيش في برشلونة ما الطريقة التي نحسب بها لزكاة الفطر؟.
الحمد لله
" ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على
المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى
الصلاة ، أعني صلاة العيد . وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، أَوْ صَاعًا
مِنْ شَعِيرٍ ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ .
وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر (أي :
القمح) ، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أيا كان ، سواء كان
برا أو ذرة أو دخنا أو غير ذلك . وهذا هو الصواب ؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء
للفقراء ، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده . ولا شك أن الأرز قوت في
بلاد الحرمين وطعام طيب ونفيس ، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه . وبذلك
يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر .
والواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ،
وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين ، كما في القاموس وغيره ، وهو بالوزن
يقارب ثلاثة كيلو غرام . فإذا أخرج المسلم صاعا من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه
ذلك ، وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء . ولا
بأس أن يخرج مقداره بالوزن وهو ثلاثة كيلو تقريبا .
والواجب إخراج زكاة الفطر عن الصغير والكبير والذكر والأنثى
والحر والمملوك من المسلمين . أما الحمل فلا يجب إخراجها عنه إجماعا ، ولكن يستحب ؛
لفعل عثمان رضي الله عنه .
والواجب أيضا إخراجها قبل صلاة العيد ، ولا يجوز تأخيرها إلى ما
بعد صلاة العيد ، ولا مانع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين . وبذلك يعلم أن أول
وقت لإخراجها في أصح أقوال العلماء هو ليلة ثمان وعشرين ؛ لأن الشهر يكون تسعا
وعشرين ويكون ثلاثين ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجونها قبل العيد
بيوم أو يومين .
ومصرفها الفقراء والمساكين . وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما
قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ
الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، وَطُعْمَةً
لِلْمَسَاكِينِ ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ،
وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ . رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم وهو أصح دليلا ، بل
الواجب إخراجها من الطعام ، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله
عنهم وبذلك قال جمهور الأمة ، والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين جميعا للفقه في
دينه والثبات عليه ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا ، إنه جواد كريم اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (14/200) .
فهذا تقدير الشيخ ابن باز رحمه الله لزكاة الفطر بالكيلو ، ثلاثة
كيلو جرام تقريباً .
وكذا قدرها علماء اللجنة الدائمة (9/371) .
وقد قدرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من الأرز فكانت ألفي ومائة
جرام (2100) جرام . كما في "فتاوى الزكاة" (ص 274-276) .
وهذا الاختلاف سببه أن الصاع مكيال يقيس الحجم لا الوزن .
وإنما قدرها العلماء بالوزن لكونه أسهل وأقرب إلى الضبط ، ومعلوم
أن وزن الحبوب يختلف فمنها الخفيف ومنها الثقيل ومنها المتوسط ، بل يختلف وزن الصاع
من نفس النوع من الحبوب ، فالمحصول الجديد أكثر وزناً من المحصول القديم ، ولذلك
إذا احتاط الإنسان وأخرج زيادة كان أحوط وأحسن .
وانظر "المغني" (4/168) . فقد ذكر نحو هذا في تقدير نصاب زكاة
الزروع بالوزن .
والله أعلم .
*****
49794
الحامل والمرضع تفطران وتقضيان ولا يجزئهما الإطعام
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4903)
سؤال رقم 49794- الحامل والمرضع تفطران وتقضيان ولا يجزئهما الإطعام
قرأت أنه يجوز للحامل والمرضع ترك الصيام مع الإطعام بدون قضاء , ويستدل له بما ورد عن ابن عمر في ذلك , ما صحة هذا ؟ أفيدونا بالدليل بارك الله فيكم .
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا على عدة أقوال :
القول الأول : عليهما القضاء فقط ، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة
رحمه الله . وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
القول الثاني : إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط ، وإن
خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو مذهب الإمامين
الشافعي وأحمد . وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما .
القول الثالث : عليهما الإطعام فقط ، ولا قضاء عليهما . وقال به
من الصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وحكاه ابن قدامة في المغني (3/37) عن
ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما.
روى أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ
الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ
يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ
إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا
وَأَطْعَمَتَا. قال النووي : إسناده حسن .
وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ : وَكَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى : أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا
تُطِيقُهُ فَعَلَيْك الْفِدَاءُ , وَلا قَضَاءَ عَلَيْك , وَصَحَّحَ الدَّارَ
قُطْنِيُّ إسْنَادَهُ . قاله الحافظ في "التلخيص" .
وقد حكى الجصاص في " أحكام القرآن" اختلاف الصحابة في هذه
المسألة فقال :
" اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ;
فَقَالَ عَلِيٌّ : : عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلا فِدْيَةَ
عَلَيْهِمَا . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ بِلا قَضَاءٍ .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ " اهـ .
واستدل من قالوا بأن عليهما القضاء فقط بعدة أدلة :
1- ما رواه النسائي (2274) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ
نِصْفَ الصَّلاةِ ، وَالصَّوْمَ ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ ) . صححه
الألباني في صحيح النسائي. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحامل والمرضع
كالمسافر ، والمسافر يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع . انظر : "أحكام
القرآن" للجصاص .
2- القياس على المريض ، فكما أن المريض يفطر ويقضي فكذلك الحامل
والمرضع .
انظر : المغني (3/37) ، "المجموع" (6/273) .
وقد اختار هذا القول جماعة من العلماء .
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/225) :
"الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض ، إذا شق عليهما الصوم شرع
لهما الفطر ، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك ، كالمريض ، وذهب بعض أهل العلم
إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم : إطعام مسكين ، وهو قول ضعيف مرجوح ، والصواب
أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض ؛ لقول الله عز وجل : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ
مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 "
اهـ .
وقال أيضا في مجموع الفتاوى (15/227) :
"الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء وما يروى عن ابن
عباس وابن عمر أن على الحامل والمرضع الإطعام هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية ،
والله سبحانه يقول : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
والحامل والمرضع تلحقان بالمريض وليستا في حكم الشيخ الكبير
العاجز بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتا ذلك ولو تأخر القضاء " اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/220) :
" إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من صوم رمضان أفطرت وعليها
القضاء فقط ، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه
مضرة ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ
أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 .
وكذا المرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعت ولدها في رمضان ، أو
خافت على ولدها إن صامت ولم ترضعه أفطرت وعليها القضاء فقط " اهـ .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" أيضا (10/226) :
" أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من
الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من
النفاس . . . ولا يجزئها الإطعام عن الصيام ، بل لا بد من الصيام ويكفيها عن
الإطعام " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/220) بعد أن ذكر
اختلاف العلماء في حكم المسألة ، واختار أن عليهما القضاء فقط ، قال :
" وهذا القول أرجح الأقوال عندي ، لأن غاية ما يكون أنهما
كالمريض والمسافر فيلزمهما القضاء فقط " اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
49797
الشرب من زمزم مستحب وليس واجبا
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4904)
سؤال رقم 49797- الشرب من زمزم مستحب وليس واجبا
أنوي إن شاء الله أن أعتمر في شهر رمضان المبارك ، ومن المقرر أن أصل لمكة ظهرا براً ، كما هو معلوم بأنه يجب أن يرتوي المعتمر بماء زمزم بعد الصلاة خلف مقام إبراهيم في الأيام العادية ، لكن في رمضان وأنا أنوي الصوم وعدم الإفطار فكيف أشرب ماء زمزم ؟.
الحمد لله
أولاً :
الشرب من ماء زمزم ليس واجبا ، بل هو مستحب وليس استحبابه خاصا
بما بعد صلاة الركعتين خلف المقام ، بل الشرب من زمزم مستحب في كل وقت .
قال شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى" (26/144) :
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَتَضَلَّعَ
مِنْهُ وَيَدْعُوَ عِنْدَ شُرْبِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ
اهـ .
وقال الموفق في "المغني" .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ زَمْزَمَ , فَيَشْرَبَ مِنْ
مَائِهَا لِمَا أَحَبَّ , وَيَتَضَلَّعَ مِنْهُ . قَالَ جَابِرٌ , فِي صِفَةِ حَجِّ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ثُمَّ أَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَهُمْ
يَسْقُونَ , فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا , فَشَرِبَ مِنْهُ اهـ .
ومعنى (يَتَضَلَّعَ) أي يكثر من الشرب حتى يمتلئ جنبه وأضلاعه .
حاشية السندي على ابن ماجه .
وقال النووي في "المجموع" :
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ : يُسْتَحَبُّ
أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ , وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ , وَأَنْ يَتَضَلَّعَ
مِنْهُ - أَيْ يَتَمَلَّى - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبَاتِهِ مِنْ
أُمُورِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيَا , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَهُ لِلْمَغْفِرَةِ
أَوْ الشِّفَاءِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ ذَكَرَ
اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى , ثُمَّ قَالَ ( اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ
رَسُولَك صلى الله عليه وسلم قَالَ : { مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ }
اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِتَغْفِرَ لِي , اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لِي أَوْ
اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ مُسْتَشْفِيًا بِهِ مِنْ مَرَضٍ , اللَّهُمَّ
فَاشْفِنِي ) وَنَحْوَ هَذَا , وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَفَّسَ ثَلاثًا كَمَا فِي
كُلِّ شُرْبٍ , فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى اهـ .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (16/138) :
يستحب للحاج والمعتمر وغيرهما أن يشرب من ماء زمزم إذا تيسر له
ذلك اهـ .
فعلى هذا إذا اعتمرت وأنت صائم فلا حرج عليك من عدم الشرب من
زمزم ، وليكن شربك منها بعد الإفطار .
ثانياً :
إذا كنت مسافراً إلى مكة للعمرة فإن المسافر يجوز له الفطر
والصيام بإجماع العلماء ، واختلفوا في الأفضل ، وسبق في إجابة السؤال ( 20165 )
أن الأفضل هو الأيسر ، فمن لم يشق عليه فالصوم أفضل . ومن شق عليه الصيام مع السفر
فالفطر أفضل ، لاسيما والمعتمر يحتاج إلى قوة ونشاط حتى يؤدي العمرة على وجه كامل ،
بدعائها وخشوعها .
ويخطئ بعض المعتمرين حيث يشقون على أنفسهم فيعتمرون وهم صائمون
مع مشقة الصيام عليهم مما يؤثر على أدائهم العمرة ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان مفطراً يوم عرفة .
قال الشوكاني :
صَوْم ْيَوْم عرفة مُسْتَحَبّ لِكُلِّ أَحَد ، مَكْرُوه لِمَنْ
كَانَ بِعَرَفَاتٍ حَاجًّا . وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ
مُؤَدِّيًا إِلَى الضَّعْف عَنْ الدُّعَاء وَالذِّكْر يَوْم عَرَفَة هُنَالِكَ
وَالْقِيَام بِأَعْمَالِ الْحَجّ اهـ .
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم
الجمعة منفرداً .
قال النووي :
يُكْرَه إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ إِلا أَنْ
يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ , فَإِنْ وَصَلَهُ بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ , أَوْ
وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَبَدًا
, فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لَمْ يُكْرَهْ ..
قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْهُ : أَنَّ
يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ : مِنْ الْغُسْل وَالتَّبْكِير
إِلَى الصَّلَاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر
بَعْدَهَا ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ
فَانْتَشَرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ
كَثِيرًا } وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا , فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر
فِيهِ , فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ
وَانْشِرَاحٍ لَهَا , وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلا سَآمَةٍ , وَهُوَ
نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ , فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر كَمَا
سَبَقَ تَقْرِيره لِهَذِهِ الْحِكْمَة , فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ
يَزُلْ النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِبَقَاءِ
الْمَعْنَى , فَالْجَوَاب : أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ بِفَضِيلَةِ الصَّوْم الَّذِي
قَبْله أَوْ بَعْده مَا يَجْبُر مَا قَدْ يَحْصُل مِنْ فُتُورٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي
وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي
الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة اهـ . باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص464) : عن
المسافر إذا وصل إلى مكة صائما فهل يفطر ليتقوى على أداء العمرة ؟
فأجاب :
نقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في العشرين من رمضان
من عام الفتح ، وكان عليه الصلاة والسلام مفطرا . .
وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطرا
بقية الشهر ، لأنه كان مسافرا ، فلا ينقطع سفر المعتمر بوصوله إلى مكة ، ولا يلزمه
الإمساك إذا قدم مفطرا ، وقد يكون بعض الناس مستمرا في صيامه حتى في السفر ، نظرا
إلى أن الصيام في السفر في الوقت الحاضر ليس بشاق على الأمة ، فيستمر في صيامه في
سفره ثم يقدم مكة ويكون متعبا ، فيقول في نفسه هل أستمر على صيامي، وأؤجل العمرة
إلى ما بعد الفطر ، أم أفطر لأجل أن أؤدي العمرة فور وصولي إلى مكة ؟
فنقول له في هذه الحال : الأفضل أن تفطر لأجل أن تؤدي العمرة فور
وصولك إلى مكة وأنت نشيط ؛ لأن السنة لمن قدم مكة لأداء نسك أن يبادر فورا لأداء
هذا النسك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة وهو في نسك بادر إلى
المسجد ، حتى كان ينيخ راحلته عند المسجد ، ويدخله ليؤدي نسكه الذي كان متلبسا به ،
فكونك أيها المعتمر تفطر لتؤدي العمرة بنشاط في النهار ، أفضل من كونك تبقى صائما ،
ثم إذا أفطرت في الليل قضيت عمرتك ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
صائما في سفره لغزوة الفتح فجاء إليه الناس وقالوا : يا رسول الله إن الناس قد شق
عليهم الصيام ، وإنهم ينتظرون ماذا تفعل ، وكان ذلك بعد العصر ، فدعا النبي صلى
الله عليه وسلم بماء فشربه ، والناس ينظرون ، فأفطر النبي صلى الله عليه وسلم في
أثناء السفر ، بل أفطر في آخر اليوم ، كل هذا من أجل أن يبين للأمة أن ذلك جائز ،
وتكلف بعض الناس الصوم في السفر مع المشقة خلاف السنة لا شك ، وينطبق عليه قول
النبي صلى الله عليه وسلم ( ليس من البر الصيام في السفر) اهـ .
فإذا كان صومك في السفر سيؤثر على أدائك العمرة فالأفضل لك
الإفطار وقضاء ذلك اليوم .
*****
49812
تسلية والد عن فقد ابنته
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4905)
سؤال رقم 49812- تسلية والد عن فقد ابنته
ماتت ابنتي البالغة من العمر 16 عامًا في أكتوبر الماضي في شهر شعبان بسبب سرطان في معدتها . كانت مسلمة جيدة تصلي دائمًا وتسعى في طلب العلوم الإسلامية .
هل هناك أي شيء يمكنني فعله لها في شهر رمضان كي يزيد ثوابها وحسناتها؟ وكيف أتعامل مع فقد ابنتي؟.
الحمد لله
أسأل الله الكريم بأسمائه وصفاته أن يتغمد ابنتك بواسع رحمته ،
وأن يجمعك بها يوم القيامة في جنته ، وأن يلهمك ووالدتها الصبر والسلوان .
وأبشرك أخي الكريم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم – ( من قتله
بطنه لم يعذب في قبره ) رواه الترمذي (1064 ) وحسنه وصححه الألباني ( أحكام
الجنائز 53) وبقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من مات في البطن
فهو شهيد ) رواه مسلم (1915) قال ابن الأثير : أي الذي يموت
بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه . (النهاية 1/136) ، ورجاؤنا أن
تكون ابنتك قد بلغت ذلك ، رحمة الله ومَنِّه .
فحري بك ألا تجزع لفقدها وأن ترجو لها الخير والثواب عند الله
تعالى ، وعليك – أخي-
بالتأمل والتفكر والتدبر والنظر في كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه
محمد صلى الله عليه وسلم , ففيهما ما تقر به الأعين , وتسكن به القلوب وتطمئن له
تبعاً لذلك الجوارح مما منحه الله , ويمنحه لمن صبر ورضي واحتسب من الثواب العظيم
والأجر الجزيل فلو قارن المكروب ما أخذ منه بما أعطي لوجد ما أعطي من الأجر والثواب
أعظم مما أصابه بتلك المصيبة بأضعاف مضاعفة ، وكل ذلك عنده بحكمة ، وكل شيء عنده
بمقدار .
قال تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/ 155-157
روى مسلم في صحيحه (917) من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول إنا لله
وإنا إليه راجعون ، اللهم أْجُرْنِي في مصيبتي واخلف لي خيراً منها , إلا آجره الله
في مصيبته وأخلف له خيراً منها " قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت : ومن خيرٌ من أبي
سلمة؟ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم عزم الله علي فقلتها قالت : فتزوجت
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وَمَنْ خيرٌ من رسول الله ؟! )
ثم نزف إليك هذه البشائر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
تُسَلّي من قدّم أحداً من ولده ، فمات في حياته ، وتبشره برحمة الله وفضله عليه ،
عسى الله أن يشملنا وإياك بهما ، ويعمّنا بعفوه وغفرانه
في سنن الترمذي (2399) وحسنه : ( ما يزال البلاء بالمؤمن
والمؤمنة في نفسه وولده وماله , حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ) وصححه
الألباني في صحيح الجامع برقم (5815)
وجاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا
مات ولد الرجل يقول الله تعالى لملائكته : "أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون : نعم ..
فيقول وهو أعلم : أقبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم .. فيقول : ماذا قال عبدي ؟
فيقولون : حمدك واسترجع ، فيقول الله جل وعلا : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسمّوه
بيت الحمد ). رواه الترمذي وحسنه (1021) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة
.
يالها من بشارة بالموت على الإيمان لأن الله إذا أمر ببناء بيت
لأحد من عبيده لابد لذلك العبد من سكنى هذا البيت في يومٍ من الأيام ... وروى
الإمام أحمد (3/436) وصححه الحاكم (1/541) من حديث معاوية بن قرة عن أبيه : ( أنه
كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له , فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : " أتحبه ؟ " فقال : يا رسول الله , أحبك الله كما أحبه .. فتفقده النبي صلى
الله عليه وسلم فقال : " ما فعل ابن فلان؟ فقالوا : يا رسول الله مات , فقال النبي
صلى الله عليه وسلم لأبيه : " أما تحب أن تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته عليه
ينتظرك ؟ " فقال رجل : يا رسول الله , أله خاصة أم لكلنا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم
: " بل لكلكم ). وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم ( 1756 )
أما ما يمكن أن تقدمه من عمل لابنتك فعدة أمور :
1 – الدعاء الصادق بالرحمة والمغفرة فعن أبي الدرداء قال قال
رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال
الملك ولك بمثل . رواه مسلم (2732)
يقول الشيخ ابن عثيمين : أفضل ما يقدم للميت الدعاء . (لقاء الباب المفتوح 1/205)
2 – الصدقة عنها ، خاصة الصدقة الجارية ، يقول النووي : فان
الصدقة تصل إلى الميت وينتفع بها بلا خلاف بين المسلمين .اهـ ( شرح النووي
على صحيح مسلم ج:1 ص:89 )
وليس هناك دليل صحيح على أن الصدقة في رمضان تضاعف عنها في غيره
إنما الذي جاء عن ابن عباس قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أجود الناس
وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان
فيدارسه القرآن فلرسول الله – صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة . البخاري (6) ومسلم (2308)
قال النووي : وفي هذا الحديث فوائد منها بيان عظم جوده – صلى
الله عليه وسلم - ومنها استحباب إكثار الجود في رمضان . اهـ ( شرح النووي
على صحيح مسلم ج:15 ص:69 ) والله أعلم
( مستفاد من كتاب فضل من مات له من الأولاد للسيوطي ومحاضرة كشف الكربة للشيخ
علي القرني وأحكام الجنائز للألباني )
وانظر سؤال رقم ( 21434 ) .
*****
49821
حقوق امرأة طلقها زوجها قبل الزواج
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4906)
سؤال رقم 49821- حقوق امرأة طلقها زوجها قبل الزواج
أنا امرأة من الذين اعتنقوا الإسلام ، وأرغب في معرفة حقوق امرأة طلقها زوجها قبل إتمام الزواج ، بعد أن وضعها في موقف مالي حرج ؛ بأن تركها ليس معها أية أموال ولا وسيلة عمل ؟
طلب مني أن ترك عملي ، ووعدني أن يساعدني ماليًا حتى يتمكن من إحضاري لأعيش معه في بلده ، ثم فجأة طلقني بعد ثلاثة شهور عبر رسالة بريد إلكتروني !! بحجة أنه لم يتيسر له الحصول لي على تأشيرة ، وتركني دون أي مال على الإطلاق ، ودون أسرة مسلمة ، وقال : "والله سأرسل لكِ مالاً إذا احتجت" ولم يرسل شيئًا. فما هي حقوقي على هذا الرجل ؟.
الحمد لله
أقرأ في سؤالك لهجة المسلم الذي – أحسب - أنه آمن بدينه الحق
إيمانا يرتفع عن كل الأطماع والأغراض .
وأقرأ في سؤالك نفسا مطمئنة وقلبا مؤمنا بالله سبحانه وتعالى
وبعقيدة راسخة إن شاء الله لا يؤثر فيها تخاذل أهلها عنها ولا يضرها ترك المنتسبين
إليها العمل بها .
نعم . إن أكثر ما يسوء المرء حين يرى بعض أهل الإسلام لا يتحلون
بأهم أخلاق التعامل مع الآخرين ؛ من صدق في الحديث ، ووفاء بالوعود ، والتزام
بالمواثيق ، وهم يقرؤون في كتاب الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة/119
وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا
يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) الرعد/20
وقوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ) البقرة/177
ويسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( آية المنافق ثلاث إذا
حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان ) رواه البخاري (33) ومسلم (59)
ولا شك أن حال المسلمين اليوم قد تغير كثيرا عما يجب أن يكون
عليه .
ومع ذلك فلا يأس ولا قنوط فالخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة .
وما يلاقيه المؤمن من مصائب ومتاعب إنما هو ابتلاء من الله تعالى
: قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ
لا يُفْتَنُونَ ) العنكبوت/2
وقال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى
حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ
انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ ) الحج/11
فعليك بالصبر والرضا ورجاء الثواب من عند الله تعالى .
أما حقوقك عليه ، فيجب أولا التثبت من الطلاق فإن الطلاق عبر
البريد الإلكتروني لا يعتد به إلا بعد إقرار الزوج . وانظري سؤال رقم ( 36761 )
ثم إذا ثبت الطلاق فما تستطيعين أن تطالبيه به عبر القضاء هو
المهر كاملا إن كانت الخلوة حصلت ، أو نصف المهر إن لم تقع الخلوة ،
يقول الشيخ ابن عثيمين :
والدليل قوله تعالى : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ
أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ
إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ
تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ
بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) البقرة/237
أي فنصف ما فرضتم لكم والباقي لهن ، ونحن نقول : ولو خلا بها ولم
يجامع فيأخذ نفس الحكم فيكون لها النصف ، وأكثر أهل العلم في هذه المسألة على هذا
الرأي ، وحكي إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملا ،
فجعلوا الخلوة كالجماع ، والتعليل ما ذكره الإمام أحمد : لأنه استحل منها ما لا يحل
لغيره . اهـ الشرح الممتع 5/326
أما إخلافه الوعد وتسببه في الضرر لك بتركك العمل ، وحنثه بيمينه
فذلك لك إن شاء الله يوم القيامة أجرا وحسنات .
والله أعلم .
*****
49829
حكم العمل في مؤسسة تقوم على صيانة البنك المركزي
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4907)
سؤال رقم 49829- حكم العمل في مؤسسة تقوم على صيانة البنك المركزي
أنا مهندس تخرجت منذ ما يقارب العامين ، وبحثت عن عمل مناسب ولم أوفق في ذلك - ولله الحمد - أنا في حالة مادية جيدة وأعيش مع والدي ، ولكن أرجو من الله أن يوفقني في عمل يرفع حمل التفكير في جلوس بلا عمل أو نفع .
الآن توفرت لي فرصة عمل في شركة خاصة تقوم بصيانة وتشغيل " البنك المركزي " عن طريق عقد سنوي وبراتب مناسب ، فهل حكم العمل فيها كحكم العمل في البنوك ؟ أرجو منكم إجابتي على هذا السؤال ... وماذا لو اشترطت على الشركة عدم العمل البنك المركزي وطلبت نقلي لمكان آخر ، فهل يجري عليها نفس الحكم ؟ علماً بأنني لم أباشر العمل حتى الآن .
الحمد لله
لا يجوز لك العمل في " البنك المركزي " لا مباشرة ولا في شركة
تقوم بتشغيل أجهزته وصيانتها ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان .
وهذه البنك المركزي هو المسؤول عن البنوك وتحديد فوائدها الربوية
ويحاسب من يخالف أنظمتها ويسن لهم القوانين والأنظمة المخالفة لشرع الله عز وجل .
فإذا كنت تعمل في شركة صيانة وتشغيل فلا مانع أن تقوم بتشغيل
وصيانة شركات ومؤسسات تعمل وفق المباح من أحكام الشرع ، حتى ولو كانت شركتكم فيها
فروع تقوم بتشغيل ما لا يحل لهم من المؤسسات والشركات ، والمهم بالنسبة لك أن لا
تقبل العمل في هذا الفرع ، واطلب فرعاً آخر يقوم على تشغيل وصيانة ما هو مباح شرعاً
.
وفي الموقع فتاوى متعددة في حكم العمل في البنوك الربوية ، وفي
مؤسسات تقوم على صيانة البنوك الربوية وعمل برامج لها ، وقد ذكرنا فيها كلام أهل
العلم في تحريم هذه الأعمال ، وهو ما ينطبق تماماً – بل أشد – على المؤسسة الراعية
لهذه البنوك .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 21113 ) و ( 21166 ) و ( 26771 ) – مهم - .
والله الموفق .
*****
4983
هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4908)
سؤال رقم 4983- هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟
الجواب:
الحمد لله
لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4983
هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4909)
سؤال رقم 4983- هل مشايخ الصّوفية متصلون بالله
ما هو مكان الصوفية في الإسلام ؟ ما صحة القول بأن هناك عبّاد وأولياء يتّصلون بالله ، بعض الناس يعتقدون بهذه الظاهرة وأنّ هناك ما يُثبت ذلك في الأديان المختلفة والأنحاء المختلفة في الأرض .
كيف تمكن رؤية الذين يدعون بأنهم صوفية أو تابعين للصوفيين ؟
أليست الصلاة والذكر نوع من الاتصال بالله سبحانه وتعالى ؟
الجواب:
الحمد لله
لم يعرف الإسلام اسم الصوفية في زمن الرسول وصحابته والتابعين حتى جاء جماعة من الزهاد لبسوا الصوف فأطلقوا هذا الاسم عليهم ، وقيل مأخوذ من كلمة صوفيا ومعناها الحكمة باليونانية وليست مأخوذة من الصفاء كما يدعي بعضهم لأن النسبة إلى الصفاء صفائي وليست صوفي .
وظهور هذا الاسم الجديد والطائفة التي تحمله زاد الفرقة في المسلمين ، وقد اختلف الصوفية الأوائل عن الصوفية المتأخرة التي انتشرت فيها البدع بشكل أكبر وعمّ فيهم الشرك الأصغر والأكبر وبدعهم مما حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. رواه الترمذي وقال حسن صحيح
وفيما يلي مقارنة بين معتقدات الصوفية وطقوسها وبين الإسلام المبني على القرآن والسنّة :
الصوفية : لها طرق متعددة كالتيجانية والقادرية والنقشبندية والشاذلية والرفاعية وغيرها من الطرق التي يدعي أصحابه أنهم على الحق وغيرهم على الباطل والإسلام ينهى عن التفرق ويقول الله تعالى { ...ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون } ( سورة الروم الآيات 31-32).
الصوفية : عبدوا غير الله من الأنبياء والأولياء الأحياء والأموات فهم يقولون ( يا جيلاني ويا رفاعي ويا رسول الله غوثاً ومدد ، ويا رسول الله عليك المعتمد ) .
والله ينهى عن دعاء غيره فيما لا يقدر عليه إلا هو ويعدّه شركاً إذ يقول { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك من الظالمين } سورة يونس ،آية 106 .
الصوفية : تعتقد أن هناك أبدالاً وأقطاباً وأولياء سلّم الله لهم تصريف الأمور وتدبيرها والله يحكي جواب المشركين حين يسألهم :{ ومن يدبر الأمر فسيقولون الله } سورة يونس : 31 . فمشركو العرب أعرف بالله من هؤلاء الصوفية .
والصوفية يلجأون لغير الله عند نزول المصائب والله يقول : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير } .
بعض الصوفية : يعتقد بوحدة الوجود فليس عندهم خالق ومخلوق فالكل خلق والكل إله .
الصوفية : تدعو إلى الزهد في الحياة وترك الأخذ بالأسباب وعدم الجهاد والله تعالى يقول { وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا } ( سورة القصص ،آية 77).
{ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ( سورة الأنفال ،آية 60) .
الصوفية : تعطي مرتبة الإحسان إلى شيوخهم وتطلب من المريدين أن يتصورا شيخهم عندما يذكرون الله حتى في صلاتهم وكان بعضهم يضع صورة شيخه أمامه في الصلاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ". رواه مسلم .
الصوفية : تبيح الرقص والدف والمعازف ورفع الصوت بالذكر والله تعالى يقول { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } ( سورة الأنفال ، آية 3 ) .
ثم تراهم يذكرون بلفظ الجلالة : الله فقط فيقولون الله ، الله ، الله وهذه بدعة وكلام غير مفيد لمعنى شرعي بل يصلون إلى حدّ التلفظ بكلمة ( أهـ ، أهـ ) . أو هو ، هو . والإسلام والسنة أن يذكر المسلم ربّه بكلام مفيد صحيح يُؤجر عليه كقوله : سبحان الله والحمد له ولا إله إلا الله والله أكبر ونحو ذلك .
الصوفية تتغزل باسم النساء والصبيان في مجالس الذكر فيرددون اسم الحب والعشق والهوى وغيرها وكأنهم في مجلس طرب فيه الرقص وذكر الخمر مع التصفيق والصياح وكلّ هذا من عادة المشركين وعبادتهم قال الله تعالى : { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } سورة الأنفال آية 35 .( المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ) .
بعض الصوفية يضرب نفسه بسيخ حديد قائلاً ( يا جداه ) فتأتيه الشياطين ليساعدوه على فعله لأنه استغاث بغير الله ، قال الله تعالى : { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } سورة الزخرف ، آية 36 .
الصوفية : تدعي الكشف وعلم الغيب والقرآن يكذبهم : قال عزّ وجلّ : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } . ( سورة النمل آية 65 ) .
الصوفية : تزعم أن الله خلق الدنيا لأجل محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يكذبهم قائلاً { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } (سورة الذرايات آية 56) .
وخاطب الله سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } سورة الحجر آية 99).
الصوفية : تزعم رؤية الله في الدنيا والقرآن يكذبهم حين قال على لسان موسى :{ رب أرني أنظر إليك قال لن تراني } (سورة الأعراف ، آية 143) .
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة فهل هم أفضل من الصحابة ؟
الصوفية : تزعم أنها تأخذ العلم من الله مباشرة بدون واسطة الرسول صلى الله عليه وسلم فيقولون : حدثني قلبي عن ربي .
الصوفية : تقيم الموالد والاجتماع باسم مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يخالفون تعاليمه حينما يرفعون أصواتهم في الذكر والأناشيد والقصائد التي فيها الشرك الصريح . وهل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمولده أو أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ والأئمة الأربعة وغيرهم فمن أعلم وأصحّ عبادة هؤلاء أم الصوفية .
الصوفية : تشد الرحال إلى القبور للتبرك بأهلها أو للطواف حولها أو الذبح عندها مخالفين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى " متفق عليه .
الصوفية : تتعصب لشيوخها ولو خالفت قول الله ورسوله ، والله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله } سورة الحجرات آية 1 .
الصوفية : تستعمل الطلاسم والحروف والأرقام لعمل الاستخارة والتمائم والحجب وغير ذلك .
الصوفية : لا تتقيد بالصلوات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بل يبتدعون صلوات فيها التبرك الصريح والشّرك الفظيع الذي لا يرضاه الذي يصلون عليه .
أما السؤال عن صحة اتصال مشايخ الصوفية فهي صحيحة لكنها مع الشياطين وليس مع الله
فيوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال تعالى : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه } الأنعام (112) . وقال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم } الأنعام /121) .
وقال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) الشعراء 121/222) . فهذا هو الاتصال الذي يحدث حقيقة ، لا الاتصال الذين يزعمونه زوراً وبهتاناً من اتصالهم بالله ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، يُنظر معجم البدع : 346- 359
واختفاء بعض مشايخ الصوفية فجأة عن أنظار أتباعهم هو نتيجة لهذا الاتّصال مع الشياطين حتى لربما حملوهم إلى أماكن بعيدة وعادوا بهم في اليوم نفسه أو الليلة نفسها إضلالا للبشر من أتْباعهم .
ولذلك كانت القاعدة العظيمة أننا لا نزن الأشخاص بالخوارق التي تظهر على أيديهم وإنما بحسب بعدهم وقربهم والتزامهم بالكتاب والسنّة ، وأولياء الله حقّا لا يُشترط أن تظهر لهم خوارق بل هم الذين يعبدون الله بما شرع ولا يعبدونه بالبدع ، أولياء الله الذين ذكرهم ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في الصحيح 5/2384 عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " . والله الموفق والهادي إلى طريق الصّواب .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
49834
الحكمة من منع المرأة من صيام النفل إلا بإذن زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4910)
سؤال رقم 49834- الحكمة من منع المرأة من صيام النفل إلا بإذن زوجها
ما الحكمة من منع المرأة من صيام النوافل إلا بإذن من زوجها مع أن ذلك عبادة ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ؟.
الحمد لله
روى البخاري (5191) ومسلم (1026) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) .
ولفظ أبي داود (4258) والترمذي (782) ( لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ
وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ ) . صححه الألباني في
صحيح الترمذي .
قال الحافظ :
(وَزَوْجهَا شَاهِد ) أَيْ حَاضِر يعني : مقيم غير مسافر .
( إِلا بِإِذْنِهِ ) يَعْنِي فِي غَيْر صِيَام أَيَّام رَمَضَان
, وَكَذَا فِي غَيْر رَمَضَان مِنْ الْوَاجِب إِذَا تَضَيّقَ الْوَقْت . والحديث
دليل عَلَى تَحْرِيم الصَّوْم الْمَذْكُور عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور .
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ حَقّ الزَّوْج آكَد عَلَى الْمَرْأَة مِنْ
التَّطَوُّع بِالْخَيْرِ , لأَنَّ حَقّه وَاجِب وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ مُقَدَّم
عَلَى الْقِيَام بِالتَّطَوُّعِ اهـ باختصار وتصرف .
وقال النووي :
هَذَا مَحْمُول عَلَى صَوْم التَّطَوُّع وَالْمَنْدُوب الَّذِي
لَيْسَ لَهُ زَمَن مُعَيَّن , وَهَذَا النَّهْي لِلتَّحْرِيمِ صَرَّحَ بِهِ
أَصْحَابنَا , وَسَبَبه أَنَّ الزَّوْج لَهُ حَقّ الاسْتِمْتَاع بِهَا فِي كُلّ
ا
لاَيَّام , وَحَقّه فِيهِ وَاجِب عَلَى الْفَوْر فَلا يَفُوتهُ بِتَطَوُّعٍ وَلا
بِوَاجِبٍ عَلَى التَّرَاخِي , فَإِنْ قِيلَ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوز لَهَا
الصَّوْم بِغَيْرِ إِذْنه , فَإِنْ أَرَادَ الاسْتِمْتَاع بِهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ
وَيُفْسِد صَوْمهَا , فَالْجَوَاب : أَنَّ صَوْمهَا يَمْنَعهُ مِنْ الاسْتِمْتَاع
فِي الْعَادَة ; لأَنَّهُ يَهَاب اِنْتَهَاك الصَّوْم بِالإِفْسَادِ اهـ .
وأما قول السائل : "مع أن الصوم عبادة ولا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق"
فيقال : نعم ، وليس ترك المرأة صوم النفل معصية ، وإنما المعصية
تركها صيام رمضان ، ولذلك تصوم المرأة رمضان بدون إذن زوجها ، كما دل عليه لفظ أبي
داود والترمذي المذكور في أول الجواب.
وقُدِّم حق الزوج على صيام النفل لأن حقه واجب ، وعند تزاحم
العبادات يقدم الأهم .
والله تعالى أعلم .
*****
49836
لماذا لا يدخل صدر الرجل في حدود عورته لأنه يفتن النساء ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/4911)
سؤال رقم 49836- لماذا لا يدخل صدر الرجل في حدود عورته لأنه يفتن النساء ؟
لما كان الحكمة من اللباس ستر العورة لحفظ النفس من الإغراء فلماذا إذن عورة الرجل من السرة إلى الركبة ولا تشمل الصدر الذي هو أكثر مناطق جسم الرجل جذبا للجنس الآخر ؟ أجابني بعض المشايخ الكرام أن ذلك لأن المرأة تتأثر باللمس والرجل بالرؤية ، فإذن لماذا منع الرسولُ صلى الله عليه وسلم عائشة من الجلوس عندما زاره ابن أم مكتوم – الضرير - ولمَ نزلت الآية الكريمة التي تقول – بالمعنى – " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المسلمين أن يغضضن من أبصارهن " ؟.
الحمد لله
أولاً :
في السؤال خطأ في الحديث والآية ولا بد من التنبيه عليهما قبل
الإجابة :
أما الحديث : فليس فيه ذِكر عائشة – رضي الله عنها - ، ثم هو غير
صحيح .
عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة
قالت : فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه - وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب -
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتجبا منه ، فقلت يا رسول الله : أليس هو
أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما
؟ ألستما تبصرانه ؟ . رواه الترمذي ( 2778 ) وأبو داود ( 4112 ) .
والحديث : فيه نبهان مولى أم سلمة وهو مجهول ، وقد ضعفه الشيخ
الألباني في " إرواء الغليل " ( 1806 ) .
وأما الآية المذكورة في السؤال فهي من مجموع آيتين :
الأولى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً
) الأحزاب/59 .
والثانية : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ ) النور/30 ، 31 .
ثانياً :
وأما نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها ، فقد سبق في إجابة
السؤال : ( 49038 ) أنه جائز بشرط ألا يكون
بشهوة ولا يخشى منه الفتنة .
ثالثاً :
لا يعني أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة جواز إظهار الرجل
صدره أمام الرجال فضلاً عن إظهاره أمام النساء ، فإذا لم يكن الصدر من العورة فكشفه
من خوارم المروءة ، ومن فِعْلِ الفسَّاق .
ومما ينبغي أن يُعلم أن الشيء المباح إذا كان يترتب على فعله
مفسدة فإنه يمنع من أجل تلك المفسدة . فإذا كان كشف الرجال صدره سيكون سبباً للفتنة
أو يفتح باباً من أبواب الشر ، فإنه يمنع من أجل ذلك .
وقد شُرع اللباس لحكم عديدة منها : موافقة الفطرة ، والزينة ،
والوقاية من الحر والبرد ، وستر العورة عن النظر إليها .
ولما امتن الله على عباده بخلقه اللباس الذي يواري السوءات نبَّه
على لباس آخر أعظم وهو لباس التقوى .
قال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ
لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ
مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . يَا بَنِي آدَمَ لا
يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ
عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ... ) الأعراف/26 ، 27 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري ، واللباس الذي
المقصود منه الجمال ، وهكذا سائر الأشياء ، كالطعام والشراب والمراكب ، والمناكح
ونحوها ، قد يسر اللّه للعباد ضروريها ، ومكمل ذلك ، و[ بين لهم ] أن هذا ليس
مقصودا بالذات ، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته ، ولهذا قال
: ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) من اللباس الحسي ، فإن لباس التقوى يستمر
مع العبد ، ولا يبلى ولا يبيد ، وهو جمال القلب والروح .
وأما اللباس الظاهري : فغايته أن يستر العورة الظاهرة ، في وقت
من الأوقات ، أو يكون جمالا للإنسان ، وليس وراء ذلك منه نفع .
وأيضاً فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورته الظاهرة ، التي لا
يضره كشفها مع الضرورة ، وأما بتقدير عدم لباس التقوى فإنها تنكشف عورته الباطنة ،
وينال الخزي والفضيحة .
وقوله : ( ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
) أي : ذلك المذكور لكم من اللباس مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتستعينون
باللباس الظاهر على الباطن . " تفسير السعدي " ( ص 248 ) .
والله أعلم .
*****
49844
يسأل عن بيع اللعب المجسمة ، وهل يؤثر في الصيام
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > عبادات > الصوم >(1/4912)
سؤال رقم 49844- يسأل عن بيع اللعب المجسمة ، وهل يؤثر في الصيام
أعمل في محل لُعب ونبيع الدمى والألعاب التي على شكل البشر، فما حكم ذلك ؟ وهل يجوز لي أن أبدأ صيامي فيما بعد بسبب عملي هذا ؟.
الحمد لله
قد سبق بيان تحريم صنع الصور والتماثيل سؤال رقم 7222 ، وسبق أيضا بيان تحريم بيعها
وشرائها سؤال رقم 49676 .
لكن إذا كانت هذه الصور والدمى لعبا للأطفال فقد دلت السنة على
جوازها ؛ ففي الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : (
كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ...الحديث ) البخاري 6130 ، مسلم
2440
قال ابن حجر : وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز
اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات وَاللَّعِب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَات بِهِنَّ ,
وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر , وَبِهِ جَزَمَ
عِيَاض وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُور , وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْع اللَّعِب
لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرهنَّ عَلَى أَمْر بُيُوتهنَّ وَأَوْلادهنَّ
وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان الإِبَاحَةُ لِصِغَارِ النِّسَاء اللَّعِب
بِاللَّعَبِ ..وفي رِوَايَة جرير عن هشام : " كُنْت أَلْعَب بِالْبَنَاتِ وَهُنَّ
اللُّعِب " أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَغَيْره , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ
وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " قَدِمَ رَسُول اللَّه
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة تَبُوك أَوْ خَيْبَر " فَذَكَرَ
الْحَدِيث فِي هَتْكه السِّتْر الَّذِي نَصَبَتْهُ عَلَى بَابهَا قَالَتْ : "
فَكَشَفَ نَاحِيَة السِّتْر عَلَى بَنَات لِعَائِشَة لُعَب فَقَالَ : مَا هَذَا يَا
عَائِشَة , قَالَتْ : بَنَاتِي . قَالَتْ : وَرَأَى فِيهَا فَرَسًا مَرْبُوطًا لَهُ
جَنَاحَانِ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قُلْت فَرَس . قَالَ فَرَس لَهُ جَنَاحَانِ ؟
قُلْت : أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَان خَيْل لَهَا أَجْنِحَة ؟
فَضَحِكَ " انتهى مختصرا . [ والرواية التي ذكرها ابن حجر عند أبي داود برقم
22813 ، وصححها الألباني في غاية المرام 129 ]
قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله :
( أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل ، وإنما يوجد فيه شيء من
الأعضاء والرأس ، ولكن لم تتبين فيه الخلقة ، فهذا لاشك في جوازه ، وأنه من جنس
البنات اللاتي كانت عائشة ، رضي الله عنها ، تلعب بهن .
وأما إذا كان كامل الخلقة ، وكأنما تشاهد إنسانا ، ولاسيما إن
كان له حركة أو صوت ، فإن في نفسي من جواز هذه شيئا ، لأنه يضاهي خلق الله تماما ،
والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف ، فاجتنابها أولى ؛
ولكني لا أقطع بالتحريم ؛ نظرا لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه
الأمور ، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي ، وليس مكلفا بشيء من العبادات حتى
نقول : إن وقته يضيع عليه لهوا وعبثا ، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا
فليقلع الرأس ، أو يحميه على النار حتى يلين ، ثم يضغطه حتى تزول معالمه . ) مجموع فتاوى الشيخ 2/277-278
وأما قول السائل : وهل يجوز لي أن أبدأ صيامي ، فيما بعد ، بسبب
عملي هذا ؟ فلم يتبين لنا مراده به تماما ؛ فإن كان يعني أن هذا العمل يبطل الصيام
، ويكون المشروع في حقه قضاء الصيام في وقت آخر لا يشتغل فيه بهذا العمل المحرم ،
فقد سبق بيان أن جميع المعاصي تؤثر في الصيام ، فينقص بذلك أجره ، وقد يحرم ثواب
صومه بالكلية ، إذا كثر عمله بالمعاصي ، لكن صيامه لا يبطل ، ولا يؤمر بقضائه ،
وإنما عليه أن يكف نفسه عن هذه المعاصي في كل وقت ، وخاصة في رمضان . انظر السؤال
رقم ( 37877 ) و ( 37989 ) .
وإن كان يريد السؤال عن أمر آخر ، فنرجو إيضاحه حتى نتمكن من
الإجابة عليه .
*****
49848
تزعم عدم وجود دليل يوجب على الحائض قضاء الصوم
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4913)
سؤال رقم 49848- تزعم عدم وجود دليل يوجب على الحائض قضاء الصوم
فتاة بالغة لا تريد قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان بحجة أنه لا يوجد هناك دليل شرعي لا في الكتاب ولا في السنة يوجب قضاء تلك الأيام . أطلب من فضيلتكم موافاتي بدليل من القرآن أو السنة لكي أنصح به تلك الفتاة .
الحمد لله
وجوب قضاء الصوم على الحائض حكم متفق عليه بين المسلمين ، وقد دل
عليه السنة الصحيحة والإجماع .
روى البخاري (321) ومسلم (335) واللفظ له عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ
: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ : مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا
تَقْضِي الصَّلاةَ ؟ فَقَالَتْ : أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ ؟! قُلْتُ : لَسْتُ
بِحَرُورِيَّةٍ ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ . قَالَتْ : كَانَ
يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّلَاةِ .
قال النووي رحمه الله :
هَذَا الْحُكْم مُتَّفَق عَلَيْهِ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى
أَنَّ الْحَائِض وَالنُّفَسَاء لا تَجِب عَلَيْهِمَا الصَّلاة وَلا الصَّوْم فِي
الْحَال , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَجِب عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّلاة ,
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّوْم .
قَالَ الْعُلَمَاء : وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الصَّلاة
كَثِيرَة مُتَكَرِّرَة فَيَشُقّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الصَّوْم , فَإِنَّهُ يَجِب
فِي السَّنَة مَرَّة وَاحِدَة , وَرُبَّمَا كَانَ الْحَيْض يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ
اهـ .
قال الحافظ :
( أَحَرُورِيَّة ) الْحَرُورِيّ مَنْسُوب إِلَى حَرُورَاء
بَلْدَة عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْكُوفَة .
وَيُقَال لِمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب الْخَوَارِج حَرُورِيّ ;
لأَنَّ أَوَّل فِرْقَة مِنْهُمْ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ بِالْبَلْدَةِ
الْمَذْكُورَة فَاشْتُهِرُوا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا , وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَة ,
لَكِنْ مِنْ أُصُولهمْ الْمُتَّفَق عَلَيْهَا بَيْنهمْ الأَخْذُ بِمَا دَلَّ
عَلَيْهِ الْقُرْآن وَرَدُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيث مُطْلَقًا ,
وَلِهَذَا اِسْتَفْهَمَتْ عَائِشَة مُعَاذَة اِسْتِفْهَام إِنْكَار اهـ باختصار .
وقال ابن قدامة في المغني (3/39) :
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ
وَالنُّفَسَاءَ لا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ , وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ
, وَيَقْضِيَانِ , وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ اهـ .
قال النووي في "المجموع" (2/386) :
وَأَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ
رَمَضَانَ عَلَيْهَا , نَقَلَ الإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ
الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ اهـ .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/219) :
ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ دَمَ
الْحَيْضِ يُنَافِي الصَّوْمَ فَلا تَصُومُ الْحَائِضُ لَكِنْ تَقْضِي الصِّيَامَ
اهـ .
فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم إجماع العلماء نقله غير
واحد من أهل العلم .
فكيف يقال بعد ذلك : ليس هناك دليل على وجوب قضاء الحائض الصوم !
فعلى هذه المرأة التي أشارت إليها السائلة أن تتوب إلى الله
تعالى من هذا القول المنكر ، الذي فيه جرأة على شرع الله تعالى وأحكامه ، والواجب
على من لا يعلم أن يبحث ويسأل أهل العلم ، ولا يجوز له أن يقول في دين الله تعالى
بغير علم ، فإن ذلك من المحرمات ، قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33 .
وليعلم المسلم أنه مسئول عما يصدر عنه من قول ، قال الله تعالى :
( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/18 .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا البصيرة والفقه في دينه .
والله تعالى أعلم .
*****
49860
يسأل عن إعراب كلمة ( الصابئون ) وكيف نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4914)
سؤال رقم 49860- يسأل عن إعراب كلمة ( الصابئون ) وكيف نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن
أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة ، ولماذا جاءت بالواو ، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء ، وتشابه الكلام في الآيتين كبير . وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول : إن القرآن فيه أخطاء نحوية ، فقلت له : سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن . وقولي هذا عن قوه إيمان ، وعن ثقة بأن القرآن ، كلام الله سبحانه وتعالى ، منزه عن قول المفترين .
الحمد لله
وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج ؛ في
قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى
وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ ) البقرة/62 ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ
وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17
ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة ؛ في قول الله
تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ
وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا
خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 أما الآيتان الأوليان فلا
إشكال في إعرابهما ؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب ،
وهي " الذين " ؛ اسم إن ، فنصبت ، وعلامة نصبها الياء ، لأنها جمع مذكر سالم .
وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة ، آية سورة المائدة ؛ فقد
وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين ، ومع ذلك جاءت مرفوعة .
وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه ،
وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب ، ونكتفي هنا بثلاثة منها ، هي من أشهر ما
قيل في ذلك :
الأول : أن الآية فيها تقديم وتأخير ، وعلى ذلك يكون سياق المعنى
: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، من آمن بالله ...فلا خوف عليهم ، ولاهم
يحزنون ، والصابئون كذلك ، فتعرب مبتدأً مرفوعا ،وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر
سالم . ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب
وموطن الشاهد قوله "قيار" ، وهو اسم لفرسه ، أو جمله ؛ فقد جاءت
هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن
المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله ( فإني )
الثاني : أن " الصابئون " مبتدأ ، والنصارى معطوف عليه ، وجملة
من آمن بالله ... خبر "الصابئون" ، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ
"الصابئون" ، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :
نحن بما عندنا ، وأنت بما عندك راضٍ ، والأمر مختلف
والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره ، اكتفاء بخبر
المعطوف "أنت" ؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول ، وتقدير الكلام : نحن بما
عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض .
الثالث : أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف
الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن
محله الأصلي ، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون"
باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن . [ انظر : أوضح المسالك ، لابن هشام ،
مع شرح محيي الدين ، 1/352-366 , تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية] .
وما ذكرته ، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه ، هو الواجب
على كل مسلم ، قال الله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ
مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 قال الشيخ ابن عاشور ، رحمه الله في تفسيره :
( وبعد فمما يجب أن يوقَن به أن هذا اللفظ كذلك نزل ، وكذلك نطق
به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلقاه المسلمون منه وقرؤوه ، وكتب في المصاحف
، وهم عرب خُلَّص ، فكان لنا أصلا نتعرف منه أسلوبا من أساليب استعمال العرب في
العطف ، وإن كان استعمالا غير شائع ، لكنه من الفصاحة والإيجاز بمكان ... ) اهـ
وتلمس ابن عاشور الفائدة البلاغية من الإتيان بلفظ " الصابئون "
موفوعاً ، فقال ما معناه :
إن الرفع في هذا السياق غريب ، فيستوقف القارئ عنده : لماذا رفع
هذا الاسم بالذات ، مع أن المألوف في مثل هذا أن ينصب ؟
فيقال : إن هذه الغرابة في رفع الصابئون تناسب غرابة دخول
الصابئين في الوعد بالمغفرة ، لأنهم يعبدون الكواكب ، فهم أبعد عن الهدى من اليهود
والنصارى ، حتى إنهم يكادون ييأسون من الوعد بالمغفرة والنجاة فنبه بذلك على أن عفو
الله عظيم . يشمل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وإن كان من الصابئين . [انظر تفسير آية المائدة من تفسير ابن عاشور ]
ولمعرفة من هم الصابئة ؟ انظر الإجابة على السؤال رقم ( 49048 )
لكن يبقى لنا عِبَرٌ لا ينبغي تفويتها في هذا السياق :
أولا : ينبغي علينا الاهتمام بالعلم الشرعي ؛ فلا يكفي فقط أن
يعتصم الإنسان بما عنده من يقين سابق ، وإن كان ذلك أعظم ملجأ ومعاذ ، بل إذا ضم
إلى ذلك العلم الشرعي كان ، إن شاء الله ، في مأمن من أن تهز إيمانه هذه الشبهات
وأمثالها ، مما يثيره أعداء دينه .
ثانيا : ينبهنا مثل هذا الموقف إلى قدر من التفريط في واجب من
أعظم واجباتنا نحو كتاب الله تعالى ، ألا وهو واجب التدبر والمدارسة ، وليس مجرد
التلاوة ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا
آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، قال
الشيخ ابن سعدي ، رحمه الله : " أي هذه الحكمة من إنزاله ، ليتدبر الناس آياته ،
فيستخرجوا علمها ، ويتأملوا أسرارها وحكمها ، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه ،
وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة ، تدرك بركته وخيره ، وهذا يدل على الحث على تدبر
القرآن ، وأنه من أفضل الأعمال ، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة
التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود " ؛ والدليل من هذا الموقف على ما ذكر هو
أننا لو كنا نقوم بهذا الواجب حينا بعد حين لأوشكت مثل هذه الآيات أن تستوقفنا ،
لنسأل عنها ، أو نبحثها ، قبل أن نواجه بالإشكال من أعدائنا .
ثالثا : إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام
المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم ، بالتي هي
أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين .
والله الموفق .
*****
49867
الترغيب في صيام أيام البيض وشهر شعبان
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/4915)
سؤال رقم 49867- الترغيب في صيام أيام البيض وشهر شعبان
لقد اعتدت صيام أيام البيض من كل شهر ولله الحمد ولكن هذا الشهر لم أصم وعندما أردت الصيام قيل لي إنه لا يجوز وإنها بدعة ، ( لقد صمت يوم الاثنين أول الشهر ثم صمت يوم الأربعاء 19 شعبان وبإذن الله سأصوم غداً الخميس وبذلك أكون صمت 3 أيام ) فما الحكم ؟ وما حكم إكثار الصيام في شهر شعبان؟.
الحمد لله
أولاً :
حرَّم الله تعالى القول عليه بغير علم ، وقرن ذلك بالشرك وكبائر
الذنوب ، فقال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ
مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا
بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا
لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
ومن القول عليه بغير علم ما جاء في السؤال من قول بعضهم ببدعية
صيام ثلاثة أيام من شهر شعبان على الوجه المذكور في السؤال .
ثانياً :
يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، والأفضل أن تكون أيام البيض
وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن
حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر .
رواه البخاري ( 1124 ) ومسلم ( 721 ) .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام ؛ فإن لك بكل حسنة عشر
أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله " .
رواه البخاري ( 1874 ) ومسلم ( 1159 ) .
وعن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا
صمت شيئاً من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة " .
رواه الترمذي ( 761 ) والنسائي ( 2424 ) . والحديث حسنه الترمذي ووافقه الألباني
في " إرواء الغليل " ( 947 ) .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :
ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة - رضي
الله عنه - بصيام ثلاثة أيام من كل شهر فمتى تصام هذه الأيام ؟ وهل هي متتابعة ؟ .
فأجاب :
هذه الأيام الثلاثة يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة ، ويجوز أن
تكون من أول الشهر ، أو من وسطه ، أو من آخره ، والأمر واسع ولله الحمد ، حيث لم
يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد سئلت عائشة - رضي الله عنها - : أكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : " نعم " ، فقيل : من
أي الشهر كان يصوم ؟ قالت : " لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم " – رواه مسلم
( 1160 ) - ، لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أفضل ،
لأنها الأيام البيض .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 20 / السؤال رقم 376 ) .
ثالثاً :
لعل من أراد منعك من صيام هذه الأيام في هذا الشهر (شعبان) لعله
قال ذلك لأنه علم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصيام إذا
انتصف شعبان .
وقد سبق في إجابة السؤال ( 49884 ) أن هذا النهي
إنما هو في حق من ابتدأ الصيام في النصف الثاني من شعبان ، ولم تكن له عادة بالصيام
.
أما من ابتدأ الصيام في النصف الأول ثم استمر صائماً في النصف
الثاني ، أو كانت له عادة بالصيام فلا حرج من صيامه في النصف الثاني ، كمن اعتاد
صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو صيام يومي الاثنين والخميس .
وعلى هذا فلا حرج من صيامك ثلاثة أيام من شهر شعبان ، حتى لو وقع
بعضها في النصف الثاني من الشهر .
رابعاً :
ولا بأس من إكثار الصيام في شهر شعبان ، بل هو من السنة ، فقد
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصوم في هذا الشهر .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان .
رواه البخاري ( 1868 ) ومسلم ( 1156 ) .
وعن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها حدثته قالت : لم يكن النبي
صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله وكان يقول
خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله
عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّت ، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها .
رواه البخاري ( 1869 ) ومسلم ( 782 ) .
راجع السؤال المشار إليه آنفاً ( 49884 )
.
والله أعلم .
*****
49884
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4916)
سؤال رقم 49884- لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
كانت عليّ أيام كثيرة من صيام رمضان بسبب الحمل والولادة الذي صادف أيام رمضان المبارك .. وقد قضيتها ولله الحمد باستثناء آخر سبعة أيام . وقد صمت ثلاثة منها بعد نصف شعبان ، وأريد أن أكمل الباقي قبل رمضان .
وقد قرأت على موقعكم أن صيام النصف الثاني لا يجوز إلا للشخص المتعود على الصيام. أفيدوني أفادكم الله حيث إنني أريد أن أعرف هل أتم صيام الأيام التي عليّ أم لا ؟ وإذا كان الجواب لا .. فما حكم الأيام الثلاث التي صمتها هل علي قضاؤها مرة أخرى أم لا ؟.
الحمد لله
ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (
إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا ) . رواه أبو داود (3237)
والترمذي (738) وابن ماجه (1651) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذا النهي يستثنى منه :
1- من له عادة بالصيام ، كرجل اعتاد صوم يومي الاثنين والخميس ،
فإنه يصومها ولو بعد النصف من شعبان ودليل هذا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا
رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ) رواه البخاري (1914) ومسلم
(1082) .
2- من بدأ بالصيام قبل نصف شعبان ، فوصل ما بعد النصف بما قبله ،
فهذا لا يشمله النهي أيضا. ودليل هذا قول عائشة رضي الله عنها ( كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، يَصُومُ
شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا ) . رواه البخاري (1970) ومسلم (1156) واللفظ لمسلم
.
قال النووي :
قَوْلهَا : ( كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه , كَانَ يَصُومُهُ
إِلا قَلِيلا ) الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا "كُلّه"
أَيْ غَالِبُهُ اهـ .
فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله
بما قبل النصف .
3- ويستثنى من هذا النهي أيضا من يصوم قضاء رمضان .
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/399) :
قَالَ أَصْحَابُنَا : لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ
رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ . . . فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ
كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ
سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى . . وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ
مِنْ رَمَضَانَ , فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ; لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ
اهـ .
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال
ليلة الثلاثين غيم أو غبار أو نحو ذلك ، وسمي يوم الشك ، لأنه مشكوك فيه ، هل هو
آخر يوم من شعبان أو أول يوم من رمضان .
وخلاصة الجواب :
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان ، وهذا لا يشمله
نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصيام إذا انتصف شعبان .
فصيامك الأيام الثلاثة صحيح ، وعليك بصيام الأيام المتبقية قبل
دخول رمضان .
والله تعالى أعلم .
*****
49884
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4917)
سؤال رقم 49884- لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
كانت عليّ أيام كثيرة من صيام رمضان بسبب الحمل والولادة الذي صادف أيام رمضان المبارك .. وقد قضيتها ولله الحمد باستثناء آخر سبعة أيام . وقد صمت ثلاثة منها بعد نصف شعبان ، وأريد أن أكمل الباقي قبل رمضان .
وقد قرأت على موقعكم أن صيام النصف الثاني لا يجوز إلا للشخص المتعود على الصيام. أفيدوني أفادكم الله حيث إنني أريد أن أعرف هل أتم صيام الأيام التي عليّ أم لا ؟ وإذا كان الجواب لا .. فما حكم الأيام الثلاث التي صمتها هل علي قضاؤها مرة أخرى أم لا ؟.
الحمد لله
ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (
إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا ) . رواه أبو داود (3237)
والترمذي (738) وابن ماجه (1651) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذا النهي يستثنى منه :
1- من له عادة بالصيام ، كرجل اعتاد صوم يومي الاثنين والخميس ،
فإنه يصومها ولو بعد النصف من شعبان ودليل هذا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا
رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ ) رواه البخاري (1914) ومسلم
(1082) .
2- من بدأ بالصيام قبل نصف شعبان ، فوصل ما بعد النصف بما قبله ،
فهذا لا يشمله النهي أيضا. ودليل هذا قول عائشة رضي الله عنها ( كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، يَصُومُ
شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا ) . رواه البخاري (1970) ومسلم (1156) واللفظ لمسلم
.
قال النووي :
قَوْلهَا : ( كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه , كَانَ يَصُومُهُ
إِلا قَلِيلا ) الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا "كُلّه"
أَيْ غَالِبُهُ اهـ .
فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله
بما قبل النصف .
3- ويستثنى من هذا النهي أيضا من يصوم قضاء رمضان .
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/399) :
قَالَ أَصْحَابُنَا : لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ
رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ . . . فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ
كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ
سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى . . وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ
مِنْ رَمَضَانَ , فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ; لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ
اهـ .
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال
ليلة الثلاثين غيم أو غبار أو نحو ذلك ، وسمي يوم الشك ، لأنه مشكوك فيه ، هل هو
آخر يوم من شعبان أو أول يوم من رمضان .
وخلاصة الجواب :
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان ، وهذا لا يشمله
نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصيام إذا انتصف شعبان .
فصيامك الأيام الثلاثة صحيح ، وعليك بصيام الأيام المتبقية قبل
دخول رمضان .
والله تعالى أعلم .
*****
49885
مسافر والجمع بين الصلاتين أسهل له
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4918)
سؤال رقم 49885- مسافر والجمع بين الصلاتين أسهل له
أنا أعمل في القاهرة وأقيم في طنطا ( المسافة هي 86 كيلوا متر ) وفي رمضان أعمل الآتي عندما أصلي الظهر بعدها أنوي صلاة العصر قصرا - و ذلك لأني عندما أخرج من الشغل يكون العصر علي وشك الأذان ، وأكون مستعجلاً جدا لكي ألحق القطار .
فهل يجوز لي الجمع والقصر كما أفعل ؟ أم أنتظر حتى أصلي العصر ثم أعود إلى بلدي وهذا سوف يؤخرني، فأصل مع غروب الشمس ، وفيه مشقة شديدة علي لأنني لن أتمكن من الراحة لاسيما وأنا أريد أن أصلي التراويح . وهل يجوز أن أصلي في القطار وأنا جالس ؟.
`
الحمد لله
أولاً :
يجوز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء
للمسافر وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة منها :
1-ما رواه البخاري (1108) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : انَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ
بَيْنَ صَلاةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ .
2- وروى أحمد (3278) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ . قال الشيخ أحمد شاكر (3288) : إسناده صحيح اهـ .
3- وفي صحيح مسلم (706) عَنْ مُعَاذٍ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ
يُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.
والمسافر له حالان :
الأولى أن يكون سائرا ، أي : يكون مسافرا على الطريق .
الثاني : أن يكون نازلا ، بمعنى أن لا يكون سائراً على الطريق ،
فإما أن يكون وصل البلد التي سافر إليها ، أو نزل أثناء السفر بالطريق ومكث في هذا
المكان مدة .
والجمع جائز لكل مسافر سواء كان نازلا أم مسافرا .
لكن هل الأفضل للمسافر الجمع أم الأفضل أن يصلي كل صلاة في وقتها
؟
قال الشيخ ابن عثيمين في رسالته في مواقيت الصلاة (ص 26) :
" الأفضل للمسافر النازل أن لا يجمع ، وإن جمع فلا بأس إلا أن
يكون في حاجة إلى الجمع إما لشدة تعبه ليستريح ، أو لمشقة طلب الماء عليه لكل وقت
ونحو ذلك ، فإن الأفضل له الجمع واتباع الرخصة.
وأما المسافر السائر فالأفضل له الجمع بين الظهر والعصر وبين
المغرب والعشاء ـ حسب الأيسر له ـ إما جمع تقديم ، يقدم الثانية في وقت الأولى ،
وإما جمع تأخير يؤخر الأولى إلى وقت الثانية " اهـ .
وعلى هذا فالأفضل لك الأخذ بالرخصة ، فتجمع بين صلاتي الظهر
والعصر جمع تقديم لأن هذا هو الأسهل لك ، وكان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُخَيَّر بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا
لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ . رواه البخاري (3560) ومسلم (2327) .
وعليك في هذه الحال أن تحرص على صلاتة العصر جماعة ، فتنظر من
يصلي معك .
ثانياً :
وأما صلاتك العصر في القطار وأنت جالس فهي جائزة عند جمهور
العلماء إذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/120) :
" إذا حان وقت الصلاة والطائرة مستمرة في طيرانها ويخشى فوت وقت
الصلاة قبل هبوطها في أحد المطارات فقد أجمع أهل العلم على وجوب أدائها بقدر
الاستطاعة ركوعاً وسجوداً واستقبالاً للقبلة لقوله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ
مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق عليه .
أما إذا علم أنها ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بقدر يكفي لأدائها
أو أن الصلاة مما يجمع مع غيره كصلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء ، وعلم
أنها ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي لأدائهما فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى
جواز أدائها في الطائرة لوجوب الأمر بأدائها بدخول وقتها حسب الاستطاعة كما تقدم
وهو الصواب " اهـ .
وجاء فيها أيضاً (8/126) :
" لا يجوز أن يصلي قاعداً في الطائرة ولا غيرها إذا كان يقدر على
القيام لعموم قوله تعالى : ( وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة/238. وحديث
عمران بن حصين الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( صَلِّ
قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى
جَنْبٍ ) زاد النسائي بسند صحيح ( فإن لم تستطع فمستلقياً ) " اهـ .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصلاة في الطائرة ومثلها القطار
والسيارة غير جائزة إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة كما يؤديها على الأرض إلا إذا
خشي خروج وقتها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى أركان الإسلام" (ص
380) :
" تجب الصلاة في الطائرة إذا جهل وقتها ، لكن إذا كان لا يتمكن
من أداء الصلاة في الطائرة كما يؤديها على الأرض فلا يصلي الفريضة في الطائرة إذا
كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج وقت الصلاة ، أو خروج وقت التي بعدها مما يجمع
إليها . فمثلا لو أقلعت الطائرة من جدة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو
فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط الطائرة في المطار وينزل منها فإن خاف خروج وقتها نوى
جمعها إلى العشاء جمع تأخير وصلاهما إذا نزل فإن استمرت الطائرة حتى خاف أن يخرج
وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل فإنه يصليهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة " اهـ
.
وعلى هذا فالأحوط لك أن لا تصلي العصر في القطار ، بل تجمعها مع
الظهر جمع تقديم كما سبق .
*****
49886
هل يجوز نقل الكتب الموقوفة على مسجد لمسجد آخر ؟
الفقه > عبادات > الوقف >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4919)
سؤال رقم 49886- هل يجوز نقل الكتب الموقوفة على مسجد لمسجد آخر ؟
هل يجوز نقل الكتب الموجودة في مسجد إلى مسجد آخر ؟ كيف ؟ ومن يحق له ؟ هل هناك شروط ؟.
الحمد لله
أولاً :
الأصل أن الأشياء الموقوفة على مسجد معين لا تنقل إلى غيره , لأن
صاحبها إنما أخرجها عن ملكه لهذا المسجد المعين , فلا يجوز أن تنقل إلى غيره .
ثانياً :
أجاز بعض العلماء – وهو الصحيح - نقلها إلى مسجد آخر بشرط : أن
يكون نقلها أنفع من بقائها في ذلك المسجد .
كما لو كان المنتفعون من هذه الكتب في المسجد الثاني أكثر عدداً
من المنتفعين بها في المسجد الأول .
أو كانوا مجموعة من الدعاة إلى الله وطلبة العلم , فيستفيدون
ويفيدون غيرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه ، وإن اختلف ذلك
باختلاف الزمان , حتى لو وقف على الفقهاء . . . واحتاج الناس إلى الجهاد صرف إلى
الجند " انتهى .
"الاختيارات" (ص 176) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تغيير بعض الشروط التي
اشترطها الواقف إلى ما هو أفضل :
" وهذه المسألة اختلف فيها العلماء فمنهم من يقول : إن الواقف
إذا شرط شروطاً في الوقف ورأى الناظر أن غير هذا الشرط أنفع للعباد وأكثر أجراً
فإنه لا بأس أن يصرفه إلى غيره .
ومنهم من منع ذلك وقالوا : إن هذا الرجل أخرج هذا الوقف عن ملكه
على وجه معين فلا يجوز أن يُتَصرف في ملكه إلا حسب ما أخرجه .
وأما الذين قالوا بالجواز فيقولون : إن أصل الوقف للبر والإحسان
فما كان أبر وأحسن فهو أنفع للواقف ، واستدل هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم
أتاه رجل عام الفتح , وقال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي
في بيت المقدس , فقال : ( صلِّ ها هنا ) , فأعاد عليه , فقال : ( صلِّ ها هنا ) ,
فأعاد عليه فقال : ( صلِّ ها هنا ) فأعاد عليه فقال : ( شأنك إذاً ) .
والوقف شبيه بالنذر ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز
للناذر أن ينتقل إلى الأفضل , فالواقف كذلك , وهذا القول هو الصحيح , أنه يجوز أن
يغير شرط الواقف إلى ما هو أفضل ، ما لم يكن الوقف على معيّن , فإن كان الوقف على
معيّن لم يجز صرفه إلى جهة أفضل ، لأنه معيّن فتعلق الحق بالشخص المعيّن , فلا يمكن
أن يغير أو يحول " انتهى بتصرف .
"الشرح الممتع" ( 9/561,560 ) .
ثالثاً :
وأما من يحق له نقلها فهو ناظر الوقف ( المسئول عنها ) الذي تم
تعينه من قبل الواقف لهذه الكتب , فإن لم يوجد , فيرجع في هذا إلى الجهة المسئولة
عن هذه الكتب كوزارة الأوقاف في البلاد الإسلامية .
والله أعلم .
*****
49897
هل يجوز تكرار العمرة ؟ وكم يكون بينهما ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
سؤال رقم 49897: هل يجوز تكرار العمرة ؟ وكم يكون بينهما ؟
سنقوم بأداء رحلة العمرة في نهاية شهر شعبان وبداية رمضان إن شاء الله وسؤالي : هل يمكن عمل أكثر من عمرة ؟ بمعنى عمل عمرة ثم الانتظار فترة والإحرام مرة أخرى ثم القيام بعمرة أخرى- وكم الفترة التي يجب انتظارها بين العمرتين ؟.
الحمد لله
لا حرج من تكرار العمرة . فقد رَغَّب النبي صلى الله عليه وسلم
في العمرة إلى العمرة ، ولم يحدد وقتاً بين العمرتين .
قال ابن قدامة في المغني :
وَلا بَأْسَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا ، رُوِيَ
ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ , وَابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَأَنَسٍ , وَعَائِشَةَ
, وَعَطَاءٍ , وَطَاوُسٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَالشَّافِعِيِّ لأَنَّ عَائِشَةَ
اعْتَمَرَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ
كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (17/432) :
هل يجوز تكرار العمرة في رمضان طلبا للأجر المترتب على ذلك ؟
فأجاب :
" لا حرج في ذلك ، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
: ( الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ، وَالْحَجُّ
الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ ) رواه البخاري (1773)
ومسلم (1349) .
إذا اعتمر ثلاث أو أربع مرات فلا حرج في ذلك . فقد اعتمرت عائشة
رضي الله عنها في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع
عمرتين في أقل من عشرين يوما " اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/337) :
إنني أسكن في قرية تبعد عن مكة 100 كيلو متر ، وفي شهر رمضان
المبارك من كل عام أذهب إلى مكة معتمرا ، وأصلي صلاة الجمعة والعصر ، ثم أعود إلى
قريتي ، وقد تناقشت بها مع بعض إخواني فقالوا لي : لا تجوز العمرة كل أسبوع في شهر
رمضان المبارك .
فأجابت :
إذا كان الواقع كما ذكرت فذلك جائز ، لأنه لم يرد نص في تحديد
فترة بين العمرة والتي تليها اهـ .
وقد ذهب بعض العلماء إلى تحديد المدة بين العمرتين بما إذا ظهر
له شعر يحلقه في العمرة الثانية ، وهذه المدة قد تكون نحواً من أسبوع أو عشرة أيام.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (7/242) :
قال الإمام أحمد : " لا يعتمر إلا إذا حَمَّم رأسه" حمم أي :
اسود من الشعر .
وبناء على هذا يكون ما يفعله العامة الآن من تكرار العمرة ،
ولاسيما في رمضان كل يوم إن لم يكن بعضهم يعتمر في النهار عمرة وفي الليل عمرة خلاف
ما عليه السلف اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" :
"وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه فِي كُلٍّ شَهْرٍ مَرَّةً .
وَكَانَ أَنَسٌ إذَا حَمَّمَ رَأْسَهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ . رَوَاهُمَا
الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ . وَقَالَ عِكْرِمَةُ : يَعْتَمِرُ إذَا أَمْكَنَ
الْمُوسَى مِنْ شَعْرِهِ . وَقَالَ عَطَاءٌ : إنْ شَاءَ اعْتَمَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ
مَرَّتَيْنِ . وقَالَ أَحْمَدُ : إذَا اعْتَمَرَ فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْلِقَ
أَوْ يُقَصِّرَ , وَفِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ حَلْقُ الرَّأْسِ" اهـ .
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (26/45) :
والذي نص عليه أَحْمَد أَنَّهُ لا يُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْ
الْعُمْرَةِ لا مِنْ مَكَّةَ وَلا غَيْرِهَا بَلْ يَجْعَلُ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ
مُدَّةً وَلَوْ أَنَّهُ مِقْدَارُ مَا يَنْبُتُ فِيهِ شَعْرُهُ وَيُمْكِنُهُ
الْحِلاقُ (يعني الحلق) اهـ . بتصرف .
*****
49898
شروط خروج المرأة إلى المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4920)
سؤال رقم 49898- شروط خروج المرأة إلى المسجد
هل يجوز للمرأة الذهاب لصلاة التهجد في المسجد دون محرم ؟ حيث إن المسجد بجوار البيت ورجال البيت لا يؤدون هذه الصلاة .
الحمد لله
يجوز للمرأة أن تذهب إلى المسجد للصلاة بشروط معينة ، وليس من
هذه الشروط أن يكون معها محرم، فلا حرج عليها من الذهاب إلى المسجد للصلاة من غير
محرم .
جاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (7/332) :
فأجابت :
يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في المساجد ، وليس لزوجها إذا
استأذنته أن يمنعها من ذلك ما دامت مستترة ولا يبدو من بدنها شيء مما يحرم نظر
الأجانب إليه ؛ لما رواه ابْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا اسْتَأْذَنَكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى
الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ ) . وفي رواية : ( لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ
حُظُوظَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِذَا اسْتَأْذَنكُمْ ) فَقَالَ بِلالٌ (هو ابن
لعبد الله بن عمر) : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ . فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ :
أَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ أَنْتَ
لَنَمْنَعُهُنَّ . رواهما مسلم .
فإن كانت متكشفة قد بدا من بدنها ما يحرم على الأجانب النظر إليه
أو كانت متطيبة فلا يجوز لها الخروج على هذه الحالة من بيتها فضلا عن خروجها إلى
المساجد وصلاتها فيها ؛ لما في ذلك من الفتنة ؛ قال الله تعالى : ( وَقُلْ
لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ) النور/31 .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ
وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ
ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً
) الأحزاب /59 .
وثبت أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ
اللَّيْلَةَ ) . وفي رواية : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلا
تَمَسَّ طِيبًا ) رواهما مسلم في صحيحه .
وثبت في الأحاديث الصحيحة أن نساء الصحابة كن يحضرن صلاة الفجر
جماعة متلفعات بمروطهن (أي ساترات وجوههن) ما يعرفهن أحد من الناس ، وثبت أن
عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالت : سَمِعَتْ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : ( لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ
الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فقيل لِعَمْرَةَ :
أَنِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . رواه مسلم في صحيحه .
فهذه النصوص تدل دلالة واضحة على أن المرأة المسلمة إذا التزمت
آداب الإسلام في ملابسها وتجنبت ما يثير الفتنة ويستميل نفوس ضعفاء الإيمان من
أنواع الزينة المغرية ، لا تمنع من الصلاة في المساجد، وأنها إذا كانت على حالة
تغري بها أهل الشر وتفتن من في قلبه ريب منعت من دخول المساجد ، بل تمنع من الخروج
من بيتها ومن حضور المجامع العامة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (14/211) :
"ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة بشرط أن
يخرجن محتشمات غير متبرجات بزينة ولا متطيبات" اهـ .
وجمع الشيخ بكر أبو زيد في كتابه "حراسة الفضيلة" (ص86) شروط
خروج المرأة إلى المسجد فقال :
"أذن للمرأة بالخروج للمسجد وفق الأحكام الآتية :
1-أن تؤمن الفتنة بها وعليها .
2- أن لا يترتب على حضورها محذور شرعي .
3- أن لا تزاحم الرجال في الطريق ولا في الجامع .
4- أن تخرج تَفِلَة . أي : غير متطيبة .
5- أن تخرج متحجبة غير متبرجة بزينة .
6- إفراد باب خاص للنساء في المساجد ، يكون دخولها وخروجها منه ،
كما ثبت الحديث بذلك في سنن أبي داود وغيره .
7- تكون صفوف النساء خلف الرجال .
8- خير صفوف النساء آخرها بخلاف الرجال .
9- إذا ناب الإمام شيء في صلاته سبح رجل ، وصفقت امرأة .
10- تخرج النساء من المسجد قبل الرجال ، وعلى الرجال الانتظار
حتى انصرافهن إلى دورهن ، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها في صحيح البخاري
وغيره" اهـ ..
*****
49899
أخذ زكاة أموال ليوزعها على الفقراء فهل يأخذ منها ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4921)
سؤال رقم 49899- أخذ زكاة أموال ليوزعها على الفقراء فهل يأخذ منها ؟
أحد أصدقائي أعطاني مبلغاً من الزكاة لكي أقوم بتوزيعها على من يستحقها . وقد قمت بتوزيع جزء من المبلغ ومازلت أقوم بتوزيع باقي المبلغ ولكنى في نفس الوقت محتاج لمبالغ من المال لأني مقبل على الزواج وكذلك لإتمام بناء منزلي الذي لم ينته بناؤه ، كما أنني في نفس الوقت غارم وعلي ديون . فهل يحق لي أن آخذ من الزكاة أم لا ؟ علما بأني لا أستطيع أن أقول لصديقي في الوقت الحالي .
الحمد لله
ليس لك أن تأخذ من هذا المال شيئاً ، لأن صاحبه إنما أعطاه لك
لتوزعه لا لتأخذه ، فأنت وكيل لصاحب المال ، ليس لك التصرف إلا فيما أذن لك فيه .
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص447) : عن رجل
فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها ثم يأخذها هو فما الحكم في هذا
العمل ؟
فأجاب :
هذا محرم عليه وهو خلاف الأمانة ، لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل
يدفعه لغيره ، وهو يأخذه لنفسه ، وقد ذكر أهل العلم أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف
فيما وكل فيه لنفسه ، وعلى هذا فإن الواجب على هذا الشخص أن يبين لصاحبه أن ما كان
يأخذه من قبل كان يصرفه لنفسه ، فإن أجازه فذلك ، وإن لم يجزه فإن عليه الضمان ـ أي
يضمن ما أخذ لنفسه ليؤدي به الزكاة عن صاحبه.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى مسألة يفعلها بعض الناس الجهال
وهو : أنه يكون فقيرا فيأخذ الزكاة ، ثم يغنيه الله فيعطيه الناس على أنه لم يزل
فقيرا ، ثم يأخذها ، فمن الناس من يأخذها ويأكلها ويقول : أنا ما سألت الناس ، وهذا
رزق ساقه الله إليّ وهذا محرم ؛ لأن من أغناه الله تعالى حرم عليه أن يأخذ شيئا من
الزكاة .
ومن الناس من يأخذها ثم يعطيها غيره بدون أن يوكله صاحب الزكاة
وهذا أيضا محرم ولا يحل له أن يتصرف هذا التصرف وإن كان دون الأول ، لكنه محرم عليه
أن يفعل هذا ، ويجب عليه ضمان الزكاة لصاحبه إذا لم يأذن له ولم يجز تصرفه اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (9/436) :
لقد أعطاني بعض الناس أموال زكاة لأصرفها في مصارفها الشرعية
وأخذت المال ووزعت منه ولكن أخذت منه لنفسي جزءاً ؛ لأنني احتجت هذا المبلغ لكي
أتزوج وأصلح منزلي الذي كان غير لائق للزواج ، وكان عندي نية السداد ولكن ظروفي
الآن لا تسمح بالسداد فما الحل ؟ وهل أخذي هذا المال حلال أم حرام ؟ وهل لابد من
السداد ؟
فأجابت :
لا يجوز لك الأخذ من المال الذي سلم لك لتوزيعه على مستحقي
الزكاة ، فيجب عليك رد بدل المال الذي أخذت ، أو دفعه لمستحقيه مع التوبة
والاستغفار مما حصل منك اهـ .
*****
4991
تريد أن تسلم ولكنها لا تقبل بعض الأحكام الشرعية كالحجاب وأداء الصلوات في أوقاتها
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4922)
سؤال رقم 4991- تريد أن تسلم ولكنها لا تقبل بعض الأحكام الشرعية كالحجاب وأداء الصلوات في أوقاتها
ولدت في فرنسا لعائلة كاثوليكية ، حيث الناس متمسكون بدينهم جدا وأنا أحترم هذا الشيء . أنا مهتمة جدا بالإسلام ولكن هناك أمران يمنعاني من الإسلام أولهما : لأني امرأة فأنا لا أوافق على عدة أمور مثلاً التعدد ورجم الزانية المحصنة وأن أكون دائما معتمدة على المحرم ، كما أنه ليس من السهل أبدا أن أعيش كامرأة مسلمة في الغرب : في عملي لن أستطيع لبس الحجاب أو أن لا أصافح الرجال أو أن أصلي خمس مرات يومياً ، كما أن والداي وخصوصا أمي المريضة لن يكونا سعيدين أبدا إذا علما بأني سأترك النصرانية.
وسؤالي هو كيف لي أن أتحول للإسلام في هذه الحال ؟ وهل هناك حد أدنى من المتطلبات ؟
أعني مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يوجد أشياء لا أقبلها ، فهل هو من الأفضل لي بأن أنتظر ؟
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
السؤال : امرأة كافرة تقول : أريد أن أسلم لكن
بشرط أن لا أصلي الصلوات الخمس إلا في آخر النهار لأنني لا يمكن أن أؤديها في
عملي كما أنني لا يمكن أن أقبل بفكرة تعدد الزوجات . فأجاب بقوله :
الجواب :
الحمد لله
نرى أن تلتزم بأحكام الإسلام إن كانت تريد الإسلام
وتريد النجاة من النار وأما أن تتحكم فتقول لا أقبل بتعدد الزوجات وظاهر كلامها
أنها لا تقبله شرعاً أو تقول لا أصلي إلا إذا فرغت من عملي فلا نقبل منها هذا
سؤال - في كتاب "منتقى الأخبار قال المؤلف
: باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد وذكر حديث .. وهيب قال سألت جابراً عن شأن
ثقيف إذ بايعت فقال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا
جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول سيتصدقون ويجاهدون ، هل
يؤخذ من هذا أنه لو جاءنا كافر مثل هذا قال : أريد أن أسلم بشرط أن أجمع الصلوات
كلها في آخر اليوم ، هذه الأحاديث لا تشبه حالة هذا الشخص .
الشيخ : لا تشابه ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
لما قيل له في هذا قال إنهم إذا أسلموا صلوا وهذا من أمور الغيب التي لا نعلمها
( أي أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبِل منهم ذلك لأنّه عَلم بما علّمه الله
تعالى من الغيب أنّ هؤلاء سيحسن إسلامهم وسيتصدقون ويُجاهدون بينما نحن لا يُمكن
أن نعلم الغيب من حال الكافر في المستقبل ) ولو قبلنا من الكفار ما يشترطون لتفكك
الإسلام ، هذا يشترط أن نبيح له الزنا وهذا يشترط أن نبيح له الخمر وهذا يشترط
أن .. ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه لما بعثه
إلى أهل خيبر : أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله في الإسلام ، (و) شرط الإسلام
لا بد أن يتم كما هو فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ " أعلمهم أن الله
قد افترض عليهم خمس صلوات فإن هم أجابوك لذلك … ثم ذكر الزكاة " فلا بد
من الإجابة على أشراط الإسلام .
سؤال : - هل يُمكن أن نقول بأن دخول هذا الكافر
في الإسلام مصلحة كبيرة ، واشتراطه ترك لبعض العبادات مفسدة أقل ؟
الشيخ : أبداً ، مصلحة لمن ؟ مصلحة للشخص نفسه
ولكنه مفسدة للإسلام ، لأنه سيقول الكُسالى من المسلمين لا نصلي إلا إذا فرغنا
من أعمالنا كما فعل هذا الرجل ، فمضرته على الإسلام كبيرة ، وهذا إن أراد أن
ينجِّي نفسه فليأتِ بالإسلام على شرطه " ومن يضلل الله فلا هادي له "
أهـ
فالذي نقوله لك أيتها السائلة المهتمة بالإسلام
أسلمي واقبلي الإسلام كاملا واستسلمي لله في كلّ ما شرعه والله سيعينك ويرزقك
القوّة للتنفيذ والتطبيق إذا صدقت مع الله وأخلصت النيّة ، ثمّ لو فُرض أنْ واجهك
أمر لم تستطيعي تنفيذه بعذر صحيح وصِرْت مُكْرهة وعلم الله صدقك فلن يعذّبك على
ذلك ، والله يوفقنا وإيّاك لقبول الحقّ والالتزام به . وصلى الله على نبينا محمد
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4994
لماذا حرمت أشياء في الدنيا وهي في الجنة حلال
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/4923)
سؤال رقم 4994- لماذا حرمت أشياء في الدنيا وهي في الجنة حلال
السؤال :
أنا مسلمة أعيش في السويد ولدي سؤال من أحد النصارى وقد سألت الكثير وحاولت أن أجد الجواب في الكتب ولم أجد حلاً ، والسؤال كان عن الحوريات ، سمعت أن الرجل يجازى بعدة نساء في الجنة. لا أدري هل هذه المعلومات صحيحة ولكن إذا استطعت أن تعطيني بعض المعلومات عن هذا الموضوع فسأكون شاكرة.
السؤال المهم هو :لماذا الإسلام يشجع ويبشِّر بشيء في الجنة وهو محرّم في الدنيا ؟
مثال : العلاقة بين الرجل مع النساء خارج إطار الزواج تعتبر حراما وإذا تجنب ذلك المسلم في هذه الدنيا فسوف يجازى بالحوريات في الجنة. أليس هذا عجيبا ؟
مع الأسف فأنا أعرف القليل عن هذا الأمر ولا أدري من أين جاء هذا السؤال ولكنني متأكدة بأنه يوجد جواب منطقي لهذا السؤال وأرجو أن تساعدني في هذا الموضوع وشكرا لك.
الجواب :
لقد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم الجنة وما أعد فيها وذكر صفتها وصفة أهلها في عدة مواضع من القرآن ، منها :
قوله تعالى { فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ) الغاشية 12- 16
وقال {ولمن خاف مقام ربه جنتان فباءي آلاء ربكما تكذبان ذوات أفنان فبأيّ آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان فبأي آلاء ربكما تكذبان فيهما من كل فاكهة زوجان } الرحمن 46-52.
والآيات غيرها كثيرة في وصف الجنة ، وقد وردت عدة آيات في وصف نساء الجنة فقال تعالى { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما كأنهن الياقوت والمرجان } الرحمن 56-58.
وقال{حور مقصورات في الخيام } الرحمن 72
وقال { وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون} الواقعة - 22.
وقد صحت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة نساء الجنة وأنهن معدات يوم القيامة للمتقين فمن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء أضاءه لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء ) صحيح الجامع - 2015.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلاً في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون ) صحيح الجامع - 3357 فهذه الأحاديث ذكرت فيها نساء الجنة اللواتي أعددن للرجال وقد سماهن الله عز وجل في كتابه بالحور ، والحور جمع حوراء ، قال القرطبي في الأحكام (17/122)." هي شديدة البياض العين الشديدة سوادها ) ، فنحن نؤمن بذلك إيمانا مطلقا لا يعتريه الشك والريب وهو من صلب عقيدتنا وللمزيد يُراجع صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب صفة الجنة وصحيح مسلم أبواب صفة الجنة وكذلك كتاب صفة الجنة لأبي نعيم الاصفهاني في صفة نساء أهل الجنة وحسنهن .
أما السؤال عن أن الإسلام يشجع ويبشر بشيء في الجنة وهو محرم في الدنيا مثل علاقة الرجل مع النساء خارج إطار الزواج ، فقبل الإجابة عليه يحسن أن ننبه على قضية خطيرة وهي أن الله عز وجل يحرّم ما يشاء في هذه الدنيا على أهلها فهو خالق هذه الأشياء ومليكها فلا يجوز لأحد أن يعترض على حكم الله عز وجل برأيه المنكوس وبفهمه المعكوس فلله الحكم والأمر من قبل ومن بعد لا معقب لحكمه جل وعلا .
أما مسألة تحريم الله عز وجل لأمور في الدنيا ثم يكافئ بها تاركها في الآخرة ( مثل الخمر والزنا ولبس الحرير للرجال وهكذا ) فإنّ هذا ما شاءه الله من ثواب من أطاعه وصَبَر وجاهد نفسه في الدّنيا وقد قال تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) .
وأمّا عن علل التحريم ففيما يلي بعض الوقفات المهمّة :
أولا : ليس بالضّرورة أن نعرف جميع علل التحريم فهناك علل قد لا نعرفها ، والأصل الوقوف عند النصوص بالتسليم حتى ولو لم نعلم العلّة لأنّ التسليم هو مقتضى الإسلام المبني على الطّاعة التامّة لله تعالى .
ثانيا : قد تظهر لنا بعض علل التحريم مثل المفاسد المترتبة على الزنا كاختلاط الأنساب وشيوع الأمراض الفتّاكة وغير ذلك ، فعندما منع الشرع العلاقات غير الشرعية أراد بذلك حفظ الأنساب والأعراض ، والتي قد لا تعني شيئا عند الكفرة والفجرة ، فهم يتسافدون تسافد الحمير ؛ فالصديق يطأ صديقته والقريب يطأ قريبته وهكذا وكأنهم في غابة للحيوان بل إن بعض الحيوانات تأبى ذلك وهم لا يأبون ولا يكترثون فأصبح المجتمع جرّاء ذلك منحلا مفكك الروابط والأواصر ، مليئا بالأمراض الجنسية الفتاكة والتي تدل على غضب الله على من ينتهك حرماته ويستبيح المحرمات .
وهذا كله خلاف العلاقة بين الرجل والحورية في الجنة - وهذا ما سألت عنه - فمن الملاحظ أن المرأة البغيّ في الدنيا تكون مشاعة العرض قليلة الدين والحياء ، ولا تكون مرتبطة بعلاقة شرعية ثابتة بشخص واحد بعقد صحيح ، فيصبح الرجل يطأ من يشاء والمرأة يطؤها من يشاء دون وازع من دين أو أخلاق ، أما الحوريات في الجنة فإنهن مقصورات على أزواجهنّ الذين جازاهم الله بهن لقاء صبرهم عن الحرام في الدنيا كما قال تعالى : " حور مقصورات في الخيام " ، وقال عنهنّ : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) فهي زوجة له في الحقيقة كما قال تعالى : ( وزوّجناهم بحور عين ) ومقصورات عليه لا يُشاركه فيهن غيره .
ثالثا: أن الله عزّ وجلّ - الذي شرع للرجل في الدنيا أن لا يجتمع عنده في وقت واحد أكثر من أربعة نسوة - هو الذي ينعم على أهل الجنّة بما يشاء من الحور العين فلا تعارض بين التحريم في الدنيا والآخرة لأن أحكامهما تختلف على حسب ما يشاء الربّ سبحانه ولا شكّ أنّ الآخرة خير من الدنيا وأفضل وأبقى ، قال تعالى : " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب(14) قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد(15) " آل عمران
رابعا : أن هذا التحريم قد يكون من باب الابتلاء من الله عز وجل للعباد هل يأتمرون بهذه الأوامر وينتهون عما نهى عنه ، ولا يكون الابتلاء بشي لا تميل إليه النفس ولا تحبه ، وإنما بما تميل إليه النّفوس وتتعلّق به وتنجذب إليه ومن ذلك الابتلاء بالمال : هل يأخذه العبد من حلّه ويضعه في حلّه ويؤدّي حقّ الله فيه ، والابتلاء بالنساء هل يقتصر على ما أحلّه الله منهنّ ويغضّ طرْفه ويجتنب الاستمتاع بما حرّمه الله منهنّ ، ومن رحمته عزّ وجلّ أنّه لم يحرّم شيئا تميل إليه النّفوس إلا وأحلّ من نوعه وجنسه أمورا كثيرة من الحلال .
خامسا : أنّ أحكام الدنيا ليست مثل أحكام الآخرة ، فخمرة الدنيا تذهب العقل بخلاف خمرة الآخرة الطّيبة التي لا تُذْهب العقل ولا تسبّب صداعا في الرأس ولا مغصا في البطن ، وما أعده للمؤمنين من نساء يوم القيامة جزاءا على طاعتهم ليس كالزنا والذي به تتهتك الأعراض وتختلط الأنساب وتنتشر الأمراض ويُعقب النّدم ، ونساء الجنّة طاهرات طيّبات لا يمتن ولا يهرمن بخلاف نساء الدّنيا ، قال الله تعالى : ( إنا أنشأناهن إنشاءا فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ) .
فنسأل الله أن يرزقنا من خيري الدنيا والآخرة وأن يرزقنا الطاعة لأوامره واليقين بثوابه ونيل أجره والأمن من عقابه ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
49943
مبتلى بكثرة الاستمناء في رمضان فماذا يفعل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4924)
سؤال رقم 49943- مبتلى بكثرة الاستمناء في رمضان فماذا يفعل ؟
ماذا عن المبتلى بكثرة الاستمناء يوميّاً ، ماذا يفعل في رمضان ؟.
الحمد لله
الصحيح من أقوال أهل العلم أن الاستمناء محرم ، ولمعرفة بيان ذلك
: فليراجع جواب السؤال رقم ( 329 ) .
وأما يتعلق به من أحكام في نهار رمضان فلينظر جواب السؤال رقم :
( 38074 ) .
والواجب على الشاب أن يتقي الله تعالى ربَّه ، وأن يبتعد عن
المثيرات لشهوته من سماع أو نظر ، وأن يستفيد من شهر رمضان بتهذيب نفسه وتقويمها ،
فهو شهر القرآن وشهر التقوى ، فلا يليق بالمسلم أن لا يستفيد منه في ترك شهوته
المحرمة ابتغاء الأجر وخوفاً من ربه تعالى . قال الله تعالى في الحديث القدسي عن
الصائم : ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) رواه البخاري (1894) ومسلم
(1151)
قال الشيخ ابن عثيمين :
يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء ؛ لأنه حرام لقول الله
تعالى : ( وَ ا لَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظو نَ . إِلاَّ عَل ى أَ زوا جِهِمْ
أَوْ مَا مَلَكَتْ أَي ما نُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ
مَلُومِينَ . فَمَنِ ا بْتَغَ ى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُو ل ئِكَ هُمُ ا لْعَادُونَ
) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر الشباب ، من
استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه
بالصوم " .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛
لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما
عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم : دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / 189 ) .
وعليك أن تبذل جهدك لتتزوج لتتخلص من هذه العادة السيئة ، واستعن
بربك تعالى بدعائه وطاعته ليخلصك من إثم هذه العادة .
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلبك وجوارحك ، وأن يوفقك لما يحب
ويرضى .
والله أعلم .
*****
49944
مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/4925)
سؤال رقم 49944- مقدار الفدية التي في آية الصيام
ما مقدار الفدية التي ذكرت في آية الصيام ؟.
الحمد لله
أولاً :
من أدركه رمضان وهو لا يستطيع الصيام لكونه شيخاً كبيراً ، أو
مريضاً لا يُرجى له الشفاء فإنه لا يجب عليه الصيام لعدم استطاعته ، فيفطر ويطعم عن
كل يوم مسكيناً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/183-184.
وروى البخاري (4505) عن ابْن عَبَّاسٍ قال : ( لَيْسَتْ
بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا
يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
"الشَّيْخُ الْكَبِيرَ وَالْعَجُوزَ إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا
الصَّوْمُ , وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا
وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا . . . فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ
الإِطْعَامِ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , وَ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا
إلا وُسْعَهَا ) . . . وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ ,
وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ باختصار .
وفي الموسوعة الفقهية (5/117) :
"اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ
عَلَى أَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْفِدْيَةِ فِي الصِّيَامِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ
إمْكَانِ قَضَاءِ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا لِشَيْخُوخَةٍ لا يَقْدِرُ
مَعَهَا عَلَى الصِّيَامِ , أَوْ مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , لقوله تعالى : (
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) وَالْمُرَادُ مَنْ
يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"لا بد أن نعرف أن المريض ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول: مريض يرجى برؤه مثل ذوي الأمراض الطارئة التي يرجى
أن يشفى منها، فهذا حكمه كما قال الله تعالى : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . ليس عليه إلا أن ينتظر البرء ثم
يصوم، فإذا قدر أنه استمر به المرض في هذه الحال، ومات قبل أن يشفى فإنه ليس عليه
شيء؛ لأن الله إنما أوجب عليه القضاء في أيام أخر وقد مات قبل إدراكها، فهو كالذي
يموت في شعبان قبل أن يدخل رمضان لا يقضى عنه.
القسم الثاني : أن يكون المرض ملازماً للإنسان مثل مرض السرطان ـ
والعياذ بالله ـ ومرض الكلى، ومرض السكر وما أشبهها من الأمراض الملازمة التي لا
يرجى انفكاك المريض منها، فهذه يفطر صاحبها في رمضان، ويلزمه أن يطعم عن كل يوم
مسكيناً كالكبير والكبيرة اللذين لا يطيقان الصيام يفطران ويطعمان عن كل يوم
مسكيناً ، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)" اهـ .
ثانياً :
أما صفة الإطعام فيخير بين أن يعطي كل مسكين نصف صاع من الطعام
كالأرز ونحوه (أي كيلو جرام ونصف تقريباً) ، أو يصنع طعاماً ويدعو إليه المساكين .
قال البخاري : وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ
الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ
يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز عن امرأة كبيرة في السن ولا تطيق الصوم فماذا
تفعل ؟
فأجاب :
عليها أن تطعم مسكيناً عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو
أرز أو غيرهما ، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب . كما أفتى بذلك جماعة
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم ، فإن كانت
فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها ، وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في
أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وبالله التوفيق" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/203) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"فيجب على المريض المستمر مرضه، وعلى الكبير من ذكر وأنثى إذا
عجزوا عن الصوم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، سواء إطعاماً بتمليك بأن يدفع إلى
الفقراء هذا الإطعام، أو كان الإطعام بالدعوة يدعو مساكين بعدد أيام الشهر فيعشيهم
كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعل حين كبر صار يجمع ثلاثين مسكيناً فيعشيهم
فيكون ذلك بدلاً عن صوم الشهر" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/164) : عن الإطعام للعاجز في رمضان
كالشيخ العاجز والمرأة العاجزة من كبر، والمريض الذي لا يشفى .
فأجابت :
"من عجز عن صوم رمضان لكبر سن كالشيخ الكبير والمرأة العجوز أو
شق عليه الصوم مشقة شديدة رخص له في الفطر، ووجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً،
نصف صاع من بر (قمح) أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعمه أهله، وكذا المريض الذي
عجز عن الصوم أو شق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 . وقوله : ( وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 . وقوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 " اهـ .
والله أعلم .
*****
49944
مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/4926)
سؤال رقم 49944- مقدار الفدية التي في آية الصيام
ما مقدار الفدية التي ذكرت في آية الصيام ؟.
الحمد لله
أولاً :
من أدركه رمضان وهو لا يستطيع الصيام لكونه شيخاً كبيراً ، أو
مريضاً لا يُرجى له الشفاء فإنه لا يجب عليه الصيام لعدم استطاعته ، فيفطر ويطعم عن
كل يوم مسكيناً .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/183-184.
وروى البخاري (4505) عن ابْن عَبَّاسٍ قال : ( لَيْسَتْ
بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا
يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
"الشَّيْخُ الْكَبِيرَ وَالْعَجُوزَ إذَا كَانَ يُجْهِدُهُمَا
الصَّوْمُ , وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا مَشَقَّةً شَدِيدَةً , فَلَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا
وَيُطْعِمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا . . . فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ
الإِطْعَامِ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , وَ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا
إلا وُسْعَهَا ) . . . وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ ,
وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ باختصار .
وفي الموسوعة الفقهية (5/117) :
"اتَّفَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ
عَلَى أَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْفِدْيَةِ فِي الصِّيَامِ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ
إمْكَانِ قَضَاءِ الأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَهَا لِشَيْخُوخَةٍ لا يَقْدِرُ
مَعَهَا عَلَى الصِّيَامِ , أَوْ مَرَضٍ لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , لقوله تعالى : (
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) وَالْمُرَادُ مَنْ
يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"لا بد أن نعرف أن المريض ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول: مريض يرجى برؤه مثل ذوي الأمراض الطارئة التي يرجى
أن يشفى منها، فهذا حكمه كما قال الله تعالى : (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ
عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . ليس عليه إلا أن ينتظر البرء ثم
يصوم، فإذا قدر أنه استمر به المرض في هذه الحال، ومات قبل أن يشفى فإنه ليس عليه
شيء؛ لأن الله إنما أوجب عليه القضاء في أيام أخر وقد مات قبل إدراكها، فهو كالذي
يموت في شعبان قبل أن يدخل رمضان لا يقضى عنه.
القسم الثاني : أن يكون المرض ملازماً للإنسان مثل مرض السرطان ـ
والعياذ بالله ـ ومرض الكلى، ومرض السكر وما أشبهها من الأمراض الملازمة التي لا
يرجى انفكاك المريض منها، فهذه يفطر صاحبها في رمضان، ويلزمه أن يطعم عن كل يوم
مسكيناً كالكبير والكبيرة اللذين لا يطيقان الصيام يفطران ويطعمان عن كل يوم
مسكيناً ، ودليل ذلك من القرآن قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)" اهـ .
ثانياً :
أما صفة الإطعام فيخير بين أن يعطي كل مسكين نصف صاع من الطعام
كالأرز ونحوه (أي كيلو جرام ونصف تقريباً) ، أو يصنع طعاماً ويدعو إليه المساكين .
قال البخاري : وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ
الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ
يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز عن امرأة كبيرة في السن ولا تطيق الصوم فماذا
تفعل ؟
فأجاب :
عليها أن تطعم مسكيناً عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو
أرز أو غيرهما ، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب . كما أفتى بذلك جماعة
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم ، فإن كانت
فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها ، وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في
أول الشهر أو وسطه أو آخره ، وبالله التوفيق" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/203) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص111) :
"فيجب على المريض المستمر مرضه، وعلى الكبير من ذكر وأنثى إذا
عجزوا عن الصوم أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً، سواء إطعاماً بتمليك بأن يدفع إلى
الفقراء هذا الإطعام، أو كان الإطعام بالدعوة يدعو مساكين بعدد أيام الشهر فيعشيهم
كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه يفعل حين كبر صار يجمع ثلاثين مسكيناً فيعشيهم
فيكون ذلك بدلاً عن صوم الشهر" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (11/164) : عن الإطعام للعاجز في رمضان
كالشيخ العاجز والمرأة العاجزة من كبر، والمريض الذي لا يشفى .
فأجابت :
"من عجز عن صوم رمضان لكبر سن كالشيخ الكبير والمرأة العجوز أو
شق عليه الصوم مشقة شديدة رخص له في الفطر، ووجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً،
نصف صاع من بر (قمح) أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما يطعمه أهله، وكذا المريض الذي
عجز عن الصوم أو شق عليه مشقة شديدة ولا يرجى برؤه لقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286 . وقوله : ( وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 . وقوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ
طَعَامُ مِسْكِينٍ ) البقرة/184 " اهـ .
والله أعلم .
*****
49945
زوجته لا تستر يديها فهل يهددها بالطلاق ؟
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4927)
سؤال رقم 49945- زوجته لا تستر يديها فهل يهددها بالطلاق ؟
ماذا أفعل لو رفضت زوجتي ستر يديها ، مع أني أطلب منها ذلك في البداية ثم آمرها لكنها ترفض ؟ وما تقول لو أني هددتها بالطلاق ؟.
الحمد لله
قد بينا في جواب الأسئلة ( 11774 ) و ( 21536 ) حكم تغطية
المرأة لوجهها وكفيها ، وأنه يجب عليها أن تسترهما أمام الأجانب عنها .
وقد أوجب الله تعالى الطاعة عليها لزوجها ، وجعل الرجل قوَّاماً
على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله
به من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال
قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( الرجال قوامون على النساء )
يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون
محسنة لأهله حافظة لماله .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .
وعلى الزوج مراعاة التدرج في حال مخالفتها لأمره وترفعها عن
طاعته ، فيبدأ أولاً بالوعظ وتخويفها من عاقبة عصيان أمره ، فإن لم يُجدِ فلينتقل
إلى هجرها في الفراش ، فإن لم ينفع فليضربها ضرباً غير مبرح ، ولا بأس من تهديدها
معه بالطلاق .
قال تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ
وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) النساء/34 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) أي : ارتفاعهن عن طاعة
أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل ، { فَعِظُوهُنَّ }
أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة ، والترهيب من
معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع ، بأن لا يضاجعها
، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح ، فإن حصل
المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) أي :
فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية ، والتنقيب عن العيوب
التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر .
" تفسير السعدي " ( ص 142 ) .
ويمكنك أن تستعين على وعظها وترغيبها وترهيبها بالأشرطة
والكتيبات النافعة التي تتحدث عن وجوب الحجاب على المرأة المسلمة ، وبيان خطر
المعصية والعقوبات المرتبة عليها في الدنيا والآخرة .
ولا بد من الرفق واللين . قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي
عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا
سِوَاهُ ) . رواه مسلم (2593)
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرِّفْقَ لا
يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ) رواه مسلم (2594) . زانه أي زينه . وشانه أي عَيَّبَه .
والله أعلم .
*****
49947
بيته بعيد عن المسجد فهل يصلي العشاء والتراويح مع أهله في البيت ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4928)
سؤال رقم 49947- بيته بعيد عن المسجد فهل يصلي العشاء والتراويح مع أهله في البيت ؟
أنا مبتعث للدراسة في دولة غربية وبرفقي زوجتي ، والمسجد بعيد عن المنزل كثيراً ولا يوجد حولي مسلمون ، فهل يجوز أن أصلي الفريضة والتراويح جماعة أنا وزوجتي ؟.
الحمد لله
أولا : صلاة الجماعة واجبة في المسجد على المقيم والمسافر على حد
سواء . راجع سؤال رقم ( 45815 )
ثانيا: لا تجب صلاة الجماعة في المسجد إلا على من كان قريبا من
المسجد ، بحيث يسمع الأذان من المسجد بدون مكبرات الصوت ، لما رواه مسلم عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ
أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى
الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ
فَقَالَ هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَجِبْ ) رواه مسلم ( 653)
فمن كان بعيدا من المسجد بحيث لا يسمع النداء بلا مكبرات الصوت
فلا تجب عليه صلاة الجماعة في المسجد . راجع سؤال رقم ( 20655 ) فإذا كان بيتك
بعيدا عن المسجد بهذا الحد فلا حرج عليك من أداء الفريضة والتراويح في بيتك جماعة
مع أهلك ، بل هو أفضل عند الله من صلاتك وحدك .
والأجر يكثر في النوافل والفرائض بحسب كثرة المصلين في جماعة
فيهما .
عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ...
صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع
الرجل ، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى " . رواه النسائي ( 843 ) – وأبو
داود ( 554 ) . انظر : " السلسلة الصحيحة " ( 1912 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين :
فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل مع الرجل بأنها
أزكى من صلاته وحده ، وهذا يقتضي أنها أكثر أجراً .
" أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 1464 ) .
وللمزيد حول الجماعة في صلاة التراويح ينظر جواب السؤال : ( 21740 ) .
*****
49985
حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4929)
سؤال رقم 49985- حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
ما حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب ؟.
الحمد لله
من شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة اليمين فلا يجوز له
الإفطار من غير عذر ، كمرض أو سفر .
فإن أفطر -بعذر أو من غير عذر- وجب عليه قضاء هذا اليوم فيصوم
يوماً مكانه ، ولا كفارة عليه ، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان .
راجع السؤال ( 49750 ) .
وإن كان فطره من غير عذر وجب عليه التوبة إلى الله من هذا الفعل
المحرم .
قال ابن قدامة (4/412) :
"وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ , كَقَضَاءِ رَمَضَان , أَوْ نَذْرٍ
، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ ; لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي
هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ" اهـ باختصار .
قال النووي في " المجموع" (6/383) :
"لَوْ جَامَعَ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ
نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلا كَفَّارَةَ ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ , وَقَالَ
قَتَادَةُ : تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ قَضَاءِ رَمَضَانَ: اهـ .
وانظر : المغني (4/378) .
سئل الشيخ ابن باز (15/355) في مجموع الفتاوى :
كنت في أحد الأيام صائمة صوم قضاء وبعد صلاة الظهر أحسست بالجوع
فأكلت وشربت متعمدة غير ناسية ولا جاهلة ؛ فما حكم فعلي هذا ؟
فأجاب :
" الواجب عليك إكمال الصيام ، ولا يجوز الإفطار إذا كان الصوم
فريضة كقضاء رمضان وصوم النذر ، وعليك التوبة مما فعلت ، ومن تاب تاب الله عليه"
اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى(20/451) :
سبق أن صمت في السنوات الماضية لقضاء دين علي فأفطرت متعمدة وبعد
ذلك قضيت ذلك الصيام بيوم واحد، ولا أدري هل سيُقضى بيوم واحد كما فعلت ؟ أم بصيام
شهرين متتابعين؟ وهل تلزمني الكفارة؟ أرجو الإفادة .
فأجاب :
" إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان ، وكفارة اليمين ،
وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل ، وما أشبه ذلك من الصيام
الواجب ، فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي ، وهكذا كل من شرع في شيء واجب
فإنه يلزمه إتمامه ، ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه ، وهذه المرأة التي
شرعت في القضاء ثم أفطرت في يوم من الأيام بلا عذر ، وقضت ذلك اليوم ، ليس عليها
شيء بعد ذلك ، لأن القضاء إنما يكون يوماً بيوم ، ولكن عليها أن تتوب وتستغفر الله
عز وجل لما وقع منها من قطع الصوم الواجب بلا عذر" اهـ .
*****
49987
كيف يصوم المصاب بالفشل الكلوي ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4930)
سؤال رقم 49987- كيف يصوم المصاب بالفشل الكلوي ؟
كيف يصوم المصاب بالفشل الكلوي والذي يمارس الغسيل ثلاث مرات في الأسبوع ؟.
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة (10/190) :
هل يؤثر الغسيل الكلوي على الصيام إذا كان الإنسان صائما ؟
فأجابت :
"جرت الكتابة لكل من : سعادة مدير مستشفى الملك فيصل التخصصي ،
وسعادة مدير مستشفى القوات المسلحة بالرياض ، للإفادة عن صفة واقع غسيل الكلى، وعن
خلطه بالمواد الكيماوية ، وهل تشتمل على نوع من الغذاء ؟ وقد وردت الإجابة منهما
بما مضمونه : أن غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة ( كلية صناعية) تتولى
تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك ، وأنه يتم إضافة بعض المواد الكيماوية
والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي
بواسطة أهل الخبرة أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام .
وبالله التوفيق " اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
بالنسبة لمن يقوم بعمل غسيل كلى أينقض وضوءه خروج الدم منه أثناء
الغسيل ؟ وكيف يصوم ويصلي أثناء الغسيل إذا وافق وقت الصلاة ؟
فأجاب :
" أما نقض الوضوء فإنه لا ينقض الوضوء وذلك لأن القول الراجح من
أقوال العلماء أن الخارج من البدن لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من السبيلين ، فما خرج
من السبيلين فهو ناقض للوضوء ، سواء كان بولاً ، أم غائطاً ، أم ريحاً ، كل ما خرج
من السبيلين فإنه ناقض للوضوء .
وأما ما خرج من غير السبيلين كالرعاف يخرج من الأنف ، والدم يخرج
من الجرح وما أشبه ذلك فإنه لا ينقض الوضوء لا قليله ولا كثيره ، وعلى هذا فغسيل
الكلى لا ينقض الوضوء .
أما بالنسبة للصلاة فإنه يمكن أن يجمع الرجل المصاب بين الظهر
والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، وينسق مع الطبيب المباشر في الوقت بحيث يكون الغسيل
لا يستوعب أكثر من نصف النهار لئلا تفوته صلاة الظهر والعصر في وقتيهما . فيقول له
مثلاً : أخر الغسيل عن الزوال بمقدار ما أصلي به الظهر والعصر ، أو قدمه حتى أتمكن
من صلاة الظهر والعصر قبل خروج وقت العصر . المهم أنه يجوز له الجمع دون تأخير
الصلاة عن وقتها ، وعلى هذا فلابد من التنسيق مع الطبيب المباشر .
وأما بالنسبة للصيام فأنا في تردد من ذلك ، أحياناً أقول : إنه
ليس كالحجامة ، الحجامة يستخرج منها (أي يستخرج بها الدم) ولا يعود إلى البدن ،
وهذا مفسد للصوم كما جاء في الحديث ، والغسيل يخرج الدم وينظف ويعاد إلى البدن .
لكن أخشى أن يكون في هذا الغسيل مواد مغذية تغني عن الأكل والشرب ، فإن كان الأمر
كذلك فإنها تفطر ، وحينئذ إذا كان الإنسان مبتلى بذلك أبد الدهر يكون ممن مرض مرضاً
لا يرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً .
وأما إذا كان في وقت دون آخر فيفطر في وقت الغسيل ويقضيه بعد ذلك
.
وأما إن كان هذا الخلط الذي يخلط مع الدم عند الغسيل لا يغذي
البدن ، ولكن يصفي الدم وينقيه فهذا لا يفطر الصائم . وحينئذ له أن يستعمله ولو كان
صائماً ويرجع في هذا الأمر إلى الأطباء" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/113) .
وخلاصة الجواب :
أن المصاب بالفشل الكلوي يفطر في الأيام التي يُجري فيها الغسيل
، ثم إن تمكن من القضاء فإنه يلزمه القضاء ، وإن كان لا يتمكن من القضاء فهو بمنزلة
كبير السن الذي لا يستطيع الصيام ، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً .
*****
4999
خرافة ضرر الجماع يوم الثلاثاء
أصول الفقه > البدعة >(1/4931)
سؤال رقم 4999- خرافة ضرر الجماع يوم الثلاثاء
سمعت أنه يجب أن لا يجامع الرجل زوجته يوم الثلاثاء وأن هناك شيء يأتي تلك الليلة ويلعن كل من فعلها تلك الليلة وسوف يعانون في المستقبل .
الجواب:
الحمد لله
أعلم علمنا الله وإياك أن هذا من الخرافات والمحدثات التي لا أصل لها لا من كتاب ولا من سنة وهو من جنس كلام أهل البدع والضلال حيث قالوا أن النكاح مكروه إذا كان القمر في العقرب أو تحت الشعاع وفي المحاق وغير ذلك من منازل القمر أنظر معجم البدع لرائد صبري 656 .
وقد أباح الله الجماع في كل الأوقات والبقاع واستثنى منها :
أولاً : الجماع في نهار رمضان قال تعالى : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ) البقرة (187) .
ثانياً : أثناء الحيض والنفاس قال تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) ( البقرة : 222) .
ثالثاً : في المساجد لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها ) البقرة 187 . وغير ذلك من الأحوال كأن يكون مُحْرماً ، ومما تقدم فإنك لا تجد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على صحة هذا القول المُفْترى ، إنما هو من الأباطيل والمنكرات التي انطلت على كثير من الناس فأصبحت عندهم معتقداً لا يحيدون ولا ينثنون عنه ، وكثيرون من الناس وطئوا زوجاتهم أيام الثلاثاء وانجبوا أولادا أصحّاء ولم يُصبهم ولا أولادهم مكروه بسبب ذلك ، أعاذنا الله وإياكم من البدع والمنكرات والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
49992
هل تحرم بالعمرة وهي حائض؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >(1/4932)
سؤال رقم 49992- هل تحرم بالعمرة وهي حائض؟
سنسافر لأداء العمرة لمدة 10 أيام سنسافر أولاً للمدينة النبوية ثم إلى مكة ، إلا أنني سيكون عندي الدورة عندما نذهب من المدينة إلى مكة وبالتالي طبعاً كل من معنا سيحرمون من أبيار علي ، فهل يصح لي الإحرام مثلهم برغم وجود الدورة ، وستنتهي الدورة ونحن في مكة ، فمن أي مكان أحرم من مكة ؟.
الحمد لله
الحائض إذا مرت على الميقات وهي تريد الحج أو العمرة وجب عليها
أن تحرم من الميقات ولا يجوز لها تأخير الإحرام حتى تصل إلى مكة وتطهر .
وقد دلت السنة وإجماع العلماء على أن الحيض لا ينافي الإحرام ،
فتحرم المرأة وهي حائض ثم لا تؤدي العمرة حتى تطهر وتغتسل .
روى مسلم (1210) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ حِينَ نُفِسَتْ بِذِي
الْحُلَيْفَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ
أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ .
قال النووي :
(نُفِسَتْ) أَيْ : وَلَدَتْ .
وَفِيهِ : صِحَّة إِحْرَام النُّفَسَاء وَالْحَائِض ,
وَاسْتِحْبَاب اِغْتِسَالهمَا لِلإِحْرَامِ اهـ .
وروى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَرَجْنَا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ . .
فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلا بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي
بِالْحَجِّ . . . الحديث . ورواه البخاري في باب كيف تهل (أي : تحرم) الحائض
والنفساء .
قال النووي :
فِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَائِض وَالنُّفَسَاء
وَالْمُحْدِث وَالْجُنُب يَصِحّ مِنْهُمْ جَمِيع أَفْعَال الْحَجّ وَأَقْوَاله
وَهَيْئَاته إِلا الطَّوَاف وَرَكْعَتَيْهِ , فَيَصِحّ الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ
وَغَيْره كَمَا ذَكَرْنَا , وَكَذَلِكَ الأَغْسَال الْمَشْرُوعَة فِي الْحَجّ
تُشْرَع لِلْحَائِضِ وَغَيْرهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ
الطَّوَاف لا يَصِحّ مِنْ الْحَائِض , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ اهـ .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ (أَيْ :
الْمِيقَات) تَغْتَسِلانِ وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا
غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (1744) وصححه الألباني في سنن
أبي داود .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (1/447) :
"الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , أَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم بِالإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ , وَمَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ,
وَشُهُودِهِمَا عَرَفَةَ مَعَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ , وَرَمْيِ الْجِمَارِ , مَعَ
ذِكْرِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَلا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ , بَلْ يَجِبُ
عَلَيْهَا" اهـ .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (16/126) :
إذا وصلت الحائض أو النفساء للميقات وجب عليهما أن تحرما إذا كان
الحج فريضة أو العمرة ، أما إن كان مستحبين وقد أدتا حجة الإسلام وعمرة الإسلام
فإنه يشرع لهما الإحرام من الميقات كغيرهما من الطاهرات في الحج والعمرة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
"المرأة التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن
النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أسماء بنت عميس امراة أبي بكر رضي الله عنهما حين
نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل وتسثفر بثوب وتحرم ، وهكذا الحائض أيضاً ، وتبقى
على إحرامها حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت وتسعى ) اهـ. "رسالة 60 سؤالاًَ في
أحكام الحيض" .
*****
49994
التصوير الطبي من الرجل للنساء وعلاقته بالصيام واللمس
الفقه > عادات > الطب والتداوي >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4933)
سؤال رقم 49994- التصوير الطبي من الرجل للنساء وعلاقته بالصيام واللمس
أعمل في مجال التصوير الشعاعي ، ومن ضمن أنواعه التصوير النسائي الذي يستلزم إجراء فحص للمريضة ، فما حكم صيام من اضطرت لعمل الصورة هل تفطر وتعيد ؟ وما حكم وضوئي إذا قمت أنا بفحصها للتصوير مع العلم أني أضع " قفازات " أثناء الفحص ؟.
الحمد لله
أولاً : لا يؤثر التصوير الشعاعي على الصيام ، ولا يعتبر من
مفسدات الصيام إلا إن تناول المريض دواء ، أو تناول طعاما أو شرابا قبله بأمر
الطبيب فيفسد صومه بسبب الأكل والشرب .
ثانياً : لا يؤثر الفحص على وضوء من يقوم به ، وقد سبق في إجابة
السؤال رقم ( 20710 ) ( 22757 ) أن الصحيح من
أقوال العلماء أن مس المرأة الأجنبية لا ينقض الوضوء .
ولا يجوز للرجل الأجنبي أن يعالج امرأة أجنبية ولا العكس إلا من
ضرورة ، وينبغي أن تقدَّر هذه الضرورة بقدرها ، فلا يجوز الكشف لأدنى سبب ولأقل مرض
، ولا يجوز النظر إلى أكثر من موضع الألم المراد الكشف عليه ، ولا يجوز أن تكون
خلوة بين المعالج والمريض .
وقد سبق في جواب السؤال ( 2198 ) حكم علاج الرجال
للنساء .
ومس الأجنبي للمرأة والعكس محرَّم ، ووضع القفازات أهون عندما
تكون هناك ثمة ضرورة في العلاج .
والله أعلم .
*****
5000
حكم الموسيقى والغناء والرقص
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4934)
سؤال رقم 5000- حكم الموسيقى والغناء والرقص
دائما أسمع بأن الموسيقى والرقص والغناء محرمة في الإسلام.
السؤال : ذهبت لموقع على الإنترنت وأسمه xxx وهناك الكثير من المقالات تقول بأن "الموسيقى والغناء والرقص حلال في الإسلام ما دام الجنسين ليسا مختلطين وليس هناك خمر"
حتى أنهم حاولوا إثبات هذا بذكرهم حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه وافق على هذا.
أنا الآن متشككة فهل يمكن أن توضح لي حكم الموسيقى والرقص والغناء في الإسلام .
جزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
"المعازف" جمع معزفة، وهي آلات الملاهي ( فتح الباري 10/55 ) ، وهي الآلة التي يعزف بها ( المجموع 11/577 ) ، ونقل القرطبي رحمه الله عن الجوهري رحمه الله أن المعازف الغناء ، والذي في صحاحه : آلات اللهو . وقيل : أصوات الملاهي . وفي حواشي الدمياطي رحمه الله : المعازف بالدفوف وغيرها مما يضرب به ( فتح الباري 10/55 ) .
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :
قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل ( تفسير الطبري 21/40 ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير 3/451 ) ، وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا ( تفسير السعدي 6/150 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ،
فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259
وقال تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "
عن مجاهد رحمه الله قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان .
وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون "
قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة . تفسير ابن كثير .
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " حسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، ( رواه البخاري تعليقا برقم 5590 ، ووصله الطبراني والبيهقي ، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . ( المجموع 11/535 ) ، وقال ابن القيم رحمه الله : ( وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة ) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم .
عن نافع رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " صحيح أبي داود ؛ وقد زعم قزم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم ، إذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه ، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك ! فيجاب : بأنه لم يكن يستمع ، وإنما كان يسمع ، وهناك فرق بين السامع والمستمع ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك ) المجموع 10 / 78 ؛ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ، فأبيح للحاجة . ( المغني 10 / 173 ) ( ولعل السماع المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك رحمه الله والله أعلم ) .
أقوال أئمة الإسلام :
قال القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل ، وقال الحسن رحمه الله : إن كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . الجامع للقيرواني ص 262-263 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) المجموع 11/576 ، قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . الصحيحة 1/145 .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض ) إغاثة اللهفان 1/425 .
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم . ( الجامع للقيرواني 262 ) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق ( تفسير القرطبي 14/55 ) ، قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله . ( الكافي ) .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) ( إغاثة اللهفان 1/425 ) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ، وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) ( كفاية الأخيار 2/128 ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق ) ( إغاثة اللهفان ) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : ( الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته ) ( المغني 10/173 ) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا يحضر ) ( الكافي 3/118 ) .(1/4935)
قال الطبري رحمه الله : ( فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسواد الأعظم " ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ) ( تفسير القرطبي 14/56 ) . وقد كان لفظ الكراهة يستخدم لمعنى الحرمة في القرون المتقدمة ثم غلب عليه معنى التنزيه ، ويحمل هذا على التحريم لقوله : والمنع منه ، فإنه لا يمنع عن أمر غير محرم ، ولذكره الحديثين وفيهما الزجر الشديد ، والقرطبي رحمه الله هو الذي نقل هذا الأثر ، وهو القائل بعد هذا : ( قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) ، قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة ) الإعلام.
وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لا يجوز صنع آلات الملاهي ) ( المجموع 22/140 ) ، وقال رحمه الله : ( آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد ) ( المجموع 28/113 ) ، وقال : ( الوجه السادس : أنه ذكر ابن المنذر اتفاق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح فقال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية ، كره ذلك الشعبي والنخعي ومالك وقال أبو ثور والنعمان - أبو حنيفة رحمه الله - ويعقوب ومحمد - تلميذي أبي حنيفة رحمهم الله - : لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح وبه نقول ) وقال : ( والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) ( مجموع الفتاوى 10/417 ) .
وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - . ( المصنف 5/395 ) .
وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) ( شرح السنة 8/28 ) .
استثناء حق
ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني
رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . ( غريب الحديث 3/64 ) - فينبغي لبعضهم الخروج بالحجاب الشرعي - .
استثناء باطل
استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور ؛ أولها : انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو باطل ، ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك ، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز التشبه بهم ، لاسيما في ما حرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما كالموسيقى . ( الصحيحة 1/145 ) .
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) صحيح
استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .
واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ) ( مدارج السالكين 1/493 ) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . ( تلبيس إبليس 229 ) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) ( فتح الباري 2/442-443 )
وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا !!
قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .
( وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما عرف علم الحديث ، وابن حزم ، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )
وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !
قال الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .
وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ، وقد سبق الرد على ذلك ، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) ، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا ) ( إغاثة اللهفان ) .(1/4936)
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!
قال ابن القيم رحمه الله : ( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به ) ( مدارج السالكين 1/485 ) . قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ، ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) ( مجموع الفتاوى 11/557 وما بعده ) .
ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ، وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم .
خاتمة
لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا ، وأنه ليس في هذه المسألة قولان ، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع ، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء ، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب ، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع ! - ، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة ، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة ! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها .
فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال ، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه ، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين ، ويطير وسواس قوم موسوسين ، ويفضح كل معرض عن الوحي ، متتبع للرخص ، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم ، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه - ، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
وللاستزادة .. يمكن مراجعة :
كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم
وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5000
حكم الموسيقى والغناء والرقص
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4937)
سؤال رقم 5000- حكم الموسيقى والغناء والرقص
دائما أسمع بأن الموسيقى والرقص والغناء محرمة في الإسلام.
السؤال : ذهبت لموقع على الإنترنت وأسمه xxx وهناك الكثير من المقالات تقول بأن "الموسيقى والغناء والرقص حلال في الإسلام ما دام الجنسين ليسا مختلطين وليس هناك خمر"
حتى أنهم حاولوا إثبات هذا بذكرهم حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأنه وافق على هذا.
أنا الآن متشككة فهل يمكن أن توضح لي حكم الموسيقى والرقص والغناء في الإسلام .
جزاك الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله
"المعازف" جمع معزفة، وهي آلات الملاهي ( فتح الباري 10/55 ) ، وهي الآلة التي يعزف بها ( المجموع 11/577 ) ، ونقل القرطبي رحمه الله عن الجوهري رحمه الله أن المعازف الغناء ، والذي في صحاحه : آلات اللهو . وقيل : أصوات الملاهي . وفي حواشي الدمياطي رحمه الله : المعازف بالدفوف وغيرها مما يضرب به ( فتح الباري 10/55 ) .
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :
قال الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما : هو الغناء ، وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل ( تفسير الطبري 21/40 ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير ( تفسير ابن كثير 3/451 ) ، وقال السعدي رحمه الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا ( تفسير السعدي 6/150 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم
فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259
وقال تعالى : " واستفزز من استطعت منهم بصوتك "
عن مجاهد رحمه الله قال : استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل ، قال ابن القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ، كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رجله كل رجل مشت في معصية الله ) إغاثة اللهفان .
وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون "
قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس السمود الغناء في لغة حِميَر ، يقال : اسمدي لنا أي غني ، وقال رحمه الله : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية ، وقال ابن كثير رحمه الله : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال : الغناء ، هي يمانية ، اسمد لنا غنِّ لنا ، وكذلك قال عكرمة . تفسير ابن كثير .
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " حسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " الحديث ، ( رواه البخاري تعليقا برقم 5590 ، ووصله الطبراني والبيهقي ، وراجع السلسلة الصحيحة للألباني 91 ) ، قال ابن القيم رحمه الله : ( هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) ، وفي الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين ؛ أولهما : قوله صلى الله عليه وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . ثانيا : قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها ( السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف ) ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة ، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها . ( المجموع 11/535 ) ، وقال ابن القيم رحمه الله : ( وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وأبي أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة ) ثم ذكرها في إغاثة اللهفان وهي تدل على التحريم .
عن نافع رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه ، ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال : فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا ، فصنع مثل هذا " صحيح أبي داود ؛ وقد زعم قزم أن هذا الحديث ليس دليلا على التحريم ، إذ لو كان كذلك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنهما بسد أذنيه ، ولأمر ابن عمر نافعا كذلك ! فيجاب : بأنه لم يكن يستمع ، وإنما كان يسمع ، وهناك فرق بين السامع والمستمع ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك ) المجموع 10 / 78 ؛ قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ، ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ، فأبيح للحاجة . ( المغني 10 / 173 ) ( ولعل السماع المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول الإمام مالك رحمه الله والله أعلم ) .
أقوال أئمة الإسلام :
قال القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل ، وقال الحسن رحمه الله : إن كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . الجامع للقيرواني ص 262-263 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) المجموع 11/576 ، قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . الصحيحة 1/145 .
قال ابن القيم رحمه الله : ( مذهب أبي حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ، وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا : أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض ) إغاثة اللهفان 1/425 .
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم . ( الجامع للقيرواني 262 ) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق ( تفسير القرطبي 14/55 ) ، قال ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله . ( الكافي ) .
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) ( إغاثة اللهفان 1/425 ) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ، من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ، وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ، ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) ( كفاية الأخيار 2/128 ) .
قال ابن القيم رحمه الله : ( وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال : الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله عندنا الفساق ) ( إغاثة اللهفان ) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : ( الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ، والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته ) ( المغني 10/173 ) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ، فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا يحضر ) ( الكافي 3/118 ) .(1/4938)
قال الطبري رحمه الله : ( فقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسواد الأعظم " ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية " ) ( تفسير القرطبي 14/56 ) . وقد كان لفظ الكراهة يستخدم لمعنى الحرمة في القرون المتقدمة ثم غلب عليه معنى التنزيه ، ويحمل هذا على التحريم لقوله : والمنع منه ، فإنه لا يمنع عن أمر غير محرم ، ولذكره الحديثين وفيهما الزجر الشديد ، والقرطبي رحمه الله هو الذي نقل هذا الأثر ، وهو القائل بعد هذا : ( قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ، قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) ، قال الشيخ الفوزان حفظه الله : ( ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة ) الإعلام.
وقال ابن تيمية رحمه الله : ( لا يجوز صنع آلات الملاهي ) ( المجموع 22/140 ) ، وقال رحمه الله : ( آلات الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك وأشهر الروايتين عند أحمد ) ( المجموع 28/113 ) ، وقال : ( الوجه السادس : أنه ذكر ابن المنذر اتفاق العلماء على المنع من إجارة الغناء والنوح فقال : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال النائحة والمغنية ، كره ذلك الشعبي والنخعي ومالك وقال أبو ثور والنعمان - أبو حنيفة رحمه الله - ويعقوب ومحمد - تلميذي أبي حنيفة رحمهم الله - : لا تجوز الإجارة على شيء من الغناء والنوح وبه نقول ) وقال : ( والمعازف خمر النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) ( مجموع الفتاوى 10/417 ) .
وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ، فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا قيمة له - . ( المصنف 5/395 ) .
وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) ( شرح السنة 8/28 ) .
استثناء حق
ويستثنى من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ، فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني
رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث : " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . ( غريب الحديث 3/64 ) - فينبغي لبعضهم الخروج بالحجاب الشرعي - .
استثناء باطل
استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور ؛ أولها : انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو باطل ، ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك ، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز التشبه بهم ، لاسيما في ما حرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما كالموسيقى . ( الصحيحة 1/145 ) .
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) صحيح
استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .
واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام ) ( مدارج السالكين 1/493 ) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . ( تلبيس إبليس 229 ) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) ( فتح الباري 2/442-443 )
وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا !!
قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .
( وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما عرف علم الحديث ، وابن حزم ، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )
وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !
قال الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .
وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ، وقد سبق الرد على ذلك ، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) ، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك : ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا ) ( إغاثة اللهفان ) .(1/4939)
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!
قال ابن القيم رحمه الله : ( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به ) ( مدارج السالكين 1/485 ) . قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ، ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) ( مجموع الفتاوى 11/557 وما بعده ) .
ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ، وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم .
خاتمة
لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا ، وأنه ليس في هذه المسألة قولان ، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع ، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء ، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب ، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع ! - ، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة ، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة ! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها .
فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال ، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه ، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين ، ويطير وسواس قوم موسوسين ، ويفضح كل معرض عن الوحي ، متتبع للرخص ، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم ، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه - ، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
وللاستزادة .. يمكن مراجعة :
كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم
وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50005
حكم صيام المرضع والحامل
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4940)
سؤال رقم 50005- حكم صيام المرضع والحامل
هل يجوز لزوجتي التي ترضع ابني البالغ من العمر عشرة أشهر الإفطار في شهر رمضان ؟ .
الحمد لله
المرضع ومثلها الحامل لها حالان :
الأولى :
أن لا تتأثر بالصيام ، فلا يشق عليها الصيام ولا يُخشى منه على
ولدها ، فيجب عليها الصيام ، ولا يجوز لها أن تفطر .
الثانية :
أن تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويشق عليها ، فلها أن تفطر
وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها .
وفي هذه الحال الأفضل لها الفطر ، ويكره لها الصيام ، بل ذكر بعض
أهل العلم أنها إذا كانت تخشى على ولدها وجب عليها الإفطار وحرم الصوم .
قال المرداوي في الإنصاف" (7/382) :
"يُكْرَهُ لَهَا الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ . . . وَذَكَرَ
ابْنُ عَقِيلٍ : إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ , حَالَ
الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ , وَإن لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ" اهـ
. باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص161) :
إذا أفطرت الحامل أو المرضع بدون عذر وهي قوية ونشيطة ولا تتأثر
بالصيام فما حكم ذلك ؟
فأجاب :
لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطرا في نهار رمضان إلا للعذر، فإذا
أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم ، لقول الله تعالى في المريض : ( وَمَن كَانَ
مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . وهما بمعنى المريض
وإذا كان عذرهما الخوف على الولد فعليهما مع القضاء عند بعض أهل العلم إطعام مسكين
لكل يوم من البر (القمح) ، أو الرز، أو التمر، أو غيرها من قوت الا?دميين ، وقال
بعض العلماء: ليس عليهما سوى القضاء على كل حال ؛ لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل
من الكتاب والسنة ، والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها ، وهذا مذهب أبي
حنيفة رحمه الله ، وهو قوي اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أيضاً في فتاوى الصيام
(ص162) :
عن الحامل إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وأفطرت فما
الحكم ؟
فأجاب :
جوابنا على هذا أن نقول : الحامل لا تخلو من حالين :
إحداهما : أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على
جنينها ، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم ؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام .
والحال الثانية : أن تكون الحامل غير متحملة للصيام : إما لثقل
الحمل عليها ، أو لضعفها في جسمها ، أو لغير ذلك ، وفي هذه الحال تفطر ، لاسيما إذا
كان الضرر على جنينها ، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ . وإذا أفطرت فإنها كغيرها
ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها ، فإذا وضعت وجب عليها
قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس ، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر
وهو عذر الإرضاع ، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف
الطويلة النهار ، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها
بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما
فاتك من الصوم اهـ .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/224) :
أما الحامل والمرضع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث
أنس بن مالك الكعبي عن أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح أنه رخص لهما في الإفطار
وجعلهما كالمسافر . فعلم بذلك أنهما تفطران وتقضيان كالمسافر ، وذكر أهل العلم أنه
ليس لهما الإفطار إلا إذا شق عليهما الصوم كالمريض ، أو خافتا على ولديهما والله
أعلم اهـ .
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/226) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من
الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من
النفاس" اهـ .
*****
50008
هل الأفضل أن تفطر لترضع ولدها أو تقطع الرضاعة وتصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4941)
سؤال رقم 50008- هل الأفضل أن تفطر لترضع ولدها أو تقطع الرضاعة وتصوم ؟
لدي طفل يبلغ من العمر 10 شهور ، والآن وقد جاء شهر رمضان وأريد أن أصوم الشهر . ولكن قبل أيام قمت بصوم يومي الاثنين والخميس فأرهقني وأتعبني . هل يجوز أن أقطع الطفل من الرضاعة لأجل الصيام أم الأفضل أن أترك الصيام لأجل رضاعة الطفل ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في إجابة السؤال رقم ( 50005 )
أن المرضع والحامل إذا خافت على نفسها أو ولدها فالأفضل لها الفطر ، ويكره لها
الصوم ، بل قال بعض أهل العلم : إذا خافت على ولدها حرم عليها الصوم ووجب عليه
الفطر لأنها ليس لها أن تفعل ما يضر ولدها .
ثانيا :
إذا كان الطفل مستغنياً عن رضاع أمه فإنها تصوم ولا تفطر لعدم
الحاجة إلى فطرها حينئذ .
قال المرداوي في الإنصاف "(7/383) :
"إذا كان الطفل مستغنياً عن رضاعها لم يجز لها الفطر" اهـ
بتصرف .
ثالثا :
إذا كان المقصود من قولك في السؤال "أقطع الطفل من الرضاعة" أنك
تفطمينه فإنه ينظر في ذلك إلى حال الولد ، فإن كان يتضرر بذلك فلا يجوز الإقدام على
هذا ، وإن كان لا يتضرر به فلا بأس من فطامه بعد مشاورة الأب والاتفاق معه على ذلك
، لقول الله تعالى : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ
كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ
رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا
تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ
مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا
جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) البقرة/233.
قال القرطبي :
"قوله تعالى : "فإن أرادا فصالا" الضمير في "أرادا" للوالدين .
و"فصالا" معناه فطاما عن الرضاع ، أي عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات .
"عن تراض منهما" أي قبل الحولين . "فلا جناح عليهما" أي في فصله ، وذلك أن الله
سبحانه جعل مدة الرضاع حولين إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير
مضارة بالولد ، فذلك جائز بهذا البيان" اهـ بتصرف .
وروى ابن جرير في التفسير (3913) عن سفيان الثوري قال : إذا أراد
الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض المرأة فليس له ذلك ، وإذا قالت المرأة : أنا
أفطمه قبل الحولين ، وقال الأب : لا ، فليس لها أن تفطمه حتى يرضى الأب ، حتى
يجتمعا ، فإن اجتمعا قبل الحولين فطماه ، وإذا اختلفا لم يفطماه قبل الحولين ، وذلك
قوله : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور) .
وأما إذا كان المقصود بقطع الطفل عن الرضاعة نقله إلى الرضاعة
الصناعية فإن في هذا تفويتاً لمصلحة الرضاعة الطبيعية على الولد وقد ثبت ثبوتاً
لا مجال للشك فيه أهمية الرضاعة الطبيعية للأطفال ، وفي هذه الحال لا تترك المرأة الرضاعة الطبيعة لأجل الصيام حيث أن الرضاعة الصناعية لا تغني عنها تماماً ، ولأن في أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل عذراً كافياً لها للإفطار . راجع السؤال ( 20759 )
.
والله أعلم .
*****
5001
حكم المرور أمام ساجد سجدة التلاوة
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >(1/4942)
سؤال رقم 5001- حكم المرور أمام ساجد سجدة التلاوة
السؤال :
ما حكم المرور أمام ساجد سجدة التلاوة ؟
الجواب :
الحمد لله
ليس عليه في ذلك شيء .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/263
*****
50010
ما حكم سماع القران قبل النوم من مسجل أو غيره ؟
القرآن وعلومه >
الآداب > آداب النوم >(1/4943)
سؤال رقم 50010- ما حكم سماع القران قبل النوم من مسجل أو غيره ؟
ما حكم سماع القرآن أثناء النوم من مسجل أو غيره لتكون خاتمة المسلم على ذكر الله ؟.
الحمد لله
لا حرج من أن يستمع المسلم قبل نومه للقرآن ، أو لمحاضرة ، أو
لشيء مباح ، بل قد جاء في السنَّة الصحيحة أن من أذكار ما قبل النوم أدعية وقراءة
آيات وسورٍ من القرآن .
قال البخاري :
باب التعوذ والقراءة عند المنام
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات ومسح بهما جسده . رواه البخاري
( 5960 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : وكَّلني رسول الله صلى الله
عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت :
لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث - فقال : إذا أويت إلى
فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : " صدقك وهو كذوب ، ذاك شيطان " . رواه البخاري (
3101 ) .
وسماع القرآن قبل النوم وبعده - في رمضان وفي غيره – يورث
طمأنينة للقلوب ، وانشراحاً للصدور ، قال تعالى : ( أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ
تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 .
والله أعلم.
*****
50014
حكم زكاة الدَّيْن وهل تُخرج من غير المال ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4944)
سؤال رقم 50014- حكم زكاة الدَّيْن وهل تُخرج من غير المال ؟
استدان مني أخي خمسة آلآف ريال ، واستدانت مني أختي خمسمائة ريال ، وأنا أخرج الزكاة دائما في رمضان ، فهل أخرج الزكاة عن الدين ؟ وهل يجوز أن أضعها في إفطار صائم أو في مبنى الوقف الخيري لمكتب الدعوة والإرشاد ؟.
الحمد لله
أولاً :
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان المَدين معسراً أو كان مليئاً لكنه مماطل ولا يمكن
الدائن استخلاص دينه منه ، إما لكونه لايجد لديه من الإثبات ما يستخلص به حقه لدى
الحاكم ، أو لديه الإثبات لكن لا يجد مِن ولي الأمر ما يساعده على تخليص حقه ، كما
في بعض الدول التي لا نصرة فيها للحقوق : فلا تجب الزكاة على الدائن حتى يقبض دينه
ويستقبل به حولا .
وأما إذا كان المدين مليئاً ويمكن استخلاص الدين منه : فالزكاة
واجبة على الدائن كلما حال الحول ، وكان الدين نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره من
النقود ونحوها .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 9 / 191 ) .
ثانياً :
ومن وجبت الزكاة في ماله فلا يجوز له صرفها إلا في مصارفها
الشرعية ، وقد سبق بيانها في جواب على السؤال رقم ( 6977 ) ، فلا يجوز وضع زكاة المال في
إفطار الصائم ولا في مبنى الوقف الخيري ، لأن ذلك ليس من مصارف الزكاة الثمانية
التي حددها الله سبحانه وتعالى .
وقد سبق في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد
والمدارس وكذلك في طباعة المصحف ، فانظرها في ( 13734 ) و ( 21797 ) .
والله أعلم .
*****
50016
هل يجوز أن يضمن شخصاً في قرض من البنك ؟
الفقه > معاملات > القرض >
الفقه > معاملات > الضمان >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4945)
سؤال رقم 50016- هل يجوز أن يضمن شخصاً في قرض من البنك ؟
ما هو حكم الإسلام في ضمان أخ في قرض من البنك ؟.
الحمد لله
إذا كان هذا القرض ربوياً ( كما هو واقع أكثر البنوك ) بمعنى أن
البنك يأخذ عليه فائدة فإنه لا يجوز لك أن تضمن المقترض ، لأن في ذلك إعانة للمتقرض
والبنك على الربا الذي حرمه الله ورسوله وأجمع المسلمون على تحريمه .
سئل علماء اللجنة عن حكم كفالة المقترض من بنك ربوي فأجابوا :
إذا كان الواقع كما ذُكر من أخذ البنك فائدة على القرض : لم يجز
للمدير ولا للمحاسب ولا لأمين الصندوق التعاون معهم في ذلك ؛ لقوله تعالى : ( وَلا
تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ؛
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه
، وقال : هم سواء " .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 13 / 410 ) .
والله أعلم .
*****
50017
استمنى جاهلاً أنه مفطر
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4946)
سؤال رقم 50017- استمنى جاهلاً أنه مفطر
لقد منّ الله علي بالتوبة قبل عام .. واليوم سمعت أن الاستمناء من المفطرات ، ولم أكن أعرف ذلك سابقاً .. وقد اقترفت هذا الذنب في رمضان قبل الماضي .. ولا أعلم ماذا أفعل ؟ علماً بأنني لا أعلم عدد الأيام التي قمت فيها بهذا الذنب .. أرجوكم أفيدوني ماذا علي فعله ؟.
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة ، ونسأله سبحانه أن يتقبل
توبتك ، ويغفر لك ذنبك ، ويلهمك رشدك .
ثانياً :
اختلف العلماء فيمن فعل شيئا من مفسدات الصيام جاهلا ، هل يفسد
صومه بذلك أم لا على قولين :
الأول : أنه يفسد صومه بذلك ، وهو مذهب الشافعي وأحمد ، إلا أن
الشافعي استثنى إذا كان حديث عهد بالإسلام أو كان ناشئا ببادية بعيدا عن أهل العلم
فلا يفسد صومه .
قال النووي في "المجموع" (6/352) :
" إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا
بِتَحْرِيمِهِ - فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ
بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا - لَمْ يُفْطِرْ ;
لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ ,
وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ
أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّرٌ " اهـ .
وانظر "المغني" (4/368) ، "الكافي" (2/244) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة ، فقد سئلت اللجنة عمن
استمنى في نهار رمضان وهو جاهل أن هذا حرام ، ولا يعلم عدد الأيام التي فعل فيها
هذا المحرم . فأجابت :
" يجب قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب العادة السرية لأنها مفسدة
للصيام ، واجتهد في معرفة الأيام التي أفطرتها " اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (10/258) .
والقول الثاني : لا يفسد صومه بذلك كما لا يفسد صوم الناسي .
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/19) :
" الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ
ذَلِكَ : فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ .
. . وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلا يَثْبُتُ
الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ , لقوله تعالى : ( لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ
بَلَغَ ) . وَقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا ) .
وَلِقَوْلِهِ : ( لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدٌ , بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لا
يُعَاقِبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَلِّغَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ . وَمَنْ عَلِمَ
أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَعْلَمْ كَثِيرًا
مِمَّا جَاءَ بِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ , فَإِنَّهُ
إذَا لَمْ يُعَذِّبْهُ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , فَإِنَّهُ لا
يُعَذِّبُهُ عَلَى بَعْضِ شَرَائِطِهِ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ أَوْلَى وَأَحْرَى ,
وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي
أَمْثَالِ ذَلِكَ . فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ
أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى : ( الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ
الأَسْوَدِ ) هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ . فَكَانَ
أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا . ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ
بَيَاضُ النَّهَارِ , وَسَوَادُ اللَّيْلِ . وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ اهـ
.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/66) :
" وَقَدْ عَفَا (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) عَمَّنْ أَكَلَ
أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ عَمْدًا غَيْرَ نَاسٍ لَمَّا تَأَوَّلَ
الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ بِالْحَبْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ ,
فَجَعَلَ يَأْكُلُ حَتَّى تَبَيَّنَا لَهُ وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ , وَعَفَا لَهُ
عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ , لِتَأْوِيلِهِ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شاب استمنى في رمضان
جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته ، فما الحكم ؟
فأجاب :
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم
إلا بثلاثة شروط : العلم ، والذكر ، والإرادة . راجع السؤال ( 28023 )
.
ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه
حرام لقول الله تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى
أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *
فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ ) المؤمنون/5-7 .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ
مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) رواه البخاري (5065) ومسلم
(1400) .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ،
لأنه أيسر على المكلف ، ولأن الإنسان يجد فيه متعة ، بخلاف الصوم ففيه مشقة ، فلما
عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم ، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/981) .
والأحوط لك أن تقضي تلك الأيام ، واجتهد في تحديد عددها بما يغلب
على ظنك .
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (15/304) :
"أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام ، لكونه
بالغا صحيحا مقيما ، جهلا منه ، فقد اختلف أهل العلم في شأنه ، فقال بعضهم : عليه
الكفارة ؛ لأنه مفرط في عدم السؤال والتفقه في الدين ، وقال آخرون من أهل العلم :
لا كفارة عليه من أجل الجهل ، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة ، من أجل تفريطك
وعدم سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت" اهـ .
فأمره بالكفارة احتياطاً ، ووجوب الكفارة هنا لأنه أفطر بالجماع
، والكفارة لا تجب بشيء من مفسدات الصيام إلا بالجماع في نهار رمضان ، كما تقدم في
إجابة السؤال ( 28023 ) .
*****
50019
تعجيل الفطر أفضل من تأخيره
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/4947)
سؤال رقم 50019- تعجيل الفطر أفضل من تأخيره
هل في تأخير الفطر بعد صلاة المغرب ثواب ؟.
الحمد لله
تأخير الفطر ليس فيه ثواب ، بل الأفضل والأكمل في الثواب هو
تعجيل الفطر بعد غروب الشمس مباشرة .
روى البخاري (1957) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا يَزَالُ النَّاسُ
بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ) .
ورواه أبو داود (2353) عن أَبي هُرَيْرَة وفيه : ( لأَنَّ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود
(2353) .
قال النووي :
فِيهِ الْحَثّ عَلَى تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ
الشَّمْسِ , وَمَعْنَاهُ لا يَزَال أَمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وَهُمْ بِخَيْرٍ مَا
دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة , وَإِذَا أَخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ
عَلامَة عَلَى فَسَادٍ يَقَعُونَ فِيهِ اهـ .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى
يُؤَخِّرُونَ ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ :
فِي هَذَا التَّعْلِيل دَلِيل عَلَى أَنَّ قِوَام الدِّين
الْحَنِيفِيّ عَلَى مُخَالَفَة الأَعْدَاء مِنْ أَهْل الْكِتَاب ، وَأَنَّ فِي
مُوَافَقَتهمْ تَلَفًا لِلدِّينِ اهـ .
وروى مسلم (1099) أن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سئلت عن
رجل مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وهو عبد الله بن
مسعود) يُعَجِّلُ الْمَغْرِبَ وَالإِفْطَارَ ، فَقَالَتْ : هَكَذَا كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ .
قَالَ الشَّافِعِيّ فِي " الأُمّ " :
"تَعْجِيل الْفِطْر مُسْتَحَبٌّ" اهـ .
وقال ابن حزم في "المحلى" (4/380) :
وَمِنْ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ ،
وَإِنَّمَا هُوَ مَغِيبُ الشَّمْسِ عَنْ أُفُقِ الصَّائِمِ وَلا مَزِيدَ اهـ .
وقد ذكر العلماء عدةَ حِكَم لاستحباب تعجيل الفطر ، فمنها :
1- مخالفة اليهود والنصارى .
2- اتباع السنة وموافقتها .
3- أَنْ لا يُزَادَ فِي النَّهَار مِنْ اللَّيْل .
4- أَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ ، وَأَقْوَى لَهُ عَلَى
الْعِبَادَة .
5- ولما فيه من المبادرة إلى تناول ما أحله الله عز وجل ، والله
سبحانه وتعالى كريم ، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه ، فيحب من عباده أن يبادروا
بما أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس .
"وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا
تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْس بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ , وَكَذَا
عَدْلٍ وَاحِد فِي الأَرْجَح" قاله الحافظ .
انظر : "فتح الباري" شرح حديث رقم (1957) ، "الشرح الممتع" (6/267) .
*****
50022
حكم ضرب التلاميذ
التربية > تربية الأولاد >(1/4948)
سؤال رقم 50022- حكم ضرب التلاميذ
أعمل مدرساً ولصالح التلاميذ أضربهم ضرباً لا يترك جروحاً بأجسادهم وذلك حتى يرتفع مستواهم ، فهل هذا يؤثر على صيامي ؟ وهل عليّ إثم في هذا الضرب ؟ ( علماً بأني عندما أترك الضرب يقل مستواهم بشكل ملحوظ جدّاً ).
الحمد لله
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
ما حكم ضرب الطالبات لغرض التعليم والحث على أداء الواجبات
المطلوبة منهن لتعويدهن على عدم التهاون فيها ؟ .
فأجاب :
لا بأس في ذلك ؛ فالمعلم والمعلمة والوالد كل منهم عليه أن يلاحظ
الأولاد ، وأن يؤدب من يستحق التأديب إذا قصَّر في واجبه حتى يعتاد الأخلاق الفاضلة
وحتى يستقيم على ما ينبغي من العمل الصالح ، ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال : " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرِّقوا بينهم في
المضاجع " ، فالذَّكر يُضرب والأنثى كذلك إذا بلغ كل منهم العشر وقصَّر في الصلاة ،
ويؤدَّب حتى يستقيم على الصلاة ، وهكذا الواجبات الأخرى في التعليم وشئون البيت
وغير ذلك ، فالواجب على أولياء الصغار من الذكور والإناث أن يعتنوا بتوجيههم
وتأديبهم لكن يكون الضرب خفيفاً لا خطر فيه ولكن يحصل به المقصود . " مجموع
فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 403 ) .
وينبغي التنبه إلى أنه لا يجوز للمعلم أن يقسوَ في ضربه ولا أن
يزيد على عشرة أسواط إلا أن يتعدى الطالب على شرع الله ، أما فيما يتعلق بدراسته
وتحضيره لها : فلا ينبغي له أن يزيد على ذلك القدر .
عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: " لا يُجلد أحدٌ فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله " . رواه البخاري
( 6456 ) ومسلم ( 3222 ) .
وفي رواية للبخاري ( 6457 ) :
" لا عقوبة فوق عشر ضربات إلا في حدٍّ من حدود الله " .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
فقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد
من حدود الله " يريد به الجناية التي هي حق لله .
فإن قيل : فأين تكون العشرة فما دونها إذ كان المراد بالحد
الجناية ؟ .
قيل : في ضرب الرجل امرأته وعبده وولده وأجيره , للتأديب ونحوه ,
فإنه لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط ; فهذا أحسن ما خُرِّج عليه الحديث . اهـ. " إعلام الموقعين " ( 2 / 23 ) .
وليس الضرب هو الطريقة الوحيدة لحث الطالب على المذاكرة ، وإنما
ينبغي أن يجمع المدرس بين الترغيب والترهيب على حسب ما يراه يؤدي إلى المصلحة
المقصودة ، فيثني على الطالب الجيد ويشجعه عن طريق الهدايا والجوائز وإعطائه درجات
عالية لمشاركته وحرصه ، ويخوف الطالب المقصر بالضرب تارة وبالحرمان من بعض الدرجات
تارة وبالتعنيف بالكلام تارة أخرى أو باستدعاء ولي أمره ونحو ذلك .
وينبغي أن يكون قصد المدرس مصلحة الطالب لا مجرد العقاب .
والله أعلم .
*****
50024
الاعتكاف مشروع في رمضان وغيره
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4949)
سؤال رقم 50024- الاعتكاف مشروع في رمضان وغيره
هل الاعتكاف يكون في أي وقت ؟ أم أنه لا يكون إلا في رمضان ؟.
الحمد لله
الاعتكاف سنة في كل وقت ، في رمضان وغيره ، لكنه في رمضان أفضل ،
وآكده في العشر الأخير من رمضان .
ويدل على ذلك عموم أدلة استحباب الاعتكاف ، فإنها تشمل رمضان
وغيره . راجع السؤال رقم ( 48999 )
قال النووي في المجموع (6/501) :
" الاعْتِكَافُ سُنَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَلا يَجِبُ إلا
بِالنَّذْرِ بِالإِجْمَاعِ , وَيُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْهُ , وَيُسْتَحَبُّ
وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ"
اهـ .
وقال أيضاً (6/514) :
"وَأَفْضَلُهُ مَا كَانَ بصوم , وَأَفْضَلُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ,
وَأَفْضَلُهُ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْهُ" اهـ .
قال الألباني في "قيام رمضان" :
"الاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة ، والأصل في ذلك
قوله تعالى: ( وأنتم عاكفون في المساجد ) ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه
صلى الله عليه وسلم ، وتواتر الآثار عن السلف بذلك . . .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرا من شوال . متفق عليه . .
وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كنت نذرت في الجاهلية أن
أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال: ( فأوف بنذرك) . فاعتكف ليلة . متفق عليه .
وآكده في رمضان لحديث أبي هريرة : ( كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما
) رواه البخاري . .
وأفضله آخر رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف
العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل . متفق عليه اهـ باختصار وتصرف .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) :
"لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب ، وفي رمضان أفضل
من غيره .. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار .
انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح. ص 41 .
*****
50025
لا يصح اعتكاف الرجل والمرأة إلا في المسجد
الفقه > عبادات > الصوم > الاعتكاف >(1/4950)
سؤال رقم 50025- لا يصح اعتكاف الرجل والمرأة إلا في المسجد
هل للمرأة أن تعتكف في بيتها ؟.
الحمد لله
اتفق العلماء على أن الرجل لا يصح اعتكافه إلا في المسجد ، لقول
الله تعالى : ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) البقرة/187 . فخص الاعتكاف بأنه في المساجد .
انظر المغني (4/461) .
وأما المرأة فذهب جمهور العلماء إلى أنها كالرجل لا يصح اعتكافها
إلا في المسجد للآية السابقة ( وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي
الْمَسَاجِد ِ) البقرة/187 .
ولأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه في الاعتكاف في
المسجد فأذن لهن ، وكُنَّ يعتكفن في المسجد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
ولو كان اعتكاف المرأة في بيتها جائزا لأرشدهن النبي صلى الله
عليه وسلم إليه لأن استتار المرأة في بيتها أفضل من خروجها إلى المسجد .
وذهب بعض العلماء إلى أن المرأة يصح اعتكافها في مسجد بيتها وهو
الموضع الذي جعلته للصلاة في بيتها .
ومنع جمهور العلماء ذلك وقالوا : إن مسجد بيتها لا يسمى مسجدا
إلا على سبيل التجوز وليس هو مسجدا على سبيل الحقيقة فلا يأخذ أحكام المسجد ولذلك
يجوز دخوله للجنب والحائض .
انظر "المغني" (4/464) .
قال النووي في المجموع (6/505) :
" لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ
إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ
بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى
(20/264) :
المرأة إذا أرادت الاعتكاف فأين تعتكف ؟
فأجاب:
المرأة إذا أرادت الاعتكاف فإنما تعتكف في المسجد إذا لم يكن في
ذلك محذور شرعي ، وإن كان في ذلك محذور شرعي فلا تعتكف اهـ .
وفي "الموسوعة الفقهية" (5/212) :
"اخْتَلَفُوا فِي مَكَانِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ : فَذَهَبَ
الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا كَالرَّجُلِ لا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا إلا فِي
الْمَسْجِدِ , وَعَلَى هَذَا فَلا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا ,
لِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ
امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا ( أَيْ نَذَرَتْ ) أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ
بَيْتِهَا , فَقَالَ : " بِدْعَةٌ , وَأَبْغَضُ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ
. فَلا اعْتِكَافَ إلا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ . وَلأَنَّ مَسْجِدَ
الْبَيْتِ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلا حُكْمًا , فَيَجُوزُ تَبْدِيلُهُ ,
وَنَوْمُ الْجُنُبِ فِيهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ
الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنهن - وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ" اهـ .
*****
50041
حكم من أفطر ناسياً
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4951)
سؤال رقم 50041- حكم من أفطر ناسياً
حكم الإفطار ناسياً في صيام التطوع ؟
الحمد لله
روى البخاري (6669) ومسلم (1155) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا
أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ ) .
وورد أيضاً التصريح بعدم وجوب الكفارة والقضاء .
روى اِبْن خُزَيْمَةَ (1999) عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْر رَمَضَان نَاسِيًا فَلَا قَضَاء
عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَة ) حسنه الألباني في صحيح ابن خزيمة .
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيد عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( مَنْ أَكَلَ فِي شَهْر رَمَضَان نَاسِيًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ
) .
قال الحافظ :
"وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ صَالِحٌ
لِلْمُتَابَعَةِ , فَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ
يَكُونَ حَسَنًا فَيَصْلُحُ لِلاحْتِجَاجِ بِهِ , وَقَدْ وَقَعَ الِاحْتِجَاج فِي
كَثِير مِنْ الْمَسَائِل بِمَا هُوَ دُونه فِي الْقُوَّة , وَيَعْتَضِدُ أَيْضًا
بِأَنَّهُ قَدْ أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَة مِنْ غَيْر مُخَالَفَةٍ
لَهُمْ مِنْهُمْ - كَمَا قَالَهُ اِبْن الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمَا -
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن عُمَر
, ثُمَّ هُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا
كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) فَالنِّسْيَان لَيْسَ مِنْ كَسْب الْقَلْب , وَمُوَافِقٌ
لِلْقِيَاسِ فِي إِبْطَالِ الصَّلاةِ بِعَمْدِ الأَكْلِ لا بِنِسْيَانِهِ
فَكَذَلِكَ الصِّيَام .
وَفِي الْحَدِيثِ لُطْفُ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَالتَّيْسِير
عَلَيْهِمْ وَرَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ عَنْهُم اهـ باختصار .
فاستدل جمهور العلماء بهذه الأحاديث على أنه من نسي وهو صائم
فأفطر فصومه صحيح ، بل يتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة ، وعموم الحديث يشمل الصوم
الواجب والتطوع ، فلا فرق بينهما .
قال الشافعي في الأم (2/284) :
"وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ أَوْ
نَذْرٍ أَوْ صَوْمِ كَفَّارَةٍ أَوْ وَاجِبٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ
تَطَوُّعٍ نَاسِيًا , فَصَوْمُهُ تَامٌّ وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ" اهـ .
وقال النووي :
"فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الأَكْثَرِينَ : أَنَّ الصَّائِم
إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَا يُفْطِرُ , وَمِمَّنْ قَالَ
بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَدَاوُد وَآخَرُونَ اهـ .
قال الحافظ :
وَمِنْ الْمُسْتَظْرَفَاتِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ : أَنَّ إِنْسَانًا جَاءَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَة فَقَالَ :
أَصْبَحْت صَائِمًا فَنَسِيت فَطَعِمْت , قَالَ لا بَأْسَ . قَالَ : ثُمَّ دَخَلْت
عَلَى إِنْسَانٍ فَنَسِيت وَطَعِمْت وَشَرِبْت , قَالَ : لا بَأْسَ اللَّهُ
أَطْعَمَك وَسَقَاك . ثُمَّ قَالَ : دَخَلْت عَلَى آخَرَ فَنَسِيت فَطَعِمْت ,
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَنْتَ إِنْسَانٌ لَمْ تَتَعَوَّدْ الصِّيَامَ .
*****
50047
إذا فطَّر قريبا غنيا فله ثواب من فطَّر صائماً
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/4952)
سؤال رقم 50047- إذا فطَّر قريبا غنيا فله ثواب من فطَّر صائماً
أرجو الإفادة عما إذا كان يعتبر إفطار شخص قريب لي ومن القادرين يدخل ضمن حديث : (من فَطَّر صائما.. الحديث) .
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي (807) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ
الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ
أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
والحديث عام في كل صائم غنياً كان أم فقيراً ، ويشمل القريب
وغيره .
انظر : "فيض القدير" للمناوي شرح حديث رقم (8890) .
بل قد يكون تفطير الصائم القريب أعظم أجراً لأنه بذلك يحصل على
ثواب تفطير الصائم ، وصلة الرحم، ما لم يكن غير القريب فقيرا ولا يجد ما يفطر عليه
فيكون تفطيره أعظم أجراً لما فيه من دفع حاجته .
وهذا كما أن الصدقة على الفقير القريب أفضل من الصدقة على الفقير
غير القريب .
روى الترمذي (658) وابن ماجه (1844) عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ
الضَّبِّيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ
صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقال الحافظ في "فتح الباري" :
" لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ ذِي الرَّحِم (يعني الهدية
للقريب) أَفْضَل مُطْلَقًا ، لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْمِسْكِين مُحْتَاجًا
وَنَفْعه بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَالآخَر بِالْعَكْسِ اهـ بتصرف .
والخلاصة :
أن تفطير الصائم القريب يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ
فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) ،
وقد يكون تفطيره أعظم أجراً من غير القريب ، وقد يكون بالعكس ،
على حسب حاجة كل منهما ، وما يترتب على تفطيره من المصالح .
والله تعالى أعلم .
*****
50058
لا يتحكم بالبول وهو كبير جدّاً فهل يصوم ويصلي ؟
أصول الفقه > التكليف >(1/4953)
سؤال رقم 50058- لا يتحكم بالبول وهو كبير جدّاً فهل يصوم ويصلي ؟
والدي أصبح كبيراً في السن عمره – 105 سنوات – وهو شبه فاقد للذاكرة ، ولكن أحيانا يعرفنا وأحياننا لا يعرفنا ، وهو في السنوات الأخيرة لا يتحكم في البول ، ونقوم بتغيير ملابسه في اليوم أكثر من مرة ، فهل عليه صلاة مع عدم الطهارة ؟ وهل نجعله يصوم ؟.
الحمد لله
يختلف حكم والدك تبعاً لحضور عقله وإدراكه ، فإن فقد عقله
وذاكرته : فلا يؤمر بطهارة ولا بصلاة ولا بصيام ، وإن حضر عقله وذاكرته : فيؤمر
بالتكاليف الشرعية بحسب الاستطاعة دون أن يشق على نفسه .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :
فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصيام ؟ .
فأجاب :
إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلاً
للوجوب ، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء ، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه
العبادات ، وبهذا لا تلزم المجنون ، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز ، وهذا من رحمة
الله سبحانه وتعالى ، ومثله المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون ،
ومثله أيضاً الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة ، كما قال هذا السائل ، فإنه لا يجب
عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة ؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز ،
فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة ، ولا يلزم بصلاة ، ولا يلزم أيضاً بصيام ،
وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال ، فالزكاة – مثلاً -
يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد ؛ لأن وجوب
الزكاة يتعلق بالمال ، كما قال الله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتَكَ سَكَنٌ
لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، ولم يقل : " خذ منهم " ، وقال النبي صلى
الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه - حينما بعثه إلى اليمن : " أعْلِمهم أن الله
فرض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " ، فقال : " صدقة
في أموالهم " فبيَّن أنها من المال ، وإن كانت تؤخذ من صاحب المال .
وعلى كل حال : الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله ، أما
العبادات البدنية كالصلاة ، والطهارة ، والصوم : فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل ؛
لأنه لا يعقل .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 40 ) .
وسئل الشيخ - رحمه الله تعالى - :
ما حكم صيام من يعقل زمناً ويجن زمناً آخر ؟ أو يهذري يوماً
ويصحو يوماً آخر ؟ .
فأجاب :
الحكم يدور مع علته ، ففي الأوقات التي يكون فيها صاحياً عاقلاً
: يجب عليه الصوم ، وفي الأوقات التي يكون فيها مجنوناً مهذرياً : لا صوم عليه ،
فلو فرض أنه يجن يوماً ويفيق يوماً ، أو يهذري يوماً ويصحو يوماً : ففي اليوم الذي
يصحو فيه : يلزمه الصوم ، وفي اليوم الذي لا يصحو فيه : لا يلزمه الصوم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 43 ) .
والله أعلم .
*****
50059
إذا رأت كدرة بعد الطهر فإنها تصلي وتصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4954)
سؤال رقم 50059- إذا رأت كدرة بعد الطهر فإنها تصلي وتصوم ؟
كانت الدورة قد انتهت كاملا واغتسلت ليلاً ، ونويت الصوم من الليل ، ولكن عندما قمت لأصلي الفجر وأنا على طهارة كاملة تفاجأت بنزول خيط أبيض ومعه جزء يسير لونه بني فاتح يكاد لا يلاحظ إلا من قرب، ولكن لم ينزل أثناء الغسل .
فهل هذه الصلاة صحيحة أم لابد من إعادتها ؟ وهل يصح الصوم في ذلك اليوم ؟ مع العلم أنني لم أغتسل بعد نزول هذا الشيء؟.
الحمد لله
هذه الكدرة التي تنزل بعد الطهر ليست بشيء ، ولا تعتبر حيضاً ،
فصومك صحيح ، ولا يجب عليك الاغتسال بعد نزولها ، لقول أُمِّ عَطِيَّةَ : ( كُنَّا
لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا ) . رواه
أبو داود (307) وصححه الألباني في صحيح أبي داود . ورواه البخاري
(326) بلفظ : ( كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا ) .
لكن هذه الكدرة ناقضة للوضوء ، فإذا كنت توضأت لصلاة الفجر بعد
نزولها فصلاتك صحيحة ولا شيء عليك ، وإن كانت نزلت بعد الوضوء وقبل الصلاة ولم
تعيدي الوضوء فعليك إعادة تلك الصلاة لأنك قد صليتها بلا وضوء .
سئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (10/214) :
ألاحظ أنه عند اغتسالي من العادة الشهرية وبعد جلوسي للمدة
المعتادة لها وهي خمسة أيام أنها في بعض الأحيان تنزل مني كمية قليلة جدا ، وذلك
بعد الاغتسال مباشرة ، ثم بعد ذلك لا ينزل شيء ، وأنا لا أدري هل آخذ بعادتي فقط
خمسة أيام وما زاد لا يحسب ، وأصلي وأصوم وليس علي شيء في ذلك ، أم أنني أعتبر ذلك
اليوم من أيام العادة فلا أصلي ولا أصوم فيه ؟ علما أن ذلك لا يحدث معي دائما وإنما
بعد كل حيضتين أو ثلاث تقريبا ؟
فأجاب :
إذا كان الذي ينزل عليك بعد الطهارة صفرة أو كدرة فإنه لا يعتبر
شيئا ، بل حكمه حكم البول .
أما إن كان دما صريحا فإنه يعتبر من الحيض ، وعليك : أن تعيدي
الغسل ؛ لما ثبت عن أم عطية رضي الله عنها وهي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
أنها قالت : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص105) :
امرأة تقول : جاءها الحيض ، وتوقف عنها الدم في اليوم السادس من المغرب حتى الساعة
الثانية عشرة ليلاً ، واغتسلت هذا اليوم وصامت اليوم الذي بعده ، ثم جاءتها كدرة
بنية وصامت هذا اليوم ، هل يعتبر هذا من الحيض مع أن عادتها تجلس سبعة أيام ؟
فأجاب :
هذه الكدرة ليست من الحيض ، الكدرة التي تصيب المرأة من بعد
طهارتها ليست بشيء ، قالت أم عطية ـ رضي الله عنها ـ : « كنا لا نعد الصفرة والكدرة
بعد الطهر شيئاً ». وفي رواية أخرى : «كنا لا نعدها شيئاً» . ولم تذكر بعد الطهر.
والحيض دم ليس بكدرة ولا صفرة ، وعلى هذا فيكون صيام هذه المرأة صحيحاً ، سواء في
اليوم الذي لم تر فيه الكدرة، أو اليوم الذي رأت فيه الكدرة ، لأن هذه الكدرة ليست
بحيض اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/158) :
عن امرأة طهرت في رمضان قبل طلوع الفجر فصامت ذلك اليوم، ثم قامت
الظهر لتصلي فرأت صفرة هل صومها صحيح ؟
فأجابت :
إذا كان الطهر حصل قبل طلوع الفجر ثم صامت فصيامها صحيح ولا أثر
للصفرة بعد رؤية الطهر؛ لقول أم عطية رضي الله عنها : ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة
بعد الطهر شيئا ) اهـ .
*****
50063
هل التبرج مبطل للصوم ؟
الفقه > عبادات > الصوم >(1/4955)
سؤال رقم 50063- هل التبرج مبطل للصوم ؟
هل التبرج مبطل للصوم ؟.
الحمد لله
أولاً :
شرع الله تعالى الصيام لحكم عظيمة ، ومن أهم هذه الحكم والمصالح
المترتبة على الصيام تحقيق تقوى الله تعالى ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
والتقوى هي امتثال ما أمر الله به ، واجتناب ما نهى عنه .
فالصائم مأمور بفعل الطاعات ، منهي عن فعل المحرمات نهيا مؤكدا ،
فإن المعاصي قبيحة من كل أحد وهي من الصائم أشد قبحا ، ولهذا قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ
فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري
(6057) . راجع السؤال رقم ( 37989 )
، ( 37658 )
وروى ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من
اللغو والرفث ) . وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1082) .
قال عُمَر بْن الْخَطَّابِ وعَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله
عنهما : لَيْسَ الصِّيَامُ مِنْ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ وَحْدَهُ ; وَلَكِنَّهُ
مِنْ الْكَذِبِ , وَالْبَاطِلِ وَاللَّغْوِ .
وقَالَ جَابِرٌ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ : إذَا صُمْت فَلْيَصُمْ
سَمْعُكَ , وَبَصَرُكَ , وَلِسَانُكَ عَنْ الْكَذِبِ وَالْمَأْثَمِ , وَدَعْ أَذَى
الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ , وَلا
تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صَوْمِكَ سَوَاءً .
وعَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : قَالَ أَبُو ذَرٍّ : إذَا
صُمْت فَتَحَفَّظْ مَا اسْتَطَعْت . فَكَانَ طَلِيقٌ إذَا كَانَ يَوْمُ صِيَامِهِ
دَخَلَ (يعني بيته) فَلَمْ يَخْرُجْ إلا إلَى صَلاةٍ .
وكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم إذَا
صَامُوا جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا : نُطَهِّرُ صِيَامَنَا .
انظر : "المحلى" (4/305)
وقال بعض العلماء :
يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَصُومَ بِعَيْنَيْهِ فَلا
يَنْظُرُ إلَى مَا لا يَحِلُّ ، وَبِسَمْعِهِ فَلا يَسْمَعُ مَا لَا يَحِلُّ ،
وَبِلِسَانِهِ فَلا يَنْطِقُ بِفُحْشٍ وَلا يَشْتُمُ وَلا يَكْذِبُ وَلا يَغْتَبْ
اهـ .
فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذا الشهر الكريم الذي تسلسل فيه
الشياطين ، وتفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب النار ، وينادي مناد يا باغي
الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، فينتهز المؤمن هذا الشهر ليكون أقرب إلى الله ،
فيتوب توبة نصوحا من كل ذنوبه ومعاصيه ، ويعاهد الله تعالى على الاستقامة على دينه
وشرعه .
ثانيا :
والمعاصي ( ومنها تبرج المرأة وإظهارها زينتها ومفاتنها للرجال
الأجانب عنها ) تنقص ثواب الصيام فكلما كثرت معاصيه وعظمت نقص ثواب صيامه ، وقد
يزول ثوابه بالكلية ، فيكون قد منع نفسه من الطعام والشراب وسائر المفطرات وقد أضاع
ثواب ذلك بمعصيته لله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُبَّ صَائِمٍ
لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ
قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ ) رواه ابن ماجه (1690) . وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه .
قال السبكي في فتاويه (1/221-226) :
هَلْ يَنْقُصُ الصَّوْمُ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ
الْمَعَاصِي أَوْ لا ؟ وَاَلَّذِي نَخْتَارُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْقُصُ وَمَا
أَظُنُّ فِي ذَلِكَ خِلافًا . . .
وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْكَمَالِ فِي الصَّوْمِ قَدْ تَكُونُ
بِاقْتِرَانِ طَاعَاتٍ بِهِ مِنْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَلاةٍ
وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَقَدْ تَكُونُ بِاجْتِنَابِ مَنْهِيَّاتٍ . فَكُلُّ ذَلِكَ
يَزِيدُهُ كَمَالا وَمَطْلُوبٌ فِيهِ اهـ . باختصار .
ثالثا :
وأما إفساد الصيام بالمعاصي (ومنها تبرج المرأة) فإن الصيام لا
يفسد بذلك بل يكون صحيحا مسقطا للفرض عن الصائم ، ولا يؤمر بقضائه ، ولكن ينقص ثواب
الصيام بفعل المعصية ، وقد يذهب ثوابه بالكلية كما سبق .
قال النووي في "المجموع" (6/398) :
( يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يُنَزِّهَ صَوْمَهُ عَنْ
الْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ ) مَعْنَاهُ يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ فِي
حَقِّ الصَّائِمِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْحَدِيثِ , وَإِلا فَغَيْرُ الصَّائِمِ
يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا وَيُؤْمَرُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ , وَالتَّنَزُّهُ
التَّبَاعُدُ , فَلَوْ اغْتَابَ فِي صَوْمِهِ عَصَى وَلَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ
عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالْعُلَمَاءُ
كَافَّةً إلا الأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ : يَبْطُلُ الصَّوْمُ بِالْغِيبَةِ وَيَجِبُ
قَضَاؤُهُ اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص358) : هل تحدث المرء
بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه ؟
فأجاب :
"إذا قرأنا قول الله عز وجل: ( يا أَ
يُّهَا ا لَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ا لصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ا لَّذِينَ
مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي
التقوى ، والتقوى هي ترك المحرمات، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك
المحظور ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور ، والعمل به ،
والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) . وعلى هذا يتأكد على الصائم اجتناب
المحرمات من الأقوال والأفعال ، فلا يغتاب الناس ، ولا يكذب ، ولا ينم بينهم ، ولا
يبيع بيعاً محرماً ، ويجتنب جميع المحرمات . وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل
فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ، ولكن المؤسف أن كثيراً من الصائمين لا يفرقون بين
يوم صومهم وفطرهم ، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش
وغيره ، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم ، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام ، ولكن تنقص من
أجره ، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم" اهـ .
*****
50067
هل على تارك الصيام من غير عذر قضاء ؟
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4956)
سؤال رقم 50067- هل على تارك الصيام من غير عذر قضاء ؟
أنا عمري 28 سنة ولم أصم في حياتي رمضان كاملاً ، وها أنا أنوي إن شاء الله أن أصوم في هذا العام ، فكيف أقضي السنوات التي فاتتني ؟.
الحمد لله
صوم رمضان من أركان الإسلام ، ولا يحل للمكلف بصيامه أن يتركه
إلا من عذر ، ومن أفطر بعذر شرعي كالمرض والسفر والحيض وهو يستطيع الصيام فالواجب
عليه قضاء ما أفطره ، لقول الله تعالى : ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/185 وليس من تعمد
الإفطار من غير عذر كالمعذور في هذا .
فمن أخر العبادة عن وقتها من صلاة أو صيام بلا عذر فإنها لا تصح
ولا تقبل منه إن فعلها بعد خروج وقتها المحدد شرعاً .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :
ما حكم المسلم الذي مضى عليه أشهر من رمضان يعني سنوات عديدة
بدون صيام مع إقامة بقية الفرائض وهو بدون عائق عن الصوم أيلزمه القضاء إن تاب ؟ .
فأجاب بقوله :
الصحيح : أن القضاء لا يلزمه إن تاب ؛ لأن كل عبادة مؤقتة بوقت
إذا تعمد الإنسان تأخيرها عن وقتها بدون عذر : فإن الله لا يقبلها منه ، وعلى هذا
فلا فائدة من قضائه ، ولكن عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويكثر من العمل الصالح ،
ومن تاب تاب الله عليه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 41 ) .
هذا حكم من أفطر بلا عذر أي أنه لم ينو الصيام ولم يشرع فيه من
الأصل .
أما من شرع في الصيام ثم أثناء النهار أفطر ، فإن الواجب عليه
قضاء هذا اليوم .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى - :
عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر ؟ .
فأجاب بقوله :
الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر ، ويكون به
الإنسان فاسقاً ، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره ،
يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم ، وأن يقضي ذلك اليوم
الذي أفطره ؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر
، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر : فالراجح : أنه لا يلزمه القضاء ؛
لأنه لا يستفيد به شيئاً ، إذ إنه لن يقبل منه ، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة
بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " ؛ ولأنه مِن
تعدي حدود الله عز وجل ، وتعدي حدود الله تعالى ظلم ، والظالم لا يقبل منه ، قال
الله تعالى : ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّلِمُونَ )
؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي : فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه ،
فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 45 ) .
والله أعلم .
*****
50070
ثواب قيام الليل
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4957)
سؤال رقم 50070- ثواب قيام الليل
ما ثواب قيام الليل ؟.
الحمد لله
قيام الليل سُنة مؤكدة , تواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث
عليه , والتوجيه إليه , والترغيب فيه, ببيان عظيم شأنه ، وجزالة الثواب عليه .
وقيام الليل له شأن عظيم في تثبيت الإيمان , والإعانة على جليل
الأعمال , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا
* نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ
تَرْتِيلا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا ) المزمل/1-6.
ومدح الله تعالى أهل الإيمان والتقوى , بجميل الخصال وجليل
الأعمال , ومن أخص ذلك قيام الليل , قال تعالى : ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا
الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ
رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ
نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ) السجدة/15-17.
ووصفهم في موضع آخر بقوله : ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ
لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا
عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا . . . إلى أن قال : أُولَئِكَ
يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا
* خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ) الفرقان/64-75.
وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل , وكريم عائدته ما لا
يخفى ، وأنه من أسباب صرف عذاب جهنم , والفوز بالجنة , وما فيها من النعيم المقيم ,
وجوار الرب الكريم , جعلنا الله ممن فاز بذلك .
وقد وصف الله تعالى المتقين في سورة الذاريات , بجملة صفات -
منها قيام الليل - , فازوا بها بفسيح الجنات , فقال سبحانه : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا
قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) الذاريات/15-17.
وقد حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه في أحاديث كثيرة ، فمن
ذلك :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ
الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ) رواه مسلم (1163) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ ،
فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ ،
وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ ) . رواه الترمذي
(3549) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (452) .
(فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ ) أَيْ عَادَتُهُمْ
وَشَأْنُهُمْ .
(وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ) أَيْ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى .
(وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ) أي يكفر السيئات .
(وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ) أَيْ ينهى عَنْ اِرْتِكَابِ الإِثْمِ ،
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنْكَرِ) .
وعن عمرو بن مرة الجهني قال : جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
رجلٌ من قضاعة فقال له : يا رسول الله ، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله ، وأنك
رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس ، وصمت الشهر ، وقمت رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء ) رواه ابن خزيمة وصححه الألباني في صحيح ابن خزيمة (2212) .
وروى الترمذي (1984) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى
ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا ، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا ، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ
فَقَالَ : لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِمَنْ أَطَابَ الْكَلامَ ،
وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ
وَالنَّاسُ نِيَامٌ ) . وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتاني جبريل
فقال : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت
فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ) . حسنه الألباني في صحيح الجامع (73) .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ ، وَمَنْ قَامَ
بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنْ الْقَانِتِينَ ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ
مِنْ الْمُقَنْطِرِينَ ) . رواه أبو داود (1398) وصححه الألباني في صحيح أبي
داود .
(الْمُقَنْطِرِينَ) أي : هم الذين أعطوا قِنْطاراً من الأجر.
والقنطار مقدار كبير من الذهب ، وأكثر أهل اللغة على أنه أربعة
آلاف دينار.
وقيل : إنَّ القِنطار مِلْء جِلْد ثَور ذَهباً. وقيل : ثمانون
ألفاً . وقيل : هو جُمْلة كثيرة مجهولة من المال .
انظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير .
والمراد من الحديث تعظيم أجر من قام بألف آية ، وقد روى الطبراني
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( والقنطار خير من الدنيا وما
فيها ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (638) .
(فائدة) :
قال الحافظ ابن حجر : " من سورة (تبارك ) إلى آخر القرآن ألف آية
اهـ .
فمن قام بسورة تبارك إلى آخر القرآن فقد قام بألف آية .
والله أعلم .
*****
50074
هل يجوز له العمل في بيع تحف تتعلق بأعياد الكفار ؟
العقيدة > الولاء والبراء >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
سؤال رقم 50074: هل يجوز له العمل في بيع تحف تتعلق بأعياد الكفار ؟
يوجد مصنع لصنع التحف الزجاجية كحوامل العطور والشمعدانات وتصديرها للخارج ، وعرض عليَّ بأن أكون مسؤولاً عن التصدير ، ولكن المصنع يطلب مني في أعياد النصارى ( الكريسماس ) عمل بعض التحف الزجاجية الخاصة بعيدهم كالصلبان والتماثيل . فهل هذا العمل يجوز حيث إنني أخشى من الله بعد أن منَّ عليَّ ببعض العلم وبحفظ كتابه ؟ .
الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ من المسلمين أن يشارك في أعياد الكفَّار ، سواء
بحضور أو تمكين لهم بإقامته أو ببيع مواد وسلع تتعلق بتلك الأعياد .
كتب الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ إلى وزير التجارة
قائلاً : من محمد إبراهيم إلى معالي وزير التجارة سلمه الله . السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته وبعد :
ذُكر لنا أن بعض التجار في العام الماضي استوردوا هدايا خاصة
بمناسبة العيد المسيحي لرأس السنة الميلادية ، من ضمن هذه الهدايا شجرة الميلاد
المسيحي ، وأن بعض المواطنين كانوا يشترونها ويقدمونها للأجانب المسيحيين في بلادنا
مشاركة منهم في هذا العيد .
وهذا أمر منكر ما كان ينبغي لهم فعله ، ولا نشك في أنكم تعرفون
عدم جواز ذلك ، وما ذكره أهل العلم من الاتفاق على حظر مشاركة الكفار من مشركين
وأهل كتاب في أعيادهم .
فنأمل منكم ملاحظة منع ما يرد بالبلاد من هذه الهدايا وما في
حكمها مما هو خصائص عيدهم.
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 3 / 105 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
بعض المسلمين يشاركون النصارى في أعيادهم ، فما توجيهكم ؟ .
فأجاب :
لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم
من الكفرة في أعيادهم ، بل يجب ترك ذلك ؛ لأن " مَن تشبَّه بقوم فهو منهم " ،
والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم ، فعلى المؤمن
وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء لأنها أعياد
مخالفة للشرع ، فلا يجوز الاشتراك فيها ، ولا التعاون مع أهلها ، ولا مساعدتهم بأي
شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ؛ ولأن الله سبحانه يقول :
( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله
شديد العقاب ) فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 6 / 405 ) .
وفي بيان لعلماء اللجنة الدائمة حول المشاركة باحتفالات الألفية
قالوا :
سادساً : لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه
التعاون في أعيادهم ومن ذلك : إشهار أعيادهم وإعلانها ، ومنها الألفية المذكورة،
ولا الدعوة إليها بأية وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الإعلام ، أو نصب
الساعات واللوحات الرقمية ، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية ، أو طبع البطاقات
أو الكراسات المدرسية ، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها ، أو
الأنشطة الرياضية، أو نشر شعار خاص بها . اهـ .
وعليه : فلا يجوز لك – أخي – المشاركة في صنع شيء يتعلق بأعياد
الكفار ، واترك هذه الوظيفة لله تعالى ، وسيبدلك الله خيراً منها إن شاء .
والله أعلم .
*****
50075
حكم صلاة الجماعة للمريض ولمن لا يتحكم بالنجاسة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >(1/4958)
سؤال رقم 50075- حكم صلاة الجماعة للمريض ولمن لا يتحكم بالنجاسة
لي زميل عمل عملية استئصال فتحة الشرج - تغيير مجرى فتحة الشرج وفتح فتحة من الجنب - لوجود ورم ، سؤالي هو : الفتحة الجديدة لا يتحكم في الإخراج أو الريح هل يجوز له الصلاة في المسجد أو في البيت ؟.
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يعافيه وأن يشفيه ، كما نسأله تعالى أن يلهمه
الصبر ويؤجره على ما ابتلاه به .
وهذه الحالة المرضية لا يستطيع المريض فيها أن يتحكم بإخراج
الغائط ، بل يخرج الغائط عبر فتحة الشرج المصطنعة على هيئة سلس مستمر ، وحكمه حكم
من به سلس دائم .
وعليه : فيجوز لمن ابتلي بهذا أن يجمع بين الصلاتين إن شقَّ عليه
أداء كل صلاة في وقتها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
والصواب أن الجمع لا يختص بالسفر الطويل بل يجمع للمطر ويجمع
للمرض كما جاءت بذلك السنة في جمع المستحاضة فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها
بالجمع في حديثين . " الفتاوى الكبرى " ( 1 / 49 ) .
وقال علماء اللجنة الدائمة في حكم امرأة لا تتحكم بالبول من مرض
أصابها :
إذا كان الأمر كما ذكر : فإنها تصلِّي على حسب حالها ، ولا مانع
من جمعها الظهر والعصر في وقت أحدهما ، وهكذا المغرب والعشاء ؛ لعموم أدلة يسر
الشريعة على أن يكون وضوؤها للظهر والعصر بعد دخول الوقت ، وهكذا المغرب والعشاء
يكون وضوؤها لهما بعد دخول الوقت .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 8 / 85 ) .
ثانياً :
ولا تسقط الجماعة في المسجد عن مثل هذا المريض إلا أن يكون في
ذهابه تلويث للمسجد أو ظهور ريح كريهة من الفتحة الجديدة ؛ لما في ذلك من أذية
المصلين .
- أما الرائحة الكريهة : فخروجها من الإنسان عذر له في سقوط وجوب
صلاة الجماعة ، بل لا يحل له المجيء إلى المسجد وإيذاء الملائكة والمصلين بهذه
الرائحة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إذا كان فيه بَخَرٌ : أي : رائحةٌ منتنةٌ في الفَمِ ، أو في
الأنفِ أو غيرهما تؤذي المصلِّين ، فإنَّه لا يحضرُ دفعاً لأذيَّتِه . "
الشرح الممتع " ( 4 / 323 ) .
وقد نُهي آكل البصل والثوم عن حضور جماعة المسجد لما لهما من
رائحة كريهة ، ويلحق بذلك أيضاً : رائحة الدخان والسجائر الخبيثة المحرمة
روى مسلم (564) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ
وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ
تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ) .
وإذا كان من عادة هذا المريض أن يصلي في المسجد جماعة : فإنه
يكتب له أجرها ولو صلى في بيته .
قال الشيخ ابن عثيمين :
المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن
يصلِّي مع الجماعةِ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ
كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً " . " الشرح الممتع " ( 4 / 323
) .
وأما تلويث المسجد بالنجاسات فهو محرَّم ، وقد أمرنا بتنظيف
المساجد وتطييبها .
روى البخاري (221) ومسلم (284)عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ
فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ
أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ
فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ ) وفي رواية لمسلم (285) : ( ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ هَذِهِ
الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلا الْقَذَرِ ، إِنَّمَا
هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم :
"يَحْرُم إِدْخَال النَّجَاسَة إِلَى الْمَسْجِد , وَأَمَّا مَنْ
عَلَى بَدَنه نَجَاسَة فَإِنْ خَافَ تَنْجِيس الْمَسْجِد لَمْ يَجُزْ لَهُ
الدُّخُول , فَإِنْ أَمِنَ ذَلِكَ جَازَ" اهـ .
*****
50106
مات الجنين في الشهر الرابع فهل يسمَّى ويعق عنه ويغسَّل ويكفَّن ؟
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >
سؤال رقم 50106: مات الجنين في الشهر الرابع فهل يسمَّى ويعق عنه ويغسَّل ويكفَّن ؟
زوجتي حامل ، وفي أربعة أشهر وثلاثة أسابيع توفيَ الجنين ، وهو داخل بطن أمه ، ماذا يجب علينا أن نعمل ؟ هل يسمَّى ؟ هل يذبح له عقيقه ؟ وإذا فيه شيء آخر الرجاء المساعدة على ذلك.
الحمد لله
أولاً :
وقع خلاف بين العلماء في المسائل المتعلقة بالسقط بعد الأربعة
أشهر ، والذي يفتي به مشايخنا أنه يسمَّى ، ويغسَّل ، ويكفَّن ، ويُصلَّى عليه ،
ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
أفيدكم أن زوجتي قبل وفاتها أسقطت جنيناً له أربعة شهور ، وقد
أخذتْه ودفنتْه بدون صلاة عليه ، فأرجوكم إفادتي إن كان علي شيء ؟ .
فأجابوا :
كان ينبغي أن يغسل ويكفن ويصلى عليه على الصحيح من أقوال العلماء
مادام قد أتم أربعة أشهر ؛ لعموم ما رواه أبو داود والترمذي عن المغيرة بن شعبة رضي
الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السقط يصلى عليه " ، ولكن قد فات
المطلوب ولا شيء عليك . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 406 ) .
وقالوا :
إذا لم يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يسمَّى
ولا يعق عنه ؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 408
) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل الولد الصغير الذي يسقط قبل أن يتم له عقيقة أم لا ؟ .
فأجاب :
ما سقط قبل تمام أربعة أشهر : فهذا ليس له عقيقة ، ولا يسمَّى
ولا يصلَّى عليه ، ويدفن في أي مكان من الأرض .
وأما بعد أربعة أشهر فهذا قد نفخت فيه الروح ، هذا يسمى ويغسل
ويكفن ويُصلى عليه ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه على ما نراه ، لكن بعض العلماء
يقول : ما يعق عنه حتى يتم سبعة أيام حيا ، لكن الصحيح أنه يعق عنه لأنه سوف يبعث
يوم القيامة ، ويكون شافعا لوالديه . "
أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 653 ) .
ثانياً :
الدم الذي يخرج مع الجنين في هذه المدة : هو دم نفاس فعلى المرأة
ترك الصلاة والصيام ويحرم على زوجها أن يجامعها . والدم يعتبر نفاساً إذا أسقطت
المرأة جنيناً قد بيّن فيه خلق الإنسان
قال الشيخ ابن عثيمين :
قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد
خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، وإن خرج
وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من
الصيام ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً
... " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 304 ، 305 ) .
وانظر السؤال رقم ( 37784 )
والله أعلم .
*****
5011
حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4959)
سؤال رقم 5011- حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
السؤال :
هل يجوز سماع الأناشيد الإسلامية مع الآلات الموسيقية ؟
أرجو الإجابة من القرآن والسنة والإجماع .
الجواب:
الحمد لله
قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم آلات الملاهي والتحذير منها ، وأرشد القرآن إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهوا الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين } وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق .
وأخرج الطبري في جامع البيان(15/118-119) وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (33) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (232) عن مجاهد في قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } الإسراء :63،64 قال : هو الغناء والمزامير
وروى الطبري عن الحسن البصري أنه قال : صوته هو الدفوف .
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/252) :
وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرَّجْل إليه كذلك ، فكل متكلم بغير طاعة الله ، ومُصوِّت بِيَراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان . انتهى
وروى الترمذي في سننه رقم (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه ، فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن : أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ قال: إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة : خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة .. قال الترمذي : هذا الحديث حسن وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/43) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) والطيالسي في المسند رقم (1683) والطحاوي في شرح المعاني (4/29) وحسنه الألباني .
قال النووي : المراد به الغناء والمزامير انظر تحفة الأحوذي (4/88)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ( وهو الفرج والمقصود يستحلون الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ". رواه البخاري في الصحيح معلقا(10/51) ووصله البيهقي في السنن الكبر (3/272) والطبراني في المعجم الكبير (3/319)وابن حبان في الصحيح (8/265 ـ 266)وصححه ابن الصلاح في علوم الحديث (32)وابن القيم في إغاثة اللهفان (255) وتهذيب السنن (5/270 ـ 272) والحافظ في الفتح (10/51)والألباني في الصحيحة (1/140)
قال الحافظ في الفتح (10/55) والمعازف هي آلات الملاهي ، ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو ، وقيل أصوات الملاهي ، وفي حواشي الدمياطي : المعازف الدفوف وغيرهما مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف . انتهى
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/256) :
ووجه الدلالة منه : أن المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ، ولَمَا قرن استحلالها باستحلال الخمر والحِرَ .انتهى
ويستفاد من الحديث تحريم آلات العزف والطرب ، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :
أولا : قوله (يستحلون) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قرن المعازف مع المقطوعة حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ، ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . انظر حكم المعازف للألباني ، تصحيح الأخطاء والأوهام الواقعة في فهم أحاديث النبي عليه السلام لرائد صبري(1/176)
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (3/423-424) :
والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة .
أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (11/569) :
وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه . أهـ
أما هذه الأناشيد التي تسمى إسلامية والتي تصحبها الموسيقى فإطلاق هذه التسمية عليها يعطيها شيئا من المشروعية وهي في الحقيقة غناء وموسيقى وتسميتها بالأناشيد الإسلامية هو زور وبهتان ولا يُمكن أن تكون بديلا عن الغناء فلا يجوز أن نتبدّل الخبيث بالخبيث وإنّما نجعل الطّيب مكان الخبيث وسماعها على أنّه إسلامية والتعبّد بذلك يعدّ ابتداعا لم يأذن به الله . نسأل الله السلامة والعافية
وللمزيد انظر تلبيس إبليس(237)والمدخل لابن الحاج(3/109)والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (99-وما بعدها)وذم الملاهي لابن أبي الدنيا والإعلام بأن العزف حرام لأبي بكر الجزائري وتنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة وتحريم آلات الطرب للألباني .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5011
حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4960)
سؤال رقم 5011- حكم الأناشيد المسماة بالإسلامية مع الآلات الموسيقية
السؤال :
هل يجوز سماع الأناشيد الإسلامية مع الآلات الموسيقية ؟
أرجو الإجابة من القرآن والسنة والإجماع .
الجواب:
الحمد لله
قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم آلات الملاهي والتحذير منها ، وأرشد القرآن إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخاذ آيات الله هزوا كما قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهوا الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين } وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق .
وأخرج الطبري في جامع البيان(15/118-119) وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (33) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (232) عن مجاهد في قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } الإسراء :63،64 قال : هو الغناء والمزامير
وروى الطبري عن الحسن البصري أنه قال : صوته هو الدفوف .
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/252) :
وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرَّجْل إليه كذلك ، فكل متكلم بغير طاعة الله ، ومُصوِّت بِيَراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان . انتهى
وروى الترمذي في سننه رقم (1005) من حديث ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه ، فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن : أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ قال: إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة : خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة .. قال الترمذي : هذا الحديث حسن وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/43) والبيهقي في السنن الكبرى (4/69) والطيالسي في المسند رقم (1683) والطحاوي في شرح المعاني (4/29) وحسنه الألباني .
قال النووي : المراد به الغناء والمزامير انظر تحفة الأحوذي (4/88)
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ( وهو الفرج والمقصود يستحلون الزنا ) والحرير والخمر والمعازف ، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعني الفقير ـ لحاجة فيقولوا ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة ". رواه البخاري في الصحيح معلقا(10/51) ووصله البيهقي في السنن الكبر (3/272) والطبراني في المعجم الكبير (3/319)وابن حبان في الصحيح (8/265 ـ 266)وصححه ابن الصلاح في علوم الحديث (32)وابن القيم في إغاثة اللهفان (255) وتهذيب السنن (5/270 ـ 272) والحافظ في الفتح (10/51)والألباني في الصحيحة (1/140)
قال الحافظ في الفتح (10/55) والمعازف هي آلات الملاهي ، ونقل القرطبي عن الجوهري أن المعازف الغناء والذي في صحاحه أنها آلات اللهو ، وقيل أصوات الملاهي ، وفي حواشي الدمياطي : المعازف الدفوف وغيرهما مما يضرب به ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف . انتهى
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان (1/256) :
ووجه الدلالة منه : أن المعازف هي آلات اللهو كلها ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ، ولَمَا قرن استحلالها باستحلال الخمر والحِرَ .انتهى
ويستفاد من الحديث تحريم آلات العزف والطرب ، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه :
أولا : قوله (يستحلون) فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع محرمة فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قرن المعازف مع المقطوعة حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ، ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . انظر حكم المعازف للألباني ، تصحيح الأخطاء والأوهام الواقعة في فهم أحاديث النبي عليه السلام لرائد صبري(1/176)
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (3/423-424) :
والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة .
أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله .
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (11/569) :
وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه . أهـ
أما هذه الأناشيد التي تسمى إسلامية والتي تصحبها الموسيقى فإطلاق هذه التسمية عليها يعطيها شيئا من المشروعية وهي في الحقيقة غناء وموسيقى وتسميتها بالأناشيد الإسلامية هو زور وبهتان ولا يُمكن أن تكون بديلا عن الغناء فلا يجوز أن نتبدّل الخبيث بالخبيث وإنّما نجعل الطّيب مكان الخبيث وسماعها على أنّه إسلامية والتعبّد بذلك يعدّ ابتداعا لم يأذن به الله . نسأل الله السلامة والعافية
وللمزيد انظر تلبيس إبليس(237)والمدخل لابن الحاج(3/109)والأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (99-وما بعدها)وذم الملاهي لابن أبي الدنيا والإعلام بأن العزف حرام لأبي بكر الجزائري وتنزيه الشريعة عن الأغاني الخليعة وتحريم آلات الطرب للألباني .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50112
حكم دوري كرة القدم الرمضاني
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/4961)
سؤال رقم 50112- حكم دوري كرة القدم الرمضاني
ما هو حكم دوري كرة القدم الرمضاني الذي ينتشر بين كثير من الناس والحواري في رمضان ؟ .
الحمد لله
الذي ينبغي للمؤمن أن يغتنم مواسم الخيرات ويكثر من طاعة ربه
سبحانه وتعالى ،
ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان .
وما أكثر الطاعات التي يفعلها المسلم في رمضان ، ويزيد ثوابها
ويتضاعف .
فرمضان هو شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن والذكر والدعاء
والعمرة وتفطير الصائم والصدقة والجود والعطف على المساكين . شهر الاعتكاف
والانقطاع عن الخلق والإقبال على الله والاجتهاد في العبادة .
فضائله أكثر من أن تحصى ، وأشهر من أن تذكر .
لله تعالى فيه كل ليلة عتقاء من النار ، تفتح فيه أبواب الجنة ،
وتغلق أبواب النار ، وتسلسل فيه الشياطين ، أسباب مغفرة الذنوب فيه كثيرة من الصيام
والقيام وقيام ليلة القدر ، فالمحروم حقيقة من حرم خير هذا الشهر ، والخاسر حقيقة
من انقضى هذا الشهر ولم يغفر له ، وإذا لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له !!
وإذا لم يقبل على الله في رمضان فمتى يقبل على الله ؟!
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ
دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ) . رواه الترمذي (3545) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وإذا لم يغتنم أوقاته ويعمرها بطاعة الله في هذا الشهر فمتى
يغتنمها ؟!
المسلم فيه يتنقل من طاعة إلى طاعة ، ومن عبادة إلى أخرى ، من
صلاة إلى قراءة قرآن إلى تسبيح وتهليل ، إلى تفطير صائم إلى قيام ليل وتهجد إلى
توبة واستغفار بالأسحار ..الخ
وتقدم في السؤال رقم ( 26869 )
ذكر جدول مقدم للمسلم في رمضان .
فمتى يجد المؤمن وقتا في هذا الشهر المبارك ليضيعه ، فو الله لو
أن الأوقات تباع لأنفق العقلاء في شرائها كل نفيس ، فالوقت هو حياة الإنسان وعمره
وله نهاية لا محالة ، فمن الناس من ينفق عمره في طاعة الله ومنهم من ينفقه في طاعة
شيطانه هواه ، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو
فَبَائعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ) رواه مسلم (223)
"ومَعْنَاهُ كُلّ إِنْسَان يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ
يَبِيعهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ فَيُعْتِقهَا مِنْ الْعَذَاب , وَمِنْهُمْ
مَنْ يَبِيعهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى بِاتِّبَاعِهِمَا فَيُوبِقهَا أَيْ
يُهْلِكهَا" قاله النووي .
وهذه الألعاب أقل ما يقال فيها بالنسبة لهذا الشهر : أنها من
تضييع الوقت ، وليس شيء أغلى عند الإنسان من وقته فهو عمره وحياته .
قال الشاعر :
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع!
ثم لماذا يختص شهر رمضان بهذه الألعاب لماذا لا تكون في شعبان أو
رجب أو شوال ؟
ولماذا يختص رمضان بالمسلسلات وغيرها مما تستعد به القنوات ، حتى
رسخ في أذهان كثير من الناس أن رمضان هو شهر الكرة وشهر المسلسلات ، وشهر السهرات
.....إلخ .
وغاب هؤلاء عن الحكمة التي أرادها الله تعالى من فرضه لصيام شهر
رمضان ألا وهي تقوى الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183 .
فأين هؤلاء من التقوى وهي العمل بطاعة الله ، والكف عما حرم الله
.
فعلى المؤمن أن يكون عاقلا حازما مع نفسه ولا يتبع نفسه هواها
وإلا ندم حين لا ينفع الندم .
فرغم أنف امرئ أضاع رمضان ما بين لعب ولهو وسهرات في غير طاعة
الله حتى انقضى رمضان ولم يزدد من الله إلا إثما وبعدا .
فرغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ، ويردهم إلى دينهم ردا
جميلا ، وأن يبلغنا رمضان ويعيننا على طاعته وحسن عبادته ويتقبل منا إنه قريب مجيب .
*****
50120
معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود المذكورين في آية الصيام
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
الفقه > عبادات > الصوم > مسائل في الصيام >(1/4962)
سؤال رقم 50120- معنى الخيط الأبيض والخيط الأسود المذكورين في آية الصيام
ما معنى قول الله تعالى : (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ؟.
الحمد لله
قال الله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ
عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ
وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 .
ومعنى ذلك أن الله تعالى أباح للصائم الأكل والشرب ليلاً حتى
يتبين له (أي يتيقن) طلوع الفجر .
والمراد من الخيط الأبيض النهار ، والخيط الأسود الليل .
قال الحافظ : وَمَعْنَى الآيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ بَيَاضُ
النَّهَارِ مِنْ سَوَادِ اللَّيْلِ , وَهَذَا الْبَيَانُ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ
الْفَجْرِ الصَّادِقِ .
وَقَوْلُهُ : ( مِنْ الْفَجْرِ ) بَيَانٌ لِلْخَيْطِ الأَبْيَضِ
, وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ لأَنَّ بَيَانَ أَحَدِهِمَا
بَيَانٌ لِلآخَرِ اهـ .
وقد فهم بعض الصحابة رضي الله عنهم الآية على خلاف معناها ،
ففهموا أن المراد منها الخيط الحقيقي ، فكان أحدهم يجعل
تحت وسادته أو يربط في رجله خيطين أحدهما أبيض والآخر أسود ويظل يأكل حتى يتبين له
أحدهما من الآخر ، وسبب هذا الخطأ في فهم معنى الآية أن الله تعالى أنزل الآية
أولاً بدون قوله : )مِنَ الْفَجْرِ ) ، ففهمها بعض الصحابة على المعنى المتبادر إلى
الذهن من كلمة "الخيط" ثم أنزل الله تعالى بعد مدة (قال بعض العلماء إنها سنة) أنزل
قوله : ( مِنَ الْفَجْرِ ) فعلموا أن المراد بالخيط الأبيض ضوء الفجر (النهار)
وبالخيط الأسود الليل .
روى البخاري (1917) ومسلم (1091) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ
: أُنْزِلَتْ ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ
الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) وَلَمْ يَنْزِلْ (مِنْ الْفَجْرِ) فَكَانَ
رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ
الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُ رُؤْيَتُهُمَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ : (مِنْ الْفَجْرِ) فَعَلِمُوا
أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ .
فهؤلاء الصحابة حَمَلُوا الْخَيْطَ عَلَى ظَاهِرِهِ , فَلَمَّا
نَزَلَ (مِنْ الْفَجْرِ) عَلِمُوا الْمُرَادَ .
وقد فهم عدي بن حاتم رضي الله عنه الآية كما فهمها هؤلاء حتى صحح
له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفهم وبين له المعنى المراد من الآية .
روى البخاري (1916) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ
الْخَيْطِ الأَسْوَدِ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ
فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلا
يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ
وَبَيَاضُ النَّهَارِ. وفي رواية للبخاري (4510) : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ) . وفي رواية
أخرى له أيضاً (4509) : ( إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ
الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ) . وفي أخرى (4510) : (إِنَّكَ
لَعَرِيضُ الْقَفَا) .
وقصة عدي رضي الله عنه وقعت بعد نزول قوله تعالى : (مِنَ
الْفَجْرِ) أي بعد حديث سهل السابق .
وقد اعتذر بعض العلماء عن خطأ عدي في هذا الفهم مع نزول قوله
تعالى (مِنَ الْفَجْرِ ) بأن عديا لم يبلغه حديث سهل ، أو لم يكن من لغة قومه
استعمال الخيط الأبيض والخيط الأسود للدلالة على الليل والنهار .
ولذلك ترجم ابن حبان لحديث عدي بقوله : "ذِكْرُ الْبَيَانِ
بِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَفَاوَتُ لُغَاتُهَا" وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ
عَدِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ فِي لُغَتِهِ أَنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ وَبَيَاضَ
النَّهَارِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْخَيْطِ الأَسْوَدِ وَالْخَيْطِ الأَبْيَضِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : حَدِيث عَدِيٍّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ
سَهْلٍ , فَكَأَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَبْلُغْهُ مَا جَرَى فِي حَدِيثِ سَهْلٍ ،
وَإِنَّمَا سَمِعَ الآيَةَ مُجَرَّدَةً فَفَهِمَهَا عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ اهـ .
وقال الحافظ : وَأَمَّا عَدِيٌّ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي
لُغَةِ قَوْمِهِ اِسْتِعَارَةُ الْخَيْطِ لِلصُّبْحِ , أَوْ نَسِيَ قَوْلَهُ :
(مِنْ الْفَجْرِ) حَتَّى ذَكَّرَهُ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اهـ .
وقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا للقاضي عِيَاضٍ : وَإِنَّمَا حَمَلَ
الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالأَسْوَدَ عَلَى ظَاهِرِهِمَا بَعْضُ مَنْ لا فِقْهَ
عِنْدَهُ مِنْ الأَعْرَابِ كَالرِّجَالِ الَّذِينَ حُكِيَ عَنْهُمْ سَهْلٌ وَبَعْضُ
مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي لُغَتِهِ اِسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي الصُّبْحِ كَعَدِيٍّ
اهـ .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا)
فقد زعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أنه فِيهِ
غَبَاوَةٌ وَغَفْلَةٌ .
وادعى هؤلاء أن عُرْضَ الْقَفَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى
الغباوة, وَأَنْشَدَوا فِي ذَلِكَ شِعْرًا .
وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ من العلماء مِنْهُمْ
الْقُرْطُبِيُّ والقاضي عياض والنووي .
قال القرطبي :
"حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الذَّمِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ
الْفَهْمِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ
وَعَدَمِ الْفِقْهِ , وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوهُ . . وَإِنَّمَا عَنَى
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ وِسَادَك إِنْ كَانَ يُغَطِّي الْخَيْطَيْنِ اللَّذَيْنِ
أَرَادَ اللَّهُ فَهُوَ إِذًا عَرِيضٌ وَاسِعٌ , وَلِهَذَا قَالَ فِي أَثَرِ ذَلِكَ
: إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ , فَكَأَنَّهُ قَالَ :
فَكَيْفَ يَدْخُلَانِ تَحْتَ وِسَادَتِك ؟ وَقَوْلُهُ " إِنَّك لَعَرِيضُ الْقَفَا
" أَيْ إِنَّ الْوِسَادَ الَّذِي يُغَطِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَرْقُدُ
عَلَيْهِ إِلا قَفًا عَرِيضٌ لِلْمُنَاسَبَةِ اهـ باختصار .
وقَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْت تَحْت وِسَادك
الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّه تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْل
وَالنَّهَار فَوِسَادُك يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا , وَحِينَئِذٍ يَكُون
عَرِيضًا , وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ (إِنَّك
لَعَرِيض الْقَفَا) وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الأُخْرَى : (إِنَّك لَضَخْمٌ) اهـ
.
انظر : فتح الباري شرح حديث رقم (1917) ، (1916). ، شرح مسلم للنووي حديث رقم
(1090) ، (1091) .
ومن الأحكام المستنبطة من الآية الكريمة أن من شك في طلوع الفجر
فله أن بأكل ويشرب حتى يتيقن طلوعه لأن الله تعالى قال : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) .
رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَحَلَّ
اللَّهُ لَك الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا شَكَكْت. قال الحافظ : إِسْنَاده صَحِيحٍ.
وَرَوَى اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ عن أَبِي الضُّحَى قَالَ : سَأَلَ
رَجُلٌ اِبْنَ عَبَّاسٍ عَنْ السُّحُورِ , فَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ : كُلْ مَا
شَكَكْت حَتَّى لا تَشُكَّ . قَالَ اِبْنُ الْمُنْذِرِ : وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ
صَارَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/247) .
"من أتى مفطرا ، وهو شاك في طلوع الفجر فصومه صحيح ، لأن الله
سبحانه وتعالى قال : ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ
لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) البقرة/187 . وضد التبين الشك والظن ، فما دمنا لم يتبين لنا
فلنا أن نأكل ونشرب ، وهذه المسألة لها خمسة أقسام :
1- أن يتيقن أن الفجر لم يطلع ، مثل : أن يكون طلوع الفجر في
الساعة الخامسة ، ويكون أكله وشربه في الساعة الرابعة والنصف فصومه صحيح .
2- أن يتيقن أن الفجر طلع ، كأن يأكل الساعة الخامسة والنصف فهذا
صومه فاسد .
3- أن يأكل وهو شاك هل طلع الفجر أو لا ، ويغلب على ظنه أنه لم
يطلع ؟ فصومه صحيح .
4- أن يأكل ويشرب ، ويغلب على ظنه أن الفجر طالع فصومه صحيح .
5- أن يأكل ويشرب مع التردد الذي ليس فيه رجحان فصومه صحيح" اهـ
.
والله أعلم .
*****
50147
يسأل عن معنى كلمة أنواط
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >(1/4963)
سؤال رقم 50147- يسأل عن معنى كلمة أنواط
في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه ، قال : ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط ...) ، فما معنى كلمة أنواط ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه الإمام أحمد21390، والترمذي 2180وقال : حسن صحيح
، وابن أبي عاصم في السنة ، وقال المناوي : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في رياض
الجنة رقم 76 ]
وردت هذه الكلمة في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : (
أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ
عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ
، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ،
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ
كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ
إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)ً وعند ابن أبي عاصم في كتاب السنة : ( ونحن حديثو عهد
بكفر )
سدرة أي : شجرة
وقَوْلُهُ : يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، الأنواط : جمع نوط
، وهو كل شيء يعلق ، وذات الأنواط هي الشجرة التي يعلق عليها هذه المعاليق . قَالَ
ابن الأثير فِي النِّهَايَةِ : هِيَ اِسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ
لِلْمُشْرِكِين ، يَنُوطُونَ بِهَا سِلَاحَهُمْ ، أَيْ يُعَلِّقُونَهُ بِهَا ،
وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا ،
فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ .
وقوله : " قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ
قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ
قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " ، شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل لما مروا على قوم عاكفين
على أصنام لهم ، طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً يعكفون عليه كما
لأولئك إله .
( إنها لسنن ) ، أي : طرق ، ( لَتَرْكَبُنَّ ) أي :
لَتَتَّبِعُنَّ ، ( سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) أي : طريقة من كان قبلكم من
الأمم ، وَالْمُرَادُ هُنَا طَرِيقَةُ أَهْلِ الأْهَوَاءِ وَالْبِدَعِ الَّتِي
اِبْتَدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ
دِينِهِمْ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ : "
لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا , وَذِرَاعًا ذِرَاعًا ,
حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ " قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى . قَالَ " فَمَنْ " ؟
قال النووي : وَفِي هَذَا مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ؛َ فَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وفي هذا الحديث من الفوائد :
1- التحذير من الشرك ، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه
إلى الله ، وهو أبعد ما يبعده من رحمة ربه ، ويقربه من سخطه .
2- بيان أن التبرك بالأشجار والأحجار ، والعكوف عليها ، والتعلق
بها ، من الشرك الذي وقع في هذه الأمة ، وأن من وقع فيه فهو تابع لطريق اليهود
والنصارى ، تارك لطريق النبي ، صلى الله عليه وسلم .
3- أن العبرة بالمعاني ، وليس بالألفاظ ؛ فالنبي صلى الله عليه
وسلم شبه قولهم بقول بني إسرائيل ، مع أنهم لم يطلبوا إلها من دون الله ، صراحة .
4- النهي عن التشبه بأهل الجاهلية والكتاب فيما هو من خصائصهم
وعباداتهم .
5- وفيه أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده ، لا يأمن أن يكون في
قلبه بقية من تلك العادة لأن الصحابة الذين طلبوا ذلك لم يكن مضى على إسلامهم إلا
أيام معدودة ، لأنهم أسلموا يوم فتح مكة ثم خرج بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إلى غزوة حنين فوقعت تلك الوقعة وهم في طريقهم إلى حنين .
[ انظر فتح المجيد ، بشرح كتاب التوحيد ، 139-147 ، القول المفيد ، للشيخ ابن
عثيمين ] .
ونذكر السائل الكريم بأن هذا الحديث قد ذكره شيخ الإسلام محمد بن
عبد الوهاب ، رحمه الله ، في كتابه المبارك : كتاب التوحيد ، في باب : من تبرك
بشجرة أو حجر ونحوهما . فننصح لتمام الفائدة ، باقتنائه ، مع شيء من شروحه ، خاصة
الشرحين المشار إليهما .
والله الموفق .
*****
50173
مسلم يقوم بجمع التبرعات للكنيسة فهل يقبل صومه؟
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4964)
سؤال رقم 50173- مسلم يقوم بجمع التبرعات للكنيسة فهل يقبل صومه؟
لي صديق مسلم مشارك في النادي الدولي في المدرسة . وقد استفسر المعلم من جميع المشتركين في النادي إن كانوا يريدون جمع التبرعات للكنيسة . وتطوع المذكور لذلك . وسيقوم بجمع التبرعات في رمضان . فهل يقبل صيامه ؟.
الحمد لله
الكنيسة : هي البناء الذي يمارس فيه النصارى شعائرهم وطقوسهم ،
بما تشتمل عليه من الكفر والتثليث وعبادة غير الله .
وعليه فبناء الكنائس ، أو جمع التبرعات لإنشائها أو إصلاحها أو
دعمها ، منكر عظيم ، لما فيه من الإعانة على نشر الكفر وتقريره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" من اعتقد أن الكنائس بيوت الله , أو أنه يعبد فيها ، أو أن ما
يفعل اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة له ولرسوله , أو أنه يحب ذلك , أو يرضاه فهو
كافر ; لأنه يتضمن اعتقاده صحة دينهم , وذلك كفر ، أو أعانهم على فتحها ; أي :
الكنائس ، وإقامة دينهم ; واعتقد أن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر ، لتضمنه اعتقاد صحة
دينهم " .
وقال : الشيخ في موضع آخر:
" من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله ; فهو مرتد
, وإن جهل أن ذلك محرم عُرِّف ذلك , فإن أصر صار مرتدا ; لتضمنه تكذيب قوله تعالى :
( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ) آل عمران/91 " انتهى من " مطالب أولي النهى" (6/281) بتصرف .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (14/482) :
" لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبني كنيسة أو محلا
للعبادة ليس مؤسسا على الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم ؛ لأن
ذلك من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره ، والله عز وجل يقول : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 .
فعليك تذكيره بالله ونصحه أن يتوب إلى الله تعالى ، ويقلع عن
العمل المذكور حذراً من وقوعه هو في الكفر والردة ، فيحبط عمله وهو لا يشعر .
وعلى هذا ، فإنه يُخشى على صاحبك ما هو أعظم من عدم قبول صيامه ،
ألا وهو الكفر .
نسأل الله أن يهديه ، ويوفقه لكل خير .
والله أعلم .
*****
50180
ما هي المشقة التي تجيز صلاة الفريضة قاعداً؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/4965)
سؤال رقم 50180- ما هي المشقة التي تجيز صلاة الفريضة قاعداً؟
متى يجوز للمريض أن يصلي قاعداً ، لأنه يمكن أن يتحمل القيام ، ولكن بمشقة شديدة جداً ؟.
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال ( 50684 )
أن القيام ركن في صلاة الفريضة ، فلا تصح صلاة من صلى قاعداً وهو قادر على القيام ،
وأن هذا الركن كغيره من الواجبات يسقط مع العذر .
قال النووي في المجموع (4/201) :
" أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ
فِي الْفَرِيضَةِ صَلاهَا قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ عَلَيْهِ , قَالَ أَصْحَابُنَا :
وَلا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ عَنْ ثَوَابِهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ , لأَنَّهُ مَعْذُورٌ
, وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ : ( إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ
صَحِيحًا مُقِيمًا ) " انتهى .
وضابط العذر الذي يسقط القيام ، ويجيز صلاة الفريضة قاعدا :
1- أن يعجز عن القيام .
2- أن يزيد به المرض .
3- أن يتأخر به الشفاء .
4- أن يشق عليه مشقة شديدة تذهب الخشوع ، فإن كانت المشقة أقل من
ذلك لم يجز له القعود .
روى البخاري (1117) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاةِ ، فَقَالَ : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ
تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .
قال الحافظ :
" قَوْله : ( فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ ) اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ
قَالَ لا يَنْتَقِل الْمَرِيض إِلَى الْقُعُود إِلا بَعْد عَدَم الْقُدْرَة عَلَى
الْقِيَام , وَقَدْ حَكَاهُ عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ , وَعَنْ مَالِك وَأَحْمَد
وَإِسْحَاق : لا يُشْتَرَط الْعَدَم بَلْ وُجُود الْمَشَقَّة , وَالْمَعْرُوف عِنْد
الشَّافِعِيَّة أَنَّ الْمُرَاد بِنَفْيِ الاسْتِطَاعَة وُجُود الْمَشَقَّة
الشَّدِيدَة بِالْقِيَامِ , أَوْ خَوْف زِيَادَة الْمَرَض , أَوْ الْهَلاك , وَلا
يُكْتَفَى بِأَدْنَى مَشَقَّة . وَمِنْ الْمَشَقَّة الشَّدِيدَة دَوَرَان الرَّأْس
فِي حَقّ رَاكِب السَّفِينَة وَخَوْف الْغَرَق لَوْ صَلَّى قَائِمًا فِيهَا . . . .
وَيَدُلّ لِلْجُمْهُورِ أَيْضًا حَدِيث اِبْن عَبَّاس عِنْد
الطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ : ( يُصَلِّي قَائِمًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة
فَجَالِسًا , فَإِنْ نَالَتْهُ مَشَقَّة صَلَّى نَائِمًا ) " ا نتهى من فتح
الباري .
وحديث ابن عباس الذي ذكره الحافظ ، ذكره الهيثمي في "مجمع
الزوائد" (2897) وقال :
" رواه الطبراني في الأوسط وقال : لم يروه عن ابن جريج إلا حلس
بن محمد الضبعي ، قلت (الهيثمي) : ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات " انتهى .
وقال ابن قدامة في المغني (1/443) :
" وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ , إلا أَنَّهُ يَخْشَى زِيَادَةَ
مَرَضِهِ بِهِ , أَوْ تَبَاطُؤَ بُرْئِهِ , أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً
شَدِيدَةً , فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا . وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ
وَإِسْحَاقُ . . . لقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) . وَتَكْلِيفُ الْقِيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَرَجٌ ,
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى جَالِسًا لَمَّا جُحِشَ (أي جُرح)
شِقُّهُ الأَيْمَنُ , وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ
بِالْكُلِّيَّةِ ; لَكِنْ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ سَقَطَ عَنْهُ " انتهى .
وقال النووي في المجموع (4/201) :
" قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلا يُشْتَرَطُ فِي الْعَجْزِ أَنْ لا
يَتَأَتَّى الْقِيَامُ ، وَلا يَكْفِي أَدْنَى مَشَقَّةٍ ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ
الْمَشَقَّةُ الظَّاهِرَةُ , فَإِذَا خَافَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً أَوْ زِيَادَةَ
مَرَضٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَوْ خَافَ رَاكِبُ السَّفِينَةِ الْغَرَقَ أَوْ
دَوَرَانَ الرَّأْسِ صَلَّى قَاعِدًا وَلا إعَادَةَ , وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ
: الَّذِي أَرَاهُ فِي ضَبْطِ الْعَجْزِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْقِيَامِ مَشَقَّةٌ
تُذْهِبُ خُشُوعَهُ ، لأَنَّ الْخُشُوعَ مَقْصُودُ الصَّلاةِ " انتهى .
وهذا الذي اختاره إمام الحرمين هو الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين ،
فإنه قال :
" الضابط للمشقة : ما زال به الخشوع ، والخشوع هو حضور
القلب والطمأنينة ، فإذا كان إذا قام قلق قلقاً عظيماً ولم يطمئن وتجده يتمنى أن
يصل إلى آخر الفاتحة ليركع من شدة تحمله : فهذا شق عليه القيام ، فيصلي قاعداً " انتهى من "الشرح الممتع" (4/326) .
*****
5019
إجابة لطلب من امرأة كافرة لقصة امرأة مسلمة عظيمة
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4966)
سؤال رقم 5019- إجابة لطلب من امرأة كافرة لقصة امرأة مسلمة عظيمة
مرحبا أنا عمري 15 سنة وأدرس في استراليا ، لدي بحثب عن الأديان وموضوعه أحكام المرأة في الإسلام وقد وجدت موقعك مفيد جدا ولا أدري هل تمانع في إرسال المزيد من المعلومات ويا حبذا قصة امرأة معينة .
أنا في الحقيقة لا أعرف الكثير عن النساء المسلمات كما أعرف عن غير المسلمات غير أن حياة المسلمات عليها الكثير من القيود وأرجو أن تصححني في هذا الموضوع .
الحمد لله
نشكرك على اهتمامك وسؤالك وسوف نزودك فيما يلي بقصة واحدة لامرأة مسلمة عظيمة لعلك تجدين فيها بغيتك ، وتكون نبراسا لك ودليلا إلى طريق الحقّ .
عن أنس رضي الله عنه : ( قال مالك بن أنس لامرأته أم سليم - وهي أم أنس - : إن هذا الرجل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يحرّم الخمر فانطلق حتى أتى الشام فهلك هناك (أي هرب من المدينة لما دخلها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يعجبه تحريم الخمر ومات كافرا بالشام ) فجاء أبو طلحة ، فخطب أم سليم ، فكلمها في ذلك ، فقالت : يا أبا طلحة ! ما مثلك يرد ، ولكنك امرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة لا يصلح أن أتزوجك ! فقال : وما ذاك مهرك ، قالت : وما مهري ، قال : الصفراء والبيضاء ! (أي يرغّبها بمهر من الذهب والفضّة ) ، قالت : فإني لا أريد صفراء ولا بيضاء ، أريد منك الإسلام ، فإن تسلم فذاك مهري ، ولا أسألك غيره ، قال : فمن لي بذلك ( أي من يعينني على الإسلام ) ؟ قالت : لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : جاءكم أبو طلحة غرّة الإسلام بين عينيه ( وهذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أنه عرف دخول أبي طلحة في الإسلام قبل أن يتكلم ) ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالت أم سليم ، فتزوجها على ذلك ، قال ثابت ( وهو البناني أحد رواة القصة عن أنس ) فما بلغنا أن مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً ، فتزوجها وكانت امرأة مليحة العينين ، فيها صغر ، فكانت معه حتى ولد له بُنيٌّ ، وكان يحبه أبو طلحة حباً شديداً ، ومرض الصبي " مرضاً شديداً " وتواضع أبو طلحة لمرضه أو تضعضع له ، " فكان أبو
طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ ، ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي معه ، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار ، ويجيء يقيل ويأكل ، فإذا صلى الظهر تهيأ وذهب ، فلم يجيء إلى صلاة العتمة " ، فانطلق أبو طلحة عشية إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وفي رواية : إلى المسجد ) ومات الصبي ( أي أثناء غيابه ) فقالت أم سليم : لا ينعين إلى أبي طلحة أحدٌ ابنه ( أي لا يخبرنّ أحد أبا طلحة بوفاة ولده ) حتى أكون أنا الذي أنعاه له ، فهيأت الصبي " فسجّت عليه " ( أي غطّته كأنه نائم " ، ووضعته " في جانب البيت " ، وجاء أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها " ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه " فقال : كيف ابني ؟ فقالت : يا أبا طلحة ما كان منذ اشتكى أسكن منه الساعة " وأرجو أن يكون قد استراح ! " ( وهذه تورية منها وليست بكذب فهي تقصد سكون الموت وراحة الصبي به من ألم المرض وزوجها فهم أنّ الولد قد تحسّنت حالته ) فأتته بعشائه " فقربته إليهم فتعشوا ، وخرج القوم " ، " قال فقام إلى فراشه فوضع رأسه " ، ثم قامت فتطيّبت ، " وتصنعت له أحسن ما كانت تصنّع قبل ذلك " ( أي تزيّنت وتجمّلت وهذا من عظيم صبرها وإيمانها بالقضاء والقدر واحتسابها عند الله وكتْم مشاعرها ورجائها أن يحدث في إتيان زوجها لها في هذه الليلة حملا يعوّضها عن ولدها الفقيد ) ، ثم جاءت حتى دخلت معه الفراش ، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب ، كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله ( وهذا من أدب الراوي وعفّته في الإخبار بما حصل من إتيان الزّوج زوجته ) ، " فلما كان آخر الليل " ، قالت : يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا قوماً عاريّة لهم ، فسألوهم إياها أكان لهم أن يمنعوهم ؟ فقال : لا ؛ قالت فإن الله عز وجل كان أعارك إبنك عاريّة ، ثم قبضه إليه ، فاحتسب واصبر ! فغضب ثم قال : تركتني حتى إذا وقعت بما وقعت به ( أي من الجماع والجنابة ) نعيتِ إلي ابني ! "
فاسترجع ( أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون ) ، وحمد الله " ، " فلما أصبح اغتسل " ، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " فصلى معه " فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما في غابر ليلتكما ، فثقلت من ذلك الحمل ، ( وأصابت الدّعوة النبوية أمّ سليم ) وكانت أم سليم تسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، تخرج إذا خرج ، وتدخل معه إذا دخل ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولدت فأتوني بالصبي ، قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقاً ( أي لا يدخلها بالليل حتى لا يفزع الأهالي وتتجهز الزوجات في البيوت للقاء أزواجهن المسافرين ) ، فدنوا من المدينة ، فضربها المخاض ، واحتبس عليها أبو طلحة ، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو طلحة : يارب إنك تعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج ، وأدخل معه إذا دخل ، وقد احتبست بما ترى ، قال : تقول أم سليم : يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد ( وهذا من كراماتها فإنّ ألم الطّلق زال بمجرّد دعائها الله أن يمكّنها من اللحاق برسوله صلى الله عليه وسلم في ترحاله ) ، فانطلقا قال : وضربها المخاض حين قدموا ( أي بعد دخولهم المدينة ) ، فولدت غلاماً ، وقالت لابنها أنس : " يا أنس ! لا يطعم شيئاً حتى تغدوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " وبعثت معه بتمرات " ، ( لأنها تريد أن يكون أول ما يدخل فم الصبي طعام من النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من عظيم إيمانها فإن المرأة مجبولة على سرعة إرضاع الولد حين ولادته ) قال : فبات يبكي ، وبتُّ مجنّحاً عليه ( أي رعاه ) ، أكالئه حتى أصبحت ، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه برده ( نوع من اللباس ) ، وهو يسم إبلاً أو غنماً قدمت عليه ( أي يعلّم إبل الصدقة بعلامة حتى لا تضيع مع غيرها ) ، فلما نظر
إليه ، قال لأنس : أولدت بنت ملحان ؟ قال : نعم ، فقال : رويدك أفرغ لك ، قال : فألقى ما في يده ، فتناول الصبي وقال : أمعه شيء ؟ قالوا : نعم ، تمرات ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر فمضغهن ، ثم جمع بزاقه ( وريقه صلى الله عليه وسلم مبارك ببركة من الله ) ، ثم فغر فاه ، وأوجره إياه ، فجعل يحنّك الصبي ( أي أدخل التمر فم الصبي وجعل يمرّ به على حنكه ... ) ، وجعل الصبي يَتَلَمّظ : " يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : انظروا إلى حب الأنصار التمر ، قال : قلت : يا رسول الله سمّه ، قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله ، فما كان في الأنصار شاب أفضل منه ، قال : فخرج منه رجل كثير ، ( أي كان لهذا الولد لما كبِر ذرية كثيرة ) واستشهد عبد الله بفارس " ( أي مات شهيدا في فتح المسلمين لبلاد فارس وهذا كله من أثر الدعوة النبوية المباركة ) . أخرج القصة الإمام البخاري ومسلم وأحمد والطيالسي والسياق له وغيرهم وقد جمع طرق الحديث العلامة الألباني في أحكام الجنائز ص : 26
فهذه أيتها السائلة قصّة واحدة عن امرأة واحدة من نساء المسلمين من الصّحابة ويوجد سواها قصص كثيرة وكثيرة جدا تدلّ على أثر الإسلام في نفوس النساء المسلمات وكيف يتفاعل دين الله مع تلك القلوب الطّاهرة ويثمر هذه الأعمال الصالحة والسيرة الطيبة وفي هذا كفاية في إقناع كلّ مريد للحقّ بالدّين الصحيح الذي يجب اتّباعه ، أعيدي القراءة وتمعّني لعلك تتخذّين أهمّ خطوة في حياتك على الإطلاق ، والسلام على من اتّبع الهدى .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
5024
سؤال من نصراني يريد الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4967)
سؤال رقم 5024- سؤال من نصراني يريد الإسلام
أريد أن أصبح مسلما ولكنني متردد كثيرا . أخي أسلم قبل عدة أشهر وهذا سبب مشاكل كثيرة بينه وبين والدي (وهما نصرانيان) ، لي علاقة قوية بعشيقتي وهذا لا يساعدني أيضاً . لا أدري ما أفعل ، أعلم بأنه سيكون خيارا بين الله من جهة وأهلي وعشيقتي من جهة أخرى . أعلم ما هو القرار الصحيح ولكنني لا أدري كيف أو متى أفعلها . أريد بعض النصائح وشكرا .
الجواب:
الحمد لله
هنيئا لأخيك ، هنيئا لأخيك ، هنيئا لأخيك ، أنقل له تحياتنا الطيبة الحارّة وسلامنا وأخبره أننا ندعو له بالثبات على الإسلام والفقه في الدّين ونحن على بعد آلاف الأميال ، وأخبره أنّ له إخوانا في العقيدة يشاركونه فرحته بدخوله في الإسلام ولو كان لا يعرف أسماءهم ولا أماكنهم ، وهكذا المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.
أمّا بالنسبة لك أيها السائل فإنك تقول بأنك تعرف ما هو القرار الصحيح ، وهذا عظيم وقد اختصرت طريقا بعيدا ووقتا طويلا وبقي الآن وضع القرار الذي تعرفه موضع التنفيذ .
ما هي قيمة الحياة - أيها السائل العاقل - إذا كانت بغير دين ، أي قيمة للعيش وأيّ فائدة للسعي والعمل إذا لم يكن لأجل رضى الله ، هل للحياة طعم وهل بعد الموت نجاة وهل يمكن أن يُنال نعيم الجنّة بدون الدخول في الإسلام ، إذا لم نعبد الله فماذا سنعبد ؟ أهواءنا .. شهواتنا ؟ هل يرضى العاقل أن يكون عبدا لشهوة فرْج لا تلبث أن تزول أو حفنة مال لا تلبث أن تُترك ليرحل صاحبها عن هذه الدنيا الفانية ؟ إنّ في الإنسان روحا لا تطمئنّ إلا بعبادة الله وإنّ فيه ضميرا لا يحيا إلا بنور الله ، وإنّ فيه نفسا لا ترتاح إلا بالأنس بالله وذكره ومناجاته والصلاة والصيام له والتوكّل عليه والتوبة إليه ، قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا .. ) الآية 122 سورة الأنعام ، وقال عزّ وجلّ : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يُرد أن يضله يجعل صدره ضيّقا حرجا كأنما يصعّد في السماء ) .
إنّ المسألة لا تحتاج إلى توقّف أو تردّد لأنه ينبني عليها العتق من النار والنجاة من غضب الجبّار والفوز بسعادة الدنيا والآخرة ، والله الذي خلقك وخلق السماوات والأرض أعظم وطاعته أوجب من أقرب قريب وأعزّ صديق ، فأسلم تسلم ، ووالداك سيعينك الله عليهما ويمنحك القوّة في الثبات أمام الضغوط ، ومن يدري فربما تكون أنت وأخوك سببا لنجاة العائلة بأكملها وقد قال الله تعالى للنبي موسى عن أخيه هارون عليهما السلام : ( سنشدّ عضدك بأخيك ) ، فقاما سويا بدعوة فرعون وقومه إلى الله عزّ وجلّ ، وأما بالنسبة للعشيقة المذكورة فلا تظنّن أن العلاقة المحرّمة تعين على الحقّ فعليك بدعوتها إلى الإسلام والتوبة إلى الله فإن تابت فتزوجها على الطريقة الإسلامية التي ارتضاها الله وإلا فلا تأسفنّ عليها فإن نبي الإسلام قد قال : " من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه " .
نسأل الله أن يعجّل لك بنعمة الإسلام ويرزقك السعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة وأن يحفظك من كلّ سوء ونحن بانتظار خبر سارّ ، والسلام .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50245
لا تصح الصلاة في البيت وهو يتابع الإمام من خلال المذياع أو التليفزيون
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4968)
سؤال رقم 50245- لا تصح الصلاة في البيت وهو يتابع الإمام من خلال المذياع أو التليفزيون
هل يجوز للمرأة أن تصلي جماعة مع إمام المسجد الحرام من خلال التلفزيون ؟.
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (15/213) : هل للمسلم
أن يصلي مع الصلاة التي تنقل في التلفزيون أو الإذاعة من دون أن يرى الإمام خصوصاً
للنساء ؟
فأجاب :
" لا يجوز للإنسان أن يقتدي بالإمام بواسطة الراديو أو بواسطة
التلفزيون ؛ لأن صلاة الجماعة يقصد بها الاجتماع , فلا بد أن تكون في موضع واحد ,
أو تتصل الصفوف بعضها ببعض , ولا تجوز الصلاة بواسطتهما (الراديو والتليفزيون) وذلك
لعدم حصول المقصود بهذا , ولو أننا أجزنا ذلك لأمكن كل واحد أن يصلي في بيته
الصلوات الخمس , بل الجمعة أيضاً , وهذا مناف لمشروعية الجمعة والجماعة , وعلى هذا
فلا يحل للنساء ولا لغيرهن أن يصلي أحد منهم خلف المذياع أو خلف التلفاز . والله
الموفق" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (9/218) :
هل يجوز للنساء أن يصلين صلاة الجمعة في بيوتهن ، وكذلك جميع
الصلوات على صوت الميكروفون في القرية ؟ وكذلك المريض الذي لا يستطيع الصلاة في
المسجد هل يجوز له متابعة الإمام من بيته بواسطة الميكرفون ؟
فأجابت :
" لا يجوز للرجال ولا للنساء ضعفاء أو أقوياء أن يصلوا في بيوتهم
واحداً أو أكثر جماعة بصلاة الإمام في المسجد ، رابطين صلاتهم معه بصوت المكبر فقط
، سواء كانت الصلاة فريضة أم نافلة ، جمعة أم غيرها ، وسواء كانت بيوتهم وراء
الإمام أم أمامه ؛ لوجوب أداء الفرائض جماعة في المساجد على الرجال الأقوياء ،
وسقوط ذلك على النساء والضعفاء" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً : عن صلاة المرأة في بيتها على
الراديو أو على التلفزيون ، إذا كانت تسمع القراءة وتسمع التكبير ، إذا كانت فرضاً
أو نفلاً ؟
فأجابت : " لا تجوز ، سواء كانت فرضاً أم نفلاً ، ولو سمعت قراءة
الإمام وتكبيره" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" رقم (6744 ) .
*****
50256
من جامع امرأته في نهار رمضان وهو مسافر فلا شيء عليه
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4969)
سؤال رقم 50256- من جامع امرأته في نهار رمضان وهو مسافر فلا شيء عليه
ما حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو على سفر ؟.
الحمد لله
لا كفارة عليه ولا إثم ، لأن المسافر يجوز له الفطر ، ولكن عليه
قضاء هذا اليوم .
سئلت اللجنة الدائمة (10/202) عن حكم من جامع أهله في نهار رمضان
وهما مسافران ومفطران .
فأجابت :
"يجوز الفطر في السفر لمسافر في نهار رمضان ويقضيه لقوله تعالى :
( َمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )
البقرة/185 ، ويباح له الأكل والشرب والجماع ما دام في السفر" اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/307) :
عن حكم من جامع في نهار رمضان وهو صائم ، وهل يجوز للمسافر إذا
أفطر أن يجامع أهله ؟
فأجاب :
على من جامع في نهار رمضان وهو صائم صوما واجبا الكفارة ، أعني
كفارة الظهار ( هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع
فإطعام ستين مسكيناً ) مع وجوب قضاء اليوم ، والتوبة إلى الله سبحانه مما وقع منه ،
أما إن كان مسافرا أو مريضا مرضا يبيح له الفطر فلا كفارة عليه ولا حرج عليه ،
وعليه قضاء اليوم الذي جامع فيه ؛ لأن المريض والمسافر يباح لهما الفطر بالجماع
وغيره ، كما قال الله سبحانه )ٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/184 .
وحكم المرأة في هذا حكم الرجل إن كان صومها واجبا وجبت عليها
الكفارة مع القضاء ، وإن كانت مسافرة أو مريضة مرضا يشق معه الصوم فلا كفارة عليها
اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (344) عن رجل جامع زوجته
في نهار رمضان وهو مسافر؟
فأجاب : " لا حرج عليه في ذلك؛ لأن المسافر يجوز له أن يفطر
بالأكل والشرب والجماع ، فلا حرج عليه في هذا ولا كفارة . ولكن يجب عليه أن يصوم
يوماً عن الذي أفطره في رمضان .
كذلك المرأة لا شيء عليها إذا كانت مسافرة مفطرة أم غير مفطرة في
ذلك اليوم معه ، أما إذا كانت مقيمة فلا يجوز له جماعها إن كانت صائمة فرضاً ؛ لأنه
يفسد عليها عبادتها ويجب عليها أن تمتنع منه" اهـ .
*****
50273
لا تملك مالا غير الحلي فهل تبيع منه لتؤدي زكاته؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >
سؤال رقم 50273: لا تملك مالا غير الحلي فهل تبيع منه لتؤدي زكاته؟
أملك كمية من الذهب التي يجب أن أدفع زكاتها لكني لا أملك المال لدفع الزكاة . ماذا أفعل ؟ هل عليّ بيع جزء من الذهب لدفع الزكاة ؟.
الحمد لله
من ملكت نصابا من الذهب وهو 85 جراما ، وحال عليه الحول ، وجب
عليها زكاته ، بإخراج ربع العشر وهو (2.5%) سواء أخرجت ذلك من نفس الذهب ، أو من
قيمته بعد بيعه ، أو من مالها الآخر .
وحيث إنك لا تملكين المال لدفع الزكاة ، فيلزمك إخراج الزكاة من
الذهب نفسه ، أو تبيعين بعضه وتخرجين الزكاة . وإن تبرع أحدٌ (الوالد أو الأخ أو
الزوج أو غيرهم) بإخراج الزكاة عنك جاز ذلك وكان مأجورا مثابا .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" والزكاة على مالكة الحلي ، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها
بإذنها فلا بأس ، ولا يجب إخراج الزكاة منه ، بل يجزئ إخراجها من قيمته ، كلما حال
عليها الحول ، حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول " انتهى من
"فتاوى إسلامية" (2/85) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هل في الذهب المعد
للزينة زكاة ؟ وإن كانت المرأة لا تجد إلا أن تبيع بعضه لكي تؤدي الزكاة ؟
فأجاب :
" الصحيح من أقوال العلماء والراجح عندي أن الزكاة واجبة في
الحلي إذا بلغ النصاب وهو خمسة وثمانون جراماً ، فإذا بلغ هذا وجبت زكاته ، فإن كان
لديها مال فأدت منه فلا بأس ، وإن أدى عنها زوجها أو أحد من أقاربها فلا بأس ، فإن
لم يكن هذا ولا هذا فإنها تبيع منه بقدر الزكاة وتخرج الزكاة .
قد يقول بعض الناس : لو عملنا بهذا لانتهى حليُّها ولم يبق عندها
شيء .
فنقول : هذا غير صحيح ، لأنه إذا نقص عن النصاب ولو شيئاً يسيراً
لم تجب الزكاة فيه ، وحينئذ لابد أن يكون عندها شيء تتحلى به " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/138) .
والله أعلم .
*****
50282
إذا حاضت قبل الغروب ولو بلحظة بطل صومها ووجب عليها القضاء
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4970)
سؤال رقم 50282- إذا حاضت قبل الغروب ولو بلحظة بطل صومها ووجب عليها القضاء
هل لو جاءت الدورة الشهرية أثناء الصيام هل أتم اليوم صائمة أم لا ؟.
الحمد لله
إذا حاضت المرأة أثناء الصيام فسد صومها ، ولو كان نزول الدم قبل
المغرب بلحظة ، ووجب عليها قضاؤه إن كان صومها واجباً ، ويحرم عليها الاستمرار في
الصيام وهي حائض .
قال النووي رحمه الله في المجموع (2/386) :
أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى
الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ , وَعَلَى أَنَّهُ لا يَصِحُّ صَوْمُهَا . . .
وَأَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا
, نَقَلَ الإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ
وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ اهـ باختصار .
وقال ابن قدامة في " المغني" (4/397) :
" أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ
وَالنُّفَسَاءَ لا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ , وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ
, وَيَقْضِيَانِ , وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ ,
وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ : ( كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ , وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّلاةِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَالأَمْرُ إنَّمَا هُوَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( أَلَيْسَ
إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ , فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ
دِينِهَا ) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ سَوَاءٌ ; لأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ
هُوَ دَمُ الْحَيْضِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ . وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ
مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ , سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ
أَوْ فِي آخِرِهِ , وَمَتَى نَوَتْ الْحَائِضُ الصَّوْمَ , وَأَمْسَكَتْ , مَعَ
عِلْمِهَا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ , أَثِمَتْ , وَلَمْ يُجْزِئْهَا" اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" (ص 28)
:
" وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة
، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً .
أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد
الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/155) عن امرأة صامت وقبل غروب الشمس
وقبل الأذان بفترة قصيرة جاءها الحيض هل يبطل صومها ؟
فأجابت : إذا كان الحيض أتاها قبل الغروب بطل الصيام وتقضيه ،
وإن كان بعد الغروب فالصيام صحيح ولا قضاء عليها اهـ .
*****
50292
انقطع الحيض لكن تنزل بقعة دم لونها باهت
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4971)
سؤال رقم 50292- انقطع الحيض لكن تنزل بقعة دم لونها باهت
تناولت حقن لمنع الحمل فانقطع الحيض ، وكل عدة أيام تنزل بقعة دم صغيرة لونها باهت ، فهل تفسد صيام اليوم ؟ وهل يجب الغسل ؟ أم يكفي الوضوء ؟ .
الحمد لله
أما حكم تناول حقن لمنع الحمل فقد سبق الجواب عليه في السؤال رقم
( 21169 )
وأما حكم هذه النقاط اليسيرة من الدم الباهت اللون كل عدة أيام
فالظاهر أنها ليست من الحيض ، فلا تمنع من الصلاة والصيام ، ولا توجب الغسل ، وإنما
يكفي الوضوء منها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي :
إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم يسيرة ، واستمر معها هذا
الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم ، فهل صومها صحيح ؟
فأجاب :
نعم ، صومها صحيح ، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق ،
وقد أُثِر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إن هذه النقط التي تكون كرعاف
( نزيف ) الأنف ليست بحيض ، هكذا يذكر عنه رضي الله عنه . ( 60 سؤالا في
الحيض ص6 )
والله أعلم
وانظري سؤال رقم ( 25784 ) .
*****
50305
قال لامرأته : أنت عليّ مثل أمي
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4972)
سؤال رقم 50305- قال لامرأته - أنت عليّ مثل أمي
امرأة قال لها زوجها : أنت علي مثل أمي وأختي . فهل هذا يعتبر طلاقاً أم أن هناك كفارة ؟ وما هي الكفارة ؟.
الحمد لله
أولاً :
هذا اللفظ لا يعتبر طلاقا ، وإنما هو من ألفاظ الظهار التي ليست
صريحة في الظهار ، بل يحتمل الظهار وغيرَه .
ثانياً :
حكم هذا اللفظ يرجع فيه إلى نية المتكلم (الزوج) والقرائن التي
تدل عليها .
أما النية ؛ فقد يقصد الزوج بهذا الكلام أنها محرمة عليه مثل أمه
فيكون ظهاراً .
وقد يقصد أنها مثل أمه في الإكرام والمحبة ونحو ذلك فلا يكون
ظهاراً ، ولا يترتب عليه شيء .
وأما القرينة ؛ فقد يدل سياق الكلام والحادثة التي قيل فيها أن
الزوج أراد بذلك الظهار فيكون ظهاراًَ ، ومثال القرينة لو كان الزوج في نزاع مع
زوجته وشجار فقال لها في أثناء ذلك : أنت علي مثل أمي ، فظاهر هذا السياق أنه أراد
الظهار فيكون ظهاراً .
سئل شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى"(34/5) عن رَجُلٍ قَالَ
لامْرَأَتِهِ : أَنْت عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي , وَأُخْتِي ؟
فَأَجَابَ : "إنْ كَانَ مَقْصُودُهُ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ
أُمِّي وَأُخْتِي فِي الْكَرَامَةِ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَإِنْ كَانَ
مَقْصُودُهُ يُشَبِّهُهَا بِأُمِّهِ وَأُخْتِهِ فِي " بَابِ النِّكَاحِ " فَهَذَا
ظِهَارٌ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُظَاهِرِ فَإِذَا أَمْسَكَهَا فَلا يَقْرَبُهَا
حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ" اهـ .
وقال أيضاً (34/7) :
"وَإِنْ أَرَادَ بِهَا عِنْدِي مِثْلُ أُمِّي . أَيْ فِي
الامْتِنَاعِ عَنْ وَطْئِهَا وَالاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا
يَحْرُمُ مِنْ الأُمِّ فَهِيَ مِثْلُ أُمِّي الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلا
لِلاسْتِمْتَاعِ بِهَا : فَهَذَا مُظَاهِرٌ يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى
الْمُظَاهِرِ ، فَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ
الظِّهَارِ ، فَيَعْتِقَ رَقَبَةً ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ
مُتَتَابِعَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا" اهـ .
وقال ابن قدامة في "المغني" (11/60) :
"وَإِنْ قَالَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي . أَوْ : مِثْلُ أُمِّي
. وَنَوَى بِهِ الظِّهَارَ , فَهُوَ ظِهَارٌ , فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ;
مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ , وَصَاحِبَاهُ , وَالشَّافِعِيُّ , وَإِسْحَاقُ . وَإِنْ
نَوَى بِهِ الْكَرَامَةَ وَالتَّوْقِيرَ , أَوْ أَنَّهَا مِثْلُهَا فِي الْكِبَرِ ,
أَوْ الصِّفَةِ , فَلَيْسَ بِظِهَارٍ . وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نِيَّتِهِ" اهـ .
أي : أن المرجع إلى الزوج لا إلى غيره في تحديد ما نواه .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (20/274) :
"إذا قال الزوج لزوجته : أنا أخوك أو أنت أختي ، أو أنت أمي أو
كأمي ، أو أنت مني كأمي أو كأختي، فإن أراد بذلك أنها مثل ما ذكر في الكرامة أو
الصلة والبر أو الاحترام أو لم يكن له نية ولم يكن هناك قرائن تدل على إرادة الظهار
، فليس ما حصل منه ظهارا ، ولا يلزمه شيء ، وإن أراد بهذه الكلمات ونحوها الظهار أو
قامت قرينة تدل على الظهار مثل صدور هذه الكلمات عن غضب عليها أو تهديد لها فهي
ظهار ، وهو محرم وتلزمه التوبة وتجب عليه الكفارة قبل أن يمسها ، وهي : عتق رقبة ،
فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا اهـ .
والخلاصة:
إذا كان الزوج قصد بهذا الكلام الظهار أو دلت القرينة على ذلك
فهو ظهار ، وفيما عدا ذلك لا يكون ظهاراً ، ولا يترتب عليه شيء .
ثالثاً :
الظهار محرم ، فقد وصفه الله تعالى بأنه منكر من القول وزور ،
وذلك في قوله : ( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ
أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ
لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً ) المجادلة/2 .
فعلى من ظاهر من امرأته أن يتوب إلى الله تعالى .
رابعاً :
تجب الكفارة على الزوج المظاهر من زوجته إذا أراد أن يمسكها ولا
يطلقها ، ولا يحل له أن يجامعها قبل أن يأتي بالكفارة ، والكفارة هي عتق رقبة ، فإن
لم يجد فصيام شهرين متتابعين ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، ودليل ذلك قول
الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا
قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ
بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ
شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المجادلة/3-4 .
*****
50308
إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4973)
سؤال رقم 50308- إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم
لي زوجة وضعت قبل ما يقرب 15 يوم من شهر شعبان هل يجوز لها الصلاة والصوم والعمرة وتلاوة القرآن والقيام بكافة التكاليف الشرعية متى وقف دم النفاس وتأكدت من ذلك أو عليها الانتظار 40 يوما كما يقول البعض .
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن النفاس لا حد
لأقله ، فمتى طهرت المرأة من النفاس وجب عليها الاغتسال وتصلي وتصوم ولو كان ذلك
قبل مرور أربعين يوماً على ولادتها ، " لأنه لم يرد في الشرع تحديده فيرجع فيه إلى
الوجود وقد وجد قليلاً وكثيراً " قاله ابن قدامة في "المغني" (1/428).
بل نقل بعض العلماء الإجماع على ذلك ، قال الترمذي رحمه الله :
"و َقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ
تَدَعُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ
فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي" اهـ .
وانظر "المجموع" للنووي (2/541) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله (15/195) هل يجوز للمرأة النفساء
أن تصوم وتصلي وتحج قبل الأربعين يوماً إذا طهرت ؟
فأجاب : نعم يجوز لها أن تصوم وتصلي وتحج وتعتمر ويحل لزوجها
وطؤها في الأربعين إذا طهرت ، فلو طهرت لعشرين يوماً اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها
وما يروى عن عثمان بن أبي العاص أنه كره ذلك فهو محمول على كراهة التنزيه وهو
اجتهاد منه رضي الله عنه ولا دليل عليه .
والصواب أنه لا حرج في ذلك إذا طهرت قبل الأربعين يوماً فإن
طهرها صحيح فإن عاد عليها الدم في الأربعين فالصحيح أنها تعتبره نفاساً في مدة
الأربعين ولكن صومها الماضي في حال الطهارة وصلاتها وحجها كله صحيح لا يعاد شيء من
ذلك ما دام وقع حال الطهارة اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/458) :
" إذا رأت المرأة النفساء الطهر قبل تمام الأربعين فإنها تغتسل
وتصلي وتصوم ولزوجها جماعها" اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/155) عن امرأة ولدت قبل رمضان بسبعة
أيام وطهرت وصامت رمضان . فأجابت : إذا كان الأمر كما ذكر وأن صيامها شهر رمضان في
زمن الطهر فإن صيامها صحيح ولا يلزمها القضاء اهـ .
*****
50312
هل يأخذ أحكام المسافر من نوى الإقامة 3 أيام ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4974)
سؤال رقم 50312- هل يأخذ أحكام المسافر من نوى الإقامة 3 أيام ؟
سأسافر إلى العمرة وذلك لمدة محددة ( 3أيام ) ، فهل ينطبق عليَّ أحكام المسافر بجواز قصر الصلاة أثناء إقامتي في مكة ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في المدة التي إذا أقامها المسافر في بلد فله أن
يقصر ، يقول الشيخ ابن عثيمين:
وهذه المسألة من مسائل الخلاف التي كثرت فيها الأقوال فزادت على
عشرين قولاً لأهل العلم، وسبب ذلك أنه ليس فيها دليل فاصل يقطع النزاع، فلهذا
اضطربت فيها أقوال أهل العلم، فأقوال المذاهب المتبوعة هي:
أولاً : مذهب الحنابلة رحمهم الله أنه إذا نوى إقامة أكثر من
أربعة أيام انقطع حكم السفر في حقه ولزمه الإِتمام .
ثانياً : مذهب الشافعي ومالك : إذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر
فإنه يلزمه الإِتمام، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ، ويوم الخروج وعلى هذا تكون
الأيام ستة، يوم الدخول، ويوم الخروج، وأربعة أيام بينها .
ثالثاً : مذهب أبي حنيفة : إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يوماً
أتم ، وإن نوى دونها قصر. اهـ . الشرح الممتع (4/545)
فتبين أن أقوال المذاهب المتبوعة متفقة على جواز قصر الصلاة لمن
نوى الإقامة ثلاثة أيام فأقل . وانظر المجموع (3/171) ، بداية المجتهد
(1/168)
يقول الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث العلاء بن الحضرمي عن النبي –
صلى الله عليه وسلم – قال : ( ثلاث للمهاجر بعد الصَّدَر ) رواه البخاري
(3933) ومسلم (1352)
( بعد الصَّدَر أي بعد الرجوع من منى ، وفقه هذا الحديث أن
الإقامة بمكة كانت حراما على من هاجر منها قبل الفتح لكن أبيح لمن قصدها منهم بحج
أو عمرة أن يقيم بعد قضاء نسكه ثلاثة أيام لا يزيد عليها ، ويستنبط من ذلك أن إقامة
ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر ) . اهـ فتح الباري (7/267)
فإذا كانت إقامتك لا تزيد على ثلاثة أيام فلك أن تترخص برخص
السفر عند المذاهب الأربعة .
والله أعلم
وانظر سؤال رقم ( 21091 ).
*****
5032
هل يجب الوضوء بعد الغسل للطهارة
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4975)
سؤال رقم 5032- هل يجب الوضوء بعد الغسل للطهارة
السؤال : هل من الضروري أن أتوضأ بعد الاستحمام ؟
الجواب:
الحمد لله
إن كنت تعني بالاستحمام الاغتسال فالجواب كالتالي :
روى البخاري في الصحيح 248 عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ، ثم يفيض على جلده كله .
قال الحافظ في الفتح 1/248 .. وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصيل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى ..
وقال الحافظ أيضا 1/362 : واستدل به البخاري أيضا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة ، وعلى أن من توضأ بنية الغسل ثم أكمل باقي أعضاء بدنه لا يشرع له تجديد الوضوء من غير حدث .
قال ابن قدامة في المغني 1/217 وَلِغُسْلِ الْجَنَابَةِ صِفَتَانِ : صِفَةُ إجْزَاءٍ , وَصِفَةُ كَمَالٍ , فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ هَاهُنَا صِفَةُ الْكَمَالِ . قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : الْكَامِلُ يَأْتِي فِيهِ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ النِّيَّةِ , وَالتَّسْمِيَةِ , وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلاثًا , وَغَسْلِ مَا بِهِ مِنْ أَذًى , وَالْوُضُوءِ , وَيُحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا يُروِّي بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ , وَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ , وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ , وَيَدْلُكُ بَدَنَهُ بِيَدِهِ , وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِ غُسْلِهِ فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخَلِّلَ أُصُولَ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بِمَاءٍ قَبْلَ إفَاضَتِهِ عَلَيْهِ . قَالَ أَحْمَدُ : الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ , وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْهَا , قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا , وَتَوَضَّأَ وُضُوءهُ لِلصَّلاةِ , ثُمَّ يُخَلِّلُ شَعْرَهُ بِيَدِهِ , حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ : ( وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضُوءَ الْجَنَابَةِ , فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ , فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا , ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ , فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ , ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ أَوْ الْحَائِطَ , مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا , ثُمَّ تَمَضْمَضَ , وَاسْتَنْشَقَ , وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ , ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ , ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ
رِجْلَيْهِ , فَأَتَيْته بِالْمِنْدِيلِ , فَلَمْ يُرِدْهَا , وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَثِيرٌ مِنْ الْخِصَالِ الْمُسَمَّاةِ , وَأَمَّا الْبِدَايَةُ بِشِقِّهِ الأَيْمَنِ فَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ , وَفِي حَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوِ الْحِلابِ , فَأَخَذَ بِكَفَّيْهِ , ثُمَّ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ , ثُمَّ الأَيْسَرِ , ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَأَمَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ بَعْدَ الْغُسْلِ , فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ فِي مَوْضِعِهِ ; فَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَغْسِلَهُمَا بَعْدَ الْوُضُوءِ ; لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ . وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : الْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ . وَفِيهِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ . .. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
قال : ( وإن غسل مرة وعم بالماء رأسه وجسده ولم يتوضأ أجزاه بعد أن يتمضمض واستنشق وينوى به الغسل والوضوء وكان تاركاً للاختيار ) .
هذا المذكور صفة الإجزاء والأول هو المختار ولذلك قال وكان تاركاً الاختيار يعني إذا اقتصر على هذا أجزأه مع تركه الأفضل والأولى وقوله وينوي به الغسل والوضوء يعني أنه يجزئه الغسل عنهما إذا نواهما نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى : لا يجزئه الغسل عن الوضوء حتى يأتي قبل الغسل أو بعده وهو أحد قولي الشافعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ولأن الجنابة والحدث وجدا منه فوجبت لهما الطهارتان كما لو كانا منفردين .
ولنا قوله الله تعالى : { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } النساء:43 جعل الغسل غاية للمنع من الصلاة فإذا اغتسل يجب أن لا يمنع منها ولأنهما عبادتان من جنس واحد فتدخل الصغرى في الكبرى كالعمرة في الحج .
قال ابن عبد البر : المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده فقد أدى ما عليه لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل من الجنابة دون الوضوء بقوله : { وإن كنتم جنباً فاطهروا } وهو إجماع لا خلاف فيه بين العلماء إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغسل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه أعون على الغسل وأهذب فيه .. والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
50330
ما الحكمة من تحريم الصوم على الحائض ؟
الفقه > عبادات > الصوم >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4976)
سؤال رقم 50330- ما الحكمة من تحريم الصوم على الحائض ؟
نريد أن نعرف الحكمة من عدم صيام المرأة مع أن الصيام لا دخل له بالنجاسة .
الحمد لله
أولاً :
يجب على المؤمن التسليم لحكم الله تعالى والانقياد له ولو لم
يعرف الحكمة منه ، بل يكفيه أنه أمر الله ورسوله ، قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب/36 . وقال : ( إِنَّمَا
كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ
بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
) النور/51 .
ثانياً :
يوقن المؤمن ويؤمن إيماناً جازماً أن الله تعالى حكيم ، فلا يشرع
شيئاً إلا لحكمة بالغة ، فلا يأمر بشيء إلا لما فيه من المصلحة الخالصة أو الغالبة
، ولا ينهى عن شيء إلا لما فيه من المفسدة الخالصة أو الغالبة ، وما أحسنَ ما قاله
ابن كثير رحمه الله في "البداية النهاية" (6/79) :
"وجاءت شريعته (صلى الله عليه وسلم) أكمل شريعة ، لم يبق معروف
تعرف العقول أنه معروف إلا أمر به ، ولا منكر تعرف العقول أنه منكر إلا نهى عنه ،
لم يأمر بشيء فقيل : ليته لم يأمر به ، ولا نهى عن شيء فقيل : ليته لم ينه عنه" اهـ
.
لكن هذه الحكمة قد نعلمها ، وقد تخفى علينا ، وقد يخفى علينا
أكثرها أو بعضها .
ثالثاً :
أجمع العلماء على تحريم الصوم على الحائض ، وأنها يلزمها قضاء ما
أفطرته بسبب الحيض إذا كان الصوم واجبا كصيام رمضان .
وأجمعوا أيضا على أنها إذا صامت لم يصح صومها . انظر السؤال رقم
( 50282 ) .
واختلف العلماء في الحكمة من عدم صحة الصوم من الحائض .
فقال بعضهم : الحكمة غير معلومة لنا .
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : "وَكَوْنُ الصَّوْمِ لا يَصِحُّ
مِنْهَا لا يُدْرَكُ مَعْنَاهُ , فَإِنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ مَشْرُوطَةً
فِيهَا" اهـ من "المجموع" (2/386).
وقال آخرون : بل الحكمة أن الله تعالى نهى الحائض عن الصيام وقت
الحيض رحمةً بها ، لأن خروج الدم يضعفها ، فإذا صامت وهي حائض اجتمع عليها الضعف
بسبب الحيض وبسبب الصيام ، فيخرج الصوم بذلك عن حد الاعتدال ، وقد يصل إلى حد
الإضرار .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/234) :
" فَنَذْكُرُ حِكْمَةَ الْحَيْضِ وَجَرَيَانَ ذَلِكَ عَلَى
وَفْقِ الْقِيَاسِ فَنَقُولُ :
إنَّ الشَّرْعَ جَاءَ بِالْعَدْلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ .
وَالإِسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ الْجَوْرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ
وَأَمَرَ بِالاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَاتِ ; وَلِهَذَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِ
الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ وَنَهَى عَنْ الْوِصَالِ وَقَالَ : ( أَفْضَلُ
الصِّيَامِ وَأَعْدَلُ الصِّيَامِ صِيَامُ داود عليه السلام كَانَ يَصُومُ يَوْمًا
وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إذَا لاقَى ) فَالْعَدْلُ فِي الْعِبَادَاتِ مِنْ
أَكْبَرِ مَقَاصِدِ الشَّارِعِ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) المائدة/87. فَجَعَلَ
تَحْرِيمَ الْحَلالِ مِنْ الاعْتِدَاءِ الْمُخَالِفِ لِلْعَدْلِ وَقَالَ تَعَالَى :
( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ
لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا
وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) فَلَمَّا كَانُوا ظَالِمِينَ عُوقِبُوا بِأَنْ حُرِّمَتْ
عَلَيْهِمْ الطَّيِّبَاتُ ; بِخِلَافِ الأُمَّةِ الْوَسَطِ الْعَدْلِ فَإِنَّهُ
أَحَلَّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ . وَإِذَا كَانَ
كَذَلِكَ فَالصَّائِمُ قَدْ نُهِيَ عَنْ أَخْذِ مَا يُقَوِّيهِ وَيُغَذِّيهِ مِنْ
الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، ونُهِيَ عَنْ إخْرَاجِ مَا يُضْعِفُهُ وَيُخْرِجُ
مَادَّتَهُ الَّتِي بِهَا يَتَغَذَّى وَإِلا فَإِذَا مُكِّنَ مِنْ هَذَا ضَرَّهُ
وَكَانَ مُتَعَدِّيًا فِي عِبَادَتِهِ لا عَادِلا . . .
وَالْخَارِجَاتُ نَوْعَانِ : نَوْعٌ يَخْرُجُ لا يَقْدِرُ عَلَى
الاحْتِرَازِ مِنْهُ أَوْ عَلَى وَجْهٍ لا يَضُرُّهُ فَهَذَا لا يُمْنَعُ مِنْهُ
كَالأَخْبَثَيْنِ (البول والغائط) فَإِنَّ خُرُوجَهُمَا لا يَضُرُّهُ وَلا
يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ أَيْضًا . وَلَوْ اسْتَدْعَى خُرُوجَهُمَا فَإِنَّ
خُرُوجَهُمَا لا يَضُرُّهُ بَلْ يَنْفَعُهُ . وَكَذَلِكَ إذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ
(أي غلبه) لا يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الاحْتِلامُ فِي
الْمَنَامِ لا يُمْكِنُهُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ ، وَأَمَّا إذَا استقاء فَالْقَيْءُ
يُخْرِجُ مَا يَتَغَذَّى بِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . . وَكَذَلِكَ
الاسْتِمْنَاءُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الشَّهْوَةِ . . وَالدَّمُ الَّذِي يَخْرُجُ
بِالْحَيْضِ فِيهِ خُرُوجُ الدَّمِ ، وَالْحَائِضُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَصُومَ فِي
غَيْرِ أَوْقَاتِ الدَّمِ فِي حَالٍ لا يَخْرُجُ فِيهَا دَمُهَا فَكَانَ صَوْمُهَا
فِي تِلْكَ الْحَالِ صَوْمًا مُعْتَدِلا لا يَخْرُجُ فِيهِ الدَّمُ الَّذِي
يُقَوِّي الْبَدَنَ الَّذِي هُوَ مَادَّتُهُ وَصَوْمُهَا فِي الْحَيْضِ يُوجِبُ
أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ دَمُهَا الَّذِي هُوَ مَادَّتُهَا وَيُوجِبُ نُقْصَانَ
بَدَنِهَا وَضِعْفَهَا وَخُرُوجَ صَوْمِهَا عَنْ الاعْتِدَالِ فَأُمِرَتْ أَنْ
تَصُومَ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْحَيْضِ" اهـ باختصار .
*****
50388
لماذا خص الصوم بقوله تعالى : (الصيام لي وأنا أجزي به)؟
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
التاريخ والسيرة > المناقب >
الفقه > عبادات > الصوم >(1/4977)
سؤال رقم 50388- لماذا خص الصوم بقوله تعالى - (الصيام لي وأنا أجزي به)؟
لماذا خص الله جزاء الصوم به سبحانه وتعالى ؟ .
الحمد لله
روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . . . الحديث ) .
ولما كانت الأعمال كلها لله وهو الذي يجزي بها ، اختلف العلماء
في قوله : ( الصيام لي وأنا أجزي به ) لماذا خص الصوم بذلك ؟
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله من كلام أهل العلم عشرة أوجه
في بيان معنى الحديث وسبب اختصاص الصوم بهذا الفضل ، وأهم هذه الأوجه ما يلي :
1- أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، قال القرطبي :
لما كانت الأعمال يدخلها الرياء ، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فأضافه
الله إلى نفسه ولهذا قال في الحديث : (يدع شهوته من أجلي) . وقال ابن الجوزي : جميع
العبادات تظهر بفعلها وقلّ أن يسلم ما يظهر من شوبٍ ( يعني قد يخالطه شيء من الرياء
) بخلاف الصوم .
2- أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدار
ثوابه وتضعيف حسناته . قال القرطبي : معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس
وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه
بغير تقدير . ويشهد لهذا رواية مسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ
عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة
ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا
أَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وهذا كقوله تعالى
: ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
3- أن معنى قوله : ( الصوم لي ) أي أنه أحب العبادات إلي والمقدم
عندي . قال ابن عبد البر : كفى بقوله : ( الصوم لي ) فضلا للصيام على سائر العبادات
. وروى النسائي (2220) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ )
. صححه الألباني في صحيح النسائي .
4- أن الإضافة إضافة تشريف وتعظيم ، كما يقال : بيت الله ، وإن
كانت البيوت كلها لله . قال الزين بن المنير : التخصيص في موضع التعميم في مثل هذا
السياق لا يفهم منه إلا التعظيم والتشريف .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وَهَذَا الحديثُ الجليلُ يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ
عديدةٍ :
الوجه الأول : أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال
، وذلك لِشرفِهِ عنده ، ومحبَّتهِ له ، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه ، لأنه سِرُّ
بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله . فإِن الصائمَ يكون في الموضِعِ
الخالي من الناس مُتمكِّناً منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام ، فلا
يتناولُهُ ؛ لأنه يعلم أن له ربّاً يطَّلع عليه في خلوتِه ، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك
، فيترُكُه لله خوفاً من عقابه ، ورغبةً في ثوابه ، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا
الإِخلاصَ ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ ولهذا قال : ( يَدعُ
شهوتَه وطعامَه من أجْلي ) . وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص يوم القيامَةِ كما قال
سَفيانُ بنُ عُييَنة رحمه الله : إِذَا كانَ يومُ القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ
ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ
يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم ويُدخله الجنَّةَ بالصوم .
الوجه الثاني : أن الله قال في الصوم : (وأَنَا أجْزي به) فأضافَ
الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ ؛ لأنَّ الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد ،
الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ ، أمَّا الصَّوم
فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ ، وهُوَ سبحانه
أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين ، والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها . فيكُونُ أجرُ
الصائمِ عظيماً كثيراً بِلاَ حساب . والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله ، وصبرٌ عن
مَحارِم الله ، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ
البَدَنِ والنَّفْسِ ، فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ ، وَتحقَّقَ أن
يكون الصائمُ من الصابِرِين . وقَدْ قَالَ الله تَعالى : ( إِنَّمَا يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 . .
. " انتهى .
"مجالس شهر رمضان" (ص 13) .
والله أعلم .
*****
50398
يعمل في مكان مختلط ويخاف على صيامه
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4978)
سؤال رقم 50398- يعمل في مكان مختلط ويخاف على صيامه
أنا أعمل في شركة ليس بها سواي من الرجال ، فهل اختلاطي بالنساء يؤثر علي صيامي ؟.
الحمد لله
الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل ، له آثاره السيئة ،
ومفاسده الواضحة ، على كلٍّ من الرجل والمرأة ، ومن ذلك :
1- حصول النظر المحرم ، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات
بغض البصر ، فقال سبحانه: ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور/30، 31 .
وفي صحيح مسلم (2159) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : (
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة ، فأمرني أن أصرف بصري ) .
2- قد يحصل فيه اللمس المحرم ، ومنه المصافحة باليد ، لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس
امرأة لا تحل له ) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار ، وصححه الألباني في
صحيح الجامع برقم (5045) .
3- أن الاختلاط قد يوقع في خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية عنه ،
وهذا محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان
ثالثهما الشيطان ) رواه الترمذي (2165) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وفي رواية : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة
ليس معها ذو محرم منها ، فإن ثالثهما الشيطان ) رواه أحمد وصححه الحاكم
ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في غاية المرام (180) .
4- ومن مفاسده : تعلق قلب الرجل بالمرأة وافتتانه بها ، أو العكس
، وذلك من جراء الخلطة ، وطول المعاشرة .
5- ما يترتب على ذلك من دمار الأسر وخراب البيوت ، فكم من رجل
أهمل بيته ، وضيع أسرته ، لانشغال قلبه بزميلته في الدراسة أو العمل ، وكم من امرأة
ضيعت زوجها وأهملت بيتها، لنفس السبب ، بل : كم من حالة طلاق وقعت بسبب العلاقة
المحرمة التي أقامها الزوج أو الزوجة ، وكان الاختلاط في العمل رائدها وقائدها ؟!
ولهذا - وغيره - جاءت الشريعة بتحريم الاختلاط المفضي إلى هذه
المفاسد ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط مفصلة في جواب السؤال رقم ( 1200 )
فراجعه مشكورا مأجورا .
وعليه ؛ فالنصيحة لك أيها السائل أن تدع العمل المختلط ، وأن
تبحث عن عمل آخر ، تسلم فيه من هذه المحاذير ، مع اليقين بأن من ترك شيئا لله عوضه
الله خيرا منه ، وأن من اتقى الله جعل الله من كل ضيق مخرجا ، ومن كل هم فرجا : (
ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق/2-3 .
فإن ابتليت بالبقاء في هذا العمل ، فاتق الله تعالى ، وغض بصرك
عن النساء ، وتجنب مصافحتهن ، والخلوة معهن ، وراقب الله تعالى ، واعلم بأنه سبحانه
يعلم السر وأخفى ، وأنه ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ
) غافر/19 .
رزقنا الله وإياك الهدى والتقى ، والعفاف والغنى .
والله أعلم .
*****
50404
حكم الإفرازات التي تخرج من رحم المرأة
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4979)
سؤال رقم 50404- حكم الإفرازات التي تخرج من رحم المرأة
أجد فجأة على ملابسي الداخلية إفرازات شفافة لا أحس بنزولها ، هل تجوز الصلاة بذلك ؟ وإذا كانت لا تجوز هل يجب إعادة الوضوء وتغيير الملابس ؟.
الحمد لله
الكلام على هذه الإفرازات في مسألتين :
الأولى : هل هي طاهرة أو نجسة ؟
فمذهب أبي حنيفة وأحمد وإحدى الروايتين عن الشافعي –وصححها
النووي- أنها طاهرة .
واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين ، رحم الله الجميع .
قال في الشرح الممتع (1/392) :
"وإذا كانت –يعني هذه الإفرازات- من مسك الذكر فهي طاهرة ، لأنها
ليست من فضلات الطعام والشراب ، فليست بولاً ، والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل
على ذلك ، ولأنه لا يلزمه إذا جامع أهله أن يغسل ذكره ، ولا ثيابه إذا تلوثت به ،
ولو كانت نجسة للزم من ذلك أن ينجس المني ، لأنه يتلوث بها" اهـ .
وانظر : "المجموع" (1/406) ، "المغني" (2/88) .
وعلى هذا ، فلا يجب غسل الثياب أو تغييرها إذا أصابتها تلك
الرطوبة .
المسألة الثانية : هل ينتقض الوضوء بخروج هذه الإفرازات أو لا ؟
فالذي ذهب إليه أكثر العلماء أنها تنقض الوضوء .
وهو الذي اختاره الشيخ ابن عثيمين ، حتى قال :
"الذي ينسب عني غير هذا القول غير صادق ، والظاهر أنه فهم من
قولي إنه طاهر أنه لا ينقض الوضوء" اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (11/287) .
وقال أيضاً (11/285) :
"أما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينتقض الوضوء فهذا لا أعلم له
أصلا إلا قول ابن حزم" اهـ .
لكن . . إذا كانت هذه الرطوبة تنزل من المرأة باستمرار ، فإنها
تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ولا يضرها نزول هذه الرطوبة بعد ذلك ، ولو كانت في
الصلاة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"إذا كانت الرطوبة المذكورة مستمرة في غالب الأوقات فعلى كل
واحدة ممن تجد هذه الرطوبة الوضوء لكل صلاة إذا دخل الوقت ، كالمستحاضة ، وكصاحب
السلس في البول ، أما إذا كانت الرطوبة تعرض في بعض الأحيان –وليست مستمرة- فإن
حكمها حكم البول متى وُجدت انتقضت الطهاة ولو في الصلاة" اهـ .
مجموع فتاوى ابن باز (10/130) .
راجع السؤال رقم ( 37752 ) .
والله أعلم .
*****
50406
أخذ عينة دم للتحليل لا تفطر الصائم
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4980)
سؤال رقم 50406- أخذ عينة دم للتحليل لا تفطر الصائم
هل أخذ عينة دم مقدارها 5 سم يؤثر على الصيام ؟.
الحمد لله
لا يؤثر ذلك على الصيام لأنه قليل ولا يضعف الصائم .
سئل الشيخ ابن باز عن حكم من سحب منه دم وهو صائم في رمضان وذلك
بغرض التحليل ؟
فأجاب :
"مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه ؛ لأنه مما تدعو
الحاجة إليه ، وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر" اهـ . مجموع
فتاوى ابن باز (15/274) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص 478) :
عن حكم تحليل الدم للصائم وهل يفطر ؟
فأجاب :
"لا يفطر الصائم بإخراج الدم من أجل التحليل ، فإن الطبيب قد
يحتاج إلى الأخذ من دم المريض ليختبره ، فهذا لا يفطر ؛ لأنه دم يسير لا يؤثر على
البدن تأثير الحجامة فلا يكون مفطرا ، والأصل بقاء الصيام ولا يمكن أن نفسده إلا
بدليل شرعي ، وهنا لا دليل على أن الصائم يفطر بمثل هذا الدم اليسير ، وأما أخذ
الدم الكثير من الصائم من أجل حقنه في رجل محتاج إليه مثلا ، فإنه إذا أخذ من الدم
الكثير الذي يفعل بالبدن مثل فعل الحجامة فإنه يفطر بذلك ، وعلى هذا فإذا كان الصوم
واجبا فإنه لا يجوز لأحد أن يتبرع بهذا الدم الكثير لأحد ، إلا أن يكون هذا
المتبَرَّع له في حالة خطرة لا يمكن أن يصبر إلى ما بعد الغروب وقرر الأطباء أن دم
هذا الصائم ينفعه ويزيل ضرورته ، فإنه في هذه الحال لا بأس أن يتبرع بدمه ، ويفطر
ويأكل ويشرب حتى تعود إليه قوته ، ويقضي هذا اليوم الذي أفطره" اهـ .
*****
50407
يجوز نقل فرش مسجد قديم إلى مسجد آخر
الفقه > عبادات > الوقف >(1/4981)
سؤال رقم 50407- يجوز نقل فرش مسجد قديم إلى مسجد آخر
قامت جماعة أحد المساجد بتجديد فرش المسجد ورمي الفرش القديم فاستأذنتهم بأخذه إلى مصلى المدرسة التي أدرس فيها فهل يجوز ذلك ؟ .
الحمد لله
نعم . يجوز ذلك إن شاء الله تعالى
قال ابن قدامة : وما فضل من حصر المسجد وزيته ولم يحتج إليه جاز
أن يجعل في مسجد آخر ، أو يتصدق من ذلك على فقراء جيرانه وغيرهم ....
قال أحمد في مسجد بني فبقي من خشبه شيء : يعان به مسجد آخر . أو
كما قال .
وقال المروذي : سألت أبا عبد الله عن بواري المسجد إذا فضل منه
الشيء أو الخشبة قال : يتصدق به . ( المغني 6 / 219 – 220 ) بتصرف واختصار
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
نعم ، يجوز نقل الوقف إذا كان ذلك أصلح ، فإذا استغنى عن شيء
بالمسجد كفراش أو دولاب أو غيره ، نقلناه إلى مسجد آخر بعينه إذا أمكن ، وإن لم
يمكن قمنا ببيع هذه الأشياء وأنفقنا ثمنها على المسجد . أما إذا كان من الأوقاف فإن
الأوقاف هي التي تتصرف في ذلك وتفعل ما هو أصلح . ( لقاء الباب المفتوح
3/248) والله أعلم
ومصلى المسجد وإن لم يأخذ حكم المسجد ، فهو يشبه المسجد إلى حد
ما ، فنقل الفرش إليه أولى من التصدق بها على الفقراء
والله أعلم .
وانظر سؤال رقم ( 11247 ) ( 13720 ) .
*****
50412
يقيم في ألمانيا فهل يصوم مع الجمعية الأوربية أم مع السعودية
الفقه > عبادات > الصوم > رؤية الهلال >(1/4982)
سؤال رقم 50412- يقيم في ألمانيا فهل يصوم مع الجمعية الأوربية أم مع السعودية
نحن نقيم في ألمانيا والمشكلة أن إمام مسجد قال : سوف نصوم مثل السعودية ، وفي المسجد الثاني قيل إننا سنصوم تبعاً للجمعية الأوربية الإسلامية التي من المفروض أنها تهتم عادة بمراقبة الهلال . فما قولكم ؟.
الحمد لله
إذا كانت الجمعية الأوربية الإسلامية تعتمد على رؤية الهلال ،
فإن الأولى في حقكم ، هو الموافقة لهم في الصيام والإفطار .
والمسألة فيها خلاف قديم المشهور: هل لكل بلد رؤيته ؟ أم يلزم
الجميع اتباع من رأوا الهلال ولو اختلفت المطالع ؟ وهو خلاف سائغ مبني على الاجتهاد
، ولا حرج على أحد في الأخذ بأحد هذين القولين حسب ما يظهر له من الأدلة .
ولعل أرجح القولين أن اختلاف المطالع معتبر ، وقد سبق بيان طرف
من أدلة هذا القول في جواب السؤال رقم ( 50487 )
.
ومما يدل على ذلك : ما رواه مسلم (1819) عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ
أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ
: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا , وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ
وَأَنَا بِالشَّامِ ، فَرَأَيْتُ الْهِلالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ قَدِمْتُ
الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلالَ ، فَقَالَ : مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلالَ
؟ فَقُلْتُ : رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : أَنْتَ رَأَيْتَهُ ؟
فَقُلْتُ : نَعَمْ ، وَرَآهُ النَّاسُ ، وَصَامُوا ، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ ، فَقَالَ
: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْت ، ِ فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى
نُكْمِلَ ثَلاثِينَ أَوْ نَرَاهُ ، فَقُلْتُ : أَوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ
مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ ؟ فَقَالَ : لا ، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فهذا يدل على أنه مع تباعد البلاد فلكل بلد رؤيته ، وأنه لا يلزم
الجميع الصوم برؤية إحدى البلدان له .
والله أعلم .
*****
50430
الكدرة قبل الطهر تعتبر حيضا
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4983)
سؤال رقم 50430- الكدرة قبل الطهر تعتبر حيضا
إذا وجدت المرأة بعد ستة أيام من الحيض لوناً بنياً فاتحاً نوعا ما ، فهل يعتبر من الحيض أم لا ؟.
الحمد لله
إن كانت هذه الكدرة التي تراها المرأة قبل أن ترى الطهر فهي من
الحيض ، وإن كانت بعد رؤية الطهر فليست من الحيض ، فلا تنافي الصلاة والصيام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالة "الدماء الطبيعية
للنساء" (ص 19) في بيان الطوارئ على الحيض ، قال :
"النوع الثالث : صفرة أو كدرة ، بحيث ترى الدم أصفر ، كماء
الجروح ، أو متكدراً بين الصفرة والسواد ، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به
قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض ، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض ، لقول أُمّ
عَطِيَّةَ رضي الله عنها: ( كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ
الطُّهْرِ شَيْئًا ) . رواه أبو داود بسند صحيح " اهـ .
وقال أيضاً في "فتاوى أركان الإسلام" (ص 258) :
" القاعدة العامة : أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في
الحيض ، وأعني بالطهر في الحيض خروج القصة البيضاء ، وهو ماء أبيض تعرفه النساء ،
فما بعد الطهر من كدرة أو صفرة أو نقطة أو رطوبة فهذا كله ليس بحيض ، فلا يمنع من
الصلاة ، ولا يمنع من الصيام ، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته ، لأنه ليس بحيض .
.......
ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر ، لأن بعض النساء إذا خف
الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر ، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم
المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف ـ يعني القطن ـ فيه الصفرة فتقول لهن : " لا
تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " اهـ باختصار .
*****
50452
حكم من أتى زوجته في دبرها في نهار رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4984)