سؤال رقم 39188- حكم إمامة المرأة للرجال
ما حكم إمامة المرأة للرجال في صلاة الجمعة وغيرها ؟.
الحمد لله
أولاً :
قد خص الله تعالى الرجال ببعض الفضائل والأحكام ، وكذلك خص
النساء ببعض الفضائل والأحكام ، فلا يجوز لأحد من الرجال أن يتمنى ما خصت به النساء
، ولا يجوز لأحد من النساء أن يتمنى ما فضل به الرجال ، فإن هذا التمني اعتراض على
الله تعالى في تشريعه وحكمه .
قال الله تعالى : ( وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ
بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ
نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) النساء/32 .
قال السعدي رحمه الله :
" ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره ,
من الأمور الممكنة وغير الممكنة . فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم
على النساء , ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغني والكامل تمنيا مجردا , لأن هذا هو
الحسد بعينه . . . ولأنه يقتضي السخط على قدر الله " انتهى .
فمما خص الله تعالى به الرجال ، أن العبادات التي تحتاج إلى قوة
كالجهاد ، أو ولاية كالإمامة . . . إلخ تختص بالرجال ، ولا
مدخل للنساء بها .
وقد دل على ذلك أدلة كثيرة ، منها :
1- قال الله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ
بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِمْ ) النساء/34 .
قَالَ الشَّافِعِيُّ في الأم (1/191) :
" وَإِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ
ذُكُورٍ فَصَلاةُ النِّسَاءِ مُجْزِئَةٌ وَصَلاةُ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ
الذُّكُورِ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ ; لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الرِّجَالَ
قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَقَصَرَهُنَّ عَنْ أَنْ يَكُنَّ أَوْلِيَاءَ ، وَلا
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةٌ إمَامَ رَجُلٍ فِي صَلاةٍ بِحَالٍ أَبَدًا " انتهى .
وقال السعدي رحمه الله :
" فتفضيل الرجال على النساء , من وجوه متعددة : من كون الولايات
مختصة بالرجال , والنبوة والرسالة , واختصاصهم بكثير من العبادات , كالجهاد ,
والأعياد , والجمع . وبما خصهم الله به , من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس
للنساء مثله " انتهى .
2- وقال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
قال السعدي رحمه الله :
" وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ " أي : رفعة ورياسة ,
وزيادة حق عليها , كما قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ) .
ومنصب النبوة والقضاء , والإمامة الصغرى والكبرى , وسائر الولايات مختص بالرجال " انتهى .
3- روى البخاري (4425) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ
وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً ) .
فهذا الحديث دليل على أن الولايات العامة لا يجوز للمرأة أن
تتولاها ، والإمامة من الولايات العامة .
4- روى أبو داود (576) وأحمد (5445) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله
عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا
تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ) صححه
الألباني في سنن أبي داود .
قال في عون المعبود :
" ( وَبُيُوتهنَّ خَيْر لَهُنَّ ) : أَيْ صَلاتهنَّ فِي
بُيُوتهنَّ خَيْر لَهُنَّ مِنْ صَلاتهنَّ فِي الْمَسَاجِد لَوْ عَلِمْنَ ذَلِكَ ,
لَكِنَّهُنَّ لَمْ يَعْلَمْنَ فَيَسْأَلْنَ الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد
وَيَعْتَقِدْنَ أَنَّ أَجْرهنَّ فِي الْمَسَاجِد أَكْثَر . وَوَجْه كَوْن صَلاتهنَّ
فِي الْبُيُوت أَفْضَل الأَمْن مِنْ الْفِتْنَة , وَيَتَأَكَّد ذَلِكَ بَعْد وُجُود
مَا أَحْدَثَ النِّسَاء مِنْ التَّبَرُّج وَالزِّينَة " انتهى .
5- روى مسلم (440) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُ صُفُوفِ
الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ، وَشَرُّهَا آخِرُهَا ، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ
آخِرُهَا ، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) .
قال النووي :
" أَمَّا صُفُوف الرِّجَال فَهِيَ عَلَى عُمُومهَا فَخَيْرهَا
أَوَّلهَا أَبَدًا وَشَرّهَا آخِرهَا أَبَدًا أَمَّا صُفُوف النِّسَاء فَالْمُرَاد
بِالْحَدِيثِ صُفُوف النِّسَاء اللَّوَاتِي يُصَلِّينَ مَعَ الرِّجَال , وَأَمَّا
إِذَا صَلَّيْنَ مُتَمَيِّزَات لا مَعَ الرِّجَال فَهُنَّ كَالرِّجَالِ خَيْر
صُفُوفهنَّ أَوَّلهَا وَشَرّهَا آخِرهَا , وَالْمُرَاد بِشَرِّ الصُّفُوف فِي
الرِّجَال النِّسَاء أَقَلّهَا ثَوَابًا وَفَضْلا وَأَبْعَدهَا مِنْ مَطْلُوب
الشَّرْع , وَخَيْرهَا بِعَكْسِهِ , وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء
الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ
وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلامهمْ وَنَحْو
ذَلِكَ , وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى .
فإذا كانت المرأة مأمورة بالصلاة في بيتها ، والبعد عن الرجال ،
وشر صفوف النساء أولها ، لأنها تكون أقرب إلى الرجال ، فكيف يليق بحكمة الشرع أن
يبيح للمرأة أن تصلي إماما بالرجال ، وهو يأمرها أن تبتعد عن الرجال ؟!!
6- روى البخاري (684) ومسلم (421) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ
إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ) .
قال الحافظ :
" وَكَأَنَّ مَنْعَ اَلنِّسَاءِ مِنْ اَلتَّسْبِيحِ لأَنَّهَا
مَأْمُورَة بِخَفْضِ صَوْتِهَا فِي اَلصَّلاةِ مُطْلَقًا لِمَا يُخْشَى مِنْ
اَلافْتِتَانِ " انتهى .
فإذا كانت المرأة منهية عن تنبيه الإمام بالقول إن أخطأ ، وإنما
تصفق ، حتى لا ترفع صوتها بحضرة الرجال ، فكيف تصلي بهم وتخطب بهم ؟!
7- روى مسلم (658) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّه صلى خلف
الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه جدته ويتيم ، فقال : ( فَصَفَفْتُ أَنَا
وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ) .
قال الحافظ :
" فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لا تَصُفُّ مَعَ الرِّجَالِ ,
وَأَصْلُهُ مَا يُخْشَى مِنْ الافْتِتَانِ بِهَا " انتهى .
فإذا كانت المرأة تقف منفردةً خلف الصف ، ولا تقف مع الرجال في
صفهم ، فكيف تتقدمهم وتصلي بهم إماما ؟!
قال في عون المعبود :
"وَفِيهِ دَلِيل أَنَّ إِمَامَة الْمَرْأَة لِلرِّجَالِ غَيْر
جَائِزَة ، لأَنَّهَا لَمَّا مُنعت عَنْ مُسَاوَاتهمْ مِنْ مَقَام الصَّفّ كَانَتْ
مِنْ أَنْ تَتَقَدَّمهُمْ أَبْعَد " انتهى . بتصرف يسير .
8- عمل المسلمين على مدار أربعة عشر قرنا من الزمان ، على أن
المرأة لا تتولى الصلاة بالرجال .
بدائع الصنائع (2/289 ) .
فمن خالف هذا فقد اتبع غير سبيل المؤمنين ، والله تعالى يقول : (
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ
غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ
وَسَاءَتْ مَصِيراً ) النساء/115 .
وهذه طائفة من أقوال العلماء :
جاء في "الموسوعة القفقهية" (6/205) :
" يُشْتَرَطُ لإِمَامَةِ الرِّجَالِ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ
ذَكَرًا , فَلا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ , وَهَذَا مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ " انتهى .
قال ابن حزم في "مراتب الإجماع" ( ص 27 ) :
" واتفقوا على أن المرأة لا تؤم الرجال وهم يعلمون أنها امرأة ،
فإن فعلوا فصلاتهم باطلة بإجماع " انتهى .
وقال في "المحلى" (2/167) :
" وَلا يَجُوزُ أَنْ تَؤُمَّ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ وَلا
الرِّجَالَ , وَهَذَا مَا لا خِلَافَ فِيهِ , وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّصَّ قَدْ
جَاءَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَقْطَعُ صَلاةَ الرَّجُلِ إذَا فَاتَتْ أَمَامَهُ . . .
وَحُكْمُهُ عليه السلام بِأَنْ تَكُونَ وَرَاءَ الرَّجُلِ وَلا بُدَّ فِي الصَّلاةِ
, وَأَنَّ الإِمَامَ يَقِفُ أَمَامَ الْمَأْمُومِينَ لا بُدَّ أَوْ مَعَ
الْمَأْمُومِ فِي صَفٍّ وَاحِدٍ . . . وَمِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ يَثْبُتُ بُطْلانُ
إمَامَةِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَلِلرِّجَالِ يَقِينًا " انتهى .
وقال النووي في المجموع (4/152) :
" وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لا تَجُوزُ صَلاةُ
رَجُلٍ بَالِغٍ وَلا صَبِيٍّ خَلْفَ امْرَأَةٍ . . . وَسَوَاءٌ فِي مَنْعِ إمَامَةِ
الْمَرْأَةِ لِلرِّجَالِ صَلاةُ الْفَرْضِ وَالتَّرَاوِيحِ , وَسَائِرُ
النَّوَافِلِ , هَذَا مَذْهَبُنَا , وَمَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ
السَّلَفِ وَالْخَلَفِ - رحمهم الله , وَحَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْفُقَهَاءِ
السَّبْعَةِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ التَّابِعِينَ , وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ
وَأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ وَأَحْمَدَ وَدَاوُد .....
ثُمَّ إذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ أَوْ الرِّجَالِ
فَإِنَّمَا تَبْطُلُ صَلاةُ الرِّجَالِ , وَأَمَّا صَلاتُهَا وَصَلاةُ مَنْ
وَرَاءَهَا مِنْ النِّسَاءِ فَصَحِيحَةٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ إلا إذَا صَلَّتْ
بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِنَّ فِيهَا وَجْهَيْنِ : ( أَصَحُّهُمَا ) لا تَنْعَقِدُ
صَلاتُهَا ( وَالثَّانِي ) : تَنْعَقِدُ ظُهْرًا وَتُجْزِئُهَا , وَهُوَ قَوْلُ
الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ , وَلَيْسَ بِشَيْءٍ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وفي "الإنصاف" (2/265) :
" قَوْلُهُ ( وَلا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ )
هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا – يعني مذهب الإمام أحمد - قَالَ
فِي الْمُسْتَوْعِبِ : هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ " انتهى .
ومذهب المالكية في هذا أشد المذاهب ، فإنهم يمنعون إمامة المرأة
حتى للنساء ، ويجعلون الذكورة شرطاً في الإمامة مطلقاً . ففي "الفواكه الدواني"
(1/204) :
"وَاعْلَمْ أَنَّ الإِمَامَةَ لَهَا شُرُوطُ صِحَّةٍ وَشُرُوطُ
كَمَالٍ , فَشُرُوطُ صِحَّتِهَا ثَلاثَةَ عَشَرَ أَوَّلُهَا الذُّكُورَةُ
الْمُحَقَّقَةُ فَلا تَصِحُّ إمَامَةُ الْمَرْأَةِ وَلا الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ,
وَتَبْطُلُ صَلاةُ الْمَأْمُومِ دُونَ الأُنْثَى الَّتِي صَلَّتْ إمَامًا" انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز عن رجل صلى صلاة العصر مأموماً خلف امرأته ,
فأجاب :
" لا يجوز أن تؤم المرأة الرجل ولا تصح صلاته خلفها لأدلة كثيرة
وعلى المذكور أن يعيد صلاته " "مجموع فتاوى ابن باز" (12/130) .
ثانياً :
أما تعويل من زعم ذلك على ما روي من أن أم ورقة قد أذن لها النبي
صلى الله عليه وسلم في إمامة أهل بيتها . رواه أبو داود (591) .(1/3948)
فقالوا : إنها كانت تؤم أهل دارها بما فيهم الرجال والصبيان ،
فقد أجاب العلماء عن هذا بعدة أجوبة :
1- أن الحديث ضعيف .
قال الحافظ في "التلخيص" (ص 121) : " وفي إسناده عبد الرحمن بن
خلاد وفيه جهالة " انتهى .
وقال في "المنتقى شرح الموطأ" :
" هذا الحديث مما لا يجب أن يعول عليه " انتهى .
2- إن صح الحديث فالمراد : أنها كانت تؤم نساء أهل دارها .
3- أن ذلك خاص بأم ورقة ، لا يشرع ذلك لأحد غيرها .
4- أن بعض العلماء استدل به على جواز إمامة المرأة للرجل ، ولكن
عند الضرورة ، ومعنى الضرورة ألا يوجد رجل يحسن قراءة الفاتحة . "حاشية ابن
قاسم" (2/313) .
وانظر : "المغني" (3 /33) .
*****
39189
هل من تضع شعرها على جنب داخل في حديث (المائلات المميلات)
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/3949)
سؤال رقم 39189- هل من تضع شعرها على جنب داخل في حديث (المائلات المميلات)
هل المقصود بالنساء المائلات في الحديث هو جمع الشعر ووضعه على جنب.؟.
الحمد لله
روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
( صنفان من أهل النار لم أرهما رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس
ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا
يجدن ريحها ).
وللعلماء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( مائلات مميلات ) أربعة
أوجه :
الأول : مائلات عن العفة والاستقامة، أي: عندهن معاصٍ وسيئات
كاللائي يتعاطين الفاحشة ، أو يقصرن في أداء الفرائض ، من الصلوات وغيرها .
و" مميلات " يعني : مميلات لغيرهن إلى الشر والفساد ، فهن
بأفعالهن وأقوالهن يملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي ويتعاطين الفواحش لعدم إيمانهن
أو لضعفه وقلته .
الثاني : مَائِلات مُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ , مُمِيلات
أَكْتَافهنَّ .
والثالث : مَائِلات إِلَى الرِّجَال مُمِيلات لَهُمْ بِمَا
يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنَّ وَغَيْرهَا.
الرابع : " مائلات" أي : يمشطن المشطة المائلة ، وهي مشطة
البغايا ، «مميلات» يمشطن غيرهن تلك المِشطة» ( ينظر شرح النووي على مسلم
14/ 110).
و بالنسبة للمشطة فهي أن يكون فرق الرأس من أحد الجانبين بحيث
يكون الشعر في أحد الجانبين أكثر من الآخر كما هو شعار البغايا في الجاهلية .
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها المراد من قوله صلى الله عليه
وسلم " مائلات مميلات " ولكن قال الشيخ ابن عثيمين : "
الصواب أن المراد بالمائلات من كن مائلات عما يجب عليهن من الحياء والدين مميلات
لغيرهن عن ذلك"
قال الشيخ ابن عثيمين : والمائلة بالمعنى العام كل مائلة عن
الصراط المستقيم ، بلباسها أو هيئتها أو كلامها أو غير ذلك ، والمميلات : اللاتي
يملن غيرهن وذلك باستعمالهن لما فيه الفتنة ، حتى يميل إليهن من يميل من عباد الله
.
وبالنسبة لجمع الشعر ووضعه على جنب قال الشيخ ابن عثيمين : " السنة في فرق الشعر أن يكون في الوسط من الناصية وهي مقدم الرأس إلى أعلى
الرأس لأن الشعر له اتجاهات إلى الأمام وإلى الخلف وإلى اليمين وإلى الشمال فالفرق
المشروع يكون في وسط الرأس أما الفرق على الجنب فليس بمشروع وربما يكون فيه تشبه
بغير المسلمين وربما يكون أيضا داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل
النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات
عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها"
فإن من العلماء من فسر المائلات المميلات بأنهن اللاتي يمشطن المشطة المائلة ويمشطن
غيرهن تلك المشطة، ولكن الصواب أن المراد بالمائلات من كن مائلات عما يجب عليهن من
الحياء والدين مميلات لغيرهن عن ذلك".
وفرق الشعر على جنب قد منع منه بعض أهل العلم لعلة التشبه
بالكافرات .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 17/126 :
( أما عمل الرأس فرقة من الجنب ففي ذلك تشبه بنساء الكفار، وقد
ثبت تحريم التشبه بالكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ) اهـ
ولو فرض أن فرق الرأس من الجنب مثلا كان شعارا للكافرات أو
الفاجرات في زمن ، ثم زال هذا الاختصاص وانتشر بين المسلمات ، بحيث لا يُظن بفاعلته
أنها كافرة أو فاجرة ، فقد زال التشبه حينئذ ، فلا يكون محرّماً .
قال الحافظ في الفتح 1/307 في كلامه على " المياسر الأرجوان "
وهو فراش صغير أو شيء كالمخدّة يجعله راكب الفرس تحته ، وكانت من فعل الأعاجم : (
وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم ، فهو لمصلحة دينية ، لكن كان ذلك
شعارهم حينئذ وهم كفار ، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال المعنى ، فتزول
الكراهة . والله أعلم ) ا.هـ
وقال أيضا ردا على من جعل لبس الطيلسان ( وهو نوع من الثياب ) من
التشبه ، لأنه من لباس اليهود كما في حديث الدجال ، قال رحمه الله : ( وإنما يصلح
الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم ، وقد ارتفع ذلك في
هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح " فتح الباري 10/274 .
*****
39191
إذا تعيبت الأضحية بعد تعيينها
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/3950)
سؤال رقم 39191- إذا تعيبت الأضحية بعد تعيينها
اشتريت أضحية ، وعند ذبحها قفزت من فوق السطح ، فأدركناها وذبحناها قبل أن تموت ، فهل تكون أضحية ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا عيَّن الإنسان الأضحية ، ثم حصل لها عيب من غير تعدٍّ منه
ولا تفريط ، ثم ذبحها في وقت الذبح ، فإنها تجزئ ، وتكون أضحية .
قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني" (13/373) :
" إذا أوجب أضحية صحيحة سليمة من العيوب , ثم حدث بها عيب يمنع
الإجزاء , ذبحها , وأجزأته . روي هذا عن عطاء والحسن والنخعي والزهري والثوري ومالك
والشافعي وإسحاق " انتهى .
ودليل ذلك :
ما رواه البيهقي عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه أُتِي في هداياه
بناقة عوراء ، فقال : ( إن كان أصابها بعد ما اشتريتموها فأمضوها ، وإن كان أصابها
قبل أن تشتروها فأبدلوها ) . قال النووي في "المجموع" (8/328) : إسناده صحيح
.
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة " أحكام الأضحية" في ذكر الأحكام
المترتبة على تعيين الأضحية :
قال : " إذا تعيبت عيباً يمنع من الإجزاء فلها حالان :
إحداهما : أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه فيجب عليه إبدالها بمثلها
على صفتها أو أكمل ؛ لأن تعيبها بسببه فلزمه ضمانها بمثلها يذبحه بدلاً عنها ،
وتكون المعيبة ملكاً له على القول الصحيح يصنع فيها ما شاء من بيع وغيره .
الثانية : أن يكون تعيبها بدون فعل منه ولا تفريط فيذبحها وتجزئه
، لأنها أمانة عنده وقد تعيبت بدون فعل منه ولا تفريط فلا حرج عليه ولا ضمان " انتهى .
ثانياً :
بماذا يحصل تعيين الأضحية ؟
يحصل تعيين الأضحية بالقول ، كما لو قال : هذه أضحية .
وأما شراؤها بنية الأضحية ، فقد ذهب إلى أنها تتعين بذلك أبو
حنيفة ومالك رحمها الله ، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنها لا تتعين بذلك .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة أنها تتعين بالشراء بنية الأضحية
.
فجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/402) :
" الأضحية تتعين بشرائها بنية الأضحية أو بتعيينها " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (26/304) :
" وأما إذا اشترى أضحية فتعيبت قبل الذبح ، ذبحها في أحد قولي
العلماء " انتهى .
فعلى هذا ؛ إذا كنتم قد اشتريتم هذه الشاة بنية الأضحية وتعيبت
بدون تَعَدٍّ منكم ولا تفريط فإنها تجزئ أضحية ، إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .
*****
39201
تطيب الميت وتبخير الكفن للرجل والمرأة
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/3951)
سؤال رقم 39201- تطيب الميت وتبخير الكفن للرجل والمرأة
إذا ماتت المرأة فهل تطيب كالرجل ، وهل يطيب كفن الرجل والمرأة أيضاً ، أم أن تطييب الميت خاص بالرجال ؟.
الحمد لله
أولاً :
يستحب تطييب الكفن ، والميت رجلاً كان أم امرأة ، وقد دلت السنة
الصحيحة على ذلك .
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء
اللاتي يغسلن ابنته أن يجعلن في الغسلة الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور . رواه البخاري (1253) ومسلم (939) . والكافور نوع من الطيب .
قال الحافظ في "الفتح" :
" قِيلَ : الْحِكْمَة فِي الْكَافُور مَعَ كَوْنه يُطَيِّب
رَائِحَة الْمَوْضِع لأَجْلِ مَنْ يَحْضُر مِنْ الْمَلائِكَة وَغَيْرهمْ أَنَّ
فِيهِ تَجْفِيفًا وَتَبْرِيدًا وَقُوَّة نُفُوذ وَخَاصِّيَّة فِي تَصْلِيب بَدَن
الْمَيِّت ، وَطَرْد الْهَوَامّ عَنْهُ ، وَرَدْع مَا يَتَحَلَّل مِنْ الْفَضَلات ،
وَمَنْع إِسْرَاع الْفَسَاد إِلَيْهِ , وَهُوَ أَقْوَى الأَرَايِيح الطَّيِّبَة فِي
ذَلِكَ , وَهَذَا هُوَ السِّرّ فِي جَعْله فِي الأَخِيرَة إِذْ لَوْ كَانَ فِي
الأُولَى مَثَلا لأَذْهَبَهُ الْمَاء , وَهَلْ يَقُوم الْمِسْك مَثَلا مَقَام
الْكَافُور ؟ إِنْ نُظِرَ إِلَى مُجَرَّد التَّطَيُّب فَنَعَمْ , وَإِلا فَلا ,
وَقَدْ يُقَال : إِذَا عُدِمَ الْكَافُور قَامَ غَيْره مَقَامه وَلَوْ
بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَة مَثَلا " انتهى .
وقال النووي في شرح مسلم :
" فِيهِ : اِسْتِحْبَاب شَيْء مِنْ الْكَافُور فِي الأَخِيرَة ,
وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ عِنْدنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَحْمَد وَجُمْهُور
الْعُلَمَاء , لهَذَا الْحَدِيث ; وَلأَنَّهُ يُطَيِّب الْمَيِّت , وَيُصَلِّب
بَدَنه وَيُبَرِّدهُ , وَيَمْنَع إِسْرَاع فَسَاده " انتهى .
وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوهُ
ثَلاثًا ) رواه الإمام أحمد ( 14131) وقال النووي في "المجموع" (5/155) :
إسناده صحيح . وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 278 ) .
وَالْمَعْنَى : بَخَّرْتُمْ الْمَيِّت ، والميت : يطلق على الذكر
والأنثى .
والمراد : تبخير الكفن ، وقد ذكر البيهقي في سننه (3/568) أن هذا
الحديث رُوِي بلفظ : ( جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلاثًا ) .
انظر : "بدائع الصنائع" (1/307) .
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا
قَالَتْ لأَهْلِهَا : ( أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا مِتُّ ، ثُمَّ حَنِّطُونِي ) . رواه مالك في "الموطأ" (528) والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/568) .
قال في المنتقى: " الْحَنُوطُ مَا يُجْعَلُ فِي جَسَدِ
الْمَيِّتِ وَكَفَنِهِ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ
وَكُلِّ مَا الْغَرَضُ مِنْهُ رِيحُهُ دُونَ لَوْنِهِ ; لأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ
مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرَّائِحَةِ دُونَ التَّجَمُّلِ بِاللَّوْنِ " انتهى .
وهذا الحكم ( وهو استحباب تطيب الميت ) لا يشمل المحرم بحج أو
عمرة , لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي مات بعرفة : ( وَلا
تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ) رواه البخاري (1851) ومسلم (1206) ،
وفي رواية لهما : ( وَلا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا ) .
قال النووي : " يستحب تبخير الكفن إلا في حق المحرم والمحرمة " .
"المجموع" (5/156) .
ثانياً :
وأما صفة تطييب الميت ، فيوضع الطيب على مواضع السجود لشرفها ،
وعلى الأماكن التي تجتمع فيها الأوساح كباطن الركبتين ، ولو طيب الميت كله ، فلا
بأس .
روى البيهقي (3/568) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الكافور
يوضع على مواضع السجود .
وهي : الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان ، لأنه كان يسجد
بهذه الأعضاء فخصت بزيادة الكرامة .
انظر : "شرح فتح القدير" ( 2/110) .
وقال ابن قدامة في المغني (3/388) : " ويجعل الحنوط (الطيب الذي
يصنع للميت) على المغابن ( المفاصل ) كباطن الركبتين وتحت الإبطين لأنها تجتمع فيها
الأوساخ , ويجعل على أعضاء سجوده لأنها أشرف , وإن طيبه كله فلا بأس " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل ورد تطييب جميع بدن الميت
؟
فأجاب : " نعم ، ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم " .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (17/97) .
ثالثاً :
إذا ماتت المعتدة من وفاة هل تطيب ؟
قال النووي في المجموع ( 5/164-165 ) : " الصحيح أنه لا يحرم
تطيبها ، لأنه حرم عليها الطيب في العدة حتى لا يدعو إلى نكاحها , وقد زال هذا
المعنى بالموت " اهـ .
*****
39210
استعمال الصائم لكريم مرطب للشفتين
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/3952)
سؤال رقم 39210- استعمال الصائم لكريم مرطب للشفتين
ما حكم استعمال الصائم مرهماً لإزالة الجفاف عن الشفتين ؟.
الحمد لله
" لا بأس أن يستعمل الإنسان ما يندي الشفتين والأنف من مرهم ، أو
يبله بالماء ، أو بخرقة أو شبه ذلك ، ولكن يحترز من أن يصل شيء إلى جوفه من هذا
الذي أزال به الخشونة ، وإذا وصل شيء من غير قصد فلا شيء عليه ، كما لو تمضمض فوصل
الماء إلى جوفه بلا قصد فإنه لا يفطر بهذا " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (19/224) .
*****
39211
وضع المال في البنك ، وهل بناء المستشفيات من مصارف الزكاة ؟
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/3953)
سؤال رقم 39211- وضع المال في البنك ، وهل بناء المستشفيات من مصارف الزكاة ؟
من لديه مبلغ من المال موضوع في دفتر توفير أو في أحد البنوك ويتم إخراج زكاة المال منه كل عام ، هل يصبح هذا المبلغ مشكوكاً فيه بسبب الفائدة ؟ وبالنسبة لإخراج الزكاة هل يجوز التبرع بمبلغ المال هذا في بناء مستشفى أو دار أيتام ( عن طريق وضع هذا المبلغ تحت رقم حساب معين خاص بالجهة ) أم يجب التبرع بالمبلغ يداً بيد ؟.
الحمد لله
أولاً :
وضع المال في البنوك الربوية وأخذ الربا عليها والمسماة الفائدة من كبائر الذنوب ، وإخراج الزكاة من هذا المال لا يعفي صاحبه من
الإثم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 22339 ) ففيه بيان تحريم الربا .
وجواب السؤال ( 181 ) ففيه بيان حرمة وضع المال في البنوك الربوية .
ثانياً :
وأما بالنسبة لمصارف الزكاة فإنه لا يجوز وضعها في بناء مستشفى ولا في بناء دار أيتام لا يداً بيدٍ ، ولا بواسطة ، فمصارف الزكاة محصورة
لا يجوز الزيادة عليها ، ومصارف الزكاة قد بيَّنها الله تعالى في قوله : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب
والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل } التوبة / 60 .
وقد وضَّحنا هؤلاء في جوابنا على السؤال رقم ( 6977 ) .
وقد ذكرنا في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف ، فانظرها في ( 13734 ) و ( 21797 ) .
لكن لو كان المقصود بوضعها في دار للأيتام أن هذه الأموال ينفق منها على الأيتام الفقراء فإن هذا جائز إذا كان الأيتام فقراء .
والأفضل أن تتولى توزيع زكاة مالك بنفسك حتى تتأكد من أنك وضعتها في موضعها الذي أمرك الله به ، وعليك بذل الوسع في تحديد المستحقين .
والله أعلم .
*****
39214
المس وما يتعلق به من أوهام وحقائق
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/3954)
سؤال رقم 39214- المس وما يتعلق به من أوهام وحقائق
ابتليت بمس جني - ولم أشف منه - منذ سنتين تقريباً ، والغريب أنني أشعر بهم في جسدي ويكاد يكون لي التحكم فيهم في جسدي مثلاً : عندما أسمع للقرآن فأشعر بحركة ألم لهم في بطني فأستطيع إن شاء الله أن أوقفهم عن تلك الحركة .
وأنا أؤمن بأن خروجهم لن يتم أبدا إلا من الله العلي القدير ، فلذلك أدعو الله ولا أذهب إلى معالج شرعي يرقي بالقرآن .
الحمد لله أنني بفضل الله مستقيم ، ولكني أقع أحيانا في بعض المعاصي ، فما تفسير ذلك ؟ وما هي نصيحتكم ؟.
الحمد لله
المس بالجن فيه حقائق وفيه أوهام ، وأوهامه – عند كثير من الناس الآن – أكثر من حقائقه ، وأهل السنة مجمعون على تلبس الجني ببدن الإنسي ،
لكن ليس معنى ذلك أن كل ما يكون من المصروع هو مس من الجن ، لأن الصرع قد يكون له سبب عضوي ، ومثله ما يشعر به الكثيرون ويحسونه في أجسادهم ، فلا يُجزَم
بأنه من فعل الجن ، بل قد يكون أهاماً وقد تكون خيالات .
لذا فعليك ألا تلتفت إلى ما قد يوسوس به الشيطان أو يهيئه لك أنه من فِعله ، وأنك تستطيع التحكم به ، فهذا من أبواب تلبيسه على المسلم
ليوهمه بأنه يستطيع التحكم فيه حتى يظن في نفسه ما ليس فيها ، وقد يصل به إلى ما لا تحمد عقباه كما حصل مع كثيرين .
وعليك بالمداومة على رقية نفسك بنفسك ، وكتاب ربك تبارك وتعالى بين يديك ، فاقرأ منه وارق نفسك ، وسواء كان عندك مس أم لم يكن فلا شك أنك
مستفيد من هذه القراءة وتلك الرقية .
وللمزيد انظر سؤال رقم ( 3476 ) .
وإذا ذهبت إلى من هو معروف باستعمال الرقية الشرعية مع استقامة حاله وبعده عن الشعوذة والخرافات ، فإن هذا لا بأس به وقد يكون سبباً
لشفائك مما تشكو منه .
وعليك بالاستعانة بالله تعالى والدعاء والتضرع ليكف عنك كيد شياطين الإنس والجن ، فالإنسان محتاج لربه دوماً ، والله تعالى قادر على أن
يخلصك من الظنون والأوهام والحقائق التي تؤذيك وتضرك .
والله أعلم .
*****
3922
إطلاق الأحكام من حل وحرمة
أصول الفقه > مصادر التشريع >(1/3955)
سؤال رقم 3922- إطلاق الأحكام من حل وحرمة
السؤال :
كيف نجعل الأشياء حرام وحلال مثل (التدخين والتأمين والضرائب) مع أن الله وحده له الحق في أن يحلل ويحرم ؟
الجواب :
الحمد لله
قال الله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ .. الآية ) 40 سورة يوسف ، وقال تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ(116) سورة النحل ، وقال تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ(59) سورة يونس .فالتحليل والتحريم لله وحده ، لأنه هو المشرع ، ولا مشرع سواه ، وحين نقول أن الشيء الفلاني ، وغيرها ، حرام ، أو حلال ، فإنما نرجع في ذلك إلى الأدلة ، من كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فما وجدنا فيهما حراماً حرمناه ، وما وجدناه حلالاً حللناه ، ونستعين بأقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وتفسير السلف لنصوص القرآن والسنة ، وننظر في أقوال العلماء واجتهاداتهم .
ولا يحل لنا ، أن نحل ونحرم كما نشاء ، وحين تستجدّ أمور ، لا نجد عليها نصا من القرآن أو السنة ولا كلام علماء السلف ومن سبق من علماء أهل السنة والجماعة فإنّه لابدّ لنا من اللجوء إلى أهل العلم والذّكر الثقات الذين أمرنا الله بالرجوع إليهم كما في قوله تعالى : ( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وهؤلاء العلماء يقومون بالاجتهاد ، والنظر ، والقياس على النصوص الشرعية الموجودة ، آخذين بعين الاعتبار قواعد الضرورة والضرر والمصلحة الشرعية ، ومعتمدين على القواعد والأصول الشرعية العامة ، كقوله تعالى : (يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) سورة الأعراف 157 ، وكقوله عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار ) رواه ابن ماجة 2331 ، مجتنبين الهوى والشهوة ، وكل خبيث ثبت ضرره ، فهو حرام ، وكل طيب نافع حلال . وإن لم يعلم ضرره ولا نفعه ، فهو على الأصل في الإباحة . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
39232
حكم السباحة والغوص في الماء للصائم
الفقه > عبادات > الصوم > ما يباح للصائم >(1/3956)
سؤال رقم 39232- حكم السباحة والغوص في الماء للصائم
ما حكم العوم للصائم أو الغوص في الماء ؟.
الحمد لله
" لا بأس أن يغوص الصائم في الماء ، أو يعوم فيه ـ أي يسبح ـ لأن
ذلك ليس من المفطرات ، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة ، أو على التحريم ،
وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة ، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من
أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (19/285) .
وقال أيضاً : " لا بأس للصائم أن يسبح ، وله أن يسبح كما يريد ،
وينغمس في الماء ، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (19/284) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/282) :
" تجوز السباحة في نهار رمضان ، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من
دخول الماء إلى جوفه " انتهى .
*****
39234
لا يجوز إخراج نقود بدلا من الإطعام في فدية الصيام
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/3957)
سؤال رقم 39234- لا يجوز إخراج نقود بدلا من الإطعام في فدية الصيام
رجل كبير مريض لا يستطيع الصوم فهل يجزيء إخراج النقود عن الإطعام ؟.
الحمد لله
" يجب علينا أن نعلم قاعدة مهمة ، وهي أن ما ذكره الله عز وجل
بلفظ الإطعام أو الطعام وجب أن يكون طعاماً ، وقد قال تعالى في الصوم : ( وَعَلَى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ
لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) وقال في كفارة
اليمين : ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ
يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذالِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُو?اْ أَيْمَاانَكُمْ كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .
وفي زكاة الفطر : فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً
من طعام ، فما ذكر في النصوص بلفظ الطعام أو الإطعام فإنه لا يجزىء عنه الدراهم .
وعلى هذا فالكبير الذي كان فرضه الإطعام بدلاً عن الصوم لا يجزىء
أن يخرج بدلاً عنه دراهم ، لو أخرج بقدر قيمة الطعام عشر مرات لم يجزئه ؛ لأنه عدول
عما جاء به النص ، كذلك الفطرة لو أخرج قدر قيمتها عشر مرات لم يجزىء عن صاع من
الحنطة ؛ لأن القيمة غير منصوص عليها . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من
عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) .
وعلى هذا فنقول للأخ الذي لا يستطيع الصوم لكبره : أطعم عن كل
يوم مسكيناً ، ولك في الإطعام صفتان :
الصفة الأولى : أن توزع عليهم في بيوتهم تعطي كل واحد ربع الصاع
المعروف من الرز وتجعل معه ما يؤدمه .
الصفة الثانية : أن تصنع طعاماً وتدعو إليه عدد المساكين الذين
يجب أن تطعمهم ، يعني يمكن إذا مضى عشرة أيام تصنع عشاء وتدعو عشرة من الفقراء
يأكلون ، وكذلك في العشر الثانية ، والعشر الثالثة ، كما كان أنس بن مالك رضي الله
عنه حين كبر وصار لا يستطيع الصوم يطعم ثلاثين فقيراً في آخر يوم من رمضان " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/116) .
*****
39235
إذا أدرك الإمام ساجدا أو جالساً
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/3958)
سؤال رقم 39235- إذا أدرك الإمام ساجدا أو جالساً
إذا دخلت المسجد والإمام ساجد أو جالس بين السجدتين أو في التشهد ، فهل أدخل معه ؟ وهل أكبر تكبيرة أخرى للسجود أو القعود بعد تكبيرة الإحرام ؟.
الحمد لله
أولاً :
إذا دخل المصلي المسجد والإمام في السجود أو الجلوس أو على أي
حال ، دخل معه , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا , وَمَنْ أَدْرَكَ
الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) رواه أبو داود (893) وحسنه
الألباني في صحيح أبي داود .
انظر السؤال ( 46811 )
.
ولا تحسب له هذه الركعة ؛ لأنه لم يدرك الركوع معه .
ثانياً :
ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى أن المصلي الذي أدرك إمامه
ساجداً أنه يكبر تكبيرة الإحرام ثم يسجد مع إمامه من غير تكبير ؛ لأنه لم يدرك محل
التكبير .
قال ابن قدامة في المغني (2/183) : " وإن أدرك الإمام في ركن غير
الركوع لم يكبر إلا تكبيرة الافتتاح , وينحط بغير تكبير ؛ لأنه لم يُعتد له به ,
وقد فاته محل التكبير , وإن أدركه في السجود أو التشهد الأول كبر حال قيامه مع
الإمام إلى الثالثة ؛ لأنه مأموم له , فيتبعه في التكبير , كمن أدرك معه من أولها "
.
وانظر : "المجموع شرح المهذب" (4/218) .
وهذا بخلاف التكبير للركوع ؛ فإنه محسوب له , وبخلاف ما إذا
انتقل بعد ذلك مع الإمام من السجود أو غيره , فإنه يكبر موافقة للإمام في الانتقال
إليه , وإن كان غير محسوب له , كما أفاده ابن قدامة رحمه الله .
والقول الثاني : أنه ينحط معه بتكبير , فيكبر الأولى للإحرام ,
والثانية ليسجد بها أو يقعد ، لأنه التزم متابعة الإمام وهو في القعود أو السجود ,
والانتقال من القيام إلى السجود يكون بالتكبير .
انظر : "المجموع" (4/218) , "حاشية ابن قاسم" (2/277) , "الإنصاف" (2/225) ,
"السنن الكبرى" للبيهقي (2/91) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (4/128) :
" والمشهورُ عند الفقهاءِ رحمهم الله : أنَّه ينحطُّ بلا تكبيرٍ
.
ولكن مع هذا نقولُ : لو كَبَّرَ الإنسانُ فلا حَرَجَ ، وإن
تَرَكَ فلا حَرَجَ ، ونجعلُ الخِيَارَ للإنسانِ ؛ لأنه ليس هناك دليلٌ واضحٌ
للتَّفريقِ بين الرُّكوعِ وغيرِه ، إذ مِن الجائزِ أن يقولَ قائلٌ : إنَّ القعودَ
لا يلي القيامَ ، لكن الذي جعلني أَقْعُدُ هو اتِّباعُ الإمامِ ، فأنا الآن انتقلتُ
إلى رُكْنٍ مأمور بالانتقالِ إليه ، ولكن تبعاً للإمام لا باعتبارِ الأصلِ ، وهذا
لا شكَّ بأنه يؤيِّدُ القولَ بأنَّه يكبِّرُ ، فالذي نَرى في هذه المسألةِ أنَّ
الاحتياطَ أن يكبِّرَ " انتهى .
ثالثاً :
ولو أحرم بالصلاة وانحط ساجداً فرفع الإمام رأسه قبل أن يضع
المأموم جبهته على الأرض , فالظاهر أنه يرجع معه ولا يسجد ؛ لفوات محل المتابعة
برفع الإمام رأسه من الأرض قبل وضع المأموم جبهته عليها , بخلاف ما إذا كان معه من
أول الصلاة .
ولو أدركه في السجدة الأولى فانحط ساجداً فرفع الإمام رأسه ,
وجلس بين السجدتين جلس معه المأموم , فإذا سجد الثانية سجد معه .
والله أعلم .
انظر : " أحكام حضور المساجد" ( ص143-144) للشيخ : عبد الله بن صالح الفوزان .
*****
39258
حكم إلقاء ورد السلام على النساء
الآداب > آداب السلام >
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/3959)
سؤال رقم 39258- حكم إلقاء ورد السلام على النساء
هل يجوز لي أن أسلم أو أرد السلام على امراة أجنبية عني . يعني من غير المحارم ؟.
الحمد لله
أولاً :
أمر الله تعالى بإفشاء السلام ، وأوجب الرد على من سلَّم ، وجعل
السلام من الأمور التي تشيع المحبة بين المؤمنين .
قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
حَسِيبًا ) النساء /86 .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ،
وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا
فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ ) . رواه مسلم
( 54 ) .
وفي جواب السؤال رقم ( 4596 )
نبذة مطولة عن أهمية السّلام وردّه ، فلينظر .
ثانياً :
الأمر بإفشاء السلام عامٌّ يشمل جميع المؤمنين ، فيشمل الرجل مع
الرجل والمرأة مع المرأة ، والرجل مع محارمه من النساء . فكل واحد من هؤلاء مأمور
بابتداء السلام ، ويجب على الآخر الرد .
إلا أن الرجل مع المرأة الأجنبية عنه لهما حكم خاص في ابتداء
السلام ورده نظراً لما قد يترتب على ذلك من الفتنة في بعض الأحيان .
ثالثاً :
لا بأس أن يسلم الرجل من غير مصافحة على المرأة الأجنبية عنه إذا
كانت عجوزاً ، أما السلام على المرأة الشابة الأجنبية فلا ينبغي إذا لم يؤمن من
الفتنة ، وهذا هو الذي تدل عليه أقوال العلماء رحمهم الله .
سُئِلَ الإمام مَالِك هَلْ : يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ ؟
فَقَالَ : أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ (وهي العجوز) فَلا أَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا
الشَّابَّةُ فَلا أُحِبُّ ذَلِكَ .
وعلَّل الزرقاني في شرحه على الموطأ (4/358) عدم محبة مالك لذلك
: بخوف الفتنة بسماع ردها للسلام .
وفي الآداب الشرعية (1/ 375) ذكر ابن مفلح أن ابن منصور قال
للإمام أحمد : التسليم على النساء ؟ قال : إذا كانت عجوزاً فلا بأس به .
وقال صالح (ابن الإمام أحمد) : سألت أبي يُسَلَّمُ على المرأة ؟
قال : أما الكبيرة فلا بأس ، وأما الشابة فلا تستنطق . يعني لا يطلب منها أن تتكلم
برد السلام .
وقال النووي في كتابه "الأذكار" (ص 407) :
"قال أصحابنا : والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل ، وأما المرأة
مع الرجل ، فإن كانت المرأة زوجته ، أو جاريته ، أو محرماً من محارمه فهي معه
كالرجل ، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام ويجب على الآخر رد السلام
عليه . وإن كانت أجنبية ، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها ،
ولو سلم لم يجز لها رد الجواب ، ولم تسلم هي عليه ابتداء ، فإن سلمت لم تستحق
جواباً فإن أجابها كره له .
وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل ، وعلى
الرجل رد السلام عليها .
وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل . أو كان الرجال جمعاً
كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو
عليهم فتنة .
روى أبو داود (5204) عن أَسْمَاء ابْنَة يَزِيدَ قالت : مَرَّ
عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ
عَلَيْنَا . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى البخاري (6248) عن سَهْلٍ بن سعد قَالَ : كَانَتْ لَنَا
عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ ( نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ ) فَتَأْخُذُ مِنْ
أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ (
أي تطحن ) فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا
فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا" . انتهى كلام النووي .
وقال الحافظ في "الفتح" :
عن جواز سلام الرجال على النساء ، والنساء على الرجال، قال :
الْمُرَاد بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُون عِنْد أَمْن الْفِتْنَة .
ونَقَل عن الْحَلِيمِيّ أنه قال : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنْ الْفِتْنَة , فَمَنْ وَثِقَ مِنْ
نَفْسه بِالسَّلامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلا فَالصَّمْت أَسْلَم .
ونَقَل عَنْ الْمُهَلَّب أنه قال : سَلَام الرِّجَال عَلَى
النِّسَاء وَالنِّسَاء عَلَى الرِّجَال جَائِز إِذَا أُمِنَتْ الْفِتْنَة اهـ بتصرف
.
والله تعالى أعلم .
انظر كتاب " أحكام العورة والنظر" إعداد / مساعد بن قاسم الفالح .
*****
3927
حكم قراءة الأسماء الحسنى بترتيب معين
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/3960)
سؤال رقم 3927- حكم قراءة الأسماء الحسنى بترتيب معين
السؤال : قال لي بعض الناس إذا قلت كذا وكذا وبعدد معين من المرات فسوف تحصل على كذا وكذا من الأجر أو إذا قرأت أسماء الله الحسنى بترتيب معين فستحصل على كذا وكذا . فأرجو أن تنصحني .
الجواب:
الحمد لله
أجاب الشيخ عبد الله بن قعود بما يلي : لا يجوز ذلك ولو اعتقده يكون بدعة . انتهى . وكلّ ذكْر يقيّد بعدد معيّن أو مكان معيّن أو زمان معيّن أو كيفيّة معيّنة لم ترد في الشريعة يكون بدعة . وأما بالنسبة للأسماء الحسنى التعبّد بها يكون بدعاء الله بها كما قال عزّ وجلّ : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) وليس مجرد قراءتها بترتيب معيّن عبادة مشروعة ، والله أعلم .
الشيخ عبد الله بن قعود
*****
3928
قصّ الرجل لحاجبيه
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/3961)
سؤال رقم 3928- قصّ الرجل لحاجبيه
السؤال :
هل يجوز للرجل أن يقص من حاجبه ليصبح شكله مقبولا وليس للتزين أو للموضة ؟
الجواب:
الحمد لله
يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ التَّنَمُّصُ الموسوعة الفقهية ج14 تنمص
ولا يجوز للرجال كما لا يجوز للنساء قص الحواجب والشارع قد نهى عن النتف ولو شعرة والقص قد يطال كل الشعر فيكون أسوأ ( أفتاني بهذا شيخنا الشيخ عبد العزيز ابن باز لما سألته مشافهة ) .
ولكن إن آذاه مثل أن يسقط على عينيه ويحجب عنه الرؤية فيقص ما يؤذيه ( من مباحثة مع الشيخ عبد الله بن قعود في المسألة ) والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
39286
هل يُنكر تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان
أصول الفقه > مصادر التشريع >(1/3962)
سؤال رقم 39286- هل يُنكر تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان
قرأت هذا الكلام ( العلماء أجمعوا على أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال لذلك يجب الاستفادة من المتغيرات ) لكني غير مقتنع به فهل هذا الكلام صحيح ؟. أرجو الإجابة مع الاستدلال بالأدلة الشرعية والسنة ؟.
الحمد لله
هذه القاعدة يعبر عنها بعض العلماء بقولهم : ( لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان ) ، كما في مجلة الأحكام العدلية المادة 39 ، وشرح
القواعد الفقهية للزرقا ص 227 وغير ذلك .
وهذه القاعدة إحدى القواعد المتفرعة عن قاعدة " العادة محكمة ".
وكلمة " الأحكام " الواردة في القاعدة ، مخصوصة بالأحكام المبنية على العرف والعادة ، فهذه هي التي تتغير بتغير الزمان والمكان والحال .
قال في درر الحكام شرح مجلة الأحكام : ( إن الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان هي الأحكام المستندة على العرف والعادة ; لأنه بتغير
الأزمان تتغير احتياجات الناس , وبناء على هذا التغير يتبدل أيضا العرف والعادة وبتغير العرف والعادة تتغير الأحكام حسبما أوضحنا آنفا , بخلاف الأحكام
المستندة على الأدلة الشرعية التي لم تبن على العرف والعادة فإنها لا تتغير . مثال ذلك : جزاء القاتل العمد القتل . فهذا الحكم الشرعي الذي لم يستند على
العرف والعادة لا يتغير بتغير الأزمان , أما الذي يتغير بتغير الأزمان من الأحكام , فإنما هي المبنية على العرف والعادة , كما قلنا ,
وإليك الأمثلة : كان عند الفقهاء المتقدمين أنه إذا اشترى أحد دارا اكتفى برؤية بعض بيوتها[غرفها] , وعند المتأخرين لا بد من رؤية كل بيت
منها على حدته , وهذا الاختلاف ليس مستندا إلى دليل , بل هو ناشئ عن اختلاف العرف والعادة - في أمر الإنشاء والبناء , وذلك أن العادة قديما في إنشاء الدور
وبنائها أن تكون جميع بيوتها متساوية وعلى طراز واحد , فكانت على هذا رؤية بعض البيوت تغني عن رؤية سائرها , وأما في هذا العصر فإذ جرت العادة بأن الدار
الواحدة تكون بيوتها مختلفة في الشكل والحجم لزم عند البيع رؤية كل منها على الانفراد) انتهى من درر الحكام 1/47 لمؤلفه الشيخ علي حيدر، وقريب منه
ما في شرح المجلة لسليم رستم 1/36
ومثل الزرقا لهذه القاعدة بقوله :
( لما ندرت العدالة وعزت في هذه الأزمان قالوا بقبول شهادة الأمثل فالأمثل والأقل فجورا فالأقل ...
وجوزوا تحليف الشهود عند إلحاح الخصم ، وإذا رأى الحاكم ذلك؛ لفساد الزمان) شرح القواعد الفقهية ص 229
ونبه الدكتور محمد الزحيلي على أن الأصل في الشريعة هو ثبات الأحكام ، وأن لفظ الأحكام في القاعدة ليس عاما ، وقال : ( ولذلك تعتبر
القاعدة خاصة واستثناء ، مع التذكير بما يلي :
1- إن الأحكام الأساسية الثابتة في القرآن والسنة والتي جاءت الشريعة لتأسيسها بنصوصها الأصلية : الآمرة والناهية، كحرمة الظلم ، وحرمة
الزنى والربا، وشرب الخمر والسرقة، وكوجوب التراضي في العقد ، ووجوب قمع الجرائم وحماية الحقوق ، فهذه لا تتبدل بتبدل الزمان ، بل هي أصول جاءت بها الشريعة
لإصلاح الزمان والأجيال ، وتتغير وسائلها فقط .
2- إن أركان الإسلام وما علم من الدين بالضرورة لا يتغير ولا يتبدل ، ويبقى ثابتا كما ورد ، وكما كان في العصر الأول لأنها لا تقبل
التبديل والتغيير.
3- إن جميع الأحكام التعبدية التي لا مجال للرأي فيها ، ولا للاجتهاد، لا تقبل التغيير ولا التبديل بتبدل الأزمان والأماكن والبلدان
والأشخاص.
4- إن أمور العقيدة أيضا ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ولا تقبل الاجتهاد، وهي ثابتة منذ نزولها ومن عهد الأنبياء والرسل السابقين ، حتى تقوم
الساعة ، ولا تتغير بتغير الأزمان) انتهى من : القواعد الفقهية على المذهب الحنفي والشافعي للدكتور محمد الزحيلي ص 319
وبهذا يتضح أنه لا إشكال في هذه القاعدة ، وأنه لا حجة فيها لمن يريد إباحة الربا أو الاختلاط مثلا أو يريد إلغاء الحدود والعقوبات ،
لتغير الزمان ! فإن هذه الأمور المذكورة ثابتة بالنصوص الواضحة من الكتاب والسنة ، فلا مجال لتغييرها أو تبديلها ، إلا أن ينخلع الإنسان من دينه رأسا .
والله أعلم .
*****
39288
تغسيل الميت المحترق
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/3963)
سؤال رقم 39288- تغسيل الميت المحترق
هل يتم تغسيل الميت محروقا أم لا وما كيفية غسله علما بأنه يكون في حالة احتراق كاملة أحيانا ؟.
الحمد لله
من مات بالحرق وأمكن تغسيله غسل . وإن خيف تهريه أو تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا ، فإن خيف تقطعه بالصب ، يمم إن أمكن ذلك .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( والمجدور , والمحترق , والغريق , إذا أمكن غسله غسل , وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا , ولم يمس ,
فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل , وييمم إن أمكن , كالحي الذي يؤذيه الماء , وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء ييمم , وإن تعذر غسل بعضه دون بعض , غسل ما أمكن
غسله , وييمم الباقي , كالحي سواء ) انتهى من المغني 2/209
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
كيف يتم تغسيل الإنسان الذي يموت في حادث ويتشوه جسمه وربما تقطع بعض أجزائه ؟
فأجاب رحمه الله :
يجب تغسله كما يغسل غيره إذا أمكن ذلك ، فإن لم يمكن فإنه يُيمّم ، لأن التيمم يقوم مقام التغسيل بالماء عند العجز عن ذلك .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 13/123
وفي فتاوى اللجنة الدائمة 8/371 عن تغسيل الميت بحادث قطّع جسمه :
( إذا تعذر غسله فإنه ييمم لعموم قوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، لأن الله شرع التيمم للطهارة من الحدث الأكبر والأصغر في
حالة عدم وجود الماء ، أو العجز عن استعماله ، أو التضرر باستعماله ) .
والله اعلم .
*****
39301
حكم تركيب الرموش الصناعية
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/3964)
سؤال رقم 39301- حكم تركيب الرموش الصناعية
هل يجوز للمرأة أن تستعمل الرموش الصناعية ؟.
الحمد لله
يحرم على المرأة تركيب الرموش الصناعية ، لأنها تدخل في وصل
الشعر الذي لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله .
روى البخاري ومسلم (2122) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسًا (تصغير عروس)
أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ ( وفي رواية : تمزق ) شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ ؟
فَقَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ .
روى البخاري (5205) ومسلم (2123) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جَارِيَةً
مِنْ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعَرُهَا (أي سقط)
فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ .
قال النووي :
(تَمَرَّقَ ) بِمَعْنَى تَسَاقَطَ .
وَأَمَّا الْوَاصِلَة فَهِيَ الَّتِي تَصِل شَعْر الْمَرْأَة
بِشَعْرٍ آخَر , وَالْمُسْتَوْصِلَة الَّتِي تَطْلُب مَنْ يَفْعَل بِهَا ذَلِكَ ,
وَيُقَال لَهَا : مَوْصُولَة . وَهَذِهِ الأَحَادِيث صَرِيحَة فِي تَحْرِيم
الْوَصْل , وَلَعْن الْوَاصِلَة وَالْمُسْتَوْصِلَة مُطْلَقًا , وَهَذَا هُوَ
الظَّاهِر الْمُخْتَار اهـ .
والرموش الصناعية يتحقق فيها هذا المعنى ، وهو وصل الشعر ، فإن
الرموش الطبيعية توصل بالرموش الصناعية .
وأيضاً : ذكر بعض الأطباء أن الرموش الصناعية تؤدي إلى حساسية
مزمنة بالجلد والعين والتهابات في الجفون وتؤدي إلى تساقط الرموش . فيكون في
استعمالها ضرراً ، وقد منع الشارع ذلك كما قال عليه السلاة والسلام ( لا ضرر ولا
ضرار )
انظر : "زينة المرأة بين الطب والشرع" ص 33 .
وينبغي أن تتنبه المرأة المسلمة إلى أن الاهتمام بمثل هذه الأمور
قد يكون إغراقاً في التنعم والترفه ، وإهداراً للأوقات والأموال التي يمكن
الاستفادة منها فيما هو أنفع للمسلمين ، لاسيما في هذه الأوقات التي ضعفت فيها
العزائم ، وفترت الهمم . وصُرِفت المرأة عن مهمتها الأساسية في تربية الجيل إلى
الاهتمام البالغ بمثل هذه الأمور .
والله أعلم .
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
39318
تركت بيت زوجها وأبت الرجوع
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/3965)
سؤال رقم 39318- تركت بيت زوجها وأبت الرجوع
أرجو منكم إفادتي بما يجب فعله شرعا بما يرضي الله. أنا طبيب شاب تزوجت منذ ثلاث سنوات ، وكانت خطيبتي (زوجتي الآن) شخصية ممتازة جداً . وكانت متفاهمة. وبعد الزواج تغير الحال فقد كنت مديونا وكانت تعلم كل دخلي ومع ذلك كانت تطالبني بمصروف خاص بها ولما حاولت إقناعها بالصبر حتى أسدد ديوني وأنها ينبغي أن تساعد على ذلك أقامت الدنيا وأخبرت حماتي التي ظلت (تلح) عليّ ولكني رفضت ، ثم طالبت بالعمل مع أننا اتفقنا على عدم العمل إلا لو أنني كنت غير قادر على الكسب . وجعلت حماتي ( تلح ) علي كثيرا جداً حتى وافقت. وبعدها ظهرت الكثير من المشكلات ، فقد كانت وما زالت تعامل أبي وأمي بشكل غير لائق ووصل الأمر للإهانة. ورزقنا الله بعد زواجنا بطفلة يحسدنا عليها الناس . المهم أنها خرجت من البيت بغير إذني أكثر من مرة و لم يردعها الكلام ولا الهجر في الفراش ولا الضرب . وفضحتني وسط سكان العمارة التي نسكن فيها لأنها كانت تحكي عن مشاكلنا للسكان والجيران ولأصدقائها وأقاربها ، وفشلت المحاولات معها حتى إن شيخ المسجد كلمها دون فائدة . ونتيجة لذلك جف قلبي من ناحيتها ، وتعددت الخلافات وتم الطلاق مرتين ورجعنا من أجل بنتنا الصغير التي وهبنا الله إياها . ومؤخرا جاء حماي و حماتي من السفر و ذهبت إليهم بحجة أنها ستمكث بضعة أيام معهم واستمر ذلك الوضع لثلاثين يوماً بحجة أن أباها مريض وأمها كبيرة في السن ، و لما طالبت برجوعها هي و ابنتي إلى منزلي رفضت وعندما تكلمت مع والدها رفض رجوعها إلى منزل الزوجية . وهددتهم باللجوء للقضاء و لم يهتموا، و اكتشفت غياب الأوراق الرسمية الخاصة بزوجتي و ابنتي وجواز سفرهما والذهب ( أخذتهم قبل ذهابها لبيت أهلها) أشيروا علي أفادكم الله.
الحمد لله
إن كان الأمر كما ذكرت فقد أخطأت زوجتك أخطاء عدة ، من خروجها بغير إذنك، واستمرارها في بيت أهلها ، ورفضها الرجوع إليك بغير مبرر ظاهر،
وقبل ذلك إلحاحها في الخروج إلى العمل مخالفةً لما تم الاتفاق عليه بينكما، ومعاملتها غير اللائقة لوالديك، وإفشائها لأسرار بيتها.
والذي نشير عليك به هو أن تسلك ما أرشد إليه رب العالمين بقوله : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا
فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً
) النساء / 35 فتخيرْ رجلا من صالحي أهلك ، ليتفاوض مع رجل من صالحي أهلها ، فما حكما به فالزمه فإن فيه الخير والفلاح. وإن حكما
بالطلاق فلا تحزن ، لقوله تعالى : ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً
) النساء / 130
فإن لم ينفع معها أمر الحكمين فلك أن ترفع الأمر إلى القضاء لإلزامها بالرجوع إلى بيتها ، أو التفريق بينكما على ما يراه القاضي .
واحرص خلال هذه الفترة على ضبط تصرفاتك وأقوالك ، فإن الشيطان حريص على التفريق بين الزوجين ، وقد يكون للكلمة أثر عظيم ، في ظل وجود
الخلاف والشقاق ، وسل الله تعالى أن يلهمك رشدك ، وأن يوفقك لما فيه الخير لك ولابنتك، ولا تقدم على أمر حتى تستخير الله تعالى ، واحذر من العجلة فإنها لا
تأت بخير، وعليك بالرفق والحلم والأناة ، فكم من أسرة أوشكت على الانهيار ، ثم عادت إليها الحياة والبهجة والألفة .
وعد إلى نفسك ففتش عن أخطائها ، وأصلح ما بينك وبين ربك ، ليصلح لك ما بينك وبين خلقه ، فإن للطاعة والمعصية أثرا في استقامة البيوت
أوخرابها .
نسأل الله أن يصلح حالكما ، وأن يوفقكما لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
*****
39328
لا يصح جمع قضاء رمضان مع ست شوال بنية واحدة
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/3966)
سؤال رقم 39328- لا يصح جمع قضاء رمضان مع ست شوال بنية واحدة
هل يجوز أن أصوم الستة أيام من شوال بنفس النية بقضاء الأيام التي أفطرت فيها في رمضان بسبب الحيض ؟.
الحمد لله
لا يصح ذلك ، لأن صيام ستة أيام من شوال لا تكون إلا بعد صيام
رمضان كاملاً.
قال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (438) :
"من صام يوم عرفة ، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه
صحيح ، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة ،
وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء ، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط
برمضان ، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه،
فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من صام
رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد
صائماً رمضان حتى يكمل القضاء" اهـ .
*****
3934
كيفية الزكاة في صندوق استثماري فيه أموال خيرية وأموال خاصة
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/3967)
سؤال رقم 3934- كيفية الزكاة في صندوق استثماري فيه أموال خيرية وأموال خاصة
السؤال :
مركز إسلامي في الغرب يعمل توظيف أموال (حلال) وأغلب الأرباح من الشراكة ومن توظيف الأموال من غير تجارة الأسهم ويعطي أرباحا فهل تجب الزكاة على الربح الناتج من هذه التجارة أو على التبرعات إلى المركز الإسلامي ؟
الجواب:
الحمد لله
أجابنا عن هذا السؤال الشيخ عبد الله بن قعود بقوله :
تجب الزكاة في أموال المشتركين لأنفسهم أما أرباح التبرعات فليس عليها زكاة .
الشيخ عبد الله بن قعود
*****
39344
حكم من يموت دفاعاً عن وطنه من غير المسلمين
السياسة الشرعية > أحكام الجهاد >(1/3968)
سؤال رقم 39344- حكم من يموت دفاعاً عن وطنه من غير المسلمين
ما حكم من يموت دفاعاً عن وطنه من غير المسلمين فهل يعتبر شهيداً ؟.
الحمد لله
من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومعنى ( في سبيل الله ) أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، هذا هو حد شهيد المعركة كما بينه النبي صلى
الله عليه وسلم .
فقد روى البخاري ( 3126) ومسلم (1904) عن أَبُي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ أَعْرَابِيٌّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ مَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وروى مسلم (1915) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ
فِيكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ قَالُوا فَمَنْ هُمْ
يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ
فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ ".
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين شهيد المعركة ، وبين من يلحق به في فضل الشهادة .
قال النووي رحمه الله : ( قال العلماء : المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء وأما
في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم وقد سبق في كتاب الإيمان بيان هذا والشهداء ثلاثة أقسام شهيد في الدنيا والآخرة وهو المقتول في حرب الكفار وشهيد في الآخرة
دون أحكام الدنيا وهم هؤلاء المذكورون هنا ، وشهيد في الدنيا دون الآخرة وهو من غل ( أي سرق ) في الغنيمة أو قُتل مدبرا ( أي : وهو يفر من القتال ) انتهى .
والشهادة منزلة عالية ، لا تكون إلا لأهل الإيمان .
وأما من بلغته دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن به فهو كافر بالله ، من أهل النار سواء قتل في المعركة أو مات على فراشه ،
يهودياً كان أو نصرانياً أو غيرهما من ملل الشرك والكفر ، والنصارى يكفرون لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولدعواهم ألوهية المسيح عيس ابن مريم عليه
السلام ، ودعواهم أن الله اتخذ صاحبة وولداً تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ
وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً
وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء /105-151 .
وقال : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) التوبة / 30 .
وقال : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ
اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة / 72
وقال : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة / 73
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا
نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) . رواه مسلم (153) .
وهذا الكلام الذي سبق هو في أحكام الآخرة إذا قُتل ، أما في
أحكام الدنيا فإذا قام أحد من غير المسلمين بالمشاركة بالدفاع عن بلاد المسلمين دون
تقديم أي تنازلات من المسلمين عن الحق فلا بأس أن يُشكر ويكافأ على ذلك .
والله أعلم .
*****
39349
الجلوس مع جماعة التبليغ والخروج معهم
الدعوة > وسائل الدعوة >(1/3969)
سؤال رقم 39349- الجلوس مع جماعة التبليغ والخروج معهم
هل يجوز الجلوس مع جماعة التبليغ من أجل الفائدة والذكر فقط ؟.
الحمد لله
جماعة التبليغ إحدى الجماعات الدعوية التي تسعى لنشر الإسلام والدعوة إليه ، ولها دور محمود في دعوة العصاة والمنحرفين ، مع بذل الوقت
والمال ، وتحمل مشاق السفر والتجوال وغير ذلك .
ونظرا لما ينقل عن بعض مشايخ هذه الجماعة ومؤسسيها من بعض الأفكار الخاطئة ، والعقائد المرفوضة ، أفتى جماعة من أهل العلم بأنه لا يخرج
معهم إلا طلبة العلم ، بغرض تعليمهم وإرشادهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي : ( خرجت مع جماعة التبليغ للهند والباكستان ، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور وسمعت
أن الصلاة في المسجد الذي يوجد به قبر باطلة فما رأيكم في صلاتي وهل أعيدها ؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن ؟
فأجاب رحمه الله :
( جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها
أهل السنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير ؛ لأنهم نشيطون في عملهم ، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم ، وإلى من يبصرهم من علماء
التوحيد والسنة . رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه...) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 8/331
وإذا كان الموجودون عندكم من هذه الجماعة معروفين بالعقيدة الصحيحة والعلم فلا حرج عليك في التعاون معهم ، والحضور في مجالسهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
( نحن سكان في البادية منا من هو مستقر في هجرة ومنا من هو يتبع حلاله ، ويأتينا جماعة الدعوة للتبليغ منهم من نعرفه شخصيا ونثق بصدق
نيته إلا أنهم ليسوا علماء ومنهم علماء ويدعوننا للخروج للهجر التي حولنا ويحددون لذلك أياماً وأسابيع وأشهراً مع ملاحظتنا أن حلق الذكر التي تعمل عندنا
ليس عليها أي اشتباه هل يجوز الاستماع لهم أو الخروج معهم للهجر المجاورة أو خارج المملكة ؟
فأجاب رحمه الله :
( إذا كان المذكورون معروفين بالعقيدة الطيبة والعلم والفضل وحسن السيرة فلا بأس بالتعاون معهم في الدعوة إلى الله سبحانه والتعليم
والنصيحة لقول الله عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من دل على خير فله مثل أجر فاعله ". وفق
الله الجميع ) مجموع فتاوى الشيخ 9/307
والله اعلم .
*****
39349
الجلوس مع جماعة التبليغ والخروج معهم
كيف نتوب من الشرك
الدعوة > وسائل الدعوة >(1/3970)
سؤال رقم 39349- الجلوس مع جماعة التبليغ والخروج معهم
هل يجوز الجلوس مع جماعة التبليغ من أجل الفائدة والذكر فقط ؟.
الحمد لله
جماعة التبليغ إحدى الجماعات الدعوية التي تسعى لنشر الإسلام والدعوة إليه ، ولها دور محمود في دعوة العصاة والمنحرفين ، مع بذل الوقت
والمال ، وتحمل مشاق السفر والتجوال وغير ذلك .
ونظرا لما ينقل عن بعض مشايخ هذه الجماعة ومؤسسيها من بعض الأفكار الخاطئة ، والعقائد المرفوضة ، أفتى جماعة من أهل العلم بأنه لا يخرج
معهم إلا طلبة العلم ، بغرض تعليمهم وإرشادهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي : ( خرجت مع جماعة التبليغ للهند والباكستان ، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور وسمعت
أن الصلاة في المسجد الذي يوجد به قبر باطلة فما رأيكم في صلاتي وهل أعيدها ؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن ؟
فأجاب رحمه الله :
( جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها
أهل السنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير ؛ لأنهم نشيطون في عملهم ، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم ، وإلى من يبصرهم من علماء
التوحيد والسنة . رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه...) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 8/331
وإذا كان الموجودون عندكم من هذه الجماعة معروفين بالعقيدة الصحيحة والعلم فلا حرج عليك في التعاون معهم ، والحضور في مجالسهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
( نحن سكان في البادية منا من هو مستقر في هجرة ومنا من هو يتبع حلاله ، ويأتينا جماعة الدعوة للتبليغ منهم من نعرفه شخصيا ونثق بصدق
نيته إلا أنهم ليسوا علماء ومنهم علماء ويدعوننا للخروج للهجر التي حولنا ويحددون لذلك أياماً وأسابيع وأشهراً مع ملاحظتنا أن حلق الذكر التي تعمل عندنا
ليس عليها أي اشتباه هل يجوز الاستماع لهم أو الخروج معهم للهجر المجاورة أو خارج المملكة ؟
فأجاب رحمه الله :
( إذا كان المذكورون معروفين بالعقيدة الطيبة والعلم والفضل وحسن السيرة فلا بأس بالتعاون معهم في الدعوة إلى الله سبحانه والتعليم
والنصيحة لقول الله عز وجل : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من دل على خير فله مثل أجر فاعله ". وفق
الله الجميع ) مجموع فتاوى الشيخ 9/307
والله اعلم .
*****
3935
هل تأخير الصلاة عن أول وقتها يمنع إجابة الدعاء
الرقائق > الدعاء >
سؤال رقم 3935: هل تأخير الصلاة عن أول وقتها يمنع إجابة الدعاء
السؤال : هل هناك دليل على أن من يؤخر الصلاة عن وقتها المفضّل ولكن قبل خروج الوقت لا يُستجاب دعاؤه ؟
الجواب:
الحمد لله
أجابنا عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود بما حاصله :
الحمد لله
لا نعلم دليلا على هذا والدعاء قد يستجيبه الله من المضطر ولو كان كافرا . والله الموفق .
الشيخ عبد الله بن قعود
*****
39357
مسؤولية الأخ تجاه أخوته في البيت
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/3971)
سؤال رقم 39357- مسؤولية الأخ تجاه أخوته في البيت
يعمل والدي بالخارج ، وأنا الابن الأكبر في الأسرة أعيش مع والدتي وإخوتي. فهل اعتبر أنا المسئول عن إخوتي ، بحيث يجب علي أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وعليهم طاعتي في ذلك، أم أن هذه مسئوليتي أمي ؟ وإذا قصرت أمي في هذه فتركت إخوتي يفعلون بعض المنكرات فماذا علي ؟ .
الحمد لله
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عليك في أي وقت ، سواء عند
وجود والدك معك أو عند تغيبه عن البيت ، وهو كذلك مسؤولية الجميع ، لقول النبي صلى
الله عليه وسلم :
( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن
لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم (78) .
وعلى هذا فهو واجب على المسلمين عامة ، وعلى الآباء والأمهات مع
أولادهم خاصة ، وإذا قصّر الأب أو الأمّ في ذلك وجب على الابن صغيراً كان أو كبيراً
أن يبذل جهده في ذلك بما يستطيعه بأدب وحكمة ، والله تعالى يقول : ( فاتقوا الله ما
استطعتم ) التغابن / 16 ، ويقول أيضاً : ( لا يكلّف الله
نفساً إلا وسعها ) البقرة / 286 .
وعليك أن تراعي المصلحة في ذلك وأن تدرأ المفسدة المترتبة على
ذلك إن كانت أعظم مما تقوم به من نصحهم ، وعليك أن تظهر لهم أنك حريص على مصلحتهم ،
ومشفق عليهم وتريد نفعهم حتى يكون ذلك أدعى لقبولهم وامتثالهم ما تأمرهم به ، من
غير أن يكون ذلك على سبيل السلطة والقهر .
ونسأل الله لك الإعانة والتوفيق والسداد في أمورك .
*****
39376
رمي الأوراق التي فيها اسم من أسماء الله
الفقه > عادات >(1/3972)
سؤال رقم 39376- رمي الأوراق التي فيها اسم من أسماء الله
اسمي فيه "عبد القادر" وفى كثير من التعاملات في الدواوين الحكومية مثلا احتاج إلى كتابة اسمي عند تقديم طلب ما ، ثم بعد ذلك قد يلقون بهذا الطلب في القمامة. فهل علي مسئولية في ذلك ؟ .
الحمد لله
لا بأس من كتابتك اسمك في الأوراق والمعاملات التي تحتاج إلى
تقديمها إلى غيرك ولا حرج عليك ، وإنما الإثم والحرج على من يلقي هذه الأوراق في
القمامة ؛ لأن فيها امتهاناً للفظ الجلالة .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز كتابة البسملة على بطاقات الزواج ؟ نظراً لأنها ترمى بعد
ذلك في الشوارع أو في سلال المهملات .
فأجاب :
يشرع كتاب البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل ، لما روي عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل امرئ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو
أبتر ) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ رسائله بالتسمية ، ولا يجوز لمن يتسلم
البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو
يجعلها في محل يرغب عنه ، وهكذا الجرائد وأشباهها ، لا يجوز امتهانها ولا إلقاؤها
في القمامات ولا جعلها سفرة للطعام ولا ملفاً للحاجات لما يكون فيها من ذكر الله
عزّ وجل ، والإثم على مَنْ فعل ذلك ، أمّا الكاتب فليس عليه إثم . ا.هـ .
مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز ( 5 / 427 ) ط : الثانية .
والله تعالى أعلم .
*****
3938
خطبها متعاطٍ للخمر
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/3973)
سؤال رقم 3938- خطبها متعاطٍ للخمر
السؤال : هل من الذنب أن اقبل بالزواج من مسلم يشرب الخمر في الحفلات الاجتماعية ؟
اكره الخمر كرها شديدا واعتقد انه أصل كل الكبائر ولكني خُطبت من هذا الرجل وأنا مترددة بسبب هذا الأمر فأرجو النصيحة وجزاك الله خيرا
الجواب :
الحمد لله
أجابنا عن هذا فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود فقال :
أفضل عدم الزواج منه ولكن لو تزوجتيه فيجوز ذلك .
الشيخ عبد الله بن قعود
*****
39399
ماذا يقول في سجدتي السهو وبينهما؟
الفقه > عبادات > الصلاة > السهو >(1/3974)
سؤال رقم 39399- ماذا يقول في سجدتي السهو وبينهما؟
ماذا نقول في سجدتي السهو وما بينهما ؟ وهل نقول مثلما نقول في صلاة الفريضة ؟.
الحمد لله
لم يرد – فيما نعلم – تخصيص سجدتي السهو بذكر معين ، وعلى هذا
يكون حكمهما حكم سجود الصلاة ، فيقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة ، نحو ( سبحان
ربي الأعلى ) والدعاء ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ
الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه
مسلم (482) .
انظر السؤال رقم ( 7886 )
، ( 39677 ) .
ويقال بينهما ما يقال بين سجدتي الصلاة ، نحو ( رب اغفر لي ) .
انظر السؤال ( 13340 ) .
قال النووي في "المجموع" (4/72) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ بَيْنَهُمَا جَلْسَةٌ ,
وَيُسَنُّ فِي هَيْئَتِهَا الافْتِرَاشُ ، وَيَتَوَرَّكُ بَعْدَهُمَا إلَى أَنْ
يُسَلِّمَ , وَصِفَةُ السَّجْدَتَيْنِ فِي الْهَيْئَةِ وَالذِّكْرِ صِفَةُ
سَجَدَاتِ الصَّلاةِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .
وقال في " الشرح الكبير" (4/96) :
" ويقول في سجود السهو ما يقول في سجود صلب الصلاة ، قياساً عليه
" انتهى .
وقال في "أسنى المطالب" (1/195) :
" سُجُودُ السَّهْوِ سَجْدَتَانِ . . . وَكَيْفِيَّتُهَا
كَسَجْدَتَيْ الصَّلاةِ ، يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا بَيْنَهُمَا ، وَيَأْتِي بِذِكْرِ
السُّجُودِ لِلصَّلاةِ فِيهِمَا " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" (1/439) :
" وكيفيتهما كسجود الصلاة في واجباته ومندوباته ، كوضع الجبهة
والطمأنينة . . . ويأتي بذكر سجود الصلاة فيهما . . .
قال الأذرعي وسكتوا عن الذكر بينهما . والظاهر أنه كالذكر بين
سجدتي صلب الصلاة " انتهى باختصار .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (6/443) :
" يقول الساجد في سجود السهو والتلاوة مثل ما يقول في سجوده في
صلاته : " سبحان ربي الأعلى " والواجب في ذلك مرة واحدة ، وأدنى الكمال ثلاث مرات ،
ويستحب الدعاء في السجود بما يسر الله من الأدعية الشرعية المهمة " انتهى .
وذكر بعض العلماء أنه يستحب أن يقال فيهما : " سُبْحَانَ مَنْ لا
يَنَامُ وَلا يَسْهُو " .
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (2/12) : لم أجد له أصلاً . انتهى .
والله اعلم .
*****
39431
لا يلزم الاستنجاء لمن به سلس بول قبل خروج الوقت
الفقه > عبادات > الطهارة > الاستنجاء والاستجمار >
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >(1/3975)
سؤال رقم 39431- لا يلزم الاستنجاء لمن به سلس بول قبل خروج الوقت
شخص مصاب بسلس البول ، توضأ بعد دخول الوقت ثم أراد تجديد وضوئه ولم يدخل الوقت التالي ، فهل عليه الاستنجاء مرة أخرى عند تجديد الوضوء؟.
الحمد لله
صاحب الحدث الدائم – كمن به سلس بول - إذا جدد الوضوء قبل خروج الوقت ، لم يلزمه الاستنجاء عند التجديد ، لأنه متوضئ حكما .
وإذا خرج الوقت لزمه أن يغسل فرجه ، وأن يتوضأ ، ثم يصلي ما شاء من فروض ونوافل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : "
فاغسلي عنك الدم ثم صلي ، ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " . رواه البخاري ( 226 ) ومسلم ( 333 )
ولو قُدر أنه توضأ ، ثم لم يخرج منه شيء حتى دخل وقت الصلاة الأخرى ، لم يلزمه الوضوء ، وهو على وضوئه الأول .
فقول الفقهاء : يتوضأ لوقت كل صلاة ، مقيد بما إذا خرج منه شيء .
قال البهوتي في الروض المربع (ص 57) : (( والمستحاضة ونحوها ) ممن به سلس بول أو مذي أو ريح أو جرح لا يرقأ دمه أو رعاف دائم ... (تتوضأ
لـ) دخول (وقت كل صلاة) إن خرج شيء (وتصلي) ما دام الوقت (فروضا ونوافل) ، فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) انتهى .
ولمعرفة المزيد عن أحكام صاحب السلس انظر السؤال رقم 22843 ، ورقم 39494
والله أعلم .
*****
39443
سترسب في الامتحان بسبب حجابها
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/3976)
سؤال رقم 39443- سترسب في الامتحان بسبب حجابها
أرجو أن أعلم ماذا تفعل فتاة تريد أن تلبس الحجاب في بلاد علمانية ولكنها تدرس في كلية الطب ، وهي تخاف أن يسقطوها في الامتحان لأجل ذلك. فماذا تفعل ؟ وهل تنتظر حتى تنتهي من الدراسة ، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله
يجب على المرأة أن تلبس الحجاب أمام الرجال الأجانب ؛ لأدلة كثيرة معلومة ، منها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا
يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب / 59 .
وقوله : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا
عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور / 31
ولا يجوز خلع الحجاب بحجة الدراسة ، فإن ذلك ليس ضرورة تبيح ما حرم الله تعالى ، والواجب على هذه الفتاة أن تتمسك بدينها ، وأن تلتزم
بحجابها ، ولو أدى ذلك إلى ترك الدراسة .
وينبغي أن تعلم أن من توكل على الله كفاه وحماه ، وأن من اتقى الله يسر له أمره ، كما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ
لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ
اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق / 2 ،3 .
ولتصبر على ما يصيبها من أذى أو سخرية ، مستحضرة ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن من
ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم " رواه الطبراني من حديث ابن مسعود ، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2234
والله أعلم .
*****
08/1426
39461
حكم العمل في الجمارك والضرائب
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/3977)
سؤال رقم 39461- حكم العمل في الجمارك والضرائب
أعمل في الجمارك ، وقد سمعت أن هذا العمل غير جائز شرعاً ، فشرعت في البحث في هذه المسألة وقد مرت مدة طويلة وأنا أبحث دون أن أصل إلى نتيجة شافية . أرجو منكم أن تفصلوا لي المسألة قدر المستطاع .
الحمد لله
أولاً :
العمل في الجمارك وتحصيل الرسوم على ما يجلبه الناس من بضائع أو
أمتعة ، الأصل فيه أنه حرام .
لما فيه من الظلم والإعانة عليه ؛ إذ لا يجوز أخذ مال امرئ معصوم
إلا بطيب نفس منه ، وقد دلت النصوص على تحريم المَكْس ، والتشديد فيه ، ومن ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة الغامدية التي زنت فرجمت : ( لَقَدْ تَابَتْ
تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ) رواه مسلم (1695) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه أن المَكْس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات ، وذلك لكثرة
مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده ، وتكرر ذلك منه ، وانتهاكه للناس وأخذ أموالهم
بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها " اهـ .
وروى أحمد (17333) وأبو داود (2937) عن عقبة بن عامر رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ ) .
قال شعيب الأناؤوط : حسن لغيره. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود
.
والمَكْس هو الضريبة التي تفرض على الناس ، ويُسمى آخذها (ماكس)
أو (مكَّاس) أو (عَشَّار) لأنه كان يأخذ عشر أموال الناس . وقد ذكر العلماء للمكس
عدة صور .
منها : ما كان يفعله أهل الجاهلية ، وهي دراهم كانت تؤخذ من
البائع في الأسواق .
ومنها : دراهم كان يأخذها عامل الزكاة لنفسه ، بعد أن يأخذ
الزكاة .
ومنها : دراهم كانت تؤخذ من التجار إذا مروا ، وكانوا يقدرونها
على الأحمال أو الرؤوس ونحو ذلك ، وهذا أقرب ما يكون شبهاً بالجمارك .
وذكر هذه الصور الثلاثة في "عون المعبود" ، فقال :
(في القاموس : المكس النقص والظلم ، ودراهم كانت تؤخذ من بائعي
السلع في الأسواق في الجاهلية .
أو درهم كان يأخذه المُصَدِّق (عامل الزكاة) بعد فراغه من الصدقة
.
وقال في "النهاية" : هو الضريبة التي يأخذها الماكس ، وهو العشار
.
وفي "شرح السنة" : أراد بصاحب المكس : الذي يأخذ من التجار إذا
مروا مَكْسًا باسم العشر اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" :
( صاحب المكس هو من يتولى الضرائب التي تؤخذ من الناس بغير حق )
اهـ .
والمَكْس محرم بالإجماع ، وقد نص بعض أهل العلم على أنه من كبائر
الذنوب .
قال في "مطالب أولي النهى" (2/619) :
( يحرم تعشير أموال المسلمين -أي أخذ عشرها- والكُلَف -أي
الضرائب- التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعا . قال القاضي : لا
يسوغ فيها اجتهاد ) اهـ .
وقال ابن حجر المكي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/180) :
( الكبيرة الثلاثون بعد المائة : جباية المكوس , والدخول في شيء
من توابعها كالكتابة عليها ، لا بقصد حفظ حقوق الناس إلى أن ترد إليهم إن تيسر. وهو
داخل في قوله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ
وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/42 .
والمكاس بسائر أنواعه : من جابي المكس ، وكاتبه ، وشاهده ،
ووازنه ، وكائله ، وغيرهم من أكبر أعوان الظلمة ، بل هم من الظلمة أنفسهم , فإنهم
يأخذون ما لا يستحقونه ، ويدفعونه لمن لا يستحقه , ولهذا لا يدخل صاحب مكس الجنة ،
لأن لحمه ينبت من حرام .
وأيضا : فلأنهم تقلدوا بمظالم العباد , ومن أين للمكاس يوم
القيامة أن يؤدي الناس ما أَخَذَ منهم ، إنما يأخذون من حسناته ، إن كان له حسنات ,
وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( أتدرون من المفلس ؟
قالوا : يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفلس من
أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، وقد شتم هذا ، وضرب هذا ، وأخذ مال
هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه
أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) .
قال البغوي : يريد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا
عليه مكسا باسم العشر . أي الزكاة .
قال الحافظ المنذري : أما الآن فإنهم يأخذون مكسا باسم العشر ،
ومكسا آخر ليس له اسم ، بل شيء يأخذونه حراما وسحتا ، ويأكلونه في بطونهم نارا ,
حجتهم فيه داحضة عند ربهم ، وعليهم غضب ، ولهم عذاب شديد . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "السياسة الشرعية": ص
115 :
( وأما من كان لا يقطع الطريق , ولكنه يأخذ خَفَارة ( أي : يأخذ
مالاً مقابل الحماية ) أو ضريبة من أبناء السبيل على الرؤوس والدواب والأحمال ونحو
ذلك , فهذا مَكَّاس , عليه عقوبة المكاسين . . . وليس هو من قُطَّاع الطريق , فإن
الطريق لا ينقطع به , مع أنه أشد الناس عذابا يوم القيامة , حتى قال النبي صلى الله
عليه وسلم في الغامدية : " لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له " ) اهـ .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن العمل في البنوك الربوية أو
العمل بمصلحة الجمارك أو العمل بمصلحة الضرائب ، وأن العمل في الجمارك يقوم على فحص
البضائع المباحة والمحرمة كالخمور والتبغ ، وتحديد الرسوم الجمركية عليها .
فأجابت : إذا كان العمل بمصلحة الضرائب على الصفة التي ذكرت فهو
محرم أيضا ؛ لما فيه من الظلم والاعتساف ، ولما فيه من إقرار المحرمات وجباية
الضرائب عليها ) اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/64) .
ومن هذا يتبين أن أخذ هذه الرسوم والضرائب ، أو كتابتها والإعانة
عليها ، محرم تحريما شديداً .
ثانياً :
نظراً لأن هذا الظلم واقع على المسلمين ، وامتناعك من العمل فيه
لن يرفعه ، فالذي ينبغي في مثل هذه الحال – إذا لم نستطع إزالة المنكر بالكلية – أن
نسعى إلى تقليله ما أمكن .
فإذا كنت تعمل في هذا العمل بقصد رفع الظلم وتخفيفه عن المسلمين
بقدر استطاعتك ، فأنت في ذلك محسن ، أما من دخل في هذا العمل بقصد الراتب ، أو
الوظيفة , أو تطبيق القانون ، ونحو ذلك فإنه يكون من الظلمة ، ومن أصحاب المكس ،
ولن يأخذ من أحد شيئاً ظلماً إلا أُخِذَ بقدره من حسناته يوم القيامة . نسأل الله
السلامة والعافية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"
(28/284) :
"وَلا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ عَوْنًا عَلَى ظُلْمٍ ;
فَإِنَّ التَّعَاوُنَ نَوْعَانِ :
الأَوَّلُ : تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ
الْجِهَادِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِعْطَاءِ
الْمُسْتَحَقِّينَ ; فَهَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ . . . .
وَالثَّانِي : تَعَاوُنٌ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ،
كَالإِعَانَةِ عَلَى دَمٍ مَعْصُومٍ ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ مَعْصُومٍ ، أَوْ ضَرْبِ
مَنْ لا يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهَذَا الَّذِي حَرَّمَهُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ . . .
ومَدَارَ الشَّرِيعَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ; وَعَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :
(إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ .
وَعَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَحْصِيلُ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلُهَا
; وَتَعْطِيلُ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلُهَا . فَإِذَا تَعَارَضَتْ كَانَ تَحْصِيلُ
أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا ، وَدَفْعُ أَعْظَمِ
الْمَفْسَدَتَيْنِ مَعَ احْتِمَالِ أَدْنَاهَا : هُوَ الْمَشْرُوعُ .
وَالْمُعِينُ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ مَنْ أَعَانَ
الظَّالِمَ عَلَى ظُلْمِهِ ، أَمَّا مَنْ أَعَانَ الْمَظْلُومَ عَلَى تَخْفِيفِ
الظُّلْمِ عَنْهُ أَوْ عَلَى أَدَاءِ الْمَظْلِمَةِ : فَهُوَ وَكِيلُ الْمَظْلُومِ
; لا وَكِيلُ الظَّالِمِ ; بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُقْرِضُهُ ، أَوْ الَّذِي
يَتَوَكَّلُ فِي حَمْلِ الْمَالِ لَهُ إلَى الظَّالِمِ .
مِثَالُ ذَلِكَ : وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ إذَا طَلَبَ
ظَالِمٌ مِنْهُ مَالا فَاجْتَهَدَ فِي دَفْعِ ذَلِكَ بِمَالِ أَقَلَّ مِنْهُ
إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الاجْتِهَادِ التَّامِّ فِي الدَّفْعِ ؛ فَهُوَ
مُحْسِنٌ ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ . . .
كَذَلِكَ لَوْ وُضِعَتْ مَظْلِمَةٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ
دَرْبٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَتَوَسَّطَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُحْسِنٌ فِي
الدَّفْعِ عَنْهُمْ بِغَايَةِ الإِمْكَانِ ، وَقَسَّطَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ
طَاقَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ لِنَفْسِهِ ، وَلا لِغَيْرِهِ ، وَلا
ارْتِشَاءٍ ، بَلْ تَوَكَّلَ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ عَنْهُمْ وَالإِعْطَاءِ : كَانَ
مُحْسِنًا ; لَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ وَكِيلُ
الظَّالِمِينَ مُحَابِيًا مُرْتَشِيًا مَخْفَرًا لِمَنْ يُرِيدُ (أي يدافع عنه)
وَآخِذًا مِمَّنْ يُرِيدُ . وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ هُمْ وَأَعْوَانُهُمْ وَأَشْبَاهُهُمْ ثُمَّ
يُقْذَفُونَ فِي النَّارِ" اهـ .
والله أعلم .
*****
39461
حكم العمل في الجمارك والضرائب
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/3978)
سؤال رقم 39461- حكم العمل في الجمارك والضرائب
أعمل في الجمارك ، وقد سمعت أن هذا العمل غير جائز شرعاً ، فشرعت في البحث في هذه المسألة وقد مرت مدة طويلة وأنا أبحث دون أن أصل إلى نتيجة شافية . أرجو منكم أن تفصلوا لي المسألة قدر المستطاع .
الحمد لله
أولاً :
العمل في الجمارك وتحصيل الرسوم على ما يجلبه الناس من بضائع أو
أمتعة ، الأصل فيه أنه حرام .
لما فيه من الظلم والإعانة عليه ؛ إذ لا يجوز أخذ مال امرئ معصوم
إلا بطيب نفس منه ، وقد دلت النصوص على تحريم المَكْس ، والتشديد فيه ، ومن ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة الغامدية التي زنت فرجمت : ( لَقَدْ تَابَتْ
تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ) رواه مسلم (1695) .
قال النووي رحمه الله :
" فيه أن المَكْس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات ، وذلك لكثرة
مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده ، وتكرر ذلك منه ، وانتهاكه للناس وأخذ أموالهم
بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها " اهـ .
وروى أحمد (17333) وأبو داود (2937) عن عقبة بن عامر رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ ) .
قال شعيب الأناؤوط : حسن لغيره. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود
.
والمَكْس هو الضريبة التي تفرض على الناس ، ويُسمى آخذها (ماكس)
أو (مكَّاس) أو (عَشَّار) لأنه كان يأخذ عشر أموال الناس . وقد ذكر العلماء للمكس
عدة صور .
منها : ما كان يفعله أهل الجاهلية ، وهي دراهم كانت تؤخذ من
البائع في الأسواق .
ومنها : دراهم كان يأخذها عامل الزكاة لنفسه ، بعد أن يأخذ
الزكاة .
ومنها : دراهم كانت تؤخذ من التجار إذا مروا ، وكانوا يقدرونها
على الأحمال أو الرؤوس ونحو ذلك ، وهذا أقرب ما يكون شبهاً بالجمارك .
وذكر هذه الصور الثلاثة في "عون المعبود" ، فقال :
(في القاموس : المكس النقص والظلم ، ودراهم كانت تؤخذ من بائعي
السلع في الأسواق في الجاهلية .
أو درهم كان يأخذه المُصَدِّق (عامل الزكاة) بعد فراغه من الصدقة
.
وقال في "النهاية" : هو الضريبة التي يأخذها الماكس ، وهو العشار
.
وفي "شرح السنة" : أراد بصاحب المكس : الذي يأخذ من التجار إذا
مروا مَكْسًا باسم العشر اهـ .
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" :
( صاحب المكس هو من يتولى الضرائب التي تؤخذ من الناس بغير حق )
اهـ .
والمَكْس محرم بالإجماع ، وقد نص بعض أهل العلم على أنه من كبائر
الذنوب .
قال في "مطالب أولي النهى" (2/619) :
( يحرم تعشير أموال المسلمين -أي أخذ عشرها- والكُلَف -أي
الضرائب- التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعا . قال القاضي : لا
يسوغ فيها اجتهاد ) اهـ .
وقال ابن حجر المكي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/180) :
( الكبيرة الثلاثون بعد المائة : جباية المكوس , والدخول في شيء
من توابعها كالكتابة عليها ، لا بقصد حفظ حقوق الناس إلى أن ترد إليهم إن تيسر. وهو
داخل في قوله تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ
وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/42 .
والمكاس بسائر أنواعه : من جابي المكس ، وكاتبه ، وشاهده ،
ووازنه ، وكائله ، وغيرهم من أكبر أعوان الظلمة ، بل هم من الظلمة أنفسهم , فإنهم
يأخذون ما لا يستحقونه ، ويدفعونه لمن لا يستحقه , ولهذا لا يدخل صاحب مكس الجنة ،
لأن لحمه ينبت من حرام .
وأيضا : فلأنهم تقلدوا بمظالم العباد , ومن أين للمكاس يوم
القيامة أن يؤدي الناس ما أَخَذَ منهم ، إنما يأخذون من حسناته ، إن كان له حسنات ,
وهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( أتدرون من المفلس ؟
قالوا : يا رسول الله ، المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفلس من
أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ، وقد شتم هذا ، وضرب هذا ، وأخذ مال
هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه
أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار) .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) .
قال البغوي : يريد بصاحب المكس الذي يأخذ من التجار إذا مروا
عليه مكسا باسم العشر . أي الزكاة .
قال الحافظ المنذري : أما الآن فإنهم يأخذون مكسا باسم العشر ،
ومكسا آخر ليس له اسم ، بل شيء يأخذونه حراما وسحتا ، ويأكلونه في بطونهم نارا ,
حجتهم فيه داحضة عند ربهم ، وعليهم غضب ، ولهم عذاب شديد . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "السياسة الشرعية": ص
115 :
( وأما من كان لا يقطع الطريق , ولكنه يأخذ خَفَارة ( أي : يأخذ
مالاً مقابل الحماية ) أو ضريبة من أبناء السبيل على الرؤوس والدواب والأحمال ونحو
ذلك , فهذا مَكَّاس , عليه عقوبة المكاسين . . . وليس هو من قُطَّاع الطريق , فإن
الطريق لا ينقطع به , مع أنه أشد الناس عذابا يوم القيامة , حتى قال النبي صلى الله
عليه وسلم في الغامدية : " لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له " ) اهـ .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن العمل في البنوك الربوية أو
العمل بمصلحة الجمارك أو العمل بمصلحة الضرائب ، وأن العمل في الجمارك يقوم على فحص
البضائع المباحة والمحرمة كالخمور والتبغ ، وتحديد الرسوم الجمركية عليها .
فأجابت : إذا كان العمل بمصلحة الضرائب على الصفة التي ذكرت فهو
محرم أيضا ؛ لما فيه من الظلم والاعتساف ، ولما فيه من إقرار المحرمات وجباية
الضرائب عليها ) اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/64) .
ومن هذا يتبين أن أخذ هذه الرسوم والضرائب ، أو كتابتها والإعانة
عليها ، محرم تحريما شديداً .
ثانياً :
نظراً لأن هذا الظلم واقع على المسلمين ، وامتناعك من العمل فيه
لن يرفعه ، فالذي ينبغي في مثل هذه الحال – إذا لم نستطع إزالة المنكر بالكلية – أن
نسعى إلى تقليله ما أمكن .
فإذا كنت تعمل في هذا العمل بقصد رفع الظلم وتخفيفه عن المسلمين
بقدر استطاعتك ، فأنت في ذلك محسن ، أما من دخل في هذا العمل بقصد الراتب ، أو
الوظيفة , أو تطبيق القانون ، ونحو ذلك فإنه يكون من الظلمة ، ومن أصحاب المكس ،
ولن يأخذ من أحد شيئاً ظلماً إلا أُخِذَ بقدره من حسناته يوم القيامة . نسأل الله
السلامة والعافية .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى"
(28/284) :
"وَلا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ عَوْنًا عَلَى ظُلْمٍ ;
فَإِنَّ التَّعَاوُنَ نَوْعَانِ :
الأَوَّلُ : تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِنْ
الْجِهَادِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِعْطَاءِ
الْمُسْتَحَقِّينَ ; فَهَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ . . . .
وَالثَّانِي : تَعَاوُنٌ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ،
كَالإِعَانَةِ عَلَى دَمٍ مَعْصُومٍ ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ مَعْصُومٍ ، أَوْ ضَرْبِ
مَنْ لا يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهَذَا الَّذِي حَرَّمَهُ
اللَّهُ وَرَسُولُهُ . . .
ومَدَارَ الشَّرِيعَةِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَاتَّقُوا
اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ; وَعَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :
(إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ .
وَعَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَحْصِيلُ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلُهَا
; وَتَعْطِيلُ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلُهَا . فَإِذَا تَعَارَضَتْ كَانَ تَحْصِيلُ
أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا ، وَدَفْعُ أَعْظَمِ
الْمَفْسَدَتَيْنِ مَعَ احْتِمَالِ أَدْنَاهَا : هُوَ الْمَشْرُوعُ .
وَالْمُعِينُ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ مَنْ أَعَانَ
الظَّالِمَ عَلَى ظُلْمِهِ ، أَمَّا مَنْ أَعَانَ الْمَظْلُومَ عَلَى تَخْفِيفِ
الظُّلْمِ عَنْهُ أَوْ عَلَى أَدَاءِ الْمَظْلِمَةِ : فَهُوَ وَكِيلُ الْمَظْلُومِ
; لا وَكِيلُ الظَّالِمِ ; بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُقْرِضُهُ ، أَوْ الَّذِي
يَتَوَكَّلُ فِي حَمْلِ الْمَالِ لَهُ إلَى الظَّالِمِ .
مِثَالُ ذَلِكَ : وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ إذَا طَلَبَ
ظَالِمٌ مِنْهُ مَالا فَاجْتَهَدَ فِي دَفْعِ ذَلِكَ بِمَالِ أَقَلَّ مِنْهُ
إلَيْهِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الاجْتِهَادِ التَّامِّ فِي الدَّفْعِ ؛ فَهُوَ
مُحْسِنٌ ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ . . .
كَذَلِكَ لَوْ وُضِعَتْ مَظْلِمَةٌ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ
دَرْبٍ أَوْ سُوقٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَتَوَسَّطَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُحْسِنٌ فِي
الدَّفْعِ عَنْهُمْ بِغَايَةِ الإِمْكَانِ ، وَقَسَّطَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ
طَاقَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ لِنَفْسِهِ ، وَلا لِغَيْرِهِ ، وَلا
ارْتِشَاءٍ ، بَلْ تَوَكَّلَ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ عَنْهُمْ وَالإِعْطَاءِ : كَانَ
مُحْسِنًا ; لَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ وَكِيلُ
الظَّالِمِينَ مُحَابِيًا مُرْتَشِيًا مَخْفَرًا لِمَنْ يُرِيدُ (أي يدافع عنه)
وَآخِذًا مِمَّنْ يُرِيدُ . وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ
يُحْشَرُونَ فِي تَوَابِيتَ مِنْ نَارٍ هُمْ وَأَعْوَانُهُمْ وَأَشْبَاهُهُمْ ثُمَّ
يُقْذَفُونَ فِي النَّارِ" اهـ .
والله أعلم .
*****
39462
بعض سنن الصوم
الفقه > عبادات > الصوم > ما يستحب للصائم >(1/3979)
سؤال رقم 39462- بعض سنن الصوم
ما هي سنن الصوم ؟ .
الحمد لله
سنن الصوم كثيرة ، منها :
أولاً :
يسن إذا شتمه أحد أو قائله أن يقابل إساءته بالإحسان ويقول : إني
صائم ، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - قال :( الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه
فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح
المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر
أمثالها ) البخاري برقم 1894 ، ومسلم 1151
ثانياً :
يسن للصائم السحور لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك -
رضي الله عنه - قال : قال النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( تسحروا فإن
في السحور بركة ) رواه البخاري برقم 1923 ، ومسلم برقم 1095
ثالثاًً :
يسن تأخير السحور لما رواه البخاري عن أنس عن زيد بن
ثابت رضي الله عنهم قال : ( تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام إلى
الصلاة قلت : كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية ) رواه البخاري
1921
رابعاً :
يسن تعجيل الفطر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يزال الناس
بخير ما عجلوا الفطر ) رواه البخاري برقم 1957 ، ومسلم برقم 1098 ، راجع السؤال رقم ( 49716 )
خامساً :
يسن أن يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء ،
لحديث أنس - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على
رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء ) رواه أبو داود برقم 2356 ، والترمذي 696 ، وحسنه في الإرواء 4 / 45
سادساً :
يسن إذا أفطر أن يقول ما ورد ، والذي ورد هو التسمية ، وهي واجبة
على الصحيح لأمره - صلى الله عليه وسلم - ، وورد " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ،
اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم " وهو ضعيف كما قال ابن القيم زاد
المعاد 2 / 51 ، وورد أيضا " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن
شاء الله " رواه أبو داود 2357 ، والبيهقي 4 / 239 ، وحسنه في الإرواء 4 /
39
وقد وردت أحاديث في فضل دعوة الصائم منها :
1- عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
:( ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر ) رواه
البيهقي 3 / 345 ، وصححه الألباني في الصحيحة 1797
2- عن أبي أمامة مرفوعا : ( لله عند كل فطر عتقاء ) رواه
أحمد ( 21698 ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1/ 491
3- عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : ( إن الله تبارك وتعالى عتقاء في
كل يوم وليلية - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة ) رواه البزار ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1 / 491
وتراجع الأسئلة ( 37745 ، 37720 ، 13999 ، 14103 ) .
*****
39474
الانتفاع بالتأمين
الفقه > معاملات > التأمين >(1/3980)
سؤال رقم 39474- الانتفاع بالتأمين
في عام 96 ميلادي صدمتني سيارة وكنت سأقدم أوراقي إلى شركة التأمين ولكن لم أقدمها حتى حدث لي حادث آخر في عام 2001 ميلادي ولم يكن لي فيه تأمين ونتج من هذا الحادث إصابتي بشلل وأحتاج إلى علاج وأنا فقير جدا ولله الحمد وبما أني لم أترك وسيلة إلا وطرقتها فهل لي أن أقدم أوراقي إلى التأمين. ويعلم الله ما أنا فيه من الكرب والضيق فادعوا الله لي .
الحمد لله
أما بعد فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ، ويفرج همك وكربك .
وإن كان المقصود من تقديم أوراقك إلى التأمين : أنك مشارك فيما يسمى بالتأمين الصحي ، أو تنوي المشاركة فيه ، فاعلم أن هذا التأمين محرم
، وكذلك ما يسمى بالتأمين على الحياة ، لاشتمال عقد التأمين في كل منهما على الغرر والمقامرة ، وبهذا أفتى أهل العلم .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/297) :
أ- لا يجوز للمسلم أن يؤمّن على نفسه ضد المرض ، سواء كان في بلاد إسلامية أم في بلاد الكفار؛ لما في ذلك من الغرر الفاحش والمقامرة.
ب – لا يجوز أن يؤمّن المسلم على النفس أو على أعضاء الجسد كلا أو بعضا ، أو على المال أو الممتلكات أو السيارات أو نحو ذلك ، سواء كان
ذلك في بلاد الإسلام أم بلاد الكفار؛ لأن ذلك من أنواع التأمين التجاري ، وهو محرم لاشتماله على الغرر الفاحش والمقامرة . انتهى
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( التأمين معناه أن الشخص يدفع إلى الشركة شيئا معلوما شهريا أو سنويا من أجل ضمان الشركة للحادث الذي
يكون على الشيء المؤمَّن .
ومن المعلوم أن الدافع للتأمين غارم بكل حال ، أما الشركة فقد تكون غانمة ، وقد تكون غارمة ، بمعنى أن الحادث إذا كان كبيرا أكثر مما
دفعه المؤمِّن صارت الشركة غارمة ، وإن كان صغيرا أقل مما دفعه المؤمن أو لم يكن حادث أصلا صارت الشركة غانمة ، والمؤمِّن غارم .
وهذا النوع من العقود أعني العقد الذي يكون الإنسان فيه دائرا بين الغنم والغرم ، يعتبر من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه وقرنه
بالخمر وعبادة الأصنام .
وعلى هذا فهذا النوع من التأمين محرم . ولا أعلم شيئا من التأمين المبني على الغرر يكون جائزا ، بل كله حرام لحديث أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الغرر" ) .
وقال :
( التأمين على الحياة غير جائز ؛ لأن المؤمن على حياته إذا جاءه ملك الموت فلا يستطيع أن يحيله على شركة التأمين ، فهذا خطأ وسفه وضلال
وفيه اعتماد على هذه الشركة من دون الله ، فهو يعتمد أنه إذا مات فالشركة ستضمن لورثته قوتهم ونفقتهم ، وهذا اعتماد على غير الله .
وأصل هذه المسألة مأخوذ من الميسر ، بل هي في الواقع ميسر ، وقد قرن الله الميسر في كتابه بالشرك والاستقسام بالأزلام والخمر .
وفي التأمين إذا دفع الإنسان مبلغا من المال فقد يبقى سنوات طويلة يدفع ويكون غارما، وإذا مات عن قرب صارت الشركة هي الغارمة ، وكل عقد
دار بين الغنم والغرم فهو ميسر) انتهى نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص 652 ، 653
انظر السؤال : ( 10805 ) و ( 8889 )
ثانياً :
إذا اضطررت إلى دفع التأمين ثم حصل حادث فيجوز لك أن تأخذ من شركة التأمين بمقدار الأقساط التي دفعتها ، وما زاد عنها فإنك لا تأخذه فإن
ألزموك بأخذه فإنك تتبرع به في أوجه الخير .
ونوصيك بتقوى الله تعالى ، واللجوء إليه ، والإكثار من دعائه ، فإنه ما خاب من طرق باب الكريم سبحانه، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه
وسلم : " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل " رواه الترمذي (2326) وأبو
داود (1645) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
والله أعلم .
*****
39488
قبول الموظف الهدايا وانتفاع أولاده بها
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/3981)
سؤال رقم 39488- قبول الموظف الهدايا وانتفاع أولاده بها
أبي يعمل موظفا ، بعض الناس يعطون له مالا أو هدية عينية في العمل ، امتنع فترة عن أخذ تلك الأموال ولكن سرعان ما عاد إلى أخذها. ويقول لي أنا لا أفرق بين من يعطيني ومن لا يعطيني . ما موقفنا نحن من ( ما ندخره من مصروفنا-طعامنا-ملابسنا-ذهبنا-الدعاء إلى الله ) وهل عندما يأتي لنا بطعام هدية هل نأكل منه. وأجبرني مرة على أخذ ملابس من بعض هؤلاء الناس ، فهل يجوز لي لبسها ؟.
الحمد لله
لا يجوز لأبيك قبول ما يُهدى إليه بسبب وظيفته ، لما روى البخاري (6636) ومسلم (1832) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلا فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ
وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَالَ لَهُ : " أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا " ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ
فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ
فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لا فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ
بِهَا تَيْعَرُ فَقَدْ بَلَّغْتُ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ
إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ ".
(الرُّغَاء) بِالْمَدِّ صَوْت الْبَعِير .
(خُوَارٌ) صوت البقر .
(تَيْعِر) مَعْنَاهُ : تَصِيح , وَالْيُعَار : صَوْت الشَّاة .
( ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ ) عُفْرَة الإِبِط هِيَ الْبَيَاض لَيْسَ بِالنَّاصِعِ .
فيقال لأبيك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا "
لأنه لم تأتك هذه الهدية إلا للعمل الذي تتولاه .
وإذا كان الأمر كذلك ، فهي من حق العمل ، ليس له أن يتمولها لنفسه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( وهذا الحديث يدل على أن الواجب على الموظف في أي عمل من أعمال الدولة أن يؤدي ما وكل إليه ، وليس له أن
يأخذ هدايا فيما يتعلق بعمله ، وإذا أخذها فليضعها في بيت المال ، ولا يجوز له أخذها لنفسه لهذا الحديث الصحيح ، ولأنها وسيلة للشر والإخلال بالأمانة ) نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص 655
وقد روى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هدايا العمال غلول " أي خيانة . والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع
رقم 7021
وقول أبيك إنه لا يفرق بين من يعطيه ومن لا يعطيه لا يرفع التحريم ، إلا أنه لو أضر بمن لا يعطيه فقد ازداد إثما .
وجزمه بأنه لا يفرق بين المعطي وغيره محل نظر ، فإن للهدية تأثير في القلب فإن الإنسان مجبول على محبة من أحسن إليه ، فقد تحمل هذه
الهدية والدك على الميل مع صاحبها فيعطيه ما لا يستحقه ، فليتق الله تعالى ، وليزهد في هذا المتاع الفاني ، وكل متاع الدنيا كذلك ، فكيف إذا كان من الحرام
!
وما جلبه من هذه الهدايا فلا يجوز لكم أخذه ولا الانتفاع به ، لأنه مال محرم .
وما ادخرتموه من راتبه الذي يتقاضاه نظير عمله المباح، فلا حرج عليكم فيه.
والملابس التي أجبرك على أخذها ، إن كان قد اشتراها بالثمن المعتاد فلا حرج عليك في لبسها ، وإن كان قد أخذها هدية أو بثمن فيه محاباة ،
فلا تلبسيها ، واجتهدي في نصح والدك ، وتذكيره بخطورة المال الحرام، وحثه على سؤال أهل العلم ليزيلوا شبهته.
والله أعلم .
*****
39493
هل يصح الوضوء مع وجود الزيت في الشعر ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/3982)
سؤال رقم 39493- هل يصح الوضوء مع وجود الزيت في الشعر ؟
هل قليل من زيت الزيتون في الشعر يمنع وصول الماء إلى الشعر وبالتالي يكون الوضوء باطلاً ؟.
الحمد لله
الذي يظهر أن قليل الزيت المذكور لا يمنع وصول الماء إلى الشعر .
والقاعدة ، كما ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – أن الإنسان إذا استعمل الدهن ( الكريم والزيت ) في أعضاء طهارته ، فإما أن يبقى الدهن
جامدا له جرم، فحينئذ لابد أن يزيل ذلك قبل أن يطهر أعضاءه ، فإن بقي الدهن هكذا جرما ، فإنه يمنع وصول الماء إلى البشرة وحينئذ لا تصح الطهارة .
أما إذا كان الدهن ليس له جرم ، وإنما أثره باق على أعضاء الطهارة ، فإنه لا يضر ، ولكن في هذه الحالة يتأكد أن يمر الإنسان يده على
العضو لأن العادة أن الدهن يتمايز معه الماء ، فربما لا يصيب جميع العضو الذي يطهره ) اهـ .
"فتاوى الطهارة" (ص 147) .
يضاف إلى ذلك أن مسح الرأس خُفِف فيه ، إذ فرض الرأس المسح لا الغسل ، ولا يلزم في المسح أن يمر الماء على كل شعرة بعينها .
سئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً :
إذا لَبَّدت المرأة رأسها بحناء ونحوه فهل تمسح عليه ؟
فأجاب :
إذا لَبَّدت المرأة رأسها بحناء فإنها تمسح عليه ولا حاجة إلى أنها تنقض الرأس وتَحُتُّ (تزيل) هذا الحناء ، لأنه ثبت أن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في إحرامه ملبداً . فما وُضِع على الرأس من التَّلَبُّد فهو تابع له ( يعني تابع للرأس ) ، وهذا يدل على أن تطهير الرأس فيه
شيء من التسهيل اهـ .
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/28) .
والتلبيد هو وضع مادة على الرأس كالحناء تلصق الشعر بعضه ببعض وتمنع دخول التراب ونحوه إليه .
*****
39494
طهارة وصلاة من به سلس البول
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/3983)
سؤال رقم 39494- طهارة وصلاة من به سلس البول
اشعر بنزول بعض نقاط من البول سألت بالنسبة للصلاة فقيل لي توضئي لكل وقت صلاة وصلي ما شئت وإذا دخل وقت صلاة أخرى توضئي وضوءا جديدا. سؤالي هو: هل يجوز لي التوضؤ قبل دخول وقت الصلاة مثلا: للحاق بصلاة الجماعة بالمسجد؟ هل عندما أكون خارج المنزل يجوز لي أن أصلي بوضوء الصلوات التي يحين وقتها، وإن لم يجز ماذا أفعل لأطهر ملابسي الداخلية لأتوضأ وأصلي بها ؟ وهل يجوز لي صلاة طويلة بوضوء واحد مثل صلاة العشاء ثم التراويح؟ جزاكم الله كل خير..
الحمد لله
1- من كان حدثه دائما مستمرا ، كصاحب سلس البول والريح ، يتوضأ لوقت كل صلاة ، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل ، حتى يدخل وقت
الصلاة الأخرى .
وذلك لما في الصحيحين عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا
أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، إنما ذلك عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ،
ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت . رواه البخاري ( 226 ) – واللفظ له – ومسلم ( 333 )
وصاحب السلس ملحق عند أهل العلم بالمستحاضة .
لكن إن علم أن البول ينقطع عنه في وقت يتسع لطهارته وصلاته لزمه تأخير الصلاة لذلك الوقت .
قال الشيخ ابن عثيمين :
(المصاب بسلس البول له حالان :
الأولى : إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف ، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل : فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه ،
ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج .
الثانية : إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة : فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي ، ولو فاتته صلاة الجماعة) . " أسئلة الباب المفتوح " ( س 17 ، لقاء 67 ) .
وقد اختلف العلماء في طهارة المستحاضة ونحوها هل تبطل بخروج الوقت أم بدخول الوقت الآخر، وثمرة ذلك تظهر فيمن توضأت لصلاة الصبح ، فهل
لها أن تصلي بوضوئها هذا صلاة الضحى وصلاة العيدين أم لا؟
فمن قال : إن طهارتها تبطل بخروج الوقت ، منعها من ذلك ، لأنها بطلوع الشمس قد انتقضت طهارتها.
ومن قال : إن طهارتها تبطل بدخول الوقت الآخر ، أجاز لها أن تصلي الضحى والعيدين بوضوء الصبح لأن طهارتها باقية إلى دخول وقت الظهر.
والقولان في مذهب الإمام أحمد وغيره . (الإنصاف 1/378، والموسوعة الفقهية 3/212).
والأحوط أن تتوضأ للضحى والعيدين وضوءا جديدا ، وبهذا أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وانظري السؤال رقم 22843 .
2- وبناء على ما سبق : ليس لك أن تتوضئي قبل الوقت لتصلي بعده ، سواء كان ذلك لإدراك الجماعة أو غيرها لأن طهارتك ستنتقض بدخول الوقت
الجديد.
غير أننا ننبه على أن هذا الحكم متعلق باستمرار الحدث ، وخروج الخارج ، لكن لو قُدر أن صاحب السلس توضأ ، ثم لم يخرج منه شيء حتى دخل وقت
الصلاة الأخرى ، لم يلزمه الوضوء ، وهو على وضوئه الأول .
فقول الفقهاء: يتوضأ لوقت كل صلاة ، مقيد بما إذا خرج منه شيء.
قال البهوتي في الروض المربع (ص 57) : ( (والمستحاضة ونحوها) ممن به سلس بول أو مذي أو ريح . . . (تتوضأ لـ) دخول (وقت كل صلاة) إن خرج
شيء (وتصلي) ما دام الوقت (فروضا ونوافل) ، فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء ، فإن لم يخرج منها شيء بقيت على وضوئها الأول
) الشرح الممتع 1/438
3- وإن كنت خارج المنزل ، وقد انتقضت طهارتك بدخول الوقت ، وأردت الصلاة فإنه يلزمك أن تعيدي الوضوء بعد غسل المحل ، وشده بما يمنع خروج
الخارج قدر الإمكان .
وتطهير الملابس الداخلية يكون بغسلها ، وإن خصصت لصلاتك ثيابا طاهرة تحملينها معك كان أرفق بك وأيسر ، وإن شق عليك غسل الملابس أو
تبديلها فصلي على حالك .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
( المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن
لم يشق عليه ذلك ، وإلا عفي عنه لقول الله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله صلى الله عليه
وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية
1/192 .
وإذا شق عليك الوضوء وغسل الثياب لكل صلاة فإنه يجوز لك الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، فتصليهما بوضوء واحد في وقت إحداهما ، وكذلك
الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء . سواء كنت داخل البيت أو خارجه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (24/14) :
ويجمع المريض والمستحاضة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/559) :
يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين (الظهر والعصر) والعشائين ( المغرب والعشاء) لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة اهـ .
4- ولك أن تصلي التراويح بوضوء العشاء ، ولو امتدت صلاة التراويح إلى ما بعد نصف الليل .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للمرأة المستحاضة أن تصلي قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء ؟
فأجاب رحمه الله :
(هذه المسألة محل خلاف ، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء ، وقيل : لا يلزمها أن تجدد الوضوء ،
وهو الراجح ) فتاوى الطهارة ص 286.
والله أعلم .
*****
39494
طهارة وصلاة من به سلس البول
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > عبادات > الطهارة >(1/3984)
سؤال رقم 39494- طهارة وصلاة من به سلس البول
اشعر بنزول بعض نقاط من البول سألت بالنسبة للصلاة فقيل لي توضئي لكل وقت صلاة وصلي ما شئت وإذا دخل وقت صلاة أخرى توضئي وضوءا جديدا. سؤالي هو: هل يجوز لي التوضؤ قبل دخول وقت الصلاة مثلا: للحاق بصلاة الجماعة بالمسجد؟ هل عندما أكون خارج المنزل يجوز لي أن أصلي بوضوء الصلوات التي يحين وقتها، وإن لم يجز ماذا أفعل لأطهر ملابسي الداخلية لأتوضأ وأصلي بها ؟ وهل يجوز لي صلاة طويلة بوضوء واحد مثل صلاة العشاء ثم التراويح؟ جزاكم الله كل خير..
الحمد لله
1- من كان حدثه دائما مستمرا ، كصاحب سلس البول والريح ، يتوضأ لوقت كل صلاة ، ويصلي بوضوئه ما شاء من الفروض والنوافل ، حتى يدخل وقت
الصلاة الأخرى .
وذلك لما في الصحيحين عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا
أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، إنما ذلك عرق وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ،
ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت . رواه البخاري ( 226 ) – واللفظ له – ومسلم ( 333 )
وصاحب السلس ملحق عند أهل العلم بالمستحاضة .
لكن إن علم أن البول ينقطع عنه في وقت يتسع لطهارته وصلاته لزمه تأخير الصلاة لذلك الوقت .
قال الشيخ ابن عثيمين :
(المصاب بسلس البول له حالان :
الأولى : إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف ، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل : فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه ،
ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج .
الثانية : إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة : فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي ، ولو فاتته صلاة الجماعة) . " أسئلة الباب المفتوح " ( س 17 ، لقاء 67 ) .
وقد اختلف العلماء في طهارة المستحاضة ونحوها هل تبطل بخروج الوقت أم بدخول الوقت الآخر، وثمرة ذلك تظهر فيمن توضأت لصلاة الصبح ، فهل
لها أن تصلي بوضوئها هذا صلاة الضحى وصلاة العيدين أم لا؟
فمن قال : إن طهارتها تبطل بخروج الوقت ، منعها من ذلك ، لأنها بطلوع الشمس قد انتقضت طهارتها.
ومن قال : إن طهارتها تبطل بدخول الوقت الآخر ، أجاز لها أن تصلي الضحى والعيدين بوضوء الصبح لأن طهارتها باقية إلى دخول وقت الظهر.
والقولان في مذهب الإمام أحمد وغيره . (الإنصاف 1/378، والموسوعة الفقهية 3/212).
والأحوط أن تتوضأ للضحى والعيدين وضوءا جديدا ، وبهذا أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، وانظري السؤال رقم 22843 .
2- وبناء على ما سبق : ليس لك أن تتوضئي قبل الوقت لتصلي بعده ، سواء كان ذلك لإدراك الجماعة أو غيرها لأن طهارتك ستنتقض بدخول الوقت
الجديد.
غير أننا ننبه على أن هذا الحكم متعلق باستمرار الحدث ، وخروج الخارج ، لكن لو قُدر أن صاحب السلس توضأ ، ثم لم يخرج منه شيء حتى دخل وقت
الصلاة الأخرى ، لم يلزمه الوضوء ، وهو على وضوئه الأول .
فقول الفقهاء: يتوضأ لوقت كل صلاة ، مقيد بما إذا خرج منه شيء.
قال البهوتي في الروض المربع (ص 57) : ( (والمستحاضة ونحوها) ممن به سلس بول أو مذي أو ريح . . . (تتوضأ لـ) دخول (وقت كل صلاة) إن خرج
شيء (وتصلي) ما دام الوقت (فروضا ونوافل) ، فإن لم يخرج شيء لم يجب الوضوء) انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء ، فإن لم يخرج منها شيء بقيت على وضوئها الأول
) الشرح الممتع 1/438
3- وإن كنت خارج المنزل ، وقد انتقضت طهارتك بدخول الوقت ، وأردت الصلاة فإنه يلزمك أن تعيدي الوضوء بعد غسل المحل ، وشده بما يمنع خروج
الخارج قدر الإمكان .
وتطهير الملابس الداخلية يكون بغسلها ، وإن خصصت لصلاتك ثيابا طاهرة تحملينها معك كان أرفق بك وأيسر ، وإن شق عليك غسل الملابس أو
تبديلها فصلي على حالك .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
( المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ، ويغسل ما يصيب بدنه ، ويجعل للصلاة ثوبا طاهرا إن
لم يشق عليه ذلك ، وإلا عفي عنه لقول الله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقوله صلى الله عليه
وسلم : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ويحتاط لنفسه احتياطا يمنع انتشار البول في ثوبه أو جسمه أو مكان صلاته) انتهى نقلا عن فتاوى إسلامية
1/192 .
وإذا شق عليك الوضوء وغسل الثياب لكل صلاة فإنه يجوز لك الجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، فتصليهما بوضوء واحد في وقت إحداهما ، وكذلك
الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء . سواء كنت داخل البيت أو خارجه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (24/14) :
ويجمع المريض والمستحاضة اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/559) :
يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين (الظهر والعصر) والعشائين ( المغرب والعشاء) لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة اهـ .
4- ولك أن تصلي التراويح بوضوء العشاء ، ولو امتدت صلاة التراويح إلى ما بعد نصف الليل .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للمرأة المستحاضة أن تصلي قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء ؟
فأجاب رحمه الله :
(هذه المسألة محل خلاف ، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء ، وقيل : لا يلزمها أن تجدد الوضوء ،
وهو الراجح ) فتاوى الطهارة ص 286.
والله أعلم .
*****
39496
زوجها على علاقة بغيرها
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/3985)
سؤال رقم 39496- زوجها على علاقة بغيرها
بعد زواج 10 سنوات وحب في الحلال وإنجاب 4 أبناء أحب زوجي امرأة عرفها عن طريق النت وهي من شياطين الإنس غيرت حياتنا وباختصار أصبح لها كالعبد تأمر وتنهي وما عليه إلا التنفيذ أحالت حياتي وحياة أبنائي إلى جحيم وهو يرفض التوبة لاسيما أنه غير متزوج بها لأنها ترفض الزواج. وطلقت ولم يبق لي سوي طلقة واحدة والآن أعيش معه وهو يعيش مع الأخرى حتى في البيت عبر الموبايل والنت عندما أراه يحدثها أمامي غير مبال بمشاعري أشعر بنار تحرقني ولا ألجأ إلا إلى الله أشكو إليه بثي وحزني.عامان وأنا أتجرع مرارة الصبر وهما يعيشان في حب ونشوة كما يقول ... وكما أراه ... هل ستكون لهما نهاية وهل سأظل في هذا العذاب ...أستغفر الله العظيم أدع عليها ليل نهار وأجدها لا يحدث لها أي شيء كالجبل الذي لا ينهد وأنا بين ظلم زوجي لي وحبه لأخرى أمام عيني أشعر بأنني شبه إنسانة كل شئ في تحطم وأوشكت علي فقد الثقة في كل شيء ماذا أفعل ، ادع لي الله أن ينجيني مما أنا فيه وأن يثبت إيماني ويحميني من طغيانهما وجبروتهما ...آمين.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يفرج كربك وأن يذهب همك ، وأن يزيدك إيمانا وثباتا ويقينا .
وما ذكرت من حال زوجك ، أمر منكر لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا عباده المؤمنون .
فإقامة علاقة غرامية بين رجل وامرأة لا تحل له ، حرام بيّن ، سواء كان ذلك عن طريق النت أو الهاتف أو غيره . فإن تعدى ذلك إلى المواعدة
واللقاء والفاحشة ، فهذا هو الهلاك بعينه .
ولولا السكرة التي يعيشها زوجك ، لشعر بالألم والوحشة والظلمة ، وهذه أمور قلما تنفك عن العاصي المدمن على معصيته .
ولا تصدقي أنه يعيش في متعة أو نشوة ، وإنما هي السكرة والغفلة والحجاب عن الله ، كما قال سبحانه عن أهل الفاحشة ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر / 72
ومن أقبح الفعال أن يجاهر الإنسان بمعصيته ويفتخر بها ، غير مبال بما ينتظره من العقوبة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ
أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ
عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْه " رواه البخاري (6069).
وينبغي أن تحمدي الله تعالى أن عافاك وطهرك وصانك ، وفضلك على هذه المبتلاة وأشباهها .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من رأى مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك
البلاء " رواه الترمذي (3432) وابن ماجه (3892) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
واعلمي أن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم
يفلته قال ثم قرأ { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } " رواه البخاري (4409) ، فلا يغرنك بقاء هذه الظالمة
وسلامتها ، فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .
ولعلك تجدين من أهل الخير من يتولى نصحه وتذكيره بالله ، ولو كان ذلك عن طريق خطيب الجمعة مثلا ليتناول هذه العلاقات المحرمة بالذم
والإنكار وبيان عاقبة أهلها في الدنيا والآخرة .
وأكثري من دعاء الله تعالى لاسيما في أوقات الإجابة كثلث الليل وبين الأذان والإقامة ، وبعد عصر الجمعة إلى المغرب ، ولا حرج عليك من
الدعاء عليها فإنها ظالمة ، والأحسن من ذلك الدعاء بأن يصلح الله حالك .
وعليك أن تتلطفي مع زوجك وتتجملي له ، فلعل تلك المرأة قد أسرت قلبه بكلام لين لا يجده عندك ، أو بتجمل وزينة ، فحاولي استمالة قلبه بذلك
، وعليك بالصبر ، فإن هذا بلاء من الله تعالى تكفر به سيئاتك ، وترفع درجاتك .
والله أعلم .
*****
39502
انقلبت سيارة أمامه فاصطدم بها ومات اثنان
الفقه > معاملات > الجنايات >(1/3986)
سؤال رقم 39502- انقلبت سيارة أمامه فاصطدم بها ومات اثنان
كنت أسير بسيارتي بسرعة 80 كم/ساعة ، وهي أقل من السرعة المسموح بها في مثل هذا النوع من الطرق الساحلية المزدوجة وفجأة خرجت علينا من الطريق المقابل حافلة ، اجتازت الفاصل بين الطريقين وانقلبت أمامي ، عندها اصطدمت بها مباشرة لأنني لم أتمكن من تجنبها بسبب خروجها المفاجئ فتوفي اثنان من ركاب الحافلة ، ومن خلال سؤالي لراكبين من الركاب اللذين نجيا من الحادث أخبروني أن السائق الذي يقود السيارة لم يكن السائق الأصلي وليس لديه ترخيص .
سؤالي :- هل تجب علي الكفارة والدية أم لا ؟.
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من سيرك في حدود السرعة المسموح بها ، وعدم تمكنك من تجنب الاصطدام بالحافلة ، بسبب خروجها المفاجئ وأنها انقلبت
أمامك، فلا إثم عليك ، ولا يلزمك دية ولا كفارة . لأنك لم تتعدَّ ولم تفرط .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن شخص انقلبت به سيارته فمات أبوه الذي كان يركب معه ، هل عليه كفارة ؟
فقال : يجب التحقق من سبب الحادث ، فإن كان بتفريط أو تعد من السائق فعليه الضمان (الدية) والكفارة . وإن لم يكن بتعد منه ولا تفريط فليس
عليه شيء اهـ .
فتاوى إسلامية (3/357) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن سؤال مشابه فقالت :
إن كان السائق مفرطا في سيره أو له سبب في حصول الحادث كمخالفة للسير أو سرعة أو نعاس ونحو ذلك أو إهمال للسيارة وضرورة تفقد أسباب
سلامتها فعليه كفارة القتل عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، أما إذا لم يكن له تسبب بوجهٍ ما في وقوع الحادث فلا شيء عليه
اهـ .
فتاوى إسلامية (2/356) .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن عام 1414هـ الموافق 1993م ، عن الحالات التي يعفى فيها السائق من
المسئولية :
أ - إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها وتعذر عليه الاحتراز منها، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .
ب – إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة ) مجلة المجمع الفقهي العدد الثامن ، الجزء الثاني ص 372
وهذا منطبق على مسألتك .
والله أعلم .
*****
39505
قرض بفائدة
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/3987)
سؤال رقم 39505- قرض بفائدة
الدولة وضعت تمويلا خاصا للاستثمار بالنسبة للشباب العاطل عن العمل المتخرج من الجامعات . وهذا التمويل مقسم إلى جزأين :
الجزء الأول تمويل الاستثمار بـ 30 % من طرف صندوق تشغيل الشباب وإعادته خلال 5 سنوات بدون فوائد .
الجزء الثاني تمويل الاستثمار بـ 70% من طرف بنك الدولة وإعادته خلال مدة 5 سنوات بفائدة قدرها 4 % . ما هو الحكم الشرعي في هذا التمويل ؟.
الحمد لله
لا إشكال في الاستثمار عن طريق النوع الأول من التمويل ، لأنه من القرض الحسن .
أما النوع الثاني : فهو قرض ربوي محرم ، مهما كان حجم الفائدة الربوية .
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله : ( وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة . ولأنه عقد إرفاق وقربة ( يعني : القرض ) ، فإذا شرط فيه الزيادة
أخرجه عن موضوعه ) المغني 6/436
فإن أمكنك الاشتراك في النوع الأول ، فلا حرج عليك؛ لما ذكرنا من إباحته .
وإن كان ذلك مشروطا باشتراكك في النوع الثاني ، حرمت المشاركة .
والله أعلم .
*****
39505
قرض بفائدة
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/3988)
سؤال رقم 39505- قرض بفائدة
الدولة وضعت تمويلا خاصا للاستثمار بالنسبة للشباب العاطل عن العمل المتخرج من الجامعات . وهذا التمويل مقسم إلى جزأين :
الجزء الأول تمويل الاستثمار بـ 30 % من طرف صندوق تشغيل الشباب وإعادته خلال 5 سنوات بدون فوائد .
الجزء الثاني تمويل الاستثمار بـ 70% من طرف بنك الدولة وإعادته خلال مدة 5 سنوات بفائدة قدرها 4 % . ما هو الحكم الشرعي في هذا التمويل ؟.
الحمد لله
لا إشكال في الاستثمار عن طريق النوع الأول من التمويل ، لأنه من القرض الحسن .
أما النوع الثاني : فهو قرض ربوي محرم ، مهما كان حجم الفائدة الربوية .
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله : ( وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف .
قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة . ولأنه عقد إرفاق وقربة ( يعني : القرض ) ، فإذا شرط فيه الزيادة
أخرجه عن موضوعه ) المغني 6/436
فإن أمكنك الاشتراك في النوع الأول ، فلا حرج عليك؛ لما ذكرنا من إباحته .
وإن كان ذلك مشروطا باشتراكك في النوع الثاني ، حرمت المشاركة .
والله أعلم .
*****
39507
بيع الحيوان بالوزن
الفقه > معاملات > البيوع >(1/3989)
سؤال رقم 39507- بيع الحيوان بالوزن
هل يجوز بيع الحيوان الذي يؤكل لحمه ، مثل الدجاج حيا بالوزن ؟ مع العلم أن هذه الطريقة هي الشائعة عندنا .
الحمد لله
نعم ، يجوز بيع الحيوان حياً بالوزن .
سئلت اللجنة الدائمة : هل يجوز شراء الدجاج والغنم بالميزان سواء كان حياً أو مذبوحاً ؟
فأجابت : الأصل حل المعاملات بين المسلمين إلا ما حرمه الشرع المطهر بالنص ، وبذلك نعلم أنه يجوز شراء الدجاج والغنم وزناً ، ولا نعلم
مانعاً يمنع من ذلك في الشرع اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (13/290) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (13/290) :
يجوز بيع الغنم ونحوها من الحيوانات حية بالوزن ، سواء كان الوزن بالكيلو جرام أم غيره ، لأن القصد العلم بالمبيع وهو حاصل بالوزن اهـ .
وفيها أيضاً (13/289) يجوز بيع الحيوان بالميزان ، فإنه جائز بيعه برؤيته دون وزنه إجماعاً ، ولم يُؤَثِّر ما في جوفه من أجهزة وأكل على
جواز بيعه لكونه تابعاً فجاز بيعه بما فيه وزناً اهـ .
والله أعلم .
*****
39508
التوكيل في الشراء واستفادة الوكيل من العروض
الفقه > معاملات > الإجارة >(1/3990)
سؤال رقم 39508- التوكيل في الشراء واستفادة الوكيل من العروض
هل لي أن أستأجر رجلا لي يشتري له سيارة من الخارج مقابل أجرة معينة ، مع العلم أن البلد الذي ستشترى منه السيارة يفرض على المشتري ضريبة ، إذا كان سيستعمل تلك السيارة في ذلك البلد. أما إذا كان سينقلها إلى بلده فله الحق في استرداد الضريبة بعد دفعها . للعلم يريد الوكيل أن يأخذ مبلغ الضريبة من غير استئذان الموكل . (صاحب المال) .
الحمد لله
هذه المعاملة لها صورتان :
الأولى : أن يشتري هذا الرجل السيارة لك ، مقابل أجرة يتقاضها على عمله هذا ، فهو وكيل ونائب عنك في الشراء ، وحينئذ لا يحل له سوى
الأجرة المتفق عليها ، وما حصل من تخفيض في سعر السيارة ، أو ما استرد من ضريبة عليها ، أو ما أهدي للوكيل بسبب المعاملة ، كل ذلك يرجع إليك ( الموكل ) إلا
أن تطيب نفسك له بشيء من ذلك ، لأن حقوق العقد إنما تتعلق بالموكل .
قال ابن قدامة : ( قال أحمد في رواية مهنا : إذا دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه , ففعل , فوهب له المشتري منديلا , فالمنديل لصاحب الثوب . إنما
قال ذلك لأن هبة المنديل سببها البيع , فكان المنديل زيادة في الثمن , والزيادة في مجلس العقد تلحق به ) انتهى من المغني 5/82
الصورة الثانية : أن يشتري الرجل السيارة، ثم يبيعها عليك، فله أن يزيد في ثمنها ، وأن يضيف إليها الضريبة ، سواء استردها أو لم يستردها،
لكن لا يجوز لك الشراء منه ، حتى يملك السيارة ملكا حقيقياً ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام " إذا اشتريت مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه " رواه أحمد (15399) والنسائي ( 4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم : 342
وأخرج الدار قطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى
رحالهم " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " [البخاري 2132 ، ومسلم
1525 ، وزاد : قال ابن عباس : وأحسب كل شيء مثله ] أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك .
والله أعلم .
*****
39524
حكم العمرة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/3991)
سؤال رقم 39524- حكم العمرة
هل العمرة واجبة أو سنة ؟.
الحمد لله
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها .
واختلفوا في وجوبها ، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك –واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية- إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة .
واستدلوا بما رواه الترمذي (931) عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ
هِيَ ؟ قَالَ : لا ، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ .
غير أن هذا الحديث ضعيف ، ضعفه الشافعي وابن عبد البر وابن حجر والنووي ، والألباني في ضعيف الترمذي ، وغيرهم .
قال الشافعي رحمه الله : هُوَ ضَعِيفٌ , لا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ , وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَةِ شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا
تَطَوُّعٌ اهـ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : رُوِيَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لا تَصِحُّ , وَلا تَقُومُ بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ اهـ .
وقال النووي في "المجموع" (7/6) : اتفق الحفاظ على أنه ضعيف اهـ .
ومما يدل على ضعفه أن جابراً رضي الله عنه ثبت عنه القول بوجوب العمرة كما سيأتي .
وذهب الإمامان الشافعي وأحمد إلى وجوبها . واختار هذا القول الإمام البخاري ، رحم الله الجميع .
واستدل القائلون بالوجوب بعدة أدلة :
1- ما رواه ابن ماجه (2901) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ ،
عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ . قال النووي في "المجموع" (7/4) : إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم اهـ . وصححه
الألباني في صحيح ابن ماجه .
ووجه الاستدلال من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (عَلَيْهِنَّ) وكلمة (على) تفيد الوجوب .
2- حديث جبريل المشهور لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وعلاماتها ، فقد رواه ابن خزيمة
والدارقطني عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفيه زيادة ذكر العمرة مع الحج ، ولفظه : ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم
الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت وتعتمر ، وتغتسل من الجنابة ، وتتم الوضوء ، وتصوم رمضان ) قال الدارقطني : هذا إسناد ثابت صحيح .
3- ما رواه أبو داود (1799) والنسائي (2719) عَنْ الصُّبَيّ بْن مَعْبَدٍ قال كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا . . . فَأَتَيْتُ
عُمَرَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنِّي أَسْلَمْتُ ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيّ فَأَهْلَلْتُ
بِهِمَا ، فَقَالَ عُمَرُ : هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
4- قول جماعة من الصحابة منهم ابن عباس وابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم .
قال جابر: لَيْسَ مُسْلِم إِلا عَلَيْهِ عُمْرَة . قال الحافظ : رَوَاه اِبْن الْجَهْم الْمَالِكِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن اهـ.
وقال البخاري رحمه الله : بَاب وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَفَضْلِهَا ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَيْسَ أَحَدٌ إِلا
وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) اهـ وقوله : (لَقَرِينَتُهَا) أي : قرينة فريضة الحج .
وقال الشيخ ابن باز : الصواب أن العمرة واجبة مرة في العمر كالحج اهـ مجموع فتاوى ابن باز (16/355) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (7/9) : اختلف العلماء في العمرة ، هل هي واجبة أو سنة ؟ والذي يظهر أنها واجبة اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/317) :
الصحيح من قولي العلماء أن العمرة واجبة ، لقوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) البقرة/166 ، ولأحاديث وردت في ذلك اهـ .
والله تعالى أعلم .
انظر : "المغني" (5/13) ، "المجموع" (7/4) ، "فتاوى ابن تيمية" ( 26/5) ، "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين (7/9) .
*****
39570
هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/3992)
سؤال رقم 39570- هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
هل ارتداء المرأة للملابس الملونة حرام بالرغم من الالتزام بشروط الحجاب ؟ وإذا كان حراماً فهل هناك حديث أو آية بذلك ؟ وما المقصود بألا يكون زينة في نفسه ؟ .
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم ( 6991 ) بيان شروط حجاب المرأة المسلمة .
وليس من هذه الشروط أن يكون لونه أسود ، فللمرأة أن تلبس ما شاءت غير أنها لا تلبس لوناً يختص بالرجال ، ولا تلبس ثوباً
يكون زينةً في نفسه ، أي : مزخرفاً ومزيناً بحيث يستدعي أنظار الرجال ، لعموم قول الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 . فإنه عمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينةة. وروى أبو داود (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاتٌ ) . صححه الألباني في
إرواء الغليل (515) .
قال في عون المعبود :
( وَهُنَّ تَفِلات ) أَيْ غَيْر مُتَطَيِّبَات . . . وَإِنَّمَا أُمِرْنَ بِذَلِكَ وَنُهِينَ عَنْ التَّطَيُّب لِئَلا يُحَرِّكْنَ
الرِّجَال بِطِيبِهِنَّ ، وَيَلْحَق بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُحَرِّكَات لِدَاعِي الشَّهْوَة ، كَحُسْنِ الْمَلْبَس ، وَالتَّحَلِّي الَّذِي
يَظْهَر أَثَره وَالزِّينَة الْفَاخِرَة اهـ .
فالواجب على المرأة إذا ظهرت أمام الرجال الأجانب أن تبتعد عن الثياب المنقوشة المزخرفة التي تجذب أنظار الرجال إليها .
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (17/100) :
لا يجوز للمرأة أن تخرج بثوب مزخرف يلفت الأنظار ، لأن هذا مما يغري بها الرجال ، ويفتنهم عن دينهم ، وقد يعرضها لانتهاك حرمتها اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/108) :
لباس المرأة المسلمة ليس خاصاً باللون الأسود ، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساتراً لعورتها ، وليس فيه تشبه بالرجال ،
وليس ضيقاً يحدد أعضاءها ، ولا شفافا يشف عما وراءه ، ولا مثيراً للفتنة اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/109) :
لبس السواد للنساء ليس بمتعين ، فلهن لبس ألوان أخرى مما تختص به النساء ، لا تلفت النظر ، ولا تثير فتنة اهـ .
وقد اختارت كثير من النساء لبس السواد لا لكونه واجباً ، وإنما لكونه أبعد عن الزينة ، وقد ورد ما يدل على أن نساء الصحابة كن يلبسن
السواد ، روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ
كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقالت اللجنة الدائمة (17/110) : وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون اهـ .
والله أعلم .
*****
39570
هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/3993)
سؤال رقم 39570- هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
هل ارتداء المرأة للملابس الملونة حرام بالرغم من الالتزام بشروط الحجاب ؟ وإذا كان حراماً فهل هناك حديث أو آية بذلك ؟ وما المقصود بألا يكون زينة في نفسه ؟ .
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم ( 6991 ) بيان شروط حجاب المرأة المسلمة .
وليس من هذه الشروط أن يكون لونه أسود ، فللمرأة أن تلبس ما شاءت غير أنها لا تلبس لوناً يختص بالرجال ، ولا تلبس ثوباً
يكون زينةً في نفسه ، أي : مزخرفاً ومزيناً بحيث يستدعي أنظار الرجال ، لعموم قول الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 . فإنه عمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينةة. وروى أبو داود (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاتٌ ) . صححه الألباني في
إرواء الغليل (515) .
قال في عون المعبود :
( وَهُنَّ تَفِلات ) أَيْ غَيْر مُتَطَيِّبَات . . . وَإِنَّمَا أُمِرْنَ بِذَلِكَ وَنُهِينَ عَنْ التَّطَيُّب لِئَلا يُحَرِّكْنَ
الرِّجَال بِطِيبِهِنَّ ، وَيَلْحَق بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُحَرِّكَات لِدَاعِي الشَّهْوَة ، كَحُسْنِ الْمَلْبَس ، وَالتَّحَلِّي الَّذِي
يَظْهَر أَثَره وَالزِّينَة الْفَاخِرَة اهـ .
فالواجب على المرأة إذا ظهرت أمام الرجال الأجانب أن تبتعد عن الثياب المنقوشة المزخرفة التي تجذب أنظار الرجال إليها .
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (17/100) :
لا يجوز للمرأة أن تخرج بثوب مزخرف يلفت الأنظار ، لأن هذا مما يغري بها الرجال ، ويفتنهم عن دينهم ، وقد يعرضها لانتهاك حرمتها اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/108) :
لباس المرأة المسلمة ليس خاصاً باللون الأسود ، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساتراً لعورتها ، وليس فيه تشبه بالرجال ،
وليس ضيقاً يحدد أعضاءها ، ولا شفافا يشف عما وراءه ، ولا مثيراً للفتنة اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/109) :
لبس السواد للنساء ليس بمتعين ، فلهن لبس ألوان أخرى مما تختص به النساء ، لا تلفت النظر ، ولا تثير فتنة اهـ .
وقد اختارت كثير من النساء لبس السواد لا لكونه واجباً ، وإنما لكونه أبعد عن الزينة ، وقد ورد ما يدل على أن نساء الصحابة كن يلبسن
السواد ، روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ
كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقالت اللجنة الدائمة (17/110) : وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون اهـ .
والله أعلم .
*****
3963
هل يجب على الزوجين أن يغتسلا مباشرة بعد الجماع ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/3994)
سؤال رقم 3963- هل يجب على الزوجين أن يغتسلا مباشرة بعد الجماع ؟
السؤال : هل يجب على الزوجين أن يغتسلا مباشرة بعد الجماع ؟ أم يمكن أن يؤخرا ذلك حتى يستيقظا .
الجواب :
الحمد لله
يجوز تأخير الغسل إلى الفجر ويستحب للجنب أن يتوضأ قبل النوم وبهذا أخذ جمهور العلماء ونقل النووي الإجماع عليه الكافي 1/173 والمهذب 1/33 المغني 1/229 .
واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة ) رواه الجماعة وبما رواه ابن عمر أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب قال : ( نعم إذا توضأ ) متفق عليه
والحكمة من الوضوء أنه يخفف الحدث ، وأنشط للبدن .
وذهب الظاهرية وابن حبيب من المالكية إلى وجوب الوضوء على الجنب مستدلين بحديث عمر المتقدم . والله تعالى أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
39655
لا يجوز إعطاء الزكاة لكافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/3995)
سؤال رقم 39655- لا يجوز إعطاء الزكاة لكافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم
هل يجوز أن يعطى الكافر من الزكاة ؟.
الحمد لله
لا يجوز إعطاء الزكاة لكافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/106) :
" لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلافًا فِي أَنَّ
زَكَاةَ الأَمْوَالِ لا تُعْطَى لِكَافِرٍ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ
كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لا يُعْطَى
مِنْ زَكَاةِ الأَمْوَالِ شَيْئًا . وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
لِمُعَاذٍ : أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ
, وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ . فَخَصَّهُمْ بِصَرْفِهَا إلَى فُقَرَائِهِمْ (يعني
: فقراء المسلمين) , كَمَا خَصَّهُمْ بِوُجُوبِهَا عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ " انتهى .
وإذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم جاز إعطاؤه من الزكاة .
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة/60 .
فيجوز أن تعطى الزكاة للكافر إذا كنا نرجو بعطيته إسلامه . انظر : "الشرح الممتع" (6/143-145) .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/108) :
وَلا يُعْطَى الْكَافِرُ مِنْ الزَّكَاةِ , إلا لِكَوْنِهِ
مُؤَلَّفًا .
وجاء في الموسوعة (14/233) :
" تُعْطَى الزَّكَاةِ لِلْكَافِرِ الَّذِي يُرْجَى إسْلامُهُ
تَرْغِيبًا لَهُ فِي الإِسْلامِ لِتَمِيلَ إلَيْهِ نَفْسُهُ " انتهى بتصرف
يسير .
وسئل الشيخ ابن باز :
أيصح إعطاء الزكاة للذمي ؟
فأجاب :
" الزكاة على قول الجمهور لا تعطى لذمي ولا غيره من الكفرة ، وهو
الصواب ، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معلومة ، لأن الزكاة مواساة من المسلمين
لفقرائهم ، ورعاية لسد حاجتهم ، فيجب أن توزع بين فقرائهم ، وغيرهم من بقية الأصناف
الثمانية ، إلا أن يكون الكافر من المؤلفة قلوبهم ، وهم الرؤساء المطاعون في
عشائرهم ، فيعطى ترغيبا له في الإسلام ، أو لكف شره عن المسلمين ، كما يعطى
المؤلَّف أيضاً لتقوية إيمانه إذا كان مسلما ، أو لإسلام نظيره أو لغير ذلك من
الأسباب التي نص عليه العلماء .
والأصل في ذلك قول الله عز وجل : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ
قُلُوبُهُمْ ) التوبة/60 . وقول النبي صلى الله عليه وسلم
لمعاذ بن جبل لما بعثه لليمن : ( ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا
اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ
أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ
افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ
وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) الحديث متفق عليه .
وانظر السؤال : ( 21384 ) .
*****
39661
هل يجوز أخذ الهدية من رجل يتعامل بالربا ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/3996)
سؤال رقم 39661- هل يجوز أخذ الهدية من رجل يتعامل بالربا ؟
هل يجوز أن أقبل الهدية من شخص يتعامل بالربا ؟.
الحمد لله
كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعامل مع اليهود
بالبيع و الشراء ، ويقبل منهم الهدية مع أنهم يتعاملون بالربا .
قال تعالى : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا
عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
كَثِيراً * وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ
النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ) النساء/160-161
ومع ذلك قَبِل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هديّتهم
. قَبِل هدية المرأة التي أهدت الشاة بخيبر وعاملهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي .
والقاعدة في هذا : أن ما حَرُمَ لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط ،
دون من أخذه منه بطريق مباح ، فعلى هذا يجوز قبل الهدية ممن يتعامل بالربا وأيضاً
يجوز معه البيع والشراء إلا إذا كان في هجره مصلحة ، يعني في عدم معاملته وعدم قبول
هديته مصلحة فنعم . فنتبع هذا ابتغاء للمصلحة ، أما ما حرم لعينه فهو حرام على
الآخذ وغيره ، فالخمر مثلاً لو أهداه إليّ يهودي مثلاً أو نصراني ممن يرون إباحة
الخمر فلا يجوز لي قبوله لأنه حرام لعينه ولو أن إنساناً سرق مال شخص وجاء إليّ
فأعطاني إياه ، فهذا المال المسروق يحرم عليّ أخذه لأنه حرام لعينه .
هذه القاعدة تريحك من إشكالات كثيرة ، ما حرم لكسبه فهو حرام على
الكاسب دون من أخذه بطريق الحلال إلا إذا كان في هجره وعدم الأخذ منه وعدم قبول
هديّته وعدم المبايعة معه والشراء مصلحة تردعه عن هذا العمل فهذا يهجر من أجل
المصلحة .
انظر " أسئلة الباب المفتوح " ج1ص76 للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
*****
3967
كيفية تقسيم الأضحية في الأكل والصدقة
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/3997)
سؤال رقم 3967- كيفية تقسيم الأضحية في الأكل والصدقة
أرجو أن تذكر لي حديثا يثبت صحة تقسيم الأضحية إلى ثلاث أقسام ؟
الجواب:
الحمد لله
ورد الأمر بالتصدق بلحوم الأضاحي في الأحاديث النبوية ، كما ورد الإذن بالأكل والادخار . فقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ( أي أسرعوا مقبلين إلى المدينة ) حَضْرَةَ الأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخِرُوا ثَلاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاثٍ فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ ( وهم ضعفاء الأعراب الذين قدموا المدينة ) فَكُلُوا وَادَّخِرُوا . " رواه مسلم 3643 ، قال النووي رحمه الله في شرح الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت ) والمراد هنا من ورد من ضعفاء الأعراب للمواساة . قوله : ( يجملون ) بفتح الياء مع كسر الميم وضمها .. يقال : جملت الدهن .. وأجملته إجمالا أي أذبته ..
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت فكلوا وادخروا وتصدقوا ) هذا تصريح بزوال النهي عن ادخارها فوق ثلاث ، وفيه الأمر بالصدقة منها ، والأمر بالأكل ، فأما الصدقة منها إذا كانت أضحية تطوع فواجبة على الصحيح عند أصحابنا بما يقع عليه الاسم منها ، ويستحب أن يكون بمعظمها . قالوا : وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث ، وفيه قول أنه يأكل النصف ، ويتصدق بالنصف ، وهذا الخلاف في قدر أدنى الكمال في الاستحباب ، فأما الإجزاء فيجزيه الصدقة بما يقع عليه الاسم كما ذكرنا .. وأما الأكل منها فيستحب ولا يجب .. وحمل الجمهور هذا الأمر ( وهو قوله تعالى : فكلوا منها ) على الندب أو الإباحة لا سيما وقد ورد بعد الحظر . انتهى . وقال مالك : لا حد فيما يأكل ويتصدق ويطعم الفقراء والأغنياء ، إن شاء نيئاً وإن شاء مطبوخاً الكافي 1/424 ، وقال الشافعية يستحب التصدق بأكثرها وقالوا : أدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ، ويهدي الثلث ، وقالوا يجوز أكل النصف ، والأصح التصدق ببعضها نيل الأوطار 5/145 والسراج الوهاج 563 ، وقال أحمد : نحن نذهب إلى حديث عبد الله ( ابن عباس ) رضي الله عنهما (يأكل هو الثلث ويطعم من أراد الثلث ويتصدق على المساكين بالثلث ) رواه أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وقال حديث حسن وهو قول ابن مسعود وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة المغني 8 / 632
وسبب الاختلاف في القدر الواجب في التصدق من الأضحية هو اختلاف الروايات ، وقد وردت روايات بغير تعيين نسبة معينة كحديث بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ لِيَتَّسِعَ ذُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لا طَوْلَ لَهُ فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا رواه الترمذي 1430 وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ . والله تعالى أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
39676
حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > سنن الصلاة >(1/3998)
سؤال رقم 39676- حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد
يسلم الإمام بسرعة شديدة خلال صلاة التراويح ، والوقت لا يكفيني إلا لإنهاء التشهد الأول ، لكنه يسلم قبل أن أقول التشهد الثاني ( الصلاة الإبراهيمية ) .
فهل يجوز أن أنهي صلاتي في هذه النقطة ؟ أم أن التشهد الإبراهيمي إلزامي ؟.
الحمد لله
أولاً :
اختلف العلماء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في
التشهد في الصلاة ، على أقوال ، فمنهم من قال بأنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها ،
ومنهم من قال بوجوبها ، والقول الثالث : أنها سنة مستحبة ، وليست بواجبة .
وقد رجَّح الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله القول الثالث ،
فقال في شرح "زاد المستقنع" :
قوله : " والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه " أي : في
التشهُّدِ الأخير ، وهذا هو الرُّكن الثاني عشر مِن أركان الصلاة .
ودليل ذلك : أنَّ الصَّحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم : يا
رسولَ الله ؛ عُلِّمْنَا كيف نُسلِّم عليك ، فكيف نُصلِّي عليك ؟ قال : قولوا : (
اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ ، وعلى آل محمَّدٍ ) ، والأمر يقتضي الوجوب ، والأصلُ
في الوجوب أنَّه فَرْضٌ إذا تُرِكَ بطلت العبادة ، هكذا قرَّرَ الفقهاءُ رحمهم الله
دليل هذه المسألة .
ولكن إذا تأملت هذا الحديث لم يتبيَّن لك منه أنَّ الصَّلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم رُكنٌ ، لأنَّ الصحابة إنَّما طلبوا معرفة الكيفية ؛ كيف
نُصلِّي ؟ فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، ولهذا نقول : إن الأمر في قوله
: ( قولوا ) ليس للوجوب ، ولكن للإِرشاد والتعليم ، فإنْ وُجِدَ دليل غير هذا يأمر
بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة فعليه الاعتماد ، وإنْ لم يوجد
إلا هذا فإنه لا يدلُّ على الوجوب ، فضلاً عن أن يَدلَّ على أنها رُكن ؛ ولهذا
اُختلفَ العلماء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : أنها رُكنٌ ، وهو المشهور مِن المذهب ، فلا تصحُّ
الصلاة بدونها .
القول الثاني : أنها واجب ، وليست برُكن ، فتُجبر بسجود السَّهو
عند النسيان .
قالوا : لأن قوله : ( قولوا : اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدِ )
محتمل للإِيجاب وللإِرشاد ، ولا يمكن أن نجعله رُكناً لا تصحُّ الصلاة إلا به مع
هذا الاحتمال .
القول الثالث : أنَّ الصَّلاةَ على النبي صلى الله عليه وسلم
سُنَّة ، وليست بواجب ولا رُكن ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وأن الإِنسان لو
تعمَّد تَرْكها فصلاتُه صحيحة ؛ لأن الأدلَّة التي اُستدلَّ بها الموجبون ، أو
الذين جعلوها رُكناً ليست ظاهرة على ما ذهبوا إليه ، والأصل براءة الذِّمة .
وهذا القول أرجح الأقوال إذا لم يكن سوى هذا الدليل الذي استدلَّ
به الفقهاء رحمهم الله ، فإنه لا يمكن أن نبطلَ العبادة ونفسدها بدليل يحتمل أن
يكون المراد به الإِيجاب ، أو الإِرشاد . " الشرح الممتع " ( 3 / 310 – 312
) .
وعلى هذا القول فتصح الصلاة بدونها .
ثانياً :
ينبغي نصح هذا الإمام وغيره من الأئمة الذين يسرعون في صلاة
التراويح سرعة مفرطة ، فيمنعون من وراءهم من إتمام صلاتهم .
وقد نص العلماء على أنه ينبغي للإمام أن يتأنَّى في الصلاة حتى
يتمكن المأمومون من الإتيان بالواجبات وبعض السنن ، وأنه يكره له الإسراع بحيث يمنع
المأمومين من ذلك .
قال النووي :
مَعْنَى أَحَادِيث الْبَاب ظَاهِر –يعني الأحاديث التي فيها
الأمر للإمام بالتخفيف- وَهُوَ الأَمْر لِلإِمَامِ بِتَخْفِيفِ الصَّلاة بِحَيْثُ
لا يُخِلّ بِسُنَّتِهَا وَمَقَاصِدهَا .
وجاء في الموسوعة الفقهية (14/243) :
وَالْمُرَادُ بِالتَّخْفِيفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَدْنَى
الْكَمَالِ , فَيَأْتِي بِالْوَاجِبَاتِ , وَالسُّنَنِ , وَلا يَقْتَصِرُ عَلَى
الأَقَلِّ وَلا يَسْتَوْفِي الأَكْمَلَ .
وقال ابن عبد البر :
التَّخْفِيفُ لِكُلِّ إِمَامٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ
عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَيْهِ إِلا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ أَقَلُّ الْكَمَالِ
, وَأَمَّا الْحَذْفُ وَالنُّقْصَانُ فَلا . . . ثم قَالَ : لا أَعْلَمُ خِلافًا
بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي اِسْتِحْبَابِ التَّخْفِيفِ لِكُلِّ مَنْ أَمَّ
قَوْمًا عَلَى مَا شَرَطْنَا مِنْ الإِتْمَامِ .
وقال ابن قدامة في المغني (1/323) :
وَيُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ أَنْ يُرَتِّلَ الْقِرَاءَةَ
وَالتَّسْبِيحَ وَالتَّشَهُّدَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ مَنْ خَلْفَهُ مِمَّنْ
يَثْقُلُ لِسَانُهُ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ , وَأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ , قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالثَّقِيلَ قَدْ
أَتَى عَلَيْهِ . فَإِنْ خَالَفَ وَأَتَى بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ , كُرِهَ
وَأَجْزَأَهُ .
وفي الموسوعة الفقهية (6/213) :
وَيُكْرَهُ لَهُ الإِسْرَاعُ , بِحَيْثُ يُمْنَعُ الْمَأْمُومُ
مِنْ فِعْلِ مَا يُسَنُّ لَهُ , كَتَثْلِيثِ التَّسْبِيحِ فِي الرُّكُوعِ
وَالسُّجُودِ , وَإِتْمَامِ مَا يُسَنُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة في أحكام الصيام والزكاة
والتراويح :
" وأما ما يفعل بعض الناس من الإسراع المفرط فإنه خلاف المشروع ،
فإن أدَّى إلى الإخلال بواجب أو ركن كان مبطلاً للصلاة .
وكثير من الأئمة : لا يتأنَّى في صلاة التراويح وهذا خطأ منهم ،
فإن الإمام لا يصلي لنفسه فقط ، وإنما يصلي لنفسه ولغيره ، فهو كالولي يجب عليه فعل
الأصلح ، وقد ذكر أهل العلم أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما
يجب " انتهى .
والله أعلم .
*****
39677
يريد الأدلة على الذكر الذي يقوله في الركوع والسجود
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/3999)
سؤال رقم 39677- يريد الأدلة على الذكر الذي يقوله في الركوع والسجود
ما الدليل على أنه يمكننا قول " سبحان ربي العظيم " في الركوع ، و " سبحان ربي الأعلى وبحمده " في السجود ؟.
الحمد لله
الأذكار الواردة في الركوع والسجود وردت على ثلاثة أوجه :
الأول : منها ما هو مشترك ، يقال في الركوع والسجود .
الثاني : ومنها ما هو خاص بالركوع .
الثالث : ومنها ما هو خاص بالسجود .
فأما الأذكار المشتركة بينهما ، فمنها :
قول " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي "
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ
وَسُجُودِهِ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لِي . رواه البخاري ( 761 ) ومسلم ( 484 ) .
ومن المشترك – أيضاً - : قول " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " .
عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ
الْمَلائِكَةِ وَالرُّوحِ . رواه مسلم ( 487 ) .
ومن المشترك – كذلك - : قول " سبحان ذي الجبروت والملكوت
والكبرياء والعظمة " .
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ : قُمْتُ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَامَ فَقَرَأَ
سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، لا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلا وَقَفَ فَسَأَلَ ، وَلا
يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ ، قَالَ : ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ
قِيَامِهِ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ : سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ
وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ ، ثُمَّ قَالَ
فِي سُجُودِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ ثُمَّ قَرَأَ
سُورَةً سُورَةً .
رواه النسائي ( 1132 ) وأبو داود ( 873 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في
صحيح أبي داود .
ومن الأذكار الخاصة بالركوع : قول " سبحان ربي العظيم " .
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ ،
فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ، ثُمَّ مَضَى ، فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا
فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى ، فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ
، فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلا
، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ
، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ، فَجَعَلَ يَقُولُ :
سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ، ثُمَّ
قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، ثُمَّ قَامَ
طَوِيلا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ
الأَعْلَى ، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ . رواه مسلم ( 772 ) .
ومن الأذكار الخاصة بالسجود قول : " سبحان ربي الأعلى " .
سبق في حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
في سجوده : ( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى ) .
وروى أبو داود (869) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه
قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ
قَالَ : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ثَلاثًا ، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ
: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلاثًا .
وهذه الزيادة : (وبحمده) قد اختلف أهل العلم في تصحيحها وتضعيفها
، أما راويها أبو داود فقد قال : وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة ، انفرد أهل
مصر بإسنادها .
وكان الشيخ الألباني قد صححها في " صفة الصلاة " ( ص 146 ) ثم
تراجع وضعفها في " ضعيف سنن أبي داود " ( 1 / 338 – 340 ) .
وردها ابن الصلاح وغيره كما في " التلخيص الحبير " ( 1 / 243 ) .
وذكر ابن قدامة في " المغني " ( 1 / 297 ) عن الإمام أحمد
روايتين رواية بقبولها وأخرى بعدم قبولها ، وقد وجَّه رواية عدم القبول بأن الحديث
بدون الزيادة أكثر وأشهر .
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْهُ فِيمَا حَكَاهُ اِبْن
الْمُنْذِر فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَلا أَقُول بِحَمْدِهِ .
والله أعلم .
*****
39678
قصة ماشطة ابنة فرعون
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >(1/4000)
سؤال رقم 39678- قصة ماشطة ابنة فرعون
أسأل عن صحة القصة التالية :
خلال المعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم وجد رائحة طيبة كرائحة المسك وعندما سأل عليه الصلاة والسلام عن ذلك ، أجابه جبرائيل عليه السلام أنه رائحة الوصيفة التي كانت تعمل في بيت فرعون ( زمن موسى عليه السلام ) . وهي امرأة كانت قد تركت دينها سراً لكن افتضح أمرها عندما سقط المشط من يدها وقالت " بسم الله " . وعندما سمع فرعون بذلك أحرقها هي وأبناءها . وقد قيل إن رضيعها كلمها في تلك اللحظة وطلب منها أن تحتفظ بهدوئها والتمسك بإيمانها . وبسبب إيمانها العظيم ، رفع الله مكانتها . هل هذه القصة صحيحة ؟ أم هل توجد قصص مقاربة ؟ وهل هذه القصة مأخوذة من مصادر نصرانية أو يهودية ؟.
الحمد لله
وردت قصة ماشطة ابنة فرعون كما يلي :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ
الَّتِي أُسْرِيَ بِي فِيهَا ، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ، فَقُلْتُ
: يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟ فَقَالَ : هَذِهِ
رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَوْلادِهَا ، قَالَ : قُلْتُ :
وَمَا شَأْنُهَا ؟ قَالَ : بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذَاتَ
يَوْمٍ ، إِذْ سَقَطَتْ الْمِدْرَى مِنْ يَدَيْهَا ، فَقَالَتْ : بِسْمِ
اللَّهِ ، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْنَ : أَبِي ؟ قَالَتْ : لا ،
وَلَكِنْ رَبِّي وَرَبُّ أَبِيكِ اللَّهُ ، قَالَتْ : أُخْبِرُهُ بِذَلِكَ !
قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخْبَرَتْهُ ، فَدَعَاهَا فَقَالَ : يَا فُلانَةُ ؛ وَإِنَّ
لَكِ رَبًّا غَيْرِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ؛ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ، فَأَمَرَ
بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فَأُحْمِيَتْ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا أَنْ تُلْقَى هِيَ
وَأَوْلادُهَا فِيهَا ، قَالَتْ لَهُ : إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ، قَالَ : وَمَا
حَاجَتُكِ ؟ قَالَتْ : أُحِبُّ أَنْ تَجْمَعَ عِظَامِي وَعِظَامَ وَلَدِي فِي
ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَتَدْفِنَنَا ، قَالَ : ذَلِكَ لَكِ عَلَيْنَا مِنْ الْحَقِّ ،
قَالَ : فَأَمَرَ بِأَوْلادِهَا فَأُلْقُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَاحِدًا وَاحِدًا
إِلَى أَنْ انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى صَبِيٍّ لَهَا مُرْضَعٍ ، وَكَأَنَّهَا
تَقَاعَسَتْ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ : يَا أُمَّهْ ؛ اقْتَحِمِي فَإِنَّ عَذَابَ
الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، فَاقْتَحَمَتْ ) . قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : تَكَلَّمَ أَرْبَعَةُ صِغَارٍ : عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلام ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ،
وَابْنُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ .
أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (1/309) ، والطبراني (12280) ، وابن حبان
(2903) ، والحاكم (2/496) .
قال الذهبي في " العلو " (84) عن: " هذا حديث حسن الإسناد " ،
وقال ابن كثير في " التفسير " (3/15) : " إسناده لا بأس به " ، وصحح إسناده العلامة
أحمد شاكر في تعليقه على المسند (4/295) ، وقال الأرنؤوط في تخريج المسند (5/30 –
31 رقم 2821) : " إسناده حسن ، فقد سمع حماد بن سلمة من عطاء قبل الاختلاط عند جمع
من الأئمة " .
وبهذا يتبين أن هذه القصة صحيحة ثابتة عن نبينا صلى الله عليه
وسلم ، وليست مأخوذة من مصادر يهودية أو نصرانية .
( المِدْرَى ) : هي حديدة يسوَّى بها شعر الرَّأس .
( فأمَر ببَقَرة من نُحاس فأُحْمِيت ) : قال ابن الأثير في "
النهاية " (1/145) : قال الحافظ أبو موسى : الذي يقَعُ لي في معناه أنه لا يريد
شيئاً مَصُوغا على صورة البَقرة ، ولكنَّه ربَّمَا كانت قِدرا كبيرةً واسعة ،
فسماها بقرة ، مأخوذا من التَّبقُّر : التوسع ، أو كان شيئاً يَسع بقَرة تامَّة
بِتَوابِلِها فسمِّيت بذلك .
والله أعلم .
*****
39679
الجواب عن سؤال أهل الإلحاد " هل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يمكنه رفعها ؟ "
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالله >(1/4001)
سؤال رقم 39679- الجواب عن سؤال أهل الإلحاد " هل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يمكنه رفعها ؟ "
هذا السؤال قد يُطرح من قبل أحد دعاة التنصير : " هل يستطيع الله أن يخلق صخرة لا يمكنه رفعها ؟ " كيف نرد على ذلك ؟.
الحمد لله
هذا السؤال – وأمثاله – فيه مغالطة كبيرة ، ويحاول كثير من
الملحدين أن يستعمله في حواراته مع المسلمين ، وهم يريدون الإلزام للمجيب فإن قال :
لا يستطيع . قالوا : كيف يكون إلها وهو عاجز عن الخلق ؟! وإن قال : يستطيع . قالوا
: كيف يكون إلهاً وهو عاجز عن الحمل والرفع لهذه الصخرة ؟!
والجواب :
أن هذا السؤال غير صحيح في الأصل ، فقدرة الله تعالى لا تتعلق
بالمستحيلات ؛ فكيف يكون إلهاً وهو عاجز عن رفع " صخرتهم " ومن صفات الله تعالى
القدرة ؟! وهل سيوجد في صفات المخلوقات ما هو أعظم من صفات خالقها ؟!
وقد أجاب الأستاذ سعد رستم عن هذا السؤال بجواب علمي رصين ننقله
بنصه ، إذ قال :
قدرة الله - التي هي بلا شك مطلقة وغير محدودة - إنما تتعلق
بالممكنات العقلية لا بالمستحيلات العقلية ، فالقدرة مهما كانت مطلقة ولا حدود لها
تبقى في دائرة ممكنات الوجود ، ولا تتعلق بالمستحيلات ، وليس هذا بتحديد لها ،
ولتوضيح هذه النقطة نضرب بعض الأمثلة :
نسأل جميع هؤلاء الأساقفة واللاهوتيين : هل يستطيع الله تعالى أن
يخلق إلهاً آخر مثله ؟ إن قالوا : نعم . قلنا لهم : هذا المخلوق كيف يكون إلهاً
وهو مخلوق ؟ وكيف يكون مثل الله مع أنه حادث في حين أن الله أزلي قديم ؟ في الحقيقة
إن عبارة " خلق إله " سفسطة وتناقض عقلي لأن الشيء بمجرد أن يُخلَق فهو ليس بإله ،
فسؤالنا هذا بمثابة سؤالنا هل يستطيع الله تعالى أن يخلق " إلها غير إله " ؟!
وبديهي أن الجواب لا بد أن يكون : إن قدرة الله لا تتعلق بذلك ؛ لأن كون الشيء
إلهاً وغير إله تناقض عقلي مستحيل الوجود ، وقدرة الله لا تتعلق بالمستحيلات .
مثال آخر : نسألهم أيضاً : هل يستطيع الله تعالى أن يخرِج أحداً
حقيقة من تحت سلطانه ؟
إن أجابوا بالإيجاب حددوا نفوذ الله تعالى وسلطانه ، وإن أجابوا
بالنفي - وهو الصحيح - وافقونا بأن قدرة الله المطلقة لا تتعلق بالمستحيلات ؛ لأنه
مستحيل عقلاً أن يخرج أي مخلوق من سلطان ونفوذ خالقه وموجِده .
مثال ثالث : سألني مرة أحد الملحدين فقال : " هل يستطيع ربكم أن
يخلق صخرة هائلة تكون من الضخامة بحيث يعجز هو نفسه عن تحريكها " ؟ وأضاف متهكِّماً
: " إن قلت لي نعم يستطيع : فقد أثبت لربك العجز عن تحريك صخرة ، وهذا دليل على أنه
ليس بإلهٍ ، وإن قلت لي : كلا ، لا يستطيع ، اعترفت بأنه لا يقدر على كل شيء ، و
بالتالي فهو ليس بإلهٍ " ! .
فأجبت هذا الملحد بكل بساطة : نعم ، لا يدخل ضمن قدرة الله أن
يخلق صخرة يعجز عن تحريكها ؛ لأن كل ما يخلقه الله يقدر على تحريكه ، ولكن عدم
إمكان تعلق قدرة الله تعالى بخلق مثل هذه الصخرة المفترضة ليس دليلا على عجزه بل -
على العكس تماماً - هو دليل على كمال قدرته ! لأن سؤالك هذا بمثابة من يسأل : هل
يستطيع الله تعالى أن يكون عاجزاً عن شيء ممكن عقلا ؟ وبديهي أن الإجابة بالنفي لا
تفيد تحديد قدرة الله بل تفيد تأكيد كمال قدرته تعالى وتمامها ؛ لأن عدم العجز عين
القدرة وليس عجزاً ، تماماً كما أنه لو قلنا إن الله لا يمكن أن يجهل أو ينسى شيئاً
، لا يكون في قولنا هذا إثباتٌ لعجز فيه تعالى أو نقص ، بل يكون تأكيداً على كماله
تعالى وكلية قدرته وعلمه .
" الأناجيل الأربعة ورسائل بولس ويوحنا تنفي ألوهية المسيح كما ينفيها القرآن "
للأستاذ " سعد رستم "
والله أعلم .
*****
39682
ما هي أفضل ليلة يقومها إذا كان لا يمكنه ذلك إلا مرة واحدة في الشهر ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > قيام الليل >(1/4002)
سؤال رقم 39682- ما هي أفضل ليلة يقومها إذا كان لا يمكنه ذلك إلا مرة واحدة في الشهر ؟
إذا كان المسلم لا يمكنه أن يصلي قيام الليل إلا مرة واحدة في الأسبوع ، فما هي أفضل ليلة لذلك ؟ وإذا كان لا يمكنه أن يقوم الليل إلا مرة في الشهر فمتى تكون أفضل ليلة ؟.
الحمد لله
ليس هناك ليلة معينة رغَّب الشرع بتخصيصها من بين الليالي لا في
الأسبوع ولا في الشهر ، بل يصلي متى تيسر له ذلك ، ومتى رأى من نفسه نشاطاً ، وإن
استطاع تكرار الليالي في الأسبوع والشهر فهو خير له من جعلها ليلة واحدة .
وينبغي له اجتناب تخصيص ليلة الجمعة بقيامها ؛ لورود النهي
الصريح في ذلك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ
بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ
مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) رواه مسلم ( 1144 ) .
قال النووي :
وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين
الليالي , ويومها بصوم ، وهذا متفق على كراهيته .
" شرح مسلم " ( 8 / 20 ) .
ولكن إن قام ليلة الجمعة لا على وجه التخصيص لكونها يوم الجمعة ،
بل لكونها يوم فراغه من العمل ، فهذا لا بأس به ، كما أن من صام يوم الجمعة لكونه
يوم فراغه من العمل لا بأس به .
قال الشيخ ابن باز :
" إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك
، لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم جمعة ، وكذلك لو كان عليه قضاء من
رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده ، وذلك لأنه يوم
فراغه ، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فإنه لا حرج عليه أن يفرده لأنه صامه
لأنه يوم عاشوراء ، لا لأنه يوم الجمعة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (
لا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ ، ولا لَيْلَتها بِقِيَامٍ ) . فنص
على التخصيص ، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها " انتهى من مجموع فتاوى ابن باز (15/414) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/291) :
" يكره إفراد الجمعة – يعني بالصيام - والدليل أن النبي صلّى
الله عليه وسلّم قال : ( لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً
بعده ) وقال : ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام ) وقال لإحدى أمهات
المؤمنين وقد وجدها صائمة يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين
غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري ) فإن صامها مع غيرها فلا يكره ، فلو صام الخميس
والجمعة فلا بأس ، أو الجمعة والسبت فلا بأس .
وإن صامها وحدها لا للتخصيص ، لكن لأنه وقت فراغه ، كرجل عامل
يعمل كل أيام الأسبوع ، وليس له فراغ إلا يوم الجمعة ، فهل يكره ؟
الجواب : عندي فيه تردد ، فإن نظرنا إلى ما رواه مسلم : ( لا
تخصوا يوم الجمعة بصيام ) قلنا : لا بأس ؛ لأن هذا لم يخصه ، وإن نظرنا إلى حديث :
( أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال : فأفطري ) فإن هذا
قد يؤخذ منه أنه يكره إفرادها ، وإن كان في الأيام الأخرى لا يستطيع ، وقد لا يؤخذ
منه ، فيقال : إن قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم : ( أصمت أمس ؟ أو أتصومين غداً
؟ ) يدل على أنها قادرة على الصوم .
فالحاصل أنه إذا أفرد يوم الجمعة بصوم لا لقصد الجمعة ، ولكن
لأنه اليوم الذي يحصل فيه الفراغ ، فالظاهر إن شاء الله أنه لا يكره ، وأنه لا بأس
بذلك " انتهى .
*****
39684
مصادر الوساوس وهل يؤاخذ المسلم عليها ؟
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4003)
سؤال رقم 39684- مصادر الوساوس وهل يؤاخذ المسلم عليها ؟
هل توجد طريقة للتفريق بين الوسوسة التي من الشيطان وتلك التي من النفس ؟ وهل يمكن أن نعرف أيّاً منهما يأتي من الآخر ؟ وإذا كانت الوسوسة من النفس : فهل سيعاقب عليها الفرد حتى وإن كان يرفضها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الوسواس الذي يصيب الإنسان ليس كله على درجة واحدة ، من حيث
المرضية ، ومن حيث المصدر والأثر .
فالوسواس الذي يدعو الإنسان لسماع المحرمات أو رؤيتها أو اقتراف
الفواحش وتزيينها له : له ثلاثة مصادر : النفس – وهي الأمَّارة بالسوء - ، وشياطين
الجن ، وشياطين الإنس .
قال تعالى – في بيان المصدر الأول وهي النفس - : ( وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) ق/16 .
وقال تعالى – في بيان المصدر الثاني وهم شياطين الجن - : (
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ
الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ ) طه/120 .
وقال تعالى – في بيان المصدر الثالث وهم شياطين الإنس - : ( قُلْ
أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ . مَلِكِ النّاسِ . إِلَهِ النّاسِ . مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ
الْخَنّاسِ . الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ . مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ ) سورة الناس .
أي أن هذه الوساوس تكون من الجن ومن بني آدم .
انظر السؤال ( 59931 ) .
وما يعرض للمسلم في وضوئه وصلاته فلا يدري كم توضأ ولا كم صلى :
فمصدره من الشيطان ، فإن استعاذ بالله من الشيطان كفاه الله إياه ، وإن استسلم له
واستجاب لأوامره تحكَّم فيه الشيطان ، وتحول من وسوسة عارضة إلى مرضٍ مهلك ، وهو ما
يسمى " الوسواس القهري " وهذه الوساوس القهرية – كما يقول أحد المختصين - " علة
مرضية تصيب بعض الناس كما تصيبهم أية أمراض أخرى ، وهي أفكار أو حركات أو خواطر أو
نزعات متكررة ذات طابع بغيض يرفضها الفرد عادة ويسعى في مقاومتها ، كما يدرك أيضاً
بأنها خاطئة ولا معنى لها ، لكن هناك ما يدفعه إليها دفعاً ، ويفشل في أغلب الأحيان
في مقاومتها ، وتختلف شدة هذه الوساوس حتى إنها لتبدو – لغير المتخصصين – عند زيادة
شدتها وكأن المريض مقتنع بها تماماً ، ويعتري هذا النوع من الوساوس الإنسان أيضاً
في عباداته وكذلك في شؤون حياته الدنيوية " .
فوسوسة الشيطان تزول بالاستعاذة .
ووسوسة النفس تزل أيضاً بالاستعاذة ، وبتقوية الصلة بين العبد
وربه بفعل الطاعات وترك المنكرات .
وأما الوسواس القهري فهو حالة مرضية كما سبق .
وفي الفرق بين وسوسة الشيطان ووسوسة النفس معنى لطيف ذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض العلماء ، قال :
وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان ، فقال : "
ما كرهتْه نفسُك لنفسِك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه ، وما أحبَّته نفسُك
لنفسِك فهو من نفسك فانْهَها عنه " . " مجموع الفتاوى " ( 17 / 529 ، 530 )
.
أي أن النفس غالباً توسوس فيما يتعلق بالشهوات التي يرغب فيها
الناس عادةً .
وذكر بعض العلماء فرقاً آخر مهمّاً، وهو أن وسوسة الشيطان هي
بتزيين المعصية حتى يقع فيها المسلم فإن عجز الشيطان انتقل إلى معصية أخرى ، فإن
عجز فإلى ثالثة وهكذا ، فهو لا يهمه الوقوع في معصية معينة بقدر ما يهمه أن يعصي
هذا المسلم ربَّه ، يستوي في هذا فعل المنهي عنه وترك الواجب ، فكلها معاصٍ ، وأما
وسوسة النفس فهي التي تحث صاحبها على معصية بعينها ، تحثه عليها وتكرر الطلب فيها .
ثانياً :
والمسلم لا يؤاخذ على وساوس النفس والشيطان ، ما لم يتكلم بها أو
يعمل بها .
وهو مأمور بمدافعتها ، فإذا ما تهاون في مدافعتها واسترسل معها
فإنه قد يؤاخذ على هذا التهاون .
فقد أُمر بعدم الالتفات لوساوس الشياطين ، وأن يبني على الأقل في
الصلاة عند الشك فيها ، وأُمر بالاستعاذة من الشيطان والنفث عن يساره ثلاثاً إذا
عرضت له وساوس الشيطان في الصلاة ، وأُمر بمصاحبة الأخيار والابتعاد عن الأشرار من
الناس ، فمن فرَّط في شيء من هذا فوقع في حبائل نفسه الأمارة بالسوء أو الاستجابة
لشياطين الجن والإنس فهو مؤاخذ .
وأما الوسواس القهري : فهو مرض – كما سبق- فلا يضير المسلم ، ولا
يؤاخذه الله عليه ؛ لأنه خارج عن إرادته ، قال الله تعالى : ( لا يٍكّلٌَفٍ اللّهٍ
نّفًسْا إلاَّ مّا آتّاهّا ) الطلاق/7 . وقال تعالى : (
فّاتَّقٍوا اللّهّ مّا اسًتّطّعًتٍمً ) التغابن/16 . وقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ
بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ ) رواه
البخاري (4968) ومسلم (127) .
وعلى من ابتلي بمثل هذا الوسواس أن يداوم على قراءة القرآن
والأذكار الشرعية صباحا ومساء ، وعليه أن يقوي إيمانه بالطاعات والبعد عن المنكرات
، كما عليه أن يشتغل بطلب العلم ، فإن الشيطان إن تمكن من العابد فلن يتمكن من
العالم .
وقد يأتي الشيطان ويوسوس للمسلم أشياء منكرة في حق الله تعالى ،
أو رسوله ، أو شريعته ، يكرهها المسلم ولا يرضاها ، فمدافعة هذه الوساوس وكراهيتها
دليل على صحة الإيمان ، فينبغي أن يجاهد نفسه ، وأن لا يستجيب لداعي الشر .
قال ابن كثير رحمه الله :
في قوله ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ
يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ) أي : هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك
الشخصُ دفعَه ، فأما ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها : فهذا لا يكلَّف به
الإنسان ، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان . " تفسير ابن كثير " ( 1 /
343 ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
يخطر ببال الإنسان وساوس وخواطر وخصوصا في مجال التوحيد والإيمان
، فهل المسلم يؤاخذ بهذا الأمر ؟ .
فأجاب :
قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه
قال : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم " – متفق
عليه - وثبت أن الصحابة رضي الله عنهم سألوه صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من
هذه الوساوس والمشار إليها في السؤال ، فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله : " ذاك
صريح الإيمان " – رواه مسلم - وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون
حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله
ورسله " – متفق عليه - ، وفي رواية أخرى " فليستعذ بالله ولينته " رواه مسلم
في صحيحه .
" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " ( السؤال العاشر ) .
وتجد في جواب السؤال رقم ( 62839 ) كلاماً مهمّاً حول الوسوسة وعلاجها .
وفي جواب السؤال رقم ( 25778 ) ذكرنا علاج من تقلقه الوسواس والخطرات .
وانظر جواب السؤال رقم ( 12315 ) ففيه نصائح مهمة .
والله أعلم .
*****
39686
لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر ؟
التربية > تربية النفس >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4004)
سؤال رقم 39686- لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر ؟
هل أحست سارة بالغيرة من " هاجر " عندما ولدت إسماعيل ( عليه السلام ) ؟ إذا كان الجواب بنعم : فلماذا تشعر امرأة رفيعة المنزلة مثل " سارة " بالغيرة ؟ وهل كان شعورها بالغيرة هو السبب الذي من أجله أمِرَ إبراهيم ( عليه السلام ) بإرسال " هاجر " و " إسماعيل " ( عليه السلام ) إلى الصحراء ؟.
الحمد لله
غيرة المرأة من ضرائرها أمرٌ جُبلت عليه ، وهو غير مكتسب ، ولذا
فإنها لا تؤاخذ عليه إلا أن تتعدى ، وتقع بسبب الغيرة فيما حرم الله عليها من ظلم
أختها ، فتقع في غيبة أو نميمة أو تؤدي بها غيرتها إلى طلب طلاق ضرتها أو الكيد لها
وما شابه ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء ، لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد
عليه تلام ، وضابط ذلك ما ورد في الحديث عن جابر بن عتيك الأنصاري رفعه : ( إِنَّ
مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ ) حسنه الشيخ
الألباني في "الإرواء" (7/80) - ، فالغيرة منهما – أي : من الزوج
والزوجة - إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء ، فتعذر
فيها ، ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل ، وعلى هذا يحمل ما جاء من
السلف الصالح عن النساء في ذلك . " فتح الباري " ( 9 / 326 ) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
قال الطبري وغيره من العلماء : الغيرة مسامح للنساء فيها لا
عقوبة عليهن فيها لما جُبِلن عليه من ذلك . " الآداب الشرعية " ( 1 / 248 )
.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله شرحاً لحديث كسر عائشة لإناء إحدى
ضرائرها :
وقالوا : أي جميع من شرحوا الحديث : فِيهِ إِشَارَة إِلَى عَدَم
مُؤَاخَذَة الْغَيْرَاء بِمَا يَصْدُر مِنْهَا ، لأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَة
يَكُون عَقْلهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَب الَّذِي أَثَارَتْهُ الْغَيْرَة .
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لا بَأْس بِهِ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا :
( أَنَّ الْغَيْرَاء لا تُبْصِر أَسْفَل الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ ) . " فتح
الباري " ( 9 / 325 ) .
وما وقع من فضليات النساء من الغيرة إنما هو مما لم يسلم منه أحد
، وهنَّ غير مؤاخذات عليه لأنه ليس في فعلهن تعدٍّ على شرع الله تعالى .
وما حصل من غيرة " سارة " من هاجر هو من هذا الباب ، فطلب الزوجة
من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمرٌ غير مستنكر ، مع أن الذي ذكره أهل
العلم أن إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه
ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ويقال : إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه
إلى مكة لذلك . " فتح الباري " ( 6 / 401 ) .
ويدل عليه قول هاجر : " يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي
الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له :
أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا " - رواه البخاري
( 3184 ) - .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله
ما كان : خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء ... رواه البخاري (
3185 ) .
قال الحافظ :
قوله – أي : ابن عباس - : " لما كان بين إبراهيم وبين أهله "
يعني : سارة " ما كان " يعني : من غيرة سارة لما ولدت هاجر إسماعيل . " فتح
الباري " ( 6 / 407 ) .
والله أعلم .
*****
39687
متى ينوي الوضوء ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الوضوء >(1/4005)
سؤال رقم 39687- متى ينوي الوضوء ؟
متى ينوي المسلم إذا أراد الوضوء ؟ في البداية ؟ أم عند غسل الوجه ؟ أم يجوز أن ينوي في أي وقت أثناء وضوئه ؟.
الحمد لله
أولاً :
النية شرط لجميع العبادات ، فلا تصح عبادة من العبادات –ومنها
الوضوء- إلا بالنية .
قال النووي رحمه الله :
" النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ
وَالتَّيَمُّمِ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُد , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ
تَعَالَى : ( وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )
وَالإِخْلاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي
الْوُجُوبَ .
وَمِنْ السُّنَّةِ : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّمَا
الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) لأَنَّ لَفْظَةَ (إنَّمَا) لِلْحَصْرِ . وَالْمُرَادُ
أَنَّ حُكْمَ الْعَمَلِ لا يَثْبُتُ إلا بِالنِّيَّةِ .
وَدَلِيلٌ آخَرُ : وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : (
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) وَهَذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ فَلا
يَكُونُ لَهُ . . . إلخ " انتهى باختصار من "المجموع" (1/356) ، ونحوه في "
المغني " (1/156) .
ثانياً :
ينبغي أن يعلم أن النية محلها القلب ، فلا يشرع التلفظ بها
بلسانه .
انظر السؤال ( 13337 ) .
ثالثاً :
وأما وقت النية .
فالأكمل أن ينوي مع بداية الوضوء أو قبله بزمن يسير ، حتى تكون
النية شاملة لجميع أجزاء الوضوء ، أما الواجب من ذلك فهو أن ينوي مع أول الواجبات .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/159) :
" وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ كُلِّهَا ;
لأَنَّهَا شَرْطٌ لَهَا , فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فِي جَمِيعِهَا , فَإِنْ وُجِدَ
شَيْءٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدُّ بِهِ .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ غَسْلِ كَفَّيْهِ , لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ
مَسْنُونَ الطَّهَارَةِ وَمَفْرُوضَهَا . فَإِنْ غَسَلَ كَفَّيْهِ قَبْلَ
النِّيَّةِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا . وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ
عَلَى الطَّهَارَةِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ . . . وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ
يُجْزِهِ ذَلِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " (1/140) :
" والنية لها محلان :
الأول : تكون فيه سنة ، وهو قبل مسنون الطهارة إن وجد قبل واجب .
الثاني : تكون فيه واجبة عند أول الواجبات " انتهى .
وعلى هذا فالأكمل أن تكون النية قبل الشروع في الوضوء ، والواجب
أن تكون مع أول الواجبات ، وقد اختلف العلماء في أول واجبات الوضوء ، فقيل :
التسمية ، وقيل : المضمضة . وهو الصحيح ، وقيل : غسل الوجه .
انظر الأسئلة : ( 21241 )
، ( 11497 ) .
ولكن إذا نوى مع أول الواجبات فلا يثاب على ما فعله قبل ذلك من
سنن الوضوء كالتسمية وغسل الكفين ثلاثاً ، كما تقدم في كلام ابن قدامة رحمه الله .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه كان في أول
الوضوء يغسل كفيه ثلاثا مع نية الوضوء ، ويسمي .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (10/98) .
والله أعلم .
*****
39689
أحكام تغيير النية في الصلاة بعد الشروع فيها
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة >(1/4006)
سؤال رقم 39689- أحكام تغيير النية في الصلاة بعد الشروع فيها
هل يجوز تغيير نية الصلاة بعد الشروع فيها ؟.
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : عن تغيير النية في الصلاة ؟
فأجاب :
" تغيير النية إما أن يكون من معيَّن لمعيَّن ، أو من مطلق
لمعيَّن : فهذا لا يصح ، وإذا كان من معيَّن لمطلق : فلا بأس .
مثال ذلك :
من معيَّن لمعيَّن : أراد أن ينتقل من سنة الضحى إلى راتبة الفجر
التي يريد أن يقضيها ، كبَّر بنية أن يصلي ركعتي الضحى ، ثم ذكر أنه لم يصل راتبة
الفجر فحولها إلى راتبة الفجر : فهنا لا يصح ؛ لأن راتبة الفجر ركعتان ينويهما من
أول الصلاة .
كذلك أيضاً رجل دخل في صلاة العصر ، وفي أثناء الصلاة ذكر أنه لم
يصل الظهر فنواها الظهر : هذا أيضاً لا يصح ؛ لأن المعين لابد أن تكون نيته من أول
الأمر .
وأما من مطلق لمعيَّن : فمثل أن يكون شخص يصلي صلاة مطلقة -
نوافل - ثم ذكر أنه لم يصل الفجر ، أو لم يصل سنة الفجر فحوَّل هذه النية إلى صلاة
الفجر أو إلى سنة الفجر : فهذا أيضاً لا يصح .
أما الانتقال من معيَّن لمطلق : فمثل أن يبدأ الصلاة على أنها
راتبة الفجر ، وفي أثناء الصلاة تبين أنه قد صلاها : فهنا يتحول من النية الأولى
إلى نية الصلاة فقط .
ومثال آخر : إنسان شرع في صلاة فريضة وحده ثم حضر جماعة ، فأراد
أن يحول الفريضة إلى نافلة ليقتصر فيها على الركعتين (ثم يصلي الفريضة مع الجماعة)
فهذا جائز ؛ لأنه حوَّل من معين إلى مطلق .
هذه القاعدة :
من معين لمعين : لا يصح . ومن مطلق لمعين : لا يصح . من معين
لمطلق : يصح " انتهى
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 347 ) .
وسئل الشيخ – أيضاً - :
هل يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ؟
فأجاب :
" لا يجوز تغيير النية من معيَّن إلى معيَّن ، أو من مطلق إلى
معيَّن ، وإنما يجوز تغيير النية من معيَّن إلى مطلق .
مثال الأول : من معيَّن إلى معيَّن ، تغير النية من صلاة الظهر
إلى صلاة العصر ، ففي هذه الحالة تبطل صلاة الظهر ؛ لأنه تحول عنها ، ولا تنعقد
صلاة العصر ؛ لأنه لم ينوها من أولها وحينئذ يلزمه قضاء الصلاتين .
ومثال الثاني : من مطلق إلى معيَّن : أن يشرع في صلاة نفل مطلق
ثم يحول النية إلى نفل معين فيحولها إلى الراتبة ، يعنى أن رجلاً دخل في الصلاة
بنية مطلقة ، ثم أراد أن يحولها إلى راتبة الظهر - مثلاً - فلا تجزئه عن الراتبة ،
لأنه لم ينوها من أولها .
ومثال الثالث : من معيَّن إلى مطلق أن ينوي راتبة
المغرب ثم بدا له أن يجعلها سنَّة مطلقة فهذا صحيح لا تبطل به الصلاة ؛ وذلك لأن
نية الصلاة المعينة متضمنة لنية مطلق الصلاة ، فإذا ألغى التعيين بقي مطلق الصلاة
لكن لا يجزئه ذلك عن الراتبة لأنه تحول عنها " انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 12 / السؤال رقم 348 ) .
والله أعلم .
*****
39730
اعتمرت عدة مرات ولم تكن تأخذ من شعرها فما الحكم ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4007)
سؤال رقم 39730- اعتمرت عدة مرات ولم تكن تأخذ من شعرها فما الحكم ؟
ما حكم من عملت عمرة أو أكثر ولكنها لم تقصر من شعرها ، وبعدها عملت أكثر من عمرة وقصرت ، فهل عليها شيء فيما مضى ؟ .
الحمد لله
من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة كالحلق أو التقصير فعليه
عند العلماء فدية ( دم ) يذبح في مكة ويوزع على الفقراء
سئل الشيخ ابن عثيمين عمن اعتمر ولم يحلق أو لم يقصر ناسيا أو
جاهلا فما حكم عمرته ؟
فأجاب :
العمرة صحيحة وإن لم يحلق أو يقصر ، وذلك لأن الحلق أو التقصير
ليس من أركان العمرة ، وإنما هو من الواجبات ، وإذا تركه الإنسان ناسيا فإنه يحلق
متى ذكر إلا إذا فات الأوان ، فإنه يذبح في مكة فدية يتصدق بها على الفقراء ، ولا
إثم عليه [في] هذه الحال ما دام ناسيا أو جاهلا . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/466) 1000
وسئل أيضاً عن رجل تحلل من عمرته بعد أن طاف وسعى ولم يحلق ولم
يقصر ثم أحرم بالحج ، ماذا يلزمه ؟
فأجاب :
الظاهر أنه باق على تمتعه ، ولكنه يلزمه عن ترك الحلق أو التقصير
فدية ، بناء على ما هو مشهور عند الفقهاء من أن ترك الواجب تلزم فيه الفدية فإذا
كان موسرا قادرا وجب عليه أن يذبح فدية في مكة وتوزع كلها على الفقراء ، وإن لم يكن
قادرا فلا شيء عليه ، أما النسك فهو تمتع ، لأن هذه هي نيته . اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (22/468) 1004.
*****
39734
زنى في نهار رمضان ، فماذا عليه ؟!
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4008)
سؤال رقم 39734- زنى في نهار رمضان ، فماذا عليه ؟!
ماذا عليه أن يفعل ، ما حكم صيامه ؟ كيف يقضي ؟ كل هذا يتعلق بشاب زنى في نهار رمضان كيف يوجه بعد أن تاب بماذا ينصح من كتب وغيرها .
الحمد لله
فإن الجماع في نهار رمضان من أعظم المفسدات ، فمن أفسد صومه
بالجماع لزمه الإثم ، ولزوم الإمساك في ذلك اليوم ، وجوب القضاء والكفارة المغلظة ،
ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلَكْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي
رَمَضَانَ . قَالَ : هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً ؟ قَالَ : لا . قَالَ :
فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟ قَالَ : لا . قَالَ
: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ : لا .. . الحديث
رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
وقد سبق شرح ذلك في الأسئلة ( 38023 ، 22938 ، 1672 )
هذا إذا كان جماعه لزوجه ، فكيف بمن ينتهك حرمة الشهر بالزنى
والعياذ بالله .
إن من فعل ذلك فقد انتهك حرمتين ، حرمة الشهر ، وحرمة الفرج
الحرام ، والله المستعان .
وعلى هذا الشاب التوبة العظيمة إلى الله عز وجل ، والإحسان في
العمل ، والإكثار من فعل الصالحات ، ومصاحبة الأخيار ، وعليه السعي في إعفاف نفسه
بالزواج إن كان يستطيع ذلك ، أو الصوم فإنه يعف النفس ، ويحفظ الفرج من الوقوع في
الحرام .
والذي عليه أن يفعله الآن ، هو التوبة من ذلك الفعل الشنيع ،
وقضاء ذلك اليوم ، والكفارة المغلظة على ما جاء في الحديث السابق ، نسأل الله أن
يغفر لنا وله ، وأن يتوب علينا وعليه ... آمين .
*****
39736
معنى تصفيد الشياطين في رمضان
الفقه > عبادات > الصوم > وجوب الصوم وفضله >
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4009)
سؤال رقم 39736- معنى تصفيد الشياطين في رمضان
ماذا تقولون في تصفيد الشياطين في رمضان ؟ .
الحمد لله
روى البخاري ( 1899 ) ومسلم ( 1079 ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَغُلِّقَتْ
أَبْوَابُ النَّارِ ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ ).
وقد اختلف العلماء في معنى تصفيد الشياطين في رمضان على أقوال .
قال الحافظ ابن حجر نقلا عن الحليمي : " يحتمل أن يكون المراد أن
الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم
بالصيام الذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن والذكر ، وقال غيره - أي غير الحليمي
- المراد بالشياطين بعضهم وهم المردة منهم .... وقوله صفدت ... أي شدت بالأصفاد وهي
الأغلال وهو بمعنى سلسلت .... قال عياض يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله
علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ويحتمل
أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم فيصيرون كالمصفدين
، قال ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم فتحت
أبواب الرحمة ، قال ويحتمل أن يكون .... تصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن
الإغواء وتزيين الشهوات . قال الزين بن المنير والأول أوجه ولا ضرورة تدعو إلى صرف
اللفظ عن ظاهره " فتح الباري 4/114
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن قول النبي صلى الله
عليه وسلم ( وصفدت الشياطين ) ومع ذلك نرى أناسا يصرعون في نهار رمضان ، فكيف تصفد
الشياطين وبعض الناس يصرعون ؟
فأجاب بقوله : " في بعض روايات الحديث : ( تصفد فيه مردة
الشياطين ) أو ( تغل ) وهي عند النسائي ، ومثل هذا الحديث من الأمور الغيبية التي
موقفنا منها التسليم والتصديق ، وأن لا نتكلم فيما وراء ذلك ، فإن هذا أسلم لدين
المرء وأحسن عاقبة ، ولهذا لما قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل لأبيه : إن
الإنسان يصرع في رمضان . قال الإمام : هكذا الحديث ولا تكلم في هذا .
ثم إن الظاهر تصفيدهم عن إغواء الناس ، بدليل كثرة الخير
والإنابة إلى الله تعالى في رمضان . " انتهى كلامه [ مجموع الفتاوى 20 ]
وعلى هذا فتصفيد الشياطين تصفيد حقيقي الله أعلم به ، ولا يلزم
منه ألا يحصل شرور أو معاصي بين الناس .
والله أعلم .
يراجع السؤال رقم ( 12653 ) .
*****
3974
عليه دين ويريد أن يحج
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > الاستطاعة >(1/4010)
سؤال رقم 3974- عليه دين ويريد أن يحج
لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة . فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا ؟.
الحمد لله
أولاً :
إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة
الأوثان قال أحدهم واسمه صولون : المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً .
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا .
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم .
قال الله تعالى { وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب
النار هم فيها خالدون } البقرة / 275 .
وقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } البقرة / 278 .
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة
وآكل الربا وموكله ولعن المصور . رواه البخاري ( 2123 ) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله . رواه مسلم ( 1597 ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك
بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " . رواه البخاري (
2615 ) ومسلم ( 89 ) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا
حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه ( أي
فمه ) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا . رواه البخاري ( 1979 ) .
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به .
ثانياً :
أما الحج : فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج ، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون ؟
الراجح : أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة .
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين ، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد ، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح
أنه لا بأس بالحج أو العمرة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره و لم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم
غائباً لا يمكن توفيته من الكسب . " مجموع الفتاوى " ( 26 /16 ) .
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة
والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم .
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته .
عن خيثمة قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " . صحيح مسلم ( 996 ) .
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه أبو داود ( 1692
) .
والله أعلم .
*****
39742
هل تلزم الكفارة مع القضاء فيمن أخره بلا عذر
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4011)
سؤال رقم 39742- هل تلزم الكفارة مع القضاء فيمن أخره بلا عذر
أنا فتاة فاتني قضاء ما علي من صوم لبعض الأيام في السنوات الماضية من عمري فهل يجوز القضاء بالصوم فقط أم الصوم والكفارة وإذا كانت كفارة فما مقدارها ؟ .
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يؤخر قضاء ما عليه من رمضان بلا عذر حتى يدخل
رمضان آخر ، فإن فعل ذلك لحقه الإثم ، واختلف العلماء هل يلزمه مع القضاء كفارة
بسبب هذا التأخير أم لا
والنصيحة للأخت السائلة أن تحرص على قضاء ما عليها من أيام أولا
بأول ، حتى لا تتراكم عليها العبادات ، وتصبح ذمتها مشغولة ، ثم يصعب عليها حينئذ
القضاء .
وبخصوص مسألة الكفارة ، فقد سبق بيان خلاف العلماء في هذه
المسألة في السؤال رقم ( 26865 ، 21710 )
ومن السؤالين السابقين تعلمين أنه لا يجب عليك كفارة مع القضاء
على القول الراجح ، وإنما عليك التوبة إلى الله عز وجل ، والعزم على عدم العودة إلى
مثل ذلك ، وإذا أخرجت الكفارة مع القضاء احتياطاً فلا بأس ومقدار الكفارة إطعام
مسكين عن كل يوم من أيام القضاء .
راجع السؤال رقم : ( 43268 ) .
*****
39744
حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4012)
سؤال رقم 39744- حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن
لدي محل أجهزة كهربائية ، فهل يجوز أن أبيع أجهزة التلفاز والفيديو وأجهزة ( البلايستيشن ) والاسطوانات الخاصة به ، مع العلم أنني لا أعرف لأي غرض ستستخدم هذه الأجهزة ؟.
الحمد لله
هذه الأجهزة من التلفاز والفيديو وغيرها - مما يستعمل في الخير
والشر ، والطاعة والمعصية، لكن يغلب اليوم استعمالها في الشر، من رؤية النساء
العاريات ، وسماع اللهو واللغو والباطل من الموسيقى وغيرها- . والواجب في مثل هذا
أن يعمل الإنسان بما يغلب على ظنه .
فلا يجوز بيعها إلا لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في
المباح.
أما من عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في الحرام ، فلا يجوز
بيعها عليه ؛ لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا
تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2 .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو
يغلب على الظن ذلك ، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين" اهـ
"فتاوى اللجنة الدائمة " (13/109) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ، ما نصه : أنا أعمل مهندس
إلكترونيات ، ومن عملي إصلاح الراديو والتليفون والفيديو ومثل هذه الأجهزة ، فأرجو
إفتائي عن الاستمرار في هذه الأعمال ، مع العلم أن ترك هذا العمل يفقدني كثيرا من
الخبرة ومن مهنتي التي تعلمتها طوال حياتي ، وقد يقع علي ضرر خلال تركها .
فأجابت : " دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أنه يجب على
المسلم أن يحرص على طيب كسبه، فينبغي لك أن تبحث عن عمل يكون الكسب فيه طيبا. وأما
الكسب من العمل الذي ذكرته فهذا ليس بطيب؛ لأن هذه الآلات تستعمل غالبا في أمور
محرمة" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/420) .
وأما (البلايستيشن ) وأقراصه ، فله الحكم السابق نفسه ، فيجوز
بيعه على من غلب على الظن أن يستعمله استعمالاً مباحاً ، ويحرم بيعه على من غلب على
الظن أنه يستعمله استعمالاً محرماً .
وكثير من الناس الآن يستعمله استعمالاً محرماً ، فبدلاً من أن
يكون الترفيه شيئاً عارضاً يفعله الإنسان إذا احتاج إليه ، صار الترفيه هو الأصل
عند كثير من الناس ، فينفق فيه كثيراً من عمره وماله وجهده ما بين اللعب بنحو هذه
الألعاب ، والذهاب إلى النوادي وحمامات السباحة ، والسفر والجلوس مع الأصحاب ،
والذهاب إلى المنتزهات ...إلخ .
وكثير ممن يستعمل البلايستيشن أو نحوه من الألعاب يضيع بسببه
الصلوات ، وينشغل به عن كثير من مصالح دينه ودنياه ، مما يجعلنا نجزم بتحريمه على
أمثال هؤلاء .
وأما من يقدر الأمور حق قدرها ، ويلعب بهذه الألعاب قليلاً من
الوقت للترويح عن النفس ، ولا يضيع بسببها شيئاً من الواجبات ولا مصالح دينية أو
دنيوية ، ومع خلو هذه الألعاب من المنكرات كالموسيقى وصور النساء العاريات ونحو ذلك
فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
والأجدر بالمسلم أن يحرص على كسب المال الحلال الذي لا شبهة فيه
، وليتذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كل جسد نبت من سحت
فالنار أولى به ) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
والله أعلم .
*****
39744
حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن
كيف نتوب من الشرك
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4013)
سؤال رقم 39744- حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن
لدي محل أجهزة كهربائية ، فهل يجوز أن أبيع أجهزة التلفاز والفيديو وأجهزة ( البلايستيشن ) والاسطوانات الخاصة به ، مع العلم أنني لا أعرف لأي غرض ستستخدم هذه الأجهزة ؟.
الحمد لله
هذه الأجهزة من التلفاز والفيديو وغيرها - مما يستعمل في الخير
والشر ، والطاعة والمعصية، لكن يغلب اليوم استعمالها في الشر، من رؤية النساء
العاريات ، وسماع اللهو واللغو والباطل من الموسيقى وغيرها- . والواجب في مثل هذا
أن يعمل الإنسان بما يغلب على ظنه .
فلا يجوز بيعها إلا لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في
المباح.
أما من عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في الحرام ، فلا يجوز
بيعها عليه ؛ لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا
تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2 .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : " كل ما يستعمل على وجه محرم ، أو
يغلب على الظن ذلك ، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين" اهـ
"فتاوى اللجنة الدائمة " (13/109) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ، ما نصه : أنا أعمل مهندس
إلكترونيات ، ومن عملي إصلاح الراديو والتليفون والفيديو ومثل هذه الأجهزة ، فأرجو
إفتائي عن الاستمرار في هذه الأعمال ، مع العلم أن ترك هذا العمل يفقدني كثيرا من
الخبرة ومن مهنتي التي تعلمتها طوال حياتي ، وقد يقع علي ضرر خلال تركها .
فأجابت : " دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أنه يجب على
المسلم أن يحرص على طيب كسبه، فينبغي لك أن تبحث عن عمل يكون الكسب فيه طيبا. وأما
الكسب من العمل الذي ذكرته فهذا ليس بطيب؛ لأن هذه الآلات تستعمل غالبا في أمور
محرمة" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/420) .
وأما (البلايستيشن ) وأقراصه ، فله الحكم السابق نفسه ، فيجوز
بيعه على من غلب على الظن أن يستعمله استعمالاً مباحاً ، ويحرم بيعه على من غلب على
الظن أنه يستعمله استعمالاً محرماً .
وكثير من الناس الآن يستعمله استعمالاً محرماً ، فبدلاً من أن
يكون الترفيه شيئاً عارضاً يفعله الإنسان إذا احتاج إليه ، صار الترفيه هو الأصل
عند كثير من الناس ، فينفق فيه كثيراً من عمره وماله وجهده ما بين اللعب بنحو هذه
الألعاب ، والذهاب إلى النوادي وحمامات السباحة ، والسفر والجلوس مع الأصحاب ،
والذهاب إلى المنتزهات ...إلخ .
وكثير ممن يستعمل البلايستيشن أو نحوه من الألعاب يضيع بسببه
الصلوات ، وينشغل به عن كثير من مصالح دينه ودنياه ، مما يجعلنا نجزم بتحريمه على
أمثال هؤلاء .
وأما من يقدر الأمور حق قدرها ، ويلعب بهذه الألعاب قليلاً من
الوقت للترويح عن النفس ، ولا يضيع بسببها شيئاً من الواجبات ولا مصالح دينية أو
دنيوية ، ومع خلو هذه الألعاب من المنكرات كالموسيقى وصور النساء العاريات ونحو ذلك
فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى .
والأجدر بالمسلم أن يحرص على كسب المال الحلال الذي لا شبهة فيه
، وليتذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كل جسد نبت من سحت
فالنار أولى به ) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
والله أعلم .
*****
3975
الزواج بغير المسلمة للحصول على حقّ الإقامة
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4014)
سؤال رقم 3975- الزواج بغير المسلمة للحصول على حقّ الإقامة
السؤال : أريد أن أتزوج بكافرة من أجل الحصول على حقّ الإقامة في البلد وعلى جواز السّفر ؟ وهل يجوز أن أتزوجها لهذا الغرض فقط ؟
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله ، عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بما يلي :
إذا كانت ممن يحل نكاحها فلا حرج في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تنكح المرأة لأربع .. فذكر المال " .. وهذا مثله ، فإذا تزوجها من أجل الحصول على الإقامة فلا بأس بشرط أن لا يكون في نيته أنه إذا حصل على الإقامة طلّقها .. والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
39752
ظنّ أن صوم القضاء كصوم التطوع يجوز قطعه
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4015)
سؤال رقم 39752- ظنّ أن صوم القضاء كصوم التطوع يجوز قطعه
أتيت زوجتي في نهار صيامها وهي تصوم قضاء أيام أفطرتها من رمضان وذلك لأني كنت أظن أن حكم صيام القضاء كحكم صيام التطوع . ثم سمعت غير ذلك . فما الحكم في هذه المسألة وهل يلزمني فيه شيء ؟.
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب ، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله
إلا لعذر شرعي ، فإذا دخل الإنسان في صيام قضاء ، فإنه يلزمه أن يتمه ، وليس
كالمتنفل ، فالمتنفل أمير نفسه ، إن شاء أفطر ، وإن شاء لم يفطر .
راجع السؤال رقم : ( 49985 )
وقد ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت : ( يا رسول الله
لقد أفطرت وكنت صائمة ؟ فقال لها : أكنت تقضين شيئا ، قالت لا ، قال : فلا يضرك إن
كان تطوعا ) رواه أبو داود (2456) ، وصححه الألباني ، وهذا
يدل على أنه يضرها إن أفطرت في صيام واجب ، والضرر هنا هو الإثم .
أما ما حصل بينكما ، فإن كفارة الجماع لا تجب إلا بالجماع في
نهار رمضان نفسه ، وعليه فلا يلزمك شيء ، ولا يلزمها إلا إعادة قضاء ذلك اليوم ، مع
التوبة إلى الله عز وجل ، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك .
قال ابن رشد :" واتفق الجمهور : على أنه ليس في الفطر عمدا في
قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني : رمضان " بداية
المجتهد 2/80
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/352)
( الكفارة إنما تجب على من جامع في شهر رمضان لحرمة الزمان ، أما
القضاء فلا تجب فيه الكفارة في أصح قولي العلماء ) اهـ .
*****
39761
لا يجوز أن يشتري البضاعة ثم يبيعها وهي في مستودعات البائع الأول قبل أن ينقلها
الفقه > معاملات > البيوع >(1/4016)
سؤال رقم 39761- لا يجوز أن يشتري البضاعة ثم يبيعها وهي في مستودعات البائع الأول قبل أن ينقلها
يشتري بعض التجار البضاعة ثم لا يستلمها ولا يعاينها ، بل يأخذ بها سند بيع وقبض للقيمة ويتركها في مستودعات التاجر الأول الذي اشتراها منه ، ثم يبيعها التاجر الثاني لغيره ، وهي في مستودعات التاجر الأول ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
" لا يجوز للمشتري بيع هذه البضاعة ما دامت موجودة في ملك البائع
حتى يستلمها المشتري ، وينقلها إلى بيته أو إلى السوق ، لما ثبت عن النبي صلى الله
عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة في ذلك ، منها قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يَحِلُّ
سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَلا
بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) أخرجه أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح
ولقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام ( لا تبع ما ليس عندك )
أخرجه الخمسة إلا أبا داود بإسناد جيد ، ولما ثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى
رحالهم ، رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم .
وهكذا من اشتراها من المشتري ليس له أن يبيعها حتى ينقلها إلى
بيته أو إلى مكان آخر من السوق للأحاديث الأخرى المذكورة ولأحاديث أخرى جاءت في هذا
المعنى .. والله ولي التوفيق .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - (فقه وفتاوى البيوع أشرف عبد المقصود 309).
*****
39770
حكم مباشرة الأجنبية فيما دون الفرج
الفقه > معاملات > الزنا واللواط >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4017)
سؤال رقم 39770- حكم مباشرة الأجنبية فيما دون الفرج
ما حكم مداعبة امرأة أجنبية دون الفرج ؟ وهل يعتبر زنى ؟ وكذلك الوطء من الدبر هل هو لواط ؟.
الحمد لله
أولا : من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من
تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم
القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة
للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره
إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .
والمتأمِّل في ما في السؤال يعلم أن العادة تمنع أن يصل الإنسان إلى مثل هذا الأمر المستشنع شرعا ، ثمَّ يستطيع بعد ذلك أن يكبح جماح
نفسه ويتورَّع بها عن انتهاك هذه الحرمة المغلَّظة وعن الوقوع في تلك الفاحشة العظيمة التي لا يُقارن ما تسبِّبه من سخط وغضب ربَّاني وفساد في الدين
والدنيا بما يتوهمه العاصي من تحصيل نزوة عارضة تعقبها حسرات لا تنتهي .
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه
الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي
الصدور } غافر / 19 . وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة
عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .
ويراجع في معرفة الحكم السؤال رقم 27259 .
ثانياً :
أما الوطء في الدبر فإذا كان مع رجل فهو " اللواط " الذي جاء ذمه في الكتاب والسنَّة .
والذي كان من أسباب هلاك أمة من الأمم هي قوم لوط نبي الله .
وأما الوطء للمرأة في دبرها : فإن كانت زوجة له : فإنه لا يحل له ذلك ويسمى هذا " اللوطية الصغرى " فكيف إذا كان وطئاً لامرأةٍ لا تحل له
؟ .
أ. ما جاء في اللوط :
قال ابن حزم :
فِعل قوم لوط من الكبائر الفواحش المحرمة : كلحم الخنزير , والميتة , والدم , والخمر , والزنى , وسائر المعاصي , مَن أحلَّه أو أحلَّ
شيئاً مما ذكرنا : فهو كافر , مشركٌ حلال الدم والمال .
" المحلى " ( 12 / 389 ) .
وقال ابن قدامة :
أجمع أهل العلم على تحريم اللواط , وقد ذمه الله تعالى في كتابه , وعاب من فعله , وذمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى :
{ ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون } . وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : " لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط " .
" المغني " ( 9 / 59 ) .
ونقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية وعن غير إجماع الصحابة على قتل من يعمل عمل قوم لوط ، وأنهم إنما اختلفوا في كيفية قتله .
" زاد المعاد " ( 5 / 40 ) . ، ويُراجع في تفاصيل حكمه أيضا السؤال رقم 10050
ب. ما جاء في وطء المرأة في دبرها :
وأما وطء المرأة في دبرها فهو من كبائر الذنوب ، ولعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله.
روى أبو داود (2162) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى
امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود . وهذا اللعن لمن أتى امرأته في دبرها فكيف إذا كانت امرأة أجنبية عنه .
وروى الترمذي (135) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ
امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي
.
وإذا اتفق الرجل مع امرأته على الوطء في الدبر ولم ينتهيا بعد التعزير فُرِّق بينهما .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن :
رجل ينكح زوجته في دبرها ؟
فأجاب :
وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة , وهو قول جماهير السلف والخلف , بل هو " اللوطية الصغرى " ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال : " إن الله لا يستحي من الحق , لا تأتوا النساء في أدبارهن " ، وقد قال تعالى : { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } ، والحرث هو موضع
الولد , فإن الحرث محل الغرس والزرع ، وكانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها جاء الولد أحول , فأنزل الله هذه الآية , وأباح للرجل أن يأتي
امرأته من جميع جهاتها , لكن في الفرج خاصة , ومن وطئها في الدبر وطاوعته , عزرا جميعا , فإن لم ينتهيا وإلا فُرق بينهما , كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن
يفجر به , والله أعلم .
" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 104 ، 105 ) .
أما الوطء للمرأة الأجنبية في دبرها فقد اختلف فيه العلماء هل هو زنى أم لواط ؟
انظر : المبسوط (9/77) . الفواكه الدواني (2/209) . مغنى المحتاج (5/443) الإنصاف (10/177) . الفروع (6/72) .
والذي اختاره الشيخ السعدي رحمه الله أن وطء المرأة الأجنبية في دبرها يعتبر زنى ، فإنه قال : والزنا هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر اهـ . منهج السالكين (ص 239) .
نسأل الله أن يسلَّمنا من الفواحش وأن يطهِّر قلوبنا من التفكير والهمِّ بها وأن يرزقنا الثبات على دينه وأمره .
والله أعلم .
*****
39771
الصابوني وكتابه " صفوة التفاسير "
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
العلم > طلب العلم >(1/4018)
سؤال رقم 39771- الصابوني وكتابه " صفوة التفاسير "
ما رأي فضيلتكم في كتاب " صفوة التفاسير " للشيخ الصابوني , حيث إن بعض الشباب الملتزمين يعيبون علينا قراءة هذا الكتاب , ويقولون بأن عقيدة الشيخ الصابوني معتزلية أو أشعرية ، وتفسيره للقرآن كذلك , وحيث إني لا علم لي بهذا الشيخ فصرت أقرأ في هذا الكتاب لبساطتهِ ومنهجه الجذاب ، فما رأيكم في هذا الكتاب وفي مؤلفه ؟ وما الكتب التي توصون بها التي تهم كل مسلم (غير مختص بالعلوم الشرعية) في عقيدته وحياته من عبادات ومعاملات .
الحمد لله
أولاً :
الأستاذ محمد علي الصابوني , من أساتذة كلية الشريعة بمكة المكرمة ، كان له نشاط في علوم القرآن والتفسير, ومن ثم قام بتأليف عدة كتب في
التفسير وعلوم القرآن , أكثرها مختصرات , كـ " مختصر تفسير ابن كثير " , و " مختصر تفسير الطبري " , و " التبيان في علوم القرآن " , و " روائع البيان في
تفسير آيات الأحكام " , و " قبس من نور القرآن " , و " صفوة التفاسير " , وهو الكتاب الذي نحن بصدده .
وهو تفسير موجز , قال عنه مؤلفه : إنه شامل ، جامع بين المأثور والمعقول , مستمد من أوثق التفاسير المعروفة كالطبري والكشاف ! وابن
كثير والبحر المحيط ! وروح المعاني , في أسلوب ميسر سهل التناول , مع العناية بالوجوه البيانية واللغوية .
وقال في المقدمة :
وقد أسميت كتابي " صفوة التفاسير " , وذلك لأنه جامع لعيون ما في التفاسير الكبيرة المفصلة , مع الاختصار والترتيب , والوضوح والبيان .
طبع الكتاب في ثلاث مجلدات , وكان تاريخ التأليف سنة (1400 هـ ) .
أما من حيث اعتقاد المؤلِّف فهو أشعري الاعتقاد ، وهو ما جعل كتبه واختصاراته عرضة للنقد والرد ، بل جعله هذا يبتر بعض نصوص الأحاديث ،
ويحرف بعض النقول عن العلماء كما سيأتي .
قال الشيخ سفر الحوالي :
أما الصابوني فلا يؤسفني أن أقول إن ما كتبه عن عقيدة السلف والأشاعرة يفتقر إلى أساسيات بدائية لكل باحث في العقيدة ، كما أن أسلوبه
بعيد كثيراً عن المنهج العلمي الموثق وعن الأسلوب المتعقل الرصين .
" منهج الأشاعرة في العقيدة " ( ص 2 ) .
وقد رد عليه كثير من أهل العلم مثل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والشيخ الألباني رحمه الله والشيخ صالح الفوزان والشيخ بكر أبو زيد
والشيخ محمد جميل زينو وغيرهم .
وأما كتابه " صفوة التفاسير " فهو من أكثر كتبه التي ردَّ عليها العلماء ، وهذه قائمة بأسماء بعض من ردَّ عليه مع ذِكر أسماء كتبهم :
1. " الرد على أخطاء محمد علي الصابوني في كتابه " صفوة التفاسير " و " مختصر تفسير ابن جرير " ، للشيخ محمد جميل زينو – مدرس التفسير في
دار الحديث في مكة - .
2. " تنبيهات هامة على كتاب " صفوة التفاسير " " ، للشيخ محمد جميل زينو .
3. " ملاحظات على كتاب " صفوة التفسير " " للشيخ سعد ظلاَّم – عميد كلية اللغة العربية في مصر - .
4. " ملاحظات على صفوة التفاسير " للشيخ عبد الله بن جبرين .
5. " ملاحظات عامة على كتاب " صفوة التفاسير " " للشيخ صالح الفوزان .
6. " التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير " للشيخ بكر أبو زيد ، وهو ضمن كتابه الكبير " الردود " .
وهذه الردود والتعقبات دفعت وزارة الأوقاف في المملكة العربية السعودية أن تمنع تداول الكتاب وتأمر بمصادرته ، وذلك في : " تعميم وزارة
الحج والأوقاف برقم 945 / 2 / ص ، في 16 / 4 / 1408 هـ من المديرية العامة للأوقاف والمساجد في منطقة الرياض المتضمن مصادرة " صفوة التفاسير " وعدم توزيعه
حتى يصلح ما فيه من أخطاء عقدية .
قال الشيخ بكر أبو زيد :
" صفوة التفاسير " اسم فيه تغرير وتلبيس ، فأنَّى له الصفاء وهو مبني على الخلط بين التبر والتبن ، إذ مزج بين تفسيري ابن جرير وابن كثير
السلفييْن ، وتفسير الزمخشري المعتزلي ، والرضي الرافضي ، والطبرسي الرافضي ، والرازي الأشعري ، والصاوي الأشعري القبوري المتعصب ، وغيرهم ، ولا سيما وهذا
المزج على يد من لا يعرف الصنعة ولا يتقنها كهذا الذي تسوَّر هذا الصرح بلا سلَّم ، وإلا فإن أهل العلم يستفيدون من المفسرين المتميزين بما لا يخرج عن
الجادة : مسلك السلف ، وضوابط التفسير ، وسَنن لسان العرب .
" الردود " ( ص 311 ) .
وقال :
فيفيد وصفه بالجهل أنه : يصحح الضعاف ، ويضعِّف الصحاح ، ويعزو أحاديث كثيرة إلى الصحيحين ، أو السنن الأربعة أو غيرها وليس في الصحيحين
– مثلاً – أو ليس في بعضها ، ويحتج بالإسرائيليات ، ويتناقض في الأحكام .
ويفيد وصفه بالإخلال بالأمانة العلمية : بتر النقول ، وتقويل العالم ما لم يقله ، وتحريف جمع من النصوص والأقوال ، وتقريره مذهب الخلَف
في كتب السلف .
ويفيد خَلْفيته في الاعتقاد : مسخه لعقيدة السلف في مواضع من تفسير ابن جرير ، وتفسير ابن كثير ، وبأكثر في " صفوة التفاسير " ، وما
تحريفه لعدد من النصوص إلا ليبرر هذه الغاية .
" الردود " ( ص 313 ، 314 ) .
وقد نصحه الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – قائلاً :
نوصيك بتقوى الله ، والحرص التام على التقيد بمذهب السلف الصالح في جميع مؤلفاتك ، ونوصيك أيضاً بالإكثار من تدبر القرآن الكريم ،
والسنَّة المطهرة ، وكلام سلف الأمَّة ، والاستفادة مما كتبه الإمام العلاَّمة شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه العلاَّمة ابن القيم ، ونوصيك بمطالعة
رسالتيْ " التدمرية " و " الحموية " لشيخ الإسلام ، و " الصواعق " و " اجتماع الجيوش الإسلاميَّة " لابن القيم ، وغيرها من كتب السلف .
" الردود " ( ص 375 ) .
ثانياً :
أما ما أردت بيانه من الكتب التي يحتاجها المسلم في حياته : فيمكنك الاطلاع على السؤال : ( 14082 ) ففيه بيان ما أردت وزيادة .
والله أعلم .
*****
39775
حكم من يلازم الاستغفار لأجل أن يرزق بالولد
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >
الرقائق > الدعاء >
سؤال رقم 39775: حكم من يلازم الاستغفار لأجل أن يرزق بالولد
في سورة نوح ورد فضل الاستغفار ، ما هي كيفية الاستغفار الصحيحة - حفظكم الله - ؟ وهناك تجربة إن صح التعبير لزميل لي في العمل حيث إنه لم يرزق بالذرية بعد مضي عام ونصف تقريبا ، وبعد ذلك داوم على الاستغفار ولازمه في جميع أوقاته وأحواله بعد ترك فضول الكلام وتحري الحلال في جميع حوائجه ولم يكمل الشهر وإذا به - بحمد الله - يبشَّر بأن زوجته أصبحت حبلى ، حفظ الله هذا الزميل وحفظ ذريته وأهله . فسبحان الله هل ينطبق هذا المثال على من أراد الأموال والجنات ؟.
الحمد لله
أولاً : لا بأس أن يكثر الإنسان من الاستغفار ليرزقه الله تعالى
المال والولد .
قال الله تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ
كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) نوح/10 - 12 .
قال القرطبي :
قوله تعالى { فقلت استغفروا ربكم } أي : سلوه المغفرة من
ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان . { إنه كان غفاراً } أي : لم يزل كذلك لمن
أناب إليه . وهذا منه ترغيب في التوبة .
{ يرسل السماء عليكم مدراراً } أي : يرسل ماء السماء ، و {
مدراراً } ذا غيث كثير .
( ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً )
قال الشعبي : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع ،
فأُمطروا فقالوا : ما رأيناك استسقيت ؟ فقال : لقد طلبتُ المطر بمجاديح
السماء التي يُستنزل بها المطر ؛ ثم قرأ { استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل
السماء عليكم مدراراً } .
( بمجاديح ) جمع مِجْدَح وهو نجم كانت العرب تزعم أنها تمطر به .
وأراد عمر رضي الله عنه تكذيب العرب في هذا الزعم الباطل ، وبَيَّن أنه استسقى
بالسبب الصحيح لنزول المطر وهو الاستغفار وليس النجوم .
وشكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله ، وشكا
آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله ، وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني
ولداً ؛ فقال له : استغفر الله ، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال له : استغفر
الله ، فقلنا له في ذلك ؟ فقال : ما قلت من عندي شيئاً ؛ إن الله تعالى يقول
في سورة نوح ( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً .
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) .
" تفسير القرطبي " ( 18 / 301 – 303 ) باختصار .
ثانياً :
أما صيغ الاستغفار : فأفضل ذلك ما ثبت في السنة الصحيحة عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله ، أو ما أوصى به الأمة أن تقوله .
1. عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: " سيد الاستغفار أن تقول : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا
على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي
فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
قال : ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي
فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل
الجنة . رواه البخاري ( 5947 ) .
2. عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان
يدعو بهذا الدعاء " رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به
مني ، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما
قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير "
. رواه البخاري ( 6035 ) ومسلم ( 2719 ) .
3. عن ابن عمر قال : إنْ كنَّا لنعدُّ لرسول الله صلى الله عليه
وسلم في المجلس يقول " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " مائة مرة . رواه الترمذي ( 3434 ) وعنده " التواب الغفور " وأبو داود ( 1516 ) وابن
ماجه ( 3814 ) .
4. عن أبي يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَن قال
أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه غفر له وإن كان
فر من الزحف " . رواه الترمذي ( 3577 ) وأبو داود ( 1517 ) .
5. عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله
عليه وسلم : علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ، قال : قل " اللهم إني ظلمت نفسي
ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني إنك أنت
الغفور الرحيم " . رواه البخاري ( 799 ) ومسلم ( 2705 ) .
والله أعلم .
*****
39795
خانت زوجها وسحرته وانقلب على هله
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4019)
سؤال رقم 39795- خانت زوجها وسحرته وانقلب على هله
لقد تزوج ابني بامرأة سوء عملت له سحراً ، فانقلب على أهله جميعاً ، وصار لا يرد لها أي طلب مهما كان . وقد قبضت هيئة الأمر بالمعروف عليها هي وعشيقها وثبتت تلك الجريمة عليها ، ومع ذلك فابني رفض طلاقها ودائماً يدافع عنها . ودخلنا بينها فوجدنا أشياء غريبة فقد وجدنا حذاء موضوعاً على كتاب الله فوق الدولاب ( والعياذ بالله ) ووجدنا أشياء أخرى ، وعندها خادمات من بلاد يعرفون بالسحر . مما جعلنا نقطع أنها سحرت ابني ، وقد ذهبنا إلى أحد المشايخ ليقرأ عليه فظهرت عليه علامات السحر .
وهو الآن يرفض العلاج ولا يصدقنا أنه مسحور . فماذا نفعل ؟ هل تقوم بالذهاب إلى أحد السحرة لفك السحر ؟
وقد توفي والده وهو الآن يطالبنا بنصيبه من ميراث أبيه ، فهل نعطيه المال ، وهو مسحور يضيع أمواله ، وهذه المرأة قد سلبت جميع أمواله وضيعتها على السحر والشعوذة ، مع العلم أن له أولاداً يحتاجون إلى هذا المال .
الحمد لله
أولاً :
لا شك أن ما أصاب ابنكم هو من البلاء لكم ، ونسأل الله تعالى أن
يصبِّركم ، ويثبتكم على دينه ، كما نسأل الله له الشفاء ، والظاهر أنه واقع تحت
تأثير السحر ، فلا ينبغي لكم مؤاخذته على تصرفاته معكم ، ولا يرضى عاقل أن يعلم عن
امرأته بشيء مما فعلته ويسكت عنها ، لكن يبدو أن السحر قد أثَّر عليه تأثيراً
بالغاً حتى وقف معها وانقلب عليكم.
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 11290 ) حرمة علاج السحر بالسحر ، وفيه
وفي جواب السؤال رقم ( 12918 ) بيان
العلاج الشرعي للسحر .
ويمكنكم علاج ولدكم بالقراءة على الماء وسقيه له دون علمه ،
وعليكم ملازمة الدعاء مع استعمال العلاج ، فلعل الله تعالى أن يكشف عنه البأس والضر
.
ثانياً :
يتوقف دفع حق ولدكم من الميراث على حسن تصرفه بالمال ، فإن كان
المال سيقع في يده أو يد زوجته ولن يحسنا التصرف فيه : فلا يجوز لكم تمكينه من
المال ، وليبقَ معكم ، ولتنفقوا عليه وعلى أبنائه منه ، وهو أمانة في أيديكم لا
ينبغي لكم التفريط فيه .
قال الله تعالى : ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ
الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ
وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا . وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا
بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ
كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا
عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ) النساء/5 ، 6 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
{ السفهاء } جمع " سفيه " وهو : من لا يحسن التصرف في المال ،
إما لعدم عقله , كالمجنون والمعتوه , ونحوهما ، وإما لعدم رشده , كالصغير وغير
الرشيد ، فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم , خشية إفسادها وإتلافها ، لأن
الله جعل الأموال قياماً لعباده , في مصالح دينهم ودنياهم ، وهؤلاء لا يحسنون
القيام عليها وحفظها ، فأمر الله الولي أن لا يؤتيهم إياها بل يرزقهم منها ,
ويكسوهم , ويبذل منها , ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية , وأن
يقولوا لهم قولاً معروفاً , بأن يعِدوهم إذا طلبوها أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم ,
ونحو ذلك , ويلطفوا لهم في الأقوال , جبراً لخواطرهم ، وفي إضافته تعالى الأموال
إلى الأولياء إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء , ما يفعلونه في
أموالهم , من الحفظ , والتصرف , وعدم التعرض للأخطار .
وفي الآية دليل على أن نفقة المجنون والصغير والسفيه , في مالهم
, إذا كان لهم مال لقوله ( وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ ) . " تفسير
السعدي " .
وينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية وأقامة البينة على أن هذا
الولد لا يحسن التصرف في ماله ، حتى تقوم المحكمة بالحجر عليه وتعين ولي على ماله .
والله أعلم .
*****
39799
يمتلك مقهى يختلط فيه الرجال بالنساء
الفقه > معاملات > الإجارة > عمل المرأة >(1/4020)
سؤال رقم 39799- يمتلك مقهى يختلط فيه الرجال بالنساء
رجل يمتلك مقهى من النوع الممتاز ، يدخلها رواد مختلطون من الرجال والنساء ويشعر بعدم الارتياح إزاء هذا الاختلاط مخافة أن يكون ريع هذا المقهى يدخل في نطاق المحرمات أو الشبهات المنهي عنها شرعا ، رغم أنه قد فرض على العاملين فيه عدم بيع أي مواد محرمة شرعا بما في ذلك بيع السجائر وحرم على الرواد القيام بممارسات مخلة بالآداب الإسلامية ، ونريد إذا أمكن ذلك أن تتفضلوا بإنارة الطريق لنا في هذا المضمار وذلك بالاستشهاد ببعض الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية حتى تصفو النفس ويطمئن القلب ونجتنب الوقوع في المعصية ونلقى ربنا وهو راض عنا، ونرجو أن تكون الإجابة مستفيضة .
الحمد لله
قد أحسن هذا المالك بمنع بيع المواد المحرمة ، في مقهاه ، ومن
ذلك منعه بيع السجائر، وكذلك منعه للممارسات المخلة بالآداب الإسلامية ، فجزاه الله
خيرا .
لكن بقي عليه أن يمنع الاختلاط ؛ لما فيه من الشر والفساد
والفتنة . وقد دل الكتاب والسنة على تحريم الاختلاط ، ومن ذلك :
قوله سبحانه : ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب
ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) الأحزاب/53
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : ( أي وكما نهيتكم عن
الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن
فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب ) .
وقال القرطبي رحمه الله : ( في هذه الآية دليل على أن الله تعالى
أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض ، أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في ذلك
جميع النساء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة ).
وقال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ
النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي
قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) الأحزاب/32
فإذا جاء التحذير من الخضوع بالقول لئلا يطمع من في قلبه مرض،
فكيف بجلوس الرجال مع النساء الكاسيات العاريات ، المائلات المميلات ، وتبادل
الحديث فيما بينهم ، فهذه تتكلم ، وأخرى تضحك ، وثالثة تتمايل وتنظر، فأي فتنة أعظم
من ذلك؟! وأي قلب عسى أن يسلم من المرض مع ذلك ؟!
وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرّجال بالنساء
حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال ،
والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء ، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء . والأدلّة
على ذلك ما يلي :
1. عن أم سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ
يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ
: فَأُرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ
قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْقَوْمِ" رواه البخاري رقم
(793).
2. وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ
لِلنِّسَاءِ ) قَالَ نَافِعٌ : فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ" رواه أبو داود 462 وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ
صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ) . رواه مسلم (664)
هذا من أعظم الأدلة على منع الشريعة للاختلاط ، وأنه كلّما كان
الرّجل أبعد عن صفوف النساء كان أفضل وكلما كانت المرأة أبعد عن صفوف الرّجال كان
أفضل لها .
وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة
الطّاهر فاتّخاذها في غيره ولا شكّ من باب أولى .
4. وقد روى أَبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ
الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ : ( اسْتَأْخِرْنَ
، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ( تَسِرْن وسط الطريق )
عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ ) فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ
بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا
بِهِ . رواه أبو داود (5272) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وانظر تفصيل الكلام على خطر الاختلاط ، في جواب السؤال رقم ( 1200 )
وإذا كان الاختلاط محرما ، فإن صاحب المقهى آثم بإقراره ، وسكوته
عن إنكاره ، وبإعانة هؤلاء على المعصية بتوفير المكان لهم الذي يعصون الله تعالى
فيه .
فالواجب عليه أن يتقي الله ولا يكون عوناً على نشر الفساد بين
المؤمنين ، ويحرص على طيب مطعمه ، فإن ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) ، كما
قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4519
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ ( إنه لا يربو لحم
نبت من سحت إلا كانت النار أولى به )
فإن استطاع أن يمنع الاختلاط فهذا هو الواجب ، أو ليقصر المقهى
على الرجال فقط ، وإلا فليبحث عن عمل آخر مباح ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً
منه ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )
والله أعلم .
*****
39803
هل يوصف الله تعالى بالمكر والخيانة والخداع ؟
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4021)
سؤال رقم 39803- هل يوصف الله تعالى بالمكر والخيانة والخداع ؟
هل يوصف الله تعالى بالمكر والخداع والخيانة ، كما في قوله تعالى : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ) وقوله : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) ؟.
الحمد لله
صفات الله تعالى كلها صفات كمال ، دالة على أحسن المعاني وأكملها
، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) النحل/60 . وقال تعالى : (وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) الروم/27 .
ومعنى المثل الأعلى أي الوصف الأكمل .
قال السعدي في تفسيره (ص 718، 1065) :
"المثل الأعلى" هو كل صفة كمال اهـ .
والصفات ثلاثة أنواع :
الأول : صفات كمال ، لا نقص فيه بوجه من الوجوه . فهذه يوصف الله
تعالى بها وصفاً مطلقاً ولا يقيد بشيء ، مثال ذلك : العلم ، والقدرة ، والسمع ،
والبصر ، والرحمة . . . إلخ .
الثاني : صفات نقص ، لا كمال فيها ، فهذه لا يوصف الله تعالى بها
أبداً ، كالنوم ، والعجز ، والظلم ، والخيانة . . إلخ .
الثالث : صفات يمكن أن تكون كمالاً ، ويمكن أن تكون نقصاً ، على
حسب الحال التي تُذكر فيها .
فهذه لا يوصف الله تعالى بها على سبيل الإطلاق ، ولا تنفى عن
الله تعالى على سبيل الإطلاق ، بل يجب التفصيل ، ففي الحال التي تكون كمالاً يوصف
الله تعالى بها ، وفي الحال التي تكون نقصاً لا يوصف الله تعالى بها. ومثال هذا :
المكر ، والخديعة ، والاستهزاء .
فالمكر والخديعة والاستهزاء بالعدو صفة كمال ، لأن ذلك يدل على
كمال العلم والقدرة والسلطان . . ونحو ذلك .
أما المكر بالمؤمنين الصادقين فهو صفة نقص .
ولذلك لم يرد وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الإطلاق ،
وإنما ورد مقيداً بما يجعله كمالاً .
قال الله تعالى : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَهُوَ خَادِعُهُمْ) النساء /142 . فهذا خداع بالمنافقين .
وقال : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ
أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ
خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) الأنفال/30 . وهذا مكر بأعداء الله
الذين كانوا يمكرون برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وقال عن المنافقين : ( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا
آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا
نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي
طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) البقرة /14-15 . وهذا استهزاء
بالمنافقين .
فهذه الصفات تعتبر كمالاً في هذا السياق الذي وردت فيه . ولهذا
يقال : الله تعالى يستهزئ بالمنافقين ، ويخادعهم ، ويمكر بأعدائه . . . ونحو ذلك .
ولا يجوز أن يوصف الله تعالى بالمكر والخادع وصفاً مطلقاً . لأنه حينئذٍ لا يكون
كمالاً .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يوصف الله بالمكر؟ وهل يسمى
به ؟
فأجاب :
" لا يوصف الله تعالى بالمكر إلا مقيداً ، فلا يوصف الله تعالى
به وصفاً مطلقاً ، قال الله تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ
مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف/99 . ففي هذه الآية دليل على
أن لله مكراً ، والمكر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر. ومنه جاء في
الحديث الذي أخرجه البخاري ( الحرب خدعة ) .
فإن قيل : كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم ؟
قيل : إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على
خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق ، فلا يجوز أن تقول : "إن الله ماكر" وإنما
تذكر هذه الصفة في مقام يكون مدحاً ، مثل قوله تعالى : ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ
اللَّهُ ) الأنفال /30 ، وقوله : ( وَمَكَرُوا مَكْراً
وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) النمل /50 .
ولا تنفى هذه الصفة عن الله على سبيل الإطلاق ، بل إنها في
المقام الذي تكون مدحاً يوصف بها ، وفي المقام الذي لا تكون فيه مدحاً لا يوصف بها.
وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال : إن من أسماء الله الماكر ، والمكر من الصفات
الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه" اهـ . "فتاوى الشيخ ابن عثيمين"
(1/170).
وسئل أيضاً : هل يوصف الله بالخيانة ؟ والخداع كما قال الله
تعالى: ( يخادعون الله وهو خادعهم ) ؟
فأجاب :
" أما الخيانة فلا يوصف الله بها أبداً ، لأنها ذم بكل حال ، إذ
إنها مكر في موضع الائتمان ، وهو مذموم ، قال الله تعالى : ( وَإِنْ يُرِيدُوا
خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الأنفال /71 ، ولم يقل : فخانهم .
وأما الخداع فهو كالمكر يوصف الله تعالى به حين يكون مدحاً ، ولا
يوصف به على سبيل الإطلاق قال الله تعالى: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ
اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) النساء /142 اهـ .
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/171) .
والله أعلم .
*****
39806
حكم رسم ذوات الأرواح
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4022)
سؤال رقم 39806- حكم رسم ذوات الأرواح
ما حكم الرسم في الإسلام ?.
الحمد لله
الرسم له معنيان :
أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح ، وهذا جاءت السنة بتحريمه ، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح : " كل مصوّر في النار " وقوله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، الذين يضاهئون بخلق الله " ، ولقوله صلى الله
عليه وسلم : " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم "
ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ، فدل ذلك على تحريم التصوير ، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح
من الدواب والإنسان والطيور .
أما رسم ما لا روح فيه ـ وهو المعنى الثاني ـ فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك ، لا حرج فيه عند أهل
العلم .
ويستثني من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه ، كرسم صور المجرمين حتى يعرفوا وحتى يمسكوا ، أو الصورة في حفيظة النفوس التي لا بد منها
ولا يستطيع الحصول عليها إلا بذلك ، وهكذا ما تدعو الضرورة من سوى ذلك ، فإذا رأى ولي الأمر أن هذا الشيء مما تدعو الضرورة إلى تصويره ، لخطورته ، ولقصد
سلامة المسلمين من شره حتى يعرف ، أو لأسباب أخرى فلا باس ، قال الله عز وجل : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ
إِلَيْهِ ) الأنعام / 119
فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز ص302
*****
39806
حكم رسم ذوات الأرواح
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4023)
سؤال رقم 39806- حكم رسم ذوات الأرواح
ما حكم الرسم في الإسلام ?.
الحمد لله
الرسم له معنيان :
أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح ، وهذا جاءت السنة بتحريمه ، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح : " كل مصوّر في النار " وقوله صلى الله عليه وسلم : " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، الذين يضاهئون بخلق الله " ، ولقوله صلى الله
عليه وسلم : " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم "
ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ، ولعن المصور ، فدل ذلك على تحريم التصوير ، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح
من الدواب والإنسان والطيور .
أما رسم ما لا روح فيه ـ وهو المعنى الثاني ـ فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك ، لا حرج فيه عند أهل
العلم .
ويستثني من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه ، كرسم صور المجرمين حتى يعرفوا وحتى يمسكوا ، أو الصورة في حفيظة النفوس التي لا بد منها
ولا يستطيع الحصول عليها إلا بذلك ، وهكذا ما تدعو الضرورة من سوى ذلك ، فإذا رأى ولي الأمر أن هذا الشيء مما تدعو الضرورة إلى تصويره ، لخطورته ، ولقصد
سلامة المسلمين من شره حتى يعرف ، أو لأسباب أخرى فلا باس ، قال الله عز وجل : ( وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ
إِلَيْهِ ) الأنعام / 119
فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز ص302
*****
39818
تأخير الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/4024)
سؤال رقم 39818- تأخير الصلاة
سؤالي عن وقت الصلاة ، فبدايتها تكون عند الأذان لكن متى يكون آخر وقتها ؟؟ وهل هناك فرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها للمصلي ؟ وما عقاب الاثنين ؟ .
الحمد لله
لمعرفة أوقات الصلوات ابتداءً وانتهاءً يُراجع السؤال ( 9940 )
أما ما سألت عنه من الفرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها فجوابه ما يلي :
أما انقضاء وقت الصلاة :
فهو أن يترك الصلاة حتى يخرج وقتها ولم يصل ، وهذا من كبائر الذنوب ، إلا لعذر شرعي كالنوم والنسيان .
قال في الموسوعة الفقهية (10/8) : " اتفق الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي " .
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله :
" أما الإنسان الذي يتعمد تأخيرها ( أي الصلاة ) إلى ما بعد الوقت ، أو يضبط الساعة إلى ما بعد الوقت حتى لا يقوم في الوقت ، فهذا متعمد
للترك ، وقد أتى منكراً عظيماً عند جميع العلماء ، ولكن هل يكفر أو لا يكفر؟
فيه خلاف بين العلماء :
إذا كان لم يجحد وجوبها فالجمهور يرون أنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر .
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفرا أكبر يخرجه من الملة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الشرك و الكفر
ترك الصلاة " رواه الإمام مسلم في صحيحه (82) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربع بإسناد
صحيح ، ولأدلة أخرى .
وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين :
لقول التابعي الجليل : عبد الله بن شقيق العقيلي : ( لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ) اهـ .
وأما تأخير الصلاة فيطلق على معنيين :
الأول : تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها . وهو بمعنى انقضاء وقت الصلاة . وقد سبق بيان معناه وحكمه .
الثاني : تأخير الصلاة إلى آخر وقتها .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (10/6) .
والصلاة في آخر وقتها جائزة ، لما رواه مسلم (614) عن أَبِي مُوسَى الأشعري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ . . . فبين له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول وقت كل صلاة وآخره ثم قال : (الْوَقْتُ
بَيْنَ هَذَيْنِ) .
لكن لو ترتب على تأخير الصلاة تضييع الصلاة جماعة فيصليها في آخر وقتها منفرداً ، كان ذلك حراماً من أجل ترك الصلاة جماعة . ما لم يكن
معذوراً في ترك الصلاة مع الجماعة .
والأفضل هو فعل الصلاة في أول وقتها ، إلا صلاة العشاء ، وصلاة الظهر عند اشتداد الحر فالأفضل فعلهما قريباً من آخر الوقت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الأكمل أن تكون ( الصلاة ) على وقتها المطلوب شرعاً ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله عز وجل
؟ قال : " الصلاة على وقتها " ( رواه البخاري 527 ومسلم 85 ) ولم يقل ( الصلاة في أول وقتها ) ؛ وذلك لأن الصلوات منها ما يُسن
تقديمه ، ومنها ما يُسن تأخيره ، فصلاة العشاء مثلاً يُسن تأخيرها إلى ثلث الليل ، ولهذا لو كانت امرأة في البيت وقالت أيهما أفضل لي ؟
أن أصلي صلاة العشاء من حين أذان العشاء أو أؤخرها إلى ثلث الليل ؟
قلنا : الأفضل أن تؤخرها إلى ثلث الليل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر ذات ليلة حتى قالوا : يا رسول لله رقد النساء والصبيان ،
فخرج وصلى بهم وقال : " إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي "
فالأفضل للمرأة إذا كانت في بيتها أن تؤخرها .
وكذلك لو فرض أن رجالا ً محصورين ، يعني رجالاً معينين في سفر فقالوا : نؤخر صلاة العشاء أم نقدم ؟
فنقول الأفضل أن تؤخروا .
وكذلك لو أن جماعة خرجوا في نزهة وحان وقت العشاء فهل الأفضل أن يقدموا العشاء أو يؤخروها ؟
نقول : الأفضل أن يُؤخروها إلا إذا كان في ذلك مشقة .
وبقية الصلوات الأفضل فيها التقديم إلا لسبب ، فالفجر تُقدم ، والظهر تُقدم ، والعصر تُقدم ، والمغرب تُقدم ، إلا إذا كان هناك سبب .
فمن الأسباب : إذا اشتد الحر فإن الأفضل تأخير صلاة الظهر إلى أن يبرد الوقت ، يعني إلى قرب صلاة العصر ؛ لأنه يبرد الوقت إذا قرب وقت
العصر ، فإذا اشتد الحر فإن الأفضل الإبراد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " رواه
البخاري 537 ومسلم 615 .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقام بلال ليُؤذن فقال : " أبرد " ثم قام ليؤذن ، فقال: "أبرد" ، ثم قام ليؤذن ، فأَذِنَ له . البخاري ( 629 ) ومسلم ( 616 ) .
ومن الأسباب أيضاً أن يكون في آخر الوقت جماعة لا تحصل في أول الوقت ، فهنا التأخير أفضل ، كرجل أدركه الوقت وهو في البر وهو يعلم أنه
سيصل إلى البلد ويدرك الجماعة في آخر الوقت فهل الأفضل أن يصلي من حين أن يُدركه الوقت أو أن يؤخر حتى يدرك الجماعة ؟
نقول : إن الأفضل أن تؤخر حتى تُدرك الجماعة ، بل قد نقول بوجوب التأخير هنا تحصيلاً للجماعة اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 287) .
*****
39818
تأخير الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/4025)
سؤال رقم 39818- تأخير الصلاة
سؤالي عن وقت الصلاة ، فبدايتها تكون عند الأذان لكن متى يكون آخر وقتها ؟؟ وهل هناك فرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها للمصلي ؟ وما عقاب الاثنين ؟ .
الحمد لله
لمعرفة أوقات الصلوات ابتداءً وانتهاءً يُراجع السؤال ( 9940 )
أما ما سألت عنه من الفرق بين تأخير الصلاة وانقضاء وقتها فجوابه ما يلي :
أما انقضاء وقت الصلاة :
فهو أن يترك الصلاة حتى يخرج وقتها ولم يصل ، وهذا من كبائر الذنوب ، إلا لعذر شرعي كالنوم والنسيان .
قال في الموسوعة الفقهية (10/8) : " اتفق الفقهاء على تحريم تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بلا عذر شرعي " .
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله :
" أما الإنسان الذي يتعمد تأخيرها ( أي الصلاة ) إلى ما بعد الوقت ، أو يضبط الساعة إلى ما بعد الوقت حتى لا يقوم في الوقت ، فهذا متعمد
للترك ، وقد أتى منكراً عظيماً عند جميع العلماء ، ولكن هل يكفر أو لا يكفر؟
فيه خلاف بين العلماء :
إذا كان لم يجحد وجوبها فالجمهور يرون أنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر .
وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك كفرا أكبر يخرجه من الملة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الشرك و الكفر
ترك الصلاة " رواه الإمام مسلم في صحيحه (82) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربع بإسناد
صحيح ، ولأدلة أخرى .
وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين :
لقول التابعي الجليل : عبد الله بن شقيق العقيلي : ( لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ) اهـ .
وأما تأخير الصلاة فيطلق على معنيين :
الأول : تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها . وهو بمعنى انقضاء وقت الصلاة . وقد سبق بيان معناه وحكمه .
الثاني : تأخير الصلاة إلى آخر وقتها .
انظر : "الموسوعة الفقهية" (10/6) .
والصلاة في آخر وقتها جائزة ، لما رواه مسلم (614) عن أَبِي مُوسَى الأشعري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ أَتَاهُ سَائِلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلاةِ . . . فبين له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول وقت كل صلاة وآخره ثم قال : (الْوَقْتُ
بَيْنَ هَذَيْنِ) .
لكن لو ترتب على تأخير الصلاة تضييع الصلاة جماعة فيصليها في آخر وقتها منفرداً ، كان ذلك حراماً من أجل ترك الصلاة جماعة . ما لم يكن
معذوراً في ترك الصلاة مع الجماعة .
والأفضل هو فعل الصلاة في أول وقتها ، إلا صلاة العشاء ، وصلاة الظهر عند اشتداد الحر فالأفضل فعلهما قريباً من آخر الوقت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"الأكمل أن تكون ( الصلاة ) على وقتها المطلوب شرعاً ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله أي العمل أحب إلى الله عز وجل
؟ قال : " الصلاة على وقتها " ( رواه البخاري 527 ومسلم 85 ) ولم يقل ( الصلاة في أول وقتها ) ؛ وذلك لأن الصلوات منها ما يُسن
تقديمه ، ومنها ما يُسن تأخيره ، فصلاة العشاء مثلاً يُسن تأخيرها إلى ثلث الليل ، ولهذا لو كانت امرأة في البيت وقالت أيهما أفضل لي ؟
أن أصلي صلاة العشاء من حين أذان العشاء أو أؤخرها إلى ثلث الليل ؟
قلنا : الأفضل أن تؤخرها إلى ثلث الليل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تأخر ذات ليلة حتى قالوا : يا رسول لله رقد النساء والصبيان ،
فخرج وصلى بهم وقال : " إن هذا لوقتها لولا أن أشق على أمتي "
فالأفضل للمرأة إذا كانت في بيتها أن تؤخرها .
وكذلك لو فرض أن رجالا ً محصورين ، يعني رجالاً معينين في سفر فقالوا : نؤخر صلاة العشاء أم نقدم ؟
فنقول الأفضل أن تؤخروا .
وكذلك لو أن جماعة خرجوا في نزهة وحان وقت العشاء فهل الأفضل أن يقدموا العشاء أو يؤخروها ؟
نقول : الأفضل أن يُؤخروها إلا إذا كان في ذلك مشقة .
وبقية الصلوات الأفضل فيها التقديم إلا لسبب ، فالفجر تُقدم ، والظهر تُقدم ، والعصر تُقدم ، والمغرب تُقدم ، إلا إذا كان هناك سبب .
فمن الأسباب : إذا اشتد الحر فإن الأفضل تأخير صلاة الظهر إلى أن يبرد الوقت ، يعني إلى قرب صلاة العصر ؛ لأنه يبرد الوقت إذا قرب وقت
العصر ، فإذا اشتد الحر فإن الأفضل الإبراد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " رواه
البخاري 537 ومسلم 615 .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقام بلال ليُؤذن فقال : " أبرد " ثم قام ليؤذن ، فقال: "أبرد" ، ثم قام ليؤذن ، فأَذِنَ له . البخاري ( 629 ) ومسلم ( 616 ) .
ومن الأسباب أيضاً أن يكون في آخر الوقت جماعة لا تحصل في أول الوقت ، فهنا التأخير أفضل ، كرجل أدركه الوقت وهو في البر وهو يعلم أنه
سيصل إلى البلد ويدرك الجماعة في آخر الوقت فهل الأفضل أن يصلي من حين أن يُدركه الوقت أو أن يؤخر حتى يدرك الجماعة ؟
نقول : إن الأفضل أن تؤخر حتى تُدرك الجماعة ، بل قد نقول بوجوب التأخير هنا تحصيلاً للجماعة اهـ .
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 287) .
*****
39827
إذا شرع في صيام نفل ثم أفطر هل يلزمه قضاؤه
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/4026)
سؤال رقم 39827- إذا شرع في صيام نفل ثم أفطر هل يلزمه قضاؤه
رجل يريد صيام ستاً من شوال ، وفي أحد الأيام نوى أن يصومه لكنه أفطر بدون عذر ، ولم يتم صيامه فهل يقضى هذا اليوم بعد ما يصوم ست من شوال ويكون عدد الأيام التي صامها سبعاً أم يصوم ستاً من شوال فقط ؟ .
الحمد لله
اختلف العلماء فيمن شرع في صيام نفل هل يجب عليه إتمامه أم لا ؟
على قولين :
القول الأول : أنه لا يلزم إتمام صيام النفل ، وهذا مذهب
الشافعية والحنابلة ، واستدلوا بما يلي :
1- عن عائشة أم المؤمنين قالت :( دخل علي النبي صلى الله عليه
وسلم ذات يوم فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا : لا ، قال : فإني إذن صائم ، ثم أتانا
يوما آخر فقلنا : يا رسول الله أهدي لنا حيس ، فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما ، فأكل
) رواه مسلم برقم 1154
2- عن أبي جحيفة قال : ( ..... فجاء أبو الدرداء فصنع له - أي
لسلمان - طعاما ، فقال : كل فإني صائم ، قال سلمان : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال
فأكل ..... فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط
كل ذي حق حقه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله
عليه وسلم صدق سلمان ) رواه البخاري برقم 1968
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( صنعت للنبي صلى الله
عليه وسلم طعاما ، فلما وضع ، قال رجل : أنا صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : دعاك أخوك ، وتكلف لك ، أفطر فصم مكانه إن شئت ) رواه الدراقطني برقم
24 ، وحسنه الحافظ في الفتح 4 / 210
القول الثاني : أنه يلزم إتمام النفل ، فإن أفسده فعليه القضاء ،
وهذا مذهب الحنفية ، واستدلوا على وجوب القضاء بما يلي :
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أهدي لي ولحفصة طعام وكنا
صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له يا رسول الله إنا
أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عليكما
صوما مكانه يوما آخر ) رواه أبو داود 2457 ، والترمذي 735 ، وفي إسناده زميل ، قال
في التقريب : مجهول ، وضعفه النووي في المجموع 6 / 396 ، وابن القيم في زاد المعاد
2 / 84 ، وضعفه الألباني .
2- في حديث عائشة السابق في مسلم ، زاد بعضهم : ( فلقد أصبحت
صائماً فأكل ، وقال : أصوم يوما مكانه ) .
وأجيب بأن النسائي ضعف هذه الزيادة ، وقال : هي خطأ ، وكذا ضعفها
الدار قطني والبيهقي .
والقول الأول هو الراجح لقوة أدلته ، ويؤيده ما ثبت عن أم هانئ
رضي الله عنها أنها قالت : ( يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة ؟ فقال لها : أكنت
تقضين شيئا ، قالت لا ، قال : فلا يضرك إن كان تطوعا ) رواه أبو داود برقم
2456 ، وصححه الألباني .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان الإنسان صائما صيام
نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر ، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال ( هل
عندكم شيء ؟ ) فقالت : أهدي لنا حيس فقال : ( فأرينيه فلقد أصبحت صائما ). فأكل منه
صلى الله عليه وسلم ، وهذا في النفل ، وليس في الفرض . " انتهى من مجموع
الفتاوى 20
وعليه فلا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته ، لأن المتطوع أمير
نفسه ، وإنما أكمل صيام ست من شوال.
والله أعلم .
*****
39829
الاقتراض من البنك الربوي لشراء منزل
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4027)
سؤال رقم 39829- الاقتراض من البنك الربوي لشراء منزل
أريد أن آخذ قرضاً من البنك لشراء منزل وتتم هذه المعاملة كالتالي :
1- أشترك في بنك الإسكان وأدفع مبلغ 182 دينارا شهريا لمدة أربع سنوات أي 8736 دينارا، هذا المبلغ يصبح 10000 دينارا ( ادخار + فوائد( .
2- من حقي اقتراض مبلغ من البنك وقدره 20000 دينار ، مدة التسديد : 13 سنة بفائض 6.75% سنويا .
3- إضافة إلى ذلك هناك قرض تكميلي بمبلغ 20000 دينار بفائض 8.25% . .
عند اقتناء المنزل أكون مستأجراً له من البنك إلى نهاية مدة السداد ثم يكون ملكاً لي . ومدة السداد تتراوح ما بين 13 إلى 15 سنة ، فما حكم ذلك ؟.
الحمد لله
التعامل بالربا من كبائر الذنوب ، وقد توعد الله تعالى عليه
وعيداً شديداً ، فقال عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ
تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ
رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279 ، وقال : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا
يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ
الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ
وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ ) البقرة/275
وثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن آكل الربا
ومؤكله . رواه البخاري ( 5962 ) ، وآكل الربا آخذه ، ومؤكله
معطيه . وفي هذه المعاملة المسؤول عنها كل من الشخص والبنك آكل للربا ومؤكله . وقال
النبي صلى الله عليه وسلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة
وثلاثين زنية" رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3375 ، وقال : ( الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه ) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3537
وقد أجمع العلماء على تحريم كل قرض جر نفعا، قال ابن قدامة رحمه
الله : ( وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا
على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة
على ذلك ربا .
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر
منفعة ) المغني 6/436
ثانياً :
وأما كونك تكون مستأجراً للبيت حتى يتم السداد ثم يصبح ملكاً لك
، فهذا أيضاً محرم ، وقد سبق في إجابة السؤال رقم ( 14304 ) بيان تحريم
الإجارة المنتهية بالتمليك .
وبالجملة فهذه المعاملة محرمة وهي ظلمات بعضها فوق بعض ، ولا
يجوز لمسلم أن يتساهل في التعامل بالربا بعد ثبوت الوعيد الشديد عليه ، وتحريمه
تحريماً قطيعاً ، بل الواجب هو تحري الحلال فإن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به
، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في أخذ قرض من البنك
بالربا لبناء بيت متواضع ؟
فأجابت :
يحرم أخذ قرض من البنوك وغيرها بربا سواء كان أخذ القرض للبناء
أو للاستهلاك في طعام أو كسوة أو مصاريف علاج ، أم كان أخذه للتجارة به وكسب بمائه
، أم غير ذلك ، لعموم آيات النهي عن الربا ، وعموم الأحاديث الدالة على تحريمه ،
كما إنه لا يجوز إيداع مال في البنوك ونحوها بالربا .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
فتاوى اللجنة الدائمة (13/385)
والله تعالى أعلم .
*****
3984
هل يجوز أن يخطب الجمعة شخص ويؤم آخر
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >(1/4028)
سؤال رقم 3984- هل يجوز أن يخطب الجمعة شخص ويؤم آخر
السؤال :
هل يجوز أن يخطب شخص ويصلي الجمعة شخص آخر ؟ حصل هذا في مسجدنا حيث انتهى الخطيب من الخطبة ثم صلى بنا شخص حافظ ، فهل هذا صحيح ؟
الجواب:
الحمد لله
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى فَصْلٌ : وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَوَلَّى الصَّلاةَ مَنْ يَتَوَلَّى الْخُطْبَةَ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَلاهُمَا بِنَفْسِهِ ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ . وَإِنْ خَطَبَ رَجُلٌ ، وَصَلَّى آخَرُ لِعُذْرٍ ، جَازَ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ ... لأَنَّهُ إذَا جَازَ الاسْتِخْلافُ فِي الصَّلاةِ الْوَاحِدَةِ لِلْعُذْرِ ، فَفِي الْخُطْبَةِ مَعَ الصَّلاةِ أَوْلَى . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ ، فَقَالَ أَحْمَدُ - رحمه الله - : لا يُعْجِبُنِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ . فَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَلاهُمَا ، وَقَدْ قَالَ : ( صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ) رواه البخاري وأحمد . وَلأَنَّ الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ . وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ ; لأَنَّ الْخُطْبَةَ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الصَّلاةِ ، فَأَشْبَهَتَا صَلاتَيْنِ . المغني ج2 كتاب الجمعة : فصل : يتولى الصلاة من يتولى الخطبة . ويُراجع : البدائع 1/262 والشرح الكبير 1/499 .
وكون الذي صلى أحفظ من الخطيب لا يبرّر مخالفة السنّة في كون الخطيب هو الإمام ، فيصلي الخطيب بالناس ويقرأ بما تيسّر من القرآن ولو كان وراءه من هو أحفظ منه ، والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
39864
من أفطر في يوم القضاء فهل يصوم ثلاثة أيام ؟ !!
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4029)
سؤال رقم 39864- من أفطر في يوم القضاء فهل يصوم ثلاثة أيام ؟ !!
أفطرت في يوم قضاء بدون عذر، ما الواجب سمعت البعض يقول إنني أصوم ثلاثة أيام بعده .
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب ، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله
إلا لعذر شرعي ، فإذا دخل الإنسان في صوم قضاء ، فإنه يلزمه أن يتمه .
راجع السؤال ( 39752 ) ( 39991 )
وإذا أفطر في قضاء رمضان فإنه يلزمه قضاء ذلك اليوم . وإن كان
فطره من غير عذر فإنه يلزمه مع القضاء التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية .
أما ما ذكرته من صيام ثلاثة أيام بدلا عنه فهذا لا أصل له .
وإنما قال بعض العلماء : عليه يوم يومين ، يوم رمضان ويوم القضاء
.
والصحيح أنه ليس عليه إلا صوم يوم واحد فقط .
قال ابن حزم في المحلى (6/271) : "
ومن أفطر عامدا في قضاء رمضان فليس عليه إلا قضاء يوم واحد فقط ، لأن إيجاب القضاء
إيجاب شرع لم يأذن به الله تعالى . وقد صح أنه عليه السلام قضى ذلك اليوم من رمضان
فلا يجوز أن يزاد عليه غيره بغير نص ولا إجماع " اهـ .
*****
39903
هل الكسب من محل الإنترنت حلال أم حرام ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الاستثمار >(1/4030)
سؤال رقم 39903- هل الكسب من محل الإنترنت حلال أم حرام ؟
استفسار عن مكسب الإنترنت حلال أم حرام مع العلم أن هذا المحل هو الدخل الوحيد لعائلة مسلمة ؟.
الحمد لله
الإنترنت يستخدم في الحلال والحرام ، والخير والشر ، فإذا أمكن
ضبط المحل ومنع استعمال الإنترنت على الوجه المحرم ، فالكسب الناتج حينئذ حلال .
وإذا أهمل صاحب المحل في الإنكار على زبائنه ومنعِهم من الحرام ،
كان آثما ، لعدم إنكاره المنكر، ولمعاونته لهم على الإثم والمعصية ، وكان الكسب الناتج حينئذ خبيثا محرما.
وانظر السؤال ( 34672 )
والله أعلم .
*****
39923
يبحث عن المواقع السيئة ليراسل مراكز حجبها فهل أحسن أم أساء ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/4031)
سؤال رقم 39923- يبحث عن المواقع السيئة ليراسل مراكز حجبها فهل أحسن أم أساء ؟
كنت أتصفح الشبكة مستهدفا المواقع غير الأخلاقية وأرسلها بعد ذلك إلى مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا ليقوموا بحجبها . فهل يحسب هذا العمل لصالحي أم لا ؟.
الحمد لله
يُشكر للأخ السائل غيرته على المحارم ، وبغضه للمعصية ، وحبه
لمحاربتها ، وتخليص الناس من شرورها ، لكننا لا ننصحه بتتبع مواقع الفساد من أجل
التبليغ عنها لحجبها ؛ وذلك لأسباب كثيرة ، منها :
1. إخبار النبي صلى الله عليه وسلم وتحذيره من فتنة النساء ، ولا
شك أن فتنة النساء العاريات وفي أوضاع مخلة أعظم .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ
) . رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ) .
2. أن المسلم مأمور بالابتعاد عن أماكن الفتنة ، والفرار من
مواضعها ، والبعد عن أهلها ، ولا شك أن تتبع هذه المواقع مخالف لكل هذا .
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ ( أي فليبعد)
فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ
فَيَتَّبِعُهُ مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنْ الشُّبُهَاتِ ، أَوْ لِمَا يَبْعَثُ بِهِ
مِنْ الشُّبُهَاتِ ) . رواه أبو داود ( 4319 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6301 ) .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
واحذر - رحمك الله - أن تتعرض لسبب لبلاء ، فبعيد أن يسلم مقارب
الفتنة منها ، وكما أن الحذر مقرون بالنجاة : فالتعرض للفتنة مقرون بالعطب (الهلاك)
، وندر من يسلم من الفتنة مع مقاربتها ، على أنه لا يسلم من تفكر وتصور وهمٍّ .
" ذم الهوى " ( ص 126 ) .
3. أن المسلم مأمور بغض البصر عن المحرمات ، والتصفح للمواقع
الإباحية وما فيها يخالف هذا الأمر .
قال الله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/30 .
قال ابن كثير رحمه الله :
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عما حرم
عليهم ، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغمضوا أبصارهم عن
المحارم ، فإن اتفق أن وقع بصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا ، كما
رواه مسلم في صحيحه عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى
الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 282 ) .
4. وقد ثبت النص الصحيح في النهي عن النظر إلى عورة الرجل من
قبَل الرجل ، فما بالك بنظره إلى عورة المرأة ؟
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا
يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ
الْمَرْأَةِ ) . رواه مسلم ( 338 ) .
5. أن المسلم ليس له إلا النظرة الأولى ، وتكرار النظر في
المواقع الفاسدة يخالف هذا .
عن بريدة بن الحصيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي
: ( يَا عَلِيُّ ، لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى ،
وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ ) رواه الترمذي ( 2777 ) وأبو داود ( 2149 ) .
والحديث : حسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1903 )
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ ، فَأَمَرَنِي
أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي . رواه مسلم ( 2159 ) .
قال النووي :
ومعنى " نظر الفجأة " : أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد فلا
إثم عليه في أول ذلك ، ويجب عليه أن يصرف بصره في الحال ، فإن صرف في الحال فلا إثم
عليه ، وإن استدام النظر أثم ، لهذا الحديث ، فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن
يصرف بصره مع قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ
وَيَحْفَظُوا ) . . .
ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح
شرعي وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع
والشراء وغيرهما ونحو ذلك وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم
.
" شرح مسلم " ( 14 / 139 ) .
6. أن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى نظر الحرام بـ " زنا العين
" ، وهو بالإضافة لكونه حراماً من جهة التعدي في النظر فهو – أيضاً – كفرٌ بالنعمة
التي وهبها الله للمسلم .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ
كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ ،
فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ
تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ ) . رواه البخاري ( 5899 ) ومسلم ( 2657 ) .
قال النووي :
معنى الحديث : أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا فمنهم من يكون
زناه حقيقيّاً بإدخال الفرج في الفرج الحرام ، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر
الحرام ، أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله ، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية
بيده ، أو يقبلها ، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس أو الحديث الحرام
مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب ، فكل هذه أنواع من الزنا المجازي .
" والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذبه " معناه : أنه قد يحقق الزنا
بالفرج وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج وإن قارب ذلك ، والله اعلم .
" شرح مسلم " ( 16 / 206 ) .
7. أن المواقع الإباحية من المتوقع أن تكون ( 8 ) مليارات ! فقد
كانت حوالي نصف مليار عام 1998 م فكيف بها الآن ؟ فلو أعطى كل موقع نظرة واحدة ،
فكيف سيكون حال قلبه ؟ وكم سيستغرق من الأوقات لتتبعها ؟ لذا لا يُشك أن مثل هذا
الفعل سبب لهلاك القلب والبدن والوقت .
8. أن تتابع النظر إلى تلك المواقع الفاسدة والمثيرة قد يودي
بصاحبها لتعلق القلب بهن فيستحكم العشق المحرم على قلبه فيفسده ، فيكون قد عرَّض
نفسه لفتنة وهلاك بعد أن كان سالماً معافى .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
وقد يتعرض الإنسان لأسباب العشق فيعشق ، فإنه قد يرى الشخص فلا
توجب رؤيته محبته فيديم النظر والمخالطة فيقع ما لم يكن في حسابه ، ومن الناس من
توجب له الرؤية نوع محبة ، فيعرض عن المحبوب فيزول ذلك ، فإن داوم النظر نمت ،
كالجنة (البستان) إذا زرعت فإنها إن أهملت يبست ، وإن سقيت نمت . " ذم الهوى
" ( ص 237 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
وكلما تواصلت النظرات وتتابعت كلما زاد تعلق القلب وهيجانه ، مثل
المياه تسقى بها الشجرة فإذا أكثر من المياه فإنها تفسد الشجرة ، وكذلك النظر إذا
كرر وأعيد فإنه يفسد القلب لا محالة ، فإذا تعرض القلب لهذا البلاء فإنه يعرض عما
أُمِرَ به ويخرج بصاحبه إلى المحن ، ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ، ويلقي القلب
في التلف ، والسبب في هذا : أن الناظر الْتَذَّتْ عينُه بأول نظرة فطلبت المعاودة
كأكل الطعام اللذيذ إذا تناول منه لقمة ، ولو أنه غض أولاً لاستراح قلبه وسلِم . " روضة المحبين " ( ص 94 ، 95 ) .
وقال رحمه الله :
إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في
سكرة العشق ، كما قال الله تعالى عن عشاق الصور : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي
سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الحجر/72 .
فالنظرة كأس من خمر ، والعشق هو سكر ذلك الشراب ، وسكر العشق
أعظم من سكر الخمر ؛ فإن سكران الخمر يفيق ، وسكران العشق قلما يفيق إلا وهو في
عسكر الأموات . " روضة المحبين " ( ص 104 ) .
9. أن تتابع النظر إلى تلك المواقع الهابطة قد يؤدي بصاحبها إلى
الوقوع في الحرام ، بل إلى تقليد ما يراه ، فالبداية النظر ، والنهاية الوقوع في
المحظور .
قال ابن القيم :
والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان ، فإن النظرة تولد
الخطرة ، ثم تولد الخطرة فكرة ، ثم تولد الفكرة شهوة ، ثم تولد الشهوة إرادة ، ثم
تقوى فتصير عزيمة جازمة ، فيقع الفعل ولا بد ، ما لم يمنع مانع ، ولهذا قيل : الصبر
على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده .
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس و لا وتر " الجواب الكافي " ( ص 106 ) .
10. وفي تتابع النظر إلى تلك المواقع الفاسدة مضار أخرى من جوانب
متعددة ، ومنها : موت الإحساس ؛ لأن " كثرة المساس تفقد الإحساس " – كما يقولون –
فلن يعود هذا الأمر منكراً – بعد فترة – وستتعود على النظر ، وهو علامة على موت
القلب وفقدان الحس الشرعي تجاه المعصية ، ومنها : تعريض النفس للتهمة ، فقد يراك
أحدٌ دخلت هذه المواقع ، أو قد تُرى في جهازك من قبَل آخرين ، وفي هذا تعريض للنفس
للتهمة .
وأخيرا . . .
الذي ينبغي الابتعاد عن تتبع مواقع الفساد هذه ، ولو من أجل
التبليغ عنها ، فإن هذا السبب قد يُزيَّن في نفسه من أجل الوصول إلى ما بعده من
منكرات .
وقد وجدت طرق فنية تغني المسلم عن تتبع مثل هذه المواقع ، كما
أنه يوجد لجان مختصة في بعض الدوائر الحكومية أو الشركات تقوم بحجب هذه المواقع ،
ولا شك أن ما تراه لجنة في موقع عمل ليس كمن يرى هذه المواقع وحيداً في بيته ،
ففعله أدعى للوقوع فيما سبق ذكره من مفاسد .
وليس هذا الكلام عن خيال ولا وهم ولا توقع لمستحيل أو بعيد ،
فكثيراً ما نسمع حكاية شاب مستقيم افتتن بمثل هذه المواقع ، فبدأ بالنظر ، ثم قتل
وقته فيها .
وأنت – أخي الفاضل – في غنى عن هذا كله ، واسلم برأس مالك ، ولا
تضيعه عليك ، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر كاملاً ، وأن يثبتك على الحق
والهدى .
والله أعلم .
*****
39931
تاب من علاقة مع أجنبية ومازال يحبها ومتعلقاً بها
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4032)
سؤال رقم 39931- تاب من علاقة مع أجنبية ومازال يحبها ومتعلقاً بها
أنا شاب عقدت علاقة مع فتاة ، لم أرتكب معها محرماً ، وعلمت أن ما أفعله لا يجوز شرعاً ، فنقضت صلتي بها وأنهيتها ، ووافقت على ذلك ، لكنني لم أستطع نسيانها ، فأنا أحبها حبّاً جمّاً ولا أستطيع الزواج منها ، وألتقي بها في كثير من الأحيان ، فهل من وسيلة للتخلص من شعوري هذا ونسيان هذه الفتاة ؟ أنا حائر ، وقد تؤدي بي حيرتي إلى أفعال خاطئة .
الحمد لله
سبق في أكثر من جواب حرمة إقامة علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه
خارج نطاق الزوجية. فانظر جواب السؤال ( 23349 ) و ( 9465 ) .
والمحاذير التي يقع فيها أهل هذه العلاقات متعددة ومنها :
الخيانة ، والخلوة ، والملامسة ، والنظر ، وهي الطرق التي تؤدي إلى الوقوع في فاحشة
الزنا . مع ما في ذلك من فساد القلب، وحيرته وغفلته عما خلق له .
وقد ذكرت أنك ما زلت تلتقي بهذه الفتاة ، ونتائج هذه اللقاءات لا
تخفى على العقلاء ، فالواجب عليكَ الاستمرار على ما أنتَ عليه من توبة وإنابة من
علاقتك بها السابقة ، مع قطع العلاقة بهذه الفتاة .
والحل لمثل هذه المشكلة هو أن تتزوج بهذه الفتاة ، فتُرغم بذاك
الشيطان ، وتحمي نفسك من الوقوع في معصية الله . وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ ) رواه ابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1847) .
ومعنى الحديث : أن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق النكاح فهو
علاجه الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلاً . انظر : "فيض القدير"
للمناوي (/295) .
وقد ذكرت أنك لا تستطيع الزواج بها ، فما بقي أمامك إلا الصبر ،
ومجاهدة النفس ، وإشغال النفس عنها ، وقد يكون زواجك بغيرها سبباً لنسيانك إياها ،
وتجنب ملاقاتها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً .
ولتعلم أن الحياة الدنيا كلها قصيرة ، وأقصر منها ما فيها من لذة
محرمة ولحظات يعصي فيها الإنسانُ ربَّه سبحانه وتعالى ، والنعيم الأخروي باقٍ دائم
، فكيفَ لعاقلٍ مثلك أن يضحي بذلك النعيم الدائم بلذة طائشة عابرة يسوِّد بها
صحيفته ؟ .
ولتعلم أن الله تعالى قد يقدِّر عليكَ الموتَ وأنت على خلوة بها
، فكيف ستلقى ربك تعالى وأنت على هذه الحال ؟ وماذا خلَّفتَ وراءك من فضيحة وعار
لأهلك وأهلها ؟ .
ولتعلم أن الله عز وجل قد يعاقبك بابنتك أو أختك ، فأنت رضيتَ أن
تلوِّث عرض غيرك فليس لك إلا أن تنتظر عقوبة الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة ،
والمسلم الصالح يحفظ الله تعالى أهله وذريته بصلاحه ، والفاسد لا يجلب لأهله
وأبنائه وبناته إلا الفساد ، وكيف لا وهو قدوتهم في أفعاله .
فلا وسيلة لترك هذه الفتاة إلا بحياة القلب وتعميره بمحبة الله
والخوف من عقابه ، والمحافظة على نعَم الله تعالى من الزوال بسبب هذه المعصية ،
والتفكر في عواقب هذا الفعل سواء في الدنيا أو في الآخرة ، فسارع إلى تركها ،
واحتسب فعلك هذا لله تعالى ، لترى بعده – إن شاء الله – ما يُنعمه عليك ربك من نعَم
الإيمان والتقوى ولذة العبادة .
وإليك أخي السائل هذه الموعظة :
قال ابْنُ السَّمَّاكِ :
هِمَّةُ العَاقِلِ فِي النَّجَاةِ وَالهَرَبِ ، وَهِمَّةُ
الأَحْمَقِ فِي اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ ، عَجَباً لِعَيْنٍ تَلَذُّ بِالرُّقَادِ ،
وَمَلَكُ المَوْتِ مَعَهَا عَلَى الوِسَادِ ، حَتَّى مَتَى يُبَلِّغُنَا الوُعَّاظُ
أَعْلاَمَ الآخِرَة ، حَتَّى كَأَنَّ النُّفُوْسَ عَلَيْهَا وَاقِفَةٌ ،
وَالعُيُونَ نَاظرَةٌ ، أَفَلاَ مُنْتَبِهٌ مِنْ نَوْمَتِهِ ، أَوْ مُسْتِيْقظٌ
مِنْ غَفْلَتِهِ ، وَمُفِيْقٌ مِنْ سَكْرَتِهِ ، وَخَائِفٌ مِنْ صَرْعَتِهِ ،
كَدْحاً لِلدُّنْيَا كَدْحاً ، أَمَا تَجْعَلُ لِلآخِرَةِ مِنْكَ حظّاً ، أُقسِمُ
بِاللهِ ، لَوْ رَأَيْتَ القِيَامَةَ تَخفِقُ بِأَهْوَالِهَا ، وَالنَّارَ
مُشرِفَةً عَلَى آلِهَا (أي : أهلها) ، وَقَدْ وُضِعَ الكِتَابُ ، وَجِيْءَ
بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهدَاءِ ، لَسَرَّكَ أَنْ يَكُوْنَ لَكَ فِي ذَلِكَ الجَمعِ
مَنْزِلَةٌ ، أَبَعْدَ الدُّنْيَا دَارُ مُعْتَمَلٍ ، أَمْ إِلَى غَيْرِ الآخِرَةِ
مُنْتَقَلٌ ؟
هَيْهَاتَ ، وَلَكِنْ صُمَّتِ الآذَانُ عَنِ المَوَاعِظِ ،
وَذَهلَتِ القُلُوْبُ عَنِ المنَافِعِ ، فَلاَ الوَاعِظُ يَنْتَفِعُ ، وَلاَ
السَّامِعُ يَنْتَفِعُ . "سير أعلام النبلاء" (8/330) .
والله الهادي .
*****
39941
حلف عليها بالطلاق ألا تذهب إلى أهلها
الفقه > معاملات > الطلاق >(1/4033)
سؤال رقم 39941- حلف عليها بالطلاق ألا تذهب إلى أهلها
حلف علي زوجي بالطلاق ألا أذهب إلى أهلي ، وهو الآن تراجع فهل عليه كفارة يمين ؟.
الحمد لله
أولاً :
المشروع للمسلم اجتناب استعمال الطلاق فيما يكون بينه وبين أهله من النزاع ، وذلك لما يترتب على الطلاق من عواقب وخيمة . وكثير من الرجال
يتهاونون بشأن الطلاق فكلما حصل نزاع بينه وبين أهله حلف بالطلاق ، وكلما اختلف مع أصحابه حلف بالطلاق . . . وهكذا . وهذا نوع تلاعب بكتاب الله ، وإذا كان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتبر من يطلق امرأته ثلاثاً جميعاً متلاعباً بكتاب الله ، فكيف بمن اتخذ الطلاق ديدنه ، فكلما أراد منع زوجته من
شيء أو حثها على فعل شيء حلف بالطلاق ؟! روى النسائي (3401) عن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ
حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَقْتُلُهُ . قال الحافظ : رجاله ثقات اهـ وصححه الألباني في غاية المرام (261) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هؤلاء السفهاء الذين يطلقون ألسنتهم بالطلاق في كل هين وعظيم ، هؤلاء مخالفون لما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
قوله : ( مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) رواه البخاري (2679) . فإذا أرد المؤمن أن يحلف فليحلف بالله
عز وجل ، ولا ينبغي أيضاً أن يكثر من الحلف لقوله تعالى : ( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ) المائدة / 89 . ومن جملة ما فسرت به الآية
أن المعنى : لا تكثروا الحلف بالله .
أمّا أن يحلفوا بالطلاق مثل : علي الطلاق أن تفعل كذا أو علي الطلاق ألا تفعل أو إن فعلت فامرأتي طالق أو إن لم تفعل فامرأتي طالق وما
أشبه ذلك من الصيغ فإن هذا خلاف ما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ فتاوى المرأة المسلمة (2/753) .
ثانياً : أما وقوع الطلاق بذلك أو عدم وقوعه ، فالمرجع في ذلك إلى نية الزوج ، فإن كان أرد الطلاق وقع الطلاق إذا فعلت زوجته ما حلف
عليها ألا تفعله . وإذا لم ينو الطلاق وإنما نوى منعها فقط فهذا حكمه حكم اليمين .
قال الشيخ ابن عثيمين :
الراجح أن الطلاق إذا استعمل استعمال اليمين بأن كان القصد منه الحث على الشيء أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب أو التوكيد فإن حكمه
حكم اليمين لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) التحريم / 1-2 . فجعل الله تعالى التحريم يميناً . ولقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) البخاري (1) ،
وهذا لم ينو الطلاق وإنما نوى اليمن أو نوى معنى اليمين فإذا حنث فإنه يجزئه كفارة يمين ، هذا هو القول الراجح اهـ
فتاوى المرأة المسلمة (2/754) .
وسئلت اللجنة الدائمة عمن قال لزوجته : علي الطلاق تقومين معي ، ولم تقم معه . فهل يقع بذلك طلاق ؟
فأجابت :
إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق وإنما أردت حثها على الذهاب معك فإنه لا يقع به طلاق ويلزمك كفارة يمين في أصح قولي العلماء ، وإن كنت أردت
به إيقاع الطلاق إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (20/86) .
والله اعلم .
*****
39947
قضت حاجتها في كأس في الحرم
الفقه > عبادات > الطهارة > قضاء الحاجة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4034)
سؤال رقم 39947- قضت حاجتها في كأس في الحرم
امرأة ذهبت إلى الحرم ودخلت موقع ماء زمزم وكانت لا تستطيع تحمل البول مما اضطرها إلى البول في " كوب " وقامت بإلقائه مع الماء الذي يجري من صنابير الماء ، فما الحكم في ذلك ؟.
الحمد لله
أولاً :
قضاء الحاجة في المسجد من المحرَّمات فكيف إذا كان في المسجد الحرام ؟ .
عن أنس بن مالك قال : بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم : مه مه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزرموه ، دعوه ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له
: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ، قال : فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء
فشنَّه عليه .
رواه البخاري ( 217 ) ومسلم ( 285 ) .
والصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة وصاحوا بهذا الأعرابي ، وهموا للقيام بمنعه والإنكار عليه لئلا يُتم بوله ، فيؤخذ من ذلك أنه لا
يجوز الإقرار على المنكر ، بل الواجب المبادرة بالإنكار على فاعل المنكر ، ولكن هذه المبادرة كانت ستؤدي إلى أمر أكبر ضرراً ولهذا نهاهم النبي صلى الله
عليه وسلم ، بل زجرهم عن أن ينهوا الأعرابي ويصيحوا به .
وهذا هو الأمر الأول الذي ينبغي التنبيه عليه في هذا السؤال ، وهو تحريم قضاء الحاجة في المساجد ، وهذا إذا كان سيبول على أرض المسجد ،
أما إذا كان ذلك في إناء فذهب بعض العلماء إلى جوازه إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ومثال الحاجة أن يكون كبيراً في السن أو مريضاً لا يتحمل انحباس البول أو يشق
عليه الخروج من المسجد بسبب مرض أو نحوه ، وهذا هو ظاهر الحال المسئول عنها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" :
الْبَوْل فِي قَارُورَةٍ فِي الْمَسْجِدِ , مِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْهُ , وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ اهـ .
ومال رحمه الله في موضع آخر إلى جوازه للحاجة فقال في "الفتاوى المصرية" :
وَالأَشْبَهُ أَنَّ هَذَا إذَا فُعِلَ لِلْحَاجَةِ فَقَرِيبٌ اهـ .
ثانياً :
إذا أراد الإنسان قضاء حاجته فإنه ينبغي أن يتخلى بحيث لا يراه أحد فيطلع على سوء ته .
عن ابن عباس قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبيرٍ ، وإنه لكبير ، أما أحدهما فكان لا
يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبرٍ واحدة ، قالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال : لعله
يخفف عنهما ما لم ييبسا .
رواه البخاري ( 213 ) و ( 5708 ) – واللفظ له - ومسلم ( 292 ) .
ومعنى " وما يعذبان في كبير " : أي : لا يشق عليهما تركه ، أو ليس بكبير عندهما .
ومعنى " وإنه لكبير " : أي : هو عند الله من الكبائر .
وهذا هو الأمر الثاني الذي ينبغي التنبيه عليه في هذا السؤال ، وهو وجوب ستر العورة عند قضاء الحاجة ، بل في كل حال ، فإذا كانت الأخت قد
حرصت على هذا وفعلتْه : فلا حرج عليها إن شاء الله .
ثالثاً :
والأمر الثالث الذي ينبغي التنبيه عليه : هو تصريف هذا البول ، فلو كانت احتفظت به في شيء مأمون إلى أن تخرج به خارج الحرم ، أو في مكان
لا يتصل بغيره من الطاهرات : لكان أفضل وأحسن ، وأما ما فعلتْه وهو وضع هذا البول في مكان تصريف ماء زمزم : فإنه قد يُخشى أن يلوِّث بعض الموجودين هناك عند
الصنابير ، فإذا كان الماء يذهب بحيث يؤمن تلويث الناس به : فلا حرج في هذا الفعل ، وإن كان الفعل الأول هو الأصوب كما ذكرنا .
والحاصل أن ما فعلته هذه المرأة جائز لحاجتها إلى ذلك مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب عليها الاستتار عند قضاء الحاجة حتى لا تظهر عورتها ،
وعدم أذية الناس وتلويثهم بهذه النجاسة .
والله أعلم .
*****
3996
حكم إعطاء الكافر المصحف وبهامشه الترجمة
القرآن وعلومه > أحكام المصاحف >(1/4035)
سؤال رقم 3996- حكم إعطاء الكافر المصحف وبهامشه الترجمة
السؤال : هل يجوز إعطاء الكفار ترجمة للقرآن تحتوي على النص باللغة العربية من اجل الدعوة ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
ما حكم إعطاء الكافر ترجمة للقرآن تحتوي على النص باللغة العربية والترجمة والتفسير بنفس الحجم ؟
فأجاب حفظه الله :
المعروف - سلمك الله - عند العلماء أنه لا يجوز أن يسلّط الكافر على القرآن ، ولكن يدعو الكافر - إذا كان صادقاً يريد أن يعرف عن القرآن - يدعوه إلى المكتبة سواء كانت مكتبة بيته أو مكتبة عامة ويريه القرآن بين يديه . انتهى ، وإذا وجدت ترجمة لمعاني القرآن الكريم دون وجود النصّ العربي فلا حرج في إعطائها للكافر ، والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
39962
تفسير : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)
القرآن وعلومه > تفسير القرآن >(1/4036)
سؤال رقم 39962- تفسير - ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)
قال الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) ما معنى : أمة وسطا ؟ وما المقصود بالشهادة على الناس ؟.
الحمد لله
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً
لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 .
جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه
الآية تبين أن المراد من قوله تعالى : ( أمة وسطاً ) أي : عدلاً خياراً . وأن
المراد من الشهادة على الناس : الشهادة على الأمم يوم القيامة أن رسلهم قد بلغوهم
رسالات الله . ولم تخرج كلمات المفسرين عن ذلك المعنى .
روى البخاري (4487) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله
عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُدْعَى
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟
فَيَقُولُ : نَعَمْ ؛ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟
فَيَقُولُونَ : مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ أَوْ مَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ , قَالَ :
فَيُقَالُ لِنُوحٍ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ,
قَالَ : فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ :
الْوَسَطُ الْعَدْلُ ) وزاد أحمد (10891) : ( قَالَ : فَيُدْعَوْنَ فَيَشْهَدُونَ
لَهُ بِالْبَلاغِ , قَالَ : ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ) .
وروى الإمام أحمد (1164) وابن ماجه (4284)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( يَجِيءُ النَّبِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُ الرَّجُلُ ,
وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلانِ وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَيُدْعَى قَوْمُهُ
فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : لا فَيُقَالُ لَهُ :
هَلْ بَلَّغْتَ قَوْمَكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ , فَيُقَالُ لَهُ : مَنْ يَشْهَدُ
لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛ فَيُدْعَى مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ ؛
فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَ هَذَا قَوْمَهُ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ ؛
فَيُقَالُ : وَمَا عِلْمُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : جَاءَنَا نَبِيُّنَا فَأَخْبَرَنَا
أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بَلَّغُوا , فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ : يَقُولُ : عَدْلا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) صححه الألباني في "السلسلة
الصحيحة" (2448) .
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية :
" فمعنى ذلك : وكذلك جعلناكم أمة وسطاً عدولاً شهداء لأنبيائي
ورسلي على أممها بالبلاغ أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها , ويكون
رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيداً عليكم بإيمانكم به , وبما جاءكم به من عندي " انتهى .
"جامع البيان " (2/8) .
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية :
" والوسط ههنا الخيار والأجود , كما يقال : قريش أوسط العرب
نسباً وداراً أي : خيارها , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه , أي
أشرفهم نسباً , ومنه : الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي صلاة العصر كما ثبت
في الصحاح وغيرها . . .
( لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ )
قال : لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم ، لأن الجميع معترفون
لكم بالفضل " انتهى باختصار .
"تفسير ابن كثير" (1/181) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" ومن فوائد الآية : فضل هذه الأمة على جميع الأمم ؛ لقوله تعالى
: ( وسطاً ) .
ومنها : عدالة هذه الأمة ؛ لقوله تعالى : ( لتكونوا شهداء على
الناس ) ؛ والشهيد قوله مقبول .
ومنها : أن هذه الأمة تشهد على الأمم يوم القيامة ؛ لقوله تعالى
: ( لتكونوا شهداء على الناس ) ؛ والشهادة تكون في الدنيا ، والآخرة ؛ فإذا حشر
الناس ، وسئل الرسل : هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم ؛ ثم تسأل الأمم : هل بُلِّغتم ؟
فيقولون : ما جاءنا من بشير ولا نذير ؛ ما جاءنا من أحد ؛ فيقال للرسول : من يشهد
لك ؟ فيقول : ( محمد وأمته ) ؛ يُستشهدون يوم القيامة ، ويَشهدون ؛ فيكونون شهداء
على الناس .
فإذا قال قائل : كيف تشهد وهي لم تر ؟
نقول : لكنها سمعت عمن خبره أصدق من المعاينة ، صلوات الله
وسلامه عليه " انتهى .
"تفسير سورة البقرة" (2/115، 116) باختصار .
ونقل البغوي في تفسيره (1/122) عن الكلبي أنه قال : ( وَسَطاً )
: " يعني : أهل دين وسط ، بين الغلو والتقصير ، لأنهما مذمومان في الدين " .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 66) :
" أي : عدلا خيارا . وما عدا الوسط , فالأطراف داخلة تحت الخطر .
فجعل الله هذه الأمة وسطا في كل أمور الدين . وسطا في الأنبياء , بين من غلا فيهم
كالنصارى , وبين من جفاهم كاليهود , بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك .
ووسطا في الشريعة , لا تشديدات اليهود وآصارهم , ولا تهاون
النصارى .
وفي باب الطهارة والمطاعم , لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة
إلا في بِيَعهم وكنائسهم , ولا يطهرهم الماء من النجاسات , وقد حرمت عليهم الطيبات
, عقوبة لهم . ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا , ولا يحرمون شيئا , بل أباحوا ما
دب ودرج . بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها . وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم
والمشارب والملابس والمناكح , وحرم عليهم الخبائث من ذلك . فلهذه الأمة من الدين :
أكمله , ومن الأخلاق : أجلها , ومن الأعمال : أفضلها . ووهبهم الله من العلم والحلم
والعدل والإحسان , ما لم يهبه لأمة سواهم . فلذلك كانوا ( أُمَّةً وَسَطًا ) كاملين
معتدلين , ليكونوا ( شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط ,
يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان , ولا يحكم عليهم غيرهم . فما شهدت له هذه
الأمة بالقبول , فهو مقبول , وما شهدت له بالرد , فهو مردود .
فإن قيل : كيف يقبل حكمهم على غيرهم , والحال أن كل مختصمين ,
غير مقبول قول بعضهم على بعض ؟
قيل : إنما لم يقبل قول أحد المتخاصمين , لوجود التهمة . فأما
إذا انتفت التهمة , وحصلت العدالة التامة , كما في هذه الأمة , فإنما المقصود الحكم
بالعدل والحق . وشرط ذلك : العلم والعدل , وهما موجودان في هذه الأمة , فقبل قولها
" انتهى .
*****
39991
من أفطر في قضاء رمضان فليس عليه إلا صوم يوم واحد فقط
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4037)
سؤال رقم 39991- من أفطر في قضاء رمضان فليس عليه إلا صوم يوم واحد فقط
امرأة كانت تقضى يوم من الأيام أفطرت فيها من رمضان بسبب الحيض ، فجاءتها العادة الشهرية في هذا اليوم التي تقضيه هل تقضى يوم واحد أم يومان .
الحمد لله
لا يلزمها إلا قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان ، فإن هذا
القضاء الذي جاءها الحيض فيه ، إنما هو بدل عما أفطرته في رمضان ، وليس صياما واجبا
متجددا .
قال ابن حزم في المحلى (6/271) : " ومن أفطر عامدا في قضاء رمضان
فليس عليه إلا قضاء يوم واحد فقط ، لأن إيجاب القضاء إيجاب شرع لم يأذن به الله
تعالى . وقد صح أنه عليه السلام قضى ذلك اليوم من رمضان فلا يجوز أن يزاد عليه غيره
بغير نص ولا إجماع " .. وعن بعض السلف عليه قضاء يومين ، يوم رمضان ويوم القضاء "
اهـ
وقال في التاج والإكليل :" من أفطر في قضاء رمضان فإنما يقضي
يوما واحدا " 3/387
والله أعلم .
*****
4
لا يجوز أن يكون الختان عائقا بين الشخص وبين الدخول في الدين
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4038)
سؤال رقم 4- لا يجوز أن يكون الختان عائقا بين الشخص وبين الدخول في الدين
السؤال :
محامي من الأرجنتين يسأل عن حكم الاختتان للكافر والكافرة إذا أرادا الدخول في الدين .
الجواب:
الحمد لله
أيها السائل العزيز
شكرا لك على توجيه هذا السؤال لأن مسألة الختان هي فعلا من المسائل التي تكون في
عدد من الحالات عقبة في طريق بعض الذين يريدون الدخول في دين الإسلام .
والمسألة أسهل مما يظنّه الكثيرون ، فأما الختان فإنه من شعائر الإسلام ومن الفطرة
ومن ملة إبراهيم عليه السلام وقد قال الله تعالى : ( ثمّ أوحينا إليك أن اتبع ملة
إبراهيم حنيفا ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اختتن إبراهيم النبي صلى
الله عليه وسلم وهو ابن ثمانين سنة .. ) رواه البخاري 6/388 ط.
السلفية ، فالختان على الرجل المسلم واجب إذا قدر عليه ، فأما إذا لم
يقدر عليه كأن خاف على نفسه التلف لو اختتن أو أخبره الطبيب الثقة أنه يحصل له نزيف
قد يودي بحياته فيسقط عنه الختان حينئذ ولا يأثم بتركه .
ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال أن تُجعل مسألة الختان عائقا بين الشخص وبين دخوله
في الدّين بل إنّ صحة الإسلام لا تتوقف على الختان فيصحّ دخول الشخص في دين الإسلام
حتى ولو لم يختتن .
أما مسألة حكم ختان الأنثى فستجد جوابها في السؤال رقم ( 427 ) .
أسأل الله أن يوفقك لكلّ خير ويحفظك من كلّ شر وصلى وسلم على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40000
البيع بالتقسيط للآمر بالشراء
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/4039)
سؤال رقم 40000- البيع بالتقسيط للآمر بالشراء
عرض على المساهمة في مشروع بيع أجهزة منزلية بتقسيط وذلك بالصورة التالية :
نحن لا نملك محلا فيأتي الزبون ويقول أريد أجهزة معينة ( مثل أربع مكيفات ) فنشتري هذه الأجهزة وندفع ثمنها لمحل نتعامل معه في الشراء منه دائما ثم نبيعها للزبون الذي يريد شراءها بعد الاتفاق على ثمنها بتقسيط. ( مثلا: سعرها نقدا 1200ريالا فتباع عليه أقساط بـ 2000 ريالا ).
بعض المشترين يأخذها ليستخدمها ، وبعضهم يأخذها ليبعها على نفس المحل الذي نشتري منه وذلك لأن أفضل سعر يجده المشترى في هذا المحل . والآن نحن نقوم بهذه الطريقة حتى يصبح لدينا رأس مال يكفي لعمل محل لبيع الأجهزة مباشرة بالنقد والتقسيط .
هل طريقة البيع هذه صحيحة ؟ نرجو توضح ذلك لنا ولكثير من المسلمين الذين يمارسون هذه الطريقة في البيع .
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من أنك تشتري السلعة التي يرغب فيها
الزبون شراء حقيقيا ، وتقبضها إليك ، ثم تبيعها عليه بثمن مقسط ، فلا حرج في ذلك ،
ولو كان ثمنها بالتقسيط أعلى من ثمنها في البيع الحال .
ولا يضر كون المشتري منك ، يبيع السلعة على المحل الأول ، لأنه
لا علاقة بينه وبين هذا المحل .
سئلت اللجنة الدائمة :
( اتفقنا أنا ورجل أن أشتري له سيارة فقلت له هي من المعرض ب(
50000 ) خمسين ألف ريال وإذا أحضرتها لك تدفع لي ( 60000 ) ستين ألف ريال فهل هذا
حلال ؟ )
فأجابت :
( لا بأس ببيع سيارة أو غيرها من السلع ، إذا كان بيعك لها بعد
شرائك لها وحيازتها في ملكك ، فيجوز أن تبيعها بثمن حال أو بثمن مؤجل أكثر من الحال
، سواء كان الثمن المؤجل مقسطا أو غير مقسط ؛ وذلك لقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ
البَيْعَ ) البقرة/275 ، وقوله تعالى : ( يَا أَيُّها الذينَ
آمَنوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًى فَاكتُبوه ) البقرة/282 ، وهذا يدخل فيه ثمن المبيع بالمؤجل ) .
أما بيع السلعة على من طلبها قبل شرائها وحيازتها فلا يجوز ، لما
ثبت على النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : (
نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ
حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ ) رواه
أبو داود (3499) ، قال الشيخ الألباني : حسن لغيره .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى
يستوفيه ) رواه مسلم (1596) .
وقال _ صلى الله عليه وسلم _ ( لا تبع ما ليس عندك ) رواه
أحمد وأبو داود ( 3503 ) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (7206) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما ( كنا نشتري الطعام جزافا ، فيبعث
إلينا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا ) رواه البخاري ومسلم (1527)
وأما بيع العينة المحرم : هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها
على من باعها له بثمن أقل منه، وهذا غير حاصل هنا .
وانظر السؤال رقم ( 36408 ) .
والله أعلم .
*****
40005
حكم صلة الأم والإخوة من الرضاعة
الآداب > صلة الرحم >
الأخلاق > الأخلاق المحمودة >(1/4040)
سؤال رقم 40005- حكم صلة الأم والإخوة من الرضاعة
لدي أم من الرضاعة وإخوة ، فهل عليَّ أن أصلهم وأزورهم كما أزور أمي وإخوتي من النسب علماً أني كنت أزورهم ، ولكن قيل لي : إنه لا يلزمني ذلك ، وأنا محتار في ذلك .
الحمد لله
لا تشبه الأحكام الشرعية المتعلقة بالرضاع تلك المتعلقة بأحكام
النسب ، فالرضاع لا يوجب النفقة ولا التوارث ولا ولاية النكاح . . . بخلاف النسب .
ويشتركان في تحريم النكاح ، وإباحة النظر ، والخلوة ، والمحرمية
في السفر .
وهذا من حكمة الشرع ، ولا يمكن أن يجعل الشرع حقوق الأم من
الرضاعة والتي ترضع الطفل خمس مرات بتلك التي حملت ووضعت وأرضعت وربَّت ، وكانت
السبب المحسوس في وجود الولد ، وهل ما في قلب الأم من النسب مثل ما في قلب الأم من
الرضاعة من حيث الشفقة والرحمة والحرص ؟
وقد أشارت الآيات القرآنية إلى ذلك كما قال تعالى : (
وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ
وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) لقمان/14 ، وقال تعالى - بعد أن
أمر الولد بالإحسان إلى الوالدين ونهاه عن أدنى ما يمكن أن يصدر عنه من عقوق لهما -
: ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ) .
لذا ذكر بعض العلماء أن على الابن من الرضاعة إكرام وتقدير أمه
ووالده من الرضاعة ، وليس عليه البر والصلة التي تكون بين الولد ووالديه ، وبينه
وبين رحِمِه .
وفي الباب بعض الأحاديث الضعيفة نذكرها للفائدة :
1. عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال : رأيتُ النبي صلى الله عليه
وسلم يقسم لحماً بالجعرانة إذ أقبلت امرأة حتى دنت إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فبسط لها رداءه ، فجلست عليه ، فقلت : من هي ؟ فقالوا : هذه أمه التي أرضعته . رواه أبو داود ( 5144 ) ، وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 1102 ) .
وقد بوَّب ابن حبان ( 10 / 44 ) على هذا الحديث بقوله " ذكر ما
يستحب للمرء إكرام من أرضعته في صباه " .
2. عن عمر بن السائب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان جالساً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه ، ثم أقبلت أمه من
الرضاعة فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلستْ عليه ، ثم أقبل أخوه من الرضاعة
فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه . رواه أبو داود (
5145 ) ، وضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1120 ) .
3. عن حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال : غرة عبدٍ أو أمة . رواه الترمذي ( 1153 ) والنسائي ( 3329 ) وأبو داود ( 2064 ) ، وضعفه
الألباني في " ضعيف أبي داود " ( 445 ) .
" غُرَّة " أي مملوك .
قال السيوطي في شرح النسائي (6/108) :
"المراد بـ " مذمة الرضاع " : الحق اللازم بسبب الرضاع ، فكأنه
سأل : ما يسقط عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا ؟ ، وكانوا يستحبون أن يهبوا
للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها" اهـ .
4. وذكر أهل السير أن النساء الأسرى من هوازن لما جُمعوا جاء
خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إنما في الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك،
فامنُن علينا منَّ الله عليك . وهذه الأحاديث الوارد فيها هو الإكرام والتقدير ،
وهما من أخلاق الإسلام التي حثَّ عليها لعامة المسلمين . فكان هذا سبب إعتاقهم عن
بكرة أبيهم . البداية والنهاية (4/419) .
والله أعلم .
*****
40019
اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4041)
سؤال رقم 40019- اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
كنت في فترة من حياتي عاصيا ومشكلتي أنى كنت أختلس من نقود المكان الذي كنت به. وبعد أن هداني الله أحسست بالذنب وقد بدأت بالفعل في رد أموال مما عليَّ ولكن المشكلة أني لا أعرف كم مقدارها تماما. وحاولت أن أجعل صاحب المكان يسامحني دون ذكر السبب ولكني لم أستطع . وأنا لا تتوافر معي أموال أخرى كي أدفعها. فهل سيقبل الله توبتي إن لم أستطع رد كل ما علي ؟ و إن كان هناك شيء من الممكن أن أفعله فما هو؟.
الحمد لله
الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى ، ورد جميع ما أخذت من المال، ولا تتم توبتك إلا بذلك، وإن جهلت مقدارها تحديدا ، فيكفي غلبة الظن
، وذلك بالاحتياط في تقدير ما عليك، فلو تردد المبلغ بين ثمانين أو مائة مثلا ، فأخرج مائة ، حتى تلقى ربك عز وجل سالما من تبعة هذه الخيانة والظلم ، وقد
روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ
مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ
صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ".
وما عجزت عن رده الآن ، فهو دين عليك ، لا تبرأ ذمتك إلا بدفعه ، والواجب عليك حينئذ أن تثبته في وصية لك ، خشية أن يفاجئك الموت قبل
سداده ؛ لما روى البخاري (2738) ومسلم (1627) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ
مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ إِلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : مَا مَرَّتْ
عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .
ونسأل الله لك التوفيق والإعانة .
والله أعلم .
*****
40019
اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
الرقائق > التوبة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4042)
سؤال رقم 40019- اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
كنت في فترة من حياتي عاصيا ومشكلتي أنى كنت أختلس من نقود المكان الذي كنت به. وبعد أن هداني الله أحسست بالذنب وقد بدأت بالفعل في رد أموال مما عليَّ ولكن المشكلة أني لا أعرف كم مقدارها تماما. وحاولت أن أجعل صاحب المكان يسامحني دون ذكر السبب ولكني لم أستطع . وأنا لا تتوافر معي أموال أخرى كي أدفعها. فهل سيقبل الله توبتي إن لم أستطع رد كل ما علي ؟ و إن كان هناك شيء من الممكن أن أفعله فما هو؟.
الحمد لله
الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى ، ورد جميع ما أخذت من المال، ولا تتم توبتك إلا بذلك، وإن جهلت مقدارها تحديدا ، فيكفي غلبة الظن
، وذلك بالاحتياط في تقدير ما عليك، فلو تردد المبلغ بين ثمانين أو مائة مثلا ، فأخرج مائة ، حتى تلقى ربك عز وجل سالما من تبعة هذه الخيانة والظلم ، وقد
روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ
مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ
صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ".
وما عجزت عن رده الآن ، فهو دين عليك ، لا تبرأ ذمتك إلا بدفعه ، والواجب عليك حينئذ أن تثبته في وصية لك ، خشية أن يفاجئك الموت قبل
سداده ؛ لما روى البخاري (2738) ومسلم (1627) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ
مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ إِلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : مَا مَرَّتْ
عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي .
ونسأل الله لك التوفيق والإعانة .
والله أعلم .
*****
40023
إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4043)
سؤال رقم 40023- إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
هل يجوز إعطاء الفقير من الزكاة لأداء فريضة الحج ؟.
الحمد لله
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في قوله : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ )
واتفق العلماء على أن قوله تعالى : ( وفي سبيل الله ) المراد به الجهاد في سبيل الله.
ثم اختلفوا هل يشمل مع الجهاد الحج أم لا ؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه خاص بالجهاد ولا يشمل الحج ، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يدخل فيه الحج واستدل بما رواه أبو داود (1988) عن
أُمِّ مَعْقَلٍ أنها قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا ( والبكر هو الفتي من الإبل ) قَالَ أَبُو
مَعْقَلٍ صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عن ابن عمر أنه قال : أَمَا إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ . قال الحافظ : أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ
.
انظر : المغني (9 / 328) والمجموع (6/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (105) :
ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطى ما يحج به اهـ يعني من الزكاة .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 38) :
( يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام ، ونفقتهم فيه ، لدخوله في عموم قوله تعالى : ( وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ) من
آية مصارف الزكاة اهـ .
والله أعلم .
*****
4003
هل يوجد أحد بالجنة الآن
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/4044)
سؤال رقم 4003- هل يوجد أحد بالجنة الآن
السؤال :
هل هناك أحد في الجنة الآن (غير الأنبياء والملائكة) ؟أم أننا جميعا ننتظر يوم القيامة قبل أن ندخل الجنة أو النار ؟
سمعت أن بعض الناس رأوا الجنة أو أنهم في الجنة الآن أو أنهم ذهبوا للجنة ورأوا ما فيها وهم ليسوا أنبياء أو ملائكة.
الجواب :
الحمد لله
الجنة قد خلقها الله سبحانه وفرغ من خلقها لقوله
سبحانه في الحديث القدسي : " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت .. "
الحديث . ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم رآها في ليلة الإسراء والمعراج ، ولغير
ذلك من الأدلة .
وهل يدخلها أحد من البشر قبل يوم القيامة ؟
الظاهر أن ذلك على نوعين :
1- دخوله
بروحه كما هو حال الأموات ، فهذا ثابت للأنبياء ، والشهداء الذين تكون أرواحهم
في حاصل طير خضر تسرح في الجنة . وكما هو الحال في الأحاديث التي أخبر الرسول
صلى الله عليه وسلم فيها أنه دخل الجنة في المنام ( رؤيا النوم ) ، فإنها في
حالات الأرواح .
2- أما
دخول الجنة بالجسد والروح فإنها تكون يوم القيامة للبشر وللجن . ويستثنى من هذا
ما ذكر أن آدم عليه السلام كان في الجنة قبل أن ينزل إلى الارض ، كما ذكر ذلك
ابن القيم رحمه الله وغيره . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40040
هددها زوجها إن لم تشاهد معه أفلام فاضحة بالطلاق
الفقه > معاملات > النكاح > أحكام النكاح >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الدعوة > وسائل الدعوة >(1/4045)
سؤال رقم 40040- هددها زوجها إن لم تشاهد معه أفلام فاضحة بالطلاق
امرأة يجبرها زوجها على مشاهدة الأفلام الجنسية الفاضحة وهي ترفض ذلك وتحاول منعه منها والاختيار بينها وبين هذه الأفلام ، فيختار الأفلام بدلاً منها ، فماذا تفعل - وهو يهددها إذا لم تشاهد معه هذه الأفلام سوف يطلقها - ؟ فماذا تنصحونها ؟ هل تشاهدها أم تتطلق - وخاصة أنها أنجبت منه ثلاثة أطفال - ؟.
الحمد لله
أوجب الله تعالى على المسلم أن يقي نفسه وأهله النار ، فقال
تعالى : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا
يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم
/ 6 .
وجعل الله تعالى الزوجة والأولاد رعية عند الزوج ، وهو مسئول
عنهم يوم القيامة ، فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا كلكم
راع وكلكم مسئول عن رعيته : فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته ،
والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي
مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول
عن رعيته " .
رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
وتوعد الله من غشَّ رعيته أو لم يحطها بنصحٍ شرعي أن يُحرم الجنة
، فعن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما مِن عبدٍ
استرعاه الله رعيَّة فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة " .
رواه البخاري ( 6731 ) ومسلم ( 142 ) .
وما يفعله الزوج من مشاهدة الأفلام الجنسية الإباحية أمر منكر
وإثم عظيم ، ولا يحل له فعله فضلاً عن إجبار غيره على فعل هذا الأمر .
فإن دعا الزوجُ زوجته إلى رؤية هذه الأفلام : فلا تجوز طاعته ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف
" رواه البخاري ( 7257 ) ومسلم ( 1840 ) .
ولا يعدُّ تهديد الزوج بالطلاق عذراً شرعيّاً لها ، ولا تعدُّ
مكرَهة بفعله ، بل يجب عليها نصحه بالتي هي أحسن ، فإن استجاب وترك ما هو عليه من
منكر فخيرٌ يقدمه لنفسه ، ولها عليه الأجر ، وإن رفض الاستجابة لأمرِ الله تعالى
بغض البصر عن الحرام : فلا يحل لها طاعته على ارتكاب المنكر ، ولا ينبغي لها أن
تأمنه على نفسها ولا على أولادها ، ويعوضها الله خيراً منه إن شاء تعالى .
وفي جواب السؤال رقم ( 12301 ) بيان حكم
مشاهدة هذه الأفلام .
وفي جواب السؤال رقم ( 7669 ) بيان طرق
نصح وإرشاد مثل هذا الزوج .
وإذا كان الزوج تاركاً للصلاة : فلا يجوز للزوجة أن تتردد في طلب
فسخ النكاح ، وقد ذكرنا حكم البقاء مع الزوج الذي يترك الصلاة في جوابنا على السؤال
رقم ( 4501 ) و ( 5281 ) .
والله أعلم .
*****
40054
حكم التصوير من أجل التعليم
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4046)
سؤال رقم 40054- حكم التصوير من أجل التعليم
أسأل عن حكم رسم صور ذوات الأرواح مثل صور الأشخاص ، وذلك لغرض الشرح لبحث علمي مثل : طرق الإسعافات الأولية للمصاب ... وغيرها..
الحمد لله
" تصوير ذوات الأرواح حرام مطلقا ؛ لعموم الأحاديث التي وردت في
ذلك ، ومنها قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن الذين يصنعون هذه
الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم ) . رواه البخاري
(5951) ومسلم (2108) . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (
إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) رواه البخاري (5950) ومسلم
(2109) .
وليست هذه الرسومات ضرورية للتوضيح في الدراسة ، بل من الأمور
الكمالية لزيادة الإيضاح ، وهناك غيرها من وسائل الإيضاح يمكن الاستغناء بها عن
الصور في تفهيم الطلاب والقراء ، وقد مضى على الناس قرون وهم في غنى عنها في
التعليم والإيضاح ، وصاروا مع ذلك أقوى منا علما ، وأكثر تحصيلا ، وما ضرهم ترك
الصور في دراستهم ، ولا نقص من فهمهم لما أرادوا ولا من وقتهم وفلسفتهم في إدراك
العلوم وتحصيلها ، وعلى هذا لا يجوز لنا أن نرتكب ما حرم الله من التصوير لظننا أنه
ضرورة ، وليس بضرورة لشهادة الواقع بالاستغناء عنه قرونا طويلة " اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/684) .
"ولكن من الممكن أن تصور أجزاء من الجسم كاليد والرجل وما أشبه
ذلك "
فتاوى ابن عثيمين (12/325) .
وانظر الأسئلة رقم ( 13633 )
، ( 10668 ) والله أعلم .
*****
4010
حكم تعلم السحر وفك السحر عن المسحور
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4047)
سؤال رقم 4010- حكم تعلم السحر وفك السحر عن المسحور
هل يجوز تعلم حل أو فك السحر عن المسحور ؟.
الحمد لله
إذا كان بالشيء المباح من الأدعية الشرعية ، أو الأدعية المباحة ، أو الرقية
الشرعية ، فلا بأس ، أما أن يتعلم السحر ليحل به السحر أو لمقاصد أخرى فذلك لا
يجوز ، بل هو من نواقض الإسلام ، لأنه لا يمكن تعلمه إلا بالوقوع في الشرك ،
وذلك بعبادة الشياطين من الذبح لهم ، والنذر لهم ، ونحو ذلك من أنواع العبادة
، والذبح والتقرب إليهم بما يحبون حتى يخدموه بما يحب ، وهذا هو الاستمتاع الذي
ذكره الله سبحانه بقوله تعالى : ( ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم
من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت
لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ) سورة
الأنعام /128
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز ص 118.
*****
40111
عمل الصالحات مع التهاون بالصلاوات
الفقه > عبادات > الصلاة > تارك الصلاة >
سؤال رقم 40111: عمل الصالحات مع التهاون بالصلاوات
كنت في سنوات ماضية غير منتظمة في أداء الصلاة فأصلي لأيام ثم أنقطع لأيام وأعود ثانية وكنت أكثر من الصدقات ابتغاء مرضاة الله وأصل رحمي ولا أبتغي غير وجه الله فهل ما قمت به مردود علي لعدم إتمام صلاتي أم قد يتقبله الله إن شاء سبحانه وتعالى .
الحمد لله
التهاون في فعل الصلاة جرم عظيم ، وتفريط بالغ في هذه الشعيرة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد توعد الله المتهاونين في
أمر الصلاة المضيعين لها عن أوقاتها ، بقوله: ) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً
إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) مريم /59 ، 60
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها بلا عذر ، فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب
العظيم ، والمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها، مع الإكثار من النوافل رجاء أن يعفو الله عنك وأن يتقبل منك .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 6/50
السؤال : قبل أربع سنوات كنا في رحلة ترفيهية وأثناء هذه الرحلة تركت صلاة ( إما صلاة الظهر أو العصر ) لا أتذكر الآن ، علماً بأنني
تركتها تهاوناً وتكاسلاً مني ، وأنا الآن نادم على ما ارتكبته من ذنب فأستغفر الله من كل ذنب وخطيئة ، فماذا يجب علي وهل علي كفارة ؟
فأجابت اللجنة الدائمة :
عليك أن تتوب إلى الله توبة صادقة ولا قضاء عليك ، لأن ترك الصلاة المفروضة عمداً كفر أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « العهد الذي
بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » وقوله صلى الله عليه وسلم : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " أخرجه مسلم في صحيحه ولا كفارة في ذلك سوى
التوبة النصوح . انتهى
ثانياً :
الكافر لا ينفعه عند الله ما عمله من أعمال صالحة ، إلا إذا أسلم فإنه ينتفع بعمله الصالح ويكتب له ثوابه كما هو ظاهر ما في الصحيحين عَنْ
حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ
صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ
مِنْ خَيْرٍ" رواه البخاري 1436 ومسلم 123.
أتحنث : أي أتعبد
قال النووي رحمه الله :
ذَهَبَ اِبْن بَطَّالٍ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيث عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر وَمَاتَ
عَلَى الإِسْلَام يُثَاب عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْخَيْر فِي حَال الْكُفْر , وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ .
قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِر فَحَسُنَ إِسْلامُهُ كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ كُلّ حَسَنَة
زَلَفهَا , وَمَحَا عَنْهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف , وَالسَّيِّئَة بِمِثْلِهَا إِلا أَنْ يَتَجَاوَز اللَّه سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَى ) ذَكَرَهُ الدَّارَ قُطْنِيُّ فِي غَرِيب حَدِيث مَالِك , وَرَوَاهُ عَنْهُ مِنْ تِسْع طُرُق , وَثَبَتَ فِيهَا كُلّهَا أَنَّ الْكَافِر إِذَا
حَسُنَ إِسْلامه يُكْتَب لَهُ فِي الإِسْلام كُلّ حَسَنَة عَمِلَهَا فِي الشِّرْك .
قَالَ اِبْن بَطَّال رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى بَعْد ذِكْره الْحَدِيث : وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى عِبَاده بِمَا شَاءَ
لا اِعْتِرَاض لِأَحَدٍ عَلَيْهِ قَالَ : وَهُوَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْن حِزَام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : " أَسْلَمْت
عَلَى مَا أَسْلَفْت مِنْ خَيْر " . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَأَمَّا قَوْل الْفُقَهَاء : ( لا يَصِحّ مِنْ الْكَافِر عِبَادَة , وَلَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُعْتَدّ بِهَا ) : فَمُرَادهمْ أَنَّهُ لا
يُعْتَدّ لَهُ بِهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا , وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّض لِثَوَابِ الآخِرَة . فَإِنْ أَقْدَمَ قَائِل عَلَى التَّصْرِيح بِأَنَّهُ إِذَا
أَسْلَمَ لا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الآخِرَة رُدَّ قَوْله بِهَذِهِ السُّنَّة الصَّحِيحَة اهـ .
والله أعلم .
*****
40113
حكم صلاة الجماعة على الرجال
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4048)
سؤال رقم 40113- حكم صلاة الجماعة على الرجال
هل يجوز الصلاة في المنزل والمسجد قريب ؟ مع العلم أن المصلين اثنان فقط .
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة على الرجال الأصحاء، في المسجد، على الصحيح من أقوال العلماء.
وذلك لأدلة كثيرة منها :
1- قوله تعالى (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى
لم يصلوا فليصلوا معك) النساء / 102
( ووجه الاستدلال بالآية من وجوه :
أحدها : أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله "ولتأت طائفة أخرى لم
يصلوا فليصلوا معك " وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، ولو كانت الجماعة سنة لكان أولى
الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان، فهذه على ثلاثة أوجه: أمره بها أولا ، ثم
أمره بها ثانيا ، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف) انتهى كلام ابن القيم من كتاب الصلاة .
2- وفي الصحيحين - وهذا لفظ البخاري- عن أبي هريرة أن رسول الله قال : " والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة
فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقا سمينا أو مِرْمَاتَين حسنتين لشهد
العشاء " . البخاري ( 7224 ) ومسلم ( 651 ) .
والعرق : هو العظم على بقايا اللحم ، وقيل هو اللحم .
والمرماة : هي ما بين ظلفي الشاة من اللحم ، والظلف للغنم والبقر كالحافر للفرس .
قال ابن المنذر رحمه الله : ( وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ؛ إذ غير جائز أن
يحرق الرسول الله صلى الله عليه وسلم من تخلف عن ندب وعما ليس بفرض ) الأوسط 4/134 .
ولمعرفة المزيد من الأدلة راجع السؤال رقم ( 8918 )
وإذا ثبت وجوب صلاة الجماعة فالواجب فعلها في المسجد ، ولا يجوز للرجل القادر على حضور الجماعة في المسجد أن يصلي في البيت ولو كان
يصليها جماعة مع أهله .
قال الشيخ ابن باز :
وأما ترك الصلاة في الجماعة فمنكر لا يجوز ، ومن صفات المنافقين .
والواجب على المسلم أن يصلي في المسجد في الجماعة ، كما ثبت في حديث ابن أم مكتوم- وهو رجل أعمى- أنه قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد
يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ،
قال : فأجب " أخرجه مسلم في صحيحه (635) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " أخرجه ابن ماجة ، والدار قطني ، وابن حبان ،
والحاكم بإسناد صحيح ، قيل لابن عباس : ما هو العذر؟ قال : ( خوف أو مرض ) .
وفي صحيح مسلم (654) عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( لقد رأيتنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتخلف عن الصلاة في
الجماعة إلا منافق أو مريض ) .
والمقصود : أنه يجب على المؤمن أن يصلي في المسجد ، ولا يجوز له التساهل والصلاة في البيت مع قرب المسجد . " انتهى
وكون المسجد لا يصلي فيه إلا رجلان يؤكد عليك حضور الجماعة ، لتسلم من مغبة الإثم والتقصير وتشجيعاً لهما على حضور الجماعة من المسجد حتى
لا يتسرب إليهما الكسل .
والاثنان فما فوقهما جماعة .
قال ابن هبيرة رحمه الله : ( وأجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان : إمام ومأموم قائم عن
يمينه ) الإفصاح 1/155
وقال ابن قدامة رحمه الله : ( تنعقد الجماعة باثنين فصاعدا ، لا نعلم فيه خلافا ) انتهى .
والله أعلم .
*****
40126
حبس المني هل يوجب الغسل
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4049)
سؤال رقم 40126- حبس المني هل يوجب الغسل
ما حكم إذا أمسك الرجل ذكره قبل الإنزال مباشرة ومنعه من القذف فلم ينزل منه شيء هل عليه غسل ؟ وإذا فعل نفس الشيء لكنه بعد فترة لاحظ نزول بعض القطرات الصغيرة فما الحكم ؟.
الحمد لله
أولاً : إذا أحس الرجل بانتقال المني عند الشهوة بدون جماع فأمسك ذكره , فلم يخرج منه شيء فلا غسل عليه في قول
جمهور العلماء، خلافا للمشهور عن أحمد رحمه الله .
قال ابن قدامة رحمه الله : إن أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره , فلم يخرج فلا غسل عليه .. (وهذا ) قول أكثر الفقهاء .
لأن النبي صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على الرؤية وفضخ الماء , بقوله : إذا رأت الماء و إذا فضخت الماء فاغتسل فلا يثبت الحكم بدونه " المغني 1/128
وقال النووي رحمه الله : لو قبل امرأة فأحس بانتقال المني ونزوله فأمسك ذكره فلم يخرج منه في الحال شيء , ولا علم خروجه بعد ذلك , فلا
غسل عليه عندنا , وبه قال العلماء كافة إلا أحمد , فإنه قال - في أشهر الروايتين عنه - يجب الغسل , قال : ولا يتصور رجوع المني . دليلنا قوله صلى الله عليه
وسلم : " إنما الماء من الماء " ولأن العلماء مجمعون على أن من أحس بالحدث كالقرقرة والريح , ولم يخرج منه شيء لا وضوء عليه , فكذا هنا " انتهى من
المجموع 2/159
وما ذهب إليه جمهور العلماء هو الراجح ؛ لما ذكروه من الأدلة .
وينبغي التنبه إلى أن هذا العمل ، وهو حبس المني عن الخروج مضر جدا .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وهل يمكن أن ينتقل ( المني ) بلا خروج ؟
نعم يمكن , وذلك بأن يمسك آلته حتى لا يخرج ، أو تفتر الشهوة ، وهذا وإن مثل به الفقهاء فإنه مضر جداً ، والفقهاء رحمهم الله يمثلون
بالشيء للتصوير بقطع النظر عن حله أو حرمته ، وقال بعض العلماء : لا غسل بالانتقال ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ، وهو الصواب " انتهى من الشرح الممتع
1/280
وأما عند خروج المني فيجب الغسل ، ولو كان الخارج قطرة واحدة .
ومنه يعلم أنه لا خلاف بين العلماء في إيجاب الغسل بخروج المني ، إذا خرج بشهوة ودفق ، وهذا حاصل فيمن يمسك ذكره عند انتقال المني ، ثم
يغلبه المني ويخرج منه قطرة أو قطرات ولو بعد فترة . انظر المغني 1/268
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن خروج قطرة مني واحدة عن شهوة ..
فأجابت بما يلي : " إذا خرج المني دفقاً عن شهوة وجب الغسل ولو كان الخارج منه قطرة واحدة وبدون جماع ، ولا يكفي الوضوء بل يجب عليه غسل
الجنابة " فتاوى اللجنة 5/303
أنظر السؤال ( 12317 ) و ( 6010 )
.
ثانياً : إذا حصل جماع فإنه يجب الغسل حتى ولو لم يُنزل المني لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا التقى الختانان وغابت الحشفة فقد
وجب الغسل ، أنزل أو لم يُنزل " حسنه الألباني في صحيح الجامع 379
أنظر السؤال ( 7529 )
والله أعلم .
*****
4013
الحكمة من تحريم القمار
الفقه > معاملات > الميسر والقمار >(1/4050)
سؤال رقم 4013- الحكمة من تحريم القمار
ما الحكمة الشرعية من تحريم القمار ؟
الحمد لله
القمار حرام لأنّ الله حرّمه وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) .
وأما الحكمة في تحريمه فإنّ العاقل يرى في ذلك أسبابا كثيرة منها :
1- القمار يجعل الإنسان يعتمد في كسبه على المصادفة والحظ ، والأماني الفارغة لا على العمل والجد وكد اليمين ، وعرق الجبين ، واحترام الأسباب المشروعة .
2- القمار أداة لهدم البيوت العامرة ، وفقد الأموال في وجوه محرمة ، وافتقار العوائل الغنية ، وإذلال النفوس العزيزة ..
3- القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل ، وحصولهم على المال بغير الحق .
4- القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق ، واقبح العادات .
5- القمار هواية آثمة تلتهم الوقت والجهد ، وتعوّد على الخمول والكسل ، وتعطل الأمة عن العمل والإنتاج .
6- القمار يدفع صاحبه إلى الإجرام لأن الفريق المفلس يريد أن يحصل على المال من أي طريق
كان ، ولو عن طريق السرقة والاغتصاب ، أو الرشوة والاختلاس .
7- القمار يورث القلق ، ويسبب المرض ويحطم الأعصاب ، ويولّد الحقد ، ويؤدي في الغالب إلى الإجرام أو الانتحار أو الجنون أو المرض العضال .
8- والقمار يدفع المقامر إلى أفسد الأخلاق كشرب الخمور وتناول المخدرات ، فالأجواء التي يدار فيها القمار يقل فيها الضوء ، ويكثر فيها دخان اللفائف ، وتخفت الأصوات وترتفع الهمهمة ، يتسلل لها الهواة كأنما يفرون من العدالة ، ويدخلون في توجس وتردد ، وتلتف جموعهم حول مائدة خضراء تتصاعد حولها أنفاسهم المضطربة ، وتخفق قلوبهم المكلومة ، والمفروض أنهم رفاق لعب ، ولكنهم في الحقيقة أعداء ، فكل منهم يتربص بالآخر ، ويعمل على أن يكسب على حسابه وحساب أولاده ، ويعمل صاحب المكان على أن يخدر أحاسيس الجميع بما يقدم لهم من موسيقى حالمة ، ونساء ضائعات ، وأنواع الشراب ، وأنواع التدخين ، وتكثر حول المائدة الخضراء ضروب الغش والخداع ، فالسقاة والمطعمون والفتيات يكشفون أوراق لاعب إلى لاعب ، ويغمزون ويهمسون لينصروا بالباطل واحداً على الآخر ، وليقيموا أحياناً نوعاً من التوازن يضمن استمرار اللعب وطول اللقاء ، ويخسر الجميع بلا شك ، يخسرون بما يدفعونه ثمناً للشراب والتدخين ، وما يدفعون للسقاة والمطعمين ، وما يقدمونه من شراب للفتيات ، وتتفاوت بعد ذلك الخسارة ، فالرابح الذي نجح في كل الجولات أو أكثرها لا يتبقى معه من الربح شيء على الإطلاق أو لا يتبقى معه إلا مقدار ضئيل ، وأما الخاسر فقد خسر كل شيء ، وفي آخر الليل يتسللون جميعاً وقد علتهم الكآبة والخزي ، والخاسر يتوعد الرابح إلى الغد . أحمد شلبي ، الحياة الاجتماعية في التفكير الإسلامي ص 241 .
كم من بيوت افتقرت بسبب القمار ، وكم من بطون جاعت وأجسام عريت أو لبست الأسمال وكم من زواج فشل ، ووظيفة ضاعت لأن صاحبها اختلس ليقامر ، وكم من رجل باع دينه وعِرضه على مائدة القمار ، فالقمار يدمر كل شيء وهو إن كان هدفه المال ولكنه يشمل الخمر والتدخين ورفاق السوء والظلام والغموض والغش والكراهية والتربص والاختلاس وكل صفات الشر .
من كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 388
نسأل الله السلامة والعافية .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40147
الصلاة خلف الإباضية وأهل البدع
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4051)
سؤال رقم 40147- الصلاة خلف الإباضية وأهل البدع
ما هو رأيكم في فرقة الإباضية وهل صحيح أن ابن باز ( رحمه الله) قد كفر هذه الفرقة فنحن هنا في مسجد في أمريكا ويوجد به فرق مختلفة منهم الزيدية والشيعة أيضا فهل نسمح لأحد منهم بالإمامة والصلاة خلفه أم تكون لأهل السنة ؟.
الحمد لله
الإباضية إحدى الفرق الضالة ، كما جاء في فتوى اللجنة الدائمة رقم 6935 ، ونصها :
السؤال : هل تعتبر فرقة الإباضية من الفرق الضالة من فرق الخوارج وهل يجوز الصلاة خلفهم ؟
فكان جواب اللجنة كما يلي :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد :
فرقة الإباضية من الفرق الضالة لما فيهم من البغي والعدوان والخروج على عثمان بن عفان وعلي رضي الله عنهما ، ولا تجوز الصلاة خلفهم .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
للمزيد عن الإباضية راجع سؤال رقم ( 11529 )
ولم نقف على تكفير الشيخ ابن باز رحمه الله لهذه الفرقة .
وانظر حكم الصلاة خلف الشيعة ، في جواب السؤال رقم 20093
ولا يجوز تمكين أهل البدع المكفِّرة من إمامة الصلاة ، لعدم صحة الصلاة خلفهم عند جمع من أهل العلم ، ولكونهم أهلا للهجر والزجر لا
للإمامة والتقديم ، ولما يترتب على تقديمهم للصلاة من اغترار الجاهل بهم .
والبدع المكفرة : كبدعة القول بخلق القرآن ، ونفي رؤية المؤمنين لربهم في الجنة ، والقول بتكفير مرتكب الكبيرة أو تخليده في النار ،
وتكفير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، أو القول بتحريف القرآن ، أو ادعاء أن الأئمة يعلمون الغيب ، أو الاستغاثة بالأموات ، وغير ذلك من صور الكفر والشرك .
وهذا بخلاف صاحب البدعة غير المكفرة ، فإن الصلاة خلفه صحيحة .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (7/364) السؤال التالي :
هل تجوز الصلاة خلف الإمام المبتدع ؟
جواب اللجنة :
من وجد إماما غير مبتدع فليصل وراءه دون المبتدع ، ومن لم يجد سوى المبتدع نصحه عسى أن يتخلى عن بدعته ، فإن لم يقبل وكانت بدعته شركية
كمن يستغيث بالأموات أو يدعوهم من دون الله أو يذبح لهم فلا يصلى وراءه لأنه كافر وصلاته باطلة ولا يصح أن يجعل إماما وإن كانت بدعته غير مكفرة كالتلفظ
بالنية صحت صلاته وصلاة من خلفه .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
والله أعلم .
*****
4015
الجمع في النية بين صيام الأيام البيض وصيام الست من
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/4052)
سؤال رقم 4015- الجمع في النية بين صيام الأيام البيض وصيام الست من
السؤال : هل يحصل الفضل لمن صام ثلاث من الست من شوال مع البيض بنية واحدة ؟
الجواب:
الحمد لله
سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن هذه المسألة فأجاب بأنه يُرجى له ذلك لأنّه يصدق أنه صام الستّ كما يصدق أنه صام البيض وفضل الله واسع .
وعن المسألة نفسها أجابني فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين بما يلي :
نعم ، إذا صام ست أيام من شوال سقطت عنه البيض ، سواء صامها عند البيض أو قبل أو بعد لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر ، وقالت عائشة رضي الله عنها : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره " ، و هي من جنس سقوط تحية المسجد بالراتبة فلو دخل المسجد وصلى السنة الراتبة سقطت عنه تحية المسجد … و الله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40150
يصلي جميع الفروض في المسجد إلا الفجر فما الحكم ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4053)
سؤال رقم 40150- يصلي جميع الفروض في المسجد إلا الفجر فما الحكم ؟
أصلي جميع الفروض في المسجد ، والحمد لله ، ما عدا الفجر أصليها في البيت ، فهل هذا يجوز ؟.
الحمد لله
اعلم أيها الأخ المكرم أن من نعم الله تعالى عليك أن وفقك لأداء
الصلوات في المسجد مع الجماعة ، والوقوف بين يدي الله تعالى في بيته لإقامة هذه
الشعيرة العظيمة ، وأداء ما افترضه الله عليك ، وليس هناك شيء أحب إلى الله تعالى
من أداء فرائضه . وقد سبق بيان الأدلة على وجوب صلاة الجماعة [ راجع السؤال رقم 8918 ] .
وأما ما ذكرته من أنك تصلي الفجر في بيتك ، فهذا خطأ يجب عليك
التوبة إلى الله تعالى منه ، وبلية نسأل الله تعالى أن يعافينا وإياك منها ؛ وذلك
لأن الأدلة على وجوب صلاة الجماعة ليست خاصة بصلاة دون صلاة ، بل هي عامة لجميع
الصلوات ، وأولها صلاة الفجر التي تسأل عنها .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك صلاة الفجر مع الجماعة ،
وحرمانها من النور التام يوم القيامة . روى أبو داود ( 561 ) والترمذي ( 223 ) وابن
ماجة ( 781 ) عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى
الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) صححه الألباني في
صحيح الترغيب .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر وحرمانها من اجتماع
الملائكة ، وشهادتها لك عند رب العالمين . روى البخاري ( 555 ) ومسلم ( 632 ) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَ ل ائِكَةٌ
بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ
يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ
تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ
وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر ، وحرمانها من أجر
قيام نصف ليلة . روى مسلم في صحيحه ( 656 ) عن عثمان رضي الله عنه قال : ( سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ
فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي
جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) .
وفي رواية أبي داود ( 555 ) والترمذي ( 221 ) : ( مَنْ صَلَّى
الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى
الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ ) .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر وحرمانها من ذمة
الله تعالى وجواره . عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله ، فمن أخفر ذمة الله كبه الله في
النار لوجهه ) قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رواه الطبراني في الكبير في
أثناء حديث ، وهذا لفظه ، ورجاله رجال الصحيح . وصححه الألباني في صحيح الترغيب .
وأصل الحديث في صحيح مسلم ، باب : فضل صلاة العشاء والصبح في
جماعة ، ( 657 )
وقوله : فمن أخفر الله : يعني : نقض عهد الله ، ولم يف به ، بأن
آذى المؤمن الذي أدى الفجر في جماعة .
وكيف تطيب نفسك يا عبد الله بترك جماعة الفجر ، وقد أخبر النبي
صلى الله عليه وسلم أن التثاقل عن جماعة الفجر إنما هو شأن المنافقين . روى البخاري
( 657 ) ومسلم ( 651 ) واللفظ له ، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَثْقَلَ
صَلاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلاةُ الْعِشَاءِ وَصَلاةُ الْفَجْرِ ، وَلَوْ
يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ
آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ، ثُمَّ
أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لا
يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ )
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( كنا إذا فقدنا الرجل في
الفجر والعشاء أسأنا به الظن ) رواه الحاكم في المستدرك ( 764 ) وغيره ،
وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي والألباني .
إن المسلم الحريص على الصلاة في جماعة ، كما وصفت من حالك ، لا
تطيب نفسه ، إن شاء الله بترك حضور الجماعة في الفجر ، بعد ما سمع من كلام النبي
صلى الله عليه وسلم في ذلك .
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
*****
40156
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة بهيمة الأنعام >(1/4054)
سؤال رقم 40156- لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها
هل الأغنام التي لا ترعى بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية هل عليها زكاة أم أن الزكاة على الأغنام التي ترعى الأعشاب والنباتات البرية دون وجود مصاريف أعلاف ؟ آمل التوضيح .
الحمد لله
ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي
وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت
سائمة ( أي ترعى النباتات البرية ، ولا يعلفها صاحبها ) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة
فيها.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة ، منها :
1- ما رواه البخاري (1454) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي
فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ
عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ . . . وَفِي
صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ
وَمِائَةٍ شَاةٌ . . . الحديث .
فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة .
2- ما رواه النسائي (2444) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه
عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
: ( فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث
) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (791) .
فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها .
وحكم البقر حكم الإبل والغنم .
انظر الشرح الممتع (5/33) .
قال النووي في "المجموع"
"وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ
حُجَّةٌ عِنْدَنَا , وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَيْسَتْ مَعْلُوفَةً ,
وَالسَّوْمُ الرَّعْيُ" اهـ .
قال ابن قدامة في "المغني" :
وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ ،
فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اهـ .
وذهب مالك إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير
سائمة ، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد
بالسائمة ، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما : ( فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ
مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ).
وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذا الحديث مطلق ، والأحاديث
الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد .
وأيدوا هذا بقولهم :
وصف النماء والتكاثر والزيادة معتبر في زكاة بهيمة الأنعام ،
والنماء ظاهر في السائمة فإنها لا كلفة في تربيتها ، أما المعلوفة فلها كلفة في
تربيتها وقد يستغرق علفها نماءها ، فكان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن أسقط
الزكاة فيها إلا أن تكون معدة للتجارة كمشروعات التسمين التي تشترى فيها الماشية ثم
تُعلف وتباع ففيها زكاة التجارة .
انظر المغني (4/12) ، الموسوعة الفقهية (23/250) .
ولمعرفة كيفية حساب زكاة التجارة راجع السؤال رقم ( 10823 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/32) :
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ)
مَوْضِعُ خِلافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لأَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَرْعَى .
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الإِبِلَ الْعَوَامِلَ وَالْبَقَرَ الْعَوَامِلَ
وَالْكِبَاشَ الْمَعْلُوفَةَ فِيهَا الزَّكَاةُ . قَالَ أَبُو عُمَرَ : وَهَذَا
قَوْلُ اللَّيْثِ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُمَا . وَأَمَّا
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ والأوزاعي
وَغَيْرُهُمْ : فَلا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَهُمْ . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ
مِنْ الصَّحَابَةِ : عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ . وَكَتَبَ بِهِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ . وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : (
فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ) فَقَيَّدَهُ
بِالسَّائِمَةِ ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ مِنْ
جِنْسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ
اهـ ..
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/205) :
"من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي
الراعية" اهـ .
والله أعلم .
*****
40157
يخشى إن أرجع أموالاً سرقها قبل الهداية أن يفتضح أمره ، فماذا يفعل ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الرقائق > التوبة >(1/4055)
سؤال رقم 40157- يخشى إن أرجع أموالاً سرقها قبل الهداية أن يفتضح أمره ، فماذا يفعل ؟
بفضل الله وبحمده أنه هداني إلى طريق الحق والخير ، راجياً الله أن يتم نعمته عليَّ وأن يهدي كل عاصٍ ، وأن يرد المسلمين إلى دينهم ردّاً جميلاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
علمت من أهل العلم أن التوبة لا تصح إلا إذا قمت بإرجاع الحقوق إلى أهلها .
وقد عملت في شركة من عشر سنوات تقريباً وسرقت مبلغاً من المال لا أذكر بالتحديد لكنه لا يزيد عن مائة دينار ، وإرجاع المبلغ الآن قد يسيء لي ولأسرتي لاسيما وأصحاب الشركة على علاقة بي وبأسرتي إلى الآن فماذا أفعل .
هل يمكن أن أتصرف بالمبلغ أو أوصله إليهم عن طريق البريد من غير أن أذكر اسمي ، فقط أكتب رسالة أن هذا المبلغ أخذ منكم بغير حق .
الحمد لله
نحمد الله سبحانه أن وفقك للتوبة ، ومن المعلوم أن المال هو فتنة هذه الأمة ، والتوفيق للتوبة من أخذ أموال الناس بغير حق أمر عظيم يستحق
منك دوام الشكر لله على هذه النعمة .
ومن تمام توبتك هو إرجاع الحقوق إلى أهلها ، وقد أحسنتَ في سؤالكَ حول هذا الموضوع ، وقد تقدمت الإشارة إلى هذه المسألة في جوابنا على
السؤال رقم ( 31234 ) ، وفيه بيان أنه لا يشترط على من أراد إرجاع الحقوق لأهلها أن يكشف
عن نفسه وهويته ، إذ المقصود هو رجوع الحق إلى صاحبه ، وليس المقصود معرفة السارق .
لذلك أخي الفاضل : ابحث عن الطريقة المناسبة التي تحفظ لك كرامتك ويُرجع فيه الحق لأهله من غير أن تُحرج نفسك مع أصحاب الشركة .
والله أعلم .
*****
4016
الزكاة في أموال الأبناء
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4056)
سؤال رقم 4016- الزكاة في أموال الأبناء
وضعت مبالغ بأسماء أبنائي الصغار في أسهم شركات استثمارية ، هل نجمعها عند إخراج الزكاة أم يخرج عن كل واحد بمفرده ، مع العلم أنه إذا لم نجمعها لن تبلغ النصاب ؟
الحمد لله
عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بما يلي :
كل إنسان له ماله الخاص فإن بلغ نصابا زكاه و إلا فلا ، و لكن هل له أولاد آخرون أعطاهم مثل هؤلاء ، فإن كان له أبناء غيرهم و لم يعطهم فليتق الله و ليعدل بينهم " للذكر مثل حظ الأنثيين " ، و إن لم يكن عنده غيرهم فالأمر واضح ، و إن كان عنده غيرهم و أعطاهم مثل ما أعطى هؤلاء فقد عدل و لا شئ عليه … و الله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40163
ولدها يمارس العادة السرية يومياً فماذا تفعل ؟
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
التربية > تربية الأولاد >(1/4057)
سؤال رقم 40163- ولدها يمارس العادة السرية يومياً فماذا تفعل ؟
ابني الوحيد يعمل العادة السرية كثيراً ويصارحني بذلك ، نبهته أن هذا حرام ثم بدأت بحرمانه حتى الضرب ولكن دون فائدة .
تعبت كثيراً من مراقبته ... فماذا أفعل ؟
الحمد لله
تتحمل الأسرة في كثير من الأحيان مسئولية وقوع أبنائهم في المعاصي ؛ وذلك بسبب قلة التوجيه نحو الطاعة ، وتوفير سبل الوقوع في المعصية .
ونحن لا ندري عن حقيقة الأمر هنا ، إلا أنه من المتوقع أن تكون الظروف المحيطة بهذا الصبي هي التي جعلته يقع في المعصية ؛ فهو وحيد أبويه
، مما جعله مدلّلاً في الغالب ، وهذا التدليل ييسر سبل الوقوع في المعصية ، وعلاج هذه المشكلة يكون بعدة أمور :
1. التخفيف من التدليل الزائد ، والذي قد يفقد الولد الشعور بالرجولة ، ويحاول إظهارها بمثل هذه العادة أو بشرب الدخان – مثلاً - .
2. عدم توفير سبل الوقوع في المعصية وخاصة تلك التي تساهم في موت القلب مثل توفير أشرطة غنائية ليسمعها ، وقنوات فضائية ليراها .
3. الحرص على البعد عن نوم الولد وحده ، أو إغلاق الباب عليه عند النوم ، فالخلوة تساهم في التفكير في المعصية ، وتشجع على فعلها .
4. ربط الولد بالمسجد وبحلقاته العلمية ، وبالصحبة الصالحة ، وهذه من أعظم ما يعين العبد على صلاح قلبه ، وتقوية إيمانه .
5. توفير مكتبة سمعية ومرئية إسلامية نافعة ، تنمي فيه حب العبادة ، وتعلمه حسن الخلق ، وترهبه من الوقوع في المعصية .
6. تشجيعه على القراءة ، وخاصة الكتب المتعلقة بتراجم العلماء والأبطال المجاهدين ، فلعله أن يكتسب أخلاقهم ويحذو حذوهم ، ويفضل أن يشجع
على كتابة تلخيص لما يقرأ ويسمع ويشاهد ويُعطى مكافأة تليق بحاله .
7. تشجيعه على حفظ القرآن ، والصيام ، ولا شك أن فيهما إعماراً للقلوب وإحياءً لها .
8. محاولة تنظيم الوقت بحيث يكون العمل في النهار ، والنوم في أول الليل ، فالسهر قد يجعله يديم التفكير في المعصية .
9. تبيين حكم الشرع في هذه العادة ، وأثرها الصحي على العقل والقلب والجوارح .
10. تجنب إهانته وضربه وإحراجه ؛ وليس بالضرب أو الإهانة أو الإحراج يكون ترك تلك المعصية وأخواتها ، بل بالتي هي أحسن ، وبالموعظة
الحسنة .
والله الموفق .
*****
4017
هل يجب على المرأة أن تدافع عن نفسها ضد من يريد اغتصابها
الفقه > معاملات > الجنايات >(1/4058)
سؤال رقم 4017- هل يجب على المرأة أن تدافع عن نفسها ضد من يريد اغتصابها
السؤال :
هل يجب على المرأة أن تدافع نفسها إذا أراد أحد اغتصابها وهل يجوز لها استخدام السلاح لأجل ذلك .
الجواب:
الحمد لله
يجب على المرأة المكرهة على الزنا بها أن تدافع عن نفسها ، ولا تستسلم ولو بقتل من يريد فعل الفاحشة بها ، وهذا الدفع عن نفسها واجب ، ولا شئ عليها إذا قتلت من يريد الزنا بها عن طريق الإكراه لما رواه الإمام أحمد و ابن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قتل دون ماله فهو شهيد ، من قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد " . وجاء في شرحه : ( قوله : " ومن قتل دون أهله فهو شهيد " أي في الدفع عن بضع - أي عرض - حليلته أو قريبته )
وإذا كان للرجل أن يدفع عن زوجته الزنى ويقاتل من يريد الزنا بها ولو أدى إلى قتله - أي قتل المدافع - ، فمن باب أولى أن تدفع المرأة هي عن نفسها ولا تستسلم إلى هذا المعتدي الظالم الذي يرد هتك عرضها حتى ولو قتلت ؛ لأنها إذا قتلت كانت شهيدة كما يكون زوجها شهيدا إذا قتل دفاعا عن عرضها ، والشهادة درجة عالية لا تنال إلا بموت في سبيل طاعة الله ، وفي سبيل ما يحبه ، مما يدل على أن الله تعالى يحب مثل هذا الدفاع : دفاع الرجل عن عرض زوجته ودفاع المرأة عن نفسها . أما إذا عجزت عن الدفع والدفاع عن نفسها ، وتغلب عليها الفاسق الخبيث فزنى بها مكرهة ، فلا حد عليها ولا تعزير ، وإنما الحد على هذا المعتدي الآثم الخسيس .
جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي : ( وقال أحمد في امرأة أرادها رجل على نفسها فقتلته لتحصن نفسها ، قال أحمد : إذا علمت أنه لا يريد إلا نفسها فقتلته لتحصن نفسها فلا شئ عليها . وذكر أحمد حديثا يرويه الزهري عن القاسم بن محمد ، عن عبيد بن عمير أن رجلا أضاف ناسا من هذيل ، فأراد امرأة عن نفسها فرمته بحجر فقتلته . فقال عمر : و الله لا يودى أبدا - أي لا تدفع عنه دية - ؛ ولأنه إذا جاز الدفع عن ماله الذي يجوز بذله وإباحته ، فدفع المرأة عن نفسها وصيانتها عن الفاحشة وحفظ عرضها من الزنا الذي لا يباح بحال ولا يجوز به البذل أولى من دفع الرجل عن ماله . وإذا ثبت هذا فإنه يجب عليها أن تدفع عن نفسها إن أمكنها ذلك ؛ لأن التمكين منها محرم وفي ترك الدّفع تمكين ) المغني 8/331
والله أعلم . المفصل في أحكام المرأة 5/42-43
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه الطرق الحكمية : 18 - ( فَصْلٌ ) وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أُتِيَ بِامْرَأَةٍ زَنَتْ , فَسَأَلَهَا فَأَقَرَّتْ فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا . فَقَالَ عَلِيٌّ : لَعَلَّ لَهَا عُذْرًا , ثُمَّ قَالَ لَهَا : مَا حَمَلَك عَلَى الزِّنَا ؟ قَالَتْ : كَانَ لِي خَلِيطٌ ( أي شريك في بهيمة الأنعام ) ، وَفِي إبِلِهِ مَاءٌ وَلَبَنٌ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي إبِلِي مَاءٌ وَلا لَبَنٌ فَظَمِئْت فَاسْتَسْقَيْته ، فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَنِي حَتَّى أُعْطِيَهُ نَفْسِي . فَأَبَيْت عَلَيْهِ ثَلاثًا . فَلَمَّا ظَمِئْت وَظَنَنْت أَنَّ نَفْسِي سَتَخْرُجُ أَعْطَيْته الَّذِي أَرَادَ ، فَسَقَانِي ، فَقَالَ عَلِيٌّ : اللَّهُ أَكْبَرُ { فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ ، إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } . وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ " ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بِامْرَأَةٍ جَهِدَهَا الْعَطَشُ ، فَمَرَّتْ عَلَى رَاعٍ فَاسْتَسْقَتْ ، فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهَا إلا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا . فَشَاوَرَ النَّاسَ فِي رَجْمِهَا . فَقَالَ عَلِيٌّ : هَذِهِ مُضْطَرَّةٌ ، أَرَى أَنْ تُخْلِيَ سَبِيلَهَا ، فَفَعَلَ . قُلْت : وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا , لَوْ اضْطَرَّتْ الْمَرْأَةُ إلَى طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ عِنْدَ رَجُلٍ فَمَنَعَهَا إلا بِنَفْسِهَا ، وَخَافَتْ الْهَلاكَ ، فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَلا حَدَّ عَلَيْهَا . فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا ، أَمْ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَصْبِرَ وَلَوْ مَاتَتْ ؟ قِيلَ : هَذِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمُكْرَهَةِ عَلَى الزِّنَا ، الَّتِي يُقَالُ لَهَا : إنْ مَكَّنْت مِنْ نَفْسِك ، وَإِلا قَتَلْتُك .
وَالْمُكْرَهَةُ لا حَدَّ عَلَيْهَا ، وَلَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْ الْقَتْلِ بِذَلِكَ . وَلَوْ صَبَرَتْ ( أي على القتل ) لَكَانَ أَفْضَلَ لَهَا ( ولكن لا يجب ذلك عليها ) . والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40179
يُطلب منه إنكار المنكر بالإيميل
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/4059)
سؤال رقم 40179- يُطلب منه إنكار المنكر بالإيميل
في الآونة الأخيرة نجد أن بعض أعداء الله يسب الإسلام أو يسئ إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وذلك إما بالكلام أو ببعض الرسومات - قاتلهم الله - ، وحيث إنه يأتينا في بعض الأحيان بالبريد الإلكتروني من هذه الأخبار ويطلب من المسلمين أن ينكروا هذا الفعل إما بإرسال بريد إلكتروني وإما بإرسال بريد عادي أو بالاتصال بذلك الشخص المسيء لمشاعر المسلمين. وسؤالي هو: هل إذا لم نفعل ذلك الاستنكار نكون آثمين ؟ أم هل إذا قام به البعض سقط عن الباقين ؟.
الحمد لله
أولاً : الأصل أن إنكار المنكر فرض على الكفاية ، فإذا قام به من
يكفي سقط الإثم عن الباقين .
قال النووي – رحمه الله – في شرح صحيح مسلم :
( ثم إن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به
بعض الناس سقط الحرج عن الباقين وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا
خوف . ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أولا يتمكن من
إزالته إلا هو ، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف )
انتهى.
ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك مدعاة لترك المسلمين هذه الفريضة ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل على المسلمين القيام بذلك ، لقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ) رواه مسلم (49)
ويتأكد ذلك كلما عَظُم المنكر وفحش ، ولا منكر أعظم من سبّ الله
تعالى أو سب دينه الإسلام أو سبّ رسوله محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فمن اطلع على شيء من هذه الإساءة ، في صحيفة أو مجلة أو قناة
فضائية أو غيرها، فعليه إنكارها حسب استطاعته ، بيده أو بلسانه أو بقلبه ، كما أمر
بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
ومن لم ير ذلك ولم يطلع عليه ، لكن أُخبر بوجوده ، فينبغي أن
يبادر بالإنكار أيضا ، كأن يتصل على الصحيفة أو القناة ، وينكر عليهم ما نشر فيها ،
أو يتصل على صاحب المقالة نفسها ، فإن الناس إذا رأوا كثرة المنكرين تهيبوا من
إعادة الإساءة ، وربما أعلنوا اعتذارهم وتوبتهم .
كما أن اتفاق الجمع الكبير من الناس على إنكار المنكر يدل على
قوة أهل الدين ، وغيرتهم ، ويقظتهم لما يذاع وينشر، وهذا مطلوب شرعا؛ وإلا لتجرأ في
كل يوم متجرئ .
وأيضا : فهذا باب لتحصيل الأجر ، فإن الناهي عن المنكر مأجور
مثاب .
نسأل الله تعالى أن يعزّ دينه ، وأن يذل أهل الزيغ والضلال .
والله تعالى أعلم .
*****
4019
اختلفوا على إبقاء الستارة بين الرجال والنساء في المسجد
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4060)
سؤال رقم 4019- اختلفوا على إبقاء الستارة بين الرجال والنساء في المسجد
السؤال :
يوجد في أحد المساجد ستارة بين الرجال والنساء فحصل خلاف في أهمية هذه الستارة فرأى بعضهم أنه لا حاجة لها وأنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك ستارة وأصر الآخرون على وجودها فحصل خلاف نتيجة ذلك ربما يؤدي بالذين يرون بعدم وجودها إلى ترك الصلاة في المسجد علماً أنه يحدث هناك شيء من الاختلاط أو النظر عند الانصراف لطبيعة دين الموجودين من الرجال فهل نصر على إبقاء الستارة ولو ترك الصلاة من ترك أو نزيل الستارة ولو حصل ما حصل من النظر ؟
الجواب:
الحمد لله
أجابنا فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين على هذا السؤال بقوله :
الستارة تبقى وكونها لم توجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إما لعدم السبب المقتضي لها وإما لوجود المانع ، أما الأول فلأن الصحابة رضي الله عنهم عندهم من الإيمان بالله ما يمنعهم من النظر إلى النساء ، وأما المانع فلأن حال الصحابة كما نعلم لا سيما قبل الفتوح حال عسر لا يستطيعون أن يضعوا ستارة تحول بينهم وبين النساء ، وإذا خلصنا إلى هذا رأينا أيهما أبعد عن الفتنة أن توجد الستارة أو لا توجد ؟ ، كلٌ يقول الأبعد عن الفتنة وجود الستارة، وإذا كان كذلك فكلما كان أبعد عن الفتنة فهو أولى وإذا قلت : لو أصررنا على هذا لتخلّف الذين يقولون بإزالتها ، فالجواب أنهم إذا تخلفوا فهم الذين جنوا على أنفسهم لأنهم لا يعذرون بترك الجماعة لوجود هذه الستارة إذ أن وجودها ليس معصية حتى يقولوا أننا لن نحضر لنشاهد المعصية فيكونون إذا تخلفوا آثمين بتركهم الجماعة . انتهى
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4020
وعظ الناس في المقبرة بعد الدّفن
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4061)
سؤال رقم 4020- وعظ الناس في المقبرة بعد الدّفن
السؤال : يقوم بعض الإخوان بإلقاء خطب ومواعظ عند الدفن بغرض وعظ المشيعين ، فما الحكم في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
أرى أن هذا من البدع المحدثة ، ولا يمكن أن يدّعي واعظ أنه أشد حبا لموعظة الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم خطيبا يعظ الناس في المقبرة ، غاية ما هنالك : " أنه انتهى في يوم من الأيام إلى قبر ولما يُلحد فجلس وجلس أصحابه حوله فجعل يحدثهم عما يكون عند الاحتضار وبعد الموت " هذا أبلغ ما يرد ، وعلى هذا فما يفعله بعض الناس فهو اجتهاد ليس بالصواب لكونه يقوم خطيبا يعظ الناس .
سؤال :
فكون النبي صلى الله عليه وسلم فعله مرة واحدة …
الجواب :
لم يفعله ، بل جعل يتحدث حديث الجالسين ، ما قصد الموعظة وأن يقوم خطيبا .
سؤال :
فلو أن شخصا قعد حول القبر وحوله الناس قعدوا ، وحدثهم بحديث أبي داوُد ( حديث البراء)، يعتبر عمله مشروعا ؟
الجواب :
غير مشروع ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قصد الجلوس للموعظة وإنما قصد الجلوس حتى ينتهوا من إلحاد القبر ، فرق بين ما يحدث اتفاقا وما يحصل قصدا ؛ ولهذا ما فعلها في غير هذا الموضع . والله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
40204
يجوز رفع الجنابة بالتيمم عند العذر
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4062)
سؤال رقم 40204- يجوز رفع الجنابة بالتيمم عند العذر
هل يجوز رفع الجنابة بالتيمم ؟.
الحمد لله
إذا وُجد العذر الذي يبيح التيمم وهو إما فقد الماء أو تعذر
استعماله بسبب مرض ونحوه فإن التيمم يقوم مقام الوضوء والاغتسال ، فيتيمم الجنب
ويصلي ، ثم إذا وجد الماء وجب عليه الاغتسال .
وقد دل على ذلك القرآن والسنة .
1- قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى
الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ
كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ
جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا
مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ
مِنْهُ ) المائدة/6 " فأَمَرَنَا الله سُبْحَانَهُ
بِالطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَبِالتَّيَمُّمِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا"
اهـ . قاله شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (21/396) بتصرف يسير . والطهارة الصغرى هي الوضوء ، والكبرى هي الاغتسال .
2- وروى البخاري في موضعين (344) (348) عَنْ عِمْرَان بْن
حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا مُعْتَزِلا لَمْ يُصَلِّ فِي الْقَوْمِ ، فَقَالَ : يَا
فُلانُ ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ ، وَلا مَاءَ . قَالَ : عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ ،
فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ . وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد الماء فأَعْطَى
الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ وقَالَ : ( اذْهَبْ
فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ ) .
"وهذا دليل على أن التيمم مطهر وكاف عن الماء لكن إذا وجد الماء
فإنه يجب استعماله ، ولهذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرغه على نفسه بدون
أن يحدث له جنابة جديدة " قاله ابن عثيمين في "مجموع الفتاوى" (11/239) .
3- وروى مسلم (368) أَنَّ رَجُلا أَتَى عُمَرَ فَقَالَ : إِنِّي
أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ مَاءً . فَقَالَ : لا تُصَلِّ . فَقَالَ عَمَّارٌ : أَمَا
تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ
فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدْ مَاءً فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا
فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ
الأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ ) فَقَالَ
عُمَرُ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ ! قَالَ : إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.
فَقَالَ عُمَرُ : نُوَلِّيكَ مَا تَوَلَّيْتَ . وفي رواية : ( قَالَ عَمَّارٌ : يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ شِئْتَ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ حَقِّكَ
لا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا ) .
فنسي عمر رضي الله عنه تلك الحادثة .
(فَقَالَ عُمَرُ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ! )
"مَعْنَاهُ : قَالَ عُمَر لِعَمَّارٍ : اِتَّقِ اللَّه تَعَالَى
فِيمَا تَرْوِيه وَتَثَبَّتْ . فَلَعَلَّك نَسِيت , أَوْ اِشْتَبَهَ عَلَيْك
الأَمْر . وَأَمَّا قَوْل عَمَّار إِنْ شِئْت لَمْ أُحَدِّث بِهِ فَمَعْنَاهُ ,
وَاَللَّه أَعْلَم ; إِنْ رَأَيْت الْمَصْلَحَة فِي إِمْسَاكِي عَنْ التَّحْدِيث
بِهِ رَاجِحَة عَلَى مَصْلَحَة تَحْدِيثِي بِهِ أَمْسَكْت , فَإِنَّ طَاعَتك
وَاجِبَة عَلَيَّ فِي غَيْر الْمَعْصِيَة , وَأَصْل تَبْلِيغ هَذِهِ السُّنَّة
وَأَدَاء الْعِلْم قَدْ حَصَلَ , فَإِذَا أَمْسَكَ بَعْد هَذَا لا يَكُون دَاخِلا
فِيمَنْ كَتَمَ الْعِلْم . وَيَحْتَمِل أَنَّهُ أَرَادَ إِنْ شِئْت لَمْ أُحَدِّث
بِهِ تَحْدِيثًا شَائِعًا بِحَيْثُ يَشْتَهِر فِي النَّاس , بَلْ لا أُحَدِّث بِهِ
إِلا نَادِرًا " اهـ . قاله النووي .
(فَقَالَ عُمَرُ نُوَلِّيكَ مَا تَوَلَّيْتَ)
"أَيْ لا يَلْزَم مِنْ كَوْنِي لا أَتَذَكَّرُهُ أَنْ لا يَكُون
حَقًّا فِي نَفْس الأَمْر , فَلَيْسَ لِي مَنْعُك مِنْ التَّحْدِيث بِهِ " قاله الحافظ في "فتح الباري "
4- وروى أبو داود (334) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ
احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَشْفَقْتُ
إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي
الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ : يَا عَمْرُو ، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ ؟!
فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الاغْتِسَالِ ، وَقُلْتُ : إِنِّي
سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
بِكُمْ رَحِيمًا ) فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا .
قال الحافظ في الفتح (1/589) : إسناده قوي اهـ . وصححه الألباني في صحيح أبي
داود .
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه : " إِذَا خَافَ الْجُنُبُ
عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ أَوْ الْمَوْتَ أَوْ خَافَ الْعَطَشَ تَيَمَّمَ
وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ
فَتَيَمَّمَ وَتَلا " وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
رَحِيمًا " فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ
يُعَنِّفْ" اهـ .
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (21/451) :
"مَنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ مِنْ احْتِلامٍ أَوْ جِمَاعٍ حَلالٍ
أَوْ حَرَامٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُصَلِّيَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ
الاغْتِسَالُ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ لِتَضَرُّرِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ مِثْلُ أَنْ
يَكُونَ مَرِيضًا يَزِيدُ الاغْتِسَالُ فِي مَرَضِهِ أَوْ يَكُونَ الْهَوَاءُ
بَارِدًا وَإِنْ اغْتَسَلَ خَافَ أَنْ يَمْرَضَ بِصُدَاعِ أَوْ زُكَامٍ أَوْ
نَزْلَةٍ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي . سَوَاءٌ كَانَ رَجُلا أَوْ امْرَأَةً
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلاةَ عَنْ وَقْتِهَا" اهـ .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (10/201) :
هل التيمم يُسقط عن الجنب الاغتسال بتاتا ؟ وكم صلاة يمكن أن
أصلي به ؟
فأجاب :
التيمم يقوم مقام الماء ، فالله جعل الأرض مسجداً وطهوراً
للمسلمين ، فإذا فقد الماء أو عجز عنه لمرض قام التيمم مقامه ، فلا يزال كافيا حتى
يجد الماء ، فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن جنابته السابقة ، وهكذا المريض إذا
برئ وعافاه الله يغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ
الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ) ثم قال : ( فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ
بَشَرَتَك ) . رواه الترمذي ، من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، ورواه البزار ، وصححه
ابن القطان ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
فإذا وجد الماء الجنب أمسه بشرته ، أي : اغتسل بعد ذلك عما مضى ،
وأما صلواته الماضية فهي صحيحة بالتيمم عند فقده الماء أو عجزه عن استعماله ؛ لمرض
يمنعه من الماء ، حتى ينتهي المرض ويشفى منه ، وحتى يجد الماء إذا كان فاقدا له ،
ولو طالت المدة اهـ .
*****
4021
لبس الرجل لخاتم البلاتين
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4063)
سؤال رقم 4021- لبس الرجل لخاتم البلاتين
السؤال : هل يجوز للرجل أن يلبس خاتما مصنوعا من البلاتين ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
هذا مشروط بشرطين :
(1) أن لا يكون مسرفا بحيث أن لا يكون أهلا لمثل هذا اللباس .
(2) أن لا يحصل به فتنة مثل أن يكون شابا يخشى عليه أن يفتتن الناس به .
وذلك لأن الأصل في اللباس الإباحة إلا خاتم الذهب وهذا حرام على الرجال ومعروف . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
40210
لا زكاة في الأحجار الكريمة إلا إذا كانت للتجارة
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4064)
سؤال رقم 40210- لا زكاة في الأحجار الكريمة إلا إذا كانت للتجارة
ما مقدار النصاب الواجب على زكاة الأحجار الكريمة مثل الماس حيث إنها ليست ذهباً ؟ .
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأحجار الكريمة لا زكاة فيها إلا إذا
كانت للتجارة ، ولا زكاة عندهم في غير الذهب والفضة .
قال الإمام مالك في "المدونة" (1/341) :
لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ اهـ
.
وقال الشافعي في "الأم" :
وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ , أَوْ ادَّخَرْنَهُ , أَوْ
ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ
وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ
أَوْ وَرِقٍ اهـ . وحلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ . والوَرِق هو الفضة
.
وقال النووي في "المجموع" :
لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ
الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ
وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ
وَالزُّجَاجِ , وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا , وَلا زَكَاةَ
أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ .
وَلا خِلافَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ
جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ . وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ
وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا :
يَجِبُ الْخُمْسُ فِي الْعَنْبَرِ , قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ ,
وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ
قَالَ : يَجِبُ الْخُمْسُ فِي كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ .
وَحَكَى الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا :
كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ . وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي
كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إذا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا حَتَّى فِي الْمِسْكِ
وَالسَّمَكِ . وَدَلِيلُنَا :
1- الأَصْلُ أَنْ لا زَكَاةَ إلا فِيمَا ثَبَتَ الشَّرْعُ فِيهِ
.
2- وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ :
لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ . أَيْ
قَذَفَهُ وَدَفَعَهُ .
فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ
الْمَسْأَلَةِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ( لا زَكَاةَ فِي
حَجَرٍ ) فَضَعِيفٌ جِدًّا , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ اهـ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن باز (14/121) :
"تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما
المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة ؟
وإن كانت على شكل أواني للزينة أو للاستعمال ؟ أفيدونا أثابكم
الله .
فأجاب :
إن كانت المصوغات من الذهب والفضة ففيها زكاة إذا بلغت النصاب
وحال عليها الحول . ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء ، لأحاديث صحيحة
وردت في ذلك ، أما إن كانت من غير الذهب والفضة كالماس والعقيق ونحو ذلك فلا زكاة
فيها ، إلا إذا أريد بها التجارة فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة فتجب فيها
الزكاة كغيرها من عروض التجارة ، ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة ولو
للزينة ، لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب ، وقد صح عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في
صحافها فإنها لهم - يعني الكفار - في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته .
وعلى من اتخذها زكاتها مع التوبة إلى الله عز وجل ، وعليه أيضا
أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني كالحلي ونحوه اهـ .
وقال أيضاً (14/124) :
المجوهرات من غير الذهب كالماس ليس فيها زكاة إلا أن يراد بها
التجارة اهـ .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس ؟ وهل تجب فيها الزكاة ؟
وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة ؟
فأجاب فضيلته بقوله :
" اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف
، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعا بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف ،
وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ ) الأنعام/141 .
وإذا لم يخرج اقتناء هذه المجوهرات من الألماس وغيره إلى حد
الإسراف فهي جائزة ، لعموم قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي
الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة/29 .
وليس فيها زكاة إلا أن تعد للتجارة ، فإنها تكون كسائر الأموال
التجارية " اهـ .
فتاوى الزكاة (ص 97) .
*****
40216
ما حكم أكل الدجاج الوطني لمن لا يعلم كيف ذكِّي ؟
الفقه > عبادات > التذكية >(1/4065)
سؤال رقم 40216- ما حكم أكل الدجاج الوطني لمن لا يعلم كيف ذكِّي ؟
هل يجوز أكل الدجاج واللحوم الموجود بالمطاعم ، مع العلم أنني لا أعلم هل ذبح على الشريعة الإسلامية أم لا ؟.
الحمد لله
ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً أتوا النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا : إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا
بِاللَّحْمِ لا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا ؟ َقَالَ : (
سَمُّوا أنتم ثم َكُلُوها ) . قلت : وكانوا حديثي عهد بكفر يعني إلى الآن جدد في
الإسلام لا يدرون هل يسمون أو لا . فقال : سمّوا أنتم وكلوا . فأباح الأكل وإن كنا
لا ندري هل سمَّى أو لا ، كذلك يباح الأكل وإن كنا لا ندري هل ذبح على طريقة سليمة
أو غير سليمة ، لأن الفعل إذا صدر من أهله فالأصل أنه صحيح نافذ إلا بدليل ، فإن
جاءنا لحم مذبوح من مسلم أو من يهودي أو نصراني ، لا نسأل عنه ، لا نقول : كيف ذبح
، ولا هل سمَّى عليه أو لا ؟ فهو حلال ما لم تقم بيِّنة على أنه حرام ، وهذا من
تيسير الله ، وإلا كان مشكلة كلما قدّم لنا مذبوح نسأل : من الذي ذبح ؟ فلان ، هل
يصلي أو لا يصلي ؟ هل سمَّى أو لا ؟ هل أنهر الدم أو لا ..إلخ ، لكن من تيسير الله
سبحانه وتعالى أن الفعل الصادر من أهله الأصل فيه الصحة والنفاذ إلا بدليل .
انظر " أسئلة الباب المفتوح ج 1ص 77 " للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
*****
40217
تاب من التعامل مع البنوك الربوية ولا يدري أصل المال
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >
الرقائق > التوبة >(1/4066)
سؤال رقم 40217- تاب من التعامل مع البنوك الربوية ولا يدري أصل المال
لدي صديق كان يتعامل مع البنوك الربوية ويأخذ قروضا وما إلي ذلك من المعاملات الربوية نسأل الله السلامة وقد من الله عليه بالهداية وأوقف جميع تعاملاته مع البنوك وهو الآن لا يدري ما هو أصل ماله ولا يستطيع الفصل بينه وبين القروض والفوائد ويريد أن يطهر نفسه وماله عن السنوات السابقة فما العمل في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الحمد لله
على صديقك أن يراجع البنك ليعلم قدر الفوائد التي أضيفت إلى رأس
ماله ، ثم يتخلص من هذه الفوائد بإنفاقها في أوجه الخير والبر . راجع السؤال رقم 292 و 2370
فإن لم يعلم قدرها بالتحديد ، فليخرج ما يغلب على ظنه أنه بقدر
الفوائد التي أخذها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وأما ما أخذه من قروض ربوية ، قام بسدادها ، فهي ملك له . وتكفيه
التوبة والندم على ما فعل والعزم على عدم العود إلى مثل هذه المعاملات المحرمة .
ونحمد الله أن وفقه وهداه وصرفه عن هذا التعامل المحرم ، ونسأله
سبحانه أن يبارك له في ماله وأن يرزقه من فضله .
والله أعلم .
*****
40223
ليس على القارن إلا سعي واحد فقط
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4067)
سؤال رقم 40223- ليس على
القارن إلا سعي واحد فقط
سؤال عن حج بيت الله الحرام .... بالنسبة للحاج القارن هل ممكن أن نقوم بالإحرام بالعمرة والحج معاً على أن يكون السعي بين الصفا والمروة (بعد طواف القدوم) هو السعي الذي كنا ننويه بعد طواف الإفاضة ؟ أي أنه لا سعي علينا بعد طواف الإفاضة طالما سعينا بعد طواف القدوم ؟ .
الحمد لله
القارن هو من أحرم بالعمرة والحج جميعاً ، والقارن ليس عليه إلا سعي واحد فقط ، وهذا السعي يكفيه للحج والعمرة . والأفضل أن يسعى بعد
طواف القدوم كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، وله تأخيره حتى يكون مع طواف الإفاضة .
وقد دل على أن القارن ليس عليه إلا سعي واحد عدة أدلة ، منها :
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً ، ولم يسع بين الصفا والمروة إلى سعياً واحدا فقط بعد طواف القدوم .
روى مسلم (1215) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلا طَوَافًا وَاحِدًا ، طَوَافَهُ الأَوَّلَ .
قال النووي رحمه الله :
( لَمْ يَطُفْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا أَصْحَابه ) يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابه قَارِنًا, فَهَؤُلاءِ لَمْ يَسْعَوْا بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة إِلا مَرَّة وَاحِدَة , وَأَمَّا
مَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا فَإِنَّهُ سَعَى سَعْيَيْنِ , سَعْيًا لِعُمْرَتِهِ, ثُمَّ سَعْيًا آخَر لِحَجِّهِ يَوْم النَّحْر. وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلالَة
ظَاهِرَة لِلشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي أَنَّ الْقَارِن لَيْسَ عَلَيْهِ إِلا طَوَاف وَاحِد لِلإِفَاضَةِ وَسَعْي وَاحِد اهـ .
2- وروى البخاري (1556) ومسلم (1211) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا
بِالْعُمْرَةِ (وهم المتمتعون) بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى ،
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ (وهم القارنون) فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا .
ومرادها رضي الله عنها بالطواف الواحد السعي بين الصفا والمروة ، فإن السعي يطلق عليه طواف .
قال ابن القيم :
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَعَدُّد السَّعْي عَلَى الْمُتَمَتِّع , فَإِنَّ قَوْلهَا : "ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَر بَعْد أَنْ
رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ" تُرِيد بِهِ الطَّوَاف بَيْن الصَّفَّا وَالْمَرْوَة ، وَلِهَذَا نَفَتْهُ عَنْ الْقَارِنِينَ , وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد
بِهِ الطَّوَاف بِالْبَيْتِ لَكَانَ الْجَمِيع فِيهِ سَوَاء فَإِنَّ طَوَاف الإِفَاضَة لا يَفْتَرِق فِيهِ الْقَارِن وَالْمُتَمَتِّع اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : هل يكفي طواف واحد وسعي واحد للقارن ؟
فأجاب :
إذا حج الإنسان قارناً فإنه يجزئه طواف الحج ، وسعي الحجّ عن العمرة والحج جميعاً ، ويكون طواف القدوم طواف سنّة وإن شاء قدم السعي بعد
طواف القدوم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن شاء أخره إلى يوم العيد ، بعد طواف الإفاضة ، ولكن تقديمه أفضل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا
كان يوم العيد فإنه يطوف طواف الإفاضة فقط ، ولا يسعى لأنه سعى من قبل ، والدليل على أن الطواف والسعي يكفيان للعمرة والحج جميعاً قول الرسول صلى الله عليه
وسلم لعائشة رضي الله عنها وكانت قارنة : ( طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجِك وعمرتك ) رواه أبو داود (1897) وصححه الألباني في السلسلة
الصحيحة (1984) . فبيّن النبي عليه الصلاة والسلام أن طواف القارن وسعي القارن يكفي للحج والعمرة جميعاً اهـ "فتاوى أركان الإسلام"
(ص 563) .
والله تعالى أعلم .
*****
40225
هل تخلع السن الذهب من الميت ؟
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4068)
سؤال رقم 40225- هل تخلع السن الذهب من الميت ؟
إذا توفي إنسان وكان أحد أسنانه من ذهب هل يترك هذا السن أو يخلع ؟ وإذا كان هذا الخلع يترتب عليه مضرة لبقية الأسنان فما الحكم ؟.
الحمد لله
أولاً : يجب أن نعلم أن السن الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند
الحاجة إليه ، فلا يجوز أن يركبه أحد للزينة اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن
التزيّن بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس . أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة .
ثانياً : إذا مات من عليه أسنان من ذهب فإن كان يمكن خلع السن
بدون مُثلةٍ ( أي تمثيل به وهو تقطيع بعض أجزاء الميت ) خُلِع ؛ لأن ملكه انتقل إلى
الورثة وإن كان لا يمكن خلعه إلا بمِثُلْة بحيث تسقط بقية الأسنان فإنه يبقى ويدفن
معه .
ثم إن كان الوارث بالغاً عاقلاً رشيداً وسمح بذلك تُرك ولم يتعرض
له ، وإلا فقد قال العلماء : إنه إذا ظن أن الميت بَلي حُفر القبر وأخذ السن لأن
بقاءه إضاعة مال . وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين . الباب المفتوح ( /155) .
*****
40226
رضع من خالته مرتين فهل له أن يتزوج من ابنتها ؟
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/4069)
سؤال رقم 40226- رضع من خالته مرتين فهل له أن يتزوج من ابنتها ؟
خطبتُ بنت خالتي وعندما اقترب الزواج قالت لي خالتي إنها أرضعتني مرتين وأنا صغير ولم أشبع بهما . فهل يجوز أن أتزوجها ؟.
الحمد لله
يجوز لك أن تتزوج ابنة خالتك في الحالة هذه ، وذلك لأن الرضاع الذي يثبت به التحريم هو خمس رضعات . ودليل ذلك ما رواه مسلم (1452) عَنْ
عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ .
قال النووي رحمه الله :
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْقَدْر الَّذِي يَثْبُت بِهِ حُكْم الرَّضَاع , فَقَالَتْ عَائِشَة وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه : لا يَثْبُت
بِأَقَلّ مِنْ خَمْس رَضَعَات , وَقَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء : يَثْبُت بِرَضْعَةٍ وَاحِدَة . حَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود
وَابْن عُمَر وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَطَاوُسٍ وَابْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن وَمَكْحُول وَالزُّهْرِيّ وَقَتَادَة وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَمَالِك
وَالأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . وَقَالَ أَبُو ثَوْر وَأَبُو عُبَيْد وَابْن الْمُنْذِر وَدَاوُد : يَثْبُت
بِثَلاثِ رَضَعَات وَلا يَثْبُت بِأَقَلّ . فَأَمَّا الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ فَأَخَذُوا بِحَدِيثِ عَائِشَة خَمْس رَضَعَات مَعْلُومَات اهـ .
وأما حد الرضعة التي يثبت بها التحريم فانظر السؤال رقم ( 804 )
وسئل الشيخ ابن باز عمن رضع من امرأة ثلاث رضعات هل يثبت بذلك التحريم ؟
فأجاب : هذه الرضعات الثلاث لا يحصل بها تحريم الرضاع ، وإنما يحصل التحريم بخمس رضعات أو أكثر اهـ . ثم استدل بحديث عائشة المتقدم .
فتاوى إسلامية (3/326) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الرضعة الواحدة لا تؤثر ، بل لا بد من خمس رضعات ، وتكون قبل الفطام ، وقبل تمام الحولين ، فلا يصير الإنسان ولداً للمرأة إذا رضع مرة أو
اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً ، وكذلك فلا بد أن تكون خمس رضعات معلومات ، فإن شكّ هل رضع أربعاً أو خمساً فالأصل أنها أربع ، لأننا كلما شككنا في عدد أخذنا
بالأنقص . وعلى ذلك فلو قالت امرأة : أنا أرضعت هذا الطفل ولا أدري مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً . قلنا : ليس هذا الطفل بولدها ، لأنها لا بد
أن تكون خمس رضعات معلومات بلا شك اهـ . الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (2/768) .
*****
4023
حكم وضع اليد على التوراة والإنجيل حين القسم
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4070)
سؤال رقم 4023- حكم وضع اليد على التوراة والإنجيل حين القسم
السؤال : ما حكم وضع المسلم يده على التوراة أو الإنجيل أو كليهما عند أداء اليمين القضائية أمام المحاكم في البلاد الغير الإسلامية إذا كان النظام القضائي فيها يوجب ذلك على الحالف .
الجواب:
الحمد لله
- لا يجوز الحلف إلا بالله تعالى دون شيء آخر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " .
- وضع الحالف يده عند القسم على المصحف ليس بلازم لصحة القسم لكن بعضهم يفعله لتغليظ اليمين ليتهيب الحالف من الكذب .
- لا يجوز لمسلم أن يضع يده عند الحلف على التوراة أو الإنجيل لأن النسخ المتداولة منهما الآن محرفة ، وليست الأصل المنزل على موسى وعيسى عليهما السلام ولأن الشريعة التي بعث الله تعالى بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم قد نسخت ما قبلها من الشرائع .
- إذا كان القضاء في بلد ما حكمه غير إسلامي يوجب على من توجهت عليه اليمين وضع يده على التوراة أو الإنجيل أو كليهما فعلى المسلم أن يطلب من المحكمة أن يحلف بالله ولا بأس أن يقسم بالقرآن الكريم لأنه كلام الله تعالى وهو صفة من صفاته ، فإن لم يُستجب لطلبه وأُجبر على الحلف بالتوراة أو الإنجيل فإنّه يُعتبر مكرهاً ، ولا بأس عليه أن يضع يده عليهما أو على أحدهما دون أن ينوي بذلك تعظيماً . والله أعلم .
يُنظر ملخص فتاوى المجمع الفقهي الإسلامي .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40233
صديقتها تصاحب الرجال وتفعل المعاصي وترفض النصيحة فما العمل ؟
مشكلات نفسية واجتماعية >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4071)
سؤال رقم 40233- صديقتها تصاحب الرجال وتفعل المعاصي وترفض النصيحة فما العمل ؟
أنا طالبة جامعية ، لي صديقة لا تحافظ على الصلاة ، وعنيدة ، لا تقبل النصيحة ، ولا تستمع إلا للأغاني ، لها صديقة سوء ، وترفض الابتعاد عنها ، ولا تذهب في الإجازات إلى البيت إذا لم تذهب صديقتها هذه ، ومن خلال مواقف تعرضت هي لها تعرفت في الجامعة على مجموعة من الشباب بحجة مساعدتهم ، وهي تراسلهم وتتكلم معهم ، وعندما تخرج لا بد أن تتزين وتضع العطر ، مع العلم بأنها تعرف حكم ذلك ، حاولنا نصحها ولكنها ترفض النصيحة ، ماذا أفعل لمساعدتها ؟.
الحمد لله
أولاً :
الدراسة المختلطة بين النساء والرجال محرَّمة ، وهي تسبِّب فساداً عريضاً للمجتمع ، وما تقوله الأخت السائلة هو جزء يسير من نتائج
الاختلاط المحرَّم .
وإننا ننصح كل من يريد الحفاظ على نفسه ، ويريد عدم الوقوع فيما حرَّم الله أن يبتعد عن هذه الأماكن المختلطة قدر المستطاع سواء للدراسة
أم للعمل ؛ لما فيها من مخافة للشرع ؛ ولما تؤدي إليه من مفاسد .
ثانياً :
ما ذكرته السائلة من حال صديقتها مما يُؤسف له ، فنسأل الله أن يهديها ويردها للحق ، وأما واجبكم تجاهها فهو النصح والإرشاد ، وتذكيرها
بالله وأن الموت حق ، وهذه الدنيا لا تدوم لحي سوى الله .
وقد خلق الله الجنة لمن أطاعه ، وخلق النار لمن عصاه .. فإن استجابت للنصح والإرشاد فالحمد لله ، وإن أبت إلا العصيان وسلوك سبيل الشيطان
فقد قال الله تعالى : { ما على الرسول إلا البلاغ } المائدة / 99 ، وقال : { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } وقال : { فذكر إنما أنت
مذكر . لست عليهم بمسيطر } الغاشية / 21-22 ، وقال : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) المائدة/105 .
واحرصي على البحث عن رفقة صالحة تعينك على الحق وتدلك عليه ، وإياك ومجالس السوء وقرناء السوء فقد قال الله تعالى : { وقد نزل عليكم في
الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويُستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم
جميعاً } النساء / 140 .
والله الموفق .
*****
40234
يأمر الطلاب بدفع مبلغ لإصلاح الفصل ويعطيهم درجات مشاركة
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >
الفقه > معاملات > البيوع > الضرائب والمكوس >(1/4072)
سؤال رقم 40234- يأمر الطلاب بدفع مبلغ لإصلاح الفصل ويعطيهم درجات مشاركة
يطلب المدرس منا مبلغا معينا(30) ريال ندفعه قبل الاختبار لتصليح الفصل ويترتب على ذلك زيادة في درجات المشاركة أو الاختبار إذا لم يكن هنالك نقص في المشاركة ويدعي أن ذلك حلال بحجة أن الزيادة لا تكون على ورقة الاختبار وإنما تكون في المجموع النهائي للدرجات وأن الفرصة متاحة للجميع وأن الدفع كان قبل الاختبار وأن الذي لا يستطيع دفع المبلغ فإنه يخففه عنه فإذا لم يستطع فإنه يعفيه من الدفع ويكون له ما لباقي الطلاب الذين دفعوا من الزيادة في الدرجات فهل عمله هذا صحيح ؟ والرجاء أن يكون الجواب بالتفصيل مع ذكر الأدلة ؟.
الحمد لله
ليس للمدرس أن يأخذ من الطلاب شيئا ، ولو كان بقصد تصليح الفصل ،
فإن ذلك ليس من مسئولية الطلاب ، وإنما هو من مسئولية المدرسة وهذا المال يشبه من
بعض الوجوه المكوس المحرمة ، وانظر في تحريم المكوس السؤال رقم 39461
ودرجات المشاركة إنما تعطى للطالب على اجتهاده ونشاطه أثناء
الدراسة ، لا على دفعه المال للمدرّس أو المدْرسة ، وكذلك درجة الاختبار ، تنبني
على ما كتبه الطالب في ورقة الإجابة ، ولا علاقة لها بإصلاح الفصل أو تزيينه .
فإعطاء المدرس درجات للطلاب مقابل دفعهم المال ، مخالف لنظام
التعليم ، مع ما فيه من ظلم الناس في أموالهم ، وتعريض الطلاب الفقراء للحرج في
إخبارهم المدرس بعدم استطاعتهم دفع المبلغ كله أو بعضه .
فعلى المدرس أن يتقي الله تعالى ، وأن يعطي لكل طالب ما يستحقه
من الدرجات حسب النظام التعليمي القائم ، وأن لا يسأل الطلاب شيئا من المال مهما قل
.
وللمدرس أن يحث الطلاب على الإنفاق والتبرع لإصلاح الفصل أو لغير
ذلك من الأنشطة الخيرية ، فإن ذلك يدخل في باب التعاون على البر والتقوى ، وفيه
تعويد للطلاب على بذل الأموال وإنفاقها في وجوه الخير والبر ، على أن لا يكون لذلك
علاقة بالدرجات التي يحصل عليها الطالب .
والله تعالى أعلم .
*****
40241
شحن الجوال من كهرباء الحرم
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام المساجد >(1/4073)
سؤال رقم 40241- شحن الجوال من كهرباء الحرم
رأيت إحدى النساء في المسجد الحرم المكي تشحن جوالها من كهرباء الحرم هل فعلها جائز؟ .
الحمد لله
الأحوط للمسلم أن لا يفعل ذلك ، وأن يسلك سبيل الورع، وقد قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا
يَرِيبُكَ ) رواه الترمذي (2518) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وعليه أنه يقوم بشحن جواله في منزله قبل ذهابه إلى الحرم حتى
يستغني بذلك عن استعمال كهرباء الحرم .
لكن إذا احتاج المسلم إلى ذلك فإنه يُرجى أن لا يكون عليه في ذلك
حرج إن شاء الله تعالى إذا كان المسؤولون عن الحرم لا يمنعون ذلك ، وليقتصر على ما
يحتاج إليه فقط ولا يزيد ، حتى لا يمنع أحداً من إخوانه المسلمين من شحن جوالاتهم ،
وقد يكونون محتاجين إلى ذلك مثل حاجته أو أشد .
والله تعالى أعلم .
*****
40242
هل تجب الكفارة بالجماع في قضاء رمضان ؟
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
سؤال رقم 40242: هل تجب الكفارة بالجماع في قضاء رمضان ؟
جامعني زوجي يوما وأنا صائمة صوم قضاء . هل علي شيء ؟ .
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب ، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله
إلا لضرورة ، فإذا دخل الإنسان في قضاء ، فإنه يلزمه أن يتمه ، ولا يجوز له الفطر
إلا لعذر شرعي .
وقد ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت : ( يا رسول الله
لقد أفطرت وكنت صائمة ؟ فقال لها : أكنت تقضين شيئا ، قالت لا ، قال : فلا يضرك إن
كان تطوعا ) رواه أبو داود برقم ( 2456 ) ، وصححه الألباني ،
وهذا يدل على أنه يضرها إن أفطرت في صيام واجب ، والضرر هنا هو الإثم .
أما ما حصل بينكما ، فإن كفارة الجماع لا تجب إلا بإبطال صيام
رمضان نفسه ، وعليه فلا يلزمك شيء ، إلا إعادة قضاء ذلك اليوم من رمضان ، مع التوبة
إلى الله عز وجل ، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك .
قال ابن رشد : " واتفق الجمهور : على أنه ليس في الفطر عمدا في
قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني : رمضان " بداية
المجتهد 2/80
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أفطرت في قضاء
رمضان ، مجاملة لضيفوها ، فأجاب : " هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان ،
فإنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا لضرورة ، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام ؛ ولا
يجوز ؛ لأن القاعدة الشرعية : ( أن كل من شرع ( أي بدأ ) في واجب فإنه يجب عليه
إتمامه إلا لعذر شرعي ) ، وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه ؛ لأنه ليس
بواجب .
فعلى هذا إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر
فإنه يفطر ، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم
جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال ( هل عندكم شيء ؟ ) فقالت : أهدي لنا
حيس فقال : ( فأرينيه فلقد أصبحت صائما ) . فأكل منه صلى الله عليه وسلم ، وهذا في
النفل ، وليس في الفرض . " انتهى من مجموع الفتاوى 20.
*****
40245
يتهرب من السداد للبنك العقاري بحجة أن له حقا في بيت المال
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4074)
سؤال رقم 40245- يتهرب من السداد للبنك العقاري بحجة أن له حقا في بيت المال
بعض الناس لا يسدد للبنك العقاري بحجة أنه له حقا في بيت مال المسلمين والدولة لا تعطيه حقه فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ أرجو التكرم علي بالرد.
الحمد لله
لا يجوز التهرب من السداد للبنك العقاري ، لما في ذلك من
الخيانة، والاعتداء على المال العام، وقد قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ
نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ) النساء /
58 ، وقال صلى الله عليه وسلم : "
المسلمون على شروطهم " رواه الترمذي 1352 وأبو داود 3594 وصححه الألباني في
صحيح الترمذي .
وقال أيضاً : " أما بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما
ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه
حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم
القيامة ، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة
تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت" رواه البخاري (6578)
ومسلم (1832) .
وبيت مال المسلمين ملك للمسلمين جميعا ، وليس ملكا لفئة معينة من
الناس ، والقائمون عليه إنما هم أمناء في حفظه وتحصيله وصرفه لأهله ، فلا يحل لأحد
أن يعتدي عليه ، أو يأخذ منه ما لا يستحق . ولو فرض وجود من يغُل منه ويعتدي ، فإن
ذلك لا يبيح مشاركته في هذا الذنب العظيم . ولو جاز نهب مال الدولة وسرقتها بحجة
الأخذ من بيت المال ، لحصل الشر والفساد ، وعم الظلم
والبغي ، ولباء الجميع باسم الخيانة .
فالحذر الحذر من الخيانة في المال العام ، فإن هذا ظلم واعتداء
على المسلمين جميعا .
وأما قوله بأن الدولة لا تعطه حقه من بيت المال فهذا إن ثبت فإنه
لا يبيح له أن ينقض العهد الذي قطعه على نفسه حين توقيع العقد مع البنك ، لأن نقض
العهد من الخيانة وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذي آمنوا أوفوا بالعقود ) ،
وقال تعالى : ( إن الله لا يحب الخائنين ) ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن
خيانة من خانك فكيف بخيانة من لم يخنك ؟!
قال صلى الله عليه وسلم : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن
من خانك ) رواه الترمذي ( 1264 ) وأبو داود ( 3534 ) وقال الألباني حديث حسن
صحيح السلسة الصحيحة ( 423 )
والله أعلم .
*****
4025
إذا كان الأحفظ للقرآن أشعري
العقيدة فهل يقدّم للإمامة
الفقه > عبادات > الصلاة > الإمامة >(1/4075)
سؤال رقم 4025- إذا كان الأحفظ للقرآن أشعري
العقيدة فهل يقدّم للإمامة
السؤال :
إذا كان الأشعري أحفظ فهل يقدم في
الإمامة أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا كان لا يدعوا إلى بدعته ولا يعاند
إذا بان له الحق فلا بأس أن يتقدم ، وإلا فغيره أولى منه وإن كان دونه في الحفظ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40251
إذا تزوج بامرأة حرمت على أبيه تحريماً مؤبداً
الفقه > معاملات > النكاح > المحرمات من النساء >(1/4076)
سؤال رقم 40251- إذا تزوج بامرأة حرمت على أبيه تحريماً مؤبداً
هل تعتبر زوجة الابن المتوفى ، والتي لم يتم الدخول بها من المحرمات تحريما مؤبدا ، أم أنها محرمة تحريماً مؤقتاً ؟.
الحمد لله
إذا تزوج الرجل بامرأة حرمت على أبيه بمجرد العقد تحريماً مؤبداً
، ولو لم يتم الدخول ، سواء مات عنها أم طلقها .
قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء : ( وَحَلائِلُ
أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 .
وحليلة الابن هي زوجته ، سُميت كذلك لأنها تحل له .
قال ابن قدامة في "المغني" (9/524) :
إذا عقد الرجل عقد النكاح على المرأة ، حرمت على أبيه بمجرد
العقد عليها ، لقول الله تعالى : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ
أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 . وهذه من حلائل أبنائه . . . وليس
في هذا اختلاف بحمد لله . اهـ بتصرف يسير .
وقال ابن العربي في " أحكام القرآن" :
فَكُلُّ فَرْجٍ حَلَّ لِلابْنِ حَرُمَ عَلَى الأَبِ أَبَدًا اهـ
.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" :
" قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ
الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَهَا رَجُلٌ حُرِّمَتْ عَلَى
أَبِيهِ ، دَخَلَ بِهَا الابْنُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَى
جَمِيعِ آبَائِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، لأَنَّ الأُبُوَّةَ تَجْمَعُهُمْ
مَعًا اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : هل يجوز للأب أن يتزوج مطلقة
ابنه إن لم يدخل بها ؟
فأجابت :
" إذا عقد الابن على امرأة ، فإنها تحرم على أبيه وجده وإن علا
إلى الأبد من نسب أو رضاعة ، ولو لم يحصل دخول ولا خلوة ، ويدل لذلك عموم قول الله
تعالى عند ذكره من يحرم نكاحهن من النساء : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ
مِنْ أَصْلابِكُمْ ) اهـ . فتاوى اللجنة الدائمة (18/209) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (18/210) . :
ما قولكم في رجل تزوج امرأة ثم طلقها وخرجت من عدتها ، فهل تحل
هذه المرأة لجد الرجل من أمه أو تحرم عليه – أي الجد – وإذا حرمت عليه فما الدليل
أثابكم الله ؟
فأجابت :
" لا يحل للرجل أن يتزوج من عقد عليها ابنه أو ابن ابنه أو ابن
بنته مهما نزلا ، من نسب أو رضاع ، وذلك لقوله تعالى لما ذكر المحرمات : (
وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) فلا تحل زوجة الإنسان إذا
طلقها أو مات عنها لأبيه ولا لجده من جهة الأب ولا لجده من جهة الأم ، لأن الأجداد
من الآباء والأمهات سواء في هذا الحكم ، لعموم الآية الكريمة " اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
4026
التبول في البانيو
الفقه > عبادات > الطهارة > قضاء الحاجة >(1/4077)
سؤال رقم 4026- التبول في البانيو
السؤال : هل التبول في البانيو أثناء الاستحمام يدخل في حديث النهي عن أن يبول الشّخص في مكان استحمامه أم لأن مجرى الماء مفتوح فلا يدخل ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب :
لا ، لا يدخل لأنه إذا بال فسوف يريق عليه الماء ثم يزول البول ، لكن لا يستحم حتى يزيل البول بإراقة الماء عليه .
سؤال :
هذا التبول يحصل أثناء الاستحمام .
الجواب :
العادة أن التبول له مكان آخر ، لكن لو قُدِّر أن الإنسان حضره التبول أثناء الاستحمام فإنه يتوقف عن الاستحمام حتى يبول ويريق عليه الماء .. والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
40263
حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4078)
سؤال رقم 40263- حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسمى (بزناس) تقوم على نوع من التسويق وتتلخص فكرتها في أن يشتري الشخص منتجات الشركة ـ وهي عبارة عن برامج وموقع وبريد إلكتروني ـ بمبلغ 99 دولارا ويُعطى بعد الشراء الفرصة في أن يُسوِّق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة .
ثم يقوم هذا الشخص بإقناع شخصين آخرين بالانضمام للبرنامج ، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة ، ويكون لهما الحق أيضا في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك .
ثم يقوم كل واحد من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا . فستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم .
أما طريقة احتساب العمولات فتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال المشتري (المشترك) ومن يليه في شجرة المشتري عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحد من الاثنين الأولين عن اثنين ، وتبلغ العمولة 55 دولاراً . ويتم صرف العمولة في مقابل كل 9 أشخاص ( ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة" ).
ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للشجرة، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير .
إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر ، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم ( كما هو افتراض الشركة في موقعها ) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر ، ويستمر التضاعف في كل شهر
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج ، فمقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار ، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف المبلغ .
ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم .
السؤال : ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشرت بصورة واضحة وتعددت الأقوال فيها ؟.
الحمد لله
الكلام على مثل هذه المعاملات التي يسرع انتشارها ويكثر غموضها والتباسها على العامة ، ويشتد إغراؤها لا بد فيه من أمرين :
الأول : بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد الشرعية ، وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتها ونتائجها وتاريخها .
الثاني : علاج النفس وتوطينها على الأخذ بالحكم الشرعي وعدم التعلق بالشُّبه .
ونظراً لحاجة المسألة إلى إطالة النفس فيها فسنقدِّم بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا المقام وتفصيل للجواب .
الجواب المجمل على السؤال :
بالنظر إلى صورة هذه المعاملة ( بزناس ) وحقيقتها ، وما ذكره مندوبو هذه الشركة من معلومات وشروط عنها ، وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من
أدلة وشروط للمنع منها أو إباحتها.
وبعرض كل هذا على نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة في أبواب المعاملات وأٌقوال العلماء يتبين أن هذه المعاملة محرّمة ، لعدة وجوه أهمها
:
1. أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أموال الناس بالباطل وتحوي تغريراً وخداعاً للناس وإطماعاً لهم في المال واستغلالاً لغريزة حب
الإكثار منه عندهم . وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة / 90 ، وقال : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ ) البقرة / 188 ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم
هذا ) مسلم ( 2137 ) وهذا التشبيه في الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا .
2. يتبيّن بعد النظر الفاحص أن إدخال السلعة ـ وهي البرامج والموقع والبريد ـ في هذه المعاملة لا يغيِّر من حكمها ، لوضوح كون هذه السلعة
ليست مقصودة من قِبَل معظم المتهافتين على الشراء . وإذا ثبت هذا بالقرائن المذكورة في تفصيل الجواب فإن دخول السلعة بهذا الشكل لا يزيدها إلا حرمة
لاشتمالها على التحايل المؤدِّي إلى معاملة محرمة من معاملات الميسر .
3. المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة من أوجه متعددة منها : اشتراط دفع مال للدخول فيها بخلاف السمسرة فإنه لا يشترط فيها ذلك ،
وكذلك فإنه ليس المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حوافز شبكي . ولو سُلِّم جدلا بأنها سمسرة فإنها محرمة لاشتمالها على التغرير بالمشتري
وتمنيته بالباطل وعدم نصحه وعليه فلا يصحُّ قول من أباحها على أنها سمسرة ، ولعل ذلك لأن المسألة لم تعرض لهم على حقيقتها ، أو لم يتصوَّروها تصوُّرا صحيحا
.
وهذا الحكم منسحب في مجمله على كثير من المعاملات الموجودة الآن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الآن .
ومن أراد الاستزادة فليراجع تفاصيل النقاط في الجواب المفصَّل وما يسبقه من قواعد عامة .
الجواب المفصَّل :
قبل تفصيل الإجابة على هذا السؤال وتحقيقاً لأمر توطين النفس على قبول الحكم الشرعي لا بدَّ من التقديم ببعض القواعد الشرعية ونحوها التي
تعين المسلم ـ المذعن لحكم الله ـ على التعامل باطمئنان وثقة وانشراح مع هذه المعاملة ومع أمثالها من المعاملات التي تفتقت عنها وستتفتق عنها عقول بعض
أصحاب المشروعات التجارية ، لاسيما مع توفر خمسة عوامل رئيسية لانتشار مثل هذه المعاملات . هي :
1- ذيوع وسائل الاتصال والدعاية والإعلان .
2- سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها .
3- تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس ، بسبب الإغراق في الكماليات .
4- وجود أصل غريزة الطمع وحب المال في النفس البشرية .
5- ضعف التدين وقلة تحرِّي الحلال عند كثير من المسلمين .
وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مع هذه المعاملة وما ظهر وما سيظهر من مثيلاتها ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها :
1- فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على الإنسان في دينه وفي بركة ما عنده من مال وولد فينبغي الحذر والتحرِّي في حلِّ مصادره أشد
التحري .
2- اتقاء الأمور المشتبهات ، قاعدة مقررة في الشريعة حتى لو لم يُسلِّم الإنسان بتحريم الأمر المشتبِه ، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلَّم : ( الحلال بيِّن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع
في الحرام ) البخاري ( 52 ) مسلم ( 1599 ) .
3- ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه ، وما لا فلا تُتْبعه نفسَك ) رواه البخاري ( 138 ) مرفوعا ، أي لا تجعل نفسك تتعلق بالمال الذي ليس في يدك دفعاً لما يحصل في النفس من حزن وحسرة إذا لم تحصُل عليه . والنهي عن التعلُّق في هذا الحديث ورد في الكلام
عن العطية وهي هدية مباحة في أصلها فكيف بالتعلُّق بالأموال المشتبهة ؟ بل كيف بالتعلُّق بالأموال المحرمة ؟ ، فلا بدَّ أن يكون أكثر أثرا سلبيا في النفس
وأشد في المنع .
4- ( من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) رواه أحمد وصححه الألباني ، وهذا يعمُّ مَنْ تَرَك الحرام ومن ترك
المشتبه فيه .
5- البَرَكة في المال وإن قلَّ أعظم وأولى بالبحث من كثرته من طريق محرم أو مشكوك فيه .
6- على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق في معرفة مقصده من مثل هذه المعاملات هل هو الرغبة في الوصول للمال والسلعة حيلة لإضعاف
لوم النفس والناس، أم أن السلعة مقصودة أساسا ؟ وأن يعلم أن ما يخفيه من مقاصده معلوم عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، وأنه سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك .
7- الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وإخفاء بعض المعلومات عن المفتي لا يبيح الأخذ بفتواه ، ولا يعذر الآخذ بها ما دام يعلم أن المفتي لم
تعرض عليه الصورة كاملة ، ولم يطَّلع على حقيقة المسألة .
8- ( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) رواه أحمد
( 17320 ) وقال الألباني في صحيح الترغيب 1734 حسن لغيره .
9- آكِل المال الحرام إذا كان معترفا بوقوعه في الحرمة أخف جرما ممن يأكله مستعملا الخديعة والتدليس والحيل ؛ لأن الثاني قد أضاف إلى
أكله للحرام ذنبا آخر وهو مخادعة الله . قال ابن القيم : ( فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها مع
تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني
يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون ) إغاثة اللهفان 1/354 .
10- ما ثبت عند الإنسان تحريمه فعليه أن يقطع تعلُّق نفسه به وأسفه إذا فاته ورآه عند الآخرين وليحمد الله على أن سلَّمه ، وليسألْه
سبحانه أن يبغِّض إليه الحرام مهما كثُر ويرزقه دوام اجتنابه ، وأن يعينه على مجاهدة نفسه لقطع هذا التعلُّق .
11- أحكام الشرع مبناها على تمام العلم والحكمة . وهي تراعي المصلحة العامة الكلِّية وإن كان فيها ما يُظن أنه إضرار ببعض المصالح الخاصة
، فعلى المسلم أن لا ينظر إلى ما يحصِّله هو من نفع مادي خاص ويُغفل ما ترمي إليه الشريعة من المصلحة الكلية العامة .
أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلاث نقاط :
أولا : هذه المعاملة بناءً على تكييفها الاقتصادي فيها مشابهة كبيرة بمعاملة ( التسلسل الهرمي ) أو ( التسويق الهرمي ) وإن كانت لا
تماثلها من جميع الوجوه ، وأصل معاملات التسويق الهرمي يقوم على بناء نظام حوافز شبكي هرمي ، ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إلا إلى كسب المال بِغضِّ
النظر عن حلِّ المصدر وحرمته . وبعرض هذا النظام على نصوص الشريعة وقواعدها يتبين تحريمه من عدة وجوه منها :
1. بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظراً لأنه لا بدَّ لهذا التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي ، وهو آخر من وصل إليهم التسلسل
الهرمي ، وهؤلاء خاسرون قطعاً لمصلحة الطبقات الأعلى . ولا يمكن نموُّ الهرم إلا في وجود من يخسر لمصلحة المستويات العليا التي تجني عمولات خيالية ، وآخر
طبقتين في كل فرع تكون الأولى منهما كاذبة تُمنِّي التي تليها بالربح ، والطبقة الأخيرة مستغفلة مخدوعة ستشتري ولن تجد من تبيعه ، وقد تقدم ذكر الآيات
والأحاديث المشدِّدة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل .
2. بناؤه على الميسر وهو أن يدفع شخص مالاً مقابل أن يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله . وهذا هو واقع من يدخل في مثل هذه المعاملات ،
وهذا من أهم وأوضح أسباب التحريم .
3. نظراً لاحتواء معاملات التسلسل الهرمي على تغرير وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعته وحرَّمته الأنظمة الغربية الكافرة ـ إذا كان في صورته
الخالية من إدخال سلعة فيها ـ مع كونهم يبيحون الربا والقمار والميسر أصلاً ، وحذَّر عقلاؤهم منه ( انظر الموقع التالي والمواقع العديدة المرتبطة به http://skepdic.com/pyramid.html ) .
وبناء على ما سبق فإن معاملة بزناس التي ورد السؤال عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها للتسلسل الهرمي في أصل(1/4079)
الأسباب التي يحرم من أجلها وهي الميسر وأكل المال بالباطل .
ثانيا : إدخال السلعة في هذه المعاملة لا ينقلها إلى الإباحة ولا يزيل أسباب التحريم بل هو أقرب إلى كونه سبباً في تشديد حرمتها . نظرا
لكونه تحيُّلا للوصول إلى تمرير هذه المعاملة والإيهام بكون السلعة مقصودة " وتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة على المفسدة التي
حُرِّمَت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله ورسوله " إغاثة اللهفان 1/354
ويظهر عدم تأثير السلعة في إباحة المعاملة من خلال الآتي :
1. أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق لا السلعة بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كانت موجودة قبل هذه الشركة بسنوات ولا تزال
، وبأسعار أقلَّ ! فما الذي جعل التكالب عليها بهذه الكثرة ، ومن هذه الشركة بالذات سوى قصد الدخل المتولد من الاشتراك فيها ؟؟.
2. الاحتجاج بأن المواد نافعة جدا وسهلة ولها تميُّز عن غيرها وتستحق أن يدفع فيها مائة دولار ، على التسليم به في بعض الخدمات إلا أن
هذا الكلام مخدوش بأن هذه البرامج غير محفوظة الحقوق في الموقع عن الاستفادة الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يدفع المستفيد الجديد شيئاً ، بل الاشتراك
الواحد يمكن أن يستعمله العشرات ويستفيدوا من كل ما في الموقع من خدمات . وهي غير محفوظة الحقوق إلا عن استغلالها من قبل شركات أخرى . فما الدافع لبذل
المال فيها إلا الدخول في هذا التسويق الهرمي (الميسر) ؟.
3. وجود شرط ملجئ للدخول في هذا التسويق الهرمي وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر من قيمة مُماثله ؛ من أجل الحصول على العمولة الأكبر
واستعمال موقع الشركة في الدعاية والتسويق . فبتأثير الإغراء يدفع الإنسان هذه الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عبر التسويق الذي هو قصده الأول
، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه شرعاً .
4. ذكر العمولات المغرية نظير التسويق هو دافع الناس للشراء والاشتراك ، بدليل عدم شرائهم ـ غالبا ـ إلا بذكرها . وبدليل إمكانية موافقة
البعض على الشراء دون الإطلاع على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليها من حيث الأصل . وواقع الكثيرين من حيث عدم الاستفادة من أكثر البرامج يزيد تأكيد هذا ،
بل البعض لم يستعمل شيئا من البرامج أصلا .
5. المبلغ المطلوب للاشتراك (99 دولارا) يوازي في بعض البلاد راتب شهر أو يزيد ، ويمتنع في عادة الناس دفع مثل هذا المبلغ نظير هذه
البرامج إلا مع وجود قصد الربح المؤمَّل تحصيلُه ، ومع ذلك يكثر شراؤها بل قد يقترض الإنسان من أجلها .
6. من اشترى من أجل المنتج ( السلعة ) عندما يعلم بأن الشركة تصرِّح بأن ثلاثة أرباع ما دفعه سيُنفق على التسويق بدلا من شركات الإعلان
فإن ذلك سيحفِّزه نفسيا للاشتراك في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة على القيمة فيدخل في عملية التسويق ، ثم ينساق وراءها ولا يتوقف عند تعويض
خسارته ، بل يواصل العملية .
7. بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة ـ ووصلت عند بعضهم كما حدّث بنفسه إلى مائة مرة !! ـ مع العلم أن الشراء مرة واحدة
كفيل باستفادة هذا المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقت ، وهذه الصورة لا يشك أحد في كونها ميسرا ، وفيها دليل واضح على أن قصد هذه المعاملة
إنما هو هذا التعامل الميسري .
8. تلزم الشركة المشتركين لاستمرارهم في التسويق واستمرار العمولات المتضاعفة لهم بتجديد الاشتراك سنويا بنفس المبلغ ، زعما بأنها ستضيف
خدمات جديدة ، وهذا التجديد ـ على التسليم بحصوله ـ عبارة عن شراء لمجهول بثمن معلوم ؛ إذ هذا المستحدث قد يكون قليلا أو يحوي برامج ليس للمشترك عناية بها
، وهذا الشراء محرّم لما فيه من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤثِّرة .
9. رجوع الإنسان إلى نفسه لمعرفة نيَّته وقصده من هذه المعاملة يسهِّل عليه إدراك أن المقصد هو الدخول في التسويق الهرمي خاصة مع وجود
أكثر ما يحتاجه من البرامج والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقع أخرى ، مع إمكانية تركه لشراء ما لا يحتاجه من البرامج إما لسهولته عليه أو عدم
اهتمامه به .
ثالثا : المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لاختلافها عنها في نقاط جوهرية تُغيِّر الحكم وتمنع إلحاقها بها ، ومن ذكر من المفتين
أنها سمسرة فإنما أجاب على أسئلة لم يذكر فيها من التفاصيل التي تصوِّر له المسألة تصويراً صحيحاً مما يجعل فتواه غير منطبقة على الواقع ، ومن شروط صحة
الحكم بناؤه على تصوُّرٍ صحيحٍ للمسألة ، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يُقلِّد من يعلم أن حكمه مبنيٌّ على تصوير ناقص للمسألة .
ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة :
1. أن السمسرة هي دلالة على سلعة أو منفعة مقصودةٍ لذاتها ستصل في النهاية إلى المستفيد حقيقةً لينتفع بها ، أما عملية التسويق الموجودة
في هذه الشركة فهي بيع فرص تسويق على أشخاص ليبيعوها لغيرهم لتصل في النهاية إلى شخص أو أشخاص لا يجدون ما يؤمِّلونه من العقد .
2. أن السمسرة لا يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئاً من المال إذ ليس من مصلحة صاحب السلعة أن يعرقل السمسار بوضع شرط الدفع له أو الشراء
منه ، أما هذا التسويق لمن كان قاصدا له فمن شرط الدخول فيه أو الحصول على مِيزاته دفعُ مبلغ ـ ضمن ثمن البرامج ـ ليكون مسوِّقاً ، وتجديد الدفع سنويا
للاستمرار في التسويق .
3. السمسار يحرص على البحث عن أكثر الناس حاجة للسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحرص على البحث عن الأقدر على تسويق المعاملة،
بِغَضِّ النظر عن حاجته .
4. السمسار لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحتاج إلى أن يستمر في تسويق السلعة حتى يكمل العدد
ليحصل على العمولة .
5. في السمسرة يأخذ السمسار على قدر ما يسوِّقه من السلع ، أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من تُسوَّق لهم السلعة مباشرة أو
بالتسبب ويكون بينهما من التفاوت في العمولات فرق كبير جدا بسبب ما يشترطونه من كيفية لاستحقاق العمولة ، وهذا يؤكد أن بناء شبكة التسويق الهرمي هو المقصود
أصالةً لا ما يدَّعون من السلع .
وهذه الفروق الخمسة بين المعاملتين تدل على اختلاف حقيقتهما بما يمنع من إباحة معاملة بزناس قياسا على السمسرة ، لاسيما أن في معاملة
بزناس أسباب واضحة للتحريم كما سبق .
6. لو فرضنا أنها سمسرة ـ وهذا غير صحيح ـ فإن الحرمة تدخلها من جهة أن هذا المسوِّق لا يمكن أن يُبيِّن لمن يعرض عليه أن هذه السلعة
يوجد مثلها في غير هذه الشركة بربع المبلغ أو نصفه ، أو أنه قد لا يحتاج لبعضها ، فضلا عن أن يخبره بإمكان الاستفادة الشخصية الكاملة منها من الموقع عبر
رقم المسوِّق الخاص دون التأثير عليه ودون دفع شيء ، ولا بد أن يركِّز معه على ذكر العمولة الكبيرة التي سيحصل عليها إذا اشترى وسوَّق .
7. من جعلها سمسرة وأباحها اشترط أن لا يكون في تسويقها مخادعة أو أن لا يمدحها بما ليس فيها ، وهذا غير متحقق عادة عند كثير من هؤلاء
المسوِّقين لما سبق بيانه .
وبهذا التفصيل في الجواب يتبيَّن حرمة هذه المعاملة وحرمة مثيلاتها ، ونصيحتنا في هذا المقام لأصحاب هذه الشركة ومندوبيها أن يتقوا الله
في البحث عن مصادر الرزق البعيدة عن الحرمة أو الشبهة ، وأن يتقوا الله في أموال إخوانهم المسلمين قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات والسيئات
، وليس هناك إلا جنة أو نار .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
*****
40263
حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4080)
سؤال رقم 40263- حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسمى (بزناس) تقوم على نوع من التسويق وتتلخص فكرتها في أن يشتري الشخص منتجات الشركة ـ وهي عبارة عن برامج وموقع وبريد إلكتروني ـ بمبلغ 99 دولارا ويُعطى بعد الشراء الفرصة في أن يُسوِّق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة .
ثم يقوم هذا الشخص بإقناع شخصين آخرين بالانضمام للبرنامج ، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة ، ويكون لهما الحق أيضا في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك .
ثم يقوم كل واحد من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا . فستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم .
أما طريقة احتساب العمولات فتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال المشتري (المشترك) ومن يليه في شجرة المشتري عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحد من الاثنين الأولين عن اثنين ، وتبلغ العمولة 55 دولاراً . ويتم صرف العمولة في مقابل كل 9 أشخاص ( ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة" ).
ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للشجرة، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير .
إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر ، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم ( كما هو افتراض الشركة في موقعها ) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر ، ويستمر التضاعف في كل شهر
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج ، فمقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار ، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف المبلغ .
ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم .
السؤال : ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشرت بصورة واضحة وتعددت الأقوال فيها ؟.
الحمد لله
الكلام على مثل هذه المعاملات التي يسرع انتشارها ويكثر غموضها والتباسها على العامة ، ويشتد إغراؤها لا بد فيه من أمرين :
الأول : بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد الشرعية ، وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتها ونتائجها وتاريخها .
الثاني : علاج النفس وتوطينها على الأخذ بالحكم الشرعي وعدم التعلق بالشُّبه .
ونظراً لحاجة المسألة إلى إطالة النفس فيها فسنقدِّم بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا المقام وتفصيل للجواب .
الجواب المجمل على السؤال :
بالنظر إلى صورة هذه المعاملة ( بزناس ) وحقيقتها ، وما ذكره مندوبو هذه الشركة من معلومات وشروط عنها ، وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من
أدلة وشروط للمنع منها أو إباحتها.
وبعرض كل هذا على نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة في أبواب المعاملات وأٌقوال العلماء يتبين أن هذه المعاملة محرّمة ، لعدة وجوه أهمها
:
1. أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أموال الناس بالباطل وتحوي تغريراً وخداعاً للناس وإطماعاً لهم في المال واستغلالاً لغريزة حب
الإكثار منه عندهم . وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة / 90 ، وقال : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ ) البقرة / 188 ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم
هذا ) مسلم ( 2137 ) وهذا التشبيه في الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا .
2. يتبيّن بعد النظر الفاحص أن إدخال السلعة ـ وهي البرامج والموقع والبريد ـ في هذه المعاملة لا يغيِّر من حكمها ، لوضوح كون هذه السلعة
ليست مقصودة من قِبَل معظم المتهافتين على الشراء . وإذا ثبت هذا بالقرائن المذكورة في تفصيل الجواب فإن دخول السلعة بهذا الشكل لا يزيدها إلا حرمة
لاشتمالها على التحايل المؤدِّي إلى معاملة محرمة من معاملات الميسر .
3. المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة من أوجه متعددة منها : اشتراط دفع مال للدخول فيها بخلاف السمسرة فإنه لا يشترط فيها ذلك ،
وكذلك فإنه ليس المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حوافز شبكي . ولو سُلِّم جدلا بأنها سمسرة فإنها محرمة لاشتمالها على التغرير بالمشتري
وتمنيته بالباطل وعدم نصحه وعليه فلا يصحُّ قول من أباحها على أنها سمسرة ، ولعل ذلك لأن المسألة لم تعرض لهم على حقيقتها ، أو لم يتصوَّروها تصوُّرا صحيحا
.
وهذا الحكم منسحب في مجمله على كثير من المعاملات الموجودة الآن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الآن .
ومن أراد الاستزادة فليراجع تفاصيل النقاط في الجواب المفصَّل وما يسبقه من قواعد عامة .
الجواب المفصَّل :
قبل تفصيل الإجابة على هذا السؤال وتحقيقاً لأمر توطين النفس على قبول الحكم الشرعي لا بدَّ من التقديم ببعض القواعد الشرعية ونحوها التي
تعين المسلم ـ المذعن لحكم الله ـ على التعامل باطمئنان وثقة وانشراح مع هذه المعاملة ومع أمثالها من المعاملات التي تفتقت عنها وستتفتق عنها عقول بعض
أصحاب المشروعات التجارية ، لاسيما مع توفر خمسة عوامل رئيسية لانتشار مثل هذه المعاملات . هي :
1- ذيوع وسائل الاتصال والدعاية والإعلان .
2- سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها .
3- تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس ، بسبب الإغراق في الكماليات .
4- وجود أصل غريزة الطمع وحب المال في النفس البشرية .
5- ضعف التدين وقلة تحرِّي الحلال عند كثير من المسلمين .
وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مع هذه المعاملة وما ظهر وما سيظهر من مثيلاتها ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها :
1- فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على الإنسان في دينه وفي بركة ما عنده من مال وولد فينبغي الحذر والتحرِّي في حلِّ مصادره أشد
التحري .
2- اتقاء الأمور المشتبهات ، قاعدة مقررة في الشريعة حتى لو لم يُسلِّم الإنسان بتحريم الأمر المشتبِه ، كما قال النبي صلى الله عليه
وسلَّم : ( الحلال بيِّن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع
في الحرام ) البخاري ( 52 ) مسلم ( 1599 ) .
3- ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه ، وما لا فلا تُتْبعه نفسَك ) رواه البخاري ( 138 ) مرفوعا ، أي لا تجعل نفسك تتعلق بالمال الذي ليس في يدك دفعاً لما يحصل في النفس من حزن وحسرة إذا لم تحصُل عليه . والنهي عن التعلُّق في هذا الحديث ورد في الكلام
عن العطية وهي هدية مباحة في أصلها فكيف بالتعلُّق بالأموال المشتبهة ؟ بل كيف بالتعلُّق بالأموال المحرمة ؟ ، فلا بدَّ أن يكون أكثر أثرا سلبيا في النفس
وأشد في المنع .
4- ( من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) رواه أحمد وصححه الألباني ، وهذا يعمُّ مَنْ تَرَك الحرام ومن ترك
المشتبه فيه .
5- البَرَكة في المال وإن قلَّ أعظم وأولى بالبحث من كثرته من طريق محرم أو مشكوك فيه .
6- على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق في معرفة مقصده من مثل هذه المعاملات هل هو الرغبة في الوصول للمال والسلعة حيلة لإضعاف
لوم النفس والناس، أم أن السلعة مقصودة أساسا ؟ وأن يعلم أن ما يخفيه من مقاصده معلوم عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، وأنه سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك .
7- الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وإخفاء بعض المعلومات عن المفتي لا يبيح الأخذ بفتواه ، ولا يعذر الآخذ بها ما دام يعلم أن المفتي لم
تعرض عليه الصورة كاملة ، ولم يطَّلع على حقيقة المسألة .
8- ( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) رواه أحمد
( 17320 ) وقال الألباني في صحيح الترغيب 1734 حسن لغيره .
9- آكِل المال الحرام إذا كان معترفا بوقوعه في الحرمة أخف جرما ممن يأكله مستعملا الخديعة والتدليس والحيل ؛ لأن الثاني قد أضاف إلى
أكله للحرام ذنبا آخر وهو مخادعة الله . قال ابن القيم : ( فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها مع
تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني
يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون ) إغاثة اللهفان 1/354 .
10- ما ثبت عند الإنسان تحريمه فعليه أن يقطع تعلُّق نفسه به وأسفه إذا فاته ورآه عند الآخرين وليحمد الله على أن سلَّمه ، وليسألْه
سبحانه أن يبغِّض إليه الحرام مهما كثُر ويرزقه دوام اجتنابه ، وأن يعينه على مجاهدة نفسه لقطع هذا التعلُّق .
11- أحكام الشرع مبناها على تمام العلم والحكمة . وهي تراعي المصلحة العامة الكلِّية وإن كان فيها ما يُظن أنه إضرار ببعض المصالح الخاصة
، فعلى المسلم أن لا ينظر إلى ما يحصِّله هو من نفع مادي خاص ويُغفل ما ترمي إليه الشريعة من المصلحة الكلية العامة .
أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلاث نقاط :
أولا : هذه المعاملة بناءً على تكييفها الاقتصادي فيها مشابهة كبيرة بمعاملة ( التسلسل الهرمي ) أو ( التسويق الهرمي ) وإن كانت لا
تماثلها من جميع الوجوه ، وأصل معاملات التسويق الهرمي يقوم على بناء نظام حوافز شبكي هرمي ، ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إلا إلى كسب المال بِغضِّ
النظر عن حلِّ المصدر وحرمته . وبعرض هذا النظام على نصوص الشريعة وقواعدها يتبين تحريمه من عدة وجوه منها :
1. بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظراً لأنه لا بدَّ لهذا التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي ، وهو آخر من وصل إليهم التسلسل
الهرمي ، وهؤلاء خاسرون قطعاً لمصلحة الطبقات الأعلى . ولا يمكن نموُّ الهرم إلا في وجود من يخسر لمصلحة المستويات العليا التي تجني عمولات خيالية ، وآخر
طبقتين في كل فرع تكون الأولى منهما كاذبة تُمنِّي التي تليها بالربح ، والطبقة الأخيرة مستغفلة مخدوعة ستشتري ولن تجد من تبيعه ، وقد تقدم ذكر الآيات
والأحاديث المشدِّدة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل .
2. بناؤه على الميسر وهو أن يدفع شخص مالاً مقابل أن يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله . وهذا هو واقع من يدخل في مثل هذه المعاملات ،
وهذا من أهم وأوضح أسباب التحريم .
3. نظراً لاحتواء معاملات التسلسل الهرمي على تغرير وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعته وحرَّمته الأنظمة الغربية الكافرة ـ إذا كان في صورته
الخالية من إدخال سلعة فيها ـ مع كونهم يبيحون الربا والقمار والميسر أصلاً ، وحذَّر عقلاؤهم منه ( انظر الموقع التالي والمواقع العديدة المرتبطة به http://skepdic.com/pyramid.html ) .
وبناء على ما سبق فإن معاملة بزناس التي ورد السؤال عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها للتسلسل الهرمي في أصل(1/4081)
الأسباب التي يحرم من أجلها وهي الميسر وأكل المال بالباطل .
ثانيا : إدخال السلعة في هذه المعاملة لا ينقلها إلى الإباحة ولا يزيل أسباب التحريم بل هو أقرب إلى كونه سبباً في تشديد حرمتها . نظرا
لكونه تحيُّلا للوصول إلى تمرير هذه المعاملة والإيهام بكون السلعة مقصودة " وتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة على المفسدة التي
حُرِّمَت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله ورسوله " إغاثة اللهفان 1/354
ويظهر عدم تأثير السلعة في إباحة المعاملة من خلال الآتي :
1. أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق لا السلعة بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كانت موجودة قبل هذه الشركة بسنوات ولا تزال
، وبأسعار أقلَّ ! فما الذي جعل التكالب عليها بهذه الكثرة ، ومن هذه الشركة بالذات سوى قصد الدخل المتولد من الاشتراك فيها ؟؟.
2. الاحتجاج بأن المواد نافعة جدا وسهلة ولها تميُّز عن غيرها وتستحق أن يدفع فيها مائة دولار ، على التسليم به في بعض الخدمات إلا أن
هذا الكلام مخدوش بأن هذه البرامج غير محفوظة الحقوق في الموقع عن الاستفادة الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يدفع المستفيد الجديد شيئاً ، بل الاشتراك
الواحد يمكن أن يستعمله العشرات ويستفيدوا من كل ما في الموقع من خدمات . وهي غير محفوظة الحقوق إلا عن استغلالها من قبل شركات أخرى . فما الدافع لبذل
المال فيها إلا الدخول في هذا التسويق الهرمي (الميسر) ؟.
3. وجود شرط ملجئ للدخول في هذا التسويق الهرمي وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر من قيمة مُماثله ؛ من أجل الحصول على العمولة الأكبر
واستعمال موقع الشركة في الدعاية والتسويق . فبتأثير الإغراء يدفع الإنسان هذه الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عبر التسويق الذي هو قصده الأول
، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه شرعاً .
4. ذكر العمولات المغرية نظير التسويق هو دافع الناس للشراء والاشتراك ، بدليل عدم شرائهم ـ غالبا ـ إلا بذكرها . وبدليل إمكانية موافقة
البعض على الشراء دون الإطلاع على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليها من حيث الأصل . وواقع الكثيرين من حيث عدم الاستفادة من أكثر البرامج يزيد تأكيد هذا ،
بل البعض لم يستعمل شيئا من البرامج أصلا .
5. المبلغ المطلوب للاشتراك (99 دولارا) يوازي في بعض البلاد راتب شهر أو يزيد ، ويمتنع في عادة الناس دفع مثل هذا المبلغ نظير هذه
البرامج إلا مع وجود قصد الربح المؤمَّل تحصيلُه ، ومع ذلك يكثر شراؤها بل قد يقترض الإنسان من أجلها .
6. من اشترى من أجل المنتج ( السلعة ) عندما يعلم بأن الشركة تصرِّح بأن ثلاثة أرباع ما دفعه سيُنفق على التسويق بدلا من شركات الإعلان
فإن ذلك سيحفِّزه نفسيا للاشتراك في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة على القيمة فيدخل في عملية التسويق ، ثم ينساق وراءها ولا يتوقف عند تعويض
خسارته ، بل يواصل العملية .
7. بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة ـ ووصلت عند بعضهم كما حدّث بنفسه إلى مائة مرة !! ـ مع العلم أن الشراء مرة واحدة
كفيل باستفادة هذا المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقت ، وهذه الصورة لا يشك أحد في كونها ميسرا ، وفيها دليل واضح على أن قصد هذه المعاملة
إنما هو هذا التعامل الميسري .
8. تلزم الشركة المشتركين لاستمرارهم في التسويق واستمرار العمولات المتضاعفة لهم بتجديد الاشتراك سنويا بنفس المبلغ ، زعما بأنها ستضيف
خدمات جديدة ، وهذا التجديد ـ على التسليم بحصوله ـ عبارة عن شراء لمجهول بثمن معلوم ؛ إذ هذا المستحدث قد يكون قليلا أو يحوي برامج ليس للمشترك عناية بها
، وهذا الشراء محرّم لما فيه من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤثِّرة .
9. رجوع الإنسان إلى نفسه لمعرفة نيَّته وقصده من هذه المعاملة يسهِّل عليه إدراك أن المقصد هو الدخول في التسويق الهرمي خاصة مع وجود
أكثر ما يحتاجه من البرامج والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقع أخرى ، مع إمكانية تركه لشراء ما لا يحتاجه من البرامج إما لسهولته عليه أو عدم
اهتمامه به .
ثالثا : المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لاختلافها عنها في نقاط جوهرية تُغيِّر الحكم وتمنع إلحاقها بها ، ومن ذكر من المفتين
أنها سمسرة فإنما أجاب على أسئلة لم يذكر فيها من التفاصيل التي تصوِّر له المسألة تصويراً صحيحاً مما يجعل فتواه غير منطبقة على الواقع ، ومن شروط صحة
الحكم بناؤه على تصوُّرٍ صحيحٍ للمسألة ، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يُقلِّد من يعلم أن حكمه مبنيٌّ على تصوير ناقص للمسألة .
ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة :
1. أن السمسرة هي دلالة على سلعة أو منفعة مقصودةٍ لذاتها ستصل في النهاية إلى المستفيد حقيقةً لينتفع بها ، أما عملية التسويق الموجودة
في هذه الشركة فهي بيع فرص تسويق على أشخاص ليبيعوها لغيرهم لتصل في النهاية إلى شخص أو أشخاص لا يجدون ما يؤمِّلونه من العقد .
2. أن السمسرة لا يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئاً من المال إذ ليس من مصلحة صاحب السلعة أن يعرقل السمسار بوضع شرط الدفع له أو الشراء
منه ، أما هذا التسويق لمن كان قاصدا له فمن شرط الدخول فيه أو الحصول على مِيزاته دفعُ مبلغ ـ ضمن ثمن البرامج ـ ليكون مسوِّقاً ، وتجديد الدفع سنويا
للاستمرار في التسويق .
3. السمسار يحرص على البحث عن أكثر الناس حاجة للسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحرص على البحث عن الأقدر على تسويق المعاملة،
بِغَضِّ النظر عن حاجته .
4. السمسار لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحتاج إلى أن يستمر في تسويق السلعة حتى يكمل العدد
ليحصل على العمولة .
5. في السمسرة يأخذ السمسار على قدر ما يسوِّقه من السلع ، أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من تُسوَّق لهم السلعة مباشرة أو
بالتسبب ويكون بينهما من التفاوت في العمولات فرق كبير جدا بسبب ما يشترطونه من كيفية لاستحقاق العمولة ، وهذا يؤكد أن بناء شبكة التسويق الهرمي هو المقصود
أصالةً لا ما يدَّعون من السلع .
وهذه الفروق الخمسة بين المعاملتين تدل على اختلاف حقيقتهما بما يمنع من إباحة معاملة بزناس قياسا على السمسرة ، لاسيما أن في معاملة
بزناس أسباب واضحة للتحريم كما سبق .
6. لو فرضنا أنها سمسرة ـ وهذا غير صحيح ـ فإن الحرمة تدخلها من جهة أن هذا المسوِّق لا يمكن أن يُبيِّن لمن يعرض عليه أن هذه السلعة
يوجد مثلها في غير هذه الشركة بربع المبلغ أو نصفه ، أو أنه قد لا يحتاج لبعضها ، فضلا عن أن يخبره بإمكان الاستفادة الشخصية الكاملة منها من الموقع عبر
رقم المسوِّق الخاص دون التأثير عليه ودون دفع شيء ، ولا بد أن يركِّز معه على ذكر العمولة الكبيرة التي سيحصل عليها إذا اشترى وسوَّق .
7. من جعلها سمسرة وأباحها اشترط أن لا يكون في تسويقها مخادعة أو أن لا يمدحها بما ليس فيها ، وهذا غير متحقق عادة عند كثير من هؤلاء
المسوِّقين لما سبق بيانه .
وبهذا التفصيل في الجواب يتبيَّن حرمة هذه المعاملة وحرمة مثيلاتها ، ونصيحتنا في هذا المقام لأصحاب هذه الشركة ومندوبيها أن يتقوا الله
في البحث عن مصادر الرزق البعيدة عن الحرمة أو الشبهة ، وأن يتقوا الله في أموال إخوانهم المسلمين قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات والسيئات
، وليس هناك إلا جنة أو نار .
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
*****
40269
زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > الجنايات >
الفقه > معاملات > الديات >(1/4082)
سؤال رقم 40269- زوج يجبر امرأته على إسقاط الحمل
ما الحكم في زوج حاول إجهاض زوجته في شهرها الثاني لرغبته في تطليقها بإعطائها دواء لذلك رغماً عنها إلا أنه لم يتم إجهاضها ؟ وهل ذلك حلال أم حرام ؟ وما هي كفارة ذلك العمل ؟.
الحمد لله
إجهاض الحمل لا يجوز ، سواء نفخت فيه الروح أم لا ، غير أنه بعد
نفخ الروح فيه تحريمه أشد .
ومن أمرها زوجها بالإجهاض فلا يحل لها أن تطيعه .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
أما السعي لإسقاط الحمل فلا يجوز ذلك ما لم يتحقق موته فإن تحقق
ذلك جاز .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن إبراهيم " ( 11 / 151 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
أولاً :
إجهاض الحمل لا يجوز ، فإذا وجد الحمل فإنه يجب المحافظة عليه ،
ويحرم على الأم أن تضر بهذا الحمل ، وأن تضايقه بأي شيء ؛ لأنه أمانة أودعها الله
في رحمها وله حق فلا يجوز الإساءة إليه أو الإضرار به أو إتلافه .
والأدلة الشرعية تدل على تحريم الإجهاض وإسقاط الحمل .
وكونها لا تلد إلا بعملية ليس هذا مسوغًا للإجهاض ، فكثير من
النساء لا تلد إلا بعملية فهذا ليس عذراً لإسقاط الحمل .
ثانيًا : إذا كان هذا الحمل قد نفخت فيه الروح وتحرك ثم أجهضته
بعد ذلك ومات : فإنها تعتبر قد قتلت نفسًا فعليها الكفارة وهي عتق رقبة ، فإن لم
تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله ، وذلك إذا مضت له أربعة أشهر ، فإنه حينئذ
يكون قد نفخت فيه الروح ، فإذا أجهضته بعد ذلك وجبت عليها الكفارة كما ذكرنا ،
فالأمر عظيم لا يجوز التساهل فيه ، وإذا كانت لا تتحمل الحمل لحالة مرضية : فعليها
أن تتعاطى من الأدوية ما يمنع الحمل قبل وجوده ، كأن تأخذ الحبوب التي تؤخر الحمل
عنها فترة حتى تعود إليها صحتها وقوتها .
" المنتقى " ( 5 / 301 ، 302 ) . باختصار .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحمه اللّه - :
عن رجل قال لزوجته : أسقطي ما في بطنك والإثم عليَّ ، فإذا
فعلتْ هذا وسمعتْ منه ، فما يجب عليهما من الكفارة ؟ .
فأجاب :
إن فعلتْ ذلك : فعليهما كفارة عتق رقبة مؤمنة ، فإن لم يجدا
فصيام شهرين متتابعين وعليهما غُرَّةٌ عبدٌ أو أمَةٌ لوارثه الذي لم يقتله ، لا
للأب فإن الأب هو الآمر بقتله ، فلا يستحق شيئًا اهـ .
وقوله : (غُرَّةٌ عبدٌ أو أمةٌ) هذه هي دية الجنين ، قيمة عبد أو
أمة ، ويقدرها العلماء بعشر دية أمه .
وقد سبق ذِكر حكم الإجهاض في أكثر من جواب فانظر : ( 13317 ) و ( 42321 ) و ( 12733 )
وأما كفارة ذلك ، فحيث إن الحمل في الشهر الثاني أي قبل نفخ
الروح فيه ، ولم يتم إسقاطه فلا تجب بذلك كفارة ، وإنما تجب التوبة إلى الله تعالى
من هذا الفعل المحرم .
والله أعلم .
*****
4027
إرسال صورة المخطوبة للخاطب بالإنترنت
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >(1/4083)
سؤال رقم 4027- إرسال صورة المخطوبة للخاطب بالإنترنت
السؤال : عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
هل يجوز أن ترسل امرأة صورتها بالإنترنت لرجل خاطب في مكان بعيد ليراها فيقرر هل يتزوجها أم لا ؟
فأجاب حفظه الله :
الحمد لله
لا أرى هذا :
أولا : لأنه قد يشاركه غيره في النظر إليها .
ثانيا : لأن الصورة لا تحكي الحقيقة تماما ، فكم من صورة رآها الإنسان فإذا شاهد المصوَّر وجده مختلف تماما .
ثالثا : أنه ربما تبقى هذه الصورة عند الخاطب ويعدل عن الخطبة ولكن تبقى عنده يلعب بها كما شاء . والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
40272
هل يأخذ مساعدة من الدولة بعد دفع رشوة للموظف المختص ؟
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/4084)
سؤال رقم 40272- هل يأخذ مساعدة من الدولة بعد دفع رشوة للموظف المختص ؟
أنا شاب من أسرة ضعيفة الحال وقد عرض علي في الآونة الأخيرة مبلغ مالي من جهة ضمانية في الدولة مع العلم أن هذه الدولة التي أنا أحد مواطنيها هي دولة ليست عادلة في توزيع الدخل على مواطنيها وقال لي الموظف المختص إنه يرغب في الحصول على جزء من هذا المبلغ ، وأنبه على حضرتكم أن هذا المبلغ يمثل حلا وحلا جذريا لمشاكلي المالية والمادية من ديون ومستحقات والتزامات عديدة أفيدونا أفادكم الله.
الحمد لله
إذا كانت الشروط التي وضعتها هذه الجهة الضمانية منطبقة عليك ،
وكان وصولك إلى هذا الحق لا يتم إلا بدفع مال إلى الموظف المختص ، فلا حرج عليك في
ذلك ، ويكون الإثم على الموظف الذي أخذ ما لا يستحق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فأما إذا أهدى له هدية
ليكف ظلمه عنه أو ليعطيه حقه الواجب كانت هذه الهدية حراما على الآخذ , وجاز للدافع
أن يدفعها إليه , كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إني لأعطي أحدهم
العطية فيخرج بها يتأبطها نارا . قيل : يا رسول الله , فلم تعطيهم ؟ قال : يأبوني
إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل " ) انتهى من الفتاوى الكبرى 4/174
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله : ( والمراد بالرشوة التي
ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم
على من يأخذها كذلك , وأما من يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز ،
وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز . وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب
يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بينا ) فتاوى السبكي 1/204
ويجب التنبه إلى أنه لا يجوز أخذ المال من هذه الجهة الضمانية
ولا غيرها إذا كان قرضاً ربوياً مهما قلت الفوائد المضافة إليه .
راجع السؤال رقم ( 9054 )
نسأل الله أن يرزقك من فضله ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم .
*****
40278
دخل بها زوجها فوجدها ليست بكراً وهي لم تفعل الفاحشة قط
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4085)
سؤال رقم 40278- دخل بها زوجها فوجدها ليست بكراً وهي لم تفعل الفاحشة قط
أنا امرأة مسلمة ، أخاف الله في كل أفعالي ، تزوجت - والحمد لله - من رجل مثالي في كل شيء ، المعاملة الطيبة المتبادلة ، كانت علاقتنا جيدة في كل شيء: الحب ، الاحترام ، الوئام ، حب عائلتينا ، ولكن تأتي الرياح بما لا تحب السفن ، هذه الأيام اكتشفنا أنا وزوجي أني لست عذراء ، ولكني متأكدة بأني بريئة لأنه لم يمسني أحد قبله .
الحمد لله
إذا كان زوجكِ عاقلاً متديِّنا ، وكانت ثقته بك عالية : فإن الواجب عليه تصديقكِ في قولك بأنكِ طاهرة من كل ما يسيء لكِ ، ولاسيما وأن ما
حصل من زوال البكارة قد يكون لأسباب متعددة وليس بالضرورة أن يكون بسبب فعل فاحشة الزنا .
وهذا إذا سلمنا بما اكتشفتماه من كونك لست عذراء ، فقد يحصل بينكما جماع ولا يحصل فض للبكارة ، ولا يكون نزيف ؛ وذلك بسبب طبيعة الغشاء
فإن منه ما يكون مطاطياً لا يتمزق بالجماع ويحتاج إلى تدخل طبيب كما هو معروف عند علماء هذا المجال .
وغشاء البكارة مجرد علامة مادية لا ترقى إلى مستوى القرينة على عذرية أو انحراف المرأة ، ولذلك نجد المحاكم في الأغلب لا تعتبر عدم وجود
هذا الغشاء سبباً للقدح في المرأة ، لأنه قد يزول لأسباب كثيرة .
إذن وجود الغشاء لا يكون دليلاً أكيدًا على البكارة أو العذرية ، وكذلك لا يكون غيابه دليلاً أكيدًا على عكس ذلك .
فنوصيكما بأن تقوما بمراجعة الطبيبة لاستبانة الأمر ، لاحتمال وجود عارض .
والمرجو أن يعيي زوجك ما سبق وألا يتعجل في الحكم عليك ، ولتعلما أن من مقاصد الشيطان التي يسعى إليها التفريق بين الرجل وامرأته ، لما
يترتب على ذلك من الفساد الكبير للأسر والأفراد كما في حديث جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ إِبْلِيسَ
يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ
كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ
قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ ) مسلم 5023
فليقطع على الشيطان هذا الباب بالبعد عن التفكير في هذا الأمر ، ما دام هنا الأمر محتملاً وأنت جازمة بأنه لم يقع من السوء .
ونسأل الله أن يهدي قلبه ، وأن يجمع بينكما على خير .
والله الموفق .
*****
4028
ردّ على كافر عنيد
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4086)
سؤال رقم 4028- ردّ على كافر عنيد
هل علمت أن دينكم هو من نتاج الكاثوليك ؟ وأن محمد (عليه الصلاة والسلام) هو مسيحكم ؟ لكن دعني أخبرك بأن ربكم الذي تعرفونه ليس هو رب الأرباب، لكنه شيطان من الشياطين (تعالى الله عما يقول الظالمون).
الحمد لله
لا نريد أن نرد على الشتائم بشتائم ولكن سنجيب عليك - أيها الكافر - من كلام
الله إن كنت تؤمن بوجود الله .
أيها الكافر ، نحاورك بما خاطب الله به أهل الكتاب
والكفار فقال :
( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ
وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ
إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ
مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا(171) سورة
النساء
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا
إِلا أَنْ ءامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ
قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ(59) سورة المائدة
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا
فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(28) سورة البقرة
وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا(136)
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ
وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ
بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا(150)
أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا
مُهِينًا(151) سورة النساء
أيها الكافر هل تظن أنك تضر الله شيئا بكفرك قال
تعالى : ( وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي
الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا(131) سورة النساء ، بل إنك
لا تزداد عند الله إلا مقتا وخسارا
أيها الكافر أنت من شرّ الدواب قال الله تعالى
: ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(55) سورة الأنفال
أيها الكافر ألست ستموت ؟ أو عندك شكّ في ذلك ؟
هل تدري ماذا سيكون حالك عند الموت إذا متّ على الكفر ؟ إسمع :
( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا
الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ(50)
سورة الأنفال
أيها الكافر ويلك مما سيكون يوم القيامة ، قال
تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) .
إن لنا موعدا معك بعد الموت ، في يوم الحساب
( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا
الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا(42) سورة النساء
أيها الكافر هل تدري ما أعدّ الله لك إن مُتّ على
الكفر ؟ إقرأ
( وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا(13) سورة الفتح
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(161) سورة البقرة
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ
فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ
أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ(91) سورة
آل عمران
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ
أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(116) آل عمران
أتعرف ماذا سيكون شرابك في جهنم لو مت كافرا ،
قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ
بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ(4) سورة يونس ، أتدري ماذا ستكون الثياب يومئذ
: قال تعالى : ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) سورة الحج
أتدري عن نوعية العذاب : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ
جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا(56) سورة النساء ، وقال : ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ
عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ(39) سورة الأنبياء
أيها السبّاب
ربما تتمنى يوم القيامة أنك كنت مسلما في الدنيا
، قال تعالى : ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ
(2) سورة الحجر
أيها الكافر أنت من الذين كفروا وظلموا وقد قال
الله تعالى فيك وفي أمثالك : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ
اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) سورة النساء ، وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ
أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10) سورة المائدة ، وحينئذ لا حياتك حياة ولن
يكون لك موت يُريحك قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ
لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا
كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ(36) سورة فاطر
أيها الكافر أبشر بعذاب لا تستطيع أن تفتدي نفسك
منه : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا
وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ
مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(36) سورة المائدة
أيها الكافر إن كنت تريد أن تسخر من الإسلام وأهله
فإنك لم تأت بشيء جديد فالله يقول : ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا .. (212) سورة البقرة
أيها الكافر : إذا كنت تظنّ أنّ دين الإسلام سينطفئ
نوره فأنت تعيش في عالم الأوهام ، قال الله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(32) سورة التوبة
أيها الكافر أتدري أنك ملعون إذا لم تُسلم ، فأنقذ
نفسك من اللعن : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا(64) سورة الأحزاب
أيها الرجل لا يزال هناك مجال للعودة عن الغيّ
والضلال ما دمت على قيد الحياة ، قال تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ
يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ
سُنَّةُ الأَوَّلِينَ(38) سورة الأنفال
من اهتدى فلنفسه ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
ولعنة الله على الكافرين ..
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40283
والداه يرفضان أن يرفع إزاره فهل يطيعهما ؟
الآداب > بر الوالدين >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > أحكام اللباس >(1/4087)
سؤال رقم 40283- والداه يرفضان أن يرفع إزاره فهل يطيعهما ؟
والداي لا يسمحان لي برفع إزاري ، فهل أطيعهما أم لا ؟.
الحمد لله
أمرنا الله تعالى ببر الوالدين في مواضع كثيرة في كتابه الكريم ، ومنها : قوله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي
ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } العنكبوت / 8 .
وأعلى الحقوق وأعظمها هو حق الله تبارك وتعالى ثم من بعده حق المخلوقين ، وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين ، ولهذا يقرن الله تعالى بين
حقه وحق الوالدين في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، منها قوله تعالى { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو
كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً } الإسراء / 23 .
فطاعة الوالدين واجبة إلا إذا أمروا بمعصية فلا طاعة لهما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل ) رواه البخاري ( 4340 ) ومسلم ( 1840 ) وأحمد ( 1098 ) واللفظ له ، وإسبال الإزار من كبائر الذنوب ، فلا طاعة لهما إذا أمرا به ، لكن
يمكنك رفع إزارك إلى الحد الأدنى بحيث لا يلامس الكعبين ، فلا تكون عصيت ربك بهذا الفعل ، ولا تكون مخالفاً لرغبة والديك ، إذ ليس شرطاً في تقصير الإزار أن
يكون إلى نصف الساق بل يحصل امتثال الشرع أن لا يلامس الإزار الكعبين .
فإن أصرا على إطالة ثوبك إلى ما دون الكعبين فتلطف معهما في العبارة وحاول أن تسايسهم وتداريهم ، ولكن لا تعصي الله من أجلهما في إسبال
الثوب .
سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ :
ما حكم الإسبال ؟ وهل يجوز أن أطيع والدي إذا أرادوا مني إسبال ثيابي ؟.
فأجاب :
الإسبال محرم ، بل هو من كبائر الذنوب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " ، وذكر
الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم المسبل ، فالمسبل عاص لله ومتعد لحدوده ، فواجب عليه أن يتوب إلى الله ،
فإنه عوقب بأن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ، وعوقب بتوعده بالنار ، مما يدل على أن الإسبال من كبائر الذنوب مع أن الإسبال لا خير فيه ، ففيه إفساد
للملبس وربما سبب تعثر للمسبل في مشيه كما قال عمر رضي الله عنه للشاب الذي رآه مسبلا - وقد عاد عمر في مرض موته - : " يا غلام ارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك
وأطوع لربك " .
وأما طاعة الوالدين : فإن الوالدين لا يطاعان في معصية الله ، فلو أمراك بالإسبال فاعصهما لأن الإسبال من كبائر الذنوب ، ولا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق .
" فتاوى مجلة الدعوة " العدد : ( 1741 ) .
والله أعلم .
*****
4029
عمل حماية لبرامج فيها منكرات
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4088)
سؤال رقم 4029- عمل حماية لبرامج فيها منكرات
السؤال :
بعض البرامج التي على الكمبيوتر تجعل على اسطوانة أو وسيلة لحفظ المعلومات ، هذه الاسطوانة يمكن أن يعمل لها في الكمبيوتر حماية - الحماية عبارة عن برنامج آخر يلصق بها لا يستطيع أحد معه أن ينسخ من هذه النسخة بحيث تكون حماية للبرنامج
الأصلي - ، وعملي يتعلق بعمل الحمايات - للشركات وأصحاب البرامج - فيأتي ضمن البرامج المعروضة عليّ برامج فيها موسيقى وبرامج لأهل البدع ، فإذا قمت بالحماية من وجهة نظري فأنا أقلل من نسخ هذه البرامج لأنه لا يستطيع أحد أن ينسخ ولا بد أن يشتري النسخة الأصلية ، فهل قيامي بعمل الحمايات لهذه البرامج المحتوية على منكرات هو عمل محرم أو مباح ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
هذا ليس محرما ، هذا قد يكون واجبا ؛ لأنه يقلل من انتشارها .
سؤال :
وبناء عليه يجوز أن يأخذ أجرة على ذلك ؟
الجواب :
نعم .
سؤال :
ولكن من الممكن أن يذهب صاحب البرنامج إلى شخص آخر غير السائل يعمل له هذه الحماية ؟
الجواب ( بالمعنى ) :
ليس له شأن بالآخرين ، يقوم هو بعمل الحماية .
سؤال :
ويأخذ الأجرة عليها ؟
الجواب :
ويأخذ أجرة عليها . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40290
هل يصح أن يكون والد الزوج شاهدا على عقد نكاحه؟
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4089)
سؤال رقم 40290- هل يصح أن يكون والد الزوج شاهدا على عقد نكاحه؟
أنا متزوج منذ عامين ولكن زواجي تم بالطريقة التالية : بعد مرور عامين على الخطبة قررنا كتابة العقد فذهبت مع والدي وخطيبتي آنذاك ووالدها عند العدول ولكن وجدنا موثقا واحدا وصاحبه كان غائبا مع العلم بأنه سيوقع هو وصاحبه على العقد والموثق الحاضر يعرف أبي ، أخذ الموثق بكتابة العقد فسأل والد زوجتي عن الصداق وهل تسلمه فقال له بأنه تسلمه ، في حين لم يتسلم سوى النصف وأمضينا على العقد ، حين خرجنا لم أرتح لهذا فسألت والدي عن مدى مشروعية العقد حيث يجب حضور شاهدين ولم يكن سوى واحد فأجابني والدي بأن لا شيء في ذلك ، فسكت وإلى الآن لم أقتنع بهذا ، ولهذا أسال هل زواجي مشروع وهل فيه من محظور وهل يمكن اعتبار والدي كشاهد وإن كان غير مشروع فما هو الحل؟.
الحمد لله
العقد المذكور صحيح ، ويعتبر والدك شاهدا على نكاحك ، وهو مذهب
الإمام الشافعي وأحد القولين للإمام أحمد رحمهما الله .
انظر : "نهاية المحتاج" (6/218) ، "الإنصاف" (8/105) .
وذلك لأنه ليس وليا في النكاح ، فصح أن يكون شاهدا ، بخلاف والد
الزوجة .
وقد اختار القول بالصحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقد قال
بعد أن ذكر القول الأول في المسألة وهو عدم جواز شهادة أحد من أصول الزوجين أو
فروعهما على النكاح ( والمراد بالأصول هنا الآباء والأجداد ، وبالفروع الأبناء
وأبناؤهم ) ، قال : "والقول الثاني : أن ذلك يصح ، وهو أن يكون الشاهدان أو أحدهما
من الأصول أو الفروع . . .
ثم قال :
فالصواب إذاً أنه يصح العقد ، وهو رواية عن أحمد واختارها كثير
من الأصحاب" اهـ . الشرح الممتع (5/163) .
ثم إنك قد ذكرت أنك متزوج من عامين ، والغالب أنه يكون قد حصل
إعلان للنكاح وإشهار له بمثل دعوة الناس وما أشبه ذلك مما اعتاده الناس الآن . وهذا
يكفي لصحة النكاح ، ولو لم يشهد عليه شاهدان عند بعض أهل العلم . وهو اختيار شيخ
الإسلام ابن تيمية ، قال رحمه الله : " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن
لم يشهد شاهدان " اهـ .
الاختيارات (ص 210) .
وقد أخطأ والد الزوجة في قوله إنه تسلم الصداق والواقع أنه لم
يتسلم إلا نصفه، لكن ذلك لا يؤثر على صحة عقد النكاح .
والله أعلم .
*****
40296
حديث موضوع في فضل قيام الليل ليلة السبت
الحديث وعلومه >(1/4090)
سؤال رقم 40296- حديث موضوع في فضل قيام الليل ليلة السبت
هناك حديث يقول : (من صلى ليلة السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وقل هو الله أحد خمس وعشرين مرة ، حرم الله جسده عن النار) . هل هذا الحديث صحيح أم لا ؟.
الحمد لله
هذا الحديث موضوع ، ذكره الشوكاني رحمه الله في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" (ص 44) باللفظ المذكور في السؤال ، وقال : رواه
الجوزقاني عن أنس مرفوعاً، وهو موضوع ، ورجال إسناده بين مجهول ومتروك اهـ .
وصلاة الليل مستحبة في جميع الأيام ، ولا يقف الترغيب فيها على هذا الحديث الموضوع .
قال الله تعالى : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
(16) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) السجدة / 16-17 .
وقال تعالى : ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) سورة الذاريات / 15-18 .
روى الترمذي (3549) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( عَلَيْكُمْ
بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ ) . حسنه الألباني في إرواء الغليل (452) .
والله أعلم .
*****
40299
هل يصلي المسافر قصرا في بيته أم جماعة في المسجد ؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > أهل الأعذار > صلاة المسافر >(1/4091)
سؤال رقم 40299- هل يصلي المسافر قصرا في بيته أم جماعة في المسجد ؟
إذا أقمت ببلد إقامة مؤقتة أثناء سفري فهل الأفضل أن أقصر الصلاة في بيتي أو أصليها جماعة في المسجد تامة ؟.
الحمد لله
صلاة الجماعة واجبة لا يجوز لمسلم تركها إلا لعذر ، وقد سبق ذكر
الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة .
راجع السؤال رقم ( 8918 ) .
وعلى هذا ، فعليك أداء الصلاة جماعة في المسجد ، وإذا كان الإمام
مقيماً (غير مسافر) فإنك تصلي معه الصلاة تامة غير مقصورة .
سئل الشيخ ابن باز : إذا سافر الإنسان إلى جدة مثلا ، فهل يحق له
أن يصلي ويقصر أم لا بد أن يصلي مع الجماعة في المسجد ؟
فأجاب :
"إذا كان المسافر في الطريق فلا بأس ، أما إذا وصل البلد فلا
يصلي وحده ، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم ، أما في الطريق إذا كان وحده وحضرت
الصلاة فلا بأس أن يصلي في السفر وحده ويقصر الرباعية اثنتين" اهـ .
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (12/297)
وسئل الشيخ ابن عثيمين متى وكيف تكون صلاة المسافر ؟
فأجاب :
"صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه ,
لقول عائشة رضي الله عنها : ( الصلاة أول ما فرضت ركعتين , فأقرت صلاة السفر ,
وأتمت صلاة الحضر) . رواه البخاري (1090) ومسلم(685) وفي
رواية (وزيد في صلاة الحضر) .
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه
وسلم من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ) رواه
البخاري (1081) ومسلم (693)
لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها,
أم فاته شيء منها لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا
إلى الصلاة , وعليكم السكينة والوقار, ولا تسرعوا, فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم
فأتموا ) . رواه البخاري (636) مسلم (602) . فعموم قوله : (
ما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فأتموا ) يشمل المسافرين الذين يصلون وراء الإمام الذي
يصلي أربعاً وغيرهم .
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا
انفرد , وأربعاً إذا ائتم بمقيم ؟! فقال : تلك السنة . رواه مسلم (688)
وأحمد (1865)
ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر ؛ لأن الله تعالى أمر بها في
حال القتال فقال : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ
طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا
فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا
فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ ) النساء/102 . وعلى هذا فإذا كان
المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن
يكون بعيداً أو يخاف فوت رفقته, لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من
سمع النداء أو الإقامة " اهـ .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/252)
وسئل أيضاً :
إذا كنت في سفر وسمعت النداء للصلاة فهل يجب علي أن أصلي في
المسجد , ولو صليت في مكان إقامتي فهل في ذلك شيء ؟ إذا كانت مدة السفر أكثر من
أربعة أيام متواصلة فهل أقصر الصلاة أم أتمها ؟
فأجاب قائلاً : إذا سمعت الأذان وأنت في محل الإقامة وجب عليك أن
تحضر إلى المسجد , لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال للرجل الذي استأذنه في ترك
الجماعة : ( أتسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب ) رواه مسلم (653) . وقال عليه الصلاة والسلام : ( من سمع
النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر ) رواه الترمذي (217) . وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وليس هناك دليل يدل على تخصيص المسافر من هذا الحكم إلا إذا كان
في ذهابك للمسجد تفويت مصلحة لك في السفر مثل أن تكون محتاجاً إلى الراحة والنوم
فتريد أن تصلي في مقر إقامتك من أجل أن تنام , أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن
يتأخر الإمام في الإقامة وأنت تريد أن تسافر وتخشى من فوات الرحلة عليك , وما أشبه
ذلك .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (15/422) .
*****
4030
تقسيم الميراث وحرمان الابن تارك الصلاة
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4092)
سؤال رقم 4030- تقسيم الميراث وحرمان الابن تارك الصلاة
السؤال :
شخص يعيش في بلاد الكفر وأحد أولاده تارك للصلاة بالكلية - ونعلم بأنّ ترك الصلاة كفر مخرج من الملة - ، والنظام في هذا البلد يمكّن الأب من توزيع تركته قبل وفاته ، فهل يجوز أو يجب عليه أن يكتب عند المحامي أنه إذا لم يصلي الولد تقسم التركة ويحذف الولد ويقسم القسمة الشرعية على الباقي ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
لا بأس ، لا بأس أن يوصي بأنه إذا لم يُسْلم قبل موت أبيه فلا حظ له في الميراث .
سؤال :
ويكتب الأنصبة موزعة ؟
الجواب :
حسب الأنصبة ، لا يدرى لأنه ربما يموت بعض الموجودين . انتهى ، فيُمكن إذن أن يكتب في وصيته عند المحامي أن تقسّم تركته إذا مات حسب الشريعة الإسلامية وأنّ ولده إذا لم يصلي ويُسلم قبل موته فلا حظّ له في الميراث والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4031
حكم تدريس أولاد الزوجة الثانية في يوم الأولى
الفقه > معاملات > النكاح > تعدد الزوجات والعدل بينهن >(1/4093)
سؤال رقم 4031- حكم تدريس أولاد الزوجة الثانية في يوم الأولى
السؤال : ما حكم الذهاب إلى الزوجة الثانية في يوم الزوجة الأولى لتعليم أولاد الثانية في النهار - إذا رجعوا من المدرسة - لكي يدرّسهم ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
لا يجوز ، هذا حرام .
سؤال :
لكن لهم حاجة في التدريس ؟
الجواب :
يأتي بهم للزوجة صاحبة اليوم . ولله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
40329
هل يجب على المرأة نقض شعر رأسها لغسل الجنابة ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4094)
سؤال رقم 40329- هل يجب على المرأة نقض شعر رأسها لغسل الجنابة ؟
شعر رأسي طويل جدّاً ، وبعد كل مرة يحصل فيها جماع فأنا أغتسل غسلاً كاملاً ، فهل أغسل شعر رأسي كل مرة - لأني أجد صعوبة في ذلك خاصة إذا حدث ذلك في أيام متتابعة ؟.
الحمد لله
لا يجب على المرأة أن تنقض شعر رأسها إن هي اغتسلت للجنابة ،
ويجب مع هذا أن توصل الماء لجميع بدنها بما فيه شعرها وأصوله .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
بعض النساء لدينا يمشطن شعورهن - أي : يضفرنها - وعندما يغتسلن
من الجنابة لا تفك المرأة ضفائرها ، فهل يصح غسلها ؟ مع العلم أن الماء لم يصل إلى
كل منابت شعرها . أفيدونا أفادكم الله .
فأجاب :
إذا أفاضت المرأة على رأسها كفى ؛ لأن أم سلمة رضي الله عنها
سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت : إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ
رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ
أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ
الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
فإذا حثت المرأة على رأسها الماء ثلاث حثيات كفاها ذلك ولا حاجة
إلى نقضه ؛ لهذا الحديث الصحيح .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 182 ) .
وقال الشيخ ابن باز أيضاً :
أما الطهارة الكبرى : فلا بد أن تفيض عليه الماء ثلاث مرات ، ولا
يكفي المسح ؛ لما ثبت في صحيح مسلم . . . ثم ذكر حديث أم سلمة المتقدم .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 10 / 161 ) .
قال ابن القيم في " تهذيب السنن" :
حَدِيث أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى
الْمَرْأَة أَنَّ تَنْقُض شَعْرهَا لِغُسْلِ الْجَنَابَة , وَهَذَا اِتِّفَاق مِنْ
أَهْل الْعِلْم , إِلا مَا يُحْكَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالا تَنْقُضهُ , وَلا يُعْلَم لَهُمَا
مُوَافِق . انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر ،
والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث سألته
أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم : " تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ
مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى
رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا ، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا ،
ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً - أي :
قطعة قماش فيها مسك - فَتَطَهَّرُ بِهَا ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ : وَكَيْفَ
تَطَهَّرُ بِهَا ؟ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! تَطَهَّرِينَ بِهَا ! فَقَالَتْ
عَائِشَةُ لها : تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ . رواه البخاري ومسلم .
ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى ألا
يصل الماء إلى أصوله، لما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها . . . ثم ذكر
الحديث المتقدم.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 11 / 318 ، 319 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 34776 ) و ( 27065 ) و ( 9755 ) و ( 2648 ) .
والله أعلم .
*****
4033
حكم الاحتفال بعاشوراء أو إقامة المآتم فيه
أصول الفقه > البدعة >(1/4095)
سؤال رقم 4033- حكم الاحتفال بعاشوراء أو إقامة المآتم فيه
ما حكم ما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل ، والاغتسال ، والحناء والمصافحة ، وطبخ الحبوب وإظهار السرور ، وغير ذلك ... هل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح ؟ أم لا ؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المآتم والحزن والعطش ، وغير ذلك من الندب والنياحة ، وشق الجيوب ، هل لذلك أصل ؟ أم لا ؟
الحمد لله
سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلامِ هذا السؤال فأجاب بقوله : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أَصْحَابِهِ , وَلا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ , وَلا غَيْرِهِمْ . وَلا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا , لا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلا الصَّحَابَةِ , وَلا التَّابِعِينَ , لا صَحِيحًا وَلا ضَعِيفًا , لا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ , وَلا فِي السُّنَنِ , وَلا الْمَسَانِيدِ , وَلا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ . وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ , وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ , وَأَمْثَالِ ذَلِكَ . وَرَوَوْا فَضَائِلَ فِي صَلاةِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ , وَرَوَوْا أَنَّ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَوْبَةَ آدَمَ , وَاسْتِوَاءَ السَّفِينَةِ عَلَى الْجُودِيِّ , وَرَدَّ يُوسُفَ عَلَى يَعْقُوبَ , وَإِنْجَاءَ إبْرَاهِيمَ مِنْ النَّارِ , وَفِدَاءَ الذَّبِيحِ بِالْكَبْشِ وَنَحْوَ ذَلِكَ . وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ } .
.. ( ثم تحدّث شيخ الإسلام رحمه الله عن طائفتين ضالتين كانتا في الكوفة بأرض العراق تتخذان من عاشوراء عيدا لبدعتيهما ) . طَائِفَة رَافِضَة يُظْهِرُونَ مُوَالاةَ أَهْلِ الْبَيْتِ , وَهُمْ فِي الْبَاطِنِ إمَّا مَلاحِدَةٌ زَنَادِقَةٌ , وَإِمَّا جُهَّالٌ , وَأَصْحَابُ هَوًى . وَطَائِفَةٌ نَاصِبَةٌ تَبْغُضُ عَلِيًّا , وَأَصْحَابَهُ , لِمَا جَرَى مِنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ مَا جَرَى . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { سَيَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ } . فَكَانَ الْكَذَّابُ هُوَ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيَّ , وَكَانَ يُظْهِرُ مُوَالاةَ أَهْلِ الْبَيْتِ , وَالانْتِصَارَ لَهُمْ , وَقَتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَمِيرَ الْعِرَاقِ الَّذِي جَهَّزَ السَّرِيَّةَ الَّتِي قَتَلَتْ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما ثُمَّ إنَّهُ أَظْهَرَ الْكَذِبَ , وَادَّعَى النُّبُوَّةَ , وَأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام يَنْزِلُ عَلَيْهِ , حَتَّى قَالُوا لابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ . قَالُوا لأَحَدِهِمَا : إنَّ الْمُخْتَارَ بْنَ أَبِي عُبَيْدٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ , فَقَالَ صَدَقَ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } . وَقَالُوا لِلآخَرِ : إنَّ الْمُخْتَارَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَقَالَ صَدَقَ : { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } . وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَهُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ , وَكَانَ : مُنْحَرِفًا عَنْ عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ , فَكَانَ هَذَا مِنْ النَّوَاصِبِ , وَالأَوَّلُ مِنْ الرَّوَافِضِ , وَهَذَا الرَّافِضِيُّ كَانَ : أَعْظَمَ كَذِبًا
وَافْتِرَاءً , وَإِلْحَادًا فِي الدِّينِ , فَإِنَّهُ ادَّعَى النُّبُوَّةَ ..
وَكَانَ فِي الْكُوفَةِ بَيْنَ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ فِتَنٌ وَقِتَالٌ فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَتَلَتْهُ الطَّائِفَةُ الظَّالِمَةُ الْبَاغِيَةُ , وَأَكْرَمَ اللَّهُ الْحُسَيْنَ بِالشَّهَادَةِ , كَمَا أَكْرَمَ بِهَا مَنْ أَكْرَمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ . أَكْرَمَ بِهَا حَمْزَةَ وَجَعْفَرَ , وَأَبَاهُ عَلِيًّا , وَغَيْرَهُمْ , وَكَانَتْ شَهَادَتُهُ مِمَّا رَفَعَ اللَّهُ بِهَا مَنْزِلَتَهُ , وَأَعْلَى دَرَجَتَهُ , فَإِنَّهُ هُوَ وَأَخُوهُ الْحَسَنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَالْمَنَازِلُ الْعَالِيَةُ لا تُنَالُ إلاّ بِالْبَلاءِ , كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم { لَمَّا سُئِلَ : أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاءً فَقَالَ : الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ , فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلابَةٌ زِيدَ فِي بَلائِهِ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ , وَلا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الأَرْضِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ } . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ . فَكَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ قَدْ سَبَقَ لَهُمَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَا سَبَقَ , مِنْ الْمَنْزِلَةِ الْعَالِيَةِ , وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَلَ لَهُمَا مِنْ الْبَلاءِ مَا حَصَلَ لِسَلَفِهِمَا الطَّيِّبِ , فَإِنَّهُمَا وُلِدَا فِي عِزِّ الإِسْلامِ , وَتَرَبَّيَا فِي عِزٍّ وَكَرَامَةٍ , وَالْمُسْلِمُونَ يُعَظِّمُونَهُمَا وَيُكْرِمُونَهُمَا , وَمَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَسْتَكْمِلا مِنْ التَّمْيِيزِ , فَكَانَتْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا أَنْ ابْتَلاهُمَا بِمَا
يُلْحِقُهُمَا بِأَهْلِ بَيْتِهِمَا , كَمَا اُبْتُلِيَ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُمَا , فَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَفْضَلُ مِنْهُمَا , وَقَدْ قُتِلَ شَهِيدًا وَكَانَ مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ مِمَّا ثَارَتْ بِهِ الْفِتَنُ بَيْنَ النَّاسِ . كَمَا كَانَ مَقْتَلُ عُثْمَانَ رضي الله عنه مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَتْ الْفِتَنَ بَيْنَ النَّاسِ , وَبِسَبَبِهِ تَفَرَّقَتْ الأُمَّةُ إلَيَّ الْيَوْمِ . وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ { ثَلاثٌ مَنْ نَجَا مِنْهُنَّ فَقَدْ نَجَا : مَوْتِي , وَقَتْلُ خَلِيفَةٍ مُصْطَبِرٍ وَالدَّجَّالُ } ..
( ثم ذكر شيخ الإسلام رحمه الله طائفة من سيرة الحسن وعدله إلى أن قال : ثم إنَّهُ مَاتَ وَصَارَ إلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ , وَقَامَتْ طَوَائِفُ كَاتَبُوا الْحُسَيْنَ وَوَعَدُوهُ بِالنَّصْرِ وَالْمُعَاوَنَةِ إذَا قَامَ بِالأَمْرِ , وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ , بَلْ لَمَّا أَرْسَلَ إلَيْهِمْ ابْنَ عَمِّهِ أَخْلَفُوا وَعْدَهُ , وَنَقَضُوا عَهْدَهُ , وَأَعَانُوا عَلَيْهِ مَنْ وَعَدُوهُ أَنْ يَدْفَعُوهُ عَنْهُ , وَيُقَاتِلُوهُ مَعَهُ . وَكَانَ أَهْلُ الرَّأْيِ وَالْمَحَبَّةِ لِلْحُسَيْنِ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِمَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ لا يَذْهَبَ إلَيْهِمْ , وَلا يَقْبَلَ مِنْهُمْ , وَرَأَوْا أَنَّ خُرُوجَهُ إلَيْهِمْ لَيْسَ بِمَصْلَحَةٍ , وَلا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا يَسُرُّ , وَكَانَ الأَمْرُ كَمَا قَالُوا , وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا . فَلَمَّا خَرَجَ الْحُسَيْنُ - رضي الله عنه - وَرَأَى أَنَّ الأُمُورَ قَدْ تَغَيَّرَتْ , طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَدْعُوهُ يَرْجِعُ , أَوْ يَلْحَقَ بِبَعْضِ الثُّغُورِ , أَوْ يَلْحَقَ بِابْنِ عَمِّهِ يَزِيدَ , فَمَنَعُوهُ هَذَا وَهَذَا . حَتَّى يَسْتَأْسِرَ , وَقَاتَلُوهُ فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ . وَطَائِفَةٌ مِمَّنْ مَعَهُ , مَظْلُومًا شَهِيدًا شَهَادَةً أَكْرَمُهُ اللَّهُ بِهَا وَأَلْحَقَهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ . وَأَهَانَ بِهَا مَنْ ظَلَمَهُ وَاعْتَدَى عَلَيْهِ , وَأَوْجَبَ ذَلِكَ شَرًّا بَيْنَ النَّاسِ . فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ : إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ , وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ , تُظْهِرُ مُوَالاتَهُ , وَمُوَالاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ , وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ
الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ , وَشَقِّ الْجُيُوبِ , وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ . وَاَلَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فِي الْمُصِيبَةِ - إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً - إنَّمَا هُوَ الصَّبْرُ وَالاحْتِسَابُ وَالاسْتِرْجَاعُ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ } . وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { لَيْسَ مِنَّا مِنْ لَطَمَ الْخُدُودَ , وَشَقَّ الْجُيُوبَ , وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ } . وَقَالَ : { أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الصَّالِقَةِ , وَالْحَالِقَةِ , وَالشَّاقَّةِ } . وَقَالَ : { النَّائِحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ } . وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ , عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : { مَا مِنْ رَجُلٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ , فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدِمَتْ , فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا إلاّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا } . وَهَذَا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّ مُصِيبَةَ الْحُسَيْنِ وَغَيْرِهِ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ طُولِ الْعَهْدِ , فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ فِيهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِيُعْطَى مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ الْمُصَابِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا . وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِالصَّبْرِ وَالاحْتِسَابِ عِنْدَ حَدَثَانِ الْعَهْدِ بِالْمُصِيبَةِ ,(1/4096)
فَكَيْفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ , فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لأَهْلِ الضَّلالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا , وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ , وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ , وَرِوَايَةِ الأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ , وَالتَّعَصُّبُ , وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ , وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الإِسْلامِ , وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ , وَكَثْرَةُ الْكَذِبِ وَالْفِتَنِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفْ طَوَائِفُ الإِسْلامِ أَكْثَرَ كَذِبًا وَفِتَنًا وَمُعَاوَنَةً لِلْكُفَّارِ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ , مِنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الضَّالَّةِ الْغَاوِيَةِ , فَإِنَّهُمْ شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ . وَأُولَئِكَ قَالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلامِ , وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ } . وَهَؤُلاءِ يُعَاوِنُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا أَعَانُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ التُّرْكِ وَالتَّتَارِ عَلَى مَا فَعَلُوهُ بِبَغْدَادَ , وَغَيْرِهَا , بِأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ , وَمَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَلَدِ الْعَبَّاسِ , وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْمُؤْمِنِينَ , مِنْ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَخَرَابِ الدِّيَارِ . وَشَرُّ هَؤُلاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ , لا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلامِ . فَعَارَضَ هَؤُلاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ , وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا
الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ , وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ , وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ , وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ , فَوَضَعُوا الآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالاكْتِحَالِ وَالاخْتِضَابِ , وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ , وَطَبْخِ الأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ , فَصَارَ هَؤُلاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الأَعْيَادِ وَالأَفْرَاحِ . وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الأَحْزَانَ وَالأَتْرَاحَ وَكِلا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ , وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ ( أي الرافضة ) أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلا , وَأَظْهَرَ ظُلْمًا , لَكِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { إنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا , فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي , تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ , وَإِيَّاكُمْ وَمُحَدِّثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ } . وَلَمْ يَسُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ , لا شَعَائِرَ الْحُزْنِ وَالتَّرَحِ , وَلا شَعَائِرَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ , { وَلَكِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا , هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى مِنْ الْغَرَقِ فَنَحْنُ نَصُومُهُ , فَقَالَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ . فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ }
وَكَانَتْ قُرَيْشٌ أَيْضًا تُعَظِّمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ . وَالْيَوْمُ الَّذِي أَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ كَانَ يَوْمًا وَاحِدًا , فَإِنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ , فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ صَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ثُمَّ فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ ذَلِكَ الْعَامِ , فَنَسَخَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ . وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ : هَلْ كَانَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَاجِبًا ؟ أَوْ مُسْتَحَبًّا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا , ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَصُومُهُ مَنْ يَصُومُهُ اسْتِحْبَابًا , وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَامَّةَ بِصِيَامِهِ , بَلْ كَانَ يَقُولُ : { هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ , وَأَنَا صَائِمٌ فِيهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَ } . وَقَالَ : { صَوْمُ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً , وَصَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ } . { وَلَمَّا كَانَ آخِرُ عُمْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَبَلَغَهُ أَنَّ الْيَهُودَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا , قَالَ : لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ } . لِيُخَالِفَ الْيَهُودَ , وَلا يُشَابِهَهُمْ فِي اتِّخَاذِهِ عِيدًا , وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ مَنْ لا يَصُومُهُ , وَلا يَسْتَحِبُّ صَوْمَهُ , بَلْ يَكْرَهُ إفْرَادَهُ بِالصَّوْمِ , كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْكُوفِيِّينَ , وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَسْتَحِبُّ صَوْمَهُ . وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَامَهُ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ التَّاسِعَ ; لأَنَّ هَذَا آخِرُ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِهِ : { لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ , لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ مَعَ الْعَاشِرِ } كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ
طُرُقِ الْحَدِيثِ , فَهَذَا الَّذِي سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَأَمَّا سَائِرُ الأُمُورِ : مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ , إمَّا حُبُوبٌ وَإِمَّا غَيْرُ حُبُوبٍ , أَوْ تَجْدِيدُ لِبَاسٍ وَتَوْسِيعُ نَفَقَةٍ , أَوْ اشْتِرَاءُ حَوَائِجِ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ , أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍ مُخْتَصَّةٍ . كَصَلاةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ , أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ , أَوْ ادِّخَارُ لُحُومِ الأَضَاحِيّ لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ , أَوْ الاكْتِحَالُ وَالاخْتِضَابُ , أَوْ الاغْتِسَالُ أَوْ التَّصَافُحُ , أَوْ التَّزَاوُرُ أَوْ زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ , الَّتِي لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ , وَلا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا مَالِكٌ وَلا الثَّوْرِيُّ , وَلا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , وَلا أَبُو حَنِيفَةَ , وَلا الأوْزَاعِيُّ , وَلا الشَّافِعِيُّ , وَلا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَلا إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ , وَلا أَمْثَالُ هَؤُلاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ , وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ .. وَدِينُ الإِسْلامِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ , عَلَى أَنْ لا نَعْبُدَ إلاّ اللَّهَ , وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَ , لا نَعْبُدُهُ بِالْبِدَعِ . قَالَ تَعَالَى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } . فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ , وَهُوَ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ , وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - يَقُولُ فِي دُعَائِهِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا ,
وَلا تَجْعَلْ لأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا . انتهى ملخصا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الفتاوى الكبرى ج :5 ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40336
العمل في شركة التأمين
الفقه > معاملات > التأمين >(1/4097)
سؤال رقم 40336- العمل في شركة التأمين
التأمين علي الحياة حلال أم حرام ؟ وحكم العاملين في شركات التأمين علي الحياة ؟.
الحمد لله
أولا :
التأمين على الحياة من أنواع التأمين التجاري ، وهو محرم ؛ لما
فيه من الجهالة والربا والميسر ، وأكل المال بالباطل . والعمل في شركات التأمين
التجاري لا يجوز ؛ لأنه من التعاون على الإثم ، وقد نهى الله عن ذلك بقوله سبحانه :
( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة / 2 .
راجع السؤال رقم ( 8889 )
ثانياً :
الأجور والأموال التي اكتسبتها من العمل في تلك الشركة قبل علمك
بالتحريم لا بأس من الانتفاع بها لقول الله تعالى : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ
مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة / 275 .
وأما ما أخذته من الشركة من أموال بعد علمك بالتحريم فعليك أن
تتخلص منه لأنه مال محرم ، وتنفقه في أوجه الخير والبر .
راجع السؤال رقم ( 33852 ) و ( 2492 )
انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 15/8
والله اعلم .
*****
40354
بيع المنحة قبل قبضها
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4098)
سؤال رقم 40354- بيع المنحة قبل قبضها
ما حكم شراء رقم منحة أرض تعطيها الدولة؟ علماً بأن الأرض لم تُستلم بعد ولا يعلم متى يتم استلامها - فقط أعطي الشخص رقما من البلدية فيه تاريخ التقديم ورقم الطلب أو المنحة ، وقام ببيع هذا الرقم لشخص آخر وقبض المال على أن يقوم عند موعد استلام المنحة بمراجعة البلدية وإنهاء الإجراءات الرسمية لاستلامها ، أو يقوم بإعطاء المشتري وكالة شرعية بإنهاء إجراءات الاستلام ونقلها باسمه بعد ذلك .
الحمد لله
هذه المعاملة لا تجوز ، لأن هذا من باب الغرر ، وبيع ما ليس عنده
، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تبع ما ليس عندك) رواه الترمذي (1322) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1292) .
ولأن هذه الأرض تختلف قيمتها باختلاف الأماكن ، ففي المعاملة غرر
.
ثم إن هذا الرقم مجرد وعد ، ولم تصبح بعد ملكاً لصاحب الورقة أو
الرقم ، فكيف يجوز له بيعها ، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن
بيع ما لا يملك . ثم هو لا يدري عن موقعها ، فقد تكون في حي أثمان أراضيه مرتفعة ،
وقد تكون في طرف البلد ، أو خارج البلد في مكان غير مرغوب فيه ، ثم هو لا يدري هل
هي في بطن المخطط أو طرفه ، وهل تقع على شارع رئيس أو فرعي وهل هو شارع واحد أو
اثنان أو ثلاثة . وكل هذا يؤثر في قيمة الأرض ورغبة الناس فيها .
وبناء عليه فلا يجوز بيع ورقة الوعد هذه التي لا يدري كيف ستكون
، وإنما ينتظر صاحب الورقة حتى يحصل على الأرض ويطبق ما في المنحة على الواقع
ويستخرج بالأرض صكاًّ يثبت ملكيتها ويحدد موقعها ومساحتها ، ثم بعد ذلك يبيعها إن
شاء .
والله ولي التوفيق .
*****
40356
اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده فهل يكون متمتعاً؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أنواع النسك >(1/4099)
سؤال رقم 40356- اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده فهل يكون متمتعاً؟
برجاء الإفادة في عمل عمرة في أشهر الحج مع نية الحج في نفس العام ، هل بالضرورة عند رجوعنا للحج أن نكون متمتعين وعلينا هدى أم لا ؟ مع العلم أننا ننوي الحج مفردين ، وإقامتنا في المدينة النبوية .
الحمد لله
المتمتع هو من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وفرغ منها ثم أحرم بالحج من عامه .
ومن شرط التمتع ألا يسافر من مكة بعد العمرة إلى بلده ، فإن سافر إلى بلده ثم رجع بالحج مفرداً فهو مفرد ، ولا يكون متمتعاً ، ولا يلزمه
هدي ، لأنه أنشأ للحج سفراً جديداً ، وإذا أراد هذا الحاج أن يكون متمتعاً فإنه يحرم بعمرة من الميقات في سفره الثاني للحج .
أما إذا سافر من مكة بعد العمرة إلى غير بلده كما لو سافر إلى جدة ثم رجع محرماً بالحج ، فهو متمتع ، وسفره إلى جدة لا يبطل تمتعه ، لأنه
لم يسافر إلى أهله .
سئل الشيخ ابن باز عن رجل أدى العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ، ثم عاد إلى مكة بنية الحج مفرداً ، هل يكون متمتعاً ويجب عليه الهدي .
فأجاب :
إذا أدى الإنسان العمرة في شوال ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع ، وليس عليه هدي ، لأنه ذهب إلى أهله
ثم رجع بالحج مفرداً ، وهذا هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، وهو قول الجمهور ، والمروي عن ابن عباس أنه يكون متمتعاً ، وأن عليه الهدي ، لأنه جمع
بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة ، أما الجمهور فيقولون : إذا رجع إلى أهله ، وبعضهم يقول : إذا سافر مسافة قصر ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتع ،
والأظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما ، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع ، ولا دم عليه ، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم
بقي في جدة أو الطائف وهو ليس من أهلهما ثم أحرم بالحج فهذا متمتع ، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً ، لأنه جاء لأدائهما
جميعاً ، وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة ، وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح فعليه هدي التمتع ،
ويسعى للحج كما سعى لعمرته اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (17/96).
وفي فتاوى الشيخ ابن باز أيضاً (17/98) :
وإن رجع محرماً بالعمرة - يعني في سفره الثاني- وحل منها ثم أقام حتى يحج فهذا متمتع ، وعمرته الأولى لا تجعله متمتعاً عند الجمهور ،
ولكن صار متمتعاً بالعمرة الأخيرة التي أداها ثم بقي في مكة حتى حج اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد ، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله ، فإنشاؤه السفر
معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداً ، فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذ ، لكن لو فعل ذلك تحيلاً على إسقاط الهدي فإنه لا يسقط ، لأن
التحيل على إسقاط الواجب لا يقتضي إسقاطه ، كما أن التحيل على المحرم لا يقتضي حله اهـ فتاوى أركان الإسلام (ص 524) .
*****
4036
تريد الإسلام ولا تريد ترك زوجها الكافر
العقيدة > الولاء والبراء >
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4100)
سؤال رقم 4036- تريد الإسلام ولا تريد ترك زوجها الكافر
تواجهنا في المراكز الإسلامية وأثناء دعوة النساء الكافرات إلى الإسلام مشكلة تعلّق الزوجة بزوجها الكافر الذي لا يريد أن يسْلم ويصعب عليها أن تضحي بزواجها منه وخصوصا عندما يكون بينهما أولاد وزوجها حسن الخلق فيتغلّب حبها له ونحن نعلم أنّ المرأة الكافرة إذا أسلمت لا يجوز لها البقاء في عصمة الرجل الكافر لقوله تعالى : ( لا هنّ حِلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ ) فكيف نتعامل مع هذه المشكلة وهل يجوز أن نركز على إسلامها ونترك باقي الموضوع ؟
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
امرأة تقول : أريد الإسلام وزوجي جيد ولا أريد الانفصال عنه ، فماذا أفعل ؟
الجواب :
لابد أن تنفصل عنه ، ولكن هل من الممكن أن تدعوه للإسلام ؟ فتقول : إني أريد أن أسلم فإن أسلمْت فقد فسخ العقد إلا أن تسلم ، فلعلها إذا ذكرت هذا له يوافق على الإسلام .
سؤال :
إذا أسلمت ، فهل تكون في البيت حين دعوته أم تترك البيت ؟
جواب :
إذا كانت ترجو إسلامه تبقى في البيت حتى تنتهي العدة .
سؤال :
وهل تكشف عليه أثناء العدة أم لا ؟
جواب :
الاحتياط أن لا تكشف ؛ لأنه ليس مؤكدا أنه يوافق .
سؤال :
ولا الخلوة ؟
جواب :
ولا الخلوة .
سؤال :
إذا كان إخبارها بهذا قد يصدها عن الإسلام ، فهل يجوز لنا شرعا أن نحجب عنها النصف الثاني من الجواب ، فنقول : أسلمي أولا ثم نجيبك بعد ذلك عن حكم الاستمرار ؟
الجواب :
لا ، لو قلنا هذا ثم أُخبرت فارتدت صارت المشكلة أعظم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب حين بعثه لأهل خيبر : أدعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه .
سؤال :
فهذه الآن لو بقيت معه بمعاشرة بعد الإسلام فهي صاحبة كبيرة ؟
جواب :
نعم ، ولكن هل يجوز الإصرار على الزنا ؟!!
سؤال : ما ملخص ما نجيبها به ؟
جواب :
نقول لها : أسلمي ، واعلمي أنك إذا أسلمت ولم يسلم زوجك فإنه ينفسخ النكاح . انتهى .
وينبغي التركيز في الحديث مع النّساء اللاتي يتعرّضن لهذه القضية على الأمور التالية مع الشّرح المستفيض :
- تقديم محبّة الله ورسوله على محبّة كلّ أحد
- أنّها إذا أخلصت في دعوته والدّعاء له فقد يهديه الله على يديها
- أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه
- أنّ الله لا يُضيّع عبده الذي ضحّى بما يحبّ من أجله
وكذلك أن يُسعى في حلّ مشكلة مثل هذه المرأة إذا أسلمت وانفصلت عن زوجها بأن يتقدّم من الاخوة المسلمين من يتزوجها ويضمّ إليه أولادها أو يوجد من أهل الخير المسلمين من ينفق عليها وعليهم ، نسأل الله الهداية والتوفيق والسّداد ، وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
4037
حكم تصرف الزوجة في مالها دون إذن زوجها
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4101)
سؤال رقم 4037- حكم تصرف الزوجة في مالها دون إذن زوجها
السؤال :
أنا امرأة موظفة ولي راتب أصرف منه على نفسي وبيتي وأعطي أهلي وأتصدّق ونحو ذلك وكثيرا ما يقع بيني وبين زوجي خلاف بسبب تصرفي في مالي فهل لزوجي الحقّ في الاعتراض عليّ في تصرفاتي المالية وهل يجب عليّ استئذانه إذا أردت إنفاق شيء من مالي ؟
الجواب:
الحمد لله
لا ريب أن الحر البالغ العاقل الرشيد يجوز له التصرف في ماله مطلقاً في حال الحياة سواء أكان بالبيع أو الإجارة أو الهبة أو الوقف وسائر أنواع التصرفات وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم .
ولا خلاف بين أهل العلم أيضاً أن الزوج ليس له حق الاعتراض على زوجته فيما إذا كان تصرفها في مالها بعوض كالبيع والإجارة ونحوها إذا كانت تلك المرأة رشيدة جائزة التصرف وليست ممن يخدع في المعاملات عادة . مراتب الإجماع لابن حزم 162 والإجماع في الفقه الإسلامي أبو جيب (2/566)
واختلفوا هل لها الصدقة أو الهبة بجميع مالها أو بعضه بدون إذن الزوج وبيان مذاهبهم على النحو الآتي .
القول الأول : إن الزوج له حق منعها فيما زاد على الثلث وليس له الحق فيما دون ذلك وبه قال المالكية والحنابلة على إحدى الروايتين ، شرح الخرشي ( 7/103) المغني (4/513) نيل الأوطار (6/22) ودليل هذا القول المنقول والقياس .
فمن المنقول ما يأتي :
1- ما ورد أن خيرة امرأة كعب بن مالك أتت النبي بحلي لها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا فَهَلْ اسْتَأْذَنْتِ كَعْبًا قَالَتْ نَعَمْ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ زَوْجِهَا فَقَالَ هَلْ أَذِنْتَ لِخَيْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا فَقَال نَعَمْ فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا . " رواه ابن ماجة 2380 وفي إسناده عبد الله ابن يحيى وأبوه مجهولان .
2- ما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله قال في خطبة خطبها ( لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها ) سنن أبي داود بيوع باب 84 سنن النسائي زكاة باب 58 مسند أحمد (2،179) سنن ابن ماجه (2/798) وفي لفظ : " لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها . " ، أخرجه الخمسة إلا الترمذي
فهذا وما قبله دليل على أن المرأة ليس لها التصرف في مالها إلا بإذن زوجها وهو ظاهر في أن إذن الزوج شرط لنفاذ تصرفها فيه وإنما قيّد هؤلاء المنع بما زاد على الثلث لوجود نصوص أخرى داله على أن المالك له حق التصرف في ماله في الثلث وما دونه بالوصية وليس له ذلك في ما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة كما في قصة سعد بن أبي وقاص المشهورة حينما سأل النبي هل يتصدق بجميع ماله قال لا قال فبالثلثين قال لا قال فبالشطر قال لا قال فبالثلث قال الثلث والثلث كثير . متفق عليه .
وأما استدلالهم بالقياس فهو أن حق الزوج متعلق بمالها بدليل قوله صلى الله عليه وسلم ( تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها ) أخرجه السبعة .
والعادة أن الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها وينبسط فيه وينتفع به فإذا أعسر بالنفقة أنظرته فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض . المغني (4/514)
القول الثاني :
للزوج منع زوجته من التصرف مطلقاً أي سواء أكان بالقليل أو بالكثير إلا في الأشياء التافهة وبه قال الليث بن سعد نيل الأوطار 6/22
القول الثالث :
منع المرأة من التصرف في مالها مطلقاً إلا بإذن زوجها وبه قال طاووس فتح الباري 5/218 . قال ابن حجر في الفتح واحتج طاووس ، بحديث عمرو بن شعيب ، لا تجوز عطية امرأة في مالها إلا بإذن زوجها ) أخرجه أبو داود والنسائي قال بن بطال .. وأحاديث الباب أصح .
القول الرابع :
للمرأة التصرف في مالها مطلقاً سواء كان بعوض أو بغير عوض أكان ذلك بمالها كله أو بعضه وبه قال الجمهور ومنهم الحنفية والشافعية والحنابلة في المذهب وابن المنذر . المغني 4/513 الإنصاف 5/342 شرح معاني الآثار 4/354)فتح الباري 5/318 ، نيل الأوطار 6/22
وهو أعدل الأقوال .. للكتاب والسنة والنظر فمن الكتاب قوله تعالى ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئا ) فأباح الله للزوج ما طابت له به نفس امرأته . وقوله تعالى ( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون ) فأجاز عفوهن عن مالهن بعد طلاق زوجها إياها بغير استئذان من أحد فدل ذلك على جواز أمر المرأة في مالها ، وعلى أنها في مالها كالرجل في ماله . شرح معاني الآثار 4/ 352 .
قوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ) وهذا ظاهر في أن اليتيمة إذا صارت راشدة جاز لها التصرّف في مالها .
وكذلك لما تصدقت النساء بحليهن بعد موعظة النبي صلى الله عليه وسلم لهنّ في خطبة العيد ، فهذا كله يدلّ على نفاذ تصرفاتهن المالية الجائزة دون استئذان أحد .
يراجع كتاب : إتحاف الخلان بحقوق الزوجين في الإسلام د/فيحان بن عتيق المطيري ص 92-96 .
قال في نيل الأوطار : ذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقا من غير إذن من الزوج إذا لم تكن سفيهة , فإن كانت سفيهة لم يجز . قال في الفتح : وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة . انتهى
وردّ الجمهور على الاستدلال بحديث : " لا يَجُوزُ لامْرَأَةٍ هِبَةٌ فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا . " رواه أبو داود 3079 صحيح الجامع 7265 وتقدّم ذكر بعض رواياته ، بأنّ ذلك محمول على الأدب وحسن العشرة ولحقّه عليها ومكانته وقوة رأيه وعقله قال السندي في شرحه على النسائي في الحديث المذكور : وهو عند أكثر العلماء على معنى حسن العشرة واستطابة نفس الزوج ونقل عن الشافعي أن الحديث ليس بثابت وكيف نقول به والقرآن يدل على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول .. وقد أعتقت ميمونة قبل أن يعلم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلم يعب ذلك عليها فدل هذا مع غيره على أن هذا الحديث إن ثبت فهو محمول على الأدب والاختيار ..
فيستحبّ للمرأة المسلمة إذن أن تستأذن زوجها - ولا يجب عليها - وتؤجر على ذلك ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهَا بِمَا يَكْرَه . رواه النسائي 3179 وهو في صحيح الجامع 3292 . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40370
طلقها بحجة أنها مريضة بمرض مُعدٍ فهل لها الصداق
الفقه > معاملات > النكاح > الصداق >(1/4102)
سؤال رقم 40370- طلقها بحجة أنها مريضة بمرض مُعدٍ فهل لها الصداق
طلقها زوجها بحجة أنها مريضة بمرض معدً وهو البرص ، وبعد عرضها على مجموعة من الأطباء تبين أن ما عندها ليس مرضاً ولا معدياً ويمكن إزالته بأشعة الليزر ، فهل يحق لها أن تطالب بمؤخر الصداق ؟.
الحمد لله
" ما دام أنه ليس بعيب فلها المطالبة بمؤخر الصداق " .
الشيخ خالد المشيقح
*****
4038
حكم إجهاض وحضانة الطفل المصابة أمه بالإيدز
الفقه > معاملات > الحضانة >
الفقه > معاملات > الجنايات >(1/4103)
سؤال رقم 4038- حكم إجهاض وحضانة الطفل المصابة أمه بالإيدز
هل يجوز للأم المصابة بهذا المرض الإجهاض إذا حملت ، وهل لها حقّ في حضانة الولد ، وهل يجوز لأحد الزوجين فسخ النكاح إذا اكتشف إصابة الطّرف الآخر بالمرض ؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً : إجهاض الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) :
نظراً لأن انتقال العدوى من الحامل المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) إلى جنينها لا تحدث غالباً إلا بعد تقدم الحمل - نفخ الروح في الجنين - أو أثناء الولادة ، فلا يجوز إجهاض الجنين شرعاً .
ثانياً : حضانة الأم المصابة بمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) لوليدها السليم وإرضاعه :
لما كانت المعلومات الطبية الحاضرة تدل على أنه ليس هناك خطر مؤكد من حضانة الأم المصابة بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) لوليدها السليم ، وإرضاعه له ، شأنها في ذلك شأن المخالطة والمعايشة العادية ، فإنه لا مانع شرعاً من أن تقوم الأم بحضانته ورضاعته ما لم يمنع من ذلك تقرير طبي .
ثالثاً : حق السليم من الزوجين في طلب الفرقة من الزوج المصاب بعدوى مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) :
للزوجة طلب الفرقة من الزوج المصاب باعتبار أن مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) مرض معد تنتقل عدواه بصورة رئيسية بالاتصال الجنسي .
مجمع الفقه الإسلامي ص 204-206
*****
40389
هل يبدأ بالست من شوال قبل القضاء إذا كان باقي الأيام لا يكفي
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4104)
سؤال رقم 40389- هل يبدأ بالست من شوال قبل القضاء إذا كان باقي الأيام لا يكفي
هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطر من رمضان إذا كان ما تبقى من الشهر لا يكفي لصومهما معا ؟.
الحمد لله
صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح ، ويدل ذلك
قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا
مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) ، رواه مسلم (1164)
فقوله " ثم " حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، فيدل على أنه لا
بد من إتمام صيام رمضان أولا ( أداءً وقضاءً ) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى
يتحقق الأجر الوارد في الحديث .
ولأن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه : صام بعض رمضان ، ولا
يقال صام رمضان .
لكن إذا حصل للإنسان عذر منعه من صيام ست من شوال في شوال بسبب
القضاء ، كأن تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان ، فإن لها أن تصوم ستا من
شوال في ذي القعدة ، لأنها معذورة ، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست
من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان ، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا
عذر فلا يحصل له هذا الأجر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على
المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست ؟
فأجاب بقوله : " إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم
الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء ، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من
صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال ) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا
يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء ، فلو فرض أن القضاء استوعب
جميع شوال ، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان ، ثم شرعت في قضاء
الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة ،
ويكون لها أجر من صامها في شوال ، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو ( أي صيامها للست في
شوال) متعذر ، فصار لها الأجر . " انتهى مجموع الفتاوى 20/19 ، راجع الأسئلة
( 4082 ) ، ( 7863 )
يضاف إلى ذلك أن القضاء واجب في ذمة من أفطر لعذر بل هو جزء من
هذا الركن من أركان الإسلام وعليه فتكون المبادرة إلى القيام به وإبراء الذمة منه
مقدمة على فعل المستحب من حيث العموم . راجع السؤال ( 23429 ).
*****
4039
حكم قراءة القرآن بشكل جماعي
القرآن وعلومه >(1/4105)
سؤال رقم 4039- حكم قراءة القرآن بشكل جماعي
السؤال :
ما حكم قراءة القرآن في المسجد جماعة ؟
الجواب:
الحمد لله
السؤال فيه إجمال ، فإذا كان المقصود أنهم يقرؤون جميعاً بصوت واحد ومواقف ومقاطع واحدة فهذا غير مشروع وأقل أحواله الكراهة لأنه لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم لكن إذا كان ذلك من أجل التعليم فنرجو أن يكون ذلك لا بأس به وإن كان المقصود أنهم يجتمعون على قراءة القرآن لحفظه أو تعلمه ويقرأ أحدهم وهم يستمعون أو يقرأ كل منهم لنفسه غير ملتق بصوته ولا بموافقة مع الآخرين فذلك مشروع لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم .
من فتاوى اللجنة الدائمة 4/112 .
*****
4040
هل يؤجر قارئ القرآن الذي لا يعرف معنى ما يقرأ
القرآن وعلومه >(1/4106)
سؤال رقم 4040- هل يؤجر قارئ القرآن الذي لا يعرف معنى ما يقرأ
أداوم على قراءة القرآن لكنني لا أفهم معانيه .. فهل أثاب من الله على ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
القرآن الكريم مبارك كما قال الله تعالى : { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} . فالإنسان مأجور على قراءته سواء أفهم معناه أم لم يفهم .. ولكن لا ينبغي للمؤمن أن يقرأ دون أن يسعى لأن يفهم معناه ، فالإنسان لو أراد أن يتعلم الطب مثلاً ودرس كتب الطب فإنه لا يمكن أن يستفيد منها حتى يفهم معناها وتشرح له ، بل هو يحرص كل الحرص على أن يفهم معناها من أجل أن يطبقها ، فما بالك بكتاب الله سبحانه وتعالى الذي هو شفاء لما في الصدور وموعظة للناس أن يقرأه الإنسان بدون تدبر وبدون فهم لمعناه .. ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ، فالإنسان مثاب ومأجور على قراءة القرآن سواء أفهم معناه أم لم يفهم ولكن ينبغي له أن يحرص كل الحرص على فهم معناه وأن يتلقى هذا المعنى من العلماء الموثوقين بعلمهم وفي أمانتهم ، فإن لم يتيسر له عالم يفهمه المعنى فليرجع إلى كتب التفسير الموثوقة مثل تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير وغيرهما والله أعلم.
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين .
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /165
*****
40401
هل زوجة الابن من الرضاع من المحارم
الفقه > معاملات > النكاح > المحارم >(1/4107)
سؤال رقم 40401- هل زوجة الابن من الرضاع من المحارم
لي ابن من الرضاعة أرضعته زوجتي ، فهل أكون محرماً لزوجته ؟.
الحمد لله
زوجة الابن من الصلب محرم لأبيه ، لقول الله تعالى في جملة
المحرمات : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 ،
فإذا كان الإنسان له ابن متزوج من امرأة ، صار أبوه محرما لها له السفر بها والخلوة
والنظر إلى وجهها ونحوه . أما ابنه من الرضاع فأكثر العلماء على أنه كابنه من الصلب
، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية أبى ذلك وقال : إن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة ، وأن
زوجة ابنه من الرضاع أجنبية منه ، لا تكشف له ، ولا يخلو بها ، ولا يسافر بها ،
لأنها أجنبية منه ، والله عز وجل يقول : ( وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ
أَصْلابِكُمْ ) النساء/23 ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يحرم من الرضاع ما
يحرم من النسب ) . وزوجة الابن ليست حراما على أبيه من النسب ولكنها حرام عليه من
المصاهرة ، فليس بين أبيه وبينها نسب بل هي حرام عليه بالمصاهرة . وهذا الذي اختاره
شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الذي أراه صحيحا .
فضيلةالشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (لقاءات الباب المفتوح 529).
*****
40409
لا يجوز شراء أسهم البنوك ولا المتاجرة فيها
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > الربا >(1/4108)
سؤال رقم 40409- لا يجوز شراء أسهم البنوك ولا المتاجرة فيها
هل يجوز شراء أسهم البنوك والمتاجرة فيها ؟.
الحمد لله
أسهم البنوك هي نقود في الحقيقة ، وعلى هذا ( لا يجوز بيع أسهم
البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض ، ولأنها
مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها لا ببيع ولا شراء لقوله سبحانه وتعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه لَعَنَ آكِلَ
الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ ) رواه الإمام مسلم
وليس لك إلا رأس مالك .
ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات
الربوية والتحذير منها والتوبة إلى سبحانه وتعالى مما سلف من ذلك ، لأن المعاملات
الربوية محاربة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن أسباب غضب الله وعقابه
كما قال عز وجل : ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِ ل ا
كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى
فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275 وقال عز وجل :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ
الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ
مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا
تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279 ) ولما تقدم من
الحديث الشريف . اهـ .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (فقه وفتاوى البيوع /أشرف عبد المقصود ص 360) .
*****
4041
حكم الاجتماع في دعاء ختم القرآن
الآداب > آداب التلاوة >(1/4109)
سؤال رقم 4041- حكم الاجتماع في دعاء ختم القرآن
السؤال :
ما حكم الاجتماع في دعاء ختم القرآن العظيم وذلك بأن يختم الإنسان القرآن الكريم ثم يدعو بقية أهله أو غيرهم إلى الدعاء جماعياً لختم القرآن العظيم حتى ينالهم ثواب ختم القرآن الكريم الوارد عن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ـ رحمه الله ـ أو غيره من الأدعية المكتوبة في نهاية المصاحف المسماة بدعاء ختم القرآن العظيم فهل يجوز الاجتماع على دعاء ختم القرآن العظيم سواء كان ذلك في نهاية شهر رمضان المبارك أو غيره من المناسبات وهل يعد هذا الاجتماع بدعة أم لا ، وهل ورد عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، دعاء مخصص لختم القرآن العظيم ؟
الجواب:
الحمد لله
لم يرد دليل على تعيين دعاء معين ـ فيما نعلم ـ ولذلك يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء ويتخير من الأدعية النافعة كطلب مغفرة الذنوب والفوز بالجنة والنجاة من النار والاستعاذة من الفتن وطلب التوفيق لفهم القرآن الكريم على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى والعمل به وحفظه ونحو ذلك لأنه ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يجمع أهله عند ختم القرآن ويدعو ، أما النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد عنه شيء في ذلك فيما أعلم .
أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه ... ولم أقف على ذلك في شيء من كتبه والله أعلم .
. من فتاوى الشيخ ابن باز - رحمه الله -
*****
40410
يريد أن يوقف مالاً لمن ليس له ذرية من المسلمين
الفقه > عبادات > الوقف >(1/4110)
سؤال رقم 40410- يريد أن يوقف مالاً لمن ليس له ذرية من المسلمين
هل يصح أن أوقف جزءاً من المال لمن ليس له ذرية من أموات المسلمين ؟.
الحمد لله
" إذا قصدت إهداء أجر هذا الوقف لمن مات من المسلمين وليس له
ذرية فلا بأس إن شاء " اهـ .
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم الخضير.
*****
4043
أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4111)
سؤال رقم 4043- أهمية معرفة أسماء الله الحسنى
ما أهمية معرفة أسماء الله الحسنى ؟
الجواب:
الحمد لله
لمعرفة أسماء الله تعالى أهمية كبيرة لأجل ما يلي :
1- أن العلم بالله وأسمائه وصفاته أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق ، لأن شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم في هذا العلم هو الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله ، فالاشتغال بفهم هذا العلم ، والبحث التام عنه ، اشتغال بأعلى المطالب ، وحصوله للعبد من أشرف المواهب ، ولذلك بينه الرسول صلى الله عليه وسلم غاية البيان ، ولاهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم ببيانه لم يختلف فيه الصحابة رضي الله عليهم كما اختلفوا في الأحكام .
2- أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته ، وخوفه ورجائه ، وإخلاص العمل له ، وهذا هو عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله ، إلا بمعرفة أسمائه الحسنى ، والتفقه في فهم معانيها .
3- أن معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى ، مما يزيد الإيمان ، كما قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : ( إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلهية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وهذه الأنواع هي روح الإيمان ورَوحه " الروح : هو الفرح ، والاستراحة من غم القلب " ، وأصله وغايته ، فكلما زاد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه ) التوضيح والبيان لشجرة الإيمان للسعدي ص 41 .
4- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ، وهذا هو الغاية المطلوبة منهم ، لأنه كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( مفتاح دعوة الرسل ، وزبدة رسالتهم ، معرفة المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله ؛ إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها إلى آخرها ) . الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة لابن القيم ( 1/150-151 ) فالاشتغال بمعرفة الله ، اشتغال بما خلق له العبد ، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له ، وليس معنى الإيمان هو التلفظ به فقط دون معرفة الله ، لأن حقيقة الإيمان بالله أن يعرف العبد ربه الذي يؤمن به ، ويبذل جهده في معرفة الله بأسمائه وصفاته ، وبحسب معرفته بربه يزداد إيمانه .
5- أن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم ، كما يقول ابن القيم رحمه الله : ( إن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم ، فإن هذه المعلومات سواه إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً ، إما علم بما كوَّنه ، أو علم بما شرعه ، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى ، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه .. وإحصاء الأسماء الحسنى ، أصل لإحصاء كل معلوم ، لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها ... )
بدائع الفوائد لابن القيم ( 1/163 ) ، من كتاب أسماء الله الحسنى ص 6-8
*****
4044
التحاكم إلى القاضي الكافر أو إمام عاقل وليس بعالم
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4112)
سؤال رقم 4044- التحاكم إلى القاضي الكافر أو إمام عاقل وليس بعالم
في المدينة التي نعيش فيها في بلاد الغرب لا توجد محكمة إسلامية ولا مركز إسلامي يمكن اللجوء إليه للحكم أو فض المنازعات ولدينا مركز إسلامي للدعوة لكن لا يوجد فيه مدير أو شخص يلجأ إليه في فضّ النزاعات فهل إسقاط الزوجة لحق الحضانة عند القاضي الكافر يعتبر ملزما لها ؟ وهل تقرير القاضي الكافر لنفقة الأولاد على أبيهم إذا كانوا عند أمهم يعتبر ملزما له ؟.
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح
العثيمين فاجاب حفظه الله :
أولا - بارك الله فيك - المركز الدعوي هذا إذا
اتفقوا على أن يكون التحاكم إليه فلا بأس ، وهذا هو الواجب عليهم ؛ لأن تحاكمهم إلى
مسلمين هو الواجب .
لكن مسألة إسقاط الحضانة - أي أن الأم تسقط
حضانتها - لا يحتاج إلى حكم حاكم ، يكفي إقرارها ويثبت عليها .
وأما النفقة : فما داموا سيرجعون إلى أبيهم
بإسقاط الأم حقها من الحضانة فسينفق عليهم .
سؤال :
وهل تقرير القاضي الكافر النفقة على أبيهم إذا
كانوا عند أمهم يعتبر ملزما له ؟
الجواب :
حتى إذا لم يقرر الحاكم النفقة على أبيهم فهي
على أبيهم شرعا .
سؤال :
لكن المقدار ؟
الجواب :
مقدارها يرجع في ذلك إلى العرف .
سؤال :
فإذا كان ما قرره القاضي الكافر موافقا للعرف
التزموا به ؟
الجواب :
التزموا به لا على أنه حكم القاضي بل لأنه هو
العرف .
سؤال :
لو اتفق الزوجان على التحاكم إلى أيّ مسلم فهل
يُلزمان بحكمه ؟
ففي بلاد الغرب قد يكون الإمام شخصا غير متديّن
، فهل يتحاكمان إليه ؟
الجواب :
إذا لم يوجد غيره فلا بأس ، لكن الفقهاء اشترطوا
أن يكون صالحا للقضاء يعني أن عنده علم في الشريعة ، لكن إذا لم يوجد فاتقوا الله
ما استطعتم .
سؤال :
قد لا يوجد هناك على الإطلاق شخص يعلم بالقضاء ،
لكن رجل مسلم عاقل ؟
الجواب :
إذا حكّماه على أن ما يقوله من باب الإصلاح فلا
بأس .
سؤال :
لكن إذا قلنا من باب الإصلاح معنى ذلك أنّ كلامه
يصبح غير ملزم ؟
الجواب :
لا ، إذا التزما به ( يلزم ) ، وكل إصلاح يلتزمه
به الطرفان فهو ملزم للحديث " الصلح جائز بين المسلمين " . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40441
حكم ظهار المرأة من زوجها وهل عليها الكفارة ؟
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >
الرقائق > آفات اللسان >(1/4113)
سؤال رقم 40441- حكم ظهار المرأة من زوجها وهل عليها الكفارة ؟
زوجي كثير الاستهزاء والسخرية بي وصبرت عليه كثيراً ، وذات يوم شتمني بشتى ألوان الشتائم فأثار بكائي وغضبي فقلت له بالحرف الواحد : أنت عليّ مثل أخي ، عليّ مثل ظهر أخي . فهل يعتبر هذا ظهاراً وما هي الكفارة الواجبة عليّ ؟.
الحمد لله
لا يحل لمسلمٍ أن يسخر من أخيه ، قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء
عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } الحجرات / 11 .
والواجب على الزوج أن يحسن معاشرة أهله ، قال الله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء / 19 ، وقال النبي صلى
الله عليه : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي ( 3895 )
والنصيحة لك بقاؤك على الصبر على أذى زوجك ، والدعاء له بالخير والهدى ، واستمرار الوعظ والتذكير له بواجباته .
وأما قولكِ لزوجكِ " أنتَ حرام عليَّ مثل أخي ... " فليس بظهار ، بل هو يمين مكفَّرة ، لأن الظهار يكون من الرجل لأمرته وليس العكس قال
الله تعالى : ( الذي يظاهرون منكم من نسائهم ) المجادلة / 2 .
سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إن زوجتي تقول لي دائماً " أنت زوجي ، وأنت أخي ، وأنت أبي ، وكل شيء لي في الدنيا " هل هذا الكلام يحرمني عليها أم لا ؟
فأجاب :
هذا الكلام منها لا يحرمها عليك ؛ لأن معنى قولها " أنت أبي وأخي " وما أشبه ذلك : معناها : أنت عندي في الكرامة والرعاية بمنزلة أبي
وأخي ، وليست تريد أن تجعلك في التحريم بمنزلة أبيها وأخيها .
على أنها لو فُرض أنها أرادت ذلك : فإنكَ لا تحرم عليها ؛ لأن الظهار لا يكون من النساء لأزواجهن ، وإنما يكون من الرجال لأزواجهم ،
ولهذا إذا ظاهرت المرأة من زوجها بأن قالت له " أنتَ عليَّ كظهر أبي ، أو كظهر أخي " أو ما أشبه ذلك : فإن ذلك لا يكون ظهاراً ، ولكن حكمه حكم اليمين ،
بمعنى أنها لا يحل لها أن تمكنه من نفسها إلا بكفارة اليمين ، فإن شاءت دفعت الكفارة قبل أن يستمتع بها ، وإن شاءت دفعتها بعد ذلك .
وكفارة اليمين : إطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة ، فإن لم يجد : فصيام ثلاثة أيام .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 803 ) .
والله أعلم .
*****
4046
اللقطة تعرف سنة كاملة
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4114)
سؤال رقم 4046- اللقطة تعرف سنة كاملة
السؤال :
وجدت لقطة ذهب وبعتها وتصدقت بثمنها وأنوي إن وجدت صاحبها ولم يرض أن أعطيه قيمتها لأنني وجدتها وسط مدينة كبيرة فهل لي علي إثم في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله
الواجب عليك وعلى غيرك ممن يجد لقطة ذات أهمية تعريفها سنة كاملة في مجامع الناس كل شهر مرتين أو ثلاثا فإن عرفت سلمها لصاحبها ، وإن لم تعرف فهي له بعد السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك . إلا أن تكون في الحرمين فليس له تملكها بل يجب تعريفها دائما حتى يعرف ربها أو يسلمها للجهات المسؤولة في الحرمين حتى تحفظها لمالكها لقول النبي صلى الله عليه وسلم في مكة : " لا تحل ساقطتها إلا لمعرف " . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة " . الحديث متفق على صحته .
لكن إذا كانت اللقطة حقيرة لا يهتم بها صاحبها كالحبل وشسع النعل والنقود القليلة فإنه لا يجب تعريفها ، لواجدها أن ينتفع بها أو يتصدق بها عن صاحبها ، ويستثنى من ذلك ضالة الإبل ونحوها من الحيوانات التي تمتنع من صغار السباع كالذئب ونحوه ، فإنه لا يجوز التقاطها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سال عنها : " دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها " . متفق عليه . وبالله التوفيق .
الشيخ ابن باز رحمه الله
فتاوى إسلامية 3/8
*****
40461
عليه كفارات يمين عديدة ، ولا يعرف كيف يتصرف
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4115)
سؤال رقم 40461- عليه كفارات يمين عديدة ، ولا يعرف كيف يتصرف
عليّ كفارات يمين عديدة ، ولما أردت أن أكفِّر عنها لم أعرف كيف أتصرف ؟ فلا يوجد المسكين ولا الفقير ، فهل يجوز أن أكفِّر بنقود ؟ وكم أعطي كل فقير ، وهل يجوز أن أعطيها إلى لجان التبرعات للمجاهدين ؟.
الحمد لله
أولاً :
كفارة اليمين : عتق رقبة مؤمنة ، أو إطعام عشرة مساكين ، أو
كسوتهم ، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام ، والأصل في ذلك قوله تعالى : ( لا
يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا
عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ
أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ
إِذَا حَلَفْتُمْ ) المائدة/89
ثانياً :
الأيمان إذا تعددت قبل الحنث – والمحلوف عليه واحد – فلا يجب إلا
كفارة واحدة ، وأما إذا تعددت الأيمان والمحلوف عليه متغير ، وجب عن كل يمين كفارة
خاصة به .
ثالثاً :
تصرف كفارة اليمين للمساكين كما ذكره الله جل وعلا ، ولا مانع من
صرفها للمجاهدين في سبيل الله ، لأن الله ذكرهم من مصارف الزكاة ، وبخاصة إذا لم
يوجد من الفقراء والمساكين من تصرف له .
رابعاً :
لا يجوز إخراج النقود عن كفارة اليمين ، لأنه خلاف النص الذي
ذكره الله ، وما كان ربك نسيَّاً ، فلم يذكر أن النقود تصرف بدلاً عن الكفارة
المنصوصة .
من فتاوى اللجنة الدائمة (23/27) .
*****
40468
هل يجوز له أخذ المال الباقي من الطلاب بعد الرحلة لأنه لا يأخذ مالاً على الإشراف ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4116)
سؤال رقم 40468- هل يجوز له أخذ المال الباقي من الطلاب بعد الرحلة لأنه لا يأخذ مالاً على الإشراف ؟
أنا مدير حلقات لتحفيظ القرآن الكريم وأثناء الرحلات بالطلاب يزيد المال المخصص للرحلة ، فهل يجوز لي أخذ هذا المال علما أنه ليس لي أي مكافأة مقابل عملي في الحلقات ؟ وهل يجوز أن آخذ ما يكفيني من هذا المال أو آخذ من الاشتراكات التي يدفعها الطلاب للالتحاق بالحلقات ؟.
الحمد لله
ليس لك أخذ شيء من هذا المال ، لأنك مؤتمن على إنفاقه في الغرض
الذي بذل لأجله وهو إقامة الرحلات للطلاب ، فلا يجوز لك إنفاقه في غير ما دُفع
لأجله ، لقول الله تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... ) النساء / 58
والواجب عليك رد ما زاد منه أو حفظه لأصحابه حتى تنفقه في مصارفه
التي دفعوه لأجلها . وكونك لا تتقاضى راتبا أو مكافأة لا يبيح لك الخيانة وأكل
المال بالباطل ، ولك أن تطالب بحقك في أخذ مقابلٍ لعملك .
وليس لك أخذ شيء من رسوم الحلقات أيضا ، لما ذكرنا .
والواجب عليك أن تتقي الله تعالى ، وأن تحذر من أكل المال الحرام
، وأسأل الله أن يعينك ويوفقك ويوسع لك في رزقك .
والله أعلم .
*****
40472
حكم تصليح أجهزة التلفاز والفيديو
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4117)
سؤال رقم 40472- حكم تصليح أجهزة التلفاز والفيديو
أقوم بتصليح أجهزة التليفزيون والفيديو وكذلك تركيب الأطباق الفضائية وضبط جميع الأقمار. فهل علي إثم في استخدام صاحب هذا الجهاز من سماعه للأغاني والأفلام وغيرها أفيدونا.
الحمد لله
يقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، وما تقوم به من إصلاح أجهزة التلفزيون والفيديو والأطباق الفضائية
ثم يستخدمها أصحابها في سماع ورؤية المنكرات هو من الإعانة على المنكر والنبي صلى
الله عليه وسلم يقول : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر
مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم
مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا ) رواه مسلم ( 2674) .
فلا يجوز لك هذا العمل ، والخير أن تبحث عن عمل آخر و تذكر أن
الله يقول ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ
حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2-3 .
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ، ما نصه : أنا أعمل مهندس
إلكترونيات ، ومن عملي إصلاح الراديو والتليفون والفيديو ومثل هذه الأجهزة ، فأرجو
إفتائي عن الاستمرار في هذه الأعمال ، مع العلم أن ترك هذا العمل يفقدني كثيرا من
الخبرة ومن مهنتي التي تعلمتها طوال حياتي ، وقد يقع علي ضرر خلال تركها .
فأجابت :
دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أنه يجب على المسلم أن يحرص
على طيب كسبه ، فينبغي لك أن تبحث عن عمل يكون الكسب فيه
طيبا.
وأما الكسب من العمل الذي ذكرته فهذا ليس بطيب ؛ لأن هذه الآلات تستعمل غالبا في أمور محرمة. اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة" (14/420)
وانظر سؤال رقم ( 39744 ).
*****
4049
حكم بنوك الحليب
الفقه > معاملات > الرضاعة >(1/4118)
سؤال رقم 4049- حكم بنوك الحليب
يوجد في أمريكا بنوك أسمها بنوك الحليب ، يشترون الحليب من الأمهات الحوامل ثم يبيعونها على النساء اللواتي يحتجن إلى إرضاع الأولاد أو حليبها ناقص أو مريضة أو مشغولة بالعمل .. إلخ ، فما حكم شراء الحليب من هذه البنوك ؟
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
حرام ، ولا يجوز أن يوضع بنك على هذا الوجه ما
دام أنه حليب آدميات ؛ لأنه ستختلط الأمهات ، ولا يدرى من الأم ، والشريعة الإسلامية
يحرم فيها بالرضاع ما يحرم بالنسب ، أما إذا كان اللبن من غير الآدميات فلا بأس
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
40496
حكم العقد على المرأة وهي حائض
الفقه > معاملات > النكاح > شروط النكاح >(1/4119)
سؤال رقم 40496- حكم العقد على المرأة وهي حائض
هل يجوز عقد النكاح إذا كانت البنت في فترة الدورة الشهرية ؟.
الحمد لله
الأصل في ذلك الجواز ولم يأت بالمنع منه كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس صحيح . ولا أعلم أحداً من أهل العلم حرّم ذلك أو
كرهه . غير أن بعض الفقهاء يكره زفَّ المرأة لزوجها وقت الحيض لئلا يواقعها في ذلك فيبوء بالإثم .
وقد يلتبس على العامة حكم هذه المسألة بحكم الطلاق في الحيض ، وليس بينهما جامع .
فالعقد على الحائض جائز اتفاقاً وطلاق الحائض المدخول بها حرام اتفاقاً .
الشيخ / سليمان بن ناصر العلوان
*****
4050
وجد مبلغا من المال في الحرم
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4120)
سؤال رقم 4050- وجد مبلغا من المال في الحرم
ذهبنا للحجّ وفي أثناء وجودي في الحرم عثرت على محفظة نقود وبها مبلغ لا بأس به من المال فماذا أفعل به وخصوصا أنّ مدّة بقائي في مكة كانت محدودة ؟
الجواب:
الحمد لله
اختلف العلماء في لقطة الحرم : هل هي كلقطة الحل تملك بالتعريف بعد مضي الحول أو لا تملك مطلقاً ؟ فبعضهم يرى أنها تملك بذلك لعموم الأحاديث ، وذهب الفريق الآخر إلى أنها لا تملك ، بل يجب تعريفها دائماً ، ولا يملكها ، لقوله في مكة المشرفة : ( ولا تحل لقطتها إلا لمعرِّف ) ، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال : ( ولا تملك بحال ، للنهي عنها ، ويجب تعريفها أبداً ) وهو ظاهر الخبر في النهي عنها . الملخص الفقهي صالح الفوزان ص: 150
ولمزيد من التوضيح يراجع سؤال رقم 5049
سئل الشيخ ابن عثيمين السؤال التالي : هل يجوز لي التقاط اللقطة من مكة المكرمة والذهاب بها وتعريفها في المنطقة التي أسكن بها ، أم أن الواجب عليّ أن أعرفها على أبواب المساجد والأسواق وغيرها في مكة المكرمة ..؟
فأجاب حفظه الله بقوله : لقطة مكة المكرمة تختص بأنها لا تحل لأحد أن يلتقطها إلا من أراد أن ينشدها دائماً أو يسلمها إلى ولي الأمر الذي يتسلم مثل هذه الأموال لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ) . والحكمة من ذلك الأمر هي أن اللُقط إذا بقيت في أماكنها فإن أصحابها ربما يرجعون إليها فيجدونها ، وعلى هذا فإننا نقول لهذا الأخ : يجب أن تنشدها في مكة المكرمة ، في مكانها وما حوله كأبواب المساجد والمجتمعات وإلا فسلمها إلى المختصين باستقبال هذه اللقطة وغيرها . من كتاب فتاوى إسلامية 2/311 . والله أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40509
موظف صيانة ينام إذا لم يوجد عمل
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4121)
سؤال رقم 40509- موظف صيانة ينام إذا لم يوجد عمل
أنا موظف صيانة وفي بعض الأحيان لا يكون عندنا عمل ويكون معي بعض الزملاء ، فهل يجوز لي أن آخذ قسطا من الراحة أي أنام بعض الشيء مع وجود الزملاء ، في حالة وجود عمل يقومون بإيقاظي دون إخلال بمتطلبات العمل .
الحمد لله
إذا كان صاحب العمل يعلم بذلك ، ولم يعترض عليكم بشيء فلا حرج ،
وإن لم يكن يعلم فالأفضل أن تخبره حتى يزول الحرج والإشكال في ذلك ، لأنك تُعتبر
أجيراً عنده ، فوقتك ملك له .
والله أعلم .
*****
4051
التقط الولد الصغير قطعة ذهب ضائعة
الفقه > معاملات > اللقطة >(1/4122)
سؤال رقم 4051- التقط الولد الصغير قطعة ذهب ضائعة
السؤال :
كنا على شاطئ البحر فأتاني ولدي بشيء يلمع فإذا هو قطعة ذهب فماذا نفعل بها ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا وجد الصبي والسفيه لقطة ، فأخذها فإن وليه يقوم مقامه بتعريفها ويلزمه
أخذها منهما لأنهما ليسا بأهل للأمانة والحفظ ، فإن تركها في يدهما فتلفت ضمنها لأنه
مضيّع لها ، فإذا عرّفها وليهما ، فلم تعرف ولم يأت أحد فهي لهما .. ، كما في حق
الكبير والعاقل . وسبق تفصيل أحكام اللقطة في سؤال رقم 5049 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40512
أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >(1/4123)
سؤال رقم 40512- أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها ؟
كنت في الطائف وقررت أن أذهب إلى مكة لقضاء بعض الأيام هناك ، وفي اليوم المحدد فكرت في الإحرام للعمرة ، وبالفعل اغتسلت وقلت : " لبيك اللهم بعمرة لبيك اللهم لبيك " ثم قبل مغادرة المنزل طرأ لي ما جعلني أؤجل فكرة العمرة ، وحيث إني امرأة فإنه لا يتغير كثير من حالي حين الإحرام ، لذلك نسيت أني قد نطقت بالتلبية ، فنزلت مكة ولم أعتمر ، وقضيت هناك أياماً ثم رجعت إلى الطائف ليوم واحد ومنها أحرمت للعمرة ونزلت مكة واعتمرت ( ولم أتذكر أنني قد لبيت المرة الأولى إلا عندما لبيت عند الميقات في المرة الثانية ) ، فماذا عليَّ في ذلك ؟.
الحمد لله
الواجب على كل من أحرم بالعمرة والحج أن يتم نسكهما وإن كانا
نفليْن ؛ لقوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، ومن نوى الإحرام وترك تتمة
النسك لغير عذر شرعي وقع في المحظور .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة
ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة ، وإن شاء ترك ذلك ، ولا
حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام ، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو
العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه ، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه
الشرعي ؛ لقول الله سبحانه : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) ، وبهذا يتضح لك : أن
المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك ، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع
فيه ؛ للآية الكريمة المذكورة ، إلا أن يكون قد اشترط ، وحصل المانع الذي خاف منه
فله أن يتحلل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت : يارسول
الله إني أريد الحج وأنا شاكية ، قال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " متفق على
صحته . فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية
والإفتاء " ( 11 / 166 ، 167 ) .
وبناء على هذا ، فإن العمرة التي أديتها تقع عن العمرة التي
أحرمت بها أولاً .
وأما محظورات الإحرام التي فعلتيها في تلك الأيام فإنها معفو
عنها .
لأن الظاهر أنك كنت لا تعلمين تحريم فسخ نية العمرة بعد عقدها .
وقد سبق في إجابة السؤال ( 36522 ) أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أنه لا شيء
عليه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة أحرمت بالعمرة ثم فسخت العمرة
واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى فهل هذا العمل صحيح ؟ وما حكم ما فعلته من
محظورات الإحرام ؟
فأجاب : هذا العمل غير صحيح ، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج
حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي قال الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله فإن
أحصرتم فما استيسر من الهدي ) ، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت
، وعمرتها صحيحة لأنها وإن فسخت العمرة فإنها لا تنفسخ العمرة ، وهذا من خصائص الحج
، والحج له خصائص عجيبة لا تكون في غيره ، فالحج إذا نويت إبطاله لم يبطل ، وغيره
من العبادات إذا نويت إبطال بطل ، فلو أن الإنسان وهو صائم نوى إبطال صومه بطل صومه
، ولو أن المتوضئ أثناء وضوئه نوى إبطال الوضوء بطل الوضوء .
لو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها لم تبطل ، أو نوى إبطال
الحج أثناء تلبسه بالحج لم يبطل .
ولهذا قال العلماء : إن النسك لا يرتفض برفضه .
وعلى هذا نقول : إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية إلى
أن أتمت العمرة ، ويكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه ، بل هي باقية عليه .
وخلاصة الجواب : بالنسبة للمرأة نقول : إن عمرتها صحيحة ، وإن
عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية ، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه .
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في
النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً
من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه . اهـ من مجموع
فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار .
والله أعلم .
*****
4052
هل يستحب لمن قام من مجلس أن يسلم على الجالسين فيه ؟
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الآداب > آداب السلام >(1/4124)
سؤال رقم 4052- هل يستحب لمن قام من مجلس أن يسلم على الجالسين فيه ؟
هل يستحب لمن قام من مجلس أن يسلم على الجالسين فيه أم لا ؟ وهل فيه حديث أم لا ؟ .
الحمد لله
هو سنة ، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد
أن يقوم فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الثانية ) رواه الترمذي وقال : هو
حديث حسن .
من كتاب فتاوى الإمام النووي ص 67
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
40520
إيلاج الاصبع في الدبر
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4125)
سؤال رقم 40520- إيلاج الاصبع في الدبر
هل يجوز للرجل مداعبة زوجته في دبرها بأصابعه ؟.
الحمد لله
يجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه
ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) البقرة
/187 .
وأما مداعبة الزوج لزوجته فهو واحد من أمرين :
إما أن يكون ذلك عن طريق ملامسة حلقة الدبر ، وإما أن يكون عن
طريق إيلاج الإصبع في الاست .
فأما عن الملامسة لحلقة الدبر بالإصبع فلا حرج في ذلك ، ولكن
البعد عن ذلك أولى لعدم الانسياق لما وراءه .
وأما عن إيلاج الإصبع في الدبر فيمنع ، وذلك لأمور :
1- الدبر هو محل النجاسة المغلظة .
2- من علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ،
وكذلك إدخال الاصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة .
3- إن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة
، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم ، وتبلدت أذواقهم ، وجعلوا كل همهم إشباع
شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا طهارة . فأراهم هواهم حسناً ما
ليس بالحسن .
4- إن استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما
هو أشنع وهو الوطء في الدبر، وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما يزينه له فإنه
يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف ، ثم الانتقال به شيئاً فشيئاً
حتى يوبقه ويقع في اللوطية الصغرى ( وطء المرأة في دبرها ) ، وقد ضرب النبي صلى
الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال : " إن الحلال بين وإن الحرام بين
وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن
وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن
لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد
كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " مسلم (4094)
5- إن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى عن غيره ،
ولم ينه الله تعالى عن شيء إلا وفيه ضرر .
وليعلم السائل أنه من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا (
الوطء في الدبر ) حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب
ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا
قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك
للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة
بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر
المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة
في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره
إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى
كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .
فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق
وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين
، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم
نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر / 19 ، وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها
من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض
فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .
انظر سؤال رقم ( 36722 ) .
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد .
*****
40525
استئذان الزوج في الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >(1/4126)
سؤال رقم 40525- استئذان الزوج في الحج
هل يجوز للمرأة أن تحج ولو لم يأذن لها زوجها ؟.
الحمد لله
إذا كان الحج فريضة عليها ومنعها زوجها منه فإنها تحج ولو لم
يأذن زوجها ، ولا يجوز لزوجها أن يمنعها من حج الفريضة ، أما إذا كان نافلة فإنها
لا تحج إلا إذا أذن لها زوجها .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/35) :
" وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام . وبهذا قال النخعي ,
وإسحاق , وأبو ثور , وأصحاب الرأي , وهو الصحيح من قولي الشافعي ، لأنه فرض , فلم
يكن له منعها منه , كصوم رمضان , والصلوات الخمس . ويستحب أن تستأذنه في ذلك . نص
عليه أحمد . فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه . فأما حج التطوع , فله منعها منه .
قال ابن المنذر : أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن له منعها
من الخروج إلى الحج التطوع . وذلك لأن حق الزوج واجب , فليس لها تفويته بما ليس
بواجب " انتهى باختصار .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : إذا منع الزوج زوجته
فهل يأثم ؟
فأجاب :
" نعم ، يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه ، فهو آثم ،
يعنى لو قالت : هذا مَحْرَمٌ ، هذا أخي يحج بي ، وأنا عندي نفقة ، ولا أريد منك
قرشاً ، وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها ، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن ، إلا
أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/115) .
*****
40527
ممارسة رياضة كمال الأجسام
الفقه > عادات > أحكام الرياضة والتسلية والترفيه >(1/4127)
سؤال رقم 40527- ممارسة رياضة كمال الأجسام
ما حكم رياضة كمال الأجسام في الإسلام ؟ هل يجوز لنا أن نجعل أجسامنا ذات بنية كالمصارعين مادمنا لا نريها لأحد ونستفيد منها ؟.
الحمد لله
رياضة كمال الأجسام أو بناء الأجسام تهدف إلى إعداد الجسم القوي
الصحيح ، وهو هدف مطلوب مرغوب فيه .
وقد اهتم الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً ، وشجع على أنواع من
الرياضة يبنى بها الجسم ، وتحفظ بها الصحة، ويحصل بها الترويح والترفيه، كالسباحة ،
والرماية ، وركوب الخيل ، والمبارزة ، والمصارعة.
إلا أن الإسلام عندما يقبل بالرياضة ويدعو لمزاولتها ، لا يجعلها
غاية في نفسها، بل اعتبرها وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين ؛
إيماناً منه بأن القوة من أهم أسباب النصر والتمكين في مواجهة التحديات وفي تعبيد
العقبات التي تقف في وجه الإسلام .
فإذا كان الغرض من الرياضة هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء
فريضة الجهاد قادراً على إعلاء كلمة الله فالرياضة مطلوبة . قال تعالى : " وأعدوا
لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " الأنفال/60 . وقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( المؤمن
القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) . رواه مسلم (6774) .
وإذا كان الغرض هو الترويح عن النفس ، والمحافظة على الصحة ،
كانت الرياضة مباحة .
وإذا اشتملت على محرم كتضييع الصلاة ، أو كشف العورات أو اختلاط
بالنساء ونحو ذلك كانت حراماً .
وقد دأب المشتغلون برياضة كمال الأجسام على كشف عوراتهم أثناء
ممارسة اللعبة ، وهذا محرم من غير شك ، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، ولا يجوز
له كشفها أمام غير زوجته ، كما لا يجوز له أن ينظر إلى عورة غيره .
والأصل في ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
ما بين السرة والركبة عورة " . قال الألباني في "إرواء الغليل" (271) : حديث
حسن .
فإن خلت الرياضة من هذه المحاذير فلا حرج في ممارستها .
وينبغي التنبه إلى أمرين :
الأول :
أن بعض من يتجه لمثل هذه الرياضة إنما يدفعه إلى ذلك إعجابه
بالنفس ومحبته للتكبر والافتخار والاستطالة على الناس بحسن جسمه وقوة عضلاته . . .
ودوافع أخرى سيئة ، وبعضها أقبح من بعض . والواجب على المؤمن التنزه عن ذلك وأن
يتحلى بحسن الخلق والتواضع والعدل .
الثاني :
أن المبالغة والغلو في تحسين الجسم والاهتمام به ليست أمرا
محموداً ، وإنما يحمد من ذلك ما يحفظ على المسلم صحته ، ويعينه على إقامة الدين
والجهاد في سبيل الله وأداء العبادات التي تحتاج إلى قوة جسمية كالحج .
وأما الزيادة والغلو في ذلك فإن الغالب أنه يشغل المسلم عما هو
أهم ، كما هو واقع من يمارس كثيرا من أنواع الرياضة الآن ، فإنك تراه يتدرب يومياً
الساعات الطوال .
وماذا يستفيد المسلم إذا كان جسمه قوياً مفتول العضلات ، كالثور
وقلبه خاوٍ من الإيمان ومن كل فضيلة ؟!
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه خيرنا وسعادتنا في الدنيا
والآخرة .
راجع السؤال رقم ( 22963 )
.
هذا وصلى الله على نبينا محمد .
*****
40530
حكم الأدوية المخلوطة بالكحول
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4128)
سؤال رقم 40530- حكم الأدوية المخلوطة بالكحول
ما حكم الأدوية التي يكون فيها نسبة من الكحول ؟.
الحمد لله
أولاًَ :
لا يجوز خلط الأدوية بالكحول (الخمر) ، وذلك لأن الخمر يجب
إراقتها ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ عِنْدَنَا خَمْرٌ
لِيَتِيمٍ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمَائِدَةُ ( يعني وفيها تحريم الخمر ) سَأَلْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، وَقُلْتُ : إِنَّهُ
لِيَتِيمٍ . فَقَالَ : أَهْرِيقُوهُ .
رواه الترمذي (1263) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ثانياً :
إذا خلط الدواء بالكحول فعلاً ، فإن كانت نسبة الكحول كثيرة بحيث
صار هذا الدواء مسكرا ، فهو خمر يحرم تناوله .
وإن كانت نسبة الخمر قليلة بحيث لا يسكر جاز تناوله .
جاء في "فتاوى الجنة الدائمة" (22/110) :
" لا يجوز خلط الدواء بالكحول المسكرة ، أما ما كان قد خلط بهذه
الكحول فعلاً ، فإن كان شرب الكثير منه يسكر حرم صرفه وشربه ، قل أو كثر ، وإن كان
شرب كثيره لا يسكر جاز صرفه وشربه " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" وأما ما يكون من مواد الكحول في بعض الأدوية ، فإن ظهر أثر ذلك
الكحول بهذا الدواء بحيث يسكر الإنسان منه حرام ، وأما إذا لم يظهر الأثر وإنما
جعلت فيه مادة الكحول من أجل حفظه ، فإن ذلك لا بأس به ، لأنه ليس لمادة الكحول أثر
فيه " انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/231) .
*****
4056
لبس زي غير المسلمين
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4129)
سؤال رقم 4056- لبس زي غير المسلمين
من لبس غير زي المسلمين هل عليه ضرر في دينه وصلاته أم لا ؟ وهل لبس النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبسه الأجناد في زماننا من قباء وغيره مما هو ضيق الكمين أم لا ؟
الحمد لله
يُنهى عن التشبه بالكفار في لباس وغيره ، للأحاديث الصحيحة المشهورة في ذلك وتنقص به صلاته ، وثبت في صحيح البخاري وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس قباء في بعض الأوقات ، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة شامية ضيقة الكمين . والله أعلم .
من فتاوى الإمام النووي ص 61 .
*****
4057
كيف تصلى سنة الظهر الرباعية
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة >(1/4130)
سؤال رقم 4057- كيف تصلى سنة الظهر الرباعية
السؤال :
إذا صلى سنة الظهر أربعاً قبلها أو بعدها ، أو سنة العصر هل يسلم تسليمة أو تسليمتين ؟
الجواب:
الحمد لله
يجوز له تسليمة بتشهد واحد وتشهدين ، والأفضل تسليمتان .
من فتاوى الإمام النووي ص 51 .
*****
4058
فيما إذا عطس في صلاته
الفقه > عبادات > الصلاة >(1/4131)
سؤال رقم 4058- فيما إذا عطس في صلاته
السؤال : إذا عطس في الصلاة هل يستحب له أن يقول : الحمد لله ؟ وإذا قاله هل يستحب لمن سمعه أن يقول له : يرحمك الله ؟ .
الجواب :
الحمد لله
نعم ، يستحب له ذلك ، ويستحب لسامعه الذي ليس في صلاة ونحوها أن يقول له : يرحمك الله
.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40583
هل يحج عن جدته ولو لم يرض أبوه؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
الآداب > بر الوالدين >(1/4132)
سؤال رقم 40583- هل يحج عن جدته ولو لم يرض أبوه؟
هل طاعة الوالدين تجب في كل شيء ، إذا أمراني بترك النافلة كصيام تطوع أو صلاة النافلة فهل طاعتهم واجبة ؟ فقد عزمت على أن أحج عن جدتي لأمي فرفض والدي وقال : أولادها أحق بها فهل تلزمني طاعته في هذا الأمر ؟.
الحمد لله
" طاعة الوالدين تجب في كل ما فيه منفعة لهما ولا ضرر عليك به ،
فأما إذا أمراك بترك النوافل نظرنا ؛ إذا كانا يحتاجان إلى عمل لا تقوم به إذا كنت
منشغلاً بهذه النافلة فأطعهما ، مثل أن يقول لك أبوك : يا فلان ، انتظر الضيوف ،
ولا تصل النافلة ، فهنا يجب عليك أن تطيعه لأن هذا لغرضٍ له ، وأما إذا قال : لا
تصل الضحى ، لأنه يكره مثل هذه الأمور ، يكره النوافل لأنه ليس عنده إيمان قوي ،
فلا تطعه ، ولكن دارِهِ ما استطعت ، بمعنى أن تخفي عنه ما تفعله من الخير .
فنقول للسائل : حج عنها ، وإذا قال لك أبوك : لا تحج . فقل : لا
بأس ، وحج ، وليس في هذا كذب إذا كنت تستطيع التأويل ، والتأويل معناه : أن تقول له
: لا أحج ، يعني العام القادم ، لأن هذا الأب يأمر بقطيعة الرحم ، أو هو جاهل ، فقل
: نعم ، لا أحج عنها إرضاء لك ، وتنوي لا أحج عنها في العام القادم . لأنك سوف تحج
هذا العام ، ومثل ذلك بعض الأمهات إذا رأت العلاقة بين ابنها وزوجته طيبة ، قالت :
يا ولدي إما أنا وإما هي ، ليطلقها ، كذلك الأب ربما يكون معه سوء تفاهم من الزوجة
يقول طلقها . فلا يطلقها . وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فقال : إن أبي
أمرني أن أطلق امرأتي وأنا أحبها . قال : لا تطلقها . فقال السائل : إن ابن عمر لما
أمره أبوه عمر رضي الله عنه أن يطلق زوجته وسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : طلق
زوجتك ، فأمر عبد الله بن عمر أن يطيع والده في تطليق زوجته ، فقال له الإمام أحمد
قولاً سديداً : وهل أبوك عمر ؟! وهذه الكلمة لها معنى ، لأن عمر رضي الله عنه لم
يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا أنه رأى سبباً شرعياً يقتضي ذلك ، لكن أباك لعله لحاجة
شخصية بينه وبين المرأة " انتهى بتصرف يسير .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/265) .
*****
40589
ممارسة العادة السرية في رمضان
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الرقائق > التوبة >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4133)
سؤال رقم 40589- ممارسة العادة السرية في رمضان
لي صديق سألني أنه وقع بالعادة السرية في شهر رمضان فما حكمه ؟ وبعدما انتهى رمضان قضى هذا اليوم فما حكمه ؟ .
الحمد لله
على صديقك أن يعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا ، كما دل
على ذلك كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تفصيل الأدلة في
السؤال رقم ( 329 ) ، كما
أن تلك العادة من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا ، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه
لفعلها .
وليعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء ، في عاجل دنياه ، وفي
أخراه ، إن لم يتب ، أو يتداركه الله برحمته ، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية
( 23425 ، 8861 )
ثم إن أضرار تلك العادة كثيرة ، فهي تضعف الجسم ، وتقوي الفجوة
بين العبد وربه ، وهي عامل كبير من عوامل الاكتئاب .
أما حكم المسألة الواردة في السؤال ، فإنه إذا أنزل بممارسة
العادة السرية فسد صيامه ، ولزمه الإثم ، وعليه الإمساك بقية اليوم ، وعليه قضاء
ذلك اليوم .
وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم ( 38074 ، 2571 ) .
والله أعلم .
*****
4059
فيما إذا أدرك المسبوق الإمام راكعاً
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4134)
سؤال رقم 4059- فيما إذا أدرك المسبوق الإمام راكعاً
السؤال :
إذا أدرك المأموم الإمام راكعاً متى تحسب له الركعة ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا أدرك المسبوق الإمام راكعاً قال أصحابنا : إن كبر المأموم قائماً ثم ركع واطمأن قبل أن يرفع الإمام حسبت له الركعة ، فإن لم يطمئن حتى رفع الإمام لم تحسب له هذه الركعة ، ولو شك في ذلك فهل تحسب له ؟ فيه وجهان :
أصحهما : لا تحسب ، لأن الأصل عدم الإدراك ، فعلى هذا يسجد للسهو في آخر ركعة التي يأتي بها بعد سلام الإمام ، لأنه أتى بركعة في حال انفراده وهو شاك في زيادتها ، فهو كمن شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً ؟ فإنه يأتي بركعة ويسجد للسهو ، وممن صرح بمسألتنا الغزالي في الفتاوى ، وهي مسألة نفيسة تعم البلوى بها ، ويغفل أكثر الناس عنها ، فينبغي إشاعتها ، والله أعلم .
من كتاب فتاوى الإمام النووي ص 50
*****
40598
صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > قضاء الفوائت >(1/4135)
سؤال رقم 40598- صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء
رجعت من السفر ولم أكن صليت المغرب ، ودخلت المسجد فوجدتهم يصلون العشاء ، فهل أصلي العشاء معهم أم أصلي المغرب منفردا ثم أصلي العشاء ؟.
الحمد لله
بل تدخل مع الإمام في الصلاة بنية صلاة المغرب ، ثم تجلس في
الركعة الثالثة وتتشهد ، وتسلم ، ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء ، أو
تنتظر في التشهد حتى يتم الإمام صلاته وتسلم معه ، ثم تصلي العشاء .
وهذا مذهب الإمام الشافعي رحمه الله ، وأحد القولين عن الإمام
أحمد ، وذكر المرداوي في "الإنصاف" (4/413) أنه اختارها جماعة من أصحاب الإمام أحمد
منهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجده المجد ابن تيمية .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/143) :
" ولو نوى الصبح خلف مصلي الظهر وتمت صلاة المأموم ، فإن شاء
انتظر في التشهد حتى يفرغ الإمام , ويسلم معه , وهذا أفضل , وإن شاء نوى مفارقته
وسلم , و(لا) تبطل صلاته هنا بالمفارقة بلا خلاف ، لتعذر المتابعة , وكذا فيما
أشبهها من الصور " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
تأخر المصلون عن صلاة المغرب ، فوجدوا أن الإمام قام إلى صلاة
العشاء ، فهل يصلون المغرب جماعة أم يدخلون مع الإمام ؟ وكيف يكون حالهم في الصلاة
؟
فأجاب :
" الصحيح أن الإنسان إذا جاء والإمام في صلاة العشاء ، سواء كان
معه جماعة أم لم يكن ، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب ، ولا يضر أن تختلف نية
الإمام والمأموم لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنما
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . فإن دخلوا معه في الركعة الثانية سلموا
معه ، لأنهم يكونون صلوا ثلاثاً ، ولا يضر أن يكون جلسوا في الركعة الأولى ، وإن
دخلوا معه في أول ركعة ، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا وتشهدوا وسلموا ، ثم دخلوا معه
فيما بقي من صلاة العشاء .
القول الثاني في المسألة : أن يدخلوا معه بنية العشاء ، ويصلوا
بعده المغرب ويسقط الترتيب هنا مراعاةً للجماعة .
القول الثالث :
أن يصلوا وحدهم صلاة المغرب ، ثم يدخلوا معه فيما بقي من صلاة
العشاء ، والقولان الأخيران فيهما محذور ، أما الأول فمحذوره فوات الترتيب حيث قدم
صلاة العشاء على صلاة المغرب ، وأما الثاني فمحذوره إقامة جماعتين في مسجد واحد وفي
آن واحد ، وهذا تفريق للأمة .
أما القول الأول الذي ذكرنا أنه الصحيح ، فربما قال قائل إن فيه
محذوراً وهو تسليم هؤلاء قبل أن يسلم إمامهم ، وهذا في الحقيقة ليس فيه محذور ، فقد
ورد انفراد المأموم عن الإمام في مواضع من السُّنَّة ، منها : صلاة الخوف ، فإن
الإمام يصلي بهم ركعة ثم يتمون لأنفسهم وينصرفون .
ومنها : قصة الرجل الذي دخل مع معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فلما
بدأ بسورة البقرة أو سورة نحوها انفصل عنه ولم يكمل معه .
ومنها : أن العلماء قالوا : لو أن الإنسان أثناء الصلاة وهو
مأموم ثارت عليه الريح (الغازات) أو احتاج إلى نقض الوضوء ببول أو غائط ، فإنه لا
بأس أن ينوي الانفراد ويكمل صلاته وينصرف ، فهذا يدل على أن الانفراد لحاجة لا
يعتبر محذوراً " انتهى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/425) .
وسئل الشيخ ابن باز : دخلت المسجد وصلاة العشاء قائمة ، وقبل
الدخول في الصلاة تذكرت أنني لم أصل المغرب ، فهل أصلي المغرب ثم أدرك ما أدرك من
العشاء مع الجماعة ، أم أصلي مع الجماعة ثم أصلي المغرب بعد ذلك ؟
فأجاب : " إذا دخلت المسجد وصلاة العشاء مقامة ، ثم تذكرت أنك لم
تصل المغرب ، فادخل مع الجماعة بنية صلاة المغرب ، وإذا قام الإمام إلى الركعة
الرابعة فاجلس أنت في الثالثة واقرأ التشهد الأخير - أعني التحيات والصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم - والدعاء بعدها وانتظر الإمام حتى يسلم ثم تسلم معه ،
ولا يضر اختلاف النية بين الإمام والمأموم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وإن
صليت المغرب وحدك ثم دخلت مع الجماعة فيما أدركت من صلاة العشاء فلا بأس " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (12/189) .
وسئلت اللجنة الدائمة : ما هو العمل عندما ينسى الرجل صلاة الفجر
مثلاً ، ولا يتذكر إلا عندما أقيمت صلاة الظهر ، أو نسي صلاة الظهر ولم يتذكر إلا
عندما دخل وقت صلاة العصر ، هل يدخل مع الإمام بنية الفرض الفائت أم بنية الوقت
الحاضر ، ويقضي بعد ذلك الوقت الفائت ؟
فأجابت : " يصلي الصلاة التي نسيها وراء الإمام ، ولا يضره
اختلاف نيته عن نية الإمام على الصحيح من قولي العلماء " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/407) .
*****
4060
القادياينة في ميزان الإسلام
العقيدة > مذاهب وأديان > مذاهب وفرق >(1/4136)
سؤال رقم 4060- القادياينة في ميزان الإسلام
أنا شخص غير قادياني واعلم انهم يؤمنون بوجود نبي بعد محمد عليه السلام ، فهل هم خارج الإسلام ؟ أنا اعتقد انهم خارج الإسلام وأتصرف معهم على هذا الأساس .
الحمد لله
التعريف :
القاديانية حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية ، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص ، حتى لا يواجهوا الاستعمار باسم الإسلام ، ولكن لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· كان مرزا غلام أحمد القادياني 1839 - 1908 م أداة التنفيذ الأساسية لإيجاد القاديانية . وقد ولد في قرية قاديان من بنجاب في الهند عام 1839م ، وكان ينتمي إلى أسرة اشتهرت بخيانة الدين والوطن ، وهكذا نشأ غلام أحمد وفيا للاستعمار مطيعا له في كل حال ، فاختير لدور المتنبئ حتى يلتف حوله المسلمون وينشغلوا به عن جهاد الاستعمار الإنجليزي ، وكان للحكومة البريطانية إحسانات كثيرة عليهم ، فأظهروا الولاء لها ، وكان غلام أحمد معروف عند أتباعه باختلال المزاج وكثرة الأمراض وإدمان المخدرات .
- وممن تصدى له ولدعوته الخبيثة ، الشيخ أبوالوفا ثناء الأمرتسري أمير جمعية أهل الحديث في عموم الهند ، حيث ناظره وأفحم حجته ، وكشف خبث طويته وكفر وانحراف نحلته . ولما لم يرجع غلام أحمد إلى رشده باهله الشيخ أبوالوفا على من يموت الكاذب منهما في حياة الصادق ، ولم تمر سوى أيام قلائل حتى هلك المرزا غلام احمد القادياني في عام 1908م مخلفا أكثر من خمسين كتابا ونشرة ومقالا ، ومن أهم كتبه : إزالة الأوهام ، إعجاز أحمدي ، براهين أحمدية ، أنوار الإسلام ، إعجاز المسيح ، التبليغ ، تجليات إلهية .
· نور الدين : الخليفة الأول للقاديانية ، وضع الإنجليز تاج الخلافة على رأسه فتبعه المريدون . من مؤلفاته : فصل الخطاب .
· محمد علي وخوجة كمال الدين : أميرا القاديانية اللاهورية ، وهما مُنظِّرا القاديانية وقد قدَّم الأول ترجمة محرفة للقرآن الكريم إلى الإنجليزية ومن مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام ، والدين الإسلامي . أما خوجة كمال الدين فله كتاب : المثل الأعلى في الأنبياء وغيره من الكتب ، وجماعة لاهور هذه الأحمدية تنظر إلى غلام أحمد ميرزا على أنه مجدد فحسب ، لكنهما يعتبران حركة واحدة تستوعب الأولى ما ضاقت به الثانية والعكس .
· محمد علي : أمير القاديانية اللاهورية ، وهو مُنظِّر القاديانية وجاسوس الاستعمار والقائم على المجلة الناطقة باسم القاديانية ، قدم ترجمة محرفة للقرآن إلى الإنجليزية . من مؤلفاته : حقيقة الاختلاف ، النبوة في الإسلام . على ما تقدم .
· محمد صادق : مفتي القاديانية ، من مؤلفاته : خاتم النبيين .
· بشير أحمد بن الغلام : من مؤلفاته سيرة المهدي ، كلمة الفصل .
· محمود أحمد بن الغلام وخليفته الثاني : من مؤلفاته أنوار الخلافة ، تحفة الملوك ، حقيقة النبوة .
· كان لتعيين ظفر الله خان القادياني كأول وزير للخارجية الباكستانية أثر كبير في دعم هذه الفرقة الضالة حيث خصص لها بقعة كبيرة في إقليم بنجاب لتكون مركزا عالميا لهذه الطائفة وسموها ربوة استعارة من نص الآية القرآنية : " وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " سورة المؤمنون الآية 50
الأفكار والمعتقدات :
· بدأ غلام أحمد نشاطه كداعية إسلامي حتى يلتف حوله الأنصار ثم ادعى أنه مجدد ومُلهَم من عند الله ثم تدرج خطوة أخرى فادعى أنه المهدي المنتظر والمسيح الموعود ثم ادعى النبوة وزعم أن نبوته أعلى وأرقى من نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
· يعتقد القاديانيون أن الله يصوم ويصلي وينام ويصحو ويكتب ويخطئ ويجامع - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا - .
· يعتقد القادياني أن إلهه إنجليزي لأنه يخاطبه بالإنجليزية .
· يعتقد القاديانية أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم بل هي جارية ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن غلام أحمد هو أفضل الأنبياء جميعا .
· يعتقدون أن جبريل كان ينزل على غلام أحمد وأنه كان يوحى إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن .
· يقولون لا قرآن إلا الذي قدمه المسيح الموعود ( الغلام ) ، ولا حديث إلا ما يكون في ضوء تعاليمه ، ولا نبي إلا تحت سيادة غلام أحمد .
· يعتقدون أن كتابهم منزل واسمه الكتاب المبين وهو غير القرآن الكريم .
· يعتقدون أنهم أصحاب دين جديد مستقل وشريعة مستقلة وأن رفاق الغلام كالصحابة .
· يعتقدون أن قاديان كالمدينة المنورة ومكة المكرمة بل وأفضل منهما وأرضها حرم وهي قبلتهم وإليها حجهم .
· نادوا بإلغاء عقيدة الجهاد كما طالبوا بالطاعة العمياء للحكومة الإنجليزية لأنها حسب زعمهم ولي الأمر بنص القرآن .
· كل مسلم عندهم كافر حتى يدخل في القاديانية ، كما أن من زوج أو تزوج من غير القاديانيين فهو كافر .
· يبيحون الخمر والأفيون والمخدرات والمسكرات .
الجذور الفكرية والعقائدية :
· كانت حركة سير سيد أحمد خان التغريبية قد مهدت لظهور القاديانية بما بثته من الأفكار المنحرفة .
· استغل الإنجليز هذا الظرف فصنعوا الحركة القاديانية واختاروا لها رجلا من أسرة عريقة في العمالة .
· في عام 1953م قامت ثورة شعبية في باكستان طالبت بإقالة ظفر الله خان وزير الخارجية حينئذ واعتبار الطائفة القاديانية أقلية غير مسلمة ، وقد استشهد فيها حوالي العشرة آلاف من المسلمين ونجحوا في إقالة الوزير القادياني .
· وفي شهر ربيع الأول عام 1394هـ الموافق إبريل 1974م انعقد مؤتمر كبير برابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وحضره ممثلون للمنظمات الإسلامية العالمية من جميع أنحاء العالم ، وأعلن المؤتمر كفر هذه الطائفة وخروجها عن الإسلام ، وطالب المسلمين بمقاومة خطرها وعدم التعامل مع القاديانيين وعدم دفن موتاهم في قبور المسلمين .
· قام مجلس الأمة في باكستان ( البرلمان المركزي ) بمناقشة زعيم الطائفة مرزا ناصر أحمد والرد عليه من قبل الشيخ مفتي محمود رحمه الله . وقد استمرت هذه المناقشة قرابة الثلاثين ساعة عجز فيها ناصر أحمد عن الإجابة وانكشف النقاب عن كفر هذا الطائفة ، فأصدر المجلس قرارا باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة .
· من موجبات كفر الميرزا غلام أحمد الآتي :
- ادعاؤه النبوة .
- نسخه فريضة الجهاد خدمة للاستعمار .
- إلغاؤه الحج إلى مكة وتحويله إياه إلى قاديان .
- تشبيهه الله تعالى بالبشر .
- إيمانه بعقيدة التناسخ والحلول .
- نسبته الولد إلى الله تعالى وادعاؤه أنه ابن الإله .
- إنكاره ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وفتح بابها لكل من هب ودب .
· للقاديانية علاقات وطيدة مع إسرائيل وقد فتحت لهم إسرائيل المراكز والمدارس ومكنتهم من إصدار مجلة تنطق باسمهم وطبع الكتب والنشرات لتوزيعها في العالم .
· تأثرهم بالمسيحية واليهودية والحركات الباطنية واضح في عقائدهم وسلوكهم رغم ادعائهم الإسلام ظاهريا .
الانتشار ومواقع النفوذ :
· معظم القاديانيين يعيشون الآن في الهند وباكستان وقليل منهم في إسرائيل والعالم العربي ويسعون بمساعدة الاستعمار للحصول على المراكز الحساسة في كل بلد يستقرون فيه .
· وللقاديانيين نشاط كبير في أفريقيا ، وبعض الدول الغربية ، ولهم في أفريقيا وحدها ما يزيد عن خمسة آلاف مرشد وداعية متفرغين لدعوة الناس إلى القاديانية ، ونشاطهم الواسع يؤكد دعم الجهات الاستعمارية لهم .
· هذا وتحتضن الحكومة الإنجليزية هذا المذهب وتسهل لأتباعه التوظف بالدوائر الحكومية العالمية في إدارات الشركات والمفوضيات وتتخذ منهم ضباطا من رتب عالية في مخابراتها السرية .
· نشط القاديانيون في الدعوة إلى مذهبهم بكافة الوسائل وخصوصا الثقافية منها حيث أنهم مثقفون ولديهم كثير من العلماء والمهندسين والأطباء . ويوجد في بريطانيا قناة فضائية باسم التلفزيون الإسلامي يديرها القاديانية .
ويتضح مما سبق :
أن القاديانية دعوة ضالة ، ليست من الإسلام في شيء ، وعقيدتها تخالف الإسلام في كل شيء ، وينبغي تحذير المسلمين من نشاطهم ، بعد أن أفتى علماء الإسلام بكفرهم .
للتوسع مراجعة : القاديانية لإحسان إلهي ظهير
المرجع : الموسوعة الميسرة في الأديان المذاهب والأحزاب المعاصرة للدكتور مانع بن حماد الجهني 1 / 419 - 423
وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما يلي :
بعد أن نظر في الاستفتاء المعروض عليه من مجلس الفقه الإسلامي في كيبتاون بجنوب أفريقيا بشأن الحكم في كل من القاديانية والفئة المتفرعة عنها التي تدعى اللاهورية ، من حيث اعتبارهما في عداد المسلمين أو عدمه ، وبشأن صلاحية غير المسلم للنظر في مثل هذه القضية ، وفي ضوء ما قدم لأعضاء المجمع من أبحاث ومستندات في هذا الموضوع عن ميرزا غلام أحمد القادياني الذي ظهر في الهند في القرن الماضي وإليه تنسب نحلة القاديانية واللاهورية ، وبعد التأمل فيما ذكر من معلومات عن هاتين النحلتين وبعد التأكد من أن ميرزا غلام أحمد قد ادعى النبوة بأنه نبي مرسل يوحى إليه ، وثبت عنه هذا في مؤلفاته التي ادعى أن بعضها وحي أنزل عليه ، وظل طيلة حياته ينشر هذه الدعوة ويطلب إلى الناس في كتبه وأقواله الاعتقاد بنبوته ورسالته ، كما ثبت عنه إنكار كثير مما علم من الدين بالضرورة كالجهاد .
قرر ما يلي :
أولاً : أن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة ثبوتاً قطعياً يقينياً من ختم الرسالة والنبوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده ، وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام ، وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم الردة ، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانياً : ليس لمحكمة غير إسلامية ، أو قاض غير مسلم ، أن يصدر الحكم بالإسلام أو الردة ، ولا سيما فيما يخالف ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية من خلال مجامعها وعلمائها ، وذلك لأن الحكم بالإسلام أو الردة ، لا يقبل إلا إذا صدر عن مسلم عالم بكل ما يتحقق به الدخول في الإسلام ، أو الخروج منه بالردة ومدرك لحقيقة الإسلام أو الكفر ، ومحيط بما ثبت في الكتاب والسنة والإجماع ، فحكم مثل هذه المحكمة باطل . والله أعلم .
مجمع الفقه الإسلامي ص13
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40608
ما تفعله الحائض من الميقات إلى آخر الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >(1/4137)
سؤال رقم 40608- ما تفعله الحائض من الميقات إلى آخر الحج
ماذا تفعل المرأة إذا أتتها الدورة الشهرية في بداية أيام الحج قبل دخول مكة ؟.
الحمد لله
إذا مرت الحائض بالميقات وهي تريد الحج فإنها تحرم من الميقات ثم
إذا أتت مكة فإنها تفعل جميع أفعال الحج غير الطواف بالبيت والسعي بين الصفا
والمروة فإنها تؤخرهما حتى تطهر . وهكذا تفعل من أتاها الحيض بعد الإحرام وقبل
الطواف .
أما من حاضت بعد الطواف فإنها تسعى بين الصفا والمروة ولو كانت
حائضاً .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حكم حجة الحائض ؟ .
فأجابوا :
الحيض لايمنع من الحج ، وعلى من تحرِم وهي حائض أن تأتي بأعمال
الحج ، غير أنها لاتطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت ، وهكذا النفساء ، فإذا
جاءت بأركان الحج فحجها صحيح .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 11 / 172 ، 173 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام
حتى لو كانت حائضاً ، فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح ، والدليل لذلك أن
أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر - رضي الله عنهما – ولدت والنبي صلى الله عليه وسلّم
نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كيف
أصنع ؟ قال : " اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي " .
ودم الحيض كدم النفاس ، فنقول للمرأة الحائض - إذا مرت بالميقات
وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها - : اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ، والاستثفار
معناه : أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ، ولكنها
إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ، ولهذا قال النبي
صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها : " افعلي ما يفعل
الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري " هذه رواية البخاري ومسلم ، وفي صحيح
البخاري أيضاً ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة ، فدل هذا على
أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض أو أتاها الحيض قبل الطواف : فإنها
لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل ، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف
جاءها الحيض : فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض ، وتقص من رأسها ، وتنهي
عمرتها ؛ لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة .
" 60 سؤالاً في الحيض " ( السؤال 54 ) .
والله أعلم .
*****
40618
هل تكشف وجهها أمام زوج أختها ؟
الآداب > العلاقة بين الجنسين >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4138)
سؤال رقم 40618- هل تكشف وجهها أمام زوج أختها ؟
زوج أختي ينام عندنا في البيت أحيانا ويبقى أحيانا طوال النهار ، ولا أستطيع أن أغطي وجهي أمامه ، فهل أنا آثمة بهذا ؟ وما هو الحل ؟.
الحمد لله
زوج الأخت أجنبي عنكِ ، والواجب عليكِ تغطية وجهكِ عنه ، وعدم
الخلوة به ، وكذلك هو يحرم عليه أن ينظر إليكِ ويخلو بكِ ، وللأسف يتهاون الناس في
بيوتهم مع أقارب الزوج وأقارب الزوجة ، مع أن الشرع شدَّد في جهتهم أكثر من غيرهم
لوجود الخلطة في البيوت معهم ، وثقة أهل البيت بهم .
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم
والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال :
الحمو الموت .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
والحمو : هو قريب الزوج .
وأنت تلاحظ أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من الحكم فجاء
التشديد من جهته ، لأن دخوله البيت لا يُستغرب .
قال النووي :
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف
منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة
والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير
آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا
يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس
بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى
بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... وقال ابن
الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب , كما يقال : الأسد الموت , أي لقاؤه مثل الموت ،
وقال القاضي : معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله
كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ .
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
فننصح السائلة وغيرها بتقوى الله عز وجل والحرص على الحجاب أما
الرجال الأجانب .
وللأهمية تُراجع الأسئلة ( 13728 ) و ( 6408 ) و ( 13261 ) .
والله أعلم .
*****
40649
لا تخن من خانك ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4139)
سؤال رقم 40649- لا تخن من خانك ؟
يوجد شخص يعمل في مكتب خاص لكن حصلت له ظروف صحية فاضطر لترك الشغل فترة العلاج ، بعد ذلك عاد إلى عمله وطالب بحقه في الأيام التي اشتغل فيها ، لكن صاحب العمل لم يعترف له بأي حق ، وهذا الشخص محتاج إلى المال ، فصار يأخذ ( دينار) من المبلغ الذي يجمعه كل يوم نتيجة عمله . لا يريد إلا أن يأخذ حقه فقط ، لا أكثر من ذلك . فهل هذا حرام أم حلال ؟.
الحمد لله
لا يحل له ذلك ، لأن هذا المال الذي يأخذ منه ما يَدَّعِي أنه
حقه قد ائتمنه عليه صاحب العمل، والواجب على من ائْتُمِن على أمانة أن يؤديها إلى
صاحبها ، ولا يجوز له أن يخون فيها .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا
الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء /58 .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَدِّ
الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) . رواه
الترمذي (1264) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برد الأمانة إلى
صاحبها ، ونهى عن خيانة من خان .
وسئلت اللجنة الدائمة : عن رجل يعمل في بقالة وصاحب العمل لا
يعطيه راتبه إلا كل أربعة أشهر أو ستة ، فهل يجوز له أن يأخذ راتبه الشهري من أموال
البقالة التي يعمل بها بدون علم صاحبها ؟
فأجابت :
لا يجوز لك أخذ راتبك من البقالة التي تشتغل فيها بدون علم
صاحبها وإذنه لك بذلك ، وعليك بمطالبة صاحب العمل بمرتبك ، فإن أبى فإنك تقوم برفع
شكايتك إلى الجهة المختصة لتلزمه بذلك اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة"
(15/145) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (30/372) :
"وَأَمَّا إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ . فَهَلْ
يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ؟ فَهَذَا نَوْعَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا لا
يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ مِثْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ عَلَى
زَوْجِهَا ، وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ
وَاسْتِحْقَاقِ الضَّيْفِ الضِّيَافَةَ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ ، فَهُنَا لَهُ أَنْ
يَأْخُذَ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِلَا رَيْبٍ ; كَمَا ثَبَتَ فِي
الصَّحِيحَيْنِ ( أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مِنْ
النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ . فَقَالَ : خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك
بِالْمَعْرُوفِ ) . فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ
بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ . وَهَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَالُهُ
غَصْبًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ فَأَخَذَ الْمَغْصُوبَ أَوْ نَظِيرَهُ مِنْ
مَالِ الْغَاصِبِ . وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَالثَّانِي : أَلا يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا .
مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَحَدَ دَيْنَهُ أَوْ جَحَدَ الْغَصْبَ وَلا بَيِّنَةَ
لِلْمُدَّعِي . فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ : أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ
وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد . وَالثَّانِي : لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ .
ومَنْ مَنَعَ الأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ
بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ قَالَ : ( أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك
) ، وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا
أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ ؟ قَالَ : ( لا ،
أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . فَهَذِهِ
الأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ
ظَاهِرًا وأَخْذُهُ خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ
يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ ; لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ ،
فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ
وَالاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا .
وَذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمَةُ الْجِنْسِ .
فَلا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ بِهَا . . . وَالْخِيَانَةُ مِنْ جِنْسِ
الْكَذِبِ . فَإِنْ قِيلَ : هَذَا لَيْسَ بِخِيَانَةِ ; بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءُ
حَقٍّ . وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خِيَانَةِ مَنْ خَانَ وَهُوَ
أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لا يَسْتَحِقُّ . قِيلَ هَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ : ( أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً
وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا . أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا
يَأْخُذُونَ ؟ فَقَالَ : لا ، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك . وَلا
تَخُنْ مَنْ خَانَك ) . الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) .
أي : أَنَّك لا تُقَابِلُهُ عَلَى خِيَانَتِهِ فَتَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ
بِك . الثَّالِثُ : أَنَّ كَوْنَ هَذَا خِيَانَةً لا رَيْبَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا
الشَّأْنُ فِي جَوَازِهِ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ ; فَإِنَّ الأُمُورَ مِنْهَا مَا
يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْمَالِ .
وَمِنْهَا مَا لا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْفَوَاحِشِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ
ذَلِكَ . فَلَمَّا قَالَ هَاهُنَا : ( وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك ) عُلِمَ أَنَّ
هَذَا مِمَّا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ بِالْمِثْلِ اهـ باختصار .
Islam Q&A
*****
40651
هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين ؟
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4140)
سؤال رقم 40651- هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين ؟
أعمل في توكيل ملاحي وأقوم بخدمة السفن العابرة ، ومعظم هذه السفن أجنبية والعاملون بها غير مسلمين ، ويقوم صاحب الشركة ببيع لحم الخنزير لهذه السفن في بعض الأحيان ، ثم يقوم بتوزيع أرباح هذا البيع علينا نحن الموظفين ونحن نقبلها على اعتبار أن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم ، ولم يرد نص في القرآن ولا السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين ، وكذلك لأنه لا يصح أن نأخذ الخمر كقياس لأن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر، ولكن هناك من بدأ يشككنا في مدى حلال هذه النقود فهل هي حلال أم حرام ؟
وهل لأننا لا نشارك في البيع فإنه لا ضرر علينا من أخذ هذه الأرباح حيث إن صاحب العمل يعطيها لنا كصدقة ، فهل يحق لنا قبول الصدقة ونحن نعرف أصلها ؟؟ وهل ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أي حديث واضح وصريح ومؤكد يحرم فيه بيع لحم الخنزير لغير المسلمين ، حيث إن لحم الخنزير لم يحرم على أهل الكتاب .
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز لأحد أن يفتي في دين الله تعالى بغير علم ، ويجب أن يعلم
خطورة فعله هذا ، والله تعالى حرم ذلك بقوله : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ
الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ
تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33
فلا يحل لأحد أن يقول : هذا حلال ، وهذا حرام ، وليس عنده دليل
صحيح على ذلك ، قال الله تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ
الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) النحل/116
ثانياً :
بيع لحم الخنزير حرام سواء بيع لمسلم أو لكافر ، والأدلة على ذلك
:
قول الله تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ
مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً
مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ ) الأنعام/145 ، وقد عَلَّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدةً
عظيمةً ، فقال : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه ) رواه أبو داود (
3488 ) وصححه الشيخ الألباني في " غاية المرام " ( 318 )
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة : ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة
والخنزير والأصنام ) . فقيل : يا رسول الله ، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها
السفن ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : ( لا ، هو حرام ) . ثم قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك : ( قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها
جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه . رواه البخاري ( 1212 ) ومسلم ( 1581 ) .
جملوه : أذابوه .
قال النووي :
وأما الميتة والخمر والخنزير : فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل
واحد منها .
قال القاضي : تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا
يجوز بيعه , ولا يحل أكل ثمنه , كما في الشحوم المذكورة في الحديث .
" شرح مسلم " ( 11 / 8 ) .
قال ابن رجب الحنبلي – بعد أن ساق أحاديث في تحريم بيع الخمر - :
فالحاصل من هذه الأحاديث كلها : أن ما حرم الله الانتفاع به فإنه
يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في : ( إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه )
، وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما ، وهو
قسمان :
أحدهما : ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه ، كالأصنام ،
فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله وهو أعظم المعاصي على الإطلاق ، ويلتحق بذلك
كتب الشرك والسحر والبدع والضلال ، وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة ،
وكذلك شراء الجواري للغناء ...
والقسم الثاني : ما ينتفع به مع إتلاف عينه ، فإذا كان المقصود
الأعظم منه محرّماً : فإنه يحرم بيعه ، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن
في بعضها - كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به والخرز بشعر
الخنزير عند قوم والانتفاع بشعره وجلده عند من يَرَى ذلك - ولكن لما كانت هذه غير
مقصودة لم يعبأ بها وحرم البيع ، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير والميتة : أكلها ،
ومن الخمر شربها ، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك ، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم
إلى هذا المعنى لما قيل له : أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن ويدهن بها
الجلود ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا هو حرام ...
" جامع العلوم والحكَم " ( 1 / 415 ، 416 ) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة : هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير
إذا كان لا يبيعها لمسلم ؟
فأجابت : " لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها ،
كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة ؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن
الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها
ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها " اهـ .
فتاوى اللجنة الدائمة (13/49)
ثالثاً :
وأما قول السائل : ( إن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم
، ولم يرد نص في القرآن ولا في السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين ) ، فغير صحيح ،
فقد سبق أدلة القرآن والسنة وإجماع العلماء على تحريم بيع الخنزير ، والأدلة
بعمومها تدل على تحريم بيعه على المسلمين والكفار ، لأن الأدلة دلت على تحريم بيعه
تحريماً عاماً ، ولم تفرق بين المسلمين وغيرهم .
بل لو قيل : إن المقصود من تحريم بيعه هو بيعه على الكفار أصالةً
لم يكن ذلك بعيداً ، لأن الأصل في المسلم أنه لن يشتري الخنزير ، وماذا يفعل به ،
وهو يعلم أن الله حرَّمه ؟!
وكذلك قوله : ( إن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول صلى الله
عليه وسلم ، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر ) غير صحيح .
لأنه لا يُشترط من تحريم الشيء أن يلعن الرسول صلى الله عليه
وسلم مَنْ فَعَلَه ، بل يكفي أنه ينهى عنه ، أو يخبر أنه حرام . كما حرم بيع
الخنزير
رابعاً :
وأما أخذكم هذه الأموال فالأجدر بكم بعد علمكم بأنه مال حرام
التنزه والبعد عنه .
لاسيما وأخذكم هذا المال سيكون كالإقرار منكم لصاحب الشركة على
هذا العمل ، والواجب عليكم نصحه ، والإنكار عليه ووعظه لترك هذا العمل المحرم ، ومن
ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .
وأما ما أخذتم من هذه الأموال قبل علمكم بالتحريم ، فلا حرج فيه
إن شاء الله تعالى ، قال الله تعالى في آيات تحريم الربا : ( فَمَنْ جَاءَهُ
مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) البقرة/275
راجع السؤال رقم ( 2429 ) و ( 8196 )
نسأل الله تعالى أن يرزقكم حلالاً مباركاً فيه .
والله أعلم .
*****
40664
ممارسة العادة السرية في رمضان دون إنزال
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >
الرقائق > التوبة >(1/4141)
سؤال رقم 40664- ممارسة العادة السرية في رمضان دون إنزال
عند ما كنت في سن المراهقة كنت استمني في بعض أيام نهار رمضان ولكني لا أدع السائل المنوي يخرج من الذكر بحجزي إياه ولكني ابلغ المتعة والشهوة.
فما حكم صيامي ، وكيف يمكنني التكفير عن هذا الذنب العظيم ، مع العلم أني لا أعرف عدد الأيام التي فعلت ذلك فيها ؟.
الحمد لله
اعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا ، كما دل على ذلك كتاب
الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق تفصيل الأدلة في السؤال رقم ( 329 ) ، كما أن تلك العادة
من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا ، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها .
ثم اعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء ، في عاجل دنياه ، وفي
أخراه ، إن لم يتب ، أو يتداركه الله برحمته ، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية
( 23425 ، 8861 ، 45040 )
أما حكم المسألة الواردة في السؤال ، فإنه إذا مارست العادة
السرية ولم يخرج المني لأي سبب من الأسباب لم يفسد الصوم على الصحيح من أقوال أهل
العلم ، لأن المعتبر هو خروج المني ، فإذا خرج فسد الصوم ولزم القضاء ، وإن لم يخرج
لم يفسد الصوم ، لكن يلزمك على كل حال التوبة إلى الله عز وجل ، والاستغفار من
تضييع الصيام في مثل هذه الأمور .
وقد يخرج المني بعد فترة حتى إذا منعته من الخروج ، وحينئذ يفسد
صيام ذلك اليوم ويلزمك القضاء ، فإن كنت لا تدري عدد الأيام التي أفسدتها ، فتحر
ذلك ، حتى يغلب على ظنك أنك قضيت ما عليك من أيام .
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح زاد المستقنع :" وهل يمكن أن ينتقل
- يعني المني - بلا خروج ؟
نعم يمكن ؛ وذلك بأن تفتر شهوته بعد انتقاله بسبب من الأسباب فلا
يخرج المني .
ومثلوا بمثال آخر : بأن يمسك بذكره حتى لا يخرج المني ، وهذا وإن
مثل به الفقهاء فإنه مضر جدا ، والفقهاء رحمهم الله يمثلون بالشيء للتصوير بقطع
النظر عن ضرره أو عدم ضرره ، على أن الغالب في مثل هذا أن يخرج المني بعد إطلاق
ذكره .
وقال بعض العلماء : لا غسل بالانتقال ، وهذا اختيار شيخ الإسلام
، وهو الصواب ، والدليل على ذلك ما يلي :
1- حديث أم سلمة وفيه : " نعم ، إذا هي رأت الماء " ولم يقل : أو
أحست بانتقاله ، ولو وجب الغسل بالانتقال لبينه صلى الله عليه وسلم لدعاء الحاجة
لبيانه .
2- حديث أبي سعيد الخدري : " إنما الماء من الماء " ، وهنا لا
يوجد ماء ، والحديث يدل على أنه إذا لم يكن ماء فلا ماء .
3- أن الأصل بقاء الطهارة ، وعدم موجب الغسل ، ولا يعدل عن هذا
الأصل إلا بدليل . " [ الشرح الممتع 1 / 280 ، وانظر الفروع 1 / 197 ،
المبسوط 1 / 67 ، المغني 1 / 128 ، المجموع 2 / 159 ، الموسوعة الفقهية الكويتية 4
/ 99 ]
راجع الأسئلة رقم ( 38074 ، 2571 ) ، والله أعلم .
*****
40671
لا نجزم بأن اسم ملك الموت عزرائيل
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالملائكة >(1/4142)
سؤال رقم 40671- لا نجزم بأن اسم ملك الموت عزرائيل
هل ورد ما يدل على أن ملك الموت اسمه عزرائيل ؟.
الحمد لله
اشتهر أن اسم ملك الموت عزرائيل ، إلا أنه لم ترد تسمية ملك
الموت بهذا الاسم في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية الصحيحة ، وإنما ورد ذلك
في بعض الآثار والتي قد تكون من الإسرائيليات .
وعلى هذا ، لا ينبغي الجزم بالنفي ولا بالإثبات ، فلا نثبت أن
اسم ملك الموت عزرائيل ، ولا ننفي ذلك، بل نفوض الأمر إلى الله تعالى ونسميه بما
سماه الله تعالى به "مللك الموت" قال الله تعالى : ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ
الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة /11.
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/49) :
وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن ، ولا في الأحاديث
الصحاح، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل ، والله أعلم .
وقد قال الله تعالى: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ
الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة /11.
وقال السندي : لم يرد في تسميته حديث مرفوع اهـ .
وقال المناوي في "فيض القدير" (3/32) بعد أن ذكر أن ملك الموت
اشتهر أن اسمه عزرائيل ، قال :
ولم أقف على تسميته بذلك في الخبر اهـ .
وقال الشيخ الألباني في تعليقه على قول الطحاوي :
" ونؤمن بملك الموت الموكل بقبض أرواح العالمين " . قال رحمه
الله :
قلت: هذا هو اسمه في القرآن ، وأما تسميته بـ "عزرائيل" كما هو
الشائع بين الناس فلا أصل له ، وإنما هو من الإسرائيليات اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
(ملك الموت) : وقد اشتهر أن اسمه (عزرائيل) ، لكنه لم يصح ، إنما
ورد هذا في آثار إسرائيلية لا توجب أن نؤمن بهذا الاسم ، فنسمي من وُكِّل بالموت بـ
(ملك الموت) كما سماه الله عز وجل في قوله : ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم
ثم إلى ربكم ترجعون ) اهـ .
"فتاوى ابن عثيمين" (3/161) .
والله أعلم .
*****
40695
كانت لا تقضي الصوم أيام حيضها من سنوات
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4143)
سؤال رقم 40695- كانت لا تقضي الصوم أيام حيضها من سنوات
امرأة تبلغ من العمر خمسين عاما وكانت إذا حاضت في رمضان تفطر أيام حيضها ثم لا تقضي تلك الأيام جهلا منها بوجوب القضاء ثم علمت الآن وجوب القضاء فماذا تفعل ؟.
الحمد لله
عليها قضاء تلك الأيام ، والأحوط أن تطعم عن كل يوم مسكيناً .
سئل الشيخ ابن باز (15/184)
: " لي أخت مرّ عليها عدة أعوام لم تقض ما أفطرته في العادة
الشهرية لسبب جهلها بالحكم سيما أن بعض العاميين قالوا لها ليس عليها قضاء في
الإفطار ، فماذا عليها ؟
عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه ، وعليها أن تصوم ما أفطرت من
أيام وتطعم عن كل يوم مسكيناً كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهو نصف صاع مقداره كيلو ونصف ، ولا يسقط عنها ذلك بقول بعض
الجاهلات لها أنه لا شيء عليها .
قالت عائشة رضي الله عنه : ( كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر
بقضاء الصلاة ) . متفق عليه .
فإذا جاء رمضان الثاني قبل أن تقضي أثمت ، وعليها القضاء والتوبة
وإطعام مسكين عن كل يوم إن كانت قادرة ، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام أجزأها
الصوم مع التوبة وسقط عنها الإطعام ، وإن كانت لا تحصي الأيام التي عليها عملت
بالظن ، وتصوم الأيام التي تظن أنها أفطرتها من رمضان ويكفيها ذلك ، ولقول الله عز
وجل : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) " اهـ .
وسئلت اللجنة الدائمة (10/151) عن امرأة كبيرة تبلغ من العمر
ستين سنة ، وكانت جاهلة أحكام الحيض سنين عديدة مدة حيضها ، لم تقض صوم رمضان ظناً
منها أنه لا يقضى حسبما سمعت من أفواه العامة . فأجابت :
عليها التوبة إلى الله من ذلك لأنها لم تسأل أهل العلم ، وعليها
مع ذلك القضاء فتقضي ما تركته من الصيام حسب غلبة ظنها في عدد الأيام وتكفّر عن كل
يوم تركته بإطعام مسكين نصف صام من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد إذا
استطاعت الإطعام فإن كانت لا تستطيع الإطعام سقط عنها وكفاها قضاء الصوم . اهـ .
ولمعرفة حكم الإطعام يراجع السؤال رقم : ( 26865 ) .
*****
40696
ارتجاع السوائل إلى المريء هل هو من المفطرات
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4144)
سؤال رقم 40696- ارتجاع السوائل إلى المريء هل هو من المفطرات
أشكو من حموضة في المعدة مما يسبب لي ارتجاع سائل حامض إلى فم المريء فهل يعتبر هذا من مبطلات الصوم ؟.
الحمد لله
ارتجاع سوائل المعدة يحدث بغير اختيار الإنسان ، وقد يحس الشخص
بالحموضة أو المرارة في المريء نفسه ، ولا يخرج إلى الفم ، ففي هذه الحال لا تعتبر
من مفسدات الصوم لأنها لم تخرج إلى الفم .
أما إذا خرجت إلى الفم فحكمها حينئذ حكم القلس أو القيء .
والقلس قيل هو القيء . وقيل هو قليل القيء ، فهو مَا خَرَجَ مِنْ
الْجَوْفِ وَلَمْ يَمْلأْ الْفَمَ . وقيل : هو ما يخرج من فم المعدة عند امتلائها
.
انظر المجموع للنووي (4/4) .
وحكمه أنه إذا رده إلى جوفه مع إمكان إخراجه أفطر ، وإن ابتلعه
لكونه لم يتمكن من إخراجه فلا يؤثر على صيامه . راجع السؤال رقم ( 12659 )
قال في الشرح الصغير : (1/700) عن القلس :
"فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ - بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ
الْحَلْقَ - فَلَا شَيْءَ فِيهِ" اهـ .
وقال ابن حزم في المحلى (4/335) :
"و ل ا يَنْقُضُ الصَّوْمَ قَلْسٌ
خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَدَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي
فَمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى رَمْيِهِ . . .
ثم قال (4/348) :
وَلَا نَعْلَمُ فِي الْقَلْسِ , وَالدَّمِ : الْخَارِجَيْنِ مِنْ
الأَسْنَانِ لا يَرْجِعَانِ إلَى - الْحَلْقِ , خِلَافًا فِي أَنَّ الصَّوْمَ لا
يَبْطُلُ بِهِمَا , وَحَتَّى لَوْ جَاءَ فِي ذَلِكَ خِلافٌ لَمَا اُلْتُفِتَ
إلَيْهِ ; إذْ لَمْ يُوجِبْ بُطْلانَ الصَّوْمِ بِذَلِكَ نَصٌّ" اهـ باختصار .
وقال في المنتقى شرح الموطأ (2/65) :
"وروي عَنْ مَالِكٍ أنه قال : مَنْ قَلَسَ فَوَصَلَ الْقَلْسُ
إلَى فِيهِ فَرَدَّهُ لا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ . قَالَ ابْنُ
الْقَاسِمِ : رَجَعَ مَالِكٌ , وَقَالَ : إنْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ شَاءَ
طَرَحَهُ , ثُمَّ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو
الْقَاسِمِ إنْ ازْدَرَدَهُ (أي ابتلعه) بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ عَلَى لِسَانِهِ
فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ , وَإِنْ ازْدَرَدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ"
اهـ .
وقال في الإنصاف :
لَوْ خَرَجَ إلَي فَمِهُ قَيْءٌ , أَوْ قَلَسٌ فَبَلَعَهُ
أَفْطَرَ , نَصَّ عَلَيْهِ (يعني : الإمام أحمد) , وَإِنْ قَلَّ ; لإِمْكَانِ
التَّحَرُّزِ مِنْهُ اهـ .
وقال في حاشية العدوي (1/448) بعد ما ذكر حكم القيء :
"وَالْقَلْسِ كَالْقَيْءِ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ
الْمَعِدَةِ عَنْ امْتِ ل ائِهَا" اهـ .
*****
40698
دخول الماء إلى الجوف خطأ
الفقه > عبادات > الصوم > مفسدات الصوم >(1/4145)
سؤال رقم 40698- دخول الماء إلى الجوف خطأ
هل يتسبب دخول الماء إلى الجوف عند الاستنشاق في الوضوء بطريق الخطأ في بطلان الصوم ؟.
الحمد لله
جميع المفطرات - عدا الحيض والنفاس - لا يفسد بها الصوم إلا
بثلاثة شروط :
أولا : أن يكون الإنسان عالما غير جاهل .
ثانيا : أن ذاكرا غير ناس .
ثالثا : أن يكون مختارا غير مُكْرَه
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :" لو فعل الصائم شيئا من هذه
المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح ، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه
بدون إرادة فصومه صحيح " مجموع الفتاوى 19
وقال رحمه الله : " لو طار إلى جوف الصائم غبار أو دخل فيه شيء
بغير اختياره أو تمضمض أو استنشق فنزل إلى جوفه شيء من الماء بغير اختياره فصيامه
صحيح ولا قضاء عليه ." مجالس شهر رمضان ، المجلس الخامس عشر
وبناء على ما سبق ، فإذا دخل الماء إلى الجوف بغير اختيار
الإنسان فلا شيء عليه ، لقوله تعالى : ( وليس عليكم جناح
فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) ، وينبغي أن يُعلم أن الصائم منهي عن
المبالغة في الاستنشاق حتى لا ينزل الماء إلى جوفه من غير اختياره ، لقول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )
والله أعلم
وانظر السؤال رقم ( 38023 ).
*****
40703
هل يمكن أن نرى الجن ؟ وهل توجد لهم صور صحيحة ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4146)
سؤال رقم 40703- هل يمكن أن نرى الجن ؟ وهل توجد لهم صور صحيحة ؟
هل الجن يظهر كما نرى الإنسان ؟ وهل توجد صور صحيحة للجن ؟.
الحمد لله
هذا السؤال مكون من شقين :
الأول : هل تظهر الجن بصور الإنسان ؟
الثاني : هل هناك صورة صحيحة للجن ؟
أما الشق الأول : فيقال :
أولا : اعلم أن الأصل في الجن أنهم مستترون عن الإنس ، ولهذا
سُمُّوا (جنا) لأن المادة اللغوية (جن) الجيم والنون تدل على أصل واحد ، وهو
السَّتْر و التستُّر . ( كما قال ابن فارس في مقاييس اللغة مادة جن ) . فالجن سموا
بذلك لأنهم مستترون عن الإنس ، والجنين سمي بذلك لأنه مستتر في بطن أمه ، والجنة
لأنها مستترة بالأشجار ، والمجنون لأن عقله مستتر وهكذا في جميع الاشتقاق .
وقد أخبر الله تعالى بهذه الحقيقة حيث قال : ( يَابَنِي آدَمَ لا
يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ
عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ
وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) الأعراف/27
ثانيا : هل يمكن أن يظهروا في صور يراهم الناس فيها ؟
والجواب عن ذلك : أنه ثبت في السنة وفي الواقع ظهور الجن على صور
مختلفة كصور الناس والحيوانات وغيرها ، فمن أصرح الأدلة على ذلك من السنة تلك القصة
التي رواها البخاري (3275) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ
رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ
وَقُلْتُ : وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. فشكا حاجة وعيالا فرحمه أبو هريرة وتركه حتى تكرر هذا ثلاث
مرات وفي الثالثة قال أبو هريرة : لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهَذَا
آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ ، قَالَ :
دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا ، قُلْتُ : مَا هُوَ ؟
قَالَ : إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ( اللَّهُ لا
إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ
يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى
تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . وحين أصبح أخبر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
بما حصل . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا إِنَّهُ
قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ . أتَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : ( ذَاكَ شَيْطَانٌ) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " وفي الحديث من الفوائد ... أن
الشيطان من شأنه أن يكذب ، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته ، وأن قوله تعالى
( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق
عليها " اهـ
وقد روي أن الشيطان ظهر لقريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ،
وشجعهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في غزوة بدر فقد روى ابن جرير
الطبري في تفسيره (12564) عن عروة بن الزبير ، قال : ( لما أجمعت قريش المسير ذكرت
الذي بينها وبين بني بكر - يعني من الحرب - فكاد ذلك أن يثبطهم ، فتبدى لهم إبليس
في صورة سراقة بن جعشم المدلجي ، وكان من أشراف بني كنانة ، فقال : أنا جار لكم من
أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه ! فخرجوا سراعا ) وذكرها ابن كثير في البداية
والنهاية (5/62) .
وفي صحيح مسلم (2236) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله
عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (
إِنَّ بِالْمَدِينَةِ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا
مِنْ هَذِهِ الْعَوَامِرِ فَلْيُؤْذِنْهُ ثَلاثًا فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ
فَلْيَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ) .
والعوامر : الحيات والثعابين التي تكون في البيوت ، لا تقتل حتى
تستأذن ثلاثاً فقد تكون من الجن . انظر " غريب الحديث " لابن الأثير .
قال النووي : « معناه : وإذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنَّه ليس
من عوامر البيوت ، ولا ممَّن أسلم من الجنِّ ، بل هو شيطان ، فلا حرمة عليكم
فاقتلوه ، ولن يجعل اللهُ له سبيلاً للانتصار عليكم بثأره بخلاف العوامر ومن أسلم ،
واللهُ أعلم » . شرح مسلم 14/236
ومثل هذا في الواقع كثير ، قال شيخ الإسلام : ( والجن يتصورون في
صور الإنس والبهائم فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها وفي صور الإبل والبقر
والغنم والخيل والبغال والحمير وفى صور الطير وفى صور بنى آدم كما أتى الشيطان
قريشا في صورة سراقة بن مالك بن جعشم لما أرادوا الخروج إلى بدر ) مجموع
الفتاوى ( 19/44)
ثالثا : لقد أضلت الجن كثيراً من الإنس بتصورهم في صور الأولياء
والصالحين وغيرهم ، قال شيخ الإسلام : " وكثيراً ما يتصور الشيطان بصورة المدعو
المنادى المستغاث به إذا كان ميتا . وكذلك قد يكون حيا ولا يشعر بالذي ناداه ; بل
يتصور الشيطان بصورته فيظن المشرك الضال المستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه
وإنما هو الشيطان ، وهذا يقع للكفار المستغيثين بمن يحسنون به الظن من الأموات
والأحياء كالنصارى المستغيثين بجرجس وغيره من قداديسهم ، ويقع لأهل الشرك والضلال
من المنتسبين إلى الإسلام الذين يستغيثون بالموتى والغائبين ، يتصور لهم الشيطان في
صورة ذلك المستغاث به وهو لا يشعر .... وذكر لي غير واحد أنهم استغاثوا بي ، كلٌّ
يذكر قصة غير قصة صاحبه فأخبرت كلا منهم أني لم أجب أحداً منهم ولا علمت باستغاثته
، فقيل : هذا يكون مَلَكاً ، فقلت : المَلَكُ لا يغيث المشرك ، إنما هو شيطان أراد
أن يضله " اهـ . مجموع الفتاوى (19/47-48)
ثم إن من أعظم ما ينتصر به المسلم على الشياطين التحصن بالأذكار
، وقراءة آية الكرسي ، كما في حديث أبي هريرة السابق ،
وانظر السؤال رقم ( 22816 )
و ( 12715 ) و ( 42073 )
أما الشق الثاني من السؤال وهو هل هناك صورة صحيحة للجن ؟
فإن مسألة تصوير الجن صورة فوتوغرافية من الأمور التي شغف بها
كثير من الناس وانتشرت في بعض مواقع الإنترنت ولا يمكن الجزم بصحة ما في هذه
المواقع خاصة في هذه الآونة التي تفنن الناس فيها بأنواع الخدع التصويرية ، ثم إن
البحث في مثل هذه الأمور ليس ذا فائدة أو جدوى في الدين أو الدنيا ، والأولى
بالإنسان أن يشتغل بما يعود عليه بالفائدة الدينية أو الدنيوية من قراءة وتفهم لما
في القرآن وصحيح السنة وما يجب على الإنسان في عقيدته وعبادته ، والأخلاق والآداب
التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم وغير ذلك ، علما بأن نشر صور ذوات الأرواح محرم
شرعا وقد وردت النصوص الشرعية بذلك ، ويمكنك مراجعة الأسئلة التي تحمل رقم ( 13633 )
ورقم ( 10668 ) ورقم ( 7918 )
.
والله المسؤول أن يحفظك ويعلي قدرك ويغفر ذنبك ويرزقك العلم
والعمل إنه خير مسؤول ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
*****
40720
إذا اختلفت البلاد في تحديد دخول شهر رمضان ويوم عرفة ، فمع من أصوم ؟!
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/4147)
سؤال رقم 40720- إذا اختلفت البلاد في تحديد دخول شهر رمضان ويوم عرفة ، فمع من أصوم ؟!
انتقلنا بسبب ظروف معينة إلى السكن في دولة الباكستان ، وقد تغيرت علي عدد من الأمور من أوقات الصلاة إلى غير ذلك ..... أردت أن أسألكم بأنني راغبة في صيام يوم عرفة ، ولكن يختلف التاريخ الهجري في باكستان عن المملكة بحيث قد يكون التاريخ في باكستان 8 والذي يوافق 9 في المملكة ... فهل أصوم يوم 8 أي تاريخ 9 في المملكة أم أصوم على حسب تاريخ باكستان ؟؟ .
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عما إذا اختلف يوم عرفة نتيجة
لاختلاف المناطق المختلفة في مطالع الهلال فهل نصوم تبع رؤية البلد التي نحن فيها
أم نصوم تبع رؤية الحرمين ؟
فأجاب فضيلته بقوله : هذا يبنى على اختلاف أهل العلم : هل الهلال
واحد في الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع ؟
والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع ، فمثلا إذا كان الهلال قد
رؤي بمكة ، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع ، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان
يوم عرفة عندهم اليوم العاشر فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنه يوم عيد ،
وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم ،
فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة ، هذا هو القول الراجح ،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا )
وهؤلاء الذين لم ير في جهتهم لم يكونوا يرونه ، وكما أن الناس بالإجماع يعتبرون
طلوع الفجر وغروب الشمس في كل منطقة بحسبها ، فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت
اليومي . [ مجموع الفتاوى 20 ]
وسئل رحمه الله من بعض موظفي سفارة بلاد الحرمين في إحدى الدول :
ونحن هنا نعاني بخصوص صيام شهر رمضان المبارك وصيام يوم عرفة ، وقد انقسم الأخوة
هناك إلى ثلاثة أقسام :
قسم يقول : نصوم مع المملكة ونفطر مع المملكة .
قسم يقول نصوم مع الدولة التي نحن فيها ونفطر معهم .
قسم يقول : نصوم مع الدولة التي نحن فيها رمضان ، أما يوم عرفة
فمع المملكة .
وعليه آمل من فضيلتكم الإجابة الشافية والمفصلة لصيام شهر رمضان
المبارك ، ويوم عرفة مع الإشارة إلى أن دولة . . . وطوال الخمس سنوات الماضية لم
يحدث وأن وافقت المملكة في الصيام لا في شهر رمضان ولا في يوم عرفة ، حيث إنه يبدأ
صيام شهر رمضان . بعد إعلانه في المملكة بيوم أو يومين ، وأحيانا ثلاثة أيام .
فأجاب :
اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا رؤي الهلال في مكان من بلاد
المسلمين دون غيره ، هل يلزم جميع المسلمين العمل به ، أم لا يلزم إلا من رأوه ومن
وافقهم في المطالع ، أو من رأوه ، ومن كان معهم تحت ولاية واحدة ، على أقوال متعددة
، وفيه خلاف آخر .
والراجح أنه يرجع إلى أهل المعرفة ، فإن اتفقت مطالع الهلال في
البلدين صارا كالبلد الواحد ، فإذا رؤي في أحدهما ثبت حكمه في الآخر ، أما إذا
اختلفت المطالع فلكل بلد حكم نفسه ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
تعالى وهو ظاهر الكتاب والسنة ومقتضى القياس :
أما الكتاب فقد قال الله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه
ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) فمفهوم الآية : أن من
لم يشهده لم يلزمه الصوم .
وأما السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا رأيتموه
فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) مفهوم الحديث إذا لم نره لم يلزم الصوم ولا الفطر
.
وأما القياس فلأن الإمساك والإفطار يعتبران في كل بلد وحده وما
وافقه في المطالع والمغارب ، وهذا محل إجماع ، فترى أهل شرق آسيا يمسكون قبل أهل
غربها ويفطرون قبلهم ، لأن الفجر يطلع على أولئك قبل هؤلاء ، وكذلك الشمس تغرب على
أولئك قبل هؤلاء ، وإذا كان قد ثبت هذا في الإمساك والإفطار اليومي فليكن كذلك في
الصوم والإفطار الشهري ولا فرق .
ولكن إذا كان البلدان تحت حكم واحد وأَمَرَ حاكمُ البلاد بالصوم
، أو الفطر وجب امتثال أمره ؛ لأن المسألة خلافية ، وحكم الحاكم يرفع الخلاف .
وبناء على هذا صوموا وأفطروا كما يصوم ويفطر أهل البلد الذي أنتم
فيه سواء وافق بلدكم الأصلي أو خالفه ، وكذلك يوم عرفة اتبعوا البلد الذي أنتم فيه
. " [ مجموع الفتاوى 19 ].
*****
40752
حكم بيع أرقام هواتف وسيارات مميزة بأسعار باهظة
الفقه > معاملات > البيوع > العقود التجارية >(1/4148)
سؤال رقم 40752- حكم بيع أرقام هواتف وسيارات مميزة بأسعار باهظة
ما هو الحكم في : شراء وبيع الأرقام ( أرقام الهواتف والسيارات ) ، وإذا اشترى أحدهم رقم لوحة سيارة ثم باعه فهل هذا المال حلال ؟.
الحمد لله
ينبغي لكل مسلم أن يعلم : أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير
، وهما مجاوزة الحد في إنفاق الأموال .
قال تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .
وقال تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا . إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا
إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) الإسراء/26 ، 27 .
وليعلم كل مسلم أنه لن تزول قدمه إلى جنة ولا إلى نار حتى يسأله
الله تعالى عن أشياء ، ومنها : عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه
وسلم : ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه ما فعل
فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ، وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه ) . رواه
الترمذي ( 2417 ) وقال : حسن صحيح ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب
والترهيب " ( 126 ) .
وليُعلم بعد هذا : أن شراء أرقام هواتف الجوالات والسيارات
المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في
الحرام ، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه
المجالات .
وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في
حياتهم ومعيشتهم ، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه ، وآخرين لا يجدون لباساً
يواري سوآتهم ، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم ، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم
.
وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى لوحة سيارة تحمل
الرقم ( 1 ) بما يعادل (2.18 مليون دولاراً ) ! وذلك في مزاد علني .
وفي المزاد نفسه بيعت اللوحة التي تحمل رقم 2 بما يعادل ( 1.11 )
مليون دولاراً !
وقال منظمو المزاد : إن حصيلة المزاد في اليوم الأول بلغت نحو (
3.9 ) ملايين دولاراً !
وهكذا الأمر بالنسبة لأرقام الجوالات والتي بيع رقم منها بما
يعادل ( 360 ألف دولاراً ) !
وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه
مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير .
والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة
كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم ، " ومن أبرز التعليقات التي قيلت حول هذا
الموضع ما نشرته إحدى الصحف عن عريس تقدم يطلب يد إحدى الفتيات للزواج ويقول العريس
لوالد الفتاة : " ما تحتاج تسأل عني شوف رقم سيارتي تعرفني " .
" ومن الملاحظ أن سعر الرقم المتميز يبلغ ضعف ثمن سيارة "
رولزرويس " التي يتراوح سعرها في الإمارات بين مليون ومليون ونصف المليون درهم ،
كما أنه ربما يبلغ خمسة أضعاف ثمن سيارة فخمة مثل " المرسيدس " ، أو عشرة أضعاف سعر
سيارة شهيرة مثل " اللكزس " التي يفضلها الأثرياء " .
واعلم بعد هذا كم يمكن أن يُشترى من طعام وشراب ولباس بل وسيارات
وهواتف لمن يحتاجها ؟ وكم شاب يمكن أن تعفه بالزواج ؟ وكم من سجين يمكن أن تطلِق
سراحه بدينٍ سجن به ؟ وكم من تائه عن الصراط ومنحرف يمكن أن ترجعه إلى الصراط
المستقيم فيما لو اشتري بها كتب أو وزعت بها أشرطة دينية ؟
الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة
والاهتمام بتوافه الأمور ، والرقم المتميز ليس هو تقنية – كما في السيارات نفسها –
يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان ، والرقم المتميز ليس هو تمتع
بالنظر إليه – كبعض الطيور – بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال .
ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية – مثلاً – أو
دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما
ذكرناه .
وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس
ثوب الشهرة .
" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله – وفي لفظ :
" ثوب مذلة " - " زاد بعض الرواة :
" ثم تلهب فيه النار " . رواه أبو داود ( 4029 ) وابن
ماجه ( 3607 ) .
قال ابن القيم :
هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر ، فعاقبه الله بنقيض ذلك ،
فأذله ، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم
القيامة . " زاد المعاد " ( 1 / 145 ، 146 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتكره الشهرة من الثياب ، وهو المترفع الخارج عن العادة ،
والمتخفض الخارج عن العادة ؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ،
وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة " ، وخيار الأمور أوساطها . " مجموع الفتاوى " ( 22 / 138 ) .
والخلاصة : أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة ، ولو جاز
لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة .
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحافظ عليه
، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه ، وليعلم أنه مسئول عن
هذا المال يوم القيامة : من أين اكتسبه وفيم أنفقه .
والله الموفق .
*****
4082
هل تبدأ المرأة بقضاء رمضان أو بستّ
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4149)
سؤال رقم 4082- هل تبدأ المرأة بقضاء رمضان أو بستّ
بالنسبة لصيام ستة من أيام شوال بعد يوم العيد ، هل للمرأة أن تبدأ بصيام الأيام التي فاتتها بسبب الحيض ثم تتبعها بالأيام الستة أم ماذا ؟
الحمد لله
إذا أرادت الأجر الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ . " رواه مسلم رقم 1984 فعليها أن تتمّ صيام رمضان أولا ثم تتبعه بست من شوال لينطبق عليها الحديث وتنال الأجر المذكور فيه .
أمّا من جهة الجواز فإنه يجوز لها أن تؤخرّ القضاء بحيث تتمكن منه قبل دخول رمضان التالي .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4082
هل تبدأ المرأة بقضاء رمضان أو بستّ
الفقه > عبادات > الصوم > قضاء الصيام >(1/4150)
سؤال رقم 4082- هل تبدأ المرأة بقضاء رمضان أو بستّ
بالنسبة لصيام ستة من أيام شوال بعد يوم العيد ، هل للمرأة أن تبدأ بصيام الأيام التي فاتتها بسبب الحيض ثم تتبعها بالأيام الستة أم ماذا ؟
الحمد لله
إذا أرادت الأجر الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ . " رواه مسلم رقم 1984 فعليها أن تتمّ صيام رمضان أولا ثم تتبعه بست من شوال لينطبق عليها الحديث وتنال الأجر المذكور فيه .
أمّا من جهة الجواز فإنه يجوز لها أن تؤخرّ القضاء بحيث تتمكن منه قبل دخول رمضان التالي .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40865
الله تعالى عالٍ على خلقه وهو قِبَل وجه المصلي
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4151)
سؤال رقم 40865- الله تعالى عالٍ على خلقه وهو قِبَل وجه المصلي
قرأت حديثا أن الله تعالى يكون أمام المصلي ؟ فما معنى ذلك ؟ وهل هذا يعارض أن الله تعالى في السماء ؟.
الحمد لله
سبق في السؤال رقم ( 992 )
، ( 11035 ) ذكر
الأدلة على أن الله تعالى مستوٍ على عرشه ، وعالٍ على خلقه .
وورد في الحديث الذي رواه البخاري (406) ومسلم (547) عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ ، فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
فَقَالَ : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ،
فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى ) .
ولا تعارض بين هذا وبين علو الله تعالى على خلقه .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (5/101) :
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى
الصَّلَاةِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلا يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ ) حَقٌّ
عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ قِبَلَ وَجْهِ
الْمُصَلِّي ; بَلْ هَذَا الْوَصْفُ يَثْبُتُ لِلْمَخْلُوقَاتِ . فَإِنَّ
الإِنْسَانَ لَوْ أَنَّهُ يُنَاجِي السَّمَاءَ أَوْ يُنَاجِي الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
لَكَانَتْ السَّمَاءُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَوْقَهُ وَكَانَتْ أَيْضًا قِبَلَ
وَجْهِهِ اهـ .
وقال أيضاً (5/672) :
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْقَمَرِ
وَخَاطَبَهُ - إذَا قُدِّرَ أَنْ يُخَاطِبَهُ - لا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ إلا
بِوَجْهِهِ مَعَ كَوْنِهِ فَوْقَهُ ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ بِوَجْهِهِ مَعَ
كَوْنِهِ فَوْقَهُ . . . فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ فَإِنَّهُ
يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ وَهُوَ فَوْقَهُ ، فَيَدْعُوهُ مِنْ تِلْقَائِهِ لا مِنْ
يَمِينِهِ وَلا مِنْ شِمَالِهِ ، وَيَدْعُوهُ مِنْ الْعُلُوِّ لا مِنْ السُّفْلِ
اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين :
الدليل على أن الله قبل وجه المصلي :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يبصق
قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ) .
وهذه المقابلة ثابتة لله حقيقة على الوجه اللائق به ولا تنافي
علوه والجمع بينهما من وجهين :
1- أن الاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق كما لو كانت الشمس عند
طلوعها فإنها قبل وجه من استقبل المشرق وهي في السماء فإذا جاز اجتماعهما في
المخلوق فالخالق أولى .
2- أنه لو لم يمكن اجتماعهما في حق المخلوق فلا يلزم أن يمتنع في
حق الخالق لأن الله ليس كمثله شئ . اهـ "فتاوى ابن عثيمين" (4/287) .
*****
40882
نصراني يسأل عن سبب التحريم القطعي للخمر في الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4152)
سؤال رقم 40882- نصراني يسأل عن سبب التحريم القطعي للخمر في الإسلام
مرحباً .... أنا مسيحي ...
عندما نسأل عن سبب تحريم الخمر في الإسلام يقال لنا إنه يذهب بالعقل . ولكن تناول كأس صغيرة واحدة منه كل بضعة أشهر لن يكون لها أي مفعول ضار , بل يقول بعض العلماء إن القليل منه مفيد للقلب . فلم هذا التحريم القطعي لتناول ولو حتى قطرة ؟ فالإنسان يملك العقل ليعرف كيف يسيطر على أفعاله ويتوقف عن الشرب قبل أن يسكر ولماذا اشترط الإسلام على المسلمين الابتعاد عن الخمر ولحم الخنزير ليصلح دينهم ولم يكتف بتبيان مضارهما وترك الخيار للناس ؟.
الحمد لله
أولاً :
نرحّب بك في موقعنا باحثاً عن الحقيقة سائلاً عنها ، ونسأل الله
تعالى أن تكون إجابتنا وافية ، ويظهر لك بعد قراءتها وتأملها بإنصاف وتجرّد حكمة
هذه الشريعة الإسلامية وكمالها ، مما يجعلك تراجع نفسك وتبحث عن الحق وتتبعه .
ثانياً :
مما تقرر في شريعتنا الإسلامية أنها إنما جاءت لتحصيل المصالح
وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها ، فما كان نافعاً أو غلب نفعه كان حلالاً ، وما
كان ضاراً أو غلب ضرره كان حراما ، والخمر من القسم الثاني بلا نزاع . قال الله
تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ
وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وأضرار الخمر ومفاسدها مما تواتر علمها عند القاصي
والداني ، والعالم والجاهل ، فمن أضرار الخمر ما ذكره الله سبحانه وتعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ
وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/90-91
ففي هاتين الآيتين أكد الله تعالى تحريم الخمر تأكيداً بليغاً إذ
قرنها بالأنصاب والأزلام وهما من مظاهر الشرك الذي كان منتشراً في الجزيرة العربية
قبل الإسلام وجعلها من عمل الشيطان ، وإنما عمله الفحشاء والمنكر، وأمر باجتنابها ،
وجعله سبيلا للفلاح ، وذكر من أضرارها الدينية : الصدُّ عن الواجبات والفضائل
الشرعية من ذكر الله والصلاة .
وقد اشتملت الخمر على أضرار كثيرة استحقت بها أن يقول عنها نبينا
– صلى الله عليه وسلم - : " الخمر أم الخبائث " ( حديث حسن ذكره الألباني في
السلسلة الصحيحة : 1854 )
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " الخمر أم الفواحش ، و
أكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته " ( حديث حسن بشواهده قاله
الألباني في السلسلة الصحيحة : 1853 )
وهذا من أدلة صدق نبيّنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، فلقد وقع ما أخبر به ، ألم يأتك نبأ ذلك الشاب الذي رجع بيته سكران فوقع على أمه
بعدما أخذ السكِّين وهددها بقتل نفسه إن لم تفعل فأخذتها الشفقة وأجابته ، فلما
أفاق ودرى بما وقع قتل نفسه .
فانظر بماذا انتهى أمره بعد شرب الخمر ، زنىً بأمه وقتلٌ لنفسه !
نسأل الله العافية .
بل ذكرت دائرة المعارف البريطانية أن معظم حالات الاعتداء الجنسي
على المحارم مثل الأخت أو الأم والبنت وقعت تحت تأثير الخمور .
وأما قول من قال : إن تناول القليل من الخمر مفيد للقلب ، فيُقال
فيه :
أولاًً : أثبتت البحوث الحديثة أن ما قيل عن فائدة الخمر للقلب ،
وتوسيعها للشرايين ، ليس إلا خطأً كبيراً ، فإن الخمر لا توسع الشرايين التاجية
المغذية للقلب كما كان موهوماً من قبل ، وإنما توسع الأوعية الدموية الموجودة تحت
الجلد ، في حين أنها تضيق الشرايين التاجية ، وذلك بترسيب الدهنيات والكوليسترول في
جوفها ، وبذلك تساعد على جلطات القلب والذبحة الصدرية ، وخاصة مع التدخين ، الذي
يُساعد على انقباض الشرايين وتضييق مجراها .
وللخمور تأثير على عضلة القلب ذاتها ، حيث تصيبها بالتسمم
والاعتلال الوظيفي ، خاصة بعد تناول البيرة الحاوية على الكوبالت ، كما يصاب القلب
بالالتهاب نتيجة استنزاف ( ف ب 1 ) أثناء حرق الكحول .
ثانياً : إن هذه الفائدة والمنفعة الموهومة للقلب ، يمكن الحصول
عليها من غير الخمر التي زاد إثمها وضررها على خيرها ومنفعتها .
ثالثاً : قد قيل ـ أيضاً ـ إن ما يُذكر من منفعة الخمر للقلب ،
إنما سببها الفواكه والمواد التي اشتقت منها الخمر ، مثل العنب والتفاح وغيرها ،
وعلى هذا يمكن الحصول على هذه المنافع من هذه الأغذية في صورتها التي أحلها الله من
غير تخمير لها .
رابعاً : موازنة تلك الفائدة للقلب ـ إن صح أنها كذلك ـ بالمفاسد
العظيمة المدمرة لصحة الإنسان ، والتي يمكن الوقوف عليها بمراجعة أي مرجع طبِّي
يتحدث عن إدمان الكحول ، وآثاره المدمِّرة على الإنسان .
انظر مثلاً : " الإدمان الكحولي " : د.نبيل صبحي الطويل ، طبعة : مؤسسة الرسالة
، بيروت . " أبحاث وأعمال المؤتمر العالمي الثالث والرابع عن الطب الإسلامي " .
طبعة : الكويت 1405 هـ، 1407 هـ .
ولما كان بعض الناس قديماً ـ كبعضهم حديثاً ـ يظن أن في الخمر
منفعة جاء طارق بن سويد الجعفي ـ من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ـ يسأله عن الخمر ، فنهاه ، فقال : أصنعها للدواء . فقال : إنه ليس بدواء ، ولكنه
داء . رواه مسلم ، وهذا من دلائل صدقه ونبوته ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
وأما قولك : إن الإنسان يملك العقل ليعرف كيف يسيطر على أفعاله
ويتوقف عن الشرب قبل أن يسكر ، فهذا قول من لم ينتبه إلى طرق الشيطان اللعين ، في
إبعاد الناس عن رب العالمين ، ثم هو أيضاً قول من لا يعرف ـ أو ربما يتجاهل ـ كيف
تبدأ علاقة شارب الخمر بالخمر حتى يصير السِِكِّير سِكِّيراً والمدمن مدمناً .
فأما الشيطان فإنه يتدرج بالعبد من القليل إلى الكثير . ومن
الصغير إلى الكبير ، ومن المعصية إلى الكفر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً خطوة خطوة ،
ونقلة نقلة ، وإلى ذلك يشير قول رب العالمين في سورة النور : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً
وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 وإلى ذلك المعنى يشير الشاعر بقوله :
نظرة فابتسامة ، فسلام فكلام فموعد فلقاء
وهذا وإن كان ظاهراً يعرفه كل من يفهم النفوس ومداخل الشيطان
إليها فإنه أظهر ما يكون في الخمر وشاربها .
ففي المثل الشرقي : " في البدء يأخذ الإنسان كأساً من الخمر ،
...، ثم تأخذ الكأس الأولى ..كأساً ثانية .. ثم تأخذ كأس الخمر الإنسان "
تبدأ القصة بنصيحة من طبيب أو صديق بكأس من الخمر يفتح الشهية
للأكل ، ويساعد على الشعور بالارتخاء ، أو تبدأ بمشاركة الأصدقاء في حفل اجتماعي
تدار فيه كؤوس الخمر أو كجزء من الطعام المقدم ، أو ...أو ... أو
ثم رويداً رويداً ، تتوثق الروابط العضوية والنفسية بالخمر حتى
تصبح جزءاً من حياة الإنسان ، بل حتى يصبح السِكِّير عبداً لسُكره وخمرته . يطلبها
طلب المريض للدواء ، كما قال الشاعر :
وكأس شربت على لذّة وكأس تداويت منها بها
لقد وجد في الكأس الأولى منفعة ـ بلا سُكر ـ وراحةً ونشوة ، بلا
هذيان ، فالثانية مثلها ، وهو اليوم مشتاق إلى كأس الأمس ، ومع تعود الجسم على تقبل
هذه السموم الكحولية ، يحتاج مرة بعد مرة إلى زيادة جرعة الخمر حتى يجد الراحة
والنشوة التي وجدها في الكأس الأولى ، ثم يصبح السكير أكثر انتظاماً في تعاطي
الكحول ، وأكثر نهماً في تجرعه ، فلذلك كله كان الضمان الوحيد ضد الإدمان الكحولي
هو عدم تعاطي الكحول بالمرة .
ومن أجل ذلك كانت حكمة الشرع الإسلامي في تحريم قليل الخمر
وكثيره ، فالقليل هو أول الكثير ، والقليل مع القليل كثير :
لا تحقرّن صغيرة إن الجبال من الحصا
وأما قولك لماذا اشترط الإسلام على المسلمين الابتعاد عن الخمر
ولحم الخنزير ليصلح دينهم ، ولم يكتف ببيان مضارهما وترك الخيار للناس ؟!
فهو سؤال يحمل مغالطة كبيرة للنفس ، وإلا فمن المعلوم أن عقول
الناس وعلومهم ليست على حد سواء في إدراك المنافع والمضار ، ثم إن قواهم وإرادتهم
ليست ـ أيضاً ـ على حد سواء في إلزام النفس باختيار النافع وترك الضار ، فلا يمكن
أن ينضبط سلوك الفرد والمجتمع إذا ترك الأمر إلى اختيار كل إنسان .
ولو ترك الأمر إلى الاختيار فإن ضرر تعاطي الخمور وآثارها
المدمرة لا يقتصر على متعاطيها وحده ، حتى يُترك له الأمر يختار في خاصة نفسه ما
يشاء ، وإنما يصل ضررها إلى كل أفراد مجتمعه ، فالأمراض الناجمة عن الإدمان إساءة
وإضعاف للمجتمع كله ، الذي هو عبارة عن مجموعة من الأفراد ونقصان إنتاجية المدمن
بسبب مرضه ، ضرر على غيره ، والميزانية المستهلكة في علاجه ضرر أيضاً على غيره ،
ناهيك عن الجرائم الناتجة عن الإدمان ، جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن
جرائم العنف في 30 دولة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا ، إن 86% من جرائم
القتل و 50% من جرائم الاغتصاب ، تمت تحت تأثير الخمور .
والإحصائيات حول ذلك في مختلف دول العالم كثيرة وشهيرة .
وأما حوادث السير والطرق فهي أشهر من ذلك ، ففي عام 1965ـ مثلاً
ـ كانت وفيات حوادث الطرق في الولايات المتحدة 49000 وفاة ، و1.800.000 إصابة
بعاهات دائمة ، وقدر المسئولون في الصحة العامة آنذاك أن نصف هذه الوفيات كان سببها
الكحول ، وكانت الخسارة على هذه الحوادث في ذلك العام ( 8900) مليون دولار .
وفي تشيكي بأمريكا الجنوبية كان 70% من حوادث السير سنة 1966م
بسبب السُّكر ، وفي باريس وجد أن 10إلى 15 % من مجموع الحوادث ، كان سببها الكحول .
ثم يعترض على السائل أيضاً ويقال :
لماذا لا نبيّن للناس مساوئ السرقة ونترك لهم الخيار ، دون إلزام
أو عقاب ، وهكذا القتل ، والرشوة ، لماذا ، ولماذا ، ولماذا ...؟ حتى يصير المجتمع
إلى همجية جامحة ، وشريعة الغاب أو الحيوانات .
ثم إن هذا السؤال نفسه يعود إلى جميع النظم والقوانين التي يسير
عليها الناس في حياتهم .
إن أساس التفلت من دين الله تعالى ـ المنزل من السماء ، والخروج
عما شرعه لعباده ، هو هذه الفكرة ، فكرة أن يُترك الإنسان من غير تكليف بأمر ينفذه
، أو نهي يتركه ، مع أن الالتزام بالأمر والنهي ، والحلال والحرام ، هو العبودية
لله في أبسط معانيها ، وهو خالص حق الخالق ، بما أنه خالق ، وأول واجب على المخلوق
، بما أنه مخلوق ، قال رب العالمين : ( أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً
) القيامة/36 ، يعني : أيظنّ الإنسان أن يتركه ربه من غير
تكليف ، وأمر ونهي ، ثم نتيجة ـ لذلك ـ يهمل في قبره ، فلا بعث ولا حشر ولا حساب
فأين إذن العبودية لرب العالمين ، إذا لم يكن هناك أمر ونهي وثواب وعقاب ، فبم ندخل
الجنة إذن ؟!.
الإسلام سؤال وجواب(1/4153)
*****
40882
نصراني يسأل عن سبب التحريم القطعي للخمر في الإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4154)
سؤال رقم 40882- نصراني يسأل عن سبب التحريم القطعي للخمر في الإسلام
مرحباً .... أنا مسيحي ...
عندما نسأل عن سبب تحريم الخمر في الإسلام يقال لنا إنه يذهب بالعقل . ولكن تناول كأس صغيرة واحدة منه كل بضعة أشهر لن يكون لها أي مفعول ضار , بل يقول بعض العلماء إن القليل منه مفيد للقلب . فلم هذا التحريم القطعي لتناول ولو حتى قطرة ؟ فالإنسان يملك العقل ليعرف كيف يسيطر على أفعاله ويتوقف عن الشرب قبل أن يسكر ولماذا اشترط الإسلام على المسلمين الابتعاد عن الخمر ولحم الخنزير ليصلح دينهم ولم يكتف بتبيان مضارهما وترك الخيار للناس ؟.
الحمد لله
أولاً :
نرحّب بك في موقعنا باحثاً عن الحقيقة سائلاً عنها ، ونسأل الله
تعالى أن تكون إجابتنا وافية ، ويظهر لك بعد قراءتها وتأملها بإنصاف وتجرّد حكمة
هذه الشريعة الإسلامية وكمالها ، مما يجعلك تراجع نفسك وتبحث عن الحق وتتبعه .
ثانياً :
مما تقرر في شريعتنا الإسلامية أنها إنما جاءت لتحصيل المصالح
وتكثيرها ، ودرء المفاسد وتقليلها ، فما كان نافعاً أو غلب نفعه كان حلالاً ، وما
كان ضاراً أو غلب ضرره كان حراما ، والخمر من القسم الثاني بلا نزاع . قال الله
تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ
وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وأضرار الخمر ومفاسدها مما تواتر علمها عند القاصي
والداني ، والعالم والجاهل ، فمن أضرار الخمر ما ذكره الله سبحانه وتعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ
وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/90-91
ففي هاتين الآيتين أكد الله تعالى تحريم الخمر تأكيداً بليغاً إذ
قرنها بالأنصاب والأزلام وهما من مظاهر الشرك الذي كان منتشراً في الجزيرة العربية
قبل الإسلام وجعلها من عمل الشيطان ، وإنما عمله الفحشاء والمنكر، وأمر باجتنابها ،
وجعله سبيلا للفلاح ، وذكر من أضرارها الدينية : الصدُّ عن الواجبات والفضائل
الشرعية من ذكر الله والصلاة .
وقد اشتملت الخمر على أضرار كثيرة استحقت بها أن يقول عنها نبينا
– صلى الله عليه وسلم - : " الخمر أم الخبائث " ( حديث حسن ذكره الألباني في
السلسلة الصحيحة : 1854 )
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " الخمر أم الفواحش ، و
أكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته " ( حديث حسن بشواهده قاله
الألباني في السلسلة الصحيحة : 1853 )
وهذا من أدلة صدق نبيّنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، فلقد وقع ما أخبر به ، ألم يأتك نبأ ذلك الشاب الذي رجع بيته سكران فوقع على أمه
بعدما أخذ السكِّين وهددها بقتل نفسه إن لم تفعل فأخذتها الشفقة وأجابته ، فلما
أفاق ودرى بما وقع قتل نفسه .
فانظر بماذا انتهى أمره بعد شرب الخمر ، زنىً بأمه وقتلٌ لنفسه !
نسأل الله العافية .
بل ذكرت دائرة المعارف البريطانية أن معظم حالات الاعتداء الجنسي
على المحارم مثل الأخت أو الأم والبنت وقعت تحت تأثير الخمور .
وأما قول من قال : إن تناول القليل من الخمر مفيد للقلب ، فيُقال
فيه :
أولاًً : أثبتت البحوث الحديثة أن ما قيل عن فائدة الخمر للقلب ،
وتوسيعها للشرايين ، ليس إلا خطأً كبيراً ، فإن الخمر لا توسع الشرايين التاجية
المغذية للقلب كما كان موهوماً من قبل ، وإنما توسع الأوعية الدموية الموجودة تحت
الجلد ، في حين أنها تضيق الشرايين التاجية ، وذلك بترسيب الدهنيات والكوليسترول في
جوفها ، وبذلك تساعد على جلطات القلب والذبحة الصدرية ، وخاصة مع التدخين ، الذي
يُساعد على انقباض الشرايين وتضييق مجراها .
وللخمور تأثير على عضلة القلب ذاتها ، حيث تصيبها بالتسمم
والاعتلال الوظيفي ، خاصة بعد تناول البيرة الحاوية على الكوبالت ، كما يصاب القلب
بالالتهاب نتيجة استنزاف ( ف ب 1 ) أثناء حرق الكحول .
ثانياً : إن هذه الفائدة والمنفعة الموهومة للقلب ، يمكن الحصول
عليها من غير الخمر التي زاد إثمها وضررها على خيرها ومنفعتها .
ثالثاً : قد قيل ـ أيضاً ـ إن ما يُذكر من منفعة الخمر للقلب ،
إنما سببها الفواكه والمواد التي اشتقت منها الخمر ، مثل العنب والتفاح وغيرها ،
وعلى هذا يمكن الحصول على هذه المنافع من هذه الأغذية في صورتها التي أحلها الله من
غير تخمير لها .
رابعاً : موازنة تلك الفائدة للقلب ـ إن صح أنها كذلك ـ بالمفاسد
العظيمة المدمرة لصحة الإنسان ، والتي يمكن الوقوف عليها بمراجعة أي مرجع طبِّي
يتحدث عن إدمان الكحول ، وآثاره المدمِّرة على الإنسان .
انظر مثلاً : " الإدمان الكحولي " : د.نبيل صبحي الطويل ، طبعة : مؤسسة الرسالة
، بيروت . " أبحاث وأعمال المؤتمر العالمي الثالث والرابع عن الطب الإسلامي " .
طبعة : الكويت 1405 هـ، 1407 هـ .
ولما كان بعض الناس قديماً ـ كبعضهم حديثاً ـ يظن أن في الخمر
منفعة جاء طارق بن سويد الجعفي ـ من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ـ يسأله عن الخمر ، فنهاه ، فقال : أصنعها للدواء . فقال : إنه ليس بدواء ، ولكنه
داء . رواه مسلم ، وهذا من دلائل صدقه ونبوته ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
وأما قولك : إن الإنسان يملك العقل ليعرف كيف يسيطر على أفعاله
ويتوقف عن الشرب قبل أن يسكر ، فهذا قول من لم ينتبه إلى طرق الشيطان اللعين ، في
إبعاد الناس عن رب العالمين ، ثم هو أيضاً قول من لا يعرف ـ أو ربما يتجاهل ـ كيف
تبدأ علاقة شارب الخمر بالخمر حتى يصير السِِكِّير سِكِّيراً والمدمن مدمناً .
فأما الشيطان فإنه يتدرج بالعبد من القليل إلى الكثير . ومن
الصغير إلى الكبير ، ومن المعصية إلى الكفر ما استطاع إلى ذلك سبيلاً خطوة خطوة ،
ونقلة نقلة ، وإلى ذلك يشير قول رب العالمين في سورة النور : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ
خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً
وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/21 وإلى ذلك المعنى يشير الشاعر بقوله :
نظرة فابتسامة ، فسلام فكلام فموعد فلقاء
وهذا وإن كان ظاهراً يعرفه كل من يفهم النفوس ومداخل الشيطان
إليها فإنه أظهر ما يكون في الخمر وشاربها .
ففي المثل الشرقي : " في البدء يأخذ الإنسان كأساً من الخمر ،
...، ثم تأخذ الكأس الأولى ..كأساً ثانية .. ثم تأخذ كأس الخمر الإنسان "
تبدأ القصة بنصيحة من طبيب أو صديق بكأس من الخمر يفتح الشهية
للأكل ، ويساعد على الشعور بالارتخاء ، أو تبدأ بمشاركة الأصدقاء في حفل اجتماعي
تدار فيه كؤوس الخمر أو كجزء من الطعام المقدم ، أو ...أو ... أو
ثم رويداً رويداً ، تتوثق الروابط العضوية والنفسية بالخمر حتى
تصبح جزءاً من حياة الإنسان ، بل حتى يصبح السِكِّير عبداً لسُكره وخمرته . يطلبها
طلب المريض للدواء ، كما قال الشاعر :
وكأس شربت على لذّة وكأس تداويت منها بها
لقد وجد في الكأس الأولى منفعة ـ بلا سُكر ـ وراحةً ونشوة ، بلا
هذيان ، فالثانية مثلها ، وهو اليوم مشتاق إلى كأس الأمس ، ومع تعود الجسم على تقبل
هذه السموم الكحولية ، يحتاج مرة بعد مرة إلى زيادة جرعة الخمر حتى يجد الراحة
والنشوة التي وجدها في الكأس الأولى ، ثم يصبح السكير أكثر انتظاماً في تعاطي
الكحول ، وأكثر نهماً في تجرعه ، فلذلك كله كان الضمان الوحيد ضد الإدمان الكحولي
هو عدم تعاطي الكحول بالمرة .
ومن أجل ذلك كانت حكمة الشرع الإسلامي في تحريم قليل الخمر
وكثيره ، فالقليل هو أول الكثير ، والقليل مع القليل كثير :
لا تحقرّن صغيرة إن الجبال من الحصا
وأما قولك لماذا اشترط الإسلام على المسلمين الابتعاد عن الخمر
ولحم الخنزير ليصلح دينهم ، ولم يكتف ببيان مضارهما وترك الخيار للناس ؟!
فهو سؤال يحمل مغالطة كبيرة للنفس ، وإلا فمن المعلوم أن عقول
الناس وعلومهم ليست على حد سواء في إدراك المنافع والمضار ، ثم إن قواهم وإرادتهم
ليست ـ أيضاً ـ على حد سواء في إلزام النفس باختيار النافع وترك الضار ، فلا يمكن
أن ينضبط سلوك الفرد والمجتمع إذا ترك الأمر إلى اختيار كل إنسان .
ولو ترك الأمر إلى الاختيار فإن ضرر تعاطي الخمور وآثارها
المدمرة لا يقتصر على متعاطيها وحده ، حتى يُترك له الأمر يختار في خاصة نفسه ما
يشاء ، وإنما يصل ضررها إلى كل أفراد مجتمعه ، فالأمراض الناجمة عن الإدمان إساءة
وإضعاف للمجتمع كله ، الذي هو عبارة عن مجموعة من الأفراد ونقصان إنتاجية المدمن
بسبب مرضه ، ضرر على غيره ، والميزانية المستهلكة في علاجه ضرر أيضاً على غيره ،
ناهيك عن الجرائم الناتجة عن الإدمان ، جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن
جرائم العنف في 30 دولة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا ، إن 86% من جرائم
القتل و 50% من جرائم الاغتصاب ، تمت تحت تأثير الخمور .
والإحصائيات حول ذلك في مختلف دول العالم كثيرة وشهيرة .
وأما حوادث السير والطرق فهي أشهر من ذلك ، ففي عام 1965ـ مثلاً
ـ كانت وفيات حوادث الطرق في الولايات المتحدة 49000 وفاة ، و1.800.000 إصابة
بعاهات دائمة ، وقدر المسئولون في الصحة العامة آنذاك أن نصف هذه الوفيات كان سببها
الكحول ، وكانت الخسارة على هذه الحوادث في ذلك العام ( 8900) مليون دولار .
وفي تشيكي بأمريكا الجنوبية كان 70% من حوادث السير سنة 1966م
بسبب السُّكر ، وفي باريس وجد أن 10إلى 15 % من مجموع الحوادث ، كان سببها الكحول .
ثم يعترض على السائل أيضاً ويقال :
لماذا لا نبيّن للناس مساوئ السرقة ونترك لهم الخيار ، دون إلزام
أو عقاب ، وهكذا القتل ، والرشوة ، لماذا ، ولماذا ، ولماذا ...؟ حتى يصير المجتمع
إلى همجية جامحة ، وشريعة الغاب أو الحيوانات .
ثم إن هذا السؤال نفسه يعود إلى جميع النظم والقوانين التي يسير
عليها الناس في حياتهم .
إن أساس التفلت من دين الله تعالى ـ المنزل من السماء ، والخروج
عما شرعه لعباده ، هو هذه الفكرة ، فكرة أن يُترك الإنسان من غير تكليف بأمر ينفذه
، أو نهي يتركه ، مع أن الالتزام بالأمر والنهي ، والحلال والحرام ، هو العبودية
لله في أبسط معانيها ، وهو خالص حق الخالق ، بما أنه خالق ، وأول واجب على المخلوق
، بما أنه مخلوق ، قال رب العالمين : ( أَيَحْسَبُ الأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً
) القيامة/36 ، يعني : أيظنّ الإنسان أن يتركه ربه من غير
تكليف ، وأمر ونهي ، ثم نتيجة ـ لذلك ـ يهمل في قبره ، فلا بعث ولا حشر ولا حساب
فأين إذن العبودية لرب العالمين ، إذا لم يكن هناك أمر ونهي وثواب وعقاب ، فبم ندخل
الجنة إذن ؟!.
الإسلام سؤال وجواب(1/4155)
*****
4089
توزيع تركة الأب وزوجته شريكته
الفقه > معاملات > الإرث وتوزيع التركة >(1/4156)
سؤال رقم 4089- توزيع تركة الأب وزوجته شريكته
إذا توفى والدي هل يلزم أمي أن تقسم التركة مباشرة حتى لو كان جميع الأبناء موافقون على أنها تمتلك الإرث حتى موتها .
إذا أخذت أمي نصيبها وهو النصف ( لأنها كانت شريك فعلي لوالدي في تجارته ) وفرقت النصف الآخر علينا حسب الشرع فهل يمكن لها أن تهدي أحد أبنائها ؟
لكي أخصص اكثر ، إذا أرادت الأم أن تشتري لأحد أبنائها بيتا من نصيبها في الإرث فهل هذا البيت يجب أن يقسم على جميع الأبناء بعد موتها ؟
كيف نستطيع أن نثبت أن الأم أهدت البيت للولد ولم تتركه ليتقاسمه الأبناء بعد موتها ؟
هل يمكن أن تضيف هذا في وصيتها ؟ وهل يجب أن يوافق جميع الاخوة على هذا ويوقعوا ؟
الحمد لله
الأصل في التركات أن تقسم على الورثة بعد وفاة المورث ، وذلك بعد أخذ نفقة تجهيزه
وتكفينه وقضاء ديون الله وديون العباد المستحقة عليه وإخراج الوصية إذا ترك وصية
، ويكره تأخير قسمة التركة ، لما يترتب عليه من ضرر بالوارث ، وأما إذا كان الورثة
متفقين على تأجيل اقتسام التركة فلا حرج . وإذا كانت أمكم شريكة لأبيكم في تجارته
فإنها تأخذ حصتها من الشّركة ويكون لها ثُمُن حصّة أبيكم ثم يكون لكم للذّكر مثل
حظّ الأنثيين إذا لم يوجد للميت أبوين وإذا رأيتم أنتم وأمكم إبقاء كلّ شيء على ما
هو عليه وترك التجارة تسير فلا حرج في ذلك ونصيب كلّ واحد معلوم متى أراد أن يطالب
به فله ذلك .
ولا يجوز للأم أن تخصّ أحد أولادها بعطية دون الآخرين لما رواه النعمان بن بشير رضي
الله عنهما قال : تصدق أبي عليّ ببعض ماله ، فقالت أمي : لا أرضى حتى تُشهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي
، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا : قال
: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . فرجع أبي فردّ تلك الصدقة . متفق
عليه
ولمزيد من التفصيل في هذا وللإجابة على بقية السؤال ( يُراجع
جواب السؤال رقم 1511 ) ولا يجوز للأم أن توصي بشيء إلى أحد ورثتها بعد موتها
لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا وصية لوارث ) رواه الخمسة عن أبي أمامة
، ولو فعلت فلا تنفذ وصيتها لمخالفتها للشرع . والله تعالى أعلم
يراجع : كشف القناع 4/342 وغاية المنتهى 2/335 والمغني 5/604
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40924
نصيحة إلى كاهنة تقرأ الفنجان
العقيدة >(1/4157)
سؤال رقم 40924- نصيحة إلى كاهنة تقرأ الفنجان
امرأة تقوم بقراءة الفنجان وقد وضعت عنوانها في إحدى المجلات الساقطة . أرجو توجيه نصيحة إليها .
الحمد لله
السؤال فيه جانبان :
الأول : حكم هذا العمل
لا شك أن الكهانة والسحر والتنجيم من أعظم المنكرات ، ومن
الإفساد في الأرض وأذية المسلمين بغير حق .
واختلف العلماء رحمهم الله تعالى : هل يكفر الكاهن ويخرج من
الملة ، أم أنه كفر دون كفر ،
واستدل من قالوا بأنه يكفر بما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 9171
) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتى كاهناً أو عرّافاً فصدّقه بما يقول
فقد كفر بما أنزل على محمد ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (5942) .
ولأن هذا ادعاء لعلم الغيب ، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد كفر ،
أن الله تعالى يقول : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا *
إِلا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن/25-26 . ويقول : (
قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ ) النمل/65 .
الأمر الثاني : النصيحة لهذه المرأة التي تقوم بهذا العمل أن
تتركه وتبتعد عنه وتتوب إلى الله تعالى ، إذ هذا الفعل من الكبائر الموبقات ، وأن
تتقي الله في أذية المسلمين بهذا العمل الشنيع ، والله تعالى يقول : ( والذين يؤذون
المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ) الأحزاب :
58 .
فعليها أن تتوب من هذا العمل إلى الله تعالى قبل أن ينزل بها ملك
الموت بغتة ولات ساعة مندم ، وعليها أن تلجأ إلى ربها في جميع أمورها الذي بيده
النفع والضر ، وألا يستجريها الشيطان في حبائله حتى يوقعها في الجحيم والعياذ بالله
.
وفي عملها هذا فتنة لضعاف الدين من المسلمين ، والله تعالى يقول
: ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب
الحريق ) البروج /10 .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" علم النجوم وما يسمى بالمطالع وقراءة الكفّ وقراءة الفنجان
ومعرفة الخط ، وما أشبه ذلك مما يدّعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم
الجاهلية التي حرّمها الله ورسوله ، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها
والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به
من ذلك ، لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به .
ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره ،
وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية
والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم ،
طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظاً على دينه وعقيدته ، وحذراً من غضب
الله عليه ، وابتعاداً عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة
" اهـ .
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ( 2 / 120 – 122 ) .
وينبغي الإشارة هنا إلى أن ما تأخذه هذه المرأة من كسب بهذا
العمل المحرّم الشنيع هو كسب محرم ، لما جاء في صحيح البخاري ( 2237 ) ومسلم ( 1567
) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن .
والمراد بحلوان الكاهن : هو ما يعطاه على كهانته .
قال النووي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث ( 10 / 490 ) : " قال
البغوي من أصحابنا والقاضي عياض : أجمع المسلمون على تحريم حلوان الكاهن ، لأنه عوض
عن محرّم ولأنه أكل المال بالباطل " .
*****
4094
ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير ؟
التربية > تربية النفس >(1/4158)
سؤال رقم 4094- ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير ؟
السؤال :
ماذا يفعل من رأى في نفسه الشر وأن الشر يغلب الخير ؟
الجواب :
الحمد لله
الإنسان كائن ضعيف ، يتعرض لنوازع الخير والشر ، وقد يضعف وينساق إلى طريق الرذيلة والانحراف ، ويدفعه الشر إلى طريق الظلم والتعدي ، ويزين له الشيطان فعل المنكرات ، ويبرر له كل تصرف منحرف .
لكن عنصر الخير يحرك فيه ضميره ، ويُشعره بالندم ، ويحثه على الرجوع إلى الحق ، والاستجابة لنداء العقل .
وتختلف قدرات الناس ، وقوة إرادتهم ، وصفاء نفوسهم ، وشفافية أرواحهم ، فمنهم من يروض نفسه على السير على طريق الفضائل والمكرمات ، ويربيها على المبادئ والأخلاق ، ويقاوم الشهوات ، والميول المنحرفة ، ويلزم نفسه بالاستقامة والإنصاف ، فهذا يستطيع أن يواجه الشر ، ويحتمل في سبيل ذلك كل أمر عسير ، ولا يفقد الأمل بتغلب الخير ، واندحار الشر ، وزواله .
ومنهم من ينساق وراء الشهوات ، ويعجز عن إلزام نفسه بالفضائل ، ويتخلى عن كثير من أوامر الله ورسوله ، ويضعف أمام المواجهة ، ويفقد الأمل في تغلب الخير .
فالسرّ في المسألة كلها أن يُجاهد العبد هواه ونفسه الأمّارة بالسوء لينال الهداية من الله قال الله تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا ) .
وفيما يلي عبارات جميلة في المجاهدة لابن القيم رحمه الله
" يا أقدام الصبر احملي بقي القليل تذكّر حلاوة ( العبادة ) يَهُن عليك مُرّ المجاهدة " الفوائد
" اخرج إلى مزرعة المجاهدة واجتهد في البذر واسق شجرة الندم بساقية الدمع فإذا عاد العود أخضر فَعُد لما كان . " بدائع الفوائد 3/742
" وقيل : المحبة صدق المجاهدة في أوامر الله وتجريد المتابعة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم " طريق الهجرتين 1/460
" من ترك المجاهدة بالكلية ضعف فيه باعث الدين وقويَ فيه باعث الشهوة ومتى عود نفسه مخالفة الهوى غلبه متى أراد " عدة الصابرين ص/46
والمؤمن المجاهد يعلم أن الخير باقٍ ، وأن الغلبة له ، مهما اشتدت الظلمة ، وعظمت المصيبة وتحكم الشر واستبد ، وتجاوز كل حد ، والله المستعان .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
40965
من أين يحرم من لم يمر على الميقات؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/4159)
سؤال رقم 40965- من أين يحرم من لم يمر على الميقات؟
إذا لم يمر المحرم على شيء من المواقيت المعروفة فمن أين يحرم ؟.
الحمد لله
" إذا كان لا يمر بشيء من هذه المواقيت فإنه ينظر إلى حذو
الميقات الأقرب إليه (فيحرم منه) ، إذا مر في طريق بين يلملم وقرن المنازل ينظر
أيهما أقرب إليه ، فإذا حاذى أقربهما إليه أحرم من محاذاته ، ويدل لذلك أن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا : يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله
عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً ، وإنها جَوْر عن طريقنا - يعني فيها ميول وبعد عن
طريقنا - فقال رضي الله عنه : انظروا إلى حذوها من طريقكم . فأمرهم أن ينظروا إلى
محاذاة قرن المنازل ويحرموا ، هكذا جاء في صحيح البخاري ، وفي حكم عمر رضي الله عنه
- هذا فائدة جليلة ، وهي أن الذين يأتون عن طريق الطائرات وقد نووا الحج أو العمرة
ويمرون بهذه المواقيت إما فوقها أو عن يمينها أو يسارها يجب عليهم أن يحرموا إذا
حاذوا هذه المواقيت ، ولا يحل لهم أن يؤخروا الإحرام حتى ينزلوا في جدة ، كما يفعله
كثير من الناس ، فإن هذا خلاف ما حدده النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد قال الله
تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق/1 . وقال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ
فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة/229 .
فعلى الإنسان إذا جاء عن طريق الجو وهو يريد الحج أو العمرة أن
يكون متهيئاً للإحرام في الطائرة ، فإذا حاذى أول ميقات يمر به وجب عليه أن يحرم ،
أي أن ينوي الدخول في النسك ولا يؤخر هذا حتى يدخل في مطار جدة " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/276) .
*****
4097
هل كان أحد من الصالحين يجلس مع السكارى
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/4160)
سؤال رقم 4097- هل كان أحد من الصالحين يجلس مع السكارى
السؤال : سمعت أنه كان رجل لا أدري هل هو من الصحابة أو عاش في وقت آخر يجلس مع السكارى ليتأكد أنهم حين عودتهم إلى بيوتهم لا يؤذوا أنفسهم . فهل سمعت بهذا ؟
قرأت اسم أبو ثور في فقه السنة وأريد أن أعرف القليل عنه .
الجواب :
الحمد لله
ما ذكرته قصة غريبة ، لا نعرف عنها شيئاً ، ولكن الذي نعرفه ونوقن به أن الجلوس مع شاربي الخمور محرم حال شربهم وتعاطيهم للسُكْر ، لأن الله نهى المسلم عن الجلوس في المجالس التي فيها المنكرات في قوله : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام / 68 . وقال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء / 140 . وقد أُتيَ عمر بن عبد العزيز رحمه الله بقوم شربوا الخمر فأمر بجلدهم ، فكان أحدهم يعتذر بأنه لم يشربها ، فأمر بجلده معهم وقرأ هذه الآية . والله أعلم .
وأمّا أبو ثور فهذه نبذة ميسرة عنه :
اسمه : إبراهيم بن خالد . يكنى بأبي عبد الله ، وبأبي ثور ، وبها اشتهر .
ولد : في حرور سنة 170 هـ .
وكان من فقهاء العراق ومن المحدّثين ، وقد مدحه الإمام أحمد بأنه يعرفه على السنة - يعني الاعتقاد الصحيح - منذ خمسين سنة .
عاش سبعين سنة أو أكثر ، وتوفي عام 240 هـ .
انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ( 12 / 72 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
410
تكرار الاستخارة وهل يرى مناما
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > صلاة الاستخارة >(1/4161)
سؤال رقم 410- تكرار الاستخارة وهل يرى مناما
السؤال :
هل هناك عدد معين لتكرار صلاة الاستخارة ؟ ومتى تكون رؤية المنام الدال على الخير ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا بأس من تكرار الاستخارة إذا لم يطمئن الشّخص . قال العلامة المباركفوري رحمه الله في شرح الترمذي : وهل يُستحبّ تكرار الصلاة والدّعاء في الأمر الواحد إذا لم يظهر له وجه الصّواب في الفعل أو التّرك مما لم ينشرح له الصّدر ؟ قال العراقي : الظاهر الاستحباب . تحفة الأحوذي 2/593
وإذا قام الشّخص بالاستخارة على الوجه الشّرعي فإنّه يمضي لما عزم عليه ولا ينتظر مناما ولا غيره ، وكثير من الناس يعتقد أنّه إذا صلى الاستخارة ونام بعدها مباشرة فإنه سيرى النتيجة في منامه ، وهذا اعتقاد غير صحيح فقد يفعل الشّخص ذلك ولا يرى في منامه أيّ شيء على الإطلاق . ولذلك على المسلم أن يكتفي بما جاء به الشّرع ويفعل مقتضى الحكمة ، فهو يستشير العقلاء الثّقات ويتدبّر في أمره وينظر في الأصلح له فإذا اتّخذ قراره أو مال إلى فعل شيء فإنّه يستخير الاستخارة الشّرعية ثم يُقدم على ما قرّره وهو واثق أنّ الله سيختار له الخير . والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
41003
أسماء الله تعالى غير محصورة في تسعة وتسعين اسماً
العقيدة > التوحيد > الأسماء والصفات >(1/4162)
سؤال رقم 41003- أسماء الله تعالى غير محصورة في تسعة وتسعين اسماً
هل أسماء الله تعالى الحسنى تسعة وتسعون اسماً فقط ؟ أم أنها أكثر من ذلك .
الحمد لله
روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا
دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
استدل بعض العلماء (كابن حزم رحمه الله) بهذا الحديث على أن
أسماء الله تعالى محصورة في هذا العدد . انظر : "المحلى" (1/51) .
وهذا الذي قاله ابن حزم رحمه الله لم يوافقه عليه عامة أهل العلم
، بل نقل بعضهم (كالنووي) اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى ليست محصورة في
هذا العدد . وكأنهم اعتبروا قول ابن حزم شذوذاً لا يلتفت إليه .
واستدلوا على عدم حصر أسماء الله تعالى الحسنى في هذا العدد بما
رواه أحمد (3704) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ
: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي
بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ
اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ
، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ
عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ،
وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ
وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا
نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ
يَتَعَلَّمَهَا . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ اسْتَأْثَرْتَ
بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) دليل على أن من أسماء الله تعالى الحسنى ما
استأثر به في علم الغيب عنده ، فلم يطلع عليه أحداً من خلقه ، وهذا يدل على أنها
أكثر من تسعة وتسعين .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/374) عن هذا الحديث :
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً فَوْقَ تِسْعَةٍ
وَتِسْعِينَ اهـ .
وقال أيضاً (22/482) :
قَالَ الخطابي وَغَيْرُهُ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ
أَسْمَاءً اسْتَأْثَرَ بِهَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ( إنَّ
لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) أَنَّ
فِي أَسْمَائِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، كَمَا
يَقُولُ الْقَائِلُ : إنَّ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَعْدَدْتهَا لِلصَّدَقَةِ وَإِنْ
كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَاَللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ : (
وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) فَأَمَرَ أَنْ يُدْعَى
بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مُطْلَقًا ، وَلَمْ يَقُلْ : لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُ
الْحُسْنَى إلا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا اهـ .
ونقل النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم اتفاق العلماء على ذلك ،
فقال :
اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ
حَصْر لأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى , فَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَيْسَ
لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ , وَإِنَّمَا مَقْصُود
الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ
الْجَنَّة , فَالْمُرَاد الإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لا
الإِخْبَار بِحَصْرِ الأَسْمَاء اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فقال :
" أسماء الله ليست محصورة بعدد معين ، والدليل على ذلك قوله صلى
الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك . . إلى
أن قال : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً
من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) .
وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلم به، وما ليس
معلوماً ليس محصوراً .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً
وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء ، لكن معناه أن من أحصى
من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة ، فقوله (مَنْ أَحْصَاهَا) تكميل
للجملة الأولى وليست استئنافية منفصلة ، ونظير هذا قول العرب : عندي مائة فرس
أعددتها للجهاد في سبيل الله . فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المائة ؛ بل هذه
المائة معدة لهذا الشيء" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/122) .
*****
41006
نصراني يسأل عن التوبة
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
الرقائق > التوبة >(1/4163)
سؤال رقم 41006- نصراني يسأل عن التوبة
أنا مسيحي وأريد أن أسأل :
إذا قرر الرجل أن يتوب بعد حياة مليئة بالمعاصي والذنوب وعاهد الرب على التوبة، أعلم أن الإسلام يقول بأنه سيغفر له وسؤالي ما يلي :
ماذا حصل للذنوب التي فعلها فقد عصى الله ولا بد أن يتحمل شخص ما عقوبة هذه الذنوب فمن هو ما دام الرب سيغفر له كونه مؤمنا ؟
وكما رأينا في قصة آدم فقد كان هناك نوع من العقاب لذنبه .
الحمد لله
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ..
بدايةً نشكر السائل على سؤاله .. ونسأل الله أن يمنَّ عليه بالهداية ..
أيها السائل : لقد خلقنا الله تعالى لغاية عظيمة وهي عبادته وحده لا شريك له ، قال تعالى :
{ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } هذه هي الغاية .. عبادة الله وحده .
إذاً لم يخلقنا الله لنأكل ونشرب .. أو نلهو ونعلب .. أو نسعى وننصب .. بل خلقنا لنعبده ولا نكفره .. ونذكره ولا ننساه ..
هذه هي الغاية .. وما أجملها من غاية .. يوم يعيش الإنسان لعبادة ربه ومولاه .. وخدمة دينه وإقامة أمره .. فهو بجسمه على الأرض وقلبه مع
الله والدار الآخرة .. هنا يدرك حقيقة هذه الدنيا .. ومدى حقارتها ودناءتها .. وأن ما بقي له فيها لا يستحق أن يضيعه في لذة عابرة وشهوة فانية .. فاللهم
اهدنا بهداك .
ولما كانت العبادة تفتقر إلى إيضاحٍ وإرشاد .. أرسل الله رسله { مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل }... فمن أسلم
فقد اهتدى .. ومن أعرض فقد خاب وخسر ..
قال الله تعالى : { قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا
عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } سورة الأنعام / 104 .
فإذا أسلم العبد فقد اختار لنفسه السعادة { فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ
تَحَرَّوْا رَشَدًا } سورة الجن / 14 .
ولما كان الإنسان عرضة للخطأ والنسيان ، وكان وقوعه في الذنب وارداً ، شرع الله لعباده التوبة وفتح بابها إلى قيام الساعة ، ودعا عباده
إلى التوبة النصوح فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَار .. } التحريم / 8 وقال : { وتوبوا إلى الله جميعا أيها
المؤمنون لعلكم تفلحون } النور / 31 .
انظر السؤال 14289
واعلم بأن الذنوب على قسمين :
الأول: ما كان في حق الله تعالى ..
الثاني : ما كان في حق المخلوق ..
أما الأول :
وهو ماكان في حق الله .. كالزنا وشرب الخمر ، وترك الواجبات من صلاة وزكاة ونحو ذلك، فما كان من هذه الذنوب له عقوبة في الشريعة كالزنا
وشرب الخمر، فأقيم الحد على فاعلها كان ذلك كفارة وتطهيرا له . ومن لم يقم عليه الحد ، لكنه تاب إلى الله تعالى ، فإن الله يتوب عليه، ويبدل سيئاته حسنات .
ومن لقي الله بهذه الذنوب دون توبة أو حد أقيم عليه ، فهو تحت مشيئة الله يوم القيامة ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .
روى البخاري (18) ومسلم (1709) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان شهد بدرا وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه : " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم
وأرجلكم ولا تعصوا في معروف ، فمن وفي منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو
إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " فبايعناه على ذلك .
وفي رواية للبخاري (6416) : " ومن أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو كفارة له وطهور ".
قال الحافظ في الفتح (1/68) : ( ويستفاد من الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود وهو قول الجمهور...)
وروى أحمد (1365) عن على رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أذنب في الدنيا ذنبا فعوقب به فالله أعدل من أن
يُثَنِّي عقوبته على عبده ، ومن أذنب ذنبا في الدنيا فستر الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه "
والحديث حسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند . وحسن الحافظ نحوه من رواية الطبراني .
وقال تعالى : )وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ
وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ
وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان / 68- 70 .
وقال سبحانه : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً ) النساء / 116 ، وهذه الآية في حق من لم يتب، فهو في مشيئة الله ، إلا أن يقع في الشرك ، فالشرك لا
يغفر .
وأما القسم الثاني من الذنوب :
ما كان متعلقا بحقوق العباد كالاعتداء على أموالهم سرقة أو غصبا ونحو ذلك ، أو الوقوع في أعراضهم غيبا ونميمة ، أو التعدي على أبدانهم
بالضرب ونحوه ، فهذا النوع من الذنوب يشترط في التوبة منه رد الحق إلى أهله ، أو مسامحتهم فيه .
ومن لم يفعل ذلك بقي عليه تبعة ذنبه إلى يوم القيامة ، ليؤخذ منه بقدر مظلمته ، من حسناته ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من
كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من
سيئات صاحبه فحمل عليه" رواه البخاري (2317) .
ومن هذا يُعلم أن القول بأن المذنب لابد أن يعاقب في الدنيا ، ، قول لا يدل عليه دليل ، لكن من عوقب فهو كفارة له ، ومن لم يعاقب ، ثم
تاب من ذنبه ، فإن الله يتوب عليه.
وأعظم من هذا القول بطلانا قول من يقول : إن عقوبة الذنب قد يتحملها غير المذنب ، كما يقوله بعض الجهلة في حق آدم عليه السلام ، ويزعمون
أن ذريته – بما فيهم الأنبياء - حملت خطيئته وذنبه حتى أنزل الله ابنه الوحيد ليصلب ويقتل ويرفع عن العالم إثم الخطيئة !! وهذا من الكذب والافتراء على الله
وعلى أنبيائه ، ومن الظلم الذي تنزه عنه الشرائع ؛ لأن الله لا يؤاخذ أحداً بذنب غيره قال تعالى : { ولاتزر وازرة وزر أخرى } فاطر / 18 ، وإن الله تعالى أرحم وأعدل من أن يعاقب الذرية على خطأ أبيهم ، مع أنه تاب منه وقبل الله توبته .
قال الله تعالى : ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ
الرَّحِيمُ ) البقرة / 36، 37 وقال سبحانه : ( فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا
مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) طه / 121، 122 .
فاجتمع في حق آدم عليه السلام أمران : أنه عوقب بذنبه ، وأنه تاب منه فقبل الله تعالى توبته، واصطفاه وأكرمه .
والحاصل أن من عاش حياة مليئة بالمعاصي والذنوب ، فما عليه إلا أن يرجع إلى ربه الرحيم الكريم فيستغفر ويتوب ، ليتوب الله عليه ، كما وعد
بذلك سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر / 53 وهذا من التخفيف الذي جعله الله في هذه الشريعة السمحة ، وقد كُتب على بني
إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم لتحصل توبتهم ، ثم رفع الله الآصار والأغلال عن هذه الأمة المرحومة ..
ختاماً نسأل الله تعالى أن يوفق السائل ويهديه ويشرح صدره للإسلام ليكون فردا من أفراد هذه الأمة المسلمة التي رضيت بالله رباً وبالإسلام
ديناً وبمحمدٍ نبينا ...
والله أعلم .
*****
41017
الاعتداء في الدعاء
الرقائق > الدعاء >(1/4164)
سؤال رقم 41017- الاعتداء في الدعاء
بعض الإخوة يفصّل في الدعاء , فمثلا يقول : يا رب ارزقني تلفزيونا ملونا , وشقة مفروشة , و...و.. ، فقلت أخشى أن يكون هذا من الاعتداء في الدعاء , فإذا كان الداعي في الحرم المكي وخصوصا خلال رمضان ألا يفضّل فيه أن يطلب من خيري الدنيا والآخرة بالأدعية المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ لجأت لموقعكم باحثة عن الاعتداء في الدعاء لكن لم احد إجابة مفصّلة عنه , فأرجوا أن تفصّلوا في ذلك مشكورين .
الحمد لله
أولاً :
اعلمي أيتها الأخت السائلة وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى أن
الدعاء سلاح مهجور عند كثير من الناس ، فالدعاء هو العبادة .
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) غافر/60. قال الألباني : صحيح (
انظر : صحيح سنن الترمذي برقم 2685 ) ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه
قال : ( ليس شيء أكرم على الله من الدعاء ) حسنه الألباني كما في صحيح سنن
الترمذي برقم ( 2684) ، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من لم
يسأل الله يغضب عليه ) حسنه الألباني ( انظر : صحيح سنن الترمذي برقم 2686 )
.
فإذا علمت ذلك فاحرصي عليه وأكثري منه .
ثانياً :
إن للدعاء آداباً وموانع ، نجمل بعضها فيما يلي :
1- البدء بالنفس في الدعاء .
2- يستحب رفع اليدين في الدعاء .
3- أن يكون الداعي على طهارة كاملة .
4- أن يستقبل القبلة في دعائه .
5- إظهار التضرع بين يدي الله ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) ، وقد
ذكر ابن القيم في بدائع الفوائد أن عدم التضرع في الدعاء هو من الاعتداء في الدعاء ( بدائع الفوائد 3 / 12 ) .
6- أن يلح على الله في الدعاء .
7- ألا يستعجل الإجابة . ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( يستجاب لأحدكم ما لم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي ) رواه
البخاري (6340) ومسلم (2735) فإذا دعا المسلم ربه فإنه لا يخلو
الحال من ثلاثة أمور جاء ذكرها في قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها
إحدى ثلاث خصال ، إما أن يعجل له دعوته ، وإما أن يدخرها له في الأخرى ، وإما أن
يصرف عنه من السوء مثلها ، قالوا : إذا نكثر ، قال : الله أكثر ) رواه أحمد
(10749) والترمذي (3573) وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2199)
8- ومما ينبغي التنبيه عليه في الدعاء أن يحمد الله عز وجل ويثني
عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن فضالة بن عبيد قال : سمع النبي صلى
الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته ، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( عجل هذا ) ثم دعاه ، فقال له أو لغيره : ( إذا صلى
أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ،
ثم ليدع بعد ما شاء ) قال الألباني : حديث صحيح ( انظر : صحيح سنن الترمذي
برقم 2765 ) .
ثالثاً : أما الاعتداء في الدعاء فيكون بأمور منها :
1- التفصيل في الدعاء ، كما جاء في السؤال من أنه يقول : اللهم
ارزقني شقة مفروشة وتلفزيوناً ملوناً و .. و .. الخ ، وإنما المشروع الدعاء بجوامع
الكلم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ، فيسأل الله عز وجل من خير الدنيا
والآخرة وقد ثبت عن عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول : ( اللهم إني أسألك القصر
الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها ، فقال : أي بنيّ سل الله الجنة وتعوذ بالله من
النار ، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : إن سيكون في
هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء ) رواه أبو داود (096) وصححه
الألباني في صحيح أبي داود .
2- أن يدعو الله بما حرم الله أو ما كان وسيلة إلى محرم (لأن
الوسائل لها أحكام المقاصد) ، كما ذكر ذلك ابن القيم في بدائع الفوائد ( 3 /
12 )
فما كان وسيلة إلى محرم فهو حرام .
وعامة من يستعمل التليفزيون يستمعله في رؤية وسماع المحرم ، فإن
كان الداعي من هؤلاء كان دعاؤه بهذا من الاعتداء في الدعاء لأنه سأل الله تعالى أن
يرزقه ما يعصيه به .
فتبين بهذا أن هذا الدعاء اعتداء من جهتين :
أولاً : من جهة كونه مفصلاً .
ثانياً : من جهة كونه وسيلة إلى المحرم ، الوسائل لها أحكام
المقاصد .
وهذا إذا كان الداعي يستعمله في المحرم كما هو عمل عامة الناس
وأكثرهم .
*****
41027
مصاب بالوسوسة في الطهارة
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4165)
سؤال رقم 41027- مصاب بالوسوسة في الطهارة
كل الشكر والاحترام لكم حتى تساعدوا الناس على فهم الدين بالطريقة التي أمر الله بها. إنني أعاني من كثرة الغسل عند الوضوء حيث أحتاج أكثر من ساعتين في قضاء الحاجة والوضوء وهذا هدر للوقت والعقل والجهد ، حتى إنني راجعت طبيبا نفسيا لأجل المشكلة ، إنني إذا ما جلست مكان إنسان آخر لا بد أن أمسح كل ملابسي حتى أشعر بأنني أصبحت طاهرا وجاهزا للصلاة ، إنني أعاني من هذه المشكلة كثيرا أرجو الإجابة أو اسم كتاب أو أن دعاء أدعو به لأتخلص من هذه الهواجس القاتلة .
الحمد لله
نسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشفيك ويعافيك
مما أنت فيه ، واعلم أن هذا نوع من الأمراض النفسية يعرف بالوسواس القهري ، وهي
أفكار تتسلط على الإنسان في أي جانب ، وتلازمه مع أنه معترف بخطئها ، وعدم صوابها ،
وعلاج ذلك يكون بأمور :
أولا : أحسن الظن بالله تعالى ، وأكثر من الدعاء والتضرع إلى
الله بأن يشفيك ويعافيك من هذا الوسواس .
ثانيا : عود نفسك على تحقير هذه الوساوس ، وعدم الالتفات لها ،
وضع كمية مناسبة من الماء في إناء دون التوضؤ من الصنبور مباشرة ، وألزم نفسك
بالوضوء من هذا الإناء فقط ، وقل لنفسك : ليس هناك ماء ، سوى الذي في هذا الإناء ،
واكتف بما فيه ، ولا تعد غسل العضو أكثر من ثلاث مرات ، حتى لو قال لك الشيطان إن
وضوءك غير صحيح ، فهذه مجرد وساوس من الشيطان لا حقيقة لها .
ثالثا : كذلك الأمر بالنسبة لمسألة مسح الملابس من مكان إنسان
آخر ، فلا بد أن تحقر هذه الوساوس ، وأن تلزم نفسك بعدم المسح ، وتدربها على ذلك
مهما كانت الوساوس .
رابعا : عليك أن تعلم أن القاعدة الفقهية أن اليقين لا يزول
بالشك ، فإذا تيقنت شيئا ، فلا تلتفت بعد ذلك للشكوك ، وإذا فعلت فعلا فلا تلتفت
إلى أي شك يأتي بعد هذا الفعل ، فإذا غسلت يدك ، فلا تلفت بعد غسله ولو بلحظات إلى
شك يقول لك إنك لم تغسل يدك ، كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في منظومته :
والشك بعد الفعل لا يؤثر وهكذا إذا الشكوك تكثر
فالشك لا يلتفت إليه إذا كان بعد الفراغ من العبادة ، وكذلك إذا
كان الإنسان كثير الشكوك فإنه لا يلتفت إليها .
خامسا : لا بأس من مراجعة طبيب نفسي ثقة ليصف لك بعض الأدوية
العلاجية المفيدة .
سادسا : راجع الأسئلة ( 10160 ، 11449 )
ولمزيد الفائدة راجع كتابي " إغاثة اللهفان لابن القيم " و " تلبس إبليس لابن
الجوزي " ففيهما الكلام على تلاعب الشيطان بالموسوسين ، وكيفية علاج ذلك .
نسأل الله أن يصلح أحوالك وأحوال المسلمين .
*****
41031
حديث ضعيف في فضل قراءة آخر سورة الحشر
الحديث وعلومه >(1/4166)
سؤال رقم 41031- حديث ضعيف في فضل قراءة آخر سورة الحشر
أريد التأكد من صحة هذه الحديث: عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وان مات في ذلك اليوم مات شهيدا , ومن قالها حين يمسي كان له بتلك المنزلة ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي في كتاب فضائل القرآن ، باب فيمن قرأ
حرفا من القرآن ماله من الأجر رقم (2922) .
والإمام أحمد في مسنده رقم (19795)
وفي سنده خالد بن طهمان قال عنه ابن حجر: صدوق رمي بالتشيع ثم
اختلط .
تقريب التهذيب (1644)
وضعفه الألباني رحمه الله ، انظر ضعيف أبو داود (2922)
وهناك الكثير من أذكار الصباح والمساء الصحيحة الثابتة عن النبي
صلى الله عليه وسلم انظر بعضها في سؤال رقم ( 12173 )
والله أعلم .
*****
41052
حكم بيع مستحضرات التجميل
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4167)
سؤال رقم 41052- حكم بيع مستحضرات التجميل
عندى محل مستحضرات تجميل ولوازم الكوافيرات فهل هذة المهنة حلال ام حرام ؟.
الحمد لله
حكم العمل في هذه المهنة فيه تفصيل :
أ- إذا بعت هذه الأشياء على من تعلم أنه يستعملها في التبرج
المحرم فلا يجوز.
ب- إذا بعتها على من تعلم أنه يستعملها في التزين المباح فيجوز.
ج- أما إذا لم تعلم عن حال المشتري شيئاً فعلى البراءة الأصلية
أي الجواز.
قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :
لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم
الله ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، أما إذا علم أن المشترية ستتزين
به لزوجها أو لم يعلم شيئا فيجوز له الاتجار فيها . فتوى اللجنة الدائمة
(13/67)
والله أعلم .
*****
41086
مريضة وزوجها يضغط عليها للذهاب للعمل
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4168)
سؤال رقم 41086- مريضة وزوجها يضغط عليها للذهاب للعمل
لدي مشكلة وأود أن أعرف هل أطيع زوجي أم لا .
أنا مسلمة أعمل وكنت مريضة لمدة أسبوعين وذهبت للطبيب وأعطاني دواء وخطاب راحة من العمل ، طلب مني زوجي أن أذهب للعمل حتى مع أنني لا زلت مريضة .
هذا يسبِّب مشكلة بالنسبة لي ويحصل في كل مرة أمرض فيها ، زوجي يظن بأنني أدَّعي المرض وأمثِّل ، ويظن بأنني لا أريد العمل ، أنا أحب عملي ولا أمثِّل ، فكيف أقنع زوجي بأنني مريضة ولست أقوم بالتمثيل ، فهو لا يصدقني ؟.
الحمد لله
أولاً :
ينبغي التنبيه على أن عمل المرأة قد يكون محرَّماً ؛ كأن يكون
فيه اختلاط بالرجال ، أو بيع وصناعة ما هو محرَّم ، أو في قطاع البنوك وما شابهها .
فإن كان الأمر على ما ذكرنا فيجب على المرأة أن تمتنع عن مثل هذه
الأعمال ، وأن تبحث عن عملٍ مباح ، ويجب على الزوج أن ينفق عليها بالمعروف على حسب
الوسع والطاقة . راجع السؤال رقم ( 33710 )
.
ثانياً :
فإن كان عملها جائزاً ، وأصابها مرض ، وكان ذهابها إلى العمل مما
يشق عليها ، أو يتأخر به الشفاء ، أو يزيد به المرض فالواجب على الزوج مراعاة ذلك .
ولا يحل له أن يطالب زوجته بما فيه ضرر عليها .
ويجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ، قال الله تعالى : (
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء /19 . وليس من
المعروف مطالبته لها بالذهاب إلى العمل وهي مريضة .
وقد وصّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجال من
أمته بالنسا فقال : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري
(3331) ، ومسلم (1468) .
ومعنى الحديث : اِقْبَلُوا وَصِيَّتِي فِيهِنَّ وَاعْمَلُوا
بِهَا وَارْفُقُوا بِهِنَّ وَأَحْسِنُوا عِشْرَتهنَّ . اهـ من فتح
الباري .
وينبغي للزوج أن لا يشكك في مصداقية زوجته ، ولتكن حياته معها
قائمة على الثقة والصدق دون الريبة والشك .
وإذا لم يقنع الزوج بالتقارير الطبية التي تثبت مرض زوجته ، ولم
يقنع بما يراه من آثار للمرض عليها : فلن يقنع بشيء ، فعلى الزوجة أن تتلطف معه ،
وتعامله بالحسنى فلعل الله تعالى أن يهديه لما فيه خير أسرته .
والله أعلم .
*****
41090
كيفية تطهير نجاسة الكلب
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/4169)
سؤال رقم 41090- كيفية تطهير نجاسة الكلب
كيف يتم تطهير نجاسة الكلب ؟ وهل يجب أن يغسل سبع مرات أم تكفي مرة واحدة ؟.
الحمد لله
روى مسلم (279) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ
إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاهُنَّ
بِالتُّرَابِ ) .
وروى مسلم (280) أيضاً : عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ
قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا وَلَغَ
الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ
فِي التُّرَابِ ) .
ففي هذين الحديثين بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كيفية تطهير
نجاسة الكلب ، وهي غسل الإناء سبع مرات ، إحداهن بالتراب . وكلاهما واجب .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/73) :
" لا يختلف المذهب أن نجاسة الكلب يجب غسلها سبعاً ، إحداهن
بالتراب ، وهو قول الشافعي " انتهى .
وقال النووي في "المجموع" (2/598) :
" وقد اختلف العلماء في ولوغ الكلب , فمذهبنا أنه ينجس ما ولغ
فيه ، ويجب غسل إنائه سبع مرات إحداهن بالتراب , وبهذا قال أكثر العلماء . حكى ابن
المنذر وجوب الغسل سبعا عن أبي هريرة وابن عباس وعروة بن الزبير وطاوس وعمرو بن
دينار ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور . قال ابن المنذر : وبه
أقول " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" إذا كانت النجاسة على غير الأرض وهي نجاسة كلب ، فإنه لا بد
لتطهيرها من سبع غسلات إحداها بالتراب " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/245) .
والأفضل أن تكون الغسلة الأولى هي التي بالتراب ، فإن جعل التراب
في غيرها حصل المقصود ، وطهر المكان .
قال النووي في "المجموع" (2/598) :
" فالحاصل أنه يستحب جعل التراب في الأولى ، فإن لم يفعل ففي غير
السابعة أولى ، فإن جعله في السابعة جاز , وقد جاء في روايات في الصحيح ( سبع مرات
) , وفي رواية : ( سبع مرات أولاهن بالتراب ) , وفي رواية : ( أخراهن بدل أولاهن )
, وفي رواية : ( سبع مرات السابعة بتراب ) , وفي رواية : ( سبع مرات وعفروه الثامنة
في التراب ) وقد روى البيهقي وغيره هذه الروايات كلها ، وفيه دليل على أن التقييد
بالأولى وغيرها ليس للاشتراط , بل المراد إحداهن " انتهى .
" وغسله بالتراب له عدة طرق :
1- أن يغسل بالماء ثم نذر التراب عليه .
2- أن نذر التراب عليه ثم نتبعه الماء .
3- أن نخلط التراب بالماء ثم نغسل به الإناء " قاله الشيخ
ابن عثيمين في "شرح بلوغ المرام" حديث رقم (14) .
*****
41098
حكم بيع المعادن ، وهي في مخازن الشركات الحافظة
الفقه > معاملات > البيوع >(1/4170)
سؤال رقم 41098- حكم بيع المعادن ، وهي في مخازن الشركات الحافظة
ما حكم شراء المعادن وبيعها بهذه الطريقة ؟
تقوم الشركة المالكة للمعدن بحفظه عند إحدى الشركات المتخصصة في هذا ، ويتم كتابة عقد إجارة بذلك . ثم إذا جاء شخص أو شركة أو بنك يشتري المعادن من الشركة المالكة فإنه يدفع الثمن وتبقى المعادن عند الشركة الحافظة كما هي ، وفقط يحولون عقد الإجارة على الحفظ باسم المشتري ، فهل هذا يعتبر حيازة وقبضاً ؟.
الحمد لله
ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أنه نَهَى
أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى
رِحَالِهِمْ ) رواه أبو داود (3499) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود .
وثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال لحكيم بن
حزام : ( لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ) رواه الترمذي (1232) وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وذكر العلماء رحمهم الله أن القبض يختلف باختلاف المبيع ، فقبض
الذهب والفضة مثلاً يختلف عن قبض الأراضي والعقارات ، فيُفَرَّق في القبض بين ما
يمكن نقله وما لا يمكن .
وهذه المعادن كأنه يتعذر نقلها لضخامة الكميات وحاجتها إلى
شاحنات ومخازن ورافعات ... إلخ
فالحاجة أو الضرورة ماسة إلى بقائه عند الشركة الحافظة ، ولذلك
أرى أنه لا مانع من بيعه بهذه الطريقة ، والاكتفاء بتغيير عقد الحفظ باسم المشتري .
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
*****
41105
حكم العمل في شركة تبث قنوات فضائية
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4171)
سؤال رقم 41105- حكم العمل في شركة تبث قنوات فضائية
أبعث إليكم هذه الرسالة بعد أن ضاق صدري من هذه الأزمة ، وهى : مكان العمل الذي أعمل فيه ، وهى : قناة فضائية من قنواتها قناة : اقرأ الدينية التي تعرض برامج دينية ، ولكن توجد قنوات مثل الموسيقى والأفلام العربية ، ماذا أفعل وأنا شاب بفضل الله سبحانه وتعالى ملتزم وملتحي أنفّذ سنة النّبي صلى الله علية وسلم ، وطبيعة عملي هو سنترال الشركة ، أقوم بالرد على التليفونات ثم أحولها إلى الموظف ، والعكس ، ومع ذلك أقوم بالبحث عن عمل آخر ، ولكني لم أجد ، وفي قلبي قلق من هذه الوظيفة وكلما أسمع حديث النبي صلى الله علية وسلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع من ضمنها : المال . أقلق من شأن ذلك فأرجو منكم النّصيحة.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه خير دينك ودنياه ، ونسأل تعالى
أن يرزقك رزقاً طيباً وأن يبارك لك فيه .
وعملك في هذه الشركة لا يجوز ، وهو كسب محرَّم ، فهي تدير قنوات
الفجور والانحراف والضلال .
وقد نهى الله تعالى عن مباشرة الإثم ومخالطة الحرام ، ونهي أيضاً
عن الإعانة عليه .
قال الله تعالى : ) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ
تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى
اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
والمتأمل في أحوال هذه القنوات الهابطة ليعجب من جرأة هؤلاء على
نشر الفاحشة ومحاربة الشرع والأخلاق الفاضلة ، وكل انحراف تسببه هذه القنوات أو
فتنة لدين أحد أو تضليل : فإن للقائمين عليها والعاملين بها نصيب من إثم ذلك
قال الله تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا
سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل/25 .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم
: " ... ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من
آثامهم شيئاً " . رواه مسلم ( 2674 ) .
فالنصيحة لك هو ترك هذا العمل ، والبحث عن عمل آخر حلال طيب ،
ولتصبر على ما ستلاقيه من تعب ونصَب ؛ فسلعة الله غالية ، وليس المهم هو العمل بل
المهم هو أن يكون حلالاً ، واحذر أن ينبت جسدك من السحت ، واعلم أنه لن تموت نفس
حتى تستوفي رزقها وأجلها ، واقرأ هذا الحديث جيداً وتفكر فيه :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة
إلا قد أمرتكم به وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه ، إن روح القدس نفث
في روعي إن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا
يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ؛ فإن الله لا يدرك ما عنده إلا
بطاعته " – انظر " السلسلة الصحيحة " ( 2866 ) - .
واعلم أن الله تعالى قد أمر بالأكل من الطيبات ، وأخبر أن المال
الحرام مما يمنع من استجابة الدعاء :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين
فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) ،
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ، ثم ذكر الرجل يطيل
السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه
حرام وغذِّي بالحرام فأنَّى يستجاب لذلك " . رواه مسلم ( 1015 ) .
فاستعن بالله تعالى ، واحتسب الأجر من الله ، ونسأل الله لك
التوفيق .
والله أعلم .
*****
41114
هل العاصي لا يُستجاب دعاؤه ؟
الرقائق > الدعاء >(1/4172)
سؤال رقم 41114- هل العاصي لا يُستجاب دعاؤه ؟
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يأكل الحرام أو يلبسه لا يستجاب له ؟. فهل العاصي لا يستجاب لدعائه ؟.
الحمد لله
استجابة دعاء الداعي في الأصل دليل على صلاح المرء وتقواه ،
ولكنها لا تدل على ذلك دائماً ، فقد يستجاب للعاصي استدراجاً أو لحكمة ، فقد استجاب
الله دعاء الشيطان لما قال : ( رب أنظرني إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين ).
فهذه الإجابة ليست إكراماً له وإنما إهانة ليزداد إثماً فتعظم
عقوبته والعياذ بالله .
وقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (
دعوة المظلوم مستجابة ولو كان فاجراً ، ففجوره على نفسه ) رواه أحمد . وانظر
صحيح الجامع (3382)
كذلك عدم إجابة الدعاء لا تدل على فساد الداعي في كل الأحوال ،
فهناك سؤال منعه الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام : "
سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنين الحديث .. رواه مسلم (2890).
فعدم إجابة الله بعض دعاء نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم لحكمة
عظيمة ليعلم البشر أنه ليس له من الأمر شيء ، وأن الأمر كله لله
انظر شرح الأربعين للعلامة النووي وكتاب الدعاء للشيخ محمد الحمد .
*****
41140
هل يجوز أن يلبس الجاكيت في الإحرام إذا كان الجو بارداً ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4173)
سؤال رقم 41140- هل يجوز أن يلبس الجاكيت في الإحرام إذا كان الجو بارداً ؟
هل يجوز أن نتغطى بالجاكيت أو أي شيء آخر أثناء الإحرام إذا كان الجو بارداً ؟.
الحمد لله
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا قال : يا رسول الله ما يلبس
المحرم من الثياب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يلبس المحرم القميص ولا
السراويل ولا البرنس ولا الخفين إلا أن لا يجد النعلين فليلبس ما هو أسفل من
الكعبين ) رواه البخاري ( 5458 ) ومسلم ( 1177 ) .
ففي الحديث : نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس أشياء مخصوصة
للمحرِم ، وإباحة ما سواها ، ويقاس على ما نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ما كان مثله ، فالجاكيت أو العباءة إذا وضعهما المحرم على كتفيه فهو لباس
منهي عنه ، ويجوز له أن يلتحف بهما إذا أراد الدفء دون لبسهما .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
" وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء ، فله أن
يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ، ويتغطى به - باتفاق الأئمة - عرضا ،
ويلبسه مقلوباً ، يجعل أسفله أعلاه ويتغطى باللحاف وغيره ، ولكن لا يغطي رأسه إلا
لحاجة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 26 / 110 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – في بيان ما يحرم على المحرم
من الرجال لبسه - :
" لا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا
الخفاف إلا إذا لم يجد إزاراً فيلبس السراويل ، أو لم يجد نعلين فيلبس الخفاف .
ولا يلبس ما كان بمعنى ما سبق ، فلا يلبس العباءة ولا القباء ولا
الطاقية ولا الفنيلة ونحوها " انتهى .
" كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة " ( ص 7 ، 8 ) .
وقال أيضاً :
ولا بأس أن يلف القميص على جسمه بدون لبس ، ولا بأس أن يجعل
العباءة رداءً بحيث لا يلبسها كالعادة .
" مناسك الحج والعمرة " ( ص 64 ) .
وعلى هذا ، فإذا كان الجو بارداً فللمحرم أن يلتحف بعباءة أو
غيرها من غير أن يلبسها على الوجه المعتاد ، فإذا احتاج إلى لبس جاكيت لكونه لا يجد
شيئاً يدفع به البرد إلا هو فلا حرج عليه في لبسه ، وعليه أن يخرج الفدية : ذبح شاة
أو صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين . يفعل أي واحد من هذه الأشياء الثلاثة
لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه لما احتاج أن يحلق رأسه وهو محرم ، قال له النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاحْلِقْ ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ،
أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ، أَوْ انْسُكْ نَسِيكَةً ) رواه البخاري
(4190) ومسلم (1201) .
والله أعلم .
*****
41143
هل يكثر من الحج أم يكتفي بمرة ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4174)
سؤال رقم 41143- هل يكثر من الحج أم يكتفي بمرة ؟
هل الأفضل أن نحج أكثر من مرة واحدة أم الحج مرة واحدة أفضل ؟.
الحمد لله
أما الوجوب فلا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر ، عن أبي هريرة
قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج
فحجوا ، فقال رجل : أكلَّ عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما
تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم
بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه". رواه مسلم ( 1337 ) .
وعن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
الْحَجُّ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً
وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ) رواه أَبُو دَاوُد (1721)
وصححه الألباني
وأما الأفضلية فكلما أكثر المسلم من الحج فهو أفضل ، حتى لو
استطاع أن يحج كل سنة ، وقد ورد الترغيب في كثرة أداء الحج ، ومن ذلك :
أ. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل
أفضل ؟ فقال : إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ،
قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور. رواه البخاري ( 26 ) ومسلم ( 83 ) .
ب. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول : " من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه " . رواه
البخاري ( 1449 ) ومسلم ( 1350 ) .
ج. عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث
الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة " . رواه الترمذي
( 810 ) والنسائي ( 2631 ) . وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 1200 )
.
والله أعلم .
*****
41199
ضرب الزوجة
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4175)
سؤال رقم 41199- ضرب الزوجة
بصراحة أنا مندهش من إجابتك على جميع الأسئلة بذكاء وفطنة، أنا حقاً أريد أن أعرف المزيد عن الإسلام ولكن في كل مرة أتعلم شيئاً جديداً أصبح مرتاباً ، وأريد أن أسأل ، هل صحيح أن القرآن يجيز للرجل أن يضرب أو يعض زوجته ؟ وإذا كان الجواب نعم فأرجو أن تشرح ذلك .
الحمد لله
يسعدنا كثيرا اطلاعك على موقعنا ، ورغبتك في التعرف على الإسلام ، ونسأل الله أن يهديك لما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة .
وليس في القرآن ما يؤخذ منه أن للرجل أن يعض زوجته .
1- وقد أمر القرآن بالإحسان إلى الزوجة ، وإكرامها ، ومعاشرتها بالمعروف، حتى عند انتفاء المحبة القلبية ، فقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء / 19 .
2- وبين أن للمرأة حقوقا على زوجها ، كما أن له حقوقا عليها ، فقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة / 228 ، والآية تدل على أن للرجل حقا زائدا ، نظير قوامته
ومسئوليته في الإنفاق وغيره .
3- وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الزوجة وإكرامها ، بل جعل خير الناس من يحسن إلى أهله ، فقال : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ
لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
4- ومن جميل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الإحسان إلى الزوجة ، أن إطعام الزوج لزوجته ، ووضع اللقمة في فمها ، ينال به صدقة
، فقال : " وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 6352 ومسلم 1628
4- وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن
فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 1218
ومعنى " ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه " أي : لا يأذنّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له
رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة فالنهى يتناول جميع ذلك . انتهى كلام النووي .
وأفاد الحديث أن للرجل أن يضرب زوجته ضربا غير مبرح إذا وجد ما يدعو لذلك من مخالفتها وعصيانها .
وهذا كقوله تعالى: ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء / 34 .
فإذا تمردت المرأة على زوجها ، وعصت أمره ، سلك معها هذه الطرق الوعظ أو الهجر في المضجع ، أو الضرب ويشترط في الضرب أن يكون غير مبرح .
قال الحسن البصري : يعني غير مؤثر.
وقال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه .
فليس الغرض إيذاء المرأة ولا إهانتها ، ولكن إشعارها بأنها مخطئة في حق زوجها ، وأن لزوجها الحق في إصلاحها وتقويمها .
والله أعلم .
*****
4130
حكم الوشم في الإسلام
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الزينة >(1/4176)
سؤال رقم 4130- حكم الوشم في الإسلام
السؤال :
هل الوشم جائز في الإسلام ؟
الجواب :
الحمد لله
الوشم : غرز الجلد بإبر وحشوه بالكحل وغيره ليتغير لونه إلى الزرقة أو الخضرة .
وهو محرم بإجماع العلماء . المغني 1 / 94
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ( لعن الله الواشمات والموتشمات ، والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله . ) . متفق عليه : اللؤلؤ والمرجان ج 2 ص 175
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
4131
متزوجة من تارك للصلاة ماذا تفعل
الفقه > معاملات > النكاح > مبطلات النكاح >(1/4177)
سؤال رقم 4131- متزوجة من تارك للصلاة ماذا تفعل
السؤال :
أنا متزوجة من تارك للصلاة ، تزوجته عن حب ثم هداني الله وأنا الآن ملتزمة بالدين . كل صلاة يصليها وكأنه مُجبر عليها ، حاولت معه الكثير بدون جدوى ، قال لي بعض الناس أن أتركه ولكن هذا ليس سهلا فلدي ثلاثة أبناء كما أنه أب جيد وزوج جيد والمشكلة بيننا هي الدّين. فماذا يجب أن افعل ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
أنا متزوجة من تارك للصلاة ، ثم هداني الله وأصررت عليه بالصلاة فأصبح يصلي وكأنه مجبر عليها ، بل يصرح ويقول أنا لا أصلي إلا من أجلك فهل يجوز لي الاستمرار معه أم لا يجوز ؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي :
مادام العقد كان حين تركه للصلاة فهو عقد غير صحيح ، وعلى هذا فيجب عليها أن تنعزل عنه ، فإذا أسلم جدد العقد ، وإذا لم يسلم فسيأتي الله برجل مسلم خير منه .
سؤال : إذا كانت قد تزوجته وهي أيضا لا تصلي وهو لا يصلي فهل هذا يبقي الزواج باطلا ؟
الجواب : إذا كانا على دين فإنه يبقى النكاح أما إذا كانا على غير دين بل كانا مرتدين فقد صرح كثير من العلماء أن نكاح المرتدين لا يصلح لأنهم ليسوا على دين ؛ لا دين الإسلام ولا على الدين الذي ارتدوا إليه .
سؤال : هل تصريح الزوج المصلي لزوجته أنه يصلي من أجلها فقط كافٍ في ردته أم تستمر على العمل بالظاهر وهو أنه يصلي ؟
الجواب : الظاهر لي أنه صلى لله إرضاء لها ولا يريد أن الصلاة قيامها وركوعها وسجودها وقنوتها من أجلها ، هو صلى لله من أجل إرضائها فلا يكون بذلك مشركا .. والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4134
آخر وصية ليعقوب و مواضع صحف إبراهيم في القرآن و البلد الذي يحتوي على أعلى نسبة للمسلمين وكيف أسلموا
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالكتب >(1/4178)
سؤال رقم 4134- آخر وصية ليعقوب و مواضع صحف إبراهيم في القرآن و البلد الذي يحتوي على أعلى نسبة للمسلمين وكيف أسلموا
السؤال :
1- ما هي آخر وصية للنبي يعقوب لأولاده قبل موته ؟
2-الصحف التي أُنزلت على النبي إبراهيم ضاعت ولكنها مذكورة في القرآن في اكثر من موضع ؟ اذكر موضعين من هذه المواضع ؟
3-في أي بلد تكون أعلى نسبة للمسلمين ؟ كيف اسلم أهل هذا البلد
الجواب :
الحمد لله
1 - دلّ القرآن الكريم على أن يعقوب قد أوصى بنيه قبل موته ، فقال : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ) فقالوا : ( نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة / 133 .
2- ذكر صحف إبراهيم في سورة الأعلى 19 : ( صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ) ، وفي سورة النجم 37 : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) .
4- أكبر بلد إسلامي من الناحية العددية في إفريقيا : نيجيريا . وفي آسيا : أندونيسيا . وقد أسلم الأندونوسيون بسبب الاحتكاك بالتجار المسلمين الحضارمة كما هو معلوم . ولعل هذا هو مطلوب السائل ، وإن كان السؤال غير دقيق ، لأن اعتبار النسبة يعني غير ذلك .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4135
صحة رواية في كتاب الآيات الشيطانية
الحديث وعلومه > مصطلح الحديث >(1/4179)
سؤال رقم 4135- صحة رواية في كتاب الآيات الشيطانية
السؤال :
في كتاب آيات شيطانية لسلمان رشدي قال أن بعض آيات القرآن أُنزلت للموافقة على اكثر ثلاثة أرباب مشهورة ومحببة كانت توجد في مكة ذلك الوقت لتكون القادة على الأرباب.
تلك الآيات أُلغيت وقيل أن تلك الآيات لم تُنزل عن طريق جبريل وإنما كان الشيطان هو الذي وسوس بتلك الآيات ولم يعلم بذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الوقت.
ما هي صحة هذا ؟. إذا كان هناك نسبة من الصحة في هذه الرواية فما هي تلك النسبة ؟ وأرجو أن تذكر الرواية الحقيقية لما حدث.
الجواب :
الحمد لله
هذا الكلام مبني على رواية باطلة ، قال عنها ابن كثير وغيره : " لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح " . وهي : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم على المشركين حنى إذا بلغ : ( أَفَرَأَيْتُمْ اللاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ) ألقى الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( تلك الفرانيق العُلى وإنّ شفاعتهم لتُرتجى ) فأعجب الكفار هذا المدح لهذه لأصنام الثلاثة فسجدوا "
هذه الرواية باطلة بلا ريب في وجوه عدة :
1. أنّ أسانيدها واهية لا تصح .
2. أن النبى صلى الله عليه وسلم معصوم في تبليغه للرسالة .
3. على تقدير صحة الأثر ، فقد ذكر العلماء أن هذا يكون ممّا ألقاه الشيطان في مسامع الكفار لا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعوه منه .
وانظر كلام ابن كثير رحمه الله في الرد على هذا في تفسير سورة الحج آية رقم 52 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4137
تاب من رؤية الأفلام فهل يبيع التلفزيون
الرقائق > التوبة >(1/4180)
سؤال رقم 4137- تاب من رؤية الأفلام فهل يبيع التلفزيون
السؤال :
كان بحوزتي تلفزيون وجهاز فيديو في البيت ، ومعروف أن أغلب ما يعرض إما حرام أو فيه شبهة ، والآن والحمد لله ابتعدت عن هذه الأجهزة وتبت إلى الله ، وقد اشتريت قطعة أرض لبناء مسجد عليها ، واحتاج إلى مبلغ من النقود لتسديد باقي ثمن الأرض .
استفساري : هل أبيع هذه الأجهزة ومن ثمنها أدفع لمن بنى أرض المسجد أو المساعدة في عملية بناء المسجد ، وإذا بعت هذه الأجهزة لمن أبيعها ؟ ومعلوم أن ما يعرض في هذه الأجهزة غالباً شر .
الجواب :
الحمد لله
لا تبعه ، لأن الغالب على من يشتري ذلك منك أن يستعمله في اللهو وسائر ما يستعمل فيه من المحرمات ، بل أتلف ما لديك من ذلك تخلصاً من الشر ، ولك الأجر ، ولكن إن وجدت من يغلب على ظنك استعماله لهما في المباح فلا بأس ببيعهما عليه .
من فتاوى اللجنة الدائمة 13/46.
*****
4143
زوجها عصبي بماذا تدعو له
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الرقائق > الدعاء >(1/4181)
سؤال رقم 4143- زوجها عصبي بماذا تدعو له
السؤال :
تزوجت أختي وبعد زواجها بفترة أصبح زوجها عصبياً جدا حتى وصل إلى درجة العنف فهل هناك دعاء أو سورة يمكن أن تقرأه حتى تنقذ زواجها وتعود حياتها كما كانت ؟
الجواب:
الحمد لله
ليس هناك سورة مخصوصة تتلى أو دعاء مخصوص للحالة المذكورة ، ولكن يمكن أن تدعو هذه الزوجة لزوجها بما يفتح الله عليها ، كأن تقول : اللهم أذهب عنه الغضب ، اللهم اجعله حليماً ، اللهم أنزل عليه السكينة ، وتناشد ربها بأسمائه الحسنى وتتضرّع إليه لتجتهد في تحري أوقات الإجابة كثلث الليل الأخير ، وآخر ساعة من يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، وفي السجود في الصلاة ونحو ذلك ، نسأل الله أن يُصلح حالهما ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4156
ماذا يمكن أن تفعل في دقيقة واحدة
الرقائق > فضائل الأعمال >(1/4182)
سؤال رقم 4156- ماذا يمكن أن تفعل في دقيقة واحدة
السؤال :
نحن في المكاتب ومقرات العمل لا نكاد نجد وقت للعبادة والعمل الصالح فكيف نفعل في الأوقات القليلة التي نجدها في يومنا ؟ وكيف يمكن أن نستفيد منها ؟.
الجواب :
الحمد لله
إن الوقت هو عمر الإنسان ، ومن أجلِّ ما يصان عن الإضاعة والإهمال ، والحكيم الخبير من يحافظ على وقته ، فلا يتخذه وعاء لأبخس الأشياء وأسخف الكلام ، بل يقصره على المساعي الحميدة والأعمال الصالحة التي ترضي الله ، وتنفع الناس ، فكل دقيقة من عمرك قابلة لأن تضع فيها حجراً يزداد به صرح مجدك ارتفاعاً ، ويقطع به قومك في السعادة باعاً أو ذراعاً .
فإن كنت حريصاً على أن يكون لك المجد الأسمى ، ولقومك السعادة العظمى فدع الراحة جانباً ، واجعل بينك وبين اللهو حاجباً .
هذا وإن الدقيقة من الزمن يمكن أن يُفعل فيها خير كثير وينال بها أجر كبير ، دقيقة واحدة فقط يمكن أن تزيد عمرك ، في عطائك ، في فهمك ، في حفظك ، في حسناتك ، دقيقة واحدة تكتب في صحيفة أعمالك إذا عرفت كيف تستثمرها وتحافظ عليها :
احرص على النفع الأعم من الدقيقة
إن تنسها تنس الأهم بل الحقيقة
وفيما يلي ذكر لمشاريع استثمارية تستطيع إنجازها في دقيقة واحدة بإذن الله :
1- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقرأ سورة الفاتحة (3) مرات سرداً وسراً ، حسب بعضهم حسنات قراءة الفاتحة فإذا هي أكثر من (600) حسنة فإذا قرأتها (3) مرات يحصل لك بإذن الله أكثر من (1800) حسنة وكل هذا في دقيقة واحدة .
2- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقرأ سورة الإخلاص ( قل هو الله أحد ) (20) مرة سرداً وسراً ، وقراءتها مرة واحدة تعدل ثلث القرآن ، فإذا قرأتها (20) مرة فإنها تعدل القرآن (7) مرات ، ولو قرأتها كل يوم في دقيقة واحدة (20) مرة لقرأتها في الشهر (600) مرة ، وفي السنة (7200) مرة ، وهي تعدل في الأجر قراءة القرآن (2400) مرة .
3- تقرأ وجهاً من كتاب الله في دقيقة .
4- تحفظ آية قصيرة من كتاب الله في دقيقة .
5- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير (20) مرة ، وأجرها كعتق (8) رقاب في سبيل الله من ولد إسماعيل .
6- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول سبحان الله وبحمده (100) مرة ، ومن قال ذلك في يوم غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زيد البحر .
7- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (50) مرة ، وهما كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن ، كما روى البخاري ومسلم .
8- قال صلى الله عليه وسلم : ( لأن أقول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ) رواه مسلم ، وفي الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول هذه الكلمات جميعاً أكثر من (18) مرة ، وهذه الكلمات هي من أحب الكلام إلى الله ، وهي من أفضل الكلام ، ووزنهن في الميزان ثقيل كما ورد في الأحاديث الصحيحة .
9- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول : لا حول ولا قوة إلا بالله أكثر من (40) مرة ، وهي كنز من كنوز الجنة كما روى البخاري ومسلم كما أنها سبب عظيم لتحمل المشاق ، والتضلع بعظيم الأعمال .
10- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول لا إله إلا الله (50) مرة تقريباً وهي أعظم كلمة ، فهي كلمة التوحيد ، والكلمة الطيبة ، والقول الثابت ، ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة ، إلى غير ذلك مما يدل على فضلها وعظمتها .
11- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته أكثر من (15) مرة وهي كلمات تعدل أضعافاً مضاعفةً من أجور التسبيح والذكر كما صح عنه عليه الصلاة السلام .
12- في دقيقة واحدة تستغفر الله عز وجل أكثر من (100) مرة بصيغة أستغفر الله ، ولا يخفى عليك فضل الاستغفار ، فهو سبب للمغفرة ، ودخول الجنة ، وهو سبب للمتاع الحسن ، وزيادة القوة ، ودفع البلايا ، وتيسير الأمور ، ونزول الأمطار ، والإمداد بالأموال والبنين .
13- تلقي كلمة مختزلة مختصرة في دقيقة وربما يفتح الله بها من الخير ما لا يخطر لك ببال .
14- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم (50) مرة بصيغة صلى الله عليه وسلم ، فيصلي عليك الله مقابلها (500) مرة لأن الصلاة الواحدة بعشر أمثالها .
15- في دقيقة واحدة ينبعث قلبك إلى شكر الله ، ومحبته ، وخوفه ، ورجائه والشوق إليه ، فتقطع مراحل في العبودية وقد تكون حينئذ مستلقياً على فراشك أو سائراً في طريقك .
16- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقرأ أكثر من صفحتين من كتاب مفيد يسير الفهم .
17- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تصل رحمك عبر الهاتف .
18- ترفع يديك وتدعو بما شئت من جوامع الدعاء في دقيقة .
19- تُسَلِم على عدد من الأشخاص وتصافحهم في دقيقة .
20- تنهى عن منكر في دقيقة .
21- تأمر بمعروف في دقيقة .
22- تقدم نصيحة لأخ في دقيقة .
23- تواسي مهموماً في دقيقة
24- تميط الأذى عن الطريق في دقيقة .
25- اغتنام الدقيقة الواحدة يبعث على اغتنام غيرها من الأوقات الطويلة المهدرة .
قال الشافعي رحمه الله :
إذا هجع النوَّام أسبلت عبرتي وردَّدت بيتاً وهو من ألطف الشعر
أليس من الهجران أن ليالياً تمر بلا علم وتحسب من عمري
وأخيراً فبقدر إخلاصك ومراقبتك يعظم أجرك ، وتكثر حسناتك .
واعلم أن معظم هذه الأعمال لا يكلفك شيئاً ، فلا يلزمك طهارة ، أو تعب ، أو بذل جهد ، بل قد تقوم به وأنت تسير على قدميك ، أو على السيارة ، أو أنت مستلق ، أو واقف ، أو جالس ، أو تنتظر أحداً .
كما أن هذه الأعمال من أعظم أسباب السعادة ، وانشراح الصدر ، وزوال الهموم والغموم . وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وصلى الله على سيدنا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4160
حكم الصور والأشكال على المشغولات الذهبية
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4183)
سؤال رقم 4160- حكم الصور والأشكال على المشغولات الذهبية
السؤال :
ما حكم التالي :
أولاً : المشغولات المدون عليها لفظ الجلالة أو بعض الأسماء ( عبد الرحمن ، عبد الله .. الخ ) ؟
ثانياً : المشغولات التي تكون على شكل أبراج ( كبرج الحمل - العقرب - الميزان .. ألخ ) سواء كانت صورة مطبوعة أو مجسمة ولها ظل ، وحكم الصلاة فيها ؟
ثالثاً : المشغولات التي لا يكون فيها إلا صورة رأس فقط بدون الجسم ؟
رابعاً : بعض العمل الذهبية والتي تضاف إلى بعض الحلي ، ويكون فيها صورة جانبية لوجه رجل ، كجنيه جورج وغيره ؟
خامساً : نجمة إسرائيل أو الصليب أو ما يمت لليهود والنصارى بشيء من شعائرهم ؟
سادساً : الخواتم من الذهب المخصصة للرجال ، والتي يقول أصحاب المحلات : إنهم لا يبعونها على المسلمين ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً : لا يجوز شغل المعادن والأحجار بالآيات القرآنية ولفظ الجلالة لما في هذا العمل من صرف هذه الآيات عن المقصود العظيم منها ، وما يخشى من تعريضها وتعريض لفظ الجلالة للامتهان .
ثانياً : عمل هذه الأبراج فكرة جاهلية يجب على المسلم أن يبتعد عنها وعن كل ما فيه من إحياء لهذه الأفكار الجاهلية ، فضلاً عما تحمله من صور لذوات الأرواح ، وعليه فلا يجوز شغل المصوغات بأشكالها ولا يجوز اقتناؤها ، ولا الصلاة فيها .
ثالثاً ورابعاً : الأحاديث المحرمة لصور ذوات الأرواح عامة ، فتشمل كل صورة يطلق عليها أنها صورة يطلق عليها أنها صورة لذي روح ، ومن ذلك صورة الرأس ، وعليه فلا يجوز شغل هذه المصوغات بها .
وبيع صور ذوات الأرواح وشراؤها محرم ، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ) متفق عليه البخاري 3/43 ، ومسلم 3/1207 ، ولما قد يسببه ذلك من غلو في أهلها ، كما وقع ذلك في قوم نوح ، فقد جاء في ( صحيح الإمام البخاري ) رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى : ( وقالوا لا تذرن ألهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) نوح/23 ، قال : ( أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً ، وسموها بأسمائهم ، ففعلوا فلم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت ) أخرجه البخاري 6/73 ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح .
هذا بالنسبة لما هو على شكل صور ذي روح ، أما ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية أو كان قماشاً أو آلة ، فإن كان تداوله بين الناس لتعليقه في الحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهاناً له ، فالتعامل فيه محرم لشموله بأدلة تحريم التصوير ، واستعمال صور ذوات الأرواح ، وإن كان ما عليه الصورة من ذلك يمتهن ، كآلة يقطع بها أو بساط يداس أو وسادة يرقد عليها ونحو ذلك فيجوز ، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عتها أنها نصبت ستراً وفيه تصاوير ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه ، قالت : فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما ، وفي لفظ أحمد : قطعته مرفقتين ، فلقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة البخاري 6/103،214،247 ، ومسلم 3/1168-1169 برقم (2107) ، مع العلم بأن تصوير ذوات الأرواح محرم ، لا يجوز فعله لا في العمل ولا في الملابس ولا غير ذلك ، لما تقدم من الأدلة في ذلك .
خامساً : لا يجوز عمل هذه المصوغات بما يحمل شعارات الكفر ورموزه ، كالصليب ونجمة إسرائيل ورموزه ، كالصليب ونجمة إسرائيل وغيرهما ، ولا يجوز بيعها ولا شراؤها .
سادساً : لا يجوز بيع خواتم الذهب المخصصة للرجال إذا كانوا يلبسونها ، وقول أصحاب المحلات إنهم لا يبيعونها على المسلمين لا يبرر عملهم ، فهم في ديار الإسلام ، وعلى من كان فيها ألا يتعامل إلا بما تجيزه شريعتها المطهرة ، وهذه الحجة نظير حجة من يبيع الخمرة ويقول : لا أبيعها إلا على الكفار لأن خاتم الذهب محرم على الرجال .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/68-69-73.
*****
41610
هل تذهب للحج في عدة وفاة زوجها ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >
الفقه > عبادات > الصوم >
الفقه > معاملات > العدة >(1/4184)
سؤال رقم 41610- هل تذهب للحج في عدة وفاة زوجها ؟
امرأة مات عنها زوجها ، وظهر اسمها في قرعة الحج ولم تكمل العدة ، فهل يجوز لها السفر إلى الحج ؟.
الحمد لله
اتفق الأئمة على أنه لا يجوز للمرأة المتوفى عنها زوجها أن تسافر
إلى الحج في فترة العدة ( الحداد ) .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
عن امرأة عزمت على الحج هي وزوجها ، فمات زوجها فى شعبان ، فهل
يجوز لها أن تحج ؟ .
فأجاب :
" ليس لها أن تسافر فى العدة عن الوفاة إلى الحج في مذهب الأئمة
الأربعة " انتهى .
" مجموع الفتاوى " ( 34 / 29 ) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" ليس للمرأة التي في الحداد السفر للحج ، كما هو مذهب الأئمة
الأربعة ، أما ما ذكرتَ من أنه لا يحصل لك إجازة إلا في هذا الوقت : فليس بمسوغ
شرعي يجيز السفر بالمرأة التي في عدة الوفاة " انتهى .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 899 ، 900 ) .
والله أعلم .
*****
41620
مختصر عن حكم شركة بزناس
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >(1/4185)
سؤال رقم 41620- مختصر عن حكم شركة بزناس
عُرض عليَّ الاشتراك في معاملة بزناس وفي نفسي شيء منها بسبب ما فيها من غموض وأود أن أعرف هل تجوز لي المشاركة في هذا المعاملة أم لا .
الحمد لله
المشاركة في الشركة المذكورة وما شابهها من الشركات التي نشأت على منوالها لا يجوز لما في ذلك من المقامرة والميسر والتغرير بالمشتركين ،
ودفع أشخاص إلى شراء ما لا يحتاجون ، وأكل للمال بالباطل ولما فيها من الجهالة والغرر ومجانبة العدل .
ولو سألنا بتجرد ما هو قصد أكثر الداخلين في المعاملة مع بزناس ؟ هل هو الاستفادة من البرامج الموجودة في القسم الأول من المعاملة ؟ أم
الدخول في مسألة التسويق للكسب السريع والكبير والمغري في القسم الثاني ؟!
الجواب بلا ريب أن قصد الأكثرين هو الدخول في بند التسويق وبالتالي يكون مبلغ المائة الدولار الذي يدفع للتوصل إلى الحصول على حوافز
التسويق هو ميسر ومقامرة ، فهو يدفع مائة دولار ثم لا يدري كم يحصل له في مقابل هذه المائة ، هل هو قليل أم كثير ، وهل هو عاجل أم متأخر .
ثم إن عرض العقد بهذه الطريقة فيه إغراء لأعداد من المغفلين بالدخول فيه على أمل أن تكون شجرته متعادلة الطريفين وطويلة .
وقد شكا إليّ أحدهم أنه تورّط بدفع مبلغ (40000) أربعين ألف ريال ليبرم عدداً كبيراً من العقود باسمه بأرقام دخول مختلفة ثم لم يجد
عائداً يوفي به المال الذي اقترضه ودفعه لشركة بزناس .
وهذا التهافت الذي نجده من أعداد كبيرة من الشباب على الدخول في هذه الشركة بأمل الإثراء السريع يجعلنا نتوقف في صحة ما يحدث .. ثم لو
كسب هؤلاء مكاسب كبيرة فإن ذلك على حساب غيرهم من المغفلين الذين سيؤتى بهم كزبائن في شجرة من قبلهم ، ولن يجدوا في النهاية من يأتون به لتطويل شجرتهم ،
فكيف يرضى المؤمن أن يُثري على حساب أموال إخوانه المسلمين .
ولحل هذه القضية عمدت الشركة إلى حيلة تعيد بها أعداداً من هؤلاء المساكين إلى ماكينة العملية مرّة أخرى لتزداد مكاسبها وتتضاعف على حساب
استنزاف أموال هؤلاء الناس وذلك بإعادة الاشتراك بمبلغ جديد بعد مرور سنة على العقد الأول وهكذا .
ويغلّفون هذه الخديعة بحلاوة وضع برامج جديدة وإصدارات جديدة للبرامج السابقة مع أن هذا التجديد غير مضبوط بعدد معيّن للبرامج أو
التجديدات .
وللتفصيل أنظر الإجابة العلمية المفصَّلة لهذه المعاملة في السؤال رقم 40263 .
*****
41625
عبارة طال عمرك وأطال الله بقاءك
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4186)
سؤال رقم 41625- عبارة طال عمرك وأطال الله بقاءك
ما حكم قول (أطال الله بقاءك ) ( طال عمرك ) ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء ، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً ، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله ، وعلى هذا
فلو قال أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك ." انتهى
مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/71 .
ومثله طال عمرك على الطاعة فهو جائز .
*****
41629
عبارات : " جلالة " " صاحب الجلالة " " صاحب السمو " " أرجو آمل "
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4187)
سؤال رقم 41629- عبارات - " جلالة " " صاحب الجلالة " " صاحب السمو " " أرجو آمل "
هل يصح أن يقال لبعض الوجهاء هذه الألفاظ : " جلاله " ، " صاحب الجلالة " ، " صاحب السمو " ، " أرجو " ، " آمل " ؟ .
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" لا بأس بها إذا كان من قيلت فيه أهلا لذلك ، ولم يخش منه الترفع والإعجاب بالنفس ، وكذلك أرجو وآمل ."
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/69 .
*****
41631
اللين مع الكفار بقصد الدعوة
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4188)
سؤال رقم 41631- اللين مع الكفار بقصد الدعوة
ما حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة
في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده
) الممتحنة / 4 ، وقال تعالى : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو
إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) المجادلة / 22 .
وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع . قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) الممتحنة / 1 .
أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به ، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم
عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به . وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم - رحمه الله -."
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/31 .
*****
41633
هل يستحب صيام عشر ذي الحجة بما فيها يوم العيد
الفقه > عبادات > الصوم > الأيام المنهي عن صيامها >(1/4189)
سؤال رقم 41633- هل يستحب صيام عشر ذي الحجة بما فيها يوم العيد
قرأت في موقعكم عن فضل صيام يوم عرفة ولكنني قرأت أيضاً عن فضل صيام عشر ذي الحجة فهل هذا صحيح ؟ إذا كان صحيحاً فهل يمكن أن تؤكد لي إذا كنا نصوم 9 أيام أم 10 لأن اليوم العاشر هو يوم العيد ؟.
الحمد لله
صيام تسع من ذي الحجة مستحب ، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه
وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى
الله من هذه الأيام العشر يعني عشر ذي الحجة ، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في
سبيل الله ؟ فقال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من
ذلك بشيء ) رواه البخاري 969 ، وعن هنيدة بن خالد عن امرأته
عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين
) رواه الإمام أحمد 21829 ، وأبو داود 2437 ، وضعفه في نصب الراية 2 / 180 ،
وصححه الألباني .
أما صيام يوم العيد فهو محرم ، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه مرفوعا : ( نهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ) رواه البخاري
برقم 1992 ، ومسلم برقم 827 ، وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم
.
فالعمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من غيرها ، وأما الصيام
فلا يصام فيها إلا تسع فقط ، واليوم العاشر هو يوم العيد يحرم صومه .
وعلى هذا ، فالمراد من ( فضل صيام عشر ذي الحجة ) صيام تسعة أيام
فقط ، وإنما أطلق عليها أنها عشر على سبيل التغليب .
انظر شرح مسلم للنووي حديث رقم (1176) .
*****
41638
قول بعض العصاة " أنا حر في تصرفاتي "
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4190)
سؤال رقم 41638- قول بعض العصاة " أنا حر في تصرفاتي "
بعض العصاة إذا أنكرنا عليه معصيته قال (أنا حر في تصرفاتي) ؟ فهل هذه الكلمة صحيحة ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" هذا خطأ ، نقول : لست حراً في معصية الله ، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدَّعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى .
"
مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/81 .
*****
41643
هل نضع جريدة رطبة على القبر لتخفيف العذاب عن الميت
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4191)
سؤال رقم 41643- هل نضع جريدة رطبة على القبر لتخفيف العذاب عن الميت
سمعت في أحد الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع جريدتين على قبرين يعذب من فيها حتى يخفف عنهما ولم أعرف الحكمة من هذا وهل يشرع لنا أن نفعل مثل هذا الفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
" نعم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بقبرين فقال : " إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ :
بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا
فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ ثُمَّ قَالَ : لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا " رواه البخاري 1378 ومسلم (292) .
وهذا دليل على أنه قد يخفف العذاب ، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين ؟
1- قيل : لأنهما أي الجريدتين تسبّحان ما لم تيبسا ، والتسبيح يخفف من العذاب على الميت ، وقد فرعوا على هذه العلة المستنبطة – التي قد
تكون مستبعدة - أنه يسن للإنسان أن يذهب إلى القبور ويسبح عندها من أجل أن يخفف عنها .
2- وقال بعض العلماء : هذا التعليل ضعيف لأن الجريدتين تسبحان سواء كانتا رطبتين أم يابستين لقوله تعالى- : ( تسبح له السموات السبع
والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) الإسراء / 44 . وقد سُمع تسبيح الحصى بين يدي الرسول صلى الله
عليه وسلم ، مع أن الحصى يابس ، إذاً ما العلة ؟
العلة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ترجّى من الله عز وجل أن يخفف عنهما من العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين ، يعني أن المدة
ليست طويلة وذلك من أجل التحذير من فعلهما ، لأن فعلهما كبير كما جاء في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم : " بلى إنه كبير " .
أحدهما كان لا يستبرئ من البول ، وإذا لم يستبرئ من البول صلى بغير طهارة .
والآخر كان يمشي بالنميمة يفسد بين عباد الله والعياذ بالله ويلقي بينهم العداوة ، والبغضاء ، فالأمر كبير .
وهذا هو الأقرب في معنى الحديث أنها شفاعة مؤقتة تحذيراً للأمة لا بخلاً من الرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعة الدائمة .
ثانياً :
إن بعض العلماء – عفا الله عنهم – قالوا : يسن أن يضع الإنسان جريدة رطبة ، أو شجرة ، أو نحوها على القبر ليخفف عنه ، لكن هذا الاستنباط
بعيد جداً ولا يجوز أن نصنع ذلك لأمور:
أولاً : أننا لم يكشف لنا أن هذا الرجل يعذب بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فقد كشف الله تعالى له بالوحي حال هذين القبرين .
ثانياً : أننا إذا فعلنا ذلك فقد أسأنا إلى الميت ، لأننا ظننا به ظن سوء أنه يعذب وما يدرينا فلعله يُنعم ، لعل هذا الميت ممن مَنَّ
الله عليه بالمغفرة قبل موته لوجود سبب من أسباب المغفرة الكثيرة فمات وقد عفا رب العباد عنه ، وحينئذ لا يستحق عذاباً .
ثالثاً : أن هذا الاستنباط مخالف لما كان عليه السلف الصالح فلم يكن هذا الفعل من هديهم وسنتهم وهم أعلم الناس بشريعة الله .
رابعاً : أن الله تعالى قد فتح لنا ما هو خير منه فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال : " استغفروا
لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " .
" انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (2/30) بتصرف .
*****
41663
مات ولم يحج تفريطا فهل يحج عنه؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4192)
سؤال رقم 41663- مات ولم يحج تفريطا فهل يحج عنه؟
من مات ولم يحج وهو في الأربعين ، وكان مقتدراً على الحج مع أنه محافظ على الصلوات الخمس ، وكان في كل سنة يقول : سوف أحج هذه السنة ، ومات وله ورثة هل يحج عنه ؟ وهل عليه شيء ؟.
الحمد لله
" اختلف العلماء في هذا ، فمنهم من قال : إنه يحج عنه وأن ذلك
ينفعه ، ويكون كمن حج لنفسه ، ومنهم من قال : لا يحج عنه ، وأنه لو حج عنه ألف مرة
لم تقبل . يعني لم تبرأ بها ذمته ، وهذا القول هو الحق ، لأن هذا الرجل ترك عبادة
واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر ، فكيف يذهب عنها ، ثم نلزمه إياها بعد الموت
، ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة ، كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ عن
صاحبها ، وهذا هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" ، وبه أقول : إن من
ترك الحج تهاوناً مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبداً ، لو حج عنه الناس ألف مرة
، أما الزكاة فمن العلماء من قال : إذا مات وأديت الزكاة عنه برأت الذمة ، ولكن
القاعدة التي ذكرتها تقتضي ألا تبرأ ذمته من الزكاة ، لكني أرى أن تخرج الزكاة من
التركة ، لأنه تعلق بها حق الفقراء والمستحقين للزكاة ، بخلاف الحج ، فلا يؤخذ من
التركة ، لأنه لا يتعلق به حق إنسان ، والزكاة يتعلق بها حق الإنسان ، فتخرج الزكاة
لمستحقيها ، ولكنها لا تجزئ عن صاحبها ، سوف يعذب بها عذاب من لم يزك ، نسأل الله
العافية ، كذلك الصوم إذا علم أن هذا الرجل ترك الصيام وتهاون في قضائه ، فإنه لا
يقضى عنه ، لأنه تهاون وترك هذه العبادة ، التي هي ركن من أركان الإسلام بدون عذر ،
فلو قضي عنه لم ينفعه ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ
صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) . فهذا فيمن لم يفرط ، وأما من ترك القضاء جهراً
وجهاراً بدون عذر شرعي فما الفائدة أن نقضي عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/226) .
*****
41675
صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/4193)
سؤال رقم 41675- صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة
كيف يضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في الصلاة ؟.
الحمد لله
لوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة صفتان :
الأولى : أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد .
روى أبو داود (726) والنسائي (889) عن وَائِل بْن حُجْرٍ أنه قال
: قُلْتُ : لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ
يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى
ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. . . إلخ الحديث .
صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال السندي في حاشية النسائي :
( ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ
الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ )
" ( الرُّسْغ ) هُوَ مَفْصِل بَيْن الْكَفّ وَالسَّاعِد ،
وَالْمُرَاد أَنَّهُ وَضَعَ بِحَيْثُ صَارَ وَسَط كَفّه الْيُمْنَى عَلَى الرُّسْغ
، وَيَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون بَعْضهَا عَلَى الْكَفّ الْيُسْرَى ، وَالْبَعْض
عَلَى السَّاعِد " انتهى .
الثانية : أن يقبض بيده اليمنى على اليسرى
روى النسائي (887) عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ
: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ
قَائِمًا فِي الصَّلاةِ قَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ . صححه الألباني
في صحيح النسائي .
قال الألباني رحمه الله في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"
(ص 68) :
" وكان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ، وأمر
بذلك أصحابه ، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى ، وكان يضعهما على الصدر " انتهى .
*****
41675
صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > كيفية الصلاة >(1/4194)
سؤال رقم 41675- صفة وضع اليدين على الصدر في الصلاة
كيف يضع المصلي يده اليمنى على اليسرى في الصلاة ؟.
الحمد لله
لوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة صفتان :
الأولى : أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد .
روى أبو داود (726) والنسائي (889) عن وَائِل بْن حُجْرٍ أنه قال
: قُلْتُ : لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ
يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا بِأُذُنَيْهِ ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى
ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ. . . إلخ الحديث .
صححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال السندي في حاشية النسائي :
( ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ
الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ )
" ( الرُّسْغ ) هُوَ مَفْصِل بَيْن الْكَفّ وَالسَّاعِد ،
وَالْمُرَاد أَنَّهُ وَضَعَ بِحَيْثُ صَارَ وَسَط كَفّه الْيُمْنَى عَلَى الرُّسْغ
، وَيَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَكُون بَعْضهَا عَلَى الْكَفّ الْيُسْرَى ، وَالْبَعْض
عَلَى السَّاعِد " انتهى .
الثانية : أن يقبض بيده اليمنى على اليسرى
روى النسائي (887) عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ
: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ
قَائِمًا فِي الصَّلاةِ قَبَضَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ . صححه الألباني
في صحيح النسائي .
قال الألباني رحمه الله في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"
(ص 68) :
" وكان يضع اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ، وأمر
بذلك أصحابه ، وكان أحياناً يقبض باليمنى على اليسرى ، وكان يضعهما على الصدر " انتهى .
*****
41682
الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح
الفقه > معاملات > الحدود والتعزيرات >(1/4195)
سؤال رقم 41682- الحكم فيمن يسطو ويسرق ويغتصب بالسلاح
ما الحكم في العصابات أو الأفراد الذي يسرقون الناس ، ويخطفون النساء ويعتدون على الأعراض ، كل ذلك تحت تهديد السلاح ؟.
الحمد لله
هذه الجرائم التي يفعلها بعض من لا دين لهم ، جعل الشرع عقوبتها
عقوبة شديدة ، وهي تعرف عند العلماء بـ " حد الحرابة " أو " قطاع الطريق " وهو
المذكور في قول الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا
أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ
الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
ولمجلس هيئة كبار العلماء ببلاد الحرمين الشريفين برئاسة الشيخ
عبد العزيز بن باز رحمه الله قرار في شأن هذه الجرائم ، جاء فيه :
" لقد اطلع المجلس على ما ذكره أهل العلم من الأحكام الشرعية
تدور من حيث الجملة على وجوب حماية الضروريات الخمس والعناية بأسباب بقائها مصونة
سالمة ، وهي : الدين والنفس والعرض والعقل والمال ، وقدر تلك الأخطار العظيمة التي
تنشأ عن جرائم الاعتداء على حرمات المسلمين في نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم وما
تسببه من التهديد للأمن العام في البلاد .
والله سبحانه وتعالى قد حفظ للناس أديانهم وأبدانهم وأرواحهم
وأعراضهم وعقولهم بما شرعه من الحدود والعقوبات التي تحقق الأمن العام والخاص ، وأن
تنفيذ مقتضى آية الحرابة وما حَكَمَ به صلى الله عليه وسلم في المحاربين كفيلٌ
بإشاعة الأمن والاطمئنان ، وردع من تسول له نفسه الإجرام والاعتداء على المسلمين .
إذ قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ
يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا
مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ
عَظِيمٌ ) المائدة/33 .
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانُوا فِي الصُّفَّةِ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ (أي أصابهم مرض)
فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْغِنَا رِسْلا ( أي اطلب لنا لبناً ) فَقَالَ
: مَا أَجِدُ لَكُمْ إِلا أَنْ تَلْحَقُوا بِإِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَأَتَوْهَا
فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَحُّوا وَسَمِنُوا وَقَتَلُوا
الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ ( الإبل ) فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّرِيخُ ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ ، فَمَا
تَرَجَّلَ النَّهَارُ ( أي ارتفع ) حَتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَأَمَرَ بِمَسَامِيرَ
فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَمَا
حَسَمَهُمْ ، ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى
مَاتُوا . قَالَ أَبُو قِلابَةَ : سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَحَارَبُوا اللَّهَ
وَرَسُولَهُ .
وبناء على ما تقدم فإن المجلس يقرر الأمور التالية :
أ ـ إن جرائم الخطف والسطو لانتهاك حرمات المسلمين على سبيل
المكابرة والمجاهرة من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً المستحقة للعقاب الذي
ذكره الله سبحانه في آية المائدة ، سواء وقع ذلك على النفس أو المال أو العرض ، أو
أحدث إخافة السبيل وقطع الطريق ، ولا فرق في ذلك بين وقوعه في المدن والقرى أو في
الصحارى والقفار كما هو الراجح من آراء العلماء رحمهم الله تعالى .
قال ابن العربي يحكي عن وقت قضائه : رُفِعَ إلي قومٌ خرجوا
محاربين إلى رفقة فأخذوا منها امرأة مغالبة على نفسها من زوجها ومن جملة المسلمين
معه ، فاحتملوها ، ثم جد فيهم الطلب فأُخذوا وجيء بهم ، فسألت من كان ابتلاني الله
به من المفتين فقالوا : ليسوا محاربين ! لأن الحرابة إنما تكون في الأموال لا في
الفروج ! فقلت لهم : إنا لله وإنا إليه راجعون ! ألم تعلموا أن الحرابة في الفروج
أفحش منها في الأموال ؟! وأن الناس كلهم ليرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين
أيديهم ولا يحرب المرء من زوجته وبنته ، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن
يسلب الفروج . انتهى .
ب ـ يرى المجلس في قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ
يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ
يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ
خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ )
أن ( أو ) للتخيير كما هو الظاهر من الآية الكريمة . وقول
الأكثرين من المحققين من أهل العلم رحمهم الله .
ج ـ يرى المجلس بالأكثرية أن يتولى نواب الإمام ـ القضاة ـ إثبات
نوع الجريمة والحكم فيها ، فإذا ثبت لديهم أنها من المحاربة لله ورسوله والسعي في
الأرض فساداً فإنهم مخيرون في الحكم فيها بالقتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من
خلاف أو النفي من الأرض ، بناءً على اجتهادهم ، مراعين واقع المجرم وظروف الجريمة
وأثرها في المجتمع وما يحقق المصلحة العامة للإسلام والمسلمين إلا إذا كان المحارب
قد قتل فإنه يتعين قتله حتماً كما حكاه ابن العربي المالكي إجماعاً ، وقال صاحب
الإنصاف من الحنابلة : " لا نزاع فيه " ا نتهى من بحث لهيئة كبار العلماء
بعنوان : "الحكم في السطو والاختطاف والمسكرات" (ص 192-194) .
*****
41687
الخروج للدعوة
الدعوة > دعوة المسلمين >(1/4196)
سؤال رقم 41687- الخروج للدعوة
عندي بعض الأسئلة ، وأتمنى منكم الإجابة الشافية الكافية.
1. أقوم أنا وبعض زملائي بزيارة الناس في بيوتهم وفي البحر وفي الشارع وتذكيرهم بالله ودعوتهم بالحسنى فهل هذا العمل غير صحيح وهل تعتبر الزيارة في الله مع أننا ننويها كذلك.
2.أذهب بعض الأحيان وبعض إخوتي في الله إلى إفريقيا وإلى بلدان كثيرة وندعو الناس إلى الإسلام فيقبلون بشكل عجيب على الإسلام . حتى من المظهر يتأثرون فما بالك بالكلام . فما صحة هذا العمل مع أن بعض الناس يقولون هذا بدعة ولا بد أن تكونوا على علم كبير مع أن الناس هناك لا يعرفون عن الإسلام شيئا فبمجرد دعوتهم وبيان الدين يسلمون.
3. ما حكم الخروج للدعوة في سبيل الله وتفريغ الأوقات لذلك مع أن بعض الناس قال لي لا تخرج مع أهل الدعوة فإنهم مبتدعة مع أني لم ألاحظ شيئا من ذلك بل ما شاهدته بعيني هو إحياء سنن النبي صلى الله عليه وسلم وحلقات الذكر والتعليم لسنن النبي من رياض الصالحين والحث على قيام الليل وما إلى ذلك فأفيدونا جزاكم الله خيرا .
الحمد لله
سؤالك فيه عدة جوانب :
فأما الجانب الأول : فإنّ هذا العمل الذي تقوم به أنت وزملاؤك هو
من الدعوة إلى الله تعالى ، ونشكرك على هذا العمل في زمانٍ قلّ فيه من يقوم بمثل
هذا ، ونبشركم بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَلَّ عَلَى
خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) . رواه مسلم ( 133 ) .
وهذا العمل إن نويت به الزيارة في الله تعالى ، فإنه يكون كذلك
إن شاء الله تعالى .
وأما الجانب الثاني : فلا يصدّك عن هذا العمل الدعوي ولا يثنيك
عنه لوم لائم ، ما دمت أنت وإخوانك تدعو بعلمٍ وبصيرة كما يظهر من كلامك .
وأما الأمر الثالث : فإذا كان المذكورون معروفين بالعقيدة
الصحيحة والعلم وحسن السيرة ، فلا بأس بالتعاون معهم في الدعوة والخروج معهم ، سواء
كانت المدة قليلة أو كثيرة ، لقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) المائدة /2 ، وقوله تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل
صالحاً وقال إنني من المسلمين ) فصلت /33 ، وقوله سبحانه : (
ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) ا لنحل
/125 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه
إلى خيبر لدعوة اليهود إلى الإسلام : ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير
لك من أن يكون لك حمر النعم ) رواه البخاري ( 3701 ) ومسلم ( 2406 ) .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد بعث الدعاة إلى الله سبحانه إلى
اليمن وإلى كثير من قبائل العرب .
وهذه الجماعة التي تخرج معها يوجد كثير من أفرادها ينقصهم العلم
الشرعي ، وقد يعتقدون بعض الاعتقادات الباطلة وهذا لا يمنعك من الخروج معهم والدعوة
إلى الله ، بل اخرج معهم وبَيِّن لهم الحق ، وعَلِّمهم ما جهلوه من السنة ، وانصحهم
بترك ما يفعلونه من بدع ومخالفات لعل الله تعالى ينفعهم بك .
والله تعالى أعلم .
وللأهمية انظر السؤال ( 8674 )
، ( 39349 ) .
*****
41693
ترتكب المحرمات مع خطيبها
الفقه > معاملات > النكاح > الخطبة >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة > العشق ومقدمات الفاحشة >(1/4197)
سؤال رقم 41693- ترتكب المحرمات مع خطيبها
أنا فتاة مسلمة واصلي وأخاف ربي كثيراً ولكن عندي مشكلة أني أعرف شخص وتقدم لخطبتي وأبي وافق ولكن كل مرة يؤجل الموضوع لأسباب عائلية ونحن لا نستطيع الصبر فكل ما يمر الوقت أجد نفسي متعلقة به كثيراً وهو كان يطلب مني مقابلته كثيرا ، واجتمعنا أكثر من مرة ونتحدث ، ونقبل بعضنا كأننا متزوجان وحتى الملامسة واعرف انه حرام وخطاْ وبعد المقابلة أتشاجر معه واكره نفسي واستغفر ربي واصلي صلاة الاستخارة في هذا الشخص إذا كان صالحاً لي أم لا وكل مرة أقول له خلاص لا نجتمع إلا بالحلال ونعاود نفس الخطأ أريد حلاً ساعدوني .
الحمد لله
أولاً :
ذكرت من سؤالك أنك محافظة على الصلوات الخمس كما أنك تخافين الله
عز وجل كثيراً ، فنرجو أن تكوني على خير ، ونسأل الله عز وجل أن يثبتك على الإيمان
والعمل الصالح وأن يبعد عنك الشر والفساد .
ثانياً :
إن الشرع المطهر قد سد جميع الطرق المفضية إلى الوقوع في الفواحش
، قال تعالى : ( ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) فعبر بالقرب منها المفضي
إلى الوقوع فيها ، كما حذرنا الشرع من اختلاط الرجال بالنساء ، فقال صلى الله عليه
وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ، فقالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ قال :
الحمو الموت ) متفق عليه .
والحمو هم أقارب الزوج من الأخ وابن عمه وابن خاله وغيرهم .
كما حذرنا من الخلوة بالأجنبية فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما
خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان ) أخرجه أحمد ، والترمذي ، والحاكم
، وقال الألباني : صحيح ( صحيح الجامع برقم 2546 ) .
كل هذا من أجل حماية الأعراض من الوقوع في الفاحشة وسد كل الطرق
المفضية إلى جريمة الزنا .
ثالثاً :
إن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يتم العقد ، فخروجك مع هذا الرجل
الأجنبي ومقابلتك له واجتماعك به وما يتبع ذلك من الأمور التي ذكرتها كل ذلك من
المحرمات ، فاتقي الله وامتنعي عن مقابلته حتى يتم العقد الشرعي وصارحيه بذلك .
انظري السؤال رقم ( 2572 ) و ( 23432 ) .
رابعاً :
هذا الشخص لو رأى منك الحزم والشدة والاستقامة والصلاح فإنه
سيزداد تمسكه بك لأنه رأى منك شخصية قوية لا تستسلمي لعواطفك ، ومن هذا الذي لا يحب
أن تكون زوجته قوية الشخصية حريصة على عرضها ، وبالتالي فإن هذا سينعكس في حياته
ويغير مسيرة حياته إلى استقامة وصلاح كان سببه أنت .
خامساً :
ثقي بالله عز وجل وأكثري من الدعاء ، لاسيما في أوقات الإجابة ،
وتحلي بالصبر وتذكري ما أعد الله عز وجل للصابرين ، قال تعالى : ( إنما يوفى
الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
سادساً :
نذكرك بقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات
الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ... ) الآية . والشيطان
يتدرج في دعوته إلى الباطل فقبل أن يوقع المسلم في الزنا يجره إليه عبر الخلوة
بالمرأة ، ومحادثتها ومن ثم تقبيلها ثم يكون اللقاء المحرم ، والكبيرة المنكرة
الزنا والعياذ بالله .
وكما قال القائل : نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء .
سابعاً :
ينبغي لك أن تبعدي الثقة العمياء بكل أحد ، فكم من امرأة وكم من
فتاة قالت خطيبي شريف وهو غير ما يتوقعه الناس ، فوقعت فريسة نتيجة سذاجتها ، فلا
ينبغي في مثل هذا حسن الظن ، بل احرصي غاية الحرص واحذري غاية الحذر ..
ثامناً :
ينبغي لك أن تتريثي في هذا الزوج وتتحرين عنه كثيراً لأنه سيكون
شريك الحياة ، فهل يصلح أن يكون هذا شريكاً لحياتك رغم محاولته وبقائه على المحرم .
تاسعاً :
ابحثي عن العوائق والمشكلات التي قد تعرقل الزواج باللتي هي أحسن
مع والدك ، فإن لم يمكن مخاطبته مباشرة فبإمكانك أن تدخلي من يؤثر عليه سواء والدتك
أو إخوانك أو أي شخص له عند والدك مكانة ووجاهة ، فيحثه على المبادرة والإسراع في
إجراء عقد النكاح ، ويبين له خطورة بقاء المرأة من غير زوج ، لاسيما مع تقدم السن ،
فقد لا تكرر الفرصة ويذكره ويخوفه بسوء العاقبة إن هو أهمل أو فرط .
وبعض الأولياء – هداهم الله – يجعلون المشكلات العائلية حتى
اليسيرة منها عائقة لمثل هذه الأمور التي يكتوي بنارها آخرون دون مبالاة ولا شعور
بالمسؤولية .
وأخيراً :
نسأل الله أن يوفقك لكل ما فيه خير ، كما نسأله جل وعلا أن يصلح
خطيبك هذا أو ييسر لك من ترضين دينه وخلقه .. إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
*****
41696
هل يستدين لشراء الأضحية؟
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4198)
سؤال رقم 41696- هل يستدين لشراء الأضحية؟
هل يجب الاستدانة من أجل شراء الأضحية ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 36432 )
ذكر اختلاف العلماء في حكم الأضحية ، وهل هي واجبة أم مستحبة .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ولم يرد في الأدلة الشرعية ما يدل على وجوبها ، والقول بالوجوب
قول ضعيف " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (18/36) .
ثم الذين قالوا بوجوبها اشترطوا لوجوبها الغنى .
انظر حاشية ابن عابدين (9/452) .
فعلى القولين جميعاً – القول بالوجوب والقول بالاستحباب – لا يجب
الاستدانة من أجل شراء الأضحية ، لأنها ليست واجبة على غير الغني باتفاق العلماء .
ثم بقي السؤال : هل يستحب أن يقترض أم لا ؟
والجواب : أنه يستحب أن يقترض إذا كان يرجو وفاء ، كما لو كان
موظفاً واقترض حتى يأخذ راتبه آخر الشهر ، أما إذا كان لا يرجو الوفاء فالأولى له
عدم الاقتراض ، لأنه يشغل ذمته بهذا الدَّيْن في شيء غير واجب عليه .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن لا يقدر على الأضحية ،
هل يستدين ؟
فأجاب :
" إن كان له وفاء فاستدان ما يضحي به فحسن ، ولا يجب عليه أن
يفعل ذلك " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (26/305) .
هذا ، وشيخ الإسلام رحمه الله يقول بوجوبها .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل تجب الأضحية على غير القادر ؟
وهل يجوز أخذ الأضحية دَيْناً على الراتب ؟
فأجاب :
" الأضحية سنة وليست واجبة . . . ولا حرج أن يستدين المسلم ليضحي
إذا كان عنده القدرة على الوفاء " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (1/37) .
*****
41697
هل يصلي صلاة الاستخارة في وقت النهي؟
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة النافلة > صلاة الاستخارة >(1/4199)
سؤال رقم 41697- هل يصلي صلاة الاستخارة في وقت النهي؟
هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة في وقت النهي عن الصلاة ؟.
الحمد لله
سبق في جواب السؤال ( 306 )
، ( 8818 ) ، ( 20013 )
بيان الأوقات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها ، وأن المراد بذلك
النهي : صلاة النفل المطلق التي لا سبب لها ، وأما النافلة التي لها سبب كتحية
المسجد فإنها تصلى في وقت النهي .
وقد اختلف العلماء في صلاة الاستخارة هل تعتبر من ذوات الأسباب
أم لا ؟
والصواب في هذا : أن الاستخارة إذا كانت لأمر يفوت بحيث لا يمكن
من تأجيل الصلاة فإنها تصلى في وقت النهي ، كما لو عرض له السفر بعد صلاة العصر ،
وأما إن كانت لأمر لا يفوت بحيث يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد انتهاء وقت النهي
فإنها لا تصلى في وقت النهي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/345) :
" وتقضى السنن الراتبة , ويفعل ما له سبب في أوقات النهي , وهو
إحدى الروايتين عن أحمد ، واختيار جماعة من أصحابنا وغيرهم , ويصلي صلاة الاستخارة
وقت النهي في أمر يفوت بالتأخير إلى وقت الإباحة .
ويستحب أن يصلي ركعتين عقب الوضوء ولو كان وقت النهي , وقاله
الشافعية " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يصلي الإنسان صلاة
الاستخارة في وقت النهي ؟
فأجاب :
" صلاة الاستخارة إن كانت لأمر مستعجل لا يتأخر حتى يزول النهي
فإنها تفعل ، وإن كانت لسبب يمكن أن يتأخر فإنه يجب أن تؤخر " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (14/275) .
*****
41702
وجوب الحج على الفور
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4200)
سؤال رقم 41702- وجوب الحج على الفور
هل يجوز للشخص القادر على الحج أن يؤخر الحج عدة سنوات ؟.
الحمد لله
من استطاع الحج وتوفرت فيه شروط وجوبه ، وجب عليه الحج على الفور
، ولا يجوز له تأخيره .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" :
" من وجب عليه الحج , وأمكنه فعله , وجب عليه على الفور , ولم
يجز له تأخيره . وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى
النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ
اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 . والأمر
على الفور ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ
فَلْيَتَعَجَّلْ ) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه . وفي رواية أحمد وابن
ماجه : ( فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ
الْحَاجَةُ ) حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه " انتهى بتصرف .
ومعنى أن الأمر على الفور : أنه يجب على المكلف فعل المأمور به
بمجرد التمكن من فعله ، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : هل وجوب الحج على الفور
أم علي التراخي ؟
فأجاب :
" الصحيح أنه واجب على الفور ، وأنه لا يجوز للإنسان الذي استطاع
أن يحج بيت الله الحرام أن يؤخره ، وهكذا جميع الواجبات الشرعية ، إذا لم تُقيد
بزمن أو سبب ، فإنها واجبة على الفور " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/13) .
*****
41703
السأم من الحياة
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4201)
سؤال رقم 41703- السأم من الحياة
أنا شاب مللت من العيش في هذه الدنيا الفانية ، وأصبح عندي شعور بالملل والسأم ، فهل من ناصر ، ولا ناصر إلا الله ؟! .
الحمد لله
أسباب الرغبة عن الدنيا وكراهيتها عديدة ، فمن الناس من يكره هذه
الدنيا الفانية رغبة فيما عند الله من الأجر والثواب ، ومحبة للقاء الله تعالى ،
ولهذا قال بعض السلف :" تحفة المؤمن الموت " ، فهو يكره الدنيا ، لتعلق قلبه
بالآخرة ، وهو مع كراهيته للدنيا قائم بحق الله تعالى وحق عباده ، وساع في الخير
قدر استطاعته ، على حد قوله تعالى ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ ) الحجر/99
ومن الناس من يكره الدنيا لا لأجل الآخرة ، بل لأنه يرى أن حظه
فيها قليل ، وأن غيره خير منه ، ولا شك أن في هذا نوعا من التسخط على أقدار الله
تعالى ، فالله تعالى هو معطي المنح ، ومقسم الأرزاق ، ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ
الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا
يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) الشورى/27
ومن الناس من يكره الدنيا لكثرة ما أصابه فيها من بلاء ونصب وتعب
، ولا شك أن هذا الصنف لم يعرف حقيقة الدنيا ، فالدنيا دار عمل وابتلاء ، ودار نصب
وتعب ، لاسيما المؤمن الصالح ، فإنه يلاقي من أنواع البلاء ما يكفر الله به عنه من
خطاياه ، ويرفع به من منزلته ، قال تعالى ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
) البلد/4 ، وقال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن
يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت/2-3 ، وقال تعالى
: ( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ
يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ
بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) آل عمران/197 وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ
مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن
رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة/154-156
أخي الكريم .... من أي الأصناف السابقة أنت ؟؟!!!
تذكر أخي الحبيب كم ابتلي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد عاداه
قومه ، ووقف في وجهه أقرب الناس إليه ، وشتمه بعض الناس ، وآذاه البعض الآخر ، وطرد
من دياره ، وحوصر حصارا شديدا ، واجتمع الكفار على قلته واغتياله ، وماتت زوجته
خديجة رضي الله عنها في أصعب المواقف وأحلك الظروف ، وكان يبيت الشهر والشهرين لا
يأكل إلا الماء والتمر ، كل هذا وهو نبي الله ، ورسوله وأمينه على وحيه !! كل هذا
وهو صاحب المقام المحمود والحوض المورود !! كل هذا وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما
تأخر .
فكيف بنا نحن المذنبين العاصين المقصرين ؟؟؟
أنصحك أخي الكريم بما يلي :
أولا : أكثر من دعاء الله عز وجل والتقرب إليه بأنواع العبادات ،
من صلاة وزكاة وصيام وغير ذلك ، وابتهل إلى الله عز وجل أن يزيل ما نفسك ، وأن يشرح
صدرك ، قال تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ
أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد/28 ،
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ
الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) الأعراف/201
ثانيا : اعلم أن أقدار الله عز وجل لعبده المؤمن كلها خير ، وأنه
مهما ضاق عليك أمر حياتك ، فعند الله خزائن السماوات والأرض ، فأصلح ما بينك وبين
الله ، يكفك الله مؤنة الناس .
ثالثا : قد يكون كدرك وحزنك على أمر فاتك فلم تحصله ، وحينئذ
عليك أن تعلم أنه كم من إنسان ألح في طلب شيء ، وهو لا يدري أن هلاكه فيه ، وكم من
إنسان حزن على فوات أمور يريدها ، وهو لا يدري أنه لو حصلها لأضاع دينه ودنياه ،
فارض بقضاء الله وقدره ، واستعن بالله ولا تعجز .
رابعاً : راجع فؤادك وقلبك وعلاقتك مع ربك بصورة أدق ، فالعبد
يحرم الرزق بالذنب يصيبه
خامسا : قد تكون لديك بعض المشاكل الشخصية أو العائلية ، وحل مثل
تلك المشاكل أن ترتب الأولويات ، وأن تستعين بالله ثم بأهل الخبرة في حلها ، وفك
معضلاتها .
سادساً : اعلم أن أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ،
فقد ثبت في المسند من حديث مصعب بن سعد عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله أي الناس
أشد بلاء ؟ قال : ( الأنبياء ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، يبتلى
الرجل على حسب دينه ؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينة رقة
خفف عنه ، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشى على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) مسند الإمام أحمد برقم 1481 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ، وصححه
الألباني في صحيح الجامع برقم 992 .
سابعا : داوم على الاستغفار والعبادة ، فهو خير لك من كل حظوظ
الدنيا مهما عظمت وكثرت ، كما أن فيه إزالة للهموم ، وقد جاء في بعض الآثار أنه من
لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا
يحتسب .
فاستدم طاعة الله عز وجل ، واعمل بقوله تعالى ( وَاعْبُدْ
رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) وقوله تعالى ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا
به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) طه/131 ، وفقنا الله وإياك لصالح القول والعمل ، والله أعلم .
راجع الأسئلة ( 21515 ، 30901 ، 2554 )
وانظر كتاب علاج الهموم في قسم الكتب من موقعنا .
*****
41709
هل يستخير قبل الحج؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4202)
سؤال رقم 41709- هل يستخير قبل الحج؟
هل تستحب الاستخارة لمن أراد أن يسافر للحج ؟.
الحمد لله
" الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستخارة شامل
عام في كل أمر يهم به الإنسان ، ولا يدري الخيرة في فعله أم في تركه ، فيستخير الله
تعالى ، ولكنه لا يتناول الأمور المفروضة على المرء ، لأن فعل الأمور المطلوبة على
المرء خير بلا تردد ، وعلى هذا فإذا وجب الحج على الإنسان وتمت شروط الوجوب فإن
عليه أن يحج بدون استخارة ، كما أنه إذا أذن لصلاة الظهر مثلاً ، فإنه يجب عليه أن
يصلي بدون استخارة ، وكذلك إذا وجب عليه الجهاد فصار فرض عين عليه ، فإنه يجب عليه
أن يجاهد بدون استخارة ، ولكن إذا كان الشيء مشروعاً وليس بواجب عليه فإنه يمكن أن
تدخل فيه الاستخارة ، بمعني أن المشروعات بعضها أفضل من بعض ، فقد يريد الإنسان أن
يعتمر عمرة تطوع ، أو يحج حج تطوع ، ولكن لا يدري : الحج أفضل أم بقاؤه في بلده
للدعوة إلى الله والإرشاد وتوجيه المسلمين ، والقيام بمصالح أهل بيته أفضل ؟
فيستخير الله سبحانه وتعالى ، لا لأنه قد شك في فضل العمرة ، ولكن لأنه قد شك هل
الذهاب للعمرة أفضل أم البقاء في بلده أفضل ؟ وهذا أمر وارد ، ويمكن فيه الاستخارة
، فمن تأمل حديث الاستخارة ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها لا تشرع إلا
في الأمر الذي يتردد فيه الإنسان : أما الأمر الذي ليس فيه تردد فإنه لا استخارة
فيه ، وكما أسلفت : أن الأمور الواجبة لا تحتمل التردد والشك في فعلها ، لوجوب
القيام بها على من توفرت فيه شروط الوجوب " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/26، 27) .
*****
08/1426
41730
هل يلزم الزوج أن يحج بزوجته؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4203)
سؤال رقم 41730- هل يلزم الزوج أن يحج بزوجته؟
زوجتي لم تحج الفريضة ، فهل يجب علي أن أذهب بها للحج ؟ وهل تلزمني نفقتها في الحج ؟.
الحمد لله
" إن كانت الزوجة قد اشترطت عليه في العقد أن يحج بها وجب عليه
أن يفي بهذا الشرط ، وأن يحج بها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ أَحَقَّ
الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) ، وقد قال
الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1 . وقال : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ
مَسْؤُولاً ) الإسراء/34 .
أما إذا لم تشترط عليه ذلك ، فإنه لا يلزمه أن يحج بها ، ولكني
أشير عليه أن يحج بها لأمور :
أولاً : طلباً للأجر ، لأنه يكتب له من الأجر مثل ما كتب لها ،
وهي قد أدت فريضة .
ثانياً : أن ذلك سبب للألفة بينهما ، وكل شيء يوجب الألفة بين
الزوجين فإنه مأمور به .
ثالثا : أن يمدح ويثني عليه بهذا العمل ، ويُقتدى به .
فليستعن بالله ويحج بزوجته . سواء شرطت عليه أم لم تشترط . وأما
إذا اشترطت فيجب عليه أن يوفي به " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/114) .
*****
41731
تحريم تخطي رقاب الجالسين يوم الجمعة
الفقه > عبادات > الصلاة > صلوات في مناسبات مختلفة > صلاة الجمعة >
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4204)
سؤال رقم 41731- تحريم تخطي رقاب الجالسين يوم الجمعة
أرجو بيان حكم تخطي الرقاب يوم الجمعة ، هل هو حرام أم لا ؟.
الحمد لله
روى أبو داود (1118) وابن ماجه (1115) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
بُسْرٍ رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ
لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اجْلِسْ ، فَقَدْ آذَيْتَ )
. صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ففي هذا الحديث : النهي عن تخطي رقاب الجالسين لصلاة الجمعة .
وقد اختلف العلماء في حكم ذلك على قولين :
الأول : الكراهة ، ونقله ابن المنذر عن الجمهور . وقال ابن حجر :
والأكثر على أنها كراهة تنزيه ، وهو المشهور عند الشافعية ، ومذهب الحنابلة .
انظر : "فتح الباري" (2/392) ، "كشاف القناع" (2/44) ، "المجموع" (4/466) .
وقَيَّد مالك والأوزاعي الكراهة بما إذا كان الخطيب على المنبر ،
جاء في "المدونة" (1/159) : " وقال مالك : إنما يكره التخطي إذا خرج الإمام ، وقعد
على المنبر ، فمن تخطى حينئذ فهو الذي جاء فيه الحديث ، فأما قبل ذلك فلا بأس به
إذا كانت بين يديه فُرَجٌ ، وليترفق في ذلك " انتهى .
القول الثاني : أن التخطي حرام مطلقاً في يوم الجمعة وغيره ،
لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه قال : جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى
رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( اجْلِسْ ، فَقَدْ آذَيْتَ ) . رواه أبو داود (1118) ، وابن ماجه (1115)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الترمذي : " والعمل عليه عند أهل العلم ، كرهوا أن يتخطى
الرجل يوم الجمعة رقاب الناس ، وشددوا في ذلك " انتهى .
وهذا ما رجحه جمع من المحققين ، كابن المنذر وابن عبد البر
والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية ، كما في "الاختيارات الفقهية" (ص 81) وغيرهم . ومن
المعاصرين الشيخ ابن عثيمين .
قال ابن المنذر معللاً القول بالتحريم : لأن الأذى يحرم قليله
وكثيره ، وهذا أذى ، كما جاء في الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن
يراه يتخطى : ( اجلس فقد آذيت ) "المجموع" (4/467) .
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (1/316) : وفي قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم للمتخطي يوم الجمعة : (آذيت) بيان أن التخطي أذى ، ولا يحل أذى مسلم
بحال ، في الجمعة وغير الجمعة .
وقال النووي في "روضة الطالبين" (11/224) : المختار أن تخطي
الرقاب حرام ، للأحاديث فيه .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " تخطي الرقاب حرام حال الخطبة وغيرها ،
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل رآه يتخطى رقاب الناس : (اجلس فقد آذيت) ويتأكد
ذلك إذا كان في أثناء الخطبة ؛ لأن فيه أذيةً للناس ، وإشغالاً لهم عن استماع
الخطبة ، حتى وإن كان التخطي إلى فرجة ؛ لأن العلة وهي الأذية موجودة " انتهى .
"فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (16/147) .
*****
41732
حكم الاستنابة في الحج والعمرة
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4205)
سؤال رقم 41732- حكم الاستنابة في الحج والعمرة
ما حكم الاستنابة في الحج أو العمرة ؟.
الحمد لله
" توكيل الإنسان من يحج عنه لا يخلو من حالين :
الحال الأولى : أن يكون ذلك في فريضة .
والحال الثانية : أن يكون ذلك في نافلة ، فإن كان ذلك في فريضة
فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر ، إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من
الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى زواله ، أو لكبر ونحو ذلك ، فإن كان يرجى زوال
هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدى الحج بنفسه ، وإن لم يكن لديه مانع من
الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في آداء النسك
عنه ، لأنه هو المطالب به شخصياً . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) آل عمران/97 . فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ، ليتم له التعبد
والتذلل لله سبحانه وتعالى ، ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا
المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات .
وأما إذا كان الموكل قد أدى الفريضة وأراد أن يوكل عنه من يحج أو
يعتمر فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم : فمنهم من أجازه ، ومنهم من منعه ، والأقرب
عندي : المنع ، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه ، أو يعتمر إذا كان ذلك
نافلة ، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه ، وكما أنه لا يوكل أحداً
يصوم عنه ، مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عن وليه ، فكذلك في الحج ، والحج
عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه ، وليست عبادة مالية يقصد بها نفع الغير ، وإذا كان
عبادة بدنية يقوم الإنسان فيها ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه ، إلا فيما وردت به
السنة ، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل ، وهذه إحدى الروايتين عن
الإمام أحمد رحمه الله - أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمرة
سواءً كان قادراً أو غير قادر .
ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حث للأغنياء القادرين على
الحج بأنفسهم ، لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة ، اعتماداً
على أنه يوكل من يحج عنه كل عام ، فيفوته المعنى الذي من أجله شرع الحج ، بناء على
أنه يوكل من يحج عنه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/136) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة جواز الاعتمار والحج عن الحي
العاجز عن فعلهما ولو كان ذلك نافلة .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (11/81) :
إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا
عاجزين ، لكبر أو مرض لا يرجى برؤه " انتهى .
وهو ما اختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله ، فإنه سئل : أريد
أن أحج عن والدتي ، فهل لا بد أن أستأذنها ، علماً بأنها سبق أن أدت حجة الفريضة ؟
فأجاب :
" إذا كانت والدتك عاجزة عن الحج لكبر سنها أو مرض لا يرجى برؤه
فلا بأس أن تحج عنها ولو بغير إذنها ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
استأذنه رجل قائلاً : يا رسول الله ، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حج عن أبيك واعتمر ) واستأذته امرأة قائلة : يا
رسول الله إن أبي شيخ كبير ولا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه ؟ فقال صلى الله
عليه وسلم : حجي عن أبيك . وهكذا الميت يحج عنه لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ، ولهذين
الحديثين " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (16/414) .
*****
08/1426
41734
آداب السفر إلى الحج أو غيره
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
الآداب > آداب السفر >(1/4206)
سؤال رقم 41734- آداب السفر إلى الحج أو غيره
هل هناك آداب معينة ينبغي مراعاتها على المسافر لاسيما من سافر إلى الحج ؟.
الحمد لله
آداب المسافر كثيرة جداً ، وقد اعتنى العلماء بجمعها ، وممن
جمعها جمعاً حسناً النووي رحمه الله في كتابه " المجموع" (4/264- 287) فقد ذكر
اثنين وستين أدباً ، ونذكر بعض هذه الآداب مختصرة ، ومن أراد التوسع فعليه بمراجعة
كلام النووي رحمه الله .
قال رحمه الله :
" بَابُ آدَابِ السَّفَرِ .
هَذَا بَابٌ مُهِمٌّ ، تَتَكَرَّرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ ،
وَيَتَأَكَّدُ الِاهْتِمَامُ بِهِ .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا الإِشَارَةُ إلَى آدَابِهِ مُخْتَصَرَةً :
1- إذَا أَرَادَ سَفَرًا اُسْتُحِبَّ أَنْ يُشَاوِرَ مِنْ يَثِقُ
بِدِينِهِ وَخِبْرَتِهِ وَعِلْمِهِ فِي سَفَرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَجِبُ
عَلَى الْمُسْتَشَارِ النَّصِيحَةُ وَالتَّخَلِّي مِنْ الْهَوَى وَحُظُوظِ
النُّفُوسِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر )
وَتَظَاهَرَتْ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم
كَانُوا يُشَاوِرُونَهُ فِي أُمُورِهِمْ .
2- إذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْتَخِيرَ
اللَّهَ تَعَالَى فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَدْعُو
بِدُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ .
3- إذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُهُ لِسَفَرِ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ
غَيْرِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي
وَالْمَكْرُوهَاتِ وَيَخْرُجَ عَنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ وَيَقْضِيَ مَا أَمْكَنَهُ
مِنْ دُيُونِهِمْ , وَيَرُدَّ الْوَدَائِعَ وَيَسْتَحِلَّ كُلَّ مَنْ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ وَيَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ
وَيُشْهدَ عَلَيْهِ بِهَا وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِي مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ
قَضَائِهِ مِنْ دُيُونِهِ وَيَتْرُكَ لأَهْلِهِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ
نَفَقَتَهُمْ إلَى حِينِ رُجُوعِهِ .
4- إرْضَاء وَالِدَيْهِ وَمَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بِرُّهُ
وَطَاعَتُهُ .
5- إذَا سَافَرَ لِحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ حَلالا خَالِصَةً مِنْ
الشُّبْهَةِ , فَإِنْ خَالَفَ وَحَجَّ أَوْ غَزَا بِمَالٍ مَغْصُوبٍ عَصَى وَصَحَّ
حَجُّهُ وَغَزْوُهُ فِي الظَّاهِرِ , لَكِنَّهُ لَيْسَ حَجًّا مَبْرُورًا .
6- يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ فِي حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا
يَحْمِلُ فِيهِ الزَّادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ
لِيُوَاسِيَ مِنْهُ الْمُحْتَاجِينَ , وَلْيَكُنْ زَادُهُ طَيِّبًا لقوله تعالى : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ
وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ
تُنْفِقُونَ )
وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبِ هُنَا : الْجَيِّدُ , وَالْخَبِيثُ :
الرَّدِيءُ , وَيَكُونُ طَيِّبَ النَّفْسِ بِمَا يُنْفِقُهُ لِيَكُونَ أَقْرَبَ
إلَى قَبُولِهِ .
7- إذَا أَرَادَ سَفَرَ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ لَزِمَهُ تَعَلُّمُ
كَيْفِيَّتِهِمَا ; إذْ لا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ مِمَّنْ لا يَعْرِفُهَا ,
وَيُسْتَحَبُّ لِمُرِيدِ الْحَجِّ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ كِتَابًا وَاضِحًا فِي
الْمَنَاسِكِ جَامِعًا لِمَقَاصِدِهَا وَيُدِيمَ مُطَالَعَتَهُ , وَيُكَرِّرَهَا
فِي جَمِيعِ طَرِيقِهِ لِتَصِيرَ مُحَقَّقَةً عِنْدَهُ , وَمَنْ أَخَلَّ بِهَذَا
مِنْ الْعَوَامّ يُخَافُ أَنْ لا يَصِحَّ حَجُّهُ لإِخْلَالِهِ بِشَرْطٍ مِنْ
شُرُوطِ أَرْكَانِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ , وَرُبَّمَا قَلَّدَ بَعْضُهُمْ بَعْضَ
عَوَامِّ مَكَّةَ وَتَوَهَّمَ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْمَنَاسِكَ مُحَقَّقَةً
فَاغْتَرَّ بِهِمْ , وَذَلِكَ خَطَأٌ فَاحِشٌ , وَكَذَا الْغَازِي وَغَيْرُهُ
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ كِتَابًا مُعْتَمَدًا مُشْتَمِلا عَلَى مَا
يَحْتَاجُ إلَيْهِ , وَيَعْلَمُ الْغَازِي مَا يَحْتَاجُ مِنْ أُمُورِ الْقِتَالِ
وَأَذْكَارِهِ , وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَقَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ , وَيَتَعَلَّمُ الْمُسَافِرُ لِتِجَارَةٍ مَا يَحْتَاجُ
إلَيْهِ مِنْ الْبُيُوعِ وَمَا يَصِحُّ وَمَا يَبْطُلُ وَمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ .
. . وهكذا .
8- يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ رَفِيقًا رَاغِبًا فِي
الْخَيْرِ كَارِهًا لِلشَّرِّ ، إنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ , وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ ,
وَإِنْ تَيَسَّرَ لَهُ مَعَ هَذَا كَوْنُهُ عَالِمًا فَلْيَتَمَسَّكْ بِهِ
فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ بِعِلْمِهِ وَعَمَلِهِ مِنْ سُوءِ مَا يَطْرَأُ عَلَى
الْمُسَافِرِ مِنْ مَسَاوِئِ الأَخْلاقِ وَالضَّجَرِ وَيُعِينُهُ عَلَى مَكَارِمِ
الأَخْلاقِ وَيَحُثُّهُ عَلَيْهَا .
ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرِصَ عَلَى إرْضَاءِ رَفِيقِهِ فِي
جَمِيعِ طَرِيقِهِ , وَيَحْتَمِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَيَرَى
لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ فَضْلا وَحُرْمَةً , وَيَصْبِرَ عَلَى مَا يَقَعُ مِنْهُ فِي
بَعْضِ الْأَوْقَاتِ .
9- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَدِّعَ أَهْلَهُ وَجِيرَانَهُ
وَأَصْدِقَاءَهُ وَسَائِرَ أَحْبَابِهِ وَأَنْ يُوَدِّعُوهُ وَيَقُولُ كُلُّ
وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ : أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ
عَمَلِكَ , ويقول المقيم للمسافر : زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى وَغَفَرَ لَكَ
ذَنْبَكَ وَيَسَّرَ الْخَيْرَ لَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ .
10- السُّنَّةُ أَنْ يَدْعُوَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ : (
بِاسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا
بِاَللَّهِ ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ ، أَوْ
أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ
عَلِيَّ ) .
11- السُّنَّةُ : إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَأَرَادَ رُكُوبَ
دَابَّتِهِ أَنْ يَقُولَ : بِسْمِ اللَّهِ , فَإِذَا اسْتَوَى عَلَيْهَا قَالَ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ
وَإِنَّا إلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ , ثُمَّ يقول : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ثَلاثَ
مَرَّاتٍ ، اللَّهُ أَكْبَرُ ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، سُبْحَانَكَ إنِّي ظَلَمْتُ
نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ .
ويقول : اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا
الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا
سَفَرَنَا هَذَا , وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ , اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي
السَّفَرِ , وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ , اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ
وَعْثَاءِ السَّفَرِ , وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ , وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ
وَالأَهْلِ وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ , وَزَادَ فِيهِنَّ : آيِبُونَ تَائِبُونَ
عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ .
مَعْنَى مُقْرِنِينَ : مُطِيقِينَ , وَالْوَعْثَاءُ - هِيَ
الشِّدَّةُ ، وَالْكَآبَةُ : هِيَ تَغَيُّرُ النَّفْسِ مِنْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ ،
وَالْمُنْقَلَبُ : الْمَرْجِعُ .
12- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُرَافِقَ فِي سَفَرِهِ جَمَاعَةً
لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : ( لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنْ الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا
سَارَ رَكْبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
13- يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَمِّرَ الرِّفْقَةُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
أَفْضَلَهُمْ وَأَجْوَدَهُمْ رَأْيًا , وَيُطِيعُوهُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ
وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( إذَا
خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ ) حَدِيثٌ حَسَنٌ
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ .
14- يُسْتَحَبُّ السُّرَى (السير ليلاً) فِي آخِرِ اللَّيْلِ
لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكُمْ
بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ , وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ : هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ
الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ , وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ : ( ِإنَّ الأَرْضَ تُطْوَى
بِاللَّيْلِ لِلْمُسَافِرِ ) .
وَالدُّلْجَة سَيْر آخِر اللَّيْل , وَقِيلَ سَيْر اللَّيْل
كُلّه .
15- يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرِّفْقَ وَحُسْنَ
الْخُلُقِ , وَيَتَجَنَّبَ الْمُخَاصَمَةَ وَمُزَاحَمَةَ النَّاسِ فِي الطُّرُقِ ,
وَأَنْ يَصُونَ لِسَانَهُ مِنْ الشَّتْمِ وَالْغِيبَةِ وَلَعْنَةِ الدَّوَابِّ
وَجَمِيعِ الْأَلْفَاظِ الْقَبِيحَةِ .
16- يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُكَبِّرَ إذَا صَعِدَ مكانا
عالياً من الأرض ، وَيُسَبِّحَ إذَا هَبَطَ الأَوْدِيَةَ وَنَحْوَهَا .
17- يُسْتَحَبُّ إذَا أَشْرَفَ عَلَى قَرْيَةٍ يُرِيدُ
دُخُولَهَا أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ
أَهْلِهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا , وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا
وَشَرِّ مَا فِيهَا .
18- يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ فِي سَفَرِهِ فِي كَثِيرٍ
مِنْ الأَوْقَاتِ ; لأَنَّ دَعْوَتَهُ مُجَابَةٌ .
19- يَنْبَغِي لَهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَلَى
الصَّلاةِ فِي أَوْقَاتِهَا , وَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ - تَعَالَى بِمَا جَوَّزَهُ
مِنْ التَّيَمُّمِ وَالْجَمْعِ وَالْقَصْرِ .
20- السُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ : إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا مَا
رَوَتْهُ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ قَالَتْ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلا ثُمَّ قَالَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ
التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يُضَرَّ بِشَيْءٍ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ
مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
21- يُسْتَحَبُّ لِلرِّفْقَةِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَنْزِلُوا
مُجْتَمِعِينَ وَيُكْرَهُ تَفَرُّقُهُمْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي
ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ النَّاسُ إذَا نَزَلُوا
مَنْزِلا تَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم : ( إنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعَابِ وَالأَوْدِيَةِ
إنَّمَا ذَلِكُمْ مِنْ الشَّيْطَانِ ، فَلَمْ يَنْزِلُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَنْزِلا
إلا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ
حَسَنٍ .
22- السُّنَّةُ لِلْمُسَافِرِ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَنْ
يُعَجِّلَ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ(1/4207)
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ ،
يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ
مِنْ سَفَرِهِ فَلِيُعَجِّلْ إلَى أَهْلِهِ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ . نَهْمَتُهُ : مَقْصُودُهُ .
23- السُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ فِي رُجُوعِهِ مِنْ السَّفَرِ مَا
ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ
إذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ
مِنْ الأَرْضِ (مكان مرتفع) ثَلاثَ تَكْبِيرَاتٍ , ثُمَّ يَقُولُ : لا إلَهَ إلا
اللَّهُ ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ , وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ
لِرَبِّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ , وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ
الأَحْزَابَ وَحْدَهُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ . وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ :
أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إذَا كُنَّا بِظَهْرِ
الْمَدِينَةِ قَالَ : ( آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ ,
فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ) رَوَاهُ
مُسْلِمٌ .
24- السُّنَّةُ إذَا وَصَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ
دُخُولِهِ بِالْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ إلَى مَنْزِلِهِ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ
بِنِيَّةِ صَلاةِ الْقُدُومِ , لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم كَانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ
رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .
25- يُسْتَحَبُّ النَّقِيعَةُ , وَهِيَ طَعَامٌ يُعْمَلُ
لِقُدُومِ الْمُسَافِرِ , وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ الْمُسَافِرُ الْقَادِمُ
, وَعَلَى مَا يَعْمَلُهُ غَيْرُهُ لَهُ , وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لَهَا حَدِيثُ
جَابِرٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا
قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرِهِ نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً . رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ .
26 - يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُسَافِرَ من غير محرم
مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ ، سَوَاءٌ بَعُدَ أَمْ قَرُبَ , لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ
لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَمُسْلِمٌ " .
انتهى كلام النووي رحمه الله ملخصاً مع تصرف يسير .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" آداب سفر الحج تنقسم إلى قسمين : آداب واجبة ، وآداب مستحبة .
فأما الآداب الواجبة : فهي أن يقوم الإنسان بواجبات الحج وأركانه ، وأن يتجنب
محظورات الإحرام الخاصة ، والمحظورات العامة ، الممنوعة في الإحرام وفي غير الإحرام
. لقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ
فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .
وأما الآداب المستحبة في سفر الحج : أن يقوم الإنسان بكل ما
ينبغي له أن يقوم به ؛ من الكرم بالنفس والمال والجاه ، وخدمة إخوانه وتحمل أذاهم ،
والكف عن مساوئهم ، والإحسان إليهم ، سواء كان ذلك بعد تلبسه الإحرام ، أو قبل
تلبسه بالإحرام ، لأن هذه الآداب عالية فاضلة ، تطلب من كل مؤمن في كل زمان ومكان ،
وكذلك الآداب المستحبة في نفس فعل العبادة ، كأن يأتي الإنسان بالحج على الوجه
الأكمل ، فيحرص على تكميله بالآداب القولية والفعلية " انتهى
"فتاوى ابن عثيمين" (21/16) .
*****
41737
له زوجتان ويصعب عليه العدل بينهما
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4208)
سؤال رقم 41737- له زوجتان ويصعب عليه العدل بينهما
رجل له زوجتان كل واحدة منهما في مكان يبعد عن الأخرى فلا يتسنى له العدل في المبيت ، مع العلم أن مقر عمله وتجارته عند إحدى الزوجتين مما يحتم عليه أن يقضي وقتاً أطول عند إحداهما دون الأخرى ، فهل هذا الزوج آثم أم لا ؟.
الحمد لله
ينظر هل الزوجتان راضيتان على هذا الوضع أم لا ؟ إن كانتا
راضيتين فالأمر واضح لأن الحق لهما ، فإذا رضيتا بما يفعل الزوج فلا إشكال ، فإن
طالبت كل واحدة بحقها من تصحيح الوضع ، فعليه أن يعدل بينهما ، فيجلس عند هذه يوماً
وعند هذه يوماً ، فإن كان يشق عليه التردد بينهما كل يوم ، فليجلس عند هذه ثلاثة
أيام أو أسبوعاً ، وعند الأخرى ثلاثة أيام أو أسبوعاً ، وذلك حسب ما يتفق عليه
معهما ، المهم أن يعدل بينهما في النفقة والمبيت وكل ما يمكن العدل فيه .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين . "لقاءات الباب المفتوح"(3/447) .
وليحاول أن يكون سكنهما متقارباً ، حتى يتمكن من العدل بينهما ،
ومن مباشرة عمله وتجارته .
الله أعلم .
*****
41739
هل يحج من عليه ديون طويلة الأجل؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/4209)
سؤال رقم 41739- هل يحج من عليه ديون طويلة الأجل؟
أعلم أن الحج لا يجب على من عليه دين ، فهل هذا ينطبق على الديون طويلة الأجل ؟ فقد يكون على بعض الناس دين للبنك العقاري يستغرق عمره كله في تسديده ، فهل يجب عليه الحج ؟.
الحمد لله
" الدين إذا كان حالاً فإنه مقدم على الحج ، لسبقه وجوب الحج ،
فيوفي الدين ويحج ، وإذا لم يكن عنده شيء بعد وفاء الدين ينتظر حتى يغنيه الله ،
وإذا كان مؤجلاً نظامياً فإن كان الإنسان واثقاً من نفسه أنه إذا حل الأجل يسدده
فإن الدين هنا لا يمنع وجوب الحج ، سواء أذن له الدائن أم لم يأذن ، وإن كان لا
يضمن القدرة على الوفاء فإنه ينتظر حتى يحل الأجل .
وبناء على ذلك نقول : من عنده دين لصندوق التنمية العقارية إذا
كان يعلم من نفسه أنه إذا حل الأجل أوفى يجب عليه الحج ، ولو كان عليه دين " .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/96) .
وانظر جواب السؤال ( 36852 ) .
*****
4176
تجربة الأدوية الطبية على الحيوانات
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4210)
سؤال رقم 4176- تجربة الأدوية الطبية على الحيوانات
السؤال : هل يجوز إجراء الأبحاث على الحيوانات لتطوير الطب والأدوية ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بالتالي :
لا أرى في هذا بأسا لعموم قوله تعالى : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " ، ولكن يجب أن يسلك أسهل الطرق في التجارب ( وأبعدها عن تعذيب الحيوانات ) .. و الله أعلم
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
41760
لا يجوز شرب الخمر للتداوي
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4211)
سؤال رقم 41760- لا يجوز شرب الخمر للتداوي
بعض الأطباء ينصح المرضى بشرب الخمر ، ويقول إنها دواء ، فما حكم تناول الخمر لذلك ؟.
الحمد لله
" التداوي من الأمور المشروعة ، ولكن يكون بما شرعه الله جل وعلا
، وبما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا هو الذي يمكن أن يكون فيه الشفاء ،
أما ما حرمه الله فلا شفاء فيه ، ومما يدل على تحريم التداوي بالأدوية المحرمة عامة
، وبالخمر خاصة : ما رواه البخاري في صحيحه معلقاً عن ابن مسعود رضي الله عنه : (
إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ) . وقد وصله الطبراني بإسناد رجاله
رجال الصحيح ، وأخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه ، والبزار وأبو يعلى والطبراني ورجال
أبي يعلى ثقات ، عن أم سلمة رضي الله عنها .
وما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ
وَالدَّوَاءَ ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً ، فَتَدَاوَوْا ، وَلا تَدَاوَوْا
بِحَرَامٍ ) . وفي صحيح مسلم عن طَارِق بْن سُوَيْدٍ الْجُعْفِيّ أنه سَأَلَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ ، أَوْ
كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ . فَقَالَ :
( إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) .
ومما يحسن التنبيه عليه : أن الله إذا أمر بشيء فهو إما لمصلحة
محضة ، أو راجحة على مفسدته ، وإذا نهى عن شيء فهو إما لمفسدة محضة أو أن مفسدته
أرجح من مصلحته ، والله جل وعلا حكيم عليم ، وتصور المريض أن هذا المرض لا يشفى إلا
بشرب الخمر هذا أمر موهوم ، فالأدوية كثيرة من دينية وطبيعية ، ثم إن الدواء لا
يشفي المرض ، وإنما جعل الشفاء من الله جل وعلا عند استعمال الدواء ، فإن تعاطي
الأسباب الشرعية قد يكون مصحوباً بالاعتماد عليها ، وقد يكون مصحوباً بجعلها سببا
مع الاعتماد على الله جل وعلا ، واعتقاد أنها قد تنفع وقد لا ، تنفع فهذا هو
المطلوب شرعاً ، أما الاعتماد عليها اعتماداً كلياً فهذا شرك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/87) .
*****
41766
لا تجزئ أضحية الوالد عن ولده إذا كان يعيش في بيت مستقل
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4212)
سؤال رقم 41766- لا تجزئ أضحية الوالد عن ولده إذا كان يعيش في بيت مستقل
هل تجزئ الأضحية من والدي عني وعن أهلي ، مع العلم أنني أعيش في بيت مستقل ؟.
الحمد لله
المشروع أن يضحي كل أهل بيت بأضحية عنهم .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : عن رجل متزوج ويسكن في مدينة غير
المدينة التي يسكن فيها والده ، فهل تجزئ أضحية والده عنه وعن أولاده ؟
فأجاب :
" إذا كنت في بيت مستقل أيها السائل فإنه يشرع لك أن تضحي عنك
وعن أهل بيتك ، ولا تكفي عنك أضحية والدك ، عنه وعن أهل بيته ، لأنك لست معهم في
البيت ، بل أنت في بيت مستقل " انتهى .
وسئلت اللجنة الدائمة :
يوجد لدي أسرتان ، وكل أسرة ساكنة في بيت مستقل بها ، وكل بيت
يبعد عن الآخر بحوالي (200 متر) ، وهي أسرتي وأسرة والدي ، مع العلم أن والدي على
قيد الحياة . وسؤالي هو : هل يجوز لنا أن نضحي أنا ووالدي عن البيتين بضحية واحدة
من الماعز أم لا ؟
فأجابت :
" المشروع أن يضحي أهل كل بيت بأضحية خاصة بهم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/406) .
*****
41784
حكم إدخال قناة المجد
الفقه > عادات > أحكام الرياضة والتسلية والترفيه >
سؤال رقم 41784: حكم إدخال قناة المجد
هل يجوز شراء جهاز الدش في بيتي لرؤية قناة المجد ؟ بغرض طلب العلم ؟علما بأنهم في هذه القناة علماء أجلاء يقومون بشرح بعض كتب العلم ؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا ؟.
الحمد لله قناة المجد مشروع إسلامي ضخم الأهداف وهو خطوة كبيرة ومهمة على طريق الإعلام الإسلامي ، والذي ظهر لي إلى الآن من تتبع هذه القناة أن إدخالها إلى البيوت هو اجتهاد مقبول ، لا يُنْكَر على من فعله .
وأن فيها من الفوائد والإيجابيات أكبر بكثير من الأخطاء
والملاحظات .
مع ملاحظة أن تكون وسيلة مشاهدة هذه القناة خالية من مشاهدة أي
قنوات أخرى فيها محرمات .
ولعل ذلك يتحقق بتركيب الطبق الخاص بهذه القناة ، وأهمية التواصل
مع هذه القناة في المناصحة لإزالة الأخطاء والارتقاء بالمستوى .
الشيخ محمد صالح المنجد .
*****
41803
خلط ذهب الناس بعضهم ببعض عند تصنيعه
الفقه > معاملات >(1/4213)
سؤال رقم 41803- خلط ذهب الناس بعضهم ببعض عند تصنيعه
ما الحكم فيمن سلم ذهبه لمصنع الذهب ليصنعه ، فربما اختلط ذهبه مع ذهب غيره حال صهر الذهب في المصنع ، ولكن عند استلامه من المصنع يستلمه بنفس الوزن الذي سلّمه ؟.
الحمد لله
يجب على المصنع أن لا يخلط أموال الناس بعضها ببعض , وأن يميز كل
واحد على حدة إذا كان عيار الذهب يختلف .
أما إذا كان عيار الذهب لا يختلف فلا حرج أن يجمعها ، لأنه لا
يضر .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين . "مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب" .
*****
41805
معها مال لتأثيث منزل الزوجية ، فهل فيه الزكاة؟
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4214)
سؤال رقم 41805- معها مال لتأثيث منزل الزوجية ، فهل فيه الزكاة؟
مهرني زوجي مبلغاً من المال وأعطاني أبي عند زواجي مبلغا آخر واتفقا عند العقد أن مجموع المالين سيكون لتأثيث منزل الزوجية حسب العرف السائد في بلدي ثم سافرت أنا وزوجي للعمل بالخارج ولم نؤثث منزلنا وتركنا المال في أحد البنوك حتى نعود فنأثث المنزل به وأنا حين أعود في كل سنة إلى بلدي أتخلص من فائدة البنك المحرمة ولكن السؤال أتلزمني زكاة في هذا المال أم لا ؟ .
الحمد لله
نعم ، هذا المال تجب فيه الزكاة كل عام ، لأن الزكاة تجب في
النقود بشرطين :
الأول : أن تبلغ نصاباً .
الثاني : أن يمر عليها الحول .
فإذا توفر هذان الشرطان وجبت الزكاة في النقود ، ومقدارها ربع
العشر ، أي : اثنان ونصف بالمائة .
سئلت اللجنة الدائمة (9/269) :
رجل عنده نقود وقد حال عليه الحول ، لكنه جمعها لكي يتزوج بها ،
فهل عليه زكاة ؟
فأجابت :
" تجب فيها الزكاة لدخولها في عموم الأدلة الدالة على وجوب
الزكاة ، وكونه يريد أن يتزوج بها غير مسقط لوجوب الزكاة فيها " اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل أبقى معه مبلغا من المال ليشتري به
بيتا وحال عليه الحول . فهل عليه زكاة ؟
فأجاب :
"نعم ، فيها زكاة ، لأن الدراهم فيها الزكاة مهما كان ، حتى لو
كان الإنسان أعدها للزواج ، أو كان الإنسان أعدها ليشتري بها بيتا ، أو يشتري بها
نفقة ، فما دامت دراهم وحال عليها الحول وهي تبلغ النصاب ففيها الزكاة" اهـ . فتاوى الزكاة (174) .
*****
41806
لديها طفل رضيع فهل يجب عليها الحج؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > الاستطاعة >(1/4215)
سؤال رقم 41806- لديها طفل رضيع فهل يجب عليها الحج؟
إذا كان للمرأة أولاد صغار ، منهم طفل رضيع يصعب عليها أخذه معها في الحج ، فهل يجب عليها الحج أو لها أن تؤجله ؟.
الحمد لله
" لا حرج على هذه المرأة التي هذه حالها أن تؤخر الحج إلى سنة
قادمة ، أولاً : لأن كثيراً من العلماء يقولون : إن الحج ليس واجباً على الفور ،
وأنه يجوز للإنسان أن يؤخره مع قدرته ، وثانياً : أن هذه محتاجة للبقاء من أجل
رعاية أولادها ، ورعاية أولادها من الخير العظيم ، قال النبي صلى الله عليه وعلى
آله وسلم : ( وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ
رَعِيَّتِهَا ) فأقول : تنتظر إلى العام القادم ، ونسأل الله أن ييسر لها أمرها ،
ويقدر لها ما فيه الخير " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/66) .
*****
41811
معنى الحديث : (من حج فلم يرفث . . )
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4216)
سؤال رقم 41811- معنى الحديث - (من حج فلم يرفث . . )
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ؟.
الحمد لله
هذا الحديث رواه البخاري (1521) ومسلم (1350) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : (مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ
أُمُّهُ ) .
وفي رواية للترمذي (811) : ( غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبه ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وهذا الحديث كقوله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي
الْحَجِّ ) البقرة/197 .
وَالرَّفَث : اِسْم لِلْفُحْشِ مِنْ الْقَوْل , وَقِيلَ : هُوَ
الْجِمَاع .
قال الحافظ :
" وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد بِهِ فِي الْحَدِيث مَا
هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ , وَإِلَيْهِ نَحَا الْقُرْطُبِيّ , وَهُوَ الْمُرَاد
بِقَوْلِهِ فِي الصِّيَام ( فَإِذَا كَانَ صَوْم أَحَدكُمْ فَلا يَرْفُث ) " انتهى .
أي أن الرفث في الحديث يشمل الفحش في القول والجماع معاً .
( وَلَمْ يَفْسُقْ ) أَيْ لَمْ يَأْتِ بِسَيِّئَةٍ وَلا
مَعْصِيَةٍ .
وَمَعْنَى ( كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمّه ) : أَيْ بِغَيْرِ ذَنْب
.
وَظَاهِره غُفْرَان الصَّغَائِر وَالْكَبَائِر . قاله الحافظ .
" وإليه ذهب القرطبي والقاضي عياض ، وقال الترمذي : هو مخصوص
بالمعاصي المتعلقة بحق اللّه لا العباد " قاله المناوي في "فيض القدير" .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : معنى قوله عليه الصلاة
والسلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) : أن الإنسان
إذا حج واجتنب ما حرم الله عليه من الرفث وهو إتيان النساء ، والفسوق وهو مخالفة
الطاعة ، فلا يترك ما أوجب الله عليه ، ولا يفعل أيضاً ما حرم الله عليه ، فإن خالف
فهذا هو الفسوق . فإذا حج الإنسان ولم يفسق ولم يرفث فإنه يخرج من ذلك نقياً من
الذنوب ، كما أن الإنسان إذا خرج من بطن أمه فإنه لا ذنب عليه ، فكذلك هذا الرجل
إذا حج بهذا الشرط فإنه يكون نقياً من ذنوبه" .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/20) .
وقال أيضاً (21/40) : "ظاهر الحديث أن الحج يكفر الكبائر ، وليس
لنا أن نعدو الظاهر إلا بدليل ، وقال بعض العلماء : إذا كانت الصلوات الخمس لا
تُكَفِّر إلا إذا اجْتُنِبَت الكبائر وهي أعظم من الحج وأحب إلى الله ، فالحج من
باب أولى ، لكن نقول : هذا ظاهر الحديث ، ولله تعالى في حكمه شئون ، والثواب ليس
فيه قياس " انتهى بتصرف يسير .
*****
4182
انتقبت في حجها فهل عليها شيء
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > محظورات الإحرام >(1/4217)
سؤال رقم 4182- انتقبت في حجها فهل عليها شيء
ذهبت للحج منذ سنتين وكنت منقبة ثم علمت انه لا يجوز تغطية الوجه خلال الحج ، ولكني عندما لبست النقاب كان قد قيل لي ومن مصدر موثوق به أنه يجوز تغطية الوجه .
الحمد لله
1. ستر الوجه للمرأة خلق حسن ورحم الله
المتنقبات رحمة كبيرة ولعلك أختي في الله لم تسألي إلا حرصاً على دينك – زادك الله
حرصاً – إلا أن من الحرص الأعظم أن نحافظ على أوامر الدين التي تأمر النساء بنزع النقاب عن
وجوههن عند الصلاة وفي الحج ولكن في الصلاة خاصة فإنه لا يحل ستر الوجه بحال إلا إن
حضر من الرجال من هو من غير المحارم وفي الحج يجوز للمرأة أن تسدل على وجهها الغطاء
إن لم يكن مفصلاً على حدود وجهها فالنقاب وهو ما يسمى ( البرقع ) لا يحل للمحرمة
اتخاذه ويحل لها أن تسدل على وجهها غطاءاً تلقيه من رأسها على وجهها إلا إن تعذر
غير النقاب ( البرقع) وحضر من لا يحل له النظر إلى وجه المرأة فإنه يحل لها النقاب
( البرقع) وإلا فلا .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : " قام
رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال النبي صلى
الله عليه وسلم لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس إلا أن
يكون أحد ليست له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه
زعفران ولا الورس ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " . رواه
البخاري ( 1468 ) ومسلم ( 1177 ) .
2. وأما جواز السدل على الوجه بغير النقاب أو
خشية الرجال الأجانب ، فقد صحَّ ذلك عن بعض الصحابيات الجليلات :
عن عائشة قالت : كنا نخرج مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم ونحن محرمات فإذا التقينا الركبان سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً . رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ) .
يقول الشيخ
ابن عثيمين :
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرّم
على المحرمة تغطية وجهها وإنما حرم عليها النقاب فقط لأنه لباس الوجه وفرق بين
النقاب وتغطية الوجه وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها لقلنا : هذا لا بأس
به ولكن الأفضل أن تكشفه ما لم يكن حولها رجال أجانب فيجب عليها أن تستر وجهها عنهم
. " الشرح الممتع " ( 7/153 ) .
3. أما
بالنسبة لما مضى من حجك بالصورة التي ذكرتِ فلاشيء عليك لعذر الجهل ، وكل محظورات
الإحرام من فعلها جاهلاً أو ناسياً : فلا إثم عليه ولا فدية .
فعن يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رجلا أتى
النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة قد أهل بالعمرة وهو مُصفر لحيته ورأسه
وعليه جبة فقال يا رسول الله إني أحرمت بعمرة وأنا كما ترى فقال انزع عنك الجبة
واغسل عنك الصفرة وما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك . رواه البخاري (
1697 ) ومسلم ( 1180 ) .
قال الشيخ
ابن عثيمين :
ومثل النسيان : الجهل والإكراه ، أي : لو أن
الإنسان نسي فلبس ثوباً وهو محرم فليس عليه شيء ، ولكن عليه متى ذكر أن يخلعه ويلبس
الإزار والرداء ، وكذلك الطيب ، فلو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه ، لكن عليه
إذا ذكر أن يبادر بغسله . " الشرح الممتع " (7/222) .
و الله أعلم .
*****
41833
كيف يكون حجك مقبولاً ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4218)
سؤال رقم 41833- كيف يكون حجك مقبولاً ؟
ما هي الأمور التي ينبغي أن يعملها المسلم ليكون حجه مقبولاً إن شاء الله ؟.
الحمد لله
" الأمور التي ينبغي أن يعملها ليكون حجه مقبولاً : أن ينوي
بالحج وجه الله عز وجل وهذا هو الإخلاص . وأن يكون متبعاً في حجه لرسول الله صلى
الله عليه وسلم وهذا هو المتابعة ، وكل عمل صالح فإنه لا يقبل إلا بهذين الشرطين
الأساسيين : الإخلاص ، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم . لقول الله تعالى : (
وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة/5 . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّمَا
الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ولقوله صلى
الله عليه وسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .
فهذا أهم ما يجب على الحاج أن يعتمد عليه : الإخلاص ، والمتابعة
للنبي صلى الله عليه وسلم . وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في حجته : (
لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ ) .
ومنها : أن يكون الحج بمال حلال ، فإن الحج بمال حرام محرم ، لا
يجوز ، بل قد قال بعض أهل العلم : إن الحج لا يصح في هذه الحالة ، ويقول بعضهم :
إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت ولكن حجت العير
يعني حجت الإبل .
ومنها : أن يتجنب ما نهى الله عنه ، لقوله تعالى : ( الْحَجُّ
أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ
وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) البقرة/197 .
فيتجنب ما حرم الله عليه تحريماً عاماً في الحج وغيره من الفسوق
والعصيان ، والأقوال المحرمة ، والأفعال المحرمة ، والاستماع إلى آلات اللهو ونحو
ذلك ، ويجتنب ما حرم الله عليه تحريماً خاصاً في الحج : كالرفث وهو إتيان النساء ،
وحلق الرأس ، واجتناب ما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبسه في الإحرام .
وبعبارة أعم : يجتنب جميع محظورات الإحرام .
وينبغي أيضاً للحاج أن يكون ليناً سهلاً كريماً في ماله وعمله ،
وأن يحسن إلى إخوانه بقدر ما يستطيع ، ويجب عليه أن يجتنب إيذاء المسلمين ، سواء
كان ذلك في المشاعر ، أو في الأسواق ، فيجتنب الإيذاء عند الازدحام في المطاف ،
وعند الازدحام في المسعى ، وعند الازدحام في الجمرات ، وغير ذلك . فهذه الأمور التي
ينبغي على الحاج ، أو يجب للحاج أن يقوم بها ، ومن أقرب ما يحقق ذلك : أن يصحب
الإنسان رجلاً من أهل العلم حتى يذكره بدينه ، وإذا لم يتيسر ذلك فليقرأ من كتب أهل
العلم ما كان موثوقاً قبل أن يذهب إلى الحج ، حتى يعبد الله على بصيرة " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "فتاوى ابن عثيمين" (21/20) .
*****
41849
سافر إلى الحج ولكنه مات قبل الحج فهل يعتبر حاجاً؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4219)
سؤال رقم 41849- سافر إلى الحج ولكنه مات قبل الحج فهل يعتبر حاجاً؟
رجل نوى الحج وعندما ذهب وافته المنية ، وقد كان باع ما عنده من أجل الحج ، فما حكم هذا ؟ وهل يعتبر حاجاً ؟.
الحمد لله
إذا عزم الرجل على الحج ثم مات فلا يخلو إما أن يموت قبل الإحرام
أو بعده .
فإن مات قبل الإحرام فإن الله تعالى يثيبه على نيته ، ولكن يجب
أن يحج عنه حجة الإسلام .
وإن كان مات بعد الإحرام فإن له ثواب الحج ، بل يبعث يوم القيامة
ملبياً ، وعلى هذا فلا يحج عنه .
سئل الشيخ ابن عثيمين عمن جمع مالاً للحج ثم مات قبل أن يحج ،
فأجاب :
" هذا الرجل الذي عزم على الحج فباع ما عنده ليحج به فوافته
المنية قبل أن يقوم بالحج ، نرجو الله عز وجل أن يكتب له أجر الحجاج ، لأنه نوى
العمل الصالح ، وفعل ما قدر عليه من أسبابه ، ومن نوى العمل وفعل ما قدر عليه من
أسبابه فإنه يكتب له ، قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ
بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ
وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) النساء/100 .
وإذا كان هذا الرجل الذي باع ماله ليحج ، لأن الحج فريضة الإسلام
فإنه يحج عنه بعد موته بهذه الدراهم التي هيأها ، إما أن يحج عنه أحد من أوليائه أو
أحد من غيرهم ، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت فأحج عنها ؟
قال : ( نعم ) وكان ذلك في حجة الوداع " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/232) .
وسئل أيضاً : رجل جاء من بلده للحج ثم تحطمت الطائرة قبل أن يصل
هل يعتبر حاجاً ؟
فأجاب :
" إذا هلك من سافر للحج قبل أن يخرج فليس بحاج ، لكن الله عز وجل
يثيبه على عمله ، أما إذا أحرم وهلك فهو حاج ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في
الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فقال : ( اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في
ثوبيه ، ولا تحنطوه ، ولا تخمروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً ) . ولم
يأمرهم بقضاء حجه ، وهذا يدل على أنه يكون حاجاً " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/252) .
*****
41855
هل يحج عن أمه أو عن أبيه؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >
الآداب > بر الوالدين >(1/4220)
سؤال رقم 41855- هل يحج عن أمه أو عن أبيه؟
قد حججت والحمد لله ، ولكن والدي ماتا ولم يحجا ، وأنا أريد أن أحج عنهما ، فهل أبدأ بأمي ؟ وإن حججت عن أحدهما فأنا أريد أن أقترض للآخر وأوكل من يحج عنه .
الحمد لله
حق الأم في البر أعظم من حق الأب .
روى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ
بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ
أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟
قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ .
" قَالَ اِبْن بَطَّال : مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُون لِلأُمِّ
ثَلاثَة أَمْثَال مَا لِلأَبِ مِنْ الْبِرّ , قَالَ : وَكَانَ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ
الْحَمْل ثُمَّ الْوَضْع ثُمَّ الرَّضَاع , فَهَذِهِ تَنْفَرِد بِهَا الأُمّ
وَتَشْقَى بِهَا , ثُمَّ تُشَارِك الأَب فِي التَّرْبِيَة . وَقَدْ وَقَعَتْ
الإِشَارَة إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَان
بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن وَفِصَاله فِي عَامَيْنِ )
فَسَوَّى بَيْنهمَا فِي الْوِصَايَة , وَخَصَّ الأُمّ بِالأُمُورِ الثَّلاثَة .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد أَنَّ الأُمّ تَسْتَحِقّ عَلَى
الْوَلَد الْحَظّ الأَوْفَر مِنْ الْبِرّ , وَتُقَدَّمَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَقّ
الأَب عِنْد الْمُزَاحَمَة .
وَقَالَ عِيَاض : وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى أَنَّ الأُمّ
تَفْضُل فِي الْبِرّ عَلَى الأَب , وَقِيلَ : يَكُون بِرّهمَا سَوَاء , وَالصَّوَاب
الأَوَّل " انتهى من "فتح الباري " .
وقال النووي في "شرح مسلم" :
" الصَّحَابَة هُنَا بِمَعْنَى الصُّحْبَة . قَالَ الْعُلَمَاء :
وَسَبَب تَقْدِيم الأُمّ كَثْرَة تَعَبهَا عَلَيْهِ , وَشَفَقَتهَا , وَخِدْمَتهَا
, وَمُعَانَاة الْمَشَاقّ فِي حَمْله , ثُمَّ وَضْعه , ثُمَّ إِرْضَاعه , ثُمَّ
تَرْبِيَته وَخِدْمَته وَتَمْرِيضه , وَغَيْر ذَلِكَ " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن مثل هذا السؤال ، فأجاب :
" حج عن أمك أولاً ، لأن الأم أحق بالبر عن الأب ، وهذا في
الفريضة ، أما لو كان حج الأم نفلاً والأب فريضة فتبدأ بالفريضة للأب ، لكن لا
تقترض لتنيب من يحج عن أبيك ، فإذا كان العام القادر وأنت قادر فحج عن أبيك ، وكونك
الذي تؤدي الحج خير من كونك تنيب غيرك ، لأن إخلاصك لأبيك أكبر من إخلاص غيرك لأبيك
، لهذا نقول : لا يجوز لك أن تقترض من أجل أن تنيب من يحج عن أبيك ، بل حج عن أمك
هذا العام ما دمت قادراً ، وفي العام القادم إن كنت قادراً فحج عن أبيك " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/ 134) .
*****
41869
شيوعي ملحد يدعي أن الصيام مضرّ !!
العلم > العلوم المختلفة >(1/4221)
سؤال رقم 41869- شيوعي ملحد يدعي أن الصيام مضرّ !!
أنا أعيش في روسيا وأدرس هناك ، ولدينا أكثر الأساتذة شيوعيون لا يؤمنون بوجود الخالق عز وجل ، أحدهم قال لنا كيف الله الذي عندكم يأمركم بترك الطعام و الشراب في النهار و هذا مضر بالصحة فما تنصحنا بالرد على هذا الشيوعي أذله الله .
الحمد لله
الصيام مع كونه - في الأساس - عبادة شرعية ، وفريضة إلهية ، فإنه
مع ذلك من أنفع الأدوية ، وأنجع الوسائل لتقوية الصحة والبدن معا ، وهذا بشهادة
الأطباء الكفرة ، فضلا عن المسلمين .
فالصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية ، وتقوية
إرادة الصائم ، ورقة مشاعره ، وحبّه للخير ، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول
العدوانية ، وإحساسه بسمّو روحه وأفكاره . وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته ، وزيادة
تحمّلها للمشاكل والاعباء ، ومما لا شك فيه أنّ ذلك ينعكس بصورة تلقائية على صحّة
الإنسان .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر فالصوم يساهم في علاج الكثير من
أمراض الجسم ، كأمراض الجهاز الهضمي ، مثل التهاب المعدة الحاد ، وتهيج القولون ،
وأمراض الكبد ، وسوء الهضم ، وكذلك في علاج البدانة وتصلّب الشرايين ، وارتفاع ضغط
الدّم ، وخناق الصدر ، والربو القصبي ، وغيرها.
وقد كتب الطّبيب السويسري بارسيلوس : ( إن فائدة الجوع في العلاج
قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية ) ، أمّا الدكتور هيلب ، فكان يمنع مرضاه من
الطّعام لبضعة أيام ، ثمّ يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة . وبشكل عام فإنّ
الصوم يساهم في هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع . ثمّ إعادة ترميمها من جديد عند
تناول الطّعام ، وهذا هو السبب الذي دعا بعض العلماء ومنهم باشوتين ، أن يعتبروا
أنّ للصوم تأثيراً معيداً للشباب .
ويقول " توم برنز" من مدرسة كولومبيا للصحافة :" إنني أعتبر
الصوم تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية ، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف
تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن ، فهو
يساعد على الرؤية بوضوح أكبر ، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر ،
فلم تكد تمضي عدة أيام من صيامي في منتجع "بولنج" الصحي حتى شعرت أني أمر بتجربة
سمو روحي هائلة "
وطبيعي أن يسبب الصوم ضرراً ومشقة زائدة لبعض الناس في حالات
معينة ، وقد أعفاهم الله تعالى من الصيام كالمريض والمسافر .
كما أنّ فوائد الصوم المثلى تكون بالالتزام بآدابه ، ومنها تأخير
السحور ، وتعجيل الفطور ، وعدم الإسراف في الطّعام كمّاً وكيفاً ، وتجنّب الإسراف
في تنويع الأطعمة .
وتقول دائرة المعارف البريطانية : " إن أكثر الأديان قد فرضت
الصيام وأوجبته ، فهو يلازم النفوس حتى في غير أوقات الشعائر الدينية ، يقوم به بعض
الأفراد استجابة للطبيعة البشرية "
وفي القرن العشرين ظهر عدد من الكتب الطبية في أمريكا وأوروبا
تتحدث عن فوائد الصوم الطبي ، فكان هناك " التداوي بالصوم " لشلتون . وكتاب " الصوم
الطبي : النظام الغذائي الأمثل " لآلان كوت ، و " الصوم أكسير الحياة " لهنرك تانر
، و " العودة إلى الحياة السليمة بالصوم الطبي " للوتزنر .
وفي الصيام فائدة عظيمة لكثير من مرضى القلب ، وذلك لأن 10 % من
كمية الدم التي يدفع بها القلب إلى الجسم تذهب إلى الجهاز الهضمي أثناء عملية الهضم
، وتنخفض هذه الكمية أثناء الصوم حيث لا توجد عملية هضم أثناء النهار ، وهذا يعني
جهدا أقل وراحة أكبر لعضلة القلب .
كما أن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية ، والسبب في ذلك أنه
يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد ، مما يعمل على :
- زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية
الجرثومية .
- التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في
الجسم مثل مرض الصدفية .
- تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.
- مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر
الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة .
هذه بعض فوائد الصوم الصحية ، وبه تعلم أن ما يقول ذلك الشيوعي
الملحد لا أساس له من الصحة .
مع أننا نصوم امتثالاً لأمر الله تعالى لنا بالصيام في قوله : (
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة/183
ولو أمرنا الله تعالى بقتل أنفسنا لفعلنا ذلك إرضاء لربنا جل
وعلا ، ولكننا نؤمن إيماناً جازماً أنه سبحانه لن يأمرنا إلا بما فيه مصلحتنا في
الدنيا والآخرة
والله تعالى أعلم .
*****
41881
هل يؤجل الحج من أجل الاختبارات؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/4222)
سؤال رقم 41881- هل يؤجل الحج من أجل الاختبارات؟
من المعلوم أن اختبارات بعض الجامعات بعد الحج مباشرة ، فهل يجوز تأجيل الحج إلى العام القادم من أجل الاختبارات ؟.
الحمد لله
" القول الراجح من أقوال أهل العلم : أن الحج واجب على الفور ،
وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا بعذر شرعي ، لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له ،
فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت ويبقى الحج دينا في ذمته ، ولكن إذا كان حجه يؤثر
عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة ، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه
معه ويحج ، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً ، ويمكنه أن يؤخر سفره إلى الحج ، ثم
يتعجل في أيام الرمي ، وبهذا لا يستغرق الحج إلا أياماً يسيرة لا تضره إن شاء الله
.
فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ، ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً ، كما
أن الإنسان إذا اعتمد على الله وتوكل عليه ، وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل فغن
الله سييسر له الأمر " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/63) بتصرف .
*****
41894
هل على أهل مكة طواف وداع إذا خرجوا منها بعد الحج؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4223)
سؤال رقم 41894- هل على أهل مكة طواف وداع إذا خرجوا منها بعد الحج؟
خادمة عملت في مكة خمس سنوات وتريد الحج وبعد الحج ترغب في السفر إلى بلدها خروجاً نهائيّاً ، هل عليها طواف وداع ؟.
الحمد لله
أهل مكة ليس عليهم أن يطوفوا للوداع ؛ لأن الطواف وجب توديعا
للبيت ، وهذا المعنى لا يوجد في أهل مكة لأنها وطنهم . قال شيخ الإسلام ابن تيمية ،
في بيانه أن طواف الوداع ليس من أركان الحج التي لا بد منها :
" ولهذا لم يكن على أهل مكة طواف قدوم ، ولا طواف وداع ؛ لانتفاء
معنى ذلك في حقهم ، فإنهم ليسوا بقادمين إليها ولا مودعين لها ما داموا فيها " مجموع الفتاوى " ( 26 / 261 )
و قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ليس على أهل مكة طواف وداع "
اهـ . الفتاوى 17/393 "
وهذا الأمر يشمل كل من كان داخل حدود الحرم . وقال ابن قدامة :
" ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي , لا وداع عليه " اهـ. المغني " ( 3 / 237 )
لكن إذا أراد شخص من أهل مكة أن يسافر منها بعد أداء المناسك
فإنه يلزمه طواف الوداع قبل الخروج من مكة .
قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : من فرغ من مناسكه ،
وأراد المقام بمكة ، ليس عليه طواف الوداع ، وهذا لا خلاف فيه ، سواء كان من أهلها
، أو غريبا ، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره طاف للوداع " المجموع
8/254 " .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان الرجل من أهل مكة ،
وحج وسافر بعد الحج ، فليطف للوداع ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ينفرن
أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) مسلم 1327 ، وهذا عام ،
فنقول لهذا المكي : ما دمت سافرت في أيام الحج ، وقد حججت ، فلا تسافر حتى تطوف . "
اهـ . الفتاوى 23/339 " .
وعلى هذا فيلزم السائلة أن تطوف للوداع إذا أرادت السفر بعد
أدائها المناسك .
والله أعلم .
*****
41897
حج المرأة عن الرجل
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4224)
سؤال رقم 41897- حج المرأة عن الرجل
هل يجوز للمرأة أن تحج عن أبيها ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز أن تحج المرأة عن الرجل .
روى البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ
فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي
الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ،
أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .
قال ابن حزم في "المحلى" (5/317) :
" وَجَائِزٌ أَنْ تَحُجَّ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ
وَالْمَرْأَةِ , وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ , لأَمْرِ النَّبِيِّ
عليه السلام الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا , وَأَمْرِهِ عليه السلام
الرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ ; وَالرَّجُلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ ,
وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَقَالَ تَعَالَى : (
وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) وَهَذَا خَيْرٌ , فَجَائِزٌ أَنْ يَفْعَلَهُ كُلُّ أَحَدٍ
عَنْ كُلِّ أَحَدٍ " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (5/27) :
" يَجُوزُ أَنْ يَنُوبَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ
, وَالْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , فِي الْحَجِّ , فِي قَوْلِ
عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ . لا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا , إلا الْحَسَنَ بْنَ
صَالِحٍ , فَإِنَّهُ كَرِهَ حَجَّ الْمَرْأَةِ عَنْ الرَّجُلِ . قَالَ ابْنُ
الْمُنْذِرِ : هَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ ظَاهِرِ السُّنَّةِ , فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى
الله عليه وسلم أَمَرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تحج عن
والدها ولو كان لها إخوة ذكور بالغون ؟
فأجاب :
" يجوز للمرأة أن تحج عن والدها ، ولو كان لها إخوة ذكور بالغون
، والنيابة يقوم بها الرجال والنساء ، ولهذا سألت امرأة من خثعم النبي صلى الله
عليه وسلم . . وذكر الحديث المتقدم ثم قال : فأذن لها أن تحج ، وهي امرأة عن رجل .
ولكن لابد من المحرم في كل سفر ، سواء سفر الحج أو غيره ، وسواء سافرت المرأة لحجها
عن نفسها ، أو لحجها عن غيرها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/247) .
*****
41899
السن الواجب مراعاته في الأضحية
الفقه > عبادات > الأضحية >(1/4225)
سؤال رقم 41899- السن الواجب مراعاته في الأضحية
هل هناك سن معين للأضحية ؟ وهل يجوز ذبح البقر أضحية وعمره سنة ونصف ؟.
الحمد لله
أولاً :
اتفق العلماء رحمهم الله على أن الشرع قد ورد بتحديد سِنٍّ في
الأضحية لا يجوز ذبح أقل منه ، ومن ذبح أقل منه فلا تجزئ أضحيته .
انظر : "المجموع" (1/176) للنووي .
وقد وردت أحاديث تدل على ذلك :
فمنها : ما رواه البخاري (5556) ومسلم (1961) عَنْ الْبَرَاءِ
بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ
أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ ) . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،
إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ . وفي رواية : (عَنَاقاً جَذَعَةً
) . وفي رواية للبخاري ( 5563) ( فَإِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً هِيَ خَيْرٌ مِنْ
مُسِنَّتَيْنِ آذْبَحُهَا ؟) قَالَ : ( اذْبَحْهَا ، وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ )
وفي رواية : ( لا تُجْزِئ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ ) . ثُمَّ قَالَ : ( مَنْ ذَبَحَ
قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ
فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ ) .
ففي هذا الحديث أن الجذعة من المعز لا تجزئ في الأضحية ، وسيأتي
معنى الجذعة .
قال ابن القيم في "تهذيب السنن" :
قَوْله : ( وَلَنْ تُجْزِئ عَنْ أَحَد بَعْدك ) وَهَذَا قَطْعًا
يَنْفِي أَنْ تَكُون مُجْزِئَة عَنْ أَحَد بَعْده " انتهى .
ومنها : ما رواه مسلم (1963) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تَذْبَحُوا إِلا
مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ ) .
ففي هذا الحديث أيضاً التصريح بأنه لا بد من ذبح مسنة ، إلا في
الضأن فيجزئ الجذعة .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُسِنَّة هِيَ الثَّنِيَّة مِنْ كُلّ
شَيْء مِنْ الإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم فَمَا فَوْقهَا , وَهَذَا تَصْرِيح
بِأَنَّهُ لا يَجُوز الْجَذَع مِنْ غَيْر الضَّأْن فِي حَال مِنْ الأَحْوَال " انتهى .
وقال الحافظ في "التلخيص" (4/285) :
" ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن
المسنة , والإجماع على خلافه , فيجب تأويله بأن يحمل على الأفضل , وتقديره :
المستحب ألا يذبحوا إلا مسنة " انتهى .
وكذا قال النووي في "شرح مسلم" .
وقال في "عون المعبود" :
" هذا التَّأْوِيل هُوَ الْمُتَعَيِّن " انتهى .
ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة والدالة على جواز الجذع من الضأن في
الأضحية ، ومنها حديث عُقْبَة بْن عَامِر رضي الله عنه قال : ( ضَحَّيْنَا مَعَ
رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِذَعٍ مِنْ الضَّأْن ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ (4382) . قَالَ الْحَافِظ سَنَده قَوِيّ وصححه الألباني
في صحيح النسائي .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (5/83) في ذكر شروط الأضحية :
" الشرط الثاني : أن تبلغ سن التضحية , بأن تكون ثنية أو فوق
الثنية من الإبل والبقر والمعز , وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن , فلا تجزئ التضحية
بما دون الثنية من غير الضأن , ولا بما دون الجذعة من الضأن . . . وهذا الشرط متفق
عليه بين الفقهاء , ولكنهم اختلفوا في تفسير الثنية والجذعة " انتهى .
وقال ابن عبد البر رحمه الله :
" لا أعلم خلافاً أن الجذع من المعز ومن كل شيء يضحى به غير
الضأن لا يجوز ، وإنما يجوز من ذلك كله الثني فصاعداً ، ويجوز الجذع من الضأن
بالسنة المسنونة " انتهى من "ترتيب التمهيد" (10/267) .
قال النووي في "المجموع" (8/366) :
" أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني
, ولا من الضأن إلا الجذع , وأنه يجزئ هذه المذكورات إلا ما حكاه بعض أصحابنا ابن
عمر والزهري أنه قال : لا يجزئ الجذع من الضأن . وعن عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع
من الإبل والبقر والمعز والضأن " انتهى .
ثانياً :
وأما السن المشترط في الأضحية بالتحديد فقد اختلف في ذلك الأئمة
:
فالجذع من الضأن : ما أتم ستة أشهر عند الحنفية والحنابلة ، وعند
المالكية والشافعية ما أتم سنة .
والمسنة (الثني) من المعز : ما أتم سنة عند الحنفية والمالكية
والحنابلة ، وعند الشافعية ما أتم سنتين .
والمسنة من البقر : ما أتم سنتين عند الحنفية والشافعية
والحنابلة ، وعند المالكية ما أتم ثلاث سنوات .
والمسنة من الإبل : ما أتم خمس سنوات عند الحنفية والمالكية
والشافعية والحنابلة .
انظر : "بدائع الصنائع" (5/70) ، "البحر الرائق" (8/202) ، "التاج والإكليل"
(4/363) ، "شرح مختصر خليل" (3/34) ، "المجموع" (8/365) ، "المغني" (13/368) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " أحكام الأضحية" :
" فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين ، والثني من البقر : ما
تم له سنتان . والثني من الغنم : ما تم له سنة ، والجذع : ما تم له نصف سنة ، فلا
تصح التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ، ولا بما دون الجذع من الضأن " انتهى .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/377) :
" دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم ستة أشهر ،
ومن المعز ما تم له سنة ، ومن البقر ما تم له سنتان ، ومن الإبل ما تم له خمس سنين
، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحية ، وهذا هو المستيسر من الهدي ؛ لأن
الأدلة من الكتاب والسنة يفسر بعضها بعضاً " انتهى .
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (5/70) :
" وتقدير هذه الأسنان بما قلنا لمنع النقصان لا لمنع الزيادة ;
حتى لو ضحى بأقل من ذلك سِنًّا لا يجوز ، ولو ضحى بأكثر من ذلك سِنًّا يجوز ، ويكون
أفضل , ولا يجوز في الأضحية حَمَل ولا جدي ولا عجل ولا فصيل ; لأن الشرع إنما ورد
بالأسنان التي ذكرناها وهذه لا تسمى بها " انتهى .
فتبين بذلك أن ذبح البقر وهو دون السنتين لا يجزئ عن أحد من
الأئمة .
والله أعلم .
*****
41936
حكم التسمي بـ ( عبد الإله )
الآداب > الأسماء والكنى والألقاب >(1/4226)
سؤال رقم 41936- حكم التسمي بـ ( عبد الإله )
ما حكم تسمية ( عبد الإله ) ؟ وهل هو من أسماء الله وصفاته ؟ الرجاء الإجابة ، مع التفصيل .
الحمد لله
أولا : من الآداب المستحبة في التسمية أن يُعَبَّد الاسم لله عز
و جل ، سواء كان التعبيد للفظ الجلالة : عبد الله ، أو لغيره من أسماء الله الحسنى
، و إن كان أحب ذلك إلى الله : عبد الله ، وعبد الرحمن .
ثانيا : يحرم تعبيد الاسم لغير الله ، تعالى ؛ كأن يقال : عبد
الرسول ، أو عبد النبي ، أو نحو ذلك . راجع إجابة السؤال رقم ( 7180 )
ثالثا : الإله في اللغة هو المعبود ، أو المستحق للألوهية
والعبادة ، وإنما سميت الأوثان آلهة لأن المشركين يعبدونها من دون الله ، ويزعمون
أنها تستحق ذلك [ انظر : اشتقاق أسماء الله ، لأبي القاسم الزجاجي ص 30 ،
لسان العرب " أله " ] ، وقد قال بعض أهل العلم إن لفظ الجلالة
"الله" أصل اشتقاقه الإله فحذفت الهمزة تخفيفا . وهو اختيار ابن القيم ، وغيره من
أهل العلم .
رابعا : هل الإله من أسماء الله الحسنى ؛ فيجوز التعبيد له ، أم
لا ؟
ورد اسم الإله ضمن أسماء الله الحسنى ، التي أحصتها بعض روايات
حديث ( إن لله تسعة وتسعين اسما ) ، كما نجده عند البيهقي في الأسماء والصفات ،
والحاكم . لكن ذكر الأسماء في هذا الحديث ليس من كلام النبي ، صلى الله عليه وسلم ،
عند أهل المعرفة بالحديث ، كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن كثير ، وابن حجر
، وغيرهم من أهل العلم . [ انظر : أسماء الله الحسنى ، لعبد الله بن صالح
الغصن ، ص 170-173] .
ولأجل عدم الاعتماد على الراويات التي فيها إحصاء الأسماء
الحسنى، اجتهد كثير من أهل العلم في تتبع هذه الأسماء من الكتاب والسنة ؛ فممن ذكر
الإله ضمن ما أحصاه من أسماء الله الحسنى : ابن منده ، وابن حزم ، وابن حجر ، وابن
الوزير ، وابن عثيمين ، رحمهم الله جميعا . انظر المرجع السبق [352] .
وبناء على ذلك فالتسمي بعبد الإله مشروع ، لا بأس به ، إن شاء
الله . ومع ذلك ، فالظاهر أن هذه التسمية لم تكن معروفة ، أو لم تكن شائعة ، قديما
؛ فلم نجده في أسماء الصحابة ، على ما يظهر من الإصابة لابن حجر ، ولم نره أيضا في
أسماء الأعلام المترجمين ، بعد مراجعة فهارس السير للذهبي ، وطبقات الشافعية لابن
السبكي ، ووفيات ابن خلكان ، والتهذيب لابن حجر ، وغيرها . وأول ما وقفنا عليه هو
عبد الإله بن علي بن الحسين الهاشمي المولود سنة [1331-والمتوفى سنة 1377 ] ، على
ما ذكره الزركلي في الأعلام ، وهو متأخر جدا ، كما لا يخفى .
*****
41949
مكانة الحج في الإسلام وشروط وجوبه
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4227)
سؤال رقم 41949- مكانة الحج في الإسلام وشروط وجوبه
ما هي مكانة الحج في الإسلام ؟ وعلى من يجب ؟.
الحمد لله
" الحج إلى بيت الله الحرام أحد أركان الإسلام ، ومبانيه العظام
، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ :
شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ،
وَإِقَامِ الصَّلاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَحَجِّ ْبَيْتِ
الله الحرام ) وهو فرض بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
وإجماع المسلمين . قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ
الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 .
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ) ، وأجمع المسلمون على ذلك ، وهو من
المعلوم من الدين بالضرورة ، فمن جحد وجوبه وهو ممن عاش بين المسلمين فإنه يكون
كافراً ، وأما من تركه تهاوناً فإنه على خطر عظيم ؛ لأن من العلماء من قال : إنه
يكفر . وهذا القول رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ولكن القول الراجح : أنه لا
يكفر بترك الأعمال إلا الصلاة فقط ، قال عبد الله بن شقيق رحمه الله - وهو من
التابعين - : ( ما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال
تركه كفر إلا الصلاة ) فمن تهاون بالحج حتى مات فإنه لا يكفر على القول الراجح ،
ولكنه على خطر .
فعلى المسلم أن يتقي الله ، وأن يبادر بأداء الحج إذا تمت شروط
الوجوب في حقه ، لأن جميع الواجبات تجب المبادرة بها إلا بدليل ، فكيف تطيب نفس
المسلم أن يترك الحج إلى بيت الله الحرام مع قدرته عليه ، وسهولة الوصول إليه ؟!
وكيف يؤخره وهو لا يدري لعله لا يستطيع الوصول إليه بعد عامه ؟! فقد يكون عاجزاً
بعد القدرة ، وقد يكون فقيراً بعد الغنى ، وقد يموت وقد وجب عليه الحج ، ثم يفرط
الورثة في قضائه عنه .
أما شروط الوجوب فخمسة :
الشرط الأول : الإسلام ، وضده الكفر ، فالكافر لا يجب عليه الحج
، بل لو حج الكافر لم يقبل منه .
الشرط الثاني : البلوغ ، فمن لم يبلغ فلا حج عليه ، ولو حج صح
حجه تطوعاً وله أجره ، فإذا بلغ أدى الفريضة ، لأن حجة قبل البلوغ لا يسقط به الفرض
.
الشرط الثالث : العقل ، وضده الجنون ، فالمجنون لا يجب عليه الحج
، ولا يحج عنه .
الشرط الرابع : الحرية ، فالرقيق المملوك لا يجب عليه الحج ، ولو
حج صح حجه تطوعاً ، وإذا عتق وجب عليه أن يؤدي الفريضة ، لأن حجة قبل أن يتحرر لا
يجزئ عن الفرض .
وقال بعض العلماء : إذا حج الرقيق بإذن سيده أجزأه عن الفريضة ،
وهذا القول هو الراجح .
الشرط الخامس : الاستطاعة بالمال والبدن ، ومن الاستطاعة أن يكون
للمرأة محرم ، فإن لم يكن لها محرم فلا حج عليها " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/9-11) .
*****
41950
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/4228)
سؤال رقم 41950- هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج؟
هل يجب استئذان الوالدين في الذهاب إلى الحج ؟.
الحمد لله
" أما إذا كان فرضاً فإنه لا يشترط رضاهما ولا إذنهما ، بل لو
منعاه من الحج وهو فرض وجب عليه أن يحج ولا يطيعهما ، لقول الله : ( وَإِنْ
جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) لقمان/15 . ولقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ )
.
أما إذا كان نفلاً فلينظر إلى المصلحة : إن كان أبوه وأمه لا
يستطيعان الصبر عنه ، ولا أن يغيب عنهما فبقاؤه عندهما أولى ، لأن رجلاً استأذن
النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال له : ( أَحَيٌّ وَالِدَاكَ ؟) قَالَ :
نَعَمْ . قَالَ : ( فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ) . ففي الفريضة لا يطاعان ، والنافلة
ينظر ما هو الأصلح " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/68) .
*****
41957
شروط وجوب الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/4229)
سؤال رقم 41957- شروط وجوب الحج
ما هي شروط وجوب الحج ؟.
الحمد لله
ذكر العلماء رحمهم الله شروط وجوب الحج ، والتي إذا توفرت في شخص
وجب عليه الحج ، ولا يجب الحج بدونها ، وهي خمسة : الإسلام ، العقل ، البلوغ ،
الحرية ، الاستطاعة .
1- الإسلام .
وهذا الشأن في جميع العبادات ، وذلك لأن العبادة لا تصح من
الكافر ، لقول الله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ
نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ) التوبة/54 .
وفي حديث معاذ لما بعثه النبي صلى الله عليم وسلم إلى اليمن : (
إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ
لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا
لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي
كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ
اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ
فِي فُقَرَائِهِمْ ) متفق عليه .
فالكافر يؤمر أولاً بالدخول في الإسلام ، فإذا أسلم أمرناه
بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر شرائع الإسلام .
2، 3 - العقل والبلوغ
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ
ثَلاثَةٍ : عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى
يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) . رواه أبو داود (4403)
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فالصبي لا يجب عليه الحج ، لكن لو حج به وليه صح حجه وللصبي أجر
الحج ، ولوليه أجر أيضاً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رفعت إليه امرأة صبيا
وقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر . رواه مسلم .
4- الحرية . فلا يجب الحج على العبد لأنه مشغول بحق سيده .
5- الاستطاعة (القدرة)
قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) آل عمران/97 .
وهذا يشمل الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية .
أما الاستطاعة البدنية فمعناها أن يكون صحيح البدن ويتحمل مشقة
السفر إلى بيت الله الحرام .
وأما الاستطاعة المالية فمعناها أن يملك النفقة التي توصله إلى
بيت الله الحرام ذهاباً , وإياباً .
قالت اللجنة الدائمة (11/30) :
الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن وأن يملك من
المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك
بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات
من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها
للحج أو العمرة اهـ .
ويشترط أن تكون النفقة التي توصله إلى البيت الحرام فاضلةً عن
حاجاته الأصلية ، ونفقاته الشرعية ، وقضاء ديونه .
والمراد بالديون حقوق الله كالكفارات وحقوق الآدميين .
فمن كان عليه دين ، وماله لا يتسع للحج وقضاء الدين فإنه يبدأ
بقضاء الدين ولا يجب عليه الحج .
ويظن بعض الناس أن العلة هي عدم إذن الدائن ، فإذا استأذنه وأذن
له فلا بأس .
وهذا الظن لا أصل له ، بل العلة هي انشغال الذمة ، ومعلوم أن
الدائن لو أذن للمدين بالحج فإن ذمة المدين تبقى مشغولة بالدين ، ولا تبرأ ذمته
بهذا الإذن ، ولذلك يقال المدين : اقض الدين أولاً ثم إن بقي معك ما تحج به وإلا
فالحج غير واجب عليك .
وإذا مات المدين الذي منعه سداد الدين عن الحج فإنه يلقى الله
كامل الإسلام غير مضيع ولا مفرط ، لأن الحج لم يجب عليه ، فكما أن الزكاة لا تجب
على الفقير فكذلك الحج .
أما لو قَدَّم الحج على قضاء الدين ومات قبل قضائه فإنه يكون على
خطر ، إذ إن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين ، فكيف بغيره ؟!
والمراد بالنفقات الشرعية : النفقات التي يقرها الشرع كالنفقة
على نفسه وأهله ، من غير إسراف ولا تبذير ، فإن كان متوسط الحال وأراد أن يظهر
بمظهر الغني فاشترى سيارة ثمينة ليجاري بها الأغنياء ، وليس عنده مال يحج به ، وجب
عليه أن يبيع السيارة ويحج من ثمنها ، ويشتري سيارة تناسب حاله .
لأن نفقته في ثمن هذه السيارة الثمينة ليست نفقة شرعية ، بل هو
إسراف ينهى الشرع عنه .
والمعتبر في النفقة أن يكون عنده ما يكفيه وأهله إلى أن يعود .
ويكون له بعد عودته ما يقوم بكفايته وكفاية من ينفق عليهم كأجرة
عقار أو راتب أو تجارة ونحو ذلك .
ولذلك لا يلزمه أن يحج برأس مال تجارته الذي ينفق على نفسه وأهله
من ربحها ، إذا كان سيترتب على نقص رأس المال نقصُ الأرباح بحيث لا تكفيه وأهله .
سئلت اللجنة الدائمة (11/36) عن رجل له مبلغ من المال في بنك
إسلامي وراتبه مع أرباح المال تكفيه بصورة معتدلة ، فهل يجب عليه الحج من رأس المال
مع العلم أن ذلك سيؤثر على دخله الشهري ويرهقه مادياً ؟ فأجابت :
" إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج لعدم الاستطاعة
الشرعية ، قال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ
اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ) . وقال : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ ) " انتهى .
والمراد بالحاجات الأصلية : ما يحتاج إليه الإنسان في حياته
كثيراً ، ويشق عليه الاستغناء عنه .
مثل : كتب العلم لطالب العلم ، فلا نقول له : بع كتبك وحج بثمنها
، لأنها من الحوائج الأصلية .
وكذلك السيارة التي يحتاج إليها ، لا نقول له بعها وحج بثمنها ،
لكن لو كان عنده سيارتان وهو لا يحتاج إلا إلى واحدة فيجب عليه أن يبيع إحداهما
ليحج بثمنها .
وكذلك الصانع لا يلزمه أن يبيع آلات الصنعة لأنه يحتاج إليها .
وكذلك السيارة التي يعمل عليها وينفق على نفسه وأهله من أجرتها ،
لا يجب عليه بيعها ليحج .
ومن الحوائج الأصلية : الحاجة إلى النكاح .
فإذا احتاج إلى النكاح قدم النكاح على الحج وإلا قدم الحج .
انظر جواب السؤال ( 27120 )
.
إذاً فالمراد من الاستطاعة المالية أن يفضل عنده ما يكفيه للحج
بعد قضاء الديون ، والنفقات الشرعية ، والحوائج الأصلية .
فمن كان مستطيعاً ببدنه وماله وجب عليه المبادرة بالحج .
ومن كان غير مستطيع ببدنه وماله ، أو كان مستطيعاً ببدنه ولكنه
فقير لا مال له ، فلا يجب عليه الحج.
ومن كان مستطيعاً بماله ، غير أنه لا يستطيع ببدنه نظرنا :
فإن كان عجزه يرجى زواله كمريض يرجى شفاء مرضه فإنه ينتظر حتى
يشفيه الله ثم يحج .
وإن كان عجزه لا يرجى زواله كمريض السرطان أو كبير السن الذي لا
يستطيع الحج فهذا يجب عليه أن يقيم من يحج عنه ، ولا يسقط عنه الحج لعدم استطاعته
ببدنه إذا كان مستطيعاً بماله .
والدليل على ذلك :
ما رواه البخاري (1513) أن امرأة قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا
كَبِيرًا لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها إن الحج فرض على
أبيها مع أنه لا يستطيع الحج ببدنه . ويشترط لوجوب الحج على المرأة أن يكون لها
محرم ولا يحل لها أن تسافر للحج فرضاً كان أو نفلاً إلا مع ذي محرم ، لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري (1862) ومسلم (1341) .
والمحرم هو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو رضاع أو
مصاهرة .
وزوج الأخت أو زوج الخالة أو العمة ليس من المحارم ، وبعض النساء
تتساهل فتسافر مع أختها وزوج أختها ، أو مع خالتها وزوج خالتها ، وهذا حرام .
لأن زوج أختها ، أو زوج خالتها ليس من محارمها .
فلا يحل لها أن تسافر معه .
ويُخشى أن يكون حجها غير مبرور ، فإن الحج المبرور هو الذي لا
يخالطه إثم ، وهذه آثمة في سفرها كله إلى أن تعود .
ويشترط في المحرم أن يكون عاقلاً بالغاً .
لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها والصبي والمجنون لا
يحصل منهما ذلك .
فإذا لم يوجد للمرأة محرم ، أو وجد ولكن امتنع من السفر معها ،
فلا يجب عليها الحج .
وليس من شروط الوجوب على المرأة إذن زوجها ، بل يجب عليها الحج
إذا توفرت شروط الوجوب ولو لم يأذن الزوج .
قالت اللجنة الدائمة (11/20) :
حج الفريضة واجب إذا توفرت شروط الاستطاعة ، وليس منها إذن الزوج
، ولا يجوز له أن يمنعها ، بل يشرع له أن يتعاون معها في أداء هذا الواجب اهـ .
وهذا في حج الفريضة أما النافلة فنقل ابن المنذر الإجماع على أن
الزوج له منع زوجته من حج النافلة ، لأن حق الزوج واجب عليها فلا تفوته بما لا يجب
عليها . المغني (5/35) .
انظر الشرح الممتع (7/5-28) .
*****
41959
حكم النعي على منارات المساجد في مكبرات الصوت
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4230)
سؤال رقم 41959- حكم النعي على منارات المساجد في مكبرات الصوت
هل الإشهار بموت إنسان في المسجد حرام ؟.
الحمد لله
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النعي ، والمراد من هذا النهي
ما كان أهل الجاهلية يفعلونه ، حيث كانوا يرسلون من يعلن موت الميت رافعاً صوته
بذلك ، ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن النعي إذا تضمن رفعاً للصوت كان منهيا عنه .
وذهب جماعة من الحنفية إلى أنه لا يكره النداء على الميت في
الأزقة والأسواق إذا كان نداء مجرداً عن ذكر المفاخر .
قالوا : لأن في ذلك تكثيراً لجماعة المصلين والمستغفرين للميت ،
وليس مثله نعي الجاهلية ، فإنهم كانوا يبعثون إلى القبائل ينعون مع ضجيج وبكاء
وعويل وتعديد ونياحة .
وأجيب عن هذا بأن مقصود تكثير الجماعة من المصلين والمستغفرين
للميت يمكن حصوله دون النداء ورفع الصوت .
ثم إن رفع الصوت في الإعلام بموت الميت يشبه من حيث الصورة نعي
الجاهلية الذي ورد النهي عنه .
انظر : "العناية شرح الهداية" (3/267) ، "فتح القدير" (2/128) ، "الخرشي على
مختصر خليل" (2/139) ، "المهذب" (1/132) ، "الشرح الكبير" (6/287) ، "فتح الباري"
(3/117) .
قال الصنعاني في "سبل السلام" (1/482) :
" وفي النهاية : والمشهور في العرب أنهم كانوا إذا مات فيهم شريف
أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل ينعاه إليهم ، يقول : نعاء فلانا أو يا نعاء العرب
، هلك فلان أو هلكت العرب بموت فلان .
ثم قال الصنعاني : ويقرب عندي أن هذا هو المنهي عنه ، ومنه :
النعي من أعلى المنارات كما يعرف في هذه الأمصار في موت العظماء " انتهى .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في بيان ما يحرم على أقارب الميت
:
الإعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها ؛ لأنه من النعي ، وقد
ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه : كان إذا مات له الميت قال : لا تؤذنوا به أحداً ، إني
أخاف أن يكون نعياً ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي ...
والنعي لغة : هو الإخبار بموت الميت ، فهو على هذا يشمل كل إخبار
، ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار ، وقيد العلماء بها مطلق
النهي ، وقالوا : إن المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من
الصياح على أبواب البيوت والأسواق ... .
وقال الحافظ : " وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس
ممنوعاً كله ، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ، فكانوا يرسلون من يعلن
بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق " .
قلت (الألباني) : وإذا كان هذا مسلَّما : فالصياح بذلك على رؤوس
المنائر يكون نعياً من باب أولى ، ولذلك جزمنا به ، وقد يقترن به أمور أخرى هي في
ذاتها محرمات أخر ، مثل أخذ الأجرة على هذا الصياح ! ومدح الميت بما يعلم أنه ليس
كذلك ، كقولهم : " الصلاة على فخر الأماجد المكرمين ، وبقية السلف الكرام الصالحين
! " .
"أحكام الجنائز" ( ص 44– 46 ) باختصار .
هذا إذا كان المقصود من السؤال إشهار النعي على المنائر بمكبرات
الصوت .
إما إذا كان المقصود من ذلك مجرد إعلام المصلين في المسجد من غير
رفعٍ للصوت ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله ، وهذا يشبه ما فعله النبي صلى الله عليه
وسلم بعد موت النجاشي ، حيث أعلم بموته الصحابة ونعاه من أجل الصلاة عليه .
روى البخاري (1333) ومسلم (951) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، وَخَرَجَ
بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ
تَكْبِيرَاتٍ . وفي رواية للبخاري (1328) ( نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ يَوْمَ الَّذِي
مَاتَ فِيهِ ، فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ ) .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" فِيهِ : اِسْتِحْبَاب الإِعْلام بِالْمَيِّتِ لا عَلَى صُورَة
نَعْي الْجَاهِلِيَّة , بَلْ مُجَرَّد إِعْلام للصَّلاة عَلَيْهِ وَتَشْيِيعه
وَقَضَاء حَقّه فِي ذَلِكَ , وَاَلَّذِي جَاءَ مِنْ النَّهْي عَنْ النَّعْي لَيْسَ
الْمُرَاد بِهِ هَذَا , وَإِنَّمَا الْمُرَاد نَعْي الْجَاهِلِيَّة الْمُشْتَمِل
عَلَى ذِكْر الْمَفَاخِر وَغَيْرهَا " انتهى .
وانظر السؤال ( 60008 )
.
والله أعلم .
*****
41977
قول بعض الناس : من حج فليترك المجال لغيره!
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4231)
سؤال رقم 41977- قول بعض الناس - من حج فليترك المجال لغيره!
تتوق النفس للحج ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا ؟
يقولون : من حج فليترك المجال لغيره ، فهل هذا القول صحيح ؟.
الحمد لله
" هذا القول ليس بصحيح ، أعني القول بأن من حج فرضه ليترك المجال
لغيره ، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : ( تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ
الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ ) .
والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا
كان يعامل الناس بالرفق ، فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة ،
وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق ، ولهذا كان النبي صلى
الله عليه وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة ، وشنق لناقته الزمام يعنى
جذبه حتى لا تسرع ، لكنه إذا وجد فجوة نَصَّ . قال العلماء : يعني إذا وجد متسعاً
أسرع ، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها ، فإذا
وجد الضيق فليتأن في مشيه ، وليرفق بالناس ، وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي ، فهذا الذي
نراه في هذه المسألة ، يحج ويستعين الله تعالى على الحج ، ويقوم بما يلزمه من
واجبات ، ويحرص على أن لا يؤذي أحداً ، ولا يتأذى بقدر المستطاع . ولو فرض أن هناك
مصلحة أنفع من الحج مثل أن يكون بعض المسلمين محتاجاً إلى الدراهم للجهاد في سبيل
الله ، فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج النافلة ، وحينئذ يصرف هذه الدراهم إلى
المجاهدين ، أو كان هناك مسبغة يعني جوعاً شديداً على المسلمين ، فهنا صرف الدراهم
في إزالة المسبغة أفضل من الحج بها " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/28، 29) .
*****
41978
ميقات أهل السودان والصومال وأثيوببيا
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/4232)
سؤال رقم 41978- ميقات أهل السودان والصومال وأثيوببيا
من أين يحرم أهل أثيوبيا والصومال والسودان ؟
وما حكم من آتى منهما للحج أو العمرة بدون إحرام ثم أحرم بعد أيام وذهب إلى مكة مباشرة ؟.
الحمد لله
ميقات أهل أثيوبيا والصومال إذا جاءوا من الجنوب فإنهم يحاذون
يلملم التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن ، فيحرمون إذا حاذوها ، وإن
جاءوا من شمال جدة فميقاتهم الجحفة التي وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الشام
، وجعل الناس بدلاً منها رابغ ، لأنها خربت ، أما إذا جاءوا من بين ذلك قصداً إلى
جدة فإن ميقاتهم جدة ، لأنهم يصلون إلى جدة قبل محاذات الميقاتين المذكورين ، وكذلك
أهل السودان إذا جاءوا قصداً إلى جدة فميقاتهم جدة ، وإن جاءوا من الناحية الشمالية
فإن ميقاتهم إذا حاذوا الجحفة أو رابغاً ، وإن جاءوا من الناحية الجنوبية فإن
ميقاتهم إذا حاذوا يلملم ، فيكون ميقات أهل تلك البلاد مختلف بحسب الطريق الذي
جاءوا منه . هذا إذا جاءوا للعمرة أو للحج .
أما من جاء للعمل وقد أدى فريضة العمرة والحج فإنه لا يجب أن
يحرم ؛ لأن الحج والعمرة لا يجبان إلا مرة واحدة في العمر ، فإذا أداهما الإنسان لم
يجبا عليه مرة أخرى ، اللهم إلا بنذر .
ومن قدم للحج أو للعمرة ولم يحرم إلا بعد أن جاوز الميقاتين وقد
مر بأحدهما فإن أهل العلم يقولون : إن إحرامه صحيح ، ولكن عليه دم يذبح في مكة
ويوزع على الفقراء ؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الإحرام وهو كونه من الميقات ، فمن
حصل له مثل ذلك فعليه ذبح الدم في مكة يوزع على الفقراء إن كان غنياً ، وإن كان
فقيراً فليس عليه شيء ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
) التغابن/16 .
انظر : "فتاوى ابن عثيمين" (21/283، 284) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ميقات أهل السودان ، فأجاب :
" على حسب الطريق ، إن كان طريقهم يمر بميقات الجحفة لزمهم
الإحرام إذا حاذوها ، وإن كان طريقهم لا يحاذي ميقاتاً قبل جدة فإنهم يحرمون منها ،
إذا كانوا ممن أراد الحج والعمرة " انتهى .
"فتاوى ابن باز" (17/35) .
*****
4203
حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة > الجنة والنار >(1/4233)
سؤال رقم 4203- حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب
السؤال :
في صحيح البخاري ذكر الحديث أن 70,000 من الناس سيدخلون الجنة ،
الثلاثة أجيال الأولى قد يصل عددهم إلى 70,000 فهل هناك تفسير آخر للحديث
الجواب:
الحمد لله
لعلّك أيها الأخ السائل تُشير إلى حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنّة بغير حساب والذي رواه الشيخان وأحمد وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو تأملت هذا الحديث سيزول - إن شاء الله - الإشكال الذي أوردته في سؤالك ، روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا ؟ أُمَّتِي هَذِهِ ؟ قِيلَ بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ ، قِيلَ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ : هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ .. ". رواه البخاري 5270
فمقصود الحديث بيان أن هنالك فئة من هذه الأمة يدخلون الجنة من غير حساب لا أن عدد أهل الجنة من هذه الأمة سبعون ألفا ، فهؤلاء السبعون ألفا المشار إليهم في الحديث هم في منزلة عالية من هذه الأمة لمزايا خاصة اختصوا بها ذكرت في الحديث : " هُمْ الَّذِينَ لا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون " ، وجاء ذكر السبب في دخولهم الجنّة بلا حساب ولا عذاب مصرّحا به في رواية أخرى للبخاري رحمه الله عن عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاءِ أُمَّتِي قَالَ لا وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ قُلْتُ وَلِمَ قَالَ كَانُوا لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ إِلَيْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ قَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ . صحيح البخاري 6059 ، وجاء في وصفهم أيضا حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيَدْخُلَنَّ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ سَبْعُ مِائَةِ أَلْفٍ ( شكّ أحد رواة الحديث ) لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى
يَدْخُلَ آخِرُهُمْ وُجُوهُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْر" رواه البخاري وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ" رواه البخاريُ ، وفي وصفهم أيضا روى مسلم في صحيحه من حديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وفيه : "ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ فَتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ سَبْعُونَ أَلْفًا لا يُحَاسَبُونَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَأَضْوَإِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ ثُمَّ كَذَلِكَ " .
ولنا جميعا معشر المسلمين بشارات نبوية في هذا الحديث وغيره فأمّا هذا الحديث فإنّ له رواية عظيمة وزيادة كريمة جاءت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجة من حديث أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "وَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ" نسأل الله سبحانه أن يجعلنا منهم . فإذا حسبت سبعين ألفا مع كلّ ألف من السبعين ألفا فكم يكون العدد الإجمالي لمن يدخل الجنّة دون حساب ؟؟ وكم عدد كلّ حثية من حثيات الرّب العظيم الكريم الرؤوف الرحيم ؟؟ نسأل الله أن يجعلنا في تلك الأعداد .
وأما البشارة الثانية فهي أنّ عدد أهل الجنة من هذه الأمّة هو ثلثا العدد الإجمالي لأهل الجنة ، فيدخل الجنة من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم أكثر ممن يدخلها من كلّ الأمم السابقة مجتمعين ، وقد جاءت هذه البشارة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قال فيه لأصحابه يوما : " أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إِلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ . " رواه البخاري 6047 ، ثم أكمل لنا صلى الله عليه وسلم البشارة في الحديث الصحيح الآخر الذي قال فيه : " أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ . " رواه الترمذي 3469 وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ . فنحمد الله على نعمته ونسأله من فضله ورحمته ، وأن يُسكننا الجنّة بحوله ومنّته ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42054
لا حرج في استعمال كلمة "صدفة"
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4234)
سؤال رقم 42054- لا حرج في استعمال كلمة "صدفة"
كلمة صدفة ، هل يجوز لي أن أقول عندما ذهبت إلى السوق قابلت فلاناً صدفة ؟
وهل هذه الكلمة (صدفة) حرام أو شرك بالله عز وجل ، وماذا أقول بدلاً من هذه الكلمة ؟.
الحمد لله
لا بأس باستعمال كلمة قابلة فلاناً صدفة ، لأن مراد المتكلم بذلك
أنه قابله بدون اتفاق سابق ، وبدون قصد منه ، وليس المراد أنه قابله بدون تقدير من
الله عز وجل .
وقد ورد استعمال هذه الكلمة في بعض الأحاديث . منها : ما رواه
مسلم (2144) عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَانْطَلَقْتُ بِهِ ( يعني بعبد الله بن أبي طلحة )
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ
مِيسَمٌ . . . الحديث. والميسم أداة تستخدم في الكي .
وروى أبو داود (142) عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ كُنْتُ
وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نُصَادِفْهُ فِي
مَنْزِلِهِ وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ . . . الحديث . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/393) :
"ليس قول الإنسان قابلت فلاناً صدفة محرّماً أو شركاً، لأن
المراد منها قابلته دون سابق وعد أو اتفاق على اللقاء مثلاً وليس في هذا المعنى
حرج" اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين : ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة "صدفة"
؟
فأجاب رحمه الله :
"رأينا في هذا القول أنه لا بأس به ، وهذا أمر متعارف ، ووردت
أحاديث بهذا التعبير : صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله .
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع ، لأن الإنسان
لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له ،
ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا ، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده
بمقدار وهو سبحانه وتعالى لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبداً ، لكن بالنسبة لي
أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له : صدفة ، ولا حرج
فيه ، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز"
اهـ بتصرف .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين (3/117) .
والله أعلم .
*****
42061
حكم دخول الحمام بالمصحف أو أشرطة القرآن
الفقه > عبادات > الطهارة > قضاء الحاجة >(1/4235)
سؤال رقم 42061- حكم دخول الحمام بالمصحف أو أشرطة القرآن
ما حكم الدخول بالمصحف الحمام ؟ وهل يقاس عليه الأشرطة الإسلامية المسجل عليها القرآن الكريم ؟.
الحمد لله
الدخول بالمصحف إلى المرحاض والأماكن القذرة صرح العلماء بأنه
حرام ، لأن ذلك ينافي احترام كلام الله سبحانه وتعالى ، إلا إذا خاف أن يسرق لو
وضعه خارج المرحاض ، أو خاف أن ينساه فلا حرج أن يدخل به لضرورة حفظه .
أما الأشرطة فليست كالمصاحف ، لأن الأشرطة ليس فيها كتابة ، غاية
ما هنالك أن ذبذبات معينة موجودة في الشريط إذا مرت بالجهاز المعين ظهر الصوت ،
فلذلك يدخل بها ولا إشكال في ذلك .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "لقاءات الباب المفتوح" (3/439) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"أما دخول الحمام بالمصحف فلا يجوز إلا عند الضرورة ، إذا كنت
تخشى عليه أن يسرق فلا بأس " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/30) .
*****
42072
هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة ؟
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/4236)
سؤال رقم 42072- هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة ؟
أريد أن أسأل عن الزكاة لدي مكتبة بها قرطاسية وخدمات طالب : وقد قرأت أن الزكاة عن البضاعة متى ما حال عليها الحول ولكن هناك استفسار عن خدمات الطالب هل تدخل أجهزة التصوير في حساب الزكاة أم لا حيث أن قيمتها كبيرة ؟ .
الحمد لله
أولاً :
"يجب عليك أن تزكي جميع المال الذي لديك من النقود ومن الأدوات
المعروضة للبيع في القرطاسية بعد تمام الحول إذا بلغت قيمتها نصابا" اهـ .
"فتاوى اللجنة الدائمة: (9/313) .
ثانياً :
"والنصاب هو عشرون مثقالا من الذهب ، أي : خمسة وثمانون جراماً ،
ومن الفضة مائة وأربعون مثقالا (أي : 595 جراماً) ، ويساوي بدراهم الفضة السعودية
ستة وخمسين ريالا" اهـ "فتاوى العثيمين" (18/93) .
فإذا بلغت قيمة البضاعة المعروضة للبيع ، مع ما معك من نقود
ورقية أحدَ النصابين : الذهب أو الفضة وجبت عليك الزكاة . "فتاوى اللجنة
الدائمة" (9/257) .
ثالثاً :
كيفية حساب الزكاة .
إذا حال الحول على النصاب فإنك تحسب ما معك من نقود ثم تضيف إليه
قيمة البضاعة الموجودة بالقرطاسية ، ثم تخرج من المجموع ربع العشر أي : 2.5 بالمائة
. وتعطيه لمستحقيه من الأصناف التي بينها الله تعالى في قوله : ( إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة /60 .
ويكون تقدير البضاعة الموجودة بالقرطاسية بالثمن الذي تبيع به ،
لا بالثمن الذي اشتريتها به.
البيع لا الشراء . راجع السؤال رقم ( 26236 )
.
رابعاً :
أما عن أجهزة التصوير فلا زكاة فيها إلا إذا كنت أعددتها للبيع .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"الشيء المعد للاستعمال ليس فيه زكاة ، معدات أو غيرها ، إذا كان
معدًّا للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة ، والقاعدة أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى ، وما
كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى" اهـ "فتاوى ابن باز" (14/184)
.
والله أعلم .
*****
42073
في بيته جنِّي
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالجن والسحر والعين >(1/4237)
سؤال رقم 42073- في بيته جنِّي
كنت أعيش في شقة في الشارقة لعدة أشهر ثم لاحظت وجود بصمات أصابع بالدم على الجدران والأرض ، ثم بدأت تصدر بعض الأصوات فتركت البيت وانتقلت لبيت آخر ، ثم حصل نفس الشيء في البيت الجديد ، فقمت بإرسال عائلتي لبلدي وانتقلت للعيش مع بعض الأصدقاء ، سمعت الأصوات هنا كذلك ولكن لا تصدر إلا إذا كنت وحيداً وأزعجتني هذه الأصوات كثيراً .
اعتدت أن أصلي الصلوات الخمس وأقرأ القرآن في الصبح وإذا أردت النوم أقرأ سورة المزمل سبع مرات وسورة الملك وبدأت تقل الآن . أرجو أن تخبرني بما يجب أن أفعله الآن .
الحمد لله
هذه الأصوات والأفعال ربما صدرت من الجن ، والجن خلق من خلق الله
تعالى يجب علينا الإيمان بوجودهم ، لأن الله تعالى ذكرهم في القرآن في آيات كثيرة ،
بل خصهم بسورة تسمى سورة ( الجن ) ووجودهم متفق عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وجماهير الأمم يقرّ بالجن ولهم
معهم وقائع يطول وصفها ، ولم ينكر الجن إلا شرذمة قليلة من جهّال المتفلسفة
والأطباء ونحوهم " مجموع الفتاوى 19/32 .
وقدراتهم تفوق قدرات الإنسان ، كما قال تعالى : ( قَالَ
عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِك ) النمل /39 ، وبين سليمان عليه
السلام وملكة سبأ مسافة بعيدة ، وقد أقدرهم الله على التشكل والطيران وغير ذلك ،
لكنهم مع شدة قوتهم لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين ، قال تعالى : ( إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً ) الاسراء /65 ، وقال : ( وَمَا كَانَ لَهُ
عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ
مِنْهَا فِي شَكٍّ ) سبأ /21 . بل يعترف الشيطان بهذه
الحقيقة فيقول : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي
الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين
) الحجر /39 – 40 ، وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون
بفكره ويتابعونه عن رضا وطواعية ، كما أخبر الله بذلك فقال :
( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ
اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين َ) الحجر/42
وقد يسلطهم الله على المؤمنين بسبب ذنوبهم ، كما قال صلى الله
عليه وسلم : ( إن الله تعالى مع القاضي ما لم يَجُرْ ، فإذا جار تبرّأ منه وألزمه
الشيطان ) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في صحيح الجامع 1823 .
والجَوْر عدم العدل .
والمسلم يجب أن يكون قبل كل شيء متسلحاً بسلاح الإيمان والعمل
الصالح لأنهما خير زادٍ له وخير وسيلة لدحر كيد شياطين الإنس والجن .
وعليك أن توثق حبلك مع الله تعالى ، فإنه الركن الذي يركن إليه .
وأكثر من ذكر الله تعالى على كل حال ، واحرص على أن لا يزال لسانك رطباً من ذكر
الله تعالى ، فإن الإنسان لن يعصم من الشيطان بمثل ذكر الله تعالى . فقد صح عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الله تعالى أمر يحيى بن زكريا عليهما
السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن ، وكان منها :
(وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ
خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ
فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ
الشَّيْطَانِ إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ) . رواه الترمذي (2863) . وصححه
الألباني في صحيح الترمذي .
وحافظ على الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كالذكر
عند دخول الخلاء وعند الجماع وعند سماع نهيق الحمار وعند دخول البيت وفي الصباح
والمساء وعند النوم . . وغير ذلك من الأحوال والأوقات التي ورد فيها عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر معين .
وهي مجموعة في كتب الأذكار ككتاب الأذكار للنووي ، والكلم الطيب
لابن تيمية ، وحصن المسلم للقحطاني .
وعليك بالإكثار من قراءة القرآن في البيت لاسيما سورة البقرة في
البيت ، فقد روى أحمد (7762) ومسلم (780) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال : ( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ ، إِنَّ
الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ [ولفظ أحمد : يَفِرّ] مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ
سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) .
وعليك أيضاً أن تطهّر بيتك من كل شيء فيه معصية لله تعالى ، مثل
اقتناء الصور والكلاب ، فقد روى أبو طلحة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) رواه البخاري (3322)
ومسلم (2106)
فإن خلت البيوت من الملائكة كانت مرتعاً ومسكناً للشياطين .
أما قراءة سورة المزمل والملك عند النوم فقد ورد ما يدل على
استحباب قراءة سورة الملك قبل النوم ، روى الترمذي (2892) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا
يَنَامُ حَتَّى يَقْرَأَ الم تَنْزِيلُ وَتَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
أما سورة المزمل فلم يرد ما يدل على استحباب قراءتها قبل النوم .
والله تعالى أعلم .
*****
42088
الحج عن الميت أفضل أم الصدقة ؟
متى تحتجب الفتاة ؟ ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها ؟ مقدار الفدية التي في آية الصيام
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4238)
سؤال رقم 42088- الحج عن الميت أفضل أم الصدقة ؟
هل الأفضل أن أحج عن والدي المتوفيين ، مع العلم أنهما قد حجا الفريضة ؟ أو أصرف ذلك في بناء المساجد والجهاد في سبيل الله ؟.
الحمد لله
" أحسن ما يبر به الوالدان ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه
وسلم وهو الدعاء لهما ، والاستغفار لهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا صلة
لك فيها إلا بهما ، هذه هي التي نص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأله
السائل : فقال : يا رسول الله ، هل عليَّ من بر أبوي شيء بعد موتهما ؟ فأجابه بذلك
، وأما الحج عنهما والأضحية عنهما والصدقة عنهما فهي جائزة لا شك ، ولا نقول : إنها
حرام ، لكنها مفضولة ، إذ إن الدعاء لهما أفضل من هذا ، واجعل هذه الأعمال التي
تريد أن تجعلها لوالديك اجعلها لنفسك ، حج أنت لنفسك ، تصدق لنفسك ، ضح لنفسك وأهلك
، ابذل في المساجد والجهاد في سبيل الله لنفسك ، لأنك سوف تكون محتاجاً إلى العمل
الصالح كما احتاج إليه الوالدان ، والوالدان قد أرشدك النبي صلى الله عليه وسلم إلى
ما هو أنفع وأفضل ، هل تظنون أن الرسول صلى الله عليه وسلم غاب عنه أن الأفضل أن
تحج وتتصدق ؟!
أبداً لا نعتقد أن الرسول غاب عنه ذلك ، فلنعلم أن الرسول اختار
هذه الأشياء الأربعة : الدعاء ، والاستغفار ، وإكرام الصديق ، وصلة الرحم ، لأنها
هي البر حقيقة ، ولهذا صح عنه أنه قال : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ
عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ
يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) لم يقل : أو ولد صالح يتصدق
عنه ، أو يضحي عنه ، أو يحج عنه ، أو يصوم عنه ، مع أن الحديث عن الأعمال ، فعدل
النبي عليه الصلاة والسلام عن جعل الأعمال للميت إلى الدعاء ، ونحن نشهد الله ،
ونعلم علم اليقين أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لن يعدل إلى شيء مفضول
ويدع الشيء الفاضل أبداً ، لأنه صلوات الله وسلامه عليه أعلم الخلق ، وأنصح الخلق ،
فلو كانت الصدقة أو الأضحية ، أو الصلاة ، أو الحج ، لو كانت مشروعة لأرشد إليها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أقول : إنه ينبغي لطلبة العلم في مثل هذه
الأمورالتي يكون فيها العامة سائرين على الطريق المفضول ينبغي لطالب العلم أن يبين
، وأن يوضح ، وأن يقول : ائتوني بنص واحد يأمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن
يتطوع الإنسان لوالديه بصوم أو صدقة ، أبداً لا يوجد ، لكن قال : ( مَنْ مَاتَ
وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ ) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن
نصوم الفرض عن الميت ، ولكن التطوع أبداً ، قلّب في السنة كلها من أولها إلى آخرها
هل تجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يتصدق الإنسان عن والديه ، أو يصوم
تطوعاً عن والديه ، أو يحج تطوعاً عن والديه ، أو يبذل دراهم في المصالح العامة
لوالديه ؟ أبداً ، لا يوجد ، غاية ما هنالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذا
الشيء ، وإقرار الشيء لا يعني أنه مشروع ، فقد أقر سعد بن عبادة حين استأذن منه أن
يجعل مخرافه يعني بستانه صدقة لأمه ، قال : (نعم) ، وكذلك أقر عليه الصلاة والسلام
الرجل الذي قال : إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت ، أفأتصدق عنها ؟ قال
: "نعم" ، لكن هل أمر أمته أن يتطوعوا لله ويجعلوها للأموات ؟ هذا لا يوجد ، ومن
عثر على شيء من ذلك فليتحفنا به ، إلا بالشيء الواجب ، فالواجب لابد منه " انتهى .
"فتاوى ابن عثيمين" (21/267) .
*****
08/1426
4210
يخشى إذا لم يتعامل بالتأمين الصحّي أن يفلس
الفقه > معاملات > التأمين >(1/4239)
سؤال رقم 4210- يخشى إذا لم يتعامل بالتأمين الصحّي أن يفلس
السؤال :
ماذا حكم الإسلام في الحصول على تأمين صحي في بلد مثل الولايات المتحدة ؟
العلاج الصحي غالي جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني وإذا أردت أن ادفع لعلاجي فإنني سوف أفلس .
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
العلاج الصحي في الولايات المتحدة حيث أقيم مرتفع جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني ، وإذا أردت أن أدفع علاجي فسوف أفلس وربما أسجن ، فهل هذا يعتبر عذرا في الدخول في التأمين الصحي الذي هو نوع من الميسر نظرا لأنه لا يوجد تأمين شرعي ولا قدرة لي على معالجة نفسي وأولادي وزوجتي في الحالة الاعتيادية الموجودة في بعض البلدان؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي :
مادام الرجل يعلم أن هذا من الميسر فإنه لا يحل لأنه من عمل الشيطان فليعتمد على الله ويتوكل عليه فإن من يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فلا يجوز له أن يدخل في التأمين . انتهى كلامه حفظه الله
وقد سبق بيان أنّ وجه كون التأمين الصحّي من الميسر أنّ الشّخص يدفع مبلغا من المال تمتلكه شركة التأمين فإذا مرض أو حصل له حادث استفاد وإلاّ ذهب ماله ثمّ قد تكون الاستفادة بمثل أو أقلّ أو أكثر مما دفع وفي هذا من الجهالة والغرر وأكل المال بغير حقّ أو الخسارة لأحد الطّرفين ما لا يخفى . وليت بعض المسلمين أو العقلاء يقومون بإنشاء مؤسسات تأمين تعاونية تقرّها الشّريعة الإسلامية ، تكون فكرتها الأساسية أن يتضامن دافعوا الأموال لصندوق معيّن ( لا يمتلكه طرف آخر ) أنّه إذا حصل لأحدهم مرض أو حادث أنْ يعوّض برضاهم ، ثمّ لا بأس أن يُعطى القائمون على هذا الصّندوق من الموظّفين رواتب ، ولا بأس أن تستثمر الأموال شركة أخرى بنسبة معينة من الأرباح ، والله الموفّق
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42106
حكم صيام أيام التشريق
الفقه > عبادات > الصوم > الأيام المنهي عن صيامها >(1/4240)
سؤال رقم 42106- حكم صيام أيام التشريق
اعتدت أن أصوم كل خميس وصادف أنى صمت يوم الخميس الموافق 12 ذو الحجة وقد سمعت يوم الجمعة انه لا يجوز صيام أيام التشريق والخميس هو ثالث أيام التشريق . فهل على شئ أنى صمته؟؟ وهل فعلا لا يجوز صيام أيام التشريق أو فقط لا نصوم أول أيام العيد ؟؟.
الحمد لله
صيام يومي العيدين محرم ، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه قال : ( نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ
يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ) . رواه البخاري (1992) ، ومسلم (827) . وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم .
كما يحرم صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد
الأضحى ( الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر ، من شهر ذي الحجة ) لقوله صلى
الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ) رواه مسلم (1141) .
وروى أبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ
أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ . فَقَالَ : إِنِّي
صَائِمٌ . فَقَالَ عَمْرٌو : كُلْ فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا ،
وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا . قَالَ الإمام مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ
التَّشْرِيقِ . وصح ح ه الألباني في صحيح أبي داود .
لكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي فعن عائشة
وابن عمر رضي الله عنهم قالا : ( لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد
الهدي ) رواه البخاري (1998) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " يجوز للقارن والمتمتع إذا لم
يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما . وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها ، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين
متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ثم يواصل صومه " فتاوى رمضان ص 727
ويراجع في ذلك الأسئلة ( 21049 ، 36950 ) .
والله أعلم .
*****
42153
متى يشرع الاضطباع والرمل ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > صفة الحج والعمرة >(1/4241)
سؤال رقم 42153- متى يشرع الاضطباع والرمل ؟
طفت طواف الإفاضة يوم العيد بعد النفرة من مزدلفة مباشرة أي قبل رمي جمرة العقبة أو الحلق ، هل في هذا الطواف اضطباع على اعتبار أني لا زلت محرماً . وفقكم الله .
الحمد لله
لا يشرع الاضطباع والرمل إلا في طواف العمرة ، وطواف القدوم للمفرد والقارن .
أما فيما عدا ذلك فلا يشرعان ، فطواف الإفاضة لا رمل فيه اضطباع سواء طفته وأنت محرم أم غير محرم .
روى أبو داود (2001) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي
أَفَاضَ فِيهِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والاضطباع هو كشف المنكب الأيمن .
والرمل هو مقاربة الخطا مع إسراع المشي .
والاضطباع والرمل متلازمان ، فحيث شرع الرمل شرع الاضطباع ، وحيث لم يشرع الرمل لم يشرع الاضطباع .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (8/43) :
وَالاضْطِبَاعُ مُلازِمٌ لِلرَّمَلِ , فَحَيْثُ اسْتَحْبَبْنَا الرَّمَلَ فَكَذَا الاضْطِبَاعُ , وَحَيْثُ لَمْ نَسْتَحِبَّهُ فَكَذَا
الاضْطِبَاعُ , وَحَيْثُ جَرَى خِلافٌ جَرَى فِي الرَّمَلِ وَالاضْطِبَاعِ جَمِيعًا , وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ اهـ.
وقَالَ أَيضاً : لَكِنْ يَفْتَرِقُ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الاضْطِبَاعَ مَسْنُونٌ فِي جَمِيعِ
الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ , وَأَمَّا الرَّمَلُ إنَّمَا يُسَنُّ فِي الثَّلَاثِ الأُوَلِ وَيَمْشِي فِي الأَرْبَعِ الأَوَاخِرِ اهـ. "المجموع" (8/20)
.
وذكر ابن قدامة في "المغني" (5/221) استحباب الرمل والاضطباع في طواف العمرة وفي طواف القدوم ثم قال :
وَلا يُسَنُّ الرَّمَلُ وَالاضْطِبَاعُ فِي طَوَافٍ سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ إنَّمَا
رَمَلُوا وَاضْطَبَعُوا فِي ذَلِكَ اهـ .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/225) :
يسن الاضطباع في الأشواط كلها في طواف القدوم خاصة ، كما يشرع الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم للحاج والمعتمر اهـ .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
ويرمل في جميع الثلاثة الأُول من الطواف الأول ، وهو الطواف الذي يأتي به أول ما يقدم مكّة ، سواء كان معتمراً أو متمتعاً ، أو محرماً
بالحج وحده ، أو قارناً بينه وبين العمرة ، ويمشي في الأربعة الباقية ، يبتدئ كل شوط مع مقاربة الخطى ، ويستحب له أن يضطبع في جميع هذا الطواف دون غيره اهـ
. فتاوى ابن باز (16/60) .
والله تعالى أعلم .
*****
42165
كيف أنصح المدمن على الصور الفاضحة
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4242)
سؤال رقم 42165- كيف أنصح المدمن على الصور الفاضحة
لي صديق يستخدم الانترنت ويدخل على مواقع تعرض صورا فاضحة، فما هو الحكم الشرعي في ذلك ، وكيف يمكنني مساعدته للابتعاد عن هذه الأمور؟.
الحمد لله
لا يجوز النظر إلى الصور الفاضحة التي تعرض مفاتن المرأة ، سواء
في مواقع الانترنت أو في الجرائد أو المجلات أو غيرها ، وذلك لأن النظر إليها وسيلة
إلى التلذذ بها ومعرفة ذات الصورة ومعرفة جمالها .
وهذا قد يكون وسيلة إلى الحصول عليها فيَحرُم ، لأن الوسائل لها
أحكام الغايات ( فتاوى اللجنة الدائمة 2424 ) بتصرف
ولقد تهاون كثير من الناس في النظر إلى صور النساء الأجنبيات
بحجة أنها صورة لا حقيقة لها ، وهذا أمر خطير جداً ، لأنه لابدّ أن يكون من ذلك
فتنةٌ على قلب الرجل تجرّه إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة ، وقد قال تعالى :
( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ) النور / 30 . (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين2/268) بتصرف .
ويمكنك أيها الأخ مساعدة صديقك للابتعاد عن هذا الأمر بإدامة
النصح له وتخويفه بالله تعالى وأنه مطلع عليه لا يخفى عليه من أمره شيء ، وتذكيره
بنعمة الله تعالى عليه بأن رزقه بصراً يرى به ما ينفعه ، وحرم عليه أن يستعمله في
النظر إلى ما حرّم الله ، وهو جلّ جلاله سائله عنه ، ولذلك ختم الله تعالى الآية
السابقة بقوله : ( إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) النور/ 30 ، وقال تعالى : ( كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) الإسراء/36
ولو تأمل العاقل وهو ينظر إلى هذه الصور المحرّمة الفاتنة لأدرك
أنه لا يجني من وراء هذه النظرات إلاّ الحسرات والآلام والآهات ، إذ لا يستطيع أن
يظفر بحقيقة هذه الصور ، وصدق الشاعر إذ يقول :
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً *** لقلبك يوماً أتعبتك المناظرُ
رأيت الذي لا كلَّه أنت قادرٌ *** عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ
وقال آخر :
كم نظرة فتكتْ في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلّبها *** في أعين الغير موقوف على الخطر
يسّر مقلتهُ ما ضرّ مهجته *** لا مرحباً بسرور عاد بالضّررِ
فتبيَّن أنه ليس من وراء النظر إلى هذه الصور الفاضحة إلاَّ سخط
الله وضياع الوقت والمال في غير مرضاته ، وتعذيب النفس .
والواجب على المسلم أن يقبل على طلب العفاف بالنكاح ، وبذل
الأسباب لذلك .
وترك رفقاء السوء الذين قد يكون لهم أثر سيء في التعرف والحث على
تصفح مثل هذه المواقع السيئة .
وليشغل الإنسان وقته بما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه ، كحفظ
كتاب الله وحضور مجالس الذكر ، وتصفُّح المواقع التي تعرض الفائدة والعلم الصحيح
النافع .
*****
42178
عقوبة عدم الوفاء بالنذر
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4243)
سؤال رقم 42178- عقوبة عدم الوفاء بالنذر
ما هي عقوبة من نذر أن يفعل طاعة ثم تهاون ولم يفعلها ؟.
الحمد لله
أولاً :
النذر نوعان :
الأول : النذر المعلق . وهو أن يعلق النذر على حصول شيء ، كما لو
قال : إن شفاني الله لأتصدقن بكذا أو لأصومن كذا ، ونحو ذلك .
الثاني : النذر المُنَجَّز ( أي : الذي لم يعلق على شيء ) ، كما
لو قال : لله علي أن أصوم كذا .
وكلا النوعين يجب الوفاء به إذا كان المنذور فعل طاعة .
لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَذَرَ
أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ
) رواه البخاري (6696) .
ووجوب الوفاء بالنذر المعلق أشد من النذر المُنَجَّز – وإن كان
كلاهما واجبا كما سبق-
قال ابن القيم :
إذَا قَالَ : إنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ تَصَدَّقْت , أَوْ
لأَتَصَدَّقَنَّ , فَهُوَ وَعْدٌ وَعَدَهُ اللَّهَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ بِهِ ,
وَإِلا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ : ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إلَى
يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا
يَكْذِبُونَ ) فَوَعْدُ الْعَبْدِ رَبَّهُ نَذْرٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ لَهُ
بِهِ ; والنذر المعلق أَوْلَى بِاللُّزُومِ مِنْ أَنْ يَقُولَ ابْتِدَاءً : "
لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا " .
وَإِخْلَافُهُ يُعْقِبُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ اهـ بتصرف .
ثانياً :
ذَمَّ الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين ينذرون
ولا يوفون ، روى مسلم (2535) عن عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ -قَالَ عِمْرَانُ : فَلا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً - ثُمَّ
يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ ، وَيَخُونُونَ وَلا
يُؤْتَمَنُونَ ، وَيَنْذِرُونَ وَلا يُوفُونَ ، وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ ) .
قال النووي :
فِيهِ وُجُوب الْوَفَاء بِالنَّذْرِ , وَهُوَ وَاجِب بِلا خِلَاف
اهـ .
والمراد بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَيَظْهَرُ
فِيهِمْ السِّمَنُ ) أن هؤلاء غافلون عن الاهتمام بأمر الدين ، ولا هَمَّ لهم إلا
الأكل والشرب والراحة والنوم . والمذموم من السمن ما كان مكتسباً لا ما كان خِلقة .
والله أعلم . انظر عون المعبود شرح حديث رقم (4657) .
ثالثاً : عدم الوفاء بالنذر من صفات المنافقين
قال الله تعالى : (وَمِنْهُمْ (أي : من المنافقين) مَنْ عَاهَدَ
اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ
الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا
وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ
يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ
* أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ
اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) التوبة /75-78 .
رابعاً : وأما عقوبة من نذر ولم يف بما عاهد الله عليه
فيُخشى عليه أن يعاقبه الله تعالى بإلقاء النفاق في قلبه ، فيلقى
الله تعالى وهو منافق ، فيكون من الخاسرين .
كما قال الله تعالى في الآية السابقة : ( فَأَعْقَبَهُمْ
نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا
وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ )
قال السعدي ص (546) :
أي: ومن هؤلاء المنافقين من أعطى اللّه عهده وميثاقه "لَئِنْ
آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ" من الدنيا فبسطها لنا ووسعها "لَنَصَّدَّقَنَّ
وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ". فنصل الرحم ونعين على نوائب الحق ونفعل
الأفعال الحسنة الصالحة .
"فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ" لم يفوا بما قالوا بل
"بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا" عن الطاعة والانقياد "وَهُمْ مُعْرِضُونَ" أي : غير
ملتفتين إلى الخير. فلما لم يفوا بما عاهدوا اللّه عليه عاقبهم "فَأَعْقَبَهُمْ
نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ" مستمرا "إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا
اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ " .
فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع أن يعاهد ربه إن حصل مقصوده
الفلاني ليفعلن كذا وكذا ثم لا يفي بذلك فإنه ربما عاقبه اللّه بالنفاق كما عاقب
هؤلاء .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت في الصحيحين
: ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف ) .
فهذا المنافق الذي وعد اللّه وعاهده لئن أعطاه اللّه من فضله
ليصدقن وليكونن من الصالحين حدث فكذب وعاهد فغدر ، ووعد فأخلف. ولهذا توعد من صدر
منهم هذا الصنيع بقوله : " أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ
وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ " وسيجازيهم على ما عملوا من
الأعمال التي يعلمها اللّه تعالى اهـ .
والله أعلم .
*****
42216
عصمة الأنبياء
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >(1/4244)
سؤال رقم 42216- عصمة الأنبياء
أود أن أسال عن العقيدة ، هل من عقيدتنا الإيمان بصدور الذنب عن الأنبياء وأنهم غير معصومين ؟.
الحمد لله
الأنبياء هم صفوة البشر ، وهم أكرم الخلق على الله تعالى ،
اصطفاهم الله تعالى لتبليغ الناس دعوة لا إله إلا الله ، وجعلهم الله تعالى الواسطة
بينه وبين خلقه في تبليغ الشرائع ، وهم مأمورون بالتبليغ عن الله تعالى ، قال الله
تعالى : " أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا
بها قوما ليسوا بها بكافرين " الأنعام / 89 .
والأنبياء وظيفتهم التبليغ عن الله تعالى مع كونهم بشرا ، ولذلك
فهم بالنسبة للأمر المتعلق بالعصمة على حالين :
1- العصمة في تبيلغ الدين .
2- العصمة من الأخطاء البشرية .
أولاً : أما بالنسبة للأمر الأول ، فإن الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام معصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى ، فلا يكتمون شيئاً مما أوحاه
الله إليهم ، ولا يزيدون عليه من عند أنفسهم ، قال الله تعالى لنبيه محمد – صلى
الله عليه وسلم – " يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت
رسالته والله يعصمك من الناس " المائدة /67 ، وقال تعالى : "
ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما
منكم من أحد عنه حاجزين " الحاقة /47 - 44 .
وقال تعالى : " وما هو على الغيب بضنين " التكوير /24 ، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تفسير هذه الآية "
وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيح ، يكتم بعضه ، بل هو – صلى الله عليه وسلم –
أمين أهل السماء ، وأهل الأرض ، الذي بلغ رسالات ربه ، البلاغ المبين ، فلم يشح
بشيء منه ، عن غني ولا فقير ، ولا رئيس ولا مرؤوس ، ولا ذكر ولا أنثى ، ولا حضري
ولا بدوي ، ولذلك بعثه الله في أمة أمية جاهلة جهلاء ، فلم يمت – صلى الله عليه
وسلم – حتى كانوا علماء ربانيين ، إليهم الغاية في العلوم ... " انتهى
فالنبي في تبليغه لدين ربه وشريعته لا يخطأ في شيء البتة لا كبير
ولا قليل ، بل هو معصوم دائماً من الله تعالى .
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – ( فتاوى ابن
باز ج6/371 ) :
" قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
– ولاسيما محمد – صلى الله عليه وسلم – معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز
وجل ، قال تعالى : " والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى *
إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى " النجم /1-5 ) ،
فنبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – معصوم في كل ما يبلغ عن الله قولاً وعملاً
وتقريراً ، هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم " انتهى .
وقد اتفقت الأمة على أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة ، فلا
ينسون شيئا مما أوحاه الله إليهم ، إلا شيئا قد نسخ ، وقد تكفل الله جل وعلا
لرسوله _ صلى الله عليه وسلم _ أن يقرئه فلا ينسى ، إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه
إياه وتكفل له بأن يجمع له القرآن في صدره . قال تعالى . " سنقرئك فلا تنسى إلا ما
شاء الله " الأعلى / 7 ، وقال تعالى : " إن علينا جمعه
وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " القيامة /17-18 .
قال شيخ الإسلام رحمه الله ( مجموع الفتاوى ج18 / 7 ) :
" فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون
فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقاً وهذا معنى النبوة وهو يتضمن
أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم
رسالات ربه " انتهى .
ثانيا : بالنسبة للأنبياء كأناس يصدر منهم الخطأ ، فهو على حالات
:
1- عدم الخطأ بصدور الكبائر منهم :
أما كبائر الذنوب فلا تصدر من الأنبياء أبدا وهم معصومون من
الكبائر ، سواء قبل بعثتهم أم بعدها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ( مجموع الفتاوى : ج4 /
319 ) :
" إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول
أكثر علماء الإسلام ، وجميع الطوائف ... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث
والفقهاء ، بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق
هذا القول " انتهى .
2- الأمور التي لا تتعلق بتبيلغ الرسالة والوحي .
وأما صغائر الذنوب فربما تقع منهم أو من بعضهم ، ولهذا ذهب أكثر
أهل العلم إلى أنهم غير معصومين منها ، وإذا وقعت منهم فإنهم لا يُقرون عليها بل
ينبههم الله تبارك وتعالى عليها فيبادرون بالتوبة منها .
والدليل على وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها : - قوله
تعالى عن آدم : " وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ) طه /
121-122 ، وهذا دليل على وقوع المعصية من آدم – عليه الصلاة
والسلام - ، وعدم إقراره عليها ، مع توبته إلى الله منها .
- قوله تعالى " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضلٌ مبين*
قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم " القصص/15،16 . فموسى – عليه الصلاة والسلام - اعترف بذنبه وطلب المغفرة من الله
بعد قتله القبطي ، وقد غفر الله له ذنبه .
- قوله تعالى : " فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك
وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب " ص / 23،24 ، وكانت معصية
داود هي التسرع في الحكم قبل أن يسمع من الخصم الثاني .
وهذا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يعاتبه ربه سبحانه
وتعالى في أمور ذكرت في القرآن ، منها :
- قوله تعالى " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي
مرضات أزواجك والله غفور رحيم " التحريم /1 ، وذلك في القصة
المشهورة مع بعض أزواجه – صلى الله عليه وسلم - .
- كذا عتاب الله تعالى للنبي – صلى الله عليه وسلم - في أسرى بدر
:
فقد روى مسلم في صحيحه ( 4588 ) " قال ابن عباس : فلما أسروا
الأسارى قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر وعمر – رضي الله عنهما - :
" ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ " فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة
, أرى أن تأخذ منهم فدية , فتكون لنا قوة على الكفار , فعسى الله أن يهديهم للإسلام
، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " ما ترى يا ابن الخطاب ؟! " قال : قلت
لا ، والله يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني
أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم ، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكني من فلان -
نسيبا لعمر – فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله – صلى
الله عليه وسلم – ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد جئت فإذا
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان ، قلت : يا رسول
الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء
تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " أبكي للذي عَرَضَ
عليّ أصحابُك من أخذهم الفداء ، لقد عُرِض عليّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة " –
شجرة قريبة من نبي الله – صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله عز وجل : " ما كان لنبي
أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " إلى قوله : " فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا " الأنفال / 67–69 ، فأحل الله الغنيمة لهم .
ففي هذا الحديث اتضح أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للعفو
عن الأسرى إنما كان أمرا اجتهاديا منه بعد مشاورة أصحابه ، ولم يكن عنده صلى الله
عليه وسلم فيه من الله تعالى نص .
- قوله تعالى : " عبس وتولى * أن جاءه الأعمى " عبس /1-2 ، وهذه قصة الصحابي الجليل عبد الله ابن أم مكتوم الشهيرة مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم والتي عاتبه الله فيها .
قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى : ج4 / 320 ) :
" وعامة ما يُنقل عن جمهور العلماء أنهم ( أي الأنبياء ) غير
معصومين عن الإقرار على الصغائر ، ولا يقرون عليها ، ولا يقولون إنها لا تقع بحال ،
وأول من نُقل عنهم من طوائف الأمة القول بالعصمة مطلقاً ، وأعظمهم قولاً لذلك :
الرافضة ، فإنهم يقولون بالعصمة حتى ما يقع على سبيل النسيان والسهو والتأويل "
انتهى .
وقد يستعظم بعض الناس مثل هذا ويذهبون إلى تأويل النصوص من
الكتاب والسنة الدالة على هذا و يحرفونها . والدافع لهم إلى هذا القول شبهتان :
الأولى : أن الله تعالى أمر باتباع الرسل والتأسي بهم ، والأمر
باتباعهم يستلزم أن يكون كل ما صدر عنهم محلاً للاتباع ، وأن كل فعل ، أو اعتقاد
منهم طاعة ، ولو جاز أن يقع الرسول صلى الله عليه وسلم في معصية لحصل التناقض ،
لأن ذلك يقتضي أن يجتمع في هذه المعصية التي وقعت من الرسول الأمر باتباعها وفعلها
، من حيث إننا مأمورون بالتأسي به ، والنهي عن موافقتها ، من حيث كونها معصية .
وهذه الشبهة صحيحة وفي محلها لو كانت المعصية خافية غير ظاهرة
بحيث تختلط بالطاعة ، ولكن الله تعالى ينبه رسله ويبين لهم المخالفة ، ويوفقهم إلى
التوبة منها من غير تأخير .
الثانية : أن الذنوب تنافي الكمال وأنها نقص . وهذا صحيح إن لم
يصاحبها توبة ، فإن التوبة تغفر الذنب ، ولا تنافي الكمال ، ولا يتوجه إلى صاحبها
اللوم ، بل إن العبد في كثير من الأحيان يكون بعد توبته خيراً منه قبل وقوعه في
المعصية ومعلوم أنه لم يقع ذنب من نبي إلا وقد سارع إلى التوبة والاستغفار،
فالأنبياء لا يقرون على ذنب ، ولا يؤخرون توبة ، فالله عصمهم من ذلك ، وهم بعد
التوبة أكمل منهم قبلها .
3- الخطأ في بعض الأمور الدنيوية – بغير قصد - :
وأما الخطأ في الأمور الدنيوية ، فيجوز عليهم الخطأ فيها مع تمام
عقلهم ، وسداد رأيهم ، وقوة بصيرتهم ، وقد وقع ذلك من بعض الأنبياء ومنهم نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ويكون ذلك في مناحي الحياة المختلفة من طب وزراعة وغير ذلك
.
فقد روى مسلم في صحيحه ( 6127 ) عن رافع بن خديج قَالَ: قَدِمَ
نَبِيّ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – الْمَدِينَةَ ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النّخْلَ
. يَقُولُونَ يُلَقّحُونَ النّخْلَ . فَقَالَ : "مَا تَصْنَعُونَ ؟ " قَالُوا :
كُنّا نَصْنَعُهُ. قَالَ : "لَعَلّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْراً "
فَتَرَكُوهُ . فَنَفَضَتْ أَوْ قال : فَنَقَصَتْ . قَالَ : فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ
فَقَالَ : " إِنّمَا أَنَا بَشَرٌ ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ
فَخُذُوا بِهِ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيي ، فَإِنّمَا أَنَا
بَشَرٌ" وبهذا يكون قد علم أن أنبياء الله تعالى معصومون عن الخطأ في الوحي ،
ولنحذر ممن يطعنون في تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويشككون في تشريعاته
ويقولون هي اجتهادات شخصية من عنده حاشاه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : "
وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى " النجم /3-4 .
وسئلت اللجنة الدائمة : هل الأنبياء والرسل يخطئون ؟
فأجابت :
نعم ، يخطئون ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم بل يبين لهم
خطأهم رحمة بهم وبأممهم ، ويعفو عن زلتهم ، ويقبل توبتهم فضلاً منه ورحمة ، والله
غفور رحيم ، كما يظهر ذلك من تتبع الآيات القرآنية التي جاءت في هذا" اهـ
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/194) .
وللمزيد راجع سؤال رقم ( 7208 )
والله اعلم .(1/4245)
*****
42220
نفقة الوالد على ولده إلى متى ؟
الفقه > معاملات > النفقة >
الآداب > بر الوالدين >(1/4246)
سؤال رقم 42220- نفقة الوالد على ولده إلى متى ؟
ابن أختي انتقل إلى السكن معي بعد أن كان يعيش في كنف أبيه ، وقبلت ذلك على أن يرسل مبلغاً شهريّاً وقدره 500 ريال ، وبعد فترة قطع إرسال المبلغ واحتج أن ابنه لا يقوم بخدمته بحكم البعد عنه وأن علينا أن نتكلف بجميع احتياجاته من أكل وشرب وملبس وزواج وسيارة ووو... وقد رفض والده أن يرسل ملف ابنه ليتعالج بالمجان على حساب الشركة التي يعمل بها ، فهل يحق لنا المطالبة شرعا بالنفقة على ابنه الذي يبلغ من العمر 16 عاما وهو يدرس بالمرحلة الثانوية ؟.
الحمد لله
يجب على الرجل أن ينفق على والديه وأولاده إذا احتاجوا وكانوا
فقراء .
قال الخرقي – رحمه الله -:
( ويجبر الرجل على نفقة والديه ، وولده ، الذكور والإناث ، إذا
كانوا فقراء ، وكان له ما ينفق عليهم ) .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
الأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولودين الكتاب والسنة والإجماع
؛ أما الكتاب فقول الله تعالى : ( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ ، أوجب أجر رضاع الولد على أبيه ، وقال سبحانه : ( وَعَلَى
الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وقال سبحانه : (
وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) ،
ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما .
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : ( خذي ما
يكفيك وولدك بالمعروف ) متفق عليه .
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه ) رواه أبو داود (3528)
وصححه الألباني في إرواء الغليل .
وأما الإجماع : فحكى ابن المنذر قال : أجمع أهل العلم على أن
نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ، ولا مال ، واجبة في مال الولد ، وأجمع
كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال
لهم .
" المغني " ( 8 / 169 ، 170 ) .
وهذه النفقة الواجبة على الأب لها شروط ، منها : أن يكون الابن
محتاجاً إلى المال ولا يستطيع الاكتساب عاجزاً عن الكسب لصغره أو مرضه أو غير ذلك ،
وأن يكون الأب قادراً على الإنفاق .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط :
أحدها : أن يكونوا فقراء , لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن
إنفاق غيرهم ، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به : فلا نفقة لهم ؛ لأنها
تجب على سبيل المواساة ، والموسر مستغن عن المواساة .
الثاني : أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم , فاضلا
عن نفقة نفسه ، إما من ماله وإما من كسبه ، فأما من لا يفضل عنه شيء , فليس عليه
شيء لما روى جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( إذا كان أحدكم
فقيرا فليبدأ بنفسه , فإن فضل فعلى عياله فإن كان فضل , فعلى قرابته ) وفي
لفظ : ( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ) حديث صحيح ، وروى أبو
هريرة ( أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا رسول الله
عندي دينار قال : تصدق به على نفسك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على
ولدك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على زوجك ، قال : عندي آخر ، قال : تصدق به على خادمك ، قال : عندي آخر قال :
أنت أبصر ) رواه أبو داود (1691) قال الشيخ الألباني : حسن في سنن أبي
داود .
ولأنها مواساة فلا تجب على المحتاج كالزكاة .
الثالث : أن يكون المنفِق وارثا لقول الله تعالى : ( وَعَلَى
الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) ؛ ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضى كون الوارث أحق
بمال الموروث من سائر الناس فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم .
" المغني " ( 8 / 168 ، 169 ) .
فالواجب على الأب أن ينفق على ابنه ما يحتاجه حتى يستغنى وقد نص
العلماء رحمهم الله على أن من النفقة الواجبة للابن على أبيه أن يزوجه إذا احتاج
إلى الزواج .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
قال أصحابنا : وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته ,
وكان محتاجا إلى إعفافه ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي .
" المغني " ( 8 / 172 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
حق الابن على أبيه ينتهي بمجرد استغنائه عنه ، إذا كبر واستطاع
أن يكتسب لنفسه وأن يستغني بكسبه : فإنه ينتهي حقه على والده في الإنفاق ، أما
مادام أنه صغير أو كبير ولكنه لم يستغن ولم يقدر على الاكتساب : فإنه يبقى على
والده حق الإنفاق عليه حتى يستغني ، وذلك بموجب القرابة .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 240 ) .
فالخلاصة : أنه يجب على الوالد أن يتقي الله فيما استرعاه من
رعية ، فإن كان قادراً على نفقة ولده في التعليم والعلاج وغير ذلك مما يحتاجه الابن
فلا يجوز له التقصير فيها .
والنصيحة لكم قبل رفع القضية إلى المحكمة أن توسطوا أهل الخير
والصلاح ليقوموا بنصح الأب ووعظه ، والإصلاح بينه وبين ولده ، فبذله للنفقة عن طيب
نفسي بعيداً عن المحاكم أقرب إلى سلامة قلب الأب ورضاه عن ولده .
والنصيحة كذلك للابن أن يبحث عن عمل يستغني به عن نفقة والده –
لاسيما وقد بلغ الابن مبلغ الرجال – ويحاول الجمع بين العمل والدراسة ، وهو أمر
يسير ، قد فعله من قبل كثيرون ، ومن يستغن يغنه الله .
فإن تعذر ذلك وأصر الأب على موقفه ، فلا بأس في هذه الحال من رفع
الأمر إلى القاضي الشرعي ليقوم بإلزام الأب بما يجب عليه شرعاً . وكلما كان الأمر
أبعد عن المحاكم والخصومات كان أولى .
والله أعلم .
*****
42235
حديث " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام .. " أليس منفراً عن الإسلام
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4247)
سؤال رقم 42235- حديث " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام .. " أليس منفراً عن الإسلام
ورد في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال : " لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " أليس في العمل بهذا تنفير عن الدخول في الإسلام ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" يجب أن نعلم أن أسدَّ الدعاة في الدعوة إلى الله هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن أحسن المرشدين إلى الله هو النبي صلى الله عليه
وسلم ، وإذا علمنا ذلك فإن أي فهم نفهمه من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكان مجانباً للحكمة فالواجب علينا أن نتهم هذا الفهم ، وأن نعلم أن فهمنا لكلام
النبي صلى الله عليه وسلم خطأ ، لكن ليس معنى ذلك أن نقيس أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما ندركه من عقولنا وأفهامنا ؛ لأن عقولنا وأفهامنا قاصرة ،
لكن هناك قواعد عامة في الشريعة يرجع إليها في المسائل الخاصة الفردية .
فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول : " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " والمعنى : لا
تتوسعوا لهم إذا قابلوكم حتى يكون لهم السعة ويكون الضيق عليكم بل استمروا في اتجاهكم وسيركم ، واجعلوا الضيق إن كان هناك ضيق على هؤلاء، ومن المعلوم أن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذا رأى الكافر ( كاليهود الذين في المدينة ) ذهب يزحمه إلى الجدار حتى يرصه على الجدار ولم يفعل ذلك الصحابه رضي الله
عنهم بعد فتوح الأمصار .
فالمعنى أنكم كما لا تبدؤونهم بالسلام لا تفسحوا لهم فإذا لقوكم فلا تتفرقوا حتى يعبروا بل استمروا على ما أنتم عليه واجعلوا الضيق عليهم
إن كان في الطريق ضيق ، وليس في الحديث تنفير عن الإسلام بل فيه إظهار لعزة المسلم ، وأنه لا يذل لأحد إلا لربه عز وجل .
انتهى - بتصرف يسير – من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/38 .
*****
42237
ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟
التاريخ والسيرة > بدء الخلق وعجائب المخلوقات >(1/4248)
سؤال رقم 42237- ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟
ما هي الغاية من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض ؟.
الحمد لله
ينبغي أن يعلم أن الله تعالى خلق الإنسان لعبادته ، كما قال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات / 56 .
وخلق الله تعالى للإنسان وسخر له ما في السموات وما في الأرض لينتفع ويتمتع به ، وتقوم به مصالحه ، ويستعين به على عبادة الله تعالى .
قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) البقرة / 29 .
وقال : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ
ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان/20 .
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الجاثية /13 .
وقال : ( وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) إبراهيم /33 .
وهذه بعض الحكم والغايات من وجود الحيوانات والنباتات على الأرض :
فالنباتات طعام للإنسان والحيوان ، قال تعالى : ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ
فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ ) يونس /24 . وقال : ( فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى
طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28)
وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ ) عبس /24-32 .
والنباتات تذكر الناس بزوال الدنيا
قال عز وجل : (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا
يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا
أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) يونس
/24 .
وضرب الله تعالى المثل للناس على إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بما يشاهدونه من إحياء الأرض بعد موتها .
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ
الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فصلت /39 .
والنباتات يستخلص الإنسان منها الأدوية .
وأعظم ذلك الحبة السوداء التي قال فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنها شفاء من كل داء إلا السام وهو الموت . رواه
البخاري (5687) .
والعسل –وأصله من رحيق الأزهار- قال الله تعالى فيه : (فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) . النحل/69 .
والحيوانات طعام للإنسان .
قال الله تعالى : ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل /5 .
وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ
مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل /14 .
والحيوانات وسيلة انتقال وزينة .
قال الله تعالى : ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) النحل /8 .
ومن الحيوانات يعمل الإنسان الخيام التي يسكنها والثياب التي يلبسها . قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ
سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا
وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ) النحل /80 .
والخيل آلة الجهاد إلى قيام الساعة ، عليها يجاهد المسلمون ، فينتصرون ويغنمون ويثابون .
قال الله تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ
وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60 .
وروى البخاري (2852) ومسلم (1873) عن عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْخَيْلُ
مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ ) .
هذه بعض منافع الحيوانات والنباتات ، وفيها من الحكم والمنافع ما لا يعلمه إلا الله تعالى .
والله تعالى أعلم .
*****
42238
كيف يزكي الذهب المخلوط بالألماس
الفقه > عبادات > الزكاة >(1/4249)
سؤال رقم 42238- كيف يزكي الذهب المخلوط بالألماس
إذا كان مع الذهب ألماس ونحوه فكيف تقدر زكاته ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " يقدر ذلك أهل الخبرة فيذهب بها إلى تجار الذهب أو الصاغة ، لينظروا هل يبلغ الذهب النصاب أو لا
يبلغ ؟
فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه إلا أن يكون عندها من الذهب ما يكمل به النصاب، وتقدر قيمة الذهب الذي مع الماس، ثم تخرج زكاته وهي ربع
العشر ."
مجموع الفتاوى 18/96
*****
42239
ساهمت في أرض فكيف أزكي الأسهم
الفقه > عبادات > الزكاة > زكاة عروض التجارة >(1/4250)
سؤال رقم 42239- ساهمت في أرض فكيف أزكي الأسهم
رجل ساهم في أرض تابعة لمؤسسة عقارية ببنودها وقيمتها ومضى عليها سنين كثيرة فكيف يجري زكاتها مع العلم أن مقدار مساهمته ثلاثون ألف ريال ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر ؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب ، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث
يقومونها بما تساوي ، ثم يؤدون الزكاة ، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً ، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً
وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثين ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف ، وعلى هذا تقاس السنوات التي ذكر السائل أنها قد بقيت ،
فيخرج لكل سنة مقدار زكاتها ، ولكن إذا كانت هذه الأسهم لم تبع حتى الا?ن فإنها إذا بيعت يخرج زكاتها ، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتهاون ، بل يبيعها بما
قدر الله ثم يخرج زكاتها ."
مجموع الفتاوى 18/226 .
*****
4226
مسلم استمرت زوجته على ممارسة طقوس الهندوسية بعد إسلامها
الفقه > معاملات > النكاح > مبطلات النكاح >(1/4251)
سؤال رقم 4226- مسلم استمرت زوجته على ممارسة طقوس الهندوسية بعد إسلامها
السؤال : تزوجت بامرأة هندوسية قبل سنة بعد أن أسلمت فيما ظهر لي ولكن بعد الزواج ظهر لي أنها لم تقبل الإسلام بقلبها ولهذا السبب فهي مازالت تمارس دينها .
من الصعب علي أن أطلقها لأننا متفاهمان جدا وأنا أحاول أن أحثها قدر المستطاع . وأظن أنها ستستجيب فماذا يجب علي شرعاً الآن ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضت السؤال على الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :
لعلها تظن أن ما تفعله من شعائر دينها لا ينافي الإسلام ، فليدعها أولا إلى ترك هذه الشعائر فإن قبلت فهذا هو المطلوب ، وإن لم تقبل قال لها إنك إن لم تتركي هذه الشعائر فلا نكاح بيننا ، ومعلوم أنها إذا كانت راغبة في ذلك الزوج فإن ذلك يدعوها إلى الإسلام ، فإن أبت حتى مع هذا التهديد فلا نكاح بينهما وعليه أن يفارقها . والله أعلم ..
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
*****
42314
هل يجب طواف الوداع على أهل جدة ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > أخطاء يقع فيها الحاج والمعتمر >
سؤال رقم 42314: هل يجب طواف الوداع على أهل جدة ؟
نحن مقيمون في جدة وأردنا الحج ، وذهبنا للحج ، ولم نطف طواف الوداع لأن والدي رفض وقال لنا : لا يطوفه إلا المسافر ، فماذا نفعل ؟.
الحمد لله
سئل علماء اللجنة الدائمة :
أقيم في مدينة جدة ، وأذهب إلى مكة دائماً فهل أودع البيت الحرام
بعد الحج ، أم أُأخر لحين سفري إلى بلدي ، وهل في تأخير طواف الوداع كفارة ؟
فأجابوا :
" إذا حججت فلا تسافر عقب حجِّك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع ،
وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم ، ولا تأكل منه ، بل أطعمه الفقراء
، لأن طواف الوداع واجب بعد الحج ، لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما : " أُمِرَ
الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " متفق على صحته ،
وعليك التوبة إلى الله من خروجك إلى جدة قبل طواف الوداع .
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/303)
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
هل يجوز للحاج أن يسافر إلى جدة دون أن يطوف طواف الوداع ؟ وما
الذي يلزم من فعل ذلك ؟
فأجاب :
لا يجوز للحاج أن ينفر من مكة بعد الحج إلا بعد طواف الوداع لقول
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده
الطواف بالبيت " رواه مسلم ، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : "
أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" فلا يجوز لأهل
جدة ولا لأهل الطائف ولا غيرهم الخروج من مكة بعد الحج إلا بعد الوداع .
فمن سافر قبل الوداع فإن عليه دماً لكونه ترك واجباً ، وقيل في
ذلك أقوال أخرى ، ولكن هذا هو الصواب عند أهل العلم في هذه المسألة ، وقال بعض أهل
العلم : لو رجع بنيّة طواف الوداع أجرأه ذلك وسقط عنه الدم ، ولكن هذا فيه نظر ،
والأحوط للمؤمن ما دام سافر مسافة قصر ولم يودع فإن عليه دماً يجبر به حجه " (مجلة الدعوة العدد 1685)
وإذا لم يستطع ذبح شاة لعجزه فلا شيء عليه ولا يلزمه الصيام .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد تفصيل علمي في حكم من ترك
واجباً :
وحينئذ نقول لمن ترك واجباً : اذبح فدية في مكة ووزعها على
الفقراء بنفسك أو وكِّل من تثق به من الوكلاء ، فإن كنت غير قادر : فتوبتك تجزئ عن
الصيام وهذا هو الذي نراه في المسألة . اهـ. الشرح الممتع (7/441)
والله أعلم .
*****
42321
حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
الفقه > معاملات > الجنايات >(1/4252)
سؤال رقم 42321- حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
ما حكم إجهاض الجنين في الشهور الأولي (1/3) قبل بث الروح فيه ؟ .
الحمد لله
قرر مجلس هيئة كبار العلماء ما يلي :
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة
خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة ( وهي الأربعون يوماً الثانية والثالثة ) حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على
سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره ، جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
4- بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهر لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه
يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلبا لعظمى المصلحتين .
الفتاوى الجامعة (3/1056)
*****
42321
حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
الفقه > معاملات > الجنايات >
سؤال رقم 42321: حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى
ما حكم إجهاض الجنين في الشهور الأولي (1/3) قبل بث الروح فيه ؟ .
الحمد لله
قرر مجلس هيئة كبار العلماء ما يلي :
1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً .
2- إذا كان الحمل في الطور الأول ، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه . أما إسقاطه في هذه المدة
خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز .
3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة ( وهي الأربعون يوماً الثانية والثالثة ) حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على
سلامة أمه بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره ، جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار .
4- بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهر لا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه
يسبب موتها ، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته ، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلبا لعظمى المصلحتين .
الفتاوى الجامعة (3/1056)
*****
42334
أقسمت ألا تفضح سراً فأفشته نسياناً
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4253)
سؤال رقم 42334- أقسمت ألا تفضح سراً فأفشته نسياناً
زوجتي أقسمت على أن لا تفصح عن سر بينها وبين صديقتها ولكنها أفصحت عنه ناسية أنها قد أقسمت بعدم البوح بالسر ؟ هل تجب عليها الكفارة ، أم أن النسيان يعتبر عذرا ..؟ .
الحمد لله
زوجتك تشكر على أمانتها في حرصها على عدم إفشاء السر ، أما بوحها بالسر ناسية فلا كفارة فيه ، وذلك لأن الكفارة يشترط لوجوبها ثلاثة شروط
:
الأول منها : أن تكون اليمن منعقدة على أمر مستقبل ممكن .
الثاني : أن يحلف مختاراً لليمين غير مكره عليه .
والشرط الثالث : الحنث في اليمين ، بأن يفعل ما حلف على تركه مختاراً ذاكراً ليمينه ، فإن حنث مكرهاً أو ناسياً أو جاهلاً فلا كفارة .
ودليل ذلك قول الله تعالى : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) فقال الله : قد فعلت .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) . أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب الطلاق
( 2043 ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ( 1662 ، 1664 )
والله اعلم .
*****
4237
المحافظة على الأبناء وأفكارهم في الغرب
التربية > تربية الأولاد >(1/4254)
سؤال رقم 4237- المحافظة على الأبناء وأفكارهم في الغرب
نواجه - نحن المسلمين في الغرب - صعوبات في المحافظة على أبنائنا من الضياع والانخراط في المجتمع الغربي المنحل ، ونريد بعض الخطوات العملية التي نستطيع بها الحفاظ على أبنائنا من الانحراف والضياع . وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله
للمحافظة على كيان الأسر المسلمة في بلاد الكفر ينبغي توفير عدد من الشروط والمتطلبات داخل المنزل وخارجه :
أ - داخل المنزل :
1- لابد من محافظة الآباء على الصلاة في المسجد مع أولادهم وإن لم يكن ثَمَ مسجد قريب فالصلاة جماعة في البيت .
2- ولابد لهم من قراءة القرآن والاستماع للتلاوة يوميا .
3- ولابد لهم من الاجتماع على الطعام بعضهم مع بعض .
4- ولابد لهم من التحدث بلغة القرآن بقدر الإمكان .
5- ولابد لهم من المحافظة على الآداب الأسرية والاجتماعية التي نص عليها رب العالمين في كتابه ومنها ما ورد في سورة النور .
6- وعليهم عدم السماح لأنفسهم أو لأولادهم بمشاهدة الأفلام الخليعة والفاجرة والفاسقة .
7- ولابد للأولاد من المبيت داخل المنزل والعيش فيه أطول وقت ممكن حماية لهم من تأثير البيئة الخارجية السيئة ، والتشديد على عدم السماح لهم بالبقاء خارج المنزل للنوم .
8- تجنّب إرسال الأولاد إلى الجامعات البعيدة لكي يسكنوا في سكن الجامعة ، وإلا سنفقد أولادنا ، الذين سينصهرون في المجتمع الكافر .
9- لا بد من الحرص التام على الطعام الحلال وأن يتجنّب الأبوان تماما تعاطي أيّ نوع من المحرّمات كالسجائر والماريوانا وغيرها مما ينتشر في بلاد الكفر.
ب - خارج المنزل :
1- لابد من إرسال الأطفال إلى مدارس إسلامية منذ الطفولة إلى نهاية الثانوية .
2- ولا بد من إرسالهم أيضا إلى المسجد بقدر الإمكان وذلك لصلاة الجمعة والجماعة ، وحضور الحلقات العلمية والدعوية والوعظية وغيرها .
3- لا بد من إيجاد النشاطات التربوية والرياضية بين الأطفال والشباب في أماكن يُشرف عليها المسلمون .
4- إقامة مخيمات تربوية يذهب إليها أفراد العائلة بكاملها .
5- أن يسعى الآباء والأمهات إلى الذهاب إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك العمرة وفريضة الحج مصطحبين معهم أولادهم .
6- تدريب الأولاد على التحدث عن الإسلام بلغة مبسطة يفهمها الكبير والصغير ، المسلم وغير المسلم .
7- تدريب الأولاد على حفظ القرآن وإرسال بعضهم - إن أمكن - إلى بلد عربي مسلم لكي يتفقهوا في الدين ، ثم يعودوا بعد ذلك ليكونوا دعاة مزودين بالعلم والدين ولغة القرآن الكريم .
8- تدريب بعض الأبناء على إلقاء خطب الجمعة ، وإمامة المسلمين لكي يصبحوا قادة للجاليات الإسلامية .
9- تشجيع الأبناء على الزواج مبكرا لكي نحفظ لهم دينهم ودنياهم .
01- ولا بد من تشجيعهم على الزواج من المسلمات والعائلات والمعروفة بدينها وخلقها .
11- ترك استعمال رقم ( 911 ) ومطالبة الشرطة بالمجيء إلى المنزل لحل الخلاف ، فإن حصل خلاف فلا بد من الاتصال بأحد المسؤولين في الجالية الإسلامية أو العقلاء المسلمين للمساعدة على حل الخلاف .
21- عدم حضور حفلات الرقص والموسيقى والغناء ومهرجانات الفسق ومشاهد أعياد الكفر ومنع الأولاد بالحكمة من الذّهاب مع طلاب المدرسة النصارى إلى الكنيسة يوم الأحد .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42373
هل يؤثر نزول الكدرة على الحج والعمرة ؟
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حج المرأة >
الفقه > عبادات > الطهارة > نواقض الوضوء >(1/4255)
سؤال رقم 42373- هل يؤثر نزول الكدرة على الحج والعمرة ؟
كنت حاملاً في الشهر الثاني وسقط الجنين قبل ذهابي للحج بيومين ، وكنت طاهرة إلا أنه في يوم التروية في الليل وجدت قليلا من الإفرازات الغامقة تشبه الإفرازات التي تكون في آخر أيام الدورة الشهرية ، أي : إنها ليست دماً بل وسخ بني ، إلا أني أكملت حجي ، فهل حجي صحيح ؟ .
الحمد لله
ما رأيتِهِ من الإفرازات لا يؤثر على حجك ولا عمرتك ، فهو ليس دم
حيض ولا نفاس ، بل إفرازات تسمى " الكدرة " ، وحكم هذه الإفرازات أنها توجب الوضوء
عند جمهور العلماء ، فإذا توضأت عند طواف الإفاضة فطوافك صحيح بإجماع العلماء ، فإن
لم تكوني توضأت فقد اختلف العلماء : هل يصح الطواف من غير طهارة أم لا ؟
وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 34695 )
، والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتابعه الشيخ ابن عثيمين أنه لا يشترط .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" فما بعد الطهر من كدرة ، أو صفرة ، أو نقطة ، أو رطوبة ، فهذا
كله ليس بحيض ، فلا يمنع من الصلاة ، ولا يمنع من الصيام ، ولا يمنع من جماع الرجل
لزوجته ؛ لأنه ليس بحيض .
قالت أم عطية : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً ) أخرجه
البخاري ، وزاد أبو داود : ( بعد الطهر ) وسنده صحيح ، وعلى هذا نقول : كل ما حدث
بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها
وصيامها ومباشرة زوجها إياها ، ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر ؛ لأن بعض
النساء إذا جف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر ، ولهذا كان نساء الصحابة
يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالكرسف - يعني : القطن - فيه الدم
فتقول لهن : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " انتهى .
" 60 سؤالاً عن أحكام الحيض " ( السؤال رقم 24 ) .
والحاصل : أن حجك صحيح إن شاء الله تعالى ، وهذه الإفرازات التي
نزلت ليست حيضاً ولا نفاساً .
والله أعلم .
*****
42384
انتفاع الميت بالصدقة عنه
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
الفقه > عبادات > الوقف >(1/4256)
سؤال رقم 42384- انتفاع الميت بالصدقة عنه
مات أبي رحمه الله وأريد أن أصنع صدقة جارية على روحه علها تزيد في حسناته وترفع درجاته عند مليكه مثل بناء مسجد أو طباعة كتاب علم ينتفع به المسلمون لكن أحد الشيوخ أفتانا بعدم جدوى ذلك لأنها ليست من ماله وأن الصدقة الجارية لابد أن تكون من صنع المرء بنفسه في حياته وقبل وفاته وتستمر معه بعد وفاته فهل كلام الشيخ صحيح ؟
وإن لم يكن صحيحا فأفتوني وأشيروا عليّ بأفضل الطرق لنفع والدنا المتوفى . وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله
اتفق أهل العلم على أن الدعاء والاستغفار والصدقة والحج تصل
للميت .
أما الدعاء والاستغفار فلقول الله تعالى : ( والذين جاؤوا من
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) وقال النبي صلى الله
عليه وسلم : ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ) وقال صلى الله
عليه وسلم : ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ).
وأما الصدقة فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة : ( أن رجلا قال
للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها ولم توصي وأظنها لو تكلمت تصدقت
أفلها أجر إن تصدقت عليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ) رواه
البخاري برقم 1388 ، ومسلم برقم 1004 ، وثبت في البخاري عن سعد بن
عبادة : ( أن أمه توفيت وهو غائب فقال : يا رسول الله إن أمي ماتت وأنا غائب فهل
ينفعها إن تصدقت عنها فقال : نعم ، فقال : أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها ) رواه البخاري برقم 2756 .
وأما الحج فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن سألته عن الحج : (
أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ، قالت : نعم قال : فدين الله أحق بالقضاء ) رواه البخاري برقم 6699 ، ومسلم برقم 1148 .
ومما سبق تعلم أن الصدقة عن الميت تنفعه ويصل إليه ثوابها .
وقد روي حديث ضعيف في الصلاة عن الميت ، وذكر الإمام مسلم في
مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه ضعف هذا الحديث ثم قال :
لَيْسَ فِي الصَّدَقَةِ (يعني عن الميت) اخْتِلافٌ اهـ .
قال النووي :
قَوْله : ( لَيْسَ فِي الصَّدَقَة اِخْتِلافٌ ) فَمَعْنَاهُ
أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لا يُحْتَجُّ بِهِ , وَلَكِنْ مَنْ أَرَادَ بِرَّ
وَالِدَيْهِ فَلْيَتَصَدَّقْ عَنْهُمَا فَإِنَّ الصَّدَقَة تَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ
وَيَنْتَفِع بِهَا بِلا خِلَافٍ بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب .
وَأَمَّا مَا حَكَاهُ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ
الْبَصْرِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِيّ فِي كِتَابه الْحَاوِي عَنْ بَعْض أَصْحَاب
الْكَلام مِنْ أَنَّ الْمَيِّت لا يَلْحَقُهُ بَعْد مَوْته ثَوَاب فَهُوَ مَذْهَبٌ
بَاطِلٌ قَطْعًا وَخَطَأٌ بَيِّنٌ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
وَإِجْمَاع الأُمَّة فَلا اِلْتِفَاتَ إِلَيْهِ وَلا تَعْرِيجَ عَلَيْهِ . وَأَمَّا
الصَّلاة وَالصَّوْم فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّهُ لا
يَصِلُ ثَوَابُهُمَا إِلَى الْمَيِّت إِلا إِذَا كَانَ الصَّوْم وَاجِبًا عَلَى
الْمَيِّت فَقَضَاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فَإِنَّ
فِيهِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ لا يَصِحّ
وَأَصَحُّهُمَا عِنْد مُحَقِّقِي مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يَصِحّ .
وَأَمَّا قِرَاءَة الْقُرْآن فَالْمَشْهُور مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لا
يَصِلُ ثَوَابُهَا إِلَى الْمَيِّت وَقَالَ بَعْض أَصْحَابه : يَصِل ثَوَابهَا
إِلَى الْمَيِّت . وَذَهَبَ جَمَاعَات مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّهُ يَصِل إِلَى
الْمَيِّت ثَوَاب جَمِيع الْعِبَادَات مِنْ الصَّلاة وَالصَّوْم الْقِرَاءَة
وَغَيْر ذَلِكَ . . . ثم ذكر النووي أن الدُّعَاء وَالصَّدَقَة وَالْحَجّ يصِلُ
ثوابها إلى الميت بِالإِجْمَاعِ اهـ بتصرف .
وقال في تحفة المحتاج (7/72) :
"وينفع الميت صدقة عنه ومنها وقف لمصحف وغيره وحفر بئر وغرس شجر
منه في حياته أو من غيره عنه بعد موته" اهـ .
وأما أفضل الطرق لنفع والدك فعليك بالإكثار من الدعاء له ، قال
الله تعالى : ( وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) وقال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ
عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ
يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631).
أما بالنسبة للصدقة فمن أفضل ما تبذل فيه الصدقات الجهاد في سبيل
الله وبناء المساجد ومساعدة طلبة العلم بطباعة الكتب أو إعطائهم الأموال التي
يحتاجون إليها .
والله أعلم .
*****
42401
عبارة " فلان المرحوم " " انتقل إلى رحمة الله " " تغمده الله برحمته "
الآداب > المناهي اللفظية >
سؤال رقم 42401: عبارة " فلان المرحوم " " انتقل إلى رحمة الله " " تغمده الله برحمته "
ما رأيكم في قول بعض الناس ( فلان المرحوم ) . و( تغمده الله برحمته ) و( انتقل إلى رحمة الله ) ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" قول ( فلان المرحوم ) أو ( تغمده الله برحمته ) لا بأس بها ، لأن قولهم ( المرحوم ) من باب التفاؤل والرجاء ، وليس من باب الخبر ، وإذا
كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به .
وأما ( انتقل إلى رحمة الله ) فهو كذلك فيما يظهر لي أنه من باب التفاؤل ، وليس من باب الخبر ، لأن مثل هذا من أمور الغيب ولا يمكن الجزم
به .
.... ولا يقال " انتقل إلى الرفيق الأعلى " ."
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/85 .
*****
4241
حجّ من عليه أقساط شراء ربوية
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > شروط وجوب الحج >(1/4257)
سؤال رقم 4241- حجّ من عليه أقساط شراء ربوية
والداي اشتريا بيتا بالتقسيط وهم يدفعون فوائد على هذا القرض ، وقررا الآن أن يذهبا للحج وقد بقي 15 سنة لكي يتموا دفع الأقساط فهل يجوز لهم الحج مع انهم مدينين ؟ أم انهم يجب أن ينتظروا 15 سنة أولا ؟ وهل لهم أن يعتمروا خلال هذا الوقت إذا كان الحج غير جائز لهم حاليا ؟.
الحمد لله
يجوز لهم الحج إذا سددوا القسط الحالّ ، وليس عليهم أن ينتظروا إلى آخر الأقساط
، بل إذا كانا قادرين على تسديد القسط الذي حلّ ، وقادرين على الحج وجب ذلك عليهما
- وكذلك العمرة ، مع التوبة إلى الله من الربا الذي ورّطا أنفسهما فيه ، والله
أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42441
هل يجوز تبديل ملابس الإحرام ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4258)
سؤال رقم 42441- هل يجوز تبديل ملابس الإحرام ؟
احتلمت وأنا نائم في " منى " عندما كنت في الحج ، عندما استيقظت اغتسلت وغيرت ملابس الإحرام فهل فعلت الشيء الصحيح ؟ وهل حجي صحيح ؟.
الحمد لله
نعم ، يجوز للمحرم أن يغير ملابس إحرامه ، وقد سبق ذكر فتوى
علماء اللجنة الدائمة في جواب السؤال رقم ( 26722 ) ، ونزيد هنا
فتوى للشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
يجوز للمحرم بحج أو عمرة رجلاً كان أو أنثى تبديل ثياب الإحرام
التي أحرم بها ولبس ثياب غيرها إذا كانت الثياب الثانية مما يجوز للمحرم لباسه .
" المنهج لمريد العمرة والحج " ( الفائدة الخامسة ) .
والله أعلم .
*****
42464
هل يمكن العودة للدنيا لعمل الصالحات ؟
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
الرقائق > التوبة >(1/4259)
سؤال رقم 42464- هل يمكن العودة للدنيا لعمل الصالحات ؟
أختي تموت ولا أظن أنها تعيش للشهر القادم والله أعلم ، فعلت في حياتها الكثير من الأشياء التي ندمت على فعلها وتابت منها ، ودائماً تتمنى أن يعود بها الزمن لتصحح ما فعلت ، تريد أن تعرف شيئاً قبل أن تموت :
بما أن الله يعطي الذين يرحمهم ويدخلهم الجنة ما أرادوا ويحقق لهم ما يطلبون فهل سيحقق لهم طلبهم إن طلبوا أن يعودوا للماضي ويصححوا أخطاءهم وزلاتهم التي فعلوها ولو في الجنة ؟
الله يقول بأنه أعد للمؤمنين في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فهل يعطي الله أهل الجنة أي شيء يخطر ببالهم ولم يستطيعوا الحصول عليه في الدنيا وبالتحديد ما تطلبه أختي ؟
أرجو الإسراع في الإجابة لأنني لا أظنها تعيش أكثر من عدة أسابيع . والله أعلم .
الحمد لله
أولاً :
اعلم رحمك الله تعالى أن الأعمار والآجال بيد الله سبحانه وتعالى
، فقد قال سبحانه : ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ) الرعد /38 .
وقال سبحانه وتعالى : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) لقمان
/3 .
ولا يمكن للإنسان أن يعلم متى سيموت ، فما هي إلا ظنون قد تصدق ،
وقد تكذب .
ولا يعني المرض –مثلاً- أن هذا الشخص سيموت قريباً ، كما لا يعني
الشباب والقوة أن هذا الشخص سيعيش طويلاً .
فكم من شخص مريض توقع الناس له الوفاة قريبا فعاش حيناً من الدهر
. وكم من شخص صحيح أتاه الموت فجأة .
وقد صدق الشاعر إذ يقول :
تَزَوَّدْ من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جَنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ
فكم من فَتًى أمسى وأصبح ضاحكا *** وقد نُسِجَْت أكفانُه وهو لا يدرِي
وكم من صغارٍ يُرْتَجَى طولُ عمرهم *** وقد أُدخلت أجسامُهم ظلمةَ القبرِ
وكم من عروسٍ زينوها لزوجها *** وقد
قُبضت أرواحُهم ليلةَ القدرِ
وكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ *** وكم
من عليلٍ عاش حيناً من الدهرِ
والمطلوب من المؤمن هو الاستعداد للموت في كل وقت بالتوبة إلى
الله وعمل الصالحات ، وقد روى ابن ماجه (4259) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ
مِنْ الأَنْصَارِ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ ؟ قَالَ :
أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا . قَالَ : فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ ؟ (أي : أعقل)
قَالَ : أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ
اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ ) وقال العراقي : إسناده جيد اهـ .
وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
والحمد لله الذي وفق أختك للتوبة والندم على ما فات .
ونزف لها البشرى بأنها إن صدقت في توبتها فإن الله تعالى سيتوب
عليها ، وسيبدل سيئاتها حسنات . قال الله تعالى : ( إِلا
مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ
سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان /70 .
انظر السؤال رقم ( 14289 )
.
ثانيا :
إذا دخل المؤمن الجنة أعطاه الله تعالى كل ما يتمناه ، بل فوق ما
يتمناه . قال الله تعالى : (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ
وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ) الزخرف/71 .
وروى البخاري (806) عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما في
حديث طويل أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر عن آخر أهل الجنة
دخولاً الجنة أن الله تعالى يقول له :
تَمَنَّ ، فَيَتَمَنَّى حَتَّى إِذَا انْقَطَعَ أُمْنِيَّتُهُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مِنْ كَذَا وَكَذَا ، أَقْبَلَ يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ
، حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَكَ ذَلِكَ
وَمِثْلُهُ مَعَهُ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ لأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
: قَالَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ :
لَمْ أَحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا
قَوْلَهُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إِنِّي سَمِعْتُهُ
يَقُولُ ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ .
لكن إذا تمنى المؤمن أن يعود إلى الدنيا فإنه لا يجاب إلى ذلك ،
لأن الله تعالى قد قضى أنه لا يعود أحد إلى الدنيا .
قال الله تعالى : ( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ) الأنبياء /95 .
أي يمتنع على أهل القرى الذين أهلكهم الله أن يعودوا إلى الدنيا
ليستدركوا ما فرطوا فيه .
انظر تفسير السعدي (868) .
وروى البخاري (2817) ومسلم (1877) عن أَنَس بْن مَالِكٍ قال :
قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى
الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ
فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ ) .
غير أنه لا يجاب إلى ذلك .
روى الترمذي (3010) وابن ماجه (190) عن جَابِر بْن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ حَرَامٍ قال : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ ، فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، أَلا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ
اللَّهُ لأَبِيكَ ؟ قَالَ : بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : مَا كَلَّمَ
اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا ،
فَقَالَ : يَا عَبْدِي ، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ . قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي
فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً . فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ : إِنَّهُ سَبَقَ
مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا يَرْجِعُونَ . قَالَ : يَا رَبِّ فَأَبْلِغْ مَنْ
وَرَائِي . قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ
قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ ) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
نسأل الله تعالى أن يمن على أختك والمسلمين جميعا بالتوبة النصوح
.
والله تعالى أعلم .
*****
42475
جاءته صدقه من أموال ربوية فهل يحج بها ؟
كيف نتوب من الشرك
الفقه > عبادات > الحج والعمرة >(1/4260)
سؤال رقم 42475- جاءته صدقه من أموال ربوية فهل يحج بها ؟
لم أحج الفريضة ، وقد أعطاني أحد الأشخاص مالاً لأحج به ، وهو معروف بأنه يتعامل بالربا ، فهل يجوز لي أن أحج بهذا المال ؟.
الحمد لله
" لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد المرابين أن يحج بما
تصدق به عليه ، ولا حرج عليه أن يقبل ما أهدى إليه ، لأن ذنب الربا على صاحبه . أما
الذي أخذه بطريق شرعي : بطريق الهبة ، بطريق الصدقة ( فلا ذنب عليه ) .
والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل
الهدية من اليهود ، وأكل طعام اليهود ، واشترى من اليهود ، مع أن اليهود معروفون
بالربا وأكل السحت .
نعم ، لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غَنَمِ رجلٍ ، وجاء وأهداها
إليه ، فهنا تحرم ، لأنك تعرف أن هذه الشاة ليس ملكاً له ، أما إذا كان يتعامل
الربا فإثمه على نفسه ، ومن أخذ منه بطريق شرعي فهو مباح له ، فنقول لهذه المرأة :
لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا " انتهى .
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . "فتاوى ابن عثيمين" (21/105) .
*****
42505
سب الدين وهو في حالة غضب شديد
العقيدة > الشرك وأنواعه >
الفقه > عبادات > أحكام التوبة >(1/4261)
سؤال رقم 42505- سب الدين وهو في حالة غضب شديد
رجل سب الدين هو في حالة غضب شديد ، فما حكمه ؟ وما هي شروط التوبة من هذا الفعل ؟ وهل ينفسح نكاح زوجته ؟.
الحمد لله
" الحكم فيمن سب الدين الإسلامي أنه يكفر ، فإن سب الدين
والاستهزاء به ردة عن الإسلام وكفر بالله عز وجل وبدينه ، وقد حكى الله عن قوم
استهزؤوا بدين الإسلام حكى الله عنهم أنهم كانوا يقولون : إنما كنا نخوض ونلعب ،
فبين الله عز وجل أن خوضهم هذا ولعبهم استهزاء بالله وآياته ورسوله ، وأنهم كفروا
به فقال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا
تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) التوبة/65، 66 .
فالاستهزاء بدين الله ، أو سب دين الله ، أو سب الله ورسوله ، أو
الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة
ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه ، لقول الله تعالى : ( قُلْ
يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت توبةً نصوحاً استوفت شروط
التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته . وشروط التوبة الخمسة هي:
الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته ، بأن لا يكون الحامل له على
التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا فإذا أخلص
توبته لله وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل والخوف من عقابه ورجاء ثوابه ،
فقد أخلص لله تعالى فيها.
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعل من الذنب ، بحيث يجد في نفسه
حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه .
الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه ؛ فإن كان
ذنبه تَرْكَ واجبٍ قام بفعله وتَدَارَكَه إن أمكن ، وإن كان ذنبُه بإتيانِ محرمٍ
أقلع عنه ، وابتعد عنه ، ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين ، فإنه يؤدي إليهم
حقوقهم أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل ، بأن يكون في
قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول ، فإن كانت بعد
فوات وقت القبول لم تقبل ، وفوات وقت القبول عام وخاص :
أما العام ؛ فإنه طلوع الشمس من مغربها ، فالتوبة بعد طلوع الشمس
من مغربها لا تقبل ، لقول الله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا
يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي
إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) الأنعام/158 .
وأما الخاص ؛ فهو حضور الأجل ، فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا
تنفع لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ
وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/18 .
أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين -
فإن توبته تقبل إذا استوفت الشروط التي ذكرناها .
ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة ، ولكن المتكلم بها قد
لا يكفر بها ، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره ، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه
سب الدين في حال غضب ، نقول له : إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول ، ولا
تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض ، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه ، فإن هذا
الكلام لا حكم له ، ولا يحكم عليك بالردة ، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد ، وكل
كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به ، يقول : الله
تعالى في الأيمان : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ ) المائدة/89 .
فإذا كان هذا المتكلم بكلمة الكفر في غضب شديد لا يدري ما يقول ،
ولا يعلم ماذا خرج منه ، فإنه لا حكم لكلامه، ولا يحكم بردته حينئذ ، وإذا لم يحكم
بالردة فإن الزوجة لا ينفسخ نكاحها منه ، بل هي باقية في عصمته .
ولكن ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يحرص على مداواة هذا الغضب
بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ، حين سأله رجل ، فقال له : يا رسول الله ،
أوصني قال : (لا تغضب) فردد مراراً ، قال : ( لا تغضب ) . فلْيُحْكِم الضبط على
نفسه ، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وإذا كان قائماً فليجلس ، وإذا كان
جالساً فليضطجع ، وإذا اشتد به الغضب فليتوضأ ، فإن هذه الأمور تذهب غضبه . وما
أكثرَ الذين ندموا ندماً عظيماً على تنفيذ ما اقتضاه غضبهم ، ولكن بعد فوات الأوان"
اهـ .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/152) .
*****
42507
لا يجب الحج على من اعتمر في أشهر الحج
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > حكم الحج والعمرة >(1/4262)
سؤال رقم 42507- لا يجب الحج على من اعتمر في أشهر الحج
قال لي أحد الأشخاص بأن الحج وجب عليَّ لأني اعتمرت قبل دخول شهر ذي الحجة ، مع أني حججت قبل عامين ، فهل ما قاله صحيح ؟.
الحمد لله
ما قاله لك هذا الشخص غير صحيح ، لأن الحج لا يجب إلا مرة واحدة
في العمر ، لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَجُّ فِي كُلِّ
سَنَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً ؟ قَالَ : بَلْ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَمَنْ زَادَ
فَهُوَ تَطَوُّعٌ ) رواه أَبُو دَاوُد (1721) وصححه الألباني
وحيث إنك قد حججت قبل ذلك فلا يجب عليك الحج مرة أخرى .
وأشهر الحج ثلاثة وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ولعل هذا
الشخص فهم من تسميتها أشهر الحج أن من اعتمر فيها وجب عليه الحج ، وهذا الفهم غير
صحيح ، بل معنى كونها أشهر الحج أن الحج لابد أن يقع فيها لا قبلها ولا بعدها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل حج متمتعا ، ثم بعد أدائه
للعمرة رجع إلى بلده ولم يحج، فهل عليه شيء ?
فأجاب :
لا شيء عليك لأن المتمتع إذا أحرم بالعمرة ثم بدا له أن لا يحج
قبل أن يحرم بالحج فلا شيء عليه إلا أن ينذر أن يحج هذا العام ، فإذا نذر وجب عليه
الوفاء بنذره . اهـ .
فتاوى ابن عثيمين (2/679) .
*****
42513
سرقة المكالمات الهاتفية من دولة كافرة
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4263)
سؤال رقم 42513- سرقة المكالمات الهاتفية من دولة كافرة
يطيب لي أن أستفسر عن ظاهرة انتشرت في هذه البلاد وأخذ الناس يفتون فيها ما بين تحليل وتحريم ألا وهي التليفون المسروق ففي هذه البلاد نسبة كبيرة من الطلبة العرب وأن لا بد لكل واحد منهم أن يتصل على خارج البلاد ونظرا لارتفاع أسعار المكالمات الخارجية بدأ الجميع بالذهاب إلى أماكن يوجد فيها تليفونات بأسعار أقل بكثير من الأسعار العادية وسر هذه التلفونات أنها موصلة بتليفونات تابعة إما لأفراد من سكان البلاد وإما تابعة للحكومة وقد احتج الكثير بأن الحكومة غير مسلمة ومعادية للإسلام والمسلمين ويحق لنا بل يجب علينا تحطيم اقتصادهم وأحلوا هذا الأمر في حالة أن يكون التليفون تابع للحكومة .
الحمد لله
لا يجوز لكم أن تعتدوا على أموال هذه الحكومة ولو كانت كافرة ،
لأنها أمنتكم وسمحت لكم بدخول أراضيها بهذا الأمان ، وقد وعدتموها بالمحافظة على
أمنها وعدم العبث فيها ، وأنتم بمجرد دخول أراضيها تكونون قد أعطيتموها هذا العهد
والوعد وإلا لما سمحت لكم بالدخول ، والمسلم لا يخلف وعده ولا ينقض عهده غدرا ولا
يخون أمانته قال الله تعالى ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ
مَسْئُولاً ) الإسراء / 34 ، وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ ) المائدة/1
وقال صلى الله عليه وسلم : ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ،
وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان ) متفق عليه من حديث أبي هريرة ، زاد مسلم : ( وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم )
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 446 .
*****
42521
حكم عمل المحامي في دولة تحكم بغير ما أنزل الله
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4264)
سؤال رقم 42521- حكم عمل المحامي في دولة تحكم بغير ما أنزل الله
هل يجوز أن أعمل محاميا في دولة تحكم بغير ما أنزل الله ؟ وهل أجري حلال أو حرام ؟.
الحمد لله
" من يكون وكيلا عن غيره وهو ما يسمى عرفا ( المحامي ) في قضية
ما في دولة تحكم بالقوانين الوضعية على خلاف الشريعة الإسلامية ، فكل قضية يدافع
فيها عن الباطل عالما بذلك مستندا في دفاعه إلى القوانين الوضعية فهو كافر إن استحل
ذلك ، أو كان مستهترا لا يبالي بمعارضة الكتاب والسنة بما وضعه الناس من قوانين ،
وما يأخذه من الأجر على هذا فهو سحت .
وكل قضية يدافع فيها عن الباطل عالما بذلك معتقدا تحريمه لكن
حمله على ذلك طمعه في كسب القضية لينال الأجر عليها فهو آثم ، مرتكب لجريمة من
كبائر الذنوب ، وما يأخذه من الأجر على ذلك سحت لا يحل له .
أما إن دافع عن موكله في قضية معتقدا أنه محق شرعا ، واجتهد في
ذلك بما يعرفه من أدلة التشريع الإسلامي ، فهو مثاب على عمله ، معذور في خطئه ،
مستحق للأجر على دفاعه .
وأما من دافع عن حق في الواقع لأخيه ، وهو يعتقده حقا ، فهو مثاب
، مستحق للأجر المتفق عليه مع من وكله " اهـ .
من فتاوى اللجنة الدائمة (23/497) .
*****
42523
عمل المحامي في نظام القضاء الإسلامي
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4265)
سؤال رقم 42523- عمل المحامي في نظام القضاء الإسلامي
ما هي مكانة المحامي في نظام القضاء الإسلامي ، فإنه كما جرت العادة يحاول بكل وسيلة لحصول الحكم في صالح موكله ؟ .
الحمد لله
مكانة المحامي في نظام القضاء الإسلامي أنه وكيل لمن تولى الدفاع
عنه من الخصمين ، المدعي أوالمدعى عليه ، وعليه وعلى موكله الاعتدال في طلب الحق ،
وإنصاف الخصم ، فإن التزما ذلك كان خيرا لهما ، وكان فيه إعانة للحاكم والحكم في
الفصل في الخصومات ، فإن أبى الخصم أو وكيله إلا التلبيس واللجاج في الخصومة أثرة
منهما ورغبة في الغلبة ولو بالباطل وتحقيقا للكسب ولو من حرام فقد أثما ، وأكلا
أموال الناس بالباطل ، وأوقعا القاضي بينهما في لبس وحيرة إن لم يتداركه الله بفضل
منه ورحمة ويهديه إلى سواء السبيل فيفصل في الخصومة بالحق .
وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة (32/501) .
*****
42532
لا يجوز إجبار الزوجة على التنازل عن حقوقها قبل طلاقها
الفقه > معاملات > الطلاق >
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4266)
سؤال رقم 42532- لا يجوز إجبار الزوجة على التنازل عن حقوقها قبل طلاقها
ما الحكم في إجبار الزوجة على التنازل عن حقوقها قبل طلاقها ؟.
الحمد لله
لا يحل للزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا إذا طابت به
نفسها ، ومنه مال مهرها إلا إن جاءت بفاحشة مبينة ؛ لقول الله عز وجل : ( فَإِنْ
طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4 . ولقوله عز وجل : ( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19 .
قال ابن قدامة :
وأجمعوا على تحظير أخذ مالها إلا أن يكون النشوز وفساد العشرة من
قِبَلها ، وحكى ابن المنذر عن النعمان أنه قال : إذا جاء الظلم والنشوز من قِبَله
وخالعتْه : فهو جائز ماض وهو آثم لا يحل له ما صنع ولا يجبر على رد ما أخذه !
قال ابن المنذر : وهذا من قوله خلاف ظاهر كتاب الله ، وخلاف
الخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلاف ما أجمع عليه عامة أهل العلم . " المغني " ( 3 / 137 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/283) :
فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيِّق عليها حتى
تعطيه بعض الصداق ، ولا أن يضربها لأجل ذلك ، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة : كان له أن
يعضلها لتفتدي منه ، وله أن يضربها ، وهذا فيما بين الرجل وبين الله ، وأما أهل
المرأة فيكشفون الحق مع من هو فيعينونه عليه ، فإن تبيَّن لهم أنها هي التي تعدت
حدود الله وآذت الزوج في فراشه : فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه اهـ .
ومعنى الفاحشة المبينة المذكورة في قوله تعالى : ( وَلا
تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) النساء/19 ، الزنا وعدم العفة ،
وسوء العشرة كالكلام الفاحش وأذيتها لزوجها . انظر : "تفسير السعدي" (ص 242)
.
والله أعلم .
*****
42534
جهاد المنافقين
العقيدة >(1/4267)
سؤال رقم 42534- جهاد المنافقين
لا تزال رؤوس المنافقين تطل بين الحين والحين ، كلما سنحت لهم الفرصة ، من أجل الطعن في شيء من ثوابت الأمة ، أو التشكيك في مسلماتها ، وسلخ المجتمع من هويته الإسلامية ، فما واجبنا نحو هؤلاء ، وكيف نصون الأمة عن شرهم ؟.
الحمد لله
لا ريب أن هذه البلية لا تزال الأمة تعاني منها في كل حين وحين ،
ولا سيما حينما تحل المحن والنكبات بالأمة ، ويأمن هؤلاء المنافقون من أخذهم
بالعقوبة إن هم طعنوا في أصول هذا الدين ، وأطلعوا رؤوس فتنتهم .
ولا شك أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما
قال الله تعالى في أمثالهم : ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ
أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 .
ولأجل ذلك جاء الشرع بجهادهم ، والحث على الغلظة عليهم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شأن النصيرية ، وفيهم
من يظهر الكفر والإلحاد وفيهم من يظهر محبة آل البيت نفاقاً :
( لا ريب أن جهاد هؤلاء وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات
وأكبر الواجبات ، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ؛
فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين ، والصديق وسائر الصحابة بدؤوا بجهاد المرتدين
قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب ؛ فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين ،
وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه ، وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من
زيادة إظهار الدين ؛ وحفظ رأس المال مقدم على الربح .
وأيضا فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك ، بل ضرر هؤلاء
من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب ، وضررهم في الدين على كثير
من الناس أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب ، ويجب على كل مسلم أن يقوم
في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب ؛ فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم ،
بل يفشيها ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم ، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على
بقائهم في الجند والمستخدمين ، ولا يحل لأحد السكوت عن القيام عليهم بما أمر الله
به ورسوله ، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام بما أمر الله به ورسوله ، فإن هذا من
أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى ، وقد قال
الله تعالى لنبيه
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) التوبة/73 ،
وهؤلاء لا يخرجون عن الكفار والمنافقين . والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب
الإمكان له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فإن المقصود بالقصد
الأول هو هدايتهم ، كما قال الله تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ
لِلنَّاسِ ) آل عمران/110 .
قال أبو هريرة : كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في القيود
والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام [ البخاري 4557 بنحوه ] .
فالمقصود بالجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هداية العباد
لمصالح المعاش والمعاد ، بحسب الإمكان فمن هداه الله سعد في الدنيا والآخرة ، ومن
لم يهتد كف الله ضرره عن غيره ) .
[ مجموع الفتاوى 35/159-160] .
ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
( الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام
بما يناسبه ، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هم
عليه بالأدلة النظرية العقلية ، إضافة إلى الأدلة الشرعية ، حتى يتبين بطلان ما هم
عليه .
والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا ،
بل أن يُهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ، ويبين أن أفضل طريقة لتقويم
الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام ، والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة ، يجب
أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة ، ولهذا قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ
وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ
الْمَصِيرُ ) التوبة/73 .
ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار ، لأن جهاد
المنافقين يكون بالعلم والبيان ، وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام ) .
[ فتاوى علماء البلد الحرام ص 1733 ].
*****
42542
هل يجوز شراء سلع للفقراء بأموال الزكاة بدلا من إعطائهم نقوداً؟
الفقه > عبادات > الزكاة > مصارف الزكاة >(1/4268)
سؤال رقم 42542- هل يجوز شراء سلع للفقراء بأموال الزكاة بدلا من إعطائهم نقوداً؟
عليّ زكاة في أموالي ، فهل يجوز لي أن أشتري طعاماً أو ثياباً بأموال الزكاة وأعطيها للفقراء ، بدلاً من أن أعطيهم نقوداً ، لأنني لو أعطيتهم نقودا فقد ينفقونها في غير منفعة ، أو ينفقونها في معصية ؟.
الحمد لله
الأصل أن تؤخذ الزكاة من المال الذي تجب فيه الزكاة ، وتعطى
للفقراء هكذا .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عن رجل عليه زكاة ، هل يجوز له أن يعطيها لأقاربه المحتاجين أو
أن يشتري لهم منها ثياباً أو حبوباً ؟
فأجاب :
الحمد لله ، يجوز أن يصرف الزكاة إلى من يستحقها ، وإن كانوا من
أقاربه الذين ليسوا في عياله ، لكن يعطيهم من ماله ، وهم يأذنون لمن يشتري لهم بها
ما يريدون . " مجموع الفتاوى " ( 25 / 88 ) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن شراء كتب شرعية من مال الزكاة
وتوزيعها ؟
فأجابت : " لا يجوز شراء كتب بمال الزكاة وإهداؤها، بل تدفع عينا
لمستحقيها الذين ذكرهم الله في كتابه فقال : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ
وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ . . .) التوبة/60 .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . "فتاوى الجنة الدائمة" (10/47) .
وإذا كان من يستحق الزكاة عاصياً ، ويخشى منه استعمال شيء من
المال في المعصية ، فإننا نعطي الزكاة لمن ينفق عليه ، أو نطب منه أن يوكلنا في
شراء ما يحتاج .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
هذا الذي ابتلي بشرب الدخان إذا كان فقيراً ، فإنه من الممكن أن
نعطي الزكاة لامرأته وتشتري هي بنفسها حوائج تكمل بها البيت ، ومن الممكن أن نقول
له : إن عندنا زكاة ، فهل تريد أن نشتري لك كذا وكذا من حوائجه الضرورية ؟ ونطلب
منه أن يوكِّلنا في شراء هذه الأشياء ، وبذلك يحصل المقصود ، ويزول المحظور - وهو
مساعدته على الإثم - فإن من أعطى شخصاً دراهم يشتري بها دخاناً يشربه فقد أعانه على
الإثم ، ودخل فيما نهى الله عنه في قوله : ( وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
) . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 17 / السؤال رقم 262 ) .
وسئل أيضاً : هل يجوز إخراج زكاة المال في صورة سلع استهلاكية
وملابس إذا علم أن بعض الأسر الفقيرة من الأصلح لها شراء هذه الأشياء بحيث يخشى أنه
لو أعطيت النقود فسوف يتصرفون فيها فيما لا فائدة منه ؟
فأجاب :
" هذه المسألة مهمة يحتاج الناس إليها إذا كان أهل هذا البيت
فقراء ، ولو أعطيناهم الدراهم لأفسدوها بشراء الكماليات والأشياء التي لا تفيد ،
فإذا اشترينا لهم الحاجات الضرورية ودفعناها لهم ، فهل هذا جائز ؟ فمعروف عند أهل
العلم أن هذا لا يجوز ، أي لا يجوز للإنسان أن يشتري بزكاته أشياء عينية يدفعها
بدلاً عن الدراهم ، قالوا : لأن الدراهم أنفع للفقير ، فإن الدراهم يتصرف فيها كيف
يشاء بخلاف الأموال العينية فإنه قد لا يكون له فيها حاجة ، وحينئذ يبيعها بنقص .
ولكن هناك طريقة إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها
في غير الحاجات الضرورية ، فقل : لرب البيت سواء كان الأب ، أو الأم ، أو الأخ ، أو
العم ، قل له : عندي زكاة ، فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها
لكم ، فإذا سلك هذه الطريقة ، كان هذا جائزاً ، وكانت الزكاة واقعة موقعها " . مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/ السؤال 643) .
والله أعلم .
*****
42551
زوجها لا يؤدي واجباته ويكثر النوم ويضيع الصلاة
مشكلات نفسية واجتماعية >(1/4269)
سؤال رقم 42551- زوجها لا يؤدي واجباته ويكثر النوم ويضيع الصلاة
متزوجة ولها 3 أولاد ، فقد زوجها عمله ولا يبحث عن عمل آخر ويبقى في البيت ويستعمل الكمبيوتر طوال الليل ثم ينام عند السادسة أو السابعة صباحا ويبقى نائماً حتى الرابعة أو الخامسة عصراً وأحياناًُ حتى الثامنة ولا يصلي ولا يأخذ الأولاد للمدرسة ولا يذهب لشراء حاجات البيت وتضطر هي لفعل كل هذا وإذا تحدثت معه أو نصحته صرخ في وجهها وسبها أو يضربها ويقول إذا لم يعجبك الوضع فاتركي البيت ، دائما يصرخ على الأولاد إذا كانوا يلعبون وهو نائم طوال النهار، تحدث معه والده ووالدته لكن دون جدوى ، تدعو الله أن يهديه ويصلح حاله وتدرس في الجامعة لعلها تحصل على عمل بعد التخرج لتنفق على البيت فمال زوجها ينقص شيئاً فشيئاً وهو لا يفعل شيئاً غير إدمانه على الكمبيوتر.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يعينك ويوفقك ، ويصلح زوجك.
ولاشك أنك بالقيام على أولادك ، والحرص على هداية زوجك ، محسنة
مأجورة إن شاء الله، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
والوصية لك بالاستمرار ، والصبر والدعاء لزوجك، والسعي في إصلاحه
، عن طريق والديه وإخوانه ومن له تأثير عليه . فإن الرجل إذا تخلى عن واجبه نحو
أسرته كان معرضا لعقاب الله وغضبه ، لتفريطه فيما استرعاه الله تعالى، وقد قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، الإمام راع ومسئول
عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ) الحديث رواه البخاري
893 ، ومسلم 1829 من حديث ابن عمر .
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله سائل كل راع عما استرعاه ،
أحفظ ذلك أم ضيع ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان ، وصححه الألباني في غاية المرام برقم 271
وقال: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ". رواه أحمد
وأبو داود من حديث عبد الله ابن عمرو ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 827
وقال: " ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد
رائحة الجنة" رواه البخاري 6731
ولا نظن أن زوجك يرضى لنفسه هذا الوعيد ، بل لا نظن أنه يرضى أن
يكون عالة على زوجته ، تنفق عليه ، وتقوم بشئونه ، فإن هذا تأنف منه نفوس الرجال .
وقد ذكرت فيما ذكرت أنه ينام عن الصلوات ، بسبب سهره وتضييعه
لوقته ، وهو بهذا على خطر عظيم آخر ، فقد قال تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ
خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) مريم/59 قال ابن مسعود عن الغي : واد في جهنم ، بعيد القعر ،
خبيث الطعم.
وقال تعالى : ( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون/4،5
هذا إن كان يؤخرها عن وقتها، وأما إن كان يترك الصلاة ، فهذا كفر
مخرج من ملة الإسلام لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك
والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم (82).
وقوله : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وابن ماجه (1079) ، وصححه الألباني .
وحينئذ يلزمك نصحه ، فإن استمر في ترك الصلاة ، وجب عليك
الامتناع منه ، وعدم تمكينه من نفسك، حتى يتوب ويصلي .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعا .
والله أعلم .
*****
42563
فتوى اللجنة الدائمة في الجمارك
الفقه > معاملات > البيوع > الضرائب والمكوس >(1/4270)
سؤال رقم 42563- فتوى اللجنة الدائمة في الجمارك
قرأت في كتاب ( الزواجر عن اقتراف الكبائر ) لابن حجر الهيتمي في حكم المكوس ، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها ، وأن أصحابها أشد الناس عذابا يوم القيامة ، وكثير من الدول يعتمد اقتصادها على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات وهذه الرسوم بالتالي يقوم التجار بإضافتها إلى ثمن البضاعة المباعة بالتجزئة للجمهور ، وبهذه الأموال المحصلة تقوم الدولة بمشروعاتها المختلفة لبناء مرافق الدولة . فأرجو توضيح حكم هذه الرسوم وحكم الجمارك والعمل بها وهل يعتبر نفس حكم المكوس أم لا يعتبر نفس الحكم ؟.
الحمد لله
تحصيل الرسوم الجمركية من الواردات والصادرات من
المكوس ، والمكوس حرام ، والعمل بها حرام ، ولو كانت ممن يصرفها ولاة الأمور في
المشروعات المختلفة كبناء مرافق الدولة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ
المكوس وتشديده فيه ، فقد ثبت في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في رجم الغامدية
التي ولدت من الزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( والذي نفسي بيده لقد تابت
توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ) الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داوود وروى أحمد وأبو داوود والحاكم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : ( لا يدخل الجنة صاحب مكس ) وصححه الحاكم .
وقد قال الذهبي في كتابه الكبائر : والمكاس داخل في عموم قوله
تعالى : ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ
فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى/42 .
والمكاس من أكبر أعوان الظلمة بل هو من الظلمة أنفسهم
فإنه يأخذ ما لا يستحق ، واستدل على ذلك بحديث بريدة وحديث عقبة المتقدمين ثم قال :
والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق وهو من اللصوص ، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه
من جندي وشيخ وصاحب راية شركاء في الوزر آكلون للسحت والحرام . انتهى .
ولأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وقد قال تعالى :
( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) البقرة/188 .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في
خطبته بمنى يوم العيد في حجة الوداع : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم
كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) .
فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع طرق الكسب الحرام ويسلك
طرق الكسب الحلال وهي كثيرة ولله الحمد ومن يستغن يغنه الله ، قال الله تعالى : (
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا
يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ
بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2-3 وقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ
يُسْراً ) الطلاق/ 4
وبالله التوفيق
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 489 .
*****
42564
حكم بيع الملابس المحرمة للكفار
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > لباس المرأة >(1/4271)
سؤال رقم 42564- حكم بيع الملابس المحرمة للكفار
أعمل في مجال تصدير الملابس إلى أمريكا والدول الأوربية , وأعيش في سيريلنكا ، وأغلب السكان من غير المسلمين ، وأزود المحلات التجارية بملابس نسائية محرمة في الإسلام ، مثل : التنورات القصيرة ، والبنطلونات الضيقة .
فهل دخلي حلال أم لا ، بسبب بيعي وشرائي لهذه الأنواع من الألبسة ؟.
الحمد لله
أمر الله تعالى المؤمنين أن يتعاونوا بينهم على البر والتقوى
ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان فقال : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ
وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/2 ، وفي القاعدة عند علماء الشرع " الوسائل لها أحكام المقاصد " فكل
ما أدى إلى وجود الحرام وأوصل إليه فهو حرام
وبيع اللباس المحرم كالتنورة القصيرة والبنطلون الضيق وغيرهما
مما تخرج به المرأة لا شك أنه محرَّم لأنه قد أدى إلى التبرج المحرَّم والذي تفتن
به النساءُ الرجال .
ولأن الغالب على من يشتري هذه الملابس أنه يخرج بها للناس : فإن
بيعها له إعانة على الإثم والعدوان ونشرِ الفاحشة والرذيلة بين الناس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
كل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية : فلا يجوز
بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم .
" شرح العمدة " ( 4 / 386 ) .
وحتى لو كان التصدير أو البيع للكافرات فإن الحكم لا يختلف ؛ لأن
الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وهو قول جمهور
العلماء ، فكل ما يجب على المسلمين فعله يجب على الكفار ، وكل ما حرم على المسلمين
حرم عليهم . وسيحاسبون على ذلك يوم القيامة ، ويزداد عذابهم .
ودليل ذلك قول الله تعالى عن أهل النار : ( مَا سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ
الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ
الدِّينِ ) المدثر/42–46 .
ووجه الدلالة : فأخبر الله تعالى أنه عاقبهم يوم القيامة ، وكانت
عقوبتهم النار ، وأنهم لما سئلوا عما استحقوا لأجله العقاب ذكروا من جرائمهم ترك
الصلاة ، وترك إطعام الطعام ، فدل على أنهم عوقبوا على ذلك مع أنهم كفار ، يكذبون
بيوم الحساب .
وخلاصة الجواب :
أن بيع هذه الملابس لمن يغلب على الظن أنه يستعملها في معصية
الله ، حرام ، سواء كان مشتريها من المسلمين أم من الكفار .
والله أعلم
وانظر جواب السؤال رقم ( 34674 ) ، وتجد في جواب السؤال رقم ( 3011 ) تفصيلاً مهمّاً لحديث قد يُفهم منه جواز بيع ما يحرم على المسلم إذا بيع لكافر .
والله أعلم .
*****
42567
حكم الاشتراك في نظام التقاعد
الفقه > معاملات > الميسر والقمار >
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4272)
سؤال رقم 42567- حكم الاشتراك في نظام التقاعد
أعيش في بريطانيا وتخصم الحكومة مبلغاً محدداً من راتبي كل شهر لأجل التقاعد , ما حكم مثل هذا النوع من التقاعد ؟ كما يوجد هناك خيار آخر وهو طلب نظام تقاعد خاص في شركات خاصة ؟ .
كما أنهم يأخذون مبلغاً معيناً من المال كل شهر ويستثمرون هذا المال ويقومون بإعطائنا من هذا المال بعد التقاعد عند سن الستين أو الخامسة والستين ، ما حكم نظام التقاعد هذا ؟.
الحمد لله
الاشتراك في نظام التقاعد في الجهات غير الحكومية نوع من الميسر ، وذلك لأنه قد يشترك في هذا النظام عدة أشهر ثم يصاب بإعاقة أو
يُتوفَّى، فيحصل هو أو ورثته على مال أكثر بكثير مما أُخذ منه ، وقد يدفع كثيراً من الأقساط ويكون ما أخذه منهم أقل مما دفعه ، وهذا هو الميسر . ولمزيد من
التفصيل تراجع أسئلة التأمين بالموقع .
وإذا كانوا يستثمرون المال المستقطع في أشياء محرمة كصناعة الخمور أو الإقراض الربوي كان هذا سبباً آخر للتحريم لما في ذلك من إعانتهم
على الإثم والعدوان .
وهذا إذا كان الاشتراك في هذا النظام اختياريّاً ، فلا يجوز المشاركة فيه ، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه .
وأما إذا كان الاشتراك إجباريّاً : فلا إثم عليك ، ولا يحل لك أن تأخذ أنت أو ورثتك أكثر مما أُخذ منك ، ولك أن تترك الباقي أو تأخذه
وتوزعه في وجوه الخير .
وأما المشاركة في نظام التقاعد مع الجهات الحكومية فإنها قد لا تأخذ الحكم السابق من جهة أن الحكومة أو بيت المال مسئول عن الإنفاق مع
الرعية إذا احتاجوا .
والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42573
حوار مع نصراني حول عقيدة الفداء عند النصارى
الدعوة > دعوة غير المسلمين >
العقيدة >(1/4273)
سؤال رقم 42573- حوار مع نصراني حول عقيدة الفداء عند النصارى
لماذا يصر المسلون على إنكار أن المسيح قد جاء مخلصا لفدائنا ؟.
الحمد لله
تعد عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم
بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون
بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة . يقول الكاردينال الإنجليزي منينغ في كتابه
: " كهنوت الأبدية " : ( لا تخفى أهمية هذا البحث الموجب للحيرة ، فإنه إذا لم تكن
وفاة المسيح صلباً حقيقية ، فحينئذ يكون بناء عقيدة الكنيسة قد هدم من الأساس ،
لأنه إذا لم يمت المسيح على الصليب ، لا توجد الذبيحة ، ولا النجاة ، ولا التثليث .
. فبولس والحواريون وجميع الكنائس كلهم يدعون هذا ، أي أنه إذا لم يمت المسيح لا
تكون قيامة أيضاً ) .
وهذا ما يقرره بولس :{ وإن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل كرازتنا
، وباطل أيضاً إيمانكم } [ كورنثوس 1/14-15] .
وعلى نحو ما تخبطوا في قولهم بالتثليث ، وما مفهومه ، وكيف
يوفقون بينه وبين التوحيد الذي يقرره العهد القديم ، [ راجع السؤال رقم 12628 ] ،
وعلى نحو تخبطهم أيضا في كل ما يتعلق بالصلب من تفصيلات ، وهو أصل قولهم بالفداء
الذي يعتبرونه علة لهذا الصلب ، [ راجع أيضا سؤال رقم 12615 ] ، نقول : على نحو هذا الخبط
الملازم لكل من حاد عن نور الوحي المنزل من عند الله ، كان تخبطهم في عقيدة الفداء
.
فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح
البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل
العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن
واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح
كانت لبني إسرائيل ، وأنه خلال سني دعوته نهى تلاميذه عن دعوة غيرهم ، وعليه
فالخلاص أيضاً يجب أن يكون خاصاً بهم ، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي
قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة
واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ،
فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا
سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب{ (متى 15/22 -
26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم
بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع
خطايانا ؟
إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى
في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ
مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا
الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ
الْمَصِيرُ) فاطر/18 .
وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي
تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه
يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .
فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت
عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً
ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني
وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .
وحين تكون هناك خطيئة ، سواء كانت مما اكتسبه العبد ، أو ورثه عن
آدم ، أو من دونه من الآباء (؟!!) ، فلم لا يكون محو هذه الخطيئة بالتوبة ؟!
إن فرح أهل السماء بالتائب كفرح الراعي بخروفه الضائع إذا وجده ،
والمرأة بدرهمها الضائع إذا عثرت عليه ، والأب بابنه الشارد إذا رجع :
{ هكذا يكون الفرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ، أكثر من الفرح
بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة } [ لوقا 15/1-31 } .
ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع
خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل
معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر
[ إشعيا 55/7 ]
إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛
فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه
المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا
المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب
الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ،
أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس
على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 -
11 ] .
إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا
الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :
{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة
إلى التوبة } [ متى 9/13 ]
و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ،
طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .
هذا مع إيماننا بأن الله تعالى لو أمر بعض عباده بقتل أنفسهم
توبة من خطاياهم ، لم يكن كثيرا عليهم ، ولم يكن منافيا لبره سبحانه ورحمته ، وقد
أمر بذلك بني إسرائيل لما طلبوا أن يروا الله جهرة ، لكن حينئذ لا يقتل أحد عن أحد
، بل يقتل المرء عن إثم نفسه ، لا عن آثام غيره ، وقد كان ذلك من الإصر والأغلال
التي وضعها الله عن هذه الأمة المرحومة .
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص التي تحمل كل إنسان
مسئولية عمله ؛ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) فصلت /46 وقال : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر/38 .
وهكذا في كتابكم المقدس :
{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون
يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]
{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ
يجازي كل واحد حسب عمله } [ متى 16/27 ]
وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : {
ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي
الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك
تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني
لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ] .
ومثله قوله : { يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون في ملكوته جميع
المعاثر ، وفاعلي الإثم ، ويطرحونهم في أتون النار } [ متى 13/41-42 ] .
فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة .
والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من
الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص
بالمسيح أو غيره :
{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين
فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [
يوحنا 5/28-29] .
{ متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه ،
فحينئذ يجلس على كرسي مجده . . . ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا
ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته } [ متى 25/31 - 42 ] .
ويقول المسيح لهم : { أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من
دينونة جهنم }( متى 23/33 ) .
ويلاحظ أدولف هرنك أن رسائل التلاميذ خلت من معتقد الخلاص
بالفداء ، بل إنها جعلت الخلاص بالأعمال كما جاء في رسالة يعقوب { ما المنفعة يا
إخوتي إن قال أحد : إنّ له إيماناً ، ولكن ليس له أعمال ، هل يقدر الإيمان أن يخلصه
؟ الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته . . الإيمان بدون أعمال ميت } [
يعقوب 2/14 – 20 وانظر :1/22 , 1/27 ] .
ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ،
فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35
] . ومثل هذا كثير في أقوال المسيح والحواريين .
وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13 .
والعجب أن بولس نفسه الذي أعلن نقض الناموس وعدم فائدة الأعمال ،
وأن الخلاص إنما يكون بالإيمان ، هو ذاته أكد على أهمية العمل الصالح في مناسبات
أخرى منها قوله : { إن الذي يزرعه الإنسان ، إياه يحصد أيضاً . . . فلا تفشل في عمل
الخير لأننا سنحصده في وقته{ ( غلاطية 6/7) .
ويقول : {كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه} (كورنثوس (1) 3/8) .
[ انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا
المسيح على الصليب ]
وهكذا ، فليس أمامك حيال هذا التناقض إلا أن تلغي فهمك وعقلك ،
وتعلل نفسك بالأماني الكاذبة ، على نحو ما فعلت في عقيدة التثليث والتوحيد ، وهو ما
ينصحك به "ج . ر . ستوت" في كتابه "المسيحية الأصلية" : ( لا أجسر أن أ تناول
الموضوع ، قبل أن أعترف بصراحة بأن الكثير منه سوف يبقى سرا خفيا . . . ، ويا للعجب
كيف أن عقولنا الضعيفة لا تدركه تماما ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه ينقشع
الحجاب ، وتُحل كل الألغاز ، وترى المسيح كما هو !!
. . فكيف يمكن أن يكون الله حل في المسيح ، بينما يجعل المسيح
خطية لأجلنا ، هذا ما لا أستطيع أن أجيب عنه ، ولكن الرسول عينه يضع هاتين
الحقيقتين جنبا إلى جنب ، وأنا أقبل الفكرة تماما ، كما قبلت أن يسوع الناصري هو
إنسان وإله في شخص واحد . . . وإن كنا لا نستطيع أن نحل هذا التناقض ، أو نفك رموز
هذا السر ، فينبغي أن نقبل الحق كما أعلنه المسيح وتلاميذه ، بأنه احتمل خطايانا )
[ المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، نقلا عن د . سعود الخلف :
اليهودية والنصرانية ص 238 ] .
ونعم ، سوف نرى نحن وأنتم المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله
المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وفي هذا اليوم الذي ينقشع فيه الحجاب يتبرأ ممن
اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك
لغز ولا أسرار :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ
قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ
سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ
قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي(1/4274)
نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا
أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)
لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (120) ) سورة المائدة .
فهل من وقفة قبل فوات الأوان ، وعودة إلى كلمة سواء ، لا لغز
فيها ولا حجاب :
( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ
بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا
وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا
فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .
والله اعلم .
*****
42574
خطأ في الاتجاه إلى القبلة
الفقه > عبادات > الصلاة > أحكام الصلاة > شروط الصلاة >(1/4275)
سؤال رقم 42574- خطأ في الاتجاه إلى القبلة
أخبرني بعض الجيران أن القبلة التي أصلي باتجاهها خطأ وغير موازية للقبلة في المسجد المجاور ، وبناء على هذا غيرت اتجاهي لمدة شهور ، منها رمضان الماضي ، ثم اكتشفت مرة أخرى أن القبلة الأولى هي الصحيحة . فما حكم الصلوات المؤداة في اتجاه القبلة الخاطئ ؟ أرجو الإجابة لأني حائرة ، و لكم جزيل الشكر .
الحمد لله
استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة ، والواجب على كل مصل أن
يتحرى جهة القبلة في صلاته ، وأن يجتهد في ضبطها لصلاته ، إما عن طريق العلامات أو
الآلات الدالة عليها ، إن كان يمكنه ذلك ، أو عن طريق خبر الثقات من أهل المكان ،
الذين لهم معرفة بجهة القبلة .
والغالب على الحال التي ذكرتيها أن يكون الانحراف عن جهة القبلة
يسيرا ، وهذا الانحراف اليسير هو الذي يمكن أن يحدث فيه ذلك التردد والاضطراب من
أهل المكان عادةً ؛ بحيث لا ينتبه الإنسان إلى ذلك الفرق بين الجهتين ؛ فإن كان
الأمر كذلك ، يعني أن الانحراف عن القبلة كان يسيرا ، فإن هذا لا يضر ولا تبطل به
الصلاة ؛ لأن الواجب على من كان بعيدا عن الكعبة أن يتجه إلى جهتها ، ولا يشترط في
حقه أن يكون اتجاهه إلى عين الكعبة ، لما رواه الترمذي ( 342 ) وابن ماجة ( 1011 )
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا
بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ ) [ صححه الألباني في الإرواء ] .
قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام [ 1/260 ] : ( والحديث
دليل على أن الواجب استقبال الجهة ، لا العين في حق من تعذرت عليه العين ) .
ومن الأدلة على ذلك أيضا ، ما رواه البخاري ( 144 ) ومسلم ( 264
) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ
وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلا غَائِطٍ ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا
) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في شرح العمدة : ( هذا بيان لأن ما
سوى التشريق والتغريب استقبال للقبلة أو استدبار لها ، و هذا خطاب لأهل المدينة ومن
كان على سمتهم ... لأن ذلك اجماع الصحابة رضي الله عنهم ؛ قال عمر : ما بين المشرق
والمغرب قبلة كله إلا عند البيت ...وعن عثمان رضي الله عنه أنه قال : كيف يخطئ
الرجل الصلاة وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ما لم يتحر المشرق عمدا )
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وبهذا نعرف أن الأمر واسع ،
فلو رأينا شخصا يصلي منحرفا يسيرا عن مسامتة [ أي : محاذاة ] القبلة ، فإن ذلك لا
يضر ، لأنه متجه إلى الجهة ، وهذا فرضه ) [ الشرح الممتع 2/273 ] .
وأما إن كان الانحراف عن جهة الكعبة كثيرا ؛ بحيث تكون صلاتك إلى
غير الجهة التي فيها القبلة ، إما شرقا ، والقبلة غرب أو شمال ، مثلا ، فما دام
الإنسان قد بنى عمله على قول من يعلم اهتمامهم بأمر الصلاة ، وتعظيمهم لقدرها ،
وكان في ظنه أنهم أدرى منه باتجاه القبلة ، فلا شيء عليه ، وصلاته التي صلاها صحيحة
، حتى ولو كان مخطئا في اتجاهه الذي صلى إليه ؛ لأن الإنسان إذا اجتهد وتحرى ، فقد
فعل ما يجب عليه ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن /16 .
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة [ 6/314 ] : ( إذا اجتهد المصلي في
تحري القبلة وصلى ، ثم تبين أن تحريه كان خطأ ، فصلاته صحيحة ) .
وفي فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله [ 10/421 ] : ( إذا اجتهد
المؤمن في تحري القبلة ، حال كونه في الصحراء ، أو في البلاد التي تشتبه فيها
القبلة ، ثم صلى باجتهاده ، وبعد ذلك ظهر أنه صلى إلى غير القبلة ، فإنه يعمل
باجتهاده الأخير ، إذا ظهر له أنه أصح من اجتهاده الأول ، وصلاته الأولى صحيحة ؛
لأنه أداها عن اجتهاد وتحرٍ للحق ) .
*****
42579
فتوى اللجنة الدائمة في شركة بزناس وهبة الجزيرة وشركات التسويق الهرمي
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4276)
سؤال رقم 42579- فتوى اللجنة الدائمة في شركة بزناس وهبة الجزيرة وشركات التسويق الهرمي
وردت إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أسئلة كثيرة عن عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي مثل شركة ( بزناس ) و ( هبة الجزيرة ) والتي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء ، ليقنع هؤلاء آخرين أيضاً بالشراء وهكذا ، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الريالات ، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء ، وهذا ما يسمي التسويق الهرمي أو الشبكي .
الحمد لله
أجابت اللجنة على السؤال السابق بالتالي :
أن هذا النوع من المعاملات محرم ، وذلك أن مقصود المعاملة هو
العمولات وليس المنتج ، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف ، في حين لا يتجاوز ثمن
المنتج بضع مئات ، وكل عاقل إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات ، ولهذا كان
اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة
التي يمكن أن يحصل عليها المشترك ، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير هو ثمن
المنتج ، فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات
والأرباح ، ولما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة ، فهي محرمة شرعاً لأمور:
أولاً :
أنها تضمنت الربا بنوعيه ، ربا الفضل وربا النسيئة ، فالمشترك
يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه ، فهي نقود بنقود مع التفاضل
والتأخير ، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع ، والمنتج الذي تبيعه الشركة على
العميل ما هو إلا ستار للمبادلة ، فهو غير مقصود للمشترك ، فلا تأثير له في الحكم .
ثانياً :
أنها من الغرر المحرم شرعاً ، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في
تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا ؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر
فإنه لا بد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها ، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم
هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحاً ، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسراً
؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه ، فالغالب إذن هو
الخسارة ، وهذه هي حقيقة الغرر ، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما ، وقد نهى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغرر ، كما رواه مسلم في صحيحه .
ثالثاً :
ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس
بالباطل ، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين
بقصد خدع الآخرين ، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) النساء/29
رابعاً :
ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس ، من
جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك ، ومن جهة إغرائهم
بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالباً ، وهذا من الغش المحرم شرعاً ، وقد قال
عليه الصلاة والسلام : ( من غش فليس مني ) رواه مسلم في صحيحه وقال أيضاً : ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيّنا
بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ) متفق عليه .
وأما القول بأن هذا التعامل من السمسرة ، فهذا غير صحيح ، إذ
السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة ، أما التسويق الشبكي فإن
المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج ، كما أن السمسرة مقصودها تسويق السلعة
حقيقة ، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العمولات وليس
المنتج ، ولهذا فإن المشترك يسوِّق لمن يُسوِّق لمن يُسوِّق ، هكذا بخلاف السمسرة
التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة ، فالفرق بين الأمرين ظاهر .
وأما القول بأن العمولات من باب الهبة فليس بصحيح ، ولو سُلِّمَ
فليس كل هبة جائزة شرعاً ، فالهبة على القرض ربا ، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي
بردة رضي الله عنهما : ( إنك في أرض ، الربا فيها فاش ، فإذا كان لك على رجل حق
فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قَتٍّ فإنه ربا ) رواه البخاري في
الصحيح .
والهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت لأجله ، ولذلك قال عليه الصلاة
والسلام – في العامل الذي جاء يقول : هذا لكم وهذا أهدي إلي ، فقال عليه الصلاة
والسلام : ( أفلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا ؟ ) متفق
عليه .
وهذه العمولات إنما وجدت لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي ،
فمهما أعطيت من الأسماء ، سواء هدية أو هبة أو غير ذلك ، فلا يغير ذلك من حقيقتها
وحكمها شيئاً .
ومما هو جدير بالذكر أن هناك شركات ظهرت في السوق سلكت في
تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي مثل شركة ( سمارتس واي ) وشركة ( جولد كويست
) وشركة ( سفن دايموند ) وحكمها لا يختلف عن الشركات السابق ذكرها ، وإن اختلفت عن
بعضها فيما تعرضه من منتجات .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم (22935) وتاريخ 14/3/1425هـ .
*****
4258
إعادة تصنيع الأوراق التي تحوي ذكر الله
القرآن وعلومه > أحكام المصاحف >(1/4277)
سؤال رقم 4258- إعادة تصنيع الأوراق التي تحوي ذكر الله
السؤال :
هل يجوز أن نضع الأوراق التي تحوي اسم الله ليعاد تصنيعها ؟
الجواب:
الحمد لله
لا بأس بإعادة تصنيع هذه الأوراق دون تعريضها للامتهان قبل إزالة الكتابة عنها . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42582
حكم الكي ، والجمع بين الأحاديث المتعارضة فيه
الفقه > عادات > الطب والتداوي >(1/4278)
سؤال رقم 42582- حكم الكي ، والجمع بين الأحاديث المتعارضة فيه
صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى عن الكيّ ، وورد أنه فعله ، فما هو الحكم الصحيح في حكم الكيّ ، وكيف نجمع بين الأحاديث التي يُفهم منها التعارض ؟.
الحمد لله
وردت أحاديث كثيرة في مسألة الكيّ ، وقسمها أهل العلم إلى أربعة
أقسام :
1- ما يدل على الجواز ، كحديث جابر رضي الله عنه قال : ( رُمِيَ
أُبَيٌّ يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه مسلم (2207) .
2- ما يدل على عدم محبته له كحديث جابر رضي الله عنه قال :
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنْ كَانَ فِي
شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ أَوْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ
فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ تُوَافِقُ
الدَّاءَ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ ) رواه البخاري (5683) ومسلم (2205)
3- ما يدل على الثناء على تاركه كحديث عمران بن حصين في السبعين
ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، " الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ " أخرجه
البخار ي (6541) ومسلم (218)
وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه : أن الملائكة كانت تسلم
عليه ، لأنه لا يكتوي ، فلما اكتوى تركت السلام عليه ، فلما ترك الاكتواء عادت تسلم
عليه " رواه مسلم (1226)
4- ما يدل على كراهة الكي كحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ فِي
شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَأَنَا أَنْهَى
أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ ) رواه البخاري (5681) .
وبهذا يتم الجمع بين الأحاديث ، فالنهي عنه يدل على كراهته ،
وأحاديث فعله تدل على جوازه إذا احتاج إليه .
قال ابن عبد البر : ما أعلم بينهم خلافاً أنهم لا يرون بأساً
بالكيِّ عند الحاجة .
وسبب كراهته ما فيه من تعذيب النفس وإيلامها .
*****
4259
ممارسة رياضة الكاراتيه
أسباب عذاب القبر استعمال التراب في تطهير نجاسة الكلب رحمة الله بعباده يعمل في محل ألعاب فيديو ويسأل عن دخله
الفقه > عادات > أحكام الرياضة والتسلية والترفيه >(1/4279)
سؤال رقم 4259- ممارسة رياضة الكاراتيه
السؤال :
ما حكم لعبة الكاراتيه ؟.
الجواب :
الحمد لله
الكاراتيه فن من فنون القتال والدفاع عن النفس باليد المجردة من كل سلاح ، تتيح
إمكانية توجيه الضربات بالقدم والقبضة وكذلك بحد اليد ، ترتكز على إطلاق جميع
قدرات المرء وإمكاناته .
الإطار الشرعي لهذه اللعبة :
في هذه اللعبة فوائد متعددة جسمية ونفسية وذهنية
وفيها موافقة للشريعة من بعض الجوانب ومخالفة في جوانب أخرى فمن مظاهر الموافقة
:
اللباس الساتر للعورة بالشكل التام ، فقوانين هذه
اللعبة تفرض لبس سترة من قماش قطني متين أبيض ، سروال مصنوع من القماش نفسه ويجب
أن يكون واسعاً لإعطاء الحركة للساقين والرجلين .
منع المتبارين من تسديد الضربات التي تسبب ضرراً
للاعب المنافس ، فقانون اللعبة يوجب أن تكون الهجمات مقيدة بعدم الإضرار بالخصم
على خلاف رياضة الملاكمة مثلاً .
وأما من الجهة الأخرى فلا تخلو هذه اللعبة من بعض
التجاوزات الشرعية ، فهي تسمح بتوجيه الضربات إلى الوجه .
بالإضافة إلى اشتمالها على بعض الطقوس الدينية
الموروثة عن الديانات الهندية الإقليمية ، منها تلك التحية المتبادلة بين المتبارزين
وهي انحناءة قريبة من الركوع ، ( والمسلم لا ينحني لغير الله ) وتلك التدريبات
على الصمت والتركيز المستمدة من شعائر دينية ( بوذيّة وغيرها ) يرفضها الإسلام
جملة وتفصيلاً .
وليس ممتنعاً مزاولة هذه اللعبة مجردة من هذه التجاوزات
، فبالإمكان إلغاؤها على المستوى غير الرسمي ، إن امتنع على المستوى الرسمي والعالمي
، فليس من الضروري لاكتساب مهارتها لعبها على مستوى البطولات والنوادي التي تتقيد
بهذه المخالفات باعتبارها من صميم اللعبة وقوانينها الواجب التزامها على كل ممارس
من كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 369
*****
11/1426
نوفمبر 13/2005
42629
حكم الصلاة مع هؤلاء
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >(1/4280)
سؤال رقم 42629- حكم الصلاة مع هؤلاء
أسكن في قرية فيها مشاكل كثيرة ؛ فأهلها يقتتلون فيما بينهم ، والإمام يجور على الأراضي ، فهل تجوز الصلاة معهم ؟.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال قريتكم هذه ، وسائر بلاد المسلمين
، وأن يهدي أهلها للتي هي أقوم ، وينزع الفتن وكيد الشيطان من بينهم ، وأن ييسر لكم
الإمام الصالح الذي يقيم بكم الصلاة على ما أمر الله تعالى ، ويرشدكم إلى طريق ربكم
بقوله وعمله .
ومثل هذا الإمام لا ينبغي توليته تلك الولاية الدينية العظيمة ،
إمامة الناس في الصلاة ، بل ينبغي نهيه عن منكره ، وزجره ، وهجره إن كان ينتهي عن
ظلمه ومنكره بالهجر ، وأما ترك الصلاة خلفه ، فلا يجوز إلا إذا وجد إمام غيره ،
أمثل منه في دينه وأبعد عن الظلم والهوى .
وهكذا القول في هؤلاء المصلين من أهل قريتك يجب عليك أن تصلي
معهم ، ولو كانوا في أنفسهم فُسَّاقا وظلمة .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الإِمَامَ مُبْتَدِعٌ يَدْعُو
إلَى بِدْعَتِهِ ، أَوْ فَاسِقٌ ظَاهِرُ الْفِسْقِ ، وَهُوَ الإِمَامُ الرَّاتِبُ
الَّذِي لا تُمْكِنُ الصَّلاةُ إلا خَلْفَهُ ، كَإِمَامِ الْجُمُعَةِ
وَالْعِيدَيْنِ ، وَالإِمَامِ فِي صَلاةِ الْحَجِّ بِعَرَفَةَ وَنَحْوِ ذَلِكَ ،
فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي خَلْفَهُ عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ،
وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ .
وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْعَقَائِدِ : إنَّهُ يُصَلِّي
الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ خَلْفَ كُلِّ إمَامٍ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا .
وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ إلا إمَامٌ وَاحِدٌ
، فَإِنَّهَا تُصَلَّى خَلْفَهُ الْجَمَاعَاتُ ؛ فَإِنَّ الصَّلاةَ فِي جَمَاعَةٍ
خَيْرٌ مِنْ صَلاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ ، وَإِنْ كَانَ الإِمَامُ فَاسِقًا . هَذَا
مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ : أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيِّ
وَغَيْرِهِمَا ، بَلْ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ فِي ظَاهِرِ
مَذْهَبِ أَحْمَد .
وَمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الإِمَامِ
الْفَاجِرِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ
السُّنَّةِ ..
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلا يُعِيدُهَا؛ فَإِنَّ
الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ
الْفُجَّارِ وَلا يُعِيدُونَ ، كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ
الْحَجَّاجِ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ
عُقْبَةَ وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ ؛ حَتَّى إنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً
الصُّبْحَ أَرْبَعًا ، ثُمَّ قَالَ : أَزِيدُكُمْ ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا
زِلْنَا مَعَك مُنْذُ الْيَوْمَ فِي زِيَادَةٍ !! وَلِهَذَا رَفَعُوهُ إلَى
عُثْمَان...
وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ ؛
فَإِذَا صَلَّى الْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ ، لَكِنْ إنَّمَا
كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ لأَنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ
عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ [ يعني : ومن الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ] أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا لا يُرَتَّبُ إمَامًا
لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا
أَمْكَنَ هَجْرُهُ حَتَّى يَتُوبَ كَانَ حَسَنًا وَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ
إذَا تَرَكَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ وَصَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ أُثِرَ ذَلِكَ حَتَّى
يَتُوبَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ مِثْلِ ذَنْبِهِ . فَمِثْلُ
هَذَا إذَا تَرَكَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَمْ يَفُتْ
الْمَأْمُومَ جُمُعَةٌ وَلا جَمَاعَةٌ . وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ الصَّلاةَ
يَفُوتُ الْمَأْمُومَ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَهُنَا لا يَتْرُكُ الصَّلاةَ
خَلْفَهُمْ إلا مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلصَّحَابَةِ رضي الله عنهم .
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الإِمَامُ قَدْ رَتَّبَهُ وُلاةُ
الأُمُورِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِ الصَّلاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ ، فَهُنَا
لَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الصَّلاةِ خَلْفَهُ ، بَلْ الصَّلَاةُ خَلْفَ الإِمَامِ
الأَفْضَلِ أَفْضَلُ . [ انظر : مجموع الفتاوى : 23/352 ] .
وقد قال الإمام الطحاوي رحمه الله في عقيدته التي ذكر فيها جملة
من أصول أهل السنة :
( ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة ، ونصلي على من مات
منهم . )
وفي هذا المعنى روى أبو داود ( 594 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي
الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
الصَّلاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَاجِبَةٌ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ بَرًّا كَانَ أَوْ
فَاجِرًا وَإِنْ عَمِلَ الْكَبَائِرَ ) [ ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود ]
ومع أن هذا الحديث ليس له إسناد يثبت ، كما نقله في عون المعبود
عن العقيلي والحافظ ابن حجر ، فقد قال الشوكاني رحمه الله : ولكنه قد ثبت إجماع أهل
العصر الأول من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين ، إجماعاً فعلياً ولا يبعد أن
يكون قولياً ، على الصلاة خلف الجائرين ؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة
الصلوات الخمس ، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم في كل بلدة فيها أمير ..
وترجم الإمام البخاري في صحيحه : باب إمامة المفتون والمبتدع ،
ثم روى فيه ( 695 ) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ أَنَّهُ
دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ
فَقَالَ : ( إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ [ أي : أنت إمام الناس ] ، وَنَزَلَ بِكَ مَا
نَرَى ، وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ ؟! [ يعني : نخشى من
الحرج ، وهو الإثم ، في الصلاة معه ]
فَقَالَ : الصَّلاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ ، فَإِذَا
أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ ، وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ
إِسَاءَتَهُمْ )
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ظَاهِره أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُ
فِي الصَّلاة مَعَهُمْ ، كَأَنَّهُ يَقُول : لا يَضُرُّك كَوْنُهُ مَفْتُونًا ,
بَلْ إِذَا أَحْسَنَ فَوَافِقْهُ عَلَى إِحْسَانه وَاتْرُكْ ما افْتُتِن به ,
وَهُوَ الْمُطَابِق لِسِيَاقِ الْبَاب .
ثم ذكر رواية سيف فِي الْفُتُوح عَنْ سَهْل بْن يُوسُفَ
الأَنْصَارِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَرِهَ النَّاس الصَّلاة خَلْفَ الَّذِينَ
حَصَرُوا عُثْمَان إِلا عُثْمَان فَإِنَّهُ قَالَ : مَنْ دَعَا إِلَى الصَّلاة
فَأَجِيبُوهُ . اِنْتَهَى . قال : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَقْصُوده بِقَوْلِهِ
" الصَّلاة أَحْسَن " الإِشَارَة إِلَى الإِذْن بِالصَّلاةِ خَلْفَهُ , وَفِيهِ
تَأْيِيد لِمَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّف مِنْ قَوْله إِمَام فِتْنَة .
قال الحافظ : وَفِي هَذَا الأَثَر : الْحَضّ عَلَى شُهُود
الْجَمَاعَة ، وَلا سِيَّمَا فِي زَمَن الْفِتْنَة ، لِئَلا يَزْدَادَ تَفَرُّقُ
الْكَلِمَة .
وَفِيهِ : أَنَّ الصَّلاة خَلْفَ مَنْ تُكْرَهُ الصَّلاة
خَلْفَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْطِيل الْجَمَاعَة .
فالحاصل : أنه لا يجوز لك ترك الصلاة مع أهل قريتك ، والصلاة
منفردا ، في بيتك أو في غيره ، بل الواجب عليك أن تصلي الجماعة مع الناس ، فإن وجدت
إماما عدلا صالحا ، فلتكن صلاتك معه ، وإلا فصل مع الإمام المذكور ، ولك صلاته
وعليه ظلمه وفجوره .
والله الموفق .
*****
427
ختان الإناث ليس بواجب
الفقه > عبادات > الطهارة > سنن الفطرة >(1/4281)
سؤال رقم 427- ختان الإناث ليس بواجب
السؤال : امرأة تسأل عن حكم الختان بالنسبة للمرأة لأنها قرأت حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر المرأة كيف تفعل الختان …
فهل الختان للمرأة واجب أم سنة وإذا كان واجباً ما كيفيته وما هو الجزء الذي يقطع ؟
الجواب:
الحمد لله
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني : فأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حقّ النساء وليس بواجب عليهن ، هذا قول كثير من أهل العلم . قال ( الإمام ) أحمد : الرّجل أشدّ .. والمرأة أهون . المغني 1/70
ويكون ختان الأنثى بقطع شيء من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول ، والسنّة أن لا تُقطع كلّها بل جزء منها . الموسوعة الفقهية 19/28
ومن الحكمة أن يُتبع في ذلك المصلحة فإن كانت القطعة كبيرة أُخذ منها وإلا تُركت ولعل ذلك يختلف باختلاف خِلقة النّساء وهذا يتفاوت بين البلاد الحارّة والباردة .
وقد ورد في موضوع ختان النساء حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم : " الختان سنّة للرجال ، مكرمة للنساء " ولكنه مختلف في صحته : انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني رقم 1935
وورد في كيفية الختان حديث عن أمّ عطية رضي الله عنها أنّ امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلّم : " لا تنهكي ( أي لا تستأصلي وتبالغي في الختان ) فإنّ ذلك أحظى للمرأة وأحبّ إلى البعل " . رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه وقال : هذا الحديث ضعيف .
ولعلّ فيما تقدّم من كلام أهل العلم كفاية . والله تعالى أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4270
والده يطلب منه شراء الدخان
الفقه > معاملات > البيوع > البيوع المحرمة >
الآداب > بر الوالدين >(1/4282)
سؤال رقم 4270- والده يطلب منه شراء الدخان
السؤال :
هل يجوز أن أشتري سجائر لشخص ما ؟ إذا كان هذا غير جائز فهل هذا ينطبق على الوالد أيضا إذا طلب مني ؟ جزاك الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز أن تشتري لوالدك شيئاً استعماله محرم ، سواء كان دخاناً أم أفيوناً أم حشيشة أم خمراً .. أو غير ذلك ، ولو أمر بذلك ، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، وقوله : ( إنما الطاعة في المعروف ) وعليك أن تنصحه ، وتعتذر له بأسلوب حسن عن شرائه .
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/64.
*****
4272
اكتشف أن الهدية مسروقة
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية >(1/4283)
سؤال رقم 4272- اكتشف أن الهدية مسروقة
السؤال :
أهداني عمي كمبيوتر وبعد ذلك اكتشفت أن الجهاز مسروق وأن عمي اشتراه من الشارع . هل يمكن أن أبقي الكمبيوتر لأنه هدية من عمي أم أعيده إلى صاحبه حيث أني وجدت عنوانه في الكمبيوتر ؟
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز لك الاحتفاظ به ويجب إعادته إلى مالكه وهو أمانة في يدك إلى أن يعاد في أسرع وقت ولعمك أن يطالب البائع بالثمن لأنه باع ما لا يملك . والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42771
على المسلمين المقيمين في دولة كافرة أن يتجمعوا
السياسة الشرعية > الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر >(1/4284)
سؤال رقم 42771- على المسلمين المقيمين في دولة كافرة أن يتجمعوا
هل يجوز إقامة أحزاب إسلامية في دولة علمانية ، وتكون الأحزاب رسمية ضمن القانون ، ولكن غايتها الدعوة إلى الله ؟ .
الحمد لله
يشرع للمسلمين المبتلين بالإقامة في دولة كافرة أن يتجمعوا
ويترابطوا ويتعاونوا فيما بينهم ، سواء كان ذلك باسم أحزاب إسلامية أو جمعيات
إسلامية لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى .
وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 407) .
*****
42804
لا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام في كفارة اليمين
الفقه > عبادات > الأيمان والنذور >(1/4285)
سؤال رقم 42804- لا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام في كفارة اليمين
كانت عليَّ كفارة يمين ، فصمت ثلاثة أيام مع قدرتي على إطعام عشرة مساكين ، فهل ما فعلته صحيح ؟.
الحمد لله
لا يجزئ الصيام مع القدرة على الإطعام أو الكسوة أو العتق ، لأن
الله سبحانه رتب إجزاء الصيام على عدم وجود الطعام أو الكسوة أو العتق ، فقال : (
لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ
بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ
أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ
إِذَا حَلَفْتُمْ ) المائدة/89
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23/13) .
*****
4282
الابن صاحب عائلة وأبوه يرهقه بكثرة الطلبات المالية
الفقه > معاملات > النفقة >(1/4286)
سؤال رقم 4282- الابن صاحب عائلة وأبوه يرهقه بكثرة الطلبات المالية
أبي يطلب مني مالا باستمرار ويرهقني بكثرة طلباته وأنا صاحب عائلة وعليّ التزامات فإلى أي حدّ يجب عليّ أن أعطيه وما معنى حديث ( أنت ومالك بأبيك )
الحمد لله
حديث أنت ومالك لأبيك رواه ابن ماجة رحمه الله تعالى في سننه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك . " سنن ابن ماجة رقم 2282 ، قال في الزوائد : إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري .
ومعنى قوله ( يجتاح ) أي يستأصله أي يصرفه في حوائجه بحيث لا يبقى شيء .
وقال الإمام عبد الرزاق رحمه الله في مصنفه باب :
فِي الرَّجُلِ يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ , وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ } .
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ { رَجُلا خَاصَمَ أَبَاهُ فِي مَالٍ كَانَ أَصَابَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ } .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ , وَلا يَأْكُلُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ إلا بِإِذْنِهِ . وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : يَأْكُلُ الْوَالِدُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ , وَلا يَأْكُلُ الْوَلَدُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ إلا بِطِيبِ نَفْسِهِ .
وعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : كَانَ عَطَاءٌ لا يَرَى بَأْسًا بِأَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ .
ثم قال رحمه الله
مَنْ قَالَ : لا يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ إلا بِإِذْنِهِ .
عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَبَرَّ وَالِدَهُ , وَكُلُّ إنْسَانٍ أَحَقُّ بِاَلَّذِي لَهُ
عَنْ سَالِمٍ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نَحَرَ جَزُورًا فَجَاءَ سَائِلٌ فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : مَا هِيَ لِي ؟ فَقَالَ لَهُ حَمْزَةُ : يَا أَبَتَاهُ ، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ ، فَأَطْعِمْ مِنْهَا مَا شِئْتَ .
وقال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني شارحا هذه المسألة : وَلأَبٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ ، وَيَتَمَلَّكَهُ ، مَعَ حَاجَةِ الأَبِ إلَى مَا يَأْخُذُهُ ، وَمَعَ عَدَمِهَا ، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا ، بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لا يُجْحِفَ بِالابْنِ ، وَلا يَضُرَّ بِهِ ، وَلا يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ . الثَّانِي أَنْ لا يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَيُعْطِيَهُ الآخَرَ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .. وَذَلِكَ لأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، فَلأَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الآخَرِ أَوْلَى .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ إلا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئِ مُسْلِمٍ إلا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ } . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ . وَلأَنَّ مِلْكَ الابْنِ تَامٌّ عَلَى مَالِ نَفْسهِ فَلَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَاَلَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ . وَلَنَا ( أي ودليلنا ) مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { : إنَّ أَطْيَبِ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ , وَإِنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ } . أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ , وَالتِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , قَالَ { : جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنَّ أَبِي اجتاح مَالِي . فَقَالَ : أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك } . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " مُطَوَّلا , وَرَوَاهُ غَيْرُهُ , وَزَادَ { : إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ , فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } . وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، وَالْمُطْلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ ، قَالَ : { جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنَّ لِي مَالا وَعِيَالا ، وَلأَبِي مَالٌ وَعِيَالٌ ، وَأَبِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِيَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك } . أَخْرُجَهُ سَعِيدٌ ، فِي " سُنَنِهِ " وَلأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَلَدَ مَوْهُوبًا
لأَبِيهِ , فَقَالَ : { وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } . وَقَالَ : { وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى } . وَقَالَ زَكَرِيَّا : { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيَّا } . وَقَالَ إبْرَاهِيمُ : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } . وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ ، كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ .. المغني ج5
وفي رسائل وفتاوى الشيخ المفتي محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ما يلي :
يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أنت مالك لأبيك ) أخرجه الخمسة وصححه الترمذي .وقوله : ( إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم ) أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة . ويشترط للأخذ من ماله ( ستة شروط ) : أحدهما : أن يأخذ ما لا يضر الوالد ولا يحتاجه . ( والثاني ) : أن لا يعطيه لولد آخر . ( والثالث ) : أن لا يكون في مرض موت أحدهما . ( والرابع ) : أن لا يكون الأب كافراً والابن مسلماً . ( والخامس ) : أن يكون عيناً موجوداً ، ( والسادس ) : تملكه ما يأخذه من مال الولد بقبض مع قول أو نية . هذا معنى كلام فقهائنا رحمهم الله . وعليه الفتوى . أ.هـ
فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ص : 220
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
42822
صاحب مختبر تحليل يريد أن يعطي الأطباء نسبة ليرسلوا مرضاهم إليه
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/4287)
سؤال رقم 42822- صاحب مختبر تحليل يريد أن يعطي الأطباء نسبة ليرسلوا مرضاهم إليه
هل يجوز لصاحب مختبر تحاليل طبية أن يتفق مع الأطباء على أن يحولوا مرضاهم إليه على أن يكون لهم نسبة على هذه التحاليل ؟
مع العلم أن هذه النسبة لن يتحملها المريض ، بل سيكون ثمن التحليل هو نفس ثمنه في المختبرات الأخرى .
الحمد لله
لا يجوز لصاحب المختبر أن يعطي الطبيب الذي يحيل عليه المرضى
للتحليل نسبة من المال لأن ذلك يعد من الرشوة المحرمة .
وبالله التوفيق
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 566) .
*****
42863
لا يجوز أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من يسخر من الدين الإسلامي
العقيدة > الشرك وأنواعه >(1/4288)
سؤال رقم 42863- لا يجوز أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من يسخر من الدين الإسلامي
هل يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من الدوائر شخصا يعتنق الشيوعية أو يسخر بالدين أويعتنق القومية ويعتبرها دينا ؟.
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو الدوائر الأخرى من
علم أنه شيوعي أو يسخر بالدين الإسلامي أو اعتنق القومية أو اعتبرها دينا لأنه
بانتخابه إياه رضيه ممثلا له وأعانه على تولي مركز يتمكن من الإفساد فيه ، ويعين
فيه من يشايعه في مبدئه وعقيدته وقد يستغل ذلك المركز في إيذاء من يخالفه وحرمانه
من حقوقه أو بعضها في تلك الدائرة أو غيرها بحكم مركزه وتبادل المنافع بينه وبين
زملائه في الدوائر الأخرى ، ولما فيه من تشجيعه على استمراره على المبدأ الباطل
وتنفيذه ما يريد .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23 / 404) .
*****
42869
طلب ناظر الوقف من الدعاة تقريراً شهرياً لا يقدح في الإخلاص
الرقائق > الإخلاص >(1/4289)
سؤال رقم 42869- طلب ناظر الوقف من الدعاة تقريراً شهرياً لا يقدح في الإخلاص
هناك جهة توظف عددا من الدعاة في العمل الدعوي وتطالبهم في نهاية كل شهر بتقرير عن أعمالهم الدعوية من دروس وندوات ومحاضرات لترفع إلى صاحب الوقف ، وبعض الدعاة في نفوسهم شيء من هذا التقرير ويرون أنه يقدح في الإخلاص لله وأقرب إلى الرياء .
السؤال : هل هذا العمل جائز ؟ أعني المطالبة بالتقرير عن الأعمال الدعوية ، وهل هو قادح في الإخلاص أم لا ؟ .
الحمد لله
مطالبة جهة العمل المسئولة عن الأعمال الدعوية بإعداد تقارير
شهرية عن الأعمال التي قاموا بها في الشهر لتقديمها لصاحب الوقف لا يقدح في الإخلاص
لله وليس من باب الرياء إذا قصد به الداعية معد التقرير إبراء ذمته وإطلاع أصحاب
الوقف على ما قام به على الحقيقة ليتأكد الناظر على الوقف أن المبالغ التي صرفت
للدعاة واقعة في موقعها .
بل هذا مما يتطلبه العمل ، إذ فيه حث على الإنتاج في العمل
وتقدير المنتجين وحفز على التنافس والاجتهاد ، وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 409 .
*****
42894
شركة أدوية تقدم رشوة للأطباء خوفاً من كساد منتجاتها
الفقه > معاملات > الهدية والهبة والعطية > الرشوة >(1/4290)
سؤال رقم 42894- شركة أدوية تقدم رشوة للأطباء خوفاً من كساد منتجاتها
أنا صيدلي أعمل بإحدى شركات الأدوية كمندوب دعاية لأدوية تلك الشركة وحيث إننا نقوم بإهداء الأطباء بالمستشفيات والمستوصفات الخاصة والعامة هدايا مثل قلم أو ساعة مكتوب عليها اسم المنتج أو اسم الشركة الموزعة وذلك حتى يقوم الطبيب بوصف هذا الدواء أو الأدوية التي نقوم بتوريدها للمرضى علما بأن معظم الشركات المنافسة تقوم بذلك وبكثرة ، حيث نجد أنفسنا مضطرين وإلا تعرضت المنتجات للكساد . وبهذا يكون المريض ضحية التنافس . فما حكم مثل هذا العمل ؟.
الحمد لله
هذا العمل لا يجوز ، ويعتبر رشوة محرمة لأنه يحمل الموظف على أن
يحيف مع الشركة التي تهدي إليه ويترك الشركات الأخرى ، وهذا فيه أكل للمال
بالباطل ، وفيه إضرار بالآخرين ، فالواجب تجنبه والتحذير منه ، لأن النبي صلى الله
عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي .
نسأل الله العافية والسلامة . وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة (23/576) .
وهناك مفسدة أخرى أشار إليها السائل ، وهي :
أن هذا التصرف قد يضر بالمريض ، فقد يقدم الطبيب على كتابة هذا
الدواء للمريض طمعاً في الهدية من الشركات المنتجة مع أن غيره قد يكون أنفع للمريض
.
والله أعلم .
*****
42909
يستلم بطاقة ويدفع لصاحبها ولخمسة أشخاص مبلغا.. في نظام هرمي
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >
الفقه > معاملات > الميسر والقمار >(1/4291)
سؤال رقم 42909- يستلم بطاقة ويدفع لصاحبها ولخمسة أشخاص مبلغا.. في نظام هرمي
استلمت بطاقة من صديق لي ويجب أن أدفع له 100$ مقابل هذه البطاقة وأدفع 100$ للشخص الذي أعطى البطاقة لصديقي وأدفع 100$ لخمسة أشخاص فعلوا نفس الشيء بالترتيب والشخص السادس يأخذ 800$ وتأخذ الشركة القائمة على هذا 800$ وتجري العملية بهذه الطريقة بحيث يحصل كل من يرسل البطاقة على 400$ وإذا أعطى 4 بطاقات لأربعة أشخاص وكل منهم أوصل البطاقة لشخص آخر يحصل الأول على 1600$ وهكذا ...
هل تجوز المشاركة في هذه المعاملة ؟.
الحمد لله
هذه المعاملة مشتملة على القمار وأكل أموال الناس بالباطل ، وكل
منهما محرم تحريما ظاهرا ، كما قال سبحانه : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ
وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ
وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة/90، 91 .
وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ
تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29 ووجه كون هذه
المعاملة من القمار والميسر ، أن المشترك فيها يبذل مالاً في غير مقابل ، رجاء أن
يحصّل أكثر منه ، فهو دائر بين الغُنم والغُرم ، وهذا حد الميسر .
ووجه كون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل واضح ، فإن هذه
المعاملة لا يحصد مالها إلا القائمون عليها وفئة قليلة من المشاركين ، وتخرج
الأغلبية بلا شيء غير الإثم والوزر .
ولهذا أطلق عليها في بعض البلدان الغربية : أهرامات الوهم ، أو
بيع الهواء .
يقول الدكتور وائل غنيم مدير التسويق بشركة جواب لتقنيات البريد
الإلكتروني :
( تقوم هذه الفكرة على منطق أشبه بالقمار ، حيث إن الجميع يضع
أمواله على الطاولة ثم يجمعها من هو أجدرهم قدرة على الكلام وإقناع الآخرين ، وتلعب
الأقدمية الدور الهائل في تحقيق الآلاف المؤلفة ، حيث إن مؤسس العمل ومن تبعه حتى
درجة معينة من درجات الهرم - تختلف بحسب انتشار الشركة ودرجات الهرم - هم من يحققون المكاسب الرهيبة وهم هنا يمثلون دور المقامر الذي يكسب الرهان .. أو يجمع المال ، ولا يدخل في مكاسبهم الكبيرة ذكاؤهم الشديد فكل ما قاموا به هو إقناع عدة أشخاص وجلسوا جانبا يلاحظون ما سيقوم به أتباعهم وهكذا ، ويبقى أن الأول هو الأفضل .. والهرم ينقسم لعدة أدوار رئيسية :
أولا : ملوك أهرام الوهم وهم الذين كما ذكرت آنفا سيحققون
المكاسب الوهمية بسبب أسبقيتهم ونسبتهم ضئيلة جدا .
ثانيا : تجار أهرام الوهم وهم من سيحققون مكاسب لكنها عادية جدا
وليست التي بنوا عليها آمالهم ونسبتهم ضئيلة .
ثالثا: الناجون من مصيدة أهرامات الوهم وهم الذين لم يكسبوا ولم
يخسروا فقد استطاعوا تحقيق المبلغ الذي دفعوه ونسبتهم معقولة .
رابعا ضحايا الوهم وهم أكثر من 80 بالمائة من مستخدمي هذا النظام
وتزيد نسبتهم كلما زادت درجات الهرم .
وتقل نسبة القادرين على الإقناع كلما نزل الهرم لدرجات أعمق وهذا
يشرح لنا أن تحقيق المكاسب الزائدة لن يكون إلا على أساس اشتراك المزيد من الخاسرين
لأن الشركة بالأساس تربح .. وملوك وتجار الوهم يربحون .. ولا يتبقى في هذه المعادلة
الرياضية سوى ضحايا الوهم .. الذين يتبرعون بأموالهم لملوك وتجار الوهم ).
ويقول ( في 5 يناير عام 2000 نشرت إدارة حماية المستهلك بإحدى
الولايات الأمريكية تحذيرا من ناد اتخذ طريقة بطاقات الاشتراك كوسيلة لنشر أهرامات
الوهم ، وقد حذرت إدارة الشئون التجارية بالولاية من هذه الأهرامات الوهمية وقد
وضعت لها الصفات التالية : أنها تعد بالربح السريع والمؤكد أنها تظهر للجميع مدى
نجاح الفكرة من خلال بعض العملاء الذين اشتركوا فيها ، أنها تقوم بلقاءات مباشرة
تعمل فيها على ضغطك نفسيا بحيث لا تفكر وتشترك بمجرد انتهاء هذه اللقاءات ، وقد
أكدت الإدارة أن أهرامات الوهم هي أكذوبة كبرى وأن أقل القليل من المشتركين هم
الذين يفوزون فقط .
- أضافت الحكومة الكندية في قوانين الجرائم جزءا خاصا بتجريم كل
فرد أو مجموعة تمارس نظام أهرامات الوهم ، وكانت الحكومة قد وصفت هذا النظام بأنه
طريقة تقوم على أساس دفع مبلغ للاشتراك ضمن مجموعة وذلك في مقابل حضور محاضرات أو
الحصول على مواد تعليمية حول هذا الموضوع ، وبعدها يتم مطالبة الضحية بمحاولة إقناع
عدد معين من المستخدمين بالقيام بها . ويوضح موقع الشرطة الكندية أن ملايين
الدولارات قد جمعت من المشتركين الذين خسروا أموالهم ، بينما فاز عدد قليل جدا
بكمية هائلة من الأموال .
- نشر روبرت كارول صاحب كتاب : False Profits أو مكاسب خاطئة ،
شرحا مبسطا يثبت للجميع أن طريقة أهرامات الوهم ليست سوى عملية نصب على نسبة كبيرة
من المشتركين يفوز فيها رؤوس الهرم الذي غالبا ما يتمثل في صاحب الشركة ومن معه من
مؤسسين .
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن صور متعددة لهذه المعاملة ، فأفتت
بتحريمها ، وأنها من نوع من أنوع الربا والقمار والميسر .
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/212) : ( إذا كان الأمر كما
ذكر ؛ فهذه معاملة نوع من القمار والميسر الذي نهى عنه بقوله تعالى : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ
وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ ) المائدة/90 . اهـ .
وجاء فيها أيضاً (15/215) : ( هذه المعاملة لا تجوز ، بل هي
المنكرات ، ومن أعظم كبائر الذنوب ؛ لما اشتملت عليه من ربا الفضل وربا النسيئة ،
وكلامهما محرم بإجماع المسلمين ، ولما فيه من التلاعب بأموال الناس وأكلها بالباطل
، وهي بهذه المعنى في حكم الميسر – القمار – المحرم بالنص والإجماع ) . اهـ .
وجاء فيها أيضاً (15/218) : ( التعامل المذكور يشتمل على غرر
فاحش ورباً ومقامرة ، وكلها من كبائر الذنوب ، التي توجب سخط الله وغضبه ) . اهـ .
*****
42919
معنى حديث : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ )
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >
العقيدة >(1/4292)
سؤال رقم 42919- معنى حديث - ( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ )
ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ) ، وورد في حديث آخر : ( لا يذهب الليل والنهار حتى تُعْبد اللات والعزى ) ، وفي رواية : ( حتى تضطرب أليات نساء دوس عند ذي الخلصة )
والإشكال : أنه في الحديث الأول يفهم أن الشرك لا يقع في الجزيرة العربية والحديث الثاني يدل على أنه سيقع ؟.
الحمد لله
من الأمور المقررة عند أهل العلم أن الشرك واقع في هذه الأمة كما
دلت على ذلك النصوص الصحيحة ، والواقع يؤيد ذلك .
وقد ارتد أكثر العرب بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، وكثير منهم رجع إلى عبادة الأوثان .
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : باب ما جاء أن
بعض هذه الأمة يعبدون الأوثان ، ثم ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك .
وأما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن الشيطان قد
أيس أن يعبده المصلون ... ) فللعلماء عليه أجوبة :
1- أن الشيطان قد أيس أن يجمع كل المصلين على الكفر .
واختار هذا القول العلامة ابن رجب الحنبلي . الدرر السنة
(12/117)
2- أن هذا إخبار عما وقع في نفس الشيطان من اليأس لما رأى الفتوح
، ودخول الناس في دين الله أفواجاً ، فالحديث أخبر عن ظن الشيطان وتوقعه ، ثم كان
الواقع بخلاف ذلك لحكمة يريدها الله عز وجل . واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله . القول المفيد (1/211)
3- أن الشيطان أيس من المؤمنين كاملي الإيمان ، فلم يطمع فيهم
الشيطان أن يعبدوه ، واختاره الألوسي . وانظر دعاوى المناوئين . (224)
4- أن ( أل ) في كلمة ( المصلون ) للعهد ، والمراد بهم الصحابة .
والأقوال كلها قريبة ، وأقربها الثاني ، والله أعلم .
انظر " أحاديث العقيدة التي يوهم ظاهرها التعارض في الصحيحين " (2/232-238) .
*****
42929
هل القيء نجس ؟
الفقه > عبادات > الطهارة > إزالة النجاسة >(1/4293)
سؤال رقم 42929- هل القيء نجس ؟
إذا تقيأ الإنسان ، فهل هذا القيء نجس وينقض الوضوء ؟.
الحمد لله
أولاً :
ذهب أكثر العلماء إلى نجاسة القيء .
جاء في الموسوعة الفقهية (34/87) :
" اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية
والشافعية والحنابلة بنجاسته ، ولكل منهم تفصيله , وبذلك يقول المالكية في المتغير
عن حال الطعام ، ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة . واستدلوا بقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس : من الغائط , والبول , والقيء ,
والدم , والمني ) " انتهى .
واستدلوا على نجاسته أيضا : بقياسه على الغائط ، لأنه قد ظهر فيه
النتن والفساد .
وذهب بعض العلماء كابن حزم والشوكاني إلى طهارته ، لأن الأصل في
الأشياء الطهارة ، وليس هناك دليل صحيح على نجاسته .
وقد أجابوا عن حديث عمار بأنه ضعيف .
قال النووي في "المجموع" (2/549) : حديث عمار هذا رواه أبو يعلى
الموصلي في مسنده والدارقطني والبيهقي ، قال البيهقي : هو حديث باطل لا أصل له وبين
ضعفه الدار قطني والبيهقي " انتهى .
وضعفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/33) .
وقال الشيخ الألباني في "تمام المنة" ( ص 53) معلقاً على قول
صاحب "فقه السنة" إن من النجاسات القيء :
" قلت : لم يذكر المؤلف الدليل على ذلك اللهم إلا قوله : [ إنه
متفق على نجاسته ] وهذه دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قيء
المسلم ، وهو مذهب الإمام الشوكاني في "الدرر البهية" وصديق خان في شرحها ، حيث لم
يذكرا في النجاسات قيء الآدمي مطلقاً ، وهو الحق ، ثم ذكرا أن في نجاسته خلافاً
ورجحا الطهارة بقولهما : ( والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه
ما يساويه أو يقدم عليه ) وذكر نحوه الشوكاني أيضاً في السيل الجرار " انتهى .
وقد سئل الشيخ سليمان العلوان عن نجاسة القيء فقال : " الصحيح
أنه طاهر مطلقاً ( يعني سواء كان متغيراً أم لا ) ، والاستقذار والاستحالة إلى
روائح كريهة لا يعني النجاسة .
والأصل الجامع في هذا الباب طهارة كل الأعيان حتى يثبت الدليل
على النجاسة ، والقيء لم يثبت دليل على نجاسته فهو طاهر " اهـ .
وانظر : "المجموع" (2/570) ، "المغني" (1/485) .
ثانياً :
وأما نقض الوضوء بالقيء ، فالصحيح من أقوال أهل العلم أن القيء
لا ينقض الوضوء ، وانظر السؤال ( 2570 ) .
*****
42935
بعض الناس يدعو كثيراً ولا يُستجاب له
الرقائق > الدعاء >(1/4294)
سؤال رقم 42935- بعض الناس يدعو كثيراً ولا يُستجاب له
ما هي الحكمة من تأخر إجابة الدعاء ؟ فإن بعض الناس يدعو فلا يجاب ويبالغ ويطيل في الطلب فلا يرى لذلك أثراً فيجد الشيطان مع هذا الإنسان فيبدأ بالوسوسة وإساءة الظن بربه .
الحمد لله
أولاً :
ينبغي لمن وقع له ذلك أن يعتقد أن تأخر الإجابة يحمل في طياته
حكماً باهرة وأسراراً بديعة ، فالله سبحانه هو مالك الملك ، لا راد لفضله ولا معقب
لحكمه ، ولا اعتراض على عطائه ومنعه ، إن أعطى فبفضله ، وإن منع فبعدله ، فنحن عبيد
له سبحانه يفعل فينا ما يشاؤه ويختاره سبحانه : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَة ) وكيف يقصر العبد المملوك في أداء حق
سيده عليه ثم يطالب بحقه كاملاً ؟ !
فإن حقه سبحانه وتعالى أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ،
وأن يشكر فلا يكفر ، فإذا نظرت إلى نفسك تجاه هذه الحق مقتّ نفسك وازدريتها وانفتح
لك باب الانكسار له سبحانه وأنه لا نجاة إلا بعفوه ورحمته فانظر أيها العبد إلى
نفسك على أنك مربوب مملوك ، وأنه الله سبحانه هو الخالق المدبر .
ثانياً :
لله سبحانه الحكمة البالغة فلا يعطي ولا يمنع إلا لحكمة ، وقد
ترى الشيء تظنه خيراً ولكن حكمته سبحانه لا تقتضيه ، فالطبيب قد يفعل أشياء ظاهرها
أنها مؤذية ، ولكنها هي عين المصلحة " ولله المثل الأعلى "
ثالثاً :
أن تحقق المطلوب قد يكون فيه بلاء للداعي : وقد روي عن بعض السلف
أنه كان يسأل الله الغزو فهتف به هاتف : إنك إن غزوت أُسِرْتَ وإنْ أُسِرْتَ
تَنَصَّرْتَ . صيد الخاطر (1/109).
قال ابن القيم : " فقضاؤه لعبده المؤمن عطاء وإن كان في صورة
المنع ، ونعمة وإن كان في صورة محنة ، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية " مدار السالكين (4/215).
( فالإنسان لا يعلم عاقبة أمره فربما يطلب ما لا تحمد عاقبته ،
وربما كان فيه ضرره ، والمدبر له أعلم بمصالحه : ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير
لكم ) ومن أسرار الآية ألا يقترح على ربه ولا يسأله ما ليس له به علم فلعل فيه
مضرته وهو لا يعلم فلا يختار على ربه بل يسأله حسن العاقبة فيما يختار له فإنه لا
شيء أنفع له من ذلك )
رابعاً :
اختيار الله لعبده خير من اختيار العبد لنفسه ، فهو سبحانه أرحم
بعباده من أنفسهم وأمهاتهم وإذا أنزل بهم ما يكرهون فإنه خيرٌ لهم من ألا ينزل بهم
، إحساناً إليهم ولطفاً بهم ، فإذا سلم العبد لله وأيقن أن الملك ملك الله ، والأمر
أمره ، وأنه أرحم به من نفسه ، طاب قلبه ، قُضِيَتْ حاجتُه أم لم تُقْضَ " انظر مدارج السالكين (2/215).
خامساً :
تأخر الإجابة سبب لتفقد العبد لنفسه فقد يكون امتناع الإجابة أو
تأخرها لآفة في الداعي ؛ فربما كان في مطعمه حرام ، أو في قلبه وقت الدعاء غفلة ،
أو كان متلبساً بذنوب عوقب عليها بعدم إجابة دعائه . فتأخر الدعاء قد يبعث الداعي
إلى تَفَقُّد نفسه ، والنظر في حاله مع ربه ، فيحصل من جَرَّاء ذلك المحاسبة
والتوبة . ولو عُجِّلَت له دعوته لربما غفل عن نفسه فظن أنه على خير فأهلكه العٌجب
.
سادساً :
تأخر الإجابة أو امتناعها قد يكون لأن الله يريد أن يؤخر له
الثواب والأجر يوم القيامة أو يريد الله سبحانه أن يصرف عنه من السوء مثل دعوته وهو
لا يعلم .
وبكل حال فثمرة الدعاء مضمونة حتى ولو لم تر الإجابة بعينيك
فأحسن الظن بربك وقل : لعله استجاب لي من حيث لا أعلم ، وقد صح عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ
وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ
تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ،
وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ
. قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ ) رواه أحمد (10749) قال الألباني في صحيح
الترغيب والترهيب ( حسن صحيح )
وبالجملة فعدم إجابة الدعاء أو تأخيرها له أسباب ، وحِكَم كثيرة
، فعلى العبد أن يتأمَّل ذلك ، ولا يترك الدعاء ، فإنه لن يعدم من الدعاء خيراً .
والله أعلم .
*****
42950
حكم تدريس القوانين الوضعية
العقيدة >
الفقه > معاملات > الإجارة > أعمال محرمة >(1/4295)
سؤال رقم 42950- حكم تدريس القوانين الوضعية
ما حكم تدريس القوانين الوضعية ؟ وما حكم أخذ الراتب على ذلك ؟.
الحمد لله
" تدريس القوانين الوضعية أو دراستها لتبيين زيفها ، وتمييز حقها
من باطلها ، ولتوضيح سمو الشريعة الإسلامية وكمالها وشمولها لكل ما يصلح به حال
العباد في عباداتهم ومعاملاتهم جائز ، وقد يجب إذا دعت إليه الحاجة ، إحقاقا للحق ،
وإبطالا للباطل ، وتنبيها للأمة ، وتوعية لها حتى تعتصم بدينها ، ولا تنخدع بشبه
المنحرفين ، ومن يروج لتحكيم القوانين ، ومثل هذا العمل يجوز أخذ الأجر عليه .
أما تدريس القوانين الوضعية رغبة فيها ، وترويجا لها ، ومضاهاة
لها بالتشريع الإسلامي ، أو مناوأة له فهذا محادة لله ولرسوله ، وكفر صراح ، وحيدة
عن سواء السبيل ، فأخذ الأجر عليه سحت وشر على شر ، نسأل الله العافية ونعوذ به من
الخذلان .
وبالله التوفيق .
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (23/497).
وراجع السؤال رقم ( 12874 ) .
*****
42958
وجد كافراً على الطريق فهل يوصله
العقيدة > الولاء والبراء >
الآداب > آداب الأكل والشرب >(1/4296)
سؤال رقم 42958- وجد كافراً على الطريق فهل يوصله
إذا وجد الإنسان شخصاً غير مسلم في الطريق وطلب إيصاله فما الحكم ؟ وهل يجوز الأكل مما مسته أيدي الكفار ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إذا وجدت شخصاً غير مسلم في الطريق فلا حرج عليك أن توصله معك في سيارتك لأن الله يقول : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم
من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة / 8 .
أما الأكل مما مسته أيدي الكفار فجائز ، لأن نجاسة الكافر نجاسة معنوية لا حسية ."
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/44 .
*****
42965
عبارة " استجرت برسول الله "
الآداب > المناهي اللفظية >(1/4297)
سؤال رقم 42965- عبارة " استجرت برسول الله "
ما رأيكم فيمن يقول " آمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم " ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " أما قول القائل ( أمنت بالله ، وتوكلت على الله ، واعتصمت بالله ) فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل
مؤمن أن يكون متوكلا على الله ، مؤمنا به ، معتصما به .
وأما قوله ( واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ) فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته لا تجوز .
أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله تعالى : { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }
فالاستجارة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحدا يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه ، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري
ما معناها ، فإذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك والله الموفق ."
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 3/70 .
*****
42970
الدجال يخرج في آخر الزمان فلماذا حذر الأنبياء أقوامهم منه ومتى وأين سيخرج ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4298)
سؤال رقم 42970- الدجال يخرج في آخر الزمان فلماذا حذر الأنبياء أقوامهم منه ومتى وأين سيخرج ؟
لماذا حذر الأنبياء أقوامهم من الدجال مع أنه لا يخرج إلا في آخر الزمان ؟ ومتى يخرج الدجال ؟.
الحمد لله
أولاً :
أعظم فتنة على وجه الأرض منذ خلق آدم إلى قيام الساعة هي فتنة الدجال كما قال ذلك النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولهذا ما من نبي من نوح
إلى محمد ، صلوات الله عليهم وسلامه ، إلا أنذر قومه به تنويهاً بشأنه ، وتعظيماً له ، وتحذيراً منه ، وإلا فإن الله يعلم أنه لن يخرج إلا في آخر الزمان ،
ولكن أمر الرسل أن ينذروا قومهم إياه من أجل أن تتبين عظمته وفداحته ، وقد صح ذلك عن النبي ، عليه الصلاة والسلام، وقال : " إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه
دونكم – صلوات الله وسلامه عليه يعني أكفيكم إياه - وإلا فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم " مسلم 5228
نِعْمَ الخليفة ربنا – جل وعلا - .
فهذا الدجال شأنه عظيم بل هو أعظم فتنة كما جاء في الحديث منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة ، فكان حريّاً بأن يُخَصّ من بين فتن المحيا
بالتعوذ من فتنته في الصلاة " أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " .
وأما الدجال فهو مأخوذ من الدجل وهو التمويه ؛ لأن هذا مموه بل أعظم مموه وأشد الناس دجلاً .
ثانياً :
خروج المسيح الدجال من علامات الساعة ولكنه غير محدد ، لأنه لا يعلم متى تكون الساعة إلا الله فكذلك أشراطها ما نعلم منها إلا ما ظهر ،
فوقت خروجه غير معلوم لنا لكننا نعلم أنه من أشراط الساعة .
ثالثاً :
وأما جهة خروجه فإنه يخرج من المشرق من جهة الفتن والشر كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " الفتنة هاهنا " وأشار إلى المشرق ( البخاري 3279 ، ومسلم 5167 ) ، فالمشرق منبع الشر والفتن ، يخرج من المشرق من خراسان مارّاً بأصفهان داخلاً الجزيرة من بين الشام والعراق
ليس له هم إلا المدينة ، لأن فيها البشير النذير ، عليه الصلاة والسلام ، فيحب أن يقضي على أهل المدينة ، ولكنها محرمة عليه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم : " على كل باب منها ملائكة يحفظونها " رواه البخاري 1880 ومسلم 2449 ، هذا الرجل يخرج بين الشام والعراق ، ويتبعه من يهود
أصفهان سبعون ألفاً لأنهم جنوده ( رواه مسلم 5237 ) ، فاليهود من أخبث عباد الله وهو أضل عباد الله فيتبعونه ويؤوونه وينصرونه ،
ويكونون مسالح له- أي جنوداً مجندين- هم وغيرهم ممن يتبعهم ، قال النبي ، عليه الصلاة والسلام : " يا عباد الله فاثبتوا يا عباد الله فاثبتوا " رواه
مسلم 5228 ، يثبتنا عليه الصلاة والسلام ، لأن الأمر خطير وقال عليه الصلاة والسلام : "من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو
يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات " رواه أبو داود 3762 وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
يأتيه الإنسان ويقول : لن يضلني ولن أتأثر به ، ولكن لا يزال يلقي عليه من الشبهات حتى يتبعه والعياذ بالله ." نسأل الله أن يحفظنا بحفظه
والحمد لله رب العالمين ...
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله .. 2/13 .
*****
42979
تريد أن تتيمم بدلا عن غسل الجنابة حياء من أهل زوجها
الفقه > عبادات > الطهارة > الغسل >(1/4299)
سؤال رقم 42979- تريد أن تتيمم بدلا عن غسل الجنابة حياء من أهل زوجها
أريد أن أسال إن كان بالإمكان أن أتيمم عوضاً عن أن أغتسل للطهارة من الجنابة لأنني أعيش مع أم زوجي وأخته فأنا أستحيي من الاغتسال يوميا أو يوما بعد يوم مع العلم أنني سوف ألتجئ للتيمم مرة أو مرتين في الأسبوع لكي لا يحس من معي في البيت بكثرة الاغتسال .
الحمد لله
يجب الاغتسال من الجنابة بالماء ؛ لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا
مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ
أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ) النساء/43
وقوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ
كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ
أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ
عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) المائدة/6 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد
الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته فإن ذلك خير ) رواه
البزار ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3861)
ولا يجوز العدول إلى التيمم إلا عند تعذر استعمال الماء ، لفقده
، أو التضرر باستعماله . للآية السابقة .
وأما ترك الاغتسال خجلا ، فلا يجوز، ولا يجزئ التيمم حينئذ ، ولا
تصح الصلاة بذلك ، والواجب على العبد أن يكون خوفه من الله تعالى فوق خوف الناس ،
كما قال سبحانه: ( فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْن ) المائدة/44
وقال : ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) التوبة/13 .
والخجل الذي يحمل على ترك الواجبات خجل مذموم، بل هو ضعف وعجز .
وليس هو من الحياء الممدوح في شيء .
وبإمكانك ـ للتخفيف مما تجدينه من استحياء ـ أن تغتسلي في أوقات
لا يشعرون بك فيها كالاغتسال قبل طلوع الفجر ، أو استعمال الماء بطريقة لا يسمع
معها صوت للماء ولا يُدرى باغتسالك ونحو ذلك مما ترينه مساعداً على إخفاء ما قد
ينتابك الحجل بسببه .
والله أعلم .
*****
42992
وقعت في المعصية مع أخيها فهل تخبر زوجها
الرقائق > التوبة >(1/4300)
سؤال رقم 42992- وقعت في المعصية مع أخيها فهل تخبر زوجها
كان عمرها من 10 إلى 14 سنة وكانت تمارس الرذيلة مع أخيها الذي يكبرها بثلاث سنوات ولكن لم يحصل جماع ثم كبرت وشعرت بالذنب وأقلعت هي وأخوها عن هذا وندمت كثيرا .
أحبت شابا وكذلك فعلت معه كل شيء عدا الجماع .
هل تخبر زوجها في المستقبل بما فعلت مع أخيها في الماضي ؟ هل صحيح بأن زواج والدها ووالدتها يعتبر لاغيا بما فعلاه ؟ كيف ستكون العلاقة بين أولادها وأولاد أخيها في المستقبل ؟
كيف تتوب وتستغفر من ذنوبها ؟ هل يغفر ذنبها إذا قالت يا غفور يا رحيم يا عفو وكررت هذا ؟.
الحمد لله
الواجب عليك أيتها الأخت المسلمة أن تتوبي إلى الله تعالى
وتستغفريه مما بدر منك ، وما بدر منك ليس بالشيء اليسير ، فقد قال الله تعالى { ولا
تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } الإسراء / 32 ، ولا
شك أن ما حصل بينك وبين أخيك هو من قرب الزنا ، وقد قال تعالى { والذين لا يدعون مع
الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك
يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا
صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما }
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :( يا أمة محمد ، والله ما من
أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم
لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) رواه البخاري ( 1044 ) ، ومسلم ( 901 ) .
فالواجب عليك وعلى أخيك أن تتوبا إلى الله تعالى مما بدر منكما ،
وأن تكثرا من الأعمال الصالحة ، من صلاة وصيام وصدقة ، تكفيرا لسيئاتكم .
ثم ما حصل بينك وبين ذلك الرجل خطيئة أخرى فالنصيحة لك أن تراجعي
حساباتك ، وأن تعلمي أن الله عز وجل إذا غضب على عبد أهلكه ، ومحق البركة من حياته
كلها إن لم يتب ويعود إلى ربه جل وعلا .
أما بخصوص مسألة إخبار زوجك بما حصل معك في الماضي ، فلا يلزمك
ذلك بعد التوبة منه ، وعليك أن تستري نفسك ، وألا تجاهري بشيء فعلتيه في الماضي ،
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من
المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه ، فيقول يا فلان
عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه
البخاري ( 6069 ) ومسلم ( 2990 )
ولا يعتبر زواج والدك ووالدتك لاغيا ، لأنه لا علاقة بين ما حصل
وبين زواج والديك ، { ولا تزر وازرة وزر أخرى }
وإذا سترت على نفسك وستر أخوك على نفسه أيضا - وهذا هو الواجب
عليكما - فإن العلاقة بين أبنائكم ستكون طبيعية جدا ، وليس فيها إشكال ، لا من
الناحية الشرعية ولا من الناحية الاجتماعية .
أما التوبة من الذنب والاستغفار منه فله شروط ذكرت في السؤال رقم
( 13990 )
وفقك الله لكل خير .
*****
43010
لا يصوم إلا شهر رمضان فقط ولا يصوم شيئاً من النوافل
الفقه > عبادات > الصوم > صيام النافلة >(1/4301)
سؤال رقم 43010- لا يصوم إلا شهر رمضان فقط ولا يصوم شيئاً من النوافل
ما حكم من يصوم شهر رمضان فقط ، ولا يصوم المناسبات الأخرى ؟ هل يجوز لي أن أخرج الصدقة ؟.
الحمد لله
الواجب على المسلم هو صوم شهر رمضان ، وما عداه من الأيام
الفاضلة ، كيوم عرفة وعاشوراء وغيرهما لا يجب صومها إلا إذا نذرها ، وأما من غير
نذر فلا يجب صومها .
وقد ثبت عن طلحة بن عبيد الله أنه قال : ( جاء رجل إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا
فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم
والليلة ، فقال هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع ، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم وصيام رمضان ، قال هل علي غيره ؟ قال لا إلا أن تطوع ، قال وذكر له رسول الله
صلى الله عليه وسلم الزكاة ، قال هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع ، فأدبر الرجل
وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح
إن صدق ) رواه البخاري (46) ، ومسلم (11)
وهذا يدل على أن الصوم الواجب هو صوم شهر رمضان ، وما عداه من
الأيام الفاضلة ، ولا يأثم الإنسان بتركه .
قال النووي في شرح مسلم :
في هذا الحديث أنه لا يجب صوم عاشوراء ولا غيره سوى رمضان ، وهذا
مجمع عليه .اهـ
، لكن لا ينبغي له أن يترك صيام الأيام الفاضلة ، كعاشوراء وعرفة
وست من شوال ونحو ذلك ، لعظيم أجرها وفضلها ، ولأن صيام النافلة مكمل لما يحصل من
النقص في صيام الفريضة .
وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : ( إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن
صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز
وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ، ثم يكون سائر عمله
على ذلك ) رواه الترمذي برقم 413 ، والنسائي برقم 465 ، وصححه الألباني في
صحيح الترمذي
وهذا يدل على أن صيام النافلة يكمل ما حصل من نقص في صيام
الفريضة .
أما سؤالك عن الصدقة فغير واضح ، لكن إن كان قصدك السؤال عن
الصدقة على مثل ذلك الرجل ، فالجواب : نعم تجوز الصدقة عليه ، طالما أنه مسلم يصلي
، وتركه للصيام للنوافل - كما سبق - ليس فيه إثم ، والله أعلم .
*****
43012
إن الله شديد العقاب
الفقه > عادات > أحكام الفنون والتمثيل > الغناء والملاهي >
الأخلاق > الأخلاق المذمومة >(1/4302)
سؤال رقم 43012- إن الله شديد العقاب
أحد الأصدقاء يسمع الأغاني عندما اقدم إليه النصيحة يرد على ويقول إن الله غفور رحيم واخبره أن الله شديد العقاب... أريد دليل من السنة والقران إن الله شديد العقاب .
الحمد لله
مما يُشكر عليه السائل حرصه على هداية صديقه ، وهكذا الأصدقاء
يتعاهدون إخوانهم بالنصح والتوجيه والإرشاد ، والحرص على الهداية دون اكتراث أو ملل
، لا يَدَعُون المداهنة سبيلاً إليهم ، قال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة/71
ثانياً : ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الغناء ، كما دلت على ذلك
الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة ، ونُقل ذلك عن ابن عباس وابن مسعود والشعبي
والثوري وغيرهم من العلماء .
( انظر : سنن البيهقي 10 / 223 ، والمحلى 9 / 59 ، والمغني 14 / 160 )
ينظر سؤال رقم ( 5000 )
ثالثاً : الآيات والأحاديث في شدة عذاب الله كثيرة ، ويمكن
تقسيمها هنا إلى قسمين :
1- ما يتعلق بالغناء مباشرة .
2- شدة عذاب الله عموماً .
أما القسم الأول فقد ورد فيه عدة أحاديث .
منها : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :
( صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة : مزمار عند نعمة ، ورنّة عند
مصيبة ) رواه البزار والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة ، وصححه الألباني
في تحريم آلات الطرب ص 51
واللعن : هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى .
ومنها : رواه الترمذي (2138) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الأُمَّةِ
خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ : إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ
وَشُرِبَتْ الْخُمُور ُ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .
وأما القسم الثاني : فمن القرآن قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون َ) التحريم/6 ،
وقوله : ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَر
َ) القمر/48 ، وقوله : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ
تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) البقرة/24 ، وقوله : ( إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ
وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) غافر/72 ، وقوله : ( وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم
ويسقى من ماء صديد * يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت
ومن ورائه عذاب غليظ ) إبراهيم/15–17 ، وقوله : ( إن شجرة
الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خُذُوهُ
فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ
عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم ) الدخان/
43–49 ، وقوله : ( فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق
رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا
أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) الحج /19–22 وغيرها كثير .
ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام : ( يؤتى بالنار يوم القيامة
لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) رواه مسلم 2842 ، وقوله : ( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً
من نار جهنم ، قالوا : والله إن كانت هذه لكافية ، قال : إنها فضلت عليها بتسعة
وستين جزءاً كلهن مثل حرها ) رواه البخاري (3265) ، ومسلم (2843)
، وقوله : ( إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه
من طينة الخبال ، قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار أو
عصارة أهل النار ) رواه مسلم (2002) ، وقوله : ( لو أن قطرة
من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه
؟ ) رواه الترمذي 2585 ، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5126 . وقوله : ( إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه
كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحداً أشدّ منه عذاباً ، وإنه لأهونهم عذاباً ) رواه البخاري 6562 ومسلم 213 . وقوله : ( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من
أهل النار فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال له : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل
مرّ بك نعيمٌ قط ؟ فيقول : لا والله يا ربّ ) رواه مسلم 2707 .
وقوله : ( لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون وفيهم رجلٌ
من أهل النار فتنفّس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه ) رواه البزار
وصححه الألباني في صحيح الترغيب 3668 .
وقال ابن القيم في "الجواب الكافي" ص 53-68 :
"وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيعوا أمره
ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين . ومن اعتمد على
العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند .
وقال بعض العلماء : من قطع منك عضواً في الدنيا بسرقة ثلاثة
دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا .
وقيل للحسن : نراك طويل البكاء ! فقال : أخاف أن يطرحني في النار
ولا يبالي .
وكان يقول : إن قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خرجوا من الدنيا
بغير توبة ، يقول أحدهم : إني لأحسن الظن بربي ، وكذب ، لو أحسن الظن لأحسن العمل .
ثم ذكر رحمه الله بعض الأحاديث الدالة على شدة عقاب الله تعالى
ثم قال :
والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا ، فلا ينبغي لمن
نصح نفيه أن يتعامى عنها ، ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن"
اهـ باختصار .
*****
43021
لا يوجد شيء يغير القدَر ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4303)
سؤال رقم 43021- لا يوجد شيء يغير القدَر ؟
ما هي الأشياء التي يمكن أن تغير القدر وما قد كتبه الله لنا ؟.
الحمد لله
لا يوجد شيء يغير القدَر ؛ لأن الله تعالى قال : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفعت الأقلام وجفَّت الصحف " – رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - .
قال المباركفوري :
" رفعت الأقلام وجفت الصحف " أي : كُتب في اللوح المحفوظ ما كتب من التقديرات ، ولا يكتب بعد الفراغ منه شيء آخر .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 186 ) .
والكتابة نوعان : نوع لا يتبدل ولا يتغير وهو ما في اللوح المحفوظ ، ونوع يتغير ويتبدل وهو ما بأيدي الملائكة ، وما يستقر أمره أخيراً
عندهم هو الذي قد كتب في اللوح المحفوظ ، وهو أحد معاني قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد / 39
، ومن هذا يمكننا فهم ما جاء في السنة الصحيحة من كون صلة الرحم تزيد في الأجل أو تُبسط في الرزق ، أو ما جاء في أن الدعاء يرد القضاء ، ففي علم الله تعالى
أن عبده يصل رحمه وأنه يدعوه فكتب له في اللوح المحفوظ سعةً في الرزق وزيادةً في الأجل .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن الرزق هل يزيد أو ينقص ؟ وهل هو ما أكل أو ما ملكه العبد ؟
فأجاب :
الرزق نوعان :
أحدهما : ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير ، والثاني : ما كتبه وأعلم به الملائكة ، فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب ، فإن العبد يأمر
الله الملائكة أن تكتب له رزقاً ، وإن وصل رحمه زاده الله على ذلك ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن سرَّه أن يبسط له في
رزقه ويُنسأ له في أثره فليصِل رحِمه " ، وكذلك عُمُر داود زاد ستين سنة فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين ، ومِن هذا الباب قول عمر : " اللهم إن كنت
كتبتَني شقيّاً فامحني واكتبني سعيداً فإنك تمحو ما تشاء وتُثبت " ، ومن هذا الباب قوله تعالى عن نوح ( أنِ اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم
و يؤخركم إلى أجلٍ مسمَّى ) ، وشواهده كثيرة ، والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدَّره الله وكتبه ، فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه
واكتسابه : ألهمه السعي والاكتساب ، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب ، وما قدره له بغير اكتساب كموت موروثه يأتيه به بغير اكتساب .
والسعي سعيان : سعي فيما نصب للرزق كالصناعة والزارعة والتجارة ، وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق ومحو ذلك ، فإن الله في عون
العبد ما كان العبد في عون أخيه .
" مجموع الفتاوى " ( 8 / 540 ، 541 ) .
*****
43021
لا يوجد شيء يغير القدَر ؟
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالقضاء والقدر >(1/4304)
سؤال رقم 43021- لا يوجد شيء يغير القدَر ؟
ما هي الأشياء التي يمكن أن تغير القدر وما قد كتبه الله لنا ؟.
الحمد لله
لا يوجد شيء يغير القدَر ؛ لأن الله تعالى قال : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22 ؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم قال " رفعت الأقلام وجفَّت الصحف " – رواه الترمذي ( 2516 ) وصححه من حديث ابن عباس - .
قال المباركفوري :
" رفعت الأقلام وجفت الصحف " أي : كُتب في اللوح المحفوظ ما كتب من التقديرات ، ولا يكتب بعد الفراغ منه شيء آخر .
" تحفة الأحوذي " ( 7 / 186 ) .
والكتابة نوعان : نوع لا يتبدل ولا يتغير وهو ما في اللوح المحفوظ ، ونوع يتغير ويتبدل وهو ما بأيدي الملائكة ، وما يستقر أمره أخيراً
عندهم هو الذي قد كتب في اللوح المحفوظ ، وهو أحد معاني قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد / 39
، ومن هذا يمكننا فهم ما جاء في السنة الصحيحة من كون صلة الرحم تزيد في الأجل أو تُبسط في الرزق ، أو ما جاء في أن الدعاء يرد القضاء ، ففي علم الله تعالى
أن عبده يصل رحمه وأنه يدعوه فكتب له في اللوح المحفوظ سعةً في الرزق وزيادةً في الأجل .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية :
عن الرزق هل يزيد أو ينقص ؟ وهل هو ما أكل أو ما ملكه العبد ؟
فأجاب :
الرزق نوعان :
أحدهما : ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير ، والثاني : ما كتبه وأعلم به الملائكة ، فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب ، فإن العبد يأمر
الله الملائكة أن تكتب له رزقاً ، وإن وصل رحمه زاده الله على ذلك ، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " مَن سرَّه أن يبسط له في
رزقه ويُنسأ له في أثره فليصِل رحِمه " ، وكذلك عُمُر داود زاد ستين سنة فجعله الله مائة بعد أن كان أربعين ، ومِن هذا الباب قول عمر : " اللهم إن كنت
كتبتَني شقيّاً فامحني واكتبني سعيداً فإنك تمحو ما تشاء وتُثبت " ، ومن هذا الباب قوله تعالى عن نوح ( أنِ اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم
و يؤخركم إلى أجلٍ مسمَّى ) ، وشواهده كثيرة ، والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدَّره الله وكتبه ، فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه
واكتسابه : ألهمه السعي والاكتساب ، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب ، وما قدره له بغير اكتساب كموت موروثه يأتيه به بغير اكتساب .
والسعي سعيان : سعي فيما نصب للرزق كالصناعة والزارعة والتجارة ، وسعي بالدعاء والتوكل والإحسان إلى الخلق ومحو ذلك ، فإن الله في عون
العبد ما كان العبد في عون أخيه .
" مجموع الفتاوى " ( 8 / 540 ، 541 ) .
*****
43028
الحكمة من تحريم إتيان الزوجة في حال الحيض والنفاس
الفقه > عبادات > الطهارة > الحيض والنفاس >
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >(1/4305)
سؤال رقم 43028- الحكمة من تحريم إتيان الزوجة في حال الحيض والنفاس
ما الحكمة من تحريم إتيان الزوجة في حال الحيض والنفاس ؟ إذا كان سبب التحريم هو الدم لأنه نجس فهل يجوز الوطء بمانع مثل الواقي المطاطي ؟ .
الحمد لله
حرّم الله عز وجل على الرجال وطء زوجاتهم في الفرج في زمن الحيض .
وقد نص القرآن الكريم على علّة التحريم ، وهي كون المحيض أذى قال تعالى : ( وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) البقرة / 222
والدراسات العلمية في هذا المجال كشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة ولكنهم لم يصلوا إلى التعرف على جميع الأذى
الذي عناه النص القرآني .
يقول الدكتور محيي الدين العلبي : " يجب الامتناع عن جماع المرأة الحائض لأن جماعها يؤدي إلى اشتداد النزف الطمثي ، لأن عروق الرحم تكون
محتقنة وسهلة التمزّق وسريعة العطب ، كما أن جدار المهبل سهل الخدش ، وتصبح إمكانية حدوث الالتهابات كبيرة مما يؤدي إلى التهاب الرحم أو يحدث التهاب في عضو
الرجل بسبب الخدوش التي تحصل أثناء عملية الجماع ، كما أن جماع الحائض يسبب اشمئزازاً لدى الرجل وزوجه على السواء بسبب وجود الدم ورائحته ، مما قد يكون له
تأثير على الرجل فيصاب بالعنة (البرود الجنسي )
ويقول الدكتور محمد البار متحدثاً على الأذى الذي في المحيض : يُقذف الغشاء المبطّن للرحم بأكمله أثناء الحيض .. ويكون الرحم متقرحاً
نتيجة لذلك ، تماماً كما يكون الجلد مسلوخاً فهو معرّض بسهولة لعدوان البكتيريا الكاسح .. ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطراً داهماً
على الرحم .
لهذا فإن إدخال القضيب إلى الفرج والمهبل في أثناء الحيض ليس إلا إدخالاً للميكروبات في وقت لا تستطيع فيه أجهزة الدفاع أن تقاوم .
ويرى الدكتور البار أن الأذى لا يقتصر على ما ذكره من نمو الميكروبات في الرحم والمهبل الذي يصعب علاجه ، ولكن يتعداه إلى أشياء أخرى هي
:
1. امتداد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها ، مما قد يؤدي إلى العقم أو إلى الحمل خارج الرحم ، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق .
2. امتداد الالتهاب إلى قناة مجرى البول ، فالمثانة فالحالبين فالكلى ، وأمراض الجهاز البولي خطيرة ومزمنة .
3. ازدياد الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان .
والمرأة الحائض كذلك تكون في حالة جسمية ونفسية لا تسمح لها بالجماع ، فإن حدث فإنه يؤذيها أذى شديداً ، ويصاحبه آلالام وأوجاع أثناء
الحيض ـ يقول الدكتور البار ـ :
1. يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة إلى أخرى ، وأكثر النساء يصبن بآلام في الظهر وفي أسفل البطن ، وبعض النساء تكون آلامهن فوق
الاحتمال مما يستدعي استعمال الأدوية والمسكنات .
2. تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض وخاصة عند بدايته ..كما أن حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها
أثناء الحيض .
3. تصاب بعض النساء بالصداع النصفى قرب بداية الحيض ، وتكون آلالام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء .
4. تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة ، بل إن كثيراً من النساء يكن عازفات تماماً عن الجماع أثناء الحيض . وتكون الأجهزة التناسيلة بأكملها
في حالة شبه مرضية ، فالجماع في هذه الآونة ليس طبيعياً ولا يؤدي أي وظيفة ، بل على العكس يؤدي إلى الكثير من الأذى .
5. تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض درجة مئوية كاملة ، ومع انخفاض درجة الحرارة يبطئ النبض وينخفض ضغط الدم فيسبب الشعور بالدوخة
والفتور والكسل .
ويذكر الدكتور البار أيضاً أن : الأذى لا يقتصر على الحائض في وطئها ، وإنما ينتقل إلى الرجل الذي وطئها أيضاً مما قد يسبب له التهابات
في الجهاز التناسلي الذي قد يسبب عقماً نتيجة هذه الالتهابات . كما أن الآلام المبرحة التي يعانيها المريض من هذه الالتهابات تفوق ما قد ينتج عن ذلك
الالتهاب من عقم .
إلى غير ذلك من المضار الكثيرة والتي لم يكشف عنها الآن ، وإنما عبّر عنها الله عز وجل بقوله : ( قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ،
ولا تقربوهن حتى يطهرن ) فوصفه تعالى له بأنه ( أذى ) أذى للزوجة ، وأذى للزوج وغير ذلك من مضار كثيرة الله أعلم بها .
وبهذا يتبيّن أنه ليس المنع من وطء الزوجة في زمن الحيض من أجل الدم فقط . بل لأسباب كثيرة سبق ذكرها .
كما أن على المسلم أن يمتثل أمر الله عز وجل فإنه هو الخالق وهو أعلم بما يصلح العباد وما يضرهم ، وهو القائل ( فاعتزلوا النساء في
المحيض ) فحتى لو لم يتبيّن للشخص الحكمة من ذلك فإن عليه أن يسلّم لأمر الله الذي أمر أن يترك الرجل جماع أهله في هذه الفترة .
انظر : الحيض والنفاس والحمل بين الفقه والطب د . عمر الأشقر .
توضيح الأحكام للبسام (1/362)
ومع ذلك فإنه يجوز للرجل أن يستمع بزوجته فيما دون الفرج .
يراجع سؤال رقم ( 36740 ) و ( 36722 )
( 36864 ) .
*****
43033
هل تحسب الزكاة على الحلي بسعر الذهب الجديد أم المستعمل
الفقه > عبادات > الزكاة > ما تجب فيه الزكاة >(1/4306)
سؤال رقم 43033- هل تحسب الزكاة على الحلي بسعر الذهب الجديد أم المستعمل
بالنسبة لزكاة الحلي، هل آخذ الذهب إلى محلات الجواهر وأقدر ثمنه أم أحسبه على حسب سعر الذهب ؟ محلات الذهب ستعطيني قيمة أقل للذهب لأنه مستعمل أما أسعار الذهب فهي أعلى .
الحمد لله
إذا بلغ الذهب نصابا ، وهو خمسة وثمانون جراما ، وحال عليه الحول
وجبت زكاته ، بإخراج ربع العشر منه ، أو من قيمته ، والمراد بقيمته : السعر الذي
يباع به مستعملا ، وقت وجوب الزكاة ، وهو غالبا ما يكون أقل من سعر الذهب الجديد .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( وعلى هذا فتقدر المرأة قيمة
الذهب الذي عندها ، سواء بقدر ما اشترته به ، أو أقل ، أو أكثر ، فتقدر قيمته
مستعملا ثم تخرج منها ربع العشر ، أي : واحد من أربعين ، ففي المائة ريالان ونصف ،
وفي الألف خمسة وعشرون ريالا وهكذا ، وطريقة ذلك أن تقسم قيمته على أربعين ، وناتج
القسمة هو الزكاة ، وبهذا تبرئ ذمتها ، ويحصل لها الفكاك من عذاب النار ولا يضرها
شيئا ) .
وسئل رحمه الله تعالى : هل زكاة الحلي تكون بسعر الشراء أم بسعره
كل عام وقت إخراج زكاته ؟
فأجاب بقوله :
( زكاة الحلي تجب كل سنة ولا تكون بسعر الشراء ، وإنما تكون
بسعره عند تمام الحول ، فإذا قدر أن المرأة اشترت ذهبا بعشرة آلاف ريال ، ولما دار
عليه الحول صار لا يساوي إلا خمسة آلاف ريال ، فإنها لا تزكي إلا خمسة آلاف ريال
فقط ، والعكس بالعكس ، فإذا اشترت ذهبا بخمسة آلاف ريال ، وصار عند تمام الحول
يساوي عشرة آلاف ريال فإنها تزكي عشرة آلاف ريال ، لأن ذلك هو وقت الوجوب . والله
الموفق) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ . مجلد 18 سؤال رقم 18 ، 58
والله أعلم .
*****
43041
استعمال العمال غير المسلمين والسماح لهم بالأكل أمام المسلمين وقت الصيام
الفقه > عبادات > الصوم >
سؤال رقم 43041: استعمال العمال غير المسلمين والسماح لهم بالأكل أمام المسلمين وقت الصيام
صاحب شركة لديه عمال غير مسلمين، فهل يجوز له أن يمنعهم من الأكل والشرب أمام غيرهم من العمال المسلمين في نفس الشركة خلال نهار رمضان؟.
الحمد لله
أولاً :
" لا ينبغي للإنسان أن يستخدم عمالاً غير مسلمين مع تمكنه من استخدام المسلمين، لأن المسلمين خير من غير المسلمين ، قال الله تعالى : {
وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَائِكَ يَدْعُونَ إِلَى ا لنَّارِ وَ ا للَّهُ
يَدْ عو اْ إِلَى ا لْجَنَّةِ وَ ا لْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ
آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ولكن إذا دعت الحاجة إلى استخدام عمال غير مسلمين ، فإنه لا بأس به بقدر الحاجة فقط .
ثانياً :
وأما أكلهم وشربهم في نهار رمضان أمام الصائمين من المسلمين فإن هذا لا بأس به ، لأن الصائم المسلم يحمد الله عز وجل أن هداه للإسلام
الذي به سعادة الدنيا والا?خرة ، ويحمد الله تعالى أن عافاه ، فهو وإن حُرم عليه الأكل والشرب في هذه الدنيا شرعاً في أيام رمضان ، فإنه سينال الجزاء يوم
القيامة ، حين يقال له : { كُلُواْ وَ ا شْرَبُواْ هَنِيئَاً بِما أَسْلَفْتُمْ في ا لأَْيَّامِ ا لْخَالِيَةِ } لكن يمنع غير المسلمين من إظهار الأكل والشرب في الأماكن العامة لمنافاته للمظهر الإسلامي في البلد ."
انتهى من كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله – مجموع الفتاوى 8/79 .
*****
43045
هل أسلم والدا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
التاريخ والسيرة > السيرة النبوية >(1/4307)
سؤال رقم 43045- هل أسلم والدا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
هل كان جد النبي صلى الله عليه وسلم ووالده ووالدته مؤمنين بالله وبجميع الرسل الذين كانوا قبل النبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الحمد لله
الكلام في جدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرع عن الكلام في
حكم أهل الفترة ، والفترة معناها كما قال ابن كثير : هي ما بين كل نبيين كانقطاع
الرسالة بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ( تفسير القرآن
العظيم 2 / 35 ، وانظر : جمع الجوامع للسبكي 1 / 63 وروح المعاني للآلوسي 6 / 103 ) .
وقد قسّمهم أهل العلم إلى قسمين :
القسم الأول من بلغته الدعوة ، والقسم الثاني من لم تبلغه الدعوة
وبقي على حين غفلة ، ويشمل القسم الأول نوعين :
1- من بلغته الدعوة ووحّد ولم يشرك كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن
نفيل ( انظر : البداية والنهاية 2 / 230 وفتح الباري 7 / 147 )
2- من بلغته الدعوة ولكنه غيّر وأشرك كعمرو بن لحي الذي غيّر دين
إبراهيم ، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( رأيت عمرو بن عامر بن لحي
الخزاعي يجرّ قصبه في النار ) رواه البخاري (3521) ومسلم (2856)
وقد جاء النص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن
والديه في النار ، روى مسلم (203) أن رجلاً قال : يا رسول الله أين أبي ؟ قال : في
النار ، فلما قضى دعاه فقال : إن أبي وأباك في النار )
وفي شأن أمه قال عليه الصلاة والسلام : ( استأذنت ربي أن أستغفر
لأمي فلم يأذن لي ، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ) رواه مسلم (976) .
يقول النووي رحمه الله – شارحاً الحديث الأول - : " فيه أن من
مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار ، وليس
هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة ، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من
الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم "
( شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .
هذا وقد حاول بعض أهل العلم الدفاع عن والدي النبي صلى الله عليه
وسلم والحكم بنجاتهما ، وأن الله تعالى أحياهما بعد موتهما ، فأسلما وآمنا بالنبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم ماتا على ذلك ، واستدل على هذا بأحاديث
موضوعة وضعيفة جداً لا يصح الاستدلال بها .
( انظر : الحاوي للفتاوى 2 / 202 )
وقد ردّ العلماء ذلك .
قال العظيم آبادي : " كل ما ورد بإحياء والديه صلى الله عليه
وسلم وإيمانهما ونجاتهما أكثره موضوع مكذوب مفترى ، وبعضه ضعيف جداً لا يصح بحالٍ ،
لاتفاق أئمة الحديث على وضعه وضعفه كالدارقطني والجوزقاني وابن شاهين والخطيب وابن
عساكر وابن ناصر وابن الجوزي والسهيلي والقرطبي وجماعة " (عون المعبود12/494
باختصار، وانظر: مجموع الفتاوى4/324) .
و يجب علينا أن ندرك أن النسب لا ينجي الإنسان من عذاب الله
تعالى ، يقول النووي رحمه الله : " من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة
المقربين " (شرح صحيح مسلم 3 / 79 ) .
ولم يكن حكم والدي النبي صلى الله عليه وسلم وجده بدعاً في ذلك ،
فقد أصرّ والد إبراهيم عليه السلام على الكفر حتى مات على ذلك فتبرأ منه إبراهيم
عليه السلام ، كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ
إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ
عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) التوبة / 114 ، بل إن
النبي صلى الله عليه وسلم يقرّر هذا الأمر بجلاء ، وذلك حين نزلت عليه الآية
الكريمة ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) الشعراء / 214 ، قال : ( يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً ،
يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك
من الله شيئاً ، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً ، ويا فاطمة بنت
محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ) رواه البخاري (2753)
ومسلم (206)
وينبغي على كل مسلم أن لا يحكّم عاطفته في رسول الله صلى الله
عليه وسلم وقرابته دونما حجةٍ وبينةٍ من علم فيبوء بالخسارة في الدنيا والآخرة ،
والله المستعان .
*****
4305
سجود الشكر بعد الولادة بأربعين يوماً
الفقه > عبادات > الصلاة > سجود التلاوة والشكر >
أصول الفقه > البدعة >(1/4308)
سؤال رقم 4305- سجود الشكر بعد الولادة بأربعين يوماً
السؤال :
أصبح عمر ابنتي 40 يوما وذهبت للمسجد لأسجد السجدة التقليدية التي نعملها في بلدنا باكستان ولكن رفض الإمام هذا وقال إن هذا السجود ليس له أصل في أي حديث وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا ولا يجب أن نكون أفضل منه.
الجواب :
الحمد لله
هذا السجود كما قال إمام المسجد ليس له أصل ، نعم سجود الشكر مشروع عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة ، لكنه يفوت إذا مضى عليها مدة كهذه . انتهى جواب الشيخ عبد الكريم الخضير .
فلو كنت سجدت سجود الشكر لمّا ولدت ابنتك سالمة وسلمت الأم لقلنا لك هذا لا بأس به ، وفعل مشروع أما توقيتها بأربعين في المسجد فهذه بدعة ، وفقنا الله وإياك لكل خير .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
43062
يعمل نائب مدير في فندق يبيع الخمور فما حكم عمله
الفقه > معاملات > الإجارة > أحكام الوظائف >(1/4309)
سؤال رقم 43062- يعمل نائب مدير في فندق يبيع الخمور فما حكم عمله
أنا أعمل في أحد الفنادق كنائب مدير الفندق ومدير الاستقبال فهل يعتبر عملي هذا حرام أم مكروه حيث الفندق يقوم ببيع الخمور ولكن ليس لي صلة بعملية البيع أو الشراء أو الحمل أو التقديم وخلاف ذلك أي أن عملي إداري وشكرا.
الحمد لله
لا يجوز العمل في فندق ترتكب فيه الآثام ، كشرب الخمر والزنا
ونحو ذلك ؛ لما في ذلك في التعاون على الإثم والعدوان ، وترك إنكار المنكر ، وقد
قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ
آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ
حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ
جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء/140
قال القرطبي رحمه الله : ( قوله تعالى: " فلا تقعدوا معهم حتى
يخوضوا في حديث غيره" أي غير الكفر. " إنكم إذا مثلهم": فدل بهذا على وجوب اجتناب
أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر
كفر. قال الله عز وجل "إنكم إذا مثلهم" فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم
يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم
يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية .
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قوماً يشربون
الخمر ، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية " إنكم
إذا مثلهم" أي إن الرضا بالمعصية معصية ، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة
المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم . وهذه المماثلة ليست في
جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة كما قال : ( فكل قرين بالمقارن يقتدي ) انتهى .
ثم إنه يخشى على من عمل في هذه الأماكن أن يضعف إيمانه ، وأن
تذهب الغيرة من قلبه ، وربما دعاه الشيطان إلى مقارفة المعصية ، وقد قال الله تعالى
: (يَ ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ
يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
) النور/21 .
وتذكر ـ أخي الكريم ـ قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ
جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2- 3 وقوله
صلَّى الله عليه وسلَّم ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه
الألباني ، ولا تنس أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها عاجلاً أم
آجلاً .
نسأل الله تعالى أن يعينك على ترك هذه الوظيفة طيبة بذلك نفسك
وأن يخلف لك خيرا منها وأن يفتح عليك من خزائن جوده ، وجزيل عطائه وأن يغنينا وإياك
بحلاله عن حرامه وبفضله سبحانه عمن سواه .
والله أعلم .
*****
43065
ميقات أهل مكة في العمرة
الفقه > عبادات > الحج والعمرة > المواقيت >(1/4310)
سؤال رقم 43065- ميقات أهل مكة في العمرة
من أين يحرم أهل مكة للعمرة ؟ وإذا كان مصيفهم في الهدا ( وهو قبل الميقات ) أين يحرمون للعمرة أيضاً ؟.
الحمد لله
أهل مكة يحرمون للعمرة من خارج الحرم كالتنعيم ، وإذا سكنوا في
الهدا وقت الصيف فإنهم يحرمون للعمرة من مكانهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
لما وقت المواقيت : (.. ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ ، حتى أهل مكة يهلون من
مكة ) متفق عليه ، وثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم
أمر عائشة لمَّا أرادت العمرة وهي في مكة أن تحرم من الحل . ( أي : خارج الحرم )
وبالله التوفيق
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/129) .
*****
43066
إذا لم يرسم الصور فسيرسب في الامتحان
الفقه > عادات > اللباس والزينة والصور > الصور والتصوير >(1/4311)
سؤال رقم 43066- إذا لم يرسم الصور فسيرسب في الامتحان
أعلم أن الرسم حرام ، ولكن إذا لم أرسم فسوف أرسب في الامتحان ، فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
أولاً :
رسم ذوات الأرواح كالإنسان والحيوان محرم ، بل من كبائر الذنوب ،
وقد سبق أدلة ذلك في السؤال رقم ( 7222 )
. وسبق أيضاً في السؤال رقم ( 9473 )
أن الصورة إذا خلت من الرأس زالت عنها الحرمة .
ثانياً :
إذا ألزم الطالب بالرسم وأمكنه أن يرسم صوراً مباحة وجب عليه ذلك
، ولا يجوز له في هذه الحال أن يرسم صوراً محرمة . ومثال الصور المباحة : الأشجار
والأنهار ونحوها مما لا روح فيه ، أو يرسم الأشخاص بلا رأس .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يحتاج بعض الطلبة إلى رسم بعض الحيوانات لغرض التعليم والدراسة ،
فما حكم ذلك ؟ فأجاب :
"لا يجوز أن تصوّر هذه الحيوانات لأن النبي صلى الله عليه وسلم
لعن المصوّرين وقال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) . وهذا يدل على أن
التصوير من كبائر من كبائر الذنوب ، لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة ، والوعيد
بشدة العذاب لا يكون إلا على كبيرة، ولكن من الممكن أن تصور أجزاء من الجسم كاليد
والرجل وما أشبه ذلك، لأن هذه الأجزاء لا تحلّها الحياة، وظاهر النصوص أن الذي يحرم
ما يمكن أن تحلّه الحياة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض الأحاديث
: (كلّف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ)" اهـ .
"فتاوى ابن عثيمين" (2/272) .
وقال أيضاً : " وإذا ابتلي الطالب ولا
بد فليصور حيواناً ليس له رأس" اهـ "فتاوى ابن عثيمين" (2/272،274) .
ثالثاً :
إذا ألزم الطالب برسم صورة كاملة ، وإذا لم يرسمها فقد يرسب .
فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"إذا كان هذا فقد يكون الطالب مضطراً لهذا الشيء ، ويكون الإثم
على من أمره وكلفه بذلك ، ولكني آمل من المسؤولين ألا يصل بهم الأمر إلى هذا الحد ،
فيضطروا عباد الله إلى معصية الله" اهـ .
مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/274) .
والله أعلم .
*****
43079
حكم تسويك الميت
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4312)
سؤال رقم 43079- حكم تسويك الميت
ما حكم تسويك الميت ؟.
الحمد لله
لا أعلم لهذا أصلاً ، وإنما يوضأ ثم يغسل ، وإذا سوكه عند
المضمضة فلا بأس كالحي .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله – م/13 ص/115.
*****
43085
هل يلزم الابن بسداد دين والدته ؟
الفقه > معاملات > الدين >
سؤال رقم 43085: هل يلزم الابن بسداد دين والدته ؟
والدتي لا تصلي وحسب علمي فهي تعتبر كافرة ، واعتادت أن تقترض الأموال ولا تعيدها ، تعِد من تقترض منه بأنها ستعيد المال في أسرع وقت ولكنها لا تفعل ، لا تصلي ، ولا تصوم أبداً ، هل يجب عليَّ أن أسدد ديونها إذا ماتت ؟ نصحتها كثيراً ولكن دون جدوى وحسب علمي فالمبالغ كبيرة كما أنه توجد فوائد ربوية ، وهي تفضل الذهاب في إجازة على أن تسدد ديونها ، وأعلم من يقرضها من الكفار، وأنا لا أستطيع أن أسدد ما اقترضت .
ماذا يجب عليّ فعله ، فقد هداني الله ، ولكن والدتي لا تصلي ، ولا تصوم ، ولا تزكي ، ولا تلتزم بالحجاب الشرعي.
الحمد لله
أولاً :
عليكِ شكر الله تعالى على ما أنعم عليكِ من الهداية والتوفيق ،
وهي نعمة يفتقدها كثيرون ، وها أنتِ ترينها مفقودة في أقرب الناس إليك ، وبالشكر
تزداد النعم ، قال الله تعالى : ( لئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) إبراهيم/7
وعليكِ أن تبذلي وسعك في إنقاذ والدتكِ من النار ، بدعوتها بالتي
هي أحسن للتي هي أقوم ، فتذكرينها دوماً بالآخرة ولقاء الله تعالى ترغيباً وترهيباً
لعل الله أن يصلح حالها ، وعليكِ بذل الجهد في ذلك مع عدم اليأس والقنوط ، وابحثي
عمن يؤثر على قلبها وعقلها من أشقاء أو صديقات أو جيران هداهم الله تعالى للصراط
المستقيم ليدلوها على ما فيه صلاح دينها .
ثانياً :
لا يجب عليكِ سداد ديونها – حتى لو كانت مسلمة - لا في حال
حياتها ولا بعد مماتها ، إلا أن تكون قد تركت مالاً ، فحينها يجب عليكم قضاء
دَيْنها من مالها ( التركة ) لتعلق حقوق الناس به ، فإن وفَّى المال وإلا ذهب الدين
على صاحبه ، وليس لأحدٍ منهم أن يطالبكم بسداد الدين ؛ لأن الدَّيْن إنما كان على
أمكم لا عليكم ، وأما أنتم فلم تُشغل ذممكم بشيء منه ، لكن إن ماتت على الإسلام
فيندب لكم قضاء ديْنها برّاً بها من غير وجوب .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
فإن دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه لكن يقضى من تركته .
" منهاج السنة " ( 5 / 232 ) .
وعليكِ تحذير الناس من إعطائها المال ، لما فيه من نصحهم ،
والحفاظ على أموالهم ؛ ولما فيه من تخفيف الالتزامات الدنيوية والعقوبات الأخروية
على والدتكِ بأخذها لمال الناس وعدم إرجاعه .
والله أعلم .
*****
43087
هل انتشر الإسلام بالسيف؟
الفقه > عبادات > الجهاد والهجرة >(1/4313)
سؤال رقم 43087- هل انتشر الإسلام بالسيف؟
هل انتشر الإسلام بالسيف ؟.
الحمد لله
سبق في السؤال رقم ( 34830 )
أن الجهاد نوعان : جهاد طلب ، وجهاد دفع .
ولا شك أن جهاد الطلب كان له أثر كبير في نشر الإسلام ، ودخول
الناس في دين الله أفواجا .
ولذلك ملئت قلوب أعداء الإسلام رعباً من الجهاد .
جاء في مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية : إن شيئاً من الخوف يجب
أن يسيطر على العالم الغربي ، ولهذا الخوف أسباب منها أن الإسلام منذ ظهر بمكة لم
يضعف عددياً بل دائما في ازدياد واتساع . ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب ، بل إن من
أركانه الجهاد اهـ .
وقال روبرت بين : إن المسلمين قد غزوا الدنيا كلها من قبل وقد
يفعلونها مرة ثانية اهـ .
وقد أراد المستشرقون الطعن في الإسلام بأنه انتشر بالسيف .
وألف المستشرق توماس أرنولد كتابه (الدعوة إلى الإسلام) يهدف منه
إلى إماتة الروح الجهادية عند المسلمين ، وبرهن بزعمه على أن الإسلام لم ينتشر
بالسيف ، وإنما انتشر بالدعوة السلمية المتبرئة من كل قوة .
وقد وقع المسلمون في الفخ الذي نُصِبَ لهم ، فإذا سمعوا من يتهجم
على الإسلام بأنه انتشر بالسيف من المستشرقين ، قالوا : أخطأتم واسمعوا الرد عليكم
من بني جلدتكم ، فهذا توماس يقول كذا وكذا .
وخرج الانهزاميون من المسلمين يدافعون عن الإسلام ، وأرادوا
تبرئة الإسلام من هذه الفرية على زعمهم ، فنفوا أن يكون الإسلام انتشر بالسيف ،
ونفوا مشروعية الجهاد في الإسلام إلا على سبيل الدفاع فقط ، وأما جهاد الطلب فلا
وجود له عندهم . وهذا خلاف ما قرره أئمة الهدى علماء المسلمين ، فضلا عن مخالفته
للقرآن والسنة .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (28/263) :
"فالمقصود أن يكون الدين كله لله ، وأن تكون كلمة الله هي العليا
، وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه ، وهكذا قال الله تعالى : ( لقد
أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) فالمقصود
من إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط في حقوق الله وحقوق خلقه ثم قال
تعالى : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله
بالغيب ) فمن عدل عن الكتاب قوم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف. وقد
روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
نضرب بهذا يعنى السيف من عدل عن هذا يعنى المصحف اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في "الفروسية" (ص 18) :
( وبعثه الله تعالى – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بالكتاب
الهادي ، والسيف الناصر ، بين يدي الساعة حتى يعبد سبحانه وحده لا شريك له، وجعل
رزقه تحت ظل سيفه ورمحه . . . فإن الله سبحانه أقام دين الإسلام بالحجة والبرهان ،
والسيف والسنان ، كلاهما في نصره أخوان شقيقان اهـ .
وهذه بعض أدلة الكتاب والسنة والتي تدل دلالة بينة واضحة على أن
السيف كان من أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلام :
1- قال الله تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ
بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ
يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ
إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج /40 . وقال : (
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ
وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) البقرة /251 .
2- وأمر الله تعالى بإعداد العدة لمجاهدة الكفار وإرهابهم ، قال
تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ
الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ
دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال /60 .
فلو كان الإسلام لا ينتشر إلا بالدعوة السلمية فقط ، فمم يخاف
الكفار ؟ أمن كلام يقال باللسان فقط ؟ وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( نصرت بالرعب مسيرة شهر ) وهل يرعب الكفار أن يقال لهم أسلموا ، فإن لم
تسلموا فأنتم أحرار فيما تعتقدون وتفعلون . أم كان يرعبهم الجهاد وضرب الجزية
والصغار . مما يحملهم على الدخول في الإسلام لرفع ذلك الصغار عنهم .
3- وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الإسلام دعوة
مقرونة بالسيف ، ويأمر بذلك قواده، لعل الناس إذا رأوا القوة وجد المسلمين في
الدعوة إلى دينهم تزول عنهم الغشاوة .
روى البخاري (3009) ومسلم (2406) عن سَهْل بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ
خَيْبَرَ : لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَبَاتَ النَّاسُ
لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ أَيْنَ
عَلِيٌّ فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ
فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الراية . فَقَالَ :
أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ؟ فَقَالَ : انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ
حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ ،
وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ
رَجُلا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ .
فهذه دعوة إلى الله سبحانه مقرونة بقوة السلاح .
وروى مسلم (3261) عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ
سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، اغْزُوا ، وَلا تَغُلُّوا ، وَلا
تَغْدِرُوا ، وَلا تَمْثُلُوا ، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ، وَإِذَا لَقِيتَ
عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلالٍ
فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ
ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ
. . . فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمْ الْجِزْيَةَ ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ
فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ
وَقَاتِلْهُمْ . . . الحديث .
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أمراءه أن يدعو الكفار
إلى الإسلام وهم يرفعون السيوف فوق رؤوسهم ، فإن أبوا الإسلام دفعوا الجزية وهم
أذلة صاغرون ، فإن أبوا فما لهم إلا السيف ( فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ
بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ) .
4- وقال صلى الله عليه وسلم : ( بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيْ
السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، لا شَرِيكَ لَهُ ،
وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي ، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى
مَنْ خَالَفَ أَمْرِي ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ) أحمد
(4869) . صحيح الجامع (2831) .
وكون السيف والقوة من أسباب انتشار الإسلام ، هذا لا يعيب
الإسلام ، بل هو من مزاياه ومحاسنه أنه يلزم الناس بما فيه نفعهم في الدنيا والآخرة
، وكثير من الناس يغلب عليهم السفه وقلة الحكمة والعلم، فلو تُرِك وشأنه لعمي عن
الحق ، ولانغمس في الشهوات ، فشرع الله الجهاد لرد هؤلاء إلى الحق ، وإلى ما فيه
نفعهم ، ولا شك أن الحكمة تقتضي منع السفيه مما يضره ، وحمله على ما فيه نفعه .
وروى البخاري (4557) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قال : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) قَالَ : خَيْرَ
النَّاسِ لِلنَّاسِ [أي كنتم أنفع الناس للناس] تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ
فِي أَعْنَاقِهِمْ ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ. وهل يؤتى بالناس في
السلاسل من غير جهاد ؟!
وهذا مما يُمدح عليه الإسلام ولا يذم ، فعلى الانهزاميين ( أن
يتقوا الله في مسخ هذا الدين ، وإصابته بالهزال بحجة أنه دين السلم والسلام . نعم ،
إنه دين السلم والسلام ، ولكن على أساس إنقاذ البشرية كلها من عبادة غير الله ،
وإخضاع البشرية كافة لحكم الله ، إنه منهج الله وليس منهج عبد من العبيد ولا مذهب
مفكر من البشر حتى يخجل الداعون إليه من إعلان أن هدفهم الأخير هو أن يكون الدين
كله لله . إنه حين تكون المذاهب التي يتبعها الناس مذاهب بشرية من صنع العبيد وحين
تكون الأنظمة والشرائع التي تصرف حياتهم من وضع العبيد أيضاً فإنه في هذه الحالة
يصبح لكل مذهب ولكل نظام الحق في أن يعيش داخل حدوده آمنا ما دام أنه لا يعتدي على
حدود الآخرين ويصبح من حق هذه المذاهب والأنظمة والأوضاع المختلفة أن تتعايش وألا
يحاول أحدها إزالة الآخر . فأما حين يكون هناك منهج إلهي وشريعة ربانية وإلى جانبه
مناهج ومذاهب من صنع البشر فإن الأمر يختلف من أساسه ، ويصبح من حق المنهج الإلهي
أن يجتاز الحواجز البشرية ويحرر البشر من العبودية للعباد . . . ) فقه
الدعوة لسيد قطب (217-222) . بتصرف يسير .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/14) : "الإسلام انتشر بالحجة
والبيان بالنسبة لمن استمع البلاغ واستجاب له ، وانتشر بالقوة والسيف لمن عاند
وكابر حتى غُلِب على أمره ، فذهب عناده فأسلم لذلك الواقع" اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
4309
لا يجوز امتهان المقابر
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >(1/4314)
سؤال رقم 4309- لا يجوز امتهان المقابر
السؤال :
في قريتنا أصبحت المقابر تُمتهن حيث صارت طريقاً للإبل والبقر والماعز والسيارات ، بل والأدهى من ذلك أن بعضاً من الناس تقدموا للبناء عليها ، فما هو توجيه سماحتكم لهذا الأمر ؟
الجواب :
الحمد لله
هذا لا يجوز ، فإن المقبرة لا يجوز أن يُتعرض لها بشيء ما دام أن رفات الموتى موجود فيها ، فإن حرمة الميت كحرمة الحي . فلا يجوز امتهان المقبرة لا بوطء ولا بجعلها طرقاً ، ولا بالصلاة فيها ولا بإدخالها في مساكن الناس ، كل هذا لا يجوز ، إلا إذا كانت المقبرة قد صار ساكنوها من الأموات رميماً تراباً لم يبق لهم أي جثة ما ، فهذا وبهذه الحالة ، لا بأس باستعمال المقبرة كمزارع أو بيوت أو غير ذلك ، أما ما دام يوجد فيها شيء من جثث الموتى ، فلا يجوز استعمالها والمشي عليها لأن المسلم الميت تقدم إلى هذا المكان قبلكم وسبق إليه فهو أحق به وحرمته وهو ميت كحرمته وهو حي ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلاً يطأ القبور قال : ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده ، خير له من أن يجلس على قبر ) رواه مسلم رقم ( 9711 ) وأبو داود رقم ( 3228 ) ، فهذا تحذير لما في ذلك من امتهان المسلم ، وقد ذكر العلماء أنه : يحرم التخلي بين القبور ، ولا يجوز الجلوس على القبور ، ولا يجوز الجلوس على القبر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها ) رواه مسلم رقم ( 972 ) ، وأبو داود رقم ( 3229 ) ، ولا الاتكاء عليه ، ولا وطء القبور بالاقدام أو امتهانها ، فكل ذلك لا يجوز ، والله الموفق .
من فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 161
*****
43100
أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4315)
سؤال رقم 43100- أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب
كان مسئولاً عن دائرة حكومية ، ويأتيه بعض الموارد عن طريق غير مشروع ، ومن ثم هداه الله فماذا يعمل في تلك الأشياء التي أنفقها في غير وجهها ، مع العلم أنه لا يحصي عددها ؟.
الحمد لله
يجب عليه أن يرد ما أخذه من كل شخص إلى مستحقه إن وجد أو ورثته ، فإن تعذر من كل وجه ، فإنه يتصدق بالمال على نية صاحبه .
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/25 .
*****
43100
أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب
الفقه > معاملات > الأموال المحرمة >(1/4316)
سؤال رقم 43100- أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب
كان مسئولاً عن دائرة حكومية ، ويأتيه بعض الموارد عن طريق غير مشروع ، ومن ثم هداه الله فماذا يعمل في تلك الأشياء التي أنفقها في غير وجهها ، مع العلم أنه لا يحصي عددها ؟.
الحمد لله
يجب عليه أن يرد ما أخذه من كل شخص إلى مستحقه إن وجد أو ورثته ، فإن تعذر من كل وجه ، فإنه يتصدق بالمال على نية صاحبه .
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/25 .
*****
43101
الفرق بين الصدقة الجارية وغيرها من الصدقات
الفقه > عبادات > الصدقات >(1/4317)
سؤال رقم 43101- الفرق بين الصدقة الجارية وغيرها من الصدقات
هل هناك فرق بين الصدقة والصدقة الجارية وإن كان هناك فرق فنريد بعض أمثلة للصدقة وأمثلة للصدقة الجارية، وإن هلكت الصدقة الجارية ، على سبيل المثال لو بنى رجل مسجدا ثم هدم هذا المسجد هل سيكون له ثواب هذا المسجد إلى يوم القيامة ؟.
الحمد لله
الصدقة الجارية هي الوقف ، وله صور كثيرة ، وضابطه: أن يحبس
الأصل ، وتُسبّل الثمرة ، كما روى البخاري (2737) ومسلم (1633) عَنْ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ
فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا
فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالا
قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ ؟ قَالَ : "إِنْ شِئْتَ
حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا " قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ
لا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ وَلا يُورَثُ وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي
الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ
لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ
غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ".
وروى ابن ماجه (242) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره ،
وولدا صالحا تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو
نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته" والحديث حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
فالصدقة الجارية تكون ببناء مسجد ، أو شراء مصاحف توضع في مسجد ،
أو وقف بيت أو محل ، على أن يصرف ريعهما على الفقراء أو الأيتام أو الأقارب أو طلبة
العلم أو غيرهم حسبما يحدد الواقف ، أو المساهمة بمال في بناء مستشفى خيري ، ونحو
ذلك .
وأما الصدقة غير الجارية ، فهي التي لا يحبس فيها الأصل ، بل
يعطى للفقير ليتملكه وينتفع به كما يشاء ، كأن يعطى له مال ، أو طعام ، أو كسوة ،
أو دواء ، أو فراش .
ومن وقف مسجدا فانهدم أو خرب ، جاز بيع بعضه ليُعمّر بقيته ، فإن
لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع كله ، ووضع في وقف آخر ، قال ابن قدامة رحمه الله :
( مسألة قال : ( وإذا خرب الوقف , ولم يرد شيئا , بيع , واشتُري
بثمنه ما يُردُّ على أهل الوقف , وجعل وقفا كالأول , وكذلك الفرس الحبيس إذا لم
يصلح للغزو , بيع , واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد ) وجملة ذلك أن الوقف إذا خرب ,
وتعطلت منافعه , كدار انهدمت , أو أرض خربت , وعادت مواتا , ولم تمكن عمارتها , أو
مسجد انتقل أهل القرية عنه , وصار في موضع لا يصلى فيه , أو ضاق بأهله ولم يمكن
توسيعه في موضعه . أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه ,
جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته . وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه , بيع جميعه . قال
أحمد , في رواية أبي داود : إذا كان في المسجد خشبتان , لهما قيمة , جاز بيعهما
وصرف ثمنهما عليه . وقال في رواية صالح : يحول المسجد خوفا من اللصوص , وإذا كان
موضعه قذرا . قال القاضي : يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه . ونص على جواز بيع
عرصته , في رواية عبد الله , وتكون الشهادة في ذلك على الإمام ) انتهى من
المغني 5/368
وما دام الوقف باقيا ، فالثواب مستمر لصاحبه ، وكذا لو بيع الوقف
ووضع في وقف آخر .
ومن بنى مسجدا فله ثواب موعود به ، وهو ما ورد في قوله صلى الله
عليه وسلم : " من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة "
والقطاة : نوع من أنواع الطير .
والمفحص : هو المكان الذي تحتضن فيه بيضها .
ومراد الحديث ضرب المثل لبيان أقل ما يمكن . رواه أحمد
(2157) وصححه الألباني في صحيح الجامع .
والله أعلم .
*****
43104
لا تجوز مصافحة المرأة الأجنبية حتى ولو من وراء حائل
الآداب > العلاقة بين الجنسين >(1/4318)
سؤال رقم 43104- لا تجوز مصافحة المرأة الأجنبية حتى ولو من وراء حائل
هل يجوز السلام على النساء إذا توقت بشيلتها أو حجابها عن يد الرجل الذي يسلم عليها من يده ؟.
الحمد لله
لا يجوز أن يضع رجل يده في السلام في يد امرأة ليس لها بمحرم ولو توقت بثوبها ، لما روى البخاري في صحيحه رحمه الله عن عروة عن عائشة رضي
الله عنها في روايتها لقصة مبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء قالت : لا والله ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط ، ما بايعهن إلا بقوله : ( قد
بايعتكن على ذلك ) ، وما رواه أحمد بإسناد صحيح عن أميمة بنت رقيقة قالت : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نساء لنبيعه ، فأخذ علينا ما في القرآن ...
إلى أن قالت : قلنا يا رسول الله : ألا تصافحنا ؟ قال : ( إني لا أصافح النساء ، إنما قولي لأمرأة واحدة قولي لمائة امرأة ) ، ولنا فيه عليه الصلاة والسلام
خير أسوة ، كما قال من أرسله : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب / 21
وبالله التوفيق
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/30 .
*****
43123
طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة
الفقه > معاملات > النكاح > العشرة بين الزوجين >
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4319)
سؤال رقم 43123- طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين والإخوة
كم هي أهمية الزوج بالنسبة لزوجته ؟ هل هو أهم من أخواتها ؟ لمن تجب طاعة الزوجة ؟ هل الزوج أهم من والدي الزوجة وأخواتها ؟.
الحمد لله
قد دل القرآن والسنة على أن للزوج حقا مؤكدا على زوجته ، فهي
مأمورة بطاعته ، وحسن معاشرته ، وتقديم طاعته على طاعة أبويها وإخوانها ، بل هو
جنتها ونارها ، ومن ذلك: قوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ
بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ
أَمْوَالِهِم ) النساء/34
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها
شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه " رواه البخاري (4899)
قال الألباني رحمه الله معلقا على هذا الحديث : ( فإذا وجب على
المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها ، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو
أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما ، وصلاح أسرتهما ، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات
) انتهى من آداب الزفاف ص 282
وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها : ادخلي
الجنة من أي أبواب الجنة شئت " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660
وروى ابن ماجة (1853) عن عبد الله بن أبي أوفى قال : لما قدم
معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم قال ما هذا يا معاذ قال أتيت الشام
فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت
المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق
زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه " والحديث صححه الألباني في
صحيح ابن ماجة .
ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .
وروى أحمد (19025) والحاكم عن الحصين بن محصن : أن عمة له أتت
النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه
وسلم أذات زوج أنت ؟ قالت نعم قال : كيف أنت له ؟ قالت ما آلوه ( أي لا أقصّر في
حقه ) إلا ما عجزت عنه . قال : " فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك " أي هو
سبب دخولك الجنّة إن قمت بحقّه ، وسبب دخولك النار عن قصّرت في ذلك .
والحديث جود إسناده المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني في صحيح الترغيب
والترهيب برقم 1933
إذا تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين ، قدمت طاعة الزوج ، قال
الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها
إلا أن يأذن لها . شرح منتهى الإرادات 3/47
وفي الإنصاف (8/362) : ( لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ,
ولا زيارةٍ ونحوها . بل طاعة زوجها أحق ).
وقد ورد في ذلك حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهو ما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه
وسلم أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فأي الناس أعظم حقا على
الرجل ؟ قال : أمه .
غير أنه حديث ضعيف ضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب"
(1212) وأنكر على المنذري تحسينه .
والله أعلم .
*****
43138
كيفية سؤال الميت في القبر
العقيدة > الإيمان > الإيمان باليوم الآخر وأشراط الساعة >(1/4320)
سؤال رقم 43138- كيفية سؤال الميت في القبر
هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويسأل .
فإن قال قائل : إن القبر ضيق فكيف يجلس ؟!
فالجواب :
أولاً :
أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدّق ، ولا يسأل كيف ؟ ولم ؟
لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك ، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله ، فيسلّم ويقول : الله أعلم بكيفية ذلك .
ثانياً :
أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان ، وتعلقها بالبدن بعد الموت
لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة ، وهاهو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب ، وجاء ، وسافر ، وكلم أناساً ، والتقى بأناس أحياء وأموات ، ويرى أن له
بستاناً جميلاً ، أو داراً موحشة مظلمة ، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة ، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه لم يتغير
، حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً ، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن
آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً .
هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمنه البلاغ ، وعلينا التصديق والإذعان قال الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما
شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء / 65 "
مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/34 .
*****
43146
هل يجوز نقل الزكاة إلى بلد آخر ؟
الفقه > عبادات > الزكاة >
سؤال رقم 43146: هل يجوز نقل الزكاة إلى بلد آخر ؟
هل يجوز إعطاء الزكاة لبلدة أخرى مثل فلسطين ويوجد فقراء في بلدي ؟.
الحمد لله
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ( 10/9 ) :
تعطى الزكاة لمن فرضها الله لهم بقوله سبحانه : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين
وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } ، ولا تعطى إلا لمن تحقق إسلامه ظاهراً ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى
اليمن : " فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم " ، وكلما كان المُعطى من الفقراء والمساكين أتقى وأكثر طاعة فهو أولى من
غيره .
والأصل في الزكاة أن تصرف في فقراء البلد التي بها المال للحديث المذكور ، وإن دعت حاجة إلى نقلها ، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها
إليه أشد حاجة ، أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء ، أو نحو ذلك : جاز النقل .
والله اعلم .
*****
43147
الجمع بين أحاديث تفضيل الجماعة على صلاة المنفرد
الفقه > عبادات > الصلاة > صلاة الجماعة >
الحديث وعلومه > شروح الأحاديث >(1/4321)
سؤال رقم 43147- الجمع بين أحاديث تفضيل الجماعة على صلاة المنفرد
يوجد في صحيح البخاري حديثان برقمي (645 , 646) - بترقيم فتح الباري - في الحديث رقم (645) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " ، وفي الحديث رقم (646) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ". أرجو الشرح والتوضيح .
الحمد لله
الحديث الأول جاء من حديث عبد الله بن عمر ، وقد رواه البخاري ( 619 ) ومسلم ( 650 ) ، ولفظه : "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع
وعشرين درجة " .
والثاني : جاء من حديث أبي سعيد الخدري ، وقد رواه البخاري ( 619 ) ، ولفظه : " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة " .
وقد جمع العلماء بين الحديثين ، فقال النووي – رحمه الله - :
والجمع بينهما من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه لا منافاة فذكر القليل لا ينفي الكثير , ومفهوم العدد باطل عند الأصوليين .
والثاني : أن يكون أخبر أولاً بالقليل ثم أعلمه الله - تعالى - بزيادة الفضل فأخبر بها .
الثالث : أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة , وتكون لبعضهم خمس وعشرون , ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة ومحافظته على
هيئاتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك , والله أعلم .
" المجموع " ( 4 / 84 ) .
وهناك وجوه أخر في الجمع غير هذا ، وبعضه متفرع عما سبق ، وقد رجَّح الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 2 / 132 ) وجهاً في الجمع غير ما
ذكره النووي وهو أن " السبع والعشرين " للصلاة الجهرية ، و " الخمس والعشرين " للصلاة السريَّة .
والله أعلم .
*****
43148
اعتقاد المسلمين في المسيح عليه السلام
العقيدة > الإيمان > الإيمان بالرسل >
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4322)
سؤال رقم 43148- اعتقاد المسلمين في المسيح عليه السلام
ما هو اعتقاد المسلمين في المسيح عيسى ابن مريم ؟.
الحمد لله
اعتقادنا في المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسولنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فنؤمن بأن عيسى عليه السلام عبد من عباد الله ، ورسول من رسله الكرام ، أرسله الله تعالى إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى توحيد الله تعالى
وعبادته .
قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ
يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ
) الصف /6 . وقال : ( وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة /72 .
فليس عيسى عليه السلام إلهاً ، ولا ابن الله كما يزعم ذلك النصارى .
قال الله عز وجل : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة /72 .
وقال جل شأنه : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ
بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) التوبة /30 .
وأول كلمة قالها عيسى عليه السلام لما أنطقه الله وهو في المهد : ( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
) مريم /30 .
ونؤمن بأن الله تعالى أيده بالآيات الدالة على صدقه .
قال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ
الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ
الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلا
سِحْرٌ مُبِينٌ ) المائدة /110 .
ونؤمن بأن عيسى عليه السلام وُلد من مريم العذراء البتول بلا أب ، وليس ذلك ممتنعاً على قدرة الله الذي إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن
فيكون .
قال الله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) آل عمران /59 .
وقال تعالى : ( إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنْ الصَّالِحِينَ (46) قَالَتْ
رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ ) آل عمران /45-47 .
ونؤمن بأنه عليه السلام أحل لليهود بعض ما كان محرماً عليهم .
قال الله عز وجل عن عيسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل : ( وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ) آل
عمران /50 .
ونؤمن بأنه لم يمت ولم يقتله أعداؤه اليهود ، بل نجاه الله تعالى منهم ، ورفعه إلى السماء حياً .
قال عز وجل عن اليهود : ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا
الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي
شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ
عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء /156-158 .
ونؤمن بأنه بَشَّر أتباعه بنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ
يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ
) الصف /6 .
ونؤمن بأنه سينزل في آخر الزمان ، فيكذب أعداءه اليهود في زعمهم أنهم قتلوه ، ويكذب النصارى في دعواهم أنه الله أو ابن الله ، ولا يقبل
منهم إلا الإسلام .
روى البخاري ومسلم (2222) ومسلم (155) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ ( وفي رواية : لا تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ ) حَكَمًا مُقْسِطًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ ،
وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ) .
(لَيُوشِكَن) أَيْ لَيَقْرَبَن أَيْ لا بُدّ مِنْ ذَلِكَ سَرِيعًا .
(أَنْ يَنْزِل فِيكُمْ) أَيْ فِي هَذِهِ الأُمَّة .
(حَكَمًا مُقْسِطًا) أَيْ حَاكِمًا عَادِلاً , وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَنْزِل حَاكِمًا بِهَذِهِ الشَّرِيعَة فَإِنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَة
بَاقِيَة لا تُنْسَخ , بَلْ يَكُون عِيسَى حَاكِمًا مِنْ حُكَّام هَذِهِ الْأُمَّة .
( فَيَكْسِر الصَّلِيب ، وَيَقْتُل الْخِنْزِير) أَيْ يُبْطِل دِين النَّصْرَانِيَّة بِأَنْ يَكْسِر الصَّلِيب حَقِيقَة وَيُبْطِل مَا
تَزْعُمهُ النَّصَارَى مِنْ تَعْظِيمه .
(وَيَضَع الْجِزْيَة)
قال النووي :
الصَّوَاب فِي مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لا يَقْبَلهَا ، وَلا يَقْبَل مِنْ الْكُفَّار إِلا الإِسْلام ، وَمَنْ بَذَلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَة
لَمْ يَكُفّ عَنْهُ بِهَا ، بَلْ لا يَقْبَل إِلا الإِسْلام أَوْ الْقَتْل . هَكَذَا قَالَهُ الإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره مِنْ
الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه تَعَالَى اهـ .
( َيَفِيض الْمَال ) أَيْ : يَكْثُر , وَسَبَب كَثْرَته نُزُول الْبَرَكَات ، وَتَوَالِي الْخَيْرَات ، بِسَبَبِ الْعَدْل وَعَدَم
الظُّلْم، وَحِينَئِذٍ تُخْرِج الأَرْض كُنُوزهَا ، وَتَقِلّ الرَّغَبَات فِي اِقْتِنَاء الْمَال لِعِلْمِهِمْ بِقُرْبِ السَّاعَة .
ثم يموت عليه السلام ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه .
روى أحمد (9349) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ . . . ثم ذكر نزوله عليه السلام في آخر الزمان . ثم قال : فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَمْكُثَ ، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2182) .
ونؤمن بأنه عليه السلام سيتبرأ يوم القيامة ممن زعموا أنه إله .
قال الله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ
دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي
وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي
وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
شَهِيدٌ ) المائدة /116-117 .
( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ
فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة / 117
فهذا اعتقاد المسلمين في المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام .
وقد روى البخاري (3435) ومسلم (28) عَنْ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ
وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ
الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ) .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان ويتوفانا عليه .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
*****
43154
رد السلام على الكافر على ثلاثة أقسام
العقيدة > الولاء والبراء >
الآداب > آداب السلام >(1/4323)
سؤال رقم 43154- رد السلام على الكافر على ثلاثة أقسام
إذا سلم الكافر على المسلم فهل يرد عليه ؟ وإذا مد يده للمصافحة فما الحكم ؟ وكذلك خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
" إذا سلم الكافر على المسلم سلاماً بيناً واضحاً فقال : السلام عليكم ، فإنك تقول : عليك السلام ، لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية
فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) النساء / 86 ، أما إذا لم يكن بيناً واضحاً فإنك تقول : وعليك .
وكذلك لو كان سلامه واضحاً يقول فيه : السام عليكم يعني الموت فإنه يقال : وعليك .
فالأقسام ثلاثة :
الأول : أن يقول بلفظ صريح : " السام عليكم ". فيجاب : " وعليكم ".
الثاني : أن نشك هل قال : " السام " أو قال : "السلام" ، فيجاب : "وعليكم" .
الثالث : أن يقول بلفظ صريح : "السلام عليكم" . فيجاب : "عليكم السلام" ؛ لقوله تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )
.
قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ :
" فلو تحقق السامع أن الذي قال له : سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول : وعليك السلام أو يقتصر على قوله : وعليك ؟ فالذي تقتضيه
الأدلة وقواعد الشريعة أن يقال له : وعليك السلام ، فإن هذا من باب العدل ، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان ، وقد قال تعالى : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا
بأحسن منها أو ردوها ) . فندب إلى الفضل ، وأوجب العدل ، ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما ، فإنه صلى الله عليه وسلم ، إنما أمر بالاقتصار على
قول الراد : وعليكم على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم ، ثم قال ابن القيم : والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير
المذكور لا فيما يخالفه . قال الله تعالى : ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ) المجادلة / 8 .
فإذا زال هذا السبب ، وقال الكتابي : سلام عليكم ورحمة الله فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه . أ.هـ أحكام أهل الذمة 200
/1 .
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام
عليكم ، فقولوا : وعليك " . والسام هو الموت .
وإذا مد يده إليك للمصافحة فمد يدك إليه وإلا فلا تبدأه .
وأما خدمته بإعطائه الشاي وهو على الكرسي فمكروه ، لكن ضع الكأس على الطاولة ولا حرج .
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/36 .
*****
43160
الاستفادة مما عند الكفار
العقيدة > الولاء والبراء >(1/4324)
سؤال رقم 43160- الاستفادة مما عند الكفار
كيف نستفيد مما عند الكفار دون الوقوع في المحظور ؟ وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟.
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : " الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : عبادات .
القسم الثاني : عادات .
القسم الثالث : صناعات وأعمال .
أما العبادات : فمن المعلوم أنه لا يجوز لأي مسلم أن يتشبه بهم في عباداتهم ، ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم فقد يكون ذلك
مؤدياً إلى كفره وخروجه من الإسلام .
وأما العادات : كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى الله عليكم وسلم : " من تشبه بقوم فهو منهم " .
وأما الصناعات والحِرَف : التي فيها مصالح عامة فلا حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه ، ولكنه من باب المشاركة
في الأعمال النافعة التي لا يعد مَن قام بها متشبهاً بهم .
وأما قول السائل : " وهل للمصالح المرسلة دخل في ذلك ؟ ".
فنقول : إن المصالح المرسلة لا ينبغي أن تجعل دليلاً مستقلاً ، بل نقول : هذه المصالح المرسلة إن تحققنا أنها مصلحة فقد شهد لها الشرع
بالصحة والقبول وتكون من الشرع .
وإن شهد لها بالبطلان فإنها ليست مصالح مرسلة ولو زعم فاعلها أنها مصالح مرسلة .
وإن كان لا هذا ولا هذا فإنها ترجع إلى الأصل ، إن كانت من العبادات فالأصل في العبادات الحظر ، وإن كانت من غير العبادات فالأصل فيها
الحل ، وبهذا يتبين أن المصالح المرسلة ليست دليلاً مستقلاً . "
انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين رحمه الله 3/40 .
*****
43162
علاقة الزكاة بالنظام الاقتصادي والتكافل الاجتماعي
الفقه > عبادات > الزكاة >
سؤال رقم 43162: علاقة الزكاة بالنظام الاقتصادي والتكافل الاجتماعي
هل الزكاة نظام اقتصادي إسلامي أو (نظام) للكفالة الاجتماعية ؟ إذا كان الجواب بلا، فما هو النظام الاقتصادي الإسلامي إذن ؟ وما هو نظام الكفالة الاجتماعية الإسلامي ؟ أهو الزكاة ؟ ومتى أستحق الحصول على معونات حكومية من دولة مسلمة أو كافرة ؟.
الحمد لله
لم يرد في النصوص الشرعية من كتاب أو سنة تعريفا للنظام
الاقتصادي الإسلامي بل جاءت الشريعة ببيان كل ما يتعلق بحياة المسلم من خلال النصوص
ومنها ما يتعلق بأحواله الاقتصادية .
ويمكن أن يعرَّف النظام الاقتصادي الإسلامي : بأنه مجموعة الأصول
العامة الاقتصادية المستنبطة من القرآن والسنة ، والبناء الاقتصادي الذي يقام على
أساس تلك الأصول .
أو يعرَّف بأنه النظام الذي يوجه النشاط الاقتصادي وينظمه وفقا
لأصول الإسلام وسياسته في الاقتصاد .
ومن الأصول العامة التي جاءت بها الشريعة : حق الإنسان في التملك
، وحرمة الاعتداء على مال الغير ، وإباحة الانتفاع بما في الأرض ، وتحريم الربا
والميسر والظلم .
ومن صور البناء الاقتصادي الذي يقوم على تلك الأسس : البيوع
الجائزة ، والشركة ، والمضاربة ، والإجارة ، والمزارعة ، والاستثمار المباح بأشكاله
المتنوعة .
وباعتبار أن الزكاة عبارة عن خروج المال من يد ، وانتقالها إلى
يد أخرى تنتفع بها وتتصرف فيها ، وأن ذلك كله منضبط بالأصول العامة المستخرجة من
القرآن والسنة ، فالزكاة جزء من النظام الاقتصادي الإسلامي ولا شك ، وفيها من
النصوص الخاصة التي تبين أصناف الأموال الزكوية ، والقدر الواجب فيها ، وأهلها ،
ومصارفها ، ما هو معروف مشهور .
وهي أيضا وسيلة من وسائل تحقيق الكفالة الاجتماعية ، وهذه
الكفالة في الإسلام لا تقتصر على الزكاة بل تتحقق بأمور أخرى أيضا ، كالصدقة ،
والوقف ، والفيء والغنيمة وعطايا بيت المال .
فالمجتمع الإسلامي ينهض بأفراده من الأغنياء والفقراء، فيحث
الأغنياء على البذل والعطاء ، ويلزمهم بقدر واجبٍ زكاة لأموالهم ، ويحقق الكفاية
للفقراء والمحتاجين والعاجزين عن العمل من الشيوخ والأرامل وغيرهم . ولهذا جعلت
الشريعة الزكاة فرضا وركنا من أركان الإسلام وحثت على الصدقة والوقف والوصية ،
وجعلت الفقراء مصرفا من مصارف الزكاة والكفارة والفدية ، ككفارة الظهار واليمين
والصوم ، وفدية الحج ، حتى تضيق دائرة الفقر في المجتمع المسلم.
والإنسان يستحق المعونة من الدولة المسلمة في حال عجزه عن العمل
والكسب ، وعدم من ينفق عليه من أب أو أم أو قريب ، والعجز عن الكسب قد يكون لصغر أو
مرض أو كبر .
وتضع بعض الدول المسلمة أنظمة للمعونة ، وفق معايير مختلفة ،
كالمعاش التقاعدي ، والنفقة على أولاد المتوفى إلى بلوغهم سن الرشد ، ونحو ذلك ،
ولو كان لديهم مال خاص بهم .
وأما الدول الأخرى غير المسلمة ، فلها أنظمتها ومعاييرها الخاصة
هي التي تحكم مسألة المعونة .
وينبغي للمسلم أن يحرص على الكسب الحلال من عمل يده ، وأن يكون
المنفق المعطي ، لا الآخذ ولا السائل لاسيما إن كان السؤال للمال من دولة كافرة ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من
اليد السفلى وابدأ بمن تعول " واليد العلياء هي المنفقة واليد السفلى هي السائلة . رواه البخاري (5040) ومسلم (1034).
والله أعلم .
*****
43164
الدعاء للكفار بالهداية
الفقه > عبادات > الجنائز وأحكام المقابر >
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4325)
سؤال رقم 43164- الدعاء للكفار بالهداية
قرأت إجابة السؤال رقم ( 4569 ) . وجاء في الإجابة دعاء الشيخ بأن يهدي الله الرافضة ، فهل هذا يليق ؟ فالدعاء للمشركين لا يجوز . .
الحمد لله
أولاً : نشكر للأخ السائل هذا الاهتمام وسؤاله عما يستشكله في بعض الإجابات .
ثانياً : للوقوف على حكم الرافضة وبعض أقوالهم يراجع السؤال رقم ( 1148 )
و ( 10272 ) .
ثالثاً : الاستغفار للمشركين لا شك أنه محرم ، وقد دل على تحريمه الكتاب والسنة .
قال الله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ
بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا
إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) التوبة / 113-114 .
قال السعدي رحمه الله :
يعني : ما يليق ولا يحسن بالنبي والمؤمنين به " أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ " أي : لمن كفر بهُ وعبد معه غيره " وَلَوْ كَانُوا
أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" . . .
ولئن وجد الاستغفار من خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لأبيه فإنه "عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ " في قوله "سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ
رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" وذلك قبل أن يعلم عاقبة أبيه.
فلما تبين لإبراهيم أن أباه عدو للّهُ سيموت على الكفر ولم ينفع فيه الوعظ والتذكير "تَبَرَّأَ مِنْهُ" موافقة لربه وتأدبا معه.
"إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ" أي: رجَّاع إلى اللّه في جميع الأمور كثير الذكر والدعاء والاستغفار والإنابة إلى ربه.
"حَلِيمٌ" أي: ذو رحمة بالخلق وصفح عما يصدر منهم إليه من الزلات لا يستفزه جهل الجاهلين ولا يقابل الجاني عليه بجرمه فأبوه قال له:
"لَأَرْجُمَنَّكَ" وهو يقول له: "سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي" اهـ .
وروى البخاري (3884) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرض الإسلام على عمه أبي طالب وهو يموت، فأبى ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ . فَنَزَلَتْ : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) وَنَزَلَتْ : ( إِنَّكَ
لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) .
قال الحافظ :
( مَا لَمْ أَنَّهُ عَنْهُ ) أَيْ : الاسْتِغْفَار , وَفِي رِوَايَة : (عَنْك) اهـ .
وروى مسلم (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ
أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي .
قال النووي رحمه الله :
فِيهِ : النَّهْي عَنْ الاسْتِغْفَار لِلْكُفَّارِ اهـ .
وواضح من هذين الحديثين أن النهي إنما هو عن الاستغفار لهم وهو طلب المغفرة ، ومثله الدعاء لهم بدخول الجنة أو النجاة من العذاب .
والحكمة من هذا النهي :
"أن الاستغفار لهم في هذه الحال ( أي في حال تبين أنهم أصحاب الجحيم ) غلط غير مفيد فلا يليق بالنبي والمؤمنين لأنهم إذا ماتوا على الشرك
أو علم أنهم يموتون عليه فقد حقت عليهم كلمة العذاب ووجب عليهم الخلود في النار ولم تنفع فيهم شفاعة الشافعين ولا استغفار المستغفرين .
وأيضا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معهُ عليهم أن يوافقوا ربهم في رضاه وغضبهُ ويوالوا من والاه اللّهُ ويعادوا من عاداه
اللّهُ والاستغفار منهم لمن تبين أنه من أصحاب النار مناف لذلك مناقض له" اهـ . قاله السعدي رحمه الله .
وليس الدعاء للكفار بالهداية مما يشمله النهي عن الاستغفار لهم .
وقد ثبت دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبعض الكفار بالهداية .
قال البخاري رحمه الله في "الصحيح" : بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ . ثم ذكر حديث أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ
وَأَبَتْ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ . رواه البخاري (2937) ومسلم (2524) .
قال الحافظ في "فتح الباري" :
ذَكَرَ البخاري حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي قُدُومِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرو الدَّوسِيِّ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "اللَّهُمَّ اِهْدِ دَوسًا" وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ . وَقَوْلُه : "لِيَتَأَلَّفَهُمْ" مِنْ تَفَقُّهِ الْمُصَنِّفَ إِشَارَة مِنْهُ
إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تَارَةً يَدْعُو عَلَيْهِمْ ، وَتَارَةً يَدْعُو لَهُمْ ،
فَالْحَالَة الأُولَى حَيْثُ تَشْتَدُّ شَوْكَتُهُمْ ، وَيَكْثُرُ أَذَاهُمْ ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُمْ ، وَيُرْجَى
تَأَلُّفُهُمْ كَمَا فِي قِصَّةِ دَوْسٍ اهـ .
وروى الترمذي (2739) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري قَالَ : كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ ، فَيَقُولُ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ . صححه الألباني في صحيح
الترمذي .
قال الحافظ :
حَدِيث أَبِي مُوسَى دَالّ عَلَى أَنَّهُمْ (يعني : الكفار) يَدْخُلُونَ فِي مُطْلَق الأَمْر بِالتَّشْمِيتِ , لَكِنْ لَهُمْ تَشْمِيت
مَخْصُوص وَهُوَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَإِصْلاح الْبَال وَهُوَ الشَّأْن وَلا مَانِع مِنْ ذَلِكَ , بِخِلافِ تَشْمِيت الْمُسْلِمِينَ
فَإِنَّهُمْ أَهْل الدُّعَاء بِالرَّحْمَةِ بِخِلافِ الْكُفَّار اهـ .
والله تعالى أعلم .
*****
43166
هل يجب على الزوج إسعاد زوجته
الفقه > معاملات > النكاح > الحقوق الزوجية >(1/4326)
سؤال رقم 43166- هل يجب على الزوج إسعاد زوجته
ما هي واجبات الزوج تجاه زوجته ؟ هل يجب أن يبقيها سعيدة أم لا ؟ زوجي لا يعاملني كما يعامل بقية أفراد عائلته ، يهتم بوالديه وإخوته ويهتم بسعادتهم أكثر مني ، أريده أن يهتم بي وبسعادتي كما يهتم بهم ، هل يمكن أن تعطيني سبباً لأخبره به حتى يحبني ويهتم بي أكثر .
الحمد لله
يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ، وأن يقوم بنفقتها من
مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، لقول الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19
وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
وروى أحمد (20025) وأبو داود (2142) عن معاوية بن حيدة رضي الله
عنه قال قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " أن تطعمها إذ طعمت
وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت "
قال أبو داود : ولا تقبح : أن تقول قبحك الله .
والحديث قال عنه الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح .
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا ، في غير ما حديث ،
ولهذا فعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته ، وأن يعطي كل ذي حق حقه ، فالبر
بالوالدين وصلة الرحم لا يتعارضان مع الإحسان إلى الزوجة وإكرامها والاهتمام بها ،
وخير ما تذكرينه به هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا
خيركم لأهلي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح
الترمذي .
فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم معيار الخيرية في إكرام الأهل
، فمن أراد أن يكون من خيار المسلمين فليحسن إلى أهله . وذلك يشمل الإحسان إلى
الزوجة والعيال والأقارب .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه
الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك " رواه البخاري (56)
وينبغي أن تتلمسي أسباب تقصيره في معاملتك ، فربما كان هذا
لتقصير منك في حقه ، من حيث الاهتمام به ، والتزين له ، والمسارعة في قضاء حوائجه .
وعليك بالمزيد من الصبر ، لما فيه من الخير الكثير والعاقبة
الحميدة ، لقوله سبحانه : ( وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ا لأنفال/46 ، وقوله : ( إِنَّهُ مَنْ
يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/90 ، وقوله : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/49
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعا .
والله أعلم .
*****
43176
هل رؤية الله عز وجل في المنام جائزة؟
العقيدة > الإيمان >(1/4327)
سؤال رقم 43176- هل رؤية الله عز وجل في المنام جائزة؟
هل رؤية الله عز وجل في المنام جائزة أم لا ؟.
الحمد لله
رؤية الله تعالى في الدنيا يقظة غير ممكنة ، والدليل على ذلك أن
موسى عليه السلام وهو من أفضل الرسل ، وهو أحد أولى العزم الخمسة (قَالَ رَبِّ
أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) قال الله له : ( لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى
الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى
رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً ) ، اندك الجبل أمام موسى وهو يشاهد : (
وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً ) . غشي عليه لأنه شاهد شيئاً لا تتحمله نفسه : ( فَلَمَّا
أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) الأعراف/143 . فتاب إلى الله من هذا السؤال ، لأنه سؤال ما لا يمكن
، والله عز وجل يقول : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف/55 .
فرؤية الله في الدنيا حال اليقظة لا يمكن حتى النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة المعراج لم ير ربه ، وقد سئل هل رأيت ربك ؟ قال :
( رأيت نوراً ) . وفي لفظ : ( نورٌ أنَّى أراه ) . يعني بيني وبينه حجب عظيمة من
النور ، وقد جاء في الحديث في الصحيح أن الله عز وجل محتجب بالنور ، وذلك في قوله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حجابه النور لو كشفه لأحرقته سبحات وجهه من
انتهى إليه بصره من خلقه ) .
وسبحاته : بهاؤه وعظمته ، فلو كشف هذا النور الذي بينه وبين
الخلق لاحترق الخلق جميعاً ، لأن بصره ينتهي إلى كل شيء ، فيحترق كل شيء بهذا النور
العظيم ، وعلى هذا نقول : لا تمكن رؤية الله في الدنيا في اليقظة .
أما في المنام فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى
ربه في المنام ، لكن هل غيره يمكن أن يراه ؟ يذكر أن الإمام أحمد رحمه الله رأى ربه
، وذكر بعض العلماء أن ذلك ممكن ، فالله أعلم ، لكن أخشى إن فتح الباب أن تدخل
علينا شيوخ الصوفية وغيرهم فيقول أحدهم رأيت ربي البارحة ، وجلست أنا وإياه ،
وتنادمنا وتناقشنا ، ثم يجيء من هذه الخزعبلات التي لا أصل لها ، فأرى أن سد هذا
الباب هو الأولى .
"لقاءات الباب المفتوح" (3/418) .
*****
4318
زوجها لا يحترم أهلها وطلّقها بعد العقد وقبل الزفاف
الفقه > معاملات > النكاح >(1/4328)
سؤال رقم 4318- زوجها لا يحترم أهلها وطلّقها بعد العقد وقبل الزفاف
السؤال :
سؤالي من جزأين :
الأول : تطلقت قريبا من زوجي لعدة أسباب والسبب الرئيسي هو عدم احترام والدي ووالدتي وكلامه معهم بعنف ليس مرة واحدة ولكن عدة مرات وفكرت أنه إذا لم يحترم والداي فكيف سوف يحترمني ؟ أنا أحب والديّ كثيرا ولا أريد أن أراهم يُؤذون. وسؤالي هو ما هو الواجب على الزوج تجاه أهل زوجته أليس من الواجب أن يحترم أهل زوجته أيضا ؟
عندما تتزوج المرأة هل يعني هذا أن الأولوية الآن أصبحت للزوج ثم للوالدين ؟
السؤال الثاني : كتبنا عقد النكاح فقط وكانت حفلة الزفاف من المفترض أن تكون في الشهر المقبل ومع هذا فقدت عذريتي. والآن خوفي من زوجي السابق أن يقول هذا في المحكمة وسيكون هذا إحراج كبير لي أمام أهلي وخصوصا والدي.
طبقا للإسلام هل هو من الخطأ أن أفقد عذريتي قبل الزفاف ؟
الجواب:
الحمد لله
للوالدين حق عظيم وللزوج حق أعظم ، ولا يجوز لأي من الأطراف أن يعتدي على حق طرف الآخر ، وإذا رأت الزوجة أن زوجها أخطأ في حقّ والديها فعليها بنصحه وتذكيره بأنّ قوله تعالى : ( وعاشروهنّ بالمعروف ) يشمل الإحسان إلى أهلها لأنّ ذلك يُفرحها وعدم مسهم بسوء لأنّ ذلك يؤذيها ، وكذلك إذا أخطأ أحد والديها أو كلاهما في حقّ زوجها فعليها بنصحهما وتذكيرهما بخطورة الغيبة والظّلم والاعتداء ، وإذا أمراها بشيء وأمرها زوج بشيء معارض فإنّها تقدّم أمر زوجها لأنّه أعظم في الشّريعة وليس معنى ذلك نسيان حقّهما ولكن هكذا تفعل عند التعارض .
وأما عن سؤالك الثاني فليس بحرام في الشريعة أن يطأ الرجل زوجته بعد العقد الشّرعي وقبل الزّفاف فما حصل بعد العقد الشّرعي فهو حلال وبناء عليه فليس ما حصل فضيحة تخشين عاقبتها ، وإذا طلّق الرجل زوجته بعد دخوله بها فقد ثبت لها المهر كاملا .
وإذا كان بالإمكان أن يسعى بينكما الوسطاء بالخير لتعودا إلى بعضكما طبقا للشّريعة وعملا بما فيها والتزاما بآدابها فهذا خير وأقوم سبيلا ، والله ولي التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4319
سائلة يهودية تحدّث نفسها بالإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4329)
سؤال رقم 4319- سائلة يهودية تحدّث نفسها بالإسلام
لدي سؤال صعب ولكن أملي الوحيد أن تستطيع الإجابة على سؤالي .
أنا يهودية روسية تعرفت على شاب مسلم منذ سنة وكلما زادت معرفتنا ببعضنا تزيد المشاكل التي نواجهها ، ليست بسبب الدين أو العادات والتقاليد فنحن نحب بعضنا والموضوع هو هل يستطيع أن يتزوجني أم لا .
هو مسلم ممتاز وينتمي إلى عائلة تقليدية وأنا معجبة بمعتقده ودين أهله .
أنا مولودة في مدينة مغلقة وليس هناك مجال لعرض أو تقديم أي دين آخر فهذا ممنوع ، وعندما حضرت إلى الولايات المتحدة اكتشفت أن معتقداتي لا تطابق اليهودية فقمت بالكثير من البحث عن الإسلام بعد معرفتي بهذا الشاب وكذلك شابان مسلمان وفتاتان مسلمتان وكذلك قراءتي للقرآن فأصبح عندي شعور قوي بأنني يمكن أن أكون مسلمة جيدة .
أنا أريد الآن أن أذهب إلى مدرسة لأتعلم الدين والتقاليد الإسلامية وخصوصا اللغة العربية.
اتصلت بالمسجد وكنت جاهزة للذهاب ولكن المشكلة هي هل يمكن أن يقبلوني كأي أخت مسلمة جديدة مثل الذين يسلمون من جميع الأديان المختلفة ما عدا اليهودية ؟
اليهود والمسلمون دائما في خلاف ولا أظن أنه سيحصل سلام أبداً . أدعو الله بلغتي الروسية أن يقودني إلى الطريق الصحيح لأحصل على الإيمان فأرجو أن تساعدني لأجد جواباً لسؤالي
الجواب:
الحمد لله " لديّ شعور قويّ بأنني أستطيع أن أكون مسلمة جيدة " عبارة رائعة تلك التي جاءت في ثنايا رسالتك المنطوية على مشاعر مرهفة وتجربة ممتازة في البحث عن الحقّ .
" إنني أدعو الله ( بلغتي الأمّ : الروسية ) بأن يهديني إلى طريق الحقّ " . عبارة أخرى جاءت في آخر سؤالك يشعر معها القارئ المسلم بالتأثّر البالغ لحال امرأة لجأت إلى الله بعدما عرفت أنّه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ففزعت إليه تطلب الهداية إلى الدّين القويم . قال الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186) سورة البقرة ، وابشري بهذا الانشراح للإسلام الذي تجدينه فقد قال الله تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ) سورة الأنعام 125
واعلمي أنّه ليس لدى المسلمين الذين يفقهون دينهم أي نوع من النفور أو عدم الارتياح تجاه أيّ أخ أو أخت أسلما واعتنقا دين الله مهما كانا أصلهما ، وكون المسلم الجديد من أصل يهودي أو نصراني لا يجعل هناك أيّ نوع من التفرقة أو التمييز ، ولنضرب مثلين من التاريخ الإسلامي على يهودي ويهودية دخلا الإسلام : أما الأول فهو أبو يوسف عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه وأرضاه
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ مَقْدَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاثٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلا نَبِيٌّ ، قَالَ : مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْزِعُ إِلَى أَخْوَالِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَّرَنِي بِهِنَّ آنِفًا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلائِكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ وَأَمَّا الشَّبَهُ فِي الْوَلَدِ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَشِيَ الْمَرْأَةَ فَسَبَقَهَا مَاؤُهُ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ وَإِذَا سَبَقَ مَاؤُهَا كَانَ الشَّبَهُ لَهَا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ .. رواه البخاري 3082 ، وفي رواية للبخاري أيضا : " جَاءَ عبد الله بن سلام فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ
الْيَهُودِ وَيْلَكُمْ اتَّقُوا اللَّهَ فَو اللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا قَالُوا مَا نَعْلَمُهُ .. قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ قَالَ فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ قَالُوا ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ قَالُوا حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ قَالَ يَا ابْنَ سَلامٍ اخْرُجْ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللَّهَ فَو َاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ فَقَالُوا كَذَبْتَ فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه البخاري 3621
هذا الرجل لم يمنعه أصله اليهودي من أن يكون من المبشرين بالجنّة قبل أن يموت فروى سعد بن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ قَالَ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ الآيَةَ .. رواه البخاري 3528
وأما المرأة فهي صفية بنت حيي بن أخطب من يهود خيبر التي آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا .
لقد صارت صفية اليهودية التي أسلمت أمّا لنا جميعا نحن المسلمين لقوله تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلاثًا يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ .. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَقَالُوا إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ . رواه البخاري 4762
صفية رضي الله عنها التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم من معتكفه خصيصا ليرافقها إلى بيتها ( والمعتكف لا يجوز له أن يخرج إلا لحاجة ) ، فقد روى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا .. رواه البخاري 1894
وفي رواية : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا .. رواه البخاري 1897
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرعاها ويحنو عليها كما وصف أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاملته لزوجته صفية في السفر فقَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءهُ بِعَبَاءة ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ رواه البخاري 2081
هذه النماذج وغيرها تبيّن أنّ المسلم الجديد له مكانته في دين الإسلام مهما كان أصله يهوديا أو غيره ، ولو حصل صدود من بعض المسلمين تجاه يهودي أسلم أو يهودية أسلمت فإنّ سببه الجهل والتقصير ، أمّا موقف الإسلام فقد عرفتيه ، فبادري أيتها السائلة إلى الدّخول في الإسلام فورا ونحن متفائلون لك بحياة سعيدة في ظلال هذا الدين .
بقي لنا ملاحظة نودّ إبداءها حول أمر ذكرتيه في رسالتك وهي قضية العلاقة بينك وبين الرجل المسلم المذكور في السؤال . إن هذه العلاقة لن تكون علاقة شرعية يرضى الله عنها إلا إذا قامت على أساس الزواج الذي شرعه الله سبحانه لعباده ورضي به طريقا لارتباط الرجل بالمرأة ، ونحن نتصور في وضعك الذي ذكرتيه أن إسلامك وتوبتك ستفتح الباب وتمهّد الطريق للارتباط الشّرعي والصحيح بهذا الرجل المسلم .
نسأل الله لك التوفيق إلى الحقّ والثبات عليه وأن يعجّل لك الخير في الدّنيا ويرزقك الفوز بالجنّة في الآخرة ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
*****
4319
سائلة يهودية تحدّث نفسها بالإسلام
الدعوة > دعوة غير المسلمين >(1/4330)