سؤال رقم 4319- سائلة يهودية تحدّث نفسها بالإسلام
لدي سؤال صعب ولكن أملي الوحيد أن تستطيع الإجابة على سؤالي .
أنا يهودية روسية تعرفت على شاب مسلم منذ سنة وكلما زادت معرفتنا ببعضنا تزيد المشاكل التي نواجهها ، ليست بسبب الدين أو العادات والتقاليد فنحن نحب بعضنا والموضوع هو هل يستطيع أن يتزوجني أم لا .
هو مسلم ممتاز وينتمي إلى عائلة تقليدية وأنا معجبة بمعتقده ودين أهله .
أنا مولودة في مدينة مغلقة وليس هناك مجال لعرض أو تقديم أي دين آخر فهذا ممنوع ، وعندما حضرت إلى الولايات المتحدة اكتشفت أن معتقداتي لا تطابق اليهودية فقمت بالكثير من البحث عن الإسلام بعد معرفتي بهذا الشاب وكذلك شابان مسلمان وفتاتان مسلمتان وكذلك قراءتي للقرآن فأصبح عندي شعور قوي بأنني يمكن أن أكون مسلمة جيدة .
أنا أريد الآن أن أذهب إلى مدرسة لأتعلم الدين والتقاليد الإسلامية وخصوصا اللغة العربية.
اتصلت بالمسجد وكنت جاهزة للذهاب ولكن المشكلة هي هل يمكن أن يقبلوني كأي أخت مسلمة جديدة مثل الذين يسلمون من جميع الأديان المختلفة ما عدا اليهودية ؟
اليهود والمسلمون دائما في خلاف ولا أظن أنه سيحصل سلام أبداً . أدعو الله بلغتي الروسية أن يقودني إلى الطريق الصحيح لأحصل على الإيمان فأرجو أن تساعدني لأجد جواباً لسؤالي
الجواب:
الحمد لله " لديّ شعور قويّ بأنني أستطيع أن أكون مسلمة جيدة " عبارة رائعة تلك التي جاءت في ثنايا رسالتك المنطوية على مشاعر مرهفة وتجربة ممتازة في البحث عن الحقّ .
" إنني أدعو الله ( بلغتي الأمّ : الروسية ) بأن يهديني إلى طريق الحقّ " . عبارة أخرى جاءت في آخر سؤالك يشعر معها القارئ المسلم بالتأثّر البالغ لحال امرأة لجأت إلى الله بعدما عرفت أنّه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ففزعت إليه تطلب الهداية إلى الدّين القويم . قال الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186) سورة البقرة ، وابشري بهذا الانشراح للإسلام الذي تجدينه فقد قال الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) سورة الأنعام 125
واعلمي أنّه ليس لدى المسلمين الذين يفقهون دينهم أي نوع من النفور أو عدم الارتياح تجاه أيّ أخ أو أخت أسلما واعتنقا دين الله مهما كانا أصلهما ، وكون المسلم الجديد من أصل يهودي أو نصراني لا يجعل هناك أيّ نوع من التفرقة أو التمييز ، ولنضرب مثلين من التاريخ الإسلامي على يهودي ويهودية دخلا الإسلام : أما الأول فهو أبو يوسف عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه وأرضاه
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ ، قَالَ : مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلائِكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ .. رواه البخاري 3082 ، وفي رواية للبخاري أيضا : " جَاءَ عبد الله بن سلام فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ
الْيَهُودِ وَيْلَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ فَو اللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا قَالُوا مَا نَعْلَمُهُ .. قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ قَالَ فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ قَالُوا ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ يَا ابْنَ سَلامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ فَو َاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ فَقَالُوا كَذَبْتَ فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه البخاري 3621
هذا الرجل لم يمنعه أصله اليهودي من أن يكون من المبشرين بالجنّة قبل أن يموت فروى سعد بن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ الآيَةَ .. رواه البخاري 3528
وأما المرأة فهي صفية بنت حيي بن أخطب من يهود خيبر التي آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا .
لقد صارت صفية اليهودية التي أسلمت أمّا لنا جميعا نحن المسلمين لقوله تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ .. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ . رواه البخاري 4762
صفية رضي الله عنها التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم من معتكفه خصيصا ليرافقها إلى بيتها ( والمعتكف لا يجوز له أن يخرج إلا لحاجة ) ، فقد روى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا .. رواه البخاري 1894
وفي رواية : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا .. رواه البخاري 1897
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرعاها ويحنو عليها كما وصف أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاملته لزوجته صفية في السفر فقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءهُ بِعَبَاءة ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ رواه البخاري 2081
هذه النماذج وغيرها تبيّن أنّ المسلم الجديد له مكانته في دين الإسلام مهما كان أصله يهوديا أو غيره ، ولو حصل صدود من بعض المسلمين تجاه يهودي أسلم أو يهودية أسلمت فإنّ سببه الجهل والتقصير ، أمّا موقف الإسلام فقد عرفتيه ، فبادري أيتها السائلة إلى الدّخول في الإسلام فورا ونحن متفائلون لك بحياة سعيدة في ظلال هذا الدين .
بقي لنا ملاحظة نودّ إبداءها حول أمر ذكرتيه في رسالتك وهي قضية العلاقة بينك وبين الرجل المسلم المذكور في السؤال . إن هذه العلاقة لن تكون علاقة شرعية يرضى الله عنها إلا إذا قامت على أساس الزواج الذي شرعه الله سبحانه لعباده ورضي به طريقا لارتباط الرجل بالمرأة ، ونحن نتصور في وضعك الذي ذكرتيه أن إسلامك وتوبتك ستفتح الباب وتمهّد الطريق للارتباط الشّرعي والصحيح بهذا الرجل المسلم .
نسأل الله لك التوفيق إلى الحقّ والثبات عليه وأن يعجّل لك الخير في الدّنيا ويرزقك الفوز بالجنّة في الآخرة ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43191
من هم الولدان المخلدون ؟
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4331)
سؤال رقم 43191- من هم الولدان المخلدون ؟
هل الولدان المخلدون هم أطفال المسلمين الذين ماتوا صغارا ؟؟ .
الحمد لله
قال الله تعالى في شأن أهل الجنة : ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) الواقعة /17 وقال تعالى : (
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ
لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً ) الإنسان/19
قال ابن كثير رحمه الله : أي : يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان
من ولدان الجنة ، مخلدون : أي : على حالة واحدة ، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها ؛
لا تزيد أعمارهم عن تلك السن . قال ابن عباس رضي الله عنهما : غلمان لا يموتون .
قال ابن القيم رحمه الله : قال أبو عبيدة والفراء : مخلدون : لا
يهرمون ولا يتغيرون ؛ قال : والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط : إنه لمخلد ، وإذا
لم تذهب أسنانه من الكبر قيل : هو مخلد .
وقوله تعالى في وصفهم ، في سورة الإنسان : ( إذا رأيتهم حسبتهم
لؤلؤا منثورا ) أي : إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة ، وكثرتهم وصباحة
وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم ، حسبتهم لؤلؤا منثورا ، ولا يكون التشبيه أحسن
من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن .
قال ابن القيم رحمه الله : وشبههم سبحانه باللؤلؤ المنثور لما
فيه من البياض وحسن الخلقة. وفي كونه منثورا فائدتان :
إحداهما : الدلالة على أنهم غير معطلين ، بل مبثوثون في خدمتهم
وحوائجهم .
الثانية : أن اللؤلؤ إذا كان منثورا ، ولاسيما على بساط من ذهب
أو حرير ، كان أحسن لمنظره وأبهى ، من كونه مجموعا في مكان واحد .
وقد اختلف العلماء فيمن يكون هؤلاء الولدان :
فروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والحسن البصري أن المراد
بالولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة .
وروي عن سلمان رضي الله عنه أنه قال : أطفال المشركين هم خدم أهل
الجنة .
قال الحسن : لم يكن لهم حسنات يجزون بها ، ولا سيئات يعاقبون
عليها ، فوضعوا في هذا الموضع .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : قال شيخ الإسلام رحمه الله : ولا
أصل لهذا القول . " مجموع الفتاوى " (4/279) .
وقال ابن القيم رحمه الله : وقد روى في ذلك حديث لا يثبت .
وقيل : إن هؤلاء الولدان أنشأهم الله لأهل الجنة ، يطوفون عليهم
كما شاء ، من غير ولادة .
وهذا القول الأخير هو الذي ارتضاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله تعالى . فقد سئل رحمه الله : عن الولدان : هل هم ولدان أهل الجنة ؟
فأجاب : الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة خلق من خلق الجنة ;
ليسوا بأبناء أهل الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة يكمل خلقهم كأهل
الجنة ؛ على صورة آدم أبناء ثلاث وثلاثين سنة ، في طول ستين ذراعا . وقد روي أيضا
أن العرض سبعة أذرع .
انظر : مجموع الفتاوى : 4/312
واستظهر ابن القيم رحمه الله هذا القول أيضا . قال : والأشبه أن
هؤلاء الولدان مخلوقون من الجنة ، كالحور العين ، خدما لهم وغلمانا ... ، وهؤلاء
غير أولادهم ؛ فإن من تمام كرامة الله تعالى لهم أن يجعل أولادهم مخدومين معهم ،
ولا يجعلهم غلمانا لهم .
راجع أيضا : السؤال رقم [ 6496 ] .
والله أعلم .
*****
43207
يجوز للمرأة أن تعطي زكاة مالها لزوجها
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4332)
سؤال رقم 43207- يجوز للمرأة أن تعطي زكاة مالها لزوجها
زوجتي لديها ذهب تجب فيه الزكاة ، زوجتي لا تعمل وليس لديها مصدر دخل ويجب أن أدفع عنها، وأنا علي ديون فهل يمكن أن تدفع لي زوجتي ما عليها من زكاة لكي أسدد ديوني ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجب على الزوج أن يدفع الزكاة عن زوجته ، لأن الزكاة إنما تجب
على صاحب المال ، وليست الزكاة من النفقة الواجبة للزوجة على زوجها .
ثانيا :
أما إعطاء الزوجة زكاة مالها إلى زوجها فقد ذهب إلى جواز ذلك
كثير من أهل العلم ، واستدلوا بما رواه البخاري (1462) ومسلم (1000) عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لما أمر النساء بالصدقة ، جاءت زينب امرأة عبد الله ابن مسعود وقَالَتْ :
يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي
حُلِيٌّ لِي ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ
أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ . فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، زَوْجُكِ
وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ) .
قال الحافظ :
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ
الْمَرْأَةِ زَكَاتهَا إِلَى زَوْجِهَا , وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَالثَّوْرِيّ
وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ
أَحْمَدَ .
وَيُؤَيِّدُ هذا أَنَّ تَرْكَ الاسْتِْفْصَالِ يُنَزَّلُ
مَنْزِلَة الْعُمُوم , فَلَمَّا ذُكِرَتْ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا عَنْ
تَطَوُّعٍ وَلا وَاجِبٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ : تُجْزِئُ عَنْك فَرْضًا كَانَ أَوْ
تَطَوُّعًا .
ومنع بعض العلماء إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها ، قالوا : لأنه
سينفق عليها منها ، فكأنها أعطت الزكاة لنفسها ، وحملوا هذا الحديث على صدقة التطوع
.
وأجاب اِبْن الْمُنَيِّرِ عن هذا فقال : وَجَوَابه أَنَّ
اِحْتِمَالَ رُجُوع الصَّدَقَة إِلَيْهَا وَاقِع فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا اهـ
بتصرف .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/168-169) :
الصواب جواز دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان من أهل الزكاة .
وربما يستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد
الله بن مسعود رضي الله عنهما : ( زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ
بِهِ عَلَيْهِمْ ) فيمكن أن نقول : هذا يشمل الفريضة والنافلة ، وعلى كل حال إن كان
في الحديث دليل فهو خير ، وإن قيل هو خاص بصدقة التطوع فإننا نقول في تقرير دفع
الزكاة إلى الزوج : الزوج فقير ففيه الوصف الذي يستحق به من الزكاة ، فأين الدليل
على المنع ؟ لأنه إذا وجد السبب ثبت الحكم إلا بدليل وليس هناك دليل لا من القرآن
ولا من السنة على أن المرأة لا تدفع زكاتها لزوجها اهـ باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/62) :
هل يحل أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا ؟
فأجابت : يجوز أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا
دفعا لفقره ، لعموم قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ ) . التوبة/60 اهـ .
ثالثاً :
ما سبق إنما هو في إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها ، وأما إعطاء
الزوج زكاة ماله لزوجته فقد قال ابن المنذر : أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لا
يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ
فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ اهـ .
*****
4322
إذا كان اليهودي والنصراني يوحّد الله ولكن لا يُحكّم القرآن
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >(1/4333)
سؤال رقم 4322- إذا كان اليهودي والنصراني يوحّد الله ولكن لا يُحكّم القرآن
السؤال : إذا كان هناك شخص يهودي أو نصراني يؤمن بالله وأنه لا شريك له ، ويؤمن بالرسل المرسلين من الله عليهم السلام ولكنه لا يحكم بالقرآن مع أنه يؤمن بأنه من عند الله ولكنه يفترض أنه يجوز أن يحكم التوراة الأصلية . فهل هذا يعتبر مسلما ؟
الجواب :
أرسلنا بهذا السؤال إلى شيخنا الشيخ عبد الرحمن
البراك فأجاب بما يلي :
الحمد لله وبعد
فإن من أصول الإيمان : الإيمان بجميع الكتب المنزلة
من عند الله والإيمان بجميع الرسل ويدخل في هذين الأصلين الإيمان بأشرف الكتب
وهو القرآن وأفضل الرسل وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين ورسول الله
إلى الناس أجمعين منذ بعثه الله إلى أن تقوم الساعة فيجب على كل إنسان من جميع
الأمم الإيمان به واتباعه وتحكيم شريعته فمن ادعى الإيمان به وبالقرآن ولم يحكّمه
ولم يلتزم اتباعه في كل ما جاء به ولم يصدّقه في جميع أخباره فليس بمسلم ولا
مؤمن ، وإن مات على ذلك فهو من أصحاب الجحيم ولو ادعى أنه يؤمن بالله وحده لا
شريك له ويؤمن بجميع الرسل فإن الإيمان بالرسول وبالقرآن ليس هو مجرد التصديق
من غير انقياد ولا اتباع ولا تحكيم فإن كثيراً من المشركين كانوا مصدقين للرسول
صلى الله عليه وسلم بقلوبهم بل منهم من هو مصدق بقلبه وبلسانه مثل عمه أبي طالب
، ولم ينفعهم هذا التصديق لمّا أصروا على عدم اتباعه ، وهكذا اليهود والنصارى
كانوا يعرفونه كما يعرفون آباءهم ومنهم من يُظهر تصديقه للرسول صلى الله عليه
وسلم ، فلم تنفعهم هذه المعرفة وهذا التصديق لما أبَوا اتباعه كانوا كفاراً
وأحلّ الله له دماءهم وأموالهم فقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأظهره الله
عليهم وأظهر دينه عل كل الأديان ، قال تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ) . أهـ
فالواجب على كل يهودي أو نصراني أن يدخل في دين
الإسلام الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنّ الرسالة المحمدية
هي الخاتمة والناسخة للديانات السابقة ، قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام
ديناً فلن يقبل منه ) ، وفي الحديث الصحيح : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصْرَانِيٌّ
ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ
النَّارِ . ) رواه مسلم 218 ، وعلى هذا فلا يصح من يهودي ولا نصراني
دين حتى يؤمن بشريعة الإسلام ويلتزم بحكم القرآن الكريم ، فالقرآن مهيمن وناسخ
للكتب السابقة ، والتوراة والإنجيل منسوخة واعتراها التحريف والتبديل . والله
تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن البراك
*****
43252
السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4334)
سؤال رقم 43252- السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده
أنا فتاة مسلمة والحمد لله وقرأت كثيرا وسمعت من العلماء عن حق الزوج على زوجته وكم هو عظيم سمعت أحاديث تشدد من عصيان المرأة لزوجها وإني لأمتثل لأمر الله ورسوله إذا تزوجت بإذن الله تعالى ولكن لدى استفسار إن جاز لي السؤال حيث هو استفسار يدور برأس الكثيرات ويخجلن من ذكره خوفا من اتهامهن بالجهل أو إنكار أمر الله ورسوله وهو ما هو فضل الزوج حتى يستحق كل هذا الحق علينا معشر النساء حتى إنه يفوق حق ؟.
الحمد لله
عظم حق الزوج على زوجته أمر قررته الشريعة ، كما في قوله سبحانه
: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ
عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
وقوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي
تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/34
وقوله صلى الله عليه وسلم "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله
لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي
حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه " رواه ابن ماجه (1853)
وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .
إلى غير ذلك من النصوص .
والحكمة بينها الله تعالى بقوله : ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فهذا تفضيل قضاه
الله عز وجل وحكم به ، لا يسأل سبحانه عما يفعل وهم يسألون ، ثم لما يقوم به الرجل
من الإنفاق على أهله والسعي في طلب رزقهم .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/363) : ( وقوله : " وللرجال
عليهن درجة " أي في الفضيلة في الخَلق والخُلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق
والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة ، كما قال تعالى : " الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " ) . اهـ.
وقال أيضا (1/653) : ( يقول تعالى :
"الرجال قوامون على النساء" أي الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها
والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ، " بما فضل الله بعضهم على بعض" أي لأن الرجال
أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك
الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه
البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا منصب القضاء وغير ذلك ،
"وبما أنفقوا من أموالهم" أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن
في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله
الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها ، كما قال الله تعالى : " وللرجال عليهن درجة" الآية ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "الرجال
قوامون على النساء" يعني أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته
أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله ) اهـ.
وقال البغوي في تفسيره (2/206) : ( بما فضل الله بعضهم على بعض ،
يعني : الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ، وقيل : بالشهادة ، لقوله
تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " وقيل : بالجهاد ، وقيل : بالعبادات
من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح أربعاً ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد
، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ، وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة ).
وقال البيضاوي في تفسيره (2/184): ( " الرجال قوامون على النساء
" يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية ، وعلل ذلك بأمرين، وهبي وكسبي فقال : "بما
فضل الله بعضهم على بعض" بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن
التدبير ، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية
وإقامة الشعائر ، والشهادة في مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها ،
وزيادة السهم في الميراث وبأن الطلاق بيده . "وبما أنفقوا من أموالهم" في نكاحهن
كالمهر والنفقة ) انتهى بتصرف يسير .
والحاصل أن الرجل أعطي القوامة لهذين السببين المذكورين في الآية
، وأحد السببين هبة من الله تعالى ، وهو تفضيل الله الرجال على النساء والآخر يناله
الرجل بكسبه ، وهو إنفاقه المال على زوجته .
والله أعلم .
*****
43268
لا حرج من إعطاء الفدية كلها لمسكين واحد
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/4335)
سؤال رقم 43268- لا حرج من إعطاء الفدية كلها لمسكين واحد
هل يجوز للعاجز عن الصوم أن يطعم مسكينا واحدا لمدة ثلاثين يوما أو يطعم ثلاثين مسكينا في يوم واحد ؟ .
الحمد لله
العاجز عن الصوم عجزا مستمرا يلزمه أن يطعم عن كل يوم أفطره
مسكينا ، لقوله تعالى ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) ، قال ابن عباس رضي
الله عنهما :" ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما
فيطعمان مكان كل يوم مسكينا " رواه البخاري (4505) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"كيفية الإطعام ، له كيفيتان :
الأولى : أن يصنع طعاما فيدعو إليه المساكين ، بحسب الأيام التي
عليه ، كما كان أنس بن مالك يفعله رضي الله عنه لما كبر .
الكيفية الثانية : أن يطعمهم طعاما غير مطبوخ" اهـ الشرح
الممتع (6/335) .
راجع السؤال ( 49944 )
.
وأما إطعام مسكين واحد لمدة ثلاثين يوما ، فقد نص كثير من أهل
العلم على جوازه وهو مذهب الشافعية والحنابلة وجماعة من المالكية ، قال في الإنصاف
(3/291) :" يجوز صرف الإطعام إلى مسكين واحد جملة واحدة " اهـ .
وانظر تحفة المحتاج 3 / 446 ، كشاف القناع 2 / 313 .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/198) :
" متى قال الأطباء أن هذا المرض الذي تشكو منه ، ولا تستطيع معه
الصوم – لا يرجى شفاؤه ، فإن عليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد
من تمر أو غيره ، وإذا عشيت مسكيناً أو غديته بعدد الأيام التي عليك كفى ذلك" اهـ .
وبه تعلم أن إطعام مسكين واحد مدة الثلاثين يوما ، أو جمع ثلاثين
مسكينا على طعام واحد ، جائز .
والله أعلم .
*****
43270
حكم القول بان أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4336)
سؤال رقم 43270- حكم القول بان أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين
هل يجوز أن يقول المسلم أن بعض الكفار أحسن خلقاً من بعض المسلمين ؟ .
الحمد لله
إذا قال إن أخلاق الكفار أفضل من أخلاق المسلمين – بهذا الإطلاق
- فهذا محرم لا شك في ذلك ، بل يستتاب صاحبه ، لأن رأس الأخلاق وأهمها الخلق مع
الله تعالى ، والأدب معه وترك عبادة ما سواه ، وهذا متحقق في المسلمين دون الكافرين
، كما أن فيه تعميما على كل المسلمين ، ولا بد أن يكون منهم من هو قائم بأخلاق الإسلام ، وبشرع الله تعالى .
وإن فضل بعض أخلاق الكفار على أخلاق بعض المسلمين ، فهذا من
الخطأ ، إذ يكفي الكفار سوء خلق ما فعلوه مع ربهم جل وعلا وأنبيائه عليهم الصلاة
والسلام ، فقد سبوا الله تعالى ، وادعوا له الولد ، وقدحوا في أنبيائه وكذبوهم ،
فأي خلق يفيدهم مع الناس إذا كانت أخلاقهم مع ربهم جل وعلا من أسوأ الأخلاق .
ثم كيف نرى أخلاق عشرة أو مائة من الكفار ، ونحكم عليهم بأن
أخلاقهم جيدة ، ونسينا أخلاق أكثرهم من اليهود والنصارى ، فكم غدروا بالمسلمين ،
وكم أفسدوا ديارهم ، وكم فتنوهم عن دينهم ، وكم أضاعوا من ثرواتهم ، وكم مكروا
وتربصوا وتجبروا وطغوا ....
إن خلق بعضهم الجيد لا يساوي شيئا أمام خلق أكثرهم القبيح ، فضلا
على أن خلقهم هذا لا يقصدون منه نفس الخلق ، وإنما يقصدون منه نفع أنفسهم ،
واستقامة أمورهم الدنيوية ، وتحصيل مصالحهم ، في أغلب أحوالهم .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن سائل يعقد مقارنة أو موازنة
بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول : إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ،
وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس
تماما ، فما رأيكم سماحة الشيخ ؟
فأجاب : " هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة ، هؤلاء يدعون
الإسلام ، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من
الكفار ، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله ، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا
الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم ، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين ، فهذه
لمصلحتهم ؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم ، حتى يأخذوا الأموال وحتى
ترغبوا فيهم .
فالواجب عليكم ألا تستقدموا إلا الطيبين من المسلمين ؛ وإذا
رأيتم مسلمين غير مستقيمين فانصحوهم ووجهوهم فإن استقاموا وإلا فردُّوهم إلى بلادهم
واستقدموا غيرهم ، وطالبوا الوكيل الذي يختار لكم أن يختار الناس الطيبين المعروفين
بالأمانة ، المعروفين بالصلاة، المعروفين بالاستقامة؛ لا يستقدم من هبّ ودبّ .
وهذا لا شك أنه من خداع الشيطان، أن يقول لكم : إن هؤلاء الكفار
أحسن من المسلمين ، أو أكثر أمانة ، أو كذا أو كذا ؛ كله لما يعلمه عدو الله وجنوده
من الشر العظيم في استقدام الكفرة واستخدامهم بدل المسلمين ؛ فلهذا يرُغِّب فيهم
ويزين لكم استقدامهم حتى تدعوا المسلمين ، وحتى تستقدموا أعداء الله ، إيثارا
للدنيا على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد بلغني عن بعضهم أنه يقول : إن المسلمين يصلون ويعطلون
الأعمال بالصلاة ، والكفار لا يصلون حتى يأتوا بأعمال أكثر ، وهذا أيضا من جنس ما
قبله ، ومن البلاء العظيم ؛ أن يعيب المسلمين بالصلاة ويستقدم الكفار لأنهم لا
يصلون ، فأين الإيمان ؟ وأين التقوى ؟ وأين خوف الله ؟ أن تعيب إخوانك المسلمين
بالصلاة ! نسأل الله السلامة والعافية . " فتاوى نور على الدرب
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن وصف الكفار بالصدق والأمانة
وحسن العمل ؟
فأجاب بقوله : هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر
والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم ، لكن إذا صحت
هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام ، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك
حسن الأخلاق مع الأجر والثواب . أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرا ماديا
فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم .
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى
الأمر المادي أمرا شرعيا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو
الفارق بين المسلم والكافر .
أما ما زعم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن
صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم
أنكروا حق من حقه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – { إن الشرك لظلم عظيم } . فهؤلاء
مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم ، وكفرهم ، وظلمهم فلا
خير فيهم . مجموع الفتاوى 3
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة
ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها ، وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل
الخراج فقال : لا يستعان بهم في شيء " الفتاوى الكبرى 5/539
وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك : " وتفضيل
الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين فهو ردة وإلا فلا " 2/348
وراجع السؤال رقم ( 13350 ).
*****
43274
ظن أن التعجل من منى هو الخروج منها ولو لم يرمِ !
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4337)
سؤال رقم 43274- ظن أن التعجل من منى هو الخروج منها ولو لم يرمِ !
تعجلنا في الحج وخرجنا من منى قبل الغروب حتى لا نتأخر لليوم الثالث وعدنا بعد الخروج ورمينا بعد الغروب فهل هذا العمل جائز ؟ وهل يشترط للمتعجل أن يرمي قبل غروب اليوم الثاني أم أن الرمي لا علاقة له والمهم هو الخروج قبل غروب الشمس ؟ وماذا علينا إن كنا قد أخطأنا ؟.
الحمد لله
هذا الفهم لمعنى التعجل غير صحيح ، ولا يسمى الحاج متعجلاً إلا
أن يخرج من " منى " قبل غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق بعد أن يكون قد رمى
الجمرات ، ومجرد خروجه من " منى " قبل الغروب لا يكون بذلك متعجلاً إذا لم يرمِ
وخاصة أنه قد رجع إليها بعد الغروب ليرمي الجمرات .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا رمى الحاج جمرات اليوم الثاني عشر بعد الزوال ، ونفر إلى مكة
أو غيرها قبل غروب الشمس لا يلزمه رمي جمرات اليوم الثالث عشر ، ولا يشرع في حقه . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 274 ) .
وفي تفسير قوله تعالى : ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ
مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ
تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ) البقرة/203 ، قال علماء اللجنة
الدائمة :
وأما معنى ما ذكر من الآية : فمن تعجل بالنزول من منى بعد أن بات
ليلتين بها عقب يوم النحر ، وبعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني
عشر : فلا إثم عليه ، ولا يجب عليه دم ؛ لأنه أدى ما وجب عليه ، ومن تأخر بمنى فبات
بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر : فلا إثم عليه ، بل
مبيته بمنى هذه الليلة ورميه الجمرات في يومها أفضل وأعظم أجراً ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم فعل ذلك . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "
( 11 / 267 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان :
أقصر مدة للإقامة بمنى في أيام الحج هي اليوم الحادي عشر والثاني
عشر - يومان بعد العيد - وهذا هو التعجل ، والأكمل أن يبقى اليوم الثالث عشر ، وهذا
هو التأخر ، قال تعالى : ( فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا َإِثْمَ عَلَيْهِ
وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى ) البقرة/203 .
فالتعجل معناه : أن يخرج وينفر من منى بعد رمي الجمرات في اليوم
الثاني عشر بعد الزوال من قبل غروب الشمس ،هذا التعجل ، وإذا أدركه الغروب ولم يرحل
من منى فإنه يتعين عليه المبيت فيها ليلة الثالث عشر والرمي في اليوم الثالث عشر
بعد الظهر ، والله أعلم . فتوى رقم ( 16386 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
حاج ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ظانا أن هذا هو التعجيل وترك
المبيت بمنى وطواف الوداع جاهلا ؟
فأجاب :
حجك صحيح ، لأنك لم تترك فيه ركنا ، من أركان الحج لكنك تركت فيه
ثلاثة واجبات الواجب الأول : المبيت بمنى ليلة الثالث عشر ، والواجب الثاني : رمي
الجمرات في اليوم الثاني عشر ، والواجب الثالث : طواف الوداع ، والواجب عند أهل
العلم إذا تركه الإنسان في الحج عليه دم ، يذبحه بمكة ويفرقه على الفقراء لكن ترك
المبيت بمنى ليلة واحدة لا يوجب الدم ، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إخواني الحجاج
على هذا الخطأ الذي ارتكبه أخونا السائل ، فإن كثيرا من الحجاج يفهمون من قوله
تعالى { فمن تعجل في يومين } أي خرج في اليوم الحادي عشر ، يعتبرون اليومين يوم
العيد واليوم الحادي عشر ، والأمر ليس كذلك بل هذا خطأ في الفهم ، لأن الله تعالى
قال : { واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه } والأيام
المعدودات هي أيام التشريق وأيام التشريق أولها اليوم الحادي عشر وعلى هذا فيكون
قوله تعالى { فمن تعجل في يومين } أي من أيام التشريق وهو اليوم الثاني عشر فينبغي
أن يصحح الإنسان مفهومه نحو هذه المسألة حتى لا يخطئ . " فتاوى الحج " (
السؤال رقم 40 ) .
والله أعلم .
*****
43289
عورة المرأة أمام أطفالها
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4338)
سؤال رقم 43289- عورة المرأة أمام أطفالها
عندي طفل عمره 11 شهراً ، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه ، فهل يجوز ذلك ؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه ؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه ، أفيدوني أفادكم الله .
الحمد لله
الطفل إذا كان يعقل العورة ، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه ، أما إذا كان لا يعقل لصغره ، فإن هذا جائز ، ويظهر لي أن من
عمره أحد عشر شهراً لا يعقل ، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني ، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر
في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه .
د. خالد بن علي المشيقح .
*****
4329
اتهام المسلم بشرب الخمر
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4339)
سؤال رقم 4329- اتهام المسلم بشرب الخمر
السؤال :
ما حكم المسلم الذي يفتري كذبا على إخوته المسلمين كأن يقول فلان يشرب الخمر أو شيئا من هذا القبيل ؟
الجواب:
الحمد لله
اتهام المسلم بأمر منكر بدون دليل من الكبائر التي تستوجب العقوبة والتعزير والتحدث به بين الناس من الغيبة التي حرمها الله وشبهها بمن يأكل لحم أخيه ميتاً قال تعالى : (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) الحجرات 12 وقال سبحانه : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) النور 19 ، فمن وقع في عرض أخيه أو اتهمه بأمر منكر فعليه أن يتوب إلى الله ، ويستسمح أخاه ، ويجتنب الخوض في كل ما يسيء إلى المسلم ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) ( رواه البخاري 11/256 ومسلم برقم 47 ) وعن أبي ذر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يرمي رجل رجلاً بالفسق أو الكفر إلا ارتد عليه ، إن لم يكن صاحبه كذلك ) رواه البخاري 10/388 ، واتهام المسلم بشرب الخمر اتهام بالفسق ، فمن اتهم أخاه بما ليس فيه ابتلاه الله بمثل ما ابتلى به أخاه ، وقد أتي برجل عند عبد الله بن عباس فقيل له : (هذا فلان تقطر لحيته خمراً فقال : إنّا قد نُهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به ) رواه أبو داود 4890 وقال حديث حسن صحيح .
فلا يجوز للمسلم أن يتجسس على أخيه المسلم ولا أن يتتبع عوراته ، ولو رآه مصادفة في مكان مشبوه وظهر له من تصرفه ما يريب فلا يتهمه حتى يرى بأم عينه فعله للمنكر ، وعليه أن ينصحه وينبهه فإن أبى وخشي على المسلمين منه أو سُئل عنه لمصلحة فله أن يبين ذلك لأصحاب العلاقة ولا يجوز التشهير به إلا إذا جاهر بالمنكر لأن ذلك يعين الشيطان عليه ويحول بينه وبين التوبة . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43305
بعض كتب الردود على شبه الرافضة
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
سؤال رقم 43305: بعض كتب الردود على شبه الرافضة
لقد قرأت كتاب كشف الحقائق للشيعي علي محسن فهل هناك رد على ما به من شبهات في حق منهج أهل السنة .
الحمد لله
لا أعلم كتابا معينا رد فيه على كشف الحقائق ، لكن اطلعت على
فهرسة الكتاب ، فوجدت أن أغلب تلك الشبهات مكررة ، وقد رد عليها أهل السنة في
العديد من الكتب والمؤلفات ، ومن تلك الكتب :
1- بل ضللت ، لخالد العسقلاني .
2- الشيعة وأهل البيت ، والشيعة والقرآن ، الشيعة وأهل السنة ،
بين الشيعة والسنة كلها لإحسان إلهي ظهير .
3- كشف الجاني- محمد التيجاني في كتبه الأربعة ، للشيخ عثمان
الخميس .
*****
43307
نسيت أن تغتسل من الجنابة حتى غربت الشمس
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/4340)
سؤال رقم 43307- نسيت أن تغتسل من الجنابة حتى غربت الشمس
ما حكم الإسلام في امرأة نسيت أن تتطهر من الجنابة في يوم من أيام شهر رمضان ؟ مع ملاحظه أن الجماع قد حدث قبل أذان الفجر لكنها نسيت أن تتطهر قبل المغرب .
الحمد لله
إذا أصبح الصائم جنبا من احتلام أو جماع فلا شيء عليه ، طالما أن
الجماع قد حصل قبل أذان الفجر ، ويدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كان
يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم - أي احتلام - فيغتسل ويصوم ) رواه
البخاري (1926) ، ومسلم (1109) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ] .
وعلى هذا فصيامك ذلك اليوم صحيح ، لكن كان الواجب عليك المبادرة
إلى الاغتسال ، لأن عليك صلوات لا بد أن تُصَلِّى في وقتها ولا يجوز تأخيرها .
والصلاة في الإسلام شأنها عظيم ، فهي أعظم وآكد من الصيام
والزكاة و الحجّ وسائر العبادات ، فينبغي أن يكون اهتمام المسلم بها على قدر
منزلتها .
ولذلك فإن المتكاسل عن أداء الصلاة على خطر عظيم ، حتى ذهب بعض
أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى خرج وقتها .
وورد في الترهيب من ترك الصلاة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ) رواه
البخاري (553)
وانظري لمعرفة شرحه السؤال رقم : ( 49698 )
فعلى السائلة أن تتوب إلى الله من تركها الصلاة وتكاسلها عن
أدائها في وقتها ، والله تعالى يتوب على من تاب ، ويغفر لمن رجع إليه وأناب .
والله تعالى أعلم .
وانظري للمزيد من الفائدة السؤال رقم ( 21806 ) ، والله أعلم .
*****
43314
كيف يحتمل الناس دنو الشمس يوم القيامة
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4341)
سؤال رقم 43314- كيف يحتمل الناس دنو الشمس يوم القيامة
كيف تدنو الشمس يوم القيامة من الخلائق مقدار ميل ولا تحرقهم وهي لو دنت عما هي عليه الآن في الدنيا لاحترقت الأرض ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إن وظيفة المؤمن فيما ورد من أخبار الغيب القبول والتسليم وأن لا يسأل عنها بكيف ؟ ولم؟ – وهذه قاعدة يجب أن تبنى عليها عقيدتنا – لأن
هذا أمر فوق ما تتصوره أنت ، فالواجب عليك أن تقبل وتسلم وتقول : آمنا وصدقنا ، آمنا بأن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بمقدار ميل ، وما زاد على ذلك
من الإيرادات فهو من البدع ، ولهذا لما سئل الإمام مالك- رحمه الله – عن استواء الله على العرش كيف استوى ؟ قال : " السؤال عنه بدعة " هكذا أيضاً كل أمور
الغيب السؤال عنها بدعة وموقف الإنسان منها القبول والتسليم .
جواب الشق الثاني بالنسبة لدنو الشمس من الخلائق يوم القيامة فإننا نقول :
إن الأجسام تبعث يوم القيامة لا على الصفة التي عليها في الدنيا من النقص وعدم التحمل بل هي تبعث بعثاً كاملاً تاماً ، ولهذا يقف الناس
يوم القيامة يوماً مقداره خمسون ألف سنة لا يأكلون ولا يشربون ، وهذا أمر لا يحتمل في الدنيا ، فتدنو الشمس منهم وأجسامهم قد أعطيت من القوة ما يتحمل دنوها
، ومن ذلك ما ذكرناه من الوقوف خمسين ألف سنة لا يحتاجون إلى طعام ولا شراب ، فالأجسام يوم القيامة لها شأن آخر غير شأنها في هذه الدنيا "
انتهى من مجموع فتاوى بن عثيمين 2/35 .
*****
4332
ابنة جده وهي زوجة عمه
الفقه > معاملات > النكاح > المحارم >(1/4342)
سؤال رقم 4332- ابنة جده وهي زوجة عمه
السؤال :
هل أُعتبر محرما لزوجة عمي بعد طلاقها وهي في الأصل ابنة جدي ؟
جزاك الله خيرا
الجواب:
الحمد لله
ابنة جدك لا بد أن تكون خالتك أو عمتك فإن كانت ابنة جدك أبي أبيك فهي عمتك وإن كانت إبنة جدك أبي أمك فهي خالتك ، وإذا كانت خالتك أخت أمك - أو عمتك أخت أبيك فأنت محرم لها . سواء أكانت زوجة لعمك أم لا . والظاهر من السؤال أنها ابنة جدك من قبل الأم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43322
من هم النواصب وما هو حكمهم
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4343)
سؤال رقم 43322- من هم النواصب وما هو حكمهم
أود أن تعريف المصطلحات التالية :
1- ما هو تعريف الناصبي ؟
2- وما هو حكمه ؟ هل مسلم أو كافر أو ضال أو مبتدع ؟
3- هل من بعض المصادر التي تكلمت عن النصب .. ؟.
الحمد لله
فالنصب لغة : إقامة الشيء ورَفعِهِ ، ومنه ناصِبَةُ الشرِّ
والحرب . ( مختار الصحاح 1 / 275 )
وفي القاموس : " النواصب والناصبة وأهل النصب المتدينون بِبُغض
علي - رضي الله عنه - ؛ لأنهم نصبوا له ، أي عادوه " .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " النواصب ، هم الذين ينصبون
العداء لآل البيت ، ويقدحون فيهم ، ويسبونهم ، فهم على النقيض من الروافض " ( شرح الواسطية 2 / 283 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة :"
ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول
الله صلى الله عليه وسلم ..... ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة
ويسبونهم ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ويمسكون عما شجر
بين الصحابة " (العقيدة الواسطية مجموع الفتاوى 3 / 154 )
فالنواصب هم الذين عادوا أهل البيت ، لاسيما عليّاً رضي الله عنه
فمنهم من يسبُّه ومنهم من يفسِّقه ومنهم من يكفره ،كما أشار لذلك شيخ الإسلام (منهاج السنة7/339) .
ومن أشهر الطوائف التي تبنت منهج النصب الخوارج الذين خرجوا على
عليٍّ رضي الله عنه وكفروه ، وجمعوا إلى ذلك بدعا أخرى .
ولا شك أن النصب وبغض أهل البيت أو غيرهم من الصحابة بدعة من
البدع العظيمة التي تؤدي للطعن في هذا الدين الذي نقل إلينا عن طريق الصحابة من أهل
البيت وغيرهم .
أما تكفيرهم فهذا يختلف باختلاف نوع بغضهم للصحابة وبواعثه ،
وخلاصة القول فيه أنه إن كان بغضهم لأمر دنيوي فلا يوقع في الكفر والنفاق ، وإن كان
لأمر ديني باعتبار كونهم أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فهذا كفر ، وما
تردد بين ذلك فهو محل خلاف في الجملة ، وراجع في تفصيل ذلك الأدلة والنقول الموجودة
في السؤال ( 45563 ) .
أما حكم الخوارج ـ وهم ممن تبنى منهج الرفض ، وجمعوا إليه تكفير
الصحابة وتكفير صاحب الكبيرة وغير ذلك من البدع ـ ، ففيه خلاف بين العلماء ، قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم وإنما تنازعوا
في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد ، وفى مذهب الشافعي أيضا نزاع في
كفرهم ، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى
أحدهما : أنهم بغاة ، والثاني : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم
ابتداء وقتل أسيرهم وإتباع مدبرهم ، ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد فإن تاب وإلا
قتل "
( مجموع الفتاوى 28 / 518 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما تكفيرهم وتخليدهم ففيه أيضا
للعلماء قولان مشهوران وهم روايتان عن أحمد ، والقولان في الخوارج والمارقين من
الحرورية والرافضة ونحوهم ، والصحيح أن هذه الأقوال التي يقولونها التي يعلم أنها
مخالفة لما جاء به الرسول كفر ، وكذلك أفعالهم التي هي من جنس أفعال الكفار
بالمسلمين هي كفر أيضا ، وقد ذكرت دلائل ذلك في غير هذا الموضع . لكن تكفير الواحد
المعين منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه ،
فإنا نطلق القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ولا نحكم للمعين بدخوله في
ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له وقد بسطت هذه القاعدة في ( قاعدة
التكفير)" ( مجموع الفتاوى 28/500 ) ، والله أعلم .
وينبغي أن تعلم أخي السائل أن الروافض الذين يغلون في حق علي رضي
الله عنه وآل البيت ويسبون الصحابة ويكفرونهم ، كثيرا ما يستخدمون في كتبهم التهمة
بمنهج النصب في حق من خالفهم في باطلهم ويعنون بالناصبة أهل السنة والجماعة وذلك
للتنفير منهم لمخالفتهم لهم في منهجهم الباطل ولموافقتهم لمنهج الحق . قال شيخ
الإسلام ابن تيمية ( وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين ويتكلمون بعلم وعدل ليسو
من أهل الجهل ولا من أهل الأهواء ويتبرءون من طريقة الروافض والنواصب جميعا ويتولون
السابقين والأولين كلهم ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل البيت
التي شرعها الله ... ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين فيعلمون أن لأبي بكر
وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيها أحد من الصحابة ... ) منهاج
السنة2/71 .
وبناءً على هذا فلا بد من معرفة من يطلق هذا الوصف ومن الذين
يعنيهم به حتى لا يقع المرء في رد الحق بسبب وصم المبطلين لأهل الحق بما ليس فيهم ؛
إذ من سمات أهل البدعة الوقيعة في أهل السنة ولمزهم بالأوصاف المنفرة . والعبرة بما
وافق الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة مهما حاول أهل الباطل تشويهه .
ومن الكتب التي تكلمت عن النواصب وردت عليهم وعلى مقابليهم في
البدعة الروافض كتاب منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية فيمكنك مراجعته أو مراجعة
بعض مختصراته .
نسأل الله أن يلهمنا وإياك اتباع كتابه وسنة نبيه صلَّى الله
عليه وسلَّم وأن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .
*****
4334
كيف تعامل زوجة أخيها سيئة الخلق
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >(1/4344)
سؤال رقم 4334- كيف تعامل زوجة أخيها سيئة الخلق
السؤال :
لي زوجة أخ لا تحترم أحد أبدا وتسكن معنا في البيت فهل لي أن أقول لها شيئا يغير من طباعها ؟ وإذا لم تستمع لي فماذا افعل ؟ هل أسلم عليها ؟
الجواب:
الحمد لله
الكلمة الطيبة تفتح مغاليق القلوب وتزيل الغشاوة عنها وتصفي النفوس ، والتسامح والعفو والنصح يعيد المودة بين الناس ، وحين يبذل المرء الكلمة الطيبة ويتغاضى عن الإساءة يكبر في عيون الناس ويجعل المسيء يعتذر عن إساءته أو يتوقف عن التمادي فيها . ولاشك أن بعض الناس قد اختار طريقاً في التعامل مع الآخرين لا يحب - هو نفسه - أن يعامله به أحد ويظن أن القوة والمواجهة والتحدي هو الذي يجعل الناس يحترمونه ، ومع اندفاعه واستمراره في ارتكاب الخطأ ونظراً لما يواجهه من نقد شديد وتوجيه جارح يتيه في دوامة الحقد وثورة الانتقام فلا يدري الصواب من الخطأ والحق من الباطل ويقف المرء عاجزاً عن توجيهه ونصحه فأي كلمة تعني له بدء المواجهة ، واستمرار العداوة ، فهو في موقع الرصد والتربص ، فالأسلم هنا أن نجعل بين هذا الشخص وبين تعاملنا معه وقفة مراجعة نعتزله فيها فترة وجيزة نحاول فيها أن نبدد مخاوفه من المواجهة والنقد والمحاسبة ونزرع الكلمة الطيبة والطمأنينة والابتسامة ونشعره بالصفح والمودة ، قال الله تعالى : (ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) ولا نعني بالعزلة أن نقطع كل الروابط ونمتنع عن رد السلام والحديث معه ، وإنما نجتنب الاحتكاك والخلطة به حتى نجد فرصة سانحة تكون فيها النفس مستعدة لتقبل النصح والتوجيه فنبدأ بذكر محاسنه وما نرجوه له من الخير وما نأمله منه ثم نضع النصيحة في أسلوب مهذب محبب لا يجرح ولا يقدح ولا يُمل ونحتسب ذلك عند الله ونصبر ونسامح ونعطي من أخلاقنا وحسن تعاملنا صورة يقتدي بها من نود نصحه وتوجيهه . ولنستمع إلى توجيه الحقّ سبحانه لرسوله ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )
فالاندفاع في التوبيخ والتجريح والنقد وعدم اختيار الوقت المناسب غالباً ما يأتي بنتائج عكسية والتواضع ولين الجانب يزيل الحواجز ويمنع التعدي والخصومة ، ففي الحديث الصحيح عن عياض رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ، ولا يفخر أحد على أحد ) رواه مسلم 2865 .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43347
أريد أن تعود علاقة زوجي معي كما كانت
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4345)
سؤال رقم 43347- أريد أن تعود علاقة زوجي معي كما كانت
أنا في محنة لا يعلمها إلا ربي سبحانه وتعالى ومشكلتي باني أعاني من سوء معاملة زوجي لي ويخونني ولا يعرف ربه ، وقد حدث هذا التغيير الكلي منذ ثلاث سنوات وقد استحملت طول هذه المدة من أجل أولادي وعلى أمل أن يتغير فقد كنت اعتقد أن أمه أثرت عليه ، فأمه كانت تذمني باستمرار من ورائي مع أنني كنت أحسن معاملتها واحترمها وأراعيها ولكنها كانت تحس بالغيرة من حب زوجي لي ، وكنت اشعر بذلك بالرغم أنها أمامي تظهر لي الحب لأني كنت أحسن معاملتها وهذا حدث قبل ثلاث سنوات عندما جلست معنا في البيت لمدة خمسة أشهر بعد وفاة زوجها وتركتنا بعد سفرنا للخارج للعمل ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني أشد المعاناة .
فلم يعد زوجي هو زوجي الذي أعرفه .أرجوك يا شيخ ساعدني فأنا لا اعلم ماذا أفعل أكثر لكي أرجعه معي كما كان . وأختي تؤكد لي بأنه مسحور وليس بعقله فهل هذا معقول وإذا كان كذلك ماذا افعل ؟ أرجو أن تفيدني فأنا لا أريد الطلاق ولا أريد أن ألجأ إلى المشعوذين فأختي قالت لي بان هناك رجل دين يتعامل بالقرآن وطلبت مني أن أعطيها ، صورتي وصورة زوجي ولكني خفت لكي لا أغضب الله . فهل هذا يجوز؟ وما العمل في هذه الحالة ؟ أرجوك يا شيخ ساعدني فأنا في حاله يرثى لها . أرجو أن تجاوبني بسرعة ، وأنا الجأ إليك بعد الله تعالى عسى ربي يفرج عنى مما أنا فيه . وفرج الله عنك كل ضيق وجزاك الله كل خير آمين .
الحمد لله
اعلمي أختي السائلة أن من حكمة الله تعالى في عباده أن يبتليهم
بالخير والشر ليعلم من يطيعه سبحانه في كل أحواله ممن يطيعه في حال دون حال ، قال
تعالى: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/2 ، وقال : (
وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء/35
ومن أنواع البلاء أن يبتلي أحد الزوجين بالآخر في سوء العشرة
ونحوها لأي سبب كان ، وعليه فإن كان ما تذكرينه صحيحا من أن زوجك قد أصيب بسحر أو
حسد قوي ، ولا شك أن السحر والعين لهما تأثير ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( العين حق ) رواه البخاري برقم 5408 ، ومسلم برقم 2187 ،
فعليك اتباع ما يلي :
أولا : أكثري من ذكر الله والاستغفار ، وسؤال الله تعالى أن يشفي
زوجك ، وأن يعيده لك كما كان ، ولا يرد القضاء إلا الدعاء .
ثانيا : راجعي نفسك وطريقة معاملتك مع زوجك ، فقد تكوني أنت التي
تغيرت عليه وأنت لا تشعرين ، فكوني له خير امرأة وزوجة ، وخير معين بعد الله تعالى
، وقفي معه في هذه المحنة ، وكوني سنده بعد الله تعالى .
ثالثاً : لا تذهبي إلى ذلك الذي يزعم أنه رجل دين ، فإن طلبه
لصوركما من مثل أعمال الكهنة والمشعوذين . ( راجعي سؤال رقم ( 21124 )
رابعاً : لا حرج في أن تذهبي بزوجك إلى أحد المشايخ الموثوقين ،
الذين يعالجون بالقرآن الكريم والأدعية النبوية ، كما إنه يمكنك أن تقرئي على ماء
وتسقي منه زوجك ، وترقيه كل يوم ، وتقرئي سورة البقرة في البيت ، وللمزيد راجعي في
فك السحر وطرقه الأسئلة :
( 11290 ، 4010 ، 13792 ، 21124 ، 12198 ، 8291 ، 20954 ) ، وفي الوقاية
من السحر ( 2662 ، 22816 ) ، وفي أنواع
السحر ( 12578 ، 9432 ، 240 ) .
سادسا : على افتراض أن ما أصاب زوجك ليس سحرا ولا حسدا ، فاجلسي
معه جلسة مصارحة ، وأخبريه بما تحسين به وتشعرين ، واتفقا على أن تعودا لبعضكما كما
كنتما .
سابعا : يمكنك أن توسطي بعض المصلحين – لاسيما الثقات من الأقارب
- ، لبحث هذه المشكلة ، والنظر فيها ، وفي ماهيتها ، وأسبابها ، ومحاولة علاجها .
وننصحك أخيرا بأن توازني بين حسنات زوجك وسيئاته وألا يغيب عن
بالك ما عنده من صفات حسنة ومن إحسان إليك ، من أجل أن يدعوك ذلك للسعي لإصلاحه
وإعادته إلى طريق الحق والصواب في تدينه وعلاقته بربه أولا ثم في علاقته معك .
يسر الله أمرك ، وأسعد زوجك بطاعته وأسعدك به ، والله أعلم .
*****
43355
لا ينتقض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بالنوم
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4346)
سؤال رقم 43355- لا ينتقض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بالنوم
ما الدليل على أن النوم يبطل الوضوء ؟ وكيف يفسر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر بعد نومه بدون وضوء في حديث قيام الليل مع ابن عباس رضي الله عنه ؟.
الحمد لله
أولاً :
أما الدليل على أن النوم ناقض للوضوء ، فقد ثبت في ذلك حديث
صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ
أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ
وَنَوْمٍ ) رواه الترمذي (89) وحسنه الألباني , فذكر النوم
من نواقض الوضوء .
وقد سبق في جواب السؤال ( 36889 )
بيان اختلاف العلماء في نقض الوضوء بالنوم ، وبيان أن الراجح : أن النوم ينقض
الوضوء إذا كان مستغرقاً ، أما النوم اليسير فلا ينقض الوضوء .
ثانياً :
وأما حديث ابن عباس الذي أشار إليه السائل فقد رواه البخاري
(698) ومسلم (763) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نِمْتُ
عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا
تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي ، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ
، فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ،
ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ، ثُمَّ أَتَاهُ
الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ .
فقد نام النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام يصلي ولم يتوضأ ، وذكر
أهل العلم أن هذا الحكم ( عدم نقض الوضوء بالنوم ) خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم
، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، فإذا حدث لشعر
بذلك .
قال النووي :
"قَوْله : ( ثُمَّ اِضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَقَامَ
فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) هَذَا مِنْ خَصَائِصه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّ نَوْمه مُضْطَجِعًا لا يَنْقُض الْوُضُوء ; لأَنَّ عَيْنَيْهِ
تَنَامَانِ وَلا يَنَام قَلْبه , فَلَوْ خَرَجَ حَدَث لأَحَسَّ بِهِ ، بِخِلافِ
غَيْره مِنْ النَّاس " انتهى .
وقال الحافظ :
" قَوْله : ( فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ ) كَانَ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَام عَيْنه وَلا يَنَام قَلْبه فَلَوْ أَحْدَثَ لَعَلِمَ
بِذَلِكَ , وَلِهَذَا كَانَ رُبَّمَا تَوَضَّأَ إِذَا قَامَ مِنْ النَّوْم
وَرُبَّمَا لَمْ يَتَوَضَّأ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَإِنَّمَا مُنِعَ قَلْبه
النَّوْم لِيَعِيَ الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيه فِي مَنَامه " انتهى .
وروى البخاري (3569) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تَنَامُ عَيْنِي ، وَلا يَنَامُ قَلْبِي ) . ورواه أحمد (7369) عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وانظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" للألباني (696) .
وروى ابن ماجه (474) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ :
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنَامُ حَتَّى يَنْفُخَ
، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأُ . صححه الألباني في صحيح ابن
ماجه .
قال السندي في "حاشية ابن ماجه" :
" قَوْله ( حَتَّى يَنْفُخ ) هو الصوت الذي يُسْمَع مِنْ
النَّائِم .
قَوْله ( فَيُصَلِّي وَلا يَتَوَضَّأ ) لأَنَّهُ تَنَام عَيْنه
وَلا يَنَام قَلْبه ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا فِي الصِّحَاح ، فَنَوْمه غَيْر
نَاقِض ، لأَنَّ النَّوْم إِنَّمَا يَنْقَضِ الْوُضُوء لَمَّا خِيفَ عَلَى صَاحِبه
مِنْ خُرُوج شَيْء مِنْهُ وَهُوَ لا يَعْقِل ، وَلا يَتَحَقَّق ذَلِكَ فِيمَنْ لا
يَنَام قَلْبه ، ثم قال : فلا يَنْبَغِي ذِكْر أَحَادِيث نَوْمه صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَاب أَصْلا ( يعني باب نقض الوضوء بالنوم ) إِلا
مَعَ بَيَان أَنَّهُ كَانَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْحُكْم ، فَلْيُتَأَمَّلْ " انتهى باختصار .
*****
4337
الدعاء في الصلاة بغير العربية
الفقه > عبادات > الصلاة > القراءة في الصلاة >
سؤال رقم 4337: الدعاء في الصلاة بغير العربية
السؤال :
أنا لا أتحدث العربية وأريد أن أدعو حين الصلاة ، مثلا في صلاة التهجد حينما يكون السجود طويلا هل يجوز لي أن أدعو بلغتي حتى أتعلم العربية ؟.
الجواب :
الحمد لله
نعم يجوز أن يدعي بغير العربية لمن لا يستطيع أن
يتكلم بها لكن على المسلم أن يتعلم من العربية ما يصحح عبادته . والله أعلم
الشيخ عبد الكريم الخضير
*****
43396
نذر صيام كل اثنين وخميس ولم يصم لمدة سنوات
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4347)
سؤال رقم 43396- نذر صيام كل اثنين وخميس ولم يصم لمدة سنوات
قبل 12 سنة قد نذرت أنه إذا نجحت من الصف الثالث ثانوي بتفوق ، أن أصوم كل يوم اثنين وخميس . فطوال الفترة الماضية لم أكن مواظبا على الصيام ، وفي ال 3 أشهر الماضية بدأت أواظب عليها .
فما الحكم في الأيام التي لم أصمها ؟ وما الحكم في بعض الأيام التي أكون فيها مدعوا على الغداء عند والدي أو غيره ، هل أصوم ذلك اليوم أو أفطر؟ .
الحمد لله
أولاً : ينبغي التنبه إلى أن النذر مكروه لحديث أبي هريرة - رضي
الله عنه - مرفوعا :
( لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا ، وإنما يستخرج به
من البخيل ) رواه البخاري (6609) ومسلم (1640) واللفظ لمسلم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه نهى عن النذر
وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ) رواه مسلم (1639) وقد يلزم الإنسان نفسه بنذر ثم لا يفي به ، فيُوقِع نفسه في الحرج
ويعرض نفسه للإثم .
والتهاون في النذر أمره خطير ، ويخشى على صاحبه أن يدخل في قوله
تعالى )وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ
لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِين * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ
فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ* فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً
فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ
وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ) التوبة / 75-77 ، وانظر في خطر التهاون في النذر السؤال رقم ( 42178 )
أما بخصوص السؤال ، فإن النذر الذي نذرته هو من النذر الواجب ،
الذي يجب عليك أن تفي به لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ
نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا
يَعْصِهِ ) رواه البخاري (6696)
وعليه فيلزمك الوفاء بالنذر ، وأما الأيام التي أفطرتها فيجب
عليك قضاؤها ، وعليك مع ذلك كفارة يمين ، وتكفيك كفارة واحدة للأيام التي أفطرتها .
قال ابن قدامة في المغني : (13/648) فيمن نذر أن يصوم كل خميس
أبداً ثم أفطر عدة أيام : ( يقضي نذره ويكفِّر ... , وإن فاتته أيام كثيرة لزمته
كفارة واحدة عن الجميع فإذا كَفَّر ثم فاته شيء بعد ذلك لزمته كفارة ثانية . نصّ
عليه أحمد . اهـ .
ودعوتك على الغذاء لا تعتبر عذراً يبيح لك الإفطار وعدم الوفاء
بالنذر ، ولك أن تخبرهم بنذرك حتى يكون لك عذر عندهم في عدم الحضور . والله أعلم
للمزيد انظر ( 36800 ، 38934 ) .
*****
4342
أكل السمك المقلي في زيت يستعمل لقلي لحوم أخرى
الفقه > عادات > الأطعمة >(1/4348)
سؤال رقم 4342- أكل السمك المقلي في زيت يستعمل لقلي لحوم أخرى
السؤال : في أغلب المطاعم في الغرب يقلون السمك والبطاطس في مقلاة كبيرة مملوءة بالزيت .
هل يجوز لنا أن نأكل سمكا أو بطاطس مقلي بزيت كان يستعمل لقلي لحماً غير حلال أو ربما خنزير؟
هل يجب أن نسأل صاحب المطعم هل قلى شيئا آخر في ذلك الزيت أم لا ؟ أم نأكل بدون سؤال .
هذه مشكلة يومية تواجه المسلمين الذين يعيشون في الغرب . جزاك الله خيراً
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
ما دمنا نعلم أن أكثر ما يقلى بها الشيء النجس من ميتة أو خنزير فلا بد أن نسأل ، وأما إذا كنا لا ندري هل الأكثر أن يقلى بها الشيء النجس أو غيره فلا يجب السؤال . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4347
توكيل جمعية خيرية بإخراج كفارة اليمين
الفقه > معاملات > الوكالة >
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4349)
سؤال رقم 4347- توكيل جمعية خيرية بإخراج كفارة اليمين
سؤالي عن الكفارة التي وردت في آية 89 من سورة المائدة أن الحنث باليمين يجب أن يكفر عنه بإطعام 10 مساكين من أوسط ما نطعم أهلينا أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو الصيام إذا لم يكن أي من هذه متوفر.
هل إرسال المال إلى جمعية خيرية تساعد المسلمين في أنحاء العالم يفي بهذا ؟ إذا علمنا أنه لا يوجد أي قسم من هذا المال يذهب كمصاريف إدارية أو بريد أو أي شيء آخر حيث أن المال الذي يصل يكفي لإطعام العشرة كما أن الأشخاص الذين يأخذون المال لإيصاله من ذوو السمعة الحسنة فهل هذا يجوز ؟
إذا كان هذا لا يجوز من هو الشخص الذي يعتبر فقيرا أو مسكينا لإطعامه ؟.
الحمد لله
إذا لم يوجد الفقير المستحق للزكاة في البلد الذي
أنت فيه فإنه لا بأس بنقل الكفارة إلى بلد آخر بواسطة ثقة أو جمعية موثوقة كوكيل
للدافع على أن تصل إلى مستحقيها مما ذكر في الآية من خصال الكفارة المنصوص عليها
أما دفع المال بدل ما نُص عليه فإنه لا يجزئ ، والشخص الذي يعتبر فقيراً أو مسكيناً
فإنه من لا يجد كفايته من الضروريات.
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43476
يعيش في مشاكل بسبب زوجته الثانية ويخشى على ابنته
الفقه > معاملات > الحضانة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4350)
سؤال رقم 43476- يعيش في مشاكل بسبب زوجته الثانية ويخشى على ابنته
سأقدر لك كثيرا إرشادي فيما يتعلق بالموضوع أدناه وفقا لأحكام الشريعة وقيمها :
إذا كانت الزوجة (الثانية) تتلاعب في وثائق وترفع على زوجها القضية تلو القضية فيما يتعلق بالمهر والنفقة .. الخ، وتسئ إليه خلف ظهره وهي تعيش مع والدتها. فما هو الحكم في هذه الزوجة ؟ (لقد حاولت التصالح معها لكن ذلك لم يفد، وطلاقي لها هذه المرة ستكون الثالثة لكنها لا تبالي. فهي لا تريد غير المال.) لقد رفعت قضية طلاق في المحكمة . فهل يعتبر ذلك خلعا . وإن لم يكن كذلك ، فلمن تكون الحضانة على الطفلة ؟ أنا لا أريد أن أذكر مساوئها ، لكني أشرح بعض الحقائق . فهي لا تهتم وتعيش بطريقة غير جيدة بما يتناسب مع قيامها بتربية الطفلة . فمستوى تعليمها الرسمي وغير الرسمي منخفض . وستؤثر طريقتها على شخصية الصغيرة مستقبلا . والأهم من ذلك، أنها أخبرتني في اتصال لها عبر الهاتف أنها ستجعل من طفلتي شخصا سيئا . وحتى ننقذ الصغيرة ، فمن الذي يجب أن تكون عنده حضانتها ؟ ومع أنها تعمل وتكتسب المال ، فإن المال ليس كل شيء في الحياة ، فالحياة تعني القيم ، كالعيش بقيم اجتماعية وأخلاقية ودينية عالية . ومن وجهة النظر المتعلقة بالقيم الواردة أعلاه ، فإن والدتها ليست قوية جدا .
وعندما تذهب للعمل ، فإن والدة زوجتي ستقوم بالاعتناء بالصغيرة . وأمها أمية ، وقد سمعتها مصادفة تتلفظ بكلمات سيئة على طفلتنا. فكيف يمكنها تربيتها .. الخ ؟ وحسب التعاليم الإسلامية ، فهل يجوز أن يسمح لشخص آخر في العائلة أن يعتني بالصغير بدلا عن الوالد ؟ من هو الشخص الأكثر تعليما وعنده معايير عالية للدين والقيم الأخرى . ومن هو الأكثر مسؤولية في المجتمع ؟ أظن أنه يمكنني أن أجعل من طفلتي إنسانة صالحة صاحبة قيم اجتماعية وأخلاقية ودينية عالية .
الحمد لله
الأصل في الطلاق أنه مكروه ، ويدل لذلك قوله تعالى { للذين يؤلون
من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله
سميع عليم } فقال في الفيئة { غفور رحيم } وقال في الطلاق { سميع عليم } وهذا فيه
شيء من التهديد ، فدل هذا على أن الطلاق مكروه عند الله تعالى .
ولكن قد تعرض حالات أخرى تجعل الطلاق أمرا لابد منه ، بل قد يصل
الأمر إلى وجوب الطلاق ، وفي مثل الحالة التي ذكرتها أيها الأخ الكريم ، فإن الطلاق
ربما يكون حلا مناسبا ، إذ لا يعقل أن تكون الزوجة بهذه الإساءة لزوجها – على ما
ذكرته في سؤالك - ، فإن المرأة قد تخطيء على زوجها ، لكن أن تكفر العشير المرة تلو
الأخرى ، فهذا مما يستغرب .
ولكن قبل الطلاق لابد من محاولة الإصلاح أولاً ، والصبر على
المرأة ، فإذا كان فيها بعض الإخلاق السيئة فستجد منها أيضاً بعض الصفات الحميدة ،
والأخلاق الحسنة فلتتحمّل سيئاتها مقابل حسناتها .
يراجع السؤال رقم ( 20044 ) و ( 2076 )
وإن استطعت أن تدخل بعض الأقارب لحل الموضوع فافعل ، رحمة بتلك
البنت المسكينة ، التي ستعاني – مهما كان الأمر – من مرارة الفراق ، وتفكك الأسرة .
فإن كان الطلاق هو الحل النهائي ، واستفرغت كل الحلول ، فاستخر
ثم استشر ، وتوكل على الله .
أما ما رفعته هي للقضاء فهذا قد يكون طلبا من القضاء لإلزام
الزوج بالطلاق ، أو خلعا ، على حسب الحال ، فإن كانت ستدفع للزوج مالاً أو ترد إليه
المهر مقابل حصولها على الطلاق فهذا خلع ، وإن كانت لن تدفع شيئاً فهذا سيكون
طلاقاً إذا وقع .
وأما بالنسبة للحضانة ، فالأصل أن الأم هي الأحق بالحضانة ، ما
لم يكن هناك مانع من ذلك ، فإن كان هناك مانع كزواج الأم بزوج أجنبي عن الولد ، أو
سوء خلق الأم ، فإن الحضانة تنتقل إلى أم الأم عند الجمهور ، فإن كانت هي كذلك – أي
أم الأم - ، انتقلت إلى الأب ، واختار شيخ الإسلام أنه عند تنازع أم الأم والأب فإن
الحضانة تكون للأب ، لأنه أقرب للولد ، وهذا القول رجحه الشيخ ابن عثيمين في شرحه
كتاب الحضانة من زاد المستقنع ، وقد سبق تفصيل ذلك في السؤال رقم ( 5234 ، 9463 ، 8189 ، 21516 ) .
والله أعلم .
*****
43479
بماذا يكون الجماع ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4351)
سؤال رقم 43479- بماذا يكون الجماع ؟
يجب الاغتسال إذا حصل جماع ، لكن ما المراد بالجماع ؟ هل أي مداعبة تكون جماعاً ؟.
الحمد لله
ليست كل مداعبة تكون جماعاً ، وإنما الجماع يكون بإدخال
الحَشَفَة كاملة ( رأس الذكر ) في الفرج ، فإذا حصل هذا فقد حصل الجماع ، وإن لم
يحصل إدخال ، أو أدخل بعض الحشفة وليس كلها ، فهذا لا يكون جماعاً ، وهذا ما دلت
عليه الأحاديث :
فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ
ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ) رواه البخاري (291)
ومسلم (525) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ثُمَّ جَهَدَهَا ) كناية عن إدخال
الذكر في الفرج . قاله الحافظ في "الفتح" .
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ
وَجَبَ الْغُسْلُ ) رواه مسلم (349) .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَسَّ
الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل ) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ
غَيَّبْت ذَكَرَك فِي فَرْجهَا ، وَلَيْسَ الْمُرَاد حَقِيقَة الْمَسِّ ، وَذَلِكَ
أَنَّ خِتَان الْمَرْأَة فِي أَعْلَى الْفَرْج ، وَلا يَمَسّهُ الذَّكَر فِي
الْجِمَاع , وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى
خِتَانهَا وَلَمْ يُولِجْهُ (يُدخله) لَمْ يَجِب الْغُسْل , لا عَلَيْهِ وَلا
عَلَيْهَا , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا ذَكَرْنَاهُ . وَالْمُرَاد
بِالْمُمَاسَّةِ : الْمُحَاذَاة , وَكَذَلِكَ الرِّوَايَة الأُخْرَى : ( إِذَا
اِلْتَقَى الْخِتَانَانِ ) أَيْ : تَحَاذَيَا " انتهى .
وقال في "المجموع" (2/150) :
" وجوب الغسل وجميع الأحكام المتعلقة بالجماع يشترط فيها تغييب
الحشفة بكمالها في الفرج , ولا يشترط زيادة (على) الحشفة ، ولا يتعلق ببعض الحشفة
وحده شيء من الأحكام " انتهى .
وقال الحافظ في "الفتح" :
" وَالْمُرَاد بِالْمَسِّ وَالالْتِقَاءِ : الْمُحَاذَاة ،
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَة التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظ : ( إِذَا جَاوَزَ ) وَلَيْسَ
الْمُرَاد بِالْمَسِّ حَقِيقَته ; لأَنَّهُ لا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ غَيْبَة
الْحَشَفَة " انتهى .
وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ : " وَرَدَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ
"الْمُحَاذَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلاقَاةِ" وَبِلَفْظِ "الْمُلامَسَةِ" وَبِلَفْظِ
"الإِلْصَاقِ" , وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ : الْمُحَاذَاةُ " انتهى .
وقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ : " إِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ
فِي الْفَرْجِ فَقَدْ وَقَعَتْ الْمُلاقَاةُ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" من المعلوم أن موضع الختان فوق الحشفة مما يلي قصبة الذكر ،
فإذا كان كذلك فلا يمس موضع ختان المرأة إلا بعد أن تلج الحشفة ، ولذلك اشترطنا في
وجوب الغسل من الجماع أن يُغْيّب الحشفة ، وقد ورد في بعض ألفاظ حديث عبد الله بن
عمرو بن العاص : ( إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ) " انتهى . رواه ابن ماجه (611) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/323) .
وعلى هذا ؛ فالمقصود من "مس الختان الختان" و "ملاقاة الختانين"
: هو محاذاة موضع ختان الرجل لموضع ختان المرأة ، ويحصل ذلك بتغييب الحشفة كلها في
الفرج ، فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حصل الجماع ووجب الغسل .
والله أعلم .
*****
43480
ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4352)
سؤال رقم 43480- ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء ؟
هل يجوز أن أخالط والد زوجي ، وأجالسه وأخلع حجابي أمامه وهو شخص كافر ؟ وما هو الحكم مع والدة زوجي ، هل يجوز أن أخلع حجابي أمامها ؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أعاملهما ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا حرج على المرأة المسلمة من مخالطة محارمها ، ومن يحرم عليها
من الكفار إذا أمنت فتنتهم ، وكذا الأمر بالنسبة للكافرات من قريباتها أو الأجنبيات
ممن تدعو الحاجة لمخالطتهن كأم الزوج ، والواجب على المرأة المسلمة دعوة هؤلاء
بالتي هي أحسن ، ويكون ذلك بإظهار محاسن الأخلاق التي دعا إليها الشرع من حسن
الكلام ولطف الأفعال ، على أن تلتزم بأحكام الإسلام مثل عدم ابتدائهم بالسلام ،
وعدم المودة القلبية .
وأما بخصوص لباسها أمامهم فإن المرأة المسلمة يجوز لها أن تكشف
أمام محارمها ونسائها ما جرت العادة عند أهل الشرع والأدب بكشفه كالوجه والرأس
والرقبة والذراع وبعض الساق .
وسواء كانت النساء والمحارم مسلمين أم كفاراً فإن الحكم فيه لا
يختلف .
ولا يجوز للمسلمة أن تلبس القصير أمامهم ، ولا الشفاف ، ولا
الضيِّق الذي يحجم العورة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء حتى ولو لم ينظر إليها إلا
نساء ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة كالخروج لهن في ثياب
البذلة ( هي الثياب التي تلبسها وهي في عملها في البيت ) مكشوفة الوجه واليدين
وأطراف القدمين ونحو ذلك وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن الريبة . " فتاوى
اللجنة الدائمة " ( 17 / 288 ، 289 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
وأما محارمهن في النظر ، فكنظر المرأة إلى المرأة ، بمعنى أنه
يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء ، تكشف الرأس والرقبة والقدم
والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك ، ولكن لا تجعل اللباس قصيرا ً . " مجموع
الفتاوى " ( 12 / 276 ، 277 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 12371 ) و ( 6569 ) ففيه زيادة نقولات
وتوضيح عن أهل العلم فيما تظهره وتمتنع عن إظهاره أمام النساء ومحارمها .
ثانياً :
ومن العلماء من فرَّق بين المرأة المسلمة والكافرة فمنع وضع
الحجاب أما المرأة الكافرة ، وهذا القول مرجوح ، فقد كانت النساء اليهوديات يدخلن
على عائشة وغيرها من الصحابيات ، ولم يُعلم منهن احتجاب عنهن .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجب الحجاب عن المرأة الكافرة ، أو تُعامل كما تُعامل المرأة
المسلمة ؟ .
فأجابوا :
فيه قولان لأهل العلم ، والأرجح : عدم الوجوب ؛ لأن ذلك لم يُنقل
عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن غيرهن من الصحابيات حين اجتماعهن بنساء
اليهود في المدينة والنساء الوثنيات ، ولو كان واقعاً لنُقل كما نُقل ما هو أقل منه
.
وقالوا :
لا مانع من كشف المرأة وجهها عند المرأة ، مسلمة كانت أو كانت
كافرة ؛ لأنها لم تُؤمر بستر وجهها إلا عن الرجال الذين ليسوا من محارمها ، قال
تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) إلى قوله سبحانه { أَوْ نِسَائِهِنَّ }
الآية ، فأمرها الله سبحانه بضرب الخمار على وجهها عن الرجال ما عدا المحارم
المذكورين في الآية ، أو مَن بينها وبينهم رضاعة محرمة كما في الآية الأخرى .
والمراد بالنساء في الآية : جميع النساء المسلمات وغير المسلمات
، والله أعلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 287 ، 288 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة ،
خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين ؟ .
فأجاب :
هذا الأمر مبنيٌّ على اختلاف العلماء في تفسير قوله – تعالى - :
( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ
فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 ، فالضمير في قوله – تعالى - : { نِسَائِهِنَّ } ؛ اختلف فيه
العلماء ؛ فمنهم من قال : إن المقصود ، الجنس ؛ أي جنس النساء عموماً . ومنهم من
قال : إن المقصود بالضمير : الوصف ؛ أي : النساء المؤمنات فقط ، فعلى القول الأول
يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجها أمام امرأة غير مسلمة ، وعلى القول الثاني لا يجوز
، ونحن نميل إلى الرأي الأول وهو الأقرب ؛ لأن المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين
امرأة مسلمة وغير مسلمة ، هذا إذا لم تكن هناك فتنة ، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف
المرأة لأقاربها من الرجل فيجب توقي الفتنة حينئذ ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها
، كالرجلين أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " – جمع صلاح الدين محمود – ( ص 605 ) .
والله أعلم .
*****
43481
قال لزوجته : أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4353)
سؤال رقم 43481- قال لزوجته - أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد
كنت مسافرة مع زوجي وحصل بيننا مشاجرة فقال : أنت طالق عندما نرجع إلى البلاد ، ورجعنا فعلاً ، فهل يقع الطلاق بذلك ؟.
الحمد لله
إذا قال الزوج لزوجته : " أنت طالق عندما نرجع للبلاد " فيقع
الطلاق عند رجوعكما للبلاد ؛ لأن هذا تعليق محض ، أي لا يقصد به الحث أو المنع ، أو
التصديق أو التكذيب ، بل هو كقول الإنسان : إذا جاء أول الشهر أو دخل رمضان أو قدم
السلطان فزوجته طالق ، فزوجك لا يقصد بكلامه هذا منعك أو منع نفسه من الرجوع إلى
بلده ، كما لا يقصد الحث على البقاء خارج البلد ، فهو تعليق محض .
ولو فرض أنه قال : أردت أني " سأطلقها " بعد الرجوع ، فهذا لا
يقبل منه أيضا ؛ لأن قوله : أنت طالق ، من ألفاظ الطلاق الصريحة ، فلا يقبل منه أن
مراده ونيته الوعد بالطلاق .
وأما التعليق الذي يقصد به المنع ، كقوله : أنت طالق إن خرجت من
البيت ، يريد منعها من الخروج ، أو التعليق الذي يراد به الحث على الفعل ، كأنت
طالق إن لم ترجعي إلى البيت ، فهذا التعليق الذي اختلف فيه الفقهاء ، فجمهورهم على
أن الطلاق يقع عند وقوع ما علق عليه ، وذهب جماعة منهم إلى أن الطلاق لا يقع لأنه
لم يقصد الطلاق وإنما قصد الحث أو المنع .
ونقل ابن قدامة رحمه الله عن القاضي أبي يعلى في بيان الحلف
بالطلاق والفرق بينه وبين التعليق المحض قوله : " هو تعليقه على شرط يقصد به الحث
على الفعل ، أو المنع منه ، كقوله : إن دخلت الدار فأنت طالق ، وإن لم تدخلي فأنت
طالق . أو على تصديق خبره ، مثل قوله : أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم .
فأما التعليق على غير ذلك ، كقوله : أنت طالق إن طلعت الشمس ، أو
قدم الحاج ، أو إن لم يقدم السلطان ، فهو شرط محض ليس بحلف " انتهى من
"المغني" (7/333) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " الحلف بالطلاق هو التعليق الذي
يراد به حث الحالف على شيء ، أو منعه من شيء ، أو حث المستمعين المخاطَبين على
تصديقه أو تكذيبه ، هذا هو اليمين بالطلاق ، فهو تعليق ، ومقصوده حث أو منع ، أو
تصديق أو تكذيب ، فهذا يسمى يمينا بالطلاق . بخلاف التعليق المحض ، فهذا لا يسمى
يمينا ، كما لو قال : إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، أو قال : إذا دخل رمضان فزوجته
طالق ، فهذا لا يسمى يمينا ، بل تعليق محض وشرط محض ، متى وجد الشرط وقع الطلاق ،
فإذا قال مثلا : إذا دخل رمضان فامرأته طالق ، طلقت بدخول رمضان ، وإذا قال مثلا :
إذا طلعت الشمس فزوجته طالق ، طلقت بطلوع الشمس " .
وقال : " أما إذا كان ليس هناك حث ولا منع ، بل هو شرط محض ،
فهذا تعليق محض يقع به الطلاق كما تقدم ، مثل لو قال : إذا دخل شهر رمضان فامرأته
طالق ، فهذا شرط محض ، وهذا إذا وقع وقع الطلاق ؛ لأن المعلق على الشرط يقع بوقوع
الشروط ، وهذا هو الأصل ". انتهى من "فتاوى الطلاق" (ص 129- 131) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل قال لزوجته : إذا أتاك الحيض ثم
طهرت فأنت طالق , ولكنه ظهر له بعد ذلك أن يمسك امرأته ولا يطلقها .
فأجابت : " هذا طلاق معلق على شرط محض , لا يقصد به حث ولا منع ,
فيقع الطلاق بوجود الشرط , وهو الطهر بعد الحيض , ورجوعه عن هذا التعليق بعد حصوله
منه لا يصح " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (20/174) .
والله أعلم .
*****
43483
عوائق في زواج نصرانية من مسلم
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4354)
سؤال رقم 43483- عوائق في زواج نصرانية من مسلم
صديقي مسلم وهو يواجه مشاكل مع والديه حتى يقبلوا بي . هما لم يقابلاني مطلقا ، لكن والدته أخبرته مرارا بأنه إن لم يتركني ، فإنه لن يدخل البيت أبدا ، وقد هددته بأنهما سيتوقفان عن الحديث معه . وأنا لا أعرف موقف والده، وهو يتحدث إلى والدته في أغلب الأحيان . ( ومما أفهمه أن التحدث إلى الوالد غالبا ما يكون صعبا عند المسلمين ).
وأعلم أيضا أنه يجوز للمسلم الزواج من النصرانيات أو اليهوديات إذا كن عفيفات ، وأعلم أيضا أنه لا يجوز لوالديه أن يهجراه لمجرد أنهما لا يوافقانه على علاقته بي ، لكن كيف نتصرف وهما لا يسمحان حتى بمناقشة هذا الموضوع ؟ ماذا أفعل وهما قد حكما عليّ حتى قبل أن يتعرفا عليّ ؟ أنا وهو صديقان ، والإسلام لا يقبل بهذه العلاقة ، لكننا نرغب في الزواج . ( وسوف ينشأ أطفالنا على الإسلام ، كما أني عازمة أن أتعرف على الإسلام ، ولذلك فلا تعارض في المسألة ).
صديقي لا يريد أن يجرح أي شخص ، خصوصا والده ووالدته ، فهو يكن لهما الاحترام الشديد . لقد أخفق في أن يظهر لوالديه أنه يحبني كثيرا وأني فتاة جيدة . وأنا لا أستطيع مساعدته بالتحدث إليهما ، حيث أخبرني أنه من غير المقبول أن يأتي الشاب بفتاة إلى منزل والديه . فكيف أساعده في هذا الموضوع ؟ لماذا يُمنع التحدث في موضوع كهذا ؟ كيف يمكن حل المشاكل إذا كان حتى مجرد النقاش غير ممكن ؟ ألم يخلق الله الناس ليعرف بعضهم بعضا ؟ أنا أؤمن بالله ، وأحاول أن أكون امرأة صالحة ، وأدعو لذلك كل يوم .
والداي نشآني على النصرانية ، لكني منذ أن أخذت أتعرف بعض الشيء على الإسلام وأنا لا أستطيع الإيمان بالطرق النصرانية أبدا . أظن أن الإسلام (هو الدين المناسب لي) لكني اتفقت مع صديقي أن نركز على هذا بعد أن تحل مشكلتنا – وهي قبول والديه بنا . أريد أن تكون علاقتي بالله صافية وألا تؤثر عليها أمور أخرى ؛ فالصديق لا يمكن أن يكون السبب في قبولي للإسلام ، أليس كذلك ؟
هل أكون مستحقة للملامة إن أنا قبلت الإسلام - وأستمر في إيماني بالله حسب اعتقادي فيه الآن - لا لشيء إلا لتسهيل الأمور بالنسبة لنا، حيث أن الوالدان يريدان ذلك؟ أعلم أن المسلم الحقيقي لا يفكر في نفسه فحسب بل عليه أن يفكر في جميع الناس حوله ، لكني لا أستطيع أن أقبل بأن حبنا يجب أن يتوقف ، لمجرد أن والديه يريدان ذلك . أهذه مشيئة الله ؟ أرجو أن تنصحنا حول هذا . لماذا لا يتحدثان معي ؟ كيف يمكن أن نفهمها أنهما لا يمكنها الحكم عليّ قبل أن يتعرفا عليّ ؟ وهل لديك أي نصائح له، وهل سيكون القرار قرارا شديد الصعوبة ؟.
الحمد لله
نسأل الله عز وجل أن يمن عليك بالهداية ، وسلوك طريق الرشاد ،
إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أولاً : نشكرك على طرح السؤال وتوجيهه إلى هذا الموقع الإسلامي
مما يدلّ على ثقتك ورغبتك في معرفة الجواب الصحيح .
ثانياً :
إن عدداً من الاستغرابات التي أوردتيها في سؤالك تعتبر عندنا
معشر المسلمين أموراً مسلّمة ، بينما تعتبر عند غيرنا مستنكرة.
ومعرفة السبب معهم ، وهو أن المسلم ينطلق في مواقفه وآرائه من
التسليم لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن الطاعة المطلقة للخالق الرازق
المحيي المميت ، لأنه أوجب علينا ذلك وهو أعلم بما يصلحنا .
فعلى سبيل المثال : أنت تستغربين جداً استنكار والدي عشيقك
للعلاقة بينكما لأنك ترين بما تربيت عليه واعتدتيه وألفتيه في الواقع غير الإسلامي
الذي تعيشين فيه أن هذه العلاقة أمر طبيعي وعادي ومألوف وتقارب بين نفسيات البشر
وارتياح عاطفي أو غريزي ، وقد يؤدي لك خدمات وتؤدين له خدمات في المقابل ، ويلين
معك بالكلام ، وأنت تلاطفينه أيضاً وبينكما هداياً .. إلخ
والإسلام لا يحرّم حسن الكلام وطيب المعاملة والهدايا ولكن ليس
لرجل مسلم أن يخلو بامرأة أجنبية ويستمتع بها خارج إطار الزواج لأن مفسدة هذا
ومضرّته في الإسلام من فقدان العفّة والوقوع في الزنا ، وانتهاك العرض والحمل
بالولد الحرام وإضاعة النسب أخطر بكثير وأسوأ من تعاملات لطيفة وتبادل للهدايا .
ولولا استمتاع كل منكما بالآخر ربما لم يحصل مثل هذا التعامل .
وكذلك فإن وجود نيّة أكيدة وعزم على الزواج في المستقبل وإنجاب
أولاد يعيشون مسلمين لا يبرر أبداً إقامة مثل هذه العلاقة المحرّمة التي تحدث فيها
كثير من المحظورات الشرعية إسلامياً .
ولنا أن نتساءل إذا كانت العلاقة حميمة وقويّة إلى هذه الدرجة
والنيّة صادقة في الزواج لماذا لا تتم توبة كلّ منكما من هذه العلاقة المحرّمة
والدخول مباشرة في علاقة شرعية إسلامية قائمة على الزواج الذي شرعه الله .
أما العقد الشرعي في الإسلام فليس أمراً صعباً ومعقداً بل يسير
وسهل وراجعي سؤال رقم ( 2127 ) و ( 813 ) للتعرف على المزيد من صفة عقد النكاح
في الإسلام .
ثالثاً : ليس صحيحا أن التحدث إلى الوالد صعب عند المسلمين ،
فإنه ليس هناك مجتمع يتميز بالتماسك الأسرى ، والترابط فيما بين أفراده مثل
المجتمعات الإسلامية ، بل نظرة سريعة في حال الأسرة في الغرب ، يجد الإنسان فيها أن
الولد بعيد عن أبويه كل البعد ، وأن الوالدين لا يقوم أحد بحقوقهما ، فضلا عما
يسببه ذلك من تشرد الأولاد ، وضياع البنات ، والإسلام يفرض على الأولاد نوعاً من
الاحترام والتوقير للوالدين ، يعلم هذا جيّداً من يفتقده من غير المسلمين ، ونظراً
لما تتمتع به الأم من اللين والعطف والحنان على أولادها ، وما يتمتع به الأب من
الحزم والنظر إلى الأمور بتعقّل بعيداً عن العواطف ، فإن كثيراً من الأولاد يجدون
أن الحديث مع الأم أسهل من الحديث مع الأب لاسيما في المشاكل التي تتعلق بعواطف
الأولاد ومشاعرهم ، وليس معنى ذلك أن الحديث مع الأب صعب عند المسلمين .
ولكن قد يكون بعض الناس تربى تربية فيها بعض الأخطاء ، فأثرت
بالتالي على بعض سلوكياته ، ولكن بشكل عام ، فإن المسلم يحب أخاه المسلم الغريب ،
فكيف بالقريب ، فكيف بالابن والأب ، فالكل يحرص على مصلحة الآخر ، ويراعي أموره ،
ويحب له الأفضل ، وهذا ما ينقلنا إلى النقطة الثانية ، ألا وهي :
ثانياً : أن رفض والديه لهذا الزواج ليس من باب التحكم ، أو أنهم
قد حكموا عليك ولم يروك ، بل كل أب ( خاصة المجتمع المسلم ) يحب لابنه أن يعيش أفضل
عيشة ، وبحكم خبرة الأب الكبيرة في الحياة ، وبحكم كبر سنه ، وعلمه بالأمور كيف
تسير ، فإنه لا يحب أن يقع ابنه في مغامرة ، بحيث يتعجل أمرا ، ثم يندم عليه .
إن الأب يحاول أن يبعد ابنه عن كل شيء اسمه " فشل " ، لذلك هو لا
يحبه أن يخوض غمار مثل هذا الزواج ، خاصة أن الزواج في الإسلام علاقة قوية ، لا
تدوم لفترة محددة كحب العاشقين المحرم ، بل هو علاقة بين الزوجين المقصود منها
الاستقرار والدوام ، فالاختيار لا بد أن يكون عن دراسة جادة ، وتأن واضح ، واستشارة
لمن هم أعلم منا في هذه الحياة ، ومن الطبيعي أن يكون اختلاف الدين –سببا في الشقاق
بين الزوجين ، أو حدوث مشاكل في المستقبل خاصة بعد وجود الأبناء ، وقد مر علينا في
هذا الموقع العديد من تلك المشاكل .
نعم ، الإسلام لا يمنع المسلم من تزوّج النصرانية أو اليهودية
العفيفة فإن الإسلام يبيح هذا ، ومع هذه الإباحة فإن الإسلام لا يحبّذه ولا يدعو
إليه ، فقد حثّنا نبيّنا صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة الصالحة صاحبة الدين
والخلق .
لذلك كان حكم أبويه على هذا الزواج بالرفض ، ليس من باب استعجال
الحكم ، بل من باب المعرفة بالأمور كيف تسير .
قد تقولين : إن زواجي بهذا الشاب مختلف ، لكنهم لا يدركون ذلك ؟
فأعود وأقول : وإن كان مختلفا ، لكن كل أب لا يحب لابنه أن يخوض
تجربة هو في غنى عنها ، خاصة وأن العلاقة الآن بينكما محرمة في دين الإسلام الطاهر
النقي .
رابعاً : قولك : هل علي ملامة إن قبلت بالإسلام – يعني صوريا –
وبقيت على اعتقادك في الله كما أنت ؟
فالجواب أن هذا أمر عظيم ، فإن ديننا الحنيف لا يقبل من إنسان أن
يدخله متلاعبا ، أو مستغلا له لأغراض شخصية ، ولهذا كان من أسس هذا الدين { لا
إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك
بالعروة الوثقى لا انفصام لها } ، وإذا دخل الإنسان فيه دين الله متلاعبا ، حقت
عليه لعنة الله ، وكان مع القوم الكافرين ، كما قال تعالى { إن المنافقين في الدرك
الأسفل من النار } .
خامساً :
أما حل المشكلة فإنه يمكن أن يكون بعدة أمور ، أولاها وأفضلها
وأسرعها أن تبدئي التعرف الحقيقي على الإسلام ، وشمولية هذا الدين ، وموافقته للفطر
السليمة ، والطبائع المستقيمة ، فتعرفي على دين الإسلام ، لا لشيء ، إلا لرغبة
الوصول إلى الحق ، والخروج من دوامة الآراء المتخبطة ، والأفكار المنافية للفطر
والعقول السليمة .
حينئذ – وبالمثابرة والاجتهاد – ستعلمين الحق المبين ، وسيلوح لك
نور اليقين الساطع ، وسيتيسر لك – بإذن الله – أمر الزواج ، ولا حرج في أن يكون أمر
زواجك من ذلك الرجل سببا في تعرفك على دين الإسلام .
لكن أن تبدئي بهذه الخطوة أولى وأوجب من أن تتزوجي ثم تفكري في
الإسلام .
إن الأسرة إذا تكونت من بدايتها من زوجين مسلمين ، فإن الله
تعالى يبارك فيها ، ويرعاها بعنايته ، فكلا عمودي الأسرة محبوب لله ، لأنه مسلم .
ولعل إعلان توبتك أنت وهذا العشيق وعقد القران حسب الشريعة
الإسلامية يخفف من هجوم والدي زوجك وموقفهما السلبي .
وإذا أعلنت دخولك في الإسلام فسيرضى أيضاً عن ذلك من هو أهم من
الجميع ، وهو الله عز وجلّ ، وإذا أرضيت الله ولو سخط من سخط من أهلك فسيرضى الله
عليك ويُرضي عنك الناس
وقد يكون من المناسب ـ وهذا يحتاج إلى تفكير وتوقيت سليم أن
تقومي بزيارة والدته أنت شخصياً دون أن يكون عشيقك هذا مرافقاً لك ولا موجوداً معك
، وتعربين لها عن رغبتك في الإسلام والتوبة من العلاقة المحرّمة والزواج من ابنها
على شرع الله وحكمه.
وإذا كنت تقرين أن الإسلام يبيح الزواج من غير المسلمات العفيفات
فلماذا لا تنتقلين إلى حياة العفّة والطهر وتمتنعين عن أي علاقة تخالف ذلك .
وقولك الصديق لا يمكن أن يكون السبب في قبول الإسلام له معنى
صحيح ، وهو أنك ستسلمين ليس محبة في هذا الشخص ولكن محبة في الحقّ ومحبة لله الذي
رضي الإسلام ديناً للبشر ، وأدلّة هذا واضحة وبيّنة ولا تحتاج إلى قوة عاطفية تدفع
. لأن الأدلة والبراهين على الحق كافية جداً .
ولا ننسى قبل أن نفارق هذا الجواب أن نثني على تلك العبارة التي
وردت في سؤالك وهي قولك : " أخذت أتعرف بعض الشيء على الإسلام وأنا لا أستطيع
الإيمان بالطرق النصرانية أبدا " . وهذا يدل على قربك من الحق جداً وأن قناعاتك
تتكون بشكل سليم وعلى أن الحقّ والباطل لا يلتقيان عندك وهذه بشائر خير .
فاسألي الله الهداية إلى طريق الحق ، وافتحي بصرك وبصيرتك للنور
القادم ، وفقك الله لسلوك طريق الهداية ، والله أعلم .
للمزيد ( 33656 ، 20884 ، 2527 ) .
*****
43485
لبس البنت اللباس العاري والقصير
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/4355)
سؤال رقم 43485- لبس البنت اللباس العاري والقصير
ما حكم لبس البنت التي لم تبلغ الحلم البنطال واللبس العاري ؟.
الحمد لله
إن حدود عورة الصغير والصغيرة مما لم يرد فيهما أدلة صريحة من
الكتاب أو السنة ، والذي عليه أكثر الفقهاء أن الفتاة إذا بلغت حد الاشتهاء ، بأن
كانت مشتهاة عند ذوى الطباع السليمة ، فعورتها كعورة البالغة ، وأما إذا لم تكن
بلغت حد الاشتهاء فيجوز الترخص في حجابها حتى تبلغ هذا الحد .
قال الشيخ ابن عثيمين :" الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم ، ولا
يجب عليها ستر وجهها ورقبتها ، ويديها ورجليها ، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك ، لكن
إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر
، ويختلف هذا باختلاف النساء ، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب ، ومنهن
من تكون بالعكس ."
وبالنسبة لإلباسها اللباس العاري فالأولى عدم تعويد البنت
الصغيرة على مثل هذا اللباس ، فمن المهم أن تنشأ الطفلة على حب الفضيلة حتى تعتادها
، ولذلك جعل الإسلام للأطفال مرحلة تمهيدية ليتعلموا فيها الصلاة ، ولم يفجأهم
بوجوبها ؛ لأن هذا يحتاج إلى تعود وتدرب.
والفتاة عند التاسعة ينبغي تدريبها ، وتعليمها ما يجب عليها حتى
قبل البلوغ .
فليس من المعقول أن يكون الحد بين ستر العورة وتركها هي الليلة
التي تبلغ فيها الطفلة مبلغ النساء بالحيض... فهذا لا يكون .
قال الشيخ ابن عثيمين :" أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يلبس ابنته
هذا اللباس وهي صغيرة لأنها إذا اعتادته بقيت عليه وهان عليها أمره . أما لو تعودت
الحشمة من صغرها بقيت على تلك الحال في كبرها والذي أنصح به أخواتنا المسلمات أن
يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين وأن يعودن بناتهن على اللباس الساتر وعلى
الحياء ، فإنه من الإيمان"..
"من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في مجلة الدعوة " العدد1709ص35 .
ومن المعلوم أن ما دون سبع سنين لا حكم لعورته ، لكن تعويد
الصبيان والأطفال هذه الألبسة الخالعة القصيرة لا شك أن سيهون عليهم كشف العورة في
المستقبل، بل ربما لا يستحي الإنسان إذا كشف فخذه لأنه كان يكشفه صغيرا ولا يهتم به
.
فالذي ينبغي أن يمنع الأطفال وإن كانوا صغارا من مثل هذه الألبسة .
*****
43496
عنده ألم شديد في أسفل ظهره فهل يمنعه ذلك من الزواج؟
الفقه > معاملات > النكاح > أحكام النكاح >(1/4356)
سؤال رقم 43496- عنده ألم شديد في أسفل ظهره فهل يمنعه ذلك من الزواج؟
أنا شاب عمري 28 سنة ودخلي وعملي جيدان والحمد لله ، ولكني أعاني من ألم شديد في أسفل الظهر منذ سنة ، يريد والداي أن يزوجاني وأنا متحير هل أتزوج أم لا ؟ ما هو التصرف الصحيح ؟ هل أمضي في أمور الزواج ؟.
الحمد لله
ينبغي أن تعرض أمرك على طبيب مختص ، فإن ثبت أن هذا الألم يمكن
أن يؤثر على الإنجاب أو يمنع من الوطء ، أو لا تقوى معه على العمل والكسب ، فإنه
يجب عليك أن تخبر من تريد الزواج منها ، فإن قبلت بذلك ، فلا حرج عليك في نكاحها ،
وما لم تبين ذلك كنت غاشا لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من غش فليس
مني " رواه مسلم (102).
وما ذكرناه مبني على القول الراجح من أن كل عيب يفوت به مقصود
النكاح فإنه يجب بيانه ، ويثبت به خيار الفسخ في حال الاطلاع عليه بعد كتمانه .
قال ابن القيم رحمه الله : ( والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر
منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار ) زاد المعاد
5/166 .
وقال : ( ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد
بعيب دون عيب )
وقال : ( وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على البائع
كتمان عيب سلعته وحرم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في معاوية أو أبي
الجهم : " أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " فعلم
أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب ، فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به
سببا للزومه ، وجعلِ هذا العيب غِلَّا لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه ) انتهى من زاد المعاد 5/168
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( والصواب أن العيب هو كل ما
يفوت به مقصود النكاح ، ولاشك أن مقاصد النكاح منها المتعة ، والخدمة ، والإنجاب ،
وهذا من أهم المقاصد ، فإذا وجد ما يمنع هذه المقاصد فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدته
الزوجة عقيما أو وجدها هي عقيما فهو عيب ) انتهى من الشرح الممتع 5/274 ط.
مركز فجر .
والله أعلم .
*****
43498
هل يهتز عرش الله من الطلاق ؟
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4357)
سؤال رقم 43498- هل يهتز عرش الله من الطلاق ؟
هل يهتز عرش الله من الطلاق ؟.
الحمد لله
روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنه حديث موضوع
مكذوب .
وهو ما يُروَى عن عليِّ بنِ أبي طالب رضيَ اللهُ عنه أنّ النبيَّ
صلى اللهُ عليه وسلَّم قال : ( لا تُطَلِّقُوا ، فإِنَّ الطلاقَ يَهتَزُّ لهُ
العَرشُ ) رواهُ ابنُ عديٍّ في "الكامل" (5/112) والخطيبُ في "تاريخِ بغداد"
(12/191) ومن طريقِه ابنُ الجوزي في "الموضوعات" (2/277) من طريقِ :
عمرو بنِ جُمَيع عن جُوَيبرٍ عن الضَّحّاكِ عن النزَّال بنِ
سبرةَ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنه .
قالَ ابنُ الجوزي :
" حديثٌ موضوعٌ ... عمرُو بنُ جميعٍ كان يروي المناكيرَ عن
المشاهيرِ ، والموضوعاتِ عن الأثباتِ " انتهى .
وقد حكمَ عليه بالضعفِ والوضعِ كثيرٌ من أهلِ العلمِ منهم :
الخطيبُ البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/187) وابنُ القيسراني في
"ذخيرة الحفاظ" (2/1147) والسخاويُّ في "المقاصد الحسنة" (ص31) والشوكانيُّ في
"الفوائد المجموعة" (ص139) والصغاني والعجلونِي في "كشفِ الخفاء" (1/361) .
والألباني في "السلسلة الضعيفة" (1/278) حديث رقم (147) .
وليس معنى ضعف الحديث أن الطلاق مباح لا يكرهه الله سبحانه
وتعالى ، بل الطلاق مكروه إلى الله ، لا يباح إلا للحاجة . ، فليس للرجل أن يطلق
امرأته من غير سبب يبيح ذلك .
قال شيخُ الإسلامِ ابنِ تيمية رحمه الله :
" الأصلُ في الطلاقِ الحظرُ ، وإنما أبيحَ منه قدرَ الحاجةِ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (33/81) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الأصل في الطلاق الكراهة ، والدليل : قوله تعالى في الذي يؤلون
من نسائهم ( أي يحلفون ألا يجامعوا مدة أربعة أشهر ) : ( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ ) وهذا فيه شيء من التهديد ، لكن في الفيء ( أي الرجوع ) قال : ( فَإِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فدل هذا على أن الطلاق غير محبوب إلى الله عز وجل ، وأن
الأصل فيه الكراهة ، وهو كذلك " انتهى .
"الشرح الممتع" (10/428) .
والله أعلم .
*****
43504
يصلين إلى جهة أخرى غير القبلة مدة طويلة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/4358)
سؤال رقم 43504- يصلين إلى جهة أخرى غير القبلة مدة طويلة
مجموعة من النساء استأجرن شقة وسألن عن القبلة فصلين حسب الجهة التي قيل لهم عليها ، ولكن تبين لهن أن القبلة خطأ فما الحكم ؟.
الحمد لله
أولا : إذا كان الانحراف يسيرا فلا تأثير له على القبلة.
ثانيا : من اجتهد قدر استطاعته في تحصيل القبلة سواء بالسؤال
لأهل البلد والمكان الذي هو فيه بحيث يكون المسئول ظاهره الصدق أو غير ذلك فقد أدى
الذي عليه فإن تبين خطؤه فيما بعد فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة .
جاء في كتاب المغني لابن قدامة رحمه الله :
( من صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم علم أنه قد أخطأ القبلة , لم
يكن عليه إعادة، وجملته أن المجتهد إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة , ثم بان له أنه صلى
إلى غير جهة الكعبة يقينا , لم يلزمه الإعادة ، وكذلك المقلد الذي صلى بتقليده .
وبهذا قال مالك , وأبو حنيفة . والشافعي في أحد قوليه ) .
*****
43506
إجابة عن إشكالات في آيات حياة المسيح عليه السلام وموته
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4359)
سؤال رقم 43506- إجابة عن إشكالات في آيات حياة المسيح عليه السلام وموته
أنا من متابعي موقعكم ولا أشك أبداً في أن حرفا واحدا من القرآن قد تم تحريفه وأرجو أن تشرح لي اللبس في هاتين الآيتين الأولى في سورة مريم ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا(33) فما معني يوم أموت ؟
وفي آية " ) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) النساء/159، فما معنى هذا ؟ )وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء/157
أدرس في الصين ولدي الكثير من الأصدقاء من أديان مختلفة ويسألوني عن القرآن وموقف الإسلام من عيسى عليه السلام ، أحاول أن أجيب على أسئلتهم وأرجو أن تجيبني في أسرع وقت.
الحمد لله
بدايةً نشكر لك حرصك على السؤال عن أمر دينك ، وسعيك للتبصر في
تفسير كتاب الله جل وعلا ، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع ،
أما فيما يتعلق بقوله تعالى : ( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ
وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) مريم/33 ، فقد قال الطبري في تفسيره :" وقوله { والسلام علي يوم ولدت ويوم
أموت ويوم أبعث حيا } يقول : والأمن من الله عليَّ من الشيطان وجنده يوم ولدت أن
ينالوا مني ما ينالون ممن يولد عند الولادة ، من الطعن فيه ، ويوم أموت ، من هول
المطلع ، ويوم أبعث حياً يوم القيامة أن ينالني الفزع الذي ينال الناس بمعاينتهم
أهوال ذلك اليوم " [ تفسير الطبري 8 / 340 ]
وقال القرطبي :" { والسلام علي } أي السلامة علي من
الله تعالى . قال الزجاج ذكر السلام قبل هذا بغير ألف ولام فحسن في الثانية ذكر
الألف واللام . وقوله : يوم ولدت يعني في الدنيا . وقيل : من همز الشيطان كما تقدم
في ( ( آل عمران ) ) . ويوم أموت يعني في القبر . ويوم أبعث حيا يعني في الآخرة ،
لأن له أحوالاً ثلاثة : في الدنيا حياً ، وفي القبر ميتاً ، وفي الآخرة مبعوثاً ،
فسلم في أحواله كلها " [ تفسير القرطبي 11 / 98 ]
ومما سبق من أقوال المفسرين تعلم أن قوله { ويوم أموت } ليس
معناه أنه قد مات ، وإنما معناه أنه عند موته – وذلك بعد نزوله وقتله للدجال كما
ثبت في الأحاديث – فإنه يسلم من الموت على غير الإيمان بالله تعالى ، وهذا كما أنه
قال { ويوم أبعث حيا } وليس معناه أنه قد بعث يوم القيامة !! ، فكلامه صلى الله
عليه وسلم إنما هو عن أحواله في ولادته ، وفي موته ، وفي بعثه ، ولا شك أنه سيموت ،
لكن كما دلت الآيات الأخرى التي سقتها ، فإنه لم يمت بالقتل أو الصلب ، وإنما رفعه
الله إليه ، وسيموت بعد نزوله من السماء ، وقتله للدجال .
أما قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
شَهِيداً ) النساء/ 159 ، فقد اختلف أهل العلم في مرجع
الضمير في قوله { موته } على قولين :
القول الأول : أن مرجع الضمير إلى عيسى ابن مريم عليه السلام ،
وعلى هذا يكون معنى الآية ، أنه ما من أحد من أهل الكتاب إلا سيؤمن بعيسى عليه
السلام ، وذلك قبل موته – أي عيسى - ، فإنه إذا نزل من السماء ، وقتل الدجال ، فإنه
يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام ، وحينها يؤمن أهل
الكتاب به ، قبل موته صلى الله عليه وسلم ، ويعلمون أنه حق ، وأنه لم يمت من قبل ،
فالكلام في الآية عن علامة من علامات الساعة ، وشرط من أشراط يوم القيامة ، سيكون
بعد نزول عيسى ، وأنه قبل أن يموت في ذلك الزمان سيؤمن به أهل الكتاب . وقد ورد ما
يؤيد هذا القول من قول أبي هريرة رضي الله عنه بعد روايته للحديث الدال على نزول
عيسى عليه السلام في آخر الزمان ، فعن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ
مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ
الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ
السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ
أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : (وَإِنْ
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) النساء/159 ) . البخاري 3192 مسلم 220 .
القول الثاني : أن مرجع الضمير إلى الكتابي نفسه ، وعلى هذا يكون
معنى الآية ، أنه ما من أحد من أهل الكتاب إلا سيؤمن بعيسى عليه السلام ، وأنه حق ،
وأنه لم يمت ، وذلك عندما يعاين سكرات الموت ، ويرى الحقائق والبراهين ، فعند موت
ذلك الكتابي سيعلم أن ما كان عليه هو الباطل ، لكن لا ينفعه ذلك الإيمان حينئذ .
وعلى كلا القولين السابقين فليس في الآية دليل أو إشارة إلى موته
صلى الله عليه وسلم ، وإنما الكلام – في القول الأول – على أمر غيبي سيحصل في
المستقبل ، وهو بلا شك سيموت عليه السلام ، لكن بعد نزوله كما سبق ، وعلى القول
الثاني : فالمراد بقوله (قبل موته) أي موت الكتابي نفسه .
وقد رجح الطبري وابن كثير وغيرهما من أئمة التفسير القول الأول ،
قال ابن كثير :" وقوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ
بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) النساء/159 " ، قال ابن جرير : اختلف أهل
التأويل في معنى ذلك ، { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } يعني قبل موت
عيسى ، يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال ، فتصير الملل كلها
واحدة ، وهي ملة الإسلام الحنيفية ، دين إبراهيم عليه السلام ..... عن ابن عباس قال
: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ، قال : قبل موت عيسى بن مريم عليه
السلام . ... وعن الحسن { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } قال : قبل
موت عيسى والله إنه لحي عند الله ، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون ..... قال ابن
جرير : وقال آخرون : يعني بذلك قبل موت صاحب الكتاب ، ذكر من كان يوجه ذلك إلى أنه
علم الحق من الباطل لأن كل من نزل به الموت لم تخرج نفسه حتى يتبين له الحق من
الباطل في دينه . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، في الآية ، قال : لا يموت
يهودي حتى يؤمن بعيسى ..... وقال ابن عباس : لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن
بعيسى .... وعن ابن عباس ، قال : لا يموت اليهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله
.
قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصحة القول الأول ، وهو أنه
لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا آمن به قبل موت عيسى عليه
السلام ، ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير هو الصحيح ، لأنه المقصود من سياق الاي
في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه ، وتسليم من سلم لهم من النصارى
الجهلة ذلك ، فأخبر الله أنه لم يكن كذلك ، وإنما شبه لهم ، فقتلوا الشبه وهم لا
يتبينون ذلك ، ثم إنه رفعه إليه ، وإنه باق حي ، وإنه سينزل قبل يوم القيامة ، كما
دلت عليه الأحاديث المتواترة ... فيقتل مسيح الضلالة ، ويكسر الصليب ، ويقتل
الخنزير ، ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحد من أهل الأديان ، بل لا يقبل إلا
الإسلام أو السيف ، فأخبرت هذه الآية الكريمة أنه يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ
ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ، ولهذا قال : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به
قبل موته أي قبل موت عيسى عليه السلام الذي زعم اليهود ومن وافقههم من النصارى أنه
قتل وصلب ، ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً أي بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه
إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض " [ تفسير ابن كثير 1 / 762 ]
ولا بد من التنبيه – أيها الأخ الكريم – على أن مناقشة النصارى
لا بد أن تكون عن علم وبينة، حتى لا يكون الإنسان سببا في عدم قبول الناس للحق بسبب
ضعف حجته ، وإلا فليس عند النصارى حجة صحيحة أصلا ، إلا إنهم يلقون بالشبهات
ليزيفوا الحقائق ، وليلبسوا الحق بالباطل ، أعاذنا الله من طرق الزائغين .
والله أعلم .
*****
43532
تخريج حديث ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ) والحكم عليه
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/4360)
سؤال رقم 43532- تخريج حديث ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ) والحكم عليه
سؤالي حول حديث : " ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسيا ، ثم تلا هذه الآية ( وما كان ربك نسيا ) " هذا الحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة 5 صفحة رقم 325 , وحسنه في صفحة رقم 14 في غاية المرام .
لكنه حسب موقع الدرر السنية قد قال عن هذا الحديث أشياء كثيرة فمثلا : " إسناده ضعيف جدا لكن معناه صحيح ثابت " و " إسناده صالح " و " إسناده صحيح " و " صحيح موقوفاً ويمكن تحسينه بشاهده مرفوعاً " و " في إسناده سيف بن هارون البرجمي ضعفه جماعة ووثقه أبو نعيم " و " ضعيف "
وقال عنه الشيخ أبو إسحاق الحويني على موقعه " ضعيف "
فما رأيكم في هذا الحديث ؟ وهل يصح لنا أن نحتج به ؟
وهل نترك الأحاديث التي تضارب فيها أقوال أهل العلم ؟.
الحمد لله
أولاً :
روي هذا الحديث بألفاظ متقاربة عن جماعة من الصحابة رضي الله
عنهم ، وهم :
1- عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :
( مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌُ ، وَمَا
حَرَّمَ فَهوَ حَرَامٌ ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهُوَ عَفْوٌ ، فَاقبَلُوا مِنَ اللهِ
عَافِيَتَه ( وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيَّا ) أخرجه الدارقطني في سننه (2/137)
والحاكم في المستدرك (2/406) (10/12) والطبراني في مسند الشاميين (3/209) من طرق عن
عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم به .
وهذا إسناد منقطع ، فإن الانقطاع ظاهر بين رجاء بن حيوة وأبي
الدرداء ، إذ وفاة رجاء كانت سنة 112 هـ ، ووفاة أبي الدرداء سنة 32 هـ .
قال ابن حجر في ترجمة رجاء بن حيوة "تهذيب التهذيب" (3/229) : "
روايته عن أبي الدرداء مرسلة " انتهى .
وقال الذهبي رحمه الله عن هذا الحديث : " إسناده منقطع " انتهى .
"المهذب في اختصار السنن الكبرى للبيهقي" (8/3975) .
وكذا قال المعلمي رحمه الله في "الأنوار الكاشفة" (301) .
2- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، بلفظ : ( سُئِلَ رَسُولُ
اللهِ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَنِ السَّمنِ وَالجبنِ والفِراءِ فَقَالَ :
الحَلالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي
كِتَابِه ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهوَ مِمَّا عَفَا عَنهُ ) أخرجه الترمذي (1726)
وابن ماجه (3367) والحاكم في المستدرك (4/129) ومن طريقه البيهقي في الكبرى
(9/320)(10/12) ، وأخرجه الطبراني في الكبير (6/250) من طريق سيف بن هارون البرجمي
عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان به .
قال المزي في "تهذيب الكمال" (8/255) : " فيه سيف بن هارون ، قال
ابن معين : ليس بذاك وقال النسائي : ضعيف ، وقال الدارقطني : ضعيف متروك " انتهى .
وقال الترمذي : " وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا
الوجه ، وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله ، وكأن
الحديث الموقوف أصح ، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال : ما أراه محفوظا ، روى
سفيان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان موقوفا ، قال البخاري : وسيف بن
هارون مقارب الحديث " انتهى .
وقال ابن أبي حاتم في "علل الحديث" (2/10) :
" قال أبي : هذا خطأ ، رواه الثقات عن التيمي عن أبي عثمان عن
النبي صلى الله عليه وسلم مرسل ليس فيه سلمان ، وهو الصحيح " انتهى .
وقال أحمد : منكر ، وأنكره ابن معين أيضا .
كذا نقله ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/69) .
وقال الشيخ الألباني في "التعليقات الرضية" (3/54) :
" إسناده ضعيف جدا ، ولكن معناه صحيح ثابت " انتهى .
3- عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا ، وَحَدَّ حُدُودًا
فَلا تَعتدُوهَا ، وَحَرَّمَ أَشيَاءَ فَلا تَنتَهِكُوهَا ، وَسَكَتَ عَن أَشيَاءَ
رَحمَةً لَكم مِن غَيرِ نِسيانٍ فَلا تَبحَثُوا عَنهَا )
رواه جماعة من أهل العلم كلهم من طريق داود بن أبي هند عن مكحول
عن أبي ثعلبة به .
واختلف على داود بن أبي هند :
فرواه حفص بن غياث موقوفا عليه كما عند البيهقي (10/12) وتابعه
يزيد بن هارون على وقفه كما ذكره الدارقطني في "العلل" (6/324) .
ورواه علي بن مسهر مرفوعا عند البيهقي في الكبرى (10/12) وكذا
إسحاق الأزرق عند الدارقطني (4/184) ومحمد بن فضيل كما ذكر ذلك الدارقطني في
"العلل" (6/324) .
قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/68) :
" له علتان :
إحداها : أن مكحولا لم يصح له السماع عن أبي ثعلبة ، كذلك قال
أبو شهر الدمشقي وأبو نعيم الحافظ وغيرهما .
الثانية: أنه اختلف في رفعه ووقفه على أبي ثعلبة ، ورواه بعضهم
عن مكحول من قوله ، لكن قال الدارقطني "العلل" (6/324) : الأشبه بالصواب المرفوع ،
قال : وهو أشهر " انتهى .
وقال ابن حجر : " رجاله ثقات إلا أنه منقطع " انتهى . "المطالب العالية" (3/271) .
وقال الذهبي : " منقطع " انتهى . "المهذب"
(8/3976) .
وقال الألباني : " في إسناده انقطاع " انتهى . "تحقيق رياض الصالحين" (1841) .
والحاصل : أن أسانيد هذا الحديث لا تخلو من ضعف ، ولكن هل يمكن
أن تتقوى بمجموعها ؟
ذهب بعض أهل العلم إلى ذلك ، فقد حسن النووي حديث أبي ثعلبة كما في
الأذكار (505) ، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين (1/221) وابن كثير في تفسيره
(1/405) وقال الألباني في تحقيق الإيمان لابن تيمية (43) : حسن بشاهده .
وحسَّن الألباني حديث سلمان الفارسي في صحيح الترمذي (1726) وقال
في المشكاة (4156) : صحيح موقوفا ، يمكن تحسينه بشاهده مرفوعا .
لكن ذهب آخرون إلى أن الضعف الشديد الذي في طرق هذا الحديث يمنع
تقوية الحديث بمجموع طرقه ، فحديث أبي الدرداء انقطاعه بيِّن ظاهر ، وحديث سلمان
الفارسي رفعه خطأ منكر ، وحديث أبي ثعلبة منقطع ومختلف في رفعه .
وقد صح هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما من كلامه . أخرجه
أبو داود (3800) ، قال ابن كثير في إرشاد الفقيه (1/367) : إسناده صحيح .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود ومشكاة المصابيح (4074) .
كما أن معنى الحديث الإجمالي مقرر في قواعد الدين وأصوله ، ومحل
استشهاد وقبول عند أهل العلم .
قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (4/185) : " معنى هذا الحديث
ثابت في الصحيح " انتهى .
وقال أبو بكر بن السمعاني : " هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين
وفروعه ، قال : وحكي عن بعضهم أنه قال : ليس في أحاديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم حديث واحد أجمع بانفراده لأصول الدين وفروعه من حديث أبي ثعلبة " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (2/70) .
وللاستزادة من معنى الحديث وشرحه انظر : شرح ابن رجب على هذا الحديث في "جامع
العلوم والحكم" شرح الحديث الثلاثون (2/68-87) .
ثانياً :
ينبغي التنبه إلى أن حكم بعض العلماء بالصحة أو الضعف على حديث
معين ، قد يكون المقصود به طريقاً معينة من طرق الحديث وليس حكماً على الحديث بكل
طرقه ، بمعنى أن العالم قد يحكم على إحدى الطرق بالضعف مثلا ، ثم يحكم في مكان آخر
على طريق أخرى للحديث نفسه بالصحة ، وليس ذلك تناقضاً وإنما اختلفت الطريق المحكوم
عليها ، وهذا هو الذي وقع من الشيخ الألباني في كلامه على الحديث الذي معنا ، أنه
صححه من رواية أبي الدرداء ، وضعف إسناده من رواية سلمان الفارسي لكنه حسنه بشاهده
أي هو حسن لغيره عنده ، وليس ذلك تناقضاً بل تفصيل يقتضيه علم الحديث .
والواجب على المسلم اتباع الحق فيما يظهر له بعد البحث والاجتهاد
، فإن لم يكن له وسع في الاجتهاد اكتفى بتقليد من يثق بعلمه وأمانته من أهل العلم
المشهورين ، ولا يلتفت إلى غيره ، وهذا يعم المسائل الحديثية والفقهية .
والله أعلم .
*****
43574
هل يقول المأموم ( سمع الله لمن حمده ) عند رفعه من الركوع ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > واجبات الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4361)
سؤال رقم 43574- هل يقول المأموم ( سمع الله لمن حمده ) عند رفعه من الركوع ؟
قرأت في إحدى الملصقات أن على الإمام والمأموم عند الانتهاء من الركوع أن يقولوا : ( سمع الله لمن حمده ) ثم بعد ذلك يقول المأمومون : ( اللهم ربنا لك الحمد ) ، وهذا بخلاف ما نشأنا عليه ، أن الإمام فقط هو الذي يقول : ( سمع الله لمن حمده ) فيرد المأمومون عند الرفع من الركوع : ( اللهم ربنا لك الحمد ) . فأفتونا مأجورين .
الحمد لله
أولا :
التسميع ( وهو قول " سمع الله لمن حمده " ) عند الرفع من الركوع
والتحميد عند الاستواء قائما ( وهو قول " ربنا لك الحمد " ) سنة مستحبة عند جمهور
أهل العلم ، وذهب الحنابلة إلى وجوبها ، والصحيح القول بالوجوب .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (3/433) :
والدليل على ذلك ( يعني : الوجوب ) ما يلي :
أولا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك ، فلم يدع قول
( سمع الله لمن حمده ) في حال من الأحوال .
ثانيا : أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام .
ثالثا : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال سمع الله لمن حمده
، فقولوا : ربنا ولك الحمد ) " انتهى .
وقد سبق ذكر التسميع والتحميد في واجبات الصلاة في سؤال رقم ( 65847 )
.
ثانيا :
اتفق الفقهاء على أن المنفرد يجمع بين التسميع والتحميد ، فيقول
: ( سمع الله لمن حمده ) حين يرفع من الركوع ، فإذا استوى قائما قال : ( ربنا ولك
الحمد ) .
وقد نقل الاتفاق : الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/240) ، وابن
عبد البر في "الاستذكار" (2/178) .
وإن كان في "المغني" (1/548) ما يفيد أن هناك خلافاً في المسألة
.
ولكنهم اختلفوا في الإمام والمأموم ما الذي يشرع لكل منهما :
أما الإمام :
فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يُسَمِّعُ فقط ، ولا يسن له أن
يقول : ربنا لك الحمد .
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإمام يُسَمِّعُ ويَحمّد .
والراجح هو القول الثاني ؛ لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَالَ سَمِعَ
اللهًُ لِمَنْ حَمِدَه قَالَ : الَّلهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمدُ ) .
رواه البخاري (795) ومسلم (392) .
وقد بيَّن الحافظ ابن حجر أن استحباب تحميد الإمام مستفاد من هذا
الحديث ومن غيره .
انظر : "فتح الباري" (2/367) .
وأما المأموم :
فقد قال جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة بأن
المأموم يقتصر على التحميد فقط ، ولا يقول ( سمع الله لمن حمده ) .
وخالفهم الشافعية والظاهرية ، فقالوا باستحباب التسميع والتحميد
في حق المأموم ، وهو اختيار الألباني في "صفة الصلاة" (135) وللتوسع في أدلتهم انظر
رسالة السيوطي في "الحاوي للفتاوي" (1/35) .
والراجح – والله أعلم - هو قول الجمهور .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "لقاء الباب المفتوح" (1/320) :
" المؤتم إذا قال إمامه سمع الله لمن حمده لا يقول سمع الله لمن
حمده ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما جُعل الإمام لِيُؤتَمَّ به ،
فإذا كبَّر فكبِّروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا قال سمع الله
لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ) .
فقال ( إذا كبر فكبروا ) ( وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا
ربنا ولك الحمد ) ، ففرَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم بين التكبير وبين التسميع ،
التكبير نقول كما يقول ، والتسميع لا نقول كما يقول ، لأن قوله ( إذا قال : سمع
الله لمن حمده قولوا ربنا ولك الحمد ) بمنزلة قوله : إذا قال سمع الله لمن حمده فلا
تقولوا سمع الله لمن حمده ولكن قولوا ربنا ولك الحمد ، بدليل السياق ، سياق الحديث
الذي قال : ( إذا كبر فكبروا ) ، ومن قال مِن أهل العلم إنه يقول ( سمع الله لمن
حمده ) ويقول ( ربنا ولك الحمد ) فقوله ضعيف ، وليس أحدٌ يقبل قولُه على الإطلاق ،
ولا يُرَدُّ قولُه على الإطلاق ، حتى يُعرض على الكتاب والسنة ، ونحن إذا عرضناه
على السنة وجدنا الأمر كما سمعت " انتهى .
وانظر : "المغني" (1/548) ، "الأم" (1/136) ، "المحلى" (1/35) ، "الموسوعة
الفقهية" (27/93-94)
ويتبين بذلك أن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فلا غرابة أن
تكون بعض الملصقات قد قررت ما ذهب إليه بعض أهل العلم .
والله أعلم .
*****
43609
الحكمة من تشريع الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/4362)
سؤال رقم 43609- الحكمة من تشريع الزكاة
هل هناك حكمة معينة من تشريع الزكاة ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجب أن يُعلم أن الله تعالى لا يشرع شيئاً إلا وهو متضمن لأحسن
الحكم ، ومحقق لأحسن المصالح ، فإن الله تعالى هو العليم ، الذي أحاط بكل شيء علماً
، الحكيم ، الذي لا يشرع شيئاً إلا لحكمة .
ثانياً :
وأما الحكمة من تشريع الزكاة ، فقد ذكر العلماء حكما كثيرة لذلك
، منها :
الأولى : إتمام إسلام العبد وإكماله ؛ لأنها أحد أركان الإسلام ،
فإذا قام بها الإنسان تم إسلامه وكمل ، وهذا لا شك أنه غاية عظيمة لكل مسلم ، فكل
مسلم مؤمن يسعى لإكمال دينه .
الثانية : أنها دليل على صدق إيمان المزكي ، وذلك أن المال محبوب
للنفوس ، والمحبوب لا يبذل إلا ابتغاء محبوب مثله أو أكثر ، بل ابتغاء محبوب أكثر
منه ، ولهذا سميت صدقة ؛ لأنها تدل على صدق طلب صاحبها لرضا الله عزّ وجل .
الثالثة : أنها تزكي أخلاق المزكي ، فتنتشله من زمرة البخلاء ،
وتدخله في زمرة الكرماء ؛ لأنه إذا عود نفسه على البذل ، سواء بذل علم ، أو بذل مال
، أو بذل جاه ، صار ذلك البذل سجية له وطبيعة حتى إنه يتكدر ، إذا لم يكن ذلك اليوم
قد بذل ما اعتاده ، كصاحب الصيد الذي اعتاد الصيد ، تجده إذا كان ذلك اليوم متأخراً
عن الصيد يضيق صدره ، وكذلك الذي عود نفسه على الكرم ، يضيق صدره إذا فات يوم من
الأيام لم يبذل فيه ماله أو جاهه أو منفعته .
الرابعة : أنها تشرح الصدر ، فالإنسان إذا بذل الشيء ، ولاسيما
المال ، يجد في نفسه انشراحاً ، وهذا شيء مجرب ، ولكن بشرط أن يكون بذله بسخاء وطيب
نفس ، لا أن يكون بذله وقلبه تابع له .
وقد ذكر ابن القيم في "زاد المعاد" أن البذل والكرم من أسباب
انشراح الصدر ، لكن لا يستفيد منه إلا الذي يعطي بسخاء وطيب نفس ، ويخرج المال من
قلبه قبل أن يخرجه من يده ، أما من أخرج المال من يده ، لكنه في قرارة قلبه ، فلن
ينتفع بهذا البذل .
الخامسة : أنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل ( لا يؤمن أحدكم حتى
يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) فكما أنك تحب أن يبذل لك المال الذي تسد به حاجتك ، فأنت
تحب أن تعطيه أخاك ، فتكون بذلك كامل الإيمان .
السادسة : أنها من أسباب دخول الجنة ، فإن الجنة ( لمن أطاب
الكلام ، وأفشى السلام ، وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام ) ، وكلنا يسعى إلى
دخول الجنة .
السابعة : أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة ، فيعطف
فيه القادر على العاجز ، والغني على المعسر ، فيصبح الإنسان يشعر بأن له إخواناً
يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه ، قال تعالى : ( وَأَحْسِنْ كَمَا
أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ) القصص/77 . فتصبح الأمة
الإسلامية وكأنها عائلة واحدة ، وهذا ما يعرف عند المتأخرين بالتكافل الاجتماعي ،
والزكاة هي خير ما يكون لذلك ؛ لأن الإنسان يؤدي بها فريضة ، وينفع إخوانه .
الثامنة : أنها تطفئ حرارة ثورة الفقراء ؛ لأن الفقير قد يغيظه
أن يجد هذا الرجل يركب ما شاء من المراكب ، ويسكن ما يشاء من القصور ، ويأكل ما
يشتهي من الطعام ، وهو لا يركب إلا رجليه ، ولا ينام إلا على الأرض وما أشبه ذلك ،
لا شك أنه يجد في نفسه شيئاً .
فإذا جاد الأغنياء على الفقراء كسروا ثورتهم وهدؤوا غضبهم ،
وقالوا : لنا إخوان يعرفوننا في الشدة ، فيألفون الأغنياء ويحبونهم .
التاسعة : أنها تمنع الجرائم المالية مثل السرقات والنهب والسطو
، وما أشبه ذلك ؛ لأن الفقراء يأتيهم ما يسد شيئاً من حاجتهم ، ويعذرون الأغنياء
بكونهم يعطونهم من مالهم ، فيرون أنهم محسنون إليهم فلا يعتدون عليهم .
العاشرة : النجاة من حر يوم القيامة ، فقد قال النبي صلّى الله
عليه وسلّم : ( كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ) صححه الألباني في "صحيح
الجامع" (4510) ، وقال في الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا
ظله : ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) متفق
عليه .
الحادية عشرة : أنها تلجئ الإنسان إلى معرفة حدود الله وشرائعه ؛
لأنه لن يؤدي زكاته إلا بعد أن يعرف أحكامها وأموالها وأنصباءها ومستحقيها ، وغير
ذلك مما تدعو الحاجة إليه .
الثانية عشرة : أنها تزكي المال ، يعني تنمي المال حساً ومعنى ،
فإذا تصدق الإنسان من ماله فإن ذلك يقيه الآفات ، وربما يفتح الله له زيادة رزق
بسبب هذه الصدقة ، ولهذا جاء في الحديث : ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم
(2588) ، وهذا شيء مشاهد أن الإنسان البخيل ربما يسلط على ماله ما
يقضي عليه أو على أكثره باحتراق ، أو خسائر كثيرة ، أو أمراض تلجئه إلى العلاجات
التي تستنزف منه أموالاً كثيرة .
الثالثة عشرة : أنها سبب لنزول الخيرات ، وفي الحديث : ( ما منع
قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ) صححه الألباني في "صحيح
الجامع" (5204) .
الرابعة عشرة : ( أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ) كما ثبت ذلك عن
الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، صححه الألباني في "صحيح الجامع" (3759)
الخامسة عشرة : أنها تدفع ميتة السوء .
السادسة عشرة : أنها تتعالج ( أي تتصارع ) مع البلاء الذي ينزل
من السماء فتمنع وصوله إلى الأرض .
السابعة عشرة : أنها تكفر الخطايا ، قال الرسول صلّى الله عليه
وسلّم : ( الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) صححه الألباني في
"صحيح الجامع" (5136) .
انظر : "الشرح الممتع" (6/4-7) .
*****
4362
إضافة المرأة لاسم زوجها بعد الزواج
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/4363)
سؤال رقم 4362- إضافة المرأة لاسم زوجها بعد الزواج
السؤال :
كنت أستعرض صفحتكم ومررت على سؤال رقم 2537 والذي كان
يتحدث عن حكم تغيير لقب المرأة وقلت إنه حرام . أرجو أن تذكر الأدلة من الكتاب والسنة
على هذا الحكم إن استطعت. شكرا.
الجواب:
الحمد لله
يظهر أن مراد السائل بتغيير لقب المرأة انتسابها إلى زوجها بعد الزواج وهذا ممنوع ومحرم في الشرع لأنه لا يجوز لأحد أن ينتسب إلى غير أبيه سواء أكان رجلاً أم امرأة قال تعالى : " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من ادعى إلى غير أبيه " رواه الإمام أحمد وغيره . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43635
هل يجوز أن تتنازل عن ميراثها بدون إذن زوجها؟
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4364)
سؤال رقم 43635- هل يجوز أن تتنازل عن ميراثها بدون إذن زوجها؟
سافر زوجة لمدة أربعة شهور ، وأثناء خروجه ذهبت إلى المحكمة وتنازلت عن حقي في ميراث والدي برغبة مني وكان زوجي يعارض ذلك لسبب أنه اشترى من والدي قبل وفاته قطعة من الأرض ولم يتم التنازل بشكل رسمي وهو يخاف أن ينكر إخوتي حقه فهل أنا مخطئة ؟.
الحمد لله
للمرأة أن تتصرف في مالها كما تشاء ، إذا كانت رشيدة ، في قول
جمهور العلماء .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( فصل : وظاهر كلام الخرقي , أن
للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله , بالتبرع , والمعاوضة . وهذا إحدى الروايتين
عن أحمد . وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر . وعن أحمد رواية أخرى , ليس
لها أن تتصرف في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض , إلا بإذن زوجها . وبه قال مالك
) انتهى من المغني 4/299
راجع السؤال رقم ( 48952 )
لكن حسن العشرة مع زوجها تقتضي إعلامه وإخباره بذلك ، لاسيما إذا
كان في المسألة ما ذكرت من احتمال ضياع حقه من قبل إخوتك .
وما دمت قد تنازلت بالفعل عن ميراثك ، فاسعي الآن في إرضاء زوجك
، وتذكير إخوتك بما له من حق في أرض أبيهم ، وأنه لا سبيل إلى جحد ذلك أو إنكاره ،
لعظم شأن الحقوق ، وخطورة أكل أموال الناس بالباطل .
والله أعلم .
*****
43640
الأوقات التي دعا فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحج والعمرة
الرقائق > الدعاء >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4365)
سؤال رقم 43640- الأوقات التي دعا فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحج والعمرة
ما الأوقات التي دعا فيها النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمرته ؟.
الحمد لله
اعلم أخي السائل وفقك الله أن الحاج والمعتمر ضيوف الله ووفده
القادمون عليه ، فهو سبحانه ما دعاهم إلا ليعطيهم وما طلبهم إلا ليكرمهم .
وفي الحديث الصحيح : ( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد
الله دعاهم فأجابوه ، وسألوه فأعطاهم ) رواه ابن ماجه وانظره في السلسلة
الصحيحة (1920) .
وأعظم أعطياته لهم - وكلها عظيمة - أنهم يرجعون كيوم ولدتهم
أمهاتهم بعد أن جاءوا بالذنوب مثقلين ، وبالأوزار والخطايا متلبسين ، فما يغادرون
موقعهم ومشاعرهم إلا وقد خرجوا من الذنوب متخففين ، وبرحمة الله ورضوانه راجعين ،
بعد أن حطوا رحالهم عند باب الكريم الرحيم..
وفي الحديث الصحيح : ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من
ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .
فسبحانه ما أعظمه وأجله ! تطوى تلك الصحائف التي امتلأت بالذنوب
! بخطوات يخطوها المسلم إلى بيت الله فيا لها من رحلة من فاتته فأي شيء حصَّل ! ومن
حصلها وسار إليها فأي شيء فَقَد ! قال صلى الله عليه وسلم : ( الحج المبرور ليس له
جزاء إلا الجنة ) .
وأما الأوقات التي دعا فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في حجه وعمرته ، فهي كالآتي :
1.الدعاء عند الصفا : لما جاء في الحديث الطويل حديث جابر رضي
الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : ( فبدأ بالصفا فرقي حتى رأى
البيت فاستقبل القبلة ، فوحد الله وكبره ، وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له
، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ،
ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ) رواه مسلم (1218) .
2.الدعاء عند المروة : للحديث السابق وفيه : ( ثم نزل إلي المروة
، حتى إذا انتصبت قدماه في بطن الوادي سعى ، حتى أتى المروة ففعل على المروة كما
فعل الصفا ) رواه مسلم (1218) .
3.الدعاء عند المشعر الحرام : كما جاء في الحديث السابق وفيه : (
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة فدعاه ، وكبره ، وهلله ،
ووحده ، فلم يزال واقفاً حتى أسفر جداً ) رواه مسلم (1218) .
4.الدعاء يوم عرفه : قال عليه الصلاة والسلام : ( خير دعاء يوم
عرفة ) رواه الترمذي (3585) ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4274) .
5.الدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى : فقد روى البخاري في
صحيحه عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يرمي الجمرة
الدنيا بسبع حصيات ثم يكبر على إثر كل حصاة ، ثم يتقدم فَيُسْهِل ، فيقوم مستقبل
القبلة قياما طويلا ، فيدعو ، ويرفع يديه ، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك ، فيأخذ ذات
الشمال فَيُسْهِل ، ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا ، فيدعو ، ويرفع يديه ، ثم
يرمي جمرة ذات العقبة في بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ويقول : هكذا رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يفعل . رواه البخاري (1752)
والله أعلم .
*****
43736
بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4366)
سؤال رقم 43736- بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بشأن تحريم الغناء والموسيقى
قرأت مقالاً لأحد الكُتَّاب يتضمن إباحة الغناء والموسيقى ، والرد على من يرى تحريم ذلك ، ويحث على إعادة بث أصوات المغنين والمطربين الميتين ، تخليداً لذكراهم ، وإبقاءً للفن الذي قاموا بعمله في حياتهم ، ولئلا يحرم الأحياء من الاستماع بسماع ذلك الفن ورؤيته ، وقال : ليس في القرآن الكريم نص على تحريم الغناء والموسيقى . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ، ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج والأفراح ، ثم قال : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها البعض في منع الغناء والموسيقى لا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق عليه البعض ، ثم ذكر آراء لبعض العلماء في إباحة الغناء .
الحمد لله
قد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بيان في الرد
على هذا المقال ، ونصه :
قال علماء اللجنة الدائمة :
" للرد على هذه الشبهات تقرر اللجنة ما يلي :
أولاً : الأمور الشرعية لا يجوز الخوض فيها إلا من علماء الشريعة
المختصين المؤهلين علمياً للبحث والتحقيق ، والكاتب (الذي كتب المقال) ليس من طلاب
العلم الشرعي فلا يجوز له الخوض فيما ليس من اختصاصه ، ولهذا وقع في كثير من
الجهالات ، القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم ، وهذا
كسب للإثم ، وتضليل للقراء ، كما لا يجوز لوسائل الإعلام من الصحف والمجلات وغيرها
أن تفسح المجال لمن ليس من أهل العلم الشرعي أن يخوض في الأحكام الشرعية ويكتب في
غير اختصاصه حماية للمسلمين في عقائدهم وأخلاقهم .
ثانياً : الميت لا ينفعه بعد موته إلا ما دل عليه دليل شرعي ومن
ذلك ما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ
انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ،
أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه
مسلم (1631) . وأما المعاصي ، التي عملها في حياته ومات وهو غير
تائب منها – ومنها الأغاني – فإنه يعذب بها إلا أن يعفو الله عنه بمنه وكرمه . فلا
يجوز بعثها وإحياؤها بعد موته لئلا يلحقه إثمها زيادة على إثم فعلها في حياته ، لأن
ضررها يتعدى إلى غيره ، كما قال عليه الصلاة والسلام : ( وَمَنْ سَنَّ فِي
الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا
مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ) رواه
مسلم (1017) .
ثالثاً : وأما قوله : ( ليس في القرآن الكريم نص على تحريم
الغناء ) والموسيقى فهذا من جهله بالقرآن . فإن الله تعالى قال : ( وَمِنَ النَّاسِ
مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لقمان/6 .
قال أكثر المفسرين : معنى (لَهْوَ الْحَدِيثِ ) في الآية الغناء
.
وقال جماعة آخرون : كل صوت من أصوات الملاهي فهو داخل في ذلك
كالمزمار والربابة والعود والكمان وما أشبه ذلك ، وهذا كله يصد عن سبيل الله ،
ويسبب الضلال والإضلال .
وثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل أحد علماء
الصحابة رضي الله عنهم أنه قال في تفسير الآية : إنه والله الغناء . وقال : إنه
ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
وجاء في المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم الغناء وآلات
اللهو والطرب ، وأنها وسيلة إلى شرور كثيرة وعواقب وخيمة ، وقد بسط العلامة ابن
القيم رحمه الله في كتابه ( إغاثة اللهفان ) الكلام في حكم الأغاني وآلات اللهو .
رابعاً : قد كذب الكاتب على النبي صلى الله عليه وسلم حيث نسب
إليه أنه كان يستمع إلى الغناء والموسيقى ويأمر بهما في الأعياد والمناسبات كالزواج
والأفراح ، فإن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص للنساء خاصة فيما بينهن بضرب
الدف والإنشاد المجرد من التطريب وذكر العشق والغرام والموسيقى وآلات اللهو مما
تشمل عليه الأغاني الماجنة المعروفة الآن ، وإنما رخص بالإنشاد المجرد عن هذه
الأوصاف القبيحة مع ضرب الدف خاصة دون الطبول وآلات المعازف لإعلان النكاح ، بل صح
في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري أنه حرم المعازف بجميع
أنواعها وتوعد عليها بأشد الوعيد ، كما في صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ
يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ، وَلَيَنْزِلَنَّ
أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ (أي جبل) يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ ،
يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا
، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً
وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )
والمعازف : الغناء وجميع آلاته .
فذم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم من يستحلون الحر وهو
الزنا ، ويستحلون لبس الحرير للرجال ، وشرب الخمور ، ويستمعون الغناء وآت اللهو .
وقرن ذلك مع الزنا والخمر ولبس الرجال للحرير مما يدل على شدة تحريم الغناء وتحريم
آلات اللهو .
خامساً : وأما قوله : وهناك أحاديث ضعيفة يستند إليها من منع
الغناء والموسيقى ولا يصح أن تنسب للصادق الأمين لتغليب رأي أو منع أمر لا يوافق
عليه البعض ـ فهذا من جهله بالسنة ، فالأدلة التي تحرم الغناء بعضها في القرآن ،
وبعضها في صحيح البخاري ، كما سبق ذكره ، وبعضها في غيره من كتب السنة ، وقد
اعتمدها العلماء السابقون واستدلوا بها على تحريم الغناء والموسيقى .
سادساً : ما ذكره عن بعض العلماء من رأي في إباحة الغناء فإنه
رأي مردود بالأدلة التي تحرم ذلك ، والعبرة بما قام عليه الدليل لا بما خالفه ،
فكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالواجب على هذا الكاتب أن يتوب إلى الله تعالى مما كتب ، ولا
يقول على الله وعلى رسوله بغير علم ، فإن القول على الله بغير علم قرين الشرك في
كتاب الله .
وفق الله الجميع لمعرفة الحق والعمل به .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه " انتهى بتصرف
يسير .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
*****
43737
إمامهم ألثغ ، وبعض المأمومين يخفي أنه أقرأ
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4367)
سؤال رقم 43737- إمامهم ألثغ ، وبعض المأمومين يخفي أنه أقرأ
إمامنا يبدل بعض الحروف ببعض ، وفينا من يحسن القراءة ويحفظ جزءاً كبيراً من القرآن.
فما حكم إمامة الموصوف ؟ وما حكم المأموم الأحسن حفظا وقراءة عند عدم الإفصاح عن إجادته وحفظه للقرآن ؟.
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 50536 )
أن العلماء اختلفوا في حكم إمامة الألثغ ( وهو من يبدل بعض الحروف ببعض ) ، وأن
الصحيح صحة إمامته ، لكن الأولى أن يقدم من يقرأ قراءة صحيحة .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إذا صَلَّى أُمِّيٌّ لا يَعرفُ الفاتحةَ بأُمِّيٍّ مثله (
والمراد بالأمي هنا من لا يحسن قراءة الفاتحة ) : فصلاتُه صحيحةٌ لمساواتِه له في
النَّقْصِ ، ولو صَلَّى أُمِّيٌّ بقارئ ( والمراد بالقارئ من يحسن قراءة الفاتحة )
: فإنَّه لا يَصحُّ ، وهذا هو المذهبُ .
وتعليل ذلك : أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ ، فكيف
يأتمُّ الأعلى بالأدنى .
والقول الثاني - وهو رواية عن أحمد - : أنه يَصحُّ أن يكون
الأُمِّيُّ إماماً للقارئ ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها ؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن
المخالفةِ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ )
ومراعاةً للخِلافِ .
" وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته "
أي : إنْ قَدِرَ الأُمِّيُّ على إصلاح اللَّحنِ الذي يُحيلُ
المعنى ولم يُصلِحْهُ : فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ ، وإن لم يَقْدِرْ : فصلاتُه
صحيحةٌ دون إمامتِه إلا بمثلِه .
ولكن الصحيحُ : أنَّها تصحُّ إمامتُه في هذه الحالِ ؛ لأنَّه
معذورٌ لعجزِه عن إقامةِ الفاتحةِ ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم
) وقال : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ، ويوجد في بعضِ الباديةِ مَن لا
يستطيعُ أنْ ينطِقَ بالفاتحة على وَجْهٍ صحيحٍ ، فرُبَّما تسمعُه يقرأ " أَهدنا "
ولا يمكن أنْ يقرأَ إلا ما كان قد اعتادَه ، والعاجزُ عن إصلاح اللَّحنِ : صلاتُه
صحيحةٌ ، وأما مَن كان قادراً : فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ ، إذا كان يُحيلُ المعنى .
" الشرح الممتع " ( 4 / 248 ، 249 ) .
ولا ينبغي تقديم من لا يحسن القراءة ولو كان حافظاً ، بل الذي
يقدَّم في الإمامة هو من يحسن القراءة وذلك بإخراج الحروف من مخارجها ، ويكون مع
ذلك على علم بفقه أحكام الصلاة .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
قوله : " الأولى بالإِمامة الأقرأ العالم فقه صلاته " هل المرادُ
بالأقرأ الأجودُ قِراءة ً، وهو الذي تكون قراءتُه تامَّةً ، يُخرِجُ الحروفَ مِن
مخارِجِها ، ويأتي بها على أكملِ وجهٍ ، أو المرادُ بالأقرأ الأكثرُ قراءةً ؟
الجواب : المراد : الأجودُ قِراءةً ، أي : الذي يقرؤه قراءةً
مجوَّدةً ، وليس المراد التجويد الذي يُعرف الآن بما فيه مِن الغنَّةِ والمدَّاتِ
ونحوها ، فليس بشرطٍ أن يتغنَّى بالقرآن ، وأن يحسِّنَ به صوتَه ، وإن كان الأحسنُ
صوتاً أَولى ، لكنه ليس بشرط .
وقوله : " العالم فقه صلاته " أي : الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ ،
بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على
الأحكامِ الشرعيَّةِ . . .
وهذا في ابتداء الإمامة ، أي : لو حَضَرَ جماعةٌ ، وأرادوا أن
يقدِّموا أحدَهم ، أما إذا كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ فهو أَولى بكلِّ حالٍ ما دام لا
يوجدُ فيه مانعٌ يمنعُ إمامتَه .
" الشرح الممتع " ( 4 / 205 ، 206 ) باختصار .
ثانيا :
لا ينبغي لمن يحسن القراءة أن يخفي نفسه ، ويقدم من لا يحسن
القراءة ، فإن في ذلك مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ
أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ . . . الحديث ) رواه مسلم (673) .
قَوْلُهُ : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : بِمَعْنَى
الأَمْرِ ، أَيْ : لِيَؤُمَّهُمْ .
وقال الحافظ في " الفتح" :
وَلا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيم الأَقْرَأ إِنَّمَا هُوَ
حَيْثُ يَكُون عَارِفًا بِمَا يَتَعَيَّن مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَحْوَال الصَّلاة ,
فَأَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلا بِذَلِكَ فَلا يُقَدَّمُ اِتِّفَاقًا . انتهى .
*****
43738
ليس هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة الترويح
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/4368)
سؤال رقم 43738- ليس هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة الترويح
هل هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة التراويح ؟.
الحمد لله
ليس هناك قدر معين لا بد من قراءته في صلاة التراويح ، غير أنه
كلما أطال كان أفضل ، ما لم يصل إلى حد يشق على المأمومين .
قال الألباني رحمه الله :
" وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره ، فلم
يَحُدَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة ، أو نقص ، بل كانت
قراءته صلى الله عليه وسلم فيها تختلف قصراً وطولاً ، فكان تارة يقرأ في كل ركعة
قدر ( يا أيها المزمل ) ، وهي عشرون آية ، وتارة قدر خمسين آية ، وكان صلى الله
عليه وسلم يقول : ( من صلى في ليلة بمئة آية لم يُكْتَبْ من الغافلين ) .
وفي حديث آخر :
( ... بمئتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ) .
وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال ، وهي
سورة ( البقرة ) ، و ( آل عمران ) ، و ( النساء ) ، و ( المائدة ) ، و ( الأنعام )
، و ( الأعراف ) ، و ( التوبة ) .
وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي عليه الصلاة والسلام
أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة ( البقرة ) ثم ( النساء ) ثم ( آل عمران
) ، وكان يقرؤها مترسلاً متمهلاً .
وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أُبّيَّ بن كعب أن
يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان ، كان أُبيٌّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين ، حتى
كان الذي خلفه يعتمدون على العِصِي من طول القيام ، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل
الفجر .
وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القُرَّاءَ في رمضان ، فأمر أسرعهم
قراءة أن يقرأ ثلاثين آية ، والوسط خمساً وعشرين آية ، والبطيء عشرين آية .
وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطول ما شاء ، وكذلك إذا كان
معه من يوافقه ، وكلما أطال فهو أفضل ، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يُحيي
الليل كله إلا نادراً ، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل : ( وخير الهدي
هدي محمد ) .
وأما إذا صلى إماماً ، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة ، فإن فيهم الصغير
والكبير وفيهم الضعيف ، والمريض ، وذا الحاجة ، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء )
" انتهى من رسالة قيام رمضان .
وانظر السؤال رقم : ( 66504 ) .
*****
43739
هل يعق عن المولود الذي ولد ثم توفي مباشرة
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >(1/4369)
سؤال رقم 43739- هل يعق عن المولود الذي ولد ثم توفي مباشرة
رزقني الله مولودة وتوفيت بعد ساعتين ، فهل أعقّ عنها ؟.
الحمد لله
تشرع لها العقيقة لعموم الأدلة الدالة على ذلك ، ومنها :
1- عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى " . رواه الترمذي ( 1515 ) والنسائي ( 4214 ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في
" الإرواء " ( 4 / 396) .
2. عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " كل غلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ،
ويحلق رأسه " . رواه الترمذي ( 1522 ) والنسائي ( 4220 ) وأبو داود ( 2838 )
. وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " الإرواء " ( 4 / 385 ) .
وإذا لم يكن من المناسب دعوة الناس للاجتماع على طعام العقيقة
لأجل الوفاة فيكفيكم الصدقة منها والأكل منها والإهداء .
والله اعلم .
*****
43772
هل يفطر بسبب مشقة العمل ؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4370)
سؤال رقم 43772- هل يفطر بسبب مشقة العمل ؟
هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان ؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة .
الحمد لله
أفتى بعض العلماء بجواز الفطر لهؤلاء ، ثم أرسلت الفتوى للشيخين
عبد الله بن محمد بن حميد ، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله للتعقيب عليها ، فقالا
:
" الأصل وجوب صوم رمضان ، وتبييت النية له من جميع المكلفين من
المسلمين ، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين ، وهم
المرضى والمسافرون ومن في معناهم ، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين
وليسوا في معنى المرضى والمسافرين ، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا
صائمين ، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم
يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب ، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار
في الصيام ، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ، وما دل عليه كلام
المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب .
وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة
أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل – إن أمكن – ما يضطرهم إلى
الفطر في نهار رمضان ، بأن يجعل العمل ليلاً أو توزع ساعات العمل في النهار بين
العمال توزيعاً عادلاً يوفقون به بين العمل والصيام .
أما الفتوى المشار إليها فهي في قضية فردية أفتوا فيها باجتهادهم
مشكورين إلا أنه فاتهم ذكر القيود التي ذكرنا ، والتي قررها المحققون من أهل العلم
في كل مذهب ، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير " انتهى .
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله ، رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس
العام للإشراف الديني على المسجد الحرام .
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الرئيس العالم لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/245) .
والله أعلم .
*****
43775
بيان من اللجنة الدائمة في التحذير من برنامج ستار أكاديمي وما شابهه من البرامج
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4371)
سؤال رقم 43775- بيان من اللجنة الدائمة في التحذير من برنامج ستار أكاديمي وما شابهه من البرامج
ما حكم مشاهدة برنامج ستار أكاديمي ؟ وهل يجوز المشاركة في هذا البرنامج عن طريق الاتصال به والتصويت ؟.
الحمد لله
صدر من اللجنة الدائمة بيان في التحذير من برنامج ستار أكاديمي ،
وجميع برامج ما يسمى بـ : تلفزيون الواقع " التي تحرص على عرض صور من حياة الناس
بما فيها من فساد لكي يقلِّدها المسلمون ويتأثروا بما فيها من فساد ، ننقله لما فيه
من الفائدة .
" بيان في التحذير من برنامج " ستار أكاديمي " وما شابهه من
البرامج
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على
الاستفتاءات الواردة إليها من عدد من الغيورين عن البرنامج الذي تبثه بعض القنوات
الفضائية العربية المسمى " ستار أكاديمي " وما شابهه من البرامج ، وبعد دراسة
الموضوع رأت اللجنة تحريم بث هذه البرامج ومشاهدتها وتمويلها ، والمشاركة فيها
والاتصال عليها للتصويت أو لإظهار الإعجاب بها ، وذلك لما اشتملت عليه تلك البرامج
من استباحة للمحرمات المجمع على تحريمها ، والمجاهرة بها ، ففي الحديث قال صلى الله
عليه وسلم : ( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ
وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ) رواه البخاري من حديث أبي مالك
الأشعري رضي الله عنه ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كُلُّ
أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ
يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ
عَلَيْهِ ، فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا !!
وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . وأي
مجاهرة بالمحرمات والفواحش تفوق ما تبثه هذه البرامج التي اشتملت على جملة من
المنكرات العظيمة ، من أهمها :
أولاً :
الاختلاط بين الجنسين من الذكور والإناث ، وقد قال الله عز وجل :
( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ
أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب/53 . وفي
الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : ( لا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا ) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب . فكيف بهذه البرامج التي تقوم فكرتها الرئيسة على خلط الجنسين من
الذكور والإناث وإزالة الحواجز فيما بينهم ، مع ما عليه الإناث من التبرج والسفور
وإظهارٍ للمفاتن مما يسبب الشر والبلاء . وقد قال الله عز وجل : ( وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى
جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ . . . ) النور/31 .
ثانياً :
الدعوة الصريحة للفاحشة ووسائلها ، قال الله عز وجل : ( إِنَّ
الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ) النور/19 .
ثالثاً :
الدعوة إلى إماتة الحياء وقتل الغيرة في قلوب المسلمين بألفة
مشاهدة هذه المناظر المخزية التي تهيج الغرائز ، وتبعد عن الأخلاق والفضائل ، ففي
الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ
النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ ) رواه البخاري من
حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه
قال : ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ
الإِيمَانِ ) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،
وعنه صلى الله عليه وسلم أيضاً : ( أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ؟ لأَنَا
أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ) رواه البخاري من حديث المغير
بن شعبة رضي الله عنه .
ولا يكفي في ذلك - أيها المسلم - أن تترك المشاركة في هذه
البرامج والنظر إليها ، بل يجب عليك النصح والتذكير لمن تعلم أنه يشارك فيها بأي
وجه من الوجوه ، لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى ، والتناهي عن الإثم
والعدوان .
كما تدعو اللجنة التجار الممولين لهذه البرامج أن يتقوا الله
تعالى فيما منَّ الله عليهم من نعمة الأموال فلا يستخدموها فيما يدمر شباب الأمة ،
ويهدم شعائر الدين ، ويخدم أعداء الإسلام ، فإن ذلك من كفران النعم وهو سبب في
زوالها .
ولا يخفى أن هذه البرامج وأمثالها هي من أسباب جلب المصائب
والبلايا على الإسلام والمسلمين ، يقول الله عز وجل : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) الشورى/30 .
وفي الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه
وسلم دخل عليها فزعاً يقول : ( لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ
شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ
هَذِهِ ، وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا . قَالَتْ
زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنَهْلِكُ وَفِينَا
الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ) .
نسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعصمنا وسائر
المسلمين من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن لا يؤخذنا بما فعل السفهاء منا
، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين " .
*****
43778
أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4372)
سؤال رقم 43778- أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟
أيهما أصح " تفسير ابن كثير " أو " تفسير الطبري " ؟.
الحمد لله
كل واحد من هذين التفسيرين لعالم جليل من علماء أهل السنة ، ولا
يزال العلماء ينصحون باقتنائهما ، ولكل واحدٍ منهما ميزات تجعل طالب العلم لا
يستطيع تفضيل واحدٍ منهما على الآخر ، وهذه بعض اللمحات عن التفسيرين :
1. " تفسير الطبري "
- ولد الإمام محمد بن جرير الطبري عام 224 هـ وتوفي عام 310 هـ
عن ستة وثمانين عاماً في إقليم طبرستان .
- سمى تفسيره " جامع البيان في تأويل آي القرآن " .
- قال أبو حامد الإسفرايني : لو سافر مسافر إلى الصين من أجل
تحصيله ما كان ذلك كثيراً في حقه .
" طبقات المفسرين " للداودي ( 2 / 106 ) .
وقال ابن خزيمة : نظرت فيه من أوله إلى آخره ، وما أعلم على أديم
الأرض أعلم من ابن جرير.
" سير أعلام النبلاء " ( 14 / 273 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما التفاسير التي في أيدي الناس
: فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري ؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ،
وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين ، كمقاتل بن بكير والكلبي .
" مجموع الفتاوى " ( 13 / 358 ) .
وقال أيضاً في "مقدمة في أصول التفسير" (ص 39) عن تفسير ابن جرير
:
من أجل التفاسير وأعظمها قدراً . انتهى .
- اعتمدَ أقوال ثلاث طبقات من طبقات مفسري السلف ، وهم الصحابة ،
والتابعون ، وأتباع التابعين ، ويذكر أقوالهم بأسانيده إليهم ، وهذه ميزة عظيمة في
كتابه ، لا توجد في كثير من كتب التفسير الموجودة بين أيدينا ، غير أن هذه الميزة
لا تتناسب مع عامة المسلمين الذين ليس لديهم القدرة على البحث في الأسانيد ومعرفة
الصحيح من الضعيف ، وإنما يريدون الوقوف على صحة السند أو ضعفه بكلام واضح بَيِّن
مختصر .
- فإذا انتهى من عرضِ أقوالِهم : رجَّحَ ما يراه صوابًا ، ثمَّ
يذكر مستندَه في الترجيحِ .
2. " تفسير ابن كثير "
- هو أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي ، توفي في عام 774 هـ .
- سمى تفسيره " تفسير القرآن العظيم " .
- قال السيوطي رحمه الله في حق هذا التفسير : لم يؤلَّف على نمطه
مثله .
" تذكرة الحفاظ " ( ص 534 ) .
- وتفسيره من التفسير بالمأثور – الآية والحديث - ، وشهرته تعقب
شهرة الطبري عند المتأخرين .
- سهل العبارة ، جيد الصياغة ، ليس بالطويل الممل ، ولا بالقصير
المخل .
- يفسِّر الآية بالآية ، ويسوق الآيات المتناسبة مع ما يفسره من
الآيات ، ثم يسرد الأحاديث الواردة في موضوع الآية ، ويسوق بعض أسانيدها وبخاصة ما
يرويه الإمام أحمد في مسنده ، وهو من حفظة المسند ، ويتكلم على الأحاديث تصحيحاً
وتضعيفاً– غالباً – وهي ميزة عظيمة في تفسيره ، ثم يذكر أقوال السلف من الصحابة
والتابعين ، ويوفق بين الأقوال ، ويستبعد الخلاف الشاذ .
قال عنه محمد بن جعفر الكتاني : إنه مشحون بالأحاديث والآثار
بأسانيد مخرجيها مع الكلام عليها صحةً وضعفاً .
" الرسالة المستطرفة " ( ص 195 ) .
- نبَّه على الموقف الشرعي من الروايات الإسرائيلية ، ونبَّه على
بعضها خلال تفسيره لبعض الآيات .
والخلاصة :
أنه لا غنى لطالب العلم عن الكتابين ، وأنه عند المفاضلة بينهما
: فإن تفسير ابن جرير لم يؤلَّف بعده مثله ، وهو زاد للعلماء وطلبة العلم ، لكنه لا
يصلح لعامة الناس لعدم صلاحيتهم هم له ، وتفسير ابن كثير أقرب لأن يوصى به عوام
الناس ، وفيه من الفوائد للعلماء وطلبة العلم الشيء الكثير .
والله أعلم .
*****
43795
يجوز لمن تعاني من الوسواس في الصلاة إمامة النساء في صلاة التراويح
الفقه > عبادات > الصوم > صلاة التروايح وليلة القدر >(1/4373)
سؤال رقم 43795- يجوز لمن تعاني من الوسواس في الصلاة إمامة النساء في صلاة التراويح
هل يجوز لمن تعاني من الوسواس في الصلاة أن تصلي بأخواتها صلاة التراويح وتأمُّهن في البيت ؟.
الحمد لله
لا بأس أن تصلي هذه المرأة بأخواتها صلاة التراويح جماعة ،
وتؤمهن ما دامت قائمة بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها ، ولعل هذه الإمامة تعينها
على ضبط نفسها ، وعدم الاستجابة للوسوسة .
والمتوقع أن الشكوك ستنحسر ، وضبطها للصلاة سيزيد مع وجود
الجماعة اللاتي يصلين خلفها .
والله أعلم .
*****
43819
تحريم تلقي البضائع من أصحابها قبل وصولها إلى السوق
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
سؤال رقم 43819: تحريم تلقي البضائع من أصحابها قبل وصولها إلى السوق
ما حكم تلقي البضائع من أصحابها في الشارع قبل دخولها الحراج والشراء منه ؟.
الحمد لله
" يحرم تلقي أصحاب البضائع في الشارع قبل دخولهم الأماكن المعدة
لعرض السلع وبيعها ؛ لأن ذلك داخل في مسألة الركبان المنهي عنه ؛ للحديث الذي أخرجه
الإمام أحمد والذي جاء فيه : ( ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها السوق ) , وأخرجه
البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (4/373) , وما أخرجه البخاري
في صحيحه عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا نتلقى الركبان ,
فنشتري منهم الطعام , فنهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى يبلغ به سوق
الطعام ) , وفي لفظ آخر عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال : ( كانوا يبتاعون
الطعام في أعلى السوق , فيبيعونه في مكانه , فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه ) , وفي رواية لمسلم : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( لا تلقوا الجلب , فمن تلقاه فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو
بالخيار ) , وعلى ذلك فإن السلعة إذا لم يهبط بها صاحبها إلى السوق المعد لبيعها
فيه فإنه يحرم تلقي أصحابها , ومن تلقاها قبل بلوغه السوق فإنه آثم , وعاصٍ لله
تعالى , إذا كان عالماً بالتحريم ؛ لما فيه من الخداع والتغرير بالبائع , والإضرار
بأهل السوق , وإذا ثبت هذا وحصل غَبْن للبائع ( أي : خداع في الثمن) لم تجر العادة
بمثله , فللبائع الخيار بين إمضاء البيع وبين فسخ البيع , وذلك داخل في خيار الغبن
" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/122) .
*****
43840
حقيقة المهدي وترتيب أشراط الساعة
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > أشراط الساعة >(1/4374)
سؤال رقم 43840- حقيقة المهدي وترتيب أشراط الساعة
من هو الإمام المهدي أو من سيكون ؟ وهل هناك أي دليل على خروجه من القرآن والسنة ؟ ما هو ترتيب ظهور علامات القيامة بما فيها خروج المهدي وفتنة الدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام ؟ أرجو الإجابة بالتفصيل .
الحمد لله
الإمام المهدي هو رجل صالح من ذرية محمد صلى الله عليه وسلم ،
يكون في آخر الزمان ، يصلح الله به أمر الناس ، ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت
ظلما وجورا ، واسمه على اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، واسم أبيه على اسم أبي
النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو محمد بن عبد الله المهدي ، أو أحمد بن عبد الله
المهدي ، وينتهي نسبه إلى فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو من ذرية
الحسن بن علي رضي الله عنهم ، وعلامة ظهوره فساد الزمان ، وامتلاء الأرض بالظلم
والعدوان .
وقد دل على ظهوره وأوصافه التي ذكرنا أهمها عدة أحاديث ، بلغت في
مجموعها التواتر المعنوي ، وهي مبينة ومفصلة في السؤال رقم ( 1252 )
أما ترتيب أشراط الساعة فقد اختلف العلماء فيه ، وسبب اختلافهم
أنه لم يرد ترتيب لها في السنة ، لكن استنبط العلماء ترتيب بعض الأحداث على ما يلي
:
1- ظهور أشراط الساعة الصغرى ، وهي كثيرة جدا ، وليس بينها ترتيب
معين ، فمنها : بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وموته ، وطاعون عمواس ، وظهور الفتن
، وضياع الأمانة ، وقبض العلم ، وظهور الجهل ، وانتشار الربا والزنا والمعازف
والخمور ، واستحلالها ، والتطاول في النبيان ، وكثرة القتل ، وتقارب الزمان ،
وزخرفة المساجد ، وظهور الشرك ، وانتشار الفحشاء ، وكثرة الشح ، وكثرة الزلازل ،
وظهور الخسف والمسخ والقذف ، وذهاب الصالحين ، وصدق رؤيا المؤمن ، والتهاون بالسنن
، وكثرة الكذب ، وكثرة شهادة الزور ، وكثرة موت الفجأة ، وكثرة المطر وقلة النبات ،
وتمني الموت ، وكثرة الروم وقتالهم ، وغير ذلك مما وردت به جملة الأحاديث الثابتة
عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
2- خروج المهدي ، ويكون ظهوره قبل خروج الدجال وقبل نزول عيسى
ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، ويدل لذلك حديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا ،
فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة " أخرجه الحارث بن أبي أٍسامة
في مسنده ، وقال ابن القيم في المنار المنيف (1/147) إسناده جيّد . والحديث أصله في
صحيح مسلم بدون تسميه الأمير بلفظ : " .. فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ
لا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الأُمَّةَ .
" رواه مسلم برقم 225 ، فيأتم عيسى عليه السلام بالمهدي مما يدل على أنه قبل عيسى ،
وعيسى يقتل الدجال ، مما يدل على أن الدجال يخرج في زمن المهدي . ( انظر السؤال رقم 10301 )
3- خروج الدجال . ( انظر تفاصيل خروجه في السؤال رقم 8806 ، 171 ، 8301 )
4- نزول عيسى ابن مريم وقتله للدجال . ( انظر السؤال رقم 10302 )
5- خروج يأجوج ومأجوج ، ومما يدل على أن خروج يأجوج ومأجوج يكون
في زمن عيسى عليه السلام حديث النواس بن سمعان أن النبيى صلى الله عليه وسلم حدثهم
حديثا عن الدجال وقال فيه :" فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت
عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم
من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم
فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء " [ رواه مسلم برقم 2937 ] (
انظر السؤال رقم 171 ، 3437 )
ثم تتوالى أشراط الساعة بسرعة ، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :( خروج الآيات بعضها على أثر بعض يتتابعن كما
تتابع الخرز في النظام ) [ رواه الطبراني في معجمه الأوسط وصححه الألباني في
صحيح الجامع ] ، فتطلع الشمس من مغربها ، وتخرج الدابة ، ويظهر
الخسف وغير ذلك من العلامات الكبرى ، نسأل الله الثبات حتى الممات ، والله أعلم .
للمزيد انظر ( المهدي المنتظر للدكتور عبد العليم البستوي 1 / 356 ، أشراط
الساعة ليوسف الوابل ص 249 ، السؤال رقم ( 3259 ) ) .
*****
4395
نصراني يسأل عن طبيعة الروح وحدودها
التاريخ والسيرة > بدء الخلق وعجائب المخلوقات >(1/4375)
سؤال رقم 4395- نصراني يسأل عن طبيعة الروح وحدودها
السؤال :
بالنسبة للإسلام ما هو الروح ؟ فمثلا من خلق الروح وما هي حدودها ؟
الجواب:
الحمد لله
الله خالق كل شيء ، والروح مخلوقة كسائر المخلوقات ، وعلم حقيقتها وكنهها من اختصاص الله عزّ وجلّ ، استأثر عزّ وجلّ بعلمه كما جاء في حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالَ مَا رَأْيُكُمْ إِلَيْهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقُمْتُ مَقَامِي فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا ) ، رواه البخاري ، وقد وصف الله تعالى في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته الروح بجملة أوصاف منها : القبض والوفاة ، وأنها تصفد وتكفن وتجيء وتذهب ، وتصعد وتهبط وأنها تسل كما تسل الشعرة من العجين .. فالواجب إثبات هذه الصفات الواردة في الوحيين ، مع أن الروح ليست كالبدن .
والله تعالى خلق آدم ونفخ فيه الرّوح كما جاء في القرآن الكريم وفي حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ إِلَى مَلإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ فَقُلْ السَّلامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ بَيْنَهُمْ .. رواه الترمذي وحسّنه : سنن الترمذي 3290
والله يرسل الملَك لنفخ الرّوح في الجنين كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ . رواه مسلم 4781
وروح الميت تُقبض من الأسفل من أصابع الرجلين إلى الأعلى فإذا وصلت الرّوح الحلقوم غرغر المحتضر ويشخص بصره ويتجّه إلى فوق : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ … رواه مسلم 1528
وتتلقاها الملائكة : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّتْ الْمَلائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَالُوا أَعَمِلْتَ مِنْ الْخَيْرِ شَيْئًا قَالَ كُنْتُ آمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنْ الْمُوسِرِ قَالَ قَالَ فَتَجَاوَزُوا عَنْهُ . رواه البخاري 1935
ويصعد بها إلى السماء بعد قبضها ملكان كما جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا .. فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ قَالَ وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ فَيُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَقُولُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ قَالَ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ .. وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا وَذَكَرَ لَعْنًا وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ قَالَ فَيُقَالُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَيْطَةً كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا . رواه مسلم 5119
وجاء في خروج الرّوح أيضا مزيد من التفصيل في حديث الإمام أحمد رحمه الله عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ وَكَأَنَّ عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرَ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاّ قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا
فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ دِينِيَ الإِسْلامُ فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي قَالَ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ الْمُسُوحُ فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ
الْمَوْتِ حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ قَالَ فَتُفَرَّقُ فِي جَسَدِهِ فَيَنْتَزِعُهَا كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ مِنْ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَجْعَلُوهَا فِي تِلْكَ الْمُسُوحِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَنْتَنِ رِيحِ جِيفَةٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لَهُ فَلا يُفْتَحُ لَهُ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي سِجِّينٍ فِي الأَرْضِ السُّفْلَى فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا ثُمَّ قَرَأَ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا دِينُكَ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى النَّارِ فَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا
وَسَمُومِهَا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلاعُهُ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ قَبِيحُ الثِّيَابِ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَيَقُولُ أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُوءُكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ فَيَقُولُ مَنْ أَنْتَ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالشَّرِّ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ فَيَقُولُ رَبِّ لا تُقِمْ السَّاعَةَ . مسند الإمام أحمد 17803 وهو حديث صحيح .(1/4376)
وفي آخر الزمان يُرسل الله ريحا تقبض روح كلّ مؤمن ، كما جاء في حديث النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ( وحدّث بحديث الدجال ونزول عيسى عليه السلام وطيب العيش في حياة عيسى وبعده وسعادة الناس في ذلك الوقت ) قال : فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ . رواه مسلم 5228
وعند النوم - وهو الوفاة الصّغرى - تقبض الرّوح لكن ليس قبضا كليا ولذلك يبقى النائم على قيد الحياة ، قال تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(42) الزمر .
وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصي المسلم : إِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ . ) رواه الترمذي 3323 وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ
هذه طائفة من الآيات والأحاديث الصحيحة في وصف أحوال للروح لعلّك أيها السائل تجد فيها موعظة تهتدي بها إلى طريق الحقّ ودين الإسلام وشكرا لك على سؤالك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4399
المكان المستأجر للصلاة هل يأخذ حكم المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4377)
سؤال رقم 4399- المكان المستأجر للصلاة هل يأخذ حكم المسجد
السؤال : عندنا محل مستأجر اتخذناه كمصلى نصلي فيه الفروض الخمس ويوم الجمعة. هذا المكان لا يملكه مسلمون فهو بالأحرى مستأجر.
هل هذا المكان يأخذ أحكام المسجد أم لا. على سبيل المثال هل يلزمنا أداء تحية المسجد كل مرة ندخل. هل يجوز للمرأة أن تدخله في فترة حيضها وهكذا.
وأمر آخر وهو أننا نبيع بعض الكتابات من بعض الدكاكين على السلمين لتسديد جزء من الإيجار. هذا يحدث عادة في المصلى حيث يتم الإعلان عنها بعد صلاة الجمعة ويأتي المسلمون لشرائها. ما حكم هذا؟ هل يعتبر هذا تجارة لا تجوز في هذا المكان؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب :
هذا ليس له حكم المسجد ، هذا مصلى بدليل أنه مملوك للغير وأن مالكه له أن يبيعه ، فهو مصلى وليس مسجدا فلا تثبت له أحكام المسجد .
سؤال :
هل يسمح فيه ببيع الكتيبات والإعلانات التجارية ، أم أن ذلك لا يليق حتى بالمصلى ؟
الجواب :
أرى أنه لا يليق حتى بالمصلى ، لأن هذا يلهي عن ذكر الله ، ويوجب التشويش على من يصلي فيه .
سؤال :
وأما حضور الحائض فيه فلا بأس ؟
جواب :
نعم ، أما مكث الحائض فيه فلا بأس .
سؤال :
ولا تشرع تحية المسجد ؟
الجواب :
ولا تشرع ، لكن له أن يصلي سنة عادية .
سؤال :
يعني بين كل أذانين صلاة ؟
الجواب :
نعم .
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
44018
هل النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِر في الإنجيل
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4378)
سؤال رقم 44018- هل النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِر في الإنجيل
أرجو أن تخبرني أين ذُكر النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل ؟ وهل تم ذكر اسمه أم رمز له ؟ وما هي المراجع التي يمكن أن أستعملها لأثبت هذه المسألة ، وهل الكُتاب والمترجمون النصارى قد حرفوا ذلك ؟.
الحمد لله
قال الله تعالى في كتابه : ( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني
إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من
بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف /6
وقال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه
مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم
الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين
آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ) الأعراف/157
فهاتان الآيتان تدلان على أن النبي صلى الله عليه وسلم مذكور في
التوراة والإنجيل ، مهما أدعى اليهود والنصارى عدم ذلك ، فإن كلام الله تعالى أحسن
حديثا ، وأصدق قيلا .
ومما وورد في الكتاب السابقة ما يلي :
أولا : جاء في التوراة في سفر التثنية الإصحاح الثامن عشر
الفقرات 18و19 : " يا موسى أني سأقيم لبني إسرائيل نبيا من إخوتهم مثلك أجعل كلامي
فيه ويقول لهم ما أمره به والذي لا يقبل قول ذلك النبي الذي يتكلم باسمي أنا أنتقم
منه ومن سبطه " ، وهذا النص موجود عندهم الآن ، فقوله :" من إخوانهم " ، لو كان
منهم من بني إسرائيل لقال سأقيم لهم نبياً منهم قال من إخوتهم أي أبناء إسماعيل .
ثانيا : جاء في إنجيل يوحنا الإصحاح السادس عشر الفقرات 16-17 :
" إن خيراً لكم أن أنطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته
إليكم فإذا جاء فهو يوبخ العالم على الخطيئة ، وان لي كلاماً كثيراً أريد قوله
ولكنكم لا تستطيعون حمله لكن إذا جاء روح الحق ذاك الذي يرشدكم إلى جميع الحق لأنه
ليس ينطق من عنده بل يتكلم بما يسمع ويخبركم بكل ما يأتي " ، وهذا لا ينطبق إلا على
النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثا : قال ابن القيم رحمه الله : " قال في التوراة في السفر
الخامس : - : " أقبل الله من سيناء ، وتجلى من ساعير ، وظهر من جبال فاران ، ومعه
ربوات الإظهار عن يمينه " وهذه متضمنة للنبوات الثلاثة : نبوة موسى ، ونبوة عيسى ،
ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فمجيئه من " سينا " : وهو الجبل الذي كلم الله
عليه موسى ، ونبأه عليه إخبار عن نبوته ، وتجليه من ساعير هو مظهر المسيح من بيت
المقدس، و " ساعير " : قرية معروفة هناك إلى اليوم ، وهذه بشارة بنبوة المسيح .
"وفاران " : هي مكة ، وشبه سبحانه نبوة موسى بمجيء الصبح ، ونبوة
المسيح بعدها بإشراقه وضيائه ونبوة خاتم الأنبياء باستعلاء الشمس ، وظهور ضوءها في
الآفاق ، ووقع الأمر كما أخبر به سواء . فإن الله سبحانه صدع بنبوة موسى ليل الكفر
فأضاء فجره بنبوته ، وزاد الضياء والإشراق بنبوة المسيح ، وكمل الضياء واستعلن وطبق
الأرض بنبوة محمد صلوات الله وسلامه عليهم ، وذكر هذه النبوات الثلاثة التي اشتملت
عليها هذه البشارة نظير ذكرها في أول سورة ( والتين والزيتون ، وطور سينين ، وهذا
البلد الأمين " ا.هـ [ انظر هداية الحيارى ص 110 ، وما ذكره ابن القيم هو في العهد
القديم سفر التثنية الإصحاح 33 فقرة 1 ]
رابعا : ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه : ( البشارات
بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة ) أن إنجيل برنابا في الباب 22
جاء فيه : " وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع
للذين يؤمنون بشريعة الله " ، وجاء في سفر أشعيا : إني جعلت اسمك محمدا يا محمد ،
يا قدوس الرب : اسمك موجود من الأبد ، وجاء في سفر أشعيا : " وما أعطيته لا أعطيه
لغيره ، أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ، فتفرح به البرية ، ويوحدون
على كل شرف ، ويعظمونه على كل رابية " انتهى .
وقد ذكر العلماء العديد من المواضع التي ذكر فيها اسم النبي صلى
الله عليه وسلم ، مرة بذكر اسمه الصريح ، ومرة بذكر وصف لا ينطبق إلا عليه صلى الله
عليه وسلم .
ويمكنك مراجعة العديد من النصوص في الوصلة التالية :
http://arabic.islamicweb.com/christianity/
واعلم أنه قد طرأ تغيير على الكتب الموجودة الآن من التوراة
والإنجيل وحدث تغيير فيها ، وقد ذكر المؤرخون من غير المسلمين هذا الأمر ، لكن مع
ذلك كله لازلنا نجد في التوراة والإنجيل التبشير بمقدم رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، وقد ذكر الشيخ رحمة الله الهندي أن النصارى كلما استطاعوا تحريف موضع حرفوه
، ولذلك تجد بعض العلماء القدامى يذكرون مواضع في التوراة والإنجيل ليست موجودة
الآن ، لكن هناك مواضع أخرى لا زالت تبشر بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وقدومه .
واعلم أنه لا بد من تسلح الإنسان بالعلم الصحيح الوافي عند
مناقشة النصارى ، وهم وإن لم يكن لديهم حجج ، إلا إنه يسعون لبث الشبه في نفوس
الناس ، ليستسلموا لها ، وليغيب الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .
ومن الكتب المفيدة في هذا السياق كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة
الله الهندي ، وكتاب هداية الحيارى لابن القيم ، ومن قبله الجواب الصحيح لابن تيمية
.
والله أعلم .
*****
44021
هل يُوصَى بختم العام بالاستغفار والصيام ؟
أصول الفقه > البدعة >(1/4379)
سؤال رقم 44021- هل يُوصَى بختم العام بالاستغفار والصيام ؟
مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية العام ، وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام ؛ فما حكم هذه الرسائل ؟ وهل صيام آخر يوم من السنة ، إذا وافق الاثنين أو الخميس بدعة.
الحمد لله
قد دلت السنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل
أولاً بأول ، في كل يوم مرتين : مرة بالليل ومرة بالنهار :
ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه
قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ
كَلِمَاتٍ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ ، وَلا يَنْبَغِي
لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ
اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ
)
قال النووي رحمه الله : الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ
بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار , وَيَصْعَدُونَ
بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل .
وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ،
وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ
الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ
تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فيه : أَنَّ الأَعْمَال
تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه
وَفِي عَمَله ، وَاَللَّه أَعْلَم ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر
بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا – يعني صلاتي الصبح والعصر - )
" انتهى .
ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله
عز وجل .
روى مسلم (2565 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ أَعْمَالُ
النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ
فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ
شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ) .
ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة
واحدة في شهر شعبان :
روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ
: قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا
تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟!!
قَالَ : ( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ
وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ
فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) حسنه الألباني في صحيح
الجامع .
فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع
من العرض :
• العرض اليومي ، ويقع مرتين كل يوم .
• والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس
.
• العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان .
قال ابن القيم رحمه الله : " عمل العام يرفع في شعبان ؛ كما أخبر
به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس ، وعمل اليوم يرفع في
آخره قبل الليل ، وعمل الليل في آخره قبل النهار . فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص
من الرفع في العام ، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل " انتهى باختصار من "حاشية سنن أبي داود" .
وقد دلت أحاديث عرض الأعمال على الله تعالى على الترغيب في
الازدياد من الطاعات في أوقات العرض ، كما قال صلى الله عليه وسلم في صيام شعبان :
( فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) .
وفي سنن الترمذي (747) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ
يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا
صَائِمٌ ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" (949) .
وكان بعض التابعين يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ،
ويقول : اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل !! [ ذكره ابن رجب في لطائف
المعارف ] .
ومما ذكرناه يتبين أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي ، أو بداية عام
جديد ، بِطَيِّ الصُّحف ، وعرض الأعمال على الله عز وجل ، وإنما العرض بأنواعه التي
أشرنا إليها ، قد حددت النصوص له أوقاتاً أخرى ، ودلت النصوص أيضا على هدي النبي
صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الطاعات في هذه الأوقات .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن التذكير بنهاية العام في
نهايته : " لا أصل لذلك ، وتخصيص نهايته بعبادة معينة كصيام بدعة منكرة " انتهى .
وأما صيام الاثنين أو الخميس ، إذا كان من عادة الإنسان ، أو كان
يصومه لأجل ما ورد من الترغيب في صيامهما ، فلا يمنع منه موافقته لنهاية عام أو
بدايته ، بشرط ألا يصومه لأجل هذه الموافقة ، أو ظنا منه أن صيامهما في هذه
المناسبة له فضل خاص .
والله أعلم .
*****
44029
حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >
الفقه > معاملات > البيوع >(1/4380)
سؤال رقم 44029- حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور
ما حكمُ شراءِ الحلوياتِ أو المنتجاتِ التي عليها صورُ ذواتِ أرواحٍ ؟.
الحمد لله
شراء هذه الأشياء ، إن كان من أجل ما عليها من الصور فهو حرام ،
لأنه اقتناء للصور ، وهو يمنع دخول الملائكة في البيت .
ولا شك أن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن كل سبب يمنع دخول الملائكة
بيته .
لكن إذا كان الغالب على هذه الأشياء وجود الصور عليها ، بحيث يشق
على المسلم أن يبحث عن منتجات لا صور عليها ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى ،
دفعاً للمشقة والحرج عن المسلم .
جاء في الموسوعة الفقهية (12/112) :
" للمالكيّة قولان في صناعة الصّور الّتي لا تتّخذ للإبقاء ،
كالّتي تعمل من العجين ، وأشهرُ القولين المنع ، وكذا نقلهما العدويّ ، وقال : إنّ
القول بالجواز هو لِأَصبغ ، ومثّل له بما يصنع من عجين أو قشرِ بطّيخ ، لأنّه إذا
نشف تقطّع .
وعند الشّافعيّة : يحرم صنعُها ولا يحرمُ بيعُها . ولم نجد عند
غيرهم نصّا في ذلك " انتهى .
ويقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (2/203) :
" ما عمَّت به البلوى الآن ، من وجودِ الصورِ في كلِّ شيءٍ إلا
ما ندرَ ، فتوجدُ في أواني الأكل ، وفي الكراتين الحافظةِ للأطعمةِ ، وفي الكتب ،
وفي الصحفِ ، فتوجد في كل شيء إلا ما شاء الله ، ويوجد أيضا صورٌ مما يؤكل : بسكوت
على صورة سمك ، أو أرنب ؟
نقول : إن اقتناءَ الإنسان للصور ( بمعنى لأجل ما فيها من الصور
) لا شك أنَّه محرم ، أو كان يشتري المجلاتِ التي تنشر فيها الصورُ للصورِ ، فهذا
حرام ، أما إذا كانت للعلمِ والفائدةِ والاطلاعِ على الأخبار ، فهذه أرجو ألا يكونَ
بها بأس ، نظرًا للحرجِ والمشقة ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ، فهذه الصورُ ليست مقصودةً للإنسان حالَ الشراء ، ولا
تهمه ، كما أن مسألةَ الأواني والكراتينِ التي فيها أطعمةٌ وشبه ذلك ، قد يقال : إن
فيها شيئًا من الامتهان ، فلا تكون من القسمِ المحرَّم " انتهى .
والله أعلم .
*****
44038
حكم طلاق الهازل
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4381)
سؤال رقم 44038- حكم طلاق الهازل
إذا قال الزوج لزوجته : أنت طالق ، ولم يكن يريد الطلاق ، ولكنه يمزح معها ، هل يقع الطلاق ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في وقوع " طلاق الهازل " فذهب الجمهور إلى وقوعه ،
واستدلوا بما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ
وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلاقُ ، وَالرَّجْعَةُ ) رواه أبو
داود ( 2194 ) والترمذي ( 1184 ) وابن ماجه ( 2039 ) واختلف العلماء
في تصحيحه وتضعيفه ، وقد حسنه الألباني في "رواء الغليل" (1826) .
وقد ورد معناه موقوفاً على بعض الصحابة :
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( أربع جائزات إذا تكلم
بهن : الطلاق ، والعتاق ، والنكاح ، والنذر ) .
وعن علي رضي الله عنه : ( ثلاث لا لعِب فيهن : الطلاق ، والعتاق
، والنكاح ) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( ثلاث اللعب فيهن كالجد :
الطلاق ، والنكاح ، والعتق ) .
قال ابن القيم رحمه الله ، بعد أن ذكر الحديث المتقدم :
" تضمنت هذه السنن : أن المكلف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو
الرجعة : لزمه ما هزَل به ، فدلَّ ذلك أن كلام الهازل معتبر وإن لم يُعتبر كلام
النائم والناسي ، وزائل العقل والمكرَه .
والفرقُ بينهما : أن الهازل قاصدٌ للفظ غير مريد لحكمه ، وذلك
ليس إليه ، فإنما إلى المكلف الأسباب ، وأما ترتب مسبَّبَاتها وأحكامها : فهو إلى
الشارع ، قَصَدَه المكلف أو لم يقصده ، والعبرة بقصده السبب اختياراً في حال عقله
وتكليفه ، فإذا قصده : رتَّب الشارع عليه حكمه جدَّ به أو هزل ، وهذا بخلاف النائم
والمبرسم [ وهو الذي يهذي لعلة في عقله ] والمجنون وزائل العقل ، فإنهم ليس لهم قصد
صحيح ، وليسوا مكلفين ، فألفاظهم لغو بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها ، ولا يقصده
.
وسر المسألة : الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يُرد حكمه
، وبين من لم يقصد ولم يعلم معناه ، فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة :
إحداها : أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به .
الثانية : أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه .
الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه .
الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم .
فالأوليان : لغو ، والآخرتان : معتبرتان ، هذا الذي استفيد من
مجموع نصوصه وأحكامه " انتهى .
" زاد المعاد " ( 5 / 204 ، 205 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (10/461) :
" يقع الطلاق من الجاد ومن الهازل , والفرق بينهما أن الجاد :
قصد اللفظ والحكم , والهازل : قصد اللفظ دون الحكم .
فالجاد : طلق زوجته وهو يقصد الطلاق , أما الهازل : فهو قاصد
للفظ غير قاصد للحكم ، فهو يقول مثلاً : كنت أمزح مع زوجتي أو أمزح مع صديقي فقلت :
إن زوجتي طالق أو ما أشبه ذلك . يقول : ما قصدت أنها تطلق ولكني قصدت اللفظ .
نقول : يترتب الحكم عليه ، لأن الصيغة وجدت منك ، والحكم إلى
الله .
ما دام وجد لفظ الطلاق بنية معتبرة من إنسان يعقل ويميز ويدري
ماذا يعني فإنه يقع , فكونه يقول : أنا ما قصدت أن يقع فهذا ليس إليه , بل إلى الله
.
هذا من جهة التعليل والنظر .
أما من جهة الأثر فعندنا حديث أبي هريرة : ( ثلاثٌ جدهن جد
وهزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة ) فهذا دليله من الأثر .
وقال بعض أهل العلم : إنه لا يقع الطلاق من الهازل , وكيف يقع
الطلاق من الهازل وهو ما أراد إلا اللفظ فقط ؟! وشنع بعض العلماء على من قال بوقوع
طلاق الهازل , وقال : أنتم تقولون : إنه هزل فكيف تقولون : يقع , وتعاملونه معاملة
الجد ؟
لكن الرد على هؤلاء أن نقول : إننا ما قلنا إلا ما دل عليه
الدليل , وهذا الحديث صححه بعضهم وحسنه بعضهم , ولا شك أنه حجة . فنحن نأخذ به .
ثم إن النظر يقتضيه ؛ لأننا لو أخذنا بهذا الأمر وفتحنا الباب
لادّعى ذلك كل واحد , وحينئذٍ لا يبقى طلاق على الأرض , فالصواب أنه يقع , سواء كان
جاداً أو هازلاً .
ثم إن قولنا بالوقوع فيه فائدة تربوية , وهي كبح جماح اللاعبين ,
فإذا علم الإنسان الذي يلعب بالطلاق أنه يؤاخذ به فإنه لن يقدم عليه أبداً .
لكن الذي يقول : أنا أمزح فإنه يفتح باباً للناس أن يتخذوا آيات
الله هزواً " انتهى .
والله أعلم .
*****
44039
تكاليف الكفن والدفن والتغسيل
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4382)
سؤال رقم 44039- تكاليف الكفن والدفن والتغسيل
إذا كان الميت فقيراً ، فمن الذي يجب عليه أن يدفع تكاليف تكفينه وتغسيله ودفنه . . . إلخ ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا كان الميت له مال فنفقات تجهيزه تكون من ماله ، ويكون هذا
مقدماً على قضاء ديونه ، وتنفيذ وصيته إن كان أوصى بشيء ، وقبل الميراث ، بدليل قول
النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي مات بعرفة : ( وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ
) رواه البخاري (1851) ومسلم (1206) .
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/240) في الأحكام المستفادة من
هذا الحديث :
" أن الكفن مقدم على الميراث ، وعلى الدَّين ، لأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أمر أن يكفن في ثوبيه ، ولم يسأل عن وارثه ، ولا عن دَيْن عليه ،
ولو اختلف الحال لسأل .
وكما أن كسوته في الحياة مقدمة على قضاء دَيْنه ، فكذلك بعد
الممات ، هذا كلام الجمهور ، وفيه خلاف شاذ لا يُعَوِّل عليه " انتهى .
وانظر : "المجموع" (5/147) ، "المغني" (3/457) .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" ( 2/330) : " ويكفن من جميع
ماله قبل الدين والوصية والميراث , لأن هذا من أصول حوائج الميت ؛ فصار كنفقته في
حال حياته " انتهى .
ثانياً :
وإذا لم يكن للميت مال وجب تكفينه على من تلزمه نفقته ( كأبيه
وابنه والزوج ) , فإن لم يكن وجبت من بيت المال , فإن لم يكن وجب ذلك على عامة
المسلمين .
انظر : " المجموع" (5/148-150) ، "بدائع الصنائع" (2/330) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/219) : " وإنما قُدم
بيت مال المسلمين على عموم المسلمين ؛ لأنه لا منّة فيه على الميت ؛ بخلاف ما إذا
كان من المسلمين ، فإن هذا الذي سوف يعطيه سيكون في قلبه منة عليه " انتهى .
وقال أيضاً : ( 5/217 ) : " ولكن لو فرض أن هناك جهة مسؤولة
ملتزمة بذلك ، فلا حرج أن نكفنه منها إلا إذا أوصى الميت بعدم ذلك ، بأن قال :
كفنوني من مالي ، فإنه لا يجوز أن نكفنه من الأكفان العامة ، سواء كانت من جهة
حكومية ، أو من جهة خاصة " انتهى .
ثالثاً :
ولما كان الزوج يجب عليه النفقة على زوجته حال الحياة كان كفنها
واجباً عليه .
وهو قول أبي حنيفة والشافعي ومالك , وقال أحمد : يجب في مالها .
انظر : "المجموع" (5/148-150) , "حاشية ابن عابدين" (3/101) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/219) تعليقاً على قول
الجمهور : " وهذا القول أرجح إن كان موسراً " أي : غنياً .
وسئل الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : هل يجب على الزوج كفن
الزوجة ؟
فأجاب :
" الصحيح أنه يجب على الزوج كفن امرأته ، موسرة كانت أو معسرة ،
وهو من النفقة ، ومن المعاشرة بالمعروف ، ومما يعده الناس منكراً أنه إذا ماتت زوجة
الغني المعسرة أنه لا يجب عليه كفنها " انتهى .
"الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة" (2/542) .
وأما الزوجة فلا يلزمها كفن زوجها ، لأنها لا يجب عليها أن تنفق
عليه حال الحياة .
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/330) : " ولا يجب على الزوجة
كفن زوجها بالإجماع , كما لا يجب عليها كسوته في حال الحياة " انتهى .
*****
4420
مقاطعة تارك الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/4383)
سؤال رقم 4420- مقاطعة تارك الصلاة
السؤال :
أيها الشيخ المحترم سؤالي هو إذا كان قريب شخص لا يؤدي صلاته أو صلاتها وبالتالي فقد خرج أو خرجت من حظيرة الإسلام فهل يجوز أن نحييهم أو يجب أن نتجاهلهم تماما . جزاك الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله
ترك الصلاة هو هدم لأهم ركن من أركان الإسلام العملية ، فالصلاة عمود الدين وركنه الأساس ولا يجوز التهاون مع تارك الصلاة بأي حال ويبدأ ذووه بنصحه وتوجيهه ثم بهجره والإعراض عنه وترك السلام عليه ، وعدم مؤاكلته والجلوس معه وإشعاره بعظم ذنبه لعله يرجع إلى ربه ويتوب ، وموقف العلماء من تارك الصلاة يتلخص في قولين :
الأول : القول بكفره وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ، وبه قال الحسن والشعبي والأوزاعي وابن المبارك ومحمد بن الحسن ورواية عن أحمد واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجه
الثاني : لا يكفر ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي واستدلوا بحديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة ، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان على الله عهداً أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد ، إن شاء عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة ) ( أخرجه الدارمي 1531 ومالك في الموطأ 248 وأحمد 21690 )
هذا وكلا الفريقين متفقون على أنه إن لم يرجع عن ترك الصلاة يستتاب ثلاثاً ، فإن أبى وإلا فالقتل مصيره .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4426
طبيب جراح ترك النصرانية ويتساءل كيف يصلي أثناء العملية لو أسلم
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار >(1/4384)
سؤال رقم 4426- طبيب جراح ترك النصرانية ويتساءل كيف يصلي أثناء العملية لو أسلم
السؤال :
أنا حاليا غير مسلم ولكنني أبحث في الدين الإسلامي ولدي سؤال عن الصلوات الخمس وتأثيرها على حياة الشخص ، أعرف أنها تستغرق دقائق لتأديتها ويجب أن تكون في أوقات محددة وهي واجبة على كل شخص . أعمل الآن كجراح وإذا كان شخص يعمل جراحاً يجب أن يركز في عمله لأن حياة الآخرين بين يديه ، وربما يكون وقت الجراحة يستغرق أكثر من الوقت بين الصلاتين فماذا يفعل الشخص في تلك الحالة ؟
الذي يبدو لي أن متطلبات الإسلام ومتطلبات العمل والمهنة لا تتفقان وتتعارضان .
لا أدري ماذا يقول المخلصون من المسلمين وأصحاب العلم عن هذا التفكير وكيف يمكن التوفيق بين حياة إسلامية وحياة عملية ؟
الجواب:
الحمد لله
قبل الإجابة لا بدّ أن نقدّر لك أيها السائل اهتمامك بدين الإسلام وسعيك لمعرفة الحقّ وأنّك تركت دينا باطلا وهو النّصرانية لتبحث عن الدّين الصحيح وهذا موقف نبيل يدلّ على تجرّدك من التقليد الأعمى والانعتاق من أسْر العادات وما نشأت عليه وقد قال ربنا تبارك وتعالى ينعى على من يقلّد بالباطل : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءابَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ (170) سورة البقرة ، ووصف الله قوما من النصارى لما عرفوا بدين الإسلام وسمعوا الوحي الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه فاتّبعوا الحقّ وانقادوا له فقال الله عنهم : ( وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا ءامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ(83) وَمَا لَنَا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ(84) سورة المائدة ، ويجب أن نشكر لك أيضا فهمك لأهمية الصلوات الخمس ووجوبها في أوقاتها ، ونحن نحبّ أن نؤكّد على حقيقة مهمة في دين الإسلام وهي أنّ الذي أنزله وشرع أحكامه ورضيه لعباده هو الله عزّ وجلّ الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو علام الغيوب يعلم ما كان ويكون وما سيكون ويعلم قبل أن يخلق السماوات والأرض أنّه سيكون هناك وقت يتطور فيه الطبّ عند البشر وأنّ أطباءهم سيجرون العمليات الجراحية الطويلة كعمليات القلب المفتوح وعمليات زراعة الأعضاء كالكبد وعمليات سرطان المريء وعمليات إصابات حوادث السيارات المعقّدة وغيرها ، ولذلك فإن الشريعة التي أنزلها صالحة لكلّ زمان ومكان لا تتعارض مع تقدّم علميّ ولا واجب عمليّ ، وقبل الشّروع في الإجابة
المفّصلة عما أُشكل عليك نورد الملاحظات التالية :
- أن مثل هذه العمليات عادة ما يقوم بها فريق جراحي يتضمّن جراحين مساعدين مع الجراحين الأساسيين بحيث يُمكن التناوب عند الحاجة .
- أنّ بعض العمليات يقوم فيها الأطباء المشاركون بأدوار مختلفة وموزّعة بحسب تخصّصاتهم وليس يحصل دائما أن يستمر واحد في العملية الطويلة من أولها إلى آخرها فترى واحدا يشقّ والآخر طبيب قلب والثالث متخصص في جراحة الأوعية الدموية ثم يأتي الأول ليخيط الجرح في النهاية وفي بعض العمليات قد لا يتعدى دور الطبيب المتخصص نصف وقت العملية ككل .
- إنّ العمليات التي تستغرق ساعات طويلة جدا كعشر ساعات فما فوق هي عمليات نادرة أو قليلة العدد وليست كثيرة .
- وأما بالنسبة للإجابة المفصّلة عن كيفية أداء الطبيب الجراح للصلاة فهي كما يلي :
(1) الأصل أن تُصلى كل صلاة في وقتها ، قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .
(2) إذا كانت العملية طويلة فيحاول الطبيب أن يبدأ العملية بعد الصلاة في أول وقت الصلاة الأولى إلى ما قبل نهاية وقت الصلاة التي بعدها ، ليتمكّن من أداء كل صلاة في وقتها .
(3) ينبغي ما أمكن ترتيب جداول العمليات بحيث لا يأتي وقت صلاتين معا كأن تبدأ العملية الطويلة في الصّباح الباكر وتستمر إلى ما قبل صلاة العصر بحيث يصلي الظّهر في وقتها فيتوفّر لديه ساعات عدّة لعمل متواصل ، فلو بدأ مثلا العملية في الساعة الثامنة صباحا وانتهى في الساعة الثانية بعد الظّهر فيكون لديه ستّ ساعات عمل متواصلة لو أراد .
(4) إذا كان يمكن أن يذهب للصلاة في وقتها أثناء العملية ويُكمل العمل غيره من أعضاء الفريق الجراحي ثم يتبادلون الأدوار فعلوا ذلك . ونحن نتساءل لو أنّ الطبيب حضره قضاء الحاجة أثناء العملية ماذا يفعل ؟ إن ترتيبات العمليات الجراحية تُشير إلى إمكانية مراعاة هذا ، بل قد علمنا أن بعض الجراحين يرتاح قليلا أو يأكل في وقت العملية الطويلة ويتابع غيره فمراعاة الصلاة من باب أولى .
(5) إذا لم يمكن ما تقدّم فلا حرج في الجمع بين الصلاتين للحاجة كالجمع بين صلاتي الظّهر والعصر فيصلّيهما جمع تأخير في وقت صلاة العصر .
(6) وفي الحالات النادرة جدا لو استمرت العملية وقتا طويلا جدا يتجاوز وقت الصلاتين المجموعتين كأن تبدأ قبل الظّهر وتنتهي بعد المغرب ولم يمكنه الخروج لأداء الصلاة فإنّه يصلي على حسب حاله ، نعم يصلي أثناء العملية فيكبّر تكبيرة الافتتاح ويقرأ القرآن ويومئ عند الركوع والسجود ما أمكنه جاعلا سجوده أخفض من ركوعه كحال المقاتل في جبهة القتال عند الالتحام بالأعداء في المعارك الطويلة أو في حالات المطاردة أو الفرار من العدو يصلي على حسب حاله ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والحمد لله الذي لم يجعل علينا في الدين من حرج .
وهذه الأحكام أدلتها ثابتة وأقوال العلماء فيها وفي حالاتها معروفة ومبثوثة في كتب الفقه الإسلامي مما يدلّ بجلاء على مرونة هذه الشريعة الإسلامية المباركة واستيعابها لكافّة المستجدّات والتطورّات في عالم البشر في القديم والحديث وليس ذلك بغريب ، أليست تنزيلا من حكيم حميد وعليم خبير .
وختاما ندعوك أيها السائل اللبيب إلى المسارعة بالدخول في دين الإسلام الذي يكفل السعادة لمن اتّبعه في الدنيا والآخرة ويقدّم الحلول لسائر المشكلات ونحن على استعداد لتقديم ما يلزم من الإيضاحات ، والله الموفّق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4428
عدد مرات زيارة المرأة لأهلها
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > صلة الرحم >(1/4385)
سؤال رقم 4428- عدد مرات زيارة المرأة لأهلها
السؤال :
كم مرة يجوز للمرأة أن تزور أهلها بالأسبوع ؟ وماذا يقول الزوج في هذا الموضوع ؟
الجواب:
الحمد لله
صلة الرحم واجبة لقوله تعالى : ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) سورة النساء آية1 . وقوله : ( وآتِ ذا القربى حقه والمسكين ) سورة الإسراء آية 26 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ فَقَالَ أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَذَلِكِ لَكِ ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ) رواه البخاري 6948
وصلة الرحم هي الإحسان للأقارب ، وقد تكون مادية أو معنوية وأدنى صلتهم السلام عليهم وعدم هجرهم .
وليس هناك تحديد في الشّرع لعدد مرات زيارة الأقارب ولأنّه يختلف باختلاف أحوال الناس ومشاغلهم وقربهم وبعدهم وظروف عمل الزّوج الذي سيوصل زوجته إلى أهلها وأوقات دوامه وإجازاته ، ومن الزوجات من تسكن بقرب أهلها ومنهن من تسكن في بلد غير بلد أهلها فكلّ هذا يؤثّر في الأمر ولكن ينبغي على الزوج أن يعلم أنه لا يجوز له تعمّد قطع الزوجة عن أهلها ومنعها من صلة رحمها ، ويجب على الزوجة في المقابل أن لا ترهق زوجها بالأسفار والمصروفات التي لا يتحمّلها وإنما تطلب منه ما هو في حدود قدرته وإمكاناته ، والله المسؤول أن يُصلح أحوال الجميع وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
4441
اعتقاد أن موت الفجأة بسبب السحر
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4386)
سؤال رقم 4441- اعتقاد أن موت الفجأة بسبب السحر
السؤال : أنا أمريكية ومتزوجة من رجل عربي ، والناس في بلده يؤمنون أن الشخص إذا مات فجأة من مرض ما فإنه قد تعرض لسحر حيث يظن الجميع بأنه مات وهو بالفعل لم يمت فيأخذوه السحرة ليكون عبدا لهم .ما حكم الاعتقاد بمثل هذه الأفكار ؟ هل سمعت بشيء كهذا من قبل ؟ هل يمكن أن يحصل هذا فعلاً كوني مسلمة جديدة فأنا لا أعرف ما أصدق بالنسبة لهذا الموضوع فأرجو أن توضح لي .
الحمد لله
ما ذكر في السؤال خطأ محض فالذي يموت فجأة كغيره
ممن مات بأي سبب تفارق روحه جسده والروح أمر غيبي من أمر الله سبحانه وتعالى
، ومن طوائف المبتدعة من يرى أن الإنسان إذا مات انتقلت روحه إلى غيره ، وهذا مما
يعرف بالتناسخ ، وهذا القول مما عرف بطلانه بالضرورة من دين الإسلام . انتهى
جواب الشيخ عبد الكريم الخضيري .
وهو كفر شنيع وقول باطل ومما يترتب عليه جَحْد
عذاب القبر ، نسأل الله السلامة .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4448
الكلام في المسجد في أمور الدنيا
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4387)
سؤال رقم 4448- الكلام في المسجد في أمور الدنيا
السؤال :
هل يجوز لنا أن نتكلم في أمور الدنيا في المسجد وقت الأذان ؟ هل يجوز لنا السلام والمصافحة وقت الأذان ؟
الجواب:
الحمد لله
أخرج الحاكم في المستدرك 4/359 بسنده إلى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همتهم إلا الدنيا ، ليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم ، هذا حديث صحيح ولم يخرجاه . قال : الذهبي في التلخيص :صحيح.
وهذا الحديث نص في كراهية هذا الفعل المذموم لأن المساجد لم يؤمر ببنائها لهذا ، وإنما أمر برفعها لتعمر بذكره سبحانه وتعالى وتؤدى فيها الصلوات والطاعات والقُرُبات كالاعتكاف وأنواع الذّكر كحلق القرآن والعلم ، وفي المقابل جاءت أحاديث تأمر بترديد الأذان بعد المؤذن استحبابا وندبا ، مشيرة ومرشدة إلى ما يفعل عند سماع الأذان فيزهد قوم في ذلك ولا يعلمون كم فاتهم من الأجور وكم لزمهم من المؤاخذة على ذلك فأي قلوب يحملون ؟! يسمعون ذكر الله ثم عنه يعرضون ولا يؤثر في قلوبهم فيخشعون فيحملهم على الإنصات ؟ ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم 384 ، بسنده إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ ، فإنّه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ".
أما السلام والمصافحة فلا بأس بهما لأنهما من الطاعات ولا تعارض بينهما وبين إجابة المؤذن فيُمكن أن يردّ السلام ويُصافح ويجيب المؤذّن .
وينبغي على المسلم أن يحذر من الإتيان بأيّ فعل فيه إيذاء لعمّار المساجد ومن ذلك التشويش على قارئ القرآن أو المصلي أو الذاكر لله في المسجد ، ومن السيئات التشويش على أهل المسجد بالكلام في أمور الدنيا لأن في ذلك إيذاء لهم وإشغال للمسلمين عن أداء طاعتهم لله على الوجه الصحيح ، والتشويش ممنوع ولو كان بالقرآن فكيف بغيره : أخرج أحمد بن شعيب النسائي في السنن الكبرى 5/32 تحت عنوان : ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن ، وذلك بسنده إلى أبي حازم التمار عن البياضي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال : إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه به ، ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن " . وعَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ : الْكَلامُ فِي الْمَسْجِدِ لَغْوٌ إلا لِمُصَلٍّ أَوْ ذَاكِرِ رَبِّهِ أَوْ سَائِلِ خَيْرٍ أَوْ مُعْطِيه . مصنف عبد الرزاق ج :8 باب كلام عكرمة ، والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد والحمد لله رب العالمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
44549
حكم زواج المسلمة من شيعي
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/4388)
سؤال رقم 44549- حكم زواج المسلمة من شيعي
ابنة عمي سوف تتزوج من شيعي . ما هو حكم الشرع في ذلك؟ كيف لي أن أعدلها عن هذا الزواج ؟ علما أن والدها موافق.
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة ، ما نصه :
أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية ومختلطين نحن وقبائل من
العراق ومذهبهم شيعة وثنية يعبدون قببا ويسمونها بالحسن والحسين وعلي ، وإذا قام
أحدهم قال : يا علي يا حسين ، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح وفي كل
الأحوال ، وقد وعظتهم ولم يسمعوا ، وأنا ما عندي علم أعظهم به ولكني أكره ذلك ولا
أخالطهم ، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل ، وهؤلاء يأكلون ذبحهم ولم يتقيدوا ، ونطلب من
سماحتكم توضيح الواجب نحو ما ذكرنا ؟
فأجابت اللجنة :
إذا كان الواقع كما ذكرت من دعائهم عليا والحسن والحسين ونحوهم
فهم مشركون شركا أكبر يخرج من ملة الإسلام ، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات ، ولا يحل
لنا أن نتزوج من نسائهم ، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم ، قال الله تعالى : )
وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ
مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى
يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ
أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ
وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 وبالله التوفيق .
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (2/264) .
فعليك أن تنصح لعمك وابنة عمك ، وأن توقفهم على فتوى أهل العلم
في ذلك ، فإن أصر عمك على تزويج ابنته من الشيعي فارفع الأمر إلى المحكمة الشرعية
ليمنعوا هذا المنكر.
والله أعلم .
ويراجع سؤال رقم ( 4569 ) .
*****
44555
المسافة التي يشرع فيها القصر والجمع
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4389)
سؤال رقم 44555- المسافة التي يشرع فيها القصر والجمع
سؤالي عن صلاة السفر والجمع والقصر .. حيث إنني أعمل في مدينة أخري تبعد عن مدينتي بحوالي 35 كيلومترا . فهل يرخص لي في الجمع أو القصر أو كلاهما لأنني قد غادرت عامر المدينة التي أسكن بها ؟ .
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى تحديد المسافة التي يقصر فيها المسافر ،
وذهب بعضهم إلى عدم التحديد وجعل مرد ذلك إلى العرف ، فما تعارف الناس على أنه سفر
، شرعت فيه الرخصة من القصر والفطر .
وتقدر المسافة على قول الجمهور بثمانين كيلو مترا تقريبا .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/99) :
( السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً
عرفاً ، ومقداره على سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً ، فمن سافر لقطع هذه
المسافة فأكثر فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن ،
والجمع والقصر، والفطر في رمضان ، وهذا المسافر إذا نوى الإقامة ببلد أكثر من أربعة
أيام فإنه لا يترخص برخص السفر ، وإذا نوى الإقامة أربعة أيام فما دونها فإنه يترخص
برخص السفر ، والمسافر الذي يقيم ببلد ولكنه لا يدري متى تنقضي حاجته ولم يحدد
زمناً معيناً للإقامة فإنه يترخص برخص السفر ولو طالت المدة ، ولا فرق بين السفر في
البر والبحر ) انتهى .
وبهذا يُعلم أنه ليس لك أن تقصر الصلاة في المسافة المذكورة ،
لأنها لا تبلغ مسافة السفر .
والله أعلم .
*****
4458
عقد على امرأة متزوجة ليحصل على الجنسية
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/4390)
سؤال رقم 4458- عقد على امرأة متزوجة ليحصل على الجنسية
السؤال :
: تزوجت بزوجتي إسلاميا وتزوجها أخي عرفيا حتى يحصل على حق الجنسية وزوجتي تخشى أن يكون هذا حراماً ودائما نتناقش في هذا الأمر وهي قلقة جدا فأرجو أن توضح لنا الأمر.
الجواب :
الحمد لله
إذا كان نكاحك قد تم أولاً بالشروط الشرعية فإن الزوجة زوجتك وعقد أخيك عليها عقد باطل لا عبرة به ، ويجب عليه التوبة إلى الله مما فعل ، ويجب عليك أنت وزوجتك أن تتوبا إلى الله إن كنتما عاونتما على ذلك ، ولتطمئن زوجتك إلى صحة عقدك عليها مادام قد استكمل الشروط المعتبرة شرعاً ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
44593
اللجوء إلى المدينة من الفتن
الرقائق > التوبة >
الرقائق > محبة الله >
سؤال رقم 44593: اللجوء إلى المدينة من الفتن
كيف اللجوء إلى المدينة النبوية للنجاة من الفتن التي ظهرت واستفحلت ?.
الحمد لله
فقد ثبت في حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :" المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها " رواه البخاري برقم 6785 ،
ومسلم برقم 1383
قال النووي :
وَمَعْنَى الْحَدِيث : " أَنَّهُ يَخْرُج مِنْ الْمَدِينَة مَنْ
لَمْ يَخْلُص إِيمَانه , وَيَبْقَى فِيهَا مَنْ خَلَصَ إِيمَانه "
وثبت في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ليس له من نقابها نقب
إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل
كافر ومنافق ) رواه البخاري برقم 1782 ، ومسلم برقم 160 ،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يأتي على الناس
زمان يدعو الرجل بن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء ، والمدينة خير لهم
لو كانوا يعلمون ، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها
خيرا منه ، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث ، لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة
شرارها كما ينفى الكير خبث الحديد ) رواه مسلم برقم 1381
فهذه الأحاديث تبين أن المدينة لا يبقى فيها الخبث ، وأنها تنفي
خبثها ، وأن الدجال لا يدخلها ، وأنها خير لأصحابها الذين يخرجون منها رغبة عنها .
لكن لا يعني هذا أن من كان خارج المدينة فإنه مفتون ، فإن الله
عز وجل جعل أسبابا للثبات على الحق والهدى ، كما جعل أسبابا للضلالة والغي ، والأمر
كله أولا وأخيرا بيد الله ، إلا أن الله جعل لكل شيء سببا .
فمن أسباب الثبات على الهداية ما يلي :
1- كثرة ذكر الله تعالى ، والصلاة وقراءة القرآن .
2- المداومة على الدعاء وسؤال الله الثبات .
3- مصاحبة الأخيار ، ومجالسة الصالحين .
4- البعد عن مواطن الشبهات والفتن .
5- التسلح بالعلم الشرعي .
6- الدعوة إلى الله تعالى ، وبذل الغالي والنفيس في سبيل الله
تعالى .
وعليك بمراجعة كتاب وسائل الثبات على دين الله في مكتبة الموقع ، وكتاب 33 سببا للخشوع ، وفقك الله لكل خير .
*****
44594
نصيحة لمن يقدح في إخوانه المسلمين ويتهمهم بلا بيّنة
الدعوة > وسائل الدعوة >
التربية > تربية النفس >
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/4391)
سؤال رقم 44594- نصيحة لمن يقدح في إخوانه المسلمين ويتهمهم بلا بيّنة
شيخنا إني أحبكم في الله ، رجائي أن تجيبني كي ألجم أفواه الطاعنين في أهل العلم ، فهناك من يتهمكم بالتكفير والقطبية ـ كما يسمونها ـ ?.
الحمد لله
أحبك الله الذي أحببتنا فيه ، وجمعنا الله في مستقر رحمته ، يوم
لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
وبخصوص ما ورد في سؤالك ، فننصحك بالابتعاد عن كل من يتكلم في
إخوانك المسلمين أو يقدح فيهم أو يتهمهم ويطعن في نياتهم ، وقد قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين
ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته
يفضحه في بيته ) رواه أبو داود برقم 4880 ، وصححه الألباني
ثم إن عليك واجب النصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل ، وأن
يكفوا عن مثل تلك الألقاب التي تفرق المسلمين ، وما كان من واجب النصيحة لبعض
الأخطاء فإنها لا تكون بالتشهير والطعن في النيات ونحو ذلك .
أما مسألة التكفير ففيها تفصيل . فتكفير من كفره الله تعالى أو
كفره رسوله صلى الله عليه وسلم واجب حتمي ، والله عز وجل قد كفر طوائف في كتابه ،
كما قال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) ، وقال تعالى : ( لقد
كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) ، وتكفير من لم يكفره الله تعالى أو
يكفره رسوله صلى الله عليه وسلم محرم .
وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وكما لا يجوز أن نطلق
الكفر على شخص معين حتى يتبين شروط التكفير في حقه ، يجب أن لا نجبن عن تكفير من
كفره الله ورسوله ، ولكن يجب أن نفرق بين المعين وغير المعين " شرح كتاب
التوحيد 2/271
وانظر سؤال ( 21576 ) ، والله أعلم
ثم إن كل من اتهم شخصاً بتهمة فعليه الدليل ( قُلْ هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )
( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ
اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
والمشكلة المنتشرة بين بعض المنتسبين إلى الدين هداهم الله أنهم
يرمون الناس بتهم لا تعتبر أصلاً في الشرع من الأمور القادحة والمخلّة بالدين .
ثم لا يأتون على ذلك بدليل ويتابعون هوى أنفسهم ، فالنفس تحب أن
تنصب نفسها حكماً على العباد تجرح وتعدل وترفع وتخفض وتنبز .
والواجب مخالفة هوى النفس في هذا وميزان الناس بميزان الشرع
وتذكر حسناتهم والمناصحة لأخطائهم .
والله الموفق .
*****
44600
زنت مع نصراني ثم تزوجت مسلما فما حكم الأولاد الذين أنجبتهم؟
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/4392)
سؤال رقم 44600- زنت مع نصراني ثم تزوجت مسلما فما حكم الأولاد الذين أنجبتهم؟
فتاة مسلمة عاشرت مسيحيّا دون عقد شرعي لمدة من الزمن لتتركه وتتزوج من مسلم ، ما الحكم فيما فعلته ؟ هل هي حلال على زوجها المسلم ؟ وما حكم الأولاد الذين أنجبتهم مع المسلم ؟ والسلام على من اتبع الهدى .
الحمد لله
الواجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى مما اقترفته من
الإثم والمنكر ، وأن تندم على ذلك أشد الندم ، وتعزم على ألا تعود إليه، وتكثر من
الأعمال الصالحة قدر استطاعتها، فإن الله تعالى يقول : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه / 82
1- وحكم الدين في ذلك واضح، فالزنا فاحشة وكبيرة ، وجريمة شنيعة ، يستحق صاحبها اللعنة والغضب والمقت من الله تعالى ، لانتهاك هذه الحرمة
العظيمة وعقوبته في الدنيا أن يجلد مائة جلدة عند عدم إحصانه ، وأن يرجم بالحجارة حتى الموت في حال إحصانه ، نسأل الله العافية .
لكن من اقترف شيئا من ذلك وتاب توبة صادقة تاب الله عليه وبدل
سيئاته حسنات. قال تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ
وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا
يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانا* إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان / 68-70
2- وأما زواجها من المسلم فإن كان قد تم بعد توبتها واستبرائها
من الزنا، فلا شيء في ذلك ، وإلا كان حراما ، فإنه لا يجوز نكاح من عُلم زناها إلا بعد توبتها ، واستبرائها بحيضة على الراجح ، وذهب الحنابلة
والمالكية إلى أنها تستبرأ بثلاث حيضات كالمطلقة ،
والقول الأول هو رواية عن أحمد رحمه الله ، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله، ويدل عليه ما جاء في استبراء المسبية ، ( وهي المرأة التي يأخذوها جيش
المسلمين في حربهم مع الكفار ) وهو ما رواه أحمد (11614) وأبو داود (2157) والترمذي
(1564) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في
سبايا أوطاس : " لا توطأ حامل
حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة " وصححه
الألباني في صحيح أبي داود.
وفائدة الاستبراء أن يعلم عدم حملها من زنا ، حتى لا يختلط ماء النكاح بماء السفاح .
ولو نكحها في مدة الاستبراء ، فسخ
النكاح حتى تستبرئ ، ثم تزوج بها بعد الاستبراء إن شاءا .
3- وأما حكم الأولاد ، فالاشتباه إنما
يقع في أول حمل بعد الزواج ، فإن أتت بمولود بعد أقل من
ستة أشهر من تاريخ الزواج فإنه لا يلحق بالزوج شرعا ، ولا ينسب إليه ، لنقصه عن أقل
أمد الحمل الذي هو ستة أشهر .
وإن أتت به لستة أشهر فأكثر من تاريخ الزواج، فإنه يلحق به ،
ويعتبر ابنا له ، حتى لو كان قد تزوجها من غير توبة ، أو من غير استبراء ، فالولد ينسب إليه بهذا
الشرط .
وينظر في ذلك: المغني 7/108 ، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 3/176 ، مواهب الجليل
3/413
وننبه إلى أن الأصل في جملة " السلام على من اتبع الهدى" إنها
تقال للكافر عند الكتابة إليه ، لا للمسلم .
قال في كشاف القناع 3/130 : ( ولو كتب
كتابا إلى كافر وكتب ) أي أراد أن يكتب ( فيه سلاما كتب : سلام على من اتبع الهدى )
; لأن ذلك معنى جامع " انتهى .
وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستخدمها حينما
راسل الملوك من حوله مثل كسرى وقيصر والمقوقس .
والله أعلم .
*****
44615
ادعى أنه زنى بامرأة وكان كاذباً
الرقائق > آفات اللسان > الغيبة >
الرقائق > التوبة >(1/4393)
سؤال رقم 44615- ادعى أنه زنى بامرأة وكان كاذباً
أنا أعاني حالة من العذاب الشديد بسبب ذنب ارتكبته في الماضي ولا أعلم كيف أتخلّص منه ، وحياتي تحولت إلى جحيم بسبب هذا الموضوع .
قبل خمس سنوات كنت أعيش حالة من الفراغ الديني ، وكنت مبتعداً عن الله بشكل كبير جداً ، وأنا لدي ابن عم هو الصديق الوحيد لي في هذه الدنيا .
في أحد الأيام ضحك عليّ الشيطان وقمت بإخباره أن لي علاقة محرّمة مع بعض الفتيات ، وأنا في الأساس ليس لي أي علاقة بهن . ولم أكن أعلم عقوبة هذا الذنب وللأسف كنت أعتقد أن الرجولة هي أن تكون لك علاقات مع النساء مثل ما يعتقد أغلب شبابنا اليوم .
ولم يعلم أحد بهذا الموضوع ولم يصل إلى النساء شيء .
وفي رمضان العام الماضي تبت إلى الله وكانت لي علاقة مع بعض النساء عن طريق الهاتف والإنترنت فقمت بإخبارهن بتوبتي وقطعت علاقتي المحرمة معهن ، وشعرت بحلاوة الإيمان التي لم أشعر بها من قبل .
ولكن ما زلت أتذكر ذنبي الذي مضى عليه سنوات ، والأمر يتعلق بأعراض ناس . واستخرت وفكرت كثيراً وما زلت متردداً . هل أخبر صاحبي بأني كذبت عليه حتى أثبت له براءة هؤلاء النساء مما قلته ، وفي هذه الحالة قد أخسر صديقي الوحيد إذا رأى أنني كذبت عليه ، أو أسكت ولا أتكلّم ؟ ولكن أخشى عقوبة الله على هذه المعصية فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ، ويستر عيبك ، ويجنبك الفتن ما
ظهر منها وما بطن ، أما مسألتك فيتضح الجواب عنها ببيان الأمور التالية :
أولا : يظهر من سؤالك أن من قذفتها بعمل الحرام معها هي امرأة
معينة ، تعرفها أنت ويعرفها ابن عمك ، فإن كانت امرأة معينة معروفة ، فهذا قذف منك
لها ، وهو من الكبائر المحرمة ، والذنوب القبيحة ، إذ إنه طعن في الأعراض ، وانتهاك
لما حرم الله تعالى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو هريرة
رضي الله عنه : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال :
الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم
والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري برقم
2615 ، ومسلم برقم 89
وكما أنه قذف لتلك المرأة فهو إقرار على نفسك بالزنا ، حتى وإن
كنت كاذبا .
أما إن كانت المرأة غير معينة ، أي إنك قلت : فعلت مع امرأة ،
وليست هذه المرأة معينة ، فهذا لا يعتبر قذفا لأحد ، لكنه إقرار على نفسك بالزنا
تستوجب معه الحد ، ويجب عليك أن تنفيه عن نفسك .
قال في بدائع الصنائع : " لو قال : زنيت بامرأة ولا أعرفها ، صح
إقراره ويحد " بدائع الصنائع 7/51
ثانيا : إذا كان تلك المرأة معينة ، وقد تبت وندمت على ما فعلت
فإن توبتك أن تكذب نفسك ، فيلزمك أن تخبر ابن عمك بأنك غير صادق فيما قلته ، لأنه
لا بد أن تبرئ ساحة تلك المرأة العفيفة ، ولا يحل لك أبدا أن تقدم صداقة ابن عمك
على هتك عرض مسلمة .
قال ابن قدامة في "المغني" :
ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إكْذَابُ
نَفْسِهِ , فَيَقُولُ : كَذَبْت فِيمَا قُلْت . وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ,
وَعَطَاءٌ , وَطَاوُسٌ , وَالشَّعْبِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو عُبَيْدٍ ,
وَأَبُو ثَوْرٍ اهـ باختصار .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (5/77) عَنْ طَاوُسٍ قَالَ :
تَوْبَتُهُ ( يعني من اتهم أحداً بالزنى ) أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ .
ثالثا : اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من التمس رضاء
الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله
إلى الناس ) رواه الترمذي برقم 2414 وصححه الألباني ، فهذا
الحديث يدلك على أن ما تخافه من سوء العلاقة بينك وبين ابن عمك أمر هين ، فإن من
أطاع الله تعالى وأرضاه ، فإن الله يكفيه الناس ، فاحرص على علاقتك بربك أكثر من
حرصك على علاقتك بابن عمك ، واعلم أن هذا من الابتلاء الذي يختبرك الله به ، فاقدم
على الحق ، وتوكل على الله ، ولا تخش فيه لومة لائم ، وأكثر من الاستغفار والتوبة
ودعاء الله عز وجل أن يوفقك لقول الحق ، وأن يؤلف بينك وبين ابن عمك ، فإن قلوب
العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء .
والله أعلم .
*****
44633
القيء لا ينقض الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4394)
سؤال رقم 44633- القيء لا ينقض الوضوء
هل الاستفراغ ينقض الوضوء ؟.
الحمد لله
ذهب بعض العلماء إلى أن القيء (وهو الاستفراغ) ينقض الوضوء ،
منهم الإمامان أبو حنيفة وأحمد ، غير أن أحمد يشترط لنقض الوضوء أن يكون القيء
كثيرا فاحشاً .
وذهب الإمام الشافعي إلى أن القيء لا ينقض الوضوء ، وهذا هو
الصحيح ، لأنه ليس هناك دليل صحيح على نقض الوضوء بالقيء .
انظر : "المجموع" (2/63-65) ، "المغني" (1/247- 250) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل ما يخرج من غير السبيلين
ينقض الوضوء ؟
فأجاب :
" الخارج من غير السبيلين لا ينقض الوضوء قلَّ أو كَثُر إلا
البول والغائط ؛ وذلك أن الأصل عدم النقض ، فمن ادّعى خلاف الأصل فعليه الدليل ،
وقد ثبتت طهارة الإنسان بمقتضى دليل شرعي ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن
رفعه إلا بدليل شرعي ، ونحن لا نخرج عما دلَّ عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم ، لأننا متعبدون بشرع الله لا بأهوائنا ، فلا يسوغ لنا أن نلزم عباد الله
بطهارة لم تجب ولا أن نرفع عنهم طهارة واجبة .
فإنْ قال قائل : قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ .
قلنا : هذا الحديث قد ضعًّفه أكثر أهل العلم ، ثم نقول : إن هذا
مجرد فعل ، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب ، لأنه خالٍ من الأمر ، ثم إنه معارضٌ
بحديث ـ وإن كان ضعيفاً ـ : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ .
وهذا يدل على أن وضوءه من القيء ليس للوجوب .
وهذا القول هو الراجح ، أن الخارج من بقيه البدن لا ينقض الوضوء
وإن كَثُرَ ، سواء كان قيئاً أو لعاباً أو دماً أو ماء جروح أو أي شيء آخر ، إلا أن
يكون بولاً أو غائطاً مثل أن يفتح لخروجهما مكان من البدن فإن الوضوء ينتقض
بخروجهما منه " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/198) .
*****
44676
مشاكل بسبب زوجات إخوتها
مشكلات نفسية واجتماعية >
الآداب > صلة الرحم >(1/4395)
سؤال رقم 44676- مشاكل بسبب زوجات إخوتها
أعاني من مشاكل عائلية وبالتحديد مع زوجات إخوتي ، مع العلم أنهن أخوات وبنات عمي يخلقن مشاكل بدون أي سبب ، مثال : الصغرى والمقيمة معنا لا تتحدث معنا إلا عندما نكلمها ونحن مللنا من هذه الحال ، كما يراودني شعور أنها لا تحبنا ، أما أختها وزوجة أخي الأكبر منذ أربع سنوات تغيرت علينا وأصبحت تأتي لزيارتنا كأنه واجب ، وقامت به بمعني تأتي دون أن تتكلم حتى عودت بناتها على هذه الطريقة وأخذن يسببن لنا مشاكل مع إخواننا حتى قررت أمي أن تقول لأخي الأكبر أن لا تدخل زوجته منزلنا حتى نتجنب مشاكلهن ، على العلم أننا لم نشعر بمعنى الحقد تجاههن فهل له علاقة بقطيعة الرحم أفيدونا جزاك الله خيرا.
الحمد لله
فإن صلة الرحم واجب عظيم ، له منزلة كبيرة في دين الإسلام ،
ويكفي ذلك قول الله تعالى في الحديث القدسي للرحم :" ألا ترضين أن أصل من وصلك
وأقطع من قطعك " رواه البخاري ( 4552 ) ومسلم ( 2554 ) ، وقد بينا ذلك مفصلا في السؤال رقم ( 4631 )
إذا تبين هذا ، فإنه ينبغي عليكم أن تسددوا وتقاربوا قدر
استطاعتكم ، فحاولوا التفاهم مع أخيكم بخصوص هذا الموضوع ، واشرحوا له ما يحصل بين
زوجته وبين أمه وبينكم ، دون أن تتدخلوا في شؤون زوجته أو أن تجرحوا شعوره ، فإن
هذا يعظم المشكلة ولا يحلها ، فإن لم يتيسر ذلك ، فحاولوا أن تحسنوا إلى زوجة أخيكم
، فإن الإنسان في العادة يأسره الإحسان ، ويقربه الود والعطاء .
فإن لم يفد الأمر ، فأخبروا أخاكم أن يقلل من زيارة زوجته لأمه ،
فيأتي هو مرة بدونها ، ومرة معها ، حتى تعود المياه إلى مجاريها ، وأكثروا من دعاء
الله عز وجل أن يصلح تلك الأحوال ، وأن يؤلف بين القلوب .
ويمكنكم أيضا أن تذكروا عند أمكم بعض ما تفعله زوجة أخيكم من
محاسن ، وأن تغضوا الطرف عن المساويء لكي تصلحوا الأوضاع ، ولا تكونوا من الذين إذا
رأوا عيبا سارعوا بنشره ، وإخبار الكل عنه ، فإن هذا من باب النميمة ، كما أنه يفسد
الود ، ويقطع الرحم ، ويذهب الصفاء .
والله أعلم .
*****
44679
نذرت أن تحج ولم تحج الفريضة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4396)
سؤال رقم 44679- نذرت أن تحج ولم تحج الفريضة
امرأة نذرت إن رزقها الله بمولود أن تحج ورزقها الله به فهل عليها الحج للنذر ؟ علماً بأنها لم تحج الفرض .
الحمد لله
" يجب أن يعلم أن النذر منهي عنه ، نهى عنه النبي صلى الله عليه
وسلم وقال : ( إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ ) . ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن النذر
حرام . فلماذا تنذر ؟ ولماذا تكلف نفسك ؟ وهل الله عز وجل لا يمن عليك بالشفاء أو
على قريبك بالشفاء إلا إذا اشترط له شرطاً ؟ سبحان الله ! لا تنذر ، بل اسأل الله
الشفاء والعافية ، فإن كان الله أراد أن يشفي شفى سواء نذرت أم لم تنذر ، فإذا فعلت
ونذرت فإن كان نذر طاعة وجب عليك الوفاء به ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ) وبناء على هذا نقول لهذه المرأة
المذكورة : يجب أن تحجي . لكن تبدأ بحج الفريضة ، ثم تأتي بحج النذر وجوباً ، فإن
لم تفعل فقد عرضت نفسها لعقوبة عظيمة ، ذكرها الله في قوله : ( وَمِنْهُمْ مَنْ
عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ
الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا
وَهُمْ مُعْرِضُونَ ) التوبة/75، 76 .
عاهدوا الله إن الله أغناهم أن يتصدقوا ، وأن يكونوا من الصالحين
، أعطاهم الله ذلك ، ولكنهم بخلوا بالمال ، وأعرضوا عن الصلاح ( فَأَعْقَبَهُمْ
نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ ) إلى متى ؟ ( إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ) إلى الموت (
بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ ) التوبة/77 .
والخلاصة :
احذروا النذر ، لا تنذروا فأنتم في عافية ، ولا تلزموا أنفسكم ما
لم يلزمكم الله به إلا بفعلكم ، فمن كان عنده مريض فليقل : اللهم اشفه ، ومن كان
يريد الاختبار فليقل : اللهم نجحني ، لأن بعض الطلبة إذا كانت الدروس صعبة وخاف من
السقوط يقول : لله عليَّ نذر إن نجحت لأفعل كذا وكذا . من الطاعات ، ثم إذا نجح أخذ
يسأل ويجيء للعالم الفلاني يقول : خلصوني خلصوني ، ولكن لا مفر لا بد من الوفاء
بالنذر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/54) .
*****
44684
ابنها مسيطر عليها
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4397)
سؤال رقم 44684- ابنها مسيطر عليها
قصتنا مع والدة زوجي فهي عندها أصغر أبنائها وهو اتكالي لا يعمل وهو في صحة ممتازة وبلغ الأربعين وقد تحكم بوالدته ، وهي تنفذ ما يمليه عليها ، علما أن زوجي يصرف عليهم منذ 35 عاما ، وابنها هذا يحرضها على الجميع حتى إنه يوزع مثل صكوك الغفران بالرضا منها حسب مصلحته ، المهم زوجي يعمل بالخارج وأنا لا أستطيع زيارتها لأني غير مرغوب في ، وقد طردتني أنا وأطفالي وهي بذيئة اللسان لا تخاف الله ، المهم زارونا عند حضور زوجي فهجمت علي هي وابنها وحاولوا ضربي وتمكنوا من إيذائي ودافع عني زوجي وابني الطالب بالجامعة ، والنتيجة أن آذونا وخرجت للشارع وأخذت تصرخ وذهبت للشرطة وقدمت بلاغا ضد الجميع وطالبت بحجز البنات وأنا في مكان لا يليق بنا ، حتى الضابط يقول لها إنهم محترمون ، المهم حجز زوجي وابني وكان يقدم امتحانات وتأخرت دراسته عاما لهذا السبب وبعد المحكمة دفعنا لها النفقة المطلوبة وكان زوجي يدفع أكثر ، المهم لم يستطع زوجي زيارتها والسبب أنها تسببت بسجن زوج ابنتها وابنه عندما زاروها ، والمشكلة أن من يزورها يغلق ابنها الباب ويستدعي الشرطة حتى مع بناتها أيضا نفس المشكلة ، وعندما زارها ابنها الكبير لم يستطع أن يدخل أوقفه ابنها الصغير وأخذ الفلوس والهدايا وقال له أمك ستغضب عليك .
لا أعرف ما أقول ، أشكو همي لله ، فبودي أن أزورها وأبرها ، ولكن لا سبيل لذلك لأنهم يفترون على الجميع ، ما هو مطلوب علما أنني جده وأخاف الله فماذا افعل وما حكم الشرع بهذا ؟.
الحمد لله
الذي حصل من قبل أم زوجك أمر غريب ، فكيف يستولي على فكرها ابنها
، ويجعلها تتصرف بمثل هذه التصرفات ، ولكن مع ذلك على زوجك أن يبر أمه قدر استطاعه
، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، فإن استطاع أن يزورها في وقت لا يتواجد فيه ذلك
الابن ، فهذا حسن ، وإن استطاع أن يتصل بها عن طريق الهاتف ليصلها ، وليشرح لها ما
في نفسه ، فهذا حسن أيضا ، ولو أمكنه أن يوسط بعض الناس من النساء وغيرهن ، الذين
يؤثرون على أمه فليفعل ، وليستعن بالله عز وجل ، وليكثر من الدعاء .
ودفاع زوجك عن نفسه في المحكمة وأمام الشرطة جيد .
ولو رفع دعوى ضد أخيه الذي يظلمه لإيقافه عند حدّه وكفِّ أذاه
جائز ولو صبر عليه فهو خير له .
ومحاولة نقل أم زوجك من عند هذا الأخ الظالم ( بحسب ما ورد في
السؤال ) فكرة جيّدة لإزالة ما يتحصن به هذا الأخ وما يتقوى به للاستيلاء على منزل
الآخرين .
ولا حرج عليك أن تنقطعي هذه الفترة عن زيارتها حتى تعود المياه
إلى مجاريها ، وحتى لا تتضرري مرة أخرى مثل ما حصل سابقا ،
خصوصاً وأن أم زوجك ليست من أقاربك الذين يجب عليك صلتهم وبرّهم
ولا يعتبر عدم زيارتك لها من العقوق المحرّم وقطع الرّحم .
نعم ، زيارتها والإحسان إليها تثابين عليه إن أخصلت في ذلك لله
تعالى ، وهو من حسن العشرة لزوجك ولكن لا يجب ذلك عليك لا سيما مع سوء تصرفها
وخلقها . والله أعلم .
*****
44695
هل اليهود والنصارى في هذا العصر مشركون وهل يجوز الزواج منهم؟
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/4398)
سؤال رقم 44695- هل اليهود والنصارى في هذا العصر مشركون وهل يجوز الزواج منهم؟
ما حكم الزواج باليهودية أو النصرانية ؟ وهل نعتبر نصراني و يهودي هذا العصر كتابيا أم مشركا .
الحمد لله
الزواج من اليهودية أو النصرانية جائز في قول جماهير أهل العلم ،
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (7/99) : ( ليس بين أهل العلم , بحمد الله ,
اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب . وممن روي عنه ذلك عمر , وعثمان , وطلحة ,
وحذيفة وسلمان , وجابر , وغيرهم .
قال ابن المنذر : ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك . وروى
الخلال , بإسناده , أن حذيفة , وطلحة , والجارود بن المعلى , وأذينة العبدي ,
تزوجوا نساء من أهل الكتاب . وبه قال سائر أهل العلم ) اهـ .
والأصل في ذلك قوله سبحانه : ) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ
الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ
حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ
بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين َ) المائدة/5
والمراد بالمحصنة هنا : الحرة العفيفة ، قال ابن كثير رحمه الله
في تفسيره : ( وهو قول الجمهور ههنا ، وهو الأشبه ؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية
وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : حشف
وسوء كيل ، والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات : العفيفات عن الزنا ، كما قال
تعالى في الآية الأخرى : ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ
أَخْدَان ٍ) النساء/25 . انتهى .
والنصارى واليهود كفار مشركون بنص القرآن ، لكن إباحة نسائهم
مخصص لقوله سبحانه :
( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ
مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) البقرة/221 وهذا أظهر الوجوه في الجمع بين الآيتين .
وقد وصفهم الله بالشرك في قوله : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا
أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31
فهم كفار مشركون ، لكن الله تعالى أحل ذبائحهم ونساءهم إذا كن
محصنات ، وهذا تخصيص لعموم آية البقرة .
لكن ينبغي أن يعلم أن الأولى والأسلم ترك نكاح الكتابيات ،
لاسيما في هذا الزمن ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا ثبت هذا , فالأولى أن لا
يتزوج كتابية ; لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب : طلقوهن . فطلقوهن
إلا حذيفة , فقال له عمر : طلقها . قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة , طلقها .
قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة . قال : قد علمت أنها جمرة , ولكنها لي حلال
. فلما كان بعدُ طلقها , فقيل له : ألا طلقتها حين أمرك عمر ؟ قال : كرهت أن يرى
الناس أني ركبت أمرا لا ينبغي لي . ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته , وربما كان
بينهما ولد فيميل إليها ) اهـ . المغني 7/99
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( فإذا كانت الكتابية معروفة
بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز ؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم .
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد
يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا
يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق
عليه أولادا من غيره ... لكن إن احتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها
بصره ، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام ، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو
تجر الأولاد ) اهـ .
فتاوى إسلامية 3/172
والله أعلم .
*****
44695
هل اليهود والنصارى في هذا العصر مشركون وهل يجوز الزواج منهم؟
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >(1/4399)
سؤال رقم 44695- هل اليهود والنصارى في هذا العصر مشركون وهل يجوز الزواج منهم؟
ما حكم الزواج باليهودية أو النصرانية ؟ وهل نعتبر نصراني و يهودي هذا العصر كتابيا أم مشركا .
الحمد لله
الزواج من اليهودية أو النصرانية جائز في قول جماهير أهل العلم ،
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (7/99) : ( ليس بين أهل العلم , بحمد الله ,
اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب . وممن روي عنه ذلك عمر , وعثمان , وطلحة ,
وحذيفة وسلمان , وجابر , وغيرهم .
قال ابن المنذر : ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك . وروى
الخلال , بإسناده , أن حذيفة , وطلحة , والجارود بن المعلى , وأذينة العبدي ,
تزوجوا نساء من أهل الكتاب . وبه قال سائر أهل العلم ) اهـ .
والأصل في ذلك قوله سبحانه : ) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ
الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ
حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ
بِالأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين َ) المائدة/5
والمراد بالمحصنة هنا : الحرة العفيفة ، قال ابن كثير رحمه الله
في تفسيره : ( وهو قول الجمهور ههنا ، وهو الأشبه ؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية
وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : حشف
وسوء كيل ، والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات : العفيفات عن الزنا ، كما قال
تعالى في الآية الأخرى : ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ
أَخْدَان ٍ) النساء/25 . انتهى .
والنصارى واليهود كفار مشركون بنص القرآن ، لكن إباحة نسائهم
مخصص لقوله سبحانه :
( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ
مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) البقرة/221 وهذا أظهر الوجوه في الجمع بين الآيتين .
وقد وصفهم الله بالشرك في قوله : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ
وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا
أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ
عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31
فهم كفار مشركون ، لكن الله تعالى أحل ذبائحهم ونساءهم إذا كن
محصنات ، وهذا تخصيص لعموم آية البقرة .
لكن ينبغي أن يعلم أن الأولى والأسلم ترك نكاح الكتابيات ،
لاسيما في هذا الزمن ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا ثبت هذا , فالأولى أن لا
يتزوج كتابية ; لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب : طلقوهن . فطلقوهن
إلا حذيفة , فقال له عمر : طلقها . قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة , طلقها .
قال : تشهد أنها حرام ؟ قال : هي جمرة . قال : قد علمت أنها جمرة , ولكنها لي حلال
. فلما كان بعدُ طلقها , فقيل له : ألا طلقتها حين أمرك عمر ؟ قال : كرهت أن يرى
الناس أني ركبت أمرا لا ينبغي لي . ولأنه ربما مال إليها قلبه ففتنته , وربما كان
بينهما ولد فيميل إليها ) اهـ . المغني 7/99
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( فإذا كانت الكتابية معروفة
بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز ؛ لأن الله أباح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم .
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير ، وذلك لأنهن قد
يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده ، فالخطر كبير ، والأحوط للمؤمن ألا
يتزوجها ، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة ، وأن تعلّق
عليه أولادا من غيره ... لكن إن احتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها
بصره ، ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام ، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو
تجر الأولاد ) اهـ .
فتاوى إسلامية 3/172
والله أعلم .
*****
44696
الكحل الأصلي نافع للعين وليس ضاراً
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4400)
سؤال رقم 44696- الكحل الأصلي نافع للعين وليس ضاراً
هل استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الكحل لعينيه ؟ وهل هناك أي حديث في هذا ؟ في الولايات المتحدة يُمنع الكحل لأنه يسبب التسمم (كما يدعون) ، فهل هذا صحيح ؟ أريد أن أستخدم الكحل فأنا أعاني من ضعف في النظر .
الحمد لله
فإنه قد جاء في عدد من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم
اكتحل وأمر بالاكتحال ، من ذلك ما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة من حديث أنس رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :( كان يكتحل في عينه اليمنى ثلاث مرات ، واليسرى
مرتين ) والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 633 ، وثبت في سنن النسائي (5113) وأبي داود (3837) وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن من خير أكحالكم الإثمد إنه يجلو
البصر وينبت الشعر "
قال ابن القيم رحمه الله :" وفي الكحل حفظ لصحة العين وتقوية
للنور الباصر وجلاء لها وتنظيف المادة الرديئة واستخراج لها ، مع الزينة في بعض
أنواعه ، وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل وسكونها عقيبة من الحركة
المضرة بها وخدمة الطبيعة لها ، وللإثمد من ذلك خاصية " زاد المعاد 4 / 281
وقال في المغني :" ويستحب أن يكتحل وترا " المغني 1 / 106
وقال في المجموع :" وأما الاكتحال وترا فاختلف فيه فقيل يكون في
عين وترا وفي عين شفعا ليكون المجموع وترا , والصحيح الذي عليه المحققون أنه في كل
عين وتر , وعلى هذا فالسنة أن يكون في كل عين ثلاثة أطراف " المجموع 1 / 334
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : بعض أطباء
العيون يقولون : إن الكحل يضر بالعين وينصحون بعدم استعماله فماذا تقولون لهم ؟
فأجاب فضيلته بقوله :" الإثمد معروف أنه جيد ونافع للعين ، وغيره
من أنواع الكحل لا أعرف عنه شيئا ، والأطباء الأمناء هم مرجعنا في هذه المسألة .
ويقال : إن زرقاء اليمامة التي تبصر من مسيرة ثلاثة أيام لما
قتلت رأوا أن عروق عينها كلها متأثرة بهذا الإثمد " ا.هـ
مجموع الفتاوى الجزء 17 / باب التداوي وعيادة المريض
ومما سبق يعلم أن الكحل الجيد لا يضر العين بل ينفعه ، لكن قد
تكون هناك بعض أنواع الكحل المصنعة حديثا ، وقد دخل في تركيبها بعض المواد
الكيماوية ، مما قد يسبب ضررا للجسم ، ويذهب بمنافع الكحل ، ولهذا يبحث الناس اليوم
عن الكحل الأصلي ، ولا يعتبرون أن كل كحل موجود الآن هو مفيد ، والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
44730
متى يكون الذبح لغير الله شركاً
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4401)
سؤال رقم 44730- متى يكون الذبح لغير الله شركاً
هل كل ذبح لا يراد به وجه الله يعتبر شركاً ؟ مع التفصيل في ذلك .
الحمد لله
الذبح تارة يكون نسكا ، إجلالا لله وتعظيما له ، وتارة يكون لأجل
إكرام ضيف أو أكل لحم أو نحو ذلك ، ففي الحالة الأولى ، لا يجوز أن يصرف هذا
الإجلال والتعظيم إلا لله عز وجل ، ومن صرفه لغير الله ، فقد أشرك شركا أكبر ،
وصارت ذبيحته بمنزلة الميتة ، أما الحالة الثانية فهي جائزة ، وقد تكون مطلوبة ،
إلا أنه في جميع الأحوال لا يجوز ذكر اسم غير الله على الذبيحة وإلا صارت ميتة
محرمة ، فذكر اسم الله عز وجل شيء ، والمقصود بالذبيحة شيء آخر .
فإن قيل : كيف نفرق بين ما يكون إكراما وبين ما يكون تقربا لغير
الله ؟
فالجواب : أنه في حال التقرب لغير الله لا يقصد بالذبيحة اللحم ،
وإنما يقصد بها تعظيم المذبوح له ، ويصرف اللحم لأناس آخرين ، كمن يذبح أمام رئيس
لمقدمه من سفر أو نحو ذلك ، ثم يعطي الذبيحة أناسا آخرين ليأكلوا منها ، وهذا كان
يفعله بعض الناس في السابق ، فهذا ما ذبح للرئيس إلا تعظيما له وإجلالا ، فيكون
داخلا في الشرك الأكبر .
قال الشيخ ابن عثيمين :" الذبح إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه
مخصوص ويقع على وجوه :
الأول : أن يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له
والتقرب إليه ، فهذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى ، وصرفه
لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين لا شريك له } والنسك هو الذبح .
الثاني : أن يقع إكراما لضيف أو وليمة لعرس أو نحو ذلك فهذا
مأمور به إما وجوبا أو استحبابا لقوله صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله
واليوم الآخر فليكرم ضيفه " وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف : " أولم
ولو بشاة " .
الثالث : أن يقع على وجه التمتع بالأكل أو الاتجار به ونحو ذلك
فهذا من قسم المباح فالأصل فيه الإباحة لقوله تعالى : { أولم يروا أنا خلقنا لهم
مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون } يس / 71 ، 72 وقد يكون مطلوبا أو
منهيا عنه حسب ما يكون وسيلة له ." شرح الأصول الثلاثة ضمن مجموع الفتاوى 6
/ 62
وقال في مواهب الجليل :" وأما الذبح للأصنام ، فلا خلاف في
تحريمه ، لأنه مما أهل به لغير الله انتهى . " 3 / 213
وذكر في ردّ المحتار [ 6 / 309 ] :
أن الذبح لقدوم الأمير محرّم ، بينما الذبح للإكرام للضيف جائز ،
ثم قال : والفارق أنه إن قدمها ليأكل منها كان الذبح لله والمنفعة للضيف أو للوليمة
أو للربح ، وإن لم يقدمها ليأكل منها بل يدفعها لغيره كان لتعظيم غير الله فتحرم "
اهـ .
وقال في المجموع :" لا يجوز أن يقول الذابح : باسم محمد ، ولا
باسم الله واسم محمد ، بل من حق الله تعالى أن يجعل الذبح باسمه واليمين باسمه ،
والسجود له لا يشاركه في ذلك مخلوق . وذكر الغزالي في الوسيط أنه لا يجوز أن يقول :
باسم الله ومحمد رسول الله ، لأنه تشريك " 8 / 384
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: عن حكم الذبح لغير الله، وهل يجوز
الأكل من تلك الذبيحة ؟
فأجاب قائلا : الذبح لغير الله شرك أكبر لأن الذبح عبادة كما أمر
الله به في قوله : { فصل لربك وانحر } . وقوله سبحانه : { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين . لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } فمن ذبح لغير
الله فهو مشرك شركا مخرجا عن الملة – والعياذ بالله – سواء ذبح ذلك لملك من
الملائكة ، أو لرسول من الرسل ، أو لنبي من الأنبياء ، أو لخليفة من الخلفاء ، أو
لولي من الأولياء ، أو لعالم من العلماء ، فكل ذلك شرك بالله – عز وجل – ومخرج عن
الملة والواجب على المرء أن يتقي الله في نفسه ، وأن لا يوقع نفسه في ذلك الشرك
الذي قال الله فيه { إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما
للظالمين من أنصار }
وأما الأكل من لحوم هذه الذبائح فإنه محرم لأنها أهل لغير الله
بها وكل شيء أهل لغير الله به أو ذبح على النصب فإنه محرم كما ذكر الله ذلك في سورة
المائدة في قوله - تعالى – { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير
الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما
ذبح على النصب } فهذه الذبائح التي ذبحت لغير الله من قسم المحرمات لا يحل أكلها .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن حكم الذبح لغير الله ؟
فأجاب بقوله : تقدم لنا في غير هذا الموضع أن توحيد العبادة هو
إفراد الله – سبحانه وتعالى – بالعبادة بأن لا يتعبد أحد لغير الله – تعالى – بشيء
من أنواع العبادة ، ومن المعلوم أن الذبح قربة يتقرب بها الإنسان إلى ربه لأن الله
– تعالى – أمر به في قوله { فصل لربك وانحر } وكل قربة فهي عبادة ، فإذا ذبح
الإنسان شيئا لغير الله تعظيما له ، وتذللا ، وتقربا إليه كما يتقرب بذلك ويعظم ربه
- عز وجل - كان مشركا بالله - عز وجل - وإذا كان مشركا فإن الله - تعالى قد بين أنه
حرم على المشرك الجنة ومأواه النار .
وبناء على ذلك نقول : إن ما يفعله بعض الناس من الذبح للقبور -
قبور الذين يزعمون بأنهم أولياء - شرك مخرج عن الملة ، ونصيحتنا لهؤلاء أن يتوبوا
إلى الله - عز وجل - مما صنعوا ، وإذا تابوا إلى الله وجعلوا الذبح لله وحده كما
يجعلون الصلاة والصيام لله وحده ، فإنه يغفر لهم ما سبق كما قال الله - تعالى – {
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } " مجموع الفتاوى 2 / 148
للمزيد ( انظر القول المفيد على كتاب التوحيد 1 / 215 ، تيسير العزيز الحميد 1 /
155 ، الدرر السنية من الأجوبة النجدية 1 / 428 ].
*****
44738
هل يعطي صدقة التطوع لأهل البدع
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4402)
سؤال رقم 44738- هل يعطي صدقة التطوع لأهل البدع
من المعلوم أن أغلبية سكان العراق شيعة هل يصح التبرع لهم عن طريق المؤسسات التي تدعو إلى التبرع لهم ، مع أنهم من الممكن أن يتقووا بهذه الأموال على أهل السنة .
الحمد لله
الحكم بأن أغلبية سكان العراق من الشيعة ليس دقيقا ، لأن
الإحصاءات الموجودة بين أيدينا الآن أكثرها قديمة ، ولم تكن بتلك الدقة ، بل إن بعض
الإحصاءات الحديثة أثبتت عكس ذلك بناء على استقراء أحوال المحافظات هناك .
وعلى كل حال فإذا كان الذي يدفع إلى الرافضة من الصدقة الواجبة
أي الزكاة المفروضة فقد سبق بيان حكمه في السؤال رقم ( 1148 ) ، أما إذا كان ما يدفع هو من
الصدقة المستحبة أي صدقة التطوع فقد نص أهل العلم على جواز دفع صدقة التطوع إلى
الكافر .
قال في الأم : " قال الشافعي : ولا بأس أن يتصدق على المشرك من
النافلة وليس له في الفريضة من الصدقة حق " الأم 2/65
وقال في المغني : " وكل من حرم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة
المتصدق والكافر وغيرهم ، يجوز دفع صدقة التطوع إليهم ولهم أخذها ، قال الله تعالى
: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) . ولم يكن الأسير يومئذ إلا
كافرا " المغني 2/277
لكن إذا كان المال المتصدق به يستعان به على معصية أو أذية مسلم
، فلا يجوز دفعه لمسلم فضلا عن مبتدع أو كافر .
وبناء على ما سبق ، فإذا كنت متيقنا من أن تلك الأموال ستصل إلى
أناس يتقوون بها على أذية المسلمين فلا يجوز دفعها ، ويمكنك البحث عن طرق أخرى
لدفعها لأهلها ومن هم أحق بها ، والأولى أن يعطي المسلم زكاته لأهل الطاعة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات ص (103) : ولا ينبغي أن
يعطي الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله ، فإن الله تعالى فرضها معونة على
طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين ، كالفقراء والغارمين أو لمن يعاون المؤمنين .
فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يعطي شيئاً حتى يتوب ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها
. اهـ.
والله أعلم .
*****
44819
أقام علاقة مع فتاة لمدة عامين فهل له أن يتقدّم لخطبتها ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4403)
سؤال رقم 44819- أقام علاقة مع فتاة لمدة عامين فهل له أن يتقدّم لخطبتها ؟
أنا شاب طالت بي الهموم فلم أجد من مأوى خاصة في غياب الذين يدعون الصداقة فلم أجد من مأوى فأويت إلى فتاة احتضنتني بوفائها الدائم الذي لن أنساه ما حييت والآن بعد مضي عامين من خروجي معها لم أفعل خلالها أي مكروه كالزنى عافانا الله منه ومن سيئات أعمالنا فقط أريد التقدم لخطبتها فهل تجوز هذه العلاقة أم لا ؟.
الحمد لله
هذه العلاقة المذكورة في السؤال هي علاقة محرّمة وإثم بين ، إذ
لا يجوز للرجل أن يقيم علاقة مع امرأة أجنبية ، يتصادقان ويخرجان ويدخلان ، لما في
ذلك من الوقوع فيما حرم الله من النظر أو اللمس أو الخلوة أو الخضوع بالقول ، ولا
تخلو هذه العلاقات من شيء من ذلك .
ومن إغواء الشيطان أنه يُحسِّن للإنسان مثل هذه العلاقات بجعله
يشعر أن همومه قد زالت أو خفّت بسبب هذه العلاقة ، وهذا ظاهر من لهجة كلامك " أويت
" " احتضنتني " " بوفائها الدائم " " لن أنساه " ، وكذلك من نفيك أيّ مكروه معها ،
مع أن ما تم هو نوع من أنواع العلاقات المحرّمة ، ولو فُرِض أنها لم تصل إلى
الفاحشة الكبرى .
والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى ، وأن تعتقد في قرارة نفسك
فساد ما كنت عليه وسوءه لمخالفته لشرع الله وأمره ، وتقلع عن هذا المنكر، وتندم على
ما اقترفت، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يستأذنه في الزنا : "
أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم . قال
أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه
لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه
لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه
لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه
لخالاتهم " رواه أحمد (22265) وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند.
وأما التقدم لخطبتها ، فلا مانع من ذلك ، وبعد أن تتأكد من
استقامتها ومواظبتها على أداء الفرائض ، وبعدها عن المحرمات ، وتوبتها من هذه
العلاقة الآثمة .
والله أعلم .
Islam Q&A
*****
44825
يسأل عن حديث أحب الأسماء إلى الله
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/4404)
سؤال رقم 44825- يسأل عن حديث أحب الأسماء إلى الله
ما صحة حديث : ( أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن ) ؟ وما هو نص الحديث ؟.
الحمد لله
الحديث المشار إليه في السؤال صحيح ، رواه الإمام مسلم في صحيحه
(2132) من حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ
اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ) .
وروى أبو داود (4950) عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ ،
وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ ، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ إِلَى
اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ ،
وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ ) صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وإنما كانت الأسماء المعبدة لله تعالى أحب إلى الله من غيرها ؛
لأن فيها إقرارا لله تعالى بوصفه اللائق به سبحانه ، والذي لا يليق بغيره ، وليس
لأحد من الخلق فيه حق ولا نصيب ؛ وهو ألوهيته لخلقه سبحانه .
وفيها مع ذلك الإقرار إقرارٌ من العبد بوصفه اللائق به ، والذي
لا يليق به غيره ، ولا يخرج عنه طرفة عين من حياته أو أقل ، وهو وصف العبودية لربه
. فَصَدَق الاسم على مسماه ، وَشُرِّفَ المسمى بإضافته إلى عبودية ربه جل وعلا ،
فحصلت الْفَضِيلَة لهذه الأسماء .
فالتعلق الذي بين العبد وبين الله إنما هو العبودية الخالصة ،
والتعلق الذي بين الله وبين العبد إنما هو الرحمة التامة ، فبرحمته كان وجوده ،
وكمال وجوده ، والغاية التي أوجده لأجلها أن يتعبد له وحده ، محبة وخوفا ورجاء
وإجلالا وتعظيما ، فيكون عبدًا لله .
وهذا هو مدلول ذلك الاسم : تعبيد صاحبه لما في اسم الله من معنى
الإلهية ، التي يستحيل أن تكون لغيره .
ولما كانت رحمته تسبق غضبه ، وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب ،
كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر ونحوها من الأسماء .
فإذا تضمن الاسم الإشارة إلى هذين المقامين ، مقام الألوهية
ومقام العبودية ، أوجب تذكره الدائم مقام الذل للعبد بين يدي ربه ، واستدعى رحمة
الرب سبحانه لبعده الفقير الذليل .
وذكر بعض أهل العلم أن في هذين الاسمين من الخصوصية أيضا :
أَنَّهُ لَمْ يَقَع فِي الْقُرْآن إِضَافَة عَبْد إِلَى اِسْم مِنْ أَسْمَاء اللَّه
تَعَالَى غَيْرهمَا , قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْد اللَّه
يَدْعُوهُ ) وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى ( وَعِبَاد الرَّحْمَن ) وَيُؤَيِّدهُ قَوْله
تَعَالَى ( قُلْ ادْعُوا اللَّه أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَن ) .
وإذا كان الطفل أول ما يعي ويعقل ، يطرق ذلك الاسم سمعه ، وقر في
قلبه أنه عبد الله ، وأن الله هو سيده ومولاه الرحمن الرحيم ، وسهل تربيته على ذلك
.
[ يمكن مراجعة : تحفة المودود بأحكام المولود ، لابن القيم ، وفتح
الباري لابن حجر ، في شرحه لباب : أحب الأسماء إلى الله ، وحاشية السندي على ابن
ماجة ] .
وفقنا الله وإياكم إلى عبوديته الخالصة ، وأدخلنا بمنه وكرمه في
رحمته، وهو أرحم الراحمين .
*****
44833
وقع في العادة السرية في ليالي منى في الحج !
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4405)
سؤال رقم 44833- وقع في العادة السرية في ليالي منى في الحج !
رجل - في دينه رقة - أدى الحج ووقع في العادة السرية مرة واحدة في إحدى ليالي المبيت بمنى ، فهل عليه شيء ؟ .
الحمد لله
يتعجب المرء حين يسمع عن حجاج تركوا ديارهم وأهلهم ، وأقبلوا
بقلوبهم وأبدانهم على أداء النسك الذي جعله الله تعالى ركناً من أركان الإسلام ، ثم
يعصي الواحد منهم ربَّه تعالى ، وأين ؟ في المشاعر ! بل وفي الحرم ، فـ " منى " من
المشاعر وهي داخلة في حدود الحرم ، وقد سبق في جواب السؤال ( 329 ) حرمة العادة السرية
، ومما لا شك فيه أن المعصية تعظم بعظم الزمان والمكان ، وهو ما حصل في تلك المعصية
، والتي فُعلت في الحرم وفي زمان معظَّم وهي أيام التشريق أيام المناسك وذكر الله
تعالى .
والمعصية في الحج تنقص ثوابه ، وقد قال العلماء عن الحج المبرور
: إنه الذي لا يخالطه إثم . ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ
حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) أي :
بغير ذنب . رواه البخاري (1521) ومسلم (1350) .
فالواجب على الشخص المسئول عنه أن يتوب إلى الله ويستغفر ، وأن
يندم ندماً صادقاً على فعله ، وأن يعزم على عدم العوْد لهذا الذنب ، مع الإكثار من
الطاعات ودعاء الله تعالى أن يتقبل منه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المعصية مطلقا تنقص من ثواب الحج ، لقوله تعالى :) فمن فَرَضَ
فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197.
بل إن بعض أهل العلم قال : إن المعصية في الحج تفسد الحج ؛ لأنه
منهي عنها في الحج ، ولكن جمهور أهل العلم على قاعدتهم المعروفة أن التحريم إذا لم
يكن خاصا بالعبادة فإنه لا يبطلها ، والمعاصي ليست خاصة بالإحرام ، إذ المعاصي حرام
في الإحرام وغير الإحرام ، وهذا هو الصواب ، وأن هذه المعاصي لا تبطل الحج ولكنها
تُنْقِصُ الحج " اهـ . "فتاوى أركان الإسلام" ص 571 .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن رجل زاول العادة
السرية بعد أن أحرم بالحج وقبل الذهاب إلى عرفات ، فأجاب :
" الحج صحيح في أصح قولي العلماء . وعليك التوبة إلى الله من ذلك
؛ لأن تعاطي العادة السرية محرم في الحج وغيره ، لقول الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) المؤمنون/5 – 7 .
*****
44835
يدرس في جدة ويقيم في الرياض وينوي العمرة بعد الاختبارات فمن أين يحرم ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >(1/4406)
سؤال رقم 44835- يدرس في جدة ويقيم في الرياض وينوي العمرة بعد الاختبارات فمن أين يحرم ؟
أنا موظف في الرياض وأدرس منتسباً في جدة وأنوي العمرة من الرياض ، ولكن بعد الاختبارات ، فهل يجب عليَّ أن أذهب من جدة إلى " السيل الكبير " وأحرم للعمرة أو أني أحرم من جدة ؟.
الحمد لله
الواجب على من مرَّ على الميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم
منه . راجع السؤال رقم ( 33798 ) و ( 36646 )
.
ولك أن تؤخر إحرامك بالعمرة حتى تنقضي مدة إقامتك في جدة ثم تعود
إلى الميقات فتحرم منه ، ولا يجوز لك الإحرام من جدة .
سئلت اللجنة الدائمة عن طالب يدرس في مدينة جدة ، ويسكن في
القنفذة تبعد عنها مسافة 350 كم ، وفي خلال يومي الخميس والجمعة يذهب إلى القنفذة
ثم يعود إلى جدة فإذا أراد العمرة فمن أين يحرم ؟
فأجابت :
" إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة ، وإذا نويتها وأنت في
القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء (11/136)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل سافر من بلده إلى جدة ثم أراد
العمرة فهل يحرم من جدة ؟
الجواب :
لا يخلو الأمر من حالين :
الحالة الأولى : أن يكون الإنسان قد سافر إلى جدة بدون نية
العمرة ، ولكن طرأت له العمرة وهو في جدة ، فإنه يحرم من جدة ولا حرج في ذلك ،
لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حيث ذكر المواقيت قال : " وَمَنْ كَانَ دُونَ
ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ " رواه
البخاري (1524) ومسلم (1181)
الحالة الثانية : أن يكون سافر من بلده بنية العمرة عازما عليها
فإنه يجب في هذه الحالة أن يحرم من الميقات الذي يمر به ، ولا يجوز الإحرام من جدة
؛ لأنها دون الميقات ، وقد ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه وقت المواقيت
فقال : " هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلهن مِمَّنْ
أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ "
فإن أحرم من جدة ونزل إلى مكة في هذه الحال فإن عليه عند أهل
العلم فديةً دماً ، يذبحه في مكة ويتصدق به على الفقراء وعمرته صحيحة .
فإن لم يحرم من جدة بعد وصوله إليها وهو ناوٍ العمرة قبل وصوله
فإنه يرجع إلى الميقات ويحرم منه ولا شيء عليه . والله أعلم . مجموع فتاوى
ابن عثيمين (21/291)
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضا عن مجموعة من الحجاج عقدوا العزم على
الحج وهم من أهل الرياض وقد كلفوا للعمل في مطار جدة وبعضهم عقد نية الإفراد وبعضهم
تمتع والآخرون بالقران لكنهم تجاوزوا الميقات ولم يحرموا حيث إن هناك زمنا طويلا
بين بداية عملهم وبين موسم الحج بما يقارب الشهر فهل عليهم دم كلهم أو بعضهم حسب
النية ؟
الجواب :
أما من أراد منهم التمتع فإن عدم إحرامه من الميقات خطأ مخالف
للحكمة ؛ لأن الأولى به أن يحرم من الميقات ويأت بالعمرة ويخرج ، إلى جدة ، وأما من
أراد القران والإفراد فصحيح أنه يشق عليه أن يجلس شهرا كاملا في إحرامه ، وإذا جاء
وقت الحج خرجوا إلى الميقات الذي تجاوزوه وأحرموا منه ، فإن قُدِّرَ أن تَعَذَّر
هذا ولم يتمكنوا من الذهاب إلى الميقات فلهم أن يحرموا من جدة ، وعليهم عند أهل
العلم دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء، والتمتع مثلهم ما دام إلى الآن لم يحرم
فإذا أراد الإحرام بالعمرة فلا بد أن يذهب إلى السيل ( ميقات أهل الرياض ) ويحرم
منه ويطوف ويسعى ويقصر ويحل . مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/291)
والله أعلم .
*****
44874
إذا وفَّى بنذره فهل يجوز أن يأكل منه ؟
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4407)
سؤال رقم 44874- إذا وفَّى بنذره فهل يجوز أن يأكل منه ؟
إذا نذر الرجل وأوفى نذره هل يأكل منه أم لا ؟.
الحمد لله
الأصل أن المنذور به إذا كان من الأمور المشروعة فإنه يصرف في
الجهة التي عينها الناذر ، وإذا لم يعين جهة فهو صدقة من الصدقات ، يصرف في الجهات
التي تصرف فيها الصدقات ، كالفقراء والمساكين .
وأما أكله منه فإذا كانت العادة الجارية في بلد الناذر أن الشخص
إذا نذر شيئا مما يؤكل أكل منه جاز له أن يأكل منه بناء على العرف والعادة في ذلك ،
وهكذا إذا نوى الأكل منه ، يكون كلٌّ من العرف والنية مخصصاً للجزء الذي يأكله ،
فلا يكون داخلا في المنذور به ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك نصها :
مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة ،
فإن نوى باللحم الذي نذره الفقراء فلا يجوز له أن يأكل منه ، وإن نوى بنذره أهل
بيته أو الرفقة التي هو أحدهم جاز له أن يأكل كواحد منهم ، لقوله صلى الله عليه
وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . وهكذا لو شرط ذلك في نذره
أو كان ذلك هو عرف بلاده .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
.
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 390 .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً : ( 23/392) : ( من نذر
نذراً يترتب عليه إطعام طعام فالأصل أن الناذر لا يأكل من نذره إلا أن يشترط أو
ينوي أن يأكل من نذره ، فإنه يباح له الأكل كما اشترط أو نوى ) .
والله أعلم .
*****
44877
موقفنا من أحاديث فضائل الأعمال الضعيفة
أصول الفقه > مصادر التشريع >(1/4408)
سؤال رقم 44877- موقفنا من أحاديث فضائل الأعمال الضعيفة
ما موقف العلماء من الحديث الضعيف سنده ، ولكن متن الحديث فيه حث على فضيلة أو دعاء . نريد إجابة على ذلك .
الحمد لله
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال فذهب
بعضهم إلى جواز العمل به ولكن بشروط ، وذهب آخرون إلى منع العمل به .
ولخص الحافظ ابن حجر رحمه الله شروط جواز العمل بالحديث الضعيف ،
وهي :
1- أن يكون الضعف غير شديد ، فلا يعمل بحديث انفرد به أحدٌ من
الكذابين أو المتهمين بالكذب أو من فحش غلطه .
2- أن يندرج تحت أصل معمول به .
3- ألا يعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
وليس معنى العمل بالحديث الضعيف أننا نستحب عبادة لمجرد ورود
حديث ضعيف بها ، فإن هذا لم يقل به أحد من العلماء –كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام
ابن تيمية- بل المعنى أنه إذا ثبت استحباب عبادة معينة بدليل شرعي صحيح كقيام الليل
مثلا ، ثم جاء حديث ضعيف في فضل قيام الليل فإنه لا بأس من العمل بهذا الحديث
الضعيف حينئذ ، ومعنى العمل به روايته لترغيب الناس في هذه العبادة مع رجاء الفاعل
لها أن ينال هذا الثواب الوارد في الحديث الضعيف ، لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه
الحال لا يترتب عليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن
حصل له هذا الثواب وإلا فلا ضرر عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى" ( 1 /
250 ) :
ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست
صحيحة ولا حسنة ، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل
الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب ، وذلك أن العمل إذا علم أنه
مشروع بدليل شرعي وروى حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً ، ولم يقل أحد
من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف ، ومن قال هذا فقد
خالف الإجماع .. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب ، ولكن فيما
علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا المجهول حاله اهـ .
وقال أبو بكر بن العربي بعدم جواز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً
لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .. انظر في ذلك تدريب الراوي ( 1/252 ) .
وهذا القول هو الذي اختاره العلامة الألباني رحمه الله ، وانظر مقدمة كتاب "صحيح الترغيب والترهيب" (1/47-67) .
وفيما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثبت عنه
من الأحاديث في فضائل الأعمال وغيرها غُنية عن العمل بالحديث الضعيف .
فعلى المسلم أن يحرص على معرفة الحديث الصحيح من الضعيف ويكتفي
بالعمل بالصحيح .
والله تعالى أعلم .
*****
44877
موقفنا من أحاديث فضائل الأعمال الضعيفة
أصول الفقه > مصادر التشريع >(1/4409)
سؤال رقم 44877- موقفنا من أحاديث فضائل الأعمال الضعيفة
ما موقف العلماء من الحديث الضعيف سنده ، ولكن متن الحديث فيه حث على فضيلة أو دعاء . نريد إجابة على ذلك .
الحمد لله
اختلف العلماء في العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال فذهب
بعضهم إلى جواز العمل به ولكن بشروط ، وذهب آخرون إلى منع العمل به .
ولخص الحافظ ابن حجر رحمه الله شروط جواز العمل بالحديث الضعيف ،
وهي :
1- أن يكون الضعف غير شديد ، فلا يعمل بحديث انفرد به أحدٌ من
الكذابين أو المتهمين بالكذب أو من فحش غلطه .
2- أن يندرج تحت أصل معمول به .
3- ألا يعتقد عند العمل به ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
وليس معنى العمل بالحديث الضعيف أننا نستحب عبادة لمجرد ورود
حديث ضعيف بها ، فإن هذا لم يقل به أحد من العلماء –كما سيأتي في كلام شيخ الإسلام
ابن تيمية- بل المعنى أنه إذا ثبت استحباب عبادة معينة بدليل شرعي صحيح كقيام الليل
مثلا ، ثم جاء حديث ضعيف في فضل قيام الليل فإنه لا بأس من العمل بهذا الحديث
الضعيف حينئذ ، ومعنى العمل به روايته لترغيب الناس في هذه العبادة مع رجاء الفاعل
لها أن ينال هذا الثواب الوارد في الحديث الضعيف ، لأن العمل بالحديث الضعيف في هذه
الحال لا يترتب عليه محظور شرعي كالقول باستحباب عبادة لم تثبت في الشرع ، بل إن
حصل له هذا الثواب وإلا فلا ضرر عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى" ( 1 /
250 ) :
ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست
صحيحة ولا حسنة ، لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل
الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب ، وذلك أن العمل إذا علم أنه
مشروع بدليل شرعي وروى حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً ، ولم يقل أحد
من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف ، ومن قال هذا فقد
خالف الإجماع .. فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب ، ولكن فيما
علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا المجهول حاله اهـ .
وقال أبو بكر بن العربي بعدم جواز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً
لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .. انظر في ذلك تدريب الراوي ( 1/252 ) .
وهذا القول هو الذي اختاره العلامة الألباني رحمه الله ، وانظر مقدمة كتاب "صحيح الترغيب والترهيب" (1/47-67) .
وفيما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثبت عنه
من الأحاديث في فضائل الأعمال وغيرها غُنية عن العمل بالحديث الضعيف .
فعلى المسلم أن يحرص على معرفة الحديث الصحيح من الضعيف ويكتفي
بالعمل بالصحيح .
والله تعالى أعلم .
*****
44878
بطلان ما يزعمون عن الكوكب العاشر
العلم > العلوم المختلفة >
سؤال رقم 44878: بطلان ما يزعمون عن الكوكب العاشر
ما رأيكم فيما يسمي الكوكب العاشر أو كوكب العذاب كما يسمي وأنه متوقع اقترابه يوم 15/5/2003 وأنه سيسبب دمار الأخضر واليابس . هناك من يؤكد صحة هذا الأمر وأنه ما ورد ذكره في القرآن الكريم في سورة الطارق .
أفيدونا يرحمكم الله حيث أن من يؤيد ذلك يدعون الناس لترك منازلهم والهجرة لأماكن أخرى إن أرادوا النجاة .
الحمد لله
سئل الشيخ حامد العلي في موقعه على الإنترنت عن هذا الموضوع فقال
: " يجب على المسلم أن يتقين ثلاثة أمور عندما يسمع مثل هذه الأخبار :
الأمر الأول : هو أن نهاية الحياة في الأرض لن تكون بحال من
الأحوال إلا وفق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن نهاية
التاريخ لن تحصل قبل ظهور علامات الساعة الصغرى والكبرى كلها ، ومن ذلك أن يتصارع
أهل الحق وهم أهل الإسلام مع أهل الشر والباطل ، وهم كل الذين يعادون دين الحق دين
الإسلام ، ويسعون لإطفاء نوره وأن ثمة محطتين بارزتين في هذا الصراع ستقع قبل نهاية
الحياة ، الأولي صراع أهل الإسلام مع أهل الصليب كما صح في الأحاديث التي ذكرت
ملاحم آخر الزمان .
والمحطة الثانية هي صراع أهل الإسلام في وقت نزول عيسى عليه
السلام مع الدجال وأتباعه من اليهود ، ثم يخرج يأجوج ومأجوج ، ويموتون موتة رجل
واحد .
ثم يحكم أهل الإسلام الأرض ، ثم يموت كل من في قلبه مثقال ذرة من
إيمان بريح باردة تقبض أرواح المؤمنين ، ثم لا تلبث الساعة بعد ذلك أن تقوم وشيكا
على شرار الخلق متفرقين على كوكب الأرض ، لأن الكون لا يخرب وعلى الأرض مؤمن ، فإن
انعدم الإيمان خربت ، إذ الإيمان بالله سبب بقاء الحياة .
والحاصل أنه لا يجوز أن يعتقد المسلم أن نهاية الحياة ستكون
بخلاف ما ذكر في النصوص الثابتة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
الأمر الثاني : هو أنه لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الكواكب تهب
النفع ، أو تدفع الضر ، أو يحصل بها الرزق أو هي التي تهب السعادة ، وتأتي بالشقاء
، وتوجه حياة البشر ونحو ذلك ، فهذه عقيدة شركية كان يعتقدها أهل الجاهلية وصح في
الأحاديث أن من اعتقدها كفر ، وبهذا يعلم أن ما يزعمه كهان الأبراج كله كذب وكفر
وشرك بالله تعالى .
فالكواكب ليست سوى أجرام مسخرة تسير بقدرة الله تعالى ، وتؤدي
دورها في الكون ، وهذا لا يمنع أن يكون سيرها وفق نواميس أقام الله تعالى الكون
عليها ، ويحصل بها تأثر فيما بينها ، ويترتب علي هذا التأثر ، حصول الكوارث
والمصائب والزلازل ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه أنه بسبب كون الكسوف يؤثر على
الأرض قال صلى الله عليه وسلم ( آية يخوف الله بها عباده ) ا.هـ بمعنى أنها تدل على
قرب حدوث أمر مقدر من الله تعالى فيه تخويف وتذكير من الله تعالى ، تذكير بقدرته
البالغة ، وتذكير بنهاية الحياة ، وتذكير للإنسان أن لا يطغى وأن يتذكر دائما أنه
على أرض الله التي لو شاء لزلزلها من تحت رجليه ، فلا يستطيع صرفا ولا نصرا .
ولهذا عادة ما تحدث الزلازل بعد الكسوفات ، وكذلك الأعصاير
المدمرة ، نعوذ بالله من غضبه ، كما ذكر رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم
استعاذ من القمر لأن له تأثيرا وإلا لما استعاذ منه ، وإنما تأثيره من جنس تأثير
المؤثرات الحسية التي خلقها الله وخلق تأثيراتها .
ومادام المسلم يعتقد أن ذلك يحصل كله بتقدير الله تعالى ، وأنها
آيات يخوف الله بها عباده ، فلا ضير ، لكن يجب أن تكون معرفة علاقة سير الكواكب،
والشمس ، بحركة سير الأرض ، وطبقات الأرض ، وحركة الرياح فيها ، مبينا على أسس
علمية ، كما تكتشف علاقات قوانين الطبيعة مع بعضها ، والإسلام لم يحرم بل أمر
باكتشاف قوانين الكون التي خلقها الله تعالى لتسييره .
الأمر الثالث : هو أنه لا يجوز للمسلم أن ينزل الأحاديث التي ذكر
فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما سيحدث فيما سيأتي من الزمان ، على كلام علماء
الطبيعة والفلك ، الذين قد يكون كلامهم تخريصا أو تخمينا أو توقعات لا تلبث حتى
يعلم خطؤها ، فلا يصح أن يجزم أحد من الناس بقوله : إن زوال أمريكا ، أو خروج
المهدي ، أو تغيير النظام العالمي ، أو موازين القوى في العالم ، سيحدث بمرور كوكب
يحدث تأثيرات كارثية على الأرض ، في هذا العام ، أو غيره .
ومن جزم بهذا فهو متخرص ، قائل بغير علم ، متهجم على الغيب بغير
حق ، فأما إن كان الكلام في دائرة ذكر الإمكان ، وما يمكن أن يقع ، فما هو ممكن
الوقوع كثير ، ولكن لا يعلم ما سيقع ، ومتى يقع إلا الله تعالى وحده .
هذا وقد أمرنا أن نجاهد أعداءها بما أوتينا من قوة ، وأن نسعى أن
نتفوق عليهم ، أو أن نساويهم ، أو نقاربهم ، فيما يملكون من أسباب القوة المادية
والمعنوية ، ولا نتكل على حصول الكوارث على أعداءنا .
وقد علمنا من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن نواجه الأعداء
بتوكلنا على الله أولا ، ثم بما آتانا الله من إيمان عميق بعقيدتنا ، وعزيمة أكيدة
على حقنا ، وصبر هائل على طريقنا ، وإصرار بغير حدود على رسالتنا ، وجهاد دؤوب
يستمر عبر الأجيال حتى نصل إلى أهدافنا ، وهدفنا الأعلى وهو قيادة البشرية إلى
الهدى والنور ، لتستمتع البشرية برسالة الرحمة التي بعث بها نبينا صلى الله عليه
وسلم ، وذلك كما فعل صلى الله عليه وسلم في حياته ، ولنا فيه الأسوة الحسنة .
وبعد هذا نقول إن كل ما ذكره هذا المتكلم عن كوكب ( نيبيرو ) لا
قيمة له حتى يثبت بأسس علمية صحيحة ، إن هذا الكوكب سيحصل بمروره قرب الأرض تأثيرات
كارثية ، ثم إذا ثبت ذلك ، فالواجب علينا أن نتمسك بالثوابت الثلاثة التي ذكرتها
قبل قليل ، ثم اللجوء إلى الله تعالى ، والتوجه إليه بالدعاء أن يجنبنا البلاء ،
وإذا وقع أن يرفعه عنا ، ويجعل عاقبته خيرا لنا ولأهل الإسلام
مع أن غالب الظن أن هذا الكلام على الكوكب المذكور ، كله تخرص ،
لا أساس له من الصحة ، أو هو مبالغ فيه ، والاهتمام به ، ليس من الحكمة في شيء .
والله أعلم " ا.هـ
وقد مر التاريخ الذي ذكره السائل في سؤاله ، ولم يحدث شيء ، مما
يؤكد أن هذا الكلام من باب الخرص والقول بلا علم .
*****
449
إمام له معاصٍ خفية هل يستمر في الإمامة
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >
الرقائق > الإخلاص > الرياء >(1/4410)
سؤال رقم 449- إمام له معاصٍ خفية هل يستمر في الإمامة
السؤال :
شاب إمام لأحد المساجد ، وهو - كما يقول - محبوب عند جماعة المسجد ، ويعلم في قرارة نفسه أنه مقصّر وعنده بعض المعاصي ولا يستحق الإمامة ، ولا يستحق هذه المحبة والتقدير من الناس ، يخشى على نفسه إذا بقي إماماً للمسجد من النفاق والرياء ، فهل يبقى في المسجد ؟ وهل يستمر في إمامة الناس ، أو يترك الإمامة خشية الرياء والنفاق ؟
الجواب:
الحمد لله
إن هذا الشاب الذي وصفت بأنه محبوب عند قومه ، ولكن عنده إسراف فيما بينه وبين ربه ، أقول : إن هذا الذي حباه الله به من الإمامة ومحبة قومه له توجب أن ينزع عن الإسراف على نفسه ، وأن يحسن العبادة وأن يشكر الله عز وجل ، لأن كون الإنسان محبوباً عند قومه وهو إمام لهم نعمة من الله كبيرة ، قال تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ) إلى أن قال : ( واجعلنا للمتقين إماماً ) ، والمصلون من المتقين وإمامهم داخل في قوله : ( واجعلنا للمتقين إماماً ) ، فليحمد الله على هذه النعمة ، ولينزع عن الإسراف على نفسه ، وليجعل هذا من الأسباب التي تعينه على طاعة الله ، وليتق الله في مكانه .
وكونه يقول : أخشى الرياء ، فهذه وسوسة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان كلما أراد أن يعمل طاعة ، يدخل عليه الشيطان ويقول : أنت مراء ، فيجب عليه أن يطرح هذا ويعرض عنه ويستعين بالله عز وجل فهو دائماً يردد في الصلاة : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 53/77
*****
44922
طبع كتاب لبنك فيه صور فما حكم المال ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4411)
سؤال رقم 44922- طبع كتاب لبنك فيه صور فما حكم المال ؟
أنشأ شركة طباعة وتصميم وجاءه عقد مع بنك لطباعة كتاب ، ثم اكتشف أنه يجب وضع صور في هذا الكتاب والصور حرام ، وهناك مشكلة أخرى أنه علم أنه لا يجوز العمل مع شركة تتعامل بالربا وهذا البنك من هذا النوع ، قال لأخيه بأنه لا يريد هذا العقد ولكن ابن عمه نبهه إلى أنهم إذا توقفوا الآن يستطيع البنك أن يرفع قضية ضدهم بالمحكمة ويتضرروا منها، اضطروا لإتمام العمل وله عدة أسئلة : بعد فترة قصيرة سيستلم قيمة العقد فهل يجوز له أن يأخذ من هذا المال مصاريفه التي أنفقها أثناء هذا العقد ورواتب العمال وفواتير الكهرباء والماء والهاتف ؟ وماذا يفعل بالفائض من هذا المال هل يبني به مركزا إسلامياً أم يعطيه الفقراء أم في أمور الدعوة ؟.
الحمد لله
إذا كان المقصود بقولك " والصور حرام " أي التصوير الفوتوغرافي ،
فقد سبق بحث هذه المسألة في إجابة السؤال رقم ( 13633 ) ورقم ( 10668 ) ورقم ( 7918 ) .
ورسم ذوات الأرواح باليد محرم . وراجع السؤال ( 39806 )
.
ولم تذكر في السؤال شيئا عن المادة التي يحتويها هذا الكتاب ،
فإن كان الكتاب دعاية لنشاط البنك الربوي فطباعته محرمة لما فيه من إعانة البنك على
الربا ، وقد قال الله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم
والعدوان ) ، فلا يجوز أن تأخذ عليه مقابلاً البتّة ، وتصدّق بجميع مدخوله في وجوه
الخير .
وإن كانت مادة الكتاب مباحة وليس في طباعة الكتاب ما يعين البنك
على نشاطه المحرّم ، أو يعمل له دعاية مثلاً فأخرج من المال الذي تأخذه ما يطهره من
أجرة طباعة الصور المحرّمة
و ن سأل الله أن يعوضك خيرا ، ومن ترك
شيئا لله عوضه الله خيرا منه .
والله أعلم .
*****
44923
أمه تريد منه أن يطلق زوجته الثانية حتى لا يقتدى به في التعدد
الفقه > معاملات > الطلاق >
الآداب > بر الوالدين >(1/4412)
سؤال رقم 44923- أمه تريد منه أن يطلق زوجته الثانية حتى لا يقتدى به في التعدد
أنا سيدة متزوجة من فتره قليلة ولأني الزوجة الثانية لرجل متزوج فأمه تطلب منه أن يطلقني ليس لسوء مني ولكن فقط كي لا يقلده أزواج شقيقاته وتقول إنه لا يهمها الإثم الذي يلحقها من هذا الطلب، المهم أن لا يخالف العرف بالتعدد فما رأي الشرع في ذلك وهل لزوجي أن يطيعها في ذلك الطلب علما بأنني أعيش معه بما يرضى الله.
الحمد لله
ليس للأم أن تأمر ولدها بطلاق زوجته ، لكونه خالف عرف الأسرة أو
العشيرة في التعدد، أو خشية أن يقلده أزواج بناتها في ذلك؛ إذ التعدد أمر أباحه
الله تعالى، وأباحه رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولا يجب على الابن طاعة أبيه أو أمه في طلاق زوجته، لاسيما إذا
كان لهذا السبب المصادم لرغبة الشارع في تكثير النسل، وإعفاف المسلمات ، وتقليل
الفساد.
قال في مطالب أولي النهى (5/320) : ( ولا تجب ) على ابن ( طاعة
أبويه ولو ) كانا ( عدلين في طلاق ) زوجته ; لأنه ليس من البر) انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن : ( رجل متزوج وله
أولاد , ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها ؟ الجواب : لا
يحل له أن يطلقها لقول أمه , بل عليه أن يبر أمه ، وليس تطليق امرأته من برها والله
أعلم ) اهـ .
الفتاوى الكبرى 3/331
فعلى زوجك أن يبر أمه ويحسن إليها، مع إمساكك والإبقاء عليك، إذ
ليس من البر تطليق زوجته.
وينبغي نصح هذه الأم وتذكيرها بوجوب اتباع الشرع والتقيد به ،
والحذر من اقتراف الإثم، وأن تعلم أن طلاق بناتها أو حصول ضرائر لهن، أو سلامتهن من
ذلك ، غيب لا يعلمه الله ، وما كان مقدرا منه سيكون، فلا وجه لارتكاب الحرام،
وتفريق الأسرة.
أما نصيحتنا لك أيها الأخت ، فهي أن تسعي جهدك في الإحسان لأم
زوجك وكسب حبها ، حتى يكون حسن معاملتك لها سبباً مزيلاً عنها فكرة دعوة ولدها إلى
تطليقك .
والله أعلم .
*****
44945
إذا نزل المني بعد الغسل من الجنابة
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4413)
سؤال رقم 44945- إذا نزل المني بعد الغسل من الجنابة
أنا شاب للأسف الشديد أحاول بقوة ترك العادة السرية ولكني أضعف أحيانا ويحدث أنه بعد الغسل يخرج سائل شفاف لزج فهل هو يوجب الغسل حتى لو كان منيا مع العلم أنه خرج بدون شهوة وهل يجوز إزالة النجاسة مع غسل الجنابة ؟.
الحمد لله
أولا :
الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من العادة السرية وأن تقلع
عنها ؛ وأن تحذر عاقبة تكرار الذنب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن العبد
إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه ، وإن
عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، وهو الران الذي ذكر الله (كلا بل ران على قلوبهم ما
كانوا يكسبون) رواه الترمذي (3257) وابن ماجة (4234) وحسنه الألباني في صحيح
الترمذي برقم2654. ويمكنك مراجعة السؤال ( 329 ) ففيه بيان لكيفية
الإقلاع عن هذه العادة السيئة .
ثانيا :
من اغتسل من احتلام أو جماع ثم خرج منه شيء بعد الغسل ، دون شهوة
، لم يلزمه إعادة الغسل ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( فصل : فأما إن احتلم , أو
جامع , فأمنى , ثم اغتسل , ثم خرج منه مني , فالمشهور عن أحمد أنه لا غسل عليه ,
قال الخلال : تواترت الروايات عن أبي عبد الله ـ أي الإمام أحمد ـ , أنه ليس عليه
إلا الوضوء , بال أو لم يبل , فعلى هذا استقر قوله . وروي ذلك عن علي وابن عباس
وعطاء والزهري ومالك والليث والثوري وإسحاق , وقال سعيد بن جبير : لا غسل عليه إلا
من شهوة .
وفيه رواية ثانية : إن خرج بعد البول , فلا غسل فيه , وإن خرج
قبله اغتسل ، وهذا قول الأوزاعي وأبي حنيفة , ونقل ذلك عن الحسن ; لأنه بقية ماء
خرج بالدفق والشهوة , فأوجب الغسل كالأول وبعد البول خرج بغير دفق وشهوة , ولا نعلم
أنه بقية الأول ; لأنه لو كان بقيته لما تخلف بعد البول .
وقال القاضي : فيه رواية ثالثة , عليه الغسل بكل حال . وهو مذهب
الشافعي ; لأن الاعتبار بخروجه كسائر الأحداث . وقال في موضع آخر : لا غسل عليه .
رواية واحدة ; لأنه جنابة واحدة , فلم يجب به غسلان , كما لو خرج دفعة واحدة ...) انتهى من المغني 1/128
والصحيح أنه إذا خرج بغير شهوة لم يجب الغسل كما في الإنصاف
1/232، وكشاف القناع 1/141 ونصه : ( فإن خرج المني بعد الغسل من انتقاله ) لم يجب
الغسل . ( أو ) خرج المني ( بعد غسله من جماع لم ينزل فيه ) بغير شهوة لم يجب الغسل
( أو خرجت بقية مني اغتسل له بغير شهوة لم يجب الغسل ) لما روى سعيد عن ابن عباس
أنه سئل عن الجنب يخرج منه الشيء بعد الغسل ؟ قال : يتوضأ وكذا ذكره الإمام أحمد عن
علي ولأنه مني واحد فأوجب غسلا واحدا , كما لو خرج دفقة واحدة , ولأنه خارج لغير
شهوة أشبه الخارج لبرد , وبه علل أحمد قال : لأن الشهوة ماضية , وإنما هو حدث أرجو
أن يجزئه الوضوء) انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( قوله : " فإن خرج بعده لم
يُعِده " أي : إذا اغتسل لهذا الذي انتقل ثم خرج مع الحركة ، فإنه لا يعيد الغسل .
والدليل :
1- أن السبب واحد ، فلا يوجب غسلين .
2- أنه إذا خرج بعد ذلك خرج بلا لذة ، ولا يجب الغسل إلا إذا خرج
بلذة .
لكن لو خرج مني جديد لشهوة طارئة فإنه يجب عليه الغسل بهذا السبب
الثاني) انتهى من الشرح الممتع (1/281). وانظر السؤال رقم ( 12352 )
ثالثا :
المشروع في غسل الجنابة : إزالة ما لوث البدن من مني وغيره ، ثم
الشروع في الاغتسال بالبدء بأعضاء الوضوء ، ثم إفاضة الماء على سائر الجسد ، لثبوت
ذلك في صفة غسله صلى الله عليه وسلم ، فقد روى البخاري (251) ومسلم (476) عن
مَيْمُونَة رضي الله عنها قَالَتْ صَبَبْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غُسْلا فَأَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ
غَسَلَ فَرْجَهُ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ ثُمَّ
غَسَلَهَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَأَفَاضَ عَلَى
رَأْسِهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِمِنْدِيلٍ فَلَمْ
يَنْفُضْ بِهَا"، وإن حصل منك إزالة لسيء من النجاسات أو غيرها فإن هذا لا يبطل
الغسل لأن الواجب في الغسل تعميم الجسد بالماء ـ مع المضمضة والاستنشاق على الصحيح
ـ مع نية الغسل ، وليس من شروط رفعه للحدث عدم ملامسة النجاسة في أثنائه .
والله أعلم .
*****
44957
هل السب ينقض الوضوء ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4414)
سؤال رقم 44957- هل السب ينقض الوضوء ؟
هل السب ينقض الوضوء ؟ .
الحمد لله
السب ليس من نواقض الوضوء ، ونواقض الوضوء أشياء محصورة ، وقد
سبق بيانها في جواب السؤال ( 14321 )
.
لكن يستحب لمن فعل معصية أن يتوضأ ، لأن الوضوء يكفر الخطايا ،
كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر الشيرازي في "المهذب" (2/73) مع "المجموع" ، وابن حزم في
"المحلى" (1/241) آثاراً عن عائشة وابن مسعود وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم في
الأمر بالوضوء من الكلام القبيح .
قال النووي في "المجموع" (2/72) :
" الصحيح أو الصواب استحباب الوضوء الشرعي من الكلام القبيح ,
كالغيبة والنميمة والكذب والقذف وقول الزور والفحش وأشباهها . والغرض منه تكفير
الخطايا كما ثبت في الأحاديث ، ولا يجب شيء من ذلك .
قال ابن المنذر في كتابيه "الإشراف" و "الإجماع" : أجمع العلماء
على أنه لا يجب الوضوء من الكلام القبيح , كالغيبة والقذف وقول الزور وغيرها . . .
واحتج الشافعي ثم ابن المنذر ثم البيهقي وأصحابنا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال في حلفه باللات والعزى , فليقل : لا إله
إلا الله , ومن قال لغيره : تعال أقامرك فليتصدق ) رواه البخاري ومسلم " انتهى بتصرف .
يعني : ولم يأمره بالوضوء .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (ص 15) :
" ويستحب الوضوء عقيب الذنب " انتهى .
*****
44971
من صور الاستمتاع المستقذرة
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4415)
سؤال رقم 44971- من صور الاستمتاع المستقذرة
هل يجوز للزوج أن يدخل إصبعه في دبر زوجته ويحركه كأنه نكاح. سؤالي جاء من باب أن زوجي سأل إمام المسجد وأجاز له فعل ذلك. ولذلك أنا أسال أهل العلم من باب التأكد.
الحمد لله
يباح للرجل أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ، إذا اتقى الوطء في
الحيض ، والوطء في الدبر ، لما روى مسلم (302) عن أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت
المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحابُ النبي صلى الله عليه
وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو
أذى فاعتزلوا النساء في المحيض . . . إلى آخر الآية) ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا
الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه .
وروى الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجة (639) عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا
فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" وصححه الألباني في صحيح
الترمذي .
وروى أحمد (9731) وأبو داود (2162) عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ملعون من أتى امرأته في دبرها" والحديث حسنه شعيب
الأرناؤوط في تحقيق المسند والألباني في صحيح أبي داود .
وأما وضع الإصبع في الدبر فأقل أحواله الكراهة ، لما فيه من
مباشرة النجاسة والقذارة ، ولما قد يفضي إليه من الوقوع في الحرام البين الذي هو
الوطء في الدبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ
اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي
الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ) . رواه البخاري (52) ومسلم (1599) .
ومما يؤكد ما سبق من الكراهة ، أن العلماء عللوا حرمة الوطء في
الدبر بوجود الأذى ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر
, فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر) المغني 7/226
وإدخال الإصبع في الدبر تتحقق معه هذه العلة ولا شك .
وفيما أحل الله تعالى مما ليس فيه شبهة غنية وكفاية .
راجع السؤال رقم ( 40520 ) .
والله أعلم .
*****
44978
أشهدا الملائكة على عقد الزواج !!
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الرقائق > التوبة >(1/4416)
سؤال رقم 44978- أشهدا الملائكة على عقد الزواج !!
تعرفت على صديق لها في الجامعة وكلاهما متدينان ، وكانت تساعده في بداية الأمر وتطورت العلاقة بينهما حتى قبلها يوما ما وندما على هذا الفعل ، ولكنه عاد وقبلها مرة أخرى فقررا الزواج ، بسبب ظروفهما المالية والاجتماعية لم يتمكنا من الزواج ولكنهما تعاهدا على الزواج وعدم الخيانة والله يعلم نيتهما وكان هذا بحضور الملائكة كشهود ، أصبحا بعد هذا يمسكا أيدي بعضهما البعض ويقبلا بعضهما دون شعور بالذنب ثم أصبح بينهما جماع ، قرأت في هذا الموقع عن سؤال مشابه أن هذا يعتبر من الزنا فأخبرته بالأمر .
هل زواجهما صالحاً وهل يعتبر ما فعلاه من الزنا وهل يغفر الله لهما إن تابا ؟ نرجو النصيحة .
الحمد لله
فإن ما حصل بين ذلك الرجل وتلك المرأة - على ما هو مذكور في
السؤال - هو من باب الزنا ولا شك ، فأين ولي المرأة في ذلك الزواج ، واعجب من زواج
كانت الملائكة شهودا عليه ، وهم لم يروا أولئك الشهود !!!
إن الواجب عليهما أن يتوبا إلى الله عز وجل مما بدر منهما ، وأن
يعلما أنهما قد ارتكبا كبيرة من كبائر الذنوب ، وإثما عظيما ، وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " [ رواه البخاري برقم
2343 ، ومسلم برقم 57 ] ، وللمزيد راجع السؤال رقم ( 11195 ، 21223 )
وإذا تاب العبد فرح الله بتوبته وتاب عليه وغفر له ذنبه ، كما
قال تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ
ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ
فِيهِ مُهَاناً * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68-70 وانظر السؤال رقم ( 27113 ، 624 ، 20949 ) .
وعليهما أن يقطعا علاقتهما مع بعضهما ، وألا يفتحا على أنفسهما
أبواب الفتن والشبهات ، وإذا أرادا علاقة طيبة شرعية ، فليأتوا البيوت من أبوابها
كما شرع الله عز وجل ، أو يتقوا الله ويصبروا عن محارمه ، فإن العبد يصبر على ألم
الفراق ، لكن لا يصبر على حر النار ، فليبتعدا عن بعضهما البعض ، حتى لا يجرا
أنفسهما إلى سخط الله وعقابه أو يعجلا بالزواج الشرعي الصحيح بعد توبتهما مما وقع
منها من الزنى .
والله أعلم .
*****
44980
هل ينتقض الوضوء بخروج الرطوبة من الفرج
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/4417)
سؤال رقم 44980- هل ينتقض الوضوء بخروج الرطوبة من الفرج
هل السائل الأبيض الذي يخرج من المرأة ينقض الوضوء ؟.
الحمد لله
الظاهر أن السائلة تقصد بسؤالها حكم رطوبة فرج المرأة ، وهذه
المسألة اختلف فيها العلماء ، وتحريرها في بيان مسألتين :
المسألة الأولى : هل تلك الرطوبة طاهرة أم نجسة ؟
القول الأول : أنها طاهرة ، وهو مذهب الشافعي وأحمد .
القول الثاني : أنها نجسة .
والراجح هو القول الأول ، لعدم الدليل على نجاسة تلك الرطوبة ،
قال في المغني :" لأن عائشة كانت تفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- وهو من جماع ... وهو يلاقي رطوبة الفرج ، ولأننا لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة
لحكمنا بنجاسة منيها " ا.هـ .
المسألة الثانية : هل تلك الرطوبة ناقضة للوضوء أم لا ؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأول : أنها ناقضة للوضوء ، وهذا مذهب الجمهور ، واستدلوا
بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة ، وتلك الرطوبة
أو السوائل ملحقة بالاستحاضة ، ففي صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت :
( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله
إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا
إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم
ثم صلي ) قال - يعني هشام - : وقال أبي - يعني عروة بن الزبير - :( ثم توضئي لكل
صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ) [ رواه البخاري برقم 228 ] قال
الحافظ في الفتح في زيادة الأمر بالوضوء :" وادعى بعضهم أن هذا معلق ، وليس بصواب ،
بل هو بالإسناد المذكور عن محمد عن أبي معاوية عن هشام ، وقد بين ذلك الترمذي في
روايته ، وادعى آخر أن قوله : ثم توضيء من كلام عروة موقوفا عليه ، وفيه نظر ، لأنه
لو كان كلامه لقال : ثم تتوضأ بصيغة الإخبار ، فلما أتى به بصيغة الأمر شاكله الأمر
الذي في المرفوع وهو قوله : فاغسلي " ا.هـ [ الفتح 1 / 332 ، وانظر 1 / 409
، وانظر الإرواء 1 / 146 ، 224 ]
القول الثاني : أنها غير ناقضة للوضوء ، وهو قول ابن حزم .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية قولان في المسألة كالمذهبين السابقين ،
ففي الاختيارات ، اختار عدم النقض ، وفي مجموع الفتاوى اختار قول الجمهور .
انظر مجموع الفتاوى (21/221) ، والاختيارات ص27 .
وقد فصّل الشيخ ابن عثيمين حكم المسألتين السابقتين فقال : ..
الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج
من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر، ولكنه ينقض الوضوء وإن كان طاهراً، لأنه
لا يشترط للناقض للوضوء أن يكون نجساً، فها هي الريح تخرج من الدبر وليس لها جرم،
ومع ذلك تنقض الوضوء، وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي على وضوء، فإنه ينقض الوضوء
وعليها تجديده، فإن كان مستمراً، فإنه لا ينقض الوضوء، ولكن لا تتوضأ للصلاة إلا
إذا دخل وقتها وتصلي في هذا الوقت الذي تتوضأ فيه فروضاً ونوافل وتقرأ القرآن وتفعل
ما شاءت مما يباح لها، كما قال أهل العلم نحو هذا فيمن به سلس البول .
هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر، لا ينجس الثياب ولا
البدن.
وأما حكمه من جهة الوضوء، فهو ناقض للوضوء، إلا أن يكون مستمراً
عليها، فإن كان مستمراً فإنه ينقض الوضوء، لكن على المرأة أن لا تتوضأ للصلاة إلا
بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.
أما إن كان متقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة،
فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش الوقت، فإن خشيت خروج الوقت،
فإنها تتوضأ وتتلجم (تتحفظ) وتصلي. ولا فرق بين القليل والكثير، لأنه كله خارج من
السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره.
وأما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينقض الوضوء، فهذا لا أعلم له
أصلاً إلا قولاً لابن حزم ـ رحمه الله ـ فإنه يقول : إن هذا لا ينقض الوضوء ، ولكنه
لم يذكر لهذا دليلاً ، ولو كان له دليل من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة لكان
حجة ، وعلى المرأة أن تتقي الله وتحرص على طهارتها ، فإن الصلاة لا تقبل بغير طهارة
ولو صلت مائة مرة ، بل إن بعض العلماء يقول : إن الذي يصلي بلا طهارة يكفر لأن هذا
من باب الاستهزاء بآيات الله سبحانه وتعالى .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (1/284-286)
للمزيد راجع السؤال رقم ( 7776 ) ( 13948 ) .
*****
44990
حكمة زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعائشة رُغم فارق السنّ
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4418)
سؤال رقم 44990- حكمة زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعائشة رُغم فارق السنّ
سألني زميل لي نصراني عن حكمة زواج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين وقد كان قارب الستين . وهل عاشرها معاشرة الأزواج وهي في هذه السن أم ماذا ؟؟ وللحقيقة .. أنا لا أعرف الرد عن ذلك .
الحمد لله
إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها بعد زواجه
من سودة بنت زمعة رضي الله عنها ، وهي – أي عائشة - البكر الوحيدة التي تزوجها صلى
الله عليه وسلم . وقد دخل بها وهي بنت تسع سنين .
وكان من فضائلها رضي الله عنها أنه ما نزل الوحي في لحاف امرأة
غيرها ، وكانت من أحب الخلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونزلت براءتها من فوق
سبع سماوات ، وكانت من أفقه نسائه وأعلمهن ، بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على
الإطلاق ، وكان الأكابر من أصحاب النبي يرجعون إلى قولها ويستفتونها .
أما قصة زواجها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حزن على وفاة أم
المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، إذ كانت تؤويه وتنصره ، وتعينه وتقف إلى جنبه ، حتى
سمي ذلك العام الذي توفيت فيه بعام الحزن ، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم بعدها سودة
، وكانت مسنة ، ولم تكن ذات جمال ، وإنما تزوجها مواساة لها ، حيث توفي زوجها ،
وبقيت بين قوم مشركين ، وبعد أربع سنوات تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي
الله عنها ، وكان عمره صلى الله عليه وسلم فوق الخمسين ، ولعل من الحكم في زواجه ما
يلي :
أولا : أنه رأى رؤيا في زواجه صلى الله عليه وسلم منها ، فقد ثبت
في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : (
أُريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال : هذه امرأتك ، فاكشف عنها
فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ) رواه البخاري برقم 3682 ، وهل هي رؤيا نبوة على ظاهرها ، أم لها تأويل ، فيه خلاف بين
العلماء ذكره الحافظ في فتح الباري ( 9/181 )
ثانيا : ما رآه صلى الله عليه وسلم في عائشة رضي الله عنها من
أمارات ومقدمات الذكاء والفطنة في صغرها ، فأحب الزواج بها لتكون أقدر من غيرها على
نقل أحواله صلى الله عليه وسلم وأقواله ، وبالفعل فقد كانت رضي الله عنها – كما سبق
– مرجعا للصحابة رضي الله عنهم في شؤونهم وأحكامهم .
ثالثا : محبة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيها أبي بكر رضي الله
عنه ، وما ناله رضي الله عنه في سبيل دعوة الحق من الأذى الذي صبر عليه ، فكان أقوى
الناس إيمانا ، وأصدقهم يقينا على الإطلاق بعد الأنبياء .
ويلاحظ في مجموع زواجه صلى الله عليه وسلم أن من بين زوجاته
الصغيرة ، والمسنة ، وابنة عدو لدود ، وابنة صديق حميم ، ومنهن من كانت تشغل نفسها
بتربية الأيتام ، ومنهن من تميزت على غيرها بكثيرة الصيام والقيام .... إنهن نماذج
لأفراد الإنسانية ، ومن خلالهن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين تشريعا
فريدا في كيفية التعامل السليم مع كل نموذج من هذه النماذج البشرية . انظر
السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص711
أما مسألة صغر سنها رضي الله عنها ، واستشكالك لهذا ، فاعلم أن
النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي أرض الجزيرة ، وغالب البلاد الحارة
يكون فيها البلوغ مبكرا ، ويكون الزواج المبكر ، وهكذا كان الناس في أرض الجزيرة
إلى عهد قريب ، كما أن النساء يختلفن من حيث البنية والاستعداد الجسمي لهذا الأمر
وبينهن تفاوت كبير في ذلك .
وإذا تأمّلت ـ رعاك الله ـ في أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لم يتزوّج بكراً غير عائشة رضي الله عنها ، وكلّ زوجاته سبق لهنّ الزواج
قبله زال عنك ما يشيعه أكثر الطاعنين من أن زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مبعثه الأساسي هو الشهوة والتنعّم بالنساء ، إذ من كان هذا مقصده فإنّه
لا يتخيّر في كلّ زوجاته أو معظمهن من توفرت فيها صفات الجمال والترغيب من كونها
بكراً فائقة الجمال ، ونحو ذلك من المعايير الحسية الزائلة .
ومثل هذه المطاعن في نبي الرحمة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من الكفّار ونحوهم تدلّ على تمام عجزهم من أن يطعنوا في الشرع والدين
الذي جاء به من عند الله تعالى ، فحاولوا أن يبحثوا عن مطاعن لهم في أمور خارجة ،
ولكن يأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون .
وبالله التوفيق
للمزيد انظر ( زاد المعاد 1 / 106 ).
*****
44995
هل تنفق على والديها الفقراء بدون رضى زوجها ؟
الفقه > معاملات > النفقة >(1/4419)
سؤال رقم 44995- هل تنفق على والديها الفقراء بدون رضى زوجها ؟
والدي بحاجة إلى مساعدة مالية لأن راتبه ضعيف ليصرف على نفسه وعلى والدتي ، وأنا أعمل ووضعي المادي جيد جدا وأستطيع أن أصرف وأساعد والدي . لكن زوجي يمنعني من مساعدتهم ماديا بحجة أن لي إخواناً ذكوراً ، وهم المسؤولون عن مصروف والديهم وليست مسؤولية البنات . علما بأن إخواني الثلاثة أوضاعهم المادية مستورة ولكنهم لا يستطيعون أن ينفقوا على والديّ . ونحن أربع بنات وأنا الوحيدة التي تعمل وتستطيع مساعدة أهلي ولكن زوجي يمنعني بشدة . ماذا علي أن أعمل هل أطيع زوجي وأسمع كلامه ؟ أم أطيع أهلي وأساعدهم حتى لو كان هذا من دون علم زوجي ؟ أرجو منكم أن تنصحوني ، وهل يجب علي الزوجة إن كانت تريد أن تصرف على أهلها أن تستأذن زوجها في ذلك؟.
الحمد لله
يجب على الولد المستطيع – ذكراً كان أم أنثى – أن ينفق على
والديه الفقراء المحتاجين لما يكفيهم .
قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) الإسراء/23 . ومن
الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما .
وقال ابن المنذر رحمه الله :
أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب
لهما ولا مال واجبة في مال الولد اهـ .
ووجود إخوة لك لا يمنع وجوب نفقة الوالدين عليك لأن إخوتك لا
يستطيعون أن ينفقوا على والديك كما ذكرت .
انظر : "المغني" (11/375-376)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" ص 487 :
وعلى الولد الموسر (أي الغني ) أن ينفق على أبيه المعسر (أي
الفقير) وزوجة أبيه ، وعلى إخوته الصغار اهـ .
وعلى هذا فقول زوجك إن ذلك مسؤولية إخوانك الذكور ليس بصحيح .
وإذا كانت نفقتك عليهم واجبة فلا يجوز لك أن تطيعي زوجك في هذا
لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ( لا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ
اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) . رواه البخاري (4340)
ومسلم (1840) .
ومع ذلك . . فعليك أن تتلطفي مع زوجك وتحاولي إقناعه بذلك ، وأن
ذلك أمر فرضه الله عليك ، وأن عليه أن يعينك على بر الوالدين والإحسان إليهما .
والله تعالى أعلم .
*****
44997
أخذها أهلها بدون إذن زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4420)
سؤال رقم 44997- أخذها أهلها بدون إذن زوجها
لدي أخ متزوج من عدة سنوات وله من الأولاد ابن وبنت وكثيرا مت تحصب خلافات بينه وبين زوجته ثم يصطلحان وكان آخر ذلك أن بدأت زوجته بسب والدي الزوج ثم تطاولت ومدت يدها على زوجها ، ثم أخبرت أهلها فجاءوا وأخذوها بدون إذن زوجها ، وعائلتها فيهم من الفسق وقلة الدين ما الله به عليم ، وقد قمنا بمناصحتهم أكثر من مرة دون جدوى .
فأرجو مساعدتنا وإرشادنا إلى من نذهب من الجهات المختصة والشرعية حتى ننهي هذه القضية ؟.
الحمد لله
أولاً :
خروج المرأة من بيت زوجها بدون إذنه لا يحل ، بل عده جماعة من
أهل العلم من النشوز ، ومن الخروج عن طاعة الزوج ، ما لم تكن في ذلك معذورة ، كأن
يؤذيها زوجها إيذاء لا يمكنها دفعه أو نحو ذلك .
ثم إن منع المرأة نفسها من زوجها يسقط عنه وجوب النفقة عليها
لنشوزها كما نص على ذلك الفقهاء . انظر : "المغني" (8/182) .
ثانياً :
الذي ينبغي على أخيك أن يتصرف بحكمة لإرجاع زوجته إلى بيتها ،
فيعظها بالله تعالى ، ويذكرها به ، وكذلك يفعل مع أهلها ، فإن لم يتمكن من فعل ذلك
بنفسه فليستعن بالأقارب من أهل العلم والخبرة والحكمة ليتدخلوا في الموضوع لحله .
وعليه أن يتأنى ولا يتعجل في اتخاذ القرار ، فإن ( التأني من
الله ، والعجلة من الشيطان ) كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1795) .
وربما اتخذ الرجل قرارا في ساعة غضب ثم ندم عليه ولكن بعد فوات
الأوان حين لا ينفع الندم .
وعليه أن يتحلى بالصبر ويتحمل زوجته ويحاول إنهاء ما بينه وبينها
من منازعات دامت سنوات طويلة ، وليبدأ معها حياة جديدة مع نسيان الماضي بنزاعاته .
ثالثاً :
لا يوجد إنسان كامل ، فلنقبل الحسنات ، ولنتجاوز عن السيئات ،
ونحاول إصلاحها بحكمة وهدوء وعقل . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا
يَفْرَكْ –أي لا يبغض- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً ، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ
مِنْهَا آخَرَ ) .
قال النووي :
"أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لا يُبْغِضهَا , لأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ
فِيهَا خُلُقًا يُكْرَه وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُون شَرِسَة
الْخُلُق لَكِنَّهَا دَيِّنَة أَوْ جَمِيلَة أَوْ عَفِيفَة أَوْ رَفِيقَة بِهِ أَوْ
نَحْو ذَلِكَ " اهـ .
وهكذا الناس كلهم فيهم الحسنات والسيئات ، والعاقل هو الذي يوازن
بين الحسنات والسيئات ، فلنقبل الحسنات ولنتجاوز عن السيئات من محاولة إصلاحها .
رابعاً :
إن فعل الزوج كل ذلك ولم ينصلح حال المرأة فيمكنه اللجوء إلى
المحاكم الشرعية لحل هذا النزاع .
والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين .
والله أعلم .
*****
45001
ينشط في عبادته ثم يعود للمعصية
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الرقائق > التوبة >(1/4421)
سؤال رقم 45001- ينشط في عبادته ثم يعود للمعصية
عندي مشكلة أني كلما زادت عبادتي وتحسنت أحوالي الإيمانية من أداء النوافل والسنن والمستحبات ، وقعت في معصية العادة السرية بالرغم من أني متزوج وأعيش حياة أسرية سعيدة وعندما أمارس هذه العادة أحس بالذنب والذل والانكسار بين يدي الله تعالى وأعود وأرفع المستوى الإيماني عندي ثم ما ألبث أن أعود ، حالتي سيئة الرجاء المساعدة .
سمعت في أحد الأشرطة أن بعض الناس يصاب بالعجب عند زيادة العبادة فيوقعه الله في المعصية حتى يشعره أنه لا زال عبداً لا يملك أن يعجب بأعماله فمهما قدم فكلها قليل . هل أنا منهم وهل ما فهمته في الشريط كان صحيحا ؟؟
مع العلم أني والحمد لله أصلي وملتزم بأغلب تعاليم الإسلام ولكن المشكلة تكمن عند زيادة النوافل ؟ فما هو الحل ؟ ساعدوني جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
فما ذكرته من أن الله عز وجل قد يبتلي العبد بالذنب ليرده إليه ،
ولئلا يعجب بعمله ، هذا ذكره بعض أهل العلم ، قال ابن القيم رحمه الله : " إن الذنب
قد يكون أنفع للعبد إذا اقترنت به التوبة من كثير من الطاعات ، وهذا معنى قول بعض
السلف : قد يعمل العبد الذنب فيدخل به الجنة ويعمل الطاعة فيدخل بها النار ، قالوا
: وكيف ذلك قال : يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه إن قام وإن قعد وإن مشى ذكر ذنبه
فيُحدِثُ له انكساراً وتوبةً واستغفارا وندما فيكون ذلك سبب نجاته ، ويعمل الحسنة
فلا تزال نصب عينيه إن قام وإن قعد وإن مشى كلما ذكرها أورثته عجباً وكبرا ومنة
فتكون سبب هلاكه فيكون الذنب موجبا لترتب طاعات وحسنات ومعاملات قلبية من خوف الله
والحياء منه والإطراق بين يديه منكسا رأسه خجلا باكيا نادما مستقيلا ربه ، وكل واحد
من هذه الآثار أنفع للعبد من طاعة توجب له صولة وكبرا وازدراء بالناس ورؤيتهم بعين
الاحتقار ، ولا ريب أن هذا الذنب خير عند الله وأقرب إلى النجاة والفوز من هذا
المعجب بطاعته الصائل بها المانّ بها وبحاله على الله عز وجل وعباده ، وإن قال
بلسانه خلاف ذلك فالله شهيد على ما في قلبه ، ويكاد يعادى الخلق إذا لم يعظموه
ويرفعوه ويخضعوا له ويجد في قلبه بغضة لمن لم يفعل به ذلك ، ولو فتش نفسه حق
التفتيش لرأى فيها ذلك كامنا " مدارج السالكين 1 / 299
وقال الشيخ ابن عثيمين : " وما أكثر ما يكون الإنسان منا بعد
المعصية خيرا منه قبلها ، وفي كثير من الأحيان يخطئ الإنسان ويقع في معصية ، ثم يجد
من قلبه انكساراً بين يدي الله وإنابة إلى الله ، وتوبة إليه حتى إن ذنبه يكون
دائما بين عينيه يندم عليه ويستغفر ، وقد يرى الإنسان نفسه أنه مطيع ، وأنه من أهل
الطاعة فيصير عنده من العجب والغرور وعدم الإنابة إلى الله ما يفسد عليه أمر دينه ،
فالله حكيم قد يبتلي الإنسان بالذنب ليصلح حاله ، كما يبتلي الإنسان بالجوع لتستقيم
صحته . وهل حصل لآدم الاجتباء إلا بعد المعصية والتوبة منها .
كما قال : ( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى
) طه/122 ، أي : بعد أن أذنب وتاب ؛ اجتباه ربه فتاب عليه
وهداه ، وانظر إلى الذين تخلفوا في غزوة تبوك ماذا حصل لهم ؟ لا شك أنه حصل لهم من
الإيمان ، ورفعة الدرجات ، وعلو المنزلة ما لم يكن قبل ذلك ، وهل يمكن أن تنزل آيات
تتلى إلى يوم القيامة في شأنهم لولا أنهم حصل منهم ذلك ثم تابوا إلى الله "
[ الشرح الممتع 3 / 66 ]
ثم اعلم – أخي الحبيب – أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا ، كما
دل على ذلك كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تفصيل الأدلة
في السؤال رقم ( 329 ) ، كما أن تلك العادة
من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا ، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها .
واعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء ، في عاجل دنياه ، وفي أخراه
، إن لم يتب ، أو يتداركه الله برحمته ، وقد سبق بيان ذلك في الأسئلة التالية ( 23425 ، 8861 )
ثم إن فعل تلك العادة له أسباب ، فابتعد عنها حتى تتخلص منها ،
وعليك بما يلي :
1. احرص على مصاحبة الأخيار ، ورفقاء الصلاح والتقوى ، واستفد
منهم ومن تجاربهم .
2. داوم على الأذكار وقراءة القرآن ، واجعل لنفسك وردا يوميا لا
تتخلف عنه .
3. ضع لنفسك برنامجاً مفيداً في تعلم العلوم الشرعية ، أو غيرها .
4. ضع لنفسك برنامجاً رياضياً ، أو اشترك في ناد رياضي .
5. أكْثِرْ من النوافل ، خاصة صيام التطوع ، فهو وسيلة مهمة
لمقاومة الغريزة المتأججة ، وكبح جماح الشهوة .
6. احرص على الدعاء ، وسؤال الله عز وجل أن يخلصك من هذه العادة
القبيحة المحرمة ، وأن يقوي من قلبك وعزمك .
7. واعلم أن أضرار العادة السرية فوق ما تحصى ، فهي تتلف الجسم ،
وتضعف الجهد ، وتقوي الفجوة بين العبد وربه ، وهي عامل كبير من عوامل الاكتئاب ،
والشعور بالذنب .
8. تجنب الوحدة قدر استطاعتك ؛ لأن
هذه العادة من عمل الوحدة وأثرها .
9. احرص على الصلاة في المسجد ، وقيام الليل ، فهو أنس للنفس ،
وطمأنينة في القلب.
10. وأخيرا عليك بالاستمرار على التوبة ، والبكاء من خشية الله
عز وجل ، والانكسار والانطراح بين يديه ، وسؤاله العفو والمغفرة ، وأن تعزم كل مرة
عزما أكيدا ألا تعود لفعل تلك العادة ، فإن غالبتك نفسك فغالبها ، وجاهدها { وأما
من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } ، فإن غلبتك فجدد
التوبة ، وجدد العهد ، ولا تيأس من رحمة الله ، وأكثر من فعل النوافل والصالحات )
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ
الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) هود/114 .
وفقك الله لكل خير .
*****
4501
امتنعت عن جماعه لأنه لا يصلي
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4422)
سؤال رقم 4501- امتنعت عن جماعه لأنه لا يصلي
زوجي لا يصلي الصلوات الخمسة ومستمر على ذلك ، كنت أحضه وأشجعه عليها ولكن بدون فائدة . حيث أنه لم يستمع لطلبي امتنعت عن الجماع .
قال بأن تصرفي غير لائق وأني أستعمل هذا العذر للامتناع عن الجماع ، فهل هو صحيح ؟
أرجو الإجابة .
الحمد لله
لتعرف الأخت المسلمة أن الذي لا يصلي الصلوات كلها وهو مداوم على ذلك فهذا عند الصحابة وجمع من أهل العلم يُعد كافراً لا تجوز مناكحته ولا أكل ذبيحته وإذا كان الزوج لا يصلي على الإطلاق فإنه على خطر عظيم ولا يجوز البقاء معه ، ويجب تخويفه بذلك وامتناعك عن الجماع هو الصواب ، حتى يصلي لأن الذي لا يصلي يعد كافراً كما قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وقال أيضاً : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وقال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يعدون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) فالواجب تحذير الزوج من ذلك الفعل فإن أصر فلا يجوز لك حينئذ البقاء معه لأنك على الإسلام وهو على غير ذلك وفق الله المسلمين للقيام بأوامر الله وطاعته ، وعليك بمناصحته وتخويفه لعل الله أن يجعل من ذلك خيراً .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4501
امتنعت عن جماعه لأنه لا يصلي
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4423)
سؤال رقم 4501- امتنعت عن جماعه لأنه لا يصلي
زوجي لا يصلي الصلوات الخمسة ومستمر على ذلك ، كنت أحضه وأشجعه عليها ولكن بدون فائدة . حيث أنه لم يستمع لطلبي امتنعت عن الجماع .
قال بأن تصرفي غير لائق وأني أستعمل هذا العذر للامتناع عن الجماع ، فهل هو صحيح ؟
أرجو الإجابة .
الحمد لله
لتعرف الأخت المسلمة أن الذي لا يصلي الصلوات كلها وهو مداوم على ذلك فهذا عند الصحابة وجمع من أهل العلم يُعد كافراً لا تجوز مناكحته ولا أكل ذبيحته وإذا كان الزوج لا يصلي على الإطلاق فإنه على خطر عظيم ولا يجوز البقاء معه ، ويجب تخويفه بذلك وامتناعك عن الجماع هو الصواب ، حتى يصلي لأن الذي لا يصلي يعد كافراً كما قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث جابر : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ، وقال أيضاً : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وقال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يعدون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) فالواجب تحذير الزوج من ذلك الفعل فإن أصر فلا يجوز لك حينئذ البقاء معه لأنك على الإسلام وهو على غير ذلك وفق الله المسلمين للقيام بأوامر الله وطاعته ، وعليك بمناصحته وتخويفه لعل الله أن يجعل من ذلك خيراً .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45016
سرق من مال والده وأخيه وندم
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4424)
سؤال رقم 45016- سرق من مال والده وأخيه وندم
عندما كنت في سن المراهقة كنت آخذ من الوالد فلوس دون علمه ومن أخي الأكبر كذلك والآن ندمت علي ما بدر مني والآن أتساءل ماذا أفعل هل أرد الفلوس إلى أهلها مع العلم أني لا أعلم كم المبلغ الذي أخذته بالضبط .
الحمد لله
ما فعلته هو من باب السرقة ، وقد ندمت على ما فعلت ، والنبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) . رواه أحمد
(3558) وابن ماجه (4252) . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وَالمراد أَنَّ الندم هو الرُّكْن الأَعْظَم فِي التَّوْبَة .
فالحمد لله أن وفقك للتوبة ، ومن توبتك أن ترد الحقوق إلى أهلها
، أو تطلب منهم العفو ولمسامحة .
فعليك أن تقدر الأموال التي أخذتها وتجتهد في ذلك ثم تردها إلى
أبيك وأخيك .
ولا يشترط أن تخبرهما بأن هذا المال كنت قد سرقته منهما ، بل
المقصود هو وصول الحق إلى أهله بأي طريقة كانت .
راجع السؤال رقم ( 31234 )
، ( 40157 ) .
وإن أردت أن تخبرهما بحقيقة الأمر وطلبت منهما العفو والمسامحة
فإن هذا لا يضيرك إن شاء الله ، لاسيما وفد فعلت ذلك في زمن المراهقة وقد وفقك الله
تعالى للتوبة منه ، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (التَّائِبُ
مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) .
حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وعليك بالمبادرة إلى ذلك فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم :
( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا
مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ . فَقَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي
يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ
شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ،
وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ،
فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ
خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم
(2581) .
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ، ويوفقك لحسن القول والعمل .
والله تعالى أعلم .
*****
45018
هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4425)
سؤال رقم 45018- هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
الرجاء الإفتاء في هذه المسألة ، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما.. أدرس في كلية التجارة ويعمل والدي في السياحة ( قطاع خاص في إحدى المدن السياحية . وهو مهندس كهرباء يعمل في القرية بمنصب مدير إدارة هندسية مما يعنى أنه مسئول عن كل ما يتعلق بالكهرباء؛ ابتداء من مصابيح الإضاءة وانتهاء بمضخة المياه ، مرورا بثلاجات الخمرة وإضاءة صالات الرقص والتليفزيونات وما إلى ذلك وهو يتقاضى على هذا العمل راتباً كبيراً قدره أربعة آلاف جنيه ، أما أنا فكنت أعمل بجانب الدراسة في مطعم- حبا في العمل فقط لا للحاجة- وعندما أردت الاستقلال بنفسي وإنشاء مشروع صغير أديره لم أجد سوى أبي لآخذ منه ما أحتاج من مال .
ولشكي في مال أبي من حيث الحل والحرمة توجهت بشكوكي إلى أحد المشايخ المشهود لهم بأنهم من أهل السنة ، فأفتى لي بأن ماله مختلط ولا يجوز لي منه إلا الضروري كالأكل والشرب واللبس ومصاريف الدراسة ، أما ما أحتاجه كرأس مال لمشروعي فيجوز أخذه منه على سبيل القرض وقد كان والآن أبي يريد مساعدتي بدافع الأبوة فيقف معي في المحل وفى بعض الأوقات كنت أترك له المحل وأذهب لقضاء حاجات للمحل ولنفسي ، وهكذا بدأ أبى يتعلم عملي ويعمل بنفسه وهنا بدأت المشكلة الأولى .. وهى أنني كنت قد حسبت كل المبالغ التي كنت قد أخذتها من أبى حسابا دقيقا ، أما بعد وقوفه معي أصبح الأمر مختلطا فأبى ٌقد يخرج من جيبه مالا يضعه في درج المحل أو قد يشترى بضاعة للمحل من جيبه الخاص. وهذا يمكن بكثير من المجهود حصره ، أما ما لا يمكن حصره هو أنه قد يشتري طعاما للبيت ثم يجد المحل محتاجا له فيأتي ببعض ما اشتراه للبيت ويضعه في المحل, ويكون هذا دون علمي واستشارتي ودون أن يحسبه كم يتكلف علىّ لأرده .
أما المشكلة الثانية.. فأبى غير مقتنع بردي المال له فهو يعتبره مالي ومال إخوتي وأنه يعمل ويأت بهذا المال من أجلنا فهو لن يقبل رد المال أبدا
أما المشكلة الثالثة.. أنه غير مقتنع بحرمة ماله - إن كان حراما - فهو يرى أنه من (الضرورات التي تبيح المحظورات) فإن عمله الحكومي يتقاضى عنه ما يقل قليلا عن 400 جنيه - لاحظوا الفرق أكرمكم الله- .. ونحن أسرة مكونة من خمسة أفراد منهم اثنان يدرسون دراسة جامعية.. وهو يرى أن مال الدولة كله حرام فالدولة تتعامل بالقروض الربيوية وتأخذ الضرائب وتجيز العمل في تجارة الخمور، وبالتالي فلا أحد يعمل إلا وفى ماله جزء حرام... والسؤال الآن
1- ما حكم مال أبى ؟ وهل تنطبق عليه قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ؟ وإن كان كذلك هل يجوز لنا الحرام بالتبعية ؟
2- كيف أحسب ما أدخله أبى عندي من مال إن كان هو لا يستطيع حسابه ؟
3- كيف لي أن أرد له هذا المال –إن وجب الرد- إن كان هو رافضا أخذه ؟ وهل يجوز لي أن أصر على الرفض وأن أسدد ما علي من ديون لأصحابها ( رد المظالم ) ؟
4- ما الذي يجوز لي من مال أبي؟ وإذا مات هل يجوز لي أن أرث ماله ؟ .
الحمد لله
لا شك أن العمل في مجال السياحة على ما هو موجود في واقعنا الآن
، لاسيما في بلادكم ، تشوبه الكثير من المخالفات الشرعية ، من رعاية الاختلاط ،
والتبرج ، وربما الخمور والمحرمات الأخرى ، وإذا كان الأمر كذلك ، كان جزء من مال
أبيك محرما ، وهو ما يسمى عند العلماء بالمال المختلط .
وقد قرر أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام ،
فإنه يجوز الأكل من ماله ، وتجوز سائر وجوه معاملته ، إلا أن التورع عن ذلك أولى .
أما احتجاج والدك بأن ذلك ضرورة ، فهو غير صحيح ، لأن أبواب
الحلال كثيرة جدا ، وقد قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا
يحتسب ) ، ولو فتح الإنسان على نفسه هذا الباب ، لولج كل أبواب الحرام بحجة الضرورة
.
واعلم أن أكل الحرام له عواقب وخيمة ، لو لم يكن منها إلا
الحرمان من إجابة الدعاء ، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ... ذَكَرَ الرَّجُلَ
يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ
يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ
وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له " رواه مسلم برقم 1015
ومال أبيك الذي اكتسبه عن طريق هذا العمل المحرّم يسمّيه العلماء
مالاً محرّماً لكسبه ، أي أنه اكتسبه بطريق محرّم ، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا
المال يكون حراماً على مكتسبه فقط ، وأما من أخذه منه بطريق مباح فلا يحرم عليه كما
لو أعطاك والدك هدية أو نفقة وما أشبه ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" قال بعض العلماء : ما كان محرما لكسبه ، فإنما إثمه على الكاسب
لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب ، بخلاف ما كان محرما لعينه ، كالخمر والمغصوب
ونحوهما ، وهذا القول وجيه قوي ، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من
يهودي طعاما لأهله ، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر ، وأجاب دعوة
اليهودي ، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت ، وربما يقوي
هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة : ( هو لها
صدقة ولنا منها هدية ) " القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش ، أو عن طريق
الربا ، أو عن طريق الكذب ، وما أشبه ذلك ؛ وهذا محرم على مكتسبه ، وليس محرما على
غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح ؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل
اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت ، ويأخذون الربا ، فدل ذلك على أنه لا يحرم على
غير الكاسب " تفسير سورة البقرة 1/198
وعليه ، فلك أن ترث والدك ، وليس عليك أن تحسب ما أدخله عليك ،
أو أن ترد ما أدخله عليك ، إلا أن التورع عن الأكل من ماله إن استطعت أولى .
والله أعلم .
للمزيد انظر ( أحكام القرآن لابن العربي 1 / 324 ، المجموع 9 / 430 ، الفتاوى
الفقهية الكبرى للهيتمي 2 / 233 ، كشاف القناع 3 / 496 ، سؤال رقم 21701 ) .
*****
45040
- مكتبة الأسئلة والأجوبة- الإسلام سؤال وجواب
خطأ: رقم السؤال غير صحيح
خطأ: لا يوجد سؤال بالرقم المحدد، أو أنه لم تتم الإجابة عليه أو ترجمته للغة العربية بعد.
يرجى إعادة المحاولة مع اللغات الأخرى, أو استعراض تصنيفات الإجابات المتوفرة .
45042
حكم بيع التورق
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/4426)
سؤال رقم 45042- حكم بيع التورق
في الآونة الأخيرة قام البنك الأهلي التجاري بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط ، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث ، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا ؟.
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم : (التورق) مأخوذ من الورِق
وهو الفضة ، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة .
و " جمهور العلماء على إباحتها ، لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله
البيع ) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار .
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها ، وإما للانتفاع
بثمنها .
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمهم الله
تعالى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف ، والصحيح جوازها " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" وأما مسألة التورق فليست من الربا ، والصحيح حلها ، لعموم
الأدلة ، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة ، أما من باعها على
من اشراها منه ، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا ، وتسمى مسألة العينة ، وهي
محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
.
انظر : "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال بجوازها بشروط معينة
.
قال رحمه الله في رسالة المداينة : " القسم الخامس – أي من أقسام
المداينة - : أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ، ثم يبيع
السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه ، فهذه هي مسألة التورق .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها ، فمنهم من قال : إنها
جائزة ؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض
صحيح .
ومن العلماء من قال : إنها لا تجوز ؛ لأن الغرض منها هو أخذ
دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا ، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع
بها حصول المفسدة لا يغني شيئا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
، وهو رواية عن الإمام أحمد .
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن
القيم في "تهذيب السنن" ( 5/801 ) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز
بشروط :
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم ، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز ،
كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره .
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض ،
فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به
إليها .
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول : بعتك
إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك ، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم ، نقل
عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا : كأنه دراهم بدراهم ، لا يصح . هذا كلام الإمام
أحمد . وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول
للمستدين : بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة .
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم . فإذا تمت
هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس
.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل
مما اشتراها به بأي حال من الأحوال ؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى .
والله أعلم .
*****
45042
حكم بيع التورق
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/4427)
سؤال رقم 45042- حكم بيع التورق
في الآونة الأخيرة قام البنك الأهلي التجاري بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط ، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث ، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا ؟.
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم : (التورق) مأخوذ من الورِق
وهو الفضة ، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم .
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة .
و " جمهور العلماء على إباحتها ، لعموم قوله تعالى : ( وأحل الله
البيع ) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار .
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها ، وإما للانتفاع
بثمنها .
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة ، والشيخ ابن باز رحمهم الله
تعالى .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف ، والصحيح جوازها " انتهى .
وقال الشيخ ابن باز :
" وأما مسألة التورق فليست من الربا ، والصحيح حلها ، لعموم
الأدلة ، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة ، أما من باعها على
من اشراها منه ، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا ، وتسمى مسألة العينة ، وهي
محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
.
انظر : "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقال بجوازها بشروط معينة
.
قال رحمه الله في رسالة المداينة : " القسم الخامس – أي من أقسام
المداينة - : أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ، ثم يبيع
السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه ، فهذه هي مسألة التورق .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها ، فمنهم من قال : إنها
جائزة ؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض
صحيح .
ومن العلماء من قال : إنها لا تجوز ؛ لأن الغرض منها هو أخذ
دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا ، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع
بها حصول المفسدة لا يغني شيئا . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما
الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
، وهو رواية عن الإمام أحمد .
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن
القيم في "تهذيب السنن" ( 5/801 ) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز
بشروط :
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم ، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز ،
كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره .
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض ،
فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به
إليها .
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول : بعتك
إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك ، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم ، نقل
عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا : كأنه دراهم بدراهم ، لا يصح . هذا كلام الإمام
أحمد . وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول
للمستدين : بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة .
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم . فإذا تمت
هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس
.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل
مما اشتراها به بأي حال من الأحوال ؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى .
والله أعلم .
*****
4505
كتابة القصص غير الحقيقية
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4428)
سؤال رقم 4505- كتابة القصص غير الحقيقية
هل يجوز كتابة قصص مختلقة لأجل الدعوة وتوضيح المفاهيم الإسلامية للناس وخصوصا صغار السن ؟ وهل هو من المعصية أن نتخيل حالات ونكتبها كأنها قصص واقعية ؟.
الحمد لله
إذا كان ذلك
موضحاً ومبيناً أنها لم تحصل وإنما هي مضروبة للمثل فلا بأس مع العناية بأن تكون
نافعة في أسلوبها ومضمونها وهدفها وعند ذلك تكون من البيان والإيضاح للدّين ووسيلة
مؤثّرة للتوجيه والإرشاد . نسأل الله لكم التوفيق .
*****
45051
إذا رجع المتعجل إلى منى ليلاً فهل لا يزال متعجلاً ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4429)
سؤال رقم 45051- إذا رجع المتعجل إلى منى ليلاً فهل لا يزال متعجلاً ؟
رمينا الجمار في اليوم الثاني عشر ثم خرجنا من منى قبل غروب الشمس ونوينا التعجل ، ثم عدنا إلى منى ليلاً من أجل القيام ببعض الأعمال ، فهل نعتبر متعجلين أم يلزمنا المبيت والرمي ؟.
الحمد لله
بل تكونون متعجلين . ولا يلزمكم المبيت ولا الرمي بعد التعجل .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إذا خَرج الحاج من منى قبلَ غروب الشمس يومَ الثاني عشر بنية
التعجل ، ولديه عملٌ في " منى " سيعودُ له بعد الغروب ، فهل يُعتبر مُتعجلاً ؟ .
فأجاب :
نعم ؛ يُعتبر متعجلاً لأنه أنهى الحج ، ونية رجوعه إلى منى
لعملِه فيها لا يمنعُ التعجل ؛ لأنه إنما نوى الرجوعَ للعملِ المنُوطِ به لا للنسك
.
" الحج والعمرة " ( السؤال رقم 10 ) .
*****
45075
أذن المؤذن للفجر وهو يصلي الوتر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4430)
سؤال رقم 45075- أذن المؤذن للفجر وهو يصلي الوتر
أستيقظ قبل الفجر بقليل ، وقد يؤذن الفجر ولم أكمل الوتر ، أو أكون في حالة دعاء ، فهل أسجد أو لا أقنت ؟.
الحمد لله
سبق في السؤال ( 46544 ) ، ( 32577 ) أن وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع
الفجر .
وإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر وأنت في صلاة الوتر ، فقد قال الشيخ ابن باز رحمه
الله :
"المشروع لكل مؤمن ومؤمنة الإيتار في كل ليلة ، ووقته ما بين صلة العشاء إلى طلع
الفجر ، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (صَلاة اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا
خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى رَكعةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا صَلَّى ) . . . .
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وهي دالة على أن الوتر ينتهي بطلوع الفجر ، وإذا
لم يعلم المصلي طلوع الفجر اعتمد على المؤذن المعروف بتحري الوقت ، فإذا أذن المؤن
الذي يتحرى وقت الفجر فاته الوتر ، أما من أذن قبل الفجر فإنه لا يفوت بأذانه الوتر
، ولا يحرم به على الصائم الأكل والشرب ، ولا يدخل به وقت صلاة الفجر . . . .
وبما ذكرنا يتضح أن وقت الوتر ينتهي بأول الأذان إذا كان المؤذن يتحرى الصبح في
أذانه ، لكن إذا أذن المؤذن والمسلم في الركعة الأخيرة أكملها لعدم اليقين بطلوع
الفجر بمجرد الأذان ، ولا حرج في ذلك إن شاء الله" اهـ
"مجموع فتاوى ابن باز" (11/305) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل يصلي الوتر وأثناء صلاته أذن المؤذن
لصلاة الفجر ، فهل يتم صلاته ؟
فأجاب : "نعم ، إذا أذن وهو أثناء الوتر فإنه يتم صلاته ولا حرج عليه" اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (14/115) .
*****
45076
إذا سجد للسهو بعد السلام ، فهل يتشهد ويسلم ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/4431)
سؤال رقم 45076- إذا سجد للسهو بعد السلام ، فهل يتشهد ويسلم ؟
إذا كنت سأسجد للسهو بعد التسليم من الصلاة ، فهل أقرأ التشهد وأسلم مرة أخرى ؟.
الحمد لله
من سجد للسهو بعد السلام فإنه يلزمه أن يسلم مرة ً أخرى ، أما
التشهد فإنه لا يتشهد مرة أخرى .
روى البخاري (482) ومسلم (573) عن مُحَمَّد بْن سِيرِينَ أنه قال
: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلاتَيْ الْعَشِيِّ إِمَّا الظُّهْرَ
وَإِمَّا الْعَصْرَ ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ
الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا ، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ
وَعُمَرَ فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا ، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ فقالوا :
قُصِرَتْ الصَّلاةُ . فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
أَقُصِرَتْ الصَّلاةُ أَمْ نَسِيتَ ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَمِينًا وَشِمَالا فَقَالَ : مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ ؟ قَالُوا :
صَدَقَ ، لَمْ تُصَلِّ إِلا رَكْعَتَيْنِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ ،
ثُمَّ كَبَّرَ ، ثُمَّ سَجَدَ ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ ،
ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ ، قَالَ محمد بن سيرين : وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ
حُصَيْنٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ : وَسَلَّمَ .
وروى مسلم (574) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ،
فَسَلَّمَ فِي ثَلاثِ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ
رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ ، وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ ، فَقَالَ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ ، وَخَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ
حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : أَصَدَقَ هَذَا ؟ قَالُوا : نَعَمْ .
فَصَلَّى رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ .
وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله :
" إذا كان السجود بعد السلام ، فإنه يجب له السلام فيسجد سجدتين
ثم يسلم .
وأما هل يجب له التشهد ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، والراجح أنه لا يجب له التشهد" اهـ .
(فتاوى ابن عثيمين (14/74) .
وسئلت اللجنة الدائمة : هل يتشهد بعد سجود السهو أم لا ، سواء
سجد للسهو قبل السلام أم بعده؟
فأجابت :
لا يشرع التشهد بعد سجود السهو إذا كان قبل السلام بلا ريب ، أما
السجود بعد السلام ففيه خلاف بين أهل العلم ، والأرجح عدم شرعيته لعدم ذكره في
الأحاديث الصحيحة اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (7/148) .
*****
4509
هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4432)
سؤال رقم 4509- هل خلق النبي صلى الله عليه وسلم من نور
قرأت في كتابين أن النبي المصطفى كان أول من خلق الله وقد خلقه الله من نور وكان هو السبب الوحيد الذي خلق الله بقية الخلق لأجله. أنا غير متأكد من هذا فأرجو أن توضح وشكراً
الجواب:
الحمد لله
ورد مثل هذا السؤال على اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نصه :
السؤال : إن جل الناس يعتقدون أن الأشياء خلقت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وأن نوره خلق من نور الله ويروون : " أنا نور الله وكل شئ من نوري " ويروون أيضا : " أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم " فهل لذلك من أصل ؟ ويروون : " أنا عرب بلا عين أي رب أنا أحمد بلا ميم أي أحد " فهل لذلك من أصل؟
الجواب :
الحمد لله
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نور من نور الله إن أريد به أنه نور ذاتي من نور الله فهو مخالف للقرآن الدال على بشريته ، وإن أريد بأنه نور باعتبار ما جاء به من الوحي الذي صار سببا لهداية من شاء من الخلق فهذا صحيح ، وقد صدر من اللجنة فتوى في ذلك هذا نصها : للنبي صلى الله عليه وسلم نور هو نور الرسالة والهداية التي هدى الله بها بصائر من شاء من عباده ، ولا شك أن نور الرسالة والهداية من الله . قال تعالى : " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور " سورة الشورى الآية 73 , وليس هذا النور مكتسبا من خاتم الأولياء كما يزعم بعض الملاحدة ، أما جسمه صلى الله عليه وسلم فهو دم ولحم وعظم .. إلخ ، خلق من أب وأم ولم يسبق له خلق قبل ولادته وما يروى أن أول ما خلق الله نور النبي صلى الله عليه وسلم أو أن الله قبض قبضة من نور وجهه وأن هذه القبضة هي محمد صلى الله عليه وسلم فنظر إليها فتقاطرت فيها قطرات فخلق من كل قطرة نبيا أو خلق الخلق كلهم من نوره صلى الله عليه وسلم فهذا وأمثاله لم يصح منه شئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن خلال الفتوى السابقة يظهر أنه اعتقاد باطل . وأما ما يروى :
أنا عرب بلا عين فلا أساس له من الصحة وهكذا أنا أحمد بلا ميم . وصفة الربوبية والانفراد من الصفات المختصة بالله سبحانه وتعالى فلا يجوز أن يوصف أحد من الخلق بأنه الرب ولا أنه أحد على الإطلاق ، فهذه الصفات من اختصاص الله سبحانه ولا يوصف بها الرسل ولا غيرهم من البشر . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . فتاوى اللجنة الدائمة 1/310
السؤال : هل يقال أن الله خلق السماوات والأرض لأجل خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما معنى لولاك لما خلق الأفلاك هل هذا حديث أصلا هل صحيح أم لا . بين لنا حقيقته ؟
الجواب :
الحمد لله
لم تخلق السماوات والأرض من أجله صلى الله عليه وسلم بل خلق لما ذكره الله سبحانه من قوله عز وجل : " الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما " , أما الحديث المذكور فهو مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم لا أساس له من الصحة . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
فتاوى اللجنة الدائمة 1/312
*****
451
حكم إزالة الشَّعر
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4433)
سؤال رقم 451- حكم إزالة الشَّعر
السؤال : هل يجوز للإنسان أن يحلق شعر جسمه، لأنه عندما يكون في شدة الحر أو عند عمل بعض التمارين الرياضية يعرق ؟ أعني : حلاقة شعر الصدر والظهر والرجلين.
الجواب:
الحمد لله
الشَّعر في الشريعة على ثلاثة أقسام :
أولا : شعر مأمور بإبقائه كشعر لحية الرّجل .
ثانيا : شعر مأمور بإزالته كشعر الإبط والعانة وما طال عن الشّفتين من الشّارب .
ثالثا : شعر مسكوت عنه كشعر اليدين والرّجلين والصّدر والظهر فيجوز إزالته .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45146
حديث : ( اللهم أحيني مسكيناً )
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >(1/4434)
سؤال رقم 45146- حديث - ( اللهم أحيني مسكيناً )
ما معنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكيناً) ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي (2352) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( اللَّهُمَّ أَحْيِنِي
مِسْكِينًا ، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا ، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . وقَالَ الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .
ورواه ابن ماجه (4126) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
وقد ضعفه كثير من أهل العلم ، وعلى فرض صحته فالمراد بالمسكنة
هنا التواضع والإخبات ، وليس المراد قلة المال .
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/75) :
" فأمَّا الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول الله
صلَّى الله عليه وسلَّم قال : ( اللهم أحيني مسكيناً . . . الحديث ) فإنَّه حديث
ضعيف ، لا يثبت من جهة إسناده ، لأن فيه يزيد بن سنان أبا فروة الرَّهاويّ وهو ضعيف
جداً ، والله أعلم .
وقد رواه التّرمذيّ من وجه آخر عن أنس . . . ثم قال : هذا حديث
غريب .
قلت (ابن كثير) : وفي إسناده ضعف ، وفي متنه نكارة ، والله أعلم
" انتهى .
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي "التَّلْخِيصِ" (3/109) بَعْدَ ذِكْرِ
هَذَا الْحَدِيثِ :
" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ , وَإِسْنَادُهُ
ضَعِيفٌ . وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ ، وَفِي
إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا , وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ
حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ
الصَّامِتِ " انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث فقال :
" هذا يُرْوَى ، لكنه ضعيف لا يثبت ، ومعناه : أحيني خاشعا
متواضعا ، لكن اللفظ لم يثبت " انتهى . "مجموع
الفتاوى" (18/357) .
وقال أيضاً (18/326) :
" هذا الحديث قد رواه الترمذي ، وقد ذكره أبو الفرج (ابن الجوزي)
في الموضوعات ، وسواء صح لفظه أو لم يصح : فالمسكين المحمود هو المتواضع الخاشع لله
; ليس المراد بالمسكنة عدم المال ، بل قد يكون الرجل فقيراً من المال وهو جبار ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا
ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : ملك كذاب ، وفقير مختال ، وشيخ
زان ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( أنا عبد ، آكل كما يأكل العبد ،
وأجلس كما يجلس العبد ) فالمسكنة خلق في النفس ، وهو التواضع والخشوع واللين ضد
الكبر . كما قال عيسى عليه السلام : ( وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي
جَبَّاراً شَقِيّاً ) مريم/32 . ومنه قول الشاعر :
مساكين أهل الحب حتى قبورهم عليها تراب الذل بين المقابر
أي : أذلاء " انتهى .
وفي "لسان العرب" (13/216) :
" وأَصل المسكين في اللغة الخاضع ، وأَصل الفقير المحتاج .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أَحْيِني مِسْكيناً )
أَراد به التواضع والإِخْبات ، وأَن لا يكون من الجبارين المتكبرين . أي : خاضعاً
لك يا رب ذليلاً غير متكبر ، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج " انتهى .
ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (3/109) عن البيهقي أنه قال عن
هذا الحديث :
" وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ الْمَسْكَنَةَ
الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ
الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ " انتهى .
والله أعلم .
*****
45148
هل يجوز لعن أصحاب المعاصي ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4435)
سؤال رقم 45148- هل يجوز لعن أصحاب المعاصي ؟
عندما يلعن رجل رجلاً آخر ولا تفتح لها أبواب السماء ، لأنه غير مستحق لها ترجع على الرجل الأول أم لا ؟ وهل يجوز لعن امرأة بحجة أنها غير متحجبة ؟.
الحمد لله
" اللعن ليس من صفات المؤمن الكامل الإيمان ، فقد روى الإمام
أحمد في مسنده والترمذي في الجامع عن علقمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان والفاحش
البذيء ) قال الترمذي : حديث حسن غريب . وثبت في الصحيحين من
حديث ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن المؤمن كقتله )
وعلى هذا فإنه لا يجوز للمؤمن أن يلعن أحداً من إخوانه المسلمين
إلا من لعنه الله في كتابه أو لعنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يجوز لعن من
ارتكب معصية لمعصيته ، كالمرأة غير المتحجبة ونحوها ، بل على المسلم أن يقوم
بمناصحتها وحثّها على التحجّب بالأسلوب الطيب والدعوة الحسنة ، ومن لعن أحداً لا
يستحق اللعن فقد ورد الوعيد الشديد في حقه ، وأن اللعنة ترجع إلى قائلها إن لم تجد
مساغاً ، ويدل لذلك ما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء
دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً ، فإن لم
تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعن ، فإن كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها ) رواه أبو داود في سننه . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد
وآله وصحبه وسلم " انتهى
فتاوى اللجنة الدائمة (26/67) .
*****
45152
هل يجوز أن يضحي ببهيمة خنثى ؟
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4436)
سؤال رقم 45152- هل يجوز أن يضحي ببهيمة خنثى ؟
ما حكم الأضحية بذبيحة خنثى ؟.
الحمد لله
لا مانع من التضحية بالخنثى ، إلا إذا كان ذلك يضر باللحم .
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم العيوب التي تمنع الإجزاء
في الأضحية ، وهي : العور البيِّن ، والمرض البيِّن ، والعرج البيِّن ، والهزال
الذي يزيل المخ .
ويقاس على هذه العيوب ما كان مثلها أو أشد ، كالعيماء والعاجزة
عن المشي ، ومقطوعة اليد أو الرجل ... وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 36755 )
.
والذي يظهر أن الخنثى لا تلحق بهذه العيوب ، إلا إذا كان هذا
يوجب نوعاً من الضرر في لحمها .
وقد سئل النووي رحمه الله عن التضحية ببقرة خنثى فأفتى بالجواز ، نقله عنه في "مواهب الجليل" (3/239) .
*****
45158
هل يبيع أشرطة لبعض الدعاة الذين يخالفون السنة أحياناً؟
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/4437)
سؤال رقم 45158- هل يبيع أشرطة لبعض الدعاة الذين يخالفون السنة أحياناً؟
ما حكم فتح مكتبة إسلامية لبيع الكتب والأشرطة الإسلامية والمصاحف ؟ وفى حالة بيع أشرطة لبعض الشيوخ الذين يخطأ بعضهم في كثير من الأفعال والأقوال مثل عدم اللحية وطلب من العامة عدم إعفاء اللحية .
فما حكم بيع مثل هذه الأشرطة مع العلم أنها ساعدت الكثير في الالتزام ؟ .
الحمد لله
إن من محاسن أهل السنة والجماعة أن يعلمون الحق ويرحمون الخلق ،
فهم يحبون الكلام بعلم وعدل ، ويكرهونه بظلم وجهل ، لأنهم اتبعوا كتاب الله سبحانه
حينما أمرهم بالقيام على الناس بالقسط والشهادة عليهم بالعلم والحق .
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ) النساء/135 ، وقال سبحانه
: ( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ) النساء/58 ، وقال سبحانه : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ ) الأنعام/152
والنفس البشرية لا تصل إلى هذا الحد إلا حين تقوم لله متجردة من
كل حظ ، مستشعرة نظرة الله سبحانه إلى خفايا الضمير وذات الصدور . وفي الحديث : (
وإن المقسطين على منابر من نور ) رواه مسلم (2827)
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : ( أسألك كلمة الحق في الغضب
والرضا ) رواه النسائي (1305) وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وإنك أخي السائل إذا تأملت المنهج الرباني الذي يرفع الله به
الناس إلى قمة ضبط النفس والسماحة القول بالحق على النفس والوالدين والأقربين تدرك
أن كثيراً من الدعاة الموجودين في ساحة الدعوة الإسلامية المعاصرة ممن لهم محاسن
كثيرة وتأثير كبير في أوساط عامة الناس هم على خير فيما أحسنوا فيه ، وهم فيما
قصروا فيه إما مجتهدون في إصابة الحق دائرون بين الأجر والأجرين ، أو مقصرون في بعض
الجوانب ، يُرجى – إن شاء الله – أن تطغى محاسنهم على سيئاتهم ، خاصة من تأثر به
الناس ، واستقاموا على أيديهم ، فحرمان الناس من دعوة هؤلاء مع عدم وجود البديل
المؤثر منهج لا يقره الإسلام ، فإن من أعظم قواعد الشريعة تقليل المفاسد وتكثير
المصالح .
والمصالح التي حصلت على أيدي هؤلاء من اهتداء الشباب وتحجب
الفتيات والمحافظة على الصلوات مصالح عظيمة مقصودة وكثيرة
والمفاسد التي تذكر من كون بعض الدعاة مقصِّراً في بعض الجوانب ،
فهذه لا يجوز أن تطغى على المصالح المذكورة ، خاصة وأنها مفاسد جزئية محصورة في
الشخص ، وأما المصالح فهي عظيمة وكثيرة ولأمة من الناس .
ولهذا فإن بيع أشرطة هؤلاء الدعاة لا مانع منها ما دامت على منهج
أهل السنة والجماعة .
ثم مَنْ أخطأ منهم في شيء فمنهج أهل السنة والجماعة هو نصحهم
والاتصال بهم أو الكتابة إليهم .
ومن تأمل في الدعاة الذين يخطبون ويحاضرون ويُلقون الأحاديث
المتلفزة والإذاعية وغيرها يجدهم أقساماً :
فمنهم من هو على طريقة السلف في المنهج والاعتدال والعمل ،
فهؤلاء يُستمع إليهم ويُحث الناس على الاستماع إليهم .
ومنهم من هو مصيب في أقواله في الجملة مع تقصير في شيء من العمل
، فهذا يُستمع إليه كذلك لأن تقصيره على نفسه في الغالب .
ومنهم من يخالط صوابه أخطاء لكنه في الجملة على السنة لم يتبنّ
بدعة ، ولم يدعو إليها ، فهذا لا ينفّر منه الناس بالكلية ، ولكنه تصوَّب أقواله
ويُتكلّم فيما أخطأ فيه بالعدل والإنصاف ويُثنى عليه حسناته .
ومنهم من هو صاحب بدعة أو شرك ينشرها ويدعو إليها ، فهذا لا
يُستمع إليه ويحذَّر منه ولا يُثنى على حسناته ، لأن في ذلك تزكية له ، وهو قد أتى
من الكبائر بما هدم هذه الحسنات .
هذا من جهة الدعاة .
ومن جهة أخرى فإن هناك أناساً يتكلمون في الدعاة بحق . ومنهم من
يتكلم بباطل .
وفي هؤلاء ظلمة مجحفون ، يبدِّعون من ليس بمبتدع ، وينفَّرون منه
ويحذِّرون ، وهم بالتحذير أولى ؛ لأنهم جائرون وأهل بغي لا يُلتفت إلى تحذيراتهم
لظلمهم .
ولذلك لا بد من العلم للتفريق بين المعصية والبدعة والخطأ
والخلاف في أصول العقيدة .
ولنضرب بعض الأمثلة :
فلو وجد داعية يدعو إلى منهج السلف ، لكن فيه شدة خاطئة وغلظة ،
فإنه يثنى على منهجه وينصح في شدته .
ولو وجد واعظ يستعمل الحديث الضعيف والمنكر ، ولكن في كلامه كثير
من الحق والصواب ، يثنى على موعظته ، ويبيّن خطأ استدلاله واستشهاده بالمنكرات
والموضوعات .
ولو وجد من يذكِّر الناس ويعلمهم الأخلاق والآداب والفضائل ،
لكنه يحلق لحيته مثلاً ، ويجلس في مجالس الاختلاط فإنه يثنى على حسناته ويبيّن حكم
مخالفته للسنة ، ولو دعا إلى ترك بعض السنة الواجبة أو المستحبة فيردّ عليه في ذلك
أيضاً .
ولو وجد من يعلِّم الناس البدعة ويحثّهم على الشرك ، كالاستغاثة
بالنبي صلى الله عليه وسلم والأولياء الأموات والمقبورين ، ويحث على سؤالهم ودعائهم
، فهذا يحذَّر منه ويبيّن فساد عقيدته وشركه ، ولا يقال للناس أن يستمعوا لشيء من
حديثه لخطره وضرره .
ولو وجد من خلط حقاً وباطلاً وسنة وبدعة ، فلا يحثّ الناس على
الاستماع له ، لكن يبيّن خطؤه ، وينشر ما خالف فيه الحق ، إذا نشر الخطأ ويناصح
ليتراجع على الملأ ، فإن لم يفعل أُعلن خطؤه على الملأ الذي أعلن فيه الخطأ .
وبالله التوفيق .
*****
45174
حكم الطلاق في حالة الغضب
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4438)
سؤال رقم 45174- حكم الطلاق في حالة الغضب
امرأة مسلمة قال لها زوجها كثيرا وهو في حالة غضب شديد أنت طالق فما حكم ذلك خاصة وهم لديهم أطفال ؟.
الحمد لله
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن تسيء إليه زوجته وتشتمه ،
فطلقها في حال الغضب فأجاب :
(إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حالة شدة الغضب وغيبة الشعور
، وأنك لم تدرك نفسك، ولم تضبط أعصابك، بسبب كلامها السيئ وسبها لك وشتائمها ونحو
ذلك ، وأنك طلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب وغيبة الشعور ، وهي معترفة بذلك ، أو
لديك من يشهد بذلك من الشهود العدول ، فإنه لا يقع الطلاق ؛ لأن الأدلة الشرعية دلت
على أن شدة الغضب – وإذا كان معها غيبة الشعور كان أعظم - لا يقع بها الطلاق .
ومن ذلك ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله
عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" .
قال جماعة من أهل العلم : الإغلاق : هو الإكراه أو الغضب ؛ يعنون
بذلك الغضب الشديد ، فالغضبان قد أغلق عليه غضبه قصده ، فهو شبيه بالمعتوه والمجنون
والسكران ، بسبب شدة الغضب ، فلا يقع طلاقه . وإذا كان هذا مع تغيب الشعور وأنه لم
يضبط ما يصدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق .
والغضبان له ثلاثة أحوال :
الحال الأولى : حال يتغيب معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين ،
ولا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم .
الحال الثانية : وهي إن اشتد به الغضب ، ولكن لم يفقد شعوره ، بل
عنده شيء من الإحساس ، وشيء من العقل ، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق ،
وهذا النوع لا يقع به الطلاق أيضاً على الصحيح .
والحال الثالثة : أن يكون غضبه عاديا ليس بالشديد جدا ، بل عاديا
كسائر الغضب الذي يقع من الناس ، فهو ليس بملجئ ، وهذا النوع يقع معه الطلاق عند
الجميع ) انتهى من فتاوى الطلاق ص 19- 21، جمع: د. عبد الله الطيار، ومحمد
الموسى.
وما ذكره الشيخ رحمه الله في الحالة الثانية هو اختيار شيخ
الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله ، وقد ألف ابن القيم في ذلك رسالة
أسماها : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ، ومما جاء فيها :
( الغضب ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يحصل للإنسان مبادئه وأوائله بحيث لا يتغير عليه عقله
ولا ذهنه , ويعلم ما يقول , ويقصده ; فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه وعتقه وصحة عقوده
.
القسم الثاني : أن يبلغ به الغضب نهايته بحيث ينغلق عليه باب
العلم والإرادة ; فلا يعلم ما يقول ولا يريده , فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع
طلاقه , فإذا اشتد به الغضب حتى لم يعلم ما يقول فلا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله
في هذه الحالة , فإن أقوال المكلف إنما تنفذ مع علم القائل بصدورها منه ، ومعناها ،
وإرادته للتكلم .
القسم الثالث : من توسط في الغضب بين المرتبتين , فتعدى مبادئه ,
ولم ينته إلى آخره بحيث صار كالمجنون , فهذا موضع الخلاف , ومحل النظر , والأدلة
الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده التي يعتبر فيها الاختيار والرضا ,
وهو فرع من الإغلاق كما فسره به الأئمة) انتهى بتصرف يسير نقلا عن : مطالب
أولي النهى 5/323 ، ونحوه في زاد المعاد مختصرا 5/215
وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى ، وأن يتجنب استعمال لفظ الطلاق ،
حتى لا يفضي ذلك إلى خراب بيته وانهيار أسرته .
كما أننا نوصي الزوج والزوجة معاً بأن يتقيا الله في تنفيذ حدوده
وأن يكون هناك نظر بتجرّد إلى ما وقع من الزوج تجاه زوجته هل هو من الغضب المعتاد
الذي لا يمكن أن يكون الطلاق عادة إلا بسببه ، وهو الدرجة الثالثة التي يقع فيها
الطلاق باتفاق العلماء وأن يحتاطا لأمر دينهما بحيث لا يكون النظر إلى وجود أولاد
بينكما باعثاً على تصوير الغضب بما يجعل المفتي يفتي بوقوعه ـ مع علم الطرفين أنه
أقلّ من ذلك ـ.
وعليه فإن وجود أولاد بين الزوجين ينبغي أن يكون دافعاً لها
للابتعاد عن استعمال ألفاظ الطلاق والتهوّر فيها ، لا أن يكون دافعاً للتحايل على
الحكم الشرعيّ بعد إيقاع الطلاق والبحث عن مخارج وتتبّع رخص الفقهاء في ذلك .
نسأل الله أن يرزقنا جميعاً البصيرة في دينه وتعظيم شعائره
وشرائعه .
والله أعلم .
*****
45177
لا يجوز لأحد الزوجين منع الحمل إلا برضى الآخر
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4439)
سؤال رقم 45177- لا يجوز لأحد الزوجين منع الحمل إلا برضى الآخر
طبيبة أمراض نساء جاءتها سيدة تطلب منها دواء لمنع الحمل من غير إذن زوجها ؛ بحجة أن زوج هذه السيدة متزوج من أخرى وعنده منها أولاد ، وهى ما زالت تدرس في الجامعة . فهل يجوز للطبيبة أن تكتب لها الدواء أم تمتنع ؟.
الحمد لله
" يحرم عليها أخذ ما يمنع الحمل بغير رضى زوجها ، لأن الولد حق
للزوج والزوجة ، ولهذا قال العلماء : يحرم على الرجل أن يعزل عن زوجته بدون رضاها .
والعزل هو : الإنزال خارج الفرج لئلا تحمل المرأة ، ولكن لو رضي
الزوجان بتناول هذه الحبوب جاز ، لأنه شبيه بالعزل الذي كان الصحابة يفعلونه ، كما
قال جابر رضي الله عنه : كنا نعزل والقرآن ينزل .
أي لو كان منهياً عنه نهى عنه القرآن ، ولكن لا ينبغي تناول هذه
الحبوب ، لأن ذلك مضاد لما يريده النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة من إكثار
الولد .
وأقول لكم إن أصل وجود هذه الحبوب هم اليهود وغيرهم من أعداء
المسلمين ، الذين يريدون استئصال هذه الأمة وقلتها ، وتظل مفتقرة لغيرها ، لأنه
كلما قلّ العدد قل الإنتاج ، وكلما زاد العدد زاد الإنتاج ، وهذا في الزراعة
والصناعة والتجارة وكل شيء ، والأمم اليوم تكون لها المهابة إن كانت كثيرة ، حتى إن
لم تكن متقدمة في الصناعة ، لأن العدد يرهب العدو .
فندعوا المسلمين لكثرة الإنجاب ما لم تكن هناك ظروف من مرض أو
ضعف صحة المرأة أو لا تضع إلا بعملية ، فهذه حاجات ، وللحاجات أحكام " اهـ فضيلة الشيخ ابن عثيمين في فتاوى المرأة المسلمة (2/556)
راجع السؤال رقم ( 21169 )
وإذا كان أخذها لهذه الحبوب حراماً ، فإنه يحرم معاونتها على ذلك
، لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2.
*****
45185
صرف الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4440)
سؤال رقم 45185- صرف الزكاة
جمعية خيرية تقسط الزكاة على موظفيها وطلابها فإن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لديها مبالغ زكاة تم جمعها من المحسنين ، وقد اعتادت الجمعية على صرف مبالغ الزكاة على مستحقيها من طلاب الحلقات بين الحين والآخر أو بمعدّل شهرين في السنة .
وحيث أن بعض موظفي الجمعية أحوالهم المادية صعبة ورواتبهم لا تكفي المتطلبات المعيشية لأسرهم وبعضهم عليه التزامات وديون فقد قامت الجمعية بين حين وآخر بصرف مبالغ لهم من الزكاة وإبلاغهم بأنها من الزكاة ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة فقد رأت الجمعية صرف مبلغ ثابت من الزكاة شهرياً للموظف المستحقّ يقدّر بين 1500 و 2000 ريال ، فهل يجوز صرف مبلغ من الزكاة شهرياً بشكل ثابت لمن يستحقه من منسوبي الجمعية ؟.
الحمد لله
أولا :
لا حرج أن تقوم الجمعية الخيرية بتوزيع الزكاة على مستحقيها ،
نيابة عن أصحابها وللقائمين عليها ، الأجر والثواب إن شاء الله تعالى .
ثانيا :
يجوز دفع الزكاة إلى موظفي الجمعية وطلاب الحلقات إذا كانوا من
أهل الزكاة ، كما لو كانوا فقراء أو مساكين ، ليس لديهم ما يكفيهم ، أو كانوا
مدينين لا يجدون وفاء لديونهم ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
ثالثا :
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها ، إلا لمصلحة راجحةٍ ، مدةً يسيرة
، لعدم وجود المستحق ، أو لغيبة المال ، أو لانتظار قريب ونحو ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إن أخرها - أي : الزكاة - ليدفعها
إلى من هو أحق بها من ذي قرابة ، أو ذي حاجة شديدة ، فإن كان شيئاً يسيراً ، فلا
بأس ، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290).
وسئلت اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم
تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام ، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان
وهكذا ، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم
وحملونا إياها ؟
فأجابت : " يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم
تأجيلها إذا وجد المستحق " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/402) .
وعليه فإخراج الزكاة في صورة رواتب شهرية ، فيه تأخير لها عن وقت
وجوبها ، فلا يجوز ذلك.
فإن دعت الحاجة إلى تقسيط الزكاة على الفقراء على دفعات ، فلا
حرج في ذلك ، ولكن بشرط أن تكون الزكاة معجّلة ، أي أخرجها أصحابها قبل نهاية الحول
، فلا حرج من تقسيطها بشرط أن لا يتأخر إخراجها عن الحول .
وهذا يحتاج من الجمعية أن تنقع أصحاب الأموال بتعجيل زكاتهم حتى
يتسنى للجمعية أن توزيعها شهرياً ، بما يتوافق مع مصلحة الفقراء والمحتاجين .
وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته في أول صفرٍ مثلا ، فإذا أخرج
زكاته في وقتها ، أخرج زكاة السنة القادمة معها ، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة ،
فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا ، فله أن يخرج الألف معجلة الآن ، وله أن
يخرجها مقسطة على السنة حسب ما يرى ، فإذا جاء الحول ، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر
منها شيئا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " قَالَ أَحْمَدُ : لا يُجَزِّئُ
عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ . يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ
إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ
شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ
مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا
" انتهى من "المغني" (2/290)
وسئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول
السنة ، في شكل رواتب للأسر الفقيرة ، في كل شهر ؟
فأجابت : " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين
إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وإعطائها الفقراء المستحقين شهريّاً ." انتهى من
"فتاوى اللجنة الدائمة (9/422)
وانظر السؤال رقم ( 52852 )
والحاصل أنه لا يجوز للجمعية أن تخرج ما وُكلت في توزيعه من
الزكاة على هيئة أقساط أو رواتب شهرية ، إلا إذا علمت أن المزكي قد عجّل زكاته ،
ولها أن تُرغِّب أصحاب الأموال في ذلك ؛ ليتسنى لها إعالة الفقراء شهريا أو كل
ثلاثة أشهر ، ونحو ذلك .
رابعاً :
إذا كان الشخص يأخذ من الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين
والمدينين فإنه يجب عند إعطائه للزكاة التأكد من حاله ، هل هو مستحق أم لا ؟ فقد
يكون فقيراً الآن ثم يغنيه الله تعالى من فضله ، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة ، فيجب
التحري والتنبّه لذلك حتى تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية .
هذا ونسأل الله أن يجزي القائمين على الجمعيات الخيرية خير
الجزاء ، وأن يعينهم ويسددهم ، ويوفقهم لكل خير .
والله أعلم .
*****
45191
حكم صبغ الشعر باللون الأحمر والأصفر
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/4441)
سؤال رقم 45191- حكم صبغ الشعر باللون الأحمر والأصفر
هل يجوز صبغ شعر الرجل باللون الأحمر أو الأصفر وما الألوان الممنوعة, وبالنسبة للشباب الذين لم يشب شعرهم هل يجوز ذلك للزينة فقط لا غير وماذا عن الشاب لو استحضر نية الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصبغ رغم عدم وجود الشيب هل يؤجر على ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
يجوز صبغ الشعر بكل لون غير السواد ، ولا فرق في ذلك بين الشيخ
والشاب ، ولا حرج في صبغ الشعر قبل وجود الشيب .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/168) السؤال التالي :
( رأيت بعض الناس يستعملون مواد تغير لون الشعر سواء تجعله أسود
أو أحمر، ورأيتهم يستعملون مواد أخرى تجعل الشعر المجعد ناعما، فهل يجوز من ذلك شئ
، وهل الشباب مثل الشيوخ في الحكم ؟
فأجابت اللجنة : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله
وصحبه.. وبعد : تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه ، وكذلك استعمال مواد لتنعيم
الشعر المجعد ، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء ، إذا انتفت المضرة وكانت المادة
طاهرة مباحة . أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : "غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد ".
وبالله التوفيق ) انتهى.
والحديث المذكور رواه مسلم (2102) .
ومما يدل أيضا على المنع من الصبغ بالسواد ، ما رواه أبو داود
(4212) عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون قوم يخضبون في
آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة " والحديث صححه الألباني
في صحيح أبي داود .
ويدل على جواز الخضاب بالأحمر والأصفر ما رواه أبو داود (4211)
عن ابن عباس قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال ما
أحسن هذا . قال فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال هذا أحسن من هذا ، ثم مر آخر قد
خضب بالصفرة فقال هذا أحسن من هذا كل ه" والكلام في هذا الحديث عن تغيير الشيب بلون
آخر لا عن مطلق الصبغ ولو من غير شيب .
والحديث قال عنه الألباني في مشكاة المصابيح : جيد.
ثانياً :
ينبغي التنبّه إلى القاعدة العامة في أمر الزينة وغيرها ، أنه
يمنع منها ما كان فيه تشبه محرّم ، كالتشبه بالكفار أو الفسقة ، فإنه يحرم لقول
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه
أبو داود (4031) وصححه الألباني .
ولهذا يُحتاج قبل الحكم بجواز صورة من صور الصبغ المسؤول عنها
إلى التأكد من كونها ليست تقليداً للكفار أو الفسقة ، أو أحد من يظهرونهم للشباب
باعتبارهم قدوات من المغنين واللاعبين ونحوهم .
كما أنه يمنع من الصبغ بما يُعد نوعاً من التميُّع والتشبّه
بالنساء لنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا التشبّه ولعنه فاعله . (البخاري 5435)
ثالثا :
أما بالنسبة لصبغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لشعره
فقد اختلف في كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خضب شعره أم لا ، قال ابن
القيم رحمه الله : ( واختلف الصحابة في خضابه فقال أنس : لم يخضب ، وقال أبو هريرة
: خضب ، وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال : رأيت شعر رسول الله مخضوبا ،
قال حماد : وأخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل قال : رأيت شعر رسول الله صلى الله
عليه وسلم عند أنس بن مالك مخضوب .
وقالت طائفة : كان رسول الله مما يكثر الطيبَ قد احمر شعره فكان
يُظن مخضوبا ولم يخضب . وقال أبو رِمثة : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن
لي فقال أهذا ابنك ؟ قلت نعم أشهد به فقال " لا تجني عليه ولا يجني عليك " قال
ورأيت الشيب أحمر ، قال الترمذي : هذا أحسن شيء روي في هذا الباب وأفسره لأن
الروايات الصحيحة أن النبي لم يبلغ الشيب . قال حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قيل
لجابر بن سمرة أكان في رأس النبي شيب ؟ قال: لم يكن في رأسه شيب إلا شعرات في مفرق
رأسه إذا ادهن وأراهنّ الدهن ) انتهى من زاد المعاد 1/169
رابعاً :
أما استحضار التأسي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الصبغ مع عدم وجود شيب فقد علمت الخلاف القوي في إثبات صبغ النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ثم إن صبغ الشعر الوارد الأمر به في السنة ليس مقصوداً لذاته ،
وإنما المقصود منه تغيير الشيب ، ومخالفة اليهود والنصارى في ذلك ، لحديث النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( غيّروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود ) رواه النسائي (4986) والترمذي (1674)
وعند مسلم (3924) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لما رأى الشيب في شعر والد أبي بكر قال : ( غيّروا هذا بشيء ) ، وعند البخاري
(5448) : ( إن اليهود لا يصبغون فخالفوهم )
وعلى هذا فإن الصبغ من غير وجود شيب لا يُعدّ سنة ولا تأسياً
لعدم وجود مقتضيه ولعدم تحقق المصلحة الشرعية الحاصلة بصبغ الشيب .
وأعلى درجاته أن يكون مباحاً ما لم يكن فيه تشبه أو ضرر صحي أو
نحوه فيحرم .
والله أعلم .
*****
452
طلبت منه أن يطلقها إذا تزوج عليها
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4442)
سؤال رقم 452- طلبت منه أن يطلقها إذا تزوج عليها
السؤال :
زوجتي وأنا تناقشنا حول موضوع رغبتي في الزواج مرة أخرى ، وقد طلبت مني زوجتي أن أطلقها إذا أقدمت على فعل ذلك ونحن مسلمان وقد تزوجنا بعقد اسلامي ولم تشترط عليّ في العقد عدم الزواج بأخرى فهل يجوز لها أن ترفض وتحرم ما حلله الله وأباحه ، إن زوجتي مسلمة ملتزمة وهي ترغب في إجابة مقرونة بالدليل من الشرع والسنة ؟ .
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الرجل قادراً على الزواج من أخرى بدنياً ومالياً واستطاعة للعدل وله رغبة فإنه يشرع له ذلك لقوله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .. ) ، ولفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ولكن غير النبي لا يجوز له أن يزيد على أربع .
ومعلوم أن من طبيعة المرأة الغيرة من أن يشاركها في زوجها غيرها من النساء ، وهي غير ملومة على وجود هذه الغيرة ، فإن الغيرة موجودة في خيار النساء الصالحات من الصحابيات بل ومن أمهات المؤمنين ، لكن يجب ألا تحملها الغيرة على الاعتراض على ما شرعه الله تعالى ، بل يشرع لها أن لا تمانع في ذلك ، وأن تسمح لزوجها بالزواج فإن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى ، وفي الحديث المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته )
وليس رضا الزوجة الأولى شرطاً في جواز التعدد ، وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن ذلك فأجابت بما نصه : ( ليس بفرض على الزوج إذا أراد أن يتزوج ثانية أن يرضي زوجته الأولى ، لكن من مكارم الأخلاق وحسن العشرة أن يطيّب خاطرها بما يخفف عنها الآلام التي هي من طبيعة النساء في مثل هذا الأمر وذلك بالبشاشة وحسن اللقاء وجميل القول ، وبما تيسر من المال إن احتاج الرضى إلى ذلك ) أ.هـ
وأما طلبها الطلاق إذا أقدمت على الزواج فخطأ لكن يُنظر فإن كانت لا تطيق بحال العيش مع زوجة أخرى فلها أن تختلع ، وإن كانت تستطيع العيش لكنها تجد ألماً وتضيق بذلك فالواجب عليها أن تصبر ابتغاء وجه الله ، روى ثوبان رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة ) رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني رحمه الله .
فإن صبرت فإن الله تعالى يعينها ويشرح صدرها ويعوضها خيراً ، وعلى الزوج أن يكون عوناً لها بحسن عشرته وجميل معاملته ويشاركها بالصبر بصبره على ما يصدر منها والعفو عن زلاتها ، والله الموفق .
الشيخ : عبد الله الحيدري.
*****
45200
حكم تقليد الكفار ومعنى " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "
أصول الفقه > مصادر التشريع >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4443)
سؤال رقم 45200- حكم تقليد الكفار ومعنى " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن "
ما حكم الإسلام في مسألة تقليد الكفار في عاداتهم وتصرفاتهم ؟ وما ضوابط ذلك في الشريعة الإسلامية ؟ وهل كل تقليد لعمل من أعمال الكفار يعد تقليدا محرماً - علماً بأن هناك كثيرا من أعمال الكفار لا حرمة ولا ذم للشرع فيها ، ولا يقصد فاعلها مجرد التقليد للكفار ، وإنما وجدها حسنة ، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن " - ؟ .
أفيدونا أكرمكم الله ، مع تركيزي على أن تفصلوا لي في الإجابة ، وذكر الضوابط لهذه المسألة.
الحمد لله
أولاً :
ليس المسلمون بحاجة لتقليد أحدٍ من الأمم في شعائر الدين
والعبادات ، فقد أكمل الله تعالى دينه ، وأتمَّ نعمته ، ورضي لنا الإسلام ديناً ،
قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3
وقد نهى الشرعُ المسلمين عن تقليد الكفار وبخاصة اليهود والنصارى
، وهذا النهي ليس عامّاً في كل أمورهم ، بل هو فيما كان من أمور دينهم وشعائرهم
وخصائصهم التي يتميزون بها .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً
بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا
رَسُولَ اللهِ اليَهُودَ والنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟ ) رواه البخاري (
1397 ) ومسلم ( 4822 ) .
ففي هذا الحديث نهيٌ عن تقليد اليهود والنصارى ، وذم من اتبعهم
وسلك مسلكهم ، وقد أكد الشرع هذا النهي ؛ وذلك بوصف من يتشبه بالكفار بأنه منهم .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( من تشبّه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود ( 3512 ) وصححه الشيخ
الألباني في " إرواء الغليل " ( 2691 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره
يقتضي كفر المتشبِّه بهم . " اقتضاء الصراط المستقيم " ( 237 ) .
والمقلِّد للكفار يشعر بعقدة النقص ، ويتحلى بالانهزامية والتردي
، لذا يسارع إلى سد نقصه بتقليد من يعظمه ، ولو وقف هؤلاء على عظمة تشريعات الإسلام
، وعرفوا فساد تلك الحضارة التي يركضون خلفها لعلموا أنهم على خطأ ، وأنهم تركوا ما
هو كمال وحق إلى ما هو نقص وفساد .
ثانياً :
وأوجه تقليدهم التي نهينا عنها كثيرة :
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومن الأمور التي يجري تقليد الكفار فيها : تقليدهم في أمور
العبادات، كتقليدهم في الأمور الشركية من البناء على القبور، وتشييد المشاهد عليها
والغلو فيها. وقد قال صلى الله عليه وسلم " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا
قبور أنبيائهم مساجد " - البخاري ( 425 ) ، ومسلم ( 531 ) - ، وأخبر أنهم إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، وصوروا فيه الصور ،
وأنهم شرار الخلق - البخاري ( 417 ) ، ومسلم ( 528 ) - ، وقد
وقع في هذه الأيام من الشرك الأكبر بسبب الغلو في القبور ما هو معلوم لدى الخاص
والعام ؛ وسبب ذلك : تقليد اليهود والنصارى .
ومن ذلك : تقليدهم في الأعياد الشركية والبدعية كأعياد الموالد -
كمولد الرسول صلى الله عليه وسلم - وأعياد موالد الرؤساء والملوك. وقد تسمى هذه
الأعياد البدعية أو الشركية بالأيام أو الأسابيع – كاليوم الوطني للبلاد ، ويوم
الأم وأسبوع النظافة – وغير ذلك من الأعياد اليومية والأسبوعية، وكلها وافدة على
المسلمين من الكفار؛ وإلا فليس في الإسلام إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى. وما
عداهما فهو بدعة وتقليد للكفار .
من خطبة " الحث على مخالفة الكفار "
وقد سبق في جواب السؤال رقم : ( 47060 ) النهي عن التشبه بالكفار في
لباسهم الخاص بهم ، وفي ما اختصوا به من العادات كمشابهتهم في حلق اللحية .
ثالثاً :
وتحريم التشبه بالكفار إنما هو في عباداتهم وعاداتهم الخاصة بهم
التي يتميزون بها ، دون ما يصنعونه ويخترعونه مما يمكن أن يُستفاد منه ، فلا حرج
على المسلمين من مشاركتهم في هذا ، بل ينبغي للمسلمين أن يكونوا السباقين إليه
والمبدعين فيه .
قال الشيخ ابن عثيمين :
وإذا قيل " تَشَبُّهٌ بالكفار " فلا يعني ذلك أن لا نستعمل شيئاً
من صنائعهم : فإن ذلك لا يقوله أحد ، وقد كان الناس في عهد النبي صلي الله عليه
وسلم وبعده يلبسون ما يصنعه الكفار من اللباس ، ويستعملون ما يصنعونه من الأواني .
والتشبه بالكفار : هو التشبه بلباسهم ، وحلاهم ، وعاداتهم الخاصة
، وليس معناه أن لا نركب ما يركبون ، أو لا نلبس ما يلبسون ، لكن إذا كانوا يركبون
على صفة معينة خاصة بهم فلا نركب على هذه الصفة ، وإذا كانوا يفصلون الثياب على صفة
معينة خاصة بهم فلا نفصل على هذا التفصيل ، وإن كنا نركب مثل السيارة التي يركبونها
، ونفصل من نوع النسيج الذي يفصلون منه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 177 ) .
وقال :
مقياس التشبه أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشبَّه به ،
فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم ، أما ما انتشر بين المسلمين وصار
لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً ، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه إلا أن
يكون محرماً من جهة أخرى ، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال 198 ) .
وفي جواب على السؤال ( 21694 ) تجد تفصيلاً لحكم التشبه بالكفار وضوابطه ، وانظر تفصيلا – كذلك – في
جواب السؤال رقم : ( 43160 ) .
رابعاً :
في حضارة غير المسلمين النافع والضار ، فلا نترك النافع منها
ونأخذ الضار ، وقد لخَّص هذا الموقف الشيخ الشنقيطي – رحمه الله – فقال :
إن الموقف من الحضارة الغربية ينحصر في أربعة أقسام لا خامس لها
:
الأول : ترك الحضارة نافعها وضارها .
الثاني : أخذها كلها ضارها ونافعها .
الثالث : أخذ ضارها دون نافعها .
الرابع : أخذ نافعها وترك ضارها .
فنجد الثلاثة الأولى باطلة بلا شك ، وواحداً فيها صحيحاً بلا شك
وهو الأخير .
" أضواء البيان " ( 4 / 382 ) .
خامساً :
وأما قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " ما رآه المسلمون
حسناً فهو عند الله حسن " ، فليس المراد منه التحسين العقلي المخالف للشرع ، فقد
قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : " من استحسن فقد شرع " ، وليس المراد منه
التحسين الذي يراه واحد من الناس دون عامتهم ، ، بل هذا الكلام يمكن حمله على أحد
معنين ، كلاهما صحيح :
1- أن المراد بذلك العمل بالعرف الذي لا يخالف الشرع .
2- أن المراد بذلك حجية الإجماع ، فإذا أجمع المسلمون على استحسان
شيء فهذا الإجماع حجة ، فيكون هذا الشيء حسناً في حكم الله تعالى ، وهذا قد يدل
عليه قوله : " ما رآه المسلمون حسناً "
انظر المبسوط للسرخسي (12/138) ، الفروسية لابن القيم (ص298)
هذا إذا اعتبرنا كلام ابن مسعود رضي الله عنه عاماً في جميع
المسلمين ، مع أنه قد يظهر من سياق كلامه أنه يعني بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم دون غيرهم . ونص كلامه : ( إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ
فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ
الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ
فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ
خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ ، يُقَاتِلُونَ
عَلَى دِينِهِ ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ
، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ ) رواه أحمد ( 3418
) وحسّنه الشيخ الألباني في " تخريج الطحاوية " ( 530 ) .
وعلى أي حال لا يصح الاستدلال بكلام ابن مسعود رضي الله عنه على
استحسان ما حرمه الشرع كالتشبه بالمشركين .
والله أعلم .
*****
45207
هل نستطيع الاجتهاد في العبادة كاجتهاد السابقين الأولين ؟
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4444)
سؤال رقم 45207- هل نستطيع الاجتهاد في العبادة كاجتهاد السابقين الأولين ؟
لقد اشتهر الصالحون السابقون بحب العبادة ، والتفاني في أدائها ، مثل : قيام الليل ، وقراءة القرآن ، وحفظه ، فهل نستطيع نحن جيل هذا العصر القيام ولو بالقليل من هذا ، مع كل الفتن المحيطة من كل النواحي ؟ .
الحمد لله
يستطيع الواحد منا أن يجتهد في العبادة ينافس أولئك الرجال
بالقيام بما ندبت إليه الشريعة وحثَّ عليه الإسلام ، وينبغي أن تكون عند المسلم همة
يهد بها الجبال ، وقد قيل : ( همة الرجال تقلع الجبال ) .
والصحابة رضي الله عنهم كانوا للأمة خير قدوة في الطاعة والعبادة
، ومع هذا فلم يمنع ذلك مَنْ بعدهم أن يحثوا أنفسهم على منافستهم في العبادة حتى لا
يستأثروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واسمع لواحد منهم واعجب لهذه الهمة العظيمة ،
قال أبو مسلم الخولاني رحمه الله : ( أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا ، كلا
والله ! لنزاحمنهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنهم قد خلَّفوا وراءهم رجالاً !! ) .
وقد كان يقول كلمته هذه عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه
ضربها بيديه وقال ذلك ، فبمثل هذه الهمم يستطيع المسلم أن يقوم بالطاعات والعبادات
، وهو من التنافس المحمود المأمور به في قوله تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
) .
ولو لم يكن في مقدور المتأخرين القيام بالأعمال الجليلة في
الطاعة والعبادة لما رأينا الله تعالى يحث عباده جميعاً عليها ، ويعدهم بالثواب
الجزيل إن قاموا بها ، ولما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالوصية العظيمة وهي
قوله ( اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ،
وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف
الجامع الصغير ، فهي – إذن – دعوة لنا أن نغتنم حياتنا بالطاعة قبل
أن يفاجئنا الموت ، وأن نغتنم صحتنا قبل العجز والمرض ، فالصحيح يستطيع ما لا
يستطيعه المريض ، وأن نغتنم فراغنا قبل شغلنا بالزوجة والأولاد والأعمال ، وأن
نغتنم شبابنا حيث النشاط والهمة قبل الكبَر والضعف ، وأن نغتنم غنانا بالصدقة
والإنفاق قبل سلب ذلك وعجزنا عنه .
وفي المعاصرين أمثلة مشرقة ، في حياتهم الطاعة والعبادة ، ولا
يخلو عصر من عصور المسلمين – ولله الحمد – من أمثال هؤلاء ، يشحذون الهمم للقيام
بكل ما يحب الله ويرضى من الأقوال والأعمال ، ففي هذه الأمة من المعاصرين من قضى
عمره في ساحات الجهاد حتى قدَّم نفسه رخيصة لربه تعالى واشترى بها الجنة ، ومنهم من
جدَّ واجتهد في العلم منذ أن عقل إلى أن مات ، ومنهم من حافظ على قيام الليل ولم
يعرف عنه تركه لا في سفر ولا في حضر ، ومنهم من بذل أمواله كلها في سبيل الله تعالى
ولم تجب عليه الزكاة في حياته قط ، ومنهم من بذل نفسه للمسلمين يشفع لهذا ويقضي
حاجة ذاك ، ويجيب السائل ويفتي المستفتي ، ويعلم الجاهل ويحث الناس على الخير .
فلن تعدم – أخي – صوراً مشرقة من حياة علمائنا وأئمتنا ومجاهدينا
، وسترى في حياتهم ما يحثك على فعل الطاعة ويجعلك تعلم أنه يوجد مجال للمنافسة مع
المتقدمين ، ونظرة في حياة الأئمة الثلاثة : عبد العزيز بن باز والألباني وابن
عثيمين تجد فيها العلم والتعليم والجد والاجتهاد والبذل والإنفاق والشفاعة والدعوة
، ولا يزال المسلمون يقدمون أروع الأمثلة في جهادهم الكفار في الأرض كلها .
وفي حفظ القرآن نماذج صالحة كثيرة ، فقد حفظ كثيرون القرآن وهم
لم يبلغوا الثامنة من عمرهم ، وقد وجد من حفظ القرآن كاملاً في شهرين ، بل في شهر .
وينبغي على المسلم المحب للقيام بالطاعة والعبادة والراغب
بالتنافس مع من قبله أو مع من عاصره من أهل الهمم أن يحذر من أشياء :
أولها : الغفلة عن الآخرة وما فيها من ثواب جزيل وأجر عظيم ، قال
ابن القيم - رحمه الله – في " بدائع الفوائد " ( ص 98 ) : خراب القلب من الأمن
والغفلة ، وعمارته من الخشية والذكر .
وثانيها : أن يترك التنافس على الدنيا مع أهلها وليدعها لهم
ولتتطلع نفسه لعالي الأمور ، وأن يحذر أن يجعل الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه ، وأن
يجعل المال والمتاع في يده لا في قلبه .
وثالثها : الابتعاد عن التأجيل والتسويف ، وعليه أن يبادر
بالقيام بالأعمال استجابة لأمر الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133 وقال ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الحديد/21 .
والله الموفق .
*****
4523
سفر المرأة بغير محرم
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المحرم في سفر المرأة >(1/4445)
سؤال رقم 4523- سفر المرأة بغير محرم
أعلم أن سفر المرأة بدون محرم لمدة يوم وليلة محرم .
هل يجوز للمرأة أن يوصلها المحرم لمكان إقلاع الطائرة ويستقبلها محرم آخر عند النزول من الطائرة ؟ المدة كاملة تستغرق 10 ساعات.
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر من غير محرم لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم )
ولأن الهدف من وجوده حفظها وصيانتها والقيام بأمرها ولا سيما حيث يقع شيء من الأمور الإضرارية والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة ، فما عده الناس سفراً كان كذلك ، وتنطبق عليه أحكام السفر حينئذٍ .
وللمزيد عن أحكام المحارم أنظر سؤال رقم ( 5538 ).
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4524
من هو معبود المسلمين
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >(1/4446)
سؤال رقم 4524- من هو معبود المسلمين
من يعبد المسلمون ؟
الجواب:
الحمد لله
قبل الإجابة نريد أن نسجّل إعجابنا باهتمامك - أيتها السائلة على صغر سنك - بدين الإسلام ولعل الله أن يفتح لك باب خير عظيم من جراء هذا السؤال ويكتب لك هداية لم تكن بحسبانك قال تعالى : ( ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) سورة الأنعام 88 ، وقال : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ) سورة الأنعام 125
أما بالنسبة للسؤال العظيم : من يعبد المسلمون ؟ فالجواب عليه من القرآن الكريم وهو كتاب الإسلام ومن كلام نبي الإسلام محمد عليه السلام الموحى إليه من ربه .
قال الله تعالى : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(3)مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5) سورة الفاتحة
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21) سورة البقرة
وقال : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ(102) سورة الأنعام
وقال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا(23) سورة الإسراء
المسلمون يعبدون الله الذي عبده جميع الأنبياء : قال تعالى : ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءابَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133) سورة البقرة
المسلمون يعبدون الله ويدعون غيرهم من أصحاب الأديان إلى عبادة الله وحده كما قال عزّ وجلّ : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64) سورة آل عمران
الله وحده الذي دعا نوح عليه السلام قومه إلى عبادته ، قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(59) سورة الأعراف
الله وحده الذي نادى المسيح عليه السلام إلى عبادته كما قال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ(72) سورة المائدة
وقال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ(116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(117) سورة المائدة
ولما كلّم الله نبيه موسى عليه السلام قال له : ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي(14) سورة طه
وأمر الله سبحانه تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بما يلي : ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(104) سورة يونس
وهو وحده لا شريك له تعبده الملائكة ولا تعبد معه غيره كما قال تعالى : ( وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ(19) سورة الأنبياء
وكل معبود من دون الله فلا يضر ولا ينفع ولا يخلق ولا يرزق ، قال الله تعالى : ( قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(76) سورة المائدة وقال تعالى : ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(17) سورة العنكبوت
وبعد هذا الجواب نريد إكمال الموضوع بالسؤال التالي لماذا نعبد الله وحده لا شريك له والجواب :
أولا : لأنه لا يستحق العبادة في الكون أحد غيره لأنه هو الخالق الرازق الموجد من العدم الذي أمدنا بالنعم ، قال تعالى : ( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ(17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ(18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ(20) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21) وَمِنْ ءايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ(22) وَمِنْ ءايَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(23) وَمِنْ ءايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(24) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ(25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ(26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) سورة الروم
وقال تعالى : ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ(62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(64) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(65) سورة النمل
فهل هناك أحد غير الله يستحقّ العبادة ؟
ثانيا : إن الله لم يخلقنا إلا لعبادته فقال عزّ وجلّ : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ(56) سورة الذاريات
ثالثا : إنه لن ينجو أحد يوم القيامة إلا من كان يعبد الله حقّا ، وبعد الموت سيبعث الله العباد ليحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم فلا ينجو يومئذ إلا من كان يعبد الله وحده ويحشر البقية إلى جهنم وبئس المصير ، قال نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم : مجيبا أصحابه لما سألوه : هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ هَلْ تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِذَا كَانَتْ صَحْوًا قُلْنَا لا قَالَ فَإِنَّكُمْ لا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئِذٍ إِلا كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا ثُمَّ قَالَ يُنَادِي مُنَادٍ لِيَذْهَبْ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَبُ أَصْحَابُ الصَّلِيبِ مَعَ صَلِيبِهِمْ وَأَصْحَابُ الأَوْثَانِ مَعَ أَوْثَانِهِمْ وَأَصْحَابُ كُلِّ آلِهَةٍ مَعَ آلِهَتِهِمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ وَغُبَّرَاتٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كَأَنَّهَا سَرَابٌ فَيُقَالُ لِلْيَهُودِ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلا وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ ثُمَّ يُقَالُ لِلنَّصَارَى مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ كُنَّا نَعْبُدُ الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ فَيُقَالُ كَذَبْتُمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ صَاحِبَةٌ وَلا وَلَدٌ فَمَا تُرِيدُونَ فَيَقُولُونَ نُرِيدُ أَنْ تَسْقِيَنَا فَيُقَالُ اشْرَبُوا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي جَهَنَّمَ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَا يَحْبِسُكُمْ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ فَيَقُولُونَ فَارَقْنَاهُمْ وَنَحْنُ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَيْهِ(1/4447)
الْيَوْمَ وَإِنَّا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ رَبَّنَا قَالَ فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّارُ .. فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَلا يُكَلِّمُهُ إِلا الأَنْبِيَاءُ .. فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ) رواه البخاري رقم 6886 وهؤلاء المؤمنون هم أهل الجنة الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون خالدين فيها إلى الأبد
نرجو أن تكون هذه القضية قد اتضّحت ، وبعد هذا لا نقول إلا كما قال الله تعالى ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا .. (15) سورة الإسراء ، والسلام على من اتبع الهدى .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4526
طفلة نصرانية تسأل عن أعياد المسلمين وشعارهم
العقيدة >(1/4448)
سؤال رقم 4526- طفلة نصرانية تسأل عن أعياد المسلمين وشعارهم
السؤال : هل للمسلمين أعياد لا توجد عند النصارى وما هي ؟
ما هو شعار الإسلام ؟ مثلا عندنا الصليب فهل للإسلام شعار معين ؟.
الجواب :
الحمد لله
المسلمون لديهم يومان فقط يحتفلون بهما وهما عيد الفطر الذي يأتي بعد رمضان وعيد
الأضحى الذي في الحج. والمسلمون يحتفلون بعيد الأضحى بذبح شاة اتباعاً لما فعله
النبي إبراهيم عليه السلام لما أمره الله عز وجل بذبح ابنه البكر إسماعيل. ولما
أخبر ابنه بهذا الأمر أطاعه وأخبره أنه سوف يكون صابراً. ولما أراد إبراهيم أن يشرع بذبح إسماعيل فدى الله تعالى إسماعيل من السماء بشاة عظيمة يذبحها بدلاً منه ومن هنا صارت سنة ذبح الشاة كذكرى
لهذين النبيين عليهما السلام. وهو اتباع لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
والمسلمون فقط يحتفلون بهذه الأيام بينما لا يحتفلون بأعياد النصارى.
أما بالنسبة للرمز أو الشعار فالمسلمون يعبدون
الله ويرفضون أي أوثان ونحن نعتقد أن النصارى يتخذون الصليب كرمز لربهم أو ابن
ربهم كما يزعمون وهم يبحثون عن البركة والحماية من هذا الصليب. والمسلمون يطلبون
البركة والحماية من الله وحده ولذا ليس للمسلمين رمز كصليب النصارى. بعض المسلمين
اخترعوا الهلال كرمز مقابل الصليب ولكن هذا ليس صحيحاً وهو بدعة في الإسلام.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45268
كيف تصلى صلاة النهار الرباعية ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4449)
سؤال رقم 45268- كيف تصلى صلاة النهار الرباعية ؟
عن صلاة النافلة التي قبل الظهر وقبل العصر ، هل تصلى بأربع ركعات وتسليمة واحدة أم كل ركعتين بتسليمة ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأفضل في نافلة الليل والنهار أن تصلى
ركعتين ركعتين ، بل ذهب بعض العلماء كالإمام أحمد إلى وجوب ذلك ، وأنها لا تصح إذا
صلاها أكثر من ركعتين بتسليم واحد ، إلا الوتر لورود السنة الصحيحة بذلك .
وقد استدلوا على هذا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . رواه الترمذي (
597 ) وأبو داود ( 1295 ) والنسائي ( 1666 ) وابن ماجه ( 1322 ) . والحديث صححه
الشيخ الألباني في " تمام المنَّة " ( ص 240 ) .
ومعنى ( مثنى مثنى ) أي : ركعتين ركعتين . كذا فسره ابن عمر رضي
الله عنهما
ففي صحيح مسلم عن عقبة بن حريث قال : قلت لابن عمر : ما معني
مثنى مثنى ؟ قال : تسلم من كل ركعتين .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
قوله: " مثنى مثنى " يعني : اثنتين اثنتين فلا يُصلِّي أربعاً
جميعاً ، وإنما يُصلِّي اثنتين اثنتين ، لما ثبت في " صحيح البخاري ومسلم " مِن
حديث ابن عُمرَ أنَّ رَجُلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما ترى في صلاةِ
اللَّيلِ ؟ قال : " مَثْنى مَثْنى ، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصّبحَ صَلَّى واحدةً
فأوترت له ما قد صَلَّى " .
وأما " النَّهار " : فقد رواه أهل السُّنَن ، واختلف العلماءُ في
تصحيحه :
والصَّحيح : أنَّه ثابتٌ كما صَحَّح ذلك البخاريُّ ، وعلى هذا :
فتكون صلاةُ الليلِ وصلاةُ النَّهارِ كلتاهما مَثْنى مَثْنى يُسَلِّمُ مِن كُلِّ
اثنتين ، ويُبْنَى على هذه القاعدة كُلُّ حديثٍ وَرَدَ بلفظ الأربع مِن غير أن
يُصرِّحَ فيه بنفي التَّسليم ، أي : أنَّه إذا جاءك حديثٌ فيه أربع ؛ ولم يُصرِّحْ
بنفي التَّسليم : فإنه يجب أنْ يُحملَ على أنَّه يُسَلِّمُ مِن كُلِّ رَكعتين ،
لأنَّ هذه هي القاعدة ، والقاعدةُ تُحْمَلُ الجزئيات عليها ، فقول عائشة لما سُئلت
عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان : " ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على
إحدى عشرة ركعة ، يُصَلِّي أربعاً ، فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ " ، ظاهره
: أنَّ الأربع بسلام واحد ، ولكن يُحمل هذا الظَّاهر على القاعدة العامَّة ، وهي
أنَّ صلاة الليل مَثْنى مَثْنى ، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ويُقال : إنها ذكرتْ أربعاً وحدها ، ثم أربعاً وحدها ؛ لأنَّه صَلَّى أربعاً ثم
استراح ، بدليل " ثم " التي للترتيب والمهلة .
" الشرح الممتع " ( 4 / 76 ، 77 ) .
وحديث ابن عمر بوَّب عليه ابن خزيمة - في صحيحه ( 2 / 214 ) -
بقوله " باب التسليم في كل ركعتين من صلاة التطوع صلاة الليل والنهار جميعا " ،
وأعقبه بباب " باب ذكر الأخبار المنصوصة والدالة على خلاف قول من زعم أن تطوع
النهار أربعاً لا مثنى " - وساق أدلة كثيرة على أن تطوع النهار ركعتين ركعتين - .
ويحمل حديث " رحم الله من صلى قبل العصر أربعاً " على ما سبق من
كونها ركعتين ركعتين .
قال ابن حبان :
وقوله صلى الله عليه وسلم " أربعا " : أراد به : بتسليمتين ؛ لأن
في خبر يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله الأزدي عن ابن عمر قال : قال النبي صلى
الله عليه وسلم " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " . " صحيح ابن حبان " ( 6 /
206 ) ، وقال مثل هذا - في ( 6 / 231 ) - في الأربع التي بعد صلاة الجمعة .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" المشروع للمسلم أن يصلي النافلة مثنى مثنى ليلاً ونهاراً ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم " صلاة الليل مثنى مثنى ) متفق على صحته ، وفي رواية صحيحة : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) خرجها
الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (11/390)
وانظر جواب السؤال رقم ( 1048 ) لمعرفة تفصيل صلوات الرواتب .
والله أعلم .
*****
45271
هل يجوز أن يستأجر في محل شيشة لبيع المأكولات ؟
الفقه > معاملات > الإجارة >(1/4450)
سؤال رقم 45271- هل يجوز أن يستأجر في محل شيشة لبيع المأكولات ؟
توجد كافتريا في أحد الكازينوهات هل يجوز لي استئجارها من أجل بيع المأكولات - مع العلم بأن الكازينو مخصص لجلسات الشيشة والشاي - فما الحكم في ذلك ؟.
الحمد لله
الذي يظهر هو عدم جواز استئجارك ذلك المحل لتقديم الطعام والشراب
؛ لأن شرب الشيشة محرَّم ، لما فيه من تضييع للأموال ، وإضرار المسلم بنفسه وبغيره
ممن يستنشقون هذا الدخان الخبيث ، راجع السؤال رقم ( 10922 ) و ( 7432 )
والأصل في المسلم أن يهجر هذه أماكن المعصية ويبتعد عنها ، لا أن
يساهم في عونهم أو تقديم ما يبقيهم فيها كشراب أو طعام حلال ، وفتح جزء في "
الكازينو " لأجل تقديم الطعام لأولئك العاصين يتنافى مع الأمر للمسلم بتغيير المنكر
حين يراه ، ويتنافى مع الأمر بهجر أماكن السوء والمعصية .
قال الله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ
أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً
مِثْلُهُمْ ) النساء/140 .
قال القرطبي - رحمه الله - :
قوله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي
غير الكفر .
{ إنكم إذا مثلهم } : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي
إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 418 ) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الإنكار بالقلب فرض على كل واحد ، وهو بغض المنكر وكراهيته ،
ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان .
" الدرر السنية في الأجوبة النجدية " ( 16 / 142 ) .
بل الواجب على صاحب الملك أن لا يؤجر محلاته لأولئك الذين
يتخذونها من أجل فعل المعاصي
سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ :
والدي أوصى بثلث إيجار عمارة يملكها وهذه العمارة مؤجرة على
محلات يبيع بعضها الدخان وأدوات شرب الشيشة وبها محل لبيع أشرطة الأغاني فهل تجوز
هذه الوصية أم لا ؟ علماً بأننا لا نملك غيرها ؟ جزاكم الله خيراً .
فأجاب :
المطلوب منكم أن تخرجوا أولئك ؛ لأن بيع الدخان والشيشة وأمثالها
من الأغاني كلها أمور مخالفة للشرع ، ولا يحل للمسلم أن يعين على الإثم والعدوان ،
وسيعوضكم الله خيراً إن شاء الله ، وستستأجر إن شاء الله بما يغل غلاً ينفعكم وينفع
الميت بإذن الله . اهـ
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأن الرزق لا
ينال بالمعصية ، وقد قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ
لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ، 3 .
والله أعلم.
*****
4528
مسلمة يحتفل أهلها الكفار بأعيادهم
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4451)
سؤال رقم 4528- مسلمة يحتفل أهلها الكفار بأعيادهم
والداي وأخواي ليسوا مسلمين ويصرون على الاحتفال بيوم ميلادي فيرسلون لي رسائل ويتصلون بي ويغنون أغنية عيد الميلاد ، وقد قلت لهم إن هذا اليوم كأي يوم آخر.
أنا المسلمة الوحيدة في العائلة ومتزوجة بمسلم وأعيش في منطقة أخرى في كندا بعيدا عن عائلتي.
هذه السنة فصلت الهاتف ذلك اليوم لكي لا أستقبل مكالماتهم ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
نهنئك أيتها الأخت الكريمة علىهذا الثبات على الدين ، والإبتعاد عن البدع والشرك ، نسأل الله أن يثبتك ويدخلك جنته إنه سميع مجيب .
واحرصي كل الحرص على عدم التهنئة بأعياد المشركين ، فإنها من التشبه بهم ، ومعناها إقرارهم على باطلهم ، وحبذا لو عرف أهلك لماذا لا تردين عليهم حتى لا يتكرر منهم الإتصال .. واسألي الله الثبات . وفقك الله لما يحبه ويرضاه ، والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45281
تسبب في أذية أصدقائه فهل يلزمه إخبارهم إذا نوى التوبة ؟
الرقائق > التوبة >(1/4452)
سؤال رقم 45281- تسبب في أذية أصدقائه فهل يلزمه إخبارهم إذا نوى التوبة ؟
تعرفت على أحد الشباب المنحرفين ، وكان يستعملني لإيقاع بعض الشباب في حباله ، وقد ساعدته بالفعل ، ولكن شيئاً من ذلك لم يكن والحمد لله ، حتى أنني ساعدته على عمل سحر لأحد الشباب غير أنه لم يضره والحمد لله .
وقد تبت الآن ، وابتعدت عن ذلك الشاب المنحرف ، وصحبت أهل الخير ، وبدأت في حفظ القرآن الكريم .
وسؤالي : هل من شروط توبتي أن أخبر هذا الشاب بما فعلته من السحر معه حتى تقبل توبتي ؟.
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ، والبعد عن رفقاء السوء ، ويجب
عليك مداومة شكر الله تعالى ، وسؤاله الثبات والتوفيق والهدى .
وحقوق الآدميين يجب إرجاعها إن كانت حقوقاً مادية ، أما الحقوق
المعنوية - كالغيبة - فالراجح - والله أعلم - أنه لا يعلمه بأنه قد اغتابه إذا لم
يعلم ، بل يكفيه أن يستغفر من ذنبه ، وأن يستغفر لأخيه في مقابل ما حصل منه من غيبه
وإيذاء له .
وأذية هذا الشاب بالكيد والسحر هو من الحقوق المعنوية التي لا
يلزمك إخباره بما فعلته معه ، ويكفيك أن تحقق شروط التوبة الصادقة من الندم
والإقلاع والعزم على عدم العود ، مع وجوب كف صاحب السوء وغيره عنه بما تستطيعه .
وانظر جواب السؤال رقم ( 6308 ) .
لكن… إذا علم ذلك الشاب أو غيره بما كنت تفعله معه من مكر وحيلة
فعليك الاعتذار له ، وطلب العفو منه ، لأنك إنما مُنِعت من إخباره إذا لم يعلم حتى
لا تؤذيه بذلك ، ولئلا يكون ذلك سبباً للقطيعة بينكما ، وحدوث العداوة والبغضاء ،
فإذا كان قد علم بذلك انتفت تلك المفسدة ، وبقي اعتذارك له مصلحة محضة .
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك
والله تعالى أعلم .
*****
45325
أسباب عذاب القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/4453)
سؤال رقم 45325- أسباب عذاب القبر
أريد أن أسأل عن الذنوب التي يعذب من فعلها عليها في القبر .
الحمد لله
الأسباب التي يعذب بها أصحابها في القبور كثيرة ، وقد جمعها ابن
القيم رحمه الله فقال : " وقد يتساءل البعض عن " الأسباب التي يُعذب بها أصحاب
القبور ؟
وجوابها من وجهين :
مجمل ومفصل :
أما المجمل فإنهم يعذبون على جهلهم بالله وإضاعتهم لأمره ،
وارتكابهم لمعاصيه ، فلا يُعذب الله روحاً عرفته وأحبته وامتثلت أمره واجتنبت نهيه
، ولا بدناً كانت فيه أبدا ؛
فإن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثرُ غضبِ الله وسخطه على عبده ،
فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك كان له من عذاب البرزخ
بقدر غضب الله وسخطه عليه ، فمستقل ومستكثر ، ومصدق ومكذب .
وأما الجواب المفصل :
فقد أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجلين
الذين رآهما يعذبان في قبورهما ، يمشى أحدهما بالنميمة بين الناس ، ويترك الآخر
الاستبراء من البول ، فهذا ترك الطهارة الواجبة ، وذلك ارتكب السبب الموقع للعداوة
بين الناس بلسانه وإن كان صادقا ..
وفي هذا تنبيه على أن الموقع بينهم العداوة بالكذب والزور
والبهتان أعظم عذابا ..
كما أن في ترك الاستبراء من البول تنبيها على أن من ترك الصلاة
التي الاستبراء من البول بعض واجباتها وشروطها فهو أشد عذابا ، وفي حديث شعبة : (
أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس )
فهذا مغتاب ، وذلك نمام .
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الذي ضُرب سوطا امتلأ القبر
عليه به ناراً ، لكونه صلى صلاة واحدة بغير طهور ، ومر على مظلوم فلم ينصره .
وفي حديث سمرة في صحيح البخاري في تعذيب من يكذب الكذبة فتبلغ
الآفاق ..
وتعذيب من يقرأ القرآن ثم ينام عنه بالليل ولا يعمل به بالنهار
..
وتعذيب الزناة والزواني ..
وتعذيب آكل الربا كما شاهدهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في البرزخ .
وفي حديث أبى هريرة رضي الله عنه الذي فيه رضخ رؤوس أقوام بالصخر
لتثاقل رؤوسهم عن الصلاة ..
والذين يسرحون بين الضريع والزقوم لتركهم زكاة أموالهم ..
والذين يأكلون اللحم المنتن الخبيث لزناهم ..
والذين تقرض شفاههم بمقاريض من حديد لقيامهم في الفتن بالكلام
والخطب ..
وفي حديث أبى سعيد عقوبة أرباب تلك الجرائم ، فمنهم من بطونهم
أمثال البيوت وهم أكلة الربا ..
ومنهم من تفتح أفواههم فيلقمون الجمر حتى يخرج من أسافلهم وهم
أكلة أموال اليتامى ..
ومنهم المعلقات بثديهن وهن الزوانى .
ومنهم من تقطع جنوبهم ويطعمون لحومهم وهم المغتابون ..
ومنهم من لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم وهم الذين
يقعون في أعراض الناس ..
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صاحب الشملة التي
غلها من المغنم أنها تشتعل ناراً في قبره ، هذا وله فيها حق ، فكيف بمن ظلم غيره ما
لا حق له فيه .
فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن والفم واللسان والبطن
والفرج واليد والرجل والبدن كله :
فالنمام والكذاب والمغتاب وشاهد الزور وقاذف المحصن والموضع في
الفتنة والداعي إلى البدعة والقائل على الله ورسوله ما لا علم له به والمجازف في
كلامه .
وآكل الربا وآكل أموال اليتامى وآكل السحت من الرشوة ونحوها .
وآكل مال أخيه المسلم بغير حق أو مال المعاهد وشارب المسكر .
والزاني واللوطي والسارق والخائن والغادر والمخادع والماكر .
وآخذ الربا ومعطيه وكاتبه وشاهداه ، والمحلل والمحلل له والمحتال
على إسقاط فرائض الله وارتكاب محارمه .
ومؤذي المسلمين ومتتبع عوراتهم .
والحاكم بغير ما أنزل الله والمفتي بغير ما شرعه الله والمعين
على الإثم والعدوان .
وقاتل النفس التي حرم الله ، والملحد في حَرَم الله ، والمعطل
لحقائق أسماء الله وصفاته الملحد فيها ..
والمقدم رأيه وذوقه وسياسته على سنة رسول الله .
والنائحة والمستمع إليها ، ونواحو جهنم وهم المغنون الغناء الذي
حرمه الله ورسوله والمستمع إليهم .. والذين يبنون المساجد على القبور ويوقدون عليها
القناديل والسرج ، والمطففون في استيفاء ما لهم إذا أخذوه وهضم ما عليهم إذا بذلوه
.
والجبارون والمتكبرون والمراءون والهمازون واللمازون والطاعنون
على السلف .
والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم .
وأعوان الظلمة الذين قد باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم .
والذي إذا خوفته بالله وذكرته به لم يرعو ولم ينزجر , فإذا خوفته
بمخلوق مثله خاف وارعوى وكف عما هو فيه .
والذى يُهدَى بكلام الله ورسوله فلا يهتدي ولا يرفع به رأسا ,
فإذا بلغه عمن يحسن به الظن ممن يصيب ويخطئ عض عليه بالنواجذ ولم يخالفه .
والذي يقرأ عليه القرآن فلا يؤثر فيه وربما استثقل به فإذا سمع
قرآن الشيطان ورقية الزنا ومادة النفاق طاب سره وتواجد وهاج من قلبه دواعي الطرب
وود أن المغنى لا يسكت .
والذي يحلف بالله ويكذب فإذا حلف بشيخه أو قريبه أو حياة من يحبه
ويعظمه من المخلوقين لم يكذب ولو هدد وعوقب .
والذي يفتخر بالمعصية ويتكثر بها بين إخوانه وأضرابه وهو المجاهر
.
والذي لا تأمنه على مالك وحرمتك , والفاحش اللسان البذيء الذي
تركه الخلق اتقاء شره وفحشه .
والذي يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها وينقرها ولا يذكر الله فيها إلا
قليلا , ولا يؤدى زكاة ماله طيبة بها نفسه , ولا يحج مع قدرته على الحج ولا يؤدى ما
عليه من الحقوق مع قدرته عليها .
والذي لا يتورع في نظره ولا لفظه ولا أكله ولا خطوه ولا يبالي
بما حصل من المال من حلال أو حرام .
ولا يصل رحمه ولا يرحم المسكين ولا الأرملة ولا اليتيم ولا
الحيوان البهيم , بل يَدُعُّ اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ، ويرائي للعالمين
، ويمنع الماعون ، ويشتغل بعيوب الناس عن عيبه , وبذنوبهم عن ذنبه .
فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها
وقلتها وصغيرها وكبيرها .
ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز
منهم قليل .
فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب .
ظواهرها بالتراب والحجارة المنقوشة مبنيات .
وفي باطنها الدواهى والبليات ، تغلى بالحسرات كما تغلي القدور
بما فيها ، ويحق لها وقد حيل بينها وبين شهواتها وأمانيها .
تالله لقد وَعَظَت فما تركت لواعظ مقالا .
ونادت : يا عمار الدنيا ، لقد عمرتم دارا موشكة بكم زوالا ،
وخربتم دارا أنتم مسرعون إليها انتقالا .
عمرتم بيوتا لغيركم منافعُها وسكناها ، وخربتم بيوتا ليس لكم
مساكن سواها .
هذه دار الاستباق ومستودع الأعمال وبذر الزرع ، وهذه محل للعبر ،
رياض من رياض الجنة ، أو حفر من حفر النار .." انتهى من كتاب الروح (95)
بتصرف يسير .
*****
45359
يسافر كثيرا ويخشى على أولاده من الانحراف
التربية > تربية الأولاد >
سؤال رقم 45359: يسافر كثيرا ويخشى على أولاده من الانحراف
أنا كثير السفر ، أسافر بعيداً عن أولادي سنة أو سنتين ثم أعود لأجلس معه شهرا واحدا ، ثم أسافر مرة أخرى وهكذا . كل هذا من أجل اكتساب المال ، وتوفيره لأولادي . وقد لاحظت في السنوات الأخيرة أن أخلاقهم بدأت تسوء ، وأخاف عليهم من الانحراف .
فماذا أفعل ؟ هل أبقى مسافراً لأجمع المال من أجلهم ، أو أقطع السفر وأرجع إليهم ؟.
الحمد لله
لتعلم يا أخي أن كل أب قد حمله الله تعالى أمانة في عنقه
ومسؤولية سيسأل عنها يوم القيامة . قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ
مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ
عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ
مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ) رواه البخاري (2409) ومسلم (1829) .
وأولى ما يجب على الأب الاهتمام به نحو أولاده هو الدين والخلق ،
فبذلك تكون نجاتهم في الدنيا والآخرة . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم /6 .
قال علي ابن أبي طالب : أي : علموهم وأدبوهم .
فقبل مسؤولية المال والنفقة هناك ما هو أعظم من ذلك وهو الحرص
على نجاتهم في الآخرة من عذاب الله .
وهناك نماذج مشرفة لرجال حفظوا الأمانة وقاموا بما أوجب الله
عليهم تجاه زوجاتهم وأولادهم
فهذا رجل في الثلث الأخير من الليل يوقظ أهله للصلاة ، وفي الفجر
يوقظ أبناءه ويأخذهم للمسجد ويجلس معهم يذكرون الله ويقرأون القرآن حتى شروق الشمس
.
وآخر اعتاد أن يصحب أبناءه معه للمسجد لتأدية الفروض الخمسة ،
وحينما ينتهي من صلاة العصر يبقى معهم بالمسجد يتدارس وإياهم القرآن تعلماً وحفظاً
وتجويداً ، وتفسيراً ثم يعودون سوياً للبيت .
وهناك - للأسف - الكثير من الآباء لا يقوم بما أمر الله عليه من
مراعاة أهله في أمور دينهم ، ويكون كل همه مراعاتهم في أمور الدنيا !!
فمن الآباء من إذا مرض ولده وارتفعت درجة حرارته ارتفاعاً يسيراً
هَبَّ مذعوراً ولم يقر له قرار ، يهيم على وجه بحثاً عن الطبيب والدواء . وهذا حسنٌ
وجيد ، ورحمة بالأولاد . ولكن العجب أنه لا يبالي ما ارتكب ولده من المحرمات ، ولا
الكبائر الموبقات .
وكم حرارة جهنم ؟
فكيف خاف عليه من ارتفاع يسير في درجة حرارته ، ولا يخاف عليه من
نار جهنم !!
ومن الآباء من إذا تأخر ولده في دراسته أو تخلف عن اللحاق
بزملائه طار عقل الأب وذهب نومه وأتاه الأرق فلا يهدأ له بال ، ولا يقر له قرار ،
حتى يأتي بمدرس ليدفع بابنه قدما نحو النجاح .
أما إذا تهاون الأولاد في صلاتهم ، أو تركوها ، أو أتوا محرماً ،
وركبوا الكبائر ، فلا لوم عليهم إذن.
ومن الآباء من يغضب غضباً عارما إذا انتقص ابنه حقاً من حقوقه ،
أو تهاون في أمر من أوامره .
ولا يبالي إذا انتقص الولد حقا من حقوق الله تعالى ، أو ضيع
أمراً من أوامره .
فالأب الذي يهمل أولاده ولا يقودهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم ولا ينشئهم على عقائد الإيمان وسلوكيات الإسلام لا شك في انحرافهم
وخروجهم للمجتمع بشخصيات ضعيفة منتقمة منحرفة شاذة . وأول من سيصيبه فسادهم
وانحرافهم هو ذلك الأب وتلك الأم اللذين قصرا في تربية أولادهم .
ولذلك النصيحة لك –أخي السائل- إن رأيت أن سفرك وبعدك عن الأولاد
سيكون سببا في ضعف تربيتهم أو في انحرافهم ، فعليك الرجوع إليهم ، والسعي في
تربيتهم التربية الحسنة .
وماذا تستفيد أنت ؟ أو ماذا يستفيد الأولاد إن جمعت لهم الأموال
، ولكنهم خرجوا للمجتمع منحرفين؟
ولو قَلَّبت نظرك يميناً وشمالاً لرأيت أمثلة لرجال سافروا عن
أولادهم وذاقوا مرارة الغربة والوحدة من أجل جمع المال لأولادهم ، ثم رجعوا معهم
المال ، ولكنهم خسروا ما هو أهم من المال ، خسروا أولادهم ، فقد انحرف الأولاد
نتيجة لغياب الأب ، وضعف رقابة الأم .
وتنَكَّر الأولاد لما فعل الآباء من أجلهم ، فاستولوا على(1/4454)
الأموال التي معهم ، وصاروا يسبونهم ويسيئون معاملتهم ، بل ويضربونهم أحياناً ،
فندم الآباء على سفرهم وبُعدهم عن أولادهم أشدَّ الندم .
ولكن . . ماذا ينفع الندم بعد فوات الأوان ؟!
وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ سَفَرِ صَاحِبِ
الْعِيَالِ . فَأَجَابَ :
"أَمَّا سَفَرُ صَاحِبِ الْعِيَالِ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ
يَضُرُّ بِعِيَالِهِ لَمْ يُسَافِرْ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
: ( كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ ) حسنه الألباني
في صحيح أبي داود (1692) . وَسَوَاءٌ كَانَ تَضَرُّرُهُمْ لِقِلَّةِ
النَّفَقَةِ أَوْ لِضَعْفِهِمْ ، وَسَفَرُ مِثْلِ هَذَا حَرَامٌ . وَإِنْ كَانُوا
لا يَتَضَرَّرُونَ بَلْ يَتَأَلَّمُونَ وَتَنْقُصُ أَحْوَالُهُمْ ؛ فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ فِي السَّفَرِ فَائِدَةٌ جَسِيمَةٌ تَرْبُو (أي تزيد) عَلَى ثَوَابِ
مُقَامِهِ عِنْدَهُمْ كَعَلَمٍ يَخَافُ فَوْتَهُ وَشَيْخٍ يَتَعَيَّنُ الاجْتِمَاعُ
بِهِ ; وَإِلا فَمُقَامُهُ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ . وَأَمَّا إنْ كَانَ كَسَفَرِ
كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ إنَّمَا يُسَافِرُ قَلَقًا وَتَزْجِيَةً لِلْوَقْتِ (أي
استنفاذاً للوقت) فَهَذَا مُقَامُهُ يَعْبُدُ اللَّهَ فِي بَيْتِهِ خَيْرٌ لَهُ
بِكُلِّ حَالٍ ، وَيَحْتَاجُ صَاحِبُ هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَسْتَشِيرَ فِي
خَاصَّةِ نَفْسِهِ رَجُلا عَالِمًا بِحَالِهِ وَبِمَا يُصْلِحُهُ مَأْمُونًا عَلَى
ذَلِكَ ; فَإِنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فِي مِثْلِ هَذَا اخْتِلَافًا
مُتَبَايِنًا . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ" اهـ
باختصار يسير من "مجموع الفتاوى" (28/28) .
نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ، ويوفقك لما فيه الخير لك
ولأولادك .
والله تعالى أعلم .
*****
4536
هل جماع الزوجة يعدل صلاة سبعين نافلة
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4455)
سؤال رقم 4536- هل جماع الزوجة يعدل صلاة سبعين نافلة
حسب صحيح مسلم فإن الرجل وزوجته يثابا على الجماع ، فهل صحيح أن الثواب يعادل أجر 70 صلاة من النافلة ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا جامع الرجل زوجته فهو مأجور لأنه اتَّبع الحلال
و ترك الحرام ، وهذا ما يؤكده حديثٌ النبي صلى الله عليه وسلم :
عن أبي ذر : " أن ناسا من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور
بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو
ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ، إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل
تحميدة صدقة ، وكل تهليله صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي
بُضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجر
؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال
كان له أجر " .
رواه مسلم ( 1674 ) .
أهل الدثور : أهل الأموال .
يقول الإمام النووي رحمه الله
تعالى :
قوله صلى الله عليه وسلم " وفي بُضع
أحدكم صدقة " : هو بضم الباء ، ويطلق على الجماع ، ويطلق على الفرج
نفسه .
…وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات
الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف
الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة ومنعهما
جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة
قوله قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر . " شرح
مسلم " ( 7 / 92 ) .
ثانياً :
أما قولك " أن الثواب يعادل أجر سبعين صلاة
من النافلة " :
فلعل السؤال عن ثواب المجامع لزوجته ، وقولك هذا
لعله جاء من قراءتك في " شرح النووي على صحيح مسلم " ، وهو الكلام
الذي أوردناه آنفاً حيث أن الشيخ رحمه الله تعالى تحدث في شأن الأمر بالمعروف
وأنه واجب ثم تحدث في شأن التسبيح والذكر وأنه سنَّة ، ثم بين أن الفريضة تعدل
النافلة بسبعين درجة ، ثم قال : واستأنسوا فيه بحديث .. ثم قال بعد نهاية هذا
الكلام : " قوله صلى الله عليه و سلم وفي بُضع أحدكم " : فلعلك ظننتَ
أن الحديث الذي استأنسوا به هو حديث " وفي بُضع أحدكم " .
فإذا كان كذلك : فاعلم أن الكلام الأول منفصل عن
الذي بعده فقوله : " بحديث " يعني حديثاً ما ، ولم يذكره الإمام
النووي ، ثم لما فرغ من حديثه عن الفرض والنافلة ودرجة كل منهما شرع في بيان
قوله " وفي بضع أحدكم " ؛ فوقع الوهم بهذا .
هذا ما نظنه ، وأما إن أردت أن ثواب الفريضة يعدل
سبعين من النافلة : فقد جاء قول النووي وذكر أن في ذلك حديثاً ولم يذكره .
وقد علمنا ما أراده النووي مما أشار إليه ، وهو
ما يأتي في الفائدة التي وجدناها للحافظ ابن حجر رحمه الله :
قال الحافظ :
فائدة :
نقل النووي في " زيادات الروضة " عن
إمام الحرمين عن بعض العلماء أن ثواب الفريضة يزيد على ثواب النافلة بسبعين درجة
، قال النووي : واستأنسوا فيه بحديث . انتهى
والحديث المذكور ذكره الإمام في " نهايته
" وهو حديث سلمان مرفوعاً في شهر رمضان "
مَن تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومَن أدَّى
فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة في غيره " انتهى
وهو حديث ضعيف ، أخرجه ابن خزيمة ، وعلّق القول
بصحته .
" التلخيص الحبير " ( 3 / 118 ) .
ومقصوده رحمه الله بأنّ ابن خزيمة علّق القول بصحّته
يتضّح بالرجوع إلى صحيح ابن خزيمة ( 3 / 191 ) ، حيث بوَّب عليه : باب فضائل
شهر رمضان إن صح الخبر . أ. هـ
والحديث : فيه علي بن زيد بن جدعان وهو راو ضعيف
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45365
كيف همّ يوسف بامرأة العزيز مع أنه عفيف
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
التاريخ والسيرة >(1/4456)
سؤال رقم 45365- كيف همّ يوسف بامرأة العزيز مع أنه عفيف
ما تفسير الآية : ( ولقد همّت به وهمّ بها ) في سورة يوسف ، مع أن يوسف عليه السلام " عفيف " وقد رفض الانصياع لنزوة امرأة العزيز ، فكيف يهمّ بها ؟.
الحمد لله
قال تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ
رَأى بُرْهَانَ ) يوسف/24
كان همها للمعصية ، أما يوسف عليه السلام فإنه لو لم ير برهان
ربه لَهَمَّ بها - لطبع البشر - ولكنه لم يهم ؛ لوجود البرهان .
إذًا في الكلام تقديم وتأخير ، أي : لولا أن رأى برهان ربه
لَهَمَّ بها .
قال أبو حاتم : كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت
على قوله : ( ولقد همت به وهم بها ) قال أبو عبيد : هذا على التقديم والتأخير ؛
كأنه أراد : ولقد همت به ، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.
القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن 9/165 .
وقال الشنقيطي في أضواء البيان [ 3/58 ] .
" الجواب عنه من وجهين :
الأول : أن المراد بِهَمِّ يوسف خاطر قلبي صرفه عنه وازع التقوى
، وقال بعضهم : هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى ، وهذا لا
معصية فيه ؛ لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف ، كما في الحديث : أنه صلى الله
عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : ( اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا
تلمني فيما لا أملك ) يعني ميل القلب . أبو داود ، السنن ، رقم الحديث 2134 .
ومثل هذا ميل الصائم إلى الماء البارد والطعام مع أن تقواه تمنعه
من الشرب والأكل وهو صائم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من هم بسيئة فلم يفعلها كتبت له
حسنة كاملة ) أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6491 ، ومسلم برقم 207 .
الجواب الثاني : أن يوسف عليه السلام لم يقع منه الهم أصلاً ، بل
هو منفي عنه لوجود البرهان .
إلى أن قال : هذا الوجه الذي اختاره أبو حسان وغيره هو أجرى على
قواعد اللغة العربية " اهـ .
ثم بدأ يستطرد الأدلة على ما رجحه ، وبناء على ما تقدم فإن معنى
الآية والله أعلم أن يوسف عليه السلام لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، ولكنه لما
رأى برهان ربه لم يهم بها ، ولم يحصل منه أصلاً .
وكذلك فإن مجرد الهم بالشيء دون فعله لا يعد خطيئة .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبيه الكريم .
*****
454
حكم نسخ برامج الحاسب الآلي
الفقه > معاملات > البيوع > حقوق النشر >(1/4457)
سؤال رقم 454- حكم نسخ برامج الحاسب الآلي
ما حكم نسخ برامج الكمبيوتر التي لم أشترها ؟
الحمد لله
عن هذا السؤال أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز : بأنه لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم لقوله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم " ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " وقوله صلى الله عليه وسلم : " من سبق إلى مباح فهو أحقّ به " ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم . والله أعلم . فتاوى اللجنة رقم 18453
وقد وردنا من الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة ما يلي :
يُتبع فيها ما جرى به العُرف ، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس ، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا .
فتاوى اللجنة رقم 18453
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
454
حكم نسخ برامج الحاسب الآلي
الفقه > معاملات > البيوع > حقوق النشر >(1/4458)
سؤال رقم 454- حكم نسخ برامج الحاسب الآلي
ما حكم نسخ برامج الكمبيوتر التي لم أشترها ؟
الحمد لله
عن هذا السؤال أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز : بأنه لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم لقوله صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم " ولقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " وقوله صلى الله عليه وسلم : " من سبق إلى مباح فهو أحقّ به " ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم . والله أعلم . فتاوى اللجنة رقم 18453
وقد وردنا من الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة ما يلي :
يُتبع فيها ما جرى به العُرف ، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس ، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا .
فتاوى اللجنة رقم 18453
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4541
هل يلزم الولد بطاعة أبيه في مواضع صدقاته
الفقه > عبادات > الصدقات >
الآداب > بر الوالدين >(1/4459)
سؤال رقم 4541- هل يلزم الولد بطاعة أبيه في مواضع صدقاته
السؤال :
أود أن أعطي صدقتي لمؤسسات خيرية ولكن أهلي يعارضون ذلك ويفضلون إعطاء المال للأقارب مع أن أبي يعطيهم مالاً . فهل يمكن أن أتصدق بدون إخبارهم ؟ لأن أحد الأحاديث يقول "أنت ومالك لأبيك" أرجو التوضيح
هل يمكن لأبي أن يزكي ويضحي بالنيابة عني لأنه رب العائلة ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
أود أن أعطي صدقتي لمؤسسات خيرية ولكن أبي يعارض ذلك ويفضل إعطاء المال للأقارب ويريد أن يلزمني بذلك ، فهل حديث أنت ومالك لأبيك يدخل فيه أن يتحكّم الأب بمواضع صدقة ولده ؟
فأجاب حفظه الله :
لا يدخل في هذا إلا إذا أراد أن يتملكها فلا بأس ، ما لم يكن حيلة على منع صدقة ابنه ، ولكن مع ذلك أنا أشير على الابن أن يعطيها الأقارب فهو أفضل . انتهى
فليس للأب أن يُلزم ولده بمواضع معينة يضع فيها الصّدقة ، ويمنعه من مواضع أخرى ولكن يُستحبّ للابن أن يستجيب لرغبة أبيه ما دام أشار عليه بأمر من البرّ وهو صلة الأقارب بالمال ، وإذا كان المال كثيرا وكان هناك من هو أحوج من الأقارب فيمكن أن يعطي بعضه للأقارب وبعضه للمحتاجين الآخرين أو للمشاريع الإسلامية المهمة والنافعة ، وأما حديث أنت ومالك لأبيك فقد رواه ابن ماجة رحمه الله تعالى في سننه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالاً وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك . " سنن ابن ماجة رقم 2282 ، قال في الزوائد : إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري .
ومعنى قوله ( يجتاح ) أي يستأصله أي يصرفه في حوائجه بحيث لا يبقى شيء . وانظر في شرح الحديث وما يتعلق به سؤال رقم 4282 والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45433
غش الطلبة في الاختبارات حرام
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
سؤال رقم 45433: غش الطلبة في الاختبارات حرام
ما حكم غش الطلبة في اختبارات المدارس ؟.
الحمد لله
" حديث : (من غشنا فليس منا) صحيح ، وهو عام يشمل الغش في البيع
والشراء ، وفي النصيحة وفي العهود والمواثيق ، وفي الأمانة وفي اختبار المدارس
والمعاهد، ونحوها ، سواء كان نقلاً من الكتب أم أخذاً عن التلاميذ أم إعطاء لهم
كلاماً أم عن طريق الكتابة وتناقلها بينهم .
وبالله التوفيق " اهـ
من "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/200) .
*****
45435
حقيقة الطريق القادرية
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4460)
سؤال رقم 45435- حقيقة الطريق القادرية
هناك قصيدة قالها الشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ الطريقة القادرية ، فما رأيكم في هذه القصيدة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الشيخ عبد القادر الجيلاني من علماء أهل السنة ، وكان رحمه الله
متبعا لا مبتدعا ، وكان على طريقة السلف الصالح يحث في مؤلفاته على اتباع السلف ،
ويأمر أتباعه بذلك . وكان يأمر بترك الابتداع في الدين ، ويصرح بمخالفته للمتكلمين
من الأشاعرة ونحوهم .
وقد وقع في مؤلفاته بعض الغلطات والهفوات والبدع التي تنغمر في
بحار فضائله . وللتعرف عليها مع بيان وجه الخطأ فيها يمكن مراجعة كتاب ( الشيخ
عبدالقادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية ) للشيخ الدكتور : سعيد بن
مسفر القحطاني :440-476 .
راجع السؤال رقم ( 12932 )
.
ثانياً :
كَذَبَ أتباع الشيخ عبد القادر الجيلاني عليه كثيراً ، ونسبوا
إليه ما لم يقله ولا يرضاه مما هو مخالف لسيرته ودعوته إلى اتباع السلف واجتناب
البدع .
وقد ذكر شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (27/127) بعض هذه
الأكاذيب ثم قال :
"وَلا رَيْبَ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ لَمْ يَقُلْ
هَذَا ، وَلا أَمَرَ بِهِ ، وَمَنْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْهُ فَقَدْ كَذَبَ
عَلَيْهِ اهـ .
ومن هذه الأكاذيب ما نسبوه إليه في هذه القصيدة ، والتي نعلم علم
اليقين براءة الشيخ عبد القادر مما فيها .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن تلك القصيدة ، فأجابت :
"إن هذه القصيدة تدل على أن قائلها جاهل يدعي لنفسه دعاوى كلها
كفر وضلال . فيدعي أن كل علوم العلماء مستقاة من علمه وفروع له وأن سلوك العباد
إنما هو بما فرضه وسنه لهم ، وأنه يقدر على إغلاق الجحيم بعظمته لولا سابق عهد من
الرسول ، وأنه يغيث من وفى له من المريدين ، وينجيه من البلايا ، ويحييه في الدنيا
والآخرة ، ويؤمنه من المخاوف ، ويحضر معه الميزان يوم القيامة .
فهذه الدعاوى الكاذبة لا تصدر إلا من جاهل لا يعرف قدر نفسه ،
فإن كمال العلم لله وحده وإن شئون الآخرة ومقاليد الأمور إلى الله وحده لا إلى
مَلَك مقرب ولا نبي مرسل ولا لصالح ما من الصالحين ، وقد أمر الله رسولَه وهو خير
خلقه أن يتلو على الأمة قوله تعالى : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا
ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ
مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ
لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف /188 . وقوله تعالى : ( قُلْ
إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ
اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) الجن /21-22 . وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ألصق الناس به وأقربهم إليه
رحماً وأولاهم بمعروفه أن ينقذوا أنفسهم من عذاب الله بالإيمان به سبحانه والعمل
بشريعته وأخبرهم أنه لا يغني عنهم من الله شيئاً ، وأخبر أن آدم ونوحاً وإبراهيم
وموسى وعيسى يقول كل منهم يوم القيامة نفسي نفسي ، فكيف يملك شيخ الطريقة القادرية
أو غيره من المخلوقين أن ينجي مريديه وأن يحمي من وفى له بعهده ويغيثه ويحضر معه
عند وزن أعماله يوم القيامة ؟ وكيف يملك أن يغلق أبواب الجحيم بعظمته ؟ إن هذا لهو
البهتان المبين ، والكفر الصراح بشريعة رب العالمين .
لقد زاد صاحب هذه القصيدة في غلوه وتجاوز حد الحس والعقل والشرع
، فادعى أنه كان بنور محمد قبل أن يكون الخلق ، وأنه كان في قاب قوسين اجتماع
الأحبة أي مع جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وأنه كان مع نوح عليه السلام في
السفينة وشاهد الطوفان على كف قدرته ، وأنه كان مع إبراهيم عليه السلام حين ألقي في
النار ، وأن هذه النار بردت بدعوته ، وأنه كان مع إسماعيل ، وأنه ما نزل الكبش إلا
بفتواه أو فتوته، وأنه كان مع يعقوب عليه السلام حينما أصيب بصره وأن عينيه ما
برئتا إلا بتفلته ، وأنه هو الذي أقعد إدريس عليه السلام في جنة الفردوس ، وأنه كان
مع موسى عليه السلام حين مناجاته لربه ، وأن عصا موسى مستمدة من عصاه ، وأنه كان مع
عيسى في المهد، وأنه هو الذي أعطى داود حسن الصوت في القراءة ، بل ادعى أفحش من ذلك
: ادعى أنه هو الله في الأبيات الثلاثة من قصيدته وأصرحها قوله :
أنا الواحد الفرد الكبير بذاته * * * أنا الواصف الموصوف شيخ
الطريقة
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، فأي كفر بعد هذا الكفر والعياذ
بالله ؟
فيا أيها الأخ المستفتي يكفيك من شر سماعه ، ويغنيك عن معرفة
تفاصيل تاريخ وسيرة القادرية ما في قصيدة شيخ هذه الطائفة من البهتان والكفر
والطغيان ، واجتهد في معرفة الحق من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
، وبيان السلف الصالح من الصحابة وتابعيهم للكتاب والسنة النبوية الصحيحة . مع
اعتقادنا أن الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي تنسب إليه هذه الطريقة بريء من هذه
القصيدة براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، وأتباعه يكذبون عليه كثيراً وينسبون إليه ما
هو بريء منه .
وبالله التوفيق " اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
4545
تريد الدخول في الإسلام والمركز الإسلامي فيه رجال فقط
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
سؤال رقم 4545: تريد الدخول في الإسلام والمركز الإسلامي فيه رجال فقط
أفكر بجدية بالتحول للإسلام ولكن المسجد في مدينتي فيه مسلمون رجال فقط فهل أذهب وأعلن إسلامي هناك أم أجد طريقة أخرى ؟
الجواب:
أولا : نريد أن نهنئك على تفكيرك الجادّ باعتناق الإسلام والدّخول في الدين الحقّ ، ولعلك تكونين ممن أراد الله بهم خيرا وكتبهم من أهل السعادة ، قال الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ) سورة الأنعام 125
ثانيا : إعلان الإسلام في مركز إسلامي ليس بواجب وربما يفيد في بعض المعاملات الرسمية أو يُحتاج إلى إثبات مكتوب مستقبلا ، وبناء عليه فيكفيك التلفظ بالشهادتين والبدء بأداء الشعائر التعبدية كالصلاة وتنفيذ ما أمر الله به ورسوله ، ونسأل الله أن يسبغ نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45456
هل يسجد المصلي للسهو في صلاة النافلة
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/4461)
سؤال رقم 45456- هل يسجد المصلي للسهو في صلاة النافلة
هل يصح سجود السهو في الصلاة المستحبة كصلاة النافلة ؟.
الحمد لله
يشرع سجود السهو في الصلاة النافلة كمشروعيته في الصلاة المكتوبة
سواء بسواء عندما يوجد سببه .
وإليه ذهب جمهور أهل العلم قديماً وحديثاً ، لعموم قول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ) رواه
مسلم (402)
ولأن جبر الصلاة وإرغام الشيطان يحتاج إليه في النفل كما يحتاج
إليه في الفريضة .
وذهب جماعة ، منهم ابن سيرين وقتادة وعطاء وجماعة من أصحاب
الشافعي إلى أن التطوع لا سجود فيه .
والراجح ما ذهب إليه الجمهور .
قال البخاري رحمه الله في صحيحه : باب السهو في الفرض والتطوع ،
وسجد ابن عباس رضي الله عنهما سجدتين بعد وتره . قال الحافظ في الفتح عن أثر ابن
عباس ، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح . اهـ .
ووجه الاستدلال بفعل ابن عباس أن الوتر غير واجب وسجد ابن عباس
فيه للسهو ، مما يدل على أن سجود السهو يكون في الفرض والنفل .
وقال الشيخ ابن عثيمين : سجود السهو سجدتان ، ويكون في الفرض
والنفل إذا وجد سببه . اهـ . مجموع فتاوى ابن عثيمين (14/68)
انظر كتاب سجود السهو في ضوء الكتاب والسنة المطهّرة . للشيخ عبد الله الطيّار .
*****
45470
الرد على استشهاد الكنيسة بالقرآن على بنوة عيسى لله
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4462)
سؤال رقم 45470- الرد على استشهاد الكنيسة بالقرآن على بنوة عيسى لله
قرأت استشهاد الكنيسة بآيات من القرآن الكريم بأن عيسى عليه السلام ابن الله ، ودليلهم على ذلك قالوا : لما كان الله وحده قال تعالى : ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا ) ، بصفة المفرد ، ولما خلق عيسى عليه السلام تغير أسلوب بعض الآيات إلى صيغة الجمع وضربوا مثلاً بالآية الشريفة : ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) و : ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ) وقالوا : الله تعالى تكلّم بصفة الجمع ، أي بمعنى ( الله وعيسى عليه السلام والروح القدس ) .
الحمد لله
"ليس في تنوع الأسلوب القرآني وإخبار الله تعالى عن نفسه مرّة
بصيغة الإفراد ، وأخرى بصيغة قد تستعمل في الجمع أحياناً ، وفي المفرد أحياناً على
وجه التعظيم ليس في ذلك دليل على بنوّة عيسى عليه السلام لله ، ولا على إلهيّته ،
وذلك لوجوه :
الوجه الأول :
أن تنوع الأسلوب في القرآن بالجمع والإفراد كان قبل أن يخلق الله
عبده عيسى عليه السلام وأمه مريم بآلاف السنين وحين خلقهما وبعد أن خلقهما ، فلا
أثر لوجودهما في تنوع الأسلوب ، بل ذلك لأمر آخر يتبين مما يأتي :
قال الله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ
صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ
خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) وقال : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ
مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ
أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ )
فجاء الأسلوب متنوعاً قبل أن يكون عيسى وأمه عليهما السلام ،
وقال تعالى : ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ ) إلى أن قال
: ( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً
قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ* وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْس ِ) إلى
أن قال : ) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً
لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ ) إلى أن قال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ
مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) . وقال
: ( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ) وقال في
خليله إبراهيم عليه السلام : ) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ
دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ
عَلِيّاً ) وقال في كليمه موسى عليه السلام : ( وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً) وقال : ( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى
نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) الآية ، وقال : ( وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا
وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ) وقال : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ
مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ ) الآيات ، وأمثالها من
الآيات تُنَوِّع في الأسلوب إفراداً وجمعاً في خلق عيسى ومخاطبته وقبل خلقه ، ومن
هذا يتبيّن أن الأسلوب لم تغيّر بعد خلق عيسى عليه السلام ليكون دليلاً على بنوّته
لله أو إلهيّته بل لأمر آخر يعرف من الوجه الثاني .
الوجه الثاني : أن كل من عرف لغة العرب وأسلوبهم في التعبير يعلم
أن ضمير التكلّم مثل كلمة (أنا) ، وتاء المتكلم يستعملها الفرد في الحديث عن نفسه ،
أما ضمير المتكلم (نحن) و (نا) فيستعملها الاثنان فأكثر ، وقد يستعلمها الفرد
العظيم أو المتعاظم إشعاراً بعظمته ، وسياق الكلام ومقتضى الحال وما احتف بالحديث
من القرائن هو الذي يرشد القارئ والسامع إلى المراد ويعين المقصود ، ومن خالف في
ذلك فهو إما جاهل عميت عليه الأنباء ، وإما معاند يريد التلبيس وتحريف الكلم عن
مواضعه ، إتباعاً للهوى ، ويأبى الله إلا أن يحق الحق بكلماته ولو كره المجرمون ،
يكشف ذلك الوجه الثالث .
الوجه الثالث : أن القرآن كتاب أحكمت آياته ، ثم فصلت من لدن
حكيم خبير ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، يفسر
بعضه بعضاً ويصدق بعضه بعضاً ، وقد قال تعالى فيه : (
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا *
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ
الْجِبَالُ هَدًّا *أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا *
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا )
وقال : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) وقال :
( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ
قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) فوجب على من آمن به أن يجمع بين آياته ، ولزم من استدل
بنصوصه أن ينصفه من نفسه ، فلا يستدل ببعضه ويعرض عن بعض ، وألا يلبس الحق بالباطل
ليضرب بعضه ببعض بغياً وعدواناً ترويجاً للباطل كما فعل أسلافهم اليهود بالتوراة ،
فأنكر الله عليهم ذلك بقوله : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ
بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا
اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) الآيات .
وعلى هذا لزم من استدل بالقرآن أن يستدل به على نفي بنوّة عيسى
عليه السلام لله وإلهيّته مع الله ، ويثبت وحدانية الله تعالى ، لما ذكر من الآيات
، ولقوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ
ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ
رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ
عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ *
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) الآيات . وأمثال
ذلك في القرآن كثير ، وإلا فليكفوا عن هذا التلاعب حتى لا يلزمهم العار ، ويضحكوا
العقلاء من أنفسهم ويحق فيهم المثل القائل : " ليس هذا
بعشك فادرجي" اهـ
من فتاوى اللجنة الدائمة (3/216-218).
*****
4548
هل هنالك خالق لهذا الكون
العقيدة > التوحيد > الربوبية >(1/4463)
سؤال رقم 4548- هل هنالك خالق لهذا الكون
هل تظن أن الكون قد خلقه ونظمه خالق عظيم وذكي وقوي ؟
الحمد لله
نشكرك على السؤال ، نريد أن نجيبك بمجموعة من الآيات في كتاب الله من كلام الله ثم أنت فكّر في الأمر بينك وبين نفسك فإذا تبين لك الحقّ فلا مناص من اتّباعه .
قال الله تعالى : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(36)أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ(37) سورة الطور
( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(164) سورة البقرة
( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(99) سورة الأنعام
( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(57) سورة الأعراف
( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ(30) سورة الأنبياء
( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) سورة النمل
( خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ(10) سورة لقمان
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطَِةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ(20) سورة لقمان
( وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(12) سورة فاطر
( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا(45)ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا(46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا(47)وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا(48)لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا(49) سورة الفرقان
( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا(53)وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا(54) سورة الفرقان
( وَءايَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ(33)وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ(34)لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ(35)سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ(36)وَءايَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ(37)وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(39)لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)وَءايَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41)وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ(42)وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ(43)إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ(44) سورة يس
( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ(57)أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ(58)ءأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ(59)نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ(60)عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ(61)وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فلَوْلا تَذَكَّرُونَ(62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ(63)ءأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ(64)لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ(65)إِنَّا لَمُغْرَمُونَ(66)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ(67)أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَالَّذِي تَشْرَبُونَ(68)ءأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ(69)لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ(70)أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ(71)ءأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ(72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ(73)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ(74)فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ(75)وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76)إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كَرِيمٌ(77) سورة الواقعة
( فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ(17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ(18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ(20) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(21) وَمِنْ ءايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ(22) وَمِنْ ءايَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(23) وَمِنْ ءايَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(24) وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تخْرُجُونَ(25) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ(26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) سورة الروم
( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مََ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ(62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(64) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(65) سورة النمل
هذه طائفة من الآيات البينات فيها جواب على سؤالك ونحن ندعوك إلى الانضمام إلى ركب المؤمنين والدخول في دين الإسلام الذي ارتضاه الله دينا للعالمين ، والسلام على من اتبع الهدى .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45494
بم تدرك الركعة ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/4464)
سؤال رقم 45494- بم تدرك الركعة ؟
إذا التحقت بالجماعة متأخراً والإمام راكع وركعت معه فهل تحتسب هذه الركعة مع أنني لم أقرأ سورة الفاتحة ؟.
الحمد لله
من أدرك الإمام راكعا ، فركع معه ، حسبت له ركعة ، في قول جمهور
العلماء ، ولو لم يقرأ الفاتحة . ويدل على ذلك ما رواه البخاري (750) عن أبي بكرة
أنه : انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر
ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " زادك الله حرصا ولا تعد ".
وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: " من لم يدرك الإمام راكعا
لم يدرك تلك الركعة " أخرجه البيهقي ، وصححه الألباني في إرواء الغليل 2/262
وقال ابن عمر: " من أدرك الإمام راكعا، فركع قبل أن يرفع الإمام
رأسه، فقد أدرك تلك الركعة " أخرجه البيهقي وصححه الألباني في المصدر السابق
2/263
وجاء نحو ذلك عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وعبد الله بن
الزبير ( انظر إرواء الغليل 2/264 ).
قال النووي رحمه الله في (المجموع 4/112) : ( وهذا الذي ذكرناه
من إدراك الركعة بإدراك الركوع هو الصواب الذي نص عليه الشافعي , وقاله جماهير
الأصحاب وجماهير العلماء , وتظاهرت به الأحاديث وأطبق عليه الناس , وفيه وجه ضعيف
مزيف أنه لا يدرك الركعة بذلك ...) اهـ .
وقال في عون المعبود (3/102) ( واعلم أنه ذهب الجمهور من الأئمة
إلى أن من أدرك الإمام راكعا دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئا من
القراءة . وذهب جماعة إلى أن من أدرك الإمام راكعا لم تحسب له تلك الركعة وهو قول
أبي هريرة ، وحكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة
خلف الإمام ، واختاره ابن خزيمة والصبغي وغيرهما من محدثي الشافعية ، وقواه الشيخ
تقي الدين السبكي من المتأخرين ورجحه المقبلي ) انتهى.
والراجح هو مذهب الجمهور لما سبق من الحديث والآثار .
والله أعلم .
*****
45513
حكم الزواج العرفي ، وهل يجوز للزوجة أن تنتقل لولي آخر بإرادتها؟
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
سؤال رقم 45513: حكم الزواج العرفي ، وهل يجوز للزوجة أن تنتقل لولي آخر بإرادتها؟
تعج بلدنا ببؤر الشر والفساد ، ويزداد الأمر سوءاً في الجامعات ، ولهذا السبب فإن الطلاب يتطلعون للزواج قبل تخرجهم ، لكن الأهل يمثلون أكبر عائق أمامهم ، وفيما يتعلق بالشاب فإننا نسمع أنهم لا يحتاجون لإذن من أوليائهم ، لكن بالنسبة للفتيات فنحن نروغ من هذا عن طريق التقدم بالخطبة ، وإذا تحجج والد إحداهن بسبب غير إسلامي ، مثلا : أنا لا أريدك أن تتزوجي الآن ، أنا لا تعجبني قبيلته ، أنا غير مسرور من بنطاله الوسيع أو لحيته أو دينه ، إذا كان الشاب سنيّاً صالحاً وكان ولي الفتاة على خلاف ذلك : فإننا نتركه ونذهب للجد أو الأخ ، وإذا رفض أي منهما فإننا نتمم الزواج بإذن أمير جماعتنا - جماعة الطلاب المسلمين - هل فعلنا هذا صحيح ؟ وكيف يتم ذلك بطريقة صحيحة ؟ أرجو أن توضح كل شيء حول هذه المسألة ؛ لأنها الطريقة الوحيدة ، وهذا الإجراء منتشر الآن بشكل واسع حولنا ، وإذا كان خطأ فكيف يتصرف أولئك الذين تزوجوا بهذه الطريقة وبعضهم له أبناء الآن ؟.
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير إذن وليِّها ، بل لا بد لها من
ولي لها يزوجها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو
داود ( 2085 ) وصححه الشيخ الألباني ؛
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل
فنكاحها باطل فنكاحها باطل ) رواه الترمذي وحسَّنه ( 1102 ) وأبو داود (
2083 ) ابن ماجه ( 1879 ) من حديث عائشة ، صححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840)
.
وقال الترمذي تعليقا عليه :
" والعمل على هذا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر
بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وغيرهم وهكذا روي عن بعض
فقهاء التابعين أنهم قالوا : لا نكاح إلا بولي ، منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري
وشريح وإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ، وبهذا يقول سفيان الثوري
والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي وأحمد وإسحق . انتهى .
وفي جواب السؤال ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي .
وفي جواب السؤال ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح .
ثانياً :
وقد أمر الله تعالى الأولياء أن يزوِّجوا من تحت ولايتهم من
النساء ، وأن لا يعضلوهن بمنعهن من النكاح لغير سبب شرعي ، قال سبحانه : (
وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ
عَلِيمٌ ) النور/32 .
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ألا يمتنعوا من
تزويج من ولاهم الله عليهن من النساء في حال تقدم الخاطب الصالح في دينه وخلقه فقال
: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد
عريض ) رواه الترمذي ( 1084 ) وحسَّنه ، حسنه الألباني في "إرواء الغليل"
(1868) .
وفي كل من الآية والحديث المذكورين دلالتان واضحتان وهما :
1. أن الشرع خاطبَ الوليَّ بالتزويج ، وهذا يدل على أن الأمر
متعلق به لا يتم النكاح إلا بأن يباشر هو تزويج موليته لخاطبها ، وما ذكرناه من
الأحاديث يوضح هذا ويؤكده .
2. أنه لا يحل للولي عضل موليته ومنعها حقها في النكاح وأن ذلك
من الظلم الذي يؤدي إلى الفساد الكبير في الدين والدنيا .
وإذا عمل كلٌّ من النساء وأوليائهن بمقتضى ذلك حصل الأمن الأسري
، وارتفع كثير من الشر والفساد في الدين والأخلاق .
فإن امتنع الولي من إعطائها حقها في الزواج بغير عذر شرعي : جاز
أن تتجاوزه إلى الولي الأبعد كأخيها الأكبر أو عمها أو جدها ، على أن يكون ذلك من
قبَل القاضي الشرعي ، لا من قبَلها هي ولا من قبَل أوليائها ، فإن تعذر الولي من
أهلها جاز أن يتولى تزويجها القاضي أو من في حكمه ؛ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها
قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها
باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) وسبق تخريجه وتصحيحه .
وبناء عليه فلا حرج على المرأة إن منعها وليها حقها في الزواج أن
ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي فيجعل الولاية لجدها أو عمها أو أخيها الأكبر .
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن مسألة قريبة من هذه فأجاب :
" لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ، فإن زوجت نفسها فنكاحها باطل
عند جمهور أهل العلم سلفاً وخلفاً ؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خاطب بالتزويج
أولياء أمور النساء قال : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ
مِنْ عِبَادِكُمْ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه
فزوجوه ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) .
أما ما ذكرت السائلة من أنها قرأت في بعض كتب الفقه أن المرأة
تزوج نفسها : فهذا قول مرجوح ، والصحيح الذي يقوم عليه الدليل خلافه .
وأما ما ذكرتْ من واقعتها وأن لها رأياً يخالف رأي أبيها لأن
أباها يريد لها زوجاً ذا حسب ونسب يكافئها ، وهي لا ترى ذلك ، وإنما تميل إلى أن
تتزوج شخصاً ترى أنه ذو دين وإن لم يكن ذا حسب ونسب ، فالحق مع أبيها في هذا ،
وأبوها أبعد منها نظراً ، فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح
، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها ، وإذا تحقق أن شخصاً غيره
يصلح لها ويكافئها في مقامه وحسبه ودينه وأبى أبوها أن يزوجها به : فإنه حينئذ يكون
عاضلاً وتنتقل الولاية إلى من بعده من بقية الأولياء ، ولكن هنا لابد فيه من مراجعة
القاضي لينقل الولاية من الأب العاضل إلى من بعده من بقية الأولياء ، وليس لها هي
أن تتصرف أو يتصرف أحد أوليائها بدون رضى أبيها ، لا بد من الرجوع إلى القاضي
الشرعي وهو ينظر في الموضوع وملابسات الواقعة ، وإذا رأى نقل الولاية إلى آخر نقلها
حسب المصلحة : فلا بدَّ من ضبط الأمور في الزواج . . . " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 242 ، 243 ) .
ثالثاً :
ومن تزوجت بطريقة غير شرعية ، كأن تتزوج المرأة من غير ولي :
فنكاحها فاسد ، ويجب التفريق بينهما فوراً ، والأبناء ينسبون إلى من تزوجها إن
كانوا يظنون أن ما فعلوه جائزاً ، فإن كانوا يعلمون بطلان نكاحهم فلا ينسب الأبناء
إلا إلى أمهم .
ولهذا النكاح الباطل مفاسد كثيرة تترتب عليه ، منها : ضياع حقوق
المرأة ؛ لعدم وجود ما يثبت هذا النكاح ، فلا يثبت لها مهر ، ولا نفقة به . ومنها :
انتشار الرذائل والفساد في المجتمعات ، وخاصة الطلابية منها ؛ إذ يمكن من خلال هذه
العقود الفاسدة أن تدَّعي كل امرأة حامل ، أو رجل وامرأة وُجدا في وضع مشين ، أنهما
متزوجان زواجاً عرفيّاً . ومنها : أنه لا يمكن من خلال هذا الزواج إثبات نسب
الأولاد حال وجودهم - كما ذكرنا - ؛ وهو ما يعني ضياعهم وضياع نسبهم .
والسبيل إلى تصحيح هذا الوضع : هو بالذهاب إلى الولي ومصارحته
بما حصل ، ثم يتم العقد مرة أخرى بموافقته ، فإن لم يوافق فُرِّق بينهما .
والله أعلم .
*****
45514
هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الجماع بدون أي غطاء ؟
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور >(1/4465)
سؤال رقم 45514- هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الجماع بدون أي غطاء ؟
سمعت أن علاقة المواقعة بين الزوجين غير جائزة إذا مورست دون تغطية بملاءة أو بطانية ؛ لأن الملائكة الموجودين يخجلهم ويهينهم جسدا الزوجين العارييْن وهما في وضع المواقعة ، لذلك يجب على الزوجين تغطية جسديهما ببطانية خلال المواقعة ويجب ألا يكشفا عن جسديهما ، فهل هذا صحيح ؟.
الحمد لله
التحريم حكم شرعي لا يصح أن ينسب إلى الشرع إلا بدليل شرعي ثابت
من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وجمهور العلماء من الحنفية
والشافعية والمالكية على جواز التجرد من الثياب حال الجماع بين الزوجين ، وقد ذهب
الحنابلة إلى كراهة التجرد من الثياب وعدم الاستتار حال الجماع ، مستدلين لذلك
بأحاديث ، لكن لا يصح منها شيء ، ومنها :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( إذا أتى أحدُكم أهله فليستتر , فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت ,
فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيب ) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 63 ) ، والبزار وضعَّفه – كما في "
نصب الراية " ( 4 / 247 ) - .
2. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله فليستتر , ولا يتجرد تجرد العيرين ) .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 196 ) والبيهقي – وضعَّفه - ( 7 /
193 ) ، وفيه : مندل بن علي ، وهو ضعيف .
ورواه ابن ماجه ( 1921 ) من حديث عتبة بن عبد الله السلمي , وقد ضعفه الألباني
في " إرواء الغليل " ( 2009 ) .
3. عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( إذا أتى أحدكم أهله فليستر عليه وعلى أهله , ولا يتعريان تعري الحمير ) .
رواه الطبراني ( 8 / 164 ) ، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف كما في " مجمع الزوائد
" ( 4 / 293 ) .
وإذا ثبت ضعف هذه الأحاديث فلا يصح الاستدلال بها على وجوب
الاستتار ، والمنع من التعري أثناء الجماع ، والأصل : حل الاستمتاع بين الزوجين في
النظر واللمس .
وقد استدل جمهور العلماء على الجواز بحديث بهز بن حكيم عن أبيه
عن جده قال : قلت : يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : ( احفظ
عورتك إلا من زوجتك , أو ما ملكت يمينك ) قلت : يا رسول الله , أرأيت إن كان القوم
بعضهم من بعض ؟ قال : ( إن استطعت ألا تريها أحدا فلا ترينها ) قلت : يا رسول الله
, فإن كان أحدنا خاليا , قال : ( فالله أحق أن يستحيا منه من الناس ) .
رواه الترمذى (2794) وحسَّنه ، وابن ماجه ( 1920 ) , وحسنه الألباني في صحيح
الترمذي .
واستدلوا أيضاً بحديث ضعيف ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والتعري , فإن معكم من لا
يفارقكم إلا عند الغائط , وحين يفضي الرجل إلى أهله , فاستحيوهم وأكرموهم ) .
رواه الترمذي ( 2800 ) ، وفيه ليث بن أبي سليم ، وكان قد اختلط ، وضعفه الألباني
في " إرواء الغليل " ( 64 ) .
والخلاصة : أنه لم يصح حديث في النهي عن التعري والتجرد من
الثياب حال جماع الزوجين ، وأن الأصل هو الحل ، وقد ثبت ما يؤيد هذا الأصل .
والله أعلم .
*****
45518
متى يقال " الصلاة خير من النوم " في الأذان الأول أم الثاني ؟
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
الفقه > عبادات > الصلاة > الأذان >(1/4466)
سؤال رقم 45518- متى يقال " الصلاة خير من النوم " في الأذان الأول أم الثاني ؟
قد كشف أحد المشايخ عما يقال إنه حقيقة مذهلة أن لفظة " الصلاة خير من النوم " في أذان الفجر بدعة ؛ لأن بلالاً كان يورد هذه اللفظة في أذان التهجد ، غير أن ابن مكتوم كان ينادي لأذان الفجر ولم يكن يذكرها .
والدليل الثاني : أنه بمعنى هذه الكلمات فالمرء يحاول أن يقارن النوم بصلاة الفجر ، وهذا مما لا يجب ، فإذا كان مدرسي على حق فلماذا يعمل بذلك في مكة والمدينة ؟.
الحمد لله
ورد التثويب في أذان الفجر وهو قول : " الصلاة خير من النوم " في
عدد من الأحاديث الصحيحة ، وقد ذُكر في بعضها التثويب في الأذان الأول مجملاً دون
بيان ما هو المقصود بالأذان الأول ، هل هو الأذان الذي يكون قبل الفجر أم أنه هو
أذان الفجر ذاته ، ومن هذه الأحاديث :
1- عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : كنت أؤذن لرسول الله صلى
الله عليه وسلم , وكنت أقول في أذان الفجر الأول : " حي على الفلاح ، الصلاة خير من
النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله " .
رواه أبو داود ( 500 ) والنسائي ( 647 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان في الأذان الأول بعد
الفلاح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
أخرجه الطحاوي ( 1 / 82 ) بسند حسن كما قال الحافظ في " التلخيص
" ( 3 / 169 ) .
" الثمر المستطاب " ( ص 131 ) .
وعلى هذه الأحاديث اعتمد من قال : إن التثويب في أذان الفجر يكون
في الأذان الأول الذي يكون في آخر الليل ، والصحيح أنه يكون في الأذان الذي يكون
بعد دخول وقت الصلاة . وذلك لأمور :
أ. أن لفظة " الأول " تعني الأول بالنسبة للإقامة ، وتكون
الإقامة هي الأذان الثاني ، وقد ورد في السنة الصحيحة تسمية الإقامة أذاناً ، وذلك
في قوله صلى الله عليه وسلم : ( بين كل أذانين صلاة ) رواه البخاري ( 598 )
ومسلم ( 838 ) .
وجاء في صحيح مسلم ( 739 ) تسمية الأذان الذي يكون بعد دخول
الوقت بالأذان الأول ، وذلك فيما حدثته عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم قالت : ( كان ينام أول الليل ويحيي آخره ، ثم إن كانت له حاجة إلى
أهله قضى حاجته ثم ينام فإذا كان عند النداء الأول قالت : وثب فأفاض عليه الماء ،
وإن لم يكن جنبا توضأ وضوء الرجل للصلاة ثم صلى الركعتين ) .
والمقصود بالركعتين : سنة الفجر الراتبة . قاله النووي في "شرح
مسلم" .
ب. جاء التصريح في بعض الأحاديث الصحيحة أن هذا التثويب يقال في
" أذان صلاة الصبح " و " أذان الفجر " و " وصلاة الغداة " وهي ألفاظ تدل على أن
التثويب يكون بعد دخول وقت الصلاة والآذان الذي يكون آخر الليل يكون قبل دخول وقت
الصلاة ، ومن هذه الأحاديث :
1- عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله علِّمني
سنة الأذان ، قال : فمسح مقدم رأسي وقال : تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر ... فإن كان صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم , الصلاة خير من النوم
.
وفي رواية أخرى نحو هذا الخبر وفيه : ( الصلاة خير من النوم
الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ) .
رواه أبو داود ( 501 ) والنسائي ( 633 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي
داود " .
وفي رواية أخرى عند أبي داود ( 504 ) من حديث أبي محذورة رضي
الله عنه : ( وكان يقول في الفجر الصلاة خير من النوم ) وصححها الشيخ الألباني في "
صحيح أبي داود ".
2- عن أنس رضي الله عنه قال : من السنة إذا قال المؤذن في أذان
الفجر : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ( مرتين )
.
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
أخرجه الدارقطني ( 90 ) وابن خزيمة في " صحيحه " والبيهقي في "
سننه " ( 1 / 423 ) ، وقال : " إسناده صحيح " .
ثم أخرجه الدارقطني والطحاوي أيضا ( 1 / 82 ) من طريق هشيم عن
ابن عون به بلفظ : ( كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن : حي على الفلاح
قال : الصلاة خير من النوم ) ( مرتين ) ، وهذا اللفظ رواه ابن السكن وصححه كما في "
التلخيص " ( 3 / 148 ) .
" الثمر المستطاب " ( ص 132 ) .
ففي هذه الأحاديث : أن التثويب يكون في أذان صلاة الصبح .
والأذان الذي يكون للصلاة هو الذي يكون بعد دخول الوقت ، لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) متفق عليه .
وأما الأذان الذي يكون في آخر الليل فليس أذاناً لصلاة الصبح ,
وإنما هو ( ليرجع القائم ويوقظ النائم ) كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم
في الصحيحين . وبهذا يتبين أن التثويب في الأذان الذي يكون بعد دخول وقت الصلاة ليس
بدعة بل هو السنة .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما المانع من الإتيان بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في
التثويب في الأذان الأول للفجر كما جاء في سنن النسائي وابن خزيمة والبيهقي ؟
فأجابوا :
" نعم ، ينبغي الإتيان بالتثويب في الأذان الأول للفجر امتثالا
لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وواضح من الحديث أنه الأذان الذي يكون عند طلوع
الفجر الصادق ، وسمي أولاً بالنسبة للإقامة ، فإنها أذان شرعاً ، كما في حديث : (
بين كل أذانين صلاة ) ، وليس المراد بالأذان الأول ما ينادى به قبل ظهور الفجر
الصادق ؛ فإنه شرع ليلاً ليستيقظ النائم ، وليرجع القائم ، وليس أذاناً للإعلام
بالفجر ، ومن تدبر أحاديث التثويب لم يفهم منها إلا أن التثويب في أذان الإعلام
بوقت الفجر لا الأذان الذي يكون ليلا قبيل الفجر " انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله
بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 6 / 63 ) .
وانظر تفصيلاً علميّاً في الرد على من قال إن التثويب يكون في
الأذان الذي قبل دخول وقت الصلاة للشيخ العثيمين رحمه الله في كتاب "الشرح الممتع"
( 2 / 61 – 64 ) .
وأما قول مدرسك : إنه بهذا يقارن المرء بين النوم وصلاة الفجر!
فهذا ليس بصحيح , لأن هذا اللفظ هو خبر بأن الصلاة خير من النوم
, وفي ذلك حث للنائم أن يترك النوم ويقوم إلى ما هو خير .
والله أعلم .
*****
45519
هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة
الفقه > معاملات > العدة >(1/4467)
سؤال رقم 45519- هل للمتوفى عنها زوجها أن تسافر للحج في فترة العدة
امرأة توفي زوجها ، وتريد أن تسافر للحج وهي في فترة العدة ، فهل يجوز لها ذلك ؟ مع العلم أنها قد حجت حجة الإسلام .
الحمد لله
الواجب على من توفي زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام ، لقول
الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) البقرة/234 .
وخلال فترة العدة يلزمها الإحداد على زوجها .
روى البخاري (1280) ومسلم (1486) عن أُمِّ حَبِيبَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ
تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ
عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) .
وقد سبق في جواب السؤال ( 13966 ) بيان الأشياء التي يجب على
المتوفى عنها زوجها أن تتجنبها في فترة العدة .
ومنها : الخروج من البيت .
فإنها لا تخرج بالنهار إلا لحاجة ، ولا تخرج ليلاً إلا لضرورة .
وخروجها للحج لا يعتبر ضرورة ، لا سيما والمرأة المسئول عنها قد
حجت الفريضة .
بل ذكر العلماء رحمهم الله أنها لا يجوز لها الخروج لحج الفريضة
.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني" (11/303-305) :
" الْمُعْتَدَّة مِنْ الْوَفَاةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ
إلَى الْحَجِّ , وَلا إلَى غَيْرِهِ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَعُثْمَانَ ,
رضي الله عنهما . وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَالْقَاسِمُ ,
وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ,
وَالثَّوْرِيُّ .
وَإِنْ خَرَجَتْ , فَمَاتَ زَوْجُهَا فِي الطَّرِيقِ , رَجَعَتْ
إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً ; لأَنَّهَا فِي حُكْمِ الإِقَامَةِ , وَإِنْ تَبَاعَدَتْ ,
مَضَتْ فِي سَفَرِهَا . وَقَالَ مَالِكٌ : تُرَدُّ مَا لَمْ تُحْرِمْ .
ويدل عَلَى وُجُوبِ الرُّجُوعِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً , مَا
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : تُوُفِّيَ
أَزْوَاجٌ , نِسَاؤُهُنَّ حَاجَّاتٌ أَوْ مُعْتَمِرَاتٌ , فَرَدَّهُنَّ عُمَرُ مِنْ
ذِي الْحُلَيْفَةِ , حَتَّى يَعْتَدِدْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ . . .
وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهَا حِجَّةُ الإِسْلامِ , فَمَاتَ
زَوْجُهَا , لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ فِي مَنْزِلِهَا وَإِنْ فَاتَهَا الْحَجُّ ;
لأَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْمَنْزِلِ تَفُوتُ , وَلا بَدَلَ لَهَا , وَالْحَجُّ
يُمْكِنُ الإِتْيَانُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْعَامِ " انتهى باختصار وتصرف
يسير .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (29/352) :
" ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ
وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ خُرُوجُ
الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ إلَى الْحَجِّ , لأَنَّ الْحَجَّ لا يَفُوتُ ,
وَالْعِدَّةُ تَفُوتُ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة توفي عنها زوجها
وأدركها حج الفريضة ، وهي في الحداد وهي مستطيعة وقادرة وعندها محرم هل تحج أو لا ؟
فأجاب :
" لا تحج ، بل تبقى في بيتها ، وفي هذه الحال لا يجب عليها الحج
، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . وهذه المرأة لا تستطيع
شرعاً ، وإن كان معها محرم ، وتؤجل إلى السنة الثانية ، أو الثالثة حسب استطاعتها " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/68) .
*****
45520
تشعر بالانجذاب نحو شخص آخر غير زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4468)
سؤال رقم 45520- تشعر بالانجذاب نحو شخص آخر غير زوجها
أنا امرأة متزوجة ولي أطفال وزوجي يحسن معاملتي ويهتم بي كثيراً ، لكني أصبحت أجد نوعاً من الانجذاب لأحد أقارب زوجي ، والمذكور يصغرني في السن 10 سنوات تقريباً ، وكنت أعرف أنه قد وقع في حبي منذ مدة ، لقد أخبرته أن الأمر غير مطروح لكن مشاعره تجاهي تنامت أكثر وأكثر ، وقد طلبت منه أن يصلي الاستخارة ويسأل الله الإرشاد ففعل وصلى الاستخارة ثلاث مرات ، وفي جميع المرات الثلاث حصل على نتيجة إيجابية تجاهي ، أنا لا أقابله لكني أعلم أنه شاب محترم وصادق جدّاً ، وقد أخذت مشاعري تتنامى تجاهه أيضاً لكني أحاول إخفاءها دائماً ، هل يجوز أن أستخير وأنا متزوجة ؟ وكيف نتصرف ؟ أرجو أن تدعو لي وأن تساعدني في هذا الوضع الصعب جدّاً ، فأنا لا أريد أن أسبب المعاناة لزوجي وعائلتي.
الحمد لله
فقد جعل الله تعالى الرجال يميلون إلى النساء , والنساء تملن إلى
الرجال ، وهذا الميل منه ما يترجم إلى علاقة محرمة كالزنا ، ومنه ما يترجم إلى
علاقة شرعية وهو الزواج ، وقد جعل الله تعالى الزوجة ستراً لزوجها وجعل الزوج ستراً
لزوجته ، قال الله تعالى : ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) البقرة/187 ، ثم إن من النعم التي يخص الله تعالى بها بعض
الأزواج أن يجعل بينهم المودة والرحمة , ويوفق كلا منهما لما يكون سببا في الألفة
ونبذ الفرقة والشحناء في الأسرة ، وهذه نعمة عظيمة جدّاً لا يشعر بقيمتها إلا من
اضطربت عندهم العلاقة الأسرية , ودخل بينهم الشقاق والنزاع الذي يحوِّل العلاقة
الزوجية إلى جحيم لا يطاق ؛ فعند ذلك يصبح كلٌّ من الزوجين يحلم بالاستقرار الأسري
حلماً ، وتصبح أمنية الرجل زوجةً يهنأ معها في عيشه ، وأمنية المرأة رجلا تهنأ معه
في عيشها .
ويفهم من سؤالكِ أن الله قد امتنَّ عليك بهذه النعَم كلها ،
فالواجب عليك هو شكر الله على هذه النعم العظيمة والمحافظة عليها وعلى الأسرة التي
رزقك الله إياها والتي يتمنى ملايين النساء أن تكون في مثل الحال الطيبة التي أنتِ
فيها وأنتِ لا تشعرين بقيمتها .
واعلمي أن المرأة لا يجوز لها أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها ,
وإذا كانت متزوجة كانت هذه العلاقة بينها وبين ذلك الرجل أشد تحريماً , لأن فيها
اعتداء على حق الزوج وشرفه وعرضه .
وعليه : فلا يجوز لكِ ولا لذلك العشيق المجرم أن تصليا صلاة
الاستخارة ؛ وذلك أن الاستخارة إنما تشرع في أمر لم يتبين خيره من شره ، ولا يدري
المسلم عن مصلحته فيه ، فيستخير حتى يوفقه الله للخير إن كان خيراً أو يصرفه عنه إن
كان شرّاً ، أما أن يستخير المسلم في معصية الله ومخالفة أوامره سبحانه فهذه معصية
تستوجب التوبة إلى الله منها .
وبيان ذلك : أن المرأة حين تستخير في الزواج من غير زوجها وهي
على ذمة زوجها فإنها في حقيقة الأمر تستخير في هدم بيتها وأسرتها ، وتستخير في
تشريد أطفالها ، وتستخير في الطلاق من زوج أحسن إليها واهتم بها اهتماماً كبيراً ،
فهي تستخير في خيانته وطعنه في ظهره بأن تشتت أسرته وليكون خراب بيته وبيتها على
يديها ، وهي تستخير في مقابلة المعروف الكبير والخير الكثير بالإساءة الشديدة
والتنكر لصاحب المعروف وجحد حقه .
فكل هذه الأمور وغيرها كثير هي فحوى الاستخارة التي قمت بها .
وأما النتيجة الإيجابية التي تقولين إن صاحبك حصل عليها ! فلا شك
أنها تزيين من الشيطان واتباع لهوى النفس , وليس للمسلم أن يستخير على فعل شيء محرم
, فكيف يستخير ثم يزعم أنه حصل على نتيجة إيجابية ؟!
ثم إن المسلم بعد صلاة الاستخارة يعزم على أحد أمرين : إما الفعل
, وإما الترك , فما يسره الله له فهو الخير , وأما أن ينتظر انشراح الصدر أو أن يرى
رؤيا ونحو ذلك ، فهذا في الغالب أمور وهمية , لا ينبني عليها حكم شرعي .
وبناء على ما سبق : فإنه يجب عليك أن تصرفي عنك كل وساوس الشيطان
المتعلقة بهذا الموضوع وألا تجعلي للشر سبيلا عليك وعلى أسرتك وعلى أبنائك ، واعلمي
أنكِ وقعت في مكيدة شيطانية بأن زينكِ الشيطان لهذا الشاب وزيَّنه لك حتى يحقق
فيكما أكبر ما يحلم به وهو خراب بيت مسلم آمن مستقر ، وطلاق زوجين متحابين متآلفين
، وتشريد أطفالكما .
فاقطعي حبل الشيطان بألا تفتحي المجال لهذا الشاب أن يخرب حياتك
وأسرتك واقطعي كل طريق يمكن أن يؤدي إلى بقاء محل له في حياتك .
ومما يعينك على صرف هذه الوساوس الشيطانية أن تجيبي بينك وبين
نفسك بصدق على هذه التساؤلات :
1. هذا الشاب لو كان رجلا صالحا فكيف يرضي أن يخرب بيت أخيه
المسلم ويشتت له أسرته ؟
2. لو كان هذا الإنسان يحبك حقيقة فلماذا يسعى في خراب بيتك
ودمار أسرتك ؟ فهل هو يحبك أم يحب نفسه ولا ينظر إلا إلى مصلحة شهوته ؟
3. لو أنه حصل ما تمناه هذا الشاب وتم طلاقك من زوجك – لا قدر
الله – فما هو مصير أبنائك الذين هم من الرعية والأمانة التي سيسألك الله عنها يوم
القيامة ؟
4. ما الذي يضمن لك أن تكون معاملة هذا الشاب لك بعد الزواج
ومشاعره كما هي الآن ؟ مع العلم أن كثيراً من الأسر التي بنيت على العشق كان مصيرها
الفشل بعد أشهر قليلة من الزواج لأنها بنيت على أساس هش غير مبني على رضى الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم .
5. وهل تتوقعين أن تبقى الثقة بينكما دائماً بعد زواجكما ؟ فإذا
كان أحبك وأنت متزوجة ، فمن أين لكِ أن لا يحب غيرك وهي متزوجة – أو غير متزوجة - ؟
وكيف سيثق بكِ إن كنتِ هدمتِ بيتك من أجله ، وقد تتكرر الصورة مرة أخرى وأنتِ على
ذمته ، فستبقى الشكوك مصدر قلق لكليكما ، فكلاكما رضي بالحرام ولم تمتنعوا من إقامة
علاقة محرمة مع وجود عقد شرعي بينك وبين زوجك ، فمن يضمن له أنكِ لن تعيدي الكرَّة
مرة أخرى ؟
أما طلبك الدعاء ، فأسأل الله العلي العظيم بمنه وكرمه أن ييسر
لك الخير ويصرف عنك كل شر وأن يديم عليك وعلى أسرتك نعمة الاستقرار والمحبة وأن
يحفظ لك زوجك وأبناءك ويبعد عنك وساوس الشيطان وتزيينه للباطل .
والله أعلم .
*****
45525
ما هي الفرقة القاديانية ؟ وهل يجوز للمسلم التزوج منهم ؟
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/4469)
سؤال رقم 45525- ما هي الفرقة القاديانية ؟ وهل يجوز للمسلم التزوج منهم ؟
أريد أن أعرف معلومات عن " الفقه الأحمدي " ؛ لأن أحد أصدقائي أخذ يحب فتاة أحمدية ، مع أني أخبرته أن فعله خطأ لكنه أصبح يحبها حبّاً شديداً الآن . أنا أريد الجواب لأقدمه إليه .
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 4060 ) بيان كفر هذه الطائفة المسماة " الأحمدية " أو " القاديانية " أتباع الميرزا غلام
أحمد ، وفي الجواب تجد ذِكر عقائدهم الكفرية وأقوال العلماء فيهم .
وعليه : لا يجوز لمسلم أن يتزوج منهم ، ولا أن يزوِّجهم ؛ لأنهم
كفار مرتدون ، وقد قال الله تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى
يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا
تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ
مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ
يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221 .
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 99) :
" أي ( وَلا تَنْكِحُوا ) النساء ( الْمُشْرِكَاتِ ) ما دمن على
شركهن ( حَتَّى يُؤْمِنَّ ) لأن المؤمنة - ولو بلغت من الدمامة ما بلغت - خير من
المشركة , ولو بلغت من الحسن ما بلغت , وهذه عامة في جميع النساء المشركات ،
وخصصتها آية المائدة في إباحة نساء أهل الكتاب ، كما قال تعالى : (
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) . . . ثم ذكر تعالى الحكمة
في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة , لمن خالفهما في الدين فقال : ( أُولَئِكَ
يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي : في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم , فمخالطهم على خطر
منهم , والخطر ليس من الأخطار الدنيوية , إنما هو الشقاء الأبدي " انتهى .
وإذا كان صديقك هذا على علاقة محرمة فعليك أن تبين له حرمة هذه
العلاقة ، وأنه لا يجوز لمسلم أن يختلي بأجنبية ولا أن يصافحها ولا أن يراسلها ،
وأنه لا يستطيع أن ينهي هذه العلاقة بالزواج بسبب حرمة التزوج من المرتدات ، وليبحث
عن صاحبة الدين التي تحفظ له دينه ، وتعينه على طاعة ربه ، ويأمنها على ولده وذريته
.
والله أعلم .
*****
45527
في بلادهم يُعطى الزوج مهراً!
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >(1/4470)
سؤال رقم 45527- في بلادهم يُعطى الزوج مهراً!
أريد أن أسأل عن شيء يتعلق بالمهر ، ويحصل ذلك في بعض البلاد ، خاصة في الولايات الهندية ( مثل كيرلا ، وتاميل نادو .. الخ) ، فمثلاً : نحن نعطي عريس أختنا مئة ألف روبية و75 بافن من الذهب ( حيث يعادل البافن الواحد 4 غرامات من الذهب ) وهذا يحصل بشكل واسع في ولايتنا بين المسلمين ، وأريد أن أعرف ما إذا كان ذلك جائزاً في الإسلام أن يطلب أو يعطى هذا القدر الكبير من المال والذهب ، أريد أن أخبرك المزيد حول هذا الموضوع : مئة ألف روبية و75 بافن هو أقل مهر في كيرلا ، إلا أن المهر فيما بين العوائل الغنية هو خمسمائة ألف روبية و500 بافن وسيارة أجنبية الصنع إضافة إلى قطعة أرض .. الخ .
هل هذا يجوز ؟ وهل تقترح لنا حلا للمشكلة ؟.
الحمد لله
أمر الله عز وجل في كتابه الكريم الأزواجَ من الرجال بأن يعطوا
النساء مهورهن , فقال عز وجل : ( وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/4 .
قال الطبري رحمه الله :
" يعني بذلك تعالى ذِكره : وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة
وفريضة لازمة " .
وقال أيضاًَ :
" عن قتادة : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) يقول : فريضة ، وعن
ابن جريج : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال : فريضة مسماة ، وعن ابن زيد في قوله
( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) قال : النِّحلة في كلام العرب : الواجب " انتهى .
" تفسير الطبري " ( 4 / 241 ) .
فالله تعالى قد أوجب المهر على الرجل أن يُعطيه للمرأة وليس
العكس ، وهذا الذي دلت عليه نصوص القرآن ، ونصوص السنَّة النبويَّة أيضا ، ومن ذلك
مارواه البخاري عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت :
يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقام رجل فقال : يا رسول الله
زوِّجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة ، فقال : هل عندك من شيء تُصدقها ؟ قال : ما عندي
إلا إزاري هذا ، قال : فالتمس ولو خاتماً من حديد , فالتمس فلم يجد شيئاً ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل معك من القرآن شيء ؟ قال : نعم ، سورة كذا وسورة
كذا ، فقال : زوجتُكها بما معك من القرآن .
رواه البخاري ( 4741 ) ومسلم ( 1325 ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
" فيه : أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله " هل عندك من شيء
تصدقها ؟ " ، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يطأ فرجاً بغير ذكر صداق .
وفيه : أن الأولى أن يذكر الصداق ، فلو عقد بغير ذكر صداق صح (
العقد ) ووجب لها مهر المِثل ( أي : مثلها من النساء) بالدخول " انتهى .
" فتح الباري " ( 9 / 211 ) بتصرف .
فالقرآن والسنة وإجماع أهل العلم يدل على أن المهر يدفعه الزوج
للزوجة ليس العكس ، وهذا الذي يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية ، فكيف يكون للرجل
قوامة على المرأة وهي التي دفعت له مهراً ؟! واللهُ تعالى جعل إنفاق المال من الزوج
من أسباب قوامة الرجل على المرأة ، قال سبحانه : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 .
وبعد هذا الإنفاق من الزوج كثيراً ما تشعر الزوجة بالعبء الذي
تحمَّله زوجها , فتتنازل عن مهرها أو عن جزء منه عن طيب نفس منها , فلا حرج على
الزوج من أخذه ، لقوله تعالى : ( وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/4 .
فهذا المال الذي تدفعه المرأة للرجل مهراً له ليتزوجها مخالف
للدين والفطرة والعقل والطبيعة البشرية ، هذا إذا كان قليلا , فكيف والحال كما
تذكرين ؟!
أما الحل فلا بد أن تتضافر جهود العلماء والدعاة ووسائل الإعلام
والإرشاد في بلادكم للحد من هذه المعضلة ، ومن ثم معالجتها ، واستبدالها بما يوافق
الشرع الحنيف الذي جاء بما يوافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها .
والله أعلم .
*****
45528
الفوائد الطبية من ختان البنات
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/4471)
سؤال رقم 45528- الفوائد الطبية من ختان البنات
أرجو أن توضح لي الفوائد الطبية من ختان البنات ؟.
الحمد لله
إن الله تعالى كما خلق الخلق فإنه سبحانه تكفل بما يصلحهم في أمر
دينهم ودنياهم فأرسل لهم الرسل وأنزل الكتب ليدل البشر على الخير ويحثهم عليه
ويعرفهم الشرَّ ويحذرهم منه .
ولربما أمر الشرع بأمر أو نهى عن شيء لم تظهر للناس - أو لكثير
منهم - حكمة الشرع من هذا الأمر أو النهي ، فحينئذ يجب أن نمتثل الأمر ونجتنب النهي
ونتيقن أن في شرع الله الخير كل الخير ولو لم تظهر لنا الحكمة منه .
إن الختان من سنن الفطرة كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
: ( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار
وقص الشارب ) رواه البخاري ( 5550 ) ومسلم ( 257 ) .
ولا شك أن سنن الفطرة كلها من الأمور التي ظهرت بعض حكمة الشرع
المطهر فيها ، والختان كذلك ، ظهرت له الفوائد الجليلة التي تسترعي الانتباه لها
ومعرفة حكمة الشرع منها.
وفي جواب السؤال رقم ( 9412 ) تكلمنا عن الختان ؛ كيفيته
وأحكامه ، وفي جواب السؤال رقم ( 7073 ) بيَّنا فوائد الختان الصحية والشرعية عند الذكور .
والختان مشروع في حق الذكر والأنثى ، والصحيح أن ختان الذكور
واجب وأنه من شعائر الإسلام ، وأن ختان النساء مستحب غير واجب .
وقد جاء في السنة ما يدل على مشروعية الختان للنساء فقد كان في
المدينة امرأة تختن فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنهكي ؛ فإن ذلك أحظى
للمرأة وأحب إلى البعل ) رواه أبو داود ( 5271 ) وصححه الشيخ الألباني في "
صحيح أبي داود " .
ولم يشرع الختان للإناث عبثا ، بل له من الحكم والفوائد الشيء
العظيم .
وفي ذكر بعض هذه الفوائد يقول الدكتور حامد الغوابي :
- " .... تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ
ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى إلتهاب المهبل أو الإحليل ، وقد رأيت حالات
مرضية كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات .
- الختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو
بحيث يبلغ طوله 3 سنتيمترات عند انتصابه وهذا مزعج جدّاً للزوج ، وبخاصة عند الجماع
.
- ومن فوائد الختان : منعه من ظهور ما يسمى بإنعاظ النساء وهو
تضخم البظر بصورة مؤذية يكون معها آلام متكررة في نفس الموضع .
- الختان يمنع ما يسمى " نوبة البظر " ، وهو تهيج عند النساء
المصابات بالضنى [ مرض نسائي ] .
- الختان يمنع الغلمة الشديدة التي تنتج عن تهيج البظر ويرافقها
تخبط بالحركة ، وهو صعب المعالجة .
ثم يرد الدكتور الغوابي على من يدَّعي أن ختان البنات يؤدي إلى
البرود الجنسي بقوله :
" إن البرود الجنسي له أسباب كثيرة ، وإن هذا الإدعاء ليس
مبنيّاً على إحصائيات صحيحة بين المختتنات وغير المختتنات ، إلا أن يكون الختان
فرعونيّاً وهو الذي يُستأصل فيه البظر بكامله ، وهذا بالفعل يؤدي إلى البرود الجنسي
لكنه مخالف للختان الذي أمر به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لا تنهكي
) أي : لا تستأصلي ، وهذه وحدها آية تنطق عن نفسها ، فلم يكن الطب قد أظهر شيئا عن
هذا العضو الحساس [ البظر ] ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه .
عن مجلة " لواء الإسلام " عدد 7 و 10 من مقالة بعنوان : " ختان البنات " .
وتقول الطبيبة النسائية ست البنات خالد في مقالة لها بعنوان : "
ختان البنات رؤية صحية " :
الختان بالنسبة لنا في عالمنا الإسلامي قبل كل شيء هو امتثال
للشرع لما فيه من إصابة الفطرة والاهتداء بالسنة التي حضت على فعلها ، وكلنا يعرف
أبعاد شرعنا الحنيف وأن كل ما فيه لا بد أن يكون فيه الخير من جميع النواحي ، ومن
بينها النواحي الصحية ، وإن لم تظهر فائدته في الحال فسوف تعرف في الأيام القادمة
كما حدث بالنسبة لختان الذكور ، وعرف العالم فوائده وصار شائعا في جميع الأمم
بالرغم من معارضة بعض الطوائف له .
ثم ذكرت الدكتورة بعض فوائد الختان الصحية للإناث فقالت :
- ذهاب الغلمة والشبق عند النساء ( وتعني شدة الشهوة والانشغال
بها والإفراط فيها ) .
- منع الروائح الكريهة التي تنتج عن تراكم اللخن (النتن) تحت
القلفة .
- انخفاض معدل التهابات المجاري البولية .
- انخفاض نسبة التهابات المجاري التناسلية .
عن كتاب : " الختان " للدكتور محمد علي البار .
وقد جاء في كتاب " العادات التي تؤثر على صحة النساء والأطفال "
الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية في عام 1979م ما يأتي :
" إن الخفاض الأصلي للإناث هو استئصال لقلفة البظر وشبيه بختان
الذكور ... وهذا النوع لم تذكر له أي آثار ضارة على الصحة " .
والله أعلم .
*****
45528
الفوائد الطبية من ختان البنات
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/4472)
سؤال رقم 45528- الفوائد الطبية من ختان البنات
أرجو أن توضح لي الفوائد الطبية من ختان البنات ؟.
الحمد لله
إن الله تعالى كما خلق الخلق فإنه سبحانه تكفل بما يصلحهم في أمر
دينهم ودنياهم فأرسل لهم الرسل وأنزل الكتب ليدل البشر على الخير ويحثهم عليه
ويعرفهم الشرَّ ويحذرهم منه .
ولربما أمر الشرع بأمر أو نهى عن شيء لم تظهر للناس - أو لكثير
منهم - حكمة الشرع من هذا الأمر أو النهي ، فحينئذ يجب أن نمتثل الأمر ونجتنب النهي
ونتيقن أن في شرع الله الخير كل الخير ولو لم تظهر لنا الحكمة منه .
إن الختان من سنن الفطرة كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم
: ( الفطرة خمس أو خمس من الفطرة : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار
وقص الشارب ) رواه البخاري ( 5550 ) ومسلم ( 257 ) .
ولا شك أن سنن الفطرة كلها من الأمور التي ظهرت بعض حكمة الشرع
المطهر فيها ، والختان كذلك ، ظهرت له الفوائد الجليلة التي تسترعي الانتباه لها
ومعرفة حكمة الشرع منها.
وفي جواب السؤال رقم ( 9412 ) تكلمنا عن الختان ؛ كيفيته
وأحكامه ، وفي جواب السؤال رقم ( 7073 ) بيَّنا فوائد الختان الصحية والشرعية عند الذكور .
والختان مشروع في حق الذكر والأنثى ، والصحيح أن ختان الذكور
واجب وأنه من شعائر الإسلام ، وأن ختان النساء مستحب غير واجب .
وقد جاء في السنة ما يدل على مشروعية الختان للنساء فقد كان في
المدينة امرأة تختن فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تنهكي ؛ فإن ذلك أحظى
للمرأة وأحب إلى البعل ) رواه أبو داود ( 5271 ) وصححه الشيخ الألباني في "
صحيح أبي داود " .
ولم يشرع الختان للإناث عبثا ، بل له من الحكم والفوائد الشيء
العظيم .
وفي ذكر بعض هذه الفوائد يقول الدكتور حامد الغوابي :
- " .... تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ
ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى إلتهاب المهبل أو الإحليل ، وقد رأيت حالات
مرضية كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات .
- الختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو
بحيث يبلغ طوله 3 سنتيمترات عند انتصابه وهذا مزعج جدّاً للزوج ، وبخاصة عند الجماع
.
- ومن فوائد الختان : منعه من ظهور ما يسمى بإنعاظ النساء وهو
تضخم البظر بصورة مؤذية يكون معها آلام متكررة في نفس الموضع .
- الختان يمنع ما يسمى " نوبة البظر " ، وهو تهيج عند النساء
المصابات بالضنى [ مرض نسائي ] .
- الختان يمنع الغلمة الشديدة التي تنتج عن تهيج البظر ويرافقها
تخبط بالحركة ، وهو صعب المعالجة .
ثم يرد الدكتور الغوابي على من يدَّعي أن ختان البنات يؤدي إلى
البرود الجنسي بقوله :
" إن البرود الجنسي له أسباب كثيرة ، وإن هذا الإدعاء ليس
مبنيّاً على إحصائيات صحيحة بين المختتنات وغير المختتنات ، إلا أن يكون الختان
فرعونيّاً وهو الذي يُستأصل فيه البظر بكامله ، وهذا بالفعل يؤدي إلى البرود الجنسي
لكنه مخالف للختان الذي أمر به نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لا تنهكي
) أي : لا تستأصلي ، وهذه وحدها آية تنطق عن نفسها ، فلم يكن الطب قد أظهر شيئا عن
هذا العضو الحساس [ البظر ] ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه .
عن مجلة " لواء الإسلام " عدد 7 و 10 من مقالة بعنوان : " ختان البنات " .
وتقول الطبيبة النسائية ست البنات خالد في مقالة لها بعنوان : "
ختان البنات رؤية صحية " :
الختان بالنسبة لنا في عالمنا الإسلامي قبل كل شيء هو امتثال
للشرع لما فيه من إصابة الفطرة والاهتداء بالسنة التي حضت على فعلها ، وكلنا يعرف
أبعاد شرعنا الحنيف وأن كل ما فيه لا بد أن يكون فيه الخير من جميع النواحي ، ومن
بينها النواحي الصحية ، وإن لم تظهر فائدته في الحال فسوف تعرف في الأيام القادمة
كما حدث بالنسبة لختان الذكور ، وعرف العالم فوائده وصار شائعا في جميع الأمم
بالرغم من معارضة بعض الطوائف له .
ثم ذكرت الدكتورة بعض فوائد الختان الصحية للإناث فقالت :
- ذهاب الغلمة والشبق عند النساء ( وتعني شدة الشهوة والانشغال
بها والإفراط فيها ) .
- منع الروائح الكريهة التي تنتج عن تراكم اللخن (النتن) تحت
القلفة .
- انخفاض معدل التهابات المجاري البولية .
- انخفاض نسبة التهابات المجاري التناسلية .
عن كتاب : " الختان " للدكتور محمد علي البار .
وقد جاء في كتاب " العادات التي تؤثر على صحة النساء والأطفال "
الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية في عام 1979م ما يأتي :
" إن الخفاض الأصلي للإناث هو استئصال لقلفة البظر وشبيه بختان
الذكور ... وهذا النوع لم تذكر له أي آثار ضارة على الصحة " .
والله أعلم .
*****
45529
الحكمة مِن خَلْق البشر؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
التاريخ والسيرة > بدء الخلق وعجائب المخلوقات >(1/4473)
سؤال رقم 45529- الحكمة مِن خَلْق البشر؟
لما خُلق البشر ؟.
الحمد لله
أولاً :
من عظيم صفات الله تعالى " الحكمة " ، ومن أعظم أسمائه تعالى "
الحكيم " ، وينبغي أن يُعلم أنه ما خلق شيئاً عبثاً ، تعالى الله عن ذلك علواً
كبيراً ، وإنما يخلق لِحِكَمٍ بالغة عظيمة ، ومصالح راجحة عميمة ، عَلِمَها من
عَلِمها ، وجَهِلها من جهلها ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه الكريم ، فبيَّن
أنه لم يخلق البشر عبثاً ، ولم يخلق السموات والأرض عبثاً ، فقال تعالى : (
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا
تُرْجَعُونَ . فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) المؤمنون/115،116 ، وقال سبحانه
وتعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ ) الأنبياء/16 ، وقال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْنَا
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا
بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) الدخان/38 ، 39 ، ويقول سبحانه وتعالى : ( حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا
إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمّىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ ) الأحقاف/1 – 3 .
وكما أن ثبوت الحكمة في خلق البشر ثابت من ناحية الشرع , فهو
ثابت – أيضاً - من ناحية العقل ، فلا يمكن لعاقل إلا أن يسلِّم أنه قد خلقت الأشياء
لحكَمٍ ، والإنسان العاقل ينزه نفسه عن فعل أشياء في حياته دون حكمة ، فكيف بالله
تعالى أحكم الحاكمين ؟!
ولذا أثبت المؤمنون العقلاء الحكمة لله تعالى في خلقه ، ونفاها
الكفار ، قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا
عَذَابَ النَّارِ ) آل عمران/190 ، 191 ، وقال تعالى – في
بيان موقف الكفار من حكمة خلقه - : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا
بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص/27 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" يخبر تعالى عن تمام حكمته في خلقه السموات والأرض ، وأنه لم
يخلقهما باطلاً ، أي : عبثاً ولعباً ، من غير فائدة ولا مصلحة .
( ذلك ظن الذين كفروا ) بربهم ، حيث ظنوا ما لا يليق بجلاله .
( فويل للذين كفروا من النار ) فإنها التي تأخذ الحق منهم ،
وتبلغ منهم كل مبلغ ، وإنما خلق الله السموات والأرض بالحق وللحق ، فخلقهما ليعلم
العباد كمال علمه وقدرته ، وسعة سلطانه ، وأنه تعالى وحده المعبود ، دون من لم يخلق
مثقال ذرة من السموات والأرض ، وأن البعث حق ، وسيفصل الله بين أهل الخير والشر ،
ولا يظن الجاهل بحكمة الله ، أن يسوي الله بينهما في حكمه ، ولهذا قال : ( أم نجعل
الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) هذا غير
لائق بحِكمَتنا وحُكْمنا " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 712 ) .
ثانياً :
ولم يخلق الله تعالى الإنسان ليأكل ويشرب ويتكاثر ، فيكون بذلك
كالبهائم ، وقد كرَّم الله تعالى الإنسان ، وفضَّله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً ،
ولكن أبى أكثر الناس إلا كفوراً فجهلوا أو جحدوا الحكمة الحقيقية من خلقهم ، وصار
كل هَمِّهِم التمتع بشهوات الدنيا , وحياة هؤلاء كحياة البهائم , بل هم أضل ، قال
تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ
الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ) محمد/12 ، وقال
تعالى : ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ
يَعْلَمُونَ ) الحجر/3 , وقال تعالى : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا
لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ
بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ
بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179 . ومن المعلوم عند عقلاء الناس أن الذي يصنع
الشيء هو أدرى بالحكمة منه من غيره ، ولله المثل الأعلى فإنه هو الذي خلق البشر ،
وهو أعلم بالحكمة من خلقه للناس ، وهذا لا يجادل فيه أحد في أمور الدنيا ، ثم إن
الناس كلهم يجزمون أن أعضاءهم خُلقت لحكمة ، فهذه العين للنظر ، وهذه الأذن للسمع ،
وهكذا ، أفيُعقل أن تكون أعضاؤه مخلوقةً لحكمة ، ويكون هو بذاته مخلوقاً عبثاً ؟!
أو أنه لا يرضى أن يستجيب لمن خلقه عندما يخبره بالحكمة من خلقه ؟!
ثالثاً :
وقد بيَّن الله تعالى أنه خلق السموات والأرض ، والحياة والموت
للابتلاء والاختبار ، ليبتلي الناس , مَنْ يطيعه ليثيبه ، ومَنْ يعصيه ليعاقبه ،
قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ
أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ
عَمَلا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ ) هود/ 7 ، وقال عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .
وبهذا الابتلاء تظهر آثار أسماء الله تعالى وصفاته ، مثل اسم
الله تعالى " الرحمن " ، و " الغفور " و " الحكيم " و " التوَّاب " و " الرحيم "
وغيرها من أسمائه الحسنى .
ومن أعظم الأوامر التي خلق الله البشر من أجلها – وهو من أعظم
الابتلاءات - : الأمر بتوحيده عز وجل وعبادته وحده لا شريك له ، وقد نصَّ الله
تعالى على هذه الحكمة في خلق البشر فقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ
وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" أي : إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي ، لا لاحتياجي إليهم ، وقال
علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : إلا ليعبدون ، أي : إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو
كرهاً ، وهذا اختيار ابن جرير ، وقال ابن جريج : إلا ليعرفون ، وقال الربيع بن أنس
: إلا ليعبدون ، أي : إلا للعبادة " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 239 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ، ومعرفته بأسمائه وصفاته ،
وأمرهم بذلك ، فمن انقاد ، وأدى ما أمر به ، فهو من المفلحين ، ومن أعرض عن ذلك ،
فأولئك هم الخاسرون ، ولا بد أن يجمعهم في دار ، يجازيهم فيها على ما أمرهم به
ونهاهم ، ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء ، فقال : ( ولئن قلت إنكم مبعوثون
من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) أي : ولئن قلتَ لهؤلاء ،
وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ، لم يصدقوك ، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت
به ، وقالوا : ( إن هذا إلا سحر مبين ) ألا وهو الحق المبين " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 333 ) .
والله أعلم .
*****
45531
كيف يتعجل من كانت خيمته خارج منى؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4474)
سؤال رقم 45531- كيف يتعجل من كانت خيمته خارج منى؟
الحجاج الذين تقع حملاتهم وخيامهم داخل حدود مزدلفة ، ولم يجدوا مكاناً في منى ، كيف يفعلون إذا أردوا التعجل ؟ وهل لهم أن يذهبوا من أماكنهم في أي وقت إذا رموا قبل المغرب ؟ وما هو الحال بالنسبة للذين يسكنون في أماكن أخرى من أحياء مكة ؟ بالنسبة للتعجل .
الحمد لله
سألنا فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله
فأجاب :
بأن الحجاج النازلين في مزدلفة في امتداد خيام منى حكمهم حكم أهل
منى ، فيلزمهم إذا أرادوا التعجل أن يغادروا أماكنهم قبل المغرب ، ويجوز لهم الخروج
إذا تأهبوا قبل المغرب وحبسهم الزحام كأهل منى إذا تأهبوا للخروج وعزموا عليه
وحبسهم الزحام
وأما الذين يسكنون في أماكن منفصلة عن منى كبعض أحياء مكة لأنهم
لم يجدوا أماكن في منى فإنه يكفيهم نية التعجل وأن يكونوا قد رموا وخرجوا من حدود
منى قبل المغرب ، وإذا حبسهم الزحام فلهم المواصلة في التعجل كما تقدم .
والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
*****
08/1426
45535
هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟
الفقه > عبادات > الطهارة > المسح على الخفين >(1/4475)
سؤال رقم 45535- هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين؟
هل المسح على الخفين أفضل أم غسل القدمين ؟.
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي) إلى أن غسل
القدمين أفضل ، قالوا : لأن غسل القدمين هو الأصل ، فكان أفضل .
انظر : "المجموع" (1/502) .
وذهب الإمام أحمد إلى أن المسح على الخفين أفضل ، واستدل بـ :
1- أنه أيسر ، و ( مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ
إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ) رواه
البخاري (3560) ومسلم (2327) .
2- أنه رخصة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه أحمد (5832) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (564) .
3- أن في المسح على الخفين مخالفةً لأهل البدع الذين ينكرونه ،
كالخوراج والروافض .
وقد كثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في فعل كل منهما
، غسل القدمين ، والمسح على الخفين ، مما جعل بعض العلماء يقول : المسح والغسل سواء
، وهو ما اختاره ابن المنذر رحمه الله .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن الأفضل في حق
كل واحد ما كان موافقاً للحال التي عليها قدمه ، فإن كان لابساً للخف فالأفضل المسح
، وإن كانت قدماه مكشوفتين فالأفضل الغسل ، ولا يلبس الخف من أجل أن يمسح عليه .
ويدل لهذا حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لما أراد أن ينزع
خفي النبي صلى الله عليه وسلم ليغسل قدميه في الوضوء فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم : ( دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَسَحَ
عَلَيْهِمَا ) رواه البخاري (206) ومسلم (274) . فهذا يدل
على أن المسح أفضل في حق من كان يلبس الخفين .
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ
عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ
أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ
وَنَوْمٍ . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (104) . فالأمر
بالمسح يدل على أنه أفضل ، ولكنه في حق لابس الخف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وفصل الخطاب : أن الأفضل في حق كل واحد ما هو الموافق لحال
قدمه . فالأفضل لمن قدماه مكشوفتان : غسلهما ولا يتحرى لبس الخف ليمسح عليه , كما
كان عليه أفضل الصلاة والسلام يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين , ويمسح قدميه إذا كان
لابسا للخف " ا نتهى من "الإنصاف" (1/378) .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/199) :
" ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخف
مسح عليهما ولم ينزعهما ، وإن كانت مكشوفتين غسل القدمين ، ولم يلبس الخف ليمسح
عليه ، وهذا أعدل الأقوال في مسألة الأفضل من المسح والغسل ، قاله شيخنا (يعني شيخ
الإسلام ابن تيمية) " انتهى .
*****
45544
تكفي أضحية واحدة عن أهل البيت جميعاً
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4476)
سؤال رقم 45544- تكفي أضحية واحدة عن أهل البيت جميعاً
أعيش أنا وزوجتي مع أبي ، فهل تجزئ أضحية واحدة عنا جميعاً أم علينا أضحيتان ؟.
الحمد لله
تكفيكم أضحية واحدة ، لأن السُّنَّة وردت بإجزاء الأضحية الواحدة
عن الرجل وأهل بيته .
روى الترمذي (1505) عن عَطَاء بْن يَسَارٍ قال : سَأَلْتُ أَبَا
أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي
بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسئلت اللجنة الدائمة : إذا كانت زوجتي مع والدي في بيت واحد ،
فهل يكفي في عيد الضحية ذبيحة واحدة عيداً لي ولوالدي أم لا ؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكرت من وجود والد وولده في بيت واحد كفى
عنك وعن أبيك وزوجتك وزوجة أبيك وأهل بيتكما أضحية واحدة في أداء السُّنَّة " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/404) .
*****
45545
صام ثم سافر إلى بلد تأخر عنهم في الصيام فهل يصوم واحدا وثلاثين يوماً؟
الفقه > عبادات > الصوم > رؤية الهلال >
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4477)
سؤال رقم 45545- صام ثم سافر إلى بلد تأخر عنهم في الصيام فهل يصوم واحدا وثلاثين يوماً؟
إذا صمت في بلد ثم سافرت أثناء الشهر إلى بلد كان قد تأخر يوماً في دخول الشهر ، ففي آخر الشهر إذا صاموا ثلاثين يوماً ، فهل أصوم معهم وأكون قد صمت واحداً وثلاثين يوماً ؟.
الحمد لله
إذا سافر الإنسان من البلد التي صام فيها أول الشهر إلى بلد تأخر
عندهم الفطر فإنه يبقى لا يفطر حتى يفطروا .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا من شرق آسيا ، عندنا الشهر الهجري يتأخر عن المملكة العربية
السعودية بيوم ، وسأسافر إلى بلدي في رمضان ، وقد بدأت الصوم في المملكة ، وفي
نهاية الشهر نكون قد صمنا واحدا وثلاثين يوماً ، فما حكم صيامنا ؟ وكم يوماً نصوم ؟
فأجاب :
" إذا صمتم في السعودية أو غيرها ثم صمتم بقية الشهر في بلادكم
فأفطروا بإفطارهم ، ولو زاد ذلك على ثلاثين يوماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم
: (الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ) لكن إن لم تكملوا الشهر تسعة وعشرين
يوما فعليكم إكمال ذلك ، لأن الشهر لا ينقص عن تسع وعشرين " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (15/155) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
ما حكم من صام في بلد مسلم ثم انتقل إلى بلد آخر تأخر أهله عن
البلد الأول ولزم من متابعتهم صيام أكثر من ثلاثين يوماً أو العكس ؟
فأجاب بقوله :
إذا انتقل الإنسان من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي وتأخر إفطار
البلد الذي انتقل إليه فإنه يبقى معهم حتى يفطروا ؛ لأن الصوم يوم يصوم الناس ،
والفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحي الناس ، وهذا وإن زاد عليه يوم ، أو أكثر
فهو كما لو سافر إلى بلد تأخر فيه غروب الشمس ، فإنه يبقى صائماً حتى تغرب ، وإن
زاد على اليوم المعتاد ساعتين ، أو ثلاثاً ، أو أكثر ، ولأنه إذا انتقل إلى البلد
الثاني فإن الهلال لم ير فيه وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن لا نصوم ولا
نفطر إلا لرؤيته ، فقال : ( صوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ) .
وأما العكس : وهو أن ينتقل من بلد تأخر فيه ثبوت الشهر إلى بلد
تقدم ثبوت الشهر فيه فإنه يفطر معهم ، ويقضي ما فاته من رمضان ، إن فاته يوم قضى
يوماً ، وإن فاته يومان قضى يومين ، فإذا أفطر لثمانية وعشرين يوماً قضى يومين إن
كان الشهر تامًّا في البلدين ، ويوماً واحداً إن كان ناقصاً فيهما أو في أحدهما . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 24 ) .
وسئل أيضاًَ :
قد يقول قائل : لماذا قلتم يؤمر بصيام أكثر من ثلاثين يوماً في
الأولى ويقضي في الثانية ؟
فأجاب بقوله :
يقضي في الثانية لأن الشهر لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً
، ويزيد على الثلاثين يوماً لأنه لم يُر الهلال ، وفي الأولى قلنا له : أفطر وإن لم
تتم تسعة وعشرين يوماً ؛ لأن الهلال رؤي ، فإذا رؤي فلا بد من الفطر ، لا يمكن أن
تصوم يوماً من شوال ، ولما كنت ناقصاً عن تسعة وعشرين لزمك أن تتم تسعة وعشرين
بخلاف الثاني ، فإنك لا تزال في رمضان إذا قدمت إلى بلد ولم ير الهلال فيه فأنت في
رمضان ، فكيف تفطر ؟ فيلزمك البقاء ، وإذا زاد عليك الشهر فهو كزيادة الساعات في
اليوم . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19 / السؤال رقم 25 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 38101 ) .
والله أعلم .
*****
45556
ماذا يصنع من لم يعلم بالاحتلام إلا في آخر اليوم ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4478)
سؤال رقم 45556- ماذا يصنع من لم يعلم بالاحتلام إلا في آخر اليوم ؟
احتلمت في إحدى الليالي ، وعندما قمت لصلاة الفجر لم أتذكر هذا الأمر ، حيث لم أنتبه لوجود البلل لأنه قد جف ويبس ، وصليت جميع الفروض في ذلك اليوم وأنا جنب ، وفي المساء تذكرت أنني احتلمت ، وذلك بعد انتباهي لوجود أثر البلل على ملابسي الداخلية ، وعندها قمت بالاغتسال وإعادة جميع صلوات ذلك اليوم ، فهل ما فعلته صحيح ؟.
الحمد لله
نعم ، فعلك صحيح موافق للشرع ، والطهارة شرط لصحة الصلاة ،
والجنابة توجب الاغتسال ، وما صليتَه وأنت جنب فأنت معذورٌ لعدم تعمدك له ، لكن لم
تبرء ذمتك بعد علمك بحالك إلا أن تغتسل وتعيد الصلوات ، وهو ما فعلتَه ، وهو الصواب
.
سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
عمن وجد منيا في ثيابه بعد أن صلى الفجر ولم يعلم به فما الحكم
في ذلك ؟ .
فأجاب :
إذا لم ينم الإنسان بعد صلاة الفجر فإن صلاة الفجر غير صحيحة
لوقوعها وهو جنب حيث تيقن أنه قبل الصلاة .
أما إذا كان الإنسان قد نام بعد صلاة الفجر ولا يدري هل هذه
البقعة من النوم الذي بعد الصلاة أو من النوم الذي قبل الصلاة فالأصل أنها مما بعد
الصلاة ، وأن الصلاة صحيحة ، وهكذا الحكم أيضا فيما لو وجد الإنسان أثر مني وشك هل
هو من الليلة الماضية أو من الليلة التي قبلها ، فليجعله من الليلة القريبة ويجعله
من آخر نومه نامها ؛ لأن ذلك هو المتيقن وما قبلها مشكوك فيه ، والشك في الحدث لا
يوجب الطهارة منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا
فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد " ، رواه مسلم من حديث
أبي هريرة - رضي الله عنه - ، والله الموفق .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 165 ) .
وسُئل الشيخ – رحمه الله – كذلك - :
شخص صلَّى المغرب والعشاء ، ثم عاد إلى بيته ، وعند خلعه لثوبه
وجد في ملابسه الداخلية أثر مني ، فماذا يلزمه ؟ .
فأجاب :
إذا كان هذا الرجل الذي وجد المني على لباسه لم يغتسل : فإنه يجب
عليه أن يغتسل ويعيد الصلوات التي صلاها وهو على جنابة ، لكن أحيانا يرى الإنسان
أثر الجنابة على لباسه ولا يدري أكان في الليلة التي قبلها ، فهل يعتبره من الليلة
الماضية القريبة أم من الليلة السابقة ؟ .
الجواب : يعتبره من الليلة الماضية القريبة لأن ما قبل الليلة
الماضية مشكوك فيه ، والأصل الطهارة ، وكذلك لو نام بعد صلاة الصبح واستيقظ ووجد في
لباسه أثر الجنابة ولا يدري أهو من النوم الذي بعد صلاة الفجر أو من النوم في الليل
، فهل يلزمه إعادة صلاة الفجر ؟ .
الجواب : لا يلزمه إعادة صلاة الفجر ؛ لأن نوم الليل مشكوك في
حصول الاحتلام فيه ، وهكذا اجعلها قاعدة عندك : كلما شككت هل هذه الجنابة من نومة
سابقة أو لاحقة فاجعله من اللاحقة .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 11 / السؤال رقم 166 ) .
والله أعلم .
*****
45557
حكم حلق شعر صدر الرجل
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4479)
سؤال رقم 45557- حكم حلق شعر صدر الرجل
ما حكم حلق شعر الصدر للرجال ؟.
الحمد لله
الشعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : ما أمر الشارع بتركه ، ونهى عن الأخذ منه .
الثاني : ما أمر الشارع بأخذه.
الثالث : ما سكت عنه الشارع ، فلم يأمر بأخذه ولم ينه عنه .
فما أمر الشارع بتركه كاللحية والحاجبين ، فلا يؤخذ منه شئ .
وما أمر بأخذه ، فيزال أو يؤخذ منه بقدر ما ورد الشرع به مثل
الإبط والعانة ، والشارب للرجل.
وما سكت عنه فإنه عفو ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (
الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما
عفا عنه) رواه الترمذي (1726) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
ويدخل في ذلك شعر الأنف والصدر والساقين والساعدين .
راجع السؤال رقم ( 9037 )
.
جاء في الموسوعة الفقهية (18/100) :
وأما حلق شعر الجسد في حق الرجال فمباح عند المالكية , وقيل :
سنة , والمراد بالجسد ما عدا الرأس اهـ .
وأما حلق شعر الرأس فقد سبق تفصيل حكمه في إجابة السؤال رقم ( 14051 )
.
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45559
العلاج بالأسماء الحسنى
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4480)
سؤال رقم 45559- العلاج بالأسماء الحسنى
هل يجوز العلاج بأسماء الله الحسنى ، بأن يقول على المريض في عينه : " يا بصير " وهكذا ؟.
الحمد لله
انتشر بين الناس العلاج بأسماء الله تعالى ، وقد وزعت أوراق فيها
ذكر الاسم وبجانبه المرض الذي يعالجه الاسم .
والذي زعم أنه أكتشف هذا النوع من العلاج هو الدكتور إبراهيم
كريم ، وهو مبتكر علم " البايوجيومترئ " وقد زعم أن أسماء الله الحسنى لها طاقة
شفائية لعدد ضخم من الأمراض ، وبواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس
الطاقة داخل جسم الإنسان ، واكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز
المناعة للعمل بكفاءة عظمى في عضو معين بجسم الإنسان ، وزعم أنه استطاع بواسطة
تطبيق " قانون الرنين " أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى
تحسين في مسارات الطاقة الحيوية داخل جسم الإنسان ، وبعد أبحاث استمرت 3 سنوات أخرج
للناس اختراعه في جدول يبين فيه المرض وما يقابله من الاسم الذي ينفع في علاجه .
ومن أمثلته :
" السميع " : لإعادة توازن الطاقة ، " الرزاق " : يعالج المعدة ،
" الجبار " : يعالج العمود الفقري ، " الرؤوف " : يعالج القولون ، " النافع " !
يعالج العظم ، " الحي " يعالج الكلية ، " البديع " ! : يعالج الشعر ، " جل جلاله "
! : قشر الشعر ، " النور " و " البصير " و " الوهاب " : تعالج العيون ...
وطريقة العلاج : أن يكرر الاسم على العضو المناسب أو عدة أسماء
لمدة عشر دقائق .
وقد زعم أنه اكتشف أن طاقة الشفاء تتضاعف عند تلاوة آيات الشفاء
بعد ذكر التسبيح بأسماء الله الحسنى ، وهذه الآيات هي : { ويشف صدور قوم مؤمنين } ،
{ وشفاء لما في الصدور } ، { فيه شفاء للناس } ، { وننزل من القرآن ما هو شفاء
ورحمة } ، { وإذا مرضت فهو يشفين } ، { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } .
والرد على هذا :
1. أن العلاج إما أن يكون بأسباب حسيَّة وإما بأسباب شرعية ، فما
كان بالأسباب الحسية المادية فمرجعه إلى التجربة ، وما كان بالأسباب الشرعية فمرجعه
إلى الشرع في بيان ما يعالج به وكيفيته وذكر الله بالأسماء الحسنى من الأمور
الشرعية ، ولم يأتِ هذا الباحث لكلامه بمستندٍ شرعي واحد يدل على هذا التعيين
للأسماء وهذه الكيفية في العلاج وما تعالجه ، فبطل كونها سبباً شرعياً للعلاج ، ولا
يجوز التجربة بالأدلة الشرعية وامتهانها بمثل هذه الطريقة .
قال الشيخ ابن عثيمين :
اعلم أن الدواء سبب للشفاء والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما
جعله الله تعالى سبباً والأشياء التي جعلها الله تعالى أسباباً نوعان :
النوع الأول : أسباب شرعية ، كالقرآن الكريم ، والدعاء كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الفاتحة : " وما يدريك أنها رقية " ، وكما كان
النبي صلى الله عليه وسلم يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد
شفاءه به .
النوع الثاني : أسباب حسية ، كالأدوية المادية المعلومة عن طريق
الشرع كالعسل ، أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية ، وهذا النوع لا بد أن يكون
تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر
محسوس صح أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى ، أما إذا كان مجرد أوهام
وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون
عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول : فهذا لا يجوز الاعتماد
عليه ، ولا إثبات كونه دواء ، لئلا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ، ولهذا
نُهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه ؛ لأن ذلك ليس سبباً شرعيّاً
ولا حسيّاً ، وما لم يثبت كونه سبباً شرعيّاً ولا حسيّاً
: لم يجز أن يجعل سبباً ؛ فإن جعله سبباً نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك
به حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها ، وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد
الوهاب رحمه الله لهذه المسألة في كتاب التوحيد بقوله : " باب من الشرك لبس الحلقة
والخيط ونحوهما لدفع البلاء أو رفعه " .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 49 ) .
2. أنه ذكر أسماء لله تعالى زاعماً أنه سمى بها نفسه ، وليس
الأمر كذلك ، مثل " جلَّ جلاله " و " الرشيد " و " البديع " و " النافع " وغيرها ،
وهو يدل على جهل هذا المدعي ، ويدل على بطلان تلك الطاقة المزعومة ، إذ هي مولَّدة
– على حسب زعمه – من أسماء غير أسماء الله تعالى الثابتة بالأدلة الصحيحة .
3- أن تعيين كيفية التداوي وتحديد اسم لكل مرض .
وبما صحَّ أنه من أسماء الله تعالى يدخل في باب القول على الله
بغير علم ، وقد حرم الله القول عليه بلا علم فقال سبحانه وتعالى : ( قُلْ إِنَّمَا
حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ
وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ
بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله- في تفسيرها :
( وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) : في
أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه .
" تفسير السعدي " ( ص 250 ) .
4. وقد رد علماء اللجنة الدائمة على هذا الزاعم وزعمه حينما
سئلوا عن هذه المسألة فقالوا :
بعد دراسة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء للاستفتاء
أجابت بما يلي :
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ
بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ) ، وقال النبي صلى الله علية و سلم : " إن لله تسعة و تسعون اسما من
أحصاها دخل الجنة " ، ومنها اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب وإذا سُئل به
أعطي ، فأسماء الله جل وعلا لا يعلم عددها إلا هو سبحانه وتعالى ، و كُلها حُسنى ،
ويجب إثباتها وإثبات ما تدل عليه من كمال الله وجلاله وعظمته ، ويحرم الإلحاد فيها
بنفيها أو نفي شيء منها عن الله أو نفي ما تدل عليه من الكمال ، أو نفي ما تتضمنه
من صفات الله العظيمة .
ومن الإلحاد في أسماء الله ما زعمه المدعي " كريم سيد " وتلميذه
وابنه في ورقة يوزعونها على الناس من أن أسماء الله الحسنى لها طاقة شفائية لعدد
ضخم من الأمراض ، وأنه بواسطة أساليب القياس الدقيقة المختلفة في قياس الطاقة داخل
جسم الإنسان اكتشف أن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة تحفز جهاز المناعة للعمل
بكفاءة مثلى في عضو معين في جسم الإنسان ، وإن الدكتور " إبراهيم كريم " استطاع
بواسطة تطبيق قانون الرنين أن يكتشف أن مجرد ذكر اسم من أسماء الله الحسنى يؤدي إلى
تحسين في مسارات الطاقة الحيوية في جسم الإنسان ، وقال : والمعروف أن الفراعنة أول
من درس ووضع قياسات لمسارات الطاقة الحيوية بجسم الإنسان بواسطة البندول الفرعوني ،
ثم ذكر جملة من أسماء الله الحسنى في جدول وزعم أن لكل اسم منها فائدة للجسم أو
علاج لنوع من أمراض الجسم ، ووضح ذلك برسم لجسم الإنسان ، ووضع على كل عضو منها
اسما من أسماء الله .
وهذا العمل باطل لأنه من الإلحاد في أسماء الله ، وفيه امتهان
لها ؛ لأن المشروع في أسماء الله دعاؤه بها كما قال تعالى : ( فادعوه بها ) ، وكذلك
إثبات ما تتضمنه من الصفات العظيمة لله ؛ لأن كل اسم منها يتضمن صفة لله جل جلاله :
لا يجوز أن تُستعمل في شيء من الأشياء غير الدعاء بها ، إلا بدليل من الشرع .
ومن يزعم بأنها تُفيد كذا و كذا أو تُعالج كذا و كذا بدون
دليل من الشرع : فإنه قول على الله بلا علم ، وقد قال تعالى : ) قل إنما حرم ربي
الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل
به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ) .
فالواجب إتلاف هذه الورقة ، والواجب على المذكورين وغيرهم التوبة
إلى الله من هذا العمل ، وعدم العودة إلى شيءٍ منه مما يتعلق بالعقيدة والأحكام
الشرعية .
وبالله التوفيق .
والله أعلم .
*****
45563
حكم بغض الصحابة
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4481)
سؤال رقم 45563- حكم بغض الصحابة
كنت في حوار مع أحد الأشخاص حول الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، وقال لي : إنه يمكن لأي منَّا أن يكره أيّاً من الصحابة دون أن يتناقض ذلك مع الإسلام ، وقال : ربما أن ذلك ( أي : كره الصحابة ) يخرج صاحبه من دائرة الإيمان ، ولكنه يظل في دائرة الإسلام . وعليه : نرجو من فضيلتكم توضيح وبيان هذا الأمر .
الحمد لله
لاشك أن من الخذلان الكبير وعدم التوفيق من الله تعالى للعبد أن
يجعل من نهجه وسعيه الوقوع في صحابة خير الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورضي عنهم أو الخوض فيما وقع بينهم بدلاً من أن يشغل عمره بما ينفعه في أمر دينه
ودنياه
وليس هناك أي وجه لأحدٍ أن يسب أو يبغض صحابة النبي صلى الله
عليه وسلم ، ففضائلهم كثيرة متعددة ، فهم الذين نصروا الدين ونشروه ، وهم الذين
قاتلوا المشركين ، وهم الذين نقلوا القرآن والسنَّة والأحكام ، وقد بذلوا أنفسهم
ودماءهم وأموالهم في سبيل الله ، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه
وسلم ، فلا يسبهم ولا يبغضهم إلا منافق لا يحب الدين ولا يؤمن به .
عن البراء رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " الأنصار : لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ،
ومن أبغضهم أبغضه الله " .
رواه البخاري ( 3572 ) ومسلم ( 75 ) .
فإذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار ويثبت له النفاق :
فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ،
ويُكفِّرُ من يواليهم ويترضى عليهم ، كما تفعل الرافضة ؟ لاشك أنهم أولى بالكفر
والنفاق ، وانتفاء الإيمان .
قال الطحاوي – في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة - :
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا نفرط في
حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا
نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان .
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومذهب أهل السنة والجماعة : موالاة أهل بيت النبي عليه الصلاة
والسلام .
وأما النواصب : فيوالون الصحابة ، ويبغضون بيت النبي عليه الصلاة
والسلام ، ولذلك سموا بالنواصب ؛ لنصبهم العداوة لأهل بيت النبي عليه الصلاة
والسلام .
والروافض : على العكس ، والوا أهل البيت بزعمهم ، وأبغضوا
الصحابة ، ويلعنونهم ويكفرونهم ويذمونهم ...
ومن يبغض الصحابة فإنه يبغض الدين ؛ لأنهم هم حملة الإسلام
وأتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فمن أبغضهم فقد أبغض الإسلام ؛ فهذا دليل على
أنه ليس في قلوب هؤلاء إيمان ، وفيه دليل على أنهم لا يحبون الإسلام ...
هذا أصل عظيم يجب على المسلمين معرفته ، وهو محبة الصحابة
وتقديرهم ؛ لأن ذلك من الإيمان ، وبغضهم أو بغض أحد منهم من الكفر والنفاق ؛ ولأن
حبهم من حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبغضهم من بغض النبي صلى الله عليه وسلم .
" شرح العقيدة الطحاوية " .
وقد فصَّل بعض أهل العلم في " بغض الصحابة " فقالوا : إن كان قد
وقع في بغض بعضهم لأمرٍ دنيوي فلا يقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمرٍ ديني
باعتبار كونهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفرهم .
وهو تفصيل حسن لا يخالف ما قدمناه ، بل يبينه ويؤكده .
قال أبو زرعة الرازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فاعلم أنه زنديق .
وقال الإمام أحمد : إذا رأيت الرجل يذكر أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسوء : فاتهمه على الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف
بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهذا هو الذي يستحق
التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من
أهل العلم .
وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين
لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه
الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم
، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى
عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه
المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي { كنتم خير
أمة أخرجت للناس } وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاُ ، ومضمونها
أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم
بالاضطرار من دين الإسلام .
ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال ، فإنه يتبين أنه
زنديق ، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم ، وقد ظهرت لله فيهم مثلات ، وتواتر
النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات ، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك ،
وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في
النهي عن سب الأصحاب ، وما جاء فيه من الإثم والعقاب .
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره ومنهم من لا يحكم
بكفره ، ومنهم من تردد فيه .
" الصارم المسلول على شاتم الرسول " ( ص 590 - 591 ) .
وقال تقي الدين السبكي :
وينبني على هذا البحث سب بعض الصحابة فإن سب الجميع لا شك أنه
كفر وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي ; لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ففيه
تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفر الساب ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل
قول الطحاوي " وبغضهم كفر " فإن بغض الصحابة بجملتهم لا شك أنه كفر , وأما إذا سب
صحابيا لا من حيث كونه صحابيا بل لأمر خاص به وكان ذلك الصحابي مثلا ممن أسلم من
قبل الفتح ونحن نتحقق فضيلته كالروافض الذين يسبون الشيخين ، فقد ذكر القاضي حسين
في كفر من سب الشيخين وجهين .
ووجه التردد ما قدمناه فإن سب الشخص المعين قد يكون لأمر خاص به
, وقد يبغض الشخص الشخص لأمر دنيوي وما أشبه ذلك فهذا لا يقتضي تكفيرا , ولا شك أنه
لو أبغض واحدا منهما لأجل صحبته فهو كفر بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته
كان كافرا قطعا .
" فتاوى السبكي " ( 2 / 575 ) .
والله أعلم .
*****
45563
حكم بغض الصحابة
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4482)
سؤال رقم 45563- حكم بغض الصحابة
كنت في حوار مع أحد الأشخاص حول الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، وقال لي : إنه يمكن لأي منَّا أن يكره أيّاً من الصحابة دون أن يتناقض ذلك مع الإسلام ، وقال : ربما أن ذلك ( أي : كره الصحابة ) يخرج صاحبه من دائرة الإيمان ، ولكنه يظل في دائرة الإسلام . وعليه : نرجو من فضيلتكم توضيح وبيان هذا الأمر .
الحمد لله
لاشك أن من الخذلان الكبير وعدم التوفيق من الله تعالى للعبد أن
يجعل من نهجه وسعيه الوقوع في صحابة خير الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ورضي عنهم أو الخوض فيما وقع بينهم بدلاً من أن يشغل عمره بما ينفعه في أمر دينه
ودنياه
وليس هناك أي وجه لأحدٍ أن يسب أو يبغض صحابة النبي صلى الله
عليه وسلم ، ففضائلهم كثيرة متعددة ، فهم الذين نصروا الدين ونشروه ، وهم الذين
قاتلوا المشركين ، وهم الذين نقلوا القرآن والسنَّة والأحكام ، وقد بذلوا أنفسهم
ودماءهم وأموالهم في سبيل الله ، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه
وسلم ، فلا يسبهم ولا يبغضهم إلا منافق لا يحب الدين ولا يؤمن به .
عن البراء رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " الأنصار : لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ،
ومن أبغضهم أبغضه الله " .
رواه البخاري ( 3572 ) ومسلم ( 75 ) .
فإذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار ويثبت له النفاق :
فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ،
ويُكفِّرُ من يواليهم ويترضى عليهم ، كما تفعل الرافضة ؟ لاشك أنهم أولى بالكفر
والنفاق ، وانتفاء الإيمان .
قال الطحاوي – في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة - :
ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا نفرط في
حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا
نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان .
قال الشيخ صالح الفوزان :
ومذهب أهل السنة والجماعة : موالاة أهل بيت النبي عليه الصلاة
والسلام .
وأما النواصب : فيوالون الصحابة ، ويبغضون بيت النبي عليه الصلاة
والسلام ، ولذلك سموا بالنواصب ؛ لنصبهم العداوة لأهل بيت النبي عليه الصلاة
والسلام .
والروافض : على العكس ، والوا أهل البيت بزعمهم ، وأبغضوا
الصحابة ، ويلعنونهم ويكفرونهم ويذمونهم ...
ومن يبغض الصحابة فإنه يبغض الدين ؛ لأنهم هم حملة الإسلام
وأتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فمن أبغضهم فقد أبغض الإسلام ؛ فهذا دليل على
أنه ليس في قلوب هؤلاء إيمان ، وفيه دليل على أنهم لا يحبون الإسلام ...
هذا أصل عظيم يجب على المسلمين معرفته ، وهو محبة الصحابة
وتقديرهم ؛ لأن ذلك من الإيمان ، وبغضهم أو بغض أحد منهم من الكفر والنفاق ؛ ولأن
حبهم من حب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبغضهم من بغض النبي صلى الله عليه وسلم .
" شرح العقيدة الطحاوية " .
وقد فصَّل بعض أهل العلم في " بغض الصحابة " فقالوا : إن كان قد
وقع في بغض بعضهم لأمرٍ دنيوي فلا يقع في الكفر والنفاق ، وإن كان لأمرٍ ديني
باعتبار كونهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفرهم .
وهو تفصيل حسن لا يخالف ما قدمناه ، بل يبينه ويؤكده .
قال أبو زرعة الرازي : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فاعلم أنه زنديق .
وقال الإمام أحمد : إذا رأيت الرجل يذكر أحداً من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم بسوء : فاتهمه على الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وأما من سبهم سباً لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف
بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فهذا هو الذي يستحق
التأديب والتعزير ، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من
أهل العلم .
وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين
لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه
الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً ، أو أنهم فسقوا عامتهم
، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه كذب لما نصه القرآن في غير موضع : من الرضى
عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين ، فإن مضمون هذه
المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وأن هذه الآية التي هي { كنتم خير
أمة أخرجت للناس } وخيرها هو القرن الأول ، كان عامتهم كفاراً أو فساقاُ ، ومضمونها
أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها ، وكفر هذا مما يعلم
بالاضطرار من دين الإسلام .
ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال ، فإنه يتبين أنه
زنديق ، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم ، وقد ظهرت لله فيهم مثلات ، وتواتر
النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات ، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك ،
وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في
النهي عن سب الأصحاب ، وما جاء فيه من الإثم والعقاب .
وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره ومنهم من لا يحكم
بكفره ، ومنهم من تردد فيه .
" الصارم المسلول على شاتم الرسول " ( ص 590 - 591 ) .
وقال تقي الدين السبكي :
وينبني على هذا البحث سب بعض الصحابة فإن سب الجميع لا شك أنه
كفر وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي ; لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة ففيه
تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا شك في كفر الساب ، وعلى هذا ينبغي أن يحمل
قول الطحاوي " وبغضهم كفر " فإن بغض الصحابة بجملتهم لا شك أنه كفر , وأما إذا سب
صحابيا لا من حيث كونه صحابيا بل لأمر خاص به وكان ذلك الصحابي مثلا ممن أسلم من
قبل الفتح ونحن نتحقق فضيلته كالروافض الذين يسبون الشيخين ، فقد ذكر القاضي حسين
في كفر من سب الشيخين وجهين .
ووجه التردد ما قدمناه فإن سب الشخص المعين قد يكون لأمر خاص به
, وقد يبغض الشخص الشخص لأمر دنيوي وما أشبه ذلك فهذا لا يقتضي تكفيرا , ولا شك أنه
لو أبغض واحدا منهما لأجل صحبته فهو كفر بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته
كان كافرا قطعا .
" فتاوى السبكي " ( 2 / 575 ) .
والله أعلم .
*****
45564
من أسقطت بعد شهرين هل يكون دمها نفاساً؟
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/4483)
سؤال رقم 45564- من أسقطت بعد شهرين هل يكون دمها نفاساً؟
كنت حاملاً وحدث سقوط للحمل بعد أن أتممت الشهرين ، وسألت سيدة على علم شرعي هل أصوم رمضان وأصلي ، فردت عليَّ : بأن نعم ، تصومي ، وتصلي ؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح بعد ، فيعتبر كأنه استحاضة ، وفعلا صمت وصليت ، ولكن أخبرني طبيب آخر بأنه عليَّ الإعادة بالنسبة للصيام ، فما هو الحكم الصحيح ؟.
الحمد لله
ما سمعته الأخت السائلة من القولين المختلفين يعود إلى الاختلاف
في المسألة نفسها ، والمسألة فيها خلاف ، والصحيح من أقوال أهل العلم أن المرأة إذا
أسقطت الجنين متخلقاً : فإنها تترك الصلاة والصيام وتكون نفساء ، وإن لم يكن
متخلقاً : فدمها دم فساد لا تترك الصلاة والصيام ، وأقل زمن يحصل فيه التخليق واحد
وثمانون يوماً .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان الجنين قد تخلق , بأن ظهرت فيه أعضاؤه من يد أو رجل أو
رأس حرم عليه جماعها مادام الدم نازلا إلى أربعين يوما , ويجوز أن يجامعها في فترات
انقطاعه أثناء الأربعين بعد أن تغتسل , أما إذا كان لم تظهر أعضاؤه في خلقه فيجوز
له أن يجامعها ولو حين نزوله , لأنه لا يعتبر دم نفاس , إنما هو دم فاسد تصلي معه
وتصوم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 5 / 422 ، 423 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز :
إذا أسقطت المرأة ما تبين فيه خلق الإنسان من رأس أو يد أو رجل
أو غير ذلك فهي نفساء لها أحكام النفاس فلا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها جماعها
حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما , ومتى طهرت لأقل من أربعين وجب عليها الغسل والصلاة
والصوم في رمضان حل لزوجها جماعها ...
أما إذا كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق الإنسان بأن كان
لحمة ولا تخطيط فيه أو كان دما : فإنها بذلك تكون لها حكم المستحاضة لا حكم النفاس
ولا حكم الحائض , وعليها أن تصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها ... لأنها في حكم
المستحاضة عند أهل العلم .
" فتاوى إسلامية " ( 1 / 243 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
قال أهل العلم : إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان : فإن دمها بعد
خروجه يُعدُّ نفاساً ، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر ، وإن خرج
وهو غير مخلَّق : فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من
الصيام ولا من غيرهما .
قال أهل العلم : وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً
...
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 304 ، 305 ) .
والله أعلم .
*****
45567
مقالة باطلة : الدين أفيون الشعوب
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4484)
سؤال رقم 45567- مقالة باطلة - الدين أفيون الشعوب
كثيراً ما نسمع هذه المقالة : الدين أفيون الشعوب ، فما معناها ؟ وهل هي مقالة صحيحة ؟.
الحمد لله
هذه مقالة نطق بها كارل ماركس اليهودي ، اخترع هذه المقالة يزعم
بها أن الدين مُخَدِّرٌ ومُبَلِّدٌ للشعوب .
وكلامه مردود بالحق الحقيق بالقبول ، وهو أن الدين الصحيح الحنيف
ملة إبراهيم الذي أمر الله خلقه بإقامته؛ دين يلهب القلوب والمشاعر ، مُحرك لجميع
الأحاسيس والقوى ، دافع بها إلى الأمام ، لا يقبل من أهله الذل والاستكانة والخضوع
للظلم ، ومجاملة الأعداء ، والسكوت عن الباطل والفساد ، أو الجمود على طقوس وأوضاع
ما أنزل الله بها من سلطان ، بل يوجب عليهم النهوض والاستعداد بكل قوة ، وتسخير كل
دابة ومادة على وجه الأرض ، أو في جوفها أو أجوائها كيلا يغلبهم عدوهم في ذلك ، وأن
يجعلوا جميع مواهبهم وطاقتهم في سبيل الله ، لإعلاء كلمته ، وقمع المفتري عليه ،
والبراءة ممن جانب دينَه وتَنَكَّر حكمَ شريعته .
فهذا الدين الصحيح على العكس مما قاله هذا اليهودي وأتباعه
وتلاميذه الذين ربوهم وأبرزوهم لمحاربة هذا الدين الصحيح ، الذي لا يُوقَف في وجوه
أهله لو حملوه كما أنزل .
أما الأديان الأخرى المزعومة من لاهوتية وثنية فيصح أن يقال عنها
بكلمة اليهودي ، لتقيد أهلها بالخرافات ، وتقييدهم العلم الفني والاختراع عن
الانطلاق .
"الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة" ص 80 لفضيلة الشيخ عبد الرحمن الدوسري رحمه الله .
*****
45569
تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ويعتقدون أنها تعلم الغيب
العقيدة > الشرك وأنواعه >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4485)
سؤال رقم 45569- تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ويعتقدون أنها تعلم الغيب
امرأة تقول إنها أخلصت في طاعة الله ، وأثناء نومها زارها رجل يلبس جلباباً أبيض ، وطاف حولها ، وبعد ذلك أصبحت تتنبأ بأشياء تكاد تكون صحيحة ، فعرف الناس بها ، وأخذوا يترددون عليها ، ويقولون : إنها تعلم الغيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله ، فما حكم هذه المرأة ؟ وبم ننصحها ؟.
الحمد لله
لا يجوز لأحد أن يدَّعي علم الغيب ، ومن ادَّعاه فقد كفر ، ولا
يجوز لأحدٍ أن يعتقد أن أحداً يعلم الغيب ، ومن اعتقد ذلك فقد كفر .
وقد أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب
، وأخبر أن الجن لا يعلمون الغيب .
وإنما قصدنا بذلك الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله ، وأما
الغيب النسبي وهو ما يعلمه أناس دون آخرين : فهذا قد يستطيع بعض الناس علمه وإنما
يكون البحث في كيفية اطلاعهم عليه ، فمنهم من يعرفه بالتجسس ومنهم من يعرفه عن طريق
الجن ، وكلاهما طريق لا يجوز سلوكه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل الجن يعلمون الغيب ؟ .
فأجاب :
الجن لا يعلمون الغيب لقوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) ، واقرأ قوله تعالى : (
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ
الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ
كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) ، ومن
ادعى علم الغيب فهو كافر ، ومن صدَّق من يدعي علم الغيب فإنه كافر أيضاً لقوله
تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا
اللَّهُ ) ، فلا يعلم غيب السماوات والأرض إلا الله وحده ، وهؤلاء الذين يدعون أنهم
يعلمون الغيب في المستقبل كل هذا من الكهانة ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
: " أن من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " ، فإن صدَّقه فإنه يكون
كافراً لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب فقد كذَّب قوله تعالى : ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 115 ) بتصرف .
وسئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
عن حكم من يدعي علم الغيب ؟ .
فأجاب :
الحكم فيمن يدَّعي علم الغيب أنه كافر ؛ لأنه مكذِّّّب لله عز
وجل ، قال الله تعالى : ) قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) ، وإذا كان الله
عز وجل يأمر نبيه محمداً صلي الله عليه وسلم أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في
السماوات والأرض الغيب إلا الله ، فإن من ادَّعى علم الغيب فقد كذب الله عز وجل في
هذا الخبر .
ونقول لهؤلاء : كيف يمكن أن تعلموا الغيب والنبي صلي الله عليه
وسلم لا يعلم الغيب ؟ هل أنتم أشرف أم الرسول صلي الله عليه وسلم ؟ ! فإن قالوا :
نحن أشرف من الرسول : كفروا بهذا ، وإن قالوا : هو أشرف ، فنقول : لماذا يحجب عنه
الغيب وأنتم تعلمونه ؟ ! وقد قال الله عز وجل عن نفسه : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا
يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ
يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) ، وهذه آية ثانية تدل على
كفر من ادعى علم الغيب ، وقد أمر الله تعالى نبيَّه صلي الله عليه وسلم أن يعلن
للملأ بقوله : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ
الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى )
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 1 / السؤال رقم 22 ) .
والذي يتنبأ بالمستقبل يسمَّّّى " كاهناً " ، ولا يحل سؤاله ولا
إتيانه ، وأما صدقهم أحياناً في تنبؤاتهم فإما أن يكون من باب موافقة القدَر ، وإما
أن يكون من الجن الذي يسترق السمع ، فيلقي الجنُّ الكلمة على الكاهن فيكذب معها مئة
كذبة .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : سأل رسولَ الله صلى الله عليه
وسلم ناسٌ عن الكهان فقال : ليس بشيء ، فقالوا : يا رسول الله إنهم يحدثونا أحياناً
بشيء فيكون حقا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلك الكلمة من الحق يخطفها
من الجني فيقرها في أذن وليه فيخلطون معها مائة كذبة . رواه البخاري ( 5429
) ومسلم ( 2228 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
قال القرطبي : كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع
والأحكام ويرجعون إلى أقوالهم , وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية , لكن بقي في
الوجود من يتشَّبه بهم , وثبت النهي عن إتيانهم فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم .
قوله : " إنهم يحدثوننا أحيانا بشيء فيكون حقا " في رواية يونس "
فإنهم يتحدثون " هذا أورده السائل إشكالا على عموم قوله " ليسوا بشيء " لأنه فهِم
أنهم لا يصدقون أصلا فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق , وأنه إذا اتفق
أن يصدق لم يتركه خالصا بل يشوبه بالكذب ...
قال الخطابي : بيَّن صلى الله عليه وسلم أن إصابة الكاهن أحيانا
إنما هي لأن الجني يلقي إليه الكلمة التي يسمعها استراقا من الملائكة فيزيد عليها
أكاذيب يقيسها على ما سمع , فربما أصاب نادرا وخطؤه الغالب . " فتح الباري "
( 10 / 219 ، 220 ) .
أما ما ذكر في السؤال من ما رأته تلك المرأة في منامها ، فإن مثل
هذه الأحلام لا يؤخذ منها أي دليل على حكم شرعي فضلا عن أن تدل على مصادمة لقضية من
قضايا العقيدة المقررة وعليه فيُعدُّ ما رأته في منامها نوعا من أنواع تلاعب
الشيطان بها واستغلاله لجهلها.
ولمعرفة أحكام ما يُرى في المنام تراجع الأسئلة ( 25768 ) ، ( 6537 ) ، ( 23367 )
والله أعلم .
*****
45597
الكلام أثناء الجماع لإثارة الشهوة
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4486)
سؤال رقم 45597- الكلام أثناء الجماع لإثارة الشهوة
هل يجوز التلفظ بكلام خارج ( كلام غير مباح ) أثناء الجماع لإثارة الشهوة عند الزوجة ؟ .
الحمد لله
يجوز للزوج والزوجة أن يتلفظا بما يشاءان مما يثير الشهوة عند
الجماع ، ولا يشترط أن يكون ذلك مما ورد في السنَّة ، لكن لا يجوز أن يكون الكلام
من المحرمات الشرعية كأن يكون كذباً أو قذفاً ، فذِكر الأعضاء الجنسية بألفاظها
العرفية ، أو غيرها مما يثير الشهوة بقول أو فعل فالأصل فيه الإباحة .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهية هذا ، ورأوه منافياً لمكارم
الأخلاق ، والصحيح أنه جائز ، وأننا لو قلنا بالكراهية فإنها تزول بأدنى حاجة ،
والحاجة متوفرة هنا .
وإذا كان يجوز للزوج لمس فرج زوجته والنظر إليه والاستمتاع به ،
فإن يجوز من باب أولى أن يسميه باسمه استثارة لزوجته ، والعكس – كذلك -
وانظر جواب السؤال رقم : ( 13621 ) .
والله أعلم .
*****
45600
زوجها لا يعطيها إلا النفقة ويعيش بعيداً عنها فهل تطلب الطلاق ؟
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4487)
سؤال رقم 45600- زوجها لا يعطيها إلا النفقة ويعيش بعيداً عنها فهل تطلب الطلاق ؟
طلقتُ مرتين ، الأولى : بسبب طلبي من زوجي أن يجعل لي ولأبنائي ولو يوماً في الشهر يجلس بيننا بعيداً عن رغباته ورغبات أهله ، والثانية : بسبب حبه لأخرى وإهانته لي أمام أبنائي وتفضيله لها علي وعدم مراعاة شعوري وشعور أبنائي وهو يبثها حبه وغرامه عبر الهاتف على مرأى ومسمع مني دون زواج ، والآن سافر وتركني وحدي مع أبنائنا ولا يربطنا به سوى المصروف الذي يرسله عن طريق أهله .
هل لو طلقت سيعوضني الله خيراً وسيغنيني من فضله وسيعوضني عما رأيته من ظلم مع هذا القاسي أم سيكون عدم رضا بقضاء الله ؟ وهل من حقي أن يكون لي زوج أعيش معه في مودة ورحمة وسكن أم أرضى وأعيش عيشة الذل أنا وأبنائي من أجل المصروف الشهري الذي يرسله كل شهر عن طريق أهله زيادة في إهانتي وذلي ؟ وهل أعتبر صابرة أم ضعيفة ومنكسرة لأنني رضيت بهذه الحياة طوال 11 عاما خوفا من كلمة الطلاق ؟.
الحمد لله
أولاً :
أباح الله التعدد للرجل ، ونهاه عن الظلم ، فإن رغب الزوج في
التعدد فإما أن يمسك الأولى بمعروف أو يسرحها بإحسان ، ولا يحل له أن يبقيها في
عصمته مع هجره لها ، وعدم إعطائها حقوقها ، ولا يحل له أن يفرِّط في رعاية وتربية
أبنائه ، فلم يشرع التعدد لهدم البيوت بل لبنائها وتكثيرها .
وهذا الهجر والتفريط حرام عليه إذا كان مقترناً بأخرى وفق الشرع
، فكيف يكون الحكم لو كان هجره وتفريطه بسببٍ غير شرعي كالعلاقات المحرمة ،
والسهرات الفاسدة ؟ .
ثانياً :
وللزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا لم يمكنها الصبر على سوء
خلقه ، وليس هذا من عدم الرضا بقدر الله تعالى ، بل في بعض الأحيان قد يحرم البقاء
مع زوج يرتكب الكبائر ولا يُؤمن جانبه على أولاده ، وبما أن الطلاق مشروع ، بل قد
يجب أن تطلبه أحياناً ، فلا وجه للظن بأن هذا يخالف الإيمان بالقدر ؛ لأن الله
تعالى يقدر الزواج ويقدر الطلاق .
ومن حق الزوجة أن تعيش مع زوجٍ يعاشرها بالمعروف ، وأن تحظى بزوج
تسكن إليه ويكون لباساً لها ، ويكون بينها وبينه مودة ورحمة ، وهو ما لأجله شُرع
الزواج ، وإن أي فقدٍ لشيء مما ذكرنا فهو مخالف للحكمة التي من أجلها شرع الزواج .
ومن هنا كان الواجب على الزوج أن يختار صاحبة الدِّين ، وعلى
الأولياء أن يزوجوا مولياتهم من أهل الدِّين والخلق ؛ لأن البيت المسلم إذا قام على
شرع الله تعالى فإنه لا يُرى فيه ظلم وتعد ، فإن كرهت زوجها لسبب شرعي طلبت الطلاق
أو خالعته ، وإن كرهها طلقها وأعطاها حقوقها كاملة ، فإما أن يمسك بمعروف أو يسرِّح
بإحسان .
وإذا حصل الطلاق فقد يقدِّر الله تعالى لها زوجاً صالحاً ، كما
قال تعالى : { وَإِنْ يَتَفرَّقا يُغْنِ الله كلاًّ مِن سَعَتِه } .
ثالثاً :
ومن النساء من تصبر على زوجها لاحتمال أن يصلح الله حاله ، أو من
أجل أن يبقى على اتصال بأولاده رعاية وتربية وإنفاقاً ، فإن طالت المدة ولم يُصلَح
حاله ، أو أنه أساء كثيراً لزوجته وأولاده ، وعندها ما يكفيها للنفقة على نفسها
وأولادها : فلا وجه لبقائها في عصمته ، بل تخلصها منه هو الصواب لتعيش حياة أكرم
وأفضل ، ولتربِّي أبناءها على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
وعليكِ أن تحاسبي نفسك ، وأن تتوبي إلى الله سبحانه مما قد صدر
منكِ من سيئات أو أخطاء في حق الله ، أو في حق زوجك ، أو في حق غيره ، فلعله إن
يكون ما حصل معك عقوبة لمعاصٍ اقترفتِها فالله تعالى يقول : { وَمَا أَصَابَكُم مِن
مُصِيبةٍ فَبِمَا كَسَبت أَيْديكُم وَيعْفو عَنْ كَثِيرٍ } .
وتأملي في وضعك جيداً وفي حقيقة إمكان أن يتيسر لك زوج بعده أو
تعيشي حياة هادئة بدونه ، واستشيري ممن حولك ممن هو ألصق بك ، وأنصح لك فإن وافقوك
على الطلاق والحال على ما ذكرتِ في سؤالك فاستخيري الله تعالى فإن اطمأنت نفسك
للطلاق فأقدمي وأسألي الله أن يغنيك من سعته نسأل الله أن يصلح حالك وأن يفرج همك
وأن يصلح بينكما إن كان في ذلك خير لكما .
والله أعلم .
*****
45611
حكم الاقتداء بالإمام من خارج المسجد أو الصلاة خلف المذياع
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4488)
سؤال رقم 45611- حكم الاقتداء بالإمام من خارج المسجد أو الصلاة خلف المذياع
شاهدنا في شهر رمضان عبر التلفاز أن بعض الأشخاص يصلون التراويح مع إمام الحرم وهم في مساكنهم المجاور للحرم ، فما حكم ذلك ؟
الحمد لله
من أراد أن يصلي في مسجد جماعة فلا بد أن يسعى إلى المسجد ، فإذا
اقتدى بالإمام من بيته فلا جماعة له ، ولو كان يرى الإمام أو المأمومين ، وقد فصَّل
الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في هذه المسألة تفصيلاً حسناً .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في شرحه كتاب زاد المستقنع :
قوله : " وكذا خارجه إن رأى الإِمام أو المأمومين " .
أي : وكذا يصحُّ اقتداءُ المأمومِ بالإِمامِ إذا كان خارجَ
المسجدِ بشرطِ أنْ يَرى الإِمامَ أو المأمومين ، وظاهرُ كلام المؤلِّفِ : أنَّه لا
يُشترط اتِّصالُ الصُّفوفِ ، فلو فُرِضَ أنَّ شخصاً جاراً للمسجد ، ويرى الإِمامَ
أو المأمومين مِن شُبَّاكه ، وصَلَّى في بيتِه ، ومعه أحدٌ يزيل فَذِّيَّتَه ( أي
يخرجه من كونه منفرداً ) فإنه يَصِحُّ اقتداؤه بهذا الإِمامِ ؛ لأنه يسمعُ التكبيرَ
ويرى الإِمامَ أو المأمومين .
وظاهرُ كلامِ المؤلِّفِ : أنَّه لا بُدَّ أن يرى الإِمامَ أو
المأمومين في جميع الصَّلاةِ ؛ لئلا يفوته الاقتداءُ ، والمذهبُ : يكفي أنْ يراهم
ولو في بعضِ الصَّلاةِ .
إذاً ؛ إذا كان خارجَ المسجدِ فيُشترطُ لذلك شرطان :
الشرطُ الأول : سماعُ التكبيرِ .
الشرطُ الثاني : رؤيةُ الإِمامِ أو المأمومين ، إما في كُلِّ
الصَّلاةِ على ظاهرِ كلامِ المؤلِّفِ ، أو في بعضِ الصَّلاةِ على المذهبِ .
وظاهرُ كلامِهِ : أنَّه لا يُشترط اتِّصال الصُّفوفِ فيما إذا
كان المأمومُ خارجَ المسجدِ ، وهو المذهب .
والقول الثاني - وهو الذي مشى عليه صاحبُ " المقنع " - : أنَّه
لا بُدَّ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ ، وأنَّه لا يَصِحُّ اقتداءُ مَن كان خارجَ
المسجدِ إلا إذا كانت الصُّفوفُ متَّصلةً ؛ لأنَّ الواجبَ في الجماعةِ أن تكون
مجتمعةً في الأفعالِ وهي متابعة المأمومِ للإِمام والمكان ، وإلا لقلنا : يَصِحُّ
أن يكون إمامٌ ومأمومٌ واحد في المسجد ، ومأمومان في حجرة بينها وبين المسجد مسافة
، ومأمومان آخران في حجرة بينه وبين المسجدِ مسافة ، ومأمومان آخران بينهما وبين
المسجد مسافة في حجرة ثالثة ، ولا شَكَّ أنَّ هذا توزيعٌ للجماعةِ ، ولاسيَّما على
قولِ مَن يقول : إنَّه يجب أن تُصلَّى الجماعةُ في المساجد .
فالصَّوابُ في هذه المسألة : أنَّه لا بُدَّ في اقتداءِ مَن كان
خارجَ المسجدِ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ ، فإنْ لم تكن متَّصِلة : فإنَّ الصَّلاة لا
تَصِحُّ .
مثال ذلك : يوجد حولَ الحَرَمِ عَماراتٌ ، فيها شُقق يُصلِّي
فيها الناسُ ، وهم يَرَون الإِمامَ أو المأمومين ، إما في الصَّلاةِ كلِّها ؛ أو في
بعضِها ، فعلى كلامِ المؤلِّفِ : تكون الصَّلاةُ صحيحةً ، ونقول لهم : إذا سمعتم
الإِقامة فلكم أنْ تبقوا في مكانِكم وتصلُّوا مع الإِمام ولا تأتوا إلى المسجدِ
الحرام .
وعلى القول الثاني : لا تَصِحُّ الصَّلاةُ ؛ لأنَّ الصفوفَ غيرُ
متَّصلةٍ ، وهذا القولُ هو الصَّحيحُ ، وبه يندفع ما أفتى به بعضُ المعاصرين مِن
أنَّه يجوز الاقتداءُ بالإِمامِ خلفَ " المِذياعِ " ، وكَتَبَ في ذلك رسالةً
سمَّاها : " الإقناع بصحَّةِ صلاةِ المأمومِ خلفَ المِذياع " ، ويلزمُ على هذا
القول أن لا نصلِّيَ الجمعةَ في الجوامع بل نقتدي بإمام المسجدِ الحرامِ ؛ لأنَّ
الجماعةَ فيه أكثرُ فيكون أفضلَ ، مع أنَّ الذي يصلِّي خلفَ " المِذياع " لا يرى
فيه المأموم ولا الإِمامَ ، فإذا جاء " التلفاز " الذي ينقل الصَّلاة مباشرة يكون
مِن بابِ أَولى .
ولكن هذا القولُ لا شَكَّ أنَّه قولٌ باطلٌ ؛ لأنه يؤدِّي إلى
إبطالِ صلاةِ الجماعةِ أو الجُمعة ، وليس فيه اتِّصالَ الصُّفوفِ ، وهو بعيدٌ مِن
مقصودِ الشَّارعِ بصلاةِ الجمعةِ والجماعةِ .
...
والذي يصلِّي خلفَ " المِذياع " يصلِّي خلفَ إمامٍ ليس بين يديه
بل بينهما مسافات كبيرة ، وهو فتح باب للشر ؛ لأنَّ المتهاون في صلاةِ الجُمُعة
يستطيع أن يقولَ : ما دامتِ الصَّلاةُ تَصِحُّ خلفَ " المِذياع " و " التلفاز " ،
فأنا أريدُ أن أصلِّيَ في بيتي ، ومعيَ ابني أو أخي ، أو ما أشبه ذلك نكون صفَّاً .
فالرَّاجح : أنه لا يَصِحُّ اقتداءُ المأمومِ خارجَ المسجد إلا
إذا اتَّصلتِ الصُّفوف ، فلا بُدَّ له مِن شرطين :
1. أن يَسمعَ التكبيرَ .
2. اتِّصال الصُّفوف .
أما اشتراطُ الرُّؤيةِ : ففيه نظر ، فما دام يَسمعُ التَّكبير
والصُّفوف متَّصلة : فالاقتداء صحيح ، وعلى هذا ؛ إذا امتلأ المسجدُ واتَّصلتِ
الصُّفوف وصَلَّى النَّاسُ بالأسواقِ وعلى عتبة الدَّكاكين : فلا بأس به .
" الشرح الممتع " ( 4 / 297 – 300 ) .
والله أعلم.
*****
45617
هل تجوز الصلاة على المنتحر ؟
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4489)
سؤال رقم 45617- هل تجوز الصلاة على المنتحر ؟
أرجو إفادتي ، هل يجوز صلاة الجنازة على المنتحر ؟ .
الحمد لله
قتل النفس من كبائر الذنوب ، وقد جاء الوعيد الشديد في حق من فعل
ذلك ، لكنه لا يخرج عن دائرة الإسلام ، وقد جاءت السنة بجواز الصلاة على المنتحر من
عامة الناس ، والمشروع في حق الخاصة مثل أهل العلم والفضل ترك الصلاة عليه ردعاً
وزجراً لأمثاله .
عن جابر بن سمرة قال : أُتِي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل
نفسه بمشاقص فلم يصل عليه . رواه مسلم ( 978 ) .
والمِشقص : سهم عريض له طرف حاد .
قال النووي :
قال العلماء : هذا الحديث محمول على التنفير من الانتحار ، كعدم
صلاته الجنازة على من عليه ديْن ، وقد صلت الصحابة على المدين بأمر النبي صلى الله
عليه وسلم ، وذلك للتنفير من الديْن وليس لأنه كافر ، وتكره عند مالك الصلاة على
المرجوم بحد ، والفساق ، وذلك زجرًا لهم . " شرح مسلم " ( 7 / 47 ) .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن رجل يدعي المشيخة : فرأى ثعبانا , فقام بعض من حضر ليقتله ,
فمنعه عنه , وأمسكه بيده , على معنى الكرامة له , فلدغه الثعبان فمات . فهل تجوز
الصلاة عليه أم لا ؟.
فأجاب :
الحمد لله رب العالمين ، ينبغي لأهل العلم والدين أن يتركوا
الصلاة على هذا , ونحوه , وإن كان يصلي عليه عموم الناس كما امتنع النبي صلى الله
عليه وسلم من الصلاة على قاتل نفسه , وعلى الغال من الغنيمة , وقال : صلوا على
صاحبكم ، وقالوا لسمرة بن جندب : إن ابنك البارحة لم يبت , فقال : بشما ؟ (أي هل
عدم نومه بسبب كثرة الأكل ) قالوا : نعم , قال : أما إنه لو مات لم أصلِّ عليه .
فبين سمرة أنه لو مات بشما لم يصل عليه ; لأنه يكون قاتلا لنفسه بكثرة الأكل ، فهذا
الذي منع من قتل الحية , وأمسكها بيده حتى قتلته , أولى أن يترك أهل العلم والدين
الصلاة عليه ؛ لأنه قاتل نفسه ... " الفتاوى الكبرى " ( 3 / 20 ، 21 ) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله – أيضاً - :
ومن امتنع من الصلاة على أحدهم - أي : الغال والقاتل والمدين -
زجراً لأمثاله عن مثل فعله كان حسناً ، ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن
ليجمع بين المصلحتين : كان أولى من تفويت إحداهما . " الاختيارات العلمية "
( ص 52 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز :
من قتل نفسه فهل يصلَّى عليه ؟ .
فأجاب :
يصلِّي عليه بعض المسلمين كسائر العصاة ؛ لأنه لا يزال في حكم
الإسلام عند أهل السنة .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 13 / 162 ) .
وسئل – رحمه الله - :
هل قاتل نفسه يغسل ويصلى عليه ؟ .
فأجاب :
قاتل نفسه يغسل ويصلي عليه ويدفن مع المسلمين ؛ لأنه عاص وهو ليس
بكافر ؛ لأن قتل النفس معصية وليس بكفر .
وإذا قتل نفسه والعياذ بالله يغسل ويكفن ويصلي عليه ، لكن ينبغي
للإمام الأكبر ولمن له أهمية أن يترك الصلاة عليه من باب الإنكار ؛ لئلا يظن أنه
راض عن عمله، والإمام الأكبر أو السلطان أو القضاة أو رئيس البلد أو أميرها إذا ترك
ذلك من باب إنكار هذا الشيء وإعلان أن هذا خطأ فهذا حسن ، ولكن يصلي عليه بعض
المصلين .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 13 / 122 ) و " فتاوى إسلامية " ( 2 / 62 ) .
والله أعلم .
*****
45618
حكم الجهاد للمرأة
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/4490)
سؤال رقم 45618- حكم الجهاد للمرأة
سؤال مهم جدا حيرني ما هو حكم الجهاد للمرأة ؟.
الحمد لله
الجهاد غير واجب على المرأة، قال ابن قدامة رحمه الله : ( ويشترط
لوجوب الجهاد سبعة شروط ; الإسلام , والبلوغ , والعقل , والحرية , والذكورية ,
والسلامة من الضرر , ووجود النفقة . فأما الإسلام والبلوغ والعقل , فهي شروط لوجوب
سائر الفروع , ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد , والمجنون لا يتأتى منه الجهاد
والصبي ضعيف البنية , وقد روى ابن عمر , قال : { عرضت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة , فلم يجزني في المقاتلة } . متفق عليه . ......وأما الذكورية فتشترط ; لما روت عائشة , قالت { : يا رسول
الله , هل على النساء جهاد ؟ فقال : جهاد لا قتال فيه ; الحج , والعمرة } . ولأنها
ليست من أهل القتال ; لضعفها .. ) انتهى من المغني 9/163
وحديث عائشة رضي الله عنها رواه أحمد (25361) وابن ماجه ( 2901) وصححه الألباني
في صحيح سنن ابن ماجه .
وهل تخرج المرأة لمساعدة المجاهدين ومداواة الجرحى ؟
قال السرخسي في شرح السير الكبير (1/184) : ( باب قتال النساء مع
الرجال وشهودهن الحرب . قال : لا يعجبنا أن يقاتل النساء مع الرجال في الحرب ; لأنه
ليس للمرأة بنية صالحة للقتال , كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في
قوله :" هاه , ما كانت هذه تقاتل". وربما يكون في قتالها كشف عورة المسلمين , فيفرح
به المشركون وربما يكون ذلك سببا لجرأة المشركين على المسلمين , ويستدلون به على
ضعف المسلمين فيقولون : احتاجوا إلى الاستعانة بالنساء على قتالنا , فليتحرز عن هذا
, ولهذا المعنى لا يستحب لهم مباشرة القتال , إلا أن يضطر المسلمون إلى ذلك , فإنّ
دفع فتنة المشركين عند تحقق الضرورة بما يقدر عليه المسلمون جائز بل واجب . واستدل
عليه بقصة حنين.
وفي أواخر تلك القصة : " قالت أم سليم بنت ملحان , وكانت يومئذ
تقاتل شادة على بطنها بثوب : يا رسول الله أرأيت هؤلاء الذين فروا منك وخذلوك , فلا
تعف عنهم إن أمكنك الله منهم , فقال صلى الله عليه وسلم : يا أم سليم عافية الله
أوسع , فأعادت ذلك ثلاث مرات , وفي كل ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عافية الله أوسع " . وفي المغازي أنها قالت : ألا نقاتل يا رسول الله هؤلاء
الفرارين فنقتلهم كما قاتلنا المشركين ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : عافية الله أوسع
. وأية حاجة إلى قتال النساء أشد من هذه الحاجة حين فروا عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأسلموه , وفي هذا بيان أنه لا بأس بقتالهن عند الضرورة ; لأن الرسول لم
يمنعها في تلك الحالة , ولم ينقل أنه أذن للنساء في القتال في غير تلك الحالة .
قال : ولا بأس بأن يحضر منهن الحرب العجوز الكبيرة فتداوي الجرحى
, وتسقي الماء , وتطبخ للغزاة إذا احتاجوا إلى ذلك , لحديث عبد الله بن قرط الأزدي
قال : كانت نساء خالد بن الوليد ونساء أصحابه مشمرات , يحملن الماء للمجاهدين
يرتجزن , وهو يقاتل الروم , والمراد العجائز , فالشواب يمنعن عن الخروج لخوف الفتنة
, والحاجة ترتفع بخروج العجائز . وذكر عن أم مطاع , وكانت شهدت خيبر مع النبي صلى
الله عليه وسلم قالت : رأيت أسلم ( وهي قبيلة من قبائل العرب ) حيث شكوا إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما يلقون من شدة الحال فندبهم إلى الجهاد فنهضوا . ولقد
رأيت أسلم أول من انتهى إلى الحصن فما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى فتحه الله
علينا.
ففي هذا بيان أنها كانت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يمنعها من ذلك فعرفنا أنه لا بأس للعجوز أن تخرج لإعانة المجاهدين بما يليق بها
من العمل والله الموفق) انتهى.
وقال في كشاف القناع (3/62) : (( و ) يمنع ( نساء ) للافتتان بهن
, مع أنهن لسن من أهل القتال , لاستيلاء الخور ( أي الضعف ) والجبن عليهن ; ولأنه
لا يؤمن ظفر العدو بهن , فيستحلون منهن ما حرم الله تعالى قال بعضهم : ( إلا امرأة
الأمير لحاجته ) لفعله صلى الله عليه وسلم . ( و ) إلا امرأة ( طاعنة في السن
لمصلحة فقط كسقي الماء ومعالجة الجرحى ) لقول الربيع بنت معوذ : " كنا نغزو مع
النبي صلى الله عليه وسلم نسقي الماء ونخدمهم , ونرد الجرحى , والقتلى إلى المدينة
" رواه البخاري وعن أنس معناه رواه مسلم ; ولأن الرجال يشتغلون بالحرب عن ذلك ,
فيكون معونة للمسلمين وتوفيرا في المقاتلة) .
وهذا كله ما لم يتعين الجهاد بأن دهم العدو بلد المسلمين، فإنه
يجب الجهاد على كل قادر رجلاً كان أم امرأة ، فتخرج المرأة بغير إذن زوجها، قال
الكاساني الحنفي رحمه الله : ( فأما إذا عم النفير بأن هجم العدو على بلد , فهو فرض
عين يفترض على كل واحد من آحاد المسلمين ممن هو قادر عليه ; لقوله سبحانه وتعالى (
انفروا خفافا وثقالا ) قيل : نزلت في النفير . وقوله سبحانه وتعالى ( ما كان لأهل
المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه)
....) انتهى من بدائع الصنائع 7/98.
وجاء نحو هذا في الشرح الصغير من كتب المالكية (2/274) : أن
الجهاد إذا تعيّن بأن هجم العدو على بلاد المسلمين فإنه يجب على كلّ قادر عليه من
الرجال والنساء .
وخلاصة الجواب :
أن الجهاد لا يجب على المرأة في الأصل ، إلا إنه عند الضرورة ،
كما لو هجم الكفار على بلاد المسلمين فإنه يجب عليها الجهاد ، وحينئذ عل حسب قدرتها
واستطاعتها ، فإن كانت غير مستطيعة فلا يجب عليها لقول الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ
اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) سورة البقرة/286
والله أعلم .
*****
45620
هل لأولادها من الرضاع علاقة بزوجها الآخر ؟
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/4491)
سؤال رقم 45620- هل لأولادها من الرضاع علاقة بزوجها الآخر ؟
ولد رضع من امرأة مع ابن لها ، ثم طلقت هذه المرأة وتزوجت من رجل آخر وأنجبت أولاداً وبنات ، وكذلك زوجها الأول تزوج من امرأة أخرى وأنجبت له أولاداً وبنات .
سؤالي :
أرجو إفادتي عن إخوة هذا الولد من الرضاع هل هم أولاد وبنات المرأة أم أولاد وبنات الرجل ؟ مع العلم بأن هذه المرأة تقول إنها أرضعت هذا الولد عدة أيام وكان ابنها يرضع من ثدي وهذا الولد يرضع من الثدي الآخر.
الحمد لله
1. إذا ارتضع الطفل أو الطفلة من امرأةٍ خمس رضعات في الحولين
قبل الفطام : صار ولدها من الرضاعة باتفاق الأئمة ، في التحريم والحرمة ، وصار
الرجل الذي درَّ هذا اللبن بوطئه أباً لهذا المرتضع من الرضاعة باتفاق الأئمَّة
المشهورين ، وهذا يسمى " لبن الفحل " ، وقد ثبت ذلك بسنَّة رسول الله صلى الله عليه
وسلم .
2. وإذا صار الرجل والمرأة والدي المرتضع صار كلٌّ من أولادهما
إخوة المرضع ، سواء كانوا من الأب فقط ، أو من المرأة ، أو منهما ، أو كانوا
أولاداً لهما من الرضاعة ؛ فإنهم يصيرون إخوة لهذا المرتضع من الرضاعة ، حتى لو كان
لرجل امرأتان فأرضعت هذه طفلا وهذه طفلة كانا أخوين ولم يجز لأحدهما التزوج بالآخر
باتفاق الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين ، وهذه المسألة سئل عنها ابن عباس
فقال : " اللقاح واحد " يعنى : الرجل الذي وطىء المرأتين حتى درَّ اللبن واحد .
3. ولا فرق باتفاق المسلمين بين أولاد المرأة الذين رضعوا مع
الطفل وبين من ولد لها قبل الرضاعة وبعد الرضاعة باتفاق المسلمين .
انظر : " مجموع الفتاوى " ( 34 / 31 ، 32 ) .
4. ولا علاقة بين أولاد المرأة وبناتها بالنسب أو بالرضاعة
بزوجها الثاني من حيث الأبوة في الرضاعة ، فاللبن هو لبن زوجها الأول وهو والدهم
جميعاً ، إلا أن زوجها الثاني هو زوج أمهم ، وبزواجه منها تحرم عليه بناتها بالنسب
لأنهن ربائب له وهو قد دخل بأمهن فأصبحن محرمات عليه ، لقوله تعالى : (
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ ) النساء/23 ، أما علاقة بنات المرأة من الرضاعة بزوج هذه المرأة الأخر غير
صاحب اللبن ، هل هن محرّمات عليه لكونه زوجاً لأمهنّ من الرضاعة أو لسن محرمات عليه
، فهذا محل خلاف معتبر بين العلماء .
فالجمهور يرون أن بنات المرأة من الرضاع محرمات على زوجها الثاني
لأنه زوج أمهن .
ورجّح شيخ الإسلام ابن تيمية وتابعه الشيخ ابن عثيمين أنهنّ لا
يحرمن عليه .
لأن الحديث : " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب " البخاري 2645 وتحريم هؤلاء البنات على زوج من أرضعتهن الذي اعتبره
الجمهور ليس تحريماً من جهة النسب وإنما من جهة المصاهرة فلا يدخل في الحديث .
وعلى هذا القول فإنه يجب على من أرضعتهن هذه المرأة أن يحتجبن من
زوجها الثاني لأنه ليس محرماً لهن .
قال الشيخ العثيمين رحمه الله ( ولو ذهب ذاهب إلى حالة وسط في
هذه المسألة فقال بقول الجمهور في أنه لا يحل له نكاحها ، وإلى قول شيخ الإسلام ابن
تيمية بأنها ليست من محارمه وعمل بالاحتياط لكان هذا له وجه لأن الاحتياط على هذا
الوجه جاءت به السنة وهو أَنَّ َسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ تنازع هو وعَبْدَ بْنَ
زَمْعَةَ فِي عبد لزَمْعَةَ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هذا ابن أَخِي عتبة
بن أبي وقاص عهد به إليَّ فهو ابنه وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هذا أَخِي وَابْنُ
أَمَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ
زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ثم قال لسودة بنت زمعة وهي إحدى أمهات المؤمنين :
َاحْتَجِبِي عنْهُ يَا سَوْدَةُ ) البخاري 2053 و مسلم
1457 ، مع أنه قضى
بأنه أخ لها وقال احتجبي منه لأنه رأى شبها بينا بعتبة . فهذا حكم النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحكم مبني على الاحتياط . فأمر بالاحتجاب من أجل الشبهة
وقضى بأنه أخوها لأنه وُلد على فراش أبيها ) دروس
الحرم المكي ج3ص245 .
والله تعالى أعلم .
وللمزيد : انظر جواب السؤال : ( 40226 ) .
*****
45622
حكم قول الإمام للمأمومين " صلوا صلاة مودع "
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4492)
سؤال رقم 45622- حكم قول الإمام للمأمومين " صلوا صلاة مودع "
ما حكم قول الإمام قبل تكبيرة الإحرام " وجهوا قلوبكم إلى الله " ، وأيضاً " صلوا صلاة مودَع " ؟.
الحمد لله
أولاً :
من السنَّة أن يسوِّي الإمام الصفوف بنفسه ، وأن يأمر المأمومين
بتسوية الصفوف ، وقد تنوعت العبارات الواردة في السنَّة ، وكلها تأمر المأمومين
بتسوية الصفوف ، وتحذرهم من مخالفة ذلك ، ومما ورد : " أقيموا صفوفكم وتراصوا " ، "
سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة " ، " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من
تمام الصلاة " ، " أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة " ، "
استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم " ، " أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا
الخَلل " ، وغير ذلك من الألفاظ .
ولا حاجة لشيء من هذه الألفاظ وغيرها إذا كان الإمام قد رأى
الصفَّ مستوياً .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
لكن لو التفت – يعني الإمام – ووجد الصف مستقيماً متراصاً ،
والناس متساوون في أماكنهم ، فالظاهر أنه لا يقول لهم استووا ، لأنه أمر قد حصل إلا
أن يريد اثبتوا على ذلك ؛ لأن هذه الكلمات لها معناها ، ليست كلمات تقال هكذا بلا
فائدة ...
" أسئلة الباب المفتوح " ( رقم 62 ) .
ولا نعلم في السنة الصحيحة شيئاً يأمر الإمام به المصلين فيما
يتعلق بصلاتهم من حيث الخشوع وتوجيه القلوب إلى الله والصلاة كأنها صلاة مودِّع وما
أشبه هذا ، فمداومة الإمام على ذلك يُخشى أن يدخل في باب البدعة ، ولا بأس أن يقول
مثل هذا التذكير لكن أحياناً دون الاستمرار عليه والالتزام به في كل صلاة .
ولفظة " وجهوا قلوبكم إلى الله " لم نجد لها أصلاً ، وأما لفظة "
صلِّ صلاة مودِّع " فقد صحَّت عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنها وصية عامة ، ولا
تعلق لها بما يقوله الإمام قبل تكبيرة الإحرام .
عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قمت
في صلاتك فصلِّ صلاة مودع ، ولا تكلم بكلام تعتذر منه واجمع الإياس مما في أيدي
الناس " .
رواه ابن ماجه ( 4171 ) . وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 401 )
.
وعن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صل صلاة
مودع كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك وأيس مما في أيدي الناس تعش غنيا وإياك
وما يعتذر منه " .
رواه البيهقي في " الزهد الكبير " ( 2 / 210 ) . وهو صحيح بشواهده كما قاله
الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1914 ).
*****
45623
على من تكون زكاة الأرض المستأجرة للزراعة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4493)
سؤال رقم 45623- على من تكون زكاة الأرض المستأجرة للزراعة ؟
رجل يستأجر أرضاً زراعية ، هل الزكاة تستحق على المالك أم على المستأجر ؟ وإذا كانت على المستأجر فهل الزكاة على المحصول بالكامل أم على المتبقي من المحصول بعد دفع الإيجار ؟ .
الحمد لله
أولاً :
مالك الأرض إن زرعها بنفسه : فزكاة ما يخرج منها عليه ، وإن
منحها وأعارها لغيره ليزرعها : فزكاة ما يخرج منها على الزارع .
واختلف أهل العلم في الأرض المستأجرة هل تكون الزكاة على المالك
أم على المستأجر الذي يزرعها ، فذهب الجمهور إلى وجوبها على المزارع ، وذهب الحنفية
إلى وجوبها على المالك.
قال ابن حزم :
ولا زكاة في تمر , ولا بر , ولا شعير : حتى يبلغ ما يصيبه المرء
الواحد من الصنف الواحد منها خمسة أوسق ; والوسق ستون صاعا ; والصاع أربعة أمداد
بمد النبي صلى الله عليه وسلم . والمد من رطل ونصف إلى رطل وربع على قدر رزانة المد
وخفته , وسواء زرعه في أرض له أو في أرض لغيره بغصب أو بمعاملة جائزة , أو غير
جائزة , إذا كان النذر غير مغصوب , سواء أرض خراج كانت أو أرض عشر .
وهذا قول جمهور الناس , وبه يقول : مالك , والشافعي , وأحمد ,
وأبو سليمان .
وقال أبو حنيفة : يزكى ما قل من ذلك وما كثر , فإن كان في أرض
خراج فلا زكاة فيما أصيب فيها , فإن كانت الأرض مستأجرة فالزكاة على رب الأرض لا
على الزارع .
" المحلى " ( 4 / 47 ) .
وقد ردَّ الأئمة على قول الحنفية وبيَّنوا أن الزكاة حق الزرع
وليس حق الأرض كما يقول الحنفية .
قال ابن قدامة المقدسي :
ومن استأجر أرضا فزرعها , فالعشر عليه دون مالك الأرض ، وبهذا
قال مالك , والثوري , وشريك , وابن المبارك , والشافعي , وابن المنذر .
وقال أبو حنيفة : هو على مالك الأرض ; لأنه من مؤنتها , فأشبه
الخراج .
ولنا : أنه واجب في الزرع , فكان على مالكه , كزكاة القيمة فيما
إذا أعده للتجارة , وكعشر زرعه في ملكه , ولا يصح قولهم : إنه من مؤنة الأرض ؛ لأنه
لو كان من مؤنتها لوجب فيها وإن لم تزرع , كالخراج , ولوجب على الذمي كالخراج ,
ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع , ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء دون مصرف الزكاة .
" المغني " ( 2 / 313 ، 314 ) .
وهو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " ( 6 / 88 ) .
ثانياً :
وبما أن الزكاة حق الزرع : فعليه أن يخرج زكاة زرعه من كامل
المحصول إذا بلغ النصاب ، وهو خمسة أوسق ، والوسَق : ستون صاعاً ، وهو ما يعادل 657
كيلو .
وليس للمزكي أن يخصم أجرة الأرض ولو كان بعد بيع الزرع - جهلاً
أو خطأً أو تأولاً - قبل أداء الزكاة .
والصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم خصم أية تكاليف ينفقها المزكي
على أرضه .
قال ابن حزم :
ولا يجوز أن يعد الذي له الزرع أو التمر ما أنفق في حرث أو حصاد
, أو جمع , أو درس , أو تزبيل أو جداد أو حفر أو غير ذلك - : فيسقطه من الزكاة
وسواء تداين في ذلك أو لم يتداين , أتت النفقة على جميع قيمة الزرع أو الثمر أو لم
تأت , وهذا مكان قد اختلف السلف فيه ... – وذكر الخلاف ثم قال : -
قال أبو محمد : أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التمر
والبر والشعير : الزكاة جملة إذا بلغ الصنف منها خمسة أوسق فصاعدا ; ولم يسقط
الزكاة عن ذلك بنفقة الزارع وصاحب النخل ; فلا يجوز إسقاط حق أوجبه الله تعالى بغير
نص قرآن ولا سنة ثابتة ، وهذا قول مالك , والشافعي , وأبي حنيفة , وأصحابنا .
" المحلى " ( 4 / 66 ) .
والله أعلم .
*****
45632
هل تشهد على شيء لم يُطلب منها وقد ينفع المشهود عليه ؟
الفقه > الشهادات >(1/4494)
سؤال رقم 45632- هل تشهد على شيء لم يُطلب منها وقد ينفع المشهود عليه ؟
أنا أعمل في مجال وحدث أن اعتدى أحد الإخوة بالسب على رئيسة القسم المباشر ، وكنت موجودة ومجموعة معي ، وطلبونا للإدلاء بالشهادة ، وسأشهد - إن شاء الله - بالحق ، هو - هداه الله - سبها علنيّاً وأمامها لعن والدها ولعنها ، وبعد ما خرج لما سحبوه للخارج ، قالت هي " أراويك – كلمة تهديد - يا كذا " لكن لم يسمعها ، ولم يقل إنها قالت " أراويك " لأنه لم يكن قريبا من المكتب وكنت أن قريبة فسمعت ، فهل أقول ذلك بالتحقيق ؟ وشكراً .
الحمد لله
هذه الكلمة هي كلمة تهديد ، وقد يكون المراد منها الشكوى عليه
للتحقيق معه ، وهو ما حصل بالفعل ، ولا نراها مؤثرة لتقال أو لا تقال في التحقيق .
وإذا كانت قد أضافت إليها كلمات أخرى فيها سب وشتم وطعن في
المعتدي عليها : فالذي يجب عليكم هو الشهادة بهذا ؛ لأنها قد تكون أخذت حقها بتلك
الكلمات بل وزيادة ، فلا يجوز معاقبته على شيء قد استوفى صاحب الحق منه حقَّه ، لأن
الرد بالسب على المتعدي نوع من أخذ الحق كما قال النووي في شرح قَوْله صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالا فَعَلَى الْبَادِئ مَا
لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُوم ) مسلم 4688 ( قَالُوا : وَإِذَا
اِنْتَصَرَ الْمَسْبُوب اِسْتَوْفَى ظُلامَته , وَبَرِئَ الأَوَّل مِنْ حَقِّهِ ,
وَبَقِيَ عَلَيْهِ إِثْم الابْتِدَاء , أَوْ الإِثْم الْمُسْتَحَقّ لِلَّهِ
تَعَالَى . وَقِيلَ : يَرْتَفِع عَنْهُ جَمِيع الإِثْم بِالانْتِصَارِ مِنْهُ ,
وَيَكُون مَعْنَى عَلَى الْبَادِئ أَيْ عَلَيْهِ اللَّوْم وَالذَّمّ لا الإِثْم ).
وإذا كانت الكلمات المقالة فيه ليس فيها استيفاء الحق فإنه – على
الأقل – قد يكون فيها استيفاء لبعض الحق ، وهو مما يرفع أو يخفف العقوبة عن الطرف
المعتدي .
ودين الإسلام أمرنا بالعدل مع كل الناس ، قال تعالى : ( وَلا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) سورة المائدة /8
والله أعلم .
*****
45635
استعمال المواد الغذائية في التجميل
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4495)
سؤال رقم 45635- استعمال المواد الغذائية في التجميل
هل يجوز استعمال المواد الغذائية في التجميل ؟ أو بمعنى آخر : هل يجوز إدخال الخضراوات والفواكه إلى دورات المياه ودعكها بالجسم . والبقاء بالحمام لمدة ساعة ؟ كل يوم ... مع تنوع الخضار وذلك بعد سلقها وإدخال بعض المواد الأخرى عليها من بهارات وغيرها ....؟.
الحمد لله
أولاً : استعمال الخضروات والفاكهة في التجميل لا ينبغي، لأنه
وضع لهذه النعم في غير موضعها، مع ما يصحب ذلك من الإسراف وتضييع الوقت، والجري خلف
كل ما يأتي من أطباء التجميل ومجلاته الخارجية الأجنبية ، ومن يحذو حذوها . ،
والمؤمن ينبغي أن تعلو همته لتحصيل الدرجات العليا في الآخرة .
ثانياً : يلاحظ أن هناك فرقاً عند العلماء بين استعمالها في
العلاج واستعمالها في التجميل فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه : ( بعض
صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه فهل
يجوز لهن ذلك ؟
فأجاب : من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله
عز وجل لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شئ آخر ليس بنجس كالعلاج
فإن هذا لا بأس به؛ لقوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) فقوله
تعالى: (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم.
وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى
هذه ، فاستعمالها أولى .
وليعلم أن التجميل لا بأس به ، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل
يحب الجمال ، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به ،
ويغفل كثيرا من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في
الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل ) انتهى نقلا عن فتاوى المرأة ، جمع
محمد المسند ص 238
ولا حرج في إدخال هذه الخضروات إلى دورة المياه ، لكن البقاء
فيها ساعة لغرض التجميل ، داخل في الإسراف كما سبق .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45638
كيف يخبر الصغير عن معنى الشيعة
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >
التربية > تربية الأولاد >(1/4496)
سؤال رقم 45638- كيف يخبر الصغير عن معنى الشيعة
لي ابن أخت ويبلغ من العمر 8 سنوات وفاجأني مرة إذ سألني قائلاًًًَ من هم الشيعة ؟ لم أدر ما أقول له إلا أني قلت له ستعرف بعد أن تكبر! ولكنه لم يرض بهذه الإجابة , وبعد أن قال له ابن أخي الصغير-عمره 10 سنوات- أنا سنة ، بادله قائلا : وأنا شيعة . فما هي الإجابة التي تتماشى مع سنه ويقتنع بها ؟ .
الحمد لله
إذا سأل الطفل عن الشيعة قيل له هؤلاء أناس غير جيدين ، يعملون
المعاصي والمخالفات ، ويسبون أصحاب نبيّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وزوجاته ، الذين هم أفضل الناس بعد الأنبياء ونحن لا نحبهم لأجل ذلك ، ولو فرض أنه
رآهم في التلفاز يتمسحون بالقبور أو يحتفلون بعاشوراء ، قيل له : هذا الذي يعملونه
لا يجوز ، ونحن لا نعبد إلا الله تعالى ، ولا نسجد لقبر ولا لغيره من المخلوقات ،
ولا نضرب أنفسنا ولا أبناءنا ، وهكذا يفهم الطفل أن هؤلاء القوم غير مرضيين ، بل
مخطئون منحرفون ، وعلى قدر انتباه الطفل وإدراكه تكون المعلومة الموجهة له .
ولتصحيح ما جرى ، يقال له : نحن سنّة ، أي نتبع سنة النبي صلى
الله عليه وسلم ، ولا نبتدع في ديننا ، ولا نفعل كما يفعل هؤلاء ، ولو أمكن أن
يشاهد الطفل شيئا من مخالفات الشيعة ، ليقترن التحذير منهم بالصورة الموضحة، كان
حسنا، وبإمكانك الوقوف على شيء من ذلك من خلال المواقع الموثوقة التي تحذّر من
الشيعة وتبيّن ضلالهم .
والله أعلم .
*****
45643
أسئلة عن الحجر الأسود
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4497)
سؤال رقم 45643- أسئلة عن الحجر الأسود
قرأت مقالة عن " الحجر الأسود " وأريد أن أتأكد من صحة الأحاديث والروايات هل هي صحيحة ويؤخذ بها أم أنها موضوعة جزاك الله كل خير ؟ والمقالة هي :
" صدِّق أو لا تصدق "
نعم ، هناك حجر واحد فقط على وجه الأرض يطفو فوق الماء ، إنه " الحجر الأسود " الموجود في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة في الحرم الشريف في مكة المكرمة ، قال جلال السيوطي : يقال إنه لما اشترى المطيع لله الحجر الأسود من أبي طاهر القرمطي جاء عبد الله بن عُكيم المحدث وقال : إن لنا في حجرنا آيتين : إنه يطفو على الماء ، ولا يحمو بالنار ، فأتى بحجر مضمخ بالطيب مغشي بالديباج ليوهموه بذلك ، فوضعوه في الماء فغرق ، ثم جعلوه في النار فكاد أن يتشقق ، ثم أتي بحجر آخر ففعل به ما فعل بما قبله فوقع له ما وقع له ، ثم أتي بالحجر الأسود فوضع في الماء فطفا ، ووضع في النار فلم يحم ، فقال عبد الله : هذا حجرنا ، فعند ذلك عجب أبو طاهر القرمطي وقال : من أين لكم ؟ فقال عبد الله : ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحجر الأسود يمين الله في أرضه يأتي يوم القيامة له لسان يشهد لمن قبَّله بحق أو باطل لا يغرق في الماء ولا يحمى بالنار ... " .
و " الحجر الأسود " هو الذي يبدأ منه الطواف في الركن الجنوبي الشرقي من الكعبة المشرفة ، وأصله من يواقيت الجنة ، ولونه المغمور أبيض كلون المقام ، وهو موضع سكب العبرات ، واستجابة الدعاء ، ويُسن استلامه وتقبيله ، وهو يمين الله في الأرض بمعنى أنه مقام مصافحة العهد مع الله على التوبة ، ويشهد يوم القيامة لكل من استلمه ، ومن فاوضه فإنما يعاهد يد الرحمن ، ومسحه يحط الخطايا حطّاً ، وهو ملتقى شفاه الأنبياء والصالحين والحجاج والمعتمرين والزوار فسبحان الله العظيم .
الحمد لله
أولاً :
الحجر الأسود هو : الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة
المشرفة من الخارج في غطاء من الفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً
ونصف المتر .
وما ذُكر في المقال الوارد ضمن السؤال فيه حق عليه أدلة صحيحة ،
وفيه ما لا أصل له .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 1902 ) أكثر ما ورد في السنة الصحيحة عن "
الحجر الأسود " ، ومنه : أن الحجر الأسود أنزله الله تعالى إلى الأرض من الجنة ،
وكان أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم ، وأنه يأتي يوم القيامة له عينان
يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق ، وأن استلامه أو تقبيله أو الإشارة
إليه : هو أول ما يفعله من أراد الطواف سواء كان حاجا أو معتمراً أو متطوعاً ، وقد
قبَّله النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبعه على ذلك أمته ، فإن عجز عن تقبيله فيستلمه
بيده أو بشيء ويقبل هذا الشيء ، فإن عجز : أشار إليه بيده وكبَّر ، ومسح الحجر مما
يكفِّر الله تعالى به الخطايا .
ثانياً :
وأما بخصوص سرقة القرامطة للحجر الأسود له ومكثه عندهم فترة
كبيرة : فصحيح .
قال ابن كثير – في حوادث 278 هـ - :
وفيها تحركت القرامطة ، وهم فرقة من الزنادقة الملاحدة أتباع
الفلاسفة من الفرس الذين يعتقدون نبوة زرادشت ومزدك ، وكانا يبيحان المحرمات .
ثم هم بعد ذلك أتباع كل ناعق إلى باطل ، وأكثر ما يفسدون من جهة
الرافضة ويدخلون إلى الباطل من جهتهم ؛ لأنهم أقل الناس عقولاً ، ويقال لهم :
الإسماعيلية ؛ لانتسابهم إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق .
ويقال لهم : القرامطة ، قيل : نسبة إلى قرمط بن الأشعث
البقار ، وقيل : إن رئيسهم كان في أول دعوته يأمر من اتبعه بخمسين صلاة في كل يوم
وليلة ليشغلهم بذلك عما يريد تدبيره من المكيدة ...
والمقصود : أن هذه الطائفة تحركت في هذه السنة ، ثم استفحل أمرهم
وتفاقم الحال بهم - كما سنذكره - حتى آل بهم الحال إلى أن دخلوا المسجد الحرام
فسفكوا دم الحجيج في وسط المسجد حول الكعبة وكسروا الحجر الأسود واقتلعوه من موضعه
، وذهبوا به إلى بلادهم في سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، ثم لم يزل عندهم إلى سنة تسع
وثلاثين وثلاثمائة ، فمكث غائباً عن موضعه من البيت ثنتين وعشرين سنة ، فإنا لله
وإنا إليه راجعون .
" البداية والنهاية " ( 11 / 72 ، 73 ) .
ثالثاً :
وأما ما ذكر من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد
ورد في ذلك حديث عند ابن ماجه (2945) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : اسْتَقْبَلَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ
شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِي طَوِيلًا ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ يَبْكِي ، فَقَالَ : ( يَا عُمَرُ ، هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ )
. ولكنه حديث ضعيف ذكره الألباني في "إرواء الغليل" (1111) وقال: ضعيف جدا
اهـ .
وأما حديث " الحجر الأسود يمين الله في الأرض " فالجواب عنه :
أنه حديث باطل لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " : " هذا حديث لا يصح " .
" العلل لابن الجوزي " ( 2 / 575 ) ، وانظر " تلخيص العلل "
للذهبي ( ص 191 ) ، وقال ابن العربي :حديث باطل فلا يلتفت إليه ، وقال شيخ الإسلام
ابن تيمية : " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت ، وعلى هذا فلا حاجة
للخوض في معناه " .
" مجموع الفتاوى " ( 6 / 397 ) .
وأما ما ذكرت من وصف الحجر الأسود بأنه موضع سكب العبرات ، فقد
ورد في ذلك حديث عند ابن ماجة ولكنه حديث ضعيف لا يصح .
رابعاً :
وأما ما ذُكر من وصف الحجر الأسود بأنه " يطفو على الماء " ،
وأنه " لا يحمو بالنار " و " استجابة الدعاء " : فمما لا أصل له في السنَّة .
والله أعلم .
*****
45645
نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4498)
سؤال رقم 45645- نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة
له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .
والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها
من ملك اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : (
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة المؤمنون/5-6
أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله
تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ
وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .
قال ابن القيم :
ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من
المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ،
وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات اللاتي
أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح : الأول لوجوه – وذكرها
- .
والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ،
وفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن عبيد
الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .
قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو
اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم .
" أحكام أهل الذمة " ( 2 / 794 ، 795 ) .
ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا
أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :
الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن
يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .
والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم
، والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها ،
فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا يعترفون
بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها هدمت بيته وأخذت
أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة البلاد ، ولا يخفى الضعف
والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان المسلمين .
والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من
المسلمات ، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها
، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق الزوج ،
وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج كتابية على تربية
أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي تلك الأم التي تكفر بالله
تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .
لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذٍ ولا
يُنصح به ، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته
أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن النظر
الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ، فإنما الجمال جمال
الدين والأخلاق .
وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين
أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً
منه " كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه
. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب السؤال رقم : ( 2527 ) .
والله أعلم .
*****
45645
نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
الفقه > معاملات > النكاح > عقد النكاح >
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4499)
سؤال رقم 45645- نظرة واقعية للزواج من الكتابيات
هل يحق للرجل المسلم الزواج من امرأة نصرانية أو يهودية كما تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية ؟.
الحمد لله
لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية ، بل كانت أمَة
له ، وكان قد أهداها له المقوقس صاحب مصر ، وذلك بعد صلح الحديبية .
والأمة يجوز الاستمتاع بها ومعاشرتها حتى لو لم تكن مسلمة لأنها
من ملك اليمين والله تعالى أباح ملك اليمين من غير شرط الإسلام قال تعالى : (
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) سورة المؤمنون/5-6
أما الزواج من نصرانية أو يهودية فهو جائز بنص القرآن بقوله
تعالى : ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ
الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ
وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ) المائدة / 5 .
قال ابن القيم :
ويجوز نكاح الكتابية بنص القرآن ، قال تعالى : { والمحصنات من
المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ، والمحصنات هنا هن العفائف ،
وأما المحصنات المحرمات في سورة النساء فهن المزوجات ، وقيل : المحصنات اللاتي
أُبحن هن الحرائر ، ولهذا لم تحل إماء أهل الكتاب ، والصحيح : الأول لوجوه – وذكرها
- .
والمقصود : أن الله سبحانه أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب ،
وفعله أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم ، فتزوج عثمان نصرانية ، وتزوج طلحة بن عبيد
الله نصرانية ، وتزوج حذيفة يهودية .
قال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن المسلم يتزوج النصرانية أو
اليهودية ، فقال : ما أحب أن يفعل ذلك ، فإن فعل فقد فعل ذلك بعض أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم .
" أحكام أهل الذمة " ( 2 / 794 ، 795 ) .
ونحن وإن قلنا بالجواز ، ولا نشك بذلك للنص الواضح فيه ، إلا
أننا لا نرى أن يتزوج المسلم كتابية ، وذلك لأمور :
الأول : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون عفيفة ، وقلَّ أن
يوجد في تلك البيئات من هن عفيفات .
والثاني : أن من شروط التزوج من الكتابية أن تكون الولاية للمسلم
، والحاصل في هذا الزمان أن من يتزوج من بلد كافر فإنه يتزوجهن وفق قوانينها ،
فيطبقون عليه نصوص قوانينهم وفيها من الظلم والجور الشيء الكثير ، ولا يعترفون
بولاية المسلم على زوجته وأولاده ، وإذا ما غضبت المرأة من زوجها هدمت بيته وأخذت
أولادها بقوة قانون بلدها ، وبإعانة سفاراتها في كافة البلاد ، ولا يخفى الضعف
والعجز في مواجهة تلك البلاد وسفاراتها في بلدان المسلمين .
والثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم رغَّبنا بذات الدين من
المسلمات ، فلو كانت مسلمة توحد الله لكنها ليست ذات دين وخلق فإنه لا يرغب بزواجها
، لأن الزواج ليس هو الاستمتاع بالجماع فقط ، بل هو رعاية لحق الله وحق الزوج ،
وحفظ لبيته وعرضه وماله ، وتربية لأولاده ، فكيف يأمن من يتزوج كتابية على تربية
أبنائه وبناته على الدين والطاعة ، وهو تارك لهم بين يدي تلك الأم التي تكفر بالله
تعالى وتشرك معه آلهة ؟ .
لذا وإن قلنا بجواز التزوج من كتابية إلا أنه غير محبَّذ
ٍ ولا
يُنصح به ، لما يترتب عليه من عواقب ، فعلى الإنسان المسلم العاقل أن يتخيّر لنطفته
أين يضعها . وأن ينظر نظراً مستقبلياً لحال أولاده ودينهم ، وألا يعميه عن النظر
الواعي شهوة جارفة ، أو مصلحة دنيوية عاجلة أو جمال ظاهري خادع ، فإنما الجمال جمال
الدين والأخلاق .
وليعلم أنه إن ترك مثل هذه الزيجات ابتغاء الأفضل لدينه ودين
أبنائه فإن الله تعالى يعوِّضه خيراً ، إذ أن " من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً
منه " كما أخبر بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى عليه صلوات الله وسلامه
. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل . انظر جواب السؤال رقم : ( 2527 ) .
والله أعلم .
*****
45647
كيف يتجنب سرعة الغضب ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4500)
سؤال رقم 45647- كيف يتجنب سرعة الغضب ؟
أنا إنسان سريع الغضب ، لا أملك نفسي عند النقاش مع جميع من أناقشه حتى مع والديّ . أرشدني إلى الطرق والأساليب التي أتجنب بها سرعة الغضب .
الحمد لله
أوجب الله بر الوالدين والإحسان إليهما بالقول والفعل ، وحرَّم
إيذاءهما بالقول والفعل ، حتى لو كان ذلك بأدنى شيء .
قال الله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ
لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/ 23 ، 24 .
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الغضب ، ومعناه : البعد
الأسباب التي تؤدي إليه ، والاحتراز مما يترتب عليه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم
: أوصني ، قال : " لا تغضب " ، فردد مرارا ، قال : " لا تغضب " . رواه
البخاري ( 5765 ) .
والغضب للنفس ولغير الله من الأخلاق التي ينبغي على المسلم أن
يتنزه عنها ، وقد يترتب عليه ما يندم عليه صاحبه إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما
فيهما معاً .
قال ابن مفلح الحنبلي :
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنما يعرف الحلم ساعة الغضب
، وكان يقول : أول الغضب جنون ، وآخره ندم ، ولا يقوم الغضب بذلِّ الاعتذار ، وربما
كان العطب ( أي الهلاك ) في الغضب ، وقيل للشعبي : لأي شيء يكون السريع الغضب سريع
الفيئة ، ويكون بطيء الغضب بطيء الفيئة ؟ قال : لأن الغضب كالنار فأسرعها وقوداً
أسرعها خموداً .
" الآداب الشرعيَّة " ( 1 / 183 ) .
فإذا حدث للمسلم ما يغضبه فينبغي عليه أن يتذكر وصية النبي صلى
الله عليه وسلم ( لا تغضب ) وكأنه يوجه الحديث له مباشرة ، وليتذكر إيجاب الله
تعالى عليه الإحسان إلى والديه وتحريم الإيذاء لهما كأنه يسمعه منه مباشرة .
ولتسكين الغضب إذا وقع أسباب ، يمكن لمن عمل بها أن يعالج نفسه
منه ومن آثاره ، وقد ذكر الماوردي جملة طيبة منها إذ يقول :
واعلم أن لتسكين الغضب إذا هجم أسبابا يستعان بها على الحلم منها
:
1. أن يذكر الله عز وجل فيدعوه ذلك إلى الخوف منه , ويبعثه الخوف
منه على الطاعة له , فيرجع إلى أدبه ويأخذ بندبه ، فعند ذلك يزول الغضب .
قال الله تعالى : ( واذكر ربك إذا نسيت ) قال عكرمة : يعني إذا
غضبت ، وقال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) ومعنى قوله
{ ينزغنك } أي : يغضبنك , { فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } يعني : أنه سميع
بجهل من جهل , عليم بما يذهب عنك الغضب .
وقال بعض الحكماء : من ذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم
عباد الله ، وقال عبد الله بن مسلم بن محارب لهارون الرشيد : يا أمير المؤمنين
أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك , وبالذي هو أقدر على عقابك منك على
عقابي لما عفوت عني ، فعفا عنه لما ذكَّره قدرة الله تعالى .
2. ومنها : أن ينتقل عن الحالة التي هو فيها إلى حالة غيرها ,
فيزول عنه الغضب بتغير الأحوال والتنقل من حال إلى حال .
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : ( إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ
فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلا فَلْيَضْطَجِعْ ) رواه
أبو داود (4782) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
3. ومنها : أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم والحاجة إلى
الاعتذار .
قال بعض الأدباء : إياك وعزة الغضب فإنها تفضي إلى ذل العذر .
4. ومنها : أن يذكر ثواب العفو , وجزاء الصفح , فيقهر نفسه على
الغضب رغبة في الجزاء والثواب , وحذرا من استحقاق الذم والعقاب ، قال رجاء بن حيوة
لعبد الملك بن مروان لما تمكن من بعض أعدائه وأسرهم : إن الله قد أعطاك ما تحب من
الظفر فأعط الله ما يحب من العفو ، وأسمع رجلٌ عمرَ بن عبد العزيز كلاماً يكرهه ،
فقال عمر : أردت أن يستفزني الشيطان لعزة السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غدا
( يعني : يوم القيامة ) انصرف رحمك الله .
5. ومنها : أن يذكر انعطاف القلوب عليه , وميل النفوس إليه , فلا
يضيّع ذلك بالغضب فيتغيّر الناس عنه وليعلم أنه لن يزداد بالعفو إلا عزاً ، كما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا
عِزًّا ) رواه مسلم (2588) ، وقال بعض البلغاء : ليس من عادة
الكرام سرعة الانتقام , ولا من شروط الكرم إزالة النعم .
" أدب الدنيا والدين " ( ص 258 – 260 ) باختصار .
وانظر تفصيلاً وافياً في علاج الغضب في إجابة السؤال رقم ( 658 )
والله الموفق .
*****
45648
لم يكن يعلم بوجوب غسل الجنابة فهل يعيد الصلوات ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >
سؤال رقم 45648: لم يكن يعلم بوجوب غسل الجنابة فهل يعيد الصلوات ؟
لم أكن أعلم بوجوب الغسل من الجنابة للصلاة ، فهل عليَّ إعادة ؟.
الحمد لله
الواجب على كل مسلم ومسلمة تعلم الأحكام الشرعية وخاصة المتعلقة
بما قد كلفه الله به ويستطيع القيام به ، فمن ملك المال وجب عليه تعلم أحكام الزكاة
، ومن عمل في التجارة وجب عليه تعلم أحكام البيع والشراء ، وعلى الجميع تعلم
الاعتقاد الصحيح وما يلزم كل مكلف القيام به ، وأحكام الطهارة والصلاة ، وقد يسَّر
الله تعالى طرق طلب العلم ، فلم يعد للكثيرين حجة في عدم العلم إلا التقصير .
وبخصوص المسألة المعيّنة : وهي عدم العلم بوجوب الغسل من الجنابة
، وأنك قد صلَّيت صلوات كثيرة وأنت على هذه الحال : فقد ذهب أهل العلم إلى أن ذلك
يعتبر عذراً ، فلا يجب عليك قضاؤها ولكن عليك الاغتسال وإعادة الصلاة التي بلغك
الحكم وأنت في وقتها . واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد
فدخل رجل فصلى فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد وقال : ارجع فصل فإنك لم تصل
فرجع يصلي كما صلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل فإنك
لم تصل ثلاثا فقال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى
الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى
تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا وافعل ذلك في صلاتك
كلها . رواه البخاري ( 724 ) ومسلم ( 367 ) . فلم يأمره
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقضاء ما مضى من الصلوات وإنما أمره بقضاء
الصلاة الحاضرة فقط .
2. عن عبد الرحمن بن أبزى قال : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أجنبت فلم أصب الماء ، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب : أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت ( أي : تمرغت في التراب ) فصليت فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه. رواه البخاري ( 331 ) ومسلم ( 368 ) .
فقد ترك عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصلاة لعدم علمه بوجوب التيمم لمن فقد الماء ، وخالف عمار بن ياسر رضي الله عنه طريقة التيمم لعدم علمه بصفة التيمم الصحيحة ، ولم يأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء ما تركاه من الصلوات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
... وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص ، مثل : أن
يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان
الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟ فيه قولان هما روايتان عن
أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى ، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس
الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل : عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا
عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ، فمن لم يبلغه
أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ : لم يثبت حكم وجوبه
عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ
عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما
كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له
الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل
بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب : المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم
وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها - كما
نقل عن مالك وغيره – ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : " إني
حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام " أمرها بما يجب في المستقبل
، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي .
وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي
وغير البوادي مَن يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة ، بل إذا قيل للمرأة : صلِّي
، تقول : حتى أكبر وأصير عجوزة ! ظانَّة أنه لا يخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة
كالعجوز ونحوها ، وفي أتباع الشيوخ ( أي من الصوفية ) طوائف كثيرون لا يعلمون أن
الصلاة واجبة عليهم ، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل : كانوا
كفَّاراً أو كانوا معذورين بالجهل ... " مجموع الفتاوى " ( 21 / 101 ، 102 )
.
وانظر جواب السؤال رقم ( 21806 ) .
ويمكن أن يُقال هنا إن السائل إذا كان في مكان تتوافر فيه أسباب
التعلم وفرّط ولم يتعلم فإن عليه قضاء الصلوات التي صلاها بغير غُسل من الجنابة ما
لم يكن كبيراً جداً ، فيسقط قضاؤها حينئذ للحرج لقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ
عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78
والله أعلم.
*****
45651
حكم الإنصات والكلام يوم الجمعة أثناء الخطبة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >(1/4501)
سؤال رقم 45651- حكم الإنصات والكلام يوم الجمعة أثناء الخطبة
ذهبت لصلاة الجمعة , ولكن كلما دخل مصلٍّ للمسجد ألقى السلام فرد عليه المصلون , حتى من كان يقرأ القرآن أيضاً , وعندما بدأت الخطبة دخل بعض المصلين وألقى السلام , فرد عليه الإمام بصوت منخفض ، فهل يجوز ذلك ؟.
الحمد لله
يجب على من حضر الجمعة أن ينصت للإمام وهو يخطب ، ولا يجوز له
الكلام مع غيره ، حتى لو كان الكلام لإسكاته ، ومن فعل فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة
له .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قلت
لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت ) . رواه البخاري ( 892 )
ومسلم ( 851 ) .
ويشمل المنع – كذلك – الإجابة عن سؤال شرعي ، فضلاً عن غيره مما
يتعلق بأمور الدنيا .
عن أبي الدرداء قال : جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر
وخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أُبيّ بن كعب فقلت له : يا أُبيّ متى أنزلت هذه
الآية ؟ فأبى أن يكلمني ثم سألته فأبى أن يكلمني حتى نزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال لي أبيٌّ : مالك من جمعتك إلا ما لغوت ، فلما انصرف رسول الله صلى الله
عليه وسلم جئته فأخبرته فقال : ( صدق أُبيّ ، إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ
) . رواه أحمد (20780) وابن ماجه (1111). وصححه البوصيري والألباني في "
تمام المنة " ( ص 338 ) .
وهذا يدل على وجوب الإنصات وتحريم الكلام والإمام يخطب يوم
الجمعة .
قال ابن عبد البر :
لا خلاف بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على من سمعها
.
" الاستذكار " ( 5 / 43 ) .
وقد شذ بعضهم وخالف في الوجوب . وليس لهم دليل يؤيد ما ذهبوا
إليه .
قال ابن رشد – في حكم الإنصات في الخطبة - :
"وأما من لم يوجبه : فلا أعلم لهم شبهة إلا أن يكونوا يرون أن
هذا الأمر قد عارضه دليل الخطاب في قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له
وأنصتوا } أي : أن ما عدا القرآن فليس يجب له الإنصات ، وهذا فيه ضعف ، والله أعلم
، والأشبه أن يكون هذا الحديث لم يصلهم" اهـ . " بداية المجتهد " ( 1 /
389 ) .
ويستثنى من ذلك : الكلام مع الإمام ، وكلام الإمام مع المأمومين
للحاجة أو المصلحة .
عن أنس بن مالك قال : أصابت الناسَ سَنَةٌ (أي : قحط وجدب) على
عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة قام
أعرابي فقال : يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه ...
فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى وقام ذلك
الأعرابي - أو قال غيره - فقال : يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله
لنا فرفع يديه ... رواه البخاري ( 891 ) ومسلم ( 897 ) .
وعن جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم
يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان ؟ قال : لا ، قال : قم فاركع ركعتين . رواه البخاري ( 888 ) ومسلم ( 875 ) .
ومن استدل بمثل هذه الأحاديث على جواز كلام المصلين بعضهم مع بعض
، وعدم وجوب الإنصات فما أصاب .
قال ابن قدامة :
"وما احتجوا به : فيحتمل أنه مختص بمن كلم الإمام , أو كلمه
الإمام ; لأنه لا يشتغل بذلك عن سماع خطبته , ولذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم "
هل صليت ؟ " فأجابه ، وسأل عمرُ عثمانَ حين دخل وهو يخطب , فأجابه , فتعين حمل
أخبارهم على هذا , جمعا بين الأخبار , وتوفيقا بينها , ولا يصح قياس غيره عليه ;
لأن كلام الإمام لا يكون في حال خطبته بخلاف غيره" اهـ .
" المغني " ( 2 / 85 ) .
وأما تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب ، فقد اختلف أهل
العلم في ذلك .
قال الترمذي في " سننه " - عقب حديث أبي هريرة " إذا قلت لصاحبك
... " - :
اختلفوا في رد السلام وتشميت العاطس ، فرخص بعض أهل العلم في رد
السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب ، وهو قول أحمد وإسحاق ، وكره بعض أهل العلم من
التابعين وغيرهم ذلك ، وهو قول الشافعي اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/242) :
"لا يجوز تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب على الصحيح من
أقوال العلماء لأن كلاًّ منهما كلام وهو ممنوع والإمام يخطب لعموم الحديث" اهـ .
وجاء فيها أيضاً (8/243) :
"لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة
أن يبدأ بالسلام من في المسجد ، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب" اهـ
.
وجاء فيها أيضاً (8/244) :
لا يجوز الكلام أثناء أداء الخطيب لخطبة الجمعة إلا لمن يكلم
الخطيب لأمر عارض" اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
"السلام حال خطبة الجمعة حرام فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام
يخطب الجمعة أن يسلم ورده حرام أيضاً" اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (16/100) .
وقال الشيخ الألباني :
فإن قول القائل : " أنصت " ، لا يعد لغة من اللغو ، لأنه من باب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومع ذلك فقد سماه عليه الصلاة والسلام : لغواً
لا يجوز ، وذلك من باب ترجيح الأهم ، وهو الإنصات لموعظة الخطيب ، على المهم ، وهو
الأمر بالمعروف في أثناء الخطبة ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكل ما كان في مرتبة الأمر
بالمعروف ، فحكمه حكم الأمر بالمعروف ، فكيف إذا كان دونه في الرتبة ، فلا شك أنه
حينئذ بالمنع أولى وأحرى ، وهو من اللغو شرعاً .
" الأجوبة النافعة " ( ص 45 ) .
والخلاصة :
أن الواجب على من حضر الجمعة أن ينصت للإمام ولا يجوز له أن
يتكلم والإمام يخطب ، إلا ما استثناه الدليل من الكلام مع الخطيب ، أو الرد عليه ،
أو ما دعت إليه الضرورة كإنقاذ أعمى من السقوط أو ما شابهه .
والسلام على الإمام ورده السلام مما يدخل في هذا المنع ، لأنه لم
يرخص في الكلام مع الإمام إلا للمصلحة أو الحاجة ، وليس من ذلك السلام ورده .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/140) :
"لا يجوز للإمام أن يتكلم كلاما بلا مصلحة ، فلا بد أن يكون
لمصلحة تتعلق بالصلاة أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه ، وأما لو تكلم الإمام لغير
مصلحة فإنه لا يجوز .
وإذا كان لحاجة يجوز من باب أولى ، فمن الحاجة أن يخفى على
المستمع معنى جملة في الخطبة فيسأل ، ومن الحاجة أيضاً أن يخطئ الخطيب في آية خطأ
يحيل المعنى ، مثل أن يسقط جملة من الآية أو ما أشبه ذلك .
والمصلحة دون الحاجة فمن المصلحة مثلا إذا اختل صوت مكبر الصوت
فللإمام أن يتكلم ويقول للمهندس : انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله ؟" اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
45653
ماذا يفعل مع هذا المستأجر الذي لا يريد الخروج من البيت ؟
الفقه > معاملات > الإجارة >(1/4502)
سؤال رقم 45653- ماذا يفعل مع هذا المستأجر الذي لا يريد الخروج من البيت ؟
نحن أسرة مات عائلهم ، وقد ترك لنا من ضمن الميراث عقاراً , وهذا العقار به أناس يسكنونه منذ فترة طويلة وصلت إلى 18 عاما وبإيجار قيمته 40 جنيها مصريّاً ، وهؤلاء السكان قد فتح الله عليهم بالخير الوفير حتى أصبح كل منهم يمتلك عقارا يخصه ، فمنهم من كتب هذا العقار باسم أبنائه ، ومنهم من كتبه باسم زوجته ، ونحن في أشد الحاجة لهذه الشقق ؛ فذهبت إليهم مستسمحاً في أن يتركوا الشقق ، وشرحت لهم الظروف ، فما وجدت منهم إلا الرفض ومنهم من طلب مني مبلغا من المال الباهظ نظير تركه للشقة ، فحاولت معهم عدة مرات ولكن دون جدوى والقانون عندنا في صالحهم ، وبعد ذلك طلبت منهم زيادة الإيجار حتى نستطيع سد حاجتنا المعيشية ولكن دون جدوى أيضا ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
مثل هذا الإشكال الحاصل بين المؤجر والمستأجر سببه هو عدم
الالتزام بشرع الله تعالى عند توقيع العقد وإنشائه ، ومما يخالف فيه الأكثرون ويسبب
لهم متاعب ومشاكل هو عدم تحديد مدة لعقد الإيجار ؛ إذ إن في تحديد المدة قطعاً
للنزاع وحفظاً لحقوق كلٍّ من الطرفين ، فيلتزم المؤجر بإبقاء المستأجر في العقار ،
ويلتزم المستأجر بدفع الأجرة لصاحب العقار طيلة المدة ، ويُلزم بإنفاذ العقد ودفع
الأجرة حتى لو لم يستعمله .
قال ابن قدامة :
ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر
: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز .
ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة , ولا بد من مشاهدته
وتحديده , فإنه لا يصير معلوما إلا بذلك , ولا يجوز إطلاقه , ولا وصفه . وبهذا قال
الشافعي . " المغني " ( 5 / 260 ) .
والصحيح أن المدة لا تتعين في فترة محدودة ، بل يمكن أن تستمر
أشهراً أو عشرات السنين مادام ذلك برضاً من الطرفين .
قال ابن قدامة :
الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة . ولا
خلاف في هذا نعلمه , لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه , المعرِّفة له , فوجب أن
تكون معلومة , كعدد المكيلات فيما بيع بالكيل . " المغني " ( 5 / 251 ) .
وقال :
ولا تتقدر أكثر مدة الإجارة , بل تجوز إجارة العين المدة التي
تبقى فيها وإن كثرت . وهذا قول كافة أهل العلم . ....لقول الله تعالى إخبارا عن
شعيب عليه السلام , أنه قال : { على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك }
, وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم على نسخه دليل . " المغني " ( 5 / 253 ) .
ثانياً :
وأما بالنسبة لموت المستأجر أو المؤجر قبل انتهاء المدة : فقد
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن العقد لا ينفسخ بموت واحد منهما ، وخالف فيه الحنفية
وبعض التابعين فقالوا : إن العقد ينفسخ إلا برضا ورثة المؤجر ، وأن لهم المطالبة
بإخلاء العقار المؤجَّر .
والصحيح هو قول الجمهور فالإيجار عقد لازم للطرفين خلال المدة .
وفي كتاب " الإجارة " من صحيح البخاري : قال البخاري - رحمه الله
– مبوِّباً :
باب إذا استأجر أرضاً فمات أحدهما ، وقال ابن سيرين : ليس لأهله
أن يخرجوه إلى تمام الأجل ، وقال الحكم والحسن وإياس بن معاوية : تمضى الإجارة إلى
أجلها ، وقال ابن عمر : أعطى النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بالشطر فكان ذلك على
عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر ولم يذكر أن أبا بكر
وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى
قال الحافظ ابن حجر :
قوله : " باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما " أي : هل تفسخ
الإجارة أم لا ؟ والجمهور : على عدم الفسخ ، وذهب الكوفيون والليث إلى الفسخ ,
....وقد اتفقوا على أن الإجارة لا تنفسخ بموت ناظر الوقف فكذلك هنا .
قوله : " وقال ابن سيرين : ليس لأهله " أي : أهل الميت .
" أن يخرجوه " أي : يخرجوا المستأجر ...
والغرض منه هنا الاستدلال على عدم فسخ الإجارة بموت أحد
المتآجرين , وهو ظاهر في ذلك , وقد أشار إليه بقوله " ولم يذكر أن أبا بكر جدد
الإجارة بعد النبي صلى الله عليه وسلم "
" فتح الباري " ( 4 / 463 ) .
ثالثاً :
وأما بالنسبة لما تصنعه مع المستأجرين الذين يرفضون الخروج ،
فنوصيك بما يلي :
1. أن تبيِّن لهم عدم شرعية العقد بينكما بسبب عدم تحديد مدة
العقد ، وقد سبق أن تحديد مدة الإجارة واجب من غير خلاف بين العلماء .
2. أن تعطيهم فرصة مناسبة ليخرجوا من العقار ، ويكون تحديد هذه
المدة بمثابة تصحيح الخطأ السابق ويكون عقداً جديداً بمدة محددة .
3. أن تبيِّن لهم حال رفضهم الخروج أنهم بذلك مغتصبون آثمون ،
وتبين لهم عاقبة الظلم وحكم المغتصبين .
4. أن توسط بعض العقلاء ممن يستطيعون التفاهم معهم ، أو ممن لهم
عليهم كلمة من أقربائهم أو معارفهم . ولك أن تتفق معهم على دفع مال إليهم حتى
يخرجوا من الشقة ، وهذا المال حرام عليهم يأكلون سحتاً ، أما بالنسبة لك فإذا لم
يستطع المظلوم أخذ حقّه إلا بدفع مال للظالم جاز له ذلك .
راجع السؤال رقم ( 40272 )
5. فإن لم ينفع ذلك – أيضاً - : فأنت بين ثلاث خيارات : إما أن
تدعوَ عليهم - ودعوة المظلوم مستجابة - وإما أن تعفو عنهم ، أو تترك أمرهم إلى الله
ليأخذ لك حقك منهم .
والله أعلم .
*****
45656
كيف يتصرفون في أموال التأمينات بعد وفاة أبيهم ؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > معاملات > التأمين >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4503)
سؤال رقم 45656- كيف يتصرفون في أموال التأمينات بعد وفاة أبيهم ؟
بعد وفاة زوجي أصبح يدخل لنا مبلغ من المال من " الهيئة القومية للتأمينات والمعاشات " ، فاحتكمنا في هذا المال لأهل العلم ، فمنهم من قال : هذا المال يوزع توزيعاً شرعيّاً لأنه بمثابة إرث سببه المتوفى ، ومنهم من قال يوزع كما تنص عليه اللوائح الخاصة بالتأمينات ؛ وذلك لأنه بمثابة اتفاق صار بين المتوفى وتلك الهيئة ، فرجعنا بالرد الأخير لعلماء الرأي الأول فقالوا : إن التأمين في الوظائف الحكومية شيء إجباري وليس من حق الموظف إلغاؤه ، والآن تقوم المشاجرات بيني وبين أولادي في هذا الأمر ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
عقود التأمين والتأمينات قائمة على الغرر والميسر ، ولا يجوز
للمسلم الاشتراك بها طواعية ، فإن أجبر على الاشتراك ، واقتطع من راتبه جزء كل شهر
لهذا الغرض : فليس له إلا ما اقتطع منه دون ما يزيد عليه .
فإذا انتهى من وظيفته أو خرج منها : أخذ ما اقتطع منه ، وتصرف في
الباقي في وجوه الخير المختلفة ، وهكذا لو مات هذا الموظف ، فإنه لا يحل لورثته
الاستفادة مما يقبضونه من تلك المؤسسات إلا بقدر ما اقتطع من راتب والدهم .
وما يأخذونه منهم كل شهر فإنه يقسَّم وفق الشرع على حسب حصة كل
واحد منهم من الميراث ، لا وفق اللوائح الخاصة بتلك الأنظمة ، فالشرع حاكم عليهم
وليس العكس .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 2352 ) و ( 21559 ) و ( 21262 ) .
*****
08/1426
45659
كيف يعرف الشخص الذي حسده ، وعلاج المحسود
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4504)
سؤال رقم 45659- كيف يعرف الشخص الذي حسده ، وعلاج المحسود
هل من الممكن للإنسان المحسود أن يعرف هل هو حسد نفسه أم حسده شخص آخر ؟ وما هو الدواء في كلا الحالتين ؟ .
الحمد لله
أولاً :
إذا أُعجب الإنسان بشيء عنده ولم يبرِّك ، ( أي : لم يدع بالبركة
، بأن يقول : بارك الله فيه ـ مثلاً ) وتأثر هذا الشيء فإنه يمكنه أن يعرف أنه قد
حسد نفسه .
ولا يمكن لأحدٍ أن يجزم أن فلاناً هو الذي حسده إلا إذا كان بمثل
تلك الحال ، كأن يدخل أحد محله فيبدي إعجابه به ولا يبرك عليه فيكسر ما فيه أو يتلف
.
وهذا في حال أن يكون التأثير مباشرة ، أما إذا طال الفصل : فلا
يمكن لأحدٍ أن يجزم على فلان أنه حسده .
ويوجد طرق يستعملها بعض الناس لمعرفة العائن لكنها غير شرعية ،
بل هي شيطانية ، وذلك مثل التخيل أثناء القراءة ، أو الاستعانة بالجن والشياطين
لمعرفة ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة :
تخيل المريض للعائن أثناء القراءة عليه وأمر القارئ له بذلك : هو
عمل شيطاني لا يجوز ؛ لأنه استعانة بالشياطين ، فهي التي تتخيل له في صورة الإنسي
الذي أصابه ، وهذا عمل محرم ؛ لأنه استعانة بالشياطين ؛ ولأنه يسبِّب العداوة بين
الناس ، ويسبب نشر الخوف والرعب بين الناس ، فيدخل في قوله تعالى : ( وَأَنَّهُ
كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ
رَهَقاً ) الجن/6
وقالوا :
لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها ؛ لأن
الاستعانة بالجن شرك ، قال تعالى : ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ
يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) الجن/6 ، وقال تعالى : ( وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ
وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ
وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ
خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ) الأنعام / 128 ، ومعنى استمتاع بعضهم ببعض
: أن الإنس عظموا الجن وخضعوا لهم واستعاذوا بهم والجن خدموهم بما يريدون وأحضروا
لهم ما يطلبون ، ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس
، وقد يكذبون فإنهم لا يؤمنون ، ولا يجوز تصديقهم .
" مجلة الدعوة " العدد : ( 1682 ) .
ثانياً :
أما بالنسبة لعلاج المحسود فيكون بطريقتين :
إذا عرف عائنَه فإنه يطلب منه أن يغتسل ليصبَّ ماء غسله عليه ،
وإذا لم يعرفه فإن علاجه يكون بالرقية والأذكار الشرعية .
ولتفصيل الكلام عن العين والحسد والفرق بينهما ، والوقاية
والعلاج منهما : يرجى النظر في أجوبة الأسئلة : ( 20954 ) و ( 7190 ) و ( 11359 ) و ( 12205 ) .
*****
45663
زواج المتعة والزواج العرفي
الفقه > معاملات > النكاح > الأنكحة الباطلة >(1/4505)
سؤال رقم 45663- زواج المتعة والزواج العرفي
أنا أريد أن أتزوج من بنت مسلمة ، ولكن بعد ثلاثة أعوام ، ولا أريد في أن أرتكب الخطأ معها ، فأردت أن أتزوجها عرفيًّا ، أو زاوج متعة حتى أستطيع الزواج بها فيما بعد على الطريقة الشرعية ، فماذا عليَّ أن أفعل عندما أريد زاوجها شرعيّاً من بعد هذا الزواج ؛ لأني أخاف الله ، ولا أريد الوقوع في الخطأ ، فهذه هي أفضل وأحل طريقة ، والله أعلم ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
لم يكن السؤال واضحاً ، وقد احتمل كلام الأخ السائل أكثر من شيء
فيما يتعلق بنيته في العقد الذي يسأل عن حكمه ، فهو يقول مرة إنه " زواج عرفي "
وأخرى يقول إنه " متعة " ، فإذا عُلم أن " الزواج العرفي " له صورتان مشهورتان :
احتمل السؤال ثلاث صور ، وسنجيب على احتمالات السؤال كلها .
أما زواج المتعة : فهو التزوج على مدة معينة بمعرفة الطرفين ،
بمهر مقدَّر ، وينفسخ العقد بانتهاء المدة .
وهو عقد محرَّم ، ولا يصحّ وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم
( 1373 ) و ( 2377 ) و ( 6595 ).
وأما " الزواج العرفي " فله صورتان :
الصورة الأولى : تزوج المرأة في السر ، ودون موافقة وليها ، وإذا
كان كذلك : فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً ؛ لأن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح
.
وفي جواب السؤال : ( 2127 ) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه ، وشروط الولي ، وفي جواب السؤال : ( 7989 ) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي
لصحة النكاح .
والصورة الثانية : التزوج بموافقة المرأة ووليها ، لكن دون إعلان
أو إشهار ، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية ، بشرط الإشهاد عليه ،
وإذا كان كذلك : فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه ، لكنه مخالف للأمر الشرعي
بوجوب الإعلان ، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث ،
وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية ؟ وكيف ستدفع المرأة
عن عِرْضها أمام الناس ؟ .
هذا مع العلم أنه قد قال بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح من شروط
صحته ، وهو قول ليس بعيداً عن الصواب ، وقد عللوا ذلك بكون الإعلان يُعلم به الفرق
بين النكاح والسفاح ، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " فصْل ما بين الحلال والحرام
الدف والصوت في النكاح " رواه الترمذي ( 1088 ) والنسائي ( 3369 ) وابن ماجه
( 1896 ) . وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 1994 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان : يصح , وإن لم يشهد
شاهدان ، وأما مع الكتمان والإشهاد : فهذا مما ينظر فيه ، وإذا اجتمع الإشهاد
والإعلان : فهذا الذي لا نزاع في صحته ، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان : فهو باطل
عند العامة ، فإن قدِّر فيه خلاف فهو قليل . اهـ.
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 191 ) .
وقال ابن القيم :
إن الشارع اشترط للنكاح أربعة شروط زائدة عن العقد تقطع عنه شبهة
السفاح : كالإعلان ، والولي ، ومنع المرأة أن تليه بنفسها ، وندب إلى إظهاره حتى
استحب فيه الدف والصوت والوليمة ؛ لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة
النكاح ، وزوال بعض مقاصده من جحد الفراش . اهـ . " إعلام الموقعين " ( 3 /
113 ) .
يعني أنه إذا كان النكاح سراً فيمكن أن تحمل المرأة وتلد ثم
يُنكر الرجل نسبة هذا الولد إليه لأنه ليس هناك ما يُثبت أن هذه المرأة زوجته ، فلو
تمّ الإشهاد والإعلان انتفى هذا المحذور .
والله اعلم .
*****
45666
لا ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4506)
سؤال رقم 45666- لا ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن
هل ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن ؟.
الحمد لله
خروج النجاسة من البدن لها ثلاثة أحوال :
الأولى :
أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من المخرج المعتاد ، فهذا ناقض
للوضوء ، بأدلة الكتاب والسنة والإجماع .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ
أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ
تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) المائدة/6 .
وروى الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه
قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا
إِذَا كُنَّا سَفرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ
وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ )
. صححه الألباني في صحيح الترمذي .
فذكر الغائط والبول والنوم من نواقض الوضوء .
الثانية :
أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من غير المخرج المعتاد ، كمن أجريت
له عملية جراحية وصار يخرج منه الخارج من فتحة في بطنه – مثلاً ، فهذا ناقض للوضوء
لأن الأدلة السابقة تدل على نقض الوضوء بخروج البول والغائط ، وعمومها يشمل خروجها
من المخرج المعتاد أو غيره .
الثالثة :
أن تكون النجاسة الخارجة من البدن غير البول والغائط ، كالدم ،
والقيء عند من قال بنجاسته من العلماء .
فهذا مما اختلف العلماء فيه ، فذهب بعضهم – كالإمام أبي حنيفة
وأحمد على اختلاف بينهما في تفصيل ذلك – إلى أنه ناقض للوضوء .
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة : ( إِنَّمَا
ذَلِكِ عِرْقٌ ، فتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ ) .
قالوا : فَعَلَّلَ وجوبَ الوضوءِ بأنه دم عرق ، وكلُّ الدماء
كذلك .
2- ما رواه الترمذي (87) عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ فَتَوَضَّأَ ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي
مَسْجِدِ دِمَشْقَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ ، أَنَا صَبَبْتُ
لَهُ وَضُوءَهُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن خروج النجاسة من البدن لا ينقض
الوضوء ، واحتجوا بأن الأصل عدم نقض الوضوء ، وليس هناك دليل صحيح يدل على نقض
الوضوء بذلك .
قال النووي رحمه الله :
" وأحسن ما أعتقده في المسألة أن الأصل أن لا نقض حتى يثبت
بالشرع ، ولم يثبت " انتهى .
وأجابوا عن أدلة من قالوا بالنقض بما يلي :
أما حديث المستحاضة ، فأجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم
أراد بذلك نفي كونه دم حيض ، أي ليس هذا الدم دم حيض وإنما هو دم عرق ، وإذا كان
كذلك فإنك لا تتركين الصلاة ، بل تصلين ، غير أنك تتوضأين لكل صلاة .
قال النووي في "المجموع" : " لو صح – يعني حديث المستحاضة- لكان
معناه إعلامها أن هذا الدم ليس حيضاً ، بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ،
ولم يُرِدْ أن خروج الدم - من حيث كان - يوجب الوضوء " انتهى .
وأما حديث ثوبان ، فأجابه عنه بعدة أجوبه :
1- أنه ضعيف . قال النووي في "المجموع" " وأما الجواب عن
احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه : أحسنها أنه ضعيف مضطرب , قاله البيهقي وغيره
من الحفاظ " انتهى .
2- أنه –مع تقدير ثبوته وصحته- لا يدل على نقض الوضوء بخروج
القيء ، لأنه مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فيدل على استحباب الوضوء من
القيء ، لا على وجوبه .
مع أن الاستدلال بهذا الحديث مبني على أن القيء نجس ، وقد سبق في
جواب السؤال ( 42929 ) ذكر اختلاف العلماء
في ذلك ، وأن الراجح طهارته ، لأنه لا دليل على القول بنجاسته .
انظر : "المجموع" (2/63-65) ، "المغني" (1/233، 234) ، (1/247- 250) ، "الشرح
الممتع" (1/185- 189) .
والله أعلم .
*****
45668
هل ما فعله للتعرف على صفات مخطوبته صحيح ؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين > آداب الكلام مع النساء >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4507)
سؤال رقم 45668- هل ما فعله للتعرف على صفات مخطوبته صحيح ؟
لي ابنة خالة ، وتبدو أنها ذات دين وخلق ، ولكن لا أعلم كثيراً عن شخصيتها وفلسفتها في الحياة ونسبه التفاهم بيننا ، قد استعملت الإنترنت سبيلا للتعرف عليها مع التشدد في الالتزام بالآداب ، وخاصة أننا من عائلة محافظة ، والحمد لله توصلت إلى قرار الزواج منها إن شاء الله ، ولكن ذلك قد يستغرق سنتين أو أكثر حتى أتمكن من تأهيل نفسي ، فأنا لا أزال طالباً في آخر سنة من الجامعة .
والسؤال هو : هل ما قمت به جائز ، خاصة أنه استغرق حوالي سنة ؛ ولأن عادات الزواج عندنا لا تتيح للشخص التعرف على شخصية الآخر إلا بالخطبة ، ولو أنه بعد الخطبة اتضح أنه لا يمكن الاستمرار قد تولد بعض المشاكل وقطيعة الرحم ؟ وأشعر بضيق مما قمت به وأخشى أنه يعتبر معصية وخيانة ، وهل يجوز أن أتابع مراسلتها إلى أن أتقدم إلى خطبتها ؟.
الحمد لله
لا تجوز المراسلة والمحادثة مع المرأة الأجنبية ، وإذا قصد الرجل
الخطوبة فعليه أن يسلك الطريق الشرعية إلى ذلك ، وإذا كانت المرأة التي يود
الاقتران بها من أقاربه فإن الأمر يكون أسهل بالنسبة له ، فإما أن يكون هو على علم
بأحوالها أو يستطيع أن يعرف أحوالها وأخلاقها عن طريق النساء من أهله .
ولا يمكن أن يقف الرجل ولا المرأة على الأخلاق الحقيقية لكل واحد
من الطرفين من خلال المراسلة والمحادثة قبل الزواج ؛ إذ لن يظهر من كل منهما إلا
عذوبة العبارة وحسن المنطق والمجاملات .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله :
إذا كان الرجل يقوم بعمل المراسلة مع المرأة الأجنبية وأصبحا
متحابين هل يعتبر هذا العمل حراماً ؟ .
فأجاب :
لا يجوز هذا العمل ؛ لأنه يثير الشهوة بين الاثنين ، ويدفع
الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال ، وكثيرا ما تُحْدِثُ تلك المغازلة والمراسلة
فتنًا وتغرس حب الزنى في القلب ، مما يوقع في الفواحش أو يسببها ، فننصح من أراد
مصلحة نفسه حمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها ، حفظا للدين والعرض ، والله
الموفق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 578 ، 579 ) .
وقد سبق تحريم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة : ( 26890 ) و ( 10221 ) فلينظرا .
وقد أبيح للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة دون ما سوى ذلك من الخلوة
والمصافحة ، ولك أن تعقد عليها وتؤخر الدخول ، ليكون لقاؤك معها شرعيّاً ، وتستطيع
في هذه الفترة تركيز التعرف عليها أكثر وأكثر .
وفي جواب السؤال رقم ( 7492 ) كلام مهم لمثل هذه المسألة فلينظر .
وانظر جواب الأسئلة : ( 7757 ) و ( 2572 ) و ( 20069 ) لتعلم حدود العلاقة بين الخاطب
والمخطوبة .
والله أعلم .
*****
45669
هل يعتبر من مات نتيجة مداهمة سيارة له شهيداً ؟
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4508)
سؤال رقم 45669- هل يعتبر من مات نتيجة مداهمة سيارة له شهيداً ؟
هل يعتبر من مات نتيجة مداهمة سيارة له شهيداً ؟.
الحمد لله
يمكن أن يحصِّل من مات نتيجة حوادث السيارات أجر الشهيد في
حالتين :
الأولى : إذا مات بسبب نزيف في بطنه ، وهو ما يسمى " المبطون "
سواء كان في سيارة أو كان ماشياً أو واقفاً فدهسته سيارة على قول بعض أهل العلم في
أن المبطونهو الذي يموت بسبب داء فيه بطنه ، أيّ داء كان .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله " .
رواه البخاري ( 2674 ) ومسلم ( 1914 ) .
وفي زيادة عند الترمذي ( 1846 ) وأبي داود ( 3111 ) وابن ماجه (
2803 ) زيادة : " صاحب الجنب " و " والمرأة تموت بجمع " .
قال النووي :
فأما " المطعون " فهو الذي يموت في الطاعون ، كما في الرواية
الأخرى : " الطاعون شهادة لكل مسلم " .
وأما " المبطون " فهو صاحب داء البطن , وهو الإسهال ، قال القاضي
: وقيل : هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن , وقيل : هو الذي تشتكي بطنه , وقيل :
هو الذي يموت بداء بطنه مطلقا .
وأما " الغرق " فهو الذي يموت غريقا في الماء ، و " صاحب الهدم "
من يموت تحته , و " صاحب ذات الجنب " معروف , وهي قرحة تكون في الجنب باطنا ، و "
الحريق " الذي يموت بحريق النار ، وأما " المرأة تموت بجَمع " قيل : التي تموت
حاملا جامعة ولدها في بطنها , وقيل : هي البكر , والصحيح الأول .
" شرح مسلم " ( 13 / 63 ) .
والحالة الثانية : أن يموت بسبب التصادم سواء مات داخل السيارة
أو خارجها ، وهذا قد يشبه صاحب الهدم " المذكور في الحديث السابق .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
بعض الناس يقولون : إن من يموت بسبب حادث سيارة إنه شهيد ، وله
مثل أجر الشهيد ، فهل هذا صحيح أم لا ؟ .
فأجابوا :
نرجو أن يكون شهيداً ؛ لأنه يشبه المسلم الذي يموت بالهدم ، وقد
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شهيد . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 /
375 ) .
وفضل الله واسع ، ونرجو أن يكون هذا شهيداً ، ولكننا لا نجزم
بذلك .
نسأل الله تعالى أن يُحسن خاتمتنا ، ويقينا ميتة السوء . والله
تعالى أعلم .
*****
45670
كان يأخذ مالاً بدون علم والديه فكيف يتصرف الآن ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الرقائق > التوبة >(1/4509)
سؤال رقم 45670- كان يأخذ مالاً بدون علم والديه فكيف يتصرف الآن ؟
لي سؤال ضروري جدّاً ، أرجو الإجابة عليه ، وهو : أن والدي يملك محلاًّ تجاريّاً نبيع فيه " كروتاً " للتليفونات الخارجية التي توجد في الشارع ، وكنت كلما احتجت إلى كارت كنت أخبر والدي أو والدتي أنى سوف آخذ " كارتاً " من المحل ويأذن لي ، ولكن جاء عليَّ وقت كنت أحتاج الكروت بصفة يوميَّة تقريباً ، فكنت آخذ من المحل " كروتاً " بعلم عامل المحل ، ولكن لم أخبر والدي أو والدتي ؛ لأني كنت أشعر أنهم لن يوافقوا ، وعندما شعرت بمدى خطئي لم آخذ بعدها شيئاً إلا بعلمهم ، وندمت وتبت إلى الله ، فهل التوبة تكفي أم يجب أن أخبرهما بما كنت أفعل ؟ أو على الأقل أقتطع من مصروفي وأضعه لهم دون أن يعلموا أنه أنا الذي وضعت هذا المال لأني لا أقدر على مصارحتهم ، وأضع المال حتى يكتمل ثمن ما أخذت ، علما بأني لا أعلم التكلفة الحقيقية لهذا العدد الذي أخذته لأنها كثيرة .
الحمد لله
نرجو أن يكون كثرة استعمالك للبطاقات الهاتفية في أمور الخير
والمباح ؛ لأنه لو كان استعمالها في عكس ذلك : فإنه يترتب على هذا الاستعمال آثام
بقدر ذلك ، فلتنتبه لهذا .
وبما أنك قد عرفت خطأك في أخذك للبطاقات من غير إذن والدك
فالواجب عليك التوبة من فعلك هذا ـ والحمد لله الذي وفقك للتوبة والندم ـ ولكن
لتعلم أن للتوبة شروطاً لا تصح إلا بها ، منها : الإقلاع فوراً عن هذا الفعل الحرام
، والعزم على عدم العود ، وردّ الحقوق إلى أصحابها أو طلب العفو منهم ، ولا يجب
عليك إخبار والدك بهذا ، بل الواجب هو رد المال بأي طريقة كانت ، وعليك أن تجتهد في
تحديد قيمة البطاقات التي أخذتها بدون علم والدك وإيصال هذا المال إليه .
نسأل الله أن يتقبل توبتك ويوفقك لصالح الأعمال . والله تعالى
أعلم
وللمزيد : انظر أجوبة الأسئلة ( 43100 ) و ( 33858 ) و ( 31234 ) و ( 40157 ) .
والله أعلم .
*****
45671
هل قطع شجرة السدر حرام ؟
الآداب >(1/4510)
سؤال رقم 45671- هل قطع شجرة السدر حرام ؟
هل قطع شجرة السدر حرام . علما بأنني أنا الذي زرعتها ، ولكن الآن لا أريدها في ذاك المكان ، فهل يجوز لي أن أقطعها ؟.
الحمد لله
ورد النهي عن قطع شجر السدر في أحاديث فيها كلام من حيث إسنادها
، وصححها بعض أهل العلم ، والصحيح في النهي – بعد ثبوته - أنه خاص بأمرين : قطع
الشجر الذي يتخذ للظل ، أو قطع شجر السدر في حدود الحرم ، وأما ما عداهما مما يزرعه
الإنسان في بيته أو بستانه فلا حرج عليه من قطعه .
قال ابن القيم – تحت فصل " كليات في الموضوعات " - :
ومن هذا : أحاديث مدح العزوبة ، كلها باطلة ، ومن ذلك : أحاديث
النهي عن قطع السدر ، قال العقيلي : لا يصح في قطع السدر شيء ، وقال أحمد : ليس فيه
حديث صحيح .
" المنار المنيف " ( ص 117 ، 118 ) .
لكن الشيخ الألباني حسَّن بعض أحاديث النهي ، ومنها :
أ. عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رءوسهم صبّاً " .
رواه البيهقي ( 6 / 140 ) .
وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1696 ) .
ب. عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قاطع
السدر يصوب الله رأسه في النار " . رواه البيهقي ( 6 / 141 ) .
وحسَّنه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 615 ) .
وقال – تحت الحديث السابق - :
تأوله أبو داود بقوله " هذا الحديث مختصر ، يعني : " من قطع سدرة
في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها : صوب الله
رأسه في النار " .
وذهب الطحاوي إلى أنه منسوخ ، واحتج بأن عروة بن الزبير – وهو
أحد رواة الحديث – قد ورد عنه أنه قطع السدر ...
قلت : وأولى من ذلك كله عندي أن الحديث محمول على قطع سدر الحرم
، كما أفادته زيادة الطبراني في حديث عبد الله بن حبشي – والزيادة هي " يعني : من
سدر الحرم " - ، وبذلك يزول الإشكال ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ثم رأيت السيوطي قد سبقني إلى هذا الحمل في رسالته " رفع الحذر
عن قطع السدر " ( ص 212 ج 2 " الحاوي للفتاوي " ) ،
فليراجعها من شاء ؛ فإنه سيجد فيها للحديث طرقاً أخرى ، وإن كان لم يحرر القول فيها
كما هي عادته غالباً . انتهى
والخلاصة : أن أحاديث النهي عن قطع السدر إما أحاديث ضعيفة لا
تصحُّ ، وإما أنها حسنة ، وتحمل على أحد معنيين :
الأول : قطع السدر الذي يستظل به الناس عبثاً من غير حاجة ولا
مصلحة .
الثاني : قطع شجر السدر الذي يكون في الحرم ، وعلى هذا لا حرج
عليك في قطع هذه الشجرة التي زرعتها ما لم تكن زرعتها في طريق ليستظل بها الناس .
والله أعلم .
*****
45672
هل تلبس الحجاب إذا كان أهلها سيتضررون بذلك ؟
أصول الفقه > التكليف >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4511)
سؤال رقم 45672- هل تلبس الحجاب إذا كان أهلها سيتضررون بذلك ؟
ما هو الحكم في مَن ترتدي الحجاب في بلد عربي يمنع ذلك بالقوة وإلحاق الضرر دينيّاً واجتماعيّاً ؟ هل عليها أن تثبت رغم تضرر أفراد عائلتها بطريقة غير مباشرة ؟.
الحمد لله
إنها والله الجريمة العظيمة والفعلة النكراء ، أن تُمنع المرأة
المسلمة من ارتداء حجابها الذي أمرها الله به ، وتلزم قانوناً بكشف رأسها ووجهها
لتخرج سافرة بين الناس .
والواجب على المسلم الالتزام بأحكام الشرع ، و " لا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق " ، وحجاب المرأة المسلمة من الواجبات التي يلزمها الطاعة فيها ،
والضرر الذي تتصور المرأة وقوعه عليها أو على أهلها قد لا يكون له أصل ، وقد يكون
الضرر غير بالغ ، ويمكن تحمله والصبر عليه ، وعليه : فيجب عليها البقاء على
الالتزام بلباسها الشرعي .
فإن كان الضرر بالغاً ويقينيّاً أو بغلبة ظن راجح : فيمكن للمرأة
نزع الحجاب حفاظاً على عرضها ودينها ، لكن يجب عليها الالتزام بأعلى قدر ممكن من
الستر والحشمة ، ولا يجوز لها الخروج من المنزل على هذه الحال إلا في وقت الضرورة ،
ولا يجوز الترخص في الخروج على هذه الحال للدراسة أو لشراء حاجيات يمكن أن يأتي بها
غيرها ، بل نعني بالضرورة الخروج لعلاج لا يتيسر في البيت ، أو عمل شرعي لا يمكن
تركه ، وما يشبههما .
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
في بعض البلدان قد تجبر المسلمة على خلع الحجاب بالأخص غطاء
الرأس ، هل يجوز لها تنفيذ ذلك علما بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالفصل من
العمل أو المدرسة ؟ .
فأجاب الشيخ :
هذا البلاء الذي يحدث في بعض البلدان هو من الأمور التي يمتحن
بها العبد ، والله سبحانه وتعالى يقول { الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا
وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن
الكاذبين } العنكبوت / 1 – 3 .
فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة
أولي الأمر في هذا الأمر المنكر ؛ لأن طاعة أولي الأمر في المنكر مرفوضة ، قال
تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء / 59 .
لو تأملت هذه الآية لوجدت أن الله قال : { أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم } ، ولم يكرر الفعل ثالثة مع أولي الأمر ، فدل على أن طاعة
ولاة الأمور تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ، فإذا كان أمرهم مخالفا لطاعة الله
ورسوله : فإنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله ، "
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .
وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية من الأمور التي يجب
الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر ، ونسأل الله لولاة أمورهم أن يهديهم
إلي الحق ، ولا أظن هذا الإجبار إلا إذا خرجت المرأة من بيتها ، وأما في بيتها فلن
يكون هذا الإجبار، وبإمكانها أن تبقى في بيتها حتى تسلم من هذا الأمر ، أما الدراسة
التي تترتب عليها معصية فإنها لا تجوز ، بل عليها دراسة ما تحتاج إليه في دينها
ودنياها ، وهذا يكفي ويمكنها ذلك في البيت غالبا .
" أسئلة تهم الأسرة المسلمة " ( ص 22 ، 23 ) .
والله أعلم .
*****
45674
حكم فرق المرأة لشعر رأسها وعمل ما يسمى بالكعكعة
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4512)
سؤال رقم 45674- حكم فرق المرأة لشعر رأسها وعمل ما يسمى بالكعكعة
ما حكم عمل تسريحة للشعر أثناء حفلات الأعراس ؟ أي رفعه وما حكم ذلك بالنسبة للعروس لأنه في الغالب تعمل العروس تسريحة في ليلة زفافها ؟.
الحمد لله
لا حرج على المرأة في تسريح شعرها وتزيينه في ليلة زفافها ، بل
ذلك أمر حسن مطلوب ، ولا حرج في إعانتها على ذلك ، بشرط ألا يكون في ذلك تشبه
بالكافرات أو الفاجرات ، والمقصود بالتشبه أن تكون تسريحة الشعر مما عُلم اختصاص
الكافرات بها ، أو عرف أنها قصة فلانة من الكافرات أو الفاجرات ، وذلك لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) وصححه
الألباني في صحيح الجامع الصغير . وقد سبق ذكر ضابط التشبه الممنوع
في جواب السؤال رقم ( 32533 )
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن اقتباس تسريحات الشعر من
النساء العارضات للأزياء ؟ وهل يدخل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم
فهو منهم "
فأجاب: ( كذلك مسألة الشعر ، فإنه لا يجوز للمرأة أن تصفف شعرها
على صفة شعر الكافرات أو الفاجرات لأن من تشبه بقوم فهو منهم .
وبهذه المناسبة فإنني أنصح نساءنا المسلمات المؤمنات وأنصح
أولياء أمورهن بالبعد عن هذه المجلات وعن هذه التسريحات التي تدعو للتلقي عن الكفار
ومحبة ما هم عليه من الألبسة الخليعة التي لا تمت إلى الحياء ولا الشريعة الإسلامية
بصلة . أو الموضات التي يكون عليها تسريح الشعر ، وليكن المسلمون متميزين عن غيرهم
لما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، وبالطابع الإسلامي حتى يعود للأمة الإسلامية عزتها
وكرامتها ومجدها وما ذلك على الله بعزيز)
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (م12) سؤال رقم 188
وأما رفع الشعر إلى أعلى ، أو جعله كعكعة فوق الرأس ، أو فرقه من
الجنب ، فقد منع ذلك بعض أهل العلم ، لعلة التشبه بالكافرات ، ومنهم من أدخل "
الكعكعة" في الذم الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم
أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات
مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد
من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم ( 2128 ) .
ولو فرض أن فرق الرأس من الجنب مثلا ، كان شعارا للكافرات أو
الفاجرات في زمن ، ثم زال هذا الاختصاص ، وانتشر بين المسلمات ، بحيث لا يُظن
بفاعلته أنها كافرة أو فاجرة ، فقد زال التشبه حينئذ ، فلا يكون محرّماً .
قال الحافظ في الفتح 1/307 في كلامه على " المياسر الأرجوان "
وهو فراش صغير أو شيء كالمخدّة يجعله راكب الفرس تحته ، وكانت من فعل الأعاجم : (
وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم ، فهو لمصلحة دينية ، لكن كان ذلك
شعارهم حينئذ وهم كفار ، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال المعنى ، فتزول
الكراهة . والله أعلم ) ا.هـ
وقال أيضا ردا على من جعل لبس الطيلسان ( وهو نوع من الثياب ) من
التشبه ، لأنه من لباس اليهود كما في حديث الدجال ، قال رحمه الله : ( وإنما يصلح
الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم ، وقد ارتفع ذلك في
هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح" فتح الباري 10/274 .
وقد نقلنا عن غيره ما يؤيد ذلك ، في الجواب المحال عليه آنفا . والله أعلم .
وهذه فتاوى العلماء في عمل الكعكعة وفرق المرأة شعرها من الجنب
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 17/126 :
ما حكم عمل الرأس فرقة من الجنب ، وعمله ضفيرة واحدة فقط، وعمله
كعكعة ؟ تقصد بذلك التجمل لزوجها أو تقصد إظهارها
بالمظهر اللائق ؟
أما عمل الرأس فرقة من الجنب ففي ذلك تشبه بنساء الكفار، وقد ثبت
تحريم التشبه بالكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما عمله ضفيرة واحدة أو أكثر وسدله على ظهرها مضفورا أو غير
مضفور فلا حرج فيه ما دام مستورا .
وأما عمله كعكعة فلا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار،
والتشبه بهن حرام، ولتحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : " " صنفان من
أهل النار لم أرهما بعد : قوم معهم سياط كأذناب البقر
يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهن مثل أسنة البخت
المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه أحمد ومسلم ).
وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله :
( ما حكم فرق شعر الرأس من الجانب وليس من الوسط ؟
فأجاب :
( لا يجوز للمرأة أن تفرق رأسها من الجانب . قال الشيخ محمد بن
إبراهيم رحمه الله : " وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر
الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا، أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج ،
فهذا لا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار" انتهى من مجموع فتاوى الشيخ
محمد بن إبراهيم 1/47 ) انتهى من المنتقى 3/321
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( ما حكم وضع الحشوى داخل
الرأس أي ما حكم تجميع المرأة لشعرها فوق الرأس أو ما يسمونه بوضع الكعكة ؟
الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا عند أهل العلم داخل في
النهي أو في التحذير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : "صنفان من أهل
النار لم أرهما بعد" وذكر الحديث وفيه " ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن
كأسنمة البخت المائلة" . فإذا كان الشعر فوق ففيه نهي . أما إذا كان على الرقبة
مثلا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت المرأة ستخرج إلى السوق فإنه في هذه الحال
يكون من التبرج لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر ، ويكون هذا من باب
التبرج ومن أسباب الفتنة فلا يجوز )
انتهى نقلا عن فتاوى المرأة ، جمع المسند ص 218.
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45676
ما هي كفارة اليمين بالتفصيل ؟
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4513)
سؤال رقم 45676- ما هي كفارة اليمين بالتفصيل ؟
الرجاء التفضل بتفصيل كفارة اليمين .
الحمد لله
كفارة اليمين بينها الله تعالى بقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ
اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ
الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة / 89 .
فيخير الإنسان بين ثلاثة أمور:
1- إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله ، فيعطي كل مسكين نصف
صاع من غالب طعام البلد ، كالأرز ونحو ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا، وإذا كان يعتاد
أكل الأرز مثلاً ومعه إدام وهو ما يسمى في كثير من البلدان ( الطبيخ ) فينبغي أن
يعطيهم مع الأرز إداماً أو لحماً ، ولو جمع عشرة مساكين وغداهم أو عشاهم كفى .
2- كسوة عشرة مساكين ، فيكسو كل مسكين كسوة تصلح لصلاته ، فللرجل
قميص (ثوب) أو إزار ورداء ، وللمرأة ثوب سابغ وخمار .
3- تحرير رقبة مؤمنة .
فمن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام متتابعة .
وجمهور العلماء على أنه لا يجزئ إخراج الكفارة نقودا .
قال ابن قدامة رحمه الله : " لا يُجْزِئُ في الكفارة إِخراج قيمة
الطعام ولا الكسوة ، لأن الله ذكر الطعام فلا يحصل التكفير بغيره ، ولأن الله
خَيَّرَ بين الثلاثة أشياء ولو جاز دفع القيمة لم يكن التَخْيِِيرُ منحصراً في هذه
الثلاث ... " اهـ . المغني لابن قدامة 11/256
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: ( على أن تكون الكفارة طعاما لا
نقودا، لأن ذلك هو الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة، والواجب في ذلك نصف
صاع من قوت البد ، من تمر أو بر أو غيرهما ، ومقداره كيلو ونصف تقريبا ، وإن غديتهم
أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك ، وهي قميص أو إزار ورداء ) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية 3/481
وقال الشيخ ابن عثيمين :
فإن لم يجد الإنسان لا رقبة ولا كسوة ولا طعاماً فإنه يصوم ثلاثة
أيام ، وتكون متتابعة لا يفطر بينهما . اهـ .
فتاوى منار الإسلام ( 3/667 )
والله أعلم .
*****
45684
يجب طوف الوداع على أهل جدة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >(1/4514)
سؤال رقم 45684- يجب طوف الوداع على أهل جدة
نحن من جدة وبعد الحج ، قال بعض من معنا ليس على أهل جدة طواف وداع ، وتركنا طواف الوداع ، فماذا نفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
طواف الوداع واجب على من أراد السفر من مكة بعد تمام النسك ، لما
رواه البخاري (1755) ومسلم (1328) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ : أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ ، إِلا أَنَّهُ
خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ .
قال الحافظ في الفتح :
" فِيهِ دَلِيل عَلَى وُجُوب طَوَاف الْوَدَاع لِلأَمْرِ
الْمُؤَكَّد بِهِ وَلِلتَّعْبِيرِ فِي حَقّ الْحَائِض بِالتَّخْفِيفِ ,
وَالتَّخْفِيف لا يَكُون إِلا مِنْ أَمْر مُؤَكَّد " انتهى .
ونحوه قاله النووي في "شرح مسلم" .
واختلف العلماء فيمن يجب عليه طواف الوداع ، فذهب بعضهم إلى أنه
من سافر وتجاوز الميقات ، أما من دون الميقات فلا يجب عليه طواف الوداع .
انظر " "رد المحتار" (3/545) .
وذهب آخرون إلى أنه يجب على من سافر مسافة قصر (80 كم تقريباً) ،
أما من دونها فلا يجب عليه .
وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه واجب على كل من سافر من مكة وخرج
عنها .
قال النووي في "المجموع" (8/236) :
" ذكرنا عن البغوي أن طواف الوداع يتوجه على كل من أراد مفارقة
مكة إلى مسافة القصر . قال : ولو أراد دون مسافة القصر لا وداع عليه , والصحيح
المشهور أنه يتوجه على من أراد مسافة القصر ودونها , سواء كانت مسافة بعيدة أم
قريبة , لعموم الأحاديث " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/337) :
" ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي , لا وداع عليه . ومن كان
منزله خارج الحرم , قريباً منه , فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت .
وهذا قول أبي ثور وقياسُ قول مالك . لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفرن
أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ) . ولأنه خارج من مكة , فلزمه التوديع , كالبعيد " انتهى بتصرف يسير .
فالقول بأن أهل جدة ليس عليهم طواف وداع قد قال به بعض أهل العلم
، غير أن الصحيح وجوبه عليهم ، وعلى هذا يكون على من تركه دم (شاة أو سُبْع بقرة)
يذبح بمكة ويوزع على فقراء الحرم ، وهكذا كل من ترك واجباً من واجبات النسك .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" من كان من أهل جدة فإنه يجب عليه أن لا يخرج من مكة حتى يودع " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (23/353) .
وسئل الشيخ ابن باز عن جماعة من أهل جدة تركوا طواف الوداع
ورجعوا إلى جدة .
فأجاب :
" الحج صحيح ، ولكن أسأتم في ترك الوداع ، لأن الرسول صلى الله
عليه وسلم أمر الحاج بالوداع ، فقال : (لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت
) وهذا خطاب للحجاج يشمل أهل جدة وغيرهم ، فالواجب على جميع أهل البلدان – سواء في
جدة أو الطائف وغيرهم – أن يودعوا البيت ، وقد تسامح بعض العلماء بالنسبة لمن منزله
دون مسافة قصر كأهل بحرة وأشباههم ، قالوا : إنه لا وداع عليه ، والأحوط لكل من كان
خارج الحرم أن يودع إذا انتهى حجه ، وأهل جدة بعيدون ، وهكذا أهل الطائف ، فالواجب
عليهم أن يودعوا قبل أن يخرجوا ، لأنهم يشملهم الحديث ، وعليهم دم يذبح في مكة عن
كل واحد منهم ترك طواف الوداع ، توزع على الفقراء ، شاة أو سُبْع بدنه أو سُبْع
بقرة " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (17/394) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/303) :
" إذا حججت فلا تسافر عقب حجك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع ،
وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم ، ولا تأكل منه ، بل أطعمه الفقراء
، لأن طواف الوداع واجب بعد الحج ، لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( أمر
الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) متفق على
صحته ، وعليك التوبة إلى الله من خروجك إلى جدة قبل طواف الوداع " انتهى .
والله أعلم .
*****
45687
يستحي أن يرد المال لجاره لأنه زهيد جدا
الفقه > معاملات > القرض >(1/4515)
سؤال رقم 45687- يستحي أن يرد المال لجاره لأنه زهيد جدا
كنت صغيرا حوالي 11 أو 12 سنة على ما أتذكر، وفي ذهابي إلى المدرسة وأخذ وسيلة المواصلات وجدت أن مالي قد فقدته ولم يتبق معي غير مبلغ لم يكمل ثمن الأجرة ولم يكن معي 5 قروش مصرية لكي تكمل الأجرة وهي أصغر عملة مصرية فأعطاني شخص يسكن بجواري ولكني لا أعرفه شخصيا ولا هو يعرفني ، أعطاني ما يكمل الأجرة على أن يأتي إلى المنزل و يأخذ المبلغ بعد ذلك وفات من العمر الكثير الآن ولم يأخذ شيئا مني لأنه لم يأت وعمري الآن 18 عاما فهل هذا يعتبر دينا يجب رده أم لا علما بأني أخجل أن أذهب له وأعطه هذا المبلغ لأنه صغير جدا و بعد هذه المدة كلها من السنين .
الحمد لله
مثل هذا المبلغ الزهيد الغلب أن من يدفعه يدفعه على سبيل الهدية
لا على سبيل القرض ، ولذلك لم يأت لأخذه ، وربما يكون أخبرك أنه سيأتي لأخذه دفعاً
للحرج عنك ، حتى تقبل أخذ هذا المبلغ منه ولا ترده ، وعليك أن تقابل إحسانه
بالإحسان فتكافئه عليه إما بهدية أو بدعاء أو نحو ذلك ، ومع ذلك فإنه بإمكانك ـ حتى
تتغلب على مسألة الخجل ـ أن تذهب وتسلم عليه وتسأل عن أحواله ، وتخبره بأنك لا تنسى
موقفه القديم ، وتشكره على ذلك ، مبينا أن هذا المبلغ باق في ذمتك ، ولم يمنعك من
رده له إلا الحرج ، فإن أعفاك فالحمد لله ، وإلا فادفعه له. وهذا باب من أبواب
الدعوة إلى الله ، يدرك منه المخاطب عظم شأن الحقوق ، وأهمية التحلل منها أو سدادها
مهما بلغت .
زادك الله حرصاً وأمانة ، ووفقك لكل خير .
والله أعلم .
*****
4569
تحب رجلاً من غير أهل السنة وتريد الزواج منه
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4516)
سؤال رقم 4569- تحب رجلاً من غير أهل السنة وتريد الزواج منه
أعرف رجلا شيعيا يحبني كثيرا ويريد أن يتزوجني زواج دائم وليس زواج متعة ، أعرف أن معتقد الشيعة مختلف عن معتقد السنة فناقشت هذا معه ووافق على أن يبحث عن الفروق بين المعتقدين ، وأتمنى أن هذه الطريقة سوف تمكنه من أن يكتشف بنفسه الطريق الصحيح .
المشكلة أنني لم أستطع العثور على موقع على الإنترنت يزودني بمعلومات عن هذا الموضوع ويوضح الفروق ولا يتهم الشيعة مباشرة بأنهم مخطئين .
أتمنى أن أتحدث مع شخص عن هذا الموضوع لأن عندي أسئلة كثيرة وأحتاج مساعدة وأتمنى أن أتحدث مع شخص ما أو أن أحصل على مصدر يسهل عليه البحث ولا يجعله متهما أو أن يحط من قيمة مذهبه.
أعتقد أن الحديث معه بأسلوب جيد وبلطف تجعله أكثر قابلية للقبول والسماع من محاولة إقناعه بأنه على خطأ.
الحمد لله
نحن معشر أهل السنة نحب الخير للجميع ، ونسأل الله تعالى أن يهدي كل ضال ، ويثيب
كل مطيع ، ونرجو الله أن يهدي أولئك الرافضة ..
إن الفروق بين مذهب أهل السنة والرافضة جذرية وكبيرة
جداً منها أن الرافضة يقولون بتحريف القرآن الكريم ، ويطعنون ويضللون جمهور الصحابة
رضي الله عنهم ، ويغلون في أئمتهم ويعبدونهم ، ويفضلونهم على الأنبياء والملائكة
، ويحجّون إلى المشاهد والقبور ، ويمارسون عندها أنواعاً من الشرك بالله
تعالى ، كما يعتقدون بالنفاق ويسمونها ( التقية ) ، كما يقولون بالبداء والرجعة
والعصمة المطلقة للأئمة ، وعقيدة الطينة .. وننصحك بقراءة رسالة الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب أو كتاب مختصر التحفة الأثني عشرية
للدهلوي ، أو فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة لناصر القفاري ، وننصحك بعدم
التفكير بالزواج منه .. ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه ، نسأل الله لك التوفيق
والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة .
ونذكّرك بالامتناع عن إقامة العلاقة مع الرجال الأجانب
كما تجدين توضيحه في سؤال رقم 1114 و 9465 و 2005 ،
نسأل الله أن يوفقك لكل خير .
الشيخ محمد آل عبد اللطيف
*****
4569
تحب رجلاً من غير أهل السنة وتريد الزواج منه
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4517)
سؤال رقم 4569- تحب رجلاً من غير أهل السنة وتريد الزواج منه
أعرف رجلا شيعيا يحبني كثيرا ويريد أن يتزوجني زواج دائم وليس زواج متعة ، أعرف أن معتقد الشيعة مختلف عن معتقد السنة فناقشت هذا معه ووافق على أن يبحث عن الفروق بين المعتقدين ، وأتمنى أن هذه الطريقة سوف تمكنه من أن يكتشف بنفسه الطريق الصحيح .
المشكلة أنني لم أستطع العثور على موقع على الإنترنت يزودني بمعلومات عن هذا الموضوع ويوضح الفروق ولا يتهم الشيعة مباشرة بأنهم مخطئين .
أتمنى أن أتحدث مع شخص عن هذا الموضوع لأن عندي أسئلة كثيرة وأحتاج مساعدة وأتمنى أن أتحدث مع شخص ما أو أن أحصل على مصدر يسهل عليه البحث ولا يجعله متهما أو أن يحط من قيمة مذهبه.
أعتقد أن الحديث معه بأسلوب جيد وبلطف تجعله أكثر قابلية للقبول والسماع من محاولة إقناعه بأنه على خطأ.
الحمد لله
نحن معشر أهل السنة نحب الخير للجميع ، ونسأل الله تعالى أن يهدي كل ضال ، ويثيب
كل مطيع ، ونرجو الله أن يهدي أولئك الرافضة ..
إن الفروق بين مذهب أهل السنة والرافضة جذرية وكبيرة
جداً منها أن الرافضة يقولون بتحريف القرآن الكريم ، ويطعنون ويضللون جمهور الصحابة
رضي الله عنهم ، ويغلون في أئمتهم ويعبدونهم ، ويفضلونهم على الأنبياء والملائكة
، ويحجّون إلى المشاهد والقبور ، ويمارسون عندها أنواعاً من الشرك بالله
تعالى ، كما يعتقدون بالنفاق ويسمونها ( التقية ) ، كما يقولون بالبداء والرجعة
والعصمة المطلقة للأئمة ، وعقيدة الطينة .. وننصحك بقراءة رسالة الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب أو كتاب مختصر التحفة الأثني عشرية
للدهلوي ، أو فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة لناصر القفاري ، وننصحك بعدم
التفكير بالزواج منه .. ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه ، نسأل الله لك التوفيق
والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة .
ونذكّرك بالامتناع عن إقامة العلاقة مع الرجال الأجانب
كما تجدين توضيحه في سؤال رقم 1114 و 9465 و 2005 ،
نسأل الله أن يوفقك لكل خير .
الشيخ محمد آل عبد اللطيف
*****
45691
هل إخراج قدر أكثر من الزكاة يحلل له الفوائد الربوية ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4518)
سؤال رقم 45691- هل إخراج قدر أكثر من الزكاة يحلل له الفوائد الربوية ؟
تظهر الخلافات حول فوائد البنوك هل هي حرام أم حلال ؟ فهل إذا أخرجت زكاة أكبر من قيمة الزكاة المخصصة للفرد في رمضان وأكبر من قيمة الفوائد تكون هذه الفوائد حلالا لي أن أصرفها و تكون طاهرة ؟.
الحمد لله
فوائد البنوك الربوية حرام باتفاق من يعتد به من أهل العلم ، وقد
صدر في تحريمها قرارات عدة من الهيئات العلمية المعتبرة في العالم الإسلامي ، ومن
ذلك قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1965م والذي ضم ممثلين ومندوبين عن
خمسة وثلاثين دولة إسلامية، وجاء فيه : ( الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم ،
لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي ، وما يسمى بالقرض الإنتاجي ، لأن
نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين ) انتهى.
كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر
الإسلامي سنة 1985م ، وجاء فيه : ( أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله
وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ
بداية العقد ، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً) انتهى.
وصدر كذلك قرار عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم
الإسلامي سنة 1986م ، ومما جاء فيه : ( كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال
حرام شرعا ، لا يجوز أن ينتفع به المسلم ، مودِع المال لنفسه أو لأحد ممن يعوله في
أي شأن من شؤونه . ويجب أن يصرف في المصالح العامة للمسلمين ، من مدارس ومستشفيات
وغيرها . وليس هذا من باب الصدقة وإنما هو من باب التطهر من الحرام .
ولا يجوز بحال ترك هذه الفوائد للبنوك الربوية ، للتقوّي بها ،
ويزداد الإثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج ، فإنها في العادة تصرفها إلى
المؤسسات التنصيرية واليهودية ، وبهذا تغدو أموال المسلمين أسلحة لحرب المسلمين
وإضلال أبنائهم عن عقيدتهم . علما بأنه لا يجوز أن يستمر في التعامل مع هذه البنوك
الربوية بفائدة أو بغير فائدة) انتهى.
وانظر السؤال رقم : ( 12823 ) ( 20695 ) ( 292 ) ( 22392 )
وبهذا يعلم أنه لا قيمة لما يثيره البعض من خلاف حول تحريم هذه
الفوائد .
والفائدة الربوية مال خبيث ، لا تخرج منه الزكاة ولا الصدقة ،
سواء صدقة الفطر من رمضان أو غيرها ، والواجب هو التخلص من هذه الفائدة بصرفها في
مصالح المسلمين ، مع قطع التعامل مع البنك الربوي ما استطعت إلى ذلك سبيلا .
والله أعلم .
*****
45694
معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا عدوى"
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4519)
سؤال رقم 45694- معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم - " لا عدوى"
ما النص الأصلي لحديث "لا عدوى في الدين" و ما هو المقصود به ؟.
الحمد لله
الحديث مروي بألفاظ ، منها : ما رواه البخاري (5776) ومسلم
(2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي
الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ".
ورواه البخاري (5316) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا عَدْوَى
وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( قوله صلى الله عليه وسلم : (
لا عدوى ) . لا نافية للجنس ، ونفي الجنس أعم من نفي الواحد والاثنين والثلاثة ؛
لأنه نفي للجنس كله ، فنفي الرسول صلى الله عليه وسلم العدوى كلها .
والعدوى : انتقال المرض من المريض إلى الصحيح ، وكما يكون في
الأمراض الحسية يكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية ، ولهذا أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم أن جليس السوء كنافخ الكير ؛ إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه رائحة
كريهة.
فقوله : ( لا عدوى ) يشمل الحسية والمعنوية ، وإن كانت في الحسية
أظهر .
قوله : ( ولا طيرة ) الطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم
.
قوله : ( ولا هامة ) . الهامة ؛ بتخفيف الميم فسرت بتفسيرين :
الأول : أنها طير معروف يشبه البومة ، أو هي البومة ، تزعم العرب
أنه إذا قتل القتيل ؛ صارت عظامُةُ هامة تطير وتصرخ حتى يؤخذ بثأره ، وربما اعتقد
بعضهم أنها روحه .
التفسير الثاني : أن بعض العرب يقولون : الهامة هي الطير المعروف
، لكنهم يتشاءمون بها ، فإذا وقعت على بيت أحدهم ونعقت ؛ قالوا : إنها تنعق به
ليموت ، ويعتقدون أن هذا دليل قرب أجله ، وهذا كله بلا شك عقيدة باطلة .
قوله : ( ولا صفر ) . قيل : إنه شهر صفر ، كانت العرب يتشاءمون
به ولاسيما في النكاح .
وقيل : إنه داء في البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى آخر ،
وعلى هذا ؛ فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام .
... والأقرب أن صفر يعني الشهر ، وأن المراد نفي كونه مشؤوما ؛
أي: لا شؤم فيه ، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر .
وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها
موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو
سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن
كان صحيحا ، ولكونه سببا إن كان باطلا .
فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى
الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على
صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد "
والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار
من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها
ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ،
وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛
فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛
لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا
أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى .
قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب
فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على
الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد
انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ،
فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له
سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم
يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب
البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .
فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن
النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من
الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه
وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي .
وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين
الأحاديث ) انتهى من شرح كتاب التوحيد 2/80
وعلى هذا فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (لا عدوى ) أي أن
المرض لا ينتقل من المريض إلى الصحيح بنفسه ، وإنما ينتقل بتقدير الله تعالى ،
فمخالطة المريض للصحيح سبب من أسباب انتقال المرض ، ولمن ليس معنى ذلك أنه واقع لا
محالة ، بل لا يقع إلا إذا شاء الله ، ولهذا نجد كثيرا ما يخلف المرضى الأصحاء ولا
ينتقل إليهم المرض .
والله أعلم .
*****
45696
من خصائصه صلى الله عليه وسلم : جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4520)
سؤال رقم 45696- من خصائصه صلى الله عليه وسلم - جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها
قد سمعت أن هناك رأياً بإجماع الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتبر محرما لكل نساء المسلمين لما قد أمره الله في الكتاب ( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ) وبهذا قد حرم عليه الله كل النساء فهل أصبح بذلك محرما أي يجوز التكشف أمامه كأحد المحارم بالنسبة للنساء الأوائل من قبل بالطبع أو كان رسول الله بعد هذا الأمر يبيت في بيوت المسلمين لأنه محرم لنسائهم ؟ .
الحمد لله
ذهب كثير من أهل العلم إلى من خصائصه صلى الله عليه وسلم جواز
خلوته بنساء أمته ونظره إليهن وإركابهن خلفه على الدابة .
قال الحطاب المالكي : "ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام جواز
خلوته بالأجنبية كما نقل الدماميني في حاشيته على البخاري في أول كتاب الجهاد في
دخوله صلى الله عليه وسلم على أم حرام بنت ملحان وقال الشيخ جلال الدين في المباحات
: واختص صلى الله عليه وسلم بإباحة النظر للأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن ( أي
إركابهن خلفه ) " انتهى من مواهب الجليل 3/402
وقال البجيرمي الشافعي في حاشيته على الخطيب : ( أما هو – صلى
الله عليه وسلم- فقد اختص بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن على
الدابة خلفه ; لأنه مأمون لعصمته ; وهذا هو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام في دخوله
عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية , وأما الجواب
بأنها كانت محرمة من رضاع فرده الدمياطي بعدم ثبوته ) انتهى من حاشية
البجيرمي 3/372
وقال الحافظ ابن حجر في شرح حديث الرُّبَيِّع بِنْت مُعَوِّذِ
بْنِ عَفْرَاءَ قالت : جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي
فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ
مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ
مَا فِي غَدٍ فَقَالَ : ( دَعِي هَذِهِ وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ ) رواه البخاري (4750)
قال الحافظ : ( والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي
صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها ، وهو الجواب الصحيح عن قصة
أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية
ولا زوجية ) انتهى من الفتح 9/203.
وقد اختار كثير من العلماء أن أم حرام كانت من محارم النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل حكاه النووي اتفاقاً للعلماء .
وقال في مطالب أولي النهى (5/34) – من كتب الحنابلة- : ( وله أن
يردف الأجنبية خلفه لقصة أسماء . وروى أبو داود عن امرأة من غفار : أن النبي صلى
الله عليه وسلم أردفها على حقيبته . وله أن يخلو بها لقصة أم حرام ) اهـ .
وحديث أسماء الذي أشار إليه رواه البخاري (4823) ومسلم (4050)
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : كُنْتُ
أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ
فَرْسَخٍ ( والفرسخ ثلاثة أميال ) فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي
فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ
الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ إِخْ إِخْ ( كلمة تقال للبعير لمن أراد أن
ينيخه ) لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ
وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى
فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ
لأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ
لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى
أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ
الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي .
وأما حديث المرأة التي من غفار فقد رواه أبو داود (313) عَنْ
امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَتْ : أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ . . . الحديث . ضعفه
الألباني في ضعيف أبي داود .
والرحل ما يركب عليه على البعير ، وحقيبة الرحل زيادة تجعل في
مؤخرة الرحل .
وليست هذه المسألة من المسائل التي أجمع عليها العلماء ، بل في
كلام بعضهم تصريح بخلاف ذلك ، قال العراقي في "طرح التثريب" (5/167) في شأن دخول
النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير: ( دخوله عليه الصلاة والسلام على
ضباعة عيادة أو زيارة وصلة فإنها قريبته كما تقدم وفيه بيان تواضعه وصلته وتفقده
صلى الله عليه وسلم ، وهو محمول على أن الخلوة هناك كانت منتفية فإنه عليه الصلاة
والسلام لم يكن يخلو بالأجنبيات ولا يصافحهن وإن كان لو فعل ذلك لم يلزم منه مفسدة
لعصمته , لكنهم لم يعدوا ذلك من خصائصه فهو في ذلك كغيره في التحريم ) اهـ .
والله أعلم .
*****
4571
حكم نقل مال مسجد لآخر
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4521)
سؤال رقم 4571- حكم نقل مال مسجد لآخر
السؤال :
يوجد مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية جمع له مال وبني ، وبقي من المال كثير ، ويوجد في منطقة أخرى مسجد وحوله جالية إسلامية كبيرة ويتطلب بناء مكتبة ومدرسة وبعض الملاحق ويريد بعض القائمين عليه أخذ شيء من المال الموجود عند القائمين على المسجد الأول ، نرجو الإفادة ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان المسجد الأول الذي جمع له المال قد كمل واستغنى عن المال فإن الفاضل عن المال يصرف لتعمير مساجد أخرى مع ما يضاف إليها من مكتبات ودورات مياه ونحو ذلك كما نص على ذلك أهل العلم في كتاب الوقف ، ولأنه من جنس المسجد الذي تبرع له ومعلوم أن المتبرعين إنما قصدوا المساهمة في تعمير بيت من بيوت الله فما فضل عنه يصرف في مثله فإن لم يوجد مسجد محتاج صرف الفاضل في المصالح العامة للمسلمين كالمدارس والأربطة والصدقات على الفقراء ونحو ذلك والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز رحمه الله
فتاوى إسلامية 3/24-25
*****
45713
حاصل على إعفاء جمركي فهل يحق لغيره شراء سلعة باسمه؟
الفقه > معاملات > البيوع > الضرائب والمكوس >
سؤال رقم 45713: حاصل على إعفاء جمركي فهل يحق لغيره شراء سلعة باسمه؟
أنا ومجموعة من الإخوة نعمل بالسلك الدبلوماسي بإحدى الدول التي تعطينا إعفاء جمركيا ويأتي بعض أبناء تلك الدولة لشراء سلعة لهم باسمنا للحصول على الإعفاء مقابل مبلغ مالي يدفع لنا فهل هذا جائز ؟.
الحمد لله
هذا السؤال مشتمل على أمرين :
الأول : ما يسمى بالجمارك ، وهي الضرائب التي تؤخذ على الأمتعة
والبضائع ، وأخذُ ذلك من المسلمين محرم تحريما شديدا ، وهو المَكس الذي قال فيه
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ صَاحِبَ الْمَكْسِ فِي النَّارِ ) رواه
أحمد (16553) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3405) وانظر
السؤال رقم ( 25758 )
ويشرع للإنسان أن يتخلص من هذه الرسوم المحرمة بكل وسيلة ممكنة
لا يترتب عليها ضرر أو مفسدة أعظم ، ولو كان ذلك بالحيلة أو بدفع مبلغ للتخلص من
الظلم الواقع عليه .
وإذا قال قائل : إن هذا من باب تنازل الإنسان عن حقه مقابل مال ،
وهذا جائز ، ( وهو ما يعرف عند الفقهاء بالإسقاط أو الفراغ ، وقد أجاز المالكية
الاعتياض عن حق الشفعة ، وأجاز الحنفية النزول عن الوظائف وإسقاط حق الحضانة مقابل
مال . ينظر الموسوعة الفقهية الكويتية 4/243 ، 32/83 )
فالجواب : ليس هذا من هذا ، فإن الذين يسمحون بالإعفاء الجمركي
لا يسمحون به إلا لأعضاء السلك أنفسهم ، ولا يسمحون لهم أن يستغلوا هذه الميزة في
التكسب من وراء ذلك في بضائع لغيرهم ، ثم إن تمرير بضائع الغير مشتمل على نوع من
الحيلة والخداع ، وهذا إذا جاز فإنما يجوز للحاجة ، ولا أن يربح من ورائه .
وفيما يلي بعض النصائح :
1- إن الواجب على هؤلاء العاملين في هذا السلك خدمة إخوانهم
مجاناً ، لأنها من باب رفع الظلم عنهم ، وهذا واجب علي قدر الاستطاعة .
2- إذا كانوا لا يريدون تقديم هذه الخدمة مجاناً ، فلا يجوز لهم
أخذ زيادة على أجرة المثل فيما يتكلفونه من شحن البضائع واستلامها وإنهاء الإجراءات
أو السفر بها ونحو ذلك .
مع تنبيههم إلى أن الواجب عليهم الرفق بإخوانهم المسلمين ،
وإحسان النيّة في ذلك ، ولا يكون همهم مجرد جمع الأموال .
والله الموفق .
*****
45715
هل لزوجة المسجون أن تلبس له ملابس مثيرة وقت الزيارة
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4522)
سؤال رقم 45715- هل لزوجة المسجون أن تلبس له ملابس مثيرة وقت الزيارة
في بعض بلاد المسلمين نسأل الله العافية ، الملتزمون والمتمسكون بدين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، يحبسون ويسجنون وحسبنا الله ونعم الوكيل .
والسؤال هو أن الزوجات يزرن أزواجهن وتكون هذه الزيارة في المكان الذي يسمح لهن بالجلوس معهم وطبعا الأخوات يكن منتقبات ويضعن على رؤوسهن ما يشبه الخيمة لكي يراهن أزواجهن ولكن بعض الأخوات يلبسن مثلا بلوزات حملات لكي يراهن أزواجهن من باب التخفيف عنهم لأنهم مسجونون منذ 6 سنوات أو أكثر فهل يجوز أن تفعل الأخت هذا الفعل مع العلم أن الأخت لا يراها أحد غير زوجها وكما قلت إنهن يفعلن ذلك للتخفيف عن بعض الآلام التي تمر بأزواجهن ؟.
الحمد لله
للمرأة أن تتزين لزوجها بأنواع الزينة وتكشف له عن محاسنها
ومفاتنها في كل وقت ، لما له من حق الاستمتاع بها .
وأما ما ذكرت من فعل ذلك داخل السجن ، فلا حرج فيه بشرطين :
الأول : أن تأمن المرأة من نظر أجنبي لها ، نظرا مباشرا أو عن
طريق آلات المراقبة .
والثاني : ألا يكون لذلك أثر سلبي على الزوج ، من تهييج شهوته
وعاطفته ، بما قد يدفعه للتنازل عن دينه ، والتخلي عن الحق الذي هو عليه ، رغبة في
الخروج لأهله وولده . وقد نبه الله تعالى على أن الأهل والولد فتنة ، يمنعان الرجل
من أداء ما أوجب الله تعالى عليه ، فقال سبحانه : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الْفَاسِقِينَ ) التوبة/24 وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التغابن/14
قال عطاء بن يسار : نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا هؤلاء
الآيات : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد ، وكان إذا أراد الغزو بكوا
إليه ورققوه فقالوا : إلى من تدعنا ؟ فيرق فيقيم ، فنزلت : الآية كلها بالمدينة في
عوف بن مالك الأشجعي .
وروى الترمذي : عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية - قال :
هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى
أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أتوا النبي
صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم ، فأنزل الله
تعالى الآية. حسنه الألباني في صحيح الترمذي (3317)
نسأل الله تعالى أن يعز دينه ، وينفس كرب إخواننا المسلمين ، إنه
ولي ذلك والقادر عليه .
*****
45716
يثقل عليها الغسل من الجنابة فتترك الصلاة ثم تتوب ثم تعود لذلك
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >(1/4523)
سؤال رقم 45716- يثقل عليها الغسل من الجنابة فتترك الصلاة ثم تتوب ثم تعود لذلك
امرأة تصلي وتترك وتريد أن تتوب . تترك الصلاة لأنها تعاشر زوجها وتؤخر الاغتسال ثم ترجع تندم ، وقد تترك الصلاة أسبوعاً كاملاً . تريد أن تتوب لكن تحس أنه لا فائدة ، تخاف أن ترجع مرة أخرى وأن رب العالمين لن يغفر لها .
الحمد لله
الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وتاركها تهاونا أو
كسلا كافر خارج عن ملة الإسلام في أصح قولي العلماء ؛ لأدلة كثيرة منها قوله صلى
الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم
(82)
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079)
فكيف ترضى مسلمة أن تعرض نفسها للكفر بالله تعالى ، لأجل ما تجده
من مشقة الغسل ؟! والواقع أنه لا مشقة في ذلك لولا تزيين الشيطان وإغواؤه للعبد .
فعلى هذه الأخت أن تتقي الله تعالى وتخاف عقابه، وتبادر بالتوبة
النصوح قبل أن يفجأها هادم اللذات ومفرق الجماعات ، وعليها أن تعود إلى الصلاة
وتستمر عليها، وتكون من أهل الطهارة والنظافة فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
.
وخوفها من الرجوع إلى المعصية والذنب ، ينبغي أن يدفعها إلى
التمسك بالطاعة والمثابرة عليها ، لا إلى التقصير والتفريط، وعلى المؤمن أن يحسن
الظن بالله تعالى ، وأن يعلم أن الله يتوب على من تاب ، وأنه يزيد الذين اهتدوا
هدى، كما قال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 وقال : ( وَيَزِيدُ
اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ
رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَرَدّاً ) مريم/76 وقال : (
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت/69
والله سبحانه يغفر الذنوب كلها لمن تاب إليه وندم ، قال الله
تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
والله أعلم .
*****
45726
حكم السمسرة
الفقه > معاملات > الإجارة >(1/4524)
سؤال رقم 45726- حكم السمسرة
ما حكم السمسرة ؟ وهل المال الذي يأخذه السمسار حلال ؟.
الحمد لله
" السمسرة : هي التوسط بين البائع والمشتري , والسمسار هو : الذي
يدخل بين البائع والمشتري متوسطاً لإمضاء البيع , وهو المسمى الدلال , لأنه يدل
المشتري على السلع , ويدل البائع على الأثمان " انتهى من "الموسوعة الفقهية"
(10/151) .
والسمسرة يحتاج الناس إليها كثيراً ، فكثير من الناس لا يعرفون
طرق المساومة في البيع والشراء ، وآخرون ليس عندهم قدرة على تمحيص ما يشترون ومعرفة
عيوبه ، وآخرون ليس عندهم وقت لمباشرة البيع والشراء بأنفسهم .
ومن هنا كانت السمسرة عملاً نافعاً ، ينتفع به البائع والمشتري
والسمسار .
ولا بد في السمسار من أن يكون خبيراً فيما يتوسط فيه بين البائع
والمشتري ، حتى لا يضر واحداً منهما بدعواه العلم والخبرة وهو ليس كذلك .
ولا بد أن يكون بأميناً صادقاً ، لا يحابي أحدهما على حساب الآخر
، بل يبين عيوب السلعة ومميزاتها بأمانة وصدق ، ولا يغش البائع أو المشتري .
وقد نص جمع من الأئمة على جواز السمسرة ، وجواز أخذ الأجرة عليها
.
وسئل الإمام مالك رحمه الله عن أجر السمسار فقال : لا بأس بذلك . "المدونة" (3/466) .
وقال الإمام البخاري في صحيحه :
" بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ . وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ
وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ : بِعْ هَذَا
الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ .
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا فَمَا
كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ ، أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ) " انتهى كلام الإمام البخاري .
وقال ابن قدامة في "المغني" (8/42) :
" ويجوز أن يستأجر سمسارا , يشتري له ثيابا , ورخص فيه ابن سيرين
, وعطاء , والنخعي . . . ويجوز على مدة معلومة , مثل أن يستأجره عشرة أيام يشتري له
فيها ; لأن المدة معلومة , والعمل معلوم . . . فإن عَيَّنَ العملَ دون الزمان ,
فجعل له من كل ألف درهم شيئاً معلوما , صح أيضا . .
وإن استأجره ليبيع له ثيابا بعينها , صح . وبه قال الشافعي ،
لأنه عمل مباح , تجوز النيابة فيه , وهو معلوم , فجاز الاستئجار عليه كشراء الثياب
" انتهى باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة عن صاحب مكتب تجاري يعمل وسيطاً لبعض
الشركات في تسويق منتجاتها ، حيث ترسل له عينة يقوم بعرضها على التجار في الأسواق ،
وبيعها لهم بسعر الشركة مقابل عمولة يتم الاتفاق عليها مع الشركة . فهل يحقه في ذلك
إثم ؟
فأجابت :
" إذا كان الواقع كما ذكر جاز لك أخذ تلك العمولة ، ولا إثم عليك
" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/125) .
وسئل الشيخ ابن باز عن حكم البحث لمستأجر عن محلٍ أو شقةٍ مقابل
أجرة يدفعها لمن حقق له طلبه .
فأجاب :
" لا حرج في ذلك ، فهذه أجرة وتسمى السعي ، وعليك أن تجتهد في
التماس المحل المناسب الذي يريد الشخص أن يستأجره ، فإذا ساعدته في ذلك والتمست له
المكان المناسب ، وساعدته في الاتفاق مع المالك على الأجرة ، فكل هذا لا بأس به إن
شاء الله بشرط ألا يكون هناك خيانة ولا خديعة ، بل على سبيل الأمانة والصدق ، فإذا
صدقت وأديت الأمانة في التماس المطلوب من غ ير خداع ولا
ظلم لا له ولا لصاحب العقار فأنت على خير إن شاء الله " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن باز" (19/358) .
*****
45730
الأدعية التي تقال في الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/4525)
سؤال رقم 45730- الأدعية التي تقال في الوضوء
ما هي الأدعية التي تقال على الوضوء ؟.
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية تقال في أول الوضوء وأخرى
تقال بعده .
فأما ما يقال في أول الوضوء فلم يثبت فيه إلا التسمية بلفظ : (
بسم الله ) .
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وُضُوءَ لِمَنْ
لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ ) روه الترمذي (25) . وقَالَ : وَفِي الْبَاب
عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَنَسٍ
. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : لا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا لَهُ
إِسْنَادٌ جَيِّدٌ انتهى كلام الترمذي .
والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وسبق في إجابة السؤال ( 21241 )
أن هذا الحديث مما اختلف العلماء في صحته .
ونقل النووي في "المجموع" (1/385) عن البيهقي قوله :
" أَصَحُّ مَا فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثُ أَنَسٍ : أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ
ثُمَّ قَالَ : تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ , قَالَ : فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ
مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، وَالْقَوْمُ يَتَوَضَّؤُنَ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ
عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلا . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ .
وَاحْتَجَّ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ "مَعْرِفَةِ السُّنَنِ وَالآثَارِ"
وَضَعَّفَ الأَحَادِيثَ الْبَاقِيَةَ " انتهى
وأما ما يقال بعده : فقد وردت فيه عدة أحاديث .
ومجموع ما ورد أنه يقول :
( أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ،
وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ
التَوَّابِينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ
وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ
) .
روى مسلم (234) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ
فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ،
إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا
شَاءَ ) رواه مسلم (234) .
زاد الترمذي (55) : ( اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ
، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ) .
وهذه الزيادة ضعفها الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فإنه قال : " هذه
الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث " انتهى من "الفتوحات
الربانية" (2/19) .
وقد صححها الألباني في صحيح الترمذي . وجزم ابن القيم في "زاد
المعاد" بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ
إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) .
فقد رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة" والحاكم في المستدرك
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه . وقد اختلف الرواة هل الحديث مرفوع إلى النبي صلى
الله عليه وسلم أو من قول أبي سعيد رضي الله عنه ؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" والسند صحيح بلا ريب ، إنما اختلف في رفع المتن ووقفه ،
فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ ، فلذا حكم عليه بالخطأ ، وأما
على طريق الشيخ المصنف (يعني النووي) تبعاً لابن الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم
لما مع الرافع من زيادة العلم ، وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال
للرأي فيه فله حكم الرفع " انتهى من "الفتوحات الربانية" (2/21) .
وقد صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (225) و"السلسلة الصحيحة" (2333) .
وانظر : "تمام المنة" (ص 94- 98) .
فهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأذكار التي تقال
على الوضوء ، أما الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله
عليه وسلم .
قال النووي في الأذكار (ص 30) :
وأما الدعاء على أعضاء الوضوء فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله
عليه وسلم .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/195) :
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية ، وكل
حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمته ، ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ، وقوله : (
أشْهَدُ أنْ لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيك لَهُ ، وأشْهَدُ أنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَوَّابِينَ ،
واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ) في آخره ، وفي حديث آخر في "سنن النسائي" مما
يقال بعد الوضوء أيضاً : ( سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ ، أشْهَدُ أنْ لا
إلهَ إِلاَّ أنْتَ ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ ) انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/221) :
" لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء أثناء الوضوء ، وما
يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة ، مثل قولهم عند غسل الوجه : (اللهم بيض وجهي
يوم تسود الوجوه) وقولهم : عند غسل اليدين : (اللهم أعطني كتابي بيميني ، ولا تعطني
كتابي بشمالي ) إلى غير ذلك من الأدعية عند سائر أعضاء الوضوء " انتهى .
*****
45757
الاشتراك في الأضحية
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4526)
سؤال رقم 45757- الاشتراك في الأضحية
هل يجوز الاشتراك في الأضحية ، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية ؟.
الحمد لله
يجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر ، أما
الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها .
ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص في واحدة من البقر أو الإبل .
وقد ثبت اشتراك الصحابة رضي الله عنه في الهدي ، السبعة في بعير
أو بقرة في الحج والعمرة .
روى مسلم (1318) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله
عنهما قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .
وفي رواية : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَجَجْنَا
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ
عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .
وروى أبو داود (2808) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ
، وَالْجَزُورُ - أي : البعير - عَنْ سَبْعَةٍ ) . صححه الألباني في صحيح
أبي داود .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" فِي هَذِهِ الأَحَادِيث دَلالَة لِجَوَازِ الِاشْتِرَاك فِي
الْهَدْي , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الشَّاة لا يَجُوز الاشْتِرَاك فِيهَا . وَفِي
هَذِهِ الأَحَادِيث أَنَّ الْبَدَنَة تُجْزِئ عَنْ سَبْعَة , وَالْبَقَرَة عَنْ
سَبْعَة , وَتَقُوم كُلّ وَاحِدَة مَقَام سَبْع شِيَاه , حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى
الْمُحْرِم سَبْعَة دِمَاء بِغَيْرِ جَزَاء الصَّيْد , وَذَبَحَ عَنْهَا بَدَنَة
أَوْ بَقَرَة أَجْزَأَهُ عَنْ الْجَمِيع " انتهى باختصار .
وسئلت اللجنة الدائمة عن الاشتراك في الأضحية ، فأجابت :
" تجزئ البدنة والبقرة عن سبعة ، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو
من بيوت متفرقين ، وسواء كان بينهم قرابة أو لا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن
للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة ، ولم يفصل ذلك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/401) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "أحكام الأضحية" :
" وتجزئ الواحدة من الغنم عن الشخص الواحد ، ويجزئ سُبْع البعير
أو البقرة عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم " انتهى .
*****
4576
يتظاهر بأنه غير مسلم في قنوات الحوار الإسلامية
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4527)
سؤال رقم 4576- يتظاهر بأنه غير مسلم في قنوات الحوار الإسلامية
هل يجوز أن أدخل إلى القناة الإسلامية للمحادثة في الإنترنت وأخاطب الناس على أني غير مسلم وأسألهم أسئلة عن الإسلام ؟ هل هذا جائز أم لا ؟.
الحمد لله
ما هي الفائدة
من وراء هذا العمل ؟ إذا كان لإشغال المسلمين واستنفاذ جهودهم من غير حاجة فهذا
إيذاء وقد قال الله تعالى " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد
احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا " الأحزاب/58
زد على ذلك ما قد يشتمل عليه من الكذب والإيهام . وإذا أردت الفائدة للقراء أو لغير
المسلمين فاسلك في ذلك السّبل الشرعية - وما أكثرها - ، نسأل الله للجميع الهداية
والتوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
45766
حج عن غيره فهل له فضائل الحج؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4528)
سؤال رقم 45766- حج عن غيره فهل له فضائل الحج؟
إذا حج الشخص عن غيره ، فهل يناله ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : ( من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ؟.
الحمد لله
" يتوقف الجواب على هذا السؤال : هل هذا الرجل حج عن نفسه أو عن
غيره ؟
الجواب :
أنه إنما حج عن غيره ، ولم يحج لنفسه ، فلا يدرك الأجر الذي قاله
النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه إنما قام بالحج عن غيره ، لكنه إن شاء الله إذا
قصد نفع أخيه ، وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/34) .
*****
45767
الأفضل في الأضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم ثم الاشتراك
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4529)
سؤال رقم 45767- الأفضل في الأضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم ثم الاشتراك
ما الأفضل في الأضحية ، أن أذبح شاة أم أشترك في بقرة ؟.
الحمد لله
" أفضل الأضاحي : البدنة (البعير) , ثم البقرة , ثم الشاة , ثم
شِرْكٌ (اشتراك) في بقرة . وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي . لقول النبي صلى الله
عليه وسلم في الجمعة : ( مَنْ راح في الساعة الأولى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً
، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ،
وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ،
وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ
رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ) رواه
البخاري (881) ومسلم (850) .
ولأنه ذبح يتقرب به إلى الله تعالى , فكانت البدنة فيه أفضل ,
كالهدي .
والشاة أفضل من شِرْكٌ (أي : الاشتراك) في بدنة ; لأن إراقة الدم
مقصودة في الأضحية , والمنفرد يتقرب بإراقته كله . والكبش أفضل الغنم ; لأنه أضحية
النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطيب لحما " انتهى من "المغني" باختصار
(13/366) .
وسئلت اللجنة الدائمة : أيهما أفضل في الأضحية : الكبش أم البقر
؟
فأجابت :
" أفضل الأضاحي البدنة ، ثم البقرة ، ثم الشاة ، ثم شرك في بدنة
- ناقة أو بقرة - ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الجمعة : ( مَنْ راح في الساعة
الأولى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً . . . إلخ الحديث ) .
ووجه الدلالة من ذلك : وجود المفاضلة في التقرب إلى الله بين
الإبل والبقر والغنم ، ولا شك أن الأضحية من أعظم القرب إلى الله تعالى ، ولأن
البدنة أكثر ثمناً ولحماً ونفعاً ، وبهذا قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ، والشافعي
، وأحمد . وقال مالك : الأفضل الجذع من الضأن ، ثم البقرة ، ثم البدنة ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل .
والجواب عن ذلك : أن يقال : إنه صلى الله عليه وسلم قد يختار غير
الأولى رفقاً بالأمة ؛ لأنهم يتأسون به ، ولا يحب صلى الله عليه وسلم أن يشق عليهم
، وقد بين فضل البدنة على البقر والغنم كما سبق . والله أعلم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/398) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "أحكام الأضحية" :
" الأفضل من الأضاحي : الإبل ، ثم البقر إن ضحى بها كاملة ، ثم
الضأن ، ثم المعز ، ثم سُبْع البدنة ، ثم سبع البقرة " انتهى .
*****
45768
له زوجتان ، فهل يذبح أضحيتين؟
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4530)
سؤال رقم 45768- له زوجتان ، فهل يذبح أضحيتين؟
لي زوجتان ، كل منهما تسكن في بيت مستقل عن الأخرى ، فهل تكفيني أضحية واحدة أم لا بد من أضحيتين ؟.
الحمد لله
تكفيك أضحية واحدة ، فقد سبق في جواب السؤال ( 45916 )
أن أضحية واحدة تكفي الرجل وأهل بيته ولو كانوا مئة ، وقد ضحى النبي صلى الله عليه
وسلم عنه وعن آله بشاة واحدة ، وتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تسع من النساء .
قال القرطبي :
" لَمْ يُنْقَل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَرَ كُلّ وَاحِدَة مِنْ نِسَائِهِ بِأُضْحِيَّةٍ مَعَ تَكْرَار سِنِي
الضَّحَايَا ، وَمَعَ تَعَدُّدهنَّ , وَالْعَادَة تَقْضِي بِنَقْلِ ذَلِكَ لَوْ
وَقَعَ ، كَمَا نُقِلَ غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْجُزْئِيَّات , وَيُؤَيِّدهُ مَا
أَخْرَجَهُ مَالِك وَابْن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيق عَطَاء
بْن يَسَار : سَأَلْت أَبَا أَيُّوب : كَيْف كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْد
رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُل
يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْل بَيْته , فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ ) انتهى من "فتح الباري" . والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وقد روى البخاري (7210) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ رضي الله
عنه وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايِعْهُ ،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ صَغِيرٌ ، فَمَسَحَ
رَأْسَهُ ، وَدَعَا لَهُ ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ
أَهْلِهِ .
قال الحافظ :
" ( وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَة عَنْ جَمِيع أَهْله
) هُوَ عَبْد اللَّه بْن هِشَام الْمَذْكُور " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
يوجد لي بيتان يبعدان عن بعضها حوالي 15 كم ، وأريد أن أضحي .
فهل أذبح عند كل بيت أضحية ، أم أذبحها في بيت واحد ؟
فأجابت :
" يجزئ عنك أضحية واحدة لبيتيك مادام أن صاحبها واحد ، وإن ذبحت
في كل واحد من البيتين أضحية مستقلة فهو أفضل " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/407) .
*****
45771
يجوز الاشتراك في الأضحية ولو كان بعضهم يريد اللحم؟
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4531)
سؤال رقم 45771- يجوز الاشتراك في الأضحية ولو كان بعضهم يريد اللحم؟
هل يجوز الاشتراك في الأضحية ?، مع العلم أن بعض المشتركين لا ينوي الأضحية .
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم ( 45757 )
أنه يجوز أن يشترك السبعة في البعير أو البقرة ، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها
.
ويجوز الاشتراك في البقرة أو البعير ولو كان بعض المشتركين لا
يريد الأضحية ، بل يريد اللحم ليأكله أو ليبيعه أو غير ذلك .
قال النووي في "المجموع" (8/372) :
" يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية , سواء كانوا كلهم
أهل بيت واحد أو متفرقين , أو بعضهم يريد اللحم ، فيجزئ عن المتقرب , وسواء أكان
أضحية منذورة أم تطوعا , هذا مذهبنا وبه قال أحمد وجماهير العلماء " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (13/363) :
" وتجزئ البدنة عن سبعة , وكذلك البقرة ، وهذا قول أكثر أهل
العلم . . ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على هذا ثم قال :
إذا ثبت هذا , فسواء كان المشتركون من أهل بيت , أو لم يكونوا ,
مفترضين أو متطوعين ، أو كان بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم ; لأن كل إنسان
منهم إنما يجزئ عنه نصيبه , فلا تضره نية غيره " انتهى .
*****
45781
صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل من صلاتها في البيت
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4532)
سؤال رقم 45781- صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل من صلاتها في البيت
هل فعل صلاة التراويح جماعة في المسجد أفضل ، أم صلاتها في البيت ؟ .
الحمد لله
صلاة الجماعة في المسجد مع الجماعة أفضل من صلاتها في البيت .
وقد دلت على ذلك السنة ، وفعل الصحابة رضي الله عنهم .
1- روى البخاري (1129) ومسلم (761) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى
ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ، ثُمَّ صَلَّى مِنْ
الْقَابِلَةِ ، فَكَثُرَ النَّاسُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ
الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ : ( قَدْ رَأَيْتُ
الَّذِي صَنَعْتُمْ ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلا أَنِّي
خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ ) وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
فهذا يدل على أن صلاة التراويح في جماعة مشروعة بسنة النبي صلى
الله عليه وسلم ، غير أنه تركها خشية أن تفرض على الأمة ، فلما مات النبي صلى الله
عليه وسلم زال هذا المحذور ، لاستقرار الشريعة.
2- وروى الترمذي (806) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ :
قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَامَ مَعَ
الإِمَامِ –يعني في صلاة التراويح- حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ
) .
صححه الألباني في صحيح الترمذي .
3- وروى البخاري (2010) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ
الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ
مُتَفَرِّقُونَ ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي
بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ
عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ
بْنِ كَعْبٍ .
قَوْله : ( أَمْثَل ) أي أفضل .
قال الحافظ :
" قَالَ اِبْن التِّين وَغَيْره اِسْتَنْبَطَ عُمَر ذَلِكَ مِنْ
تَقْرِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي
تِلْكَ اللَّيَالِي , وَإِنْ كَانَ كَرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ
خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ , فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَلَ الأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ , وَرَجَحَ عِنْد عُمَر ذَلِكَ
لِمَا فِي الاخْتِلاف مِنْ اِفْتِرَاق الْكَلِمَة , وَلأَنَّ الاجْتِمَاعَ عَلَى
وَاحِدٍ أَنْشَطُ لِكَثِيرِ مِنْ الْمُصَلِّينَ , وَإِلَى قَوْل عُمَر جَنَحَ
الْجُمْهُور " انتهى من "فتح الباري" .
وقال النووي في "المجموع" (3/526) :
" صَلاةُ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ . . .
وَتَجُوزُ مُنْفَرِدًا وَجَمَاعَةً , وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ
مَشْهُورَانِ ، الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ .
الثَّانِي : الانْفِرَادُ أَفْضَلُ .
قَالَ أَصْحَابُنَا : الْخِلافُ فِيمَنْ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ ،
وَلا يَخَافُ الْكَسَلَ عَنْهَا لَوْ انْفَرَدَ , وَلا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي
الْمَسْجِدِ لِتَخَلُّفِهِ . فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ هَذِهِ الأُمُورِ فَالْجَمَاعَةُ
أَفْضَلُ بِلا خِلافٍ .
قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ : قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو
إِسْحَاقَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً أَفْضَلُ مِنْ الانْفِرَادِ لإِجْمَاعِ
الصَّحَابَةِ ، وَإِجْمَاعِ أَهْلِ الأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ : انتهى .
وقال الترمذي :
" وَاخْتَارَ اِبْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
الصَّلاةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ " .
قال في تحفة الأحوذي :
" وَفِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ : وَقِيلَ لأَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ : يُعْجِبُك أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ أَوْ
وَحْدَهُ ؟ قَالَ يُصَلِّي مَعَ النَّاسِ . قَالَ وَيُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ
مَعَ الإِمَامِ وَيُوتِرَ مَعَهُ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ
كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ " . قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَقُومُ
مَعَ النَّاسِ حَتَّى يُوتِرَ مَعَهُمْ وَلا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَنْصَرِفَ
الإِمَامُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : شَهِدْته يَعْنِي أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ
شَهْرَ رَمَضَانَ يُوتِرُ مَعَ إِمَامِهِ إِلا لَيْلَةً لَمْ أَحْضُرْهَا . وَقَالَ
إِسْحَاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْت لأَحْمَدَ : الصَّلاةُ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ
إِلَيْك أَمْ يُصَلِّي وَحْدَهُ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ؟ قَالَ :
يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْجَمَاعَةِ ، يُحْيِي السُّنَّةَ . وَقَالَ
إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ " اِنْتَهَى .
وانظر : "المغني" (1/457) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجالس شهر رمضان" (ص 22) :
" وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول من سن الجماعة في صلاة
التراويح في المسجد ، ثم تركها خوفا من أن تفرض على أمته . . . ثم ذكر الحديثين
السابقين ، ثم قال :
ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التروايح لينال ثوابها وأجرها
، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ، ليحصل له أجر قيام الليل كله " انتهى باختصار .
وقال الألباني في "قيام رمضان" :
" وتشرع الجماعة في قيام رمضان ، بل هي أفضل من الانفراد ،
لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه ، وبيانه لفضلها بقوله .
وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تفرض
عليهم صلاة الليل في رمضان ، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في "الصحيحين"
وغيرهما . وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة
، وبذلك زال المعلول ، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان ، وبقي الحكم السابق ، وهو
مشروعية الجماعة ، ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في "صحيح البخاري" وغيره " انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (27/138) ":
" وَقَدْ وَاظَبَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْمُسْلِمُونَ
مِنْ زَمَنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنه عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ جَمَاعَةً ,
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله تعالى عنه هُوَ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ فِيهَا عَلَى
إمَامٍ وَاحِدٍ . . . .
وَرَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : سَأَلْت
أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ , فَقَالَ :
التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ , وَلَمْ يَتَخَرَّصْ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ
نَفْسِهِ , وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا , وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلا عَنْ
أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَقَدْ
سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَصَلاهَا
جَمَاعَةً وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَا
رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ , بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا
بِذَلِكَ " انتهى .
والله أعلم .
*****
45788
إذا مسح على الخفين ثم خلعها هل تبطل طهارته بذلك؟
الفقه > عبادات > الطهارة > المسح على الخفين >(1/4533)
سؤال رقم 45788- إذا مسح على الخفين ثم خلعها هل تبطل طهارته بذلك؟
إذا مسح المتوضئ على الخفين أو الجوربين ثم خلعهما ، هل تبطل طهارته بذلك ؟.
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم من توضأ ومسح على خفيه ثم خلعهما .
فقال بعض العلماء : يكفيه غسل قدميه ، ويتم بذلك وضوؤه .
وهذا القول ضعيف ، لأن الوضوء تجب فيه الموالاة ، أي لا يفصل بين
غسل الأعضاء بزمن طويل ، بل يغسلها متتابعة متوالية .
ولذلك ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/367) أن هذا القول
مبني على عدم وجوب الموالاة في الوضوء ، وهو ضعيف .
وقال آخرون : تبطل طهارته بذلك ، ويجب عليه إذا أراد أن يصلي أن
يعيد الوضوء ، واحتجوا بأن المسح أقيم مقام الغسل ، فإذا زال الخف بطلت الطهارة في
القدمين ، لأنها بذلك تكون غير مغسولة ولا ممسوح عليها ، وإذا بطلت الطهارة في
القدمين بطلت كلها لأن الطهارة لا تتجزأ . وقد اختار هذا القول الشيخ ابن باز رحمه
الله ، كما في "مجموع فتاواه" (10/113) .
وقال آخرون : لا تبطل طهارته بذلك حتى يحدث ، وقال بهذا القول
جماعة من السلف منهم قتادة والحسن البصري وابن أبي ليلى ، ونصره ابن حزم في
"المحلى" (1/105) واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن المنذر ، وقال النووي في
"المجموع" (1/557) : وهو المختار الأقوى .
واستدل هؤلاء بعدة أدلة :
1- أن الطهارة لا تبطل إلا بالحدث ، وخلع الخفين ليس بحدث .
2- أن طهارة من مسح على الخفين قد ثبتت بدليل شرعي ، ولا يمكن
الحكم عليها بالبطلان إلا بدليل شرعي ، وليس هناك من الأدلة ما يدل على انتقاض
الطهارة بخلع النعلين .
3- القياس على حلق الشعر بعد الوضوء ، فإن من توضأ ومسح رأسه ثم
حلق شعره ، فطهارته باقية لا تنتقض بذلك ، فكذلك من مسح على الخفين ثم خلعهما .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا خلع الخف أو الجورب بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك ، فيصلي
ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح " انتهى . من"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/193) .
انظر : "المغني" (1/366-386) ، "المحلى" (1/105) ، "الاختيارات" (ص 15) ، "الشرح
الممتع" (1/180) .
*****
45789
حضور حفلات الزواج المشتملة على منكرات
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4534)
سؤال رقم 45789- حضور حفلات الزواج المشتملة على منكرات
مناسبات الأفراح في هذا الزمان لا تخلو من ارتكاب بعض المنكرات فيها مثل الأغاني والرقص والموسيقى واللبس شبه العاري... سؤالي مهم جدا :
1- هل يجوز حضور وإجابة الدعوة لهذه المناسبات ؟
2- إن كان 99 % ، من هذه المناسبات لا تخلو من الأغاني خاصة المحتوية على آلات الموسيقى المحرمة أو الكلمات الفاحشة ، فهل هذا يعني الانقطاع النهائي وعدم حضور كل المناسبات ؟
3- إن لم نحضر هذه المناسبات فهل هذا فيه قطيعة للأرحام والناس وإحداث العداوة بيننا وبينهم ؟
4- يشترط العلماء لحضور هذه المناسبات الإنكار لكن الإنكار لا يُستجاب لك وليس هناك فرصة أصلا في مثل هذه الأوقات التي يزعمون أنهم في وقت فرح ؟
أرجوكم يا فضيلة الشيخ أريد بيانا شافيا ووافيا ومفصلا إن سمح به وقتكم حول هذه المسألة المنتشرة في زماننا ؟.
الحمد لله
1- لا يجوز حضور حفلات الأعراس المشتملة على المنكرات ، كالأغاني
المصحوبة بالموسيقى أو المتضمنة للكلمات الفاحشة ، ولا يبيح ذلك انتشار هذا الفساد
بين الناس ، وتقاعسهم عن إنكاره .
2- وعدم الحضور لهذه الحفلات لا يعد قطيعة للرحم ، بل هو صيانة
للنفس عن مشاهدة المنكر واستماعه ، وينبغي أن يعلم الأهل والأقارب رغبتك في الحضور
والمشاركة لولا ما أحدثوه من المنكرات .
3- إذا علم المدعو بوجود المنكر وأنه لا قدرة له على إنكاره لم
يجز له الحضور .
قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني 7/214) : " إذا دعي إلى
وليمة , فيها معصية , كالخمر , والزمر , والعود ونحوه , وأمكنه الإنكار , وإزالة
المنكر , لزمه الحضور والإنكار ; لأنه يؤدي فرضين ; إجابة أخيه المسلم , وإزالة
المنكر . وإن لم يقدر على الإنكار , لم يحضر . وإن لم يعلم بالمنكر حتى حضر , أزاله
, فإن لم يقدر انصرف . ونحو هذا قال الشافعي " اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: ( إذا كانت حفلات الزواج
خالية من المنكرات كاختلاط الرجال بالنساء والغناء الماجن أو كانت إذا حضرتْ غيرت
ما فيها من منكرات جاز لها أن تحضر للمشاركة في السرور، بل الحضور واجب إن كان هناك
منكر تقوى على إزالته .
أما إن كان في الحفلات منكرات لا تقوى على إنكارها فيحرم عليها
أن تحضرها لعموم قوله تعالى : ) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً
وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ
نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ ) الأنعام/70 ، وقوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لقمان/6 ، والأحاديث الواردة في ذم الغناء والمعازف كثيرة جدا ) ، نقلا عن فتاوى المرأة ، جمع : محمد المسند، ص 92
والله أعلم .
*****
45793
مازح فتاة في رمضان فأفطر تأديبا لنفسه
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4535)
سؤال رقم 45793- مازح فتاة في رمضان فأفطر تأديبا لنفسه
كنت أعيش ببلد الاغتراب( أوروبا ) لمدة طويلة منذ 16سنة حتى أنهيت دراساتي الجامعية وقد كان عمري 22سنة، في رمضان المعظم عندما التقيت على الصدفة بفتاة بالسكن الجامعي الذي كان مختلطا وكنت صائما إلا أنني هزمني شيطاني فحاولت ممازحتها ومداعبتها أو تقبيلها ولكنني تراجعت وعدت إلى غرفتي نادما على صنيعي ثم قلت أنا مسلم وأصنع هذا وفي رمضان أنا لا أستحق الانتماء بصنيعي هذا إلى الدعاة المخلصين الذين ألتقي معهم كل يوم، أنا لا أستحق هذا الخير وأنا بصنيعي هذا قد أفطرت حتما وكان علي أن أغتسل من مذي ربما، ثم تناولت الماء انتقاما من نفسي وأفطرت ذلك اليوم...ماذا علي أفيدوني بارك الله فيكم .
الحمد لله
ما حدث لك هو أثر من آثار الإقامة ببلاد الكفر والدراسة المختلطة
بها، ولهذا كثُر تحذير أهل العلم من ذلك، ونحمد الله أن هداك وعصمك من الوقوع فيما
هو أعظم من ذلك .
وقد أخطأت خطأ عظيما بتعمدك الفطر في نهار رمضان ، وكان عليك أن
تستغفر الله مما بدر منك مع الفتاة ، وأن تواصل صيامك .
وأعلم أن من أعظم وسائل الشيطان التي تصدّ عن طريق الخير أن
يعيقك عن صحبة الأخيار أو عن عمل الخير بحجة كونك لست أهلاً لذلك .
وقد تكون نتيجة هذا البعد عن عمل الخير وأهله أعظم من الذنب الذي
دفع لهذا البعد ، ولهذا فإن العاقل هو الذي يمنع المعصية من أن تقوده لمعصية أخرى
بل يسارع بالتوبة منها ، ويزيد من قربه لأهل الخير ويكثر من الأعمال الصالحة الأخرى
. ( إن الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات )
أما بالنسبة لخروج المذي فإنه لا يبطل الصيام في أصح قولي
العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . ( ا لمغني 3/20، الاختيارات الفقهية ص 97) . وراجع سؤال رقم ( 38074 ) ( 49752 )
مع أنك لم تجزم بخروج المذي منك .
ولا يلزم في المذي اغتسال، وإنما هو نجس ينقض الوضوء، ويكفيك أن
تنضح ما أصابك منه بالماء ، وانظر السؤال رقم ( 34172 )
والواجب عليك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته، مع التوبة إلى الله
تعالى ، ولا يلزمك الكفارة المغلظة ، لأنها مختصة بالوطء ، على الراجح من قولي
العلماء ، كما هو مذهب الشافعي وأحمد .
لكن إن كنت أخرت قضاء ذلك اليوم ، حتى جاء رمضان آخر ، وجب عليك
مع القضاء كفارة للتأخير ، وهي إطعام مسكين نصف صاع من طعام ، وهو كيلو ونصف تقريبا
، وانظر السؤال رقم 38867
والله أعلم .
*****
45804
خلود أهل النار في النار
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/4536)
سؤال رقم 45804- خلود أهل النار في النار
هل عذاب أهل النار في النار إلى ما لا نهاية له ؟ أم أنه سوف يأتي عليه وقت وينتهي ؟.
الحمد لله
بقاء أهل النار في النار معذبين لا نهاية له ، فهو بقاء إلى
الأبد . وقد دل على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة .
سئل الشيخ ابن عثيمين : هل النار مؤبدة أو تفنى ؟
فأجاب :
"المتعيّن قطعاً أنها مؤبدة ولا يكاد يعرف عند السلف سوى هذا
القول ، ولهذا جعله العلماء من عقائدهم ، بأن نؤمن ونعتقد بأن النار مؤبدة أبد
الآبدين ، وهذا الأمر لا شك فيه ، لأن الله تعالى ذكر تأبيد النار في ثلاثة مواضع
في القرآن :
الأول : في سورة النساء في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ
طَرِيقاً * إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
والثاني : في سورة الأحزاب : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ
الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً* خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً).
والثالث : في سورة الجن : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً)
ولو ذكر الله عز وجل التأبيد في موضع واحد لكفى ، فكيف وقد ذكره
في ثلاثة مواضع ؟! ومن العجب أن فئة من العلماء ذهبوا إلى أن النار تفنى بناء على
علل عليلة لمخالفتها لمقتضى الكتاب والسنة وحرفوا من أجلها الكتاب والسنة فقالوا :
إن "خالدين فيها أبداً" أي : ما دامت موجودة .
وكيف يصح هذا ؟! إذا كانوا خالدين فيها أبداً ، لزم أن تكون هي
مؤبدة أنهم خالدون "فيها" فهم كائنون فيها ، وإذا كان الإنسان خالداً مؤبداً
تخليدُه ، لزم أن يكون مكان الخلود مؤبداً ، لأنه لو فني مكان الخلود ما صح تأبيد
الخلود ، والآية واضحة جداً . والتعليلات الباردة المخالفة للنص مردودة على صاحبها
، وهذا الخلاف الذي ذكر عن فئة قليلة من أهل العلم خلاف مطرح لأنه مخالف للنص
الصريح الذي يجب على كل مؤمن أن يعتقده ، ومن خالفه لشبهة قامت عنده فيعذر عند الله
، لكن من تأمل نصوص الكتاب والسنة عرف أن القول بتأبيدها هو الحق الذي لا يحق
العدول عنه" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/55-56) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة" :
"قامت الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة على أن النار لا تفنى ،
وعلى تخليد الكافرين في النار ، وأنهم لا يخرجون منها ، قال الله تعالى : )
ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ ) وقال : ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ
نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً
غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) ، وقال : ( وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ
لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى
وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ
زِدْنَاهُمْ سَعِيراً * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنَا
وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً
جَدِيداً) . وقال : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا أُولَئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) , وقال : (وَمَنْ
يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً) وقال : )إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا
يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ
كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ* وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ
قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُون) .
وقال : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً
لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ
الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ) إلى أن قال :
(كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ
بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ). وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا
وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ* لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) . وقال : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ
جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ
عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ
نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ
فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) وقال : ( إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ
مِرْصَاداً) إلى أن قال : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً) .
إلى غير ذلك من الآيات التي يدل كل منها على تخليد الكفار في
النار وعدم خروجهم منها وعدم فنائها ، فإذا اجتمعت كانت دلالتها على ذلك أقوى وأبعد
عن التأويل" اهـ .
*****
45815
المسافر هل يصلي مع الجماعة أربعا أم يصلي وحده ركعتين؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4537)
سؤال رقم 45815- المسافر هل يصلي مع الجماعة أربعا أم يصلي وحده ركعتين؟
كنت مسافرا ثم وأنا بالرحلة نزلت لأصلي المغرب والعشاء جمعا وقصرا بأحد المساجد وبعد أن صليت المغرب وهممت بصلاة العشاء وجدت صلاة الجماعة للعشاء بالمسجد تقام فهل أصلي مع الجماعة 4ركعات أم أصلي منفردا حسب نيتي ركعتين وأكمل السفر ؟.
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة على الرجال في الحضر والسفر ، فإن وجدتَ
جماعة مسافرين فصل معهم العشاء قصرا ، وإلا فصل مع الجماعة المقيمين أربعا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( ولا تسقط صلاة الجماعة عن
المسافر ؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم
الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت
طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) النساء /102 .
وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر
الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيدا أو يخاف فوت رفقته , لعموم
الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة) انتهى
من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ، المجلد الخامس عشر ، سؤال رقم 1085
والله أعلم .
*****
45819
هل يتزوج ببنت امرأة رضعت من أمه؟
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/4538)
سؤال رقم 45819- هل يتزوج ببنت امرأة رضعت من أمه؟
امرأة رضعت من أمي مرتين ، والتي رضعت مع هذه المرأة كانت أختي الكبرى وأنا حينها لم أولد بعد . تزوجت المرأة التي رضعت من أمي ، والآن لديها بنت ، فهل يحل لي الزواج بها ؟.
الحمد لله
إذا أرضعت المرأة طفلاً فإن هذا الطفل يصير ولداً لها من الرضاعة
، ويصير أخاً من الرضاعة لجميع أولادها ، سواء أولادها الذين وجدوا قبله أو بعده .
وعلى هذا ، فأي امرأة رضعت من أمك تصير أختك من الرضاعة ، وتصير
أنت خالاً لجميع أولادها ، فيحرم عليك الزواج ببنتها لأنك خالها من الرضاعة ، وقد
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا
يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ ) رواه البخاري (2645) ومسلم (1447) . والخال من النسب يحرم زواجه ببنت أخته ، فكذلك الخال من الرضاعة .
ولكن ينبغي أن يعلم أن التحريم في الرضاع لا يثبت إلا بخمس رضعات
معلومات . لما رواه مسلم (1452) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : ( كَانَ فِيمَا
أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ
نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ) . رواه مسلم (1452) .
وقد ذكرت في سؤالك أن هذه المرأة رضعت من أمك مرتين ، فينبغي أن
نعرف ما هي الرضعة التي يثبت التحريم بخمس منها.
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (5/575) :
"الرضعة مرة من الرضاع بلا شك ، كضربة وجلسة وأكلة ، فمتى التقم
الثدي فامتص منه ثم تركه من غير عارض كان ذلك رضعة لأن الشرع ورد بذلك مطلقا فحمل
على العرف ، والعرف هذا . والقطع العارض لتنفس أو استراحة يسيرة أو لشيء يلهيه ثم
يعود عن قرب لا يخرجه عن كونه رضعة واحدة ، كما أن الآكل إذا قطع أكلته بذلك ثم عاد
عن قريب لم يكن أكلتين بل واحدة ، هذا مذهب الشافعي . . . ولو انتقل من ثدي المرأة
إلى ثديها الآخر كانا رضعة واحدة" اهـ .
راجع السؤال ( 2864 )
.
وبهذا يتبين أن الرضعات الخمس قد تحصل جميعاً في مجلس واحد .
فإن كانت هذه المرأة قد رضعت من أمك خمس رضعات بهذا المعنى لم
يحل لك الزواج بابنتها لأنك تكون خالاً لها من الرضاعة . وإذا كانت قد رضعت أقل من
خمس رضعات لم يثبت بذلك التحريم ، فيجوز لك أن تتزوج ببنتها .
وإذا حصل شك في عدد الرضعات هل يبلغ خمساً أم لا ؟ لم يثبت
التحريم مع الشك .
قال ابن قدامة رحمه الله :
وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الرَّضَاعِ , أَوْ فِي
عَدَدِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , هَلْ كَمُلا أَوْ لا ؟ لَمْ يَثْبُتْ
التَّحْرِيمُ ; لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُهُ , فَلا نُزُولَ عَنْ الْيَقِينِ
بِالشَّكِّ اهـ .
انظر سؤال رقم ( 13357 ) .
والله تعالى أعلم .
*****
45820
مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4539)
سؤال رقم 45820- مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام
هل حملت مريم العذراء بعيسى عليه السلام تسعة أشهر? أم عندما جاءها الملاك وأمرها باللجوء إلى جدع النخلة ووضعته عليه السلام عندئذ ؟ .
الحمد لله
اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى عليه السلام .
فذهب الجمهور إل ى أنها تسعة أشهر
كغيره من البشر .
وقال عكرمة : ثمانية أشهر . قال : ولهذا لا يعيش ولد الثمانية
أشهر ، حفظاً لخاصة عيسى .
وروي عن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت .
قال ابن كثير رحمه الله (3/117) عن هذا الأثر المروي عن ابن عباس
:
"وهذا غريب ، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى : ( فحملته فانتبذت
به مكانا قصيا * فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ) فالفاء وإن كانت للتعقيب لكن
تعقيب كل شيء بحسبه ، كقوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم
جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة
عظاما ) فهذه الفاء للتعقيب بحسبها . وقد ثبت في الصحيحين أن بين كل صفتين أربعين
يوما [ يعني : تبقى النطفة أربعين يوماً والعلقة أربعين والمضغة أربعين ] . وقال
تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة ) فالمشهور الظاهر
- والله على كل شيء قدير- أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ، ولهذا لما ظهرت
مخايل الحمل بها وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس
يقال له يوسف النجار ، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها ثم صرفه ما يعلم
من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا
يستطيع صرفه عن نفسه ، فحمل نفسه على أن عَرَّض لها في القول ، فقال : يا مريم إني
سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ . قالت : وما هو ؟ قال : هل يكون قط شجر من غير حب ؟
وهل يكون زرع من غير بذر ؟ وهل يكون ولد من غير أب ؟ فقالت : نعم ، وفهمت ما أشار
إليه ، أما قولك : هل يكون شجر من غير حب ؟ وزرع من غير بذر ؟ فإن الله قد خلق
الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر . وهل يكون ولد من غير أب ؟ فإن الله
تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم . فصدقها وسَلَّم لها حالَها .
ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا
قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق فلما حملت
به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب
والترحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع
الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره
وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه "
انتهى كلام ابن كثير رحمه الله .
والله أعلم .
*****
45830
حصل لها مضايقات بعد إبلاغها عن امرأة سيئة في العمل
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4540)
سؤال رقم 45830- حصل لها مضايقات بعد إبلاغها عن امرأة سيئة في العمل
عندي مشكلة في العمل ، وهي باختصار شديد وجود أخطاء من زميلة في العمل مثل التزوير والتصنت على تليفونات الزملاء والعبث في أوراق العمل ، وسألت بعض المواقع الإسلامية : هل يعتبر نميمة إن أخبرت مديري في العمل ؟ فقالوا : هذا لا يعتبر نميمة ، والأفضل أن تبلغيه لصالح العمل مادامت نيتك هي إصلاحها فكلما فعلت ذلك ، وجدت استماعا من مديري ، ووعد بإصلاحها ، ثم فجأة نقلني أنا من وظيفتي لوظيفة أخرى ، وأقام علي حربا لم أقدر على احتمالها ، لدرجة أنه يستميل بعض الزملاء ضدي ، ويحثهم على مضايقتي . وسؤالي الآن ماذا أفعل في هذه الغابة ، دون أن أغضب الله ؟.
الحمد لله
إن بذل النصيحة لعباد الله هو من أعظم شعب الإيمان وشعائر
الإسلام حتى إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعلها هي الدين تعظيماً
لشأنها ، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ
..) رواه مسلم (55) ، وأخبر الله تعالى أن من قام بذلك هو
المفلح حقاً ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ) آل عمران/104 و ما دمت قد أديت ما عليك من
واجب النصيحة ، وكان مقصدك هو الإصلاح ، فلا تحزني لما أصابك من البلاء ، فالجنة
سلعة الله وسلعة الله غالية قد حفّت بالمكاره ، ولكل شيء ثمن .
واعملي أن كل من قام بهذا الواجب العظيم لا بد أن يواجهه الناس
بما يكره من الأذى ، أو الصدود ، ولأجل ذلك قال لقمان الحكيم لابنه : ( يَا بُنَيَّ
أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ
عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) لقمان/17 ثم اعلمي أن العاقبة للمتقين ، وأن الله لا يضيع أجر المحسنين ، وهو
سبحانه مع الصابرين . فالجئي إليه ، واعتصمي به ، وقولي : حسبي الله ونعم الوكيل ،
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ
وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) آل عمران/174، 175
فمهما كاد لك الخصم ودبّر ، فإن كيده السيء راجع عليه ، ( وَلا
يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ ) فاطر/43 ،
فأبشري بنصر الله وتأييده ، وأكثري من الدعاء والاستغفار ، واعلمي أن دعوة المظلوم
لا ترد ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن
دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم ) رواه أبو داود (1536) والترمذي
(1905) وابن ماجه (3862) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
لكننا نصحك أن تتركي هذا العمل وتريحي نفسك مما فيه من المنكر
والأذى ، وانتقلي إلى مكان آخر ، لعل الله أن يبدلك خيراً منهم ، ويولِّي عليك
أميناً رفيقاً .
فإن لم يمكنك الانتقال عن هذا المكان ، فاجتهدي في الحصول على
إجازة ، مدة ما تهدأ الأمور ، ولعل الله أن يهيئ لك من أمرك رشداً .
وإن أمكنك الاستغناء عن ذلك العمل من أصله ، وتوفير جهدك وقلبك
وأعصابك لبيتك وأولادك ، فهو الرأي حق الرأي ، والله يأجرك على ذلك بمنّه وكرمه ،
ويخلف لك خيراً عميماً من عنده .
نسأل الله أن يفرج كربك ويذهب همك ويكفيك شر كل ذي شر.
والله أعلم .
*****
45839
فضل قراءة القرآن بالليل والناس نيام
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4541)
سؤال رقم 45839- فضل قراءة القرآن بالليل والناس نيام
ما الفضل في قراءة القرآن الكريم في الليل والناس نيام ؟.
الحمد لله
ثبت في السنة الصحيحة أن القرآن يشفع لمن قرأه في الليل ، وآثره
على النوم ، كما روى أحمد (6626) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام : أي رب منعته
الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه . ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني
فيه. قال : فيشفعان" رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3882
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن قراءة القرآن بالليل من النعم
التي يغبط عليها المؤمن ، فقال : " لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو
يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان
فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل
ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل " رواه البخاري (4738)
وتلاوة القرآن في الليل منجاة من الغفلة ، كما قال النبي صلى
الله عليه وسلم : " من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين" رواه
الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (640) :
صحيح لغيره .
وقال صلى الله عليه وسلم : " من حافظ على هؤلاء الصلوات
المكتوبات لم يكتب من الغافلين ومن قرأ في ليلة مائة آية كتب من القانتين " رواه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم واللفظ له وقال صحيح على شرطهما ، وصححه الألباني
في صحيح الترغيب والترهيب (640).
وقد وصف الله المتقين بأنهم ( كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ
مَا يَهْجَعُون وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الذريات/17، 18 .
والله أعلم .
*****
45841
آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4542)
سؤال رقم 45841- آخر كلام تكلم به الرسول صلى الله عليه وسلم
ما هو آخر حديث نطق به الرسول صلي الله عليه وسلم قبل أن يودع عليه الصلاة والسلام الدنيا ؟.
الحمد لله
آخر ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل أن يودع الدنيا :
( اللهم الرفيق الأعلى ) وعلى ذلك بوب البخاري في كتاب المغازي من صحيحه ، باب :
آخر ما تكلم به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : وساق حديث عَائِشَةَ ـ رضي الله
عنها ـ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ
صَحِيحٌ إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ
ثُمَّ يُخَيَّرَ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ
ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ
الرَّفِيقَ الأَعْلَى فَقُلْتُ إِذًا لا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ
الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَتْ فَكَانَتْ آخِرَ
كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ٌ) رواه البخاري
(4463) ومسلم (2444)
وأما ما رواه أحمد (1691) من حديث أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ آخِرُ
مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرِجُوا
يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ
مَسَاجِدَ ، صححه الألباني في الصحيحة برقم (1132) وما رواه
أبو داود (5156) وابن ماجه (2698) من حديث عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ
آخِرُ كَلامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلاةَ
الصَّلاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ) صححه الألباني في صحيح
أبي داود ، ونحو ذلك من الأحاديث فالمراد بها أن ذلك من آخر ما تكلم به النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ ، أو أن ذلك آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ـ من الذي
كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده . فهذه الأحاديث آخريتها نسبية ،
وأما حديث عائشة فآخريته مطلقة .
انظر فيض القدرير للمناوي (5/250-251).
فائدة : قال السهيلي : الحكمة من اختتام كلام المصطفى ـ صلى الله
عليه وسلم ـ بهذه الكلمة ( اللهم الرفيق الأعلى ) كونها تتضمن التوحيد والذكر
بالقلب ، حتى يستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان ، لأن
بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع ، فلا يضره ، إذا كان قلبه عامرا بالذكر .
نقله الحافظ في الفتح (8/138) .
*****
45847
تحمَّل المسئولية فأصيب بالقلق والاكتئاب
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4543)
سؤال رقم 45847- تحمَّل المسئولية فأصيب بالقلق والاكتئاب
أولاً أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة ، أدرس في كلية الطب ، توفي والدي في الفترة الأخيرة ، وأصبح جُلّ المسؤوليات على عاتقي ، علماً بأن لي أخاً أكبر مني لكنه عاجز ، أصبت قبل أيام بحالات اضطراب نفسي ، وأصبحت أخاف من المرض والموت وتأتيني حالات بأني سأموت اليوم وما شابه ذلك من الأفكار الغريبة ، ذهبت إلى دكتور نفسي وقال لي : إنك تعانى من القلق والاكتئاب ، أعطاني دواء ولكن لم آخذه .
التزمت - والحمد لله - والتجأت إلى الله عز وجل ، والحمد لله أنا الآن أحسن بكثير مع قراء ة القرآن والصلاة في المسجد ، سؤالي هو : هل حالتي تتطلب الدواء أو لا ؟ وهل هذا من الشيطان أم مرض عضوي ؟.
الحمد لله
لا غنى للمؤمن عن ربه عز وجل ، فهو – عز وجل – الذي يجلب النفع
ويدفع الضر ، فلجوؤك إلى الله عز وجل هو الفعل الصحيح .
الموت حق ، وقد كتبه الله تعالى على كل نفسٍ ، كما قال عز وجل :
( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) آل عمران/185 ، ومهما
بذل الإنسان من أسباب فإنها لن تدفع عنه قدر الله عز وجل وقضاءه ومنه الموت .
لا ينبغي للخوف أن يصد العبدَ عن الطاعة بل العكس هو الصواب ،
فالخوف هو الذي يقوده للطاعة ويحثه على العبادة ، والخوف – كما يقول ابن قدامة – "
سوط الله تعالى يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل ، لينالوا بهما رتبة
القرب من الله تعالى " .
وقد يؤدي الخوف بصاحبه إلى همٍّ وغمٍّ ومرض ، وقد يؤدي به إلى
اليأس من رحمة الله تعالى ، وهنا يكون خوفه غير محمود بل مذموم .
وينبغي أن يُعلم أن كثيراً من الهموم والضغوط النفسية سببها عدم
الرضا ، فقد لا نحصل على ما نريد ، وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك
الرضا التام الذي كنا نأمله ، فالصورة التي كنا نتخيلها قبل الإنجاز كانت أبهى من
الواقع .
وحتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق وشدة خوفا
من زوال النعم ، فلا علاج لهذا إلا بالرضا بقدر الله تعالى والشكر على نعمه والصبر
على ما يقدره الله تعالى من الشدائد والمصائب
وقد تكون حالتك بحاجة لطبيب ، لكن لتعلم أن أكثر أمراض الناس
ليست أمراضاً عضوية بل هي نفسية تؤثر على الأعضاء .
يقول الدكتور الفاريز : لقد اتضح أن أربعة من كل خمسة مرضى ليس
لعلتهم أساس عضوي البتة ، بل مرضهم ناشئ من الخوف ، والقلق ، والبغضاء والأثرة
المستحكمة ، وعجز الشخص عن الملاءمة بين نفسه والحياة " .
فانظر كيف أن بكاء يعقوب عليه السلام على ابنه يوسف عليه السلام
أفقده بصره ، وكيف أن الغم بلغ مداه بعائشة رضي الله عنه عندما تطاول عليها أهل
الإفك فظلت تبكي حتى قالت : " ظننت أن الحزن فالق كبدي " متفق عليه .
قال الدكتور حسَّان شمسي باشا :
وفي حالات القلق يزداد إفراز مادة في الدم تدعى " الأدرينالين "
، فيرتفع ضغط الدم ، ويتسرع القلب ، ويشكو الإنسان من الخفقان ، أو يشعر وكأن شيئا
ينسحب إلى الأسفل داخل صدره .
ويظن بقلبه الظنون ، ويهرع من طبيب إلى طبيب ، وما به من علة في
قلبه ، ولا مرض في جسده إلا أنه يظل يشكو من ألم في معدته واضطراب في هضمه ، أو
انتفاخ في بطنه ، واضطراب في بوله أو صداع في رأسه . اهـ
انتهى
فعليك بالإيمان والتقوى والمحافظة على الأذكار والأوراد
الشرعيَّة فهي من أعظم أنواع العلاجات لإزالة ما يتكدر به الخاطر ، وما تحزن من
أجله النفوس .
ومن الأدعية النبوية في هذا الباب :
1. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضَلَع
الدين وغلبة الرجال " .
رواه البخاري ( 6008 ) .
ضَلع الدَّين : غلبته وثقله .
2. عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك
ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو
علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل
القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي : إلا أذهب الله همَّه وحزنه ،
وأبدله مكانه فرجاً .
قال : فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى ينبغي لمن
سمعها أن يتعلمها .
رواه أحمد ( 3704 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 199 ) .
3. عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين " فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له .
رواه الترمذي ( 3505 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 3383 ) .
ومن المهم الرجوع إلى جواب السؤال : ( 21677 ) و ( 32457 ) .
والله أعلم .
*****
45852
هل يعمل في الزراعة بقرض ربوي ؟
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4544)
سؤال رقم 45852- هل يعمل في الزراعة بقرض ربوي ؟
رجو الإجابة عن السؤال فأنا في حيرة من أمري :
إذا وضعت لنا الدولة برنامجاً فلاحيّاً بالمساعدة بقرض ربوي ، وفي حالة المراقبة بعد انتهاء الموسم الفلاحي يمكن أن يقع إحدى الخيارات التالية :
1. إما أن لا أعاقب ولكنني أبقى بدون دخل ، علماً أني أعيل عائلتي ولدي تعاونية فلاحية لكني لا أملك رأس المال لفلاحتها .
2. وإما أن يكون الضرر هو أن أخسر مصاريف تكوين الملف الإجباري بين 80 و 800 ريال سعودي لكن لا أخذ القرض .
3. وإما أن يكون العقاب هو تجريدي من ملكية الأرض تحت مبدأ الأرض لمن يخدمه
أجيبوني مأجورين على أساس أني أعرف العقاب القانوني مسبقاً .
الحمد لله
الربا من كبائر الذنوب ، وقد جاء تحريمه في الكتاب والسنَّة
وإجماع المسلمين .
قال الله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) البقرة/275 ، وقال : ( .. وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ،
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون
ولا تظلمون ) البقرة/279 .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله
عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء " رواه مسلم ( 1598
) .
وأنت غير ملزم بالدخول في برنامج الدولة ، وبالتالي فلستَ ملزماً
بالحصول على قرض ربوي حتى تقوم بالزراعة .
وفي حال ضيق أمر الزراعة عليك وتحتم الحصول على قرض ربوي :
فيمكنك البحث عن مصدر آخر للرزق ، والله تعالى يقول : ( ومن يتق الله يجعل له
مخرجاً ) الطلاق/2 .
والضرر الذي يقع في الدنيا ، لا يعادل ضرر الآخرة ، وخسارة المال
في الدنيا أهون من خسارة الدين .
وقد أمر الله تعالى المؤمنين بما أمر به المرسلين من تحري الحلال
وأكل الطيبات فقال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) المؤمنون/51 .
قال القرطبي :
سوَّى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل
الحلال وتجنب الحرام ، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى : ( إِنِّي
بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) صلى الله على رسله وأنبيائه ، وإذا كان هذا معهم فما
ظن كل الناس بأنفسهم ؟ .
" تفسير القرطبي " ( 12 / 128 ) .
وقد حثنا الشرع الحنيف على طلب الحلال وترك الحرام ، وأعلمنا
ربنا تعالى أنه هو الرزاق ذو القوة المتين يزرق من يشاء بغير حساب .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا تستبطئوا الرزق ، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له ، فاتقوا
الله وأجملوا في الطلب : أخذ الحلال ، وترك الحرام " .
رواه ابن حبان ( 8 / 32 ) والحاكم ( 2 / 4 ) . وصححه الشيخ الألباني في "
السلسلة الصحيحة " ( 2607 ) .
والله الموفق .
*****
45854
حكم السحب بالقرعة بعد شراء البضائع
الفقه > عادات > المسابقات والألعاب >(1/4545)
سؤال رقم 45854- حكم السحب بالقرعة بعد شراء البضائع
ما حكم المشاركة في مسابقات الحوافز التجارية بحيث يتم شراء عدد من العلب أو الأكياس لاستعمالها والانتفاع بها ثم إرسال قسيماتها للمنتج وبطريقة السحب بالقرعة يفوز الأوائل بمبلغ من المال ، فهل هو حلال أم حرام ؟.
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - :
الآن التجارات وكذلك الصناعات بدأت تُكْثِر السلع ، وأتخموا
الناس منها ، وصارت البيوت كما تشاهدون الآن ، كل واحد عنده في بيته عدة أنواع من
الأواني ، أو عدة أنواع من الألبسة ، والشركات - كما تعلمون - ماديَّة بحتة ، تجعل
جوائز لمن يشتري منها ، فنقول : هذه لا بأس بها بشرطين :
الشرط الأول : أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي ،
يعني : لم يرفع السعر من أجل الجائزة ، فإن رُفِعَ السِّعْر من أجل الجائزة : فهذا
قمار ولا يحل .
الشرط الثاني : ألا يشتري الإنسان السلعة من أجل ترقّب الجائزة ،
فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط ، وليس له غرض في السلعة : كان هذا من إضاعة
المال ، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن ، وهو لا يريدها لكن
لعله يحصل على الجائزة ، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت ، وهذا لا
يجوز ؛ لأن فيه إضاعة المال ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال
.
" أسئلة الباب المفتوح " ( رقم 1162 ) .
*****
45855
بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا
الحديث وعلومه >(1/4546)
سؤال رقم 45855- بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا
ما معنى هذا الحديث (بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ) ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه مسلم (145) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا
، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) .
قال السندي في حاشية ابن ماجه :
(غَرِيبًا) أَيْ لِقِلَّةِ أَهْله وَأَصْل الْغَرِيب الْبَعِيد
مِنْ الْوَطَن ( وَسَيَعُودُ غَرِيبًا ) بِقِلَّةِ مَنْ يَقُوم بِهِ وَيُعِين
عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَهْله كَثِيرًا (فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ) الْقَائِمِينَ
بِأَمْرِهِ ، و"طُوبَى" تُفَسَّر بِالْجَنَّةِ وَبِشَجَرَةٍ عَظِيمَة فِيهَا .
وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى أَنَّ نُصْرَة الإِسْلام وَالْقِيَام بِأَمْرِهِ يَصِير
مُحْتَاجًا إِلَى التَّغَرُّب عَنْ الأَوْطَان وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّ الْغُرْبَة
كَمَا كَانَ فِي أَوَّل الأَمْر اهـ .
ونقل النووي في شرح صحيح مسلم عن القاضي عياض أنه قال في معنى
الحديث :
"أَنَّ الإِسْلام بَدَأَ فِي آحَاد مِنْ النَّاس وَقِلَّة ،
ثُمَّ اِنْتَشَرَ وَظَهَرَ ، ثُمَّ سَيَلْحَقُهُ النَّقْص وَالإِخْلال ، حَتَّى لا
يَبْقَى إِلا فِي آحَاد وَقِلَّة أَيْضًا كَمَا بَدَأَ " اهـ .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/170) :
"معنى الحديث أن الإسلام بدأ غريباً حينما دعا رسول الله صلى
الله عليه وسلم الناس إليه الناس إليه فلم يستجب له إلا الواحد بعد الواحد ، فكان
حينذاك غريباً بغربة أهله ، لقلتهم وضعفهم مع كثرة خصومهم وقوتهم وطغيانهم وتسلطهم
على المسلمين ، حتى هاجر من هاجر إلى الحبشة فراراً بدينه من الفتن وبنفسه من الأذى
والاضطهاد والظلم والاستبداد ، وحتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر الله
تعالى إلى المدينة بعد ما ناله من شدة الأذى ما ناله رجاء أن يهيئ الله له من
يؤازره في دعوته ، ويقوم معه بنصر الإسلام وقد حقق الله رجاءه فأعز جنده ونصر عبده
وقامت دولة الإسلام وانتشر بحول الله في أرجاء الأرض وجعل سبحانه كلمة الكفر هي
السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ،
واستمر الأمر على ذلك زمناً طويلاً ، ثم بدأ التفرق والوهن ودب بين المسلمين الضعف
والفشل شيئاً فشيئاً حتى عاد الإسلام غريباً كما بدأ ، لكن ليس ذلك لقلتهم فإنهم
يومئذ كثير، وإنما ذلك لعدم تمسكهم بدينهم واعتصامهم بكتاب ربهم وتنكبهم هدي رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلا من شاء الله فشغلهم بأنفسهم وبالإقبال على الدنيا
فتنافسوا فيها كما تنافس من كان قبلهم وتناحروا فيما بينهم على إمارتها وتراثها ،
فوجد أعداء الإسلام المداخل عليهم وتمكنوا من ديارهم ورقابهم فاستعمروها وأذلوا
أهلها وساموهم سوء العذاب ، هذه هي غربة الإسلام التي عاد إليها كما بدأ بها.
وقد رأى جماعة – منهم الشيخ محمد رشيد رضا – أن في الحديث بشارة
بنصرة الإسلام بعد غربته الثانية آخذين ذلك من التشبيه في قوله صلى الله عليه وسلم
"وسيعود غريباً كما بدأ " فكما كان بعد الغربة الأولى عز للمسلمين وانتشار للإسلام
فكذا سيكون له بعد الغربة الثانية نصر وانتشار.
وهذا الرأي أظهر ، ويؤيده ما ثبت في أحاديث المهدي ونزول عيسى
عليه السلام آخر الزمان من انتشار الإسلام وعزة المسلمين وقوتهم ودحض الكفر
والكفرة.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" اهـ .
*****
45858
زوجة أخيها تسيء إليها لأنها ملتزمة وتكرهها
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4547)
سؤال رقم 45858- زوجة أخيها تسيء إليها لأنها ملتزمة وتكرهها
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة ومشكلتي هي أن زوجة أخي تسئ معاملتها لي دائما وعندما سألتها أختي عن سبب ذلك قالت إنها لا تحب المطاوعة !!
وتقصد من ذلك أنني أنا ملتزمة لذلك لا تحبني ، وقد عانيت كثيراً من سوء معاملتها لي لدرجة أنني عندما تزورنا أسلم عليها ثم أجلس في غرفتي حتى تذهب لأنني إذا جلست معها تبدأ تسب الملتزمين وتقصد من ذلك الإساءة لي ، وعندما أنصحها تنظر لي بنظرة سخرية واستهزاء ثم تتركني وتذهب ، وفي الآونة الأخيرة أصبحت لا تريد التحدث معي أبداً ، فهل يجوز لي معاملتها بالمثل بأن لا أكلمها - مع العلم أنني نصحتها في السابق عدة مرات ولكنها تزيد عناداً - ؟ وقد نصحتني إحدى أخواتي الملتزمات بأن أبتعد عن زوجة أخي قدر الإمكان لأنها لا تصلي إلا نادرا وتكثر من سب الملتزمين ، وأنا الآن في حيرة من أمري وأتمنى من فضيلتكم إرشادي إلى أفضل طريقة للتعامل مع هذه المشكلة .
الحمد لله
أولاً :
أما تارك الصلاة فقد بيّنا حكمه وأن بعض العلماء – وهو
الراجح - قد حكم بكفره وعدم تزويجه أو بقاء الزوجة عنده وحرمة ذبيحته إلى غير ذلك
من أحكام قد ذكرناها مفصّلة ،
فانظري جواب السؤال ( 34795 ) و ( 20059 ) .
ثانياً :
أما استهزاء زوجة أخيكِ بالملتزمين وسبهم والسخرية
منهم : فلتعلم أنها بهذه الأفعال على خطر عظيم ، وأن هذه الأفعال قد تخرجها من
الملة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم الاستهزاء
بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
فأجاب قائلا : الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى
ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جدّاً على المرء ،
لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ
يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم : ( ولئن
سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا
تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65–66 ، فإنها نزلت
في قوم من المنافقين قالوا : " ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء – يعنون رسول الله ، صلى
الله عليه وسلم ، وأصحابه – أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء "
. فأنزل الله فيهم هذه الآية .
فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين
فإن الله - سبحانه وتعالى – يقول : ( إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون
. وإذا مروا بهم يتغامزون . وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين . وإذا رأوهم
قالوا إن هؤلاء لضالون . وما أرسلوا عليهم حافظين . فاليوم الذين آمنوا من الكفار
يضحكون . على الأرائك ينظرون . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ) المطففين/29–36 .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / السؤال رقم 236 ) .
وسب المسلم من كبائر الذنوب ، وبخاصة إذا سبَّهم
لالتزامهم واستقامتهم ، وهنا يُخشى على السَّابِّ أن يقع في الردة ، كما سبق في
الاستهزاء .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " . رواه البخاري ( 48 ) ومسلم ( 64 ) .
قال النووي :
السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه
، والفسق في اللغة : الخروج . والمراد به في الشرع : الخروج عن الطاعة .
وأما معنى الحديث : فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع
الأمة ، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم . " شرح مسلم " ( 2 / 53 ، 54 ) .
فننصحك بإيصال النصح لها ولو كان ذلك عن طريق أخيك
لكان أفضل ، وأوقفيه على حكم أفعالها في الشرع ، وليحرص على هدايتها ببذل ما
يستطيعه من وسائل .
ولا ننصحك بمجالستها إلا أن تتوب وترجع إلى ربها عز
وجل ، ونخشى عليكِ من ردة الفعل تجاهها ، كما نخشى عليها من زيادة الإثم كلما رأتكِ
أو جلست معكِ .
وقال تعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ
فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ
الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام/68 .
وقد يكون كلامك معها ، وعدم مقاطعتك لها أنفع لها لما
فيه من تأليف قلبها ، ولتقتصري على مثل السلام والترحيب بها والسؤال عن أحوالها من
غير الخوض معها في نقاشات مما قد يجرها إلى الوقوع في المحرم .
ولا تنسي - مع بذل الجهد في نصحها – أن تدعي لها
بالهداية والصلاح .
والله أعلم .
*****
45862
سماع الدف الذي في طرفه حلقات معدنية
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >(1/4548)
سؤال رقم 45862- سماع الدف الذي في طرفه حلقات معدنية
هل يجوز للنساء في الأفراح سماع الدفوف التي تحتوي في أطرافها على حلقات معدنية ؟ وهل يجوز للنساء سماع أناشيد الأفراح بالدف في الأوقات العادية - أقصد في غير مناسبة الفرح ؟ .
الحمد لله
أولاً :
سبق في جواب السؤال ( 20406 ) و ( 9290 ) حكم الدف ، وأنه
جائز للنساء دون الرجال ضرباً واستماعاً ، والدف المباح هو المفتوح من جهة دون
الأخرى ، فإذا كان مغلقاً من جهتين أو مغلقاً من جهة مفتوحاً بفتحة ضيقة من الجهة
الأخرى فإنه يلحق بالطبل ، والدف المباح هو ما كان خالياً من الحلقات المعدنية –
الجلاجل ، وهي الصنوج : جمع صنج , وهي الحلق التي تجعل داخل الدف , والدوائر العراض
التي تؤخذ من صفر وتوضع في خروق دائرة الدف - .
قال السفاريني :
فإذا كان الدف ذا صنوج فلا غرم عليك إذا ( كسرته ) لعدم إباحته ,
ومثل الصنوج الحلق والجلاجل , نص الإمام أحمد على عدم ضمانه .
وأما الدف العاري عن ذلك فيباح للنساء في غير النكاح .
" غذاء الألباب شرح منظومة الآداب " ( 1 / 243 ) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هناك نوع من الطبول يكون مغطى من جهة ، والجهة الثانية يكون
معظمه مغطى إلا فتحة صغيرة ، فهل يلحق هذا بالدف ؟.
فأجاب :
هذا يلحق بالطبل ، وربما يكون أشد ؛ لأن هذا النوع يجعل الصوت
يخرج من هذه الفتحة اليسيرة ويحصل له صفير وصوت أبلغ مما لو كان مختوماً كله أو
مفتوحاً كله ، فلا يجوز أن تستعمل هذا فيما فيه الدف ، لأن الدف أهون بلا شك من هذا
، هذا يعطي صوتاً رناناً وسبباً للنشوة والطرب أكثر .
" لقاءات الباب المفتوح " ( السؤال رقم 1141 ) .
والأصل في المعازف التحريم ، وقد استُثني منها الدف في مناسبات
معيّنة ، والدف المستثنى ما ليس فيه ما أضيف إليه من الجلاجل والحلقات المعدنية ،
وقد سبق حكم المعازف وآلات اللهو في جواب على السؤال رقم ( 5000 ) فلينظر .
ثانياً :
الأحاديث الواردة في ضرب الدف جاءت في ثلاث مواطن : العيد ،
والعرس ، وقدوم الغائب وما في معناه – ويمكن مطالعة الأدلة في جواب السؤال ( 20406 ) - .
*****
45864
والدها أساء معاملتها وأمها فحقدت عليه وأثَّر على علاقتها بزوجها
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الآداب > بر الوالدين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4549)
سؤال رقم 45864- والدها أساء معاملتها وأمها فحقدت عليه وأثَّر على علاقتها بزوجها
تزوجت منذ عامين ، وزوجي - والحمد لله - يتقي الله في معاملتي ، إلا أني أواجه عقداً نفسية نتيجة لوالد لم يراع الله بي وبأخوتي وأمي ، مما زرع الحقد في قلبي وقلب إخوتي له ، ورغم أني تزوجت وابتعدت عن تلك الحياة المأساوية فأنا لا أستطيع سوى أن أحزن لحزن أمي وإخوتي ، فهم ما زالوا يعانون مما يؤثر علي في معاملتي لزوجي الذي يحترمني ، إلا أن صبره ينفذ حين يراني حزينة معظم وقتي ويعتقد أنني أحب النكد ، فماذا أفعل ؟ كما أنني وإخوتي لا نستطيع احترام والدنا نتيجة لطريقة معاملته لنا ، فماذا نفعل للتخلص من حقدنا له ؟ ، واعلم أنا نجاهد لاحترامه ، ولكنه لا يحترم أحداً ويعاني من عقدة كره كل من هو أفضل منه ، وعنده عقدة حب الظهور والتميز ، أي : يُري الناس أنه يملك الكثير رغم أنه لا يملك شيئا بل عليه ديون . أرجو مساعدتي في حل المشكلة .
الحمد لله
أولاً :
أما والدكم فالواجب عليكم مداومة نصحه ، وتذكيره بما أوجب الله
عليه تجاه نفسه وتجاه أسرته .
ولا بدَّ من تنويع طرق النصح ، فقد يثقل عليه سماعها منكم ، فلا
تيأسوا من إيصال الذكرى والموعظة عن طريق أقربائكم أو أصحابه ، ويمكنكم إسماعه ما
ينفعه من أشرطة الوعظ والتذكير .
ثانياً :
وعليك أن تتقي الله تعالى في زوجكِ ، فلا ينبغي أن تنقلي هموم
وغموم أهلكِ وتلقيها في بيت زوجك وعلى ظهره ، وخاصة أنه يحسن إليكِ ولم تري منه ما
يسوؤك ، فالواجب عليكِ أن تشكريه وتحسني إليه ، وهو ما أمركِ الله تعالى به .
ثالثاً :
لا تخلو نفس من أمراض – إلا من رحم الله ونجاه – فكون والدكِ يحب
إظهار نفسه ، ويرى ذاته فوق ذوات الناس فإن هذا يوجب الشفقة عليه لا الحقد ، وكونه
أساء إليكم ولا يزال فإن هذا يوجب الرحمة في قلوبكم عليه ، فإنه لو مات ولقي ربه
بهذه الأعمال فإنه سيلقاه بذنوب وآثام عظيمة .
لذلك فعليك أنت وإخوتك وأهلكِ أن تعيدوا النظر في علاقتكم مع
والدكم وموقفكم منه ، فالله عز وجل أمرنا بالإحسان إليهم وبرهم حتى لو دعوْنا إلى
الشرك والكفر .
قال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا
لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/15 وهذا
إبراهيم عليه السلام يحاور والده المشرك بأدب كما ذكر الله تعالى ذلك عنه في قوله
تعالى : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا
نَّبِيًّا . إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا
يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا . يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ
الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا . يَا
أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا .
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ
لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا . قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ
لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا . قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ
سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) مريم/41–47 .
فانظروا لأدب هذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وكيف يخاطب والده المشرك الذي يهدد ويتوعد ولده المسلم ، وفي هذا موعظة بالغة ودرس
مفيد لمن ابتلي بمثل هؤلاء الآباء فكيف بمن دونهم ؟!
رابعاً :
وأما الحزن الذي أصابكم فلا ينبغي أن يكون معطِّلاً لكم عن
أعمالكم ، ومثبطاً لكم عن طاعتكم ، ومسبِّباً لكم في التقصير فيما أوجبه الله عليكم
مثل ما أوجبه الله عليكِ تجاه زوجك ، وأوجب عليكم تجاه دعوة والدكم .
ونوصيكم بدعاء وقائي ، وآخر علاجي :
أما الدعاء الوقائي فهو :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وضَلَع
الدين وغلبة الرجال ". رواه البخاري ( 6008 ) .
وأما الدعاء العلاجي فهو :
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزنٌ فقال : اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك
ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو
علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل
القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي : إلا أذهب الله همَّه وحزنه ،
وأبدله مكانه فرجاً .
قال : فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ فقال : بلى ينبغي لمن
سمعها أن يتعلمها .
رواه أحمد ( 3704 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (
199 )
والله أعلم .
*****
45865
حكم التورية
الرقائق > آفات اللسان >(1/4550)
سؤال رقم 45865- حكم التورية
ما حكم التورية ؟.
الحمد لله
" التورية أن يريد الإنسان بكلامه ما يخالف ظاهر الكلام . وهي
جائزة بشرطين : الأول : أن يكون اللفظ محتملاً لها .
والثاني : ألا تكون ظلماً . فلو قال رجل : أنا لا أنام إلا على
وتد . والوتد عود يوضع في الجدار ويعلق عليه المتاع . وقال الرجل : أنا أريد بالوتد
الجبل ، فهذه تورية صحيحة ، لأن اللفظ يحتملها وليس فيها ظلمٌ لأحد .
وكذلك لو أن رجلاً قال : والله لا أنام إلا تحت السقف . ثم نام
فوق السقف وقال : أردت بالسقف السماء. فهذا صحيح ، فقد سميت السماء سقفاً في قوله
سبحانه : ( وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً ) الأنبياء /32 .
وكذلك لو استخدمت التورية للظلم فلا تجوز ، كمن أخذ حقاً من
إنسان ثم ذهب إلى القاضي ، ولم تكن للمظلوم بيّنة فطلب القاضي من آخذ الحق أن يحلف
أن ليس له عندك شيء ، فحلف وقال : والله ما له عندي شيء ، فحكم له القاضي ، ثم كلمه
بعض الناس في ذلك وعرفه أن هذه يمين غموس تغمس صاحبها في النار ، وقد جاء في الحديث
: ( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه
غضبان ). فقال هذا الحالف : أنا ما أردت النفي ، وإنما أردت الإثبات . ونيتي في
كلمة "ما له" أن (ما) اسم موصول أي : والله الذي له عندي شيء . فهذا وإن كان اللفظ
يحتمله إلا أنه ظلم فلا يجوز ، ولهذا جاء في الحديث : ( يمينك على ما يصدقك به
صاحبك ) ولا ينفعك التأويل عند الله ، وأنت الآن حالف على يمين فاجرة .
ولو أن رجلاً اتهمت زوجته بالخيانة وهي بريئة منها فحلف وقال :
والله إنها أختي وقال : أردت أنها أختي في الإسلام . فهذا تعريض صحيح لأنه أخته في
الإسلام . وهي مظلومة " اهـ .
"مجموع دروس وفتاوى الحرم المكي" (3/367) للشيخ ابن عثيمين .
*****
45867
صفة مسح الرأس في الوضوء
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/4551)
سؤال رقم 45867- صفة مسح الرأس في الوضوء
ما هي صفة مسح الرأس في الوضوء ؟.
الحمد لله
أولاً :
كيفية الغسل أو المسح في الوضوء ليست واجبة ، فالواجب هو حصول
الغسل بالنسبة للأعضاء المغسولة ، وحصول المسح للأعضاء الممسوحة ، بأي كيفية كانت ،
لكن لا شك أن اتباع الصفة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل .
انظر : "المغني" (1/171) .
ثانياً :
ورد مسح الرأس في الوضوء على صفتين :
الأولى :
أن يضع يديه بعد بلهما بالماء على مقدم الرأس ثم يمسح رأسه حتى
قفاه ، ثم يعود بيديه إلى مقدم رأسه .
وقد ذكر النووي رحمه الله في "شرح مسلم" اتفاق العلماء على
استحباب هذه الكيفية .
وقد ثبت ذلك في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
روى البخاري (185) ومسلم (235) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ
رضي الله عنه أنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ( . . ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ
بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ حَتَّى
ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ
مِنْهُ ) .
وروى أبو داود (124) أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ
لِلنَّاسِ كَمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَتَوَضَّأُ ، فَلَمَّا بَلَغَ رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَلَقَّاهَا
بِشِمَالِهِ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ أَوْ
كَادَ يَقْطُرُ ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ ، وَمِنْ
مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى أبو داود (122) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي
الله عنه قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَوَضَّأَ ، فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ
رَأْسِهِ فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى
الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وهذه الصفة تناسب من كان شعره قصيراً ، لا ينتفش بعود يديه إلى
مقدم رأسه .
الصفة الثانية :
يمسح جميع رأسه ، ولكن باتجاه الشعر ، بحيث لا يغير الشعر عن
هيئته .
وهذه الصفة تناسب من كان شعره طويلاً – رجلاً كان أو امرأة- بحيث
يخشى انتفاشه بعود يديه .
روى أحمد (26484) وأبو داود (128) عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ
مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عِنْدَهَا ، فَمَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ مِنْ قَرْنِ
الشَّعْرِ ، كُلَّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ ، لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ
هَيْئَتِهِ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
( مِنْ قَرْن الشَّعْر ) :
المراد بقرن الشعر هنا أعلى الرأس ، أي : يَبْتَدِئ الْمَسْح
مِنْ الأَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ .
( كُلّ نَاحِيَة ) : أَيْ فِي كُلّ نَاحِيَة بِحَيْثُ
يَسْتَوْعِب مَسْح جَمِيع الرَّأْس عَرْضًا وَطُولا .
( لِمُنْصَبِّ الشَّعْر ) : الْمَكَان الَّذِي يَنْحَدِر
إِلَيْهِ وَهُوَ أَسْفَلَ الرَّأْس .
قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئ
الْمَسْح بِأَعْلَى الرَّأْس إِلَى أَنْ يَنْتَهِي بِأَسْفَلِهِ يَفْعَل ذَلِكَ فِي
كُلّ نَاحِيَة عَلَى حِدَتهَا . اِنْتَهَى .
( لا يُحَرِّك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته ) : الَّتِي هُوَ
عَلَيْهَا .
قَالَ اِبْن رَسْلَان : وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّة مَخْصُوصَة
بِمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل , إِذْ لَوْ رَدَّ يَده عَلَيْهِ لِيَصِل الْمَاء إِلَى
أُصُوله يَنْتَفِش وَيَتَضَرَّر صَاحِبه بِانْتِفَاشِهِ وَانْتِشَار بَعْضه .
وَرُوِيَ عَنْ الإمام أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ تَمْسَح
الْمَرْأَة وَمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل كَشَعْرِهَا ؟ فَقَالَ : إِنْ شَاءَ مَسَحَ
كَمَا رُوِيَ عَنْ الرُّبَيِّع ، وَذَكَرَ الْحَدِيث ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا ،
وَوَضَعَ يَده عَلَى وَسَط رَأْسه ثُمَّ جَرَّهَا إِلَى مُقَدَّمه ، ثُمَّ
رَفَعَهَا فَوَضَعَهَا حَيْثُ بَدَأَ مِنْهُ (يعني وضعها على وسط رأسه) ثُمَّ
جَرّهَا إِلَى مُؤَخَّره .
ويحتمل أن يكون المراد بالقرن هنا مُقَدَّم الرَّأْس , أَيْ :
اِبْتَدَأَ الْمَسْح مِنْ مُقَدَّم رَأْسه مُسْتَوْعِبًا جَمِيع جَوَانِبه إِلَى
مُنْصَبّ شَعْره وَهُوَ مُؤَخَّر رَأْسه ، أي مسح رأسه مرة واحدة من مقدمه إلى
مؤخره ، ولا يعود بيديه مرة أخرى ، لأنه بذلك لا يحرك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته ،
وَقَدْ قَالَت الرُّبَيِّعِ رضي الله عنها : لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ
هَيْئَتِهِ .
انظر : "عون المعبود شرح سنن أبي داود" ، "نيل الأوطار" (1/189) ، "المغني"
(1/178) .
والحاصل أن هذه الصفة يفعلها من يخشى انتفاش شعره ، فيمسح شعره
إلى الجهة التي ينحدر إليها حتى لا يتغير عن هيئته .
والله تعالى أعلم .
*****
45869
حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4552)
سؤال رقم 45869- حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب
ما حكم تغطية الكفين - علماً بأني ألبس النقاب ولكن بسبب ظروف الدراسة من كتابة واستخدام الأجهزة كالكمبيوتر والأجهزة التعليمية الأخرى لا أستطيع الالتزام بتغطية الكفين لأن ذلك يعوقني ، والمكان لا يخلو من الرجال ؟ .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة – وخاصة أنها تقول إنها منقبة - أن تخالط الرجال
الأجانب وأن تجالسهم سواء كان ذلك في دراسة أو عمل ، وقد بيَّنا حكم الاختلاط وما
يترتب عليه من مفاسد في أجوبتنا على الأسئلة : ( 1200 ) و ( 20784 ) و ( 12837 ) .
ومن مفاسد هذا الاختلاط : نظر كل من الطرفين إلى الآخر ، وهو أمر
محرَّم ، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عما لا يحل لهم .
ولا يجوز أن يرى الأجانب منها شيئاً ، ولا يحل لها أن تتهاون في
لباسها ليظهر منها ما لا يحل لها إظهاره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين : زينة ظاهرة ، وزينة
غير ظاهرة ، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم ، وكانوا قبل
أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها ، وكان إذ
ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين ، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها
إظهاره ، ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله : ( يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل
لاَِزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن
جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَّحِيماً ) : حجب النساء عن الرجال ...
والجلباب هو الملاءة ، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء ،
وتسميه العامة الإزار ، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها ، ثم يقال :
فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب : كان
الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب ، فما بقي يحل للأجانب
النظر إلا إلى الثياب الظاهرة .
وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب
على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ ، بل لا تبدي إلا الثياب .
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 110 - 114 ) باختصار .
وقد بينا في جواب الأسئلة : ( 11774 ) و ( 21536 ) حكم تغطية الوجه
والكفين .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45871
حكم تغطية الوجه للمرأة وهي تصلي لاحتمال مرور أجانب
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4553)
سؤال رقم 45871- حكم تغطية الوجه للمرأة وهي تصلي لاحتمال مرور أجانب
هل يجب تغطية الوجه أثناء الصلاة في حال وجود أو توقع مرور الرجال ، كما يحدث في الحرم ، أم أنه لا حرج في كشف الوجه ؟.
الحمد لله
قال الشيخ صالح الفوزان :
المرأة في الصلاة كلها عورة فيجب عليها ستر جميع بدنها إلا وجهها
إذا لم يكن عندها رجال غير محارم لها .
فإذا كانت خالية أو عندها رجال من محارمها : فإنها تكشف وجهها في
الصلاة .
وأما إذا كانت بحضرة رجال غير محارم : فإنها تغطي وجهها في
الصلاة وفي غيرها ؛ لأن الوجه عورة .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 315 ) .
وانظر : جواب السؤال رقم ( 21803 ) و ( 1046 ) .
والله أعلم .
*****
45872
يوسوس له الشيطان أنه مرائي ليترك الطاعة
الرقائق > الإخلاص > الرياء >(1/4554)
سؤال رقم 45872- يوسوس له الشيطان أنه مرائي ليترك الطاعة
أنا ملتزم ولله الحمد بما فرضه الله علي من فرائض نسأل الله القبول ، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تأتيني وساوس بأن ما أعمله يشوبه شيء من الرياء لن يقبله الله مني فتجدني أحيانا أتراجع عن بعض الأمور الطيبة خشية الرياء ؟.
الحمد لله
كما يأتي الشيطان للمسلم ليجعله يزين عمله ويرائي به الناس فإنه
يأتيه كذلك من الباب المقابل ليوسوس له بأن عمله هذا رياء فلا تفعله !
وللخروج من هذين الأمرين فإن عليه أن يصلح نيته ويجعلها خالصة
لوجه الله تعالى ، ولا يهمه بعدها ما يأتيه الشيطان به .
قال ابن مفلح الحنبلي – تحت فصل " لا ينبغي ترك العمل المشروع
خوف الرياء " - :
مما يقع للإنسان أنه إذا أراد فعل طاعة يقوم عنده شيء يحمله على
تركها خوف وقوعها على وجه الرياء .
والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك , وللإنسان أن يفعل ما أمره
الله عز وجل به ورغبه فيه , ويستعين بالله تعالى , ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه
على الوجه الشرعي .
وقد قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله : لا ينبغي أن يترك
الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء بل يذكر بهما جميعا , ويقصد به
وجه الله عز وجل , وذكر قول الفضيل بن عياض رحمه الله : إن ترك العمل لأجل الناس
رياء , والعمل لأجل الناس شرك ، قال : فلو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس
والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانسد عليه أكثر أبواب الخير . انتهى كلامه .
قال أبو الفرج ابن الجوزي : فأما ترك الطاعات خوفا من الرياء :
فإن كان الباعث له على الطاعة غير الدين : فهذا ينبغي أن يترك ; لأنه معصية , وإن
كان الباعث على ذلك الدين وكان ذلك لأجل الله عز وجل مخلصا : فلا ينبغي أن يترك
العمل ; لأن الباعث الدين , وكذلك إذا ترك العمل خوفا من أن يقال : مراء , فلا
ينبغي ذلك لأنه من مكايد الشيطان .
قال إبراهيم النخعي : إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة , فقال :
إنك مراء فزدها طولا , وأما ما روي عن بعض السلف أنه ترك العبادة خوفا من الرياء ,
فيحمل هذا على أنهم أحسوا من نفوسهم بنوع تزين فقطعوا , وهو كما قال , ومن هذا قول
الأعمش كنت عند إبراهيم النخعي , وهو يقرأ في المصحف فاستأذن رجل فغطى المصحف ,
وقال : لا يظن أني أقرأ فيه كل ساعة , وإذا كان لا يترك العبادة خوف وقوعها على وجه
الرياء فأولى أن لا يترك خوف عجب يطرأ بعدها .
" الآداب الشرعية " ( 1 / 266 ، 267 ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
عندما يهم الإنسان بعمل الخير ، يأتي الشيطان فيوسوس له ويقول :
إنك تريد ذلك رياء وسمعة ، فيبعد عن فعل الخير ، فكيف يمكن تجنب مثل هذا الأمر ؟ .
فأجاب بقوله :
يمكن تجنب مثل هذا الأمر بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ،
والمضي قدماً في فعل الخير ، ولا يلتفت إلى هذه الوساوس التي تثبطه عن فعل الخير ،
وهو إذا أعرض عن هذا واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم زال عنه ذلك بإذن الله .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( السؤال رقم 277 ) .
والله أعلم .
*****
4588
لقطة الحرم
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4555)
سؤال رقم 4588- لقطة الحرم
السؤال :
التقط أحد الأبناء ساعة من الحرم المكي ، وظلت معه حتى الآن منذ أكثر من أربع سنوات ، فما هو الحل بالنسبة لها ؟ هل يردها للحرم مرة ثانية ، أم يتصدق بقيمتها على أحد الفقراء بعد تثمينها عند بائعي الساعات ؟ جزاكم الله خير الجزاء .
الجواب:
الحمد لله
لقطة الحرم لا يجوز أخذها إلا لمن يعرف بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحل ساقطته إلا لمعرف " متفق على صحته .
والواجب على المذكور أن يرد القطعة المذكورة إلى المحكمة الكبرى بمكة حتى تسلمها للجنة المكلفة بلقط الحرم وبذلك تبرأ ذمته مع التوبة إلى الله سبحانه من التقصير إذا كان لم يعرفها في المدة الماضية . وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز رحمه الله
فتاوى إسلامية 3/10
*****
45880
هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر ؟
أصول الفقه >
الفقه > عادات >(1/4556)
سؤال رقم 45880- هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر ؟
مساحة الدول الإسلامية شاسعة ، ونجد أن هناك فرقاً بين دولة وأخرى ، في اللباس والعادات والتقاليد ، فمثلا نجد أنه في بعض الدول تلتزم فيها أخواتنا بالنقاب ، حيث إنهم يتبعون الفتوى القائلة إن النقاب واجب ، ولكن ذلك ليس منتشراً في دول أخرى ، والرأي الذي يأخذونه هناك أن النقاب ليس واجباً بل مستحب ، كذلك قيادة المرأة للسيارة ففي بعض الدول حرَّمها المشايخ لما لها من أضرار لو سمح بها ، بينما في دول أخرى- قيادة المرأة للسيارة أمر عادي جدّاً ، وله عشرات السنين .
فإلى أي مدى تكون هناك مرونة في الأحكام ؟ وهل ما يحدث صحيح أقصد أن الشيء يصبح واجباً في مناطق ومستحبّاً في مناطق أخرى ؟ .
الحمد لله
الأحكام الشرعية نوعان :
الأول : ما دلت الأدلة الصحيحة على حكمه ، بقطع النظر عن العادات
المختلفة أو ما يترتب عليه من مصالح أو مفاسد .
فهذا حكمه ثابت ولا يختلف من مكان إلى آخر ولا من شخص لآخر إلا
إذا كان الإنسان مضطراً أو مريضاً أو معذوراً فإنه يسهل له الحكم حسب حاله على ما
جاء به الشرع .
ومن هذا النوع : وجوب الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب العلم ، ..إلخ .
ومنه أيضاً : سترة المرأة المسلمة جميع بدنها بما فيه الوجه
والكفان ، فإن هذا الحكم واجب ولا يختلف من مكان إلى آخر .
وقد سبق في إجابة السؤال : ( 21134 ) و ( 13647 ) بيان الأدلة على
هذا .
النوع الثاني : أحكام بنيت على أسباب معيّنة أو كان حكمها
التحريم أو الإباحة أو الوجوب ـ مثلاً ـ بناء على ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد
، ولم ترد الأدلة الشرعية بحكم ثابت لها لا يختلف ، وقد يكون من هذا النوع قيادة
المرأة للسيارة .
وقد أفتى العلماء بتحريمه لما يترتب عليه من مفاسد .
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين ، وأما ما عداها
من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
فقد كثر حديث الناس في صحيفة " الجزيرة " عن قيادة المرأة
للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها الخلوة
المحرمة بالمرأة ، ومنها السفور ، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها ارتكاب
المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى
المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين
بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي
إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ
الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) الأحزاب/33 الآية ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ
مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي
الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى
عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ
مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " ، فالشرع المطهر منع
جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل
عقوبته من أشد العقوبات ؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن
الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية
إلى المنكرات - مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع
بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير
مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال سبحانه : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168 ، وقال صلى الله عليه
وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا
رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟
قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم وفيه دخن ، قلت : وما دخنه
؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟
قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله
صفهم لنا ؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت : فما تأمرني إن أدركني
ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ،
قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه .
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر
الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك وأن
يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر
دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين
ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 351 – 353 ) .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : أرجو توضيح حكم قيادة المرأة
للسيارة ، وما رأيكم بالقول:
( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق
الأجنبي؟ )
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء
المسلمين :
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم . والدليل قوله
تعالى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا
اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ا لأنعام/108 ، فنهى الله
عن سب آلهة المشركين – مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو
أعظم – مقدم على جلب المصالح . والدليل قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وقد حرم الله
الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما .
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن
قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها :
1- نزع الحجاب : لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو
محل الفتنة ومحط أنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا
بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة ، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد
غيره فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، أو جميلة الشعر ، أو جميلة القدمين
. وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين .
وقد يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع
الحجاب ، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
والجواب على ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة
السيارة ، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء
الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء
في البلاد الأخرى ، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء
ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء
من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم – والحياء هو الخلق الكريم
الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة ، ولهذا كانت مضرب المثل فيه
فيقال ( أحيا من العذراء في خدرها ) ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3- ومن المفاسد : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت
خير لها – كما أخبر بذلك النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم – لأن عاشقي القيادة
يرون فيها متعة ، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل
لهم من المتعة بالقيادة .
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت
وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ، لأنها وحدها في سيارتها ، متى شاءت في أي
ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان الناس يعانون
من هذا في بعض الشباب ، فما بالك بالشابات ؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد
وطوله ، وربما خارجه أيضاً .
5- ومن المفاسد : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها ،
فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن
نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة .
6- ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة : في الوقوف
عند إشارات الطريق – في الوقوف عند محطات البنزين – في الوقوف عند نقطة التفتيش –
في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث – في الوقوف لملء إطار
السيارة بالهواء– في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق ، فتحتاج
المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على
عرضها في تخليصها من محنتها ، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع ، أو
حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر .
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة ، فإن المرأة –(1/4557)
بطبيعتها – تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها
بالأزياء ، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما
عندها . ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة . وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى
منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد
.
أما قول السائل : وما رأيكم بالقول : ( إن قيادة المرأة للسيارة
أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟ ).
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر ، وأحدهما أضر من الثاني من
وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما .
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة
حول قيادة المرأة للسيارة ، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه
وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها .
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل
للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم
من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ، ويستظلون برايتنا . قوم انبهروا
بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها
من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة .
ا.هـ كلام الشيخ ابن عثيمين
( وأما في البلاد التي يُسمح فيها بقيادة المرأة للسيارة فعلى
المرأة المسلمة تجنّب ذلك ما أمكنها للأسباب السابق ذكرها .
وأما في حالات الضرورة كإسعاف مصاب أو فرار من مجرم فإنه لا حرج
على المرأة المسلمة أن تستخدم السيارة في مثل هذه الحالات إذا لم تجد رجلاً تستنجد
به .
وتبقى حالات أخرى مثل النساء اللاتي لا بد لهن من الخروج إلى
العمل فليس لها زوج أو أب أو وليّ يكفيها ولا من المرتبات الحكومية ما يقوم بحاجتها
، ولم تجد عملاً يكفيها تقوم به في منزلها كبعض وظائف الإنترنت ، واضطرت إلى الخروج
فإنها تستخدم أقل وسائل المواصلات خطراً عليها .
وقد تكون هناك مواصلات عامة خاصة بالنساء أو سائق يُستأجر لعدة
نساء يوصلهن إلى العمل أو الجامعة ، وقد تكون سيارات الأجرة الخاصة ـ لمن قدرت
عليها ماليا ـ أرحم لها من الحافلات العامة التي قد تتعرض فيها للإهانة والاعتداء
فتستعمل سيارات الأجرة دون خلوة مع السائق .
وإذا اضطرت في النهاية إلى قيادة السيارة في حالات الحاجة
الشديدة الماسة التي لا غنى عنها فإنها تسوقها بجلبابها الشرعي الكامل مع تقوى الله
.
وقد تقدم ذكر حال الاضطرار
وتستعين بفتوى علماء بلدها الثقات ـ من غير المتساهلين ـ الذين
يفقهون الشريعة ويعرفون وضع البلد .
وقد قال الله تعالى : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/6
نسأل الله السلامة والعافية وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
وسلم .
*****
45883
يدرس في جامعة مختلطة فكيف يتعامل مع المدرسات والطالبات ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4558)
سؤال رقم 45883- يدرس في جامعة مختلطة فكيف يتعامل مع المدرسات والطالبات ؟
أنا شاب ملتزم أدرس في جامعة مختلطة ، أرغب في إتقان تخصصي ، وذلك يستلزم مني التفاعل في القاعة مما قد يفتح بيني وبين الطلاب قنوات اتصال ، بالإضافة إلى أن هناك مدرسات يدرسوننا مواد مهمَّة جدّاً ، فكيف أتعامل مع الطالبات والمدرسات ؟.
الحمد لله
الدراسة والتدريس في المدارس والمعاهد والجامعات المختلطة : لا
يجوز ، ولم يعد خافياً ما في هذه المؤسسات من مفاسد بسبب ذلك الاختلاط ، عدا ما
فيها من قلة التحصيل الدراسي أو انعدامه ، وقد نادى العقلاء من الدول الكافرة
بضرورة الفصل بين الجنسين في المؤسسات التعليمية بسبب ما رأوه من الضرر في الأخلاق
وضعف التحصيل العلمي ، وقد أفتى العلماء الثقات بعدم جواز هذا الأمر .
قال علماء اللجنة الدائمة :
اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم
محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة ، ويتضاعف الإثم
وتعظم الجريمة إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئاً من عوراتهن ، أو لبسن ملابس
شفافة تشف عما وراءها ، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن ، أو داعبن الطلاب أو
الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 102 ، 103 ) .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في
قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
فأجاب :
الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس
بمدارس مختلطة ؛ وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه ، فإن
الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي
هو فيه امرأة – ولا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة – لا يكاد يسلم من الفتنة والشر ،
وكل ما أدى إلى الفتنة والشر : فإنه حرام ولا يجوز ، فنسأل الله - سبحانه وتعالى -
لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر
والفتنة والفساد ، حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس
فيه هذا الاختلاط ، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 103 ) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 1200 ) تفصيل الحكم في
الاختلاط .
وانظر جواب الأسئلة : ( 8827 ) و ( 22397 ) و ( 6666 ) .
وهذا الكلام واضح بالنسبة للذين لم يبتلوا في بلادهم بالدراسة
المختلطة أو عندهم من الكليات والجامعات ما هو غير مختلط يمكن أن يغنيهم عن الدراسة
في الكليات المختلطة ، لكن يبقى السؤال بالنسبة للأشخاص الذين ابتلوا في بلدانهم
بالدراسة المختلطة ، فماذا يفعلون ! خصوصاً وأن ذلك قد يترتب عليه كسب عيشهم أو
إمكان زواجهم في المستقبل بحيث لو لم يدرس هذه الدراسة ما استطاع أن يجد له وظيفة
تغنيه أو زواجاً يعفّه .
وفي هذه الحالة فإننا أمام وضع اضطراري ، والحاجة فيه ماسّة وحيث
أن الحاجة الشديدة تنزل منزلة الضرورة لذلك يراعى ما يلي :
1- أن لا يوجد مكان آخر يمكن الدراسة فيه ولو في بلد آخر .
2- أن لا يستطيع تحصيل هذه الشهادة بطريق الانتساب أو الدراسة
عبر الإنترنت مثلاً .
3- أن يذهب للدراسة في هذه الأماكن المختلطة مستعيناً بالله على
مواجهة الفتن ، ويراعى غض البصر ما أمكنه وعدم ملامسة أو مصافحة المرأة الأجنبية
وأن لا يخلو بها ، ولا يجلس بجانبها مباشرة .
وينصح الفتيات بالجلوس بمعزل عن الشباب وغير ذلك من الضوابط
الشرعية .
4- إذا لاحظ أن نفسه تنزلق إلى الحرام وتفتتن بمن معه من الجنس
الآخر فسلامة دينه أهم من مغانم الدنيا كلها ، فلا بد من مفارقة المكان حينئذ
ويغينه الله عز وجل من فضله . والله المستعان .
والله أعلم
وهذه قائمة بأسماء كلّيات وجامعات غير مختلطة في العالم .
1- كلية الطب في دبي .
2- جامعة الأزهر في مصر .
3- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في السعودية .
4- جامعة أم القرى في مكة المكرمة .
5- الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة .
6- جامعة الملك سعود في السعودية .
*****
45885
إذا أخطأت المرأة في تحديد موعد الطهر فهل تأثم ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
الفقه > عبادات > الصوم > صوم أصحاب الأعذار >(1/4559)
سؤال رقم 45885- إذا أخطأت المرأة في تحديد موعد الطهر فهل تأثم ؟
إذا كانت المرأة لا تنزل عليها القصة البيضاء ، وإنما تنتظر انقطاع الدم ، فبذلك تكون الأيام تختلف من شهر إلى آخر ، هل تأثم إذا أخطأت في تحديد موعد طهارتها كأن تظن الطهر وبعد الاغتسال والصلاة وجدت أثره ، أو العكس انتظرت وفاتتها صلاة ظنّاً منها أنها لم تطهر ، حيث يشق عليها التحديد بدون القصة البيضاء .
الحمد لله
تختلف العادة عند النساء من امرأة إلى أخرى ، وتختلف العادة عند
المرأة نفسها أيّاً كانت علامة انتهاء دورتها .
فعلامة الطهر عند غالب النساء خروج القصَّة البيضاء – وهي سائل
أبيض ، ومنهن من تكون علامتها انقطاع الدم .
وأيّاً كانت العلامة عند المرأة فلا يجوز لها أن تعجل على نفسها
حتى تظهر العلامة ؛ لأنه لا يحل لها الصلاة والصيام وهي حائض حتى تطهر .
وقد كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدّرجة فيها الكرسف فيه
الصفرة فتقول : لا تعجلنَ حتى ترينَ القَصَّة البيضاء .
رواه البخاري معلقاً - كتاب الحيض ، باب إقبال المحيض وإدباره - ومالك ( 130 ) .
ومعنى الدّرجة : الوعاء التي تضع المرأة طيبها ومتاعها .
الكرسف : القطن .
وإذا أخطأت المرأة في تحديد وقت الطهر بناء على ظنها واجتهادها ،
فإنها لا تأثم ، لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا
أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) الأحزاب/5 ، ولقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي
الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) رواه ابن ماجة
(2053) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
غير أنها إذا ظنت أنها طهرت وصلت وصامت ثم تبيّن لها أنها لا
تزال حائضاً فعلها الامتناع عن الصلاة والصيام حتى تطهر وتقضي الصيام الواجب الذي
صامته في تلك الأيام لأنه تبين لها أنه لم يكن صحيحاً لأن صوم الحائض لا يصح .
وإذا تركت الصلاة ظنَّاً منها أنها لم تطهر ثم تبيّن لها أنها
كانت طاهراً ، فعليها قضاء تلك الصلاة .
سئل الشيخ ابن عثيمين (11/280) عن
امرأة رأت الكدرة قبل حيضها المعتاد ، فتركت الصلاة ، ثم نزل الدم على عادته، فما
الحكم ؟
فأجاب بقوله :
تقول أم عطية ـ رضي الله عنها ـ : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة
بعد الطهر شيئاً ) . وعلى هذا فهذه الكدرة التي سبقت الحيض لا يظهر لي أنها حيض ،
لاسيما إذا كانت أتت قبل العادة ، ولم يكن علامات للحيض من المغص ووجع الظهر ونحو
ذلك ، فالأولى لها أن تعيد الصلاة التي تركتها في هذه المدة . اهـ .
وسئل أيضاً : (11/275) عن امرأة أصابها الدم لمدة تسعة أيام
فتركت الصلاة معتقدة أنها العادة ، وبعد أيام قليلة جاءتها العادة الحقيقية فماذا
تصنع هل تصلي الأيام التي تركتها أم ماذا ؟
فأجاب بقوله :
الأفضل أن تصلي ما تركته في الأيام الأولى ، وإن لم تفعل فلا حرج
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة المستحاضة التي قالت إنها تستحاض
حيضة شديدة وتدع فيها الصلاة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم ، أن تتحيض ستة أيام
أو سبعة وأن تصلي بقية الشهر ولم يأمرها بإعادة ما تركته من الصلاة ، وإن أعادت ما
تركته من الصلاة فهو حسن لأنه قد يكون منها تفريط في عدم السؤال وإن لم تعد فليس
عليها شيء . اهـ
والله أعلم .
*****
45887
هل يقبل الله توبة العبد كلما أذنب وتاب حتى لو عاد مرات كثيرة ؟
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >(1/4560)
سؤال رقم 45887- هل يقبل الله توبة العبد كلما أذنب وتاب حتى لو عاد مرات كثيرة ؟
إلى متى يغفر الله تعالى لعبده الذنب ، فإذا تاب واستغفر من ذنبه وعاد وفعل نفس الذنب مرة أخرى ثم عاد واستغفر وأذنب بعد فترة نفس الذنب وهكذا ، أقصد هل الله تعالى يغفر له أم أن ذلك يعد أنه لم يصدق الله تعالى ، خصوصا إذا عاد للذنب بعد فترة بسيطة لكنه لا يترك الاستغفار ؟.
الحمد لله
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) آل عمران/135 ، 136
قال ابن كثير :
وقوله { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } أي : تابوا من
ذنوبهم ورجعوا إلى الله عن قريب ولم يستمروا على المعصية ويصروا مقلعين عنها ولو
تكرر منهم الذنب تابوا منه .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 408 ) .
عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : ( إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ
أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ وَرُبَّمَا قَالَ أَصَبْتُ فَاغْفِرْ
لِي فَقَالَ رَبُّهُ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ
وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ
ذَنْبًا أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ
فَاغْفِرْهُ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ
وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَذْنَبَ
ذَنْبًا وَرُبَّمَا قَالَ أَصَابَ ذَنْبًا قَالَ قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ قَالَ
أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا
يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا ....الحديث )
رواه البخاري (7507) ومسلم ( 2758 ) .
وقد بوَّب النووي – رحمه الله – على هذا الحديث قوله : باب "
قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة " .
وقال في شرحه :
هذه المسألة تقدمت في أول كتاب التوبة , وهذه الأحاديث ظاهرة في
الدلالة لها , وأنه لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر , وتاب في كل مرة :
قبلت توبته , وسقطت ذنوبه , ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها : صحت توبته .
" شرح مسلم " ( 17 / 75 ) .
وقال ابن رجب الحنبلي :
قال [ عمر بن عبد العزيز ] : " أيها الناس مَن ألمَّ بذنبٍ
فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر وليتب ،
فإنما هي خطايا مطوَّقة في أعناق الرجال ، وإن الهلاك في الإصرار عليها " .
ومعنى هذا : أن العبد لا بد أن يفعل ما قدِّر عليه من الذنوب ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا
محالة ... " ولكن الله جعل للعبد مخرجاً مما وقع فيه من الذنوب ، ومحاه بالتوبة
والاستغفار ، فإن فعل فقد تخلص من شر الذنوب ، وإن أصر على الذنب هلك .
" جامع العلوم الحِكَم " ( 1 / 165 ) .
وكما يُبغض الله تعالى المعصية ويتوعد عليها بالذنب : فإنه لا
يحب أن يقنط عباده من رحمته عز وجل ، وهو يحب أن يستغفره العاصي ويتوب إليه ، ويود
الشيطان أن لو يقع يأس وقنوط من العبد العاصي حتى يصده عن التوبة والإنابة .
قيل للحسن البصري : ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم
يعود ، ثم يستغفر ثم يعود ؟ فقال : ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملُّوا من
الاستغفار .
انظر جواب السؤال : ( 9231 ) .
*****
45889
نذر أن يتصدق كلما وقع في الذنب ووقع فيه ولم يتصدق
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4561)
سؤال رقم 45889- نذر أن يتصدق كلما وقع في الذنب ووقع فيه ولم يتصدق
كنت قد ابتليت بمعصية ، وفي يوم من الأيام وبعد أن عملتها ندمتُ كثيراً وقمت بسب نفسي ، ثم رفعت أصبعي وقلت بالحرف الواحد : " عليّ نذر إن فعلت هذه العادة مرة أخرى أن أتصدق بخمسمائة ريال ، وإذا فعلتها مرة أخرى أتصدق بهذا المبلغ " ، يعني في كل مرة أفعلها أتصدق بخمسمائة ريال إلاّ أنني عدت إلى فعلها مرات كثيرة جداًّ .
والسؤال : ماذا عليَّ فعله في هذا الأمر ، علماً بأنني لم أتصدق حتى الآن ولو بريال واحد ، ولا أعلم كم مرة فعلتها ، فالمدة طويلة ، فأفتوني مأجورين وجزاكم الله خيراً .
الحمد لله
أولاً :
النذر من أجل عدم الوقوع في الذنب كان يفعله بعض السلف ؛ وذلك
معاقبة لأنفسهم ، وتربية لها على عدم فعل المعصية ، لكن كان ذلك فيما يستطيعونه
ويقدرون عليه .
قال حرملة : سمعت ابن وهب يقول : نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن
أصوم يوماً فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم .
فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أني أتصدق بدرهم ، فمن حب الدراهم
تركت الغيبة.
قال الذهبي : هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة العلم
النافع .
"سير أعلام النبلاء" ( 9 / 228 ) .
والأولى بالمسلم أن يمتنع من فعل المعصية من غير يمين ولا نذر
حتى لا يعرض نفسه للحنث في اليمين أو عدم الوفاء بالنذر .
ثانياً :
إذا قصد الناذر بالنذر ما يقصد باليمين كمنع نفسه من فعلٍ ما
فإما أن يحنث وإما ألا يحنث .
فإن لم يحنث فلا شيء عليه ، وإن حنث خُيِّر بين أمرين : إما
الوفاء بالنذر وإما إخراج كفارة يمين .
قال ابن قدامة في "المغني" (13/461) :
"إذَا أَخْرَجَ النَّذْرَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ , بِأَنْ يَمْنَعَ
نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِهِ شَيْئًا , أَوْ يَحُثَّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ , مِثْلَ
أَنْ يَقُولَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا , فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ , أَوْ صَدَقَةُ
مَالِي , أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ . فَهَذَا يَمِينٌ , حُكْمُهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ
بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ , فَلا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ , وَبَيْنَ أَنْ
يَحْنَثَ , فَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ فِعْلِ الْمَنْذُورِ , وَبَيْنَ كَفَّارَةِ
يَمِينٍ , وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ , وَلا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ
الْوَفَاءُ بِهِ . .. وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَابْنِ عُمَرَ ,
وَعَائِشَةَ , وَحَفْصَةَ , وَزَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ . وَبِهِ قَالَ
الشَّافِعِيُّ" اهـ باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
أنا شاب كنت مسرفاً فهداني الله ، ولكني لم أزل أرتكب ذنباً
وحاولت أن أتوب منه مراراً فلم أستطيع فقلت في نفسي نذر عليّ إن عدت إلى هذا الذنب
أن أصوم شهرين متتابعين ، ولكن الشيطان زين لي وقلت إن النذر في هذه الحالة يكون
كاليمين وله كفارة وعدت إلى هذا الذنب ، فماذا أفعل جزاكم الله خيراً ؟ هل يجوز لي
أن أطعم ستين مسكيناً ؟ لأنه أخف عليّ من الصيام ؟ علماً بأن الله قد منّ عليّ
التوبة من هذا الذنب الآن ؟
أولاً : ينبغي أن يكون الإنسان ذا عزيمة صادقة قوية فيدع المحرم
بدون قسم وبدون نذر ويقوم بالواجب بدون قسم وبدون نذر ، قال الله – تبارك وتعالى –
( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله
خبير بما تعملون ) . ولكن قد يكون بعض الناس عاجزاً عن كبح جماح نفسه فيلجأ إلى
النذر أو إلى اليمين للقيام بالواجب ، أو في ترك المحرم ، وقد ذكر العلماء – رحمهم
الله – أن النذر الذي يقصد به الامتناع أو الإقدام يكون حكمه حكم اليمين، ولهذا يجب
على هذا الأخ السائل أن يكفر عن نذره كفارة يمين وذلك بأن يطعم عشرة مساكين كل
مسكين مد (أي حفنة) من الأرز أو من البر ، أو يكسو عشرة مساكين ، أو يعتق رقبة، وهو
على الخيار في هذه الثلاثة ، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة لقول الله – تبارك
تعالى – في سورة : المائدة ( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما
عقّدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو
تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) .
ويجوز في الإطعام أن يصنع طعاماً غداءً أو عشاءً ويدعو إليه عشرة
مساكين اهـ .
فتاوى إسلامية (3/501) .
*****
45898
شركة للتسويق الهرمي تبيع أشرطة دعوية
الفقه > معاملات > البيوع > الشركة >(1/4562)
سؤال رقم 45898- شركة للتسويق الهرمي تبيع أشرطة دعوية
شركة نشاطها كـ " بزناس " , ولكنها تبيع مقابل الأموال أشرطة دعوية تهدي للخير , فكيف يكون الرد عليهم ؟.
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال : ( 40263 ) حرمة الاشتراك
في نظام التسويق الهرمي مثل شركة " بزناس " ، وحتى لو كانت هذه الشركات تبيع بضاعة
حقيقية لها قيمة ؛ لأنه ليس المقصود ذات البضاعة ، بل التسويق ، و " التسويق الهرمي
" ، قائم على الغرر وأكل أموال الناس بالباطل .
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم :
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة ، وتتلخص في أن يشتري
الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم
أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء
الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ،
وهكذا .
وقال أيضاً عن شركة " تسويق نت " وهي شركة تبيع منتجات حقيقية -
:
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي " ، مهما
تعددت صوره واختلفت تطبيقاته ، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل
الاشتراك في التسويق ، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج : فإن الهدف من
الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى ، وأما المنتج فهو تبع ، وبناء على ذلك فهو
ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل ؛ لأن المشترك لا يدري هل
ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا ، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم
، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن ، ثم الذين اشتركوا عن
طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه ، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة ،
إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة ، وهكذا . اهـ .
انتهى
وللمزيد فلينظر جواب السؤال رقم : ( 46595 )
والله أعلم.
*****
45902
تعامل بطاقة الفيزا المحرمة وعليه مبالغ فهل يسددها؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4563)
سؤال رقم 45902- تعامل بطاقة الفيزا المحرمة وعليه مبالغ فهل يسددها؟
لدي مطالبه مالية من البنك (5800) ريالا بسبب بطاقة فيزا قبل 5 سنوات ولم أسدد ما علي لأني علمت أنها حرام ولا أعلم بالضبط مقدار ما سحبته وهم يطالبوني بسداد المبلغ كاملا برغم أني لم أسحب أكثر من (3500) ريالا ، فهل أسدد أم لا ؟ .
الحمد لله
ما دمت أنك تعلم بأنك لم تسحب أكثر من 3500 ريالاً فسدد لهم هذا
المبلغ واقتصر عليه إن استطعت .
فإن لم تستطع ( كأن صرت مهدداً بالسجن ونحوه ) ففاوضهم في تقليل
الزائد ما استطعت مع التوبة العظيمة من هذا العقد المحرم .
والله أعلم .
*****
45905
هل يجوز للأب إجبار ابنته على العمل في مكان مختلط؟
مشكلات نفسية واجتماعية >
الفقه > معاملات > الإجارة > عمل المرأة >(1/4564)
سؤال رقم 45905- هل يجوز للأب إجبار ابنته على العمل في مكان مختلط؟
هل يمكن للوالد إجبار ابنته على العمل في وسط مختلط ؟.
الحمد لله
العمل في الأماكن المختلطة لا يسلم من الوقوع في الحرام ، نظرا
أو خلوة أو ميلاً قلبياً ، ولهذا أفتى العلماء بتحريمه مراعاة لغالب الحال ، جاء في
فتاوى اللجنة الدائمة (12/156) :
( الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها من المنكرات
العظيمة ، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في
مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك .
وبناء على ذلك فليس للأب أن يجبر ابنته على العمل المختلط ، وإذا
أجبرها على ذلك لم تجب طاعته ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة في معصية
إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري 7257 ، ومسلم1840 .
وعلى البنت أن تبين لأبيها مخاطر العمل المختلط وحرمته ، وأن
تذكره بواجبه في حفظ أهله ووقايتهم من النار ، وذلك بالأسلوب الحكيم والموعظة
الحسنة .
والله أعلم .
*****
45908
الحيض لا يقطع التتابع في صوم الكفارة
الفقه > عبادات > الصوم > الكفارة >(1/4565)
سؤال رقم 45908- الحيض لا يقطع التتابع في صوم الكفارة
امرأة تكفر عن ّذنب بصيام شهرين متتابعين ، و تسأل عن الأيام التي ستفطر فيها بسبب العادة الشهرية فهل يجب عليها قضاؤها بعد انقضاء الشهرين أم ماذا ?.
الحمد لله
من لزمها صيام شهرين متتابعين ، وجاءها الحيض ، أفطرت ، ثم أكملت
صومها ، وقضت أيام حيضها ، إجماعا .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( وأجمع أهل العلم على أن الصائمة
متتابعاً , إذا حاضت قبل إتمامه , تقضي إذا طهرت , وتبني، وذلك لأن الحيض لا يمكن
التحرز منه في الشهرين إلا بتأخيره إلى الإياس , وفيه تغرير بالصوم ) انتهى
من المغني 8/21
والله أعلم .
*****
45910
هل يأخذ قرضاً ربويّاً ليشتري به بيتاً ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4566)
سؤال رقم 45910- هل يأخذ قرضاً ربويّاً ليشتري به بيتاً ؟
نحن فلسطينو 48 نأخذ قروض سكنية من وزارة الإسكان لمدة 25 عاماً ، ومنها – أيضاً – جزء هبة , ويكون السداد بأقساط شهرية مع الفائدة ( الربا ) ، وإذا تأخر المستقرض عن السداد لمدة عام يحق للوزارة أخذ البيت وبيعه لآخر , وأيضا هناك شرط في عقد القرض ينص على أنه في حالة موت أحد الزوجين الموقعين على القرض فيعفى الآخر من السداد ولا يحق للوزارة مطالبته بالسداد ، ويكون البيت خالصا له دون ديون القروض السكنية ؟ فما حكم الإسلام في مثل هذه القروض - علما أنه إذا بنى أحدٌ بيتاً دون أن يأخذ هذا القرض سيقع تحت طائلة المساءلة من أين لك هذا - ؟.
الحمد لله
أولاً :
مما لا شك أن الربا في حياة اليهود سمة بارزة ، وحيلهم في أكل
الحرام عموماً والربا خاصة معروف ، قد ذكره الله تعالى عنهم وبيَّن أنه قد نهاهم
عنه وحرَّمه عليهم ، قال تعالى : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا
عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
كَثِيراً . وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) النساء/160، 161 .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :
إن الله قد نهاهم – أي : اليهود – عن الربا ، فتناولوه ، وأخذوه
، واحتالوا عليه بأنواع الحيل ، وصنوف من الشبَه ، وأكلوا أموال الناس بالباطل .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 584 ) .
وأخذ الربا منكم وإرهاقكم به والاستيلاء على المنزل عند العجز عن
السداد أمر معروف في دينهم المحرَّف ومعاملاتهم الخسيسة ، فقد قصر اليهود النص
المحرِّم للربا على التعامل بينهم فقط ، أما معاملة اليهودي لغير اليهودي بالربا :
فقد فجعلوه جائزاً لا بأس به ، وقد جعلوه طريقاً للاستيلاء على أملاك غيرهم .
يقول أحد ربانييهم - واسمه راب - :
عندما يحتاج النصراني إلى درهم فعلى اليهودي أن يستولي عليه من
كل جهة ، ويضيف الربا الفاحش إلى الربا الفاحش ، حتى يرهقه ، ويعجز عن إيفائه ما لم
يتخلَّ عن أملاكه أو حتى يضاهي المال مع فائدة أملاك النصراني ، وعندئذ يقوم
اليهودي على مدينه – أي : غريمه – وبمعاونة الحاكم يستولي على أملاكه .
" الربا وأثره على المجتمع الإنساني " للدكتور عمر بن سليمان الأشقر ( ص 31 ) .
ثانياً
الربا في الإسلام محرَّم ، ولا فرق في الحكم بين أن يكون بين
المسلمين أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم ، والقروض التي يشترط أصحابها سدادها بزيادة
هي من القروض الربوية ، وتحريمها لا شك فيه ، والمتعامل بها أخذاً وإعطاء معرِّضٌ
نفسه للوعيد في الدنيا والآخرة .
قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ
إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى
فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/275 .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلّى الله عليه
وسلّم : ( رأيتُ الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا
على نهر من دم فيه رجل قائم ، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة ، فأقبل الرجل
الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان ، فجعل
كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : الذي رأيته
في النهر آكل الربا ) رواه البخاري (1979) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال :
( اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله وما هنَّ ؟ قال : الشرك ، والسحر ،
وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتّولّي
يوم الزّحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) رواه البخاري (2615) ومسلم
(89) .
ولا فرق في الحكم بين آكل الربا – وهو البنك هنا - ، وموكله –
وهو الآخذ منه هذا القرض – والشاهد والكاتب ؛ إذ كلهم في الإثم سواء .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى
الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكلَه وكاتبه وشاهديه وقال : هم سواء ) .
رواه مسلم ( 1598 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
المعاملة مع البنك هل هي ربا أم جائزة ؟ لأن فيه كثيراً من
المواطنين يقترضون منها ؟
فأجابوا :
يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهباً أو فضة أو ورقاً نقديّاً
على أن يرد أكثر منه ، سواء كان المقرض بنكاً أم غيره ؛ لأنه ربا ، وهو من أكبر
الكبائر ، ومن تعامل هذا التعامل من البنوك فهو بنك ربوي .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 412 ) .
وعليه : فلا يجوز لكم الاقتراض من تلك البنوك لما في معاملتها
معكم من الربا المحرم الصريح ، ويمكنكم البناء بأموالكم الحلال وإثبات ذلك بطرق
كثيرة ، فليس كل من يبني بيتاً من غير طريق البنك يكون سارقاً أو مختلساً لهذه
الأموال ، فالحصول على المال من الكسب الطيب طرقه واسعة ويمكن إثبات ذلك وتوثيقه
لمن يرتاب في أمركم ، وهو أمر ليس فوق الطاقة والقدرة .
وقد سبق بيان تحريم الربا ، وتحريمه بالنسبة لبناء البيوت
وشرائها ، فانظر أجوبة الأسئلة رقم ( 21914 )
و ( 22905 ).
والله أعلم .
*****
45916
تجزئ أضحية واحدة عن أهل البيت ولو كانوا مئة
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4567)
سؤال رقم 45916- تجزئ أضحية واحدة عن أهل البيت ولو كانوا مئة
هل تكفي أضحية واحدة عن أهل البيت جميعاً ، ولو كان عددهم كثيراً ؟.
الحمد لله
تكفي أضحية واحدة عن أهل البيت جميعا ، مهما كثروا .
روى الترمذي (1505) عن عَطَاء بْن يَسَارٍ قال : سَأَلْتُ أَبَا
أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي
بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في "تحفة الأحوذي" :
"هذا الحديث نَصٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ
تُجْزِئُ عَنْ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَإِنْ كَانُوا كَثِيرِينَ ،
وَهُوَ الْحَقُّ .
قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي "زَادِ الْمَعَادِ" :
وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الشَّاةَ تُجْزِئُ
عَنْ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَوْ كَثُرَ عَدَدُهُمْ .
وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي "نيْلِ الأوطار" : وَالْحَقُّ أَنَّ
الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ تُجْزِئُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ , وَإِنْ كَانُوا مِائَةَ
نَفْسٍ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا قَضَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ " انتهى باختصار .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/275) :
" التشريك في الثواب لا حصر له ، فها هو النبي صلى الله عليه
وسلم ضحى عن كل أمته ، وها هو الرجل يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، ولو
كانوا مئة " انتهى .
وسئلت اللجنة الدائمة : هذه العائلة تتكون من اثنين وعشرين فرداً
، والدخل واحد ، والمصروف واحد ، وفي عيد الأضحى المبارك يضحون بضحية واحدة ، فلا
أدري هل هي تجزئ أم أنه يلزمهم ضحيتان ؟
فأجابت :
" إذا كانت العائلة كثيرة ، وهي في بيت واحد ، فيجزئ عنهم أضحية
واحدة ، وإن ضحوا بأكثر من واحدة فهو أفضل " انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/408) .
*****
45917
إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر دون محرم؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المحرم في سفر المرأة >
سؤال رقم 45917: إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر دون محرم؟
هل يجوز للمرأة أن تعيش بمفردها ؟ إذا كان يجوز لها السكن بمفردها فلماذا لا يجوز لها السفر بمفردها ؟.
الحمد لله
للمرأة أن تعيش بمفردها بشرط أن تأمن على نفسها ، وليست من أهل
التهمة والريبة ، وأما سفرها بلا محرم ، فهو منهي عنه نهيا صريحا، كما في الحديث
الذي رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا
تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا
وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ
أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ
مَعَهَا ).
وهذا من تمام الحكمة ، فإن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة
لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ،
ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث
السيارت وغيرها من وسائل النقل .
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر ،
لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ، فيزين
لها الحرام .
ولو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر أخرى
من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها
واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
ونحن نسلم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعلم أن
فيه تمام الحكمة والرحمة، لأن الله تعالى لا يحرم على عباده إلا ما فيه مفسدة ومضرة
لهم .
ولا يصح أن يقال السفر على إقامة المرأة في بيت بمفردها في بلدها
، لأن المخاطر في السفر أكثر منها في بلد الإقامة ، فإنها في بلدها لو حدث لها شيء
أو احتاجت من يغيثها لوجدت من يساعدها ، ويخشى أهل الشر والفساد من الاعتداء عليها
وهي في بلدها وبيتها ما لا يخشون في حال سفرها .
والله أعلم .
*****
45918
حكم الاشتراك في التأمين الإلزامي للفرد والاختياري للعائلة
الفقه > معاملات > التأمين >(1/4568)
سؤال رقم 45918- حكم الاشتراك في التأمين الإلزامي للفرد والاختياري للعائلة
أدرس في استراليا ويلزمون من جاء إلى هنا أن يقوم بإجراء تأمين فردي ولا يلزمونه بالنسبة إلى عائلته ، فيقوم بعض الشباب بالتأمين على نفسه وعلى أفراد عائلته لأن ذلك أوفر مادياً ، فهل هذا يجوز ؟.
الحمد لله
سألنا فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين
فقال : التأمين الإلزامي الذي لا مفرّ منه معذور من أُجبِر على
المشاركة فيه ، وأما غير الإلزامي فلا تجوز المشاركة فيه ، ما دام من نوع التأمين
التجاري ، وهو ميسر محرّم اهـ .
وقد سبق بيان حكم التأمين في السؤال رقم ( 8889 ) .
*****
4596
أهمية السلام ورده
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > آداب السلام >(1/4569)
سؤال رقم 4596- أهمية السلام ورده
السؤال :
هل يمكن أن تخبرني عن أهمية قول السلام عليكم وقول وعليكم السلام ؟
الجواب:
الحمد لله
كان من عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضاً بتحيات فيما بينهم وكان لكل طائفة منهم تحية تخصهم عن غيرهم من الناس .
فقد كانت العرب تقول في تحيتهم أنعم صباحاً أو أنعموا صباحا فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش بعد الصباح ويصلونها به لأن الصباح هو أول ما يبدأ به الإنسان نهاره فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره .
ولما جاء الإسلام الحنيف شرع الله عز وجل فيه تحية للمسلمين فيما بينهم وشعارا لهم وهي السلام عليكم وجعلها خاصة لهم عن غيرهم من الأمم ومعنى السلام هو البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب ، والسلام أيضا اسم عظيم من أسماء الله عز وجل وعلى هذا فإنّ قول السلام عليكم أي هو يراقبكم ويطّلع عليكم فيكون فيها موعظة ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم .
قال ابن القيم بدائع الفوائد (144) : فشرع الله الملك القدوس السلام لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي فيها ما هو محال وكذب نحو قولهم تعيش ألف سنة وما هو قاصر المعنى مثل أنعم صباحاً ومنها ما لا ينبغي مثل السجود فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل مقصود ومقصود العبد من الحياة يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير عليه والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الصلة ) انتهى
هذا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام من الإيمان فروى البخاري (12).(28) و(6236) ومسلم (39) وأحمد (2/169) وأبو داود (5494) والنسائي (8/107) وابن حبان (505) عن عبد الله بن عمر قال : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) قال ابن حجر في الفتح (1/56) أي لا تخص أحداً تكبراً أو تصنعا ، بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاة لاخوة المسلم .
قال ابن رجب في الفتح (1/43 ) : وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان ، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته .
قال السنوسي في إكمال المعلم (1/244) : ( المراد بالسلام التحية بين الناس وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الطعام وقد يكون في قلب المحبين ضعف فيزول بالتحية وقد يكون عدواً فينقلب بها صديقاً ) .أهـ
قال القاضي في إكمال المعلم (1:276) : وهذا حض منه صلى الله عليه وسلم على تأليف قلوب المؤمنين وإن أفضل خلقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضاً وتحيتهم وتوادهم واستجلاب ذلك بينهم بالقول والفعل وقد حض صلى الله عليه وسلم على التحابب والتودد وعلى أسبابهما من التهادي وإطعام الطعام وإفشاء السلام ونهي عن أضدادها من التقاطع والتدابر والتجسس والتحسس والنميمة وذوي الوجهين .
والألفة أحد فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام وفي بذل السلام على من عرف ومن لم يعرف إخلاص العمل به لله تعالى لا مصانعة ولا مَلَقاً لمن تعرف دون من لا تعرف وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة من لفظ السلام ) انتهى .
ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أن بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء فيما رواه مسلم (54) أحمد (2/391) والترمذي (2513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم ) .
هذا وقد بين صلى الله عليه وسلم جزاء وثواب من قال السلام عليكم كما روى النسائي في عمل اليوم والليلة (368) والبخاري في الأدب المفرد (586) وابن حبان (493) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر قال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجلا آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة ).
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بردّ السلام وجعله حقاً فروى أحمد (2/540) والبخاري (1240) ومسلم (2792) والنسائي في اليوم والليلة (221) وأبو داود(5031) عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه (حق المسلم على المسلم خمس : ردّ السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ، وإجابة الداعي وتشميت العاطس ) .
وظاهر الأمر الوجوب فيجب رد السلام ذلك أن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به أو أنه هاجر له ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام فروى البخاري (6233) عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . هذه نبذة عن أهمية السّلام وردّه والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
4596
أهمية السلام ورده
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > آداب السلام >(1/4570)
سؤال رقم 4596- أهمية السلام ورده
السؤال :
هل يمكن أن تخبرني عن أهمية قول السلام عليكم وقول وعليكم السلام ؟
الجواب:
الحمد لله
كان من عادة الناس الجارية بينهم أن يحيي بعضهم بعضاً بتحيات فيما بينهم وكان لكل طائفة منهم تحية تخصهم عن غيرهم من الناس .
فقد كانت العرب تقول في تحيتهم أنعم صباحاً أو أنعموا صباحا فيأتون بلفظ النعمة وهي طيب العيش بعد الصباح ويصلونها به لأن الصباح هو أول ما يبدأ به الإنسان نهاره فإذا حصلت فيه النعمة والخير استصحب ذلك طول نهاره .
ولما جاء الإسلام الحنيف شرع الله عز وجل فيه تحية للمسلمين فيما بينهم وشعارا لهم وهي السلام عليكم وجعلها خاصة لهم عن غيرهم من الأمم ومعنى السلام هو البراءة والخلاص والنجاة من الشر والعيوب ، والسلام أيضا اسم عظيم من أسماء الله عز وجل وعلى هذا فإنّ قول السلام عليكم أي هو يراقبكم ويطّلع عليكم فيكون فيها موعظة ويدخل في المعنى كذلك : نزلت عليكم بركة اسمه تعالى وحصلت عليكم .
قال ابن القيم بدائع الفوائد (144) : فشرع الله الملك القدوس السلام لأهل الإسلام تحية بينهم سلام عليكم وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي فيها ما هو محال وكذب نحو قولهم تعيش ألف سنة وما هو قاصر المعنى مثل أنعم صباحاً ومنها ما لا ينبغي مثل السجود فكانت التحية بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقدم على كل مقصود ومقصود العبد من الحياة يحصل بشيئين : بسلامته من الشر وحصول الخير عليه والسلامة من الشر مقدمة على حصول الخير وهي الصلة ) انتهى
هذا وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إفشاء السلام من الإيمان فروى البخاري (12).(28) و(6236) ومسلم (39) وأحمد (2/169) وأبو داود (5494) والنسائي (8/107) وابن حبان (505) عن عبد الله بن عمر قال : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) قال ابن حجر في الفتح (1/56) أي لا تخص أحداً تكبراً أو تصنعا ، بل تعظيماً لشعار الإسلام ومراعاة لاخوة المسلم .
قال ابن رجب في الفتح (1/43 ) : وجمع في الحديث بين إطعام الطعام وإفشاء السلام لأنه به يجتمع الإحسان بالقول والفعل وهو أكمل الإحسان ، وإنما كان هذا خير الإسلام بعد الإتيان بفرائض الإسلام وواجباته .
قال السنوسي في إكمال المعلم (1/244) : ( المراد بالسلام التحية بين الناس وهو مما يزرع الود والمحبة في القلوب كما يفعل الطعام وقد يكون في قلب المحبين ضعف فيزول بالتحية وقد يكون عدواً فينقلب بها صديقاً ) .أهـ
قال القاضي في إكمال المعلم (1:276) : وهذا حض منه صلى الله عليه وسلم على تأليف قلوب المؤمنين وإن أفضل خلقهم الإسلامية ألفة بعضهم بعضاً وتحيتهم وتوادهم واستجلاب ذلك بينهم بالقول والفعل وقد حض صلى الله عليه وسلم على التحابب والتودد وعلى أسبابهما من التهادي وإطعام الطعام وإفشاء السلام ونهي عن أضدادها من التقاطع والتدابر والتجسس والتحسس والنميمة وذوي الوجهين .
والألفة أحد فرائض الدين وأركان الشريعة ونظام شمل الإسلام وفي بذل السلام على من عرف ومن لم يعرف إخلاص العمل به لله تعالى لا مصانعة ولا مَلَقاً لمن تعرف دون من لا تعرف وفيه مع ذلك استعمال خلق التواضع وإفشاء شعار هذه الأمة من لفظ السلام ) انتهى .
ولذلك بين صلى الله عليه وسلم أن بالسلام يحصل الود المحبة والإخاء فيما رواه مسلم (54) أحمد (2/391) والترمذي (2513) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم ) .
هذا وقد بين صلى الله عليه وسلم جزاء وثواب من قال السلام عليكم كما روى النسائي في عمل اليوم والليلة (368) والبخاري في الأدب المفرد (586) وابن حبان (493) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رجلاً مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر قال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجلا آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة ).
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بردّ السلام وجعله حقاً فروى أحمد (2/540) والبخاري (1240) ومسلم (2792) والنسائي في اليوم والليلة (221) وأبو داود(5031) عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه (حق المسلم على المسلم خمس : ردّ السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز ، وإجابة الداعي وتشميت العاطس ) .
وظاهر الأمر الوجوب فيجب رد السلام ذلك أن المسلم قد أعطاك الأمان فواجب عليك إعطاؤه الأمن والسلامة مقابل ذلك وكأنه يقول لك : أعطيك الأمان والسلامة والأمن فكان لا بد من إعطائه نفس الأمان والسلامة حتى لا يظن ولا يدخل في نفسه أن من سلّم عليه قد يغدر به أو أنه هاجر له ولذلك فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة بين المتهاجرين يقطعها السلام فروى البخاري (6233) عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . هذه نبذة عن أهمية السّلام وردّه والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
45970
والد الزوج محرم لزوجة ابنه
الفقه > معاملات > النكاح > المحارم >(1/4571)
سؤال رقم 45970- والد الزوج محرم لزوجة ابنه
هل يجوز لزوجتي أن تصافح والدي ؟.
الحمد لله
نعم، يجوز ذلك ، لأن الرجل إذا عقد على امرأة حَرُمَ عليها أبوه
، وابنه من غيرها ، وحَرُمَ عليه أمها ، وابنتها من غيره .
وهذا يسمى التحريم بالمصاهرة .
ودليل تحريم والد الزوج على زوجة ابنه قوله تعالى في ذكر
المحرّمات من النساء : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) النساء /23
فحليلة الابن وهي الزوجة حرام على والد زوجها .
والدليل على تحريم ابن الزوج على زوجة أبيه، قوله تعالى : ( وَلا
تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ ) النساء /22
وأما الدليل على تحريم أم الزوجة على زوج ابنتها فقوله تعالى في
ذكر المحرمات من النساء : ( وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) النساء /23
وهؤلاء الثلاثة ( والد الزوج ، وابنه ، وأم الزوجة ) يثبت
التحريم في حقهم بمجرد العقد ، ولا يشترط الدخول بالزوجة .
أما بنت الزوجة فلا تحرم على زوج أمها، إلا إذا دخل بأمها، لقول
الله تعالى : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي
دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ ) النساء /23
والربيبة هي : بنت الزوجة .
انظر المغني (9/514 ، 524)
والحاصل أن والد الزوج من محارم زوجة ابنه فله أن يصافحها ويخلو
بها ويسافر بها . ولمعرفة المزيد عن المحارم راجع السؤال رقم ( 5538 )
و( 20750 ) .
والله تعالى أعلم .
*****
4601
تتحدّى زوجها في النقاشات الفقهية
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4572)
سؤال رقم 4601- تتحدّى زوجها في النقاشات الفقهية
السؤال :
زوجة تجادل زوجها دائما في أمور الدين إذا كان هناك رأيان للعلماء وهذا الأمر يؤذي الزوج وقد يؤدي إلى الطلاق .
تقول لزوجها أستطيع أن أجادل لأن زوجات الرسول كثيرا ما جادلوه وتحدوه ، هي دائما تحب أن تكون في المقدمة كما أنها قليلة الاحترام .
ما هي النصيحة التي توجهها لهذين الزوجين وبالأخص الزوجة ؟
الجواب:
الحمد لله
النصيحة التي أوجهها لهذين الزوجين هو أنهما مخلوقان يجب أن يخضعا لشرعه فإن السعادة في ذلك ، وقد قال تعالى " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " فيجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالحسنى ، والزواج قائم على المحبة والمودة وليس على التحدي لأن التحدي في الغالب يكون بين الأعداء فإذا كان بين الأحباب فإنه يسبب العداوة ولا خير منه لهما قال تعالى : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " فينبغي على الزوج أن يجادل زوجته بالحسنى وأن يأتي من طريق الإقناع لا من طريق فرض الرأي وأن يتيح لها المجال للنقاش بأدب وأن يعلم أنه لا يصحّ له أن يفرض عليها رأيا فقهيا في مسألة تخصّها ليس له بها تعلّق إذا كانت هي مقتنعة برأي آخر لعالم يجوز لها تقليده وعلى هذه الزوجة أن تعلم أن حق الزوج عظيم وطاعته واجبة وإرضاؤه بالمعروف من إرضاء الله عزّ وجلّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ ." رواه الإمام أحمد 1573 وهو في صحيح الجامع 660 وقال صلى الله عليه وسلم أيضا " لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ " . قوله ( ولو سألها ) أي الزوج ( نفسها ) أي الجماع ( على قتب ) يوضع تحت الراكب على بعير ، ومعناه الحث على مطاوعة أزواجهن وأنهن لا ينبغي لهن الامتناع في هذه الحالة فكيف في غيرها . ) رواه ابن ماجة 1843 وانظر
صحيح الجامع 5239 ، 5295 ، وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ ( أي تنفجر ) بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ." رواه الإمام أحمد 12153 صحيح الجامع 7725 والزوجة إذا أطاعت زوجها وعاشرته عشرة حسنة ابتغاء وجه الله حصلت على ثواب عظيم عند الله . كما أن الرجل يجب أن يصبر عليها ويكسبها بحسن خلقه ويعلمها بحقه الشرعي عليها .
وأما قولها : إن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يجادلنه كثيرا ويتحدينه فليس بصحيح أبداً . هنّ أعلى من ذلك . إنما طالبنه بالنفقة ولم يكن عنده شيء وقت مطالبتهن له وليس عليه صلى الله عليه وسلم أن ينفق إلا بحسب ما رزقه الله قال تعالى " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " ومعنى من قُدِر عليه رزقه أي ضيّق عليه رزقه . ثم لم يعدْن رضي الله عنهن إلى المطالبة أبدا .
ومرة دخل النبي صلى الله عليه وسلم على إحدى نسائه فسقته عسلاً فغارت اثنتان من طول بقائه عندها لأنه بقي لشرب العسل فقط فاحتالتا بأن ذكرت كل واحدة أنها تشم منه ريحاً غير طيبة وقالتا قد أكل نحل هذا العسل من شجر غير طيب الرائحة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشقّ عليه جداً أن يشم منه رائحة كريهة . فعاتبهن الله في قوله " إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير .." فلم يعودا لذلك رضي الله عنهما . وهذه الزوجة كيف غفلت عن حسنات أمهات المؤمنين وحسن عشرتهن للنبي صلى الله عليه وسلم المشهورة المعروفة فلم تقتد بهن في ذلك ثم تحاول الاحتجاج بفعل بعضهن في خطأ أصلحه لهن الشارع فلم يعدْن له . وفقكما الله لما يحب ويرضى ووفق بينكما .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46011
هل يجب على الخاطب أو المخطوبة الإخبار بإصابته بمرض السكري ؟
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/4573)
سؤال رقم 46011- هل يجب على الخاطب أو المخطوبة الإخبار بإصابته بمرض السكري ؟
هل يجب على الخاطب والمخطوبة إذا كان أحدهما مريضاً بمرض السكري أن يبين ذلك للطرف الآخر ؟.
الحمد لله
أولاً :
هناك فرق بين أن يسمع أحد الطرفين من الناس أن فلاناً أو فلانة
مصاب بمرض السكري ، فإن هذا قد يكون هيناً على النفس نوعاً ما ، وبين أن يخبر أحد
الطرفين الآخر بذلك مباشرة ، أو يخبر ولي المرأة الخاطب بذلك ، فإن هذا أشد وقعاً
على النفس ، وفيه نوع من التنفير ، وقد يكون سبباً للإعراض عن الخطبة .
ثانياً :
درجة خطورة هذا المرض تختلف ، فإن كان معتاداً مما يبتلى به كثير
من الناس فإنه لا يجب الإخبار به .
أما إن كان مزمناً خطيراً وجب الإخبار به .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
*****
4603
وجد مبلغا من المال في طريق السفر
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4574)
سؤال رقم 4603- وجد مبلغا من المال في طريق السفر
السؤال :
رجل فاضل كان يسير في الطريق مسافرا فوجد مبلغا من النقود لم يجد لها أحدا ، ويسأل ماذا يعمل بها ؟
الجواب:
الحمد لله
يلزمه المناداة عنها في مجامع الناس في البلدين الواقعين على الطريق الذي وجد النقود فيه وفي غيرهما ( مثل وضع إعلان في محطات البنزين ومخافر الشرطة التي على الطريق ) ، مما هو مظنة أن تكون لأحد سكانها فإن مضى عام دون حصوله على صاحبها ملكها ، وله أن يبقيها عنده حتى يجد صاحبها أو يتصدق بها عنه ، فإن وجده بعد ذلك أخبره بما صنع فإن أجاز تصرفه بالصدقة بها فبها ونعمت ، وإن اعترض على ذلك ضمنها له وكانت له الصدقة أو ينفقها كسائر ماله ويضمنها لصاحبها متى عرفه .
اللجنة الدائمة فتاوى إسلامية 3/9
*****
46050
لا حرج في استعمال البنج لإجراء العمليات الجراحية
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4575)
سؤال رقم 46050- لا حرج في استعمال البنج لإجراء العمليات الجراحية
هل استعمال البنج لإجراء العمليات الجراحية يعتبر من شرب الخمر ؟.
الحمد لله
أولاً :
يحرم على الإنسان أن يتناول ما يذهب عقله من غير عذر ، سواء كان
خمراً أم لا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وكل ما يغيب العقل فإنه حرام وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب ،
فإن تغيب العقل حرام بإجماع المسلمين " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (34/211) .
ثانياًَ :
الخمر هو ما يغطي العقل على وجه اللذة والطرب والنشوة ، فهذا هو
المسكر الذي يجب الحد على من تناوله .
أما ما يغطي العقل من غير لذة ولا طرب ، فإن هذا لا يعتبر مسكراً
.
انظر "الشرح الممتع" (11/163) .
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في عدة مواضع على أن
البنج ليس مسكراً .
"مجموع الفتاوى" (14/117) ، (33/104) ، (34/198) .
ثالثاً :
ذهب جمهور العلماء إلى جواز تناول البنج للضرورة ، كقطع عضو أو
إجراء عملية جراحية ونحو ذلك .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (8/217) .
وقال في "أسنى المطالب" (4/160) :
" وله تناوله (يعني البنج) ليزيل عقله لقطع عضو متآكل " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" أما البنج فلا بأس به ، لأنه ليس مسكراً ، والسكر زوال العقل
على وجه اللذة والطرب ، والذي يُبَنَّجُ لا يتلذذ ولا يطرب ، ولهذا قال العلماء :
إن البنج حلال ولا بأس به " يعني إذا احتاج إليه لإجراء عملية جراحية ونحو ذلك .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/231) .
وهذا بخلاف الخمر ، فقد سبق في جواب السؤال ( 41760 )
لأنه لا يجوز شرب الخمر للتداوي . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ -
يعني الخمر - لَيْسَ بِدَوَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) رواه مسلم .
*****
46068
الأسباب المفصلة لعذاب القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/4576)
سؤال رقم 46068- الأسباب المفصلة لعذاب القبر
ما هي المعاصي التي يعذب بها أصحابها في القبور ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم ( 45325 )
ذكر هذه الأسباب ، ونذكر هنا مجموعة من هذه المعاصي ، مقرونة بأدلتها من القرآن
والسنة الصحيحة .
الشرك بالله والكفر به
قال الله تعالى عن آل فرعون : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا
غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ
أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/46 .
وقال تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ
الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ
الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام/93 .
وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال
والأغلال والسلاسل والجحيم وغضب الله عليه فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبى الخروج
فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم : ( أَخْرِجُوا
أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ....) الأنعام/93 .
ومما يدل على أن الشرك سبب من أسباب عذاب القبر حديث زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ :
بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ
بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ
فَقَالَ : مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ ؟ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا .
قَالَ : فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ ؟ قَالَ : مَاتُوا فِي
الإِشْرَاكِ .. فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ،
فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ
الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ .. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ
: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ .. ( الحديث ) . رواه مسلم
(2867)
فقوله في الحديث : ( ماتوا في الإشراك ) دليل على أن الشرك سبب
في عذاب القبر .
النفاق سبب من أسباب عذاب القبر
والمنافقون أولى الناس بعذاب القبر ، كيف لا وهم أصحاب الدرك
الأسفل من النار .
قال الله تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ
مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا
تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ
إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ) التوبة/101 .
قال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى : ( سَنُعَذِّبُهُمْ
مَرَّتَيْنِ ) : إحداهما في الدنيا ، والأخرى هي عذاب القبر .
وفي أحاديث سؤال الملكين وفتنة القبر ، ورد التصريح باسم المنافق
، أو المرتاب في كثير من الروايات ، كما في البخاري ( 1374 ) من حديث أنس رضي الله
عنه : ( .. وأما الكافر والمنافق فيُقال له .. ) ، وفي الصحيحين من حديث أسماء رضي
الله عنها : ( وأما المنافق أو المرتاب ) .
تغيير شرع الله تعالى ؛ بتحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم
والدليل على أن ذلك الإلحاد في شرع الله تعالى سبب من أسباب
العذاب في القبر قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ
الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ
السَّوَائِبَ ) . رواه البخاري (4623) .
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَجُرّ قُصْبه فِي
النَّار ) وَهِيَ الأَمْعَاء .
والسائبة : هي ناقة أو بقرة أو شاة كانوا يسيبونها فلا تركب ولا
تؤكل ولا يحمل عليها ، وكان بعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " العرب من ولد إسماعيل
وغيره ، الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، كانوا حنفاء
على ملة إبراهيم ، إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة ، وهو عمرو بن لحي ، وهو أول من
غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه
وسلم : رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه " انتهى . "دقائق
التفسير" (2/71) .
عدم الاستبراء من البول ، والمشي بين الناس بالنميمة
فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ : إِنَّهُمَا
لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا
يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ
...الحديث . رواه البخاري (218) ومسلم (292) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : ( إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه ) أخرجه
الدارقطني ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1/152) .
الغيبة
وعلى ذلك ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الجنائز بقوله : " عذاب
القبر من الغيبة والبول " .
ثم روى فيه حديث القبرين السابق مع أن لفظ البخاري ليس فيه ذكر
الغيبة ، وإنما فيه النميمة ، لكنه جرى عَلَى عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا
وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث : ( وأما الآخر فيعذّب في الغيبة )
أخرجه أحمد (5/35) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ( 1/66 ) .
الكذب
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ
لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا
هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ،
وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، قَالَ : ثُمَّ
يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ
بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ
ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا
فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
ثم قال عن هذا المعذب في آخر الحديث : ( إنه الرجل يغدو من بيته
، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .. ) رواه البخاري (7074) .
فيشرشر : أي يقطعه .
والشدق : جانب الفم .
هجر القرآن بعد تعلُّمه ، والنوم عن الصلاة المكتوبة
ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ
قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ
فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ ، فَيَتَدَهْدَه الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ
فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ
يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ :
قُلْتُ لَهُمَا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ ؟
وفيه : ( والذي رأيته يُشْدَخ رأسُه فرجل علمه الله القُرْآن ،
فنام عنه بالليل ، ولم يعمل به بالنهار ) .
(يثلغ رأسه) : أي يشدخه ويشقه .
(يتدهده) : أي يتدحرج .
وفي رواية : ( أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ
يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ
فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ ) رواه البخاري
(7076) .
وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الرواية أوضح من الأولى ؛
فإن ظاهر الأولى أنه يعذب على ترك قراءة القُرْآن بالليل ، وأما الأخرى فتدل على
أنه يعذب على نومه عن الصلاة المكتوبة .
قال : ويحتمل أن يكون العذاب على مجموع الأمرين ؛ ترك القراءة ،
وترك العمل .
قال ابن حجر : " قال ابن هبيرة : رفض القرآن بعد حفظه جناية
عظيمة ؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه ، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن
عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس " فتح الباري (3/251) .
أكل الربا
ففي حديث سمرة رضي الله عنه قَالَ : ( فَانْطَلَقْنَا
فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ
سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ
حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ
يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ
فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا
رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا ) إلى أن قال : ( وَأَمَّا
الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ
فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ) .
الزنا
ففي حديث سمرة رضي الله عنه : ( فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا
عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، قَالَ :
فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ
يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ
ضَوْضَوْا [ أي : صاحوا] قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلَاءِ ؟) وفي آخره : (
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ
التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) .
أمر الناس بالبر ونسيان النفس
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : (
رأيت ليلة أسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل
؟ فقال : الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، وهم يتلون الكتاب
أفلا يعقلون ؟! ) أخرجه أحمد (3/120 ) وصححه الألباني في الصحيحة (291) .
وعند البيهقي : ( أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم
بمقاريض من نار ، كلما قرضت وفت ، فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : خطباء أمتك
الذين يقولون ما لا يفعلون ، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به ) رواه
البيهقي في "شعب الإيمان" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (128) .
الإفطار في رمضان من غير عذر
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان ، فأخذا بضَبُعَيَّ ، وأتيا
بي جبلاً فقالا لي : اصعد . فقلت : إني لا أطيقه . فقالا : إنا سنسهله لك . قال :
فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل ، إذا أنا بأصوات شديدة ، فقلت : ما هذه الأصوات ؟
قال : هذا عواء أهل النار . ثم انْطُلِق بي ، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة
أشداقهم ، تسيل أشداقهم دماً ، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قال : هم الذين يفطرون قبل
تحلة صومهم .
أخرجه ابن حبان والحاكم (1/290،210) ، وصححه الألباني في الصحيحة (3951) .
الغلول من الغنائم :
دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي غل الثوب
في بعض مغازيه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه : ( والذي نفسي بيده إن الشملة(1/4577)
[ ثوب ] التي أخذها يوم خيبر من المغانم ، لم تُصبها المقاسم ، لتشتعل عليه ناراً ) أخرجه البخاري (4234) ومسلم (115) .
والغلول : هو أخذ الغازي شيئاً من الغنيمة دون عرضه على ولي
الأمر لقسمته .
جرّ الثوب خيلاء
يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( بينما رجلٌ يجر إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة ) أخرجه البخاري (3485) ومسلم (2088) .
والتجلجل : أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق
.
فالمعنى : يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً .
السرقة من الحُجَّاج
دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف .. وفيه قول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ ، وَذَلِكُمْ حِينَ
رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا ، وَحَتَّى
رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ؛ كَانَ
يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ : إِنَّمَا تَعَلَّقَ
بِمِحْجَنِي ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ ) رواه مسلم (904) والمحجن : عصا معوجة الرأس .
حبس الحيوان وتعذيبه وعدم رحمته
ففي حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال النبي صلى الله
عليه وسلم : (رَأَيْتُ فِيهَا [ أي النار ] صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي
رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ
حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ) رواه مسلم (904) .
قال البيهقي في كتابه "إثبات عذاب القبر" (ص 97) : " ورأى حين
صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار ، ومن يعذب في السرقة ، والمرأة التي كانت
تعذب في الهرة وقد صاروا في قبورهم رميماً في أعين أهل زمانه ، ولم ير من صلى معه
من ذلك ما رأى " انتهى .
الدَّيْن
إن مما يضر الميت في قبره ما عليه من دين ، فعَنْ سَعْدِ بْنِ
الْأَطْوَلِ قَالَ : مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ ، وَتَرَكَ
وَلَدًا صِغَارًا ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ
، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ ) . قَالَ : فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ ، ثُمَّ
جِئْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا
امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ . قَالَ : (
أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ ) رواه أحمد (16776) وابن ماجه (2/82) وصححه
الألباني في صحيح الجامع (1550) .
*****
4607
بخصوص إدعاء عدم وجود دليل على أثر القرآن في القرن السابع
القرآن وعلومه >(1/4578)
سؤال رقم 4607- بخصوص إدعاء عدم وجود دليل على أثر القرآن في القرن السابع
السؤال :
هل صحيح أنه لا يوجد دليل أن القرآن كان له أثر مكتوب في القرن السابع ؟.
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام باطل لا حقيقة له ، وإنما يقوله الطاعنون في الإسلام لصدّ الناس عن الإسلام ، ويكفي أن يُعلم أن الله تكفل بحفظ القرآن ، فقال سبحانه : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر / 9 .
ثم التواتر في نقل القرآن - الجماعات عن الجماعات - حفظاً وكتابات معلوم لمن لديه أدنى اطّلاع على العلم الشرعي ، لا سيما علم القراءات والقرّاء .
ولا يزال كثير من الناس إلى اليوم يتلقون القرآن بالمشافهة بالأسانيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن عجائب حفظ الله سبحانه للقرآن : أنه ما من أحد يريد تحريف القرآن إلا ويُكتشف .
والحاصل أن جميع ما كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكتب بين يديه مباشرة ، كما كان لبعض الصحابة مصاحف ، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم جمع الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه القرآن في صحف واحتفظ بها ، ثم جمعه الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه في مصاحف استناداً إلى تلك المصاحف التي جمعها أبو بكر الصديق إضافة إلى الحفظ .
فإذا علمنا أن القرآن قد كتبه الصحابة وجمعوه ، وأرسل عثمان نسخاً من المصحف في عهده إلى أمصار الإسلام الرئيسية ، لتكون مرجعاً لهم ، فلا يختلفوا ، فكيف يقال بعد ذلك ليس للقرآن أثر مكتوب في القرن السابع ، وبالإضافة إلى ذلك توجد أعداد من المخطوطات القديمة للقرآن في عدد من المكتبات والمتاحف العلمية تشهد عياناً بوجود نسخ محفوظة من القرآن قديمة تثبت بأنه لم يطرأ على كتاب الله تعالى أي تغيير ولا تبديل . قال تعالى : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت / 42 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46088
أيما أفضل قراءة القرآن الجماعية أم الفردية ؟
القرآن وعلومه >(1/4579)
سؤال رقم 46088- أيما أفضل قراءة القرآن الجماعية أم الفردية ؟
ما هي صورة مدارسة جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان للقرآن ؟ وهل يدل على أن الاجتماع أفضل من الانفراد على القرآن ؟ وهل هناك مزية لليل على النهار؟ نرجو التوضيح .
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" أولاً :
أما كيفية المدارسة فلا أعلم عن كيفيتها.
ثانياً :
وأما هل المستحب أن يجتمع الناس على القرآن أو أن يقرأ كل إنسان بمفرده ؟
فهذه ترجع إلى الإنسان نفسه ، إن كان إذا اجتمع إلى إخوانه لتدارس القرآن صار أخشع لقلبه ، وأنفع في العلم فالاجتماع أفضل ، يعني إذا كان
الاجتماع صار هناك حضور قلب وخشوع وتدبر للقرآن ، وتساؤل فيما بينهم فهذا أفضل ، وإن كان الأمر بالعكس فالانفراد أفضل .
ثالثاًَ :
وأما مدارسة جبريل للنبي عليه الصلاة والسلام فهو من أجل تثبيت القرآن بقلب النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما الفقرة الثالثة من السؤال وهي : هل هناك مزية لليل على النهار فهذا نعم ، لكن قد يكون للإنسان أعمال لا يستطيع معها أن يدرس القرآن
في الليل ، فيجعل أكثر دراسته في النهار ، فالإنسان ينظر ما هو أنفع له ، لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام : « احرص على ما ينفعك » فما كان أنفع لك
إذا لم يكن محظوراً شرعاً فهو أفضل "
انتهى مجموع الفتاوى 8/78 .
*****
46131
التعليق على ما انتشر في المنتديات باسم " وصية إبليس قبل اعتقاله "
الدعوة > وسائل الدعوة >(1/4580)
سؤال رقم 46131- التعليق على ما انتشر في المنتديات باسم " وصية إبليس قبل اعتقاله "
انتشر في كثير من المنتديات ما عرف باسم " رسالة إبليس " ، وهي مذيلة باسمه ! وفيها خطابات للناس ولشياطين الإنس ، فنرجو النظر فيها والتعليق عليها .
الحمد لله
قد وقفنا على تلك النشرة ، ورأيناها في كثير من المنتديات ،
وتعرف باسم " وصية إبليس " أو " وصيتي قبل الاعتقال " أو " رسالة إبليس " وهي
مذكورة على لسان الشيطان يخاطب فيها الناس قبل تصفيده في رمضان ، ويحث فيها شياطين
الإنس على القيام بمهماته ، وسنذكر نص هذه الرسالة ، وما يتيسر من التعليق عليها .
نص الرسالة :
" يقول إبليس في الرسالة : أبعث إليكم بأشواقي وتحياتي قبل
سويعات من الاعتقال الذي تأكد لي خبره وطار أمره .
ثلاثون يوماً بعيداً عنكم بعد أن كنت معكم على مدار العام ، ولعل
عزائي أن فيكم من سيعوض غيابي ويسد فراغي من اللئام .
لا يخفاكم ما حدث في رمضان الماضي ، فعلى الرغم من كل الجهود
الذي بذلتها معكم ،
وكل الأفكار التي صببتها في آذانكم : فقد رأينا الملايين من كل
مكان يرتادون المساجد ،
والملايين يرتدين الحجاب ، وكنت أنا وقتها في معتقلي أكتوي بنار
الغضب .
فهذا جهدُ عامٍ مع تلك الفتاة الضائعة يضيع في ليلة القدر ، وهذا
الذي ما تركت كبيرة إلا وأوقعته فيها تنزل من عينه دمعة تطفئ غضب الرب عليه ، وتفتح
باب التوبة إليه .
يا شياطين الإنس : في خضم غياب فارسكم أمامكم دور كبير ، فافعلوا
ما تؤمرون ، أريدهم في رمضان لا يعرفون سوى السهر حتى الصباح في الخيام الرمضانية ،
والنوم حتى موعد وجبة الإفطار الشهية حتى تمتلأ بطونهم وكروشهم
المتدليّة ،
ثم أتموا عليهم بنعمة البرامج التلفزيونية ، نريد رقصا ، نريد
هجصا ،
نريد شهوة ، نريد نزوة ، نريد أفكاراً إبليسية ، ولا تنسوا حتى
تكتمل التمثيلية : اختموا بثَّكم بالتلاوات القرآنية !
يا شياطين الإنس : أكثروا من اللقاءات مع الفنانات والراقصات ،
وكل جميلة فتيّة ليحدثوهم عن روحانية رمضان وما يقمن به من نضال على عتبات المسارح
والمراقص الهرمية ،
نريد الجميع أن يتحدث عن ذلك المسلسل اليومي ، والفيلم الأسبوعي
، والمسرحية النصف شهرية ، نريد مباريات كروية ، وأغان عربية ، وقنوات فضائية ، لا
أريد أن أرى أحدكم يتوقف ولو لثانية ، فكما تعلمون وقتنا غال وأهدافنا دنيّة .
يا شياطين الإنس : أتريدون لهم أن يدخلوا الجنة التي حُرمنا حتى
من شم رائحتها النديّة ؟
أتريدون أن تمرَّ عليهم لحظات توبة فيضيع كل ما بذلناه في عشرات
السنين الضنيّة ، أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية ،
لا وألف لا ، خبتم وخسرتم إذا فعلتم .
ستستبدلون بغيركم أيها الأباليس الغثائية ، ألا تريدون للجحيم
سكاناً ؟ وللدرك الأسفل رعيّة ؟ أما من أحباب لسقر والشجرة الزقومية ؟ أين قلوبكم
الميتة ؟ وعقولكم الشيطانية ؟
أما أنت يا حواء : فدورك في الأمة فعّال ، فأنت أقوى مخدّر
للرجال ، أعلق عليك الآمال ، فأنت الجواب لكل سؤال ، نريد سهرة ، نريد رقصة وضحكة ،
نريدها - باختصار - إثارة ومتعة ، اطرحي التراويح جانبا ، وانسَيْ ثواب القائمة ،
ألا يكفي يا حبيبتي أنك صائمة ؟!
يا بني آدم أجمعين : اسمعوا لي فما أنا لكم إلا ناصح أمين ، لا
تهتموا في رمضان إلا بكل لذيذ سمين ، ولتنسوا الصلاة لرب العالمين ، وإياكم وقراءة
آيات الذكر الحكيم ؛ فإنه المنكر الأثيم في منطق سكان الجحيم ، رمضان سيتكرر سنين
بعد سنين فتوبوا حينها لرب غفور رحيم ، أما الآن فامضوا وقتكم تسبحون بحمد بوش
وبنيامين عليهم رحمة الأبالسة أجمعين .
التوقيع : إبليس اللعين " .
ولنا على هذه الرسالة ملاحظات ، ومنها :
1. أنها طريقة مبتدعة في الدعوة والوعظ ، فيمكن للداعية والواعظ
أن يوصل رسائل للعصاة لترك معاصيهم ، وللطائعين للازدياد من طاعاتهم بغير تلك
الرسالة السمجة الهزلية ، التي حويت أصنافا من الجهل والتكلف والهزل .
2. أن هذه الطريقة في الوعظ والتذكير تفتح الباب للكلام على لسان
غير إبليس كالملائكة أو الأنبياء أو الشهداء أو الدجال أو الجنة أو النار وغيرها ،
وهو مما يجعل الأمر فوضى ، ويفتح الباب لكل عابث بتوجيه تلك الرسائل على لسان من
يشاء ، فتنقلب الدعوة إلى مباريات كتابية خيالية ، ويصير الوعظ تنافساً في اختيار
الشخصية التي يتكلمون بلسان حالها .
3. ونحن نجزم أن كاتبها ليس عالما ولا طالب علم ، ولم نرَ هذه
الرسالة إلا في منتديات يرتادها العامة ، ومن شروط الدعوة إلى الله أن يكون المتكلم
صاحب علم يعرف ما يقول لأنه يوقع عن رب العالمين ، ويتكلم باسم الدين ، فلا يجوز أن
يكون هذا المجال لكل صاحب خيال واسع .
4. وهذه الرسالة ليس فيها آية ولا حديث ، ففيها صرف الناس عن
الوعظ بالقرآن ، وكأن الشرع المطهَّر ليس فيه ما يُخاطب به الناس من القوارع
والزلازل من الآيات البينات والأحاديث الصحيحة الواضحات ، والأحكام الشرعية
البيِّنة .
5. وفي الرسالة تعظيم للشيطان ؛ حيث جُعل هو المتكلم والناس
تستمع وتنقل رسائله المذيلة بتوقيعه ! ولا شك أن في هذا تشريفاً لذلك المطرود من
رحمة الله ، والذي شأنه أحقر من أن يكون صاحب رسائل ينقلها المسلمون في منتدياتهم
وجوالاتهم ، ويمكن لأحد الدعاة أو طلبة العلم أن يكتب رسالة يوضح فيها حال الشيطان
مع العصاة ، وحاله مع العبَّاد ، وأن يجعل بين الحالين مقارنة ، ويوضح ذلك بالآيات
والأحاديث دون أن يجعل المتكلم هو الشيطان ، ويكون بذلك أدَّى الغرض الذي من أجله
كُتبت هذه الرسالة .
6. وفي الرسالة جهل بالأحكام الشرعية ، وافتراء على الشرع ، ومنه
قوله " أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية " ، وفي هذه
الجملة جهل من وجهين : الأول : أن المعلوم أن مجرد إدراك ليلة القدر ليس فيه فضل ،
وقد نصَّ الحديث الصحيح على فضل من قام ليلة القدر ، لا من أدركها ، والثاني : أن
الفضل لمن قام ليلة القدر أنه يغفر له ما تقدم من ذنبه دون " البقية " أي : ما تأخر
، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا
وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري (
1802 ) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : وما تأخر .
7. وفي الرسالة بيان أن شياطين الجن جميعها تصفَّد وتسلسل ،
والظاهر أن الذي يصفَّد هو مردتهم ، كما جاء في بعض الروايات الصحيحة ، وقد بيَّنا
هذا في أجوبة كثيرة ، منها ( 39736 ) و ( 12653 ) و ( 14253 ) ، وفي بعض تلك الأجوبة أن
تصفيد أولئك المردة لا يعني عدم وسوستهم ، وهو ما يقضي على الرسالة من أصلها .
والخلاصة :
أننا لا نرى جواز نشر هذه الرسالة ؛ لما فيها من مخالفات للشرع ؛
ولما فيها من سماجة وهزلية ، ونرى أن مثل هذه الأساليب فيها صرف للناس عن القرآن
والسنة ، وأن نفعها المزعوم قد يتركز في الفكرة والأسلوب دون المعنى والمضمون .
والله أعلم .
*****
4616
سافر صاحب السلعة دون أن يأخذ الثمن
الفقه > معاملات > الضمان >(1/4581)
سؤال رقم 4616- سافر صاحب السلعة دون أن يأخذ الثمن
السؤال :
اشتريت سلعة من شخص على أن أعطيه ثمنها بعد ذلك ثم سافرت ، ولما عدت من سفري علمت بسفره هو ولم أجد له عنوانا ، فتركت عنواني عند أصحابه ، إلا انه لم يتصل ، فماذا أفعل ؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب عليك ان تسأل معارفه وتبذل وسعك حتى تعرف عنوانه وترسل إليه المبلغ الذي لديك له أو تسافر إليه حتى تعطيه حقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " . ولا يجوز لك التساهل في الأمر فإن عجزت ولم تعثر عليه فتصدق به عنه مضمونا عليه ومتى وجدته خيرته بين تسليم حقه فيكون لك أجر الصدقة وبين إعطائه الصدقة فيكون الأجر له لقول الله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " وقوله عز وجل : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " .
الشيخ ابن باز رحمه الله
فتاوى إسلامية 3/11
*****
46203
يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4582)
سؤال رقم 46203- يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
أنا شاب أعمل بقاعة ألعاب play station وأجني منها قُوتي علما أنها رزقي الوحيد وقد أخبرني أحد الإخوة أن مالها لا يصبح حلالا إلا إذا امتنعت عن العمل في أوقات الصلاة , فأرجو أن تفيدوني أفادكم الله هل المال الذي أجنيه خارج وقت الصلاة حلال أم حرام ؟.
الحمد لله
إذا كان العمل مباحا ، لا إثم فيه ؛ فإن الأجر المترتب عليه مباح
كذلك ، هذا هو الأصل في باب الوظائف والأعمال .
وعليه فإذا كان عملك في قاعة الألعاب لا يتضمن فعل منكر أو
إقراره أو المعاونة عليه ، كالتخلف عن صلاة الجماعة ، أو سماع الموسيقى ، أو اللعب
المشتمل على الميسر ، ونحو ذلك من المنكرات ، فلا حرج عليك في الاستمرار فيه ،
والأجر المترتب عليه حلال .
وصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الصحيح من قولي العلماء ،
وراجع السؤال رقم ( 40113 ) ، ورقم ( 8918 )
.
واستماع الموسيقى محرم ، وراجع السؤال رقم ( 5000 )
، ورقم ( 20406 ) .
وقد دل على وجوب إنكار المنكر أدلة كثيرة منها قوله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ , فَإِنْ
لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ , وَذَلِكَ
أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49) .
ودل على تحريم المعاونة على الإثم ، قوله تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وقوله تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ
إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا
تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً
مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ
جَمِيعاً ) النساء/140 .
قال القرطبي رحمه الله : " قوله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم حتى
يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر . ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب
اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ،
والرضا بالكفر كفر . قال الله عز وجل : ( إنكم إذا مثلهم ) فكل من جلس في مجلس
معصية ، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء .
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم
يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية " انتهى .
نسأل الله أن يوفقك لطاعته ، واجتناب معاصيه ، وأن يرزقك رزقا
طيبا مباركا فيه .
والله أعلم .
*****
46209
مصارف الزكاة
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4583)
سؤال رقم 46209- مصارف الزكاة
ما هي المصارف التي يجب أن تصرف فيها الزكاة ؟.
الحمد لله
" المصارف التي يجب أن تصرف فيها الزكاة ثمانية ، بيَّنها الله
تعالى بياناً شافياً ، وأخبر عز وجل أن ذلك فريضة ، وأنه مبني على العلم والحكمة ،
فقال جل ذكره : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 . فهؤلاء ثمانية
أصناف هم أهل الزكاة الذين تدفع إليهم .
الأول والثاني : للفقراء ، والمساكين ، وهؤلاء يعطون من الزكاة
لدفع ضرورتهم وحاجتهم ، والفرق بين الفقراء والمساكين : أن الفقراء أشد حاجة ، لا
يجد الواحد منهم ما يكفيه وعائلته لنصف سنة ، والمساكين أعلى حالاً من الفقراء ؛
لأنهم يجدون نصف الكفاية فأكثر دون كمال الكفاية ، وهؤلاء يعطون لحاجتهم .
ولكن كيف نقدر الحاجة ؟
قال العلماء : يعطون لحاجتهم ما يكفيهم وعائلتهم لمدة سنة . لأن
السنة إذا دارت وجبت الزكاة في الأموال ، فكما أن الحول هو تقدير الزمن الذي تجب
فيه الزكاة ، فكذلك ينبغي أن يكون الحول هو تقدير الزمن الذي تدفع فيه حاجة الفقراء
والمساكين الذين هم أهل الزكاة . وهذا قول حسن جيد ، أي أننا نعطي الفقير والمسكين
ما يكفيه وعائلته لمدة عام كامل ، سواء أعطيناه أعياناً من أطعمة وألبسة ، أو
أعطيناه نقوداً يشتري بها هو ما يناسبه ، أو أعطيناه صنعة أي آلة يصنع بها إذا كان
يحسن الصنعة : كخياط ، أو نجار ، أو حداد ونحوه . المهم أن نعطيه ما يكفيه وعائلته
لمدة سنة .
الثالث : العاملون عليها : أي الذين لهم ولاية عليها من قبل أولي
الأمر ، ولهذا قال : ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) التوبة/60 ولم يقل : العاملون فيها . إشارة أن لهم نوع ولاية ، وهم جباتها
الذين يجبونها من أهلها ، وقسامها الذين يقسمونها في أهلها ، وكتابها ونحوهم ،
وهؤلاء عاملون عليها يعطون من الزكاة .
ولكن كم يعطون منها ؟
العاملون على الزكاة مستحقون بوصف العمالة ، ومن استحق بوصف أعطي
بقدر ذلك الوصف ، وعليه فيعطون من الزكاة بقدر عمالتهم فيها ، سواء كانوا أغنياء أم
فقراء ، لأنهم يأخذون الزكاة لعملهم لا لحاجتهم ، وعلى هذا فيعطون ما يقتضيه العمل
من الزكاة ، فإن قدر أن العاملين عليها فقراء ، فإنهم يعطون بالعمالة ، ويعطون ما
يكفيهم لمدة سنة لفقرهم . لأنهم يستحقون الزكاة بوصفين العمالة عليها والفقر ،
فيعطون لكل من الوصفين، ولكن إذا أعطيناهم للعمالة ولم تسد حاجتهم لمدة سنة ، فنكمل
لهم المؤونة لمدة سنة ، مثال ذلك: إذا قدرنا أنه يكفيهم لمدة سنة عشرة آلاف ريال ،
وأننا إذا أعطيناهم لفقرهم أخذوا عشرة آلاف ريال ، وأن نصيبهم من العمالة ألفا ريال
، فعلى هذا نعطيهم ألفي ريال للعمالة ، ونعطيهم ثمانية آلاف ريال للفقر .
الرابع : المؤلفة قلوبهم : وهم الذين يعطون لتأليفهم على الإسلام
: إما كافر يرجى إسلامه ، وإما مسلم نعطيه لتقوية الإيمان في قلبه ، وإما شرير
نعطيه لدفع شره عن المسلمين ، أو نحو ذلك ممن يكون في تأليفه مصلحة للمسلمين .
ولكن هل يشترط في ذلك أن يكون سيداً مطاعاً في قومه حتى يكون في
تأليفه مصلحة عامة ، أو يجوز أن يعطى لتأليفه ولو لمصلحته الشخصية : كرجل دخل في
الإسلام حديثاً ، يحتاج إلى تأليفه وقوة إيمانه بإعطائه ؟
هذه محل خلاف بين العلماء ، والراجح عندي : أنه لا بأس أن يعطى
لتأليفه على الإسلام بتقوية إيمانه ، وإن كان يعطى بصفة شخصية وليس سيداً في قومه ،
لعموم قوله تعالى: ( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) ، ولأنه إذا جاز أن نعطي
الفقير لحاجته البدنية والجسمية فإعطاؤنا هذا الضعيف الإيمان لتقوية إيمانه من باب
أولى ؛ لأن تقوية الإيمان بالنسبة للشخص أهم من غذاء الجسد .
هؤلاء أربعة يعطون الزكاة على سبيل التمليك ، ويملكونها ملكاً
تامًّا حتى لو زال الوصف عنهم في أثناء الحول لم يلزمهم رد الزكاة ، بل تبقى حلالاً
لهم ، لأن الله عبر لاستحقاقهم إياها باللام فقال : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ ) ، فأتى باللام ، وفائدة ذلك : أن الفقير لو استغنى في أثناء الحول
فإنه لا يلزمه رد الزكاة : مثل لو أعطيناه عشرة آلاف لفقره وهي تكفيه لمدة سنة ، ثم
إن الله تعالى أغناه في أثناء الحول باكتساب مال ، أو موت قريب له يرثه أو ما شابه
ذلك ، فإنه لا يلزمه رد ما بقي من المال الذي أخذه من الزكاة ؛ لأنه ملكه .
الخامس من أصناف أهل الزكاة : الرقاب ، لقوله تعالى : ( وَفِي
الرِّقَابِ ) ، والرقاب فسرها العلماء بثلاثة أشياء :
الأول : مكاتب اشترى نفسه من سيده بدراهم مؤجلة في ذمته ، فيعطى
ما يوفي به سيده .
والثاني : رقيق مملوك اشْتُرِيَ من الزكاة ليعتق .
الثالث : أسير مسلم أسره الكفار فيعطى الكفار من الزكاة لفكهم
هذا الأسير ، وأيضاً : الاختطاف ، فلو اختطف كافر أو مسلم أحد من المسلمين فلا بأس
أن يفدى هذا المختطف بشيء من الزكاة ، لأن العلة واحدة ، وهي فكاك المسلم من الأسر
، وهذا إذا لم يمكننا أن نرغم المختطف على فكاكه بدون بذل المال إذا كان المختطف من
المسلمين .
السادس : الغارمين . والغرم هو الدين ، وقسم العلماء رحمهم الله
الغرم إلى قسمين : غرم لإصلاح ذات البين ، وغرم لسداد الحاجة ، أما الغرم لإصلاح
ذات البين ، فمثلوا له بأن يقع بين قبيلتين تشاحن وتشاجر أو حروب ، فأتى رجل من أهل
الخير والجاه والشرف والسؤدد ، وأصلح بين هاتين القبيلتين بدراهم يتحملها في ذمته ،
فإنا نعطي هذا الرجل المصلح الدراهم التي تحملها من الزكاة ، جزاء له على هذا العمل
الجليل الذي قام به ، الذي فيه إزالة الشحناء والعداوة بين المؤمنين وحقن دماء
الناس ، وهذا يعطى سواء كان غنيًّا أم فقيراً ، لأننا لسنا نعطيه لسد حاجته ،
ولكننا نعطيه لما قام به من المصلحة العامة .
أما الثاني : فهو الغارم لنفسه ، الذي استدان لنفسه ليدفعه في
حاجته ، أو بشراء شيء يحتاجه يشتريه في ذمته ، وليس عنده مال ، فهذا يوفى دينه من
الزكاة بشرط أن لا يكون عنده مال يوفي به الدَّين .
وهنا مسألة : هل الأفضل أن نعطي هذا المدين من الزكاة ليوفي دينه
أو نذهب نحن إلى دائنه ونوفي عنه ؟
هذا يختلف ، فإن كان هذا الرجل المدين حريصاً على وفاء دينه ،
وإبراء ذمته ، وهو أمين فيما يعطى لوفاء الدين فإنا نعطيه هو بنفسه يقضي دينه ، لأن
هذا أستر له وأبعد عن تخجيله أمام الناس الذين يطلبونه .
أما إذا كان المدين رجلاً مبذراً يفسد الأموال ، ولو أعطيناه
مالاً ليقضي دينه ذهب يشتري أشياء لا ضرورة لها فإننا لا نعطيه ، وإنما نذهب نحن
إلى دائنه ونقول له : ما دين فلان لك ؟ ثم نعطيه هذا الدين ، أو بعضه حسب ما يتيسر
.
السابع : في سبيل الله . وسبيل الله هنا المراد به الجهاد في
سبيل الله لا غير ، ولا يصح أن يراد به جميع سبل الخير ؛ لأنه لو كان المراد به
جميع سبل الخير لم يكن للحصر فائدة في قوله تعالى: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 . إذ يكون الحصر عديم التأثير ، فالمراد في سبيل الله هو الجهاد في
سبيل الله ، فيطعى المقاتل في سبيل الله ، الذين يظهر من حالهم أنهم يقاتلون لتكون
كلمة الله هي العليا ، يعطون من الزكاة ما يحتاجون إليه من النفقات والأسلحة وغير
ذلك ، ويجوز أن تشترى الأسلحة لهم من الزكاة ليقاتلوا بها ، ولكن لابد أن يكون
القتال في سبيل الله . والقتال في سبيل الله بَيَّنَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم
حين سئل عن الرجل يقاتل حمية ، ويقاتل شجاعة ، ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل
الله ؟ قال : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) ، فالرجل
المقاتل حمية لوطنه وغير ذلك من أنواع الحميات ليس يقاتل في سبيل الله فلا يستحق ما
يستحقه المقاتل في سبيل الله ، لا من الأمور المادية الدنيوية ، ولا من أمور الا?خرة
، والرجل الذي يقاتل شجاعة أي أنه يحب القتال لكونه شجاعاً ـ والمتصف بصفة غالباً
يحب أن يقوم بها على أي حال كانت ـ هو أيضاً ليس يقاتل في سبيل الله ، والمقاتل
ليرى مكانه ، يقاتل رياء وسمعة ليس يقاتل في سبيل الله ، وكل من لا يقاتل في سبيل
الله فإنه لا يستحق من الزكاة ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ )
والذي يقاتل في سبيل الله هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا .
قال أهل العلم : ومن سبيل الله : الرجل يتفرغ لطلب العلم الشرعي
، فيعطى من الزكاة ما يحتاج إليه من نفقة وكسوة وطعام وشراب ومسكن وكتب علم يحتاجها
، لأن العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله ، بل قال الإمام أحمد رحمه الله : (
العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته ) ، فالعلم هو أصل الشرع كله ، فلا شرع إلا بعلم ،
والله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب ليقوم الناس بالقسط ، ويتعلموا أحكام شريعتهم ،
وما يلزم من عقيدة وقول وفعل . أما الجهاد في سبيل الله فنعم هو من أشرف الأعمال
، بل هو ذروة سنام الإسلام ، ولا شك في فضله ، لكن العلم له شأن كبير في الإسلام ،
فدخوله في الجهاد في سبيل الله دخول واضح لا إشكال فيه .
الثامن : ابن السبيل . وهو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت
نفقته ، فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله لبلده ، وإن كان في بلده غنيًّا ؛ لأنه محتاج
، ولا نقول له في هذه الحال : يلزمك أن تستقرض وتوفي لأننا في هذه الحال نلزمه أن
يلزم ذمته ديناً ، ولكن لو اختار هو أن يستقرض ولا يأخذ من الزكاة فالأمر إليه ،
فإذا وجدنا شخصاً مسافراً من مكة إلى المدينة ، وفي أثناء السفر ضاعت نفقته ولم يكن
معه شيء وهو غني في المدينة ، فإننا نعطيه ما يوصله إلى المدينة فقط ، لأن هذه هي
حاجته ولا نعطيه أكثر .
وإذا كنا قد عرفنا أصناف أهل الزكاة الذين تدفع لهم فإن ما سوى
ذلك من المصالح العامة أو الخاصة لا تدفع فيه الزكاة ، وعلى هذا لا تدفع الزكاة في
بناء المساجد ، ولا في إصلاح الطرق ، ولا في بناء المكاتب وشبه ذلك ، لأن الله عز
وجل لما ذكر أصناف أهل الزكاة قال : ( فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ ) أي أن هذا التقسيم جاء فريضة من الله عز وجل ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
) .
ثم نقول : هل هؤلاء المستحقون يجب أن يعطى كل صنف منهم ؛ لأن
الواو تقتضي الجمع ؟
فالجواب : أن ذلك لا يجب ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ
بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن : ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في
أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) فلم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم
إلا صنفاً واحداً ، وهذا يدل على أن الآية يبين الله تعالى فيها جهة الاستحقاق ،
وليس المراد أنه يجب أن تعمم هذه الأصناف .(1/4584)
فإن قيل : أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية
؟
قلنا : إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد ؛ لأن كل هؤلاء
استحقوا الوصف ، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى ، والغالب أن الأشد هم الفقراء
والمساكين ، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ
السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
والله أعلم .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/331-339) .
*****
4622
ما هي الأشياء التي علمها الله لآدم
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4585)
سؤال رقم 4622- ما هي الأشياء التي علمها الله لآدم
السؤال :
هل يمكن أن توضح الآية التالية " وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة" (البقرة 31) ما هو المقصود بكلها وماذا كان الله يقصد بالضمير ؟
الجواب:
الحمد لله
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/256 ت. أبو إسحاق الحويني) عند قوله تعالى : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) :
والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها وذواتها وصفاتها وأفعالها حتى الفسوة والفُسية يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية في كتاب التفسير من صحيحه فذكر ابن كثير إسناد البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون : أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء ... الحديث " ... فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ولهذا قال : " ثم عرضهم على الملائكة " يعني المسميات .ا.هـ.
وقد سرد الأقوال في هذه المسألة الحافظ ابن حجر في الفتح (8/10) فقال : واختلف في المراد بالأسماء : فقيل أسماء ذريته وقيل أسماء الملائكة وقيل أسماء الأجناس دون أنواعها وقيل أسماء كل ما في الأرض وقيل أسماء كل شيء حتى القصعة .
وقال الإمام الشوكاني في فتح القدير(1/64) : والأسماء هي العبارات والمراد أسماء المسميات قال بذلك أكثر العلماء وهو المعنى الحقيقي للاسم والتأكيد بقوله كلها يفيد أنه علمه جميع الأسماء ولم يخرج عن هذا شيء منها كائنا ما كان . أهـ ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46241
هل يمنع المتسولين في المسجد ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4586)
سؤال رقم 46241- هل يمنع المتسولين في المسجد ؟
بعض المتسولين يسألون الناس في المساجد ، وبعض الأئمة يمنعونهم من السؤال ، فهل لديهم دليل على منعهم ، وهل يجوز إعطاؤهم ؟.
الحمد لله
" لا أعلم بأسا في ذلك ، ولا أعلم حجة لمن منعه ، لكن إذا كان
السائلون يتخطون رقاب الناس ، ويمشون بين الصفوف ، فينبغي منعهم ؛ لما في عملهم هذا
من إيذاء المصلين ، وهكذا وقت خطبة الجمعة ، يجب أن يمنعوا لوجوب الإنصات عليهم
وعلى غيرهم من المصلين ، ولأن سؤالهم في هذه الحال يشغل غيرهم عن استماع الخطبة " انتهى .
" فتاوى ابن باز " (14/320) .
*****
4631
الأرحام المتقطّعة والعلاقات
الآداب > صلة الرحم >(1/4587)
سؤال رقم 4631- الأرحام المتقطّعة والعلاقات
السؤال :
ما معنى صلة الرحم ؟
الجواب:
الحمد لله
لقد دعا الإسلام إلى صلة الرحم لما لها من أثر كبير في تحقيق الترابط الاجتماعي ودوام التعاون والمحبة بين المسلمين . وصلة الرحم واجبة لقوله تعالى : ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) سورة النساء آية1 . وقوله : ( وآتِ ذا القربى حقه والمسكين ) سورة الإسراء آيه 26 .
وقد حذر تعالى من قطيعة الرحم بقوله : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) سورة الرعد آيه 25 . وأي عقوبة أكثر من اللعن وسوء الدار تنتظر الذين يقطعون أرحامهم ، فيحرمون أنفسهم أجر الصلة في الآخرة ، فضلا عن حرمانهم من خير كبير في الدنيا وهو طول العمر وسعة الرزق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه ". رواه البخاري (5986) ومسلم (2557) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة . قال : نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت : بلى . قال : فذاك لك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أقرأوا إن شئتم ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) صحيح مسلم بشرح النووي 16/112
إذا عرفنا هذا فلنسأل من هو الواصل للرحم ؟ هذا ما وضّحه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " رواه البخاري (5645).
فإذا كانت العلاقة ردا للجميل ومكافأة وليس ابتداء ومبادرة فإنها حينئذ ليست بصلة وإنما هي مقابلة بالمثل ، وبعض الناس عندهم مبدأ : الهدية مقابل الهدية ، ومن لم يهدنا يحرم ، والزيارة مقابل الزيارة ، ومن لم يزرنا يقاطع ويهجر ، فليست هذه صلة رحم أبدا وليس هذا ما طلبه الشّارع الحكيم ، وإنما هي مقابلة بالمثل فقط وليست هي الدرجة العالية التي حثّت على بلوغها الشّريعة . قال رجل لرسول الله عليه وسلم : إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال : " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " . رواه مسلم بشرح النووي 16/ 115 . والملُّ هو الرماد الحار . ومن يطيق أن يلقم الرماد الحار أعاذنا الله من قطيعة الرحم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46314
استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/4588)
سؤال رقم 46314- استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب
هل لا بد في تطهير نجاسة الكلب من الغسل بالتراب ؟ أو يمكن استعمال بدائل أخرى كالصابون ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 41090 )
بيان كيفية تطهير نجاسة الكلب ، وأنه يجب أن تغسل سبعاً إحداهن بالتراب .
وقد اختلف العلماء هل يجب استعمال التراب أم يجوز أن يستعمل
شيئاً آخر كالصابون أو غيره من المنظفات ؟
فمذهب الإمام الشافعي إلى أنه يجب استعمال التراب , ولا يجزئ
استعمال غيره , لأن النبي صلى الله عليه وسلم عيَّنَه وأمر به .
ومذهب الإمام أحمد أنه يجوز أن يستعمل غير التراب كالصابون ونحوه
.
انظر : "المجموع" (2/600) , "روضة الطالبين" (ص16) , "المغني" (1/74) ,
"الإنصاف" (2/248) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/139) :
" إذا ولغ الكلب في إناء ، فإنه كي يطهر هذا الإناء يجب غسله
سبعا إحداهن بالتراب , هذا عند الحنابلة والشافعية . . .
فإن جعل مكان التراب غيره من الأشنان ( منظف كانوا يستعملونه
قديماً ) والصابون ونحوهما , أو غسله غسلة ثامنة , فالأصح أنه لا يجزئ , لأنه طهارة
أمر فيها بالتراب تعبدا , ولذا لم يقم غيره مقامه .
ولبعض الحنابلة : يجوز العدول عن التراب إلى غيره عند عدم التراب
, أو إفساد المحل المغسول به . فأما مع وجوده وعدم الضرر فلا . وهذا قول ابن حامد "
انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (1/292) عن القول بأنه
يجزئ عن التراب غيره , قال :
" وهذا فيه نظر لما يلي :
1- أن الشارع نص على التراب , فالواجب اتباع النص .
2- أن السدر والأشنان كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم , ولم يشر إليهما .
3- لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب .
4- أن التراب أحد الطهورين , لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم
إذا عدم . وقال صلى الله عليه وسلم : ( وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) .
فالصحيح : أنه لا يجزئ عن استعمال التراب , لكن لو فرض عدم وجود
التراب وهذا احتمال بعيد , فإن استعمال الأشنان , أو الصابون خير من عدمه " انتهى .
*****
46315
هل في العسل زكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4589)
سؤال رقم 46315- هل في العسل زكاة ؟
هل العسل تجب فيه الزكاة ؟.
الحمد لله
ذهب بعض العلماء - منهم الإمام أحمد - إلى أن في العسل زكاة ،
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها :
1- ما رواه ابن ماجه (1824) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرَ ) . وقال الألباني في صحيح ابن ماجه : حسن صحيح .
2- وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ
الْمُتَعِيُّ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي
نَحْلا ، قَالَ : أَدِّ الْعُشْرَ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، احْمِهَا لِي ،
فَحَمَاهَا لِي . رواه ابن ماجه (1823) . وحسنه الألباني لغيره في صحيح ابن
ماجه .
وقال السندي في حاشية ابن ماجه :
" فِي الزَّوَائِد : قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ :
لَمْ يَلْقَ سُلَيْمَان بْن مُوسَى أَبَا سَيَّارَة ، وَالْحَدِيث مُرْسَل .
وَحَكَى التِّرْمِذِيّ فِي الْعِلَل عَنْ الْبُخَارِيّ عَقِب هَذَا الْحَدِيث
أَنَّهُ مُرْسَل ، ثُمَّ قَالَ : لَمْ يُدْرِك سُلَيْمَان أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَة
" انتهى .
3- وروى أبو داود (1600) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ ، وَكَانَ
سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ ، فَحَمَى لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْوَادِي ، فَلَمَّا
وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ سُفْيَانُ بْنُ
وَهْبٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ
سَلَبَةَ ، وَإِلا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وروي ذلك أيضا عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، إلا أن الأصح
عنه أنه لا زكاة فيه .
وسئل الإمام أحمد : أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة ؟ قال : نعم .
أذهب إلى أن في العسل زكاة ، العشر ، قد أخذ عمر منهم الزكاة ، قلت : ذلك على أنهم
تطوعوا به ؟ قال : لا ، بل أخذه منهم .
انظر : "المغني" (4/183-184) .
وذهب جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي إلى أن العسل لا زكاة
فيه ، وضعفوا الآثار الواردة في إيجاب الزكاة فيه ، وما صح منها حملوه على أن ما
أداه من العسل (العشر) كان في مقابلة الحمى ، كما هو ظاهر الحديث الوارد عن عمر رضي
الله عنه .
قال الإمام البخاري رحمه الله :
" بَاب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ
وَبِالْمَاءِ الْجَارِي وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ
شَيْئًا " .
قال الحافظ في "فتح الباري" :
" أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ
صَحِيحٍ إِلَى نَافِع مَوْلَى اِبْن عُمَر قَالَ : بَعَثَنِي عُمَر بْن عَبْد
الْعَزِيز عَلَى الْيَمَنِ فَأَرَدْت أَنْ آخُذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْر , فَقَالَ
مُغِيرَة بْن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ : لَيْسَ فِيهِ شَيْء , فَكَتَبْت إِلَى عُمَر
بْن عَبْد الْعَزِيز فَقَالَ : صَدَقَ , هُوَ عَدْلُ رِضَا , لَيْسَ فِيهِ شَيْء .
وَجَاءَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز مَا يُخَالِفُهُ أَخْرَجَهُ عَبْد
الرَّزَّاق . . . وَإِسْنَاده ضَعِيف ، وَالأَوَّل أَثْبَت , وَكَأَنَّ
الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رُوِيَ : ( أَنَّ فِي الْعَسَلِ
الْعُشْرَ ) .
وقَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخِهِ : َلا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ
الْعَسَل شَيْء .
وقَالَ التِّرْمِذِيّ : لا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْء .
وقَالَ الشَّافِعِي : حَدِيثُ ( أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ )
ضَعِيف .
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : لَيْسَ فِي الْعَسَلِ خَبَر يَثْبُتُ
، وَلا إِجْمَاع ، فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ " انتهى
باختصار وتصرف .
وقول عمر رضي الله عنه : ( إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ
يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ
نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ ) دليل على أن ما أخذه من هلال ليس زكاة ، وإنما هو
في مقابلة الحمى .
وقد ذكر ابن مفلح الحنبلي في كتابه "الفروع" (2/448- 450) الأدلة
التي استدل بها من قال بوجوب الزكاة في العسل ، وتكلم عليها بما يفيد ضعفها ، ثم
قال : " ومن تأمل هذا وغيره تبين له ضعف المسألة " انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل على العسل زكاة ؟
فأجاب : " الصحيح أن العسل ليس فيه زكاة ، لأن ذلك لم يرد عن
الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه حرس أماكن النحل
وأخذ عليهم العشر ، وعلى هذا فلا تجب الزكاة في العسل ، لكن إن أخرجها الإنسان
تطوعاً فهذا خير ، وربما يكون ذلك سبباً لنمو نحله وكثرة عسله ، أما أنها لازمة
يأثم الإنسان بتركها فهذا لا دليل عليه " انتهى .
" فتاوى الزكاة" (ص 87) .
وسئلت اللجنة الدائمة : هل في العسل المنتج بواسطة النحل زكاة أم
لا ؟
فأجابت :
" ليس في العسل المنتج بواسطة النحل زكاة ، وإنما تجب الزكاة في
قيمته إذا أعده للبيع وحال عليه الحول ، وبلغت قيمته النصاب ، وفيه ربع العشر " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/226) .
*****
4635
متى يحرم راكب الطائرة؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/4590)
سؤال رقم 4635- متى يحرم راكب الطائرة؟
أنا أريد الحج هذه السنة بإذن الله وأريد أن أسافر من الرياض إلى جدة عن طريق الجو "بالطائرة" فمتى أحرم بالضبط ؟.
الحمد لله
ميقاتك في هذه الحالة هو (قرن المنازل) ويسمى الآن (السيل الكبير) .
ويجب الإحرام من الميقات لمن مَرَّ به ، فإن لم يمر به وجب عليه الإحرام إذا حاذاه براً أو بحراً أو جواً . فيجب عليك أن تحرم إذا حاذيت
الميقات بالطائرة ، ونظراً لأن الطائرة تمر على الميقات بسرعة فلا بأس أن تحرم قبله بقليل احتياطاً .
قال الشيخ بن جبرين :
ومن لم يكن في طريقه ميقات : أحرم إذا حاذى أقربها إليه سواء كان طريقه برّاً أو بحراً أو جوّاً ويحرم راكب الطائرة إذا حاذى الميقات أو
يحتاط قبله حتى لا يجاوزه قبل إحرامه ، فمن أحرم بعد ما جاوز الميقات فعليه دم جبران ، والله أعلم اهـ
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 198 ) .
ومن فتاوى اللجنة الدائمة :
جدة ليست ميقاتاً لحج أو عمرة إلا للمستوطنين أو المقيمين بها، وكذا من وصل إليها لحاجة غير عازم على حج أو عمرة، ثم بدا له أن يحج أو
يعتمر. أما من كان له ميقات قبلها كذي الحليفة بالنسبة لأهل المدينة وما وراءها، أو حاذاها براً أو جواً، وكالجحفة لأهلها ومن حاذاها براً أو بحراً أو مر
بها جواً، وكيلملم كذلك، فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقاته أو مما يحاذيه جواً أو بحراً أو براً اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/130) .
والدليل على الإحرام مما يحاذي الميقات ما أخرجه البخاري ( 1458 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذا المصران – يعني : الكوفة
والبصرة - أتَوا عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدَّ لأهل نجد قرناً وهو جورٌ عن طريقنا ، وإذا أردنا قرناً شق علينا قال
: فانظروا حذوها من طريقكم فحدَّ لهم ذات عرق .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/389) :
" فانظروا حذوها " أي : اعتبروا ما يقابل الميقات من الأرض التي تسلكونها من غير مَيل فاجعلوه ميقاتاً اهـ
وينبغي أن يعلم أنه ليس من السنة أن يحرم الإنسان قبل الميقات ، لأنَّ هذا لم يفعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وخير
الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إلا إذا كان الرجل في طائرة فلا يتمكن من الوقوف عند محاذاة الميقات فهذا يحتاط بما يغلب على ظنه أنه
لن يتجاوز الميقات إلا وهو محرم .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
فلم يُنقل عن أحدٍ ممن حجَّ مع النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرم قبل ذي الحليفة ، ولولا تعين الميقات لبادروا إليه لأنه يكون أشق
فيكون أكثر أجراً . "فتح الباري" ( 3 / 387 ) .
والله اعلم .
*****
4642
حلق ذقنه عند الحلاق ثم تاب فهل يدفع المال
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4591)
سؤال رقم 4642- حلق ذقنه عند الحلاق ثم تاب فهل يدفع المال
السؤال :
حلق ذقنه عند الحلاق وقال سوف أعطيك المال فيما بعد دينا عليّ ، ثم هداه الله والتزم بأحكام الإسلام فهل يعطيه المال أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
يقول له : أنا لن أعطيك إياه لأن هذا ( مقابل ) عمل محرم ويتصدق به . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46453
يعاني من كسل زملائه المسلمين في الدراسة فهل يعمل مع غير المسلمين؟
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4592)
سؤال رقم 46453- يعاني من كسل زملائه المسلمين في الدراسة فهل يعمل مع غير المسلمين؟
أنا طالب بإحدى المدارس في الغرب ، والحمد لله أقضي جل وقتي مع المسلمين ، لكن أعاني من كسلي وكسل زملائي المسلمين هنا ، ولذلك بدأت بتفضيل العمل مع غير المسلمين هنا في مجال الدراسة فقط ، فهل هذا يعتبر موالاة للكفار ؟ وماهي شروط العمل معهم في هذه الحالة ؟.
الحمد لله
إن من أهم ما يؤثر في أخلاق الإنسان وطبائعه ، بل ودينه أيضاً :
بيئته المحيطة به ، من أشخاص يتعاملون معه ويتعامل معهم ، ومكان يعيش فيه ويتردد
عليه ، وتتردد معالمه على حسه ، بحيث يتأثر شعور الإنسان ، وتتكون قِيَمُه التي
يؤمن بها ، وتتلون أخلاقه التي يتخلق بها بهذه المؤثرات المختلفة من حوله ، وأخطر
ما في ذلك أن هذه العملية تتم من حيث لا يدري ، ولا يلقي لها بالاً ، ولأجل ذلك
قالوا : الطبع لص ، يعني أنه ينقل مما حوله خفية ، من حيث لا يشعر به الإنسان .
ولأجل ما ذكرنا حدد الشرع للإنسان بيئته التي ينبغي أن يحرص على
الحياة فيها ، من حيث اختيار الصديق الصالح ، والبيئة المسلمة التي يعيش فيها ،
وحذره من الإقامة بين أظهر المشركين ، أومصادقتهم . [ راجع أسئلة الولاء والبراء في
قسم العقيدة ] ، وانظر الأسئلة رقم ( 38284 )
، ( 26118 ) ، ( 23325 )
.
وهذا إنما يمكن للمرء أن يتحراها ويتحكم فيها في حال السعة ،
وأما حين يكون الإنسان في حال الضرورة ، أو ما يشبهها ، وليس في يده أمر الاختيار ،
فهنا يكون الكلام عن تحصيل أقصى ما يستطيع من المصالح ، ودفع أقصى ما يمكنه من
المفاسد . انظر للأهمية السؤال ( 13363 )
وفيما يتعلق بسؤالك ، قبل أن تفكر في العمل مع غير المسلمين ،
لِمَ لا تحاول أن تدفع الكسل عنك وعن إخوانك المسلمين ؟!
لِمَ لا تحاول أن تقدم ـ مع إخوانك ـ صورة طيبة لما ينبغي أن
يكون عليه المسلم من جد واجتهاد ؟!
إن أخشى ما أخشاه أن تؤكد بذلك السلوك صورة الكسل والتهاون
والضعف التي تُنْقل عن المسلمين ، ولعمر الله إنها شكوى قديمة ، اشتكاها عمر رضي
الله عنه من قبل : اللهم أشكو إليك جلد الفاجر، وعجز الثقة !! راجع السؤال رقم ( 43270 )
أما إن دار الأمر بين أن تعمل وتجد مع الكفار ، أو تنام وادعاً
بين المسلمين ، فلتعمل ولتجتهد ، واحرص على دينك وأخلاقك التي تعلمتها من دينك ،
وكن شحيحاً بدينك أشد من شحك بمالك ودمك ، وانتبه إلى :
1- لا تجعل أصدقاء عملك من النساء ، فأنت خبير بأحوالهن ، تعرف
ما يترتب على صحبتهن والاختلاط بهن ، ثم فوق ذلك تعرف أن مثل هذه العلاقات مرفوضة
في الشرع .
2- حاول أن تقلل من الأوقات التي تقضيها بينهم ، قدر المستطاع .
3- اقتصر في حدود هذه العلاقة على ما يتطلبه العمل والدراسة منك
.
4- حاول أن تكون صورة صحيحة للمسلمين : في دينهم وأخلاقهم ،
واربط كل خير عندك بما يأمرك به دينك .
5- اعلم أن استقامتك وحرصك على دينك من أسباب احترام الآخرين لك
، ومن يدري لعل منهم من يتأثر بك ، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من
الدنيا وما فيها .
والله الموفق .
*****
4649
أنواع لذات الدنيا
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > أحكام الرياضة والتسلية والترفيه >(1/4593)
سؤال رقم 4649- أنواع لذات الدنيا
هل مبدأ التلذّذ محرّم في الإسلام ؟ ما هي نظرة الإسلام إلى اللذّة وما هو موقفه منها ؟ حيث أنّ الدّين هو مجموعة من التكاليف الصعبة والشّاقة .
الجواب:
الحمد لله
لذات الدنيا ثلاثة أقسام
أحدها : لذة تعقب ألماً أعظم منها ، أو تفوّت لذة أكبر منها ، وهذه لذات العصاة الغافلين على اختلاف طبقاتهم كالمتلذّذين بالزنا وشرب الخمر والسّرقة ونحوهم ، وهم الذين يُقال لهم يوم القيامة ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها . . . ) سورة الأحقاف :20
الثانية : لذة لا تُعقب ألماً في الآخرة ولكنّ الانهماك بها يفوّت تبوّأ المنازل العالية ويُشغل عن تحصيل الأجر وهي لذات الغافلين المباحة التي لا يستعينون بها على الخير ولا يحتسبون بها ثوابا عند الله فهي خالية من نية العبادة ومعناها كالتوسع في المآكل والمشارب والمراكب والمنازل والسّفر والسياحة وما شابه ذلك مما ليس فيه ضرر ولا ارتكاب محرّم .
الثالثة : لذة يثاب العبد عليها ، وهي لذة خواص المؤمنين الذين يتمتعون بها على وجه القيام بواجب النفس وعلى وجه الاستعانة بها على طاعة الله ، وعلى وجه الانكفاف بها عن معاصي الله .
وبهذه المقاصد الجليلة تكون من قسم الطاعات ، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ، ويشرب الشربة فيحمده عليها أخرجه مسلم 2734 من حديث أنس . وقال فيها : ( وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ) كما في حديث أبي ذر ، أخرجه مسلم ( 1006 ) .
فبين في الحديث أن التمتع بهذه الشهوات على وجه الحمد لله والاعتراف بفضله وقصد الانكفاف بها عن الحرام أجر وثواب عند الله ؛ فلله الحمد على منته . أنظر مجموع الفوائد لابن سعدي ص: 234
وبهذا نعلم أنّ في الإسلام لذّات مباحة كالمآكل والمشارب والملابس والمراكب المباحة ، ولذّات يؤجر عليها الإنسان ويُثاب عليها في الآخرة بالإضافة إلى تلذّذه بها في الدنيا كمن نوى بطعامه التقوّي على طاعة الله ونوى بنومه الاستعانة على قيام الليل وصلاة الفجر ونوى بوطئه زوجته إعفاف نفسه وإعفافها والاستغناء عن الحرام وابتغاء الولد ونوى بتكسّبه في التجارة والوظيفة الإنفاق على نفسه وأهله ووالديه ونحو ذلك ، والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
46505
الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4594)
سؤال رقم 46505- الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب
أخ لنا أسلم حديثاً ، وكان في أيام جاهليته اكتسب مالاً كثيراً عن طريق تجارة المخدرات ، فحمل معه هذه الأموال الكثيرة وكوّن مكتبة عظيمة ، وتزوج بها ، وفي هذه الأيام الأخيرة أُخبر بأنه لا يجوز له أن يتصدق بهذه الأموال ، لأن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا الطيب ، فيسأل : ماذا يجب عليه أن يصنع في هذه الأموال ، وما صحة هذا الكلام ؟.
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي هداه إلى الإسلام ، ونسأل الله سبحانه أن يثبته
ويوفقه إلى ما فيه خيره في الدنيا والآخرة .
ثانياً :
من فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من
الذنوب والمعاصي ، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره ، وصار نقياً
من الذنوب .
روى مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال :
لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ . فَبَسَطَ
يَمِينَهُ ، قَالَ : فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ :
قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ . قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ : أَنْ
يُغْفَرَ لِي . قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ
قَبْلَهُ .
( الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله ) أَيْ : يُسْقِطهُ
وَيَمْحُو أَثَره . قاله النووي في "شرح مسلم" .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل ما جاء في السؤال ، من
اكتساب مال بسبب تجارة المخدرات قبل الإسلام ، فأجاب :
" نقول لهذا الأخ الذي منّ الله عليه بالإسلام بعد أن اكتسب
مالاً حراماً : أبشر فإن هذا المال حلال له ، وليس عليه فيه إثم ، لا في إبقائه
عنده ، ولا فيما تصدق به منه ، ولا فيما تزوج به منه ، لأن الله تعال قال في الكتاب
العزيز : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ
سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ ) الأنفال/38 . أي : كل ما سلف ، وما هنا للعموم ، لأنها اسم موصول ، يعني كل ما
تقدم فهو مغفور له . لكن المال الذي غصبه من صاحبه يرده عليه ، أما المال الذي
اكتسبه عن طريق الرضا بين الناس وإن كان حراماً ، كالذي اكتسبه بالربا ، أو
المخدرات أو غيرها ، فإنه حلال له إذا أسلم لقوله تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ، وكذلك قال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن العاص حين أسلم : ( أما علمت أن
الإسلام يهدم ما كان قبله ) .
وكثير من الكفار أسلموا وقد قتلوا من المسلمين ، ومع ذلك لم
يؤاخذوا بما عملوا ، فأخبر هذا الأخ أن ماله حلال ، وليس فيه بأس ، وليتصدق منه ،
وليتزوج به ، وأما ما قيل له إنه لا يجوز له أن يتصدق به ولا منه فليس لقوله أصل " انتهى .
"لقاءت الباب المفتوح" ( /373-374) .
*****
4651
أسئلة خاصة بالموظفين والأمانة في العمل
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4595)
سؤال رقم 4651- أسئلة خاصة بالموظفين والأمانة في العمل
السؤال :
1-هل يجوز أن أطالب بالمستحقات الطبية بإحضار فاتورة مزورة مع العلم بأن الشركة تعلم بهذا وتسمح به حيث أن هذا طلب عادي.
2- هل يجوز أن نطالب بإجازة مرضية مع أننا لا نشعر بالمرض ؟ إذا لم نأخذ هذه الإجازة فسوف نفقد الفائدة.
3-هل يجوز لبس ربطة العنق أثناء الصلاة لأنني سمعت أنه يمكن الصلاة بدون نزع الحذاء ؟وما حكم الصلاة مع وضع القميص داخل البنطلون ؟
4-هل يجوز التلاعب بوقت تسجيل الدخول إلى الشركة
5- الكثير من الناس لا تعجبهم اللحية وخصوصا غير المسلمين فإذا لم أحلق لحيتي قبل المقابلة الشخصية للعمل فلن تكون لي الأفضلية ، فماذا رأيك هل أكترث أم لا أكترث بهؤلاء الكفار حيث أنني يجب أن أرضي الله تعالى وليس هؤلاء الكفرة.
الجواب :
الحمد لله
( 1 ، 2 ، 4 ) : التلاعب بفواتير الأدوية والإجازات وأوقات الدوام .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ) النساء/ 58 . وقال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال / 27 . فهذه الآيات الكريمة فيها الأمر بأداء مختلف الأمانات التي أؤتمن عليها أصحابها ، وأنّ حفظها والقيام بها على وجهها من أعظم خصال الإيمان .
وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " رواه البخاري برقم 32 ، ومسلم برقم 89 ، وفي رواية لمسلم برقم 90 : " وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ " .
فهذا فيه دليل على أن الخيانة من خصال أهل النفاق . وفي المسند من حديث أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ " مسند الإمام أحمد بن حنبل برقم 11935 .
وقد كان من دعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ " رواه النسائي برقم 5373 ، وأبو داود برقم 1323 ، وابن ماجة برقم 3345 ، وقال الألباني : حسن صحيح ( صحيح سنن النسائي - 3 / 1112 ) .
قال ميمون بن مهران - رحمه الله - : " ثلاثة يؤدَّين إلى البَرّ والفاجر : الأمانة ، والعهد ، وصلة الرحم " .
ولذا كان على الواجب على الموظف أن يراقب ربه ويؤدي أمانة عمله بصدق وإخلاص وعناية وتحري ، حتى تبرأ ذمته ويطيب كسبه ويرضى عنه ربه .
وما ذكرته أيها الأخ من المسائل المبنية على التلاعب هي من صور الغش والخداع والخيانة التي لا تليق " يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ " رواه الإمام أحمد برقم 21149 من حديث أبي أمامة رضي الله مرفوعاً . فلا يجوز التلاعب بوقت حضورك للشركة ، ولا يجوز أخذ إجازة مَرَضِيّة دون مرض ، أو المطالبة بأشياء لا تستحقها بإثباتات مُزَوَّرَة .. ، كل ذلك حرام في الشرع ، وتشبّه بأهل النفاق . وإنّ تَساهُلَ الرئيس أو المسؤول ليس عذراً مقبولاً لارتكاب المحرم . والله أعلم .
( 3 ) :
أمَا ربطة العنق فيراجع سؤال رقم 1399
(4) وأمّا الصلاة بالبنطلون : فإن كان ساتراً واسعاً غير ضيق صحّت فيه الصلاة ، والأفضل أن يكون فوقه قميص يستر ما بين السرة والركبة ، وينزل عن ذلك إلى نصف الساق أو إلى الكعب ؛ لأن ذلك أكمل في الستر .
( 5 ) :
وأمّا اللحية فالواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها طاعة لرسول الله وامتثالاً لأمره ، وأن تضرب بكلامهم عرض الحائط ، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
46515
حكم بيع التصريف
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4596)
سؤال رقم 46515- حكم بيع التصريف
ما حكم بيع التصريف ؟.
الحمد لله
صورة بيع التصريف : أن يشتري البضاعة ويتفق مع من باعها له أنه
إن لم يتمكن من بيعها فإنه سيعيدها للبائع ، وما باعه منها يكون قد اشتراه .
وهذه الصورة من صور البيع قد صرح العلماء بمنعها ، لأن فيها
جهالة وغررا ، فكل من البائع والمشتري لا يدري قدر الكمية التي سيشتريها ، وهل
سيعيد كل البضاعة أو بعضها أو لا يعيد منها شيئاً ؟
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بَيْعِ
الْغَرَرِ . رواه مسلم (1513) . وبيع الغرر هو كل بيع مجهول
العاقبة .
قال ابن قدامة في "المغني" (6/325) :
" إذا اشترط إن نَفَقَ المبيع وإلا رده فهو شرط فاسد . وهل يفسد
به البيع ؟ على روايتين ; قال القاضي : المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح . وهو قول
الحسن , والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى , وأبي ثور . والثانية : البيع فاسد
. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأنه شرط فاسد , فأفسد البيع " انتهى بتصرف
واختصار .
ومعنى (نفق المبيع) أي إن باعه ، وهو صورة البيع على التصريف .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بيع التصريف فقال :
" صورته أن يقول : بعت عليك هذه البضاعة فما تصرف منها فهو على
بيعه ، ولما لم يتصرف فردّه إليَّ ، وهذه المعاملة حرام ، وذلك لأنها تؤدي إلى
الجهل ولا بد ، إذ إن كل واحد من البائع والمشتري لا يدري ماذا سيتصرف من هذه
البضاعة ، فتعود المسألة إلى الجهالة ، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه (
نهى عن بيع الغرر ) وهذا لا شك من الغرر .
ولكن إذا كان لا بد أن يتصرف الطرفان هذا التصرف فليعط صاحب
السلعة بضاعته إلى الطرف الآخر ليبيعها بالوكالة وليجعل له أجراً على وكالته فيحصل
بذلك المقصود للطرفين ، فيكون هذا الثاني وكيلاً عن الأول بأجرة ولا بأس بذلك " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (3/183) .
*****
46517
تريد أن تتزوج من شخص مريض بمرض معدٍ
الفقه > معاملات > النكاح >
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4597)
سؤال رقم 46517- تريد أن تتزوج من شخص مريض بمرض معدٍ
ماذا تفعل المسلمة إذا أرادت أن تتزوج شخصاً مصاباً بمرض "الهربس" مرض جنسي؟ بالنسبة لدينه وأخلاقه فلا بأس بها ولكنه أخطأ في السابق وهو في سن المراهقة ثم تاب منه ولم يفعلها مرة أخرى .
هل سيحميني الله من المرض إذا تزوجته لسبب ديني وأطعنا الله ؟.
الحمد لله
ورد الشرع بأنه ينبغي للمسلم أن لا يعرض نفسه للبلاء .
ومن ذلك : مخالطة المريض مرضاً معديا ، لاسيما إذا كان هذا المرض
خطيراً ومزمناً - كالهربس -.
وقد توجه الخطاب من الشرع لكل من المريض والصحيح .
أما المريض فقد روى مسلم (2221) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ )
(مُمْرِض) صَاحِب الإِبِل المريضة .
(مُصِحّ) صَاحِب الإِبِل الصحيحة .
فَمَعْنَى الْحَدِيث : لا يُورِد صَاحِب الإِبِل المريضة إِبِله
عَلَى إِبِل صَاحِب الإِبِل الصحيحة ، لئلا ينتقل المرض بالعدوى .
وأما الصحيح فقد خاطبه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بقوله : ( فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الأَسَدِ ) رواه أحمد
(9429) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7530) .
والجذام مرض معدٍ معروف – نسأل الله السلامة والعافية .
وروى مسلم (2231) عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ : كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ
فَارْجِعْ ) .
قال ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (2/272) :
" أرسل إلى ذلك المجذوم بالبيعة تشريعاً منه للفرار من أسباب
الأذى والمكروه ، وأن لا يتعرض العبد لأسباب البلاء " اهـ .
وقال القيم في "زاد المعاد" (4/147) :
" فصل في هديه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التحرز
من الأدواء المعدية بطبعها ، وإرشاده الأصحاء إلى مجانبة أهلها" اهـ ثم ذكر
الأحاديث المتقدمة .
وقد يكون إرادتك للزواج من هذا الشخص المريض بمرض الهربس تحت
تأثير العاطفة ، وتظنين من نفسك الصبر والتحمل ، ثم إذا وقع البلاء ندمت وقت لا
ينفع الندم ، والسلامة لا يعدلها شيء .
فالنصيحة لك عدم الزواج من هذا الشخص .
ونسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صاحاًً ، يكون عوناً لك على
أمور دينك .
والله تعالى أعلم .
*****
4652
الوديعة إذا هلكت بدون تعد لا تضمن
الفقه > معاملات > الضمان >(1/4598)
سؤال رقم 4652- الوديعة إذا هلكت بدون تعد لا تضمن
السؤال :
أردت السفر فحمّلني شخص مالا أمانة لإيصاله إلى قريب له ، فاستولت عليه سلطات المطار التي لا تسمح بخروج مبلغ زائد على حد معين ، وأخذوا مالا خاصا بي أيضا ، فهل يجب علي تعويض صاحب المال ؟
الجواب:
الحمد لله
المودع أمين وإذا هلك ما في يده بدون تعد فلا ضمان عليه فإذا كان الأمر كما ذكرت فلا يجب عليك رد بدله .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
فتاوى إسلامية 3/7
*****
46524
هل يجوز أن يصلي الرجل بامرأة واحدة ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4599)
سؤال رقم 46524- هل يجوز أن يصلي الرجل بامرأة واحدة ؟
أنا من فرنسا وقد أسلمت مؤخراً ، سؤالي في الصلاة : في حالة إذا ما وجد رجل إمام لا يصلي وراءه إلا امرأة واحدة فقط مع العلم أنهما غير متزوجين ، فأنا في حيرة هل تعد هذه صلاة جماعة لها ثواب الجماعة المضاعف أم على العكس ، تعد مثل هذه الصلاة غير مشروعة ؟ أو حرام مطلقًا ؟.
الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة من محارمه فلا حرج من صلاته بها ، وتعتبر صلاة جماعة ، أما إذا كانت أجنبيّة عنه ، وكانت صلاته بها تستلزم خلوته بها فإن صلاته بها في هذه الحال حرام .
قال النووي :
قال في المهذّب : ( ويكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية ; لما روي
أن النبي قال : " لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ) .
قال النووي في شرحه :
المراد بالكراهة كراهة تحريم , هذا إذا خلا بها .
قال أصحابنا : إذا أمَّ الرجل بامرأته أو محرم له , وخلا بها :
جاز بلا كراهة ; لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة , وإن أمَّ بأجنبية وخلا
بها : حرم ذلك عليه وعليها , للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى .
وإن أمَّ بأجنبيات وخلا بهن : فقطع الجمهور بالجواز , ونقله
الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا .
ودليله : الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى ؛ ولأن النساء
المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن ...
وأما الأحاديث الواردة في المسألة : فمنها : ما روى عقبة بن عامر
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ,
فقال رجل من الأنصار , أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " رواه البخاري ومسلم ,
الحمو : قرابة الزوج , والمراد هنا : قريب تحل له كأخي الزوج وعمه وابنهما وخاله
وغيرهم ، وأما أبوه وابنه وجده فهم محارم تجوز لهم الخلوة , وإن كانوا من الأحماء .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : " لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم " رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال على المنبر : " لا يدخلن رجل بعد يومي هذا سرا على مغيبة إلا ومعه
رجل أو اثنان " رواه مسلم , المغيبة - بكسر الغين - : التي زوجها غائب , والمراد
هنا غائب عن بيتها , وإن كان في البلدة . " المجموع " ( 4 / 173 ، 174 ) .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
قوله : ( وأن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن ) أي : يُكرَه أنْ
يؤمَّ أجنبيةً فأكثر ، والأجنبيةُ : مَن ليست مِن مَحارِمِهِ .
وكلامُ المؤلِّف يحتاجُ إلى تفصيل :
فإذا كانت أجنبيةٌ وحدَها : فإن الاقتصار على الكراهة فيه نَظَرٌ
ظاهرٌ ؛ إذا استلزم الخَلوةَ ، ولهذا استدلَّ في " الرَّوض " بأن النبي صلى الله
عليه وسلم نَهى أنْ يخلوَ الرَّجُلُ بالأجنبيةِ ، ولكننا نقول : إذا خَلا بها
فإنَّه يحرُمُ عليه أن يَؤمَّها ؛ لأنَّ ما أفضى إلى المُحَرَّمِ فهو محرَّمٌ .
أما قوله : ( فأكثر ) أي : أن يَؤمَّ امرأتين ، فهذا أيضاً فيه
نَظَرٌ مِن جهة الكراهة ؛ وذلك لأنَّه إذا كان مع المرأة مثلُها انتفت الخَلوة ،
فإذا كان الإِنسانُ أميناً فلا حَرَجَ أن يؤمَّهُمَا ، وهذا يقع أحياناً في بعضِ
المساجدِ التي تكون فيها الجماعةُ قليلةٌ ، ولا سيَّما في قيامِ الليلِ في رمضان ،
فيأتي الإِنسانُ إلى المسجدِ ولا يجدُ فيه رِجالاً ؛ لكن يجدُ فيه امرأتين أو
ثلاثاً أو أربعاً في خَلْفِ المسجدِ ، فعلى كلام المؤلِّفِ : يُكره أنْ يبتدئَ
الصَّلاةَ بهاتين المرأتين أو الثلاث أو الأربع .
والصحيح : أن ذلك لا يُكره ، وأنَّه إذا أمَّ امرأتين فأكثر :
فالخَلوةُ قد زالت ولا يُكره ذلك ، إلا إذا خَافَ الفِتنةَ ، فإنْ خَافَ الفِتنةَ
فإنَّه حرامٌ ؛ لأنَّ ما كان ذريعةً للحرامِ فهو حرامٌ .
وعُلِمَ مِن قوله : ( لا رجل معهنَّ ) أنَّه لو كان معهنَّ
رَجُلٌ فلا كراهةَ وهو ظاهرٌ .
" الشرح الممتع " ( 4 / 250 – 252 ) .
والله أعلم .
*****
46529
هل الصلاة في البنطلون باطلة؟
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/4600)
سؤال رقم 46529- هل الصلاة في البنطلون باطلة؟
هل الصلاة في البنطلون باطلة ؟ لأنني سمعت من يقول ذلك ، لأن البنطلون يحدد حجم العورة .
الحمد لله
أمر الله تعالى من أراد الصلاة أن يتخذ زينته ، فقال : ( يَا
بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
فالمصلي مأمور بالتزين للصلاة ، لا كما يفعله كثير من المسلمين –
للأسف – يصلي بثياب النوم أو ثياب المهنة ، ولا يتجمل للصلاة ، فإن الله تعالى جميل
يجب الجمال .
واعتبر العلماء أقل حد لأخذ الزينة هو ستر العورة ، ولذلك نصوا
على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة ، فلا تصح الصلاة مع كشف العورة .
ومقتضى قولهم : " ستر العورة " أن الواجب هو ستر العورة ، وأنه
مهما حصل الستر صحت الصلاة ، ولو كان الثوب ضيقاً يحدد العورة .
وهذا ما نص عليه العلماء من المذاهب الفقهية المختلفة صراحةً .
وها هي أقوالهم في ذلك :
أولا : المذهب الحنفي :
قال في "الدر المختار" (2/84) : " ولا يضر التصاقه وتشكله " اهـ
. يعني : الثوب الذي يلبسه في الصلاة .
قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته على "الدر المختار" : " قوله
: ( ولا يضر التصاقه ) أي : بالألية مثلا ، وعبارة "شرح المنية" : أما لو كان غليظا
لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئيا ،
فينبغي أن لا يمنع جواز الصلاة ، لحصول الستر " انتهى كلام ابن عابدين .
ثانيا : المذهب الشافعي :
قال النووي رحمه الله في المجموع (3/176) : " فلو ستر اللون ووصف
حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر ، وحكي الدارمي
وصاحب البيان وجهاً أنه لا يصح إذا وصف الحجم ، وهو غلط ظاهر " انتهى كلام
النووي .
ثالثاً : المذهب المالكي
قال في "الفواكه الدواني" (1/216) :
" ( وَيُجْزِئُ الرَّجُلَ الصَّلاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ )
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ كَوْنُهُ كَثِيفًا بِحَيْثُ لا يَصِفُ
وَلا يَشِفُّ ، وَإِلا كُرِهَ وَكَوْنُهُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ جَسَدِهِ . فَإِنْ
سَتَرَ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ فَقَطْ أَوْ كَانَ مِمَّا يَصِفُ أَيْ يُحَدِّدُ
الْعَوْرَةَ . . . كُرِهَتْ الصَّلاةُ فِيهِ مَعَ الإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ " انتهى باختصار .
فذكر كراهة الصلاة في الثوب الذي يحدد العورة ، لا التحريم .
وذكر في "حاشية الدسوقي" أن الصلاة في الثوب الواصف للعورة
المحدد لها صحيحة ، ولكنها مكروهة كراهة تنزيهية ، ويستحب له أن يعيد إذا كان الوقت
باقياً .
وقال في "بلغة السالك" (1/283) :
" ولا بد أن يكون الساتر كثيفا وهو ما لا يشف في بادئ الرأي ,
بأن لا يشف أصلا ، أو يشف بعد إمعان النظر , فإن كان يشف في بادئ النظر , فإن وجوده
كالعدم ( يعني كأنه يصلي عرياناً ، لعدم حصول الستر ) وأما ما يشف بعد إمعان النظر
فيعيد معه في الوقت كالواصف للعورة المحدد لها , لأن الصلاة به كراهة تنزيه على
المعتمد " انتهى بتصرف .
رابعا : المذهب الحنبلي :
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (1/494) : " ولا يعتبر
أن لا يصف حجم العضو ، لأنه لا يمكن التحرز عنه " انتهى .
قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته علي "الروض المربع" تعليقاً على قول البهوتي
السابق : " وِفَاقاً " اهـ . يعني : للأئمة الثلاثة : وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي
رحمهم الله ، أي أن مذهب الإمام أحمد في هذا موافق لمذاهب الأئمة الثلاثة .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/287) : " وإن كان يستر
لونها ويصف الخِلْقَة جازت الصلاة ، لأن هذا لا يمكن التحرز منه " اهـ .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (1/471) :
" قال المجد ابن تيمية : يكره للمرأة الشد فوق ثيابها (بأن تلبس
حزاماً أو نحوه فوق الثياب) , لئلا يحكي حجم أعضائها وبدنها . قال ابن تميم وغيره :
ويكره للمرأة في الصلاة شد وسطها بمنديل ومِنْطَقة (حزام) ونحوهما " انتهى
بتصرف .
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/97) :
" الواجب من الثياب ما يستر العورة وإن كان الساتر ضيقا يحدد
العورة " اهـ .
فهذه أقوال أهل العلم في الصلاة في الثوب الضيق الذي يحدد العورة
، وهي صريحة في صحة الصلاة .
ولا يعني ذلك دعوة الناس إلى لبس الضيق من الثياب ، بل اللباس
الضيق لا ينبغي لبسه ، ولا الصلاة به ، لأنه ينافي الزينة المأمور بأخذها في الصلاة
، إنما الكلام هنا هل تصح الصلاة به أم لا ؟
وقد أفتى فضيلة الشيخ صالح الفوزان بصحة صلاة المرأة في الثوب
الضيق الذي يحدد عورتها ، مع حصول الإثم بلبس هذا الثوب .
فقال :
" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها
وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها ، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء ،
ولكن النساء أشدّ ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ .
أما الصلاة في حد ذاتها ؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا
اللباس ؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة ؛ لوجود ستر العورة ، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق
؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس ، هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية
: يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه ، ولا سيما المرأة ، فيجب عليها أن تستتر
بثوب وافٍ واسعٍ ؛ يسترها ، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها ، ولا يلفت الأنظار إليها
، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا ، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا
كاملاً " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/454) .
وقد قال بعض العلماء في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم : "نساء
كاسيات عاريات " : أنهن يلبسن الضيق من الثياب .
والله تعالى أعلم .
*****
46531
حديث موضوع في فضل سورة المزمل
القرآن وعلومه > فضائل القرآن >(1/4601)
سؤال رقم 46531- حديث موضوع في فضل سورة المزمل
عرفت مؤخراً أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّنا على قراءة سورة الملك لتحمينا من عذاب القبر .
وقرأت كذلك أن قراءة سورة المزمل تسبب الغنى ، فهل هناك دليل من السنة على هذا ؟.
الحمد لله
أولاً : ما قرأتيه عن فضل قراءة سورة المزمل فغير صحيح ، بل هو
حديث موضوع لا يجوز العمل والاحتجاج به .
وأصله ما رُوِيَ عن زِرِّ بن حبيش عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه
قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها
مرتين ، وقال : إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن . وهو يقرئك السلام
. فقال أُبيّ : فقلت لمَّا قرأ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كما كانت لي
خاصة ، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه ؟ قال : نعم يا أبيّ ، أيما
مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن . وأعطي من الأجر
كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة .. إلى أن قال : ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر
في الدنيا والآخرة ..."
قال ابن الجوزي رحمه الله : وذكر في كل سورةٍ ثواب تاليها إلى
آخر القرآن ... وهذا حديث في فضائل السور مصنوع بلا شك . الموضوعات (1/391)
وقال الشوكاني رحمه الله : رواه العقيلي عن أبي بن كعب مرفوعاً ،
قال ابن المبارك : أظن الزنادقة وضعته .
ولهذا الحديث طرق كلها باطلة موضوعة ...ولا خلاف بين الحفاظ أن
حديث أبيّ بن كعب هذا موضوع . وقد اغتر به جماعة من المفسرين فذكروه في تفاسيرهم
كالثعلبي والواحدي والزمخشري . ولا جرم فليسوا من أهل هذا الشأن " الفوائد
المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص264.
وهذا الحديث بطوله ذكره ابن عدي في الكامل (7/2588) ، والسيوطي
في اللآلي المصنوعة (1/227) والذهبي في ترتيب الموضوعات (60) وغيرهم .
تنبيه : ولقد وضعت أحاديث كثيرة في فضائل سور القرآن وقصد واضعها
ترغيب الناس في قراءة القرآن والعكوف عليه ، وزعموا أنهم بذلك محسنون . لكنهم
أخطأؤوا فيما قصدوا إذ إنّ ذلك داخل ولا شك تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم
: ( وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ
) رواه البخاري (10) ومسلم (4) ، ولا فرق بين الكذب عليه
والكذب له .
ولقد تتبع مؤمل بن إسماعيل (ت:206) هذا الحديث حتى وصل إلى من
اعترف بوضعه .
قال مؤمل : حدثني شيخ بهذا الحديث ، فقلت له : من حدثك بهذا ؟
قال : رجل بالمدائن ، وهو حيٌّ ، فسرت إليه ، فقلت : من حدثك بهذا ؟ قال : حدثني
شيخ بواسط ، فسرت إليه . فقلت : من حدثك بهذا ؟ قال : شيخ بالبصرة ، فسرت إليه فقلت
: من حدثك بهذا ؟ فقال : شيخ بعبادان . فسرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه
قوم المتصوفة ومعهم شيخ فقال : هذا الشيخ الذي حدثني ، فقلت : يا شيخ من حدثك بهذا
: فقال : لم يحدثني أحد ، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا
الحديث ، ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن .
ومن ذلك حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في فضائل القرآن
سورة سورة فقد سئل عنه واضعه وهو : نوح بن أبي مريم ، فقال : " رأيت الناس أعرضوا
عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذه الأحاديث حسبة
"
انظر الموضوعات لابن الجوزي (1/394) ، شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (111)
وأما سورة الملك فقد سبق الكلام عن فضلها في السؤال رقم ( 26240 )
فليُراجع ..
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
*****
46532
يريد الزواج ووالداه يريدان تأجيل ذلك
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4602)
سؤال رقم 46532- يريد الزواج ووالداه يريدان تأجيل ذلك
بما تنصحون من لديه رغبات جنسية عارمة ولا يخرج من البيت ولا يفعل أي شيء يشبع هذه الرغبة. إنه أمر مشتت فعلا، وأفكار دائمة لا تغادر رأسي، وأنا راغب حقًا في التزوج لكن والديّ لديهما طموحات أعلى بشأن مستقبلي، فهما يريدان لي أن أصبح شخصية ذات شأن أولا ثم أفكر بعد ذلك في حياة الاستقرار والزواج .
الحمد لله
جاء في البخاري (5065) ومسلم (3384) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن
مسعود قَالَ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ
فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) أي : قاطع للشهوة مضعف لها .
وعلى هذا فلو تيسر للإنسان أسباب الزواج ومؤونته فعليه أن يبادر
بالزواج لما في ذلك من المصالح الكثيرة التي نبّه عليها النبي صلى الله عليه وسلم ،
من غَضِّ البصر وحفظ الفرج وتكثير الأمة والسلامة من الفتن والفساد ....
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " لو لم يبق من أجلي إلا عشرة
أيام ، وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ، ولي طَول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة
"
وقال الإمام أحمد رحمه الله : " ليست العُزْبَة من أمر الإسلام
في شيء "
وإذا كنت تخشى على نفسك العنت ، والوقوع في المحظور فحينئذ يجب
عليك الزواج .
وفي هذه الحال ينصح الوالد بتزويج ابنه وعدم الوقوف في طريق عفته
وحفظه من الفتن .
قال ابن قدامة رحمه الله : والناس في النكاح على ثلاثة أضرب ،
منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في
قول عامة الفقهاء ، لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام ، وطريقه النكاح .. إلخ
" المغني (9/341)
وعليك بالتلطف والرفق مع الوالدين ومحاولة إقناعهما بحاجتك إلى
الزواج ، وأن ذلك لن يتعارض مع ما يريدانه منك في المستقبل ، ويمكنك أن تستعين
بالعقلاء من أقاربك من إقناع والديك .
ومما يحمد عليه السائل ما يقوم به من عدم الخروج إلى أماكن الفتن
وعدم إشباع شهوته بالحرام ، ونسأل أن يثبتك على دربك وأن يوفقك لزواج صالح تقرَ به
عينك وعينا والديك ، إنه سميع قريب مجيب .
والله تعالى الموفق .
*****
46544
الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4603)
سؤال رقم 46544- الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
ما أفضل كيفية لأداء صلاة الوتر؟.
الحمد لله
صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى ، حتى رأى بعض
العلماء – وهم الحنفية – أنها من الواجبات ، ولكن الصحيح أنها من السنن المؤكدة
التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها وعدم تركها .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا
ينبغي أن تقبل له شهادة "
وهذا يدل على تأكد صلاة الوتر .
ويمكن أن نلخص الكلام عن كيفية صلاة الوتر في النقاط التالية :
وقته :
ويبدأ من حين أن يصلي الإنسان العشاء ، ولو كانت مجموعة إلى
المغرب تقديماً إلى طلوع الفجر ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وهي الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ
فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) رواه
الترمذي (425) وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وهل الأفضل تقديمه أول الوقت أو تأخيره ؟
دلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره ،
لأن صلاة آخر الليل أفضل ، وهي مشهودة ، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن
ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ
أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ
صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ ) رواه مسلم (755)
قال النووي : وهذا هو الصواب ، ويُحمل باقي الأحاديث المطلقة على
هذا التفضيل الصحيح الصريح ، فمن ذلك حديث : ( أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر
) . وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ . اهـ. شرح مسلم (3/277)
عدد ركعاته :
أقل الوتر ركعة . لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ) رواه مسلم (752) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلاةُ اللَّيْلِ
مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً
تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى ) رواه البخاري (911) ومسلم (749) ، فإذا اقتصر الإنسان عليها فقد أتى بالسنة ... ويجوز الوتر بثلاث
وبخمس وبسبع وبتسع .
فإن أوتر بثلاث فله صفتان كلتاهما مشروعة :
الأولى : أن يسرد الثلاث بتشهد واحد . لحديث عائشة رضي الله عنها
قالت : " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر " ،
وفي لفظ " كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن " رواه النسائي (3/234)
والبيهقي (3/31) قال النووي في المجموع (4/7) رواه النسائي بإسناد حسن ، والبيهقي
بإسناد صحيح . اهـ.
الثانية : أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة . لما ورد عن ابن
عمر رضي الله عنهما : أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك . رواه ابن حبان (2435) وقال ابن
حجر في الفتح (2/482) إسناده قوي . اهـ.
أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة ، ولا يتشهد إلا
تشهداً واحداً في آخرها ويسلم ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس
لا يجلس في شيء إلا في آخرها . رواه مسلم (737)
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام . رواه أحمد (6/290) النسائي (1714) وقال النووي : سنده جيد . الفتح الرباني
(2/297) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي
وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم
يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم . لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم
(746) أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا
فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا
يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ
وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا )
وإن أوتر بإحدى عشرة ، فإنه يسلم من كل ركعتين ، ويوتر منها
بواحدة .
أدنى الكمال فيه وما يقرأ منه :
أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلّم ، ثم يأتي بواحدة
ويسلم ، ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ، كما سبق .
ويقرأ في الركعة الأولى من الثلاث سورة ( سبح اسم ربك الأعلى )
كاملة . وفي الثانية : الكافرون . وفي الثالثة : الإخلاص .
روى النسائي (1729) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : ( كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ
بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ ) . وصححه الألباني في صحيح النسائي .
فكل هذه الصفات في صلاة الوتر قد جاءت بها السنة ، والأكمل أن لا
يلتزم المسلم صفة واحدة ، بل يأتي بهذه الصفة مرة وبغيرها أخرى .. وهكذا . حتى يكون
فعل السنن جميعها .
والله تعالى أعلم .
*****
46544
الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4604)
سؤال رقم 46544- الكيفيات الواردة لصلاة الوتر
ما أفضل كيفية لأداء صلاة الوتر؟.
الحمد لله
صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى ، حتى رأى بعض
العلماء – وهم الحنفية – أنها من الواجبات ، ولكن الصحيح أنها من السنن المؤكدة
التي ينبغي على المسلم المحافظة عليها وعدم تركها .
قال الإمام أحمد رحمه الله : " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا
ينبغي أن تقبل له شهادة "
وهذا يدل على تأكد صلاة الوتر .
ويمكن أن نلخص الكلام عن كيفية صلاة الوتر في النقاط التالية :
وقته :
ويبدأ من حين أن يصلي الإنسان العشاء ، ولو كانت مجموعة إلى
المغرب تقديماً إلى طلوع الفجر ، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاةٍ وهي الْوِتْرُ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ
فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْعِشَاءِ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ ) رواه
الترمذي (425) وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وهل الأفضل تقديمه أول الوقت أو تأخيره ؟
دلت السنة على أن من طمع أن يقوم من آخر الليل فالأفضل تأخيره ،
لأن صلاة آخر الليل أفضل ، وهي مشهودة ، ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل أوتر قبل أن
ينام لحديث جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَافَ أَنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ
أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ
صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ ) رواه مسلم (755)
قال النووي : وهذا هو الصواب ، ويُحمل باقي الأحاديث المطلقة على
هذا التفضيل الصحيح الصريح ، فمن ذلك حديث : ( أوصاني خليلي أن لا أنام إلا على وتر
) . وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ . اهـ. شرح مسلم (3/277)
عدد ركعاته :
أقل الوتر ركعة . لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ) رواه مسلم (752) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( صَلاةُ اللَّيْلِ
مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً
تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى ) رواه البخاري (911) ومسلم (749) ، فإذا اقتصر الإنسان عليها فقد أتى بالسنة ... ويجوز الوتر بثلاث
وبخمس وبسبع وبتسع .
فإن أوتر بثلاث فله صفتان كلتاهما مشروعة :
الأولى : أن يسرد الثلاث بتشهد واحد . لحديث عائشة رضي الله عنها
قالت : " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسلّم في ركعتي الوتر " ،
وفي لفظ " كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن " رواه النسائي (3/234)
والبيهقي (3/31) قال النووي في المجموع (4/7) رواه النسائي بإسناد حسن ، والبيهقي
بإسناد صحيح . اهـ.
الثانية : أن يسلّم من ركعتين ثم يوتر بواحدة . لما ورد عن ابن
عمر رضي الله عنهما : أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة ، وأخبر أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك . رواه ابن حبان (2435) وقال ابن
حجر في الفتح (2/482) إسناده قوي . اهـ.
أما إذا أوتر بخمس أو بسبع فإنها تكون متصلة ، ولا يتشهد إلا
تشهداً واحداً في آخرها ويسلم ، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس
لا يجلس في شيء إلا في آخرها . رواه مسلم (737)
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : كان النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوتر بخمس وبسبع ولا يفصل بينهن بسلام ولا كلام . رواه أحمد (6/290) النسائي (1714) وقال النووي : سنده جيد . الفتح الرباني
(2/297) ، وصححه الألباني في صحيح النسائي
وإذا أوتر بتسع فإنها تكون متصلة ويجلس للتشهد في الثامنة ثم
يقوم ولا يسلم ويتشهد في التاسعة ويسلم . لما روته عائشة رضي الله عنها كما في مسلم
(746) أن النبي صلى الله كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا
فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا
يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ
وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا )
وإن أوتر بإحدى عشرة ، فإنه يسلم من كل ركعتين ، ويوتر منها
بواحدة .
أدنى الكمال فيه وما يقرأ منه :
أدنى الكمال في الوتر أن يصلي ركعتين ويسلّم ، ثم يأتي بواحدة
ويسلم ، ويجوز أن يجعلها بسلام واحد ، لكن بتشهد واحد لا بتشهدين ، كما سبق .
ويقرأ في الركعة الأولى من الثلاث سورة ( سبح اسم ربك الأعلى )
كاملة . وفي الثانية : الكافرون . وفي الثالثة : الإخلاص .
روى النسائي (1729) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ : ( كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ
بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ ) . وصححه الألباني في صحيح النسائي .
فكل هذه الصفات في صلاة الوتر قد جاءت بها السنة ، والأكمل أن لا
يلتزم المسلم صفة واحدة ، بل يأتي بهذه الصفة مرة وبغيرها أخرى .. وهكذا . حتى يكون
فعل السنن جميعها .
والله تعالى أعلم .
*****
46547
هل الأفضل أن يكرر الحج عن نفسه أم يحج عن أقاربه؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4605)
سؤال رقم 46547- هل الأفضل أن يكرر الحج عن نفسه أم يحج عن أقاربه؟
هل الأفضل للإنسان تكرار الحج لنفسه تطوعاً أو ينوي ذلك لأحد أقاربه المتوفين أو الأحياء العاجزين عن الحج بعض السنين ؟ أي: سنة يحج لنفسه ، والحجة التي تليها ينويها لأحدهم .
الحمد لله
" الأفضل أن يحج عن نفسه ؛ لأنه الأصل ، ويدعو لنفسه ولغيره من
الأقارب وسائر المسلمين ، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة فله أن
يحج عنهما بعد حجه عن نفسه ، براً بهما ، وإحساناً إليهما عند العجز أو الموت ، على
أن يحج أو يعتمر عن كل واحد على حدة ، وليس له جمعهما بعمرة (واحدة) ولا حج (واحد)
" انتهى .
فتاوى اللجنة الدائمة" (11/66) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : امرأة أرادت أن تحج عن
والدتها وهي متوفاة ووالدتها قد حجت الفريضة ، فما هو الأفضل : أن تحج أو تدعو لها
؟
فأجاب :
" الأفضل أن تحج لنفسها ، وأن تدعو لأمها ، وذلك لأن النبي صلى
الله عليه وعلى آله وسلم لما قال : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ
عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ : إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ
يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) لم يقل : ولد صالح يحج عنه
أو يصوم عنه أو يتصدق عنه أو يصلى عنه ، فإذا سألنا سائل : أيهما أفضل أن أصلي
وأجعل الثواب لأبي ، أو أتصدق وأجعل الثواب لأبي ، أو أن أدعو لأبي ؟ قلنا : الأفضل
أن تدعو لأبيك ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منا ، وأنصح منا ، وأفصح منا ،
ولم يقل : أو ولد صالح يعمل له ، بل قال : ولد صالح يدعو له ، هذا ما أرشد إليه
النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى
"فتاوى ابن عثيمين" (21/251) .
*****
08/1426
46557
إمامة من يرتكب بعض المعاصي
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4606)
سؤال رقم 46557- إمامة من يرتكب بعض المعاصي
إمام مسجدنا يحلق جزءًا من لحيته تاركًا شريطًا رفيعًا على وجهه فقط وهو من حفاظ القرآن . لكن كثير ممن يصلون وراءه يبدون أفضل منه في اتباعهم للدين ، إلا أنهم ليسوا من حفظة القرآن .
أولاً : هل بدعة هذا الإمام ـ بحلقه معظم لحيته ـ تبطل صلاته وبالتالي صلاة من يصلون خلفه ؟
ثانيًا : لو كانت صلاته صحيحة ، هل ينبغي لنا الاجتهاد في استبداله بإمام حتى لو كان الإمام الجديد من غير الحافظين ؟
لدينا العديد من المشاكل في مسجدنا بسبب هذه المسألة ، فبعضنا يقول يجب ألا نصلي وراء مثل هذا الإمام بينما يؤكد آخرون أنه يجب أن نصلي وراءه .
الحمد لله
أولاً :
حلق اللحية أو بعضها معصية من المعاصي ، ولا يجوز ارتكابها ،
وصلاة من يفعل شيئاً من المعاصي كحلق اللحية ونحو ذلك صحيحة إذا أدّاها كما شرع
الله بإجماع أهل العلم ، وهكذا صلاة من خلفه إذا كان إماماً في أصحّ قولي العلماء . "تحفة الإخوان" (ص 114) للشيخ عبد العزيز بن باز .
ويدل لصحة إمامته صلاة الصحابة رضي الله عنهم خلف أئمة الجور
والظلم ، فقد صلى عبد الله بن عمر وأنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم خلف
الحَجَّاج الثقفي ، قال الشافعي : وكفى به – يعني الحجاج - فاسقاً .
وإذا ثبت هذا فلا عبرة بقول من يقول : يجب ألا نصلي وراء هذا
الإمام . بل تجب الصلاة خلفه فيما إذا ترتب على عدم الصلاة خلفه مفسدة أو فرقة أو
نزاع ، والخلاف شر .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله - : " وأما إذا كان ترك الصلاة
خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعات فهذا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف
للصحابة رضي الله عنهم ، وكذلك إذا كان الإمام قد رتّبه ولاة الأمور وليس في ترك
الصلاة خلفه مصلحة شرعية فهذا لا يترك الصلاة خلفه ، بل الصلاة خلفه أفضل " . مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (9/377)
وقال النووي رحمه الله -في إمامة من أمّ قوماً وهم له كارهون- :
" قال أصحابنا : وإنما تُكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموم شرعاً كوالٍ ظالم ، وكمن
تغلّب على إمامة الصلاة ولا يستحقها ، أو لا يتصون من النجاسات ... فإن لم يكن شيء
من ذلك فلا كراهة ... " ثم قال : " وحيث قلنا بالكراهة ، فهي مختصة بالإمام ، أما
المأمومون الذين يكرهونه فلا يكره لهم الصلاة وراءه " اهـ . المجموع
(4/172-173) .
ثانياً :
وأما استبداله ، فإن تمكنتم من استبداله بغيره ممن هو أعظم ديناً
وتمسكاً به ولم يترتب على ذلك مفسدة أكبر فهذا هو الأولى ، وإلا كان بقاؤه أولى .
والدليل على منع الإمام المعلن بالمعصية من الإمامة ما رواه أبو
داود (481) أَنَّ رَجُلا أَمَّ قَوْمًا فَبَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَغَ : لا يُصَلِّي لَكُمْ ، فَأَرَادَ بَعْدَ
ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ لَهُمْ فَمَنَعُوهُ ، وَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ
: إِنَّكَ آذَيْتَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وهذا ما لم يترتب على منعه مفسدة أعظم ، فإن كان كذلك ، فإنكم
تصلون خلفه ، ولا يجوز ترك صلاة الجماعة من أجل فسق الإمام ، كما سبق .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " فإذا أمكن للإنسان أن لا يقدم
مظهراً للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك . لكن إذا ولاه غيره ولم يُمكنه صرفه عن
الإمامة أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضرراً من ضرر ما أظهر من
المنكر فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ، ولا دفع أخف الضررين بحصول
أعظمهما ، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها
بحسب الإمكان " .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (9/377)
راجع السؤال ( 13465 )
والله تعالى أعلم .
*****
46562
أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر ، فهل يلزمه الاغتسال ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4607)
سؤال رقم 46562- أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر ، فهل يلزمه الاغتسال ؟
هل يتطلب تأخير الصلاة بدون عذر الغسل وذلك لأنه كما ورد في الموقع يخرج من الملة ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن الصلاة عماد الدين .. وعنوان الفالحين .. وسعادة الصالحين ..
كتبها الله على المؤمنين : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء/103
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ
غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ
* وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ*وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى
صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) المؤمنون/1-8
وهي أول ما يُحاسب عليها العبد يوم الدين . قال عليه الصلاة
والسلام : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ
عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ
فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ) رواه الترمذي (413) وأبو داود (864) وصححه
الألباني في صحيح أبي داود .
والصلاة يمحو الله بها الخطايا والسيئات ، ويرفع الدرجات ، وهي
آخر ما يضيع من الدين ، فإن ضاعت ضاع الدين كله . انظر السؤال ( 33694 )
أخي المسلم
حافظ على صلاتك قبل مماتك ... وصل قبل أن يُصلى عليك ..
فإن كنت محافظاً عليها فاستمر .. وإن كنت متهاوناً فيها فتب
واستغفر قبل فوات الأوان .. فمن تاب تاب الله عليه .. ومن أقبل على الله أقبل الله
إليه .
يقول الله في الحديث القدسي : ( وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ
بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا
تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ) رواه البخاري (7405) ومسلم (2675)
فتب إلى الله توبة نصوحاً .. عسى الله أن يتوب عليك ..
ثانياً :
التهاون بالصلاة ، وتأخيرها عن وقتها من غير عذر من الكبائر .
راجع السؤال ( 47123 ) .
بل ذهب بعض العلماء إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى
خرج وقتها . راجع السؤال ( 39818 ) . وعلى هذا القول تنبني إجابة سؤالك ، وهو أمر من ترك صلاة بغير عذر
حتى خرج وقتها بالاغتسال.
فإن اغتسال الكافر إذا أسلم مشروع ، ومثله المرتد إذا رجع إلى
الإسلام .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/202) :
"إذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو
مرتدًّا.
فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْر دِينِ الإسلام
كاليهوديِّ والنَّصرانيِّ، والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.
والمرتَدُّ: من كان على دين الإسلام ثم ارتدَّ عنه ـ نسأل الله
السَّلامة ـ كَمَنْ ترك الصَّلاة ، أو اعتقد أنَّ و شريكاً، أو دعا النبيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أن يُغِيثَه من الشِّدَّةِ ، أو دعا غيره أن يُغِيثهَ في
أمرٍ لا يمكن فيه الغَوْثُ .
والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك :
1ـ حديث قَيس بن عاصم أنَّه لمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّ يغتسل بماء ٍوسِدْر . رواه الترمذي (605) ،
وصححه الألباني في صحيح الترمذي . والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.
2ـ أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمة أن
يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْل.
وقال بعض العلماء : لا يَجِب الغُسْل بذلك ، واستدلَّ على ذلك
بأنه لم يَرِدْ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمر عامٌّ مثل : مَنْ
أسلم فَلْيَغْتَسِل ، كما قال : "من جاء مِنْكُم الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِل" وما
أكثر الصَّحابة الذين أسلموا، ولمْ يُنْقَل أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
أمرهم بالغُسْلِ أو قال من أسلم فليغتسل، ولو كان واجباً لكان مشهوراً لحاجة
النَّاس إليه.
وقد نقول : إنَّ القول الأوَّل أقوى وهو وُجوب الغُسْل ، لأنَّ
أمْرَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ واحداً مِنَ الأمَّة بحُكمٍ ليس هناك
معنى معقول لتخصيصه به أمْرٌ للأمة جميعاً ، إذ لا معنى لتخصيصه به. وأمْرُه صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لواحد لا يعني عدم أمْرِ غيره به .
وأما عدم النَّقل عن كلِّ واحد من الصَّحابة أنه اغتسل بعد
إسلامه، فنقول : عدم النَّقل ، ليس نقلاً للعدم؛ لأنَّ الأصلَ العملُ بما أمر به
النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ولا يلزم أن يُنقلَ العمل به من كلِّ
واحد" اهـ .
وقال ابن قدامة في المغني :
إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ , سَوَاءٌ
كَانَ أَصْلِيًّا , أَوْ مُرْتَدًّا . . . وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَابْنِ الْمُنْذِرِ" اهـ .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31/206) :
"ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ إسْلامَ
الْكَافِرِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ , فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ
يَغْتَسِلَ . . . وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْكَافِرِ الأَصْلِيِّ
وَالْمُرْتَدِّ , فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمُرْتَدِّ أَيْضًا إذَا أَسْلَمَ"
اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
4658
القبور وقف على من دفن بها
الفقه > عبادات > الوقف >(1/4608)
سؤال رقم 4658- القبور وقف على من دفن بها
السؤال :
أسكن في بلد من بلاد المسلمين ولديّ قطعة أرض زراعية ، ولما حفرتها وجدت في طرفها الشرقي بعض القبور القديمة ولا يوجد بها إلا بقايا عظام بائدة ، وأنا بحاجة إلى هذه الأرض فما هو الحكم ؟
الجواب:
الحمد لله
تبين من كلامك أن الأرض التي سألت عنها مقبرة ، وأن مزرعتك تحدها من الغرب ، وليست من مزرعتك ، وحيث وجدت بها عند حفرها قبورا بائدة ، وفي القبور عظام باعترافك فليست ملك لك ولا حرما لمزرعتك بل هي وقف على من دفن بها ولا يحل لك ولا لغيرك تملكها أو الانتفاع بأرضها في سكنى أو زراعة او بناء أو نصب خيام أو نحو ذلك ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة .
فتاوى إسلامية 3/20-21
*****
46588
حكم الاكتتاب في بنك البلاد
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/4609)
سؤال رقم 46588- حكم الاكتتاب في بنك البلاد
ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد ؟.
الحمد لله
بنك البلاد لديه هيئة شرعية جيدة من أهل الفقه والتحري والتثبت ،
وقد أعلن مراراً أنه يريد أن يكون بنكاً إسلامياً ، وأنظمته يجري كتابتها وصياغتها
، فإذا كانت موافقة للشريعة وكانت أعماله التي سيجريها عند فتحه موافقة للشريعة فلا
حرج في المشاركة فيه ، وهذا لا يتم التأكد منه إلا بسؤال الثقات من أفراد هذه
اللجنة الشرعية وبالممارسة التي ستحصل من البنك بعد افتتاحه .
فمن عرف جواز الأنظمة والممارسات جازت له المساهمة .
وقد أصدرت الهيئة الشرعية للبنك القرار التالي :
قرار الهيئة الشرعية لبنك البلاد: القرار ذو الرقم (100) بتاريخ
1/1/1426هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأولين
والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة)
المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في
بنك البلاد، وقرر ما يأتي :
أولاً : يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة
شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة
تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي:
"بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في
جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي.
ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات
البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة
الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي:
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية،
وموافقتها عليه.
3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك ؛ للتأكد من موافقة الأعمال
لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية .
4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد
الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته .
5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي
في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ.هـ.
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في
شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة
الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك
المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من
جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك
وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته.
ثانياً : يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول
الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص
الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع
العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من
الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع
أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء
التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو
مطلوباتها، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام،
والحقوق المعنوية وغير ذلك.
ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب،
سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد
المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن
تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد
من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة
الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم
وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من
التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده
للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو
محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم
تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد
ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء
التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما
من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%،
أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال : خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك ؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح ، فقد
لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل ، أو قد
تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن .
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم
باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن
هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون
السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل
الشركة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد
للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة ، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على
البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق
المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى
الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد
الشيخ أ.د. عبدالله بن موسى العمار
الشيخ د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د. يوسف بن عبدالله الشبيلي
الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي
والله أعلم .
*****
46592
حكم تمني الموت
الرقائق > التوبة >(1/4610)
سؤال رقم 46592- حكم تمني الموت
إذا كان المسلم يواجه مشكلات كثيرة في حياته ، ولا يستطيع حلها ، فهل يجوز له أن يدعو على نفسه بالموت ، حتى يستريح من هذه المشاكل ؟.
الحمد لله
أولاً : طول العمر للمؤمن الذي يعمل صالحاً خير له من الموت .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس من طال عمره وحسن
عمله ) رواه أحمد والترمذي (110) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( طوبى لمن طال عمره وحسن عمله ) رواه الطبراني وأبو نعيم ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3928) .
وروى أحمد (8195) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : كَانَ رَجُلَانِ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً . قَالَ طَلْحَةُ
بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ : فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ ، فَرَأَيْتُ فِيهَا الْمُؤَخَّرَ
مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ ، فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ ، فَأَصْبَحْتُ
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلَيْسَ قَدْ صَامَ
بَعْدَهُ رَمَضَانَ ! وَصَلَّى سِتَّةَ آلافِ رَكْعَةٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً
! صَلاةَ السَّنَةِ ) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2591) . وقال
العجلوني في "كشف الخفاء" : إسناده حسن .
وقال رجل : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَ
: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ ) قَالَ : فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ ؟
قَالَ : (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ ) رواه أحمد والترمذي (2330)
، وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " إِنَّ الأَوْقَاتِ
وَالسَّاعَاتِ كَرَأْسِ الْمَالِ لِلتَّاجِرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّجِرَ فِيمَا
يَرْبَحُ فِيهِ وَكُلَّمَا كَانَ رَأْسُ مَالِهِ كَثِيرًا كَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ
, فَمَنْ اِنْتَفَعَ مِنْ عُمُرِهِ بِأَنْ حَسُنَ عَمَلُهُ فَقَدْ فَازَ وَأَفْلَحَ
, وَمَنْ أَضَاعَ رَأْسَ مَالِهِ لَمْ يَرْبَحْ وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا " انتهى .
ولذلك قيل لبعض السلف : طاب الموت !!
قال : يا ابن أخي ، لا تفعل ، لساعة تعيش فيها تستغفر الله ، خير
لك من موت الدهر !
وقيل لشيخ كبير منهم : أتحب الموت ؟ قال : لا ، قد ذهب الشباب
وشره ، وجاء الكبر وخيره ، فإذا قمت قلت : بسم الله ، وإذا قعدت قلت : الحمد لله ،
فأنا أحب أن يبقى هذا !!
وكان كثير من السلف يبكي عند موته أسفا على انقطاع أعماله
الصالحة .
ولأجل ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني الموت ، لأنه
يحرم المؤمن من خير الطاعة ، ولذة العبادة ، وفرصة التوبة ، واستدراك ما فات :
فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ , وَلا
يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ
انْقَطَعَ عَمَلُهُ ، وَإِنَّهُ لا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلا خَيْرًا ) رواه مسلم (2682) .
فجمع بين النهي عن تمني الموت ، والنهي عن الدعاء به على النفس .
وعند البخاري (7235) بلفظ : ( لا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمْ
الْمَوْتَ ، إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ ، وَإِمَّا مُسِيئًا
فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ ) .
قَالَ النَّوَوِيّ : فِي الْحَدِيث التَّصْرِيح بِكَرَاهَةِ
تَمَنِّي الْمَوْت لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ مِنْ فَاقَة ، أَوْ مِحْنَة بِعَدُوٍّ ،
وَنَحْوه مِنْ مَشَاقّ الدُّنْيَا , فَأَمَّا إِذَا خَافَ ضَرَرًا أَوْ فِتْنَة فِي
دِينه فَلا كَرَاهَة فِيهِ لِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيث , وَقَدْ فَعَلَهُ خَلَائِق
مِنْ السَّلَف .
وَقَوْله " يَسْتَعْتِبُ " أَيْ يَسْتَرْضِي اللَّه بِالإِقْلاعِ
وَالاسْتِغْفَار .
وفي تمني الموت معنى آخر يمنع منه :
وهو أن سكرات الموت شديدة ، وهول المطلع أمر فظيع ، ولا عهد
للمرء بمثل ذلك ، ثم إن الإنسان لا يدري ما ينتظره بعد الموت ! نسأل الله السلامة ،
فتمني الموت طلب لشيء لا عهد للمرء به ، وتغرير بنفسه ؛ وعسى إن تمنى الموتَ بسبب
شدةٍ وقع فيها أن يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار ، فلعله أن يهجم بعد الموت على
ما هو أعظم وأشد مما هو فيه ؛ فتمني الموت حينئذ نوع من استعجال البلاء قبل وقوعه ،
ولا ينبغي للعاقل أن يفعل ذلك ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تَتَمَنَّوْا
لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ ) متفق عليه ، وقد ورد في هذا
المعنى حديث , ولكن ضعيف .
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قالُ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَمَنَّوْا الْمَوْتَ ،
فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطَّلَع شَدِيدٌ ، وَإِنَّ مِنْ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ
عُمْرُ الْعَبْدِ وَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الإِنَابَةَ ) رواه أحمد ، وضعفه
الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (885) .
وسمع ابن عمر رجلا يتمنى الموت ، فقال : لا تتمن الموت ، فإنك
ميت ، وسل الله العافية ، فإن الميت ينكشف له عن هول عظيم .
قال ابن رجب رحمه الله : " وقد كان كثير من الصالحين يتمنى الموت
في صحته ، فلما نزل به كرهه لشدته ، ومنهم أبو الدرداء وسفيان الثوري ، فما الظن
بغيرهما ؟!" .
والنهي عن تمني الموت إنما هو إذا كان بسبب ما يحصل للمرء من ضرر
في أمور دنياه ، فإنّ تمني الموت حينئذ دليل على الجزع مما أصابه :
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ
الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ , فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ فَاعِلا فَلْيَقُلْ :
اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي , وَتَوَفَّنِي إِذَا
كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) متفق عليه .
وَقَوْله " مِنْ ضُرّ أَصَابَهُ " يعني بذلك الضرر الدنيوي
كالمرض والابتلاء في المال والأولاد وما أشبه ذلك , وأما إذا خاف ضرراً في دينه
كالفتنة فإنه لا حرج من تمني الموت حينئذٍ كما سيأتي .
ولعل هذا الذي طلب الموت ليستريح مما به من ضر ، لعله أن يزيد
تعبه ، ويتصل ألمه وهو لا يدري ؛ فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قِيلَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَاتَتْ فُلَانَةُ ، وَاسْتَرَاحَتْ , فَغَضِبَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( إِنَّمَا يَسْتَرِيحُ مَنْ
غُفِرَ لَهُ ) رواه أحمد (24192) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1710)
.
ثانياً : هناك بعض الحالات يشرع تمني الموت فيها ، منها :
الأولى : أن يخشى على دينه من الفتن
ولا شك أن موت الإنسان بعيدا عن الفتن ، ولو كان عمله يسيرا ،
خير له من أن يفتن في دينه ، نسأل الله السلامة .
فعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ
: الْمَوْتُ ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ ، وَيَكْرَهُ
قِلَّةَ الْمَالِ ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ ) رواه أحمد
وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (813) .
وقد دل على مشروعية تمني الموت في هذه الحال أيضاً : قول النبي
صلى الله عليه وسلم في دعائه : ( وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ) رواه الترمذي (3233) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا جائز عند أكثر العلماء .
وعلى هذا يحمل ما ورد عن السلف في تمني الموت ؛ أنهم تمنوا الموت
خوفاً من الفتنة .
روى مالك عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قال : لَمَّا
صَدَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنًى أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ثُمَّ كَوَّمَ
كَوْمَةً بَطْحَاءَ ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهَا رِدَاءَهُ وَاسْتَلْقَى ثُمَّ مَدَّ
يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي ، وَضَعُفَتْ
قُوَّتِي ، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي ، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ
وَلا مُفَرِّطٍ ) قال سعيد : فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رضي الله عنه .
وقال أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : من رأى الموت يباع
فليشتره لي !
"الثبات عند الممات" لابن الجوزي (ص 45) .
الثانية : أن يكون موته شهادة في سبيل الله عز وجل
وقد دل على مشروعية تمني الموت في هذه الحال كثير من الأحاديث ،
منها :
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ
خَلْفَ سَرِيَّةٍ ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ
أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ) متفق عليه . فقد تمنى
الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقتل في سبيل الله ، وما ذاك إلا لعظم فضل الشهادة .
وروى مسلم (1909) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ
مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ) .
وقد كان السلف رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم يحبون الموت في سبيل الله
.
قال أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بشأن مسيلمة الكذاب عندما
ادعى النبوة : والله لأقاتلنه بقوم يحبون الموت كما يحب الحياة .
وكتب خالد بن الوليد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلى أهل فارس : والذي
لا إله غيره لأبعثنَّ إليكم قوماً يحبُّون الموت كما تحبُّون أنتم الحياة .
وإنما كانت هذه المنزلة مرغوبة - لا حرمنا الله منها - وطلبها
ممدوحا من كل وجه ، لأن من أعطيها لم يحرم أجر العمل الصالح الذي تطيب لأجله الحياة
، وتكون خيرا للمرء من الموت ، ثم إن الله تعالى يحمي صاحب هذه المنزلة من فتنة
القبر .
فعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ
مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي
كَانَ يَعْمَلُهُ ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ ) رواه مسلم (1913) .
والخلاصة : أن يكره للمسلم أن يتمنى الموت إن كان ذلك بسبب ضر
أصابه في الدنيا ، بل عليه أن يصبر ويستعين بالله تعالى ، ونسأل الله تعالى أن يفرج
عنك ما أنت فيه من الهم .
وراجع السؤال ( 22880 )
.
والله أعلم .
*****
46595
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الشركة >(1/4611)
سؤال رقم 46595- هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟ . أرجو الرد لما في ذلك من رد الشبه للجميع .
الحمد لله
هذه الشركة تشبه في عملها شركة " بزناس " ، وقد بيَّن أهل العلم
حرمة الاشتراك في هذه الشركة ، وشركة " تسويق نت " لا تختلف عن بزناس إلا في كونها
تبيع بضاعة لها قيمتها ، لكن ليس المقصود ذات البضاعة بل التسويق ، وتقوم هذه
الشركات على ما يُسمَّى " التسويق الهرمي " .
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم :
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة ، وتتلخص في أن يشتري
الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم
أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء
الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ،
وهكذا .
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج
بالأسباب التالية :
1. أنه أكل للمال بالباطل .
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً .
أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا
في وجود من يخسر لمصلحة من يربح ، سواء توقف النمو أم لم يتوقف ، فالخسارة وصف لازم
للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال ، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية
للمستويات العليا ، والخاسرون هم الأغلبية الساحقة ، والرابحون هم القلة ، أي : أن
القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق ، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن
بتحريمه ، ويسمَّى هذا النمط عند الاقتصاديين : تعامل صفري ( zero-sum game ) ، حيث
ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية .
الغرر
أصل الغرر المحرم : هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم
وجوده أو تحققه على النحو المرغوب ، ولذلك قال الفقهاء : الغرر هو التردد بين أمرين
، أغلبهما أخوفهما ، والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح
الغالب عدم تحققها .
الخلاصة :
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي - ومنها البرنامج المذكور
في السؤال - مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين ؛ لأن هذا التسلسل لا
يمكن أن يستمر بلا نهاية ، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة
الأكثرية ، كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على
حساب الطبقات الدنيا من الهرم ، فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف
البرنامج ، ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج ، بل هذا يجعله داخلاً ضمن
الحيل المحرمة ، والعلم عند الله تعالى .
انتهى
وقال الشيخ – حفظه الله – عن شركة " تسويق نت " تحديداً - :
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي " ، مهما
تعددت صوره واختلفت تطبيقاته ، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل
الاشتراك في التسويق ، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج : فإن الهدف من
الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى ، وأما المنتج فهو تبع ، وبناء على ذلك فهو
ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل ؛ لأن المشترك لا يدري هل
ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا ، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم
، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن ، ثم الذين اشتركوا عن
طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه ، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة ،
إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة ، وهكذا .
انتهى
وانظر سؤال رقم ( 40263 ) ( 41620 )
والله أعلم.
*****
46595
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الشركة >(1/4612)
سؤال رقم 46595- هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت " ؟ . أرجو الرد لما في ذلك من رد الشبه للجميع .
الحمد لله
هذه الشركة تشبه في عملها شركة " بزناس " ، وقد بيَّن أهل العلم
حرمة الاشتراك في هذه الشركة ، وشركة " تسويق نت " لا تختلف عن بزناس إلا في كونها
تبيع بضاعة لها قيمتها ، لكن ليس المقصود ذات البضاعة بل التسويق ، وتقوم هذه
الشركات على ما يُسمَّى " التسويق الهرمي " .
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم :
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة ، وتتلخص في أن يشتري
الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به ( أن يشتروا هم
أيضاً منتجات الشركة ) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك ، ثم كل واحد من هؤلاء
الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً ، ويحصل الأول على عمولة إضافية ،
وهكذا .
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج
بالأسباب التالية :
1. أنه أكل للمال بالباطل .
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً .
أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا
في وجود من يخسر لمصلحة من يربح ، سواء توقف النمو أم لم يتوقف ، فالخسارة وصف لازم
للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال ، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية
للمستويات العليا ، والخاسرون هم الأغلبية الساحقة ، والرابحون هم القلة ، أي : أن
القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق ، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن
بتحريمه ، ويسمَّى هذا النمط عند الاقتصاديين : تعامل صفري ( zero-sum game ) ، حيث
ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية .
الغرر
أصل الغرر المحرم : هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم
وجوده أو تحققه على النحو المرغوب ، ولذلك قال الفقهاء : الغرر هو التردد بين أمرين
، أغلبهما أخوفهما ، والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح
الغالب عدم تحققها .
الخلاصة :
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي - ومنها البرنامج المذكور
في السؤال - مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين ؛ لأن هذا التسلسل لا
يمكن أن يستمر بلا نهاية ، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة
الأكثرية ، كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على
حساب الطبقات الدنيا من الهرم ، فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف
البرنامج ، ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج ، بل هذا يجعله داخلاً ضمن
الحيل المحرمة ، والعلم عند الله تعالى .
انتهى
وقال الشيخ – حفظه الله – عن شركة " تسويق نت " تحديداً - :
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي " ، مهما
تعددت صوره واختلفت تطبيقاته ، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل
الاشتراك في التسويق ، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج : فإن الهدف من
الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى ، وأما المنتج فهو تبع ، وبناء على ذلك فهو
ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل ؛ لأن المشترك لا يدري هل
ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا ، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم
، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن ، ثم الذين اشتركوا عن
طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه ، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة ،
إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة ، وهكذا .
انتهى
وانظر سؤال رقم ( 40263 ) ( 41620 )
والله أعلم.
*****
46597
المرور بالحِجر أثناء الطواف
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >(1/4613)
سؤال رقم 46597- المرور بالحِجر أثناء الطواف
بعض الناس أثناء الطواف يدخل من باب الحِجْر ، ولا يكمل الطواف من خارج الحِجر ، لاسيما في أوقات الزحام ، فهل يصح طوافهم ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمن – رحمه الله - :
" هذا خطأ عظيم جدًا ؛ أن بعض الناس يدخل في الطواف من باب الحجر
، ويخرج من الباب الثاني في أيام الزحام ، يرى أن هذا أقرب وأسهل وهذا خطأ عظيم؛
لأن الذي يفعل ذلك لا يعتبر طائفًا بالبيت ، والله تعالى يقول : ( وليطَّوفوا
بالبيت العتيق ) الحج / 29 .
والنبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من وراء الحجر ، فإذا طاف
الإنسان من داخل الحجر ، فإنه لا يعتبر طائفاً بالبيت ، فلا يصح طوافه ، وهذه مسألة
خطيرة ، لاسيما إذا كان الطواف ركنا ، كطواف العمرة وطواف الإفاضة . ودواء ذلك أن
نُبين للحجاج أنه لا يصح الطواف إلا بجميع البيت ، ومنه الحِجر .
تسمية الحجر بحجر إسماعيل :
وبهذه المناسبة أود أن أبين أن كثيرًا من الناس يطلقون على هذا
الحجر اسم ( حجر إسماعيل ) والحقيقة أن إسماعيل لا يعلم به ، وأنه ليس حجرًا له ،
وإنما هذا الحجر حصل حين قصرت النفقة على قريش ، حين أرادوا بناء الكعبة ، فلم
تَكفِ النفقة لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فأخرجوا منها هذا الجانب ، ،
وسُمِّي حَطيمًا وحجرًا . فليس لإسماعيل فيه أي علم أو أي عمل .
وهناك بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره ، فتجده يطوف معه
نساؤه ، ويكون قد وضع يده مع زميله لحماية النساء ، فتجده يطوف والكعبة خلف ظهره ،
وزميله الآخر يطوف والكعبة بين يديه وهذا خطأ عظيم أيضا، لأن أهل العلم يقولون : من
شرط صحة الطواف أن يجعل الكعبة عن يساره ، فإذا جعلها خلف ظهره ، أو جعلها أمامه ،
أو جعلها يمينه وعكس الطواف، فكل هذا طواف لا يصح . والواجب على الإنسان أن يعتني
بهذا الأمر، وأن يحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه.
ومن الناس من تجعل الكعبة خلف ظهره أو أمامه لبضع خطوات من أجل
الزحام ، وهذا خطأ ، فالواجب على المرء أن يحتاط لدينه ، وأن يعرف حدود الله تعالى
في العبادة قبل أن يتلبس بها ، حتى يعبد الله تعالى على بصيرة .
وإنك لتعجب أن الرجل إذا أراد أن يسافر إلى بلد يجهل طريقه ،
فإنه لا يسافر إليها حتى يسأل ويبحث عن هذا الطريق ، وعن الطريق السهل ، ليصل إليها
براحة وطمأنينة ، وبدون ضياع أو ضلال ، أما في أمور الدين ، فإن كثيرا من الناس- مع
الأسف- يتلبس بالعبادة وهو لا يدري حدود الله تعالى فيها ، وهذا من القصور ، بل من
التقصير ، نسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية ، وأن يجعلنا ممن يعلمون حدود
ما أنزل الله على رسوله .
انتهى من دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر .
*****
46601
مصير الشيطان يوم القيامة
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4614)
سؤال رقم 46601- مصير الشيطان يوم القيامة
ماذا سيحدث للشيطان بعد يوم البعث ؟.
الحمد لله
مصير الشيطان يوم القيامة هو أسوأ وأشنع مصير ـ والعياذ بالله ـ
وقد دلت على ذلك الأدلة الكثيرة جدا في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،
فقد بين الله تعالى أن الشيطان من الكافرين فقال سبحانه : ( وَإِذْ قُلْنَا
لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ
وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) البقرة/34 . ومصير الكافرين هو
النار وبئس القرار .
وأخبر سبحانه أن اللعنة قد حلت على الشيطان إلى يوم البعث، كما
أخبر سبحانه أنه سيملأ جهنم منه ومن أتباعه فقال سبحانه : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ
ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ
إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ
مِنْ طِين * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا
فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون
* قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ
لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ
وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ
أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ
تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأعراف/11-18
وقال عز من قائل سبحانه وهو يخبر عن قول الشيطان لما أُخبِرَ
بطرده وإبعاده عن رحمة الله : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين *
إلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ *
لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ) ص/82-85 ، إلى غير ذلك من الآيات التي تبين المصير المحتوم للشيطان
يوم القيامة .
وأخبرنا الله تعالى عن تبرئ الشيطان من أتباعه يوم القيامة ،
فقال : ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ
وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ
سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ ) إبراهيم/22 .
فليحذر العاقل أن يكون من أتباع الشيطان ، أو حزبه ، فإن أتباعه
هم أهل النار – كما في الآيات السابقة - والشيطان ( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ
لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) فاطر/6.
( أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ
الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ ) المجادلة/19 .
ولهذا أوجب الله تعالى علينا معاداته ، ومخالفته ، وحذرنا من
طاعته واتباع خطواته ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ
فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً ) فاطر/6.
وقال تعالى : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ
لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) يس/6.
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي
الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ
عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168.
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ
يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/21.
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الشيطان الرجيم .
والله تعالى أعلم .
*****
46623
أسلمت حديثا وتشعر بقلق من المستقبل
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4615)
سؤال رقم 46623- أسلمت حديثا وتشعر بقلق من المستقبل
دخلت في دين الإسلام وأحاول أن أصلي كل يوم وأن أقرأ القرآن، لكني يسيطر عليّ دومًا قلق شديد من المستقبل خشية أن يحدث لي مكروه أو ما إلى ذلك ، وتنتابني هذه المشاعر في الليل بصفة خاصة. من فضلكم أخبروني ماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أولا :
نهنئك على هذه النعمة العظيمة التي من الله عليك بها ، وهي نعمة
الدخول في الإسلام، والتمتع بالصلاة وقراءة القرآن .
ثانيا :
عليك بالحرص على أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها المحددة لها
شرعاً ، وهي خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن الصلاة صلة ومناجاة بين العبد وربه ،
وهي أعظم فروض الإسلام وأركانه بعد الشهادتين ، وهي نور للعبد في حياته ، وفي قبره
في الآخرة .
ولتحرصي على النوافل بعد أداء الفرائض ، فإن الله تعالى يقول في
الحديث القدسي : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) رواه البخاري (6502)
ثالثاً :
ما تشعرين به من القلق والتخوف من المستقبل ، أمر قد يصيب بعض
الناس في مبدأ التزامهم وتمسكهم بالدين ، ولعل السر في ذلك : أن الشيطان يغيظه
انتقال العبد إلى الهداية، وسلوكه طريق الرحمة، فيسعى جاهدا لصرفه عن ذلك ، كما أنه
يوسوس له في جانب الله تعالى ما لا يليق ليحزنه ويقلقه ، وهذا بحمد الله لا يضر
المؤمن. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين شكي إليه ما يجده بعض الصحابة من
الوسوسة : ( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى
الوسوسة ) رواه أحمد (2097) وأبو داود (4448) وصححه الألباني في صحيح أبي
داود . وأصل الحديث في الصحيحين .
وعليك بالإكثار من قراءة القرآن ، وذكر الله تعالى ، فإن الإنسان
لن يعصم نفسه من الشيطان بمثل ذكر الله تعالى كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لاسيما الأذكار الواردة في المناسبات وأوقات معينة ، كأذكار
الصباح والمساء ، والنوم والاستيقاظ ، والخروج والدخول إلى المنزل ، مع تطهير البيت
مما يمنع دخول الملائكة كالكلب والصورة .
واعلمي أن المستقبل بيد الله تعالى، وما قدره الله سيكون، فخوفك
أو قلقك منه لا يغيره ولا يبدله، فانشغلي بما يعود عليك بالنفع، وأحسني الظن بالله
تعالى، فإن الله عند ظن عبده به، كما في الحديث القدسي: ( أنا عند ظن عبدي بي ،
وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في
ملأ خير منهم ) رواه البخاري (7066) ومسلم (2675) وعند أحمد
(16059) بإسناد صحيح : ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء )
فظني بالله تعالى أنه سيكرمك، ويرحمك، ويعطيك، ويسعدك في الدنيا
والآخرة، لأنه يحب عباده الصالحين، ويكرم عباده المتقين، وأنت والحمد لله حديثة
العهد بالإسلام ، قليلة الذنوب والآثام ، فأبشري بالحياة الهنيئة ، كما قال الله :
)مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ) النحل/97
نسأل الله أن يوفقك ويذهب عنك ما تجدين من القلق والخوف .
والله أعلم .
*****
46645
لم يذهب للانتداب فهل يأخذ البدل؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4616)
سؤال رقم 46645- لم يذهب للانتداب فهل يأخذ البدل؟
أعمل في قطاع حكومي ، وقد كلفت بانتداب ولكن لم أذهب للانتداب ، ورغم ذلك صرف لي بدل انتداب . فهل آخذ المبلغ وأقم بصرفه في أشياء خاصة بالعمل ؟ علما بأنني سكرتير مدير عام واحتاج أحيانا لمبالغ من جهة متطلبات العمل . أو أتركه علما بأنه قد نزل باسمي في الصندوق ، ولم يبق إلا أن أذهب لاستلامه ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
لا يحل لك أن تأخذ بدل الانتداب وأنت لم تعمل . فالواجب عليك ترك
هذا المبلغ وعدم استلامه ، وعليك أن تبلغ المسئول عن ذلك بأنك لا تستحق هذا المبلغ
، لعلك تكون بذلك قدوة لزملائك في الخير .
ولتحرص يا أخي على طيب مطعمك ، فإن الله تعالى أمر المؤمنين بما
أمر به المرسلين ، وهو الأكل من الطيبات وعمل الصالحات . قال الله تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا
تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) المؤمنون/521 . وقال : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ
إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) البقرة /172 . وقال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا موظف أعمل في إحدى الدوائر
الحكومية ، وأحياناً يصرف لنا بدل خارج وقت الدوام من إدارتنا بدون تكليفنا بالعمل
خارج وقت الدوام وبدون حضورنا للإدارة ، ويعتبرونه مكافأة للموظفين بين الحين
والآخر مع العلم أن رئيس الإدارة يعلم عنه ويقره . فهل يجوز أخذ هذا المال ؟ وإذا
كان لا يجوز فكيف أعمل فيما استلمته من أموال في السابق مع العلم أني قد تصرفت فيها
؟
فأجاب : " إذا كان الواقع ما ذكرت فذلك منكر لا يجوز بل هو من
الخيانة ، والواجب رد ما قبضت من هذا السبيل إلى خزينة الدولة ، فإن لم تستطيع
فعليك الصدقة به في فقراء المسلمين وفي المشاريع الخيرية مع التوبة إلى الله سبحانه
، والعزم الصادق ألا تعود في ذلك ، لأنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ شيئاً من بيت مال
المسلمين إلا بالطرق الشرعية التي تعلمها الدولة وتقرها" اهـ . "فتاوى
إسلامية" (4/312) .
*****
46665
يريد أن يقدم هدية لزوجته في موعد زواجه من كل سنة
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
أصول الفقه > البدعة >(1/4617)
سؤال رقم 46665- يريد أن يقدم هدية لزوجته في موعد زواجه من كل سنة
هل يجوز لي أن أقدم لزوجتي هدية وذلك في نفس موعد زواجي من كل سنة ؟.
الحمد لله
إذا أراد الزوج أن يقدّم هدية لزوجته ، فإنه يقدمها في أي وقت أو
عند وجود مناسبة أو سبب يقتضي ذلك، ولا ينبغي أن يتحرى موعد زواجه من كل سنة ويقدم
فيه هدية ، فإن ذلك من اتخاذ هذا اليوم عيداً ، وليس هناك أعياد سنوية للمسلم إلا
عيد الفطر وعيد الأضحى ، وقد مرت هذه المناسبة (موعد الزواج) على النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها ولم ينقل عنهم أنهم كانوا
يتحرون إعطاء الهدايا لزوجاتهم في هذا اليوم ، والخير كل الخير في اتباعهم .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هل يجوز للزوج أن يهدي زوجته
هدية في ذكرى يوم زواجهما في كل سنة تجديداً للمودة والمحبة يبنهما ، علماً أن
الذكرى ستقتصر فقط على الهدية ولن يقيم الزوجان احتفالاً بهذه المناسبة ؟
فقال :
" الذي أرى سدّ هذا الباب لأنها ستكون هذا العام هدية وفي العام
الثاني قد يكون احتفالاً ، ثم إن مجرّد اعتياد هذه المناسبة بهذه الهدية يعتبر
عيداً لأن العيد كل ما يتكرر ويعود، والمودة لا ينبغي أن تجدد كل عام بل ينبغي أن
تكون متجددة كل وقت كلّما رأت المرأة من زوجها ما يسرها ، وكلما رأى الرجل من زوجته
ما يسره فإنها سوف تتجدد المودة والمحبة . أ.هـ
فتاوى العلماء في عشرة النساء ص 162 .
*****
46667
هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >
الفقه > معاملات > البيوع >
الفقه > معاملات > الإجارة >(1/4618)
سؤال رقم 46667- هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة
شاب مقدم على الزواج وليس معه ما يشترى به الشبكة , فاتفق مع خطيبته أن يحضروا الصايغ إلى المنزل إرضاءاً لأهلها ثم يرجع الشاب الشبكة للصايغ بعد الفرح بشهر على أن يدفع العريس للصايغ إيجار هذه الشبكة مدة هذا الشهر حسب تقدير الصايغ . فهل هذا يعتبر ربا أم ما وجه الحلال والحرام فيه علماً بأن الشاب متوقف زواجه على هذه الفتاة على هذه الشبكة بناءاً على رغبة أهلها أفادكم الله تعالى .
الحمد لله
أولاً :
سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال ، وهو تأجير الحليّ من
الذهب والفضة لتلبسه المرأة عند الزواج ثم يعاد بعد أسبوعين مثلاً مع دفع الأجرة
فأجابت :
الأصل جواز تأجير الحلي من الذهب والفضة بأحد النقدين أو غيرهما
بأجرة ومدة معلومتين ، يرد المستأجر الحلي بعد انتهاء مدة الإجارة ولا بأس بأخذ رهن
في ذلك" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (15/79-80)
والنقدان هما الذهب والفضة أي : يجوز أن تدفع الأجرة ذهباً أو
فضة أو غيرهما كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس الآن والله أعلم .
1- ثانياً : ينصح أولياء النساء بعدم المغالاة في المهور ، وعدم
تكليف الزوج ما يثقل عليه من المهر والشبكة والأثاث..إلخ ، فهذه المغالاة مذمومة
شرعاً . مع ما يترتب عليها من مفاسد وأضرار انظر السؤال رقم ( 12572 ) .
*****
46683
قبول التوبة
الرقائق > التوبة >(1/4619)
سؤال رقم 46683- قبول التوبة
أنا قد أذنبت ذنبا عظيما , واستغفرت الله ودعوته أن يغفر لي فهل تقبل توبتي من ذلك الذنب ؟ خصوصا أني أحس أنه لم تقبل توبتي وأنه مغضوب علي! فهل هناك إشارات على قبول التوبة ؟.
الحمد لله
أولاً : لاشك أن السهو والتقصير من طبع الإنسان ، وأن المكلَّف
لا ينفك من تقصير في طاعة ، أو سهو وغفلة ، أو خطأ ونسيان ، أو ذنب وخطيئة ، فكلنا
مقصرون.. ومذنبون... ومخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى ، نراقب الله مرة ،
وتسيطر علينا الغفلة أخرى ، لا نخلو من المعصية ، ولا بد أن يقع منا الخطأ ، فلسنا
بمعصومين . ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده ، لو لم تذنبوا لذهب
الله تعالى بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون ) رواه مسلم (2749) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين
التوابون ) رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني.
ومن رحمة الله بهذا الإنسان الضعيف أنه فتح له باب التوبة ،
وأمره بالإنابة إليه ، والإقبال عليه، كلما غلبته الذنوب ولوثته المعاصي ، ولولا
ذلك لوقع الإنسان في حرج شديد ، وقصرت همته عن طلب التقرب من ربه ، وانقطع رجاؤه من
عفوه ومغفرته ، فالتوبة من مقتضيات النقص البشري ، ومن لوازم التقصير الإنساني .
وقد أوجب الله التوبة على أنواع هذه الأمة : السابقِ منها إلى
الخيرات ، والمقتصِد في الطاعات ، والظالمِ لنفسه بالمحرمات .
فقال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31
وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إِلَى اللَّه توبة
نصوحا ) التحريم/8
وقال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ،
توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم/2702
من حديث الأغر المزني رضي الله عنه .
والله سبحانه وتعالى فاضت رحمته وشملت رأفته عبادَه ، فهو حليم
لا يبطش بنا ولا يعذبنا ولا يهلكنا حالا بل يمهلنا ويأمر نبيه صلى الله عليه وسلم
أن يعلن كرمه سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى
أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53
ويقول لطفا بعباده : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74
وقال جل وعلا : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82
وقال جل شأنه : ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ ) آل عمران/135
وقال تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) النساء/110
وقد دعا الله تعالى إلى التوبة أعظمَ الخلق شركاً بالله ومعصيةً
؛ الذين قالوا بأن عيسى عليه الصلاة والسلام ابن الله ، تعالى الله عما يقول
الظالمون علواً كبيراً ، فقال تعالى : ( أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/74 ،
كما فتح باب التوبة للمنافقين الذين هم شر من الكفار المعلنين كفرهم ، فقال تعالى :
( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ
لَهُمْ نَصِيرا * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ
وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ
اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/145-146
ومن صفات الرب جل وعلا أنه يقبل التوبة ويفرح بها كرماً منه
وإحساناً ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) الشورى/25 ،
وقال تعالى : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ
عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104.
وعَنْ أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : ( لله أفرح بتوبة عبده مِنْ أحدكم سقط عَلَى بعيره وقد
أضله في أرض فلاة) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية لمسلم/2747 ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه
مِنْ أحدكم كان عَلَى راحلته بأرض فلاة فانفلتت مِنْه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس
منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس مِنْ راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها
قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال مِنْ شدة الفرح : اللَّهم أنت عبدي وأنا ربك ،
أخطأ مِنْ شدة الفرح ).
وعَنْ أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه تعالى يبسط يده
بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس
مِنْ مغربها ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ/2759.
وعَنْ أبي عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( إن اللَّه
عَزَّ وَجَلَّ يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ
(3537) وحسنه الألباني .
ثانياً : بركات التوبة عاجلة وآجلة ، ظاهرةٌ وباطنة ، وثواب
التوبة طهارة القلوب ، ومحو السيئات ، ومضاعفة الحسنات ، قال الله تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى
رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ
رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ ) التحريم/8 .
وثواب التوبة الحياة الطيبة التي يظلِّلها الإيمان والقناعة
والرضا والطمأنينة والسكينة وسلامة الصدر ، قال الله تعالى : ( وَأَنِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً
إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) هود/3.
وثواب التوبة بركات من السماء نازلة ، وبركات من الأرض ظاهرة ،
وسعة في الأموال والأولاد ، وبركة في الإنتاج ، وعافية في الأبدان ، ووقاية من
الآفات ، قال الله تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام : ( وَيَا قَوْمِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ
مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ
) هود/52.
ثالثاً : كل من تاب إلى الله تاب الله عليه . وقافلة التائبين
ماضية في مسيرها إلى الله لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها .
فهذا تائبٌ من قطع طريق ، وهذا تائب من فاحشة الفرج ، وهذا تائب
من الخمر، وهذا تائب من المخدرات ، وهذا تائب من قطيعة الرحم ، وهذا تائب من ترك
الصلاة أو التكاسل عنها جماعة ، وهذا تائب من عقوق الوالدين ، وهذا تائب من الربا
والرشوة ، وهذا تائب من السرقة ، وهذا تائب من الدماء ، وهذا تائب من أكل أموال
الناس بالباطل ، وهذا تائب من الدخان ، فهنيئاً لكل تائب إلى الله من كل ذنب ، فقد
أصبح مولوداً جديداً بالتوبة النصوح .
وعَنْ أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ أن نبي اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال : ( كان فيمن كان قبلكم
رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى راهب فأتاه فقال إنه
قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له مِنْ توبة ؟ فقال لا ، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل
عَنْ أعلم أهل الأرض فدل عَلَى رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له مِنْ توبة؟
فقال: نعم ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إِلَى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا
يعبدون اللَّه تعالى فاعبد اللَّه معهم، ولا ترجع إِلَى أرضك فإنها أرض سوء. فانطلق
حتى إذا وصل نصف الطريق أتاه الموت؛ فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب.
فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إِلَى اللَّه تعالى، وقالت ملائكة
العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً –
فقال : قيسوا ما بين الأرضين فإِلَى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى
إِلَى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة ) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية لمسلم(2716) : ( فكان إِلَى القرية الصالحة أقرب بشبر
فجعل مِنْ أهلها ).
وفي رواية للبخاري(3470) : ( فأوحى اللَّه تعالى إِلَى هذه أن
تقربي وأوحى إِلَى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوُجد إِلَى هذه أقرب بشبر
فغُفر له )
وفي رواية لمسلم(2766) : ( فنأى بصدره نحوها ).
والتوبة معناها الرجوع إلى الله تعالى ، والإقلاع عن المعصية ،
وبغضها ، والندم على التقصير في الطاعات ، قال النووي رحمه الله تعالى : " التوبة
واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي
فلها ثلاثة شروط: أحدها أن يُقلع عن المعصية ، والثاني أن يندم على فعلها ، والثالث
أن يعزم على أن لا يعود إليها أبداً، فإن فقد أحدَ الثلاثة لم تصحّ توبته. وإن كانت
المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة : هذه الثلاثة ، وأن يبرأ من حق صاحبها ، فإن
كانت مالا أو نحوه ردَّه إليه ، وإن كانت حدَّ قذفٍ ونحوه مكّنه أو طلب عفوه، وإن
كانت غيبةً استحلّه منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنوب ، فإن تاب من بعضها صحّت
توبته -عند أهل الحق- من ذلك الذنب الذي تاب منه، وبقي عليه الباقي" انتهى كلامه.
وبناء على ذلك فإذا تحققت هذه الشروط في الشخص التائب فحري أن
تقبل توبته بإذن الله تعالى، ولا ينبغي بعد ذلك أن يبتلى بوسوسة عدم قبول التوبة ؛
لأن ذلك من الشيطان وهو خلاف ما أخبر به الله سبحانه و أخبر به رسوله صلى الله عليه
وسلم من قبول التوبة إذا كان التائب صادقا مخلصا.
يراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 624 ) ( 13630 ) ( 13990 ) ( 14289 ) ( 34905 ).
*****
46698
إهداء ثواب الذكر إلى أبويه
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر > إهداء العمل الصالح إلى الميت >(1/4620)
سؤال رقم 46698- إهداء ثواب الذكر إلى أبويه
هل لي أن أقول سبحان الله مائة مرة أو غير ذلك من الأذكار ، داعياً أن يكون ثواب ذلك لأبي أمي ؟ علماً أن أبي متوفى ، وأمي لا زالت على قيد الحياة .
الحمد لله
اختلف العلماء في جواز إهداء الثواب للموتى وهل يصلهم ذلك على
قولين :
القول الأول : أن كل عمل صالح يهدى للميت فإنه يصله ، ومن ذلك
قراءة القرآن والصوم والصلاة و غيرها من العبادات .
القول الثاني : أنه لا يصل إلى الميت شيء من الأعمال الصالحة إلا
ما دل الدليل على أنه يصل . وهذا هو القول الراجح ، والدليل عليه قوله تعالى : (
وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) النجم/39
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله
إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) أخرجه مسلم (1631) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وقد مات عم النبي صلى الله عليه وسلم حمزة رضي الله عنه ، وزوجته
خديجة ، وثلاث من بناته ، ولم يرد أنه قرأ عن واحد منهم القرآن ، أو ضحى أو صام أو
صلى عنهم ، ولم ينقل شيء من ذلك عن أحد من الصحابة ، ولو كان مشروعاً لسبقونا إليه
.
أما ما دل الدليل على استثنائه ووصول ثوابه إلى الميت فهو : الحج
، والعمرة ، والصوم الواجب ، والصدقة ، والدعاء .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( وَأَنْ
لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) : " ومن هذه الآية
استنبط الشافعي ومن تبعه أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى ؛ لأنه ليس من
عملهم ولا كسبهم ، ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم
عليه، ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ،
ولو كان خيراً لسبقونا إليه وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ، ولا يتصرف فيه
بأنواع الأقيسة والآراء ، فأما الدعاء والصدقة ، فذاك مجمع على وصولها ومنصوصٌ من
الشارع عليها " ا.هـ ( تفسير ابن كثير 4/ 258 ) .
ثم لو سلمنا بأن ثواب الأعمال الصالحة كلها يصل إلى الميت فإن
أفضل ما ينفع الميت هو الدعاء ، فلماذا نترك ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم
إلى أمور أخرى لم يفعلها ، ولم يفعلها أحد من أصحابه ؟! و الخير كل الخير في هدي
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه لله عن إهداء ثواب قراءة القرآن
والصدقة للأم ، سواء كانت حية أم ميتة ، فأجاب :
" أما قراءة القرآن فقد اختلف العلماء في وصول ثوابها إلى الميت
على قولين لأهل العلم ، والأرجح أنها لا تصل لعدم الدليل ؛ لأن الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يفعلها لأمواته من المسلمين كبناته اللاتي مُتْن في حياته عليه
الصلاة والسلام ، ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فيما علمنا ، فالأولى للمؤمن أن يترك ذلك ولا يقرأ للموتى ولا للأحياء ولا يصلي لهم ، وهكذا
التطوع بالصوم عنهم ؛ لأن ذلك كله لا دليل عليه ، والأصل في العبادات التوقيف إلا
ما ثبت عن الله سبحانه أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم شرعيته . أما الصدقة فتنفع
الحي والميت بإجماع المسلمين ، وهكذا الدعاء ينفع الحي والميت بإجماع المسلمين ،
فالحي لا شك أنه ينتفع بالصدقة منه ومن غيره وينتفع بالدعاء ، فالذي يدعو لوالديه
وهم أحياء ينتفعون بدعائه ، وهكذا الصدقة عنهم وهم أحياء تنفعهم ، وهكذا الحج عنهم
إذا كانوا عاجزين لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فإنه ينفعهم ذلك ، ولهذا ثبت عنه صلى
الله عليه وسلم : أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا
كبيرا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال: " حجي عنه" وجاءه رجل آخر فقال : يا
رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه وأعتمر ؟ قال : " حج عن أبيك واعتمر" فهذا يدل على أن الحج عن
الميت أو الحي العاجز لكبر سنه أو المرأة العاجزة لكبر سنها جائز ، فالصدقة والدعاء
والحج عن الميت أو العمرة عنه، وكذلك عن العاجز كل هذا ينفعه عند جميع أهل العلم ، وهكذا الصوم عن الميت إذا كان عليه صوم واجب سواء كان عن نذر أو كفارة أو
عن صوم رمضان لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه"
متفق على صحته ، ولأحاديثٍ أخرى في المعنى ، لكن من تأخر في صوم رمضان بعذر شرعي
كمرض أو سفر ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء فلا قضاء عنه ولا إطعام ؛ لكونه معذورا
اهـ . "مجموع فتاوى ومقالات الشيح ابن باز" (4/348) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز أن يتصدق الرجل بمال
ويشرك معه غيره في الأجر ؟ فأجاب : يجوز أن يتصدق الشخص بالمال وينويها لأبيه وأمه
وأخيه ، ومن شاء من المسلمين ، لأن الأجر كثير ، فالصدقة إذا كانت خالصة لله تعالى
ومن كسب طيب تضاعف أضعافاً كثيرة ، كما قال اله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ
سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ
يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/261 .
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالشاة
الواحدة عنه وعن أهل بيته " اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/249) .
وبما تقدم يتضح أن ما ذكرتَه من إهدائك أجرَ الذكرِ لوالديك لا
يصح على القول الراجح ؛ سواء الحي منهما أو الميت ، وإنما الوصية لك بالإكثار من
الدعاء لهما ، والصدقة عنهما , فإن الخير كل الخير في اتباع هدي النبي صلى الله
عليه وسلم وصحابته الكرام .
والله تعالى أعلم .
*****
46704
حكم العمل كحارس أمن في فندق
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4621)
سؤال رقم 46704- حكم العمل كحارس أمن في فندق
أنا أعمل حارس أمن في فندق ، فهل عملي هذا حرام أم حلال ؟.
الحمد لله
يجوز العمل في أمن وحراسة الفنادق ، ما لم يكن الفندق يُعلن فيه
بالفجور وتنتهك فيه حرمات الله ، من الزنا وشرب الخمور ونحو ذلك ، لما في العمل
حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان ، وترك إنكار المنكر .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عمن يعمل موظفا في شقق وغرف
مفروشة ، ويرى ما يغضب الله عز وجل ، حيث يتم فيها لواط وزنا وشرب الخمر ولعب
الميسر ، وعن حكم راتبه في هذه الحالة .
فأجابت :
لا يجوز لك العمل عند من يؤجر الغرف والشقق المفروشة التي تستعمل
للمعاصي وفعل المنكرات ؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان ، والأُجرة التي
تحصل عليها في مقابل ذلك حرام عليك ، لأنها في مقابل عمل محرم ، فالتمس الرزق من
طرق مباحة ، وفي الحلال غنية عن الحرام ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَمَنْ
يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
) الطلاق/2-3
يسر الله أمرك وأمر كل مسلم .
وبالله التوفيق . اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (15/110)
والله أعلم .
*****
4672
باع بقرة فرجعت إليه
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4622)
سؤال رقم 4672- باع بقرة فرجعت إليه
السؤال :
رجل باع بقرة على رجل لا يعرفه ثم إن البقرة شردت من بيت مشتريها إلى بيته ، وحيث أنه لا يعرف مشتريها فقد باعها وأكل ثمنها ، ويسأل ماذا يترتب عليه ؟
الجواب:
الحمد لله
هذه البقرة بعد أن تصرف فيها السائل الذي ذكره في السؤال لها حكم اللقطة ، وحيث ذكر أنه باعها وأكل ثمنها فيلزمه أن ينادي عليها في الأسواق والمجامع مدة سنة فإن حضر صاحبها أخبره بالواقع وسلم له قيمة البقرة التي باعها بها ، وإن لم يحضر تصدق بثمنها على نية ضمانها لصاحبها في حالة معرفته ومطالبته بها وعدم إجازته التصدق بها .
اللجنة الدائمة
فتاوى إسلامية 3/9
*****
46720
اصطدمت سيارتان ومات ثلاثة أشخاص فما الواجب ؟
الفقه > معاملات > الجنايات > القتل الخطأ >(1/4623)
سؤال رقم 46720- اصطدمت سيارتان ومات ثلاثة أشخاص فما الواجب ؟
ما الحكم فيمن حصل عليه حادث مروري وتوفى ثلاثة أشخاص في الحادث في السيارة التي صدمته ، وأن الحادث حصل بغير رضى الطرفين ؟.
الحمد لله
حوادث السيارات يرجع فيها إلى أهل الخبرة ، ممن عاين الحادث ،
وعرف ملابساته ، ولا يكتفى فيها بهذا الوصف المجمل .
فإذا حكم أهل الخبرة بأن أحد الطرفين فَرَّط أو تعدى ، كما لو
سار في الاتجاه المعاكس ، أو قطع الطريق على صاحبه ، أو أهمل في تغيير إطاراته
القديمة مما أدى إلى انقلاب سيارته واصطدامه بالسيارة الأخرى ، فهذا المفرط هو
الضامن لما هلك من النفوس وتلف من الأموال ، وقد يقع التفريط من الجانبين، فيضمن كل
منهما ما تلف من الآخر من نفس أو مال على قدر تفريطه .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرارٌ بخصوص حوادث السير ومما
جاء فيه :
( الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام
الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية ، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ ،
والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار ، سواء في البدن أم المال ، إذا تحققت
عناصرها من خطأ وضرر ، ولا يعفى من المسؤولية إلا في الحالات التالية :
1- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها ، وتعذر
عليه الاحتراز منها ، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .
2- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث
النتيجة .
3- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه ، فيتحمل الغير
المسؤولية .
وجاء فيه : ( إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر ، كان
على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال ) انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه : ( وقع حادث اصطدام بين
سيارتين وكان في السيارة المقابلة شخصان توفي أحدهما ، ونسبة الخطأ حسب تقرير
الشرطة والمرور على صاحب السيارة الأولى 30 بالمائة ، وعلى صاحب السيارة الأخرى 70
بالمائة ، فالبنسبة للكفارة هل يصوم صاحب السيارة الأولى شهرين كاملين أم حسب نسبة
الخطأ كما هو الحال في الدية ؟
فأجاب : إذا اشترك اثنان فأكثر في قتل الخطأ فعلى كل واحد كفارة
مستقلة ؛ لأن الكفارات لا تتوزع كما نص عليه أهل العلم ) انتهى نقلا عن
فتاوى إسلامية 3/360
وسئل الشيخ أيضا ما نصه: ( وقع لوالدي وكان يقود سيارة تصادم مع
سيارة أخرى وقد توفي سائق السيارة الأخرى رحمه الله ، وقرر المرور بأن نسبة الخطأ
كاملة على المتوفى ، وقد سمح أهل المتوفى بالدية جزاهم الله خيرا، وأسأل الآن: هل
على والدي كفارة صيام شهرين متتابعين أم لا ؟
فأجاب : إذا كان الواقع هو ما ذكرته أيها السائل فليس على أبيك
كفارة لأن الخطأ من غيره عليه ، فلا يسمى قاتلا ) انتهى نقلا عن فتاوى
إسلامية 3/356
والغرض من نقل هذه الفتاوى أن تعلم ضرورة الوقوف على حكم أهل
الخبرة ممن عاين الحادث أو عرف تفاصيله من أهله لتحديد من المخطئ ونسبة الخطأ .
وكون الحادث حصل بغير رضى من الطرفين لا يعني سقوط الدية
والكفارة .
والله أعلم .
*****
46797
هل يقبل المسلم الهدية من أخيه الكافر .
العقيدة > الولاء والبراء >
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/4624)
سؤال رقم 46797- هل يقبل المسلم الهدية من أخيه الكافر .
ما حكم أخوين أحدهما مسلم والآخر مشرك وغني هل يجوز للأخ المسلم قبول هدية أخيه الكافر والمشرك هذا أم لا ؟.
الحمد لله
قبول المسلم هدية أخيه إذا كان كافراً أو مشركاً جائزة لما في
ذلك من تأليفه ، لعل الله أن يهديه للإسلام .
وبالله التوفيق .
فتاوى اللجنة الدائمة (16/183) .
*****
46807
من عقوبات ترك الجهاد في سبيل الله
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/4625)
سؤال رقم 46807- من عقوبات ترك الجهاد في سبيل الله
هل هناك عقوبة معينة يستحقها من ترك الجهاد في سبيل الله ؟.
الحمد لله
ورد في الأمر بالجهاد في سبيل الله ، والترهيب من تركه الكثير من
الآيات والأحاديث .
وإذا ترك المسلمون الجهاد في سبيل الله ، وآثروا حياة الدعة
والراحة ، وركنوا إلى الدنيا ، أصابهم الذل والهوان ، وفسدت أمورهم ، وعرضوا أنفسهم
لمقت الله تعالى وغضبه . وتعرض الإسلام للضياع ، وطغيان الكفر عليه . ولذلك كان ترك
الجهاد من كبائر الذنوب .
قال ابن حجر في "الزواجر" :
(الكبيرة التسعون والحادية والثانية والتسعون بعد الثلاثمائة ترك
الجهاد عند تعينه ، بأن دخل الحربيون دار الإسلام أو أخذوا مسلماً وأمكن تخليصه
منهم . وترك الناس الجهاد من أصله . وترك أهل الإقليم تحصين ثغورهم بحيث يخاف عليها
من استيلاء الكفار بسبب ترك ذلك التحصين) اهـ .
ولذلك صار معلوما ومقررا عند الصحابة أنه لا يقعد عن الجهاد إذا
كان فرض عين إلا ضعيف معذور أو منافق ، وهذا ما يحكيه كعب بن مالك رضي الله عنه حين
تخلف عن تبوك : (فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي
لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ
عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ) . رواه البخاري (4066) ومسلم (4973) .
وقد بينت تلك الأدلة بعض ما يترتب عليه من عقوبات ، فمنها :
1- ترك الجهاد سبب للهلاك في الدنيا والآخرة .
أما في الدنيا فإن الجبان الرعديد يكون ذليلاً مستعبداً تابعا
غير متبوع . وأما في الآخرة فترك الجهاد سبب لعذاب الله تعالى .
قال الله تعالى : (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا
تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 .
روى الترمذي (2972) عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ :
كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنْ
الرُّومِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ
فِيهِمْ ، فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! يُلْقِي بِيَدَيْهِ
إِلَى التَّهْلُكَةِ ! فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ : يَا
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ ،
وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، لَمَّا
أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ
سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ
أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلامَ ، وَكَثُرَ
نَاصِرُوهُ ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا ،
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ
عَلَيْنَا مَا قُلْنَا ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَكَانَتْ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى
الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا ، وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ . فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ
يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
قال في "تحفة الأحوذي" :
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِلْقَاءِ
الْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ هُوَ الإِقَامَةُ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ وَتَرْكُ
الْجِهَادِ اهـ .
2- ترك الجهاد سبب للذل والهوان .
روى أبو داود (3462) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا تَبَايَعْتُمْ
بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ،
وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ حَتَّى
تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا يَنْزِعُهُ
حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلا لا
يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ ) . صححه الألباني في صحيح
أبي داود .
ولقد صدق رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فإن الناظر إلى أحوال
المسلمين اليوم يرى أنهم قد فرطوا في دينهم تفريطا عظيما . . فأكلوا الربا ، وركنوا
إلى الدنيا ، وتركوا الجهاد في سبيل الله . فماذا كانت النتيجة ؟!! ألزمهم الله
الذل في أعناقهم ، فهم يلجأون إلى الشرق أو الغرب خاضعين ذليلين يطلبون منهم النصر
على الأعداء ، وما عرف أولئك أن الذل لا يرفع عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم كما أخبر
الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
وصدق الله العظيم : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ
دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ
لِلَّهِ جَمِيعًا) النساء/138-139 .
3- وترك الجهاد سبب لنزول العذاب في الدنيا والآخرة .
روى أبو داود (2503) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ لَمْ يَغْزُ ، أَوْ يُجَهِّزْ
غَازِيًا ، أَوْ يَخْلُفْ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ ، أَصَابَهُ اللَّهُ
بِقَارِعَةٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
والقارعة هي الدَاهِيَة المُهْلِكَة التي تأتي فجأة , يقال :
قَرَعَهُ أَمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأَة .
وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ
إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ
أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ (38) إِلا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ
عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) التوبة/38-39 .
"وليس العذاب الذي يتهددهم هو عذاب الآخرة فقط ، بل عذاب الدنيا
والآخرة ، عذاب الذل الذي يصيب القاعدين عن الجهاد ، عذاب الحرمان من الخيرات التي
يستفيد منها العدو الكافر ويحرمها أهلها ، وهم مع ذلك كله يخسرون من النفوس
والأموال أضعاف ما يخسرون في الجهاد ، ويقدمون على مذابح الذل أضعاف ما تتطلبه منهم
الكرامة لو قدموا لها الفداء ، وما من أمة تركت الجهاد إلا ضرب الله عليها الذل
فدفعت مرغمة صاغرة أضعاف ما كان يتطلبه منها جهاد الأعداء" اهـ . الظلال
(3/1655) .
وقال السعدي رحمه الله ص (532) :
(يا أيها الذين آمنوا) ألا تعملون بمقتضى الإيمان ، ودواعي
اليقين ، من المبادرة لأمر الله ، والمسارعة إلى رضاه ، وجهاد أعدائه لدينكم ، فـ (
مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض ) أي : تكاسلتم ، وملتم
إلى الأرض والدعة والكون فيها .
( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) أي : ما حالكم إلا حال من
رضي بالدنيا ، وسعي لها ، ولم يبال بالآخرة فأنه ما آمن بها .
( فما متاع الحياة الدنيا ) التي مالت بكم ، وقدمتموها على
الآخرة ( إلا قليل ) أفليس قد جعل الله لكم عقولاً ، تزنون بها الأمور وأيها أحق
بالإيثار ؟
أفليست الدنيا ـ من أولها إلى آخرها ـ لا نسبة لها في الآخرة .
فما مقدار عمر الإنسان القصير جداً من الدنيا ، حتى يجعله الغاية
، التي لا غاية وراءها فيجعل سعيه ، وكده وهمه وإرادته لا يتعدى الحياة الدنيا
القصيرة المملوءة بالأكدار المشحونة بالأخطار .
فبأي رأي رأيتم إيثارها على الدار الآخرة ، الجامعة لكل نعيم
التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ، وأنتم فيها خالدون . فوالله ما آثر
الدنيا على الآخرة من وقر الإيمان في قلبه ، ولا من جزل رأيه ، ولا من عُدَّ من
أولى الألباب ، ثم توعدهم على عدم النفير فقال :
(إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً )
في الدنيا والآخرة ، فإن عدم النفير في حال الاستنفار من كبائر
الذنوب الموجبة لأشد العقاب ، لما فيه من المضار الشديدة فإن المتخلف قد عصى الله
تعالى ، وارتكب لنهيه ، ولم يساعد على نصر دين الله ، ولا ذَبَّ عن كتاب الله وشرعه
، ولا أعان إخوانه المسلمين على عدوهم ، الذي يريد أن يستأصلهم ، ويمحق دينهم ،
وربما اقتدى به غيره من ضعفاء الإيمان ، بل ربما فَثّ في أعضاد من قاموا بجهاد
أعداء الله ، فحقيق بمن هذا حاله أن يتوعده الله بالوعيد الشديد ، فقال : (إلا
تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً ) فإنه تعالى
متكفل بنصرة دينه وإعلاء كلمته ، فسواء امتثلتم لأمر الله أو ألقيتموه وراءكم
ظهرياً .
( والله على كل شيء قدير ) لا يعجزه شيء أراده ، ولا يغالبه أحد
اهـ .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً . وأن
يرفع عنهم الذل والهوان .
والله تعالى أعلم .
*****
46811
الدخول مع الإمام على أي حال
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4626)
سؤال رقم 46811- الدخول مع الإمام على أي حال
إذا دخل المصلي المسجد والإمام ساجد ، فهل يدخل معه في السجود أو ينتظره حتى يرفع ؟.
الحمد لله
إذا دخل المصلي المسجد والإمام في الصلاة دخل معه على أي حال كان
؛ في القيام أو الركوع أو السجود أو بين السجدتين ؛ وذلك لما ورد عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا
تَعُدُّوهَا شَيْئًا , وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) رواه أبو داود (893) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : ( إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ ,
فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا , وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ) رواه البخاري
(635) .
قال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في "فتح الباري" (2/118) : "
استُدِل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها " انتهى .
وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الصَّلاةَ
وَالإِمَامُ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمَامُ ) رواه
الترمذي (591) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
هذه هي السنة في حق من دخل المسجد والإمام في الصلاة ؛ بدلالة ما
ذكر من النصوص .
وقد نقل ابن حزم رحمه الله الإجماع على ذلك , قال في "مراتب
الإجماع" ( ص 25 ) : " واتفقوا أن من جاء والإمام قد مضى من صلاته شيء قل أو كثر
ولم يبق إلا السلام فإنه مأمور بالدخول معه وموافقته على تلك الحال التي يجده عليها
ما لم يجزم بإدراك الجماعة في مسجد آخر " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/184) :
" ويستحب لمن أدرك الإمام في حال متابعته فيه , وإن لم يعتد له
به . . . وذكر بعض الأحاديث المتقدمة ثم قال : والعمل على هذا عند أهل العلم ,
قالوا : إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد , ولا تجزئه تلك الركعة . وقال بعضهم :
لعله أن لا يرفع رأسه من السجدة حتى يغفر له " انتهى .
ومن الناس من إذا دخل والإمام ساجد أو بين السجدتين لم يدخل معه
حتى يقوم إلى الركعة الثانية , أو يعلم أنه في التشهد فيجلس معه , وهذا قد حرم نفسه
فضل السجود , مع أنه مخالف لما تضمنته الأدلة المتقدمة .
قال في تحفة الأحوذي (2/199) : " قوله : " فليصنع كما يصنع
الإمام " أي : فليوافق الإمام فيما هو فيه من القيام أو الركوع أو غير ذلك , أي :
فلا ينتظر الإمام إلى القيام , كما يفعله العوام " انتهى .
انظر " أحكام حضور المساجد" ( ص138-139) للشيخ : عبد الله بن صالح الفوزان .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل دخل المسجد والإمام في
الركعة الأخيرة ، فهل يلحق بهم أو ينتظر حتى يفرغوا ؟
فأجابوا :
" المشروع في مثل حالتك أن تلحق بهم ، فما أدركت معهم فصل وما
فاتك فاقض ، وإذا كان لحوقك بهم بعد الرفع من ركوع آخر ركعة فالحق بهم واقض صلاتك
كلها بعد تسليم الإمام . . . ثم استدلوا بما سبق من الأحاديث " انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً : ما هو الأفضل إذا دخل المسجد
والإمام في التشهد الأخير هل يدخل معه في التشهد أو الأفضل ينتظر أشخاصا قادمين
ليصلوا معا ؟
فأجابوا :
" الأفضل له أن يدخل مع الإمام ؛ لعموم حديث : ( ما أدركتم فصلوا
، وما فاتكم فاقضوا ) " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/312-323) .
*****
46827
هل يجوز أن يخرج مالاً بدلاً من النذر أو العقيقة أو الوليمة ؟
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4627)
سؤال رقم 46827- هل يجوز أن يخرج مالاً بدلاً من النذر أو العقيقة أو الوليمة ؟
هل يجوز إنفاق مال عن النذر وعن العقيقة وعن الوليمة للزواج ؟.
الحمد لله
لا يجزئ دفع المال في مقابلة ما لزمه بسبب نذره إلا إذا كان
المنذور دفع مال قربة لله ، فإنه يجوز دفع المال كما نذر ، إلا أن ينذر جميع ماله
فلا يلزمه إلا دفع الثلث منه ، وكذلك لا يجزئ دفع المال في العقيقة أو وليمة النكاح
حيث إن السنة في العقيقة ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الجارية ، وكذلك وليمة الزواج
السنة أن يولم الإنسان بعد زواجه ولو بشاة لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال
لعبد الرحمن بن عوف بعد زواجه : ( أولم ولو بشاة ) هذا هو السنة في ذلك ، وإنفاق
المال في ذلك مخالف للسنة ، ولا أصل له ، ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا
صحابته رضي الله عنهم من بعده ، فينبغي للإنسان أن يتمسك بما صح في كتاب الله وسنة
نبيه صلى الله عليه وسلم ويترك ما عداهما
وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 392 .
*****
46836
حكم استبدال الأوراق النقدية الممزقة بنصف قيمتها
الفقه > معاملات >(1/4628)
سؤال رقم 46836- حكم استبدال الأوراق النقدية الممزقة بنصف قيمتها
الأوراق النقدية الممزقة التي لا يقبل الناس التعامل بها ، توجد بعض البنوك تستبدلها بنصف قيمتها ، فتأخذ منك ورقة فئة مائة ريال (ممزقة) وتعطيك خمسين ريالا . فما حكم هذا ؟.
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله
فأفاد بما يلي :
القاعدة في استبدال الذهب بالذهب والفضة بالفضة أنه يجب التساوي
مثلا بمثل ، ولا فرق بين المعيب والمكسر وغيره .
والأوراق النقدية الآن تقوم مقام الذهب والفضة في كونها صارت
ثمناً للأشياء .
ولكن ... لا يمكن تطبيق جميع أحكام الذهب والفضة على الأوراق
النقدية ، لأن الأوراق النقدية ليس لها قيمة ذاتية ، وإنما تكتسب قيمتها من اعتماد
الدولة لها .
لهذا أقول :
لا مانع من استبدال الورقة الممزقة بنصف قيمتها ، لأنها فقدت
قيمتها ا لآن (أي لما صارت ممزقة) .
الشيخ عبد الرحمن البراك .
*****
46849
بلغ عشرين سنة .. ولم يختتن
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/4629)
سؤال رقم 46849- بلغ عشرين سنة .. ولم يختتن
أنا شاب عمري 20 سنة وقد عملت عملية في صغري ولذلك السبب لم أختتن ، وبعد ذلك ذهبت إلى المستشفى فقال لي الطبيب إنه يجب في البداية أن أعمل عملية لوجود عيب خلقي في نفس المنطقة ثم الختان ، فمرت السنين ولم أعمل العملية الأولى وبالتالي لم أختتن .. وبلغت العشرين وأنا على هذه الحال .. وأنا أصلي في المسجد فما الحكم ؟.
الحمد لله
ختان الرجل واجب في قول كثير من أهل العلم ، وهو من سنن الفطرة ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الْفِطْرَةُ خَمْسٌ الْخِتَانُ
وَالاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَنَتْفُ الآبَاطِ ) رواه البخاري (5441) ومسلم (377)
وروى البخاري (3107) ومسلم (4368) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً )
لكن صرح الفقهاء بأن الكبير إذا خاف على نفسه من الختان سقط عنه،
قال ابن قدامة رحمه الله: ( فصل : فأما الختان فواجب على الرجال , ومكرمة في حق
النساء , وليس بواجب عليهن . هذا قول كثير من أهل العلم . قال أحمد : الرجل أشد ,
وذلك أن الرجل إذا لم يختتن , فتلك الجلدة مدلاة على الكمرة , ولا يُنقَّى ما ثَمَّ
, والمرأة أهون .
قال أبو عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) : وكان ابن عباس يشدد في
أمره , وروي عنه أنه لا حج له ولا صلاة , يعني : إذا لم يختتن , والحسن يرخص فيه
يقول : إذا أسلم لا يبالي أن لا يختتن ويقول : أسلم الناس الأسود , والأبيض , لم
يفتش أحد منهم , ولم يختتنوا . والدليل على وجوبه : أن ستر العورة واجب , فلولا أن
الختان واجب لم يجز هتك حرمة المختون بالنظر إلى عورته من أجله ; ولأنه من شعار
المسلمين , فكان واجبا , كسائر شعارهم .
وإن أسلم رجل كبير فخاف على نفسه من الختان سقط عنه ; لأن الغسل
والوضوء وغيرهما يسقط إذا خاف على نفسه منه , فهذا أولى . وإن أمن على نفسه لزمه
فعله , قال حنبل : سألت أبا عبد الله عن الذمي إذا أسلم , ترى له أن يطهر بالختانة
؟ قال : لا بد له من ذاك . قلت : وإن كان كبيرا أو كبيرة ؟ قال : أحب إلي أن يتطهر
; لأن الحديث : " اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة " , قال تعالى : ( ملة أبيكم
إبراهيم ) انتهى من المغني 1/101.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/113) :
" الختان من سنن الفطرة ، وهو للذكور والإناث ، إلا أنه واجب في
الذكور ، وسنة ومكرمة في حق النساء " اهـ.
ومع تقدم الطب أصبح الختان مأمونا غالبا ، فعليك أن تبادر
بالختان أداء للواجب ، واقتداء بالأنبياء ، وحفاظا على الفطرة ، واحتياطا للعبادة .
والله أعلم .
*****
46857
هل يجوز دفع الزكاة إلى صندوق العائلة لمساعدة الفقراء
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4630)
سؤال رقم 46857- هل يجوز دفع الزكاة إلى صندوق العائلة لمساعدة الفقراء
لدي5000 جنيه وقد مر عليهم عام ونصف فما هي زكاة المال الواجبة علي ؟ وهل إذا بقى من المبلغ (5000) ومر عليه الحول تجب عليه زكاة مال ؟ لدينا في الأسرة جمعية باسم العائلة وادفع مبلغاً معيناً من المال لمساعدة فقراء العائلة وقد تأخرت في السداد فهل أسدد لهم من زكاة المال طالما أنها صدقة جارية ؟.
الحمد لله
أولاً :
من ملك من النقود ما يبلغ نصاباً ، ومرّ عليه سنة هجرية وجبت
عليه الزكاة .
ونصاب النقود يقدر بما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً
من الفضة ، أيهما أقل .
انظر الشرح الممتع (6/103-104) ، مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/248)
وعلى هذا ، فالمبلغ الذي معك (5000) جنيه ، يبلغ النصاب فتجب فيه
الزكاة .
ثانياً :
أما القدر الواجب عليك إخراجه فهو ربع العشر ، أي 2.5 بالمائة ،
وبالنسبة للمبلغ المسؤول عنه 5000 جنيه مقدار زكاته 125 جنيه .
ثالثاً :
إذا مرت سنة هجرية على ملك النصاب وجب إخراج الزكاة فوراً ، ولا
يجوز تأخيرها انظر الشرح الممتع (6/186)
وعلى هذا فتأخيرك إخراج الزكاة نصف سنة بعد مرور الحول تقصير ،
يجب عليك التوبة منه والمبادرة بإخراج الزكاة .
رابعاً :
قولك " ( وهل إذا بقي من المبلغ 5000 ومر عليه الحول تجب عليه
زكاة مال )
فجوابه : كلّما مرّ الحول والنصاب موجود وجبت فيه الزكاة . فإذا
نقص المال عن النصاب فلا تجب فيه الزكاة ، فإن كمل نصاباً مرّة أخرى وجبت فيه
الزكاة وتبدأ حساب الحول من حين يبلغ النصاب .
خامساً :
وأما إعطاء الزكاة في صندوق العائلة ، فإن الزكاة لها مصارف
ثمانية ، بيّنها الله تعالى بقوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 ،
وإعطاء الزكاة للفقراء الأقارب أفضل من غيرهم لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي
الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ) رواه النسائي (2582) صححه
الألباني في صحيح النسائي
فلا حرج من وضع الزكاة في صندوق العائلة ، على أن تخبر أمين
الصندوق بأن هذه زكاة مال ، حتى ينفقها في مصارفها الشرعية المحددة في الآية
السابقة ، وحتى يبادر بإخراجها فوراً .
والله أعلم .
*****
46868
تعدد الكفارات بتعدد الأيمان
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4631)
سؤال رقم 46868- تعدد الكفارات بتعدد الأيمان
أنا أم أحلف أيمانا كثيرة على أطفالي وأحيانا ما ينفذ شيء منها ، فهل أدفع كفارة يمين واحدة أم ماذا أفعل ؟.
الحمد لله
يكره الإفراط في الحلف ؛ لقول الله تعالى : ( وَلا تُطِعْ كُلَّ
حَلافٍ مَهِينٍ ) القلم/10 ، وفي هذا إشارة لذم الذي يكثر من
الحلف ، فاحرصي على عدم الإكثار من الحلف تعظيما لجناب الله تعالى ، وحفظا ليمينك .
واعلمي أن كثرة الحلف في كل قليلٍ وكثير يؤدي إلى إضعاف قيمة
اليمين عند الناس ، ولا يُؤْمَنُ بسبب ذلك إقدامه على اليمين الكاذبة ، وهو منافٍ
لكمال تعظيم الله تعالى .
أما الأيمان التي حلفتها فتحتمل أحد أمرين :
الأول : إن كنت تقصدين بالأيمان التي أقسمتها أو ببعضها اليمين
نفسه ، أي كنت تقصدين يمينا منعقدة ، فعليكِ كفارة يمين ، واليمين المنعقدة هي التي
يحلفها الشخص على أمر من المستقبل أن يفعله أو لا يفعله .
الثاني : أن يكون هذا من غير قصد منك لليمين ، فهو من لغو اليمين
، وقد اختلف العلماء في تحديد لغو اليمين على أقوال ، والأقرب أن لغو اليمين يشمل
ما يلي :
1- ما يجري على لسان المتكلم بلا قصد كقول الرجل في معرض كلامه ،
لا والله لن أذهب ، بلى والله سأذهب ، وهو قول الشافعية الحنابلة .
2- اليمين التي عقدها يظن صدق نفسه فيبين بخلافه ، كما ذهب إلى
ذلك الحنابلة .
3- ألحق شيخ الإسلام بلغو اليمين ما إذا كان الحالف يعتقد أن
المحلوف عليه لا يخالفه فخالفه ، وكذلك لا يحنث إذا حلف على غيره ليفعلنه بقصد
الإكرام لا بقصد الإلزام ، قال : لأنه كالأمر ولا يجب الأمر إذا فهم منه الإكرام ،
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف . انظر مجوعة الرسائل الفقهية للشيخ خالد المشيقح ص 234
وبناء على ما سبق ، فإن كانت أيمانك كلها أو بعضها من اليمين
المنعقدة فيلزمك كفارة يمين ، وهل يلزمك كفارة واحدة أو عدة كفارات ؟ هذا يختلف
باختلاف المحلوف عليه ، فإن حلفت أيمانا على شيء واحد ، فتلزمكِ كفارة واحدة ، أما
إن حلفت أيمانا على عدة أمور ، كأن تقول : والله لا آكل اليوم ، والله لا أشرب
اليوم ، والله لا أسافر اليوم ، فتلزمكِ كفارة في كل أمر من الأمور السابقة إن
فعلتها ، فلو أكلت وشربت وسافرت ، لزمتك ثلاث كفارات ، وإن حلفت يمينا واحدة على
عدة أشياء ، كأن تقولي : والله لا آكل ، ولا أشرب ، ولا أسافر ، فتلزمك كفارة واحدة
بفعل واحد من الأمور السابقة أو كلها . المرجع السابق ص 266
أما إن كانت أيمانك كلها أو بعضها من لغو اليمين ، فقد نص جمهور
العلماء على أن لغو اليمين لا كفارة فيه لقوله تعالى : ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) البقرة/225 ، والله أعلم
راجعي الأسئلة ( 45676 ، 34730 ) .
*****
46876
أخوها له جرأة كبيرة على المعاصي فماذا تفعل معه ؟
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/4632)
سؤال رقم 46876- أخوها له جرأة كبيرة على المعاصي فماذا تفعل معه ؟
لي أخ أصغر مني يبلغ 20 عاما أعلم أنه يفعل كل المعاصي التي حرمها الله ، وأبي وأمي صالحان لكنهما لم يتمكنا من إصلاح حاله ، وأنا أخاف عليه وكلما حاولت مكالمته يصدمني بأنه ليس له هدف في الحياة ويتمنى أن يموت ويسأل دائما ولماذا ينصلح حالي ولمن ؟ ماذا افعل لأخي الوحيد ؟.
الحمد لله
أسأل الله أن يمن على أخيك بالهداية والصلاح وأن يرده إليه رداً
جميلاً ، وأن يعينك على دعوته وتوجيهه للخير وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتك ..
ثم اعلمي أيتها الأخت ـ وفقك الله ـ أن أمامك عددا من الوسائل
التي يمكنك القيام بها لدعوة أخيك واستصلاحه ومن ذلك :
أولاً : الدعاء لأخيك بالهداية والصلاح بقلب صادق ، ويقين من
الله بالإجابة ؛ مع الإلحاح والمداومة على ذلك ، واعلمي أن الله لا يخيب ظن من رجاه
، ولا يرد سائلاً دعاه بصدق وإخلاص .
ثانياً : توجيه النصيحة إليه واسلكي في ذلك أسلوب الحوار
والإقناع العقلي ممزوجاً بأسلوب الترغيب بما أعد الله للمحسنين من الكرامة والجزاء
الحسن الجميل ، والترهيب بما أوعد الله به المذنبين من العقوبة والنكال والعذاب
الشديد ؛ وذلك بتذكيره بحقيقة هذه الحياة ، وأن الله تعالى ما خلق هذا الكون بأرضه
وسمائه وبحاره وأنهاره ، وجباله وسهوله ووهاده وصحاراه ؛ إلا من أجلك أنت أيها
الإنسان ، وماذا عسى أن تكون أيها المخلوق الضعيف في جنب هذه المخلوقات العظيمة
الهائلة ؛ التي سخرها الله لك ، لتستقر حياتك ، وتتيسر سبل عيشك ، كما قال سبحانه :
( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) البقرة/29 ، وقال جل
شأنه : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك/15 وقال سبحانه : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً
وَبَاطِنَةً ) لقمان/20 ، بل وفضلك على سائر هذه المخلوقات
الأرضية جميعا ً كما قال تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء/70 فإذا علمت ذلك أيها المخلوق الضعيف ، وأن الله خلق كل هذه العوالم
العظيمة وسخرها لراحتك في هذه الحياة ، فيتبادر إلى الذهن سؤال منطقي يسأله كل
عاقل: فلماذا إذاً خلقني الله تعالى ؟ فيأتيك الجواب صريحاً واضحاً من خالقك ومولاك
: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذريات/56 .
إذاً فالوظيفة التي من أجلها خلقت أيها الإنسان إنما هي : تحقيق
العبودية لله الواحد الأحد ، وهذا جواب قولك لمن أنصلح ؟ فأنت تنصلح لله الذي خلقك
فسواك فعدلك ، ووهب لك الحياة والقوة والصحة وما بك من نعمة فهي منه وحده ولو شاء
لسلبها عنك في طرفة عين ، أفلا يستحق منك أن تشكره على هذه النعم التي لا تحصى ،
وذلك بامتثال أمره واجتناب نهيه الذي هو حقيقة العبادة التي خلقت من أجلها .
وأما قولك لماذا أنصلح ؟ فقد بين الله سبحانه الحكمة من خلق
الموت والحياة في هذه الدنيا ، حتى تعرف أيها الإنسان الحقيقة الكبرى التي من علمها
لم يقر له قرار ولم يهدأ له بال حتى ينال مرضاة الله فيسعد في الجنة بلقياه فقال
سبحانه: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ
أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/2 ،
فإذا علمت ذلك وأن خالقك سبحانه يختبرك الآن في هذه الدار لينظر إلى عملك فيجازيك
به يوم تلقاه إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، وأن العبد بعد موته لن يترك سدى بل
سيجازى بعمله كما قال تعالى : ( أَيَحْسَبُ الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ) القيامة/36 ، ولذا فأنت تجد أن الله سبحانه يكثر في كتابه من وصف ما
أعده لعباده المحسنين في هذه الدار ، بأن لهم عنده في الآخرة جنة عرضها السماوات
والأرض ، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ كما يكثر سبحانه من
ذكر ما أعده للمسيء المفرط في حقه ، بأن له نارا تلظى ، لا يموت فيها ولا يحيى ،
وأنه جعل فيها من أنواع النكال والعذاب ما يشيبُ الوليد سماعُه فضلا عن رؤيته
ومعاينته نسأل الله لنا ولك السلامة منها ...
أفيليق بك بعد كل هذا أن تتجرأ على مخالفة أمره ، أو تعيش لغير
الهدف الذي خلقت له ، وصدق والله القائل :
فلو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا ونُسأل بعده عن كل شيء
ولا شك أن ما تشعر به من ضيق ونكد يدعوك إلى تمني الموت؛ إنما هو
بسبب فقدك للشعور بهذا الهدف السامي والغاية النبيلة ، فإن أعظم وألذ شيء في هذا
الوجود أن تكون عبداً لله على الحقيقة ، فإياك أن تعرض عن ربك ، وتبتعد عنه ؛ فإنك
راجع إليه ، ولو طالت بك الحياة وامتد بك العمر كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ) الانشقاق/6
فاحذر أن تلقاه وأنت ممن أعرض عنه فيصدق فيك قوله جل شأنه : (
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ
تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ
وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ) طه/124ـ127
فالبدار البدار بالعودة الصادقة والتوبة النصوح؛ لتجد رباً كريما
يفرح بعبده إذا تاب ، ويرضى عنه إذا أناب ، بل ويفيض عليه من محبته ورحمته ما لا
يخطر له على بال ، فماذا تنتظر؟! والله يقول : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي
لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) الذريات/50 . فإذا عرفت هذا
فاعلم ـ وفقك الله لرضاه ـ أن الفوز بهذا النعيم العظيم ، والنجاة من ذلك العذاب
الأليم ، والنجاح في هذا الامتحان الخطير ، لا يكون إلا على جسر من التعب والمشقة
التي تحتاج إلى صبر وتحمل ومعاناة. لكنها مشقة سرعان ما تنقضي ، ومعاناة عن قريب
تنتهي؛ ليعقبها راحة أبدية ونعيم سرمدي فما عسى أن تساوي مشقة ساعة ، ولحظة ألم ؛
إذا ما قورنت بنعيم الدهر ولذة الأبد.. نسأل الله تعالى أن يمن علينا جميعاً بفضله
وجنته ...
وفي ختام هذه الكلمات أحب أن أتركك مع هذه الآيات العظيمة من
كتاب الله تعالى والتي أنزلها على عبده محمد صلى الله عليه وسلم لتكون شفاء لقلوب
المؤمنين ، ودواء لأمراضها ؛ فاقرأها قراءة تدبر وتأمل لعل الله أن يجعلها بلسماً
وشفاءً لما تعانيه من ضيق وعناء :
قال ربنا جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ
ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ
أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا
تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ ) فصلت/30-32
وقال عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ
اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ
الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأحقاف/13ـ14
وقال جل شأنه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ولا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ
فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ
النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ) الحشر/18-20 ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تبين هذه الحقيقة
العظيمة وتوضحها أعظم توضيح ، فعليك بالإقبال على كتاب الله لتجد فيه كل خير ،
وتبتعد عن كل سوء وشر .
وأسأل الله أن يشرح صدرك للخير وأن يثبتك عليه حتى تلقاه ، وأن
يصرف عنك السوء والشر إنه سميع قريب .
والله تعالى أعلى وأعلم .
*****
46886
والدها متعلق بها تعلقاً محرَّماً فماذا تفعل ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4633)
سؤال رقم 46886- والدها متعلق بها تعلقاً محرَّماً فماذا تفعل ؟
أنا فتاة عمري 19 سنة ووالدي منجذب لي جنسيّاً ، حاول إغوائي مرة وواجهته ولكنه لا زال يفعل ، أخبرت والدتي ولكنها تصرفت وكأنها لا تدري عن الموضوع مع أنه لدي شعور بأنها تدري ، أظن بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً لأننا نعيش في بدل غربي ، وهو بلد جديد بالنسبة لنا ونعتمد ماليّاً على والدي ونريده بجانبنا .
أرجو أن تخبرني بطريقة التصرف مع والدي ، وكيف أعامله ، وهل أمتنع عن الكلام معه تماماً ؟.
الحمد لله
إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا – والله – من المبكيات ، فهل
وصلت الحال بأن تنتكس الفطرة وتتلوث بالسوء من الوالد تجاه ابنته ؟!
وهذا الوالد لا شك أنه مريض بانحراف نفسي وجنسي ، وهو يحتاج
للعلاج المكثف والسريع لقلبه وعقله ونفسه وجوارحه .
أما أنتِ فعليكِ أن تتخذي من التدابير ما يصعب على والدكِ فرصة
أن يجد وقتا أو إمكانية للإغواء والتحرش ، فلا تكوني وحدكِ معه في البيت ، وأغلقي
الباب عندما تكونين في غرفتك ، ولا تسمحي له بالدخول عليكِ وحده ، وهذا كله سيقلل
من فرص التحرش ، أما وقف هذه الممارسة بالكلية : فلن يكون إلا بعلاج الأب أو فضحه ،
وانتبهي أن عليكِ أن تستعدي لما يترتب على فضحه وكشف أمره من آثار عليكِ وعلى
الأسرة كاملة ، لكن هذا خير من بقاء الأمر على ما هو عليه الآن .
ولا بدَّ لأمك أن تتقي الله تعالى ، وعدم مبالاتها لما يفعله
زوجها أمر تحاسب عليه ، وهي تعتبر شريكة له في جرمه ؛ لأن بإمكانها أن تصده وتردعه
عن فعله القبيح .
ويمكنكِ الاستعانة بأحد أقربائكِ الحكماء ليتدخل في الموضوع للحد
من انحرافات هذا الأب المريض .
وهذه الأفعال القبيحة من الآباء لا شك أن لها أسباباً ، وأنه لا
يمكن لأحدٍ أن يعالج مشكلة دون أن يقف على الأسباب ويعالجها ، وهذه الأسباب بعضها
يرجع للأب وبعضها الآخر من البنت نفسها ، وأسباب أخرى تعود للبيئة المكانية
والزمانية .
ومن الأسباب التي تؤدي بالأب لهذا الانحراف الخطير :
1. ضعف الإيمان ، وقلة الخوف من الله ، وانعدام مراقبة الله .
2. الإدمان على الخمور والمخدرات .
3. مرض عقلي أو نفسي .
4. مشاهدة المثيرات الجنسية في القنوات الفضائية ، ورؤية الصور
الإباحية .
5. الفراغ والبطالة .
وأما الذي يكون من أسباب من البنت :
1. التساهل في اللباس ، فكثير من البنات يلبسن الضيق والقصير
أمام آبائهن وأشقائهن ، وفي ذلك مخالفة للشرع بيِّنة ، وفيها استثارة لقبائح
الشهوات الكامنة في النفوس المريضة والتي تستثيرها من قبلُ القنوات الفضائية والصور
الإباحية .
2. التساهل في بعض الأفعال ، مثل التقبيل من الفم ، أو المماسة
المثيرة ، أو النوم على سرير واحد أو في لحاف واحد مع أبيها أو أخيها ، وهو مخالف
للشرع – أيضاً – ومثير لكوامن الشر .
وإذا أردنا العلاج لمثل هذه الأفعال المخالفة للفطرة والشرع ،
فينبغي القضاء على تلك الأسباب التي تؤدي لمثل هذه الانتكاسات ، ويكون ذلك بـ :
1. العمل على نشر الفضيلة والأخلاق بين أفراد الأسرة ، وتقوية
جانب الإيمان بالله ومراقبته والخوف منه ، وذلك بالحفاظ على الصلاة والطاعات ،
والابتعاد عن المنهيات ومساوئ الأخلاق .
2. الابتعاد بالكلية عن رؤية وسماع وقراءة المثيرات من البرامج
والقصص .
3. الابتعاد عن صحبة السوء ، والتي لا تدل أصحابها إلا على الشر
والسوء .
4. ابتعاد البنت عن اللباس المخالف للشرع ، كلبس الضيق والقصير
والشفاف ، والابتعاد عن المماسة المثيرة والتقبيل من الفم .
5. الحرص على المسكن الواسع والذي لا تكون فيه البنت مع والدها
أو أشقائها في غرفة واحدة أو في لحاف واحد .
6. ينبغي للأم أن يكون له دورها في مثل هذه المشاكل وذلك بعدم
الغفلة وعدم التساهل مع ما تراه أو تسمعه مما يخالف الشرع ولا تنتظر على الأمور حتى
تسوء ولا يمكن إصلاحها ، بل عليها أن تكون متيقظة من أول الأمر ، فلا تسمح لابنتها
في التساهل ، ولا لزوجها في أن يفعل ما يشاء .
7. وينبغي إعلام الأقرباء الحكماء بمثل هذه الأفعال لوضع الأمور
في نصابها ، فإن لم ينفع هذا مع الأب فيجب عليكم تقديم شكوى للقضاء الشرعي والجهات
الأمنية لكف شرِّه عنكم .
8. وعلى أختنا السائلة أن تتشدد في الأمر ولا تتراخى في علاجه ،
وننصحها بالدعاء ولتتحرَّ أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل أن يهدي والدكِ وأن
يكف شرَّه عنكِ .
9. ويحرم عليكِ التساهل مع أفعال والدك ويجب عليك دفعه بكل ما
أوتيتِ من قوة ، وارفعي صوتك في طلب المساعدة ، ولو أدى هذا إلى فضيحته أو سجنه .
10. فإن لم تنفع تلك الحلول فلا ننصحكِ بالبقاء في البيت ،
وننصحك بالسكن مع أخوات مستقيمات أو مع أقربائكِ ممن تتوفر عندهم الظروف الشرعيَّة
لسكنك معهم .
ونسألك الله تعالى أن يفرج كربكِ ، وأن يزيل همَّك ، وأن يهدي
والدكِ ، ويكف شره عنكم .
والله الموفق .
*****
46911
كيف تبكي من خشية الله
الرقائق > محبة الله >(1/4634)
سؤال رقم 46911- كيف تبكي من خشية الله
أنا رجل لي عين لا تدمع فكيف أجعلها تدمع من خشيه الله تحقيقا للحديث " عينان لا تمسهما النار - وذكر " عين بكت من خشية الله " ؟.
الحمد لله
لا شك أخي السائل أن هذا الشعور منك بالتأسف على فوات هذا الخير
علامة ومؤشر على خير كبير ، وأعلم ـ أخي ـ أن المسلم يستطيع أن يعوِّد نفسه على
البكاء من خشية الله ، وذلك من خلال هذه المحطات :
1. استشعار الخوف من الله تعالى .
إن هذا البكاءُ ثمرةُ العلمِ النافع ، كما قال القرطبي في تفسير
قوله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ ) الإسراء/109 :
" هذه مبالغةٌ في صفتهم ومدحٌ لهم ؛ وحُقَّ لكلّ من توسّم بالعلم
وحصّل منه شيئاً أن يجري إلى هذه المرتبة ؛ فيخشع عند استماع القرآن ويتواضع ويذلّ
، وفي مسند الدّارميّ عن أبي محمد عن التَّيْميّ قال : من أُوتيَ من العلم ما لم
يبُْكِهِ لخليقٌ ألا يكون أُوتي علماً ؛ لأن الله تعالى نعت العلماء ، ثم تلا هذه
الآية ،..." . " الجامع لأحكام القرآن " 10/341-342.
2. قراءة القرآن وتدبر معانيه .
قال تعالى : ( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ
لِلأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ
رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ
خُشُوعاً ) الاسراء/107-109 وقال عز وجل : ( أُولَئِكَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ
وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ
وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ
خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) مريم/58 عَن ابن مَسعودٍ -
رضي اللَّه عنه – قالَ : قال لي النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " اقْرَأْ
علَّي القُرآنَ " قلتُ : يا رسُولَ اللَّه ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ
أُنْزِلَ ؟ ، قالَ : " إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي " فقرَأْتُ عليه
سورَةَ النِّساء ، حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية : ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ
أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً ) قال : " حَسْبُكَ الآن "
فَالْتَفَتَّ إِليْهِ ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ . رواه البخاري (5050)
ومسلم (800) .
3. معرفة عظيم الأجر على البكاء وخاصة في الخلوة .
عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه – قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ
صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " لا َيَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ
اللَّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْع ، وَلا يَجْتَمعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ
اللَّه ودُخانُ جَهَنَّمَ " . رواه الترمذي (1633) والنسائي (3108) . وصححه
الألباني .
وقوله " حتى يعود اللبن في الضرع " : هذا من باب التعليق بالمحال
كقوله تعالى : ( حتى يلج الجمل في سم الخياط ) "تحفة الأحوذي "
وعنه قالَ : قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
" سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ : إِمامٌ
عادِلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّق
بالمَسَاجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه ، اجتَمَعا عَلَيهِ وتَفَرَّقَا
عَلَيهِ ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ فَقَالَ : إِنّي
أَخافُ اللَّه ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ تَعْلَمَ
شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ
" . رواه البخاري (660) ومسلم (1031) .
ويمتاز البكاء في الخلوة على غيره ، لأن الخلوة مدعاة إلى قسوة
القلب ، والجرأة على المعصية ، وبعيدة عن احتمال الرياء ، فإذا ما جاهد الإنسان
نفسه فيها ، واستشعر عظمة الله فاضت عيناه ، فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم
لا ظل إلا ظله .
4. التفكر في حالك وتجرؤك على المعصية والخوف من لقاء الله على
هذه الحال .
كان بعض الصالحين يبكي ليلاً ونهاراً ، فقيل له في ذلك ، فقال :
أخاف أن الله تعالى رآني على معصية ، فيقول : مُرَّ عنى فإني غضبان عليك ، ولهذا
كان سفيان يبكي ويقول أخاف أن أسلب الأيمان عند الموت .
وهذا إسماعيل بن زكريا يروي حال حبيب بن محمد - وكان جاراً له –
يقول : كنت إذا أمسيت سمعت بكاءه وإذا أصبحت سمعت بكاءه ، فأتيت أهله ، فقلت : ما
شأنه ؟ يبكي إذا أمسى ، ويبكي إذا أصبح ؟! قال : فقالت لي : يخاف والله إذا أمسى أن
لا يصبح وإذا أصبح أن لا يمسي .
لقد كان السلف كثيري البكاء والحزن ، فحين عوتب يزيد الرقاشى على
كثرة بكائه ، وقيل له : لو كانت النار خُلِقتْ لك ما زدت على هذا ؟! قال: وهل خلقت
النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن و الإنس ؟ وحين سئل عطاء السليمي: ما هذا
الحزن ؟ قال : ويحك ، الموت في عنقي ، والقبر بيتي ، وفي
القيامة موقفي ، وعلى جسر جهنم طريقي لا أدري ما يُصنَع بي .
وكان فضالة بن صيفي كثير البكاء ، فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال
لزوجته : ما شأنه ؟ قالت : زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد .
وانتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج أهل الدار بالبكاء ، فسألوه عن
حاله فقال : ذكرت ذنبا لي فبكيت .
وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية : ( أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي .
وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاءً شديداً ، فقيل له : ما بكاؤك
؟ فقال: لا أدري على ما أقدم ، أعلى رضا أم على سخط ؟ .
وقال سعد بن الأخرم : كنت أمشي مع ابن مسعود فمَّر بالحدَّادين
وقد أخرجوا حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي .
5. استشعار الندم والشعور بالتفريط في جنب الله .
فدموعُ التائبين في جُنْحِ الليلِ تروي الغليل ، وتشفي العليل ،
كما قال شيخ المفسِّرين أبو جعفر الطبري في تأويل قوله تعالى :( أَفَمِنْ هَذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ ) النجم/59 – 61 :
" لا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله ؛ وأنتم من أهل
معاصيه ، ( وأنْتُمْ سامِدُونَ ) يقول : وأنتم لاهون عما فيه من العِبَر والذِّكْر
، مُعْرِضُون عن آياته ! " . " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " 27/82.
6. البكاء من الشفقة من سوء الخاتمة .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما مرّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالحِجْر قال : " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسَهم أن يُصيبكم ما
أصابهم ؛ إلا أن تكونوا باكين " ، ثم قنّع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ،
وأسرع المشيَ حتى أجاز الوادي ) . رواه البخاري (3380) ومسلم (2980) .
وقد ترجم النووي لهذا الحديث بقوله : ( باب البكاء والخوف عند
المرور بقبور الظالمين ومصارعهم، وإظهار الافتقار إلى الله تعالى ، والتحذير من
الغفلة عن ذلك ) . " رياض الصالحين " ص373 .
7. سماع المواعظ المؤثرة والمحاضرات المرققة للقلب .
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ـ وهو أحد البكّائين ـ قال : (
وَعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ) . رواه الترمذي (2676) وأبو داود (4607) وابن
ماجه (42) .وصححها الألباني
وفقنا الله وإياك لما يحب ربنا ويرضاه .
*****
46917
الحكمة من إمامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء في حادثة الإسراء
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4635)
سؤال رقم 46917- الحكمة من إمامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء في حادثة الإسراء
ما العلة في إمامة النبي محمد للأنبياء في ليلة الإسراء و المعراج ، على ماذا يدل هذا ؟
الحمد لله
العلة من تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بالأنبياء
إماماً في المسجد الأقصى الذي هو دار الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام
هي الدلالة على أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم والرئيس
المقدم كما نص على ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله عند أول تفسيره لسورة الإسراء،
وقال أيضاً ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن إمامة النبي صلى الله عليه وسلم
بالأنبياء : " ثم أُظْهِرَ
شرفُه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له "
ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو مقدم الأنبياء وأفضلهم
فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ
) رواه مسلم ( 2278)
وقد التمس بعض العلماء حكمة أخرى من تقدمه عليه الصلاة والسلام
إماماً للأنبياء فقال :
قوله في الحديث : ( فأممتهم ) فيه – والله أعلم – إشارة إلى تولي
هذه الأمة أمر قيادة البشرية . "
والله أعلم .
*****
46921
هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم ؟
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >
العلم > آداب طلب العلم >(1/4636)
سؤال رقم 46921- هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم ؟
سمعت ذات مرة من التلفاز أنه يجوز للفتاة أو المرأة الكشف عن وجهها في سبيل طلب العلم - لا أذكر على أي مذهب – وقال المتحدث : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " اختلاف فقهاء أمتي رحمة " .
وخاصة أنني أستصعب نقلتي النوعية من السفور إلى الحجاب والجلباب ، فدلني على الصواب لأتبعه .
الحمد لله
أولاً :
حديث " اختلاف أمتي رحمة " : حديث موضوع كما في " الأسرار
المرفوعة " ( 506 ) ، و" تنزيه الشريعة " ( 2 / 402 ) .
وقال عنه الشيخ الألباني كما في " السلسلة الضعيفة والموضوعة "(
حديث رقم 57 ) – :
لا أصل له ، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم
يوفقوا ...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : " وليس بمعروف عند المحدِّثين
، ولم أقف له على سند صحيح ، ولا ضعيف ، ولا موضوع ، وأقرّه زكريا الأنصاري في
تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
انتهى
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب ، إلا إذا دعت
لذلك ضرورة ، كالطبيب المعالج إذا عدمت الطبيبة وبشرط عدم الخلوة ، والخاطب للزواج
، والشهادة أمام القضاء ، ويقتصر فيما سبق على موضع الضرورة دون ما عداه .
وحجاب المرأة ونقابها ليس عائقاً أمام طلب العلم للمرأة ، ولا
يصح أن تُجعل منافرة ومضادة بين الستر والعلم ، ولا بارك الله في علم لا يأتي إلا
بمعصية وتهتك للمرأة ، وها هي المرأة المتحجبة والمتسترة قد بلغت أعلى المنازل في
العلم ونيل الشهادات دون أن تختلط بالرجال أو أن تكشف عن وجهها ، وها نحن نرى
كثيراً من الفاشلات في العلم لا يضعن على أجسادهن إلا القليل من الملابس ، فمتى كان
التهتك يأتي بالعلم والحجاب يمنع منه ؟! .
وقد أحسن الشاعر بقوله :
ليس الحجاب بمانع تعليمها * فالعلم لم يرفع على الأزياء
أولم يسع تعليمهن بغير أن * يملأن بالأعطاف عين الرأي
وخمار الوجه فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب
السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه
عورة .
وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، و ( 11774 ) .
فالقول بجواز كشف المرأة وجهها من أجل طلب العلم غير صحيح .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه ، وأن يجزيكِ خير
الجزاء على سؤالكِ واستفساركِ ، والوصية لك أن تبتعدي عن مواطن الريبة والاختلاط ،
ولكِ بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله " من ترك شيئاً لله عوَّضه الله
خيراً منه " ، فاستعيني بالله تعالى واصبري ، وقد تركت النساءُ المسلماتُ الأوَلُ
دينهن وأزواجهن وأوطانهن من أجل الدخول في الإسلام ، فهذه النقلة من السفور إلى
الحجاب لا شيء مقابل ما فلعلتْه أولئك النسوة ، وثقي أنك ستكونين موضع ثقة وتشجيع
أخواتكِ الفاضلات المتسترات ، وسيخففن عنكِ وطأة تلك النقلة ، ولا تلتفتي إلى
المعوقات من أهل الشر والفساد نساء ورجالاً ، فهم لا يحبون لكِ الخير ، ولا يتمنوْن
لك السعادة والثواب ، أو أنهم لا يعرفون الطريق الحقيقي للسعادة والثواب .
والله أعلم .
*****
4693
المشروع الصدقة عنهم
الفقه > معاملات > الدين >(1/4637)
سؤال رقم 4693- المشروع الصدقة عنهم
قبل عدة سنوات أخذت من عدد من الزملاء مبلغ 100 ريال سعودي وبعدها سافرت إلى منطقة أخرى ونسيت هؤلاء الزملاء وكذلك هم نسوني والآن أنا لا أعرف أين هم فماذا أفعل بالمبلغ الذي على عاتقي ؟ أخبروني جزاكم الله خيرا
إذا كان الواقع كما ذكرت في السؤال وهو نسيانك أصحاب المئة فالمشروع لك أن تتصدق عنهم ومتى ذكرت أحدا منهم فأعطه حقه إلا أن يسمح بالصدقة التي فعلتها عنه وبذلك تبرا ذمتك ويحصل لك ولهم الأجر .
الشيخ ابن باز رحمه الله
فتاوى إسلامية 3/10
*****
46955
ورثت عن أمها إسورة ذهب لم تكن تؤدي زكاتها
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4638)
سؤال رقم 46955- ورثت عن أمها إسورة ذهب لم تكن تؤدي زكاتها
ورثت عن والدتي إسورة ، ولا أعتقد أن والدتي قد أدت زكاتها طيلة عمرها، وقد بدأت الآن في طلب العلم ، وأحتاج المال لشراء كتب وطباعة بحوث ، مع العلم بأن زوجي يقوم بالإنفاق علينا من مأكل ومشرب وملبس ، ولكنه يعتبر هذه الأمور ثانوية فلا يمدني بالمال اللازم لذلك .
فهل يجوز لي أن أقوم ببيع هذه الإسورة وأصرف منها على طلب العلم ، مع أخذ العهد على نفسي إن رزقني الله مالا أن أقوم بدفع مبلغ لأداء الزكاة عنها، أو عليّ بيعها وأدفع زكاتها ، وهل يحق لي أن أصرف منها على أشياء أخرى غير طلب العلم ، أو فقط أجعل مالها وقفا لطلب العلم ؟.
الحمد لله
أولاً : لا تجب الزكاة في الذهب إلا إذا بلغ نصاباً ، وهو 85
جراماً .
فإذا كانت هذه الإسورة قد بلغت النصاب ، أو كان عند والدتك ذهب
آخر إذا انضم إلى الإسورة بلغ نصاباً ففيها الزكاة . فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة
فيها .
ثانياً : اختلف العلماء في وجوب الزكاة في الذهب المعد للاستعمال
(الحلي) . وسبق في جواب السؤال رقم ( 19901 )
أن الراجح هو وجوب الزكاة فيه .
فإذا كانت والدتك لم تخرج الزكاة عن هذه الإسورة طيلة عمرها
لأنها سألت من أفتاها بعدم وجوب الزكاة ، أو لم تعلم وجوب الزكاة فيها فلا يجب عليك
إخراج الزكاة عما مضى من السنين ، أما إذا كانت قد علمت بوجوب الزكاة غير أنها تركت
إخراجها تفريطاً فيجب عليك إخراج الزكاة من تركتها عن السنوات الماضية ، لأنها حق
لله تعالى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : عن امرأة لم تعلم بوجوب زكاة الحلي
إلا قريباً ، فهل تخرج زكاة ما مضى من السنوات ؟
فأجاب : الذي أرى أنه لا يجب عليها زكاة ما مضى ، لأن المعروف في
هذه البلاد والمفتى به هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، والمشهور من
مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا زكاة في الحلي المُعَدَّ للاستعمال أو العارّية
، وعلى هذا فلا يجب عليها زكاة ما مضى ، ولكن يجب عليها الزكاة عن هذا العام الذي
علمت فيه أن الزكاة واجبة في الحلي ، وعما يستقبل من الأعوام ، لأن القول الصحيح
الذي تؤيده الأدلة أن الزكاة واجبة في الحلي ، وإن كان مستعملاً . والله الموفق .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/142)
وسئل أيضاً : عن امرأة امتلكت حلياً منذ أربع سنوات ، فهل تخرج
زكاتها عن هذه السنين الماضية أم لا ؟
فأجاب :
" الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ
النصاب . . . .
أما سؤالها : هل يجب عليها أن تُخرج زكاة ما مضى من السنوات ؟
فجوابه : إن كان تعتقد وجوب الزكاة منذ أربع سنوات وجب عليها أن
تخرج الزكاة لهذه السنوات الأربع ، لأن تأخيرها الإخراج يعتبر تفريطاً منها ،
فعليها التوبة إلى الله وإخراج زكاة ما مضى ، وإن كانت لا تعتقد وجوب الزكاة إما
لأنها لم تعلم أو لأنها ترددت لاختلاف العلماء في ذلك ثم بدا لها أن الزكاة واجبة
فإنه يجب عليها الزكاة من السنة التي اعتقدت وجوب زكاة الحلي فيها " اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (18/146)
ثالثاً : في الحال التي لا يجب عليك إخراج الزكاة عن هذه الإسورة
، فإنها ستكون ملكاً لك تتصرفين فيها كيفما شئت ، فلك أن تبيعيها وتنفقي منها على
طلب العلم وغيره . وفي الحال التي يجب عليك إخراج الزكاة فيها ، فإن الواجب إخراجها
على الفور ولا يجوز تأخيرها .
فإما أن تخرجي الزكاة من غير هذه الإسورة إن كانت عندك أموال
أخرى ، وإما أن تبيعيها ، وتخرجي الزكاة منها ، وباقي ثمنها يكون ملكاً لك تنفقين
منه حيث شئت .
رابعاً : كان الواجب عليكم المبادرة بإخراج الزكاة قبل قسمة
التركة ، لأن الزكاة تعتبر ديناً ، وقد أجمع أهل العلم على أن وفاء الديون يُبدأ به
قبل قسمة التركة . راجع السؤال ( 21271 ).
وبما أنكم قسمتم التركة قبل إخراج الزكاة فإن الزكاة توزع على
جميع الورثة ، كلٌّ يجب عليه إخراج جزء منها حسب نصيبه من الميراث ، فإن تبرع أحدٌ
وأخرجها كلها أجزأ ذلك ، وكان محسناً .
وخلاصة الجواب :
إذا كنت تعلمين أن والدتك لم تُخرج زكاة هذه الإسورة لأنها لا
تعلم بوجوب زكاتها ، أو قلّدت من قال من العلماء بأن الحليّ لا زكاة فيها ، فلا يجب
عليك إخراج الزكاة وإذا كنت تعلمين أنها لم تخرج الزكاة تفريطاً مع علمها بوجوبها ،
فالواجب عليك إخراج الزكاة .
*****
46959
حكم الدعاء بعد كل ركعتين من صلاة التراويح
أصول الفقه > البدعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4639)
سؤال رقم 46959- حكم الدعاء بعد كل ركعتين من صلاة التراويح
ما حكم الدعاء بين التسليمة والأخرى بهذه الصيغة : (سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لنا) ؟ .
الحمد لله
الدعاء بين التسليمة والأخرى في صلاة التراويح بهذه الصيغة :
(سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لنا) ليس له أصل في السنة ، وليس للإمام أو المأموم
التزام ذلك ، لأن العبادة مبناها على التوقيف ، فلا يشرع منها إلا ما شرعه رسول
الله صلى الله عليه وسلم . والتزام عبادة معينة في وقت معين ، من غير دليل ، يدخل
في باب البدعة والإحداث .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه
أمرنا فهو رد ) متفق عليه .
وهذا الذكر العظيم : (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)
مما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده ، فقد روى البخاري (784)
ومسلم (484) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم
يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ، يتأول
القرآن ) .
ومعنى "يتأول القرآن" : أي يفعل ما أُمِر به في القرآن ، وهو قول
الله تعالى له : ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) .
فانظر كيف تُركت السنة في هذا الموضع ، وتمسك الناس بالمحدَث !!
ومن البدع التي تفعل في التراويح : قول الناس : صلاة القيام
أثابكم الله ، وقولهم بين كل ركعتين : اللهم صل وسلم على سيدنا محمد بصوت مرتفع ،
وقراءتهم بين كل ركعتين سورة الإخلاص والمعوذتين ، أو قول الإمام سبحان الله ،
وترديد المأمومين خلفه : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، كل هذا لم يرد عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، ولهذا أفتت اللجنة الدائمة بأنه من البدع المحدثة .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/ 208- 215) .
*****
4696
حكم إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب
الفقه > معاملات > اللقيط >(1/4640)
سؤال رقم 4696- حكم إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب
السؤال :
شخص لم يرزق بأولاد ، فأخذ لقيطا من الملجأ فرباه وعلمه وأحسن إليه ، واجتهادا منه وعطفا عليه أضافه إلى اسمه وسجله في الوثائق الرسمية .. فما حكم ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز شرعا إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب يسمى فيها الولد اللقيط باسم من تبناه وينسب إليه اللقيط نسبة الولد إلى أبيه وإلى قبيلته كما جاء في الاستفتاء ، لما في ذلك من الكذب والزور واختلاط الأنساب والخطورة على الأعراض ، وتغيير مجرى المواريث بحرمان مستحق وإعطاء غير مستحق وإحلال الحرام وتحريم الحلال في الخلوة والنكاح وما إلى هذا من انتهاك الحرمات وتجاوز حدود الشريعة ، لذلك حرم الله نسبة الولد إلى غير أبيه أو غير مواليه قال الله تعالى : " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما " .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام " . رواه أحمد والبخاري ومسلم . وقال صلى الله عليه وسلم : من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة " ، فاجتهاد المستفتي في التسمية المذكورة خطأ لا يجوز الاستمرار عليه ويجب العمل على التغيير والتعديل للنصوص الواردة في تحريم هذه التسمية وللحكم التي تقدم بيانها ، وأما العطف على اللقيط وتربيته والإحسان إليه فمن المعروف الذي رغبت فيه الشريعة الإسلامية . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم .
اللجنة الدائمة
فتاوى إسلامية 3/12-13
*****
46962
قول بعض المأمومين نشهد وحقا عند ثناء الإمام على الله
الرقائق > الدعاء > أدعية لا تصح >(1/4641)
سؤال رقم 46962- قول بعض المأمومين نشهد وحقا عند ثناء الإمام على الله
أحيانا نسمع من بعض المأمومين : " آمين ، نشهد ، سبحانك ، وغيرها " في دعاء القنوت ، فإن كان ذلك وارداً أوضحوا لنا متى تقال ؟.
الحمد لله
وردت السنة بأن الإمام إذا قنت في الصلاة فإن المأمومين يؤمنون
على دعائه ، فيقولون : آمين ، وأما عند الثناء على الله فإن الأفضل هو سكوتهم
اكتفاء بثناء الإمام على الله ، وأما قول بعض المأمومين : " نشهد " و " يا الله "
ونحو ذلك ، فهذا لا أصل له .
قال الشيخ بكر أبو زيد :
" وقد حصل من الأغاليط والمحدَثات في الدعاء والذِّكر فيها ما
يأتي :
...
45. جواب المأموم على مواطن الذكر من قنوت الإمام بلفظ : " حقّاً
" أو " صدقت " أو " صدقاً وعدلاً " أو " أشهد " أو " حق " ونحو ذلك : كلها لا أصل
لها .
"تصحيح الدعاء" ( ص419 – 423) مختصراً .
والله أعلم .
*****
46979
حكم جلوس العروس في كوشة الفرح
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4642)
سؤال رقم 46979- حكم جلوس العروس في كوشة الفرح
عن كوشة الفرح التي توضع فيها العروس وهى عبارة عن منصة أو مثل المسرح يعلو الناس الحضور حتى تكون العروسة واضحة الرؤية لجميع الحضور فهل في هذا نوع من التكبر علما بأن بعض صديقات العروسة يجلسن بجوارها أفيدونا أفادكم الله.
الحمد لله
المنصة ( الكوشة ) التي تجلس عليها العروس أمر معروف من قديم .
قال في المصباح المنير(ص 608) : (
ونصَّ النساء العروس نصا : رفعنها على المِنصة وهي الكرسي الذي تقف عليه في جلائها
( يعني في زينتها ) انتهى.
وقال في شرح الكوكب المنير (3/478) : ( فالنص لغة : الكشف
والظهور . ومنه : نصت الظبية رأسها : أي رفعته وأظهرته ومنه : منصة العروس )
ولا حرج في جلوس العروس على المِنصّة ، بشرط أن يكون ذلك مستورا
عن أعين الرجال الأجانب ، ولا يعد هذا من التكبر، بل
الغرض كما ذكرتِ هو أن يراها الجميع .
وينبغي هنا التنبيه على ما يحصل في بعض المجتمعات من منكرات في
هذا الشأن ، حيث يجلس الزوج مع زوجته في تلك المنصة ، وهي في أتم زينتها ، ويكون
ذلك أمام الرجال والنساء . أو يدخل الزوج ويجلس مع زوجته على المنصة ومعهما النساء
الأجنبيات عنه في كامل زينتهن .
قال علماء اللجنة الدائمة : ( ظهور الزوج على المنصة بجوار زوجته
أمام النساء الأجنبيات عنه اللاتي حضرن حفل الزواج ، وهو يشاهدهن وهن يشاهدنه ، وكل
متجمل أتم التجميل ، وفي أتم زينته ـ لا يجوز ، بل هو منكر يجب إنكاره ). فتاوى اللجنة الدائمة 19/120
والله أعلم .
*****
4698
حرمة الميت من المسلمين كحرمته حيا
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4643)
سؤال رقم 4698- حرمة الميت من المسلمين كحرمته حيا
السؤال :
وجدت في طرف أرضي ثلاثة قبور فماذا أصنع بها ؟ هل يجوز أن أنقل رفاتها إلى مكان آخر ؟
الجواب:
الحمد لله
الأصل أنهم قبروا في أرض موات ملكوها بقبرهم فيها ، فلا يجوز التعرض لها لا بنبش ولا باستطراق ولا بابتذال وينبغي أن تحاط بسور يمنع عنها الامتهان والابتذال ويحفظ لأصحابها كرامتهم لأن حرمة الميت من المسلمين كحرمته حيا ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة
فتاوى إسلامية 3/22
*****
46985
حكم التشاؤم برفة العين
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4644)
سؤال رقم 46985- حكم التشاؤم برفة العين
عيني اليمنى لها أكثر من أسبوع ترف ، ويقول لي البعض إنها فأل شر ، فبماذا تفتونني ؟؟.
الحمد لله
لا علاقة لما ذكرته من رفة العين بفأل الشر ، بل هذا من التشاؤم
الذي يجب على المسلم الحذر منه ؛ فإنه من أفعال الجاهلية ، وقد ثبت عنه عليه الصلاة
والسلام أنه نهى عن التطيّر ، وأخبر أنه من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد
الواجب ، لكون الطيرة من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته ، والمراد بالتطير أو
الطيرة هو : ( التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم )
وقد جاء نهيه صلى الله عليه وسلم عنها في غير ما حديث ، فمن ذلك
:
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ) رواه البخاري ( 5757 ) ومسلم ( 102 )
- وما رواه أبو داود ( 3910 ) والترمذي ( 1614 ) وصححه ، عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الطيرة شرك ،
الطيرة شرك ، وما منّا إلا ....، ولكن الله يذهبه بالتوكل ) وقوله : ( وما منا إلا
... ) إلخ ، من كلام ابن مسعود ، وليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، ومعناه : ما منا من أحد إلا وقد يقع في قلبه شيء من الطيرة والتشاؤم
إلا أن الله تعالى يذهب ذلك من القلب بالتوكل عليه وتفويض الأمر إليه .
- وما جاء أيضاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل قالوا : وما
الفأل ؟ قال : الكلمة الطيبة ) رواه البخاري ( 5756 ) ومسلم ( 2220 )
فهذه الأحاديث صريحةٌ في تحريم التشاؤم والتحذير منه ، لما فيه
من تعلّق القلب بغير الله تعالى ، ولأن كل مَنْ اعتقد أن بعض الأشياء قد تتسبب في
نفعه أو ضره ، والله لم يجعلها سببا لذلك ؛ فقد وقع في الشرك الأصغر ، وفتح للشيطان
باباً لتخويفه و إيذائه في نفسه وبدنه وماله ، ولذا نفاها الشارع وأبطلها وأخبر أنه
لا تأثير لها في جلب نفع أو دفع ضر .
فإذا علمت ذلك ـ وفقك الله ـ فإنْ وقع لك شيء من ذلك فعليك أن
تتقي الله ، وأن تتوكل عليه و تستعين به ، ولا تلتفت إلى هذه الخواطر السيئة
والأوهام الباطلة ، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى علاج التشاؤم ، وذلك
فيما أخرجه الإمام أحمد في مسنده ( 2 / 220 ) وصححه الألباني في الصحيحة ( 1065 )
من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : ( من ردّته الطيرة عن حاجته
فقد أشرك ، قالوا : وما كفارة ذلك ؟ قال : أن تقول : اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا
طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك ) .
فلا ينبغي للمؤمن أن يكون متشائماً ، بل عليه أن يكون دائماً
متفائلاً حَسَنَ الظن بربه فإذا سمع شيئاً، أو رأى أمراً؛ ترقب منه الخير؛ وإن كان
ظاهره على خلاف ذلك، فيكون مؤملاً للخير من ربه في جميع أحواله، وهذه حال المؤمن ،
فإن أمره كله له خير كما قال صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن. إن أمره كله
خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته
ضراء صبر ، فكان خيرا له ". صحيح مسلم ( 2999) ، وبهذا يكون
المؤمن دائما في حال من الرضى والطمأنينة والتوكل على الله ، وبُعْدٍ عن الهموم
والأحزان التي يوسوس له بها الشيطان الذي يحب أن يُحزِن الذين آمنوا، وهو لا يقدر
على أن يضرهم بشيء ، نسأل الله لنا ولك السلامة من كل مكروه والله تعالى أعلم .
للاستزادة ( فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2 / 210 ).
*****
46992
نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة
العلم > آداب طلب العلم >
أصول الفقه > مصادر التشريع >
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4645)
سؤال رقم 46992- نبذة عن مذهب الإمام أبي حنيفة
نرجو من فضيلتكم إعطاء نبذة عن الإمام أبي حنيفة وعن مذهبه حيث أنني أسمع البعض ينتقصون من مذهب الإمام وذلك لاعتماده في كثير من الأحيان على القياس والرأي .
الحمد لله
الإمام أبو حنيفة هو فقيه الملة عالم العراق أبو حنيفة النعمان
بن ثابت التيمي الكوفي ، ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة ورأى أنس بن مالك لما
قدم عليهم الكوفة ، وروى عن عطاء بن أبي رباح وهو أكبر شيخ له ، وعن الشعبي وغيرهم
كثير .
وقد عني رحمه الله بطلب الآثار وارتحل في ذلك ، وأما الفقه
والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك كما يقول الإمام
الذهبي ، حتى قال :" وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه "
وكان الإمام فصيح اللسان عذب المنطق ، حتى وصفه تلميذه أبو يوسف
بقوله :" كان أحسن الناس منطقا وأحلاهم نغمة ، وأنبههم على ما يريد " ، وكان ورعا
تقيا ، شديد الذب عن محارم الله أن تؤتى ، عرضت عليه الدنيا والأموال العظيمة
فنبذها وراء ظهره ، حتى ضُرب بالسياط ليقبل تولي القضاء أو بيت المال فأبى .
حدث عنه خلق كثير ، وتوفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومائة وله
سبعون سنة . [ سير أعلام النبلاء 6 \ 390 – 403 ، أصول الدين عند الإمام أبي
حنيفة ص 63 ]
أما المذهب الحنفي فهو أحد المذاهب الأربعة المشهورة المتبوعة ،
وهو أول المذاهب الفقهية ، حتى قيل :" الناس عالة في الفقه على أبي حنيفة " ، وأصل
المذهب الحنفي وباقي المذاهب أن هؤلاء الأئمة - أعني أبا حنيفة ومالك والشافعي
وأحمد - كانوا يجتهدون في فهم أدلة القرآن والسنة ، ويفتون الناس بحسب الدليل الذي
وصل إليهم ، ثم أخذ أتباع أولئك الأئمة فتاوى الأئمة ونشروها وقاسوا عليها ، وقعدوا
لها القواعد ، ووضعوا لها الضوابط والأصول ، حتى تكوَّن المذهب الفقهي ، فتكوَّن
المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي وتكوّنت مذاهب أخرى كمذهب الأوزاعي
وسفيان لكنه لم يُكتب لها الاستمرار .
وكما ترى فإن أساس تلك المذاهب الفقهية كان قائما على اتباع
الكتاب والسنة .
أما الرأي والقياس الذي أخذ به الإمام أبو حنيفة ، فليس المراد
به الهوى والتشهي ، وإنما هو الرأي المبني على الدليل أو القرائن أو متابعة الأصول
العامة للشريعة ، وقد كان السلف يطلقون على الاجتهاد في المسائل المشكلة " رأيا "
كما قال كثير منهم في تفسير آيات من كتاب الله : أقول فيها برأيي ، أي باجتهادي ،
وليس المراد التشهي والهوى كما سبق .
وقد توسع الإمام أبو حنيفة في الأخذ بالرأي والقياس في غير
الحدود والكفارات والتقديرات الشرعية ، والسبب في ذلك أنه أقل من غيره من الأئمة في
رواية الحديث لتقدم عهده على عهد بقية الأئمة ، ولتشدده في رواية الحديث بسبب فشو
الكذب في العراق في زمانه وكثرة الفتن .
ويجب ملاحظة أن المذهب الحنفي المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة ،
ليس كل الأقوال والآراء التي فيه هي من كلام أبي حنيفة ، أو تصح أن تنسب إليه ،
فعدد غير قليل من تلك الأقوال مخالف لنص الإمام أبي حنيفة نفسه ، وإنما جعل من
مذهبه بناء على تقعيدات المذهب المستنبطة من نصوص أخرى للإمام ، كما أن المذهب
الحنفي قد يعتمد رأي التلميذ كأبي يوسف ومحمد ، إضافة إلى أن المذهب يضم اجتهادات
لتلاميذ الإمام ، قد تصبح فيما بعد هي المذهب ، وليس هذا خاصا بمذهب أبي حنيفة ، بل
قل مثل ذلك في سائر المذاهب المشهورة .
فإن قيل : إذا كان مستند المذاهب الأربعة في الأصل الكتاب والسنة
، فلماذا وجدنا اختلافا في الآراء الفقهية بينها ؟
فالجواب : أن كل إمام كان يفتي بحسب ما وصل إليه من دليل ، فقد
يصل إلى الإمام مالك حديث فيفتي به ، ولا يصل إلى الإمام أبي حنيفة ، فيفتي بخلافه
، والعكس صحيح ، كما إنه قد يصل إلى أبي حنيفة حديث ما بسند صحيح فيفتي به ، ويصل
إلى الإمام الشافعي نفس الحديث لكن بسند آخر ضعيف فلا يفتي به ، ويفتي بأمر آخر
مخالف للحديث بناء على ما أداه إليه اجتهاده ، ولأجل هذا حصل الخلاف بين الأئمة -
وهذا باختصار - ، لكن المعول والمرجع في النهاية لهم جميعا إلى الكتاب والسنة .
ثم إن الإمام أبا حنيفة وغيره من الأئمة في حقيقة أمرهم وسيرتهم
قد أخذوا بنصوص الكتاب والسنة ، وإن لم يفتوا بها ، وبيان ذلك أن كل الأئمة الأربعة
قد نصوا على أنه إن صح حديث ما فهو مذهبهم ، وبه يأخذون ، وبه يفتون ، وعليه
يستندون .
قال الإمام أبو حنيفة :" إذا صح الحديث فهو مذهبي "، وقال رحمه
الله :" لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه " ، وفي رواية عنه :"
حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي " ، زاد في رواية أخرى :" فإننا بشر ،
نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا "، وقال رحمه الله :" إذا قلت قولا يخالف كتاب الله
تعالى ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي "
وقال الإمام مالك رحمه الله :" إنما أنا بشر أخطيء وأصيب ،
فانظروا في رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب
والسنة فاتركوه " ، وقال رحمه الله :" ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا
ويؤخذ من قوله ويترك ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم "
وقال الإمام الشافعي رحمه الله :" ما من أخذ إلا وتذهب عليه سنة
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعزب عنه - أي تغيب - ، فمهما قلت من قول ، أو
أصَّلت من أصل ، فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت ، فالقول ما قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي "
وقال الإمام أحمد :" لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا
الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا " ، وقال رحمه الله :" رأي الأوزاعي ورأي
مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار - أي الأدلة
الشرعية "
هذه نبذه يسيرة عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، ومذهبه ، وختاما
: لا يسع المسلم إلا أن يعرف لهؤلاء فضلهم ، ومكانتهم ، على أن ذلك لا يدعوه إلى
تقديم أقوالهم على كتاب الله ، وما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسم - ، فإن
الأصل اتباع الكتاب والسنة لا أقوال الرجال ، فكل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله
- صلى الله عليه وسم - كما قال الإمام مالك رحمه الله .
ولمزيد من الفائدة انظر ( 5523 ، 13189 ، 23280 ، 21420 )
وانظر المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية لعمر الأشقر .
*****
46997
إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم
الفقه > عبادات > الصلاة >
الرقائق > الدعاء >(1/4646)
سؤال رقم 46997- إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم
أنا مسلم جديد وعلمت أنه لا يجوز تلاوة القرآن أثناء السجود . وكما تعلمون أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد . وسؤالي عن الأدعية المقتبسة من القرآن ، هل يجوز الدعاء بالأدعية القرآنية في السجود ؟ أم يعد هذا من التلاوة للقرآن المنهي عنها في السجود ؟.
الحمد لله
أولاً :
نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن في الركوع أو
السجود .
روى مسلم (479) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قال
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ
أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا
فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ
فَقَمِنٌ – أي جدير وحقيق - أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ) .
وروى مسلم (480) عن عَلِيّ بْن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ
: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ
رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا .
وقد اتفق العلماء على كراهة قراءة القرآن في الركوع أو السجود .
انظر : "المجموع" (3/411) ، "المغني" (2/181) .
والحكمة من ذلك :
قيل : لأَنَّ أَفْضَل أَرْكَان الصَّلاة الْقِيَام وَأَفْضَل
الأَذْكَار الْقُرْآن , فَجَعَلَ الأَفْضَل لِلأَفْضَلِ وَنَهَى عَنْ جَعْله فِي
غَيْره لِئَلا يُوهِم اِسْتِوَائِهِ مَعَ بَقِيَّة الأَذْكَار . "عون
المعبود" .
وقيل : لأن القرآن أشرف الكلام , إذ هو كلام الله , وحالة الركوع
والسجود ذل وانخفاض من العبد , فمن الأدب أن لا يقرأ كلام الله في هاتين الحالتين . "مجموع الفتاوى" (5/338) .
ثانياً :
إذا دعا في السجود بدعاء وارد في القرآن الكريم كقوله تعالى : (
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ ) البقرة/201 ، فلا بأس به إذا قصد بذلك الدعاء لا
قراءة القرآن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) رواه البخاري (1)
ومسلم (1907) .
قال الزركشي : " محل الكراهة ما إذا قصد بها القراءة , فإن قصد
بها الدعاء والثناء فينبغي أن يكون كما لو قنت بآية من القرآن " انتهى .
والقنوت بآية من القرآن جائز بلا كراهة .
"تحفة المحتاج" (2/61) .
قال النووي في "الأذكار" (ص 59) :
" ولو قنت بآية أو آيات من القرآن العزيز وهي مشتملة على الدعاء
حصل القنوت ، ولكن الأفضل ما جاءت به السنة " انتهى .
وهذا إذا قصد بالآية الدعاء .
انظر : "الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية" لابن علان (2/308) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة : علمنا بأنه لا يجوز قراءة القرآن في
السجود ، ولكن هناك بعض الآيات تشتمل على الدعاء مثل قوله تعالى : ( ربنا لا تزغ
قلوبنا بعد إذ هديتنا ) ، فما حكم الإتيان بمثل هذه الأدعية الواردة في القرآن في
حالة السجود ؟
فأجابوا : " لا بأس بذلك إذا أتى بها على وجه الدعاء لا على وجه
التلاوة للقرآن " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/443) .
*****
47013
يريد أن يدعو الموظفين إلى الصلاة لكنه متردد
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/4647)
سؤال رقم 47013- يريد أن يدعو الموظفين إلى الصلاة لكنه متردد
أنا من المحافظين على صلاتهم ، حتى في مكتب العمل ، لكن زملائي المسلمين في العمل لا يصلون . وأود أن أفاتحهم في هذا الأمر لكن لا أعرف لماذا ينتابني شعور أني إذا كلمتهم سأتوقف أنا عن الصلاة ، من فضلك أرشدني . وقد سألت الساعي لماذا لا يصلي ، فقال إن تنظيف الحمامات من متطلبات عمله اليومي وبالتالي ينجس ولا يستطيع الصلاة وفي المساء يرجع إلى بيته متعبًا لأنه يعمل 12 ساعة بحيث لا يقدر على الصلاة . أرجو منكم أن تخبروني كيف أقنع هذا الشخص ! ودائمًا أدعو له أن يبدأ يصلي ويحافظ على الصلاة.
الحمد لله
نسأل الله أن يزيدك إيمانا وتقى ومحافظة على فرائضه.
ولا ينبغي أن تتردد في نصح زملائك وتذكيرهم بأمر الصلاة، بل ذلك
مما أوجب الله تعالى ، كما قال سبحانه : ( وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) آل
عمران/104 وقال : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ
الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا
أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) لقمان/17 وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع
فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم 49
وترك الصلاة منكر عظيم ، بل هو كفر
مخرج عن الإسلام ، في أصح قولي العلماء ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك
الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) .
ولا ينبغي أن يكون في قلبك خاطرة أو احتمال لترك الصلاة ، بل
تكره ذلك كراهة أن تقذف في النار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم" ثَلاثٌ مَنْ
كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ
إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ
وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي
النَّارِ" رواه البخاري 49 ومسلم 60
وما ذكره زميلك من الاعتذار بتنجس ملابسه ، جوابه : أنه بإمكانه
تنظيف الحمامات دون أن تتنجس ثيابه ، كما أن بإمكانه تخصيص ثوب طاهر للصلاة . واعلم
أنه لا يتعلل بمثل ذلك من في قلبه تعظيم للصلاة وإدراك لأهميتها وخطورة تركها .
فالواجب نصح هذا وغيره ، وبيان حكم تارك الصلاة ، ووجوب أداء
الصلاة في مواقيتها ، وحرمة تأخيرها إلى آخر الدوام أو قبل النوم ؛ لقوله تعالى : (
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ
فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) مريم/59
قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ، خبيث الطعم
.
وقال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4، 5 .
فتأخير الصلاة عن وقتها كبيرة من الكبائر ، وتركها بالكلية كفر
أكبر، عياذا بالله من ذلك.
والله أعلم .
راجع السؤال رقم ( 47425 ) .
*****
47017
شرح حديث " صنفان من أهل النار لم أرهما ..."
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
سؤال رقم 47017: شرح حديث " صنفان من أهل النار لم أرهما ..."
قرأت جوابًا على أحد الأسئلة ولم أستطع فهم الحديث الذي ذكرتموه هناك، رقم السؤال 10221، حيث قلتم : فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه أحمد ومسلم في الصحيح . أرجو تفسير هذا الحديث شيئًا ما حتى أفهمه ؟.
الحمد لله
هذا الحديث فيه إخبار عن صنفين من الناس لم يرهما النبي صلى الله
عليه وسلم ، يظهران بعد مضي زمنه صلى الله عليه وسلم ويكون مصيرهما إلى النار
لعصيانهما ، وقد عدَّ العلماء ظهورَ هذين الصنفين من أشراط الساعة الصغرى ، وهما :
الصنف الأول : رجال معهم سياط... ، والمراد بهم من يتولى ضرب
الناس بغير حق من ظَلَمَة الشُّرَط أو من غيرهم ، سواء كان ذلك بأمر الدولة أو بغير
أمر الدولة .
قال النووي : " فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة " شرح النووي على صحيح مسلم 17/191 . وقال السخاوي : " وهم
الآن أعوان الظلمة ويطلق غالبا على أقبح جماعة الوالي ، وربما توسع في إطلاقه على
ظلمة الحكام " . الإشاعة لأشراط الساعة ص 119 . والدليل على
كون ظهورهم من أشراط الساعة روايةُ الإمام أحمد وفيها " يخرج رجال من هذه الأمة في
آخر الزمان معهم أسياط كأنها أذناب البقر ، يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه " . المسند 5/315 . صححه الحاكم في المستدرك 4/483 وابن حجر في القول المسدد في
الذب عن المسند ص53-54 .
الصنف الثاني : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن
كأسنمة البخت المائلة .
قال النووي في المراد من ذلك : " أَمَّا ( الْكَاسِيَات العاريات
) فمَعْنَاهُ تَكْشِف شَيْئًا مِنْ بَدَنهَا إِظْهَارًا لِجَمَالِهَا , فَهُنَّ
كَاسِيَات عَارِيَات . وقيل : يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا تَصِف مَا تَحْتهَا ,
كَاسِيَات عَارِيَات فِي الْمَعْنَى . وَأَمَّا ( مَائِلات مُمِيلات ) : فَقِيلَ :
زَائِغَات عَنْ طَاعَة اللَّه تَعَالَى , وَمَا يَلْزَمهُنَّ مِنْ حِفْظ الْفُرُوج
وَغَيْرهَا , وَمُمِيلَات يُعَلِّمْنَ غَيْرهنَّ مِثْل فِعْلهنَّ , وَقِيلَ :
مَائِلَات مُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ , مُمِيلات أَكْتَافهنَّ , وَقِيلَ :
مَائِلات إِلَى الرِّجَال مُمِيلات لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنَّ
وَغَيْرهَا . وَأَمَّا ( رُءُوسهنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْت ) فَمَعْنَاهُ :
يُعَظِّمْنَ رُءُوسهنَّ بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِم وَغَيْرهَا مِمَّا يُلَفّ عَلَى
الرَّأْس , حَتَّى تُشْبِه أَسْنِمَة الإِبِل الْبُخْت , هَذَا هُوَ الْمَشْهُور
فِي تَفْسِيره , قَالَ الْمَازِرِيّ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ يَطْمَحْنَ
إِلَى الرِّجَال وَلا يَغْضُضْنَ عَنْهُمْ , وَلا يُنَكِّسْنَ رُءُوسهنَّ .... " شرح النووي على صحيح مسلم 17/191 . باختصار
قال الشيخ بن عثيمين : " قد فُسِّر قوله " كاسيات عاريات " :
بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة ، لا تستر ما يجب ستره من العورة ، وفسر : بأنهن يلبسن
ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة ، وفسرت : بأن يلبسن ملابس
ضيقة ، فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة " . فتاوى الشيخ محمد
بن عثيمين 2/825 .
وفي الحديث الترهيب والوعيد الشديد من فعل هاتين المعصيتين :
1- ظلم الناس وضربهم بغير حق .
2- تبرج المرأة وإظهارها مفاتنها وعدم التزامها بالحجاب الشرعي
والخلق الإسلامي النبيل .
وهَذَا الْحَدِيث مِنْ مُعْجِزَات النُّبُوَّة , فَقَدْ وَقَعَ
هَذَانِ الصِّنْفَانِ , وَهُمَا مَوْجُودَانِ . كما قال النووي رحمه الله .
يراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 14627 ) .
*****
47026
يشكو من الانطوائية والعزلة
التربية > تربية النفس >(1/4648)
سؤال رقم 47026- يشكو من الانطوائية والعزلة
أنا مسلم والحمد لله ، لكن مشكلتي أني أعيش داخل نفسي ، فلا أجد من يفهمني من الناس إلا القليل ولذا أفضل العزلة والسرية في كل أموري . فلا أخبر من هم حولي عن نفسي ولا عن صفات شخصيتي ، فأنا أحب أن أكون أنا بنفسي .
على سبيل المثال إن أردت فعل شيء ما فلا أخبر به أي أحد مهما كان قريبًا مني ولو كان من إخواني المؤمنين . وهذا لا ينفي أني حقًا أحب من يتّبعون القرآن والسنة . وأحب علماء الإسلام أمثال الإمام البخاري ومسلم والشافعي والألباني ومن على شاكلتهم ، وأود أن أكون يومًا مثلهم. فأرجو منكم نصحي ماذا أفعل لعلاج شخصيتي هذه ؟.
الحمد لله
هذه الحالة التي تعاني منها تتعلق بنمط شخصيتك ، وهي لا تعتبر
مرضا نفسيا حقيقيا ، والأمر الضروري في علاج مثل هذه الحالات هو تطوير المهارات
الاجتماعية ، وهذا من الممكن جداً ، ولكن يتطلب المثابرة والصبر والتدريب الاجتماعي
المتواصل .
ويتلخص البرنامج التدريبي في :
أولاً : أن تهيئ نفسك من الناحية العقلية والذهنية والجسدية
لمخالطة الناس ، والصبر عليهم ، والتجانس معهم قدر الاستطاعة .
ثانيًا : مارس أي نوع من الرياضة الجماعية مثل كرة القدم - مثلاً
– حيث يحدث فيها نوع من الاحتكاك والتخاطب الشعوري واللاشعوري
ثالثا : انضم للجمعيات والأعمال الخيرية والتطوعية ، واحضر حلقات
التلاوة ومدارسة القرآن الكريم .
رابعا : حاول أن تعرض نفسك على أحد الأطباء النفسيين الثقات ،
لكي يرشدك إلى بعض السلوكيات العلاجية المفيدة .
خامسا : تجنب الإحساس بالبعد عن المجتمع ، وحاول نسيان كل ما من
سببه أن يقوي هذا الإحساس لديك ، فقد يكون سبب الانطوائية موقفاً تعرضت له ، أو
محنة مررت بها ، فاستعن بالله على علاجها ونسيانها .
وبالله التوفيق .
*****
47029
هل تسافر بلا محرم لزيارة الوالدين ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المحرم في سفر المرأة >(1/4649)
سؤال رقم 47029- هل تسافر بلا محرم لزيارة الوالدين ؟
أعيش في بلاد الغربة منذ ثلاث سنوات ولم أزر بلدي منذ ذاك الوقت . عندي طفلان لم يرهما والديّ حتى الآن. ووالديّ يفتقدان لرؤية أطفالي كثيرًا . وزوجي لا يستطيع أن يأخذ إجازة من عمله. فهل يجوز لي في هذه الحالة السفر إلى والديّ دون محرم ؟ علمًا بأن هذا السفر فقط لأجل إدخال السرور على أبوي وإسعادهما .
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم ، سواء كان السفر سفرَ قربة
كالحج وزيارة الوالدين وبرهما أو سفراً مباحا كالسياحة وغير ذلك ، والدليل على ذلك
ما يلي :
1-عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تُسَافِرْ
الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا
مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي
جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا " . رواه البخاري ( 1862 ) .
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
" وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع
السفر .
2-ومن المعقول أن السفر مظنة التعب والمشقة ، والمرأة لضعفها
تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما يفقدها صوابها ، ويخرجها عن
طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم اليوم لكثرة حوادث السيارات
وغيرها من وسائل النقل . وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء والمراودة على الشر
، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف الله ، ولا يتقيه ،
فيزين لها الحرام . وكذلك لو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي معرضة لمخاطر
أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك . فمن تمام الحكمة
أن تصاحب محرما في سفرها ؛ لأن الهدف من وجود محرمها حفظُها وصيانتها والقيام
بأمرها ولاسيما حيث يقع شيء من الأمور الضارة والسفر عرضة لذلك بغض النظر عن المدة
.
قال النووي رحمه الله : ( فَالْحَاصِل أَنَّ كُلّ مَا يُسَمَّى
سَفَرًا تُنْهَى عَنْهُ الْمَرْأَة بِغَيْرِ زَوْج أَوْ مَحْرَم ) اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة عن جواز سفر المرأة للحج بدون محرم فأجابت
بما يلي : " لا يجوز أن تسافر المرأة لحج أو غيره بدون محرم " فتاوى اللجنة
الدائمة 11/97 .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية المرأة وحفظها
واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد والشرور.
*****
47030
بيع الهدي والسن المجزئة في العقيقة
الفقه > عادات > العقيقة وأحكام المولود >
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4650)
سؤال رقم 47030- بيع الهدي والسن المجزئة في العقيقة
1- هل يجوز بيع كبش كان مُهدى للذبح في سبيل الله من أجل الاستفادة من ثمنه لتحسين حالة الأسرة ؟
2- هل الكبش الذي عمره أقل من عام يجزئ في العقيقة (كبشان للولد وكبش واحد للبنت) ؟
أرجو الاهتمام والجواب عن هذه الأسئلة لأننا بحاجة إلى الرد. وشكرًا.
الحمد لله
لا يجوز بيع جزء من الهدي أو الأضحية ، ولا كله إلا لمصلحة الهدي
، لأن ما أخرجه الإنسان لله تعالى ، فإنه لا يجوز أن يبيع شيئا منه .
قال في المغني : " لا يجوز بيع شيء منها – أي من الهدي - ، وإن
كان الجازر فقيرا فأعطاه لفقره سوى ما يعطيه أجرة جاز ، لأنه مستحق الأخذ منها
لفقره لا لأجره فجاز كغيره " [ 3 / 222 ] .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " ويحرم أن يبيع شيئا من الأضحية لا
لحما ولا غيره حتى الجلد ، ولا يعطي الجازر شيئا منها في مقابلة الأجرة أو بعضها
لأن ذلك بمعنى البيع " [ رسالة أحكام الهدي والأضحية ]
وقال رحمه الله : " لا يجوز التصرف بها – أي بالأضحية - بما يمنع
التضحية بها من بيع وهبة ورهن وغيرها إلا أن يبدلها بخير منها لمصلحة الأضحية ، لا
لغرض في نفسه ، فلو عين شاة أضحية ثم تعلقت بها نفسه لغرض من الأغراض فندم وأبدلها
بخير منها ليستبقيها لم يجز له ذلك ؛ لأنه رجوع فيما أخرجه لله تعالى لحظ نفسه لا
لمصلحة الأضحية "
أما الكبش فهو ذكر الضأن ، والأصل أن يبلغ الكبش سنة ، حتى يجوز
التضحية به ، لكن ثبتت السنة بجواز التضحية بالجذع وخصص جمهور العلماء التضحية
بالجذع من الضأن لا من المعز ، والجذع من الضأن هو ما له ستة أشهر وكلما كان أكبر
من الستة أشهر كان أولى لأن من المذاهب من يرى أن الجذع ماله سنة .
ويدل على أن السن المعتبر شرعا هو السنة حديث جابر - رضي الله
عنه - مرفوعا : ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) [ رواه مسلم 1963 ] وظاهر الحديث أن الجذعة من الضأن لا
تجزيء إلا عند تعسر المسنة ، لكن حمل الجمهور ذلك على الاستحباب ، واستدلوا بما يلي
:
1- عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - :( إن الجذع
يوفي مما يوفي منه الثني ) [ رواه النسائي 4383 ، وأبو داود 2799 ، وصححه
الألباني ]
2- عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال :( ضحينا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن ) [ رواه النسائي 4382 ، وقوى إسناده
الحافظ في الفتح ، وصححه الألباني ، وانظر التعليق على زاد المعاد 2 / 317 ]
واعلم أنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية من كونها سليمة
من العيوب ذات سن مجزئة ، والدليل على ذلك القياس بجامع أن كليهما نسك .
وبه تعلم أنه يجزئك أن تعق بضأن بلغ ستة أشهر .
والله أعلم .
*****
47032
مسألة في الوصية والميراث
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4651)
سؤال رقم 47032- مسألة في الوصية والميراث
عندي زوجة وابنان وأم وأخت وجدة ( أم أمي ). ولقد ربّانا جدُّنا ( أبو أمي وقد مات ) وكان هو العائل لنا منذ انفصالنا عن أبينا من 23 عامًا. ولم يتصل أبي بنا أبدًا خلال هذه المدة الطويلة . ولم يتول أبي الإنفاق علينا منذ هذا الانفصال . أملك بيتًا كانت أمي قد أهدتني جزءًا منه واستثمرت أنا مالي في جزء منه. والبيت الآن باسمي أنا ، ويشكّل 80 % من ثروتي . وبقية ثروتي المتواضعة عبارة عن أموال نقدية وأسهم. فكيف إذن ينبغي لي كتابة وصيتي الأخيرة في حدود الشريعة الإسلامية ؟.
الحمد لله
أولا : لا تجب كتابة الوصية المتعلقة بتقسيم تركة شخص ما في
حياته ؛ لأن من شروط الإرث تحققَ موت المورث ، فإذا تحقق موته وجب تقسيم تركته
بالقسمة الشرعية بين ورثته الأحياء ، وذلك لأن نصيبَ كل وارث محدد ومفروضٌ في
الشريعة لقوله تعالى ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) النساء/7
والأفضل أن يترك التقسيم المبكر للتركة إلا إذا خشي المورث
الفساد والجدال بين الورثة أو عدم تطبيق الحكم الشرعي في تقسيم تركته لكونه في بلاد
تطبق القانون الوضعي لا الشرعي ، فحينئذ يمكنه كتابة ذلك مسبقا .
ثانيا : لو قُدِّر أن ممتلكاتك سوف ينحصر توزيعها على المذكورين
في السؤال فقط وهم الابنان والزوجة والأم وأم الأم والأخت والأب ( ذكرت أن أباك حي
فهو وإن انفصل عنكم ولم يؤد ما يجب عليه تجاهكم من إنفاق وغيره لكنه يرث منكم
وترثونه ) ، فسوف يكون تقسيم التركة عليهم بما يلي :
الزوجة لها الثمن ، ولكل واحد من الأب والأم السُّدُس ، والابنان
يأخذان الباقي من التركة بالسوية . ولا يجوز لك أن توصي لأحد هؤلاء شيئا زائدا عن
نصيبه المفروض لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية
لوارث ) . رواه الترمذي ( 2046 ) وصححه الألباني .
أما الأخت فهي محجوبة بالابنين والأب فلا ترث بوجودهم . وأما
الجدة من جهة الأم فهي محجوبة بالأم ، فلا ترث .
ويجوز لك أن توصي لهما ( الأخت والجدة ) ببعض التركة الذي لا
يتجاوز الثلث .
ثالثا : ذكرت في السؤال أن أمك أهدت لك جزءا من البيت ولم تذكر
أنها أعطت أختك شيئا منها ، فإن لم تكن أعطيتها شيئا فقد مالت عن العدل في العطية
والهبة بين الأولاد ، ولا يجوز للشخص أن يَهَبَ لبعض أولاده ويترك بعضهم ، أو
يُفَضِّل بعضهم على بعض في الهبة ، بل يجب العدل بينهم ، لحديث النعمان بن بشير :
أنّ أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، لمَّا نَحَلَهُ نِحْلَةً ( أي : أعطاه
هدية ) لِيَشْهَدَ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
: ( أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مثل هذا ؟ فقال : لا . فقال : أرْجِعْه . ثم قال :
اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) رواه البخاري (2398) .
والعدل بين الأولاد يكون بأن يعطي الابن مثل حظ البنتين ، لأن
هذه قسمة الله تعالى في الميراث ، ولا أعدل من قسمة الله .
وعلى هذا فإما أن تعطي أختك ثلث ما أخذته من والدتك ، أو تعيد
الهدية لوالدتك . إلا إذا تنازلت الأخت عن حقها فلا بأس .
والله تعالى أعلم .
*****
47040
طلاق الرجل زوجته بأمر والديه
الفقه > معاملات > الطلاق >
الآداب > بر الوالدين >(1/4652)
سؤال رقم 47040- طلاق الرجل زوجته بأمر والديه
ما هو الحكم الشرعي في طلاق الرجل زوجته وذلك عندما يطلب منه والداه ؟ بحجة أن هذه الزوجة كانت تعمل عندهم كخادمة سابقاً , وهل هذا يعتبر من عقوق الوالدين ؟ مع العلم أن هذه الزوجة حالياً تعيش معززة مكرمة ..
الحمد لله
لا شك أن الوالدين هما أحق الناس بالبر والطاعة والإحسان
والمعاملة الحسنة ، وقد قرن الله سبحانه الأمر بالإحسان إليهما بعبادته حيث قال : (
وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) الإسراء/23 .
وطاعة الوالدين واجبة على الولد فيما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على
الولد ، أما ما لا منفعة لهما فيه ، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه
طاعتهما حينئذ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات ص 114 : "
ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه
منفعة لهما ، ولا ضرر عليه " اهـ .
والطلاق من غير سببٍ يبيحه يكرهه الله تعالى ، لما فيه من هدر
لنعمة الزوجية ، وتعريض الأسرة للضياع والأولاد للتشتت ، وقد يكون فيه ظلم للمرأة
أيضا ، وكون الزوجة كانت خادمة في الماضي ليس سببا شرعيا يبيح الطلاق ، لاسيما إذا
كانت مستقيمة في دينها وخلقها.
وعلى هذا ، لا تجب طاعة الوالدين في طلاق هذه الزوجة ولا يعتبر
هذا من العقوق لهما ، لكن ينبغي أن يكون رفض الابن للطلاق بتلطف ولين في القول لقول
الله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/23 .
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم طلاق الرجل
لزوجته إذا طلب منه أبوه ذلك فقال :
" إذا طلب الأب من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين :
الأول : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها مثل أن
يقول : " طلِّق زوجتك " ؛ لأنها مريبة في أخلاقها كأن تغازل الرجال أو تخرج إلى
مجتمعات غير نزيهة وما أشبه ذلك . ففي هذا الحال يجيب والده ويطلقها ؛ لأنه لم يقل
" طلِّقها " لهوى في نفسه ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس
فيطلقها .
الثانية : أن يقول الوالد للولد "طلِّق زوجتك " لأن الابن يحبها
فيغار الأب على محبة ولده لها ، والأم أكثر غيرة فكثير من الأمهات إذا رأت الولد
يحب زوجته غارت جدا حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها ، نسأل الله العافية . ففي هذه
الحالة لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه . ولكن يداريهما
ويبقي الزوجة ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ولا سيما
إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه
رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ، قال له الإمام أحمد : لا تطلقها ، قال :
أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟
قال : وهل أبوك مثل عمر ؟
ولو احتج الأب على ابنه فقال : يا بني إن النبي صلى الله عليه
وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها ، فيكون الرد
مثل هذا ، أي وهل أنت مثل عمر؟ ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول : عمر رأى شيئا
تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله ، فهذا هو جواب هذه المسالة التي
يقع السؤال عنها كثيرا " اهـ . الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/671 .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن مطالبة الوالدة من ابنها طلاق
زوجته دون سبب أو عيب في دينها بل لحاجة شخصية فأجابت بما نصها : " إذا كان الواقع
كما ذكر السائل من أن أحوال زوجته مستقيمة وأنه يحبها ، وغالية عنده ، وأنها لم تسئ
إلى أمه وإنما كرهتها لحاجة شخصية ، وأمسك زوجته وأبقى على الحياة الزوجية معها ،
فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه ، لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : "
إنما الطاعة في المعروف " وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق
عليها ومواساتها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته
" . فتاوى اللجنة الدائمة 20/29 .
*****
47040
طلاق الرجل زوجته بأمر والديه
الفقه > معاملات > الطلاق >
الآداب > بر الوالدين >(1/4653)
سؤال رقم 47040- طلاق الرجل زوجته بأمر والديه
ما هو الحكم الشرعي في طلاق الرجل زوجته وذلك عندما يطلب منه والداه ؟ بحجة أن هذه الزوجة كانت تعمل عندهم كخادمة سابقاً , وهل هذا يعتبر من عقوق الوالدين ؟ مع العلم أن هذه الزوجة حالياً تعيش معززة مكرمة ..
الحمد لله
لا شك أن الوالدين هما أحق الناس بالبر والطاعة والإحسان
والمعاملة الحسنة ، وقد قرن الله سبحانه الأمر بالإحسان إليهما بعبادته حيث قال : (
وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) الإسراء/23 .
وطاعة الوالدين واجبة على الولد فيما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على
الولد ، أما ما لا منفعة لهما فيه ، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه
طاعتهما حينئذ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات ص 114 : "
ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه
منفعة لهما ، ولا ضرر عليه " اهـ .
والطلاق من غير سببٍ يبيحه يكرهه الله تعالى ، لما فيه من هدر
لنعمة الزوجية ، وتعريض الأسرة للضياع والأولاد للتشتت ، وقد يكون فيه ظلم للمرأة
أيضا ، وكون الزوجة كانت خادمة في الماضي ليس سببا شرعيا يبيح الطلاق ، لاسيما إذا
كانت مستقيمة في دينها وخلقها.
وعلى هذا ، لا تجب طاعة الوالدين في طلاق هذه الزوجة ولا يعتبر
هذا من العقوق لهما ، لكن ينبغي أن يكون رفض الابن للطلاق بتلطف ولين في القول لقول
الله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا
قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/23 .
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم طلاق الرجل
لزوجته إذا طلب منه أبوه ذلك فقال :
" إذا طلب الأب من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين :
الأول : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها مثل أن
يقول : " طلِّق زوجتك " ؛ لأنها مريبة في أخلاقها كأن تغازل الرجال أو تخرج إلى
مجتمعات غير نزيهة وما أشبه ذلك . ففي هذا الحال يجيب والده ويطلقها ؛ لأنه لم يقل
" طلِّقها " لهوى في نفسه ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس
فيطلقها .
الثانية : أن يقول الوالد للولد "طلِّق زوجتك " لأن الابن يحبها
فيغار الأب على محبة ولده لها ، والأم أكثر غيرة فكثير من الأمهات إذا رأت الولد
يحب زوجته غارت جدا حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها ، نسأل الله العافية . ففي هذه
الحالة لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه . ولكن يداريهما
ويبقي الزوجة ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ولا سيما
إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه
رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ، قال له الإمام أحمد : لا تطلقها ، قال :
أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟
قال : وهل أبوك مثل عمر ؟
ولو احتج الأب على ابنه فقال : يا بني إن النبي صلى الله عليه
وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها ، فيكون الرد
مثل هذا ، أي وهل أنت مثل عمر؟ ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول : عمر رأى شيئا
تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله ، فهذا هو جواب هذه المسالة التي
يقع السؤال عنها كثيرا " اهـ . الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/671 .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن مطالبة الوالدة من ابنها طلاق
زوجته دون سبب أو عيب في دينها بل لحاجة شخصية فأجابت بما نصها : " إذا كان الواقع
كما ذكر السائل من أن أحوال زوجته مستقيمة وأنه يحبها ، وغالية عنده ، وأنها لم تسئ
إلى أمه وإنما كرهتها لحاجة شخصية ، وأمسك زوجته وأبقى على الحياة الزوجية معها ،
فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه ، لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : "
إنما الطاعة في المعروف " وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق
عليها ومواساتها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته
" . فتاوى اللجنة الدائمة 20/29 .
*****
47048
هل العرش فوق السماء السابعة ؟
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4654)
سؤال رقم 47048- هل العرش فوق السماء السابعة ؟
أعرف أن الله فوق السماء والأرض والكل تحته . فهل هذا يعني أن العرش فوق السماء السابعة ؟ .
الحمد لله
مما لا شك فيه أن العرش فوق السماء السابعة بل هو أعلى المخلوقات
كلها .
وقد دلت الأدلة الصريحة على ذلك .
فمن ذلك ما رواه البخاري ( 2581 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ
فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ
الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ
أَنْهَارُ الْجَنَّةِ " .
وقد تقرر عند جميع المسلمين ، أن الجنة فوق السماء السابعة ،
فإذا كان العرش فوق الجنة لزم من ذلك أن يكون العرش فوق السماء السابعة .
ومما يشهد لهذا المعنى ويدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه ( 4136 )
عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأَنْصَارِ أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : " ... وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا
قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ
الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ
الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ :
فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ
هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا " فهذا ظاهر جداً في أن العرش وحملته فوق جميع
السماوات .
ومن ذلك مَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه ( 105 )
وفي كتاب التوحيد له (رقم 594 ) عَنْ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ : " بَيْن
السَّمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن كُلّ سَمَاء
مسيرة خَمْسمِائَةِ عَام . وَفِي رِوَايَة " وَغِلَظ كُلّ سَمَاء مَسِيرَة
خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن السماء السَّابِعَة وَبَيْن الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ
عَام , وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام , وَالْعَرْش فَوْق
الْمَاء وَاَللَّه فَوْق الْعَرْش وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ " وصححه الذهبي في العلو ( ص64 ) وابن القيم في اجتماع الحيوش الإسلامية ( ص
100 ) .
وما أخرجه الذهبي في كتاب العلو كما في مختصره ( 35 )عن عبد الله
بن عمرو قال : جعل الله فوق السماء السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش " وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح.
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على أن العرش سقف المخلوقات
وأعلاها .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/203) :
والعرش هو سقف المخلوقات وأعظمها اهـ بتصرف يسير .
وكذا قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/581) ، (25/1998) .
وقاله ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/9، 11) .
وقاله ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (1/311) .
انظر: ( مختصر العلو ـ للذهبي ، والتوحيد لابن خزيمة ، واجتماع الجيوش الإسلامية
لابن القيم.
*****
47055
هل نعيم القبر وعذابه على الجسد والروح أم على أحدهما دون الآخر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > عذاب القبر ونعيمه >(1/4655)
سؤال رقم 47055- هل نعيم القبر وعذابه على الجسد والروح أم على أحدهما دون الآخر
كل إنسان مسئول عن أعماله يوم القيامة ، وقبل هذا اليوم يبدأ العقاب في القبر. فما هي حال الروح أثناء هذه الفترة ؟
وإذا كان عذاب القبر وارداً وصحيحاً ، فهل يُعذب الإنسان بجسده وروحه على أعماله داخل قبره ؟.
الحمد لله
لا شك في ثبوت عذاب القبر ونعيمه كما دلت على ذلك الآيات
القرآنية والأحاديث النبوية واتفاق سلف الأمة . ويمكنك مراجعة سؤال رقم ( 34648 )
للاطلاع على تفصيل هذه المسألة .
و أما كون العذاب على الجسد والروح جميعا أو على أحدهما دون
الآخر ؟
فالأصل أن العذاب والنعيم في القبر يكون على الروح ، وقد تتصل
الروح بالبدن فيصيبه شيء من العذاب أو النعيم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" فَلْيُعْلَمْ أَنَّ
مَذْهَبَ " سَلَفِ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا " أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ يَكُونُ
فِي نَعِيمٍ أَوْ عَذَابٍ وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لِرُوحِهِ وَلِبَدَنِهِ وَأَنَّ
الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ مُنَعَّمَةً أَوْ مُعَذَّبَةً
وَأَنَّهَا تَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ أَحْيَانًا فَيَحْصُلُ لَهُ مَعَهَا النَّعِيمُ
وَالْعَذَابُ . ثُمَّ إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى أُعِيدَتْ
الأَرْوَاحُ إلَى أَجْسَادِهَا وَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ"
إ.هـ .
وَالأَحَادِيثُ التي تدل على هذه الْمَسْأَلَةِ كَثِيرَةٌ منها
ما رواه أبو داود ( 4127 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ
عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ . فَانْتَهَيْنَا إلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا
يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ
كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ وَفِي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ
; فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : اسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا . وَذَكَرَ صِفَةَ قَبْضِ الرُّوحَ وَعُرُوجِهَا إلَى
السَّمَاءِ ثُمَّ عَوْدَهَا إلَيْهِ . إلَى أَنْ قَالَ : وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ
خَفْقَ نِعَالِهِمْ إذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ حِينَ يُقَالُ لَهُ يَا هَذَا مَنْ
رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ . وَفِي لَفْظٍ : { فَيَأْتِيهِ
مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ وَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ : رَبِّي
اللَّهُ . فَيَقُولانِ لَهُ : مَا دِينُك ؟ فَيَقُولُ دِينِي الإِسْلامُ .
فَيَقُولانِ . مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي أُرْسِلَ فِيكُمْ ؟ قَالَ : فَيَقُولُ .
هُوَ رَسُولُ اللَّهِ . فَيَقُولانِ : وَمَا يُدْرِيك ؟ فَيَقُولُ : قَرَأْت
كِتَابَ اللَّهِ وَآمَنْت بِهِ وَصَدَّقْت بِهِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ : (
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ
مَا يَشَاءُ ) قَالَ : فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي
فَافْرِشُوا لَهُ فِي الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ
بَابًا إلَى الْجَنَّةِ قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا قَالَ :
وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ قَالَ : وَإِنَّ الْكَافِرَ فَذَكَرَ مَوْتَهُ .
وَقَالَ : وَتُعَادُ رُوحُهُ إلَى جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ
فَيَقُولانِ لَهُ : مَنْ رَبُّك ؟ فَيَقُولُ هاه هاه لا أَدْرِي . فَيَقُولانِ لَهُ
: مَا دِينُك ؟ فَيَقُولُ : هاه . هاه لا أَدْرِي فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ
السَّمَاءِ أَنْ كَذَبَ عَبْدِي فَافْرِشُوا لَهُ مِنْ النَّارِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ
النَّارِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إلَى النَّارِ قَالَ : وَيَأْتِيهِ مِنْ حَرِّهَا
وَسَمُومِهَا قَالَ : وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ
أَضْلاعُهُ قَالَ : ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ مِنْ
حَدِيدٍ لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا قَالَ : فَيَضْرِبُهُ بِهَا
ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ إلا الثَّقَلَيْنِ
فَيَصِيرُ تُرَابًا . ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ } .
فَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ بِإِعَادَةِ الرُّوحِ إلَى الْجَسَدِ
وَبِاخْتِلافِ أَضْلاعِهِ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى الرُّوحِ
وَالْبَدَنِ مُجْتَمِعَيْنِ .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم قَالَ : ( إن المؤمن إذا قبض أتته ْمَلائِكَةُ الرحمة بِحَرِيرَةِ
بَيْضَاءَ . فَيَقُولُونَ : اُخْرُجِي إلى رَوْح الله فتخرج كَأَطْيَبِ رِيحِ
مِسْكِ حَتَّى إنَّهُ لَيُنَاوِلُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا يشمونه حَتَّى يَأْتُون
بِهِ بَابَ السَّمَاءِ . فَيَقُولُونَ : ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من
َالأَرْضِ ؟ ..حتى يَأْتُونَ بِهِ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَهُمْ أَشَدُّ
فَرَحًا بِهِ مِنْ أهل الغائب بِغَائِبِهِم؟ ..وَأَما الْكَافِرَ فيأتيه مَلائِكَةُ
الْعَذَابِ بِمَسْح ( قطعة من الصوف الغليظ ) فَيَقُولُونَ : اُخْرُجِي مَسْخُوطًا
عَلَيْك إلَى عَذَابِ اللَّهِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ } رواه ابن
حبان ( 7/ 284 ) وقال محققه إسناده صحيح .
( فَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ وَنَحْوِهَا اجْتِمَاعُ الرُّوحِ
وَالْبَدَنِ فِي نَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وأَنَّ الرُّوحَ تُنَعَّمُ مَعَ
الْبَدَنِ الَّذِي فِي الْقَبْرِ - إذَا شَاءَ اللَّهُ - .
وَأَمَّا انْفِرَادُ الرُّوحِ وَحْدَهَا بالعذاب أو النعيم ،
فَقَدْ تَقَدَّمَ ما يدل على ذلك وفي سنن النسائي ( 2073 ) عَنْ كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { إنَّمَا
نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يبعثه الله
إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ } وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وَقَوْلُهُ " يَعْلُقُ " أَيْ يَأْكُلُ .
فقد دلت هذه الأَحَادِيثِ على أَنَّ الْأَبْدَانَ الَّتِي فِي
الْقُبُورِ تُنَعَّمُ وَتُعَذَّبُ - إذَا شَاءَ اللَّهُ ذَلِكَ - كَمَا يَشَاءُ ؛
وأن الروح تُنَعَّمُ فِي الْجَنَّةِ وَحْدَهَا وَكِلاهُمَا حَقٌّ . و دلت كذلك على
أَنَّ الأَرْوَاحَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ َمُنَعَّمَةً
أوَمُعَذَّبَةً .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل عذاب القبر على البدن أو
على الروح
فأجاب :
الأصل أنه على الروح ، لأن الحكم بعد الموت للروح ، والبدن جثة
هامدة ، ولهذا لا يحتاج البدن إلى إمداد لبقائه ، فلا يأكل ولا يشرب ، بل تأكله
الهوام ، فالأصل أنه على الروح ، لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية إن الروح قد تتصل
بالبدن فيعذب أو ينعم معها .... فبناء على ذلك قال العلماء إن الروح قد تتصل في
البدن فيكون العذاب على هذا وهذا ، وربما يستأنس لذلك بالحديث الذي قال فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( إن القبر ليضيق على الكافر حتى تختلف أضلاعه ) فهذا
يدل على أن العذاب يكون على الجسم لأن الأضلاع في الجسم . مجموع فتاوى ابن
عثيمين (1/25)
والله تعالى أعلم .
انظر (مجموع فتاوى شيخ الإسلام 4/ 282 ـ 299 ) والقيامة الصغرى للشيخ عمر
الأشقر( 107 ).
*****
47057
تقسيم تركة الوالدين بين الأبناء والبنات ؟
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4656)
سؤال رقم 47057- تقسيم تركة الوالدين بين الأبناء والبنات ؟
مال الوالدين سيتم تقسميه على أربع أبناء ذكور وبنت واحدة . فما نصيب كل فرد في الميراث طبقًا للشريعة ؟.
الحمد لله
إذا مات أحد الوالدين و كلاهما وليس في ورثتهما سوى أربعة أبناء
وبنت فقط فسوف يتم تقسيم التركة بينهم بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين ، أي يكون
للبنت سهم واحد ولكل من الأبناء سهمان ، فتقسم التركة على تسعة ، للبنت منها سهم
واحد ، والأسهم الثمانية المتبقية للأبناء الأربعة ، لكل واحد منهم سهمان ، وذلك
بعد أخذ نفقة تجهيز الميت وتكفينه وقضاء ديون الله وديون العباد المستحقة عليه
وإخراج الوصية إذا أوصى قبل موته .
والدليل على ذلك قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/11 .
مثال يوضح هذا التقسيم : لو قُدِّر بعد تكفين الميت وقضاء ديونه
ووصيته أن مقدار التركة تسعة آلاف ( 9000 ) مثلا ، فيكون للبنت ألفٌ ( 1000 ) ،
ولكل ابن ضعفَ نصيبها أي ألفين ( 2000 ) .
أما إذا وجد مع الأولاد ورثة آخرون كأبي المتوفى أو أمه أو جده
أو جدته ، فيعطى هؤلاء نصيبهم ثم تقسم بقية التركة على الأبناء والبنت بالطريقة
المذكورة .
تنبيه : في حال موت أحد الزوجين قبل الآخر فإن الحيَّ منهما يرث
الميت . وفي الصورة المسئول عنها يكون نصيب الزوج إن ماتت الزوجة قبله الربع ،
ويكون نصيب الزوجة إن مات الزوج قبلها الثُّمُن .
وللأولاد المتبقي من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين كما سبق بعد
أن يأخذ الموجود من الزوجين نصيبه .
*****
47059
يسأل عن رقية ليرزق بالولد
الفقه > عادات > الطب والتداوي > الرقية >(1/4657)
سؤال رقم 47059- يسأل عن رقية ليرزق بالولد
تزوج أحد إخواني منذ 5 سنوات وحتى الآن لم يُرزق بولد. والسبب يعلمه الله القدير. وقد أجرى الزوجان كل الفحوصات الطبية اللازمة وأكدّ لهما الأطباء أن كل منهما صحيح ولا توجد أية أمراض والمسألة مسألة صبر حتى يأذن الله. لكن والديّ الزوج غير صابرين إطلاقًا ونصحا الزوجين أن يقوما بالآتي: "ينبغي لكما الصيام لمدة واحد وعشرين يومًا، وقراءة اسم الله المصوّر (ويعني الله خالق الوجه) سبع مرات مع نفخ هذه القراءة في كوب ماء ثم تفطران على هذا الماء بعد صيام الواحد وعشرين يومًا وبإذن الله سترزقان الولد". هل هذا العمل صحيح على ضوء القرآن والسنة ؟ إذا كان صحيحًا ، فأرجو أي دليل على ضوء الكتاب والسنة .
الحمد لله
فإن هذه الصورة التي نصح بها الزوجَ والداه ليست من الرقية
الشرعية لعدم ثبوتها في القرآن ولا في السنة الصحيحة فيما نعلم ، ولذلك يجب على
الزوجين ترك ذلك العمل واللجوء إلى ما هو مشروع من الرقية الشرعية والأدعية الثابتة
في الكتاب والسنة الصحيحة .
أما الدعاء بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض ومنها العقم فيجوز
لعموم قوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) الأعراف/180 ، ولثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رقى بعض الناس بقوله
: ( أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ) رواه البخاري
5743 ، ومسلم 46،47،48 . (انظر فتاوى اللجنة الدائمة برقم 9120 في مجلة البحوث
الإسلامية العدد 27/ الصفحة 64).
ولكن تحديد اسم من أسماء الله تعالى كتحديد اسم "المصور" بالدعاء
لغرض الشفاء يحتاج إلى دليل وحيث لا يوجد ثمَّةَ دليل فالعمل بتحديد اسم من أسمائه
تعالى للدعاء يعتبر غير مشروع . والمشروع في الدعاء أن يختار الداعي من الأسماء
الحسنى ما يناسب مطلوبه ، كاسم الغفار للدعاء بالمغفرة ونحو ذلك .
وينبغي التنبه إلى أن قضية الإنجاب من عدمه تحت مشيئة الله عز
وجل وقدرته ، وقد أخبر الله تبارك وتعالى عن ذلك في محكم كتابه بقوله : ( لله ملك
السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم
ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ) الشورى/49-50 . فالأمر مقدر من الله سبحانه وتعالى وحده .
فعلى الزوجين اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى وسؤاله الذرية
الصالحة ويلحان بالدعاء والذكر، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه : (
والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ) الفرقان/74 .
وإذا كان هناك مرض قد تسبب في ذلك فلا بأس من التداوي بالأدوية
المباحة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء
إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم) رواه أبو داود من حديث أسامة بن شريك
برقم 3855 وصححه الألباني وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل
الله داء إلا أنزل له شفاء ) رواه ابن ماجة (3482) وصححه الألباني .
وأياً كان السبب في حصول مثل هذا الأمر ، فيجب على المسلم
الاعتماد على الله سبحانه والتوكل عليه والصبر على قضائه وقدره ، ولا بد من التيقن
أن في ذلك أجراً وخيرا عظيما بإذن الله تعالى ، ولا بد من التفكر والتدبر في أحوال
الناس ومعايشهم ، فمن الناس من ابتلي بذرية سوء سببت لهم الشقاء والعناء في حياته ،
والبعض الآخر ابتلي بذرية معاقة ولم يستطع الصبر على تحمل ذلك وتبعاته ، وقس على
ذلك الكثير مما يعاني منه بعض الآباء من عقوق وقطيعة رحم ونحو ذلك ، فالله سبحانه
لن يقدر للمؤمن إلا ما هو خير له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر
المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له
وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم برقم 2999 .
*****
47060
حكم ارتداء قلادة تشبه الصليب
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4658)
سؤال رقم 47060- حكم ارتداء قلادة تشبه الصليب
(أنا شاب) لي صديقة مسلمة ترتدي قلادة عنق متدلية تشبه الصليب. وهي عبارة عن المفتاح الفرعوني الذي يسمى مفتاح سر الحياة ويبدو مثل دائرة عليها حرف T مما يجعله يشبه الصليب. فهل هذه القلادة حرام أم أنها مباحة ولا داع أن تقلق صديقتي بشأنها ما دامت القلادة ليست صليبًا في ذاتها ؟.
الحمد لله
أولا :
هذه القلادة يحرم لبسها ؛ لأنها على صورة المفتاح الفرعوني ،
ومعلوم أن الفراعنة كانوا كفارا ، ولا يجوز للمسلم أن يلبس شيئا فيه شعار من شعارات
الكفار ، أو شيء مما يختصون به ، فإذا انضم إلى ذلك أنها على هيئة الصليب الذي
يعبده النصارى ، كان هذا سببا آخر مؤكدا لتحريمها .
وورد النهي عن استعمال ما فيه صليب ، فإن النبي صلى الله عليه
وسلم كان ينقض ما فيه الصليب ، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : "
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي
بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ " . رواه البخاري (5952)
هذا مع ما في لبس هذه القلادة من تشبه بالكفار ، وهو منهي عنه
بكثير من الأحاديث والآثار نذكر منها فيما يلي أهمها :
1-قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود ( 3512 ) وصححه الألباني .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : "وهذا أقل أحواله أن
يقتضي تحريم التشبه بهم ‘ وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم " . اقتضاء
الصراط المستقيم 1/237 .
2-عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : رَأَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ
مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ " إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا
" رواه مسلم ( 2077 )
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (10/19) :
" هذا الحديث يدل بالنص الصريح على حرمة التشبه بالكفار في الملبس ، وفي الحياة
والمظهر ، ولم يختلف أهل العلم منذ الصدر الأول في هذا " اهـ.
قال ابن تيمية - رحمه الله- : " المشابهة في الأمور الظاهرة تورث
تناسبا وتشابها في الأخلاق والأعمال ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار ومشابهة الأعاجم
ومشابهة الأعراب ونهى كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر كما في الحديث
المرفوع : ( من تشبه بقوم فهو منهم " اهـ. مجموع الفتاوى 22 / 154 .
ويتلخص مما سبق أن تلك القلادة لا يجوز لبسها .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة المنهي عنها بالكفار
فأجابت : " المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات
وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات ، كمشابهتهم في حلق اللحية ... وما اتخذوه
من المواسم والأعياد والغلو في الصالحين بالاستغاثة بهم والطواف حول قبورهم والذبح
لهم ، ودق الناقوس وتعليق الصليب في العنق أو على البيوت أو اتخاذه وشما باليد
مثلا... ) فتاوى اللجنة الدائمة 3/429 . كما سئلت عن المسلم
الذي يلبس الصليب فأجابت : " إذا بُيِّن له حكم لبس الصليب وأنه شعار النصارى ،
ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك حُكِم
بكفره ؛ لقوله عز وجل ) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ
اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة/51 ،
وفيه أيضا إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام ،
والله سبحانه تعالى قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم حيث قال عز وجل : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) النساء/157 " . فتاوى اللجنة الدائمة 2/119 .
ثانيا :
قد ذكر السائل أشار في سؤاله أن العلاقة بينه وبين تلك الفتاة
علاقة صداقة ، والظاهر أن هذه العلاقة بينهما تقوم على غير نطاق الزواج ، وهي علاقة
محرمة لا يقرها الإسلام ؛ إذ لا يجوز للرجل أن يقيم علاقةً مع امرأة أجنبية وكذلك
لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقةً مع رجل أجنبي، لما في ذلك من الوقوع فيما حرم الله
من الخضوع بالقول أو النظر أو اللمس أو الخلوة أو الفاحشة، ولما فيه من إفساد القلب
وإفساد تعلقه بالله وبعوديته له حتى لو لم تحصل بينهما فواحش حسية.
وقد استقصينا الكلام في هذا الموضوع وفي جواب سؤال رقم فليراجع ( 20945 ، 33702 ، 47031 ) هناك .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
47061
كفالة اليتيم القريب
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4659)